أصول الكافي

هوية الكتاب

سرشناسه : کلیني، محمّد بن یعقوب، - 329ق.

عنوان قراردادی : اصول الکافي

عنوان و نام پدیدآور : اصول الکافي/ محمّد بن یعقوب الکلیني؛ ضبطه و صححه و علق علیه محمّدجعفر شمس الدین.

مشخصات نشر :بیروت : دارالتعارف للمطبوعات، 1411ق. = 1990م.= 1369.

مشخصات ظاهری : 1ج.

فروست : موسوعة الکتب الاربعه فی احادیث النبی (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و العتره؛1،2.

یادداشت : عربی.

یادداشت : کتاب حاضر در سالهای مختلف توسط ناشران مختلف منتشر شده است.

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : احادیث شیعه -- قرن 4ق.

شناسه افزوده : شمس الدین، محمّدجعفر

رده بندی کنگره : BP129/ک 8ک 22 1369

رده بندی دیویی : 297/212

شماره کتابشناسی ملی : م 81-8050

محرر الرقمي: مرتضی حاتمي فرد

ص: 1

أصول الكافي الجلد 1

اشارة

أصول الكافي

ص: 2

ص: 3

مَوْسُوعَة الكتب الأربعة في أحاديث النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والعترة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

أصول الكافي

الجزء الأوّل

لثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الکليني (رَحمهُ اللّه)

المتوفّى سنة ٣٢٩/٣٢٨ ه

ضَبَطَهُ وَصَحّحه وعلّق عليه

محمّد جعفر شمس الدّين

دار التعارف للمطبوعات

بيروت لبنان

ص: 4

مكتبة مؤمن قريش

لو وضع ايمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى ترجح إيمانه. الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)

moamenquraish.blogspot.com

حقوق الطبع محفوظة

١٤١١ه_ - ١٩٩٠م

المعارف المطبوعات

وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند اللّه اتقاكم

المكتب : شارع سوريا - بناية دوريش - الطابق الثالث

الادارة والمعرض - حارة حريك - المنشية - شارع دكاش - بناية الحسنين

تلفون - ٨٣٧٨٥٧

ص. ب : 8601 - 111

ص: 5

مقدمة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

وَلهُ الحَمد

بين يدي هذا الكتاب

فكرة الضبط والتصحيح للكتب الأربعة عندنا، مع التعليق عليها بما يناسب، راودتني منذ زمن ليس بالقصير، ولعلها نبتت في ذهني منذ ابتلائي بمراجعتها والاطلاع عليها، حيث كنت أرى ما يعتور عبارات بعض مواضعها من تشويش يحتاج إلى تهذيب وما تستبطنه من غموض يحتاج إلى توضيح وشرح وتبسيط، ومن الطبيعي أن أي مطالع لها لا يتسنى له الرجوع إلى ما وضع حولها من شروح مطولة وتعليقات مسهبة من قبل أعاظم علمائنا رضوان اللّه عليهم منذ قرون، وإنما يتأتى ذلك للبعض ممّن يستطيع التوفر على تلك الكتب، وكان قادرا على الإمساك بها والتعامل معها بما يملك من رصيد فكري، ولكن الغالبية قد لا تستطيع الوصول إلى تلك الكتب وهي إن استطاعت فقد لا تستطيع شريحة منها لا يستهان بها أن تستوعب كثيراً من أفكارها والآراء المثبتة فيها، وهي إن استطاعت فقد يشق عليها أن تختار من بين عدة شروح مدرجة للعبارة موضوع الحاجة الرأي الأقرب إلى الصواب من بين تلك المحتملات المتعددة والأنظار المختلفة.

كل هذا كان يجعل الفكرة تلح علي. وقد لمست عند بعض أخواني الهاجس نفسه وربما أوحى إلي بالتشجيع لتجسيد ما يختمر في ذهني عملياً والمباشرة بتنفيذه.

ولكن كان ينتابني الشعور بالقلق والتهيب من ولوج ذلك الباب، بل الشعور بالعجز والقصور عن ارتياده نظرا للتقدم في السن الّذي يحمل معه فتور الهمة وضعف الجوارح منضماً إليه كثرة الهموم وتراكم المصائب العامّة والخاصّة نتيجة الاضطراب الأمني والسياسي والاجتماعي الّذي يلف حياتنا منذ مدة طويلة ويلقي بكلكله الكريه على حياتنا وواقعنا.

هذا إضافة إلى حساسية الموضوع نظراً لكونه يتعلق بالإسلام عقيدته وشريعته وأحكامه، من خلال كلام المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فكيف يتسنى لإنسان مثلي أن يخوض هذا البحر اللجي بأمواجه العاتية وقعره العميق العميق وهو لا يملك من أدوات العوم أو

ص: 6

الغوص إلّا وسائل محدودة في الزمان والمكان والقدرات؟!.

وهكذا عشت بين الرغبة والرهبة فترة من الزمن، إلى أن منّ اللّه عزّ وجلّ علىّ بنفحة من نفحاته فتوجهت إليه استشيره واستخيره خيرة في عافية، ففعلت، وكانت النتيجة جيدة ومشجّعة.

وعندها شمّرت عن ساعد الجد متوكلاً عليه سبحانه، منقطعاً إليه، أرجو منه القوة وأسأله التسديد والتوفيق مستشفعاً إليه بأشرف خلقه عنده وأكرمهم عليه محمّد وأهل بيته الطاهرين (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وشرعت أول ما شرعت بتناول الأصول من الكافي لثقة الإسلام الكلينيّ رضوان اللّه عليه، على أن يكون عملي فيه منهجاً أطبقه في فروعه أيضاً وفي باقي الكتب الأربعة بلطف اللّه ورحمته ورعايته

ويمكن عرض خطوات عملي فيه _ ومستقبلياً في غيره _ ضمن عدة نقاط :

أوّلاً: فيما يتعلق بالمتن.

١ - ضبط كثير من ألفاظه بحركاته الإعرابية وبالحركات التي تحدّد بناءه اللغوي تسهيلاً على المطالع والباحث من أجل نطقه نطقاً سليماً وصحيحاً من دون الرجوع إلى كتب اللغة لتحديد ذلك. ولا أذيع سراً إذا قلت بأني وجدت كثيراً من المواقع لا تنسجم من حيث القواعد النحوية في اللغة العربية مع ما هو مشهور ومعروف عندنا من هذه القواعد، وقد تحيّرت ابتداءً في كيفية التعامل معها، ولكني بعد التأمل فيها وانطلاقاً ممّا روي عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) من قولهم «أعربوا حديثنا فإننا قوم فصحاء» قررت _ وحفاظاً على النص شكلاً ومضموناً - أن أبقي ما وجدت له وجهاً ولو بعيداً يمكن أن يحمل عليه من تلك القواعد وأعملت قلم التغيير فيما يبدو شاذاً منها بل غلطاً واضحاً لا يمكن توجيهه. وهذا ما أغفل في جميع الطبعات التي خرجت حتّى الآن من هذا الكتاب الجليل.

2 - لم أترك حديثاً من أحاديث أصول الكافي إلّا وأعطيته قسطاً من التعليق عليه، إما بشرح معناه العام الظاهر منه، أو بتفسير ما قد يكون فيه من غريب الألفاظ، آخذاً في ذلك الإطار الفكري العام للإسلام في جانبيه العقيدي والتشريعي من جهة والظروف الموضوعية المحيطة بالنص في عصر صدوره من جهة أخرى بنظر الاعتبار، وقد كان

ص: 7

الاعتبار هذا حاكماً في أكثر من موقع وموضع. وكنت عندما يوجد للفظ عدة معانٍ في كتب اللغة، وللنص عدة معان محتملة اختار ما هو المناسب لروح النص وموضوعه من بين كلّ تلك المعاني المدرجة أو المحتملة.

ولقد اعتمدت - فيما لم يكن لبنات فكري القاصر دخالة فيه من هذه التعليقات - على عدة شروح للكافي، كنت اختار منها التعليق المناسب، وقد اضطر أن ألخص في كثير من الأحيان شرحاً مطولاً لأحد هؤلاء الشارحين العظام بسطور قليلة أو بكلمات لينسجم ذلك مع ما هو مفهوم من التعليق عادة، مع المحافظة على أن يكون الاختصار غير مخلّ بالمعنى المقصود ولا بد من التنبيه هنا وانسجاماً مع روح المنهجية الأكاديمية والموضوعية والأمانة العلمية أن أثبت المصدر في نهاية النص _ التعليق، كاملاً، فأذكر اسم الكتاب والمؤلف والجزء والصفحة، وهذا ما أغفل في كلّ الطبعات التي خرجت لهذا الكتاب حتّى الآن، حيث كان التعليق الموضوع _ على قلته نسبياً وعدم مناسبته للمعنى المقصود بل عدم وضوح ما يراد طرحه من خلاله - يدرج من دون ذكر مصدره في كثير من الأحيان مع أنّه يكون منقولاً من أحد الشروح، أو يشار إلى المصدر بحرفين مثلاً من دون ذكر الجزء أو الصفحة المأخوذ عنها ذلك التعليق. وهذا مستهجن من ناحية منهجية وموضوعية بل مناف للأمانة العلمية.

وأهم الشروح التي اعتمدتها في هذا المشروع هي :

(أ) الرواشح السماوية في شرح أحاديث الإماميّة للعلامة المير محمّد باقر الحسيني المرعشي الداماد (قدّس سِرُّه).

منشورات مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي - قم ١٤٠٥ ه_. ق.

ولا بد من التنبيه هنا على أن العلّامة الداماد (رَحمهُ اللّه) لم يشرح في كتابه هذا إلّا خطبة ثقة الإسلام الكلينيّ (قدّس سِرُّه) في أول كتابه الكافي، وكان باقي الرواشح يدور حول أقسام الحديث وأنواعه وما يتعلق بعلم الدراية.

(ب) مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول للشيخ محمّد باقر المجلسيّ

منشورات دار الكتب الإسلامية - طهران ١٣٦٣ ه_. ق.

(ج_) الشرح الجامع للمولى محمّد صالح المازندراني مع تعليقات لأبي الحسن الشعراني منشورات المكتبة الإسلامية - طهران 1387 ه_. ق.

ص: 8

(د) كتاب الوافي للفيض الكاشاني (قدّس سِرُّه) منشورات المكتبة الإسلامية - طهران 132٤ه_. ق. الطبعة الحجرية.

وهنالك كتب أخرى استفدنا منها في بعض المواضع ليست من شروح الكافي ولكننا وجدنا فيها بعض البحوث والنظرات التي قد تلامس موقعاً أو موضوعاً من مواقع وموضوعات هذا الكتاب وقد أشرنا إليها في حينه. هذا إضافة إلى بعض كتب اللغة والتفسير والتاريخ.

3 - هنالك بعض الأحاديث في باب واحد أو في أبواب مختلفة كانت تتكرر بمتنها كاملاً تارة ومختلفاً في بعض ألفاظه اختلافاً يسيراً لا يستبعد أن يكون غالباً من تصحيف النسّاخ وخاصّة تلك الأحاديث التي كان سندها متطابقاً أو متقارباً جداً، فقد كنا في مثل هذه الأحاديث نحيل على موقعها السابق للاطلاع عليها وللاطلاع على ما علقنا به وذلك تجنباً للتكرار.

٤ - لقد رُقّمت جميع كتب وأبواب قسم الأصول من الكافي ترقيماً متسلسلاً من أول المجلد الأوّل إلى آخر الثاني وهذا ما خلت منه جميع طبعات الكتاب المتداولة.

ثانياً: فيما يتعلق بالسند.

1 - لم نتعرض في عملنا هذا - إلّا لمماً - لموضوع الرواة وموقعهم من حيث الجرح والتعديل إذ أن ذلك خارج عن أصل فكرتنا التي هي الضبط والتصحيح والتعليق، وذاك بالتحقيق ألصق.

2 - إن كثرة كاثرة من الرواة كان تدرج في الأسانيد لا بأسمائها الصريحة بل بكناها أو ألقابها كأبي بصير، بصير، وأبي جميلة والجواليقي والقدّاح أو نسبها كالخثعمي والكناني الخ وقد عمدنا هنا إلى إثبات أسماء هؤلاء الرواة بعد أن نقبنا في بعض كتب الرجال التي بحوزتنا كجامع الرواة للأردبيلي ومعجم رجال الحديث للخوئي ورجال الكشي، والحلي، وفهرست الشيخ وغيرها وربما وجدنا غلطاً في ضبط بعض الأسماء أو الألقاب أو الكنى الواردة في الكتاب فصححناه ونبهنا عليه. ولكني أعترف بأن بعض الرواة الّذين ورد ذكرهم في بعض الأسانيد بكناهم أو ألقابهم لم أستطع أن أعثر على الاسم الأصيل لهم في تلك الكتب لأن علماء الرجال - في حدود اطلاعي - اكتفوا في الكثير منهم بذكر

ص: 9

ألقابهم أو كناهم، ولعله لاشتهارهم بها بحيث أصبحت اعلاماً عليهم دون الأسماء.

٣ _ قد يرد في بعض الأسانيد اسم الراوي مكرراً بعينه مرتين فمثلاً كان يرد : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى.. بدون واو العطف في محمّد الثاني، فكنت أميز بينهما بالكنية أو اللقب بعد مراجعة كتب الرجال وأنبه في التعليق على ذلك هذا وأعود فأذكر بما كنت قد أشرت إليه أوّلاً من أننا - بعون من اللّه سبحانه وتسديد وتوفيق - سوف نتخذ ممّا عرضناه هنا منهجاً نسير عليه خلال عملنا في كلّ الكتب الأربعة. ولا أنسى أن أذكر بأنه كان للأخ الماجد الموفق الحاج حامد عزيزي صاحب دار التعارف الأثر الكبير - بما أبداه من رغبة مخلصة وتجاوب كبير وحرص على نشر تراث أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) - في احتضان فكرة هذا العمل والتشجيع عليها حتّى أبصرت النور بعد أن قام بتجسيدها طباعة وإخراجاً فله من ربه جزيل الأجر ولا حرمه اللّه وإيانا من شفاعة محمّد وأهل بيته صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين.

ولا ادعي بأن ما قمت به خال عن الهنات منزّه عن القصور والتقصير، فالكمال للّه وحده وإنما هو خطوة على الدرب يمكن أن تكون مدخلاً لإخواني وأساتذتي العلماء ليعملوا على تفعيلها وتسديدها والانطلاق بها نحو أعمال أوسع وأنفع واللّه من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.

بيروت في :

٢٠ ذي القعدة الحرام ١٤١٠ ه

13 حزیران 1990م

الفقير إلى رحمة ربه محمّد جعفر شمس الدّين

ص: 10

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 1

ص: 2

مقدّمة الكتاب

بقلم : الدكتور حسين علي محفوظ

الحديث عند الشيعة (1)

إنَّ أوّل كتاب _ في الحديث - ألف في الإسلام ؛ كتاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أملاه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وخطه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) على صحيفة، فيها كلّ حلال وحرام (2). وله كذلك صحيفة في الديات، كان يعلّقها بقراب سيفه (3)، وقد نقل البخاري منها (4).

ثمَّ دون أبو رافع القبطي الشيعي؛ مولى الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كتاب السنن والأحكام والقضايا (5). ثمَّ صنّف علماء الطبقات كتباً كثيرةً، وأصولاً قيمة (6)، جمعها، وهذبها. ورتبها، طائفة من ثقاة المحدثين، في مجموعات حديثية، ربّما كان أجلها، الكافي (7)، للكليني، المتوفّى سنة ٣٢٩ ه_، وفقيه من لا يحضره الفقيه (8)، لابن بابويه، المتوفّى سنة ٣٨١ ه_، وتهذيب الأحكام(9)، والاستبصار (10)، للشيخ الطوسي، المتوفّى سنة ٤٦٠ ه_. ثمَّ جامع الأخبار في إيضاح الاستبصار (11)، للشيخ عبد اللطيف ابن أبي جامع الحارثي الهمداني

ص: 3


1- راجع للزيادة تأسيس الشيعة ص 278 - 91، وأعيان الشيعة ج ١ ص ١٤٧ - ١٤٨.
2- راجع الرجال للنجاشي ص ٢٥٥ في ترجمة محمّد بن غذافر بن عيسى الصيرفي، وأعيان الشيعة ج ١ ص 1٦9 - 170.
3- راجع تأسيس الشيعة ص 279، وصحيفة الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ص 118 «الحديث ١٣٥».
4- الجامع الصحيح : ج ١ ص ٤٠ باب كتابة العلم» وج ٤ ص 289 باب إثم من تبرأ من مواليه.
5- الرجال للنجاشي الطبعة الأولى ص ٤، وراجع في أول من ألف في الإسلام أعيان الشيعة ج ١ ص ١٤٧ – ١٤٨.
6- هي أربعمائة كتاب تسمى الأصول ؛ راجع ؛ الوجيزة للشيخ البهائي ص 183، والذريعة ج ٢ ص ١٢٥ - ٧٠ وج ٦ ص ٣٠١ - ٣٧٤ مادة كتاب الحديث وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٦٢ - ٢٦٣٠.
7- راجع الفصل الخاص بالكافي ص ٢٤ من هذه الرسالة.
8- طبع بطهران سنة ١٣٢٤ ه_، وفي الهند سنة ١٣٠٦ ه_.
9- طبع بطهران سنة 1318 في مجلدين.
10- طبع بلكهنوسنة ١٣٠٧ في مجلدين.
11- راجع كشف الحجب والأستار ص 150، وتأسيس الشيعة ص 290 والذريعة ج ٥ ص ٣٧ - ٣٨.

العاملي ؛ تلميذ الشيخ البهاء العاملي؛ المتوفّى سنة ١٠٥٠ ه_، والوافي (1) للفيض، المتوفّى سنة 1٠٩١ ه_، وتفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة (2)، لمحمّد بن الحسن الحرّ العاملي المتوفّى سنة ١١٠٤ ه_، وبحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار (3) للمجلسي المتوفّى سنة 1110 ه_، والعوالم (4)، في ١٠٠ مجلّد، للشيخ عبد اللّه بن نور اللّه البحراني، المعاصر للمجلسي، والشِفَا في حديث آل المصطفى (5)، للشيخ محمّد رضا بن عبد اللطيف التبريزي، المتوفّى سنة 11٥٨ ه_، وجامع الأحكام، في ٢٥ مجلداً (6) للسيد عبد اللّه شبر، المتوفّى سنة ١٢٤٦ ه_، ومستدرك الوسائل و مستنبط المسائل (7)، للحاج الميرزا حسين النوري الطبرسي، المتوفّى سنة ١٣٢٠ ه_، وكثير من أمثالها.

وقد كان علماء الشيعة ورواة أخبار آل محمّد - ولا يزالون - يتوارثون العناية برواية الحديث، وحمله، ونقده، وجمعه، وترتيبه وفنون درايته (8)، وتعديل رواته ؛ وتحقيق تواريخ وطبقات رجاله (9)، وإجازاتهم المبسوطة في هذا الباب جمّة ؛ وقد بلغ بعضها مقدار بضع مجلّدات، أما المقتضبة ؛ فأشتات كثيرة لا تُحصى، قيّدت طائفة منها في مجموعات مشهورة، حافلة بالفوائد والنوادر (10).

وأكتفي في الدلالة - على عناية الشيعة بالحديث - بما رواه أبو جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري ؛ في كتاب دلائل الإمامة ؛ قال : جاء رجل إلى فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) فقال : يا ابنة رسول اللّه، هل ترك رسول اللّه - عندك - شيئاً تطرفينيه (11)؟ - فقالت : يا جارية هات تلك الحريرة (12) فطلبتها، فلم تجدها، فقالت : ويحكِ (13) اطلبيها فإنّها تعدل عندي حَسَناً وحُسَيْناً، فطلبتها، فإذا

ص: 4


1- طبع بطهران سنة ١٣١٠ ه_، ١٣٢٤ ه_.
2- طبع بطهران سنة ١٣٢٤ ه_ في ٣ مجلدات وكان طُبعَ أيضاً من قبل.
3- طبع في إيران في 2٦ جزءاً.
4- تأسيس الشيعة ص 290.
5- تأسيس الشيعة ص 291.
6- تأسيس الشيعة ص ٢٩٠.
7- طبع بطهران سنة 1321 ه_ في 3 مجلدات.
8- راجع تأسيس الشيعة ص ٢٩٤ - ٢٩٥.
9- تأسيس الشيعة ص ٢٣٢ - ٧٥.
10- الذريعة ج ١ ص ١٢٣ - ٢٦٦.
11- في سفينة البحار تطوقينيه.
12- في سفينة البحار الجريدة.
13- في سفينة البحار ويلك.

هي قد قممتها في قمامتها، فإذا فيها : قال محمّد النبيّ : ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر، فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر، فليقل خيراً أو يسكت. إنَّ اللّه يحبُّ الخيِّر، الحليم، المتعفّف، ويبغض الفاحش الضنين (1) السئّال، الملحف. إنَّ الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة. وإن الفحش من البذاء، والبذاء في النار» (2).

وقد قال الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «يا جابر _ واللّه _ لحديث تصيبه من صادق، في حلال وحرام، خير لك ممّا طلعت عليه الشمس حتّى تغرب» (3).

وقال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «حديث في حلال وحرام، تأخذه من صادق خير من الدُّنيا وما فيها من ذهب أو فضة» (4).

وفي الأخبار ما يفيد اهتمام أصحاب الأئمّة، بحمل الحديث عنهم (5)، والرحلة في طلبه من أصحابه (6)، وتفضيله والتحريض عليه.

والأحاديث في الحثّ على طلب العلم، وفرضه، والتثبت، والاحتياط في الدّين والأخذ بالسنّة، كثيرة جداً.

وكان الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «لو أتيت بشاب من شباب الشيعة، لا يتفقه في الدّين لأوجَعْتُه» (7).

ومن محاسن ما نقل عن مولانا الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً، ممّا يدلُّ على عظيم تواضع أهل البيت، وعجيب عنايتهم، التي لا تبلغ غايتها، ولا يُدرَكُ غورها - بحفظ سنن اللّه، وسنن رسوله، قصة معارضة محفوظه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالأصل الّذي كان عند مولاهم ؛ جابر بن عبد اللّه الأنصاري؛ على أنهم عيبة الروايات، ومنشأ جميع فنون الفضائل ؛ فإنّما عنهم يؤثر العلم الإلهي، ومنهم ظهر مكنون الآثار النبوية، وقد أوتوا فضيلة العصمة، التي لم يكن لأحد فيها مغمز ؛ وقد عمد لذلك، إرشاداً

ص: 5


1- في سفينة البحار العينين.
2- دلائل الإمامة ص 1، وسفينة البحار ج ١ ص ٢٣١.
3- المحاسن ج 1 ص 227.
4- المحاسن ج 1 ص 229.
5- سفينة البحارج ١ ص ٢٣١.
6- سفينة البحار ج ١ ص ٥٣٢ – ٥٣٣.
7- المحاسن ج 1 ص 228.

للناس، وتعليماً للشيعة، ليحذوا على أمثلتهم ويأخذوا عنهم قوانين توارث تلك الأمانة المذخورة والقصة هذا نصها:

«...عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبي لجابر بن عبد اللّه الأنصاري : إنَّ لي إليك حاجة، فمتى يخفُّ عليك أن أخلو بك؛ فأسألك عنها ؟ فقال له جابر: أي الأوقات أحببته، فخلا به في بعض الأيام، فقال له : يا جابر أخبرني عن اللوح الّذي رأيته في يد أُمّي فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وما أخبرتك به أمّي أنّه في ذلك اللوح مكتوب؟ فقال جابر : أشهد باللّه أني دخلت على أمك فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) في حياة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فهنيتها بولادة الحسين، ورأيت في يديها لوحاً أخضر، ظننت أنّه من زمرد، ورأيت فيه كتاباً أبيض شبه لون الشمس، فقلت لها : بأبي وأمي يا بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما هذا اللوح ؟ فقالت : هذا لوح أهداه اللّه إلى رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيه اسم أبي، واسم بعلي واسم ابني، واسم الأوصياء من ولدي، وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك، قال جابر: فأعطتنيه أمّك فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) فقرأته، واستنسخته، فقال له أبي فهل لك يا جابر أن تعرضه عليَّ ؟ قال : نعم. فمشى معه أبي إلى منزل جابر، فأخرج صحيفة من رَقّ، فقال: يا جابر انظر في كتابك لأقرأ [أنا] عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفاً، فقال جابر: فأشهد باللّه أنّي هكذا رأيته في اللوح مكتوباً... الخ (1).

ص: 6


1- أصول الكافي ج 1 ص ٥٢٧، «الحديث ٣ من باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم، (عَلَيهِم السَّلَامُ)، من كتاب الحجّة».

سيرة الكلينيّ

سيرة الكلينيّ معروفة في التواريخ، وكتب الرّجال، والمشيخات الحديثيّة. وكتابه النفيس الكبير الكافي مطبوع ؛ رزق فضيلة الشّهرة والذكر الجميل، وانتشار الصيت. فلا يبرح أهل الفقه ممدودي الطَّرْف إليه، شاخصي البصر نحوه، ولا يزال حَمَلَةُ الحديث عاكفين على استيضاح غرته والاستصباح بأنواره. وهو مَدَد رواة آثار النبوّة، وَرُعاة علم آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وحماة شريعة أهل البيت ونَقَلَة أخبار الشيعة ما انفكوا يستندون في استنباط الفتيا إليه، وهو قَمِنٌ أَن يُعْتَمَدَ عليه في استخراج الأحكام خليق أن يتوارث، حقيق أن يُتَوَفِّر على تدارسه جديرٌ أن يُعنى بما تضمّن من محاسن الأخبار وجواهر الكلام، وطرائف الحكم.

کلین

في إيران - الآن - عدة مواضع يقال لكلّ واحد منها : كلين؛ منها :

ده كُلين(1)، قرية في دهستان فشاپويه من ناحية الريّ (2)، وهي التي قال السمعاني في ضبط النسبة إليها : «الكلينيّ بضم الكاف وكسر اللام، وبعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، في آخرها النون. هذه النسبة إلى كلين وهي من قرى العراق قرية بالريّ» (3) وجاء ذكرها في «سیاست نامه» (4). وقال ياقوت الحموي : «كلين: المرحلة الأولى من الريّ لمن يريد خوار على طريق الحاجّ» (5).

ص: 7


1- وهم يلفظونها - الآن - Kulain.
2- اسامی دهات کشور ص 78.
3- الأنساب ورقة ٤٨٦ ب.
4- سیاست نامه ص ١٥٨.
5- معجم البلدان ج ٤ ص ٢٠٣.

وهي على ٣٨ كيلومتراً، جنوب غربي بليدة الري الحالية، شرقي طريق قم، بينها وبين الطريق خمسة كيلومترات (1).

وكلين - أيضاً - بكسر الكاف واللام (2) ثلاث قرى في دهستان بهنام سوخته، من نواحي ورامين هي : قلعه كلين، وكلين خالصه، ودَه كلين (3)،(4).

وكلين - أيضاً - قرية في دهستان رودبار بناحية معلم كلايه، من أعمال قزوين (5).

والكلينيّ - ولا شكَّ _ من كلين فشاپويه بالري، كما يدلُّ انتسابه إلى الريّ (6) وكونه شيخ أصحابنا في وقته بها (7).

قال العلّامة الحلّيّ : «الكلينيّ مضموم الكاف، مخفّف اللام، منسوب إلى كلين قرية بالريّ» (8).

وقال السيّد محمّد مرتضى الزبيدي : «الكلينيّ، ضبطه ابن السمعانيُّ، كزبير. قلت: وهو المشهور على الألسن والصواب بضم الكاف وإمالة اللام، كما ضبطه الحافظ في التبصير (9) : ة (10)، بالريّ (11)، منها، أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ..... (12)».

وقد اختلف المتأخّرون في ضبط الكلينيّ، اختلافاً كبيراً (13):

ص: 8


1- فرهنك جغرافيائي إيران ج 1 ص 183.
2- كما يلفظها أهل ورامين الآن؛ أي: Kileen
3- ويقال لها كلين سادات كما ذكر لي بعض أهل ورامين.
4- أسامي دهات کشور ص 81.
5- فرهنگ جغرافيائي إيران ج 1 ص 182.
6- لسان الميزان ج 5 ص ٤٣٣، وروضات الجنّات ص ٥٥١ نقلاً من شرح مصابيح البغوي للطيبي، وجامع الأصول لابن الأثير.
7- الرجال للنجاشي ص ٢٦٦.
8- خلاصة الأقوال ص 11 في ترجمة أحمد بن إبراهيم المعروف بعلان.
9- وابن الأثير - أيضاً - في الكامل ج 8 ص 128 ؛ قال : «بالياء المعجمة باثنتين من تحت، ثمَّ بالنون، وهو ممال»، وابن حجر في لسان الميزان ج ٥ ص ٤٣٣.
10- ة، أي : قرية.
11- في روضات الجنّات ص ٥٥١ نقلاً من التبصير : «وهو منسوب إلى كلين، من قرى العراق».
12- تاج العروس ج ٩ ص 322 مادة ك ل ن.
13- راجع تنقيح المقال ج ١ ص ٤٨ في ترجمة أحمد بن إبراهيم المعروف بعلان الكلينيّ، وهامش ص ١٢٧ أواخر ج 3.

نقل الميرزا محمّد عن الشهيد الثاني أنَّ الكلينيّ مخفف اللام المفتوحة (1).

وقال الساروي؛ في ترجمة أحمد بن إبراهيم المعروف بعلان الكلينيّ : «مضموم الكاف، مخفّف اللام المفتوحة، منسوب إلى قرية من الري» وقال في الهامش: «كلين كأمير ينسب إليه محمّد بن يعقوب الكلينيّ ؛ بضم الكاف، وفتح اللام. على ما هو المشهور بين ألسنة المحدّثين - وقد يغيّر اللّفظ في النسبة، ولعلّه من ذلك... (منه) (2)».

وقال الشيخ عبد النبيّ الكاظميّ : وفي التحرير (3) : والّذي سمعته من فضلاء الري، أنَّ هناك قريتين كلين كأمير، وكلين - مصغراً _ وفيها قبر الشيخ محمّد (4) بن يعقوب الكلينيّ. وأما. ولده فقبره ببغداد». ثمَّ قال بعد نقل ما ورد في التحرير : «بل المعروف فيما بين علمائنا، وأهل عصرنا، أنّه قبره في بغداد... (5)».

وقال الميرزا عبد اللّه الأفندي، بعد نقل ضبط العلّامة الحلّي، المذكور آنفاً: «وقال الشيخ البهائي، في تعليقاته على هذا الموضع، إنَّ الأولى أن يقال : كَلين بفتح الكاف لكن غلب استعمال كُلين بضم الكاف». وقد ردّ مقالة البهاء العاملي، قال : «ثم أقول : الّذي سمعناه من أهل طهران الّذي هو المعهود من بلاد الري قريتين (6)، اسم أحدهما (7) كلين على وزن أمير، والأخرى، كُلين - مصغراً - و - ح - (8): لا يبقى نزاع في المقام ولكن لا يعلم - ح - أن محمّد بن يعقوب، من أي القريتين، و _ أيضاً _ لا يظهر وجه تصحيح السمعاني هذه النسبة، بأنّها بضم الكاف، وكسر اللام، إذ لم أجد في موضع آخر، كون كلين، بضم الكاف وكسر اللام قرية بالري، ولعلّها في غير الري، فلاحظ، ولو صح ذلك ؛ أعني ؛ القول بأنَّ الكلينيّ، بضم الكاف، وكسر اللّام، فلعله نسبة إلى إحدى القريتين المذكورتين ويكون كسر اللام فيه،

ص: 9


1- منهج المقال ص 329.
2- توضيح الاشتباه ورقة ٧ أ.
3- أي : تحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة للشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي. راجع كشف الحجب والأستار ص 101.
4- كذا وهو من السهو، ولعله من غلط النساخ. وقد نقل السيّد محمّد باقر الخوانساري في روضات الجنات ص ٥٥١ قول صاحب التحرير لوسائل الشيعة صحيحا، قال : والّذي سمعته من جماعة من فضلاء الري أن هناك قريتين كلين كأمير وكلين مصغراً وفيها قبر الشيخ يعقوب الكلينيّ. وأما ولده محمّد فقبره ببغداد. فقوله : «بل المعروف... الخ» تنبيه لا يحتاج إليه فإن الشيخ الحر يريد أباه يعقوب.
5- تكملة الرجال ورقة 179 ب.
6- كذا؛ والصحيح قريتان وهو من غلط النساخ (ظ؟).
7- كذا ؛ والصحيح إحداهما وهو من غلط النساخ.
8- ح: أي؛ حينئذ.

من باب التغييرات للنسب - كما أومأنا إليه أوّلاً أيضاً - فلاحظ (1).

وقال الشهيد في إجازته لابن الخازن الحائري : «الكلينيّ بتشديد اللام» (2). وقال محمّد باقر بن محمّد أكمل: وفي حاشية البلغة: ضبطه بعض الفضلاء بكسر الكاف، وتشديد اللام المكسورة» (3).

وقال الشيخ أحمد النراقي : «الكلينيّ؛ بضم الكاف، وتخفيف اللام، منسوب إلى كُلين، قرية من قرى ريّ (4): ونحوه في بعض لغات الفرس (5). وحكى عن الشهيد الثاني أنّه ضبط في إجازته لعليّ بن حارث الحائري (6)، الكلينيّ بتشديد اللام. وفي القاموس (7)، كلين كأمير قرية بالري، منها محمّد بن يعقوب من فقهاء الشيعة أقول : القرية موجودة الآن في الري، في قرب الوادي المشهور بوادي الكرج وعبرت عن قرية (8)، ومشهورة عند أهلها، وأهل تلك النواحي جميعاً، بكُلَيْن بضم الكاف، وفتح اللام المخفّفة، وفيها قبر الشيخ يعقوب، والد محمّد (9)».

وقال المجلسي: «كلين كزبير - أيضاً - قرية بالري، ومحمّد بن يعقوب منها، كذا سمعت بعض المشايخ، يذكر عن أهل الريّ» (10)

الكلينيّ

هو محمّد بن يعقوب (11) بن إسحاق ؛ الكلينيّ (12)، الرازي (13)، ويعرف أيضاً بالسلسليّ (14)،

ص: 10


1- رياض العلماء ص 238.
2- بحار الأنوار ج ٢٥ ص ٣٩.
3- تعليقات محمّد باقر ورقة ١٦٤ ب.
4- كذا.
5- كذا.(؟).
6- كذا، وهو تحريف علىّ بن الخازن الحائري (ظ) المذكور آنفاً.
7- راجع القاموس المحيط ج ٤ ص ٢٦٥ ك ل ن. (أقول) قال السيّد محمّد باقر الخوانساري معقباً على رواية التحرير السالف إيراد ذكرها : نعم كلين كأمير قرية بورامين من أعمال الري، وليس منها محمّد بن يعقوب راجع روضات الجنّات ص ٥٥١.
8- كذا (؟).
9- عوائد الأيام (أواخر العائدة 88).
10- مرآة العقول ج 2 ص 2.
11- في كامل ابن الأثير ج 8 ص 128 وقيل محمّد بن عليّ (؟).
12- الرجال للنجاشي ص ٢٦٦.
13- لسان الميزان ج ٥ ص ٤٣٣.
14- لنزوله درب السلسلة ببغداد راجع تاج العروس ج ٩ ص 322.

البغدادي (1) ؛ أبو جعفر الأعور (2).

ينتسب إلى بيت طيب الأصل في كلين أخرج عدَّة من أفاضل رجالات الفقه والحديث (3)، منهم ؛ خاله علان (4).

وكان هو شيخ الشيعة في وقته بالري ووجههم (5)، ثمَّ سكن بغداد (6) في درب السلسلة (7) بباب الكوفة (8)، وحدّث بها سنة ٣٢٧ ه_ (9). وقد انتهت إليه رئاسة فقهاء الإماميّة في أيّام المقتدر (10). وقد أدرك زمان سفراء المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وجمع الحديث من مشرعه ومورده. وقد انفرد بتأليف «كتاب الكافي في أيامهم (11)، إذ سأله بعض رجال الشيعة أن يكون. عنده كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به ما يكتفي به المتعلّم، ويرجع إليه المُسْتَرْشِد (12)».

وكان مجلسه مثابة أكابر العلماء الراحلين في طلب العلم، كانوا يحضرون حلقته لمذاكرته، ومفاوضته، والتفقه عليه.

وكان - رحمة اللّه عليه - عالماً متعمقاً، محدثاً ثقة، حجّة عدلاً، سديد القول؛ يعد من أفاضل حملة الأدب، وفحول أهل العلم، وشيوخ رجال الفقه، وكبار أئمة الإسلام، مضافاً إلى أنّه من أبدال الزهادة والعبادة والمعرفة والتأله والإخلاص.

والكافي - والحقَّ أقول - جؤنة حافلة بأطائب الأخبار ونفيس الأعلاق من العلم، والدين والشرائع والأحكام والأمر والنهي، والزواجر والسنن، والآداب، والآثار.

وتنمُّ مقدّمة ذلك الكتاب القيم، وطائفة من فقره التوضيحية، في أثناء كلّ باب من

ص: 11


1- تاج العروس ج 9 ص 322.
2- معالم العلماء ص 88.
3- راجع رياض العلماء ص 289، وتنقيح المقال ج 3 ص 202.
4- راجع تنقيح المقال ج 1 ص ٤٨، ج ٢ ص ٥٦ باب الميم والرجال للنجاشي ص ٦٦.
5- الرجال للنجاشي ص ٢٦٦.
6- لسان الميزان ج ٥ ص ٤٣٣.
7- تاج العروس ج ٩ ص 322، والاستبصار ج 2 ص ٣٥٣ الطبعة الأولى.
8- الاستبصار ج ٢ ص ٣٥٣.
9- الاستبصار ج 2 ص ٣٥٢.
10- تاج العروس ج ٩ ص 322.
11- كشف المحجة ص ١٥٩.
12- اصول الكافي ص ٨.

الأبواب على علوّ قدره في صناعة الكتابة، وارتفاع درجته في الإنشاء، ووقوفه على سرّ العربية وبسطته في الفصاحة ومنزلته في بلاغة الكلام.

وكان مع ذلك عارفاً بالتواريخ والطبقات، صنف كتاب الرّجال، كلمانياً بارعاً، ألف كتاب الردّ على القرامطة. وأما عنايته بالآداب فمن أماراتها كتاباه : رسائل الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وما قيل في الأئمّة من الشعر. ولعلّ كتابه تفسير الرؤيا خير كتاب أخرج في باب التعبير.

أشياخه

روى الكلينيّ «عمّن لا يتناهى كثرة من علماء أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ورجالهم ومحدّثيهم» (1) منهم :

1 - أبو علي أحمد بن إدريس بن أحمد الأشعريّ، القميّ، المتوفّى سنة ٣٠٦ ه_ (2).

٢ - أحمد بن عبد اللّه بن أمية (3).

٣ - أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبد الرّحمن الهمداني ؛ المعروف بابن عُقْدَة؛ المتوفّى سنة ٣٣٣ ه_ (4).

٤ - أبو عبد اللّه أحمد بن عاصم ؛ العاصميّ، الكوفيّ (5).

٥ - أبو جعفر، أحمد بن محمّد بن عيسى بن عبد اللّه بن سعد بن مالك بن الأحوص ابن السائب بن مالك بن عامر الأشعريّ، القميّ (6).

٦ - أحمد بن مهران (7).

7 - إسحاق بن يعقوب (8).

ص: 12


1- بحار الأنوار ج ٣٥ ص ٦٧ ؛ إجازة المحقّق الكركي، وراجع عين الغزال ص ٤.
2- له ترجمة في تنقيح المقال ج ١ ص ٤٩.
3- له ترجمة في المرجع المذكور ج ١ ص ٦٥.
4- له ترجمة في المرجع المذكور ج ١ ص المذكور ج ١ ص ٨٥ - ٨٦.
5- له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 87 – 88.
6- له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 90 - 92.
7- له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 98.
8- له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 122.

8 - الحسن بن خفيف (1).

9 - الحسن بن الفضل بن يزيد (2) اليمانيّ (3).

١٠ _ الحسين بن الحسن؛ الحسيني، الأسود (4).

١١ - الحسين بن الحسن الهاشميّ، الحسنيّ، العلويّ (5).

١٢ _ الحسين بن عليّ العلوي (6).

١٣ - أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد بن عمران بن أبي بكر الأشعريّ القميّ المعروف بابن عامر (7).

١٤ - حميد بن زياد من أهل نينوى ؛ المتوفّى سنة ٣١٠ ه_ (8).

١٥ - أبو سليمان داود بن كورة القميّ (9).

١٦ - أبو القاسم، سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الأشعريّ، القميّ ؛ المتوفّى 27 شوَّال سنة ٣٠٠ ه_ (10).

17 - أبو داود سليمان بن سفیان (11).

١٨ - أبو سعيد، سهل بن زياد ؛ الأدميُّ، الرازي (12).

١٩ - أبو العبّاس عبد اللّه بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري القميّ (13).

20 - أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن هاشم القميّ، صاحب التفسير المعروف (14)

ص: 13


1- ذكره في عين الغزال ص ٥.
2- في عين الغزال ص ٥: زيد.
3- له ترجمة في تنقيح المقال ج 1 ص 302.
4- راجع تنقيح المقال ج ١ ص ٣٢٥.
5- له ترجمة في تنقيح المقال ج ١ ص ٣٢٥.
6- ذكره في عين الغزال ص ٦.
7- له ترجمة في تنقيح المقال ج ١ ص ٣٤٢.
8- له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 378 - 379.
9- له ترجمة في المرجع المذكور ج ١ ص ٤١٥ - ٤١٦.
10- له ترجمة مفصلة في المرجع المذكورج ٢ ص ١٦ - ٢٠.
11- راجع عين الغزال ص ٦.
12- له ترجمة مفصلة في المرجع المذكور ج 2 ص 75 – 77.
13- له ترجمة في المرجع المذكورج ٢ ص ١٧٤.
14- له ترجمة في المرجع المذكورج ٢ ص ٢٦٠.

المتوفّى بعد سنة ٣٠٧ ه_.

21 - عليّ بن الحسين السعد آباذي (1).

22 - أبو الحسن عليّ بن عبد اللّه بن محمّد بن عاصم، الخديجي، الأصغر (؟) (2).

٢٣ - أبو الحسن عليّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان، الرازي، الكلينيّ، المعروف بعلّان (3).

٢٤ - عليّ بن محمّد بن أبي القاسم بندار (4).

٢٥ - أبو الحسن عليّ بن محمّد بن أبي القاسم عبد اللّه بن عمران، البرقي، القميّ ابن بنت أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، المعروف (5).

٢٦ - عليّ بن موسى بن جعفر الكمنداني(6)

27 - أبو محمّد القاسم بن العلاء من أهل أذربايجان (ظ؟) (7).

28 _ أبو الحسن، محمّد بن إسماعيل، النيسابوري، الملقب بندفر (8).

29 - أبو العبّاس، محمّد بن جعفر الرزَّاز، المتوفّى سنة ٣٠١ ه_ (9).

٣٠ - أبو الحسن محمّد بن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد بن عون، الأسدي، الكوفيّ ساكن الري (10).

31 - أبو جعفر، محمّد بن الحسن بن فروخ الصفار، الأعرج القميّ، صاحب كتاب بصائر الدرجات المتوفّى سنة 290) ه_ (11) مولى عيسى بن موسى بن جعفر الأعرج.

32 - محمّد بن الحسن ؛ الطائي (12).

ص: 14


1- له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 281.
2- له ترجمة في المرجع المذكورج ٢ ص ٢٩٦.
3- له ترجمة في تنقيح المقال ج 2 ص 302.
4- له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 303.
5- راجع تنقيح المقال ج 2 ص ٣٠٦.
6- له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 310.
7- له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 22.
8- له ترجمة في المرجع المذكورج ٢ ص 80 – 81.
9- له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 93.
10- له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص ٩٥ - ٩٦.
11- له ترجمة في المرجع المذكور ج 3 ص 103.
12- ذكره في عين الغزال ص ١٠.

٣٣- أبو جعفر محمّد بن عبد اللّه بن جعفر بن الحسين بن جامع بن مالك، الحميري، القميّ (1).

٣٤ - محمّد بن عقيل ؛ الكلينيّ (2).

35 - أبو الحسين محمّد بن عليّ بن معمر ؛ الكوفيّ، صاحب الصبيحي (3).

٣٦ _ أبو جعفر محمّد بن يحيى ؛ العطّار، الأشعريّ القمي (4).

تلاميذه والرواة عنه(5)

يروي عن الكلينيّ فئة كثيرة؛ منهم :

١ - أبو عبد اللّه أحمد بن إبراهيم المعروف بابن أبي رافع الصيمري (6).

2 - أبو الحسين أحمد بن أحمد الكاتب الكوفيّ (7)

3 - أبو الحسين أحمد بن عليّ بن سعيد الكوفيّ (8)

٤ - أبو الحسين أحمد بن محمّد بن عليّ الكوفيّ (9).

5 _ أبو غالب أحمد بن محمّد بن محمّد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين بن سنسن الزراري (٢٨٥ - ٣٦٨ ه_) (10).

٦ - أبو القاسم جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قولويه، المتوفّى سنة ٣٦٨ ه_ (11).

ص: 15


1- له ترجمة في تنقيح المقال ج ٣ ص ١٣٩ - ١٤٠.
2- له ترجمة في المرجع المذكور ج ٣ ص ١٥١.
3- له ترجمة في المرجع المذكور ج ٣ ص ١٦٠.
4- له ترجمة في المرجع المذكور ج 3 ص 199.
5- راجع الفهرست للشيخ الطوسي ص ١٣٥ - ٦ ومستدرك الوسائل ج ٣ ص ٥٢٧ و ٦٦٦ وتهذيب الأحكام ج ٢ ص ٤٨٠، والاستبصار ج 1 ص ٣٥٣ وعدة الرجال، ورقة ١٧٥ أ - ب وورقة ١٦٢ أ، وروضات الجنات ص ٥٥٤، وشرح مشيخة من لا يحضره الفقيه، ورقة ٢٦٨ أ، والرجال للنجاشي ص ٢٦٧، والوافي ج ٣ ص ١٤٩ من الخاتمة وتفصيل وسائل الشيعة ج 3 ص ٥١٦ و ٥١٩ وخلاصة الأقوال ص ١٣٦، ومقابس الأنوار ص 7.
6- له ترجمة في تنقيح المقال ج ١ ص ٤٦.
7- له ترجمة في المرجع المذكورج ١ ص ٤٩، وراجع عين الغزال ص 12.
8- له ترجمة في تنقيح المقال ج 1 ص 73.
9- له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 89.
10- له ترجمة في تنقيح المقال ج ١ ص ٤٩٣.
11- له ترجمة في المرجع نفسه ج 1 ص 223.

٧ - أبو الحسن عبد الكريم بن عبد اللّه بن نصر البزاز التنيسي(1).

8 _ - عليّ بن أحمد بن موسى، أحمد بن موسى، الدقاق (2)

9 - أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني، المعروف بابن زينب (3) «كان خصيصاً به، يكتب كتابه الكافي» (4)،(5).

10 - أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عبد اللّه بن قضاعة بن صفوان بن مهران الجمّال الصفواني، نزيل بغداد (6). «كان تلميذه الخاص به يكتب كتابه الكافي وأخذ عنه العلم والأدب، وأجاز [ الكلينيّ] له، في قراءة الحديث(7)».

١١ - أبو عيسى محمّد بن أحمد بن محمّد بن سنان، السناني، الزاهري نزيل الريّ (8).

١٢ - أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه بن المطلب، الشيباني (9).

13 - محمّد بن عليّ ماجيلويه (10).

١٤ - محمّد بن محمّد بن عاصم الكلينيّ (11).

١٥ - أبو محمّد هارون بن موسى بن أحمد بن سعيد بن سعيد الشيباني، التلعكبري، المتوفّى سن ٣٨٥ ه_ (12)

مَدْحُه

قال النجاشي : «شيخ أصحابنا في وقته بالري، ووجههم. وكان أوثق النّاس في

ص: 16


1- راجع الفهرست للشيخ الطوسي ص ١٣٦.
2- له ترجمة في تنقيح المقال ج 2 ص ٢٦٧، وراجع عين الغزال ص 12.
3- له ترجمة في المرجع نفسه ج 2 ص ٥٥ - ٥٦.
4- راجع مرآة العقول ج ١ ص ٣٩٦.
5- عين الغزال ص 12.
6- له ترجمة في تنقيح المقال ج 2 ص 71 - 72.
7- عين الغزال ص 12.
8- له ترجمة في تنقيح المقال ج 2 ص 73.
9- له ترجمة في المرجع المذكورج ٣ ص ١٤٦.
10- له ترجمة في المرجع نفسه ج 3 ص ١٥9 - ١٦٠.
11- له ترجمة في تنقيح المقال ج 3 ص 179.
12- له ترجمة في المرجع نفسه ج ٣ ص ٢٨٦.

الحديث، وأثبتهم» (1).

ونقل هذه الكلمة العلّامة الحلّي (2) وابن داود(3) مع تغيير يسير.

وقال الطوسي : «ثقة، عارف بالأخبار» (4).

وقال أيضاً : «جليل القدر، عالم بالأخبار»(5).

وقال ابن شهر اشوب : «عالم بالأخبار» (6).

وقال السيّد رضي الدّين ابن طاووس : «الشيخ المتفق على ثقته، وأمانته، محمّد بنيعقوب الكلينيّ»(7).

وقال أيضاً: «محمّد بن يعقوب أبلغ فيما يرويه، وأصدق في الدراية» (8).

وقال ابن الأثير : «... وهو من أئمة الإماميّة وعلمائهم» (9).

وقال أيضاً _ وقد عدّه من مجدّدي الإماميّة على رأس المائة الثالثة - : «أبو جعفر محمّد بن يعقوب الرازي الإمام على مذهب أهل البيت عالم في مذهبهم كبير فاضل عندهم مشهور...» (10).

وعده الطيبي من مجدّدي الأمة على رأس تلك المائة : قال : «... ومن الفقهاء... أبو جعفر الرازي الإمامي» (11).

وقال ابن حجر : «وكان من فقهاء الشيعة والمصنفين على مذهبهم» (12).

وقال أيضاً : «... أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ، من رؤساء فضلاء الشيعة، في أيّام المقتدر» (13).

ص: 17


1- الرجال للنجاشي ص 2٦٦.
2- خلاصة الأقوال ص 71.
3- الرجال لابن داود، ظهر الورقة ٤٨.
4- الرجال للشيخ الطوسي، ظهر الورقة 119.
5- الفهرست للشيخ الطوسي ص ١٣٥.
6- معالم العلماء ص 88.
7- کشف المحجة ص ١٥٨.
8- فرج المهموم ص ٩٠.
9- کامل ابن الأثير ج 8 ص 128 في حوادث سنة ٣٢٨.
10- منتهى المقال ص 298، وروضات الجنّات ص ٥٥١، ولؤلؤة البحرين ص 237، والوجيزة للبهاء العاملي ص ١٨٤، نقلا من من جامع الأصول.
11- روضات الجنات ص ٥٥١ نقلا من شرح مصابيح البغوي للطيبي
12- لسان الميزان ج ٥ ص ٤٣٣.
13- روضات الجنّات ص ٥٥١ نقلاً من التبصير.

وقال الفيروزآبادي : «.. محمّد محمّد بن يعقوب الكلينيّ، من فقهاء الشيعة» (1).

وقال الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني : «...محمّد بن يعقوب الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) شيخ عصره في وقته ووجه العلماء والنبلاء، كان أوثق النّاس في الحديث وأنقدهم له وأعرفهم به» (2).

وقال القاضي الشوشتري : «رئيس المحدثين الشيخ الحافظ» (3).

وقال المولى خليل بن الغازي القزويني: «اعترف المؤالف والمخالف بفضله، قال أصحابنا : وكان أوثق النّاس في الحديث وأثبتهم، وأغورهم في العلوم (4)».

وقال محمّد تقي المجلسيّ : «والحقُّ أنّه لم يكن مثله، فيما رأيناه في علمائنا، وكلُّ من يتدبر في أخباره وترتيب كتابه، يعرف أنّه كان مؤيداً من عند اللّه - تبارك وتعالى _ جزاه اللّه عن الإسلام والمسلمين أفضل جزاء المحسنين» (5).

وقال محمّد باقر المجلسي: «الشيخ الصدوق، ثقة الإسلام، مقبول طوائف الأنام ممدوح الخاص والعام محمّد بن يعقوب الكلينيّ» (6).

وقال الميرزا عبد اللّه الأفندي : «ثقة الإسلام، هو في الأغلب يراد منه أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكلينيّ، الرازي، صاحب الكافي وغيره، الشيخ الأقدم المسلم بين العامّة والخاصّة والمفتي لكلا الفريقين» (7).

وقال الشيخ حسن الدمستاني : «ثقة الإسلام، وواحد الأعلام، خصوصاً في الحديث فإنّه جهينة الأخبار، وسابق هذا المضمار الّذي لا يُشَقُ له غبار، ولا يُعْثَر له على عثار» (8).

وقال السيّد محمّد مرتضى الزبيدي : «... من [ فقهاء الشيعة ] (9) ورؤساء فضلائهم، في

ص: 18


1- القاموس المحيط ج ٤ ص ٢٦٥ (ك ل ن).
2- وصول الأخيار ص ٦٩.
3- مجالس المؤمنين ص ١٩٤.
4- الشافي، الورقة ٢ ب.
5- شرح مشيخة من لا يحضره الفقيه، الورقة ٢٦٧.
6- مرآة العقول ج 1 ص 3.
7- ریاض العلماء ص ٢٢٦.
8- الانتخاب الجيد الورقة 137 «باب الكفارة عن خطأ المحرم».
9- ما بين العضادتين قول الفيروزآبادي. راجع القاموس المحيط ج ٤ ص ٢٦٥.

أيّام المقتدر (1)».

وقال المحدّث النيسابوري في كتاب منية المرتاد في ذكر نفاة الاجتهاد: «ومنهم ؛ ثقة الإسلام قدوة الأعلام والبدر التمام جامع السنن والآثار، في حضور سقراء الإمام عليه أفضل السلام الشيخ أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ الرازي محيي طريقة أهل البيت على رأس المائة الثالثة..» (2).

وقال الشيخ أسد اللّه الشوشتري : «... ثقة الإسلام، وقدوة الأنام، وعلم الأعلام، المقدَّم المعظم عند الخاص والعام، الشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ» (3).

وقال السيّد أحمد الحسينيّ :

«كذا الصدوق ثقة الإسلام***وقدوة الأماثل الأعلام

نور المهيمن الّذي لا يخبو***وصارم العلم الّذي لا ينبو

العالم العلّامة السامي المحلّ***أعني الكلينيّ بن يعقوب الأجلّ»(4)

وقال أيضاً:

«والشيخ والصدوق والكلينيّ***وكلّهم عدل بغير مين»(5)

وقال :

واسم الكلينيّ محمّد الأبرُّ***سليل يعقوب المعظم الخطر» (6)

وقال السيّد محمّد باقر الخوانساري : هو في الحقيقة أمين الإسلام، وفي الطريقة دليل الأعلام وفي الشريعة جليل الأقدام، ليس في وثاقته لأحد كلام، ولا في مكانته عند أئمّة الأنام (7).

ص: 19


1- تاج العروس ج ٩ ص ٣٢٢.
2- روضات الجنات ص ٥٥٣.
3- مقابس الأنوار ص ٦.
4- الأرجوزة المختصرة، الورقة ٧٦ ب.
5- المرجع المذكور، الورقة ٨٩ أ.
6- المرجع المذكور الورقة 109 ب.
7- روضات الجنات ص ٥٥٢.

تأليفه

١ - كتاب تفسير الرؤيا (1).

٢ - كتاب الرجال (2)

٣ - كتاب الردّ على القرامطة (3).

٤ - كتاب الرسائل (4) ؛ رسائل الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (5)، (6).

5 - كتاب الكافي (7).

٦ - كتاب ما قيل في الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من الشعر (8).

الكافي

كان هذا الكتاب معروفاً بالكلينيّ (9)، ويسمّى أيضاً الكافي(10). قال الكلينيّ «وقلت: إنّک تحب أن يكون عندك كتاب كافٍ يجمع من جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين، والعمل به بالآثار الصحيحة، عن الصادقين (عَلَيهِما السَّلَامُ)» (11) وقد يسر اللّه له تأليف هذا الكتاب الكبير في عشرين سنة(12). وقد سأله بعض الشيعة من البلدان النائية تأليف كتاب الكافي لكونه بحضرة من يفاوضه ويذاكره، ممّن يثق بعلمه (13) ويعتقد بعض العلماء أنّه «عُرِض على القائم - صلوات اللّه عليه – فاستحسنه» (14)

ص: 20


1- الفهرست للطوسي ص ١٣٥. وفي الرجال للنجاشي ص ٢٦٧، ومعالم العلماء ص 88 تعبير الرؤيا وراجع الذريعة ج ٤ ص ٢٠٨.
2- الرجال للنجاشي ص ٢٦٧
3- الرجال للنجاشي ص ٢٦٧، والفهرست للطوسي ص 135، ومعالم العلماء ص 88 وكشف الحجب والأستار ص ٤٤٢.
4- الفهرست للطوسي ص 135، ومعالم العلماء ص 88 وكشف الحجب ص ٢٩١.
5- الرجال للنجاشي ص ٢٦٧.
6- نقل منه السيّد رضي الدّين ابن طاووس في كشف المحجة ص 1٥٣، 159، 173، 189.
7- راجع كشف الحجب والأستار ص ٤١٨ - ٤٢٠.
8- الرجال للنجاشي ص ٢٦٧.
9- الرجال للنجاشي ص ٢٦٦.
10- الرجال للنجاشي ص ٢٦٦، والفهرست للطوسي ص 135؛ ومعالم العلماء ص 88.
11- أصول الكافي ص 8.
12- الرجال للنجاشي ص ٢٦٦.
13- روضات الجنّات ٥٥٣ نقلاً من منية المرتاد في ذكر نفاة الاجتهاد للمحدث النيسابوري.
14- راجع منتهى المقال ص 298، والصافي مج ١ ص ٤، ومستدرك الوسائل ج 3 ص ٥٣٢ - ٥٣٣ ونهاية الدراية ص 219 لنقد هذا المأثور.

وقال: «كافٍ لشيعتنا» (1).

روى الكلينيّ عمّن لا يتناهى كثرة من علماء أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ورجالهم ومحدّثيهم (2)، فكتابه خلاصة آثار الصادقين (عَلَيهِما السَّلَامُ) وعَيْبَةُ القائمة. سنتهم

وقد كان شيوخ أهل عصره يقرؤونه عليه، ويروونه عنه، سماعاً وإجازة (3)، كما قرؤوه على تلميذه أبي الحسين أحمد بن أحمد الكوفيّ الكاتب (4). ورواه جماعة من أفاضل رجالات الشيعة عن طائفة من كَمَلَة حملته ومن رواته الأقدمين : النجاشي (5) والصدوق (6) وابن قولويه(7)، والمرتضى(8)، والمفيد (9)، والطوسيّ (10)، والتعلكبري (11) والزراري (12)، وابن أبي رافع (13)، وغيرهم.

وقد ظلَّ حجّة المتفقهين عصوراً طويلة، ولا يزال موصول الإسناد والرواية، مع تغير الزمان وتبدّل الدهور.

وقد اتفق أهل الإمامة وجمهور الشيعة على تفضيل هذا الكتاب والأخذ به، والثقة بخبره، والاكتفاء بأحكامه، وهم مجمعون على الإقرار بارتفاع درجته وعلو قدره - على أنّه القطب الّذي عليه مدار روايات الثقات المعروفين بالضبط والاتقان إلى اليوم، وهو عندهم أجمل وأفضل» (14) من سائر اصول الأحاديث.

ص: 21


1- روضات الجنّات ص ٥٥٣ نقلاً من منية المرتاد وكأنها قصة روائية.
2- بحار الأنوار ج 2٥ ص ٦٧ «إجازة المحقّق الكركي»، ومقابس الأنوار ص 7.
3- الرجال للنجاشي ص ١٦٧، والاستبصار ج 2 ص ٣٥٣.
4- الرجال للنجاشي ص ٢٦٧.
5- الرجال للنجاشي ص ٢٦٧.
6- الوافي ج ٣ ص ١٤٩ من الخاتمة، ومستدرك الوسائل ج 3 ص ٦٦٦، وتفصيل وسائل الشيعة ج 3 ص ٥١٦.
7- الرجال للنجاشي ٢٦٧.
8- مقابس الأنوار ص 7.
9- تفصيل وسائل الشيعة ج ٣ ص ٥١٩.
10- راجع تهذيب الأحكام ج 2 ص ٤٨٠، والاستبصار ج ٢ ص ٣٥٣، وتفصيل وسائل الشيعة ج ٣ ص ٥١٩، وخلاصة الأقوال ص ١٣٦.
11- الفهرست للطوسي ص ١٣٦.
12- الفهرست للطوسي ص 139.
13- الفهرست للطوسي ص ١٣٥.
14- كشف المَحَجّة ص ١٥٩.

الثناء عليه

قال الشيخ المفيد: «.... الكافي، وهو من أجلّ كتب الشيعة، وأكثرها فائدة» (1).

وقال الشهيد محمّد بن مكّي في إجازته لابن الخازن : «.... كتاب الكافي في الحديث الّذي لم يعمل الإماميّة مثله» (2).

وقال المحقّق عليّ بن عبد العالي الكركي، في إجازته للقاضي صفي الدّين عيسى : «الكتاب الكبير في الحديث المسمّى بالكافي الّذي لم يعمل مثله.... وقد جمع هذا الكتاب من الأحاديث الشرعية، والأسرار الدينية، ما لا يوجد في غيره» (3).

وقال أيضاً _ في إجازته لأحمد بن أبي جامع العاملي -: «الكافي في الحديث الّذي لم يَعْمَل الأصحاب مثله» (4).

وقال الفيض : «الكافي... أشرفها وأوثقها وأتمها وأجمعها؛ لاشتماله على الأصول من بينها وخلوه من الفضول وشَيْنها» (5).

وقال الشيخ عليّ بن محمّد بن حسن بن الشهيد الثاني: «الكتاب الكافي والمنهل العذب الصافي. وَلَعَمْري لم ينسج ناسج على منواله، ومنه يعلم قدر منزلته(6) وجلالة حاله (7)».

وقال المجلسيّ : «كتاب الكافي... اضبط الأصول وأجمعها، وأحسن مؤلفات الفرقة الناجية، وأعظمها (8)».

وقال المولى محمّد أمين الاسترابادي في الفوائد المدنية: «وقد سمعنا عن مشائخنا وعلمائنا أنّه لم يصنّف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه» (9).

ص: 22


1- تصحيح الاعتقاد ص 27.
2- بحار الأنوار ج ٢٥ ص ٦٧.
3- بحار الأنوار ج ٢٥ ص ٦٧.
4- بحار الأنوار ج ٢٥ ص ٦٣.
5- الوافي ج ١ ص ٦ طبعة طهران ١٣٢٤.
6- منزلته ؛ أي منزلة الكلينيّ، مؤلفه.
7- الدر المنظوم ورقة 1 ب.
8- مرآة العقول ج 1 ص 3.
9- مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٥٣٢.

وقال بعض الأفاضل : «اعلم أنَّ الكتاب الجامع للأحاديث، في جميع فنون العقائد، والأخلاق والآداب والفقه _ من أوله إلى آخره، ممّا لم يوجد في كتب أحاديث العامّة، وأنَّى لهم بمثل الكافي، في جميع فنون الأحاديث، وقاطبة أقسام العلوم الإلهية، الخارجة من بيت العصمة ودار الرحمة» (1).

وهو «... يحتوي على ما لا يحتوي غيره ممّا ذكرناه من العلوم حتّى أنَّ فيه ما يزيد على ما في الصحاح الست للعامة متوناً وأسانيد»(2) فإنَّ عدة أحاديث الكافي ١٦١٩٩ حديثاً(3)، وجملة ما في كتاب البخاريّ الصحيح 7275 حديثاً، بالأحاديث المكرَّرة، وقد قيل: «إنّها بإسقاط المكررة ٤٠٠٠ حديث» (4).

قال ابن تيميّة : إنَّ أحاديث البخاريّ ومسلم سبعة آلاف حديث وكَسْر (5).

مَزيتُه

خصائص الكافي التي لا تزال تحثّ على الاهتمام به كثيرة؛ منها :

أن مؤلّفه كان حيّاً في زمن سفراء المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال السيّد ابن طاووس: «فتصانيف هذا الشيخ محمّد بن يعقوب، ورواياته في زمن الوكلاء المذكورين، يجد طريقاً إلى تحقيق منقولاته» (6).

وهو «ملتزم في الكافي أن يذكر في كلّ حديث إلّا نادراً جميع سلسلة السند بينه وبين المعصوم، وقد يحذف صدر السند ولعلّه لنقله عن أصل المروي عنه من غير واسطة أو الحوالته على ما ذكره قريباً. وهذا في حكم المذكور» (7).

«وممّا يعلم في هذا المقام نقلاً عن بعض محققينا الأعلام، أنَّ من طريقة الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ)

ص: 23


1- نهاية الدراية ص 218 – 219.
2- وصول الأخيار ص 70، وذكرى الشيعة ص ٦.
3- نهاية الدراية ص 219 ولؤلؤة البحرين ص 238 يقول : وأما حسب ما رقم في هذه الطبعة فهي رقم في هذه الطبعة فهي ١٥١٧٦ حديثاً ولعلهم عدوا أسانيدها المكررة فبلغت ١٦١٩٩ حديثاً.
4- منهاج السنة ج ٤ ص ٥٩.
5- مقدمة ابن الصلاح ص 10، وراجع نهاية الدراية ص 220، وكشف الظنون ج ١ ص ٥٤٣ - ٥٤٤.
6- كشف المحجة ص ١٥٩ وراجع مستدرك الوسائل ج 3 ص ٥٣٢ - ٣، و ص ٥٤٦، والشافي، ورقة 2 ب.
7- الوافي ج 1 ص 13.

وضع الأحاديث المخرجة، الموضوعة على الأبواب على الترتيب بحسب الصحة والوضوح. ولذلك، أحاديث أواخر الأبواب في الأغلب - لاتخ (1) من إجمال وخفاء(2)».

وقد أسلفت إيراد كونه جمع فنون العلوم الإلهيّة، واحتوى على الأصول والفروع، وأنّه يزيد على ما في الصحاح الستة، عَد عن التأني في تأليفه الّذي بلغ عشرين سنة. قال الوحيد البهبهاني: «ألا ترى أنَّ الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) مع بذل جهده في مدة عشرين سنة، ومسافرته إلى البلدان والأقطار، وحرصه في جمع آثار الأئمّة، وقرب عصره إلى الأصول الأربعمائة والكتب المعوّل عليها وكثرة ملاقاته ومصاحبته مع شيوخ الإجازات، والماهرين في معرفة الأحاديث ونهاية شهرته في ترويج المذهب، وتأسيسه...» (3).

وقال السيّد حسن الصدر: «ومنها اشتماله على الثلاثيات...» (4).

«ومنها أنّه غالباً، لا يورد الأخبار المعارضة، بل يقتصر على ما يدلُّ على الباب الّذي عنونه، وربما دلّ ذلك على ترجيحه لما ذكر على ما لم يذكر (5)، (6).

شروحه (7)

وهي كثيرة؛ منها:

1 - جامع الأحاديث والأقوال، للشيخ قاسم بن محمّد بن جواد بن الوندي المتوفّى بعد سنة ١١٠٠ ه_ (8).

2 - الدر المنظوم من كلام المعصوم ؛ للشيخ عليّ بن محمّد بن الحسن بن زين الدّين الشهيد الثاني العاملي الجبعي، المتوفّى سنة ١١٠٤ ه_. وهو مخطوط، ومنه نسخة (9) بخزانة كتب السيّد محمّد المشكاة الموقوفة بجامعة طهران.

ص: 24


1- لاتخ : أي ؛ لا تخلو.
2- روضات الجنّات ص ٥٥٣، ونهاية الدراية ص 222.
3- نهاية الدراية ص ٢٢٠.
4- نهاية الدراية ص 221 – 220.
5- نهاية الدراية ص 222.
6- وراجع للزيادة المرجع نفسه ص 219.
7- راجع للزيادة، باب الكاف وباب (شرح) من الذريعة، المخطوطة.
8- الذريعة ج 5 ص 39 - ٤٠.
9- برقم ٩٢٦، وراجع الذريعة ج ٦ ص 183، وج 8 ص 79 وكشف الحجب والأستار ص ٢١٢، ص ٣٤٨.

- الرواشح السماوية في شرح الأحاديث الإماميّة (1)، لمحمّد باقر الداماد الحسيني، المتوفّى سنة ١٠٤٠ ه_. وهو مطبوع سنة ١٣١١ ه_ بطهران.

٤ - الشافي ؛ للشيخ خليل بن الغازي القزويني، المتوفّى سنة 1089 ه_. وهو مخطوط، ومنه نسخة (2) بخزانة كتب السيّد محمّد المشكاة.

٥ - شرح الميرزا رفيع الدّين محمّد النائيني، المتوفّى سنة 1802ه_ (3).

٦ - شرح المولى صدرا، الشيرازي، المتوفّى سنة ١٠٥٠ ه_ (4).

7 - شرح محمّد أمين الاسترآبادي الأخباري المتوفّى سنة ١٠٣٦ ه_ (5).

8 - شرح المولى محمّد صالح المازندراني، المتوفّى سنة 1080 ه_ (6)، وهو - عند أفاضل المتفقهين - من خيار الشروح.

9 - كشف الكافي ؛ لمحمّد بن محمّد الملقب شاه محمّد الاصطهباناتي الشيرازي، من أفاضل أوائل القرن الثاني عشر (7). ألّفه للشاه السلطان حسين الموسوي الصفوي. وهو مخطوط، ومنه نسخة (8) بخزانة كتب السيّد محمّد المشكاة.

10 - مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (9)؛ لمحمّد باقر بن محمّد تقي المجلسيّ المتوفّى سنة 111٠ ه_. وهو مطبوع سنة ١٣٢١ ه_ بطهران، في ٤ مجلّدات ضخمة.

١١ - هدى العقول في شرح أحاديث الأصول؛ لمحمّد بن عبد عليّ بن محمّد بن أحمد بن عليّ بن عبد الجبار القطيفي، من علماء أوائل القرن الثالث عشر. وهو مخطوط، ومنه نسخة في خزانة كتب مدرسة عالي سبهسالار (10).

ص: 25


1- وراجع كشف الحجب والأستار ص ٢٩٣، ص ٣٤٨.
2- برقم ٩١٥، وراجع كشف الحجب والأستار ص ٣١٦، ٣٤٨.
3- كشف الحجب والأستار ص ٣٤٨.
4- كشف الحجب والأستار ص ٣٤٧.
5- كشف الحجب والأستار ص ٣٤٨.
6- كشف الحجب والأستار ص ٣٤٧ - ٣٤٨.
7- له تريجمة في ريحانة الأدب ج ٢ ص ٢٩٥.
8- برقم ٦٣٤.
9- وراجع كشف الحجب والأستار ص ٣٤٨، ص ٥٠٠.
10- برقم 1700، راجع بروكلمن ج 1 ص 187، وفهرست کتابخانه مدرسه عالي سپهسالارج ١ ص ٢٦٠ - ١.

12 - الوافي ؛ للفيض الكاشاني (1)، المتوفّى سنة 1091 ه_. وهو مطبوع سنة ١٣١٠ و ١٣٢٤ ه_ بطهران في 3 مجلّدات.

تعاليقه وحواشيه (2)

وهي كثيرة جداً؛ منها :

1 - حاشية الشيخ إبراهيم بن الشيخ قاسم الكاظمي، الشهير بابن الوندي(3).

2 - حاشية أبي الحسن الشريف الفتوني العاملي، المتوفّى سنة 1138 ه_ (4).

3 - حاشية السيّد المير أبي طالب بن الميرزا بيك الفندرسكي من أفاضل وأوائل القرن الثاني عشر (5).

٤ - حاشية الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري، المتوفّى سنة ١١٤٩ ه_ (6).

5 - حاشية السيّد بدر الدّين أحمد الأنصاري العاملي، تلميذ البهاء العاملي (7).

٦ - حاشية محمّد أمين بن محمّد شريف الاستراباديّ الأخباريّ، المتوفّى سنة ١٠٣٦ ه_ (8).

ص: 26


1- وراجع كشف الحجب والأستار ص ٥98. وللوافي شرح ألفه السيّد بحر العلوم المتوفّى سنة ١٢١٢ ه_. راجعمستدرك الوسائل ج ٣ ص ٥٣٩. ولطائفة من العلماء حواش على الوافي منهم : (أ) السيّد إبراهيم بن محمّد القميّ (راجع الذريعة ج ٦ ص 229). (ب) الميرزا حسن عبد الرزاق اللاهيجي القميّ، المتوفّى سنة 1121 ه_ (راجع الذريعة ج ٦ ص ٢٢٩). (ج) الميرزا عبد اللّه الأفندي المتوفّى سنة 1131 ه_ (راجع الذريعة ج ٦ ص ٢٢٩). (د) السيّد عبد اللّه بن نور الدّين الجزائري المتوفّى سنة 1173 ه_ (راجع الذريعة ج ٦ ص ٢٢٩). (ه) فضل اللّه بن محمّد شريف (راجع الذريعة ج ٦ ص ٢٢٩ - ٣٠). (و) السيّد محسن الأعرجي الكاظمي، المتوفّى سنة 122٧ ه_ (راجع الذريعة ج 6 ص ٢٣٠). (ز) محمّد باقر بن محمّد أكمل البهبهاني المتوفّى سنة ١٢٠٦ ه_ (راجع كشف الحجب والأستار ص 191، والذريعة ج ٦ ص 229). (ح) الفيض نفسه (راجع الذريعة ج ٦ ص ٢٣٠).
2- راجع الذريعة ج ٦ ص ١٧٩ - ٨٤.
3- الذريعة ج ٦ ص ١٨٠.
4- الذريعة ج 1 ص ١٨٠.
5- الذريعة ج ٦ ص ١٨١.
6- الذريعة ج ٦ ص ١٨٠.
7- الذريعة ج 2 ص 181، وكشف الحجب والأستار ص ١٨٤.
8- الذريعة ج ٦ ص ١٨١.

7 - حاشية محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسيّ (1).

8 - حاشية محمّد باقر الداماد الحسيني(2).

9 - حاشية محمّد حسين بن يحيى النوري ؛ تلميذ المجلسيّ (3).

10 - حاشية حيدر عليّ بن الميرزا محمّد بن حسن الشيرواني (4).

11 - حاشية المولى رفيع الجيلاني المعروفة بشواهد الإسلام(5).

12 - حاشية السيّد شبر بن محمّد بن ثنوان الحويزي، النجفي (6).

١٣ - حاشية السيّد نور الدّين عليّ بن أبي الحسن الموسوي العاملي، المتوفّى سنة ١٠٦٨ ه_ (7).

١٤ - حاشية الشيخ زين الدّين أبي الحسن عليّ بن الشيخ حسن صاحب المعالم (8).

١٥ - حاشية الشيخ علي الصغير بن زين الدّين بن محمّد بن الحسن بن زين الدّين الشهيد الثاني(9)

١٦ - حاشية الشيخ علي الكبير بن محمّد بن الحسن بن زين الدّين الشهيد الثاني(10).

17 - حاشية الشيخ قاسم بن محمّد بن جواد الكاظمي، المشهور بابن الوندي، المتوفّى بعد سنة ١١٠٠ ه_ (11).

18 - حاشية الشيخ محمّد بن الحسن بن زين الدّين الشهيد الثاني، المعروف بالشيخ محمّد السبط العاملي المتوفّى سنة 103٠ ه_ (12).

ص: 27


1- الذريعة ج ٦ ص 181 وكشف الحجب والأستار ص ١٨٥.
2- الذريعة ج ٦ ص ١٨٢.
3- الذريعة ج ٦ ص ١٨٢.
4- الذريعة ج ٦ ص ١٨٢.
5- الذريعة ج ٦ ص ١٨٢.
6- الذريعة ج ٦ ص ١٨٢.
7- الذريعة ج ٦ ص ١٨٢.
8- الذريعة ج 2 ص 182 - 183.
9- الذريعة ج ٦ ص 183.
10- الذريعة ج ٦ ص ١٨٣.
11- الذريعة ج ٦ ص ١٨٣.
12- الذريعة ج ٦ ص ١٨٣ - ٤ وكشف الحجب والأستار ص ١٨٤.

19 - حاشية الميرزا رفيع الدّين محمّد بن حيدر النائيني، المتوفّى سن 1080 ه_ (1)، (2).

20 - حاشية الشيخ محمّد بن قاسم الكاظمي (3).

21 - حاشية نظام الدّين بن أحمد الدشتكي (4).

ترجماته بالفارسية

١ - تحفة الأولياء؛ لمحمّد عليّ بن الحاج محمّد حسن الأردكاني، المعروف بالنحوي تلميذ السيّد بحر العلوم وهو مخطوط، ومنه نسخة (5) بخزانة كتب السيّد محمّد المشكاة.

٢ - الصافي في شرح أصول الكافي (6)، للشيخ خليل بن الغازي القزويني، وهو مطبوع سنة ١٣٠٨ ه_ / 1891 بلكهنو، في مجلدين ضخمين.

٣ - شرح فروع الكافي، له أيضاً، وهو مخطوط في عدة مجلدات، ومنه نسخة (7) بخزانة كتب السيّد محمّد المشكاة.

شروح بعض أحاديثه

١ - حثيث الفلجة في شرح حديث الفرجة (8) ؛ للسيد بهاء الدّين محمّد بن محمّد باقر الحسني المختاري النائيني، السبزواري، الأصفهاني، من علماء أوائل القرن الثاني عشر (9).

ولهذا الحديث شروح كثيرة (10).

ص: 28


1- الذريعة ج ٦ ص ١٨٤، وكشف الحجب والأستار ص ١٨٤.
2- وللأمير محمّد معصوم القزويني، المتوفّى سنة 1091 ه_، حاشية على هذه الحاشية راجع الذريعة ج ٦ ص 80.
3- الذريعة ج ٦ ص ١٨٤.
4- الذريعة ج ٦ ص ١٨٤.
5- برقم ٦٣٤.
6- وراجع كشف الحجب والأستار ص ٣٤٨ ص ٣٦٥.
7- برقم ٦٧١ - ٦٨٢، 91٤.
8- راجع أصول الكافي ج 1 ص 80 - 1 الحديث ٥ من كتاب التوحيد، باب حدوث العالم.
9- الذريعة ج ٦ ص ٢٤٨.
10- راجع الذريعة ج ٦ هامش ص ٢٤٨.

٢ - هداية النجدين وتفصيل الجندين ؛ رسالة في شرح حديث الكافي في جنود العقل وجنود الجهل (1)، للسيد حسن الصدر المتوفّى سنة ١٣٥٤ ه_ (2).

اختصاره

اختصر الكافي، محمّد جعفر بن محمّد صفي الناعسي الفارسي، ومن هذا المختصر نسخة (3) (مخطوطة سنة 1273) بخزانة كتب السيّد محمّد المشكاة.

تحقيقه

عني كثير من الأقدمين والمتأخرين بتحقيق بعض أمور الكافي ؛ ومن آثارهم :

١ - الرواشح السماوية في شرح أحاديث الإماميّة، للداماد (4).

٢ - رموز التفاسير الواقعة في الكافي والروضة لمولى خليل بن الغازي القزويني (5).

٣ - نظام الأقوال في معرفة الرجال ؛ «رجال الكتب الأربعة لنظام الدّين محمّد بن الحسين القرشي الساوجي (ظ؟) (6)، تلميذ الشيخ البهاء العاملي، «ذكر فيه أسماء الّذين روى عنهم المحمّدون الثلاثة، من الكتب الأربعة، أو ذكر واحداً من أصحابنا، وقال : إنّه ثقة أو عالم أو فاضل، أو ما شابه ذلك، أو قال : روى عن أحد وروى عنه أحد» (7).

٤ - جامع الرواة (8)، لحاجي محمّد الأردبيلي، تلميذ المجلسي.

5 - رسالة الأخبار والاجتهاد في صحة أخبار الكافي، لمحمّد باقر بن محمّد أكمل البهبهاني (9).

ص: 29


1- راجع أصول الكافي ج 1 ص 20 - 23 «الحديث ١٤ من كتاب العقل والجهل».
2- تأسيس الشيعة ص ١٧.
3- قوامها ٦٥ ورقة راجع ورقة 298 ب - ٣٦٣ ب من نسخة الكافي ذات العدد ٦٣٠ بخزانة كتب السيّد محمّد المشكاة.
4- راجع ص ٣٠ من هذه الرسالة.
5- روضات الجنات ص ٢٦٧.
6- أحوال وأشعار فارسي شيخ بهائي ص 88.
7- كشف الحجب والأستار ص ٥٨٢.
8- الذريعة ج ٥ ص ٥٤ - ٥٧.
9- مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٥٣٦.

٦ - معرفة أحوال العدّة الّذين يروي عنهم الكلينيّ، للسيد حجة الإسلام محمّد باقر الشفتي الأصفهاني، المتوفّى سنة ١٢٦٠ ه_ طبع مع مجموعته الرّجالية ص ١١٤ - ٢٥ بطهران سنة ١٣١٤ ه_ (1).

7 - الفوائد الكاشفة عن سلسلة مقطوعة وأسماء في بعض أسانيد الكافي مستورة للسيّد محمّد حسین الطباطبائي التبريزي (2).

قال في مقدّمته: «لما كان بعض الرواة بين ثقة الإسلام الشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ، وبين بعض من روى عنه من الأصحاب، كأحمد بن محمّد بن عيسى وأحمد بن محمّد بن خالد، وسهل بن زياد غير مذكورين في كتابه المسمّى بالكافي، مشيراً إليهم فيه بعدة من أصحابنا، فأحببت توضيحاً، بل لزوماً، حيث يحتاج العمل بالرواية إلى معرفة أحوال الراوي، من الصحة وغيرها من الأوصاف، أن أكتب رسالة جامعة لما وصل إلينا من أسمائهم، وجامعة لأحوالهم، ووافية لبيان اوصافهم ليكون الطالب العامل بها على بصيرة» (3).

8 - ترجمة عليّ بن محمّد المبدوء به بعض أسانيد الكافي ؛ للشيخ الميرزا أبي المعالي ابن الحاج محمّد إبراهيم بن الحاج محمّد حسن الكاخي الخراساني الأصفهاني، الكلباسي المتوفّى سنة ١٣١٥ ه_ (4).

ص: 30


1- الذريعة ج ٤ ص ٥٧.
2- هو محمّد حسين بن الحاج الميرزا على أصغر شيخ الإسلام بن الميرزا محمّد تقي القاضي الطباطبائي الحسني التبريزي من آل شيخ الإسلام سراج الدّين عبد الوهاب الطباطبائي. كان من أفاضل تلاميذ صاحب الجواهر، والشيخ موسى آل كاشف الغطاء، والمولى محمّد جعفر الاسترابادي. وقد أجازوا له. ورد النجف سنة ١٢٤٤ ه_ ولبث فيها سنين ثمَّ رجع إلى تبريز وتوفي بها سنة ١٢٩٤ ه_ عن أكثر من ثمانين سنة، ودفن بالنجف، له تأليف منها : 1 - منهج الرشاد في شرح الأرشاد في الفقه كمل منه طائفة من مباحث العبادات، في نحو من 12 مجلداً. ٢ - رسالة في الجعالة. ٣ - حاشية على القوانين في الأصول. ٤ - رسالة في حجية الفن الخاص. ٥ - رسالة في سند فقه الإمام. ٦ - الفوائد الكاشفة عن سلسلة مقطوعة وأسماء في بعض أسانيد الكافي مستورة. 7 - سند الفقه. 8 - المشيخة المرتبة.
3- الفوائد الكاشفة، ورقة 1 ب.
4- الذريعة ج ٤ ص ١٦١.

9 - البيان البديع في أنّ محمّد بن إسماعيل المبدوء به في أسانيد الكافي إنّما هو بزيع (1) للسيّد حسن الصدر المتوفّى 11 ربیع الأوّل سنة ١٣٥٤ ه_ (2).

10 - رجال الكافي جداول لفقيه آل محمّد ورئيس الطائفة، شيخ علماء قم اليوم (3)الحاج السيّد حسين الطباطبائي البروجردي، وهو مخطوط، سمعت به.

أما عدد أحاديث الكافي (4) وتحقيق رجاله، واختلاف رواته، وأسناده، فقد عنّي بها أكثر علماء الحديث والطبقات في المشيخات وكتب الرّجال (5).

طبعاته

طبع الكافي عدَّة مرار(6)؛ منها :

أصول الكافي :

شیراز (؟) سنة 1278 ه_.

تبريز سنة 1281 ه_ في ٤٩٤ صفحة (7).

طهران سنة ١٣١١ ه_ في ٦٢٧ صفحة مع حواش في الهامش.

طهران سنة ١٣١١ ه_ في ٤٦٨ صفحة مع حواش أيضاً.

[ طهران سنة ١٣٧٤ الطبعة الأولى من هذه الطبعة].

لكهنو سنة ١٣٠٢ / ١٨٨٥.

فروع الكافي :

ص: 31


1- هذا رأي السيّد حسن الصدر (ظ ؟) أما أكثر علماء الرجال، فيرون أنّه أبو الحسين محمّد بن إسماعيل النيسابوري بندفر؛ راجع توضيح المقال ص 27، والوافي ج 1 ص 10 والرواشح السماوية ص ٧٠ - ٤ وتنقيح المقال ج ٣ ص ٩٥ - ٩ من الخاتمة.
2- تأسيس الشيعة ص ١٨.
3- [ولقد توفي - رضوان اللّه عليه - صبيحة يوم الخميس لاثني عشر يوماً خَلَوْنَ من شهر شوال سنة ١٣٨٠ ه_ ].
4- راجع - مثلا ؛ منتهى المقال ص 370، وتوضيح المقال ص 21 - ٥، والوافي ج 1 ص ١٣ - ٥ وعين الغزال ١٠ - 11، ومستدرك الوسائل ج ٣ ص ٥٤١ - ٦، وخلاصة الأقوال ص 133، وتنقيح المقال ج ٣ ص ٨٣ - ٤ من الخاتمة.
5- راجع الوافي ج 1 ص 10 - 11، ومرآة العقول ج 1 ص ٣٩٦، ومستدرك الوسائل ج ٣ ص ٥٣٤ - ٤١.
6- وراجع تكملة بروكلمن ج 1 ص 320.
7- إلى آخر كتاب الإيمان والكفر.

طهران سنة ١٣١٥ ه_. في مجلدين توأم أولهما ٤٢٧ صفحة، والآخر ٣٧٥ صفحة مع حواش في الهامش.

[طبع دار الكتب الإسلامية في خمس مجلدات].

لكهنو سنة ١٣٠٢ / ١٨٨٥.

الروضة :

طهران سنة ١٣٠٣ ه_ في ١٤٢ صفحة(1)، تحف العقول، ومنهاج النجاة.

لكهنو سنة ١٣٠٢ / ١٨٨٥

[طبع دار الكتب مستقلا].

وفاته

مات - كما يقول النجاشي - ببغداد سنة ٣٢٩ ه_. سنة تناثر النجوم (2) وتاريخ وفاته عند الشيخ الطوسي - سنة 328(3)، ثمَّ وافق في كتاب الرّجال (4) الّذي ألفه من بعد، النجاشي.

وقال السيّد رضي الدّين ابن طاووس : «وهذا الشيخ محمّد بن يعقوب كانت حياته في زمن وكلاء المهديّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) - عثمان بن سعيد العمري وولده أبي جعفر محمّد، وأبي القاسم حسين بن روح، وعليّ بن محمّد السمري - وتوفّي محمّد بن يعقوب قبل وفاة عليّ بن محمّد السمري، لأنّ عليّ بن محمّد السمري توفّي في شعبان سنة 329 ه_ وهذا محمّد بن يعقوب الكلينيّ توفّي ببغداد سنة 328 ه_ (5)» وذكر ابن الأثير (6)، وابن حجر (7) أنّه توفي في تلك السنة.

وفي الوجيزة للشيخ البهاء العاملي: «توفّي ببغداد سنة ٣٠ أو 329» (8).

والصحيح - عندي _ أنَّ تاريخ الوفاة هو شهر شعبان سنة 329(9)، والنجاشي أقدم وأقرب

ص: 32


1- من ص ١٣٢ – ٢٧٤.
2- الرجال للنجاشي ص ٧٢٦، وخلاصة الأقوال ص 71.
3- الفهرست للشيخ الطوسي ص ١٣٦.
4- الرجال للشيخ الطوسي ظهر الورقة 119.
5- كشف المحجة ص ١٥٩.
6- کامل ابن الأثيرج 8 ص 128 في حوادث سنة 328 ه_.
7- لسان الميزان ج ٥ ص ٤٣٣.
8- الوجيزة ص ١٨٤.
9- الرجال للشيخ الطوسي، الورقة 120 وراجع لؤلؤة البحرين ص 237. وقال في نخبة المقال ص 98: ثم أبو جعفر الكلينيّ***هو ابن يعقوب بغيرمين قد جمع الكتافي بهذا النظم***وقد توفى لسقوط النجم

إلى عصر الكلينيّ، وقد أيده الشيخ الطوسي، والعلّامة الحلّيُّ، وهم أدرى من ابن الأثير وابن حجر بتواريخ علماء الشيعة. وهذا لا ينافي وفاته قبل عليّ بن محمّد السمري الّذي توفي في شعبان سنة ٣٢٩ ه_، وفاقاً للسيد ابن طاووس.

وصلّى عليه محمّد بن جعفر الحسني المعروف بأبي قيراط (1).

قبره ببغداد

دفن الكلينيّ بباب الكوفة بمقبرتها (2)، في الجانب الغربي، وكان ابن عبدون (3) يعرف قبره (4)، قال: «رأيت قبره في صراة الطائي، وعليه لوح مكتوب فيه اسمه، واسم أبيه(5)» «وقد درس» (6) في أواخر القرن الرابع الهجري (ظ؟) وقبره - اليوم - قائم في الجانب الشرقي، على شاطيء دجلة عند باب الجسر العتيق «جسر المأمون الحالي» بالقرب منه، على يسار الجائي من جهة المشرق وهو قاصد الكرخ قال الميرزا عبد اللّه الأفندي : «قبره ببغداد ولكن ليس في المكان الّذي يعرف الآن بقبره» (7).

وقال محمّد تقي المجلسي: «قبره ببغداد في مولوي خانه، معروف بشيخ المشايخ ويزوره العامّة والخاصّة، وسمعت من جماعة من أصحابنا ببغداد، أنّه قبر محمّد بن يعقوب الكلينيّ، وزرته هناك» (8).

وقال الشيخ يوسف البحراني : وقبر» هذا الشيخ الآن بل قبل هذا الزمان في بغداد مزار مشهور وعليه قبة عالية» (9).

وقال الشيخ أسد اللّه الشوشتري : «ومزاره معروف الآن؛ قريباً من الجسر» (10).

ص: 33


1- الرجال للنجاشي ص ٢٦٧ وخلاصة الأقوال ص 71.
2- الرجال للنجاشي ص ٢٦٧، والفهرست للطوسي ص ١٣٦، وخلاصة الأقوال ص 71.
3- هو أبو عبد اللّه أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن البزاز المعروف بابن عبدون، وابن الحاشر توفي سنة ٤٢٣ ه_. له ترجمه مفصلة في تنقيح المقال ج ٢ ص ٦٦ - ٧.
4- الرجال للنجاشي ص ٢٦٧.
5- الفهرست للشيخ الطوسي ص ١٣٦.
6- الرجال للنجاشي ص ٢٦٧ نقلا عن ابن عبدون.
7- رياض العلماء ص ٢٢٦، وراجع هامش الفهرست للطوسي ص ١٣٦.
8- شرح مشيخة من لا يحضره الفقيه، ورقة ٢٦٧ ب.
9- لؤلؤة البحرين ص ٢٣٦.
10- مقابس الأنوار ص ٧.

وقال الشيخ عبد النبيّ الكاظمي : «المعروف فيما بين علمائنا، وأهل عصرنا، أن قبره في بغداد في مكان يقال له المولى خانه قريباً من باب الجسر، وقبره إلى الآن مشهور، يزوره الخاصّة والعامّة» (1).

وقال السيّد محمّد باقر الخوانساري : «والقبر المطهّر الموصوف، معروف في بغداد الشرقية، مشهور تزوره الخاصّة والعامّة في تكية المولوية، وعليه شباك من الخارج إلى يسار العابر من الجسر» (2).

وحاول السيّد محمّد مهدي الأصفهاني، إثبات كون قبر الكلينيّ في الجانب الشرقي (3)، وقد ردّ عليه الأستاذ مصطفى جواد (4) وخطأ «أنَّ القبر الّذي قرب رأس الجسر من الشرق، هو قبر الكلينيّ (5)».

وقد تعوَّد الشيعة زيارة هذا القبر الحالي، منذ قرون متعاقبة، معتقدين أن صاحبه هو الكلينيّ. والفريقان مجتمعان على تعظيم هذا القبر، وتبجيل صاحبه وقصة نبش قبره سائرة (6).

وطريقة سلفنا وآبائنا المتقدمين واستمرار سيرتهم في زيارة الموضع المعروف المنسوب إليه في «جامع الأصفيّة» قرب رأس الجسر من الشرق، يضطرنا إلى احترام هذا المزار ك_ «تمثال الجندي المجهول عند الأوروبيين» وإن كان في الحقيقة لم يرمس فيه، وذلك إحياء لذكره، وإخلاداً لاسمه، واستبقاء له.

قال أبو علي : «وقبره - (قدّس سِرُّه) - معروف في بغداد الشرقية – مش_ - (7) تزوره الخاصّة والعامّة، في تكبة المولوية وعليه شباك من الخارج، إلى يسار العابر من الجسر» (8).

خادم أهل البيت

حسين علي محفوظ

عفا اللّه عنه

١٣٧٤

ص: 34


1- تكملة الرجال، ورقة 179 ب.
2- روضات الجنات ص ٥٥٣.
3- أحسن الوديعة ج ٢ ص ٢٢٦ - ٨.
4- مجلة العرفان مج 23 ج، ص ٥٣٩ - 5٤٩.
5- المرجع المذكور ص ٥٤٩.
6- راجع لؤلؤة البحرين ص ٢٣٦ - ٧، ومنتهى المقال ص 298 وروضات الجنات ص 553.
7- مش_ : أي مشهور.
8- منتهى المقال ص 298.

مر راجع التصحيح في الطبعة الأولى

1 - نسخة مصحّحة مخطوطة في سنة ١٠٧٦ ه_ ؛ عليها تعاليق جمّة لطائفة من الأكابر.

٢ - نسخة مصحّحة مخطوطة في القرن 11 ه_ ؛ عليها تعاليق وحواش كثيرة مفيدة.

٣ - نسخة مخطوطة ؛ عليها تعاليق ثمينة وتصحيحات بخطّ السيّد الداماد (رضیَ اللّهُ عنهُ).

٤ - نسخة مصحّحة مخطوطة في سنة ١٠٥٧ ه_؛ عليها تعاليق مأخوذة من الشروح.

٥ - نسخة مطبوعة في سنة 1331 ه_ ؛ عليها تعاليق مأخوذة من الشروح.

٦ - نسخة مطبوعة في سنة 1311 ه_ ؛ عليها تعاليق مأخوذة من الشروح. 7 - نسخة مطبوعة في سنة 1282 ه_.

مراجع التصحيح في الطبعة الثانية

1 - نسخة مخطوطة مصحّحة مقروءة على العلّامة المجلسيّ كتابتها سنة 1071 ه_.

٢ - نسخة مخطوطة مصحّحة موشّحة بالتعاليق الكثيرة مزدانة بخط الشيخ محمّد الحرّ العاملي تاريخها ١٠٩٢ ه_.

3 - نسخة مخطوطة مصحّحة عليها كثير من شرح المولى صالح شارح الكافي.

وقد تفضّل بإرسال هذه النسخ الثلاث سماحة آية اللّه العلّامة السيّد شهاب الدّين النجفي المرعشي نزيل قم المشرفة - دامت بركاته - راجع صورها الفوتوغرافية تحت رقم 1 و 2 و 3.

ص: 35

1 - النسخة الأولى

الصورة

36jpg^

ص: 36

٢ - النسخة الثانية

الصورة

37jpg^

ص: 37

3 - النسخة الثالثة

الصورة

38jpg^

ص: 38

تنبيه

كل ما كان في الكتاب - الكافي - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى فهم :

١ - أبو جعفر محمّد بن يحيى العطّار القميّ.

2 - عليّ بن موسى بن جعفر الكمندانيّ.

٣ - أبو سليمان داود بن كورة القميّ.

٤ - أبو علي أحمد بن إدريس بن أحمد الأشعريّ القميّ، المتوفّى سنة ٣٠٦ ه_.

٥ - أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن هاشم القميّ.

وكلٌّ ما كان فيه : عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي فهم :

1 - أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن هاشم القميّ.

2 - محمّد بن عبد اللّه بن اذينة.

٣- أحمد بن عبد اللّه بن أمية.

٤ - عليّ بن الحسين السعد آبادي.

وكلُّ ما كان فيه : عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد فهم :

1 - أبو الحسن عليّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازي، المعروف بعلان الكلينيّ.

٢ - أبو الحسين محمّد بن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد بن عون الأسديّ الكوفيّ، ساكن الريّ.

3 - محمّد بن الحسن بن فروخ الصفار القميّ، المتوفّى سنة ٢٩٠ ه_، مولى عيسى بن موسى بن جعفر الأعرج.

٤ - محمّد بن عقيل الكلينيّ

وكلُّ : ما كان فيه عدَّة من أصحابنا عن جعفر بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال فمنهم : أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد بن عمران بن أبي بكر الأشعريّ القميّ.

ص: 39

ص: 40

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه (1) المحمود لنعمته (2)، المعبود لقدرته (3)، المطاع في سلطانه(4)، المرهوب لجلاله (5)، المرغوب إليه فيما عنده (6)، النافذ أمره (7) في جميع خلقه، علا فاستعلى(8)، ودنا(9) فتعالى، وارتفع فوق كلّ منظر (10)، الّذي لا بدء لأوليّته، ولا غاية لأزليّته (11)، القائم قبل

ص: 41


1- اللام للاختصاص، ولام الحمد للجنس، فلا يبعد أن يراد أن جنس الحمد مختص به تعالى؛ لأن النعوت الكمالية ترجع إليه لأنه فاعلها وغايتها كلها راجع الرواشح السماوية للفيلسوف الإلهي المير محمّد باقر المرعشي (قدّس سِرُّه) ص /٦، منشورات مكتبة آية اللّه المرعشي / قم.
2- «اللام في (النعمته) لام الغاية وهي إحدى العلل الأربع للفعل الاختياري الّذي هو (الحمد) في مقامنا، ويقال للغاية في مثله المحمود عليه.
3- اللام في قوله (لقدرته) لام التعليل أي يعبده العابدون لكونه قادراً فاعلاً لما يشاء» راجع الرواشح ص 7.
4- (أي تطيعه الموجودات وما في الأرضين والسماوات) لقوله تعالى حكاية عن الكل : (قالتا أتينا طائعين) ولقوله تعالى : (واللّه يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والأصال) راجع الرواشح ص/٧.
5- في بعض النسخ (بجلاله) فالباء سببية.
6- «من نوائله التي لا تنكد وعطاياه التي لا تنفذ، أو فيما عنده من الثابتات الباهجات والباقيات الصالحات» «ورغب إلى اللّه إذا ابتهل وأكثر من الضراعة والطلب والمسئلة...» راجع الرواشح ص /٧.
7- أي الأمر التكويني الّذي يكون لا بواسطة ويخضع جميع ما فى الكون ويقابله الأمر التشريعي الّذي يكون (بواسطة الكتب والرسل (عَلَيهِ السَّلَامُ)) وهو مختص بالجن والإنس فقد يختار بعضهم الطاعة نظراً لحسن سريرتهم وطهر طينتهم وقد يختار بعضهم المعصية نظراً لسوء سريرتهم وخبث طينتهم، وبالنتيجة فالأمر راجع إلى اختيارهم من دون إلجاء.
8- ليس المراد بالعلو، العلو الحسي ولا العلو الرتبي التخييلي، بل العلو العقلي المطلق والمعنى أنّه «لا رتبة فوق رتبته بل جميع المراتب العقلية منحطة عنه» راجع الرواشح ص/٧.
9- دنوه سبحانه بحسب علمه المحيط بكل شيء، وهو بهذا المعنى لا ينافي بعده عن مخلوقاته.
10- أي استحال على أي ناظر أن يراه لاستحالة الجسمية في حقه تعالى، بل ولا حتّى أن يحيط به سبحانه بفكره لأن كلّ متصور لا بد وأن يكون إما ممّا فطرت عليه النفس كالفرح والحزن أو متخيلاً كالإنسان الطائر أو محسوساً كالألوان واللّه سبحانه خارج عن هذه جميعاً، وإلى ذلك أشارت بعض الآيات ومنها: (ولا يحيطون به علماً) طه / 110 - وقوله تعالى : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ) الملك / ٤.
11- لأنه سبحانه القديم، وما عداه فحادث، فهو مرتفع عن الزمان والمكان كما هو مرتفع عن الزمانيات والمكانيات، ومن هنا كانت نسبته واحدة إلى كلّ الأزمنة وكل الأمكنة، فيستوي عنده الأوّل والآخر والظاهر والباطن الخ.

الأشياء، والدائم الّذي به قوامها والقاهر الّذي لا يؤوده حفظها، والقادر الّذي بعظمته تفرد بالملكوت (1)، وبقدرته توحد بالجبروت، وبحكمته أظهر حججه على خلقه (2) ؛ اخترع الأشياء إنشاء، وابتدعها ابتداءً (3)، بقدرته وحكمته، لا من شيء فيبطل الإختراع، ولا لعلة فلا يصح الابتداع خلق ما شاء كيف شاء، متوحداً بذلك (4) لإظهار حكمته، وحقيقة ربوبيته، لا تضبطه العقول ولا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأبصار، ولا يحيط به مقدار، عجزت دونه العبارة، وكلّت دونه الأبصار (5)، وضلّ فيه تصاريف الصفات (6).

احتجب بغیر حجاب محجوب، واستر بغير ستر مستور (7)، عُرف بغير رؤية(8)، ووصف (9) بغير صورة، ونُعِت بغير جسم، لا إله إلّا اللّه الكبير المتعال، ضلّت الأوهام عن بلوغ

ص: 42


1- الملكوت فَعَلُوت من الملك وهي من صيغ المبالغة، وهو اسم لعالم المجردات العقلية جميعها كعالم الغيب وعالم الأمر الخ وذلك في مقابل عالم المُلك اسم لعوالم الحسيات والجسمانيات.
2- أي اقتضى علمه تعالى المحيط بالمصالح والمفاسد بعثة الأنبياء والرسل ونصب الأوصياء حججاً أدلاء على الحقّ ليقوم النّاس بالقسط وتحدد الحقوق والواجبات فينشأ المجتمع العابد في الأرض.
3- القاسم المشترك بين الاختراع والابتداع من حيث المعنى هو إيجاد الشيء لا على مثال ولا عن أصل. وقد يكون المقصود بالاختراع هنا الإيجاد لا عن علة مادية وبالابتداع الإيجاد لا عن علة غائية بل بمحض حكمته سبحانه، ويؤيد ما تلاه من كلام.
4- «يعني خلق ما شاء حال كونه وحدانياً ذاتاً وصفة إذ لم يخلق إلّا لإظهار علمه بالنظام الأكمل... لا لغاية أخرى... الخ» راجع الرواشح ص 17.
5- المقصود بالأبصار البصائر لا العيون.
6- هذا مأخوذ من قول الإمام السجاد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «فضلت فيك الصفات وتفسخت فيك النعوت»، أي أن كلّ وصف تصوره إنسان فإنما يرجع إلى مثله هو وشبهه في عالم الممكنات واللّه واجب الوجود فكيف تصدق عليه صفات الممكن؟
7- (حجاب محجوب وستر مستور إما من باب: (... حجاباً مستوراً) [الإسراء / ٤٥] أي حجاباً على حجاب بناءً على أن أقصى مراتب شدة الإحجاب لو كان من تلقاء حجاب كان لا محالة بحجاب على حجاب فنفى ذلك على قوانين البلغاء) راجع الرواشح ص 20 وإما من باب الوصف بحال المتعلق. وعلى كلّ فالظاهر أن المقصود بالحجاب والستر أعم من الحجاب والستر الحسيين فيشمل الحجاب المعنوي المضروب بين اللّه ومخلوقاته المحجوب عند إدراكهم فلا يستطيعون أن يدركوا كنهه وحقيقته لا في الدنيا ولا في الآخرة.
8- الأنه لما استحالت عليه الجسمية باعتباره واجب الوجود لذاته والغني عن الزمان والزماني والمكان والمكاني انحصر طريق معرفته بآثاره وأفعاله. أو يقال : بأن العاقل إذا تأمل في نفسه وفيما يحيط به من عوالم وجزم بأن كلّ ما يشاهده متغير، وعلم بأن كلّ متغير حادث وأدرك بأن كلّ حادث لا بد له من محدث من غير سنخ هذا العالم وإلا لتسلسل، علم بأن ذلك المحدث لا بد وأن يكون واجب الوجود لذاته، وهو اللّه سبحانه.
9- لما كانت صورة أي شيء هي الحد المساوي لذاته، وذلك يستدعي أن يكون ذا ماهية كلية مركبة من جنس وفصل ولما كان وجود اللّه سبحانه عين ذاته فهو بسيط لا تركيب فيه استحال أن يوصف كما يوصف الحادث وفق صورته المنتزعة عن وجوده الخارجي، ولذلك قال بعد ذلك : ونَعِتَ من غير جسم.

كنهه، وذهلت العقول أن تبلغ غاية نهايته، لا يبلغه حدوهم(1)، ولا يدركه نفاذ بصر، وهو السميع (2) العليم، احتج على خلقه برسله، وأوضح الأمور بدلائله، وابتعث الرسل مبشرين ومنذرين (3)، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حتي عن بينة، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه، فيعرفوه بربوبيته بعدما أنكروه، ويوحدوه بالإلهية بعدما أضدُّوه (4)، أحمده حمداً يشفي النفوس، ويبلغ رضاه، ويؤدّي شكر ما وصل إلينا من سوابغ النعماء، وجزيل الآلاء وجميل البلاء.

وأشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له إلها واحداً أحداً صمدا (5) لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وأشهد أنّ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عبد انتجبه ورسول ابتعثه على حين فترة(6) من الرسل، وطول هَجْعةٍ من الأمم (7)، وانبساط من الجهل واعتراض من المبرم (8) الفتنة، وانتقاض من، وعمي عن الحقّ، واعتساف من الجور (9)، وامتحاق من الدّين (10).

ص: 43


1- أي جعلوا له أنداداً.
2- الصمد هو الرفيع في الألوهية. أو هو الدائم الباقي. أو هو الّذي يصمد إليه الأمر فلا يقضى دونه، أو يصمده عباده أي يقصدونه في جميع حوائجهم. وقيل هو الّذي لا يأكل ولا يشرب.
3- الفترة: هي المدة الزمنية المتخللة بين كلّ بعثة نبيين. وكذلك كان إرسال محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لأن بينه وبين عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) عهدا طويلا يقال إنّه ستمائة سنة..
4- في بعض النسخ (عَدْهُ) وَهُم). يقول صاحب الرواشح ص 21: وهو أبلغ وأحكم.
5- لا بآلة السمع بل سمعه علمه بالمسموعات على وجه الإحاطة، كما أن بصره علمه بالمبصرات كذلك، وعلمه عين ذاته.
6- هذا مأخود من قوله تعالى: (فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ....) البقرة / 213. وقوله تعالى عن خاتم الأنبياء (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا....) الإسراء / ١٠٥ - وغيرهما. والحكمة من إرسال الأنبياء والرسل هي إضافة إلى إبلاغ الخلق بما شرعه اللّه لهم من شرائع وجعل لهم من أحكام يحتاجونها في معاشهم ومعادهم لتنتظم أمورهم من خلال العمل وفقها هو أن يؤكد هؤلاء الأنبياء ما هو المركوز في فطرهم من معرفة اللّه سبحانه وأدلة التوحيد والعدل والمعاد وغيرها من الأمور التي قد تتلوث فطرهم تلك بأدران الدنيا ووساوس الشيطان فيغفلون عنها. وقد أشار أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى هذه الحكمة من بعثة الأنبياء وإرسال الرسل في نهج البلاغة حيث يقول في الخطبة رقم (1) «واصطفى سبحانه من ولده (أي آدم) أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم وعلى تبليغ الرسالة امانتهم، لما بدل أكثر خلقه عهد اللّه إليهم، فجهلوا حقه، واتخذوا الأنداد معه واجتالتهم الشياطين عن معرفته واقتطعتهم عن عبادته....» الخ.
7- الهَجْعة: «نومة خفيفة من أول الليل وهي هنا بمعنى الغفلة والجهالة» راجع الرواشح ص ٢٢. وقد وردت هذه العبارة في بعض خطب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فراجع الخطبة رقم (88) من النهج.
8- أي انتكاث من محكم الأمور.
9- أي عدول عن طريق العدل والحق يؤدي إلى الوقوع في الجور والباطل.
10- امتحاق الدّين بطلانه وامحاؤه واضمحلاله. ومنه قول الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) الأبان بن تغلب : «يا أبان، إن السنة إذا قيست محق الدّين» راجع الحديث / ١٥ من باب البدع والرأي والمقاييس من كتاب فضل العلم من هذا المجلد.

وأنزل إليه الكتاب، فيه البيان والتبيان، قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون؛ قد بينه للناس ونهجه بعلم قد فصله ودين قد أوضحه وفرائض قد أوجبها، وأمور قد كشفها لخلقه وأعلنها فيها دلالة إلى النّجاه، ومعالم تدعو إلى هداه (1).

فبلغ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما أرسل به، وصدع بما أمر (2)، وأدّى ما حمل من أثقال النبوّة، وصبر لربه، وجاهد في سبيله، ونصح لأمته، ودعاهم إلى النجاه، وحتّهم على الذكر (3)، ودلّهم على سبيل الهدى من بعده، بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها ومنائر رفع لهم أعلامها، لكيلا يضلّوا من بعده (4)، وكان بهم رؤوفاً رحيماً.

فلما انقضت مدته واستكملت أيامه، توفاه اللّه وقبضه إليه، وهو عند اللّه مرضي عمله، وافر حظه عظیم خطره، فمضى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وخلّف (5) في أمته كتاب اللّه ووصيه أمير المؤمنين، وإمام المتقين صلوات اللّه عليه صاحبين مؤتلفين، يشهد كلّ واحد منهما لصاحبه بالتصديق، ينطق الإمام عن اللّه في الكتاب بما أوجب اللّه فيه على العباد من طاعته، وطاعة الإمام وولايته، وواجب حقه الّذي أراد من استكمال دينه وإظهار أمره والاحتجاج بحججه والاستضاءة بنوره في معادن أهل صفوته ومصطفى أهل خيرته.

فأوضح اللّه بأئمة الهدى من أهل بيت نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن دينه، وأبلج (6) بهم عن سبيل مناهجه وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه، وجعلهم مسالك لمعرفته ومعالم لدينه، وحُجّاباً بينه خلقه، والباب (7) المؤدّي إلى معرفة وبين حقه، وأطلعهم على المكنون من غيب سره.

ص: 44


1- الهاء في (النجاه) و (هداه) إما هي من التي زيدت زيادة مطردة في الوقف نحو (كتابيه)، و(ثمه)، و (وازیداه).... الخ وعليه فتحريكها لحن، وإما هي ضمير عائد إلى اللّه سبحانه إما من باب الإضافة إلى السبب والفاعل... وإما على سبيل الإضافة للنسبة التشريفية كما في طهر بيتي أو لغير ذلك فراجع الرواشح ص / ٢٣.
2- المعنى الحسّي للصدع هو الشق في الشيء الصلب، وأما هنا فالمراد معناه المعنوي وهو الجهر بالحق، والفصل بين الحقّ والباطل.
3- «بتضمين معنى الدعوة والاستدعاء» الرواشح ص/٢٤.
4- المراد بسبيل الهدى الإسلام دين اللّه الّذي ارتضاه لعباده بعد أن أكمله لهم وضمنه كلّ ما يحتاجونه في أمور دنياهم وأخراهم ونصب عليا خليفة له ليضمن سلامة تطبيق هذا الدّين القويم من بعده، فيؤمن عدم ضلالهم ورجوعهم إلى جاهلية كانوا حديثي عهد بها.
5- إشارة إلى حديث الثقلين المتواتر : أني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي : الثقلين واحدهما أكبر من الآخر كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا وإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض.
6- أي كشف وأوضح.
7- إشارة إلى الروايات الكثيرة الواردة والناصة على أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم أبواب اللّه التي منها يؤتى.

كلّما مضى منهم إمامٌ (1)، نصب لخلقه من عقبه إماماً بيّناً، وهادياً نيراً، وإماماً قيماً (2)، يهدون بالحقّ وبه يعدلون حجج اللّه، ودعاته، ورعاته على خلقه، يدين بهديهم العباد (3)، ويستهل بنورهم البلاد جعلهم اللّه حياة للأنام، ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام، ودعائم للإسلام، وجعل نظام طاعته وتمام (4) فرضه التسليم لهم فيما عُلم والردّ إليهم فيما جهل وحظر على غيرهم التهجم على القول بما يجهلون، ومنعهم جحد ما لا يعلمون، لما أراد تبارك وتعالى من استنقاذ من شاء من خلقه، من ملمات الظُّلَم (5) ومغشيات البهم (6). وصلّى اللّه على محمّد وأهل بيته الأخيار، الّذين أذهب اللّه عنهم الرجس [أهل البيت] وطهرهم تطهيراً.

أما بعد، فقد فهمت يا أخي ما شكوتَ من اصطلاح (7) أهل دهرنا على الجهالة، وتوازرهم (8) وسعيهم في عمارة طرقها، ومباينتهم (9) العلم وأهله، حتّى كاد العلم معهم أن يأرز كله (10) وتنقطع مواده، لما قد رضوا أن يستندوا إلى الجهل، ويضيعوا العلم وأهله (11).

وسألت : هل يسع النّاس المُقَام على الجهالة والتدين بغير علم، إذا كانوا داخلين في الدّين مقرّين بجميع أموره على جهة الاستحسان، والنشوء عليه (12)، والتقليد للآباء،

ص: 45


1- إشارة إلى أن الأرض لا تخلو من حجة اللّه على خلقه وقد وردت بذلك كثير من الروايات، فراجعها في كتاب الحجّة من هذا المجلد.
2- أي قائماً بأمر الأمة. راجع مرآة العقول للمجلس (رضیَ اللّهُ عنهُ) ١٤/١.
3- أي يتخذ العباد من سيرتهم السوية طريقاً ومنهاجاً يتعبدون اللّه به.
4- إشارة إلى قوله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل / ٤٥. وقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) النساء / ٦٣ وقوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا... الخ) المائدة / ٦١. حيث فسرت الروايات (أهل الذكر) (وأولي الأمر) (والّذين آمنوا) بالأئمّة الهداة من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
5- «الملمة النازلة من نوازل الدنيا والإلمام النزول... والظلم جمع الظلمة خلاف النور» الرواشح ص/٢٦.
6- «المغشيات على صيغة الفاعل من غشيه غشياناً أي جاءه واعتراه... والبهم جمع بهم وهي مشكلات الأمور ومعضلات المسائل» الرواشح ص /٢٦. والمعنى : أن اللّه سبحانه عندما أراد أن يخرج الخلق من الجهل به إلى نور المعرفة، ويزيح عن بصائرهم تلك الحجب التي قد تحول بينهم وبين ما فيه سعادتهم في الدارين، نصب لهم الحجج الطاهرة علائم ومنائر وهداة.
7- أي تبانيهم وتوافقهم.
8- أي تعاضدهم.
9- أي ومفارقتهم.
10- أَرَزَ يارز وبارز ويأرز أروزاً انقبض وتجمع وثبت فهو آرز. ومنه الحديث «أن الإسلام ليارزُ إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها» أي يرجع ويلوذ وينقبض فيها كما تلوذ الحية إلى جحرها وترجع إليه.
11- استنادهم إلى الجهل رجوعهم إلى غير أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) في شؤون الدّين والدنيا ممّن يعملون بأهوائهم وظنونهم وبذلك يكونون قد اعتمدوا على أهل الجهل وضيعوا من أمروا في الأساس بمتابعتهم والأخذ عنهم وهم الراسخون في العلم وبذلك ضيعوا العلم وأهله.
12- الاستحسان هو عد الشيء حسناً أو قبيحاً في المادي والمعنوي لا لحجة وبرهان بل لمجرد ميل الطبع إليه أو نفوره منه، أو لمكان الاعتياد عليه وعدمه نتيجة معايشته معه منذ نعومة الأظفار إلى زمان اليفاعة والشباب.

والأسلاف والكبراء، والاتكال على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلها؟

فاعلم يا أخي رحمك اللّه، أنّ اللّه تبارك وتعالى خلق عباده خلقة منفصلة (1) من البهائم في الفطن والعقول المركبة فيهم محتملة للأمر والنهي، وجعلهم جلّ ذكره صنفين : صنفاً منهم أهل الصحة والسلامة وصنفاً منهم أهل الضرر والزمانة (2)، فخصّ أهل الصحّة والسلامة بالأمر والنهي، بعدما أكمل لهم آلة التكليف (3)، ووضع (4) التكليف عن أهل الزمانة والضرر، إذ قد خلقهم خلقة غير محتملة للأدب والتعليم، وجعل عزّ وجلّ سبب بقائهم أهل الصحّة والسلامة، وجعل بقاء أهل الصحة والسلامة بالأدب والتعليم، فلو كانت الجهالة جائزة لأهل الصحة والسلامة لجاز وضع التكليف عنهم، وفي جواز ذلك (5) بطلان الكتب والرسل والآداب (6)، وفي رفع الكتب والرسل والآداب فساد التدبير والرجوع إلى قول أهل الدهر (7)، فوجب في عدل اللّه عزّ وجلّ وحكمته أن يخص من خلق من خلقه خلقة محتملة للأمر والنهي، بالأمر والنهي، لئلا يكونوا سدى مهملين وليعظموه ويوحدوه، ويقروا له بالربوبية، وليعلموا أنّه خالقهم ورازقهم، إذ شواهد ربوبيته دالّة ظاهرة، وحججه نيرة واضحة، وأعلامه لائحة تدعوهم (8) إلى توحيد اللّه عزّ وجلّ، وتشهد على أنفسها لصانعها بالربوبية والإلهيّة، لما فيها من آثار صنعه، وعجائب تدبيره، فندبهم إلى معرفته لئلا يبيح لهم أن يجهلوه ويجهلوا دينه وأحكامه، لأنّ الحكيم لا يبيح الجهل به والإنكار لدينه، فقال جل ثناؤه : «ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألّا يقولوا على اللّه إلّا الحقّ» (9) وقال: (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) (10)، فكانوا محصورين بالأمر والنهي، مأمورين بقول الحقّ، غير مرخص لهم في المقام

ص: 46


1- أي متميزة عن العجماوات بالعقول والإدراك. وبهذا صح تكليفهم بالخطاب أمراً ونهياً.
2- أهل الضرر هم مكفوفو البصر والزمانة مصدر زَمِن وهي العاهة وعدم بعض الأعضاء وتعطيل القوى والأطباء يخصونها بالشلل كما في القاموس المحيط.
3- هي القوى والحواس التي تجعلهم يدركون الخطاب الإلهي فيتبعثون به أو ينزجرون.
4- لاستحالة التكليف مع عدم القدرة التي هي شرط عقلي فيه.
5- أي وضع التكليف.
6- إذ لا يعود هنالك داع لإرسالهم أو إنزالها.
7- وهم الدهريون الّذين يثبتون الصانع وينكرون المعاد ومن ينكر المعاد لا يعترف بحساب ولا ثواب ولا عقاب وبهذا تبطل فلسفة التشريع ويفسد التدبير.
8- إشارة إلى الدليل الإني وهو ما يكون فيه المعلول واسطة في الإثبات، أي علة للعلم بالعلة.
9- الأعراف/ ١٦٩.
10- یونس/ ٣٩.

على الجهل (1)، أمرهم بالسؤال والتفقه في الدّين فقال : (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) (2) وقال : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (3).

فلو كان يسع أهل الصحة والسلامة المقام على الجهل لما أمرهم بالسؤال، ولم يكن يحتاج إلى بعثة الرسل بالكتب والآداب، وكادوا يكونون عند ذلك بمنزلة البهائم، ومنزلة أهل الضرر والزمانة، ولو كانوا كذلك لما بقوا طرفة عين، فلما لم يجز بقاؤهم إلّا بالأدب والتعليم، وجب أنّه لا بد لكلّ صحيح الخلقة، كامل الآلة من مؤدّب ودليل، ومشير، وآمر، وناه، وأدب، وتعليم، وسؤال، ومسألة.

فأحقُّ ما اقتبسه العاقل، والتمسه المتدبّر الفطن وسعى له الموفّق المصيب، العلم بالدين (4)، ومعرفة ما استعبد اللّه به خلقه من توحيده وشرائعه وأحكامه، وأمره ونهيه وزواجره وآدابه، إذ كانت الحجّة ثابتة، والتكليف لازماً، والعمر يسيراً، والتسويف غير مقبول، والشرط من اللّه جل ذكره فيما استعبد به خلقه أن يؤدوا جميع فرائضه بعلم ويقين وبصيرة، ليكون المؤدّي لها محموداً عند ربه، مستوجباً لثوابه، وعظيم جزائه، لأنَّ الّذي يؤدي بغير علم وبصيرة، لا يدري ما يؤدّي، ولا يدري إلى من يؤدّي، وإذا كان جاهلاً لم يكن على ثقة ممّا أدى، ولا مصدّقاً، لأنَّ المصدّق لا يكون مصدّقاً حتّى يكون عارفاً بما صدق به من غير شك ولا شبهة (5)، لأنّ الشاك لا يكون له من الرغبة والرهبة والخضوع والتقرب مثل ما يكون من العالم المستيقن، وقد قال اللّه عزّ وجلّ : (إ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (6) فصارت الشهادة مقبولة لعلّة العلم بالشهادة (7)، ولولا العلم بالشهادة، لم تكن الشهادة مقبولة، والأمر في الشاك المؤدّي بغير علم وبصيرة إلى اللّه جل ذكره إن شاء تطوّل عليه فقبل عمله، وإن شاء ردّ عليه، لأنّ الشرط عليه من اللّه أن يؤدّي المفروض بعلم وبصيرة ويقين، كيلا يكونوا ممّن وصفه اللّه

ص: 47


1- لما قام من الأدلة على وجوب المعرفة والتعلم.
2- التوبة/ 122.
3- النحل / ٤٣.
4- أي في جانبه العقيدي، والمتكفل بذلك علم العقيدة وجانبه التشريعي والمتكفل بذلك علم الفقه.
5- بعد أن اشترط اليقين في صحة عمل المؤدّي وصحة المؤدّى به، ولما كان اليقين هو الاعتقاد الجازم خرج عن دائرة المتيقن الجاهل بالجهل المركب والظان والشاك وكذا المقلد في أصول العقيدة، فكل ذلك مرفوض في مقام الأداء أو الاعتقاد.
6- الزخرف/ 87.
7- الظاهران المراد بالشهادة هنا موضوعها وهو المشهود به.

فقال تبارك وتعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (1) لأنه كان داخلاً فيه بغير علم ولا يقين، فلذلك صار خروجه بغير علم ولا يقين، وقد قال العالم (2) (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «من دخل في الإيمان بعلم ثبت فيه ونفعه إيمانه، ومن دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل فيه» (3)، وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «من أخذ دينه من كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلوات اللّه عليه وآله زالت الجبال قبل أن يزول ومن أخذ دينه من أفواه الرجال ردّته الرجال»، وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكّب(4) الفتن».

ولهذه العلّة انبثقت (5) على أهل دهرنا بثوق هذه الأديان الفاسدة، والمذاهب المستشنعة (6) التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلّها، وذلك بتوفيق اللّه تعالى وخذلانه، فمن أراد اللّه توفيقه وأن يكون إيمانه ثابتاً مستقرا، سَبب له الأسباب التي تؤدّيه إلى أن يأخذ دينه من كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلوات اللّه عليه وآله بعلم ويقين وبصيرة، فذاك أثبت في دينه من الجبال الرواسي، ومن أراد اللّه خذلانه وأن يكون دينه معاراً مستودعاً _ نعوذ باللّه منه _ سبب له أسباب الاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة فذاك في المشيئة، إن شاء اللّه تبارك وتعالى، أتمَّ إيمانه، وإن شاء سلبه إياه، ولا يؤمن عليه أن يصبح مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، لأنه كلما رأى كبيراً من الكبراء مال معه، وكلّما رأى شيئاً استحسن ظاهره قبله، وقد قال العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7) : «إنّ اللّه عزّ وجلّ] خلق النبيّين على النبوّة، فلا يكونون إلّا أنبياء، وخلق الأوصياء على الوصيّة، فلا يكونون إلّا أوصياء، وأعار قوماً إيماناً فإن شاء تمّمه

ص: 48


1- الحج / 12 - والحرف «في الأصل الطرف والجانب... أي على طرف وجانب من الاعتقاد يمليه كلّ مميل ويزيغه كلّ مزيغ.. لا قارّ البصيرة ثابت التبصر على حاق اليقين ومستقر العلم.... الخ راجع الرواشح ص ٣١.
2- المقصود بالعالم غالباً الإمام موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ). فراجع الوافي للفيض الكاشني الطبعة الحجرية المجلد الأوّل ص / 12.
3- وهذا يدل على بطلان العمل من دون علم ولذا يكون عمله كلا عمل.
4- أي لم يعدل عن الفتن ولم يتجنبها ولم يعتزلها بل وقع فيها وهي هنا وجوه الضلالة.
5- في بعض النسخ (انبقت). والمعنى: أنّه بسبب عزوف النّاس عن أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وتركهم الكتاب العزيز وتمسكهم بكلام النّاس بدلاً من تمسكهم به وأخذهم القشور ونبذهم اللباب، أدى بهم ذلك كله إلى التيه والضلال والاختلاف شيعاً وأحزاباً لم تزدهم إلّا جهلاً وفساداً لأن الفاسد الباطل لا يثمر الصحيح ولا ينتج الحق.
6- المستهجنة المستقبحة.
7- ورد الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) هذا الحديث في المجلد الثاني من أصول الكافي ص ٤١٨. وكذلك ورد في مسند الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ص ٤٦٢. ولكن ورد في كلتا الروايتين بدل وخلق الأوصياء... الخ «وخلق المؤمنين على الإيمان فلا يكونون إلّا مؤمنين» فراجع.

لهم، وإن شاء سلبهم إياه ؛ قال : وفيهم جرى قوله : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ)(1).

وذكرت أنّ أموراً قد أشكلت عليك، لا تعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها، وأنك تعلم أنّ اختلاف الرواية فيها لاختلاف عللها وأسبابها وأنك لا تجد بحضرتك من تذاكره وتفاوضه (2) ممّن تثق بعلمه فيها، وقلت : إنّک تحبُّ أن يكون عندك كتاب كافٍ يجمع [فيه] من جميع فنون علم الدّين ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدّين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدّي فرض اللّه عزّ وجلّ وسنّة نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وقلت : لو كان ذلك رجوت أن يكون ذلك سبباً يتدارك اللّه [تعالى] بمعونته وتوفيقه إخواننا وأهل ملّتنا، ويقبل بهم إلى مراشدهم.

فاعلم يا أخي أرشدك اللّه، أنّه لا يسع أحداً تمييز شيء ممّا اختلف الرواية فيه عن العلماء (عَلَيهِ السَّلَامُ) برأيه، إلّا على ما أطلقه العالم بقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) : «اعرضوها على كتاب اللّه فما وافي كتاب اللّه عزّ وجلّ فخذوه وما خالف كتاب اللّه فردُّوه» وقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم وقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «خذوا بالمجمع عليه، فإنَّ المجمع عليه لا ريب فيه» ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلّا أقلّه (4) ولا نجد شيئاً أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلك كله إلى العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم» (5).

وقد يسّر اللّه - وله الحمد - تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخّيت (6) فمهما كان فيه من تقصير فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة، إذ كانت واجبة لإخواننا وأهل ملّتنا مع ما رجونا أن نكون مشاركين لكلّ من اقتبس منه، وعمل بما فيه في دهرنا هذا، وفي غابره (7) إلى

ص: 49


1- يشير (عَلَيهِ السَّلَامُ) بذلك إلى قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) الأنعام / 98.
2- بأن تأخذ ما عنده من علم وتعطيه ما عندك. وهو بمعنى المذاكرة في المسائل العلمية.
3- وردت هذه الجملة وما بعدها بألفاظ مختلفة في نص رواية رواها الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) في باب اختلاف الحديث عن عمر بن حنظلة عن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) ورقم الحديث (10).
4- الضمير في (أقلّه) إما يرجع إلى المجمع عليه بین الأصحاب. وقد ذكر صاحب شرح الكافي أن المعنى هو : «أنا لا نعرف أفراد التمييز الحاصل من جهة تلك القوانين المذكورة إلّا الأقل» فراجع.
5- أورد الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) هذه العبارة في ذيل مقبولة عمر بن حنظلة من باب اختلاف الحديث ولكن بصيغة المفرد هكذا: «بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك».
6- «أي تحريت وقصدت» شرح الكافي للمازندراني. وفي أكثر النسخ «لحيث بلام التوكيد فراجع الرواشح ص 39.
7- الغابر عند التصريفيين مرادف للمستقبل وهو المراد هنا وعند اللغويين هو من الأضداد يراد به الماضي والباقي.

انقضاء الدنيا، إذ الربّ جلّ وعزّ واحدٌ، والرسول محمّد خاتم النبيّين - صلوات اللّه وسلامه عليه وآله _ واحد والشريعة واحدة، وحلال محمّد حلال وحرامه حرام إلى يوم القيامة، ووسعنا قليلاً كتاب الحجّة وإن لم نكمله على استحقاقه لأنا كرهنا أن نبخس (1) حظوظه كلّها.

وأرجو أن يسهّل اللّه جلّ وعزّ إمضاء ما قدّمنا من النية، إن تأخّر الأجل صنّفنا كتاباً أوسع وأكمل منه، نوفّيه (2) حقوقه كلّها إن شاء اللّه تعالى، وبه الحول والقوة، وإليه الرغبة في الزيادة في المعونة والتوفيق والصلاة على سيّدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين الأخيار.

وأوّل ما أبدأ به وأفتتح به كتابي هذا كتاب العقل، وفضائل العلم، وارتفاع درجة أهله، وعلو قدرهم، ونقص الجهل، وخساسة أهله، وسقوط منزلتهم، إذ كان العقل هو القطب الّذي عليه المدار (3) وبه يحتجّ وله الثواب وعليه العقاب، [واللّه الموفق].

ص: 50


1- اي ننقص ونظلم، ومنه «ولا تبخسوا النّاس أشياءهم» أي لا تظلموهم فيها. فراجع القاموس المحيط مادة : بَخَسَ.
2- الظاهر أن مرجع الضمير هو: كتاب الحجّة.
3- أي المحور والقطب، والوجه في كون العقل كذلك أن «الحجّة العقلية لا يكون ائتلافها وانتظامها إلّا من مقدمات عقلية صرفة وعقود بينة يقينية. والدليل النقلي مستند في بعض مقدماته إلى النقل ولا يتصور استغناؤه أوّلاً أو بالآخرة إلى السبيل العقلي قطعاً» راجع الرواشح ص 39.

كتاب العقل والجهل

ص: 51

ص: 52

١ - أخبرنا (1) أبو جعفر محمّد بن يعقوب قال: حدَّثني عدَّة من أصحابنا منهم محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما خلق اللّه العقل (2) استنطقه (3) ثمَّ قال له (4) أقبل فأقبل. ثمَّ قال له : أدبر فأدبر. ثمَّ قال : وعزَّتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحبُّ إليَّ منك، ولا أكملتك إلّا فيمن أحب، أما إنّي إيّاك آمر، وإيّاك أنهى (5) وإيّاك أعاقب، وإيّاك أُثيب (6).

2 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن مفضّل بن صالح، عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : هبط جبرئيل على آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا آدم إنّي أمرت أن أخيرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين. فقال له آدم : يا جبرئيل وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين. فقال آدم إنّي قد اخترت العقل. فقال جبرئيل للحياء والدين : إنصرفا. ودعاه (7) فقالا (8) : يا جبرئيل إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان،

ص: 53


1- الظاهر أن قائل أخبرنا أحد رواة الكافي كالنعماني أو الصفواني أو غيرهما ويحتمل أن يكون القائل هو المصنف رضوان اللّه عليه كما هو دأب القدماء راجع مرآة العقول للمجلسي (1) ص ٢٥.
2- قال الحكيم رفيع الدّين النائيني (قدّس سِرُّه) : العقل يطلق على حالة في النفس داعية إلى اختيار الخير والنافع بها يدرك الخير والشر ويميز بينهما. ويقابله الجهل. وقد يطلق ويراد به قوة إدراك الخير والشر والتمييز بينهما. فراجع حاشية الوافي المجلد الأوّل ص 17.
3- المراد بالاستنطاق إما التكلم معه أو جعله مدركاً للكليات.
4- الأمر بالإقبال والإدبار يمكن أن يكون حقيقياً لظهور انقياد الأشياء لما يريده تعالى منها، وأن يكون أمراً تكوينياً لتكون قابلة للأمرين أي الصعود إلى الكمال والهبوط إلى النقص راجع مرآة العقول للمجلسي ١ ص / 28 – 29.
5- «إما على حقيقته أو بمعنى بك أو لأجلك إذ العقل هو المكلف أو هو ملاك التكليف» الوافي ص ١٨.
6- «يعني عند انغمارك في التعلقات الجسمانية واستغراقك في الشهوات الدنيوية» ن. م.
7- أي دعا جبرئيل العقل.
8- أي الحياء والدين.

قال : فشأنكما وعرج (1).

3 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : ما العقل؟ قال : ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان (2) قال : قلت : فالّذي (3) كان في معاوية ؟ فقال : تلك النَّكراء (4)! تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل، وليست بالعقل.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن فضّال(5)، عن الحسن بن الجهم قال : سمعت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : صديق كلّ امرىء عقله، وعدوه جهله.

٥ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم قال : قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ عندنا قوماً لهم محبّة، وليست لهم تلك العزيمة(6) يقولون بهذا القول؟ فقال : ليس أولئك ممّن عاتب اللّه إنّما قال اللّه : (فَاعتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبصَار) (7).

٦ _ أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان، عن أبي محمّد الرازي، عن سيف بن عَميرة، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من كان عاقلاً كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة.

7 _ عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود (8)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّما يداقُ اللّه العباد (9) في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا.

ص: 54


1- أي قال جبرئيل للحياء والدين: الزما شأنكما ثمَّ ارتقى إلى السماء وصعد.
2- جمع جَنّة. أي ما كان ثوابه الجنة في الآخرة.
3- في بعض النسخ (فما الّذي).
4- النكراء والنَّكْر والنكارة بمعنى واحد وهو الدهاء والفطنة فإذا استعملها صاحبها فيما لا يرضي اللّه في الشيطنة. وهذا ما عناه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقوله : «قد يرى الحُوَّل القلب وجه الحيلة ودونها حاجز من تقوى اللّه».
5- هو الحسن بن عليّ. وقد ورد في مسند الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) 3/1 بعد قوله : سمعت الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : (قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). كما ورد في عيون أخبار الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) 2٥8/1 : عن حمدان الديواني عن الرضا).
6- المقصود بهم عوام شيعة أهل البيت ممّن لم تستند مواقفهم الفكرية إلى الحجّة والبرهان بل إلى العاطفة والتقليد، أو المقصود بهم المستضعفون من النّاس مطلقاً.
7- الحشر / ٢.
8- هو زياد بن المنذر (الهمداني).
9- أي يحاسبهم بدقة.

8 - عليّ بن محمّد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر (1)، عن محمّد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فلان مَنْ عبادته ودينه وفضله (2)؟ فقال : كيف عقله؟ قلت: لا أدري، فقال : إنّ الثواب على قدر العقل (3)، إنّ رجلاً من بني إسرائيل كان يعبد اللّه في جزيرة من جزائر البحر خضراء نضرة كثيرة الشجر ظاهرة الماء پ. وإِن مَلَكاً من الملائكة مرَّ به فقال يا ربّ أرني ثواب عبدك هذا، فأراه اللّه [تعالى] ذلك، فاستقلّه المَلَكُ، فأوحى اللّه [تعالى ] إليه (4): أن إصحَبهُ. فأتاه الملك في صورة إنسي فقال له : من أنت؟ قال : أنا رجل عابد بلغني مكانك وعبادتك في هذا المكان فأتيتك لأعبد اللّه معك، فكان معه يومه ذلك، فلما أصبح قال له الملك : إنّ مكانك لنزه(5)، وما يصلح إلّا للعبادة، فقال له العابد : إن لمكاننا هذا عيباً. فقال له : وما هو ؟ قال : ليس لربنا بهيمة، فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع، فإنّ هذا الحشيش يضيع، فقال له [ذلك] المَلَك : وما لربك حمار ؟ فقال : لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش، فأوحى اللّه إلى الملك: إنّما أثيبه على قدر عقله.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ (6)، عن السكوني (7)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «إذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله، فإنما يجازي بعقله (8)».

١٠ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب (9)، عن عبد اللّه بن سنان قال : ذكرت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) رجلاً مبتلى بالوضوء والصلاة (10) وقلت : وهو رجل عاقل، فقال

ص: 55


1- أثبته الأردبيلي (رضیَ اللّهُ عنهُ) في جامع الرواة بلقب الأحمري لا الأحمر.
2- الظاهر أنّه بتقدير خبر محذوف أي : عظيم ومرضي.
3- وذلك من مظاهر عدل اللّه سبحانه إذ أن العقول لما اختلفت من حيث النقص والكمال، كان الأقوى عقلاً أشد محاسبة من ضعيفه لأن التكاليف الإلهية لا بد وأن تناسب مراتب العقول.
4- أي إلى الملك.
5- أي أنّه مكان منحى وبعيد عن كلّ ما يوجب إلهاء العقل والحواس عن عبادة اللّه سبحانه والتفكر في عظمته.
6- هو الحسين بن يزيد بن محمّد بن عبد الملك الكوفيّ وكنيته أبو عبد اللّه.
7- هو إسماعيل بن أبي زياد الشعيري، واسم أبي زياد مُسلِم.
8- أي لا تحكموا بمجرد الأعمال والأحوال الظاهرة على حسن عاقبته وصحة عقيدته وسلامة قلبه من الآفات ما لم تنظروا أوّلاً حسن عقله فإن النتائج تابعة للأصول ومراتب الفضل في الأجر والجزاء على حسب درجات العقول في الشرف والبهاء الوافي للفيض ١ ص ٢٥.
9- واسمه الحسن ولقبه السراد أو الزراد.
10- أي هو مبتلى بالوسوسة فيهما من حيث النية أو الأفعال أو الشرائط أو من حيث الجميع وسبب الوسواس إما فساد في العقل أو جهل بالشرع الوافي للفيض ١ ص ٢٦.

أبو عبداللّه : وأي عقل له وهو يطيع الشيطان؟ فقلت له : وكيف يطيع الشيطان؟ فقال سله هذا الّذي يأتيه من أي شيء هو؟ فإنّه يقول لك من عمل الشيطان (1).

١١ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابه، رفعه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «ما قسم اللّه للعباد شيئاً أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل (2) ولا بعث اللّه نبياً ولا رسولاً حتّى يستكمل العقل ويكون عقله أفضل من جميع عقول أمته. وما يضمر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في نفسه(3) أفضلُ من اجتهاد المجتهدين (4)، وما أدى العبد فرائض اللّه حتّى عقل عنه، ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل، والعقلاء هم أولو الألباب الّذين قال اللّه تعالى : (وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا أولوا الألباب (5)).

12 - أبو عبد اللّه الأشعريّ (6)، عن بعض أصحابنا، رفعه عن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا هشام : إنّ اللّه تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال : (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (7)).

يا هشام : إن اللّه تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول، ونصر النبيّين بالبيان، ودلّهم على ربوبيته بالأدلة، فقال : (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ)

ص: 56


1- «هذا قول منه باللسان من غير أن يؤمن به قلبه إذ لو عرف على وجه البصيرة أن الّذي يأتيه من عمل الشيطان لكان رجلاً عاملاً لا موسوساً وإنما يقوله تقليداً أو اضطراراً حيث لا يجد له مستنداً في الشرع ولا في العقل» ن.م.
2- الشخوص الذهاب من بلد إلى بلد والعلة في كون نوم العاقل وإقامته أفضل من سهر الجاهل وشخوصه أن العاقل إنّما يفعل ذلك لما يرى له فيه من المصلحة لدينه ودنياه فتتأتى منه نية التقرب إلى اللّه تعالى في حله وترحاله ونومه ويقظته والأعمال بالنيات، وهذا ما لا يتأتى للجاهل.
3- أي من العلوم اللدنية التي لا يكون فيها دور للاكتساب والتعليم.
4- مأخوذ من الجهد والمشقة أي أن ثواب معرفة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اللدنية فقط أعظم وأكثر من ثواب عبادات الجاهدين أنفسهم بالعبادة وفق معارفهم المكتسبة عن طريق الأخذ والتعلم.
5- البقرة/ ٢٦٩ ولكن الآية (وما يذكر...) وكذلك ورد في الآية ٧ من آل عمران. وورد في الآية 19 من سورة الرعد (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).
6- الظاهر أن المراد به الحسین بن محمّد بن عمران بن أبي بكر القمي.
7- الزمر / 17 - 18.

(الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (1).

يا هشام : قد جعل اللّه ذلك دليلاً على معرفته بأنّ لهم مدبّراً، فقال: (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (2) وقال : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3)) وقال : (اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ [والسحاب المسخّر بين السماء والأرض] آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)) وقال : (يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(5)). وقال : (وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (6)). وقال : (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (7). وقال : (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (8)). وقال : (هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (9).

يا هشام ثمَّ وعظ أهل العقل ورغبهم في الآخرة فقال : (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (10)

ص: 57


1- البقرة/ ١٦٣ - ١٦٤.
2- النحل / 12.
3- غافر/ ٦٧.
4- لم أعثر على مثل هذه كآية في كتاب اللّه. نعم وردت الآية ٥ من سورة الجاثية هكذا : (واختلاف الليل والنهار وما أنزل اللّه من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون).
5- الحديد/ 17.
6- الرعد / ٤.
7- الروم / ٢٤.
8- الأنعام / ١٥١.
9- الروم / 28.
10- الأنعام / 32.

يا هشام ثمَّ خوّف الّذين لا يعقلون عقابه فقال تعالى : (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ * وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (1)). وقال : (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(2)).

یا :هشام : إنّ العقل مع العلم فقال : (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (3)). يا هشام ثمَّ ذمّ الّذين لا يعقلون فقال : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) (4) وقال : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (5)). وقال: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (6)). وقال : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (7)). وقال : (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (8)). وقال : (وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (9)).

يا هشام: ثمَّ ذمّ اللّه الكثرة فقال : (وَ إِنْ تُطِعْ أَکْثَرَ مَنْ فِی الْأَرْضِ یُضِلُّوکَ عَنْ سَبِیلِ اللّه (10)). وقال : (وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَیَقُولُنَّ اللّه قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ (11)). وقال : و(لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَیَقُولُنَّ اللّه قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ (12))

ص: 58


1- الصافات / ١٣٦ - ١٣٨.
2- العنكبوت / ٣٤ - ٣٥.
3- العنكبوت ٤٣.
4- البقرة/ ١٧٠.
5- البقرة/ 171 والنعق مأخوذ من نعق الراعي بالغنم إذ صاحبها والصمم والبكم والعمى من حيث حواسهم العقلانية الثلاث لا من حيث الآلات الجسمانية وبنفس المعنى ما ورد في الآيات اللاحقة من نفي العقل عن هؤلاء الكفار الجاحدين اللّه ونعمه.
6- يونس / ٤٢.
7- الفرقان / ٤٤.
8- الحشر/ ١٤.
9- البقرة/ ٤٤.
10- الأنعام / ١١٦.
11- لقمان / ٢٥.
12- العنكبوت/ ٦٣.

يا هشام ثمَّ مدح القلة فقال : (وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّکُورُ (1)). وقال: (وَ قَلِیلٌ ما هُمْ (2)). وقال : (وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ یَکْتُمُ إِیمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ یَقُولَ رَبِّیَ اللّه (3)). وقال: ﴿وَ مَنْ آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِیلٌ) (4). وقال: (وَ لکِنَّ أَکْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ (5)). وقال (وَ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ (6)).

يا هشام: ثمَّ ذكر أولي الألباب بأحسن الذكر، وحلاهم بأحسن الحلية، فقال: (یُؤْتِی الْحِکْمَةَ مَنْ یَشاءُ وَ مَنْ یُؤْتَ الْحِکْمَةَ فَقَدْ أُوتِیَ خَیْراً کَثِیراً وَ ما یَذَّکَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ (7)). وقال : (وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ یَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ کُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما یَذَّکَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ (8)) وقال : (إِنَّ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ لَآیاتٍ لِأُولِی الْأَلْبابِ) (9). وقال : (أَ فَمَنْ یَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ الْحَقُّ کَمَنْ هُوَ أَعْمی إِنَّما یَتَذَکَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (10)). وقال : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّیْلِ ساجِداً وَ قائِماً یَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ یَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ إِنَّما یَتَذَکَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (11)). وقال : (کِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَیْکَ مُبارَکٌ لِیَدَّبَّرُوا آیاتِهِ وَ لِیَتَذَکَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (12) ﴾. وقال : (لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْهُدی وَ أَوْرَثْنا بَنِی إِسْرائِیلَ الْکِتابَ هُدیً وَ ذِکْری- لِأُولِی الْأَلْبابِ) (13) وقال : (وَ ذَکِّرْ فَإِنَّ الذِّکْری تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِینَ (14)).

يا هشام: إنّ اللّه تعالى يقول في كتابه:(إِنَّ فِی ذلِکَ لَذِکْری لِمَنْ کانَ لَهُ قَلْبٌ (15))

ص: 59


1- سبأ / ١٣.
2- ص / ٢٤. والمقصود بهذا القليل من تقدم ذكرهم وهم الّذين آمنوا وعملوا الصالحات.
3- غافر / 28.
4- هود / ٤٠.
5- الأنعام / ٣٧.
6- المائدة / ١٠٣.
7- البقرة/ ٢٦٩.
8- آل عمران/ 7.
9- آل عمران/ 190.
10- الرعد / 19.
11- الزمر / ٩.
12- ص / ٢٩.
13- غافر / ٥٣ - ٥٤.
14- الذاريات / ٥٥.
15- ق / ٣٧.

يعني : عقل : وقال : (وَ لَقَدْ آتَیْنا لُقْمانَ الْحِکْمَةَ (1)). قال : الفهم والعقل.

يا هشام : إنَّ لقمان قال لابنه : تواضع للحق (2) تكن أعقل النّاس وإن الكيس لدى الحقّ يسير (3)، يا بني إنّ الدنيا بحر عميق، قد غرق فيها (4) عالم كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى اللّه، وحشوها الإيمان، وشراعها التوكل (5)، وقيمها (6) العقل، ودليلها العلم، وسكانها (7) الصبر.

یا :هشام إنّ لكلّ شيء دليلاً (8) ودليل العقل التفكّر، ودليل التفكّر الصمت، ولكلّ شيء مطية (9) ومطيّة العقل التواضع، وكفى بك جهلاً أن تركب ما نهيت عنه.

یا هشام ما بعث اللّه أنبياءه ورسله إلى عباده إلّا ليعقلوا عن اللّه (10)، فأحسنهم استجابة : أحسنهم معرفة، وأعلمهم بأمر اللّه أحسنهم عقلاً، وأكملهم عقلاً أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة.

یا هشام إنّ اللّه على النّاس حجّتين : حجّة ظاهرة وحجّة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمّة - (عَلَيهِم السَّلَامُ) -، وأما الباطنة فالعقول.

يا هشام: إنّ العاقل الّذي لا يشغل الحلال شكره، ولا يغلب الحرام صبره.

ص: 60


1- لقمان / 12.
2- التواضع للحق هو الخضوع له والإقرار به لا التمرد عليه بحيث يأكل حقوق النّاس بالباطل وهذا من مقتضيات العقل وقيل بأن المراد بالحقّ هنا هو اللّه سبحانه «أي تواضع مع النّاس للحق سبحانه لا لغرض آخر فإن من تواضع للّه رفعه» الوافي للفيض ١ ص / ٢٩.
3- الكيس بالتشديد هو الظريف الفطن الهادىء وضد الأحمق وهذا قليل بين النّاس وإذا أخذنا بتفسير الفيض (رضیَ اللّهُ عنهُ) في الوافي من أن الحقّ هو اللّه سبحانه يكون المعنى : «إن كياسة الإنسان وهي عقله وفطانته يسير عند الحقّ لا قدر له وإنما الّذي له قدر عند اللّه هو التواضع والخضوع والمسكنة والافتقار إليه إلخ» ن. م.
4- في بعض النسخ (فيه) أي البحر. «ووجه الشبه تغيرها واستحالتها وإهلاكها والكائنات فيها كالأمواج وما من صورة فيها إلّا ولا بد أن تفسد وأيضاً النّاس يعبرون عليها إلى دار أخرى بسفن أخلاقهم الحسنة والسفينة الناجية هي التقوى المحشوة بالإيمان» الخ الوافي.29/1.
5- «التوكل هو الوثوق باللّه والاعتماد عليه في كلّ الأمور لا على الأسباب» ن. م.
6- السفينة «ربّانها الّذي نسبته إليها نسبة النفس إلى البدن» ن. م.
7- سكان السفينة «ذنبها لأنها به تقوم وتسكن» راجع القاموس المحيط مادة : سكن.
8- الدليل هو الّذي بوصل إلى المطلوب. «أو الدليل بمعنى العلّامة فإن علامة كون الإنسان عاقلا كونه دائم التفكر في خلق اللّه وعلامة التفكر الصمت...» الخ الوافي للفيض ١ ص 29.
9- «المطية الناقة التي يركب ظهرها، ومطية العقل التذلل والانقياد للأوامر والنواهي والغناء عن النفس» ن. م.
10- «أي ليكتسبوا العلوم الدينية عن اللّه سبحانه بواسطة متابعة الأنبياء والرسل الّذين هم أولو العقول الكاملة فيهتدوا إلى الحق...» الخ ن. م.

یا هشام من سلّط ثلاثاً على ثلاث فكأنما أعان على هدم عقله (1) : من أظلم نور تفكّره بطول أمله، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنما أعان هواه على هدم عقله (2)، ومن هدم عقله، أفسد عليه دينه ودنياه (3).

یا :هشام كيف يزكو (4) عند اللّه عملك، وأنت قد شغلت قلبك عن أمر ربّك وأطعت هواك على غلبة عقلك.

یا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل (5)، فمن عقل عن اللّه (6) اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها، ورغب فيما عند اللّه، وكان اللّه أنسه في الوحشة، وصاحبه في الوحدة، وغناه في العيلة (7)، ومعزّه من غير عشيرة. يا هشام نصب الحقّ لطاعة اللّه (8)، ولا نجاة إلّا بالطاعة، والطاعة بالعلم والعلم، بالتعلم والتعلم بالعقل يعتقد (9)، ولا علم إلّا من عالم ربّاني، ومعرفة العلم بالعقل.

یا :هشام قليل العمل من العالم مقبول مضاعف، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود.

ص: 61


1- الهدم هو النقض، وفي هذا التعبير تشبيه للعقل «بالبيت في أنّه يكن صاحبه ويصونه من المكاره» شرح الكافي للمولى المازندراني ج 1 ص 189.
2- والوجه في أن هذه الثلاثة توجب هدم العقل هو أن طول الأمل ينسي الآخرة، والاشتغال بفضول الكلام ولغوه يوجب اعتياد اللسان عليه فيؤدي بالتالي إلى انصرافه عن طرائف الحكمة التي هي حياة العقول والقلوب فيتحجر العقل ويظلم القلب. كما أن اتباع الأهواء والانغماس في الشهوات واللذات يوجب تغلف النفس بحجب تمنعها من رؤية الحقّ وتصرفها عن الاعتبار بأحوال الأمم الماضية ممّن بنى وشيّد وغرّه المال والولد. «ومن سلّط هذه الخصال الثلاث التي بناء الهوى والجهل عليها... على الخصال الثلاث التي بناء العقل عليها.... فقد أعان هواه على هدم عقله» ن. م ص 191.
3- «أما إفساد الدّين فلأن استقامته إنّما هي بإدراك أحوال المبدء والمعاد والتصديق بها والعمل بما ينبغي أن يعمل والانزجار عما ينبغي أن يترك، والمدرك لهذه الأمور إنّما هو العقل فإذا فسد العقل فسد الدين». ن. م ص 191 – 192. والوجه في كون هذه الأمور مفسدة للدنيا فلأن الأحمق لا يأمن وقوعه في أشنع المهالك وسلوكه في أقبح المسالك وتورطه في أعظم الشدائد والمكاره الموجبة لهلاكه وفساد دنیاه» ن. م ص 192.
4- أي يزيد وينمو.
5- وذلك فيما لو اعتقد بأن مخالطة النّاس توجب منقصة في دينه ومنغصة لدنياه.
6- أي عرف اللّه فخافه وعرف أحكامه فعمل بها وعرف ثوابه فعمل له.
7- العيلة: الفقر والحاجة أي أن من انقطع إلى اللّه رغبة فيما عنده أغناه اللّه من فقر وأنقذه من احتياجه إلى أحد من خلقه.
8- «أي أقيم الحقّ - أي الدّين - بإرسال الرسل وإنزال الكتب لأجل طاعة اللّه في أوامره ونواهيه ولو تركت الطاعة صار الحق موضوعاً والدين محفوظاً....» الخ المازندراني 1 ص 203.
9- في بعض النسخ (يعتقل) أي يمنع ويُحبس. وأما (يعتقد) من الاعتقاد وهو الصلابة والاشتداد.

يا هشام: إنّ العاقل رضي بالدون (1) من الدنيا مع الحكمة، ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم.

يا هشام: إنَّ العقلاء تركوا فضول الدنيا (2) فكيف الذنوب، وترك الدنيا من الفضل، وترك الذنوب من الفرض.

يا هشام : إنَّ العاقل نظر (3) إلى الدنيا وإلى أهلها، فعلم أنّها لا تنال إلّا بالمشقّة. ونظر إلى الآخرة فعلم أنّها لا تنال إلّا بالمشقّة، فطلب بالمشقّة أبقاهما (4).

يا هشام: إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة، لأنهم علموا أن الدنيا طالبة مطلوبة (5) والآخرة طالبة ومطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتّى يستوفي منها رزقه، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت، فيفسد عليه دنياه وآخرته.

یا هشام: من أراد الغنى بلا مال وراحة القلب من الحسد، والسلامة في الدين، فليتضرع إلى اللّه عزّ وجلّ في مسألته بأن يُكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه، ومن قنع بما يكفيه استغنى، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبداً.

یا هشام : إن اللّه حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (6) حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها (7).

إنه لم يخف اللّه من لم يعقل عن اللّه، ومن لم يعقل عن اللّه لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة

ص: 62


1- الدون : الشيء القليل أو الحقير.
2- المراد بها هنا المباحات.
3- أي ببصره ويصيرته.
4- لأن العاقل يختار أن يصرف طاقته فيما هو أنفع له وأجلّ ولا إشكال في أن الأبقى وهو الآخرة أنفع وأجلّ من الزائل الّذي هو الدنيا.
5- طالبية الدنيا عبارة عن إيصالها الرزق المقدر إلى من هو فيها ليكونوا فيها إلى الأجل المقرر ؛ ومطلوبيتها عبارة عن سعي أبنائها لها ليكونوا على أحسن أحوالها، وطالبية الآخرة عبارة عن بلوغ الأجل وحلول الموت لمن هو في الدنيا ليكونوا فيها، ومطلوبيتها عبارة عن سعي أبنائها لها ليكونوا على أحسن أحوالها ؛ ولا يخفى أن الدنيا طالبة بالمعنى المذكور لأن الرزق فيها مقدر مضمون يصل إلى الإنسان لا محالة، طلبه أو لا (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) وأن الآخرة طالبة أيضاً لأن الأجل مقدر كالرزق مكتوب (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا) الوافي للفيض ١ ص / ٣٠.
6- آل عمران/ 8.
7- الزيغ هو الانحراف عن الحقّ والميل عنه إلى الأهواء والشهوات والأباطيل.

يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه، ولا يكون أحد كذلك إلّا من كان قوله لفعله مصدّقاً، وسرّه العلانيته موافقاً، لأنّ اللّه تبارك اسمه لم يدلّ على الباطن الخفي من العقل إلّا بظاهر منه (1)، وناطق عنه (2).

یا هشام: كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما عُبد اللّه بشيء أفضل من العقل، وما تم عقل امرىء حتّى يكون فيه خصال شتى : الكفر والشرّ مأمونان والرشد والخير منه مأمولان، وفضل ماله مبذول وفضل قوله مكفوف ونصيبه من الدنيا القوت، لا يشبع من العلم دهره الذلُّ أحبُّ إليه مع اللّه من العزّ مع غيره، والتواضع أحبُّ إليه من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره، ويستقلّ كثير المعروف من نفسه، ويرى النّاس كلهم خيراً منه، وأنه شرهم في نفسه، وهو تمام الأمر (3).

يا هشام: إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه.

يا هشام: لا دين لمن لا مروّة له (4)، ولا مروّة لمن لا عقل له (5)، وإن أعظم النّاس قدراً الّذي لا يرى الدنيا لنفسه خطراً(6) أما (7) إِنَّ أبدانكم ليس لها ثمن إلّا الجنة فلا تبيعوها بغيرها (8).

يا هشام: إنَّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يقول : إنَّ من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال: يجيب إذا سُئل، وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الّذي يكون فيه صلاح أهله فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شيء فهو أحمق.

إن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يجلس في صدر المجلس إلّا رجل فيه هذه الخصال الثلاث (9) أو واحدة منهنّ، فمن لم يكن فيه شيء منهنّ فجلس فهو أحمق.

ص: 63


1- وهو الفعل.
2- وهو القول.
3- أي أن ملاك الأمر وتمامه في أن يكون الإنسان كاملا تام العقل هو كونه متصفاً بمجموع هذه الخصال المذكورة الوافي ١ ص / 31.
4- المروءة - كما في الصحاح - الإنسانية. وقيل بأنها كمال الرجولية.
5- والوجه في نفي الدّين والمروءة عمن لا عقل له لأن من لا عقل له لا يكون عارفاً بما ينبغي أن يفعله ويليق به وما لا ينبغي ولا يليق فربما يترك اللايق ويأتي بما لا ينبغي ولا يليق ومن كان كذلك لا يكون ذا مروءة ولا دين الوافي ١ ص / ٣١.
6- أي منزلة وقدراً.
7- حرف تنبيه.
8- وهي الشهرات الفانية واللذات المحرمة التي تكون سبباً لدخول جهنّم.
9- أي التي تقدم ذكرها في الفقرة السابقة.

وقال الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، قيل يا ابن رسول اللّه ومن أهلها؟ قال : الّذين قصّ اللّه (1) في كتابه وذكرهم، فقال : (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) قال : هم أولو العقول.

وقال عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح، وآداب العلماء زيادة في العقل، وطاعة ولاة العدل تمام العزّ، واستثمار المال تمام المروَّة (2) وإرشاد المستشير قضاء لحق النعم، وكف الأذى من كمال العقل (3)، وفيه راحة البدن عاجلاً وآجلا.

يا هشام: إنَّ العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل من يخاف منعه، ولا يَعِدُ ما لا يقدر عليه، ولا يرجو ما يعنف برجائه (4)، ولا يُقْدِمُ على ما يخاف فوته بالعجز عنه(5).

13 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد رفعه قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : العقل غطاء ستير (6)، والفضل جمال ظاهر (7) فاستر خلل خلقك بفضلك (8) وقاتل هواك بعقلك، تسلم لك المودّة، وتظهر لك المحبة.

١٤ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن سماعة بن مهران قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعنده جماعة من مواليه، فجرى ذكر العقل والجهل، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا قال سماعة : فقلت : جعلت فداك لا نعرف إلّا ما عرفتنا، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق العقل وهو أوّل خلق من

ص: 64


1- في بعض النسخ «نص اللّه».
2- أي: «استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الإنسانية وموجب له أيضاً لأنه لا يحتاج إلى غيره ويتمكن من أن يأتي بما يليق به» مرآة العقول للمجلسي ج ١ ص / ٦٤.
3- «سواء كان أذى نفسه أو أذى غيره فيشمل التنزه عن مساوىء الأخلاق كلها وصاحبه أفضل أصناف البشر لجمعه بين الرياستين العلمية بقوة البصيرة والعملية بكمال القدرة ولهذا عده من كمال العقل» الوافي ١ ص ٣٢.
4- «أي العاقل لا يرجو فوق ما يستحقه ولا يتطلع إلى ما لم يستعدّه» الوافي ١ ص / 32.
5- «أي لا يفعل فعلاً قبل أوانه مبادراً إليه خوفاً من أن يفوته في وقته بسبب عجزه عنه بل يفوض أمره إلى اللّه» ن. م.
6- «وصفه (أي العقل) بستير بمعنى ساتر [لأنه يستر المقابح الظاهرة والمفاسد والعيوب الباطنة بالمدافعة والممانعة... أو بمعنى مستور باعتبار العقل جوهراً مجرداً لا يدرك إلّا بآثاره...» الخ عن المازندراني ١ ص ٢٥٣ بتصرّف.
7- «الفضل ما يعد من المحاسن والمحامد... والجمال يطلق على حسن الخلق والخلق والفعل»، مرآة العقول للمجلسي ج ١ ص / ٦٥.
8- أي : بفضائلها وكمالاتها فإن من الأخلاق الرذيلة ما لا يمكن إزالته بالكلية لكونه معجوناً في جبلة صاحبه وخلقه - بفتح الخاء - فالمجبول على صفة الجبن مثلاً لا يصير شجاعاً مقداماً في الحروب سيما إذا تأكدت في نفسه بالنشوء عليها مدة من العمر فغاية سعيه في معالجتها أن يمنعها من الظهور بمقتضاها ولا يمهلها أن يمضي أفعالها ولهذا أمر بالسترة الوافي ١ ص /٣٢.

الروحانيّين (1) عن يمين العرش من نوره فقال له : أدبر فأدبر ؛ ثمَّ قال له : أقبل فأقبل ؛ فقال اللّه تبارك وتعالى : خلقتك خلقاً عظيماً وكرّمتك على جميع خلقي، قال : ثمَّ خلق الجهل من البحر الأجاج (2) ظلمانيّاً (3) فقال له : أدبر فأدبر ؛ ثمَّ قال له : أقبل فلم يقبل فقال له : أستكبرت؟ فلعنه، ثمَّ جعل للعقل خمسة وسبعين جنداً فلما رأى الجهل ما أكرم اللّه به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل: يا ربّ هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته، وأنا ضده، ولا قوة لي به، فأعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال : نعم، فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جنداً فكان ممّا أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند:

الخير هو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل ؛ والإيمان وضدُّه الكفر ؛ والتصديق وضدّه الجحود ؛ والرجاء وضدّه القنوط ؛ والعدل وضدّه الجور؛ والرضا وضدّه السخط والشكر وضدّه الكفران ؛ والطمع وضدّه اليأس ؛ والتوكل وضدّه الحرص ؛ والرأفة وضدّها القسوة والرحمة وضدّها الغضب والعلم وضدّه الجهل؛ والفهم وضده الحمق؛ والعفّة وضدّها التهتك ؛ والزهد وضدّها الرغبة ؛ والرفق وضده الخرق(4)؛ والرهبة وضدّه الجرأة ؛ والتواضع وضدّه الكبر ؛ والتؤدة (5) وضدّها التسرع ؛ والحلم وضده السفه ؛ والصمت (6) وضدّه الهذر ؛ والاستسلام (7) وضده الاستكبار ؛ والتسليم وضدّه الشك ؛ والصبر وضدّه الجزع ؛ والصفح وضدّه الانتقام ؛ والغنى وضدّه الفقر ؛ والتذكّر وضدّه السهو؛ والحفظ وضدّه النسيان ؛ والتعطف وضدّه القطيعة والقنوع وضدّه الحرص ؛ والمؤاساة (8) وضدّها المنع ؛ والمودّة وضدُّها العداوة والوفاء وضدّه الغدر ؛ والطاعة وضدّها المعصية ؛ والخضوع (9) وضدّه

ص: 65


1- «يطلق الروحاني على الأجسام اللطيفة وعلى الجواهر المجردة أن قيل بها» مرآة العقول للمجلسي ج ١ ص / ٦٦.
2- أي ملح مُرّ.
3- «حال عن الجهل أو عن البحر الأجاج والمراد به الغضب الإلهي لأنه مر كريه الطعم والرائحة... أو المراد به مجموع الصفات النفسانية... وهذا المجموع من حيث هو بمنزلة ماء كدر مر ممتزج بغبار الملكات الدنية....»الخ المازندراني ج ١ ص ٢٦٧.
4- الجهل والحمق يقال رجل أخرق وامرأة خرقاء.
5- «التؤدة هي : بضم التاء وفتح الهمزة وسكونها : الرزانة والتأني أي: عدم المبادرة إلى الأمور بلا تفكر فإنها توجب الوقوع في المهالك» مرآة العقول للمجلسي ج ١ ص / ٦٩.
6- من مقابلة الصمت بالهذر يفهم أن المراد به السكوت عن فضول الكلام لا مطلق السكوت.
7- الانقياد للحق والإذعان له.
8- من آساه لا من واساه، والمؤاساة أن ينزل غيره منزلة نفسه في النفع له والدفع عنه، وقيل هي أن يجعل غيره أسوة لنفسه في ماله ويقاسمه فيه.
9- أي التواضع.

التطاول ؛ والسلامة وضدّها البلاء ؛ والحبّ وضدّه البغض ؛ والصدق وضدّه الكذب؛ والحق وضدّه الباطل والأمانة وضدّها الخيانة والإخلاص وضدّه الشوب (1) والشهامة وضدّها البلادة ؛ والفهم وضدّه الغباوة ؛ والمعرفة وضدّها الإنكار ؛ والمداراة وضدّها المكاشفة ؛ وسلامة الغيب وضدّها المماكرة ؛ والكتمان وضدّه الإفشاء ؛ والصلاة وضدّها الإضاعة، والصوم وضدّه الإفطار والجهاد وضدّه النكول والحج وضده نبذ الميثاق ؛ وصون الحديث وضدّه النميمة ؛ وبر الوالدين وضدّه العقوق ؛ والحقيقة وضدّها الرياء ؛ والمعروف وضدّه المنكر ؛ والستر وضدّه التبرج (2)، والتقية وضدّها الإذاعة والإنصاف وضدّه الحمية؛ والتهيئة (3) وضدها البغي ؛ والنظافة وضدّها القذر والحياء وضدّه الخلع (4) ؛ والقصد (5) وضدّه العدوان ؛ والراحة وضدّها التعب؛ والسهولة وضدّها الصعوبة والبركة وضدّها المحق؛ والعافية وضدّها البلاء؛ والقوام (6) وضدّه المكاثرة ؛ والحكمة وضدّها الهوى ؛ والوقار وضدّه الخفّة؛ والسعادة وضدّها الشقاوة ؛ والتوبة وضدّها الإصرار ؛ والاستغفار وضدّه الاغترار (7)؛ والمحافظة وضدّها التهاون ؛ والدعاء وضده الاستنكاف والنشاط وضدّه الكسل ؛ والمفرح وضده الحزن؛ والألفة وضدها الفرقة والسخاء وضده البخل.

فلا تجتمع هذه الخصال كلّها من أجناد العقل إلّا في نبي أو وصي نبي، أو مؤمن قد امتحن اللّه قلبه للإيمان، وأما سائر ذلك من موالينا، فإنّ أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتّى يستكمل وينقى من جنود الجهل، فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء، وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده، وبمجانبة الجهل وجنوده ؛ وفقنا اللّه وإيّاكم لطاعته ومرضاته.

1٥ - جماعة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ ابن فضّال،

عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما كلّم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) العباد بكنه

ص: 66


1- أي الخلط، والشوب في العمل أن يداخله قصد كالرياء أو السمعة أو توقع مصلحة دنيوية.
2- هو إظهار المرأة زينتها ومحاسنها لغير محارمها، وهذا حرام بنص الآية ٣١ من سورة النور. والآية ٣٣ من سورة الأحزاب.
3- أي الموافقة أو بمعنى إصلاح ذات البين.
4- أي خلع لباس الحياء المعنوي فتنكشف قبائحه. وقد ورد (الجلع) بالجيم لا بالخاء، والجَلْع هو قلة الحياء.
5- القصد هو العدل الّذي يتم بالأخذ بالوسط في المواقف بين طرفي الإفراط والتفريط.
6- بالفتح العدل، وبالكسر ما يقوم به الأمر، والظاهر أنّه هنا بالكسر، فالعاقل هو الّذي يقتصر في معاشه على ما يقوم بحاجته الضرورية دون أن يتهالك على الدنيا ويغالب عليها وهي المكاثرة.
7- من الغرّة بالكسر وهي هنا الجرأة على اللّه والغفلة عن ذكره سبحانه ممّا يعميه عن التوبة والإنابة. الشيء نهايته، أو حقيقته، ولما كان عقله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نوراً إلهياً كان كاملاً في أعلى المراتب بحيث لا يدانيه عقول الناس، فكان من العبث أن يخاطبهم بحقيقة ما أوتي من عقل مع قصور عقولهم عن استيعابه، إذ الغرض من الخطاب هو التفهيم وهذا يستدعي منه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يخاطبهم على قدر عقولهم هم.

عقله قطّ ؛ وقال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «إنَّا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم النّاس على قدر عقولهم».

١٦ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن جعفر (1)، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن قلوب الجهال تستفزها الأطماع (2)، وترتهنها إِنَّ المنى، وتستعلقها الخدائع.

17 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن عبيد اللّه الدهقان،، عن دُرُست (3)، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أكمل النّاس عقلاً أحسنهم خُلُقاً.

18 - علي (4)، [عن أبيه]، عن أبي هاشم الجعفري قال: كنا عند الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتذاكرنا العقل والأدب فقال : يا أبا هاشم العقل جباء (5) من اللّه والأدب (6) كلفة، فمن تكلّف الأدب قدر عليه ومن تكلّف العقل (7) لم يزدد بذلك إلّا جهلاً.

١٩ _ عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : جعلت فداك إنَّ لي جاراً كثير الصلاة،

ص: 67


1- أي الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- أي تستخفها وتخرجها من مقرها. وترتهنها المنى أي إرادة ما لا يتوقع حصوله، أو المراد بها ما يعرض للإنسان من أحاديث النفس وتسويل الشيطان أي تأخذها وتجعلها مشغولة بها ولا تتركها إلّا بحصول ما تتمناه كما أن الرهن لا ينفك إلّا بأداة المال. وتستعلقها بالعين المهملة ثمَّ القاف أي : تصيدها وتربطها بالحبال مرآة العقول للمجلسي ج ١ ص / ٧٦.
3- وهو ابن أبي منصور، محمّد.
4- إما هو عليّ بن محمّد المشهور بعلان وإما عليّ بن محمّد أبوه ماجيلويه.
5- الحباء بالكسر العطاء.
6- «قيل الأدب اسم يقع على كلّ رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل... [فهنالك] أدب اللسان، وأدب النفس وأدب القلب [وهو] معرفة حقوق اللّه تعالى والإعراض عن الخطرات المذمومة» المازندراني ج ١ ص ٣٨٦ بتصرّف. وإذا اتضح ذلك، اتضح كم في تحصيل الأدب بقسم واحد منه فضلاً عن كلها من المشقة والتجشّم، ومع ذلك فمن تكلف الأدب قدر عليه كما تقول الرواية.
7- «يعني أن العقل عطية من اللّه وغريزة في الإنسان وجوهر رباني خلقه وجعل نوره في القلب... وليس للعبد قدرة على اكتساب ذلك الجوهر لنفسه... فمن تكلف في تحصيله وتجسّم في اكتسابه كان سعيه عبثاً ومع ذلك يزداد به جهله حيث اعتقد أنّه قادر على ما لا يليق به ولا يقدر على فعله...» الخ المازندراني ج ١ ص ٢٨٦.

كثير الصدقة، كثير الحج لا بأس به قال: فقال : يا إسحاق كيف عقله ؟ قال : قلت له : جعلت فداك ليس له عقل قال فقال : لا يرتفع بذلك منه (1).

٢٠ - الحسين بن محمّد عن أحمد بن محمّد السيّاريّ عن أبي يعقوب البغدادي (2) قال : قال ابن السكيت (3) لأبي الحسن (4) (عَلَيهِ السَّلَامُ) لماذا بعث اللّه موسى بن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر؟ وبعث عيسى بآلة الطب؟ وبعث محمّداً _ صلّى اللّه عليه وآله وعلى جميع الأنبياء - بالكلام والخطب؟ فقال أبو الحسن عليه السلام : إنّ اللّه لما بعث موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان الغالب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند اللّه بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجّة عليهم، وإنّ اللّه بعث عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في وقت قد ظهرت فيه الزمانات (5) واحتاج النّاس إلى الطبّ، فأتاهم من عند اللّه بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيا لهم الموتى وأبرء الأكمه والأبرص بإذن اللّه، وأثبت به الحجّة عليهم.

وإنّ اللّه بعث محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام - وأظنّه قال : الشعر - فأتاهم من عند اللّه من مواعظه وحكمه ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجّة عليهم ؛ قال : فقال ابن السكيت : تاللّه ما رأيت مثلك قط، فما الحجّة على الخلق اليوم؟ قال : فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : العقل، يعرف به الصادق على اللّه فيصدّقه والكاذب على اللّه فيكذبه ؛ قال : فقال ابن السكّيت : هذا واللّه هو الجواب.

٢١ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد عن الوشّاء (6) عن المثنّى الحنّاط (7)، عن قتيبة الأعشى، عن ابن أبي يعفور (8)، عن مولى لبني شيبان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا قام (9) قائمنا وضع اللّه يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم (10).

ص: 68


1- أي أن عمله لا يرتفع ولا يقبل بسبب عدم عقله.
2- اسمه يزيد بن حماد الأنباري.
3- بكسر السين وتشديد الكاف هو يعقوب بن إسحاق وقد قتله المتوكل بسبب تشيعه لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ويكنى بأبي يوسف فراجع جامع الرواة للأردبيلي ٢ / ٣٤٥ - ٣٤٦.
4- أي الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما هو الأصح وهنالك قول بأنه الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- العاهات المزمنة التي تصيب بعض الأعضاء كالبرص والشلل والفالج وغيرها.
6- هو الحسن بن عليّ بن زياد من أصحاب الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولقب بالوشّاء لأنه كان يبيع الثياب الموشاة.
7- «الظاهر أنّه ابن الوليد وله كتاب» المازندراني 398/1. واسمه محمّد بن الحسن بن أحمد.
8- واسمه عبد اللّه.
9- أي ظهر وخرج بالأمر بإذن اللّه. والمقصود هو القائم المهدي (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
10- «المقصود باليد القدرة والمشيئة والمقصود بجمع عقولهم رفع الانتشار والاختلاف بينهم وجمعهم على دين الحقّ» المازندراني ج ١ ص / ٣٩. والأحلام هي العقول.

22 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن محمّد بن سليمان، عن عليّ بن إبراهيم عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : حجّة اللّه على العباد النبي، والحجّة فيما بين العباد وبين اللّه العقل.

23 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد مرسلاً قال: قال أبو عبد اللّه : دعامة الإنسان العقل والعقل منه الفطنة والفهم والحفظ والعلم ؛ وبالعقل يكمل، وهو دليله ومبصره ومفتاح أمره، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالماً، حافظاً، ذاكراً فطناً، فهماً، فعلم بذلك كيف وَلِمَ (1) وحَيْثُ (2)، وعرف من نَصَحه ومن غشَّه، فإذا عرف ذلك عرف مجرا وموصوله ومفصوله (3)، وأخلص الوحدانية اللّه، والإقرار بالطاعة. فإذا فعل ذلك كان مستدركاً لما فات، ووارداً على ما هو آت يعرف ما هو فيه، ولأي شيء هو ههنا، ومن أين يأتيه، وإلى ما هو صائر ؛ وذلك كله من تأييد العقل.

٢٤ _ عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : العقل دليل المؤمن.

٢٥ _ الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن الوشّاء عن حماد بن عثمان، عن _ السري بن خالد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «يا علي لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود (4) من العقل.

٢٦ - محمّد بن الحسن (5)، عن سهل بن زياد عن ابن أبي نجران(6)، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما خلق اللّه العقل قال له : أقبل فأقبل. ثمَّ قال له : أدبر فأدبر فقال : وعزَّتي وجلالي ما خلقت خلقاً أحسن منك إيّاك آمر وإيّاك أنهى، وإيّاك أثيب وإيّاك أعاقب.

27 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الهيثم بن أبي مسروق النهديّ، عن الحسين بن خالد، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الرَّجل آتيه وأكلمه

ص: 69


1- يُسأل بها عن سبب وجود الشيء وعلته.
2- تستعمل للدلالة على المكان.
3- أي من ينبغي الوصل معه والفصل عنه من أئمة الهدى (عَلَيهِم السَّلَامُ) وأئمة الضلال أو ما ينبغي من الأحوال والصفات المازندراني ج ١ ص / ٤٠٨.
4- أي انفع، والعائدة : المنفعة. والوجه في كون العقل أعود من المال أنّه بالعقل يحصل على المال ولا عكس.
5- قيل بأنه الصفار، وقيل بأنه الحناط.
6- اسمه عبد اللّه. وهو ثقة.

ببعض كلامي فيعرفه كلّه، ومنهم من آتيه فأكلّمه بالكلام فيستوفي كلامي كله ثمَّ يردُّه عليَّ (1) كما كلمته، ومنهم من آتيه فأكلمه فيقول : أعد علي ؟! فقال : يا إسحاق! وما تدري لِمَ هذا؟ قلت : لا ؛ قال : الّذي تكلّمه ببعض كلامك فيعرفه كله فذاك من عجنت نطفته بعقله، وأما الّذي تُكلّمه فيستوفي كلامك ثمَّ يجيبك على كلامك، فذاك الّذي ركب عقله فيه في بطن أمه، وأمّا الّذي تكلّمه بالكلام فيقول : أعد عليَّ، فذاك الّذي ركب عقله فيه بعدما كبر، فهو يقول لك : أعد عليَّ.

28 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن بعض من رفعه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «إذا رأيتم الرَّجل كثير الصلاة كثير الصيام فلا تباهوا به (2) حتّى تنظروا كيف عقله؟».

29 - بعض أصحابنا، رفعه عن مفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يا مفضّل لا يفلح من لا يعقل ولا يعقل من لا يعلم، وسوف ينجب (3) من يفهم، ويظفر من يحلم، والعلم جنّة (4)، والصدق عزّ، والجهل ذل، والفهم مجد، والجود نجح (5)، وحسن الخلق مجلبة للمودّة، والعالم بزمانه (6) لا تهجم عليه اللوابس (7)، والحزم مساءَةُ الظَّنِّ (8)، وبين المرء والحكمة نعمة العالم والجاهل شقي بينهما (9)، واللّه ولي (10) من عرفه وعدو من تكلفه (11)، والعاقل غفور والجاهل ختور (12)، وإن شئت أن تُكرَم فَلِنْ وإن شئت أن تهان فاخشن، ومن كرم

ص: 70


1- أي يحفظه ويعيده على مسمع مني كما قلته له.
2- أي لا تفاخروا به.
3- رجل نجيب أي كريم، وقد نجب نجابة إذا كان فاضلاً متأدباً بالآداب النقلية والعقلية المازندراني ج 1 ص / ٤١٩.
4- أي واقٍ لصاحبه لأنه يدفع عنه وساوس الشيطان ويكبح جماح القوتين الغضبية والشهوية لديه.
5- هو النجاح، والظفر.
6- أي بأهل زمانه وما هم عليه من أمراض نفسية وخلقية ومسلكية.
7- جمع لابس وهو الأمر المختلط المشتبه بغيره الغامض في نفسه. والمعنى أن العارف بأهل زمانه وما هم عليه من فساد الأحوال والأقوال يكون حذراً فلا يقع في الشبهات والأباطيل والأضاليل والأحابيل.
8- الحزم ضبط الأمور وإحكامها على وجه لا يقع فيها بالشبهات ولا يخبط فيها خبط عشواء. وهذا طريقه الحذر من أقوال النّاس وأفعالهم حتّى يتبين له الحقّ، وهذا معناه أن يحتمل صدور السوء عنهم، والمساءة نقيض المسرّة، مصدر ميمي من ساءه يرءه.
9- أي بين نعمة العالم والحكمة وذلك لأن الجاهل لا ينفعه إرشاد العالم وتعليمه.
10- أي ناصره ومحبه.
11- أي من تصنّع المعرفة وهو ليس لها بأهل.
12- أي غدّار خداع مكّار.

أصله لانَ قلبه ومن خشن عنصره غلظ كبده ومن فرَّط تورّط (1)، ومن خاف العاقبة تثبت عن التوغل فيما لا يعلم، ومن هجم على أمر بغير علم جذع (2) أنف نفسه، ومن لم يعلم لم يفهم، ومن لم يفهم لم يسلم، ومن لم يسلم لم يُكرم، ومَن لم يكرّم يُهضم (3)، ومَن يهضم كان ألوم، ومن كان كذلك كان أحرى أن يندم.

30 - محمّد بن يحيى، رفعه قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من استحكمت (4) لي فيه خصلة من خصال الخير (5)، احتملته (6) عليها، واغتفرت فقد ما سواها، ولا أغتفر فقد عقل ولا دين، لأن مفارقة الدّين مفارقة الأمن فلا يتهنا بحياة مع مخافة، وفقد العقل فقد الحياة، ولا يُقَاسُ إلّا بالأموات (7).

31 - عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن موسى بن إبراهيم المحاربي، عن الحسن ابن موسى، عن موسى بن عبد اللّه، عن ميمون بن عليّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله.

٣٢ - أبو عبد اللّه العاصمي، عن عليّ بن الحسن عن عليّ بن أسباط، عن الحسن ابن الجهم، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ذكر عنده أصحابنا وذكر العقل قال : فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا يعبأ (8) بأهل الدّين ممّن لا عقل له، قلت : جعلت فداك إنَّ ممّن يصف هذا الأمر (9) قوماً لا بأس بهم عندنا وليست لهم تلك العقول، فقال: ليس هؤلاء ممّن خاطب اللّه، إن اللّه خلق العقل فقال له : أقبل فأقبل، وقال له : أدبر فأدبر فقال : وعزَّتي وجلالي ما خلقت شيئاً أحسن منك أو أحبّ إليَّ منك، بك آخذ (10) وبك أعطي.

ص: 71


1- أي من قصر وسوف في الأمور وقع في الهلكات.
2- أي قطع.
3- أي يُظلم ويمنع عن حقه. وفي بعض النسخ (تَهَضّم) مشدّدة على وزن تفعّل.
4- أي صارت بحكم الممارسة ملكة ثابتة له.
5- فضائل النفس كالحلم والرحمة والكرم وغيرها.
6- أي قبلته بسبب تلك الفضيلة.
7- لأنه بفقد العقل لا يستطيع تحصيل شيء من الكمالات النفسية من العلوم والمعارف الإلهية التي تقربه اللّه وتضمن دخول جنته في الآخرة وأما في الدنيا وإن كان الجاهل جسماً متحركاً ونامياً إلّا أنّه ميت في عالم الروح والقيم.
8- أي لا يُبالى بمن كان ظاهره التدين إن لم يَحْكِ ذلك الظاهر عن قلب قد استنار بالحقائق الإلهية وتشرف بالمعارف العقلية، وليس عدم المبالاة به إحباط عمله بل عدم رفعه إلى مراتب السعادة العليا الملكوتية.
9- أي الإمامة والولاية لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
10- «أي بسببك أعاقب بالبعد عن مقام القرب والإحسان... وبسببك أعطي مقاماً محموداً...» المازندراني ج 1 ص / ٤٣٤.

23 - عليّ بن محمّد، عن أحمد بن خالد، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ليس بين الإيمان (1) والكفر إلّا قلة العقل (2). قيل : وكيف ذاك يا ابن رسول اللّه ؟ قال : إنَّ العبد يرفع رغبته إلى مخلوق، فلو أخلص نيته اللّه، لأتاه الّذي يريد في أسرع من ذلك.

٣٤ - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عبيد اللّه الدهقان، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن يحيى بن عمران عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: بالعقل استخرج غور الحكمة (3)، وبالحكمة استُخرج غور العقل، وبحسن السياسة يكون الأدب الصالح. قال : وكان يقول : التفكّر حياة قلب البصير، كما يمشي (4) الماشي في الظلمات بالنور بحسن التخلّص وقلة التربص (5).

[ (أ) (6) عدَّة من أصحابنا، عن عبد اللّه البزاز عن محمّد بن عبد الرحمن بن حماد، عن الحسن بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حديث طويل : أنَّ أوَّل الأمور ومبدأها وقوتها وعمارتها التي لا ينتفع شيء إلّا به، العقل الّذي جعله اللّه زينة لخلقه ونوراً لهم، فبالعقل عرف العباد خالقهم، وأنهم مخلوقون، وأنه المدبّر لهم، وأنّهم المدبّرون، وأنه الباقي وهم الفانون؛ واستدلوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه من سمائه وأرضه، وشمسه وقمره وليله ونهاره وبأنَّ له ولهم خالقاً ومدبّراً لم يزل ولا يزول، وعرفوا به الحسن من القبيح، وأنَّ الظلمة في الجهل، وأنَّ النور في العلم، فهذا ما دلّهم عليه العقل.

قيل له : فهل يكتفي العباد بالعقل دون غيره؟ قال : إنَّ العاقل، لدلالة عقله الّذي جعله اللّه قوامه وزينته وهدايته، علم أنَّ اللّه هو الحقّ، وأنه هو ربه، وعلم أنَّ لخالقه محبة، وأن له كراهية، وأنَّ له طاعة، وأنَّ له معصية، فلم يجد عقله يدلّه على ذلك، وعلم أنّه لا يوصل إليه إلّا بالعلم وطلبه، وأنّه لا ينتفع بعقله، إن لم يصب ذلك بعلمه، فوجب على العاقل طلب العلم والأدب الّذي لا قوام له إلّا به.

ص: 72


1- الظاهر أن المراد هنا الإيمان المحض والكفر كذلك.
2- «يعني أن قليل العقل متوسط بين المؤمن والكافر؛ فليس مؤمناً حقيقياً كاملاً لما فيه من قصور العقل الموجب لبعده عنه تعالى في الجملة ولا كافراً حقيقياً محضاً لما فيه شيء من نور العقل الموجب لقربه في الجملة» المازندراني ج ١ ص / ٤٣٦.
3- أي قعرها وبعدها.
4- «شبه التفكر في ظلمات النفس بالنور في ظلمات الأرض ضرباً للمثل» الوافي ج 1 ص / ٣٦.
5- «بحسن التخلص أي من الورطات وقلة التربص أي بسرعة الوصول إلى المطلو»ب ن. م. والتربص التوقف.
6- (أ) و (ب) خلت منهما أكثر نسخ الكافي، ولاحظنا أنّه لم يتعرض لهما أحد من الشراح فلاحظ.

(ب) عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي عمير (1)، عن النضر بن سويد، عن حمران (2) وصفوان بن مهران الجمّال قالا : سمعنا أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا غنى أخصب من العقل، ولا فقر أحطّ من الحمق، ولا استظهار في أمر بأكثر من المشورة فيه].

وهذا آخر كتاب العقل [والجهل]

والحمد للّه وحده وصلّى اللّه على محمّد وآله وسلم تسليماً

ص: 73


1- اسمه محمّد.
2- هو حمران بن أعين الشيباني من أصحاب الإماءين الباقر والصادق (عَلَيهِما السَّلَامُ) وهو ثقة مشكور.

ص: 74

كتاب فضل العلم

إشارة:

ص: 75

ص: 76

١ - باب فرض العلم ووجوب طلبه والحث عليه

١ - أخبرنا محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم بن هشام [ عن أبيه] عن الحسن ابن أبي الحسين الفارسي، عن عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه (1)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «طلب العلم (2) فريضة على كلّ مسلم، ألا إنَّ اللّه يحب بغاة (3) العلم».

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد اللّه، عن عيسى بن عبد اللّه العمري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: طلب العلم فريضة.

٣ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه قال : سُئِل أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل يسع النّاس ترك المسألة عمّا يحتاجون إليه؟ فقال: لا (4).

علىّ بن محمّد وغيره عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى، جميعاً، عن ابن محبوب (5)، عن هشام بن سالم عن أبي حمزة (6)، عن أبي إسحاق (7) السبيعي عمّن حدّثه قال : سمعت أمير المؤمنين يقول : أيّها النّاس اعلموا أنّ كمال

ص: 77


1- هو زيد بن أسلم العدوي.
2- المقصود بالعلم الّذي فرض طلبه على كلّ مسلم هو علم الدّين أصوله وفروعه عقيدته وشريعته، حسب ما تتأدى به الضرورة.
3- أي طلاب العلم، جمع باغٍ.
4- لأن الأدلة قامت على وجوب معرفة ما يحتاجه الإنسان من أمور دينه.
5- واسمه الحسن.
6- الظاهر أنّه أبو حمزة الثمالي واسمه ثابت بن دينار بقرينة روايته عن السبيعي هنا وفي أمكنة أخرى.
7- واسمه عمر و أو عمر، والسبيع بطن من همدان فربما قيل الهمداني، فراجع جامع الرواة للأردبيلي ج 2 ص / ٣٦٥.

الدين طلب العلم والعمل به، ألا وإنَّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال، إنّ المال مقسوم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم وضمنه وسيفي لكم، والعلم مخزون عند أهله، وقد أمرتم بطلبه من أهله (1) فاطلبوه.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي عبد اللّه رجل من أصحابنا رفعه (2)، قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «طلب العلم فريضة».

وفي حديث آخر قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم، ألا وإنَّ اللّه يحبُّ بُغَاة العلم».

٦ - عليّ بن محمّد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن خالد(3)، عن عثمان بن عيسى عن عليّ بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : تفقّهوا (4) في الدين، فإنّه من لم يتفقه منكم في الدّين فهو أعرابي (5) إِنَّ اللّه يقول [ في كتابه]: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (6)).

7 _ الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن الربيع، عن مفضّل ابن عمر قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : عليكم بالتفقه في دين اللّه ولا تكونوا أعراباً، فإنّه من لم يتفقّه في دين اللّه لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة (7)، ولم يزكّ له عملاً (8).

ص: 78


1- وهم المعصومون من أئمة الهدى (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- هذا الحديث مرفوع، والحديث المرفوع هو ما أضيف إلى المعصوم من قول أو فعل أو تقرير بإسقاط بعض الأوساط (الوسائط) أو إبهامه، أو رواية بعض السند عمن لم يلقه حقيقة ولا حكما راجع الرواشح السماوية ص 127.
3- هو البرقي نسبة إلى برفرود قرية من سواد قم.
4- أي تعلموا أحكام الدّين فيما يتعلق بعباداتكم ومعاملاتكم وأخلاقكم ممّا يؤدي بكم إلى امتثال أوامر ربكم والوقوف عند زواجره والمتكفل بذلك علم الفقه.
5- منسوب إلي الأعراب وهم سكان البوادي البعيدون عن الحواضر التي يتيسر فيها التعلم والتفقه، وغالباً ما يكونون جهالا جفاة.
6- التوبة / ١٢٢.
7- يعني بعين اللطف والعناية لأن قلبه مظلم فلا يصلح لأن يقع موضع نظر اللّه سبحانه.... [ويكنّى] بتركه [أي النظر] عن الغضب والمقت والكراهة الوافي ج 1 ص / ٣٧/ بتصرّف.
8- «أي لم يقبل له عملاً لأن تبول العمل لازم لتزكيته عن شوائب النقصان وانتفاء اللازم مستلزم لانتفاء الملزوم» المازندراني 18/2.

8 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير(1)، عن جميل بن درّاج عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لوددت أنّ أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتّى يتفقّهوا.

9 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن محمّد بن عيسى، عمّن رواه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال له رجل: جُعِلْتُ فداك، رجل عرف هذا الأمر (2)، لزم بيته ولم يتعرف (3) إلى أحد من إخوانه؟ قال: فقال: كيف يتفقه هذا في دينه !؟

2 - باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء

1 - محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان، عن دُرُست الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: دخل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المسجد فإذا جماعة قد أطافوا (4) برجل فقال : ما هذا؟ فقيل : علامة (5) فقال : وما العلّامة ؟ فقالوا له : أعلم النّاس بأنساب العرب ووقائعها، وأيام الجاهلية، والأشعار العربية (6)، قال : فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «ذاك علم لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه (7)» ؛ ثمَّ قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «إنما (8) العلم ثلاثة : آية محكمة(9)، أو فريضة عادلة (10)، أو سنة قائمة (11)، وما خلاهنّ فهو فضل (12)».

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن خالد، عن أبي

ص: 79


1- واسمه محمّد، وهو ممّن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، كما يقول الكشي.
2- أي اعتقد بإمامة المعصومين من أئمة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
3- بسبب اعتزاله النّاس فلم يختلط بإخوانه ممّن هم على نفس عقيدته.
4- أي تحلّقوا حوله.
5- أي كثير العلم والتاء المربوطة ليست للتأنيث وإنما للمبالغة
6- في بعض النسخ (والأشعار والعربية).
7- أي في الآخرة.
8- بقرينة (إنما) وهي أقوى أدوات الحصر، خصر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أقسام العلم النافع في الثلاثة المذكورة فقط.
9- أي ليست من المتشابه ولا من منسوخ الحكم.
10- إشارة إلى علوم الأخلاق التي محاسنها من جنود العقل ومساويها من جنود الجهل فإن التحلي بالأوّل والتخلي عن الثاني فريضة وعدالتها كناية عن توسطها بين طرفي الإفراط والتفريط الوافي ج 1 ص / 38.
11- اي طريقة المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ) الثابتة المستمرة باعتبار دوام العمل بها.
12- أي زيادة لا تنفع الأخذ بها يوم القيامة.

البختري (1)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ العلماء ورثة الأنبياء، وذاك أنَّ الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظاً وافراً، فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه؟ فإنَّ فينا أهل البيت في كلّ خَلَف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين (2)، وانتحال (3) المبطلين، وتأويل الجاهلين (4).

٣ _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد

ابن عثمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا أراد اللّه بعبد خيراً فقهه في الدين.

٤ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : الكمال كلّ الكمال (5) التفقه في الدين، والصبر على النائبة (6)، وتقدير المعيشة (7).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : العلماء أمناء (8)، والأتقياء حصون (9)، والأوصياء سادة (10).

وفي رواية أخرى : العلماء منار (11)، والأتقياء حصون، والأوصياء سادة.

ص: 80


1- هنالك اثنان يكنيان بأبي البختري أحدهما وهب بن وهب وُصِفَ بالكذاب بل من أكذب البرية كما نقل الكشي. والثاني هو سعد بن عمران. وقد اختار المولى المازندراني أن الأوّل هو الّذي ورد بكنيته في سند هذا الحديث ومع ذلك ذهب إلى اعتباره وإن كان أحد رواته كذوباً ولأن الكذوب قد يصدق فراجع المازندراني ج 2 ص 29. وأما المجلسيّ في تحف العقول 103/1 فقد ضعف الحديث. فراجع.
2- المتجاوزين للحد في أي شيء.
3- ادعاء ما ليس له بل هو لغيره وما ليس فيه بل في غيره.
4- حمل الكلام على غير ظاهره من دون حجة ولا دليل وذلك غير جائز والتأويل المشروع والمقبول هو ما يرد عن العلماء الراسخين في العلم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). الّذين خوطبوا بالقرآن وهم العارفون بظاهره وباطنه وتنزيله وتأويله.
5- أي الكمال التام البالغ غايته.
6- هي ما ينزل بالإنسان من المصائب والحوادث.
7- أي الأخذ منها بجادة الوسط بين التبذير والتقتير في البذل وبين التقصير والتهالك في الطلب
8- أي الموثوقون في حفظ ما ائتمنوا عليه من دين اللّه لأنهم ورثة الأنبياء، وكما أن الأنبياء جميعهم قد ادوا ما حُمّلوا من أمانة اللّه إلى خلقه فكذلك ورثتهم.
9- التقي هو من يفعل الطاعات ويجتنب المحرمات وديدنه هذا يكون حامياً للشريعة والأحكام بعمله وقوله بحيث يكون قدوة وأسوة لباقي أهل بيته وأسرته ومجتمعه.
10- المقصود بالأوصياء خلفاء النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من أهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسيادتهم على باقي النّاس باعتبار أن كلّ واحد منهم يمثل القمة في الإنسانية الكاملة العابدة بعد أن اختصهم اللّه دون النّاس بإذهاب الرجس عنهم وطهرهم تطهيراً.
11- وذلك لأن بهم يستهدي النّاس إلى طريق الحقّ، والمنار إما من النور، أو جمع مناير وهي العلامات التي تثبت على الطرق لإرشاد الضالّ.

٦ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان، عن إدريس بن الحسن، عن أبي إسحاق الكندي، عن بشير الدهان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا خير فيمن لا يتفقه من أصحابنا يا بشير! إن الرَّجل منهم إذا لم يستغن بفقهه احتاج إليهم (1)، فإذا احتاج إليهم أدخلوه في باب ضلالتهم (2) وهو لا يعلم.

7 _ عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن آبائه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «لا خير في العيش إلّا لرجلين عالم مطاع، أو مستمع واع (3)».

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد ابن محمّد، عن ابن أبي عمير (4)، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد.

٩ - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم، عن معاوية ابن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : رجل راوية (5) لحديثكم يبثُّ (6) ذلك في النّاس ويشدّده في قلوبهم وقلوب شيعتكم، ولعلّ عابداً من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيهما أفضل ؟ قال : الراوية لحديثنا يشدّ به (7) قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد.

٣ - باب أصناف النّاس

1 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي أسامة (8)، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن

ص: 81


1- أي إلى المخالفين من أبناء العامّة.
2- حيث يفتونه بأهوائهم الفاسدة وآرائهم المضلّة.
3- أي حافظ فاهم.
4- تكرار ابن أبي عمير باعتباره ورد في سند آخر لنفس الرواية حيث نقل عنه فيه رواية هو أحمد بن محمّد، في حين نقل عنه أولا عليّ بن إبراهيم نقلا عن أبيه إبراهيم.
5- أي كثير الرواية، والتاء للمبالغة.
6- أي ينشر.
7- أي يرسخ بنشر أحاديثهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إيمان قلوب شيعتهم لما تتضمنه من توجيه وتعليم وتوعية عقائدية وتشريعية وأخلاقية.
8- واسمه زيد الشحام.

أبي إسحاق السبيعي، عمّن حدّثه ممّن يوثق به قال سمعت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن النّاس آلوا (1) بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى ثلاثة : آلوا إلى عالم على هدى من اللّه قد أغناه اللّه بما علم عن علم غيره. وجاهل مدّع للعلم لا علم له معجب بما عنده، قد فتنته الدنيا وفتن غيره. ومتعلّم من عالم على سبيل هدى من اللّه ونجاة. ثمَّ هلك من ادعى (2) وخاب (3) من افترى.

2 - الحسين بن محمّد الأشعريّ عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : النّاس ثلاثة : عالم ومتعلّم وغثاء (4).

٣ - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أغدُ عالماً أو متعلماً أو أحب أهل العلم، ولا تكن رابعاً (5) فتهلك ببغضهم.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن جميل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول يغدوا النّاس على ثلاثة أصناف : عالم ومتعلّم وغثاء، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر النّاس غثاء.

٤ - باب ثواب العالم والمتعلم

1 - محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ عن عبد اللّه بن ميمون القداح ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن القداح (6)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من سلك طريقاً (7) يطلب فيه علماً سلك اللّه به (8) طريقاً إلى الجنّة وإنَّ

ص: 82


1- آبوا ورجعوا.
2- أي العلم الرباني وهو ليس من أهله.
3- خسر وانقطع أمله.
4- غثاء السيل ما يطفو على وجهه من الأقذار والطحالب، وغثاء النّاس (وهو المقصود هنا) أراذلهم وأوباشهم.
5- أي لا تكن عدواً للأصناف الثلاثة أو بعضهم ولا تحسدهم.
6- هو نفس عبد اللّه المتقدم ذكره في الرواية، وإنما كرره لاختلاف الراوي عنه هنا وهو حماد، ولقب بالقداح لأنه كان يبري القداح، فراجع جامع الرواة للأردبيلي ١ ص /٥١٣.
7- أي دخله وسار فيه والمقصود بالعلم علم الدين.
8- أي أدخله اللّه في طريق يوصل سلوكه إلى الجنة راجع المازندراني ٥٤/٢.

الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً به (1)، وإنه يستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض حتّى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورَّثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر».

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن الّذي يعلّم العلم منكم له أجر مثل أجر المتعلّم وله الفضل عليه (2)، فتعلموا العلم من حملة العلم، وعلموه إخوانكم كما علمكموه العلماء.

3 - عليّ بن إبراهيم عن أحمد بن محمّد البرقي، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من علم خيراً فله مثل أجر من عمل به، قلت: فإن علمه غيره (3) يجري ذلك له ؟ قال : إن علمه النّاس كلهم جرى له، قلت : فإن مات ؟ قال : وإن مات.

٤ - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن العلاء بن رزين، عن أبي عبيدة الحذَّاء (4) عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من علّم باب هدى (5) فله مثل أجر من عمل به ولا ينقص أولئك من أجورهم شيئاً. ومن علم باب ضلال كان عليه مثل أوزار (6) من عمل به ولا ينقص أولئك من أوزارهم شيئاً.

٥ _ الحسين بن محمّد، عن عليّ بن محمّد بن سعد رفعه، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لو يعلم النّاس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج (7) وخوض اللَّجج (8). إنَّ اللّه تبارك وتعالى أوحى إلى دانيال أنَّ أمقت (9) عبيدي إلى الجاهل المستخفّ

ص: 83


1- «أي لأجل رضاها به» ن. م.
2- لأنه المعطي وذاك الأخذ، فهو من قبيل اليد العليا خير من اليد السفلى الخ.
3- أي إذا علمه المتعلم لشخص ثالث.
4- واسمه زياد بن عيسى.
5- «لعل المراد بباب الهدى وباب الضلالة نوعان منهما وقيل : المراد بهما تعليم طريق السلوك إلى أحدهما والدخول فيه» مرآة العقول للمجلسي ١١٦/١.
6- أي أنام وأثقال.
7- جمع مهجة وهي دم القلب خاصّة وقد يطلق على الدم مطلقاً، وسفك الدم إهراقه.
8- جمع لجة وهي وهي معظم الماء والتعبيران كناية عن عظمة طلب العلم واستصغار المكاره والشدائد في جنب تحصيله.
9- أي أبغض.

بحقِّ أهل العلم، التارك للاقتداء بهم، وأنَّ أحب عبيدي إلي التقي الطالب للثواب الجزيل، اللازم للعلماء، التابع للحلماء، القابل(1) عن الحكماء.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقريّ عن حفص بن غياث قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من تعلّم العلم وعمل به وعلّم اللّه، دعي في ملكوت السماوات عظيماً فقيل : تعلم اللّه وعمل اللّه وعلّم اللّه.

٥ - باب صفة العلماء

1 - محمّد بن يحيى العطّار عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار (2)، وتواضعوا لمن تعلمونه العلم وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء جبارين (3) فيذهب باطلكم بحقّكم (4).

2 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن حماد بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة النَّصْري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (5) قال : يعني بالعلماء من صدق فعله قوله، ومن لم يصدق فعله قوله فليس بعالم (6).

٣ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي سعید القماط (7)، عن الحلبي (8)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): ألا

ص: 84


1- أي الأخذ عنهم أخذ رواية أو دراية أو كليهما.
2- الرزانة.
3- أي متكبرين، وحيث إن العالم بكبرياء وعظمة اللّه يستحيل أن يكون متكبراً جباراً فلا بد وأن يحمل في المقام على العالم بأمر اللّه لا باللّه سبحانه.
4- أي يذهب تجبركم بعلمكم، أو أن تجبركم يذهب حقكم على النّاس في التوقير والتعظيم والانقياد.
5- فاطر/ 28.
6- لأن الحكمة تقتضي أن يتعلّم الإنسان ليعمل بعلمه، فإذا لم يعمل به فمعنى ذلك أنّه علم مستعار ولا محالة سيسلب عنه.
7- واسمه خالد بن سعيد.
8- يطلق هذا اللقب على عدة أشخاص محمّد بن عليّ بن أبي شعبة وعلى إخوته عبيد اللّه وعمران وعبد الأولى وعلى أبيهم وأحمد بن عمر بن أبي شعبة وأبيه عمر وأحمد بن عمران وفي الأوّل أشهر فراجع جامع الرواة للأردبيلي ٤٤٢/٢.

أخبركم بالفقيه حقّ الفقيه (1)؟ من لم يقنّط النّاس من رحمة اللّه (2)، ولم يؤمنهم من عذاب اللّه (3)، ولم يرخّص لهم في معاصي اللّه (4)، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره (5)، ألا لا في علم ليس فيه تفهم ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبّر ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكّر.

وفي رواية أخرى : ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبّر، ألا لا خير في عبادة لا فقه فيها، ألا لا خير في في نسك (6) لا ورع (7) فيه.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان النيسابوري جميعاً، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ من علامات الفقه الحلم والصمت.

٥ - أحمد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد البرقي، عن بعض أصحابه رفعه قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا يكون السفه (8) والغرة (9) في قلب العالم.

٦ - وبهذا الإسناد (10)، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان، رفعه قال : قال عیسی ابن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا معشر الحواريين (11) لي إليكم حاجة اقضوها لي، قالوا : قضيت حاجتك يا روح اللّه، فقام فغسل أقدامهم فقالوا : كنا نحن أحقُّ بهذا يا روح اللّه ! فقال: إنّ حقّ النّاس

ص: 85


1- أي من كان فقيهاً على نحو الحقيقة.
2- رد على المعتزلة القائلين بأنه يستحيل على اللّه أن يخلف وعيده كما يستحيل أن يخلف وعده ومذهبهم في أن صاحب الكبيرة إذا مات من غير توبة فهو خالد في النار.
3- «رد المذهب المرجئة ومن والاهم من المغترين بالشفاعة» الوافي ٤٣/١.
4- «رد المذهب الحنابلة والأشاعرة ومن يشبههم كأكثر المتصوفة» .ن. م.
5- رد المذهب «المتفلسفة الّذين أعرضوا عن القرآن وأهله وحاولوا اكتساب العلم والعرفان من كتب قدماء الفلاسفة، ومذهب الحنفية [وغيرهم] ممّن عملوا بالقياس....» ن. م.
6- النسك : التعبد والتقشف والتزهد.
7- الورع: اجتناب المحارم.
8- السفه: الجهل وخفة تعتري الإنسان فتبعثه على العمل بخلاف مقتضى العقل والشرع.
9- بالكسر الغفلة جمع غرر.
10- تقل المولى المازندراني عن المحقّق الشوشتري قوله : ولم يظهر لهذا مرجع، وكأن مقصوده أحمد بن عبد اللّه أي الوارد في مطلع رواية رقم (5) السابقة.
11- حوارو الرَّجل أنصاره وخاصته والمعشر الجماعة مفرد معاشر.

بالخدمة العالم، إنّما تواضعتُ هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في النّاس كتواضعي لكم، ثمَّ قال عیسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر، وكذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل.

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد عمّن ذكره، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : يا طالب العلم ! إنَّ للعالم ثلاث علامات : العلم والحلم والصمت، وللمتكلف(1) ثلاث علامات : ينازع من فوقه بالمعصية، ويظلم من دونه بالغلبة، ويظاهر (2) الظلمة.

٦ - باب حق العالم

1 - عليّ بن محمّد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤال (3)، ولا تأخذ بثوبه (4)، وإذا دخلت عليه وعنده قوم فسلّم عليهم جميعاً وخصّه بالتحية دونهم، واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه (5) ولا تغمز بعينك (6) ولا تشر بيدك، ولا تكثر من القول : قال فلان وقال فلان خلافاً لقوله ولا تضجر بطول صحبته، فإنّما مثل العالم مثل النخلة تنتظرها حتّى يسقط عليك منها شيء، والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم الغازي في سبيل اللّه

٧ - باب فقد العلماء

١ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيّوب الخزّاز (7)، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما أحد من يموت من

ص: 86


1- المتكلّف هو الّذي يدّعي العلم ولا يملك منه إلّا القشور.
2- أي ينصرهم ويعينهم على ظلمهم.
3- الظاهر أن المنهي عنه هو الإكثار في الأسئلة إلى حد يوجب أذية العالم في صحته أو وقته، ويمنع غيره من الاستفادة من علمه أو الخروج عن المقدار الّذي يكون السائل بحاجة إليه، كأن يسأل عن أمور لیست محل ابتلائه أو ليست من اختصاصه، أو هي فوق طاقة تحمله الفكري واستيعابه.
4- لما في ذلك من منافاة لتعظيمه وتوقيره.
5- لئلا يحوجه إلى الالتفات إليه عند الخطاب.
6- أي لا تشر بها ولا بيدك إليه ولا إلى غيره ممّن هو حاضر في مجلسه لما في ذلك من قلة التعظيم والاحترام.
7- وقيل الخرّاز (بالراء) واسمه إبراهيم بن عثمان وقيل ابن عيسى فراجع جامع الرواة للأردبيلي ٣٦٧/٢.

المؤمنين أحبّ إلى إبليس من موت فقيه (1).

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا مات المؤمن الفقيه، تلم في الإسلام تُلْمَةٌ (2) لا يسدّها شيء.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة وبقاع الأرض التي كان يعبد اللّه عليها، وأبواب السماء التي كان يصعد فيها بأعماله، وثلم في الإسلام ثلمة لا يسدُّها شيء، لأنَّ المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن سور المدينة لها.

٤ - وعنه عن أحمد عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزاز، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما أحد من يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه.

5 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن داود بن فرقد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن أبي كان يقول : إنَّ اللّه عزّ وجلّ لا يقبض العلم بعد ما يهبطه، ولكن يموت العالم فيذهب بما يعلم، فتليهم الحفاة (3) فيضلّون ويضلّون ولا خير في شيء ليس له أصل.

٦ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عليّ عمّن ذكره عن جابر (4)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّه يسخّي (5) نفسي في

ص: 87


1- بدل الحديث على أن إبليس لا يحب موت أحد من الكافرين بل يكره ذلك لأنهم جنده وأعوانه على الإثم والعصيان، بل يحب موت المؤمنين لأن في موتهم انقطاع للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتصدي لجنده وحزبه وهو أشد حبّاً لموت الفقيه لأنه المنار للحق، ومقوي قلوب المؤمنين وأمين على أحكام اللّه من أن تدرس أو تنتهك.
2- الثَّلمة لغةً فُرجة المكسور والمهدوم. «وفيه استعارة مكنية لتشبيه الإسلام بالبناء... ووقوع الثلمة في الإسلام بموت الفقيه ظاهر لأن الإسلام مجموع العقائد الحقة العقلية والقوانين الكلية الشرعية والعالم بها والحافظ لها بالبراهين والدافع عنها شبه المنكرين هو الفقيه الرباني فإذا مات وقع فيها ثلمة تتوجه إليها أوهام الضالين المضلين ويدخلونها بلا مانع ولا دافع...» المازندراني 2/ 101.
3- «أي يصير واليهم وصاحب التصرف في أمور دينهم ودنياهم» ن. م. والجفاة جمع الجافي وهو الكز الغليظ العشرة.
4- هو جابر بن يزيد الجعفي.
5- أي أن التدبر لهذه الآية يجعل نفسي سخية كريمة في سرعة الموت أو القتل فينا أهل البيت راضيه بهما.

سرعة الموت والقتل فينا قول اللّه: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) (1) وهو ذهاب العلماء.

8 - باب مجالسة العلماء وصحبتهم

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس رفعه قال(2): قال لقمان لابنه : يا بنيَّ اختر المجالس على عينك (3) فإن رأيت قوماً يذكرون اللّه جل وعزَّ فاجلس معهم، فإن تكن عالماً نفعك علمك، وإن تكن جاهلاً علموك، ولعلّ اللّه أن يُظلهم برحمته فيعمك معهم، وإذا رأيت قوماً لا يذكرون اللّه فلا تجلس معهم، فإن تكن عالماً لم ينفعك علمك، وإن كنت جاهلاً يزيدوك جهلاً، ولعل اللّه أن يظلهم بعقوبة فيعمك معهم.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً، عن ابن محبوب، عن درست بن أبي منصور عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : محادثة العالم على المزابل خير من محادثة الجاهل على الزرابيّ(4).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن شريف بن سابق عن الفضل ابن أبي قُرَّة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «قالت الحواريون لعيسى : يا روح اللّه من نجالس؟ قال من يذكركم اللّه رؤيته(5)، ويزيد في علمكم منطقه(6)، ويرغّبكم في الآخرة عمله».

٤ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير، عن منصور بن

ص: 88


1- الرعد / ٤١.
2- الظاهر أن القائل هنا هو المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ).
3- «أي على بصيرة منك ومعرفة لك بحالها» المازندراني 112/2. ولعلى تسعة معان من جملتها موافقة الباء نحو : اركب على اسم اللّه، أي باسم اللّه. وعليه يكون معنى على عينك أي بعينك.
4- الزرابي : النمارق والبسط، أو كلّ ما بسط وأتُكى عليه واحده زُربي ومنه في سورة الغاشية «وزرابي مبثوثة».
5- لصفاء ذاته وضياء صفاته وحياء وجهه ولواء زهادته وبهاء عبادته المازندراني ٢/ ١١٦.
6- أي كلامه في الأحكام والمعارف الدينية.

حازم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «مجالسة أهل الدّين شرف الدنيا والآخرة».

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمّد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة عن مِسْعَر بن كِدَام قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : المجلس أجلسه (1) إلى (2) من أثق به، أوثق في نفسي من عمل سنة

9 - باب سؤال العالم وتذاكره

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن مجدور (3) أصابته جنابة فغسلوه (4) فمات. قال: قتلوه(5)، ألا سألوا فإن دواء العي(6) السؤال.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن حريز عن زرارة ومحمّد بن مسلم ويُريد العجلي قالوا : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لحمران بن أعين في شيء سأله : إنّما يهلك النّاس لأنهم لا يسألون.

3 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال إنّ هذا العلم عليه قفل ومفتاحه المسئلة.

عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي جعفر الأحول (7)، عن أبي عبد اللّه أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يسع النّاس (8) حتّى يسألوا أو يتفقهوا

ص: 89


1- المجلس إن كان اسم مكان فهو بتقدير في أي اجلس فيه.
2- «إلى : إما بمعنى مع وإما بتضمين القرب ونحوه» الوافي ٤٦/١.
3- المصاب بمرض الجدري.
4- أي غسل الجنابة.
5- إذ كان فرضه التيمم فمن أفتى بغسله أو تولى ذلك منه فقد قتله مرآة العقول للمجلسي 129/1.
6- العِيّ : عدم الاهتداء إلى وجه المراد والعجز عنه والجهل به.
7- واسمه محمّد بن عليّ بن النعمان ويلقب بمؤمن الطاق.
8- أي لا يكفيهم بل لا يجوز لهم أن يحركوا ساكناً في أمور دينهم أو يعتقدوه أو يعملوا به ما لم يأخذوه عن إمامهم. فإذا أخذوه عن إمامهم المفترض الطاعة المعصوم عن الخطأ أو نائبه كفاهم الاعتقاد والعمل به وإن كان قد صدر عنه تقية، فالتقية دين يجب العمل بها في مواردها.

ويعرفوا إمامهم. ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقيّة.

٥ - علي، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «أفٌ لرجل لا يفرّغ نفسه في كلّ جمعة لأمر دينه فيتعاهده ويسأل عن دينه، وفي رواية أخرى لكلّ مسلم.

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول: تذاكر(1) العلم بين عبادي ممّا تحيى عليه القلوب الميتة إذا هم انتهوا فيه إلى أمري».

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : رحم اللّه عبداً أحيا العلم. قال: قلت: وما إحياؤه ؟ قال : أن يذاكر به أهل الدّين وأهل الورع.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا فإنَّ الحديث جلاء للقلوب، إنَّ القلوب لترين (2) كما يرين السيف، جلاؤها (3) الحديث».

9 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيّوب عن عمر بن أبان عن منصور الصيقل قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : تذاكر العلم دراسة والدّراسة صلاة حسنة (4).

١٠ - باب يذل العلم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن حازم، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قرأت في كتاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ):

ص: 90


1- التذاكر: تفاعل بين طرفين، أي أن يذكر كلّ واحد من الطرفين ما يحمله من علم للطرف الآخر.
2- الرّين: الطبع والدنس.
3- الضمير راجع إلى القلوب.
4- هذا تنزيل للدراسة منزلة الصلاة من حيث الثواب والأجر.

إنَّ اللّه لم يأخذ على الجهّال عهداً بطلب العلم، حتّى أخذ على العلماء عهداً ببذل العلم للجهال، لأن العلم كان قبل الجهل (1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، ومحمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في هذه الآية: (ولا تصغر خدَّك للناس (2)) قال : ليكن النّاس عندك في العلم سواء.

٣ - وبهذا الإسناد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: زكاة العلم أن تعلمه عباد اللّه.

٤ - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى بن عُبيد، عن يونس بن عبد الرحمن عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قام عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) خطيباً في بني إسرائيل فقال : يا بني إسرائيل لا تحدّثوا الجُهّال (3) بالحكمة فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.

١١ - باب النهي عن القول بغير علم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبد اللّه ابني محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن مفضّل بن يزيد قال : قال [لي] أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنهاك عن خصلتين فيهما هلاك الرجال أنهاك أن تدين اللّه بالباطل (4)، وتفتي النّاس بما لا تعلم.

2 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن

ص: 91


1- «هذا دليل على سبق أخذ العهد على العالم ببذل العلم على أخذ العهد على الجاهل بطلبه» وقد ذكرت وجوه لكون العلم قبل الجهل منها : «إن اللّه سبحانه كان قبل كلّ شيء والعلم عين ذاته فطبيعة العلم متقدمة على طبيعة الجهل» ومنها : «إن العلم غاية الخلق والغاية متقدمة على ذي الغاية لأنها سبب له» وقد يقال بأن العلم أشرف فتقدمه على الجهل بالشرف والرتبة. فراجع ذلك وغيره في مرآة العقول للمجلسي 133/1 - ١٣٤. والوافي للفيض ٦٧/١.
2- لقمان/ 18.
3- الجهال جمع جاهل والجهل عدم العلم. وقد يراد بهم هنا من لا أهلية لديهم لتقبل الحكمة إما لتكبرهم عليها واغترارهم بأنفسهم أو لقصور إدراكاتهم عن استيعابها أو للتقصير في حفظها ورعايتها فتذهب هدراً. ويقابلهم أهل الحكمة.
4- أي أن تتعبده بغير المحق من الدّين الّذي ارتضاه الخلق وهو الإسلام فتعتقد في مبدئك ومعادك خلاف ما جاء به وتعمل وفق ما سوّلت لك نفسك وصورت لك أوهامك خلاف ما قاله سبحانه.

عبد الرحمن بن الحجّاج قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إيّاك وخصلتين ففيهما هلك من هلك : إيّاك أن تفتي النّاس برأيك أو تدين بما لا تعلم.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من أفتى النّاس بغير علم (1) ولا هدى (2) لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه.

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان الأحمر، عن زياد بن أبي رجاء، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما علمتم فقولوا وما لم تعلموا فقولوا اللّه أعلم إن الرَّجل لينتزع الآية من القرآن (3) يخرُّ (4) فيها (5) أبعد ما بين السماء والأرض.

٥ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد اللّه، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : للعالم إذا سئل عن شيء وهو لا يعلمه أن يقول: اللّه أعلم، وليس لغير العالم أن يقول ذلك (6).

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن حماد بن عيسى، عن حریز بن عبد اللّه عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا سُئل الرَّجل منكم عما لا يعلم فليقل : لا أدري. ولا يقل: اللّه أعلم فيوقع في قلب صاحبه شكا (7). وإذا قال المسؤول لا أدري، فلا يتهمه السائل(8).

7 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن أسباط، عن جعفر بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان(9)، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما حقُّ اللّه

ص: 92


1- المراد بالعلم هنا العلم اللدني الّذي أعطي للمعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ) نبياً كان أو إماماً من اللّه سبحانه.
2- وهو ما يؤخذ عنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويكتسب منهم (عَلَيهِم السَّلَامُ).
3- أي استخراجها منه للاستدلال بها على المقصود الوافي.
4- أي يسقط ويهوي.
5- أي في تفسيرها، وذلك فيما إذا كان جاهلاً بالقرآن ولمعانيه وظواهره وبواطنه وغير ذلك من متعلقاته، ولم يرجع في علمه إلى الراسخين في العلم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وإنما إلى رأيه الممتزج بهواه.
6- وذلك لأن مقتضى صيغة التفضيل أن يكون للمفضّل عليه شركة فيما فيه الفضل وليس للجاهل ذلك وأما العالم فلما كان له نصيب من جنس العلم صح له القول وإن كان حكمه حكم الجاهل فيما سُئل عنه الوافي للفيض 1 / 68.
7- أي الشك في علمه وجهله فيحتمل علمه لأن قول اللّه أعلم من ديدن العالم مع أنّه جاهل بجواب تلك المسئلة.
8- أي بالجهل، لأن قول لا أدري نصف العلم كما هو معروف. أو ثلثه.
9- المراد به أبان بن عثمان أو أبان بن تغلب وكل منهما موثق.

على العباد (1)؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عندما لا يعلمون.

8 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن عبد الرحمن] عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه خص عباده بآيتين من كتابه : أن لا يقولوا حتّى يعلموا أو لا يردُّوا ما لم يعلموا(2) وقال عزّ وجلّ: (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ّ) (3). وقال: (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) (4).

9 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن داود بن فرقد، عمّن حدثه، عن ابن شبرمة(5) قال : ما ذكرت حديثاً سمعته عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلّا كاد أن يتصدع (6) قلبي، قال : حدَّثني أبي عن جدّي عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قال ابن شبرمة : وأقسم باللّه ما كذَّب أبوه على جده ولا جده على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «من عمل بالمقائيس (7) فقد هلك (8) وأهلك (9)، ومن أفتى النّاس بغير علم وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك.

١٢ - باب من عمل بغير علم

١ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان عن طلحة بن زيد قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : العامل على غير بصيرة كالسائر على

ص: 93


1- أي فيما نحن بصدده من أخذ العلم وبذله والعمل به.
2- أي لا ينفوه قبل قيام الحجّة على نفيه لأنه يكون قولاً بغير علم.
3- الأعراف/ ١٦٩.
4- يونس / ٣٩.
5- واسمه عبد اللّه.
6- أي يتشقق.
7- المراد بالمقائيس، القياس عند أبي حنيفة ومن تابعه من فقهاء العامّة وجعلوه دليلا على الحكم الشرعي يعوّلو عليه في عملية الاستنباط وقد عرف القياس عندهم بأنه حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة راجع إرشاد الفحول للشوكاني / 198 وجعلوا له أركاناً أربعة، المقيس عليه وهو الأصل، المقيس وهو الفرع، الحكم، العلة.
8- هو بنفسه لأنه قال على اللّه بغير علم.
9- أي غيره ممّن أفتاه فأضله بغير علم من اللّه.

غير الطريق، لا يزيده سرعة السير إلّا بعداً (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسکان (2)، عن حسين الصيقل قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا يقبل اللّه عملاً إلّا بمعرفة ولا معرفةً إلّا بعمل فمن عرف دلّته المعرفة على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له (3)، ألا إن الإيمان بعضه من بعض

3 _ عنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال (4)، عمّن رواه، عن أبي عبد أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح (5)».

13 - باب استعمال العلم

١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش عن سُليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُحدّث عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال في كلام له : العلماء رجلان : رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج، وعالم تارك لعلمه فهذا هالك، وإنَّ أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه، وإنَّ أشدَّ أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبداً إلى اللّه فاستجاب له وقبل منه فأطاع اللّه فأدخله اللّه الجنّة، وأدخل الدَّاعي النار بتركه علمه واتباعه الهوى وطول الأمل، أما اتباع الهوى فيصدُّ عن الحقّ (6) وطول الأمل ينسي الآخرة (7).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد محمّد، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن

ص: 94


1- أي كما أن الضال عن مقصده لجهله بالطريق المؤدية إليه يزيد بعداً عن ذلك المقصد كلما جد في المسير كذلك العامل في أحكام اللّه بغير علم ولا هدى يبتعد عن حكم اللّه كلما تنكب الطرق المنصوبة من قبله سبحانه لإصابة ذلك الحكم.
2- واسمه عبد اللّه.
3- لأن المعرفة الحقيقية تقتضي العمل والانبعاث ففي حال عدم تحقق ذلك يكشف أنّها معرفة وهمية تخيلية لا قيمة لها.
4- يطلق على عليّ بن الحسن بن عليّ وقد يطلق على أحمد ومحمّد والحسن أبناء الحسن بن فضّال.
5- وهو ممّا يستهجن ويستقبح لدى العقلاء.
6- وهو سبيل اللّه تصديقاً لقوله تعالى : (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) ص / ٢٦.
7- لأنه موجب للانغماس في اللذائذ والشهوات الدنيوية ممّا يستلزم غفلته عن الموت وما يستتبعه من حساب وثواب وعقاب.

جابر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال العلم مقرون إلى العمل، فمن علم عمل، ومن عمل علم والعلم يهتف (1) بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل عنه (2).

٣ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن محمّد القاساني، - عمّن ذكره، عن عبد اللّه بن القاسم الجعفري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ العالم إذا لم بعمل بعلمه زلّت موعظته عن القلوب كما يزلّ المطر عن الصفا (3).

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري (4)، عن عليّ بن هاشم بن البريد، عن أبيه قال: جاء رجل إلى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسأله عن مسائل فأجاب. ثمَّ عاد ليسأل عن مثلها فقال عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : مكتوب في الإنجيل : لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ولما تعملوا بما علمتم، فإنَّ العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلّا كفراً، ولم يزدد من اللّه إلّا بُعْداً.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : بمَ يُعرف الناجي (5)؟ قال : من كان فعله لقوله موافقاً فأثبت (6) له الشهادة (7)، ومن لم يكن فعله لقوله موافقاً فإنما ذلك مُسْتَوْدَع (8).

٦ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، رفعه قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كلام له خطب به على المنبر أيّها النّاس إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلكم تهتدون، إنَّ العالم العامل بغيره (9) كالجاهل الحائر الّذي لا يستفيق عن جهله، بل قد رأيت أنَّ الحجّة عليه اعظم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ (10) من علمه، منها (11)

ص: 95


1- «الهتف الصوت والدعاء وهتافه به استدعاؤه له، وارتحاله عنه نسيانه وانمحاؤه عن:ه الوافي ٥٠/١.
2- «الهتف الصوت والدعاء وهتافه به استدعاؤه له، وارتحاله عنه نسيانه وانمحاؤه عن:ه الوافي ٥٠/١.
3- جمع الصفاة، والصفا أحد مشاعر الحج يقابلها المروَّة، ومعنى الصفا الصخرة الملساء التي لا تنبت، فكما أن الصفا لا تصلح للزرع ولا تثمر الكلا فكذلك موعظة العالم التارك لعلمه لا تؤثر في قلوب سامعيه.
4- واسمه سلیمان بن داود.
5- أي الناجي في الدنيا من سبيل الضلالة وفي الآخرة من العذاب المازندراني 171/2.
6- «إما بصيغة الماضي المجهول أو المعلوم أو المستقبل أو الأمر» الوافي ٥١/١.
7- أي بالنجاة في الدارين.
8- «أي إيمانه غير مثبت في قلبه بل يزول بأدنى شبهة» الوافي ٥١/١.
9- أي بغير علمه.
10- أي المتجرد.
11- أي الحسرة.

على هذا الجاهل المتحيّر (1) في جهله وكلاهما حائر بائر (2)، لا ترتابوا فتشكّوا، ولا تشكوا فتكفروا، ولا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا (3)، ولا تدهنوا في الحقّ فتخسروا، وإن من الحقّ أن تفقهوا، ومن الفقه أن لا تغتروا (4)، وإنَّ أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه، وأغشكم لنفسه أعصاكم لربه، ومن يطع اللّه يأمن ويستبشر، ومن يعص اللّه يخب ويندم.

٧ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عمَّن ذكره عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا سمعتم العلم فاستعملوه، ولتسع قلوبكم، فإنَّ العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله (5) قدر الشيطان عليه، فإذا خاصمكم الشيطان فأقبلوا عليه بما تعرفون، فإن كيد الشيطان كان ضعيفاً، فقلت : وما الّذي نعرفه ؟ قال خاصموه بما ظهر لكم من قدرة اللّه عزّ وجلّ.

14 - باب المستأكل بعلمه والمباهي به

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال : سمعت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «منهومان لا يشبعان (6) طالب دنيا وطالب علم، فمن اقتصر من الدُّنيا على ما أحل اللّه له سلم، ومن تناولها من غير حلّها (7) هلك، إلّا أن يتوب أو يراجع (8)، ومن أخذ العلم من أهله وعمل بعلمه نجا، ومن أراد به الدنيا فهي حظُّه».

2 - الحسين بن محمّد بن عامر، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة (9)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أراد الحديث لمنفعة الدُّنيا

ص: 96


1- المتردد الّذي لا يهتدي إلى مقصوده.
2- أي مالك.
3- أي فتتساهلوا في أمر دينكم فيزين الشيطان لها فعل المعاصي فتغشوها بغش الشيطان الغرور لكم.
4- أي بعلمكم أو عملكم لأن الغرور محبط للعمل ما حق للعلم.
5- أي يعجز عن احتماله واحتمال ما يتبعه من العمل ويتحير فيه المازندراني ١٨٣/٢.
6- المنهوم الشره والمفرط في شهوة الطعام فهو لا يشبع ولا تتملىء عينه منه.
7- أي من غير الوجوه والسبل التي أحل اللّه له أن يتكسب بها.
8- «أي إلى من ظلمه ويرضيه إن وقع الظلم في حق النّاس» المازندراني ١٨٦/٢.
9- واسمه سالم بن مكرم الجمّال.

لم يكن له في الآخرة نصيب ومن أراد به خير الآخرة أعطاه اللّه خير الدنيا والآخرة.

عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني، عن المنقري (1)، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من أراد الحديث لمنفعة الدُّنيا لم يكن له في الآخرة نصيب.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن القاسم عن المنقري، عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا رأيتم العالم محباً لدنياه فاتهموه على دينكم، فإنَّ كلّ محبّ لشيء يحوط (2) ما أحب. وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «أوحى اللّه إلى داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تجعل بيني وبينك عالماً مفتوناً بالدُّنيا فيصدك عن طريق محبتي، فإنَّ أولئك قطاع طريق عبادي المريدين، إنَّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم».

5 - علي (3)، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدُّنيا. قيل يا رسول اللّه : وما دخولهم. في الدُّنيا؟ قال : اتباع السلطان (4) فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم».

٦ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي ابن عبد اللّه عمَّن حدَّثه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من طلب العلم ليباهي (5) به العلماء، أو يماري(6) به السفهاء، أو يصرف به وجوه النّاس إليه (7)، فليتبوء مقعده من النار، إنَّ الرئاسة لا تصلح إلّا لأهلها (8).

١٥ - باب لزوم الحجّة على العالم وتشديد الأمر عليه

1 - عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقريّ، عن

ص: 97


1- واسمه سلیمان بن داود.
2- أي يحفظه ويرعاه.
3- أي ابن إبراهيم.
4- أي الركون إلى الظالمين وإعانتهم في سلطانهم ليدوم فيستمر الظلم لعباد اللّه.
5- أي ليفاخرهم ويستطيل عليهم بعلمه.
6- أي ليجادل به الجهال الّذين لا فهم لديهم ولا معرفة.
7- هذا كناية عن طلب الجاه عندهم والرئاسة عليهم.
8- وهم أهل العلم الرباني والمعرفة الإلهية الحقيقية الّذين يخشون اللّه حق خشيته، ولا يريدون بعلمهم طلباً وبذلاً إلى وجهه، ولا يريدون علوا في الأرض ولا فساداً.

حفص بن غياث، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : يا حفص: يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد.

٢ - وبهذا الإسناد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال عيسى بن مريم على نبيّنا وآله وعليه السلام ويل لعلماء السوء كيف تلظّى (1) عليهم النار؟!.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن ابن أبي عمير عن جميل بن درّاج قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا بلغت النفس ههنا _ وأشار بيده إلى حلقه (2) - لم يكن للعالم توبة، ثمَّ قرأ: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ) (3).

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن، النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي (4)، عن أبي سعيد المكاري (5)، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ) (6). قال : هم(7) قوم وصفوا عدلاً بألسنتهم ثمَّ خالفوه إلى غيره (8).

١٦ - باب النوادر

باب النوادر (9)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، رفعه قال : كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: روّحوا أنفسكم ببديع الحكمة، فإنّها (10) تكلُّ (11) كما تكلُّ الأبدان.

ص: 98


1- أي تضطرم.
2- الرأس والحلق آخر مرحلة تصل إليها الروح عند السوق - أعاننا اللّه عليه - بعد انقطاعها عن باقي الأعضاء.
3- النساء / 17.
4- هو ابن عمران بن عليّ بن أبي شعبة.
5- واسمه هشام بن حيان.
6- الشعراء / ٩٤.
7- تفسير لضمير (هم).
8- أي يقولون حقاً ويعملون باطلاً.
9- أي أخبار متفرقة مناسبة للأبواب السابقة ولا يمكن إدخالها فيها، ولا عَقْدُ باب لها، لأنها لا يجمعها باب ولا يمكن عقد باب لكلّ منها. راجع مرآة العقول للمجلسي ١٥٤/٢.
10- أي الأرواح.
11- أي تتعب وتعيا.

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن نوح بن شعيب النيسابوري، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدّهقان، عن درست بن أبي منصور، عن عروة بن أخي شعيب العقرقوفيّ (1) عن شعيب عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : يا طالب العلم إن العلم ذو فضائل كثيرة فرأسه التواضع وعينه البراءة من الحسد، وأذنه الفهم، ولسانه الصدق، وحفظه الفحص، وقلبه حسن النية، وعقله معرفة الأشياء والأمور، ويده الرّحمة، ورجله زيارة العلماء، وهمته السلامة، وحكمته الورع، ومستقره النجاة، وقائده العافية ومركبه الوفاء، وسلاحه لين الكلمة (2)، وسيفه الرّضا، وقوسه المداراة، وجيشه محاورة العلماء، وماله الأدب، وذخيرته اجتناب الذُّنوب، وزاده المعروف، وماؤه (3) الموادعة، ودليله الهدى ورفيقه محبّة الأخيار.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): نعم وزير الإيمان (4) العلم، ونعم وزير العلم الحلم، ونعم وزير الحلم الرّفق، ونعم وزير الرّفق الصبر.

٤ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن عبد اللّه بن ميمون القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن آبائه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : جاء رجل إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا رسول اللّه ما العلم؟ قال: «الإنصات» (5)، قال : ثمَّ مه ؟ قال : «الاستماع»، قال : ثمَّ مه ؟

ص: 99


1- ورد في كتاب التهذيب للشيخ الطوسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) روايات عن عروة ابن أخت شعيب (لا ابن أخ) وذلك في باب الصيد وباب من الصلاة المرغب فيها في آخر كتاب الصلاة، وفي الكافي في باب الصلاة في طلب الرزق مع التنصيص بعبارة (عن خاله) وهذا ما جعل الأردبيلي (رضیَ اللّهُ عنهُ) في جامع الرواة ج ١ / ٤٠٠ يستظهر أن التعبير ب_ (ابن أخ) اشتباه من الرواة فراجع.
2- «إنما شبه لين الكلمة بالسلاح وهو آلة الحرب مثل الدرع والسنان والسهام ونحوها لأن كلا منهما يدفع عن صاحبه سورة المكاره وشر العدو أما الأوّل فبالرفق والاستمالة وأما الثاني فبالهيبة والاستطالة» المازندراني ج ٢/ ٢٠٨ – 209.
3- في بعض النسخ «ومأواه».
4- «المراد بالإيمان التصديق بإلهيته سبحانه ووحدانيته وصفاته الكمالية وبالرسول وبما جاء به» مرآة العقول للمجلسي ١٥٨/١.
5- السكوت والاستماع للحديث، ونَصَتَ لغة فيه ولكن أنصت أفصح. وهو فعل متعد بالحرف فيقال: أنصت الرَّجل للقارىء وقد يحذف الحرف فينصب المفعول وقد أنشد ابن السكيت على ذلك قول الشاعر: إذا قالت حذام فأن_ص_ت_وه_ا***...................... ویروی: فصدقوها بدل فأنصتوها.

قال: «الحفظ»، قال : ثمَّ مه ؟ قال : «العمل به»، قال: ثمَّ مه (1) يا رسول اللّه؟ قال: «نشره».

٥ - عليّ بن إبراهيم رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم وصفاتهم : صنف يطلبه للجهل والمراء، وصنف يطلبه للإستطالة والختل (2)، وصنف يطلبه للفقه والعقل، فصاحب الجهل والمراء مؤذ ممارٍ متعرّض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم قد تسربل بالخشوع وتخلّى من الورع، فدقّ اللّه من هذا خيشومه (3)، وقطع منه حيزومه (4). وصاحب الاستطالة والخَتَل، ذو خبّ (5) وملّق(6)، يستطيل على مثله من أشباهه، ويتواضع للأغنياء من دونه، فهو لحلوائهم هاضم، ولدينه حاطم(7)، فأعمى اللّه على هذا خبره، وقطع من آثار العلماء أثره، وصاحب الفقه والعقل ذو كآبة وحزن وسهر، قد تحنّك في برنسه (8)، وقام الليل في جندِسه (9)، يعمل ويخشى وجلا داعياً مشفقاً، مقبلاً على شأنه، عارفاً بأهل زمانه مستوحشاً من أوثق إخوانه فشدَّ اللّه من هذا أركانه (10)، وأعطاه يوم القيامة أمانه.

وحدَّثني به محمّد بن محمود أبو عبد اللّه (11) القزويني عن عدَّة من أصحابنا منهم جعفر بن محمّد (12) الصيقل بقزوين عن أحمد بن عيسى العلوي، عن عباد بن صهيب البصريّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 100


1- «مه : أصلها (ما) قُبلت الألف ماءً أو حذفت وزيدت الهاء للسكت» مرآة العقول للمجلسي ١٥٩/١ ومة في الأصل اسم فعل مبني على السكون بمعنى انكفف.
2- الاستطالة من الطول وهو الترفع والختل الخداع والمراوغة.
3- أي أنفه.
4- الحيزوم هنا هو الصدر لأنه موضع الحزام، أو وسطه وما استدار بالظهر والبطن، أو ضلع الفؤاد وما اكتنف الحلقوم من جانب الصدر.
5- أي صاحب خداع وخبث وغش.
6- المَلَق : أن يعطي بلسانه من الودّ ما ليس في قلبه، وهو نوع من النفاق.
7- «الحطم الكسر المؤدي إلى الفساد» مرآة المجلسيّ ١٦١/١. والمعنى أنّه يبيع دينه بدنياهم.
8- تحنّك إما من الحنكة وهي الفطنة والدراية والارتياض. أو من الحنك وهو ما تحت الذقن والبرنس : قلنسوة، طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام أو كلّ ثوب رأسه منه، دراعة كان أو جبة أو مِمْطَراً. كما جاء في القاموس المحيط.
9- الجندس بكسر الحاء: الظلمة جمع حنادس.
10- «أي أعضاؤه وجوارحه أو الأعم منها ومن عقله ودينه وأركان إيمانه» مرآة العقول للمجلسي ١٦٢/١.
11- في بعض النسخ (ابن عبد اللّه).
12- في كثير من النسخ (ابن أحمد).

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن رواة الكتاب (1) كثير، وإن رعاته قليل (2)، وكم من مستنصح للحديث مستغش للكتاب، فالعلماء يحزنهم ترك الرّعاية والجهال يحزنهم حفظ الرواية، فراع يرعى حياته (3)، وراع يرعى هلكته (4)، فعند ذلك اختلف الرّاعيان وتغاير الفريقان.

7 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عمَّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثاً بعثه اللّه يوم القيامة عالماً فقيهاً.

8 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عمَّن ذكره، عن زيد الشحّام عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (5)) قال: قلت ما طعامه؟ قال : علمه الّذي يأخذه، عمن يأخذه (6).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن النعمان، عن عبد اللّه بن مسكان عن داود بن فرقد عن أبي سعيد الزهري عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الوقوف عند الشبهة (7) خيرٌ من الاقتحام في الهلكة (8)، وتركك حديثاً لم تروه خير من رواينك حديثاً لم تحصه (9).

ص: 101


1- إما أن يكون المراد به الجنس فيشمل كلّ كتاب في الحديث والعلوم الدينية والقرآن أو أن المراد به خصوص كتاب اللّه سبحانه. وعليه فيكون المعنى : «إن الحافظين للقرآن بتصحيح ألفاظه وتجويد قراءته وصون حروفه عن اللحن والغلط» كثير مرآة المجلسيّ ١٦٣/١.
2- أي أن المتدبرين لمعانيه المتفهمين لمراميه ومغازيه المعتبرين بما فيه قليل.
3- وهو المتدبر للكتاب المتفهم وهو الصنف القليل.
4- وهو الّذي همه حفظ ألفاظه وضبط حروفه من دون تدبر.
5- عبس / ٢٤.
6- الإنسان ثنائي مركب من أمرين مادي وهو هذا الجسد ومعنوي وهو النفس الناطقة. وكما أن الجسد ليستمر وينمو ويتقوى يحتاج إلى غذاء مادي من سنخه يتحرى الإنسان أن يكون نظيفاً لذيذاً طاهراً طيباً فكذلك لا بد للنفس والروح من غذاء من سنخها وهو العلم فينبغي على الإنسان أن يتحرى نظافته وفائدته وحسن أثره في الدنيا والآخرة، وكلما كان مصدره ربانياً كلما كان موثوق الفائدة والطهارة والمقربية إلى اللّه ورضوانه.
7- الأمور المشتبهة التي لا يعرف وجه الحقّ فيها يقول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحقّ الخطبة ٣٧ من نهج البلاغة يقول ابن أبي الحديد تعليقاً على ذلك : «ولهذا يسمون ما يحتج به أهل الحقّ دليلا ويسمون ما يحتج به أهل الباطل شبهة فراجع» شرح النهج 298/2.
8- أي خير من رمي النفس فجأة وبلا روية في الهلاك.
9- أي لم تعده ولم تحفظه.

١٠ - محمّد (1)، عن أحمد (2)، عن ابن فضّال، عن ابن فضّال، عن ابن بكير (3)، عن حمزة بن الطيار أنّه عرض على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعض خطب أبيه حتّى إذا بلغ موضعاً منها قال له : كُفَّ واسكت. ثمَّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا يسعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلّا الكف عنه والتثبت، والردّ إلى أئمة الهدى حتّى يحملوكم فيه على القصد (4) ويجلوا عنكم فيه العمى، ويعرفوكم فيه الحقّ، قال اللّه تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (5)).

11 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري (6)، عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : وجدت علم النّاس كله في أربع : أولها أن تعرف ربك، والثاني أن تعرف ما صنع بك، والثالث أن تعرف ما أراد منك، والرابع أن تعرف ما يخرجك من دينك.

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما حقُّ اللّه على خلقه؟ فقال : أن يقولوا ما يعلمون، ويكفّوا عما لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدوا إلى اللّه حقه.

13 - محمّد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن سنان، عن محمّد بن مروان العجلي، عن عليّ بن حنظلة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : اعرفوا منازل النّاس على قدر روايتهم (7) عنا.

١٤ _ الحسين بن الحسن، عن محمّد بن زكريا الغلابي عن ابن عائشة البصريّ رفعه أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال في بعض خطبه : أيّها الناس: اعلموا أنّه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه (8)، النّاس أبناء ما يحسنون، وقدر كلّ امرىء ما يحسن، فتكلموا في العلم تبين أقداركم.

ص: 102


1- أي محمّد بن يحيى المتقدم في الرواية السابقة.
2- أي أحمد بن محمّد بن عيسى المتقدم ذكره في الرواية السابقة.
3- واسمه عبد اللّه.
4- أي العدل والاستقامة.
5- النحل/ ٤٣ والأنبياء / ٧.
6- واسمه سليمان بن داود.
7- في بعض النسخ (رواياتهم) بصيغة الجمع.
8- «أزعجه أقلقه وقلعه من مكانه والمعنى: أن العاقل لا يضطرب ولا ينقلع من مكانه بسبب سماع قول الزور والكذب والبهتان فيه لأنه لا يضره بل ينفعه والحكيم لا يرضى بثناء الجاهل ومعايبه عليه لأنه لا ينفعه بل يضره...» مرأة المجلسيّ 171/1.

١٥ _ الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء (1)، عن أبان بن عثمان، عن عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول وعنده رجل من أهل البصرة يقال له : عثمان الأعمى وهو يقول : إنَّ الحسن البصريّ يزعم أنَّ الّذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار، فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فهلك إذن مؤمن آل فرعون (2). ما زال العلم مكتوماً منذُ بعث اللّه نوحاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فليذهب الحسن يميناً وشمالاً، فواللّه ما يوجد العلم إلّا ههنا(3).

17 - باب رواية الكتب والحديث

وفضل الكتابة والتمسك بالكتب

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قول اللّه جل ثناؤه : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ (4))؟ قال : هو الرَّجل يسمع الحديث (5) فيحدث به كما سمعه لا يزيد فيه ولا ينقص منه.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص؟ قال : إن كنت تريد معانيه (6) فلا بأس.

٣ _ وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن ابن سنان (7)، عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّي أسمع الكلام منك فأريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجيىء (8)؟ قال:

ص: 103


1- واسمه الحسن بن عليّ ويحتمل أن يطلق على جعفر بن بشير وزياد بن الحسن وزياد بن الهيثم فراجع جامع الرواة للأردبيلي ٤٥٣/١.
2- «أي إن كان الكتمان مذموماً يكون مؤمن آل فرعون هالكاً حيث قال تعالى فيه : (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ...) غافر / 28». مرآة المجلسيّ 172/1.
3- لعل الأمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يشير ب_ (ها هنا) إلى صدره الشريف. أو إلى أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) الراسخين في العلم.
4- الزمر / ١٨.
5- الظاهر أن المراد بالحديث، الحديث الّذي يسمعه السائل عن المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ) بقرينية الرواية التالية التي يقول فيها محمّد بن مسلم للصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) اسمع الحديث منك وحينئذ لا يجوز التبديل في ألفاظه بشكل يخل بالمعنى المقصود للمعصوم منه. وإن كان أيضاً يحتمل شموله لنقل مطلق كلام الناس.
6- أي تقصد نقله بالمعنى مع الأمانة في نقلك.
7- يحتمل لمعناه أن يكون عبد اللّه ويحتمل أن يكون محمّداً.
8- أي فلا يجيء كما سمعته بل يحصل فيه تبديل.

فتعمد (1) ذلك؟ قلت : لا، فقال : تريد المعاني؟ قلت: نعم، قال : فلا بأس.

٤ - وعنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الحديث أسمعه منك أرويه عن أبيك، أو أسمعه من أبيك أرويه عنك؟ قال : سواء، إلّا أنك ترويه عن أبي أحب إليَّ. وقال (2) أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لجميل : ما سمعت مني فاروه عن أبي.

5 _ وعنه، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يجيئني القوم فيستمعون مني حديثكم فأضجر (3) ولا أقوى، قال : فاقرأ عليهم من أوّله حديثاً ومن وسطه حديثاً ومن آخره حديثاً (4).

٦ _ عنه، بإسناده عن أحمد بن عمر الحلال قال : قلت لأبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الرَّجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول : اروه عنّي، يجوز لي أن أرويه عنه؟ قال: فقال : إذا علمت أن الكتاب له (5) فاروه عنه (6).

7 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه ؛ وعن أحمد بن محمّد بن خالد، عن النوفليّ عن، السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الّذي حدَّثكم (7)، فإن كان حقاً فلكم وإن كان كذباً فعليه.

8 - عليّ بن محمّد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد، عن أبي أيّوب المدني، عن ابن بي عمير، عن حسين الأحمسي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : القلب يتكل على الكتابة.

9 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن

ص: 104


1- من تتعمد أي تقصد التغيير والتبديل.
2- يحتمل أن يكون هذا نص رواية جديدة محدوفة السند ويحتمل أن يكون من كلام أبي بصير.
3- أي فاقلق واتبرم ويضيق خلقي.
4- أي إذا كانت الأحاديث كثيرة في الكتاب الّذي بين يديك فلا بأس أن تقرأ عليهم من كلّ باب حديثاً من أوله الخ أو أن المعنى: «إن الحديث الواحد إذا كان طويلاً فاقرأ عليهم كلاماً مفيداً بالاستقلال من أوله وآخر من وسطه وآخر من آخره» الوافي ٥٤/١.
5- أي من مسموعاته ومروياته.
6- «وفيه دلالة على جواز الرواية بالمناولة التي عدها بعض المحدثين والأصوليين من أصحابنا من طرق تحمّل الحديث وهي أن يعطي الشيخ رجلاً كتابه ويقول له هذا كتابي وسمعت ما فيه» المازندرانی ٢٦٢/٢.
7- أي حدثكم بذلك الحديث.

عاصم بن حميد عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : اكتبوا (1) فإنكم لا تحفظون (2) حتّى تكتبوا.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن عليّ بن فضال عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : احتفظوا بكتبكم فإنّكم سوف تحتاجون إليها.

١١ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن بعض أصحابه، عن أبي سعيد الخيبري، عن المفضّل بن عمر قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): اكتب وبثّ علمك في إخوانك، فإن متَّ فأورث كتبك بنيك، فإنه يأتي على النّاس زمان هَرْج (3) لا يأنسون فيه إلّا بكتبهم.

12 - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن عليّ رفعه قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إيّاكم والكذب المفترع (4)، قيل له : وما الكذب المفترع ؟ قال : أن يحدثك الرَّجل بالحديث فتتركه وترويه عن الّذي حدّثك عنه.

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن جميل بن دراج قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أعربوا حديثنا (5) فإنا قوم فصحاء.

١٤ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز عن هشام بن سالم وحمّاد بن عثمان وغيره قالوا سمعنا أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحديث أمير المؤمنين حديث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وحديث رسول اللّه قول اللّه عزّ وجلّ.

15 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن بن أبي خالد

ص: 105


1- أي أثبتوا الأحاديث أو العلم بشكل عام بالكتابة.
2- أما من الاستظهار أو من الصون والحفظ.
3- الهرج الفتنة والاختلاط والقتل كما في القاموس.
4- المفترع هنا: «من القرع بمعنى العلو فإن فرع كلّ شيء أعلاه، فكأن هذا يريد أن يجعل حديثه مفترعاً أي مرتفعاً فيسنده إلى الأعلى بحذف الواسطة ليوهم علو السند...» الوافي ٥٥/١.
5- الإعراب الإفصاح والإبانة «أي لا تلحنوا في إعراب الكلمات بل أعطوها حقها من الإعراب والنبيّين حين التكلم به... ويحتمل أن يراد إعرابه حين الكتابة بأن يكتب الحروف بحيث لا يشتبه بعضها ببعض...» ن. م.

شَيْنُولة قال : قلت لأبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك إنَّ مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم (1)، ولم تُروَ(2) عنهم فلما ماتوا صارت الكتب إلينا فقال: حدّثوا بها فإنّها حقٌّ.

18 - باب التقليد

١ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عبد اللّه بن يحيى، عن ابن مسكان(3)، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) (4)؟ فقال: أما واللّه ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، ولو دعوهم ما أجابوهم (5)، ولكن أحلوا لهم حراماً، وحرَّموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون.

2 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن إبراهيم بن محمّد الهمداني، عن محمّد بن عبيدة قال : قال لي أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا محمّد أنتم أشدُّ تقليداً أم المرجئة؟ قال : قلت قلّدنا وقلّدوا فقال : لم أسألك عن هذا (6)، فلم فلم يكن عندي جواب أكثر من الجواب الأول. فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ المرجئة نصبت رجلاً لم تُفرض طاعته (7) وقلدوه (8) وأنتم نصبتم رجلاً وفرضتم طاعته ثمَّ لم تقلدوه فهم أشد منكم تقليداً.

3 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي ابن عبد اللّه، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه جلّ وعزَّ : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) فقال : واللّه ما صاموا لهم ولا صلوا لهم ولكن أحلّوا لهم حراماً

ص: 106


1- أي لم ينشروها بين النّاس خوفاً من الظالمين.
2- «من التروية بمعنى الرخصة يقال : روّيته الحديث تروية أي حملته على روايته ورخصت له فيها» المازندراني 273/2.
3- في الغالب هو عبد اللّه. وفي كتب الرجال عمران بن مسكان، وحسين بن مسكان ومحمّد بن مسكان والأخيران مجهولان عند أصحابنا.
4- التوبة / ٣١.
5- لمعرفة المدعوين بأن الداعين لا يستحقون العبادة.
6- لما لم يكن الغرض من سؤال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) الاستفهام بل الإنكار نفى (عَلَيهِ السَّلَامُ) لكون كلام المسؤول جواباً.
7- لا من قبل اللّه ولا من قبل رسول اللّه.
8- أي عملوا بقوله واستنوا بفعله أو التزموا بهما وهذا معنى التقليد.

وحرموا عليهم حلالاً فاتبعوهم.

19 - باب البدع والرأي والمقائيس

1 - الحسين بن محمّد الأشعريّ عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء؛ وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال جميعاً، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : خطب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) النّاس فقال : أيّها النّاس إنّما بَدْءُ وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تُبتدع (1)، يخالف فيها كتاب اللّه، يتولى(2) فيها رجال رجالاً، فلو أنَّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجي (3)، ولو أن الحقّ خلص لم يكن اختلاف ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث (4) فيمزجان فيجيئان معاً، فهنالك استحوذ (5) الشيطان على أوليائه ونجا الّذين سبقت لهم من اللّه الحسنى.

٢ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن محمّد بن جمهور العمي يرفعه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إذا ظهرت البدع في أمتي فَلْيُظهِر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة اللّه.

٣ - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن جمهور رفعه قال من أتى ذا بدعة فعظمه (6) فإنّما يسعى في هدم الإسلام.

٤ - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن جمهور رفعه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «أبى اللّه لصاحب البدعة بالتوبة»، قيل : يا رسول اللّه وكيف ذلك؟ قال: «إنّه قد أشرب قلبه حبّها».

٥ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «إنّ عند كلّ

ص: 107


1- من البدعة غلب استعمالها في كلّ ما يدخل على الدّين بفعل الأهواء زيادة ونقيصة ويقابلها السنّة.
2- یتبع.
3- «ذي حجى : أي ذي عقل والمعنى أن الباطل لو خلص من مزاج الحقّ وتخليطه لم يخف الباطل على ذي عقل» المازندرانی 282/2.
4- الضغث في الأصل قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس واستعمل هنا على نحو الاستعارة.
5- أي استولى.
6- أي عظمه من أجل بدعته من دون مقتضى كتقية أو خوف من بطشه.

بدعة تكون من بعدي يُكادبها الإيمان وليّاً من أهل بيتي موكلاً به، يذب (1) عنه، ينطق بإلهام من اللّه ويعلن الحقّ وينوّره ويرد كيد الكائدين يعبر عن الضعفاء(2) فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على الله».

٦ - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابه ؛ وعليّ بن إبراهيم [عن أبيه] عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب رفعه عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : إنَّ من أبغض الخلق إلى اللّه عزّ وجلّ لرجلين : رجلٌ وَكَلَه اللّه إلى نفسه (3) فهو جائر عن قصد السبيل (4)، مشعوف (5) بكلام بدعة، قد لهج (6) بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن عن هدي من كان قبله (7)، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد موته (8)، حمّال خطايا غيره، رهن بخطيئته.

ورجل قمش(9) جهلا في جهّال النّاس، عان (10) بأغباش الفتنة، قد سمّاه أشباه النّاس (11) عالم ولم يغن (12) فيه يوماً سالماً، بكر (13) فاستكثر، ما قل منه خير ممّا كثر، حتّى

ص: 108


1- أي يدفع عنه شبهات المضللين المبدعين.
2- أي يتكلم بما أوتي من علم وطلاقة لسان وحجج نيابة عمن لم يؤت ذلك وهم الضعفاء.
3- أي وكله إليها بعد أن سولت له إمكان اعتماده عليها دون الرجوع إلى من نصبهم اللّه حججا على خلقه.
4- أي مائل عن طريق العدل والحق إلى طريق الضلالة والباطل.
5- الشعف غلبة الحب إلى درجة الإحراق والإغراق مأخوذ من شعفة القلب وهي معلق نياطه، والشغف شدة الحب أي أن حب كلام البدعة قد تملك فيه حتّى اخترق شغاف قلبه وهو حجابه وقيل سويداؤه.
6- أي أولع وحرص.
7- أي سنة وطريقة أئمة الهدى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومن أخذ من علومم، ممّن سبقه وكان المفروض أن يرجع إليهم ويعتمد عليهم في علمه ورأيه.
8- لأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
9- أي جمع ضلالات وجهالات من أفواه الرجال من هنا وهناك فكان كحاطب ليل.
10- عان من عنى فلان أسيراً أي أقام أسيراً واحتبس وقيل عان من عنّي فلان بحاجة يعنى على أهمته واشتغل بها وإغباش الفتنة (جمع غَبَش) وهو ظلمة الليل أو آخره والمعنى على هذا أنّه أسير ظلمات الفتنة، أو أنّه مهتم مشتغل بها. وقد ورد في بعض النسخ (غان) بالغين من غَنِي الرَّجل بالمكان يَغْنَى غِنى أي أقام فهو غانٍ. والمعنى على هذا أنّه مقيم في ظلمات الفتة والضلالة.
11- جهالهم وأوباشهم.
12- أي لم يقم فيه سالماً من الجهل.
13- «أي خرج في طلب العلم بكرة كناية عن شدة طلبه واهتمامه في كلّ يوم أو في أول العمر...» مرآة المجلسيّ .189/1.

إذا ارتوى من آجن (1) واكتنز من غير طائل (2) جلس بين النّاس قاضياً ضامناً لتخليص ما التبس على غيره، وإن خالف قاضياً سبقه، لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده، كفعله بمن كان قبله، وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيا لها حشواً من رأيه، ثمَّ قطع فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ، لا يحسب العلم في شيء ممّا أنكر، ولا يرى أنَّ وراء ما بلغ فيه مذهباً، إن قاس شيئاً بشيء لم يكذب نظره، وإن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه، لكيلا يقال له : لا يعلم، ثمَّ جسر (3) فقضى، فهو مفتاح عشوات (4)، ركاب شبهات خباط (5) جهالات، لا يعتذر ممّا لا يعلم فيسلم، ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم يذري الروايات ذرو الريح الهشيم (6) تبكي منه المواريث، وتصرخ منه الدماء؛ يُستحَلَّ بقضائه الفرج الحرام، ويحرم بقضائه الفرج الحلال لا مليء بإصدار ما عليه ورد (7)، ولا هو أهل لما منه فرط (8)، من ادّعائه علم الحق.

7 - الحسين بن محمّد ؛ عن معلىّ بن محمّد عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان ابن عثمان عن أبي شيبة الخراسانيّ قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن أصحاب المقائيس طلبوا العلم (9) بالمقائيس، فلم تزدهم المقائيس من الحقّ إلّا بعداً (10)، وإن دين اللّه لا يصاب بالمقائيس.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان رفعه، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالا : كلّ بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حكيم قال : قلت

ص: 109


1- الماء المتغير المنكدر استعمل على سبيل الاستعارة في الآراء الفاسدة.
2- أي ليس فيه غناء ومزية.
3- أي أقدم وتجرأ.
4- «العشوة الأمر المشتبه أي يفتح على النّاس ظلمات الشبهات» مرآة المجلسيّ 1/ 190.
5- الخبط السير على غير انتظام.
6- الهشيم النبت اليابس المتكسر فهو لخفته تطيره الريح بسرعة.
7- «المليء الثقة الغني، والإصدار : الإرجاع. أي ليس له من العلم والثقة قدر ما يمكن أن يصدر عنه انحلال ما ورد عليه من الإشكالات والشبهات» مرآة المجلسيّ 191/1. والوافي ٥٧/١.
8- أي تقدم وسبق.
9- أي بالأحكام الشرعية.
10- لأن العمل بالقياس عمل في أحكام اللّه بالظن الغير المعتبر شرعاً، وصاحب القياس على هذا جاهل بالحكم الشرعي وهو بالتالي بعيد عن الحقّ فعندما يعتقد بخلافه يزداد بعده عنه.

لأبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك، فقهنا في الدّين وأغنانا اللّه بكم عن الناس، حتّى أنَّ الجماعة منا لتكون في المجلس ما يسأل رجل صاحبه تحضره المسألة ويحضره جوابها فيما منَّ اللّه علينا بكم فربما ورد علينا الشيء لم يأتنا فيه عنك ولا عن آبائك شيء. فنظرنا إلى أحسن ما يحضرنا، وأوفق الأشياء لما جاءنا عنكم، فنأخذ به؟ فقال هيهات هيهات، في ذلك واللّه هلك من هلك يا ابن حكيم، قال: ثمَّ قال : لعن اللّه أبا حنيفة كان يقول: قال علي، وقلت.

قال محمّد بن حكيم لهشام بن الحكم واللّه ما أردت إلّا أن يرخص لي في القياس.

1 - محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه عن يونس بن عبد الرحمن، قال: قلت لأبي، الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بما أوحد اللّه ؟ فقال : يا يونس لا تكونن مبتدعاً، من نظر برأيه هلك، ومن ترك أهل بيت نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ضل، ومن ترك كتاب اللّه وقول نبيّه كفر.

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، - الوشّاء، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب اللّه، ولا سنّة فننظر فيها؟ فقال: لا، أما إنّک إن أصبت لم تؤجر (1)، وإن أخطأت كذبت على اللّه عزّ وجلّ.

12 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن أبان الكلبي، عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار

13 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن، عن سماعة بن مهران عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت: أصلحك اللّه (2) إنا نجتمع فنتذاكر ما عندنا، فلا يرد علينا شيء إلّا وعندنا فيه شيء مسطر (3)، وذلك ممّا أنعم اللّه به علينا بكم، ثمَّ يرد علينا الشيء الصغير ليس عندنا فيه شيء، فينظر بعضنا إلى بعض، وعندنا ما يشبهه فنقيس على أحسنه؟ فقال: وما لكم وللقياس؟ إنّما هلك من هلك من قبلكم

ص: 110


1- «أي إن أصبت حكم اللّه في تلك الأشياء بالعمل القياسي لم تؤجر بتلك الإصابة، لأن الأجر إنّما هو لإصابة حكم اللّه بطريق مخصوص قرره للوصول إليه فلو وصل إليه أحد من غير هذا الطريق ليس له استحقاق ذلك الأجره» المازندراني ٣١٤/٢.
2- «هذا دعاء له (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بقاء صلاحه في أمر دينه ودنياه وأمر إمامته وإرشاده للخلق وصح ذلك إذ ليس المقصود منه إزالة فساد حاصل» المازندراني ٢/ ٣١٦.
3- أي مسجل مكتوب فيما بين أيدينا من كتب.

بالقياس، ثمَّ قال : إذا جاءكم ما تعلمون، فقولوا به. وإن جاءكم ما لا تعلمون فها(1) وأهوى بيده إلى فيه (2) -. ثمَّ قال : لعن اللّه أبا حنيفة كان يقول : قال علي وقلت أنا، وقالت الصحابة وقلت ثمَّ قال : أكنت تجلس إليه ؟ فقلت: لا ولكن هذا كلامه ؛ فقلت: أصلحك اللّه، أتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) النّاس بما يكتفون به في عهده ؟ قال : نعم وما يحتاجون إليه إلى يوم القيامة، فقلت: فضاع من ذلك شيء؟ فقال : لا هو عند أهله.

١٤ _ عنه، عن محمّد، عن يونس عن أبان عن أبي شيبة (3) قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ضلّ علم ابن شبرمة عند الجامعة (4) إملاء رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وخطُّ عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بيده. إنَّ الجامعة لم تدع لأحد كلاماً، فيها علم الجلال والحرام. إنَّ أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا من الحقّ إلّا بعداً، إنَّ دين اللّه لا يصاب بالقياس.

15 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ السنة لا تقاس، ألا ترى أنَّ امرأة تقضي صومها ولا تقضي صلاتها يا أبان إنَّ السنة إذا قيست مُحِوّا (5) الدّين.

١٦ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن عثمان بن عيسى قال: سألت أبا الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن القياس فقال : مالكم والقياس إنَّ اللّه لا يُسْأَل كيف أحلَّ وكيف حرم (6).

17 - عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال : حدَّثني جعفر، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنَّ عليّاً صلوات اللّه عليه قال: من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس (7)، ومن دان اللّه بالرأي (8) لم يزل دهره في ارتماس (9). قال : وقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من

ص: 111


1- ها حرف تنبيه.
2- كناية عن السكوت.
3- هو أبو شيبة الخراساني.
4- «أي ضاع وبطل واضمحل علمه في جنب كتاب الجامعة الّذي لم يدع لأحد كلاماً إذ ليس من شيء إلّا وهو مثبت فيه» الوافي للفيض.٥8/1. وابن شبرمة اسمه عبد اللّه كان قاضياً على الكوفة للمنصور وكان يعمل بالقياس.
5- أي أبطل ومُحي.
6- قال تعالى : (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الأنبياء / ٢٣.
7- أي التخبط والتخليط بين الحقّ والباطل.
8- أي بالظنون والأوهام في أحكام اللّه. ودان اللّه تعبده.
9- أي الارتماس والانتكاس في مهاوي الضلالة.

أفتى النّاس برأيه فقد دان اللّه بما لا يعلم، ومن دان اللّه بما لا يعلم فقد ضاد اللّه (1) حيث أحلّ وحرّم فيما لا يعلم.

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن الحسين بن ميّاح، عن أبيه (2)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ إبليس قاس نفسه بآدم فقال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (3)، ولو قاس الجوهر الّذي خلق اللّه منه آدم بالنار، كان ذلك أكثر نوراً وضياء من النار.

19 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن حريز (4) عن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الحلال والحرام فقال : حلال محمّد حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجيىء غيره، وقال: قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما أحدٌ ابتدع بدعة إلّا ترك بها سنة (5).

20 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن عبد اللّه العقيلي، عن عيسى بن عبد اللّه القرشي قال : دخل أبو حنيفة على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له : يا أبا حنيفة ! بلغني أنك تقيس؟ قال : نعم قال : لا تقس فإنَّ أول من قاس إبليس حين قال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)، فقاس ما بين النار والطين ولو قاس نوريّة آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين، وصفاء أحدهما على الآخر.

21 - علي، عن محمّد بن عيسى، عن يونس (6)، عن قتيبة (7) قال : سأل رجل أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن مسألة فأجابه فيها، فقال الرَّجل : أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون (8) القول فيها؟ فقال له : مه ما أجبتك فيه من شيء فهو عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لسنا من: «أرأيت» في شيء (9)

ص: 112


1- لأنه يكون مشرعاً في قبال المشرع الأعظم الّذي هو اللّه سبحانه.
2- هو وأبوه من الضعفاء عند علماء الرجال.
3- الأعراف / 12.
4- هو ابن عبد اللّه السجستاني.
5- لأن كلّ بدعة مخالفة لسنة فمبتدع البدعة تارك للسنة المقابلة لها المازندراني 328/2.
6- هو ابن عبد الرحمن.
7- هو قتيبة بن محمّد الأعشى، كنيته أبو محمّد.
8- أي رأيك، ظناً من السائل أن رأي المعصوم مستند إلى الرأي والظنون والقياس أو الاجتهاد.
9- «مَة : كلمة زجر يعني أكفف، فإن ما أجبتك به من شيء فهو عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لسنا من أرأيت في شيء» الوافي للفيض ٥٩/١.

22 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه مرسلاً قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا تتخذوا من دون اللّه وليجة (1) فلا تكونوا مؤمنين، فإن كلّ سبب ونسب وقرابة ووليجةٍ وبدعة وشبهةٍ منقطع إلّا ما أثبته القرآن.

20 - باب الرد إلى الكتاب والسنة وأنه ليس شيء من الحلال والحرام وجميع ما يحتاج النّاس إليه إلا وقد جاء فيه كتاب أو سنة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن حديد، عن مُرازم(2) عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان (3) كلّ شيء، حتّى واللّه ما ترك اللّه شيئاً يحتاج إليه العباد، حتّى لا يستطيع عبد يقول : لو كان هذا أُنزل في القرآن؟ إلّا وقد أنزله اللّه فيه.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حسين بن المنذر، عن عمر بن قيس، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إِنَّ اللّه تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الأمة إلّا أنزله في كتابه، وبينه لرسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وجعل لكلّ شيء حداً (4)، وجعل عليه دليلاً يدل عليه (5)، وجعل على من تعدّى ذلك الحدّ حدًّا (6).

3 - علي، عن محمّد، عن يونس، عن أبان عن سليمان بن هارون (7) قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما خلق اللّه حلالاً ولا حراماً إلّا وله حد كحد الدار، فما كان من الطريق فهو من الطريق، وما كان من الدار فهو من الدَّار، حتّى أرش (8) الخدش فما سواه، والجلدة ونصف الجلدة.

ص: 113


1- وليجة الرَّجل خاصته ومن يعتمد عليه. «أي لا تتخذوا من دون اللّه معتمداً ومتكلاً تعتمدون وتتكلون عليه في أمر الدنيا والدين وتقرير أحكام الشرع فإن أخذتم ذلك لا تكونوا مؤمنين باللّه واليوم الآخر...» المازندراني ٣٣٢/٢.
2- هو أبو محد مرازم بن حكيم.
3- مصدر بانَ الشيء يبين بياناً اتضح وهو بكسر التاء شذوذاً وبالفتح قياساً على المصادر التي تجيء على وزن تفعال.
4- «أي منتهى معيناً لا يجاوزه ولا يقصر عنه» مرآة المجلسيّ 203/1.
5- وهو المعصوم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نبياً كان أو إماماً.
6- أي عقوبة محددة.
7- المراد به العجلي.
8- أرش مفرد أروش، والمراد به دية الجراحات.

٤ - علي، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حماد (1)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : ما من شيء إلّا وفيه كتاب أو سنّة.

٥ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي الجارود (2) قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا حدثتكم بشيء فاسألوني من كتاب اللّه (3)، ثمَّ قال في بعض حديثه، إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نهى عن القيل والقال(4)، وفساد المال، وكثرة السؤال (5)، فقيل له يا ابن رسول اللّه أين هذا من كتاب اللّه ؟ قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) (6) وقال : (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا (7)) وقال : (لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ (8)).

٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عمّن حدَّثه، عن المعلىّ بن خنيس قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما من أمر يختلف فيه اثنان إلّا وله أصل في كتاب اللّه عزّ وجلّ ولكن لا تبلغه عقول الرجال (9).

7 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيّها النّاس : إِنَّ اللّه تبارك وتعالى أرسل إليكم الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأنزل إليه الكتاب بالحقّ وأنتم أميون (10) عن الكتاب ومن أنزله، وعن الرَّسول ومن أرسله على حين فترة من الرُّسل، وطول هجعة من الأمم، وانبساط من الجهل، واعتراض من الفتنة وانتقاض من المبرم وعمى عن الحقّ واعتساف من الجور (11)،

ص: 114


1- هو حماد بن عيسى الجهني البصريّ.
2- واسمه زياد بن المنذر الهمداني.
3- أي عن سنده من القرآن.
4- كناية عن الكلام الّذي لا طائل من ورائه وهو فضول الكلام
5- أي عن أشياء خارجة عن محل ابتلائهم وليست محل احتياجهم.
6- النساء/ ١١٤.
7- النساء/ ٥.
8- المائدة/ ١٠١.
9- أي عقول أكثرهم القصور فيها لا فيه.
10- بقرينة التعدية بعن أريد باللفظ الغفلة والجهل.
11- «الاعتساف الأخذ على غير الطريق والمراد به ترددهم في طريق الضلالة وسيرهم في سبيل الجهالة...» المازندراني ٣٥٤/٢ – ٣٥٥.

وامتحاق من الدين، وتلظّ [ي] من الحروب (1)، على حين اصفرار من رياض جنّات الدنيا، ويبس من أغصانها وانتشار من ورقها ويأس من ثمرها، واغورار من مائها (2) قد درست أعلام الهدى، فظهرت أعلام الرَّدى، فالدُّنيا متهجّمة (3) في وجوه أهلها مكفهرة (4)، مدبرة غير مقبلة، ثمرتها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها (5) السيف، مزّقتم كلّ ممزق وقد أعمت عيون أهلها وأظلمت عليها أيامها قد قطعوا أرحامهم، وسفكوا دماءهم، ودفنوا، في التراب الموؤدة بينهم (6) من أولادهم، يجتاز دونهم طيب العيش ورفاهية خفوض الدنيا ؛ لا يرجون من اللّه ثواباً، ولا يخافون واللّه منه عقاباً عقاباً؛ حيهم أعمى نجس (7)، وميتهم في النار مبلس (8)، فجاءهم بنسخة ما في الصحف الأولى (9)، وتصديق الّذي بين يديه، وتفصيل الحلال من ريب الحرام.

ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم، أخبركم عنه، إن فيه علم ما مضى، وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتموني عنه لعلمتكم.

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن حماد بن عثمان، عن عبد الأعلىّ بن أعين قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قد ولدني (10) رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأنا أعلم كتاب اللّه وفيه بدء الخلق، وما هو كائن إلى يوم القيامة، وفيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر الجنّة وخبر النار، وخبر ما كان، و [خبر] ما هو كائن، أعلم ذلك كما أنظر إلى كفّي، إنَّ اللّه يقول : (فيه تبيان كلّ شيء) (11)

ص: 115


1- اشتعال أوارها.
2- أي ذهابه في باطن الأرض.
3- التهجم الدخول بغتة. وفي بعض النسخ (متجهمة) أي منقبضة الأسارير ومكفهرة الوجه.
4- «المكفهر من الوجوه القليل اللحم الغليظ الّذي لا يستحي والمتعبس» مرآة المجلسيّ ٢٠٦/١.
5- الشعار ما يلي شعر البدن من الثوب والدثار ما يلي الشعار من الثوب.
6- «المؤودة البنت المدفونة حية وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ببناتهم لخوف الإملاق أو العار.. وقوله : بينهم متعلق بالدفن أو بالواد بتضمين معنى الشيوع» مرآة المجلسيّ ٢٠٧/١.
7- «المراد بالأعمى أعمى القلب فاقد البصيرة عن إدراك الحقّ والنجس من النجاسة [وهي القذارة الحسية والمعنوية] وضبطه بعض الأصحاب بالباء... والخاء... من البخس... بمعنى النقص» المازندراني ٢ / ٣٦٠ - ٣٦١ بتصرّف.
8- أي يائس ومنه إبليس لأنه يائس من رحمة اللّه.
9- هي الكتب الي أنزلها اللّه سبحانه على الأنبياء قبل نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقبل القرآن.
10- أي ولادة جسمية لأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابن بنته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وولادة معنوية لأن علمه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يرجع إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
11- لا توجد هذه الآية في القرآن، ولعله (عَلَيهِ السَّلَامُ) نقل بالمعنى قوله تعالى : ونزلنا عليك الكتاب نبياناً لكلّ شيء) النحل / ٨٩.

9 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كتاب اللّه فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وفصل ما بينكم ونحن نعلمه.

10 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة، عن أبي المغرا (1)، عن سماعة (2)، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : أكلَّ شيء في كتاب اللّه وسنّة نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ أو تقولون فيه (3)؟ قال : بل كلّ شيء في كتاب اللّه وسنّة نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

21 - باب اختلاف الحديث

1 - عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال: قلت لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنِّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) غير ما في أيدي الناس، ثمَّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم. ورأيت في أيدي النّاس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل ؛ أفَتَرى النّاس يكذبون على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال : فأقبل عليَّ فقال : قد سألت فافهم الجواب :

إنَّ في أيدي النّاس حقاً وباطلاً وصدقاً وكذباً وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابها (4)، وحفظاً ووهما (5)، وقد كُذِبَ على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على عهده حتّى قام خطيباً فقال: أيّها النّاس قد كثرت على الكذابة (6)، فمن كذب علي متعمداً فليتبوء مقعده من النار، ثمَّ كُذب عليه من بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رجلٌ منافق

ص: 116


1- واسمه حميد بن المثنّى العجلي.
2- هو سماعة بن مهران الحضرمي، أبو محمّد..
3- أي بآرائكم واجتهاداتكم.
4- المحكم هو الّذي ليس له إلّا وجه واحد يحمل عليه والمتشابه هو ما احتمل وجوهاً متعددة.
5- أي محفوظاً وموهوماً.
6- صيغة مبالغة في الكذاب وهو كثير الكذب والتاء لزيادة المبالغة. وروي (الكذابة) بكسر الكاف وتخفيف الذال، مصدر من كذب يكذب.

يظهر الإيمان، متصنّع بالإسلام (1) لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب (2) على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) متعمداً ؛ فلو علم النّاس أنّه منافق كذاب، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ورآه وسمع منه ؛ وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره (3) اللّه عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عزّ وجلّ : (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) (4). ثمَّ بقوا بعده، فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فولوهم الأعمال، وحملوهم على رقاب الناس(5)، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلّا من عصم اللّه، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول اللّه شيئاً لم يحمله على وجهه ووهم فيه، ولم يتعمد كذباً فهو في يده، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول: أنا سمعته من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلو علم المسلمون أنّه وهم لم يقبلوه، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) شيئاً أمر به ثمَّ نهى عنه وهو لا يعلم عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء ثمَّ أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنّه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه.

وآخر رابع لم يكذب على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، مبغض للكذب خوفاً من اللّه وتعظيماً لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع، لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، فإن أمر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [وخاص وعام] ومحكم ومتشابه، قد كان يكون(6) من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الكلام له وجهان : كلام عام وكلام خاص، مثل القرآن. وقال اللّه عزّ وجلّ في كتابه : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (7) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى اللّه به ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وليس كلّ أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان يسأله عن الشيء فيفهم، وكان

ص: 117


1- أي متظاهر به متكلف به وليس منه.
2- أي لا يعتبر نفسه آثماً ولا يتضايق في أن يكذب.
3- أي الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
4- المنافقون / ٤.
5- أي نصب أئمة الضلال هؤلاء المنافقين ولاة من قبلهم وحكموهم في رقاب الناس.
6- أي يوجد، فكان هنا تامة.
7- الحشر / 7.

منهم من يسأله ولا يستفهمه، حتّى أن كانوا ليحبّون أن يجيىء الأعرابي والطاري (1) فيسأل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى يسمعوا.

وقد كنت أدخل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كلّ يوم دخلةً، وكل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار (2)، وقد علم أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه لم يصنع ذلك بأحد من النّاس غيري، فربما كان في بيني يأتيني رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أكثر ذلك في بيتي وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنّي نساءَه. فلا يبقى عنده غيري. وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحدٌ من بني، وكنت إذا سألته أجابني، وأذا سكت عنه وفنيت مسائلي (3) ابتدأني، فما نزلت على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) آية من القرآن إلّا أقرأنيها، وأملاها علي فكتبتها بخطي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا اللّه أن يعطيني فهمها، وحفظها، فما نسيت آية من كتاب اللّه ولا علماً أملاه علي وكتبته، منذ دعا اللّه لي بما دعا، وما ترك شيئاً علّمه اللّه من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون. ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلّا علّمنيه وحفظته، فلم أنسَ حرفاً واحداً ؛ ثمَّ وضع يده على صدري ودعا اللّه لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً (4) ونوراً، فقلت : يا نبي اللّه بأبي أنت وأمي : منذ دعوت اللّه لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه، أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟ فقال: لا، لست أتخوّف عليك النسيان والجهل.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيّوب الخزاز عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لا يتهمون بالكذب فيجييء منكم خلافه؟ قال : إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن.

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي نجران(5)، عن عاصم بن حميد، عن منصور بن حازم قال : قلت لابي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها

ص: 118


1- أي الغريب من النّاس عن المدينة.
2- أي أتوجه إليه في كلّ ما يقوله ويلفظه ويتحدث به من المعارف الإلهية وأفهمه.
3- أي نضبت وانتهت.
4- بضم الحاء وتسكين الكاف: العلم الكامل. وبكسر الحاء وفتح الكاف جمع الحكمة وهي بمعنى الحكم والأوّل أوفق فراجع المازندراني 393/2.
5- واسمه عبد الرحمن.

بالجواب، ثمَّ يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر؟ فقال : إنّا نجيب النّاس على الزيادة والنقصان(1) ؛ قال : قلت: فأخبرني عن أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صدقوا على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أم كذبوا ؟ قال : بل صدقوا ؛ قال : قلت : فما بالهم اختلفوا؟ فقال: أما تعلم أنَّ الرَّجل كان يأتي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب، ثمَّ يجيبه بعد ذلك ما ينسخ ذلك الجواب، فنسخت الأحاديث بعضها بعضاً.

٤ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عُبيدة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : يا زياد ما تقول لو أفتينا رجلاً ممّن يتولانا بشيء من التقيّة؟ قال: قلت له : أنت أعلم جعلت فداك ؛ قال : إن أخذ به فهو خير له وأعظم أجراً (2). وفي رواية أخرى إن أخذ به اوجر، وإن تركه واللّه أيم.

٥ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار عن الحسن بن عليّ، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عن مسألة فأجابني، ثمَّ جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني ثمَّ جاء رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي، فلما خرج الرَّجلان قلت : يا ابن رسول اللّه : رجلان من أهل العراق من شيعتكم قَدِما يسألان فاجبت كلّ واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه ؟ فقال يا زرارة! إن هذا خير لنا، وأبقى لنا ولكم، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم النّاس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم.

قال : ثمَّ قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : شيعتكم لو حملتموهم على الأسنّة أو على النار لمضوا، وهم يخرجون من عندكم مختلفين ؛ قال : فأجابني بمثل جواب أبيه

٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان عن نصر الخثعمي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من عرف أنا لا نقول إلّا حقاً فليكتف بما يعلم منا، فإن سمع منا خلاف ما يعلم، فليعلم أنَّ ذلك دفاع منّا عنه (3).

7 _ عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، والحسن بن محبوب جميعاً عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر

ص: 119


1- «أي على حسب تفاوت المراتب في الإفهام أو زيادة حكم عند التقية ونقصانه عند عدمها» المازندراني ٣٩٦/٢.
2- «أي من العمل بالحكم الواقعي في غير حال النقية على ما هو المشهور من بطلان العمل بالحكم الواقعي في حال التقية إن قلنا بصحته وعلى هذا يكون الإثم الوارد في هذا الخبر المرسل لترك التقية لا لعدم الإتيان بما أمر به في أصل الحكم وهو بعيد» مرآة المجلسيّ 217/1.
3- «أي قولنا بخلاف ما يعلمه منا دفع للضرر والفتنة منا عنه فليرض بذلك ويعمل به» مرآة المجلسيّ 218/1.

كلاهما يرويه : أحدهما يأمر بأخذه والآخر ينهاه عنه، كيف يصنع؟ فقال: يرجئه (1) حتّى يلقى من يخبره، فهو في سعة حتّى يلقاه.

وفي رواية أخرى بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك (2).

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أرأيتك لو حدثتك بحديث العام (3)، ثمَّ جئتني من قابل (4) فحدَّثتك بخلافه، بأيهما كنت تأخذ؟ قال :قلت كنت آخذ بالأخير (5) ؛ فقال لي : رحمك اللّه.

ص: 120


1- أي : يؤخر العمل والأخذ بأحدهما ن. م.
2- قال العلّامة المجلسيّ (رَحمهُ اللّه) ن. م ص 218 - 220 : «ثمّ ثمَّ اعلم أنّه يمكن دفع الاختلاف الّذي يتراثى بين الخبرين بوجوه قد أومأنا إلى بعضها الأوّل : أن يكون الإرجاء في الحكم والفتوى والتخيير في العمل كما يومى إليه الخبر الأوّل الثاني : أن يكون الإرجاء فيما إذا أمكن الوصول إلى الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) والتخيير فيما إذا لم يمكن كهذا الزمان الثالث أن يكون الإرجاء في المعاملات والتخير في العبادات إذ بعض أخبار التخيير ورد في المعاملات. الرابع : أن يخص الإرجاء فيه بأن لا يكون مضطراً إلى العمل بأحدهما والتخيير بما إذا لم يكن له بد من العمل بأحدهما ويؤيده ما رواه الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قلت : يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا عنه ؟ قال : لا تعمل بواحد منهما حتّى تلقى صاحبك فتسأله قال : قلت: لا بد من أن يعمل بأحدهما؟ قال: خذ بما فيه خلاف العامّة. الخامس يحمل الإرجاء على الاستحباب والتخيير على الجواز وروى الصدوق (رضیَ اللّهُ عنهُ) في كتاب عيون أخبار الرضا عن أبيه ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن سعد بن عبد اللّه عن محمّد بن عبد اللّه المسمعي عن أحمد بن الحسن الميثمي عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حديث طويل ذكر في آخره: وأن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نهى عن أشياء ليس نهى حرام بل إعافة وكراهة، وأمر بأشياء ليس أمر فرض ولا واجب بل أمر فضل ورجحان في الدّين ثمَّ رخص فيه في ذلك للمعلول وغير المعلول فما كان عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نهى إعاقة أو أمر فضل فذلك الّذي يسع استعمال الرخص إذا ورد عليكم عنا فيه الخبر باتفاق يرويه في النهي ولا ينكره وكان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الأخذ بأحدهما أو بهما جميعاً أو بأيهما شيئت وأحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول اللّه والرد إليه وإلينا وكان تارك ذلك من باب العناد والإنكار وترك التسليم لرسول اللّه مشركا باللّه العظيم فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب اللّه فما كان في كتاب اللّه موجوداً حلالاً أو حراماً فاتبعوا ما وافق الكتاب وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول اللّه فما كان في السنة موجوداً منهياً عنه نهى حرام أو مأموراً به عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمر إلزام فاتبعوا ما وافق نهى رسول اللّه وأمره وما كان في السنة نهى إعافة أو كراهة ثمَّ كان الخبر الآخر خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكرهه ولم يحرمه فذلك الّذي يسع الأخذ بهما جميعاً أو بأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتباع والرد إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك ولا تقولوا فيه بآرائكم وعليكم بالكيف والتثبت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتّى يأتيكم البيان من عندنا ومن هذا الخبر يظهر وجه جمع آخر».
3- أي هذه السنة.
4- أي العام المقبل.
5- هذا يدل على أنّه عند التعارض بين الروايتين وعلم تاريخ المتأخر منهما يجب العمل به.

٩ - وعنه عن أبيه عن إسماعيل بن مرّار عن يونس عن داود بن فرقد، عن المعلىّ بن خنيس قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا جاء حديث عن أولكم، وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ؟ فقال: خذوا به حتّى يبلغكم عن الحي (1)، فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله، قال : ثمَّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنا واللّه لا ندخلكم إلّا فيما يسعكم؛ وفي حديث آخر : خذوا بالأحدث (2).

١٠ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن الحصين عن عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحلّ ذلك؟ قال : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت (3)، وما يحكم له فإنّما يأخذ سحتا(4)، وإن كان حقاً ثابتاً له؛ لأنّه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر اللّه أن يكفر به قال اللّه تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) (5).

قلت : فكيف يصنعان ؟ قال : ينظران [إلى] من كان منكم ممّن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنّما استخفّ بحكم اللّه، وعلينا ردَّ، والرَّاد علينا الراد على اللّه وهو على حد الشرك باللّه ؛

قلت : فإن كان كلّ رجل اختار رجلاً من أصحابنا، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما، واختلفا فيما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثكم(6)؟ قال : الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما (7) ولا

ص: 121


1- أي الإمام الحي، لأن حديثه متأخر عن حديث الفائت من الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ولأنه إنّما يحكم بما تقتضيه في زمانه وهي مختلفة عما كانت تقتضيه في زمان المعصوم الّذي سبقه.
2- الأمر بالأخذ بالأح_دث أي المتأخر صدوراً إنّما هو على نحو اللزوم لا الندب ولا الإباحة كما صرح به المازندراني (رضیَ اللّهُ عنهُ) ج ٤٠٦/١. متخذاً من قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الحديث رقم (7) «بأيهما أخذت من باب التسليم...» الخ. وذلك لا مكان حمل هذا القول على صورة الجهل بالمتقدم والمتأخر من القولين المتعارضين مع عدم إمكان الجمع بينهما فيصار إلى التخيير.
3- الطاغوت من الطغيان ويطلق على الشيطان.
4- السحت الحرام.
5- النساء/ ٦٠.
6- أي استند فيما حكم به إلى حديث مخالف للحديث الّذي استند إليه الآخر في حكمه.
7- في الجواب إشعار بأنه لا بد من كونهما عادلين فقيهين صادقين ورعين... وهل يعتبر كونه أفقه في خصوص تلك الواقعة أو في مسائل المرافعة والحكم أو في مطلق المسائل؟ الأوسط أظهر معنى، وإن كان الأخير أظهر لفظاً... الخ»، مرآة المجلسيّ ٢٢٤/١.

يلتفت إلى ما يحكم به الآخر ؛ قال :

قلت: فإنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا لا يُفضّل واحد منهما على الآخر؟ قال: فقال : ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الّذي حكما به المجمع عليه(1) من أصحابك فيؤخذ به من حكمنا، ويترك الشَّاذُ الّذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ؛ وإنما الأمور ثلاثة : أمر بين رُشده فيتّبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يردُّ علمه إلى اللّه وإلى رسوله، قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم.

قلت: فإن كان الخبران عنكما (2) مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟

قال : ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة (3) فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامّة؛

قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامة والآخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ؟

قال : ما خالف العامّة ففيه الرشاد.

فقلت: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعاً.

قال : ينظر إلى ما هم إليه أميل؛ حكّامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر

قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعاً؟

قال : إذا كان ذلك فأرجه (4) حتّى تلقى إمامك، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات.

ص: 122


1- يدل على حجية المشهور بين الأصحاب من الرواية فالمقصود بالجمع عليه الشهرة في الرواية، لا الإجماع المصطلح.
2- أي الصادقين (عَلَيهِ السَّلَامُ). «وإنما خصهما [السائل] لظهور أكثر الأحكام الشرعية منهما وكثرة الروايات عنهما» المازندراني /٤١٥/٢.
3- أي غير الإماميّة الاثني عشرية، وهذا دليل على أن مخالفة العامّة من المرجحات عند تعارض الخبرين.
4- أي أخر العمل بمضمون كلّ من الخبرين على نحو الوجوب حتّى تقوم عندك الحجّة على رجحان أحدهما وهو قول المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ).

22 - باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنَّ على كلّ حق حقيقة (1)، وعلى كلّ صواب نوراً (2)، فما وافق كتاب اللّه فخذوه وما خالف كتاب اللّه فدعوه.

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان عن عبد اللّه بن أبي يعفور، قال : وحدَّثني حسين بن أبي العلاء أنّه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به، ومنهم من لا نثق به؟ قال : إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب اللّه أو من قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )(3) وإلا فالّذي جاءكم به أولى به.

٣ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيّوب بن الحرّ قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب اللّه فهو زخرف (4).

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أيّوب بن راشد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف.

٥ - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم وغيره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : خطب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بمنى فقال: «أيها النّاس ما جاءكم عنّي يوافق كتاب اللّه فأنا قلته وما جاءكم يخالف كتاب اللّه فلم أقله».

٦ - وبهذا الإسناد، عن ابن أبي عمير (5)، عن بعض أصحابه قال : سمعت أبا عبد

ص: 123


1- «أي أصلاً ثابتاً ومستنداً متيناً يمكن أن يفهم منه حقيته» الوافي ٦٧/١.
2- «أي برهاناً واضحاً يتبين به ويظهر منه أنّه صواب» ن. م.
3- «جزاء الشرط محذوف أي فاقبلوه وقوله : فالّذي جاءكم به أولى.به :أي ردوه عليه ولا تقبلوا منه فإنه أولى بروايته وأن يكون عنده لا يتجاوزه» مرآة المجلسيّ 228/1 - 229.
4- «أي قول فيه تمويه وتدليس وكذب فيه تزوير وتزيين ليزعم النّاس أنّه من أحاديث النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأهل بيته (عَلَيهِم السَّلَامُ)»المازندراني ٤٢١/٢.
5- واسمه محمّد.

اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من خالف كتاب اللّه وسنّة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقد كفر (1).

7 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس رفعه قال : قال عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنَّ أفضل الأعمال عند اللّه ما عمل بالسنّة وإن قل.

8 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران، عن أبي سعيد القماط وصالح بن سعيد عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه سئل عن مسألة فأجاب فيها، قال: فقال الرَّجل (2) : إنَّ الفقهاء (3) لا يقولون هذا، فقال : يا ويحك (4) وهل رأيت فقيه (5) قطُّ ؟! إنّ الفقيه حقَّ الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، المتمسك بسنة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالدعن أبيه، عن أبي إسماعيل إبراهيم بن إسحاق الأزديّ، عن أبي عثمان العبديّ، عن جعفر (6)، عن آبائه عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لا قول إلّا بعمل، ولا قول ولا عمل إلّا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نيَّة إلّا بإصابة السنّة .

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : ما من أحد إلّا وله شِرَّة وفترة (7)، فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى بدعة فقد غوى.

11 - عليّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد البرقي. عن عليّ بن حسان ومحمّد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب، عن عليّ بن حسّان (8)، عن موسى بن بكر، عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كلّ من تعدّى (9) السنّة ردّ إلى السنّة (10).

ص: 124


1- يحمل على ما لو كانت المخالفة عملية واعتقادية مع العلم والعمد.
2- أي السائل.
3- أي فقهاء أهل العامّة من المخالفين لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
4- «كلمة ترحم، ونصبه بتقدير: الزمك ويحاً وقد يطلق ويح مكان ويل في العذاب» مرآة المجلسيّ 230/1.
5- «أي من العامّة أو مطلقاً لندور الفقيه الكامل. وحقَّ الفقيه منصوب على أنّه بدل الكل من الفقيه» ن. م.
6- أي الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- الشَّرَّة : النشاط والرغبة. والفترة : السكون والهدوء.
8- تكراره باعتبار أنّه ورد في سند آخر غير الأول.
9- أي بتركها أو التحريف فيها زيادة أو نقيصة.
10- من باب وجوب النهي عن المنكر.

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه عن آبائه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : السنّة سنتان : سنة في فريضة (1) الأخذ بها هدى، وتركها ضلالة، وسنّة في غير فريضة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة.

ص: 125


1- السنة هي طريقة المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ) وديدنه. ويقابلها البدعة وهي في الأصل إما واجب وندب، أو فرض ونفل، أو فريضة وفضيلة كما ورد في الحديث «والفريضة ما يثاب بها فاعلها ويعاقب على تركها، والفضيلة ما يثاب بإتيانها ولا يعاقب على تركها» الوافي ٦٨/١. وقوله : (في فريضة). و (في غير فريضة) من قبيل «كون العام في خاص من خواصها أي سنة تكون فريضة [وسنة تكون فضيلة]» راجع مرآة المجلسيّ أيضاً ٢٣٢/١.

ص: 126

كتاب التوحيد

إشارة:

كتاب التوحيد (1)

ص: 127


1- «إعلم أن التوحيد على معان: أحدها: نفي الشريك في الإلهية، أي استحقاق العبادة وهي أقصى غاية التذلل والخضوع، ولذلك لا يستعمل إلّا في التذلل اللّه تعالى، لأنه المولى لأعظم النعم بل جميعها ولو بواسطة ووسائط، فهو المستحق لأقصى الخضوع وغايته ؛ والمخالف في ذلك مشركو العرب وأضرابهم، فإنهم بعد علمهم بأن صانع العالم واحد كانوا يشركون الأصنام في عبادته كما قال تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) لقمان ٢٥. ثانيها نفي الشريك في صانعية العالم كما قال تعالى : (رَبِّ الْعَالَمِينَ) الحمد /٢ وقال تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) الإسراء / 111 وأمثالها. وخالف في ذلك الثنوية وإضرابهم ثالثها : ما يشمل المعنيين المتقدمين وتنزيهه عما لا يليق بذاته وصفاته تعالى من النقص والعجز والجهل والتركب والاحتياج والمكان وغير ذلك من الصفات السلبية وتوصيفه بالصفات الثبوتية الكمالية. رابعها ما يشمل تلك المعاني وتنزيهه سبحانه عما يوجب النقص في أفعاله أيضاً من الظلم وترك اللطف وغيرهما، وبالجملة، كلّ يتعلق به سبحانه ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً إثباتاً ونفياً. والظاهر أن المراد هنا هذا المعنى» مرأة المجلسيّ ٢٣٤/١.

ص: 128

٢٣ - باب حدوث العالم وإثبات المحدث

٢٣ - باب حدوث العالم (1) وإثبات المحدث

1 - أخبرنا أبو جعفر محمّد بن يعقوب قال : حدَّثني عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم عن يونس بن عبد الرحمن، عن عليّ بن منصور قال: قال لي هشام بن الحكم : كان بمصر زنديق (2) تبلغه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أشياء، فخرج إلى المدينة ليناظره فلم يصادفه بها، وقيل له إنّه خارج بمكّة، فخرج إلى مكّة ونحن مع أبي عبد اللّه فصادفنا ونحن مع أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الطواف، وكان اسمه عبد الملك وكنيته أبو عبد اللّه فضرب كتفه كتف أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما اسمك؟ فقال: اسمي عبد الملك، قال : فما كنيتك؟ قال: كنيتي أبو عبد اللّه ؛ فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فمن هذا الملك الّذي أنت عبده؟ أمن ملوك الأرض أم من ملوك السماء ؟ وأخبرني عن ابنك عبد إله السماء أم عبد إله الأرض؟ قل ما شئت تُخصم (3) قال هشام بن الحكم : فقلت للزنديق أما تردُّ عليه، :قال فقبح قولي (4) فقال أبو عبد اللّه : إذا فرغت من الطواف فأتنا. فلما فرغ أبو عبد اللّه أتاه : الزنديق فقعد بين يدي أبي عبد اللّه ونحن مجتمعون عنده، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) للزنديق : أتعلم أنَّ للأرض تحتاً وفوقاً ؟ قال : نعم ؛ قال فدخلت تحتها؟ قال : لا، قال: فما يدريك ما تحتها؟ قال : لا أدري إلّا أنّي أظن أن ليس تحتها شيء ؛ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فالظن عجز،

ص: 129


1- «أراد بالعالم ما سوى اللّه تعالى، والمراد بحدوثه كونه مسبوقاً بالعدم، وكون زمان وجوده متناهياً في جانب الأوّل» ن. م ص / ٢٣٥.
2- هو الّذي ينفي وجود صانع لهذا الكون ولا يصدق بوجود اللّه سبحانه.
3- أي مهما قلت فأنت محجوج.
4- إما أن الضمير في قبح مشدّدة (الباء) يرجع إلى الزنديق وذلك لعلمه بأنه محجوج لورد. أو أن (قبح) مخففة فيكون من كلام هشام معترفا بأن قوله للزنديق بحضور الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومن دون استئذانه فيه قبيح.

لما لا تستيقن ؟ ثمَّ قال أبو عبد اللّه : أفصعدت السماء؟ قال : لا، قال : أفتدري ما فيها؟ قال : لا ؛ قال : عجباً لك، لم تبلغ المشرق ولم تبلغ المغرب، ولم تنزل الأرض ولم تصعد السماء، ولم تجز هناك فتعرف ما خلفهنَّ، وأنت جاحد بما فيهنَّ وهل يجحد العاقل ما لا يعرف؟! قال الزنديق ما كلّمني بهذا أحد غيرك، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فأنت من ذلك في شكّ فلعله هو ولعلّه ليس هو ؟ فقال الزنديق : ولعلَّ ذلك ؛ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيّها الرَّجل! ليس لمن لا يعلم حجّة على من يعلم، ولا حجّة للجاهل يا أخا أهل مصر ! تفهم عنّي فإنا لا نشك في اللّه أبداً، أما ترى الشمس والقمر والليل والنهار يلجان فلا يشتبهان ويرجعان، وقد اضطرا ليس لهما مكان إلّا مكانهما، فإن كانا يقدران على أن يذهبا فلم يرجعان؟ وإن كانا غير مضطرين فلم لا يصير اللّيل نهاراً والنهار ليلا؟ اضطرًا واللّه يا أخا أهل مصر إلى دوامهما والّذي اضطرهما أحكم منهما وأكبر (1). فقال الزنديث : صدقت ؛ ثمَّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أخا أهل مصر: إن الّذي تذهبون إليه وتظنون أنّه الدهر إن كان الدهر يذهب بهم لم لا يردُّهم، وإن كان يردّهم لِمَ لا يذهب بهم؟ القوم مضطرون يا أخا أهل مصر (2) ليم السماء مرفوعة، والأرض موضوعة ؟ لم لا تسقط السماء على الأرض، لم لا تنحدر (3) فوق طباقها ولا يتماسكان (4) ولا يتماسك من عليها ؟ قال الزنديق : أمسكهما اللّه ربهما وسيّدهما، قال فآمن الزنديق على يدي أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال له حمران : جعلت فداك إن آمنت الزنادقة على يدك فقد آمن الكفّار على يدي أبيك، فقال المؤمن الّذي آمن على يدي أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اجعلني من تلامذتك؛ فقال أبو عبد اللّه : يا هشام بن الحكم خذه إليك وعلمه، فعلمه هشام، فكان معلّم أهل الشام وأهل مصر الإيمان، الإيمان، وحسنت طهارته (5) حتّى رضي بها أبو عبد اللّه.

٢ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ بن عليّ عن عبد الرحمن بن محمّد بن أبي هاشم عن أحمد بن محسن الميثمي قال : كنت عند أبي منصور

ص: 130


1- أراد الإمام بدليل الان أن يقنع الزنديق بوجود الصانع الحكيم الّذي ينكره وبظاهرتين كونيتين لا يمكن له جحدهما أو الجدال فيهما.
2- إن العقلاء، أو كلّ الممكنات، مضطرون «في الذهاب والخروج من الوجود والرجوع والدخول فيه فيجب أن يكون مستنداً إلى الفاعل القاهر للذاهبين والراجعين على الذهاب والرجوع والدهر لا شعور له فضلاً عن الاختيارة» مرأة المجلسيّ 2٤٣/١ وفي كلام الإمام دحض لعقيدة القائلين نموت ونحيا وما يهلكنا إلّا الدهر، وهم الدهريون.
3- المراد «بالانحدار الحركة المستديرة أي لم لا تتحرك الأرض كالسماء فيغرقنا بالماء» مرآة المجلسيّ ٢٤٣/١.
4- «أي في صورتي السقوط والانحدار. والمراد أنّه ظهر أنّه لا يمكنهما التماسك، بل لا بد من ماسك يمسكهما»ن. م.
5- أي إسلامه المطهر لروح الإنسان ولجسده أيضاً.

المتطبّب (1) فقال : أخبرني رجل من أصحابي قال: كنت أنا وابن أبي العوجاء (2) وعبد اللّه بن المقفّع في المسجد الحرام، فقال ابن المقفع، ترون هذا الخلق _ وأوما بيده إلى موضع الطواف - ما منهم أحدٌ أُوجِبَ (3) له اسم الإنسانية إلّا ذلك الشيخ الجالس _ يعني أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) - فأما الباقون فرعاع (4) وبهائم فقال له ابن أبي العوجاء : وكيف أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء؟ قال : لأني رأيت عنده ما لم أره عندهم. فقال له ابن أبي العوجاء : لا بدَّ من اختبار ما قلت فيه منه، قال : فقال له ابن المقفع : لا تفعل فإنّي أخاف أن يُفسد عليك ما في يدك (5)، فقال : ليس ذا رأيك، ولكن تخاف أن يضعف رأيك عندي في إحلالك إياه المحل الّذي وصفت ؛ فقال ابن المقفع : أما إذا توهمت عليَّ هذا فقم إليه وتحفّظ ما استطعت من الزلل، ولا تثني عنانك إلى استرسال (6) فيسلّمك إلى عقال (7) وسمه (8) مالك أو عليك؟ قال: فقام ابن أبي العوجاء وبقيت أنا وابن المقفع جالسين. فلمّا رجع إلينا ابن أبي العوجاء قال : ويلك يا ابن المقفع، ما هذا ببشر وإن كان في الدُّنيا روحاني يتجسّد إذا شاء ظاهراً أو يتروّح إذا شاء (9) باطناً فهو هذا؛ فقال له : وكيف ذلك؟ قال : جلست إليه فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال : إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء - وهو على ما يقولون _ يعني أهل الطواف - فقد سلموا وعطبتم (10)، وإن يكن الأمر على ما تقولون - وليس كما تقولون _ فقد استويتم (11) وهم ؛ فقلت له : يرحمك اللّه وأي شيء نقول وأي شيء يقولون؟ ما قولي وقولهم إلّا واحداً؛ فقال : وكيف يكون قولك وقولهم واحداً؟ وهم يقولون : إنَّ لهم معاداً وثواباً وعقاباً، ويدينون بأنَّ في السماء إلهاً وأنّها عمران، وأنتم تزعمون أنَّ السّماء خراب ليس فيها أحد ؛ قال : فاغتنمتها منه فقلت له : ما منعه إن كان الأمر كما يقولون أن يظهر لخلقه ويدعوهم إلى عبادته،

ص: 131


1- أي الطبيب العالم بالطب.
2- واسمه عبد الكريم، وكان زنديقاً، تتلمذ على يد الحسن البصريّ.
3- أي حُقٌّ له وثبت.
4- أي غوغاء النّاس وإجلافهم وساخطوهم.
5- أي عقيدتك، وكان عقيدته إنكار الصانع
6- أي ولا تصرف زمام نفسك في مناظرتك ومجادلتك له عن التحفظ إلى الانسياق وراء لسانك من دون تدبر وتأمل.
7- أي فيوثقك بالحجّة كما يوثق البعير بالحبل.
8- من السوم والمساومة في البيع والشراء وما يجري بين المتبايعين من أخذ ورد حول ثمن السلعة «والمقصود [هنا] اعرض عليه مالك عليه وماله عليك في [المناظرة] التي تقع بينكما...» المازندراني ٢٦/٣.
9- «أي يصير ذا جسد وبدن يبصر به ويرى إذا شاء. ويتروح: أي يصير روحاً صرفاً ويبطن ويخفى عن الأبصاره» مرآة المجلسيّ ٢٤٧/١.
10- أي هلكتم.
11- أي أصبحتما متساويين.

حتّى لا يختلف منهم اثنان، ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرّسل ؟ ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به ؟ فقال لي : ويلك وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك : نشوءك ولم تكن وكبرك بعد صغرك، وقوّتك بعد ضعفك وضعفك بعد قوّتك، وسقمك بعد صحتك وصحتك بعد سقمك، ورضاك بعد غضبك وغضبك بعد رضاك، وحزنك بعد فرحك وفرحك بعد حزنك وحبك بعد بغضك وبغضك بعد حبّك، وعزمك بعد أناتك (1) وأناتك بعد عزمك، وشهوتك بعد كراهتك وكراهتك بعد شهوتك ورغبتك بعد رهبتك ورهبتك بعد رغبتك، ورجاءك بعد يأسك ويأسك بعد رجائك، وخاطرك (2) بما لم يكن في وهمك، وعزوب (3) ما أنت معتقده عن ذهنك وما زال يعدّد عليَّ قدرته (4) التي هي في نفسي التي لا أدفعها، حتّى ظننت أنّه (5) سيظهر فيما بيني وبينه.

عنه عن بعض أصحابنا رفعه وزاد في حديث ابن أبي العوجاء حين سأله أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: عاد ابن أبي العوجاء في اليوم الثاني إلى مجلس أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فجلس وهو ساکت لا ينطق، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كأنك جئت تعيد بعض ما كنا فيه ؟ فقال : أردت ذلك يا ابن رسول اللّه. فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما أعجب هذا تنكر اللّه وتشهد أني ابن رسول اللّه ! فقال : العادة تحملني على ذلك ؛ فقال له العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فما يمنعك من الكلام؟ قال: إجلالاً لك ومهابة ما ينطلق لساني بين يديك، فإنّي شاهدت العلماء وناظرت المتكلمين فما تداخلني هيبة قط مثل ما تداخلني من هيبتك، قال : يكون ذلك، ولكن أفتح عليك بسؤال. وأقبل عليه فقال له : أمصنوع أنت أو غير مصنوع؟ فقال عبد الكريم بن أبي العوجاء : بل أنا غير مصنوع. فقال له العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فصف لي لو كنت مصنوعاً كيف كنت تكون ؟ فبقي عبد الكريم ملياً لا يحير جواباً (6) وولع (7) بخشبة كانت بين يديه وهو يقول : طويل عريض عميق قصير متحرك ساكن كلّ ذلك صفة خلقه، فقال له العالم (8) : فإن كنت لم تعلم صفة الصنعة غيرها فاجعل نفسك مصنوعاً لما تجد في نفسك ممّا يحدث من هذه الأمور، فقال له عبد الكريم : سألتني عن مسألة لم يسألني

ص: 132


1- أي بعد فتورك وضعفك.
2- من الخطور، وهو حصول أمر ما في الذهن.
3- أي ذهاب وإيحاء.
4- أي آثار قدرته سبحانه.
5- أي الخالق سبحانه.
6- أي لا ينطق به ولا يقدر عليه مرآة المجلسيّ ٢٤٩/١.
7- أي تعلق بها وحرص عليها.
8- أي الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).

عنها أحد قبلك، ولا يسألني أحد بعدك عن مثلها، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هبك (1) علمت أنك لم تسأل فيما مضى فما علمك أنك لا تسأل فيما بعد، على أنك يا عبد الكريم نقضت قولك، لأنك تزعم أنَّ الأشياء من الأوّل سواء، فكيف قدّمت وأخرت ؛ ثمَّ قال: يا عبد الكريم أزيدك وضوحاً : أرأيت لو كان معك كيس فيه جواهر فقال لك قائل : هل في الكيس دينار فنفيت كون الدينار في الكيس، فقال لك صف لي الدينار وكنت غير عالم بصفته، هل كان لك أن تنفي كون الدينار عن الكيس وأنت لا تعلم ؟ قال : لا، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فالعالم أكبر وأطول وأعرض من الكيس فلعلَّ في العالم صنعة من حيث لا تعلم صفة الصنعة من غير الصنعة، فانقطع عبد الكريم وأجاب إلى الإسلام بعض أصحابه وبقي معه بعض.

فعاد في اليوم الثالث فقال : أقلب السؤال، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سل عما شئت. فقال : ما الدليل على حديث الأجسام (2)؟ فقال : إني ما وجدت شيئاً صغيراً ولا كبيراً إلّا وإذا ضمّ إليه مثله صار أكبر، وفي ذلك زوال وانتقال عن الحالة الأولى، ولو كان قديماً ما زال ولا حال، لأنَّ الّذي يزول ويحول يجوز أن يوجد ويبطل، فيكون بوجوده بعد عدمه دخول في الحدث، وفي كونه في الأزل دخوله في العدم، ولن تجتمع صفة الأزل والعدم والحدوث والقدم في شيء واحد، فقال عبد الكريم : هبك علمت في جري الحالتين والزمانين على ما ذكرت واستدللت بذلك على حدوثها، فلو بقيت الأشياء على صغرها من أين كان لك أن تستدلَّ على حدوثهنَّ ؟ فقال العالم :(عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما نتكلّم على هذا العالم الموضوع، فلو رفعناه ووضعنا عالماً اخر كان لا شيء أدلّ على الحدث من رفعنا إيَّاه ووضعنا غيره، ولكن أجيبك من حيث قدرت (3) أن تُلزمنا فنقول : إنَّ الأشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنّه متى ضم شيء إلى مثله كان أكبر، وفي جواز التغيير عليه خروجه من القدم. كما أنّ في تغييره دخوله في الحدث، ليس لك وراءه شيء يا عبد الكريم. فانقطع وخزي.

فلمّا كان من العام المقبل، التقى معه في الحرم، فقال له بعض شيعته : إِنَّ ابن أبي العوجاء قد أسلم. فقال العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هو أعمى من ذلك لا يسلم، فلما بصر بالعالم قال : سيدي ومولاي، فقال له العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما جاء بك إلى هذا الموضع ؟ فقال : عادة الجسد، وسنّة البلد، ولننظر ما النّاس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة؟ فقال له العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنت بعد على

ص: 133


1- هَبْ كلمة للأمر تنصب مفعولين وهي هنا بمعنى : افترض نفسك.
2- أي وجودها بعد أن لم تكن في مقابل القِدَم.
3- أي فرضت.

عتوّك وضلالك يا عبد الكريم. فذهب يتكلّم، فقال له (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا جدال في الحجّ. ونفض ردائه من يده وقال : إن يكن الأمر كما تقول وليس كما تقول نجونا ونجوت وإن يكن الأمر كما نقول وهو كما نقول، نجونا وهلكت، فأقبل عبد الكريم على من معه فقال : وجدت في قلبي حزازة (1) فردُّوني فردُّوه فمات لا رحمه اللّه ].

٣ - حدَّثني محمّد بن جعفر الأسديّ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكيّ الرازيّ، عن الحسين بن الحسن بن برد الدينوري، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن عبد اللّه الخراساني خادم الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: دخل رجلٌ من الزَّنادقة على أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعنده جماعة، فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيّها الرَّجل : أرأيت إن كان القول قولكم وليس هو كما تقولون ألسنا وإيّاكم شرعاً سواءً، لا يضرنا ما صلّينا وصمنا وزكّينا وأقررنا ؟ فسكت الرَّجل. ثمَّ قال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وإن كان القول قولنا وهو قولنا، ألستم قد هلكتم.ونجونا؟. فقال رحمك اللّه أوجدني (2) كيف هو وأين هو؟ فقال : ويلك إن الّذي ذهبت إليه غلط هو أين الأين بلا أين وكيف الكيف بلا كيف (3)، فلا يُعرف بالكيفوفية ولا باينونية ولا يدرك بحاسّة ولا يقاس بشيء.

فقال الرَّجل: فإذا أنّه لا شيء إذا لم يدرك بحاسة من الحواس ؟ فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ويلك، لمّا عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته ؟ ! ونحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنّه ربنا بخلاف شيء من الأشياء.

قال الرَّجل : فأخبرني متى كان ؟ قال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرني متى لم يكن فأخبرك متى كان قال الرَّجل : فما الدليل عليه ؟ فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّي لما نظرت إلى جسدي ولم يمكّني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول ودفع المكاره عنه وجرّ المنفعة إليه، علمت أنَّ لهذا البنيان بانياً، فأقررت به مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته، وإنشاء السحاب، وتصريف الرياح، ومجرى الشمس والقمر والنجوم، وغير ذلك من الآيات العجيبات المبينات، علمت أنَّ لهذا مقدّراً ومنشئاً.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن إسحاق الخفاف أو(4) عن أبيه، عن محمّد بن

ص: 134


1- الحزازة وجع في القلب من أذية أو غيظ أو غير ذلك.
2- «أي أفدني كيفيته ومكانه واضفرني بمطلبي الّذي هو العلم بالكيفية» مرآة المجلسيّ ٢٥٣/١.
3- «أي جعل الأيْنَ أبْناً بلا أين له أو بلا أين قبله وجعل الكيف كيفاً بلا كيف له أو بلا كيف قبله» المازندراني ٣٧/٣. والأينونية الاتصاف بالأين والكيفوفية الاتصاف بالكيف.
4- يبدو أن الشك في الراوي من المصنف (رضیَ اللّهُ عنهُ).

إسحاق قال : إن عبد اللّه الدَّيْصَانِي (1) سأل هشام بن الحكم فقال له : ألك ربّ؟ فقال: بلى، قال أقادر هو ؟ قال : نعم قادر قاهر. قال : يقدر أن يدخل الدُّنيا كلّها البيضة لا تكبر البيضة ولا تصغر الدُّنيا؟ قال هشام : النظرة (2) فقال له : قد أنظرتك حولاً، ثمَّ خرج عنه فركب هشام إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاستأذن عليه فأذن له فقال له : يا ابن رسول اللّه أتاني عبد اللّه الديصاني بمسألة ليس المعوّل فيها إلّا على اللّه وعليك، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عماذا سألك ؟ فقال : قال لي : كيت وكيت (3)، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا هشام كم حواسك ؟ قال خمس. قال: أيّها أصغر ؟ قال الناظر. قال : وكم قدر الناظر قال : مثل العدسة أو أقل منها. فقال له : يا هشام ! فانظر أمامك وفوقك وأخبرني بما ترى فقال : أرى سماء وأرضاً ودوراً وقصوراً وبراري وجبالاً وأنهاراً. فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ الّذي قدر أن يدخل الّذي تراه العدسة أو أقل منها، قادر أن يدخل الدنيا كلّها البيضة لا تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة فأكبّ هشام عليه وقبل يديه ورأسه ورجليه وقال : حسبي (4) يا ابن رسول اللّه. وانصرف إلى منزله ؛ وغدا عليه الديصاني فقال له : يا هشام إني جئتك مسلّماً ولم أجئك متقاضياً للجواب فقال له هشام : إن كنت جئت متقاضياً فهاك الجواب. فخرج الديصانيُّ عنه حتّى أتى باب أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاستأذن عليه فأذن له، فلما قعد قال له : يا جعفر بن محمّد دلّني على معبودي ؟ فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما اسمك؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه، فقال له أصحابه : كيف لم تخبره باسمك؟ قال : لوكنت قلت له : عبد اللّه، كان يقول : من هذا الّذي أنت له عبد، فقالوا له : عُد إليه وقل له : يدلك على معبودك ولا يسألك عن اسمك فرجع إليه فقال له : يا جعفر بن محمّد دُلّني على معبودي ولا تسألني عن اسمي ؟ فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اجلس وإذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ناولني يا غلام البيضة فناوله إياها، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا دَيْصَاني : هذا حصن مكنون له جلد غليظ وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة وفضّة ذائبة، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضّة الذائبة ولا الفضّة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها، ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها، لا يدرى للذكر خُلقت أم للأنثى، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس أترى لها مدبّراً؟ قال : فأطرق مليّاً ثمَّ قال : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأن محمّداً عبده ورسوله

ص: 135


1- «الديصاني - بالتحريك - من داص يديص ديصاناً إذا زاغ ومال، ومعناه الملحد: مرآة المجلسيّ ٢٥٦/١.
2- «أي أسألك النظرة، وهي التأخير في المطالبة للجواب» ن. م.
3- أي كذا وكذا حكاية عما قاله له الديصاني.
4- أي كفاني جوابك.

وأنّك إمام وحجّة من اللّه على خلقه وأنا تائب ممّا كنت فيه.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبّاس بن عمر و الفُقَيْمي، عن هشام بن الحكم، في حديث الزنديق الّذي أتى أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان من قول أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا يخلوا قولك : إنهما(1) اثنان من أن يكونا قديمين قويين، أو يكونا ضعيفين، أو يكون أحدهما قوياً والآخر ضعيفاً، فإن كانا قوتين، فلم لا يدفع كلّ واحد منهما صاحبه ويتفرد بالتدبير(2). وإن زعمت أنّ أحدهما قوي والآخر ضعيف، ثبت أنّه واحد كما نقول للعجز الظاهر في الثاني، فإن قلت: إنّهما اثنان لم يخل من أن يكونا متفقين من كلّ جهة أو مفترقين من كلّ جهة، فلمّل(3) رأينا الخلق منتظماً، والفلك جارياً، والتدبير واحداً، والليل والنهار والشمس والقمر، دلَّ صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أنَّ المدير واحد. ثمَّ يلزمك إن ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتّى يكونا اثنين، فصارت الفرجة ثالثاً بينهما قديماً معهما فيلزمك ثلاثة، فإن ادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين حتّى تكون بينهم فرجةً فيكونوا خمسة، ثمَّ يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة ؛ قال هشام فكان من سؤال الزنديق أن قال: فما الدليل عليه (4)؟ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)(5): وجود الأفاعيل دلّت على أن صانعاً صنعها، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني علمت أنَّ له بانياً وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده، قال : فما هو (6)؟ قال: شيء بخلاف الأشياء (7) ارجع بقولي إلى إثبات معنى وأنه شيء بحقيقة الشيئية، غير أنّه لا جسم ولا صورة ولا يحسّ ولا يجسّ ولا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدُّهور ولا تغيّره الأزمان.

٦ - محمّد بن يعقوب قال : حدَّثني عدَّة من أصحابنا، عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه عن عليّ بن النعمان عن ابن مسكان (8)، عن داود بن فرقد عن أبي سعيد الزهري، عن

ص: 136


1- أي إلهان اثنان.
2- هذا ما يسمى في علم الكلام بدليل التمانع.
3- هذا ما يسمى في علم الكلام بدليل النظام.
4- كأن الزنديق بعد أن سمع حجج الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) التي لا يملك الرد عليها، سلّم بضرورة أن يكون خالق العالم واحداً ولكن على فرض وجوده فسأل عن الدليل على وجوده.
5- هذا استدلال بما يسمى بالدليل الإني وهو الاستدلال بوجود الأثر على وجود المؤثر والانتقال من العلم بوجود المعلول إلى العلم بوجود العلة. أو بما يسمى بدليل الحدوث.
6- «سأل عن كنه حقيقته وذاته أو عن خواصه وصفاته التي يمتاز بها» المازندراني ٦٦/٣.
7- أي أنّه موجود ولكنه يمتاز عن غيره من الموجودات في أن وجوده تعالى يمتنع انفكاكه عن ذاته، أي أن وجوده عين ذاته كبقية صفاته، وهو سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز والزمان لا تدركه الأبصار.
8- واسمه عبد اللّه.

أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كفى لأولي الألباب بخلق الربّ المسخّر، وملك الربّ القاهر(1)، وجلال (2) الربِّ الظاهر، ونور الربّ الباهر وبرهان الربّ الصادق (3)، وما (4) أنطق به السن العباد، وما أرسل به الرُّسل وما أنزل على العباد دليلاً على الربّ.

٢٤ - باب إطلاق القول بأنه شيء

٢٤ - باب إطلاق القول بأنه (5) شيء

1 - محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن عبد الرحمن ابن أبي نجران قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن التوحيد (6) فقلت: أتوهم شيئاً(7)؟ فقال : نعم، غير معقول ولا محدود، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه، لا يشبهه شيء ولا تدركه الأوهام، كيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يُعقل، وخلاف ما يتصوَّر في الأوهام؟! إنّما يُتوهّم شيء غير معقول ولا محدود.

2 - محمّد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسين بن سعيد قال : سُئل أبو جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يجوز أن يقال اللّه : إنّه شيء؟ قال: نعم، يخرجه من الحدين : حدّ التعطيل وحدّ التشبيه (8).

3 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي المغرا(9) رفعه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : إنّ اللّه خلو من خلقه، وخلقه خلو منه، وكلما وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ما خلا اللّه.

ص: 137


1- أي الغالب.
2- أي الرفعة والعظمة.
3- وهو النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، أو مطلق حجج اللّه وبيناته.
4- إشارة إلى اختلاف الألسن، وقد نصت الآية الكريمة عليه: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ) الروم / 22، والمراد لغاتكم.
5- أي اللّه سبحانه والمراد «بالإطلاق هنا التجويز والإباحة كما ورد في الخبر : كلّ شيء لك مطلق حتّى يرد فيه نهي. وقيل : معناه أنّه لا يحتاج إطلاق لفظ شيء فيه إلى قرينة كاحتياج الألفاظ المشتركة والمجازية إليها فهو مشترك معنوي كالموجود والوجود» مرآة المجلسيّ 280/1.
6- «المراد به هنا ما يتعلق بمعرفته سبحانه أي مسئلة كانت من المسائل الإلهية... وقيل : أي عن معرفته تعالى متوحداً بحقيقته وصفاته منزهاً عن غيره» ن. م. ص / 280 – 281.
7- «الظاهر أنّه استفهام بحذف أداته أي أتصوره شيئاً وأثبت له الشيئية» ن. م
8- المراد بحد التعطيل نفي وجوده من رأس أو نفي صفاته. وبحد التشبيه أي جعل صفات مخلوقاته له.
9- واسمه حميد بن المثنى.

٤ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان عن زرارة بن أعين قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إِنَّ اللّه خِلو من خلقه (1) وخلقه خلو منه (2)، وكلّ ما وقع عليه اسم شيء ما خلا اللّه فهو مخلوق واللّه خالق كلّ شيء، تبارك الّذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن عطية، عن خيثمة (3) عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه خلو من خلقه وخلقه خلو منه، وكل ما وقع عليه اسم شيء ما خلا اللّه تعالى فهو مخلوق واللّه خالق كلّ شيء.

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن العبّاس بن عمر والفقيمي، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال للزنديق حين سأله : ما هو ؟ قال : هو شيء بخلاف الأشياء ارجع بقولي إلى إثبات معنى وأنه شیء بحقيقة الشيئية غير أنّه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الأوهام، ولا تنقصه الدهور، ولا تغيره الأزمان، فقال له السائل : فتقول : إنّه سميع بصير بر (4) ؟ قال : هو سميع بصير : سميع بغير جارحة آلة، وبصير بغير بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه ؛ ليس قولي : إنّه سميع يسمع بنفسه وبصير يبصر بنفسه أنّه شيء والنفس شيء آخر ولكن أردت عبارة عن نفسي (5) إذ كنتُ مسؤولاً وإفهاماً لك إذ كنت سائلاً، فأقول : إنّه سميع بكله لا أنَّ الكلَّ منه له بعض، ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك إلّا إلى أنّه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى (6).

قال له السائل : فما هو ؟ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هو الرب وهو المعبود وهو اللّه. وليس

ص: 138


1- أي من صفات خلقه، وفيه رد مذهب من أثبت صفات زائدة له وكذلك مذهب من قال باتصافه سبحانه بالصفات الحادثة
2- أي في صفاته سبحانه.
3- هو ابن عبد الرحمن الجعفي.
4- «يعني أن له سمع و بصراً باعتقادك فيكون جسماً لأنهما من لواحق بعض الأجسام. [أو أن كلام الزنديق إيراد على نفي الأفعال المذكورة عنه [ من قبل الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)] يعني أنك تقول هو سميع بصير فيدرك بالحواس» المازندراني ٨٩/٣.
5- «أي عبارة عما في نفسي بما يناسب ذاتي إذ كنتُ مسؤولاً وإفهامك الأمر بما يناسب ذاتك إذ كنت سائلاً» الوافي للفيض ٧٤/١.
6- «أي ليس في ذاته أجزاء يسمع ببعضها ويبصر ببعضها كما أنّه ليس لذاته صفات زائدة عليها قائمة بها الاستحالة التركيب فيه...» المازندراني 91/3.

قولي : : اللّه إثبات هذه الحروف : ألف ولام وهاء، ولا راء، ولا باء (1) ولكن أرجع إلى معنى (2)، وشيء خالق الأشياء وصانعها، ونعت هذه الحروف وهو المعنى سمي به اللّه والرحمن والرحيم والعزيز وأشباه ذلك من أسمائه وهو المعبود جلَّ وعزَّ.

قال له السائل : فأنا لم نجد موهوماً إلّا مخلوقاً، قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لو كان ذلك (3) كما تقول لكان لكان التوحيد عنا مرتفعاً لأنا لم نكلّف غير موهوم ولكنا نقول : كلّ موهوم بالحواس (4) مدرك به تحده الحواس وتمثله فهو مخلوق، إذ كان النفي هو الإبطال والعدم، والجهة الثانية : التشبيه إذ كان التشبيه هو صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين والاضطرار إليهم (5) أنهم مصنوعون وأن صانعهم غيرهم وليس مثلهم إذ كان مثلهم شبيهاً بهم في ظاهر التركيب والتأليف، وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد إذ لم يكونوا، وتنقلهم من صغر إلى كبر وسواد إلى بياض وقوّة إلى ضعف وأحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لبيانها (6) ووجودها.قال له السائل : فقد حددته إذ أثبت وجوده (7)، قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): لم أحدّه ولكنّي أثبته (8) إذ لم يكن بين النفي والإثبات منزلة.

قال له السائل: فله إنّيّة ومائية (9) ؟ قال : نعم لا يثبت الشيء إلّا بإنية ومائية.

قال له السائل : فله كيفية؟ قال : لا لأنَّ الكيفية جهة الصفة والإحاطة، ولكن لا بد من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه، لأن من نفاه فقد أنكره، ودفع ربوبيته وأبطله، ومن شبهه بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الّذين لا يستحقون الربوبية، ولكن لا بد من إثبات

ص: 139


1- أي ليس قولي هو الرب.
2- أي أن مقصودي إثبات معنى قائم بذاته ولذاته.
3- أي ما تقول من أن كلّ موهوم مخلوق.
4- أي بالحواس الظاهرة والباطنة.
5- في بعض الكتب كالاحتجاج للطبرسي والتوحيد للصدوق هكذا والاضطرار منهم إليه» أي اضطرار المخلوقين المصنوعين إليه سبحانه في صنعهم ووجودهم وخلقهم.
6- أي لوضوحها.
7- لأن إثبات الوجود له فرع لحصوله في الذهن محدوداً به المازندراني 98/3.
8- «أي أثبت وجوده بنفي الإبطال والتشبيه وثبوت احتياج الخلق واضطرارهم إليه... [وحبث لم يكن] بين النفي والإثبات واسطة... فإذا أبطلنا النفي تحقق الإثبات» ن. م ص / ٩٩.
9- «أي وجود منتزع وحقيقة ينتزع منها الوجود» مرآة المجلسيّ 292/1.

أنَّ له كيفيّة (1) لا يستحقها غيره ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره.

قال السائل : فيعاني الأشياء. بنفسه (2)؟ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): هو أجلّ من أن يعاني الأشياء بمباشرة ومعالجة لأنَّ ذلك صفة المخلوق الّذي لا تجيء الأشياء له إلّا بالمباشرة والمعالجة، وهو متعال نافذ الإرادة والمشيئة متعال نافذ الإرادة والمشيئة، فعّال لما يشاء.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى، عمّن ذكره قال : سئل أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيجوز أن يقال: إن اللّه شيء؟ قال : نعم يخرجه من الحدين : حدّ التعطيل وحدّ التشبيه.

٢٥ - باب أنه لا يعرف إلا به

1 - عليّ بن محمّد، عمّن ذكره عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن حمران، عن الفضل بن السكن، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اعرفوا اللّه باللّه والرسول بالرسالة، وأولي الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان

ومعنى قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) : اعرفوا اللّه باللّه يعني أنَّ اللّه خلق الأشخاص والأنوار والجواهر والأعيان؛ فالأعيان: الأبدان، والجواهر الأرواح، وهو جلَّ وعزَّ لا يشبه جسماً ولا روحاً، وليس لأحد في خلق الرُّوح الحسّاس الدراك أمرٌ ولا سبب، هو المتفرد بخلق الأرواح والأجسام، فإذا نفى عنه الشبهين : شبه الأبدان وشبه الأرواح، فقد عرف اللّه باللّه وإذا شبهه بالرُّوح أو البدن أو النور فلم يعرف اللّه باللّه

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابنا، عن علي ابن عُقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : سُئل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بم عرفت ربّك ؟ قال : بما عرفني نفسه، قيل : وكيف عرفك نفسه ؟ قال : لا تشبهه صورة ولا

ص: 140


1- الكيفية «هي الهيئة الحاصلة للشيء باعتبار اتصافه بالصفات التابعة للحدوث الموجبة لتغير موصوفاتها وتأثر موضوعاتها فإن هذا المعنى محال في شأن الواجب بالذات، بل أراد بها ما ينبغي له من الصفات الذاتية والفعلية والسلبية المخصوصة به سبحانه بحيث لا يستحقها غيره.... الخ» المازندراني 102/3.
2- «أي يلامسها ويباشر خلقها بنفسه ويتعب في إيجادها...» ن. م.
3- يبدو أن هذا الكلام هو لثقة الإسلام الكلينيّ في مقام شرحه لهذا الحديث.

يحسّ بالحواس ولا يقاس بالنّاس، قريب (1) في بعده (2)، بعيد (3) في قربه (4)، فوق كلّ شيء (5) ولا يقال شيء فوقه، أمام كلّ شيء ولا يقال له أمام داخل في الأشياء لا كشيء داخل في شيء، وخارج من الأشياء لا كشيء خارج من شيء، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره ولكلّ شيء مبتدء.

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى، عن منصور ابن حازم قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّي ناظرت قوماً فقلت لهم : إِنَّ اللّه جل جلاله أجل وأعز وأكرم من أن يعرف بخلقه (6)، بل العباد يعرفون باللّه، فقال: رحمك اللّه

٢٦ - باب أدنى المعرفة

1 - محمّد بن الحسن، عن عبد اللّه بن الحسن العلوي ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد بن المختار الهمداني جميعاً، عن الفتح بن يزيد، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن أدنى المعرفة فقال : الإقرار بأنه لا إله غيره، ولا شبه له ولا نظير، وأنه قديم مثبت موجود غير فقيد، وأنه ليس كمثله شيء.

2 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن طاهر بن حاتم في حال استقامته (7) أنّه كتب إلى الرَّجل: ما الّذي لا يجتزء (8) في معرفة الخالق بدونه؟ فكتب إليه : لم يزل عالماً وسامعاً وبصيراً وهو الفعّال لما يريد. وسُئل أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الّذي لا يجتزء بدون ذلك من معرفة الخالق فقال : ليس كمثله شيء ولا يشبهه شيء، لم يزل عالماً سميعاً بصيراً.

٣ _ محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليّ بن يوسف بن بقاح عن سيف بن عميرة، عن إبراهيم بن عمر قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يقول : إنَّ أمر اللّه كله

ص: 141


1- «أي من حيث إحاطة علمه وقدرته بالكل» مرآة المجلسيّ 299/1.
2- «أي مع بعده عن الكل من حيث المباينة في الذات والصفات» ن. م.
3- «عن إحاطة العقول والأفهام به» ن.م.
4- «أي مع قربه في العلية واحتياج الكل إليه» ن.م.
5- «أي بالقدرة والقهر والغلبة، أو بالكمال والاتصاف بالصفات الحسنة، وتماميته بالنسبة إلى كلّ شيء ونقص الكل بالنسبة إليه» ن. م.
6- لأنه يشترط في المعرف أن يكون أظهر وأجلى من المعرف ولا موجود أظهر وأجلى من اللّه سبحانه
7- «إنما قال (في حال استقامته» لأنه كان مستقيماً ثمَّ تغير وأظهر القول بالغلو : الوافي للفيض ٧٦/١.
8- أي لا يجزي ولا يكتفى.

عجيب (1) إلّا أنّه قد احتج عليكم بما قد عرفكم من نفسه.

27 - باب المعبود

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب(2) وعن غير واحد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من عبد اللّه بالتوهم فقد كفر (3) ومن عبد الاسم دون المعنى (4) فقد كفر، ومن عبد الاسم والمعنى (5) فقد أشرك، ومن عبد المعنى بإيقاع (6) الأسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سرائره.

وعلانيته فأولئك أصحاب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حقاً.

وفي حديث آخر: أولئك هم المؤمنون حقاً.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنّه سأل أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أسماء اللّه واشتقاقها : اللّه ممّا هو مشتق ؟ قال : فقال لي : يا هشام اللّه مشتق من إله والإله يقتضي مألوهاً، والاسم غير المسمّى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئاً، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد. أفهمت يا هشام؟ قال: فقلت: زدني، قال: إنَّ اللّه تسعة وتسعين اسماً، فلو كان الاسم هو المسمّى لكان كلّ اسم منها إلها، ولكنَّ اللّه معنى يُدلّ عليه بهذه الأسماء وكلّها غيره، يا هشام الخبز اسم للمأكول والماء اسم للمشروب، والثوب اسم للملبوس، والنّار اسم للمحرق، أفهمت يا هشام فهماً تدفع به وتناضل به (7) أعداءنا والمتّخذين مع اللّه جل وعزّ

ص: 142


1- «المراد أن أمر اللّه كله من الخفايا التي لا يطلع عليها إلّا بتعريف وتبيين من اللّه سبحانه وإعطائه القلوب مبادىء معرفته إلّا أنّه احتج عليهم ولم يكلفهم بما سواه فلا ينبغي لأحد أن يتعرّض لمعرفة ما لم يكلفه به من أمره سبحانه...» مرآة المجلسيّ ٣٠٢/١.
2- هو عليّ بن رياب أو رئاب.
3- «أي بتوهم أن له حداً أو كيفية أو صورة أو مقداراً.... إلى غير ذلك من المعاني الوهمية والصور الخيالية»المازندراني ١٢٦/٣. أو «من غير أن يكون على يقين في وجوده تعالى وصفاته» مرآة المجلسيّ ٣٠٣/١.
4- وهو المسمى، أي «الذات المقدسة المنزّهة عن التركيب والحدوث» المازندراني ١٢٦/٣.
5- «أي مجموعهما أو كلّ واحد منهما» مرأة المجلسي 303/1.
6- «أي من عبد المعنى وحده وذكر اسماً من أسمائه باعتبار أنّه دال عليه... لا باعتبار تعلق العبادة به» المازندراني 127/3.
7- أي تجادل وتحاجج.

غيره؟ قلت : نعم، قال : فقال : نفعك اللّه به وثبتك يا هشام ؛ قال هشام فواللّه ما قهرني أحد في التوحيد حتّى قمت مقامي هذا.

3 - عليّ بن إبراهيم عن العبّاس بن معروف عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال : كتبت إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو قلت له : جعلني اللّه فداك نعبد الرحمن الرحيم الواحد الأحد الصمد (1)؟ قال : فقال : إن من عبد الاسم دون المسمّى بالأسماء أشرك وكفر وجحد ولم يعبد شيئاً، بل اعبد اللّه الواحد الأحد الصمد المسمّى بهذه الأسماء دون الأسماء، إنَّ الأسماء صفات وصف بها نفسه.

28 - باب الكون والمكان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة قال : سأل نافع بن الأزرق أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : أخبرني عن اللّه متى كان؟ فقال: متى لم يكن حتى أخبرك متى كان (2)، سبحان من لم يزل ولا يزال فرداً صمداً لم يتّخذ صاحبة (3) ولا ولداً.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : جاء رجل إلى أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) من وراء نهر بلخ فقال : إني أسألك عن مسألة (4) فإن أجبتني فيها بما عندي (5) قلت بإمامتك، فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سل عما شئت. فقال : أخبرني عن ربّك متى كان؟ وكيف كان؟ وعلى أي شيء كان اعتماده (6)؟ فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن اللّه تبارك وتعالى أين الأين بلا أين وكيف الكيف بلا كيف وكان اعتماده على قدرته؛ فقام إليه الرَّجل فقبل رأسه وقال : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه وأنّ علياً وصي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والقيم بعده بما قام به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وأنّكم الأئمّة الصادقون وأنك الخلف من بعدهم.

ص: 143


1- هو المقصود في الحوائج والمهمات لأن جميع من عداه مفتقر إليه في وجوده واستمراره.
2- «يعني كلّ ما يصح أن يُسأل عن وجوده بمتى يصح أن يُسأل عن عدمه بمتى لأن الشيء لا يدخل في مقولة متى بوجوده فقط...» المازندراني ١٤٤/٣.
3- أي زوجة.
4- أراد جنس المسئلة لأنه كما يظهر من الحديث سأل عن جواب أكثر من مسئلة.
5- «أي بالجواب الحقّ الّذي عندي ولعل الرَّجل كان من أهل الكتاب» المازندراني ١٤٦/٣.
6- «أي استمداده في خلق الخلق» مرآة المجلسيّ 308/1.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له : أخبرني عن ربك متى كان؟ فقال : ويلك إنّما يقال لشيء لم يكن : متى كان، إن ربي تبارك وتعالى كان ولم يزل حياً بلا كيف ولم يكن له كان ولا كان لكونه كون، كيف ولا كان له أين ولا كان في شيء، ولا كان على شيء، ولا ابتدع لمكانه مكاناً، ولا قوي بعد ما كوَّن الأشياء، ولا كان ضعيفاً قبل أن يكون شيئاً، ولا كان مستوحشاً قبل أن يبتدع شيئاً، ولا يشبه شيئاً مذكوراً، ولا كان خلوا من الملك قبل إنشائه ولا يكون منه خلوا بعد ذهابه؛ لم يزل حياً بلا حياة، وملكاً قادراً قبل أن ينشيء شيئاً، وملكاً جباراً بعد إنشائه للكون، فليس لكونه كيف ولا له أين ولا له حد، ولا يعرف بشيء يشبهه، ولا يهرم لطول البقاء ولا يصعق (1) لشيء، بل لخوفه تصعق الأشياء كلّها، كان حيّاً بلا حياة حادثة، ولا كون موصوف ولا كيف محدود، ولا أين موقوف عليه، ولا مكان جاور شيئاً، بل حي يُعرف، وملك لم يزل له القدرة والملك، أنشأ ما شاء حين شاء بمشيئته، لا يحدُّ ولا يبعض ولا يفنى كان أوّلاً بلا كيف، ويكون آخراً بلا أين وكلُّ شيء هالك إلّا وجهه ؛ له الخلق والأمر (2) تبارك اللّه رب العالمين؛ ويلك أيّها السائل : إن ربي لا تغشاه الأوهام، ولا تنزل به الشبهات ولا يحار، ولا يجاوزه شيء، ولا تنزل به الأحداث، ولا يُسأل عن شيء، ولا يندم على شيء، ولا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.

٤ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه رفعه قال : اجتمعت اليهود - إلى رأس الجالوت (3) فقالوا له : إنَّ هذا الرَّجل عالم - يعنون أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) - فانطلق بنا إليه نسأله، فأتوه فقيل لهم : هو في القصر (4)، فانتظروه حتّى خرج، فقال له رأس الجالوت : جئناك نسألك فقال : سل يا يهودي عما بدا لك، فقال : أسألك عن ربّك متى كان؟ فقال : كان بلا كينونية كان بلا كيف، كان لم يزل بلا كم وبلا كيف كان ليس له قبل، هو قبل القبل بلا قبل ولا غاية ولا منتهى انقطعت عنه الغاية وهو غاية كلّ غاية ؛ فقال رأس الجالوت : امضوا بنا فهو

ص: 144


1- «أي لا يفزع أو لا يموت أو لا يغشى عليه للخوف من شيء» المازندراني ١٥٥/٣.
2- «الأوّل إشارة إلى عالم الخلق وهو عالم الجسم والجسمانيات والثاني إشارة إلى عالم الأمر وهو عالم الروح والروحانيات» ن. م ص / ١٦٤.
3- «وهو من أعاظم علمائهم وأحبارهم وقيل الرأس سيد القوم ومقدّمهم ن. م ص / ١٦٧. وقد علّق الميرزا أبو الحسن الشعراني في هامش نفس الصفحة المذكورة أعلاه بقوله : والصحيح ما في مفاتيح العلوم أن الجالوت هم الجالية، أعني الّذين جلوا عن أوطانهم ببيت المقدس ويكون رأس الجالوت من ولد داود (عَلَيهِ السَّلَامُ)» فراجع.
4- الظاهر أن المراد بالقصر قصر الإمارة.

أعلم ممّا يقال فيه.

٥ - وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : جاء حبر من الأحبار (1) إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أمير المؤمنين متى كان ربّك؟ فقال له : ثكلتك أمك ومتى لم يكن ؟ حتّى يقال : متى كان، كان ربي قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد ولا غاية ولا منتهى كلّ لغايته، انقطعت الغايات عنده فهو منتهى غاية فقال : يا أمير المؤمنين أفنبي أنت ؟ فقال : ويلك إنّما أنا عبد من عبيد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). وروي أنّه سئل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أين كان ربنا قبل أن يخلق سماء وأرضاً؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): أين سؤال عن مكان؟! وكان اللّه ولا مكان.

٦ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رأس الجالوت لليهود: إنَّ المسلمين يزعمون أنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أجدل (2) النّاس وأعلمهم، اذهبوا بنا إليه لعلّي أسأله عن مسألة وأخطئه فيها. فأتاه فقال : يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسألك عن مسألة، قال : سَل عمّا شئت، قال : يا أمير المؤمنين متى كان ربنا؟ قال له يا يهودي إنّما يقال متى كان لمن لم يكن، فكان متى كان هو كائن بلا كينونية، كائن كان بلا كيف يكون بلى يا يهودي ثمَّ بلى يا يهودي، كيف يكون له قبل ؟ ! هو قبل القبل بلا غاية ولا منتهى غاية ولا غاية إليها، انقطعت الغايات عنده هو غاية كلّ غاية فقال : أشهد أنّ دينك الحقّ وأن ما خالفه باطل.

7 _ عليّ بن محمّد رفعه عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أكان اللّه ولا شيء؟ قال : نعم كان ولا شيء قلتُ: فأين كان يكون؟ قال: وكان متكئاً فاستوى جالساً وقال : أحلت (3) يا زرارة وسألت عن المكان إذ لا مكان.

8 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الوليد، عن ابن أبي نصر(4)، عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أتى حبر من الأحبار أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أمير المؤمنين متى كان ربك ؟ قال : ويلك إنّما يقال : متى كان لما لم يكن، فأما ما كان فلا يقال : متى كان كان قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد ولا منتهى غاية لتنتهي غايته،

ص: 145


1- الأحبار جمع حبر وهو العالم عند اليهود.
2- أي أقواهم جدلاً ومخاصمة ومناظرة.
3- أي نطقت بالمحال.
4- واسمه أحمد بن محمّد.

فقال له : أنبي أنت؟ فقال : لأمّك الهَبَل (1) إنّما أنا عبد من عبيد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

29 - باب النسبة

١ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّ اليهود سألوا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقالوا : انسب (2) لتا ربِّك فلبث ثلاثاً (3) لا يجيبهم ثمَّ نزلت قل هو اللّه أحد إلى آخرها.

ورواه محمّد بن يحيى، عن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيوب.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ ومحمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن حماد بن عمر والنصيبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألت أبا عبد اللّه عن هو قل اللّه أحد فقال : نسبة اللّه إلى خلقه أحداً صمداً أزليّاً صمديّاً لا ظلّ له يمسكه وهو يمسك الأشياء بأظلّتها، عارف بالمجهول معروف عند كلّ جاهل (4)، فرداني (5)، لا خلقه فيه ولا هو في خلقه، غیر محسوس (6) ولا مجسوس (7) لا تدركه الأبصار، علا فقرب ودنا فبعد، وعُصِيَ، فَغَفَرَ وأطيعَ فشكر، لا تحويه أرضه ولا تقله سماواته، حامل الأشياء بقدرته، ديمومي أزلي، لا ينسى ولا يلهو ولا يغلط ولا يلعب ولا لإرادته فصل (8) وفصله جزاء وأمره واقع، لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك، ولم يكن له له كفواً أحد.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد قال : قال : سئل عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن التوحيد فقال : إنَّ اللّه

ص: 146


1- الهَبَل بالتحريك مصدر قولك : هبلته أمه أي ثكلته كما ورد في صحاح الجوهري.
2- «أي اذكر نسبه وصفه لنا حتّى نعرفه بصفته وكأنهم سألوه اختباراً بأنه هل يقول شيئاً من قبله أو يقول ما هو مذكور في التوراة» المازندراني 180/3.
3- «أي ثلاث ليال... والتأخير التوقع نزول الوحي» مرآة المجلسيّ 317/1. ويحتمل ثلاث ساعات.
4- «أي ظاهر غاية الظهور حتّى أن كلّ من شأنه أن تخفى عليه الأشياء ويكون جاهلاً بها هو معروف عنده غير خفي عليه لأن مناط معرفته مقدمات ضرورية فالمراد معرفته بوجه والتصديق بوجوده» ن. م ص./318.
5- «أي لا يقارنه خلق» ن. م.
6- أي بالحواس.
7- أي غير ملموس باليد.
8- «الفصل : القطع. والمراد به هنا القاطع يعني ليس لإرادته قاطع يمنعها عن تعلقها بالمراد» المازندراني 188/3.

عزّ وجلّ علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون (1) فأنزل اللّه تعالى قل هو اللّه أحد والآيات من سورة الحديد إلى قوله : (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) فمن رام وراء ذلك فقد هلك.

٤ - محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه عن عبد العزيز بن المهتدي قال: سألت الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن التوحيد فقال : كلّ من قرأ قل هو اللّه أحد وآمن بها فقد عرف التوحيد ؛ قلت: كيف يقرؤها؟ قال : كما يقرؤها الناس. وزاد فيه كذلك اللّه ربّي [كذلك اللّه ربّي].

٣٠ - باب النهي عن الكلام في الكيفية

١ - محمّد بن الحسن عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : تكلّموا في خلق اللّه ولا تتكلموا في اللّه فإنَّ الكلام في اللّه لا يزداد صاحبه إلّا تحيراً.

وفي رواية أخرى عن حريز تكلّموا في كلّ شيء ولا تتكلّموا في ذات اللّه.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (2)) فإذا انتهى الكلام إلى اللّه فأمسكوا.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا محمّد إن النّاس لا يزال بهم (3) المنطق حتّى يتكلموا في اللّه (4) فإذا سمعتم ذلك فقولوا : لا إله إلّا اللّه الواحد الّذي ليس كمثله شيء.

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران، عن أبي عبيدة الحذاء قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا زياد إيّاك والخصومات (5) فإنّها تورث الشكَ وتهبط العمل وتردي صاحبها. وعسى أن يتكلّم بالشيء فلا يغفر له. إنّه كان

ص: 147


1- يعني المتبحرين في المعرفة.
2- النجم / ٤٢.
3- «المنطق الكلام يعني يجوز لهم الكلام في أفعال اللّه تعالى وآثاره الدالة على وجوده ووحدته وعظمته»المازندراني 197/3.
4- أي في ذات اللّه فيقعون في التشبيه والتجسيم وغيرهما.
5- «أي المجادلات والمناظرات التعصبية قصداً للغلبة فإنها منبع أكثر الأخلاق الذميمة» مرآة المجلسيّ 323/1.

فيما مضى قوم تركوا علم ما وكلوا به وطلبوا علم ما كفوه، حتّى انتهى كلامهم إلى اللّه فتحيّروا، حتّى أن كان الرَّجل ليُدعى من بين يديه فيجيب من خلفه ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه. وفي رواية أخرى: حتّى تاهوا في الأرض(1).

٥ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابه، عن الحسين ابن المياح عن أبيه قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من نظر في اللّه كيف هو (2)؟ هلك (3).

٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير عن زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ ملكاً عظيم الشأن كان في مجلس له فتناول الرب تبارك وتعالى ففقد فما يدرى أين هو (4).

7 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد محمّد بن خالد، عن محمّد بن عبد الحميد عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إيّاكم والتفكر في اللّه ولكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمته فانظروا إلى عظيم خلقه.

8 - محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر يشبعه، وبصرك لو وضع عليه خرق أبرة لغطاه تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والأرض، إن كنت صادقاً فهذه الشمس خَلْقُ من خَلْق اللّه فإن قدرت أن تملأ عينيك منها فهو كما تقول (5).

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن عليّ عن اليعقوبي(6)، عن بعض،

ص: 148


1- «لذهاب عقله وتحيّره في أمره فكان لا يميز بين الجهات والمحسوسات فضلاً عن أن يميز بين المعاني والمعقولات» المازندراني 202/3.
2- «أي أثبت له الكيفية الجسمانية ونظر فيها أو رام أن يعرف كنه صفاته الحقيقية وتأمل فيها» مرآة المجلسيّ ٣٢٤/١.
3- أي بالشرك أو الكفر.
4- إن قرأنا (فقد) بالبناء للمجهول يكون المعنى : «أي [ فُقِدَ] من مكانه بغضب اللّه أو تحير في الأرض وسار فلم يعرف له خبراً» [ وإن قرأنا (فَقد) بالبناء للمعلوم يصير المعنى] «ففقد ما كان يعرف ولا يدري هو في أي مكان من الحيرة» مرآة المجلسيّ ٣٢٤/١ بتصرف.
5- «هذا الكلام بحسب المعنى في قوة [قضية] شرطية يستثنى منها نقيض تالميها لينتج نقيض المقدم، أي إن كنت صادقاً في رؤيته فقد قدرت على رؤية جرم الشمس لأن رؤية آثاره أسهل من رؤيته والتالي باطل بشهادة الحس فالمقدّم مثله» المازندراني ٢٠٧/٣.
6- واسمه داود بن عليّ الهاشمي. وأما المولى المازندراني (رضیَ اللّهُ عنهُ) فقد أثبته في كتابه بالباء (البعقوبي) نسبة إلى بعقوبا في العراق كما ذكر ذلك الميرزا الشعراني في تعليقته على شرح المازندراني فراجع جزء 208/3.

أصحابنا، عن عبد الأعلى مولى آل سام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن يهودياً يقال له : سُبُحْت (1)، جاء إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا رسول اللّه ! جئت أسألك عن ربك، فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه وإلا رجعت، قال: سل عما شئت، قال: أين ربك؟ قال : هو في كلّ مكان وليس في شيء من المكان المحدود. قال : وكيف هو ؟ قال : وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق واللّه لا يوصف بخلقه ؛ قال : فمن أين يعلم أنك نبي اللّه ؟ قال : فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك إلّا تكلم بلسان عربي مبين يا سُبحت إنّه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال سُبحت : ما رأيت كاليوم أمراً أبين من هذا، ثمَّ قال : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنك رسول اللّه.

١٠ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن يحيى الخثعمي، عن عبد الرحمن بن عُتيك (2) القصير قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن شيء من الصفة (3) فرفع يده إلى السماء ثمَّ قال تعالى الجبار، تعالى الجبّار من تعاطى ما ثمَّ هلك (4).

٣١ - باب في إبطال الرؤية

باب في إبطال الرؤية (5)

١ - محمّد بن أبي عبد اللّه عن عليّ بن أبي القاسم، عن يعقوب بن إسحاق قال : كتبت إلى أبي محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أسأله : كيف يعبد العبد ربه وهو لا يراه؟ فوقع (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا يوسف جلّ سيّدي ومولاي والمنعم عليَّ وعلى آبائي أن يُرى، قال : وسألته : هل رأى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ربِّه؟ فوقع (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ اللّه تبارك وتعالى أرى رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحب.

2 _ أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى قال : سألني أبو قرَّة المحدّث (6) أن أدخله على أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاستأذنته في ذلك فأذن لي، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام، حتّى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال أبو قرَّة : إنا روّينا أنَّ اللّه

ص: 149


1- وقيل بالخاء سخت.
2- في شرح المولى المازندراني بفتح العين (عتيك) فراجع 211/3.
3- أي صفة اللّه سبحانه. أو حقيقته.
4- «يعني من تعرّض لتحقيق ذات الحقّ وصفاته وخاض في معرفة حقيقتهما... هلك» المازندراني 211/3.
5- أي بيان استحالة أن يُرى سبحانه من قبل أحد من مخلوقيه لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهذا ممّا أجمعت عليه الإماميّة الإثنا عشرية تبعاً لأئمة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وتابعهم في ذلك المعتزلة، وخالف فيه الأشاعرة حيث جوزوا رؤيته في الآخرة، والمشبهة والمجسمة حيث ذهبوا إلى جواز رؤيته في الدنيا والآخرة معاً.
6- قيل بأن اسمه عليّ بن أبي قرة وكنيته أبو الحسن.

قسم الرؤية والكلام بين نبيين فقسم الكلام لموسى ولمحمّد الرؤية، فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فمن المبلغ عن اللّه إلى الثقلين من الجن والإنس : (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) (1). ولا يحيطون به علماً (2). (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (3)) أليس محمّد ؟ قال : بلى قال : كيف يجيىء رجل إلى الخلق جميعاً فيخبرهم أنّه جاء من عند اللّه، وأنه يدعوهم إلى اللّه بأمر اللّه فيقول: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ولا يحيطون به علماً و لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ثمَّ يقول أنا رأيته بعيني وأحطت به علماً وهو على صورة البشر؟! أما تستحون؟! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي من عند اللّه بشيء ثمَّ يأتي بخلافه من وجه آخر؟! قال أبو قرة : فإنّه يقول : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (4)) فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن بعد هذه الآية ما يدلُّ على ما رأى حيث قال: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (5)) يقول : ما كذب فؤاد محمّد ما رأت عيناه، ثمَّ أخبر بما رأى فقال (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (6)) فآيات اللّه غير اللّه وقد قال اللّه : (ولا يحيطون به) علماً فإذا رأته الأبصار فقد أحاط به العلم ووقعت المعرفة ؛ فقال أبو قرّة فتُكذِّب بالروايات؟ فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذَّبتها. وما أجمع المسلمون عليه، أنّه لا يحاط به علماً ولا تدركه الأبصار وليس كمثله شيء؟.

٣ - أحمد بن أدريس عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن سيف، عن محمّد بن عبيد قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن الرؤية وما ترويه العامّة والخاصّة، وسألته أن يشرح لي ذلك، فكتب بخطه : اتفق الجميع لا تمانع (7) بينهم أن المعرفة من جهة الرؤية ضرورة فإذا جاز أن يرى اللّه بالعين وقعت المعرفة ضرورة. ثمَّ لم تخل تلك المعرفة من أن تكون إيماناً أو ليست بإيمان، فإن كانت تلك المعرفة من جهة الرُّؤية إيماناً، فالمعرفة التي في دار الدُّنيا من جهة الاكتساب ليست بإيمان لأنّها ضدُّه، فلا يكون في الدُّنيا مؤمن لأنهم لم يروا اللّه عزَّ ذكره. وإن لم تكن تلك المعرفة التي من جهة الرؤية إيماناً لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب أن تزول ولا تزول في المعاد (8) فهذا دليلٌ على أنَّ اللّه عزّ

ص: 150


1- الأنعام / 103.
2- طه / 110.
3- الزمر / ١١.
4- النجم / ١٣.
5- النجم / ١١.
6- النجم / ١٨.
7- أي لا تنازع.
8- «معنى الحديث: أنّه لا شك أن المعرفة بالشيء تحصل من جهة رؤيته ضرورةً، فإذا جاز رؤيته سبحانه وقعت المعرفة به ضرورةً، ثمَّ لا يخلو إما أن يكون الإيمان به سبحانه عبارة عن تلك المعرفة التي تحصل من جهة رؤيته، أو عباره عن المعرفة التي اكتسبناها في دار الدنيا، فإن كان الإيمان به عزّ وجلّ عبارة عن تلك المعرفة التي تحصل من جهة رؤيته سبحانه فالمعرفة التي اكتسبناها في دار الدنيا ليست بإيمان لأنها ضده، فإنا قد اكتسبنا في دار الدنيا علماً برهانياً من جهة العقل والنقل بأن اللّه سبحانه ليس بجسم ولا صورة ولا محدود ولا محصور في جهة ولا مكان ولا زمان وأنه حاضر عندنا ولا نراه بهذه الأعين، مع صحة أعيننا وجامعيتها لشرائط الرؤية... وإن كان الإيمان به جل ذكره عبارة عن المعرفة التي اكتسبناها في دار الدنيا فلا يخلو إما أن تزول تلك المعرفة عند رؤيته في الآخرة أو لا تزول، ولا يجوز أن لا تزول لأنهما ضدان فلا يجتمعان ولا يجوز أيضاً أن تزول لأن الفرض أن الإيمان عبارة عن هذه المعرفة وأن هذا العلم من جملة أركان الإيمان والاعتقاد الصحيح باللّه جل ذكره وأنه كذلك، وظاهر أن الاعتقاد الصحيح في الآخرة، فمعرفته من جهة الرؤية السمت بصحيحة» الوافي ٨٣/١.

وجل لا يرى بالعين، إذ العين تؤدي إلى ما وصفناه.

٤ _ وعنه، عن أحمد بن إسحاق قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن الرؤية وما اختلف فيه النّاس فكتب : لا تجوز الرؤية، ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء ينفذه البصر، فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم تصح الرؤية ؛ وكان في ذلك الاشتباه، لأن الرائي متى ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه، وكان ذلك التشبيه، لأنّ الأسباب لا بد من اتصالها بالمسببات.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبيه قال : حضرت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدخل عليه رجل من الخوارج فقال له : يا أبا جعفر أي شيء تعبد ؟ قال : اللّه تعالى :قال رأيته ؟ قال : بل لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يُعرف بالقياس ولا يدرك بالحواس ولا يشبه بالناس ؛ موصوف بالآيات، معروف بالعلامات، لا يجور في حكمه ؛ ذلك اللّه، لا إله إلّا هو ؛ قال : فخرج الرَّجل وهو يقول: «اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.

٦ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: جاء جبر إلى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته ؟ قال : فقال : ويلك ما كنت أعبد رباً لم أره ؛ قال : وكيف رأيته ؟ قال : ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان (1).

7 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن عاصم ابن

ص: 151


1- «أي بالعقائد التي هي حقائق أي عقائد عقلية ثابتة يقينية لا يتطرق إليها الرمال والتغير هي أركان الإيمان.... الخ» مرآة المجلسي: 1/ 337.

حميد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ذاكرت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما يروون من الرؤية. فقال : الشمس جزء من سبعين جزءاً من نور الكرسي، والكرسي جزء من سبعين جزءاً من نور العرش، والعرش جزء من سبعين جزءاً من نور الحجاب، والحجاب جزء من سبعين جزءاً من نور الستر، فإن كانوا صادقين فليملأوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب.

8 - محمّد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لما أسري بي إلى السماء، بلغ بي جبرئيل مكاناً لم يطأه قط جبرئيل، فكشف له فأراه اللّه من نور عظمته ما أحبَّ

في قوله تعالى : (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ) (1)

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي نجران، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله : (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) قال : إحاطة الوهم، ألا ترى إلى قوله : (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) (2) ليس يعني بصر العيون. (فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ) ليس يعني من البصر بعينه. (وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا)، ليس يعني عمى العيون، إنّما عنى إحاطة الوهم كما يقال : فلان بصير بالشعر وفلان بصير بالفقه، وفلان بصير بالدراهم، وفلان بصير بالثياب ؛ اللّه أعظم من أن يُرى بالعين.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي هاشم الجعفري(3)، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عن اللّه هل يوصف؟ فقال : أما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قال: أما تقرأ قوله تعالى: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ) ؟ قلت بلى قال فتعرفون الأبصار؟ قلت يلى قال ما هي؟ قلت: أبصار العيون فقال : إن أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون، فهو لا تدركه الأوهام وهو يدرك الأوهام.

11 - محمّد بن أبي عبد اللّه، عمّن ذكره، عن محمّد بن عيسى، عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار؟ فقال : يا أبا هاشم أوهام القلوب أدقّ من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي

ص: 152


1- إيراد هذه الآية وجعلها عنواناً لبحث هو من صنع الشيخ الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) وهي الآية / ١٠٣ من سورة الأنعام.
2- الأنعام / ١٠٤.
3- واسمه داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر.

لم تدخلها، ولا تدركها ببصرك وأوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون؟ !.

12 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه، عن هشام بن الحكم(1) قال: الأشياء [كلّها] لا تدرك إلّا بأمرين بالحواس والقلب والحواس إدراكها على ثلاثة معان: إدراكاً بالمداخلة (2) وإدراكاً بالمماسة (3) وإدراكاً بلا مداخلة ولا مماسة، فأما الإدراك الّذي بالمداخلة فالأصوات والمشام والطعوم. وأما الإدراك بالمماسة فمعرفة الأشكال من التربيع والتثليث ومعرفة اللين والخشن والحرّ والبرد، وأمّا الإدراك بلا مماسة ولا مداخلة فالبصر فإنّه يدرك الأشياء بلا مماسة ولا مداخلة في حيّز غيره ولا في حيّزه ؛ وإدراك البصر له سبيل وسبب، فسبيله الهواء، وسببه الضياء، فإذا كان السبيل متصلا بينه وبين المرئي والسبب قائم أدرك ما يلاقي من الألوان والأشخاص، فإذا حمل البصر على ما لا سبيل له فيه رجع راجعاً فحكى ما وراءه، كالناظر في المرآة لا ينفذ بصره في المرآة فإذا لم يكن له سبيل رجع راجعاً يحكي ما وراءه، وكذلك الناظر في الماء الصافي يرجع راجعاً فيحكي ما وراءه إذ لا سبيل في إنفاذ بصره ؛ فأما القلب فإنّما سلطانه على الهواء، فهو يدرك جميع ما في الهواء ويتوهمه، فإذا حمل القلب على ما ليس في الهواء موجوداً رجع راجعاً فحكى ما في الهواء، فلا ينبغي للعاقل أن يحمل قلبه على ما ليس موجوداً في الهواء من أمر التوحيد جلّ اللّه، وعزّ فإنه إن فعل ذلك لم يتوهم إلّا ما في الهواء موجود كما قلنا في أمر البصر. تعالى اللّه أن يشبهه خلقه.

32 - باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالی

1 - عليّ بن إبراهيم عن العبّاس بن معروف عن ابن أبي نجران عن حماد ابن عثمان، عن عبد الرحيم بن عتيك القصير قال : كتبت على يدي (4) عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنَّ قوماً بالعراق يصفون اللّه بالصورة وبالتخطيط، فإن رأيت _ جعلني اللّه فداك _ أن تكتب إليَّ بالمذهب الصحيح من التوحيد؟ فكتب إليَّ : سألت رحمك اللّه عن التوحيد وما ذهب إليه من قِبَلَك، فتعالى اللّه الّذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، تعالى عما يصفه الواصفون المشبهون اللّه بخلقه المفترون على اللّه، فاعلم رحمك اللّه أنَّ المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات اللّه جل وعزَّ، فأنفِ عن اللّه تعالى

ص: 153


1- «أي قال هشام من قبله لا من جهة الرواية عن المعصوم» المازندراني ٢٤٥/٣.
2- «أي بدخولك المدرَك في المدرك وحصول المحسوس في مكان الحاسة» ن. م ص / ٢٥٥.
3- «أي بمماسة المدرَك بالمدرك واتصافه به» ن. م.
4- «أي كان هو حامل الكتاب ومبلّغه» مرآة المجلسيّ ٣٤٥/١.

البطلان (1) والتشبيه، فلا نفي ولا تشبيه هو اللّه الثابت الموجود تعالى اللّه عما يصفه الواصفون، ولا تعدوا القرآن فتضلوا بعد البيان.

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي حمزة قال : قال لي عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا حمزة إن اللّه لا يوصف بمحدودية، عظم ربُّنا عن الصفة، فكيف يوصف بمحدودية من لا يحد ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير؟

٣ - محمّد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن سعيد عن إبراهيم بن محمّد الخزاز ومحمّد بن الحسين قالا : دخلنا على أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فحكينا له أن محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رأى ربه في صورة الشاب الموفق (2) في سنّ أبناء ثلاثين سنة وقلنا : إن هشام بن سالم وصاحب (3) الطاق والميثمي (4) يقولون : إنّه أجوف (5) إلى السرَّة والبقيّة صمد (6)؟ فخر (7) ساجداً اللّه ثمَّ قال : سبحانك ما عرفوك ولا وحدوك فمن أجل ذلك وصفوك سبحانك لو عرفوك لوصفوك بما وصفت به نفسك، سبحانك كيف طاوعتهم أنفسهم أن يشبهوك بغيرك، اللّهمّ لا أصفك إلّا بما وصفت به نفسك ولا أشبهك بخلقك، أنت أهل لكلّ خير، فلا تجعلني من القوم الظالمين ؛ ثمَّ التفت إلينا فقال : ما توهمتم من شيء فتوهّموا اللّه غيره، ثمَّ قال : نحن آل محمّد النمط الأوسط (8) الّذي لا يدركنا الغالي (9) ولا يسبقنا التالي(10)، يا محمّد إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حين نظر إلى عظمة ربه كان في هيئة الشاب الموفّق وسنّ أبناء ثلاثين سنة. يا محمّد عَظُمَ ربّي عزّ وجلّ أن يكون في صفة المخلوقين ؛ قال قلت : جعلت فداك من كانت رجلاه في خضرة ؟ قال : ذاك محمّد كان إذا نظر

ص: 154


1- أي نفي الصانع تعالى.
2- «قيل... : هو الّذي أعضاؤه موافقة بحسن الخلقة وفي النهاية الأثيرية : الشاب الموفق الّذي وصل إلى الكمال في قليل من السن» المازندراني ٢٦٥/٣.
3- واسمه محمّد بن عليّ بن النعمان كنيته أبو جعفر ويلقب بالأحول.
4- «الظاهر أنّه عليّ بن إسماعيل بن شعيب بن هيثم أبو الحسن أول من تكلم على مذهب الإماميّة... وكان من وجوه المتكلمين من أصحابنا الخ، فراجع جامع الرواة» للأردبيلي ٥٥٨/١.
5- الأجوف الخالي من [داخله].
6- «أي مصمد مصمت لا جوف له» المازندراني ٢٦٥/٣.
7- الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- «أي الجماعة القائمين على الوسط يعني العدل في العلم والعمل» المازندراني ٢٦٩/٣.
9- أي المفرط عن الحد في الفضائل.
10- أي المقصر عن الحد في تلك الفضائل.

إلى ربِّه بقلبه جعله في نور مثل نور الحجب حتّى يستبين له ما في الحجب، إن نور اللّه منه أخضر ومنه أحمر ومنه أبيض ومنه غير ذلك. يا محمّد : ما شهد له الكتاب والسنة فنحن القائلون به.

٤ - عليّ بن محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن بشر البرني قال: حدَّثني عباس بن عامر القصباني، قال : أخبرني هارون بن الجهم، عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال لو اجتمع أهل السماء والأرض أن يصفوا اللّه بعظمته لم يقدروا.

5 - سهل(1)، عن إبراهيم بن محمّد الهمداني قال: كتبت إلى الرَّجل (عَلَيهِ السَّلَامُ)(2): أنَّ من قبلنا من مواليك قد اختلفوا في التوحيد، فمنهم من يقول : جسم، ومنهم من يقول: صورة (3)، فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بخطه : سبحان من لا يحدّ ولا يوصف، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم - أو قال - البصير.

٦ - سهل، عن محمّد بن عيسى، عن إبراهيم (4)، عن محمّد بن حكيم قال : كتب أبو الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى أبي : أنَّ اللّه أعلا وأجلُّ وأعظم من أن يبلغ كنه صفته، فصفوه بما وصف به نفسه، وكفوا عمّا سوى ذلك.

7 - سهلٌ،، عن السندي بن الربيع، عن ابن أبي عمير عن حفص أخي مرازم، عن المفضّل قال : سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن شيء من الصفة فقال: لا تجاوز ما في القرآن.

8 - سهل، عن محمّد بن عليّ القاساني قال : كتبت إليه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد قال : فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سبحان من لا يحد ولا يوصف، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

9 - سهل، عن بشر بن بشار النيسابوري قال: كتبت إلى الرَّجل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد فمنهم من يقول : [هو] جسم ومنهم من يقول [هو] صورةً، فكتب إليَّ : سبحان من لا يحدُّ ولا يوصف ولا يشبهه شيء وليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

ص: 155


1- هو سهل بن زياد المتقدم في الحديث السابق.
2- المقصود بالرَّجل (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو الإمام أبو الحسن الثالث (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي ذو صورة.
4- أي ابن محمّد الهمداني المتقدم ذكره.

10 - سهل، قال : كتبت إلى أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) سنة خمس وخمسين ومأتين : قد اختلف يا سيّدي أصحابنا في التوحيد، منهم من يقول : هو جسم، ومنهم من يقول : هو صورة، فإن رأيت يا سيدي أن تعلّمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه فعلتَ متطوّلاً على عبدك، فوقع بخطه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سألت عن التوحيد وهذا(2) عنكم معزول (3)، اللّه واحد، أحد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، خالق ولميس بمخلوق يخلق تبارك وتعالى ما يشاء من الأجسام وغير ذلك وليس بجسم، ويصوّر ما يشاء وليس بصورة جلّ ثناؤه وتقدست أسماؤه أن يكون له شبه هو لا غيره ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

11 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان حماد عن بن عيسى عن ربعي ابن عبد اللّه عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن اللّه لا يوصف، وكيف يوصف؟ وقد قال في كتابه : (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (4) فلا يوصف بقدر إلّا كان أعظم من ذلك.

12 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، وعن غيره، عن محمّد بن سليمان، عن عليّ ابن إبراهيم، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : إن اللّه عظيم رفيع لا يقدر العباد على صفته ولا يبلغون کنه (5) عظمته، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، ولا يوصف بكيف ولا أين وحيث، وكيف أصفه بالكيف؟! وهو الّذي كيف الكيف حتّى صار كيفاً فعرفت الكيف بما كيف لنا من الكيف، أم كيف أصفه بأين؟! وهو الّذي أين الأين حتّى صار أيناً فعرفت الأين بما أيّن لنا من الأين أم كيف أصفه بحيث؟! وهو الّذي حيّث الحيث حتّى صار حيثاً فعرفت الحيث بما حيث لنا من الحيث فاللّه تبارك وتعالى داخل في كلّ مكان وخارج من كلّ شيء، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار؟ لا إله إلّا هو العلي العظيم وهو اللطيف الخبير.

ص: 156


1- أي الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- «أي التوحيد» المازندراني ٢٨٠/٣.
3- «يعني التوغل في ذاته وصفاته معزول عنكم لأنه خارج عن طاقة البشر وإنما عليكم الأخذ بما وصف به نفسه في القرآن...» ن. م.
4- الأنعام / 91، أي ما عظموه أو ما أنزلوه المنزلة اللائقة بقدره الرفيع.
5- أي حقيقة.

٣٣ - باب النهي عن الجسم والصورة

1 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن عليّ بن أبي حمزة، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أنّ اللّه جسم صمدي نوري، معرفته ضرورة، يمن بها على من يشاء من خلقه، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلّا هو، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لا يُحَدُّ ولا يُحَسُّ ولا يُجَس ولا تُدْركه الأبصار ولا] الحواس، ولا يحيط به شيء ولا جسم ولا صورة ولا تخطيط ولا تحديد.

2 - محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد عن حمزة بن محمّد قال : كتبت إلى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن الجسم والصورة فكتب : سبحان من ليس كمثله شيء لا جسم ولا صورة؛ ورواه محمّد بن أبي عبد اللّه (1) إلّا أنّه لم يسمّ الرَّجل (2).

٣ - محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن زيد قال : جئت إلى الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن التوحيد فأملى علي : الحمد للّه فاطر (3) الأشياء إنشاء، ومبتدعها ابتداعاً (4) بقدرته وحكمته، لا من شيء فيبطل الاختراع ولا لعلّة فلا يصحُ الابتداع خلق ما شاء كيف شاء، متوحداً بذلك لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيته، لا تضبطه العقول، ولا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأبصار، ولا يحيط به مقدار، عجزت دونه العبارة، وكلّت دونه الأبصار، وضلّ فيه تصاريف الصفات، احتجب بغیر حجاب محجوب، واستتر بغير ستر مستور عُرِفَ بغير رؤية، ووُصِفَ بغير صورة، ونُعِتَ بغير جسم ؛ لا إله إلّا اللّه الكبير المتعال.

٤ - محمّد بن أبي عبد اللّه عمّن ذكره، عن عليّ بن العبّاس، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن حكيم قال : وصفت لأبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قول هشام بن سالم الجواليقي، وحكيت له قول هشام بن الحكم إنّه جسم. فقال : إنَّ اللّه تعالى لا يشبهه شيء، أيُّ فحش أو

ص: 157


1- هو محمّد بن جعفر بن عون.
2- «يعني قال : كتبت إلى الرَّجل ولم يصرّح باسمه» المازندراني 29٠/٣. ومن الواضح أن كثيراً ممّا مر حتّى الآن من الروايات المصدّرة بكلمة : كتبت هي ما يسمى في علم الرواية بالمكاتبات.
3- أي خالقها، والإنشاء هو الإيجاد لا عن مادة.
4- الابتداع هو الإيجاد لا لعلة. وقد مر توضيح ذلك عند تعليقنا على هذه العبائر في خطبة الكتاب للمصنف (رضیَ اللّهُ عنهُ).

خنی (1) أعظم من قول من يصف خالق الأشياء بجسم أو صورة أو بخلقة أو بتحديد وأعضاء، تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً.

٥ - عليّ بن محمّد رفاعه عن محمّد بن الفرج الرُّخجي قال: كتبت إلى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عمّا قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم في الصورة فكتب : دع عنك حيرة الحيران واستعذ باللّه من الشيطان ليس القول ما قال الهشامان.

6 - محمّد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح عن الحسن بن سعيد عن عبد اللّه بن المغيرة عن محمّد بن زياد قال: سمعت يونس بن ظبيان يقول : دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : إن هشام بن الحكم يقول قولاً عظيماً، إلّا أنّي أختصر لك منه أحرفاً : فزعم أن اللّه جسم لأنّ الأشياء شيئان: جسم وفعل الجسم، فلا يجوز أن يكون الصانع بمعنى الفعل ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل. فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ويحه، أما علم أنّ الجسم محدود متناه والصورة محدودة متناهية، فإذا احتمل الحدّ احتمل الزيادة والنقصان وإذا احتمل الزّيادة والنقصان كان مخلوقاً. قال : قلت : فما أقول؟ قال : لا جسم ولا صورة وهو مجسم الأجسام ومصوّر الصور، لم يتجزء ولم يتناه ولم يتزايد ولم يتناقص، لو كان كما يقولون، لم يكن بين الخالق والمخلوق فرق، ولا بين المُنْشِىء والمُنْشَأ، لكن هو المنشىء فرَّق بين من جسمه وصوره وأنشأه، إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئاً.

7 - محمّد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن العبّاس، عن الحسن ابن عبد الرحمن الحماني قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن هشام بن الحكم زعم أن اللّه جسم ليس كمثله شيء (2)، عالم، سميع، بصير،،قادر، متكلّم، ناطق، والكلام والقدرة والعلم يجري مجرى واحد ليس شيء منها مخلوقاً. فقال : قاتله اللّه أما علم الجسم محدود والكلام غير المتكلم معاذ اللّه وأبرء إلى اللّه من هذا القول، لا هذا القول، لا جسم ولا صورة ولا تحديد وكلُّ شيء سواه مخلوق، إنّما تكون الأشياء بإرادته ومشيئته من غير كلام (3) ولا

ص: 158


1- الخنى : بالفتح الفحش في القول والخنى بالكسر الزنا.
2- «يؤمي إلى أنّه لم يقل بالجسمية الحقيقية بل أخطأ في إطلاق لفظ الجسم عليه تعالى، ونفى عنه صفات الأجسام كلها. ويحتمل أن يكون مراده أنّه لا يشبهه شيء من الأجسام، بل هو نوع مباين لسائر أنواع الأجسام. فعلى الأول، نفى (عَلَيهِ السَّلَامُ) إطلاق هذا اللفظ عليه، بأن الجسم إنّما يطلق على الحقيقة التي يلزمها التقدر والتحدد فكيف يطلق عليه تعالى» مرآة المجلسيّ 8/2.
3- أي يبرز به مشبئته في إيجاد الأشياء وخلقها لأن ذلك من شؤون المخلوق لا الخالق.

تردُّد في نفس (1) ولا نطق بلسان.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن حكيم قال : وصفت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قول هشام الجواليقي وما يقول في الشاب الموفق، ووصفت له قول هشام بن الحكم. فقال : إن اللّه لا يشبهه شيء.

٣٤ - باب صفات الذات

٣٤ - باب صفات الذات (2)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن خالد الطيالسي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لم يزل اللّه عزّ وجلّ ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع والبصر ذاته ولا مبصر والقدرة ذاته ولا مقدور، فلمّا أحدث الأشياء وكان المعلوم، وقع العلم منه على المعلوم، والسمع على المسموع، والبصر على المبصر، والقدرة على المقدور، قال : قلت : فلم يزل اللّه متحركاً؟ قال : فقال : تعالى اللّه عن ذلك، إنَّ الحركة صفة محدثة بالفعل، قال : قلت : فلم يزل اللّه متكلّماً؟ قال: فقال : إِنَّ الكلام صفة محدثة ليست بأزلية كان اللّه عزّ وجلّ ولا متكلم.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : كان اللّه عزّ وجلّ ولا شيء غيره ولم يزل عالماً بما يكون فعلمه به قبل كونه، كعلمه به بعد کونه.

٣ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن الكاهليّ، (3) قال : كتبت إلى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) في دعاء : الحمد اللّه منتهى علمه. فكتب إليَّ : لا تقولن منتهى

ص: 159


1- أي تفكر في عواقب الأمور لاستكناه مصالحها ومفاسدها كما عليه الحال في المخلوق عند تصوره لأمر وشوقه إلى تحقيقه.
2- «صفاته سبحانه على ثلاثة أقسام منها سلبية محضة كالقدوسية والفردية، ومنها إضافية محضة كالمبدئية والخالقية والرازقية، ومنها حقيقة سواء كانت ذات إضافة كالعالمية والقادرية او لا كالحياة والبقاء. ولا شك أن السلوب والإضافات زائدة على الذات وزيادتها لا توجب انفعالاً ولا تكثراً. وأما الصفات الحقيقية فالحكماء والإماميّة على أنّها غير زايدة على ذاته تعالى، حتّى يكون علمه سبحانه عبارة عن نفي الجهل ليلزم التعطيل، فقيل : معنى كونه عالماً وقادراً أنّه يترتب على مجرد ذاته ما يترتب على الذات والصفة، بأن تنوب ذاته مناب تلك الصفات.... فذاته وجود وعلم وقدرة وحياة وسمع وبصر، وهو أيضاً موجود عالم قادر حي سميع بصير...» الخ مرآة المجلسيّ ١٠/٢.
3- واسمه عبد اللّه بن يحيى.

علمه، فليس لعلمه منتهى ولكن قل : منتهى رضاه.

4 - محمّد بن يحيى، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن أيّوب بن نوح أنّه كتب إلى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسأله عن اللّه عزّ وجلّ : أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكوَّنها، أو لم يعلم ذلك حتّى خلقها وأراد خلقها وتكوينها، فعلم ما خلق عندما خلق، وما كون عندما كوَّن؟ فوقع بخطه : لم يزل اللّه عالماً بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء.

٥ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد بن حمزة قال: كتبت إلى الرَّجل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله : أنَّ مواليك اختلفوا في العلم فقال بعضهم : لم يزل اللّه عالماً قبل فعل الأشياء، وقال بعضهم : لا نقول : لم يزل اللّه عالماً، لأنَّ معنى يعلم يفعل، فإن أثبتنا العلم فقد أثبتنا في الأزل معه شيئاً. فإن رأيت جعلني اللّه فداك أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه (1)؟ فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بخطه : لم يزل اللّه عالماً تبارك وتعالى ذكره.

٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمّد، عن عبد الصمد بن بشير، عن فضيل بن سُكَّرة، قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك إن رأيت أن تعلّمني هل كان اللّه جل وجهه يعلم قبل أن يخلق الخلق أنّه وحده؟ فقد اختلف مواليك فقال بعضهم : قد كان يعلم قبل أن يخلق شيئاً من خلقه، وقال بعضهم : إنّما معنى يعلم يفعل فهو اليوم يعلم أنّه لا غيره قبل فعل الأشياء فقالوا : إن أثبتنا أنّه لم يزل عالماً بأنه لا غيره فقد أثبتنا معه غيره في أزليته؟ فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني ما لا أعدوه إلى غيره؟ فكتب :(عَلَيهِ السَّلَامُ) ما زال اللّه عالما تبارك وتعالى ذكره.

٣٥ - باب آخر وهو من الباب الأوّل

٣٥ - باب آخر وهو من الباب الأوّل (2)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن حماد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال في صفة القديم : إنّه واحد صمدٌ أحدي المعنى

ص: 160


1- لا أتعداه.
2- قال الميرزا الشعراني في تعليقته على شرح المولى المازندراني ذيل صفحة ٣٤٠ من الجزء الثالث : قوله : وهو من الباب الأول، قال صدر المتألهين لأن كليهما في صفاته تعالى، والفرق بينهما أن المذكور في الأوّل أن صفاته تعالى ثابتة في الأزل قبل وجود الأشياء بلا تجدد وتغير، والمذكور في الآخر أن كلّ صفة حقيقة هي عين الآخر بلا تغايره فراجع.

ليس بمعاني كثيرة مختلفة (1)، قال : قلت : جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق أنّه يسمع بغير الّذي يبصر ويبصر بغير الّذي يسمع (2)، قال : فقال : كذبوا وألحدوا وشبّهوا تعالى اللّه عن ذلك، إنّه سميع بصير يسمع بما يبصر ويبصر بما يسمع (3)، قال: قلت: يزعمون أنّه بصير على ما يعقلونه (4)، قال فقال : تعالى اللّه إنّما يُعقل ما كان بصفة المخلوق وليس اللّه كذلك

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن العبّاس بن عمرو عن هشام بن الحكم قال في حديث الزنديق الّذي سأل أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنّه قال له : أتقول : إنّه سميع بصير؟ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هو سميع بصير، سميع بغير جارحة، وبصير بغير آلة بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه وليس قولي : إنّه سميع بنفسه أنّه شيء والنفس شيء آخر، ولكني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولاً وإفهاماً لك إذا كنت سائلاً فأقول يسمع بكلّه، لا أنَّ كلّه له بعض، لأنَّ الكل لنا [له] بعض، ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك كله إلّا أنّه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف معنى.

٣٦ - باب الإرادة إنها من صفات الفعل وسائر صفات الفعل

٣٦ - باب الإرادة إنّها من صفات الفعل وسائر صفات الفعل (5)

1 - محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن عيسى الأشعريّ عن الحسين بن سعيد الأهوازي، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت : لم يزل اللّه مريداً؟ قال : إنَّ المريد لا يكون إلّا لمراد معه (6)، لم يزل [الله] عالماً قادراً ثمَّ أراد.

2 - محمّد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن عليّ بن أسباط، عن الحسن بن الجهم، عن بكير بن أعين قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : علم اللّه ومشيئته هما مختلفان أو متفقان ؟ فقال : العلم ليس هو المشيئة، ألا ترى

ص: 161


1- «يعني ليس هو موصوفاً بصفات متعددة مختلفة زايدة عليه لتنزهه عن الاتصاف بالصفات والاحتياج إليها ولحوق النقص به في مرتبة ذاته ومشاركة الغير معه في القدم والوجود الأزلي» المازندراني ٣٤١/٣.
2- «يعني يزعمون أن له معنيين مختلفين ووصفين متغايرين يسمع بأحدهما ويبصر بالآخره».ن.م.
3- «يعني يسمع ويبصر بنفس ذاته الحقة المجردة عن شائبة التكثر والتوصيف» ن. م.
4- «أي من الإبصار بآلة البصره» مرآة المجلسيّ ١٣/٢.
5- «وهو رحمه اللّه يذكر في هذا الباب ضابطة الفرق بين صفات الفعل وصفات الذات» المازندرانی ٣٤٤/٣.
6- «فلو كانت إرادته أزلية لكان مراده أيضاً أزلياً فلزم أن يكون معه غيره في الأزل وهو باطل» ن.م ص / ٣٤٥. وهذا يكشف عن أن المراد بالإرادة ها هنا الإحداث... لا التي هي عين ذاته الأحدية الوافي ١ / 100 فهي على هذا من صفات الفعل التي يصح سلبها عنه في الأزل ولا يلزم منه نقص» المازندراني ٣٤٥/٣.

أنّك تقول : سأفعل كذا إن شاء اللّه ولا تقول : سأفعل كذا إن علم اللّه. فقولك إن شاء اللّه دليل على أنّه لم يشأ، فإذا شاء كان الّذي كما شاء، وعلم اللّه السابق للمشيئة.

3 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى قال : قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرني عن الإرادة من اللّه ومن الخلق ؟ قال : فقال : الإرادة من الخلق الضمير (1) وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل، وأما من اللّه تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك لأنّه لا يروّي (2) ولا يهم ولا يتفكر، وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق، فإرادة اللّه الفعل؛ لا غير ذلك. يقول له : كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همّة ولا تفكر ولا كيف لذلك، كما أنّه لا كيف له.

٤ - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : خلق اللّه المشيئة بنفسها ثمَّ خلق الأشياء بالمشيئة (3).

٥ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن محمّد بن عيسى، عن المشرقي حمزة بن المرتفع عن بعض أصحابنا قال: كنت في مجلس أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له : جعلت فداك قول اللّه تبارك وتعالى : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى) (4) ما ذلك الغضب (5)؟ فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هو العقاب (6). يا عمرو إنّه من زعم أنَّ اللّه قد زال من شيء إلى شيء فقد وصفه صفة مخلوق وإنّ اللّه تعالى لا يستفزه (7) شيء فيغيره.

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن العبّاس بن عمرو، عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الّذي سأل أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فكان من سؤاله أن قال له : فله رضا وسخط؟ فقال أبو عبد

ص: 162


1- «أي أمر يدخل في خواطرهم وأذهانهم ويوجد في نفوسهم ويحل فيها بعد ما لم يكن فيها» مرآة المجلسيّ ٢ /١٦ – 17.
2- «أي لا يفعل باستعمال الروية» المازندراني ٣٥٠/٣.
3- قال الفيض (رضیَ اللّهُ عنهُ) في الوافي 101/1 ما نصه: «قال السيّد الداماد (رضیَ اللّهُ عنهُ) المراد بالمشيئة ها هنا مشيئة العباد لأفعالهم الاختيارية لتقدّسه سبحانه عن مشيئة مخلوقة زايدة على ذاته عزّ وجلّ وبالأشياء أفاعيلهم المترتب وجودها على تلك المشيئة».
4- طه / 81.
5- «لما كان الغضب عبارة عن ثوران النفس وحركة قوتها الغضبية عن تصور المؤذي والضار والإرادة مقاومته ودفعه وهو يوجب ثوران دم القلب.... وكان ذلك من خواص المخلوق.... أشكل ذلك على السائل فسأل عن المقصود منه» المازندراني ٣٥٦/٣.
6- «أي عقاب العاصي وعذاب المخالف لأوامره ونواهيه مجازاً من باب إطلاق السبب على المسبب» ن. م.
7- أي لا يزعجه ولا يستخفه.

(عَلَيهِ السَّلَامُ) : نعم ولكن ليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين، وذلك أنَّ الرضا حال تدخل عليه فتنقله من حال إلى حال؛ لأنَّ المخلوق أجوفٌ معتمل (1) مركب، للأشياء فيه مدخل، وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه لأنّه واحد واحديُّ الذات واحدي المعنى، فرضاه ثوابه، وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال، لأنَّ ذلك من صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين.

7 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: المشيئة محدثة.

جملة القول في صفات الذات وصفات الفعل

إنَّ (2) كلّ شيئين (3) وصفت اللّه بهما وكانا جميعاً في الوجود فذلك صفة فعل؛ وتفسير هذه الجملة : أنّك تثبت في الوجود ما يريد وما لا يريد وما يرضاه وما يسخطه وما يحبُّ وما يبغض، فلو كانت الإرادة من صفات الذات مثل العلم والقدرة كان ما لا يريد ناقضاً لتلك الصفة، ولو كان ما يحبُّ من صفات الذات كان ما يبغض ناقضاً لتلك الصفة، ألا ترى أنا لا نجد في الوجود ما لا يعلم وما لا يقدر عليه وكذلك صفات ذاته الأزلي لسنا نصفه بقدرة وعجز، وعلم وجهل وسفه وحكمة وخطأ وعزّ وذلّة. ويجوز أن يقال : يحبُّ من أطاعه ويبغض من عصاه ويوالي من أطاعه ويعادي من عصاه، وإنّه يرضى ويسخط، ويقال في الدعاء : اللّهمّ أرض عنّي ولا تسخط علي، وتولّني ولا تعادني. ولا يجوز أن يقال : يقدر أن يعلم ولا يقدر أن لا يعلم ويقدر أن يملك ولا يقدر أن لا يملك، ويقدر أن يكون عزيزاً حكيماً ولا يقدر أن لا يكون عزيزاً حكيماً، ويقدر أن يكون جواداً ولا يقدر أن لا يكون جواداً، ويقدر أن يكون غفوراً ولا يقدر أن لا يكون غفوراً، ولا يجوز أيضاً أن يقال : أراد أن يكون رباً وقديماً وعزيزاً وحكيماً ومالكاً وعالماً

ص: 163


1- «المعتمل : الّذي عمل فيه غيره» الوافي ١٠١/١.
2- هذا العرض الوارد تحت هذا العنوان هو للشيخ الكلينيّ رحمه اللّه. وقد ذكر الميرزا الشعراني في تعليقته على شرح المازندراني ج ٣ ذيل ص / ٣٦٠ - ٣٦١ ما نصه : «قال صدر المتألهين (رضیَ اللّهُ عنهُ) : ذكر الشيخ (رضیَ اللّهُ عنهُ) (يعني الكلينيّ) في هذا الحديث قاعدة علمية بها يُعرف الفرق بين صفات ذاته وصفات أفعاله، وهي أن كلّ صفة وجودية لها مقابل وجودي فهي من صفات الأفعال لا من صفات الذات لأن صفاته الذاتية كلها عين ذاته وذاته ممّا لا ضد له وهذا قانون جملي في معرفة صفات الذات وصفات الفعل، ثمَّ فسّره ومزجه بذكر الأمثلة المخصوصة المندرجة تحت الجملة» انتهى والظاهر أن المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) أخذ مضمون كلام صدر المتألهين هذا بل نقله بالمعنى ولم ينسبه إليه فراجع مرآته ص / 22.
3- أي متضادين في الوجود كالحب والبغض مثلاً.

وقادراً لأنَّ هذه من ضفات الذات والإرادة من صفات الفعل ألا ترى أنّه يقال : أراد هذا ولم يرد.هذا وصفات الذات تنفى عنه بكلّ صفة منها ضدّها، يقال : حي وعالم وسميع وبصير وعزيز وحكيمٌ، غني، ملكُ حليم عدل كريم فالعلم ضده الجهل والقدرة ضدها العجز والحياة ضدُّها الموت والعزَّة ضدُّها الذلّة والحكمة ضدُّها الخطأ وضدُّ الحلم العجلة والجهل، وضدّ العدل الجور والظلم.

37 - باب حدوث الأسماء

37 - باب حدوث الأسماء (1)

1 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن إبراهيم بن عمر عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه تبارك وتعالى خلق اسماً بالحروف غير متصوّت (2)، وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسّد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ، منفي عنه الأقطار، مبعد عنه الحدود، محجوب عنه حسُّ كلّ متوهم مستتر غیر مستور (3) فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معاً ليس منها واحدٌ قبل الآخر، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها، وحجب منها واحداً وهو الاسم المكنون المخزون، فهذه الأسماء التي ظهرت والظاهر هو اللّه تبارك وتعالى، وسخر سبحانه لكلّ اسم من هذه الأسماء أربعة أركان فذلك اثنا عشر ركناً، ثمَّ خلق لكلّ ركن منها ثلاثين اسماً فعلاً منسوباً إليها فهو الرَّحمن الرحيم، الملك القدوس (4)، الخالق البارىء، المصوّر، الحي القيوم لا تأخذه سِنَةٌ (5) ولا نوم، العليم الخبير السميع البصير الحكيم، العزيز، الجبار، المتكبر، العلي العظيم المقتدر القادر السلام، المؤمن (6)، المهيمن [البارىء]، المنشىء، البديع الرّفيع، الجليل الكريم الرازق المحيي المميت، الباعث، الوارث، فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتّى تتم ثلاث مائة وستين اسماً فهي نسبة لهذه الأسماء

ص: 164


1- قال العلّامة المجلسيّ في مرآته ٤٤/٢ ما نصه : «الحديث الأوّل مجهول، وهو من متشابهات الأخبار وغوامض الأسرار التي لا يعلم تأويلها إلّا اللّه والراسخون في العلم والسكوت عن تفسيره والإقرار بالعجز عن فهمه أصوب وأولى وأحوط وأحرى...».
2- أي ليس هو من عالم الألفاظ والحروف.
3- أي مستر عن الحواس غير مستور عن القلوب الصافية المازندراني ٣٧٢/٣.
4- أي المنزه عن كلّ ما لا يليق بساحة قدسه سبحانه.
5- السِّنَة : أول النوم، والنعاس.
6- الّذي يؤمن عباده من الظلم أو من عقابه لو أطاعوه.

الثلاثة، وهذه الأسماء الثلاثة أركان (1)، وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة وذلك قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) (2).

2 - أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد اللّه عن محمّد بن عبد اللّه وموسى بن عمر ؛ والحسن بن عليّ بن عثمان، عن ابن سنان (3) قال: سألت أبا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل كان اللّه عزّ وجلّ عارفاً بنفسه قبل أن يخلق الخلق ؟ قال : نعم، قلت: يراها ويسمعها؟ قال : ما كان محتاجاً إلى ذلك لأنه لم يكن يسألها ولا يطلب منها، هو نفسه ونفسه هو، قدرته نافذة فليس يحتاج أن يسمي نفسه ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها لأنّه (4) إذا لم يدع باسمه لم يعرف فأوّل ما اختار لنفسه العلي العظيم لأنه أعلى الأشياء كلها، فمعناه اللّه واسمه العلي العظيم، هو أوّل أسمائه علا على كلّ شيء.

٣- وبهذا الإسناد عن محمّد بن سنان قال: سألته (5) عن الاسم ما هو ؟ قال : صفة لموصوف (6).

٤ - محمّد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن بكر بن صالح، عن عليّ بن صالح، عن الحسن بن محمّد بن خالد بن يزيد، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : اسم اللّه غيره، وكل شيء رقع عليه اسم شيء (7) فهو مخلوق ما خلا اللّه. فأما ما عبرته الألسن، أو عملت الأيدي، فهو مخلوق، واللّه غاية من غاياته(8) والمغى غير الغاية، والغاية موصوفة وكلّ موصوف مصنوع، وصانع الأشياء غير موصوف بحدّ مسمّى، لم يتكون فيعرف كينونيته بصنع غيره، ولم يتناه إلى غاية إلّا كانت غيره، لا يزلُّ (9) من فهم هذا

ص: 165


1- أي أصول لأسمائه الحسنى سبحانه.
2- الإسراء / ١١٠.
3- واسمه محمّد بقرينة الرواية التالية. وقد يراد به عبد اللّه.
4- هذه هي العلة في اختياره سبحانه الأسماء لنفسه.
5- أي الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- «أي سمة وعلامة تدل على ذات فهو غير الذات» مرآة المجلسيّ ٣١/٢.
7- أي هذا اللفظ وهو (شيء).
8- ذكر العلّامة المجلسيّ لهذه العبارة عدة وجوه منها : «أن تكون الغاية بمعنى الغرض والمقصود أي كلمة الجلالة مقصود مَن جَعَله مقصوداً، وذريعة من جعله ذريعة، اي كلّ من كان له مطلب وعجز عن تحصيله بسعيه يتوسل إليه باسم اللّه، والمغنى أي المتوسل إليه بتلك الغاية غير الغاية فراجع» مرآة المجلسيّ 32/2.
9- أي لا يميل عن الحقّ ولا يضل. وفي الوافي 103/1 وكذا في شرح المازندراني /٣٩٠/٣ (يذل) بالذال والمعنى ولا يذل ابداً لا في الدنيا ولا في الآخرة من عرف هذا الّذي أفدناه من العلم والحكمة، فراجع المازندراني نفس الجزء والصفحة.

الحكم أبداً، وهو التوحيد الخالص، فارعوه وصدّقوه وتفهموه بإذن اللّه من زعم أنّه يعرف اللّه بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك، لأنَّ حجابه ومثاله وصورته غيره، وإنما هو واحد متوحد، فكيف يوحده من زعم أنّه عرفه بغيره، وإنما عرف اللّه من عرفه باللّه، فمن لم يعرفه به فليس يعرفه، إنّما يعرف غيره، ليس بين الخالق والمخلوق شيء، واللّه خالق الأشياء لا من شيء كان واللّه يسمّى بأسمائه، وهو غير أسمائه والأسماء غيره (1).

38 - باب معاني الأسماء واشتقاقها

38 - باب معاني الأسماء واشتقاقها(2)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد ؛ عن القاسم بن يحيى ؛ عن جده - الحسن بن راشد عن عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن تفسير (3) بسم اللّه الرحمن الرحيم قال : الباء بهاء اللّه، والسين سناء اللّه، والميم مجد اللّه. وروى بعضهم : الميم ملك اللّه، واللّه إله كلّ شيء (4)، الرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصّة.

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنّه سأل أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أسماء اللّه واشتقاقها : اللّه ممّا هو مشتق ؟ فقال : يا هشام : اللّه مشتق من إله وإله يقتضي مألوها، والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئاً، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد، أفهمت يا هشام؟! قال : قلت : زدني. قال : اللّه تسعة وتسعون اسماً فلو كان الاسم هو المسمّى لكان كلّ اسم منها إلها، ولكنَّ اللّه معنى يُدلُّ عليه بهذه الأسماء وكلها غيره، يا هشام : الخبز اسم للمأكول، والماء اسمٌ للمشروب والثوب اسم للملبوس، والنار اسم للمحرق، أفهمت يا هشام فهماً تدفع به وتناضل به أعداءنا المتخذين مع اللّه عزّ وجلّ غيره؟ قلت: نعم، فقال: نفعل اللّه [به] وثبتك يا هشام قال : فواللّه ما قهرني أحدٌ في التوحيد حتّى قمت مقامي هذا (5).

٣ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد البرقيّ، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه

ص: 166


1- لأنها حادثة وهو سبحانه قديم.
2- «المراد بمعاني الأسماء مفهوماتها اللغوية والعرفية» المازندراني ٢/٤.
3- «أشير بهذا التفسير إلى علم الحروف فإنه علم شريف يمكن أن يستنبط منه جميع العلوم والمعارف كلياتها وجزئياتها إلّا أنّه مكنون عند أهله» الوافي للفيض ١٠٣/١.
4- «أي معبوده الّذي يستحق العبادة وغاية الخضوع...» المازندراني ٣/٤.
5- مر هذا الحديث في باب المعبود، ورقمه (2).

الحسن بن راشد عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سئل عن معنى اللّه فقال : استولى على ما دقّ وجلَّ(1).

٤ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد، عن العبّاس بن هلال قال : سألت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (2) فقال : هاد لأهل السماء، وهاد لأهل الأرض، وفي رواية البرقي : هدى من في السماء وهدى من في الأرض.

٥ _ أحمد بن إدريس، عن محمّد بن الجبّار عن صفوان بن يحيى عن فضيل ابن عثمان عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (هو الأوّل والآخر) (3) وقلت : أما الأوّل فقد عرفناه، وأما الآخر فبين لنا تفسيره. فقال : إنّه ليس شيء إلّا يبيد (4) أو يتغيّر، أو يدخله التغيّر والزوال أو ينتقل من لون إلى لون ومن هيئة إلى هيئة، ومن صفة إلى صفة، ومن زيادة إلى نقصان، ومن نقصان إلى زيادة إلّا رب العالمين، فإنّه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة هو الأوّل قبل كلّ شيء، وهو الآخر على ما لم يزل، ولا تختلف عليه الصفات والأسماء كما تختلف على غيره، مثل الإنسان الّذي يكون تراباً مرَّة، ومرة لحماً ودماً، ومرَّة رفاتاً(5) ورميماً (6)، وكالبُسر الّذي يكون مرَّة بلحاً، ومرَّة بسراً، ومرة رطباً، ومرة تمراً (7)، فتتبدل عليه الأسماء والصفات واللّه جل وعزّ بخلاف ذلك.

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة (8)، عن محمّد ابن حكيم، عن ميمون البان قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد سئل عن الأوّل والآخر» فقال :

ص: 167


1- «قال الميرزا الشعراني في هامش ص 8 و 9 من تعليقته على شرح المازندراني ما نصه: استظهر المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) أن الخبر سقط منه لأن الكلينيّ رواه عن البرقي والبرقي رواه بهذا السند بعينه في المحاسن :هكذا سئل عن معنى قول اللّه: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) فقال : استولى على ما دق وجل، وهكذا رواه الطبرسي في الاحتجاج والمعنى : استولى على الأشياء دقيقها وجليلها ولكن الصدق (رضیَ اللّهُ عنهُ) رواه في معاني الأخبار عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما في نسخة الكافي بلفظه والدقيق هو الصغير الحقير والجليل هو الكبير الخطير.
2- النور / 35.
3- الحديد / ٣.
4- أي يهلك.
5- ما يتحطم من بعض الأجسام بعد جفافها ويبسها.
6- العظام البالية.
7- هذا بيان المراحل التي تقطعها ثمرة النخل حيث تكون بعد الطلع خلالاً ثمَّ بَلَحاً ثمَّ بُسْراً ثمَّ رُطَباً ثمَّ نصير تَمراً.
8- الظاهر أنّه عمر بن محمّد بن عبد الرحمن بقرينة كثرة رواية بن أبي عمير عنه.

الأوّل لا عن أوّل،قبله ولا عن بدء سبقه والآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين ولكن قديم، أوَّلٌ آخر، لم يزل ولا يزول، بلا بدء ولا نهاية، لا يقع عليه الحدوث ولا يحول من حال إلى حال، خالق كلّ شيء.

7 - محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه إلى أبي هاشم الجعفري قال : كنت عند أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسأله رجل فقال : أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات في كتابه؟ وأسماؤه وصفاته هي هو؟ فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ لهذا الكلام وجهين إن كنت تقول: هي هو أي أنّه ذو عدد وكثرة، فتعالى اللّه عن ذلك. وإن كنت تقول : هذه الصفات والأسماء لم تزل، فإن لم تزل محتمل معنيين، فإن قلت: لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها، فنعم، وإن كنت تقول : لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ اللّه أن يكون معه شيء غيره، بل كان اللّه ولا خلق ثمَّ خلقها وسيلة بينه وبين خلقه، يتضرعون بها إليه ويعبدونه، وهي ذكره وكان اللّه ولا ذكر، والمذكور بالذكر هو اللّه القديم الّذي لم يزل. والأسماء والصفت مخلوقات والمعاني والمعني بها هو اللّه الّذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف، وإنما يختلف ويأتلف المتجزىء، فلا يقال : اللّه مؤتلف، ولا اللّه قليل ولا كثير، ولكنه القديم في ذاته، لأن ما سوى الواحد متجزىء، واللّه واحد لا متجزىء، ولا متوهم بالقلة والكثرة، وكل متجزىء أو متوهّم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دالّ على خالق له فقولك : إنّ اللّه قدير، خبرت أنّه لا يعجزه شيء، فنفيت بالكلمة العجز وجعلت العجز سواه ؛ وكذلك قولك : عالم، إنّما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل سواه، وإذا أفنى اللّه الأشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع ولا يزال من لم يزل عالماً.

فقال الرَّجل : فكيف سمينا ربنا سميعاً؟ فقال : لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس، وكذلك سميناه بصيراً لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار، من لون أو شخص أو غير ذلك، ولم نصفه ببصر لحظة العين، وكذلك سميناه لطيفاً لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة وأخفى من ذلك، وموضع النشوء منها، والعقل والشهوة (1) للسفاد والحَدَب على نسلها (2)، وإقام (3) بعضها على بعض، ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في

ص: 168


1- السفاد نزو الذكر على الأنثى. والمعنى «يعلم الشهوة منها المعدة للسفاد أو يعلم موضعها» المازندراني ٢٥/٤.
2- أي التعطف.
3- «يعني يعلم موضع إقامة بعضها على بعض أو يعلم قيام ذكورها وأقويائها بأمور إناثها وضعفائها وحفظ نظامها...» ن. م السابق.

الجبال والمفاوز (1) والأودية والقفار (2)، فعلمنا أنَّ خالقها لطيف بلا كيف وإنما الكيفية للمخلوق المكيف ؛ وكذلك سمينا ربنا قوياً لا بقوّة البطش المعروف من المخلوق، ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان وما كان ناقصاً كان غير قديم وما كان غير قديم كان عاجزاً؛ فربنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضدّ ولا ند (3) ولا كيف ولا نهاية ولا تبصار بصر ؛ ومحرَّم على القلوب أن تُمثله، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الضمائر أن تكوّنه، جلَّ وعزَّ عن أدات(4) خلقه وسمات (5) بريته وتعالى عن ذلك علوا كبيراً.

8 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رجل عنده : اللّه أكبر، فقال: اللّه أكبر من أي شيء؟ فقال : من كلّ شيء فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : حدَّدته (6) فقال الرَّجل : كيف أقول؟ قال: قل: اللّه أكبر من أن يوصف.

9 - ورواه محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن مروك بن عبيد، عن جميع بن عمير قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أي شيء اللّه أكبر ؟ فقلت : اللّه أكبر من كلّ شيء. فقال: وكان ثمَّ شيء فيكون أكبر منه ؟ فقلت : وما هو ؟ قال : اللّه أكبر من أن يوصف

١٠ - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس، عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن سبحان اللّه فقال : أنفة [أ] اللّه (7).

١١ _ أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن عليّ بن أسباط، عن سليمان مولى طربال، عن هشام الجواليقي قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : «سبحان اللّه»ما يعني به؟ قال تنزيهه.

ص: 169


1- جمع مفازة، قيل مأخودة إما من التفويز وهو الموت والهلاك لأنها مظنة ذلك إذ لا ماء فيها وإما من الفوز وهو الظفر والنجاة.
2- جمع قفر وهو اسم للمكان الخالي من الكلا والماء والناس.
3- اليد : المثل.
4- «إما بفتح الهمزة بمعنى الآلة أي عن نيلها إياه، ولم تكتب بالتاء المدورة لأنها ليست بمحل وقف أو بكسرها (إدات) بمعنى المعونة، أو بمعنى الثقل وفيهما تكلف» الوافي للفيض ١٠٥/١.
5- جمع سمه وهي العلّامة.
6- أي جعلته محدوداً بأنه أكبر من كلّ شيء.
7- «أي براءة وتعال وتنزه له سبحانه عن صفات المخلوقات.... ويقال أنف منه : أي استنكف» مرآة المجلسيّ 2 / 49.

12 - عليّ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً، عن أبي هاشم الجعفري قال : سألت أبا جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما معنى الواحد ؟ فقال : إجماع الألسن عليه بالوحدانية (1) كقوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) (2).

39 - باب آخر وهو من الباب الأوّل إلا أن فيه زيادة وهو الفرق ما بين المعاني التي تحت أسماء اللّه وأسماء المخلوقين

39 - باب آخر وهو من الباب الأوّل (3)إلا أن فيه زيادة وهو الفرق ما بين المعاني التي تحت أسماء اللّه وأسماء المخلوقين

1 - عليّ بن إبراهيم عن المختار بن محمّد بن المختار الهمداني ؛ ومحمّد بن الحسن، عن عبد اللّه بن الحسن العلوي جميعاً عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4) قال : سمعته يقول : وهو اللطيف الخبير السميع البصير الواحد الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، لو كان كما يقول المشبهة لم يعرف الخالق من المخلوق ولا المنشىء من المنشأ (5)، لكنّه المنشىء، فرَّق بين من جسمه وصوره وأنشأه إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئاً، قلت: أجل جعلني اللّه فداك لكنك قلت : الأحد الصمد وقلت : لا يشبهه شيء، واللّه واحدٌ والإنسان واحدٌ أليس قد تشابهت الوحدانيّة؟ قال : يا فتح أحَلْتَ (6) ثبتك اللّه إنّما التشبيه في المعاني، فأما في الأسماء فهي واحدة وهي دالة على المسمّى، وذلك أنَّ الإنسان وإن قيل واحدٌ فإنه يخبر أنّه جثّة واحدة وليس باثنين، والإنسان نفسه ليس بواحد

ص: 170


1- «يعني كما أن الغرائز الإنسانية مجبولة بحسب الفطرة الأولى على الاعتراف بأن اللّه واحد لا شريك له ولولا الأغراض النفسانية لما اختلف فيه اثنان ولهذا لما سألهم : الست بربكم قالوا بلى بالاتفاق، كذلك في الفطرة الثانية لو خلوا وطبائعهم ولم يكن لهم غرض آخر وسُئِلوا من الخالق إياهم ليقولُنَّ اللّه» الوافي للفيض ١٠٥/١.
2- الزخرف/ 87.
3- «المذكور فيه معاني الأسماء واشتقاقها» المازندراني ٣٤/٤.
4- «ذهب الصدوق (رضیَ اللّهُ عنهُ) في كتاب التوحيد إلى أنّه الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ). وكذا في كتاب عيون أخبار الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) له رحمه اللّه وقد أورد (رضیَ اللّهُ عنهُ) في التوحيد بعد قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كفواً أحد عبارة هي : منشء الأشياء ومجسّم الأجسام ومصوّر الصور ولو كان كما يقولون الخ» والضمير في يقولون يعود إلى المشبهة.
5- «إذ لو وقع التشابه بين الواجب والممكن فإن دخل الممكن في حد الواجب لزم أن يكون الممكن واجباً خالقاً. وإن دخل الواجب في حد الممكن لزم أن يكون الواجب ممكنا مخلوقاً» المازندرانى ٣٦/٤ - ٣٧.
6- أي نطقت بالمستحيل.

لأنَّ أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة وَمَنْ ألوانه مختلفة غيرُ واحد وهو أجزاء مجزاة، ليست بسواء، دمه غير لحمه، ولحمه غير دمه، وعصبه غير عروقه وشعره غير بشره وسواده غير بياضه، وكذلك سائر جميع الخلق، فالإنسان واحد في الاسم ولا واحد في المعنى، واللّه جلّ جلاله هو واحدٌ لا واحد غيره لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ولا نقصان فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلّف من أجزاء مختلفة وجواهر شتى، غير أنّه بالاجتماع شيء واحد(1) قلت: جعلت فداك فرجت عنّي فرج اللّه عنك فقولك : اللطيف الخبير فسره لي كما فسرت الواحد فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل (2). غير أنّي أحبُّ أن تشرح ذلك لي،، فقال : يا فتح إنّما قلنا : اللطيف للخلق اللطيف [و] لعلمه بالشيء اللطيف، أو لا ترى وفقك اللّه وثبتك إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف، ومن الخلق اللطيف ومن الحيوان الصغار ومن البعوض والجرجس (3) وما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكرُ من الأنثى، والحدثُ المولود من القديم، فلما رأينا صغير ذلك في لطفه واهتداءه للسفاد والهرب من الموت، والجمع لما يصلحه، وما في لحج البحار وما في لحاء الأشجار (4) والمفاوز والقفار وإفهام بعضها عن بعض منطقها (5) وما يفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثمَّ تأليف ألوانها حمرة مع صفرة وبياض مع حمرة، وأنه ما لا تكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها (6) لا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف لطف بخلق ما سميناه، بلا علاج ولا أداة ولا آلة وأنَّ كلّ صانع شيء فمن شيء صنع واللّه الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء.

2 (7) - عليّ بن محمّد مرسلاً عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال : إعلم علمك اللّه الخير أنَّ اللّه تبارك وتعالى قديم، والقدم صفته التي دلّت العاقل على أنّه لا شيء قبله ولا شيء معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامّة معجزة الصفة (8) أنّه لا شيء قبل اللّه ولا شيء مع اللّه

ص: 171


1- أي بالوحدة العددية لا الحقيقية.
2- «أي للفرق الظاهر بينه وبين خلقه فلا يجوز أن يكون لطفه كلطفهم» المازندراني ٤١/٤.
3- «الجرجس لغة في القرقس وهو البعوض الصغار» ن. م ص /٤٢ - ٤٣.
4- أي قشور جذوعها وأغصانها.
5- أي يفهم بعضها منطق بعض، ومنطقها هو ما يصدر عنها من رموز وحركات تقوم مقام الكلام فيما بينها.
6- الدمامة : الحقارة وقبح المنظر.
7- هذا الحديث وإن رواه الشيخ الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) هنا مرسلاً إلّا أن الشيخ الصدوق (رضیَ اللّهُ عنهُ) في كتابه عيون أخبار الرضا رواه مسنداً عن الدقاق عن الكلينيّ عن علان عن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن خالد عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فراجع.
8- أي عامة الكائنات كلّ بحسبه. ومعجزة الصفة أي الصفة التي عجزوا عن إدراك حقيقتها أو الاتصاف بها.

في بقائه لم يجز أن يكون خالقاً له لأنه لم يزل معه، فكيف يكون خالقاً لم لم يزل معه. ولو كان قبله شيء كان الأوّل ذلك الشيء لا هذا، وكان الأوّل أولى بأن يكون خالقاً للأوَّل. ثمَّ وصف نفسه تبارك وتعالى بأسماء، دعا الخلق إذ خلقهم وتعبّدهم وابتلاهم إلى يأن يدعوه بها فسمّى نفسه سميعاً بصيراً قادراً قائماً، ناطقاً، ظاهراً، باطناً لطيفاً، خبيراً، قوياً، عزيزاً، حكيماً، عليماً وما أشبه هذه الأسماء، فلما رأى ذلك من أسمائه القالون (1) المكذبون، وقد سمعونا نحدّث عن اللّه أنّه لا شيء مثله ولا شيء من الخلق في حاله قالوا : أخبرونا - إذا زعمتم أنّه لا مثل اللّه ولا شبه له - كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسمّيتم بجميعها؟ فإنَّ في ذلك دليلاً على أنّكم مثله في حالاته كلها أو في بعضها دون بعض، إذ جمعتم الأسماء الطيّبة (2)؟

قيل (3) لهم : إنَّ اللّه تبارك وتعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني، وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين. والدليل على ذلك قول النّاس الجائز عندهم الشائع، وهو الّذي خاطب اللّه به الخلق فكلّمهم بما يعقلون، ليكون عليهم حجّة في تضييع ما ضيعوا (4). فقد يقال للرَّجل : كلب وحمار وثور وسكّرة وعلقمة وأسد، كلّ ذلك على خلافه وحالاته، لم تقع الأسامي على معانيها التي كانت بنيت عليه، لأنَّ الإنسان ليس بأسد ولا كلب. فافهم ذلك رحمك اللّه.

وإنما سمّي اللّه تعالى بالعلم (5) بغير علم حادث علم به الأشياء، استعان به على حفظ ما يستقبل من امره، والروية فيما يخلق من خلقه، ويفسد ما مضى ممّا أفنى من خلقه ممّا لو لم يحضره ذلك العلم ويغيبه كان جاهلاً ضعيفاً، كما أنا لو رأينا علماء الخلق إنّما سمّوا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا فيه جهلة، وربما فارقهم العلم بالأشياء فعادوا إلى الجهل، وإنما سمي اللّه عالماً لأنه لا يجهل شيئاً، فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العالم واختلف المعنى على ما رأيت.

وسمّي ربنا سميعاً لا بِخُرْتٍ (6) فيه يسمع به الصوت ولا يبصر به، كما أنّ خَرْتَنا الّذي به

ص: 172


1- أي المبغضون. وفي بعض النسخ (الغالون).
2- في بعض النسخ (إذ جمعتكم). والمعنى «مشاركتكم معه في الأسماء تقتضي مشابهتكم ومماثلتكم معه في المعنى لأن الاسم دليل على المعنى المشترك بينكما» المازندراني ٥٦/٤.
3- هذا جواب على إيرادهم وحاصله «إن الاشتراك هنا من باب الاشتراك في اللفظ دون المعنى» ن. م.
4- أي «من الإيمان والأحكام والأخلاق ن. م ص / ٥٩ وفي بعض النسخ في تصنيع ما صنعوا».
5- «المراد بالعلم العالم بذكر المشتق منه مقام المشتق» المازندراني ٦٠/٤. وفي نسخة عيون أخبار الرضا ورد وإنما تسمّى اللّه بالعالم.
6- الخرت : بضم الخاء وفتحها وتسكين الراء: الثقب في الأذن.

نسمع لا نقوى به على البصر، ولكنه أخبر أنّه لا يخفى عليه شيء من الأصوات، ليس على حدّ ما سمينا نحن فقد جمعنا الاسم بالسمع واختلف المعنى.

وهكذا البصر لا بِخَرْتٍ منه أبصر، كما أنا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره، ولكنَّ اللّه بصير لا يحتمل شخصاً منظوراً إليه، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كَبَد (1)، كما قامت الأشياء ولكن قائم يخبر أنّه حافظ كقول الرَّجل : القائم بأمرنا فلان، واللّه هو القائم على كلّ نفس بما كسبت، والقائم أيضاً في كلام النّاس : الباقي. والقائم أيضاً يخبر عن الكفاية كقولك للرجل : قم بأمر بني فلان أي اكفهم والقائم منا قائم على ساق، فقد جمعنا الاسم ولم نجمع المعنى.

وأمّا اللطيف فليس على قلة وقَضَافة (2) وصغر، ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء والامتناع من أن يدرك كقولك للرّجل : لطف عنّي هذا الأمر، ولطف فلان في مذهبه. وقوله : يخبرك أنّه غمض فيه العقل (3) وفات الطلب وعاد متعمّقاً متلطفاً لا يُدركه الوهم، فكذلك لطف اللّه تبارك وتعالى أن يُدرك بحد أو يُحدَّ بوصف واللطافة منا الصغر والقلّة، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

وأما الخبير فالّذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته، ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء، فعند التجربة والاعتبار علمان ولولاهما ما علم، لأن من كان كذلك كان جاهلا واللّه لم يزل خبير بما يخلق والخبير من النّاس المستخبر عن جهل المتعلّم، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

وأمّا الظاهر فليس من أجل أنّه علا الأشياء بركوب فوقها وقعود عليها وتستم لذراها، ولكن ذلك لقهره ولغلبته الأشياء وقدرته عليها كقول الرَّجل : ظهرت على أعدائي وأظهرني اللّه على خصمي، يخبر عن الفَلَج والغلبة، فهكذا ظهور اللّه على الأشياء. ووجه آخر أنّه الظاهر لمن أراده ولا يخفى عليه شيء، وأنّه مدبّر لكلّ ما برأ فأي ظاهر أظهر وأوضح من اللّه تبارك وتعالى، لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت وفيك من آثاره ما يغنيك، والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحدّه، فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى.

وأمّا الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها، ولكن ذلك منه على

ص: 173


1- الكبد : التعب والعناء والشدة.
2- القضافة : النحافة في الجسم.
3- أي لما كان المطلب أو المذهب دقيقاً خفي المأخذ فقد غار فيه العقل وحار.

استبطانه للأشياء علماً وحفظاً وتدبيراً، كقول القائل أبطنته يعني خبرته وعلمت مكتوم سره، والباطن منا الغائب في الشيء المستتر، وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

وأما القاهر، فليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر، كما يقهر العباد بعضهم بعضاً، والمقهور منهم يعود قاهراً، والقاهر يعود مقهوراً، ولكن ذلك من اللّه تبارك وتعالى على أن جميع ما خلق ملبس به الذل لفاعله، وقلّة الامتناع لما أراد به لم يخرج منه طرفة عين أن يقول له كن فيكون والقاهر منا على ما ذكرت ووصفت، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى ؛ وهكذا جميع الأسماء وإن كنا لم نستجمعها كلّها، فقد يكتفي الاعتبار بما ألقينا إليك واللّه عونك وعوننا في إرشادنا وتوفيقنا.

٤٠ - باب تأويل الصمد

٤٠ - باب تأويل (1) الصمد

1 - عليّ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد ولقبه شباب الصيرفي، عن داود بن القاسم الجعفري قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ): جعلت فداك ما الصمد ؟ قال : السيّد المصمود إليه (2) في القليل والكثير.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس ابن عبد الرحمن، عن الحسن بن السري عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن شيء من التوحيد فقال: إنَّ اللّه تباركت (3) أسماؤه التي يُدعى بها وتعالى في علو كنهه واحد توحد بالتوحيد في توحده (4)، ثمَّ أجراه على خلقه، فهو واحد، صمد، قدوس، يعبده كلّ شيء ويصمد إليه كلّ شيء ووسع كلّ شيء علماً.

فهذا هو المعنى الصحيح (5) في تأويل الصمد لا ما ذهب إليه المشبهة : أنَّ تأويل الصمد : المصمت الّذي لا جوف له، لأن ذلك لا يكون إلّا من صفة الجسم واللّه جل ذكره متعال عن ذلك، هو أعظم وأجلّ من أن تقع الأوهام على صفته أو تدرك كنه عظمته. ولو كان تأويل الصمد في صفة اللّه عزّ وجلّ المصمت لكان مخالفاً لقوله عزّ وجلّ : ليس كمثله

ص: 174


1- أي تفسير الصمد وكشف معناه.
2- أي المقصود من قبل الخلق في حاجاتهم.
3- أي تطهرت أو تكثرت.
4- أي تفرد بتوحيده في حال تفرده بالوجود المازندراني ٧٨/٤.
5- هذا من كلام الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ).

شيء). لأنَّ ذلك من صفة الأجسام المصمتة التي لا أجواف لها، مثل الحجر والحديد وسائر الأشياء المصمتة التي لا أجواف لها تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً.

فأما ما جاء في الأخبار من ذلك (1) فالعالم (2) (عَلَيهِ السَّلَامُ) أعلم بما قال، وهذا الّذي قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ الصمد هو السيّد المصمود إليه هو معنى صحيح موافق لقول اللّه عزّ وجلّ: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). والمصمود إليه : المقصود في اللغة. قال أبو طالب في بعض ما كان يمدح به النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من شعره:

وبالجمرة القصوى (3) إذا صمدوا له***يؤمون رضخاً(4) رأسها بالجنادل(5)

يعني قصدوا نحوها يرمونها بالجنادل : يعني الحصا الصغار التي تسمّى بالجمار وقال بعض شعراء الجاهلية [شعراً]:

ما كنت أحسب أن بيتاً ظاهراً***لله في أكناف مكّة يُصمد

يعني يُقصد.

وقال ابن :الزبرقان ولا رهيبة إلّا سيد صمد.

وقال شدّاد بن معاوية في حذيفة بن بدر :

علوته بحسام ثمَّ قلت له***خذها حذيف فأنت السيّد الصمد

ومثل هذا كثير. واللّه عزّ وجلّ هو السيّد الصمد الّذي جميع الخلق من الجن والإنس إليه يصمدون في الحوائج وإليه يلجأون عند الشدائد ومنه يرجون الرخاء ودوام النعماء، ليدفع عنهم الشدائد.

٤١ - باب الحركة والانتقال

٤١ - باب الحركة والانتقال (6)

١ - محمّد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن عليّ بن عباس الخُراذيني (7) عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر الجعفري، عن أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 175


1- أي الأخبار التي ورد فيها تأويل الصمد بأنه الشيء الّذي لا جوف له.
2- المقصود بالعالم الإمام المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ).
3- الجمرة القصوى البعيدة مؤنث الأقصى، والمقصود بها جمرة العقبة.
4- أي رمياً.
5- جمع جندل وهو الحجر، وقد فسرها المصنف فقال : يعني الحصى الصغار التي تسمى بالجمار.
6- أي من مكان إلى مكان ومن وضع إلى وضع المازندراني ٨٥/٤.
7- آورده المازندراني والفيض بالجيم (الجُراذيني) فراجع للأول الجزء ٦٥/٤ وللثاني ٨٦/١.

قال : ذكر عنده قوم يزعمون أنَّ اللّه تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدُّنيا، فقال: إنَّ اللّه لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل إنّما منظره (1) في القرب والبعد سواء، لم يبعد منه قريب، ولم يقرب منه بعيد (2)، ولم يحتج إلى شيء بل يُحتاج إليه، وهو ذو الطول لا إله إلّا هو العزيز الحكيم، أما قول الواصفين : إنّه ينزل تبارك وتعالى فإنما يقول ذلك (3) من ينسبه إلى نقص أو زيادة، وكل متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرك به، فمن ظنَّ باللّه الظنون هلك، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على حدّ تحدُّونه بنقص أو زيادة أو تحريك أو تحرك، أو زوال أو استنزال، أو نهوض أو قعود فإن اللّه جل وعزَّ عن صفة الواصفين ونعت الناعتين وتوهم المتوهّمين؛ وتوكل على العزيز الرحيم الّذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.

- وعنه رفعه عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر، عن أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : لا أقول : إنّه قائم(4) فأزيله عن مكانه، ولا أحده بمكان يكون فيه، ولا أحدُّه أن يتحرك في شيء من الأركان والجوارح، ولا أحدُّه بلفظ شقّ فم (5)، ولكن كما قال [ اللّه ] تبارك وتعالى : كن فيكون بمشيئته من غير تردد في نَفْس، صمداً فرداً، لم يحتج إلى شريك يذكر له ملكه، ولا يفتح له أبواب علمه.

٣ - وعنه، عن محمّد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن إسماعيل، عن داود بن عبد اللّه عن عمرو بن محمّد عن عيسى بن يونس قال : قال ابن أبي العوجاء لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بعض ما كان يحاوره: ذكرت اللّه فأحلت على غائب، فقال أبو عبد اللّه : ويلك كيف يكون غائباً من هو مع خلقه شاهد، وإليهم أقرب من حبل الوريد (6)، يسمع كلامهم، ويرى أشخاصهم، ويعلم أسرارهم ؟ فقال ابن أبي العوجاء : أهو في كلّ مكان أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض؟ وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء؟ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما وصفت المخلوق الّذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مکان؟ وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الّذي صار إليه ما يحدث في المكان الّذي كان فيه، فأما اللّه العظيم الشأن الملك الديان فلا

ص: 176


1- «أي مراقبته للأشياء بالعلم والإحاطة» المازندراني ٨٧/٤.
2- «وكما هو شأن الممكن المحتاج إلى المكان فإنه إذا انتقل من مكان إلى آخر، يبعد عنه ما كان قريباً منه في المكان الأوّل ويقرب منه ما كان بعيداً» ن. م ص./ 88.
3- أي النزول إلى السماء الدنيا.
4- أي كما يقوم الإنسان على قدمه أو قدميه.
5- «أي بكلمة تخرج من فلقة الفم عند تكلمه وتلفظه» الوافي للفيض 87/1.
6- المقصود بقربه سبحانه من خلقه قرب علم وإحاطة وليس قرباً مكانياً.

يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان (1).

٤ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلني اللّه فداك يا سيدي قد روي لنا: أنَّ اللّه في موضع دون موضع على العرش استوى، وأنه ينزل كلّ ليلة في النصف الأخير من الليل إلى السماء الدنيا، وروي : أنّه ينزل عشيّة عرفة ثمَّ يرجع إلى موضعه، فقال بعض مواليك في ذلك : إذا كان في موضع دون موضع، فقد يلاقيه الهواء ويتكنف (2) عليه والهواء جسم رقيق يتكنف على كلّ شيء بقدره (3)، فكيف يتكنّف عليه جلَّ ثناؤه على هذا المثال؟ فوقع (عَلَيهِ السَّلَامُ) : علم ذلك عنده، وهو المقدّر له بما أحسن تقديراً، واعلم أنّه إذا كان في السماء الدنيا فهو كما هو على العرش، والأشياء كلّها له سواء؛ علماً وقدرة وملكاً وإحاطة.

وعنه، عن محمّد بن جعفر الكوفيّ، عن محمّد بن عيسى مثله.

في قوله تعالى : (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ (4))

5 _ عنه، عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ) فقال : هو واحد واحديُّ الذات، بائن من خلقه (5)، وبذاك وصف نفسه، (وهو ِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) (6) بالإشراف والإحاطة والقدرة (لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ) (7) بالإحاطة والعلم لا بالذات، لأن الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا كان بالذات لزمها (8) الحواية.

ص: 177


1- لأن قربه بعلمه سبحانه كما ذكرنا قبل قليل، قرباً تستوي فيه الأمكنة كلها بلا تفاوت.
2- أي يحيط به.
3- أي بلا زيادة ولا نقصان لاستحالة الخلاء والتداخل المازندراني ١٠٢/٤.
4- المجادلة / ٧.
5- «أي لا يشبههم حتّى يكون واحداً منهم» الوافي 87/1.
6- ورد هذا المعنى ببعض ألفاظه في قوله تعالى (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) فصلت/ ٥٤.
7- سبأ / 3.
8- الضمير يرجع إلى الذات.

في قوله : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (1)).

٦ - عليّ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن [موسى] الخشاب عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه سئل عن قول اللّه عزّ وجلّ : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) فقال استوى على كلّ شيء، فليس شيء أقرب إليه من شيء.

7 _ وبهذا الإسناد، عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن مارد أنَّ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) سُئِلَ عن قول اللّه عزّ وجلّ: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) فقال : استوى من كلّ شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء.

8 _ وعنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج :قال سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) فقال : استوى في كلّ شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء، لم يبعد منه بعيد، ولم يقرب منه قريب، استوى في كلّ شيء.

9 - وعنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من زعم أَنَّ اللّه من شيء، أو في شيء أو على شيء فقد كفر :قلت فسّر لي؟ قال : أعني بالحواية من الشيء له أو بإمساك له أو من شيء سبقه.

وفي رواية أخرى: من زعم أن اللّه من شيء فقد جعله محدثاً(2)، ومن زعم أنّه في شيء فقد جعله محصوراً، ومن زعم أنّه على شيء فقد جعله محمولاً (3).

في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ (4))

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال : قال أبو

ص: 178


1- طه / ٥ ومعنى استوى. «أي استولى عليه بالقدرة والغلبة، أو استوت نسبته إليه بالعلم والإحاطة» المازندراني ١٠٩/٤ فليس المقصود بالاستواء بالنسبة إليه تعالى الركوب أو الجلوس كما ذهب إليه المشبهة.
2- «لأن كلّ من كان من شيء فقد افتقر وجوده إلى ذلك الشيء وكل من افتقر في وجوده إلى شيء فهو محدَث مخلوق» المازندراني ١١٤/٤.
3- كلّ هذه التعابير تستبطن معنى الحاجة والفقر وقد نزّه عنهما واجب الوجود لذاته لأنهما من شؤون الممكنات.
4- الزخرف/ ٨٤.

شاكر الدَّيصاني : إنَّ في القرآن آية هي قولنا (1)، قلت : ما هي؟ فقال : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) فلم أدر بما أجيبه، فحججت فخبرت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : هذا كلام زنديق خبيث إذا رجعت إليه فقل له : ما اسمك بالكوفة؟ فإنّه يقول فلان فقل له: ما اسمك بالبصرة؟ فإنه يقول : فلان، فقل، كذلك اللّه ربّنا في السماء إله، وفي الأرض إله، وفي البحار إله، وفي القفار إله، وفي كلّ مكان إله. قال : فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته، فقال : هذه نقلت من الحجاز (2).

٤٢ - باب العرش والكرسي

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي رفعه، قال: سأل الجائليق (3) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : أخبرني عن اللّه عزّ وجلّ يحمل العرش أم العرش يحمله؟ فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اللّه عزّ وجلّ حامل العرش والسماوات والأرض وما فيهما وما بينهما وذلك قول اللّه عزّ وجلّ: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (4)) قال : فأخبرني عن قوله : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) (5) فكيف قال ذلك ؟ وقلت: إنّه يحمل العرش والسماوات والأرض؟ فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ العرش خلقه اللّه تعالى من أنوار أربعة : نور أحمر منه احمرت الحمرة. ونور أخضر منه اخضرت الخضرة ونور أصفر منه اصفرت الصفرة، ونور أبيض منه [ابيض] البياض. وهو العلم الّذي حمّله اللّه الحملة وذلك نور من عظمته، فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى مَنْ في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة فكل محمول يحمله اللّه بنوره وعظمته وقدرته، لا يستطيع لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، فكلُّ شيء محمول واللّه تبارك وتعالى الممسك لهما (6) أن تزولا والمحيط بهما (7) من شيء وهو حياة كلّ

ص: 179


1- أي عقيدتنا بوجود إلهين. وكان الديصاني من الثنوية الّذين يقولون بإله للنور في السماء وإله للظلمة في الأرض، فحمل هذه الآية على معتقده.
2- أي أن هذه الإجابة أو المقالة ليست من عندك يا هشام بن الحكم وإنما من عند أبي عبد اللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان بالحجاز.
3- اورد في محيط المحيط للبتاني، مادة جثل الجثليق والجائليق رئيس الأساقفة عند الكلدانيين يكون تحت يد بطريق إنطاكية معرب كاثوليكوس باليونانية، جمع جثالقة.
4- فاطر/ ٤١.
5- الحاقة / ١٧.
6- الضمير راجع إلى السماوات والأرض.
7- الضمير راجع إلى السماوات والأرض.

شيء ونور كلّ شيء، سبحانه وتعالى عما يقولون علوّاً كبيراً.

قال له : فأخبرني عن اللّه عزّ وجلّ أين هو ؟ فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هو ههنا وههنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا وهو قوله : (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا). فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى، وإن تجهر بالقول فإنّه يعلم السر وأخفى، وذلك قوله تعالى : ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)(1). فالّذين يحملون العرش هم العلماء الّذين حمّلهم اللّه علمه، وليس يخرج عن هذه الأربعة شيء خلق خلق اللّه في ملكوته الّذي أراه اللّه أصفياءه وأراه خليله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (2)). وكيف (3) يحمل حملة العرش اللّه وبحياته حييت قلوبهم وبنوره اهتدوا إلى معرفته (4)؟!.

١ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى قال: سألني أبو قرة المحدّث أن أدخله على أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاستأذنته فأذن لي، فدخل فسأله عن الحلال والحرام ثمَّ قال له : أفتقر أن اللّه محمول ؟ فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : کل محمول مفعول به مضاف إلى غيره محتاج، والمحمول اسم نقص في اللفظ (5) والحامل فاعل وهو في اللّفظ مدحة. وكذلك قول القائل : فوق وتحت وأعلا وأسفل وقد قال اللّه : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (6). ولم يقل في كتبه ؛ إنّه المحمول بل قال : إنّه الحامل في البر والبحر والممسك السماوات والأرض أن تزولا، والمحمول ما سوى اللّه. ولم يسمع أحد آمن باللّه وعظمته قط قال في دعائه: يا محمول ؛ قال أبو قرّة فإنّه قال : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) وقال: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ). فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : العرش ليس هو اللّه والعرش اسم علم وقدرة، وعرش فيه كلّ شيء. ثمَّ أضاف الحمل إلى غيره : خلق من خلقه، لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه وهم حملة علمه، وخلقاً يسبحون حول عرشه وهم يعملون بعلمه، وملائكة يكتبون أعمال عباده ؟ واستعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته واللّه على العرش استوى كما

ص: 180


1- البقرة/ ٢٥٥.
2- الأنعام / ٧٥.
3- استفهام إنكاري.
4- والمعنى: «أنه إذا كانت حياتهم ومعرفتهم باللّه سبحانه كان اللّه في الأزل بلا حامل بالضرورة لعدم وجود الحامل فيه فيكون في الأبد أيضاً كذلك لأن كلّ ما كان له أزلاً يكون له أبداً لاستحالة التغير عليه» المازندراني ١٢٩/٤.
5- أي بحسب المركوز في أذهان النّاس من استبطانه منطوقاً ومفهوماً لمعنى النقص.
6- النحل / ١٨٠.

قال (1)، والعرش ومن يحمله ومن حول العرش واللّه الحامل لهم الحافظ لهم، الممسك القائم على كلّ نفس وفوق كلّ شيء وعلى كلّ شيء، ولا يقال : محمول ولا أسفل قولاً مفرداً لا يوصل بشيء (2) فيفسد اللفظ والمعنى (3) ؛ قال أبو قرة : فتكذب بالرواية التي جاءت أنَّ اللّه إذا غضب إنّما يعرف غضبه أنّ الملائكة الّذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم، فيخرّون سُجّداً، فإذا ذهب الغضب خفَّ ورجعوا إلى مواقفهم ؟ فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرني عن اللّه تبارك وتعالى منذ لعن إبليس إلى يومك هذا هو غضبان عليه، فمتى رضي ؟ وهو في صفتك (4) لم يزل غضبان عليه وعلى أوليائه وعلى أتباعه كيف تجترىء أن تصف ربّك بالتغيير من حال إلى حال، وأنه يجري ما يجري على المخلوقين؟! سبحانه وتعالى، لم يزل مع الزائلين، ولم يتغير مع المتغيّرين، ولم يتبدَّل مع المتبدلين، وَمَنْ دونه في يده وتدبيره، وكلّهم إليه محتاج وهو غني عمّن سواه.

١- محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي ابن عبد اللّه، عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه جل وعزّ : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ). فقال : يا فضيل كلّ شيء في الكرسي، السماوات والأرض وكلّ شيء في الكرسي.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحجّال عن ثعلبة [بن میمون] عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه جل وعزّ :(وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) السماوات والأرض وسعن الكرسي أم الكرسي وسع السماوات والأرض؟ فقال: بل الكرسي وسع السماوات والأرض والعرش، وكل شيء وسع الكرسي.

5 - محمّد بن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ وسع كرسيه السماوات والأرض السماوات والأرض وسعن الكرسي أو الكرسي

ص: 181


1- أي كما قال في كتابه «الرحمن على العرش استوى» و «ثم استوى على العرش» استواء استيلاء وقهر وحفظ لا كما تقول أيّها المشبه من أنّه استواء جلوس كجلوس الإنسان.
2- أي لا يوصل ذلك القول بشيء يكون قرينة صارفة له عن المعنى المعروف المازندراني ١٣٧/٤ وقد ذهب الفيض (رضیَ اللّهُ عنهُ) في الوافي إلى أن قوله : (مفرداً) متعلق بأسفل خاصّة يعني من دون أن يقال معه (وأعلى). فراجع 1 ص 110.
3- «أمّا فساد اللفظ فلان هذا اللفظ اسم نقص فاللّه بريء عن النقائص كلها... وأما فساد المعنى فلأن معنى هذا اللفظ المجرد عن القرينة يوجب مفعوليته وتأثره عن الغير وافتقاره إليه....» المازندراني 1٣٧/٤.
4- الواو حالية أي : والحال أنّه سبحانه في وصفك له يا أبا قرة.

وسع السماوات والأرض؟ فقال: إنّ كلّ شيء في الكرسي (1).

٦ - محمّد [بن يحيى]، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : حملة العرش - والعرش العلم - ثمانية : أربعة منا وأربعة ممّن شاء (2) اللّه.

7 - محمّد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن كثير، عن داود الرقي قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : وكان عرشه على الماء (3) فقال ما يقولون؟ قلت : يقولون : إنَّ العرش كان على الماء والربُّ فوقه، فقال: كذبوا من زعم هذا فقد صيّر اللّه محمولاً، ووصفه بصفة المخلوق، ولزمه أنّ الشيء الّذي يحمله أقوى منه، قلت : بين لي جعلت فداك ؟ فقال : إنَّ اللّه حمّل دينه وعلمه الماء قبل (4) أن يكون أرض أو سماء أو جنُّ أو إنس أو شمس أو قمر، فلما أراد اللّه أن يخلق الخلق نثرهم (5) بين يديه فقال لهم : من ربِّكم ؟ فأوَّل من نطق : رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأئمّة صلوات اللّه عليهم فقالوا :

ص: 182


1- قال الفيض (رضیَ اللّهُ عنهُ) في الوافي ١ ص / 112 ما نصه : كأن المراد بالكرسي [ في هذه الأحاديث] هو العلم، ويؤيد هذا ما رواه الصدوق طاب ثراه في توحيده بإسناده عن حفص بن غياث [ حيث فسّر الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) الكرسي بالعلم]. وقد يراد بالكرسي الجسم الّذي تحت العرش... الّذي دونه السماوات والأرض لاحتوائه على العالم الجسماني كأنه مستقره والعرش فوقه كأنه سقفه... وقد يراد به وعاء العرش. وكأنه أشير به إلى العلم أو إلى عالمي الملكوت والجبروت لاستقرار مجموع العالم الجسماني الّذي يعبر عنه بالعرش عليهما وقيامه بهما... وربما يقال إن كون العرش في الكرسي لا ينافي كون الكرسي في العرش لأن أحد الكونين بنحو والآخر بنحو آخر لأن أحدهما كون عقلي إجمالي والآخر كون نفساني تفصيلي.... وقد يقال : إنّه تصوير لعظمته تعالى وتخييل بتمثيل حسّي ولا كرسي ولا قعود ولا قاعد كقوله سبحانه (وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) الزمر / ٦7). الخ.
2- «والمراد بقوله : أربعة منا محمّد وعلي والحسن والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأربعة الأخرى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى والمستند هو ما روي عن الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذا المعنى فراجع» مرآة المجلسيّ 80/2.
3- الحجر / 7.
4- «قبلية حمل الدّين والعلم إياه على الموجودات المذكورة قبلية بالذات والمرتبة لا بالزمان وهو أقوى وأشد لأنها بعلاقة ذاتية» الوافي.111/1. والظاهر أن المراد بالماء هنا «هو ما خلق منه الأصفياء والجنة باعتبار قبوله الكمالات من اللّه سبحانه بإفاضته عليه ويوصف بالعذب» ن. م. وعليه فهو في مقابل الماء الّذي عبر عنه بالأجاج وهو المادة الجسمانية التي خلق سبحانه منها الجهل وجنوده والنار.
5- «وذلك بأن قبض قبضة من تراب خلق منها آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فصب عليها الماء العذب الفرات ونظر إليها بعين الرحمة أربعين صباحاً ثمَّ صب عليها الماء المالح الأجاج ونظر إليها بعين الغضب وقد سبقت رحمته غضبه فتركها أربعين صباحاً فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركاً شديداً فخرجوا كالذر عن يمينه وشماله على صور ومثال وتحركوا بين يديه على هيئة شبح وظلال فأخذ منهم الميثاق ثمَّ قال : كونوا طيناً فصاروا طيناً كما كانوا، ثمَّ خلق منه آدم» الخ المازندراني ٤/ ١٤٩.

أنت ربنا، فحمّلهم العلم والدين، ثمَّ قال للملائكة : هؤلاء حملة ديني وعلمي وأمنائي في خلقي وهم المسؤولون، ثمَّ قال لبني آدم أقروا اللّه بالربوبية ولهؤلاء النفر بالولاية والطاعة، فقالوا : نعم ربنا أقررنا، فقال اللّه للملائكة : اشهدوا فقالت الملائكة شهدنا، على أن لا يقولوا غداً : (إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (1) یا داود (2) : ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق.

٤٣ - باب الروح

٤٣ - باب الروح (3)

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي عمير، عن ابن - أذينة، عن الأحول قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرُّوح التي في آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قوله : (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي (4)) ؟ قال : هذه روح مخلوقة والرُّوح التي في عيسى مخلوقة.

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحجال(5)، عن ثعلبة (6)، عن حمران (7) قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: ﴿وروح منه قال : هي روح اللّه مخلوقة خلقها اللّه في آدم وعيسى.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن عبد الحميد الطائي، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) كيف هذا النفخ ؟ فقال : إِنَّ الرُّوح متحرك كالريح، وإنما سمّي روحاً لأنه اشتقَّ اسمه من الريح، وإنّما أخرجه عن لفظة الريح، لأن الأرواح مجانسة الريح، وإنّما أضافه إلى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح، كما قال لبيت من البيوت :

ص: 183


1- الأعراف/ 172 - 173. وقد ورد في الرواية (يقولوا) ولعله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أراد الحكاية عن لسانهم لينسجم مع قوله الأوّل : أن لا يقولوا غداً.
2- أي الرقي وهو السائل.
3- «الغرض من هذا الباب هو بيان أن الروح ليس هو سبحانه كما زعمه طائفة من أهل الضلال» عن المازندراني ١٥٢/٤.
4- الحجر / ٢٩.
5- واسمه عبد اللّه بن محمّد الأسدي، بقرينة كثر رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عنه كما ذكر الأردبيلي في جامعه ٥٠٣/١.
6- «الظاهر أنّه ثعلبة بن ميمون مولى بني أسد بقرينة كثرة رواية الجمال عنه أيضاً فراجع» ن. م ص / ١٤١.
7- هو حمران بن أعين.

بيتي، ولرسول من الرُّسل : خليلي، وأشباه ذلك، وكلُّ مخلوق مصنوع محدثٌ مربوب مدبَّر

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن عبد اللّه بن بحر، عن أبي أيّوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عمّا يروون أنَّ اللّه خلق آدم على صورته، فقال هي : صورة محدثة مخلوقة، واصطفاها اللّه واختارها على سائر الصور المختلفة، فأضافها إلى نفسه، كما أضاف الكعبة إلى نفسه، والروح إلى نفسه، فقال: «بيتي» (1)، «ونفخت فيه من روحي».

٤٤ - باب جوامع التوحيد

1 - محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعاً رفعاه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنَّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) استنهض (2) النّاس في حرب معاوية في المرة الثانية، فلما حَشَد النّاس (3) قام خطيباً، فقال:

الحمد للّه الواحد الأحد الصمد المتفرّد الّذي لا من شيء كان، ولا من شيء خَلَقَ ما كان، قدرة (4) بان بها من الأشياء وبانت الأشياء منه، فليست له صفة تُنال، ولا حد تضرب له فيه الأمثال كلّ دون صفاته تحبير اللغات وضلَّ هناك تصاريف الصفات(5)، وحار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير، وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب، تاهت (6) في أدنى أدانيها طامحات العقول في لطيفات الأمور.

فتبارك اللّه الّذي لا يبلغه بعد الهمم (7)، ولا يناله غَوْصُ الفِطَن (8)، وتعالى الّذي ليس له وقت معدود ولا أجل ممدود ولا نعت محدود، سبحان الّذي ليس له أوَّلُ مبتدأ، ولا غاية منتهى ولا آخر يفنى، سبحانه هو كما وصف نفسه والواصفون لا يبلغون نعته، وحدَّ الأشياء كلّها عند

ص: 184


1- كما في قوله تعالى : (أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) البقرة / ١٢٥.
2- أي أمرهم بالنهوض وهو القيام.
3- أي دعوا فأجابوا مسرعين.
4- أي بقدرة أن نصبناه على التمييز أو غيره. وأما إذا رفعناه فهو على تقدير : هو قدرة لأن قدرته عين ذاته، أوله قدرة.
5- «أي لم يهتدِ إليه وصف الواصفين» الوافي ٩٣/١.
6- أي حارت.
7- «أي لا تبلغه النفوس ذوات الهمم البعيدة وإن أمعنت في الطلب» الوافي ٩٣/١.
8- «أي الفطن الغايصة، استعار وصف الغوص لتعمق الإفهام الثاقبة في مجاري صفات جلاله التي لا قرار لها ولا غاية» ن. م.

خلقه، إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها لم يحلل فيها فيقال : هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال : هو منها بائن، ولم يخل منها فيقال له أين لكنه سبحانه أحاط بها علمه، وأتقنها صنعه، وأحصاها حفظه لم يعزب عنه خفيّات غيوب الهواء ولا غوامض مكنون الدُّجى، ولا ما في السماوات العلى إلى الأرضين السفلى، لكلّ شيء منها حافظ ورقيب، وكلُّ شيء منها بشيء محيط (1)، والمحيط بما أحاط منها.

الواحد الأحد الصمد الّذي لا يغيره صروف الأزمان، ولا يتكأدَّه (2) صنع شيء كان، إنّما قال لما شاء : كن فكان ابتدع ما خلق بلا مثال سبق ولا تعب ولا نصب، وكل صانع شيء فمن شيء صنع واللّه لا من شيء صنع ما خلق، وكلُّ عالم فمن بعد جهل تعلم واللّه لم يجهل ولم يتعلّم، أحاط بالأشياء علماً قبل كونها، فلم يزدد بكونها علماً علمه بها قبل أن يكونها كعلمه بعد تكوينها، لم يكوّنها لتشديد سلطان، ولا خوف من زوال ولا نقصان، ولا استعانة على ضدّ مناو (3)، ولا ندّ مكاثر، ولا شريك مكابر لكن خلائق مربوبون وعباد داخرون (4).

فسبحان الّذي لا يؤوده خلق ما ابتدأ ولا تدبير ما برأ، ولا من عجز ولا من فترة بما خلق اکتفی (5)، علم ما خلق وخلق ما علم لا بالتفكير في علم حادث أصاب ما خلق، ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق لكن قضاءٌ مبرم وعلمٌ محكم وأمر متقن، توحد بالربوبية وخص نفسه بالوحدانية، واستخلص بالمجد والثناء وتفرد بالتوحيد والمجد والسناء، وتوحد بالتحميد وتمجّد بالتمجيد، وعلا عن اتخاذ الأبناء، وتطهر وتقدّس عن ملامسة النساء، وعزّ وجلّ عن مجاورة الشركاء، فليس له فيما خلق ضد ولا له فيما ملك يد، ولم يشركه في ملكه أحد، الواحد الأحد الصمد المبيد للأبد (6) والوارث للأمد (7)، الّذي لم يزل ولا يزال وحدانياً أزلياً، قبل بدء الدُّهور وبعد صروف الأمور، الّذي لا يبيد ولا ينفد، بذلك أصف ربِّي فلا إله إلّا اللّه، من عظيم ما أعظمه ؟! ومن جليل ما أجلّه؟! و من عزيز ما أعزّه ؟ ! وتعالى عما يقول الظالمون علوّاً كبيراً.

ص: 185


1- «إشارة إلى ترتب الموجودات وكون بعضها سبباً للبعض وأنه سبحانه مسبب الأسباب» ن. م ص / ٩٤.
2- أي لا يعجزه ولا يشق عليه.
3- أي معادٍ.
4- أي صاغرون ذليلون.
5- «أي ليس اكتفاؤه بما خلق من عجز ولا من فتور بل إنّما هو لعدم إمكان الزايد عليه ونقص قابلية ما خلق لأزيد فالنقصان في جانب القابل لا من جهة الفاعل تعالى شأنه» الوافي ٩٤/١.
6- «أي المهلك المفني للدهر والزمان والزمانيات» المازندراني ١٩١/٤.
7- أي منتهى المدة المضروبة في علمه للموجودات فهو وارث كلّ شيء ولا يبقى إلّا وجهه سبحانه.

وهذه الخطبة (1) من مشهورات خطبه (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى لقد ابتذلها العامّة (2) وهي كافية لمن طلب علم التوحيد إذا تدبرها وفهم ما فيها، فلو اجتمع ألسنة الجنّ والإنس ليس فيها لسان نبي على أن يبينوا التوحيد بمثل ما أتى به - بأبي وأمي - ما قدروا عليه ولولا إبانته (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما علم النّاس كيف يسلكون سبيل التوحيد ألا ترون إلى قوله : (لا من شيء كان ولا من شيء خلق ما كان) فنفى بقوله : (ولا من شيء) كان معنى الحدوث، وكيف أوقع على ما أحدثه صفة الخلق والاختراع بلا أصل ولا مثال نفياً لقول من قال : إنَّ الأشياء كلها محدثة بعضها من بعض، وإبطالاً لقول الثنوية الّذين زعموا أنّه لا يحدث شيئاً إلّا من أصل ولا يدبر إلّا باحتذاء مثال، فدفع (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقوله : (لا من شيء خلق ما كان) جميع حجج الثنوية وشبههم، لأن أكثر ما يعتمد الثنوية في حدوث العالم أن يقولوا لا يخلو من أن يكون الخالق خلق الأشياء من شيء أو من لا شيء، فقولهم : من شيء خطأ وقولهم من لا شيء مناقضة وإحالة، لأنَّ «من» توجب شيئاً «ولا شيء تنفيه، فأخرج أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذه اللفظة على أبلغ الألفاظ وأصحها فقال : لا من شيء خلق ما كان، فنفى «من» إذ كانت توجب شيئاً، ونفى الشيء إذ كان كلّ شيء مخلوقاً محدثاً لا من أصل أحدثه الخالق، كما قالت الثنوية : إنّه خلق من أصل قديم، فلا يكون تدبير إلّا باحتذاء مثال.

ثمَّ قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «ليست له صفة تنال ولا حد تضرب له فيه الأمثال، كلّ دون صفاته تحبير اللغات فنفى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أقاويل المشبهة حين شبهوه بالسبيكة والبلورة وغير ذلك من أقاويلهم من الطول والاستواء. قولهم : متى ما لم تعقد القلوب منه على كيفية ولم ترجع إلى إثبات هيئة لم تعقل شيئاً فلم تثبت صانعاً» ففسّر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه واحد بلا كيفية وأن القلوب تعرفه بلا تصوير ولا إحاطة.

ثمّ قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «الّذي لا يبلغه بُعْدُ الهمم ولا يناله غَوْصُ الفِطَن وتعالى الّذي ليس له وقت معدود ولا أجل ممدود ولا نعت محدود» ؛ ثمَّ قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «لم يحلل _ في الأشياء _ فيقال : هو فيها كائن ولم ينا عنها فيقال هو منها «بائن فنفى (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهاتين الكلمتين صفة الأعراض والأجسام، لأنَّ من صفة الأجسام التباعد والمباينة ومن صفة الأعراض الكون في الأجسام بالحلول على غير مماسة ومباينة الأجسام على تراخي المسافة.

ثم قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «لكن أحاط بها علمه وأتقنها صنعه أي هو في الأشياء بالإحاطة والتدبير

ص: 186


1- هذا الكلام للشيخ الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ).
2- «أي عظموها وأشهروها فيما بينهم حتّى اشتهرت وصارت مبتذلة غير متروكة» المازندراني ١٩٤/٤.

وعلى غير ملامسة.

2 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن إبراهيم (1) عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ اللّه تبارك اسمه وتعالى ذكره وجل ثناؤه، سبحانه وتقدّس وتفرد وتوحد، ولم يزل ولا يزال وهو الأوّل والآخر (2) والظاهر والباطن فلا أوّل لأوليّته، رفيعاً في أعلى علوّه، شامخ (3) الأركان، رفيع البنيان(4) عظيم السلطان منيف الآلاء، سني العلياء، الّذي عجز الواصفون عن كنه صفته، ولا يطيقون حمل معرفة الهيّته، ولا يحدُّون حدوده، لأنه بالكيفية لا يتناهى إليه.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد بن المختار ومحمّد بن الحسن، عن عبد اللّه بن الحسن العلوي جميعاً، عن الفتح بن يزيد الجرجاني قال : ضمّني وأبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5) الطريق في منصر في من مكّة إلى خراسان وهو سائر إلى العراق، فسمعته يقول: من اتقى اللّه يُتقى ومن أطاع اللّه يُطَاع (6)، فتلطفت في الوصول إليه(7)، فوصلت فسلمت عليه، فرد علي السلام ثمَّ قال : يا فتح : من أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوق، ومن أسخط الخالق فقمن (8) أن يسلط اللّه عليه سخط المخلوق وإنّ الخالق لا يوصف إلّا بما وصف به نفسه وأنى يوصف الّذي تعجز الحواس أن تدركه، والأوهام أن تناله والخطرات أن تحده والأبصار عن الإحاطة به، جلّ عمّا وصفه الواصفون وتعالى عمّا ينعته الناعتون نأى في قربه وقرب في نأيه فهو في نأيه قريب، وفي قربه بعيد، كيف الكيف فلا يقال : كيف؟ وأين الأين فلا يقال : أين؟ إذ هو منقطع الكيفوفية والأينونية.

٤ - محمّد بن أبي عبد اللّه رفعه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بينا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 187


1- ذهب المازندراني ٤ / ٢٠٦ - 20٧ إلى أن إبراهيم هذا مردد بين ثلاثة رواة هم: إبراهيم الصيقل وإبراهيم الكرخي البغدادي وإبراهيم بن إسحاق البصريّ. بينما ذهب الميرزا الشعراني في هامش الصفحتين المذكورتين أعلاه من شرح المازندراني إلى أن المتبادر إلى الذهن أنّه إبراهيم بن عبد الحميد من مشاهير الواقفة كما احتمل أن يكون إبراهيم بن ميمون بياع الهروي. فراجع.
2- أي لا شيء قبله ولا شيء بعده.
3- أي مرتفع.
4- «هذا وما قبله من الاستعارة على سبيل التمثيل لتنزيل علوّه المعقول منزلة العلو المحسوس لزيادة الإيضاح» المازندراني ٢٠٨/٤.
5- يعني الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ). ويحتمل أنّه أبو الحسن الثالث (عَلَيهِ السَّلَامُ) فراجع مرآة المجلسيّ ٩٣/٢، والوافي للفيض ٩٤/١ والمازندراني ٢١٠/٤.
6- هذا من قبيل: «مَن خاف اللّه خاف منه كلّ شيء ومن لم يخف اللّه خاف من كلّ شيء».
7- أي استعملت الحيلة واللطف والرفق للوصول إليه.
8- قمِن وقمين أي خليق.

يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه رجل يقال له : ذعلب، ذو لسان بليغ في الخطب، شجاع القلب، فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربّك؟ قال : ويلك يا ذعلب، ما كنت أعبد رباً لم أره. فقال : يا أمير المؤمنين كيف رأيته ؟ قال : ويلك يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة (1) الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ويلك يا ذعلب إنَّ ربي لطيف اللطافة لا يوصف باللطف(2)، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، قبل كلّ شيء، لا يقال شيء قبله، وبعد كلّ شيء، لا يقال له بعد، شاء الأشياء لا بهمة (3)، درّاك لا بخديعة (4) في الأشياء كلّها غير متمازج بها ولا بائن منها ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية (5)، ناءٍ لا بمسافة قريب لا بمداناة، لطيف لا بتجسم، موجود لا بعد عدم فاعل لا باضطرار مقدّر لا بحركة مريد لا بهمامة(6)، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة، لا تحويه الأماكن ولا تضمّنه الأوقات ولا تحدّة الصفات ولا تأخذه السنات (7)، سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده والابتداء أزله، بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له (8) وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له وبمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضدَّ له، وبمقارنته بين الأشياء عُرف أن لا قرين له، ضادَّ النور بالظلمة، واليبس بالبلل والخشن باللين والصرد بالحَرور (9)، مؤلّف بين متعادياتها، ومفرّقُ بين متدانياتها، دالّة بتفريقها على مفرقها وبتأليفها على مؤلّفها، وذلك قوله تعالى : (ومن كلّ شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون(10)). ففرق بين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بَعدَ له شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض (11) ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه. كان ربّاً إذ لا مربوب، وإلهاً إذ لا مألوه، وعالماً إذ لا معلوم، وسميعاً إذ لا مسموع.

ص: 188


1- إن فتحنا همزة (الأبصار) فالإضافة لامية وإن كسرناها الإبصار) فالإضافة بيانية.
2- (أي لطافته) تعالى خفية لا تصل إليها العقول ولا يوصف باللطف الجسماني مرآة المجلسيّ 9٤/٢.
3- أي لا بخطور نفسي ولا بإرادة كإرادتنا لأن إرادته عين ذاته
4- «أي أنّه سبحانه عالم بما في الضمائر والمكامن من غير مكر وحيلة يتوسل بهما إلى الوصول إلى ذلك كما قد يفعله بعض النّاس» الوافي ٩٥/١.
5- «أي ظاهر غير خفي على عباده بالآيات والأدلة لا بظهور وانكشاف من رؤية» مرآة المجلسيّ ٩٥/٢.
6- أي بهمة وقد مر معناها.
7- جمع سِنَة وهي النعاس يسبق النوم، أو هي أول النوم.
8- «لأنه بتشعيره عزّ وجلّ إياها عُرف أن المشاعر محتاجة إلى مشعر يشعرها فلو كان له عزّ وجلّ مشعر لكان محتاجاً إلى من يشعر له إذ لا يجوز أن يفيض على نفسه المشعر من حيث هو فاقد له فيكون محتاجاً بذاته» الوافي ٩٥/١.
9- «الصِّرْد : البرد، فارسي معرب والحرور : الريح الحارة وهي بالليل كالسموم بالنهار» المازندراني ٢٢٤/٤.
10- الذاريات / ٤٩.
11- «أي بالحجب الجسمانية أو الأعم ليعلم أن ذلك نقص وعجز وهو منزّه عن ذلك» مرآة المجلسيّ ١٠٠/٢.

٥ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن شباب الصيرفي واسمه محمّد بن الوليد، عن عليّ بن سيف بن عميرة قال : حدَّثني إسماعيل بن قتيبة قال: دخلت أنا وعيسى شَلْقان على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فابتدأنا فقال : عَجَباً لأقوام يدَّعون على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما لم يتكلّم به قط، خطب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) النّاس بالكوفة فقال : الحمد اللّه الملهم عباده حمده، وفاطرهم على معرفة ربوبيته الدال على وجوده بخلقه وبحدوث خلقه على أزله، وباشتباههم على أن لا شبه له، المستشهد بآياته على قدرته الممتنعة من الصفات ذاته ومن الأبصار رؤيته ومن الأوهام الإحاطة به، لا أمد لكونه (1) ولا غاية (2) لبقائه لا تشمله المشاعر، ولا تحجبه الحجب والحجاب بينه وبين خلقه خلقه إياهم (3)، لامتناعه ممّا يمكن في ذواتهم، ولا مكان ممّا يمتنع منه، ولافتراق الصانع من المصنوع، والحادّ من المحدود، والربّ من المربوب، الواحد بلا تأويل عدد (4)، والخالق لا بمعنى حركة، والبصير لا بأداة، والسميع لا بتفريق آلة والشاهد لا بمماسة، والباطن لا باجتنان (5)، والظاهر البائن لا بتراخي مسافة، أزله نهية (6) لمجَاوِل (7) الأفكار، ودوامه ردع لطامحات العقول، قد حسر كنهه نوافذ الأبصار، وقمع وجوده جوائل الأوهام، فمن وصف اللّه فقد حدَّه، ومن حده فقد عدَّه، ومن عدَّه فقد أبطل أزله، ومن قال : أين؟ فقد غياه، ومن قال : على مَ؟ فقد أخلا منه، ومن قال فيم؟ فقد ضمّنه.

٦ - ورواه محمّد بن الحسين عن صالح بن حمزة، عن فتح بن عبد اللّه مولى بني هاشم قال : كتبت إلى أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن شيء من التوحيد، فكتب إلى بخطه : الحمد اللّه الملهم عباده حمده - وذكر مثل ما رواه سهل بن زياد إلى قوله : وقمع وجوده جوائل الأوهام - ثمَّ زاد فيه - أوَّل الديانة به معرفته وكمال معرفته توحيده، وكمال توحيده. نفي الصفات عنه بشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف وشهادة الموصوف أنّه غير الصفة،

ص: 189


1- أي في الأزل فهو أزلي.
2- أي في الأبد فهو أبدي.
3- لأن خلقه إياهم دليل على حدوثهم بعد الإمكان والحادث والممكن قاصران عن الكشف عن الواجب الوجود لذاته والكامل المطلق المنزه عن أي نقص أو قصور.
4- «بأن يكون له تعالى ثانٍ من نوعه، أو يكون مركباً فيطلق عليه الواحد بتأويل أنّه واحد من نوع مثلاً» مرآة المجلسيّ 2 / 101.
5- الاجتنان: الاستتار. والمعنى أنّه سبحانه الخفي المستر عن خلقه «بسبب أنّه لا تدرك ذاته العقول والأفهام ولا تنال صفاته الحواس والأوهام لا بسبب استتاره في شيء أو احتجابه بحجاب» المازندراني ٢٥١/٤.
6- أي ناه وزاجر.
7- جمع مجول : مكان الجولان وزمانه.

وشهادتهما جميعاً بالتثنية الممتنع منه (1) الأزل (2) ؛ فمن وصف اللّه فقد حده ومن حده فقد عدَّه، ومن عدَّه فقد أبطل أزله ومن قال : كيف؟ فقد استوصفه ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه ومن قال على :مَ فقد جهله ومن قال : أين؟ فقد أخلا منه ومن قال ما هو؟ فقد نعته ومن قال : إلى م؟ فقد غاياه عالم إذ لا معلوم، وخالق إذ لا مخلوق وربِّ إذ لا مربوب وكذلك يوصف ربنا وفوق ما يصفه الواصفون.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن خالد، عن أبيه عن أحمد بن النضر وغيره، عمّن ذكره عن عمرو بن ثابت عن رجل سمّاه، عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور قال : خطب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) خطبة بعد العصر، فعجب النّاس من حسن صفته، وما ذكره من تعظيم اللّه جل جلاله قال أبو إسحاق : فقلت للحارث أو ما حفظتها؟ قال : قد كتبتها، فأملاها علينا من كتابه : الحمد للّه الّذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه، لأنّه كلّ يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن، الّذي لم يلد فيكون في العزّ مشاركاً، ولم يولد فيكون موروثاً هالكاً، ولم تقع عليه الأوهام فتقدّره شبحاً ماثلاً، ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلا (3)، الّذي ليست في أوليته نهاية، ولا لآخريته حد ولا غاية، الّذي لم يسبقه وقت ولم يتقدَّمه زمان، ولا بتعاوره زيادةً ولا نقصان، ولا يوصف بأين ولا بِمَ ولا مكان الّذي بطن من خفيات الأمور وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير، الّذي سُئِلَتْ الأنبياء عنه فلم تصفه بحدّ ولا ببعض، بل وصفته بفعاله ودلّت عليه بآياته، لا تستطيع عقول المتفكرين جحده، لأنَّ من كانت السماوات والأرض فطرته وما فيهن وما بينهن وهو الصانع لهنَّ، فلا مدفع لقدرته، الّذي نأى من الخلق فلا شيء كمثله الّذي خلق خلقه لعبادته وأقدرهم على طاعته، بما جعل فيهم وقطع عذرهم بالحجج، فعن بيِّنة هَلَك من هَلَك، وبمنّه نجا من نجا، واللّه الفضل مُبْدِعاً ومعبداً، ثمَّ إِنَّ اللّه وله الحمد، افتتح الحمد لنفسه وختم أمر الدنيا ومحلّ الآخرة (4) بالحمد لنفسه، فقال : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ ، وقيل : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (5).

ص: 190


1- الضمير يرجع إلى التثنية بلحاظ كونها مصدراً.
2- وهو كناية عن القدم وعدم الحدوث.
3- «حال الشيء يحول إذا انقلب حاله وكل متغير حائل... يعني لا تدركه الأبصار فإنها إن أدركته كان بعد انتقال الأبصار عنه متغيراً ومنقلباً عن الحالة التي كانت له عند الأبصار وهي المقابلة والمحاذاة والوضع الخاص....» المازندراني ٢٩٦/٤.
4- «أي حلولها، وربما يُقرأ بكون الحاء وهو الجدب وانقطاع المطر والمجادلة والكيد. أو بالجيم (مجل) وهو أن يجتمع بين الجلد واللحم ماء من كثرة العمل وشدته وعلى التقديرين كناية عن الشدة والمصيبة. أي : ختم أمر الدنيا وشدائد الآخرة وأهوالها بالحمد لنفسه على القضاء بالحق، فعلم أن الافتتاح والاختتام بحمده من محاسن الآداب» مرآة المجلسيّ 107/2.
5- الزمر / ٧٥.

الحمد اللّه اللابس الكبرياء بلا تجسيد والمرتدي بالجلال بلا تمثيل، والمستوي على العرش بغير زوال والمتعالي على الخلق بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم، ليس له حد ينتهى إلى حده ولا له مثل فيعرف بمثله، ذلَّ من تجبر غيره، وصغر من تكبر دونه، وتواضعت الأشياء لعظمته وانقادت لسلطانه وعزّته، وكلّت عن إدراكه طروف العيون، وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق، الأوّل قبل كلّ شيء ولا قبل له، والآخر بعد كلّ شيء ولا بعد له، الظاهر على كلّ شيء بالقهر له والمشاهد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها، لا تلمسه لامسة ولا تحسّه حاسة، هو الّذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم، أتقن ما أراد من خلقه من الأشباح كلّها لا بمثال سبق إليه، ولا لغوب دخل عليه في خلق ما خلق لديه، ابتدأ ما أراد ابتداءه وأنشأ ما أراد إنشاءه على ما أراد من الثقلين الجن والإنس، ليعرفوا بذلك ربوبيته وتمكّن فيهم طاعته.

نحمده بجميع محامده كلّها على جميع نعمائه كلها، ونستهديه لمراشد أمورنا(1)، ونعوذ به من سيئات أعمالنا، ونستغفره للذنوب التي سبقت منا، ونشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنَّ محمّداً عبده ورسوله بعثه بالحقّ نبياً دالاً عليه وهادياً إليه فهدى به من الضلالة واستنقذنا به من الجهالة، من يطع اللّه ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ونال ثواباً جزيلاً، ومن يعص اللّه ورسوله فقد خسر خسراناً مبيناً واستحق عذاباً أليماً فأنجعوا (2) بما يحق عليكم من السمع والطاعة وإخلاص النصيحة وحسن المؤازرة، وأعينوا على أنفسكم بلزوم الطريقة المستقيمة وهجر الأمور المكروهة، وتعاطوا الحقّ بينكم وتعاونوا به دوني، وخذوا على يد الظالم السفيه، ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واعرفوا لذوي الفضل فضلهم، عصمنا اللّه وإيّاكم بالهدى وثبتنا وإيّاكم على التقوى وأستغفر اللّه لي ولكم.

٤٥ - باب النوادر

١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن النعمان، عن سيف

ص: 191


1- «أي لمقاصد الطريق التي توصلنا إلى الأمور المطلوبة منا من المعارف والأحكام والأخلاق» المازندراني ٢٧٩/٤.
2- «أي أفلحوا بما يجب عليكم سمعاً وطاعة» مرآة المجلسيّ 2/ 110 وقد ذكر المازندراني ٢٨١٨٤ (فابخعوا) من البخع : وهو المبالغة في الشيء والإقرار والخضوع له والمعنى على هذا بالغوا في العمل بما يحق عليكم الخ...

ابن عميرة، عمّن ذكره عن الحارث بن المغيرة النصري قال سُئِلَ أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تبارك وتعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ (1)) : فقال : ما يقولون فيه؟ قلت: يقولون : يهلك كلّ شيء إلّا وجه اللّه، فقال : سبحان اللّه لقد قالوا قولاً عظيماً، إنّما عنى بذلك وجه اللّه الّذي يؤتى منه(2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) قال : من أتى اللّه بما أمر به من طاعة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فهو الوجه الّذي لا يهلك وكذلك قال : (َنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ (3)).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن أبي سلام النحاس، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نحن المثاني (4) الّذي أعطاه اللّه نبيّنا محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ونحن وجه اللّه نتقلب في الأرض بين أظهركم، ونحن عين اللّه في خلقه ويده المبسوطة بالرحمة على عباده، عرفنا من عرفنا وجهلنا من جهلنا وإمامة المتقين (5).

٤ - الحسين بن محمّد الأشعريّ ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) قال : نحن واللّه الأسماء الحسنى التي لا يقبل اللّه من المعباد عملاً إلّا بمعرفتنا.

٥ - محمّد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن سعيد عن الهيثم بن عبد اللّه عن مروان بن صباح قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن اللّه خلقنا فأحسن خلقنا وصورنا وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق في خلقه ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، ووجهه الّذي يؤتى منه، وبابه الّذي يدلّ عليه وخزانه في سمائه وأرضه (6)، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار، وجرت الأنهار وبنا ينزل غيث

ص: 192


1- القصص / 88.
2- أي الّذي يهدي العباد إلى اللّه وإلى معرفته من نبي أو وصي أو عقل كامل بذلك الوافي ٩١/١ وقد فسرت ذلك بعض ما يلي من روايات.
3- النساء / ٨٠.
4- «المثاني جمع مثنى أو مثناة من التثنية بمعنى التكرار وإنما سمّوا مثاني لاقترانهم بالقرآن» المازندراني ٤ / ٢٨٩.
5- أي وجهل إمامة المتقين بجهله لنا.
6- هذه كلها لا بد وأن تؤول بما يتوافق مع عقيدتنا في استحالة أن يكون اللّه جسماً. فاليد مثلاً هنا بمعنى النعمة، ومعنى كونهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) عين اللّه أي خاصته وأولياؤه وهكذا.

السماء وينبت عشب الأرض وبعبادتنا عُبد اللّه ولولا نحن ما عبد اللّه.

٦ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ (1)) فقال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه، لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه، فلذلك صاروا كذلك وليس أن ذلك يصل إلى اللّه كما يصل إلى خلقه لكن هذا معنى ما قال من ذلك وقد قال : (من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها) وقال : (و مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) وقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ (2)) فكلُّ هذا وشبهه على ما ذكرت لك وهكذا الرّضا والغضب وغيرهما من الأشياء ممّا يشاكل كلّ ذلك، ولو كان يصل إلى اللّه الأسف والضجر، وهو الّذي خلقهما وأنشأهما لجاز لقائل هذا أن يقول : إنَّ الخالق يبيد يوماً ما، لأنه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغيير، وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة، ثمَّ لم يعرف المكون من المكوّن ولا القادر من المقدور عليه، ولا الخالق من المخلوق تعالى اللّه عن هذا القول علوّاً كبيراً، بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه؛ فافهم إن شاء اللّه تعالى.

٧ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي نصر، عن محمّد بن حمران، عن أسود بن سعيد قال : كنت عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأنشأ يقول ابتداء منه من غير أن أسأله : نحن حجة اللّه، ونحن باب اللّه (3)، ونحن لسان اللّه (4)، ونحن وجه اللّه ونحن عين اللّه في خلقه(5)، ونحن ولاة أمر اللّه في عباده.

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حسان الجمال قال : حدَّثني هاشم بن أبي عمارة الجنبي قال: سمعت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أنا عين اللّه وأنا يد اللّه، وأنا جنب اللّه، وأنا باب اللّه

٩ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن

ص: 193


1- الزخرف/ ٥٥.
2- الفتح / ١٠.
3- أي باب علم اللّه.
4- اللسان هنا استعارة يقصد بها أنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ينطقون بمراده تعالى من أحكامه وآدابه وشرائعه ويبينون مجمل الكتاب ويميزون متشابهه عن محكمه وناسخه عن منسوخه الخ.
5- أوضحنا المراد بهذا وما قبله ثمَّ فراجع.

عمه حمزة بن بزيع، عن عليّ بن سويد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ (1)) قال : جنب اللّه : أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكذلك ما كان بعده من الأوصياء بالمكان الرّفيع إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم.

١٠ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن عليّ بن الصلت عن الحكم وإسماعيل ابني حبيب عن بُريد العجلي قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : بنا عُبد اللّه وبنا عرف اللّه، وبنا وحد اللّه تبارك وتعالى، ومحمّد حجاب اللّه تبارك وتعالى.(2).

11 - بعض أصحابنا، عن محمّد بن عبد اللّه عن عبد الوهاب بن بشر، عن موسى ابن قادم، عن سليمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (3) قال : إنَّ اللّه تعالى أعظم وأعزُّ وأجل وأمنع من أن يظلم ولكنّه خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته، حيث يقول: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (4) يعني الأئمّة منا

ثم قال في موضع آخر : (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ثمَّ ذكر مثله

٤٦ - باب البداء

٤٦ - باب البداء (5)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحجال، عن أبي إسحاق

ص: 194


1- الزمر / ٥٦.
2- أي أنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «المرشد إلى كيفية سلوك طريقه الموصل إليه والمبين لمراحله ومنازله وما لا بد منه للسائرين فيه من العلم والعمل» المازندراني ٣٠٧/٤.
3- البقرة/ ٥٧.
4- المائدة / ٥٦.
5- من المناسب أن ننقل بعض ما ذكره الإمام الخوئي حفظه اللّه حول البداء في كتابه البيان في تفسير القرآن ص / ٤٠٧ وما بعدها. «تمهید : لا ريب في أن العالم بأجمعه تحت سلطان اللّه وقدرته، وأن وجود أي شيء من الممكنات منوط بمشيئة اللّه تعالى، فإن شاء أوجده، وإن لم يشأ لم يوجده. ولا ريب أيضاً في أن علم اللّه سبحانه قد تعلق بالأشياء كلها منذ الأزل، وأن الأشياء بأجمعها كان لها تعين علمي في علم اللّه الأزلي وهذا التعبن يعبر عنه ب_ «تقدير اللّه» تارة و ب_ «قضائه» تارة أخرى ولكن تقدير اللّه وعلمه سبحانه بالأشياء منذ الأزل لا يزاحم ولا ينافي قدرته تعالى عليها حين إيجادها، فإن الممكن لا يزال منوطاً بتعلق مشيئة اللّه بوجوده التي قد يعبر عنها بالاختيار وقد يعبر عنها بالإرادة فإن تعلقت المشيئة به وجد وإلا لم يوجد. والعلم الإلهي يتعلق بالأشياء على واقعها من الإناطة بالمشيئة الإلهية، لأن انكشاف الشيء لا يزيد على واقع ذلك الشيء، فإذا كان الواقع منوطاً بمشيئة اللّه تعالى كان العلم متعلقاً به على هذه الحالة، وإلا لم يكن العلم علماً به على وجهه وانكشافا له على واقعه فمعنى تقدير اللّه تعالى للأشياء وقضائه بها أن الأشياء جميعها كانت متعينة في العلم الإلهي منذ الأزل على ما هي عليه من أن وجودها معلّق على أن تتعلق المشيئة بها. حسب اقتضاء المصالح والمفاسد التي تختلف باختلاف الظروف، والتي يحيط بها العلم الإلهي. موقف اليهود من قدرة اللّه : وذهبت اليهود إلى أن قلم التقدير والقضاء حينما جرى على الأشياء في الأزل استحال أن تتعلق المشيئة بخلافه. ومن أجل ذلك قالوا : يد اللّه مغلولة عن القبض والبسط والأخذ والإعطاء، فقد جرى فيها قلم التقدير ولا يمكن فيها التغيير ومن الغريب أنهم - قاتلهم اللّه - التزموا بسلب القدرة عن اللّه، ولم يلتزموا بسلب القدرة عن العبد. مع أن الملاك في كليهما واحد، فقد تعلق العلم الأزلي بأفعال اللّه تعالى وبأفعال العبيد على حد سواء. موقع البداء عند الشيعة : ثم إن البداء الّذي تقول به الشيعة الإماميّة إنّما يقع في القضاء المحتوم. أما المحتوم منه فلا يختلف، ولا بد من أن تتعلق المشيئة بما تعلق به القضاء وتوضيح ذلك أن القضاء ثلاثة أقسام : أقسام القضاء الإلهي : الأوّل : قضاء اللّه الّذي لم يطلع عليه أحداً من خلقه، والعلم المخزون الّذي استأثر به لنفسه. ولا ريب في أن البداء لا يقع في هذا القسم بل ورد في روايات كثيرة عن أهل البيت عليهم السلام أن البداء إنّما ينشأ من هذا العلم. الثاني : قضاء اللّه الّذي أخبر نبيّه وملائكته بأنه سيقع حتماً. ولا ريب في أن هذا القسم أيضاً لا يقع فيه البداء، وإن افترق عن القسم الأول، بأن البداء لا ينشأ منه. الثالث : قضاء اللّه الّذي أخبر نبيّه وملائكته بوقوعه في الخارج إلّا أنّه موقوف على أن لا تتعلق مشية اللّه بخلافه. وهذا القسم هو الّذي يقع فيه البداء. (لِلَّهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ٤:٢٩. وقد دلت على ذلك روايات كثيرة. وخلاصة القول : أن القضاء الختمي المعبر عنه باللوح المحفوظ، وبأم الكتاب، والعلم المخزون عند اللّه يستحيل أن يقع فيه البداء. وكيف يتصور فيه البداء؟ وأن اللّه سبحانه عالم بجميع الأشياء منذ الأزل، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. والروايات المأثورة عن أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) أن اللّه لم يزل عالماً قبل أن يخلق الخلق، فهي فوق حد الإحصاء. وقد اتفقت على ذلك كلمة الشيعة الإماميّة طبقاً لكتاب اللّه وسنة رسوله، جرياً على ما يقتضيه حكم العقل الفطري الصحيح. ثمرة الاعتقاد بالبداء : والبداء : إنّما يكون في القضاء الموقوف المعبر عنه بلوح المحو والإثبات والالتزام بجواز البداء فيه لا يستلزم نسبة الجهل إلى اللّه سبحانه وليس في هذا الالتزام ما ينافي عظمته وجلاله. فالقول بالبداء : هو الاعتراف الصريح بأن العالم تحت سلطان اللّه وقدرته في حدوثه وبقائه، وأن إرادة اللّه نافذة في الأشياء أزلاً وأبداً، بل وفي القول بالبداء يتضح الفارق بين العلم الإلهي وبين علم المخلوقين، فعلم المخلوقين وإن كانوا أنبياء أو أوصياء - لا يحيط بما أحاط به علمه تعالى، فإن بعضاً منهم وإن كان عالما _ بتعليم اللّه إياه _ بجميع عوالم الممكنات لا يحيط بما أحاط به علم اللّه المخزون الّذي استأثر به لنفسه، فإنه لا يعلم بمشيئة اللّه تعالى - لوجود شيء أو عدم مشيئته إلّا حيث يخبره اللّه تعالى به على نحو الحتم. والقول بالبداء : يوجب انقطاع العبد إلى اللّه وطلبه إجابة دعائه منه وكفاية مهماته وتوفيقه للطاعة، وإبعاده عن المعصية، فإن إنكار البداء والالتزام بأن ما جرى به قلم التقدير كائن لا محالة - دون استثناء _ يلزمه يأس المعتقد بهذه العقيدة عن إجابة دعائه. فإن ما يطلبه العبد من ربه إن كان قد جرى قلم التقدير بإنفاذه فهو كائن لا محالة، ولا حاجة إلى الدعاء والتوسل. وإن كان قد جرى القلم بخلافه لم يقع أبداً، ولم ينفعه الدعاء ولا التضرع. وإذا يئس العبد من إجابة دعائه ترك التضرع لخالقه، حيث لا فائدة في ذلك، وكذلك الحال في سائر العبادات والصدقات التي ورد عن المعصومين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّها تزيد في العمر أو في الرزق أو غير ذلك ممّا يطلبه العبد. وهذا هو سرّ ما ورد في روايات كثيرة عن أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) من الاهتمام بشأن البداء. والسر في هذا الاهتمام : أن إنكار البداء يشترك بالنتيجة مع القول بأن اللّه غير قادر على أن يغير ما جرى عليه قلم التقدير. تعالى اللّه عن ذلك علواً كبيراً. فإن كلا القولين يؤيس العبد من إجابة دعائه، وذلك يوجب عدم توجهه في طلباته إلى ربه. حقيقة البداء عند الشيعة : وعلى الجملة : فإن البداء بالمعنى الّذي تقول به الشيعة الإماميّة هو من الإبداء «الإظهار» حقيقة، وإطلاق لفظ البداء عليه مبني على التنزيل والإطلاق بعلاقة المشاكلة وقد أطلق بهذا المعنى في بعض الروايات من طرق أهل السنة. روى البخاري بإسناده عن أبي عمرة أن أبا هريرة حدثه أنّه سمع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «إن ثلاثة في بني إسرائيل : أبرص وأعمى وأقرع بدا اللّه عزّ وجلّ أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً فأتى الأبرص....». وقد وقع نظير ذلك في كثير من الاستعمالات القرآنية : كقوله تعالى : (الآنَ عَلِمَ أنْ فِيْكُمْ ضَعْفاً) ٨: ٦٦. وقوله تعالى : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً) ٨: ١٢. وقوله تعالى: (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) ٧. وما أكثر الروايات من طرق أهل السنة في أن الصدقة والدعاء يغيران القضاء. أما ما وقع في كلمات المعصومين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الأنباء بالحوادث المستقبلة فتحقيق الحال فيها : أن المعصوم متى ما أخبر بوقوع أمر مستقبل على سبيل الحتم والجزم ودون تعليق فذلك يدل أن ما أخبر به ممّا جرى به القضاء المحتوم وهذا هو القسم الثاني الحتمي، من أقسام القضاء المتقدمة، وقد علمت أن مثله ليس موضعاً للبداء، فإن اللّه لا يكذب نفسه ولا نبيّه ومتى ما أخبر المعصوم بشيء معلقاً على أن لا تتعلق المشيئة الإلهية بخلافه، ونصب قرينة متصلة أو منفصلة على ذلك فهذا الخبر إنّما يدل على جريان القضاء الموقوف الّذي هو موضع البداء والخبر الّذي أخبر به المعصوم صادق وإن جرى فيه البداء، وتعلقت المشيئة الإلهية بخلافه. فإن الخبر _ كما عرفت - منوط بأن لا تخالفه المشيئة. روى العياشي عن عمرو بن الحمق. قال: «دخلت على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين ضرب على قرنه فقال لي: يا عمرو إني مفارقكم ثمَّ قال : سنة السبعين فيها بلاء... فقلت: بأبي أنت وأمي قلت: إلى السبعين بلاء، فهل بعد السبعين رخاء؟ قال: نعم يا عمرو إن بعد البلاء رخاء»... وذكر آية يَمْحُو اللّه...

ص: 195

ص: 196

ثعلبة(1) عن زرارة بن أعين عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما عبد اللّه بشيء مثل البداء (2).

وفي رواية ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما عظم اللّه بمثل البداء (3).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال في هذه الآية : (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) (4) قال : فقال : وهل يمحى إلّا ما كان ثابتاً (5) وهل يثبت إلّا ما لم يكن (6) ؟.

3 - علي، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ما بعث اللّه نبياً حتّى يأخذ عليه ثلاث خصال: الإقرار له بالعبودية؛ وخلع الأنداد، وأنَّ اللّه يقدّم ما يشاء، ويؤخر ما يشاء (7).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير (8)، عن زرارة عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : (قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) (9) قال: هما :أجلان أجل محتوم وأجل موقوف (10).

٥ - أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن عليّ بن أسباط عن خلف بن حماد، عن ابن مسكان (11)، عن مالك الجهني (12) قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول

ص: 197


1- والمقصود به این میمون.
2- «إنما لم يُعبد اللّه ولم يُعظَّم بشيء مثل البداء، لأن مدار استجابة الدعاء والرغبة إليه سبحانه والرهبة منه وتفويض الأمور إليه والتعلق بين الخوف والرجاء وأمثال ذلك من أركان العبودية عليه...» أي على البداء. فراجع الوافي للفيض ١١٢/١.
3- «إنما لم يُعبد اللّه ولم يُعظَّم بشيء مثل البداء، لأن مدار استجابة الدعاء والرغبة إليه سبحانه والرهبة منه وتفويض الأمور إليه والتعلق بين الخوف والرجاء وأمثال ذلك من أركان العبودية عليه...» أي على البداء. فراجع الوافي للفيض ١١٢/١.
4- الرعد / ٣٩.
5- أي في اللوح المحفوظ.
6- أي في اللوح المحفوظ.
7- «على وفق ما تقتضيه الحكمة والمصلحة لأن الحكيم العلي إذا علم حسن شيء في وقت وقبحه في وقت آخر يضعه في موضعه» المازندراني ٣١٩/٤ ولا يخفى أنّه يدخل في ذلك عالم النسخ، نسخ الشرائع بالإسلام ونسخ الكتب السابقة بالقرآن.
8- واسمه عبد اللّه.
9- الأنعام / ٢.
10- «أي متغايران اجل.. مبرم محكم لا يتغير وأجل موقوف يقبل التغير والبداء لتوقفه على حصول شرائط وارتفاع موانع...» مرآة المجلسيّ 138/2.
11- واسمه عبد اللّه.
12- الظاهر أنّه ابن أعين الكوفيّ.

اللّه تعالى : (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا) (1) قال : فقال : لا مقدَّراً ولا مكوناً، قال: وسألته عن قوله : (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًاً) (2) فقال : كان مقدراً غير مذكور (3).

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد اللّه، عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : العلم علمان : فعلم عند اللّه مخزون لم يطلع عليه أحداً من خلقه، وعلم علمه ملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله فإنّه سيكون، لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله، وعلم عنده مخزون يقدّم منه ما يشاء، ويؤخر منه ما يشاء، ويثبت ما يشاء (4).

7 - وبهذا الإسناد، عن حماد عن ربعي عن الفضيل قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من الأمور أمور موقوفة عند اللّه يقدّم منها ما يشاء ويؤخر منها ما يشاء.

8 - عدة مر من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي عمير، عن جعفر ابن عثمان، عن سماعة (5) عن أبي بصير ؛ ووهيب بن حفص عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه علمين : علم مكنون مخزون، لا يعلمه إلّا هو، من ذلك يكون البداء وعلم علّمه ملائكته ورسله وأنبياءه فنحن نعلمه.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه سنان، اللّه بن عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ما بدا للّه في شيء(6) إلّا كان في علمه (7) قبل أن يبدو له.

10 _ عنه عن أجمد، عن الحسن بن عليّ بن فضال عن داود بن فرقد، عن عمرو بن : عثمان الجهني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن اللّه لم يبد له من جهل (8).

ص: 198


1- مريم / ٦٧.
2- الإنسان / 1.
3- «أي غير مذكور ومثبت لما تحت اللوح المحفوظ والمراد غير موجود إذ الموجود مذكور عند الخلق» مرآة المجلسيّ ٢/ ١٣٩.
4- «أي في كتاب المحو والإثبات» ن.م.
5- هو سماعة بن مهران الحضرمي أبو محمّد.
6- «أي ما نشأ منه سبحانه حكم وإرادة في شيء بالمحو والإثبات على حسب المصالح» المازندراني ٣٣٢/٤.
7- أي في الأزل.
8- أي لم يكن قضاؤه بمحو ما هو ثابت من حكم عن جهل منه سبحانه بحسنه أو قبحه حسب المصلحة.

11 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم اللّه بالأمس؟ قال: لا، من قال هذا فأخزاه (1) اللّه قلت أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم اللّه ؟ قال : بلی قبل أن يخلق الخلق.

12 - علي، عن محمّد، عن يونس، عن مالك الجهني قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لو علم النّاس ما في القول (2) بالبداء من الأجر (3) ما فتروا (4) عن الكلام فيه.

13 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن عمرو الكوفيّ أخي يحيى، عن مرازم بن حكيم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما تنبا(5) نبي قط، حتّى يقر للّه بخمس خصال: بالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة.

١٤ - وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن يونس، عن جهم ابن أبي جهمة، عمّن حدّثه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ أخبر محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بما كان منذ كانت الدُّنيا، وبما يكون إلى انقضاء الدُّنيا، وأخبره بالمحتوم من ذلك واستثنى عليه فيما سواه (6).

15 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال : سمعت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول ما بعث اللّه نبياً قط إلّا بتحريم الخمر وأن يقر اللّه بالبداء.

١٦ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد قال : سئل العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ) كيف علم اللّه ؟ قال : علم وشاء وأراد وقدر وقضى وأمضى ؛ فأمضى ما قضى وقضى ما قدر، وقدر ما أراد، فبعلمه كانت المشيئة، وبمشيئته كانت الإرادة وبإرادته كان التقدير وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الإمضاء ؛ والعلم متقدّم على المشيئة والمشيئة ثانية، والإرادة ثالثة، والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء.

ص: 199


1- أي أهانه وأذله.
2- «أي الاعتقاد به وإظهاره وإنشاؤه» مرآة المجلسيّ ١٤١/٢.
3- لأن البداء _ كما سبق وأشرنا إليه - عليه مدار الخوف والرجاء، واستجابة الدعاء والرغبة إليه سبحانه والرهبة منه وتفويض الأمور إليه الخ.
4- ما ضعفوا ولا استكانوا.
5- أي يصبح نبياً من قبل اللّه سبحانه.
6- وهو غير المحتوم.

فللّه تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء، وفيما أراد لتقدير الأشياء، فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه والمشيئة في المُنْشَأ قبل عينه، والإرادة في المراد قبل قيامه والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عياناً ووقتاً والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذوي لون وريح ووزن وكَيْل، وما دبَّ ودَرَجَ من إنس وجن وطير وسباع وغير ذلك ممّا يدرك بالحواس.

فللّه تبارك وتعالى فيه البداء ممّا لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء، واللّه يفعل ما يشاء، فبالعلم علم الأشياء قبل كونها وبالمشيئة عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل إظهارها، وبالإرادة ميّز أنفسها في ألوانها وصفاتها وبالتقدير قدر أقواتها وعرف أولها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلّهم عليها، وبالإمضاء شرح عللها وأبان أمرها وذلك تقدير العزيز العليم.

٤٧ - باب في أنه لا يكون شيء في السماء والأرض إلا بسبعة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد، جميعاً عن فضالة بن أيّوب عن محمّد بن عمارة، عن حريز بن عبد اللّه وعبد اللّه بن مسكان جميعاً، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلّا بهذه الخصال السبع (1): بمشيئة (2) وإرادة (3) وقَدَر (4) وقضاء (5) وإذن (6) وكتاب (7) وأجل (8)، فمن زعم أنّه يقدر على نقض واحدة فقد كفر.

ص: 200


1- «يمكن حمل الخصال السبع على اختلاف مراتب التقدير في الألواح السماوية أو اختلاف تسبب الأسباب السماوية والأرضية أو يكون بعضها في الأمور التكوينية وبعضها في الأحكام التكليفية، أو كلها في الأمور التكوينية» مرآة المجلسيّ ٢/ ١٥٠.
2- المشيئة : العزم أو العلم بجهات الحسن والقبح في الأشياء.
3- الإرادة: هي تأكد العزم على المشيئة أو تأكد المشيئة.
4- القدر هو التقدير، أي تقدير الأشياء من حيث مواصفاتها إذ التقدير بعد الإرادة والعزم.
5- القضاء : الحكم بوجوده وهو خلقه في التكوينات وبالثواب والعقاب في التكليفات.
6- الأذن : «إما العلم أو الأمر في الطاعات أو رفع الموانع» مرآة المجلسيّ ٢/ ١٥٠.
7- الكتاب : إما الإثبات في اللوح المحفوظ، أو الفرض والإيجاب.
8- أي وقت معلوم وأمد محدود في علمه سبحانه.

ورواه عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن محمّد بن حفص، عن محمّد بن عمارة، عن حريز بن عبد اللّه وابن مسكان مثله.

2 - ورواه أيضاً عن أبيه، عن محمّد بن خالد، عن زكريا بن عمران، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يكون شيء في السماوات ولا في الأرض إلّا بسبع : بقضاء وقدر وإرادة ومشيئة وكتاب وأجل وإذن، فمن زعم غير هذا فقد كذب على اللّه ؛ أورد على اللّه عزّ وجلّ (1).

٤٨ - باب المشيئة والإرادة

1 _ عليّ بن محمّد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن عليّ بن إبراهيم الهاشمي قال : سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا يكون شيء إلّا ما شاء اللّه وأراد وقدر وقضى قلت: ما معنى شاء؟ قال: ابتداء الفعل، قلت: ما معنى قدَّر ؟ قال : تقدير الشيء من طوله وعرضه، قلت: ما معنى قضى ؟ قال : إذا قضى أمضاه (2)، فذلك الّذي لا مردَّ له (3).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبان عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : شاء وأراد وقدّر وقضى؟ قال: نعم، قلت: وأحبَّ (4)؟ قال : لا قلت وكيف شاء وأراد وقدَّر وقضى ولم يحبّ؟ قال : هكذا خرج إلينا (5).

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عليّ بن معبد عن واصل بن سليمان، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : أمَرَ اللّه ولم يشأ، وشاء ولم يأمر (6)،

ص: 201


1- الظاهر أن الترديد من الراوي والرد أخص مفهوماً من الكذب.
2- «أي إذا أوجبه باستكمال شرائط وجوده وما يتوقف عليه المعلول أوجده» مرآة المجلسيّ ١٥٥/٢.
3- «الاستحالة تخلّف المعلول عن الموجب التام» ن.م.
4- أي أحب متعلقات مشيئته وإرادته وقدره وقضائه؟
5- أي «هكذا وصل إلينا من النبيّ وآبائنا الأئمّة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولما كان فهمه يحتاج إلى لطف قريحة وكانت الحكمة تقتضي عدم بيانه للسائل اكتفى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ببيان المأخذ النقلي عن التبيين العقلي» مرأة المجلسيّ ١٥٦/٢.
6- «إن اللّه سبحانه بالنسبة إلى عباده أمرين أمراً إرادياً إيجادياً، وأمراً تكليفياً إيجابياً والأوّل بلا واسطة الأنبياء (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولا يحتمل العصيان والمطلوب منه وقوع المأمور به ويوافق مشيئته تعالى طرداً وعكساً لا يتخلف عنها البتة فيقع المأمور به لا محالة... والثاني يكون بواسطة الأنبياء (عَلَيهِ السَّلَامُ) والمطلوب منه قد يكون وقوع المأمور به من غير معصية فيه كالأوامر التي كلف اللّه بها الطائعين، وقد يكون نفس الأمر من دون وقوع المأمور به لحكم ومصالح ترجع إلى العباد، فهذا الأمر الّذي لا يوافق المشيئة ولا الإرادة، يعني لم يشأ اللّه به وقوع المأمور به ولا أراده، وإن شاء الأمر به وأراد وأمر، ولذلك لم يقع المأمور به» الوافي للفيض ١١٥/١.

أمر إبليس أن يسجد لآدم وشاء أن لا يسجد ولو شاء لسجد، ونهى آدم عن أكل الشجرة وشاء أن يأكل منها ولو لم يشأ لم يأكل.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد الهمداني ومحمّد بن الحسن، عن عبد اللّه بن الحسن العلوي جميعاً، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن اللّه إرادتين ومشيئتين : إرادة حتم وإرادة عزم، ينهى وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء، أو ما رأيت أنّه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيئتهما مشيئة اللّه تعالى وأمر إبراهيم أن يذبح إسحاق ولم يشأ أن يذبحه ولو شاء لما غلبت مشيئة إبراهيم (1) مشيئة اللّه تعالى.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن دُرست بن أبي منصور، عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : شاء وأراد ولم يحبّ ولم يرض : شاء أن لا يكون شيء إلّا بعلمه وأراد مثل ذلك ولم يحب أن يقال : ثالث ثلاثة، ولم يرض لعباده الكفر.

٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قال أبو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال اللّه: [يا] ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الّذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوتي أديت فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتي جعلتك سميعاً بصيراً قوياً ما أصابك من حسنة فمن اللّه (2)، وما أصابك من سيّئة فمن نفسك (3)، وذاك أني أولى بحسناتك منك (4) وأنت أولى بسيئاتك مني (5)، وذاك أنني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون.

٤٩ - باب الابتلاء والاختبار

1 - عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن محمّد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن

ص: 202


1- «يعني محبته الطبيعية لبقاء ولده وذلك لا ينافي إرادة الطاعة منه والتسليم لأمر اللّه...» ن. م.
2- «لأنه من آثار ما أفيض عليه من جانب اللّه» مرآة المجلسيّ ١٦٣/٢.
3- «لأنه من طغيانها بهوا» .ن. م.
4- «لصدورها عنك بقوتي التي أودعتها فيك اختياراً وامتحاناً وتوفيقي ولطفي بك تفضلاً وإحساناً» المازندراني ٣٧٠/٤.
5- لصدورها عنك بسوء اختيارك.

حمزة بن محمّد الطيار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من قبض ولا بسط (1) إلّا واللّه فيه مشيئة وقضاء وابتلاء (2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن فضالة بن أيّوب، عن حمزة بن محمّد الطيار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّه ليس شيء فيه قبض أو بسط ممّا أمر اللّه به أو نهى عنه إلّا وفيه اللّه عزّ وجلّ ابتلاء وقضاء (3).

٥٠ _ باب السعادة والشقاء

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى، عن منصور ابن حازم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن اللّه خلق السعادة (4) والشقاء قبل أن يخلق خلقه، فمن خلقه اللّه سعيداً لم يبغضه أبداً، وإن عمل شراً أبغض عمله ولم يبغضه، وإن كان شقياً لم يحبه أبداً وإن عمل صالحاً أحبّ عمله وأبغضه لما يصير إليه، فإذا أحب اللّه شيئاً لم يبغضه أبداً(5) وإذ أبغض شيئاً لم يحبه أبداً (6).

2 - عليّ بن محمّد رفعه عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير قال : كنت بين يدي أبي، عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالساً وقد سأله سائل فقال : جعلت فداك يا ابن رسول اللّه من أين لحق الشقاء أهل المعصية حتّى حكم اللّه لهم في علمه بالعذاب على عملهم؟ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيّها السائل حكم اللّه عزّ وجلّ لا يقوم له أحد من خلقه بحقه، فلمّا حكم بذلك وهب لأهل محبّته

ص: 203


1- القبض الإمساك والبسط خلافه وهو التوسعة وقد وردا بهذا المعنى في قوله تعالى : (وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) البقرة/ ٢٤٥.
2- أي اختبار.
3- إذ أن كلّ تكليف فيه اختبار وامتحان للعبد أيطيع أو يعصي، وعلى ضوء أحدهما يترتب حكم بإيجاب الثواب أو العقاب.
4- «السعادة ما يوجب دخول الجنة والراحة الأبدية واللذات الدائمة والشقاوة ما يوجب دخول النار والعقوبات الأبدية والآلام الدائمة، وقد تطلق السعادة على كون خاتمة الأعمال بالخير، والشقاوة على كون الخاتمة بالشر. والمراد بخلق السعادة والشقاوة تقديرهما بتقدير التكاليف الموجبة لهما، أو أن يكتب في الألواح السماوية كونه من أهل الجنة أو من أهل النار موافقاً لعلمه سبحانه، التابع لما يختارونه أي العباد بعد وجودهم وتكليفهم بإرادتهم واختيارهم» مرآة المجلي ٢/ ١٦٥ - ١٦٦.
5- «أي لا يعاقبه ولا يحكم بكونه معاقباً...» مرآة المجلسي.١٦٦/٢. ولعل الوجه في ذلك هو علمه سبحانه بأنه سوف يتوب باعتبار صلاح طينته وحسن سريرته.
6- وذلك لعلمه سبحانه بأنه يموت على الكفر فيكون من أهل النار نتيجة فساد طينته وسوء سريرته.

القوّة على معرفته، ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله، ووهب لأهل المعصية القوّة على معصيتهم لسبق علمه فيهم ومنعهم إطاقة القبول منه فوافقوا ما سبق لهم في علمه ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه (1)، لأنَّ علمه أولى بحقيقة التصديق وهو معنى شاء ما شاء وهو سرّه.

٣ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي، عن معلىّ بن عثمان، عن عليّ بن حنظلة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنّه قال : يسلك بالسعيد في طريق الأشقياء حتّى يقول النّاس : ما أشبهه بهم بل هو منهم، ثمَّ يتداركه السعادة ؛ وقد يسلك بالشقي طريق السعداء حتّى يقول النّاس ما أشبهه بهم، بل هو منهم، ثمَّ يتداركه الشقاء، إنّ من كتبه اللّه سعيداً وإن لم يبق من الدُّنيا إلّا فواق (2) ناقة ختم له بالسعادة.

٥١ - باب الخير والشر

٥١ - باب الخير والشر(3)

١ - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن ابن محبوب وعلي بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن ممّا أوحى اللّه إلى موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنزل عليه في التوراة أنّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا خلقت الخلق وخلقت الخير وأجريته على يدي من أحبّ، فطوبى لمن أجريته على يديه وأنا اللّه لا إله إلّا أنا خلقت الخلق وخلقت الشر وأجريته على يدي من أريده فويل لمن أجريته على يديه (4).

ص: 204


1- «أي أن سبب سلب اللّه سبحانه الطافه عن هذه الفئة هو إفسادهم لفطرهم بتلويثها بالمعصية بسوء اختيارهم ممل جعلهم مغلوبين لشهواتهم ونفوسهم الأمارة بالسوء ولقد كان ذلك في علمه سبحانه. ولا يستلزم هذا جبراً ولا ظلماً ولأن الجبر إنّما يلزم لولم يهب لهم القوة على الطاعة... والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه وهم بسبب ذلك الإبطال والإفساد خرجوا عن استحقاق الإعانة والتوفيق» المازندراني ٣٨٣/٤.
2- «الفواق : ما بين الحليتين من الوقت لأن الناقة تُحلب ثمَّ تترك سويعة يرضعها الفصيل ثمَّ تُحلب وهذا تمثيل بقرب ما بين موته ووصوله إلى مرتبة السعادة» المازندراني ٣٨٦/٤.
3- «الخير والشر يطلقان على الطاعة والمعصية وعلى أسبابهما ودواعيهما. وعلى المخلوقات النافعة. والضارة... وعلى النعم والبلايا. وذهبت الأشاعرة إلى أن جميع ذلك من فعله تعالى، والمعتزلة والإماميّة خالفوهم في أفعال العباد وأوّلوا ما ورد في أنّه تعالى خالق الخير والشر...» مرآة المجلسيّ 171/2.
4- «لعل المراد بالخير والشر الجنة والنار وإجراؤهما عبارة عن الإعانة والتوفيق للمتوجه إلى الأوّل وعن سلبهما عن المتوجه إلى الثاني» المازندراني 389/٤.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن، حکیم، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن في بعض ما أنزل اللّه من كتبه أنّى أنا اللّه لا إله إلّا أنا خلقت الخير وخلقت الشر، فطوبى لمن أجريت على بديه الخير وويل لمن أجريت على يديه الشرّ وويل لمن يقول : كيف ذا وكيف ذا(1).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بكار بن كَرْدَم، عن مفضل بن عمر، وعبد المؤمن الأنصاري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه عزّ وجلّ : أنا اللّه لا إله إلّا أنا، خالق الخير والشر فطوبى لمن أجريت على يديه الخير، وويل لمن أجريت على يديه الشر، وويل لمن يقول : كيف ذا وكيف هذا ؛ قال يونس : يعني من ينكر هذا الأمر يتفقه فيه (2).

٥٢ _ باب الجَبْرُ والقَدَر والأمر بين الأمرين

٥٢ _ باب الجَبْرُ والقَدَر والأمر بين الأمرين (3)

1 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد وإسحاق بن محمّد وغيرهما رفعوه قال : كان أمير

ص: 205


1- أي «على سبيل الإنكار والإشارة الأولى لخلق الخير وإجرائه على يد أهله والإشارة الثانية لخلق الشر وإجرائه على يد أهله» ن. م ص /393.
2- «أي يجتهد بعقله ويقول برأيه» الوافي 117/1.
3- ننقل هنا ما ذكره الإمام الخوئي حفظه اللّه حول مسألة البداء بأخصر عبارة وأدلّها وذلك في كتابه : البيان في تفسير القرآن ص / ١٠٠ وما بعدها. إن كلّ إنسان يدرك بفطرته أنّه قادر على جملة من الأفعال، فيمكنه أن يفعلها وأن يتركها، وهذا الحكم فطري لا يشك فيه أحد إلّا أن تعتريه شبهة من خارج. وقد أطبق العقلاء كافة على ذم فاعل القبيح، ومدح فاعل الحسن، وهذا برهان على أن الإنسان مختار في فعله غير مجبور عليه عند إصداره. وكل عاقل يرى أن حركته على الأرض عند مشيه عليها تغاير حركته عند سقوطه من شاهق إلى الأرض، فيرى أنّه مختار في الحركة الأولى، وأنه مجبور على الحركة الثانية. وكل إنسان عاقل يدرك بفطرته أنّه وإن كان مختاراً في بعض الأفعال حين يصدرها وحين يتركها إلّا أن أكثر مبادىء ذلك الفعل خارجة عن دائرة اختياره، فإن من جملة مبادىء صدور الفعل نفس وجود الإنسان وحياته، وإدراكه للفعل، وشوقه إليه، وملاءمة ذلك الفعل لقوة من قواه وقدرته على إيجاده. ومن البين أن هذا النوع من المبادىء خارج عن دائرة اختيار الانسان، وأن موجد هذه الأشياء في الإنسان هو موجد الإنسان نفسه. وقد ثبت في محله أن خالق هذه الأشياء في الإنسان لم ينعزل عن خلقه بعد الإيجاد، وأن بقاء الأشياء واستمرارها في الوجود محتاج إلى المؤثر في كلّ آن وليس مثل خالق الأشياء معها كالبناء يقيم الجدار بصنعه، الجدار بصنعه، ثمَّ يستغني الجدار عن بانيه، ويستمر وجوده وإن فنى صانعه أو كمثل الكاتب يحتاج إليه الكتاب في حدوثه، ثمَّ يستغني عنه في مرحلة بقائه واستمراره. بل مثل خالق الأشياء معها (وللّه المثل الأعلى) كتأثير القوة الكهربائية في الضوء. فإن الضوء لا يوجد إلّا حين تمده القوة بتيارها، ولا يزال يفتقر في بقاء وجوده إلى مدد هذه القوة في كلّ حين، فإذا انفصل سلكه عن مصدر القوة في حين انعدم الضوء في ذلك الحين كأن لم يكن وهكذا تستمد الأشاء وجميع الكائنات وجودها من مبدعها الأوّل في كلّ وقت من أوقات حدوثها وبقائها وهي مفتقرة إلى مدده في كلّ حين، ومتصلة برحمته الواسعة التي وسعت كلّ شيء. وعلى ذلك ففعل العبد وسط بين الجبر والتفويض، وله حظ من كلّ منهما. فإن إعمال قدرته في الفعل أو الترك وإن كان باختياره إلّا أن هذه القدرة وسائر المبادىء حين الفعل تفاض من اللّه، فالفعل مستند إلى العبد من جهة وإلى اللّه من جهة أخرى والآيات القرآنية المباركة ناظرة إلى هذا المعنى، وأن اختيار العبد في فعله لا يمنع من نفوذ قدرة اللّه وسلطانه. ولنذكر مثلاً تقريبياً يتضح به للقارىء حقيقة الأمر بين الأمرين الّذي قالت به الشيعة الإماميّة، وصرحت به أئمتها، وأشار إليه الكتاب العزيز. لنفرض إنساناً كانت يده شلاء لا يستطيع تحريكها بنفسه، وقد استطاع الطبيب أن يوجد فيها حركة إرادية وقتية بواسطة قوة الكهرباء، بحيث أصبح الرَّجل يستطيع تحريك يده بنفسه متى وصلها الطبيب بسلك الكهرباء، وإذا انفصلت عن مصدر القوة لم يمكنه تحريكها أصلا، فإذا وصل الطبيب هذه اليد المريضة بالسلك للتجربة مثلا، وابتدأ ذلك الرَّجل المريض بتحريك يده ومباشرة الأعمال بها - والطبيب يمده بالقوة في كلّ آن - فلا شبهة في أن تحريك الرَّجل ليده في هذه الحال من الأمر بين الأمرين، فلا يستند إلى الرَّجل مستقلا، لأنه موقوف على إيصال القوة إلى يده وقد فرضنا أنّها بفعل الطبيب ولا يستند إلى الطبيب مستقلاً، لأن التحريك قد أصدره الرَّجل بإرادته، فالفاعل لم يجبر على فعله لأنه مريد، ولم يفوّض إليه الفعل بجميع مبادئه، لأن المدد من غيره، والأفعال الصادرة عن الفاعلين المختارين كلها من هذا النوع فالفعل صادر بمشيئة العبد ولا يشاء العبد شيئاً إلّا بمشيئة اللّه. والآيات القرآنية كلها تشير إلى هذا الغرض، فهي تبطل الجبر - الّذي يقول به أكثر العامّة _ لأنها تثبت الاختيار، وتبطل التفويض المحض - الّذي يقول به بعضهم - لأنها تسند الفعل إلى اللّه وسنتعرض إن شاء اللّه تعالى للبحث تفصيلا، ولإبطال هذين القولين حين تتعرض الآيات لذلك. وهذا الّذي ذكرناه مأخوذ عن إرشادات أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وعلومهم وهم الّذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. وإليك بعض ما ورد منهم : سأل رجل الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : قلت : أجبر اللّه العباد على المعاصي ؟ قال : لا. قلت : ففوض إليهم الأمر ؟ قال : لا. قال : قلت : فماذا؟ قال: لطف من ربك بين ذلك. وفي رواية أخرى عنه : ولا جبر ولا قدر، ولكن منزلة بينهما. وفي كتب الحديث للإمامية جملة من هذه الروايات.

المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالساً بالكوفة بعد منصرفه من صفّين، إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه، ثمَّ قال له : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام أبقضاء من اللّه وقَدَر ؟ فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أجل يا شيخ ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلّا بقضاء من اللّه وقدر، فقال له الشيخ : عند اللّه أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين؟ فقال له : مه يا شيخ ! فواللّه لقد عظم اللّه الأجر في مسيركم وأنتم سائرون، وفي مقامكم وأنتم مقيمون، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليه مضطرّين.

فقال له الشيخ : وكيف لم نكن في شيء من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين، وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا ؟ فقال له : وتظنُّ أنّه كان قضاءً حتماً وقَدَراً لازماً؟ إنّه لو

ص: 206

كان كذلك (1) لبطل (2) الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر من اللّه، وسقط معنى الوعد والوعيد، فلم تكن لائمة للمذنب، ولا محمّدةً للمحسن، ولكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن، ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وحزب الشيطان وقَدَريّة هذه الأمة ومجوسها.

إنَّ اللّه تبارك وتعالى كلّف تخييراً(3)، ونهى تحذيراً (4)، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يُعْصَ مغلوباً (5) ولم يُطع مكرهاً (6) ولم يملك مفوّض (7)، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، ولم يبعث النبيّين مبشرين ومنذرين عبثاً، (ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (8). فأنشأ الشيخ يقول :

أنت الإمام الّذي نرجو بطاعته***يوم النجاة من الرحمن غفرانا

أوضحت من أمرنا ما كان ملتبساً***جزاك ربُّك بالإحسان إحسانا

2 _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسين بن عليّ الوشّاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه قال: من زعم أن اللّه يأمر بالفحشاء فقد كذب على اللّه ومن زعم أنَّ الخير والشر إليه فقد كذب على اللّه (9).

٣ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته فقلت: اللّه فوَّض الأمر إلى العباد؟ قال : اللّه أعزُّ من ذلك

ص: 207


1- أي قضاءً محتوماً لا دخل لاختيار العبد فيه وقدراً لا مدخل لإرادته فيه.
2- «لأن الثواب نفع يستحقه العيد بالإتيان بالطاعات والاجتناب عن المنهيات والعقاب ضرر يستحقه بالإتيان بالمنهيات والاجتناب عن الطاعات وهما تابعان للاختيار ولا يتحققان مع الإجبار» المازندراني ٨/٥.
3- أي بين الفعل والترك.
4- أي من جبر.
5- هذا رد على المجبرة الّذين فلسفوا مقالتهم بأنه لو لم يكن اللّه قد أجبر عباده على المعصية بل أراد منهم الطاعة ومع ذلك عصوا فلازم ذلك أن تكون إرادة اللّه مغلوبة لإرادتهم لأن متعلقها تحقق دون متعلقها.
6- لأن المطيع إنّما إطاعه سبحانه باختياره لا بإجبار منه سبحانه.
7- رد على المفوضة الّذين يقولون بأن اللّه خلق الخلق وفوّض إليهم أنفسهم بحيث لا دخالة لقضائه وإرادته في أعمالهم أي أنّه خلقهم وذهب فاستراح من إدارة شؤون الكون.
8- ص / 27.
9- الضمير في (إليه) يرجع إلى (مَن زعم) الثانية، وفي هذا القول رد على المفوضة الّذين يقولون بأن أعمال الإنسان خيرها وشرها مخلوقة له من دون مدخلية اللّه فيها. «وهذا أيضاً كذب على اللّه تعالى لمخالفته للآيات الكثيرة الدالة على هدايته وتوفيقه وخذلانه ومشيته وتقديره» راجع مرآة المجلسيّ ١٨٤/٢.

قلت : فجبرهم على المعاصي ؟ قال : اللّه أعدل وأحكم من ذلك، قال : ثمَّ قال : قال اللّه : (يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني، عملت المعاصي بقوّتي التي جعلتها فيك).

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن قال : قال لي أبو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا يونس لا تقل بقول القدريّة، فإنّ القدرية لم يقولوا بقول أهل الجنّة ولا بقول أهل النار ولا بقول إبليس فإنَّ أهل الجنّة قالوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) (1). وقال أهل النار : (رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ) (2). وقال إبليس : (رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي) (3). فقلت : واللّه ما أقول بقولهم ولكني أقول : لا يكون إلّا بما شاء اللّه وأراد وقدّر وقضى، فقال : يا يونس ليس هكذا : لا يكون إلّا ما شاء اللّه وأراد وقدَّر وقضى، يا يونس تعلم ما المشيئة؟ قلت: لا، قال هي الذكر الأوّل (4)، فتعلم ما الإرادة؟ قلت : لا، قال : هي العزيمة على ما يشاء، فتعلم ما القدر؟ قلت: لا، قال هي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء، قال : ثمَّ قال : والقضاء هو الإبرام وإقامة العين (5)، قال : فاستأذنته أن أقبل رأسه وقلت فتحت لي شيئاً كنت عنه في غفلة.

٥ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم ابن - عمر اليماني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه وأمرهم ونهاهم، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه (6) ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلّا بإذن اللّه.

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حفص ابن قرط، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «من زعم أن اللّه يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على اللّه، ومن زعم أنَّ الخير والشر بغير مشيئة اللّه فقد أخرج اللّه من سلطانه. ومن

ص: 208


1- الأعراف/ ٤٣.
2- المؤمنون/ ١٠٦.
3- الحجر / ٣٩.
4- أي العلم الأزلي القديم.
5- أي إيجاد الأشياء وخلفها من قبله سبحانه.
6- أي أعطاهم القدرة على الفعل والترك تأكيداً لاختيارهم لئلا يكون إلجاء من قبله لهم إلى أحدهما فتبطل فلسفة الثواب والعقاب.

زعم أن المعاصي بغير قوة اللّه (1) فقد كذب على اللّه، ومن كذب على اللّه أدخله اللّه النار».

7 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن عثمان بن عيسى، عن إسماعيل ابن جابر قال : كان في مسجد المدينة رجل يتكلّم في القدر والناس مجتمعون، قال: فقلت: يا هذا أسألك؟ قال : سل، قلت : يكون في ملك اللّه تبارك وتعالى ما لا يريد؟ قال: فأطرق طويلاً ثمَّ رفع رأسه إليَّ فقال [لي]: يا هذا ! لئن قلت: إنّه يكون في ملكه ما لا يريد، إنّه لمقهور. ولئن قلت لا يكون في ملكه إلّا ما يريد أقررت لك بالمعاصي، قال: فقلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سألت هذا القدري فكان من جوابه كذا وكذا، فقال : لنفسه نَظَر (2)، أما لو قال غير ما قال لهلك.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن الحسن زعلان عن أبي طالب القميّ عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت أجبر اللّه العباد على المعاصي؟ قال: لا، قلت: ففَوَّض إليهم الأمر؟ قال : قال : لا، قال : قلت : فماذا؟ قال : لطف من ربك بين ذلك (3).

9 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن غير واحد، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالا : إنّ اللّه أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثمَّ يعذَّبهم عليها. واللّه أعزُّ من أن يريد أمراً فلا يكون(4)، قال: فسئلا (عَلَيهِ السَّلَامُ) هل بين الجبر والقدر منزلةٌ ثالثة؟ قالا : نعم أوسع ممّا بين السماء والأرض.

10 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن صالح ابن سهل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال سئل عن الجبر والقدر فقال : لا جبر ولا قدر ولكن منزلة بينهما، فيها الحقّ (5) التي بينهما لا يعلمها إلّا العالم أو من علمها إياه العالم.

11 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد، عن يونس، عن عدَّة (6)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :

ص: 209


1- أي القوة التي أوجدها اللّه فيهم ليختاروا في صرفها بين الطاعة والمعصية بعد أن أمرهم بالأولى ونهاهم عن الأخرى.
2- «أي تأمل واحتاط لنفسه حيث لم يحكم بما يوجب هلاكه من القول بالقدر الّذي هو مذهبه، أو نفي مذهبه ومذهب الجبرية أيضاً...» مرآة المجلسيّ ١٩٠/٢.
3- أي أمر بين الأمرين.
4- مع أن الأوامر الإلهية ما لم يقع المراد، وهذا يدل على أن إرادته في هذه الأوامر ليست إرادة جبر وحتم بل هي إرادة تخييرية تكليفية. وهذا رد المذهب المجيزة.
5- إذ لا إفراط فيها كما هو مذهب المجبرة ولا تفريط كما عليه المفوضة.
6- أي من الرواة.

قال له :رجل : جعلت فداك أجبر اللّه العباد على المعاصي ؟ فقال : اللّه أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثمَّ يعذبهم عليها، فقال له : جعلت فداك ففوّض اللّه إلى العباد ؟ قال : فقال : لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي (1)، فقال له : جعلت فداك فبينهما منزلة قال : فقال : نعم أوسع ما بين السماء والأرض.

12 - محمّد بن أبي عبد اللّه وغيره عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن بعض أصحابنا يقول بالجبر، وبعضهم يقول: بالاستطاعة (2) قال : فقال لي : اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم، قال عليّ بن الحسين : قال اللّه عزّ وجلّ: (يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الّذي تشاء وبقوتي أديت إليَّ فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعاً بصيراً، ما أصابك من حسنة فمن اللّه وما أصابك من سيّئة فمن نفسك، وذلك أنّي أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني، وذلك أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون قد نظمت لك كلّ شيء تريد) (3).

13 - محمّد بن أبي عبد اللّه، عن حسين بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عمن حدَّثه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين قال: قلت وما أمر بين أمرين؟ قال مثل ذلك : رجلٌ رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت أنت الّذي أمرته بالمعصية.

١٤ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: اللّه أكرم من أن يكلف النّاس ما لا يطيقون(4) واللّه أعز من أن يكون في سلطانه ما لا يريد(5).

٥٣ - باب الاستطاعة

1 - عليّ بن إبراهيم عن الحسن بن محمّد، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن عليّ

ص: 210


1- «عنى بذلك أن اللّه لم يجبر عباده على المعاصي ولم يفوّض إليهم أمر الدّين حتّى يقولوا بآرائهم ومقائيسهم فإنه عزّ وجلّ قد حد ووصف وشرع وفرض وسنّ وأكمل لهم الدّين فلا تفويض مع التحديد والتوصيف» المازندراني ٣٩/٥ نقلاً عن كتابي العدة والتوحيد.
2- الظاهر أن المراد بالاستطاعة هنا بمقتضى التقابل مع الجبر: التفويض.
3- هذا من تتمة كلام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) خطاباً للسائل في نهاية ما إفاده. والمعنى أني قد بينت لك كلّ ما تريد أن تعرفه حول مسألتك.
4- هو رد المذهب المجبرة.
5- هو رد لمذهب المفوضة، لأن لازم التفويض عدم دخالة لمشيئة اللّه وإرادته فيما يفعله العبد.

ابن أسباط قال : سألت أبا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الاستطاعة فقال : يستطيع العبد بعد أربع خصال: أن يكون مخلّى السرب (1) صحيح الجسم (2)، سليم الجوارح (3)، له سبب وارد من، اللّه (4)، قال : قلت : جعلت فداك فسّر لي هذا قال: أن يكون العبد مخلى السرب، صحيح الجسم، سليم الجوارح يريد أن يزني فلا يجد امرأة ثمَّ يجدها، فإما أن يعصم نفسه فيمتنع كما امتنع يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو يخلّي بينه وبين إرادته فيزني فيسمى زانياً، ولم يطع اللّه بإكراه ولم يعصه

بغلبة.

٢ _ محمّد بن يحيى وعليّ بن إبراهيم جميعاً، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن - الحكم وعبد اللّه بن يزيد جميعاً، عن رجل من أهل البصرة قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الاستطاعة، فقال: أتستطيع أن تعمل (5) ما لم يكون؟ قال : لا، قال : فتستطيع أن تنتهي عمّا قد كُون (6)؟ قال : لا، قال فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فمتى أنت مستطيع ؟ قال : لا ادري، قال : فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ اللّه خلق خلقاً فجعل فيهم آلة الاستطاعة ثمَّ لم يفوّض إليهم، فهم مستطيعون للفعل وقت الفعل مع الفعل إذا فعلوا ذلك الفعل، فإذا لم يفعلوه في ملكه لم يكونوا مستطيعين أن يفعلوا فعلاً لم يفعلوه، لأنّ اللّه عزّ وجلّ أعزُّ من أن يضاده في ملكه أحدٌ. قال البصريّ : فالناس مجبورون (7)؟ قال : لو كانوا مجبورين كانوا معذورين (8). قال : ففوّض إليهم قال : لا قال فما هم ؟ قال : علم منهم فعلا فجعل فيهم آلة الفعل، فإذا فعلوا كانوا مع الفعل مستطيعين، قال البصريّ : أشهد أنّه الحقّ وأنّكم أهل بيت النبوّة والرسالة.

٣ - محمّد بن أبي عبد اللّه، عن سهل بن زياد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن عليّ بن الحكم عن صالح النيلي قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل للعباد من الاستطاعة شيء؟ قال : فقال لي : إذا فعلوا

ص: 211


1- السَّرب: بالفتح الطريق وبالكسر : النفس فالمعنى على الأول: أن طريقه إلى الخير والشر خال بلا مانع والمعني على الثاني : «أنه لا مانع لنفسه عن الميل إليهما إذ لو منعت نفسه عنه أو سد الطريق لم يكن قادراً مستطيعا» المازندراني ٤٦/٥ بتصرّف.
2- إذ لو كان في جسمه علة تمنعه عن الفعل لم يكن مستطيعاً.
3- «أي هي آلات الفعل» مرآة المجلسيّ 213/2.
4- لعله القدرة التي منحه اللّه إياها ليتمكن من كلّ من الفعل والترك باختياره حسناً أو سوءاً. أو رفع الموانع الصارفة كما مر.
5- أي فعلاً أمراً لم تتم مقدماته ولا تحققت علته.
6- أي تمت مقدماته التي يتوقف حصوله عليها وتحققت عليته.
7- أي بناءً على ما ذكرت فالناس لا يستطيعون الفعل والترك.
8- وبطلان كونهم معذورين واضح لما دل على استحقاقهم العقاب في حال العصيان فبطل كونهم معذورين.

الفعل كانوا مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها اللّه فيهم. قال : قلت وما وهي؟ قال: الآلة مثل الزاني إذا زنى كان مستطيعاً للزنا حين زنى، ولو أنّه ترك الزنا ولم يزن كان مستطيعاً لتركه إذا ترك. قال : ثمَّ قال : ليس له من الاستطاعة قبل الفعل قليل ولا كثير ولكن مع الفعل والترك كان مستطيعاً، قلت: فعلى ماذا يعذبه؟ قال : بالحجّة (1) البالغة والآلة التي رَكَّب فيهم (2)، إن اللّه لم يجبر أحداً على معصيته، ولا أراد إرادة حتم - الكفر من أحد، ولكن حين كفر كان في إرادة(3) اللّه أن يكفر، وهم في إرادة اللّه وفي علمه أن لا يصيروا إلى شيء من الخير، قلت: أراد منهم أن يكفروا؟ قال : ليس هكذا أقول ولكني أقول : علم أنهم سيكفرون، فأراد الكفر لعلمه فيهم، وليست هي إرادة حتم إنّما هي إرادة اختيار.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابنا، عن عبيد بن زرارة قال : حدَّثني حمزة بن حمران قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الاستطاعة فلم يجبني فدخلت عليه دخلة أخرى، فقلت: أصلحك اللّه، إنّه قد وقع في قلبي منها شيء لا يخرجه إلّا شيء أسمعه منك، قال : فأنه يضرُّك ما كان في قلبك. قلت : أصلحك اللّه إني يقول : إن اللّه تبارك وتعالى لم يكلف العباد ما لا يستطيعون، ولم يكلفهم إلّا ما يطيقون، وإنّهم لا يصنعون شيئاً من ذلك إلّا بإرادة اللّه ومشيئته وقضائه وقدره، قال: فقال : هذا دين اللّه الّذي أنا عليه وآبائي. أو كما قال.

٥٤ - باب البيان والتعريف ولزوم الحجّة

1 - محمّد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن - ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن ابن الطيار (4)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه احتجّ على النّاس بما آتاهم وعرّفهم.

ص: 212


1- وهي الرسل والكتب والعقل.
2- أي القدرة كما مر.
3- «أي لما أراد إيمانه على التخيير دون القسر والإلجاء مع أقداره عليه وعلى الكفر صارت تلك الإرادة ظرفاً لكفره مجازاً» المازندراني ٥٦/٥. وقيل : «أي إرادة بالعَرَض لأنه لما أراد أن يعطي العبد إرادة واختياراً ويخليه واختياره وهو أراد المعصية فهو سبحانه أراد ما صار سبياً لكفره إرادة بالعَرَض» مرآة المجلسيّ 219/2.
4- واسمه حمزة.

محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج مثله.

2 - محمّد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد بن حكيم قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : المعرفة (1) من صنع من هي؟ قال: من صنع اللّه ليس للعباد فيها صنع.

٣ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن میمون عن حمزة بن محمّد الطيار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) (2). قال : حتّى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه ؛ وقال (3) : (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (4) قال : بين لها ما تأتي وما تترك، وقال: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) (5) قال : عرفناه، إما أخذوإما تارك، وعن قوله : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى) (6) :قال عرفناهم فاستحبوا العمى على الهدى وهم يعرفون؟ وفي رواية : بيّنا لهم.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن بكير، عن حمزة بن محمّد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (7) قال : نجد الخير والشر.

5 - وبهذا الإسناد، عن يونس عن حماد، عن عبد الأعلى (8) قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): أصلحك اللّه هل جعل في النّاس أداة ينالون بها المعرفة؟ قال : فقال : لا، قلت : فهل كلّفوا المعرفة؟ قال: لا، على اللّه البيان: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (9). و لا

ص: 213


1- المعرفة، إما أن يراد بها الاعتقاد بضرورة وجود علة لهذا الكون وهو اللّه سبحانه، وهذا ما يعبر عنه بالفطرة التي فطر سبحانه النّاس عليها. أو المراد بها العلم الكامل المسبب عن توفيق اللّه سبحانه للعبد إلى مجاهدة نفسه ورياضتها على الطاعات والعبادات.
2- التوبة/ ١١٥.
3- أي السائل عن معنى هذه الآية.
4- الشمس / ٨.
5- فصلت/ 17.
6- الإنسان ٣.
7- البلد / ١٠، والمقصود بالنجدين : طريق الخير وطريق الشر.
8- هو عبد الأعلى مولى آل سام الكوفيّ / حمدويه.
9- البقرة/ ٢٨٦.

يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا) (1). قال : وسألته عن قوله : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) قال : حتّى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه.

٦ - وبهذا الإسناد، عن يوس، عن سعدان رفعه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه لم ينعم على عبد نعمة إلّا وقد ألزمه فيها الحجّة من اللّه، فمن من اللّه عليه فجعله قوياً فحجّته عليه القيام بما كلّفه، واحتمال مَنْ هو دونَه ممّن هو أضعف منه، ومن من اللّه عليه فجعله موسعاً عليه فحجته عليه ماله، ثمَّ تعاهدوه الفقراء بعد بنوافله (2)، ومن من اللّه عليه فجعله شريفاً في بيته، جميلاً في صورته، فحجّته عليه أن يحمد اللّه تعالى على ذلك وأن لا يتطاول على غيره، فيمنع حقوق الضعفاء لحال شرفه وجماله.

٥٥ - باب اختلاف الحجّة على عباده

١ - محمّد بن أبي عبد اللّه عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن الحسين بن زيد عن دُرُست بن أبي منصور عمّن حدَّثه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع المعرفة (3) والجهل والرضا والغضب والنوم واليقظة.

٥٦ _ باب حجج اللّه على خلقه

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن أبي شعيب المحاملي (4)، عن درست بن أبي منصور عن بريد بن معاوية، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ليس اللّه على خلقه، أن يعرفوا وللخلق على اللّه أن يعرفهم واللّه على الخلق إذا عرَّفهم أن يقبلوا.

ص: 214


1- الطلاق / ٧.
2- أي بالزيادات على ما فرض عليه من حقوق في ماله للفقراء كالصدقات المستحبة وسائر أعمال الخير بواسطة المال.
3- «المقصود بالمعرفة معرفة اللّه سبحانه، لأن المعرفة نور من اللّه سبحانه إنّما يفيضه على قلب من يتهيأ له بالحركات النفسانية والانتقالات الذهنية أو ابالرياضيات البدنية والتهذيبات النفسية» الوافي /122. وعلى ذلك يندفع الإشكال بأنه كيف تكون المعرفة من صنع اللّه ومع ذلك صح تكليفه العباد بها، لأن «التكليف إنّما يتوجه إلى [مقدماتها ]...» راجع للتبسط ن. م السابق.
4- واسمه صالح بن خالد / كوفي ثقة.

٢ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الأعلىّ بن أعين قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من لم يعرف شيئاً هل عليه شيء؟ قال : لا.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن داود بن فرقد عن أبي الحسن زكريا بن يحيى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ما حجب عن العباد فهو موضوع عنهم.(1).

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عليّ بن الحكم، عن أبان الأحمر عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال لي : اكتب فأملى عليّ : إن من قولنا إنَّ اللّه يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم، ثمَّ أرسل إليهم رسولاً وأنزل عليهم الكتاب فأمر فيه ونهى، أمر فيه بالصلاة والصيام فنام رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن الصلاة فقال : أنا أنيمك وأنا أوقظك فإذا قمت فصل، ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، ليس كما يقولون : إذا نام عنها هلك. وكذلك الصيام أنا أمرضك وأنا أصحك فإذا شفيتك فاقضه، ثمَّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وكذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحداً في ضيق ولم تجد أحداً إلّا وللّه عليه الحجّة واللّه فيه المشيئة. ولا أقول إنّهم ما شاؤوا صنعوا، ثمَّ قال : إن اللّه يهدي ويضلُّ وقال: وما أمروا إلّا بدون سعتهم، وكلّ شيء أمر النّاس به فهم يَسَعُونَ له (2)، وكلّ شيء لا يَسَعُونَ له فهو موضوع عنهم، ولكن النّاس لا خير فيهم. ثمَّ تلا (عَلَيهِ السَّلَامُ): (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ...) (3) فوضع عنهم، (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ...) (4). قال : فوضع عنهم لأنهم لا يجدون (5).

٥٧ - باب الهداية أنها من اللّه عزّ وجلّ

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن

ص: 215


1- لما كان غير منجز في حقهم فهم معذورون غير معاقبين على تركه بشرط أن يستند جهلهم به إلى القصور لا إلى التقصير.
2- أي هو في وسعهم وتحت قدرتهم وطاقتهم.
3- التوبة / 91 - 92.
4- التوبة / 91 - 92.
5- أي لا يجدون ما ينفقون أو ما يحملهم.

إسماعيل السراج، عن ابن مسكان عن ثابت بن سعيد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ثابت : مالكم وللناس (1)، كفّوا عن النّاس ولا تدعوا أحداً إلى أمركم، فواللّه لو أن أهل السماوات وأهل الأرضين اجتمعوا على أن يهدوا عبداً يريد اللّه ضلالته ما استطاعوا على أن يهدوه، ولو أنَّ أهل السماوات والأرضين اجتمعوا على أن يضلّوا عبداً يريد اللّه هدايته ما استطاعوا أن يضلّوه كفّوا عن النّاس ولا يقول أحدٌ : عمّي وأخي وابن عمّي وجاري (2) ؛ فإنَّ اللّه إذا أراد بعبد خيراً طيب روحه فلا يسمع معروفاً إلّا عرفه ولا منكراً إلّا أنكره، ثمَّ يقذف اللّه في قلبه كلمة يجمع بها أمره (3).

2 - عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران، عن سلیمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : إنّ اللّه عزّ وجلّ إذا أراد بعبد خيراً (4) نكت في قلبه نكتة(5) من نور وفتح مسامع قلبه (6) ووكل به ملكاً يسدّده، وإذا أراد بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطاناً يضله، ثمَّ تلا هذه الآية: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) (7).

٣ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : اجعلوا أمركم اللّه (8)، ولا تجعلوه للناس فإنّه ما كان اللّه فهو اللّه، وما كان للناس فلا يصعد إلى اللّه، ولا تخاصموا النّاس لدينكم فإن المخاصمة ممرضة للقلب، إنَّ اللّه تعالى قال لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (9)

ص: 216


1- أي بمجادلتهم ومخاصمتهم في ما يعتقدون مع علمكم بأنهم لم يهتدوا إلى ما أنتم عليه من الحق.
2- أي يقول : هذا عمي وأخي الخ ومن اللازم على هدايته.
3- «المراد بالكلمة ولاية الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ووجوب متابعتهم فيها يتم نجاته لأنه يأخذ عنهم ما ينجيه من العقائد والأعمال الحقة...» الخ مرآة المجلسيّ ٢٤٨/٢.
4- «أي لطفاً يستحقه بحسن اختياره» مرآة المجلسيّ ٢٤٨/٢.
5- «أي أثر في قلبه تأثيراً وأفاض عليه علماً يقينياً ينتقش فيه» ن. م.
6- «كناية عن تهيوءه لقبول ما يرد عليه من المعارف» ن. م ص ٢٤٩.
7- الأنعام / ١٢٥. وقد أورد الشيخ الطبرسي في مجمع البيان المجلد الثاني ص / ٣٦٢ - ٣٦٣ وجوهاً ثلاثة في تأويل هذه الآية نذكر (أولها) «فمن يرد اللّه أن يهديه إلى الثواب وطريق الجنة يشرح صدوه في الدنيا للإسلام بأن يثبت عزمه عليه ويقوى دواعيه على التمسك به ويزيل عن قلبه وساوس الشيطان... الخ وإنما يفعل ذلك لطفاً له ومنا عليه وثواباً على اهتدائه بهدى اللّه وقبوله إياه.... ومن يرد أن يضله عن ثوابه وكرامته يجعل صدره في كفره ضيقاً حرجاً عقوبة له على ترك الإيمان من غير أن يكون سبحانه مانعاً له عن الإيمان وسالباً له القدرة عليه، بل ربما يكون ذلك سبباً داعياً له إلى الإيمان فإن من ضاق صدره بالشيء كان داعياً له إلى تركه الخ...».
8- أي خالصاً له قولاً وفعلاً.
9- القصص / ٥٦.

وقال : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (1) ذروا النّاس فإنَّ النّاس أخذوا عن الناس، وإنّكم أخذتم عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، إنّي سمعت أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن اللّه عزّ وجلّ إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره.

٤ - أبو علي الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن محمّد بن مروان عن فضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ندعو النّاس إلى هذا الأمر (2) ؟ فقال : (3) يا فضيل إنّ اللّه إذا أراد بعبد خيراً أمر ملكاً فأخذ بعنقه فأدخله في هذا الأمر طائعاً أو کارها(4).

ص: 217


1- يونس / ٩٩.
2- أي إلى عقيدتنا في أئمة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) والمذهب الحق.
3- «النهي عن الدعوة إما للتقية، أو محمول على ترك المبالغة فيها لمن لا يرجى نفعها فيه» مرآة المجلسيّ ٢٢٥/٢.
4- «أي طائعاً إذا لم يبلغ اللطف حد الكمال (أوكارها) إذا بلغه ولم يبلغ حد الجبر، لأن الجبر عندنا منفي» المازندراني ٩٣/٥. وقيل معناه «أدخله في معرفة هذا الأمر والعلم بحقيته بالإطلاع على دلائله سواء كان راغباً فيه أو كارهاً له، فإن عند الاطلاع على الدلائل والانتقال إلى وجه الدلالة يحصل العلم بالمدلول وإن لم يكن المطلع راغباً وكان كارها» مرآة المجلسيّ ٢٥٥/٢.

ص: 218

كتات الحجّة

إشارة:

كتات الحجّة(1)

ص: 219


1- لا ينبغي التأمل والترديد في ان الشارع عندنا هو اللّه تعالى بما يوحي إلى أنبيائه ومذهب المخالف أن هذا وظيفة عقلاء البشر وأصحاب الحنكة والتجربة منهم فالإنسان عندهم هو الشارع لنفسه، وأما مجري الأحكام وحافظها عندنا (بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هو الإمام المعصوم المنصوب من قبل اللّه تعالى ومذهب المخالف أن لا يجب كونه معصوماً ولا منصوباً من قبله تعالى، بل على النّاس أن يختاروا لأمرهم من يريدونه بحسب مصالحهم، أو يذعنوا وينقادوا لمن تأمر عليهم بالغلبة حاشية الميرزا الشعراني على ص / ٩٥ من المجلد الخامس من شرح المازندراني على أصول الكافي).

ص: 220

٥٨ - باب الاضطرار إلى الحجّ

٥٨ - باب الاضطرار (1) إلى الحجّة (2)

[قال أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : حدَّثنا].

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن العبّاس بن عمر الفقيمي، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال للزنديق الّذي سأله من أين أثبت (3) الأنبياء والرسل ؟ قال : إنا لما أثبتنا(4) أنَّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنا وعن جميع ما خلق، وكان ذلك الصانع حكيماً(5) متعالياً لم يجز (6) أن يشاهده خلقه، ولا يلامسوه فيباشرهم ويباشروه، ويحاجهم ويجاجوه، ثبت أنَّ له سفراء في خلقه، يعبّرون عنه إلى خلقه وعباده ويدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبرون عنه جلّ وعزّ، وهم الأنبياء (عَلَيهِ السَّلَامُ) وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبين بالحكمة(7)، مبعوثين بها؛ غير مشاركين للناس - على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب - في شيء من أحوالهم (8)

ص: 221


1- أي الحاجة التي تقتضيها الضرورة.
2- هو الشخص المصطفي من قبل اللّه لهداية الخلق إلى الخالق وإلى كلّ ما فيه مصلحتهم وسعادتهم في الدارين، سواء كان نبيا أو إماما معصوما.
3- على صيغة المخاطب وربما يُقرأ علىّ بناء المفعول وهو بعيد مرآة المجلسيّ ٢٥٧/٢. والمعنى: من أي دليل أثبت وجوب إرسال الأنبياء والرسل ؟.
4- «أي بالعقل لا بالنقل لئلا يدور، إذ إثبات الرسول متوقف على العلم بوجود الصانع فلو انعكس لزم الدوره» المازندراني ٩٥/٥.
5- أي لم يخلق الخلق عبثاً ولم يتركهم سُدى.
6- ولأنه لو جازت المشاهدة لجاز أن يرجع إليه كلّ أحد في استعلام مراده فلا يحتاج إلى سفير المازندراني ٩٦/٥ -97 ومن مجموع المقدمين تثبت ضرورة الرسل والأنبياء من قبله سبحانه إلى من خلق.
7- في شرح المازندراني والوافي ومرآة العقول «مؤبين في الحكمة» فراجع.
8- أي الروحانية والنفسية والعقلية.

مؤيدين (1) من عند الحكيم العليم بالحكمة، ثمَّ ثبت (2) ذلك في كلّ دهر ومان ممّا أتت به الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين، لكيلا تخلو أرض اللّه من حجّة يكون معه عَلَمٌ(3) يدلُّ على صدق مقالته وجواز عدالته.

2 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى، عن منصور ابن حازم قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن اللّه أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه، بل الخلق يعرفون باللّه، قال : صدقت، قلت: إن من عرف أنَّ له ربّاً، فينبغي له أن يعرف أنَّ لذلك الربّ رضاً وسخطا (4)، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلّا بوحي أو رسول، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي له أن يطلب الرُّسل (5)، فإذا لقيهم عرف أنّهم الحجّة وأن لهم الطاعة المفترضة.

وقلت للناس (6) : تعلمون أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان هو الحجّة من اللّه على خلقه؟ قالوا : بلى. قلتُ فحين مضى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من كان الحجّة على خلقه؟ فقالوا : القرآن. فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجي (7) والقدري والزنديق الّذي لا يؤمن به حتّى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجّة إلّا بقيم، فما قال فيه من شيء كان حقاً، فقلت لهم : من قيم القرآن (8)؟ فقالوا ابن مسعود (9) قد كان يعلم وعمر يعلم، وحذيفة (10) يعلم،

ص: 222


1- في شرح المازندراني 101/5 «مؤدّين» وفي الوافي ج 7/2 «مؤيدون».
2- ذكر الشيخ المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) في مرآته ٢ / ٢٦٠ - ٢٦١ وجوهاً للمراد من هذه العبارة، (الأول) منها: «أن الدليل المتقدم إنّما يدل على وجب النبيّ أو الحجّة في كلّ عصر وأما تعيين الأشخاص المعينة فإنما يثبت بما أتوا به من الدلائل والبراهين أي الآيات والمعجزات وخوارق العادات وغلبتهم في العلوم على أهل عصرهم».
3- أي علامة وهو ما يعبر عنه بالمعجز. وقد قرأها المازندراني (102/5 ؛ (علم) بكسر العين وتسكين اللام.
4- أي أمراً ونهياً يتعلق الأوّل بالحسن والثاني بالقبيح والحسن والقبيح يستتبعان ثواباً وعقاباً لأن الأوّل يحوز رضا اللّه والثاني يستوجب غضبه.
5- لأنه لو عمل من دون وحي ورسول، لم يأمن أن يقع فيما يوجب غضب الرب، والعقل يحكم بوجوب دفع الضرر المحتمل، وخاصّة إذا كان ذلك الضرر العقاب ودفعه لا يتم إلّا بتحصيل المؤمن منه وهو الرسول.
6- القائل هو الرواي: منصور بن حازم والمقصود بالناس من لا يقولون بالإمامة على مذهب أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
7- وقد نقل كلّ من المجلسيّ في مرآته ٢٦٣/٢ والمازندراني في شرحه ١٠٤/٥ عن صاحب النهاية قوله : «المرجئة فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنّه لا يضر مع الإيمان معصية، كما أنّه لا ينفع مع الكفر طاعة، سمّوا مرجئة لاعتقادهم أن اللّه أرجأ تعذيبهم عن المعاصي أي أخره عنهم. والظاهر أن هذا القول استبطن معنيين للأرجاء. الأوّل : (لا يضر مع الإيمان الخ) الرجاء برحمة اللّه. والثاني : (أرجأ تعذيبهم إلخ) التأخير. وقيل الإرجاء تأخير علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الخلافة إلى الدرجة الرابعة. وقد نص على هذه المعاني الثلاثة للإرجاء الشهرستاني في الملل والنحل ١٣٩/١.
8- أي «من يقوم بأمر القرآن ويعرف ظاهره وباطنه ومجمله ومؤوله ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه بوحي إلهي أو بإلهام رباني أو بتعليم نبوي» مرآة المجلسيّ ٢٦٤/٢.
9- هو عبد اللّه.
10- هو حذيفة بن اليمان.

قلت: كله(1)؟ قالوا : لا، فلم أجد أحداً يقال : إنّه يعرف ذلك كله إلّا عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ). وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا لا أدري، وقال هذا لا أدري، وقال هذا لا أدري، وقال هذا أنا أدري، فأشهد أن علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة وكان الحجّة على النّاس بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأن ما قال في القرآن فهو حقٌّ، فقال(2): رحمك اللّه.

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس بن يعقوب قال : كان عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) جماعة من أصحابه منهم حمران بن أعين ومحمّد بن النعمان، وهشام بن سالم والطيار (3)، وجماعة فيهم هشام بن الحكم وهو شاب فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا هشام ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد (4) وكيف سألته ؟ فقال هشام : يا ابن رسول اللّه إني أجلك وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك، فقال أبو عبد اللّه : إذا أمرتكم بشيء فافعلوا.

قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة، فعظم ذلك عليَّ، فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد وعليه شملة (5) سوداء متزر بها من صوف، وشملة مرتد بها، والناس يسألونه، فاستفرجت النّاس فأفرجوا لي، ثمَّ قعدت في آخر القوم على ركبتي ثمَّ قلت: أيّها العالم : إنّي رجل غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال لي: نعم، فقلت له : ألك عين؟ فقال : يا بني أي شيء هذا من السؤال؟ وشيء تراه كيف تسأل عنه ؟ فقلت هكذا مسألتي فقال : يا بني سل وإن كانت مسألتك حمقاء قلت: أجبني فيها، قال لي : سل.

قلت: ألك عين؟ قال : نعم، قلت : فما تصنع بها؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص. قلت : فلك أنف؟ قال : نعم، قلت : فما تصنع به؟ قال: أشم به الرائحة. قلت: ألك فم؟ قال : نعم، قلت : فما تصنع به؟ قال: أذوق به الطعم، قلت : فلك أذن ؟ قال : نعم، قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الصوت قلت: ألك قلب؟ قال: نعم، قلت : فما تصنع به؟ قال:

ص: 223


1- أي كلّ القرآن.
2- أي الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) دعا لمنصور بن حازم بالرحمة بعد أن أنهى حديثه.
3- يحتمل هذا اللقب انطباقه على حمزة بن محمّد الطيار وعلى أبيه محمّد الطيار وعلى والد محمّد وجد حمزة واسمه عبد اللّه فراجع معجم رجال الحديث للسيد الخوئي ٢٧٧/٦ - ٢٨١.
4- وكان من شيوخ المعتزلة المعروفين بالتقشف والزهد.
5- ثوب يشتمل عليه.

أميّز به كلّما ورد على هذه الجوارح والحواس قلت أو ليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ فقال : لا، قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة، قال: يا بني إنَّ الجوارح إذا شكت في شيء شمّته أو رأته أو ذاقته أو سمعته، ردّته إلى القلب فيستيقن اليقين ويبطل الشك(1)، قال هشام : فقلت له : فإنّما أقام اللّه القلب لشكّ الجوارح ؟ قال : نعم، قلت : لا بدَّ من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح ؟ قال : نعم، فقلت له : يا أبا مروان فاللّه تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماماً يصحح لها الصحيح ويتيقن به ما شك فيه، ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردُّون إليه شكّهم وحيرتهم، ويقيم لك إماماً الجوارحك تردُّ إليه حيرتك وشكك ؟ ! قال: فسكت ولم يقل لي شيئاً.

ثمَّ التفت إليَّ فقال لي : أنت هشام بن الحكم (2)؟ فقلت: لا(3)، قال: أمن جلسائه؟ قلت : لا، قال : فمن أين أنت؟ قال : قلت من أهل الكوفة قال : فأنت إذا هو، ثمَّ ضمني إليه، وأقعدني في مجلسه وزال عن مجلسه (4) وما نطق حتّى قمت، قال : فضحك أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : يا هشام من علمك هذا؟ قلت : شيءٌ أخذته منك وألفته، فقال : هذا واللّه مكتوب في صحف إبراهيم وموسى.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عمّن ذكره، عن يونس بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فورد عليه رجل من أهل الشام فقال : إنّي رجل صاحب كلام (5) وفقه وفرائض (6) وقد جئت لمناظرة أصحابك، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كلامك من كلام رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أو من عندك (7)؟ فقال : من كلام رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومن عندي فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فأنت إذاً. شريك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ قال: لا، قال: فسمعت الوحي عن اللّه عزّ وجلّ يخبرك؟ قال : لا، قال : فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ قال : لا، فالتفت أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليَّ

ص: 224


1- أي أن القلب ينقض الشك باليقين وهو الاعتقاد الجازم.
2- هذه إشارة إلى نبوغ هشام بن الحكم في الفلسفة وعلم الكلام وهو ما زال صغيراً حيث طار صيته في حواضر الإسلام العلمية آنذاك.
3- على وجه التورية حملاً للمسلم على الصحة وإنه لا يكذب، وخاصّة إذا كان بجلالة هشام.
4- أي تزحزح عن مكانه الّذي كان يجلس فيه وأجلس هشام تعظيماً له.
5- أي لي إلمام ومعرفة بعلم الكلام وهو علم العقيدة.
6- المقصود بها إما أحكام المواريث، أو أحكام العبادات مفروضها ومندوبها.
7- أي ممّا أدى إليه رأيك واجتهادك.

فقال : يا يونس بن يعقوب هذا قد خصم نفسه (1) قبل أن يتكلّم، ثمَّ قال: يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته قال يونس : فيا لها من حسرة، فقلت: جعلت فداك إني سمعتك تنهي عن الكلام وتقول : ويل لأصحاب الكلام يقولون : هذا ينقاد وهذا لا ينقاد (2)، وهذا ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما قلت : فويل لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون.

ثم قال لي : إخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله؟ قال: فأدخلت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام، وأدخلت الأحول (3) وكان يحسن الكلام. وأدخلت هشام بن سالم وكان يحسن الكلام، وأدخلت قيس بن الماصر وكان عندي أحسنهم كلاماً، وكان قد تعلّم الكلام من عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلمّا استقر بنا المجلس _ وكان أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قبل الحج يستقر أياماً في جبل في طرف الحرم في فازة له(4) مضروبة _ قال : فأخرج أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) رأسه من فازته فإذا هو ببعير يخب (5) فقال : هشام وربّ الكعبة، قال : فظننا أنَّ هشاماً رجلٌ من ولد عقيل كان شديد المحبة له.

قال : فورد هشام بن الحكم وهو أول ما اختطت لحيته، وليس فينا إلّا من هو أكبر سناً منه قال : فوسع له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : ناصرنا بقلبه ولسانه ويده، ثمَّ قال : يا حمران كلّم الرَّجل، فكلّمه فظهر عليه (6) حمران، ثمَّ قال : يا طاقي كلّمه فكلّمه فظهر عليه الأحول، ثمَّ قال یا هشام بن سالم،کلمه فتعارف (7)، ثمَّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لقيس الماصر : كلّمه فكلّمه

ص: 225


1- أي غلب نفسه وحجّها. «قيل مخاصمة نفسه من جهله أنّه اعترف ببطلان ما يقوله من عنده، لأن شيئاً لا يكون مستنداً إلى الوحي ولا إلى الرسول ولا يكون قائله في نفسه واجب الإطاعة لا محالة، بل يكون باطلا» مرآة المجلسيّ ٢٦٩/٢.
2- «أي أنهم يزنون ما ورد في الكتاب والسنة بميزان عقولهم وقواعدهم الكلامية فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض فيقولون: هذا ينقاد لما وافق عقولهم وهذا لا ينقاد لما خالفها وهو المراد أيضاً بقوله : هذا ينساق وهذا لا ينساق» ن. م ص / ٢٧٠.
3- هو أبو جعفر محمّد بن النعمان وكان يلقب بمؤمن الطاق.
4- الفازة : مظلة بعمودين. ومنه قول المتنبي في خيمة ضربت لسيف الدولة بظاهر أنطاكية : وأحسن من ماء الشبيبة كله***حياً بارق في فازة أن_ا ش__ائم_ه
5- من الخَبَبْ وهو ضرب من العدو، ويطلق على اضطراب البحر.
6- أي فغلبه في الجدال وأفحمه.
7- أي عرف كلّ واحد منهما حال صاحبه في المعرفة وحقيقته، [و] جاء كلّ واحد بالمعرفة مثل ما جاء به الآخر. وفي بعض النسخ (فتعارقا) بالقاف أي واقعا في شدة» المازندراني 119/5. وقيل (تعارقا) «أي وقعا في العرق كناية عن طول المناظرة» مرآة المجلسيّ 271/2.

فأقبل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يضحك من كلامهما ممّا قد أصاب الشاميّ (1).

فقال للشامي كلّم هذا الغلام - يعني هشام بن الحكم - فقال : نعم. فقال لهشام : يا غلام سلني في إمامة هذا، فغضب هشام حتّى ارتعد ثمَّ قال للشامي : يا هذا أربك أنظر (2) لخلقه أم خلقه لأنفسهم ؟ فقال الشامي : بل ربي أنظر لخلقه، قال : ففعل بنظره لهم ماذا ؟ قال : أقام لهم حجّة ودليلاً كيلا يتشتتوا أو يختلفوا، يتألفهم ويقيم أودَهُمُ (3) ويخبرهم بفرض ربِّهم، :قال فمن هو ؟ قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال هشام فبعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ قال : الكتاب والسنة، قال هشام : فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة في رفع الاختلاف عنا؟ قال الشامي : نعم، قال : فلم اختلفنا أنا وأنت وصرت إلينا من الشام في مخالفتنا إيّاك ؟ قال : فسكت الشامي، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) للشامي : ما لك لا تتكلّم؟ قال الشامي : إن قلت: لم نختلف كذبت، وإن قلت : إن الكتاب والسنّة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت (4)، لأنهما يحتملان الوجوه. وإن قلت: قد اختلفنا وكلُّ واحد منا يدَّعي الحقّ فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنة. إلّا أنّ لي عليه هذه الحجّة، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): سله تجده مليّاً.

فقال الشامي : يا هذا من أنظر للخلق أربهم أو أنفسهم؟ فقال هشام ربِّهم أنظر لهم منهم لأنفسهم، فقال الشامي: فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم ويقيم أودهم ويخبرهم بحقهم من باطلهم؟ قال هشام في وقت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أو الساعة؟ قال الشامي : في وقت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، والساعة من ؟ فقال هشام : هذا القاعد الّذي تشدُّ إليه الرّحال، ويخبرنا بأخبار السماء والأرض وراثة عن أب عن جد، قال الشامي : فكيف لي أن أعلم ذلك؟ قال هشام : سله عما بدا لك، قال الشامي : قطعت عذري فعلي السؤال.

فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا شامي : أخبرك كيف كان سفرك؟ وكيف كان طريقك؟ كان كذا وكذا، فأقبل الشامي يقول: صدقت أسلمت اللّه الساعة فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بل آمنت باللّه الساعة، إن الإسلام قبل الإيمان وعليه يتوارثون ويتناكحون والإيمان عليه يثابون(5)، فقال

ص: 226


1- «أي من المغلوبية والخجلة» ن. م.
2- أي ارحم واراف.
3- أي انحرافهم واعوجاجهم عن طريق الحق.
4- أي نطقت بالباطل.
5- هذا يدل على أن الإيمان هو الاعتقاد بولاية أهل بيت العصمة (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولذا فالإيمان أخص من الإسلام وأن التمسك بولايتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو محور قبول الأعمال والإثابة عليها.

الشاميُّ : صدقت فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأنك وصيُّ الأوصياء.

ثم التفت أبو عبد اللّه عليه السلام إلى حمران فقال: تجري الكلام على الأثر فتصيب (1) ؛ والتفت إلى هشام بن سالم، فقال: تريد الأثر ولا تعرفه، ثمَّ التفت إلى الأحول، فقال : قياس رواغ (2) تكسر باطلاً بباطل إلّا أن باطلك أظهر، ثمَّ التفت إلى قيس الماصر، فقال : تتكلّم وأقرب ما تكون من الخبر عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أبعد ما تكون منه (3)، تمزج الحقّ مع الباطل وقليل الحقّ يكفي عن كثير الباطل، أنت والأحول قفازان حاذقان(4)، قال يونس : فظننت واللّه أنّه يقول لهشام قريباً ممّا قال لهما، ثمَّ قال: يا هشام لا تكاد تقع تلوي رجليك إذا هممت (5) بالأرض طرت مثلك فليكلّم الناس، فاتق الزلّة (6)، والشفاعة من ورائها إن شاء اللّه.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبان قال : أخبرني الأحول : أنَّ زيد بن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعث إليه وهو مستخف(7) قال : فأتيته فقال لي : يا أبا جعفر ما تقول إن طرقك طارق منا (8) أتخرج معه؟ قال : فقلت له : إن كان أباك أو أخاك (9) خرجت معه، قال : فقال لي : فأنا أريد أن أخرج أجاهد هؤلاء القوم (10) فاخرج معي، قال : قلت : لا ما أفعل جعلت فداك، قال : فقال لي : أترغب بنفسك عني(11)؟ قال : قلت له :

ص: 227


1- «أي على الأخبار المأثورة عن النبيّ وأئمة الهدى (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتصيب الحقّ» مرآة المجلسيّ ٢٧٤/٢.
2- أي تستعمل الأقيسة الفقهية والمنطقية كثيراً وكثير الروغان إما بلحاظ استعمال المكر مع الخصم في المناظرة بحيث لا يترك للخصم المجال للغلبة، أو بلحاظ الميل عن الحقّ من راغ إذا مال، ويؤيد الثاني قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : تكسر باطلاً بباطل الخ.
3- «أي إذا قربت من الاستشهاد بحديث نبوي وأمكنك أن تتشبث به تركته وأخذت أمراً آخر بعيداً عن مطلوبك» الوافي للفيض ٨/٢.
4- أي وثابان.
5- أي كلمات بدوت وكأنك كدت تفشل في مناظرتك وثبت وطرت محلّقاً.
6- «هي ما وقع منه في زمن الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من مخالفته حين أمره (عَلَيهِ السَّلَامُ) بترك الكلام تقية وإبقاء عليه وعلى نفسه (عَلَيهِ السَّلَامُ)» مرآة المجلسيّ ٢٧٧/٢.
7- أي مستر عن أعين أعدائه الّذين كانوا يتربصون به.
8- أي أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
9- أي إن كان الطارق إماماً مفترض الطاعة كأبيك السجاد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو أخيك الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) خرجت معه.
10- أي ملوك بني العبّاس.
11- أي أترى لنفسك على نفسي فضلا فتزهد في.

إنما هي نفسٌ واحدة، فإن كان اللّه في الأرض حجّة فالمتخلف عنك ناج (1) والخارج معك هالك وإن لا تكن اللّه حجّة في الأرض فالمتخلف عنك والخارج معك سواء (2).

قال : فقال لي: يا أبا جعفر كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضعة السمينة ويبرد لي اللقمة الحارة حتّى تبرد شفقة عليَّ، ولم يشفق عليَّ من حرّ النار(3)، إذا أخبرك بالدين ولم يخبرني به؟ فقلت له : جعلت فداك من شفقته عليك من حرّ النار لم يخبرك، خاف عليك أن لا تقبله فتدخل النار وأخبرني أنا، فإن قبلت نجوت وإن لم أقبل لم يبال أن أدخل النار، ثمَّ قلت له: جعلت فداك أنتم أفضل أم الأنبياء؟ قال : بل الأنبياء. قلت: يقول يعقوب ليوسف: (يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا) (4)، لم لم يخبرهم حتّى كانوا لا يكيدونه ولكن كتمهم ذلك، فكذا أبوك كتمك لأنه خاف عليك، قال : فقال : أما واللّه لئن قلت ذلك لقد حدَّثني صاحبك بالمدينة أنّي أقتل وأصلب بالكناسة (5) وأن عنده لصحيفة فيها قتلي وصلبي.

فحججت فحدثت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمقالة زيد وما قلت له، فقال لي : أخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه، ولم تترك له مسلكاً يسلكه.

٥٩ - باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

٥٩ - باب طبقات الأنبياء والرسل(6) والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم ؛ ودرست بن أبي منصور عنه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأنبياء والمرسلون على أربع طبقات (7) : فنبي منباً في نفسه لا يعدو غيرها (8)، ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت (9) ولا

ص: 228


1- لأنه أوّلاً لا يكون عاصياً لحجة اللّه في أرضه وأنت لست حجته على الخلق. وثانياً لأنه لو خرج معك لقتل لأنك مقتول.
2- اي إطاعة غير الحجّة وإطاعته سواء في حكم اللّه.
3- أي «لو كان هذا الخروج الّذي أريده محظوراً لأخبرني به أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنه مع كمال شفقته علي لم يكن يخبرك وأمثالك بما يتعلق بالدين ولا يخبرني به» مرآة المجلسيّ 279/2.
4- يوسف / ٥.
5- اسم محلة بالكوفة صُلب فيه زيد (رضیَ اللّهُ عنهُ) فعلا بعدما استشهد.
6- جمع رسول وهو أخص من النبيّ وأكثر خطراً. لأنه مخصوص بشريعة وكتاب.
7- «بعضها فوق بعض كما قال جل شأنه: (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) النساء ١٦٣»المازندراني ١٣٣/٥.
8- «أي لا يتعلق بنبوته شيء غير نفسه، لا مَلَك يسمع صوته أو يعاينه ولا أحد يبعث إليه» مرآة المجلسيّ 281/2.
9- وهذا هو الفرق الوحيد بينه وبين الأول.

يعاينه في اليقظة، ولم يبعث إلى أحد وعليه إمام مثل ما كان إبراهيم على لوط (عَلَيهِ السَّلَامُ)(1)، ونبي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك، وقد أرسل إلى طائفة قلّوا أو كثروا، كيونس. قال اللّه ليونس: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (2) قال : يزيدون : ثلاثين ألفاً وعليه إمام (3)، والّذي يرى يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة وهو إمام مثل أولي العزم (4). وقد كان إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) نبياً وليس بإمام حتّى قال اللّه : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (5) من عبد صنماً أو وثناً لا يكون إماماً.

2 - محمّد بن الحسن عمّن ذكره عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان، عن زيد - الشحّام قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّ اللّه تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبيّاً، وإن اللّه اتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً، وإنّ اللّه اتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً، وإنَّ اللّه اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماماً، فلما جمع له الأشياء قال: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). قال : فمن عِظَمِها في عين إبراهيم قال: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) قال : لا يكون السفيه (6) إمام التقيّ.

٣ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ، عن هشام (7) عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : سادة النبيّين والمرسلين خمسة وهم أولو العزم من الرسل وعليهم دارت الرحى (8) : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد صلى اللّه عليه وآله وعلى جميع الأنبياء.

٤ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسين، عن إسحاق بن عبد العزيز أبي السفاتج، عن جابر (9)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إِنَّ اللّه اتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبيّاً، واتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً، واتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً،

ص: 229


1- قد يكون الوجه في التمثيل بلوط (عَلَيهِ السَّلَامُ) باعتبار أنّه كان مرسلاً إلى قومه من قبل إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذلك معنى أنّه إمام له.
2- الصافات / ١٤٧.
3- هو موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- وهم خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
5- البقرة/ ١٢٤.
6- «هذا تفسير لنفي إمامة الظالم بحمل الظلم على السفاهة سواء كان بفقدان العقائد الحقة واختيار الباطل وهم الظلمة على أنفسهم أو بارتكاب الشنائع القبيحة وهم الظلمة على أنفسهم أو على غيرهم» مرآة المجلسيّ ٢٨٥/٢.
7- هو هشام بن سالم.
8- «كنى بالرحى عن الشرائع شبهها بالرحى لدورانها بين الأمم مستمرة إلى يوم القيامة وشبه أولي العزم بالماء الّذي تدور عليه الرحى» الوافي ج ١٨/٢.
9- هو جابر بن يزيد الجعفي، أبو عبد اللّه.

واتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماماً، فلما جمع له هذه الأشياء _ وقبض يده -(1) قال له : يا إبراهيم إني جاعلك للناس إماماً، فمِن عِظَمِها في عين إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يا رب ومن ذريتي، قال : لا ينال عهدي الظالمين.

٦٠ _ باب الفرق بين الرسول والنبيّ والمُحدَّث

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وكان رسولاً نبياً) (2) ما الرسول وما النبيّ ؟ قال : النبيّ الّذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول الّذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك، قلت : الإمام ما منزلته؟ قال : يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك، ثمَّ تلا هذه الآية: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ (ولا محدَّث)) (3).

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرَّار قال : كتب الحسن بن العبّاس المعروفي إلى الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبيّ والإمام؟ قال: فكتب أو قال(4): الفرق بين الرسول والنبيّ والإمام أنّ الرّسول الّذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والنبيّ ربّما سمع الكلام وربّما رأى الشخص ولم يسمع والإمام هو الّذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول (5) قال سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرَّسول والنبيّ والمحدَّث، قال : الرَّسول الّذي يأتيه جبرئيل قبلا (6) فيراه ويكلّمه فهذا الرَّسول، وأما النبيّ فهو الّذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم (7) ونحو ما كان

ص: 230


1- يعني الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- مريم / ٥١ و ٥٤، مکرر.
3- إنّما هو قراءة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وهو : الّذي يحدّثه الملك ويأتي باب أنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) محدّثون الوافي ج 18/2.
4- «القائل إما الحسن أو إسماعيل فإن أحدهما شك في أن جوابه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان بعنوان المكاتبة أو المكالمة» مرآة المجلسيّ 288/2.
5- هو محمّد بن النعمان مؤمن الطاق كما تقدم، والأحول من القابه.
6- أي مقابلاً له بحيث يعاينه ويشاهده حسياً.
7- أي رؤياه في ذبح ولده إسماعيل أو إسحاق على القولين.

رأى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من أسباب النبوّة قبل الوحي حتّى أتاه جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) من عند اللّه بالرسالة، وكان محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حين جمع له النبوّة وجاءته الرسالة من عند اللّه يجيئه بها جبرئيل ويكلّمه بها قبلاً، ومن الأنبياء من جمع له النبوّة ويرى في منامه ويأتيه الروح ويكلمه ويحدثه، من غير أن يكون يرى في اليقظة، وأما المحدَّث فهو الّذي يحدث فيسمع، ولا يعاين ولا يرى في منامه.

٤ - أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن حسان عن ابن فضال، عن عليّ بن يعقوب الهاشمي، عن مروان بن مسلم عن بريد(1)، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ (ولا محدَّث)) قلت: جعلت فداك ليست هذه قراءتنا فما الرسول والنبيّ والمحدَّث؟ قال: الرسول الّذي يظهر له الملك فيكلّمه، والنبيّ هو الّذي يرى في منامه، وربما اجتمعت النبوّة والرسالة لواحد، والمحدَّث الّذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة قال : قلت : أصلحك اللّه كيف يعلم أنَّ الّذي رأى في النوم حقٌّ، وأنّه من المَلَك ؟ قال : يوفّق لذلك (2) حتّى يعرفه، لقد ختم اللّه بكتابكم الكتب وختم بنبيكم الأنبياء.

٦١ - باب أن الحجّة لا تقوم اللّه على خلقه إلا بإمام

1 - محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن محبوب، عن داود الرقي، عن العبد الصالح (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ الحجّة لا تقوم (3) اللّه على خلقه إلّا بإمام حتّى يُعرف (4).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال : سمعت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ الحجّة لا تقوم اللّه عزّ وجلّ على خلقه إلّا بإمام حتى يُعرف.

ص: 231


1- الظاهر أنّه بريد بن معاوية العجلي / أبو القاسم.
2- «أي يعطيه أسباب تلك المعرفة ويهيؤها له من معجزة مقارنة له، أو إفاضة علم ضروري يه» مرآة المجلسيّ ٢٩٢/٢.
3- أي في الدنيا بحيث يجب عليهم الإتيان بما أمروا به والانتهاء عما نُهُوا عنه فإن التعريف شرط التكليف. أو في الآخرة بحيث يحتج عليهم لم فعلت كذا؟ ولم تركت كذا؟ مرآة المجلسيّ ٢٩٣/٢.
4- «أي حتّى يعرف النّاس ما يحتاجون إليه وقد يُقرأ بالبناء للمجهول «حتّى يُعرف» فيعود الضمير إلى اللّه أو الدّين أو الإمام نفسه فراجع» ن. م. السابق.

3 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن عن عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن محمّد بن عمارة، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ الحجّة لا تقوم اللّه على خلقه إلّا بإمام حتّى يُعرف.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن خلف بن حماد، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق(1).

٦٢ _ باب أن الأرض لا تخلو من حجة

١ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن أبي عمير، عن - الحسين بن أبي العلاء قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : تكون الأرض ليس فيها إمام؟ قال : لا، قلت: يكون إمامان؟ قال: لا إلّا وأحدهما صامت (2).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن منصور بن يونس وسعدان بن مسلم، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إنّ الأرض لا تخلو إلّا وفيها إمام (3)، كيما إن زاد المؤمنون شيئاً ردّهم، وإن نقصوا شيئاً أتمّه لهم.(4).

3 - محمّد بر بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن ربيع بن محمّد المسلّي، عن عبد اللّه بن سليمان العامري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما زالت الأرض إلّا ولله فيها الحجّة يعرف الحلال والحرام ويدعو النّاس إلى سبيل اللّه.

٤ - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : تبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لا

ص: 232


1- أي أن الحجّة وهي المعصوم نبياً كان أو إماماً يجب أن يكون قبل جميع الخلق وبعد جميعهم كما يجب أن يكون معهم ولذلك خلق اللّه سبحانه آدم كخليفة له قبل أن يخلق أحداً غيره، ومعنى ذلك أيضاً أن الإمام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) سوف يكون آخر من يموت فتفنى الدنيا فراجع الوافي 1٦/١ - 17 ومرآة المجلسيّ ٢٩٤/٢٠.
2- «صامت أي ساكت عن الدعوة والتعريف وادّعاء الإمامة والناطق إمام عليه في الحال كالسبطين (عَلَيهِ السَّلَامُ)» مرآة المجلسيّ ٢٩٤/٢.
3- أي لا يقبض إمام حتّى ينصب الإمام الّذي نص عليه بعده.
4- أي في حال اشتباه المؤمنين وزيادتهم أو نقيصتهم شيئاً من العقائد أو الأحكام ردّهم الإمام الموجود الحجّة على خلقه إلى طريق الصواب.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : إنَّ اللّه لم يدع الأرض بغير عالم، ولولا ذلك لم يعرف الحقّ من الباطل (1).

٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن، محمّد عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه أجلُّ وأعظمُ من أن يترك الأرض بغير إمام عادل.

7 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أسامة؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أسامة وهشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق، عمن يثق به من أصحاب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : اللّهمّ إنّک لا تخلي أرضك من حجّة لك على خلقك

8 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : واللّه ما ترك اللّه أرضاً منذ قبض آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلّا وفيها إمام يهتدى به إلى اللّه وهو حجّته على عباده، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة اللّه على عباده.

٩ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن بعض أصحابنا، عن أبي عليّ بن

راشد (2) قال : قال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) إن الأرض لا تخلو من حجّة وأنا واللّه ذلك الحجّة.

10 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة (3) عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أتبقى الأرض بغير إمام؟ قال : لو بقيت الأرض بغير إمام

قال : قلت لابي لساخت (4).

11 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له؛ أتبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لا، قلت: فإنا نروي عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّها لا تبقى بغير إمام إلّا أن يسخط اللّه تعالى على أهل الأرض أو على العباد، فقال: لا، لا تبقى إذاً لساخت.

ص: 233


1- لأنه مع فرض عدم الإمام، فلا معلم ولا مرشد للخلق ممّا يجعلهم بحكم أهوائهم وأوهامهم وعقولهم القاصرة يتصورون الباطل حقاً والحق باطلاً.
2- الظاهر أنّه الحسن بن راشد مولى آل المهلب.
3- هو الثمالي ثابت بن دينار.
4- أي انخسفت.

12 - عليٌّ، عن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه المؤمن (1)، عن أبي هراسة(2)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لو أنّ الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله.

١٣ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء (3) قال : سألت أبا الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) هل تبقى الأرض بغير إمام؟ قال : لا، قلت : إنا نروي أنّها لا تبقى إلّا أن يسخط اللّه عزّ وجلّ على العباد؟ قال : لا تبقى إذاً لساخت.

٦٣ - باب أنه لو لم يبقَ في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجّة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن الطيار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لو لم يبق في الأرض إلّا اثنان لكان أحدهما الحجّة (4).

2 - أحمد بن إدريس ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن سنان عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لو بقي اثنان لكان أحدهما الحجّة على صاحبه.

محمّد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمّد بن عيسى مثله.

3 - محمّد بن يحيى، عمّن ذكره عن الحسن بن موسى الخشاب، عن جعفر بن محمّد، عن كَرّام قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لو كان النّاس رجلين لكان أحدهما الإمام. وقال : إنَّ آخر من يموت الإمام، لئلا يحتج أحدٌ على اللّه عزّ وجلّ أنّه تركه بغير حجّة اللّه عليه.

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد البرقي عن عليّ بن إسماعيل، عن ابن سنان عن حمزة بن الطيار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لولم يبق في الأرض إلّا اثنان لكان أحدهما الحجّة - أو الثاني الحجّة - الشك من أحمد بن محمّد.

٥ - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن النهدي (5)، عن أبيه، عن يونس بن

ص: 234


1- واسمه زكريا بن محمّد.
2- هذا يحتمل انطباقه على شخصين إبراهيم بن رجا الشيباني وأحمد بن نصر بن سعيد.
3- واسمه الحسن بن عليّ.
4- لأن الحكمة المقتضية لوجود الحجّة وهي التعليم والتعريف والدلالة على اللّه وشريعته جارية وموجودة في هذا الشخص الّذي يكون ثاني الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- واسمه محمّد بن أحمد بن خاقان.

يعقوب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : لو لم يكن في الأرض إلّا اثنان لكان الإمام أحدهما.

٦٤ _ باب معرفة الإمام والرد عليه

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال : حدَّثنا محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال : قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما يعبد اللّه من يعرف اللّه، فأمّا من لا يعرف اللّه فإنّما اللّه فإنّما يعبده هكذا ضلالاً (1) قلت: جعلت فداك فما معرفة اللّه ؟ قال : من تصديق اللّه عزّ وجلّ، وتصديق رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وموالاة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) والائتمام به وبأئمة الهدى (عَلَيهِ السَّلَامُ) والبراءة إلى اللّه عزّ وجلّ من عدوّهم (2)، هكذا يعرف اللّه عزّ وجلّ.

2 - الحسين، عن معلّى عن الحسن بن عليّ، عن أحمد بن عائذ، عن أبيه، عن ابن أذينة (3) قال : حدَّثنا غير واحد عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : لا يكون العبد مؤمناً حتّى يعرف اللّه ورسوله والأئمّة كلّهم وإمام زمانه، ويرد إليه ويسلّم له، ثمَّ قال : كيف يعرف الآخر وهو يجهل الأوّل (4) ؟ !

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق؟ فقال : إنّ اللّه عزّ وجلّ بعث محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى النّاس أجمعين رسولاً وحجة اللّه على جميع خلقه في أرضه، فمن آمن باللّه وبمحمّد رسول اللّه واتبعه وصدقه، فإنَّ معرفة الإمام منا واجبة عليه ؛ ومن لم يؤمن باللّه وبرسوله ولم يتبعه ولم يصدّقه ويعرف حقهما فكيف يجب عليه معرفة الإمام (5) وهو لا يؤمن باللّه ورسوله ويعرف حقهما؟! قال : قلت : فما تقول فيمن يؤمن باللّه ورسوله ويصدّق رسوله في جميع ما أنزل اللّه، يجب على أولئك حق معرفتكم؟ قال: نعم أليس

ص: 235


1- «كأنه أشار بذلك إلى عبادة جماهير النّاس أو إلى جهة الخلف: أي يمشون على خلاف جهة الحق. أو جهة الشمال فإنها طريق أهل الضلال، أو إشارة إلى العبادة على غير المعرفة» مرآة المجلسيّ 2/ 300.
2- أي «المفارقة عنهم اعتقاداً قلباً ولساناً وإطاعة» ن.م.
3- واسمه عمر بن محمّد بن عبد الرحمن.
4- المقصود بالأوّل الإمام الّذي قبل إمام زمانه. مع أن معرفة إمام زمانه لا تتم إلّا بمعرفة الإمام الّذي نص عليه. وقيل بأن المراد بالأوّل «هو اللّه ورسوله وبالآخر الإمام» راجع المازندراني ١٥٧/٥.
5- أي «أن وجوب معرفة الإمام فرع لمعرفتهما والإيمان بهما لثبوت ذلك من قولهما وانتفاء الأصل يوجب انتفاء الفرع. فالواجب عليه أوّلاً معرفة الأصل والإيمان به فإذا تحقق ذلك وجب عليه معرفة الفرع» المازندراني ١٥٩/٥.

هؤلاء يعرفون فلاناً وقلان (1)؟ قلت بلى قال : أترى أنّ اللّه هو الّذي أوقع في قلوبهم معرفة هؤلاء؟ واللّه ما أوقع ذلك في قلوبهم إلّا الشيطان لا واللّه ما ألهم المؤمنين حقّنا إلّا اللّه عزّ وجلّ.

٤ _ عنه، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّما يعرف اللّه عزّ وجلّ ويعبده من عرف اللّه وعرف إمامه منا أهل البيت، ومن لا يعرف اللّه عزّ وجلّ و [لا] يعرف الإمام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير اللّه هكذا واللّه ضلالاً.

5 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن فضالة بن أيّوب عن معاوية بن وهب عن ذريح (2) قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الأئمّة بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إماماً، ثمَّ كان الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) إماماً، ثمَّ كان الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إماماً، ثمَّ كان عليّ بن الحسين إماماً، ثمَّ كان محمّد بن على إماماً، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة اللّه تبارك وتعالى ومعرفة رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثمَّ قال : قلت : ثمَّ أنت (3) جعلت فداك؟ - فأعدتها عليه ثلاث مرَّات - فقال لي : إنّي إنّما حدثتك لتكون من شهداء اللّه تبارك وتعالى في أرضه(4).

٦ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عمّن ذكره عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّکم لا تكونون صالحين حتّى تعرفوا ولا تعرفوا حتّى تصدّقوا ولا تصدقوا حتّى تسلّموا أبواباً أربعة (5) لا يصلح

ص: 236


1- أي «أن هؤلاء العارفين من أصحاب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أضلّهم الشيطان حتّى أطاعوا فلاناً وفلاناً وانقادوا إليهم واتخذوهم أئمة... فالمصدّق للنبي في جميع ما أنزل اللّه ليس بآمن من الشيطان وإضلاله فيحتاج إلى الإمام ليرفع الأوهام والشبه الفاسدة التي يلقيها الشيطان...» مرآة المجلسيّ ٣٠٣/٢.
2- هو أبو الوليد، ذريح بن يزيد.
3- «تصديق أو استفهام والسكوت على الأوّل تقرير وعلى الثاني إما للتقية أو لأمر آخر» مرآة المجلسيّ ٣٠٤/٢. وبنفس هذه العبارة ورد في الوافي ج 20/2.
4- «كأنه أشار (بذلك) إلى قوله سبحانه (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ...) الحديد / ١٩. وقيل أن الغرض من قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذا هو نهيه عن الإذاعة أي إنّما أخبرتك لتكون من المؤمنين لا لأن تذيع وتردّه علي». فراجع مرآة المجلسيّ ٣٠٤/٢.
5- ذكر العلّامة المجلسيّ ٣٠٥/2 وجوهاً في المقصود من الأبواب الأربعة: «الأوّل : هو أنّها إشارة إلى الأربعه المذكورة في الآية الآتية (أي المذكورة في الحديث) التوبة والإيمان والعمل الصالح والاهتداء بولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)».

أوّلها إلّا بآخرها ضلَّ أصحاب الثلاثة (1) وتاهوا تيهاً بعيداً. إنّ اللّه تبارك وتعالى لا يقبل إلّا العمل الصالح ولا يقبل اللّه إلّا الوفاء بالشروط والعهود، فمن وفى اللّه عزّ وجلّ بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل [ما] وعده إن اللّه تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار (2) وأخبرهم كيف يسلكون، فقال : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) (3) وقال : (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)(4) فمن اتقى اللّه فيما أمره لقي اللّه مؤمناً بما جاء به محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، هيهات هيهات (5) فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا، وظنوا أنّهم آمنوا وأشركوا من حيث لا يعلمون.

إنّه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى؛ وصل اللّه طاعة ولي أمره بطاعة رسوله وطاعة رسوله بطاعته (6)، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع اللّه ولا رسوله، وهو الإقرار بما أنزل من عند اللّه عزّ وجلّ، خذوا زينتكم عند كلّ مسجد والتمسوا البيوت التي أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فإنّه أخبركم أنَّهم (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (7). إنّ اللّه قد استخلص الرُّسل لأمره، ثمَّ استخلصهم مصدّقين بذلك في نُذُره، فقال: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ) (8) تاه (9) من جهل، واهتدى من أبصر وعقل، إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (10). وكيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم يتدبّر؟ اتبعوا رسول اللّه وأهل بيته وأقرُّوا بما نزل من عند اللّه واتبعوا آثار الهدى، فإنّهم علامات الأمانة والتقى، واعلموا أنّه لو أنكر رجل عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأقر بمن

ص: 237


1- أصحاب الثلاثة، يحتمل أنهم الأخذون بالتوبة والإيمان والعمل الصالح مع تركهم للباب الرابع وهو ولايتهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) كما يحتمل أنهم أتباع أبي بكر وعمر وعثمان.
2- جمع المنارة، وقد استعمل هنا في الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) على نحو الاستعارة، باعتبارهم العلامات والأنوار الهادية على طريق الحقّ وحجج اللّه على عباده.
3- طه / 82.
4- المائدة / ٢٧.
5- اسم فعل بمعنى : بَعدَ.
6- إشارة إلى قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ... وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا...)المائدة/ ٥٥ - ٥٦.
7- النور/ ٣٧.
8- فاطر / ٢٤.
9- أي ضاع وضلّ.
10- الحج / ٤٦.

سواه من الرُّسل لم يؤمن اقتصوا (1) الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار (2) تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا باللّه ربكم.

7 - عدَّةً - من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الحسين بن صغير، عمّن حدَّثه عن ربعي بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : أبى اللّه أن يُجري الأشياء إلّا بأسباب، فجعل لكلّ شيء سبياً (3) وجعل لكلّ سبب شرحاً (4) وجعل لكلّ شرح عَلَماً (5)، وجعل لكلّ علم باباً ناطقاً (6)، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، ذاك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ونحن.

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كلّ من دان اللّه عزّ وجلّ بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من اللّه فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحيّر، واللّه شاني : (7) لأعماله، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها، فهجمت (8) ذاهبة وجائية يومها، فلما جنّها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها، فحنّت إليها واغترت بها، فباتت معها في مريضها، فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها، فبصرت بغنم مع راعيها فحنّت إليها واغترت بها فصاح بها الراعي الحقي براعيك وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك فهجمت ذعرة (9) متحيرة تائهة، لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها، فبينا هي كذلك إذ اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها، وكذلك واللّه يا محمّد من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من اللّه عزّ وجلّ ظاهرا (10) عادل، أصبح ضالاً تائهاً، وإن مات على

ص: 238


1- اتبعوا واقتفوا.
2- «المعنى : إن لم يتيسر لكم الوصول إلى الإمام فاطلبوا آثاره وأخباره من رواتها وحملتها...» مرآة المجلسيّ ٣١٢/٢.
3- إشارة إلى بعد العلية واستحالة وجود معلول من دون علة. والمقصود بالشيء هنا النجاة والفوز بالرضوان وبالسبب المعرفة والعلم.
4- أي «الشريعة المقدسة» مرآة المجلسيّ 313/2.
5- «بالتحريك : أي ما يعلم بالشرع» ن. م.
6- «الباب الناطق الّذي به يوصل إلى القرآن (هو) النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في زمانه والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) بعده» ن. م.
7- أي مبغض قال، لأنه عمل تلك الأعمال مستنداً فيها إلى غير من أمره اللّه بالرد إليهم وهم حججه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- المقصود هنا أنّها بعد أن ضلت عن راعيها ولم يعد لها من يوجّهها الوجهة الصحيحة أخذت تتخبط في متاهتها فمرة تقبل ومرة تدبر شأن المتحير الّذي لا يعرف مقصده.
9- أي خائفة مرعوبة.
10- أي واضح البرهان والحجّة على حقانيته فلا يضر إن كان غائباً مستوراً.

هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق، واعلم يا محمّد أنَّ أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين اللّه، قد ضلّوا وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها (كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ) (1).

9 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن عن الهيثم بن واقد عن مقرن (2) قال سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : جاء ابن الكواء (3) إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال يا أمير المؤمنين: (وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ) (4) فقال : نحن على الأعراف، نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الأعراف الّذي لا يُعرف اللّه عزّ وجلّ إلّا بسبيل معرفتنا، ونحن الأعراف يعرّفنا اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة على الصراط، فلا يدخل الجنة إلّا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلّا من أنكرنا وأنكرناه.

إنّ اللّه تبارك وتعالى لو شاء لعرّف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه(5) وصراطه وسبيله والوجه الّذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضَّل علينا غيرنا، فإنهم عن الصراط لناكبون (6) ؛ فلا سواء (7) من اعتصم النّاس به ولا سواء حيث ذهب النّاس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها، لا نفاد لها ولا انقطاع.

10 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن الريان بن شبيب عن يونس، عن أبي أيّوب الخزاز، عن أبي حمزة قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا حمزة يخرج أحدكم فراسخ فيطلب لنفسه دليلاً، وأنت بطرق السماء أجهل منك بطرق الأرض (8)، فاطلب لنفسك دليلاً.

ص: 239


1- إبراهيم / ١٨.
2- هو مقرن الفتياني.
3- واسمه عبد اللّه وكان من رؤوس الخوارج الّذين تجمعوا في حرورا وهي ناحية من نواحي الكوفة وكان عددهم اثنی عشر ألفاً.
4- الأعراف / ٤٦.
5- أي أبواب معرفته وهداه وعلمه.
6- أي منحرفون عادلون عن طريق الحق.
7- أي لا يستوي من اعتصم بحبلنا ومن اعتصم بحبل غيرنا كما لا يساوينا ولا يدانينا من اعتُصِمَ به من أئمة الجور عيناً كما لا يستوي النبع القذر مع النبع الزلال الصافي.
8- «المراد بطرق السماء طرق معرفة اللّه تعالى... ومعرفة عالم الغيب ووجه زيادة الجهل به ظاهر لأن المراحل المعقولة أخفى... من المراحل المحسوسة فإذا احتيج في الأظهر إلى دليل فالأخفى أولى بالاحتياج إليه» المازندراني ١٧٧/٥.

11 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أيّوب بن الحرّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً) (1) فقال : طاعة اللّه ومعرفة الإمام.

12 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن أبي بصير قال : قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل عرفت إمامك ؟ قال : قلت : إي واللّه، قبل أن أخرج من الكوفة، فقال: حسبك إذاً (2).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن بريد قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في قول اللّه تبارك وتعالى : (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) (3) فقال: «ميت» لا يعرف شيئاً و (نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) : إماماً يؤتم به (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا) (4) قال : الّذي لا يعرف الإمام.

١٤ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن محمّد بن أورمة ومحمّد بن عبد اللّه، عن عليّ بن حسّان عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : دخل أبو عبد اللّه الجدليّ على أمير المؤمنين فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا أبا عبد اللّه ألا أخبرك بقول اللّه عزّ وجلّ (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (5) قال : بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك، فقال : الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت والسيّئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت، ثمَّ قرأ عليه هذه الآية.

٦٥ - باب فرض طاعة الأئمّة

١ - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ذروة الأمر وسنامه (6) ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن تبارك وتعالى الطاعة

ص: 240


1- البقرة/ ٢٦٩.
2- أي يكفيك.
3- الأنعام / ١٢٢.
4- الأنعام / ١٢٢.
5- النمل/ 89 - 90.
6- «ذُروة الأمر: أعلاه والأمر: الإيمان أو جميع الأمور الدينية أو الأعم منها ومن الدنيوية. وسَنامه أي أشرفه وأرفعه مستعاراً من سنام البعير لأنه عضو منه».

للإمام بعد معرفته، ثمَّ قال : إنَّ اللّه تبارك وتعالى يقول : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) (1).

2 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن محمّد عن الحسن بن عليّ الوشّاء عن أبان بن عثمان، عن أبي الصباح (2) قال : أشهد أنّي سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أشهد أنَّ عليّاً إمام فرض اللّه طاعته، وأنَّ الحسن إمام فرض اللّه طاعته، وأنَّ الحسين إمام فرض اللّه طاعته، وأن عليّ بن الحسين إمام فرض اللّه طاعته، وأنَّ محمّد بن عليّ إمام فرض اللّه طاعته.

٣ - وبهذا الإسناد، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ قال : حدَّثنا حماد بن عثمان، عن بشير العطّار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : نحن قوم فرض اللّه طاعتنا وأنتم تأتمون بمن لا يعذر النّاس بجهالته (3).

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا) (4) قال: الطاعة المفروضة.

٥ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبي خالد القماط (5) عن أبي الحسن العطّار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أشرك (6) بين الأوصياء والرُّسل في الطاعة.

٦ - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نحن قوم فرض اللّه عزّ وجلّ طاعتنا لنا الأنفال (7)، ولنا صفو المال (8) ونحن الراسخون في العلم، ونحن المحسودون الّذين قال اللّه: («أَمْ يَحْسُدُونَ

ص: 241


1- النساء/ 80، ومدلول الآية «يعني كما أن طاعة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) طاعة اللّه كذلك طاعة الإمام طاعة اللّه لأنه يدعو إلى ما يدعو إليه الرسول لأنه خليفته» الوافي ج 2 / 22.
2- واسمه إبراهيم بن نعيم الكناني.
3- لأن جهلهم ناشيء عن تقصير لا عن قصور.
4- النساء / ٥٤.
5- واسمه يزيد.
6- ويمكن أن تقرأ (أشرك) بالبناء للمعلوم والضمير راجع إلى اللّه سبحانه.
7- «الأنفال: جمع نَفَل وهو الزيادة والمراد هنا ما جعله اللّه تعالى للنبي في حياته وبعده للإمام زائداً على الخمس وغيره ممّا اشترك فيه معه غيره» مرآة المجلسيّ ٣٢٥/٢.
8- «أي خالصه ومختاره من صفايا ملوك أهل الحرب وقطايعهم وغير ذلك ممّا يصطفى من الغنيمة كالفرس الجواد والثوب المرتفع والجارية الحسناء» الخ. ن. م ص / ٣٢٦.

النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) (1).

7 - أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم عن الحسين بن أبي العلاء قال : ذكرت لأبي، عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قولنا في الأوصياء أنَّ طاعتهم مفترضة قال : فقال : نعم، هم الّذين قال اللّه تعالى : (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (2) وهم الّذين قال اللّه عزّ وجلّ : (ِإنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (3).

8 - وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد قال: سأل رجل فارسي أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : طاعتك مفترضة ؟ فقال : نعم، قال : مثل طاعة عليّ (4) بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ فقال : نعم.

9 - وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن الأئمّة هل يجرون في الأمر والطاعة(5) مجرى واحداً(6)؟ قال : نعم.

١٠ _ وبهذا الإسناد، عن مروك بن عبيد، عن محمّد بن زيد الطبري قال: كنت قائماً على رأس الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) بخراسان وعنده عدَّة من بني هاشم وفيهم إسحاق بن موسى بن عيسى العبّاسي فقال : يا :إسحاق بلغني أن النّاس يقولون : إنا نزعم أن النّاس عبيد لنا(7)، لا أنَّ : وقرابتي (8) من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما قلته قط ولا سمعته من آبائي قاله، ولا بلغني عن أحد من آبائي قاله ؛ ولكني أقول : النّاس عبيد لنا في الطاعة (9)، موال (10) لنا في الدين، فليبلغ الشاهد الغائب.

ص: 242


1- النساء / ٥٤.
2- النساء / ٥٩.
3- المائدة/ ٥٥.
4- إما من حيث النص عليها من قبل اللّه أو أن المراد أنّها مثلها في الرتبة والمنزلة.
5- «أي أمر الخلافة والوصاية أو في كونهم أولي الأمر أو في وجوب طاعة الآمر (والطاعة) عطف تفسير» مرآة المجلسيّ 331/2.
6- أي بمستوى واحد.
7- أي أرقاء، والمقصود بالناس الأولى المخالفون لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وذلك للتنفير منهم. أو أن المقصود عوام النّاس ممن لا فقه لديهم بحقيقة الولاية.
8- أي وحق قرابتي برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
9- «أي كالأرقاء في أن فرض اللّه عليهم طاعتنا ليسوا أرقاء حقيقة وليست طاعتهم لنا عبادة لأنه بإذن من هو الأعلى» مرآة المجلسيّ ٣٣٢/٢.
10- أي أنصار.

11 - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن أبي سلمة (1) عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : نحن الّذين فرض اللّه طاعتنا، لا : يسع النّاس إلّا معرفتنا ولا يعذر النّاس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمناً، ومن أنكرنا كان كافراً (2)، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالاً حتّى يرجع إلى الهدى الّذي افترض اللّه عليه من طاعتنا الواجبة فإن يمت على ضلالته يفعل اللّه به ما يشاء.

12 - علي، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن الفضيل قال: سألته عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى اللّه عزّ وجلّ، قال : أفضل ما يتقرب به العباد إلى اللّه عزّ وجلّ طاعة اللّه وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر، قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): حبُّنا إيمان وبغضنا كفر.

13 - محمّد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمّد بن عيسى، عن فضالة بن أيّوب، عن أبان، عن عبد اللّه بن سنان عن إسماعيل بن جابر قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أعرض عليك ديني الّذي أدين اللّه عزّ وجلّ به؟ قال : فقال هات قال : فقلت : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأن محمّداً عبده ورسوله، والإقرار بما جاء به من عند اللّه، وأنّ عليّاً كان إماماً فرض اللّه طاعته، ثمَّ كان بعده الحسن إماماً فرض اللّه طاعته، ثمَّ كان بعده الحسين إماماً فرض اللّه طاعته، ثمَّ كان بعده عليّ بن الحسين إماماً فرض اللّه طاعته حتّى انتهى الأمر إليه، ثمَّ قلت أنت يرحمك اللّه؟ قال: فقال: هذا دین اللّه ودين ملائكته.

١٤ - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة عن أبي إسحاق عن بعض أصحاب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اعلموا أن صحبة العالم (3) واتباعه دين يدان اللّه به، وطاعته مكسبة للحسنات ممحات للسيئات وذخيرة للمؤمنين ورفعة فيهم في حياتهم وجميل بعد مماتهم.

15 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ اللّه أجلّ وأكرم من أن يُعْرَفَ بخلقه بل الخلق يُعْرَفون باللّه، قال : صدقت، قلت إنَّ من عرف أنَّ له ربّاً، فقد ينبغي له أن يعرف أن لذلك الربّ رضاً

ص: 243


1- واسمه محمّد بن حنظلة. ويحتمل انطباقه على خالد بن سلمة وعليم بن محمّد وغيلان بن عثمان وسالم بن مكرم فراجع جامع الرواة للأردبيلي 391/2.
2- يحمل على ما إذا جحد ولايتهم بعد تأكده من نص اللّه ورسوله عليها.
3- الظاهر أن المراد بمن قال عندما سُئل: اوري هو علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وسخطاً، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلّا بوحي أو رسول، فمن لم يأته الوحي فينبغي له أن يطلب الرُّسل فإذا لقيهم عرف أنّهم الحجّة وأنّ لهم الطاعة المفترضة، فقلت للناس: أليس تعلمون أنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان هو الحجّة من اللّه على خلقه؟ قالوا: بلى، قلت: فحين مضى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من كان الحجّة؟ قالوا : القرآن فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجي والقدري والزنديق الّذي لا يؤمن به حتّى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلّا بقيم، فما قال فيه من شيء كان حقاً فقلت لهم : من قيم القرآن قالوا : ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم، قلت : كله ؟ قالوا : لا، فلم أجد أحداً يقال إنّه يعلم القرآن كله إلّا عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا : لا أدري وقال هذا : لا أدري وقال هذا لا أدري، وقال هذا (1) : أنا أدري، فأشهد أن علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة وكان الحجّة على النّاس بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأنَّ ما قال في القرآن فهو حقٌّ، فقال: رحمك اللّه، فقلت : إنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) ل_م يذهب حتّى ترك حجّة من بعده كما ترك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وأَنَّ الحجّة بعد عليّ الحسن بن عليّ، وأشهد على الحسن أنّه لم يذهب حتّى ترك حجّة من بعده كما ترك أبوه وجده وأنَّ الحجّة بعد الحسن والحسين وكانت طاعته مفترضة. فقال : رحمك اللّه، فقبلت رأسه وقلت : وأشهد على الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه لم يذهب حتّى ترك حجّة من بعده عليّ بن الحسين وكانت طاعته مفترضة فقال : رحمك اللّه، فقبلت رأسه وقلت : وأشهد على عليّ بن الحسين أنّه لم يذهب حتّى ترك حجّة من بعده محمّد بن عليّ أبا جعفر وكانت طاعته مفترضة، فقال : رحمك اللّه، قلت : أعطني رأسك حتّى أقبله، فضحك، قلت: أصلحك اللّه قد علمت أن أباك لم يذهب حتّى ترك حجّة من بعده كما ترك أبوه وأشهد باللّه أنك أنت الحجّة وأنَّ طاعتك مفترضة، فقال : كفَّ رحمك اللّه، قلت : أعطني رأسك أقبله فقبلت رأسه فضحك وقال : سلني عمّا شئت، فلا أنكرك (2) بعد اليوم أبداً.

١٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقي، عن القاسم بن محمّد الجوهري عن الحسين بن أبي العلاء قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): الأوصياء طاعتهم مفترضة ؟ قال : نعم هم الّذين قال اللّه عزّ وجلّ: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ

ص: 244


1- «أي الكامل في العلم، وهو الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو الأعم منه ومن ساير العلماء الربانيين والمكسبة بالفتح اسم مكان أو مصدر ميمي أو بالكسر «المكسبة اسم آله وكذا الممحاة أي ذكر وأجر جميل» مرآة المجلسيّ ٣٣٤/٢.
2- «من الإنكار بمعنى عدم المعرفة. أي لا أجهل حقك واستحقاقك لأن تجاب في كلّ مسئلة بحق جوابها من غير تقية» مرآة المجلسيّ ٣٣٦/٢. وأكثر الحديث هذا قد مر فيما تقدم وعلقنا عليه فلا نعيد.

وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).

17 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن عن حماد، عن عبد الأعلى (1) قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : السمع والطاعة (2) أبواب الخيز (3)، السامع المطيع لا حجّة عليه (4)، والسامع العاصي لا حجّة له (5)، وإمام المسلمين تمت حجّته، واحتجاجه يوم يلقى اللّه عزّ وجلّ ثمَّ قال: يقول اللّه تبارك وتعالى : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) (6).

٦٦ - باب في أن الأئمّة شهداء اللّه عزّ وجلّ على خلقه

1 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن سماعة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًااً) (7) قال : نزلت في أمة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خاصّة (8)، في كلّ قرن منهم إمامٌ منا شاهد عليهم ومحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) شاهد علينا.

٢ - الحسين بن محمّد، عن معلی بن محمّد عن عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ عن عمر بن أذينة، عن بريد العجلي قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) (9) قال: نحن الأمة الوسطى، ونحن شهداء اللّه على خلقه وحججه في أرضه قلت: قول اللّه عزّ وجلّ: ﴿ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) (10) قال : إيانا عنى خاصّة (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) (11) في الكتب التي مضت «وفي هذا» (12) القرآن (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ) (13) فرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

ص: 245


1- هو عبد الأعلى مولى آل سام الكوفيّ.
2- أي المع لأقوال المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ) والإذعان له ولأوامره وزواجره.
3- لأن المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ) لا يأمر إلّا بالخير ولا ينهي إلّا عن الشر والقبيح فسمعنا وطاعتنا له موجبان لفعل الخيرات كلها.
4- أي لا وجه لمؤاخذاته لأنه قام بما هو مطلوب منه والامتثال يوجب المؤمنية.
5- أي لا عذر له في عصيانه بعد سماعه لأن سماعه يكون حجة عليه لا له.
6- أي باسم إمامهم وقد ورد في الروايات أن كلّ إمام هو قائم أهل زمانه يدعون باسمه يوم القيامة ليشهد عليهم وسوف يأتي في الباب التالي ما يدل على ذلك. والآية في سورة الإسراء / 71.
7- النساء / ٤١.
8- من الواضح أن خصوص المورد لا يخصص الحكم الوارد في هذه الآية وفي غيرها.
9- البقرة/ ١٤٣.
10- الحج / 78.
11- الحج / 78.
12- الحج / 78.
13- الحج / 78.

الشهيد علينا بما بلغنا عن اللّه عزّ وجلّ، ونحن الشهداء على الناس، فمن صدّق صدَّقناه يوم القيامة، ومن كذب كذبناه يوم القيامة.

٣ - وبهذا الإسناد، عن معلىّ بن محمّد عن الحسن بن عليّ، عن أحمد بن عمر الحلال قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ) (1) فقال : أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه الشاهد على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ورسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على بينة (2) من ربه.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): قول اللّه تبارك وتعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) قال: نحن الأمة الوسط، ونحن شهداء اللّه تبارك وتعالى على خلقه وحججه في أرضه قلت قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ) (3) قال : إيانا عنى ونحن المجتبون، ولم يجعل اللّه تبارك وتعالى في الدّين «من حَرَج» فالحرج أشدُّ من الضيق. (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) إيانا عنى خاصّة و(سماكم المسلمين) اللّه سمانا المسلمين من قبل في الكتب التي مضت وفي هذا القرآن (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ). فرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الشهيد علينا بما بلغنا عن اللّه تبارك وتعالى، ونحن الشهداء على النّاس (4)، فمن صدَّق يوم القيامة صدقناه ومن كذَّب كذَّبناه.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه قال: إن اللّه تبارك وتعالى طهرنا وعصمنا (5) وجعلنا شهداء على خلقه، وحجته في أرضه (6)، وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا (7)

ص: 246


1- هود 17. وقيل : المراد بالشاهد هو جبريل وقيل غير ذلك.
2- البينة هي القرآن.
3- الحج / 78.
4- أي فيما أخذوا وفيما تركوا وفيما أطاعوا وفيما عصوا.
5- أي طهرنا عن الأدناس وعصمنا من الأرجاس كما قال جل شأنه: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب / ٣٣ لاتفاق الأمة - إلّا من من من شد - على أنّها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) المازندراني 198/٥.
6- وكما قال جل شأنه: (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) وقال: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ) النساء / ١٦٥) ن. م.
7- كما هو مضمون حديث الثقلين المتواتر.

٦٧ - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم الهداة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد وفضالة بن أيّوب عن موسى بن بكر، عن الفضيل قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) (1) فقال : كلّ إمام هادٍ للقرن (2) الّذي هو فيهم.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) فقال : رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المنذر ولكلّ زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثمَّ الهداة من بعده على ثمَّ الأوصياء واحد بعد واحد.

٣ - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن محمّد بن إسماعيل، عن سعدان (3)، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) ؟ فقال : رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المنذر وعلي الهادي، يا أبا محمّد هل من هاد اليوم؟ قلت: بلى جعلت فداك ما زال منكم هاد بعدها حتّى دُفِعَت (4) إليك، فقال: رحمك اللّه يا أبا محمّد، لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثمَّ مات ذلك الرَّجل، ماتت الآية، مات الكتاب (5)، ولكنه حتي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن منصور، عن عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تبارك وتعالى : (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) فقال : رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المنذر وعلي الهادي، أما واللّه ما ذهبت منا وما زالت فينا إلى الساعة (6).

٦٨ - باب أن الأئمّة عليهم السلام ولاة أمر اللّه وَخَزَنَةُ عِلْمه

1 - محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن أبي زاهر عن الحسن بن موسى، عن

ص: 247


1- الرعد/ ٧.
2- أي لأهل عصره وزمانه.
3- هذا لقب لعبد الرحمن بن مسلم الكوفيّ وكان من المعمرين فراجع جامع الرواة للأردبيلي ٣٥٧/١.
4- أي الإمامة.
5- أي مات القرآن كناية عن هجرانه واندثاره.
6- أي إلى يوم القيامة.

عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : نحن ولاة أمر اللّه، وخزنة علم اللّه وعيبة وحي اللّه (1).

٢ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن عليّ بن أسباط، عن أبيه أسباط، عن سَوْرَة بن كليب قال : قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : واللّه إنا لخزان اللّه سمائه وأرضه لا على ذهب ولا على فضّة إلّا على علمه.

3- عليّ بن موسى، عن موسى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد البرقيّ، عن النضر بن سويد رفعه، عن سدير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : جعلت فداك ما أنتم (2)؟ قال : نحن خزّان علم اللّه، ونحن تراجمة وحي اللّه (3)، ونحن الحجّة البالغة على من دون السماء ومن فوق الأرض (4).

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن النضر بن شعيب (5)، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): قال اللّه تبارك وتعالى : استكمال حجّتي (6) على الأشقياء من أمتك من ترك (7) ولاية علي والأوصياء من بعدك، فإنَّ فيهم سنتك وسنّة الأنبياء من قبلك، وهم خزّاني على علمي من بعدك، ثمَّ قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): لقد أنبأني جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأسمائهم وأسماء آبائهم.

٥ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن خالد، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ابن أبي يعفور إنَّ اللّه واحدٌ متوحد بالوحدانية، متفرّدُ بأمره، فخلق خلقاً فقدرهم لذلك الأمر، فنحن هم. يا ابن يعفور فنحن حجج اللّه في عباده وخزانه على علمه، والقائمون بذلك.

ص: 248


1- والعيبة : ما يجعل فيه الثياب والجمع عيب. وعيبة الرَّجل خاصّة وموضع سرّه المازندراني ٢٠١/٥ - ٢٠٢ نقلاً عن صحاح الجوهري وابن الأثير. والمراد «بعيبة وحي اللّه أن كلّ وحي نزل من السماء على نبي من الأنبياء فقد وصل إليهم وهو محفوظ عندهم» مرآة المجلسيّ ٣٤٦/٢.
2- «أي من جهة الفضل والخواص التي بها تمتازون من ساير المخلوقات» ن. م ص / ٣٤٧.
3- «أي نحن مفسّرو (جميع ما أوحى اللّه تعالى إلى الأنبياء [ومبينوه]» ن. م.
4- أراد نوعاً يختص بغير الملائكة.ن. م. ولعل ذلك لأن من دون السماء وفوق الأرض هم المكلفون.
5- «في نسخة وأخرى بن سويد الخ». فراجع جامع الرواة للأردبيلي ٢٩٤/٢.
6- «أي كمال احتجاجي يوم القيامة» مرآة المجلسيّ ٣٤٨/٢.
7- كأن من للسببية : أي بسبب تركهم ولاية علي الخ.

٦ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن موسى بن القاسم بن معاوية؛ ومحمّد بن يحيى، عن (1) العمر كي بن عليّ جميعاً، عن عليّ بن جعفر عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ اللّه عزّ وجلّ خلقنا فأحسن خلقنا، وصورنا فأحسن صورنا، وجعلنا خزانه في سمائه وأرضه، ولنا نطقت الشجرة (2) وبعبادتنا عبد اللّه عزّ وجلّ، ولولانا ما عبد اللّه.

68 - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) خلفاء اللّه عزّ وجلّ في أرضه وأبوابه التي منها يؤتى

1 - الحسين بن محمّد الأشعريّ عن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد عن أبي مسعود، عن الجعفري (3) قال سمعت أبا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الأئمّة خلفاء اللّه عزّ وجلّ في أرضه.

٢ - عنه، عن معلّى عن محمّد بن جمهور، عن سليمان بن سماعة، عن عبد اللّه بن القاسم، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الأوصياء هم أبواب (4) اللّه عزّ وجلّ التي يؤتى منها، ولولاهم ما عُرف اللّه عزّ وجلّ، وبهم احتجّ اللّه تبارك وتعالى على خلقه.

٣ _ الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه جل جلاله : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (5) قال : هم الأئمّة.

٦٩ - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) نور اللّه عزّ وجلّ

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن مرداس قال : حدَّثنا

ص: 249


1- واسمه علي البرمكي.
2- «أي يمكننا استنطاقها بكل ما نريده بالإعجاز... أو المعنى : إنا نستنبط من الأشجار وأوراقها علوماً جمة لا يعلمها غيرنا» مرآة المجلسيّ ٣٥٠/٢.
3- واسمه داود بن القاسم. وكثيراً ما يطلق على سليمان بن جعفر أيضاً فراجع الأردبيلي ٤٤١/٢.
4- «وصفوا بكونهم أبواباً لأنهم طرق إلى معرفة اللّه وعبادته ولا يمكن الوصول إلى قربه تعالى ورضوانه إلّا بهم» مرآة المجلسيّ ٢ / ٣٥٠.
5- النور/ ٥٥ والمراد بمن قبلهم من جعله اللّه صالحاً للخلافة عنه في الأرض واستخلفه فيها مثل آدم وداود وسليمان كما دلت عليه الآيات في سورة البقرة / ٣٠ وسورة ص / ٢٦ وسورة النساء / ٥٤.

صفوان بن يحيى والحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي خالد الكابلي (1) قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) (2) فقال : يا أبا خالد : النور واللّه نور الأئمّة من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى يوم القيامة(3)، وهم واللّه نور اللّه الّذي أنزل، وهم واللّه نور اللّه في السماوات وفي الأرض واللّه يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار ؛ وهم واللّه ينوّرون في قلوب المؤمنين، ويحجب اللّه عزّ وجلّ نورهم عمَّن يشاء فتظلم قلوبهم ؛ واللّه يا أبا خالد لا يحبّنا عبد ويتولانا حتّى يطهر اللّه قلبه، ولا يطهر اللّه قلب عبد حتّى يسلّم لنا (4) ويكون سلماً (5) لنا، فإذا كان سلماً لنا سلّمه اللّه من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر.

2 - عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ - إلى قوله - وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (6) قال : النور في هذا الموضع [علي] أمير المؤمنين والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

3 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي الجارود قال: قلت: قول اللّه تعالى : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ إلى قوله - أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا) (7) قال : فقال : قد آتاكم اللّه كما آتاهم، ثمَّ تلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ (8) مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ) (9) يعني إماماً تأتمون به.

ص: 250


1- «كأنه اثنان والكبير اسمه وردان ولقبه كنكر» وقيل بأن كنكر اسم له لا لقب فراجع جامع الرواة للأردبيلي 382/2 و 297/2 – 298.
2- التغابن / ٨.
3- باعتبار الهداة في كلّ زمان إلى طريق اللّه شبههم بالنور الّذي يهتدي به السالكون إلى مقاصدهم في ظلمات البر والبحر.
4- أي يتابعنا ويقتدي بنا.
5- أي محباً مسالماً لنا غير مبغض ولا محارب.
6- الأعراف/ ١٥٧.
7- القصص / ٥٢ - ٥٤.
8- أي يضاعف لكم من رحمته.
9- الحديد / ٢٨.

٤ _ أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن عليّ بن أسباط - والحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي خالد الكابلي قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى : (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) فقال : يا أبا خالد : النور واللّه الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ). يا أبا خالد : لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم الّذين ينوّرون قلوب المؤمنين، ويحجب اللّه نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم ويغشاهم بها (1).

5 - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد اللّه بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمداني قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تعالى : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ) (2) فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) (فِيهَا مِصْبَاحٌ) الحسن (الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ) الحسين (الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) فاطمة كوكبٌ درّي بين نساء أهل الدُّنيا (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) لا يهودية ولا نصرانية (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ) يكاد العلم ينفجر بها ولو لم تمسسه نار نور على نور إمامٌ منها بعد إمام (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) يهدي اللّه للأئمة من يشاء (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ)، قلت : (أو كظلمات...) (3) قال : الأوّل وصاحبه (4) (يغشاه موج) الثالث (5). (مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ.. ظُلُمَاتٌ) الثاني (6) (بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) معاوية لعنه اللّه وفتن بني أمية (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ) المؤمن في ظلمة فتنتهم (لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا) إماماً من ولد فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) (فما له من نور) إمام يوم القيامة.

وقال في قوله : (يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ) (7): أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم حتّى ينزلوهم منازل أهل الجنة.

عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد عن موسى بن القاسم البجلي ومحمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ جميعاً، عن عليّ بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أخيه

ص: 251


1- مر هذا الحديث برواية أبي أيّوب عن الكابلي قبل قليل.
2- وما بعدها من تقاطيع الآية النور / ٣٥.
3- وما بعدها من تقاطيع الآية / النور / ٤٠.
4- أي أبو بكر وعمر.
5- أي عثمان.
6- أي عمر.
7- الحديد/ ١٢.

موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

٦ - أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيد اللّه، عن محمّد بن الحسن وموسى بن عمر، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته قول اللّه تبارك وتعالى : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) (1) قال يريدون ليطفؤوا ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأفواههم، قلت : قوله تعالى : (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ) قال : يقول : واللّه متم الإمامة والإمامة هى النور وذلك قوله عزّ وجلّ: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) قال : النور هو الإمام.

70 _ باب أن الأئمّة هم أركان الأرض

١ - أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ما جاء به علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) آخذ به، وما نهى عنه أنتهي عنه، جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ولمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الفضل على جميع من خلق اللّه عزّ وجلّ المتعقب(2) عليه في شيء من أحكامه كالمتعقب على اللّه وعلى رسوله. والراد عليه في صغيرة أو كبيرة (3) على حد (4) الشرك باللّه، كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) باب اللّه الّذي لا يؤتى إلّا منه، وسبيله الّذي من سلك بغيره هلك، وكذلك يجري لأئمة الهدى واحداً بعد واحد جعلهم اللّه أركان الأرض أن تميد(5) بأهلها وحجّته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى، وكان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه كثيراً ما يقول: أنا قسيم اللّه بین الجنة والنار (6)، وأنا الفاروق (7) الأكبر وأنا صاحب العصا

ص: 252


1- الصف / ٨.
2- «أي الطالب لعثرته والمعيب عليه في شيء منها كالطالب لعثرة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والمعيب عليه» مرآة المجلسيّ ٣٦٦/٢.
3- أي في مسئلة صغيرة كانت أو كبيرة. أو كلمة كذلك.
4- «أي في حكمة إذ لا واسطة بين الإيمان والشرك والكائن عليه مشرف على الدخول في الشرك» مرآة المجلسيّ ٣٦٧/٢.
5- أي تضطرب وتموج. «والمراد بالميد إما ذهاب نظام الأرض واختلال أحوال أهلها، أو حقيقته بالزلازل الحادثة فيها» مرآة المجلسيّ ٣٦٧/٢.
6- «أي القسيم المنصوب من قبل اللّه للتمييز بين أهل الجنة وأهل النار بسبب ولايته وتركها» ن. م.
7- «أي الّذي فرق بين الحقّ والباطل» ن. م.

والميسم (1) ولقد أقرت لي جميع الملائكة والرُّوح والرُّسل بمثل ما أقروا به لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولقد حملت على مثل حمولته (2) وهي حمولة الربّ، وإن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يدعى فيكسى، وأدعى فأكسى(3)، ويستنطق واستنطق (4) فأنطق على حدّ منطقه، ولقد أعطيت خصالاً ما سبقني إليها أحد قبلي علمتُ المنايا والبلايا (5)، والأنساب (6) وفصل الخطاب، فلم يفتني ما سبقني، ولم يغرب عنّي ما غاب عنّي (7)، أبشر بإذن اللّه وأؤدي عنه، كلّ ذلك من اللّه مكنني فيه بعلمه.

الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور العمي، عن محمّد بن سنان قال : حدَّثنا المفضّل قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول، ثمَّ ذكر الحديث الأول.

2 - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد شباب الصيرفي قال: حدَّثنا سعيد الأعرج قال : دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبد عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فابتدأنا فقال يا سليمان ما جاء عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يؤخذ به، وما نهى عنه ينتهي عنه. جرى له من الفضل ما جرى لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ولرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الفضل على جميع من خلق اللّه المعيب على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شيء من أحكامه كالمعيب على اللّه عزّ وجلّ وعلى رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك باللّه، كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه باب اللّه الّذي لا يؤتى إلّا منه وسبيله الّذي من سلك بغيره هلك، وبذلك جرت الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) واحد بعد واحد جعلهم اللّه أركان الأرض أن تميد بهم، والحجّة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.

وقال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنا قسيم اللّه بين الجنّة والنار، وأنا الفاروق الأكبر وأنا صاحب العصا والميسم، ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقرَّت لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

ص: 253


1- الميسم: الحديدة التي يوسم بها. «وهذا إشارة إلى أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) الدابة التي أخبر بها في الآية ٨٢ من سورة النمل. وعن حذيفة عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : دابة الأرض لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب فتسم المؤمن بين عينيه : مؤمن وتسم الكافر بين عينيه كافر. ومعها عصا موسى وخاتم سليمان فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتحطم أنف الكافر بالخاتم حتّى يقال يا مؤمن و يا كافر» مرآة المجلسيّ 3٦٨/٢.
2- «أي حَمَلني اللّه على ما حمل عليه نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من التبليغ والهداية والخلافة» ن. م / 370.
3- أي بمثل دعوته وكسوته.
4- بالشهادة على الأمة أو بالشفاعة لمن يستحقها منها.
5- المنايا الآجال والبلايا كلّ ما يبتلي به الإنسان من خير أو شر.
6- «أي اعلم والد كلّ شخص فأميز بين أولاد الحلال وأولاد الحرام» مرآة المجلسيّ 371/2.
7- «أي لم يغب عنّي علم ما غاب عن مجلسي» ن. م.

ولقد حملت على مثل حمولة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهي حمولة الربّ، وإنَّ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يُدعى فيكسى ويُسْتَنطَق وأدعى فأكسى واستنطق فأنطق على حدّ منطقه، ولقد أعطيت خصالاً لم يعطهنَّ أحد قبلي علمت علم المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب، فلم يفتني ما سبقني، ولم يغرب عنّي ما غاب عنّي، أبشر بإذن اللّه وأؤدي عن اللّه عزّ وجلّ، كلّ ذلك مكنني اللّه فيه بإذنه.

٣ - محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد جميعاً، عن محمّد بن الحسن، عن عليّ بن حسان قال : حدَّثني أبو عبد اللّه الرياحي، عن أبي الصامت الحلواني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : فَضْلُ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) : ما جاء به آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه، جرى له من الطاعة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، والفضل لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، المتقدّم بين يديه كالمتقدّم بين يدي اللّه ورسوله والمتفضّل عليه (2) كالمتفضّل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك باللّه، فإنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) باب اللّه الّذي لا يؤتى إلّا منه، وسبيله الّذي من سلكه وصل إلى اللّه عزّ وجلّ، وكذلك كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من بعده، وجرى للأئمة (عَلَيهِ السَّلَامُ) واحداً بعد واحد، جعلهم اللّه عزّ وجلّ أركان الأرض أن تميد بأهلها، وعمد(3) الإسلام، ورابطة على سبيل هداه لا يهتدي هاد إلّا بهداهم، ولا يضلَّ خارج من الهدى إلّا بتقصير عن حقهم أمناء اللّه على ما أهبط من علم أو عذر أو نذر (4)، والحجّة البالغة على من في الأرض، يجري لا من اللّه مثل الّذي جرى لأوَّلهم، ولا يصل أحد إلى ذلك إلّا بعون اللّه.

وقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنا قسيم اللّه بين الجنّة والنار، لا يدخلها داخل إلّا على حدّ قسمي، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا الإمام لمن بعدي، والمؤدّي عمّن كان قبلي، لا يتقدّمني أحد إلّا أحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وإنّي وإياه لعلى سبيل واحد، إلّا أنّه هو المدعو باسمه (5). ولقد أعطيت

ص: 254


1- إما مصدر مبتدأ خبر الموصول (ما) وعليه فالمعنى «أي مزيته وفضله مشاركته لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في وجوب الأخذ بما جاء به والانتهاء عما نهى عنه... أو يُقرأ (فُضّل) أي على جميع الخلق، أو الأمة. والفضل لمحمّد» أي الفضل عليه لمحمّد دون غيره» مرآة المجلسيّ ٣٧٣/٢.
2- أي من يرى نفسه أفضل من علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- جمع عمود.
4- أي «هم أمناء اللّه تعالى على ما أهبط إليهم لا يزيدون ولا ينقصون من العلم بالمعارف الإلهية والأسرار الربانية وغير ذلك ممّا يتعلق بمصالح الدنيا والآخرة ومن محو الإساءة للمطيعين إذا كان لهم عذر صحيح أو معذرة ومن إنذار المبطلين وتخويفهم» المازندراني ٢٢٥/٥.
5- أي لا فرق بيني وبينه إلّا في الاسم فقط. أو «إلا أنّه هو المدعو (بالنبيّ والرسول) فإني لست بني ولا رسول... أو أنّه تعالى سماه في القرآن ولم يسمني» مرآة المجلسيّ ٣٧٤/٢.

الستَ علم المنايا والبلايا والوصايا (1) ؛ وفصل الخطاب ؛ وإنّي لصاحب الكرات ودولة الدول (2) ؛ وإنّي لصاحب العصا والميسم ؛ والدابة التي تُكلّم الناس.

71 - باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته

1 - أبو محمّد القاسم بن العلاء _ رحمه اللّه - رفعه عن عبد العزيز بن مسلم قال : كنا، مع الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمَرُو، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف النّاس فيها، فدخلت على سيّدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأعلمته خوض النّاس فيه، فتبسم (3) (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمَّ قال قال : يا عبد العزيز : جهل القوم وخدعوا(4) عن آرائهم إن اللّه عزّ وجلّ لم يقبض نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّی أكمل له الدين، وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كلّ شيء، بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام، وجميع ما يحتاج إليه النّاس كَمَلاً، فقال عزّ وجلّ: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) (5) وأنزل في حجّة الوداع وهي آخر عمره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (6) وأمر الإمامة من تمام الدّين (7)، ولم يمض (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى بين لأمته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قصد (8) سبيل الحقّ، وأقام لهم عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) علماً وإماماً، وما ترك [لهم] شيئاً تحتاج إليه الأمة إلّا بينه، فمن زعم أنَّ اللّه عزّ وجلّ لم يكمل دينه فقد ردَّ كتاب اللّه، ومن ردَّ كتاب اللّه فهو كافر به.

هل يعرفون(9) قدر الإمامة ومحلّها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إنَّ الإمامة أجلُّ قدراً رأعظم شأناً وأعلا مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غوراً من أن يبلغها النّاس بعقولهم، أو ينالوها

ص: 255


1- «أي اعلم ما أوصى به الأنبياء أوصياءهم وأممهم من الشرائع وغيرها» ن.م.
2- يحتمل أنّه صاحب الحملات في الحروب وصاحب الغلبة فيها أو أني صاحب علم كلّ كرة ودولة الخ. راجع مرآة المجلسي.٣٧٥/٢. فقد ذكر عدة وجوه وفصلها. والمازندراني ٢٢٧/٥.
3- «تبسمه (عَلَيهِ السَّلَامُ) للتعجب من ضلالتهم وغفلتهم عن أمر هو أوضح الأمور بحسب الكتاب والسنة، أو من استبدادهم بالرأي فيما لا مدخل للعقل فيه» مرآة المجلسيّ ٣٧٦/٢.
4- أي وقعوا في ورطة بسبب آرائهم الفاسدة.
5- الأنعام / ٣٨.
6- المائدة/ ٣.
7- أي أن مسئلة التنصيص على الإمام من قبل اللّه سبحانه ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في كلّ عصر هي من أجزاء الدّين الّذي لا يتم إلّا بذكرها.
8- قَصْدُ السبيل : أي الطريق المستقيم، أو الوسط.
9- الاستفهام إنكاري.

بآرائهم، أو يقيموا إماماً باختيارهم، إنَّ الإمامة خصَّ اللّه عزّ وجلّ بها إبراهيم الخليل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد النبوّة، والخِلَّة (1) مرتبة ثالثة، وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره، فقال : (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) فقال الخليل (عَلَيهِ السَّلَامُ) سروراً بها: «ومن ذريتي»، قال اللّه تبارك وتعالى : لا ينال عهدي الظالمين. فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة (2)، ثمَّ أكرمه اللّه تعالى بأن جعلها في ذرّيّته (3) أهل الصفوة والطهارة فقال : (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) (4).

فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرناً فقرناً حتّى ورثها اللّه تعالى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال جلّ وتعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (5) فكانت له خاصّة فقلّدها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأمر اللّه تعالى على رسم ما فرض اللّه، فصارت في ذريته الأصفياء (6) الّذين آتاهم اللّه العلم والإيمان، بقوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ) (7) فهي في ولد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) خاصّة إلى يوم القيامة؛ إذ لا نبي بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (8) فمن أين يختار هؤلاء الجهال (9).

إنَّ الإمامة هي منزلة الأنبياء، وإرث الأوصياء، إنّ الإمامة خلافة اللّه وخلافة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومقام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وميراث الحسن والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). إنّ الإمامة زمام الدّين (10)، ونظام المسلمين (11)، وصلاح الدُّنيا وعز المؤمنين، إنّ الإمامة أس الإسلام (12).

ص: 256


1- المودة الخالصة والصداقة. (بضم الخاء وكسرها).
2- «أي صارت الإمامة بحكم الآية ثابتة في الخالص من الذنوب مطلقاً المصطفى المختار من عند اللّه...» المازندراني ٢٣٨/٥.
3- الضمير يرجع إلى إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- الأنبياء / 72 – 73.
5- آل عمران/ ٦٨.
6- أي الخالصين من جميع الأرجاس والأمراض النفسية والعاهات الجسدية التي تصيب نوع الإنسان عادة.
7- الروم / ٥٦.
8- «دليل لقوله إلى يوم القيامة يعني أن خلافة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مستمرة في ولد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى تقطع الخلافة من ولد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)» المازندراني ٢٤١/٥.
9- أي الّذين انحرفوا عما اختاره اللّه لهم وهم أهل بيت العصمة (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى ما اختاروه لأنفسهم وهذا منتهى الجهل والجهالة.
10- الظاهر أن المراد بالزمام هنا المقود. «وكون الإمامة زمام الدّين ظاهر لأن ضبط الدّين وأهله إنّما يتحقق بها...» المازندراني ٢٤٣/٥.
11- «إذ لولا الإمامة لوقع الهرج والمرج والقتل والغارة والنهب... وحصل الفساد...» ن. م.
12- أي أصله.

النامي، وفرعه السامي، بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وتوفير (1) الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف (2).

الإمام يحلُّ حلال اللّه، ويحرم حرام اللّه، ويقيم حدود اللّه، ويذب عن دين اللّه، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجّة البالغة، الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم، وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار.

الإمام البدر المنير والسراج الزاهر، والنور الساطع والنجم الهادي في غياهب الدجى (3) وأجواز (4) البلدان والقفار، ولجج البحار، الإمام الماء العذب على الظماء، والدال على الهدى، والمنجي من الرّدى، الإمام النار على اليَفَاع (5)، الحار لمن اصطلى به والدليل في المهالك من فارقه فهالك، الإمام السحاب الماطر، والغيث الهاطل والشمس المضيئة والسماء الظليلة والأرض البسيطة، والعين الغزيرة والغدير والروضة.

الإمام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق، والأخ الشقيق، والأم البرّة بالولد الصغير، ومفزع العباد في الداهية النآد (6) الإمام أمين اللّه في خلقه، وحجّته على عباده وخليفته في بلاده، والداعي إلى اللّه، والذاب عن حرم اللّه.

الإمام المطهر من الذنوب والمبرا عن العيوب المخصوص بالعلم الموسوم بالحلم، نظام الدين، وعزّ المسلمين وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين.

الإمام واحد دهره (7)، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظیر مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب بل اختصاص من المفضّل الوهاب.

فمن ذا الّذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره هيهات هيهات، ضلّت العقول، وتاهت الحلوم وحارت الألباب، وخسئت العيون (8) وتصاغرت العظماء، وتحيّرت الحكماء

ص: 257


1- أي قسمته بين من جعله اللّه لهم بالعدل.
2- أي حدود أرض الإسلام.
3- أي ظلمات الليل.
4- أي أوساط.
5- «اليفاع ما ارتفع من الأرض.. شبه الإمام بالنار في الظهور والدلالة على المقصود» المازندراني ٢٤٩/٥.
6- أي أن الإمام هو الملجأ للعباد إذا ما دهمهم أمر خطير مفزع ليحميهم منه سواء كان مادياً حسياً أو معنوياً.
7- هذا وما بعده يشير إلى أنّه يشترط في الإمام أن يكون أفضل الخلق في كلّ شيء بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
8- أي عجزت عن أن تصف الإمام بما يقتضيه من الفضائل وأصابها العي.

وتقاصرت الحلماء، وحصرت الخطباء، وجهلت الألباء، وكنت الشعراء، وعجزت الأدباء، وعييت البلغاء، عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله وأقرت بالعجز والتقصير، وكيف يوصف بكله، أو ينعت بكنهه، أو يفهم شيء من أمره، أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه، لا كيف وأنّى ؟ وهو بحيث النجم من يد المتناولين، ووصف الواصفين، فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟!.

أتظنون أنَّ ذلك يوجد في غير آل الرسول محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، كذبتهم واللّه أنفسهم، ومنتهم الأباطيل فارتقوا مرتقاً صعباً حضاً، تزلُّ عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الإمام بعقول حائرة بائرة ناقصة، وآراء مضلة، فلم يزدادوا منه إلّا بعداً، (قاتلهم اللّه أنى يؤفكون) ولقد راموا صعباً، وقالوا إفكاً، وضلّوا ضلالاً بعيداً، ووقعوا في الحيرة، إذ تركوا الإمام عن بصيرة، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل وكانوا مستبصرين.

رغبوا عن اختيار اللّه واختيار رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأهل بيته إلى اختيارهم والقرآن يناديهم : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (1). وقال عزّ وجلّ: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) الآية (2). وقال : (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ * سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ * أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) (3) وقال عزّ وجلّ: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (4) أم (طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ) (5) أم (قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (6) أم (قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) (7) بل هو فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم، فكيف لهم باختيار الإمام؟! والإمام عالم لا يجهل وراع لا ينكل (8)، معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة، والعلم والعبادة،

ص: 258


1- القصص / ٦٨.
2- الأحزاب / ٣٦.
3- القلم / ٣٦ - ٤١.
4- محمّد / ٢٤.
5- التوبة / ٨٧.
6- الأنفال / 21 - 23.
7- البقرة/ ٩٣.
8- أي لا يضعف ولا يتراجع. وفي بعض النسخ (وداع) بالدال.

مخصوص بدعوة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ونسل المطهرة البتول، لا مغمز فيه في نسب، ولا يدانيه ذو حسب، في البيت من قريش والذروة من هاشم، والعترة من الرّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والرّضا من اللّه عزّ وجلّ، شرف الأشراف، والفرع من عبد مناف نامي العلم كامل الحلم، مضطلع بالإمامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة، قائم بأمر اللّه عزّ وجلّ، ناصح لعباد اللّه، حافظ لدين اللّه.

إنّ الأنبياء والأئمّة صلوات اللّه عليهم يوفقهم اللّه ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان في قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (1) وقوله تبارك وتعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) (2) وقوله في طالوت : (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (3) وقال لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): (وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) (4) وقال في الأئمّة من أهل بيت نبيّه وعترته وذريته صلوات اللّه عليهم: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا) (5).

وإنَّ العبد إذا اختاره اللّه عزّ وجلّ لأمور عباده، شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاماً، فلم يعي (6) بعده بجواب، ولا يحير فيه عن الصواب، فهو معصوم مؤيّد، موفق مسدَّد، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار، يخصه اللّه بذلك ليكون حجّته (7) على عباده وشاهده على خلقه، وذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم.

فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه، تعدوا - وبيت اللّه - الحقّ ونبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، وفي كتاب اللّه الهدى

ص: 259


1- يونس / ٣٥.
2- البقرة/ ٢٦٩.
3- البقرة/ ٢٤٧.
4- النساء/ ١١٣.
5- النساء / ٥٤ - ٥٥.
6- أي لم يجهل الجواب عن أية مسئلة توجه إليه، أو لم يضل أو يغفل أو يتحير عن وجه مراده أو يعجز منه.
7- لأنه لو لم يأمن الوقوع في هذه الأمور لجر الأمة إلى المهالك، ولم يكن اللّه أن يحتج عليها به إذ لا ميزة له على أحد منها. وفي بعض النسخ ورد (وحجته البالغة).

والشفاء، فنبذوه واتبعوا أهواءهم، فذمّهم اللّه ومقتهم وأتعسهم فقال جل وتعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (1) وقال : (فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) (2) وقال : (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (3) وصلّى اللّه على النبيّ محمّد وآله وسلّم تسليماً كثيراً.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في خطبة له يذكر فيها حال الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وصفاتم : أنّ اللّه عزّ وجلّ أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبيّنا عن دينه، وأبلج (4) بهم عن سبيل منهاجه، وفتح (5) بهم عن باطن ينابيع علمه فمن عرف من أمة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) واجب حق إمامه (6)، وجد طعم حلاوة إيمانه وعلم فضل طلاوة إسلامه (7)، لأنّ اللّه تبارك وتعالى نصب الإمام علماً لخلقه، وجعله حجّة على أهل مواده (8) وعالمه، وألبسه اللّه تاج الوقار، وغشاه من نور الجبار، يمدُّ بسبب إلى السماء، لا ينقطع عنه مواده، ولا ينال ما عند اللّه إلّا بجهة أسبابه، ولا يقبل اللّه أعمال العباد إلّا بمعرفته، فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدُّجى، ومعميّات السنن (9) ومشبهات الفتن (10)، فلم يزل اللّه تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من عقب كلّ إمام يصطفيهم لذلك ويجتبيهم، ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم، كلّ ما مضى منهم إمامٌ نصب لخلقه من عقبه إماماً، علماً بيناً، وهادياً نيراً، وإماماً قيماً، وحجّة عالماً، أئمة من اللّه يهدون بالحقّ وبه يعدلون حجج اللّه ودعاته ورعاته على خلقة، يدين بهديهم العباد وتمستهلُّ (11) بنورهم البلاد، وينمو ببركتهم التلاد (12)، جعلهم اللّه حياة للأنام، ومصابيح

ص: 260


1- القصص / ٥٠.
2- محمّد.
3- غافر / ٣٥.
4- أي أبان وكشف.
5- في بعض النسخ (ومنح بهم).
6- من وجوب المتابعة والولاء والطاعة.
7- أي أدرك زيادة بهجة وقبول إسلامه، لأنه لا يقبل إسلام امرىء ولا تقبل أعماله إلّا بولايتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- «لعل المراد بها العقول التي هي مواد معرفته» المازندراني ٢٨٥/٥.
9- أي أسرار الطريقة النبوية وأحكام الشريعة الإسلامية.
10- «أي الأمور الباطلة التي شبهتها (أي الفتن) بالحقّ وصورتها بصورته وجعلتها مشكلة في نظر ذوي البصائر» المازندراني ٢٨٩/٥.
11- أي تستضيء.
12- التلاد : المال القديم ويقابله : طارف.

للظلام، ومفاتيح للكلام، ودعائم للإسلام جرت بذلك فيهم مقادير اللّه على محتومها.

فالإمام هو المنتجب المرتضى، والهادي المنتجى (1)، والقائم المرتجى، اصطفاه اللّه بذلك واصطنعه على عينه في الذرّ (2) حين ذرأه، وفي البرية حين برأه، ظلا قبل خلق نسمة عن يمين عرشه محبواً بالحكمة في علم الغيب عنده اختاره بعلمه، وانتجبه لطهره، بقية من أدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وخيرة من ذرية نوح، ومصطفى من آل إبراهيم، وسلالة من إسماعيل، وصفوة من عترة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يزل مرعيّاً بعين اللّه يحفظه ويكلؤه بستره، مطروداً عنه حبائل إبليس وجنوده، مدفوعاً عنه وقوب الغواسق (3) ونفوث كلّ فاسق (4)، مصروفاً عنه قوارف السوء، مبرءاً من العاهات محجوباً عن الآفات معصوماً من الزلات مصوناً عن الفواحش كلّها، معروفاً بالحلم والبرّ في يفاعه (5)، منسوباً إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه، مسنداً إليه أمر والده (6)، صامتاً عن المنطق في حياته (7).

فإذا انقضت مدة والده إلى أن انتهت به مقادير اللّه إلى مشيئته، وجاءت الإرادة من اللّه فيه إلى محبته، وبلغ منتهى مدَّة والده (عَلَيهِ السَّلَامُ) فمضى وصار أمر اللّه إليه من بعده، وقلّده دينه، وجعله الحجّة على عباده، وقيمه في بلاده وأيده بروحه وآتاه علمه، ونصبه علماً لخلقه وجعله حجّة على أهل عالمه، وضياء لأهل دينه، والقيم على عباده، رضي اللّه به إماماً لهم، استودعه سره واستحفظه علمه واستخبأه حكمته (8) واسترعاه لدينه وانتدبه لعظيم أمره، وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تحيّر أهل الجهل، وتحيير أهل الجدل بالنور الساطع، والشفاء النافع، بالحقّ الأبلج، والبيان اللائح من كلّ مخرج، على طريق المنهج، الّذي مضى عليه الصادقون من آب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فليس يجهل حقَّ هذا العالم إلّا شقي، ولا يجحده إلّا غوي، ولا يصدُّ عنه إلّا جري على اللّه جل وعلا.

ص: 261


1- أي المخصوص بالنجوى وموضع السر.
2- إشارة إلى مرحلة الخلق في عالم الذرّ.
3- الوقوب حلول الظلام والغواسق جمع الغاسق وهو الليل المظلم الّذي يغطي على الأشياء، وأراد هنا أن اللّه سبحانه حفظه من كلّ باطل، ووجه الاستعارة أن الباطل يغطي على الحقّ كما يغطي الظلام على كلّ شيء.
4- «إنساناً كان أو شيطاناً، والنفث بالفم شبيه بالنفخ، والمراد به هنا ما يُلقى إلى أحد من القول الخفي لإضلاله»المازندراني ٢٩٥/٥.
5- أي في أوائل سني حياته ما لم يحتلم.
6- أي الإمامة.
7- إذ لا يجوز أن يجتمع إمامان في زمان واحد إلّا وأحدهما قائم بالأمر دون الآخر. فالصمت عدم التصدي.
8- أي أودعها عنده وأمره بعدم كشفها.

72 - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ولاة الأمر وهم النّاس المحسودون الّذين ذكرهم اللّه عز وجل

١ - الحسين بن محمّد بن عامر الأشعريّ عن معلىّ بن محمّد قال : حدَّثني الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ عن ابن أذينة، عن بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (1) فكان جوابه : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا) (2) يقولون لأئمة الضلالة والدُّعاة إلى النار : هؤلاء أهدى من آل محمّد سبيلا (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا * أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ - يعني الإمامة والخلافة _ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا) (3) نحن النّاس الّذين عنى اللّه، والنقير النقطة التي في وسط النواة (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) (4) نحن النّاس المحسودون على ما آتانا اللّه من الإمامة دون خلق اللّه أجمعين (فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا) (5) يقول : جعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمّة، فكيف يقرون به في آل إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وينكرونه في آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) (6).

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تبارك وتعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) قال: نحن المحسودون.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي، عن محمّد الأحول عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ):

ص: 262


1- النساء/ ٥٩.
2- النساء/ ٥١ - ٥٦ والجبت اسم صنم، وقد أريد به كلّ ما عبد من دون اللّه سبحانه. والطاغوت هو الشيطان. وقد كان السؤال عن معنى أولي الأمر في الآية الكريمة فأجاب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بإيراد آيات أخرى مع شرح لبعض فقراتها ليفهم السائل المراد بأولي الأمر وأنهم أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، إذ أن الآيات التي ذكرها (عَلَيهِ السَّلَامُ) نصت على أن اللّه سبحانه قد أتى آل خليله إبراهيم الحكم والنبوّة وعليه فلم استبعاد واستهجان أن يؤتي سبحانه آل حبيبه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الإمامة والولاية؟
3- النساء/ ٥١ - ٥٦ والجبت اسم صنم، وقد أريد به كلّ ما عبد من دون اللّه سبحانه. والطاغوت هو الشيطان. وقد كان السؤال عن معنى أولي الأمر في الآية الكريمة فأجاب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بإيراد آيات أخرى مع شرح لبعض فقراتها ليفهم السائل المراد بأولي الأمر وأنهم أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، إذ أن الآيات التي ذكرها (عَلَيهِ السَّلَامُ) نصت على أن اللّه سبحانه قد أتى آل خليله إبراهيم الحكم والنبوّة وعليه فلم استبعاد واستهجان أن يؤتي سبحانه آل حبيبه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الإمامة والولاية؟
4- النساء/ ٥١ - ٥٦ والجبت اسم صنم، وقد أريد به كلّ ما عبد من دون اللّه سبحانه. والطاغوت هو الشيطان. وقد كان السؤال عن معنى أولي الأمر في الآية الكريمة فأجاب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بإيراد آيات أخرى مع شرح لبعض فقراتها ليفهم السائل المراد بأولي الأمر وأنهم أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، إذ أن الآيات التي ذكرها (عَلَيهِ السَّلَامُ) نصت على أن اللّه سبحانه قد أتى آل خليله إبراهيم الحكم والنبوّة وعليه فلم استبعاد واستهجان أن يؤتي سبحانه آل حبيبه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الإمامة والولاية؟
5- النساء/ ٥١ - ٥٦ والجبت اسم صنم، وقد أريد به كلّ ما عبد من دون اللّه سبحانه. والطاغوت هو الشيطان. وقد كان السؤال عن معنى أولي الأمر في الآية الكريمة فأجاب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بإيراد آيات أخرى مع شرح لبعض فقراتها ليفهم السائل المراد بأولي الأمر وأنهم أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، إذ أن الآيات التي ذكرها (عَلَيهِ السَّلَامُ) نصت على أن اللّه سبحانه قد أتى آل خليله إبراهيم الحكم والنبوّة وعليه فلم استبعاد واستهجان أن يؤتي سبحانه آل حبيبه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الإمامة والولاية؟
6- النساء/ ٥١ - ٥٦ والجبت اسم صنم، وقد أريد به كلّ ما عبد من دون اللّه سبحانه. والطاغوت هو الشيطان. وقد كان السؤال عن معنى أولي الأمر في الآية الكريمة فأجاب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بإيراد آيات أخرى مع شرح لبعض فقراتها ليفهم السائل المراد بأولي الأمر وأنهم أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، إذ أن الآيات التي ذكرها (عَلَيهِ السَّلَامُ) نصت على أن اللّه سبحانه قد أتى آل خليله إبراهيم الحكم والنبوّة وعليه فلم استبعاد واستهجان أن يؤتي سبحانه آل حبيبه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الإمامة والولاية؟

قول اللّه عزّ وجلّ: (فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ) ؟ فقال : النبوّة، قلت: «الحكمة»؟ قال: الفهم والقضاء، قلت (وآتيناهم ملكاً عظيماً) ؟ فقال : الطاعة(1).

٤ _ الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن الوشّاء عن حماد بن عثمان، عن أبي الصباح (2) قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) فقال : يا أبا الصباح نحن واللّه النّاس المحسودون.

٥ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تبارك وتعالى : (فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا) قال : جعل منهم الرُّسل والأنبياء والأئمّة فكيف يقرون في آل إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وينكرونه في آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟! قال : قلت : (وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا) ؟ قال : الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة؛ من أطاعهم أطاع اللّه، ومن عصاهم عصاهم عصى اللّه، فهو الملك العظيم.

73 - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم العلامات التي ذكرها اللّه عزّ وجلّ في كتابه

1 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن محمّد، عن أبي داود المسترق قال: حدَّثنا داود الجصاص قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : (وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (3) قال : النجم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والعلامات هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

2 _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن أسباط بن سالم قال: سأل الهيثم (4) أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنا عنده عن قول اللّه عزّ وجلّ (وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) فقال : رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) النجم والعلامات هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

3 _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء قال : سألت الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن

ص: 263


1- أي لزوم طاعتهم ومتابعتهم.
2- هو الكناني واسمه إبراهيم بن نعيم العبدي.
3- النحل / ١٦.
4- الظاهر أنّه الهيثم بن واقد الجزري وهو ثقة.

قول اللّه تعالى : (وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) قال (1): نحن العلامات والنجم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

٧٤ - باب أن الآيات التي ذكرها اللّه عزّ وجلّ في كتابه هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

١ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، عن أحمد بن هلال، عن أمية بن عليّ، عن داود الرقّي قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تبارك وتعالى : (وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ (2) قال : الآيات هم الأئمّة، والنذر هم الأنبياء (عَلَيهِ السَّلَامُ).

2 _ أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن موسى بن محمّد العجلي، عن يونس بن يعقوب رفعه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: ﴿ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا) (3) يعني الأوصياء كلهم.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أبي عمير، أو غيره، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : جعلت فداك إنّ الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية : (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) (4) قال : ذلك إليَّ إن شئت أخبرتهم وإن شئت لم أخبرهم (5)، ثمَّ قال : لكنّي أخبرك بتفسيرها، قلت: «عم يتساءلون»؟ قال : فقال : هي في أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول : ما اللّه عزّ وجلّ آيةً هي أكبر مني ولا اللّه من نبأ أعظم مني.

ص: 264


1- «إطلاق النجم على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في هذه الروايات وإطلاق العلامات على الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يقرب أن يكون من باب الحقيقة، لأن النجم في الأصل الظاهر والطالع والأصل، والنجوم الظهور والطلوع، وهو (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ظاهر من مطلع الحقّ وطالع من أفق الرحمة وأصل لوجود الكائنات أخرجه اللّه تعالى من نوره... والعلّامة ما يعرف به الشيء... والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) علامات للطرق الإلهية والقوانين الشرعية... وضعهم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بأمر اللّه تعالى لئلا يضل النّاس بعده... الخ» المازندراني ٣٠٩/٥ – ٣١٠.
2- يونس/ ١٠١.
3- القمر / ٤٢.
4- النبأ / ١ - ٢.
5- هذا يظهر منه عدم وجوب الجواب من قبلهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أية مسئلة توجه إليهم، بل هم مخيرون في الجواب وعدمه حسب ما يرونه من المصلحة وسوف يمر معنا من الروايات ما يدل على ذلك.

٧٥ - باب ما فرض اللّه عزّ وجلّ ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الكون مع الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية العجلي قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (1) قال : إيانا عنّي.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: يا أيّها الّذين آمنوا اتقوا اللّه وكونوا مع الصادقين قال : الصادقون هم الأئمّة والصدّيقون (2) بطاعتهم.

٣ - أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الحميد عن منصور بن يونس، عن سعد بن طريف عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من أحبّ أن يحيا حياة تشبه حياة الأنبياء، ويموت ميتة تشبه ميتة الشهداء، ويسكن الجنان التي غرسها (3) الرّحمن فليتولَّ عليّاً وليوال وليه (4) وليقتد بالأئمّة من بعده، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي، اللّهمّ ارزقهم فهمي وعلمي، وويل للمخالفين لهم من أمتي، اللّهمّ لا تنلهم شفاعتي (5).

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن النضر بن شعيب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إنّ اللّه تبارك وتعالى يقول : استكمال (6) حجّتي على الأشقياء من أنّتك : من ترك ولاية علي ووالى أعداءه، وأنكر فضله وفضل الأوصياء من بعده، فإنّ فضلك فضلهم، وطاعتك طاعتهم، وحقك حقهم، ومعصيتك معصيتهم وهم الأئمّة الهداة من بعدك جرى فيهم روحك وروحك ما جرى فيك من ربك، وهم عترتك من طينتك ولحمك ودمك، وقد أجرى اللّه عزّ وجلّ فيهم

ص: 265


1- التوبة / 119.
2- وهم الّذين يطابق فعلهم قولهم، بحيث يؤمنون بولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ويتابعونهم في سلوكهم وسيرتهم.
3- أي أنشأها وأوجدها بكلمة (كن).
4- أي ينصره ويحبه.
5- أراد أن لا يشملهم اللّه بقبول شفاعته يوم يطلبها منه سبحانه في الآخرة لمجمل الأمة بل يخصها بمن والى أهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) دون من خالفهم.
6- يفهم من هذا أن من والى أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) حتّى ولو كان من الأشقياء في الدنيا فإن لديه أملاً بسبب تلك الموالاة أن يكتب مع السعداء بشفاعتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وله طريق إلى دفع العقوبة عنه والاحتجاج عليه.

سنّتك وسنّة الأنبياء قبلك، وهم خزّاني على علمي من بعدك، حق علي لقد اصطفيتهم وانتجبتهم وأخلصتهم وارتضيتهم، ونجا من أحبهم ووالاهم وسلّم لفضلهم، ولقد آت_اني جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأسمائهم وأسماء آبائهم وأحبائهم والمسلمين لفضلهم.

٥ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيّوب : عن أبي المغرا(1)، عن محمّد بن سالم، عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من أراد أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي ويدخل جنّة عدن التي غرسها اللّه ربّي بيده (2)، فليتول عليّ بن أبي طالب وليتول وليه، وليعاد عدوّه، وليسلّم للأوصياء من بعده، فإنّهم عترتي من لحمي ودمي، أعطاهم اللّه فهمي وعلمي، إلى اللّه أشكو [ أمر] أمتي، المنكرين لفضلهم القاطعين فيهم صلتي، وأيم اللّه ليقتلنّ ابني (3) لا أنالهم اللّه شفاعتي.

٦ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد القاسم، عن عبد اللّه بن القهار، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من سره أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل الجنّة التي وعدنيها ربي، ويتمسك بقضيب غرسه ربّي بيده فليتول عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأوصياءه من بعده، فإنهم لا يدخلونكم في باب ضلال، ولا يخرجونكم من باب هدى فلا تعلموهم فإنّهم أعلم منكم، وإني سألت ربي ألا يفرق بينهم وبين الكتاب (4) حتّى يردا عليَّ الحوض هكذا - وضم بين أصبعيه _ وعرضه ما بين صنعاء إلى أيله فيه قُدْحان فضّة وذهب عدد النجوم (5).

7 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور عن فضالة بن أيّوب عن الحسن بن زياد عن الفضيل بن يسار قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال رسول اللّه : «وإنّ الرَّوح (6) والراحة والفلج (7) والعون والنجاح والبركة والكرامة والمغفرة والمعافاة واليسر

ص: 266


1- هو إما حميد بن المثنى الصيرفي، أو الخصّاف.
2- أي بقوته وقدرته.
3- المقصود بابنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذا يدل على أن ابن البنت ابن أيضاً.
4- هذا كقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في حديث الغدير عن الكتاب أي القرآن والعترة: «لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض» وعدم الافتراق كناية عن التلازم بينهما في القول والعمل.
5- «الظاهر حمل هذا العدد على ظاهره إذ لا مانع شرعاً ولا عقلاً يمنع منه. ويحتمل حمله على إفادة الكثرة...» المازندراني ٣١٧/٥.
6- الروح رحمة اللّه والراحة والفرح والسرور أو نسيم ريح الجنة.
7- الظفر والفوز بالمطلوب. وفي بعض النسخ (الفلح) و (الفلاح).

والبشرى والرضوان والقرب والنصر والتمكن والرَّجاء والمحبّة من اللّه عزّ وجلّ لمن تولّى عليّاً وائتم به، وبرىء من عدوّه، وسلّم لفضله وللأوصياء من بعده، حقاً علي أن أدخلهم في شفاعتي، وحقٌّ على ربّي تبارك وتعالى أن يستجيب لي فيهم فإنهم أتباعي ومن تبعني فإنّه مني» (1).

٧٦ - باب أن أهل الذكر الّذين أمر اللّه الخَلْقَ بسؤالهم هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن عجلان عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (2) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : الذكر أنا والأئمّة أهل الذكر، وقولهِ (3) عزّ وجلّ: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) (4) قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نحن قومه ونحن المسؤولون.

٢ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن أورمة، عن عليّ بن حسّان، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) قال : الذكر محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ونحن أهله المسؤولون، قال : قلت : قوله : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) قال : إيَّانا عنى ونحن أهل الذكر ونحن المسؤولون.

3 _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء قال : سألت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : جعلت فداك (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ؟ فقال : نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون قلت: فأنتم المسؤولون ونحن السائلون؟ قال : نعم قلت: حقاً علينا أن نسألكم؟ قال: نعم، قلت حقاً عليكم أن تجيبونا؟ قال : (5) ذاك إلينا إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل أما تسمع قول اللّه تبارك وتعالى : (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (6).

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن

ص: 267


1- وهذا منه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كقول إبراهيم الخليل (عَلَيهِ السَّلَامُ) (...فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) إبراهيم / ٣٦.
2- النحل / ٤٣.
3- أي وفي قول اللّه عزّ وجلّ (وإنه...) قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- الزخرف/ ٤٤.
5- نبهنا في تعليقنا على رواية سابقة أن الخلق يجب عليهم أن يسألوا عما بدا لهم أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يجب عليهم أن يجيبوا بل مخيّرون فى الجواب وعدمه حسب ما يرونه من المصلحة. وهذه الرواية من ذاك.
6- ص / ٣٩.

سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ (وإنّه لذكر لك ولقومك وسوف تُسألون) فرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (1) الذكر وأهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) المسؤولون وهم أهل الذكر.

٥ - أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن حماد عن ربعي عن الفضيل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تبارك وتعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) قال : الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسؤولون.

٦ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن أبي بكر الحضرمي، قال : كنت عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال : جعلني اللّه فداك اخترت لك سبعين مسألة ما تحضرني منها مسألةً واحدةً، قال : ولا واحدة يا ورد؟ قال: بلى قد حضرني منها واحدةً، قال وما هي قال : قول اللّه تبارك وتعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) من هم؟ قال: نحن قال : قلت علينا أن نسألكم؟ قال : نعم :قلت عليكم أن تجيبونا؟ قال : ذاك إلينا.

7 - محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ من عندنا يزعمون أن قول اللّه عزّ وجلّ : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) أنهم اليهود والنصارى، قال: إذاً يدعونكم إلى دينهم (2) قال : - قال بيده إلى صدره (3) - نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون.

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : قال عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على الأئمّة من الفرض ما ليس على شيعتهم، وعلى شيعتنا ما ليس علينا أمرهم اللّه عزّ وجلّ أن يسألونا، قال : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب إن شئنا أجبنا وإن شئنا أمسكنا.

9 - أحمد بن محمّد، عن بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : كتبت إلى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) كتاباً

ص: 268


1- «المفهوم من هذه الآية أن القرآن ذكر ولذا فسره به في الخبر الآتي فلا بد أن يقدر (ذو). أو يقال : كون القرآن ذكراً يستلزم كون الرسول ذكراً لتحقق وجه التسمية فيه...» المازندراني ٣٢٢/٥.
2- «لأن قوله تعالى فاسألوا خطاب عام أمر اللّه كلّ من لم يعلم شيئاً من أصول الدّين وفروعه إلى يوم القيامة بالرجوع إلى أهل الذكر... فلو كان أهل الذكر هم اليهود والنصارى لزم أن يأمر اللّه سبحانه من لم يعلم من هذه الأمة أمراً من أمور دينه أن يرجع في تفسيره إلى من يردّه عن دينه ويدعوه إلى الدّين الباطل...» المازندراني ٣٢٣/٥.
3- «أي ضربه بها... أو أشار بها إليه» ن. م.

فكان في بعض ما كتبت : قال اللّه عزّ وجلّ : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وقال اللّه عزّ وجلّ: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (1) فقد فرضت عليهم المسألة، ولم يفرض عليكم الجواب (2)؟ قال : قال اللّه تبارك وتعالى : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ) (3).

77 - باب أن من وصفه اللّه تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري، عن سعد (4)، عن جابر(5)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (6) قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما نحن الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون عدونا، وشيعتنا أولو الألباب

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ : هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون إنّما يتذكر أولو الألباب قال : نحن الّذين يعلمون. وعدونا الّذين لا يعلمون. وشيعتنا أولو الألباب.

78 - باب أن الراسخين في العِلْم هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

١ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن

ص: 269


1- التوبة / ١٢٢.
2- «(ولم يفرض عليكم الجواب) استفهام استبعاد كأنه استفهم السر فيه، فأجابه الإمام بقول اللّه سبحانه. ولعل المراد أنّه لو كنا نجيبكم عن كلّ ما سألتم فربما يكون في بعض ذلك ما لا تستجيبونا فيه فتكونون من أهل هذه الآية، فالأولى بحالكم ألا نجيبكم إلّا فيما نعلم أنّکم تستجيبونا فيه» الوافي للفيض ج ٢ ص / ١٢٦.
3- القصص / ٥٠.
4- الأرجح أنّه ابن طريف الإسكاف.
5- هو ابن يزيد الجعفي.
6- الزمر / 9.

سويد، عن أيّوب بن الحرّ وعمران بن عليّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله(1).

2 - عليّ بن محمّد، عن عبد اللّه بن عليّ عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه بن حماد، عن بريد بن معاوية، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (2) فرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أفضل الراسخين في العلم، قد علّمه اللّه عزّ وجلّ جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان اللّه لينزل عليه شيئاً لم يعلمه تأويله، وأوصاؤه من بعده يعلمونه كلّه، والّذين لا يعلمون تأويله (3) إذا قال العالم (4) فيهم بعلم، فأجابهم اللّه بقوله : (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) (5) والقرآن خاص وعام، ومحكم ومتشابه، وناسخ ومنسوخ، فالراسخون في العلم يعلمونه.

٣ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن أورمة، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمّة من بعده (عَلَيهِ السَّلَامُ).

79 - باب أن الأئمّة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم

1 - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في هذه الآية : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (6) فأومأ بيده إلى صدره.

2 - عنه، عن محمّد بن عليّ عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ص: 270


1- «التأويل : صرف الكلام عن ظاهره إلى خلاف الظاهر... وهذا الكلام يسمى متشابهاً والراسخون في العلم هم الّذين ثبتوا فيه... الخ» المازندراني 32٦/٥.
2- آل عمران/ 7.
3- بقرينة ما بعده المقصود بهم الشيعة.
4- أي الراسخ في العلم الموجود في عصرهم وهو الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- آل عمران/ 7.
6- العنكبوت / ٤٩.

٣ _ وعنه، عن محمّد بن عليّ، عن عثمان بن عيسى عن سماعة، عن أبي بصير، قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في هذه الآية : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)... ثمَّ قال : أما واللّه يا أبا محمّد ما قال بين دفتي المصحف (1)؟ قلت: من هم جعلت فداك؟ قال : من عسى أن يكونوا غيرنا.

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد شعر (2)، عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) خاصّة.

٥ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل قال : سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال: هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) خاصّة.

80 - باب في أن مَن اصطفاه اللّه من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

١ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن عبد المؤمن(3)، عن سالم قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) (4) قال : السابق بالخيرات: الإمام والمقتصد : العارف للإمام، والظالم لنفسه: الّذي لا يعرف الإمام.

2 - الحسين، عن معلّى عن الوشّاء، عن عبد الكريم، عن سليمان بن، خالد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عن قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)، فقال : أيُّ شيء تقولون أنتم؟ قلت : نقول : إنّها في الفاطميين ؟ قال : ليس حيث تذهب، ليس يدخل

ص: 271


1- «(ما) نافية، يعني ما قال (بينات) أي واضحات بين دفتي المصحف لأنه خفي غير واضح بينهما بل قال : بينات في صدور الّذين الخ» المازندراني ٣٢٩/٥.
2- هو يزيد بن إسحاق.
3- هو ابن القاسم بن فهد الكوفيّ. وكنيته أبو عبد اللّه.
4- فاطر/ 32.

في هذا من أشار بسيفه ودعا النّاس إلى خلاف (1)، فقلت : فأَيُّ شيء الظالم لنفسه؟ قال : الجالس في بيته لا يعرف حق الإمام والمقتصد : العارف بحق الإمام، والسابق بالخيرات : الإمام.

٣ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن، عن أحمد بن عمر قال : سألت أبا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : ثمَّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا الآية، قال : فقال : ولد فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) (2) والسابق بالخيرات: الإمام، والمقتصد : العارف بالإمام، والظالم لنفسه الّذي لا يعرف الإمام.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد (3) قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) (4) قال : هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

81 - باب أن الأئمّة في كتاب اللّه إمامان : إمام يدعو إلى اللّه وإمام يدعو إلى النار

١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن غالب، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : لما نزلت هذه الآية : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) (5) قال المسلمون : يا رسول اللّه : ألستَ إمام النّاس كلّهم أجمعين؟ قال: فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أنا رسول اللّه إلى النّاس أجمعين، ولكن سيكون من بعدي أئمة على النّاس من اللّه من أهل بيتي، يقومون في النّاس فيكذَّبون، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم، فمن والاهم، واتبعهم وصدقهم فهو منّي (6) ومعي وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وكذَّبهم فليس مني ولا معي وأنا منه بريء.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، ومحمّد بن الحسين، عن محمّد بن يحيى،

ص: 272


1- أي «لو كانت في الفاطمين على الإطلاق لزم أن يدخل في هذا من أولاد فاطمة كلّ من أشار بسيفه ودعا النّاس إلى خلاف للحق واللازم باطل قطعا فالملزوم مثله» المازندراني.٣٤١/٥. وفي بعض النسخ: (إلى ضلال).
2- أي بعضهم وهم من دعوا النّاس إلى الدّين الحقّ كما أمرهم سبحانه.
3- واسمه حفص بن سالم وهو يطلق على حفص بن يونس.
4- البقرة/ ١٢١.
5- الإسراء / ٧١.
6- أي من حزبي وشيعتي في الدنيا والآخرة.

عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : إنَّ الأئمّة في كتاب اللّه عزّ وجلّ إمامان. قال اللّه تبارك وتعالى : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) (1) لا بأمر الناس. يقدّمون أمر اللّه قبل أمرهم، وحكم اللّه قبل حكمهم، قال : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّار) (2) يقدّمون أمرهم قبل أمر اللّه، وحكمهم قبل حكم اللّه، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب اللّه عزّ وجلّ.

82 - باب أن القرآن يهدي للإمام

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب قال : سألت أبا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله عزّ وجلّ: (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ (3) مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) (4) قال : إنّما عنى بذلك الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) بهم : عَقد اللّه عزّ وجلّ أيمانكم (5).

٢ - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد عن موسى بن أكيل النميري، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى («إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ (6) قال: يهدي إلى الإمام(7).

83 - باب أن النعمة التي ذكرها اللّه عزّ وجلّ في كتابه الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

١ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد عن بسطام بن مرة، عن إسحاق بن حسان، عن الهيثم بن واقد عن عليّ بن الحسين العبدي، عن سعد الأسكاف، عن

ص: 273


1- الأنبياء / ٧٣.
2- القصص / ٤١. ومعنى جعلناهم : أي تركناهم وسوء اختيارهم فاختاروا طريق جهنّم بعد أن بينا لهم طريق الجنة وأمرناهم باتباعها فعصوا امرنا فهم المسؤولون عما صاروا إليه.
3- أي ورثة يرثون ممّا ترك من أموال، وهم الوالدان الخ.
4- النساء / ٣٣.
5- أي ما أخذه عليكم من ميثاق وعهد بموالاتهم ومتابعتهم.
6- الإسراء/ 9 وأقوم : أي أعدل أو أفضل أو أقرب إلى الصواب والمعنى: أن هذا القرآن يهدي إلى السبيل التي هي أعدل وأكثر إفضاءاً إلى الحق.
7- «إذ هو أصل جميع الخيرات وأقوم من كلّ ما يتقرب به العبد إلى اللّه تعالى. والقرآن يهدي إليه في مواضع عديدة...» المازندراني ٣٣٥/٥.

الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما بال أقوام غيّروا سنّة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعدلوا عن وصيه؟ لا يتخوفون أن ينزل بهم العذاب، ثمَّ تلا هذه الآية: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جهنّم) (1)، ثمَّ قال : نحن النعمة (2) التي أنعم اللّه بها على عباده، وبنا يفوز من فاز يوم القيامة.

2 _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد رفعه في قول اللّه عزّ وجلّ : (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (3) : أبالنبيّ أم بالوصي تكذبان؟ نزلت في «الرحمن».

٣ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن عن الهثيم بن واقد عن أبي يوسف البزاز قال : تلا أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذه الآية : (فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ) (4) قال : أتدري ما آلاء اللّه ؟ قلت : لا، قال : أعظم نعم اللّه على خلقه هي وهي ولايتنا.

٤ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن أورمة، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه عزّ وجلّ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا) الآية، قال : عنى بها قريشاً قاطبة الّذين عادوا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ونصبوا له الحرب وجحدوا وصيّة وصيّه.

٨٤ - باب أن المتوسمين الّذين ذكرهم اللّه تعالى في كتابه هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) والسبيل فيهم مقیم

1 - أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن ابن أبي عمير قال : أخبرني أسباط (5) بياع الزطّيّ (6) قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسأله رجل عن قول اللّه عزّ

ص: 274


1- إبراهيم / 28.
2- وهل هنالك من نعمة أعظم من ولاية أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة المطهرون من الأرجاس والأنجاس، المؤدية ولايتهم إلى نيل شفاعتهم، والتي أكمل اللّه بها الدّين وأتم النعمة، وعليه فإطلاق النعمة على الإمام هو إطلاق حقيقي لا مجازي.
3- الرحمن / ١٦. وقد كرّرت مرَّات في هذه السورة.
4- الأعراف ٦٩. والآلاء : النعم واحدة الو.
5- هو ابن سالم الكوفيّ، وكنيته أبو علي.
6- «الزطي» نسبة إلى الزّط: جيل من النّاس وقيل : جيل من الهند تنسب إليهم الثياب الزّطيّة. كما في الصحاح والمغرب.

وجلّ : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ(1) * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) (2) قال: فقال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن يحيى بن إبراهيم قال : حدَّثني أسباط بن سالم قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدخل عليه رجل من أهل هيت (4) فقال له : أصلحك اللّه ما تقول في قول اللّه عزّ وجلّ: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ)؟ قال : نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد اللّه، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال : الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ؛ قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اتَّقوا (5) فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه عزّ وجلّ في قول اللّه تعالى : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ

٤ - محمّد بن يحيى عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عبيس بن هشام، عن عبد اللّه بن سليمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ). فقال : هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) قال: لا يخرج منا أبداً (6).

٥ ه - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن أسلم، عن إبراهيم بن أيّوب عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): المتوسم، وأنا من بعده والأئمّة من ذريتي المتوسمون.

وفي نسخة أخرى (7) عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن أسلم عن إبراهيم بن أيّوب بإسناده مثله.

ص: 275


1- «هذه الآية وقعت بعد قصة لوط (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال الطبرسي : أي فيما سبق ذكره من إهلاك قوم لوط الدلالات للمتفكرين المعتبرين، وقيل : المتفرسين والمتوسم : الناظر في السمة وهي العلّامة الخ...) مرآة المجلسيّ ٣ / ص/ ١.
2- الحجر / ٧٥-٧٦.
3- أي لا يتحول عنا، والمقصود به الإمامة.
4- هیت: اسم بلد على الفرات.
5- «واتقاء فراسته ترك القبيح خوفاً من أن يطلع عليه وإن كان غائباً» مرآة المجلسيّ ٣/٣.
6- أي سبيل الإمامة.
7- أي من الكافي. وقوله «وفي نسخة أخرى» «كلام الجامعين لنسخ الكافي، فإنهم أشاروا إلى اختلاف نسخ النعماني والصفواني وغيرهما من تلامذة الكلينيّ» مرآة المجلسيّ ٣/٣.

٨٥ - باب عَرْضُ الأعمال على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : تُعْرَضُ الأعمال على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أعمال العباد كلّ صباح أبرارها وفَجارِها (1) فاحذروها، وهو قول اللّه تعالى : (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) (2) وسكت (3).

٢ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : اعملوا فسيرى اللّه عملكم ورسوله والمؤمنون قال : هم الأئمّة.

عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال قال : سمعته يقول : مالكم تسؤون (4) رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟! فقال رجل : كيف نسوؤه؟ فقال : أما تعلمون أنَّ أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤا رسول اللّه وسرُّوه.

٤ _ علي (5)، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن (6) الزيات، عن عبد اللّه بن أبان الزيات وكان مكيناً (7) عند الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ادع اللّه لي ولأهل بيتي فقال : أَوَلَسْتُ أفعل ؟ واللّه إنَّ أعمالكم لتعرض عليّ في كلّ يوم وليلة ؛ قال : فاستعظمتُ ذلك (8)،

ص: 276


1- أبرار جمع بِر، وفجار جمع فاجر اسم للفجور والضمير فيهما يرجع إلى الأعمال.
2- التوبة / ١٠٥.
3- «لعلة سكت (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ذكر المؤمنين وتفسيره تقية أو إحالة على الظهور» مرآة المجلسيّ ٤/٣ أو يحمل سكوته (عَلَيهِ السَّلَامُ) على «أن الوقت كان يأبى عن ذكر عرض الأعمال على الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)» الوافي ج 128/2.
4- أي تحزنوه.
5- أي ابن إبراهيم الوارد في سند الرواية السابقة.
6- الظاهر أن (عن) هنا زائدة لأن الراوي الموجود بهذا الاسم في كتب الرجال هو القاسم بن محمّد الزيات، وبملاحظة من بعده وهو عبد اللّه بن إبان الزيات، حيث أورد الأردبيلي في جامع الرواة ٤٦٤/١ نفس هذه الرواية مع ذكر (القاسم بن محمّد الزيات) من دون إثبات كلمة عن بني محمّد والزيات فراجع.
7- أي كان ذا منزلة وحظوة عنده.
8- أي عددت قوله هذا عظيماً.

فقال لي : أما تقرأ كتاب اللّه عزّ وجلّ: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)؟ قال : هو (1) واللّه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

٥ - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن أبي عبد اللّه الصامت، عن يحيى بن مساور، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه ذكر هذه الآية : (فسيرى اللّه عملكم ورسوله والمؤمنون) قال : هو واللّه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٦ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الوشّاء : قال : سمعت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن الأعمال تعرض على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أبرارها وفجارها.

٨٦ _ باب أن الطريقة التي حثّ على الاستقامة عليها ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن موسى بن محمّد عن يونس بن يعقوب، عمّن ذكره، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) (3) قال : يعني لو استقاموا على ولاية عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين والأوصياء من ولده (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لأسقيناهم ماء غدقاً، يقول : لأشربنا قلوبهم الإيمان، والطريقة هي الإيمان بولاية علي والأوصياء.

٢ - الحسين بن عن معلىّ بن محمّد عن بن جمهور، عن فضالة بن أيّوب عن الحسين بن عثمان، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)عن قول اللّه عزّ وجلّ : (الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) (4) فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : استقاموا على الأئمّة واحد بعد واحد (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (5).

87 - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) معدن العلم وشجرة النبوّة ومُخْتَلَفُ الملائكة

1 - أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، محمّد بن عليّ عن غير واحد، عن غير واحد عن حماد بن عيسى، عن

ص: 277


1- أي قوله تعالى : والمؤمنون.
2- «إنما خصه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالذكر لأنه المصداق حين الخطاب أو لأنه الأصل والعمدة والفرد الأعظم» مرآة المجلسيّ ٦/٣.
3- الجن / ١٦. والغَدَقَ الماء الكثير وهو استعارة للتوسعة في الرزق وغيره. وقد استعمله الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) في هذه الرواية على نحو الاستعارة للعلم فكما أن الماء هو سبب لحياة كلّ حي فإن العلم هو سبب لحياة القلوب والأرواح.
4- فصلت/ 30.
5- فصلت/ 30.

ربعي بن عبد اللّه، عن أبي الجارود (1) قال : قال عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما ينقم النّاس منا (2)، فنحن واللّه شجرة النبوّة (3)، وبيت الرحمة، ومعدن العلم (4)، ومختلف الملائكة (5).

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى، عن بن عيسى، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة عن إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنا _ أهل البيت _ شجرة النبوّة، وموضع الرّسالة (6)، ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم.

٣ - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسين، عن عبد اللّه محمّد عن الخشّاب (7) بن قال : حدَّثنا بعض أصحابنا، عن خيثمة قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا خيثمة : نحن شجرة النبوّة، وبيت الرحمة ومفاتيح الحكمة (8)، ومعدن العلم، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وموضع سر اللّه (9)، ونحن وديعة اللّه في عباده، ونحن حَرَمُ اللّه الأكبر (10)، ونحن ذمّة اللّه (11)، ونحن عهد اللّه، فمن وفى بعهدنا فقد وفى بعهد اللّه، ومن خَفَرَها (12) فقد خَفَرَ ذمّة اللّه وعهده.

88 - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضاً العلم

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن

ص: 278


1- واسمه زياد بن المنذر.
2- أي ما يكرهونه ويعيبونه. والاستفهام إنكاري.
3- «شبّههم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالشجرة في كثرة المنافع والثمار والاستظلال بفيئهم من حرّ شر الأشرار» مرآة المجلسيّ 8/3.
4- أي منبته.
5- أي مكان غدوّهم ورواحهم ونزولهم وصعودهم.
6- «أي مخزن علوم الرسالة وأسرارها أو قبيلتهم محل نزول الرسالة أو نزلت في بيتهم الخ...» مرآة المجلس 9/3 .
7- واسمه الحسن بن موسى.
8- «إذ بهم تفتح خزائن علوم اللّه سبحانه وحكمه وتصل إلى الخلق» مرآة المجلسيّ ٩/٣.
9- «السر : ما يكتم عن غير الخواص، وهم موضع أسرار اللّه التي لا تقبلها عقول الخلق كغوامض علوم التوحيد والقضاء والقدر... الخ» ن. م.
10- «وهو ما يجب احترامه وعدم انتهاك حرمته» ن. م ص / ١٠.
11- أي أهل ذمته، وهي العهد.
12- أي حفظها ورعاها. وفي بعض النسخ (خفرهما) أي العهد والذمة.

سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان عالماً والعلم يتوارث، ولن يهلك عالم إلّا بقي من بعده من يعلم علمه، أو ما شاء اللّه (1).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة والفضيل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ العلم الّذي نزل مع آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يرفع(2)، والعلم يتوارث، وكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) عالم هذه الأمة، وإنّه لم يهلك منا عالم قط إلّا خلفه من أهله من علم مثل علمه، أو ما شاء اللّه.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن البرقي عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنَّ العلم يتوارث، ولا يموت عالم إلّا وترك من يعلم مثل علمه، أو ما شاء اللّه.

٤ - أبو علي الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) سنة ألف نبي من الأنبياء، وإنَّ العلم الّذي نزل مع آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يرفع، وما مات عالم فذهب علمه والعلم يتوارث.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبان قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ العلم الّذي نزل مع آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يرفع، وما مات عالم فذهب علمه.

٦ - محمّد، عن عن أحمد، عن عليّ بن النعمان رفعه عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يمصون الثماد (4) ويدعون النهر العظيم، قيل له : وما النهر العظيم؟ قال: رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والعلم الّذي أعطاه اللّه، إنَّ اللّه عزّ وجلّ جمع لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سنن النبيّين من آدم

ص: 279


1- أي من العلم.
2- أي بقي بين النّاس لأنه إنّما أنزله اللّه إليهم ليستقيموا على طريق اللّه، وهذه الغاية قائمة بعد آدم إلى آخر الدنيا.
3- أي فيه طريقة كلّ واحد منهم وصفاته. واختلاف التعابير في روايات هذا الباب حيث عبر في بعضها بأن في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) سنن جميع الأنبياء، وفي بعضها سنة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كلها وذلك لأنها كلها كناية عن معنى الكثرة. إضافة إلى أنّه لا مانع عقلاً وشرعاً أن تجتمع فيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) الصفات والخصائص الشخصية والنفسية التي توزعت فيهم جميعهم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
4- حكاية عن مخالفي أهل البيت والرّماد الماء القليل الّذي ليس له مادة، «وفيه تمثيل حيث شبه الخلق في تركهم العلم الكثير الصافي والأخذ بالعلم القليل الّذي لا مادة له» المازندراني ٣٤٧/٥. والأوّل عند أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وهلمَّ جرَّاً إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قيل له : وما تلك السنن ؟ قال : علم النبيّين بأسره، وإنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صيّر ذلك كله عند أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). فقال له رجل: يا ابن رسول اللّه فأمير المؤمنين أعلم أم بعض النبيّين ؟ فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اسمعوا ما يقول؟ إنَّ اللّه يفتح مسامع من يشاء، إنّي حدثته أنَّ اللّه جمع لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علم النبيّين وأنّه جمع ذلك كله عند أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهو يسألني أهو أعلم أم بعض النبيّين.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن، يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن العلم يتوارث، فلا يموت عالم إلّا ترك من يعلم مثل علمه، أو ما شاء اللّه.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ العلم الّذي نزل مع آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يرفع، وما مات عالم إلّا وقد ورث علمه إن الأرض لا تبقى بغير عالم (1).

89 - باب إن الأئمّة ورثوا علم النبيّ وجميع الأنبياء والأوصياء الّذين من قبلهم

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد العزيز بن المهتدي، عن عبد اللّه بن جندب أنّه كتب إليه الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما بعد، فإنَّ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان أمين اللّه في خلقه فلما قبض (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كنا أهل البيت ورثته، فنحن أمناء اللّه في أرضه (2)، عندنا علم البلايا والمنايا، وأنساب العرب، ومولد الإسلام (3)، وإنا لنعرف الرَّجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان، وحقيقة النفاق، وإن شيعتنا المكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، أخذ اللّه علينا وعليهم الميثاق، يردون موردنا ويدخلون مدخلنا، ليس على ملة الإسلام (4) غيرنا وغيرهم، نحن النجباء النجاة، ونحن أفراط الأنبياء(5) ونحن أبناء الأوصياء، ونحن المخصوصون في كتاب اللّه عزّ وجلّ، ونحن أولى النّاس بكتاب

ص: 280


1- المقصود بالعالم هنا وفيما تقدم من روايات هو المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ).
2- «أي على علومه وأحكامه ومعارفه» مرآة المجلسيّ ١٤/٣.
3- أي عندهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) علم مآل كلّ من يولد أهو إلى إيمان وإسلام أم إلى كفر.
4- أي الإيمان الّذي سنامه وقوامه الاعتقاد بولايتهم (عَلَيهِم السَّلَامُ).
5- الافراط : جمع فَرَط وهو المتقدم للماء. والفرط بالتسكين العلّامة التي يهتدي بها في الطريق والمعنى : نحن أولاد الأنبياء «أو مقدموهم في الورود على الحوض ودخول الجنة، أو هداتهم أو الهداة الّذين أخبر الأنبياء بهم» مرآة المجلسي ١٥/٣.

اللّه، ونحن أولى النّاس برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ونحن الّذين (شرع اللّه لنا دينه فقال في كتابه : شرع لكم (يا آل محمّد) من الدّين ما وصى به نوحاً (قد وصانا بما وصى به نوحاً) والّذي أوحينا إليك (يا محمّد) وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى (فقد علّمنا وبلغنا علم ما علمهم واستودعنا علمهم نحن ورثة أولي العزم من الرُّسل) أن أقيموا الدّين (يا آل محمّد) ولا تتفر قوافيه (وكونوا على جماعة) كبر على المشركين (من أشرك بولاية علي) ما تدعوهم إليه (من ولاية عل)ي اللّه يجتبي إليه من يشاء يا (محمّد) ويهدي إليه من ينيب) (1) من يجيبك إلى ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الرحمن بن - كثير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنَّ أوَّل وصيّ كان على وجه الأرض هبة الله(2) بن آدم، وما من نبي مضى إلّا وله وصي، وكان جميع الأنبياء مائة ألف نبي وعشرين ألف نبي، منهم خمسة أولو العزم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإنَّ عليّ بن أبي طالب كان هبة اللّه لمحمّد، وورث علم الأوصياء وعلم من كان قبله، أما إنَّ محمّداً ورث علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين.

على قائمة العرش مكتوب : حمزة أسد اللّه وأسد رسوله وسيد الشهداء، وفي ذؤابة العرش (3) علي أمير المؤمنين فهذه حجّتنا على من أنكر حقنا، وجحد ميراثنا، وما منعنا من الكلام وأمامنا اليقين (4)، فأيُّ حجّة تكون أبلغ من هذا.

٣ - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عبد اللّه بن القاسم، عن زرعة بن محمّد، عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ سليمان ورث داود(5)، وإنَّ محمّداً ورث سليمان، وإنا ورثنا محمّداً، وإنَّ عندنا علم التوراة والإنجيل والزبور، وتبيان ما في الألواح (6)، قال : قلت : إن هذا لهو العلم ؟ قال : ليس هذا هو العلم، إنَّ العلم الّذي يحدث يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة (7).

ص: 281


1- الشورى ١٣. وما بين قوسين هو تفسير من قبل الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- قيل بأنه شيث (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي أعلاه.
4- «أي ما يمنعنا من إظهار إمامتنا ولزوم حقنا وبيان فضلنا وإمامنا اليقين أي الموت أو العلم بأنه لا يصيبنا منهم (أي المخالفين ضرر على ذلك» مرآة المجلسيّ 17/3.
5- إشارة إلى الآية ١٦ من سورة النحل.
6- المراد بالألواح إما الكتب الثلاثة المتقدم ذكرها أو ألواح موسى كما صرح به في الرواية التالية.
7- «لعل المراد - والعلم عند اللّه - : أن العلم ليس ما يحصل بالسماع وقراءة الكتب وحفظها فإن ذلك تقليد وإنما العلم. ما يفيض من عند اللّه سبحاته على قلب المؤمن يوماً فيوماً وساعة فساعة، فينكشف به من الحقائق ما تطمئن به النفس وينشرح له الصدر ويتنور به القلب ويتحقق به العالم كأنه ينظر إليه ويشاهده» الوافي للفيض 129/2.

٤ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن شعيب الحداد، عن ضريس الكناسي قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعنده أبو بصير، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن داود ورث علم الأنبياء، وإنَّ سليمان ورث داود، وإنَّ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ورث سليمان، وإنّا ورثنا محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وإنَّ عندنا صحف إبراهيم وألواح موسى، فقال أبو بصير : إنَّ هذا لهو العلم (1) فقال : يا أبا محمّد ليس هذا هو العلم، إنّما العلم ما يحدث بالليل والنهار، يوماً بيوم وساعة بساعة.

٥ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : يا أبا محمّد : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ لم يعط الأنبياء شيئاً إلّا وقد أعطاه محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : وقد أعطى محمّداً جميع ما أعطى الأنبياء، وعندنا الصحف التي قال اللّه عزّ وجلّ : (صحف إبراهيم وموسى) (2) قلت : جعلت فداك هي الألواح ؟ قال : :قال : نعم.

٦ - محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه سأله عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) (3) ما الزبور وما الذكر ؟ قال : الذكر عند اللّه، والزبور الّذي أنزل على داود، وكلَّ كتاب نزل (4) فهو عند أهل العلم ونحن هم.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، أو غيره، عن محمّد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : جعلت فداك أخبرني عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ورث النبيّين كلّهم؟ قال: نعم، قلت من لدن آدم حتّى انتهى إلى نفسه؟ قال : ما بعث اللّه نبياً إلّا ومحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أعلم منه، قال : قلت : إنَّ عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن اللّه، قال : صدقت، وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير، وكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقدر على هذه المنازل، قال : فقال : إنَّ سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشاً

ص: 282


1- أي العلم الكامل.
2- الأعلى / 19.
3- الأنبياء / ١٠٥.
4- أي على أي نبي من أنبياء اللّه ورسله.

في أمره : (فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ) (1) حين فقده، فغضب عليه فقال :(لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) (2). وإنما غضب لأنه كان يدلّه على الماء، فهذا - وهو طائر - قد أعطي ما لم يعط سليمان، وقد كانت الريح والنمل والإنس والجن والشياطين [و] المردة له طائعين، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء، وكان الطير يعرفه وإن اللّه يقول في كتابه : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى) (3). وقد ورثنا نحن هذا القرآن الّذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان، وتحيى به الموتى، ونحن نعرف الماء تحت الهواء، وإن في كتاب اللّه لآيات ما يراد به أمر إلّا أن يأذن اللّه به مع ما قد يأذن اللّه ممّا كتبه الماضون، جعله اللّه لنا في أم الكتاب (4)، إن اللّه يقول : (وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (5). ثمَّ قال: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) (6). فنحن الّذين اصطفانا اللّه عزّ وجلّ وأورثنا هذا الّذي فيه تبيان كلّ شي (7).

90 - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند اللّه عزّ وجلّ وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها

١ - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن إبراهيم عن يونس، عن هشام بن الحكم في حديث بريه (8) أنّه لما جاء معه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فحكى له هشام الحكاية (9)، فلما فرغ قال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) البُرَيْه : يا بُرَيْه : كيف علمك بكتابك (10) ؟ قال : أنا به عالم، ثمَّ قال : كيف ثقتك بتأويله ؟ قال : ما أوثقني بعلمي فيه قال : فابتدأ أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقرأ الإنجيل (11) ؟ فقال بُرَيْه : إيّاك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك، قال: فآمن بُرَيْه وحسن إيمانه، وآمنت المرأة التي كانت معه.

فدخل هشام وبُرَيْه والمرأة على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فحكى له هشام الكلام الّذي جرى بين أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبين بُرَيْه، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ذرّيّة بعضها من بعض واللّه سميع

ص: 283


1- النمل/ ٢٠ - ٢١.
2- النمل/ ٢٠ - ٢١.
3- الرعد.
4- قيل هو اللوح المحفوظ كما ذهب إليه كثير من المفسرين. وقد فسّره (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالقرآن.
5- النمل / ٧٥.
6- فاطر/ ٣٢.
7- أي القرآن.
8- بُرَيْه : العبادي الحيري، والعباديون طائفة من نصارى الحيرة بالعراق. وقد أسلم بريه هذا على يد الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وورد في نسخة أخرى بريهة.
9- الظاهر أنّها حكاية كونه نصرانياً.
10- أي الإنجيل.
11- «لعل المراد قراءته مع تفسيره وتأويله بقرينه السياق» المازندراني ٣٥٨/٥.

عليم، فقال بُرَيْه : أنّى (1) لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء؟ قال : هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرؤوها، ونقولها كما قالوا إن اللّه لا يجعل حجّة في أرضه يُسأل عن شيء فيقول لا أدري.

2 - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن محمّد بن سنان عن مفضّل بن عمر قال : أتينا باب أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونحن نريد الإذن عليه فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهّمنا أنّه بالسريانية، ثمَّ بكى فبكينا لبكائه، ثمَّ خرج إلينا الغلام فأذن لنا فدخلنا عليه فقلت : أصلحك اللّه أتيناك نريد الإذن عليك فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنّه بالسريانية ثمَّ بكيت فبكينا لبكائك، فقال : نعم ذكرت إلياس النبيّ وكان من عباد أنبياء بني إسرائيل، فقلت كما كان يقول في سجوده، ثمَّ اندفع فيه بالسريانية(2) فلا واللّه ما رأينا قساً ولا جاثليقاً أفصح لهجة منه به، ثمَّ فسّره لنا بالعربية، فقال : كان يقول في سجوده : أتراك معذبي وقد أظمأن لك هواجري (3)، أتراك معذبي وقد عفّرت لك في التراب وجهي، أتراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي، أتراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي».

قال : فأوحى اللّه إليه أن أرفع رأسك فإنّي غير معذبك، قال : فقال : إن قلت : لا أعذبك ثمَّ عذبتني ماذا(4)؟ ألست عبدك وأنت ربي ؟ [قال]: فأوحى اللّه إليه أن أرفع رأسك، فإنّي غير معذبك، إني إذا وعدت وعداً وفيت به.

91 - باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وأنهم يعلمون علمه كلَّه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما ادّعى أحد من النّاس أنّه جمع القرآن كله (5) كما أنزل إلّا كذاب وما جمعه وحفظه كما نزله اللّه تعالى إلّا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأئمّة من بعده (عَلَيهِ السَّلَامُ).

2 - محمّد بن الحسين عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن

ص: 284


1- أي من أين لكم.
2- أي ابتدأ الإمام في ذكر سجود الياس (عَلَيهِ السَّلَامُ) باللغة السريانية.
3- الهواجر : جمع الهاجرة وهي - كما في القاموس - نصف النهار عند زوال الشمس، أو من عند زوالها إلى العصر «لأن النّاس يسكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا من شدة الحر» مرآة المجلسيّ 29/3 وقد كنى به هنا «عن صومه في الحر الشديد» المازندراني ٣٦٠/٥.
4- «أي أي شيء يكون ينافي عدلك» مرآة المجلسيّ ٣٠/٣.
5- «المراد بجمعه جمعه المباني والمعاني الأولية والثانوية فصاعداً» المازندراني ٣٦٠/٥.

مروان عن المُنخل (1)، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره (2) وباطنه (3) غير الأوصياء.

3 _ عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن القاسم بن الربيع عن عبيد بن عبد اللّه بن أبي هاشم الصيرفي، عن عمرو بن مصعب عن سلمة بن محرز، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ من (4) علم ما أوتينا تفسير القرآن وأحكامه، وعلم تغيير الزمان(5) وحدثانه (6)، إذا أراد اللّه بقوم خيراً أسمعهم (7)ولو أسمع من لم يسمع لولى معرضاً كأن لم يسمع، ثمَّ أمسك (8) هنيئة، ثمَّ قال : ولو وجدنا أوعية (9) أو مستراحاً (10) لقلنا واللّه المستعان.

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه المؤمن، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : واللّه إني لأعلم كتاب اللّه من أوله إلى آخره كأنه في كفّي فيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن، قال اللّه عزّ وجلّ : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) (11).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الخشاب، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) (12) قال : ففرّج أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بين أصابعه فوضعها في صدره، ثمَّ قال : وعندنا واللّه علم الكتاب كلّه.

ص: 285


1- يحتمل انطباقه على ابن جميل الأسدي بياع الجواري كما يحتمل انطباقه على المنخل بن جميل الرقي. وقد ذهب الإمام الخوئي إلى أنهما متحدان فراجع معجم رجال الحديث ١٨ / ٣٢٩ - ٣٣١.
2- أي ألفاظه أو ما في المصاحف.
3- أي معانيه.
4- من هنا تبعيضية.
5- أي تغيره من حال إلى حال.
6- أي ابتداؤه وأوله. وقد يراد به حوادث الزمان ونوائبه ومصائبه.
7- أي إذا علم اللّه بقوم أنّه يؤول أمرهم إلى خير لطف بهم فجعلهم يفقهون ويفهمون ويعتبرون.
8- أي سكت لحظة (عَلَيهِ السَّلَامُ).
9- «أي قلوباً كاتمة للأسرار حافظة لها» مرآة المجلسيّ ٣٢/٣.
10- «لعل المراد هنا (بالمستراح) القلب الخالي عن الشواغل المانعة من إدراك الحقّ وقبوله وحفظه» المازندراني ٣٦٢/٥.
11- النحل / 89.
12- النمل / ٤٠ و الّذي قال ذلك هو آصف بن برخيا قيل إنّه كان وزير سليمان (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقيل هو الخضر أو جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو ملك من الملائكة كان مع سليمان (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عمّن ذكره جميعاً عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) (1) ؟ قال : إِيَّانا عنى، وعلي أولينا وأفضلنا وخيرنا بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

92 - باب ما أغطي الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من اسم اللّه الأعظم

1 - محمّد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن محمّد بن الفضيل قال : أخبرني شريس الوابشي، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اسم اللّه الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً (2) وإنما كان عند أصف منها حرف واحد فتكلّم به فخُسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتّى تناول السرير بيده، ثمَّ عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين، ونحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفاً، وحرف واحد عند اللّه تعالى استأثر (3) به في علم الغيب عنده، ولا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد عن زكريا بن عمران القميّ، عن هارون بن الجهم عن رجل من أصحاب أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم أحفظ اسمه قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أعطي حرفين كان يعمل بهما، وأعطي موسى أربعة أحرف وأعطي إبراهيم ثمانية أحرف وأعطي نوح خمسة عشر حرفاً، وأعطي آدم خمسة وعشرين حرفاً، وإن اللّه تعالى جمع ذلك كله لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وإن اسم اللّه الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، أعطى محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اثنين وسبعين حرفاً وحُجِبَ عنه حرف واحد.

3 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّهف عن عليّ بن محمّد النوفليّ، عن أبي الحسن صاحب العسكر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : اسم اللّه الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، كان عند آصف حرف فتكلّم به فانخرقت له الأرض فيما

ص: 286


1- الرعد / ٤٣.
2- «أي كلمة فإنه يطلق على واحد من حروف التهجي وعلى الكلمة، وعلى الكلام المختصر. وقيل : أي وجهاً كقوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ) الحج / 11» مرآة المجلسيّ ٣٥/٣.
3- أي استبد وتفرد.
4- أي لا يقع من هذه الأمور أو غيرها إلّا بإرادة اللّه وقدرته سبحانه.

بينه وبين سبا (1)، فتناول عرش بلقيس حتّى صيره إلى سليمان، ثمَّ انبسطت الأرض في أقل من طرفة عين، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفاً، وحرف عند اللّه مستأثر به في علم الغيب(2).

93 - باب

ما عند الأئمّة من آيات الأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ)

1 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد اللّه بن محمّد عن منيع بن الحجاج البصريّ، عن مجاشع عن معلّى عن محمّد بن الفيض، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كانت عصا موسى لآدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فصارت إلى شعيب، ثمَّ صارت إلى موسى بن عمران، وإنها لعندنا وإن عهدي بها آنفاً (3)، وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها، وإنّها لتنطق إذا استنطقت، أعدت لقائمنا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يصنع بها ما كان يصنع موسى وإنها لتروّع وتلقف ما يأفكون(4) وتصنع ما تؤمر به، إنّها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون، يفتح لها شعبتان(5): إحداهما في الأرض والأخرى في السقف (6)، وبينهما أربعون ذراعاً تلقف ما يأفكون بلسانها.

2 - أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر البغدادي، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : ألواح موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) عندنا، وعصا موسى عندنا ونحن ورثة النبيّين.

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن موسى بن سعدان، عن عبد اللّه بن القاسم، عن أبي سعيد الخراساني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن القائم إذا قام بمكّة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه : ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر (7) بعير، فلا ينزل منزلاً إلّا انبعث عين منه، فمن كان جائعاً شبع ومن كان ظامئاً روّى، فهو زادهم حتّى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة.

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن أبي الحسن

ص: 287


1- أي مملكة سبأ، أو مدينة سبأ حيث كان عرش بلقيس.
2- أي بقي في جملة الغيوب التي لم يطلع سبحانه عليها أحداً من خلقه.
3- أي منذ وقت قريب.
4- أي تأخذ بسرعة ما يفتريه الظالمون من حيل وعدد وآلات وأباطيل ليصدوا بها النّاس عن الحقّ وتبتلعه.
5- الظاهر أن المراد بالشعبة الفك، فلها فكان أعلى وأسفل.
6- قد يراد بالسقف السماء، لإطلاقه عليها في القرآن وقد يراد به جهة العلو پ.
7- الوقر، الحمل الثقيل.

الأسدي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: خرج أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذات ليلة بعد عتمة (1) وهو يقول همهمة (2) همهمة وليلة مظلمة، خرج عليكم الإمام عليه قميص آدم وفي يده خاتم سليمان، وعصا موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٥ - محمّد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج (3) عن بشر بن جعفر، عن مفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : أتدري ما كان قميص يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ قال : قلت : لا، قال : إن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما أوقدت له النار أتاه جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بثوب من ثياب الجنّة فألبسه إياه، فلم يضره معه حرّ ولا برد، فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة (4) وعلّقه على إسحاق، وعلّقه إسحاق على يعقوب، فلما ولد يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) علقه عليه، فكان في عضده حتّى كان من أمره ما كان، فلما أخرجه يوسف بمصر من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو قوله (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ)(5). فهو ذلك القميص الّذي أنزله اللّه من الجنّة قلت: جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص ؟ قال : إلى أهله (6)، ثمَّ قال : كلّ نبي ورث علماً أو غيره فقد انتهى إلى آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

٩٤ - باب ما عند الأئمّة من سلاح رسول اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومتاعه

١ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب عن سعيد السمّان قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ دخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له : أفيكم إمام مفترض الطاعة ؟ قال : فقال : لا (7) قال : فقالا له : قد أخبرنا عنك الثقاة أنك تفتي وتقر وتقول به (8) ونسمّيهم (9) لك، فلان وفلان، وهم أصحاب ورع وتشمير (10)

ص: 288


1- العَتَمَة : ثلث الليل الأول.
2- الهَمْهَمَة : الصوت الخفي بحيث لا يظهر جوهره ولا يفهم معناه.
3- واسمه عبد اللّه بن عثمان بن عمرو الفزاري.
4- التميمة : المعاذة، سميت بذلك لأنها بها يتم أمر الصبي جمع تمائم وتميمات، وهي العودة.
5- يوسف / ٩٤. وقنده نسبه إلى الفند وهو ضعف العقل والثقل.
6- بقرينة ما بعده، المراد بأهله أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
7- «قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذلك تقية، ولعله أراد :تورية ليس فينا إمام لا بد له من الخروج بالسيف بزعمكم» مرآة المجلسيّ ٤١/٣.
8- أي بأن فيكم إماماً مفترض الطاعة.
9- أي الثقاة الّذين زعم أنهم أخبروه عن ذلك.
10- إما أنهم السريعون في أي أمر ومنه أمر أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، أو أنّه كناية عن اجتهادهم ومبالغتهم في العبادة.

وهم ممّن لا يكذب فغضب أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : ما أمرتهم بهذا (1)، فلما رأيا الغضب في وجهه خرجا.

فقال لي : أتعرف هذين؟ قلت : نعم هما من أهل سوقنا وهما من الزيدية، وهما يزعمان أنَّ سيف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عند عبد اللّه بن الحسن فقال كذبا لعنهما اللّه واللّه ما رآه عبد اللّه بن الحسن بعينيه ولا بواحدة من عينيه ولا رآه أبوه اللّهمّ إلّا أن يكون رآه (2) عند عليّ بن الحسين، فإن كانا صادقين فما علامة في مقبضه (3)؟ وما أثر في موضع مضربه (4).

وإنّ عندي لسيف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وإن عندي لراية رسول اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ودرعه ولامته ومغفره (5)، فإن كانا صادقين فما علامة في درع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ وإن عندي لراية رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المغلبة (6)، وإنّ عندي ألواح موسى وعصاه، وإنّ عندي لخاتم سليمان بن داود، وإنّ عندي الطست الّذي كان موسى يقرّب به القربان، وإنّ عندي الاسم الّذي كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذا وضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشّابة(7)، وإن عندي لمثل الّذي جاءت به الملائكة (8).

ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل، كانت بنو إسرائيل في أي أهل بيت وجد التابوت على أبوابهم أوتوا النبوّة، ومن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة، ولقد لبس أبي درع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فخطت على الأرض خطيطاً، ولبستها أنا فكانت وكانت (9) وقائمنا مَنْ إذا لبسها ملأها إن شاء اللّه.

2 - الحسين بن محمّد الأشعريّ عن معلىّ بن محمّد عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حماد بن عثمان، عن عبد الأعلىّ بن أعين قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : عندي

ص: 289


1- «فيه تورية لأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان أمرهم بالتقية ولم يأمرهم بالإذاعة عند المخالفين» مرآة المجلسيّ ٤١/٣.
2- أي أحدهما الابن أو الأب.
3- أي المكان الّذي يقبض باليد منه.
4- أي المكان الّذي يضرب به منه.
5- المغفر : البيضة التي توضع على الرأس في الحرب، أو ما يلبس تحتها وتكون عادة من الزرد المنسوج.
6- أي المظفرة المحكوم لها بالغلبة دائماً.
7- النشابة : السهام.
8- وهو التابوت الّذي ورد ذكره في الآية ٢٤٨ من سورة البقرة.
9- «أي فكانت لي وكانت لأبي سواء أو فكانت لي كما كانت لأبي وكانت لأبي كما كانت لي. أو كانت فضله لي وكانت فضله لمن بعدي وهكذا تتدرج في الفضل حتّى تبلغ أهلها فتوافقه» المازندراني ٣٧٣/٥.

سلاح رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، لا أنازع فيه، ثمَّ قال : إنَّ السلاح مدفوع عنه (1) لو وضع عند شر خلق اللّه لكان خيرهم، ثمَّ قال : إنّ هذا الأمر يصير إلى من يلوّى له الحَنَك (2)، فإذا كانت من اللّه فيه المشيئة خرج (3) فيقول النّاس : ما هذا الّذي كان (4)، ويضع اللّه له يداً على رأس رعيته(5).

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : ترك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في المتاع سيفاً ودرعاً وعَنَزَةً (6) ورحلا(7) وبغلته الشهباء فورث ذلك كلّه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٤ - الحسين بن محمّد معلىّ بن محمّد، عن عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن فُضَيْل بن يسار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لبس أبي درع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذات الفضول(8) فخطت (9) ولبستها أنا فَفَضُلْت (10).

٥ - أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن ذي الفقار سيف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من أين هو؟ قال: هبط به جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) من السماء وكانت حليته (11) من فضة وهو عندي (12).

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمّد بن

ص: 290


1- أي لا يصيبه ضرر، أو لا يصيب من هو عنده معصية ولا منقصة مرآة المجلسيّ ٤٤/٣.
2- لويت عنقه فَمَلته أو أملته وهذا كناية عن خضوع النّاس له طوعاً وكرها المازندراني ٣٧٤/٥.
3- أي الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
4- «ما للتعجب في استيلائه وقهره على الخلق أو في قضاياه العجيبة وأحكامه الغريبة إذ يحكم بعلمه المطابق للواقع» المازندراني ٣٧٤/٥.
5- كناية عن تسليطه عليهم وتأليفهم بوجوده المبارك.
6- ذكر في الصحاح أن العنزة أطول من العصا وأقصر من الرمح وفيه زُج، أي حديدة في طرفه.
7- الرّحل مركب البعير، وقد يطلق على المسكن، وعلى الأثاث الّذي يحمله الإنسان معه في سفره.
8- قيل : سميت بذلك لسعة فيها وفضلة.
9- أي لامست الأرض لطولها.
10- بصيغة المتكلم أي كنت أفضل منهاه الوافي للفيض ج 133/2.
11- ذكر المازندراني ج ٣٧٦/٥ أن المصنف (رضیَ اللّهُ عنهُ) روى هذا الحديث في كتاب الروضة بسند آخر عن الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفيه وكانت حلقته من فضة).
12- «ورثه من أبيه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد أعطاه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (إياه) يوم أحد بعدما تقطع سيفه من شدة الضرب» المازندراني ٣٧٦/٥.

حكيم، عن أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : السلاح موضوع عندنا مدفوع عنه، لو وضع عند شر خلق اللّه كان خيرهم، لقد حدَّثني أبي أنّه حيث بنى بالثققيّة (1) - وكان قد شق له (2) في الجدار - فنجد البيت(3)، فلمّا كانت صبيحة عرسه رمى ببصره فرأى حذوه (4) خمسة عشر مسماراً ففزع لذلك وقال لها (5) : تحوّلي فإني أريد أن أدعو موالي في حاجة فكشطه(6) فما منها مسمار إلّا وجده مصرفاً طرفه عن السيف، وما وصل إليه منها شيء

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان عن حجر (7)، عن حمران (8)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عمّا يتحدّث النّاس أنّه دفعت إلى أمّ سلمة صحيفة مختومة فقال : إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما قبض ورث علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) علمه وسلاحه وما هناك (9) ثمَّ صار إلى الحسن، ثمَّ صار إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلما خشينا أن نُغْشَى (10) استودعها أم سلمة، ثمَّ قبضها بعد ذلك عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). قال : فقلت : نعم ثمَّ صار إلى أبيك ثمَّ انتهى إليك وصار بعد ذلك إليك، قال: نعم.

8 - محمّد عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن فضالة (11)، عن عمر بن أبان قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عمّا يتحدّث النّاس أنّه دفع إلى أم سلمة صحيفة مختومة، فقال : إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما قبض ورث علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) علمه وسلاحه وما هناك، ثمَّ صار إلى الحسن ثمَّ صار إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت : ثمَّ صار إلى عليّ بن الحسين، ثمَّ صار إلى ابنه، ثمَّ انتهى إليك، فقال : نعم.

9 - محمّد بن الحسين وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد شباب الصيرفي، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما حضرت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الوفاة

ص: 291


1- أي تزوج بامرأة تنتسب إلى ثقيف.
2- أي للسلاح.
3- أي زيّن ظاهر جدار البيت ليموه مكان السلاح فيه.
4- أي بإزاء الشق أو السلاح.
5- أي لزوجته الثقيفة.
6- «أي كشف عن السيف. استشهد بذكر القصة على كونه (أي السلاح) مدفوعاً عنه» الوافي للفيض ج 2 / 133.
7- هو حجر بن زائدة.
8- هو حمران بن أعين الشيباني / كنيته أبو الحسين وقيل : أبو حمزة.
9- أي وغير ذلك من مواريث الأنبياء (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
10- أي نهلك، أو نباغت من قبل الأعداء.
11- الظاهر أنّه فضالة بن أيّوب بقرينة رواية الحسين بن سعيد عنه.

دعا العبّاس بن عبد المطلب وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال للعباس : يا عم محمّد تأخذ تراث(1) محمّد وتقضي دينه وتنجز عداته (2)؟ فرد عليه فقال : يا رسول اللّه بأبي أنت وأمي، إنّي شيخ كثير العيال قليل المال من يطيقك وأنت تباري الريح (3)، قال : فأطرق (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هنيئة ثمَّ قال : يا عباس أتأخذ تراث محمّد وتنجز عداته وتقضي دينه؟ فقال بأبي أنت وأمي شيخ كثير العيال قليل المال وأنت تباري الريح.

قال : أما إنّي سأعطيها من يأخذها بحقها ثمَّ قال: يا علي يا أخا محمّد أتنجز عدات محمّد وتقضي دينه وتقبض تراثه ؟ فقال : نعم بأبي أنت وأمي ذاك عليَّ (4) ولي(5)، قال : فنظرت إليه حتّى نزع خاتمه من أصبعه فقال : تختم بهذا في حياتي، قال (6) : فنظرت إلى الخاتم حين وضعته في أصبعي فتمنيت من جميع ما ترك الخاتم.

ثمَّ صاح يا بلال : عليَّ بالمغفر والدرع والراية والقميص وذي الفقار والسّحاب(7) والبرد والأبرقة والقضيب (8) قال : فواللّه ما رأيتها غير ساعتي تلك _ يعني الأبرقة _. فجيىء بشقة كادت تخطف الأبصار فإذا هي من أبرق الجنّة فقال : يا عليُّ إِنَّ جبرئيل أتاني بها وقال : يا محمّد اجعلها في حلقة الدرع واستذفر بها (9) مكان المنطقة. ثمَّ دعا بزوجي نعال عربيين جميعاً أحدهما مخصوف والآخر غير مخصوف (10) والقميصين : القميص الّذي أسري به فيه، والقميص الّذي خرج فيه يوم أحد، والقلانس الثلاث : قلنسوة السفر وقلنسوة العيدين والجُمَع، وقلنسوة كان يلبسها ويقعد مع أصحابه.

ص: 292


1- الميراث.
2- جمع عِدة وهي الوعد في الخير.
3- «أي من يطيق ويقدر على أداء حقوقك وأنت سخي كثير العطاء والعِدَة» المازندراني 377/٥.
4- أي العِدات وقضاء الدين.
5- أي التراث.
6- الظاهر أن القائل هو علي (عَلَيهِ السَّلَامُ). والمعنى «قدرت في نفسي أن يكون الخاتم عوضاً من جميع ما ترك من الميراث أو من الديون والعداة وذلك لشرافة الخاتم وكمال اقتداره (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند لبسه على ما في عالم الملك والملكوت... الخ» المازندراني ٣٧٨/٥.
7- هي عمامة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (قيل سميت به تشبيهاً بسحاب المطر لانسحابه في الهواء).
8- نوع من الثياب فيه لونان أسود وأبيض غالباً. والقضيب : «هو العصا سميت به لكونها مقطوعة من الشجر والقضب : القطع» مرآة المجلسيّ ٥٠/٣.
9- ذكر صاحب القاموس أن الأفر شدة ذكاء الريح أي الريح الطيبة. وعليه فيكون المعنى : «تطيب بها جاعلاً لها مكان المنطقة» مرآة المجلسيّ ٥٠/٣.
10- الخصف في النعل كالرقع في الثوب.

ثمَّ قال : يا بلال عليَّ بالبغلتين : الشهباء والدلدل والناقتين : العضباء والقصوى (1) والفرسين : الجناح كانت توقف بباب المسجد لحوائج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يبعث الرَّجل في حاجته فيركبه فيركضه في حاجة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وحيزوم وهو الّذي كان يقول : أقدم حيزوم (2) والحمار عفير فقال : اقبضها في حياتي.

فذكر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ أوّل شيء من الدواب توفّي عفير ساعة قبض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قطع خطامه ثمَّ مرَّ يركض حتّى أتى بئر بني خطمة بقباء فرمى بنفسه فيها فكانت قبره.

وروي أنَّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّ ذلك الحمار كلّم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : بأبي أنت وأمّي إِنَّ أبي حدَّثني، عن أبيه، عن جده، عن أبيه أنّه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثمَّ قال : يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيّين وخاتمهم، فالحمد للّه الّذي جعلني ذلك الحمار (3).

٩٥ - باب أن مثل سلاح رسول اللّه مثل التابوت في بني إسرائيل

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن سعيد السمّان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّما مثل السلاح فينا مثل التابوت في

ص: 293


1- قيل سميت بغلته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالدلدل لسرعتها وحدتها. ومعنى العضباء : المشقوقة الأذن. وقيل بأن ناقته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم تكن كذلك وإنما هو عَلَمٌ منقول صار اسماً لها. وقيل : العضباء : القصيرة اليد والقصوى: هي التي قطع طرف أذنها. وقيل لم تكن ناقة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كذلك، وإنما كان ذلك لقباً لها ليس إلا.
2- «أراد أقدم يا حيزوم فحذف حرف النداء، وقال هو أمر بالإقدام وهو التقدم في الحرب والإقدام : الشجاعة» مرآة المجلسيّ ٥١/٣ نقلا عن الفيروزآبادي.
3- وقد علق المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) على ذلك بقوله «ولا يستبعد من كلام الحمار من يؤمن بالقرآن وبكلام الهدد والنمل وغيرهما» ونحن وإن كنا نؤمن بما قصه اللّه سبحانه علينا من كلام الهدد والنمل وغيرهما ولكننا هنا لسنا أمام قرآن تحدَّثنا فنعلم قطعيته صدوراً ودلالة، وإنما نحن أمام قول من دون سند مصدّر بمقولة (وروي) ولكن أين روي، ومن الراوي؟ هذا من جهة. ومن جهة أخرى، كيف أوتي هذا الحمار من الفطنة والذكاء ما جعله يعرف أباه وجده وأبا جده وأبا جد جده لينقل هذا الحديث عنهم (بالتواتر) ولِمَن ؟ لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولم لَمْ يسلسل الحديث إلى جده الأقصى الّذي كان على ظهر سفينة نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ). ومن جهة ثالثة من حقنا أن نتساءل : لم لم تحدث إحدى ناقتي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن أبيها عن أبيه عن جده الخ بمثل ذلك، أو إحدى فرسيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، لأنهما لم يكونا على سفينة نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ أم لسبب آخر، مع أن الحمار معروف بالغباء من بين كلّ الحيوانات حتّى ضرب به المثل فيه. لكلّ ذلك، نميل إلى طرح ذيل هذه الرواية، بل نميل إلى أنّها من جملة المدسوسات التي قد يكون أبو الخطلب أو ابن أبي العوجاء الّذي دسها ليشنع علينا وليشكك في مروياتنا وأحاديثنا كما ثبت أن هذين وأمثالهما قددسا في أحاديث أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) مئات الأحاديث المكذوبة عليهم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

بني إسرائيل، كانت بنو إسرائيل أيُّ أهل بيت وجد التابوت على بابهم أوتوا النبوّة، فمن صار إليه السلاح منا أوني الإمامة.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن السكين، عن نوح بن دراج، عن عبد اللّه بن أبي يعفور، قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل، حيثما دار التابوت دار الملك، فأينما دار السلاح فينا دار العلم.

٣ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل حيثما دار التابوت أوتوا النبوّة، وحيثما دار السلاح فينا فثَمَّ الأمر (1)، قلت : فيكون السلاح مزايلاً للعلم؟ قال : لا (2).

٤ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي نصر (3)، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما مثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل أينما دار التابوت دار الملك، وأينما دار السلاح فينا دار العلم.

٩٦ - باب

فيه ذكر الصحيفة والجَفْر والجامعة ومصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)

١ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عبد اللّه بن الحجّال عن أحمد بن عمر الحلبي، عن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : جعلت فداك أنّي أسألك عن مسألة ههنا أحد يسمع كلامي (4) ؟ قال : فرفع أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ستراً بينه وبين بيت آخر (5) فأطلع فيه ثمَّ قال : يا أبا محمّد سل عما بدا لك، قال : قلت : جعلت فداك إنَّ شيعتك

ص: 294


1- أي فهناك تكون الإمامة.
2- «هذا استفهام، والمزابلة المفارقة. ووجه التفريع أن السائل توهم من التشبيه المذكور أن كلّ معنى في المشبه به يوجد في المشبه أيضاً. ومن المعاني التي في التابوت مزايلته للنبوة عند كونه في قوم جالوت فتوهم أن السلاح أيضاً مزايل للعلم والإمامة فأشار (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقوله لا إلى نفي هذا التوهم وإلى أن الوجه هو ما تعلق به القصد والقصد أن السلاح فينا دليل على العلم والإمامة كما أن التابوت في بني إسرائيل دليل على النبوّة» المازندراني 383/٥.
3- واسمه أحمد بن محمّد.
4- إشارة إلى أن مسئلته ممّا لا يجوز أن يسمعها أحد من المخالفين فاستفهم عن أنّه هل يوجد أحد منهم.
5- كأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أراد أن يتأكد من عدم وجود أحد لا ينبغي أن يسمع ما سوف يسأل عنه السائل. وقد يكون فعله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذاك لا من أجل نفسه بل لبث الاطمئنان في نفس السائل عندما يتأكد من عدم وجود سامع له غير الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).

يتحدّثون أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علم عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) باباً (1) يفتح له منه ألف باب؟ قال : فقال : يا أبا محمّد علم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب (2) قال : قلت: هذا واللّه العلم (3) قال : فنكت (4) ساعة في الأرض ثمَّ قال : إنّه لعلم وما هو بذاك (5).

قال : ثمَّ قال: يا أبا محمّد ! وإنَّ عندنا الجامعة وما يدريهم (6) ما الجامعة؟ قال: قلت: جعلت فداك وما الجامعة ؟ قال : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وإملائه من فلق (7) فيه وخطّ علي بيمينه فيها كلّ حلال وحرام وكلّ شيء يحتاج النّاس إليه حتّى الأرش في الخدش. وضرب بيده إليَّ فقال : تأذن لي يا أبا محمّد؟ قال: قلت: جعلت فداك إنّما أنا لك فاصنع ما شئت :قال فغمزني بيده وقال : حتّى أرش هذا - كأنه مغضب - قال : قلت : هذا واللّه العلم قال : إنّه لعلم وليس بذاك.

ثم سكت ساعة، ثمَّ قال : وإنَّ عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر؟ قال قلت : وما الجفر؟ قال : وعاء من أدم (8) فيه علم النبيّين والوصيين، وعلم العلماء الّذين مضوا من بني إسرائيل، قال قلت: إنَّ هذا هو العلم، قال: إنّه لعلم وليس بذاك.

ثم سكت ساعة ثمَّ قال: وإنّ عندنا لمصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وما يدريهم ما مصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) ؟ قال : قلت : وما مصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) ؟ قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، واللّه ما فيه من قرآنكم (9) حرف واحد قال : قلت هذا واللّه العلم قال : إنّه لعلم وما هو بذاك.

ثمَّ سكت ساعة ثمَّ قال : إنَّ عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة (10) قال : قلت : جعلت فداك هذا واللّه هو العلم، قال : إنَّه لعلم وليس بذاك.

ص: 295


1- أي نوع باب من العلم.
2- أي يتفرع على كلّ باب هذا العدد من المسائل الجزئية المنضوية تحته.
3- أي العلم الكامل التام.
4- إما أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ضرب الأرض بقضيب كان بيده أو هو كناية عن التفكر والتأمل.
5- أي أنّه وإن كان علماً كاملاً إلّا أنّه ليس كلّ ما اختصوا به (عَلَيهِ السَّلَامُ) من العلم الإلهي، بل هو جزء منه بقرينة كتمه الحديث.
6- أي الناس، أو المخالفون.
7- أي مشافهة. وارش الخدش ديثه.
8- هو الأديم أي الجلد أو أحمر أو مدبوغه جمع أدم وآدام.
9- لاشتماله على الأخبار فقط كما دلت عليه بعض المروايات.
10- «أي من غير جهة مصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) أيضاً» مرأة المجلسيّ ٥٦/٣.

قال : قلت : جعلت فداك فأي شيء العلم ؟ قال : ما يحدث بالليل والنهار، الأمر من بعد الأمر، والشيء بعد الشيء، إلى يوم القيامة.

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن عمر بن عبد العزيز، عن حماد بن عثمان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : تظهر الزنادقة (1) في سنة ثمان وعشرين ومائة وذلك أنّي نظرت في مصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، قال : قلت : وما مصحف فاطمة؟ قال : إنّ اللّه تعالى لما قبض نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دخل على فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلّا اللّه عزّ وجلّ فأرسل اللّه إليها مَلَكاً يسلّي غمّها ويحدّثها، فشكت ذلك (2) إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يكتب كلّما سمع حتّى أثبت من ذلك مصحفاً قال : ثمَّ قال : أما إنّه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون.

٣ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن الحسين بن أبي العلاء قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّ عندي الجَفْرُ (3) الأبيض، قال : قلت : فأي شيء فيه؟ قال : زبور داود وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) والحلال والحرام، ومصحف فاطمة، ما أزعم أنَّ فيه قرآناً، وفيه ما يحتاج النّاس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتّى فيه الجَلْدة، ونصف الجَلْدة، وربع الجَلْدة وأرش الخدش.

وعندي الجفر الأحمر، قال : قلت : وأي شيء في الجفر الأحمر؟ قال : السلاح، وذلك إنّما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف (4) للقتل، فقال له عبد اللّه بن أبي يعفور : أصلحك اللّه أيعرف هذا بنو الحسن (5)؟ فقال : إي واللّه كما يعرفون الليل أنّه ليل والنهار أنّه نهار، ولكنّهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والإنكار، ولو طلبوا الحقّ بالحقّ لكان خيراً لهم (6).

ص: 296


1- إما أن المراد بهم أبو الخطاب وابن أبي العوجاء وغيرهما ممّن ابتلي بهم الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وتصدى لكشف باطلهم أو أن المراد بهم بنو العبّاس الّذين فتحوا المجال واسعاً أمام الزنادقة وغيرهم من الغلاة ليفسدوا عقائد الأمة ويحاربوا بهم مدرسة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
2- الشكاية إما بسبب فزعها من ذلك الملك، أو بسبب عدم حفظها لكلّ ما كان يحدثها به والثاني أظهر بقرينة فعل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الكتابة.
3- الجفر كما يقول الجوهري : هو جعبته من جلود لا خشب فيها أو من خشب لا جلود فيها.
4- «أي أيعرفون أن ذلك عندكم» الوافي للفيض ج ١٣٦/٢.
5- أي الإمام الحجّة المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي «ولو طلبوا الآخرة وما يوجب رفع الدرجة فيها بالحقّ الّذي هو محبة الإمام والإذعان له ومتابعته لكان خيراً لهم في الدنيا والآخرة» المازندراني ٣٩٠/٥.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عمّن ذكره، عن سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ في الجفر الّذي يذكرونه (1) لَمَا يسؤوهم، لأنهم لا يقولون الحقّ والحقُّ فيه، فليخرجوا قضايا علي وفرائضه إن كانوا صادقين، وسلوهم عن الخالات والعمّات (2) وليخرجوا مصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، فإن فيه وصيّة فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، ومعه (3) سلاح رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب(5)، عن أبي عبيدة قال : سأل أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعض أصحابنا عن الجفر فقال : هو جلد ثور مملوء علماً، قال له : فالجامعة ؟ قال : تلك صحيفة طولها سبعون ذراعاً في عرض الأديم مثل فخذ الفالج (6) فيها كلّ ما يحتاج النّاس إليه، وليس من قضية إلّا وهي فيها، حتّى أرش الخدش.

قال : فمصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) ؟ قال : فسكت طويلاً ثمَّ قال : إنّکم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون (7)، إنَّ فاطمة مكثت بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خمسة وسبعين يوماً وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ).

٦ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن صالح بن سعيد، عن أحمد بن أبي بشر، عن بكر بن كرب الصيرفي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس، وإن النّاس ليحتاجون إلينا، وإنَّ عندنا كتاباً إملاء رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وخط علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)،

ص: 297


1- أي «أن في الجفر الّذي يذكره بنو الحسن ويدعون أنّه عندهم لما (يخزيهم) ويفضحهم لأنهم لا يقولون الحقّ ولا يعملون به والحق في الجفر فهم إما كاذبون في تلك الدعوى أو صادقون وعلى الأخير إما جاهلون بما فيه من الحقّ الصريح أو عالمون به تاركون له» المازندراني ٣٩٠/٥.
2- أي عن حكمهن فهو موجود في الجفر ولكنهم جاهلون به وهذا يدل على كذب مدّعاهم بوجود الجفر عندهم.
3- أي مع مصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ).
4- الأحقاف / ٤.
5- واسمه عليّ بن رئاب أو رياب.
6- الفالج : هو الجمل ذو السنامين يكون ضخم الجثة.
7- أي عما تحتاجون في معرفتكم وعما أنتم في غنى عن معرفته.

صحيفة فيها كلّ حلال وحرام، وإنكم لتأتونا بالأمر (1) فنعرف إذا أخذتم به ونعرف إذا تركتموه.

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن فُضَيْل بن يسار وبريد بن معاوية وزرارة أنَّ عبد الملك بن أعين قال لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ الزيدية والمعتزلة قد أطافوا بمحمّد بن عبد اللّه (2) فهل له سلطان ؟ فقال : واللّه إنَّ عندي لكتابين (3) فيها تسمية كلّ نبي وكلّ ملك يملك الأرض، لا واللّه ما محمّد بن عبد اللّه في واحد منهما.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمّد، عن عبد الصمد بن بشير عن فضيل [بن] سكرة قال : دخلت على أبي عبد اللّه(عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا فُضَيل: أتدري في أيّ شيء كنت أنظر قبيل (4)؟ قال : قلت : لا، قال : كنت أنظر في کتاب فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، ليس من ملك يملك [الأرض] إلّا وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه، وما وجدت لولد الحسن فيه شيئاً.

97 - باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها

1 - محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن الحسن بن العبّاس بن الحريش عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بينا أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر (5) قد قيض له (6) فقطع عليه أسبوعه (7) حتّى أدخله إلى دار جنب الصفا، فأرسل إليَّ فكنا ثلاثة فقال : مرحباً يا ابن رسول اللّه، ثمَّ وضع يده على رأسي وقال : بارك اللّه فيك يا أمين اللّه بعد آبائه.

يا أبا جعفر إن شئت فأخبرني وإن شئت فأخبرتك وإن شئت سلني وإن شئت سألتك، وإن شئت فأصدقني وإن شئت صدقتك (8)؟ قال : كلّ ذلك أشاء، قال : فإيّاك أن ينطق لسانك

ص: 298


1- أي لتراجعونا في أموركم الشرعية والدينية والدنيوية فتجيبكم عليها ونعرف من يلتزم منكم بما نقول ومن يخالف أو لا يلتزم.
2- أي ابن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) الملقب بالنفس الزكية قتله المنصور العبّاسي.
3- الظاهر بمقتضى ما تقدم أنهما كتاب الجفر ومصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ).
4- أي قبيل دخولك عليّ.
5- اعتجر الرَّجل : لف عمامته دون التلحي، أي دون أن يديرها تحت الحنك.
6- أي جيء به من حيث لا يدري أو لا يحتسب.
7- أي طوافه.
8- «خيره بين ثلاثة أمور الأوّل : الإخبار وهو إفادة المخاطب والثاني : المسئلة وهي استفادة ما عنده. والثالثة : الصدق أو تصديق المتكلم وعده صادقاً وهو يناسب الإخبار والجواب كليهما وهذا من جملة الآداب في التخاطب والمناظرة» المازندرانی ٣٩٤/٥.

عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره. قال: إنّما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه، وإنَّ اللّه عزّ وجلّ أبى أن يكون له علم فيه اختلاف. قال : هذه مسألتي وقد فسرت طرفاً منها.

أخبرني عن هذا العلم الّذي ليس فيه اختلاف من يعلمه؟ قال : أما جملة العلم فعند اللّه جلَّ ذكره، وأما ما لا بدَّ للعباد منه فعند الأوصياء، قال : ففتح الرَّجل عجيرته (1) واستوى جالساً وتهلل وجهه وقال : هذه أردت ولها أتيت زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء، فكيف يعلمونه؟ قال : كما كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعلمه إلّا أنهم لا يرون ما كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يرى لأنه كان نبياً وهم محدّثون، وأنه كان يفد إلى اللّه عزّ وجلّ فيسمع الوحي وهم لا يسمعون فقال: صدقت يا ابن رسول اللّه سآتيك بمسألة صعبة.

أخبرني عن هذا العلم ما له لا يظهر؟ كما كان يظهر مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ قال: فضحك أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : أبى اللّه عزّ وجلّ أن يطلع على علمه إلّا ممتحناً للإيمان به، كما قضى على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يصبر على أذى قومه، ولا يجاهدهم إلّا بأمره، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتّى قيل له : (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (2)، وأيم اللّه أن لو صدع قبل ذلك لكان آمن (3)، ولكنه إنّما نظر في الطاعة (4)، وخاف الخلاف (5) فلذلك كفَّ، فوددت أنَّ عينك تكون مع مهدي هذه الأمة، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض تعذب أرواح الكفرة من الأموات وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء.

ثمَّ أخرج سيفاً ثمَّ قال : ما إنَّ هذا منها (6)، قال : فقال أبي : إي والّذي اصطفى محمّداً على البشر، قال : فردَّ الرَّجل اعتجاره وقال : أنا إلياس (7)، ما سألتك عن أمرك وبي منه جهالة،

ص: 299


1- أي أماط طرف عمامته التي اعتجر بها. وفي بعض النسخ (عَجِرَتَه).
2- الحجر / ٩٤.
3- «أي وأيم اللّه قَسَمي، لو صدع (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالحقّ وتكلم به جهاراً قبل ذلك لكان آمناً في نفسه وأهله» المازندراني ٣٩٧/٥.
4- أي طاعة اللّه سبحانه.
5- أي اختلاف الأمة، أو مخالفة الرب سبحانه.
6- أي من سيوف آل داود بين السماء والأرض تعذب أرواح الكفرة الخ. والّذي أخرج السيف هو الرَّجل المعتجر.
7- إلياس سوف يكون من أنصار الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).

غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك. وسأخبرك بآية أنت تعرفها إن خاصموا بها فلجوا (1).

قال : فقال له أبى : إن شئت أخبرتك بها ؟ قال : قد شئت قال : إنَّ شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا : إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول لرسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (2) _ إلى آخرها - فهل كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعلم من العلم شيئاً لا يعلمه في تلك الليلة أو يأتيه به جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) في غيرها؟ فإنهم سيقولون لا فقل لهم : فهل كان لما علم بد من أن يظهر؟ فيقولون : لا، فقل لهم : فهل كان فيما أظهر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من علم اللّه عزّ ذكره اختلاف؟ فإن قالوا : لا، فقل :لهم فمن حكم بحكم اللّه فيه اختلاف فهل خالف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ فيقولون : نعم - فإن قالوا : لا، فقد نقضوا أوّل كلامهم (3) - فقل لهم : ما يعلم تأويله إلّا اللّه والراسخون في العلم.

فإن قالوا : من الراسخون في العلم ؟ فقل : من لا يختلف في علمه، فإن قالوا فمن هو ذاك؟ فقل : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صاحب ذلك، فهل بلّغ أو لا ؟ فإن قالوا : قد بلغ فقل : فهل مات (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والخليفة من بعده يعلم علماً ليس فيه اختلاف؟ فإن قالوا: لا، فقل: إن خليفة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مؤيد ولا يستخلف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلّا من يحكم بحكمه وإلا من يكون مثله إلّا النبوّة (4)، وإن كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يستخلف في علمه أحداً فقد ضيّع من في أصلاب الرجال ممّن يكون بعده.

فإن قالوا لك : فإنّ علم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان من القرآن (5) فقل : (حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ [ إنا كنا منذرين فيها ] - إلى قوله - : إنا كنا مرسلين) (6) فإن قالوا لك : لا

ص: 300


1- أحمد إن جادل بها أصحابك أهل الخلاف عليكم غلبوهم وظفروا بهم في المناظرة.
2- القدر/ ١.
3- «وحاصل هذا القول إلزامهم بأنهم مخالفون لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في العلم والأحكام وإن في الأمة من لا يخالفه وهو وصيه وصاحب علومه وأسراره [ وقد بني الإلزام] على مقدمات كلها مسلمة عندهم الأوّل : أنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عالم بجميع الأشياء والثانية : أنّه وجب عليه إظهار علومه والثالثة أنّه لا اختلاف في علمه وحكمه والرابعة أن كلّ من حكم بحكم كان فيه اختلاف فقد خالفه. ومن هذه المقدمات ظهر أنهم مخالفون له في العلم والحكم، إذ في علمهم وحكمهم اختلاف، إلّا أن يقولوا في المقدمة الرابعة إن كلّ من حكم بحكم فيه اختلاف غير مخالف له فيلزمهم أن هذا القول مناقض للمقدمة الثالثة المسلمة عندهم بالضرورة إذ عدم مخالفتهم له مع تحقق الاختلاف في علمهم وحكمهم إنّما ينحقق إذا تحقق الاختلاف في علمه وحكمه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهذا ممّا لم يقولوا به...» المازندراني ٣٩٨/٥.
4- أي «لا يستخلف (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلّا من يكون مثله في جميع الصفات إلّا النبوّة» ن. م. ومن جملة ذلك أن يحكم بحكمه.
5- أي لا تضييع فيما إذا قلنا لم يستخلف لأن علمه من القرآن والقرآن قائم موجود وفيه تبيان كلّ شيء.
6- الدخان / ١ - ٥.

يرسل اللّه (1) عزّ وجلّ إلّا إلى نبي فقل : هذا الأمر الحكيم الّذي يُفرق فيه هو من الملائكة والرُّوح التي تنزّل من سماء إلى سماء، أو من سماء إلى أرض؟ فإن قالوا : من سماء إلى سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية فإن قالوا من سماء إلى أرض - وأهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك - فقل : فهل لهم بد من سيّد يتحاكمون إليه؟ فإن قالوا : فإنّ الخليفة هو حَكَمُهُمْ فقل: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ - إلى قوله - : خَالِدُونَ) (2) لعمري ما في الأرض ولا في السماء ولي اللّه عزَّ ذكره إلّا وهو مخذول، ومن خذل لم يصب (3)، كما أنَّ الأمر لا بدَّ من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض، كذلك لا بد من وال، فإن قالوا : لا نعرف هذا فقل : [لهم] قولوا ما أحببتم أبى اللّه عزّ وجلّ بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يترك العباد ولا حجّة عليهم.

قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ثمَّ وقف (4) فقال : ههنا يا ابن رسول اللّه باب غامض، أرأيت إن قالوا : حجّة اللّه : القرآن ؟ قال : إذن أقول لهم : إن القرآن ليس بناطق يأمر وينهى، ولكن للقرآن أهل يأمرون وينهون، وأقول : قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة ما هي في السنة والحكم الّذي ليس فيه اختلاف، وليست في القرآن، أبى اللّه لعلمه بتلك الفتنة أن تظهر في الأرض، وليس في حكمه راد لها ومفرّج عن أهلها.

فقال : ههنا تفلجون يا ابن رسول اللّه، أشهد أنَّ اللّه عزّ ذكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الأرض أو في أنفسهم من الدّين أو غيره، فوضع القرآن دليلا قال : فقال الرَّجل : هل تدري يا ابن رسول اللّه دليل ما هو ؟ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نعم فيه جمل الحدود وتفسيرها عند الحكم فقال أبى اللّه أن يصيب عبداً بمصيبة في دينه أو في نفسه أو [في] ماله ليس في أرضه من حكمه قاض بالصواب في تلك المصيبة.

قال : فقال الرَّجل : أما في هذا الباب فقد فلجتهم بحجّة إلّا أن يفتري خصمكم على اللّه فيقول : ليس اللّه جل ذكره حجّة. ولكن أخبرني عن تفسير (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ (5)؟

ص: 301


1- أي الملائكة.
2- البقرة/ ٢٥٧.
3- «وحاصل الجواب أن ولي المؤمنين وجب أن يكون متصفاً بإخراجهم من ظلمات الجهل إلى العلم، وولي الكافرين والفاسقين عكس ذلك، فكيف يكون ولي الكافرين والفاسقين وليّ المؤمنين وتنزل إليه الملائكة وتجعله والياً لأمرهم ونهيهم؟» المازندراني ٤٠٢/٥.
4- أي الياس. أو الرَّجل المعتجر.
5- الحديد/ ٢٣.

مما خُصَّ به علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) (1) قال : في أبي فلان(2) وأصحابه واحدة مقدمة وواحدة مؤخّرة (لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ) ممّا خُصَّ به علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال الرَّجل : أشهد أنّکم أصحاب الحكم الّذي لا اختلاف فيه ثمَّ قام الرَّجل وذهب فلم أره.

2 - عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) قال : بينا أبي جالس وعنده نفر إذ استضحك حتّى اغرورقت عيناه دموعاً ثمَّ قال هل تدرون ما أضحكني؟ قال: فقالوا : لا، قال : زعم ابن عباس أنّه من الّذين قالوا ربنا اللّه ثمَّ استقاموا (4). فقلت له : هل رأيت الملائكة يا ابن عباس تخبرك بولايتها لك في الدنيا والآخرة، مع الأمن من الخوف والحزن، قال فقال : إن اللّه تبارك وتعالى يقول: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (5) وقد دخل في هذا جميع الأمة، فاستضحكت.

ثم قلت: صدقت (6) يا ابن عباس أنشدك اللّه هل في حكم اللّه جل ذكره اختلاف؟ قال : فقال : لا، فقلت : ما ترى في رجل ضرب رجلاً أصابعه بالسيف حتّى سقطت، ثمَّ ذهب وأتى رجل آخر فأطار كفّه فأتي به إليك وأنت قاض، كيف أنت صانع ؟ قال : أقول لهذا القاطع : أعطه دية كفّه، وأقول لهذا المقطوع : صالحه على ما شئت، وأبعثُ به إلى ذوي عدل، قلت؛ جاء الاختلاف في حكم اللّه عزّ ذكره، ونقضت القول الأول، أبى اللّه عزَّ ذكره أن يُحدث في خلقه شيئاً من الحدود [و] ليس تفسيره في الأرض، إقطع قاطع الكف أصلاً ثمَّ أعطه دية الأصابع، هكذا حكم اللّه ليلة تنزل فيها أمره إن جحدتها بعدما سمعت من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأدخلك اللّه النار، كما أعمى بصرك يوم جحدتها عليّ بن أبي طالب قال : فلذلك عمي بصري، قال : وما علمك بذلك فواللّه إن عمي بصري (7) إلّا من صفقة جناح الملك.

قال (8) : فاستضحكت ثمَّ تركته يومه ذلك لسخافة عقله، ثمَّ لقيته فقلت : يا ابن عباس :

ص: 302


1- الحديد/ 23.
2- يعني أبا بكر وأصحابه.
3- السند المحذوف هنا هو نفس سند الرواية المتقدمة.
4- فصلت/ ٣٠.
5- الحجرات/ ١٠.
6- «أي في قولك إنّما المؤمنون إخوة لكن لا ينفعك إذ الأخوة لا تستلزم الاشتراك في جميع الكمالات» مرآة المجلسيّ ٠٧٥/٣.
7- أي قال ابن عباس ما عمي بصري إلّا من الخ. وإن هنا نافية.
8- أي الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ما تكلّمت بصدق مثل أمس، قال لك عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ ليلة القدر في كلّ سنة، وإنّه ينزل في تلك الليلة أمر السنة وإنّ لذلك الأمر ولاة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقلت : من هم ؟ فقال : أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدّثون، فقلت: لا أراها كانت إلّا مع رسول اللّه فتبدا(1) لك الملك الّذي يحدّثه فقال : كذبت يا عبد اللّه رأت عيناي الّذي حدثك به علي _ ولم تره عيناه (2) ولكن وعا قلبه ووقر في سمعه (3) _ ثمَّ صفقك بجناحه فعميت. قال: فقال ابن عباس: ما اختلفنا في شيء فحكمه إلى اللّه، فقلت له : فهل حكم اللّه في حكم من حكمه بأمرين؟ قال : لا فقلت ههنا هلكت وأهلكت (4).

3 - وبهذا الإسناد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه عزّ وجلّ في ليلة القدر: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (5) يقول : ينزل فيها كلّ أمر حكيم، والمحكم ليس بشيئين، إنّما هو شيء واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف، فحكمه من حكم اللّه عزّ وجلّ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت، إنّه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سَنَةً سَنَةً، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا، وفي أمر النّاس بكذا وكذا، وإنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كلّ يوم علم اللّه عزّ وجلّ الخاص والمكنون العجيب المخزون، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر، ثمَّ قرأ: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (6).

٤ - وبهذا الإسناد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليه يقول: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) صدق اللّه عزّ وجلّ، أنزل اللّه القرآن في ليلة القدر. (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)، قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لا أدري قال اللّه عزّ وجلّ (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ليس فيها ليلة القدر، قال (7) لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): وهل تدري لم هي خير من ألف شهر؟ قال: لا، قال: لأنها تنزّل فيها الملائكة والروح بإذن ربهم من كلّ أمر، وإذا أذن اللّه عزّ وجلّ بشيء فقد رضيه (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) يقول : تسلّم عليك يا محمّد ملائكتي

ص: 303


1- أي سأل ابن عباس علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) هل ظهر لك الملك الّذي يحدث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
2- «أي ولم تره عينا علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنه محدّث ولا يرى الملك عند إلقاء الحكم» مرآة المجلسيّ ٧٦/٣ – ٧٧.
3- أي ثبت واستقر.
4- أي «إذا كان الحكم مردوداً إلى اللّه وليس عند اللّه في الواقع إلّا حكم واحد فكيف تحكمون تارة بأمره وتارة بضده وهل هذا إلّا مخالفة اللّه في أحد الحكمين التي هي سبب الهلاك والإهلاك» مرآة المجلسيّ 77/3.
5- الدخان / ٤.
6- لقمان / ٢٧.
7- أي اللّه سبحانه.

وروحي بسلامي من أوّل ما يهبطون إلى مطلع الفجر.

ثم قال في بعض كتابه (1): (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) (2) في (3) (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر). وقال في بعض كتابه : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (4). يقول في الآية الأولى : إنّ محمّداً حين يموت، يقول أهل الخلاف لأمر اللّه عزّ وجلّ : مضت ليلة القدر مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فهذه فتنة أصابتهم خاصّة، وبها ارتدوا على أعقابهم، لأنهم إن قالوا : لم تذهب فلا بد أن يكون اللّه عزّ وجلّ فيها أمر، وإذا أقروا بالأمر لم يكن له من صاحب بد (5).

5 - وعن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال كان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كثيراً ما يقول: [ما] اجتمع التيمي والعدوي عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو يقرأ : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) بتخشع وبكاء فيقولان : ما أشدَّ رقتك لهذه السورة؟ فيقول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): لما رأت عيني ووعا قلبي ولما برى قلب هذا (6) من بعدي فيقولان : وما الّذي رأيت وما الّذي يرى قال : فيكتب لهما في التراب (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ). قال : ثمَّ يقول : هل بقي شيء بعد قوله عزّ وجلّ : (كلّ أمر) فيقولان :لا، فيقول : هل تعلمان من النزل إليه بذلك؟ فيقولان : أنت يا رسول اللّه، فيقول : نعم. فيقول : هل تكون ليلة القدري من بعدي؟ فيقولان : نعم قال : فيقول: فهل ينزل ذلك فيها؟ فيقولان : نعم، قال: فيقول : إلى مَن؟ فيقولان: لا ندري، فيأخذ برأسي ويقول : إن لم تدريا فادريا هو هذا من بعدي قال : فإن كانا ليعرفان تلك الليلة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من شدّة ما بداخلهما من الرعب.

٦ - وعن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يا معشر الشيعة خاصموا (7) بسورة إنا أنزلناه تفلجوا، فواللّه إنّها لحجة اللّه تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وإنّها لسيدة دينكم، وإنها لغاية علمنا، يا معشر الشيعة خاصموا ب_ (حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا

ص: 304


1- أي قال عزّ وجلّ في بعض القرآن.
2- الأنفال/ ٢٥.
3- ظرف للظلم المستفاد من ظلموا المازندراني ٩/٦ وذلك الظلم هو إنكار هؤلاء المخالفين لليلة القدر بعد وفاة رسول اللّه وما ينزل فيها من أمر ولازمه إنكار الولي بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
4- آل عمران / ١٤٤.
5- أي إن أقروا بليلة القدر بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلازم ذلك الإقرار بأن لذلك الأمر ولياً يقوم بتحمله وتنفيذه وهو الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- المقصود بالمشار إليه أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- أي ناظروا وجادلوا المخالفين لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

مُنْذِرِينَ) فإنها لولاة الأمر خاصّة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، يا معشر الشيعة يقول اللّه تبارك وتعالى : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ) (1) قيل : يا أبا جعفر نذيرها محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال: صدقت، فهل كان نذير وهو حيٌّ من الْبَعَثَة (2) في أقطار الأرض ؛ فقال السائل : لا، قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أرأيتَ بعيثه أليس نذيره، كما أنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في بعثته من اللّه عزّ وجلّ نذير، فقال: بلى، قال: فكذلك لم يمت محمّد إلّا وله بعيث نذير قال : فإن قلت لا فقد ضيّع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من في أصلاب الرجال من أمته (3)، قال : وما يكفيهم القرآن ؟ قال : بلى إن وجدوا له مفسّراً. قال : وما فسّره رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ قال : بلى قد فسره لرجل واحد وفسّر للأمة شأن ذلك الرَّجل وهو عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قال السائل: يا أبا جعفر كان هذا أمر خاص لا يحتمله العامّة ؟ قال : أبى اللّه أن يُعبد إلّا سراً حتّى يأتي إبان أجله الّذي يُظهرُ فيه دينه، كما أنّه كان رسول اللّه مع خديجة مستتراً حتّى أمر بالإعلان قال السائل : ينبغي لصاحب هذا الدّين أن يكتم؟ قال: أو ما كتم عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم أسلم مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى ظهر أمره ؟ قال : بلى، قال: فكذلك أمرنا حتّى يبلغ الكتاب أجله

7 - وعن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لقد خلق اللّه جلّ ذكره ليلة القدر أوّل ما خلق الدنيا ولقد خلق فيها أوّل نبي يكون، وأول وصيّ يكون، ولقد قضى أن يكون في كلّ سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة، من جحد ذلك فقد ردَّ على اللّه عزّ وجلّ علمه، لأنّه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدّثون إلّا أن تكون عليهم حجّة بما يأتيهم في تلك الليلة، مع الحجّة التي يأتيهم بها جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قلت : والمحدّثون أيضاً يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ قال : أمّا الأنبياء والرسل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلا شك، ولا بدَّ لمن سواهم من أوّل يوم خلقت فيه الأرض إلى آخر فناء الدنيا أن تكون على أهل الأرض حجّة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى من أحبّ من عباده.

وأيم اللّه، لقد نزل الروح والملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم وأيم اللّه ما مات آدم إلّا وله وصي، وكلُّ من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الأمر فيها، ووضع لوصيه من بعده، وأيم اللّه

ص: 305


1- فاطر / ٢٤.
2- جمع بعيث وهو المبعوث والمرسل.
3- «أي كون النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نذيراً يستلزم أن يعين جماعة للإنذار من قبله، لأنه لم يكن يمكنه أن ينذر جميع الأمة بنفسه، فالصحابة الّذين كان يبعثهم لهداية الخلق كانوا نذراء من قبله كما أنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نذير من قبل اللّه. فلما سلّم السائل المقدمتين ألزمه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأنه لا بد أن يكون له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نائب في الإنذار بعد وفاته أيضاً وإلا لم ينذر جميع الأمة مع أنّه مبعوث إلى جميعهم... الخ» مرآة المجلسيّ 88/3.

إن كان النبيّ ليؤمر فيما يأتيه من الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن أوص إلى فلان، ولقد قال اللّه عزّ وجلّ في كتابه لولاة الأمر من بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خاصّة : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ - إلى قوله - فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ (1) يقول : أستخلفكم لعلمي (2) وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتّى يبعث النبيّ الّذي يليه (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) يقول : يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فمن قال غير ذلك (فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) فقد مكن ولاة الأمر بعد محمّد بالعلم ونحن هم فاسألونا فإن صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين، أما علمنا فظاهر، وأما إبان أجلنا الّذي يظهر فيه الدّين منا حتّى لا يكون بين النّاس اختلاف، فإن له أجلا من ممر الليالي والأيام إذا أتى ظهر، وكان الأمر واحداً(3) وأيم اللّه لقد قضي الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، ولذلك جعلهم شهداء على النّاس ليشهد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علينا ولنشهد على شيعتنا، ولتشهد شيعتنا على النّاس أبى اللّه عزّ وجلّ أن يكون في حكمه اختلاف أو بين أهل علمه (4) تناقض.

ثمَّ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فضل إيمان المؤمن بحمله (إنا أنزلناه) وبتفسيرها على من ليس مثله في الإيمان بها، كفضل الإنسان على البهائم، وإنَّ اللّه عزّ وجلّ ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا - لكمال عذاب الآخرة لمن (5) علم أنّه لا يتوب منهم _ ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين، ولا أعلم أنَّ في هذا الزمان (6) جهاداً إلّا الحج والعمرة والجوار (7).

8 - قال (8) : وقال رجل لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا ابن رسول اللّه لا تغضب عليّ. قال : لماذا؟ :قال : لما أريد أن أسألك عنه، قال : قل قال : ولا تغضب؟ قال : ولا أغضب. قال : أرأيت قولك في ليلة القدر، وتنزل الملائكة والروّح فيها إلى الأوصياء، يأتونهم بأمر لم يكن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد علمه؟ أو يأتونهم بأمر كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعلمه؟ وقد علمت أنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

ص: 306


1- النور/ ٥٥.
2- أي لحفظ هذه الأمور ونشرها بين الخلق.
3- أي تضمحل الأديان والمعتقدات الفاسدة كلها ولا يبقى غير الإسلام.
4- أهل العلم هم أئمة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، إذ لا تناقض بين قول واحد منهم وقول الآخر لآن منبع علمهم جميعاً واحد.
5- «أي كون الدفع لكمال عذاب الآخرة وشدته إنّما هو لمن علم أنّه لا يتوب، وأما من علم أنّه يتوب فإنما يدفع لعلمه بذلك» مرآة المجلسيّ ٩٥/٣.
6- أي زمان وجود الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، حيث لم تكن شرائطه متحققة بتمامها.
7- أي حفظ حق الجوار، أو المقصود به الأمان والعهد.
8- بنفس سند الرواية السابقة.

مات وليس من علمه شيء إلّا وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) له واع، قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما لي ولك أيّها الرَّجل ومن

أدخلك عليّ؟ قال : أدخلني عليك القضاء لطلب الدّين قال : فافهم ما أقول لك. إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما أسري به لم يهبط حتّى أعلمه اللّه جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون، وكان كثير من علمه ذلك جملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر، وكذلك كان عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر، كما كان مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال السائل : أو ما كان في الجمل تفسير ؟ قال : بلى ولكنه إنّما يأتي بالأمر من اللّه تعالى في ليالي القدر إلى النبيّ وإلى الأوصياء : افعل كذا وكذا الأمر قد كانوا علموه، أمروا كيف يعملون فيه؟ قلت : فسر لي هذا؟ قال : لم يمت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلّا حافظاً لجملة العلم وتفسيره، قلت: فالّذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو ؟ قال : الأمر واليسر فيما كان قد علم، قال السائل : فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا ؟ قال هذا ممّا أمروا بكتمانه، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلّا اللّه عزّ وجلّ.

قال السائل : فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟ قال : لا وكيف يعلم وصي غير علم ما أوصي إليه، قال السائل : فهل يسعنا أن نقول : إنَّ أحداً من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال : لا لم يمت نبي إلّا وعلمه في جوف وصيّه، وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الّذي يحكم به بين العباد، قال السائل : وما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: بلى قد علموه ولكنَّهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتّى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة، قال السائل : يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا ؟ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من أنكره فليس منّا.

قال السائل : يا أبا جعفر أرأيت النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هل كان يأتيه في ليالي القدر شيء لم يكن علمه؟ قال: لا يحلُّ لك أن تسأل عن هذا (1)، أما علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبي ولا وصي إلّا والوصي الّذي بعده يعلمه، أما هذا العلم الّذي تسأل عنه فإنَّ اللّه عزّ وجلّ أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلّا أنفسهم، قال السائل : يا ابن رسول اللّه : كيف أعرف أنَّ ليلة القدر تكون في كلّ سنة؟ قال : إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كلّ ليلة مائة مرة فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنّك ناظر (2) إلى تصديق الّذي سألت عنه

ص: 307


1- قول الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) لهذا السائل لا يحل الخ «فهو إما لقصوره - أي السائل - عن فهم معنى البداء، أو لأن توضيح ما نزل في ليلة القدر والعلم بخصوصياته لا يمكن لسائر النّاس غير الأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ) الإحاطة به» مرآة المجلسيّ 97/3.
2- هذا دليل على أن ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة القدر مع عظمة ليلة التاسع عشر وليلة العشرين، والظاهر أنّه بقراءة سورة الدخان مائة مرة كلّ ليلة من ليالي الشهر المبارك يكون سبباً في حصول إمارة ليلة الثالث والعشرين تدل على أنّها هي ليلة القدر.

9 - وقال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لما ترون من بعثه اللّه عزّ وجلّ للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأزواجهم أكثر ممّا ترون خليفة اللّه الّذي بعثه للعدل والصواب من الملائكة (1)، قيل : يا أبا جعفر وكيف يكون شيء أكثر من الملائكة؟ قال: كما شاء اللّه عزّ وجلّ. قال السائل : يا أبا جعفر إنّي لو حدثت بعض الشيعة بهذا الحديث لأنكروه. قال : كيف ينكرونه؟ قال، يقولون: إن الملائكة (عَلَيهِ السَّلَامُ) أكثر من الشياطين. قال : صدقت افهم عنّي ما أقول : إنّه ليس من يوم ولا ليلة إلّا وجميع الجن والشياطين تزور أئمة الضلالة، ويزور إمام الهدى عددهم من الملائكة حتّى إذا أتت ليلة القدر، فيهبط فيها من الملائكة إلى ولي الأمر، خلق اللّه أو قال قيض اللّه - عزّ وجلّ من الشياطين بعددهم ثمَّ زاروا ولي الضلالة فأتوه بالإفك والكذب حتّى لعله يصبح فيقول: رأيت كذا وكذا، فلو سأل ولي الأمر عن ذلك لقال رأيت شيطاناً أخبرك بكذا وكذا حتّى يفسّر له تفسيراً ويعلمه الضلالة التي هو عليها.

وأيم اللّه إنَّ من صدّق بليلة القدر، ليعلم أنّها لنا خاصّة لقول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين دنا موته : هذا وليكم من بعدي فإن أطعتموه رشدتم، ولكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر، ومن آمن بليلة القدر ممّن على غير رأينا فإنّه لا يسعه في الصدق إلّا أن يقول، إنّها لنا، ومن لم يقل فإنّه كاذب، إنّ اللّه عزّ وجلّ أعظم من أن ينزّل الأمر مع الروح والملائكة إلى كافر فاسق، فإن قال : إنّه ينزل إلى الخليفة الّذي هو عليها فليس قولهم ذلك بشيء، وإن قالوا إنّه ليس ينزل إلى أحد فلا يكون أن ينزل شيء إلى غير شيء، وإن قالوا _ وسيقولون _ : ليس هذا بشيء فقد ضلّوا ضلالاً بعيداً.

98 - باب في أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يزدادون في ليلة الجمعة

1 - حدَّثني أحمد بن إدريس القميّ ومحمّد بن يحيى، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ عن موسى بن سعدان عن عبد اللّه بن أيّوب، عن أبي يحيى الصنعاني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي: يا أبا يحيى إن لنا في ليالي الجمعة لشأناً (2) من الشأن، قال قلت جعلت فداك وما

ص: 308


1- أي أن الّذي ترونه بعثه اللّه من الملائكة مع خليفة اللّه وهو الإمام المعصوم أقل من الّذي ترونه ممّن بعثه اللّه من الشياطين وأخبارهم على الكافرين والمنافقين من أهل الشقاء تؤزهم أزاً.
2- أي لحالاً أو لأمراً والتنكبر للتعظيم.

ذاك الشأن قال : يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأرواح الأوصياء الموتى(1) وروح الوصي الّذي بين ظهرانيكم، يعرج بها إلى السماء حتّى توافي عرش ربها، فتطوف به أسبوعاً وتصلّي عند كلّ قائمة من قوائم العرش ركعتين، ثمَّ ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سروراً ويصبح الوصي الّذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جمّ الغفير (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن جعفر بن محمّد الكوفيّ، عن يوسف الأبزاري، عن المفضّل قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذات يوم وكان لا يكتيني قبل ذلك : يا أبا عبد اللّه قال : قلت : لبيك، قال : إن لنا في كلّ ليلة جمعة سروراً. قلت : زادك اللّه وما ذاك؟ قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) العرش ووافى الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) معه ووافينا معهم، فلا ترد أرواحنا إلى أبداننا إلّا بعلم مستفاد، ولولا ذلك لأنفدنا (3).

3 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد اللّه بن محمّد، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس أو المفضّل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : ما من ليلة جمعة إلّا ولأولياء اللّه فيها سرور. قلت : كيف ذلك؟ جعلت فداك. قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) العرش ووافى الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ووافيت معهم فما أرجع إلّا بعلم مستفاد ولولا ذلك لنفد ما عندي.

99 - باب

لولا أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يزدادون لنفد ما عندهم

1 - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن صفوان بن يحيى قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كان جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لولا أنا نزداد لأنفدنا .

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن صفوان، عن أبي الحسن مثله.

ص: 309


1- كرر تعبير الموتى للإشارة إلى أن الأنبياء والأوصياء تجري فيهم سنة الموت كما تجري في غيرهم من الناس.
2- الجسم الاجتماع والكثرة، والغفير من الغفر وهو التغطية والستر والمعنى - واللّه العالم _ أن ما يصير محتوماً من علم الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) الحاضر في ليلة الجمعة هو مواز لعلوم أولئك الأنبياء والأوصياء في حال اجتماعهم وكثرتهم.
3- أي لنقد علمنا وانتهى.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ذريح المحاربي قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ذريح لولا أنا نزداد الأنفدنا.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي نصر، عن ثعلبة، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لولا أنا نزداد الأنفدنا، قال: قلت: تزدادون شيئاً لا يعلمه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ قال: أما إنَّه إذا كان ذلك عرض على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثمَّ على الأئمّة ثمَّ انتهى الأمر إلينا.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ليس يخرج شيء من عند اللّه عزّ وجلّ حتّى يبدأ برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثمَّ بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمَّ بواحدٍ بعد واحد (1)، لكيلا يكون آخرنا أعلم من أوّلنا.

١٠٠ - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمُّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن عبد اللّه بن القاسم، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ اللّه تبارك وتعالى علمين : علماً أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله، فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه وعلماً استأثر به (2) فإذا بد للّه (3) في شيء منه أعلمنا ذلك، وعرض على الأئمّة الّذين كانوا من قبلنا.

عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم، ومحمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ جميعاً، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن

ص: 310


1- أي من أئمة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
2- أي اختص به نفسه فلم يظهر عليه نبياً مرسلاً ولا ملكاً مقرباً.
3- أي اقتضت المصلحة في علمه سبحانه إبداء شيء منه وإظهاره.

محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ اللّه عزّ وجلّ علمين : علماً عنده لم يطلع عليه أحداً من خلقه، وعلماً نبذه إلى ملائكته ورسله، فما نبذه إلى ملائكته ورسله فقد انتهى إلينا.

3 - عليّ بن إبراهيم عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن ضريس، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن اللّه عزّ وجلّ علمين : علم مبذول، وعلم مكفوف (1) فأما المبذول فإنّه ليس من شيء تعلمه الملائكة والرُّسل إلّا نحن نعلمه، وأما المكفوف فهو الّذي عند اللّه عزّ وجلّ في أم الكتاب (2) إذا خرج نفذ.

٤ _ أبو علي الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن سويد القلا، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ علمين علم لا يعلمه إلّا هو وعلم علمه ملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فنحن نعلمه.

١٠١ - باب نادر فيه ذكر الغيب

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال : سأل أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) رجلٌ من أهل فارس فقال له : أتعلمون الغيب؟ فقال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يُبْسَطُ لنا العلم فنعلم ويُقْبَضُ عنا فلا نعلم (3)، وقال : سرُّ اللّه عزّ وجلّ أسرّه إلى جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأسره جبرئيل إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وأسره محمّد إلى من شاء اللّه (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن سدير الصيرفي قال : سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عن قول اللّه عزّ وجلّ : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (5) قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ اللّه عزّ وجلّ ابتدع الأشياء كلّها بعلمه على غير مثال كان قبله، فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهنَّ سماوات ولا

ص: 311


1- «هو العلم بالشيء الّذي فيه المشيئة فلا يقضيه ولا يمضيه إذا شاء ويقضيه ويمضيه إذا شاء فإذا أقضاه وأمضاه أظهره لهم وإذا أظهره نفذه» المازندراني ٢٧/٦.
2- هو اللوح المحفوظ.
3- أي نعلم منه ما يريد اللّه أن يطلعنا عليه.
4- أي علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ومن بعده باقي الأئمّة المعصومين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- الأنعام / ١٠١.

أرضون، أما تسمع لقوله تعالى : (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) (1).

فقال له حمران : أرأيت قوله جلّ ذكره : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا) (2). فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) (3) وكان واللّه محمّد ممّن ارتضاه، وأما قوله (عَالِمُ الْغَيْبِ) فإن اللّه عزّ وجلّ عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدّر من شيء، ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه، وقبل أن يُفضيه إلى الملائكة، فذلك يا حمران علم موقوف عنده إليه فيه المشيئة، فيقضيه إذا أراد، ويبدوله فيه فلا يمضيه، فأما العلم الّذي يقدّره اللّه عزّ وجلّ فيقضيه ويمضيه فهو العلم الّذي انتهى إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثمَّ إلينا.

٣ - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن عن عباد بن سليمان، عن محمّد بن سلیمان، عن أبيه، عن سدير (4) قال : كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا خرج إلينا وهو مغضب، فلما أخذ مجلسه قال : يا عجباً لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب، ما يعلم الغيب إلّا اللّه عزّ وجلّ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت مني فما. علمت في أي بيوت الدَّارهي. قال سدير: فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير وميسر وقلنا له : جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أَنَّكَ تعلم علماً كثيراً ولا ننسبك إلى علم الغيب. قال : فقال : يا سدير: ألم تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قال: فهل وجدت فيما قرأت من كتاب اللّه عزّ وجلّ : (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) (5) قال : قلت : جعلت فداك قد قرأته، قال: فهل عرفت الرَّجل ؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال: قلت: أخبرني به؟ قال : قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر (6) فما يكون ذلك من علم الكتاب؟! قال: قلت جعلت فداك ما أقل هذا، فقال يا سدير ما أكثر هذا (7) ؛ أن ينسبه اللّه عزّ وجلّ إلى العلم الّذي أخبرك به. يا سدير : فهل وجدت فيما قرأت من كتاب اللّه عزّ وجلّ أيضاً : (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ

ص: 312


1- هود.
2- الجن / ٢٦ - ٢٧. والمقصود بالرسول صنفه أي الرسل، إذ أن العلم بالغيب ممّا يدل على صدق مدعاهم للنبوة والرسالة.
3- الجن / ٢٦ - ٢٧. والمقصود بالرسول صنفه أي الرسل، إذ أن العلم بالغيب ممّا يدل على صدق مدعاهم للنبوة والرسالة.
4- الظاهر أنّه سدير بن حكيم الصيرفي الكوفيّ.
5- النمل / ٤٠.
6- «هو المحيط يسمى بذلك لخضرته وسواده بسبب كثرة مائه» مرآة المجلسيّ 113/3.
7- «تعجب في كثرته وعظمته بالنظر إلى ذاته من جهة أنّه تعالى ينسبه إلى العلم الّذي أخبرك به وهو العلم الّذي ترتب عليه الأثر العظيم» المازندراني ٣٢/٦.

وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) (1) قال : قلت : قد قرأته جعلت فداك. قال : أفمن عنده علم الكتاب كلّه أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه؟ قلت : لا، بل من عنده علم الكتاب كله، قال : فأومأ بيده إلى صدره وقال : علم الكتاب واللّه كله عندنا علم الكتاب واللّه كله عندنا.

٤ - أحمد بن محمّد عن محمّد بن الحسن عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد عن مصدّق بن صدقة،، عن عمّار الساباطي قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الإمام يعلم الغيب؟ فقال : لا ولكن إذا أراد أن يعلم الشيء أعلمه اللّه ذلك(2).

102 - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) إذا شاؤوا أن يعلموا علموا

1 - عليّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان عن بدر بن الوليد، عن أبي الربيع الشامي (3)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ الإمام إذا شاء أن يعلم عَلِمَ (4).

٢ - أبو علي الأشعريّ عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ابن مسكان عن بدر بن الوليد، عن أبي الربيع، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ الإمام إذا شاء أن يعلم أعلم.

3 - محمّد بن يحيى عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن أبي عبيدة المدائني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا أراد الإمام أن يعلم شيئ أعلمه اللّه ذلك.

١٠٣ - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم

1 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن سليمان بن سماعة وعبد اللّه بن

ص: 313


1- الرعد/ ٤٣.
2- «دل على أن علم الغيب علم غير مستفاد كعلم اللّه تعالى، وعلم الإمام لما كان مستفاداً منه تعالى لا يكون علماً بالغيب حقيقة. وقد بسمى أيضاً علماً بالغيب نظراً إلى تعلقه بالأمور الغائبة وبه يجمع بين الأخبار التي دل بعضها على أنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) عالمون بالغيب ودل بعضها على أنهم غير عالمين به» المازندراني ٣٢/٦.
3- واسمه خليد بن أوفى ويقال خالد.
4- وقد يُقرأ على البناء للمجهول (عُلِّم) وقد تكون الرواية التالية قرينة عليه أو مؤيدة للقراءة على المجهور.

محمّد، عن عبد اللّه بن القاسم البطل، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أي إمام لا يعلم ما يصيبه (1) وإلى ما يصير (2)، فليس ذلك بحجة اللّه على خلقه.

٢ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محمّد بن بشار قال: حدَّثني شيخ من أهل قطيعة الربيع (3) من العامّة ببغداد ممّن كان ينقل عنه، قال: قال لي : قد رأيت بعض من يقولون بفضله من أهل هذا البيت فما رأيت مثله قط في فضله ونسكه فقلت له من؟ وكيف رأيته؟ قال : جُمِعْنا أيّام السّندِي بن شَاهَك (4) ثمانين رجلاً ثمانين رجلا من الوجوه المنسوبين إلى الخير(5)، فأدخلنا على موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ). فقال لنا السندي : يا هؤلاء انظروا إلى هذا الرَّجل هل حدث به حدث (6)؟ فإنَّ النّاس يزعمون أنّه قد فعل به (7) ويكثرون (8) في ذلك، وهذا منزله وفراشه موسّع عليه غير مضيق ولم يرد به أمير المؤمنين سوءاً وإنّما ينتظر به أن يقدم فيناظر أمير المؤمنين وهذا هو صحيح موسّع عليه في جميع أموره، فسلوه، قال: ونحن ليس لنا هم إلّا النظر إلى الرَّجل وإلى فضله وسمته (9) فقال موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما ما ذكر من التوسعة وما أشبهها فهو على ما ذكر، غير أني أخبركم أيّها النفر أني قد سقيت السم في سبع تمرات وأنا غداً أخضر وبعد غد أموت. قال : فنظرت إلى السندي بن شاهك يضطرب ويرتعد مثل السَعَفَة (10).

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن عبد اللّه بن أبي جعفر (11) قال : حدَّثني أخي، عن جعفر (12)، عن أبيه أنّه أتى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليلة قبض فيها بشراب فقال : يا أبتِ اشرب هذا فقال : يا بني إنّ هذه الليلة التي أقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

ص: 314


1- «أي من الخير والشر والعافية والبلاء في مدة عمره» مرآة المجلسيّ ١١٩/٣.
2- «أي من الموت أو الشهادة» ن. م.
3- هي محلة ببغداد من جملة محال أقطعها المنصور لبعض الأعيان في مملكته، والربيع هو ابن يونس.
4- هو أحد زبانية هارون الرشيد وكان له سجن قد سمي باسمه.
5- أي من الوجهاء المعروفين بالصلاح.
6- أي مكروه.
7- أي قتل.
8- أي الحديث.
9- أي هيئته الوقورة المهيبة ومنظره الّذي يطفح بالخير والصلاح.
10- جريدة النخل بأوراقها.
11- أي أبو جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
12- أني الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٤ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن محمّد بن عبد الحميد، عن الحسن بن الجهم قال : قلت للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد عرف قاتله، والليلة التي يقتل فيها، والموضع الّذي يقتل فيه، وقوله لما سمع صياح الأوز في الدار : صوائح تتبعها نوائح، وقول أمّ كلثوم : لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلي بالناس، فأبى عليها، وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح، وقد عرف (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ ابن ملجم لعنه اللّه قاتله بالسيف كان هذا ممّا لم يجز (1) تعرُّضه ؛ فقال : ذلك كان ولكنّه خُيّر في تلك الليلة، لتمضي مقادير اللّه عزّ وجلّ.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ غضب على الشيعة (2) فخيّرني نفسي أوهم؛ فوقيتهم واللّه بنفسي.

٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن مسافر أنَّ ابا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال له : يا مسافر (3) هذه القناة فيها حيتان؟ قال : نعم جعلت فداك، فقال : إني رأيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) البارحة وهو يقول : يا علي ما عندنا خير لك (4).

٧ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كنت عند أبي في اليوم الّذي قبض فيه فأوصاني بأشياء في غسله وفي كفنه وفي دخوله قبره فقلت يا أباه واللّه ما رأيتك منذ اشتكيت (5) أحسن منك اليوم، ما رأيت عليك أثر الموت فقال : يا بني : أما سمعت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ينادي من وراء الجدار يا محمّد تعال، عجل (6)؟

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، - عن عبد الملك بن أعين عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أنزل اللّه تعالى النصر على الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى كان [ما] بين السماء والأرض ثمَّ خُيّر (7) : النصر، أو لقاء اللّه، فاختار لقاء اللّه تعالى.

ص: 315


1- «ومنشأ الاعتراض أن حفظ النفس واجب شرعاً وعقلاً ولا يجوز إلقاؤها إلى التهلكة. فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): خيره اللّه بين البقاء واللقاء فاختار لقاء الله» مرآة المجلسي.123/3. وفي بعض النسخ بدل (يجز) (يحل) وفي بعضها (يحسن).
2- «الكثرة مخالفتهم وقلة إطاعتهم وعدم نصرتهم للإمام الحقّ» المازندراني ٣٧/٦.
3- «أي علمي بحقية ما أقول كعلمي بكون الحيتان في هذا الماء» مرآة المجلسيّ 1027/3.
4- أي من النعيم المقيم فى الجنة خير لك ممّا أنت فيه في الدنيا
5- أي مرضت.
6- أي أقبل بسرعة علينا في دار المقام.
7- أي خير بين النصر أو الشهادة عندما أصبح الملائكة الّذين هم سبب النصر بين السماء والأرض ولم يصلوا بعد لنجدته. وقد علّق المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) فقال : وكأن هذه الأخبار ممّا لا تكاد تصح إلّا بالقول بالأجساد المثالية» فراجع مرآة المجلسيّ ١٢٨/٣.

١٠٤ - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء صلوات اللّه عليهم

1 - أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد اللّه بن حماد، عن سيف التمار :قال كنا مع أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) جماعةً من الشيعة في الحِجر (1) فقال : علينا عين (2)؟ فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحداً فقلنا : ليس علينا عين فقال : وربّ الكعبة وربّ البنية (3) - ثلاث مرَّات - لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أنّي أعلم منهما ولأنبئتهما بما ليس في أيديهما، لأن موسى والخضر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون (4) وما هو كائن حتّى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وراثة.

2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن يونس بن يعقوب، عن الحارث بن المغيرة وعدة من أصحابنا منهم عبد الأعلى وأبو عبيدة وعبد اللّه بن بشر الخثعمي سمعوا أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّي لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وأعلم ما في الجنّة وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون قال : ثمَّ مكث هنيئة فرأى أنَّ ذلك كبر على من سمعه منه فقال : علمت ذلك من كتاب اللّه عزّ وجلّ، إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : فيه تبيان كلّ شيء(5).

3 - عليّ بن محمّد، عن سهل، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن جماعة بن سعد الخثعمي أنّه قال : كان المفضّل عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له المفضّل : جعلت فداك، يفرض اللّه طاعة عبد على العباد ويحجب عنه خبر السماء ؟ قال : لا، اللّه أكرم وأرحم وأرأف بعباده من أن يفرض طاعة عبد على العباد ثمَّ يحجب عنه خبر السماء (6) صباحاً ومساء.

ص: 316


1- أي حجر إسماعيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند البيت الحرام.
2- أي جاسوس يراقبنا.
3- أي الكعبة المشرفة.
4- أي لم يعطيا جميع علم ذاك بل بعضه.
5- نقل (عَلَيهِ السَّلَامُ) الآية 89 من سورة النحل «ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكلّ شيء».
6- أي الخبر النازل من السماء سواء نزل عليه بالتحديث أو نزل على من قبله» مرآة المجلسيّ ١٣٠/٣.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن، ضريس الكناسي قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول - وعنده أناس من أصحابه - : عجبت من قوم يتولونا ويجعلونا أئمة ويصفون أن طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثمَّ يكسرون حجّتهم ويخصمون أنفسهم (1) بضعف قلوبهم، فينقصونا حقنا، ويعيبون ذلك على من أعطاه اللّه برهان حق معرفتنا والتسليم لأمرنا أترون أنَّ اللّه تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده، ثمَّ يُخفي عنهم أخبار السماوات والأرض ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم ممّا فيه قوام دينهم؟! فقال له حمران (2) : جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي أبي طالب والحسن والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وخروجهم وقيامهم بدين اللّه عزّ ذكره، وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتّى قتلوا وغُلِبوا ؟ فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) : يا حمران : إن اللّه تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار، ثمَّ أجراه فبتقدم علم إليهم من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قام علي والحسن والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وبعلم صمت من صمت منا، ولو أنّهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل من أمر اللّه عزّ وجلّ وإظهار الطواغيت عليهم سألوا اللّه عزّ وجلّ أن يدفع عنهم ذلك وألحوا عليه في طلب إزالة ملك الطواغيت وذهاب ملكهم، إذاً لأجابهم ودفع ذلك عنهم، ثمَّ كان انقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد، وما كان ذلك الّذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه ولا لعقوبة معصية خالفوا اللّه فيها، ولكن المنازل وكرامة من اللّه أراد أن يلعوها، فلا تذهبنَّ بك المذاهب فيهم.

٥ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمنى عن خمسمائة حرف (4) من الكلام فأقبلت أقول : يقولون كذا وكذا قال : فيقول : قل كذا وكذا، قلت : جعلت فداك هذا الحلال وهذا الحرام، أعلم أنك صاحبه وأنّك أعلم النّاس به وهذا هو الكلام، فقال لي : ويك(5) يا هشام [لا] يحتج اللّه تبارك وتعالى على

ص: 317


1- «لأن حجتهم على المخالفين بأن إمامهم أعلم من إمامهم فإذا قالوا بأن إمامهم ليس عالماً بجميع الأشياء فقد كسروا حجتهم وخصموا أنفسهم إذ للمخالفين أن يقولوا : لا فرق بيننا وبينكم في أن إمامنا وإمامكم سواء في العلم وعدمه» المازندراني ٤٠/٦.
2- «كأنه قال : إن كان لهم العلم بجميع الأمور لم أقدموا على ما فيه هلاكهم ممّا ذكر» المازندراني ٤٠/٦.
3- «وحاصل الجواب : أنّه كان لهم علم بذلك بإخبار الرسول وأقدموا عليه بعد تقدير اللّه تعالى ذلك وأمره إياهم على سبيل التخيير بينه وبين عدمه وقضائه وإمضائه بعد اختيارهم ليبلغوا درجة الشهادة ومحل الكرامة منه تعالى. ولئلا يبقى للخلق حجة عليه بسكوت الجميع وقعودهم. ومن لم يقدم منا كان ذلك أيضاً بأمره جل شأنه لمصلحة» المازندراني ٤٠/٦.
4- أي خمسمائة مسألة من علم الكلام.
5- (وَى) كلمة تعجب وقيل : زجر، والكاف للخطاب.

خلقه بحجّة لا يكون عنده كلّ ما يحتاجون إليه.

٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا واللّه لا يكون عالمٌ (1) جاهلاً أبداً، عالماً بشيء جاهلاً بشيء، ثمَّ قال : اللّه أجلَّ وأعزُّ وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه وأرضه، ثمَّ قال : لا يحجب ذلك عنه.

١٠٥ _ باب أن اللّه عزّ وجلّ لم يُعلّم نبيّه علماً إلا أمره أن يُعلّمه أمير المؤمنين وأنه كان شريكه في العلم

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن عبد اللّه بن سليمان، عن حمران بن أعين عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) برمانتين فأكل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إحداهما وكسر الأخرى بنصفين فأكل نصفاً وأطعم عليّاً نصفاً، ثمَّ قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان؟ قال: لا، قال : أمّا الأولى فالنبوّة، ليس لك فيها نصيب وأما الأخرى فالعلم أنت شريكي فيه، فقلت: أصلحك اللّه كيف كان؟، يكون شريكه فيه؟ قال : لم يعلم اللّه محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علماً إلّا وأمره أن يعلمه عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

٢ - عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبن أذينة عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) برمانتين من الجنّة فأعطاه إياهما فأكل واحدة وكسر الأخرى بنصفين، فأعطى عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) نصفها فأكلها ؛ فقال يا علي أما الرمانة الأولى التي أكلتها فالنبوّة (3) ليس لك فيها شيء، وأما الأخرى فهو العلم فأنت شريكي فيه.

٣ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عبد الحميد، عن منصور بن يونس، عن ابن أذينة، عن محمّد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : نزل جبرئيل على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) برمانتين من الجنّة، فلقيه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك ؟ فقال : أما هذه فالنبوّة، ليس لك فيها نصيب، وأما هذه فالعلم، ثمَّ فلقها رسول

ص: 318


1- المراد بالعالم الإمام الّذي هو حجة على الخلق.
2- قد يستشعر من هذا الحديث أن النبوّة تعلو درجة الإمامة بثلاث مراتب.
3- أي بإزاء النبوّة، والأخرى بإزاء العلم.

اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بنصفين فأعطاه نصفها وأخذ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نصفها ثمَّ قال : أنت شريكي فيه(1) وأنا شريكك فيه، قال : فلم يعلم واللّه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حرفاً ممّا علّمه اللّه عزّ وجلّ، إلّا وقد علّمه عليّاً، ثمَّ انتهى العلم إلينا، ثمَّ وضع يده على صدره.

١٠٦ - باب جهات علوم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن عمه حمزة بن بزيع، عن علي السائي(2) عن أبي الحسن الأوّل موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : مبلغ علمنا (3) على ثلاثة وجوه ماض وغابر (4) وحادث فأما الماضي فمفسّر (5)، وأما الغابر فمزبور (6) وأما : الحادث (7) فقذف في القلوب (8)، ونقر في الأسماع (9) وهو أفضل علمنا (10). ولا نبي بعد نبيّنا.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر عن عليّ بن موسى، عن صفوان بن يحيى، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) [قال] قلت : أخبرني عن علم عالمكم؟ قال : وراثة من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت: إنا نتحدّث أنّه يقذف في قلوبكم وينكت في آذانكم قال : أو ذاك (11).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عمّن حدّثه عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : روّينا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : إنَّ علمنا غابر ومزبور ونكت في القلوب ونقر في الأسماع، فقال: أما الغابر فما تقدَّم من علمنا، وأما المزبور فما يأتينا، وأما النكت في القلوب فإلهام، وأمّا النقر في الأسماع فأمر الملك

ص: 319


1- أي في العلم.
2- هو ابن سويد والسائي نسبة إلى قرية من أعمال المدينة المنورة يقال لها ساية.
3- أي محل بلوغه ومجاله.
4- أي ما تعلق بالمستقبل، ويقال بأن (غابر) من الأضداد أي يشمل ما يتعلق بالماضي أيضاً.
5- أي من قبل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
6- أي مكتوب لنا في الجامعة ومصحف فاطمة وغيرها» مرآة المجلسيّ ١٣٦/٣.
7- أي المتجدد.
8- أي بإلهام منه سبحانه كما سوف تفسره رواية آتية.
9- ويتم ذلك بتحدث ملك معهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإن لم يرو شخصه.
10- ووجه الأفضلية اختصاص هذا النوع من العلم بهم دون باقي الناس.
11- يعني قد يكون علمنا وراثة عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد يكون ما ذكرت من النكت وهو النقر أو تحديث الملك لهم.

١٠٧ - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لو ستر عليهم لأخبروا كلّ امرىء بما لَهُ وعليه

١ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن - أيّوب، عن أبان بن عثمان، عن عبد الواحد بن المختار قال قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): لو كان الألسنتكم أوكية (1) لحدَّثت كلّ امرىء بما له (2) وعليه (3).

2 - وبهذا الإسناد عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن عبد اللّه بن مسکان قال : سمعت أبا بصير يقول : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من أين أصاب أصحاب علي ما أصابهم مع علمهم بمناياهم وبلاياهم؟ قال: فأجابني - شبه المغضب - : ممّن ذلك إلّا منهم ؟! فقلت : ما يمنعك جعلت فداك ؟ قال : ذلك باب أغلق إلّا أنَّ الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتح منه شيئاً يسيراً. ثمَّ قال : يا أبا محمّد؛ إِنَّ أولئك كانت على أفواههم أوكية (4).

108 - باب التفويض إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وإلى الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) في أمر الدّين

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر عن عليّ بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن أبي إسحاق النحوي (5) قال : دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسمعته يقول : إنَّ اللّه عزّ وجلّ أدَّب نبيّه على محبته فقال : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (6). ثمَّ فوَّض إليه فقال عزّ وجلّ : ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (7) وقال عزّ وجلّ: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) (8) قال : ثمَّ قال : وإن نبي اللّه فوض إلى عليّ وائتمنه فسلّمتم له وجحد الناس، فواللّه لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا وأن تصمتوا إذا صمتنا ونحن فيما بينكم وبين اللّه

ص: 320


1- «جمع وكاء وهو رباط القربة وغيرها، شبه الحالة التي تمنع الإنسان عن التكلم بما يضره بالوكاء» المازندراني ٤٥/٦.
2- «أي من المنافع».
3- «من البلايا والمضار» مرآة المجلسيّ 139/3.
4- أي أن أصحاب الحسين «كانوا كاتمين للأسرار فلذا أخبرهم، وأنتم مذيعون لها فلذا لم يخبركم» مرأة المجلسيّ ١٤٠/٣.
5- واسمه ثعلبة بن ميمون فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي ١٩/٢١.
6- القلم / ٤ .
7- الحشر / 7.
8- النساء / ٨٠.

عزّ وجلّ، ما جعل اللّه لأحد خيراً في خلاف أمرنا.

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن نجران (1)، عن عاصم بن حميد، عن أبي إسحاق (2) قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول ثمَّ ذكر نحوه.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس عن بكار بن بكر، عن موسى بن أشيم قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسأله رجل عن آية من كتاب اللّه عزّ وجلّ، فأخبره بها، ثمَّ دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر [به] الأول، فدخلني من ذلك ما شاء اللّه، حتّى كأن قلبي يشرح بالسكاكين فقلت في نفسي : تركت أبا قتادة (3) بالشام لا يُخطىء في الواو، وشبهه، وجئت إلى هذا يخطىء هذا الخطأ كلّه، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني (4) وأخبر صاحبي، فسكنت نفسي، فعلمت أنّ ذلك منه تقيّة، قال : ثمَّ التفت إليَّ فقال لي : يا ابن أشيم إنّ اللّه عزّ وجلّ فوّض إلى سليمان بن داود فقال : (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (5) وفوض إلى نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فما فوض إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقد فوّضه إلينا.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال عن ثعلبة عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر وأبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقولان : إن اللّه عزّ وجلّ فوَّض إلى نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم (6)، ثمَّ تلا هذه الآية : (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول لبعض أصحاب قيس الماصر (7) : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ أدب نبيّه فأحسن أدبه، فلما أكمل له الأدب قال : (إِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، ثمَّ فوَّض إليه أمر الدّين والأمة ليسوس عباده (8)، فقال عزّ وجلّ : (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وإنّ

ص: 321


1- واسمه عبد الرحمن.
2- أي النحوي وقد تقدم في الهامش رقم (2).
3- واسمه تميم بن نذير العدوي وكان من وجوه علماء أهل الخلاف للأئمة (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- «كأنه كان شريكاً للسائل الأوّل فيما أخبره به في الاستماع ولذا نسببه إلى نفسه» مرآة المجلسيّ ١٤٨/٣.
5- (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) / ٣٩.
6- أي اللّه أو لرسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
7- هو أحد تلامذة الإمام السجاد في علم الكلام.
8- أي ليرشدهم إلى ما فيه خيرهم في الدارين من خلال حلال اللّه وحرامه اللذين يتأديان بالأمر والنهي.

رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان مسدّداً موفقاً مؤيداً بروح القدس لا يزلُّ ولا يخطىء في شيء ممّا يسوس به الخلق، فتأدب بآداب اللّه. ثمَّ إِنَّ اللّه عزّ وجلّ فرض الصلاة ركعتين، ركعتين، عشر ركعات فأضاف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى الركعتين ركعتين وإلى المغرب ركعة فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركهنَّ إلّا في سفر، وأفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر فأجاز اللّه عزّ وجلّ له ذلك كله فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة، ثمَّ سنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) النوافل أربعاً وثلاثين ركعة مثلي الفريضة فأجاز اللّه عزّ وجلّ له ذلك، والفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالساً تعدُّ بركعة مكان الوتر، وفرض اللّه في السنة صوم شهر رمضان وسنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صوم شعبان وثلاثة أيّام في كلّ شهر مثلي الفريضة، فأجاز اللّه عزّ وجلّ له ذلك. وحرم اللّه عزّ وجلّ الخمر بعينها، وحرّم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المسكر من كلّ شراب فأجاز اللّه له ذلك كله وعاف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أشياء وكرهها ولم ينه عنها نهي حرام إنّما نهى عنها نهي إعافة وكراهة، ثمَّ رخص فيها فصار الأخذ برخصه واجباً على العباد كوجوب ما يأخذون بنهيه وعزائمه، ولم يرخص لهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيما نهاهم عنه نهي حرام ولا فيما أمر به أمر فرض لازم. فكثير المسكر من الأشربة نهاهم عنه نهي حرام لم يرخص فيه لأحد، ولم يرخص رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لأحد تقصير الركعتين اللتين ضمّهما إلى ما فرض اللّه عزّ وجلّ، بل ألزمهم ذلك إلزاماً واجباً، لم يرخص لأحد في شيء من ذلك إلّا للمسافر، وليس لأحد أن يرخص [ شيئاً] ما لم يرخصه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فوافق أمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمر اللّه عزّ وجلّ ونهيه نهي اللّه عزّ وجلّ، ووجب على العباد التسليم له كالتسليم اللّه تبارك وتعالى.

5 - أبو علي الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة أنّه سمع أبا جعفر وأبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقولان : إن اللّه تبارك وتعالى فوّض إلى نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم، ثمَّ تلا هذه الآية (م وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة مثله.

6 – محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ اللّه تبارك وتعالى أدب نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلما انتهى به إلى ما أراد، قال له : (إِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) فقوّض إليه دينه فقال : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ

ص: 322

فَانْتَهُوا). وإنّ اللّه عزّ وجلّ فرض الفرائض ولم يَقْسِمُ للجدّ (1) شيئاً، وإن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أطعمه السدس (2) فأجاز اللّه جل ذكره له ذلك، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ : (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ).

7 _ الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن الوشّاء الوشّاء، عن حماد بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : وضع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دية العين ودية النفس، وحرم النبيذ وكلّ مسكر، فقال له رجل : وضع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من غير أن يكون جاء فيه شيء؟ قال : نعم ليعلم من يطع الرسول (3) ممّن يعصيه.

8- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن قال : وجدت في نوادر محمّد بن سنان عن عبد اللّه بن سنان، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا واللّه ما فوّض اللّه (4) إلى أحد من خلقه إلّا إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وإلى الأئمّة، قال عزّ وجلّ : (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ) (5) وهي جارية في الأوصياء (عَلَيهِم السَّلَامُ).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد عن الحسن بن زياد، عن محمّد بن الحسن الميثمي، عن بن الحسن الميثمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول: إنّ اللّه عزّ وجلّ أدب رسوله حتّى قومه على ما أراد، ثمَّ فوّض إليه فقال عزّ ذكره : (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فما فوّض اللّه إلى رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقد فوّضه إلينا.

١٠ - عليّ بن محمّد عن بعض أصحابنا، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن صندل الخياط، عن زيد الشحام قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَاب) قال : أعطى سليمان ملكاً عظيماً، ثمَّ جرت هذه الآية في رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فكان له أن يعطي ما شاء من شاء ويمنع من شاء وأعطاه [الله] أفضل (6) ممّا أعطى سليمان لقوله : (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).

ص: 323


1- «أي لم يقسم لجد الميت مع أبويه شيئاً لأن الأبوين يمنعان آباءهم من الإرث» المازندراني 6 / 51.
2- على نحو الاستحباب لا الفرض.
3- أي بشكل كامل تام.
4- أي في أمر الدين.
5- النساء/ ١٠٥.
6- «وجه الأفضلية أن ما أعطى سليمان كان في الرئاسة الدنيوية وأضيف إلى ذلك تفويض الأمور الدينية أيضاً للرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والأخير وخده أفضل لأنه متعلق بالأمور الباقية الأخروية والأوّل بالأمور الفانية الدنيوية...» مرأة المجلسيّ ١٥٥/٣.

109 - باب في أن الأئمّة بمن يشبهون ممّن مضى وكراهية القول فيهم بالنبوّة

109 - باب في أن الأئمّة بمن يشبهون ممّن مضى وكراهية (1) القول فيهم بالنبوّة

١ - أبو علي الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما موضع العلماء؟ قال : مثل ذي القرنين وصاحب سليمان وصاحب موسى (2) (عَلَيهِ السَّلَامُ).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أبي العلاء قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنّما الوقوف علينا في الحلال والحرام فأما النبوّة فلا.

٣ - محمّد بن يحيى الأشعريّ، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيّوب بن الحرّ، قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إِنَّ اللّه ذكره ختم بنبيكم النبيّين فلا نبي بعده أبداً، وختم بكتابكم الكتب فلا كتاب بعده أبداً، وأنزل فيه تبيان كلّ شيء وخَلْقِكُم (3) وخَلْقَ السماوات والأرض ونبأ ما قبلكم(4) وفصل ما بينكم(5) وخبر ما بعدكم (6) وأمر الجنة والنار وما أنتم صائرون إليه.

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار عن الحارث بن المغيرة قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان محدَّثاً. فقلت : فتقول : نبي ؟ قال : فحرك بيده هكذا (7)، ثمَّ قال : أو (8) كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين أو ما بلغكم أنّه قال : وفيكم مثله؟(9).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية،

ص: 324


1- الكراهة هنا كراهة تحريم لا كراهة تنزيه لأن من قال بنبوة أحد بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقد كفر بالإجماع.
2- «أريد بالعلماء الأئمّة المعصومون (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبذي القرنين اسكندر الرومي وبصاحب سليمان آصف بن برخيا وبصاحب موسى يوشع بن نون» وأما العلّامة المجلسيّ في مرآته ١٥٦/٣ فقد ردّ وبين أن يكون صاحب موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوشع أو الخضر مستنداً إلى رواية عن الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يرويها الصفار بإسناده عن أبي حمزة الثمالي فراجع.
3- إما منصوب بالعطف على تبيان أو مجرور بالعطف على كلّ شيء.
4- من الأمم والأنبياء بل منذ بدء الخليقة.
5- من الخصومات والاختلافات في كلّ جوانب حياتكم.
6- إلى يوم الدين.
7- إشارة إلى نفي القول بأنه نبي.
8- كلمة (أو) بمعنى بل. أو معطوفاً على (محدّثاً).
9- إشارة إلى ما ورد في بعض الروايات عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) من مثل هذا التعبير، كما في تفسير البرهان وتفسير الزمخشري.

عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : ما منزلتكم؟ ومن تشبهون ممّن مضى؟ قال : صاحب موسى وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيين.

٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن البرقي، عن أبي طالب، عن سدير قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن قوماً يزعمون أنّکم آلهة، يتلون بذلك علينا قرآناً: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) (1). فقال : يا سدير سمعي وبصري وبشري ولحمي ودمي وشعري من هؤلاء براء وبرىء اللّه منهم ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي واللّه لا يجمعني اللّه وإياهم يوم القيامة إلّا وهو ساخط عليهم، قال : قلت : وعندنا قوم يزعمون أنّکم رسل يقرؤون علينا بذلك قرآناً (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (2). فقال : يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء وبرىء اللّه منهم ورسوله، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي واللّه لا يجمعني اللّه وإياهم يوم القيامة إلّا وهو ساخط عليهم قال قلت فما أنتم؟ قال: نحن خزّان علم اللّه، نحن تراجمة أمر اللّه (3)، نحن قوم معصومون، أمر اللّه تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا، نحن الحجّة البالغة (4) على من دون السماء وفوق الأرض.

٧ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن عبد اللّه بن بحر، عن ابن مسكان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الأئمّة بمنزلة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (5) إلّا أنهم ليسوا بأنبياء ولا يحلُّ (6) لهم من النساء ما يحلّ للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأما ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

١١0 - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) محدّثون مفهَّمون

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحجال، عن القاسم بن عن القاسم بن محمّد، عن عبيد بن زرارة قال: أرسل أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى زرارة أن يعلم الحكم بن عتيبة أن أوصياء

ص: 325


1- الزخرف/ ٨٤.
2- المؤمنون/ ٥١.
3- أي المفسرون لأحكام اللّه.
4- أي التامة.
5- في لزوم طاعتهم وحرمة مخالفتهم.
6- وهو الزيادة على الأربع أو المرأة التي تهب نفسها للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إن أراد النبيّ أن يستنكحها.

محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) محدّثون.

2 - محمّد، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح، عن زياد بن سوقة، عن الحكم بن عتيبة (1) قال: دخلت على عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوماً فقال : يا حكم : هل تدري الآية التي كان عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يعرف قاتله بها ويعرف بها الأمور العظام التي كان يحدّث بها الناس؟ قال الحكم فقلت في نفسي : قد وقعت على علم من علم عليّ بن الحسين، أعلم بذلك تلك الأمور العظام، قال : فقلت : لا واللّه لا أعلم، قال : ثمَّ قلت : الآية تخبرني بها یا این رسول اللّه؟ قال : هو واللّه قول اللّه عزّ ذكره : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ (ولا محدث) (2) وكان عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) محدَّثاً. فقال له رجل يقال له : عبد اللّه بن زيد كان أخا عليّ لأمه (3)، سبحان اللّه، محدثاً؟! كأنه ينكر ذلك، فأقبل علينا أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: أما واللّه إن ابن أمك بعد قد كان يعرف ذلك، قال : فلما قال ذلك سكت الرَّجل، فقال: هي التي هلك فيها أبو الخطاب (4) فلم يدر ما تأويل المحدَّث والنبي.

٣ - أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن إسماعيل قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الأئمّة علماء صادقون مفهّمون محدّثون.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن محمّد بن مسلم قال : ذُكِرَ المحدّث عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : إنّه يسمع الصوت ولا يرى الشخص. فقلت له جعلت فداك كيف يعلم أنّه كلام الملك ؟ قال :(5) : إنّه يعطي السكينة والوقار حتّى يعلم أنّه كلام ملك.

ص: 326


1- كان من الزيدية.
2- الحج / ٥٢. وقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (ولا محدث) هو على قراءة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
3- أي كان أخاً لعليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأمه، واسمها - حسب ما يروى - غزالة هذا عند العامّة. أما عندنا فاسم أمه (عَلَيهِ السَّلَامُ) شهر باقوية ابنة يزدجرد. توفيت في نفاسها بعد ولادته (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاحتضنته إحدى أمهات ولد أبيه فأطلق عليه أنّها أمه وهي التي يقصدها الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- هو «محمّد بن أبي زينب الأسدي الأجدع... وهو الّذي عزا نفسه إلى أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلما وقف الصادق على غلوه الباطل في حقه تبرأ منه ولعنه وأمر أصحابه بالبراءة منه وشدد القول في ذلك وبالغ في التبري منه واللعن عليه فلما اعتزل عنه ادعى الإمامة لنفسه. زعم أبو الخطاب أن الأئمّة أنبياء ثمَّ آلهة....» الخ. الملل والنحل للشهرستاني 179/1.
5- «كنى بالسكينة والوقار عن سكون النفس وطمأنينة القلب اللذين يدلان على أن ما يلقى إليهم من الملك» مرآة المجلسيّ ١٦٣/٣.

٥ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن الحارث بن المغيرة عن حمران بن أعين قال قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان محدثاً، فخرجت إلى أصحابي فقلت: جئتكم بعجيبة(1)، فقالوا: وما هي ؟ فقلت: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول، كان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) محدثاً. فقالوا : ما صنعت شيئاً، ألا سألته من كان يحدثه (2)، فرجعت إليه فقلت: إنّي حدثت أصحابي بما حدثتني فقالوا : ما صنعت شيئاً ألا سألته من كان يحدثه؟ فقال لي : يحدثه ملَك، قلت: تقول : إنّه نبي؟ قال : فحرّك يده - هكذا -: أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين، أو ما بلغكم أنّه قال : وفيكم مثله (3).

١١١ - باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن جابر الجعفي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا جابر : إن اللّه تبارك وتعالى خلق الخلق (4) ثلاثة أصناف وهو قول اللّه عزّ وجلّ: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (5) فالسابقون هم رسل اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وخاصّة اللّه من خلقه، جعل فيهم خمسة أرواح أيدهم بروح القدس فيه عرفوا الأشياء، وأيدهم بروح الإيمان فيه قدروا على طاعة اللّه وأيدهم بروح الشهوة فيه اشتهوا طاعة اللّه عزّ وجلّ وكرهوا معصيته، وجعل فيهم روح المدرج الّذي به يذهب النّاس ويجيئون ؛ وجعل (6) في المؤمنين وأصحاب الميمنة روح الإيمان

ص: 327


1- أي بحكاية عجيبة.
2- أي إذ لم تسأله عمن كان يحدثه فكأنك لم تستفد ولم تفدنا شيئاً.
3- لقد تقدم مثل هذا الحديث عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) برواية الحارث بن المغيرة وبنفس السند تقريباً فراجع.
4- «إنما خلقهم ثلاثة أصناف لأن أصول العالم والنشآت ثلاثة عالم الجبروت وهو عالم العقل المجرد عن المادة والصورة وأصحابه السابقون.. وعالم الملكوت وهو عالم المثال والخيال المجرد عن المادة دون الصورة وأصحابه أصحاب الميمنة... وعالم الملك وهو عالم الشهادة والمحسوس المادي وأصحابه أصحاب المشئمة... الخ» الوافي للفيض ج ٢ / ١٤٥.
5- الواقعة / ٧ - ١١.
6- لا يخفى أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عبر فيما يتعلق بأرواح الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (بأيدهم) في حين أنّه عبر فيما يتعلق بأرواح المؤمنين (بجعل). وإن كان أشرك بين الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وبين المؤمنين في روح واحدة هي روح المدرج وهي نفسها روح الحياة بلفظ (جعل) وإن عبر في رواية أخرى بجعل عن الجميع كما سيأتي. وعدم ذكر أصحاب المشئمة لظهور أحوالهم ممّا مر لأنه ليس لهم روح القدس ولا روح الإيمان ففيهم الثلاثة الباقية التي في الحيوانات أيضاً، ولقد قال سبحانه (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) الفرقان / ٤٤. مرآة المجلسيّ ١٦٧/٣.

فيه خافوا اللّه، وجعل فيهم روح القوّة فبه قدروا على طاعة اللّه، وجعل فيهم روح الشهوة فيه اشتهوا طاعة اللّه، وجعل فيهم روح المدرج الّذي به يذهب النّاس ويجيئون.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن موسى بن عمر، عن محمّد بن سنان عن عمار بن مروان عن المنخلى عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عن علم العالم، فقال لي: يا جابر: إنّ في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح : روح القدس وروح الإيمان وروح الحياة وروح القوّة وروح الشهوة، فبروح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى، ثمَّ قال : يا جابر إنَّ هذه الأربعة أرواح يصيبها الحدثان (1) إلّا روح القدس فإنّها لا تلهو ولا تلعب.

٣ - الحسين بن محمّد،، عن المعلىّ بن محمّد، عن عبد اللّه بن إدريس، عن محمّد بن سنان عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن علم الإمام بما في أقطار الأرض وهو في بيته مرخى عليه ستره، فقال : يا مفضّل : إنَّ اللّه تبارك وتعالى جعل في النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خمسة أرواح : روح الحياة فيه دبَّ ودرج، وروح القوة فيه نهض وجاهد، وروح الشهوة فيه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال، وروح الإيمان فيه آمن وعدل، وروح فيه حمل النبوّة فإذا قبض النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انتقل روح القدس فصار إلى الإمام، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو (2) والأربعة الأرواح تنام وتغفل وتزهو وتلهو، وروح القدس كان يرى به (3).

112 - باب الروح التي يسدد اللّه بها الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن، سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تبارك وتعالى : (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا

ص: 328


1- «المراد هنا ما يمنعها عن أعمالها كرفع بعض الشهوات عند الشيخوخة وضعف القوى بها وبالأمراض ومفارقة روح الإيمان بارتكاب الكبائر، وأما من اتصف بروح القدس فلا يصيبه ما يمنعه عن العلم والمعرفة» ن. م / ١٦٨.
2- الزهو الكبر والفخر أو الرجاء الباطل والكذب.
3- «أي كان النبيّ أو الإمام يرى به ما غاب عنه في أقطار الأرض وما في أعنان السماء» مرآة المجلسيّ ١٦٩/٣.

الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ) (1). قال : خَلْقٌ من خلق اللّه (2) عزّ وجلّ أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يخبره ويسدّده، وهو مع الأئمّة من بعده.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن أسباط، عن أسباط بن سالم قال : سأله رجل من أهل هيت - وأنا حاضر - عن قول اللّه عزّ وجلّ : وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا فقال : منذ أنزل اللّه عزّ وجلّ ذلك الروح على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ما صعد إلى السماء وإنه لفينا.

3 _ عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (3) قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو مع الأئمّة، وهو من الملكوت (4).

٤ - علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزاز، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل، لم يكن مع أحد ممّن مضى (5)، غير محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو مع الأئمّة يسدّدهم، وليس كلّ ما طلب وُجد (6).

5 _ محمّد بن يحيى بن يحيى، عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن عليّ بن أسباط عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن العلم، أهو علم يتعلّمه العالم من أفواه الرّجال أم في الكتاب عندكم تقرؤنه فتعلمون منه؟ قال : الأمر أعظم ذلك من وأوجب، أما سمعت قول اللّه عزّ وجلّ : (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ) ثمَّ قال : أي شيء يقول أصحابكم في هذه الآية، أيقرون أنّه كان في حال

ص: 329


1- الشورى / ٥٢ والمعنى: أي مثل الّذي أوحينا إلى من قبلك من الأنبياء أوحينا إليك. وما أوحى إليه (عَلَيهِ السَّلَامُ) به هو القرآن.
2- Kهذا الخلق ليس من الملائكة لما سيصرح به ولأنه أعظم من جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وميكائيل بحسب الرتبة والعلم ولم يثبت أن أحداً من الملائكه أعظم منهما... الخ» المازندراني ٦٦/٦.
3- الإسراء / ٨٥. وقد اختلف في الروح التي سألوه عنها، فقيل بأنها الروح التي في البدن ما هي. وقيل هي الروح من حيث كونها حادثة أو قديمة وقيل هي القرآن وعن كيفية لقاء الملك به لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعن كيف كان معجزاً فراجع مجمع البيان للطبرسي ٤٣٧/٦.
4- قلنا سابقاً بأنه عالم المثال والخيال المجرد عن المادة دون الصورة وأصحابه أصحاب الميمنة.
5- أي من الأنبياء.
6- أي بل هو فضل من اللّه يؤتيه من يشاء حسب ما يراه من المصلحة وتقتضيه الحكمة.

لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان؟ فقلت: لا أدري _ جعلت فداك - ما يقولون، فقال [لي]: بلى قد كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان حتّى بعث اللّه تعالى الروح التي ذكر في الكتاب، فلما أوحاها إليه علم بها العلم والفهم، وهي الرُّوح التي يعطيها اللّه تعالى من شاء فإذا أعطاها عبداً علمه الفهم.

٦ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن أسباط، عن الحسين بن أبي العلاء، عن سعد الأسكاف قال : أتى رجل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسأله عن الروح، أليس هو جبرئيل؟ فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الملائكة والروح غير جبرئيل، فكرر ذلك على الرَّجل فقال له : لقد قلت عظيماً من القول، ما أحد يزعم أنَّ الرُّوح غير جبرئيل. فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّك ضالُّ تروي عن أهل الضلال، يقول اللّه تعالى لنبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ) (1) والروح غير الملائكة صلوات اللّه عليهم

113 - باب وقت ما يعلم الإمام جميع علم الإمام الّذي كان قبله (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن عليّ بن أسباط عن الحكم بن مسكين عن بعض أصحابنا قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) متى يعرف الأخير ما عند الأوّل (2)؟ قال : في آخر دقيقة تبقى من روحه(3).

2 - محمّد، عن محمّد بن الحسين عن عليّ بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، عن عبيد بن زرارة وجماعة معه قالوا : سمعنا أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : يعرف الّذي بعد الإمام علم من كان قبله في آخر دقيقة تبقى من روحه.

٣ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن يعقوب بن يزيد، عن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : الإمام متى يعرف إمامته وينتهي الأمر مر إليه؟ قال: في آخر دقيقة من حياة الأوَّل.

ص: 330


1- النحل/ 2.
2- المقصود بالأخير الإمام التالي وبالأوّل الإمام الّذي قبله.
3- وذلك أمر منطقي بعد أن دلّت النصوص وفق ما اقتضته حكمة اللّه من عدم جواز أن يجتمع إمامان في وقت واحد إلّا وأحدهما صامت. والدقيقة الواحدة زمان لا يعتد به عرفاً، أو أنّه يحمل على معرفته استحقاق الإمامة دون ممارستها في تلك الدقيقة من الوقت.

١١٤ - باب في أن الأئمّة صلوات اللّه عليهم في العلم والشجاعة والطاعة سواء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر عن الخشاب(1)، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه تعالى] (الَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ (2) مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) (3) قال: (الّذين آمنوا) النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذريته الأئمّة والأوصياء صلوات اللّه عليهم، ألحقنا بهم ولم ننقص ذريتهم الحجّة التي جاء بها محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحجتهم واحدة وطاعتهم واحدة.

2 - عليّ بن محمّد بن عبد اللّه، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن داود النهدي عن عليّ بن جعفر عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : نحن في العلم والشجاعة سواء وفي العطايا (4) على قدر ما نؤمر.

٣ - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن عليّ بن إسماعيل، عن صفوان بن، عن يحيى ابن مسكان عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : نحن في الأمر (5) والفهم والحلال والحرام نجري مجرى واحداً، فأما رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6) فلهما فضلهما.

١١٥ _ باب أن الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) يعرف الإمام الّذي يكون من بعده وأن قول اللّه تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) فيهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَزَلَتْ

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائد، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ

ص: 331


1- واسمه الحسن بن موسى.
2- أي ما أنقصناهم.
3- الطور/ ٢١.
4- أي في العلم والمال وكل ما يمكن أن يُعطى.
5- أي أمر الإمامة.
6- كما دلّت على ذلك بعض النصوص، ولذا لا يُلقب بأمير المؤمنين أحد غيره.

وجلَّ : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (1). قال: إيانا عني، أن يؤدّي الأوّل (2) إلى الإمام الّذي بعده الكتب(3) والعلم والسلاح (4). (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْل) الّذي في أيديكم(5)، ثمَّ قال للناس : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (6) إيانا عنى خاصّة، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا، فإن خفتم تنازعاً في أمر فردوه إلى اللّه وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم كذا نزلت (7) وكيف يأمرهم اللّه عزّ وجلّ بطاعة ولاة الأمر ويرخص في منازعتهم؟! إنّما قيل ذلك للمأمورين الّذين قيل لهم : (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).

٢ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عمر قال: سألت الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) قال : هم الأئمّة من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يؤدّي الإمام الأمانة إلى من بعده ولا يخصّ بها غيره ولا يزويها عنه (8).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا). قال : هم الأئمّة يؤدّي الإمام إلى الإمام من بعده، ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن ابن أبي يعفور عن المعلىّ بن خنيس قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا). قال : أمر اللّه الإمام الأوّل أن يدفع إلى الإمام

ص: 332


1- النساء/ ٥٨.
2- أي الإمام السابق إلى الإمام اللاحق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- المراد بالكتب ما توارثوه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كالجفر الأبيض ومصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وغيرهما.
4- سلاح رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
5- أي ممّا هو مكتوب عندكم في الكتب التي تتوارثونها وأشير إليها.
6- النساء / ٥٩.
7- إما أن عبارة (وإلى وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) هي في قراءة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ثمَّ حذفت من قبل المناوئين لهم، أو أن الإمام أراد أن ينبه بقوله : كذا نزلت إلى الآية بحسب المعنى واللّه العالم.
8- أي ألا يقبضها عن صاحبها أو يصرفها عنه إلى غيره.

الّذي بعده كلّ شيء عنده (1).

٥ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين عن عبد اللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يموت الإمام حتّى يعلم من يكون من بعده فيوصي [إليه].

٦ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن [ابن] أبي عثمان (2)، عن المعلىّ بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ الإمام يعرف الإمام الّذي من بعده فيوصي إليه

7 _ أحمد، عن محمّد بن عبد الجبار، عن أبي عبد اللّه البرقي، عن فضالة بن أيّوب، - عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما مات عالم (3) حتّى يعلمه اللّه عزّ وجلّ إلى من يوصي.

١١٦ - باب أن الإمامة عهد من اللّه عزّ وجلّ معهود من واحد إلى واحد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال: حدَّثني عمر بن أبان عن أبي بصير قال كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فذكروا الأوصياء وذكرت إسماعيل (4) فقال : لا واللّه يا أبا محمّد ما ذاك إلينا وما هو إلّا إلى اللّه عزّ وجلّ ينزل واحداً بعد واحد.

2 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان، عن عمرو بن الأشعث قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أترون الموصي منا يوصي إلى من يريد؟! لا إلى من يريد؟! لا واللّه ولكن عهدٌ من اللّه ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لرجل فرجل حتّى

ص: 333


1- من علم وسلاح ورثه عمن قبله.
2- Kيقول الإمام الخوئي : «لا يبعد أنّه عليّ بن أبي عثمان والد الحسن بن عليّ بن أبي عثمان» فراجع معجم رجال الحديث ٢٢ / ١٠٠.
3- المقصود به إمام الأصل (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- «هو ابنه (الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)) الأكبر الّذي مات في حياته، وتدعي مع ذلك الإسماعيلية إمامته. وذكره له إما كان طلباً لجعله وصياً أو سؤالاً عنه أنّه هل وصى ام لا والأوّل أظهر» مرأة المجلسيّ 183/3.

ينتهي الأمر إلى صاحبه(1).

الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن منهال، عن عمرو بن الأشعث، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

٣ _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن محمّد بن سليمان، عن عيثم بن أسلم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ الإمامة عهد من اللّه عزّ وجلّ معهود لرجال مسمّين، ليس للإمام أن يزويها عن الّذي يكون من بعده، إنّ اللّه تبارك وتعالى أوحى إلى داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن اتخذ وصيّاً من أهلك فإنّه قد سبق في علمي أن لا أبعث نبياً إلّا وله وصي من أهله وكان لداود (عَلَيهِ السَّلَامُ) أولاد عدة وفيهم غلام كانت أمه عند داود وكان لها محبّاً، فدخل داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليها حين أتاه الوحي فقال لها : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ أوحى إليّ يأمرني أن اتخذ وصيّاً من أهلي. فقالت له امرأته : فليكن ابني ؟ قال : ذلك أريد وكان السابق في علم اللّه المحتوم عنده أنّه سليمان، فأوحى اللّه تبارك وتعالى إلى داود : أن لا تعجل دون أن يأتيك أمري (2)، فلم يلبث داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم، فأوحى اللّه عزّ وجلّ إلى داود أن اجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب فهو وصيك من بعدك، فجمع داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولده، فلما أن قص الخصمان قال سليمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرَّجل كرمك ؟ قال : دخلته ليلاً، قال : قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا، ثمَّ قال له :داود : فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوّم ذلك علماء بني إسرائيل وكان ثمن الكرم قيمة الغنم ؟ فقال سليمان: إنّ الكرم لم يجتثّ (3) من أصله وإنّما أكل حمله (4) وهو عائد في قابل(5)، فأوحى اللّه عزّ وجلّ إلى داود أنّ القضاء في هذه القضية ما قضى سلیمان به با داود أردت أمراً وأردنا أمراً غيره، فدخل داود على امرأته فقال : أردنا أمراً وأراد اللّه عزّ وجلّ أمراً غيره ولم يكن إلّا ما أراد اللّه عزّ وجلّ، فقد رضينا بأمر اللّه عزّ وجلّ وسلّمنا. وكذلك الأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ليس لهم أن يتعدوا بهذا الأمر فيجاوزون صاحبه إلى غيره.

ص: 334


1- أي إلى الحجّة المنتظر (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
2- مع أن داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) نبي فقد أمره اللّه سبحانه إلّا يعين وصياً له من عند نفسه، بل ينتظر أمر اللّه في ذلك، وهذا يدل على ان منصب الإمامة كمنصيب النبوّة، منصب إلهي لا شأن لرأي النّاس ولا لرغبتهم فيه.
3- أي لم يُقتلع.
4- أي ثمره أو نتاجه.
5- أي السنة القادمة. وقد وردت قصة قضاء داود وسليمان في سورة الأنبياء / 78 - 79.

قال الكلينيّ معنى الحديث الأوّل (1) : أنّ الغنم لو دخلت الكرم نهاراً، لم يكن على صاحب الغنم شيء، لأن لصاحب الغنم أن يسرح غنمه بالنهار ترعى وعلى صاحب الكرم حفظه وعلى صاحب الغنم أن يربط غنمه ليلا ولصاحب الكرم أن ينام في بيته.

٤ _ محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير وجميل، عن عمرو بن مصعب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أترون أنّ الموصي منّا يوصي إلى من يريد؟ لا واللّه ولكنّه عهد من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى رجل فرجل حتّى انتهى إلى نفسه (2).

117 - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلون إلا بعهد من اللّه عزّ وجلّ وأمر منه لا يتجاوزونه

1 - محمّد بن يحيى والحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن عليّ بن الحسين بن عليّ عن إسماعيل بن مهران، عن أبي جميلة (3)، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ الوصيّة نزلت من السماء على محمّد كتاباً(4)، لم ينزل على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كتاب مختوم إلّا الوصية، فقال جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا محمّد : هذه وصيتك في أمتك عند أهل بيتك، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أي أهل بيتي يا جبرئيل؟ قال : نجيب اللّه (5) منهم وذريته، ليرتك علم النبوّة كما ورثه إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وميراثه لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذريتك من صلبه، قال : وكان عليها خواتيم، قال : ففتح علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) الخاتم الأوّل ومضى لما فيها (6) ثمَّ فتح الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) الخاتم الثاني ومضى لما أمر به فيها (7)، فلمّا توفّي الحسن ومضى فتح الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الخاتم الثالث فوجد فيها أن قاتل فاقتل وتقتل واخرج بأقوام للشهادة، لا شهادة لهم إلّا معك، قال : ففعل (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلما مضى دفعها إلى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قبل ذلك، ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها أن اصمت وأطرق (8) لما

ص: 335


1- أي معنى أول الحديث، إذ هو حديث واحد.
2- أي نفس الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) الّذي كان يتكلم وسمعه عمرو بن مصعب لأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان هو إمام ذلك العصر.
3- واسمه المفضّل بن صالح الأسدي.
4- كتاباً حال من فاعل نزلت أو تمييز. أي صحيفة مكتوبة. ويؤيده الكلام الّذي يليه.
5- كناية عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). والنجيب الكريم النفيس.
6- «اللام للظرفية، أو للتعليل، أو للتعدية أي أمضى ما فيها أو يضمن فيه معنى الامتثال والأداء» مرآة المجلسيّ . ١٨٩/٣
7- أي في الوصية.
8- إما كناية عن الصمت وعدم التكلم أو كناية عن الإعراض عن الناس.

حجب العلم (1)، فلما توفي ومضى دفعها إلى محمّد بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها : أن فسر كتاب اللّه تعالى وصدّق أباك وورث ابنك واصطنع الأمة(2) وقم بحق اللّه عزّ وجلّ وقل الحقّ في الخوف والأمن، ولا تخش إلّا اللّه، ففعل، ثمَّ دفعها إلى الّذي يليه، قال: قلت له : جعلت فداك فأنت هو ؟ قال : فقال : ما بي إلّا أن تذهب يا معاذ فتروي عليَّ (3) قال : فقلت : أسأل اللّه الّذي رزقك من آبائك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك مثلها قبل الممات، قال؟ قد فعل اللّه ذلك يا معاذ قال : فقلت : فمن هو جعلت فداك ؟ قال : هذا الراقد - وأشار بيده إلى العبد الصالح (4) _ وهو راقد.

٢ - أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد، عن أبي الحسن الكناني، عن جعفر بن نجيح الكندي، عن محمّد بن أحمد بن عبيد اللّه العمري عن أبيه، عن جده، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن اللّه عزّ وجلّ أنزل على نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كتاباً قبل وفاته فقال يا محمّد هذه وصيّتك إلى النَّجَبَة من أهلك، قال : وما النجبة يا جبرئيل؟ فقال : عليّ بن أبي طالب وولده (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب فدفعه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمره أن يفك خاتماً منه ويعمل بما فيه، ففك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) خاتماً وعمل بما فيه، ثمَّ دفعه إلى ابنه الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) ففكّ خاتماً وعمل بما فيه، ثمَّ دفعه إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ففك خاتماً فوجد فيه أن أخرج بقوم إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلّا معك وأشْرِ نفسك اللّه (5) عزّ وجلّ، ففعل، ثمَّ دفعه إلى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ففك خاتماً فوجد فيه أن أطْرِقَ واصمت وألزم منزلك واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين، ففعل، ثمَّ دفعه إلى ابنه محمّد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ففكّ خاتماً فوجد فيه حدّث النّاس وأفْتِهِمْ ولا تخافن إلّا اللّه عزّ وجلّ، فإنه لا سبيل لأحد عليك [ففعل]، ثمَّ دفعه إلى ابنه جعفر ففك خاتماً فوجد فيه حدّث النّاس وافتهم وانشر علوم أهل بيتك وصدق آباءَك الصالحين ولا تخافن إلّا اللّه عزّ وجلّ وأنت في حرز وأمان، ففعل، ثمَّ دفعه إلى ابنه موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكذلك يدفعه موسى إلى الّذي بعده ثمَّ كذلك إلى قيام المهدي (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).

ص: 336


1- «ما مصدرية وهو تعليل للسكوت وعدم إنشاء علم الشرايع ودعوة الخلق إليه لعدم انتفاعهم به ولقتلهم إياه مثل أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ)» المازندراني ٨٢/٦.
2- «أي ربِّهم تربية وأحسن إليهم وأخرجهم من الجهل إلى العلم الخ...» ن. م.
3- «أي ما بي بأس أو خوف إلّا أن تذهب يا معاذ فتروي علي هذا مسلّطاً للأعداء علي» ن. م / 83.
4- أي ولده الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) والعبد الصالح من القابه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- من شرى إذا باع أي مع نفسك اللّه يبذلها في جهاد أعدائه والعمل بطاعته.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال له حمران : جعلت فداك : أرأيت ما كان من أمر علي والحسن والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وخروجهم وقيامهم بدين اللّه عزّ وجلّ، وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتّى قُتِلوا وغلبوا؟ فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يا حمران : إن اللّه تبارك وتعالى [قد] كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه، وحتمه، ثمَّ أجراه فبتقدم علم ذلك إليهم من رسول اللّه قام علي والحسن والحسين وبعلم صمَتَ مَنْ صَمَتَ منا (1).

٤ _ الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن محمّد، أحمد عن الحارث بن جعفر عن عليّ بن إسماعيل بن يقطين عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال : حدَّثني موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت لأبي عبد اللّه : أليس كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كاتب الوصيّة ورسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المملي عليه، وجبرئيل والملائكة المقربون (عَلَيهِ السَّلَامُ) شهود؟ قال : فأطرق طويلاً ثمَّ قال : يا أبا الحسن قد كان ما قلت، ولكن حين نزل برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الأمر (2)، نزلت الوصية من عند اللّه كتاباً مسجّلاً، نزل به جبرئيل مع أمناء اللّه تبارك وتعالى من الملائكة فقال :جبرئيل يا محمّد مر بإخراج من عندك إلّا وصيك، ليقبضها منا وتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامناً لها - يعني عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) - فأمر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بإخراج من كان في البيت ما خلا عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؛ وفاطمة فيما بين الستر والباب، فقال جبرئيل : يا محمّد ربك يقرئك السلام ويقول : هذا كتاب ما كنت عهدت إليك وشرطت عليك وشهدت به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي وكفى بي يا محمّد شهيداً، قال : فارتعدت مفاصل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا جبرئيل هو السلام ومنه السلام وإليه يعود السلام صدق عزّ وجلّ وبر هات الكتاب، فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له : إقرأه، فقرأه حرفاً حرفاً، فقال : يا علي ! هذا عهد ربي تبارك وتعالى إليَّ وشرطه علي وأمانته وقد بلغت ونصحت وأديت، فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وأنا أشهد لك [بأبي وأمي أنت] بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت، ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي، فقال جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وأنا لكما على ذلك من الشاهدين، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا عليُّ أخذت وصيّتي وعرفتها وضمنت اللّه ولي الوفاء بما فيها؟، فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) نعم أشهد، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لأشهدهم عليك، فقال : نعم ليشهدوا وأنا - بأبي أنت وأمي - أشهدهم،

ص: 337


1- هذا الحديث قد مر في ضمن حديث سابق في باب / أن الأئمّة يعلمون علم ما كان وما يكون، ورقم الحديث (4) والسائل هو نفس حمران وسند الحديثين واحد. وقد علقنا عليه هناك.
2- أي حان أجل وفاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

فأَشْهَدَهُم رسولُ اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكان فيما اشترط عليه النبيّ بأمر جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما أمر اللّه عزّ وجلّ أن قال له : يا علي تفي بما فيها من موالاة من والى اللّه ورسوله والبراءة والعداوة لمن عادى اللّه ورسوله والبراءة منهم على الصبر منك [و] على كظم الغيظ وعلى ذهاب حقي وغصب خُمْسِك وانتهاك حرمتك؟ فقال : نعم يا رسول اللّه. فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : والّذي فَلَقَ الحبّة (1) وبرأ النَّسَمَة(2) لقد سمعت جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول للنبي : يا محمّد عرفه أنّه يُنتهك الحرمة وهي حرمة اللّه وحرمة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط (3). قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فصعقت (4) حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل حتّى سقطت على وجهي وقلت : نعم قبلت ورضيت وإن انتهكت الحرمة، وعُطّلت السنن ومزّق الكتاب(5)، وهدمت الكعبة وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط صابراً محتسباً أبداً حتّى أقدم عليك، ثمَّ دعا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فاطمة والحسن والحسين وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين، فقالوا مثل قوله، فختمت الوصية بخواتيم من ذهب لم تمسه النار (6)، ودفعت إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأبي أنت وأمي (7) ألا تذكر ما كان في الوصية؟ فقال: سنن اللّه وسنن رسوله (8)، فقلت : أكان في الوصيّة توثبهم (9) وخلافهم على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ فقال: نعم واللّه شيئاً شيئاً، وحرفاً حرفاً (10)، أما سمعت قول اللّه عزّ وجلّ: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) (11)؟ واللّه لقد قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لأمير

ص: 338


1- «أي شقها للإنبات» مرآة المجلسيّ ١٩٧/٣.
2- أي خلق النفس ذات الروح وأوجدها من العدم.
3- أي بدم خالص طري.
4- «أي أغشي علي. ولم يكن ذلك منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) خوفاً من القتل بل لشدة السرور من سماع الوحي أو لسماع الوحي فجأة» المازندراني ٨٩/٦.
5- أي القرآن، وتمزيقه إما تقطيعه استخفافاً به كما فعل ويفعل بعض الطغاة، أو هو كناية عن تعطيل أحكامه، أو تحريفه.
6- «أي لم يكن معمولاً لبشر بل صنع بمحض قدرة اللّه، أو لم يكن من قبيل ذهب الدنيا ليحتاج إلى النار» مرآة المجلسيّ ١٩٨/٣.
7- أي فديتك بأبي وأمى، أو فُدِيتَ بصيغة المجهول.
8- «أي أحكامهما في الحلال والحرام مطلقاً أو في خصوص أمر الخلافة وهو أظهر في المقام» مرأة المجلسيّ 198/3.
9- استيلاؤهم عليها واغتصابهم لها.
10- «يريد أن فيها جميع وقايعهم ونوائبهم ويحتمل أن يراد بالشيء الوقائع الكلية وبالحرف الوقائع الجزئية...» المازندراني ٩٠/٦.
11- يس/ ١٢.

المؤمنين وفاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) : أليس قد فهمتما ما تقدّمت به إليكما وقبلتماه؟ فقالا : بلى وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا.

«وفي نسخة الصفواني زيادة(1):

عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم، عن أبي عبد اللّه البزاز، عن حريز قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك ما أقل بقاءكم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة النّاس إليكم؟! فقال : إنّ لكلّ واحد منا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته، فإذا انقضى ما فيها ممّا أمر به عرف أنَّ أجله قد حضر فأتاه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ينعى إليه نفسه وأخبره بما له عند اللّه. وإنَّ الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قرأ صحيفته التي أعطيها، وفسر له ما يأتي بنعي وبقي فيها أشياء لم تقض، فخرج للقتال، وكانت تلك الأمور التي بقيت أنَّ الملائكة سألت اللّه في نصرته فأذن لها ومكثت تستعد للقتال وتتأهب لذلك حتّى قتل، فنزلت وقد انقطعت مدته وقتل (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقالت الملائكة : يا ربّ أذنت لنا في الانحدار وأذنت لنا في نصرته، فانحدرنا وقد قبضته، فأوحى اللّه إليهم : أن ألزموا قبره حتّى تروه وقد خرج (2) فانصروه وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته فإنكم قد خصصتم بنصرته وبالبكاء عليه، فبكت الملائكة تعزّياً وحزناً على ما فاتهم من نصرته، فإذا خرج يكونون أنصاره».

118 _ باب الأمور التي توجب حجة الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا مات الإمام بم يعرف الّذي بعده؟ فقال للإمام علامات منها أن يكون أكبر ولد أبيه (3) ويكون فيه الفضل والوصيّة، ويقدم الركب فيقول : إلى من أوصى فلان؟ فيقال: إلى

ص: 339


1- الصفواني : هو محمّد بن أحمد بن عبد اللّه بن قضاعة بن صفوان الجمال مولى بني أسد وله قصة المباهلة مع قاضي الموصل وكان من مبغضي أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وكانت نتيجة المباهلة إصابة القاضي بالحمى وورم كفه التي باهل الصفواني بها واسودت ثمَّ مات فراجع جامع الرواة للأردبيلي 91/2.
2- هذا الكلام يدل على رجوع جماعة من المؤمنين إلى الدنيا قبل يوم القيامة عند خروج القائم (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) وقد كان القول بالرجعة موضع خلاف بين علماء الإماميّة، فراجع مرآة العقول للعلامة المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) حيث بسط القول فيها نسبياً في الجزء 3/ 200 وما بعدها. والمجلد ١٣ من البحار له (رضیَ اللّهُ عنهُ) أيضاً. وقد كان من القائلين بها.
3- «إي إذا كانت الإمامة في الولد والحاصل أن هذه العلّامة بعد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ومع ذلك مقيد بما إذا لم يكن في الكبير عاهة كما سيأتي، أو يقال : إنّما ذكر (الرضا) (عَلَيهِ السَّلَامُ) العلّامة لأولاده وأولاد أولاده فلا ينافي تخلفه فيمن تقدم» مرآة المجلسيّ ٢٠٤/٣.

فلان والسلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل تكون الإمامة مع السلاح حيثما كان

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد شعر عن هارون بن حمزة، عن عبد الأعلى قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : المتوتب على هذا الأمر، المدعي له، ما الحجّة عليه؟ قال : يُسأل عن الحلال والحرام (1)، قال : ثمَّ أقبل عليَّ فقال : ثلاثة من الحجّة لم تجتمع في أحد إلّا كان صاحب هذا الأمر أن يكون أولى النّاس (2) بمن كان قبله ويكون عنده السلاح، ويكون صاحب الوصيّة الظاهرة التي إذا قدمت المدينة سألت عنها العامّة والصبيان : إلى من أوصى فلان؟ فيقولون : إلى فلان بن فلان.

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قيل له : بأي شيء يُعرف الإمام؟ قال : بالوصية الظاهرة وبالفضل (3)، إنّ الإمام لا يستطيع أحد أن يطعن عليه في فم ولا بطن ولا فرج، فيقال : كذَّابٌ ويأكل أموال الناس، وما أشبه هذا

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما علامة الإمام الّذي بعد الإمام؟ فقال: طهارة الولادة(4) وحسن المنشأ (5)، ولا يلهو ولا يلعب.

٥ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أحمد بن عمر، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن الدلالة على صاحب هذا الأمر، فقال : الدّلالة عليه : الكبر والفضل والوصيّة، إذا قدم الركب المدينة فقالوا إلى من أوصى فلان؟ قيل : فلان بن فلان، ودوروا مع السلاح حيثما دار (6)، فأما المسائل فليس فيها حجّةٌ.

٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن أحمد بن محمّد، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن

ص: 340


1- هذه علامة يكتشفها العلماء دون العوام.
2- «في القرابة والكبر والعلم والأخلاق» المازندراني ٩٣/٦.
3- «أي الزيادة على من عداه في العلم والتقوى والورع» مرآة المجلسيّ ٢٠٥/٣.
4- «بأن لا يطعن عليه في النسب، أو يراد أعم منه كأن يتولد مختوناً مقطوع السرّة غير ملوث بالدم» المازندراني ٩٣/٦.
5- «أي يكون مربى بتربية والده في العلم والتقوى أو يكون من حين الصيبا إلى زمان الإدراك موصوفاً بالفضل والكمال، تظهر منه آثار الخير والسعادة ولا يطعن عليه في حال من الأحوال بمعصية ولا دناءة» مرآة المجلسيّ ٢٠٦/٣.
6- أي أينما وجدتم السلاح الّذي تقدم ذكره تجدون الإمامة.

سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) [قال]: إنّ الأمر (1) في الكبير ما لم تكن فيه عامة (2).

7 _ أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك، بم يُعرَف الإمام؟ قال : فقال : بخصال: أما أوّلها فإنّه بشيء قد تقدّم من أبيه فيه بإشارة إليه لتكون عليهم حجّة، ويسأل فيجيب، وإن سكت عنه ابتدأ، ويخبر بما في غد، ويكلّم النّاس بكل لسان، ثمَّ قال لي : يا أبا محمّد : أعطيك علامة قبل أن تقوم، فلم ألبث أن دخل علينا رجل من أهل خراسان، فكلّمه الخراساني بالعربية فأجابه أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالفارسية فقال له الخراساني : واللّه جعلت فداك ما منعني أن أكلمك بالخراسانية غير أنّي ظننت أنك لا تحسنها فقال سبحان اللّه إذا كنت لا أحسن أجيبك فما فضلي عليك؟ ثمَّ قال لي: يا أبا محمّد إنّ الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من النّاس ولا طير ولا بهيمة ولا شيء فيه الرُّوح، فمن لم يكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام (3).

119 - باب ثبات الإمامة في الأعقاب وأنها لا تعود في أخ ولا عم ولا غيرهما من القرابات

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبداً، إنّما جرت (4) من عليّ بن الحسين كما قال اللّه تبارك وتعالى : (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) (5) فلا تكون بعد عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلّا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.

2 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه سمعه يقول : أبى اللّه أن يجعلها لأخوين بعد الحسن والحسين (عَلَيهِما السَّلَامُ).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه سئل أتكون الإمامة في عمّ أو خال؟ فقال : لا، فقلت : ففي أخ؟

ص: 341


1- أي أمر الإمامة.
2- «أي آفة بدنية فإن الإمام مبراً من نقص في الخلقة... كعبد اللّه الأفطح فإنه كان بعد أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أكبر ولده لكن كان فيه عاهتان الأولى أنّه كان أفطح الرَّجلين أي عريضهما والثانية أنّه كان جاهلا بل قيل فاسد المذهب» مرآة المجلسيّ 207/3.
3- هذه كلها تشير إلى ضرورة أن يكون الإمام أفضل أهل زمانه في كلّ شيء.
4- أي الإمامة التي لا تكون في أخوين ابتدأت من زين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- الأنفال/ ٧٥.

قال : لا قلت ففي من؟ قال في ولدي، وهو يومئذ لا ولد له (1).

٤ _ محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين إنّما هي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.

٥ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن عيسى بن عبد اللّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : إن كان كون (2) - ولا أراني اللّه - فيمن أنتم؟ فأوماً إلى ابنه موسى، قال : قلت : فإن حدث بموسى حدث فيمن أنتم؟ قال : بولده، قلت: فإن حدث بولده حدث وترك أخاً كبيراً وابناً صغيراً ؛ فيمن أنتم؟ قال : بولده ثمَّ واحداً فواحداً. «وفي نسخة الصفواني» : ثمَّ هكذا أبداً.

120 - باب ما نص اللّه عزّ وجلّ ورسوله على الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) واحداً فواحداً

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد أبي سعيد، عن محمّد بن عيسى عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فقال : نزلت في عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فقلت له : إنَّ النّاس يقولون : فما له لم يسم عليّاً وأهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كتاب اللّه عزّ وجلّ؟ قال : فقال : قولوا لهم : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نزلت عليه الصلاة ولم يسم اللّه لهم ثلاثاً ولا أربعاً (3)، حتّى كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هو الّذي فسّر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كلّ أربعين درهماً درهم(4)، حتّى كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هو الّذي فسر ذلك لهم، ونزل الحج فلم يقل لهم : طوفوا أسبوع (5) حتّى كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هو الّذي فسر ذلك لهم، ونزلت (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ونزلت في علي والحسن والحسين - فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في عليّ : من كنت مولاه فعلي

ص: 342


1- هذا منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إخبار بالغيب، وهو من المعاجز.
2- أي إن حدث لك أمر، وهو الوفاة - مخاطباً الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقوله : ولا أراني اللّه، دعاء بأن يموت هو قبل الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلا يرى موته (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي لم يبين عدد ركعات كلّ صلاة وكونها رباعية أو ثلاثية أو غير ذلك.
4- أي لم يبين مقدار الزكاة التي يجب إخراجها ولا مقدار النصاب الّذي تجب فيه.
5- أي سبعة أشواط حول البيت.

مولاه ؛ وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أوصيكم بكتاب اللّه وأهل بيتي، فإني سألت اللّه عزّ وجلّ أن لا يفرق بينهما حتّى يوردهما عليَّ الحوض، فأعطاني ذلك، وقال : لا تعلّموهم فهم أعلم منكم ؛ وقال : إنّهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة، فلوسكت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلم يبين من أهل بيته لأدَّعاها آل فلان وآل فلان لكنّ اللّه عزّ وجلّ أنزله في كتابه تصديقاً لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (1). فكان علي والحسن والحسين وفاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، فأدخلهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تحت الكساء في بيت أم سلمة، ثمَّ :قال : اللّهمّ إنّ لكلّ نبي أهلاً وثَقَلاً، وهؤلاء أهل بيتي وثَقَلي، فقالت أم سلمة: الست من أهلك؟ فقال : إنّك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان علي أولى (2) النّاس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمّد بن عليّ ولا العبّاس بن عليّ ولا واحداً من ولده إذاً لقال الحسن والحسين : إنّ اللّه تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك، فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، وبلّغ فينا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كما بلّغ فيك، وأذهب عنا الرّجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أولى بها لكبره، فلمّا توفّي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك واللّه عزّ وجلّ يقول : (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) فيجعلها في ولده، إذا لقال الحسين أمر اللّه بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك، وبلّغ في رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كما بلّغ فيك وفي أبيك، وأذهب اللّه عنّي الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدَّعي على أخيه وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ولم يكونا ليفعلا، ثمَّ صارت حين أفضت إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فجرى تأويل هذه الآية (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ). ثمَّ صارت من بعد الحسين لعليّ بن الحسين، ثمَّ صارت من بعد عليّ بن الحسين إلى محمّد بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقال : الرّجس هو الشكُ، واللّه لا نشكُ في ربّنا أبداً.

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيّوب بن الحرّ وعمران بن عليّ الحلبي، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثل ذلك

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن أبيه، عن عبد اللّه بن

ص: 343


1- الأحزاب / 33.
2- أي أقومهم في التصرف في أمورهم وسياستهم.

المغيرة، عن ابن مسكان، عن عبد الرحيم بن روح القصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) (1) فيمن نزلت؟ فقال : نزلت في الإمرة (2)، إنَّ هذ الآية جرت في ولد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من بعده، فنحن أولى بالأمر وبرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من المؤمنين والمهاجرين والأنصار، قلت: فولد جعفر (3) لهم فيها نصيب؟ قال لا قلت : فلولد العبّاس(4) فيها نصيب؟ فقال: لا، فعدّدت عليه بطون بني عبد المطلب، كلّ ذلك يقول : لا، قال : ونسيت ولد الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؛ فدخلت بعد ذلك عليه، فقلت له : هل لولد الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيها نصيب؟ فقال: لا، واللّه يا عبد الرحيم ما لمحمّدي فيها نصيب غيرنا.

3 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محمّد الهاشمي، عن أبيه، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (5) قال : إنّما يعني أولى بكم أي أحقُّ بكم وبأموركم وأنفسكم وأموالكم، اللّه ورسوله والّذين آمنوا يعني عليّاً وأولاده الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) إلى يوم القيامة، ثمَّ وصفهم اللّه عزّ وجلّ فقال: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ). وكان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في صلاة الظهر وقد صلّى ركعتين وهو راكعٌ وعليه حلّة قيمتها ألف دينار، وكان النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كساه إياها، وكان النجاشي أهداها له، فجاء سائل فقال : السّلام عليك يا ولي اللّه وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدق على مسكين، فطرح الحلة إليه وأومأ بيده إليه أن احملها : فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيه هذه الآية وصيّر نعمة أولاده بنعمته (6) فكل من بلغ من أولاده مبلغ الإمامة، يكون بهذه النعمة مثله فيتصدقون وهم راكعون والسائل الّذي سأل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الملائكة (7)، والّذين يسألون الأئمّة من أولاده يكونون من الملائكة.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة،

ص: 344


1- الأحزاب / ٦.
2- أي أمر الإمامة والولاية.
3- أي جعفر بن أبي طالب أخو علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- أي ابن عبد المطلب عم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
5- المائدة/ ٥٥.
6- «أي جعل نعمة أولاد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) موصولة بنعمته مقرونة بها مذكورة معها، فلذا أتى بصيغة الجمع...» مرأة المجلسيّ ٢٥٠/٣.
7- هذا يدل على أن البشر العاديين فضلا عن النبيّ والإمام يمكنهم أن يروا الملك وإن لم يعرفوه لان من كان حاضراً في مسجد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد رأوا السائل عند تصدّق علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليه بخاتمه.

والفضيل بن يسار، وبكير بن أعين، ومحمّد بن مسلم، وبريد بن معاوية، وأبي الجارود جميعاً عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أمر اللّه عزّ وجلّ رسوله بولاية(1) عليّ وأنزل عليه (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ). وفرض ولاية أولي الأمر، فلم يدروا ما هي، فأمر اللّه محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يفسر لهم الولاية، كما فسر لهم الصلاة والزّكاة والصوم والحج، فلما أتاه ذلك من اللّه، ضاق بذلك صدر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه، فضاق صدره وراجع ربّه (2) عزّ وجلّ فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (3) فصدع بأمر اللّه تعالى ذكره، فقام بولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم غدير خم، فنادى الصلاة جامعة، وأمر النّاس أن يبلغ الشاهد الغائب - قال عمر بن أذينة : قالوا جميعاً غير أبي الجارود (4) - وقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى، وكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل اللّه عزّ وجلّ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) (5). قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يقول اللّه عزّ وجلّ : لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت لكم الفرائض.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال (6) : كنت عنده (7) جالساً، فقال له رجل: حدَّثني عن ولاية علي أمن اللّه أو من رسوله ؟ فغضب ثمَّ قال : ويحك، كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أخوف اللّه من أن يقول ما لم يأمره به اللّه، بل افترضه كما افترض اللّه الصلاة والزكاة والصوم والحجّ.

٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ومحمّد بن الحسين جميعاً، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : فرض اللّه عزّ وجلّ على العباد خمساً، أخذوا (8) أربعاً وتركوا واحداً،

ص: 345


1- أي بتبليغها إلى الناس.
2- وذلك بتوسط أمين الوحي جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقد أورد ابن طاووس (رضیَ اللّهُ عنهُ) في كتابه إقبال الأعمال رواية طويلة تشرح القصة بكاملها مع مراجعته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ربه فراجع.
3- المائدة / ٦٧. ويعصمك يحميك ويحفظك.
4- وكان من الزيدية، إليه تنسب الجارودية، واسمه زياد بن المنذر، وقيل : سماه الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) سرحوباً وهو اسم من أسماء الشيطان.
5- المائدة / ٣.
6- أي أبو بصير.
7- أي عند الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- أي المخالفون لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

قلت : أتسميهنّ لي جعلت فداك ؟ فقال : الصلاة وكان النّاس لا يدرون كيف يصلون، فنزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا محمّد أخبرهم بمواقيت صلاتهم، ثمَّ نزلت الزكاة فقال : يا محمّد أخبرهم من زكاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم، ثمَّ نزل الصوم فكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذا كان يوم عاشورا (1) بعث إلى ما حوله من القرى فصاموا ذلك اليوم فنزل شهر رمضان بین شعبان وشوال، ثمَّ نزل الحج فنزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : أخبرهم من حجهم ما أخبرتهم من صلاتهم.

وزكاتهم وصومهم. ثمَّ نزلت الولاية وإنّما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة، أنزل اللّه عزّ وجلّ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي). وكان كمال الدّين بولاية عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال عند ذلك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (2) : أمتي حديثو عهد بالجاهلية، ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمّي يقول قائل، ويقول قائل(3)، فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني _ فأتتني عزيمة من اللّه عزّ وجلّ بتلة (4) أوعدني إن لم أبلغ أن يعذبني، فنزلت : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ). فأخذ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بيد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : أيّها الناس: إنّه لم يكن نبي من الأنبياء ممّن كان قبلي إلّا وقد عمّره اللّه، ثمَّ دعاه فأجابه، فأوشك أن أدعى فأجيب، وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ فقالوا نشهد أنك قد بلغت ونصحت، وأديت ما عليك فجزاك اللّه أفضل جزاء المرسلين فقال: اللّهمّ أشهد - ثلاث مرَّات - ثمَّ قال : يا معشر المسلمين : هذا وليكم من بعدي فليبلّغ الشاهد منكم الغائب.

قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان واللّه [علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)] أمين اللّه على خلقه وغيبه ودينه الّذي ارتضاه لنفسه، ثمَّ إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حضره الّذي حضر (5)، فدعا عليّاً فقال : يا علي : إني أريد أن أئتمنك على ما ائتمنني اللّه عليه من غيبه وعلمه ومن خلقه ومن دينه الّذي ارتضاه لنفسه، فلم يشرك واللّه فيها يا زياد أحداً من الخلق. ثمَّ إنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) حضره الّذي حضره، فدعا ولده وكانوا اثني عشر ذكراً فقال لهم : يا بَني : إنَّ اللّه عزّ وجلّ قد أبى إلّا أن يجعل في سنةً من يعقوب، وإنَّ يعقوب دعا ولده وكانوا اثني عشر ذكراً، فأخبرهم بصاحبهم، ألا وإني أخبركم بصاحبكم، ألا

ص: 346


1- هذا يشير إلى أن صوم يوم عاشوراء كان واجباً ثمَّ نسخ بصوم شهر رمضان.
2- هذا من مراجعة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لربه، وقد مرت الإشارة إليه.
3- أي يقول قائل عنّي : إنّه يكذب على اللّه، أو أنّه إنّما يتحرك بعاطفة القرابة لابن عمه. الخ.
4- أي جازمة قاطعة.
5- أي من المرض الّذي توفي فيه.

إنَّ هذين ابنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الحسن والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاسمعوا لهما وأطيعوا، ووازروهما فإنّي قد ائتمنتهما على ما ائتمنني عليه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ممّا ائتمنه اللّه عليه من خلقه ومن غيبه ومن دينه الّذي ارتضاه لنفسه فأوجب اللّه لهما من علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما أوجب لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلم يكن لأحد منهما فضل على صاحبه إلّا بكبره، وإنَّ الحسين كان إذ حضر الحسن لم ينطق في ذلك المجلس حتّى يقوم، ثمَّ إنّ الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) حضره الّذي حضره فسلّم ذلك إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمَّ إنّ حسيناً حضره الّذي حضره فدعا ابنته الكبرى فاطمة - بنت الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) - فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصية ظاهرة وكان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مبطوناً لا يرون إلّا أنّه لما به (1)، فدفعت فاطمة الكتاب إلى عليّ بن الحسين ثمَّ صار واللّه ذلك الكتاب إلينا.

الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن منصور بن يونس عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله

7 - محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد عن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى عن صباح الأزرق، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن رجلا من المختارية (2) لقيني فزعم أنَّ محمّد بن الحنفية إمامٌ، فغضب أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمَّ قال : أفلا قلت له (3)؟ قال قلت : لا واللّه ما دريت ما أقول قال أفلا قلت له : إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أوصى إلى علي والحسن والحسين، فلما مضى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أوصى إلى الحسن والحسين، ولو ذهب يزويها عنهما لقالا له : نحن وصيّان مثلك ولم يكن ليفعل ذلك، وأوصى الحسن إلى الحسين ولو ذهب يزويها عنه لقال : أنا وصي مثلك من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومن أبي ولم يكن ليفعل ذلك، قال اللّه عزّ وجلّ : (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ) هي فينا وفي أبنائنا

121 - باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن

ص: 347


1- أي لا يعلمون إلّا أنّه متهيء للموت.
2- فرقة سميت بهذا لانتسابها الى شخص يُدعى المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وهو الّذي ثار على الأمويين تحت شعار الثأر لدم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) زاعماً أنّه إنّما يفعل ذلك بأمر ابن الحنفية. كان خارجياً، ثمَّ صار زبيرياً، ثمَّ صار شيعياً وكيسانياً، وقال بإمامة محمّد بن الحنفية بعد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقيل بل بعد الحسن والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولما وقف ابن الحنفية على ذلك تبرأ منه. وفي مذهب المختار تجويز البداء على اللّه، أي أنّه يظهر له سبحانه خلاف ما علم تعالى عن ذلك علوا كبيرا. راجع الملل والنحل للشهرستاني ١٤٧/١ - ١٤٨.
3- أي أفلا ناظرته ورددت عليه مقالته؟

يونس، عن زيد بن الجهم الهلالي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : لما نزلت ولاية عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان من قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : سلّموا على علي بإمرة المؤمنين، فكان ممّا أكّد اللّه عليهما (1) في ذلك اليوم يا زيد : قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لهما : قوما فسلّما عليه بإمرة المؤمنين. فقالا : أمِنَ اللّه أو من رسوله يا رسول اللّه ؟ فقال لهما رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من اللّه ومن رسوله، فأنزل اللّه عزّ وجلّ (وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ). يعني به قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لهما وقولهما أمِنَ اللّه أو مِن رسوله (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ) أئمة هي أزكى من أئمتكم (2)، قال : قلت : جعلت فداك أئمة؟ قال : إي واللّه أئمّة :قلت: فإنّا نقرأ أربى فقال : ما أربى ؟ - وأومأ بيده فطرحها – (إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ (يعني بعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ)) وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا (يعني بعد مقالة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)) وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (يعني به عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ)) وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : لما أن قضى محمّد نبوته، واستكمل أيامه، أوحى اللّه تعالى إليه أن يا محمّد: قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك، فاجعل العلم (4) الّذي عندك والإيمان (5) والاسم الأكبر (6) وميراث العلم(7) وآثار علم النبوّة في أهل بيتك عند أهل بيتك عند عليّ بن أبي طالب، فإني لن أقطع العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من ذرّيّات الأنبياء.

ص: 348


1- أي أبو بكر وعمر.
2- هذه في قراءة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ولعله شرح وتفسير لمعنى (أمة هي أربى من أمة).
3- النحل / ٩٢ – ٩٤.
4- أي العلوم التي أوحى اللّه سبحانه بها إليه.
5- الإيمان في الأصل التصديق باللّه ورسوله وبجميع ما جاء من عنده على أنبيائه.
6- ويطلق على الاسم الأعظم وعلى كلّ كتاب نزل من السماء» المازندراني ١١٦/٦.
7- «والمراد بميراث العلم ما في الجفر الأبيض من كتب الأنبياء السابقين... أو كتب العلماء السابقين سوى المنزلة» مرآة المجلسيّ ٢٦٩/٣. وقد ذهب المازندراني ١١٦/٦، إلى أن المراد بميراث العلم الولاية العظمى والخلافة الكبرى وهي رئاسة الدارين وخلافة الكونين فراجع.

٣ - محمّد بن الحسين وغيره عن سهل، عن محمّد بن عيسى، ومحمّد بن يحيى ومحمّد بن الحسين جميعاً، عن محمّد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أوصى موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى يوشع بن نون وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون، ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى، إنَّ اللّه تعالى له الخيرة، يختار من يشاء ممّن يشاء، وبشر موسى ويوشع بالمسيح (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلما أن بعث اللّه عزّ وجلّ المسيح (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال المسيح لهم : إنّه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يجيىء بتصديقي وتصديقكم وعذري وعذركم(1)، وجرت من بعده في الحواريين في المستحفظين، وإنما سمّاهم اللّه تعالى المستحفظين لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر، وهو الكتاب الّذي يُعلم به علم كلّ شيء، الّذي كان مع الأنبياء صلوات اللّه عليهم. يقول اللّه تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ) (2) الكتاب (الاسم الأكبر وإنما عرف ممّا يدعى الكتاب (3) التوراة والإنجيل والفرقان فيها كتاب نوح، وفيها كتاب صالح، وشعيب وإبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ). فأخبر اللّه عزّ وجلّ: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) (4). فأين صحف إبراهيم، إنّما صحف إبراهيم الاسم الأكبر، وصحف موسى الاسم الأكبر، فلم تزل الوصيّة في عالم بعد عالم حتّى دفعوها إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

فلما بعث اللّه عزّ وجلّ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أسلم له العقب(5) من المستحفظين، وكذبه بنو إسرائيل، ودعا إلى اللّه عزّ وجلّ وجاهد في سبيله، ثمَّ أنزل اللّه جل ذكره عليه : أن أعلن فضل وصيك فقال : ربّ إنَّ العرب قوم جناة، لم يكن فيهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي، ولا يعرفون فضل نبوّات الأنبياء عليهم السلام ولا شرفهم، ولا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي، فقال اللّه جل ذكره : (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) (6) (وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (7). فذكر من فضل وصيّه ذكراً فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذلك وما يقولون، فقال اللّه جلّ

ص: 349


1- أي حجتي وحجتكم.
2- نقل الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) الآية ٢٥ من سورة الحديد بالمعنى، أو أنّها كذلك في قراءتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- «أي أن المعروف ممّا يسمى بالكتاب ليس سوى هذه الثلاثة مع أن كثيراً من الأنبياء كان معهم كتب غير هذه» مرآة المجلسيّ ٢٧٢/٣.
4- الأعلى / 18 - 19.
5- أي الذرية الّذين جاؤوا في أعقابهم.
6- النحل / 127 والحجر / 88.
7- الزخرف/ 89.

ذکره : يا محمّد ! (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (1) ولكنهم يجحدون بغير حجّة لهم، وكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يتألّفهم ويستعين ببعضهم على بعض ولا يزال يخرج لهم شيئاً في فضل وصيّه حتّى نزلت هذه السورة، فاحتج عليهم حين أعلم بموته، ونعيت إليه نفسه، فقال اللّه جل ذكره : ﴿فإذا فَرَغْتَ فانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (2). يقول : إذا فرغت فانصب علمك، وأعلن وصيك فأعلمهم فضله علانية، فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من كنت مولاه فعلی مولاه اللّهمّ وال من والاه، وعادِ مَن عاداه - ثلاث مرَّات - ثمَّ قال : لأبعثنَّ رجلاً يحبُّ اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله، ليس بفرار يعرّض بمن رجع، يجبن أصحابه ويجبنونه (3)، وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : علي سيّد المؤمنين. وقال: علي عمود الدين، وقال: هذا هو الّذي يضرب النّاس بالسيف على الحقّ بعدي. وقال : الحقّ مع عليّ أينما مال، وقال : إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا : كتاب اللّه عزّ وجلّ وأهل بيتي عترتي أيّها النّاس اسمعوا وقد بلغت إنّكم سَتَرِدُونَ عليَّ الحوض فأسألكم عما فعلتم في التقلين، والثقلان : كتاب اللّه جلَّ ذكره وأهل بيتي، فلا تسبقوهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنّهم أعلم منكم.

فوقعت الحجّة بقول النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وبالكتاب (4) الّذي يقرأه الناس، فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبين لهم بالقرآن : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (5). وقال عزَّ ذكره : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى)(6). ثمَّ قال : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) (7). فكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان حقه الوصية التي جعلت له، والاسم الأكبر، وميراث العلم، وآثار علم النبوّة فقال : (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (8). ثمَّ قال : (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ (9) سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (10). يقول أسألكم

ص: 350


1- هاتان آيتان من سورتين. فإلى قوله تعالى : (بما يقولون) الآية ٩٧ من سورة الحجر والبقية إلى (يجحدون) من الآية ٣٣ من سورة الأنعام وأولها : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ...).
2- الشرح / ٧ - ٨.
3- من صفات الفرار.
4- أي القرآن.
5- الأحزاب / ٣٣.
6- الشورى 23.
7- الأنفال/ ٤١.
8- الإسراء / ٢٦.
9- الموجود في القرآن (المؤودة). فتكون قراءة (المودّة) في قراءة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ويكون إسناد القتل والسؤال إليها إسناداً مجازياً :أي: أهل مودة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) يسئلون بأي ذنب قتلهم أعداء أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ). أو أنهم يسئلون عن تضييعها وغمطها حقها.
10- التكوير / ٨.

عن المودة التي أنزلت عليكم فضلها، مودّة القربى بأي ذنب قتلتموهم. وقال جل ذكره : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ). قال : الكتاب [هو] الذكر، وأهله آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمر اللّه عزّ وجلّ بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال، وسمّى اللّه عزّ وجلّ القرآن ذكراً فقال تبارك وتعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (1). وقال عزّ وجلّ : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) (2). وقال عزّ وجلّ : (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). وقال عزّ وجلّ : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (3) فردَّ الأمر - أمر النّاس - إلى أولي الأمر منهم الّذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم.

فلما رجع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من حجّة الوداع نزل عليه جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (4) فنادى النّاس فاجتمعوا، وأمر بسَمَرات (5) فقم (6) شوكهن، ثمَّ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : [يا] أيّها النّاس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم ؟ فقالوا : اللّه ورسوله، فقال: من كنت مولاه فعلی مولاه، اللّهمّ وال من والاه وعادِ مَن عاداه - ثلاث مرَّات _ فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم وقالوا : ما أنزل اللّه جل ذكره هذا على محمّد قط، وما يريد إلّا أن يرفع بضَبْع (7) ابن عمّه.

فلما قدم المدينة أتته الأنصار فقالوا: يا رسول اللّه : إن اللّه جلّ ذكره قد أحسن إلينا وشرَّفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا، فقد فرّح اللّه صديقنا وكبت عدونا، وقد يأتيك وفود، فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو، فنحبُّ أن تأخذ ثلث أموالنا حتّى إذا قدم عليك وفد مكّة وجدت ما تعطيهم، فلم يردّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليهم شيئاً، وكان ينتظر ما يأتيه من ربه، فنزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى). ولم يقبل أموالهم، فقال المنافقون : ما أنزل اللّه هذا على محمّد، وما يريد إلّا أن يرفع بضبع ابن عمه، ويحمل علينا أهل بيته، يقول

ص: 351


1- النحل / ٤٤.
2- الزخرف / ٤٤.
3- النساء/ 83.
4- المائدة / ٦٧.
5- هو نبات شجر الطلح.
6- القمّ : الكنس، أي نزع شوكهن.
7- أي بعضد.

أمس : مَن كنت مولاه فعلي مولاه، واليوم : (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى). ثمَّ نزلت عليه آية الخمس فقالوا : يريد أن يعطيهم أموالنا وفيئنا، ثمَّ أتاه جبرئيل فقال : يا محمّد : إنّک قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك، فاجعل الاسم الأكبر، وميراث العلم وآثار علم النبوّة عند علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإني لم أترك الأرض إلّا ولي فيها عالم تُعرف به طاعتي، وتُعرف به ولايتي، ويكون حجّة لمن يولد بين قبض النبيّ إلى خروج النبيّ الآخر (1)، قال : فأوصى إليه بالاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة، وأوصى إليه بألف كلمة وألف باب يفتح كلّ كلمة وكلّ باب ألف كلمة وألف باب.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وصالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن يحيى بن معمر العطّار عن بشير الدَّهّان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مرضه الّذي تُوفّي فيه : ادعوا لي خليلي، فأرسلتا (2) إلى أبويهما، فلما نظر إليهما رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أعرض عنهما (3)، ثمَّ قال: ادعوا لي خليلي، فأرسل إلى عليّ فلما نظر إليه أكب عليه يحدثه، فلما خرج لقياه فقالا له : ما حدَّثك خليلك ؟ فقال : حدَّثني ألف باب(4) يفتح كلّ باب ألف باب.

٥ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن أبي بكر الحضرمي (5)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : علم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) ألف حرف كل(6) حرف يفتح ألف حرف (7).

٦ - عدَّة من أصحابنا، عن أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان في ذؤابة سيف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صحيفة صغيرةً، فقلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أي شيء كان في تلك الصحيفة ؟ قال : هي الأحرف التي يفتح كلّ حرف ألف حرف.

قال : أبو بصير : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فما خرج منها حرفان حتّى الساعة.

ص: 352


1- هذا حكاية عن سنته تعالى فيما قبل نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وإلا فإنه لا نبي بعده بالضرورة.
2- أي عائشة وحفصة.
3- في الكلام تقدير، أي فجاء أبو بكر وعمر فلما رآهما (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أعرض عنهما ؛ أي أشاح بوجهه الشريف عنهما.
4- أي من العلم.
5- واسمه عبد اللّه بن محمّد.
6- أي من الأصول والقواعد الكلية.
7- أي من الفروع والأحكام والقضايا الجزئية.

٧ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي نصر، عن فضيل [بن] سكرة قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك هل للماء الّذي يغسل به الميت حد محدود؟ قال: إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا متُ فاستقِ ستّ قِرَب من ما بئر غَرَس(1)، فغسلني وكفني وحنّطني، فإذا فرغت من غسلي وكفني فخذ بجوامع كفني وأجلسني ثمَّ سلني عمّا شئت، فواللّه لا تسألني عن شيء إلّا أجبتك فيه.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن ابن أبي سعيد(2)، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما حضر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الموت دخل عليه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأَدْخَلَ رأسه (3) ثمَّ قال : يا علي : إذا أنا مت فغسلني وكفّني ثمَّ أقعدني وسلني واكتب.

9 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الوليد شباب الصيرفي، عن يونس بن رباط قال : دخلت أنا وكامل التمار على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له كامل : جعلت فداك حديث رواه فلان؟ فقال : اذكره، فقال : حدَّثني أنَّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حدَّث علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) بألف باب يوم وفي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، كلّ باب يفتح ألف باب فذلك ألف ألف باب فقال : لقد كان ذلك. قلت : جعلت فداك فظهر ذلك لشيعتكم ومواليكم ؟ فقال : يا كامل باب أو بابان (4). فقلت [له] جعلت فداك : فما يروى من فضلكم من ألف ألف باب إلّا باب أو بابان؟ قال : فقال : وما عسيتم أن ترووا من فضلنا ما تروون من فضلنا إلّا ألفاً غير معطوفة (5).

122 - باب الإشارة والنص على الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني

ص: 353


1- قال في القاموس «بئر غرس في المدينة، ومنه الحديث: (غَرَس : من عيون الجنة وغسل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) منها)».
2- هو المكاري واسمه الحسين.
3- أي غطى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رأس علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالأزار لئلا يرى تغير وجهه من الألم والحزن على فراقه ويحتمل أن يرجع الضميران إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
4- أي ظهر منها باب أو بابان والعطف بأو من كلام الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وليس من باب الشك منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لتقدسه عنه... بل المقصود أنّه ظهر باب تام وشيء من باب اخر وتسميته بابا إما من باب تسمية الجزء باسم الكل، أو من باب التغليب» المازندراني ١٣٣/٦.
5- «يعني إلّا حرفاً واحداً ناقصاً أي أقل من حرف واحد، وإنما اختار الألف لأنها أول الحروف من حروف التهجي وأبسطها وأخفها مؤونة في الكتابة والتكلم. وعدم عطفها كناية عن نقصانها، فإنها تكتب في رسم الخط الكوفيّ هكذا فإذا كان طرفها غير مائل كانت ناقصة» مرآة المجلسيّ ٢٩٠/٣.

وعمر بن أذينة، عن أبان عن سليم بن قيس قال : شهدت وصيّة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين أوصى إلى ابنه الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأشهد على وصيّته الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ومحمّداً (1) وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثمَّ دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا بني : أمرني رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن أوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إليَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ودفع إليَّ كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أقبل على ابنه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : وأمرك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن تدفعها إلى ابنك هذا، ثمَّ أخذ بيد عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). ثمَّ قال لعليّ بن الحسين وأمرك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن تدفعها إلى ابنك محمّد بن عليّ، واقرأه من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومني السلام.

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه لما حضره الّذي حضره قال لابنه الحسن : ادن منّي حتّى أسر إليك ما أسرَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إليَّ، وأئتمنك على ما ائتمنني عليه، ففعل.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال : حدَّثني الأجلح وسلمة بن كهيل وداود بن أبي يزيد وزيد اليمامي قالوا: حدَّثنا شهر بن حوشب: أنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين سار إلى الكوفة، استودع أمّ سلمة كتبه والوصيّة، فلمّا رجع الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) دفعتها إليه.

«وفي نسخة الصفواني :

٤ - أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم، عن سيف (2)، عن أبي بكر (3)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين سار إلى الكوفة، استودع أم سلمة كتبه والوصيّة فلمّا رجع الحسن دفعتها إليه».

٥ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أوصى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى الحسن وأشهد على وصيته الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومحمّداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثمَّ دفع إليه الكتاب والسلاح، ثمَّ قال لابنه الحسن: يا بني أمرني رسول اللّه أن أوصي إليك وأن أدفع

ص: 354


1- أي ابن الحنفية.
2- ابن عميرة الوارد في الرواية السابقة.
3- هو الحضرمي الوارد في الرواية السابقة.

إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إليّ رسول اللّه ودفع إليّ كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعه إلى أخيك الحسين، ثمَّ أقبل على ابنه الحسين وقال : أمرك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن تدفعه إلى ابنك هذا، ثمَّ أخذ بيد ابن ابنه عليّ بن الحسين (1)، ثمَّ قال لعليّ بن الحسين : يا بني : وأمرك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن تدفعه إلى ابنك محمّد بن عليّ وأقرئه من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومنّي السلام، ثمَّ أقبل على ابنه الحسن، فقال : يا بني أنت ولي الأمر (2) ووليُّ الدم (3)، فإن عفوت فَلَكَ (4) وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم(5).

٦ - الحسين بن الحسن الحسني رفعه ومحمّد بن الحسن، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري رفعه قال : لمّا ضُرِبَ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حُفٌ به العُوّاد وقيل له : يا أمير المؤمنين أوص فقال : اثنوا لي وسادة، ثمَّ قال : الحمد للّه حقٌّ قَدْرِه متبعين أمره، وأحمده كما أحب ولا إله إلّا اللّه الواحد الأحد الصمد كما انتسب (6)، أيّها النّاس كلّ امرىءٍ لاقٍ في فراره ما منه يفر، والأجل مساق النفس إليه، والهرب منه موافاته، كم اطّردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى اللّه عزَّ ذكره إلّا إخفاءه، هيهات علم مكنون، أما وصيتي فأن لا تشركوا باللّه جلّ ثناؤه شيئاً ومحمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلا تضيعوا سنته، أقيموا هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين، وخلاكم ذم (7) ما لم تشردوا، حُمّل كلّ امرىء مجهوده، وخفّف عن الجهلة(8)، رب رحيم، وإمام عليمٌ، ودينٌ قويم.

أنا بالأمس صاحبكم و [أنا] اليوم عبرة لكم، وغداً مفارقكم، إن تثبت الوطأة في هذ المزلّة(9) فذاك المراد، وإن تدحض القدم (10)، فإنا كنا في أفياء أغصان وذرى رياح، وتحت ظلّ غمامة اضمحلَّ في الجو متلفّقها (11)، وعفا (12) في الأرض مخطها، وإنّما كُنْتُ جاراً جاوركم

ص: 355


1- لأن علياً زين العابدين هو ابنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لأن ابن الابن ابن أيضاً، ويفسره قوله له بعد ذلك : يا بني، وعليه فليس من زيادة للفظ (ابن) في الرواية.
2- أي أمر الإمامة.
3- أي ولي القصاص.
4- أي جائز لك العفو.
5- أي بالمثلة بالقاتل وهو ابن ملجم المرادي لعنه اللّه، أو بضربة أكثر من ضربة.
6- «أي كما نسب نفسه إليه في سورة التوحيد، ولذا تسمّى نسبة الرب» مرآة المجلسيّ ٢٩٤/٣.
7- «أي عداكم وجاوزكم ذم ولوم بعد التمسك بالتوحيد والسنة» المازندراني ١٣٩/٦.
8- لأنه سبحانه يحاسب النّاس على قدر عقولهم لأنه في الأصل يكلفهم بقدرها.
9- «والمراد ثبات القدم بالبقاء في الدنيا بأن كان يؤدي الجرح إلى الهلاك».
10- كناية عن الموت وعدم النجاة من هذه الضربة.
11- أي تقشع ما اجتمع وتراكم من الغمامة.
12- أي انمحى وتلاشى.

بدني أيّاماً وستعقبون مني جنّة خلاء ساكنة بعد حركة، وكاظمة بعد نطق، ليعظكم هدوّي وخفوت إطراقي، وسكون أطرافي، فإنّه أوعظ لكم من الناطق البليغ، ودعتكم وداع مرصد للتلاقي، غداً ترون أيامي، ويكشف اللّه عزّ وجلّ عن سرائري، وتعرفوني بعد خلو مكاني، وقيام غيري مقامي إن أبقَ فأنا ولي دمي، وإن أفن فالفناء ميعادي، [وإن أعفُ] فالعفو لي قربة،، ولكم حسنةً، فاعفوا واصفحوا ألا تحبّون أن يغفر اللّه لكم، فيا لها حسرة على كلّ ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجّة، أو تؤدّيه أيامه إلى شقوة، جعلنا اللّه وإيّاكم ممّن لا يقصر به عن طاعة اللّه رغبة أو تحلّ به بعد الموت نقمة، فإنّما نحن له وبه (1). ثمَّ أقبل على الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا بني ضربة مكان ضربة ولا تأثم.

7 _ محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن إبراهيم العقيلي يرفعه قال : قال : لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال للحسن : يا بني إذا أنا مت فاقتل ابن ملجم واحفر له في الكُنَاسَة (2) (ووصف العقيلي الموضع على باب طاق المحامل موضع الشواء والرُوَّاس) ثمَّ ارم به فيه فإنّه واد من أودية جهنّم.

123 - باب الإشارة والنص على الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح [قال الكلينيّ ] (3) وعدة من أصحابنا، عن ابن زياد عن محمّد بن سليمان الديلمي عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لما حضرت الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الوفاة قال للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أخي إنّي أوصيك بوصيّة فاحفظها، إذا أنا مت فهيئني (4) ثمَّ وجهني إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لأحدث به عهداً، ثمَّ اصرفني إلى أمّي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمَّ ردَّني فادفني بالبقيع، واعلم أنّه سيصيبني من عائشة ما يعلم اللّه والناس صنيعها (5) وعداوتها للّه ولرسوله وعداوتها لنا أهل البيت، فلما قبض

ص: 356


1- الضميران إما يعودان إلى الموت أي نحن مخلوقون له ومتلبسون به أو للّه سبحانه فنحن مملوكون له ولا نفعل شيئاً إلّا بعونه. راجع مرآة المجلسيّ 303/3 .
2- «موضع بالكوفة، وكذا طاق المحامل سوق أو محلة بها» ن. م ص / ٣٠٤.
3- هذا من كلام تلامذة الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) «وهو في هذا الموضع غريب ولعل بكراً أيضاً روى عن ابن الجهم أو عن ابن سليمان، واحتمال إرسال الأوّل كما قيل بعيد وابن زياد هو سهل». مرآة المجلسيّ ٣٠٤/٣.
4- أي فجهزني.
5- الصنيع : الفعل والعمل والمراد به هنا الفعل القبيح.

الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) [و] وضع على السرير ثمَّ انطلقوا به إلى مصلّى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الّذي كان يصلّي فيه على الجنائز، فصلّى عليه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحمل وأدخل إلى المسجد، فلما أوقف على قبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذهب ذو العوينين (1) إلى عائشة فقال لها : إنّهم قد أقبلوا بالحسن ليدفنوه مع النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). فخرجت مبادرة (2) على بغل بسرج - فكانت أول امرأة ركبت في الإسلام سرجاً - فقالت نحوا ابنكم عن بيتي، فإنّه لا يدفن في بيتي ويهتك على رسول اللّه حجابه، فقال لها الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأدخلت عليه بيته من لا يحب قربه، وإنّ اللّه سائلك عن ذلك يا عائشة.

2 - محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن بعض أصحابنا، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما حضرت الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الوفاة قال : يا قنبر: انظر هل ترى من وراء بابك مؤمناً من غير آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ فقال : اللّه تعالى ورسوله وابن رسوله أعلم به مني، قال: ادع لي محمّد بن عليّ (3)، فأتيته فلما دخلت عليه قال: هل حدث إلّا خير؟ قلت : أجب أبا محمّد، فعجّل على شسع نعله(4)، فلم يسوّه وخرج معي يعدو، فلما قام بين يديه سلّم، فقال له الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اجلس فإنّه ليس مثلك يغيب عن سماع كلام يحيى به الأموات، ويموت به الأحياء، كونوا أوعية العلم، ومصابيح الهدى، فإن ضوء النهار بعضه أضوء من بعض.

أما علمت أنَّ اللّه جعل ولد إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أئمة وفضّل بعضهم على بعض، وآتى داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) زبوراً، وقد علمت بما استأثر به محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). يا محمّد بن عليّ : إني أخاف عليك الحسد، وإنما وصف اللّه به الكافرين، فقال اللّه عزّ وجلّ: (كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) (5). ولم يجعل اللّه عزّ وجلّ للشيطان عليك سلطاناً، يا محمّد بن عليّ ألا أخبرك بما سمعت من أبيك فيك؟ قال : بلى، قال : سمعت أباك (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول يوم البصرة : من أحب أن يبرني في الدنيا والآخرة فليبر محمّداً ولدي، يا محمّد بن عليّ : لو شئت أن أخبرك

ص: 357


1- تصغير العين _ على ما في القاموس - عيينة لا عوينة فالصحيح : ذو العينتين، والمراد به هنا الجاسوس قيل كما ورد في بعض الأخبار أنّه مروان بن الحكم.
2- مسرعة.
3- المراد به أخوه محمّد بن الحنفية.
4- «الشسع : زمام النعل بين الأصبع الوسطى والتي تليها، وعجّل الخ أي صار تعجيله مانعاً من عقد شسع نعله» مرآة المجلسيّ ٣٠٦/٣.
5- البقرة/ ١٠٩.

وأنت نطقة في ظهر أبيك لأخبرتك، يا محمّد بن عليّ : أما علمت أنَّ الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد وفاة نفسي، ومفارقة روحي جسمي، إمام من بعدي، وعند اللّه جل اسمه في الكتاب، وراثة من النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أضافها اللّه عزّ وجلّ له في وراثة أبيه وأمه فعلم اللّه أنّکم خيرة خلقه، فاصطفى منكم محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) واختار محمّد عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ)، واختارني علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالإمامة، واخترت أنا الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال له محمّد بن عليّ : أنت إمام وأنت وسيلتي إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، واللّه لوددت أنَّ نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام، ألا وإنَّ في رأسي كلاماً لا تنزفه الدلاء، ولا تغيّره نغمة الرياح، كالكتاب المعجم في الرّق المنمنم (1)، أهم بإبدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المُنْزَل (2)، أو ما جاء به الرسل، وإنه لكلام يكلُّ به لسان الناطق، ويد الكاتب، حتّى لا يجد قلماً، ويؤتوا بالقرطاس حمم (3)، فلا يبلغ إلى فضلك وكذلك يجزي اللّه المحسنين ولا قوَّة إلّا باللّه الحسين أعلمنا علماً، وأثقلنا حلماً، وأقربنا من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رحماً، كان فقيهاً قبل أن يُخلق، وقرأ الوحي قبل أن ينطق، ولو علم اللّه في أحد خيراً ما اصطفى محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلما اختار اللّه محمّداً، واختار محمّد عليّاً، واختارك علي إماماً، واخترت الحسين، سلّمنا ورضينا، من [هو] بغيره يرضى و [ من غيره] كنا نَسْلَم به من مشكلات أمرنا.

٣ - وبهذا الإسناد، عن سهل، عن محمّد بن سليمان عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لما احتضر الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال للحسين : يا أخي : إني أوصيك بوصيّة فاحفظها، فإذا أنا متُ فهيئني ثمَّ وجّهني إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لأحدث به عهداً، ثمَّ اصرفني إلى أمّي فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، ثمَّ ردّني فادفني بالبقيع، واعلم أنّه سيصيبني من الحُميراء (4) ما يعلم النّاس من صنيعها وعداوتها اللّه ولرسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وعداوتها لنا أهل البيت، فلما قبض الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) [و] وضع على سريره فانطلقوا به إلى مصلّى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الّذي كان يصلّي فيه على الجنائز، فصلّى الحسين على الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلما أن صلّى عليه حُمِلَ فأدخل المسجد، فلما أوقف على قبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بلغ عائشة الخبر وقيل لها : إنّهم قد أقبلوا بالحسن بن عليّ ليدفن مع رسول اللّه، فخرجت مبادرة على بغل بسرج - فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجاً _ فوقفت وقالت : نحوا ابنكم عن بيتي، فإنه لا يدفن فيه شيء ولا يهتك على رسول اللّه حجابه، فقال لها الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب

ص: 358


1- الكتاب المعجم : أي المختوم. والرَّق المنمنم : الجلد الرقيق المزيّن المعدّ للكتابة عليه.
2- أي القرآن.
3- جمع الحمة: وهي الفحمة.
4- لقب لعائشة ناداها به النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عندما حذرها من أن تكون صاحبة الجمل الأدبّ تنبحها كلاب الحوأب.

رسول اللّه وأدخلت بيته من لا يحب رسول اللّه قربه، وإنّ اللّه سائلك عن ذلك يا عائشة، إِنَّ أخي أمرني أن أقرّ به من أبيه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ليحدث به عهداً واعلمي أنَّ أخي أعلم النّاس باللّه ورسوله، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول اللّه ستره، لأن اللّه تبارك وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) (1)، وقد أدخلت أنت بيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الرجال بغير إذنه وقد قال اللّه عزّ وجلّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) (2) ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه (3) عند أذن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المعاول، وقال اللّه عزّ وجلّ (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى) (4) ولعمري لقد أدخَلَ أبوك وفاروقه على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بقربهما منه الأذى، وما رعيا من حقه ما أمرهما اللّه به على لسان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، إنَّ اللّه حرم من المؤمنين أمواتاً ما حرم منهم أحياءً، وتاللّه يا عائشة، لو كان هذا الّذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول اللّه صلوات اللّه عليهما جائزاً فيما بيننا وبين اللّه، لعلمت أنّه سيدفن وإن رغم معطسُك (5).

قال : ثمَّ تكلّم محمّد بن الحنفية وقال : يا عائشة يوماً على بغل، ويوماً على جمل، فما تملكين نفسك (6)، ولا تملكين الأرض (7) عداوة لبني هاشم، قال : فأقبلت عليه فقالت : يا ابن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلمون (8) فما كلامك ؟ فقال لها الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وأنى تبعدين محمّداً من الفواطم فواللّه لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم، وفاطمة بنت أسد بن هاشم وفاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر، قال : فقالت عائشة للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نحوا ابنكم واذهبوا به فإنّكم قوم خصمون.

قال : فمضى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى قبر أمه ثمَّ أخرجه فدفنه بالبقيع.

ص: 359


1- الأحزاب / ٥٣.
2- الحجرات / ٢.
3- أي عمر.
4- الحجرات / ٣.
5- المعطس : الأنف، كناية عن الانقياد على كراهية.
6- «إشارة إلى قوله تعالى : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي) يوسف (٥٣)» مرآة المجلسيّ ٣١٩/٣.
7- وملك الأرض عبارة عن الاستقرار في البيت المأمورة به في قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الأحزاب / ٣٣ ن .م.
8- «أي لهم أن يتكلموا لانتسابهم إليها» ن. م.

١٢٤ - باب الإشارة والنصّ على عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين وأحمد بن محمّد عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمّا حضره الّذي حضره، دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدفع إليها كتاباً ملفوفا ووصية ظاهرة، وكان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مبطوناً معهم لا يرون إلّا أنّه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمَّ صَارَ واللّه ذلك الكتاب إلينا يا زياد. قال : قلت : ما في ذلك الكتاب جعلني اللّه فداك ؟ قال : فيه واللّه ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق اللّه آدم إلى أن تفنى الدُّنيا، واللّه إن فيه الحدود، حتّى أنَّ فيه أرش الخدش.

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن ابن سنان، عن - أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما حضر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما حضره، دفع وصيته إلى ابنته فاطمة ظاهرةً (1) في كتاب مدرَّج (2)، فلما أن كان من أمر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما كان، دفعت ذلك إلى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). قلت له : فما فيه - يرحمك اللّه - ؟ فقال : ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدُّنيا إلى أن تفنى.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما صار إلى العراق استودع أم سلمة (رضیَ اللّهُ عنهُ) الكتب والوصيّة، فلما رجع عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) دفعتها إليه.

«وفي نسخة الصفواني :

٤ _ عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن فليح بن أبي بكر الشيباني قال : واللّه إني لجالس عند عليّ بن الحسين وعنده ولده، إذ جاءه جابر بن عبد اللّه الأنصاري فسلّم عليه، ثمَّ أخذ بيد أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فخلا به، فقال : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أخبرني أني سأدرك رجلاً من أهل بيته يقال له : محمّد بن عليّ، يُكنى أبا جعفر، فإذا أدركته فاقرأه مني السلام قال : ومضى جابر، ورجع أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فجلس أبيه عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإخوته، فلما صلّى المغرب قال عليّ بن الحسين لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أي شيء قال لك جابر بن عبد اللّه الأنصاري؟

ص: 360


1- أي علناً أمام الناس.
2- أي مطوي.

فقال : قال : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : إنّک ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه محمّد بن عليّ، يكنى أبا جعفر فاقرأه مني السلام، فقال له أبوه : هنيئاً لك يا بني ما خصك اللّه به من رسوله من بين أهل بيتك، لا تطلع إخوتك على هذا فيكيدوا لك كيداً، كما كادوا إخوة يوسف ليوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

١٢٥ - باب الإشارة والنص على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)

١ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار عن أبي القاسم الكوفيّ (1)، عن محمّد بن سهل عن إبراهيم بن أبي البلاد عن إسماعيل بن محمّد بن عبد اللّه بن عليّ بن الحسين عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما حضرت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الوفاة، قبل ذلك أخرج سَفَطاً (2) أو صندوقاً عنده فقال : يا محمّد احمل هذا الصندوق قال : فحمل بين أربعة، فلمّا تُوفّي جاء إخوته يدَّعون [ما] في الصندوق فقالوا : أعطنا نصيبنا في الصندوق. فقال : واللّه ما لكم فيه شيء، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إليَّ، وكان في الصندوق سلاح رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكتبه.

2 - محمّد بر بن يحيى، عن عمران بن موسى عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد اللّه عن عيسى بن عبد اللّه عن أبيه، عن جده قال : التفت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده، ثمَّ التفت إلى محمّد بن عليّ فقال : يا محمّد هذا الصندوق اذهب به إلى بيتك، قال: أما إنّه لم يكن فيه دينار ولا درهم، ولكن كان مملوءاً علماً.

3 - محمّد بن الحسن عن سهل، عن محمّد بن عيسى، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى ابن حزم (3) أن يرسل إليه بصدقة علي وعمر وعثمان (4)، وإنّ ابن حزم بعث إلى زيد بن الحسن وكان أكبرهم، فسأله الصدقة (5)، فقال زيد : إنّ الوالي (6) كان بعد علي الحسن، وبعد

ص: 361


1- يقال لحميد بن زياد.
2- السَّفط : (كما في القاموس) وعاء كالجوالق أو كالقفة جمع أسفاط. وفي المغرب : هو ما يعبأ فيه الطيب وما أشبهه.
3- «هو محمّد بن عمر بن حزم الأنصاري، ولد في عهد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سنة عشر بنجران وكان أبوه عامل النبيّ على نجران...» مرآة المجلسيّ ٣٢٤/٣.
4- أي دفتر صدقاتهم وأوقافهم.
5- أي دفتر صدقات علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي الإمام المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ).

الحسن الحسين وبعد الحسين عليّ بن الحسين وبعد عليّ بن الحسين محمّد بن عليّ، فابعث إليه فبعث ابن حزم إلى أبي، فأرسلني أبي بالكتاب إليه حتّى دفعته إلى ابن حزم.

فقال له بعضنا يعرف هذا ولد الحسن؟ قال : نعم كما يعرفون أنّ هذا ليل ولكنّهم يحملهم الحسد ولو طلبوا الحقّ بالحقّ (1) لكان خيراً لهم ولكنّهم يطلبون الدنيا.

الحسين بن محمّد معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد الكريم بن عمرو، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى ابن حزم، ثمَّ ذكر مثله إلّا أنّه قال : بعث ابن حزم إلى زيد بن الحسن وكان أكبر من أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ). عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء مثله.

١٢٦ _ باب الإشارة والنص على أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان عن أبي الصباح الكناني قال : نظر أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يمشي فقال : ترى هذا؟ هذا من الّذين قال اللّه عزّ وجلّ : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لما حضرت أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) الوفاة قال : يا جعفر أوصيك بأصحابي خيراً، قلت: جعلت فداك واللّه لأدعتهم - والرَّجل منهم يكون في المصر - فلا يسأل أحداً (3).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنى (4) عن سدير الصيرفي قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن من سعادة الرَّجل أن يكون له الولد، يعرف فيه

ص: 362


1- «أي لو طلبوا دين الحقّ أو الآخرة بالإمام الحقّ ومتابعته لكان خيراً لهم ولكنهم يطلبون الباطل وهو الدنيا بالدعاوى الباطلة» المازندراني ١٥٧/٦.
2- القصص / ٥.
3- أي من مخالفي أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) أو الأعم منهم عن أمور دينه.
4- الظاهر أنّه هاشم بن المثنى الرازي بقرينة روايته عن سدير الصيرفي ورواية ابن أبي عمير عنه فراجع جامع الرواة للأردبيلي ٣١٧/٢.

شبه خَلْقه وخُلقه وشمائله (1)، وإني لأعرف من ابني هذا شبه خلقي وخُلقي وشمائلي ؛ يعني أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن طاهر (2) قال : كنت عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأقبل جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا خير البرية أو أخير (3).

5 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد عن بعض أصحابنا، عن يونس بن يعقوب، عن طاهر قال : كنت عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأقبل جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا خير البرية.

٦ - أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، عن فضيل بن عثمان، عن طاهر، قال : كنت قاعداً عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأقبل جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا خير البرية (4).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سُئِل عن القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فضرب بيده على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : هذا واللّه قائم آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال عنبسة : فلما قبض أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخبرته بذلك، فقال : صدق جابر، ثمَّ قال : لعلكم ترون أن ليس كلّ إمام هو القائم بعد الإمام الّذي كان قبله(5).

8 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الأعلى عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) استودعني ما هناك (6)، فلما حضرته الوفاة قال : ادع لي شهوداً فدعوت له أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد اللّه بن عمر فقال : اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه (يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (7) وأوصى محمّد بن عليّ إلى جعفر بن محمّد وأمره أن يكفنه في برده الّذي كان يصلّي فيه الجمعة، وأن يعممه بعمامته، وأن يربع قبره ويرفعه أربع أصابع، وأن يحلّ عنه أطماره عند

ص: 363


1- مفرده شمال وهو الطبع أي طبائعه والشمائل عند الصوفية هي امتزاج الجماليات والجلاليات.
2- الظاهر أنّه مولى الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- هذا الترديد من الراوي.
4- هذا التعبير هو نص على إمامته (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لما مر من أن إمام الأصل يجب أن يكون أفضل أهل زمانه.
5- سوف يأتي أن الأئمّة كلهم قائمون بأمر اللّه من خلال قيامهم بأمر الإمامة، وإن كان المتبادر إلى الذهن عند ذكر قائم آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هو المهدي (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
6- أي ميراث الأنبياء من كتب وعلم وسلاح.
7- البقرة/ 132.

دفنه (1)، ثمَّ قال للشهود : انصرفوا رحمكم اللّه، فقلت له : يا أبت - بعدما انصرفوا _ ما كان في هذا بأن تشهد عليه (2) فقال : يا بني كرهت أن تُغلَب وأن يقال: إنّه لم يوص إليه، فأردت أن تكون لك الحجّة.

127 - باب الإشارة والنص على أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)

١ - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن عبد اللّه القلا، عن الفيض بن المختار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) خذ بيدي (3) من النار مَن لَنا بعدك ؟ فدخل عليه أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)(4) - وهو يومئذ غلام - فقال : هذا صاحبكم، فتمسك به

٢ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزاز، عن ثُبيت، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : أسأل اللّه الّذي رزق أباك منك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك قبل الممات مثلها فقال : قد فعل اللّه ذلك قال : قلت : من هو - جعلت فداك ؟ فأشار إلى العبد الصالح (5) وهو راقد فقال : هذا الراقد وهو غلام.

٣ - وبهذا الإسناد عن أحمد بن محمّد قال : حدَّثني أبو علي الأرجاني الفارسي، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت عبد الرحمن في السنة التي أخذ فيها أبو الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6) افقلت له : إنَّ هذا الرَّجل قد صار في يد هذا (7) وما ندري إلى ما يصير، فهل بلغك عنه في أحد من ولده شيء؟ فقال لي : ما ظننت أن أحداً يسألني هذه المسألة، دخلت على جعفر بن محمّد في منزله فإذا هو في بيت كذا في داره في مسجد له وهو يدعو وعلى يمينه موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يؤمن على دعائه، فقلت له جعلني اللّه فداك قد عرفت انقطاعي إليك وخدمتي لك، فمن وليُّ النّاس بعدك ؟ فقال : إن موسى قد لبس الدرع وساوى عليه(8)، فقلت

ص: 364


1- اطمار جمع طمر وهو الثوب البالي.
2- أي لست ممّن تحتاج إلى الإشهاد على ما تقول أو تفعل.
3- أي أنقذني منها بتعريفي إمام زماني الّذي تجب له الطاعة عليّ
4- من كنى الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- من ألقاب الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- أي الرشيد.
8- أي جاء بمقاسه وهذه من علائم الإمامة والمقصود بالدرع درع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وقد مر ما يشير إلى ذلك.

له : لا أحتاج بعد هذا إلى شيء.

٤ - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن موسى الصيقل، عن المفضّل بن عمر قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدخل أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو غلام، فقال : استوص به، وضع أمره (1) عند من تثق به من أصحابك.

5 - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن يعقوب بن جعفر الجعفري قال : حدَّثني إسحاق بن جعفر قال : كنت عند أبي يوماً، فسأله عليّ بن عمر بن عليّ فقال : جعلت فداك إلى من نفزع (2) ويفزع النّاس بعدك ؟ فقال : إلى صاحب الثوبين الأصفرين والغديرتين _ يعني الذوابتين (3) _ وهو - وهو الطالع عليك من هذا الباب يفتح البابين بيده جميعاً، فما لبثنا أن طلعت علينا كفّان آخذة بالبابين ففتحهما ثمَّ دخل علينا أبو إبراهيم.

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران(4)، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال له منصور بن حازم بأبي أنت وأمي إنَّ الأنفس يُغدا عليها ويراح (5). فإذا كان ذلك، فمن (6) ؟ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا كان ذلك فهو صاحبكم وضرب بيده على منكب أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) الأيمن - في ما أعلم - وهو يومئذ خماسي (7) وعبد اللّه بن جعفر جالس معنا.

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عيسى بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : إن كان كون - ولا أراني اللّه ذلك - فيمن أنتم؟ قال : فأومأ إلى ابنه موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ). قلت: فإن حدث بموسى حدث فيمن أنتم؟ قال : بولده، قلت : فإن حدث بولده حدث وترك أخاً كبيراً وابناً صغيراً فيمن أنتم؟ قال : بولده، ثمَّ قال : هكذا أبداً(8)، قلت : فإن لم أعرفه ولا أعرف موضعه؟

ص: 365


1- أي أمر إمامته.
2- أي نلجأ في أمور ديننا كناية عن الحجّة عليهم بعده (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- مثنى ذؤابة : وهي الناصية أو ما نبت عليها. أو هي «ما نبت في الصدغ من الشعر المسترسل» مرآة المجلسيّ ٣٣٢/٣.
4- واسمه عبد الرحمن.
5- أي هي في معرض الموت صباحاً ومساءً كنّى بهما عن كلّ الأوقات.
6- أي فإذا ولع بك الموت الّذي لا بد منه فمن الحجّة بعدك ؟
7- الخماسي : كما في القاموس - من بلغ طوله خمسة أشبار أفيكون قد بلغ مبلغ.الرجال. وقيل الخماسي : هو من بلغ خمس سنين من العمر.
8- لقد تقدم أن الإمامة بعد الحسنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) محصورة في الولد الأكبر إن لم يكن به عاهة ونص عليه.

قال : تقول : اللّهمّ إنّي أتولّى من بقي من حججك من ولد الإمام الماضي، فإنّ ذلك يجزيك إن شاء اللّه.

8 _ أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، عن عبد اللّه القلا، عن المفضّل بن عمر - قال : ذكر أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وهو يومئذ غلام - فقال : هذا المولود الّذي لم يولد فينا مولود أعظم بركة على شيعتنا منه ثمَّ قال لي : لا تجفوا إسماعيل (1).

9 - محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن فيض بن المختار في حديث طويل في أمر أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، حتّى قال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هو صاحبك الّذي سألت عنه، فقم إليه فأقر له بحقه، فقمت حتّى قبلت رأسه ويده ودعوت اللّه عزّ وجلّ له، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما إنّه لم يؤذن لنا في أوّل منك (2)، قال : قلت: جعلت فداك فأخبر به أحداً؟ فقال: نعم أهلك وولدك، وكان معي أهلي وولدي ورفقائي وكان يونس بن ظبيان من رفقائي، فلما أخبرتهم حمدوا اللّه عزّ وجلّ وقال يونس : لا واللّه حتّى أسمع ذلك منه وكانت به عجلة (3)، فخرج فأتبعته، فلما انتهيت إلى الباب، سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول له : - وقد سبقني إليه - يا يونس الأمر كما قال لك فيض : قال : فقال: سمعت وأطعت، فقال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): خُذه إليك يا فيض.

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن جعفر بن بشير، عن فضيل، عن طاهر عن أبي عبد اللّه قال: كان أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يلوم عبد اللّه (4) ويعاتبه ويعظه ويقول : ما منعك أن تكون مثل أخيك، فواللّه إنّي لأعرف النور في وجهه؟ فقال عبد اللّه : لِمَ، أليس أبي وأبوه واحداً وأمي وأمه واحدة (5)؟ فقال له أبو عبد اللّه : إنّه من نفسي وأنت ابني ابني(6).

ص: 366


1- أي بروه ولا تقطعوا صلتكم به، وهو ابن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان أكبر من الإمام موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقرىء : لا تجفوه : أي لا تخبروه بأن الكاظم هو الإمام لأنه سوف يعلم بموته قبل الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتذهبوا به بعد أن كان يعلم بأن الإمامة في الأكبر.
2- «أي لم نكن مأذونين بإظهار أمره لأحد أسبق منك» المازندراني ١٦٣/٦.
3- أي كان عجولاً يحب أن يستبق الأمور.
4- أي ابنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) الملقب بالأفطح.
5- «وفيه : أنّه لم تكن أمهما واحدة فيحتمل أن يكون المراد بها الأم العليا فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) فإن الانتساب إليها سبب الإمامة وفي ربيع الشيعة وأعلام الورى وإرشاد المفيد واصلى وأصله واحداً وهو أظهر» مرآة المجلسيّ ٣٣٦/٣.
6- «أي من طينتي وفيه خلقي وخُلقي وشمائلي. والحاصل أن انتسابك إلي بالنسب الجسداني وانتسابه إلي بالروابط الجسمانية والروحانية والعقلانية معاً» ن. م.

11 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن محمّد بن سنان، عن يعقوب السراج قال : دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى وهو في المهد فجعل يُساره طويلاً، فجلستُ حتّى فرغ فقمت إليه فقال لي : ادن من مولاك فسلّم، فدنوت فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام بلسان فصيح، ثمَّ قال لي : اذهب فغير اسم ابنتك التي سميتها أمس، فإنّه اسم يبغضه اللّه، وكان ولدت لي ابنة سميتها بالحميراء، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : انته إلى أمره ترشد (1)، فغيرت اسمها.

12 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان، عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد قال : دعا أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوماً ونحن عنده فقال لنا : عليكم بهذا، فهو واللّه صاحبكم بعدي.

13 - عليّ بن محمّد، عن سهل أو غيره، عن محمّد بن الوليد، عن يونس، عن داود بن زربي، عن أبي أيّوب النحوي قال : بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل فأتيته فدخلت عليه وهو جالس على كرسي وبين يديه شمعة وفي يده كتاب، قال : فلما سلّمت عليه رمى بالكتاب إليَّ وهو يبكي، فقال لي : هذا كتاب محمّد بن سليمان (2) يخبرنا أن جعفر بن محمّد قد مات، فإنا للّه وإنا إليه راجعون - ثلاثاً _ وأين مثل جعفر ؟ ثمَّ قال لي : اكتب قال : فكتبت صدر الكتاب، ثمَّ قال : اكتب إن كان أوصى إلى رجل واحد بعينه فقدمه واضرب عنقه، قال : فرجع إليه الجواب أنّه قد أوصى إلى خمسة وأحدهم أبو جعفر المنصور ومحمّد بن سليمان وعبد اللّه (3) وموسى (4) وحميدة (5).

١٤ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد بنحو من هذا (6)، إلّا أنّه ذكر أنّه أوصى إلى أبي جعفر المنصور وعبد اللّه وموسى ومحمّد بن جعفر ومولى لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ). قال : فقال أبو جعفر ليس إلى قتل هؤلاء سبيل.

١٥ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن عليّ بن الحسن، عن صفوان الجمال قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن صاحب هذا الأمر، فقال: إن صاحب هذا

ص: 367


1- أي تهتدِ.
2- هو والي المنصور على المدينة.
3- أي الأفطح.
4- أي الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ)
5- هي أم الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي المروي في الرواية المتقدمة.

الأمر لا يلهو ولا يلعب، وأقبل أبو الحسن موسى - وهو صغير ومعه عناق (1) مكية وهو يقول لها : اسجدي لربك - فأخذه أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وضمّه إليه وقال : بأبي وأمي من لا يلهو ولا يلعب.

١٦ _ عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن عيسى بن هشام (2) قال: حدَّثني عمر الرماني، عن فيض بن المختار قال : إني لعند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ أقبل أبو الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو غلام - فالتزمنه وقبلته فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنتم السفينة وهذا ملاحها، قال: فحججت من قابل ومعي ألفا دينار فبعثت بألف إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وألف إليه، فلما دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يا فيض عدلته بي (3)؟ قلت : إنّما فعلت ذلك لقولك، فقال : أما واللّه ما أنا فعلت ذلك (4)، بل اللّه عزّ وجلّ فعله به.

128 - باب الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الحسين بن نُعيم الصحاف قال : كنت أنا وهشام بن الحكم وعليّ بن يقطين ببغداد، فقال عليّ بن يقطين: كنت عند العبد الصالح جالساً فدخل عليه ابنه علي فقال لي : يا عليّ بن يقطين هذا علي سيد ولدي، أما إني قد نحلته (5) كنيتي، فضرب هشام بن الحكم براحته (6) جبهته، ثمَّ قال : ويحك كيف قلت؟ فقال عليّ بن يقطين : سمعت واللّه منه كما قلت فقال هشام : أخبرك أنَّ الأمر فيه من بعده.

أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن الحسين بن نُعيم الصحاف قال : كنت عند العبد الصالح وفي نسخة الصفواني قال: كنت أنا - ثمَّ ذكر مثله -.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن معاوية بن حكيم، عن نعيم القابوسي عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : إِنَّ ابني علياً أكبر ولدي، وأبرهم عندي، وأحبهم إليّ، وهو ينظر

ص: 368


1- أنثى أولاد المعز قبل استكمالها الحَوِّل.
2- هو نفسه عباس بن هشام فراجع جامع الرواة للأردبيلي ٥٣/١.
3- أي ساويته بي.
4- أي كونه الإمام بعده (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- أي أعطيته.
6- أي بكفه. وإنما فعل ذلك تأسفاً لأنه فهم أن كلامه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لابن يقطين كان بمنزلة نعي لنفسه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

هي في الجفر، ولم ينظر فيه إلّا نبي أو وصي نبي.

3 - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن سنان وإسماعيل بن عباد

القصري جميعاً، عن داود الرقي قال : قلت لأبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك إنّي قد كبر سنّي، فخذ بيدي من النار، قال: فأشار إلى ابنه أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال : هذا صاحبكم من بعدي

٤ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد عن أحمد بن محمّد محمّد بن عبد اللّه عن الحسن عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1): ألا تدلّني إلى من آخذ عنه ديني (2)؟ فقال : هذا ابني عليُّ، إنّ أبي أخذ بيدي فأدخلني إلى قبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا بني ! إنّ اللّه عزّ وجلّ قال : (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (3) وإنَّ اللّه عزّ وجلّ إذا قال قولاً وفى به.

5 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن يحيى بن عمرو عن داود الرقي قال : قلت لأبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني قد كبرت سني ودق (4) عظمي، وإني سألت أباك (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخبرني بك فأخبرني [مَنْ بعدك] فقال : هذا أبو الحسن الرضا.

٦ _ أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، عن زياد بن مروان القندي وكان من الواقفة (5) قال : دخلت على أبي إبراهيم وعنده ابنه أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال لي : يا زياد هذا ابني فلان، كتابه كتابي وكلامه كلامي ورسوله رسولي وما قال فالقول قوله.

7 - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل قال: حدَّثني المخزومي (6) وكانت أمه من ولد جعفر بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بعث إلينا أبو الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) فجمعنا ثمَّ قال لنا : أتدرون لم دعوتكم ؟ فقلنا : لا فقال : اشهدوا أن ابني هذا وصي والقيم

ص: 369


1- كنية الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- أي من بعدك.
3- البقرة/ ٣٠.
4- أي ذبل.
5- أي وقف في الإمامة على الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وكان سبب وقفه مع سماعه النص من موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ابنه أنّه كان عنده سبعون ألف دينار من مال موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأنكر موته وأمامه الرضا لئلا يدفع المال إليه» الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) المازندراني ١٦٨/٦.
6- هو عبد اللّه بن الحارث كما يجزم بذلك السيّد الخوئي في معجم رجال الحديث ٢٧٤/١٨. في حين أن المازندراني يذكر أنّه المغيرة بن توبة فراجع ١٦٨/٦.

بأمري وخليفتي من بعدي من كان له عندي دين فليأخذه من ابني هذا، ومن كانت له عندي عِدَة (1) فلينجزها منه ومن لم يكن له بد من لقائي (2) فلا يلقني إلّا بكتابه.

8 - أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن سنان وعليّ بن الحكم جميعاً عن الحسين بن المختار قال: خرجت إلينا ألواح (3) من أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) _ وهو في الحبس (4) - : عهدي إلى أكبر ولدي أن يفعل كذا وأن يفعل كذا، وفلان لا تُنله شيئاً (5) حتّى ألقاك أو يقضي اللّه علي الموت.

9 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن الحسين بن المختار قال : خرج إلينا من أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالبصرة ألواح مكتوب فيها بالعرض (6) : عهدي إلى أكبر ولدي، يعطي فلان كذا وفلان كذا، وفلان كذا، وفلان لا يعطى حتّى أجيىء أو يقضي اللّه عزّ وجلّ علي الموت، إنَّ اللّه يفعل ما يشاء.

١٠ _ أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن ابن محرز عن عليّ بن يقطين، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كتب إليَّ من الحبس أن فلاناً ابني، سيد ولدي، وقد نحلته كنيتي.

11 - أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، بن عليّ، عن أبي علي الخزاز، عن داود بن سليمان قال: قلت لأبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني أخاف أن يحدث حدث ولا ألقاك، فأخبرني من الإمام بعدك؟ فقال : ابني فلان فلان - يعني أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) -.

12 - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن سعيد بن أبي الجهم، عن النصر بن قابوس قال : قلت لأبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني سألت أباك (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الّذي يكون من بعدك؟ فأخبرني أنك أنت هو، فلمّا توفّي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذهب النّاس يميناً وشمالاً وقلت فيك أنا وأصحابي(7) فأخبرني من الّذي يكون من بعدك من ولدك ؟ فقال : ابني فلان (8).

ص: 370


1- أي وَعْدُ.
2- أي مقابلتي للسؤال عما يهمه من أمر دينه.
3- هي قطع من خشب أو قرطاس أو ما أشبه ممّا يصلح للكتابة عليه.
4- أي في حبس الرشيد في البصرة بعدما سيره إليها من المدينة.
5- أي لا تعطه شيئا، والمقصود بفلان شخص معهود عندهما (عَلَيهِما السَّلَامُ).
6- أي عرض الألواح في مقابل طولها.
7- أي قلنا بإمامتك، في حين أن النّاس تفرقوا على غير الصراط.
8- أي الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).

13 - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن الضحاك بن الأشعث، عن داود بن زربي قال: جئت إلى أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمال، فأخذ بعضه وترك بعضه، فقلت: أصلحك اللّه لأي شيء تركته عندي ؟ قال : إن صاحب هذا الأمر يطلبه منك، فلما جاءنا نعيه بعث إليَّ أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابنه فسألني ذلك المال، فدفعته إليه.

١٤ - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن أبي الحكم (1) الأرمني قال: حدَّثني عبد اللّه بن إبراهيم بن عليّ بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب عن يزيد بن سليط الزيدي، قال أبو الحكم وأخبرني عبد اللّه بن محمّد بن عمارة الجرمي عن يزيد بن سليط قال : لقيت أبا إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) - ونحن نريد العمرة - في بعض الطريق، فقلت: جعلت فداك هل تثبت (2) هذا الموضع الّذي نحن فيه؟ قال : نعم فهل تثبته أنت؟ قلت : نعم إنّي أنا وأبي لقيناك ههنا وأنت مع أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعه إخوتك، فقال له أبي بأبي أنت وأمي أنتم كلكم أئمة مطهرون والموت لا يعرى منه أحد، فأحدث إليَّ شيئاً أحدّث به من يخلفني من بعدي فلا يضلّ، قال : نعم يا أبا عبد اللّه : هؤلاء ولدي وهذا سيّدهم - وأشار إليك - وقد عُلّم الحكم والفهم والسخاء، والمعرفة بما يحتاج إليه الناس، وما اختلفوا فيه من أمر دينهم ودنياهم، وفيه حُسْنُ الخُلُق وحسن الجواب وهو باب من أبواب اللّه عزّ وجلّ. وفيه أخرى (3) خير من هذا كلّه.

فقال له أبي : وما هي؟ - بأبي أنت وأمي - قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): يُخرج اللّه عزّ وجلّ منه غوث هذه الأمة وغياثها وعلمها ونورها وفضلها وحكمتها خير مولود وخير ناشيء، يحقن اللّه عزّ وجلّ به الدماء، ويصلح به ذات البين، ويلمُّ به الشعث، ويشعب به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به الجائع، ويؤمن به الخائف وينزل اللّه به القطر، ويرحم به العباد، خير كهل(4) وخير ناشىء، قوله حُكْم وصَمْتُه عِلم، يبين للناس ما يختلفون فيه، ويسود عشيرته من قبل أوان حُلُمه(5)، فقال له أبي : بأبي أنت وأمي وهل وُلِدَ ؟ قال : نعم ومرت به سنون، قال يزيد : فجاءنا من لم نستطع معه كلاماً (6).

ص: 371


1- تنطبق هذه الكنية على عمار (أو) عمرو بن اليسع الكوفيّ.
2- أي تتيقن منه وتعرفه حقيقة.
3- أي خصلة أخرى. وقد بينها (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد هذا.
4- الكهل : من جاوز الثلاثين من عمره وقد وخطه الشيب والمعنى أنّه خير في شبابه وخير في كهولته. والغريب - وهذا من معاجزهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) - أنّه لم يذكر من شيبه لأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يعلم بأنه يتوفاه اللّه قبل هذه السن، وفعلا فقد استشهد الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قبل أن يصل إلى الخمسين من عمره الشريف.
5- كناية عن سن البلوغ.
6- أي دخل علينا شخص من مخالفي أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) فسكتنا لأنه لا يجوز الكلام أمامه في أمر الإمامة لمكان التقية.

قال يزيد : فقلت لأبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فأخبرني أنت بمثل ما أخبرني به أبوك (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال لي : نعم إن أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان في زمان ليس هذا زمانه، فقلت له : فمن يرضى منك بهذا فعليه لعنة اللّه، قال : فضحك أبو إبراهيم ضحكاً شديداً، ثمَّ قال : أخبرك يا أبا عمارة أني خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلان وأشركت معه بني في الظاهر، وأوصيته في الباطن، فأفردته وحده ولو كان الأمر إليَّ لجعلته في القاسم ابني لحبّي إيّاه ورأفتي عليه ولكن ذلك إلى اللّه عزّ وجلّ، يجعله حيث يشاء، ولقد جاءني بخبره رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثمَّ أرانيه وأراني من يكون معه (1)، وكذلك لا يوصي إلى أحد منا حتّى يأتي بخبره رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وجدّي علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ورأيت مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خاتماً وسيفاً وعصا وكتاباً وعمامة، فقلت : ما هذا يا رسول اللّه ؟ فقال لي : أما العمامة فسلطان اللّه عزّ وجلّ، وأما السيف فعز اللّه تبارك وتعالى، وأما الكتاب فنور اللّه تبارك وتعالى، وأما العصا فقوة اللّه، وأما الخاتم فجامع هذه الأمور، ثمَّ قال لي : والأمر قد خرج منك إلى غيرك (2)، فقلت: يا رسول اللّه أرنيه أيهم هو ؟ فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ما رأيت من الأئمّة أحداً أجزع على فراق هذا الأمر منك، ولو كانت الإمامة بالمحبة لكان إسماعيل أحبُّ إلى أبيك منك، ولكن ذلك من اللّه عزّ وجلّ.

ثمَّ قال أبو إبراهيم ورأيت ولدي جميعاً الأحياء منهم والأموات، فقال لي أمي_ر المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا سيدهم وأشار إلى ابني علي، فهو منّي وأنا منه واللّه مع المحسنين المحسنين. قال يزيد : ثمَّ قال أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا يزيد : إنّها وديعة عندك فلا تخبر بها إلّا عاقلاً أو عبداً تعرفه صادق (3)، وإن سئلت عن الشهادة فاشهد بها، وهو قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (4) وقال لنا أيضاً : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ) (5). قال : فقال أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فأقبلت على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقلت : قد جمعتهم لي _ بأبي وأمي - فأيهم هو ؟ فقال : هو الّذي ينظر بنور اللّه (6) عزّ وجلّ، ويسمع بفهمه، وينطق بحكمته، يصيب فلا يخطىء، ويعلم فلا يجهل، معلماً حُكْماً وعلماً، هو هذا _ وأخذ بيد علي ابني - ثمَّ قال : ما أقل مقامك معه، فإذا رجعت من سفرك فأوص وأصلح أمرك، وافرغ ممّا أردت، فإنك منتقل عنهم

ص: 372


1- إما من يكون في حزبه ومواليه، أو من يكون في زمانه من الطغاة والجبابرة.
2- أي ممّن تحب أن يكون بعدك إلى غيره. وقد مر تصريحه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه كان يحب أن تكون الإمامة لولده القاسم.
3- أي في عقيدته بحبنا أهل البيت معتقداً بأمر الإمامة.
4- النساء / ٥٨.
5- البقرة/ ١٤٠.
6- «أي ينظر بعينه وبقلبه بالنور الّذي جعله اللّه فيهما» مرآة المجلسيّ ٣٥٤/٣.

ومجاوز غيرهم، فإذا أردت (1) فادع عليّاً فليغسلك وليكفنك، فإنّه طهر لك (2)، ولا يستقيم إلّا ذلك وذلك سنة قد مضت فاضطجع بين يديه، وصفّ إخوته خلفه وعمومته، ومره فليكبر عليك تسعاً، فإنه قد استقامت وصيّته ووليك وأنت حي، ثمَّ اجمع له ولدك من بعدهم، فأَشْهَدْ عليهم(3)، وأشْهِدِ اللّه عزّ وجلّ وكفى باللّه شهيداً، قال يزيد ثمَّ قال لي أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني أوخذ في هذه السنة (4) والأمر هو إلى ابني علي سمّي علي وعلي : فأما عليُّ الأوّل فعليّ بن أبي طالب، وأما الآخر فعليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أعطي فهم الأوّل وحلمه ونصره وودَّه ودينه ومحنته، ومحنة الآخر وصبره على ما يكره، وليس له أن يتكلّم (5) إلّا بعد موت هارون بأربع سنين.

ثمَّ قال قال لي : يا يزيد وإذا مررت بهذا الموضع ولقيته وستلقاه، فبشره أنّه سيولد له غلام، أمين، مأمون مبارك وسيعلمك أنك قد لقيتني فأخبره عند ذلك أنَّ الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية جارية رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أم إبراهيم، فإن قدرت أن تبلغها مني السلام فافعل، قال يزيد : فلقيت بعد مضي أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فبدأني، فقال لي يا يزيد ما تقول في العمرة (6) ؟ فقلت: بأبي أنت وأمي ذلك إليك وما عندي نفقة، فقال: سبحان اللّه ما كنا نكلفك ولا نكفيك (7)، فخرجنا حتّى انتهينا إلى ذلك الموضع فابتدأني فقال : يا يزيد إن هذا الموضع كثيراً ما لقيت فيه جيرتك وعمومتك، قلت : نعم، ثمَّ قصصت عليه الخبر فقال لي : أمّا الجارية فلم تجيء بعد، فإذا جاءت بلغتها منه السلام، فانطلقنا إلى مكّة فاشتراها في تلك السنّة، فلم تلبث إلّا قليلاً حتّى حملت فولدت ذلك الغلام، قال يزيد : وكان إخوة عليّ يرجون أن يرثوه، فعادوني إخوته من غير ذنب (8)، فقال لهم إسحاق بن جعفر : واللّه لقد رأيته وإنه ليقعد من أبي إبراهيم بالمجلس الّذي لا أجلس فيه أنا.

١٥ - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن أبي الحكم قال : حدَّثني عبد اللّه بن إبراهيم الجعفري وعبد اللّه بن محمّد بن عمارة، عن يزيد بن سليط قال : لما أوصى أبو

ص: 373


1- أي الوصية.
2- أي تغسيله طهر لك فلا تحتاج بعد موتك إلى تغسيل آخر وهذا يشير إلى أن المعصوم لا يجهزه لقبره إلّا معصوم.
3- أي فاشهد أنت عليهم أو أشهد عليهم من أقاربهم بإقرارهم بإمامته.
4- أي أموت.
5- أي بأن يعلن إمامته، ويتصدى لشؤونها علناً، وهارون هو الطاغية الرشيد.
6- أي ما رأيك في أن تعتمر.
7- أي لا نطلب منك أن تعتمر دون أن نزودك بما تحتاجه من مؤونتها.
8- «المعاداة، إما لزعمهم أن التبشير كان سبباً لشراء الجارية وما كان لي ذنب لأني كنت مأموراً بذلك، أو لزعمهم أني توسطت في شراء الجارية ولم يكن كذلك» مرآة المجلسيّ ٣٥٨/٣.

إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَشْهَدَ إبراهيم بن محمّد الجعفري وإسحاق بن محمّد الجعفري وإسحاق بن جعفر بن محمّد وجعفر بن صالح ومعاوية الجعفري ويحيى بن الحسين بن زيد بن عليّ، وسعد بن عمران الأنصاري، ومحمّد بن الحارث الأنصاري ويزيد بن سليط الأنصاري ومحمّد بن جعفر بن سعد الأسلمي، - وهو كاتب الوصيّة الأولى (1) _ أشهدهم أنّه يشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأن محمّداً عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأنّ اللّه يبعث من في القبور، وأنَّ البعث بعد الموت حقٌّ، وأنَّ الوعد حقٌّ، وأنّ الحساب حقٌّ والقضاء حقُّ وأن الوقوف بين يدي اللّه حقٌّ، وأن ما جاء به محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حق، وأنّ ما نزل به الروح الأمين حق، على ذلك أحيا وعليه أموت وعليه أبعث إن شاء اللّه، وأشهدهم أنّ هذه وصيتي بخطي وقد نسخت (2) وصيّة جدّي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ووصيّة محمّد بن عليّ قبل ذلك، نسختها حرفاً بحرف، ووصية جعفر بن محمّد، على مثل ذلك، وإني قد أوصيت إلى عليّ، وبني بعد معه إن شاء وآنس منهم رشداً وأحبّ أن يقرهم فذاك له وإن كرههم وأحبَّ أن يخرجهم. فذاك له، ولا أمر لهم معه، وأوصيت إليه بصدقاتي وأموالي وموالي وصبياني الّذين خلفت وولدي إلى إبراهيم والعبّاس وقاسم وإسماعيل وأحمد وأم أحمد، وإلى عليّ(3) أمر نسائي دونهم، وثلث صدقة أبي وثلثي يضعه حيث يرى ويجعل فيه ما يجعل ذو المال في ماله، فإن أحب أن يبيع أو يهب أو ينحل أو يتصدَّق بها على من سميت له وعلى غير من سمّيت، فذاك له وهو أنا (4) في وصيتي في مالي وفي أهلي وولدي، وإن يرى أن يقر إخوته الّذين سميتهم في كتابي هذا أقرهم، وإن كره فله أن يخرجهم غير مشرب عليه (5) ولا مردود، فإن آنس منهم غير الّذي فارقتهم عليه، فأحب أن يردّهم في ولاية فذاك له، وإن أراد رجلٌ منهم أن يزوّج أخته فليس له أن يزوجها إلّا بإذنه وأمره، فإنّه أعرف بمناكح (6) قومه وأي سلطان أو أحد من النّاس كفّه عن شيء أو حال بينه وبين شيء ممّا ذكرت في كتابي هذا أو أحد ممّن ذكرت، فهو من اللّه

ص: 374


1- «الوصية الأولى هي الشهادات والعقائد والوصية الثانية هي قوله (وإني قد أوصيت إلى آخر الوصية)». مرآة المجلسيّ ٣٥٩/٣. بينما ذهب المازندراني ١٧٨/٦ - كما يفهم من كلامه (رضیَ اللّهُ عنهُ) - أن كاتب الوصية الأولى هو غير الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإن كانت بإملائه، مؤيداً ذلك بنص الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد هذا في قوله: «وأشهدهم أن هذه وصيتي بخطي». بينما يعلق المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) على هذه العبارة بقوله : يعني أن هذه الشهادات هي وصيتي التي كتبتها بخطي قبل ذلك وهي محفوظة عندي».
2- أي نقلت.
3- أي فوضت إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) خاصّة رعاية شؤون نسائي دون إخوته أو غيرهم.
4- أي أن تصرفه وقوله وفعله في وصيتي هو قولي وتصرفي وفعلي.
5- أي فلا لوم عليه.
6- أي «محال النكاح وما يناسب ويليق من ذلك» مرآة المجلسيّ ٣٦٢/٣.

ومن رسوله بريء واللّه ورسوله منه براء، وعليه لعنة اللّه وغضبه ولعنة اللاعنين والملائكة المقربين والنبيّين والمرسلين وجماعة المؤمنين. وليس لأحد من السلاطين أن يكفّه عن شيء وليس لي عنده تبعة (1) ولا تباعة (2). ولا لأحد من ولدي له قبلي مال، فهو مصدق فيما ذكر، فإن أقل فهو أعلم وإن أكثر فهو الصّادقُ كذلك، وإنما أردت بإدخال الّذين أدخلتهم معه من ولدي التنويه بأسمائهم والتشريف لهم وأمهات أولادي من أقامت منهنّ في منزلها وحجابها فلها ما كان يجري عليها في حياتي إن رأى ذلك، ومن خرجت منهنَّ إلى زوج فليس لها أن ترجع إلى محواي (3) إلّا أن يرى علي غير ذلك. وبناتي بمثل ذلك، ولا يزوّج بناتي أحدٌ من إخوتهنّ من أمهاتهن ولا سلطان ولا عمّ إلّا برأيه ومشورته، فإن فعلوا غير ذلك فقد خالفوا اللّه ورسوله وجاهدوه في ملکه وهو أعرف بمناكح قومه، فإن أراد أن يزوّج زوّج وإن أراد أن يترك ترك وقد أوصيتهنَّ بمثل ما ذكرت في كتابي هذا وجعلت اللّه عزّ وجلّ عليهنَّ شهيداً، وهو وأمّ أحمد [شاهدان] وليس لأحد أن يكشف وصيتي ولا ينشرها وهو منها على غير ما ذكرت وسميت، فمن أساء فعليه ومن أحسن فلنفسه وما ربّك بظلام للعبيه وصلّى اللّه على محمّد وعلى آله، وليس لأحد من سلطان ولا غيره أن يفضّ كتابي هذا الّذي ختمت عليه الأسفل، فمن فعل ذلك فعليه لعنة اللّه وغضبه ولعنة اللاعنين والملائكة المقربين وجماعة المرسلين والمؤمنين من المسلمين وعلى من فض كتابي هذا وكتب وختم أبو إبراهيم والشهود وصلّى اللّه على محمّد وعلى آله، قال أبو الحكم : فحدَّثني عبد اللّه بن آدم الجعفري عن يزيد بن سليط قال : كان أبو عمران الطلحي قاضي المدينة فلما مضى موسى قدّمه إخوته إلى الطلحي القاضي فقال العبّاس بن موسى: أصلحك اللّه وأمتع بك إن في أسفل هذا الكتاب كنزاً وجوهراً ويريد أن يحتجبه ويأخذه دوننا، ولم يدع أبونا رحمه اللّه شيئاً إلّا ألجأه إليه وتركنا عالة، ولولا أنّي أكفُ نفسي لأخبرتك بشيء على رؤوس الملأ، فوثب إليه إبراهيم بن محمّد فقال : إذا واللّه تخبر بما لا نقبله منك ولا نصدقك عليه، ثمَّ تكون عندنا ملوماً مدحوراً، نعرفك بالكذب صغيراً وكبيراً، وكان أبوك أعرف بك، لو كان فيك خيراً، وإن كان أبوك لعارفاً بك في الظاهر والباطن وما كان ليأمنك على تمرتين ثمَّ وثب إليه إسحاق بن جعفر عمّه فأخذ بتلبيبه فقال له : إنّك لسفيه ضعيف أحمق أجْمَع هذا مع ما كان بالأمس منك، وأعانه القوم أجمعون، فقال أبو عمران القاضي

ص: 375


1- أي ظلامة.
2- التباعة «الحقّ الّذي لك على غيرك ولا تريد أن تستوفيه منه» مرآة المجلسيّ ٣٦٢/٣. ولكن عند اللغويين التبعة والتباعة واحد فراجع.
3- أي إلى منزلي.

لعليّ : قم يا أبا الحسن حسبي ما لعنني أبوك اليوم وقد وسّع لك أبوك ولا واللّه ما أحد أعرف بالولد من والده ولا واللّه ما كان أبوك عندنا بمستخفٌ في عقله ولا ضعيف في رأيه، فقال العبّاس للقاضي : أصلحك اللّه فضّ الخاتم وأقرأ ما تحته. فقال أبو عمران : لا أفضّه حسبي ما لعنني أبوك اليوم، فقال العبّاس : فأنا أفضه فقال : ذاك إليك، ففض العبّاس الخاتم فإذا فيه إخراجهم وإقرار علي لها وحده وإدخاله إيّاهم في ولاية علي إن أحبوا أو كرهوا وإخراجهم من حد الصدقة وغيرها وكان فتحه عليهم بلاء وفضيحة وذلّة ولعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) خيرة، وكان في الوصية التي فض العبّاس تحت الخاتم هؤلاء الشهود إبراهيم بن محمّد وإسحاق بن جعفر وجعفر بن صالح وسعيد بن عمران وأبرزوا وجه أمّ أحمد في مجلس القاضي وادعوا أنّها ليست إيَّاها حتّى كشفوا عنها وعرفوها، فقالت عند ذلك : قد واللّه قال سيدي هذا : إنّک ستؤخذين جبراً وتخرجين إلى المجالس، فزجرها إسحاق بن جعفر وقال : اسكتي فإن النساء إلى الضعف، ما أظنّه قال من هذا شيئاً، ثمَّ إنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) التفت إلى العبّاس فقال : يا أخي إني أعلم أنّه إنّما حملكم على هذه الغرائم والديون التي عليكم، فانطلق يا سعيد فتعين لي ما عليهم، ثمَّ اقض عنهم ولا واللّه لا أدع مواساتكم وبركم ما مشيت على الأرض فقولوا ما شئتم، فقال العبّاس : ما تعطينا إلّا من فضول أموالنا وما لنا عندك أكثر، فقال : قولوا ما شئتم فالعرض عرضكم(1) فإن تحسنوا فذاك لكم عند اللّه وإن تسيؤوا فإنَّ اللّه غفور رحيمٌ. واللّه إنّکم لتعرفون أنّه مالي يومي هذا ولد ولا وارث غيركم، ولئن حبست شيئاً ممّا تظنون أو أدَّخرته فإنّما هو لكم ومرجعه إليكم. واللّه ما ملكت منذ مضى أبوكم رضي اللّه عنه شيئاً إلّا وقد سيبته حيث رأيتم، فوثب العبّاس فقال : واللّه ما هو كذلك وما جعل اللّه لك من رأي علينا، ولكن حسد أبينا لنا وإرادته ما أراد ممّا لا يسوغه اللّه إياه ولا إيّاك، وإنك لتعرف أنّي أعرف صفوان بن يحيى بياع السابري بالكوفة ولئن سلمت لأغصّصنّه بريقه وأنت معه، فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم، أما إنّي يا إخوتي فحريص على مسرتكم اللّه يعلم اللّهمّ إن كنت تعلم أنّي أحبُّ صلاحهم وأنّي بارٌّ بهم واصل لهم رفيق عليهم أعني بأمورهم ليلاً ونهاراً فأجزني به خيراً، وإن كنتُ على غير ذلك فأنت علام الغيوب فأجزني به ما أنا أهله إن كان شرا فشرًا وإن كان خيراً فخيراً، اللّهمّ أصلحهم وأصلح لهم، واخسأ عنا وعنهم الشيطان، وأعنهم على طاعتك ووفقهم لرشدك، أما أنا يا أخي فحريص على مسرتكم جاهدٌ على صلاحكم ؛ واللّه على ما نقول وكيل. فقال العبّاس: ما

ص: 376


1- «أي هتك عرضي بوجب هتك عرضكم وفي بعض النسخ بالغين أي غرضي ما هو غرضكم وهو رضاكم عنّي» مرآة المجلسيّ ٣٦٩/٣.

أعرفني بلسانك وليس لمسْحاتِكِ (1) عندي طين، فافترق القوم على هذا وصلى اللّه على محمّد وآله.

١٦ - محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عليّ وعبيد اللّه بن المرزبان، عن ابن سنان قال: دخلت على أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) من قبل أن يقدم العراق بسنة وعلي ابنه جالس بين يديه، فنظر إلي فقال : يا محمّد : أما إنّه سيكون في هذه السنة حركة، فلا تجزع لذلك، قال: قلت وما يكون جُعلت فداك؟ فقد أقلقني ما ذكرت. فقال : أصير إلى الطاغية (2)، أما إنّه لا يبدأني منه سوء ومن الّذي يكون بعده (3)، قال : قلت : وما يكون جعلت فداك ؟ قال : يضلّ اللّه الظَّالمين ويفعل اللّه ما يشاء، قال : قلت : وما ذاك جعلت فداك ؟ قال : من ظلم ابني هذا حقه وجحد إمامته من بعدي كان كمن ظلم عليّ بن أبي طالب حقه وجحده إمامته بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : قلت : واللّه لئن مدَّ اللّه لي في العمر لأسلّمنَّ له حقه ولأقرَّنَّ له بإمامته، قال: صدقت يا محمّد، يمد اللّه في عمرك، وتسلّم له بحقه، وتقر له بإمامته وإمامة من يكون من بعده، قال : قلت : ومن ذاك ؟ قال محمّد ابنه (4)، قال : قلت : له الرّضا والتسليم.

129 _ باب الإشارة والنص على أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ)

129 _ باب الإشارة والنص على أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5)

١ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يحيى بن حبيب الزيات قال : أَخْبَرَني من كان عند أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالساً، فلما نهضوا قال لهم : القوا أبا جعفر فسلّموا عليه وأحدثوا به عهداً، فلمّا نهض القوم التفت إليَّ فقال : نهض القوم التفت إليَّ فقال : يرحم اللّه المفضّل إنّه كان ليقنع بدون هذا (6).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد قال : سمعت الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 377


1- المسحاة : آلة حديدية مرققة تستعمل لجرف الطين. وهذا القول من العبّاس لأخيه الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَثَل عند العرب يُضرب لمن لا تنطلي حيلته على الآخرين. وقال الميداني : هو مثل يُضرب لمن عجز عن تحقيق ما أراد تحقيقه.
2- يقصد به المهدي العبّاسي.
3- يقصد بمن بعده أخوه الهادي العبّاسي.
4- أي الإمام محمّد الجواد بن الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأبو الإمام علي الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- هو كنية الإمام محمّد الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- «أي بدون الأمر بالتسليم وإحداث العهد، بل كان يكفيه في إحداثه الإشارة، أو كان أي المفضل بن عمر يحدثه بدونها» المازندراني ١٨٩/٦.

وذكر شيئاً فقال : ما حاجتكم إلى ذلك، هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي وصيّرته مكاني وقال : إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذَّة بالقذَّة (1).

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبيه محمّد بن عيسى قال : دخلت على أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) فناظرني في أشياء، ثمَّ قال لي: يا أبا علي ارتفع الشكٍّ ما لأبي غيري (2).

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن جعفر بن يحيى، عن مالك بن أشيم، عن الحسين بن بشار قال: كتب ابن قياما (3) إلى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) كتاباً يقول فيه : كيف تكون إماماً وليس لك ولد ؟ فأجابه أبو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) - شبه المغضب - : وما علمك أنّه لا يكون لي ولد واللّه لا تمضي الأيام والليالي حتّى يرزقني اللّه ولداً ذكراً يفرق به بين الحقّ والباطل.

٥ - بعض أصحابنا عن محمّد بن عليّ، عن معاوية بن حكيم، عن ابن أبي نصر قال : قال لي ابن النجاشي (4) : من الإمام بعد صاحبك؟ فأشتهي أن تسأله حتّى أعلم، فدخلت على الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخبرته، قال : فقال لي : الإمام ابني، ثمَّ قال: هل يتجرى أحد أن يقول ابني وليس له ولد.

٦ - أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، عن معمر بن خلاد قال : ذكرنا عند أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) شيئاً بعدما ولد له أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال : ما حاجتكم إلى ذلك، هذا أبر جعفر قد أجلسته مجلسي وصيّرته في مكاني.

7 - أحمد، عن محمّد بن عليّ عن ابن قياما الواسطي قال : دخلت على عليّ بن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : أيكون إمامان؟ قال : لا إلّا وأحدهما صامت، فقلت له : هو ذا أنت، ليس لك صامت - ولم يكن ولد له أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد - فقال لي : واللّه ليجعلنَّ اللّه مني ما يثبت به الحقّ وأهله، ويمحق به الباطل وأهله، فولد له بعد سنة أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان ابن قياما واقفياً.

8 - أحمد، عن محمّد بن عليّ عن الحسن بن الجهم قال : كنت مع أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 378


1- القذة : ريشة السهم جمعها قُذَذ والمعنى: «كما تقدّر كلّ واحدة منها على قدر صاحبتها وتقطع يُضرب مثلاً للشيئين يستويان ولا يتفاوتان» مرآة المجلسيّ 373/3 نقلا عن النهاية.
2- «أي ليس لأبي ولد غيري. والغرض منه هو الإشعار بأنه الإمام» المازندراني ١٩٠/٦.
3- واسمه الحسين وكان واقفيا وقف على الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- يرى الإمام الخوئي أن ابن النجاشي هذا غير عبد اللّه ولعله عبد اللّه النجاشي وهو واقفي لا يقول بإمامة الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما يدل عليه قوله : من الإمام بعد صاحبك. فراجع معجم رجال الحديث ٣٦٢/١٠.

جالساً، فدعا بابنه وهو صغير فأجلسه في حجري، فقال لي : جرده وانزع قميصه، فنزعته فقال لي : انظر بين كتفيه، فنظرت فإذا في أحد كتفيه شبيه بالخاتم داخل في اللحم، ثمَّ قال: أترى هذا؟ كان مثله في هذا الموضع من أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

9 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن أبي يحيى الصنعاني (1) قال : كنت عند أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فجيىء بابنه أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو صغير، فقال : هذا المولود الّذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن صفوان بن يحيى قال: قلت للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قد كنا نسألك قبل أن يهب اللّه لك أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فكنت تقول : يهب اللّه لي غلاماً، فقد وهبه اللّه لك، فأقر عيوننا، فلا أرانا اللّه يومك فإن كان كون فإلى من (2)؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين؟! فقال : وما يضره من ذلك فقد قام عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالحجّة وهو ابن ثلاث سنين(3).

11 - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن محمّد بن جمهور، عن معمر بن خلاد قال : سمعت إسماعيل بن إبراهيم يقول للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن ابني في لسانه ثقل، لسانه ثقل، فأنا أبعث به إليك غداً تمسح على رأسه وتدعو له فإنه مولاك، فقال : هو مولى أبي جعفر (4) فابعث به غداً إليه.

12 _ الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهدي، عن محمّد بن خلاد الصيقل، عن محمّد بن الحسن بن عمّار قال : كنت عند عليّ بن جعفر بن محمّد جالساً بالمدينة، وكنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما يسمع من ابن أخيه - يعني أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) - إذ دخل عليه أبو جعفر محمّد بن عليّ الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) المسجد - مسجد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - فوثب عليّ بن جعفر بلا حذاء ولا رداء فقبل يده وعظمه، فقال له أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عم اجلس رحمك اللّه فقال : يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم، فلما رجع عليّ بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوتخونه ويقولن : أنت عم أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل؟ فقال : اسكتوا إذا كان اللّه عزّ وجلّ _ وقبض

ص: 379


1- واسمه عمر بن توبة.
2- أي إن نزل بك الموت فإلى من نرجع في أخذ معالم ديننا. أو إلى من يؤول أمر الإمامة.
3- يشير هذا الخبر إلى أن عيسى بعث بالرسالة وهو ابن ثلاث سنين وإن كانت نبوته وهو في المهد.
4- «أي لا أبقى أنا إلى زمان بلوغه وولايته للإمام فهو مولى لوصي» مرأة المجلسيّ 377/3.

على لحيته _ لم يؤهّل هذه الشيبة (1) وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه أأنكر فضله؟! نعوذ باللّه ممّا تقولون، بل أنا له عبد (2).

١٣ - الحسين بن محمّد عن الخيراني عن أبيه قال: كنت واقفاً، بين يدي أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بخراسان فقال له قائل : يا سيدي إن كان كون فإلى من؟ قال: إلى أبي جعفر ابني، فكأنّ القائل استصغر سنّ أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن اللّه تبارك وتعالى بعث عيسى بن مريم رسولاً نبياً، صاحب شريعة مبتداة في أصغر من السن الّذي فيه أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

١٤ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد القاساني جميعاً، عن زكريّا بن يحيى بن النعمان الصيرفيّ قال : سمعت عليّ بن جعفر يحدّث الحسن بن الحسين بن عليّ بن الحسين فقال : واللّه لقد نصر اللّه أبا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال له الحسن : إي واللّه جعلت فداك لقد بغى عليه إخوته، فقال عليّ بن جعفر : إي واللّه ونحن عمومته بغينا عليه، فقال له الحسن : جعلت فداك كيف صنعتم فإني لم أحضركم؟ قال : قال له إخوته ونحن أيضاً : ما كان فينا إمام قطُّ : حائل اللون (3). فقال لهم الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هو ابني، قالوا : فإنّ رسول اللّه قالوا : فإنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد قضى بالقافة (4) فبيننا وبينك القافة، قال : ابعثوا أنتم إليهم فأما أنا فلا ولا تُعلموهم لما دعوتموهم ولتكونوا في بيوتكم (5).

فلما جاؤوا أقعدونا في البستان واصطف عمومته وإخوته وأخواته وأخذوا الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وألبسوه جبة صوف وقلنسوة منها ووضعوا على عنقه مسحاة وقالوا له : ادخل البستان كأنك تعمل فيه، ثمَّ جاؤوا بأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقالوا : ألحقوا هذا الغلام بأبيه، فقالوا : ليس له ههنا أب ولكن هذا عم أبيه، وهذا عم أبيه، وهذا عمّه، وهذه عمته، وإن يكن له ههنا أب فهو صاحب البستان، فإن قدميه وقدميه واحدة فلما رجع أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالوا : هذا أبوه.

ص: 380


1- أي لم يجعلها أهلاً لتحمّل أمر الإمامة.
2- أراد أنّه طائع وتابع له كما هو شأن العبد مع مولاه.
3- الحائل المتغير كناية عن سمرة لونه.
4- القافة: جمع قائف وهو من كان يُرجع إليه في ذلك العصر وما قبله ليلحق شخصاً بنسب آخر استناداً إلى علامات وآثار فيهما، وهي ممّا لا يثبت بها نسب في الشريعة المقدسة.
5- «أمرهم بذلك ليحصل له الشهود بقول القايف لسماع جميعهم» المازندراني ١٩٦/٦. أو لأن «القافة إذا دخلوا المدينة لم يخرجوا من بيوت هؤلاء إلى أن يحضروا للإلحاق لئلا يسألوا أحداً عن الواقعة». مرآة المجلسيّ 380/3.

قال عليّ بن جعفر : فقمت فمصصت ريق (1) أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمَّ قلت له: أشهد أنك إمامي عند اللّه، فبكى الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمَّ قال : يا عمّ ! ألم تسمع أبي وهو يقول: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : بأبي ابن خيرة الإماء (2) ابن النوبيّة الطيبة الفم المنتجبة الرحم، ويلهم لعن اللّه الأعيبس وذريته (3)، صاحب الفتنة، ويقتلهم سنين وشهوراً وأياماً يسومهم خسفاً ويسقيهم كأساً مصبرة، وهو الطريد الشريد الموتور (4) بأبيه وجده صاحب الغيبة، يقال : مات أو هلك، أيَّ وادٍ سلك (5)؟! أفيكون هذا يا عم إلّا منّي، فقلت: صدقت جعلت فداك.

١٣٠ - باب الإشارة والنص على أبي الحسن الثالث (عَلَيهِ السَّلَامُ)

١٣٠ - باب الإشارة والنص على أبي الحسن الثالث (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران قال : لما خرج أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المدينة إلى بغداد في الدفعة الأولى (7) من خرجتيه، قلت له عند خروجه : جعلت فداك : إني أخاف عليك في هذا الوجه، فإلى من الأمر بعدك؟ فكر بوجهه إليَّ ضاحكاً وقال : ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة، فلما أخرج به الثانية إلى المعتصم صرت إليه فقلت له: جعلت فداك أنت خارج فإلى من هذا الأمر من بعدك؟ فبكى حتّى اخضلّت (8) لحيته، ثمَّ التفت إليَّ فقال : عند هذه يخاف علي الأمر من بعدي إلى ابني علي.

٢ - الحسين بن محمّد، عن الخيراني، عن أبيه أنّه قال : كان يلزم باب أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) للخدمة التي كان وكل بها، وكان أحمد بن محمّد بن عيسى يجيىء في السحر في كلّ ليلة ليعرف خبر علّة (9) أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان الرسول الّذي يختلف بين أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبين أبي(10) إذا حضر قام أحمد وخلا به أبي، فخرجت ذات ليلة وقام أحمد عن المجلس وخلا أبي بالرسول

ص: 381


1- «أي قبلت فاه شفقة وشوقاً بحيث دخل بعض ريقه فمي» مرآة المجلسيّ 381/3.
2- المراد به الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقرينة قوله فيما بعد (ويقتلهم) وقوله (الطريد الشريد الموتور) وأم المهدي (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) هي أم عليا للجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي بني العبّاس.
4- الموتور : من قُتِل له قتيل فلم يأخذ بدمه. وقيل هو من قُتِل حميمه فصار وتراً أي بمفرده.
5- «يقال ذلك لمن طالت غيبته حتّى لا يدري أين هو» المازندراني ١٩٨/٦.
6- كنية الإمام علي الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- أي في خروجه الأول، حيث زوجه المأمون ابنته أم الفضل.
8- أي ابتلت بالدموع.
9- أي ليستعلم مرضه الّذي يشتكي فيه.
10- أي خيران الخادم.

واستدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام، فقال الرسول لأبي : إن مولاك يقرأ عليك السلام ويقول لك : إنّي ماض والأمر صائر إلى ابني علي، وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي، ثمَّ مضى الرسول ورجع أحمد إلى موضعه وقال لأبي : ما الّذي قد قال(1) لك؟ قال : خيراً، قال : قد سمعت ما قال فَلِمَ تكتمه ؟ وأعاد ما سمع، فقال له أبي : قد حرَّم اللّه عليك ما فعلت لأنَّ اللّه تعالى يقول: ﴿ولا تجسسوا) (2) فاحفظ (3) الشهادة لعلنا نحتاج إليها يوماً ما وإيّاك أن تظهرها إلى وقتها.

فلما أصبح أبي كتب نسخة الرّسالة في عشر رقاع وختمها، ودفعها إلى عشرة من وجوه العصابة (4) اوقال : إن حدث بي حدث الموت قبل أن أطالبكم بها فافتحوها واعلموا بما فيها، فلما مضى أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذكر أبي أنّه لم يخرج من منزله حتّى قطع على يديه(5) نحو من أربعمائة انسان، واجتمع رؤساء العصابة عند محمّد بن الفرج يتفاوضون هذا الأمر، فكتب محمّد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماعهم عنده وأنّه لولا مخافة الشهرة لصار معهم إليه ويسأله أن يأتيه، فركب أبي وصار إليه فوجد القوم مجتمعين عنده فقالوا لأبي : ما تقول في هذا الأمر؟ فقال أبي لمن عنده الرّقاع : احضروا الرّقاع فأحضروها، فقال لهم : هذا ما أمرت به، فقال بعضهم : قد كنا نحبُّ أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر؟ فقال لهم : قد آتاكم اللّه عزّ وجلّ، به، هذا أبو جعفر الأشعريّ يشهد لي بسماع هذه الرّسالة وسأله أن يشهد بما عنده، فأنكر أحمد أن يكون سمع من هذا شيئاً، فدعاه أبي إلى المباهلة، فقال : لما حقق عليه(6)، قال : قد سمعت ذلك وهذا مكرمة كنت أحبُّ أن تكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم (7) : فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحقّ جميعاً.

«وفي نسخة الصفواني :

3 - محمّد بن جعفر الكوفيّ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن الحسين

ص: 382


1- أي الرسول.
2- الحجرات/ ١٢.
3- أي فاكتمها.
4- أي من وجهاء وأعيان الجماعة التي كانت تعتقد بأمر الإمامة.
5- أي أخذ منهم البيعة للإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بشكل بات.
6- أي لما ضيّق عليه الخناق بحيث لم يجد بدا من أن يباهل أو يعترف بالحق.
7- يقصد الخيراني وكان أعجمياً. والمنكر هو أبو جعفر الأشعريّ وهو نفسه أحمد بن محمّد بن عيسى، والّذي ذكر في صدر الرواية.

الواسطيّ أنّه سمع أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر يحكي أنّه أشهده على هذه الوصية المنسوخة (1): «شهد أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر أن أبا جعفر محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (أشهده أنّه أوصى إلى عليّ ابنه بنفسه وأخواته (2)، وجعل أمر موسى (3) إذا بلغ إليه، وجعل عبد اللّه بن المساور قائماً على تركته من الضياع والأموال والنفقات والرقيق وغير ذلك إلى أن يبلغ عليّ بن محمّد. صير عبد اللّه بن المساور ذلك اليوم إليه، يقوم بأمر نفسه وأخواته ويصير أمر موسى إليه، يقوم لنفسه بعدهما على شرط أبيهما في صدقاته التي تصدق بها، وذلك يوم الأحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجّة سنة عشرين ومائتين. وكتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطه، وشهد الحسن بن محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهو الجواني، على مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب، وكتب شهادته بيده. وشهد نصر الخادم وكتب شهادته بيده.

131 - باب الإشارة والنص على أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

131 - باب الإشارة والنص على أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4)

1 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهدي، عن يحيى بن يسار القنبري (5) قال : أوصى أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى ابنه الحسن قبل مضيه (6) بأربعة أشهر، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي.

2 _ عليّ بن محمّد، عن جعفر بن محمّد الكوفيّ، عن بشار بن أحمد البصريّ، عن عليّ بن عمر النوفليّ قال: كنت مع أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) في صحن داره، فمرَّ بنا محمّد ابنه (7)

ص: 383


1- أي المكتوبة.
2- أي جعله وصياً على تنفيذ وصيته فيما يتعلق بنفسه وبأمور أخواته وهم بنات الإمام الرضا الثلاث وفي مرآة العقول (بإخوانه ولم يستبعد أن يكون تصحيفاً من النساخ ل_ : (بأخواته).
3- موسى هو ابنه الملقب بالمبرقع مدفون بقم، أي إذا بلغ موسى هذا فهو الّذي يلي أمر نفسه.
4- هي كنية الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- في شرح المازندراني (العنبري).
6- أي قبل وفاته (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- «كان له (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثلاث بنين : محمّد والحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجعفر ومات محمّد قبله وهو أكبر ولده، وكانت الشيعة يزعمون أنّه الإمام لكونه أكبر، فإخباره (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعدم إمامته معجز لعلمه بموته قبله، وكان يكنى أبا جعفر» مرآة المجلسيّ 388/3.

فقلت له : جعلت فداك هذا صاحبنا بعدك ؟ فقال : لا صاحبكم بعدي الحسن (1).

٣-، - عنه عن بشار بن أحمد، عن عبد اللّه بن محمّد الإصفهاني قال : قال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : صاحبكم بعدي الّذي يصلّي عليَّ، قال : ولم نعرف أبا محمّد قبل ذلك، قال: فخرج أبو محمّد (2) فصلّى عليه.

٤ - وعنه، عن موسى بن جعفر بن وهب عن علىّ بن جعفر قال : كنت حاضراً أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما توفي ابنه محمّد فقال للحسن : يا بني : أُحْدِثُ اللّه شكراً فقد أحْدَثَ فيك أمراً (3).

5 _ الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن مروان الأنباري قال: كنت حاضراً عند [مضي] أبي جعفر (4) محمّد بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فجاء أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فوضع له كرسي فجلس عليه وحوله أهل بيته، وأبو محمّد قائم في ناحية، فلمّا فرغ من أمر أبي جعفر التفت إلى أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا بنيَّ أَحْدِثُ اللّه تبارك وتعالى شكراً فقد أحدث فيك أمراً.

٦ - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن أحمد القلانسي عن عليّ بن الحسين بن عمرو، عن عليّ بن مهزيار قال : قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن كان كون _ وأعوذ باللّه _ فإلى من؟ قال : عهدي إلى الأكبر من وَلَدَيَّ (5).

7 _ عليّ بن محمّد، عن أبي محمّد الأسبارقيني، عن عليّ بن عمر والعطّار قال : دخلت على أبي الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأبو جعفر ابنه في الأحياء وأنا أظن أنّه هو، فقلت له: جعلت فداك من أخص من ولدك ؟ فقال : لا تخصّوا أحداً حتّى يخرج إليكم أمري. قال : فكتبت إليه بعد : فيمن يكون هذا الأمر؟ قال: فكتب إليَّ في الكبير من ولدي، قال : وكان أبو محمّد أكبر من أبي جعفر.

ص: 384


1- أي الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- كنية الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي أظهر الإمامة فيك بعد موت أخيك الأكبر.
4- كنية محمّد أكبر أولاد الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد توفي قبل أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما أشرنا سابقاً.
5- كان هذا منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد وفاة ولده محمّد، فيكون المقصود الأكبر من ولدي وهو الموجود أي الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويحتمل أن يكون هذا القول منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قبل موت محمّد ولكنه كان يعلم بموته. وعلى هذا الوجه الثاني يحمل ما ورد في الرواية التالية.

8 - محمّد بن يحيى وغيره عن سعد بن عبد اللّه عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحسن الأفطس أنهم حضروا - يوم توفّي محمّد بن عليّ بن محمّد _ باب أبي الحسن يعزونه وقد بسط له في صحن داره والنّاس جلوس حوله، فقالوا : قدَّرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلاً سوى مواليه وسائر النّاس إذ نظر إلى الحسن بن عليّ قد جاء مشقوق الجيب، حتّى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه، فنظر إليه أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد ساعة فقال : يا بني أحْدِثُ اللّه عزّ وجلّ شكراً، فقد أحدث فيك أمراً، فبكى الفتى وحمد اللّه واسترجع (1)، وقال : الحمد للّه ربّ العالمين وأنا أسأل اللّه تمام نعمة لنا فيك(2) وإنا للّه وإنا إليه راجعون، فسألنا عنه فقيل: هذا الحسن ابنه، وقدّرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة أو أرجح، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه (3) قد أشار إليه (4) بالإمامة وأقامه مقامه.

9 - عليّ بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد، عن محمّد بن يحيى بن درياب قال: دخلت على أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد مضي أبي جعفر فعزّيته عنه، وأبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالس، فبكى أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5)، فأقبل عليه أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال :[له] : إن اللّه تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفاً منه فاحمد اللّه.

10 - عليّ بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد، عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعدما مضى ابنه أبو جعفر، وإنّي لأفكر في نفسي أريد أن أقول : كأنهما أعني أبا جعفر وأبا محمّد في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإنَّ قصّتهما كقصتهما، إذ كان أبو محمّد المرجّى بعد أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ). فأقبل علي أبو الحسن قبل أن أنطق فقال : نعم يا أبا هاشم بدا اللّه (6) في أبي محمّد بعد أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما لم يكن يعرف له كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل (7) ما كشف به عن حاله، وهو كما حدثتك له، نفسك وإن كره المبطلون وأبو محمّد ابني الخلف من بعدي، عنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الإمامة (8).

ص: 385


1- أي قال : إنا للّه وإنا إليه راجعون.
2- هذا الخطاب من العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأبيه، أي اسأل اللّه أن يطيل عمرك لأن تمام نعمتنا في بقائك.
3- أي الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- أي إلى الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- كنية الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- ليس معنى البداء هنا ظهور ما كان خافياً إذ هو مستحيل في حق اللّه واجب الوجود لذاته سبحانه وإنما المعنى : نشأ له سبحانه في الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمر وكذلك نشأ أمر في وفاة أخيه الأكبر أبي جعفر.
7- أي الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد وفاة أخيه إسماعيل وهو الأكبر من ولد الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- وهي كما تقدم العلم والسلاح وميراث الأنبياء.

11 - عليّ بن محمّد عن إسحاق بن محمّد، عن محمّد بن يحيى بن درياب، عن أبي بكر الفهفكيّ (1) قال : كتب إليَّ أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أبو محمّد ابني أنصح آل محمّد غريزة (2)، وأوثقهم حجّة وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف وإليه ينتهي عُرى الإمامة وأحكامها، فما كنت سائلي فَسَلْهُ عنه، فعنده ما يحتاج إليه.

12 _ عليّ بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد، عن شاهويه بن عبد اللّه الجلاب قال: كتب إليَّ أبو الحسن في كتاب : أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر وقلقت لذلك فلا تغتم، فإنّ اللّه عزّ وجلّ (يُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) (3). وصاحبك بعدي أبو محمّد ابني وعنده ما تحتاجون إليه، يقدّم ما يشاء اللّه ويؤخر ما يشاء اللّه (ما تَنْسَخْ من آية أو نُنسِها تأتِ بخير منها أو مِثْلِها) (4). قد كتبت بما فيه بيان وقناع (5) لذي عقل يقظان.

3 - عليّ بن محمّد عمّن ذكره عن محمّد بن أحمد العلوي، عن داود بن القاسم قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الخَلَفُ من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخَلَفِ من بعد الخَلَف؟ فقلت : ولم جعلني اللّه فداك ؟ فقال : إنّکم لا ترون شخصه ولا يحلّ لكم ذكره باسمه (6)، فقلت : فكيف نذكره ؟ فقال : قولوا الحجّة من آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ). :

132 - باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن عليّ بن بلال قال: خرج إليَّ من أبي محمّد قبل مضيّه بسنتين يخبرني بالخلفِ من بعده، ثمَّ خرج إليَّ من قبل مضيه بثلاثة أيّام يُخبرني بالخلف من بعده.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن أبي هاشم الجعفري قال: قلت لأبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال : سل، قلت : يا سيدي

ص: 386


1- وهو ابن أبي طيفور.
2- أي أنقاهم طبيعة في زمانه.
3- كأن الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) قرأ الآية 11٥ من سورة التوبة بالمعنى وهي (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ...) الآية أو أنّها هكذا في قراءتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- البقرة/ ١٠٦.
5- أي قناعة وكفاية.
6- سوف يأتي ما يدل على النهي عن تسمية الإمام صاحب الزمان (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) باسمه فانتظر.

هل لك ولد ؟ فقال : نعم، فقلت: فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه؟ قال: بالمدينة.

3 - عليّ بن محمّد، عن جعفر بن محمّد الكوفيّ، عن جعفر بن محمّد المكفوف، عن عمرو الأهوازي قال : أراني أبو محمّد ابنه (1) وقال : هذا صاحبكم من بعدي.

٤ - عليّ بن محمّد، عن حمدان القلانسي قال : قلت للعمري (2): قد مضى أبو محمّد؟ فقال لي : قد مضى ولكن قد خلّف فيكم من رقبته مثل هذه ؛ وأشار بيده (3).

٥ - الحسين بن محمّد الأشعريّ عن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه قال : خرج عن أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين قتل الزبيري (4) لعنه اللّه هذا جزاء من اجترأ على اللّه في أوليائه، يزعم أنّه يقتلني وليس لي عقب، فكيف رأى قدرة اللّه فيه(5)، وولد له ولد سمّاه «م ح م د» (6) في سنه ست وخمسين ومائتين.

٦ - عليّ بن محمّد، عن الحسين ومحمّد ابني عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عليّ بن عبد الرحمن العبدي - من عبد قيس -، عن ضوء بن عليّ العجلي، عن رجل من أهل فارس سماه قال : أتيت سَامَرًا ولزمت باب أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدعاني، فدخلت عليه وسلّمت فقال : ما الّذي أقدمك ؟ قال : قلت : رغبة في خدمتك، قال: فقال لي : فالزم الباب، قال: فكنت في الدار مع الخدم، ثمَّ صرت أشتري لهم الحوائج من السوق، وكنت أدخل عليهم من غير إذن إذا في الدار رجال قال : فدخلت عليه يوماً وهو كان في دار الرّجال فسمعت حركة في البيت فناداني : مكانك (7) لا تبرح، فلم أجسر أن أدخل ولا أخرج، فخرجت علي جارية معها شيء

ص: 387


1- أي الحجّة المهدي (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
2- هو عثمان بن سعيد.
3- الظاهر أن الإشارة كانت بالإبهام والسبابة من كلتا يديه، كما يفعله العرب عند إرادتهم الإشارة إلى غلظ شيء ما، وهو هنا إشارة إلى غلظ الرقبة كناية عن قوته (عَلَيهِ السَّلَامُ). وأورد المجلسيّ ٣/٤ احتمال أن يكون العمري قد أشار بذلك إلى رقبة نفسه. وأما المازندراني 209/٦ وغيره فقد استبعد هذا المعنى واستقرب كون الإشارة إلى طول قامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) معبرين عن ذلك بالرقبة تسمية للكل باسم الجزء.
4- «الزبيري، كان لقب بعض الأشقياء من ولد الزبير كان في زمانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فهدّده وقتله اللّه على يد الخليفة أو غيره» مرآة المجلسيّ ٣/٤ وقيل بأن المقصود به المهتدي العبّاسي، الّذي قتل على يد الأتراك، وهو بعيد لأنه قتل سنة ١٥٦ ه_ لا ٢٥٦.
5- أي في الزبيري.
6- قد يقال : بأن تقطع الحروف إنّما كان للتقية أو لعدم جواز التسمية. وقد يرد الأوّل بأن الاسم ظاهر حتّى مع تقطيع الحروف فيحمل على أن القائل لم يكن في مورد التقبة.
7- أي الزم مكانك ولا تبرح أي لا تزل من مكانك وهي تأكيد.

مغطّى، ثمَّ ناداني : أُدْخُلْ، فدخلتُ، ونادى الجارية فرجعت إليه، فقال لها : اكشفي عمّا معك، فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه وكشف عن بطنه فإذا شعر نابت من لبته (1) إلى سرته أخضر ليس بأسود، فقال : هذا صاحبكم، ثمَّ أمرها فحملته فما رأيته بعد ذلك حتّى مضى أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

133 - باب في تسمية من رآه (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - محمّد بن عبد اللّه ومحمّد بن يحيى - جميعاً، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري قال : اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو (2) رحمه اللّه عند أحمد بن إسحاق فغمزني (3) أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخَلَف فقلت له : يا أبا عمرو: إنّي أريد أن أسألك عن شيء وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه، فإنَّ اعتقادي وديني أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة إلّا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً (4)، فإذا كان ذلك رفعت الحجّة (5) وأغلق باب التوبة (6) فلم يك ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، فأولئك أشرار من خلق اللّه عزّ وجلّ وهم الّذين تقوم عليهم القيامة، ولكنّي أحببت أن أزداد يقيناً، وإنَّ إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) سأل ربه عزّ وجلّ أن يريه كيف يحيى الموتى، قال أولم تؤمن قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي، وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته وقلت من أعامل أو عمّن آخذ، وقول من أقبل؟ فقال له : العمري ثقتي فما أدى إليك عنّي فعنّي يؤدّي وما قال لك عنّي فعنّي يقول فاسمع له وأطع، فإنّه الثقة المأمون، وأخبرني أبو علي أنّه سأل أبا محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن مثل ذلك، فقال له : العمري وابنه (7) ثقتان، فما أديا إليك عنّي فعني يؤدّيان وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعمها فإنّهما الثقتان المأمونان، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك.

قال : فخر أبو عمر و ساجداً وبكى ثمَّ قال : سل حاجتك فقلت له : أنت رأيت الخلف من

ص: 388


1- الليّة مكان القلادة من الصدر.
2- هو عثمان بن سعيد العمري أول سفير من السفراء الأربعة.
3- الغمز إما باليد فهو الوكز أو النخس أو بالعين بالإشارة بطرفها، أو بالحاجب بتحريكه.
4- «لعل الأربعين من مبادي القيامة وتقع الفتن فيها كخروج الدابة وغيره، فما مر من أنّه لو بقي في الأرض اثنان لكان أحدهما الحجّة مخصوص بزمان التكليف» مرآة المجلسيّ ٦/٤.
5- أي صاحب الزمان (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) والقرآن.
6- وذلك لأن التوبة إنّما تنفع فيما لو وقعت في الزمان المناسب وهو زمان التكليف، وعند رفع الحجّة يرتفع التكليف.
7- ابنه هو محمّد بن عثمان وهو ثاني سفراء الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) بعد أبيه.

بعد أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ فقال : إي واللّه ورقبته مثل ذا - وأومأ بيده - فقلت له : فبقيت واحدة فقال لي : هات :قلت فالاسم ؟ قال محرَّم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن أحلل ولا أحرم، ولكن عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإنّ الأمر عند السلطان(1)، أنَّ أبا محمّد (2) مضى ولم يخلف ولداً وقسم ميراثه وأخذه من لا حق له فيه (3) وهوذا عياله يجولون ليس أحد يجسر (4) أن يتعرّف إليهم أو ينيلهم شيئاً (5)، وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا اللّه وأمسكوا عن ذلك.

قال الكلينيّ (رَحمهُ اللّه) : وحدَّثني شيخ من أصحابنا - ذهب عنّي اسمه _ أنَّ أبا عمرو سُئِلَ عند أحمد بن إسحاق عن مثل هذا فأجاب بمثل هذا.

2 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، وكان أسنّ شيخ من ولد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالعراق فقال : رأيته (6) بين المسجدين وهو غلام (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٣ - محمّد بن يحيى عن الحسين بن رزق اللّه أبو عبد اللّه قال : حدَّثني موسى بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر قال : حدثتني حكيمة ابنة محمّد بن عليّ (7) - وهي عمّة أبيه - أنّها رأته ليلة مولده وبعد ذلك.

٤ - عليّ بن محمّد، عن حمدان القلانسي قال: قلت للعمري : قد مضى أب_و محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ فقال : قد مضى ولكن قد خلّف فيكم من رقبته مثل هذا؛ وأشار بيده.

5 _ عليّ بن محمّد، عن فتح مولى الزراري (8) قال : سمعت أبا عليّ بن مطهر يذكر أنّه قد رآه ووصف له قده (9).

٦ - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن شاذان بن نعيم، عن خادم لإبراهيم بن عبده النيسابوري أنّها قالت (10): كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا فجاء (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى وقف على

ص: 389


1- هو المعتمد العبّاسي محمّد بن المتوكل العبّاسي.
2- هي كنية الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي عم الإمام وهو جعفر الكذاب.
4- أي يجرؤ.
5- وذلك خوفاً من الطاغية المعتمد وزبانيته.
6- أي الإمام الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) والمقصود بالمسجدين مكّة والمدينة.
7- أي ابنة الإمام محمّد الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- وفي بعض كتب الرجال (الرازي).
9- أي قامته. والضمير يعود للإمام الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
10- أي حكيمة.

إبراهيم وقبض على كتاب مناسكه وحدّثه بأشياء.

7 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن عليّ بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه بن صالح أنّه رآه عند الحجر الأسود والناس يتجاذبون عليه (1) وهو يقول : ما بهذا أمر وا (2).

8 - علي، عن أبي علي أحمد بن إبراهيم بن إدريس، عن أبيه أنّه قال : رأيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد مضي أبي محمّد حين أيفع (3) وقبلت يديه ورأسه.

9 - علي، عن أبي عبد اللّه بن صالح وأحمد بن النضر عن القنبري - رجلٌ من ولد قنبر الكبير - مولى أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : جرى حديث جعفر بن عليّ (4) فذمه (5)، فقلت له : فليس غيره فهل رأيته (6) ؟ فقال : لم أره ولكن رآه غيري، قلت ومن رآه؟ قال : قد رآه جعفر مرتين وله حديث (7).

10 - عليّ بن محمّد، عن أبي محمّد الوجناني (8) أنّه أخبرني عمّن رآه : أنّه خرج من الدار قبل الحادث (9) بعشرة أيّام وهو يقول : اللّهمّ إنّک تعلم أنّها من أحب البقاع لولا الطرد؛ أو كلام هذا نحوه.

١١ _ عليّ بن محمّد، عن عليّ بن قيس، عن بعض جَلَاوِزَة السواد(10) قال : شاهدت سيماء (11) آنفاً بسر من رأى وقد كسر باب الدار (12)، فخرج عليه وبيده طبرزين (13) فقال له : ما

ص: 390


1- أي يجذب بعضهم بعضاً ليستلموا الحجر.
2- الضمير يعود إلى الإمام (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) وهو يقول : أي ليس بالتجاذب أمر الناس، وإنما باستلامه بدون تجاذب وإلا فليشيروا إليه بأكفهم.
3- أي حين شارف على البلوغ.
4- هو جعفر المعروف بالكذاب. وهو عم الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
5- أي أن القنبري ذم جعفراً.
6- أي أليس غير جعفر من تكون الإمامة فيه.
7- أي قصة رؤية جعفر الكذاب لصاحب الزمان (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) وقد رواها الصدوق (رضیَ اللّهُ عنهُ) في إكمال الدّين فراجع.
8- هنا بالنون (الوجناتي) وكذلك المازندراني والوافي ولكن في بعض كتب الرجال (الوجنائي) بالهمزة بعدها الياء.
9- هو وفاة الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو ملاحقة الخليفة العبّاسي وإذنه سبحانه له بالغيبة الصغرى، والمقصود بالدار الموطن وهي سامراء أو بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ).
10- «الجلاوزة جمع الجلواز وهو الشرطي والأرذل والمتابع للشرطي والعون للسلطان يكون معه بلا رزق» المازندراني .٢١٥/٦ والمراد بالسواد قرى المدينة وما يحيط بها من الرساتيق.
11- اسم أحد هؤلاء الجلاوزة أو أحد اللصوص والرعاع. وقال المازندراني : هو واحد من عبيد جعفر الكذاب.
12- أي دار الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) والّذي خرج عليه هو الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) صاحب الدار.
13- نوع من أنواع السلاح كالفأس ونحوه.

تصنع في داري؟ فقال سيماء : إنَّ جعفراً زعم أنّ أباك مضى ولا ولد له، فإن كانت دارك فقد انصرفت عنك، فخرج عن الدار قال عليّ بن قيس : فخرج علينا خادم من خدم الدار فسألته عن هذا الخبر، فقال لي : من حدَّثك بهذا ؟ فقلت له : حدَّثني بعض جلاوزة السواد، فقال لي : لا يكاد يخفى على النّاس شيء.

12 - عليّ بن محمّد، عن جعفر بن محمّد الكوفيّ، عن جعفر بن محمّد المكفوف. عن عمرو الأهوازي قال : أرانيه أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : هذا صاحبكم.

13 - محمّد بن يحيى، عن الحسن بن عليّ النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن موسى بن جعفر عن أبي نصر ظريف الخادم أنّه رآه.

١٤ - عليّ بن محمّد، عن محمّد والحسن ابني عليّ بن إبراهيم، أنهما حدَّثاه في سنة تسع وسبعين ومائتين، عن محمّد بن عبد الرحمن العبدي، عن ضوء بن عليّ العجلي، عن رجل من أهل فارس سمّاه أن أبا محمّد أراه إياه.

15 - عليّ بن محمّد، عن أبي أحمد بن راشد عن بعض أهل المدائن قال : كنت حاجاً مع رفيق لي، فوافينا إلى الموقف (1) فإذا شاب قاعد عليه إزار ورداء، وفي رجليه نعل صفراء، قومت الإزار والرداء بمائة وخمسين ديناراً وليس عليه أثر السفر، فدنا منا سائل فرددناه، فدنا من الشاب فسأله، فحمل شيئاً من الأرض وناوله، فدعا له السائل واجتهد في الدعاء وأطال، فقام الشاب وغاب عنا، فدنونا من السائل فقلنا له ويحك ما أعطاك ؟ فأرانا حصاة ذهب مضرّسة (2)، قدرناها عشرين مثقالاً، فقلت لصاحبي : مولانا عندنا ونحن لا ندري، ثمَّ ذهبنا في طلبه فدرنا الموقف كلّه، فلم نقدر عليه، فسألنا كلّ من كان حوله من أهل مكّة والمدينة، فقالوا شاب علوي يحج في كلّ سنة ماشياً.

١٣٤ - باب في النهي عن الاسم

١٣٤ - باب في النهي عن الاسم (3)

1 - عليّ بن محمّد عمّن ذكره عن محمّد بن أحمد العلوي، عن داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الخَلَفُ من بعدي الحسن، فكيف

ص: 391


1- أي انتهينا إلى موقف عرفات.
2- أي ذات شُعَب كأنها الأضراس.
3- أي النهي عن أن يذكر أحد الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) باسمه الصريح.

لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت : ولم جعلني اللّه فداك؟ قال : إنّکم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه فقلت : فكيف نذكره ؟ فقال : قولوا : الحجّة من آل محمّد صلوات اللّه عليه وسلامه.

2 - عليّ بن محمّد، عن أبي عبد اللّه الصالحيّ (1) قال : سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن أسأل عن الاسم والمكان، فخرج الجواب (2) : إن دللتهم على الاسم أذاعوه وإن عرفوا المكان دلّوا عليه.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن جعفر بن محمّد عن ابن فضّال، عن الريان بن الصلت قال : سمعت أبا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول - وسُئِل عن القائم - فقال : لا يُرى جسمه، ولا يسمى اسمه.

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : صاحب هذا الأمر لا يسميه باسمه إلّا كافر (3).

١٣٥ - باب نادر في حال الغيبة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد، عمن حدثه، عن المفضّل بن عمر، ومحمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن بعض أصحابه عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أقرب ما يكون العباد من اللّه جل ذكره وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة اللّه جل وعزَّ ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه، وهم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجّة اللّه جل ذكره ولا ميثاقه، فعندها فتوقعوا الفرج صباحاً ومساءً، فإنَّ أشدَّ ما يكون غضب اللّه على أعدائه إذا افتقدوا حجّته ولم يظهر لهم، وقد علم أن أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنّهم يرتابون ما غيب حجّته عنهم طرفة عين، ولا يكون ذلك إلّا على رأس شرار النّاس (4).

2 - الحسين بن محمّد الأشعريّ عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن مرداس عن

ص: 392


1- في كتب الرجال أبو عبد اللّه بن صالح. إضافة إلى الصالحي.
2- أي مكاتبة.
3- «ربما يحمل الكافر على من كان شبيهاً بالكافر في مخالفة أوامر اللّه ونواهيه اجتراءاً عليه» مرآة المجلسيّ ١٨/٤.
4- مر هذا الحديث بعينه فيما تقدم وعلّقنا عليه.

صفوان بن يحيى والحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم عن عمّار الساباطي قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيما (1) أفضل : العبادة في السرّ مع الإمام منكم المستتر في دولة الباطل، أو العبادة في ظهور الحقّ ودولته مع الإمام منكم الظاهر؟ فقال يا عمار: الصدقة في السر واللّه أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك واللّه عبادتكم في السرّ مع إمامكم المستتر في دولة الباطل، وتخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل، وحال الهدنة أفضل ممّن يعبد اللّه عزّ وجلّ ذكره في ظهور الحقّ مع إمام الحقّ الظاهر في دولة الحقّ، وليست العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة والأمن في دولة الحقّ، واعلموا أنَّ من صلّى منكم اليوم (2) صلاة فريضة في جماعة، مستتر بها من عدوّه في وقتها فأتمها كتب اللّه له خمسين صلاة فريضة في جماعة، ومن صلى منكم صلاة فريضة وحده مستتراً بها من عدوّه في وقتها فأتمها، كتب اللّه عزّ وجلّ بها له خمساً وعشرين صلاة فريضة وحدانية (3)، ومن صلى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمها، كتب اللّه له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة، كتب اللّه عزّ وجلّ له بها عشرين حسنة ويضاعف اللّه عزّ وجلّ حسنات المؤمن منكم أذا أحسن أعماله، ودان بالتقية على دينه وإمامه ونفسه، وأمسك من لسانه (4) أضعافاً مضاعفة إن اللّه عزّ وجلّ كريم.

قلت: جعلت فداك : قد واللّه رغبتني في العمل، وحثتني عليه، ولكن أحب أن أعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالاً من أصحاب الإمام الظاهر منكم في دولة الحقّ ونحن على دين واحد؟ فقال: إنّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين اللّه عزّ وجلّ وإلى الصلاة والصوم والحج وإلى كلّ خير وفقه، وإلى عبادة اللّه عزّ ذكره سراً من عدوّكم مع إمامكم المستتر، مطيعين له صابرين معه منتظرين لدولة الحقّ، خائفين على إمامكم وأنفسكم من الملوك الظلمة، تنتظرون (5) إلى حقّ إمامكم وحقوقكم في أيدي الظلمة، قد منعوكم ذلك، واضطر وكم إلى حرث الدنيا وطلب المعاش مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف مع عدوّكم، فبذلك ضاعف اللّه عزّ وجلّ لكم الأعمال، فهنيئاً لكم.

قلت : جعلت فداك فما ترى إذاً أن نكون من أصحاب القائم ويظهر الحقّ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالاً من أصحاب دولة الحقّ والعدل؟ فقال : سبحان اللّه أما تحبّون أن

ص: 393


1- استفهام أي : أيهما.
2- أي في زمانه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والمتحدث هو الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي منفردة.
4- أي منعه من الكلام عن الإمام بما يوجب تعريض حياته (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو حياة شيعته للخطر من قبل السلطان الجائر.
5- الأصح أنّها (تنظرون).

يظهر اللّه تبارك وتعالى الحقّ والعدل في البلاد ويجمع اللّه الكلمة ويؤلّف اللّه بين قلوب مختلفة، ولا يعصون اللّه عزّ وجلّ في أرضه، وتقام حدوده في خلقه، ويرد اللّه الحقّ إلى أهله فيظهر حتّى لا يستخفى بشيء من الحقّ مخافة أحد من الخلق (1)، أما واللّه يا عمّار لا يموت منكم ميت على الحال التي أنتم عليها إلّا كان أفضل عند اللّه من كثير من شهداء بدر وأحد فأبشروا.

٣ _ عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي أسامة، عن هشام ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة عن أبي إسحاق قال : حدَّثني الثقة من أصحاب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنهم سمعوا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في خطبة له : اللّهمّ وإنّي لأعلم أنَّ العلم لا يأرز (2) كلّه، ولا ينقطع مواده (3)، وإنك لا تخلى أرضك من حجّة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور (4)، كيلا تبطل حججك ولا يضلَّ أولياؤك بعد إذ هديتهم(5)، بل أين هم وكم ؟ أولئك الأقلّون عدداً، والأعظمون عند اللّه جلَّ ذِكْرُه قَدْراً، المتبعون لقادة الدّين : الأئمّة الهادين، الّذين يتأدبون بآدابهم، وينهجون نهجهم، فعند ذلك يهجم (6) بهم العلم على حقيقة الإيمان، فتستجيب أرواجهم لقادة العلم، ويستلينون من حديثهم ما استوعر (7) على غيرهم، ويأنسون بما استوحش منه المكذِّبون، وأباه المسرفون، أولئك أتباع العلماء صحبوا أهل الدنيا بطاعة اللّه تبارك وتعالى وأوليائه ودانوا بالتقيّة عن دينهم والخوف من عدوّهم، فأرواحهم معلّقة بالمحلّ الأعلى، فعلماؤهم وأتباعهم خرس صمت في دولة الباطل، منتظرون لدولة الحقّ، وسَيُحِقُ اللّه الحقّ بكلماته ويَمْحَقَ الباطل ها ها (8)، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال

ص: 394


1- كلّ ما ذكره (عَلَيهِ السَّلَامُ) يؤكد أن دولة الإمام الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) هي دولة عالمية، يتحقق فيها قوله سبحانه (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) التوبة / ٣٣.
2- أي لا يختفي ولا يذهب.
3- وهم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) الراسخون في العلم ونقلة أحاديثهم وفقهاء شيعتهم.
4- أي مستور محجوب.
5- «قال بعض المحقّقين : إن الإماميّة رحمهم اللّه آووا إلى هذا الكلام ليدفعوا ما أورد مخالفوهم عليهم حيث قالوا : يجب نصب الإمام على اللّه تعالى لأنه إذا لم يكن لهم رئيس قاهر يمنعهم من المحظورات ويحثهم على الواجبات كانوا معه أقرب إلى الطاعة وأبعد عن المعاصي منهم بدونه، واللطف واجب على اللّه. فاعترض عليهم مخالفوهم وقالوا : إنّما يكون منفعة ولطفاً واجباً إذا كان ظاهراً قاهراً زاجراً عن القبائح قادراً على تنفيذ الأحكام... وهذا ليس بلازم عندكم، فالإمام الّذي ادعيتم وجوبه ليس بلطف، والّذي هو لطف ليس بواجب. فأجابوا : بأن وجود الإمام لطف سواء تصرّف أو لم يتصرف...» مرآة المجلسيّ ٢٧/٤.
6- أي يأتيهم من حيث لم يحتسبوا.
7- أي ما استغلق واستصعب.
8- «ها: قيل : حرف تنبيه... وتكريرها للتأكيد. وقيل : حكاية البكاء بصوت عال» مرآة المجلسيّ ٣٢/٤.

هدنتهم، ويا شوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم، وسيجمعنا اللّه وإياهم في جنات عدن، ومَنْ صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم.

١٣٦ - باب في الغيبة

1 - محمّد بن يحيى والحسن بن محمّد جميعاً، عن جعفر بن محمّد الكوفيّ، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن صالح بن خالد، عن يمان التمار قال: كنا عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) جلوساً فقال لنا : إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد - ثمَّ قال هكذا بيده (1) _ فأيكم يمسك شوك القتاد بيده؟ ثمَّ أطرق مليّاً، ثمَّ قال : إن لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتق اللّه عبد وليتمسك بدينه.

2 - عليّ بن محمّد، عن الحسن بن عيسى بن محمّد بن عليّ بن جعفر، عن أبيه عن جده، عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا فقد الخامس من ولد السابع (2) فاللّه اللّه في أديانكم لا يزيلكم عنها أحد، يا بني (3) : إنّه لا بدَّ لصاحب هذا الأمر من غيبة حتّى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنّما هي محنة من اللّه عزّ وجلّ امتحن بها خلقه، لو على أباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه، قال : فقلت : يا سيدي من الخامس من ولد السابع ؟ فقال : يا بني ! عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله (4)، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن المساور، عن المفضّل بن عمر قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إيّاكم والتنويه (5) أما واللّه ليغيبنَّ إمامكم سنيناً من دهركم، ولتمحصن (6) حتّى يقال : مات، قتل، هلك، بأي واد سلك؟ ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين، ولتُكْفَانَّ (7) كما تكفأ السفُنُ في أمواج البحر، فلا ينجو إلّا من

ص: 395


1- «أي أشار بيده تمثيلاً لخرط القتاد» ن. م ص / ٣٣ والقتاد شجر ذو شوك صلب.
2- الإمام السابع هو الإمام موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) والخامس من ولده المعصومين (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو الإمام الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) وفقد : غاب.
3- الخطاب بذلك لعليّ بن جعفر، وخاطبه بقوله يا بني : لأنه أخوه الأصغر فهو كالابن من حيث الشفقة والعطف.
4- «لعل المراد السؤال عن كيفية غيبته وخصوصياتها وامتدادها ولذا لم يجب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإنها مزلّة للعقول والأحلام وكانوا لا يصبرون على كتمانها وإذاعتها ممّا يضر بالإمام بل بأكثر الأنام من الخواص والعوام» مرآة المجلسيّ ٣٥/٤.
5- أي التشهير والإعلان عن دعوتكم وعقيدتكم بالإمام والإمامة.
6- أي لَتُمتَحَنُنُ وتُختيرن.
7- أي لتضطرين وتقلبن.

أخذ اللّه ميثاقه وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة، لا يدري أي من أي (1)، قال : فبكيت ثمَّ قلت : فكيف نصنع؟ فنظر إلى شمس داخلة في الصفة فقال : يا أبا عبد اللّه ترى هذه الشمس؟ قلت نعم فقال واللّه لأمرنا أبين من هذه الشمس.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير الصيرفي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن في صاحب هذا الأمر شبهاً من يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت له : كأنك تذكره حياته أو غيبته؟ قال : فقال لي : وما ينكر من ذلك، هذه الأمة أشباه الخنازير (2)، إنَّ إخوة يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) كانوا أسباطاً أولاد الأنبياء تاجروا يوسف، وبايعوه وخاطبوه، وهم إخوته وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتّى قال : أنا يوسف وهذا أخي، فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يفعل اللّه عزّ وجلّ بحجّته في وقت من الأوقات كما فعل بيوسف، إن يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان إليه ملك مصر، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوماً، فلو أراد أن يعلمه لقدر على ذلك، لقد سار يعقوب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وولده عند البشارة تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الأمة أن يفعل اللّه جل وعزَّ بحجّته كما فعل بيوسف أن يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم حتّى يأذن اللّه في ذلك له كما أذن ليوسف (قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ؟ قَالَ أَنَا يُوسُفُ) (3).

5 _ عليّ بن إبراهيم، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عبد اللّه بن موسى، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّ للغلام غيبة قبل أن يقوم (4). :قال : قلت : ولِمَ ؟ قال : يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه (5) -. ثمَّ قال : يا زرارة وهو المنتظر، وهو الّذي يشكُ في ولادته، منهم من يقول : مات أبوه بلا خَلَف، ومنهم من يقول : حمل (6). ومنهم من يقول : إنّه ولد قبل موت أبيه بسنتين، وهو المنتظر، غير أنَّ اللّه عزّ وجلّ يحبُّ أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة [قال :قلت جعلت فداك : إن أدركتُ ذلك الزمان أي شيء أعمل ؟ قال يا زرارة ] إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء : اللّهمّ عرفني

ص: 396


1- أي لا يعرف أي من هذه الرايات من جهة الحقّ وأي منها من جهة الباطل والرايات المشتبهة هذه من علائم ظهوره (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
2- أي في بواطنهم.
3- يوسف / 90.
4- أي قبل أن يأذن اللّه بخروجه ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً...
5- أي لو كان ظاهراً للظالمين لشقوا بطنه، كناية عن قتله.
6- أي مات أبوه وهو حمل في رحم أمه، فلم يوص إلى أحد بعده.

نَفْسَكَ، فإنّك إن لمْ تُعَرِّفني نفسك لم أعرف نبيّك (1)، اللّهمّ عرفني رسولك، فإنك إن لم تُعَرِّفني رسولك لم أعرف حُجَّتَكَ، اللّهمّ عَرِّفني حُجَّتك، فإنك إن لم تُعَرِّفني حجّتك ضَلَلْتُ عن ديني ثمَّ قال : يا زرارة لا بدَّ من قتل غلام بالمدينة قلت : جعلت فداك، أليس يقتله جيش السفياني ؟ قال : لا ولكن يقتله جيش آل بني فلان (2) يجىء حتّى يدخل المدينة، فيأخذ الغلام فيقتله، فإذا قتله بغياً وعدواناً وظلماً لا يمهلون، فعند ذلك توقع الفرج إن شاء اللّه (3).

٦ - محمّد بن بن يحيى عن جعفر بن محمّد عن إسحاق بن محمّد، عن يحيى بن المثنى،، عن عبد اللّه بن بكير، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : يفقد النّاس إمامهم، يشهد الموسم (4) فيراهم ولا يرونه (5).

٧ - _ عليّ بن محمّد، عن عبد اللّه بن محمّد بن خالد قال : حدَّثني منذر بن محمّد بن قابوس، عن منصور بن السندي، عن أبي داود المسترق (6)، عن ثعلبة بن ميمون عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة عن الأصبغ بن نباتة قال : أتيت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فوجدته متفكّراً ينكت في الأرض (7)، فقلت يا أمير المؤمنين ما لي أراك متفكراً تنكت في الأرض، أرغبة منك فيها؟ فقال : لا واللّه ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قط، ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي، هو المهدي الّذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلِئَتْ جوراً وظلماً، تكون له غيبة وخيرةً، يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، فقلت : يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال : سنّة أيّام أو ستة أشهر أو ست سنين، فقلت: وإنَّ هذا لكائن ؟ فقال : نعم كما أنّه مخلوق وأنّى لك بهذا الأمر يا أصبغ ! أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة، فقلت ثمَّ ما يكون بعد ذلك ؟ فقال : ثمَّ يفعل اللّه ما يشاء فإنّ له بداءات (8) وإرادات وغايات ونهايات.

ص: 397


1- «لأن معرفة الرب إنّما تتحق بمعرفته على وجه يليق به وهي معرفته بصفات ذاته وأفعاله ومن جملتها إرسال النبي، فلو لم يعرف الرب نفسه للعبد لم يعرف العبد نبيّه كما لم يعرف اللّه وقس عليه ما يتلوه» المازندراني ٢٣٣/٦.
2- يحتمل أنهم من بني مروان.
3- لقد ورد أن بين قتل النفس الزكية من قبل الظالمين وبين خروج الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) خمسة عشر ليلة لا أكثر.
4- أي موسم الحج ومجتمعه.
5- أي يعرفهم ولا يعرفونه بأنه شخص الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
6- واسمه سليمان بن سفيان.
7- أي يضرب الأرض بطرف قضيب في يده أو بالحصى فعل المتفكر أو المهموم.
8- «أي تقديرات متعددة في أوقات الزمان وإرادات حادثة فيها إن شاء أظهره وإن شاء أخفاه بحسب المصالح المعلومة له تعالى ولتقديراته وإراداته غايات ونهايات فإن كلّ وقت تعلق التقدير والإرادة بإخفائه أو إظهاره غاية ونهاية لما قبله...» المازندراني ٢٣٨/٦.

8 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّما نحن كنجوم السماء، كلّما غاب نجم طلع نجم، حتّى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بأعناقكم، غيّب اللّه عنكم نجمكم، فاستوت بنو عبد المطلب (1)، فلم يُعرف أي من أي (2)، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم.

9 - محمّد بن يحيى، عن جعفر بن محمّد عن الحسن بن معاوية، عن عبد اللّه بن جبلة، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ للقائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) غيبة قبل أن يقوم قلت ولم ؟ قال : إنّه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه _ يعني القتل.

10 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن بلغكم عن صاحب هذا الأمر غيبة فلا تنكروها.

11 - الحسين بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن جعفر بن محمّد، عن الحسن بن معاوية، عن عبد اللّه بن جبلة عن إبراهيم بن خلف بن عباد الأنماطي، عن مفضّل بن عمر قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعنده في البيت أناس فظننت أنّه إنّما أراد بذلك غيري (3) فقال : أما واللّه ليغيين عنكم صاحب هذا الأمر وليخملنَّ هذا حتّى يقال : مات هلك في أي واد سلك ؟ ولتكفأنَّ كما تكفأ السفينة في أمواج البحر، لا ينجو إلّا من أخذ اللّه ميثاقه، وكتب الإيمان في قلبه وايده بروح منه، ولتُرْفَعَنَّ اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدري أي من أي، قال : فبكيت، فقال : ما يبكيك يا أبا عبد اللّه؟ فقلت : جعلت فداك كيف لا أبكي وأنت تقول : اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدري أي من أي ! قال : وفي مجلسه كوّة تدخل فيها الشمس فقال : أبينة هذه؟ فقلت نعم قال : أمرنا أبين من هذه الشمس.

12 - الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن يحيى بن المثنى، عن عبد اللّه بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : للقائم غيبتان يشهد في إحداهما المواسم، يرى النّاس ولا يرونه.

ص: 398


1- «أي الّذين ظهروا منهم» مرآة المجلسيّ ٤٥/٤.
2- «أي لم يتميز أحد منهم عن سائرهم كتميز الإمام عن غيره لأن جميعهم مشتركون في عدم كونهم مستحقين للإمامة» ن. م.
3- أي بما تلفظ به، والّذي يلي قول المفضّل هذا. ولعله ظن بأنه غير مقصود بالكلام لأنه كان مسبوقاً به منه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

13 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمّد؛ وعليّ بن إبراهيم عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ممّن يوثق به أنّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) تكلّم بهذا الكلام وحفظ عنه وخطب به على منبر الكوفة : اللّهمّ إنّه لا بدَّ لك من حجج في أرضك، حجّة بعد حجّة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلمونهم علمك كيلا يتفرق أتباع أوليائك، ظاهر غير مطاع (1)، أو مكنتم (2) يترقب (3)، إن غاب عن النّاس شخصهم في حال هدنتهم فلم يغب عنهم قديم مبثوث علمهم، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، فهم بها عاملون.

ويقول (عَلَيهِ السَّلَامُ) في هذه الخطبة في موضع آخر فيمن هذا ؟ ولهذا يأرز العلم إذا لم يوجد له حملة يحفظونه ويروونه، كما سمعوه من العلماء ويصدقون عليهم فيه، اللّهمّ فإنّي لأعلم أنَّ العلم لا يأرز كلّه ولا ينقطع مواده، وإنك لا تخلي أرضك من حجّة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع، أو خائف مغمور كيلا تبطل حجتك ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم بل أين هم؟ وكم هم؟ أولئك الأقلّون عدداً، الأعظمون عند اللّه قدراً(4).

١٤ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن موسى بن القاسم بن معاوية البجلي، عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) (5) قال : إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد

1٥ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها.

١٦ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة ولا بدَّ

ص: 399


1- أني حتّى لا يُعبأ به ولا يُذكر.
2- أي مستر.
3- أي يترقب الإذن له من قبله سبحانه بالظهور.
4- مرّت هذه الخطبة قبل بضع أحاديث من هذا الباب مع فرق طفيف في بعض الفاظها
5- الملك / ٣٠ - وغوراً : «أي غائراً في الأرض بحيث لا تناله الدلاء، وبماء معين أي جار ظاهر سهل المأخذ» مرآة المجلسيّ ٤٩/٤.

له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة (1) وما بثلاثين من وحشة (2).

17 - وبهذا الإسناد، عن الوشّاء عن عليّ بن الحسن عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كيف أنت إذا وقعت البطشة بين المسجدين (3)، فيأرز العلم كما تأرز الحية في جحرها، واختلفت الشيعة وسمّى بعضهم بعضاً كذابين، وتفل بعضهم في وجوه بعض؟ قلت : جعلت فداك ما عند ذلك من خير فقال لي: الخير كله عند ذلك، ثلاثاً (4).

18 - وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عيسى، عن ابن بكير، عن زرارة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّ للقائم غيبة قبل أن يقوم، إنّه يخاف _ وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل.

١٩ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : للقائم غيبتان : إحداهما قصيرة والأخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة مواليه (5).

20 - محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عليّ بن حسان، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير، عن مفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لصاحب هذا الأمر غيبتان : إحداهما يرجع منها إلى أهله، والأخرى يقال : هلك، في أتي واد سلك قلت كيف نصنع إذا كان كذلك؟ قال : إذا ادعاها مدَّع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله (6).

٢١ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن جعفر بن القاسم، عن محمّد بن الوليد الخزّاز، عن الوليد بن عقبة عن الحارث بن زياد عن شعيب عن أبي حمزة قال دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال : لا، فقلت : فولدك ؟

ص: 400


1- اسم المدينة المنورة.
2- «أي هو مع ثلاثين من مواليه وخواصه وليس لهم وحشة لاستيناس بعضهم ببعض» مرآة المجلسيّ ٥٠/٤.
3- أي حدث الأخذ بالشدة والعنف ما بين مكّة والمدينة.
4- أي قالها مكرراً ثلاث مرات.
5- «أي خدمه وأهله وأولاده، أو الثلاثين الّذين مضى ذكرهم» مرآة المجلسي.٢٥/٤ وفسره المازندراني ٢٤٥/٦ بأنهم حواريوه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- «أي مثل القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن مسائل لا يعلمها إلّا الإمام كالإخبار بالمغيبات... والسؤال عن غوامض المسائل والعلوم المختصة بهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإن أجاب بالحقّ فيها وموافقاً لما وصل إليكم من آبائهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاعلموا أنّه الإمام» مرآة المجلسيّ 4 / 54.

فقال : لا، فقلت : فولد ولدك هو ؟ قال : لا، فقلت : فولد ولد ولدك ؟ فقال : لا، قلت : من هو؟ قال : الّذي يملأها عدلاً كما مُلِئَتْ ظلماً وجوراً، على فترة من الأئمّة (1)، كما أنَّ رسول اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعث على فترة من الرسل.

22 _ عليّ بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن وهب بن شاذان، عن الحسن بن أبي الربيع، عن محمّد بن إسحاق، عن أم هانىء قالت: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) (2) قالت : فقال : إمام يخنس (3) سنة ستين ومائتين، ثمَّ يظهر كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء، فإن أدركت زمانه قرّت عينك.

23 - عدَّة من أصحابنا، عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن الحسن، عن عمر بن يزيد عن الحسن بن الربيع الهمداني قال : حدَّثنا محمّد بن إسحاق عن أسيد بن ثعلبة عن أم هانىء قالت : لقيت أبا جعفر محمّد بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسألته عن هذه الآية (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) قال : الخنس إمام يخنس في زمانه عند انقطاع من علمه عند النّاس سنة ستين ومائتين، ثمَّ يبدو كالشهاب الواقد في ظلمة الليل، فإن أدركت ذلك قرّت عينك.

٢٤ - عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن أيّوب بن نوح، عن أبي الحسن الثالث (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا رفع عَلَمُكم (4) من بين أظهركم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم.

٢٥ عدَّة من أصحابنا عن سعد بن عبد اللّه عن أيّوب بن نوح قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّي أرجو أن تكون صاحب هذا الأمر، وأن يسوقه اللّه إليك بغير سيف، فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك (5)، فقال : ما منا أحدٌ اختلفت إليه الكتب، وأشير إليه بالأصابع، وسئل عن المسائل، وحملت إليه الأموال (6)، إلّا اغتيل أو مات على فراشه حتّى يبعث اللّه لهذا الأمر غلاماً منا خفي الولادة والمنشأ، غير خفي في نسبه (7).

ص: 401


1- أي عدم ظهورهم فترة طويلة من الزمان، وهي عصر الغيبة الكبرى.
2- التكوير / ١٥ - ١٦.
3- أي يتأخر وينقبض ويغيب.
4- علمكم، إما بفتح العين واللام (عَلَمكم) فالمقصود به إمامكم. وإما بكسر العين وتسكين اللام (علمكم) فالمقصود صاحب علمكم.
5- إشارة إلى مبايعته (عَلَيهِ السَّلَامُ) بولاية العهد للمأمون العبّاسي وضرب الدراهم الرضوية في ذلك الحين.
6- كلّ ذلك من لوازم معروفيته من قبل الأعداء بأنه الإمام المفترض الطاعة وحجة اللّه في أرضه.
7- أي صريح النسب وأنه ابن الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٢٦ _ الحسين بن محمّد وغيره عن جعفر بن محمّد، عن عليّ بن العبّاس بن عامر، عن موسى بن هلال الكندي، عن عبد اللّه بن عطاء عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : إنّ شيعتك بالعراق كثيرة واللّه ما في أهل بيتك مثلك، فكيف لا تخرج؟ قال : فقال يا عبد اللّه بن عطاء قد أخذت تفرش أذنيك للنوكى (1) إي واللّه ما أنا بصاحبكم، قال : قلت له : فمن صاحبنا؟ قال : انظروا من عمي على النّاس ولادته (2)، فذاك صاحبكم إنّه ليس منا أحد يشار إليه بالأصبع ويمضغ بالألسن (3) إلّا مات غيظاً أو رغم أنفه.

27 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يقوم القائم وليس لأحد في عنقه عهد ولا عقد ولا بيعة (4).

28 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن الحسن بن عليّ العطّار، عن جعفر بن محمّد، عن منصور، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت : إذا أصبحت وأمسيت لا أرى إماماً أنتم به ما :أصنع ؟ قال : فأحبَّ من كنت تحبُّ وأبغض من كنت تبغض (5)، حتّى يظهره اللّه عزّ وجلّ.

٢٩ - الحسين بن أحمد عن أحمد بن هلال قال حدَّثنا عثمان بن عيسى، عن : خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لا بد للغلام من غيبة، قلت: ولم؟ قال : يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - وهو المنتظر، وهو الّذي يشكُ النّاس في ولادته، فمنهم من يقول : حمل، ومنهم من يقول : مات أبوه ولم يخلف، ومنهم من يقول : ولد قبل موت أبيه بسنتين قال زرارة : فقلت : وما تأمرني لو أدركت ذلك الزمان؟ قال: ادع اللّه بهذا الدعاء : «اللّهمّ عرفني نفسك فإنّك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك، اللّهمّ عرفني نبيك، فإنك إن لم تعرّفني نبيّك لم أعرفه قط، اللّهمّ عرفني حجّتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني» قال أحمد بن هلال: سمعت هذا الحديث منذ ست وخمسين سنة (6).

ص: 402


1- أي تصغي لما يقوله الحمقى.
2- أي على عوام النّاس وجماعتهم، لا على الخواص ممّن أطلعوا على ولادته ورأوه (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
3- كناية عن التحدث عنه بالخير والسوء، وإذاعة أمره.
4- «هذه الأمور الثلاثة متقاربة، ويمكن أن يراد بالعهد الميثاق والملاقاة والصحبة، أو الوصية، وبالعقد عقد الصلح والمهادنة، وبالبيعة الإقرار للغير بالخلافة مع التماسح بالأيدي» المازندراني ٢٤٩/٦. وقد ورد في بعض الروايات الإشارة إلى أن هذه الأمور هي من منافع الغيبة وفوائدها وحكمها.
5- أي استمر على حب أئمة أهل البيت وموالاتهم والتمسك بنهجهم وبغض أئمة الجور ومفارقتهم.
6- مر هذا الحديث وكنا قد علقنا عليه في محله فراجع.

30 - أبو علي الأشعريّ، عن محمّد بن حسان، عن محمّد بن عليّ، عن عبد اللّه بن القاسم عن المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: ﴿فإذا نُقِرَ في الناقور) (1) قال : إنّ منا إماماً مظفّراً مستتراً، فإذا أراد اللّه عزّ ذكره إظهار أمره، نكت في قلبه (2) نكتة فظهر فقام بأمر اللّه تبارك وتعالى.

31 - محمّد بن يحيى، عن جعفر بن محمّد، عن أحمد بن الحسين، عن محمّد بن عبد اللّه عن محمّد بن الفرج قال : كتب إليَّ أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا غضب اللّه تبارك وتعالى على خلقه (3) نحانا عن جوارهم (4).

137 - باب ما يُفْصَلُ به بين دعوى المُحِقِّ والمُبْطِل في أمر الإمامة

1 - عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن ابن محبوب، عن سلام بن عبد اللّه ومحمّد بن الحسن (5) وعليّ بن محمّد (6)، عن سهل بن زياد وأبو علي الأشعريّ (7). عن محمّد بن حسان جميعاً (8) عن محمّد بن عليّ. بن عليّ عن عليّ بن أسباط، عن سلام بن عبد اللّه الهاشمي، قال محمّد بن عليّ : وقد سمعته منه (9)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: بعث طلحة والزبير رجلا من عبد القيس يقال له خداش إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقالا له : إنا نبعثك إلى رجل طال ما كنا نعرفه وأهل بيته بالسحر والكهانة، وأنت أوثق من بحضرتنا من أنفسنا من أن

ص: 403


1- المدثر / 8.
2- «الناقور هو الصور من النقر بمعنى التصويت، شبه الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالصور وبما يلقى وينكت فيه بالإلهام من اللّه تعالى بالنفخ ففي الكلام استعارة مكنيّة مرآة المجلسيّ ٦١/٤.
3- أي بعض خلقه أو أكثرهم. فأراد أن يعاقبهم بعذاب.
4- أي أبعدنا عن مجاورتهم، لأنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) رحمة للناس كما كان النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تطبيقاً لقوله تعالى : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) الأنفال / 33.
5- هذا معطوف على سلام بن عبد اللّه كما استظهره المازندراني ٢٥١/٦. بينما ذهب المجلسيّ ٦٢/٤ إلى أنّه معطوف على عليّ بن إبراهيم واستبعد العطف الأول.
6- هذا معطوف على محمّد بن الحسن عند المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) بينما هو معطوف على عليّ بن إبراهيم عن_د المازندراني (رضیَ اللّهُ عنهُ).
7- هذا معطوف على عليّ بن إبراهيم عند المازندراني جزماً وعند المجلسيّ احتمالاً مع احتمال عطفه على محمّد بن الحسن.
8- «أي سهل ومحمّد بن حسان رويا عن محمّد بن عليّ» مرآة المجلسيّ ٦٢/٤.
9- أي من سلام الهاشمي.

تمتنع من ذلك وأن تحاجّه لنا حتّى تقفه على أمر معلوم، واعلم أنّه أعظم النّاس دعوى فلا يَكْسِرَنك ذلك عنه (1)، ومن الأبواب التي يخدع النّاس بها الطعام والشراب والعسل والدهن وأن يخالي الرَّجل، فلا تأكل له طعاماً، ولا تشرب له شراباً، ولا تمس له عسلاً ولا دهناً، ولا تَخْل معه واحذر هذا كلّه منه، وانطلق على بركة اللّه، فإذا رأيته فاقرأ آية السخرة (2)، وتعوذ باللّه من كيده وكيد الشيطان. فإذا جلست إليه فلا تمكنه من بصرك كلّه (3) ولا تستأنس به، ثمَّ قل له : إنَّ أخويك في الدّين وابني عمّك في القرابة يناشدانك القطيعة، ويقولان لك : أما تعلم أنا تركنا النّاس لك وخالفنا عشائرنا فيك (4) منذ قبض اللّه عزّ وجلّ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلما نلت أدنى منال ضيعت حرمتنا وقطعت رجاءنا، ثمَّ قد رأيت أفعالنا فيك وقدرتنا على النأي (5) عنك، وسعة البلاد دونك، وإن من كان يصرفك عنا وعن صلتنا كان أقل لك نفعاً وأضعف عنك دفعاً منا، وقد وضح الصبح لذي عينين، وقد بلغنا عنك انتهاك لنا ودعاء علينا، فما الّذي يحملك على ذلك؟! فقد كنا نرى أنك أشجع فرسان العرب أتتخذ اللعن لنا ديناً(6)، وترى أن ذلك يكسرنا عنك.

فلما أتى خداش أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) صنع ما أمراه، فلما نظر إليه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) _ وهو يناجي نفسه - ضحك وقال : ههنا يا أخا عبد قيس _ وأشار له إلى مجلس قريب منه _ فقال : ما أوسع المكان، أريد أن أؤدّي إليك رسالة قال : بل تطعم وتشرب وتحلَّ ثيابك وتَدَّهن ثمَّ تؤدّي رسالتك. قم يا قنبر فأنزله، قال : ما بي إلى شيء ممّا ذكرت حاجة، قال : فأخلو بك؟ قال : كلّ سر لي علانية، قال: فأنشدك باللّه الّذي هو أقرب إليك من نفسك، الحائل بينك وبين قلبك، الّذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أتقدم إليك الزبير بما عرضت عليك؟ قال: اللّهمّ نعم قال : لو كتمت بعدما سألتك ما ارتد إليك طرفك، فأنشدك اللّه هل علمك كلاماً تقوله إذا أتيتني ؟ قال : اللّهمّ نعم، قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : آية السخرة؟ قال : نعم، قال: فاقرأها فقرأها وجعل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يكرّرها ويردّدها ويفتح عليه إذا أخطأ حتّى إذا قرأها سبعين مرةً قال الرَّجل: ما يرى

ص: 404


1- أي عن منازعته ومشاكسته.
2- وهي الآية ٥٤ من سورة الأعراف. وقيل مع الآية ٥٥ و ٥٦ من نفس السورة.
3- كناية عن نهيه عن إكثار النظر إليه.
4- تنويه بما كانا فعلاه من إعطائهما البيعة لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد مقتل عثمان، ثمَّ نقضاها كما كانا قد تقاعسا في البداية عن بيعة أبي بكر وعمر في حينها لأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في نظرهما أحق بها. ولذا قالا : (فيك) أي بسببك.
5- أي البعد، وهو تصريح بإمكان خروجهما من المدينة من دون خوف منه ولا من أصحابه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي عادة.

أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمره بتردُّدها سبعين مرة ثمَّ قال له: أتجد قلبك اطمأن قال : إي : - والّذي نفسي بيده _ قال : فما قالا لك؟ فأخبره، فقال : قل لهما : كفى بمنطقكما حجّة عليكما، ولكن اللّه لا يهدي القوم الظالمين، زعمتما أنكما أخواي في الدّين وابنا عمّي في النسب، فأما النسب فلا أنكره، وإن كان النسب مقطوعاً إلّا ما وصله اللّه بالإسلام، وأما قولكما إنكما أخواي في الدين، فإن كنتما صادقين فقد فارقتما كتاب اللّه عزّ وجلّ وعصيتما أمره بأفعالكما في أخيكما في الدين، وإلا فقد كذبتما وافتريتما بادعائكما أنكما أخواي في الدين. وأما مفارقتكما النّاس منذ قبض اللّه محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فإن كنتما فارقتماهم بحق فقد نقضتما ذلك الحقّ بفراقكما إياي أخيراً، وإن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلك الباطل عليكما مع الحدث الّذي أحدثتما (1)، مع أن صفقتكما بمفارقتكما النّاس لم تكن إلّا لطمع الدنيا، زعمتما وذلك قولكما: «فقطعت رجاءنا لا تعيبان بحمد اللّه من ديني شيئاً. وأما الّذي صرفني عن صلتكما، فالّذي صرفكما عن الحقّ وحملكما على خلعه من رقابكما كما يخلع الحَرُونُ (2) لجامه، وهو اللّه ربي لا أشرك به شيئاً فلا تقولا: «أقلُّ نفعاً وأضعف دفعاً فتستحقا اسم الشرك مع النفاق، وأما قولكما : إنّي أشجع فرسان العرب، وهربكما من لعني ودعائي، فإنَّ لكلّ موقف عملاً إذا اختلفت الأسنة وماجت لبود الخيل وملأ سحراكُما أجوافكما(3)، فثم يكفيني اللّه بكمال القلب، وأما إذا أبيتما بأنّي أدعو اللّه فلا تجزعا من أن يدعو عليكما رجل ساحر من قوم سحرة زعمتما (4)، اللّهمّ أقعص (5) الزبير بشر قتلة واسفك دمه على ضلالة وعرف طلحة المذلّة وادَّخر لهما في الآخرة شراً من ذلك، إن كانا ظلماني وافتريا عليَّ (6)، وكتما شهادتهما، وعصياك وعصيا رسولك في، قل امین، قال خداش آمین.

ثمَّ قال خداش لنفسه : واللّه ما رأيت لحيةً قط (7) أبين خطأ منك، حامل حجّة ينقض بعضها

ص: 405


1- يقصد (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالحدث الّذي أحدثاه هو نقضهما لبيعته، وبإخراج عامله على البصرة، وبتزيين الخروج لعائشة من بيتها لحربه وهو محرّم عليها وغير ذلك من كبائرهما
2- الحَرون : صفة للفرس المستعصية الصعبة الانقياد.
3- السَّحْر الرئة. وهذا مثل يُضرب للجبان، لأن رئتيه تنتفخان عند الخوف والفرق.
4- «يعني أنكما زعمتما أني رجل ساحر من قوم سَحَرة ودعاء الساحر لا أثر له فلا تجزعا من دعائي عليكما» المازندراني ٢٦٠/٦.
5- القعص : الموت السريع. وقعَص الرَّجل مات في مكانه. فهو دعاء عليه بالموت السريع، وهكذا كان، فقد قتل الزبير بعد أن خرج من أرض المعركة على يد رجل من تميم لحق به وأما طلحة فقد قتل أيضاً في بدايتها.
6- بأن نسبا إليه قتل عثمان.
7- أي صاحب لحية.

بعضاً لم يجعل اللّه لها مساكاً (1)، أنا أبرأ إلى اللّه منهما (2)، قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ارجع إليهما وأَعْلِمْهُما ما قلت :قال لا واللّه حتّى تسأل اللّه أن يردني إليك عاجلاً وأن يوفقني لرضاه فيك، ففعل فلم يلبث أن انصرف وقُتِل معه يوم الجمل رحمه اللّه.

2 - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد وأبو علي الأشعريّ، عن محمّد بن حسان جميعاً، عن محمّد بن عليّ، عن نصر بن مزاحم، عن عمرو بن سعيد، عن جراح بن عبد اللّه عن رافع بن سلمة قال: كنت مع عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم النهروان فبينا علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالس إذ جاء فارس فقال : السّلام عليك يا علي. فقال له علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): وعليك السّلام، ما لَك - ثكلتك أمك - لم تسلّم علي بإمرة المؤمنين؟ قال : بلى سأخبرك عن ذلك، كنتُ إذ كنت على الحقّ بصفين فلما حكمت الحكمين برئت منك وسميتك مشركاً، فأصبحت لا أدري إلى أين أصرف ولايتي، واللّه لأن أعرف هداك من ضلالتك أحبُّ إليَّ من الدُّنيا وما فيها. فقال له علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): ثكلتك أمك قف مني قريباً أريك علامات الهدى من علامات الضلالة، فوقف الرَّجل قريباً منه. فبينما هو كذلك، إذ أقبل فارس يركض حتّى أتى علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أمير المؤمنين أبشر بالفتح أقر اللّه عينك قد واللّه قتل القوم أجمعون، فقال له : من دون النهر أو من خلفه (3) قال : بل من دونه، فقال : كذبت والّذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يعبرون ابدأ حتّى يُقتلوا، فقال الرَّجل : فازددت فيه بصيرة، فجاء آخر يركض على فرس له فقال له مثل ذلك فردَّ عليه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثل الّذي ردَّ على صاحبه، قال الرَّجل الشاكُ : وهممت أن أحمل على علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأفلق هامته بالسيف. ثمَّ جاء فارسان يركضان قد أعرقا فرسيهما فقالا : أقر اللّه عينك يا أمير المؤمنين أبشر بالفتح قد واللّه قتل القوم أجمعون، فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أمِنْ خَلْفِ النهر أو من دونه؟ قالا : لا بل من خلفه، إنّهم لما اقتحموا خيلهم النهروان وضرب الماء لبات خيولهم رجعوا فأصيبوا، فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : صدقتما؛ فنزل الرَّجل عن فرسه فأخذ بيد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبرجله فقبلهما، فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذه لك آية (4).

ص: 406


1- لم يجعل اللّه لحجته تماسكاً بين أبعاضها بحيث يسند بعضها بعضاً، بل جعل بعضها يد حض بعضاً.
2- أي من طلحة والزبير.
3- دون النهر : أي من الجانب الّذي يلي جيش العراق وخلفه : أي من الجانب الّذي يلي جيش الشام وكانت المعركة تدور رحاها عليه.
4- أي قال عليّ للرجل الشاك، ما رأيته مني في هذه القضية لك حجة ترفع بها شكك في. وقد كان (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند خروجه إلى قتال الخوارج في النهروان، قال : إن مصارعهم دون النطفة أي دون ماء النهر وهكذا كان. وإنه أقسم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأنه لن يفلت منهم عشرة ولن يقتل من أصحابه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عشرة وهكذا كان، حيث قتل من أصحابه ثمانية ونجا منهم تسعة.

3 - عليّ بن محمّد، عن أبي علي محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أحمد بن القاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى المعروف بكرد، عن محمّد بن خداهي، عن عبد اللّه بن أيّوب، عن عبد اللّه بن هاشم عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن حبابة الوالبية (1) قالت: رأيت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شرطة الخميس ومعه دِرَّة لها سبابتان (2) يضرب بها بياعي الجري (3) والمارماهي والزمار ويقول لهم : يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان فقام إليه فرات بن أحنف فقال : يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان؟ قال: فقال له : أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمُسخوا. فلم أر ناطقاً أحسن نطقاً منه، ثمَّ أتبعته فلم أزل أقفو أثره حتّى قعد في رحبة المسجد فقلت له : يا أمير المؤمنين، ما دلالة الإمامة يرحمك اللّه ؟ قالت : فقال ائتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلى حصاة فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه، ثمَّ قال لي : يا حبابة! إذا ادعى مدَّع الإمامة، فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنّه إمام مفترض الطاعة، والإمام لا يعزب (4) عنه شيء يريده، قالت ثمَّ انصرفت حتّى قُبِضَ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فجئت إلى الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو في مجلس أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والناس يسألونه فقال : يا حبابة الوالبية فقلت : نعم يا مولاي فقال هاتي ما معك قالت: فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قالت : ثمَّ أتيت الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو في مسجد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقرب(5) ورحب، ثمَّ قال لي : إنَّ في الدَّلالة دليلاً على ما تريدين أفتريدين دلالة الإمامة؟ فقلت : نعم يا سيدي ؛ فقال: هاتي ما معك فناولته الحصاة فطبع لي فيها، قالت: ثمَّ أتيت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد بلغ بي الكبر إلى أن أرعشت وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة فرأيته راكعاً وساجداً ومشغولاً بالعبادة فيئست من الدَّلالة فأومأ إليَّ بالسبابة فعاد إلي شبابي، قالت : فقلت : يا سيدي : كم مضى من الدُّنيا وكم بقي ؟ فقال : أما ما مضى فنعم، وأما ما بقي فلا (6)، قالت : ثمَّ قال لي : هاتي ما معك فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها، ثمَّ أتيت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7)

ص: 407


1- هي من بني أسد من المعمرات وقد أدركت من الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) بعد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الحسن والحسين وعليّ بن الحسين والباقر والصادق والكاظم والرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعاشت بعد ذلك تسعة أشهر، وقد عاد إليها شبابها بإشارة بالسبابة من الإمام زين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي ١٨٤/٢٣ وما بعدها.
2- الدرّة : آلة كالسوط تستعمل للضرب ولها سبابتان : أي شعبتان أو رأسان.
3- هذا وما بعده من أصناف السمك المحرم للأكل عندنا ويدل الحديث على حرمة بيعها وما شابهها من المحرمات.
4- أي لا يخفى ولا يغيب.
5- أي أدناني من مجلسه.
6- «الامتناع عن الإخبار إما لاختصاص علمه باللّه تعالى، أو لعدم المصلحة في الإخبار» مرآة المجلسيّ ٨١/٤.
7- أي الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فطبع لي فيها، ثمَّ أتيت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) فطبع لي فيها، ثمَّ أتيت أبا الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)(2) فطبع لي فيها، ثمَّ أتيت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فطبع لي فيها.

وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمّد بن هشام.

٤ - محمّد بن أبي عبد اللّه وعليّ بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد النخعي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنت عند أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) فاستؤذن لرجل من أهل اليمن عليه، فدخل رجلٌ عبل (4)، طويل جسيم، فسلّم عليه بالولاية فرد عليه بالقبول وأمره بالجلوس، فجلس ملاصقاً لي، فقلت في نفسي : ليت شِعري (5) من هذا؟ فقال أب_و محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا من ولد الأعرابية صاحبة الحصاة التي طبع آبائي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيها بخواتيمهم فانطبعت وقد جاء بها معه يريد أن أطبع فيها، ثمَّ :قال هاتها فأخرج حصاة وفي جانب منها موضع أملس، فأخذها أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمَّ أخرج خاتمه فطبع فيها فانطبع فكأني أرى نقش خاتمه الساعة «الحسن بن عليّ». فقلت لليماني : رأيته قبل هذا قط؟ قال: لا واللّه إني لمنذ دهر حريص على رؤيته حتّى كأنَّ الساعة أتاني شاب لست أراه فقال لي : قم فادخل، فدخلت. ثمَّ نهض اليماني وهو يقول: رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت، ذرّيّة بعضها من بعض، أشهد باللّه أنَّ حقك لواجب كوجوب حقّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأئمّة من بعده صلوات اللّه عليهم أجمعين، ثمَّ مضى فلم أره بعد ذلك، قال إسحاق : قال أبو هاشم الجعفري : وسألته عن اسمه فقال : اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أم غانم وهي الأعرابية اليمانية صاحبة الحصاة التي طبع فيها أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والسبط (6) إلى وقت أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٥ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة وزرارة جميعا، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أرسل محمّد بن الحنفية إلى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فخلا به فقال له : يا ابن أخي : قد علمت أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دفع الوصية والإمامة من بعده إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمَّ إلى الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمَّ إلى

ص: 408


1- أي الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- أي الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- العَبْل : الضخم من كلّ شيء، كما في القاموس.
5- «أي ليتني شعرت أي عقلت» مرآة المجلسيّ ٨٣/٤.
6- «السبط ولد الولد، أي طبع فيها أسباط رسول اللّه أو أسباط أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)» ن. م.

الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد قتل أبوك رضي اللّه عنه وصُلّي على روحه ولم يوص، وأنا عمك وصنو(1) أبيك وولادتي من علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في سنّي وقديمي (2) أحقُ بها (3) منك في حداثتك، فلا تنازعني في الوصية والإمامة ولا تحاجنّي، فقال له عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عم : اتَّقِ اللّه ولا تدَّع ما ليس لك بحق، إنِّي أعظك أن تكون من الجاهلين، إنَّ أبي يا عم صلوات اللّه عليه أوصى إليَّ قبل أن يتوجه إلى العراق، وعهد إليَّ في ذلك قبل أن يستشهد بساعة، وهذا سلاح رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عندي، فلا تتعرض لهذا، فإنّي أخاف عليك نقص العمر وتشتت الحال، إنَّ اللّه عزّ وجلّ جعل الوصية والإمامة في عقب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإذا أردت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الأسود حتّى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك. قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وكان الكلام بينهما بمكّة، فانطلقا حتّى أتيا الحجر الأسود، فقال عليّ بن الحسين لمحمّد بن الحنفية : ابدأ أنت فابتهل إلى اللّه عزّ وجلّ وسله أن ينطق لك الحجر ثمَّ سل، فابتهل محمّد في الدعاء وسأل اللّه ثمَّ دعا الحجر فلم يجبه، فقال عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عم لو كنت وصيّاً وإماماً لأجابك، قال له محمّد : فادع اللّه أنت يا ابن أخي وسله، فدعا اللّه عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بما أراد ثمَّ قال : أسألك بالّذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء وميثاق النّاس أجمعين لمّا (4) أخبرتنا من الوصي والإمام بعد الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ قال : فتحرَّك الحجر حتّى كاد أن يزول عن موضعه، ثمَّ أنطقه اللّه عزّ وجلّ بلسان عربي مبين فقال : اللّهمّ إنَّ الوصيّة والإمامة بعد الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قال : فانصرف محمّد بن عليّ وهو يتولّى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

٦ - الحسين بن محمّد عن المعلىّ بن محمّد، عن محمّد بن عليّ قال: أخبرني سماعة بن مهران قال : أخبرني الكلبي النسابة (5) قال : دخلت المدينة ولست أعرف شيئاً من هذا الأمر (6)، فأتيت المسجد فإذا جماعة من قريش فقلت : أخبروني عن عالم أهل هذا البيت؟

ص: 409


1- أي شقيق أبيك.
2- «أي سابقتي وما صدر عنّي من الجهاد في وقعة الجمل وصفّين وغيرهما» مرآة المجلسيّ ٨٥/٤.
3- أي بالإمامة.
4- أي إلا.
5- أي عالماً بالأنساب.
6- أي أمر الإمامة.

فقالوا : عبد اللّه بن الحسن، فأتيت منزله فاستأذنت فخرج إلي رجل ظننت أنّه غلام له، فقلت له : استاذن لي على مولاك، فدخل ثمَّ خرج فقال لي : ادخل فدخلت، فإذا أنا بشيخ معتكف شديد الاجتهاد، فسلّمت عليه فقال لي : من أنت؟ فقلت: أنا الكلبي النسابة، فقال: ما حاجتك؟ فقلت جئت أسألك فقال : أمررت بابني محمّد ؟ قلت : بدأت بك، فقال : سل فقلت : أخبرني عن رجل قال لامرأته : أنت طالق عدد نجوم السماء، فقال: تبين برأس الجوزاء(1) والباقي وزر عليه وعقوبة، فقلت في نفسي : واحدة؛ فقلت: ما يقول الشيخ في المسح على الخفين؟ فقال : قد مسح قوم صالحون ونحن أهل البيت لا نمسح، فقلت في نفسي : ثنتان فقلت : ما تقول في أكل الجري أحلال هو أم حرام ؟ فقال : حلال إلّا أنا أهل البيت نعافه فقلت في نفسي : ثلاث فقلت : فما تقول في شرب النبيذ؟ فقال: حلال إلّا أنا أهل البيت لا نشربه فقمت فخرجت من عنده وأنا أقول هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت (2).

فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة من قريش وغيرهم من النّاس فسلمت عليهم ثمَّ قلت لهم : من أعلم أهل هذا البيت؟ فقالوا : عبد اللّه بن الحسن، فقلت: قد أتيته فلم أجد عنده شيئاً. فرفع رجلٌ من القوم رأسه فقال: انتِ جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فهو أعلم أهل هذا البيت فلامه بعض من كان بالحضرة - فقلت : إنَّ القوم إنّما منعهم من إرشادي إليه أوّل مرة الحسد.. فقلت له : ويحك إياه أردتُ فمضيت حتّى صرت إلى منزله فقرعت الباب فخرج غلام له فقال : ادخل يا أخا كلب فواللّه لقد أدهشني، فدخلت وأنا مضطرب، ونظرت فإذا شيخ على مصلّى بلا مرفقة ولا بَرذَعة (3)، فابتدأني بعد أن سلمت عليه، فقال لي : من أنت؟ فقلت في نفسي : يا سبحان اللّه غلامه يقول لي بالباب : ادخل يا أخا كلب ويسألني المولى من أنت ؟ ! فقلت له : أنا الكلبي النسّابة، فضرب بيده على جبهته وقال : كذب العادلون باللّه وضلوا ضلالاً بعيداً وخسروا خسراناً مبيناً، يا أخا كلب إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا) (4) أفتنسبها أنت؟ فقلت : لا جعلت فداك، فقال لي : أفتنسب

ص: 410


1- «أي بعدد الكواكب التي على رأس الجوزاء المعروفة في السماء وهي ثلاثة» مرآة المجلسيّ ٨٨/٤.
2- وإنما قال ذلك لأن عبد اللّه بن الحسن هذا قد أجاب موافقاً لرأي العامّة فإنهم يجوزون ثلاث طلقات دفعة دون ما زاد فإنه يحتاج إلى المحلّل، فما زاد عندهم بدعة توجب الوزر والإثم» ن. م.
3- المرفقة : ما يتكأ عليه بالمرفق والبرذعة: «الكساء الرقيق الّذي يلقى تحت الرحل ويلي ظهر البعير» ن. م ص / 89.
4- الفرقان / ٣٨.

نفسك؟ قلت : نعم أنا فلان بن فلان بن فلان حتّى ارتفعت (1) فقال لي : قف ليس حيث تذهب، ويحك أتدري من ف_لان بن فلان؟ قلت: نعم فلان بن فلان، قال : إن فلان بن فلان بن فلان الراعي الكردي إنّما كان فلان الراعي الكردي على جبل آل فلان فنزل إلى فلانة امرأة فلان من جبله الّذي كان يرعى غنمه عليه، فأطعمها شيئاً وغشيها فولدت فلاناً، وفلان بن فلان من فلانة وفلان بن فلان ثمَّ قال: أتعرف هذه الأسامي ؟ قلت : لا واللّه جعلت فداك فإن رأيت أن تكفَّ عن هذا فعلت؟ فقال : إنّما قلت فقلتُ، فقلت: إنّي لا أعود قال : لا نعود إذاً واسأل عمّا جئت له، فقلت له : أخبرني عن رجل قال لامرأته : أنت طالق عدد نجوم السماء، فقال: ويحك أما تقرأ سورة الطلاق؟ قلت بلى قال فاقرأ فقرأت (فطلقوهُنَّ لعدَّتهنَّ وأحْصُوا العِدَّة) (2) قال : أترى ههنا نجوم السماء؟ قلت: لا. قلت: فرجل قال لامرأته : أنت طالق ثلاثاً؟ قال : تردُّ إلى كتاب اللّه وسنة نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثمَّ قال : لا طلاق إلّا على طهر، من غير جماع بشاهدين مقبولين فقلت في نفسي : واحدة، ثمَّ قال : سل، قلت: ما تقول في المسح على الخفين؟ فتبسم ثمَّ قال ؛ إذا كان يوم القيامة ورد اللّه كلَّ. القيامة ورد اللّه كلّ شيء إلى شيئه ورد الجلد إلى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم ؟ فقلت في نفسي : ثنتان، ثمَّ التفت إليَّ فقال : سل فقلت : أخبرني عن أكل الجرّي ؟ فقال : إن اللّه عزّ وجلّ مسخ طائفة من بني إسرائيل فما أخذ منهم بحراً فهو الجري والمارماهي والزمار وما سوى ذلك وما أخذ منه منهم براً فالقردة والخنازير والوبر والورك (3) وما سوى ذلك فقلت في نفسي : ثلاث، ثمَّ التفت إليَّ فقال : سل وقم، فقلت: ما تقول في النبيذ؟ فقال: حلال، فقلت: إنا ننبذ فتطرح فيه العكر (4) وما سوى ذلك ونشر به ؟ فقال : شُه شُه (5) تلك الخمرة المنتنة، فقلت: جعلت فداك فأي نبيذ تعني ؟ فقال : إنّ أهل المدينة شكوا إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تغير الماء وفساد طبايعهم، فأمرهم أن ينبذوا، فكان الرَّجل يأمر خادمه أن ينبذ له، فيعمد إلى كفّ من التمر فيقذف به في الشَّن (6) فمنه شربه ومنه

ص: 411


1- أي اعليتُ في نسبي وعددت أباء لي كثر.
2- الطلاق/ 1.
3- الوبر : قال في محيط المحيط دويبة كالسنور أصغر منه كحلاء اللون حسنة العينين لها ذنب قصير جداً تدجن في البيوت أي تحبس الخ مادة و ب روأما الورك : فلم أجد فيما بين يدي من كتب اللغة هذه اللفظة، وإنما وجدت (وَرَل) وهو دابة على خلقة الضب إلّا أنّه أعظم منه جمع ورلان وأورال وأرول، واستقرب أن ما في الكافي مصحف من (وَرَل).
4- العَكَر : دردى الزيت.
5- «كلمة تقبيح واستقذاره» مرآة المجلسيّ ٩٣/٤.
6- السن: «القربة الخلقة الصغيرة» مرآة المجلسيّ ٩٣/٤.

طهوره، فقلت: وكم كان عدد التمر الّذي [كان] في الكفّ؟ فقال : ما حمل الكف، فقلت: واحدة وثنتان؟ فقال: ربما كانت واحدة وربما كانت ثنتين فقلت : وكم كان يسع الشَّنُّ ؟ فقال : ما بين الأربعين إلى الثمانين إلى ما فوق ذلك فقلت : بالأرطال ؟ فقال : نعم أرطال بمكيال العراق قال سماعة : قال الكلبي : ثمَّ نهض (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقمت فخرجت وأنا أضرب بيدي على الأخرى وأنا أقول : إن كان شيء فهذا، فلم يزل الكلبي يدين اللّه بحب آل هذا البيت حتّى مات.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم قال : كنا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنا وصاحب الطاق(1)، والناس مجتمعون على عبد اللّه بن جعفر أنّه صاحب الأمر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس عنده، وذلك أنّهم رووا عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : إن الأمر في الكبير ما لم تكن عاهة، فدخلنا عليه نسأله عما كنا نسأل عنه أباه، فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟ فقال : في مائتين خمسة فقلنا : ففي مائة ؟ فقال : در همان ونصف. فقلنا واللّه ما تقول المرجئة هذا، قال : فرفع يده إلى السماء فقال : واللّه ما أدري ما تقول المرجئة، قال : فخرجنا من عنده ضلالاً لا ندري إلى أين نتوجّه أنا وأبو جعفر الأحول، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى أين نتوجّه ولا من نقصد ؟ ونقول : إلى المرجئة ؟ إلى القدرية؟ إلى الزيدية؟ إلى المعتزلة؟ إلى الخوارج؟ فنحن كذلك إذ رأيت رجلاً شيخاً لا أعرفه، يومي إلي بيده فخفت أن يكون عيناً (2) من عيون أبي جعفر المنصور، وذلك أنّه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون إلى من اتفقت شيعة جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليه، فيضربون عنقه، فخفت أن يكون منهم فقلت للأحول : تنع فإنّي خائف على نفسي وعليك، وإنّما يريدني لا يريدك، فتنح عنّي لا تهلك وتعين على نفسك، فتنحى غير بعيد وتبعت الشيخ، وذلك أني ظننت أنّي لا أقدر على التخلّص منه فما زلت أتبعه وقد عزمت على الموت حتّى ورد بي على باب أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمَّ خلاني ومضى، فإذا خادم بالباب فقال لي : أدخل رحمك اللّه، فدخلت فإذا أبو الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) فقال لي ابتداءً منه : لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى الزيدية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الخوارج، إليّ إليَّ، فقلت جعلت فداك مضى أبوك؟ قال: نعم، قلت : مضى موتاً؟ قال : نعم، قلت : فمن لنا من

ص: 412


1- هو مؤمن الطاق، لقب لأبي جعفر محمّد بن النعمان الأحول.
2- أي جاسوساً.
3- أي موجود أو جالس أو حاضر.

بعده؟ فقال : إن شاء اللّه أن يهديك هداك، قلت : جعلت فداك، إن عبد اللّه (1) يزعم أنّه من بعد أبيه قال يريد عبد اللّه أن لا يُعْبَدَ اللّه (2) قال : قلت: جعلت فداك فمن لنا من بعده؟ قال : إن شاء اللّه أن يهديك هداك، قال: قلت: جعلت فداك فأنت هو ؟ قال لا ما أقول ذلك (3)، قال : فقلت في نفسي لم أصب طريق المسألة، ثمَّ قلت له : جعلت فداك عليك إمام؟ قال : لا فداخلني شيء لا يعلم إلّا اللّه عزّ وجلّ إعظاماً له وهيبة أكثر ممّا كان يحلُّ بي من أبيه إذا دخلت عليه، ثمَّ قلت له : جعلت فداك أسألك عما كنت أسأل أباك ؟ فقال : سل تُخْبَر ولا تُذِعْ، فإن أذعت فهو الذبح، فسألته فإذا هو بحر لا ينزف (4)، قلت: جعلت فداك شيعتك وشيعة أبيك ضُلال فألقي إليهم وأدعوهم إليك؟ وقد أخذت عليَّ الكتمان؟ قال : من آنست منه رشداً فألْقِ إليه وخذ عليه الكتمان فإن أذاعوا فهو الذبح - وأشار بيده إلى حلقه _ قال : فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر الأحول فقال لي : ما وراءك؟ قلت : الهدى فحدثته بالقصّة. قال : ثمَّ لقينا الفضيل وأبا بصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وسألاه وقطعا عليه بالإمامة، ثمَّ لقينا النّاس أفواجاً فكلّ من دخل عليه قطع إلّا طائفة عمّار (5) وأصحابه وبقي عبد اللّه لا يدخل إليه إلّا قليل من الناس، فلما رأى ذلك قال : ما حال النّاس ؟ فأخبر أنَّ هشاماً (6) صد عنك النّاس ؛ قال هشام : فأقعد لى بالمدينة غير واحد ليضربوني.

8 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد، عن أبيه، عن محمّد بن فلان الواقفي قال : كان لي ابن عم يقال له : الحسن بن عبد اللّه كان زاهداً وكان من أعبد أهل زمانه وكان يتقيه السلطان لجده في الدّين واجتهاده، وربما استقبل السلطان بكلام صعب يعظه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، وكان السلطان يحتمله لصلاحه، ولم تزل هذه حالته حتّى كان يوم من الأيام إذ دخل عليه أبو الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو في المسجد فرآه فأومأ إليه فأتاه فقال له : يا أبا علي ما أحبَّ إليَّ ما أنت فيه وأسرني إلّا أنّه ليست لك معرفة، فاطلب المعرفة، قال : جعلت فداك وما المعرفة ؟ قال : اذهب فتفقه واطلب الحديث قال : عمّن ؟ قال : عن فقهاء أهل المدينة، اعرض علي الحديث، قال : فذهب فكتب ثمَّ جاءه فقرأه عليه فأسقطه (7) كله ثمَّ قال له : اذهب

ص: 413


1- أي ابن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- «لأن العبادة بغير معرفة الإمام كلا عبادة ولا تُعرف أيضاً إلّا به» مرآة المجلسيّ ٩٦/٤.
3- أي ما أقول بأني صاحب الأمر من بعده الآن وفي الحال. أو ما قلت لك ذلك.
4- أي لا ينضب.
5- هو عمار بن موسى الساباطي كان وأصحابه من القائلين بإمامة الأفطح ابن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان به عاهة.
6- أي هشام بن سالم راوي هذا الحديث.
7- أي أوضح له بطلانه وفساده. «وإنما أحاله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أوّلاً على فقهاء المدينة ليعرفه جهالتهم وضلالتهم ويهتم بمعرفة من يجب أخذ الدّين عنه» مرآة المجلسيّ ٩٨/٤.

فاعرف المعرفة وكان الرَّجل معنياً بدينه فلم يزل يترصّد أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى خرج إلى ضيعة له، فلقيه في الطريق فقال له : جعلت فداك إنّي أحتج عليك بين يدي اللّه فدلّني على المعرفة :قال فأخبره بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وها كان بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأخبره بأمر الرَّجلين (1) فقبل منه ثمَّ قال له : فمن كان بعد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ قال : الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمَّ الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى انتهى إلى نفسه ثمَّ سكت قال : فقال له : جعلت فداك فمن هو اليوم؟ قال : إن أخبرتك تقبل ؟ قال : بلى جعلت فداك؟ قال: أنا هو، قال: فشيء أستدلُّ (2) به؟ قال : اذهب إلى تلك الشجرة _ وأشار [ بيده ] إلى أم غيلان (3) - فقل لها : يقول لك موسى بن جعفر أقبلي، قال: فأتيتها فرأيتها واللّه تخدُّ (4) الأرض خدّاً حتّى وقفت بين يديه، ثمَّ أشار إليها فرجعت قال : فأقر به ثمَّ لزم الصمت والعبادة، فكان لا يراه أحد يتكلّم بعد ذلك.

محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن إبراهيم بن هاشم مثله.

٩ - محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن أحمد بن الحسين، عن محمّد بن الطيب عن عبد الوهاب بن منصور، عن محمّد بن أبي العلاء قال : سمعت يحيى بن أكثم - قاضي سامراء - بعدما جهدت به وناظرته وحاورته وواصلته وسألته عن علوم آل محمّد فقال : بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فرأيت محمّد (5) بن عليّ الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يطوف به فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إليَّ، فقلت له : واللّه إني أريد أن أسألك مسألة وإني واللّه لأستحيي من ذلك، فقال لي : أنا أخبرك قبل أن تسألني، تسألني عن الإمام، فقلت هو واللّه هذا، فقال أنا هو، فقلت: علامة(6) ؟ فكان في يده عصا فنطقت وقالت : إنّ مولاي إمام هذا الزمان وهو الحجّة.

١٠ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد أو غيره عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن عمر بن يزيد قال دخلت على الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنا يومئذ واقف (7). وقد كان أبي سأل

ص: 414


1- أي بما كان من أبي بكر وعمر واغتصابهما الخلافة من علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- أي هل يوجد برهان يهديني إلى حقانية ما تقول.
3- «أم غيلان : السمر من شجر الطلح، وأمر غير الحي كثير في كلام اللّه تعالى» مرآة المجلسيّ ٩٨/٤.
4- أي تشقّ.
5- أي الإمام محمّد الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي توجد عندك بينة على ما تدعي؟
7- أي واقفي المذهب. وهو مذهب من وقف بالإمامة على الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم يقل بإمامة الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).

أباه عن سبع مسائل فأجابه في ستّ وأمسك عن السابعة (1)، فقلت : واللّه لأسألنه عمّا سأل أبي أباه، فإن أجاب بمثل جواب أبيه كانت دلالة (2)، فسألته فأجاب بمثل جواب أبيه أبي في المسائل الست فلم يزد في الجواب واواً ولا ياءً وأمسك عن السابعة وقد كان أبي قال لأبيه : إني أحتج عليك عند اللّه يوم القيامة أنك زعمت أنّ عبد اللّه لم يكن إماماً، فوضع يده على عنقه، ثمَّ قال له : نعم احتج عليّ بذلك عند اللّه عزّ وجلّ فما كان فيه من إثم فهو في رقبتي، فلما ودعته قال : إنّه ليس أحد من شيعتنا يُبتلى (3) ببليّة أو يشتكي (4) فيصبر على ذلك إلّا كتب اللّه له أجر ألف شهيد فقلت في نفسي : واللّه ما كان لهذا ذكر، فلما مضيت وكنت في بعض الطريق، خرج بي عِرْقُ المديني (5) فلقيت منه شدّة، فلما كان من قابل حججت فدخلت عليه وقد بقي من وجعي بقيّة، فشكوت إليه وقلت له : جعلت فداك عوّذ رجلي وبسطتها بين يديه، فقال لي : ليس على رجلك هذه بأس ولكن أرني رجلك الصحيحة فبسطتها بين يديه فعوّذها، فلما خرجت لم ألبث إلّا يسيراً حتّى خرج بي العرق وكان وجعه يسيراً.

١١ - أحمد بن مهران عن محمّد بن عليّ، عن ابن قياما الواسطي - وكان من الواقفة - قال: دخلت على عليّ بن موسى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : يكون إمامان؟ قال : لا إلّا وأحدهما صامت، فقلت له : هو ذا أنت ليس لك صامت - ولم يكن ولد له أبو جعفر بعد _ فقال لي : واللّه ليجعلنّ اللّه مني ما يثبت به الحقّ وأهله، ويمحق به الباطل وأهله (6)، فولد له بعد سنة أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقيل لابن قياما : ألا تقنعك هذه الآية؟ فقال: أما واللّه إنّها لآية عظيمة ولكن كيف أصنع بما قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ابنه (7)؟.

١٢ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد عن الوشّاء قال: أتيت خراسان _ وأنا

ص: 415


1- «الإمساك عن السابعة إما لكونها من المسائل التي لا يعلمها إلّا اللّه كوقت قيام الساعة وأشباهه. أو لعدم المصلحة في ذكرها إما تقية أو لقصور فهم السائل عن إدراكها» مرآة المجلسيّ ١٠٠/٤.
2- أي علامة على الإمامة.
3- أي يمتحن ويُختبر.
4- أي يمرض.
5- «هو عرق يخرج من الرَّجل تدريجاً ويشتد وجعه» مرآة المجلسيّ ١٠١/٤.
6- مر معنا هذا الحديث أنّها وعلقنا عليه.
7- «قال الفاضل الاسترابادي : كأنه إشارة إلى ما ذكره الكشي في ترجمة يحيى بن القاسم أبي بصير قال : قال محمّد بن عمران ؛ سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : منا ثمانية محدّثون سابعهم القائم. فقام أبو بصير وقبل رأسه وقال: سمعته عن أبي جعفر منذ أربعين سنة» المازندراني ٢٨٣/٦. و «هذا الخبر وأمثاله من مفتريات الواقفية» مرآة المجلسيّ ١٠٢/٤ والمازندراني ٢٨٣/٦.

واقف _ فحملت معي متاعاً وكان معي ثوب وشي (1) في بعض الرزم ولم أشعر به ولم أعرف مكانه، فلما قدمت مرو، ونزلت في بعض منازلها لم أشعر إلّا ورجل مدني من بعض مولّديها (2)، فقال لي : إنّ أبا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول لك : ابعث إليَّ الثوب الوشيَّ الّذي عندك قال : فقلت : ومن أخبر أبا الحسن بقدومي وأنا قدمت آنفاً وما عندي ثوب وشي؟! فرجع إليه(3) وعاد إليَّ، فقال : يقول لك : بلى هو في موضع كذا وكذا ورزمته كذا وكذا، فطلبته حيث قال، فوجدته في أسفل الرزمة، فبعثت به إليه.

13 - ابن فضّال، عن عبد اللّه بن المغيرة قال: كنت واقفاً (4) وحججت على تلك الحال، فلما صرت بمكّة خلج (5) في صدري شيء، فتعلقت بالملتزم (6) ثمَّ قلت : اللّهمّ قد علمت طلبتي وإرادتي فأرشدني إلى خير الأديان، فوقع في نفسي أن آتي الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأتيت المدينة فوقفت ببابه وقلت للغلام قل لمولاك : رجل من أهل العراق بالباب، قال: فسمعت نداءه وهو يقول : أدخل يا عبد اللّه بن المغيرة، أدخل يا عبد اللّه بن المغيرة، فدخلت، فلمّا نظر إليَّ قال لي : قد أجاب اللّه دعاءك وهداك لدينه، فقلت : أشهد أنك حجة اللّه وأمينه على خلقه.

١٤ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه قال : كان عبد اللّه بن هليل (7) يقول بعبد اللّه (8) فصار إلى العسكر (9) فرجع عن ذلك (10) فسألته عن سبب رجوعه، فقال: إنّي عرَّضت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن أسأله ذلك، فوافقني (11) في طريق ضيق، فمال نحوي حتّى إذا حاذاني، أقبل نحوي بشيء من فيه (12)، فوقع على صدري، فأخذته فإذا هو رَق فيه مكتوب : ما كان هنالك، ولا كذلك (13).

ص: 416


1- أي منمنم منقوش.
2- أي ممّن ولدوا بالمدينة وليسوا أساساً من أهلها.
3- أي فرجع الرَّجل المدني إلى الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليستفسر منه عن الثوب بعد أن أنكرت وجوده.
4- أي حججت وأنا على مذهب الواقفية.
5- أي غمز وتحرك. ولعله شك في صحة عمله وهو لم يتول الحجّة عليه.
6- هو المستجار ممّا يلي باب الكعبة المشرفة.
7- مصغر هلال.
8- أي يقول بإمامة عبد اللّه الأفطح وهو ابن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولكن كانت به عاهة وزُويت الإمامة عنه.
9- اسم مدينة سامراء.
10- أي رجع عن قوله بإمامة الأفطح.
11- أي فصادفني.
12- أي من حلقه.
13- أي لم يكن عبد اللّه مستحقاً للإمامة ولا كان في مقامها.

١٥ _ عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا ذكر اسمه قال : حدَّثنا محمّد بن إبراهيم قال : أخبرنا موسى بن محمّد بن إسماعيل بن عبيد اللّه بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب قال: حدَّثني جعفر بن زيد بن موسى، عن أبيه عن آبائه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالوا : جاءت أم أسلم يوماً إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو في منزل أمّ سلمة، فسألتها عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقالت : خرج في بعض الحوائج والساعة يجيىء، فانتظرته عند أم سلمة حتّى جاء (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقالت أم أسلم : بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه، إني قد قرأت الكتب وعلمت كلّ نبي ووصي، فموسى كان له وصي في حياته (1) ووصي بعد موته (2)، وكذلك عيسى (3)، فمن وصيك يا رسول اللّه ؟ فقال لها يا أمّ أسلم وصيّي في حياتي وبعد مماتي واحد ثمَّ قال لها : يا أم أسلم : من فعل فعلي (4) هذا فهو وصتي، ثمَّ ضرب بيده إلى حصاة من الأرض ففركها (5) بأصبعه فجعلها شبه الدقيق، ثمَّ عجنها، ثمَّ طبعها بخاتمه، ثمَّ قال : من فعل فعلي هذا فهو وصي في حياتي وبعد مماتي، فخرجت من عنده فأتيت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت: بأبي أنت وأمي أنت وصي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ قال : نعم يا أم أسلم ثمَّ ضرب بيده إلى حصاة ففركها فجعلها كهيئة الدقيق، ثمَّ عجنها وختمها بخاتمه، ثمَّ قال : يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصي، فأتيت الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو غلام فقلت له : يا سيدي أنت وصي أبيك ؟ فقال : نعم يا أم أسلم، وضرب بيده وأخذ حصاة ففعل بها كفعلهما(6)، فخرجت من عنده فأتيت الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وإني لمستصغرة لسنه - فقلت له : بأبي أنت وأمي، أنت وصي أخيك ؟ فقال : نعم يا أم أسلم ايتيني بحصاة، ثمَّ فعل كفعلهم، فعمّرت أمّ أسلم حتّى لحقت بعليّ بن الحسين بعد قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في منصرفه، فسألته أنت وصي أبيك ؟ فقال : نعم، ثمَّ فعل كفعلهم صلوات اللّه عليهم أجمعين.

١٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن الجارود، عن موسى بن بكر بن داب عمّن حدَّثه عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ زيد بن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) دخل على أبي جعفر محمّد بن عليّ ومعه (7) كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى

ص: 417


1- هو هارون (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- هو يوشع (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي كان له وصي في حياته من الحواريين. وروي أن وصيه في حياته هو كالب بن يوفنا ووصيه بعد مماته شمعون بن حمون.
4- أي مثل فعلي، وسوف يأتي توضيح لفعله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
5- أي دلكها.
6- أي من الدلك والعجن والطبع بالخاتم وأم أسلم هذه غير حبابة الوالبية التي تقدمت.
7- أي مع زيد رحمه اللّه.

أنفسهم ويحبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج، فقال له أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه ؟ فقال : بل ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولما يجدون في كتاب اللّه عزّ وجلّ من وجوب مودّتنا وفرض طاعتنا، ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء، فقال له أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، إن الطاعة مفروضة من اللّه عزّ وجلّ وسنّة أمضاها في الأولين وكذلك يجريها في الآخرين والطاعة لواحد منا(1) والمودة للجميع (2)، وأمر اللّه يجري لأوليائه بحكم موصول (3)، وقضاء مفصول، وحتم مقضي وقدر مقدور، وأجل مسمى لوقت معلوم، فلا يستخفنّك الّذين لا يوقنون، إنهم لن يغنوا عنك من اللّه شيئاً، فلا تعجل فإنّ اللّه لا يعجل لعجلة العباد، ولا تسبقنَّ اللّه فتعجزك البلية فتصر عك (4)، قال : فغضب زيد عند ذلك، ثمَّ قال : ليس الإمام منا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط (5) عن الجهاد، ولكنَّ الإمام منا من منع حوزته (6)، وجاهد في سبيل اللّه حق جهاده ودفع عن رعيته وذبّ عن حريمه، قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل تعرف يا أخي من نفسك شيئاً ممّا نسبتها إليه فتجبى عليه بشاهد من كتاب اللّه أو حجّة من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أو تضرب به مثلاً، فإنّ اللّه عزّ وجلّ أحلَّ حلالاً وحرّم حراماً وفرض فرائض وضرب أمثالاً وسن سنناً ولم يجعل الإمام القائم بأمره شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله، أو يجاهد فيه قبل حلوله، وقد قال اللّه عزّ وجلّ في الصيد :(لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) (7) أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم اللّه وجعل لكلّ شيء محلاً وقال اللّه عزّ وجلّ : (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) (8) وقال عزّ وجلّ : (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ) (9) فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها أربعة حرماً وقال : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ) (10)، ثمَّ قال تبارك وتعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ

ص: 418


1- أي أن الطاعة مفروضة لواحد منا أهل البيت.
2- أي لجميع أقاربه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما لم يكن كافراً.
3- أي بحكم متواتر متصل لواحد بعد واحد منصوص عليه.
4- «وحاصل الجميع أنك لست بإمام ولا تعلم حكم اللّه في القعود والقيام والجهاد وتركه» مرآة المجلسيّ ١١٣/٤.
5- أي منع النّاس عن الجهاد.
6- أي حمى ما في حيّزه.
7- المائدة / ٩٥.
8- المائدة / ٢.
9- المائدة / ٢.
10- التوبة / ٢.

وَجَدْتُمُوهُمْ) (1) فجعل لذلك محلاً وقال : (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) (2) فجعل لكلّ شيء أجلاً ولكلّ أجل كتاباً فإن كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك، فشأنك (3)، وإلا فلا تَرُومَنَّ أمراً أنت منه في شك وشبهة، ولا تتعاط زوال ملك لم تنقض أكله، ولم ينقطع مداه، ولم يبلغ الكتاب أجله فلوقد بلغ مداه وانقطع أكله وبلغ الكتاب أجله (4)، لانقطع الفصل وتتابع النظام ولأعقب اللّه في التابع والمتبوع الذل والصغار، أعوذ باللّه من إمام ضلَّ عن وقته، فكان التابع فيه أعلم من المتبوع، أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم قد كفروا بآيات اللّه وعصوا رسوله واتبعوا أهواءهم بغير هدى من اللّه، وادَّعوا الخلافة بلا برهان من اللّه ولا عهد من رسوله؟! أعيذك باللّه يا أخي أن تكون غداً المصلوب بالكناسة. ثمَّ ارفضت عيناه وسالت دموعه، ثمَّ قال : اللّه بيننا وبين من هتك سترنا، وجحدنا حقنا، وأفشى سرّنا ونسبنا إلى غير جدنا (5) وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا (6).

17 - بعض أصحابنا، عن محمّد بن حسان، عن محمّد بن رَنْجَوَيْه، عن عبد اللّه بن الحكم الأرمني، عن عبد اللّه بن إبراهيم بن محمّد الجعفري قال: أتينا خديجة بنت عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) نعزّيها بابن بنتها، فوجدنا عندها موسى بن عبد اللّه بن الحسن، فإذا هي في ناحية قريباً من النساء، فعزّيناهم، ثمَّ أقبلنا عليه فإذا هو يقول لابنة أبي يشكر الراثية : قولي فقالت :

اعدد رسول اللّه واع_دد بعده***أسدَ الإله (7) وثالثاً عباسا

واعدد علي الخير واعدد جعفراً***واعدد عقيلاً بعده الرُّوَّاسا

فقال: أحسنت وأطربتني، زيديني، فاندفعت تقول:

ومنا إمام المتقين محمّد***وفارسه ذاك الإمام المطهر

ص: 419


1- التوبة / ٥.
2- البقرة/ ٢٣٥.
3- أي فالزم شأنك.
4- أي وقته المحدد فيه.
5- «لعل هذا كناية عن عدم نسبتهم إلى جدهم والمراد بالنسبة النسبة المعنوية في العلم والعمل ورياسة الدارين» المازندراني ٢٩٢/٦.
6- أي قالوا فينا بالنبوّة أو الألوهية. وقيل : «عبارة عن الخروج على ملوك المخالفين قبل حلول وقته» مرآة المجلسيّ ١١٨/٤.
7- يعني حمزة (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ومنا علي صهره وابن عمه***وحمزة منا والمهذب جعفر

فأقمنا عندها حتّى كاد الليل أن يجيىء، ثمَّ قالت خديجة : سمعت عمّي محمّد بن عليّ صلوات اللّه عليه وهو يقول : إنّما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها أن تقول هَجْراً (1)، فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح، ثمَّ خرجنا فغدونا إليها غدوة فتذاكرنا عندها اختزال منزلها (2) من دار أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد، فقال : هذه دار تسمّى دار السرقة (3)، فقالت: هذا ما اصطفى مهدينا - تعني محمّد بن عبد اللّه بن الحسن - تمازحه بذلك _ فقال موسى بن عبد اللّه : واللّه لأخبرتكم بالعجب رأيت أبي رحمه اللّه لما أخذ في الأمر محمّد بن عبد اللّه وأجمع على لقاء أصحابه، فقال لا أجد هذا الأمر يستقيم إلّا أن ألقى أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد، فانطلق وهو متك عليَّ، فانطلقت معه حتّى حتى أتينا أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلقيناه خارجاً يريد المسجد فاستوقفه أبي وكلّمه، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ليس هذا موضع ذلك، نلتقي إن شاء اللّه، فرجع أبي مسروراً، ثمَّ أقام حتّى إذا كان الغد أو بعده بيوم، انطلقنا حتّى أتيناه، فدخل عليه أبي وأنا معه فابتدأ الكلام، ثمَّ قال له فيما يقول: قد علمت جعلت فداك أنَّ السنّ لي عليك وأنّ في قومك من هو أستُ منك ولكن اللّه عزّ وجلّ قد قدّم لك فضلا ليس هو لأحد من قومك وقد جئتك معتمداً لما أعلم من برك (4) واعلم - فديتك - أنك إذا أجبتني (5) لم يتخلف عنّي أحدٌ من أصحابك ولم يختلف علي اثنان من قريش ولا غيرهم، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّک تجد غيري أطوع لك مني ولا حاجة لك في (6)، فواللّه إنّک لتعلم أنّي أريد البادية أو أهمُ بها فأثقل عنها، وأريد الحجّ فما أدركه إلّا بعد كد وتعب ومشقة على نفسي. فاطلب غيري وسله ذلك ولا تعلمهم أنك جئتني، فقال له : إنَّ النّاس مادون أعناقهم إليك وإن أجبتني لم يتخلف عنّي أحد، ولك أن لا تكلّف قتالاً ولا مكروهاً، قال : قال : وهجم (7) علينا ناس فدخلوا وقطعوا كلامنا فقال أبي : جعلت فداك ما تقول؟ فقال : نلتقي إن شاء اللّه، فقال: أليس على ما أحب ؟ فقال : على ما تحبُّ إن شاء اللّه من إصلاحك (8). ثمَّ انصرف حتّى جاء

ص: 420


1- ما استقبح من الكلام والمقصود به هنا أن يعد للميت مآثر ليست فيه فيكون كذباً محرماً.
2- أي انفراده وانعزاله.
3- الظاهر أنّه لكثرة حدوث السرقة فيها.
4- أي معتمداً في مجيئي واستجابة طلبتي على ما أعهده فيك من بر وصلة.
5- إلى البيعة لي.
6- أي ليس ما تطلبه من البيعة متوفراً في.
7- أي دخلوا علينا بغتة من حيث لم نشعر.
8- «أي من وعظك وصرفك عما تريد من الشر في الدنيا والآخرة، أو على ما تحب إذا كان موافقاً لصلاحك ومصلحتك» مرآة المجلسيّ ١٢٦/٤.

البيت، فبعث رسولاً إلى محمّد في جبل بِجُهَيْنَة، يقال له الأشقر، على ليلتين(1) من المدينة، فبشّره وأعلمه أنّه قد ظفر له بوجه حاجته وما طلب ثمَّ عاد بعد ثلاثة أيّام، فوقفنا بالباب، ولم نكن نحجب إذا جئنا، فأبطأ الرسول، ثمَّ أذن لنا، فدخلنا عليه فجلست في ناحية الحجرة ودنا أبي إليه فقبل رأسه، ثمَّ قال : جعلت فداك قد عدتُ إليك راجياً، مؤملا، قد انبسط رجائي وأملي ورجوت الدَرَكَ (2) لحاجتي، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ابن عمّ إني أعيذك باللّه من التعرُّض لهذا الأمر الّذي أمسيت فيه ؛ وإنّي لخائف عليك أن يُكْسِبَكَ شَرّاً، فجرى الكلام بينهما، حتّى أفضى إلى ما لم يكن يريد وكان من قوله بأي شيء كان الحسين أحقُّ بها من الحسن؟ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : رحم اللّه الحسن ورحم الحسين وكيف ذكرت هذا، قال : لأنّ الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان ينبغي له إذا عدل أن يجعلها في الأسنّ من ولد الحسن، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إِنَّ اللّه تبارك وتعالى لما أن أوحى إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أوحى إليه بما شاء، ولم يؤامر أحداً من خلقه (3)، وأمر محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) بما شاء ففعل ما أمر به ؛ ولسنا نقول فيه إلّا ما قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من تبجيله وتصديقه، فلو كان أمر الحسين أن يصيرها في الأسنّ أو ينقلها في ولدهما _ يعني الوصية - لفعل ذلك الحسين، وما هو بالمتهم عندنا في الذخيرة لنفسه، ولقد ولى وترك ذلك، ولكنّه مضى لما أمر به وهو جدك وعمّك، فإن قلت خيراً فما أولاك به، وإن قلت هجراً فيغفر اللّه لك، أطعني يا ابن عم واسمع كلامي، فواللّه الّذي لا إله إلّا هو لا آلوك (4) نصحاً وحرصاً فكيف ولا أراك تفعل، وما لأمر اللّه من مردّ فسر أبي عند ذلك، فقال له أبو عبد اللّه : واللّه إنّک لتعلم أنّه الأحول الأكشف الأخضر (5) المقتول بسدَّة أشجع (6)، عند بطن مسليها، فقال أبي : ليس هو ذلك (7) واللّه ليحاربنَّ باليوم يوماً وبالساعة ساعة وبالسنة سنة، وليقومنَّ بثار بني أبي طالب جميعاً، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يغفر اللّه لك (8) ما أخوفني أن

ص: 421


1- أي على مسيرة ليلتين.
2- أي الظفر واللحاق بها.
3- أي لم يشاور أحداً من خلقه.
4- أي لا أقصر في نصحك والحرص عليك. أو لا أنقص عنك نصحاً لنفسك ولا حرصاً منك عليها.
5- «أي لتعلم أن ابنك محمّداً هذا هو الأحول الأكشف الّذي أخبر به المخبر الصادق أنّه سيخرج بغير حق ويُقتل صاغراً. والأكشف : الّذي نبتت له شعيرات في قصاص ناصيته دايرة ولا تكاد تسترسل والعرب تتشأم به. والأخضر ربما يقال للأسود أيضاً وفي هذا المقام يحتمله» الوافي للفيض ج 38/2.
6- «السُّدَّة: باب الدار، وربما يُقرأ بالفتح لمناسبتها للمسيل، وأشجع : اسم قبيلة من غطفان» مرآة المجلسيّ ٤ / 1٢٨ نقلا عن القاموس.
7- أي ليس ابني محمّد هو الّذي ذكرت.
8- استغفر ايه لأنه حلفت باللّه عافياً.

يكون هذا البيت (1) يلحق صاحبنا : (متتك نفسك في الخلاء ضلالا). لا واللّه لا يملك أكثر من حيطان المدينة، ولا يبلغ عمله الطائف إذا أحفل - يعني إذا أجهد نفسه، وما للأمر من بد أن يقع، فاتق اللّه وارحم نفسك وبني أبيك، فواللّه إني لأراه أشام سَلْحَةٍ (2) أخرجتها أصلاب الرجال إلى أرحام النساء واللّه إنّه المقتول بسدّة أشجع بين دورها، واللّه لكأني به صريعاً مسلوباً بزته بين رجليه لبنة، ولا ينفع هذا الغلام ما يسمع - قال موسى بن عبد اللّه _ يعنيني وليخرجن معه فيهزم ويقتل صاحبه، ثمَّ يمضي فيخرج معه راية أخرى، فيقتل كبشها(3) ويتفرّق جيشها، فإن أطاعني فليطلب الأمان عند ذلك من بني العبّاس حتّى يأتيه اللّه بالفرج، ولقد علمت بأن هذا الأمر لا يتمُّ، وأنك لتعلم ونعلم أنَّ ابنك الأحول الأخضر الأكشف المقتول بسدّة أشجع بين دورها عند بطن مسيلها، فقام أبي وهو يقول : بل يغني اللّه عنك ولتعودنَّ (4) أو ليقي اللّه بك وبغيرك ما أردت بهذا إلّا امتناع غيرك، وأن تكون ذريعتهم إلى ذلك، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): اللّه يعلم ما أريد إلّا نصحك ورشدك وما عليَّ إلّا الجهد، فقام أبي يجر ثوبه مغضباً، فلحقه أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال له : أخبرك أني سمعت عمك وهو خالك (5) يذكر أنك وبني أبيك ستقتلون، فإن أطعتني ورأيت أن تدفع بالتي هي أحسن فافعل، فواللّه الّذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الكبير المتعال على خلقه، لوددت أني فديتك بولدي وبأحبهم إلي وبأحب أهل بيتي إليَّ، وما يعدلك عندي شيء، فلا ترى أنّي غششتك، فخرج أبي من عنده مغضباً أسفاً، قال : فما أقمنا بعد ذلك إلّا قليلاً _ عشرين ليلة أو نحوها، حتّى قدمت رسل أبي جعفر (6) فأخذوا أبي وعمومتي سليمان بن حسن، وحسن بن حسن، وإبراهيم بن حسن وداود بن حسن، وعليّ بن حسن، وسليمان بن داود بن حسن، وعليّ بن إبراهيم بن حسن وحسن بن جعفر بن حسن، وطباطبا إبراهيم بن إسماعيل بن حسن، وعبد اللّه بن داود قال : فصفّدوا في الحديد (7)، ثمَّ حملوا في محامل أعراء لا وطاء فيها (8) ووقفوا

ص: 422


1- أي بيت الشعر الّذي استشهد (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعجزه، وهو للأخطل يهجو فيه جريراً ومطلعه : «إنعق بضأنك يا جرير فإنما» فراجع ديوان الأخطل.
2- السلحة من الطائر بمنزلة التغوط من الإنسان.
3- أي المقدّم أو الأمير على الجماعة.
4- أي لترجعن عن رأيك هذا.
5- «أي عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسمّى ابن العم علماً مجازاً وهو خاله حقيقة لأن ام عبد اللّه بن الحسن هي بنت الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)» مرآة المجلسيّ ١٣١/٤.
6- أي المنصور العبّاسي.
7- أي قيدوا بأغلال الحديد.
8- أي مكشوفة لا أغطية لها وغير مفروشة.

بالمصلى لكي يشتمهم الناس، قال : فكفَّ النّاس عنهم ورقوا لهم للحال التي هم فيها، ثمَّ انطلقوا بهم حتّى وقفوا عند باب مسجد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

قال عبد اللّه بن إبراهيم الجعفري: فحدثتنا خديجة بنت عمر بن عليّ أنهم لما أوقفوا عند باب المسجد - الباب الّذي يقال له باب جبرئيل - أطلع عليهم أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعامة ردائه مطروح بالأرض، ثمَّ أطلع من باب المسجد فقال : لعنكم اللّه يا معاشر الأنصار - ثلاثاً _ ما على هذا عاهدتم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولا بايعتموه أما واللّه إن كنت حريصاً ولكنّي غلبت وليس للقضاء مدفع، ثمَّ قام وأخذ إحدى نعليه فأدخلها رجله والأخرى في يده وعامة ردائه يجره في الأرض، ثمَّ دخل بيته فحُمَّ عشرين ليلة، لم يزل يبكي فيه الليل والنهار حتّى خفنا عليه، فهذا حديث خديجة. قال الجعفري: وحدَّثنا موسى بن عبد اللّه بن الحسن أنّه لما طلع بالقوم في المحامل، قام أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المسجد ثمَّ أهوى إلى المحمل الّذي فيه عبد اللّه بن الحسن يريد كلامه فمنع أشدَّ المنع وأهوى إليه الحرسي فدفعه وقال : تنحّ عن هذا، فإن اللّه سيكفيك ويكفي غيرك، ثمَّ دخل بهم الزقاق ورجع أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى منزله، فلم يبلغ بهم البقيع حتّى ابتلي الحرسي بلاء شديداً، رمحته (1) ناقته فدقت وركه فمات فيها، ومضى بالقوم، فأقمنا بعد ذلك حيناً، ثمَّ أتى محمّد بن عبد اللّه بن الحسن، فأخبر أنَّ أباه وعمومته قتلوا - قتلهم أبو جعفر - إلّا حسن بن جعفر وطباطبا وعليّ بن إبراهيم وسليمان بن داود وداود بن حسن وعبد اللّه بن داود قال : فظهر محمّد بن عبد اللّه عند ذلك ودعا النّاس لبيعته، قال فكنت ثالث ثلاثة بايعوه واستونق النّاس (2) لبيعته، ولم يختلف عليه قرشي ولا أنصاري ولا عربي، قال : وشاور عيسى بن زيد وكان من ثقاته وكان على شرطه فشاوره في البعثة إلى وجوه قومه، فقال له عيسى بن زيد : إن دعوتهم دعاء يسيراً لم يجيبوك، أو تغلظ عليهم، فخلني وإياهم، فقال له محمّد امض إلى من أردت منهم، فقال : ابعث إلى رئيسهم وكبيرهم - يعني أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) - فإنك إذا أغلظت عليه علموا جميعاً أنك ستمرهم على الطريق التي أمررت عليها أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : فواللّه ما لبثنا أن أتي بأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى أوقف بين يديه فقال له عيسى بن زيد : أسلم تسلم : فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أحدثت نبوة بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ فقال له محمّد : لا ولكن بايع تأمن على نفسك ومالك وولدك ولا تكلفن حرباً، فقال له أبو عبد اللّه ه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما في حربٌ ولا قتال ولقد تقدمت إلى أبيك وحذرته الّذي حاق به ولكن لا ينفع حذرٌ

ص: 423


1- اي رفسته برجلها.
2- لم أجد (استونق) في كتب اللغة التي بين يدي بل وجدت (وسق واستوسق) يقال : وسق الشيء إذا جمعه. واستوسقت الإبل إذا اجتمعت فلا يبعد أن في اللفظة تصحيفاً وأصلها استوسق. أو (استوثق النّاس لبيعته) أي هو أخذ الميثاق منهم لمبايعته.

من قَدَر، يا ابن أخي عليك بالشباب ودع عنك الشيوخ، فقال له محمّد : ما أقرب ما بيني وبينك في السن، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني لم أعازّك (1) ولم أجىء لأتقدم عليك في الّذي أنت فيه، فقال له :محمّد لا واللّه لا بدَّ من أن تبايع، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما في يا ابن أخي طلب ولا حرب، وإني لأريد الخروج إلى البادية فيصدُّني ذلك ويثقل عليَّ حتّى تكلّمني في ذلك الأهل غير مرَّة، ولا يمنعني منه إلّا الضعف. واللّه والرَّحم (2) أن تدبر عنا (3) ونشقى بك، فقال له : يا أبا عبد اللّه قد واللّه مات أبو الدوانيق - يعني أبا جعفر - فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وما تصنع بي وقد مات ؟ قال : أريد الجَمالَ بك (4)، قال : ما إلى ما تريد سبيل، لا واللّه ما مات أبو الدَّوانيق إلّا أن يكون مات موت النوم. قال : واللّه لتبايعني طائعاً أو مكرهاً ولا تحمد في بيعتك، فأبى عليه إباءً شديداً وأمر به إلى الحبس، فقال له عيسى بن زيد : أما إن طرحناه في السجن وقد خرب السجن وليس عليه اليوم غلق خفنا أن يهرب منه، فضحك أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمَّ قال : لا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم أوتراك تسجنني ؟ قال : نعم والّذي أكرم محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالنبوّة لأسجنتك ولأشدّدنّ عليك، فقال عيسى بن زيد : احبسوه في المخبأ _ وذلك دار ريطة اليوم (5) - فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما واللّه إني سأقول ثمَّ أَصَدَّق (6)، فقال له عيسى بن زيد : لو تكلمت لكسرتُ فمك فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): أما واللّه يا أكشف يا أزرق (7)، لكأني بك تطلب، لنفسك جُحراً تدخل فيه، وما أنت في المذكورين عند اللقاء(8)، وإني لأظنّك إذا صُفِّقَ خلفَكَ، طرتَ مثل الهيق النافر (9) فنفر عليه محمّد بانتهاز احبسه وشدّد عليه وأغلظ عليه، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما واللّه لكأني بك خارجاً من سدّة أشجع إلى بطن الوادي وقد حمل عليك فارس مُعْلَم (10) في يده طرادة (11) نصفها أبيض ونصفها أسود على فرس كميت أقرح (12)

ص: 424


1- أي لم أغالِبُكَ.
2- أي أقسم عليك باللّه، وبالرحم، أو أنشدك اللّه والرحم.
3- أي أن تفارقنا وتقطع رحمنا.
4- أي الزينة.
5- الريطة : «اسم نوع من الثياب، أي دار ينسج فيها الريطة أو توضع فيها. والأظهر عندي أنّه اسم ريطة بنت عبد اللّه بن محمّد بن الحنفية أم يحيى بن زيد وكانت ريطة في هذا اليوم تسكن هذه الدار» مرآة المجلسيّ ١٣٨/٤.
6- أي سوف يصدّق النّاس ما أقول.
7- أي أزرق العينين.
8- اي عند الحرب ونشوب القتال.
9- أي مثل ذكر النعام، يضرب به المثل في الجبن.
10- أي من وضع على نفسه علامة يعرف بها.
11- أي رمح قصير.
12- الكميت هو اللون ما بين الأسود والأحمر والأقرح ما يكون في وجهه قرحة دون الغرة.

فطعنك فلم يصنع فيك شيئاً، وضربت خيشوم فرسه فطرحته، وحمل عليك آخر خارج من زقاق آل أبي عمار الدئليين عليه غديرتان مضفورتان وقد خرجتا من تحت بيضة، كثير شعر الشاربين، فهو واللّه صاحبك فلا رحم اللّه رمّته (1). فقال له :محمّد يا أبا عبد اللّه، حَسَبْتَ فأخطأت. وقام إليه السراقي بن سلخ الحوت، فَدَفَعَ في ظهره حتّى أدخل السجن، واصطفي ما كان له من مال، وما كان لقومه ممّن لم يخرج مع محمّد، قال : فَطُلِعَ بإسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب وهو شيخ كبير ضعيف، قد ذهبت إحدى عينيه، وذهبت رجلاه (2) وهو يحمل حملا، فدعاه إلى البيعة، فقال له : يا ابن أخي إنّي شيخ كبير ضعيف وأنا إلى برك وعونك أحوج، فقال له : لا بدَّ من أن تبايع، فقال له : وأي شيء تنتفع ببيعتي واللّه إني لأضيق عليك مكان اسم رجل إن كتبته قال لا بدّ لك أن تفعل وأغلظ له في القول، فقال له إسماعيل : ادع لي جعفر بن محمّد، فلعلنا نبايع جميعاً، قال: فدعا جعفراً (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال له إسماعيل : جعلت فداك إن رأيت أن تبيّن له فافعل لعل اللّه يكفّه عنا، قال : قد أجمعت ألا أكلمه، أفَلْيَرَفِيَّ برأيه، فقال إسماعيل لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنشدك اللّه، هل تذكر يوماً أتيت أباك محمّد بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعليَّ حلّتان صفراوان، فدام النظر إلي فبكى، فقلت له ؛ ما يبكيك؟ فقال لي : يبكيني أنك تقتل عند كبر سنك ضياعاً، لا ينتطح في دمك عنزان، قال : قلت : فمتى ذاك؟ قال : إذا دعيت إلى الباطل فأبيته وإذا نظرت إلى الأحول مشؤم قومه ينتمي من آل الحسن على منبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، يدعو إلى نفسه قد تسمّى بغير اسمه (3)، فأحدث عهدك واكتب وصيتك، فإنك مقتول في يومك أو من غد (4)، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نعم وهذا (5) - ورب الكعبة - لا يصوم من شهر رمضان إلّا أقله. فأستودعك اللّه يا أبا الحسن وأعظم اللّه أجرنا فيك، وأحسن الخلافة على من خلّفت وإنا للّه وإنا إليه راجعون، قال: ثمَّ احتمل إسماعيل ورد جعفر إلى الحبس، قال : فواللّه ما أمسينا حتّى دخل عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبد اللّه بن جعفر فتوطؤوه حتّى قتلوه، وبعث محمّد بن عبد اللّه إلى جعفر فخلى سبيله، قال: وأقمنا بعد ذلك حتّى استهللنا شهر رمضان فبلغنا خروج عيسى بن موسى، يريد المدينة، قال: فتقدّم محمّد بن عبد اللّه على مقدّمته يزيد بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر، وكان على مقدّمة

ص: 425


1- «أي عظامة البالية والمعنى لا رحمة اللّه أبداً حتّى ولو بعد صيرورته رميماً» مراة المجلسيّ ١٤٠/٤.
2- أي ضعفتا عن المشي لكبره في السن.
3- أي انتحل لنفسه اسم المهدي من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
4- «إما تبهيم من الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) للمصلحة، لئلا ينسب إليهم علم الغيب أو ترديد من بعض الرواة» مرآة المجلسيّ ١٤٢/٤.
5- اي محمّد بن عبد اللّه بن الحسن صاحب البدعة.

عيسى بن موسى ولد الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن وقاسم !! ومحمّد بن زيد وعلي وإبراهيم بنو الحسن بن زيد فهزم يزيد بن معاوية وقدم عيسى بن موسى المدينة وصار القتال بالمدينة، فنزل بذياب (1) ودخلت علينا المسوّدة (2) من خلفنا، وخرج محمّد في أصحابه حتّى بلغ السوق، فأوصلهم ومضى، ثمَّ تبعهم حتّى انتهى إلى مسجد الخوامين، فنظر إلى ما هناك فضاء ليس فيه مسوّد ولا مبيض، فاستقدم حتّى انتهى إلى شعب فزارة، ثمَّ دخل هذيل ثمَّ مضى إلى أشجع، فخرج إليه الفارس الّذي قال أبو عبد اللّه من خلفه،، من سكة هذيل فطعنه، فلم يصنع فيه شيئاً وحمل على الفارس، فضرب خيشوم فرسه بالسيف، فطعنه الفارس، فأنفذه في الدرع وانثنى عليه محمّد فضربه فأثخنه وخرج عليه حميد بن قحطبة وهو مدبر على الفارس يضربه من زقاق العماريين فطعنه طعنة أنفذ السنان فيه فكسر الرمح وحمل على حميد فطعنه حميد بزج الرمح فصرعه، ثمَّ نزل إليه فضربه حتّى أثخنه وقتله وأخذ رأسه، ودخل الجند من كلّ جانب، وأخذت المدينة وأجلينا هرباً في البلاد، قال موسى بن عبد اللّه : فانطلقت حتّى لحقت بإبراهيم بن عبد اللّه، فوجدت عيسى بن زيد مكمناً عنده، فأخبرته بسوء تدبيره، وخرجنا معه حتّى أصيب رحمه اللّه، ثمَّ مضيت مع ابن أخي الأشتر عبد اللّه بن محمّد بن عبد اللّه بن حسن حتّى أصيب بالسند، ثمَّ رجعت شريداً طريداً، تضيّق علي البلاد، فلما ضاقت علي الأرض واشتدَّ [بي] الخوف، ذكرت ما قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فجئت إلى المهدي وقد حجّ وهو يخطب النّاس في ظلّ الكعبة، فما شعر إلّا وأنّي قد قمت من تحت المنبر فقلت : لي الأمان يا أمير المؤمنين؟ وأدلك على نصيحة لك عندي ؟ فقال نعم ما هي ؟ قلت : أدلك على موسى بن عبد اللّه بن حسن، فقال لي : نعم لك الأمان، فقلت له : أعطني ما أثق به فأخذت منه عهوداً ومواثيق ووثقت لنفسي ثمَّ قلت : أنا موسى بن عبد اللّه فقال لي : إذا تُكْرَم وتُحبى (3). فقلت : له اقطعني (4) إلى بعض أهل بيتك، يقوم بأمري عندك، فقال لي : انظر إلى من أردت فقلت: عمّك العبّاس بن محمّد فقال العبّاس لا حاجة لي فيك، فقلت: ولكن لي فيك الحاجة، أسألك بحق أمير المؤمنين إلّا قبلتني فقبلني شاء أو أبى، وقال لي المهدي من يعرفك ؟ - وحوله أصحابنا أو أكثرهم - فقلت : هذا الحسن بن زيد يعرفني وهذا موسى بن جعفر

ص: 426


1- ذُباب : جبل بالمدينة.
2- المسوّدة: أي عساكر العبّاسيين سموا بذلك للبسهم السواد.
3- أي تُعطى، والحباء : العطاء.
4- «لعله من قولهم : اقطعه قطيعة أي طائفة من أرض الخراج كناية عن أنّه يحفظني ويقوم بما يصلحني كأني ملك له» مرأة المجلسيّ ١٤٩/٤.

يعرفني وهذا الحسن بن عبد اللّه بن العبّاس يعرفني، فقالوا : نعم يا أمير المؤمنين كأنه لم يغب عنا، ثمَّ قلت للمهدي : يا أمير المؤمنين لقد أخبرني بهذا المقام أبو هذا الرَّجل وأشرت إلى موسى بن جعفر قال(1) موسى بن عبد اللّه : وكذبت على جعفر كذبة : فقلت له : وأمرني أن أقرئك السلام وقال إنّه إمام عدل وسخاء، قال: فأمر لموسى بن جعفر بخمسة آلاف دينار، فأمر لي منها موسى بألفي دينار ووصل عامة أصحابه ووصلني فأحسن صلتي، فحيث ما ذكر ولد محمّد بن عليّ بن الحسين، فقولوا صلّى اللّه عليهم وملائكته وحملة عرشه والكرام الكاتبون وخصوا أبا عبد اللّه بأطيب ذلك، وجزى موسى بن جعفر عنّي خيراً، فأنا واللّه مولاهم بعد اللّه.

18 - وبهذا الإسناد، عن عبد اللّه بن جعفر بن إبراهيم الجعفري قال : حدَّثنا عبد اللّه بن المفضّل مولى عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب قال : لما خرج الحسين بن عليّ المقتول بفخّ (2) واحتوى على المدينة (3)، دعا موسى بن جعفر إلى البيعة، فأتاه فقال له : يا ابن عم لا تكلفني ما كلّف ابن عمّك (4) عمك أبا عبد اللّه (5) فيخرج منّي ما لا أريد كما خرج من أبي عبد اللّه ما لم يكن يريد فقال له الحسين : إنّما عرضت عليك أمراً فإن أردته دخلت فيه، وإن كرهته لم أحملك عليه واللّه المستعان، ثمَّ ودعه، فقال له أبو الحسن موسى بن جعفر حين ودعه يا ابن عم : إنّک مقتول فأجد الضراب (6) فإنَّ القوم فسّاق يظهرون إيماناً ويسترون شركاً، وإنا للّه وإنا إليه راجعون، أحتسبكم عند اللّه من عصبة، ثمَّ خرج الحسين وكان من أمره ما كان، قتلوا كلهم كما قال (عَلَيهِ السَّلَامُ).

19 - وبهذا الإسناد عن عبد اللّه بن إبراهيم الجعفري قال : كتب يحيى بن عبد بن اللّه الحسن إلى موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «أما بعد فإنّي أوصي نفسي بتقوى اللّه وبها أوصيك فإنّها وصيّة اللّه في الأولين ووصيّته في الآخرين خبرني من ورد علي من أعوان اللّه على دينه ونشر طاعته بما كان من تحتنك مع خذلانك، وقد شاورت في الدعوة للرضا من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقد

ص: 427


1- أي راوي هذا الكلام، وهو الّذي استأمن المهدي فأمنه وحياه.
2- «بفتح الفاء وتشديد الخاء بئر بين التنعيم وبين مكة، وبينه وبين مكّة فرسخ تقريباً. والحسين هو الحسين بن عليّ بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمه زينب بنت عبد اللّه بن الحسن خرج في أيّام موسى الهادي بن محمّد المهدي بن أبي جعفر المنصور وخرج معه جماعة كثيرة من العلويين وكان خروجه بالمدينة في ذي القعدة سنة تسع وستين ومائة بعد موت المهدي بمكّة وخلافة الهادي ابنه» مرآة المجلسيّ ١٥١/٤.
3- أي استولى عليها.
4- أي محمّد بن عبد اللّه الحسني.
5- أي الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسماه عماً على نحو المجاز.
6- أي أحسن القتال والمجاللة.

احتجبتها واحتجبها أبوك من قبلك (1)، وقديماً ادَّعيتم ما ليس لكم، وبسطتم آمالكم إلى ما لم يعطكم اللّه فاستهويتم وأظللتم وأنا محذرك ما حذرك اللّه من نفسه».

فكتب إليه أبو الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) من موسى بن أبي عبد اللّه جعفر. وعلي (2) مشتركين في التذلل اللّه وطاعته، إلى يحيى بن عبد اللّه بن حسن، أما بعد فإني أحذرك اللّه ونفسي (3) وأعلمك أليم عذابه وشديد عقابه وتكامل نقماته، وأوصيك ونفسي بتقوى اللّه فإنّها زينُ الكلام وتثبيت النعم، أتاني كتابك تذكر فيه أنّي مدَّع وأبي من قبل، وما سمعت ذلك مني وستكتب شهادتهم ويُسألون (4)، ولم يَدَعْ حرصُ الدُّنيا ومطالبها لأهلها مطلباً لآخرتهم، حتّى يفسد عليهم مطلب آخرتهم في دنياهم وذكرت أنّي تبطت النّاس عنك لرغبتي فيما في يديك، وما منعني من مدخلك الّذي أنت فيه لو كنت راغباً ضعف عن سنة ولا قلة بصيرة بحجّة، ولكنَّ اللّه تبارك وتعالى خلق النّاس أمشاج (5) وغرائب (6) وغرائز، فأخبرني عن حرفين أسألك عنهما ما العترف (7) في بدنك وما الصهلج (8) في الإنسان، ثمَّ اكتب إليَّ بخبر ذلك، وأنا متقدّم إليك أحذرك معصية الخليفة وأحثك على برّه وطاعته وأن تطلب لنفسك أماناً قبل أن تأخذك الأظفار ويلزمك الخناق من كلّ مكان، فتروّح إلى النفس من كلّ مكان ولا تجده، حتّى يمنَّ اللّه عليك بمنّه وفضله ورقة الخليفة أبقاه اللّه فيؤمنك ويرحمك ويحفظ فيك أرحام رسول اللّه، والسّلام على من اتبع الهدى؛ إنا قد أوحي إلينا أنّ العذاب على من كذب وتولّى(9).

قال الجعفري (10) : فبلغني أنّ كتاب موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقع في يدي هارون فلما قرأه قال : النّاس يحملوني على موسى بن جعفر وهو بريء ممّا يُرمى به.

تم الجزء الثاني من كتاب الكافي، ويتلوه بمشيئة اللّه وعونه الجزء الثالث وهو باب كراهية التوقيت. والحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسّلام على محمّد وآله أجمعين.

ص: 428


1- أي زويتها ومنعتها عنّي كما زواها واحتجبها أبوك الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) عندما دعاه إليها محمّد بن عبد اللّه قبلي.
2- الظاهر أنّه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي واحذر نفسي من سخط اللّه.
4- أي عن شهادتهم الزور.
5- أي إخلاطاً.
6- أي عجائب.
7- وهذان العضوان بهذين الاسمين غير معروفين عند الأطباء مرآة المجلسيّ ١٦١/٤ ونحن نرد علمهما إليهم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- وهذان العضوان بهذين الاسمين غير معروفين عند الأطباء مرآة المجلسيّ ١٦١/٤ ونحن نرد علمهما إليهم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
9- إنّما كتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذا المنطق، لأنه كان يعلم بأن الكتاب سوف يقع في يد هارون الرشيد، فيكون ذلك سبباً في حفظ ما يمكن حفظه من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وشيعتهم. كما يدل عليه باقي الحديث.
10- أى راوي هذا الحديث وهو عبد اللّه بن جعفر بن إبراهيم.

138 - باب كراهية التوقيت

138 - باب كراهية التوقيت (1)

1 - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : يا ثابت (2) : إنَّ اللّه تبارك وتعالى قد كان وقت هذا الأمر في السبعين (3)، فلما أن قتل الحسين صلوات اللّه عليه، اشتدَّ غضب اللّه تعالى على أهل الأرض، فأخره إلى أربعين ومائة (4) فحدَّثناكم (5) فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر (6) ولم يجعل اللّه له بعد ذلك وقتاً عندنا ويمحو اللّه ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.

قال أبو حمزة : فحدثت بذلك أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : قد كان كذلك.

2 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ دخل عليه مهزم (7)، فقال له : جعلت فداك: أخبرني عن هذا الأمر (8) الّذي ننتظر متى هو ؟ فقال : يا مهزم كذب الوقاتون(9) وهلك المستعجلون ونجا المسلمون.

٣ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، - عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : كذب الوقاتون، إنا أهل بيت لا نوقت (10).

ص: 429


1- «أي لظهور القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكأن المراد بالكراهية الحرمة أن كان من غير علم» مرآة المجلسيّ ١٧٠/٤.
2- هو ثابت بن دینار، وكنيته أبو حمزة.
3- «أي ظهور الحقّ وغلبته على الباطل بيد إمام من الأئمّة لا ظهور الإمام الثاني عشر في السبعين من الهجرة النبوية أو الغيبة المهدوية والأوّل أظهر» مرآة المجلسيّ ١٧٠/٤ - ١٧١.
4- «ويؤيد كون ابتداء المدة من الهجرة طلب أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) حقه بحوالي السبعين، وظهور أمر أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما بعد أربعين ومائة بقليل» نقل ذلك المجلسيّ في مرآته ١٧١/٤.
5- «أي بالأوقات البدائية أو بغيرها من الأمور الآتية كظهور بني العبّاس وامتداد دولتهم وأشباه ذلك فصار سبباً لطمعهم» ن. م ص / ١٧٢.
6- كناية عن إذاعتهم ما حدثوا به حول تلك الأمور.
7- هو مهزم بن أبي بردة الأسدي، أبو إبراهيم.
8- أي أمر قيام قائم آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
9- أي الّذين يعينون وقتاً لخروجه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على سبيل الجزم واليقين.
10- أي لا نحدد وقتاً محتوماً لخروجه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٤ - أحمد بإسناده قال : قال أبى اللّه إلّا أن يخالف وقت الموقتين.

٥ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الخزاز، عن عبد الكريم بن عمر الخثعمي عن الفضل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت: لهذا الأمر وقت؟ فقال كذب الوفاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، إنَّ موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما خرج وافداً إلى ربه (1)، واعدهم ثلاثين يوماً، فلما زاده اللّه على الثلاثين عشراً، قال قومه : قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا، فإذا حدَّثناكم الحديث فجاء على ما حدَّثناكم [به] فقولوا : صَدَق اللّه، وإذا حدَّثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدَّثناكم به فقولوا : صدق اللّه تؤجروا مرّتين(2).

٦ - محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن السياري(3)، عن الحسن بن عليّ بن يقطين عن أخيه الحسين، عن أبيه عليّ بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الشيعة تُرَبّى بالأماني (4) منذ مائتي سنة، قال : وقال يقطين لابنه عليّ بن يقطين : ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن؟ قال: فقال له عليّ : إنَّ الّذي قيل لنا ولكم كان من مخرج واحد، غير أنَّ أمركم حضر، فأعطيتُم مَحْضَه (5)، فكان كما قيل لكم، وإن أمرنا لم يحضر، فعللنا بالأماني، فلو قيل لنا: إن هذا الأمر لا يكون إلّا إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب ولرجع عامة النّاس عن الإسلام، ولكن قالوا : ما أسرعه وما أقربه به تألّفاً لقلوب النّاس وتقريباً للفرج.

7 - الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن الحسن بن عليّ، عن إبراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ذكرنا عنده ملوك آل فلان فقال : إنّما هلك النّاس من استعجالهم لهذا الأمر، إنَّ اللّه لا يعجل لعجلة العباد، إنّ لهذا الأمر (6) غايةً ينتهي إليها، فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة ولم يستأخروا.

ص: 430


1- أي إلى ميقات ربه.
2- «مرة للتصديق الأوّل ومرة للتصديق الثاني وكلاهما حق» المازندراني ٣١٦/٦.
3- اسمه أحمد بن محمّد بن السيار/ أبو عبد اللّه.
4- «من التربية. أي تصلح أحوالهم وتثبت قلوبهم على الحقّ بالأماني بأن يقال لهم الفرج ما أقربه...» مرآة المجلسيّ ١٧٦/٤.
5- «أي خالصه بتعيين الوقت والمدة من غير إبهام وإجمال» ن. م / 178.
6- أي قيام قائم آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

139 - باب التمحيص والامتحان

139 - باب التمحيص والامتحان (1)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج وعليّ بن رئاب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمّا بويع بعد مقتل عثمان، صعد المنبر وخطب بخطبة ذكرها يقول فيها : ألا إنَّ بليّتكم (2) قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، والّذي بعثه بالحقّ لتبلبلن بلبلة (3) ولتغربلن غربلة، حتّى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقنَّ سباقون كانوا قصّروا، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا، واللّه ما كتمت وسمة (4) ولا كذبت كذبة ولقد نبثّت بهذا المقام وهذا اليوم.

2 - محمّد بن يحيى والحسن بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري عن الحسين بن عليّ، عن أبي المغرا، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ويل لطغاة العرب من أمر قد اقترب قلت جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: نفر يسير، قلت : واللّه إن من يصف هذا الأمر (5) منهم لكثير، لكثير، قال : لا بد للناس من أن يمحصوا ويميّزوا ويغربلوا ويستخرج في الغربال خلق كثير.

٣ - محمّد بن يحيى، والحسن بن محمّد عن جعفر بن محمّد، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن جعفر بن محمّد الصيقل عن أبيه، عن منصور قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يا منصور إنَّ هذا الأمر لا يأتيكم إلّا بعد أياس (6)، ولا واللّه حتّى تميزوا، ولا واللّه حتّى تمحصوا، ولا واللّه حتّى يشقى (7) من يشقى ويسعد من يسعد.

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن معمر بن خلاد قال : سمعت أبا

ص: 431


1- «التمحيص: ابتلاء الإنسان واختباره لتمييز جيده من رديه والامتحان الاختبار بالمحنة، وهي ما يمتحن به الإنسان من بليّة ومشقة وتكليف صعب» مرآة المجلسيّ ٤ / 180 - «والابتلاء لطف من اللّه تعالى... وليس المراد منه في حقه تعالى الحقيقة وهو طلب العلم بما يؤول إليه أحوال العباد لأنه علام الغيوب...» المازندراني ٣١٨/٦.
2- أي ابتلاءكم.
3- أي لتصيبنكم الهموم والأحزان وتفرق الآراء وهو كناية عن اضطراب أحوالهم من جراء الفتن التي تذر بينهم قرونها.
4- الوسمة العلّامة وفي المازندراني (وشمة) وهي الكلمة.
5- أي أمر الإمامة ويدعي التصديق به.
6- أي قنوط.
7- أي بارتداده عن الإسلام.

الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : (ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) (1) ثمَّ قال لي : ما الفتنة؟ قلت: جعلت فداك الّذي عندنا الفتنة في الدّين (2)، فقال : يُفْتَنون (3) كما يفتن الذهب، ثمَّ قال : يخلصون كما يخلص الذهب

٥ - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن سليمان بن صالح رفعه عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : إن حديثكم هذا (4) لتشمئز منه قلوب الرجال، فمن أقر به فزيدوه، ومن أنكره فذروه، إنّه لا بد من أن يكون فتنة يسقط فيها كلّ بطانة ووليجة (5) حتّى يسقط فيها من يشقُ الشعر بشعرتين (6)، حتّى لا يبقى إلّا نحن وشيعتنا.

٦ - محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن منصور الصيقل عن أبيه قال: كنت أنا والحارث بن المغيرة وجماعة من أصحابنا جلوساً وأبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسمع كلامنا، فقال لنا في أي شيء أنتم ؟ هيهات هيهات!! لا واللّه لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتّى تُغَر بلوا، لا واللّه لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتّى تُمَحْصوا، لا واللّه لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتّى تُمَيَّزوا، لا واللّه ما يكون ما تمدُّون إليه أعينكم إلّا بعد أياس، لا واللّه لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتّى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد.

١٤٠ - باب أنه من عرف إمامه لم يَضُرّه تقدَّمَ هذا الأمر أو تأخَّرَ

١٤٠ - باب أنّه من عرف إمامه لم يَضُرّه تقدَّمَ هذا الأمر (7) أو تأخَّرَ

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اعرف إمامك، فإنك إذا عرفت (8) لم يضرك، تقدّم هذا الأمر أو تأخّر.

ص: 432


1- العنكبوت / ١ – ٢.
2- أي البدعة التي توجب الخروج عن حظيرة الإسلام.
3- أي يختبرون ويُمتحنون.
4- أي حديث الغيبة وشؤونها والبداء في الخروج منها. وتشمئز تنفر وتنقبض.
5- قال في النهاية : «وليجة الرَّجل بطانته ودخلاؤه وخاصته».
6- كناية عن الدقة في النظر وعمق التأمل والفكر.
7- أي قيام القائم (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
8- هذا يشير إلى أن ماله دخل في صحة الأعمال وقبولها عند اللّه سبحانه هو معرفة حجة اللّه على الخلق باسمه وليس لمعرفة وقت قيام القائم دخل في ذلك ولذلك لا ضرر من عدم معرفته.

٢ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن صفوان بن يحيى عن محمّد بن مروان عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تبارك وتعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) (1) فقال : يا فضيل اعرف إمامك، فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك، تقدّم هذا الأمر أو تأخّر، ومن عرف إمامه ثمَّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر، كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه، قال : وقال بعض أصحابه بمنزلة من استشهد مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

3 - عليّ بن محمّد رفعه، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه _ه :(عَلَيهِ السَّلَامُ): جعلت فداك متى الفرج ؟ فقال : يا أبا بصير وأنت ممّن يريد الدنيا؟ من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه لانتظاره.

٤ - عليّ بن إبراهيم عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن إسماعيل بن محمّد الخزاعي قال : سأل أبو بصير أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنا أسمع، فقال : تراني أدرك القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ فقال : يا أبا بصير ألست تعرف إمامك ؟ فقال : إي واللّه وأنت هو - وتناول يده، فقال : واللّه ما تبالي يا أبا بصير ألا تكون محتبياً (2) بسيفك في ظلّ رواق (3) القائم صلوات اللّه عليه

٥ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن محمّد بن مروان، عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من مات وليس له إمام (4) فميتته ميتة جاهلية (5)، ومن مات وهو عارف لإمامه لم يضره، تقدّم هذا الأمر أو تأخر ومن مات وهو عارف الإمامه، كان كمن هو مع القائم في فسطاطه.

٦ - الحسين بن عليّ العلوي، عن سهل بن جمهور، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن الحسن بن الحسين العربي، عن عليّ بن هاشم عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) :قال ما ضرَّ من مات منتظراً لأمرنا ألا يموت في وسط فسطاط المهدي وعسكره.

7 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب،

ص: 433


1- الإسراء / 71 والمراد بالإمام النبيّ على قول. والكتاب على آخر ومن كانوا يأتمون به من الأئمّة والعلماء على ثالث وقد يراد به مجموع هذه الأمور لأنها متلازمة، وقد يؤيد بالنقل أيضاً.
2- أي متقلداً له.
3- أي فسطاطه.
4- أي لم يعرف إمام زمانه الّذي هو حجة اللّه في أرضه.
5- «أي يموت كما يموت أهل الجاهلية في الكفر والضلال» المازندراني ٣٢٤/٦.

عن عمر بن أبان قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : اعرف العلّامة (1)، فإذا عرفته لم يضرك، تقدّم هذا الأمر أو تأخّر، إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) فمن عرف إمامه كان كمن كان في فسطاط المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

١٤١ - باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل ومَن جَحَد الأئمّة أو بعضهم ومَن أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبي سلام (2)، عن سَوْرَة بن كليب، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : قول اللّه عزّ وجلّ : (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) (3) ؟ قال : من قال : إني إمام وليس بإمام. قال : قلت : وإن كان علويّاً؟ قال: وإن كان علويّاً، قلت وإن كان من ولد عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ قال : وإن كان.

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن أبان عن الفضيل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من ادعى الإمامة وليس من أهلها فهو كافر (4).

٣ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن محمّد بن جمهور، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن الحسين بن المختار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): جُعِلتُ فداك ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على اللّه ؟ قال : كلّ من زعم أنّه إمام وليس بإمام، قلت : وإن كان فاطميّاً علويّاً (5)؟ قال وإن كان فاطمياً علويّاً.

٤ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن داود الحمار (6)، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : ثلاثة لا يكلمهم اللّه القيامة ولا يوم يزكيهم (7) ولهم عذاب أليم : من ادعى إمامة من اللّه ليست له ومن جحد إماماً من اللّه، ومن

ص: 434


1- أي الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لأنه علامة على طريق الحقّ يهتدي بها السالكون فيه.
2- الظاهر أنّه النحاس بقرينة رواية ابن سنان عنه وروايته عن سورة ابن كليب.
3- الزمر / ٦٠ «والآية عامة، ولعل ما في الخبر بيان لبعض أفرادها بل عمدتها» مرآة المجلسيّ ١٩١/٤.
4- «لإنكاره الإمام والنص عليه مع افترائه على اللّه في كونه إماماً وصدّه عن إمام الحق...» ن. م / 192.
5- «وذكر العلوي بعد الفاطمي للتأكيد ولبيان أنّه لا ينفعه شيء من الشرفين المجتمعين فيه» ن. م.
6- هو داود بن سليمان / أبو سليمان.
7- «أي لا يكلمهم كلام رضى بل كلام سخط مثل اخسئوا ولا تكلمون أو هو كناية عن الإعراض وسلب الرحمة.. ومعنى لا يزكيهم لا يطهرهم من الذنوب لعظمتها أو لا يثني عليهم...» المازندراني ٣٢٦/٦.

زعم أن لهما (1) في الإسلام نصيباً.

٥ _ محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن يحيى أخي أديم، عن الوليد بن صبيح قال : سمعت أبا عبد اللّه يقول : إنّ هذا الأمر لا يدعيه غير صاحبه إلّا بتر (2) اللّه عمره.

٦ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أشرك مع إمام إمامته من عند اللّه من ليست إمامته من اللّه كان مشركا باللّه (3).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : رجل قال لي : اعرف الآخر من الأئمّة ولا يضرك أن لا تعرف الأوّل (4)، قال : فقال : لعن اللّه هذا، فإنّي أبغضه ولا أعرفه، وهل عُرِف الآخر إلّا بالأوّل.

8 - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور عن صفوان، عن ابن مسكان قال : سألت الشيخ (5)، عن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: من أنكر واحداً من الأحياء فقد أنكر الأموات.(6).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن سعيد، عن أبي وهب(7)، عن محمّد بن منصور قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (8) قال فقال : هل رأيت أحداً زعم أنّ اللّه أمر بالزنا وشرب الخمر أو شيء من هذه المحارم؟ فقلت : لا،

ص: 435


1- الضمير يرجع إلى من ادعى إمامة من اللّه الخ ومن جحد الخ.
2- أي قطع.
3- «لأن من أشرك مع إمام الحقّ غيره فقد شارك اللّه في نصب الإمام فإنه لا يكون إلّا من اللّه وإن تبع في ذلك غيره فقد جعل شريكا اللّه...» مرآة المجلسيّ ١٩٥/٤.
4- أي علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- «التعبير بالشيخ للتقية أي المعظم المقتدى والظاهر أن المراد به الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأن رواية ابن مسكان عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) نادرة...» مرآة المجلسيّ ١٩٦/٤.
6- لأن الإيمان بالأئمّة مأخوذ بنحو المجموع بما هو مجموع فالإيمان ببعض لا يجزي لأن عدم الإيمان ببعض عدم للكل.
7- واسمه واللّه العالم : الحرث بن عُصَيْن الكوفيّ. ويحتمل القصري أو القسري.
8- الأعراف/ 28.

فقال : ما هذه الفاحشة التي يدّعون أنّ اللّه أمرهم بها قلت اللّه أعلم ووليه، قال : فإنّ هذا في أئمة الجور، ادعوا أنّ اللّه أمرهم بالائتمام بقوم لم يأمرهم اللّه بالائتمام بهم، فردّ اللّه ذلك عليهم فأخبر أنّهم قد قالوا عليه الكذب وسمّى ذلك منهم فاحشة.

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن أبي وهب عن محمّد بن منصور قال : سألت عبداً صالحاً عن قول اللّه عزّ وجلّ: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) (1) قال : فقال : إنَّ القرآن له ظهر وبطن فجميع ما حرَّم اللّه في القرآن هو ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل اللّه تعالى في الكتاب هو الظاهر، الظاهر والباطن من والباطن من ذلك أئمة الحقّ (2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن ثابت عن جابر قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) (3) قال : هم واللّه أولياء فلان وفلان، اتخذوهم أئمة اللّه. دون الإمام الّذي جعله اللّه للناس إماماً، فلذلك قال (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (4) ثمَّ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هم واللّه يا جابر أئمّة الظلمة (5) وأشياعهم.

12 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن أبي داود المسترق(6)، عن عليّ بن ميمون، عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : من ادعى إمامة من اللّه ليست له، ومن جحد إماماً من اللّه، ومن زعم أن لهما في الإسلام نصيباً (7).

ص: 436


1- الأعراف 33 والفواحش القبائح والمعاصي ما استتر به وما أعلن.
2- «لعل المراد بالحديث أن كلّ ما ورد في القرآن من ذكر الفواحش والخبائث والمحرمات والمنهيات والعقوبات المترتبة عليها فتأويله وباطنه أئمة الجور ومن اتبعهم... وكل ما ورد فيه من ذكر الصالحات والطيبات والمحللات والأوامر والمثوبات المترتبة عليها فتأويله وباطنه أئمة الحقّ ومن اتبعهم...» الوافي للفيض ج ٤٤/٢.
3- البقرة/ ١٦٥. والأنداد جمع بد وهو المِثْل.
4- البقرة/ ١٦٥ - ١٦٧.
5- في نسخة النعماني (الظلم).
6- هو سليمان بن سفيان.
7- مر هذا الحديث بنصه ولكن بسند آخر تحت رقم / ٤ فراجع.

١٤٢ - باب فيمَن دانَ اللّه عزّ وجلّ بغير إمام من اللّه جل جلاله

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد [عن] ابن أبي نصر، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ) (1) قال : يعني من اتخذ دينه رأيه، بغير إمام (2) من أئمة الهدى.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كلّ من دان اللّه بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من اللّه فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحيَّر واللّه شانى (3) لأعماله. ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها، فهجمت ذاهبة وجائية يومها، فلمّا جنّها الليل بصرت بقطيع مع غير راعيها، فحنّت إليها واغترت بها، فباتت معها في ربضتها (4)، فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها، فحنّت إليها واغترت بها، فصاح بها الراعي : الحقي براعيك وقطيعك، فإنّك تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك فهجمت ذَعِرةً متحيّرةً نادَّة (5) لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردُّها، فبينا هي كذلك إذ اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها، وكذلك واللّه يا محمّد من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من اللّه جلَّ وعزَّ ظاهراً عادلاً (6) أصبح ضالاً تائهاً وإن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق ؛ واعلم يا محمّد أنَّ أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين اللّه، قد ضلّوا وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرمادٍ اشتدَّت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون ممّا كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني أخالط النّاس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلاناً وفلاناً، لهم أمانة وصدق ووفاء، وأقوام يتولونكم، ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء والصدق؟ قال: فاستوى أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالساً فأقبل عليَّ

ص: 437


1- القصص / ٥٠.
2- «تفسير لقوله : بغير هدى لبيان أن الهداية من اللّه لا تكون إلّا من جهة الإمام» مرآة المجلسيّ ٢١٤/٤.
3- أي مبغض وقد مر هذا الحديث بمتنه وسنده في باب معرفة الإمام وعلقنا عليه.
4- ورد هناك : مريضها. وهو مأوى الغنم.
5- أي شاردة وفي النص السابق : متحيرة تائهة.
6- فيما سبق من نص : ظاهر عادل.

كالغضبان، ثمَّ قال : لا دين لمن دان اللّه بولاية إمام جائر ليس من اللّه، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من اللّه، قلت : لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء؟! قال : نعم لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء، ثمَّ قال : ألا تسمع لقول اللّه عزّ وجلّ : (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) (1) يعني [من] ظلمات الذُّنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كلّ إمام عادل من اللّه. وقال: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ) (2) إنّما عنى بهذا أنّهم كانوا على نور الإسلام، فلما أن تولّوا كلّ إمام جائر ليس من اللّه عزّ وجلّ خرجوا بولايتهم [إيَّاه] من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب اللّه لهم النار مع الكفّار، ف_ (أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (3).

٤ - وعنه، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال اللّه تبارك وتعالى : لأعذبنَّ كلّ رعيّة (4) في الإسلام دانت (5) بولاية كلّ إمام جائر ليس من اللّه، وإن كانت الرّعيّة في أعمالها برَّة (6) تقيّة ؛ ولأعفون عن كلّ رعيّة في الإسلام دانت بولاية كلّ إمام عادل من اللّه وإن كانت الرّعيّة في أنفسها ظالمة مسيئة.

٥ _ عليّ بن محمّد، عن ابن جمهور (7)، عن أبيه، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : إِنَّ اللّه لا يستحيي (8) أن يعذب أمة دانت بإمام ليس من اللّه وإن كانت في أعمالها برة تقيّة، وإنَّ اللّه ليستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام من اللّه وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة.

١٤٣ - باب من مات وليس له إمام من أئمة الهدى وهو من الباب الأوّل

١٤٣ - باب من مات وليس له إمام من أئمة الهدى وهو من الباب الأوّل (9)

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن

ص: 438


1- البقرة/ ٢٥٧.
2- البقرة/ ٢٥٧.
3- البقرة/ ٢٥٧.
4- أي قوم وجماعة.
5- أي اعتقدت بولايته واتخذت منها ديناً تدين اللّه به.
6- أي محسنة.
7- هو محمّد بن الحسن بن جمهور.
8- «الحياء : انقباض النفس على القبيح مخافة الذم، وإذا نسب إلى اللّه تعالى يراد به الترك اللازم للانقباض كما يراد بالرحمة والغضب إيصال المعروف والمكروه اللازمين لمعناهما الحقيقيين الممتنعين في حقه سبحانه» مرآة المجلسيّ 21٨/٤ - 219.
9- «الفرق بين البابين أن في الأوّل إنّما حكم في الأخبار الواردة فيه بطلان عبادة من لم يعرف الإمام وعدم استئهاله للمغفرة والرحمة، وهنا حكم بأنه يموت على الجاهلية والكفر ولما كان مالهما واحداً جعله من الباب الأول» ن. م.

أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة (1)، عن الفضيل بن يسار قال : ابْتَدَ أنا أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوماً وقال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من مات وليس عليه إمام فميتته ميتة جاهليّة، فقلت: قال ذلك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ فقال : إي واللّه قد قال قلت : فكل من مات وليس (2) له إمام فميتته ميتة جاهلية؟ ! قال : نعم.

٢ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن الوشّاء قال : حدَّثني عبد الكريم بن عمرو، عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهليّة، قال (3) : قلت : ميتة كفر ؟ قال : ميتة ضلال، قلت : فمن مات اليوم وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية؟ فقال : نعم.

٣ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان عن الفضيل، عن الحارث بن المغيرة قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهليّة؟ قال نعم قلت : جاهليّة جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه (4)؟ قال جاهليّة كفر ونفاق وضلال (5).

٤ - بعض أصحابنا، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن مالك بن عامر، عن المفضّل بن زائدة عن المفضّل بن عمر قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من دان اللّه بغير سماع عن صادق ألزمه اللّه - البتة (6) - إلى العناء، ومن ادعى سماعاً من غير الباب الّذي فتحه اللّه فهو مشركٌ وذلك الباب المأمون على سرّ اللّه المكنون.

ص: 439


1- واسمه عمر.
2- أي أن حجة اللّه على خلقه وهو النبيّ أو الإمام قائمة ولكنه لا يعتقد بها ولا يصدق.
3- أي ابن أبي يعفور.
4- أي الإمام الّذي هو حجة عليه من اللّه في زمانه.
5- الجاهلية هي ما كان عليه النّاس قبل البعثة المباركة من كفر لجهلهم باللّه وعدم اعتقادهم بالنبوات والمعاد، وجهلاء تأكيد لهذا المعنى كما يقال ليلة ليلاء. ولما كان هنالك فرد آخر للجاهلية هو عدم معرفة إمام الزمان سأل السائل عن المراد بالميتة الجاهلية وهل هي بالمعنى الأوّل أو الثاني فأجاب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأن المراد هو الفرد الثاني، ولكن هو بالنتيجة يؤدي إلى الكفر بمعنى ترتب أثره عليه في الآخرة وهو الخلود في النار وفى الدنيا وهو الضلال والنفاق.
6- أي ألزمه اللّه المشقة الأخروية وهي كتابته في الأشقياء على نحو الجزم والحتم أو أن من تعبد وعمل من دون استناد إلى قول إمام فلا يجني إلّا التعب والعناء من جراء عمله وليس له في الآخرة نصيب.

١٤٤ - باب فيمَن عَرَف الحقّ من أهل البيت ومَنْ أنكر

١ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن سلیمان بن جعفر قال : سمعت الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ عليّ بن عبد الله(1) بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وامرأته وبنيه من أهل الجنة، ثمَّ قال : من عرف هذا الأمر من ولد علي وفاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) لم يكن كالنّاس (2).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد قال : حدَّثني الوشّاء قال : حدَّثنا أحمد بن عمر الحلال قال: قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرني عمّن عاندك ولم يعرف حقك من ولد فاطمة؟ هو وسائر النّاس سواء في العقاب؟ فقال : كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : عليهم ضعفا العقاب (3).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن راشد قال : حدَّثنا عليّ بن إسماعيل الميثمي قال : حدَّثنا ربعي بن عبد اللّه قال : قال لي عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) المنكر لهذا الأمر من بني هاشم وغيرهم سواء؟ فقال لي : لا تقل : المنكر، ولكن قل : الجاحد (4) من بني هاشم وغيرهم، قال أبو الحسن : فتفكرت [فيه] فذكرت قول اللّه عزّ وجلّ في إخوة يوسف : (فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) (5).

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر قال: سألت الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قلت له : الجاحد منكم (6) ومن غيركم سواء ؟ فقال : الجاحد منا له ذنبان والمحسن له حسنتان

ص: 440


1- استظهر كلّ من المازندراني ٣٣٥/٦ والمجلسيّ ٢٢٢/٤ أنّه ابن عبيد اللّه.
2- أي من حيث الثواب بل زاد ثوابه عليهم.
3- أي مثلا عقاب غيرهم من الناس، وقيل : ثلاثة أمثاله. وإنما استحقوا ذلك، على قاعدة : حسنات الأبرار سيئات المقربين، فالمتوقع من ولد فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) أن يكونوا أحرص على الانصياع لإمام الحقّ والانقياد له من غيرهم من عامة الناس.
4- «ولعل الفرق أن الجحود وهو الإنكار مع العلم والإنكار أعم منه منه...» المازندراني ٣٣٦/٦. والمعنى : عدم وجود منكر للإمامة، بل كلّ من هو موجود فهو جاحد لها إذ ليس في المسلمين من لم يطلع على حق أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) في الإمامة إما عقلاً، وإما نقلاً وإما بكليهما.
5- يوسف / ٥٨.
6- أي ممّن ينتسب إليكم أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

١٤٥ - باب ما يجب على النّاس عند مُضِيّ الإمام

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا حدث على الإمام حدثٌ (1)، كيف يصنع الناس؟ قال: أين قول اللّه عزّ وجلّ : (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (2) قال : هُم في عذر (3) ما داموا في الطلب وهؤلاء الّذين ينتظرونهم في عذر، حتّى يرجع إليهم أصحابهم.

2 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن قال: حدَّثنا حماد، عن عبد الأعلى قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول العامّة : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهليّة، فقال: الحقّ واللّه قلت : فإن إماماً هلك ورجلٌ بخراسان لا يعلم من وصيّه لم يسعه ذلك ؟ قال : لا يسعه إن الإمام إذا هلك وقعت حجّة وصيه على من هو معه في البلد وحقُّ النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم (4)، إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) قلت : فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم؟ قال : إن اللّه جل وعزَّ يقول : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) (5). قلت : فبلغ البلد بعضهم فوجدك مغلقاً عليك بابك، ومُرخى عليك سترك (6)، لا تدعوهم إلى نفسك ولا يكون من يدلّهم عليك فيما يعرفون ذلك؟ قال : بكتاب اللّه المنزل، قلت : فيقول اللّه جل وعزَّ كيف؟ قال : أراك قد تكلمت في هذا قبل اليوم قلت: أجل، قال : فذكر ما أنزل اللّه في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وما قال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في حسن وحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وما خص اللّه به عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وما قال فيه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من وصيّته إليه ونصبه إياه وما يصيبهم، وإقرار الحسن والحسين بذلك ووصيّته إلى السحن وتسليم الحسين له بقول اللّه : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ

ص: 441


1- وهو الموت.
2- التوبة/ 122. دلت الآية على أن النفر لتحصيل العلم بالإمام الّذي بعده واجب على الكفاية.
3- أي معدورون في فترة الطلب وقبل حصول العلم. وكذلك من وراءهم ينتظرون عودتهم لرفع جهلهم بإمامهم، فإذا رجعوا وأخبروهم به ارتفع العذر وتمت الحجّة.
4- أي إذا بلغهم موت إمامهم وجب عليهم النفر على نحو الكفاية لتحصيل العلم الّذي هو مقدمة للعمل.
5- النساء/ ١٠٠.
6- كناية عن عدم إظهار إمامته (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمكان التقية.

وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) (1). قلت فإنَّ النّاس تكلّموا. في أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويقولون : كيف تخطت (2) من ولد أبيه من له مثل قرابته ومن هو أسن منه وقصرت عمّن هو أصغر منه، فقال : يُعرف صاحب هذا الأمر بثلاث خصال لا تكون في غيره : هو أولى النّاس بالّذي قبله، وهو وصيه، وعنده سلاح رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ووصيته وذلك عندي، لا أنازع فيه قلت : إن ذلك مستور (3) مخافة السلطان؟ قال : لا يكون في ستر إلّا وله حجّة ظاهرة، إنَّ أبي استودعني ما هناك، فلما حضرته الوفاة قال : أدْعُ لي شهوداً فدعوت أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد اللّه بن عمر قال : اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه : (يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (4). وأوصى محمّد بن عليّ إلى ابنه جعفر بن محمّد وأمره أن يكفنّه في بُرده الّذي كان يصلّي فيه الجُمَع وأن يعممه بعمامته، وأن يربع قبره ويرفعه أربع أصابع، ثمَّ يخلّي عنه (5)، فقال : اطووه (6)، ثمَّ قال للشهود : انصرفوا رحمكم اللّه، فقلت بعدما انصرفوا ما كان في هذا يا أبت أن تشهد عليه ؟ فقال : إنّي كرهت أن تغلب وأن يقال : إنّه لم يوص فأردت أن تكون لك حجّة فهو الّذي إذا قدم الرَّجل البلد قال : مَن وصيٌّ فلان، قيل فلان، قلت: فإن أشرك في الوصيّة؟ قال: تسألونه فإنّه سيبين لكم(7).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أصلحك اللّه بلغنا شكواك (8) وأشفقنا، فلو أعلمتنا أو علّمتنا من (9)؟ قال : إنّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان عالماً والعلم يتوارث، فلا يهلك عالم إلّا بقي من بعده من يعلم مثل علمه أو ما شاء اللّه، قلت : أفيسع النّاس إذا مات العالم ألا يعرفوا الّذي بعده؟ فقال: أما أهل هذه البلدة

ص: 442


1- الأحزاب / ٦.
2- أي الإمامة.
3- أي مخفي للتقية.
4- البقرة/ ١٣٢.
5- أي لا يفعل بالقبر أكثر ممّا أمره به من بناء ونحوه.
6- أي الكتاب أو الوصية.
7- «أي فإن أشرك الإمام وغيره في الوصية الظاهرة فكيف يُستدل بها على الإمام وتميزه عن غيره فأجاب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأنكم تسألونه أي الوصي الصادق على كلّ واحد منهما عن الحلال والحرام الخ... فإنه سيبين لكم الإمام عن غيره إذ بالسؤال والعلم يعلم المحق والمبطل...» المازندراني ٣٤٢/٦.
8- أي مرضك وأشفقنا أي خفنا عليك الموت.
9- أي من يكون الإمام بعدك.

فلا _ يعني المدينة، المدينة -، وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم(1)، إنَّ اللّه يقول، إِنَّ اللّه يقول : (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدّين ولينذر وا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون). قال : قلت : أرأيت من مات في ذلك(2) فقال : هو بمنزلة من خرج من بيته مهاجراً إلى اللّه ورسوله ثمَّ يدركه الموت فقد وقع أجره على اللّه، قال : قلت : فإذا قدموا بأي شيء يعرفون صاحبهم ؟ قال : يعطى السكينة والوقار (3) والهيبة (4).

١٤٦ _ باب في أن الإمام متى يعلم أن الأمر قد صار إليه

١ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن أبي جرير (5) القميّ قال : قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك ثمَّ إليك، ثمَّ حلفت له : وحقّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وحقّ فلان وفلان حتّى انتهيت إليه بأنه لا يخرج مني ما تخبرني به إلى أحد من الناس؛ وسألته عن أبيه أحي هو أو ميت؟ فقال قد واللّه مات، فقلت : جعلت فداك إنّ شيعتك يروون : أنّ فيه سنة أربعة أنبياء قال : قد واللّه الّذي لا إله إلّا هو هلك، قلت: هلاك غيبة أو هلاك موت؟ قال: هلاك موت، فقلت : لعلك مني في تقية؟ فقال سبحان اللّه، قلت : فأوصى إليك؟ قال : نعم قلت فأشرك معك فيها (6) أحداً؟ قال : لا، قلت: فعليك من إخوتك إمام؟ قال : لا قلت فأنت الإمام؟ قال : نعم.

2 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن أسباط قال: قلت للرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ رجلاً عنى (7) أخاك إبراهيم، فذكر له أنّ أباك في الحياة، وأنك تعلم من ذلك ما يعلم فقال سبحان اللّه يموت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولا يموت موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) (8) قد واللّه مضى كما

ص: 443


1- أي بمقدار مسافة الطريق بين المكان الّذي هم فيه وبين المدينة، فإنهم بهذا المقدار معذورون وهذا يدل على وجوب الفور في النفر لتحصيل العلم بالإمام.
2- أي في أثناء الطلب وقبل حصول العلم.
3- «السكينة والوقار متقاربان معنى وهو الحلم والرزانة وعدم الطيش. وقد يفسّر أحدهما باطمينان القلب والآخر باطمينان الجوارح... الخ» مرآة المجلسيّ ٢٣٤/٤.
4- أي «المهابة التي يلقيها اللّه منه في قلوب عباده بدون الأسباب التي تكون لسلاطين الجور من الأتباع والعساكر والجور والظلم. وقيل : خوف اللّه وهو التقوى» ن. م ص / ٢٣٥.
5- واسمه محمّد بن عبيد اللّه أو عبد اللّه.
6- أي في الوصية بالإمامة.
7- أي قصد.
8- أي الإمام موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

مضى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ولكن اللّه تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هلم جراً يمن بهذا الدّين (1) على أولاد الأعاجم ويصرفه عن قرابة نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هلم جراً فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء، لقد قضيت عنه (2) في هلال ذي الحجّة ألف دينار بعد أن أشفى (3) على طلاق نسائه وعتق ممالیکه (4). ولكن قد سمعت ما لقي يوسف من إخوته.

3 _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء قال : قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)(5) : إنهم رووا عنك في موت أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6) أنَّ رجلاً قال لك : علمت ذلك بقول سعيد (7)، فقال : جاء سعيد بعدما علمت به (8) قبل مجيئه (9)، قال : وسمعته يقول طلقت أم فروة بنت إسحاق (10) في رجب بعد موت أبي الحسن بيوم، قلت : طلقتها وقد علمت بموت أبي الحسن؟ قال : نعم قلت قبل أن يقدم عليك سعيد؟ قال: نعم

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن صفوان قال : قلت للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرني عن الإمام متى يعلم أنّه إمام؟ حين يبلغه أن صاحبه قد مضى أو حين يمضي (11)؟ مثل أبي الحسن قبض ببغداد وأنت ههنا، قال : يعلم ذلك حين يمضي صاحبه قلت بأي شيء؟ قال : يلهمه اللّه (12).

٥ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن أبي الفضل الشهباني، عن هارون بن الفضل قال: رأيت أبا الحسن عليّ بن محمّد في اليوم الّذي توفّي فيه أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : : إنا

ص: 444


1- أي مذهب أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
2- أي عن أخيه إبراهيم.
3- أي أشرف.
4- أي لعجزه عن الإنفاق عليهن وعليهم.
5- أي الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) والضمير في رووا يعود إلى الواقفية.
7- «يحتمل الاستفهام والإخبار وأن يكون القائل واقفياً في صدد الإنكار والتمسك بأن قول سعيد لا يفيد العلم، وسعيد، قيل : هو خادم أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذلك إشارة إلى موته» المازندراني ٣٤٥/٦.
8- أي بموت أبيه الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
9- أي سعيد.
10- «قيل : أم فروة كانت من نساء أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكيلاً في طلاقها» المازندراني ٣٤٥/٦.
11- أي يعلم بأنه الإمام بعده بعد أن يُخبر بوفاته أو عند لحظة وفاته قبل أن يخبره أحد.
12- «إما بإلقاء ذلك في قلبه المقدس بلا واسطة أو بواسطة ملك موكل به أو بإسماعه صوت ملك لأنهم محدّثون الخ...» المازندراني ٣٤٥/٦.

للَّه وإنا إليه راجعون، مضى أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقيل له : وكيف عرفت؟ قال : لأنه تداخلني (1) ذلّة للّه لم أكن أعرفها.

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن مسافر (2) قال: أمر أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين أخرج به _ أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن ينام على بابه في كلّ ليلة أبداً ما كان حيّاً إلى أن يأتيه خبره قال : فكنا في كلّ ليلة نفرش لأبي الحسن في الدهليز (3)، ثمَّ يأتي بعد العشاء فينام فإذا أصبح انصرف إلى منزله، قال : فمكث على هذه الحال أربع سنين، فلما كان ليلة من الليالي أبطأ عنه وفُرِشَ له فلم يأتي كما كان يأتي، فاستوحش العيال وذعر وا، ودخلنا أمر عظيم من إبطائه، فلما كان من الغد أتى الدار ودخل إلى العيال وقصد إلى أمّ أحمد فقال لها ؛ هات التي أودعك أبي فصرخت ولطمت وجهها وشقت جيبها وقالت مات واللّه سيّدي، فكفّها وقال لها : لا تكلمي بشيء ولا تظهريه، حتّى يجيىء الخبر إلى الوالي، فأخرجت إليه سَفَطاً (4) وألفي دينار أو أربعة آلاف دينار، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره وقالت : إنّه قال لي فيما بيني وبينه وكانت أثيرة (5) عنده : احتفظي بهذه الوديعة عندك، لا تطلعي عليها أحداً حتّى أموت، فإذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك فادفعيها إليه واعلمي أني قد متّ وقد جاءني واللّه علامة سيدي، فقبض ذلك منها وأمرهم بالإمساك (6) جميعاً إلى أن ورد الخبر، وانصرف فلم يعد لشيء من المبيت كما كان يفعل فما لبثنا إلّا أياماً يسيرة حتّى جاءت الخريطة(7) بنعيه فعددنا الأيام وتفقدنا الوقت فإذا هو قد مات في الوقت الّذي فعل أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما فعل، من تخلّفه عن المبيت وقبضه لما قبض.

ص: 445


1- «أي دخلني... وإنما قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذلك على وفق فهم السائل وإلا فإنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان اطلع بإلهامه تعالى واطلاعه على ملكوت السموات والأرض بل حضر عند موته وغسله ودفنه والصلاة عليه كما ورد في الإخبار» مرآة المجلسيّ ٢٤/٤.
2- «هو مولى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقال ابن داود هو من رجال الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونقل في الكشي أنّه ممدوح» المازندراني ٣٤٦/٦.
3- الدهليز ممر طويل ضيق قد يكون مسقوفاً أولا يصل ما بين باب البيت ومدخل فنائه.
4- السَّفَط : وعاء كالجوالق أو كالقفّة. وربما يكون المقصود به هنا الصندوق الّذي كان الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) يضع فيه ميراث الإمامة من السلاح والكتب وغيرها.
5- جملة معترضة من الراوي ومعناها : كانت مختارة مميزة عنده على باقي نسائه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي بالسكوت وعدم الخوض في موته (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- الخريطة : كيس يوضع فيه المكتوب ويشد رأسه.

١٤٧ - باب حالات الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) في السن

١ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد الكناسي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أكان عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين تكلّم في المهد حجّة [ا] اللّه على أهل زمانه؟ فقال : كان يومئذ نبيّاً حجّة [ا] اللّه غير مرسل، أما تسمع لقوله حين قال: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) (1). قلت : فكان يومئذ حجّة اللّه على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال: كان عيسى في تلك الحال آية للنّاس ورحمة من اللّه لمريم حين تكلّم فعبر عنها، وكان نبياً حجّة على من سمع كلامه في تلك الحال، ثمَّ صمت فلم يتكلّم حتّى مضت له سنتان، وكان زكريا الحجّة اللّه عزّ وجلّ على النّاس بعد صمت عيسى بسنتين، ثمَّ مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير، أما تسمع لقوله عزّ وجلّ : (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (2) فلما بلغ عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) سبع سنين تكلم بالنبوّة والرسالة حين أوحى اللّه تعالى إليه، فكان عيسى الحجّة على يحيى وعلى النّاس أجمعين، وليس تبقى الأرض يا أبا خالد يوماً واحداً بغير حجّة اللّه على النّاس منذ يوم خلق اللّه آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأسكنه الأرض، فقلت: جعلت فداك : أكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حجّة من اللّه ورسوله على هذه الأمة في حياة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ فقال : نعم يوم أقامه للناس ونصبه علماً ودعاهم إلى ولايته وأمرهم بطاعته، قلت : وكانت طاعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) واجبة على النّاس في حياة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وبعد وفاته؟ فقال : نعم ولكنه صمت فلم يتكلّم مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وكانت الطاعة لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على أمته وعلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حياة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وكانت الطاعة من اللّه ومن رسوله على النّاس كلهم لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد وفاة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حكيماً عالماً (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن صفوان بن يحيى قال : قلت للرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): قد كنا نسألك قبل أن يهب اللّه لك أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فكنت تقول : يهب اللّه لي غلاماً،

ص: 446


1- مريم / ٣٠ – ٣١.
2- مريم / 12.
3- «أي كان قاضياً بالحقّ أو محكماً للأشياء ومتقناً لها أو حاكماً بمعنى ذي الحكمة وهي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم أو معرفة القوانين الشرعية والنواميس الإلهية الخ...» المازندراني ٣٤٩/٦. وفي بعض النسخ حليماً بدل حكيما، أي: «عاقلا مراعياً للآداب اللازمة» مرآة المجلسيّ ٢٤٦/٤.

فقد وهب اللّه لك فقرَّ عيوننا، فلا أرانا اللّه يومك، فإن كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبى جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين؟! قال : وما يضره من ذلك شيء، قد قام عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالحجّة وهو ابن ثلاث سنين(1).

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن سيف، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : إنّهم يقولون في حداثة سنك(2)، فقال : إِنَّ اللّه تعالى أوحى إلى داود أن يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم فأنكر ذلك عباد بني إسرائيل وعلماؤهم، فأوحى اللّه إلى داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن خذ عصا المتكلمين (3): وعصا سليمان واجعلهما في بيت واختم عليها بخواتيم القوم، فإذا كان من الغد فمن كانت عصاه قد أورقت وأثمرت فهو الخليفة فأخبرهم داود، فقالوا : قد رضينا وسلّمنا.

٤ - عليّ بن محمّد وغيره عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد، عن مصعب، عن مسعدة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال أبو بصير : دخلت إليه ومعي غلام خماسي (4) لم يبلغ، فقال لي : كيف أنتم إذا احتج عليكم (5) بمثل سنه [ أو قال : سيلي عليكم بمثل سنه ].

5 - سهل بن زياد عن عليّ بن مهزيار، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألته - يعني أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - عن شيء من أمر الإمام فقلت يكون الإمام ابن أقل من سبع سنين؟ فقال : نعم وأقل من خمس سنين، فقال سهل : فحدَّثني عليّ بن مهزيار بهذا في سنة إحدى وعشرين ومائتين.

٦ - الحسين بن محمّد، عن الخيراني (6)، عن أبيه قال: كنت واقفاً بين يدي أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بخراسان فقال له :قائل يا سيدي إن كان كون فإلى من؟ قال : إلى أبي جعفر ابني، فكأنّ القائل استصغر سن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ اللّه تبارك وتعالى بعث عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) رسولاً نبياً، صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السنّ الّذي فيه أبو جعفر (7).

ص: 447


1- مر هذا الحديث فيما تقدم وعلقنا عليه.
2- أي يتكلمون في أنك حَدَث صغير السن فكيف تكون إماماً على الخلق؟
3- أي الّذين يتكلمون في استحقاق سليمان للنبوة ويعيبون عليه صغر سنه.
4- تكلمنا في هذا سابقاً، وقلنا بأن الغلام الخماسي هو من بلغ طوله خمسة أشبار فإذا بلغ طوله ستة أشبار فقد بلغ مبلغ الرجال وقيل الخماسي من بلغ الخمس سنين من العمر.
5- لعله إشارة إلى إمامة الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ ولي الإمامة وهو ابن تسع سنين تقريباً. ويحتمل كونه القائم (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
6- الخيراني ووالده مجهولان فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي ٩٤/٢٣.
7- «فإذا جاز تحقق النبوّة والرسالة في صاحب شريعة مبتدأة في أصغر منه جاز تحقق الإمامة التابعة للشريعة في أبي جعفر وهو أكبر بطريق أولى» المازندراني ٣٥١/٦.

7 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن أسباط قال : رأيت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد خرج عَلَيَّ فأخذت النظر إليه وجعلت أنظر إلى رأسه ورجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فبينا أنا كذلك حتّى قعد فقال : يا علي : إنّ اللّه احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوّة فقال : (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (1). (و لما بَلَغَ أَشُدَّهُ) (2). (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) (3) فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ويجوز أن يؤتاها وهو ابن أربعين سنة.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه قال : قال عليّ بن حسّان لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا سيدي إنَّ النّاس ينكرون عليك حداثة سنك، فقال : وما ينكرون من ذلك قول اللّه عزّ وجلّ؟ لقد قال اللّه عزّ وجلّ لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (4) فواللّه ما تبعه إلّا علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وله تسع سنين وأنا ابن تسع سنين.

١٤٨ - باب أن الإمام لا يغسله إلا إمام من الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

١ - الحسين بن محمّد، عن معلی بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عمر الحلال أو غيره(5)، عن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : إنهم يحاجونا (6) يقولون : إنّ الإمام لا يغسله إلّا الإمام (7) قال : فقال : ما يدريهم من غسله؟ فما قلت لهم؟ قال: فقلت: جعلت فداك قلت لهم ؛ إن قال إنّه غسله تحت عرش ربّي فقد صدق وإن قال : غسله في تخوم الأرض فقد صدق. قال : لا هكذا [قال] فقلت : فما أقول لهم؟ قال : قل لهم : إنّي غسلته، فقلت : أقول لهم إنّک غسلته؟ فقال : نعم.

٢ - الحسين بن محمّد عن معلی بن محمّد، عن محمّد بن جمهور قال : حدَّثنا أبو معمر قال : سألت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الإمام يغسله الإمام، قال : سنة موسى بن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ)(8).

ص: 448


1- مريم / 12.
2- يوسف / 22 والقصص / ١٤.
3- الأحقاق/ ١٥.
4- يوسف / ١٠٨.
5- الترديد من الراوي.
6- أي يناظرونا ويخاصمونا، وهم الواقفية.
7- «وحاصل احتجاجهم : أن الإمام لا يغسله إلّا إمام ومن تدعون أنّه إمام لم يكن حاضراً في بغداد ليغسله فهذا دليل على أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يمت» مرآة المجلسيّ ٢٥٦/٤.
8- «فإنه غسله أخوه هارون في التيه فصار ذلك سنة مستمرة».

3 - وعنه، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن يونس، عن طلحة قال قلت للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ الإمام لا يغسله إلّا الإمام ؟ فقال : أما تدرون من حضر لغسله(1)، قد حضره خير ممّن غاب عنه : الّذين حضروا يوسف في الجبّ (2) حين غاب عنه أبواه وأهل بيته.

١٤٩ - باب مواليد الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)

1 - عليّ بن محمّد، عن عبد اللّه بن إسحاق العلوي، عن محمّد بن زيد الرزامي، عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : حججنا مع أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في السنة التي ولد فيها ابنه موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلما نزلنا الأبواء (3) وضعَ لنا الغداء، وكان إذا وضع الطعام لأصحابه أكثر وأطاب، قال : فبينا نحن نأكل إذ أتاه رسول حميدة فقال له : إن حميدة تقول : قد أنكرت نفسي (4) وقد وجدت ما كنت أجد إذا حضرت ولادتي، وقد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا، فقام أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فانطلق مع الرسول، فلما انصرف قال له أصحابه : سرك اللّه وجعلنا فداك فما أنت صنعت من حميدة؟ قال سلّمها اللّه وقد وهب لي غلاماً، وهو خير من برأ اللّه في خلقه (5)، ولقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنت أني لا أعرفه ولقد كنت أعلم به منها، فقلت : جعلت فداك وما الّذي أخبرتك به حميدة عنه ؟ قال : ذكرت أنّه سقط من بطنها حين سقط واضعاً يديه على الأرض، رافعاً رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمارة الوصي من بعده (6)، فقلت : جعلت فداك وما هذا من أمارة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمارة الوصي من بعده؟ فقال لي : إنّه لمّا كانت الليلة التي علق فيها (7) بجدّي أتى آت جد أبي بكأس فيه شربة أرقُ من الماء وألين من الزبد وأحلى من الشهد وأبرد من الثلج، وأبيض من اللبن، فسقاه إياه وأمره بالجماع، فقام فجامع فعلق بجدّي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي، أتى آت جدي فسقاه كما سقى جدَّ أبي وأمره بمثل الّذي أمره فقام فجامع فعلق بأبي، ولمّا أن كانت الليلة التي علق فيها بي، أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم وأمره بالّذي أمرهم به فقام

ص: 449


1- في بعض النسخ (من حضر) من دون كلمة (لغسله). وفي بعضها (ما تدرون) من دون همزة الاستفهام.
2- «أراد بمن غاب عنه ذاته المقدسة. و (بالّذين...) جبرائيل والملائكة المقربين (عَلَيهِ السَّلَامُ)» المازندراني ٣٥٤/٦.
3- جبل بين المدينة ومكة. وبقربه بلدة الأبواء نسبة إليه.
4- أي وجدتها في حالة متغيرة عما هي عليه فأنكرتها.
5- أي من أهل زمانه.
6- «أي علامة نبوته وإمامة الأوصياء من بعده» مرآة المجلسيّ ٢٥٩/٤.
7- أي حدث الحمل به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في رحم آمنة (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فجامع فعلق بي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم ففعل بي كما فعل بهم فقمت بعلم اللّه وإنّي مسرور بما يهب اللّه لي فجامعت فعلق بابني هذا المولود فدونكم فهو واللّه صاحبكم من بعدي، إنّ نطفة الإمام ممّا أخبرتك، وإذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر وأنشيء فيها الروح بعث اللّه تبارك وتعالى ملكاً يقال له : حيوان، فكتب(1) على عضده الأيمن (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (2). وإذا وقع من بطن أمه وقع واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء. فأما وضعه يديه على الأرض فإنه يقبض كلّ علم اللّه أنزله من السماء إلى الأرض، وأما رفعه رأسه إلى السماء فإنَّ منادياً ينادي به من بطنان العرش من قِبَل ربّ العزّة من الأفق الأعلى باسمه واسم أبيه يقول : يا فلان بن فلان أُثْبَتْ تُثبت (3)، فلعظيم ما خلقتك أنت صفوتي من خَلْقي، وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحبي وخليفتي في أرضي، لك ولمن تولاك أوجبت رحمتي ومنحت جناني وأحللت جواري، ثمَّ وعزَّتي وجلالي لأصْلِيَنَّ من عاداك أشد عذابي، وإن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي، فإذا انقضى الصوت - صوت المنادي - أجابه هو واضعاً يديه رافعاً رأسه إلى السماء يقول (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (4). قال : فإذا قال ذلك أعطاه اللّه العلم الأوّل والعلم الآخر (5)، واستحقَّ زيارة الروح في ليلة القدر، قلت: جعلت فداك الروح ليس هو جبرئيل؟ قال: الروح هو أعظم من جبرئيل، إن جبرئيل من الملائكة وإنّ الروح هو خلق أعظم من الملائكة، أليس يقول اللّه تبارك وتعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ) (6).

محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد، وأحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسين عن أحمد بن الحسن، عن المختار بن زياد عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير مثله.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد اللّه بن القاسم، عن الحسن بن راشد قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن اللّه تبارك وتعالى إذا أحب أن يخلق الإمام أمر ملكاً فأخذ شربة من ماء تحت العرش، فيسقيها أباه فمن ذلك يُخْلَقُ

ص: 450


1- «الكتابة إما حقيقة أو كناية عن جعله مستعداً للإمامة والخلافة... الخ» مرآة المجلسيّ ٢٦٠/٤.
2- الأنعام / ١١٥.
3- أي كن ثابتاً على الحقّ دائماً لتثبت غيرك عليه. أو يُقرأ (تُتَبَّتْ) فالمعنى : يبتك اللّه على جادة الحق.
4- آل عمران/ 18.
5- «لعل المراد بالعلم الأوّل علوم الأنبياء والأوصياء السابقين وبالعلم الآخر علوم خاتم الأنبياء (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )... الخ» مرآة المجلسيّ ٢٦٢/٤.
6- القدر / ٤.

الإمام، فيمكث أربعين يوماً وليلة في بطن أمه لا يسمع الصوت، ثمَّ يسمع بعد ذلك الكلام، فإذا وُلِدَ بَعَثَ ذلك الملك فيكتب بين عينيه (1): (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). فإذا مضى الإمام الّذي كان قبله رفع لهذا منار من نور ينظر به إلى أعمال الخلائق، فبهذا (2) يحتج اللّه على خلقه.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن منصور بن يونس، عن يونس بن ظبيان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللّه عزّ وجلّ إذا أراد أن يخلق الإمام من الإمام، بعث ملكاً فأخذ شربة من ماء تحت العرش، ثمَّ أوقعها أو دفعها (3) إلى الإمام فشربها، فيمكث في الرحم أربعين يوماً لا يسمع الكلام، ثمَّ يسمع الكلام بعد ذلك، فإذا وضعته أمه بعث اللّه إليه ذلك الملك الّذي أخذ الشّربة فكتب على عضده الأيمن : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ). فإذا قام بهذا الأمر رفع اللّه له في كلّ بلدة مناراً (4) ينظر به إلى أعمال العباد.

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن الربيع بن محمّد المسلي، عن محمّد بن مروان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّ الإمام ليسمع في بطن أمّه، فإذا ولد خطّ بين كتفيه (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). فإذا صار الأمر إليه جعل اللّه له عموداً من نور، يبصر به ما يعمل أهل كلّ بلدة

٥ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، عن ابن مسعود، عن عبد اللّه بن إبراهيم الجعفري قال : سمعت إسحاق بن جعفر يقول : سمعت أبي يقول : الأوصياء إذا حملت بهم أمهاتم أصابها (5) فترة شبه الغشية (6)، فأقامت في ذلك يومها ذلك إن كان نهاراً، أو ليلتها إن كان ليلاً، ثمَّ ترى في منامها رجلا يبشرها بغلام، عليم، حليم، فتفرح لذلك، ثمَّ تنتبه من نومها، فتسمع من جانبها الأيمن في جانب البيت صوتاً

ص: 451


1- هذا لا ينافي ما تقدم من أن الملك يكتب على عضده الأيمن إذ من الجائز حصول الكتابة في كلا الموضعين أو المواضع، ولا تعارض مستحكم.
2- أي بمثل هذا المخلوق المقدس يحتج اللّه على خلقه.
3- الترديد من الراوي، وفي بعض النسخ: (أوقفها) أي حبسها عند الإمام ليشرب منها.
4- المقصود بالمنار، ما يهبه اللّه سبحانه إياه من القطنة والإلهام والحدس، التي يستبطن بها دخائل الخلق، ويعرف بها أعمالهم والوجوه التي تقع عليها.
5- أي بلحاظ كلّ أم منهن.
6- الفتور والضعف شبه الإغماء.

يقول : حملت بخير وتصيرين إلى خير وجئتِ بخير أبشري بغلام حليم عليم، وتجد خفّة في بدنها ثمَّ لم تجد بعد ذلك امتناعاً (1) من جنبيها وبطنها فإذا كان التاسع من شهرها سمعت في البيت حسّاً شديداً، فإذا كانت الليلة التي تلد فيها ظهر لها في البيت نور تراه لا يراه غيرها إلّا أبوه، فإذا ولدته ولدته قاعداً، وتفتحت له (2) حتّى يخرج متربعاً يستدير بعد وقوعه إلى الأرض، فلا يخطىء القبلة حيث كانت بوجهه، ثمَّ يعطس ثلاثاً يشير بأصبعه بالتحميد ويقع مس مسروراً(3) مختونا(4) ورباعيناه (5) من فوق وأسفل وناباه وضاحكاه ومن بين يديه مثل سبيكة الذهب نور، ويقيم يومه وليلته تسيل يداه ذهباً (6)، وكذلك الأنبياء إذا ولدوا وإنما الأوصياء أعلاق من الأنبياء.

٦ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن دراج قال: روى غير واحد من أصحابنا أنّه قال : لا تتكلموا في الإمام فإنّ الإمام يسمع الكلام وهو في بطن أمه فإذا وضعته كتب الملك بين عينيه (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). فإذا قام بالأمر رُفِعَ له في كلّ بلدة منار ينظر منه إلى أعمال العباد.

7 _ عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد قال : كنت أنا وابن فضّال (7) جلوساً إذ أقبل يونس فقال : دخلت على أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : جعلت فداك قد أكثر النّاس في العمود (8)، قال : فقال لي : يا يونس ما تراه أتراه عموداً من حديد يرفع لصاحبك (9)؟ قال : قلت : ما أدري، قال : لكنه ملك موكَّل بكل بلدة يرفع اللّه به أعمال تلك البلدة، قال: فقام ابن فضّال فقبل رأسه وقال : رحمك اللّه يا أبا محمّد (10) لا تزال تجيىء بالحديث الحقّ الّذي يفرج اللّه به عنا.

ص: 452


1- وذلك لخفة حمله بعدم ثقله وتعودها عليه.
2- «أي صارت متفتحة ليخرج بسهولة... ولعل المراد هنا الانفراج» المازندراني ٣٦٢/٦.
3- أي مقطوع السرة.
4- أي مقطوع غلف الحشفة.
5- «الرباعية السن التي بين الثنية والناب، وتقدير الكلام ومعه رباعيتاه (وناباه). وكأن نباتها خصوص تلك المزيد مدخليتها في الجمال وعدم نبات الثنايا لمزيد إضرارها بثدي الأم» مرآة المجلسيّ ٢٦٧/٤.
6- «أي نوراً شبيهاً بالذهب» المازندراني ٣٦٣/٦.
7- واسمه الحسن بن عليّ.
8- «أي في معنى العمود المذكور في الأخبار أنّه يرفع للإمام، وتسمية الملك عموداً على الاستعارة، كأنه عمود نور ينظر فيه الإمام، أو لأن اعتماده في كشف الأمور عليه» مرآة المجلسيّ ٢٦٨/٤.
9- أي لإمامك.
10- كنية يونس بن عبد الرحمن.

8 - عليّ بن محمّد عن بعض أصحابنا، عن ابن أبي عمير، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : للإمام عشر علامات يولد مطهراً، مختوناً، وإذا وقع على الأرض وقع على راحته رافعاً صوته بالشهادتين، ولا يُجنب (1)، وتنام عينيه ولا ينام قلبه، ولا يتثاب ولا يتمطى، ويرى من، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه ونجوه كرائحة المسك والأرض موكلة بستره وابتلاعه، وإذا لبس درع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كانت عليه وفقاً(2)، وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبراً، وهو محدث إلى أن تنقضي أيامه.

١٥٠ - باب خَلْق أبدان الأئمّة وأرواحهم وقلوبهم (عَلَيهِ السَّلَامُ)

١ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّ اللّه خلقنا من عليّين (3)، وخلق أرواحنا من فوق ذلك (4) وخلق أرواح شيعتنا من علّيين وخلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل ذلك القرابة بيننا وبينهم وقلوبهم تحنّ إلينا.

2 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن شعيب عن عمران بن إسحاق الزعفراني، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إنَّ اللّه خلقنا من نور عظمته (5)، ثمَّ صوّر خلقنا (6) من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش، فأسكن ذلك النور فيه، فكنا نحن خلقاً وبشراً نورانيين، لم يجعل لأحد في مثل الّذي خلقنا منه نصيباً، وخلق أرواح شعيتنا من طينتنا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة، ولم يجعل اللّه لأحد في مثل الّذي خلقهم منه نصيباً إلّا للأنبياء، ولذلك صرنا نحن وهم : النّاس (7)، وصار سائر النّاس همج (8)، للنار وإلى النار.

ص: 453


1- أي لا يحتلم.
2- أي موافقة لقياسه لا تزيد ولا تنقص.
3- العليون : في الأصل السماء السابعة، والظاهر أنّها هنا كناية عن أشرف المراتب وأعظمها. وذهب في الوافي إلى أن المراد به عالم الملكوت ج ١٥٦/٢. والمخلوق هنا هو الأجساد.
4- أي أعلى عليين. وفي الوافي أنّه عالم الجبروت.
5- «أي خلق أرواحنا من نور يدل على كمال عظمته وقدرته» مرآة المجلسيّ ٢٧٢/٤.
6- «الناظرون في الخبر فسروا تصوير الخلق بخلق الأبدان الأصلية، والّذي أظنه أن المراد به أنّه خلق لهم أجساداً مثالية شبيهة بالأجساد الأصلية فهي صور خلقهم ومثاله» ن. م.
7- أي المتصفون بحقيقة الإنسانية.
8- الهمج في الأصل ذباب صغير كالبعوض يسقط على وجوه (الدواب) وأعينها واستعماله في النّاس هنا - والمقصود بهم الرعاع - على نحو التشبيه بلحاظ أنهم ينعقون مع كلّ ناعق ويميلون مع كلّ ريح. ومن حق الكلمة أن تكون (همجاً) ولكنها أثبتت (همج) على تقدير ضمير الشأن.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن عليّ بن حسان ؛ ومحمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب وغيره، عن عليّ بن حسان، عن عليّ بن عطية، عن عليّ بن رئاب رفعه إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ للّه نهراً دون عرشه، ودون النهر الّذي دون عرشه نور نوره، وإِنَّ في حافتي النهر روحين مخلوقين : روح القدس وروح من أمره، وإِنَّ اللّه عشر طينات، خمسة من الجنّة وخمسة من الأرض، ففسّر الجنان وفسّر الأرض، ثمَّ قال : ما من نبي ولا ملك من بعده جبله إلّا نفخ فيه من إحدى الروحين، وجعل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من إحدى الطينتين. قلت لأبي الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما الجَبْل فقال : الخَلْقُ غيرنا أهل البيت، فإنّ اللّه عزّ وجلّ خلقنا من العشر طينات ونفخ فينا من الرُّوحين جميعاً فأطيب بها طيباً.

وروى غيره، عن أبي الصامت قال: طين الجنان جنّة عدن وجنة المأوى وجنّة النعيم والفردوس والخُلد. وطين الأرض : مكّة والمدينة والكوفة وبيت المقدس والحائر (1).

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن أبي نهشل قال : حدَّثني محمّد بن إسماعيل، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللّه خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا ممّا خلقنا وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت ممّا خلقنا، ثمَّ تلا هذه الآية : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (2). وخلق عدونا من سجين(3) وخلق قلوب شيعتهم ممّا خلقهم منه، وأبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لأنّها خلقت ممّا خلقوا منه، ثمَّ تلا هذه الآية : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ) (4).

١٥١ - باب التسليم وفضل المسلمين

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن سنان، عن ابن مسكان

ص: 454


1- أي الحائر الحسيني (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- المطففين / ١٨ - ٢١.
3- قيل بأن سجين: «الأرض السابعة، وقيل أسفل منها، وقيل جبّ في جهنّم... الخ» مرآة المجلسيّ ٢٧٨/٤.
4- المطففين / ٧ - ٩.

عن سدير قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني تركت مواليك (1) مختلفين (2) يتبرء بعضهم من بعض قال : فقال : وما أنت وذاك (3)، إنّما كلّف النّاس ثلاثة : معرفة الأئمّة، والتسليم لهم (4) فيما ورد عليهم، والرَّدُّ إليهم فيما اختلفوا فيه.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن حمّاد بن عثمان، عن عبد اللّه الكاهلي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لو أنَّ قوماً عبدوا اللّه وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان، ثمَّ قالوا لشيء صنعه اللّه أو صنعه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ألا صنع خلاف الّذي صنع(5)، أو وجدوا (6) ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين (7)، ثمَّ تلا هذه الآية (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (8) ثمَّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عليكم بالتسليم.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : إنَّ عندنا رجلاً يقال له كُلَيْب، فلا يجيء عنكم شيء إلّا قال: أنا أسلّم، فسميناه كليب تسليم، قال : فترحم عليه، ثمَّ قال : أتدرون ما التسليم ؟ فسكتنا، فقال: هو واللّه الإخبات(9)، قول اللّه عزّ وجلّ: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ) (10).

٤ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن الوشّاء، عن أبان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تبارك وتعالى : ﴿وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْله فيها حُسْناً) (11)

ص: 455


1- أي شيعتك والمقصود من كان منهم في الكوفة.
2- أي في الأحكام الشرعية والفروع الدينية.
3- أي لا يضرك اختلافهم والاستفهام إنكاري.
4- أي الانقياد والطاعة للأئمة (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- على نحو الاعتراض على حكم اللّه ورسوله.
6- أي شكوا في وجه حكمته وصوابيته.
7- لأن هذا الشك يتنافى مع التوحيد الخالص الّذي لازمه التسليم المطلق.
8- النساء / ٦٥.
9- «الإخبات : الخشوع في الظاهر والباطن والتواضع بالقلب والجوارح والطاعة في السر والعلن واصله من الخبت : المطمئن من الأرض» المازندراني ٣٧٩/٦.
10- هود / ٢٣.
11- الشورى 23.

قال: الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا وألا يكذب علينا.

٥ - عليّ بن محمّد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن ه عبد الحميد، عن منصور بن يونس عن بشير الدهان عن كامل التمار قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (1) أتدري من هم؟ قلت أنت أعلم، قال: قد أفلح المؤمنون المسلمون، إنَّ المسلمين هم النجباء (2)، فالمؤمن غريب (3) فطوبى للغرباء.

٦ - عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن الخشاب، عن العبّاس بن عامر، عن ربيع المسلي، عن يحيى بن زكريا الأنصاري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : من سرّه أن يستكمل الإيمان كله فليقل : القول منّي في جميع الأشياء قول آل محمّد، فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني (4).

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة أو بريد(5)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : لقد خاطب اللّه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كتابه قال: قلت: في أي موضع ؟ قال : في قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) فيما تعاقدوا عليه لئن أمات اللّه محمّداً ألا يردُّوا هذا الأمر في بني هاشم (ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ (عليهم من القتل أو العفو) وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (6).

8 - أحمد بن مهران رحمه اللّه، عن عبد العظيم الحسني، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن عقبة، عن الحكم بن أيمن عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) (7) إلى آخر الآية قال : هم المسلّمون لآل محمّد، الّذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه جاؤوا به كما سمعوه.

ص: 456


1- المؤمنون/ ١.
2- أي النفيسون الفضلاء في كلّ شيء.
3- أي نادر النظير.
4- وهو كناية عن الانقياد والتسليم المطلق لهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو الإخبات.
5- الترديد من الراوي.
6- النساء / ٦٤ – ٦٥.
7- الزمر / 18 وقد مر مضمون هذا الحديث في باب رواية الكتب وعلّقنا عليه.

١٥٢ - باب أن الواجب على النّاس بعد ما يَقْضُونَ مناسكهم أن يأتوا الإمام فيسألونه عن معالم دينهم ويُعْلِمُونَهُمْ ولايتهم ومودتهم له

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : نظر إلى النّاس يطوفون حول الكعبة، فقال : هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنّما أمروا أن يطوفوا بها، ثمَّ ينفروا إلينا فَيُعْلِمونا ولايتهم ومودتهم ويعرضوا علينا نصرتهم، ثمَّ قرأ هذه الآية (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) (1).

2 _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن أسباط، عن داود بن النعمان عن أبي عبيدة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - ورأى النّاس بمكّة وما يعملون _ قال فقال : فعال كفعال الجاهليّة، أما واللّه ما أمروا بهذا (2)، وما أمروا إلّا أن يقضوا تَفْتَهُم (3) وليوفوا نذورهم فيمروا بنا فيخبرونا بولايتهم ويَعْرِضُوا علينا نصرتهم.

٣ - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال جميعاً، عن أبي جميلة عن خالد بن عمّار عن سدير قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو داخل وأنا خارج (4) وأخذ بيدي، ثمَّ استقبل البيت فقال : يا سدير: إنّما أمر النّاس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثمَّ يأتونا فَيُعْلِمونا ولا يتهم لنا، وهو قول اللّه : ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) (5) _ ثمَّ أومأ بيده إلى صدره - إلى ولايتنا. ثمَّ قال : يا سدير : فأريك الصادّين عن دين اللّه (6)، ثمَّ نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزمان وهم حِلَقٌ (7) في المسجد، فقال : هؤلاء الصادون عن دين اللّه بلا هدى من اللّه ولا كتاب مبين، إنَّ هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال النّاس فلم يجدوا

ص: 457


1- إبراهيم / ٣٧.
2- أي ليس ما يفعلونه هو تمام ما أمروا به إشارة إلى الآية / 28 من سورة الحج.
3- «أي ليزيلوا شعث الإحرام من تقليم ظفر وأخذ شعر وغسل واستعمال طيب عن الحسن. وقيل معناه : ليقضوا مناسك الحج كلها عن ابن عباس وابن عمر قال الزجاج قضاء التفث كناية عن الخروج من الإحرام إلى الإحلال» مجمع البيان للطبرسي المجلد ٨١/٤.
4- أي أنا خارج من المسجد الحرام بمكّة وهو داخل إليه.
5- طه / 82.
6- أي المانعين النّاس عنه.
7- أي متحلقون مع أتباعهم في حلقات حلقات.

أحداً يخبرهم عن اللّه تبارك وتعالى وعن رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى يأتونا فنخبرهم عن اللّه تبارك وتعالى وعن رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (1).

١٥٣ - باب أن الأئمّة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بُسطهم وتأتيهم بالأخبار (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن مسمع كردين البصريّ قال : كنت لا أزيد على أكلة بالليل والنهار، فربّما استأذنت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأجد المائدة قد رفعت لعلّي لا أراها بين يديه (2)، فإذا دخلت دعا بها فأصيب معه من الطعام ولا أتأذى بذلك، وإذا عقبت بالطعام عند غيره لم أقدر على أن أقر ولم أنم من النفخة(3)، فشكوت ذلك إليه وأخبرته بأنّي إذا أكلت عنده لم أتأذَّبه، فقال : يا أبا سيّار إنّک تأكل طعام قوم صالحين، تصافحهم الملائكة على فرشهم قال قلت ويظهرون لكم؟ قال : فمسح يده على بعض صبيانه فقال: هم الطف بصبياننا (4) منا بهم.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن القاسم، عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : يا حسين - وضرب بيده إلى مساور (5) في البيت - مساور (6) طال ما اتكت عليها الملائكة وربما التقطنا من زَغَبها (7).

3 - محمّد عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم قال : حدَّثني مالك بن عطية الأحمسي، عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت على عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاحتبست (8) في الدار ساعة، ثمَّ دخلت البيت وهو (9) يلتقط شيئاً وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في

ص: 458


1- جواب الشرط (لو جلسوا) محذوف، أي : لكان خيراً لهم.
2- أي كنت أوقت استيذاني عليه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بوقت كنت أعلم بأن المائدة قد انتهى وقتها ورفعت من بين يديه.
3- أي انتفاخ البطن بالريح الّذي لا ينفذ إلى الخارج.
4- «أي يظهرون لنا لخدمة صبياننا. ولا ينافي هذا ما مر أن الإمام لا يعاين المَلَك، إذ أنّه محمول على أنّه لا يعاينه وقت التحديث لا مطلقاً أو لا يرونه في صورته الأصلية أو غالباً والأوّل أظهر» مرآة المجلسيّ ٢٨٩/٤.
5- مَسَاوِر : جمع مِوَر وهو متكا من ادم ن.م.
6- أي هذه مساور.
7- الزغب : كما في القاموس صغار الشعر والريش ولينه وأول ما يبدو منهما.
8- «أي حبسوني في صحن الدار ساعة ثمَّ جاءني الإذن في دخول البيت وكأن الاحتباس كان لالتقاط الزغب» مرآة المجلسيّ ٢٩٠/٤.
9- أي الإمام عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

البيت فقلت جُعِلْتُ فداك : هذا الّذي أراك تلتقطه أي شيء هو؟ فقال: فضلة من زغب الملائكة نجمعه إذا خلونا (1)، نجعله سَيْحاً(2) لأولادنا، فقلت: جعلت فداك وإنهم ليأتونكم ؟ فقال : يا أبا حمزة إنّهم ليزاحمونا على تكأتنا (3).

٤ - محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن أسلم، عن بن أسلم عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : ما من ملك يهبطه اللّه في أمر ما يهبطه إلّا بدأ بالإمام، فعرض ذلك عليه، وإن مختلف الملائكة من عند اللّه تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الأمر

١٥٤ - باب أن الجن تأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في أمورهم

١ - بعض أصحابنا، عن محمّد بن عليّ، عن يحيى بن مساور، عن سعد الأسكاف قال : أتيت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بعض ما أتيته فجعل يقول : لا تعجل (4) حتّى حميت الشمس عليَّ وجعلت أتتبع الأفياء، فما لبث أن خرج علي قوم كأنّهم الجراد الصفر(5)، عليهم البتوت(6) قد انتهكتهم العبادة، قال: فواللّه لأنساني ما كنت فيه من حسن هيئة القوم، فلما دخلت عليه قال لي : أراني قد شققت عليك، قلت : أجل واللّه لقد أنساني ما كنت فيه قوم مروا بي لم أر قوماً أحسن هيئة منهم في زي رجل واحد كأنَّ ألوانهم الجراد الصفر، قد انتهكتهم العبادة(7) فقال : يا سعد رأيتهم؟ قلت : نعم. قال أولئك إخوانك من الجنّ، قال : فقلت : يأتونك؟ قال : نعم يأتونا يسألونا عن معالم دينهم وحلالهم وحرامهم.

2 - عليّ بن محمّد عن سهل بن زياد عن عليّ بن حسّان، عن إبراهيم بن إسماعيل عن ابن جبل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كنا ببابه فخرج علينا قوم أشباه الزط (8). عليهم أزر

ص: 459


1- أي تركونا وذهبوا وبالتخفيف : خلونا أي صرنا في خَلْوة وليس معنا من الملائكة أحد.
2- قال الجوهري : السَّيح : ضرب من البرود والسيح عباءة وبرد مسيح ومسير أي مخطط. وفي بعض النسخ (سبحاً) جمع سبحة أي نجعل من هذا الزغب سبحاً لأولادنا.
3- ما يتكأ عليه.
4- أي تتعجل الدخول علي، وكأنه كان قد ألح بالإذن بالدخول.
5- كناية عن خروجهم دفعة واحدة وكانوا جمعاً.
6- البتوت: جمع البت وهو - كما قال الجوهري - الطيلسان من خز ونحوه.
7- أي أجهدتهم وأتعبتهم. وهذا الحديث يدل على أن الجن يمكن للناس رؤيتهم حتّى لغير الأنبياء والأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وأنهم أجسام لطيفة يتشكلون بأشكال الإنس وغيرهم الخ...» مرآة المجلسيّ ٢٩٢/٤.
8- جنس من السودان والهنود ن. م ص / 293.

وأكسية، فسألنا أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عنهم، فقال : هؤلاء إخوانكم من الجن.

3 - أحمد بن إدريس ؛ ومحمّد بن يحيى، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن ابن فضّال عن بعض أصحابنا، عن سعد الأسكاف قال : أتيت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أريد الإذن عليه، فإذا رحال إبل على الباب مصفوفة، وإذا الأصوات قد ارتفعت ثمَّ خرج قوم معتمين بالعمائم يشبهون الرُّط، قال : فدخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت : جعلت فداك أبطأ إذنك علي اليوم ورأيت قوماً خرجوا علي معتمين بالعمائم فأنكرتهم (1) فقال : أوتدري من أولئك يا سعد ؟ قال : قلت: لا، قال : فقال : أولئك إخوانكم من الجنّ يأتونا فيسألونا عن حلالهم وحرامهم ومعالم دينهم.

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن إبراهيم بن أبي البلاد عن سدير الصيرفي قال : أوصاني أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) بحوائج له بالمدينة فخرجت، فبينا أنا بين فخ الروحاء(2) على راحلتي إذا إنسان يلوي ثوبه (3) قال : فملت إليه وظننت أنّه عطشان فناولته الأداوة (4) فقال لي : لا حاجة لي بها وناولني كتاباً طينه رطب، قال: فلما نظرت إلى الخاتم إذا خاتم أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقلت : متى عهدك بصاحب الكتاب؟ قال : الساعة، وإذا في الكتاب أشياء يأمرني بها، ثمَّ التفت فإذا ليس عندي أحدٌ(5)، قال : ثمَّ قدم أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلقيته، فقلت: جعلت فداك رجل أتاني بكتابك وطينه رطب. فقال : يا سدير إنّ لنا خدماً من الجن فإذا أردنا السرعة بعثناهم.

وفي رواية أخرى قال : إنّ لنا أتباعاً من الجنّ كما أنَّ لنا أتباعاً من الإنس فإذا أردنا أمراً بعثناهم.

5 - عليّ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عمّن ذكره، عن محمّد بن

جَحْرَش قال : حدثتني حكيمة بنت موسى (6) قالت : رأيت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) واقفاً على باب بيت الحطب وهو يناجي ولست أرى أحداً فقلت يا سيدي لمن تناجي؟ فقال : هذا عامر الزهرائي (7) أتاني يسألني ويشكو إلي، فقلت : يا سيدي أحب أن أسمع كلامه فقال لي : : إنّک

ص: 460


1- أي جهلتهم ولم أعرفهم.
2- «الفج : الطريق الواسع والطريق بين الجبلين والجمع فجاج والرَّوحاء : موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة» المازندراني ٣٨٨/٦.
3- أي يحركه ويشير به.
4- أي مطهرة الماء.
5- أي اختفى الّذي ناولني الكتاب.
6- هي أخت الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- هو شخص من الجن.

إن سمعتِ به حُمِمتِ سنة، فقلت : يا سيدي أحب أن أسمعه، فقال لي : اسمعي، فاستمعت فسمعت شبه الصفير وركبتني الحمّى فحممت سنة.

٦ - محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن إبراهيم بن هاشم عن عمرو بن عثمان، عن إبراهيم بن أيّوب، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بينا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على المنبر، إذ أقبل تعبان من ناحية باب من أبواب المسجد(1)، فهم النّاس أن يقتلوه، فأرسل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن كُفّوا فكفّوا. وأقبل الثعبان ينساب (2) حتّى انتهى إلى المنبر فتطاول فسلّم على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأشار أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليه أن يقف حتّى يفرغ من خطبته، ولما فرغ من خطبته أقبل عليه فقال : من أنت؟ فقال : عمرو بن عثمان خليفتك على الجنّ، وإنَّ أبي مات وأوصاني أن آتيك فأستطلع رأيك، وقد أتيتك يا أمير المؤمنين فما تأمرني به وما ترى؟ فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أوصيك بتقوى اللّه وأن تنصرف فتقوم مقام أبيك في الجنّ، فإنّك خليفتي عليهم، قال : فودَّع عمر و أمير المؤمنين وانصرف فهو خليفته على الجنّ، فقلت له : جعلت فداك فيأتيك عمر و وذاك الواجب عليه ؟ قال : نعم.

7 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، عن محمّد بن أورمة عن أحمد بن النضر عن، عن النعمان بن بشير قال: كنت مزاملاً لجابر بن يزيد الجعفي، فلما أن كنا بالمدينة، دخل على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فودعه وخرج من عنده وهو مسرور، حتّى وردنا الأخي_رجة _ أول منزل نعدل من فيد(3) إلى المدينة - يوم جمعة فصلينا الزوال، فلما نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم (4) معه كتاب، فناوله جابراً فتناوله فقبله ووضعه على عينيه وإذا هو: من محمّد بن عليّ إلى جابر بن يزيد، وعليه (5) طين أسود رطب فقال له : متى عهدك بسيدي ؟ فقال : الساعة. فقال له : قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ فقال: بعد الصلاة، ففك الخاتم وأقبل يقرؤه ويقبض وجهه حتّى أتى على آخره، ثمَّ أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكاً ولا مسروراً حتّى وافي الكوفة، فلما وافينا الكوفة ليلاً بتُ ليلتي، فلما أصبحت أتيته إعظاماً له فوجدته قد خرج علي وفي عنقه

ص: 461


1- «باب الثعبان في مسجد الكوفة مشهور ويذكر أن بني أمية لعنهم اللّه ربطوا على هذا الباب فيلا لمحو هذا الاسم عن الخواطر فاشتهر بباب الفيل بعد ذلك» مرآة المجلسيّ ٢٩٥/٤.
2- الإنسياب يطلق علي مشي الزواحف ممّا لا أرجل لها. ومنها الحية.
3- «لعل المعنى أن فيدا منزل مشترك بين من يذهب من الكوفة إلى مكّة أو إلى المدينة» مرآة المجلسيّ ٢٩٧/٤ وفي القاموس فيد : قلعة بطريق مكة.
4- طوال طويل. وآدم فيه سمرة.
5- أي الكتاب.

كعابٌ، قد علّقها وقد ركب قصبة وهو يقول: «أجد منصور (1) بن جمهور أميراً غير مأمور» وأبياتاً من نحو هذا، فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئاً ولم أقل له وأقبلت أبكي لما رأيته واجتمع علي وعليه الصبيان والناس، وجاء حتّى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون : جُنَّ جابر بن يزيد جُنّ، فواللّه ما مضت الأيام حتّى ورد كتاب هشام بن عبد الملك إلى واليه أن أنظر رجلاً يقال له : جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إليَّ برأسه، فالتفت إلى جلسائه فقال لهم : مَن جابر بن يزيد الجعفي ؟ قالوا : أَصْلَحَكَ اللّه كان رجلاً له علم وفضل وحديث، وحج فجُنَّ، وهو ذا في الرحبة (2) مع الصبيان على القصب يلعب معهم. قال : فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب على القصب، فقال الحمد للّه الّذي عافاني من قتله، قال: ولم تمض الأيام حتّى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر.

١٥٥ - باب في الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) أنهم إذا ظهر أمرُهُم حكموا بحكم داود وآل داود ولا يسألون البيئة (عَلَيهِ السَّلَامُ) [والرحمة والرضوان]

١ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور، عن فضل الأعور، عن أبي عبيدة الحذاء قال: كنا زمان أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين قبض، نتردد كالغنم لا راعي لها، فلقينا سالم بن أبي حفصة فقال لي: يا أبا عبيدة مَنْ إمامك ؟ فقلت أئمتي آل محمّد. فقال : هلكت وأهلكت أما سمعت أنا وأنت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهليّة؟ فقلت : بلى لعمري، ولقد كان قبل ذلك بثلاث أو نحوها دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فرزق اللّه المعرفة، فقلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ سالماً قال لي كذا وكذا، قال : فقال : يا أبا عبيدة : إنّه لا يموت مناميت حتّى يخلّف من بعده من يعمل بمثل عمله ويسير بسيرته ويدعو إلى ما دعا إليه، يا أبا عبيدة إنّه لم يمنع ما أعطي داود أن أعطي سليمان، ثمَّ قال : يا أبا عبيدة : إذا قام قائم آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل بيّنة (3).

ص: 462


1- «منصور بن جمهور كان والياً من قبل بني أمية على الكوفة ولاه يزيد بن الوليد بعد عزل يوسف بن عمر في سنة ست وعشرين ومائة بعد وفاة الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) باثنتي عشر سنة» مرآة المجلسيّ 297/٤.
2- الرحبة محلة بالكوفة، كانت كالميدان لاتساعها.
3- استبطن هذا الحديث تنبيهاً على أن الإمامة لا تكون إلّا مع شرائطها التي منها العلم بأحوال الخلق ودواعيهم وما هو الحقّ في دعاويهم حتّى يمكنه الحكم بحكم داود وسليمان مرآة المجلسيّ ٣٠٠/٤. ولعل فيه رداً على سالم بن أبي حفصة الّذي ينقل عنه أبو عبيدة الحذاء مقالته، إذ كان سالم هذا يقول بإمامة زيد فكان هذا ردا عليا بأن زيداً لا يتصف بشرط الإمامة وكمالاتها.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبان قال سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا تذهب الدنيا حتّى يخرج رجل منّي يحكم بحكومة آل داود ولا يسأل بيِّنة، يعطي كلّ نفس حقها.

3 - محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن عمّار الساباطي قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بما تحكمون إذا حكمتم ؟ قال : بحكم اللّه وحكم(1) داود فإذا ورد علينا الشيء الّذي ليس عندنا، تلقانا به روح القدس.

٤ - محمّد بن أحمد، عن محمّد بن خالد عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عمران بن أعين، عن جُعَيد الهمداني، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال: سألته بأي حكم تحكمون؟ قال: حكم آل داود، فإن أعيانا (2) شيء تلقانا به روح القدس.

5 - أحمد بن مهران رحمه اللّه، عن محمّد بن عليّ عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطي قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما منزلة الأئمّة (3)؟ قال : كمنزلة ذي القرنين وكمنزلة يوشع وكمنزلة آصف صاحب سليمان قال: فيما تحكمون؟ قال: بحكم اللّه وحكم آل داود وحكم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ويتلقانا به روح القدس.

١٥٦ - باب أن مستقى العلم من بيت آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

١٥٦ - باب أن مستقى (4) العلم من بيت آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب قال : حدَّثنا يحيى بن عبد اللّه أبي الحسن صاحب الدّيلم (5) قال : سمعت جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول - وعنده أناس من أهل الكوفة - : عجباً للناس إنّهم أخذوا علمهم كله عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فعملوا به واهتدوا ويرون أنَّ أهل بيته لم يأخذوا علمه، ونحن أهل بيته وذريته في منازلنا نزل الوحي، ومن عندنا

ص: 463


1- أي الحكم كما هو في الواقع لا في الظاهر المستند إلى البينات والأيمان.
2- «أي أعجزنا حكم أو واقعة لا نعلم حقيقتها» مرآة المجلسيّ ٣٠٤/٤.
3- مر ما يشبه هذا الحديث في باب أن الأئمّة بمن يشبهون؟
4- الاستقاء في الأصل إنّما يطلق على إخراج الماء من مكانه بدلو ونحوه أو على مطلق طلب الماء، وفي هذا الحديث «تشبيه العلم بالماء في أن العلم حياة للأرواح كما أن الماء حياة للأجساد» مرآة المجلسيّ ٣٠٥/٤.
5- إنّما لقب بصاحب الديلم لالتجائه إليهم واجتماع النّاس إليه عندهم ومبايعتهم له وذلك في عهد الرشيد العبّاسي. إلى أن احتال الرشيد فاستجلبه إلى بغداد وقيل بأن صاحب الديلم باعه من الفضل بن يحيى وزير الرشيد بمائة ألف درهم.

خرج العلم إليهم، أفيرون أنهم علموا واهتدوا وجَهِلْنا نحن وضَلَلْنا، إنّ هذا لمُحال (1).

2 - علىّ بن محمّد بن عبد اللّه عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد اللّه بن حماد، عن صباح المُزَني، عن الحارث بن حصيرة عن الحكم بن عتيبة قال: لقي رجل الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالثعلبية (2) وهو يريد كربلا، فدخل عليه فسلّم عليه، فقال ل_ه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من أي البلاد أنت؟ قال: من أهل الكوفة قال أما واللّه يا أخا أهل الكوفة : لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) من دارنا (3) ونزوله بالوحي على جدّي، يا أخا أهل الكوفة : أفمستقى النّاس العلم من عندنا فعَلِموا وجَهِلْنا؟! هذا ما لا يكون.

١٥٧ - باب أنه ليس شيء من الحقّ في يد النّاس إلا ما خرج من عند الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وأن كلّ شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل

1 - عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ليس عند أحد من النّاس حق ولا صواب، ولا أحدٌ من النّاس يقضي بقضاء حق، إلّا ما خرج منا أهل البيت، وإذا تشعبت (4) بهم (5) الأمور كان الخطأ منهم والصواب من علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن مثنى، عن زرارة قال : كنت عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : س«لوني (7) عما شئتم فلا تسألوني عن شيءٍ إلّا أنبأتكم به» قال : إنّه ليس أحد عنده علم شيء إلّا خرج من عند أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فليذهب النّاس حيث شاؤوا، فواللّه ليس الأمر (8) إلّا من ههنا، وأشار بيده إلى بيته.

ص: 464


1- أي الممتنع.
2- مكان بين مكّة والكوفة.
3- أي المكان الّذي كان يقف عليه جبرائيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند هبوطه على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لتبليغه الوحي.
4- أي تفرقت.
5- أي من الصحابة وتابعيهم ممّن خالفوا أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وحاربوهم بكل الوسائل.
6- وهذا يدل على أن الحقّ مع علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يدور معه كيفما دار.
7- قوله (سلوني) في أي موضع ورد عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما قاله بعده إلّا كاذب معاند.
8- أي العلم الحقيقي والصواب.

٣ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الوشّاء عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي مريم قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) لسَلَمَة بن كُهَيْلِ والحَكَم بن عُتَيْبَة (1): شرقا وغربا (2) فلا تجدان علماً صحيحاً إلّا شيئاً خرج من عندنا أهل البيت.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن معلىّ بن عثمان، عن أبي بصير قال : قال لي قال : قال لي (3) : إن الحكم بن عتيبة ممّن قال اللّه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (4) فليشرق الحكم وليغرب، أما واللّه لا يصيب العلم إلّا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن شهادة ولد الزنا تجوز؟ فقال : لا. فقلت : إنّ الحَكَمَ بن عُتيبة يزعم أنّها تجوز. فقال : اللّهمّ لا تغفر ذنبه، ما قال اللّه للحكم (إنه لذكر لك ولقومك) (5) فليذهب الحكم يميناً وشمالاً، فواللّه لا يؤخذ العلم إلّا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ)(6).

٦ - عدَّة من أصحابنا عن الحسين بن الحسن بن يزيد عن بدر (7) عن أبيه قال: حدَّثني سلام أبو علي الخراساني، عن سلام بن سعيد المخزومي قال : بينا أنا جالس عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ دخل عليه عباد بن كثير عابد أهل البصرة، وابن شريح فقيه أهل مكة، وعند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ميمون القداح مولى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فسأله عباد بن كثير فقال : يا أبا عبد اللّه : في كم ثوب كفن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ قال : في ثلاثة أثواب : ثوبين صُحارتين (8) وثوب حِبَرَة (9)،

ص: 465


1- وكانا من الزيدية البترية أتباع المغيرة بن سعيد الأبتر أو الحسن بن صالح، وكانوا يقولون بإمامة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبخلافة أبي بكر وعمر ويبغضون عثمان وطلحة والزبير وعائشة ويرون الخروج مع ولد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فراجع الطريحي.
2- كناية عن الذهاب حيث شاءا في طلب العلم.
3- أي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- البقرة/ ٨.
5- الزخرف/ ٤٤. والضمير في (إنه) للقرآن. و (لك) خطاب للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). و (ما) في ما قال) نافية أي لم يقل اللّه للحكم.
6- دل هذا الحديث على أن الّذين خوطبوا بهذا القرآن هم النبيّ وأهل بيته المعصومون (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهم المقصودون بقوله تعالى (ولقومك) ولذا لا يدخل فيهم الحكم وأمثاله من الضلال المضلين.
7- الظاهر أنّه بدر بن الوليد الخثعمي الكوفيّ
8- نسبة إلى صحار وهي قرية باليمن.
9- بفتح الحاء وكسرها وفتح الباء والراء ضرب من برود اليمن كما ورد في محيط المحيط.

وكان في البرد قلة، فكأنما أزور عباد بن كثير من ذلك، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن نخلة مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنّما كانت عجوة (1) ونزلت من السماء، فما نبت من أصلها كان عجوة، وما كان من لقاط فهو لون (2)، فلما خرجوا من عنده قال عباد بن كثير لابن شريح : واللّه ما أدري ما هذا المَثَل الّذي ضربه لي أبو عبد اللّه فقال ابن شريح هذا الغلام يخبرك فإنه منهم _ يعني ميمون، فسأله فقال ميمون : أما تعلم ما قال لك؟ قال : لا واللّه، قال : إنّه ضرب لك مَثَل نفسه فأخبرك أنّه ولد من ولد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعلم رسول اللّه عندهم فما جاء من عندهم فهو صواب وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط (3).

١٥٨ - باب فيما جاء أن حديثهم صَعْبٌ مُسْتصْعَبٌ

١٥٨ - باب فيما جاء أن حديثهم (4) صَعْبٌ مُسْتصْعَبٌ

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان، عن جابر قال قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): إن حديث آل محمّد صعب مستصعب (5) لا يؤمن به إِلَّا مَلَك مُقَرَّبٌ أو نبيٌّ مُرْسَلُ أو عَبْدُ امْتَحَنَ اللّه قلبه للإيمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلانت له قلوبكم وعرفتموه فأقبلوه، وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى اللّه وإلى الرَّسول، وإلى العالم من آل محمّد، وإنما الهالك أن يُحَدُّثَ أحدكم بشيء منه لا يحتمله، فيقول : واللّه ما كان هذا واللّه ما كان هذا، والإنكار (6) هو الكفر.

2 - أحمد بن إدريس عن عمران بن موسى عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ذكرت التقية يوماً عند عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : واللّه لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لقتله (7) ولقد آخا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بينهما، فما ظنكم بسائر

ص: 466


1- أي أجود التمر.
2- هو أردأ التمر. وقيل : هو الدَّقَلُ من النخل عند أهل المدينة.
3- وقد تُقرأ (لِقاط) بكسر اللام جمع (لَقَطْ) وهو ما يلتقط من ههنا وههنا من النوى ونحوه مرآة المجلسيّ ٣١١/٤.
4- أي حديث أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وهو أعم من كلامهم فيشمل منزلتهم وشرفهم وعظمتهم وكرامتهم وعلمهم وخلق أبدانهم وعقولهم وغيبة قائمهم الخ.
5- الصعب هو الشاق العَسِرُ في نفسه، والمُسْتَصْعَب هو الّذي يراه النّاس شاقاً عَسِراً.
6- فيما إذا أنكره وهو يعلم أنّه صادر عن المعصوم فإن ذلك يوجب الكفر. أو يحمل الكفر على ما يقابل الانقياد المطلق.
7- «أي من مراتب معرفة اللّه سبحانه ومعرفة النبيّ والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وغيرها، فلو كان أظهر سلمان له شيئاً من ذلك كان لا يحتمله ويحمله على الكذب والارتداد أو العلوم والأعمال الغريبة التي لو أظهرها لحملها على السحر فقتله، أو كان يفشيه فيصير سببا لقتل سلمان» مرآة المجلسيّ ٣١٥/٤.

الخلق، إنَّ عِلْمَ العلماء صعب مستصعب، لا يحتمله إلّا نبي مرسل، أو مَلَك مقرَّب، أو عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان، فقال: وإنّما صار سلمان من العلماء لأنه أمرء منا أهل البيت، فلذلك نسبته إلى العلماء.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن البرقي، عن ابن سنان أو غيره (1) رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن حديثنا صعب مستصعب، لا يحتمله إلّا صدور منيرة أو قلوب سليمة أو أخلاق حسنة، إنّ اللّه أخذ من شيعتنا الميثاق كما أخذ علىّ بني آدم ألست بربكم (2) فمن وفى لنا وفى اللّه له بالجنّة، ومن أبغضنا ولم يؤد إلينا حقنا ففى النار خالداً مخلّداً.

٤ - محمّد بن يحيى وغيره عن محمّد بن أحمد عن بعض أصحابنا قال : كتبت إلى، أبي الحسن صاحب العسكر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) جعلت فداك ما معنى قول الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : حديثنا لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان فجاء الجواب إنّما معنى قول الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) - أي : لا يحتمله ملك ولا نبي ولا مؤمن - أنَّ الملك لا يحتمله (4) حتّى يخرجه إلى ملك غيره، والنبيّ لا يحتمله حتّى يخرجه إلى نبي غيره والمؤمن لا يحتمله حتّى يخرجه إلى مؤمن غيره، فهذا معنى قول جدّي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٥ - أحمد بن محمّد عن محمّد بن الحسين عن منصور بن العبّاس، عن صفوان بن يحيى، عن عبد اللّه بن مسكان عن محمّد بن عبد الخالق وأبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا محمّد : إنَّ عندنا واللّه سرّاً من سر اللّه، وعلماً من علم اللّه، واللّه ما يحتمله ملك مقرّب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان واللّه ما كلف اللّه ذلك أحداً غيرنا، ولا استعبد بذلك أحداً غيرنا. وإنَّ عندنا سرّاً من سرّ اللّه وعلماً من علم اللّه، أمرنا اللّه بتبليغه، فبلغنا عن اللّه عزّ وجلّ ما أمرنا بتبليغه، فلم تجد له موضعاً ولا أهلاً ولا حمّالة يحتملونه حتّى خلق اللّه محمّداً لذلك أقواماً خلقوا من طينة خلق منها محمّد وآله وذرّيّته (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ومن نور خلق اللّه منه وذريته وصنعهم بفضل صنع رحمته التي صنع منها محمّداً وذريته، فبلغنا عن اللّه ما أمرنا بتبليغه، فقبلوه واحتملوا ذلك [ فبلغهم ذلك عنا فقبلوه واحتملوه]، وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم

ص: 467


1- الترديد من الراوي.
2- الأعراف / ١٧٢.
3- هو الإمام علي الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- «أي لا يصبر ولا يطيق كتمانه لشدة حبه لهم وحرصه على ذكر فضائلهم حتّى ينقله إلى آخر فيحدثه به. والحاصل أن هذا الاحتمال غير الاحتمال الوارد في الأخبار المتضمنة للاستثناء فلا تنافي بينهما». مرآة المجلسيّ ٣١٨/٤.

إلى معرفتنا وحديثنا فلولا أنهم خُلِقوا من هذا لما كانوا كذلك، لا واللّه ما احتملوه. ثمَّ قال : إِنَّ اللّه خلق أقواماً لجهنّم والنار، فأمرنا أن نبلغهم كما بلغناهم(1)، واشمأزوا من ذلك ونفرت قلوبهم وردُّوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وقالوا ساحر كذاب، فطبع اللّه على قلوبهم وأنساهم ذلك، ثمَّ أطلق اللّه لسانهم ببعض الحقّ، فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة، ليكون ذلك دفعاً عن أوليائه وأهل طاعته، ولولا ذلك ما عُبِدَ اللّه في أرضه، فأمرنا بالكف عنهم والستر والكتمان، فاكتموا عمّن أمر اللّه بالكفّ عنه واستروا عمّن أمر اللّه بالستر والكتمان عنه، قال : ثمَّ رفع يده وبكى وقال : اللّهمّ إنَّ هؤلاء لشرذمة قليلون، فاجعل محيانا محياهم ومماتنا مماتهم ولا تسلّط عليهم عدواً لك فتفجعنا بهم، فإنّك إن أفجعتنا بهم لم تُعْبَد أبداً في أرضك (2) وصلى اللّه على محمّد وآله وسلم تسليماً.

١٥٩ - باب ما أَمَرَ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم وَمَنْ هُمْ

١ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خطب النّاس في مسجد الخَيْف (3) فقال : نصر (4) اللّه عبداً سمع مقالتي فوعاها (5) وحفظها وبلّغها من لم يسمعها، فرُبَّ حامل فقه غير فقيه، وربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغلُّ (6) عليهنَّ قلب امرىء مسلم : إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين (7)، واللّزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم المسلمون إخوة تتكافى دماؤهم (8) ويسعى بذمتهم أدناهم.

ص: 468


1- المقصود بهم الطائفة الأولى من الخلق الّذين خلقهم اللّه من طينة خلق منها محمّداً وآله وذريته (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- أي عبادة صحيحة، لأن العبادة الصحيحة شرطها ولايتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأخذ عنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- هو مسجد منى، سمي بذلك لأنه في سفح الجبل مرتفعاً عن مجرى السيل.
4- أي حسن خلقه وزاده قدراً وشرفاً.
5- أي عَقِلَها وفهمها.
6- أي لا ينطوي قلبه على الخيانة فيها والإغلال الخيانة من كلّ شيء.
7- النصيحة في الأصل: إرادة الخير للغير. والمراد بالنصيحة لأئمة المسلمين هنا وهم المعصومون (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو توليهم والبراءة من أعدائهم والانقياد لهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونصرتهم.
8- «أي يتساوى في القصاص والجنايات والديات لا تفاوت بين الشريف والوضيع والكفؤ النظير والمساوي» المازندراني ١٥/٦.

ورواه أيضاً حمّاد بن عثمان عن أبان عن ابن أبي يعفور مثله وزاد فيه : وهم يد على من سواهم (1). وذكر في حديثه أنّه خطب في حجّة الوداع بمنى في مسجد الخيف.

2 - محمّد بن الحسن عن بعض أصحابنا عن عليّ بن الحكم عن الحكم بن، مسكين، عن رجل من قريش من أهل مكّة قال : قال سفيان الثوري : اذهب بنا إلى جعفر بن محمّد قال فذهبت معه إليه فوجدناه قد ركب دابته فقال له سفيان يا أبا عبد اللّه حدَّثنا بحديث خطبة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مسجد الخيف، قال : دعني حتّى أذهب في حاجتي فإنّي قد ركبتُ فإذا جئتُ حدَّثتك، فقال: أسألك بقرابتك من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما حدثتني، قال : فنزل، فقال له سفيان: مر لي بدواة وقرطاس حتّى أثبته، فدعا به ثمَّ قال : اكتب : بسم الرّحمن الرّحيم خطبة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مسجد الخيف: «نضّر اللّه عبداً سمع مقالتي فوعاها، وبلغها من لم تبلغه، يا أيّها النّاس ليبلغ الشاهد الغائب، فرب حامل فقه ليس بفقيه وربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغلّ عليهنَّ قلب امرىء مسلم : إخلاص العمل اللّه والنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، المؤمنون إخوة تتكافى دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم» فكتبه سفيان ثمَّ عرضه عليه. وركب أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجئت أنا وسفيان، فلما كنا في بعض الطريق قال لي كما أنت (2) حتّى أنظر في هذا الحديث، فقلت له : قد واللّه ألزم أبو عبد اللّه رقبتك شيئاً لا يذهب من رقبتك أبداً. فقال: وأي شيء ذلك؟ فقلت له : ثلاث لا يغلّ عليهنَّ قلب امرىء مسلم : إخلاص العمل اللّه قد عرفناه، والنصيحة لأئمة المسلمين، من هؤلاء الأئمّة الّذين يجب علينا نصيحتهم ؟ معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ومروان بن الحكم ؟ وكل من لا تجوز شهادته عندنا ولا تجوز ؟ الصلاة خلفهم ؟ وقوله : واللزوم لجماعتهم فأيُّ الجماعة ؟ مرجيء (3) يقول : من لم يصلّ ولم يصم ولم يغتسل من جنابة وهدم الكعبة، ونكح أمّه فهو على إيمان جبرئيل وميكائيل، أو قدري (4) يقول : لا يكون ما شاء اللّه عزّ وجلّ ويكون ما شاء إبليس، أو حروري (5) يتبرأ من عليّ بن أبي طالب وشهد عليه بالكفر، أو جهمي (6) يقول : إنّما هي معرفة اللّه وحده ليس

ص: 469


1- «قال في النهاية : (هم يد على من سواهم) أي هم مجتمعون على أعدائهم لا يسعهم التخاذل بل يعاون بعضهم بعضاً على جميع الأديان والملل كأنه جعل أيديهم يداً واحدة وفعلهم فعلاً واحداً».
2- أي قف والزم مكانك.
3- وهو من يقول لا تنفع مع الكفر طاعة كما لا تضر مع الإيمان معصية.
4- أي من القائلين بالتفويض.
5- أي خارجي من الخوارج.
6- أتباع جهم بن صفوان وهم من القائلين بالجبر المحض.

الإيمان شيء غيرها ؟!! قال: ويحك وأي شيء يقولون؟ فقلت : يقولون : إنَّ عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) واللّه الإمام الّذي يجب علينا نصيحته ولزوم جماعتهم : أهل بيته، قال: فأخذ الكتاب فخرقه (1) ثمَّ قال : لا تخبر بها أحداً.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن حماد بن عيسى، عن حريز عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ما نظر اللّه عزّ وجلّ إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة لإمامه والنصيحة إلّا كان معنا في الرفيق الأعلى (2).

٤ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من فارق جماعة (3) المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة(4) الإسلام من عنقه.

5 - وبهذا الإسناد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من فارق جماعة المسلمين ونكت صفقة الإمام (5) جاء إلى اللّه عزّ وجلّ أجذم (6).

١٦٠ - باب ما يجب من حق الإمام على الرَّعيَّة وحق الرعية على الإمام

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، حماد بن عن عثمان عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما حقُّ الإمام على الناس؟ قال حقه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا (7). قلت : فما حقهم عليه ؟ قال : يقسم بينهم بالسوية (8) ويعدل في

ص: 470


1- أي مزّقه.
2- وهم «الّذين أنعم اللّه عليهم من النبيّين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً» النساء / ٦٩.
3- «مفارقة الجماعة : ترك السنة واتباع البدعة»كما في النهاية.
4- قال في النهاية : «الربقة في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها فاستعارها للإسلام، يعني ما يشد المسلم به نفسه من عرى الإسلام أي حدوده وأحكامه وأوامره ونواهييه...».
5- أي نقض بيعته. وكانت البيعة تتم بصفق اليد.
6- الجذم هو القطع، أي اقطع اليد.
7- «أي حقه عليهم أن يسمعوا لأقواله وأوامره ونواهيه... وأن يطيعوه في جميع وأن يطيعوه في جميع ذلك» المازندراني ٢١/٧ وقال المجلي لعل المراد بالسماع القبول والطاعة والفقرة الثانية مفسرة لها... أو المراد بالأولى الإقرار وبالثانية العمل» ٣٣٤/٤.
8- أي «أن يعطي الشريف والوضيع من الفيء وبيت المال سواء على عدد الرؤوس» ن. م.

الرعيّة (1)، فإذا كان ذلك في النّاس فلا يبالي (2) من أخذ ههنا وههنا.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله إلّا أنّه قال : هكذا وهكذا وهكذا وهكذا يعني [من] بين يديه وخلفه وعن يمينه وعن شماله.

3 - محمّد بن يحيى العطّار، عن بعض أصحابنا، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة ابن صدقة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا تختانوا ولاتكم(3)، ولا تغشوا هداتكم، ولا تجهلوا أئمتكم (4)، ولا تصدّعوا عن حبلكم (5) فتفشلوا وتذهب ريحكم (6) وعلى هذا فليكن تأسيس أموركم والزموا هذه الطريقة، فإنكم لو عاينتم ما عاين من قدمات منكم ممّن خالف ما قد تدعون إليه، لبدرتم (7) وخرجتم ولسمعتم، ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا، وقريباً ما يطرح الحجاب (8).

٤ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد محمّد، بن عن عبد الرحمن بن حماد وغيره، عن حنان بن سدير الصيرفي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : نُعِيَتْ إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نفسه وهو صحيح ليس به وجع قال : نزل به الرُّوح الأمين قال: فنادى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الصلاة جامعة وأمر المهاجرين والأنصار بالسلاح واجتمع الناس، فصعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المنبر فنعى إليهم نفسه ثمَّ قال: «أذكر اللّه الوالي من بعدي على أمتي، ألا (9) يرحم على جماعة المسلمين فأجل كبيرهم،

ص: 471


1- «العدل في الرعية : الحكم بالحقّ بين النّاس وعدم الميل إلى أحد والانتصاف للمظلوم من الظالم وإجراء الحدود والأحكام فيهم من غير مداهنة» ن. م / ٣٣٥.
2- «أي إذا كان القسم بالسوية والكم في الرعية فلا يبالي بسخط النّاس وخروجهم عن الدّين وتفرقهم عنه وذهاب كلّ منهم إلى ناحية...» ن. م.
3- أي «لا تنسبوا الخيانة إلى ولاة الحقّ وأئمة الصدق في الأموال والأحكام والعقائد والأقوال والأفعال والحركات والسكنات» المازندراني 22/7.
4- «أي اعرفوهم بصفاتهم وعلاماتهم ودلائلهم وميزوا بين ولاة الحقّ وولاة الجور. أو لا تجهلوا حقوقهم ورعايتهم وطاعتهم» مرآة المجلسيّ ٣٣٦/٤.
5- «يعني لا تتفرقوا عن النور الّذي هو الإمام أو عن السبب الّذي جعله اللّه وسيلة للتقرب منه والوصول إليه وهو التمسك بذيله أو عن عهده وميثاقه الخ» المازندراني ٢٣/٧.
6- كناية عن القوة والمنعة.
7- أسرعتم إلى الدخول في الطاعة والانقياد.
8- أي بعد الموت.
9- ألَّا: حرف تحضيض وحث على الرحمة.

ورحم ضعيفهم، ووفّر عالمهم (1)، ولم يضر بهم فيذلهم، ولم يفقرهم فيكفرهم (2)، ولم يغلق با به دونهم فيأكل قوتهم ضعيفهم، ولم يخبرهم (3) في بعوثهم فيقطع نسل أمتي. ثمَّ قال: [قد] بلغت ونصحت فاشهدوا. وقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا آخر كلام تكلّم به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على منبره.

٥ - محمّد بن عليّ وغيره عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن رجل، عن حبيب بن أبي ثابت قال : جاء إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عسل وتين من همدان وحلوان (4) فأمر العُرفاء (5) أن يأتوا باليتامى، فأمكنهم من رؤوس الأزقاق يلعقونه (6) وهو يقسمها للناس قَدَحاً، قَدَحاً، فقيل له: يا أمير المؤمنين مالهم يلعقونها ؟ فقال : إنَّ الإمام أبو اليتامى وإنما ألعقتهم هذا برعاية الآباء.

٦ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال: «أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه، وعلي أولى به من بعدي»، فقيل له : ما معنى ذلك ؟ فقال : قول النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من ترك ديناً أو ضياعاً (7) فعلي، ومن ترك مالاً فلورثته فالرَّجل ليست له على نفسه ولاية إذا لم يكن له مال، وليس له على عياله أمر ولا نهي إذا لم يجر عليهم النفقة، والنبيّ وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومن بعدهما ألزمهم هذا، فمن هناك صاروا أولى بهم من أنفسهم، وما كان سبب إسلام عامة اليهود إلّا من بعد هذا القول من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأنهم أمنوا على أنفسهم وعلى عيالاتهم.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان،

ص: 472


1- في بعض النسخ (عاقلهم) وفي بعضها (عاملهم).
2- أي لم يتركهم فقراء بعدم الحرص منه على توفير أسباب الكسب لهم أو بأخذه أموالهم فيصير ذلك سبباً لكفرهم بالوالي وبالتالي بالإسلام وعدالته.
3- من الخبر: وهو السوق الشديد. وفي بعض النسخ (يجنزهم) أي يجمعهم في البعوث للحرب أو في الثغور، «وقد يُقرأ بالجيم والتاء والزاي المشدّدة من قولهم اجتز الحشيش إذا قطعه بحيث لم يبق منه شيء. والأصوب ما في نسخ قرب الإسناد (ولم يجمرهم في ثغورهم) وتجمير الجيش جمعهم في الثغور وحبسهم عن العودة إلى أهلهم» مرآة المجلسيّ ٤ / ٣٣٩.
4- من نواحي كردستان العراق.
5- جمع عريف، وهو مقدّم الجماعة يعرف أفرادها.
6- أي يلحسونها بألسنتهم.
7- أي عيالاً. وأصله مصدر ضاع يضيع.

عن صباح بن سَيَابَة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «أيما مؤمن أو (1) مسلم مات وترك ديناً لم يكن في فساد (2) ولا إسراف (3) فعلى الإمام أن يقضيه، فإن لم يقضه فعليه إثم ذلك»، إنَّ اللّه تبارك وتعالى يقول : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) الآية (4) فهو من الغارمين (5)، وله سهم عند الإمام، فإن حبسه فإثمه عليه.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «لا تَصْلُح الإمامة إلّا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي اللّه، وحلم يملك به غضبه (6)، وحسن الولاية على من يلي حتّى يكون لهم كالوالد الرحيم.

وفي رواية أخرى حتّى يكون للرَّعية كالأب الرحيم.

9 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن معاوية بن حكيم، عن محمّد بن أسلم، عن رجل من طبرستان يقال له محمّد قال : قال معاوية : ولقيت الطبري (7) محمّداً بعد ذلك فأخبرني قال: سمعت عليّ بن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : المغرم إذا تدين أو استدان في حق، - الوهم (8) من معاوية - أجل سنة، فإن اتّسع (9) وإلا قضى عنه الإمام من بيت المال.

١٦١ - باب أن الأرض كلها للإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن أبي خالد الكابلي (10)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : وجدنا في كتاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «أَنَّ

ص: 473


1- «الترديد إما من الراوي، أو المراد بالمؤمن : الكامل الإيمان، وبالمسلم كلّ من صحت عقائده» مرآة المجلسيّ ٣٤٣/٤.
2- أي لم يكن صرفه في معصية.
3- أي لم يكن مسرفا في صرفه له بأن كان في مورد ليس من شأنه.
4- التوبة / ٦٠.
5- أي له سهم الغارمين المنصوص عليه في الآية.
6- أي يمنعه به ويكفّه.
7- نسبة إلى طبرستان وهي مقاطعة بين جيلان وخراسان.
8- أي الترديد ناشيء من الراوي.
9- أي صار ذا ميسرة.
10- واسمه،کنکر وقيل اسمه وردان وذكر الفضل بن شاذان ان اسمه وردان ولقبه کنکر فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي ١٣٣/١٤.

الأرض اللّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين»، أنا وأهل بيتى الّذين أورثنا اللّه الأرض ونحن المتقون والأرض كلّها لنا، فمن أحيا أرضاً من المسلمين (1) فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها، فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحقُّ بها من الّذي تركها، يؤدّي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها، حتّى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف، فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها، كما حواها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومنعها إلّا ما كان في أيدي شيعتنا فإنّه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم.

٢ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد قال : أخبرني أحمد بن محمّد بن عبد اللّه عمّن رواه قال : الدُّنيا وما فيها اللّه تبارك وتعالى ولرسوله ولنا، فمن غلب (2) على شيء منها فليتق اللّه، وليؤدّ حقَّ اللّه (3) تبارك وتعالى، وليبر (4) إخوانه، فإن لم يفعل ذلك فاللّه ورسوله ونحن برآء منه.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد قال :، رأيت مَسْمَعاً (5) بالمدينة وقد كان حمل إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) تلك السنة مالاً فرده أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ). فقلت له : لِمَ ردَّ عليك أبو عبد اللّه المال الّذي حملته إليه؟ قال : فقال لي : إني قلت له حين حملت إليه المال : إنّي كنت وَلِيتُ (6) البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم، وقد جئتك بخمسها بثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك، وأن أعرض لها وهي حقك الّذي جعله اللّه تبارك وتعالى في أموالنا، فقال: أوَمَا لَنَا من الأرض وما يخرج اللّه منها إلّا الخمس يا أبا سيّار؟ إنَّ الأرض كلّها لنا فما أخرج اللّه منها من شيء فهو لنا، فقلت له : وأنا أحمل إليك المال كلّه ؟ فقال : يا أبا سيّار قد طيبناه لك وأحللناك منه فضم إليك مالك، وكلُّ ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون حتّى يقوم قائمنا فيجيبهم طسق(7) ما كان في

ص: 474


1- أي استصلحها بإذن الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حياته وظهوره وبدون إذن مع غيبته، سواء في ذلك المسلم والكافر كما نص عليه الشهيد الثاني في الروضة البهية بشرط أن يؤدي خراجها للإمام أو نائبه.
2- أي استولى وتسلّط.
3- بإخراج ما في نتاجها من حق مالي من زكاة أو خمس أو بإعطاء خراجها للإمام. أو دفع طنقها.
4- أي ليصلهم وليحسن إليهم.
5- هو ابن عبد الملك.
6- أي تقلّدت العمل عليها كوال فيما يتعلق بصناعة الغوص على ما يُخرج من البحر من اللؤلؤ وغيره.
7- هي ضريبة توضع على خراج الأرض من قبل الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو نائبه.

أيديهم ويترك الأرض في أيديهم، وأما ما كان في أيدي غيرهم (1) فإِنَّ كسبهم من الأرض حرام عليهم حتّى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم صَغَرة (2).

قال عمر بن يزيد : فقال لي أبو سيّار ما أرى أحداً من أصحاب الضياع ولا ممّن يلي الأعمال يأكل حلالاً غيري إلّا من طيبوا له ذلك.

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن أبي عبد اللّه الرّازي (3)، عن الحسن ابن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : أما على الإمام زكاة ؟ فقال : أحَلْتَ (4) يا أبا محمّد أما علمت أنَّ الدُّنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء، جائز له ذلك من اللّه، إنَّ الإمام يا أبا محمّد لا يبيت ليلة أبداً ولله في عنقه حقّ يسأله عنه.

٥ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عبد اللّه بن أحمد، عن عليّ ابن النعمان عن صالح بن حمزة، عن أبان بن مصعب عن يونس بن ظبيان أو (5) المعلى ابن خنيس قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): مالكم من هذه الأرض؟ فتبسم ثمَّ قال: إنَّ اللّه تبارك وتعالى بعث جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمره أن يخرق (6) بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض، منها سيحان وجيحان (7) وهو نهر بلخ، والخشوع وهو نهر الشاش (8) ومهران وهو نهر الهند، ونيل مصر، ودجلة والفرات، فما سقت أو استقت فهو لنا، وما كان لنا فهو لشيعتنا وليس لعدوّنا منه شيء إلّا ما غَصَب (9) عليه، وإنَّ ولينا لفي أوسع فيما بين ذه إلى ذه _ يعني بين السماء والأرض - ثمَّ تلا هذه الآية: (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (المغصوبين عليها) خالصة (لهم) يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (10) بلا غصب.

ص: 475


1- أي من المخالفين.
2- جمع صاغر وهو الذليل الراضي بالذل.
3- لعله الجاموراني بلحاظ الراوي عنه وهو محمّد بن أحمد أو من روى هو عنه وهو ابن أبي حمزة. واسمه محمّد بن أحمد.
4- أي نطقت بالمحال.
5- الترديد من الراوي.
6- أي يحفر ويشق.
7- «في أكثر النسخ، جيحان بالألف وفي بعضها بالواو وفي النهاية سيحان وجيحان تهران بالعواصم عند المصصة وطرسوس. وفي القاموس سبحان نهر بالشام وآخر ببصرة وسيحون نهر بما وراء النهر ونهر في الهند. وقال : جيحون نهر خوارزم وجيحان نهر بالشام والروم معرب جَهَان» مرآة المجلسيّ ٣٥١/٤.
8- الشاش : كما في القاموس - بلد فيما وراء النهر.
9- أي إلّا ما استولى عليه بالغصب والاعتداء والقهر.
10- الأعراف/ ٣٢.

٦ - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الريان قال : كتبت إلى العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الدنيا إلّا الخمس، فجاء الجواب أنَّ الدُّنيا وما عليها لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد رفعه عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «خلق اللّه آدم وأقطعه الدُّنيا قطيعة، فما كان لآدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وما كان لرسول اللّه فهو للأئمة من آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

8 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) كرى(1) برجله خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه : الفرات ودجلة ونيل مصر ومهران ونهر بلخ، فما سقت أو سقي منها فللإمام والبحر المطيف بالدُّنيا (2) [للإمام ].

عليّ بن إبراهيم عن السريّ بن الرَّبيع قال (3) : لم يكن ابن أبي عمير يعدل(4) بهشام بن الحكم شيئاً وكان لا يغبُّ (5) إتيانه، ثمَّ انقطع عنه وخالفه، وكان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي (6) كان أحد رجال هشام ووقع بينه وبين ابن أبي عمير ملاحاة(7) في شيء من الإمامة، قال ابن أبي عمير : الدُّنيا كلّها للإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) على جهة الملك وأنّه أولى بها من الّذين هي في أيديهم ؛ وقال أبو مالك : [ليس] كذلك أملاك النّاس لهم إلّا ما حكم اللّه به للإمام من الفيء والخمس والمغنم فذلك له، وذلك أيضاً قد بين اللّه للإمام أين يضعه وكيف يصنع به ؛ فتراضيا بهشام بن الحكم وصارا إليه، فحكم هشام لأبي مالك على ابن أبي عمير فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاما بعد ذلك.

١٦٢ - باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن حماد، عن

ص: 476


1- أي شق النهر وحفره.
2- أي المحيط بالأرض.
3- هذا الحديث موقوف.
4- أي لا يساوي به أحداً.
5- أي كان يزوره كلّ يوم، والغيب هو أن يفعل يوماً ويترك يوماً وهكذا، وأصله لورود الإبل الماء.
6- كان من المتكلمين.
7- أي منازعة، وفي المقام مناظرة في الإمامة.

حميد وجابر العبدي قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ اللّه جعلني إماماً لخلقه، ففرض عليَّ التقدير (1)نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي كضعفاء النّاس، كي يقتدي (2) الفقير بفقري ولا يطغي الغنى غِناهُ.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن المعلىّ بن

خنيس قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوماً : جعلت فداك، ذكرت آل فلان (3) وما هم فيه من النعيم فقلت: لو كان هذا إليكم لعشنا معكم (4)، فقال : هيهات (5) يا معلّى، أما واللّه أن لو كان ذاك ما كان إلّا سياسة الليل (6) وسياحة النهار (7) ولبس الخشن وأكل الجشب (8)، فزوي ذلك عنا (9) فهل رأيت ظلامة قط صيّرها اللّه تعالى نعمة إلّا هذه.

3 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ١ - وغيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملاء (10)، وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قد غمّ أهله وأحزن ولده بذلك، فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : علي بعاصم بن زياد فجيء به فلما رآه عبس في وجهه، فقال له : أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك ؟ أترى اللّه أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها، أنت أهون (11) على اللّه من ذلك، أو ليس اللّه يقول : (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ) (12). أوليس [الله] يقول: ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ (13) لَا يَبْغِيَانِ - إلى قوله - یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) (14). فباللّه لابتذال نعم اللّه

ص: 477


1- التضييق.
2- أي يرضى بفقره، عندما ينظر إلى أمير المؤمنين ويعسوب الدّين وخليفة رسول رب العالمين يعيش عيشته فيتأسى به.
3- يعني طغاة بني العبّاس.
4- «أي لو كان هذا الأمر مفوضاً إليكم لعشنا معكم لكثرة النعمة وحصول أسباب العيش» المازندراني ٤٢/٧.
5- أي بعد.
6- «أي سياسة النّاس وحراستهم عن الشر بالليل أو سهر الليل ومحافظته مجازاً. وقيل : هي رياضة النفس فيها بالاهتمام لأمور الناس... مضافاً إلى العبادات البدنية للّه» مرآة المجلسيّ ٣٦٢/٤.
7- أي «رياضة النفس فيه بالدعوة والجهاد والسعي في حوائج المؤمنين ابتغاء مرضاة اللّه» ن.م.
8- الطعام الغليظ. كما قال الجوهري.
9- أي أبعد اللّه ذلك عنا لطفاً بنا وبالناس.
10- وذلك عندما أراد أن يسلك مسلك الزهاد والمتصوفة عزوفاً عن الدنيا.
11- أي أذلّ وأحقر.
12- الرحمن / 10 - 11.
13- الرحمن / 19 - 22.
14- الرحمن / 19 - 22.

بالفعال أحبُّ إليه من ابتذاله لها بالمقال وقد قال اللّه عزّ وجلّ: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (1). فقال عاصم : يا أمير المؤمنين ؛ فعلى ما اقتصرت في مَطْعَمك على الجُشُوبة، وفي ملبسك على الخُشُونة ؟ فقال : ويحك إنَّ اللّه عزّ وجلّ فرض على أئمة العدل أن يقدّروا أنفسهم بضَعَفَة النّاس، كيلا يتبيغ (2) بالفقير فقره، فألقى عاصم بن زياد العباء ولبس الملاء.

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد البرقي، عن - أبيه، عن محمّد بن بن يحيى الخزاز، عن حماد بن عثمان قال : حضرت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال له رجل: أصلحك اللّه، ذكرت أنَّ عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك، ونرى عليك اللباس الجديد، فقال له : إن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يلبس ذلك في إنَّ زمان لا يُنكَرُ [عليه]، ولو لبس مثل ذلك اليوم شُهَرَ (3) بِهِ، فخيرُ لباس كلّ زمان لباس أهله، غير أن قائمنا أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) إذا قام لبس ثياب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسار بسيرة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

١٦٣ - باب نادر

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه عن أيّوب بن نوح قال: عطس يوماً وأنا عنده، فقلت : جعلت فداك ما يقال للإمام إذا عطس؟ قال : يقولون : صلى اللّه عليك.

2 - محمّد بن يحيى، عن جعفر بن محمّد قال : حدَّثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري، عن عمر بن زاهر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سأله رجلٌ عن القائم يسلّم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال : لا، ذاك اسم سمّى اللّه به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لم يسم به أحدٌ قبله، ولا يتسمّى به بعده إلّا كافر، قلت: جعلت فداك كيف يُسلَّم عليه ؟ قال : يقولون : السلام عليك يا بقيّة اللّه، ثمَّ قرأ (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (4).

٣ _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عمر قال :

ص: 478


1- الضحى / 11.
2- أي يهيج بالفقير فقره. وقيل : كي لا يهلك الفقراء.
3- أي شنع.
4- هود / ٨٦ «ويدل على أن المراد ببقية اللّه الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لأنهم من بقايا حجج اللّه ببقائهم تبقى الدنيا وقد ورد ذلك في أخبار كثيرة» مرآة المجلسيّ ٣٦٩/٤.

سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لِمَ سُمِّي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ قال : لأنه يميرهم العلم(1)، أما سمعت في كتاب اللّه (ونمير أهلنا) (2).

وفي رواية أخرى قال: لأن ميرة المؤمنين من عنده، يميرهم العلم.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير، عن أبي الربيع القزاز عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : لِمَ سُمِّي أمير المؤمنين؟ قال: اللّه سمّاه، وهكذا أنزل في كتابه: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) (3) وأنَّ محمّداً رسولي وأنَّ علياً أمير المؤمنين.

١٦٤ _ باب فيه نُكَت ونتف من التنزيل في الولاية

١٦٤ _ باب فيه نُكَت (4) ونتف (5) من التنزيل في الولاية

1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابنا، عن حنان بن سدير، عن سالم الحناط قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرني عن قول اللّه تبارك وتعالى : («نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (6) قال : هي الولاية لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن الحكم بن مسكين، عن إسحاق بن عمّار، عن رجل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى

ص: 479


1- «الميرة طيب الطعام.... (والمعنى) : أن أمراء الدنيا إنّما يسمون أميراً لكونهم متكلفين لميرة الخلق وما يحتاجون إليه في معاشهم بزعمهم، وأما أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإمارته لأمر أعظم من ذلك لأنه يميرهم ما هو سبب لحياتهم الأبدية وقوتهم الروحانية وإن شارك سائر الأمراء في الميرة الجسمانية» ن. م / ٣٧٠.
2- يوسف / ٦٥.
3- الأعراف/ 172.
4- جمع نكتة وهي النقطة «كناية عن اللطائف والأسرار».
5- جمع نتفة وهي القطعة من النبات. «والمراد بهما الأخبار المتفرقة الواردة في تفسير الآيات بالولاية لا تجمع بعضها مع بعض في عنوان» مرآة المجلسيّ ٤١٢/٥.
6- الشعراء / 193 - 195.
7- وظاهر «الآية رجوع الضمير إلى القرآن كما ذكره المفسرون وتأويله يحتمل وجهين : الأوّل : أن المراد به الآيات النازلة في الولاية أو هي عمدتها لأن أكثر القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم. الثاني : أن يكون المراد أن الإنذار الكامل بالقرآن إنّما يتم بنصب الإمام لأنه الحافظ للفظه المفسر لمعناه كما قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض الخ» مرآة المجلسيّ ٢/٥. وهنالك شرح للفيض في الوافي حول هذه الآية وكيفية مناسبتها مع الولاية فراجع.

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) (1) قال : هي ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : ([و] الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) (3) قال : بما جاء به محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الولاية ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان فهو الملبس (4) بالظلم.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن الحسن بن نعيم الصحاف قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (فمنكم مؤمن ومنكم كافر) (5) فقال : عرف اللّه إيمانهم بولايتنا وكفرهم بها، يوم أخذ عليهم الميثاق في صلب آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهم ذر.

٥ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد عن ابن محبوب عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (يوفون بالنذر) (6) الّذي أخذ عليهم من ولايتنا.

٦ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد اللّه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) (7) قال : الولاية.

7 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن محمّد عن الوشّاء، عن مثنّى مثنى، عن زرارة، عن عبد اللّه بن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا

ص: 480


1- الأحزاب / 72.
2- بعد تحقيق طويل في معنى الأمانة وكيفية عرضها على ما ذكر سبحانه خلص المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) ٨/٥ إلى أنّه يمكن حمل الخبر على أن المراد (بالأمانة) مطلق التكليف، وإنما خص (عَلَيهِ السَّلَامُ) الولاية بالذكر لأنها هي العمدة في التكاليف والشرط في صحة باقيها وصونها وحفظها فراجع ص /٣ وما بعدها من الجزء الخامس من مرآته.
3- الأنعام / 82.
4- الملبس، إما أن تُقرأ بكسر الباء «فالضمير راجع إلى الرَّجل الّذي خلط ولاية الحقّ بالباطل»، أو أن تُقرأ بفتح الباء «فالضمير راجع إلى الإيمان الملبس».
5- الآية في سورة التغابن / 2 هكذا «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ» ولعل التقديم والتأخير من النساخ أو من الرواة اشتباها. وستأتي هذه الآية في خبر قادم كما هي عليه في المصحف وهذا يؤكد ما قلناه.
6- الدهر / 7.
7- المائدة/ ٦٦.

إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (1) قال : هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

8 _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (في ولاية عليّ [وولاية] الأئمّة من بعده) فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (2) هكذا نزلت (3).

٩ _ الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن أحمد بن النضر، عن محمّد بن مروان رفعه إليهم (4) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ) (5) في عليّ والأئمّة (كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا) (6).

10 _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن السيّاري(7)، عن عليّ بن عبد اللّه قال : سأله رجل عن قوله تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) (8) قال : من قال بالأئمّة واتبع أمرهم ولم يجز (9) طاعتهم.

11 - الحسين بن محمّد، عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه رفعه في قوله تعالى : (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ) (10) قال : أمير المؤمنين وما وَلَدَ من الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ). 12 - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن محمّد بن أورمة ومحمّد بن عبد اللّه، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى) (11) قال : أمير المؤمنين والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

13 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، اللّه الوشّاء، عن عبد بن سنان قال :

ص: 481


1- الشورى 23.
2- الأحزاب / 71.
3- أي نزلت في هذا المعنى وبهذا التفسير.
4- أي إلى الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).
5- الأحزاب / ٥٣.
6- الأحزاب / ٦٩.
7- لعله أحمد بن محمّد السياري أو البصريّ.
8- طه / 123.
9- أي لم يتجاوز طاعتهم بل تابعهم وانقاد لهم.
10- البلد / ١ - ٣.
11- الأنفال/ ٤١.

سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (1) قال : هُم الأئمّة.

١٤ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، محمّد بن أورمة، عن أورمة، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) (2) قال : أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأئمّة. (وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ)(3). قال : فلان وفلان (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) (4) أصحابهم وأهل ولايتهم (فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (5) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

١٥ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن مثنى، عن عبد اللّه ابن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) (6) يعني بالمؤمنين : الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، لم يتخذوا الولائج من دونهم.

١٦ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محدّ، عن محمّد بن جمهور، عن صفوان، عن ابن مسكان عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) (7) [قال] :قلت ما السّلم؟ قال : الدخول في أمرنا (8).

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) (9) قال : يا زرارة أو لم تركب هذه الأمة بعد نبيها طبقاً عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان(10).

18 - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور عن حمّاد بن

ص: 482


1- الأعراف/ 181.
2- آل عمران/ ٧.
3- آل عمران/ ٧.
4- آل عمران/ ٧.
5- آل عمران/ ٧.
6- التوبة / ١٦. والوليجة : كما في القاموس : بطانة الرَّجل وخاصته. والمعنى : ولم يعلم اللّه الّذين لم يتخذوا سوى اللّه ورسوله والمؤمنين بطانة وأولياء يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم مجمع البيان للطبرسي المجلد الثالث ص / ١٢.
7- الأنفال/ ٦١ والجنوح إلى السلم الميل إليه.
8- أي أمر الإمامة بالاعتقاد بهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) والبراءة من أعدائهم، ومتابعتهم والانقياد لهم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
9- الانشقاق/ 19.
10- إشارة إلى تطابق أحوال خلفاء الجور في الشدة والفساد، مرآة المجلسيّ ٢١/٥.

عيسى، عن عبد اللّه بن جندب قال : سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (1) قال : إمام إلى إمام.

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن النعمان، عن سلام، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا) (2) قال : إنّما عنى بذلك عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفاطمة والحسن والحسين وجرت بعدهم في الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ثمَّ يرجع القول من اللّه في النّاس فقال : (فَإِنْ آمَنُوا (يعني النّاس) بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ (يعني عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)) فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ). (3).

20 _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن مثنى، عن عبد اللّه ابن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (4) قال : هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ومن اتبعهم.

21 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ عن ابن أذينة، عن مالك الجهني قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قوله عزّ وجلّ: ﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) (5) قال : من بلغ أن يكون إماماً من آل محمّد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

22 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن مفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) (6). قال : عهدنا إليه في محمّد والأئمّة من بعده، فترك (7) ولم يكن له

ص: 483


1- القصص / ٥١.
2- البقرة/ ١٣٦.
3- البقرة/ 137 وتدل هذه الآية - وفق هذا التفسير - على أن متابعة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) والاقتداء بهم وتوليهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) هي مقياس الاهتداء عملاً وقولاً وأن مخالفتهم وعداوتهم هي شقاق ونفاق والشقاق مناوأة الحقّ ومحاربته.
4- آل عمران / ٦٨.
5- الأنعام / 19 أي من بلغه هذا القرآن من الغائبين والمعدومين، هكذا في كتب التفسير الموجودة. ومن الواضح أن إبلاغ هذا القرآن للمعدوم في زمن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إنّما يحتاج إلى مبلغ، وليس كلّ من بلغ يصلح أن يكون منذراً «بل هو من كان عالماً بجميع ما فيه مثل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لكونه قائماً مقامه فلذلك فسره (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقوله (من بلغ) أن يكون إماماً من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )» المازندراني ٥٩/٧.
6- طه / 115.
7- تفسير للنسيان بالترك. قيل: «أي ترك التوسل بهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد ارتكاب الخطيئة حتّى ألهمه اللّه ذلك» مرآة المجلسيّ ٢٥/٥.

عزم أنّهم هكذا، وإنما سمّي أولوا العزم أولي العزم لأنه عهد إليهم في محمّد والأوصياء من بعده، والمهدي وسيرته (1) وأجمع عزمهم على أنَّ ذلك كذلك والإقرار به (2).

٢٣ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن جعفر بن محمّد بن عبيد اللّه، عن محمّد بن عيسى القميّ، عن محمّد بن سليمان، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله : (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ)، كلماتٍ في محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من ذرّيّتهم «فنسي»، هكذا واللّه نزلت (3) على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

٢٤ - محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن النضر بن شعيب، عن خالد بن ماد، عن محمّد بن الفضل عن الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أوحى اللّه إلى نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (4) قال : إنّک على ولاية علي وعلي هو الصراط المستقيم (5).

2٥ - عليّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان عن منَخّل عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذه الآية على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هكذا : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ (في عليّ) بَغْيًا) (6).

٢٦ - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن سنان عن عمّار بن مروان، عن منحل، عن جابر، قال: نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذه الآية على محمّد هكذا (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا (في علي) فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (7).

27 _ وبهذا الإسناد، عن محمّد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن منخل، عن أبي

ص: 484


1- أي طريقته في الغيبة وبعد الخروج.
2- من دون إكراه.
3- ولعل المراد هكذا نزلت لفظاً في القرآن أو نزلت معنى بتفسير جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأمر ربه وهو على التقديرين تنزيل لا تأويل» المازندراني ٦٠/٧.
4- الزخرف/ ٤٣.
5- «وإنما سمي (عَلَيهِ السَّلَامُ) صراطاً مستقيماً لأنه طريق الحقّ المستوي الّذي لا يضل سالكه ومن تمسك بذيله أبداً» المازندراني /٧ ٦٠ - ٦١.
6- البقرة/ 90 «والآية في سياق ذكر أحوال اليهود فلو كان قوله: (في علي) تنزيلاً، يكون ذكر ذلك بين أحوال اليهود لبيان أن المنكرين لولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمنزلة اليهود في إنكار ما أنزل اللّه» مرآة المجلسيّ ٢٧/٥ – ٢٨.
7- البقرة/ ٢٣. والريب هو الشك.

عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : نزل جبرئیل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بهذه الآية هكذا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا (في عليّ) نوراً مبيناً) (1).

28 _ عليّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أبي طالب، عن يونس بن بكار، عن أبيه، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ (في علي) لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) (2).

29 _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن مثنى الحناط عن عبد اللّه بن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : في قول اللّه عزّ وجلّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (3) قال : في ولايتنا.

٣٠ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عبد اللّه بن إدريس، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قوله جل وعزَّ : (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) (4) قال : ولايتهم. (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (5) قال : ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) (6).

٣١ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسان، عن محمّد بن عليّ، عن عمار بن مروان عن منحل، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ (محمّد) بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا (من آل محمّد) كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) (7).

ص: 485


1- «وليس في المصحف هكذا، بل صدر الآية في أوائل سورة النساء هكذا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا...) الآية ٤٧. وآخرها في أواخر تلك السورة هكذا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا) الآية ١٧٤ - وكأنه سقط من الخبر شيء، وكان (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذكر اسمه في الموضعين فسقط آخر الآية الأولى واتصلت بآخر الآية الثانية لتشابه الآيتين وكثيراً ما يقع ذلك، ويحتمل أن يكون في مصحفهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إحدى الآيتين هكذا وعلى الأوّل ظاهره التنزيل ويحتمل التأويل أيضاً» مرآة المجلسيّ ٢٩/٥.
2- النساء/ ٦٦.
3- البقرة/ 208 والسلم الإسلام والانقياد «والولاية داخلة فيهما بل هي من أهم أركانهما».
4- الأعلى / ١٦ - ١٩. وقد «عبّر عن ولايتهم بالحياة الدنيا لأنها سبب لجمعها وحيازتها ولهذا اختارها الأشقياء على ولاية إمام الحقّ لأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يقسم بالسوية وهم كانوا يؤثرون الكبراء والأشراف فمالوا إليهم. وكذا عبر عن ولايته (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالآخرة لأنها سبب للحياة الأبدية ثمَّ رغب في اختيار الآخرة باختيار ولايته بأنها خير وأبقى» مرآة المجلسي.31/٥.
5- الأعلى / ١٦ - ١٩. وقد «عبّر عن ولايتهم بالحياة الدنيا لأنها سبب لجمعها وحيازتها ولهذا اختارها الأشقياء على ولاية إمام الحقّ لأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يقسم بالسوية وهم كانوا يؤثرون الكبراء والأشراف فمالوا إليهم. وكذا عبر عن ولايته (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالآخرة لأنها سبب للحياة الأبدية ثمَّ رغب في اختيار الآخرة باختيار ولايته بأنها خير وأبقى» مرآة المجلسي.31/٥.
6- الأعلى / ١٦ - ١٩. وقد «عبّر عن ولايتهم بالحياة الدنيا لأنها سبب لجمعها وحيازتها ولهذا اختارها الأشقياء على ولاية إمام الحقّ لأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يقسم بالسوية وهم كانوا يؤثرون الكبراء والأشراف فمالوا إليهم. وكذا عبر عن ولايته (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالآخرة لأنها سبب للحياة الأبدية ثمَّ رغب في اختيار الآخرة باختيار ولايته بأنها خير وأبقى» مرآة المجلسي.31/٥.
7- البقرة/ 87 - والموجود في سورة البقرة هكذا أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون وتوجيه الخطاب بناءً على تفسير الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) يشير إلى عداوة من عادى أهل البيت وخاصّة علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) بلحاظ كونه حافظاً للدين وخليفة لسيد المرسلين وحامياً للشريعة التي أرادوا أن يمسخوها بعداوتهم له (عَلَيهِ السَّلَامُ). ويمكن أن تكون الآية عامة لكلّ من عاند الحقّ وحاربه.

٣٢ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن عبد اللّه بن إدريس، عن محمّد بن سنان عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ (بولاية علي) مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) (1) يا محمّد من ولاية علي هكذا في الكتاب مخطوطة (2).

٣٣ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن أحمد بن محمّد، عن ابن هلال، عن أبيه، عن أبي السفاتج عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه جل وعزَّ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) (3) فقال : إذا كان يوم القيامة دعي بالنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وبأمير المؤمنين وبالأئمّة من ولده (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيُنصبون (4) للنّاس، فإذا رأتهم شيعتهم قالوا : الحمد للّه الّذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه، يعني هدانا اللّه في ولاية أمير المؤمنين والأئمّة من ولده (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٣٤ _ الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن أورمة؛ ومحمّد بن عبد اللّه، عن عليّ بن حسان، عن عبد اللّه بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) (5) قال : النبأ العظيم الولاية. وسألته عن قوله (هنالك الولاية اللّه الحقّ) (6) قال : ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٣٥ - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا) (7)قال: هي الولاية.

٣٦ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن إبراهيم الهمداني يرفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ)(8) قال : الأنبياء

ص: 486


1- الشورى / 13.
2- «يعني هذه الآية بهذا اللفظ مخطوطة في الكتاب الّذي جمعه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو اللوح المحفوظ». المازندراني 7 / 64.
3- الأعراف/ ٤٣.
4- «أي لحساب الخلق وشفاعتهم وقسمة الجنة والنار بينهم» مرآة المجلسيّ ٢٣/٥.
5- النبأ / ١ - ٢.
6- الكهف / ٤٤.
7- الروم / ٣٠، وحنيفاً : أي مائلاً للدين عن غيره من الأديان الباطلة.
8- الأنبياء / ٤٧. وأريد بها (أي الموازين) الأنبياء والأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولعل إطلاقها عليهم من باب الحقيقة اللغوية لأن الميزان في الأصل ما يوزن به الشيء ويعرف به قدره فالشرع ميزان والنبيّ ميزان إذ بهما يعرف قدر الحقّ واشتهار إطلاقه على هذه الآلة التي لها لسان وكفتان يفيدانه حقيقة عرفية فيها كاشتهار العام في بعض أفراده عند أهل العرف» المازندراني ٦٦/٧.

والأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ).

37 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد، عن محمّد بن جمهور، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى : (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ) (1) قال : قالوا(2) : أو بدل عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ)

38 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن القميّ، عن إدريس بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن تفسير هذه الآية ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (3) قال : عنى بها : لم نك من أتباع الأئمّة الّذين قال اللّه تبارك وتعالى فيهم : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (4) أما ترى النّاس يسمون الّذي يلي السابق في الحَلَبَة (5) مصلّي، فذلك الّذي عنى حيث قال: «لم نك من المصلين»: لم نك من أتباع السابقين.

٣٩ - أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن موسى بن محمّد، عن يونس بن يعقوب، عمّن ذكره، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) (6) يقول : لأشربنا قلوبهم الإيمان، والطريقة: هي ولاية عليّ بن أبي طالب والأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٤٠ _ الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان عن أبي أيّوب عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) (7) فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

ص: 487


1- يونس / ١٥.
2- أي المشركون والمنافقون.
3- المدثر / ٤٢ - ٤٣، وسفر من أسماء جهنّم.
4- الواقعة / ١٠ - ١١.
5- الحَلَبَة : الدفعة من خيل السباق. وهي عندهم عشرة لها عشرة أسماء فالسابق... يقال له المجلي... والثاني المصلي... والثالث التالي... والرابع البارع... والخامس المرتاح... والسادس الحظي... والسابع... العاطف... والثامن المؤمل... والتاسع اللطيم... والعاشر السكيت». مرآة المجلسيّ ٤٢/٥.
6- الجن/ ١٦. والماء الغدّق : الماء الكثير.
7- فصلت/ 30. ولا يخفى أن الاستقامة على طريق اللّه حقيقة لا يمكن أن تتحقق إلّا بولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) الّذين جعلهم اللّه حججاً على خلقه وأبواباً لمرضاته ورحمته.

استقاموا على الأئمّة واحداً بعد واحد (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (1).

٤١ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ) (2) فقال: إنّما أعظكم بولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هي الواحدة التي قال اللّه تبارك وتعالى : (إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ).

٤٢ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن أورمة وعليّ بن عبد اللّه، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا (3) لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) (4) قال : نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا بالنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في أول الأمر وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية، حين قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : مَنْ كنتُ مولاه فهذا على مولاه، ثمَّ آمنو بالبيعة لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمَّ كفروا حيث مضى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلم يقروا بالبيعة، ثمَّ ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء.

٤٣ _ وبهذا الإسناد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى) (5) فلان وفلان وفلان، ارتدوا عن الإيمان في ترك ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). قلت : قوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) (6) قال : نزلت واللّه فيهما وفي أتباعهما وهو قول اللّه عزّ وجلّ الّذي نزل به جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ (في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ))

ص: 488


1- فصلت/ 30 ولا يخفى أن الاستقامة على طريق اللّه لا يمكن أن تتحقق إلّا بولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) الّذين جعلهم اللّه على خلقه وأبوابا لمرضاته ورحمته.
2- سبأ / ٤٦. والمعنى : انصح لكم بخصلة واحدة وهي كما في الحديث وغيره من الأحاديث ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأولاده (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكفى بها خصلة تجمع خير الدنيا والآخرة.
3- النساء / ١٣٧. وتتمتها (لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا).
4- آل عمران/ 90. وتمامها (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) «ولعله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو الراوي ذكر آية النساء وضم إليها بعض آية آل عمران للتنبيه على أن مورد الذم في الآيتين واحد وأن كلّ واحدة منهما مفسّرة للأخرى لأن قوله (لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) وقع في موقع (لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) لإفادته مفاده»مرأة المجلسيّ ٤٧/٥.
5- محمّد / ٢٥.
6- محمّد / ٢٦.

سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) قال : دعوا بني أمية إلى ميثاقهم ألا يصيروا الأمر فينا بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ولا يعطونا من الخمس شيئاً، وقالوا إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شيء، ولم يبالوا أن يكون الأمر فيهم، فقالوا : سنطيعكم في بعض الأمر الّذي دعوتمونا إليه وهو الخمس ألا نعطيهم منه شيئاً. وقوله (كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ) والّذي نزل اللّه ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان معهم أبو عبيدة (1) وكان كاتبهم، فأنزل اللّه (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ - الآية)(2).

٤٤ _ وبهذا الإسناد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ) (3) قال : نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة، فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه فبعداً للقوم الظالمين.

٤٥ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (4). يا معشر المكذبين حيث أنبأتكم رسالة ربي في ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من بعده، من هو في ضلال مبين؟ كذا أنزلت وفي قوله تعالى : (إن تلووا أو تعرضوا) (5) فقال : (إن تلووا الأمر وتعرضوا) (6) عما أمرتم به (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (7) وفي قوله : (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا (بتركهم ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) عَذَابًا شَدِيدًا (في الدُّنيا) وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) (8).

٤٦ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن أسباط، عن علي بن منصور عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) (وذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ (وأهل الولاية) كَفَرْتُمْ) (9).

ص: 489


1- «هو عامر بن عبد اللّه بن الجراح من رؤساء المنافقين وكان كاتب الصحيفة الملعونة التي كتبوها ودفنوها في الكعبة وكان فيها ميثاقهم ألا يُصَيّروا الأمر في علي بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهذا المراد بإبرامهم أمراً (الآية 79 من سورة الزخرف) مرآة المجلسيّ ٥٠/٥.
2- الزخرف/ 79 / 80.
3- الحج / ٢٥. والضمير في (فيه) يعود إلى المسجد الحرام والمعنى : ومن يرد الحاداً فيه، وهو أن يميل في البيت الحرام بظلم وأدخلت الباء في (الحاد) كما أدخلت في قوله سبحانه : (ينبت بالدهن).
4- الملك / ٢٩.
5- النساء / ١٣٥.
6- النساء / ١٣٥.
7- النساء / ١٣٥.
8- فصلت/ 27.
9- الآية / 12 في سورة المؤمن هكذا: (ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ... الآية) والظاهر أن تبديل ذلكم بذلك من النساخ. و (ذلكم) إشارة إلى ما هم فيه من عذاب.

٤٧ _ عليّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سليمان عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تعالى : (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ (بولاية علي) لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ) (1) ثمَّ قال : هكذا واللّه نزل بها جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

٤٨ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : ﴿ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * (في أمر الولاية) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) (2) قال : من افك عن الولاية أفك عن الجنة.

٤٩ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن يونس قال: أخبرني من رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ) (3) يعني بقوله : «فكُ رقبة ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإنَّ ذلك فك رقبة.

50 - وبهذا الإسناد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : ([و] بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (4) قال : ولاية أمير المؤمنين.

٥١ - عليّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا (بولاية علي) قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ ﴾ (5).

٥٢ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن أورمة، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى : (هنالك الوَلايةِ اللّه الحقّ﴾ (6). قال : ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٥٣ _ محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن

ص: 490


1- المعارج / ١ - ٢.
2- الذاريات / 8 - 9 ويؤفك عنه من أفك: أي يُصرف عنه.
3- البلد / 11 - 13. والعقبة : المرقى الصعب. وهو أحد الأقوال في معنى العقبة والقول الآخر أنّها الصراط على النار. وهنالك قول بأنها «مَثَل ضربه اللّه تعالى لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في أعمال الخير والبر فجعل ذلك كتكليف صعود العقبة الشاقة» مرآة المجلسيّ ٦٤/٥.
4- یونس / ٢.
5- الحج / ١٩.
6- الكهف/ ٤٤.

ابن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (صِبْغَةَ اللّه ومن أحسن من اللّه صبغةً﴾ (1) قال : صبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق.

٥٤ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن فضّال، عن المفضّل ابن صالح، عن محمّد بن عليّ الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا) (2). يعني الولاية، من دخل في الولاية دخل في بيت الأنبياء (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقوله : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (3). يعني الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وولايتهم، من دخل فيها دخل في بيت (4) النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

٥٥ _ وبهذا الإسناد عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز، عن محمّد بن الفضيل عن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت : (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (5). قال : بولاية محمّد ؛ وآل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) خيرٌ ممّا يجمع هؤلاء من دنياهم.

٥٦ _ أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن عليّ بن أسباط عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن زيد الشحّام قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - ونحن في الطريق في ليلة الجمعة - : إقرأ فإنّها ليلة الجمعة قرآناً، فقرآت (إ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ (كان) مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ * يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ *إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ) (6). فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): نحن واللّه الّذي رحم اللّه، ونحن واللّه الّذي استثنى اللّه لكنّا نغني عنهم.

٥٧ - أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد اللّه، عن يحيى بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما نزلت : (وتَعِيها أذن واعية) (7). قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «هي أُذُنُكَ يا علي».

ص: 491


1- البقرة/ 138. وصبغة اللّه: «إشارة إلى ما أوجده اللّه في النّاس من العقل المتميز به عن البهائم كالفطرة وكانت النصارى إذا وُلد لهم ولد غمسوه بعد السابع في ماء عمودية يزعمون أن ذلك صبغة له» مرآة المجلسيّ ٦٧/٥ نقلاً عن الراغب الأصفهاني في مفرداته.
2- نوح/ 28.
3- الأحزاب / 33.
4- لا يخفى أن المراد ببيت النبيّ هنا لا بمعناه المادي بل المعنوي وهو بيت التوحيد والإخلاص في العبودية للّه سبحانه وبيت العز والرفعة والشرف والعزة والجهاد، وكل من تولى الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وانقاد لهم وأطاعهم يكون من أهل البيت بهذا المعنى.
5- يونس / ٥٨.
6- الدخان / ٤٠ - ٤٢. و (كان) هنا زائدة عما في المصحف ولعلها من فعل النسّاخ والمراد بيوم الفصل يوم القيامة، يفصل فيه الحقّ عن الباطل، وقيل غير ذلك.
7- الحاقة / ١٢.

٥٨ - أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد اللّه عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذه الآية على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هكذا (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا (آل محمّد حقّهم) قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا (آل محمّد حقهم) رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (1)).

٥٩ - وبهذا الإسناد، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذه الآية هكذا : (إِنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا (آل محمّد حقّهم) لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) (2) ثمَّ قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ (في ولاية علي) فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا (بولاية علي) فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (3).

٦٠ - أحمد بن مهران - رحمه اللّه - عن عبد العظيم عن بكار، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال هكذا نزلت هذه الآية : (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ (في علي) لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) (4).

٦١ - أحمد، عن عبد العظيم، عن ابن أذينة، عن مالك الجهني قال : قلت لابي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) (5) قال : من بلغ أن يكون إماماً من آل محمّد ينذر بالقرآن كما ينذر به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

٦٢ - أحمد، عن عبد العظيم عن الحسين بن ميّاح عمّن أخبره قال : قرأ رجل عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «[و] قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» (6) فقال : ليس هكذا هي، إنّما هي والمأمونون، فنحن المأمونون (7).

ص: 492


1- البقرة/ ٥٩ وعبارة (آل محمّد حقهم) في الموضعين غير موجود في المصحف المتداول بين المسلمين. ولعله كان موجوداً في مصحف علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) الّذي جمعه أثناء كتابته للوحي وكان من تفسير جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) من عند اللّه سبحانه والّذي كان ينزل به مع الآيات المأمور بتبليغها.
2- الآية الموجودة في سورة النساء / ١٦٨ - ١٦٩ من المصحف هكذا : (إن الّذين كفروا وظلموا لم يكن الخ) والكلام فيها كالكلام في سابقتها من حيث العبارة الزائدة أو من حيث النقص.
3- النساء/ 170. والكلام حولها كالكلام فيما تقدمها وما يلحقها من آيات.
4- النساء/ ٦٦.
5- الأنعام / 19. وقد تقدم كلام حول هذه الآية وردت في حديث سابق.
6- التوبة / ١٠٥.
7- أي هذه على قراءتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) «أي ليس المراد بالمؤمنين هنا ما يقابل الكافرين ليشمل كلّ مؤمن بل المراد به كمّل المؤمنين وهم المأمونون عن الخطأ المعصومون عن الزلل وهم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)» مرآة المجلسيّ ٧٩/٥.

٦٣ - أحمد، عن عبد العظيم، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «هذا صراط علي مستقيم» (1).

٦٤ - أحمد عن عبد العظيم عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا : (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ (بولاية علي) إِلَّا كُفُورًا) (2). قال : ونزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذه الآية هكذا (وقل الحقّ من ربكم (في ولاية علي) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا اعتدنا للظالمين (آل محمّد) ناراً ﴾.(3)

٦٥ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله : (وأنَّ المساجد اللّه فلا تدعوا مع اللّه أحداً) (4). قال : هم الأوصياء.

٦٦ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن الأحول عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (5). قال : ذاك (6) رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأوصياء من بعدهم (7).

٦٧ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن إسماعيل، عن حنان (8)، عن سالم الحناط قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (9). فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : آل محمّد. لم يبق فيها غيرهم

ص: 493


1- الحجر / ٤١. وفي المصحف (هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ) بضم الصراط مع التنوين وفتح اللام من عَلَيَّ.
2- الإسراء/ 89.
3- الكهف/ ٢٩.
4- الجن / ١٨.
5- يوسف / ١٠٨.
6- أي الداعي إلى اللّه.
7- في بعض النسخ (من بعدهما).
8- الظاهر أنّه ابن سدير بن حكيم بن صهيب.
9- الذاريات / ٣٥ - ٣٦. والضمير في (فيها) راجع إلى قرى قوم لوط. و (غير بيت) أي غير أهل بيت وتأويله (عَلَيهِ السَّلَامُ) لهذه الآية «إما بيان لمورد نزول الآية أو مصداقها في هذه الآية فإن كلّ ما وقع في الأمم السالفة يقع مثله في هذه الأمة. فنظير تلك الواقعة خروج علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأهل بيته من المدينة إذ لما أراد اللّه إهلاك قوم لوط أخرج لوطاً وأهله منها ثمَّ عذبهم فكذا لما أراد أن يشمل أهل المدينة بسخطه لظلمهم وكفرهم وعداوتهم على أهل البيت أخرج أمير المؤمنين وأهل بيته منها فشملهم من البلايا الصورية والمعنوية ما شملهم» مرآة المجلسيّ ٨٣/٥.

٦٨ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد بن جمهور، عن إسماعيل بن سهل، عن _ القاسم بن عروة، عن أبي السفاتج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) (1). قال: هذه نزلت في أمير، المؤمنين وأصحابه الّذين عملوا ما عملوا يرون أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أغبط الأماكن لهم، فيسيء وجوههم ويقال لهم : هذا الّذي كنتم به تدّعون : الّذي انتحلتم اسمه.

٦٩ - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن ابن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (وشاهد ومشهود) (2). قال: النبيّ (3) (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

70 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد عن الوشّاء، عن أحمد بن عمر الحلال قال : سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (4) قال : المؤذن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

71 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن أورمة، عن عليّ بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : ﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) (5) قال : ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذرّ والمقداد بن الأسود وعمّار هُدُوا (6) إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقوله : (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ (يعني أمير المؤمنين) وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ) (7) الأوّل والثاني والثالث.

72 - محمّد بن يحيى، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى : (ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (8). قال : عنى بالكتاب التوراة والإنجيل. وأثارة من علم فإنّما عنى بذلك علم

ص: 494


1- الملك / ٢٧.
2- البروج / ٣.
3- «لشهادته بإمامة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفضله وكرامته... أو يشهد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) له يوم القيامة بالتبليغ والأداء» مرآة المجلسي ٨٦/٥.
4- الأعراف / ٤٤. وأذن مؤذن بينهم : أي نادي بحيث يسمعه الفريقان.
5- الحج / ٢٤.
6- أي أرشدوا وعبيدة هو ابن الحارث.
7- الحُجُوات ٧.
8- الأحقاف ٤ وإثارة من علم، قيل : بقية من علم عليكم من علوم الأولين.

أوصياء الأنبياء (عَلَيهِ السَّلَامُ).

73 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد عمّن أخبره، عن عليّ بن جعفر قال سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لمّا رأى (1) رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تَيْماً (2) وعَدِيّاً (3) وبني أمية (4) يركبون منبره أفظعه، فأنزل اللّه تبارك وتعالى قرآناً يتأسى به : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى) (5). ثمَّ أوحى إليه يا محمّد إني أمرت فلم أطَعْ، فلا تجزع أنت إذا أمرتَ فلم تُطَع في وصيّك.

٧٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله : (فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) (6). فقال : عرف اللّه عزّ وجلّ إيمانهم بموالاتنا وكفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق وهم ذر في صلب آدم. وسألته عن قوله عزّ وجلّ : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) (7). فقال : أما واللّه ما هَلَكَ من كان قبلكم وما هلك من هلك حتّى يقوم قائمنا (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلّا ترك ولايتنا وجحود حقنا، وما خرج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الدُّنيا حتّى ألزم رقاب هذه الأمّة حقنا، واللّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

٧٥ - محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجلي، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى: ﴿وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) (8) قال : البئر المعطّلة (9) الإمام الصامت والقصر المشيدُ الإمام الناطق. ورواه محمّد بن يحيى، عن العمركي، عن عليّ بن جعفر، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

٧٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحكم بن بهلول، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ

ص: 495


1- أي في منامه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
2- يعني أبا بكر لأنه تيمي.
3- يعنى عمراً لأنه عدوي.
4- يعني عثمان ومعه بنو مروان.
5- ط / 116.
6- التغابن / ٢.
7- التغابن / 12.
8- الحج / ٤٥.
9- هي البئر التي لا يستقى منها. شبه العلم بالماء وقد تقدم في حديث وجه التشبيه فراجع.

عَمَلُكَ) (1) قال : يعني إن أشركت في الولاية غيره (2). (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (3): يعني بل اللّه فاعبد بالطاعة وكن من الشاكرين أن عَضَدْتُكَ (4) بأخيك وابن عمك.

77 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محمّد الهاشمي قال : حدَّثني أبي، عن أحمد بن عيسى قال : حدَّثني جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا) (5). قال : لما نزلت : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (6)، اجتمع نفر من أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مسجد المدينة، فقال بعضهم لبعض : ما تقولون في هذه الآية؟ فقال بعضهم : إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها، وإن آمنا فإِنَّ هذا ذلَّ حين يسلّط علينا ابن أبي طالب، فقالوا : قد علمنا أنَّ محمّداً صادق فيما يقول ولكنا نتولاه ولا نطيع عليّاً فيما أمرنا، قال: فنزلت هذه الآية (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا)، يعرفون يعني ولاية [عليّ بن أبي طالب] وأكثرهم الكافرون بالولاية.

78 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن محمّد بن النعمان عن سلام قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى : (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا) (7) قال : هم الأوصياء من مخافة عدوهم.

79 - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن بسطام بن مرة، عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن عليّ بن الحسين العبدي، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة أنّه سأل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (8). فقال : الوالدان اللذان أوجب اللّه لهما الشكر، هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم وأمر النّاس بطاعتهما، ثمَّ قال اللّه : (إِلَيَّ الْمَصِيرُ) فمصير العباد إلى اللّه والدليل على ذلك (9) الوالدان، ثمَّ

ص: 496


1- الزمر / ٦٥.
2- يعني غير علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- الزمر / ٦٦.
4- أي شددت عَضُدَك وقويتك.
5- النحل/ ٨٣.
6- المائدة/ ٥٥.
7- الفرقان/ ٦٣.
8- لقمان / ١٤.
9- أي على مصير العباد إلى اللّه.

عطف القول على ابن حنتمة (1) وصاحبه (2)، فقال : في الخاص والعام (3) (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي) (4) يقول في الوصية وتعدل عمّن أمرت بطاعته فلا تطعهما ولا تسمع قولهما، ثمَّ عطف القول على الوالدين فقال : (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) (5) يقول : عرف النّاس فضلهما وادع إلى سبيلهما وذلك قوله : (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ (6) فقال : إلى اللّه ثمَّ إلينا، فاتقوا اللّه ولا تعصوا الوالدين، فإنَّ رضاهما رضى اللّه وسخطهما سخط اللّه.

٨٠ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن يوسف، عن أبيه، عن عمرو بن حريث قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه : (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) (7) قال : رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أصلها، وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فرعها، والأئمّة من ذريتهما أغصانها، وعلم الأئمّة ثمرتها، وشيعتهم المؤمنون ورقها هل فيها فضل (8) ؟ قال : قلت : لا واللّه، قال : واللّه إنَّ المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها، وإنَّ المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها.

81 - محمّد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عبد اللّه بن محمّد اليماني، عن منيعٍ بن الحجاج، عن يونس، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ (يعني في الميثاق) أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) (9) قال : الإقرار بالأنبياء والأوصياء وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) خاصّة، قال: لا ينفع إيمانها لأنها سُلبت (10).

2 - وبهذا الإسناد، عن يونس عن صباح المزني، عن أبي حمزة عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) (11). قال : إذا جحد إمامة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، (فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (12).

ص: 497


1- يعني عُمراً. وأمه حنتمة.
2- يعني أبا بكر.
3- «أي الخطاب للرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وساير النّاس أو بحسب ظهر الآية الخطاب عام وبحسب بطنه خاص... الخ» مرآة المجلسيّ ١٠٠/٥.
4- لقمان ١٥.
5- لقمان ١٥.
6- لقمان ١٥.
7- إبراهيم / ٢٤.
8- أي هل تجد فيها شيئاً غير ما ذكرت من الأصل والفرع والثمر والأغصان والورق؟
9- الأنعام / ١٥٨.
10- أي أن النفس سُلبت الإيمان بالنبيّ والوصي أو الأوصياء من ولده (عَلَيهِ السَّلَامُ). «ويفهم منه أن كلّ من لم يؤمن بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الميثاق لو آمن به في الدنيا لم ينفعه لأنه يموت بغير إيمان» المازندراني ٩٥/٧-٩٦.
11- البقرة/ 81.
12- البقرة/ 81.

83 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الاستطاعة (1) وقول الناس، فقال: وتلا هذه الآية : (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) (2). يا أبا عبيدة الناس(3) مختلفون في إصابة القول وكلّهم هالك، قال: قلت قوله (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) ؟ قال : هُم شيعتنا ولرحمته خلقهم وهو قوله : (وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ). يقول : لطاعة الإمام، الرحمة التي يقول : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) (4). يقول : علم الإمام ووسع علمه الّذي هو من علمه كلَّ. شيء هم شيعتنا، ثمَّ قال: (فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) (5) يعني ولاية غير الإمام وطاعته، ثمَّ قال : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) (6) يعني النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والوصي والقائم، (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ (إذا قام) وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) (7). والمنكر من أنكر فضل الإمام وجحده. (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ) (8). أخذ العلم من أهله (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) (9) والخبائث قول من خالف ويضع عنهم خالف (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) وهي الذُّنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام (وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) (10). والأغلال ما كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام، فلما عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم والإصر الذنب وهي الآصار، ثمَّ نسبهم فقال : [ف] (الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ (يعني بالإمام)، وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (11). يعني الّذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدوها، والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان والعبادة طاعة النّاس لهم، ثمَّ قال: [و] (أَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) (12) ثمَّ جزاهم فقال : (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) (13). والإمام يبشرهم بقيام القائم وبظهوره وبقتل أعدائهم وبالنّجاة في الآخرة، والورود على محمّد - صلى اللّه على محمّد وآله الصادقين - على الحوض.

٨٤ _ عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ

ص: 498


1- «أي عن طاعة الإمام أو طلب طاعته وقول النّاس في طاعة غيره ويحتمل أن يراد بالاستطاعة قدرة العبد على الشيءويقول النّاس قولهم بعدمها» المازندراني 97/7.
2- هود / 118 - 119.
3- المقصود بهم مخالفو أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
4- الأعراف/ ١٥٦.
5- الأعراف/ ١٥٦.
6- الأعراف/ ١٥٧.
7- الأعراف/ ١٥٧.
8- الأعراف/ ١٥٧.
9- الأعراف/ ١٥٧.
10- الأعراف/ ١٥٧.
11- الأعراف/ ١٥٧.
12- الزمر / ٥٤.
13- يونس / ٦٤ وجزاهم أثابهم. ثمَّ بيّن بم؟

كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ) (1). فقال : الّذين اتبعوا رضوان اللّه هم الأئمّة، وهم واللّه يا عمّار درجات (2) للمؤمنين وبولايتهم ومعرفتهم إيانا يضاعف اللّه لهم أعمالهم ويرفع [الله] لهم الدرجات العلى.

٨٥ _ عليّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن عمار الأسدي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (3). ولايتنا أهل البيت(4) _ وأهوى بيده إلى صدره _ فمن لم يتولنا لم يرفع اللّه له عملا (5).

٨ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن، سويد، عن القاسم بن سليمان، عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَين من رحمته) (6) قال : الحسن والحسين (وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ) (7) قال : إمام تأتمون به.

87 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ) (8) قال : ما تقول في علي (قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) (9).

88 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : جعلت فداك قوله : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (10) فقال : من أكرمه اللّه بولايتنا فقد جاز العقبة ؛ ونحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا، قال : فسكت فقال لي : فهلا أفيدك حرفاً خير لك من الدُّنيا وما فيها؟ قلت : بلى جعلت فداك، قال: قوله (فَكُّ رَقَبَةٍ) (11) ثمَّ قال : النّاس كلهم عبيد النار غيرك وأصحابك، فإنَّ اللّه

ص: 499


1- آل عمران/ ١٦٢ - ١٦٣، ومن اتبع رضوان اللّه هو من عمل بالطاعات وترك المعاصي.
2- كناية عن تفاوتهم في الثواب والعقاب.
3- فاطر/ 10.
4- الظاهر أنّها هي المقصودة بالعمل الصالح.
5- أي لا يقبل عمله ولا يرضاه لأنه منقطع عن ولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) فهو أبتر.
6- الحديد 28. وكفلين : ضعفين وحظين.
7- الحديد 28. وكفلين : ضعفين وحظين.
8- يونس / ٥٣.
9- يونس / ٥٣.
10- البلد 11. وقد تقدم ما يشبه شطراً من هذا الحديث وعلقنا على معنى (العقبة) فراجع.
11- البلد ١٣.

فك رقابكم من النار بولايتنا أهل البيت.

89 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه جل وعزّ : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) (1) قال : بولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) (2) اوف لكم بالجنة.

90 - محمّد بن يحيى عن سَلَمَة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) (3) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دعا قريشاً إلى ولايتنا فنفروا وأنكروا، فقال الّذين كفروا من قريش للذين آمنوا الّذين أقروا لأمير المؤمنين ولنا أهل البيت أيُّ الفريقين خير مقاماً وأحسن نديّاً، تعييراً منهم، فقال اللّه ردّاً عليهم : (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ - من الأمم السالفة - هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا) (4) قلت : قوله : (مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا) (5) قال : كلّهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولا بولايتنا فكانوا ضالين مضلين، فيمدُّ لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتّى يموتوا فيصيّرهم اللّه شرّاً مكاناً وأضعف جنداً، قلت : قوله : (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا) (6)؟ قال : أما قوله : (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ) فهو خروج القائم وهو الساعة، فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من اللّه على يدي قائمه، فذلك قوله : (مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا (يعني عند القائم) وَأَضْعَفُ جُنْدًا) قلت قوله ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدى؟ قال: يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتباعهم القائم حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه قلت قوله : (لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) ؟ قال : إلّا من دان اللّه بولاية أمير المؤمنين والأئمّة من بعده فهو العهد عند اللّه قلت : قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) (7)؟ قال : ولاية أمير المؤمنين هي الود الّذي قال اللّه تعالى، قلت : (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ﴾ (8)؟ قال : إنّما يسره اللّه على لسانه حين أقام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أقام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَماً، فَبَشِّر

ص: 500


1- البقرة/ ٤٠.
2- البقرة/ ٤٠.
3- مريم / 73.
4- مريم / ٧٤.
5- مريم / ٧٥.
6- مريم / ٧٥.
7- مريم / ٩٦.
8- مريم / 97.

به المؤمنين وأنذر به الكافرين، وهم الّذين ذكرهم اللّه في كتابه لداً أي كفاراً، قال : وسألته، عن قول اللّه : (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ) (1) قال : لتنذر القوم الّذين أنت فيهم كما أنذر آباؤهم فهم غافلون عن اللّه وعن رسوله وعن وعيده (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ (ممّن لا يقرون بولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأئمّة من بعده) فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) (2). بإمامة أمير المؤمنين) والأوصياء من بعده، فلما لم يقرُّوا كانت عقوبتهم ما ذكر اللّه (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) (3) في نار جهنّم، ثمَّ قال : (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) (4) عقوبة منه لهم حيث أنكروا ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأئمّة من بعده هذا في الدُّنيا، وفي الآخرة في نار جهنّم مقمحون(5)، ثمَّ قال : يا محمّد (وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) (6) باللّه وبولاية علي ومَن : بعده (7). ثمَّ قال : (إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ (يعني أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ (يا محمّد) بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) (8).

91 - عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) (9) قال : يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأفواههم، قلت : (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ) (10) قال : (واللّه متم الإمامة)، لقوله عزّ وجلّ : (الّذين آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) (11) فالنور هو الإمام. قلت : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ) (12) قال : هو الّذي أمر رسوله بالولاية لوصيه والولاية هي دين الحقّ، قلت: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) (13) قال : يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم، قال: يقول اللّه : (واللّه متم

ص: 501


1- يس/ ٦.
2- بس / 7.
3- يس / 8.
4- يس/ ٩.
5- مُقمحون المُقمح : أن يجذب الذقن حتّى يصير في الصدر ثمَّ يرفع رأسه.
6- يس/ ١٠.
7- من الأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- يس/ ١١.
9- الصف / ٨.
10- الصف / ٨.
11- هنالك آية في سورة التغابن رقمها / 8 هكذا (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فإما أن يكون (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد نقل الآية بالمعنى، أو أنّه تصحيف من النسّاخ وهذا يقع كثيراً.
12- الصف / 9، ولكن في آخرها (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ). وقد يكون (وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرَونَ) تفسيراً له.
13- الصف / 9، ولكن في آخرها (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ). وقد يكون (وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرَونَ) تفسيراً له.

نوره) (1) ولاية القائم (وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرَونَ) (2) بولاية عليّ، قلت : هذا تنزيل؟ قال : نعم أما هذا الحرف (3) فتنزيل وأمّا غيره فتأويل.

قلت : (ذلك بأنهم آمنوا ثمَّ كفروا) (4) قال : إنَّ اللّه تبارك وتعالى سمّى من لم يتبع رسوله في ولاية وصيه منافقين وجعل من جحد وصيه إمامته كمن جحد محمّداً وأنزل بذلك قرآناً فقال : يا محمّد (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ (بولاية وصيّك) قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ (بولاية علي) لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (والسبيل هو الوصي) إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا (برسالتك) ثُمَّ كَفَرُوا (5) (بولاية وصيك قطبعَ اللّه) عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ) (6) قلت : ما معنى لا يفقهون؟ قال: يقول : لا يعقلون بنبوتك. قلت : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ) (7) ؟ قال : وإذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية عليّ يستغفر لكم النبيّ من ذنوبكم (لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ) (8) قال اللّه : قال اللّه : (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ (عن ولاية علي) وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾ (9) عليه. ثمَّ. عطف القول من اللّه بمعرفته بهم، فقال : (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (10) يقول : الظالمين لوصيك.

قلت : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (11) قال : إنَّ اللّه ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره وجعل من تبعه سويّاً على صراط مستقيم، والصراط المستقيم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قال : قلت قوله : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (12)؟ قال: يعني جبرئيل عن اللّه في ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت : (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ) (13)؟ قال : قالوا : إنَّ محمّداً

ص: 502


1- الصف / 9، ولكن في آخرها (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) وقد يكون (وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرَونَ) تفسيراً له.
2- الصف / 9، ولكن في آخرها (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) وقد يكون (وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرَونَ) تفسيراً له.
3- «أي قوله : بولاية علي في آخر الآية أو من قوله اللّه إلى قوله : علي، وقد يؤول التنزيل بالتفسير حين التنزيل» مرآة المجلسيّ ١٣٦/٥.
4- المنافقون / ٣.
5- في المصحف (ثمَّ كفروا).
6- المنافقون / ١ - ٣.
7- المنافقون ٥.
8- المنافقون ٥.
9- المنافقون ٥.
10- المنافقون / ٦.
11- الملك.22 ومكباً : أي متساقطاً على وجهه متعثراً في مشيته.
12- الحاقة ٤٠.
13- الحاقة / ٤١.

كذَّاب على ربّه وما أمره اللّه بهذا في عليّ، فأنزل اللّه بذلك قرآناً فقال : ((إن ولاية علي) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا (محمّد) بَعْضَ الْأَقَاوِيل * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) (1) ثمَّ عطف القول فقال : (إنَّ (2) (ولاية علي) لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (للعالمين) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ * وإنَّ (3) (عليّاً) لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وإنَّ (4) (ولايته) لَحَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ يا (محمّد) بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (5). يقول : اشكر ربّك العظيم الّذي أعطاك هذا الفضل.

قلت : قوله : (لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ) (6) ؟ قال : الهدى الولاية، آمنا بمولانا فمن آمن بولاية مولاه (فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا) (7). قلت تنزيل؟ قال: لا تأويل، قلت: قوله : لا أملك لكم ضَرّاً ولا رَشَداً) (8) قال : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دعا النّاس إلى ولاية عليّ فاجتمعت إليه قريش، فقالوا يا محمّد اعفنا من هذا، فقال لهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «هذا إلى اللّه ليس إليَّ»، فاتهموه وخرجوا من عنده فأنزل اللّه (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ (إن عصيته) أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا * إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ (9) (في علي)) قلت هذا تنزيل؟ قال: نعم، ثمَّ قال توكيداً (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (في ولاية علي) فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا). قلت : (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا) (10) يعني بذلك القائم وأنصاره.

قلت (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ) (11)؟ قال : يقولون فيك و(وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا * وَذَرْنِي (يا محمّد) وَالْمُكَذِّبِينَ (بوصيك) أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا) (12) قلت : إن هذا تنزيل؟ قال : نعم.

قلت: (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) (13)؟ قال : يستيقنون أنَّ اللّه ورسوله ووصيه حقٌّ،

ص: 503


1- الحاقة / ٤٣ – ٤٦.
2- وفى المصحف (وإنه).
3- في المصحف (وإنه).
4- في المصحف (وإنه).
5- الحاقة ٤٨ - ٥٢.
6- الجن / ٢١ - ٢٤. وتوكيداً : أي توكيداً لأمر الولاية وتقريراً له.
7- الجن / ٢١ - ٢٤. وتوكيداً : أي توكيداً لأمر الولاية وتقريراً له.
8- الجن/ 21.
9- الجن / ٢١ - ٢٤. وتوكيداً : أي توكيداً لأمر الولاية وتقريراً له.
10- الجن / ٢١ - ٢٤. وتوكيداً : أي توكيداً لأمر الولاية وتقريراً له.
11- المزمل / ١٠ - ١١.
12- المزمل / ١٠ - ١١.
13- المدثر / 31.

قلت: (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا) (1)؟ قال : ويزدادون بولاية الوصي إيماناً، قلت: (وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) (2) قال : بولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قلت : ما هذا الارتياب؟ قال : يعني بذلك أهل الكتاب والمؤمنين الّذين ذكر اللّه فقال : ولا يرتابون في الولاية، قلت: ﴿وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) (3)؟ قال : نعم ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قلت : إنّها لإحدى الكبر (4) قال : الولاية، قلت: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) (5) ؟ قال : من تقدم إلى ولايتنا أخر عن سقر ومن تأخر عنا تقدم إلى سقر (إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ﴾ (6) قال : هم واللّه شيعتنا، قلت : (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (7) ؟ قال : إنا لم نتولَّ وصيَّ محمّد والأوصياء من بعده _ ولا يصلّون عليهم - (8)، قلت (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (9) ؟ قال : عن الولاية معرضين :قلت كلا إنّها تذكرة (10)؟ قال : الولاية.

قلت قوله : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) (11)؟ قال : يوفون اللّه بالنذر الّذي أخذ عليهم في الميثاق من ولايتنا قلت (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا) (12) ؟ قال : بولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) تنزيلاً. قلت: هذا تنزيل ؟ قال : نعم ذا(13) تأويل، قلت : (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ) (14)؟ قال : الولاية، قلت: (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ) (15)؟ قال: في ولايتنا، قال: ﴿ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) (16). ألا ترى أنَّ اللّه يقول : (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (17) قال : إِنَّ اللّه

ص: 504


1- المدثر / 31.
2- المدثر / 31.
3- المدثر / 31.
4- المدثر ٣٥.
5- المدثر / ٣٧.
6- المدثر / ٣٩.
7- المدثر / ٤٣.
8- هذا أحد تأويلات الآية وبطونها.
9- المدثر / ٤٩.
10- المدثر / ٥٤.
11- الدهر / 7.
12- الدهر / 23.
13- «ليس نعم في بعض النسخ وهو أظهر، ورواه صاحب تأويل الآياتِ الظاهرة نقلا عن الكافي قال : لا تأويل وعلى ما في أكثر النسخ من وجود نعم فيمكن أن يكون مبنياً على أن سؤال السائل كان على وجه الإنكار والاستبعاد فاستعمل (عَلَيهِ السَّلَامُ) نعم مكان بلى وهو شايع في العرف. أو يكون (نعم) فقط جواباً عن السؤال، و (ذا) إشارة إلى ما قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الآية السابقة، أي: تنزيل وذا تأويل...» مرآة المجلسيّ ١٥١/٥.
14- الدهر / ٢٩.
15- الشورى / 8.
16- الدهر / ٣١.
17- البقرة/ ٥٧.

أعزُّ وأمنع من أن يظلم أو ينسب نفسه إلى ظلم ولكنَّ اللّه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته، ثمَّ أنزل بذلك قرآناً على نبيّه فقال: (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (1)، قلت: هذا تنزيل؟ قال : نعم.

قلت : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (2) قال : يقول : ويل للمكذبين يا محمّد بما أوحيت إليك من ولاية [عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)]. (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) (3). قال : الأولين الّذين كذَّبوا الرُّسل في طاعة الأوصياء. (كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ (4). قال : مَن أجرَم إلى آل محمّد وركب من وصيه ما ركب قلت (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) (5) ؟ قال : نحن واللّه وشيعتنا ليس على ملة إبراهيم غيرنا وسائر النّاس منها براء، قلت : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ...) (6) الآية قال : نحن واللّه المأذون لهم يوم القيامة والقائلون صواباً، قلت: ما تقولون إذا تكلمتم ؟ قال : نمجّد ربنا ونصلّي على نبيّنا ونشفع لشيعتنا، فلا يردنا ربنا، قلت: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) (7) قال : هم الّذين فجروا في حق الأئمّة واعتدوا عليهم، قلت : ثمَّ يقال : (هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (8) ؟ قال : يعني أمير المؤمنين، قلت : تنزيل؟ قال : نعم.

92 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب عن الحسين بن عبد الرحمن، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) (9) قال : يعني به ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قلت : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (10) ؟ قال : يعني أعمى البصر في الآخرة أعمى القلب في الدُّنيا عن ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : وهو متحيّر في القيامة يقول : (لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا) (11) قال : الآيات الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (12) يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم، قلت:

ص: 505


1- النحل / ١١٨.
2- المرسلات / ١٥ - ١٨.
3- المرسلات / ١٥ - ١٨.
4- المرسلات / ١٥ - ١٨.
5- المرسلات / ٤١.
6- النبأ / ٣٨.
7- المطففين / ٧.
8- المطففين / ١٧.
9- طه / ١٢٤.
10- طه / ١٢٤.
11- طه / ١٢٥ - ١٢٦.
12- طه / ١٢٥ - ١٢٦.

(وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) (1)؟ قال : يعنى من أشرك بولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) غيره ولم يؤمن بآيات ربه وترك الأئمّة معاندة فلم يتبع ة فلم يتبع آثارهم ولم يتولهم قلت (اللّه لطيف بعباده يرزق من يشاء) (2)؟ قال : ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)،، : قلت : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ) (3)؟ قال : معرفة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأئمّة. ﴿ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) (4) قال : نزيده منها، قال : يستوفي نصيبه من دولتهم (وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (5) قال : ليس له في دولة الحقّ مع القائم نصب نصيب.

١٦٥ - باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية

1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ، عن محمّد بن الحسن ؛ وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن بكير بن أعين قال : كان أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن اللّه أخذ ميثاق شيعتنا (6) بالولاية وهم ذر يوم أخذ الميثاق على الذرّ والإقرار له بالربوبية ولمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالنبوّة.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد اللّه بن محمّد الجعفري (7)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)؛ وعن عقبة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن اللّه خلق الخلق، فخلق ما أحبَّ ممّا أحبَّ وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنّة، وخلق ما أبغض ممّا أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثمَّ بعثهم في الظلال (8) : فقلت : وأي شيء الظلال ؟ قال : ألم تر إلى ظلك في الشمس شيء وليس شيء، ثمَّ بعث اللّه فيهم النبيّين يدعونهم إلى الإقرار باللّه وهو قوله : (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن اللّه) (9) ثمَّ دعاهم إلى الإقرار بالنبيّين فأقر بعضهم وأنكر بعضهم، ثمَّ دعاهم إلى ولايتنا فأقرّ

ص: 506


1- طه / 127.
2- الشورى / 19.
3- الشورى / 20.
4- الشورى / 20.
5- الشورى / 20.
6- «إنما خص الشيعة لأنهم قبلوها، إذ ظاهر الأخبار أن الميثاق أخذ من جميع الخلق وقبلها الشيعة ولم يقبلها غيرهم» مرآة المجلسيّ ١٦٠/٥.
7- «الظاهر الجعفي مكان الجعفري، فإنه الموجود في كتب الرجال وسيأتي الخبر بعينه في أوائل الإيمان والكفر وفيه الجعفي» ن. م ص / ١٦١.
8- أي عالم المجودات وهي ما يعبر عنه بعالم المُثل.
9- الزخرف/ 87.

بها واللّه من أحبّ (1) وأنكرها من أبغض وهو قوله : (فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) (2) ثمَّ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان التكذيب ثمَّ (3).

٣ - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب عن عليّ بن سيف، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن محمّد بن عبد الرحمن، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ولايتنا ولاية اللّه التي لم يبعث نبياً قط إلّا بها.

٤ - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن عبد الحميد،، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الأعلى قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما من نبي جاء قط إلّا بمعرفة حقنا وتفضيلنا على من سوانا.

٥ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : واللّه إِنَّ في السماء لسبعين صفّاً من الملائكة، لو اجتمع أهل الأرض كلهم يحصون عدد كلّ صف منهم ما أحصوهم وإنهم ليدينون بولايتنا.

٦ - محمّد، عن، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ولن يبعث اللّه رسولاً إلّا بنبوة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ووصيّة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

7 _ الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور قال: حدَّثنا يونس، عن حماد بن عثمان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ اللّه عزّ وجلّ نصب عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَماً (4) بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمناً، ومن أنكره(5) كان كافراً، ومن جهله(6) كان ضالاً،، ومن نصب معه شيئاً كان مشركاً، ومن جاء بولايته دخل الجنة.

8 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) باب فتحه اللّه، فمن دخله كان مؤمناً

ص: 507


1- أي من أحب الإقرار أو من أحبنا أو من أحب اللّه.
2- يونس / ٧٤.
3- أي في ذلك الوقت وهو وقت أخذ الميثاق عيناً كالإقرار.
4- أي علامة يهتدي بها إلى الحق.
5- أي أنكر إمامته.
6- أي جهل إمامته جهلاً قصورياً وهو ما يعبر عنه بالمستضعف.

ومن خرج منه كان كافراً، ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه (1) كان في الطبقة الّذين قال اللّه تبارك وتعالى : لي فيهم المشيئة.

٩ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن بكير بن أعين قال : كان أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللّه أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر، يوم أخذ الميثاق على الذرّ، بالإقرار له بالربوبية ولمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالنبوّة، وعرض اللّه جل وعزَّ على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمته في الطين وهم أظلة (2)، وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق اللّه أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه، وعرّفهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وعرفهم عليّاً، ونحن نعرفهم في لَحْن القَوْل (3).

١٦٦ - باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو مع أصحابه فسلّم عليه ثمَّ قال له : أنا واللّه أحبك وأتولاك، فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كذبت، قال بلى واللّه إني أحبك وأتولاك، فكرر ثلاثاً، فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كذبت، ما أنت كما قلت إنَّ اللّه خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ثمَّ عرض علينا المحبَّ لنا، فواللّه ما رأيت روحك فيمن عرض، فأين كنتَ؟ فسكت الرَّجل عند ذلك ولم يراجعه.

وفي رواية أخرى قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان في النار(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن عمرو بن

ص: 508


1- الظاهر أن هذا الصنف كما أنّه لا يدخل الجنة فهو لا يدخل النار لأنه لم يخرج من ولاية علي أي لم ينكرها كما لم يعرفها فهم أهل الأعراف.
2- «أي أرواح بلا أجساد أو أجساد مثالية» مرآة المجلسيّ ١٦٦/٥. وقال المازندراني /128/7 تعليقاً على قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وعرض الخ: «يفهم منه أنّه وقع عرض الأمة المجيبة الناجية على الظاهر مرتين مرة عند كونهم أظلة أي أجساداً صغاراً مثل النمل مستخرجة من الطين الّذي هو مادة أبدانهم بعد تعلق الروح بها، ومرة عند كونهم أرواحاً مجردة صرفة...».
3- أي إمالة القول إلى جهة التعريض والتورية. وهو إشارة إلى الآية الكريمة الواردة في سياق الحديث عن الّذين في قلوبهم مرض من المنافقين : (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) محمّد / ٣٠.
4- أي في أهل النار.

ميمون، عن عمّار بن مروان عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنا لنعرف الرَّجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق (1).

٣ - أحمد بن إدريس ومحمّد بن يحيى، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عبيس ابن هشام، عن عبد اللّه بن سليمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عن الإمام فوّض (2) اللّه إليه كما فوّض إلى سليمان بن داود؟ فقال : نعم. وذلك أنّ رجلاً سأله عن مسألة فأجابه فيها وسأله آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الأول، ثمَّ سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين، ثمَّ قال : (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ (أعط) بِغَيْرِ حِسَابٍ). (3) وهكذا هي في قراءة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قلت : أصلحك اللّه فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الإمام ؟ قال : سبحان اللّه أما تسمع اللّه يقول : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (4) وهم الأئمّة (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ (5) لا يخرج منها أبداً، ثمَّ قال لي : نعم إنّ الإمام إذا أبصر إلى الرَّجل عرفه وعرف لونه (6) وإن سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو إن اللّه يقول : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) (7) وهم العلماء، فليس يسمع شيئاً من الأمر ينطق به إلّا عرفه، ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالّذي يجيبهم.

أبواب التاريخ

١٦٧ - باب مولد النبيّ صلى اللّه عليه وآله ووفاته

ولد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لاثنتي عشر (8) ليلة مضت من شهر ربيع الأوّل في عام الفيل يوم الجمعة الزوال، وروي أيضاً عند طلوع الفجر قبل أن يبعث بأربعين سنة. وحملت به أمه في أيّام

ص: 509


1- أي الإيمان الواقعي والنفاق الواقعي، لأن الباطن والظاهر عندهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من حيث علمهم سواء.
2- «أي فوّض اللّه إليه المنع والإعطاء في كلّ شيء حتّى في العلوم» المازندراني ١٢٩/٧.
3- ص / 39. وفي المصحف (أو أمسك) بدل (أو أعط).
4- الحجر / ٧٥. وقد مر معنا باب بأن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم المتوسمون الّذين ذكرهم اللّه في القرآن.
5- الحجر / ٧٦.
6- قد يراد باللون معناه المعروف، وقد يقصد به الصنف من كونه مؤمناً أو منافقاً. وكذلك في قوله (عرف ما هو).
7- الروم/ 22 والمقصود بالعلماء (الأئمّة) (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعلى مقتضى تأويله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يكون معنى الآية : إن في الألسن المختلفة والألوان المتنوعة آيات وعلامات للعلماء الربانيين وهم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يستدلون بها على إيمانهم ونفاقهم ونجاتهم وهلاكهم مرآة المجلسيّ ١٦٩/٥.
8- هذا على رأي أكثر علماء الإماميّة، وعلى رأي المخالفين كان مولده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في السابع عشر من شهر ربيع الأوّل.

التشريق (1) عند الجمرة الوسطى وكانت في منزل عبد اللّه بن عبد المطلب، وولدته في شعب (2) أبي طالب في دار محمّد بن يوسف (3) في الزاوية القصوى عن يسارك وأنت داخل الدار؛ وقد أخرجت الخيزران (4) ذلك البيت فصيّرته مسجداً، يصلّي النّاس فيه. وبقي بمكّة بعد مبعثه ثلاثة عشر سنة، ثمَّ هاجر إلى المدينة ومكث بها عشر سنين، ثمَّ قبض (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لاثنتي عشر ليلة مضت من ربيع الأوّل يوم الاثنين وهو ابن ثلاث وستين سنة، وتوفي أبوه عبد اللّه بن عبد المطلب بالمدينة عند أخواله وهو (5) ابن شهرين، وماتت أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب وهو (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ابن أربع سنين ومات عبد المطلب وللنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نحو ثمان سنين وتزوّج خديجة وهو ابن بضع وعشرين سنة(6)، فولد له منها قبل مبعثه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) القاسم، ورقيّة وزينب وأم كلثوم، وولد له بعد المبعث الطيب والطاهر وفاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، وروي أيضاً أنّه لم يولد بعد المبعث إلّا فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، وأن الطيب والطاهر ولدا قبل مبعثه وماتت خديجة (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين خرج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الشعب وكان ذلك قبل الهجرة بسنة (7) ومات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة، فلما فقدهما رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).شنأ المقام بمكّة (8) ودخله حزن شديد، وشكا ذلك إلى جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأوحى اللّه تعالى إليه : أَخْرُج من القرية الظالم أهلها، فليس لك بمكّة ناصر بعد أبي طالب وأمَرَهُ بالهجرة.

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن عبد اللّه بن محمّد بن، أخي حماد الكاتب، عن الحسين بن عبد اللّه قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سيد ولد آدم (9)؟ فقال: كان واللّه سيّد من خلق اللّه (10)، وما برأ اللّه برية خيراً من محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

ص: 510


1- هي الأيام الثلاثة بعد يوم النحر بمنى سميت بذلك لأن لحوم الأضاحي تشرق بالشمس أي تشرر بها في موسم الحج.
2- وهو معروف بمكّة مكث فيه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وبنو هاشم طيلة أيّام المقاطعة من قبل قريش بعد كتب الصحيفة. والشعب في الأصل هو المنفرج بين جبلين.
3- أي آلت إليه فيما بعد وهو أخو الحجّاج.
4- هي أم الرشيد والهادي.
5- أي النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
6- قيل كان عمره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إحدى وعشرين سنة، وقيل خمساً وعشرين، وقيل ثلاثا وثلاثين.
7- وهنالك قول بأنها (عَلَيهِ السَّلَامُ) توفيت قبلها بخمس سنوات، وآخر بأربع، وثالث بثلاث.
8- أي كره.
9- أي أشرفهم وأفضلهم وولي نعمتهم.
10- يشمل ذلك الجن والملائكة والأرواح الخ.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجال، عن حماد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذكر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما برأ اللّه نسمة خيراً من محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

3 - أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد اللّه عن محمّد بن عيسى ؛ ومحمّد بن عبد اللّه عن عليّ بن حديد عن مرازم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه تبارك وتعالى : يا محمّد : إنّي خلقتك وعليّاً نوراً يعني روحاً بلا بدن (1) قبل (2) أن أخلق سماواتي وأرضي وعرشي وبحري فلم تزل تهللني وتمجدني، ثمَّ جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة، فكانت تمجدني وتقدّسني وتهللني، ثمَّ قسمتها ثنتين وقسمت الثنتين (3) ثنتين فصارت أربعة محمّد واحد وعلي واحد والحسن والحسين ثنتان، ثمَّ خلق اللّه فاطمة من نور ابتدأها روحاً بلا بدن، ثمَّ مسحنا بیمینه فأفضى (4) نوره فينا.

٤ _ أحمد عن الحسين، عن محمّد بن عبد اللّه عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أوحى اللّه تعالى إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّي خلقتك ولم تك شيئاً، ونفخت فيك من روحي كرامة منّي أكرمتك بها حين أوجبت لك الطاعة على خلقي جميعاً، فمن أطاعك فقد أطاعني ومن عصاك فقد عصاني وأوجبت ذلك في عليّ وفي نسله ممّن اختصصته منهم لنفسي.

٥ - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن محمّد، عن أبي الفضل عبد اللّه بن إدريس، عن محمّد بن سنان قال : كنت عند أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأجريت اختلاف الشيعة (5)، فقال : يا محمّد : إنّ اللّه تبارك وتعالى لم يزل متفرداً بوحدانيته، ثمَّ خلق محمّداً وعلياً وفاطمة، فمكثوا ألف دهر (6)، ثمَّ خلق جميع الأشياء، فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوض أمورها إليهم، فهم يحلّون ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون ولن يشاؤوا إلّا أن يشاء اللّه تبارك وتعالى، ثمَّ قال : يا محمّد هذه الدّيانة التي من تقدَّمها مَرَق (7) ومن تخلف عنها مُحِوّ (8)، ومن :

ص: 511


1- «أي أصلا، أو بلا بدن عنصري بل بدن مثالي... وربما يؤوّل الخلق هنا بالتقدير» المجلسيّ ٥ / ١٨٦ - ١٨٧.
2- بحسب الزمان أو الرتبة.
3- «أي بعضها في صلب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى الحسنين» مرآة المجلسيّ 187/٥.
4- أي أوصله أو وصل إلينا.
5- أي اختلاف فرقهم حول عدد الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وصفاتهم وخصائصهم.
6- كناية عن الزمان الطويل.
7- أي من تجاوزها خرج عن الإسلام.
8- أي محي ونكل.

لزمها لحق (1)، خذها إليك يا محمّد.

٦ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أن بعض قريش قال لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : بأي شيء سبقت الأنبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم ؟ قال : إني كنت أوَّل من آمن بربّي، وأول من أجاب حين أخذ اللّه ميثاق النبيّين (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) (2)، فكنتُ أنا أول نبي قال بلى، فسبقتهم بالإقرار باللّه.

7 _ عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عليّ بن إبراهيم، عن عليّ بن حماد، عن المفضّل قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كيف كنتم حيث كنتم في الأظلة ؟ فقال : يا مفضّل كنّا عند ربّنا ليس عنده أحدٌ غيرنا، في ظلّة (3) خضراء، نسبّحه ونقدّسه ونهلله ونمجده، وما من ملك مقرب ولا ذي روح غيرنا حتّى بدا له في خلق الأشياء، فخلق ما شاء كيف شاء من الملائكة وغيرهم، ثمَّ أنهى علم ذلك إلينا.

8 - سهل بن زياد عن محمّد بن الوليد قال : سمعت يونس بن يعقوب، عن سنان بن طريف، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال : إنا أول بيت نوه اللّه (4) بأسمائنا. إنّه لما خلق السماوات والأرض أمر منادياً فنادى : أشهد أن لا إله إلّا اللّه - ثلاثاً _ أشهد أنَّ محمّداً رسول اللّه - ثلاثاً - أشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً – ثلاثاً -.

9 - أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد اللّه الصغير عن محمّد بن إبراهيم الجعفري، عن أحمد بن عليّ بن محمّد بن عبد اللّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه كان إذ لا كان، فخلق الكان (5) والمكان وخلق نور الأنوار(6) الّذي نورت منه الأنوار وأجرى فيه من نوره الّذي نوّرت منه الأنوار وهو النور الّذي خلق منه محمّداً وعليّاً. فلم يزالا نورين اولين، إذ لا شيء كوّن قبلهما، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهرين في

ص: 512


1- أي أدرك الحق.
2- الأعراف/ 172. وأول الآية (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم...) ودل الحديث أن من آمن أوّلاً له الفضل على من آمن لاحقا، ولازم ذلك أفضلية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ساير الصحابة.
3- الظاهر أن المراد بالظلة : ظلال عرش اللّه سبحانه قبل أن يخلق العالم بسمواته وأرضه.
4- أي أعلى ذكرنا ورفع مرتبتنا.
5- المراد ب_ (الكان) الممكن في مقابل الواجب والممتنع.
6- «وكأن المراد بنور الأنوار أوّلاً نور النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذ هو منوّر أرواح الخلائق بالعلوم والهدايات والمعارف» الخ مرآة المجلسيّ ١٩٥/٥.

الأصلاب الطاهرة، حتّى افترقا في أطهر طاهرين (1) في عبد اللّه وأبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

10 - الحسينُ [عن محمّد] بن عبد اللّه، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل، عن جابر [عن ابن يزيد قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا جابر : إنَّ اللّه أوّل ما خلق خلق محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعترته الهداة المهتدين، فكانوا أشباح نور بين يدي اللّه قلت : وما الأشباح؟ قال : ظلّ النور، أبدان نورانية بلا ارواح، وكان مؤيداً بروح واحدة وهي روح القدس فيه كان يعبد اللّه، وعترته (2) ولذلك خلقهم حلماء علماء بررة أصفياء يعبدون اللّه بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل ويصلّون الصلوات ويحجون ويصومون.

11 _ عليّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الوليد شباب الصيرفي، عن مالك بن إسماعيل النهدي، عن عبد السلام بن حارث، عن سالم بن أبي حفصة العجلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان في رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثلاثة (3)، لم تكن في أحد غيره : لم يكن له في (4)، وكان لا يمرُّ في طريق فيمرُّ فيه بعد يومين أو ثلاثة إلّا عُرِفَ أنّه قد مر فيه لطيب عرفه (5) وكان لا يمر بحجر ولا بشجر إلّا سجد له (6).

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لمّا عُرِجَ برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انتهى به جبرئيل إلى مكان فخلّى عنه (7)، فقال له : يا جبرئيل تخليني على هذه الحالة؟ فقال : امضه (8) فواللّه لقد وطئت مكاناً ما وطئه بشر وما مشى فيه بشر قبلك.

13 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن، محمّد الجوهري، عن عليّ بن أبي حمزة قال : سأل أبو بصير أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنا حاضر فقال : جعلت فداك، كم عُرِجَ برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ فقال : مرتين، فأوقفه جبرئيل موقفاً فقال له : مكانك

ص: 513


1- أي في زمانهما. وبالنسبة لأهل زمانهما.
2- أي وعترته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كانوا مؤيدين بذلك الروح.
3- أي ثلاثة أمور هي من مختصاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
4- «لأن الفيء المظلم الكثيف الحاجز بينه وبين النور والنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان نور الأنوار... فهو يضي، ما يقابله لا يُظلمه» المازندراني ١٤٣/٧.
5- أي رائحته الزكية.
6- سجود تعظيم وتشريف لمقام النبوّة.
7- أي فارقه وتركه بمفرده.
8- الهاء للسكت وأصلها إمض.

يا محمّد، فلقد وقفت موقفاً ما وقفه مَلَك قط ولا نبي، إن ربك يصلي(1). فقال : يا جبرئيل وكيف يصلّي ؟ قال : يقول : سبوح قدوس أنا ربُّ الملائكة والرُّوح، سَبَقَتْ رحمتي غضبي، فقال : اللّهمّ عفوك عفوك، قال : وكان كما قال اللّه (قاب قوسين أو أدنى) (2)، فقال له أبو بصير : جعلت فداك ما قاب قوسين أو أدنى ؟ قال : ما بين سيتها (3) إلى رأسها فقال : كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق (4)، ولا أعلمه إلّا وقد قال (5) : زبرجد، فنظر في مثل سَمِّ الإبرة (6) إلى ما شاء اللّه من نور العظمة، فقال اللّه تبارك وتعالى : يا محمّد، قال : لبيك ربي قال : من لأمتك من بعدك؟ قال اللّه أعلم قال عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وقائد الغ_ر المحجلين (7). قال : ثمَّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأبي بصير : يا أبا محمّد واللّه ما جاءت ولاية عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الأرض ولكن جاءت من السماء مشافهة (8).

١٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن سيف، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : صف لي نبي اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قال : كان نبي اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أبيض مشرب حمرة، أدعج العينين (9)، مقرون الحاجبين، شئن الأطراف(10) كأنَّ الذهب أفرغ على براثنه (11)، عظيم مشاشة (12) المنكبين، إذا التفت يلتفت جميعاً من شدّة استرساله، سُرْبَتُه (13) سائلة من لبته إلى سرته كأنّها وسط الفضّة المصفّاة، وكأنّ عنقه إلى كاهله إبريق فضة، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء، وإذا مشى تكفا (14) كأنَّه ينزل في صَبَب (15)، لم يُرَ مثلُ نبي اللّه قبله ولا

ص: 514


1- أي يغفر لعباده، أو لك.
2- النجم / 9.
3- لكلّ قوس قابان وقاب القوس ما بين مقبضه وسيته وهي ما عطف من طرفيها.
4- أي يضطرب ويتحرك.
5- أي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- هو ثقب الإبرة، وهذا كناية عن ضآلة ما كُشِف للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن المعرفة بذاته سبحانه وصفاته ونور عظمته.
7- «المحجل : هو الّذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين لأنها مواضع الأحجال وهي الخلاخيل والقيود مرآة المجلسيّ ٢٠٤/٥. وقد استعير لذوي الشرف من النّاس في العلم والعمل والصلاح وكرم الذات» المازندراني ١٤٧/٧.
8- أى بدون واسطة ملك.
9- أي متسع العينين مع شدة في سوادهما.
10- أي في كفيه وقدميه غلظ وقصر.
11- البرثن كما في القاموس - الكف مع الأصابع.
12- أي جليل رؤوس عظام المنكبين.
13- السربة : الشعر وسط الصدر إلى البطن.
14- أي مال إلى قدام أثناء المشي. أو إلى سنن المشي وقَصْدِه.
15- الصَّبَب : الموضع المنحدر أو كالماء المنحدر.

بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

١٥ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال: إِنّ اللّه مثل لي أمتي في الطين، وعلّمني أسماءهم كما علم آدم الأسماء كلها، فمرّ بي أصحاب الرايات(1) فاستغفرت لعلي وشيعته، إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة، قيل : يا رسول اللّه وما هي ؟ قال : المغفرة لمن آمن منهم (2). وأن لا يغادر منهم (3) صغيرة ولا كبيرة، ولهم تبدل السيئات حسنات

١٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن سيف، عن أبيه، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : خطب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الناس، ثمَّ رفع يده اليمنى قابضاً على كفّه ثمَّ قال : أتدرون أيّها النّاس ما في كفّي ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم، فقال : فيها أسماء أهل الجنّة وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة، ثمَّ رفع يده الشمال فقال : أيّها النّاس أتدرون ما في كفّي ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم، فقال : أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة، ثمَّ قال : حَكَمَ اللّه وعَدَلَ حكم اللّه وعَدَل فريق في الجنّة وفريق في السعير.

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في خطبة له خاصّة يذكر فيها حال النبيّ والأئمّة عليهم السّلام وصفاتهم : فلم يمنع ربَّنا لحلمه وأناته وعطفه ما كان (4) من عظيم جرمهم وقبيح أفعالهم، أن انتجب لهم أحبّ أنبيائه إليه وأكرمهم عليه محمّد بن عبد اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في حومة(5) العزّ مولده، وفي دومة (6) الكرم محتده (7) غير مشوب (8) حسبه ولا ممزوج نسبه، ولا مجهول عند أهل العلم صفته، بشّرت به الأنبياء في كتبها، ونطقت به العلماء بنعتها، وتأملته الحكماء بوصفها، مهذب لا يداني هاشمي لا يوازى أبطحي لا يسامى، شيمته الحياء وطبيعته السخاء، مجبول على أوقار النبوّة وأخلاقها إلى أن انتهت به أسباب مقادير اللّه إلى أوقاتها،

ص: 515


1- أي من تخفق على رؤوسهم الرايات من الحكّام عادلهم وجائرهم.
2- وهم الإماميّة الاثنا عشرية.
3- أي لا يدع لهم ذنباً صغيراً أو كبيراً إلّا غفره.
4- فاعل يمنع. أي أن الّذي كان من عظيم جرمهم لم يمنع ربنا الخ.
5- «كأن المراد بالحومة مكة، أو ذرية إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)» مرآة المجلسيّ ٢١٧/٥.
6- أي بنو هاشم أو المدينة.
7- أي موضع إقامته.
8- أي مخلوط.

وجرى بأمر اللّه القضاء فيه إلى نهاياتها، أداه محتوم قضاء اللّه إلى غاياتها، تبشر به كلّ أمة من بعدها، ويدفعه كلّ أب إلى أب من ظهر إلى ظهر، لم يخلطه في عنصره سفاح (1)، ولم ينجسه في ولادته نكاح (2)، من لَدُن آدم إلى أبيه عبد اللّه في خير فرقة وأكرم سبط وأمنع رهط وأكلاً حمل وأودع حجر اصطفاه اللّه وارتضاه واجتباه، وآتاه من العلم مفاتيحه، ومن الحكم ينابيعه، ابتعثه رحمة للعباد وربيعاً للبلاد، وأنزل اللّه إليه الكتاب فيه البيان والتبيان قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون، قد بينه للناس ونهجه بعلم قد فصله ودين قد أوضحه، وفرائض قد أوجبها، وحدود حدّها للنّاس وبينها، وأمور قد كشفها لخلقه وأعلنها، فيها دلالة إلى النجاة ومعالم تدعو إلى هداه، فبلغ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما أرسل به، وصَدَعَ بما أُمِر، وأدّى ما حُمّل من أثقال النبوّة، وصبر لربه وجاهد في سبيله ونصح لأمته، ودعاهم إلى النجاة، وحثهم على الذكر، ودلّهم على سبيل الهدى، بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها، ومنار رفع لهم أعلامها، كيلا يضلوا من بعده وكان بهم رؤوفاً رحيماً.

18 - محمّد بن يحيى، عن سعد بن يحيى، عن سعد بن عبد اللّه، عن جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن هلال، عن أُمية بن عليّ القيسي قال : حدَّثني دُرُست بن أبي منصور أنّه سأل أبا الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) محجوجاً بأبي طالب (3)؟ فقال: لا ولكنه كان مستودعاً للوصايا فدفعها إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : قلت : فدفع إليه الوصايا على أنّه محجوج به؟ فقال : لو كان محجوجاً به ما دفع إليه الوصية، قال : فقلت : فما كان حال أبي طالب؟ قال : أقرّ بالنبيّ وبما جاء به ودفع إليه الوصايا ومات من يومه

١٩ - الحسين بن محمّد الأشعريّ عن معلىّ بن محمّد، عن منصور بن العبّاس، عن عليّ بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما قبض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بات آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأطول ليلة حتّى ظنوا أن لا سماء تظلّهم ولا أرض تقلّهم، لأنّ

ص: 516


1- أي فجور.
2- أي من أنكحة الجاهلية الفاسدة.
3- يحتمل معنى هذا الحديث وجوهاً: الأول: هل كان أبو طالب حجة على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وإماماً ؟ فأجاب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالنفي لأن كون أبي طالب مستودعاً لوصايا دفعها إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لا يستلزم كونه حجة بل ينافيه وقد مات أبو طالب في يوم الدفع. الثاني : هل كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مغلوباً بالحجّة في شأن أبي طالب لكونه قصر في هدايته إلى الإيمان فلم يؤمن فأجاب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالنفي لأن أبا طالب كان قد آمن فهو من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع. الثالث : إن قوله : على أنّه محجوج به يعني على أن يكون النبيّ حجة عليه. إذ لو كان العكس لما دفع أبو طالب الوصية إليه لأن الوصية إنّما تنتقل ممّن له التقدم لخصنا ذلك عن مرآة المجلسيّ ٢٢٤/٥.

رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وَتَرَ الأقربين والأبعدين في اللّه، فبيناهم كذلك، إذ أتاهم آت لا يروقه ويسمعون كلامه، فقال السّلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته، إنّ في اللّه عزاء من كلّ مصيبة، ونجاة من كلّ هلكة، ودركاً لما فات (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (1). إِنَّ اللّه اختاركم وفضلكم وطهركم وجعلكم أهل بيت نبيّه واستودعكم علمه وأورثكم كتابه وجعلكم تابوت علمه وعصا عزّه (2)، وضرب لكم مثلاً من نوره (3) وعصمكم من الزّلل وآمنكم من الفتن، فتعزُّوا بعزاء اللّه، فإنَّ اللّه لم ينزع منكم رحمته ولن يزيل عنكم نعمته، فأنتم أهل اللّه عزّ وجلّ الّذين بهم تمّت النعمة (4) واجتمعت الفرقة وائتلفت الكلمة وأنتم أولياؤه، فمن تولاكم فاز ومن ظلم حقكم زهق مودَّتكم من اللّه واجبةٌ في كتابه على عباده المؤمنين، ثمَّ اللّه على نصركم إذا يشاء قدير، فاصبروا لعواقب الأمور، فإنّها إلى اللّه تصير قد قبلكم اللّه من نبيّه وديعة واستودعكم أولياءه المؤمنين في الأرض، فمن أدى أمانته آتاه اللّه صدقه، فأنتم الأمانه المستودعة ولكم المودة الواجبة والطاعة المفروضة، وقد قبض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقد أكمل لكم الدّين وبين لكم سبيل المخرج، فلم يترك لجاهل حجّة، فمن جهل أو تجاهل أو أنكر أو نسي أو تناسى فعلى اللّه حسابه، واللّه من وراء حوائجكم ؛ وأستودعكم اللّه والسلام عليكم. فسألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ممّن أتاهم التعزية، فقال: من اللّه تبارك وتعالى.

20 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان عن إسماعيل بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذا رئي في الليلة الظلماء رئي له نور كأنه شقة قمر.

٢١ - أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيد اللّه عن أبي عبد اللّه الحسين الصغير، عن محمّد بن إبراهيم الجعفري، عن أحمد بن عليّ بن محمّد بن عبد اللّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؛ ومحمّد (5) بن يحيى، عن سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن

ص: 517


1- آل عمران/ 185.
2- «لا يبعد أن تكون الفقرتان إشارتين إلى أنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمنزلة تابوت بني إسرائيل لكونها مخزناً للألواح والصحف وساير علومهم وإلى أنهم للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بمنزلة العصا لموسى فإنها كانت سبباً لغلبته على الأعادي وآية نبوته وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان كذلك معيناً للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ودافعاً للأعادي عنه وآية نبوته وكذا سائر الأئمّة» مرآة المجلسيّ ٢٢٩/٥.
3- إشارة إلى الآية في سورة النور وهي : (اللّه نور السموات والأرض) الآية / ٣٥.
4- إشارة إلى قوله تعالى : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتتمت عليكم نعمتي) الآية ٣ من سورة المائدة. وذلك بعد تنصيب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أميراً للمؤمنين في غدير خم.
5- أي وروى محمّد بن يحيى، فهو بداية سند آخر للحديث.

يزيد عن ابن فضّال، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا محمّد إنَّ ربّك يقرئك السّلام ويقول : إنّي قد حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحِجْر كَفَلَك، فالصلب صلب أبيك عبد اللّه بن عبد المطلب، والبطن الّذي حملك فآمنة بنت وهَبَ وأما حِجر كفلك فحجر أبي طالب(1).

وفي رواية ابن فضّال وفاطمة بنت أسد.

22 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يحشر عبد المطلب يوم القيامة أمّة واحدة (2)، عليه سيماء الأنبياء وهيبة الملوك (3).

٢٣ - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن الأصم، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن عبد المطلب أوّل من قال بالبداء(4)، يبعث يوم القيامة امة وحده عليه بهاء الملوك وسيماء الأنبياء.

٢٤ - بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن عبد الرحمن بن الحجاج [و] عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر جميعاً، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يبعث عبد المطلب أمة وحده عليه بهاء الملوك وسيماء الأنبياء وذلك أنّه أوّل من قال بالبداء، قال : وكان عبد المطلب أرسل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى رعاته في إبل قد ندَّت له(5)، فجمعها فأبطأ عليه فأخذ بحلقة باب الكعبة وجعل يقول : يا ربّ أتُهلك آلك (6) إن تفعل فأمر ما بدا لك». فجاء رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالإبل وقد وجّه عبد المطلب في كلّ طريق وفي كلّ شعب في طلبه وجعل يصيح : «يا ربّ أتهلك آلك إن تفعل فأمر ما بدا لك». ولمّا رأى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أخذه فقبله وقال : يا بني لا وجهتك بعد هذا في شيء فإني أخاف أن تغتال فتقتل.

٢٥ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): لما أن وجّه صاحب

ص: 518


1- وهذا الحديث واضح في إسلام أبوي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعمه أبي طالب رضوان اللّه عليهم أجمعين.
2- لأنه كان في زمانه متفرداً بين قومه بالتدين بحنيفية إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- «أي يحشر بنور مثل نور الأنبياء في الآخرة وجلالة مثل جلالة الملوك في الدنيا» مرآة المجلسيّ ٢٣٧/٥.
4- أي من بين قومه كلهم.
5- أي شردت.
6- أي أقرب الخلق إليك، يقصد محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

الحبشة بالخيل ومعهم الفيل ليهدم البيت مرُّوا بإبل لعبد المطلب فساقوها، فبلغ ذلك عبد المطلب، فأتى صاحب الحبشة فدخل الآذن، فقال: هذا عبد المطلب بن هاشم قال : وما يشاء؟ قال الترجمان جاء في إبل له ساقوها، يسألك ردّها فقال ملك الحبشة لأصحابه : هذا رئيس قوم وزعيمهم جئت إلى بيته الّذي يعبده لأهدمه وهو يسألني إطلاق إبله، أما لو سألني الإمساك عن هدمه لفعلت ردُّوا عليه إبله، فقال عبد المطلب لترجمانه : ما قال لك الملك؟ فأخبره، فقال عبد المطلب : أنا ربّ الإبل ولهذا البيت ربُّ يمنعه، فرُدَّت إليه إبله وانصرف عبد المطلب نحو منزله، فمر بالفيل في منصرفه، فقال للفيل : يا محمود (1) فحرك الفيل رأسه، فقال له : أتدري لم جاؤوا بك؟ فقال الفيل برأسه: لا، فقال عبد المطلب : جاؤوا بك لتهدم بيت ربك أفتراك فاعل ذلك؟ فقال برأسه : لا، فانصرف عبد المطلب إلى منزله، فلما أصبحوا غدوا به (2) لدخول الحرم فأبى وامتنع عليهم، فقال عبد المطلب لبعض مواليه عند ذلك : أُعْلُ الجبل فانظر ترى شيئاً؟، فقال : أرى سواداً من قبل البحر، فقال له : يصيبه (3) بصرك أجمع ؟ فقال له : لا ولأ وشك أن يصيب، فلما أن قرب، قال : هو طير كثير ولا أعرفه (4) يحمل كلّ طير في منقاره حصاة مثل حصاة الخذف أو دون حصاة الخذف(5)، فقال عبد المطلب : وربّ عبد المطلب ما تريد إلّا القوم، حتّى لما صاروا فوق رؤوسهم أجمع ألقت الحصاة فوقعت كلّ حصاة على هامة رجل فخرجت من دبره فقتلته، فما انفلت منهم إلّا رجل واحد يخبر الناس، فلما أن أخبرهم ألقت عليه حصاة فقتلته.

٢٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عبد المطلب يفرش له بفناء الكعبة لا يفرش لأحد غيره، وكان له ولد يقومون على رأسه فيمنعون من دنا منه، فجاء رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو طفل يدرج حتّى جلس على فخذيه، فأهوى بعضهم إليه لينحيه عنه، فقال له عبد المطلب : دع ابني فإنّ الملك قد أتاه (6).

27 - محمّد بن يحيى، عن سعد بن عبد اللّه عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن

ص: 519


1- هو اسم للفيل، أما لأنه كان قد سمي بذلك من قبل، أو هو اسم أطلقه عليه عبد المطلب ابتداء.
2- أي بالفيل.
3- أي لا يدركه بصرك كله.
4- أي لا أعرف نوعه ولا جنسه من الطير.
5- الخذف: رمي الحصاة ونحوها كالنواة أو أي جسم صغير بطرفي الإبهام والسبابة.
6- أي أن الملك - وهو غير جبرئيل - قد نزل عليه حقيقة وقد دلّت بعض الروايات على أن روح القدس والملائكة كانت تنزل عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في صباه وقبل البعثة. أو مجازاً وتنزيلاً للأمر المتيقن الوقوع منزلة الواقع، مرآة المجلسيّ ٢٥٠/٥. أو أن معنى أتاه أي أتى وجاء به فأجلسه في حجري.

عليّ بن المعلى عن أخيه محمّد، عن درست بن أبي منصور، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما ولد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مكث أياماً ليس له لبنٌ، فألقاه أبو طالب على ثدي نفسه، فأنزل اللّه فيه لبناً فرضع منه أياماً حتّى وقع (1) أبو طالب على حليمة السعدية فدفعه إليها.

28 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ مَثَلَ أبي طالب مَثَلُ أصحاب الكهف أسرُّوا الإيمان وأظهروا الشرك فأتاهم اللّه أجرهم مرتين (2).

٢٩ - الحسين بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد الأزدي، عن إسحاق بن جعفر عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قيل له : إنهم يزعمون أنَّ أبا طالب كان كافراً ؟ فقال : كذبوا كيف يكون كافرا وهو يقول :

ألم تعلموا أنا وجدنا محمّداً***نبياً كموسى خُطّ في أوَّل الكتب (3)

وفي حديث آخر : كيف يكون أبو طالب كافراً وهو يقول:

لقد علموا أنَّ ابنا لا مكذب***لدينا ولا يُعبأ (4) بقيل (5) الأباطل (6)

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه(7) ***مال (8) اليتامى عصمة للأرامل

30 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بينا النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في المسجد الحرام وعليه ثياب له جُدد فألقى المشركون عليه سَلَا (9) ناقة فملؤوا ثيابه بها، فدخله من ذلك ما شاء اللّه، فذهب إلى أبي طالب فقال له : يا عم : كيف ترى حسبي فيكم؟ فقال له وما ذاك يا ابن أخي ؟ فأخبره الخبر، فدعا أبو طالب حمزة

ص: 520


1- أي عثر عليها ووجدها.
2- مرة لأصل إيمانهم وتصديقهم ومرة لإسرارهم الإيمان تقية من قومهم الكفار.
3- أي كتاب آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو التوراة، وقيل : اللوح المحفوظ والخطاب للكفار والمشركين.
4- أي لا يُبالى.
5- أي بقول.
6- جمع أبطل. وقيل :الأباطل قول المشركين عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من أنّه ساحر أو مجنون أو كذاب الخ.
7- أي تجاهه عند اللّه. والمقصود به النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في قصة استسقاء أبي طالب به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عندما أصاب قريشاً جدب عظيم في عام من الأعوام.
8- أي ملجاً.
9- الظاهر أنّها المشيمة التي تخرج مع الطفل عند ولادته.

وأخذ السيف وقال لحمزة : خذ السلا ثمَّ توجه إلى القوم والنبيّ معه فأتى قريشاً وهم حول الكعبة، فلما رأوه عرفوا الشرَّ في وجهه، ثمَّ قال لحمزة : أمر السلا على سبالهم (1) ففعل ذلك حتّى أتى على آخرهم ثمَّ التفت أبو طالب إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يا ابن أخي هذا حَسَبُكَ فينا.

٣١ - عليٌّ،، عن ابن أبي نصر، عن إبراهيم بن محمّد الأشعريّ، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما توفّى أبو طالب نزل جبرئيل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال: يا محمّد أخرج من مكة، فليس لك فيها ناصر، وثارت (2) قريش بالنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فخرج هارباً حتّى جاء إلى جبل بمكّة يقال له الحَجُون فصار إليه.

32 - عليّ بن محمّد بن عبد اللّه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن عبد اللّه رفعه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ أبا طالب أسلم بحساب الجُمَّل (3) ؟ قال : بكل لسان (4).

33 - محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبد اللّه ابني محمّد بن عيسى، عن أبيهما، عن عبد اللّه بن المغيرة عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أسلم أبو طالب بحساب الجُمَّل وعقد بيده ثلاثاً وستين (5).

٣٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضال، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن عليّ بن الحَزَوِّز الغنوي عن أصبغ بن نباتة الحنظلي قال: رأيت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) [ثم] قال : أيّها النّاس : ألا أخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم اللّه، فقام إليه أبو أيّوب الأنصاري فقال : بلى يا أمير المؤمنين حدَّثنا فإنك كنت تَشْهَدُ ونَغَيبُ (6)، فقال : إنَّ خير الخلق يوم يجمعهم اللّه سبعة من ولد عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلّا كافر ولا يجحد به إلّا جاحد. فقام عمار بن ياسر - رحمه اللّه _ فقال : يا أمير المؤمنين سمّهم لنا لنعرفهم، فقال : إن خير الخلق يوم يجمعهم اللّه الرُّسُلُ، وإِنَّ أفضل الرُّسل

ص: 521


1- «السبلة : الدائرة في وسط الشفة العليا أو ما على الشارب من الشعر أو طرفه أو مجتمع الشاربين أو على الذقن إلى طرف اللحية الخ» مرآة المجلسيّ 257/٥ وفي بعض النسخ : على أسبالهم.
2- أي هاجت.
3- هو حساب الأبجد، إذ لكلّ حرف من حروفه عدد مخصوص به.
4- أي بجميع اللغات، وهذا يدل على أنّه كان محيطاً بها. أو أن المقصود إن حساب الجمل هذا لغة مشتركة بين كلّ الأقوام.
5- «عنى بذلك : إله أحد جواد. وتفسير ذلك أن الألف واحد واللام ثلاثون والهاء خمسة والألف واحد والحاء ثمانية والدال أربعة والجيم ثلاثة والواو ستة والألف واحد والدال أربعة فذلك ثلاثة وستون» مرآة المجلسيّ ٢٥٨/٥.
6- أي كنت تحضر دائماً عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكنا نغيب أحياناً فى الغزوات وغيرها» مرآة المجلسيّ ٢٦٢/٥.

محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وإنَّ أفضل كلّ أُمة بعد بيها وصي نبيها حتّى يدركه نبي، ألا وإنَّ أفضل الأصياء وصي محمّد عليه وآله السلام، ألا وإن أفضل الخلق بعد الأوصياء الشهداء، ألا وإنَّ أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان(1) يطير بهما في الجنة، لم يُنحَلْ (2) أحدٌ من هذه الأمة جناحان غيره، شيء كرَّم اللّه به محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وشرفه، والبسطان الحسن والحسين والمهدي (عَلَيهِم السَّلَامُ)، يجعله اللّه من شاء منا أهل البيت، ثمَّ تلا هذه الآية (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا) (3).

35 _ محمّد بن الحسين، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن النعمان، عن أبي مريم الأنصاري (4)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له كيف كانت الصلاة على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ قال : لما غسله أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكفّنه سجاه (5) ثمَّ أدخل عليه عشرة (6) فداروا حوله ثمَّ وقف أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في وسطهم فقال : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (7)، فيقول القوم كما يقول حتّى صلّى عليه أهل المدينة وأهل العوالي(8).

٣٦ - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب عن عليّ بن سيف، عن أبي المغرا، عن عقبة بن بشير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يا عليُّ ادفني في هذا المكان وارفع قبري من الأرض أربع أصابع ورش عليه من الماء.

37 _ عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أتى العبّاس أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا عليُّ إِنَّ النّاس قد اجتمعوا أن يدفنوا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في بقيع المصلى (9) وأن يؤمهم رجلٌ منهم، فخرج أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى

ص: 522


1- أي مصبوغان بدمه.
2- أي لم يُعطَ.
3- النساء / ٦٩ - ٧٠.
4- الظاهر أنّه عبد الغفار بن القاسم بن قيس.
5- أي غطاه.
6- أي من خواص بني هاشم أو مطلقاً.
7- الأحزاب / ٥٦.
8- قرى بقرب المدينة المنورة على بعد نصف فرسخ منها. والظاهر أن هذه الصلاة كانت بعد أن صلّى عليه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمفرده كما يذكر الشيخ المفيد (رضیَ اللّهُ عنهُ) في كتاب الإرشاد فراجع.
9- موضع كان يصلي فيه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صلاة العيد ويسمى أيضا بقيع الخيل.

النّاس فقال : يا أيّها النّاس إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إمام حياً وميتاً، وقال : إنّي أدفن في البقعة التي أقبض فيها، ثمَّ قام على الباب فصلّى عليه، ثمَّ أمر النّاس عشرة عشرة يصلّون عليه ثمَّ يخرجون.

38 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب عن عليّ بن سيف، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما قبض النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صلّت عليه الملائكة والمهاجرون والأنصار فوجاً فوجاً، قال : وقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول في صحته وسلامته : إنّما أنزلت هذه الآية عليَّ في الصلاة عليَّ بعد قبض اللّه لي : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

39 - بعض أصحابنا رفعه، عن محمّد بن سنان عن داود بن كثير الرقي قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما معنى السلام على رسول اللّه ؟ فقال : إنَّ اللّه تبارك وتعالى لما خلق نبيّه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الأئمّة وخلق شيعتهم الأئمّة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق وأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتقوا اللّه، ووعدهم أن يسلّم لهم الأرض المباركة (1) والحرم الآمن (2) وأن ينزل لهم البيت المعمور (3)، ويظهر لهم السقف المرفوع (4) ويريحهم من عدوّهم، والأرض التي يبدلها اللّه من السلام ويسلّم ما فيها لهم لا شِيَةَ (5) فيها، قال : لا خصومة فيها لعدوّهم وأن يكون لهم فيها ما يحبّون، وأخذ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على جميع الأئمّة وشيعتهم الميثاق بذلك ؛ وإنما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على اللّه، لعله يعجّله جلَّ وعزَّ ويعجّل السلام لكم بجميع ما فيه.

٤٠ - ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : اللّهمّ صل على محمّد صفيّك وخليلك ونجيك المدبر لأمرك.

ص: 523


1- أي بيت المقدس، كما أشارت إليه الآية ١٨ من سورة سبأ.
2- أي مكة.
3- هو الّذي تطوف حوله الملائكة فى السماء وجعل على غراره بيته العتيق في الأرض بمكّة ليطوف حوله الناس. والظاهر أن المراد هنا من إنزاله إنزال الملائكة منه عند خروج القائم (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) إليه.
4- «أي السماء الدنيا أو السماوات كلها أو العرش بنفوذ بصرهم فيها واطلاعهم على غرائبها ويمكن تخصيصه به (عَلَيهِ السَّلَامُ) و بخواص أصحابه..» مرآة المجلسيّ ٢٦٩/٥.
5- الشبية فى الأصل اللون أي لا لون فيها يخالف لونها. «ومن هنا فسرها بعضهم بالخصومة على نحو الاستعارة «فإنه إذا لم يسلّم لهم الأرض كملاً بل كان لبعضها فيه خصومة فكانت كحيوان فيه لون غير لون»ه مرآة المجلسيّ 271/5.

١٦٨ _ باب النهي عن الإشراف على قبر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن جعفر بن المثنّى الخطيب(1) قال: كنت بالمدينة وسقف المسجد الّذي يشرف على القبر قد سقط والفَعَلة(2) يصعدون وينزلون ونحن جماعة، فقلت لأصحابنا من منكم له موعد يدخل على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) الليلة؟ فقال مهران بن أبي نصر أنا وقال إسماعيل بن عمّار الصيرفي أنا، فقلنا لهما : سلاه لنا عن الصعود لنشرف على قبر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلمّا كان من الغد لقيناهما، فاجتمعنا جميعاً، فقال إسماعيل : قد سألناه لكم عمّا ذكرتم، فقال : ما أحب لأحد منهم أن يعلو فوقه، ولا آمنه أن يرى شيئاً يذهب منه (3) بصره، أو يراه قائماً يصلّي، أو يراه مع بعض أزواجه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

١٦٩ _ باب مولد أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه

ولد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد عام الفيل بثلاثين سنة، وقُتِل (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شهر رمضان لتسع بقين منه، ليلة الأحد سنة أربعين من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة، بقي بعد قبض النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثلاثين سنة. وامه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وهو أول هاشمي وَلَدَهُ هاشم مرَّتين (4).

١ - الحسين بن محمّد، عن محمّد بن يحيى الفارسي، عن أبي حنيفة محمّد بن يحيى عن الوليد بن أبان، عن محمّد بن عبد اللّه بن مسكان عن أبيه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إِنَّ فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشره بمولد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال أبو طالب: اصبري سَبْتاً(5) أبشرك بمثله إلّا النبوّة وقال : السبت ثلاثون سنة. وكان بين رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمير

ص: 524


1- قيل بأن في سند هذا الحديث سقطاً أو إرسالاً، وذلك لأن الشيخ نص في رجاله على أن جعفر بن المثنى الخطيب هو من أصحاب الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، اللّهمّ إلّا أن يكون قد أدرك زمان الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولكن القول بأنه كان واقفياً يؤكد أنّه كان على زمان الصادق بل من أصحابه أيضاً
2- أي عمال البناء.
3- أي بسببه.
4- «أي انتسب إلى هاشم من قبل الأب والأم معاً... وقيل كانت فاطمة بنت أسد) أول هاشمية ولدت لهاشمي...»مرآة المجلسيّ ٢٧٧/٥.
5- وقد يطلق السبت على الدهر كما يقول الجوهري وغيره. وفى النهاية السبت مدة من الزمان قليلة كانت أو كثيرة. وخص في هذا الحديث بثلاثين سنة. ويظهر أنّه كان استعماله شائعاً فيها في ذلك العصر.

المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثلاثون سنة

2 - عليّ بن محمّد بن عبد اللّه عن السياري، عن محمّد بن جمهور، عن بعض، أصحابنا عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين، كانت أول امرأة هاجرت إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من مكّة إلى المدينة على قدميها وكانت من أبر النّاس برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فسمعت رسول اللّه وهو يقول: «إِنَّ النّاس يُحْشَرُون يوم القيامة عراة كما ولدوا»، فقالت : واسوأتاه (1)، فقال لها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «فإنّي أسأل اللّه أن يبعثك كاسية».

وسَمِعَتْهُ يذكر ضَعْطَةَ القبر (2)، فقالت واضعفاه فقال لها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «فإنّي أسأل اللّه أن يكفيك ذلك»، وقالت لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوماً : إني أريد أن أعتق جاريتي هذه، فقال لها : إن فعلت أعتق اللّه بكل عضو منها عضواً منك من النار، فلمّا مرضت أوصَتْ إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمرت أن يعتق خادمها، واعتقل لسانها (3) فجعلت تومي إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إيماء، فقبل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وصيّتها.

فبينما هو ذات يوم قاعد إذ أتاه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو ببكي، فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ما يبكيك؟ فقال : ماتت أمي فاطمة، فقال رسول اللّه : «وأمّي والله». وقام مسرعاً حتّى دخل فنظر إليها وبكى، ثمَّ أمر النساء أن يغسلنها وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إذا فرغتنَّ فَلا تُحدِثْنَ شيئاً حتّى تُعْلَمْتَني، فلما فرغن أعلمنه بذلك، فأعطاهنَّ أحد قميصيه الّذي يلي جسده وأمرهنَّ أن يكفنّها فيه وقال للمسلمين: إذا رأيتموني قد فعلت شيئاً لم أفعله قبل ذلك فسلوني لِمَ فعلته، فلما فرغن من غسلها وكفنها دخل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فحمل جنازتها على عاتقه، فلم يزل تحت جنازتها حتّى أوردها قبرها، ثمَّ وضعها ودخل القبر فاضطجع فيه، ثمَّ قام فأخذها على يديه حتّى وضعها في القبر، ثمَّ انكب عليها طويلاً يناجيها ويقول لها : ابنك، ابنك (4) [ابنك] ثمَّ خرج وسوّى عليها، ثمَّ انكب على قبرها فسمعوه يقول : لا إله إلّا اللّه، اللّهمّ إني أستودعها إيّاك، ثمَّ انصرف، فقال له المسلمون إنا رأيناك فعلت أشياء لم تفعلها قبل اليوم فقال : اليوم فقدت بر أبي طالب، إن كانت ليكون عندها الشيء فتؤثرني به على نفسها وولدها وإني ذكرت القيامة وأنَّ النّاس

ص: 525


1- «(و) حرف تفجع يدخل على المتفجع منه كواحزناه وعلى المتفجع عليه كوازيداه، والألف زائدة لمد الصوت في المصيبة، وزيادة الهاء الساكنة لزيادة مد الصوت، والسوأة بالفتح الفضيحة» مرآة المجلسيّ ٢٧٩/٥.
2- أي عَصْرَة القبر.
3- أي احتبس فلا تقدر على الكلام.
4- أي هو ابنك.

يُحْشَرون عراةً فقالت واسوأتاه فضمنت لها أن يبعثها اللّه كاسية، وذكرت ضغطة القبر فقالت : واضعفاه، فضمنت لها أن يكفيها اللّه ذلك، فكفّنتها بقميصي واضطجعت في قبرها لذلك، وانكببت عليها فلقنتها ما تُسْألُ عنه، فإنّها سُئِلَتْ عن ربها فقالت وسئلت عن رسولها فأجابت، وسئلت عن وليّها وإمامها فارتُج عليها (1)، فقلت : ابنك، ابنك [ابنك].

٣ - بعض أصحابنا عمّن ذكره عن ابن محبوب، عن عمر بن أبان الكلبي، عن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لما ولد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فتح لآمنة(2) بياض فارس وقصور الشام، فجاءت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين إلى أبي طالب ضاحكة مستبشرة، فأعلمته ما قالت امنة فقال لها أبو طالب وتتعجبين من هذا إنّک تحبلين وتلدين بوصيه ووزيره.

٤ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن البرقي (3)، عن أحمد ابن زيد النيسابوري قال : حدَّثني عمر بن إبراهيم الهاشمي، عن عبد الملك بن عمر، عن أسيد بن صفوان صاحب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : لمّا كان اليوم الّذي قبض فيه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ارتج (4) الموضع بالبكاء ودهش النّاس كيوم قبض النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وجاء رجل باكياً وهو مسرع مسترجع وهو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوّة حتّى وقف على باب البيت الّذي فيه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال :

رحمك اللّه يا أبا الحسن، كنت أوَّل القوم إسلاماً وأخلصهم إيماناً، وأشدهم يقيناً، وأخوفهم لله، وأعظمهم عناء، وأحوطهم (5) على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وآمنهم على أصحابه، وأفضلهم مناقب، وأكرمهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأشبههم به هدياً وخلقاً وسَمْتاً (6) وفعلاً، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، فجزاك اللّه عن الإسلام وعن رسوله وعن السمسلمين خيراً.

قویت حين ضعُفَ أصحابه، وبرزت حين استكانوا ونهضت حين وهنوا (7)، ولزمت

ص: 526


1- أي استغلق عليها الكلام ولم تقدر عليه.
2- «أي كشف الحجاب عنها وقوي بصرها على رؤية فصور المدائن والشام لتعلم أنّها تفتح على أمة ابنها» مرآة المجلسيّ ٢٨٢/٥.
3- قال المجلسيّ في مرآته (المصدر أعلاه) أن المراد بالبرقي هنا محمّد لا ابنه أحمد.
4- أي اضطرب.
5- أي أكثرهم حفظاً له وحرصاً عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
6- أي طريقة، ويطلق السمت على هيئة أهل الصلاح على نحو الاستعارة.
7- أي قمت للجهاد حين ضعفوا وتخاذلوا عنه.

منهاج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذ هم (1) أصحابه، [و] كنت خليفته حقاً، لم تنازع (2) ولم تضرع (3) برغم المنافقين وغيظ الكافرين وكره الحاسدين، وصغر الفاسقين.

فقمت بالأمر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا (4)، ومضيت بنور اللّه إذ وقفوا، فاتبعوك فَهُدُوا، وكنت أخفضهم صوتاً، وأعلاهم قنوت (5) وأقلهم كلاماً، وأصوبهم نطقاً، وأكبرهم رأياً، وأشجعهم قلباً، وأشدّهم يقيناً، وأحسنهم عملاً وأعرفهم بالأمور.

كنت واللّه يعسوباً(6) للدين، أوّلاً وآخراً : الأوّل حين تفرَّق الناس، والآخر حين فشلوا، كنت للمؤمنين أباً رحيماً، إذ صاروا عليك عيالاً، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا ورعيت ما أهملوا وشمّرت إذ [ا] جتمعوا وعلوت (7) إذ هلعوا، وصبرت إذ أسرعوا، وأدركت أوتار (8) ما طلبوا ونالوا بك ما لم يحتسبوا.

كنت على الكافرين عذاباً صبا (9) ونهباً، وللمؤمنين عمداً وحصناً، فطرت واللّه بنعمائها وفزت بحبائها، وأحرزت سوابقها، وذهبت بفضائلها، لم تفلل حجتك، ولم يزغ قلبك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك ولم تخرَّ (10).

كنت كالجبل لا تحركه العواصف، وكنت كما قال (11) : أمن النّاس في صحبتك وذات يدك، وكنت كما قال : ضعيفاً في بدنك قوياً في أمر اللّه، متواضعاً في نفسك، عظيماً عند اللّه كبيراً في الأرض جليلاً عند المؤمنين، لم يكن لأحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز [ولا لأحد فيك مطمع ] ولا لأحد عندك هوادة الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتّى تأخذ له

ص: 527


1- أي قصدوا وعزموا.
2- أي لم تتصدَّ بالسلاح لأخذ الخلافة وذلك لعدم وجود الأعوان والأنصار. هذا على قراءة المعلوم. وأما على قراءة المجهول (تنازع) فهنالك تخريجات ذكرها المجلسيّ ٢٩٥/٥ منها : أنّه لم ينازعه أحد في أصل الخلافة فإنها ممّا اتفقت عليه الأمة وإنما النزاع في أنّه هل تقدّم عليه أحد فيها أم لا. فراجع بقية التوجيهات.
3- أي لم تستكن.
4- أي وحللت المسائل المشكلة والعويصة حين عجزوا عن الحل.
5- أي طاعة اللّه وخشوعاً له.
6- أي رئيساً كبيراً، واليعسوب في الأصل أمير النحل.
7- انتصرت على الأعداء.
8- «أي أدركت الجنايات التي وقعت من الكفار على المسلمين فانتقمت منهم» مرأة المجلسيّ ٢٩٩/٥.
9- أي مصبوباً كثيراً.
10- «من الخرور وهو السقوط من علو إلى أسفل أو مطلقاً.. وفي بعض النسخ بالحاء المهملة (تحر) من الحيرة.. في بعض النسخ (لم تخن) من الخيانة وهو أظهر» مرآة المجلسيّ ٣٠١/٥.
11- أي النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في حقك.

بحقه والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتّى تأخذ منه الحقّ، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحقّ والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم، وأمرك حِلْم وحزم، ورأيك عِلْم وعَزْم فيما فعلت، وقد نهج السبيل (1)، وسهل العسير وأطفئت النيران (2)، واعتدل بك الدين، وقوي بك الإسلام، فظهر أمر اللّه ولو كره الكافرون، وثبت بك الإسلام والمؤمنون، وسبقت سبقاً بعيداً، وأتعبت من بعدك تعباً شديداً، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيّتك في السماء، وهدت مصيبتك الأنام، فإنا للّه وإنا إليه راجعون رضينا عن اللّه قضاه، وسلّمنا اللّه أمره، فواللّه لن يصاب المسلمون بمثلك أبداً.

كنت للمؤمنين كهفاً وحصناً، وقُنَّة راسياً (3)، وعلى الكافرين غلظة وغيظاً، فألحقك اللّه بنبيه ولا أحرمنا أجرك، ولا أضلنا بعدك، وسكت القوم حتّى انقضى كلامه وبكي، وبكى أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثمَّ طلبوه فلم يصادفوه.

٥ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن صفوان الجمّال قال : كنت أنا وعامر وعبد اللّه بن جذاعة الأزدي عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: فقال له عامر : جعلت فداك إنَّ النّاس يزعمون أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) دفن بالرحبة(4)؟ قال: لا، قال: فأين دفن؟ قال : إنّه لما مات احتمله الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأتي به ظهر الكوفة قريباً من النجف يسرة عن الغري يمنة عن الحيرة، فدفنه بين ذكوات بيض(5)، قال : فلما كان بعد ذهبت إلى الموضع، فتوهمت موضعاً منه، ثمَّ أتيته فأخبرته فقال لي : أصبت رحمك اللّه _ ثلاث مرات -.

٦ - أحمد بن محمّد، عن محمّد ابن أبي عمير، عن القاسم بن عن عبد اللّه بن سنان، قال : أتاني عمر بن يزيد فقال لي : اركب فركبت معه فمضينا حتّى أتينا منزل حفص الكناسي فاستخرجته فركب معنا، ثمَّ مضينا حتّى أتينا الغري فانتهينا إلى قبر، فقال: أنزلوا هذا قبر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقلنا من أين علمت؟ فقال : أتيته مع أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) حيث كان بالحيرة غير مرة وخبرني أنّه قبره.

ص: 528


1- أي وضع طريق الحق.
2- أي فتن القاسطين والمارقين والناكثين.
3- في القاموس : القنة الجبل الصغير وقلة الجبل والمنفرد والمستطيل في السماء... أو الجبل السهل المستوي المستنبط على الأرض. والراسي : الثابت.
4- محلة بالكوفة.
5- «لعله أراد التلال الصغيرة التي كانت محيطة بقبره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) شبهها - لضيائها وتوقدها عند شروق الشمس عليها لاشتمالها على الحصيات البيض والدراري - بالجمرة الملتهبة» مرآة المجلسيّ ٣٠٥/٥ والذكوة : الجمرة الملتهبة.

7 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد اللّه بن محمّد عن عبد اللّه بن القاسم، عن عيسى شَلقان (1) قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إِنَّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) له خؤولة في بني مخزم وإن شاباً منهم أتاه فقال : يا خالي إنّ أخي مات وقد حزنت عليه حزناً شديداً، قال: فقال له : تشتهي أن تراه؟ قال : بلى قال فأرني قبره، قال : فخرج ومعه بردة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) متزراً بها، فلما انتهى إلى القبر تلملمت (2) شفتاه ثمَّ ركضه (3) برجله فخرج من قبره وهو يقول(4) بلسان الفرس، فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ألم تمت وأنت رجلٌ من العرب؟ قال : بلى ولكنا متنا على سنة فلان وفلان فانقلبت ألسنتنا

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعليّ بن محد، عن سهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما قبض أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قام الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مسجد الكوفة، فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثمَّ قال : أيّها النّاس : إنّه قد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأوَّلون ولا يدركه الآخرون، إنّه كان لَصَاحب راية رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، عن يمينه جبرئيل وعن يساره ميكائيل، لا ينثني حتّى يفتح اللّه له واللّه ما ترك بيضاء ولا حمراء إلّا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه، أراد أن يشتري بها خادماً لأهله. واللّه لقد قُبِضَ في الليلة التي فيها قُبِضَ وصي موسى يوشع بن نون والليلة التي عُرجَ فيها بعيسى ابن مريم، والليلة التي نزل فيها القرآن.

9 - عليّ بن محمّد رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لما غسل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) نودوا (5) من جانب البيت : إن أخذتم مقدَّم السرير كُفيتم مؤخَّره، وإن أخذتم مؤخره كفيتم مقدمه (6).

[ ١٠ - عبد اللّه بن جعفر وسعد بن عبد اللّه جميعاً، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه

عليّ بن مهزیار عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ولدَتْ فاطمة بنت محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعد مبعث رسول اللّه بخمس سنين

ص: 529


1- «هو عيسى بن صبيح، وهو ثقة والظاهر أنّه وعيسى بن أبي منصور واحد، وجزم ابن داود بالتغاير والّذي يظهر من الخلاصة هو التردد في الاتحاد» المازندراني ٢٠٥/٧. وقيل بأن شلقان : لقب بمعنى الضارب.
2- الصحيح: تململت شفتاه أي تحركنا أو انضمتا كناية عن التكلم. فهو تصحيف من النساخ.
3- أي ركله برجله.
4- أي يتحدث باللغة الفارسية.
5- أي من قبل الملائكة.
6- أي أن الملائكة تقوم بحمل الجانب المقابل للجانب الّذي أخذتموه.

وتوفّيت ولها ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعون يوماً (1)].

11 - سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عبد اللّه بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه سمعه يقول : لمّا قبض أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أخرجه الحسن والحسين ورجلان آخران (2) حتّى إذا خرجوا من الكوفة تركوها عن أيمانهم ثمَّ أخذوا في الجَبَّانة، حتّى مروا به إلى الغريّ فدفنوه وسووا قبره (3) فانصرفوا.

170 - باب مولد الزهراء فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)

وُلِدَتْ فاطمة عليها وعلى بعلها السلام بعد مبعث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بخمس سنين(4) وتوفيت (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولها ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعون يوماً، وبقيت بعد أبيها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خمسة وسبعين يوماً.

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) مكثت بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خمسة وسبعين يوماً، وكان دَخَلَها حزن شديدٌ على أبيها، وكان يأتيها جبرئيل فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيّتها وكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يكتب ذلك.

2 - محمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) صدّيقة (5) شهيدة وإنّ بنات الأنبياء لا يطمئن (6).

ص: 530


1- «وكأنه كان من الباب الآتي فاشتبه على النسّاخ وكتبوه هنا» مرآة المجلسيّ ٣١١/٥. وراجع أيضاً المازندراني ٢٠٦/٧.
2- الظاهر من الأخبار الواردة أنهما محمّد بن الحنفية وعبد اللّه بن جعفر، وروي أن صعصعة بن صوحان كان معهم أيضاً.
3- أي جعلوه مساوياً لسطح الأرض، وكأنهم أرادوا تعمية مكان القبر الشريف على الظالمين.
4- هذا أحد الأقوال في ولادتها (عَلَيهِ السَّلَامُ). وهنالك قول ثان بأن ولادتها كانت سنة اثنتين من البعثة المباركة، وهنالك قول عن أهل السنة أن ولادتها كانت قبل المبعث بخمس سنين.
5- سمّيت بذلك لشدة تصديقها بالرسالة المقدسة.
6- أي لا يرين دم الحيض كبقية النساء.

٣ - أحمد بن مهران - رحمه اللّه - رفعه وأحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار الشيباني قال : حدَّثني القاسم بن محمّد الرازي قال : حدَّثنا عليّ بن محمّد الهرمزاني، عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لمّا قُبضَتْ فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) دفنها (1) أمير المؤمنين سراً وعفا (2) على موضع قبرها ثمَّ قام فحول وجهه إلى قبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : السلام عليك يا رسول اللّه عنّي والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك، والمختار اللّه لها سرعة اللحاق بك، قل يا رسول اللّه عن صفيّتك (3) صبري صبري وعفا (4) عن سيدة نساء العالمين تجلّدي (5)، إلّا أنَّ لي في التأسي بسنّتك في فرقتك موضع تعزّ، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك وفاضت نفسك بين نحري وصدري بلى وفي كتاب اللّه [لي] أنعم القبول، إنا للّه وإنا إليه راجعون، قد استُرجِعَتِ الوديعة وأخِذَت الرهينة وأخْلِسَت (6) الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول اللّه، أما حزني فسرمد (7)، وأما ليلي فمسهد (8)، وهم لا يبرح من قلبي أو يختار اللّه لي دارك التي أنت فيها مقيم، كمد مقيّح (9)، وهم مهيّج (10)، سرعان ما فُرّق بيننا وإلى اللّه أشكو، وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها فأحفها السؤال (11)واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بله سبيلاً، وستقول وَيَحْكُمُ اللّه وهو خير الحاكمين.

سلام مودع لا قال ولا سئم، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقيم فلا عن سوء ظن بما وعد اللّه الصابرين، واه واها والصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزاماً معكوفاً، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين اللّه تدفن ابنتك سرًّا وتُهضم حقها وتُمنَع إرثها ولم يتباعد العهد ولم يَخْلُق (12) منك الذَّكْرُ، وإلى اللّه يا رسول اللّه

ص: 531


1- «تواترت الأخبار من طريقي الخاصّة والعامّة أن فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) لسخطها على أبي بكر وعمر أوصت أن تدفن ليلا لئلا يصليا عليها ولا يحضرا جنازتها» مرآة المجلسيّ ٣٢١/٥.
2- أي محى اثره، وعمّى عليه قيل بأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عمل أربعين قبراً في البقيع من أجل ذلك.
3- أي حبيبتك الخالصة.
4- أي تلاشى وامحى.
5- أي صبري وقوتي.
6- أي أخذت بسرعة.
7- أي دائم.
8- أي سهر لا نوم معه.
9- أي حزن شديد يجرح القلب ويقيحه.
10- أي يثير هموماً.
11- أي الحف في السؤال منها واستقصه.
12- أي لم يبل ولم يرثّ بعد كناية عن كون رحيله قريب العهد.

المشتكى، وفيك يا رسول اللّه أحسن العزاء صلّى اللّه عليك، وعليها السلام والرضوان.

٤ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الرحمن بن سالم عن المفضّل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من غسل فاطمة ؟ قال : ذاك أمير المؤمنين - وكأني استعظمت ذلك من قوله -، فقال : كأنك ضقت بما أخبرتك به؟ قال: فقلت: قد كان ذاك جعلت فداك، قال: فقال لا تضيقنَّ فإنّها صديقة، ولم يكن يغسلها إلّا صديق، أما علمت أنَّ مريم لم يغسّلها إلّا عیسی.

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن عبد اللّه بن محمّد الجعفي، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالا : إنَّ فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) - لما أن كان من أمرهم (1) ما كان _ أخذت بتلابيب عمر فجذبته إليها ثمَّ قالت : أما واللّه يا ابن الخطاب، لولا أنّي أكره أن يصيب البلاء من لا ذنب له لعلمت أني سأقسم على اللّه ثمَّ أجده سريع الإجابة.

٦ - وبهذا الإسناد، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما ولدت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) أوحى اللّه إلى ملك فأنطق به لسان محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فسمّاها فاطمة، ثمَّ قال : إنّي فطمتك بالعلم وفطمتك من الطمث، ثمَّ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : واللّه لقد فطمها اللّه بالعلم وعن الطمث في الميثاق.

7 - وبهذا الإسناد عن صالح بن عقبة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لفاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) : يا فاطمة قومي فأخرجي تلك الصحفة (2) فقامت فأخرجت صحفة فيها ثريد (3) وعُراق (4) يفور، فأكل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين ثلاثة عشر يوماً، ثمَّ إنَّ أم أيمن رأت الحسين معه شيء فقالت له : من أين لك هذا؟ قال : إنا لنأكله منذ أيّام، فأتت أم أيمن فاطمة فقالت : يا فاطمة إذا كان عند أم أيمن شيء فإنما هو لفاطمة وولدها وإذا كان عند شيء فليس لأم أيمن منه شيء؟ فأخرجت لها منه فأكلت منه أيمن ونفذت الصحفة، فقال لها النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أما لولا أنك أطعمتها لأكلت منها أنت وذريتك

ص: 532


1- أي أبو بكر وعمر ومن تابعهما في أذيتها (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأذية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإخراجه من منزله قسراً ليبايع.
2- هي القصعة الصغيرة يوضع فيها الطعام.
3- الثريد الخبز المكسور، وقد يكون معه لحم.
4- العراق العظم المنزوع اللحم.

إلى أن تقوم الساعة، ثمَّ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) والصحفة عندنا يخرج بها قائمنا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في زمانه (1).

8 - الحسين بن محمّد من معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن جعفر قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : بينا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جالس إذ دخل عليه مَلَك له أربعة وعشرون وجهاً فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حبيبي جبرئيل لم أرك في مثل هذه الصورة، قال الملك : لست بجبرئيل يا محمّد، بعثني اللّه عزّ وجلّ أن أزوِّج النور من النور، قال: من ممن؟ قال : فاطمة من عليّ، قال : فلما ولى الملك إذا بين كتفيه محمّد رسول اللّه، علي وصيه، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): منذ كم كتب هذا بين كتفيك ؟ فقال : من قبل أن يخلق اللّه آدم باثنين وعشرين ألف عام (2).

9 _ عليّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر :قال سألت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قبر فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) فقال : دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد (3).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن الخيبري، عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : لولا أنَّ اللّه تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لفاطمة، ما كان لها كفو على ظهر الأرض من آدم ومن دونه(4).

171 - باب مولد الحسن بن عليّ صلوات اللّه عليهما

وُلِدَ الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شهر رمضان في سنة بدر، سنة اثنتين بعد الهجرة. وروي أنّه ولد في سنة ثلاث ومضى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شهر صفر في آخره من سنة تسع وأربعين ومضى وهو ابن سبع وأربعين سنة وأشهر وأمه فاطمة بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

1 - محمّد ب_ بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق عن عليّ بن مهزیار عن الحسين ابن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد اللّه بن سنان عمّن سمع أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لمّا

ص: 533


1- ورد في بعض الأخبار أنّها الجفنة التي يأكل منها القائم (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) إذا خرج.
2- وفي بعض الروايات بأربعة وعشرين ألف عام.
3- هذا أحد الأقوال في موضع دفنها (عَلَيهِ السَّلَامُ) والقول الثاني أنّها دفنت في البقيع، والثالث أنّها دفنت في الروضة.
4- «ويدل على فضل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أولي العزم (عَلَيهِ السَّلَامُ) سوى نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...»مرآة المجلسيّ ٣٤٩/٥.

حضرت الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) الوفاة بكي، فقيل له : يا ابن رسول اللّه تبكي ومكانك من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الّذي أنت به؟ وقد قال فيك ما قال ؛ وقد حججت عشرين حجّة ماشياً، وقد قاسمت (1) مالك ثلاث مرَّات حتّى النعل بالنعل ؟ فقال : إنّما أبكي لخصلتين : لهول المطَّلع (2) وفراق الأحبة.

2 - سعد بن عبد اللّه ؛ وعبد اللّه بن جعفر عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي [ابن مهزيار]، عن الحسن بن سعيد، عن محمّد بن سنان عن ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال، قبض الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو ابن سبع وأربعين سنة في عام خمسين عاش بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أربعين سنة (3).

٣ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن النعمان، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال : إِنَّ جَعدَةَ بنت أشعث بن قيس الكندي سمت(4) الحسن بن عليّ وسمت مولاة له، فأما مولاته فقاءت السم، وأما الحسن فاستمسك (5) في بطنه ثمَّ انتفط (6) به فمات.

٤ _ محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن القاسم النهدي عن إسماعيل بن مهران عن الكناسي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : خرج الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بعض عُمَرِه (7) ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته، فنزلوا في منهل (8) من تلك المناهل تحت نخل يابس قد يبس من العطش، ففرش للحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) تحت نخلة وفرش للزبيري بحذاه (9) تحت نخلة أخرى، قال : فقال الزبيري ورفع رأسه: لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه، فقال له الحسن : وإنك لتشتهي الرطب ؟ فقال الزبيري : نعم، قال: فرفع يده إلى السماء فدعا بكلام لم أفهمه، فاخضرت النخلة ثمَّ صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطباً، فقال الجمال الّذي اكثروا منه : سحر واللّه، قال : فقال الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ويلك ليس بسحر،

ص: 534


1- أي قسمته مناصفة بينك وبين الفقراء.
2- أي هول يوم القيامة. أو ما يشرف منه على ما يجري فيه.
3- هذا يؤيد القول بأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولد سنة ثلاث للهجرة.
4- بتحريض من معاوية وممنيا لها بتزويجها من ابنه يزيد.
5- أي احتبس.
6- أي تورم. وفي بعض النسخ (ثم انتقض) أي انكسر وتهدم.
7- جمع عُمرة.
8- أي مورد ومنزل.
9- أي بأزائه، وفي بعض النسخ (بحذائه).

ولكن دعوة ابن نبي مستجابة قال فصعدوا إلى النخلة فصر موا (1) ما كان فيه فكفاهم.

٥ - أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن رجاله عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ اللّه مدينتين (2) إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب عليهما سور من حديد وعلى كلّ واحد منهما ألف ألف مصراع وفيها سبعون ألف ألف لغة، يتكلّم كلّ لغة بخلاف لغة صاحبها، وأنا أعرف جميع اللغات وما فيهما وما بينهما، وما عليهما حجّة غيري وغير الحسين أخي.

٦ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عليّ بن النعمان، عن صندل، عن أبي أسامة(3)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : خرج الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى مكّة سنة ماشياً، فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه : لو ركبت لسكن عنك هذا الورم، فقال : كلا إذا أتينا هذا المنزل فإنه يستقبلك أسودُ (4) ومعه دهن فاشتر منه ولا تماكسه(5)، فقال له مولاه بأبي أنت وأمي ما قدمنا منزلاً فيه أحد يبيع هذا الدواء. فقال له : بلى إنّه أمامك دون المنزل، فسارا ميلاً فإذا هو بالأسود، فقال الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمولاه : دونك الرَّجل، فخذ منه الدهن وأعطِهِ الثمن، فقال الأسود يا غلام لمن أردت هذا الدهن؟ فقال للحسن بن عليّ، فقال : انطلق بي إليه، فانطلق فأدخله إليه فقال له : بأبي أنت وأمي لم أعلم أنك تحتاج إلى هذا وَ تَرَى ذلك (6) ولست آخذ له ثمناً، إنّما أنا مولاك ولكن ادع اللّه أن يرزقني ذكراً سوياً بحبكم أهل البيت فإنّي خلّفت أهلي تمخض (7)، فقال: انطلق إلى منزلك فقد وهب اللّه لك ذكراً سويّاً وهو من شيعتنا.

ص: 535


1- أي قطعوا عذوق رطبها.
2- «والمدينتان: جابلسا وجابلقا.... وليس وجود القريتين على الصفتين ممتنعاً في قدرة اللّه تعالى» مرآة المجلسي ٣٥٧/٥. وقال الفيض في الوافي ج ١٧٤/٢ : كأن المدينتين كنايتان عن عالمي المثال المتقدم أحدهما على الدنيا وهو المشرقي والمتأخر عنها وهو المغربي وكون سورهما من حديد كناية عن صلابته وعدم إمكان الدخول فيهما إلّا عن أبوابهما. وكثرة اللغات كناية عن اختلاف الخلايق في السلايق والألسن اختلافاً لا يحصى...».
3- الظاهر أنّه زيد بن يونس الشحام.
4- أي رجل أسود.
5- أي لا تشاحه في الثمن بغرض الوضيعة منه.
6- أي : أو تعلم وجود هذا الدهن عندي؟
7- أي استبد بها الطلق.

172 - باب مولد الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ولد الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) في سنة ثلاث وقبض (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شهر المحرم من سنة إحدى وستين من الهجرة وله سبع وخمسون سنة وأشهر، قتله وخمسون سنة وأشهر قتله عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه في خلافة يزيد بن معاوية لعنه اللّه وهو (1) على الكوفة وكان على الخيل التي حاربته وقتلته عمر بن سعد لعنه اللّه بكر بلا يوم الاثنين لعشر خلون من المحرَّم، وأمه فاطمة بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

1 - سعد وأحمد بن محمّد جميعاً عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه عليّ بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن محمّد بن سنان عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قبض الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم عاشورا وهو ابن سبع وخمسين سنة.

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الرحمن العرزمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان بين الحسن والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) طهر (2)، وكان بينهما في الميلاد ستة أشهر وعشراً.

٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الوشّاء؛ والحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)

قال : لما حملت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) بالحسين جاء جبرئيل إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال : إن فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) ستلد غلاماً تقتله أمّتك من بعدك، فلمّا حملت فاطمة بالحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كرهت حمله وحين وضعته کرهت وضعه، ثمَّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لم تُرَ في الدّنيا أُمُّ تلد غلاماً تكرهه ولكنها كرهته لما علمت أنّه سيُقْتَل، قال : وفيه نزلت هذه الآية: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ (3) ثَلَاثُونَ شَهْرًا) (4).

٤ - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عَمْرو الزيات، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) نزل على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال له : يا محمّد إِنَّ اللّه يبشِّرك بمولود يولد من فاطمة، تقتله أمتك من بعدك، فقال : يا جبرئيل وعلى ربّي

ص: 536


1- أي وكان عبيد اللّه بن زياد والياً على الكوفة.
2- أي بين ولادة الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعلوق الحمل بالحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مقدار أقل الظهر لدى النساء عادة وهو عشرة أيام.
3- أي فطامه عن الرضاع.
4- الأحقاف / ١٥ - وفيها (إحساناً) بدل (حُسْناً).

السّلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله أمتي من بعدي، فعرج ثمَّ هبط (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له مثل ذلك فقال : يا جبرئيل وعلى ربّي السّلام لا حاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي. فعرج جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى السماء ثمَّ هبط فقال : يا محمّد إن ربك يقرئك السلام ويبشرك بأنه جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصيّة، فقال : قد رضيت ثمَّ أرسل إلى فاطمة أنَّ اللّه يبشرني بمولود يولد لك تقتله أمتي من بعدي. فأرسلت إليه لا حاجة لي في مولود [مني]، تقتله أمتك من بعدك، فأرسل إليها أنَّ اللّه قد جعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية فأرسلت إليه إني قد رضيت، ف(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي). فلولا أنّه قال : أصلح لي في ذريتي لكانت ذريته كلّهم أئمة. ولم يرضع الحسين من فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) ولا من أنثى، كان يؤتى به النبيّ فيضع إبهامه في فيه، فيمصُّ منها ما يكفيه اليومين والثلاث فنبت لحم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من لحم رسول اللّه ودمه ولم يولد لستة أشهر إلّا عيسى ابن مريم (1) (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وفي رواية أخرى، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنَّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان يؤتى به الحسين فيلقمه لسانه فيمصه فيجتزی به ولم يرتضع من انثى.

٥ - عليّ بن محمّد رفعه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ) (2). قال : حَسَب فرأى ما يحل بالحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال: إني سقيم لما يحلُّ بالحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٦ - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن عليّ بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لمّا كان من أمر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما كان ضجّت (3) الملائكة إلى اللّه بالبكاء وقالت : يُفْعَلُ هذا بالحسين صفيك وابن نبيك؟ قال: فأقام اللّه لهم ظلَّ (4) القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : بهذا أنتقم لهذا.

ص: 537


1- «لعل هذا من تصحيف الرواة أو النسّاخ، وفي أكثر الأخبار المعتبرة : إلّا يحيى والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقد ورد في الأخبار المعتبرة أن حمل عيسى كان تسع ساعات» مرآة المجلسيّ ٣٦٥/٥.
2- الصافات / 88 - 89 والمعنى : أن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) «نظر في النجوم فاستدل بها على وقت حمّى كانت تعتاده فقال : إني سقيم، أراد أنّه قد حضر وقت علته فكأنه قال: سأسقم» ن. م. ص / ٣٦٦.
3- أي جزعت وصاحت.
4- «أي جسده المثالي أو صورة خلقت شبيهة به حاكية لأحواله، أو روحه المقدسة» مرآة المجلسيّ ٣٦٧/٥.

٧ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن - سيف بن عَميرة، عن عبد الملك بن أعين عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما نزل النصر على الحسين بن عليّ حتّى كان بين السّماء والأرض ثمَّ خُيّر : النصر أو لقاء اللّه، فاختار لقاء اللّه.

8 - الحسين بن محمّد قال : حدَّثني أبو كريب وأبو سعيد الأشجّ قال : حدَّثنا عبد اللّه بن إدريس، عن أبيه إدريس بن عبد اللّه الأودي قال : لما قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أراد القوم أن يوطئوه الخيل، فقالت فضة (1) لزينب (2): يا سيدتي إنَّ سفينة (3) كسر به في البحر فخرج إلى جزيرة فإذا هو بأسد، فقال : يا أبا الحارث (4) أنا مولى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فهمهم بين يديه حتّى وقفه (5) على الطريق والأسد رابض في ناحية، فدعيني أمضي إليه وأعلمه ما هم صانعون غداً، قال : فمضت إليه فقالت: يا أبا الحارث فرفع رأسه ثمَّ قالت أتدري ما يريدون أن يعملوا غداً بأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ يريدون أن يوطئوا الخيل ظهره، قال فمشى حتّى وضع يديه على جسد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأقبلت الخيل فلما نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد _ لعنه اللّه - : فتنة لا تثيروها (6) انصرفوا، فانصرفوا.

9 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن محمّد بن أحمد، عن الحسن بن عليّ، عن يونس، عن مصقلة الطحان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لما قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أقامت امرأته الكلبية (7) عليه مأتماً وبكت وبكين النساء والخدم حتّى جفت دموعهنَّ وذهبت، فبينا هي كذلك إذا رأت جارية من جواريها تبكي ودموعها تسيل فدعتها فقالت لها : مالك أنت من بينن تسيل دموعك؟ قالت إني لما أصابني الجهد شربت شربة سويق، قال: فأمرت بالطعاء والأسوقة فأكلت وشربت وأطعمت وسقت وقالت : إنّما نريد بذلك أن نتقوى على البكاء على

ص: 538


1- هي خادمة الزهراء (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- وهي ابنة فاطمة الزهراء (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- «سفينة لقب مولى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قال الماذري : اسم سفينة قيس. وقيل: نجران. وقيل رومان. وقيل: مهران. وكنيته المشهورة أبو عبد الرحمن وسبب تسميته بسفينة أنّه حمل متاعاً كثيراً لرفقائه في الغزو فقال له النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أنت سفينة. وقال الذهبي : أعتقته أم سلمة» مرآة المجلسيّ ٣٦٩/٥.
4- كنية الأسد.
5- أي دلّه عليه.
6- أي لا تشيعوها ولا تتناقلوها.
7- «قيل هي بنت امرىء القيس الكلبي أم سكينة بنت الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبنو كلب حي من قضاعة» المازندراني ٢٣٠/٧. ومرآة المجلسيّ 372/5.

الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). قال : وأهدي إلى الكلبية جؤناً (1) لتستعين بها على مأتم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلما رأت الجؤن قالت ما هذه ؟ قالوا : هدية أهداها فلان لتستعيني على مأتم الحسين فقالت : لسنا في عرس، فما نصنع بها؟ ثمَّ أمرت بهنَّ فأخرجن من الدار فلمّا أخرجن من الدار لم يُحسّ لها حس (2) كأنما طرن بين السماء والأرض ولم يَرَ لَهُنَّ (3) بها بعد خروجهنَّ من الدَّار أثر.

173 - باب مولد عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ولد عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في سنة ثمان وثلاثين، وقُبِضَ في سنة خمس وتسعين وله سبع وخمسون سنة. وأمه سلامة (4) بنت يزدجرد بن شهریار بن شیرویه بن كسرى أبرويز وكان یزدجرد آخر ملوك الفرس.

١ - الحسين بن الحسن الحسني - رحمه اللّه - وعليّ بن محمّد بن عبد اللّه جميعاً، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الرحمن بن عبد اللّه الخزاعي، عن نصر بن مزاحم، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما أقدمت بنت يزدجرد على عمر، أشرف لها عذارى المدينة وأشرق المسجد بضوئها لما دخلته، فلما نظر إليها عمر (5) غطت وجهها وقالت : اف بيروج بادا هرمز (6) فقال عمر: أتشتمني هذه؟ وهم أتشتمني هذه؟ وهم (7) بها، فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ليس ذلك لك خيرها رجلا من المسلمين واحسبها بفيئه، فخيرها فجاءت حتّى وضعت يدها على رأس الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال لها أمير المؤمنين : ما اسمك؟ فقالت : جهان شاه، فقال لها أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بل شهربانويه، ثمَّ قال للحسين : يا أبا عبد اللّه لتلدنَّ لك منها خير أهل الأرض، فولدت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). وكان يقال لعليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ابن الخيرتين فخيرة اللّه من العرب هاشم ومن العجم فارس وروي أن أبا الأسود الدئلي قال فيه :

ص: 539


1- الجؤنة واصلها الهمز، وقد لا تُهمز (الجونة) خابية مطلية بالقار، وربما كان فيها طيب، ولذلك قالت الكلبية : لسنا في عُرس.
2- أي أثر من رائحة الطيب. «وهذا إشعار بأن الّذين جاؤوا بها ذهبوا بها سريعاً» مرآة المجلسيّ ٣٧٣/٥.
3- «وكأن النساء كنّ من الجن أو كن من الأرواح الماضيات تجدن الوافي» للفيض ج ١٧٥/٢.
4- لقد اختلف في اسم أم الإمام السجاد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإضافة إلى سلامة كما ذكر هنا، ورد في بعض نسخ الكافي أن اسمها (شاه زنان). وقيل بانو وقيل شهربانو، وقيل: غزالة وقيل خويلة واللّه العالم.
5- كأنها كانت نظرة خاصّة فهمت منها قصده في اصطفائها لنفسه.
6- وتعريبها «اسود يوم هرمز وأساء الدهر إليه» وهرمز أحد أجدادها من ملوك الفرس.
7- أي هم بضربها تأديباً، أو باصطفائها لنفسه.

وإِنَّ غلاماً بين كسرى وهاشم***لأكرم من نيطت عليه التمائم (1)

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كان لعليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ناقة، حج عليها اثنتين وعشرين حجّة، ما قَرَعها (2) قرعة قط، قال : فجاءت بعد موته وما شعرنا بها إلّا وقد جاءني بعض خدمنا أو بعض الموالي فقال : إِنَّ النّاقة قد خرجت فأتت قبر عليّ بن الحسين فانبركت(3) عليه، فدلكت بحرانها (4) القبر وهي ترغو، فقلت: أدركوها أدركوها وجيئوني بها قبل أن يعلموا بها أو يروها قال وما كانت رأت القبر قطُّ.

٣ _ عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن حفص بن البختري، عمّن ذكره عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما مات أبي عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) جاءت ناقة له من الرّعي حتّى ضربت بحرانها على القبر وتمرّغت عليه فأمرت بها فردّت إلى مرعاها، وإنَّ أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يحج عليها ويعتمر ولم يقرعها قرعة قطُّ.

«ابن بابویه» (5).

٤ _ الحسين بن محمّد بن عامر، عن أحمد بن إسحاق بن سعد، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عمارة عن رجل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لمّا كان في الليلة التي وعد فيها (6) عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال لمحمّد (7) (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا بني ابغني وَضوءاً (8) قال : فقمت فجئته بوضوء، قال : لا أبغي هذا فإنَّ فيه شيئاً ميتاً قال : فخرجت فجئت بالمصباح فإذا فيه فارة ميتة فجئته

ص: 540


1- أي علّقت عليه التمائم : «جمع تميمة وهي خرزات كانت الأعراب يعلقونها على أولادهم يتقون بها العين بزعمهم» مرآة المجلسيّ ٧/٦.
2- أي ما ضربها.
3- أي أناخت.
4- جران الناقة أو البعير مقدم عنقه من مذبحه إلى منحره تعمل منه السياط، جمع جُرُن وأجْرِنة.
5- وجود هذا الكلام هنا ملفت للنظر، وقد أورد المجلسيّ في مرآته ٩/٦ - ١٠ عدة وجوه لتوجيهه أوجهه في نظري ما أورده عن ولده (رضیَ اللّهُ عنهُ) وهو أنّه إشارة إلى أن هذا الحديث كان في نسخة الصدوق محمّد بن بابويه (رضیَ اللّهُ عنهُ) إذ تبين بالتتبع أن النسخ التي رواها تلامذة الكلينيّ بواسطة وبدونها كانت مختلفة.... والمعنى أن الخبر الآتي والماضي كان في رواية الصدوق ولم يكن في سائر الروايات ولكن المازندراني 233/7 بعد أن أورد هذا الوجه رجّح أن المراد بابن بابويه عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه لا ابنه محمّد بن عليّ فراجع.
6- أي كان موعده مع الوفاة.
7- أي الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- أي التمس لي ماءً أتوضأ به.

بوضوء غيره، فقال : يا بني هذه الليلة التي وعدتها فأوصى بناقته أن يحظر لها حَظَار (1) وأن يقام لها علف فجعلت فيه. قال : فلم تلبث أن خرجت حتّى أتت القبر فضربت بحرانها ورغت وهملت غيناها، فأتي محمّد بن عليّ فقيل له : إنَّ الناقة قد خرجت فأتاها فقال : صه الآن قومي بارك اللّه فيك، فلم تفعل، فقال : وإن كان ليخرج عليها إلى مكّة فيعلّق السوط على الرحل فما يقرعها حتّى يدخل المدينة، قال : وكان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير والدراهم حتّى يأتي باباً باباً فيقرعه ثمَّ ينيل من يخرج إليه، فلمّا مات عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقدوا ذاك، فعلموا أن علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يفعله.

٥ - محمّد بن أحمد عن عمه عبد اللّه بن الصلت، عن الحسن بن عليّ بن بنت إلياس عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : إنَّ عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما حضرته الوفاة أغمي عليه ثمَّ فتح عينيه وقرأ (2) : إذا وقعت الواقعة، وإنا فتحنا لك، وقال الحمد للّه الّذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوء من الجنّة حيث نشاء، فنِعْمَ أجر العاملين، ثمَّ قبض من ساعته ولم يقل شيئاً.

٦ - سعد بن عبد اللّه وعبد اللّه بن جعفر الحميري عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه عليّ بن مهزيار عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قبض عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين (3)، عاش بعد الحسين خمساً وثلاثين سنة.

١٧٤ _ باب مولد أبي جعفر محمّد بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ولد أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) سنة سبع وخمسين وقبضَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سنة أربع عشرة ومائة وله سبع وخمسون سنة. ودُفِنَ بالبقيع بالمدينة في القبر الّذي دفن فيه أبوه عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). وكانت أمه عبد اللّه بنت الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) وعلى ذرّيّتهم الهادية.

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن عبد اللّه أحمد، عن صالح بن مزيد، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن أبي الصباح، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال كانت أمي قاعدة عند

ص: 541


1- أي حظيرة.
2- أي قرأ سورتي الواقعة والفتح.
3- وفي رواية عام أربع وتسعين.

جدار فتصدع (1) الجدار وسمعنا هدَّة (2) شديدة، فقالت بيدها (3) : لا وحق المصطفى ما أذن اللّه لك في السقوط، فبقي معلّقاً في الجو حتّى جازته فتصدّق أبي عنها بمائة دينار، قال أبو الصباح : وذكر أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) جدته أم أبيه يوماً فقال : كانت صديقة، لم تُدْرَك في آل الحسن امرأة مثلها.

محمّد بن الحسن عن عبد اللّه بن أحمد مثله.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ جابر بن عبد اللّه الأنصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول اللّه (4) (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكان رجلاً منقطعاً إلينا أهل البيت، وكان يقعد في مسجد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو معتجر بعمامة سوداء. وكان ينادي يا باقر العلم يا باقر العلم فكان أهل المدينة يقولون : جابر يهجر (5)، فكان يقول : لا واللّه ما أهجر، ولكني سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : إنّك ستدرك رجلاً مني اسمه اسمي وشمائله شمائلي، يبقر العلم بقراً، فذاك الّذي دعاني إلى ما أقول، قال : فبينا جابر يتردَّد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مرَّ بطريق، في ذاك الطريق كتاب فيه محمّد بن عليّ فلما نظر إليه قال: يا غلام أقبل فأقبل ثمَّ قال له : أدبر، فأدبر، ثمَّ قال : شمائل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والّذي نفسي بيده يا غلام ما اسمك؟ قال : اسمي محمّد بن عليّ بن الحسين، فأقبل عليه يقبل رأسه ويقول : بأبي أنت وأمي أبوك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقرئك السّلام ويقول ذلك (6). قال. فرجع محمّد بن عليّ بن الحسين إلى أبيه وهو ذَعِر (7) فأخبره الخبر، فقال له : يا بني وقد فعلها جابر ؟ قال نعم، قال : الزم بيتك يا بني. فكان جابر يأتيه طرفي النهار وكان أهل المدينة يقولون : واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفَي النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلم يلبث أن مضى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فكان محمّد بن عليّ يأتيه

ص: 542


1- أي تشقق.
2- أي صوت شديد، أو هدمة شديدة.
3- أى أشارت بيدها للجدار.
4- توفي بالمدينة سنة أربع وسبعين للهجرة، وقيل : سنة ثمان وسبعين. كان شهد بيعة العقبة الثانية وشهد بدراً، وقيل لا. ولكنه شهد مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثماني عشرة غزوة.
5- أي يهذي.
6- «أي كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يخبرني أني ألقاك وقيل : (ويقول) عطف على يقرئك،... أو عطف على يقول والضمير لجابر، أي ويكرر. وذلك كناية عن رسالة من جانب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أو إشارة إلى بأبي أنت إلى آخره» مرأة المجلسيّ ١٧/٦.
7- أي خائف.

على وجه الكرامة لصحبته لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قال : فجلس (عَلَيهِ السَّلَامُ) يحدثهم عن اللّه تبارك وتعالى، فقال أهل المدينة : ما رأينا أحداً أجرأ من هذا، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال أهل المدينة : ما رأينا أحداً قط أكذب من هذا يحدَّثنا عمّن لم يره، فلما رأى ما يقولون حدَّثهم عن جابر بن عبد اللّه قال فصدقوه وكان جابر بن عبد اللّه يأتيه فيتعلم منه.

٣ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن، عن عليّ بن الحكم، عن مثنى الحناط عن أبي بصير قال: دخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : أنتم ورثة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ قال: نعم، قلت: رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وارث الأنبياء، علم كلّما علموا ؟ قال لي : نعم، قلت: فأنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرؤا الأكمه والأبرص ؟ قال : نعم بإذن اللّه، ثمَّ قال لي : ادن مني يا أبا محمّد فدنوت منه فمسح على وجهي وعلى عيني فأبصرت الشمس والسماء والأرض والبيوت وكلَّ شيء في البلد (1) ثمَّ قال لي : أتحب أن تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة، أو تعود كما كنت ولك الجنة خالصاً؟ قلت : أعود كما كنت، فمسح علي عيني فعدت كما كنت قال: فحدثت (2) ابن أبي عمير بهذا، فقال أشهد أنَّ هذا حقٌّ كما أنَّ النهار حق.

٤ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عليّ، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم، عن بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كنت عنده يوماً إذ وقع (3) زوج وَرْشان (4) على الحائط وهدلا هديلهما(5)، فرد أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليهما كلامهما ساعة، ثمَّ نهضا، فلما طارا على الحائط هدل الذكر على الأنثى ساعة، ثمَّ نهضا فقلت : جعلت فداك ما هذا الطير؟ قال : يا ابن مسلم كلّ شيء خلقه اللّه من طير أو بهيمة أو شيء فيه روح فهو أسمع لنا وأطوع من ابن آدم إن هذا الوَرْشان ظنَّ بامرأته (6) فحلفت له ما فعلت فقالت ترضى بمحمّد بن عليّ فرضياني فأخبرته أنّه لها ظالم فصدّقها.

5 _ الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن أسباط، عن صالح بن

ص: 543


1- «هذا العام مخصص والتعميم باعتبار الكرامة بعيد وفي بعض النسخ في الدار) وهو أظهر» المازندراني 237/7.
2- هذا من كلام عليّ بن الحكم. وفي البصائر ما يدل عليه.
3- أي حط.
4- الوَرْشان نوع من الحمام. والزوج الاثنان.
5- الهديل: صوت الحمام.
6- أي ظن أنّه سافدها غيره من ذكور الحمام.

حمزة، عن أبيه، عن أبي بكر الحضرمي قال : لما حُمل أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى الشام إلى هشام ابن عبد الملك وصار ببابه قال لأصحابه ومن كان بحضرته من بني أمية : إذا رأيتموني قد وبخت (1) محمّد بن عليّ ثمَّ رأيتموني قد سكتُ فليقبل عليه كلّ رجل منكم فليوبخه. ثمَّ أمر أن يؤذن له، فلما دخل عليه أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال بيده : السلام عليكم فعمهم جميعاً بالسلام ثمَّ جلس، فازداد هشام عليه حنقاً بتركه السلام عليه بالخلافة وجلوسه بغير إذن، فأقبل يوبخه ويقول فيما يقول له : يا محمّد بن عليّ، لا يزال الرَّجل منكم قد شقّ عصا المسلمين ودعا إلى نفسه وزعم أنّه الإمام سَفَها وقلّة علم ؛ ووبخه بما أراد أن يوبخه، فلما سكت أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبخه حتّى انقضى آخرهم، فلما سكت القوم نهض (عَلَيهِ السَّلَامُ) قائماً ثمَّ قال : أيّها النّاس أين تذهبون وأين يُراد بكم بنا هدى اللّه أولكم وبنا يختم اخركم، فإن يكن لكم مُلْكُ معجّل فإنَّ لنا ملكاً مؤجّلاً وليس بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة يقول اللّه عزّ وجلّ : (والعاقبة للمتقين) (2). فأمرَ به إلى الحبس فلما صار إلى الحبس تكلّم فلم يبق في الحبس رجل إلّا ترشفه (3) وحن إليه، فجاء صاحب الحبس إلى هشام فقال : يا أمير المؤمنين إنّي خائف عليك من أهل الشام أن يحولوا بينك وبين مجلسك هذا، ثمَّ أخبره بخبره، فأمر به فحُمِلَ على البريد هو وأصحابه ليُرَدُّوا إلى المدينة، وأمر أن لا يخرج لهم الأسواق وحال بينهم وبين الطعام والشراب، فساروا ثلاثاً لا يجدون طعاماً ولا شراباً حتّى انتهوا إلى مَدْيَن (4)، فأغلق باب المدينة دونهم فشكا أصحابه الجوع والعطش قال : فصعد جبلا ليشرف عليهم فقال بأعلى صوته : يا أهل المدينة الظالم أهلها أنا بقية اللّه يقول اللّه : (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) (5) قال : وكان فيهم شيخ كبير فأتاهم فقال لهم : يا قوم هذه واللّه دعوة شعيب النبي، واللّه لئن لم تخرجوا إلى هذا الرَّجل بالأسواق (6) لتؤخذَن من فوقكم ومن تحت أرجلكم فصدقوني في هذه المرَّة وأطيعوني وكذَّبوني فيما تستأنفون فإنّي لكم ناصح، قال : فبادروا فأخرجوا إلى محمّد بن عليّ وأصحابه بالأسواق، فبلغ هشام بن عبد الملك خبر الشيخ فبعث إليه فحمله فلم يُدْرَ (7) ما صنع به.

ص: 544


1- أي لمته وانبته.
2- الأعراف 128. والقصص / 83.
3- «أي م_ّه تبركاً أو قبل يديه ورجليه» المازندراني ٢٣٨/٧. وهو «هنا كناية عن المبالغة في أخذ العلم منه» مرآة المجلسيّ ٢٣/٦.
4- هي قرية نبي اللّه شعيب (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- هود / ٨٦.
6- كناية عن فتح أبواب قريتهم في وجهه ووجه أصحابه وإقرائهم.
7- أي الناس.

٦ - سعد بن عبد اللّه والحميري جميعاً عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي ابن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قبض محمّد بن عليّ الباقر وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام أربع عشرة ومائة، عاش بعد عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) تسع عشرة سنة وشهرين.

١٧٥ - باب مولد أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ولد أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) سنة ثلاث وثمانين، ومضى في شوّال من سنة ثمان وأربعين ومائة وله خمس وستون سنة، ودفن بالبقيع في القبر الّذي دفن فيه أبوه وجده والحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ). وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد اللّه بن أحمد، عن إبراهيم بن الحسن قال : حدَّثني وهب بن حفص، عن إسحاق بن جرير قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان سعيد بن المسيب والقاسم بن محمّد بن أبي بكر وأبو خالد الكابلي من ثقات عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). قال : وكانت أمي ممّن آمنت واتقت وأحسنت واللّه يحب المحسنين، قال: وقالت أمي : قال أبي (1) : يا أم فروة إني لأدعو اللّه لمذنبي شيعتنا في اليوم والليلة ألف مرَّة، لأنّا نحن فيما ينوبنا (2) من الرزايا (3) نصبر على ما نعلم من الثواب وهم يصبرون على ما لا يعلمون (4)

٢ - بعض أصحابنا، عن ابن جمهور(5)، عن أبيه، عن سليمان بن سماعة، عن عبد اللّه بن القاسم، عن المفضّل بن عمر قال : وجه أبو جعفر المنصور إلى الحسن بن زيد وهو واليه على الحرمين أن أحرق على جعفر بن محمّد داره، فألقى النار في دار أبي عبد اللّه، فأخذت النار في الباب والدهليز، فخرج أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يتخطى النار ويمشي فيها ويقول: أنا

ص: 545


1- أي الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- أي يحل بنا وينزل.
3- أي المصائب، جمع رزية.
4- «وأما الفرق بينهم وبين شيعتهم في العلم بالثواب فظاهر من جهتين. الأولى : كون يقينهم بالثواب أقوى من يقين شيعتهم. الثانية : علمهم بخصوصيات الدرجات والمثوبات وشيعتهم إنّما يعلمون ذلك مجملا» مرآة المجلسيّ ٢٧/٦.
5- واسمه محمّد بن جمهور العمي.

ابن أعراق الثرى (1)، أنا ابن إبراهيم خليل اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

٣ - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد عن البرقي، عن أبيه، عمّن ذكره، عن رفيد مولى يزيد بن عمرو بن هبيرة (2) قال : سخط علي ابن هبيرة وحلف علي ليقتلني، فهربت منه وعدت بأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأعلمته خبري، فقال لي : انصرف واقرأه مني السلام وقل له : إني قد أجَرْتُ عليك (3) مولاك رفيداً فلا تهجه (4) بسوء، فقلت له: جعلت فداك شامي خبيث الرأي، فقال : اذهب إليه كما أقول لك، فأقبلت فلما كنت في بعض البوادي استقبلني أعرابي، فقال: أين تذهب إنّي أرى وجه مقتول، ثمَّ قال لي : أخرج يدك، ففعلت فقال : يد مقتول، ثمَّ قال لي : أبرز رجلك فأبرزت رجلي، فقال : رجلٌ مقتول، ثمَّ قال لي : أبرز جسدك؟ ففعلت، فقال : جسد مقتول ثمَّ قال لي : أخرج لسانك، ففعلت، فقال لي : امض، فلا بأس عليك فإنَّ في لسانك رسالة لو أتيت بها الجبال الرواسي لانقادت لك، قال : فجئت حتّى وقفت على باب ابن هبيرة، فاستأذنت فلما دخلت عليه قال : أتتك بخائن رجلاه، يا غلام النطع والسيف ثمَّ أمر بي فكتفت وشُدّ رأسي وقام علي السياف ليضرب عنقي فقلت: أيّها الأمير لم تظفر بي عنوة وإنما جئتك من ذات نفسي، وههنا أمر أذكره لك ثمَّ أنت وشأنك، فقال : قل، فقلت: أخْلني (5) فأمر من حضر فخرجوا، فقلت له : جعفر بن محمّد يقرئك السلام ويقول لك : قد أجرت عليك مولاك رفيداً فلا تهجه بسوء. فقال : اللّه لقد قال لك جعفر [بن محمّد] هذه المقالة وأقرأني السلام؟! فحلفت له فردها عليَّ ثلاثاً، ثمَّ حلّ أكتافي، ثمَّ قال : لا يُقْنِعُني منك حتّى تفعل لي ما فعلت بك، قلت : ما تنطلق يدي بذاك ولا تطيب به نفسي، فقال : واللّه ما يقنعني إلّا ذاك، ففعلت به كما فعل بي وأطلقته فناولني خاتمه وقال: أموري في يدك فدبّر فيها ما شئت (6).

ص: 546


1- «قيل: هي كناية عن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ). وفي كتاب إعلام الورى أنّه إسماعيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكذا قال صاحب روضة الصفا مرآة المجلسيّ ٢٨/٦. وفي المازندراني ٢٤١/٧ : يعني أنا ابن أصول الأرض أو أصول أهلها... والمراد بالأصول الأنبياء... وقد شبه الأرض وأهلها بالأشجار والأنبياء بالأصول في أن بقاءها وثباتها بهم كما أن بقاء الأشجار وثباتها بالأصول».
2- كان وال على العراق من قبل مروان بن محمّد الأموي.
3- أي جعلته في جوارك وذمتك.
4- أي فلا تزعجه ولا تثره.
5- أي انفرد بي، كناية عن لزوم إخراج من حضر من أعوانه.
6- «وفيه معجزة منه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، إذ اكتفاء هذا الجبار بمحض هذا الخبر الّذي أتى به نفسه ونزوله عن مثل هذا الغضب الشديد إلى هذا اللطف والإكرام لم يكن إلّا بالإعجاز» مرآة المجلسيّ ٣١/٦.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز، عن الخيبري، عن یونس بن ظبيان ومفضّل بن عمر وأبي سلمة السرَّاج والحسين بن ثوير بن أبي فاختة قالوا : كنا عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : عندنا خزائن الأرض ومفاتيحها ولو شئت أن أقول(1) بإحدى رجلي أخرجي ما فيك من الذهب لأخرجت، قال : ثمَّ قال بإحدى رجليه فخطّها في الأرض خطّاً فانفرجت الأرض ثمَّ قال بيده فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر ثمَّ قال : انظروا حسناً، فنظرنا فإذا سبائك كثيرة بعضها على بعض يتلألأ، فقال له :بعضنا : جعلت فداك أعطيتم ما أعطيتم وشيعتكم محتاجون؟ قال : فقال (2) : إنَّ اللّه سيجمع لنا ولشيعتنا الدنيا والآخرة ويدخلهم جناتِ النعيم ويدخل عدونا الجحيم.

5 - الحسين بن محمّد، عن المعلىّ بن محمّد عن بعض أصحابه، عن أبي بصير قال : كان لي جار يتبع السلطان (3) فأصاب مالاً، فأعد قيانا (4) وكان يجمع الجميع إليه ويشرب المسكر ويؤذيني، فشكوته إلى نفسه غير مرّة، فلم ينته فلما أن ألححت عليه فقال لي : يا هذا أنا رجل مبتلى وأنت رجل معافى، فلو عرضتني لصاحبك رجوت أن ينقذني اللّه بك، فوقع ذلك له في قلبي، فلما صرت إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذكرت له حاله فقال لي : إذا رجعت إلى الكوفة سيأتيك فقل له : يقول لك جعفر بن محمّد : دع ما أنت عليه وأضمن لك على اللّه الجنّة، فلمّا رجعت إلى الكوفة أتاني فيمن أتى، فاحتبسته عندي حتّى خلا منزلي ثمَّ قلت له : يا هذا إنّي ذكرتك لأبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال لي : إذا رجعت إلى الكوفة سيأتيك فقل له : يقول لك جعفر بن محمّد : دع ما أنت عليه وأضمن لك على اللّه الجنّة، قال : فبكى ثمَّ قال لي : اللّه لقد قال لك أبو عبد اللّه هذا؟ قال: فحلفت له أنّه قد قال لي ما قلت، فقال لي : حسبك (5) ومضى، فلما كان بعد أيّام بعث إليَّ فدعاني وإذا هو خلف داره عريان، فقال لي : يا أبا بصير لا واللّه ما بقي في منزلي شيء إلّا وقد أخرجته وأنا كما ترى، قال : فمضيت إلى إخواننا فجمعت له ما كسوته به ثمَّ لم تأت أيّام يسيرة حتّى بعث إليَّ أنّي عليل فأتني، فجعلت أختلف إليه وأعالجه حتّى نزل به الموت فكنت عنده جالساً وهو يجود بنفسه، فغشي عليه غشية ثمَّ

ص: 547


1- أي أن أشير أو أضرب بإحدى رجلي والعرب تعمم القول إلى جميع الأفعال بإحدى الجوارح.
2- «وحاصل الجواب : أنّه ليس صلاحهم في هذا الزمان في إظهار تلك الأمور وعند حصول المصلحة في آخر الزمان سيظهر ذلك، مع أن نعيم الآخرة مختص بهم فإن أصابهم فقر أو شدة في الدنيا فليصبروا عليها ليكمل لهم النعيم في العقبى» مرآة المجلسيّ ٣١/٦ - ٣٢.
3- أي يتولى له الأعمال ويطيعه.
4- جمع فينة وهي المغنية.
5- أي هذا يكفيك في الّذي قصدته من أقلاعي عما أنا فيه.

كتاب الحجّة

أفاق، فقال لي : يا أبا بصير قد وفى صاحبك لنا، ثمَّ قبض - رحمة اللّه عليه _ فلما حججت أتيت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاستأذنت عليه فلما دخلت قال لي ابتداءً من داخل البيت وإحدى رجلي في الصحن والأخرى في دهليز :داره يا أبا بصير! قد وفينا لصاحبك.

٦ - أبو علي الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن جعفر بن محمّد بن الأشعث قال : قال لي : أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر ومعرفتنا به؟ وما كان عندنا منه ذكر ولا معرفة شيء ممّا عند الناس، قال : قلت له : ما ذاك؟ قال : إنَّ أبا جعفر _ يعني أبا الدوانيق (1) _ قال لأبي، محمّد بن الأشعت : يا محمّد ابغ (2) لي رجلاً له عقل يؤدّي عنّي، فقال له أبي : قد أصبته لك هذا فلان ابن مهاجر خالي، قال فأتني به، قال : فأتيته بخالي فقال له أبو جعفر يا ابن مهاجر خذ هذا المال وأتِ المدينة وأتِ عبد اللّه بن الحسن بن الحسن وعدَّة من أهل بيته فيهم جعفر بن محمّد فقل لهم : إنّي رجل غريب من أهل خراسان، وبها شيعة من شيعتكم وجّهوا إليكم بهذا المال وادفع إلى كلّ واحد منهم على شرط كذا وكذا (3)، فإذا قبضوا المال فقل : إنّي رسول وأحبُّ أن يكون معي خطوطكم بقبضكم ما قبضتم، فأخذ المال وأتى المدينة فرجع إلى أبي الدَّوانيق ومحمّد بن الأشعث عنده، فقال له أبو الدوانيق ما وراءك قال : أتيت القوم وهذه خطوطهم بقبضهم المال خلا (4) جعفر بن محمّد، فإني أتيته وهو يصلّي في مسجد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فجلست خلفه، وقلت حتّى ينصرف فأذكر له ما ذكرت لأصحابه، فعجل وانصرف، ثمَّ التفت إليَّ فقال : يا هذا اتق اللّه ولا تغر أهل بيت محمّد فإنّهم قريبو العهد بدولة بني مروان وكلّهم محتاج (5)، فقلت : وما ذاك؟ أصلحك اللّه قال : فأدنى رأسه مني وأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك حتّى كأنه كان ثالثنا. قال : فقال له أبو جعفر : يا ابن مهاجر !، اعلم أنّه ليس من أهل بيت نبوَّة إلّا وفيه محدَّث، وإنَّ جعفر بن محمّد محدَّثنا اليوم، وكانت هذه الدَّلالة سبب قولنا بهذه المقالة.

7 - سعد بن عبد اللّه وعبد اللّه بن جعفر جميعاً، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه عليّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد عن محمّد بن سنان عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال : قبض أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو ابن خمس وستين سنة، في عام ثمان وأربعين

ص: 548


1- أي أبو جعفر المنصور الدوانيقي.
2- أي اطلب أو التمس.
3- «أي إرادة الخروج أو إذا خرجتم نكون معكم وفي حزبكم...» مرآة المجلسيّ ٣٤/٦.
4- أي عدا جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- أي أن ظلم بني مروان لهم وغصبهم لحقوقهم جعلهم فقراء، فإن أخذوا مالاً فإنما يكون الدافع إليه فقرهم وحاجتهم لا قصد الخروج على الحاكم.

ومائة وعاش بعد أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أربعاً وثلاثين سنة.

8 - سعد بن عبد اللّه عن أبي جعفر محمّد بن عمر بن سعيد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : أنا كفنت أبي في ثوبين شَطَويين(1) كان يحرم فيهما، وفي قميص من قمصه وفي سامة كانت لعليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وفي برد (2) اشتراه بأربعين ديناراً.

١٧٦ - باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)

وُلِدَ أبو الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالأبواء(3) سنة ثمان وعشرين ومائة وقال بعضهم: تسع وعشرين ومائة، وقُبِضَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لست خلون من رجب من سنة ثلاث وثمانين ومائة، وهو ابن أربع أو خمس وخمسين سنة، وقبض (عَلَيهِ السَّلَامُ) ببغداد في حبس السندي بن شاهك. وكان هارون حمله من المدينة لعشر ليال بقين من شوّال سنة تسع وسبعين ومائة وقد قدم هارون المدينة منصرفه من عمرة شهر رمضان، ثمَّ شخص هارون إلى الحج وحمله معه، ثمَّ انصرف على طريق البصرة فحبسه عند عيسى بن جعفر، ثمَّ أشخصه إلى بغداد، فحبسه عند السندي بن شاهك فتوفّي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حبسه ودفن ببغداد في مقبرة قريش وامه امّ ولد يقال لها : حميدة (4).

1 - الحسين بن محمّد الأشعريّ عن معلىّ بن محمّد عن عليّ بن السندي القميّ قال : حدَّثنا عيسى بن عبد الرَّحمن، عن أبيه قال: دخل ابن، عن أبيه قال : دخل ابن عُكّاشة بن (محصن) بن محصن (5) الأسدي على أبي جعفر، وكان أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قائماً عنده فقدَّم إليه عنباً، فقال : حبة حبة يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير، وثلاثة وأربعة يأكله من يظنُّ أنّه لا يشبع، وكله حبتين حبتين فإنّه يستحبُّ. فقال لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): لأيّ شيء لا تزوّج أبا عبد اللّه فقد أدرك التزويج؟ قال وبين يديه صرَّة مختومة، فقال : أما إنّه سيجييء نخاس (6) من أهل بربر فينزل دار ميمون، فنشتري له بهذه الصرَّة جارية. قال : فأتى لذلك ما أتى، فدخلنا يوماً على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : ألا أخبركم

ص: 549


1- نسبة إلى قرية شطا في مصر.
2- ثوب مخطط.
3- محلة بين مكّة والمدينة.
4- وكانت تلقب (رضیَ اللّهُ عنهُ) بالمصفّاة، وبالبربرية.
5- «هو عكاشة بن محصن الغنمي الأسدي المازندراني ٢٤٧/٧ وفي مرآة المجلسيّ /٣٨/٦ «عكاشة الغنوي وابن ثور وابن محصن الصحابيون» فقد جعل المجلسيّ عكاشة شخصاً غير ابن محصن، ونسبه (الغنوي) لا (الغنمي).
6- النخاس : بائع الرقيق والدواب.

عن النحاس الّذي ذكرته لكم قد قدم فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرة منه جارية، قال : فأتينا النحاس فقال : قد بعت ما كان عندي إلّا جاريتين مريضتين إحداهما أمثل من الأخرى(1)، قلنا: فأخْرِجُهُما حتّى ننظر إليهما فأخرجهما، فقلنا : بكم تبيعنا هذه المتماثلة (2) قال : بسبعين ديناراً قلنا أحسن قال : لا أنقص من سبعين ديناراً، قلنا له نشتريها منك بهذه الصرة ما بلغت ولا ندري ما فيها. وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية قال : فكّوا وزنوا، فقال النحاس : لا تفكّوا فإنها إن نقصت حبة (3) من سبعين ديناراً لم أبايعكم. فقال الشيخ : ادنوا، فدنونا وفككنا الخاتم ووزنا الدنانير فإذا هي سبعون ديناراً لا تزيد ولا تنقص فأخذنا الجارية فأدخلناها على أبي، جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجعفر قائم عنده، فأَخْبَرْنا أبا جعفر بما كان، فحمد اللّه وأثنى عليه ثمَّ قال لها : ما اسمُك ؟ قالت : حميدة، فقال حميدة في الدُّنيا محمودة في الآخرة، أخبريني عنك أبكر أنت أم تيب؟ قالت : بكر. قال : وكيف ولا يقع في أيدي النحاسين شيء إلّا أفسدوه (4)، فقالت: قد كان يجيئني فيقعد مني مقعد الرَّجل من المرأة فيسلّط اللّه عليه رجلا أبيض الرأس واللحية فلا يزال يلطمه حتّى يقوم عنّي، ففعل بي مراراً وفعل الشيخ به مراراً. فقال : يا جعفر خذها إليك فولدت خير أهل الأرض موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن عبد اللّه بن أحمد، عن عليّ بن الحسين، عن ابن سنان، عن سابق بن الوليد، عن المعلىّ بن خنيس أن أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: حميدة مصفاة من الأدناس (5) كسبيكة الذهب، ما زالت الأملاك تحرسها حتّى أديت إليَّ كرامة من اللّه لي والحجّة من بعدي (6).

٣ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن أبي قتادة القميّ (7)، عن أبي خالد الزبالي قال : لما أقدِمَ بأبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) على المهديّ القدمة الأولى نزل زُبالة (8) فكنت أحدثه فرآني مغموماً فقال لي : يا أبا خالد مالي أراك

ص: 550


1- أي أفضل، أو أقرب إلى الفضل.
2- إما من تماثلها للشفاء بعد دعوى النخاس بأنها مريضة. أو لتماثلها مع رفيقتها.
3- أي وزن شعيرة.
4- المقصود بالإفساد هنا فض البكارة وهو كناية عن الوطء.
5- أي العيوب ومساوىء الأخلاق.
6- هذا الكلام منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يفسّر ويشير إلى أن الرَّجل الأبيض الرأس واللحية الّذي ورد ذكره في الحديث السابق هو من الملائكة الّذين وكلوا بحراسة حميدة (رضیَ اللّهُ عنهُ).
7- واسمه عليّ بن محمّد بن حفص.
8- اسم مكان.

مغموماً، فقلت : وكيف لا أغتم وأنت تُحْمَلُ إلى هذا الطاغية ولا أدري ما يُحدِثُ فيك، فقال: ليس عليَّ بأس إذا كان شهر كذا وكذا ويوم كذا فوافني في أوّل الميل(1)، فما كان لي هم إلّا إحصاء الشهور والأيام حتّى كان ذلك اليوم، فوافيت الميل فما زلت عنده حتّى كادت الشمس أن تغيب ووسوس الشيطان في صدري وتخوفت أن أشك فيما قال، فبينا أنا كذلك إذا نظرت إلى سواد قد أقبل من ناحية العراق، فاستقبلتهم فإذا أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمام القطار على بغلة، فقال : إيه (2) يا أبا خالد، قلت: لبيك يا ابن رسول اللّه، فقال لا تشكنَّ ودَّ الشيطان أنك شككت فقلت : الحمد اللّه الّذي خلّصك منهم. فقال: إنّ لي إليهم عودة لا أتخلّص منهم.

٤ - أحمد بن مهران وعليّ بن إبراهيم جميعاً، عن محمّد بن عليّ، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم قال : كنت عند أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ أتاه رجل نصراني ونحن معه بالعُرَيْض (3) فقال له النصراني : أتيتك من بلد بعيد وسفر شاق، وسألت ربي منذ ثلاثين سنة أن يرشدني إلى خير الأديان وإلى خير العباد وأعلمهم، وأتاني آتٍ في النوم فوصف لي رجلاً بعُلْيا (4) دمشق، فانطلقت حتّى أتيته فكلّمته، فقال : أنا أعلم أهل ديني وغيري أعلم مني، فقلت: أرشدني إلى من هو أعلم منك فإنّي لا أستعظم السفر ولا تبعد علي الشُّقَّة (5)، ولقد قرأت الإنجيل كله، ومزامير داود وقرأت أربعة أسفار من التوراة، وقرأت ظاهر القرآن حتّى استوعبته كله، فقال لي العالم : إن كنت تريد علم النصرانية فأنا أعلم العرب والعجم بها. وإن كنت تريد علم اليهود فباطي بن شرحبيل السامري أعلم النّاس بها اليوم، وإن كنت تريد علم الإسلام وعلم التوراة وعلم الإنجيل وعلم الزَّبور وكتاب هود، وكلما أنزل على نبي من الأنبياء في دهرك ودهر غيرك (6) وما أنزل من السماء من خبر (7) فعلمه أحدٌ (8) أو لم يعلم به أحد، فيه تبيان كلّ شيء وشفاء للعالمين، ورَوْحٌ (9) لمن استروح إليه، وبصيرة لمن أراد اللّه به خيراً، وأنسٌ إلى الحقّ فأرشدك إليه، فأته ولو مشياً على رجليك، فإن لم تقدر فَحَبواً على ركبتيك، فإن لم تقدر فزحفاً على إستك (10)، فإن لم تقدر فعلى وجهك، فقلت: لا

ص: 551


1- الميل : قدر مد البصر.
2- ايه كلمة يراد بها الاستزادة من الحديث أو للاستدعاء إلى الكلام فإذا أُتَّبِعَت بكلام نونت.
3- اسم وادٍ بالمدينة المنورة.
4- الشقة : المسافة، والسفر البعيد.
5- أي أعلاها.
6- أي عصرك وعصر غيرك. وعصره هو عصر خاتم الأنبياء (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
7- في بعض النسخ (خير).
8- أي غير الإمام المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ).
9- أي رحمة.
10- العَجِزُ : مؤخر البدن، أو حلقة الدبر، وهو كناية عن الزحف.

بل أنا أقدر على المسير في البدن والمال، قال : فانطلق من فورك حتّى تأتي يثرب، فقلت: لا أعرف يثرب، قال : فانطلق حتّى تأتي مدينة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الّذي بُعِثَ في العرب وهو النبيّ العربي الهاشمي، فإذا دخلتها فَسَلْ عن بني غنم بن مالك بن النجار وهو عند باب مسجدها، وأظهر بزَّة (1) النصرانية وحليتها (2) فإنّ واليها يتشدَّد عليهم والخليفة أشد، ثمَّ تسأل عن بني عمرو بن مبذول وهو ببقيع الزبير، ثمَّ تسأل عن موسى بن جعفر وأين منزله وأين هو؟ مسافر أم حاضر، فإن كان مسافراً فالحقه فإنَّ سفره أقرب ممّا ضربت إليه ثمَّ أعلمه أنَّ مطران عليا الغوطة (3) - غوطة دمشق - هو الّذي أرشدني إليك وهو يقرئك السلام كثيراً ويقول لك : إنّي لأكثر مناجات ربي أن يجعل إسلامي على يديك، فقصَّ هذه القصة وهو قائم معتمد على عصاه، ثمَّ قال : إن أذنت لي يا سيدي كفّرت لك (4) وجلست. فقال : آذن لك أن تجلس ولا آذن لك أن تكفّر فجلس ثمَّ ألقى عنه برنسه ثمَّ قال : جعلت فداك تأذن لي في الكلام؟ قال : نعم ما جئت إلّا له، فقال له النصراني : أردد على صاحبي السلام أو (5) ما تردُّ السّلام، فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : على صاحبك أن هداه اللّه، فأما التسليم فذاك إذا صار في ديننا (6)، فقال النصراني : إني أسألك - أصلحك اللّه _ قال : سل، قال : أخبرني عن كتاب اللّه تعالى الّذي أنزل على محمّد ونطق به، ثمَّ وصفه بما وصفه به، فقال: (حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم) (7) وما تفسيرها في الباطن؟ فقال: أما حتم ف_ه_و محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هو في كتاب هود الّذي أنزل عليه وهو منقوص الحروف(8). وأما الكتاب المبين فهو أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمّا اللّيلة ففاطمة(9) وأما قوله : و(فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم) يقول : يخرج منها (10) خير كثير فرجل حكيم ورجل حكيم ورجل حكيم. فقال الرَّجل صف لي الأوّل والآخر من هؤلاء الرجال فقال : إنَّ الصفات تشتبه ولكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله وإنه عندكم لفي الكتب التي نزلت عليكم، إن لم تغيروا وتحرّفوا

ص: 552


1- أي هيئة.
2- أي صفتها.
3- أي أعلا غوطة دمشق، وهو مكان فيها كثير الماء والشجر.
4- التكفير : وضع إحدى اليدين على الأخرى على البطن أو الصدر تذللاً وخضوعاً.
5- الترديد من الراوي. أو أن الهمزة للاستفهام (أوما) هو للإنكار.
6- هذا يدل على أن جواز السلام ووجوب ردّه إنّما هو مختص بالمسلم.
7- الدخان/ ١ - ٤.
8- «يعني (حم) عبارة عن اسم محمّد في كتاب هود نقص منه الميم والدال» الوافي ج 187/2.
9- «التعبير عن فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) بالليلة باعتبار عفتها ومستوريتها عن الخلايق صورة ومعنى» مرأة المجلسيّ ٤٨/٦.
10- أي من فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ).

وتكفروا وقديماً ما فعلتم، قال له النصراني : إنّي لا أسترُعَنك ما علمت، ولا أكذبك وأنت تعلم ما أقول في صدق ما أقول وكذبه واللّه لقد أعطاك اللّه من فضله، وقسم عليك من نعمه ما لا يخطره الخاطرون ولا يستره الساترون ولا يكذب فيه مَن كَذَب، فقولي لك في ذلك الحقّ كما ذكرت، فهو كما ذكرت، فقال له أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أعجلك أيضاً خبراً لا يعرفه إلّا قليل ممّن قرأ الكتب، أخبرني ما اسم أمّ مريم وأي يوم نفخت فيه مريم، ولكم من ساعة من النهار، وأي يوم وضعت مريم فيه عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولكم من ساعة من النهار؟ فقال النصراني : لا أدري، فقال أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أمّا أُمُّ مريم فاسمها مَرْثا وهي وهيبة بالعربية. وأما اليوم الّذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال، وهو اليوم الّذي هبط فيه الروح الأمين وليس للمسلمين عيد كان أولى منه، عظمه اللّه تبارك وتعالى وعظمه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأمر أن يجعله عيداً فهو يوم الجمعة، وأما اليوم الّذي ولدت فيه مريم فهو يوم الثلاثاء، لأربع ساعات ونصف من النهار، والنهر الّذي ولدت عليه مريم عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) هل تعرفه ؟ قال : لا، قال هو الفرات وعليه شجر النخل والكرم (1) وليس يساوى (2) بالفرات شيء للكروم والنخيل، فأما اليوم الّذي حجبت فيه لسانها(3) ونادى قيدوس (4) ولده وأشياعه فأعانوه وأخرجوا آل عمران لينظروا إلى مريم، فقالوا لها ما قصَّ اللّه عليك في كتابه (5) وعلينا في كتابه (6)، فهل فهمته (7)؟ قال : نعم وقرأته اليوم الأحدث (8)، قال : إذن لا تقوم من مجلسك حتّى يَهْدِيك اللّه، قال النصراني : ما كان اسم أمي بالسريانية وبالعربية ؟ فقال : كان اسم أُمّك بالسريانية عنقالية، وعُنقورة كان اسم جدتك لأبيك، وأما اسم أمك بالعربية فهوميَّة، وأما اسم أبيك فعبد المسيح وهو عبد اللّه بالعربية وليس للمسيح عبد، قال : صَدَقْتَ وبَرَرْت، فما كان اسم جدّي؟ قال : كان اسم جدّك جبرئيل وهو عبد الرحمن سمّيته في مجلسي هذا قال: أما إنّه كان مسلماً؟ قال أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نعم وقُتِلَ شهيداً، دخلت عليه أجناد فقتلوه في منزله غيلة والأجناد من أهل الشام، قال : فما كان اسمي قبل كنيتي ؟ قال : كان اسمك عبد الصليب، قال : فما تسميني ؟ قال أسميك عبد اللّه، قال : فإني

ص: 553


1- أي شجر العنب.
2- أي يقابل، بمعنى أن أرض الفرات أكثر كروماً ونخيلاً بحيث لا تساويها أرض أخرى فيهما.
3- أي حبسته عن الكلام.
4- «كأنه اسم جبار كان ملكاً في تلك النواحي من اليهود في ذلك الزمان» مرآة المجلسيّ ٥١/٦.
5- أي الإنجيل.
6- أي القرآن.
7- الخطاب للرجل النصراني.
8- أي هذا اليوم. وفي بعض النسخ (اليوم الأجدب) قيل : «المراد أن هذا اليوم في كتابنا مسمى باليوم الأحدب لتوجه الكرب والشدة فيه إليها» مرآة المجلسيّ ٥٢/٦.

آمنت باللّه العظيم وشهدت أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، فرداً صمداً، ليس كما تصفه النصارى وليس كما تصفه اليهود ولا جنس من أجناس الشرك، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله أرسله بالحقّ فأبان به لأهله وعمي المبطلون، وأنه كان رسول اللّه إلى النّاس كافة إلى الأحمر والأسود كلّ فيه مشترك، فأبصر من أبصر واهتدى من اهتدى، وعمي المبطلون وضل عنهم ما كانوا يدَّعون، وأشهد أنَّ وليه نطق بحكمته وأنَّ من كان قبله من الأنبياء نطقوا بالحكمة البالغة، وتواز روا(1) على الطاعة اللّه، وفارقوا الباطل وأهله والرّجس وأهله، وهجروا سبيل الضلالة ونصرهم اللّه بالطاعة له، وعصمهم من المعصية، فهم اللّه أولياء وللدين أنصار، يحثون على الخير ويأمرون به آمنت بالصغير منهم والكبير ومن ذكرت منهم ومن لم أذكر، وآمنت باللّه تبارك وتعالى ربّ العالمين، ثمَّ قطع زُنّاره وقطع صليباً كان في عنقه من ذهب، ثمَّ قال : مُرْني حتّى أضع صَدَقَتي (2) حيث تأمرني. فقال : ههنا أخ لك كان على مثل دينك، وهو رجل من قومك من قيس بن ثعلبة وهو في نعمة كنعمتك (3)، فتواسيا وتجاورا، ولست أدع أن أورد عليكما حقكما في الإسلام (4)، فقال : واللّه - أصلحك اللّه - إنّي لغني ولقد تركت ثلاثمائة طروق (5)بين فرس وفرسة وتركت ألف بعير، فحقك فيها أوفر من حقي، فقال له : أنت مولى اللّه ورسوله وأنت في حد نسبك على حالك (6)، فحسن إسلامه وتزوج امرأة من بني فهر وأصدقها أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) خمسين ديناراً من صدقة عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأخدمه (7) وبوأه (8) وأقام حتّى أخرج أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (9)، فمات بعد مخرجه بثمان وعشرين ليلة.

5 - عليّ بن إبراهيم وأحمد بن مهران جميعاً، عن محمّد بن عليّ، عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر قال : كنت عند أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأتاه رجل من أهل نجران اليمن من الرهبان ومعه راهبة، فاستأذن لهما الفضل بن سوار، فقال له : إذا كان غداً فأتِ بهما عند بئر

ص: 554


1- أي تعاونوا.
2- «كأن المراد بها الصليب الّذي كان في عنقه أراد أن يتصدق بذهبه، ويحتمل الأعم» مرآة المجلسيّ ٥٤/٦.
3- وهو الإيمان والإسلام.
4- أي من الصدقات.
5- «الطروق: فعول بمعنى الفاعل وهو الفحل الّذي يستحق أن ينزو على الأنثى وأما الطروقة فهي فعولة بمعنى المفعولة وهي الأنثى التي يستحق أن ينزو عليها الفحل» المازندراني ٢٥٩/٧.
6- «أي لا يضر ذلك في نسبك بل ترث أقاربك وتنسب إليهم. أولا تنقص عبوديتك اللّه ولرسوله من جاهك ومنزلتك» مرآة المجلسى ٥٥/٦.
7- أي أعطاه خادما يخدمه.
8- أي أعطاه بيتاً للسكن.
9- أي أخرجه الرشيد إلى بغداد من المدينة.

أم خير، قال: فوافينا من الغد، فوجدنا القوم قد وافوا فأمر بِخَصَفَة (1) يواري، ثمَّ جلس وجلسوا فبدأت الرَّاهبة بالمسائل فسألت عن مسائل كثيرة، كلّ ذلك يجيبها، وسألها أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أشياء لم يكن عندها فيه شيء، ثمَّ أسلمت ثمَّ أقبل الراهب يسأله فكان يجيبه في كلّ ما يسأله، فقال الرّاهب : قد كنت قوياً على ديني وما خلفت أحداً من النصارى في الأرض يبلغ مبلغي في العلم، ولقد سمعت برجل في الهند، إذا شاء حج إلى بيت المقدس في يوم وليلة ثمَّ يرجع إلى منزله بأرض الهند فسألت عنه بأي أرض هو؟ فقيل لي : إنّه بسبذان (2)، وسألت الّذي أخبرني فقال : هو علم الإسم الّذي ظفر به آصف صاحب سلیمان لما أنى بعرش سبأ، وهو الّذي ذكره اللّه لكم في كتابكم ولنا معشر الأديان في كتبنا، فقال له أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فكم اللّه من اسم لا يُرَدُّ (3).؟ فقال الراهب : الأسماء كثيرة فأما المحتوم منها الّذي لا يرد سائله فسبعة فقال له أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فأخبرني عمّا تحفظ منها، قال الراهب لا واللّه الّذي أنزل التوراة على موسى وجعل عيسى عبرة للعالمين، وفتنة لشكر أولى الألباب، وجعل محمّداً بركة ورحمة وجعل عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) عبرة وبصيرة، وجعل الأوصياء من نسله ونسل محمّد ما أدري، ولو دريت ما احتجت فيه إلى كلامك ولا جئتك ولا سألتك، فقال له أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عُد إلى حديث الهندي، فقال له الرّاهب : سمعت بهذه الأسماء ولا أدري ما بطانتها (4) ولا شرايحها(5)، ولا أدري ما هي ولا كيف هي ولا بدعائها، فانطلقت حتّى قدمت سبذان الهند فسألت عن الرَّجل، فقيل لي : إنّه بنى ديراً في جبل فصار لا يخرج ولا يُرى إلّا في كلّ سنة مرَّتين، وزَعَمَت الهند أنَّ اللّه فجر له عيناً في ديره، وزعمت الهند أنّه يزرع له من غير زرع يلقيه (6) ويحرث له من غير حرث يعمله، فانتهيت إلى بابه فأقمت ثلاثاً، لا أدق الباب ولا أعالج الباب، فلمّا كان اليوم الرابع، فتح اللّه الباب وجاءت بقرة عليها حطب تجر ضرعها، يكاد يخرج ما في ضرعها من اللبن، فدفعت الباب فانفتح فتبعتها ودخلتُ فوجدت الرَّجل قائماً ينظر إلى السماء فيبكي، وينظر إلى الأرض فيبكي، وينظر إلى الجبال فيبكي، فقلت : سبحان اللّه ما أقل ضَرْبَك (7) في دهرنا هذا، فقال لي : واللّه ما أنا إلّا حسنة من حسنات رجل خلفته

ص: 555


1- «الخَصَفَة : الجُلَّة تُعمل من الخوص للتمر، والثوب الغليظ جداً» كذا في القاموس.
2- في بعض النسخ (سندان).
3- أي يستجاب للسائل به.
4- أي سرها وباطنها.
5- أي تفاسيرها.
6- أي من غير بذر يبذره.
7- أي شبيهك ومثلك.

وراء ظهرك، فقلت له : أخبرت أنَّ عندك اسماً من أسماء اللّه تبلغ به في كلّ يوم وليلة بيت المقدس وترجع إلى بيتك، فقال لي : وهل تعرف بيت المقدس؟ قلت: لا أعرف إلّا بيت المقدس الّذي بالشام؟ قال : ليس بيت المقدس ولكنه البيت المقدس، وهو بيت آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقلت له : أما ما سمعته به إلى يومي هذا فهو بيت المقدس، فقال لي : تلك محاريب الأنبياء، وإنّما كان يقال لها : حظيرة المحاريب، حتّى جاءت الفترة التي كانت بين محمّد وعيسى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقرب البلاء من أهل الشرك، وحلّت النقمات في دور الشياطين(1)، فحولوا وبدلوا، ونقلوا تلك الأسماء، وهو قول اللّه تبارك وتعالى - البطن لآل محمّد والظهر مَثَل – (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ) (2) فقلت له : إنّي قد ضربت إليك (3) من بلد يعيد، تعرّضت أليك بحاراً وغموماً وهموماً وخوفاً وأصبحت وأمسيت مؤيساً إلّا أكون ظفرت بحاجتي، فقال لي : ما أرى أمك حملت بك إلّا وقد حضرها مَلَك كريم، ولا أعلم أنَّ أباك حين أراد الوقوع بأمك إلّا وقد اغتسل وجاءها على طهر، ولا أزعم إلّا أنّه قد كان درس (4) السِّفْرَ الرّابع من سَحَرهِ ذلك، فختم له بخير إِرْجِعُ من حيث جئتَ، فانطلق حتّى تنزل مدينة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) التي يقال لها : طيبة وقد كان اسمها في الجاهلية يثرب، ثمَّ اعمد إلى موضع منها يقال له : البقيع، ثمَّ سل عن دار يقال لها : دار مروان، فانزلها وأقم ثلاثاً (5) ثمَّ سل [عن] الشيخ الأسود (6) الّذي يكون على بابها يعمل البواري وهي في بلادهم، اسمها الخصف، فالطف بالشيخ وقل له بعثني إليك نزيلك الّذي كان ينزل في الزاوية في البيت الّذي فيه الخشيبات الأربع، ثمَّ سله عن فلان بن فلان الفلاني وسله أين ناديه، وسله أيّ ساعة يمر فيها فليريكاه أو يصفه لك، فتعرفه بالصفة وسأصفه لك، قلت : فإذا لقيته فأصْنَعُ ماذا؟ قال : سله عما كان وعمّا هو كائن وسله عن معالم دين من مضى ومن بقي، فقال له أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قد نصحك صاحبك الّذي لقيت، فقال الراهب ما اسمه جعلت فداك ؟ قال : هو متمم بن فيروز وهو من أبناء الفرس، وهو ممّن آمن باللّه وحده لا شريك له وعَبَدَه بالإخلاص والإيقان، وفرَّ من قومه لما خافهم، فوهب له ربه حكماً وهذاه لسبيل الرشاد، وجعله من المتقين

ص: 556


1- أي من الإنس أو الأعم منهم ومن شياطين الجن.
2- النجم / ٢٣.
3- أي قصدت وسافرت.
4- أي قرأ. «وكأن التخصيص بالسفر الرابع لكونه أفضل أسفاره أو لاشتماله على أحوال خاتم النبيّين وأوصيائه (عَلَيهِ السَّلَامُ)» مرأة المجلسيّ ٦٢/٦.
5- أي ثلاث ليال.
6- كأنه الراوي وهو الفضل بن سوار.

وعرّف بينه وبين عباده المخلصين، وما من سنة إلّا وهو يزور فيها مكّة حاجاً، ويعتمر في رأس كلّ شهر مرة، ويجيىء من موضعه من الهند إلى مكة، فضلاً من اللّه وعوناً، وكذلك يجزي اللّه الشاكرين، ثمَّ سأله الرّاهب عن مسائل كثيرة، كلّ ذلك يجيبه فيها. وسأل الراهب عن أشياء، لم يكن عند الراهب فيها شيء، فأخبره بها، ثمَّ إنّ الراهب قال : أخبرني عن ثمانية أحرف نزلت فتبين في الأرض منها أربعة وبقي في الهواء منها أربعة على من نزلت تلك الأربعة التي في الهواء ومن يفسّرها؟ قال : ذاك قائمنا ينزله اللّه عليه فيفسره وينزل عليه ما لم ينزل على الصدّيقين والرسل والمهتدين، ثمَّ قال الراهب : فأخبرني عن الاثنين من تلك الأربعة الأحرف التي في الأرض ما هي ؟ قال : أخبرك بالأربعة كلّها، أما أولهن فلا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له باقياً، والثانية محمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مخلصاً، والثالثة نحن أهل البيت والرابعة شيعتنا منا ونحن من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ورسول اللّه من اللّه بسبب فقال له الرّاهب : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه وأن ما جاء به من عند اللّه حقٌّ، وأنّكم صفوة اللّه من خلقه، وأن شيعتكم المطهرون المستبدلون (1) ولهم عاقبة اللّه والحمد للّه ربّ العالمين، فدعا أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بجبة خز وقميص قوهي (2) وطيلسان وخف وقلنسوة، فأعطاه إياها وصلّى الظهر وقال له : اختتن، فقال : قد اختتنت في سابعي (3).

٦ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن المغيرة قال : مرّ العبد الصالح بامرأة بمنى وهي تبكي وصبيانها حولها يبكون، وقد ماتت لها بقرة، فدنا منها ثمَّ قال لها : ما يبكيك يا أمة اللّه ؟ قالت : يا عبد اللّه : إن لنا صبياناً يتامى، وكانت لي بقرة معيشتي ومعيشة صبياني كان منها (4)، وقد ماتت وبقيت منقطعاً بي وبولدي لا حيلة لنا، فقال : يا أمة اللّه هل لكِ أن أحييها لك فألهمت أن قالت نعم يا عبد اللّه، فتنحى وصلّى ركعتين، ثمَّ رفع يده هنيئة (5) وحرّك شفتيه (6)، ثمَّ قام فصوّت (7) بالبقرة فنخسها نخسة (8) أو

ص: 557


1- أي «المستبدلون للباطل والكفر بالحقّ» المازندراني ٢٥٦/٧. وفي بعض النسخ (المستدلون) «أي المستدلّون بالبراهين على إمامتكم وسائر الأمور الدينية...» مرآة المجلسيّ ٦٥/٦. وفي بعض النسخ (المستذلّون) «أي الّذين صيرهم النّاس أذلاء».ن. م.
2- لعله نوع من الثياب يُنسب إلى قوهستان بلد بین هرات ونیسابور.
3- المقصود به اليوم السابع من الولادة.
4- أي إن عيشي وعيش صبياني كان ممّا تدره من لبن.
5- أي برهة من الزمن.
6- كناية عن تمتمته بدعاء مخصوص.
7- أي صرخ بها.
8- أي وكزها.

ضربها (1) برجله فاستوت على الأرض قائمة، فلما نظرت المرأة إلى البقرة صاحت وقالت : عيسى ابن مريم (2) وربّ الكعبة، فخالط النّاس وصار بينهم ومضى (عَلَيهِ السَّلَامُ).

7 - أحمد بن مهران - رحمه اللّه - عن محمّد بن عليّ، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق ابن عمار، قال : سمعت العبد الصالح ينعى إلى رجل نفسه، فقلت في نفسي : وإنه ليعلم متى يموت الرَّجل من شيعته؟! فالتفت إلى شبه المغضب فقال : يا إسحاق قد كان رُشَيْدٌ (3) الهجري يعلم علم المنايا والبلايا والإمام أولى بعلم ذلك، ثمَّ قال: يا إسحاق اصنع ما أنت صانع، فإن عمرك قد فني، وإنك تموت إلى سنتين، وإخوتك وأهل بيتك لا يلبثون بعدك إلّا (4) يسيراً حتّى تتفرق كلمتهم، ويخون بعضهم بعضاً حتّى يشمت بهم عدوهم، فكان هذا في نفسك (5) فقلت : فإنّي أستغفر اللّه بما عرض في صدري، فلم يلبث إسحاق (6) بعد هذا المجلس إلّا يسيراً حتّى مات فما أتى عليهم إلّا قليل حتّى قام بنو عمّار بأموال النّاس فأفلسوا.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، عن عليّ بن جعفر قال : جاءني محمّد بن إسماعيل وقد اعْتَمَرنا عُمرة رجب، ونحن يومئذ بمكّة، فقال : يا عم (7) أنّي أريد بغداد، وقد أحببت أو أودع عمّي أبا الحسن _ يعني موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وأحببت أن تذهب معي إليه فخرجت معه نحو أخي وهو في داره التي بالحوبة (8) وذلك بعد المغرب بقليل، فضربت الباب فأجابني أخي فقال: من هذا؟ فقلت : علي، فقال : هو ذا أخرج _ وكان بطيء الوضوء - فقلت : العَجَلَ (9) قال : وأَعْجَل، فخرج وعليه إزار ممشق (10) قد عقده في عنقه حتّى قعد تحت عتبة الباب فقال عليّ بن جعفر : فانكببت عليه

ص: 558


1- الترديد من الراوي.
2- أي هو كعيسى في إحياء الموتى.
3- «كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسميه رشيد البلايا، وكان قد ألقي إليه علم البلايا والمنايا، وكان في حياته إذا لقي الرَّجل قال له : فلان يموت بميتة كذا.. الخ فيكون كما يقول رشيد» مرآة المجلسيّ ٦٧/٦ نقلا عن الكشي.
4- «أي الاستبعاد والإنكار عن علمه بموت الرَّجل كما قال في أول الخبر» مرآة المجلسيّ ٦٨/٦.
5- هذا من كلام ابن عميرة الراوي عن إسحاق.
6- أي قبضوها ليتجروا بها بنحو المضاربة أو القرض.
7- إسماعيل هو ابن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو أخو عليّ بن جعفر الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) فمحمّد هذا هو ابن أخي علي ولذا خاطبه بقوله : يا عم.
8- إما وسط الدار كما في القاموس أو اسم المحلة التي كان فيها دار الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
9- أي عليك الاستعجال.
10- أي مصبوغ بالمشق أي بالمغرة وهو طين أحمر _ كما في المغرب -.

فقبلت رأسه وقلت : قد جئتك في أمر إن تره صواباً فاللّه وفق له، وإن يكن غير ذلك فما أكثر ما نخطي، قال : وما هو؟ قلت هذا ابن أخيك يريد أن يودعك ويخرج إلى بغداد، فقال لي: ادعه فدعوته وكان متنحياً، فدنا منه فقبل رأسه وقال : جعلت فداك أوصني فقال : أوصيك أن تتقي اللّه في دمي، فقال مجيباً له : من أرادك بسوء فعل اللّه به (1) وجعل يدعو على من يريده بسوء، ثمَّ عاد فقبل رأسه، فقال : يا عم أوصني فقال : أوصيك أن تتقي اللّه في دمي، فقال : من أرادك بسوء فعل اللّه به وفعل، ثمَّ عاد فقبل رأسه، ثمَّ قال: يا عم أوصني، فقال : أوصيك أن تتقي اللّه في دمي فدعا على من أراده بسوء، ثمَّ تنحى عنه ومضيت معه فقال لي أخي : يا علي مكانك (2) فقمت مكاني فدخل منزله، ثمَّ دعاني فدخلت إليه فتناول صرة فيها مائة دينار فأعطانيها وقال : قل لابن أخيك يستعين بها على سفره. قال علي : فأخذتها فأدرجتها في حاشية ردائي. ثمَّ ناولني مائة أخرى وقال : أعطه أيضاً، ثمَّ ناولني صرَّة أخرى وقال : أعطه أيضاً، فقلت : جعلت فداك إذا كنت تخاف منه مثل الّذي ذكرت فلمَ تُعينُهُ على نفسك؟ فقال: إذا وصلته وقطعني قطع اللّه أجَلَه (3)، ثمَّ تناول مخدَّة أدم (4)، فيها ثلاثة آلاف درهم وَضَح (5) وقال: أعطه هذه أيضاً. قال : فخرجت إليه فأعطيته المائة الأولى ففرح بها فرحاً شديداً ودعا لعمه، ثمَّ أعطيته الثانية والثالثة ففرح بها حتّى ظننت أنّه سيرجع ولا يخرج، ثمَّ أعطيته الثلاثة آلاف درهم فمضى على وجهه حتّى دخل على هارون (6) فسلّم عليه بالخلافة وقال : ما ظننت أن في الأرض خليفتين حتّى رأيت عمّي موسى بن جعفر يُسلَّم عليه بالخلافة، فأرسل هارون إليه (7) بمائة ألف درهم فرماه اللّه بالذُّبَحَة (8) فما نظر منها إلى درهم وَلَا مَسَّهُ.

9 - سعد بن عبد اللّه وعبد اللّه بن جعفر جميعاً، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه عليّ بن مهزیار عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : قبضَ موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو ابن أربع وخمسين سنة، في عام ثلاث وثمانين ومائة وعاش بعد جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) خمساً وثلاثين سنة.

ص: 559


1- أي السوء.
2- أي الزم مكانك.
3- أي عمره.
4- الادم : الجلد المدبوغ.
5- اي صحيح غير مغشوش، صفة الدرهم.
6- أي الرشيد العبّاسي في بغداد.
7- أي إلى محمّد بن إسماعيل.
8- الذّبَحَة كما في القاموس : وجع في الحلق أو دم يخنق فيقتل.

177 - باب مولد أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)

وُلِدَ أبو الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) سنة ثمان وأربعين ومائة (1)، وقبضَ في صفر من سنة ثلاث ومائتين (2) وهو ابن خمس وخمسين سنة (3). وقد اختلف في تاريخه إلّا أنَّ هذا التاريخ هو أقصد (4) إن شاء اللّه وتوفّي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بطوس في قرية يقال لها سناباد من نوقان (5) على دعوة (6)، : ودفن بها. وكان المأمون أشخصه من المدينة إلى مرو على طريق البصرة وفارس، فلما خرج المأمون وشخص إلى بغداد معه، فتوفّى في هذه القرية. وأمّه أم ولد يقال لها : أُمُّ البنين (7).

١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن هشام بن أحمر قال : قال لي أبو الحسن الأوّل: هل علمت أحداً من أهل المغرب (8) قَدِمَ؟ قلت : لا، قال : بلى قد قدم رجل فانطلق بنا، فركب وركبت معه حتّى انتهينا إلى الرَّجل، فإذا رجل من أهل المدينة معه رقيق فقلت له اعرض علينا فعرض علينا سبعَ جَوَار، كلّ ذلك يقول أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا حاجة لي فيها، ثمَّ قال : اعرض علينا، فقال : ما عندي إلّا جارية مريضة، فقال له : ما عليك أن تعرضها، فأبى عليه فانصرف، ثمَّ أرسلني من الغد فقال : قل له : كم كان غايتك (9) فيها فإذا قال كذا وكذا، فقل : قد أخذتها فأتيته فقال : ما كنت أريد أن أنقصها من كذا وكذا، فقلت : قد أخذتها. فقال : هي لك، ولكن أخبرني من الرَّجل الّذي كان معك بالأمس؟ فقلت رجل من بني هاشم، قال من أي بني هاشم؟ فقلت: ما عندي أكثر هذا. فقال : أخبرك عن هذه الوصيفة (10) أنّي اشتريتها من أقصى المغرب فلقيتني امرأة من أهل الكتاب فقالت : ما هذه الوصيفة معك ؟ قلت : اشتريتها لنفسي. فقالت : ما يكون ينبغي أن تكون هذه عند مثلك، إن

ص: 560


1- وهنالك قول بأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولد سنة ١٥٣ للهجرة.
2- وهنالك قول آخر بأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) توفي سنة ٢٠٦ للهجرة.
3- وهنالك قول آخر بأن عمره الشريف كان تسعاً وأربعين سنة وقد استصوبه المجلسيّ في مرآته ٧١/٦.
4- أي أقرب إلى الصواب.
5- مدينة في طوس. وقرئت (موقان).
6- «أي بعد سناباد عن موقان (أو نوقان) على قدر سماع صوت الآذان أو مطلقاً» المازندراني ٢٦٩/٧.
7- قيل : اسمها نجمة، وقيل : سكن النوبية وقيل تكتم. وقيل : الخيزران المرسية. وقيل غير ذلك.
8- في بعض نسخ الكافي من أهل المدينة. «فالمراد بأهل المغرب فيما مضى تجار المغرب فلا ينافي كونه من أهل المدينة» مرآة المجلسيّ ٧٣/٦.
9- أي أقصى ما تطلبه لها من ثمن.
10- أي الأمة، مؤنث وصيف وهو العبد.

هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض، فلا تلبث عنده إلّا قليلاً حتّى تلد منه غلاماً ما يولد بشرق الأرض ولا غربها مثله قال فأتيته بها فلم تلبث عنده إلّا قليلا حتّى ولدت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عمّن ذكره، عن صفوان بن يحيى قال : لمّامضى أبو إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وتكلّم أبو الحسن (1) (عَلَيهِ السَّلَامُ) خفنا عليه من ذلك، فقيل له : أنك قد أظهرت أمراً عظيماً وإنا نخاف عليك هذا الطاغية (2)، قال : فقال : ليجهد جهده (3)، فلا سبيل له عليَّ.

٣ - أحمد بن مهران - رحمه اللّه - عن محمّد بن عليّ، عن الحسن بن منصور، عن أخيه قال : دخلت على الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بيت داخل في جوف بيت ليلاً، فرفع يده، فكانت كأن في البيت عشرة مصابيح (4). واستأذن عليه رجل فخلّى يده (5)، ثمَّ أذن له.

٤ - عليّ بن محمّد، عن ابن جمهور عن إبراهيم بن عبد اللّه، عن أحمد بن عبد اللّه، عن الغفاري (6) قال : كان لرجل من آل أبي رافع مولى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقال له : طَيْسٌ على حقٌّ، فتقاضاني وألح عليَّ وأعانه الناس، فلما رأيت ذلك صليت الصبح في مسجد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثمَّ توجهت نحو الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يومئذ بالعُريض (7)، فلما قربت من بابه إذا هو قد طلع على حمار وعليه قميص ورداء، فلما نظرت إليه استحييت منه، فلما لحقني وقف ونظر إليَّ فسلمت عليه - وكان شهر رمضان - فقلت : جعلني اللّه فداك، إنَّ مولاك طيس عليَّ حقاً وقد واللّه شَهرني (8) وأنا أظنُّ في نفسي أنّه يأمره بالكف عنّي، وواللّه ما قلت له كم له علي ولا سمّيت له شيئاً، فأمرني بالجلوس إلى رجوعه، فلم أزل حتّى صليت المغرب وأنا صائم، فضاق صدري وأردت أن أنصرف، فإذا هو قد طلع علي وحوله الناس، وقد قعد له السؤال (9) وهو يتصدَّق عليهم، فمضى ودخل بيته، ثمَّ خرج ودعاني فقمت إليه ودخلت معه، فجلس وجلست فجعلت أحدثه

ص: 561


1- إما أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد أفصح عن إمامته وأحقيته بالخلافة، أو ناظر في الإمامة، أو العلم مطلقاً بشكل لفت إليه الأنظار وفتح العيون.
2- أي الرشيد العبّاسي.
3- أي ليبذل أقصى طاقته في الكيدلي.
4- أي كأن كلّ إصبع بمنزلة مصباحين في الإنارة والضوء.
5- أي تركها وأرخاها وأنزلها.
6- الظاهر أنّه عبد اللّه بن إبراهيم.
7- اسم مكان.
8- أي أنا هرني في شبعة.
9- جمع سائل، وهم الفقراء الّذين يسألون الصدقة.

عن ابن المسيب (1) وكان أمير المدينة وكان كثيراً ما أحدثه عنه، فلما فرغت قال : لا أظنك أفطرت بعد؟ فقلت : لا، فدعا لي بطعام، فوُضِعَ بين يدي، وأمر الغلام أن يأكل معي، فأصبت والغلام من الطعام، فلما فرغنا قال لي : ارفع الوسادة وخذ ما تحتها، فرفعتها وإذا دنانير فأخذتها ووضعتها في كمّي، وأمر أربعة من عبيده أن يكونوا معي حتّى يبلغوني منزلي، فقلت: جعلت فداك إنَّ طائف (2) ابن المسيب يدور وأكره أن يلقاني ومعي عبيدك، فقال لي : أصبت أصاب اللّه بك الرّشاد، وأمرهم أن ينصرفوا إذا رددتهم، فلما قربت من منزلي وآنَسْتُ رددتهم، فصرت إلى منزلي ودعوت بالسراج ونظرت إلى الدنانير وإذا هي ثمانية وأربعون ديناراً، وكان حقٌّ الرَّجل عليَّ ثمانية وعشرين ديناراً، وكان فيها دينار يلوح (3) فأعجبني حسنه فأخذته وقربته من السراج فإذا عليه نقش واضح : حقُّ الرَّجل ثمانية وعشرون ديناراً وما بقي فهو لك؛ ولا واللّه ما عرفت ماله عليّ والحمد للّه ربّ العالمين الّذي أعزّ وليّه.

٥ - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه خرج من المدينة في السنة التي حجّ فيها هارون يريد الحجّ، فانتهى إلى جبل عن يسار الطريق - وأنت ذاهب إلى مكّة - يقال له : فارع (4)، فنظر إليه أبو الحسن ثمَّ قال : باني(5) فارع وهادمه يقطع إربا إرباً(6)، فدم ندر ما معنى ذلك، فلما ولّى (7) وافى هارون ونزل بذلك الموضع، صعد جعفر بن يحيى ذلك الجبل وأمر أن يبنى له ثمَّ (8) مجلس، فلما رجع من مكّة صعد إليه فأمر بهدمه، فلما انصرف (9) إلى العراق قطع إربا إرباً.

٦ - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن حمزة بن القاسم عن إبراهيم بن موسى قال : ألححت على أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شيء أطلبه منه، فكان يعدني، فخرج ذات يوم ليستقبل والي المدينة وكنت معه، فجاء إلى قرب قصر فلان، فنزل تحت شجرات ونزلت معه أنا وليس معنا ثالث فقلت: جُعِلتُ فداك هذا العيد قد

ص: 562


1- واسمه هارون.
2- هو حرس الليل.
3- أي يلمع ويتلالاً.
4- الفارع : العالي المرتفع. وفي بعض النسخ (القارع) وهو بنفس المعنى تقريباً.
5- أي من يبني علي جبل فارع ومن يهدم ما يُبنى.
6- أي عضوا عضواً.
7- أي الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- أي هناك.
9- أي جعفر بن يحيى البرمكي وقصته مشهورة مع نكبة البرامكة.

أظلنا ولا واللّه ما أملك درهماً فما سواه، فحلَّ بسوطه الأرض حكاً شديداً ثمَّ ضرب بيده فتناول منه سبيكة ذهب، ثمَّ قال : انتفع بها واكتم ما رأيت.

7 _ عليّ بن إبراهيم، عن ياسر الخادم والريان بن الصلت جميعاً قال : لما انقضى أمر المخلوع (1)، واستوى الأمر للمأمون كتب إلى الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يستقدمه إلى خراسان، فاعتل (2) عليه أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعلل، فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك حتّى علم أنّه لا محيص له (3) وأنه لا يكف عنه، فخرج (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولأبي جعفر (4) (عَلَيهِ السَّلَامُ) سبع سنين، فكتب إليه المأمون : لا (5) تأخذ على طريق الجبل وقم، وخذ على طريق البصرة والأهواز وفارس حتّى وافي مرو، فعرض عليه المأمون أن يتقلد الأمر والخلافة ؛ فأبى أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : فولاية العهد؟ فقال: على شروط (6) أسألكها، قال المأمون له : سَل ما شئت فكتب الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): أني داخل في ولاية العهد ؛ على أن لا آمر ولا أنهى ولا أفتي ولا أقضي ولا أُولّي ولا أعزل ولا أغير شيئاً ممّا هو قائم وتعفيني من ذلك كله، فأجابه المأمون إلى ذلك كله، قال : فحدَّثني ياسر قال : فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسأله أن يركب ويحضر العيد ويصلّي ويخطب، فبعث إليه الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول هذا الأمر، فبعث إليه المأمون : إنّما أريد بذلك أن تطمئن قلوب النّاس ويعرفوا فضلك، فلم يزل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يراده الكلام في ذلك فالح عليه، فقال : يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحبُّ إليَّ، وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال المأمون : اخرج كيف شئت، وأمر المأمون القوّاد والنّاس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن.

قال : فحدَّثني ياسر الخادم أنّه قعد النّاس لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الطرقات والسطوح، الرّجال والنساء والصبيان، واجتمع القوّاد والجند على باب أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلما طلعت الشمس قام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاغتسل وتعمّم بعمامة بيضاء من قطن ألقى طرفاً منها على صدره وطرفاً بين كتفيه وتشمر، ثمَّ قال لجميع مواليه : افعلوا مثل ما فعلت، ثمَّ أخذ بيده عكازاً، ثمَّ خرج ونحن

ص: 563


1- أي الأمين عندما خلعه أخوه المأمون.
2- أي اعتذر بأعذار.
3- أي أن ليس للإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) مندوحة عن أن يستجيب.
4- أي الإمام الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- «أي لا تسلك هذا الطريق ولعل علة النهي هي كثرة شيعته في ذلك الطريق فخاف توازرهم واجتماعهم عليه» المازندراني 273/7.
6- وذلك بعد أن توعده المأمون وهدّده إن أبى.

بين يديه وهو حاف قد شمّر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمّرة، فلما مشى ومشينا بين يديه، رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات فخيل إلينا أن السماء والحيطان تجاوبه، والقواد والناس على الباب قد تهيؤوا ولبسوا السلاح وتزيّنوا بأحسن الزينة، فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة وطلع الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقف على الباب وقفة، ثمَّ قال: «اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر [ اللّه أكبر على ما هدانا اللّه يكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد اللّه على ما أبلانا» (1) نرفع بها أصواتنا (2) _ قال :ياسر : فتزعزعت (3) مرو بالبكاء والضجيج والصياح لما نظروا إلى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وسقط القوّاد عن دوابهم، ورموا بخفافهم (4) لما رأوا أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) حافياً، وكان يمشي ويقف في كلّ عشر خطوات، ويكبر ثلاث مرّات. قال ياسر : فتخيل إلينا أنّ السّماء والأرض والجبال تجاوبه وصارت مَرْوُ ضجّة واحدة من البكاء. وبلغ المأمون ذلك، فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين(5) : يا أمير المؤمنين إن بلغ الرّضا المصلّى على هذا السبيل افتتن به النّاس والرأي أن تسأله أن يرجع، فبعث إليه المأمون فسأله الرجوع فدعا أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بخفه فلبسه وركب ورجع.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن ياسر قال : لما خرج المأمون من خراسان يريد بغداد، وخرج الفضل ذو الرّياستين وخرجنا مع أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وَرَدَ على الفضل بن سهل ذي الرياستين كتابٌ من أخيه الحسن بن سهل ونحن في بعض المنازل أنّي نظرت في تحويل السنة في حساب النجوم فوجدت فيه أنك تذوق في شهر كذا وكذا يوم الأربعاء حرَّ الحديد وحرَّ النار، وأرى أن تدخل أنت وأمير المؤمنين والرّضا الحمّام في هذا اليوم وتحتجم فيه وتصب على يديك الدَّم ليزول عنك نحسه فكتب ذو الرّياستين إلى المأمون بذلك وسأله أن يسأل أبا الحسن ذلك، فكتب المأمون إلى أبي الحسن يسأله ذلك، فكتب إليه أبو الحسن : لست بداخل الحمام غداً، ولا أرى لك ولا للفضل أن تدخلا الحمّام غداً، فأعاد عليه الرقعة مرتين، فكتب إليه أبو الحسن يا أمير المؤمنين لست بداخل غداً الحمام، فإني رأيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في هذه الليلة في النوم فقال لي: يا عليُّ لا تدخل الحمّام غداً. ولا أرى لك ولا للفضل أن تدخلا الحمام غداً، فكتب إليه المأمون صدقت يا سيدي وصدق رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لست بداخل الحمام غداً

ص: 564


1- أي ما أعطانا.
2- هذا من كلام الراوي.
3- أي اضطربت وتحركت بشدة.
4- جمع خُفَّ. وهو شيء يُلبس في الرَّجل سمّى به لخفته.
5- لقب جعله له المأمون وهما رياسة السيف والقلم.

والفضل أعلم، قال : فقال ياسر : فلما أمسينا وغابت الشمس قال لنا الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قولوا نعوذ باللّه من شرّ ما ينزل في هذه الليلة، فلم نزل نقول ذلك، فلما صلّى الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) الصبح قال لي : اصعد [على] السطح فاستمع هل تسمع شيئاً؟، فلما صعدت سمعت الضجّة والتحمت (1) وكثرت فإذا نحن بالمأمون قد دخل من الباب الّذي كان إلى داره من دار أبي الحسن وهو يقول : يا سيدي يا أبا الحسن آجرك اللّه في الفضل (2)، فإنّه قد أبى وكان دخل الحمام فدخل عليه قوم بالسيوف فقتلوه واخذ ممّن دخل عليه ثلاث نفر كان أحدهم ابن خاله الفضل ابن ذي القلَمين (3). قال : فاجتمع الجند والقوّاد ومن كان من رجال الفضل على باب المأمون فقالوا : هذا اغتاله وقتله - يعني المأمون - ولنطلبنَّ بدمه وجاؤوا بالنيران ليحرقوا الباب فقال المأمون لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا سيدي ترى أن تخرج إليهم وتفرقهم. قال : فقال ياسر : فركب أبو الحسن وقال لي : اركب فركبتُ فلما خرجنا من باب الدار نظر إلى النّاس وقد تزاحموا، فقال لهم بيده تفرقوا تفرقوا. قال :ياسر فأقبل النّاس واللّه يقع بعضهم على بعض وما أشار إلى أحد إلّا ركض ومر.

9 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن مسافر ؛ وعن الوشّاء، عن مسافر قال : لما أراد هارون بن المسيب أن يواقع محمّد بن جعفر (4) قال لي أبو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اذهب إليه وقل له : لا تخرج غداً فإنّك إن خرجت غداً هُزمت وقُتِل أصحابك. فإن سألك من أين علمت هذا فقل : رأيت في المنام (5) قال : فأتيته فقلت له : جعلت فداك لا تخرج : غداً فإنّك إن خرجت هُزمت وقُتل أصحابك. فقال لي : من أين علمت هذا؟ فقلت: رأيت في المنام، فقال : نام العبد (6) ولم يغسل إسته، ثمَّ خرج فانهزم وقتل أصحابه. قال : وحدَّثني مسافر قال : كنت مع أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمنى، فمرَّ يحيى بن خالد فغطي رأسه من الغبار فقال : مساكين لا يدرون ما يحلُّ بهم في هذه السنة ثمَّ قال وأعْجَبُ من هذا هارون وأنا كهاتين - وضم إصبعيه -، قال :مسافر: فواللّه ما عرفت معنى حديثه حتّى دفناه (7) معه

ص: 565


1- أي اختلطت وكثرت.
2- أي أعطاك الأجر في موته.
3- «لقب بذلك لأنه كان عنده ديوان الجند والنظارة للعلة الخاصّة» مرآة المجلسيّ ٨٩/٦.
4- أي يحاربه وهو محمّد بن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان يلقب بالديباج وهو من أئمة الزيدية، وقد خرج على المأمون بالمدينة. وانهزم فخلع نفسه ممّا ادعاه من الإمامة.
5- «يدل على جواز الكذب في المصلحة، مع أنّه يمكن أن يكون (عَلَيهِ السَّلَامُ) علم أنّه رأى في النوم شيئاً هذا تعبيره» مرآة المجلسيّ 92/٦ – 93.
6- أي مسافر وهذا القول استهزاء بما قاله له مسافر.
7- أي دفنا الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في نفس المكان الّذي دفنا فيه هارون الرشيد.

10 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن محمّد القاساني قال: أخبرني بعض أصحابنا أنّه حمل إلى أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) مالاً له خطر (1)، فلم أره سُرَّ به. قال : فاغتممت لذلك وقلت في نفسي : قد حملت هذا المال ولم يسر به، فقال : يا غلام الطست والماء، قال : فقعد على كرسي وقال بيده [ وقال] للغلام : صبَّ عليَّ الماء. قال : فجعل يسيل من بين أصابعه في الطست ذهب، ثمَّ التفت إليَّ فقال لي : من كان هكذا [لا] يبالي بالّذي حملته إليه.

11 - سعد بن عبد اللّه ؛ وعبد اللّه بن جعفر جميعاً، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه عليّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان قال : قُبض عليّ بن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو ابن تسع وأربعين (2) سنة وأشهر في عام اثنين ومائتين (3) عاش بعد موسى بن جعفر عشرين سنة إلّا شهرين أو ثلاثة.

178 - باب مولد أبي جعفر محمّد بن عليّ الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ)

وُلدَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومائة وقبضَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سنة عشرين ومائتين في آخر ذي القعدة وهو ابن خمس وعشرين سنة وشهرين وثمانية عشر يوماً ودُفن ببغداد في مقابر قريش عند قبر جده موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقد كان المعتصم أشخصه إلى بغداد في أوَّل هذه السنة التي توفي فيها (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمه أم ولد يقال لها : سبيكة نوبية وقيل أيضاً : إنّ اسمها كان خيزران (4). وروي أنّها كانت من أهل بيت مارية أم إبراهيم ابن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

١ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان عن عليّ بن خالد _ قال محمّد (5) : وكان (6) زيدياً _ قال : كنت بالعسكر (7) فبلغني أنَّ هناك رجل محبوس أتي به من ناحية الشام

ص: 566


1- كتابة عن المال الوفير والكثير.
2- هذا مناقض لما ذكره (رضیَ اللّهُ عنهُ) في أول الباب من أن عمره الشريف كان يوم توفي خمساً وخمسين سنة فراجع، وموافق لما استصوبه المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) وقد نبهنا عليه آنفا.
3- أيضاً مناقض لما ذكره (رضیَ اللّهُ عنهُ) في أول الباب من أنّه قبض عام ٢٠٣ للهجرة.
4- وقيل كان اسمها درّة.
5- أي ابن حسّان.
6- أي عليّ بن خالد
7- اسم لمدينة سامراء.

مكبولا (1) وقالوا : إنّه تنبّأ (2). قال عليّ بن خالد : فأتيت الباب وداريت البوابين والحجبة حتّى وصلت إليه فإذا رجل له فَهم، فقلت : يا هذا ما قصتك وما أمرك ؟ قال : إنّي كنت رجلاً بالشام أعبد اللّه في الموضع الّذي يقال له : موضع رأس الحسين فبينا أنا في عبادتي إذ أتاني شخص فقال لي قم بنا، فقمت معه فبينا أنا معه إذ أنا في مسجد الكوفة، فقال لي : تعرف هذا المسجد ؟ فقلت : نعم هذا مسجد الكوفة، قال: فصلّى وصليت معه، فبينا أنا معه إذ أنا في مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالمدينة، فسلّم على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وسلّمت وصلّى وصليت معه وصلّى على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فبينا أنا معه إذا أنا بمكّة، فلم أزل معه حتّى قضى مناسكه وقضيت مناسكي معه، فبينا أنا معه إذا أنا في الموضع الّذي كنت أعبد اللّه فيه بالشام ومضى الرَّجل، فلمّا كان العام القابل إذا أنا به فعل فعلته الأولى، فلما فرغنا من مناسكنا وردني إلى الشام وهم بمفارقتي قلت له : سألتك بالحقّ الّذي أقدرك على ما رأيت إلّا أخبرتني من أنت؟، فقال : أنا محمّد بن عليّ بن موسى، قال : فتراقى الخبر (3) حتّى انتهى إلى محمّد بن عبد الملك الزيات (4)، فبعث إليَّ وأخذني وكبّلني في الحديد وحملني إلى العراق، قال : فقلت له : فارفع القصة إلى محمّد عبد الملك، ففعل وذكر في قصته ما كان فوقع في قصته قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ومن الكوفة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكّة وردّك من مكّة إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا.

قال عليّ بن خالد فغمّني ذلك من أمره ورققت له وأمرته بالعزاء والصبر، قال : ثمَّ بكّرت عليه فإذا الجند وصاحب الحرس وصاحب السجن وخلق اللّه (5)، فقلت ما هذا؟ فقالوا : المحمول من الشام الّذي تنبأ افتقد البارحة فلا يُدْرَى أخْسِفَتْ به الأرض أو اختطفه (6) الطير.

٢ - الحسين بن محمّد الأشعريّ قال : حدَّثني شيخ من أصحابنا يقال له : عبد اللّه بن رزين قال : كنت مجاوراً بالمدينة - مدينة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - وكان أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يجيىء في كلّ يوم مع الزوال إلى المسجد، فينزل في الصحن (7) ويصير إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ويسلّم عليه ويرجع إلى بيت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، فيخلع نعليه ويقوم فيصلي فوسوس إليَّ الشيطان، فقال: إذا نزل

ص: 567


1- أي مقيداً مكتوفاً.
2- أي ادعى النبوّة.
3- أي تنوقل وشاع وارتفع.
4- كان وزيرا للمعتصم العبّاسي ثمَّ لابنه الواثق.
5- أي مجتمعون.
6- الاختطاف الأخذ بسرعة وخفية.
7- أي باحة المسجد.

فاذهب حتّى تأخذ من التراب الّذي يطأ عليه، فجلست في ذلك اليوم أنتظره لأفعل هذا (1)، فلمّا أن كان وقت الزوال أقبل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على حمار له، فلم ينزل في الموضع الّذي كان ينزل فيه وجاء حتّى نزل على الصخرة التي على باب المسجد ثمَّ دخل فسلّم على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال : ثمَّ رجع إلى المكان الّذي كان يصلّي فيه ففعل هذا أياماً، فقلت: إذا خلع نعليه جئت فأخذت الحصا الّذي يطأ عليه بقدميه، فلما أن كان من الغد جاء عند الزَّوال فنزل على الصخرة ثمَّ دخل فسلّم على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثمَّ جاء إلى الموضع الّذي كان يصلّي فيه فصلّى في نعليه ولم يخلعهما حتّى فعل ذلك أياماً، فقلت في نفسي : لم يتهيأ (2) لي ههنا، ولكن أذهب إلى باب الحمّام فإذا دخل إلى الحمّام أخذت من التراب الّذي يطأ عليه، فسألت عن الحمام الّذي يدخله، فقيل لي : إنّه يدخل حماماً بالبقيع لرجل من ولد طلحة، فتعرفت اليوم الّذي يدخل فيه الحمّام وصرت إلى باب الحمّام وجلست إلى الطلحي أحدثه وأنا أنتظر مجيئه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال الطلحي : إن أردت دخول الحمام، فقم فادخل فإنّه لا يتهيأ لك ذلك بعد ساعة، قلت ولم؟ قال: لأنَّ ابن الرّضا (3) يريد دخول الحمام قال : قلت : ومن ابن الرّضا؟ قال: رجل من آل محمّد له صلاح وورع قلت له : ولا يجوز أن يدخل معه الحمّام غيره؟ قال نخلي له الحمّام إذا جاء. قال : فبينا أنا كذلك إذ أقبل (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعه غلمان له وبين يديه غلام معه حصير حتّى أدخله المسلخ فبسطه، ووافى فسلّم ودخل الحجرة على حماره ودخل المسلخ ونزل على الحصير، فقلت للطلحي : هذا الّذي وصفته بما وصفت من الصلاح والورع ؟! فقال : يا هذا لا واللّه ما فعل هذا قطَّ إلّا في هذا اليوم، فقلت في نفسي : هذا من عملي أنا جنيته، ثمَّ قلت : أنتظره حتّى يخرج فلعلّي أنال ما أردت إذا خرج، فلما خرج وتلبس دعا بالحمار فأدخل المسلخ وركب من فوق الحصير وخرج (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقلت في نفسي : قد واللّه آذيته ولا أعود [ولا] أروم ما رمت منه أبداً وصح عزمي على ذلك، فلمّا كان وقت الزوال من ذلك اليوم أقبل على حماره حتّى نزل في الموضع الّذي كان ينزل فيه في الصحن فدخل وسلّم على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وجاء إلى الموضع الّذي كان يصلّي فيه في بيت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وخلع نعليه وقام يصلّي.

3 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عليّ بن أسباط قال : خرج (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليّ فنظرت إلى رأسه ورجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فبينا أنا كذلك حتّى قعد وقال يا علي إنّ

ص: 568


1- أي أخذ التراب الّذي يطأ عليه.
2- أي لم يتيسر لي تحقيق هدفي ههنا.
3- أي الإمام الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

اللّه احتج في الإمامة بمثل ما احتج في النبوّة، فقال : (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (1) ؛ وقال: (ولما بَلَغَ أَشُدَّهُ) (2). (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) (3) فقد يجوز أن يؤتى الحكم صبياً ويجوز أن يُعطاها وهو ابن أربعين سنة.

٤ - عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن الرَّيَّان قال : احتال المأمون على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) بكلّ حيلة (4)، فلم يمكنه فيه شيء، فلما اعتل (5) وأراد أن يبني عليه ابنته (6) دفع إلى مائتي وصيفة من أجمل ما يكون إلى كلّ واحدة منهنَّ جاماً (7) فيه جوهر يستقبلن أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا قعد في موضع الأخيار (8). فلم يلتفت إليهنَّ وكان رجل يقال له : مخارق صاحب صوت وعود وضرب طويل اللحية، فدعاه المأمون فقال : يا أمير المؤمنين إن كان في شيء من أمر الدُّنيا فأنا أكفيك أمره، فقعد بين يدي أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فشَهَق مخارق شهقة اجتمع عليه أهل الدار، وجعل يضرب بعوده ويغنّي، فلما فعل ساعة وإذا أبو جعفر لا يلتفت إليه لا يميناً ولا شمالاً، ثمَّ رفع إليه رأسه وقال : اتق اللّه يا ذا العثنون(9). قال: فسقط المضراب من يده والعود فلم ينتفع بيديه إلى أن مات. قال : فسأله المأمون عن حاله، قال : لما صاح بي أبو جعفر فزعتُ فزعة لا أفيق منها أبداً.

5 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن داود بن القاسم الجعفري قال : دخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعي ثلاث رقاع (10) غير معنونةٍ، واشتبهت عليَّ، فاغتممتُ، فتناول إحداهما وقال : هذه رقعة زياد بن شبيب، ثمَّ تناول الثانية، فقال هذه رقعة فلان فبهتُ أنا فنظر إلى فتبسم، قال : وأعطاني ثلاثمائة دينار وأمرني أن أحملها إلى بعض بني عمه، وقال: أما إنّه سيقول لك : دلّني على حريف (11) يشتري لي بها متاعاً، فدلّه عليه، قال : فأتيته بالدنانير فقال

ص: 569


1- مريم / ١٢.
2- یوسف/ ٢٢.
3- الأحقاف / ١٥ وقد تقدم مضمون هذا الحديث في باب حالات الأئمّة في السن وعلقنا عليه هناك.
4- «أي في نقص قدره (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإدخاله فيما هو فيه من اللهو والفسوق» مرآة المجلسيّ ١٠١/٦.
5- «أي عجز عن الحيلة كأنه صار عليلاً، أو علىّ بناء المجهول أي : عُوِّق ومُنع من ذلك» ن. م.
6- أي يزوجها للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهي أم الفضل.
7- «الجام: طبق أبيض من زجاج أو فضة» المازندراني ٢٨٤/٧.
8- «أي الخلوة حين العبادة. مرآة المجلسيّ ١٠١/٦ وفي بعض النسخ في موضع (الأخبار) أي محل حضور الجند ومجلس ديوان المأمون... وأقول : وكلاهما تصحيف، والظاهر الأختان جمع الختن كما في نسخ مناقب ابن شهر آشوب» ن. م.
9- أي اللحية.
10- جمع رقعة.
11- الّذي يعامل في الحرفة.

لي : يا أبا هاشم دلّني على حريف يشتري لي بها متاعاً، فقلت : نعم.

قال : وكلّمني جمال أن أكلمه له يدخله في بعض أموره، فدخلت عليه لأكلّمه له فوجدته يأكل ومعه جماعة ولم يمكني كلامه، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا أبا هاشم كُل، ووضع بين يديَّ ثمَّ قال - ابتداء منه من غير مسألة - : يا غلام انظر إلى الجمّال الّذي أتانا به أبو هاشم فضمه إليك، قال : ودخلت معه ذات يوم بستاناً فقلت له : جعلت فداك إني لمولع (1) بأكل الطين، فادع اللّه لي، فسكت ثمَّ قال [لي] بعد [ ثلاثة] أيّام - ابتداءً منه - : يا أبا هاشم قد أذهب اللّه عنك أكل الطين، قال أبو هاشم: فما شيء أبغض إليَّ منه اليوم.

٦ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن حمزة الهاشمي، عن عليّ بن محمّد ؛ أو (2) محمّد بن عليّ الهاشمي قال : دخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) صبيحة عرسه حيث بنى بابنة المأمون، وكنت تناولت من الليل دواء فأوَّلُ من دخل عليه في صبيحته أنا، وقد أصابني العطش وكرهت أن أدعو بالماء، فنظر أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في وجهي وقال : أظنك عطشان؟ فقلت أجل، فقال : يا غلام أو (3) جارية اسقنا ماء فقلت في نفسي : الساعة يأتونه بماء يَسُمُّونه (4) به، فاغتممت لذلك، فأقبل الغلام ومعه الماء فتبسم في وجهي ثمَّ قال : يا غلام ناولني الماء فتناول الماء، فشرب ثمَّ ناولني فشربت، ثمَّ عطشت أيضاً وكرهت أن أدعو بالماء ففعل ما فعل في الأولى، فلما جاء الغلام ومعه القدح قلت في نفسي مثل ما قلت في الأولى، فتناول القدح، ثمَّ شرب فناولني وتبسّم.

قال محمّد بن حمزة : فقال لي هذا الهاشمى : وأنا أظنّه كما يقولون (5).

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه قال : استأذن على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوم من أهل النواحي (6) من الشيعة، فأذن لهم فدخلوا فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7) وله عشر سنين.

ص: 570


1- أي مغرم.
2- الترديد من الراوي.
3- الترديد من الراوي أيضاً.
4- أي يدسون له السم فيه.
5- أنا أيضا أظن أنّه يعلم ما في النفوس أو إنّه إمام كما تقول الشيعة.
6- أي ممّن يغدون إلى الحج من الأماكن البعيدة وهم أهل الآفاق.
7- لما كان هذا العدد من الأسئلة والأجوبة ممّا لا يمكن لزمن قصير في جلسة واحدة أن يستوعبه خرّجه المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) في مراته ١٠٤/٦ - ١٠٥ بعدة وجوه منها : أن الكلام محمول على المبالغة في كثرة الأسئلة والأجوبة. ومنها: أن يكون في أذهان القوم أسئلة كثيرة متشابهة يكفي عنها كلها جواب واحد منه (عَلَيهِ السَّلَامُ). ومنها: أن يكون إشارة إلى كثرة ما يستنبط من كلماته الموجزة من الأحكام. ومنها : أن يكون المراد من وحدة المجلس الوحدة النوعية كمنى ولو في أيّام متعددة. الخ.

8 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الحكم، عن دعبل بن عليّ(1) أنّه دخل على أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمر له بشيء فأخذه ولم يحمد اللّه، قال : فقال له : لم لم تحمد اللّه ؟ قال : ثمَّ دخلت بعد على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمر له بشيء فقلت : الحمد اللّه فقال لي : تأدبت (2).

9 - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، عن محمّد بن سنان قال: دخلت على أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا محمّد حدث بآل فَرَج حدث، فقلت مات عمر (3)، فقال : الحمد اللّه، حتّى أحصيت له أربعاً وعشرين مرة، فقلت : يا سيدي لو علمت أنَّ هذا يسرك لجئت حافياً أعدو إليك قال يا محمّد أو لا تدري ما قال لعنه اللّه لمحمّد بن عليّ أبي (4) ؟ قال قلت : لا، قال : خاطبه في شيء فقال : أظنك سكران فقال أبي : اللّهمّ إن كنت تعلم أنّي أمسيت لك صائماً فأذِقْهُ طعم الحَرَب (5) وذُلَّ الأسر، فواللّه إن ذهبت الأيام حتّى حُرب ماله وما كان له، ثمَّ أخذ أسيراً وهو ذا قد مات _ لا رحمه اللّه _ وقد أدال اللّه عزّ وجل منه (6)، وما زال يديل أولياءه على أعدائه (7).

10 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان، عن أبي هاشم الجعفري قال : صليت مع أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مسجد المسيب، وصلى بنا في موضع القبلة سواء (8)، وذكر أنَّ السِّدرة (9) التي في المسجد كانت يابسة ليس عليها ورق، فدعا بماء وتهيّا (10) تحت السدرة فعاشت السدرة

ص: 571


1- هو الخزاعي شاعر الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومادحه.
2- أي بتأديب أبي الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) لك.
3- هو عمر بن فرج الرخجي والي المتوكل العبّاسي على المدينة وقد ذاق العلويون في أيامه ألوان العذاب والضيق.
4- أي الإمام الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذا يدل على أن المراد بأبي الحسن هنا هو الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- حَرَبه : إذا نهب ماله وتركه ولا شيء عنده فهو حريب.
6- أي من عمر بن فرج.
7- «الإدالة من الدولة وهي الانتقال من حال الشدة إلى الرخاء، والإدالة الغلبة، يقال: أديل لنا على أعدائنا أي نصرنا عليهم والدولة لنا» المازندراني ٢٩٠/٧.
8- «أي لم ينحرف عن القبلة لصحتها، أو لم يدخل المحراب الداخل كما يفعل المخالفون... أو كان الموضع الّذي قام عليه وسطاً مستوي النسبة إلى الجانبين» مرآة المجلسيّ ١٠٧/٦.
9- هي شجرة النبق.
10- أي استعد للوضوء أو للصلاة بفعله الوضوء تحتها.

وأورقت وحملت من عامها.

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحجّال (1) وعمرو بن عثمان، عن رجل من أهل المدينة عن المُطْرَفي قال : مضى أبو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولي عليه أربعة آلاف درهم، فقلت في نفسي : ذهب مالي، فأرسل إليَّ أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا كان غداً فأتني وليكن معك ميزان وأوزان (2)، فدخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال لي : مضى أبو الحسن ولك عليه أربعة آلاف درهم؟ فقلت : نعم فرفع المصلّى الّذي كان تحته فإذا تحته دنانير فدفعها إليَّ.

12 - سعد بن عبد اللّه والحميري جميعاً عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان قال : قبض محمّد بن عليّ وهو ابن خمس وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثني عشر يوماً (3)، تُوفّي يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجّة (4) سنة عشرين ومائتين، عاش بعد أبيه تسعة عشر سنة إلّا خمساً وعشرين يوماً.

179 - باب مولد أبي الحسن عليّ بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) [والرضوان]

وُلِدَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) للنصف من ذي الحجّة سنة اثنتي عشرة ومائتين. وروي أنّه ولد (عَلَيهِ السَّلَامُ) في رجب سنة أربع عشرة ومائتين، ومضى لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومائتين. وروي أنّه قبض (عَلَيهِ السَّلَامُ) في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين وله أحد وأربعون سنة وستة أشهر. وأربعون سنة على المولد الآخر الّذي روي (5)، وكان المتوكل أشخصه مع يحيى بن هرثمة (6) بن أعين من المدينة إلى سرّ من رأى، فتوفّي بها (عَلَيهِ السَّلَامُ) ودفن في داره. وأمه أم ولد يقال لها : سمانة (7).

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد عن الوشّاء، عن خيران الأسباطي قال:

ص: 572


1- واسمه عبد اللّه بن محمّد.
2- وهي قطع من حديد أو غيره يوزن بها.
3- كان قد ذكر (رضیَ اللّهُ عنهُ) في أول الباب فقال : وشهرين وثمانية عشر يوماً فراجع.
4- كان قد ذكر (رضیَ اللّهُ عنهُ) أيضاً في أول الباب أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قبض في آخر ذي القعدة فراجع.
5- أي على الرواية الثانية لمولده.
6- من أسماء الأسد.
7- وقيل بأن أمه أم الفضل بنت المأمون.

قدمت على أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) المدينة فقال لي : ما خبر الواثق عندك (1)؟ قلت : جعلت فداك خلّفته في عافية، أنا من أقرب النّاس عهداً به عهدي به منذ عشرة أيّام، قال : فقال لي : إنَّ أهل المدينة يقولون : إنّه مات، فلما أن قال لي : «الناس» علمت أنّه هو (2)، ثمَّ قال لي : ما فعل جعفر (3)؟ قلت تركته أسوء النّاس حالاً في السجن، قال : فقال : أما إنّه صاحب الأمر (4)، ما فعل ابن الزّيات (5)؟ قلت : جعلت فداك النّاس معه والأمر أمره، قال : فقال : أما إنّه شوم عليه، قال : ثمَّ سكت وقال لي : لا بدَّ أن تجري مقادير اللّه تعالى وأحكامه، يا خيران: مات الواثق وقد قعد المتوكّل جعفر، وقد قُتِلَ ابن الزّيّات، فقلت: متى جعلت فداك ؟ قال : بعد خروجك (6) بستة أيام.

2 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، عن يحيى عن صالح بن سعيد قال : دخلت على أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : جعلت فداك في كلّ الأمور أرادوا (7) إطفاء نورك والتقصير بك، حتّى أنزلوك هذا الخان الأشنع، خان الصعاليك ؟ فقال : ههنا أنت يا ابن سعيد (8)؟ ثمَّ أومأ بيده وقال : انظر فنظرت، فإذا أنا بروضات آنقات (9) وروضات باسرات (10)، فيهنَّ خيرات عطرات وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون، وأطيار وظباء وأنهار تفور، فحار بصري وحسرت (11) عيني، فقال : حيث كنا فهذا لنا عتيد (12)، لسنا في خان الصعاليك.

٣ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، عن عليّ بن محمّد، عن إسحاق الجلاب قال : اشتريت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) غنماً كثيرة، فدعاني

ص: 573


1- أي في سامراء والواثق هو ابن المعتصم العبّاسي.
2- «أي إنّه لما نسب القول إلى أهل المدينة ولم يعيّن أحداً علمت أنّه تورية ويقول ذلك بعلمه بالمغيبات» مرآة المجلسيّ ١١٣/٦.
3- أي أخو الواثق. وقد لقب بالمتوكل.
4- أي صاحب الملك بعد أخيه. وهكذا كان، حيث نصبه النّاس ملكاً وتركوا ابن الواثق واسمه محمّد لصغر سنه.
5- هو محمّد بن عبد الملك كان وزيراً للواثق وللمتوكل من بعده وقد فُوضت إليه الأمور، وقتله المتوكل العبّاسي.
6- أي من سامراء.
7- أي الملوك الطغاة من بني العبّاس أو مطلقاً.
8- «أي أنت في هذا المقام من معرفتنا فتظن أن هذه الأمور تنقص في قدرنا وأن تمتعنا منحصر في هذه الأمور التي منعونا منها» مرآة المجلسيّ ١١٤/٦.
9- أي مفرحات مبهجات.
10- أي ابتدأ ثمرها يظهر والبشر أول ظهور ثمر النخل. وفي بعض النسخ (ياسرات) أي منبسطات.
11- أي كلّت.
12- أي مُعَدّ مهيّاً.

فأدخلني من اصطبل داره إلى موضع واسع لا أعرفه، فجعلت أفرق تلك الغنم فيمن أمرني به، فبعث إلى أبي جعفر (1) وإلى والدته وغيرهما ممّن أمرني، ثمَّ استأذنته في الانصراف إلى بغداد إلى والدي وكان ذلك التروية (2)، فكتب إليَّ : تقيم غداً عندنا ثمَّ تنصرف. قال : فأقمت يوم فلما كان يوم عرفة أقمت عنده وبت ليلة الأضحى في رواق له، فلما كان في السحر أتاني فقال : يا إسحاق قم، قال : فقمت ففتحت عيني فإذا أنا على بابي ببغداد قال : فدخلت على والدي وأنا في أصحابي، فقلت لهم عرفت بالعسكر (3) وخرجت ببغداد إلى العيد.

٤ - عليّ بن محمّد، عن إبراهيم بن محمّد الطاهري قال: مرض المتوكل من خُراج (4) خرج به وأشرف منه على الهلاك، فلم يجسر أحد أن يمسه بحديدة(5)، فنذرت أمه إن عوفي أن تحمل إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد مالاً جليلاً من مالها. وقال له الفتح بن خاقان(6): لو بعثت إلى هذا الرَّجل فسألته فإنه لا يخلو أن يكون عند صفة يفرّج بها عنك، فبعث إليه ووصف له علّته فردَّ إليه الرَّسول بأن يؤخذ كُسْبُ الشاة (7) فيداف (8) بماء ورد فيوضع عليه، فلما رجع الرَّسول فأخبرهم أقبلوا يهزؤون من قوله فقال له الفتح : هو واللّه أعلم بما قال وأحضر الكُسْبَ وعمل كما قال ووضع عليه فغلبه النوم وسكن، ثمَّ انفتح وخرج منه ما كان فيه وبشرت أمه بعافيته، فحملت إليه عشرة آلاف دينار تحت خاتمها، ثمَّ استقلَّ من علته (9) فسعى إليه (10) البطحائي العلوي بأنّ أموالاً تحمل إليه (11) وسلاحاً، فقال لسعيد الحاجب : اهجم عليه بالليل وخذ ما تجد عنده من الأموال والسلاح واحمله إليَّ، قال إبراهيم بن محمّد : فقال لي سعيد الحاجب صرت إلى داره بالليل ومعي سلّم فصعدت السطح، فلما نزلت على بعض الدرج

ص: 574


1- كنية ولده الأكبر محمّد وقد توفي في حياة أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- هو اليوم الثامن من ذي الحجّة سمي بذلك لأن الحجيج كانوا يتروّون فيه بالماء لما بعد. وقيل: لأن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يتروى ويتفكر في رؤياه وفي التاسع عرف وفي العاشر استعمل.
3- أي قضيت يوم عرفة وهو يوم التاسع من ذي الحجّة في سامراء.
4- أي من دمل وقروح وبثور متقيحة.
5- لعل الحديدة كانت تستعمل للكي.
6- هو تركي الأصل، مولى للمتوكل وممن لهم الدالة عليه
7- خلاصة دهنه، أو ثفله.
8- أي يمزج ويخلط.
9- هذا تعبير عن القلة في الأصل أريد به هنا الشفاء الكامل.
10- أي نمَّ البطحائي للمتوكل. والبطحائي هو محمّد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان مع أبيه وجده مؤيدين لبني العبّاس دون سائر الطالبيين.
11- أي إلى الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).

في الظلمة لم أدر كيف أصل إلى الدار، فناداني يا سعيد مكانك حتّى يأتوك بشمعة، فلم ألبث أن أتوني بشمعة فنزلت فوجدته عليه جبّة صوف وقلنسوة منها وسجادة على حصير بين يديه، فلم أشك أنّه كان يصلّي، فقال لي : دونك البيوت فدخلتها وفتشتها فلم أجد فيها شيئاً ووجدت البدرة في بيته مختومة بخاتم أمّ المتوكل وكيساً مختوماً وقال لي : دونك المصلى، فرفعته فوجدت سيفاً في جفن غير ملبس، فأخذت ذلك وصرت إليه، فلما نظر إلى خاتم أمه على البدرة بعث إليها فخرجت إليه، فأخبرني بعض خدم الخاصّة أنّها قالت له : كنت قد نذرت في علتك لما أيست منك إن عوفيت حملت إليه من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها إليه وهذا خاتمي على الكيس وفتح الكيس الآخر فإذا فيه أربعمائة دينار فضم إلى البدرة بدرة أخرى وأمرني بحمل ذلك [إليه] فحملته ورددت السيف والكيسين وقلت له : يا سيدي عزَّ علي(1)، فقال لي : ([و] سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (2).

٥ - الحسين بن محمّد، عن المعلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، عن عليّ بن محمّد النوفليّ قال : قال لي محمّد بن الفرج : إنَّ أبا الحسن كتب إليه : يا محمّد اجمع أمرك وخذ حِذْرَك (3)، قال : فأنا في جمع أمري [و] ليس أدري ما كتب إليَّ (4)، حتّى ورد علي رسول حملني من مصر مقيداً وضرب على كلّ ما أملك (5)، وكنت في السجن ثمان سنين.. ثمَّ ورد عليّ منه في السجن كتاب فيه : يا محمّد لا تنزل في ناحية الجانب الغربي (6)، فقرأت الكتاب فقلت : يكتب إليّ بهذا وأنا في السجن إن هذا العجب، فما مكثت أن خُلّي عنّي والحمد للّه.

قال : وكتب إليه محمّد بن الفرج يسأله عن ضياعه، فكتب إليه سوف تردُّ عليك وما يضرك أن لا ترد عليك، فلما شخص محمّد بن الفرج إلى العسكر كتب إليه بردّ ضياعه ومات قبل ذلك، قال : وكتب أحمد بن الخضيب (7) إلى محمّد بن الفرج يسأله الخروج إلى العسكر، فكتب إلى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يشاوره فكتب إليه : أخرج فإنّ فيه فرجك إن شاء اللّه تعالى، فخرج، فلم يلبث إلّا يسيراً حتّى مات

ص: 575


1- أي عظم علي دخول دارك من دون إذن وتفتيشه.
2- الشعراء 227. والمنقلب المصير.
3- أي احتط لنفسك واحترز. ومحمّد هو أخو عليّ بن فرج الّذي ذكر سابقاً ولكنه لم يكن كأخيه في الشقاوة والظلم.
4- أي لم أفهم مقصوده فيما كتب لي من تحذير.
5- أي احتجزه وقبض عليه.
6- أي من بغداد أو البلد الّذي كان سجيناً فيه، وذلك بعد إطلاق سراحه.
7- كان من قادة الجند عند المتوكل، وأصبح وزيراً في دولة المنتصر العبّاسي.

٦ - الحسين بن محمّد، عن رجل، عن أحمد بن محمّد قال : أخبرني أبو يعقوب قال : رأيته - يعني محمّداً (1) _ قبل موته بالعسكر في عشيّة وقد استقبل أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فنظر إليه واعتلَّ من غد، فدخلت إليه عائداً بعد أيّام من علّته وقد ثقل، فأخبرني أنّه بعث إليه بثوب فأخذه وأدرجه ووضعه تحت رأسه قال فكفَن فيه. قال :أحمد قال أبو يعقوب : رأيت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع ابن الخضيب فقال له ابن الخضيب سر جعلت فداك، فقال له : أنت المقدَّم (2). فما لبث إلّا أربعة أيّام حتّى وُضعَ الدَّهَق (3) على ساق ابن الخضيب ثمَّ نُعي، قال (4): وروى (5) عنه حين ألح عليه ابن الخضيب في الدار التي يطلبها منه (6)، بعث إليه لأقعدن بك (7) من اللّه عزّ وجلّ مقعداً لا يبقى لك باقية. فأخذه اللّه عزّ وجلّ في تلك الأيام.

7 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا قال : أخذت نسخة كتاب المتوكل (8) إلى أبى الحسن الثالث (عَلَيهِ السَّلَامُ) من يحيى بن هرثمة في سنة ثلاث وأربعين ومائتين وهذه نسخته :

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم أما بعد، فإن أمير المؤمنين عارف بقدرك، راع لقرابتك، موجب لحقك، يقدّر من الأمور فيك وفي أهل بيتك ما أصلح اللّه به حالك وحالهم وثبت به عزَّك وعزّهم وأدخل اليمن والأمن عليك وعليهم، يبتغي بذلك رضاء ربه، وأداء ما افترض عليه فيك وفيهم. وقد رأى أمير المؤمنين صرف عبد اللّه بن محمّد عمّا كان يتولاه من الحرب والصلاة بمدينة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، إذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقك، واستخفافه بقدرك، وعندما قَرَفَكَ به (9) ونسبك إليه من الأمر الّذي قد علم أمير المؤمنين براءتك منه، وصدق نيتك في ترك محاولته، وأنك لم تؤهّل نفسك له، وقد ولّى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمّد بن الفضل، وأمره بإكرامك وتبجيلك والانتهاء إلى أمرك ورأيك، والتقرب إلى اللّه وإلى أمير المؤمنين بذلك،

ص: 576


1- أي محمّد بن الفرج.
2- أي في الموت.
3- «الدَّهَق : - كما في القاموس - خشبتان يغمز بهما الساق» وجاء في بعض كتب اللغة : الدهَقَ : خشبتان يغمز بهما ساق المجرمين وهو ضَرْبٌ من العذاب.
4- أي أحمد.
5- أي أبو يعقوب.
6- أي كان ابن الخضيب يطلب منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) داره التي كان يسكنها.
7- أي للدعاء عليك.
8- كتاب المتوكل العبّاسي هذا كان جواباً علي كتاب بعث به الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليه يعرض فيه سعاية والي حربه على المدينة وقصده إيقاع الأذى به (عَلَيهِ السَّلَامُ) مكذباً له في سعايته تلك مبيناً تحامله عليه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
9- أي عند الشيء الّذي اتهمك به. والظاهر أنّه كان اتهامه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بتصديه للإمامة وجباية الأموال وجمع السلاح للخروج على المتوكل.

وأمير المؤمنين مشتاق إليك يحبُّ إحداث العهد بك والنظر إليك، فإن نشطت لزيارته والمقام قِبَلَه ما رأيت (1) شخصت ومن أحببت من أهل بيتك ومواليك وحشمك (2) على مهلة وطمأنينة، ترحل إذا شئت وتنزل إذا شئت وتسير كيف شئت وإن أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين ومن معه من الجند مشيعين لك، يرحلون برحيلك ويسيرون بسيرك، والأمر في ذلك إليك حتّى توافي أمير المؤمنين، فما أحد من إخوته وولده وأهل بيته وخاصته ألطف منه منزلة ولا أحمد له أثرة ولا هو لهم أنظر وعليهم أشفق وبهم أبر وإليهم أسكن منه إليك إن شاء اللّه تعالى والسلام عليك ورحمة اللّه وبركاته ؛ وكتب إبراهيم بن العبّاس (3) وصلّى اللّه على محمّد وآله وسلّم.

8 _ الحسين بن الحسن الحسني قال : حدَّثني أبو الطيب المثنى يعقوب بن ياسر قال : كان المتوكل يقول : وَيْحَكُمْ قد أعياني (4) أمر ابن الرضا(5)، أبى أن يشرب معي (6) أو ينادمني أو أجد منه فرصة في هذا، فقالوا له : فإن لم تجد منه فهذا أخوه موسى (7) قصاف عزّاف (8) يأكل ويشرب ويتعشق، قال : إبعثوا إليه فجيئوا به حتّى نموّه به على النّاس ونقول ابن الرضا(9)، فكتب إليه واشخص مكرما وتلقاه جميع بني هاشم والقواد والناس على أنّه إذا وافى أقطعه قطيعة (10) وبنى له فيها وحول الخمّارين والقيان إليه ووصله وبره وجعل له منزلاً سرياً (11) حتّى يزوره هو فيه، فلما وافى موسى تلقاه أبو الحسن في قنطرة وصيف وهو موضع يتلقى فيه القادمون، فسلّم عليه ووفّاه حقه، ثمَّ قال له : إنَّ هذا الرَّجل قد أحضرك ليهتكك ويضع منك (12)، فلا تقر له أنك شربت نبيذاً قط، فقال له موسى : فإذا كان دعاني لهذا فما حيلتي؟

ص: 577


1- أي ما اخترت.
2- أي خاصتك.
3- هذا أحد كتاب المتوكل.
4- أي أتعبني وأعجزني.
5- أي الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي المسكر والمنادمة : المجالسة على الشراب.
7- هو ابن الإمام الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يلقب بالمبرقع مدفون بقم.
8- قصاف أي مقيم على الأكل والشرب، وعزّاف كثير العزف على آلات الطرب. وقيل : القصف : اللهو واللعب وهو أعم من العزف.
9- أي نلبس به عليهم، والقصد منه الانتقاص من أهل البيت بسببه. وعلى الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالخصوص لأنه سوف يقدّم إلى النّاس على أنّه ابن الرضا فيلتبس الأمر على النّاس ويظنون أنّه الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
10- أي يعطيه أرضاً من أرض الخراج.
11- أي فخماً نفيساً.
12- أي يحط من قدرك.

قال : فلا تضع من قدرك ولا تفعل فإنّما أراد هتكك، فأبى عليه فكرر عليه. فلما رأى أنّه لا يجيب قال : أما إنَّ هذا مجلس لا تجمع أنت وهو عليه أبداً، فأقام ثلاث سنين، يبكر كلّ يوم فيقال له : قد تشاغل اليوم فرح فيروح، فيقال : قد سكر فبكر، فيبكر فيقال: شرب دواء، فما زال على هذا ثلاث سنين حتّى قتل المتوكل ولم يجتمع معه عليه.

9 - بعض أصحابنا، عن محمّد بن عليّ قال : أخبرني زيد بن عليّ بن الحسن (1) بن زيد قال : مرضت فدخل الطبيب عليَّ ليلا فوصف لي دواء بليل آخذه كذا وكذا يوماً فلم يمكنّي (2)، فلم يخرج الطبيب من الباب حتّى ورد علي نصر بقارورة فيها ذلك الدَّواء بعينه فقال لي : أبو الحسن يقرئك السّلام ويقول لك خذ هذا الدواء كذا وكذا يوماً فأخذته فشربته فبرئت قال محمّد بن عليّ : قال لي زيد بن عليّ يأبى الطاعن (3) أين الغلاة عن هذا الحديث (4).

180 - باب مولد أبي محمّد الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)

وُلِدَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شهر [ رمضان وفي نسخة أخرى في شهر] ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين (5). وقبض (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأوّل سنة ستين ومائتين وهو ابن ثمان وعشرين سنة، ودفن في داره في البيت الّذي دفن فيه أبوه بسر من رأى وأمه أم ولد يقال لها حديث [ وقيل : سوسن ](6).

١ _ الحسين بن محمّد الأشعريّ ومحمّد بن يحيى وغيرهما قالوا : كان أحمد بن عبيد اللّه بن خاقان (7) على الضياع والخراج بقم، فجرى في مجلسه يوماً ذكر العلوية ومذاهبهم وكان

ص: 578


1- الظاهر أن هنا تصحيفاً، والصحيح هو الحسين كما في كتاب الإرشاد للمفيد (رضیَ اللّهُ عنهُ).
2- أي لم أتمكن من العثور على الدواء الّذي وصفه تلك الليلة.
3- أي يمتنع المبغض لأهل البيت عن قبول هذا الحديث.
4- أي «الواصفون للأئمة بصفات الإلوهية حتّى يتمسكوا به على مذهبهم ويشبهوا على النّاس بأنهم يعلمون الغيب ولا يعلم الغيب إلّا اللّه وهو باطل لأن علم الغيب من غير تعلم ووحي وإلهام من صفات اللّه تعالى، وكل الأنبياء والأوصياء كانوا يعلمون بعض الغيوب بوحيه أو بإلهامه سبحانه» مرآة المجلسيّ ١٣١/٦.
5- وهنالك قول ذكره المفيد (رضیَ اللّهُ عنهُ) في الإرشاد بأن ولادته كانت سنة 230 للهجرة. وقول آخر بأنها كانت سنة ٢٣١ هجرية.
6- وقيل : اسمها جريبة وقيل : سليل.
7- كان وزيراً للمعتمد العبّاسي.

شديد النصب (1) فقال: ما رأيت ولا عرفت بسر من رأى رجلاً من العلوية مثل الحسن ابن عليّ بن محمّد بن الرّضا في هَدْيه (2) وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته، وبني هاشم، وتقديمهم إياه على ذوي السنّ منهم والخطر، وكذلك القوَّاد والوزراء وعامة الناس، فإنّي كنت يوماً قائماً على رأس أبي وهو يوم مجلسه للناس إذ دخل عليه حجابه فقالوا : أبو محمّد ابن الرضا بالباب، فقال بصوت عال : ائذنوا له، فتعجبت ممّا سمعت منهم أنهم جسر وا (3) يكنون رجلاً على أبي بحضرته ولم يكن عنده إلّا خليفة أو ولي عهد أو من أمر السلطان أن يُكنّى، فدخل رجل أسمر، حسن القامة، جميل الوجه، جيّد البدن حدث السنّ له جلالة وهيبة، فلما نظر إليه أبي قام يمشي إليه خُطاً ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم والقوَّاد، فلما دنا منه عانقه وقبل وجهه وصدره وأخذ بيده وأجلسه على مصلاه الّذي كان عليه وجلس إلى جنبه مقبلاً عليه بوجهه وجعل يكلّمه ويفديه بنفسه وأنا متعجب ممّا أرى منه إذ دخل [عليه] الحاجب فقال : الموفق (4) قد جاء وكان الموفّق إذا دخل على أبي، تقدَّم حجّابه وخاصّة قواده، فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سماطين (5) إلى أن يدخل ويخرج، فلم يزل أبي مقبلاً على أبي محمّد يحدّثه حتّى نظر إلى غلمان الخاصّة (6)، فقال حينئذ : إذا شئت (7) جعلني اللّه فداك. قال لحجّابه : خذوا به خلف السماطين حتّى لا يراه هذا _ يعني الموفّق، فقام وقام أبي وعانقه ومضى، فقلت لحجاب أبي وغلمانه : وَيْلَكُم من هذا الّذي كنيتموه على أبي وفعل به أبي هذا الفعل، فقالوا : هذا علوي يقال له الحسن بن عليّ يُعرف بابن الرّضا. فازددت تعجباً ولم أزل يومي ذلك قلقاً متفكّراً في أمره وأمر أبي، وما رأيت فيه، حتّى كان الليل وكانت عادته أن يصلي العتمة (8) ثمَّ يجلس فينظر فيما يحتاج إليه من المؤامرات (9) وما يرفعه إلى السلطان، فلما صلى وجلس، جئت فجلست بين يديه وليس عنده أحد فقال لي : يا أحمد لك حاجة؟ قلت : نعم يا أبه فإن أذنت لي سألتك عنها؟ فقال : قد أذنت لك يا بني فقل ما أحببت، قلت : يا أبه من الرَّجل

ص: 579


1- أي ينصب العداوة لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
2- أي سيرته ووقاره.
3- أي تجرأوا.
4- هو أخو المعتمد العبّاسي.
5- أي صفين متقابلين.
6- أي الخدم المختصون بخدمة الموفق.
7- أي أن تذهب.
8- أي العشاء الآخرة.
9- أي المراجعات والاستشارات.

الّذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الإجلال والكرامة والتبجيل وفديته بنفسك وأبويك؟ فقال : يا بني ذاك إمام الرافضة (1)، ذاك الحسن بن عليّ المعروف بابن الرضا. فسكت ساعة، ثم قال : يا بني لو زالت الإمامة عن خلفاء بني العبّاس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا وإِنَّ هذا ليستحقها في فضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه، ولو رأيت أباه رأيت رجلاً جزلاً (2)، نبيلاً فاضلاً، فازددت قلقاً وتفكّراً وغيظاً على أبي وما سمعت منه واستزدته في فعله وقوله فيه ما قال فلم يكن لي همّة بعد ذلك إلّا السؤال عن خبره والبحث عن أمره، فما سألت أحداً من بني هاشم والقوَّاد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر النّاس إلّا وجدته عنده في غاية الإجلال والإعظام والمحلّ الرفيع والقول الجميل والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه فعظم قدره عندي، إذ لم أر له وليّاً ولا عدوّاً إلّا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه، فقال له بعض من حضر مجلسه من الأشعريّين : يا أبا بكر فما خبر أخيه جعفر (3) ؟ فقال : ومن جعفر فتسأل عن خبرة ؟ أو يُقرن بالحسن جعفر معلن الفسق فاجر ماجن فاجرماجن شريب للخمور (4) أقل من رأيته من الرّجال وأهتكهم لنفسه خفيف قليل في نفسه، ولقد ورد، على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن عليّ ما تعجبت منه وما ظننت أنّه يكون وذلك أنّه لما اعتل (5) بعث إلى أبي أنَّ ابن الرّضا قد اعتل، فركب من ساعته فبادر إلى دار الخلافة، ثمَّرجع مستعجلاً ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلّهم من خدم أمير المؤمنين كلّهم من ثقاته وخاصته فيهم نحرير(6)، فأمرهم بلزوم دار الحسن وتعرُّف خبره وحاله، وبعث إلى نفر من المتطببين فأمرهم بالاختلاف إليه (7) وتعاهده صباحاً ومساء، فلمّا كان بعد ذلك بيومين أو ثلاثة أخبر أنّه قد ضعف، فأمر المتطبيين بلزوم داره وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممّن يوثق به في دينه وأمانته وورعه، فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلاً ونهاراً، فلم يزالوا هناك حتّى تُوفّي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فصارت سر من رأى ضجّة واحدة وبعث السلطان إلى داره من فتشها وفتش حجرها وختم على جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده (8)، وجاؤوا بنساء

ص: 580


1- أي الشيعة، سمّوا به لرفضهم ما عليه عامة النّاس في أمر الإمامة والحكم.
2- أي سخي العطاء حكيماً.
3- هو ابن الإمام الهادي أيضاً وشهرته الكذاب. وقد عُمَّ الإمام الهادي عند مولده كما ذكر الصدوق (رضیَ اللّهُ عنهُ).
4- الماجن : الّذي لا يبالي بما قيل فيه، مأخوذ من مجن إذا صلب والشراب : كثير السكر.
5- أي مرض.
6- كان من خاصّة خدم الخليفة.
7- أي التردد عليه لتطبيبه.
8- «لأنهم كانوا سمعوا في الروايات أن المهدي من ولد الحادي عشر من الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)» مرآة المجلسيّ ١٤٤/٦ ويظهر من هذا أن هدف حملة التفتيش تلك هي العثور على الإمام الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)».

يَعرفْنَ الحمل، فدخلن إلى جواريه ينظرن إليهنَّ. فذكر بعضهنّ أنَّ هناك جارية بها حمل، فجُعِلَتْ في حجرة ووكل بها تحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم، ثمَّ أخذوا بعد ذلك في تهيئته (1) وعُطّلت الأسواق، وركبت بنو هاشم والقواد وأبي وسائر النّاس إلى جنازته، فكانت سر من رأى يومئذ شبيهة بالقيامة، فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل فأمره بالصلاة عليه فلما وضعت الجنازة للصلاة عليه دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه علىّ بني هاشم من العلوية والعبّاسية والقوَّاد والكتاب والقضاة والمعدّلين وقال : هذا الحسن بن عليّ بن محمّد بن الرّضامات حتف أنفه (2) على فراشه حضره من حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ومن القضاة فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان، ثمَّ غطى وجهه وأمر بحمله فحمل من وسط داره ودفن في البيت الّذي دفن فيه أبوه، فلمّا دفن أخذ السلطان والناس في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور وتوقفوا عن قسمة ميراثه ولم يزل الّذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهّم عليها الحمل لازمين حتّى تبين بطلان الحمل، فلمّا بطل الحمل عنهنَّ قسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر، وادَّعت أمه وصيّته وثبت ذلك عند القاضي، والسلطان على ذلك يطلب أثر ولده، فجاء جعفر بعد ذلك إلى أبي فقال : اجعل لي مرتبة أخي وأوصل إليك في كلّ سنة عشرين ألف دينار، فزبره (3) ابي، وأسمعه وقال له : يا أحمق، السلطان جرَّد سيفه في الّذين زعموا أنَّ أباك وأخاك أئمّة ليردّهم عن ذلك، فلم يتهيا له ذلك، فإن كنت عند شيعة أبيك أو أخيك إماماً فلا حاجة بك إلى السلطان [أن] يرتبك مراتبهما ولا غير السلطان، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا، واستقله(4) أبي عند ذلك واستضعفه، وأمر أن يحجب عنه، فلم يأذن له في الدخول عليه حتّى مات أبي، وخرجنا وهو على تلك الحال والسلطان يطلب أثر ولد الحسن بن عليّ.

2 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال : كتب أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى أبي القاسم إسحاق بن جعفر الزبيري قبل موت المعتز (5) بنحو عشرين يوماً : إلزم بيتك حتّى يحدث الحادث، فلما قتل بُرَيْحَة (6) كتب إليه قد حدث الحادث فما تأمرني ؟

ص: 581


1- أي تجهيزه (عَلَيهِ السَّلَامُ) للدفن.
2- أي ميتة طبيعية من غير قتل.
3- أي زجره ونهاه عن مقالته.
4- أي استصغر قدره واستخف عقله.
5- هو ابن المتوكل العبّاسي واسمه محمّد.
6- هو تركي كي الأصل من المقربين من السلطان.

فكتب ليس هذا الحادث [هو] الحادث الآخر فكان من أمر المعتز ما كان.

وعنه قال : كتب إلى رجل آخر يُقتل ابن محمّد بن داود عبد اللّه قبل قتله (1) بعشرة أيّام، فلمّا كان في اليوم العاشر قتل.

3 - عليّ بن محمّد [عن محمّد] بن إبراهيم المعروف بابن الكردي، عن محمّد بن عليّ ابن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال ضاق بنا الأمر (2) فقال لي أبي : امض بنا حتّى نصير إلى هذا الرَّجل يعني أبا محمّد فإنّه قد وُصف عنه سماحة (3)، فقلت : تعرفه؟ فقال : ما أعرفه ولا رأيته قط، قال : فقصدناه فقال لي [أبي ] وهو في طريقه : ما أحوجنا إلى أن يأمر لنا بخمسمائة در هم مائتا درهم للكسوة ومائتا درهم للدين ومائة للنفقة، فقلت في نفسي : ليته أمر لي بثلاثمائة درهم مائة أشتري بها حماراً ومائة للنفقة ومائة للكسوة وأخرج إلى الجبل (4)، قال : فلما وافينا الباب خرج إلينا غلامه فقال : يدخل عليّ بن إبراهيم ومحمّد ابنه، فلما دخلنا عليه وسلمنا قال لأبي : يا علي ما خلفك عنا إلى هذا الوقت؟ فقال : يا سيدي استحييت أن ألقاك على هذه الحال، فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صرَّة فقال : هذه خمسمائة درهم مائتان للكسوة ومائتان للدين ومائة للنفقة وأعطاني صرّة فقال : هذه ثلاثمائة درهم اجعل مائة في ثمن حمار ومائة للكسوة ومائة للنفقة ولا تخرج إلى الجبل، وصر إلى سوراء(5). فصار (6) إلى سوراء وتزوج بامرأة، فَدَخْلُه اليوم ألف دينار ومع اليوم ألف دينار ومع هذا يقول بالوقف، فقال محمّد بن إبراهيم : فقلت له : ويحك أتريد أمراً أبين من هذا (7) ؟ قال : فقال : هذا أمر قد جرينا عليه (8).

٤ - عليّ بن محمّد، عن أبي علي محمّد بن عليّ بن إبراهيم قال : حدَّثني أحمد بن الحارث القزويني قال: كنت مع أبي بسر من رأى، وكان أبي يتعاطى البيطرة (9) في مربط أبي

ص: 582


1- متعلق بكتب أي كتب إلى رجل قبل قتل عبد اللّه بعشرة أيام. وهذا من معاجزه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- أي أمر المعيشة.
3- أي كرم وجود.
4- في القاموس : بلاد الجبل مدن بین آذربیجان وعراق العرب و خوزستان وفارس وبلاد الديلم.
5- «قيل: هي قرية من قرى بغداد على شط الفرات وقيل : هي الحلة» المازندراني 318/8.
6- هذا من كلام الراوي محمّد بن إبراهيم إلى قوله : بالوقف والوقف : هو الوقوف في الإمامة على الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإنه لم يمت.
7- أي كدليل على بطلان الوقف وإمامة العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- أي قد وجدنا عليه آباءنا ونحن مقتدون على آثارهم.
9- هي صنعة علاج الدواب.

محمّد (1). قال : وكان عند المستعين (2) بغل لم ير مثله حسناً وكبراً، وكان يمنع ظهره واللجام والسرج، وقد كان جمع عليه الراضة (3)، فلم يمكن لهم حيلة في ركوبه، قال : فقال له بعض ندمائه : يا أمير المؤمنين ألا تبعث إلى الحسن بن الرّضا حتّى يجيى، فإما أن يركبه وإما أن يقتله فتستريح منه، قال : فبعث إلى أبي محمّد، ومضى معه أبي فقال أبي : لما دخل أبو محمّد الدار كنت معه، فنظر أبو محمّد إلى البغل واقفاً في صحن صحن الدار فعدل إليه فوضع بيده على كفله (4)، قال : فنظرت إلى البغل وقد عرق حتّى سال العرق منه، ثمَّ صار (5) إلى المستعين، فسلّم عليه فرحب به وقرب فقال : يا أبا محمّد ألجم (6) هذا البغل، فقال أبو محمّد لأبي : الجمه يا غلام فقال المستعين ألجمه أنت، فوضع طيلسانه ثمَّ قام فألجمه ثمَّ رجع إلى مجلسه وقعد، فقال له : يا أبا محمّد أسْرِجه (7)، فقال لأبي يا غلام، أسرجه، فقال : أسرجه أنت. فقام ثانية فأسرجه ورجع فقال له : ترى أن تركبه ؟ فقال : نعم، فركبه من غير أن يمتنع عليه ثمَّ ركضه في الدّار، ثمَّ حمله على الهملجة (8) فمشى أحسن مشي يكون، ثمَّ رجع ونزل فقال له المستعين : يا أبا محمّد كيف رأيته قال يا أمير المؤمنين : ما رأيت مثله حسناً وفراهة (9)، وما يصلح أن يكون : مثله إلّا لأمير المؤمنين. قال : فقال : يا أبا محمّد فإنَّ أمير المؤمنين قد حملك عليه، فقال أبو محمّد لأبي : يا غلام خذه فأخذه أبي فقاده.

٥ - علي، عن أبي أحمد بن راشد عن أبي هاشم الجعفري قال: شكوت إلى أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) الحاجة، فحلَّ بسوطه الأرض، قال: وأحسبه غطاه بمنديل وأخرج خمسمائة دينار فقال يا أبا هاشم: خذ وأعذرنا (10).

٦ - عليّ بن محمّد، عن أبي عبد اللّه بن صالح، عن أبيه، عن أبي علي المطهر أنّه كتب

ص: 583


1- أي في موضع ربط دوابه.
2- هو الّذي تولى الحكم قبل المعتز العبّاسي ثمَّ خدمه المعتز واسمه أحمد بن هارون الرشيد.
3- هم مروضوا الخيل وساستها.
4- الكفل : مؤخر الدابة ممّا يلي العجز.
5- أي الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي ضع له اللجام.
7- أي ضع له السُّرْجِ.
8- في المصباح : هملج البرذون هملجة مشي مشية سهلة في سرعة.
9- أي خفة وحذاقة.
10- لعل الاعتذار منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان لعدم الإعطاء قبل السؤال.

إليه (1) سنة القادسية (2) يعلمه انصراف النّاس وأنّه يخاف العطش، فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) امضوا فلا خوف عليكم إن شاء اللّه فمضوا سالمين والحمد للّه ربّ العالمين.

7 - عليّ بن محمّد، عن عليّ بن الحسن بن الفضل اليماني قال : نزل بالجعفري(3) من آل جعفر خلق لا قبل له بهم (4)، فكتب إلى أبي محمّد يشكو ذلك، فكتب إليه تُكفَوْنَ ذلك إن شاء اللّه تعالى، فخرج إليهم في نفر يسير والقوم يزيدون على عشرين ألفاً وهو في أقل من ألف فاستباحهم (5).

8 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل العلوي قال: حبس أبو محمّد عند عليّ بن نارمش وهو أنصب النّاس وأشدهم على آل أبي طالب وقيل له : افعل به وافعل (6). فما أقام عنده عنده إلّا يوماً حتّى وضع خديه له (7)، وكان لا يرفع بصره إليه إجلالاً وإعظاماً. فخرج من عنده وهو(8) أحسن النّاس بصيرة وأحسنهم فيه قولاً.

9 - عليّ بن محمّد ومحمّد بن أبي عبد اللّه، عن إسحاق بن محمّد النخعي قال: حدَّثني سفيان بن محمّد الصّبعي قال : كتبت إلى أبي محمّد أسأله عن الوليجة، وهو قول اللّه تعالى : (وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) (9). قلت في نفسي _ لا في الكتاب(10)- من تَرَى المؤمنين ههنا؟ فرجع الجواب : الوليجة الّذي يقام دون ولي الأمر(11)، وحدثتك نفسك عن المؤمنين : من هم في هذا الموضع ؟ فهم الأئمّة الّذين يؤمنون على اللّه

ص: 584


1- أي إلى الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- القادسية قرية قرب الكوفة. وسنة القادسية هي السنة التي كانت جدباء فنزح أهلها عنها خوفاً من الموت عطشاً أو جوعاً أو مطلقاً.
3- قال المجلسيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ) في مرآته ١٥٣/٦ : «والمراد بجعفر الطيار (رضیَ اللّهُ عنهُ). وقيل : لعل المراد بجعفر ابن المتوكل لأنه أراد المستعين قتل من يحتمل أن يدعى الخلافة وقتل جمعاً من الأمراء وبعث جيشاً لقتل الجعفري وهو رجل من أولاد جعفر المتوكل استبصر الحقّ ونسب نفسه إلى جعفر الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) باعتبار المذهب، فلما حوصر بنزول الجيش بساحته كتب إلى أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسأله الدعاء لدفع المكروه فأجاب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالمذكور في هذا الحديث».
4- أي لا طاقة له على مقاومتهم لقلة الناصر وكثرتهم.
5- أي استأصلهم وأخذ أموالهم.
6- كناية عن استدعائه لإيقاع الأذية والتنكيل به (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- كناية عن الخضوع والتذلل.
8- أي ابن نارمش.
9- التوبة / ١٦.
10- أي لم أثبت ذلك في الكتاب.
11- أي الّذي ينصب إماما دون الإمام الحقّ.

فيجيز أمانهم (1).

١٠ - إسحاق (2) قال : حدَّثني أبو هاشم الجعفري قال : شكوت إلى أبي محمّد ضيق الحبس وكتل القيد فكتب إلي أنت تصلّي اليوم الظهر في منزلك. فأخرجت في وقت الظهر فصليت في منزلي كما قال (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكنت مضيّقاً فأردت أن أطلب منه دنانير في الكتاب فاستحييت، فلما صرت إلى منزلي وجّه إليَّ بمائة دينار وكتب إليَّ : إذا كانت لك حاجة فلا تستحي ولا تحتشم واطلبها فإنك ترى ما تحبُّ إن شاء اللّه.

11 - إسحاق، عن أحمد بن محمّد بن الأقرع قال : حدَّثني أبو حمزة نصير الخادم، قال : سمعت أبا محمّد غير مرة يكلّم غلمانه بلغاتهم : ترك وروم وصقالبة، فتعجبت من ذلك وقلت : هذا وُلد بالمدينة ولم يظهر لأحد حتّى مضى أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولا رآه أحد فكيف هذا (3) ؟ أحدث نفسي بذلك، فأقبل عليَّ فقال : إنَّ اللّه تبارك وتعالى بين حجّته من سائر خلقه بكلّ شيء ويعطيه اللغات ومعرفة الأنساب والآجال والحوادث، ولولا ذلك لم يكن بين الحجّة والمحجوج فرقُ (4).

12 - إسحاق، عن الأقرع قال : كتبت إلى أبي محمّد أسأله عن الإمام هل يحتلم ؟ وقلت في نفسي بعدما فصل الكتاب (5) الإحتلام شيطنة (6) وقد أعاذ اللّه تبارك وتعالى أولياءه من ذلك، فورد الجواب : حال الأئمّة في المنام حالهم في اليقظة، لا يغير النوم منهم شيئاً، وقد أعاذ اللّه أولياءه من لَمَّة (7) الشَّيطان كما حدثتك نفسك.

١٣ - إسحاق قال : حدَّثني الحسن بن ظريف قال : اختلج في صدري مسألتان أردت الكتاب فيهما إلى أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فكتبت أسأله عن القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا قام بما يقضي وأين مجلسه الّذي يقضي فيه بين الناس؟ وأردت أن أسأله عن شيء لحُمّى الربع (8) فأغفلت خبر الحُمّى

ص: 585


1- أي فيقبله ويمضيه فلا يعاقب من طلبوا الأمان له.
2- هو إسحاق بن محمّد النخعي المذكور في سند الحديث الأنف.
3- أي فكيف يتكلم بلغات عدة ؟
4- «ومما يؤيد أن الإمام وجب أن يكون عالماً بجميع اللغات أنّه لو حضر عنده خصمان بغير لسانه ولم يوجد هناك مترجم لزم تعطيل الأحكام، وهو مع استلزامه تبدد النظام يوجب فوات الغرض من نصب الإمام» مرآة المجلسيّ ١٥٦/٦.
5- أي ذهب به الرسول.
6- الفعل المستند إلى الشيطان.
7- أي مقاربة.
8- حمّى الربع : أن تصيب الحمى يوماً وتزول يومين لتعود في اليوم الرابع وهكذا.

فجاء الجواب : سألت عن القائم فإذا قام قضى بين النّاس بعلمه كقضاء داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يَسْأل البينة، وكنت أردت أن تسأل لحمّى الربع فأنسيت، فاكتب في ورقة وعلّقه على المحموم فإنّه يبرأ بإذن اللّه إن شاء اللّه : (يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) (1). فعلقنا عليه ما ذكر أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأفاق.

١٤ - إسحاق قال : حدَّثني إسماعيل بن محمّد بن عليّ بن إسماعيل بن عليّ بن عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب قال : قعدت لأبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ظهر الطريق (2)، فلمّا مرَّ بي، شكوت إليه انحاجة وحلفت له أنّه ليس عندي درهم فما فوقها ولا غداء ولا عشاء. قال : فقال: تحلف باللّه كاذباً، وقد دفنت مأتي دينار؛ وليس قولي هذا دفعاً لك عن العطية أعطه يا غلام ما معك، فأعطاني غلامه مائة دينار، ثمَّ أقبل عليَّ فقال لي : إنّك تُحرَمُها أحوج ما تكون إليها يعني الدنانير التي دفنت وصدق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان كما قال دفنت مأتي دينار وقلت : يكون ظهراً وكهفاً (3) لنا، فاضطررت ضرورة شديدة إلى شيء أنفقه وانغلقت علي أبواب الرزق، فنبشت عنها فإذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها، وهرب، فما قدرت منها على شيء.

١٥ - إسحاق قال : حدَّثني عليّ بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ قال : كان لي فرس وكنت به معجباً، أكثر ذكره في المحال (4)، فدخلت على أبي محمّد يوماً فقال لي : ما فعل فرسك؟ فقلت : هو عندي وهو ذا على بابك وعنه نزلت فقال لي : استبدل به قبل المساء إن قدرت على مشتري ولا تؤخّر ذلك. ودخل علينا داخل وانقطع الكلام فقمت متفكّراً ومضيت إلى منزلي فأخبرت أخي الخبر، فقال: ما أدري ما أقول في هذا وشححت (5) به ونفست (6) علی النّاس ببيعه وأمسينا فأتانا السائس وقد صلّينا العتمة فقال : يا مولاي نَفَقَ (7) فرسك، فاغتممت، وعلمت أنّه عنى هذا بذلك القول. قال : ثمَّ دخلت على أبي محمّد بعد أيّام وأنا أقول في نفسي : ليته أخلف (8) عليَّ دابة إذ كنت اغتممت بقوله، فلما جلست قال : نعم نخلف

ص: 586


1- الأنبياء / ٦٩.
2- أي على نفس الجادة التي يمر عليها. وقيل : طرف الطريق.
3- الظهر : العَون. والكهف : هنا الملجأ.
4- أي في المجالس، وفي بعض الكتب في المحافل.
5- أي وبخلت به.
6- أي رأيت أن النّاس ليسوا لتملكه بأهل.
7- أي مات.
8- أي عوّض علي.

دابة عليك يا غلام أعطه برذوني (1) الكميت (2)، هذا خير من فرسك وأوطأ (3) وأطول عمراً.

١٦ - إسحاق قال : حدَّثني محمّد بن الحسن بن شمّون قال : حدَّثني أحمد بن محمّد قال : كتبت إلى أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين أخذ المهتدي في قتل الموالي (4) : يا سيدي الحمد اللّه الّذي شغله عنا، فقد بلغني أنّه يتهددك ويقول واللّه لأجلينّهم عن جديد الأرض فوقع أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) بخطه : ذاك أقصر لعمره عدَّ من يومك هذا خمسة أيّام ويقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف يمرُّ به فكان كما قال (عَلَيهِ السَّلَامُ).

17 - إسحاق قال : حدَّثني محمّد بن الحسن بن شمون قال : كتبت إلى أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله أن يدعو اللّه لي من وجع عيني، وكانت إحدى عيني ذاهبة، والأخرى على شرف (5) ذهاب، فكتب إلي حبس اللّه عليك عينك فأفاقت الصحيحة ووقع في آخر الكتاب أجرك اللّه وأحسن ثوابك، فاغتممت لذلك ولم أعرف في أهلي أحداً مات، فلما كان بعد أيّام جاءتني وفاة ابني طيب فعلمت أن التعزية له.

18 - إسحاق قال : حدَّثني عمر بن أبي مسلم قال : قَدِمَ علينا بسر من رأى رجل من أهل مصر يقال له : سيف بن الليث يتظلم (6) إلى المهتدي في ضيعة له قد غصبها إياه شفيع الخادم وأخرجه منها. فأشرنا عليه أن يكتب إلى أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسأله تسهيل أمرها، فكتب إليه أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) لابأس عليك، ضيعتك تردُّ عليك فلا تتقدّم إلى السلطان، والْقَ الوكيل الّذي في يده الضيعة وخوّفه بالسلطان الأعظم اللّه ربِّ العالمين فلقيه، فقال له الوكيل الّذي في يده الضيعة : قد كتب إليَّ عند خروجك من مصر، أن أطلبك وأردَّ الضيعة عليك فردّها عليه بحكم القاضي ابن أبي الشوارب وشهادة الشهود، ولم يحتج إلى أن يتقدّم إلى المهتدي، فصارت الضيعة له وفي يده، ولم يكن لها خبر بعد ذلك. قال : وحدَّثني سيف بن الليث هذا قال : خلّفت ابناً لي عليلاً بمصر عند خروجي عنها، وابناً لي آخر أسنُ منه كان وصيّي وقيمي على عيالي وفي ضياعي، فكتبت إلى أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله الدّعاء لابني العليل فكتب إلي قد

ص: 587


1- البرذون : الدابة.
2- الكميت من الكمتة وهي الأحمر القاني.
3- أي أنسب.
4- أي حين شرع بقتل الأتراك من مواليه وكانوا من المقربين إلى السلطان.
5- أي على وشك.
6- أي يشتكي ويرفع ظلامته.

عوفي ابنك المعتل ومات الكبير وصيك وقيمك، فاحمد اللّه ولا تجزع فيحبط أجرك، فورد عليَّ الخبر أنَّ ابني قد عوفي من علته ومات الكبير يوم ورد علي جواب أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

١٩ - إسحاق قال : حدَّثني يحيى بن القشيري (1) من قرية تسمى قير قال: كان لأبي محمّد وكيل قد اتخذ معه في الدار حجرة يكون فيها معه خادم أبيض، فأراد الوكيل الخادم على نفسه (2) فأبى إلّا يأتيه بنبيذ، فاحتال له بنبيذ، ثمَّ أدخله عليه وبينه وبين أبي محمّد ثلاثة أبواب مغلقة، قال فحدَّثني الوكيل قال: إنّي لمنتبه إذ أنا بالأبواب تفتح حتّى جاء بنفسه فوقف على باب الحجرة ثمَّ قال : يا هؤلاء اتقوا اللّه، خافوا اللّه، فلما أصبحنا أمر ببيع الخادم وإخراجي من الدار.

20 - إسحاق قال : أخبرني محمّد بن الربيع الشائي (3) قال : ناظرت رجلاً من الثنوية (4) بالأهواز، ثمَّ قدمت سرّ من رأى وقد علق بقلبي شيء من مقالته، فإنّي لجالس على باب أحمد بن الخضيب، إذ أقبل أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) من دار العامّة (5) يوم الموكب (6) فنظر إليَّ وأشار بسباحته (7) أحدٌ أحدٌ فرد، فسقطت مغشياً علي.

٢١ - إسحاق، عن أبي هشام الجعفري قال: دخلت على أبي محمّد يوماً وأنا أريد أن أسأله ما أصوّغ به (8) خاتماً أتبرك به فجلست وأنسيت ما جئت له، فلما ودعت ونهضت رمى إليّ بالخاتم فقال : أردت فضّة فأعطيناك خاتماً، ربحت الفص والكرا(9)، هناك اللّه يا أبا هاشم. فقلت : يا سيدي أشهد أنك وليُّ اللّه وإمامي الّذي أدين اللّه بطاعته، فقال : غفر اللّه لك يا أبا هاشم.

ص: 588


1- وفي بعض النسخ (القسيري) وفي بعضها (القنبري).
2- الضمير في (نفسه) إما أن يرجع إلى الوكيل فيكون المعنى : أراد أن يلوط الخادم به. أو إلى الخادم فالمعنى : أراد أن يلوط بالخادم.
3- في بعض النسخ (النسائي) وفي بعضها الآخر (السائي) نسبة إلى سايه بلدة بمكّة أو هي واد بين مكّة والمدينة.
4- القائلين بوجود إلهين يدبران أمر العالم أهرِمَنْ ويَزْدن.
5- أي دار الخليفة التي يجتمع فيها عامة الناس.
6- الظاهر أنّه يوم مخصوص كان يجلس الخليفة فيه لمقابلة وفود النّاس وجماعاتهم.
7- هي الإصبع التي تلي الإبهام. وفي بعض النسخ (بسبابته). واحد تستعمل للدلالة على وحدة الذات الإلهية، وفرد» للدلالة على وحدة الصفات الإلهية.
8- أي فضة.
9- أي الأجرة على صنعه فتوفير الأجرة عليه عده (عَلَيهِ السَّلَامُ) ربحاً له.

22 - إسحاق قال : حدَّثني محمّد بن القاسم أبو العيناء (1) الهاشمي مولى عبد الصمد ابن عليّ عتاقة (2) قال : كنت أدخل على أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأعطش وأنا عنده فأجله أن أدعو بالماء فيقول : يا غلام اسقه. وربما حدثت نفسي بالنهوض فأفكر في ذلك فيقول يا غلام دابته (3).

23 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد، عن عليّ بن عبد الغفار قال : دخل العبّاسيون على صالح بن وصيف ودخل صالح ابن عليّ وغيره من المنحرفين عن هذه الناحية (4) على صالح بن وصيف عندما حبس أبا محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال لهم صالح : وما أصنع قد وكلت به رجلين من أشرّ من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم (5)، فقلت لهما ما فيه؟ فقالا: ما تقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله، لا يتكلّم (6) ولا يتشاغل (7)، وإذا نظرنا إليه ارتعدت فرائصنا (8) ويداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا، فلمّا سمعوا ذلك انصرفوا خائبين

٢٤ - عليّ بن محمّد، عن الحسن بن الحسين قال : حدَّثني محمّد بن الحسن المكفوف قال : حدَّثني بعض أصحابنا، عن بعض فصادي (9) العسكر من النصارى، أنّ أبا محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعث إلي يوماً في وقت صلاة الظهر، فقال لي : افصد هذا العرق قال : وناولني عرقاً لم أفهمه من العروق التي تفصد (10)، فقلت في نفسي : ما رأيت أمراً أعجب من هذا يأمر لي أن أفصد في وقت الظهر وليس بوقت فصد، والثانية عرق لا أفهمه، ثمَّ قال لي : انتظر وكن في الدار، فلما أمسى دعاني وقال لي : سرّح الدّم فسرّحت ثمَّ قال لي أمسك فأمسكت، ثمَّ قال لي : كن في الدار، فلمّا كان نصف الليل أرسل إلي وقال لي : سرّح الدَّم قال : فتعجبت أكثر من عجبي الأوّل، وكرهت أن أسأله، قال : فسرّحت فخرج دم أبيض كأنه الملح، قال : ثمَّ قال لي :

ص: 589


1- كان نبيهاً فطيناً حاضر البديهة، وكان أعمى، وإنما نسبه إلى هاشم لأنه كان مولى لعبد الصمد الهاشمي.
2- أي كان ولاؤه لعبد الصمد هذا بالعتق، إذ كان عبداً له فأعتقه وعبد الصمد هو ابن عليّ بن عبد اللّه بن عباس.
3- أي أسرج دابته أو أحضرها.
4- أي ناحية الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ومن مخالفيهم.
5- وكأنهم تأثروا بعبادة الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وانقطاعه إلى اللّه فهداهم سبحانه ببركاته (عَلَيهِ السَّلَامُ). وفي بعض النسخ (أشدّ من قدرت).
6- أي بلغو القول وفضوله.
7- أي باللهو وأمور الدنيا.
8- الفرائص : أوداج العنق.
9- هم الّذين يعملون بالفصد، وهو إخراج الدم من البدن بعد جرح عرق معين فيه.
10- أي لم أكن أعلم من صنعتي أنّه من العروق التي يصح أن تفصد.

احبس قال : فحبست قال ثمَّ قال كن في الدار، فلما أصبحت أمر قهرمانه أن يعطيني ثلاثة دنانير فأخذتها وخرجت حتّى أتيت ابن بختيشوع النصراني، فقصصت عليه القصة قال : فقال لي : واللّه ما أفهم ما تقول ولا أعرفه في شيء من الطب، ولا قرأته في كتاب، ولا أعلم في دهرنا أعلم بكتب النصرانية من فلان الفارسي فاخرج إليه قال : فاكتريت زورقاً إلى البصرة وأتيت الأهواز ثمَّ صرت إلى فارس إلى صاحبي فأخبرته الخبر. قال، وقال أنظرني (1) أياماً فأنظرته ثمَّ أتيته متقاضياً(2) قال : فقال لي : إن هذا الّذي تحكيه عن هذا الرَّجل فعله المسيح في دهره مرة.

25 - عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا قال : كتب محمّد بن حُجْر إلى أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يشكو عبد العزيز بن دلف ويزيد بن عبد اللّه، فكتب إليه أمّا عبد العزيز فقد كفيته (3)، وأما يزيد فإنّ لك وله مقاماً(4) بين يدي اللّه فمات عبد العزيز وقتل يزيد محمّد بن حجر.

٢٦ - عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا قال : سُلّم أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى تحرير(5) فكان يضيق عليه ويؤذيه قال : فقالت له امرأته : ويلك اتق اللّه لا تدري من في منزلك وعَرَّفَتْهُ صلاحه وقالت : إني أخاف عليك منه (6)، فقال لأرمينه بين السباع، ثمَّ فعل ذلك به فرئي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قائماً يصلّي وهي (7) حوله.

27 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق قال : دخلت على أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسألته أن يكتب لأنظر إلى خطه فأعرفه إذا ورد فقال: نعم، ثمَّ قال : يا أحمد إنَّ الخطّ سيختلف عليك من بين القلم الغليظ إلى القلم الدَّقيق فلا تشكّنَّ ثمَّ دعا بالدَّواة فكتب، وجعل يستمدّ (8) إلى مجرى الدَّواة فقلت في نفسي وهو يكتب : أستوهبه القلم الّذي كتب به، فلما فرغ من الكتابة أقبل يحدَّثني وهو يمسح القلم بمنديل الدّواة ساعة، ثمَّ قال: هاك يا أحمد فناولنيه، فقلت : جعلت فداك إني مغتم لشيء يصيبني في نفسي، وقد أردت أن أسأل أباك فلم يقض لي ذلك، فقال : وما هو يا أحمد ؟ فقلت : يا سيدي روي لنا عن آبائك أنَّ نوم الأنبياء على

ص: 590


1- أي أخرني أو أمهلني للجواب أياماً.
2- أي طالباً الجواب الّذي أنظرته للنظر فيه.
3- أي «دفع عنك شره».
4- أي موقوفا يوم القيامة يقتص اللّه لك منه.
5- هو أحد زبانية المعتمد العبّاسي أو غيره من طغاة بني العبّاس وكان من الأشرار الغلاظ القلوب.
6- أي أخاف أن يصيبك بسبب أذيتك له مكروه.
7- أي السباع.
8- أي يأخذ الحبر من الدواة والمجرى القعر.

أقفيتهم ونوم المؤمنين على أيمانهم، ونوم المنافقين على شمائلهم، ونوم الشياطين على وجوههم، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) كذلك هو فقلت : يا سيدي فإنّي أجهد أن أنام على يميني فما يمكنني ولا يأخذني النوم عليها، فسكت ساعة ثمَّ قال : يا أحمد أدن مني فدنوت منه فقال: أدخل يدك تحت ثيابك فأدخلتها، فأخرج يده من تحت ثيابه وأدخلها تحت ثيابي، فمسح بيده اليمنى على جانبي الأيسر، وبيده اليسرى على جانبي الأيمن ثلاث مرات، فقال أحمد : فما أقدر أن أنام على يساري منذ فعل ذلك بي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وما يأخذني نوم عليها أصلاً.

181 - باب مولد الصاحب (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ولد (عَلَيهِ السَّلَامُ) للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين(1).

1 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد قال : خرج

عن أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين قُتِلَ الزُبيري (2) : هذا جزاء من افترى على اللّه في أوليائه، زعم أنّه يقتلني وليس لي عقب فكيف رأى قدرة اللّه. وولد له ولد سماه «م ح م د» سنة ست وخمسين ومائتين.

2 - عليّ بن محمّد قال: حدَّثني محمّد والحسن ابنا عليّ بن إبراهيم(3) في سنة تسع وسبعين ومائتين قالا : حدَّثنا محمّد بن عليّ بن عبد الرَّحمن العبدي - من عبد قيس -، عن ضوء بن عليّ العجلي عن رجل من أهل فارس سمّاه، قال : أتيت سر من رأى ولزمت باب أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدعاني من غير أن أستأذن، فلما دخلت وسلّمت قال لي : يا أبا فلان كيف حالك؟ ثمَّ قال لي : أقعد يا فلان ثمَّ سألني عن جماعة من رجال ونساء من أهلي، ثمَّ قال لي : ما الّذي أقدمك ؟ قلت : رغبة في خدمتك قال : فقال : فالزم الدّار. قال : فكنت في الدّار مع الخدم، ثمَّ

ص: 591


1- هذا هو القول الأشهر بين علمائنا، ويوجد أقوال أخر منها : أنّه ولد (عَلَيهِ السَّلَامُ) لثمان خلون من شعبان سنة ٢٥٦ ه_. ومنها: غرة شهر رمضان سنة ٢٥٤ ه_ ومنها في الثالث والعشرين من رمضان سنة ٢٥٨ ه_.
2- لعله أحد أولاد الزبير. وقد مر في حديث سابق ما يشير إليه فراجع باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار (عَلَيهِ السَّلَامُ) الحديث رقم (5) وفيه (اجترأ) بدل (افتری) و (يزعم) بدل (زعم) و (قدرة اللّه فيه) بدل (قدرة اللّه).
3- هو الهمداني. وكان من وكلاء الناحية المقدسة، وكذا أبوه وجده فراجع مرآة المجلسيّ ١٧٢/٦. «وقد مر هذا الحديث في باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار (عَلَيهِ السَّلَامُ) ورقمه هناك (6). وجاء في سنده هناك علي ابن محمّد، عن الحسين ومحمّد ابني عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عليّ بن عبد الرحمن العبدي، عن ضوء بن عليّ العجلي الخ، وليس فيه عبارة (من غير أن استأذن) وغيرها من الاختلاف في بعض الألفاظ. وقد علّقنا عليه هناك فلا نعيد».

صرت أشتري لهم الحوائج من السوق، وكنت أدخل عليه من غير إذن إذا كان في دار الرّجال فدخلت عليه يوماً وهو في دار الرّجال، فسمعت حركة في البيت فناداني : مكانك لا تبرح، فلم أجسر أن أخرج ولا أدخل، فخرجت علي جاريةٌ معها شيء مغطى، ثمَّ ناداني ادخل فدخلت، ونادى الجارية فرجعت فقال لها : اكشفي عمّا معك، فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه، وكشفت عن بطنه فإذا شعر نابت من لبته إلى سرَّته أخضر ليس بأسود، فقال : هذا صاحبكم، ثمَّ أمرها، فحملته، فما رأيته بعد ذلك حتّى مضى أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1)، فقال ضوء بن عليّ : فقلت للفارسي : كم كنت تقدّر له من السنين؟ قال: سنتين قال العبدي : فقلت لضوء : كم تقدّر له أنت؟ قال : أربع عشرة سنة، قال أبو علي وأبو عبد اللّه (2) : ونحن نقدر له إحدى وعشرين سنة.

٣ _ عليّ بن محمّد وعن غير واحد من أصحابنا القمين، عن محمّد بن محمّد العامري، عن أبي سعيد غانم الهندي قال : كنت بمدينة الهند المعروفة بقشمير الداخلة وأصحاب لي يقعدون على كراسي عن يمين الملك، أربعون رجلاً كلّهم يقرأ الكتب الأربعة : التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم، نقضي بين النّاس ونفقههم في دينهم ونفتيهم في حلالهم وحرامهم، يفزع النّاس إلينا الملك فمن دونه فتجارينا ذكر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقلنا : هذا النبيّ المذكور في الكتب قد خفي علينا أمره، ويجب علينا الفحص عنه وطلب أثره، واتفق رأينا وتوافقنا على أن أخرج فأرتاد لهم، فخرجت ومعي مال جليل، فسرت اثني عشر شهراً حتّى قربت من كابل، فعرض لي قوم من الترك فقطعوا عليَّ وأخذوا مالي وجُرحت جراحات شديدة ودفعت إلى مدينة كابل، فأنفذني (3) ملكها لما وقف على خبري (4) إلى مدينة بلخ وعليها إذ ذاك داود بن العبّاس بن أبي [أ] سود فبلغه خبري وأنّي خرجت مرتاداً(5) من الهند، وتعلمت الفارسية وناظرت الفقهاء وأصحاب الكلام، فأرسل إلي داود بن العبّاس فأحضرني مجلسه وجمع علي الفقهاء فناظروني فأعلمتهم أنّي خرجت من بلدي أطلب هذا النبيّ الّذي وجدته في الكتب، فقال لي : من هو وما اسمه؟ فقلت : محمّد، فقال : هو نبيّنا الّذي تطلب، فسألتهم عن شرائعه، فأعلموني، فقلت لهم : أنا أعلم أنَّ محمّداً نبي، ولا أعلمه هذا الّذي تصفون أم لا،

ص: 592


1- إلى هنا موجود في الحديث السابق في باب النص والإشارة إلى صاحب الدار (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- هما كنيتا ابني عليّ بن إبراهيم أولهما محمّد وثانيهما الحسن أو (الحسين) كما في سند الحديث هناك. وهذا الاختلاف في سنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في زمانهم إنّما منشؤه اختلافهم في التقدير فهو نوع من الظن والتخمين.
3- أي أرسلني وبعثني.
4- من أني أطلب معرفة الدّين الّذي أتى به محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
5- أي طالباً ومستطلعاً.

فأعلمونى موضعه لأقصده فأسائله عن علامات عندي ودلالات، فإن كان صاحبي الّذي طلبت آمنت به، فقالوا : قد مضى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقلت : فمن وصيه وخليفته فقالوا : أبو بكر، قلت: فسموه لي فإنَّ هذه كنيته؟ قالوا : عبد اللّه بن عثمان ونسبوه إلى قريش، قلت: فانسبوا لي محمّداً نبيكم فنسبوه لي، فقلت : ليس هذا صاحبي الّذي طلبت صاحبي الّذي أطلبه خليفته أخوه في الدّين وابن عمه في النسب وزوج ابنته وأبو ولده، ليس لهذا النبيّ ذرّيّة على الأرض غير ولد هذا الرَّجل الّذي هو خليفته، قال : فوثبوا بي وقالوا أيّها الأمير: إنّ هذا قد خرج من الشرك إلى الكفر هذا حلال الدم فقلت لهم : يا قوم أنا رجل معي دين متمسك به لا أفارقه حتّى أرى ما هو أقوى منه، إنّي وجدت صفة هذا الرَّجل في الكتب التي أنزلها اللّه على أنبيائه، وإنما خرجت من بلاد الهند ومن العزّ الّذي كنت فيه طلباً له، فلما فحصت عن أمر صاحبكم الّذي ذكرتم لم يكن النبيّ الموصوف في الكتب، فكفّوا عنّي، وبعث العامل إلى رجل يقال له : الحسين بن اشكيب فدعاه فقال له ناظر هذا الرَّجل الهندي فقال له الحسين أصلحك اللّه، عندك الفقهاء والعلماء وهم أعلم وأبصر بمناظرته، فقال له : ناظره كما أقول لك، واخلُ به وألطف له. فقال لي الحسين بن أشكيب بعدما فاوضته : إِنَّ صاحبك الّذي تطلبه هو النبيّ الّذي وصفه هؤلاء وليس الأمر في خليفته كما قالوا هذا النبيّ محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب، ووصيه عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب، وهو زوج فاطمة بنت محمّد وأبو الحسن والحسين سبطي محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال غانم أبو سعيد فقلت اللّه أكبر هذا الّذي طلبت. فانصرفت إلى داود بن العبّاس فقلت له : أيّها الأمير، وجدت ما طلبت وأنا أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنَّ محمّداً رسول اللّه، قال : فبرني ووصلني، وقال للحسين تفقده، قال : فمضيت إليه حتّى آنست به وفقهني فيما احتجت إليه من الصلاة والصيام والفرائض. قال : فقلت له : إنا نقرأ في كتبنا أن محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خاتم النبيّين لا نبي بعده، وأنَّ الأمر من بعده إلى وصيه ووارثه وخليفته من بعده، ثمَّ إلى الوصي بعد الوصي، لا يزال أمر اللّه جارياً في أعقابهم حتّى تنقضي الدُّنيا، فمن وصي وصيّ محمّد ؟ قال : الحسن ثمَّ الحسين ابنا محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثمَّ ساق الأمر في الوصية حتّى انتهى إلى صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمَّ أعلمني ما حدث (1)، فلم يكن لي همة إلّا طلب الناحية (2).

فوافى (3) قم، وقعد مع أصحابنا في سنة أربع وستين ومائتين وخرج معهم حتّى وافي

ص: 593


1- «أي غيبة الإمام الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) وما جرى من تشويش عند ذلك.
2- أي الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو سُرُّ مَن رأى وموضع غيبته لعلي اطلع منه على خبر» مرآة المجلسيّ ١٧٧/٦.
3- هذا من كلام الراوي وهو محمّد بن محمّد العامري.

بغداد ومعه رفيق له من أهل السند كان صَحِبَه على المذهب (1)، قال(2): فحدَّثني غانم قال : وأنكرت من رفيقي بعض أخلاقه، فهجرته وخرجت حتّى سرت إلى العبّاسية (3) أتهيأ للصلاة وأصلي، وإنّي لواقف متفكّر فيما قصدت لطلبه، إذا أنا بآت قد أتاني فقال : أنت فلان؟ - اسمه بالهند (4) - فقلت : نعم. فقال : أجب مولاك، فمضيت معه فلم يزل يتخلل بي الطرق حتّى أتى داراً وبستاناً فإذا أنا به (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالس، فقال : مرحباً يا فلان - بكلام الهند _ كيف حالك؟ وكيف خلّفت فلاناً وفلاناً؟ حتّى عد الأربعين كلّهم فسألني عنهم واحداً واحداً، ثمَّ أخبرني بما تجارينا (5) كلّ ذلك بكلام الهند ثمَّ قال : أردت أن تحجّ مع أهل قم؟ قلت : نعم يا سيدي. فقال : لا تحجَّ معهم وانصرف سنتك هذه وحجَّ في قابل (6)، ثمَّ ألقى إليَّ صرَّة كانت بين يديه، فقال لي : اجعلها نفقتك ولا تدخل إلى بغداد إلى فلان سمّاه، ولا تطلعه على شيء وانصرف إلينا إلى البلد (7)، ثمَّ وافانا بعض الفيوج (8) فأعلمونا أنَّ أصحابنا انصرفوا من العقبة(9)، ومضى نحو خراسان، فلما كان في قابل حجّ وأرسل إلينا بهدية من طَرَف خراسان فأقام بها مدَّة، ثمَّ مات رحمه اللّه.

٤ - عليّ بن محمّد، عن سعد بن عبد اللّه قال : إنَّ الحسن بن النضر وأبا صدام وجماعة تكلّموا بعد مضي أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما في أيدي الوكلاء (10)، وأرادوا الفحص (11)، فجاء الحسن بن النضر إلى أبي الصدام فقال : إني أريد الحج، فقال له أبو صدام : أخره هذه السنة، فقال له الحسن [ابن النضر ] : إنّي أفزع في المنام ولا بدَّ من الخروج، وأوصى إلى أحمد بن يعلىّ بن حماد وأوصى للناحية (12) بمال وأمره أن لا يخرج شيئاً إلّا من يده إلى يده بعد ظهوره.

ص: 594


1- أي على طلب المذهب الحقّ، أو كان في السند كما كان غانم في كشمير على غير دين الإسلام.
2- أي العامري.
3- اسم محلة ببغداد على الظاهر أو قرية من توابعها.
4- من كلام العامري الراوي للحديث.
5- أي بما تحادثنا أنا والملك وحاشيته بالهند قبل خروجي منه.
6- أي السنة القادمة.
7- هذا من كلام العامري الراوي والبلد : قم.
8- الفيوج، لم أجدها في ما عندي من كتب اللغة، ولكني وجدت (فؤوج) جمع (فوج) وهو الجماعة فقد يكون المقصود بها هذا، أي وافانا بعض الجماعات من النّاس الّذين قفلوا من الحج، وربما يؤيده ما بعده من كلام. وقد ذهب المازندراني (رضیَ اللّهُ عنهُ) 7 339 إلى اعتماد النسخة التي ورد فيها اللفظ (الفتوح) وفسروها بالفتوح المعنوية من لقاء الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وتشرفه برؤيته. وكذلك فسرها المجلسيّ في مرآته ١٧٨/٦. وقال في معنى الفيوج «جمع فيج معرب پيك أي جاء المسرعون فأخبرونا بما ذكر» ولكني أجده غير وجيه، وما ذكرته أنسب.
9- أي قبل أن يحجوا، ولعل هذا هو السبب الّذي حدا بالإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى أن يطلب من غانم أن يؤجل حجه إلى قابل.
10- أي من الأموال وكيف يوصلونها إليه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
11- أي عن الحجّة (عَلَيهِ السَّلَامُ).
12- أي للإمام الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).

قال : فقال الحسن : لما وافيت بغداد اكتريت داراً فنزلتها فجاءني بعض الوكلاء بثياب ودناتير وخلّفها عندي، فقلت له ما هذا؟ قال هو ما ترى، ثمَّ جاءني آخر بمثلها وآخر حتّى كبسوا (1) الدار، ثمَّ جاءني أحمد بن إسحاق بجميع ما كان معه فتعجبت وبقيت متفكراً، فوردت علي رقعة الرَّجل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا مضى من النهار كذا وكذا فاحمل ما معك، فرحلت وحملت ما معي وفي الطريق صعلوك يقطع الطريق في ستين رجلاً (2) فاجتزت عليه وسلّمني اللّه منه فوافيت العسكر ونزلت، فوردت عليَّ رقعة أن أحمل ما معك فعبيته (3) في صنان (4) الحمالين، فلما بلغت الدهليز إذا فيه أسود (5) قائم فقال : أنت الحسن بن النضر ؟ قلت : نعم، قال : ادخل، فدخلت الدار ودخلت بيتاً وفرّغت صنان الحمالين، وإذا في زاوية البيت خبز كثير، فأعطى كلّ واحد من الحمّالين،رغيفين، وأخرجوا وإذا بيت عليه ستر فنودیت :منه يا حسن بن النضر أحمد اللّه على ما مَنَّ به عليك (6) ولا تشكّنَّ فودَّ الشيطان أنك شككت وأخرج إلى ثوبين وقال: خذها فستحتاج إليهما فأخذتهما وخرجت قال سعد: فانصرف (7) الحسن بن النضر ومات في شهر رمضان وكفن في الثوبين.

٥ - عليّ بن محدُّ عن محمّد بن حمويه السويداوي، عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار قال : شككت عند مضي أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، واجتمع عند أبي مال جليل، فحمله وركب السفينة وخرجت معه مشيّعاً، فَوَعك وعكاً (8) شديداً، فقال : يا بني ردَّني، فهو الموت وقال لي : اتق اللّه في هذا المال وأوصى إليَّ فمات، فقلت في نفسي : لم يكن أبي ليوصي بشيء غير صحيح أحمل هذا المال إلى العراق وأكتري داراً على الشط، ولا أخبر أحداً بشيء، وإن وضح لي شيء کوضوحه [في] أيّام أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنفذته وإلا قصفت به (9). فقدمت العراق واكثريت داراً على الشط وبقيت فيه أياماً فإذا أنا برقعة مع رسول فيها : يا محمّد معك كذا وكذا في جوف كذا وكذا، حتّى قص علي جميع ما معي ممّا لم أحط به علماً، فسلّمته إلى الرسول، وبقيت أياماً لا

ص: 595


1- أي كدسوا فيها الأموال حتّى امتلات.
2- أي هو مسافر أيضاً من بغداد إلى سامراء وبرفقته ستون صعلوكاً. والصلعوك : الفقير.
3- أي عباته.
4- جمع صِنَ : وهو - كما في القاموس - شبه السلة المطبقة يجعل فيها الخبز.
5- أي رجل أسود واقف.
6- «أي من وكالته (عَلَيهِ السَّلَامُ) والعلم بإمامته وإيصال حقه إليه»» مرأة المجلسيّ ١٨٠/٦.
7- أي رجع إلى قم.
8- الوعك : ألم الحمّى وأذيتها.
9- أي أكلت وشربت ولهوت بهذا المال.

يرفع لي رأس واغتممت، فخرج إليَّ قد أقمناك مكان أبيك(1) فاحمد اللّه.

6 - محمّد بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه النسائي قال : أوصلت (2) أشياء للمرزباني الحارثي فيها سوار ذهب، فقُبلت ورُدَّ عليَّ السوار، فأمرت بكسره، فكسرته فإذا في وسطه مثاقيل حديد ونحاس أو صفر فأخرجته وأنفذت الذهب فقُبل.

7 - عليّ بن محمّد، عن الفضل الخزاز المدائني مولى خديجة بنت محمّد أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) قال : إن قوماً من أهل المدينة من الطالبيين كانوا يقولون بالحق(4)، وكانت الوظائف ترد عليهم في وقت معلوم، فلما مضى أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) رجع قوم منهم عن القول بالولد (5)، فوردت الوظائف على من ثبت منهم على القول بالولد وقطع عن الباقين، فلا يذكرون في الذاكرين والحمد للّه رب العالمين.

8 - عليّ بن محمّد قال : أوصل رجل من أهل السواد (6) مالاً فَرُدَّ عليه وقيل له : أَخْرِجْ حق ولد عمك منه وهو أربعمائة درهم. وكان الرَّجل في يده ضيعة لولد عمه فيها شركة قد حبسها عليهم (7)، فنظر فإذا الّذي لولد عمه من ذلك المال أربعمائة درهم، فأخرجها وأنفذ الباقي فَقُبِل.

9 - القاسم بن العلاء قال : ولد لي العلاء قال : ولد لي عدة بنين، فكنت أكتب (8) وأسأل الدُّعاء فلا يكتب إليَّ لهم بشيء، فماتوا كلّهم، فلما ولد لي الحسن ابني، كتبت أسأل الدعاء فأجبت(9) : يبقى والحمد لله.

10 - عليّ بن محمّد، عن أبي عبد اللّه بن صالح قال : [كنت] خرجت سنة من السنين

ص: 596


1- أي كوكيل عنا.
2- أي لجهة الإمام (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
3- أي الإمام الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- أي بضرورة وجود الإمام ولو غائباً مستوراً، لأن الأرض لا تخلو من حجة اللّه سبحانه.
5- أي أنكروا وجود ولد للإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي سواد العراق، سمي بذلك لكثرة الشجر والخضرة فيه الملتف بعضها على بعض حتّى لتتراءى للناظر من بعيد أنّها سواد وليست خضرة.
7- أي اغتصب حقهم فمنعه عنهم.
8- أي إلى ناحية الإمام (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
9- أي جاء الجواب كتابة بما ذكر.

ببغداد(1) فاستأذنت(2) في الخروج، فلم يؤذن لي، فأقمت اثنين وعشرين يوماً وقد خرجت القافلة إلى النهروان (3)، فأذن في الخروج لي يوم الأربعاء وقيل لي : أخرج فيه، فخرجت وأنا آيس من القافلة أن ألحقها، فوافيت النهروان والقافلة مقيمة، فما كان إلّا أن أعْلَفْتُ جمالي شيئاً حتّى رحلت القافلة فرحلتُ وقد دعا لي فرحلتُ. وقد دعا لي (4) بالسلامة فلم ألق سوءاً والحمد للّه.

11 - علي، عن النضر بن صباح البجلي، عن محمّد بن يوسف الشاشي (5) قال : خرج بي ناصور (6) على مقعدي فأريته الأطباء وأنفقت عليه مالاً فقالوا : لا نعرف له دواء، فكتبت رقعة أسأل الدُّعاء، فوقع (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليّ : الْبَسَكَ اللّه العافية وجعلك معنا في الدنيا والآخرة، قال : فما أتت علي جمعة حتّى عوفيت وصار (7) مثل راحتي، فدعوت طبيباً من أصحابنا وأريته إياه، :فقال ما عرفنا لهذا دواءً.

12 - علي، عن عليّ بن الحسين اليماني، قال : كنت ببغداد فتهيأت قافلة لليمانيين فأردت الخروج معها، فكتبت ألتمس الإذن في ذلك، فخرج (8) : لا تخرج معهم فليس لك في الخروج معهم خيرة وأقم بالكوفة قال : وأقمت وخرجت القافلة فخرَجَتْ عليهم حنظلة(9) فاجتاحتهم (10). وكتبت أستأذن في ركوب الماء (11)، فلم يؤذن لي، فسألت عن المراكب التي خرجت في تلك السنّة في البحر فما سلم منها مركب خرج عليها قوم من الهند يقال لهم البوارح (12) فقطعوا عليها (13)، قال : وزرت العسكر فأتيت الدرب (14) مع المغيب ولم أكلّم

ص: 597


1- أي إلى بغداد.
2- أي الإمام الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
3- ناحية في العراق على بعد فراسخ من بغداد.
4- أي الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
5- نسبة إلى شاش بلد فيما وراء النهر.
6- الناصور ؛ قروح داخلية تصيب مخرج الغائط.
7- أي مكان الناصور. كناية عن شفائه.
8- أي الجواب كتابة.
9- قبيلة من تميم.
10- أي اقتحمتهم وأهلكتهم.
11- أي في السفينة.
12- «هم من سكان البوادي أو من رعاع الهند والصوديها. وفي بعض النسخ (البوارج) سموا بذلك لبياض عيونهم وسواد ألوانهم المازندراني ٣٤٣/٧ أو معرب بواره طائفة من لصوص الهند» مرآة المجلسيّ ١٨٣/٦.
13- أي قطعوا عليها الطريق وسلبوها أو قتلوا أهلها
14- «أي الطريق الشارع الواسع. وكأن المراد هنا باب دار العسكريين (عَلَيهِ السَّلَامُ) التي دفنا فيها...» مرآة المجلسيّ ١٨٣/٦.

أحداً ولم أتعرف إلى أحد، وأنا أصلي في المسجد بعد فراغي من الزيارة، إذا بخادم قد جاءني فقال لي: قم، فقلت له : إذن إلى أين؟ فقال لي : إلى المنزل، قلت : ومن أنا لعلك أرسلت إلى غيري، فقال : لا ما أُرسلت إلّا إليك، أنت عليّ بن الحسين رسول جعفر بن إبراهيم، فمرَّ بي حتّى أنزلني في بيت الحسين بن أحمد ثمَّ ساره (1)، فلم أدر ما قال له. حتّى أتاني جميع ما أحتاج إليه وجلست عنده ثلاثة أيّام واستأذنته في الزيارة من داخل (2) فأذن لي فزرت ليلا (3).

١٣ - الحسن بن الفضل بن زيد اليماني قال : كتب أبي بخطه كتاباً (4) فورد جوابه. ثمَّ كتبت بخطي فورد جوابه، ثمَّ كتب بخط رجل من فقهاء أصحابنا، فلم يرد جوابه، فنظرنا فكانت العلّة أَنَّ الرَّجل تحوّل قرمطيّاً (5)، قال الحسن بن الفضل فزرت العراق ووردت طوس، وعزمت أن لا أخرج إلّا عن بينة من أمري ونجاح من حوائجي ولو احتجت أن أقيم بها حتّى أَتَصَدَّق (6) قال : وفي خلال ذلك يضيق صدري بالمقام وأخاف أن يفوتني الحج قال : فجئت يوماً إلى محمّد بن أحمد أتقاضاه (7) فقال لي : صر إلى مسجد كذا وكذا وإنه يلقاك رجل، قال : فصرت إليه فدخل عليَّ رجل فلما نظر إليَّ ضحك وقال : لا تغتم فإنك ستحج في هذه السنة وتنصرف إلى أهلك وولدك سالماً، قال: فاطمأننت وسكن قلبي، وأقول ذا مصداق ذلك (8) والحمد لله، قال : ثمَّ وردت العسكر فخرجت إليَّ صرَّة فيها دنيانير وثوب، فاغتممت وقلت في نفسي : جزائي عند القوم هذا واستعملت الجهل فرددتها وكتبت رقعة، ولم يشر الّذي قبضها مني عليَّ بشيء ولم يتكلّم فيها بحرف، ثمَّ ندمت بعد ذلك ندامة شديدة وقلت في نفسي : كفرت بردّي على مولاي. وكتبت رقعة أعتذر من فعلي وأبوء بالإثم وأستغفر من ذلك وأنفذتها، وقمت أتمسح (9). فأنا في ذلك أفكر في نفسي وأقول إن ردَّت عليَّ الدنانير لم أحلل صرارها (10) ولم

ص: 598


1- أي تحدث معه.
2- أي من داخل البيت الّذي دفنا فيه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- لعل الزيارة ليلا للتقية.
4- أي إلى الناحية المقدسة.
5- القرامطة جماعة من الملاحدة واقعاً، وإن كانوا يظهرون الإسلام والتشيع ولكنهم يقفون بالإمامة على محمّد بن إسماعيل بن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي اسأل النّاس الصدقة فيما لو نفد مالي.
7- أي أستوضحه وأطلب منه جواب كتاب كتبته للناحية المقدسة.
8- أي مجيء هذا الرَّجل وكلامه دليل على صحة وجود الإمام (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) وغيبته.
9- «أي أمر باطن كلّ كف على الأخرى مكرراً كما يفعله النادم الحزين. وقيل : أي قمت أسير في الأرض وامشي فيها... والأظهر عندي أن المراد به الوضوء للصلاة..» مرآة المجلسيّ ١٨٧/٦.
10- أي لم أفتحها.

أحدث فيها حتّى أحملها إلى أبي، فإنّه أعلم مني ليعمل فيها بما شاء، فخرج إلي الرسول الّذي حمل إلى الصرَّة، أسأت إذ لم تُعْلِم الرَّجل أنا ربما فعلنا ذلك بموالينا، وربما سألونا ذلك يتبركون به، وخرج إلي أخطأت في ردّك برنا فإذا استغفرت اللّه، فاللّه يغفر لك، فأما إذا كانت عزيمتك وعقد نيّتك ألا تحدث فيها حدثاً ولا تنفقها في طريقك، فقد صرفناها عنك، فأما الثوب فلا بدَّ منه لتحرم فيه، قال : وكتبت في معنيين وأردت أن أكتب في الثالث وامتنعت منه مخافة أن يكره ذلك، فورد جواب المعنيين والثالث الّذي طويت مفسراً والحمد للّه، قال: وكنت وافقت جعفر بن إبراهيم النيسابوري بنيسابور على أن أركب معه وأزامله، فلما وافيت بغداد بدا لي فاستقلته (1) وذهبت أطلب عديلاً (2)، فلقيني ابن الوجنا بعد أن كنت صرت إليه، وسألته أن يكتري لي فوجدته كارهاً، فقال لي : أنا في طلبك وقد قيل لي : إنّه (3) يصحبك فأحسن معاشرته واطلب له عديلاً واكتر له.

١٤ - عليّ بن محمّد، عن الحسن بن عبد الحميد قال : شككت في أمر حاجز (4) فجمعت شيئاً ثمَّ صرت إلى العسكر، فخرج إليَّ : ليس فينا شك ولا فيمن يقوم مقامنا بأمرنا، رُدَّ ما معك إلى حاجز بن يزيد.

١٥ - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن صالح قال : لما مات أبي وصار الأمر لي (5)، كان لأبي على النّاس سفاتج (6) من مال الغريم، فكتبت إليه أعلمه فكتب طالبهم واستقض عليهم، فقضاني النّاس إلّا رجل واحد كانت عليه سُفْتَجة بأربعمائة دينار فجئت إليه أطالبه فَمَاطَلني (7) واستخفَّ بي ابنه وسفه عليَّ، فشكوت إلى أبيه فقال : وكان ماذا (8) ؟ فقبضت على لحيته وأخذت برجله وسحبته إلى وسط الدار، وركلته ركلاً كثيراً، فخرج ابنه يستغيث بأهل بغداد ويقول : قمّي رافضي قد قتل والدي فاجتمع علي منهم الخلق فركبت دابتي وقلت:

ص: 599


1- أي سألته أن يقيلني من مرافقته.
2- أي من يرافقني.
3- أي الحسن بن الفضل هذا الراوي للحديث، والقائل هو ابن الوجنا، ولعل الّذي قال له ذلك الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) فعَدَلَ عن كراهيته مرافقة الحسن.
4- حاجز بن يزيد : هو اسم رجل، وقد شك الراوي أنّه من وكلاء الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) أو لا. وقد أشار إلى حاجز هذا الشيخ الصدوق (رضیَ اللّهُ عنهُ) في الإكمال عند تعداده أسماء من رأوا الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
5- أي وكالة الناحية المقدسة.
6- «قال في القاموس : السُّفْتَجَة : أن تعطي مالاً لأحد وللآخذ مال في بلد المعطي فيوفيه إياه ثم».
7- أي سوّف الدّين بوعده بالوفاء مرة بعد أخرى ولم يف.
8- استفهام أراد به تحقيره، أي وماذا حصل لو سفه عليك، أو ماذا تستطيع أن تفعل مقابل تسفيهه لك؟

أحسنتم يا أهل بغداد تميلون مع الظالم على الغريب المظلوم، أنا رجل من أهل همدان من أهل السنّة، وهذا ينسبني إلى أهل قيم والرفض، ليذهب بحقي ومالي، قال : فمالوا عليه وأرادوا أن يدخلوا على حانوته حتّى سكنتهم، وطلب إليّ صاحب السفتجة، وحلف بالطلاق أن يوفيني مالي حتّى أخرجتهم عنه.

١٦ - علي، عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن الحسن والعلاء بن زرق اللّه، عن بدر غلام أحمد بن الحسن قال : وردت الجبل وأنا لا أقول بالإمامة، أحبهم جملة إلى أن مات يزيد بن عبد اللّه فأوصى في علّته أن يدفع الشهري السَّمند(1) وسيفه ومنطقته (2) إلى مولاه(3)، فخفت إن أنا لم أدفع الشهري إلى إذ كوتكين (4) نالني منه استخفاف، فقومت الدابة والسيف والمنطقة بسبعمائة دينار في نفسي ولم أطلع عليه أحداً، فإذا الكتاب قد ورد علي من العراق : وجه السبع مائة دينار التي لنا قبلك من ثمن الشهري والسيف والمنطقة.

17 - عليٌّ، عمّن حدَّثه قال : ولدَ لي ولد فكتبت أستأذن في طهره (5) يوم السابع فورد لا تفعل فمات يوم السابع أو (6) الثامن، ثمَّ كتبت بموته :فورد ستخلف غيره وغيره تسميه أحمد ومن بعد أحمد جعفراً، فجاء كما قال قال : وتهيأت للحج وودَّعت النّاس وكنت على الخروج فورد: نحن لذلك كارهون والأمر إليك، قال : فضاق صدري واغتممت، وكتبت : أنا مقيم على السمع والطاعة غير أنّي مغتم بتخلّفي عن الحج، فوقع : لا يضيقنَّ صدرك فإنك ستحج من قابل إن شاء اللّه، قال : ولما كان من قابل كتبتُ أستأذن، فورد الإذن، فكتبت أني عادلت (7) محمّد بن العبّاس وأنا واثق بديانته وصيانته فورد الأسدي (8) نِعْمَ العديلُ، فإن قدم فلا تختر عليه (9)، فقدم الأسدي وعادلته.

18 - الحسن بن عليّ العلوي قال : أَوْدَعَ المجروح مرداس بن عليّ(10) مالاً للناحية،

ص: 600


1- الشَّهري : نوع من البراذين. والسمند الفرس بالفارسية. والظاهران الشهري صفة للفرس فهما شيء واحد ولذا لم يعطف بالواو.
2- المنطقة حزام يشد به الوسط.
3- أي إلى الإمام (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
4- من القواد الأتراك عند ملوك بني العبّاس.
5- أي ختانه.
6- الترديد من الراوي.
7- أي اتخذته عديلاً مزاملاً لي في السفر.
8- «الأسدي : هو محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدي الكوفيّ...» مرآة المجلسيّ ١٩٢/٦.
9- أي فلا ترافق غيره.
10- هو من أهل قزوين، روي أنّه ممّن اطلع على معجزات الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) ورآه من غير الوكلاء.

وكان عند مرداس مال لتميم بن حنظلة، فورد على مرداس : أنفذ(1) مال تميم مع ما أودعك الشيرازي (2).

19 _ عليّ بن محمّد، عن الحسن بن عيسى العريضي أبي محمّد قال: لما مضى أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ورد رجل من أهل مصر بمال إلى مكّة للناحية، فاختلف عليه فقال بعض الناس: إنَّ أبا محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) مضى من غير خلف والخلف جعفر(3). وقال بعضهم: مضى أبو محمّد عن خلف، فبعث رجلاً يكنى بأبي طالب فورد العسكر ومعه كتاب (4)، فصار إلى جعفر وسأله عن برهان فقال لا يتهيّاً في هذا الوقت فصار إلى الباب (5) وأنفذ الكتاب إلى أصحابنا فخرج إليه : آجرك اللّه في صاحبك، فقد مات وأوصى بالمال الّذي كان معه، إلى ثقة ليعمل فيه بما يحبُّ وأجيب عن كتابه.

20 - عليّ بن بن محمّد قال : حمل رجل من أهل آبة (6) شيئاً يوصله ونسي سيفاً (7) بابة، فأنفذ ما كان معه فكتب إليه : ما خبر السيف الّذي نسيته.

21 - الحسنُ بن خفيف عن أبيه قال: بعث بخدم إلى مدينة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومعهم خادمان (8)، وكتب إليَّ خفيف أن يخرج معهم فخرج معهم، فلما وصلوا إلى الكوفة شرب أحد الخادمين مسكراً، فما خرجوا من الكوفة حتّى ورد كتاب من العسكر بردّ الخادم الّذي شرب المسكر وعزل عن الخدمة.

22 _ عليّ بن محمّد، عن [أحمد بن] أبي عليّ بن غياث، عن أحمد بن الحسن قال: أوصى يزيد بن عبد اللّه بدابة وسيف ومال وأنفذ ثمن الدابة وغير ذلك ولم يبعث السيف فورد: كان مع ما بعثتهم سيف فلم يصل. - أو كما قال (9) -.

23 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن عليّ بن شاذان النيسابوري قال: اجتمع عندي

ص: 601


1- أي أرسل.
2- الشيرازي هو نفسه المجروح.
3- هو أخو الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويُعرف بالكذاب.
4- أي إلى القائم بالأمر بعد العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- أي باب دار الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
6- بلدة قرب ساوة، وبلدة في إفريقيا.
7- أي كان من جملة ما أراد أن يوصله للحجة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
8- الظاهر أنهما كانا مستأجرين لرفقة المماليك إلى المدينة.
9- الظاهر أنّه نفس الحديث الأنف ورقمه (١٦).

خمسمائة درهم تنقص عشرين درهماً فأنفْتُ (1) أن أبعث بخمسمائة تنقص عشرين درهماً، فوزنت من عندي عشرين درهماً وبعثتها إلى الأسدي ولم أكتب مالي فيها، فورد وصلت خمسمائة درهم لك منها عشرون درهماً.

٢٤ _ الحسين بن محمّد الأشعريّ قال : كان يرد كتاب أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الإجراء(2) على الجنيد قاتل فارس(3) وأبي الحسن وآخر، فلما مضى أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ورد استيناف من الصاحب لإجراء أبي الحسن وصاحبه ولم يرد في أمر الجنيد بشيء قال: فاغتممت لذلك، فورد نعي(4) الجنيد بعد ذلك.

٢٥ _ عليّ بن محمّد، عن محمّد بن صالح قال : كانت لي جاريةٌ كنت معجباً بها، فكتبت أستأمر في استيلادها :فورد استولدها، ويفعل اللّه ما يشاء، فوطئتها فحبلت ثمَّ أسقطت فماتت.

٢٦ - عليّ بن محمّد قال : كان ابن العجمي جعل ثلثه(5) للناحية، وكتب بذلك(6)، وقد كان قبل إخراجه الثلث دفع مالاً لابنه أبي المقدام، لم يطلع عليه أحد، فكتب إليه : فأين المال الّذي عزلته لأبي المقدام (7)؟.

27 _ عليّ بن محمّد، عن أبي عقيل عيسى بن نصر قال : كتب عليّ بن زياد الصيمري يسأل كفناً، فكتب إليه : إنّك تحتاج إليه في سنة ثمانين، فمات في سنة ثمانين، وبعث أليه بالكفن قبل موته بأيام.

28 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن هارون بن عمران الهمداني قال : كان للناحية عليَّ خمسمائة دينار فضقت بها ذرعاً، ثمَّ قلت في نفسي لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة وثلاثين ديناراً قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار، ولم أنطق بها، فكتب (8) إلى محمّد بن جعفر اقبض الحوانيت من محمّد بن هارون بالخمسمائة دينار التي لنا عليه

ص: 602


1- أي استنكفت.
2- مبلغ من المال كان (عَلَيهِ السَّلَامُ) يرسله إلى هؤلاء كلّ مدة.
3- كان من المقبوحين الملعونين وهو فارس بن حاتم القزويني، أهدر دمه الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقتله جنيد هذا.
4- أي خبر موته.
5- أي ثلث ماله.
6- أي إلى الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
7- أي لم تحسب ثلكه لتجعله في جملة ثلثنا الّذي جعلته لنا.
8- أي الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).

29 - عليّ بن محمّد قال: باع جعفر (1) فيمن باع صبية جعفرية (2) كانت في الدار يربونها، فبعث بعض العلويين وأعلم المشتري خبرها فقال المشتري : قد طابت نفسي بردّها، وأن لا أرز (3) من ثمنها شيئاً، فخذها، فذهب العلوي فأعلم أهل الناحية (4) الخبر فبعثوا إلى المشتري بأحد وأربعين ديناراً وأمروه بدفعها إلى صاحبها (5).

٣٠ _ الحسين بن الحسن العلوي قال : كان رجل من ندماء روز حسني (6) وآخر معه فقال له : هو ذا يجبي الأموال وله وكلاء وسَمُّوا (7) جميع الوكلاء في النواحي، وأنهى ذلك إلى عبيد اللّه بن سليمان الوزير فهم الوزير بالقبض عليهم فقال السلطان : اطلبوا أين هذا الرَّجل فإنّ هذا أمر غليظ، فقال عبيد اللّه بن سليمان : نقبض على الوكلاء، فقال السلطان : لا ولكن دسوا لهم قوماً لا يعرفون بالأموال (8)، فمن قبض منهم شيئاً قبض عليه، قال : فخرج (9) بأن يتقدم إلى جميع الوكلاء أن لا يأخذوا من أحد شيئاً وأن يمتنعوا من ذلك ويتجاهلوا الأمر، فاندس لمحمّد بن أحمد رجل لا يعرفه وخلا به فقال : معي مال أريد أن أوصله، فقال له محمّد :غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئاً، فلم يزل يتلطفه ومحمّد يتجاهل عليه، وبثوا الجواسيس وامتنع الوكلاء كلّهم لما كان تقدَّم إليهم (10).

31 - عليّ بن محمّد قال : خرج نهي عن زيارة مقابر قريش والحير(11)، فلما كان بعد أشهر دعا الوزير (12) الباقطائي (13) فقال له : إلق بني الفرات والبرسيين (14) وقل لهم : لا يزوروا مقابر قريش، فقد أمر الخليفة أن يُتَفَقَد كلّ من زار فيُقْبَضَ [عليه].

ص: 603


1- يعني ابن الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) المشهور بالكذاب.
2- أي من أولاد جعفر بن أبي طالب (رضیَ اللّهُ عنهُ) فهي حرة ولا يجوز بيعها.
3- أرزاً : أي أنقص والمعنى: أني أردّها بشرط ألا تنقصوا علي من ثمنها الّذي دفعته شيئاً.
4- المقصود الإمام الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
5- أي القائم بأمر تربيتها.
6- لعله صفة لرجل.
7- أي الرَّجلان ومن كان معهما.
8- أي بأنهم متمولون.
9- أي كتاب من الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
10- أي من أمر الإمام (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) بالامتناع عن قبض أي مال.
11- أي الحائر الحسيني، أي كربلاء، ومقابر قريش مدفن الكاظمين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
12- قيل : هو فضل بن جعفر بن الفرات.
13- هو أحد كتاب الوزير على الظاهر، ونسبته إلى باقطايا من أعمال بغداد.
14- نسبة إلى البرس وهي قرية بين الكوفة والحلة والظاهر أن نهيهم عن ذلك إنّما كان لأنهم من الشيعة فلا بد أن يلتزموا بنهي الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).

182 _ باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم، (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي عن أبي هاشم داود بن القاسم، الجعفري، عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أقبل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعه الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو متكىء على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلّم على أمير المؤمنين فردَّ عليه السلام فجلس ثمَّ قال : يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهنَّ (1) علمت أنَّ القوم (2) ركبوا من أمرك (3) ما قُضي عليهم (4) وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم. وإن تكن الأخرى (5) علمت أنك وهم شرع (6) سواء. فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) سلني عما بدا لك، قال : أخبرني عن الرَّجل إذا نام أين تذهب روحه : وعن الرَّجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرَّجل كيف يشبه وَلَدُه الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سلني عما بدا لك، قال : أخبرني عن الرَّجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن أشهد أن لا إله إلّا اللّه ولم أزل أشهد بها وأشهد أنَّ محمّداً رسول اللّه ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أنك وصي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، والقائم بحجته - وأشار إلى أمير المؤمنين _ ولم أزل أشهد بها وأشهد أنك وصيّه والقائم بحجته - وأشار إلى الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7) - وأشهد أنَّ الحسين بن عليّ وصي أخيه والقائم بحجته بعده وأشهد على عليّ بن الحسين أنّه القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمّد بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن الحسين، وأشهد على جعفر بن محمّد بأنه القائم بأمر محمّد، وأشهد على موسى إنّه القائم بأمر جعفر بن محمّد، وأشهد على عليّ بن موسى أنّه القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد على محمّد بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن موسى، وأشهد على عليّ بن محمّد بأنه القائم بأمر محمّد بن عليّ، وأشهد على الحسن بن عليّ بأنه القائم بأمر عليّ بن محمّد، وأشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى حتّى يظهر أمره فيملاها عدلاً كما ملئت جوراً والسّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه وبركاته. ثمَّ قام فمضى. فقال أمير المؤمنين يا أبا محمّد اتبعه فانظر أين يقصد، فخرج الحسن بن

ص: 604


1- أي بجوابهن الصحيح.
2- يعني أبا بكر ومن والاه.
3- في الحيلولة بينك وبين حقك واغتصابهم الخلافة.
4- أي حكم عليهم بالخسران.
5- أي إن لم تجبني عن مسائلي الثلاث بما تقتضيه من جواب.
6- أي أنت وهم متساوون ولا فضل لك عليهم.
7- راجع إجابات الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) على مسائله في مرآة العقول للمجلسي ٢٠٣/٦ - ٢٠٤. والمازندراني ٣٥٦/٧ – ٣٥٨.

عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : ما كان إلّا أن وضع رجله خارجاً من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض اللّه، فرجعت إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأعلمته، فقال : يا أبا محمّد أتعرفه؟ قلت : اللّه ورسوله وأمير المؤمنين اعلم، قال : هو الخضر (1) (عَلَيهِ السَّلَامُ).

2 - وحدَّثني محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبي هاشم مثله (2) سواء. قال محمّد بن يحيى : فقلت لمحمّد بن الحسن : يا أبا جعفر : وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبد اللّه (3) قال : فقال : لقد حدَّثني قبل الحيرة (4) بعشر سنين.

3 - محمّد بن يحيى ومحمّد بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن جعفر، عن الحسن بن ظريف وعليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، عن بكر بن صالح، عن عبد الرحمن بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبي لجابر بن عبد اللّه الأنصاري إنَّ لي إليك حاجة فمتى يخفُ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها، فقال له جابر أيُّ الأوقات أحببته. فخلابه في بعض الأيام فقال له : يا جابر أخبرني عن اللوح الّذي رأيته في يد أمي فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وما أخبرتك به أمي أنّه في ذلك اللوح مكتوب؟ فقال جابر: أشهد باللّه أني دخلت على أمك فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) في حياة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فهنيتها بولادة الحسين، ورأيت في يديها لوحاً أخضر، ظننت أنّه من زمرد، ورأيت فيه كتاباً أبيض شبه لون الشمس، فقلت لها : بأبي وأمي يا بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما هذا اللوح ؟ فقالت : هذا لوح أهداه اللّه إلى رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيه اسم أبي واسم بَعْلي (5) واسم ابنَيَّ (6)، واسم الأوصياء من ولدي، وأعطانيه أبي ليبشرني(7)

ص: 605


1- «والخضر، المشهور بيننا أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان نبياً والآن من أمة نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ويبقى إلى نفخ الصور لأنه شرب ماء الحياة وهو مؤنس للقائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)» مرآة المجلسيّ ٢٠٦/٦.
2- أي نفس نص الحديث الأنف.
3- «كأنه أحمد بن محمّد بن خالد البرقي الّذي أخرجه أحمد بن محمّد بن عيسى من قم لما قذف به وطعن عليه القميون، وذكره الشيخ في أصحاب الجواد والهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعاش بعد أبي محمّد الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) أربع عشرة سنة، وقيل عشرين سنة» المازندراني ٣٦٠/٧.
4- «ولعل المراد بالحيرة تحيّره بعد موت العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) في وجود الصاحب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو تحيره بانحرافه لكبر سنه، أو زمان الحيرة وهو وقت وفاة العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ)» المازندراني ٣٦٠/٧ - ٣٦١ ومقصود الراوي دفع القدح فيه بأن أحمد بن أبي عبد اللّه وإن كان ضعيفاً لكن الخبر متضمن للخبر عن الغيبة إذ أخبر بالغيبة قبل عشر سنين من وقوعها تعليقة الميرزا الشعراني على شرح المازندراني هامش ص ٣٦٠ - ٣٦١ من المجلد السابع.
5- أي زوجي.
6- أي الحسن والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- وفي بعض النسخ (ليسرّني)، وفيه إشعار بأنها كانت مختمة لما علمته من قتل أمة أبيها لولدها الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أوله ولعلمها بقرب التحاق أبيها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالرفيق الأعلى، أو لاطلاعها على المصائب التي سوف تصيب أهل البيت بعد وفاة أبيها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

بذلك. قال جابر: فأعطتنيه أمك فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) فقرأته واستنسخته، فقال له أبي : فهل لك يا جابر أن تعرضه عَلَيَّ. قال : نعم، فمشى معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رق(1)، فقال : يا جابر: أنظر في كتابك لأقرأ [أنا] عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفاً. فقال جابر: فأشهد باللّه أني رأيته في اللوح مكتوباً :

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

هذا كتاب من اللّه العزيز الحكيم، لمحمّد نبيّه ونوره وسفيره وحجابه(2) ودلیله (3) نزل به الرُّوح الأمين من عند ربّ العالمين، عظم يا محمّد أسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، إنّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا قاصم الجبارين ومُديل المظلومين وديان الدين، إنِّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي، عذَّبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين، فإيَّاي فاعبد وعلي فتوكل، إني لم أبعث نبياً فأكمِلَتْ أيامه وانقضت مدته إلّا جعلت له وصيّاً، وإني فضلتك على الأنبياء، وفضّلت وصيّك على الأوصياء وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين فجعلت حسناً معدن علمي، بعد انقضاء مدة أبيه. وجعلت حسينا خازن (4) وحبي وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه وحجّتي البالغة عنده بعترته أثيب وأعاقب، أولهم علي سيد العابدين وزين أوليائي الماضين (5)، وابنه شبه جده المحمود محمّد الباقر عِلْمي، والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر الرّادَّ عليه كالرّاد علي حق القول مني لا، مثوى جعفر ولأسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، أتيحت (6) بعده (موسى) (7) فتنة عمياء حِنْدِس (8) لأنَّ خيط فرضي لا ينقطع، وحجتي لا تخفى، وأن أوليائي يُسقون بالكأس الأوفى، من جحد واحداً منهم فقد

ص: 606


1- جلد مدبوغ معدّ للكتابة عليه.
2- «من حيث أن المتوسل به متوسل باللّه تعالى وأن له وجهين وجهاً إلى اللّه ووجهاً إلى الخلق يسمى حجاجا» المازندراني ٣٦٢/٧ .
3- أي المرشد إلى طريقة المستقيم.
4- أي حافظه.
5- أي السابقين.
6- في أكثر نسخ الكافي (أبيحت) أي أظهرت ومعنى أتيحت (على ما في الكتاب) : أي هيئت وقدرت. وهنالك اختلاف كبير في هذه اللفظة بين نسخ الكتاب فراجع.
7- أي موسى الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) حيث ظهرت بعد أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتنة القول بالوقف بين الشيعة وكذا بعده (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- أي مظلمة، لأن الجندِس يقال للظلمة الشديدة وتوصيف الفتنة بها على نحو المجاز.

جحد نعمتي (1)، ومن غير آية من كتابي فقد افترى عليَّ، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في عليّ (2) ولتي وناصري ومن أضع عليه أعباء النبوّة وأمتحنه بالاضطلاع بها، يقتله عفريت (3) مستكبر يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح (4) إلى جنب شرّ خلفي (5)، حق القول منّي لأسرته بمحمّد ابنه (6) وخليفته من بعده ووارث علمه، فهو معدن علمي وموضع سرّي وحجّتي على خلقي، لا يؤمن عبد به إلّا جعلت الجنة مثواه، وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار، وأختم بالسعادة لابنه علي (7) ولتي وناصري والشاهد في خلقي وأميني على وحيي، على وحيي أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن (8) وأكمل ذلك بابنه م ح م د (9) رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيّوب، فيذل أوليائي في زمانه وتتهادى (10) رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم، فيقتلون ويُحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرَّنّة (11) في نسائهم أولئك أوليائي حقاً، بهم أدفع كلّ فتنة عمياء جندِس، وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والأغلال أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون (12).

قال عبد الرحمن بن سالم : قال أبو بصير: لو لم تسمع في دهرك، إلّا هذا الحديث لكفاك، فصُنه إلّا عن أهله.

٤ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي

ص: 607


1- لأن الاعتقاد بالأئمّة مفروض على نحو المجموع بما هو مجموع.
2- أي الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- المقصود به المأمون العبّاسي.
4- «العبد الصالح : ذو القرنين لأن طوس من بنائه» مرآة المجلسيّ ٢١٥/٦.
5- وهو الرشيد الطاغية هارون العبّاسي.
6- أي الإمام الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- أي الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- أي الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
9- أي الإمام الحجّة المنتظر (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
10- أي يهديها الطغاة والظالمون بعضهم إلى بعض.
11- البكاء في المصائب.
12- لا بد من توجيه ما ورد فى هذا الحديث من أن الشيعة يذلون في زمان الحجّة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) على أن المراد به زمن غيبته (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) وألا يكون مخالفاً لما هو من ضروريات عقيدتنا من أن اللّه سبحانه يديل به الباطل ويظهر الحقّ وتكون العزّة اللّه ولرسوله وله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولشيعته في زمانه ويكونون هم حكام الأرض، وينتقم اللّه به وبهم من كلّ ظالم.

عمير، عن عمر بن أذينة ؛ وعليّ بن محمّد، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن : أذينة، عن [أبان] بن عياش عن سليم بن قيس قال : سمعت عبد اللّه بن جعفر الطيار يقول : كنا عند معاوية، أنا والحسن والحسين وعبد اللّه بن عباس وعمر بن أم سلمة، وأسامة بن زيد فجرى بيني وبين معاوية كلامٌ فقلت لمعاوية : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ أخي عليّ بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد علي فالحسن بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثمَّ ابني الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من أنفسهم فإذا استشهد فابنه عليّ بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وستدركه يا عليُّ (1)، ثمَّ ابنه محمّد بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا حسين(2)، ثمَّ تكمّله اثني عشر إماماً تسعة من ولد الحسين، قال عبد اللّه بن جعفر: واستَشْهَدْتُ الحسن والحسين، وعبد اللّه بن عباس، وعمر بن أمّ سلمة، وأسامة بن زيد، فشهدوا لي عند معاوية، قال سليم : وقد سمعت ذلك من سلمان وأبي ذرّ والمقداد، وذكروا أنهم سمعوا ذلك من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

٥ - عدَّةٌمن أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن القاسم، عن حنان بن السراج (3)، عن داود بن سليمان الكسائي، عن أبي الطفيل(4) قال : شهدت جنازة أبي بكر يوم مات، وشهدت عمر حين بويع وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالس ناحية، فأقبل غلام يهودي جميل [الوجه ] بهيء، عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون(5) حتّى قام على رأس عمر فقال : يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الأمة بكتابهم وأمر نبيهم؟ قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال : إيّاك أعني، وأعاد عليه القول، فقال له عمر : لم ذاك؟ قال : إني جئتك مرتاداً (6) لنفسي، شاكاً في ديني، فقال : دونك هذا الشّاب، قال : ومَن هذا الشّاب؟ قال : هذا عليّ بن أبي طالب ابن عم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وهذا أبو الحسن والحسين ابني رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وهذا زوج فاطمة

ص: 608


1- كان عمر زين العابدين عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند استشهاد جده أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) سنتين، إذ ولد سنة ٣٨ للهجرة واستشهد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) سنة أربعين للهجرة.
2- كان عمر الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند استشهاد جده الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أربع سنوات تقريباً.
3- «وحنان بن السراج كأنه تصحيف والأظهر حيان السراج بدون ابن وروى الكشي بسند صحيح أنّه كان كيسانياً» مرآة المجلسيّ ٢١٧/٦.
4- واسمه عامر بن واثلة.
5- «في رواية الصدوق (رضیَ اللّهُ عنهُ) عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه من ولد هارون بن عمران أخي موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومن علماء اليهود وأحبارها» المازندراني ٣٦٧/٧.
6- أي طالباً للدين الحقّ من أجل إنقاذ نفسي.

بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). فأقبل اليهودي على علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : أكذاك أنت؟ قال: نعم، قال: إني اريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة، قال : فتبسّم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من غير تبسم (1) وقال : يا هاروني ما منعك أن تقول سبعاً؟ قال : أسألك عن ثلاث فإن أجبتني سألت عمّا بعدَهُنَّ، وإن لم تعلمهنَّ علمت أنّه ليس فيكم عالم، قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فإنّي أسألك بالإله الّذي تعبده، لئن أنا أجبتك في كلّ ما تريد لتدعن دينك ولتدخلن في ديني ؟ قال : ما جئت إلّا لذاك، قال : فَسَل. قال : أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض أي قطرة هي ؟ وأوّل عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي ؟ وأوّل شيء اهتز على وجه الأرض أي شيء هو؟ فأجابه (2) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). فقال له : أخبرني عن الثلاث الآخر، أخبرني عن محمّد كم له من إمام عدل؟ وفي أي جنّة يكون؟ ومن ساكنه معه في جنّته ؟ فقال : يا هاروني إنّ لمحمّد اثني عشر إمام عدل، لا يضرهم خذلان من خَذَلهم، ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم، وإنهم في الدّين أرسب من الجبال (3) الرواسي في الأرض ومسكن محمّد في جنته معه أولئك الاثني عشر الإمام العدل، فقال: صدقت واللّه الّذي لا إله إلّا هو إني لأجدها في كتب أبي هارون، كتبه بيده وإملاء موسى عمّي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : فأخبرني عن الواحدة، أخبرني عن وصي محمّد كم يعيش من بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟ قال : يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة، لا يزيد يوماً ولا ينقص يوماً، ثمَّ يُضرب ضربة ههنا _ يعني على قرنه - فتخضب هذه من هذا. قال: فصاح الهاروني وقطع كسْتيجَهُ (4) و يقول : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنك وصيّه، ينبغي أن تفوق ولا تفاق (5) وأن تُعظم ولا تستضعف، قال : ثمَّ مضى به علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى منزله فعلمه معالم الدين.

٦ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن أبي سعيد العصفوري عن عمر [و] بن ثابت، عن أبي حمزة قال : سمعت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّ

ص: 609


1- «أي من غير تبسّم واضح بيّن أو من غير أن يكون مقتضى حاله التبسّم لحزنه... الخ» مرآة المجلسيّ ٢١٨/٦.
2- أي أجابه عن مسائله الثلاث المذكورة، فراجع أجوبته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مرآة المجلسيّ /٢١٩/٦. وذكر المازندراني ٣٦٨/٧ أن «في بعض الروايات أن أول دم وقع على وجه الأرض هو حيض حواء (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأن أول عين فاضت على وجهها هي عين الحياة وأما أول شيء أهين على وجهها فقيل : يمكن أن يكون عناق بنت آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) التي أكلتها السباع لعتوها».
3- أي أرسى وأثبت.
4- الكستيج : كما في القاموس، خيط غليظ يشدّه الذمي فوق ثيابه دون الزنار.
5- أي تعلى ولا يُعْلَى عليك.

اللّه خلق محمّداً وأحد عشر من ولده من نور عظمته (1)، فأقامهم أشباحاً (2) في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق، يسبحون اللّه ويقدسونه وهم الأئمّة من ولد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

7 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد الخشّاب، عن ابن سماعة(3)، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن ابن أذينة عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الاثنا عشر الإمام من آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) كلّهم محدث من ولد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ومن ولد علي، ورسول اللّه وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هما الوالدان. فقال عليّ بن راشد (4) وكان أخا عليّ بن الحسين لأمه وأنكر ذلك (5) فصرر (6) أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : أما إنَّ ابن أُمّك كان أحدهم.

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبد اللّه ومحمّد بن الحسين، عن إبراهيم، عن أبي يحيى المدائني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال : كنت حاضراً لما هلك أبو بكر واستخلف عمر أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب، وتزعم يهود المدينة أنّه أعلم أهل زمانه حتّى رُفع إلى عمر فقال له : يا عمر : إني جئتك أريد الإسلام فإن أخبرتني عمّا أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمّد بالكتاب والسنة ما أريد أن أسأل عنه، قال : فقال له عمر : إني لست هناك (7)، لكني أرشدك إلى من هو وجميع أعلم أمتنا بالكتاب والسنّة وجميع ما قد تسأل عنه، وهو ذاك - فأومأ إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) -، فقال له اليهودي يا عمر إن كان هذا كما تقول فما لك ولبيعة النّاس وإنما ذاك أعلمكم ! فَزَبَرَه عمر (8). ثمَّ إِنَّ اليهودي قام إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له : أنت كما ذكر عمر ؟ فقال : وما قال عمر؟ فأخبره، قال (9) : فإن كنت كما قال سألتك عن أشياء أريد أن أعلم هل يعلمه أحدٌ منكم فأعلم أنّکم في دعواكم خيرُ الأمم وأعلمُها صادقين، ومع ذلك أدخل في دينكم الإسلام، فقال أمير

ص: 610


1- أي من نور يدل على عظمته سبحانه.
2- «أي في أجسادهم المثالية أو أرواحاً بلا أبدان» مرآة المجلسيّ ٢٢٢/٦.
3- وهو الحسن بن سماعة. والظاهر أن الصحيح : عبد اللّه بن محمّد عن الخشاب وهو الحسن بن موسى وسوف يأتي في الحديث (١٤) من هذا الباب ما يؤيد ما قلناه.
4- هذا من كلام زرارة راوي الحديث.
5- أي تكلم بكلام فحواه الإنكار على الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما قاله.
6- الظاهر أنّها من (الصَّرة) وهي تقطيب الوجه لا ما قيل : من أنّها بمعنى صاح بشدة، لأن ذلك لا يتناسب مع جلالة قدر الإمام وعظمة مقام الإمامة.
7- أي لست في المرتبة التي تقول.
8- أي زجره.
9- أي اليهودي. وكأنَّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يعلق على ما قاله عمر وأخبره به اليهودي للوهلة الأولى.

المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نعم أنا كما ذكر لك عمر، سل عما بدا لك أخبرك به إن شاء اللّه.

قال : أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة فقال له علي : يا يهودي ولم لم تقل : أخبرني عن سبع، فقال له اليهودي : إنّك إن أخبرتني بالثلاث سألتك عن البقية وإلا كففت، فإن أنت أجبتني في هذه السبع فأنت أعلم أهل الأرض وأفضلهم وأولى النّاس بالناس، فقال له : سل عما بدا لك يا يهودي قال : أخبرني عن أوّل حجر وضع على وجه الأرض؟ وأول شجرة غرست على وجه الأرض؟ وأول عين نبعت على وجه الأرض؟ فأخبره أمير المؤمنين (1) (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمَّ قال له اليهودي : أخبرني عن هذه الأمة كم لها من إمام هدى؟ وأخبرني عن نبيكم محمّد أين منزله في الجنة؟ وأخبرني من معه، في الجنة؟ فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنّ لهذه الأمة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها، وهم مني (2)، وأما منزل نبيّنا في الجنّة ففي أفضلها وأشرفها جنّة عدن وأما من معه في منزله فيها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته وأمهم وجدتهم وأُمُّ أُمّهم وذراريهم، لا يشركهم فيها أحد.

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال دخلت على فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددتُ اثني عشر آخرهم القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثلاثة منهم (3) محمّد وثلاثة منهم عليٌّ.

10 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه أرسل محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى الجن والإنس وجعل من بعده اثني عشر وصيّاً، منهم من سبق ومنهم من بقي، وكلُّ وصي جرت به سنة(4)، والأوصياء الّذين من بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على سنة أوصياء عيسى، وكانوا اثني عشر، وكان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على سنة المسيح (5).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، ومحمّد بن أبي عبد اللّه

ص: 611


1- راجع أجوبته (عَلَيهِ السَّلَامُ) على المسائل الثلاث في مرآة المجلسيّ ٢٢٦/٦. والظاهر أن مضمون هذا الحديث قريب من مضمون الحديث الأنف اختلاف في السند بينهما.
2- أي ابتدأوا مني.
3- أي من أولادها.(عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- أي أسلوب وطريقة في القيام بأعباء وصايته.
5- «أي في افتراق النّاس فيه ثلاث فرق فمنهم من قال بألوهيته، ومنهم من خطاه وأكفره ومنهم من ثبت على الحقّ وقال بإمامته. أو في زهده وعبادته وخشونة الملبس وجشوبة المطعم» مرآة المجلسيّ ٢٢٨/٦ - ٢٢٩.

ومحمّد بن الحسن عن سهل بن زياد جميعاً عن الحسن بن العبّاس بن الجريش، عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال لابن عباس : إنَّ ليلة القدر في كلّ سنة، وإنّه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال ابن عباس : مَن هم؟ قال : أنا وأحَدَ عَشَرَ من صُلْبي أئمة محدّثون (1).

١٢ - وبهذا الإسناد قال (2) : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لأصحابه : آمنوا بليلة القدر إنّها تكون لعليّ بن أبي طالب ولولده الأحد عشر من بعدي.

13 - وبهذا الإسناد (3)أنَّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال لأبي بكر يوماً : (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) واشهد [أنَّ] محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رسول اللّه مات شهيداً (4) واللّه ليأتينك، فأيقن إذا جاءك فإنَّ الشيطان غير متخيّل (5) به، فأخذ علي بيد أبي بكر فأراه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال له (6) : يا أبا بكر آمن بعلي وبأحد عشر من ولده، إنهم مثلي إلّا النبوّة، وتب إلى اللّه ممّا في يدك، فإنّه لا حق لك فيه، قال ثمَّ ذهب فلم يُر.

١٤ - أبو علي الأشعريّ عن الحسن بن عبيد اللّه، عن الحسن بن موسى عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عليّ بن سماعة، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن ابن أذينة، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الاثنا عشر الإمام من آل محمّد كلّهم محدَّث من ولد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وولد عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هما الوالدان.

1٥ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن عليّ، تاسعُهم قائمُهم.

١٦ - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد عن الوشّاء، عن أبان، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : نحن اثنا عشر إماماً منهم حسن وحسين ثمَّ الأئمّة من ولد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 612


1- مر مضمون هذا الحديث في باب في شأن إنا أنزلناه الخ ضمن الحديث الأوّل فراجع.
2- أي أبو جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- «هذا أيضاً عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكلها مأخوذ من كتاب ابن الجريش في إنا أنزلناه في ليلة القدر وضعفه النجاشي. الخ» مرآة المجلسيّ ٢٢٩/٦.
4- أي بالسم.
5- أي لا يتمثل الشيطان برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فمن رآه فقد رآه.
6- القائل هو النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والضمير في (له) لأبي بكر.

17 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن أبي سعيد العصفوري، عن عمرو بن ثابت عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إنّي واثني عشر (1) من ولدي وأنت يا علي رزُ الأرض يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد اللّه الأرض أن تسيخ (2) بأهلها، فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم يُنظَروا (3).

18 - وبهذا الإسناد، عن أبي سعيد رفعه عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من ولدي اثنا عشر نقيباً (4)، نجباء، محدّثون، مفهمون، آخرهم القائم بالحقّ يملأها عدلاً كما مُلِئَتْ جَوراً.

19 - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شَمُّون، عن عبد اللّه بن عبد الرَّحمن الأصم، عن كَرَّام (5) قال : حلفت فيما بيني وبين نفسي ألا أكل طعاماً بنهار (6) أبداً حتّى يقوم قائم آل محمّد، فدخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: فقلت له : رجل من شيعتكم جعل اللّه عليه ألا يأكل طعاماً بنهار أبداً حتّى يقوم قائم آل محمّد ؟ قال : فصم إذاً يا كرّام ولا تصم العيدين ولا ثلاثة التشريق ولا إذا كنت مسافراً ولا مريضاً فإنَّ الحسين (7) (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما قتل عجّت السماوات والأرض ومن عليهما والملائكة، فقالوا: يا ربنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتّى نَجُدَّهم (8) عن جديد الأرض (9) بما استحلوا حرمتك، وقتلوا صفوتك، فأوحى اللّه إليهم يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي اسكنوا، ثمَّ كشف حجاباً من الحجب فإذا خلفه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) واثنا عشر وصيّاً له (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأخذ بيد فلان القائم من بينهم، فقال: يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي بهذا أنتصر [لهذا] - قالها ثلاث مرات..

ص: 613


1- أي أحد عشرهم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من ولد فاطمة مع أمهم فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ). «والرز : يقال رززت الشيء في الأرض رزاً أي أثبته فيها، والرزة الحديدة التي يدخل فيها القفل فيستحكم بها الباب» المازندراني 381/7. ومعنى الكلام على هذا أن علياً وفاطمة والأئمّة الأحد عشر (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم أوتاد الأرض.
2- أي تنخسف.
3- أي لم يُمهلوا من نزول العذاب.
4- النقيب - كما فى القاموس - شاهد القوم وضامنهم وعريفهم.
5- هو عبد الكريم بن عمرو بن صالح الخثعمي كان من الواقفة في الإمامة على أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- لعله كناية عن نذره الصوم.
7- فيه إيماء إلى طول المدة التي لو صح نذر الناذر لكان عليه أن يصومها.
8- أي نستأصلهم ونقتطعهم.
9- أي وجهها.

20 - محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسين، عن أبي طالب، عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران قال : كنت أنا وأبو بصير ومحمّد بن عمران مولى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في منزله (1) بمكّة فقال محمّد بن عمران : سمعت أبا عبد بن عمران : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : نحن اثنا عشر محدثاً. فقال له أبو بصير : سمعت من أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ فحلفه مرة أو (2) مرتين أنّه سمعه؟ فقال أبو بصير: لكنّي سمعته من أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

183 - باب في أنه إذا قيل في الرَّجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فإنه هو الّذي قيل فيه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه تعالى أوحى إلى عمران أنّي واهب لك ذكراً سوياً (3)، مباركاً، يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن اللّه، وجاعله رسولاً إلى بني إسرائيل، فحدث عمران امرأته حنة (4) بذلك وهي أم مريم، فلمّا حملت كان حملها بها عند نفسها (5)، غلام فلما وضعتها قالت ربّ إنّي وضعتها أُنثى وليس الذكر كالأنثى، أي لا تكون البنت رسولاً يقول اللّه عزّ وجلّ : واللّه أعلم بما وضعت، فلما وهب اللّه تعالى لمريم عيسى، كان هو الّذي بشر به عمران ووعده إياه، فإذا قلنا في الرَّجل منا شيئاً (6) وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك.

2 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا قلنا في رجل قولاً، فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك، فإنَّ اللّه تعالى يفعل ما يشاء (7).

ص: 614


1- الضمير يرجع إلى محمّد بن عمران.
2- «الترديد من الراوي، وكأن الحلف مع العلم للتقرير ولعلم الحاضرين بحقيته» مرآة المجلسيّ ٢٣٥/٦.
3- أي مستوى الخلقة.
4- لا منافاة بين هذا وبين ما ورد في باب مولد الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أن اسمها مرثا وإنها بالعربية وهيبة لاحتمال أن يكون أحدهما لقباً لها والآخر اسماً، أو أن أحدهما هو اسمها في الواقع ونفس الأمر والآخر ما اشتهر على ألسنة الناس مطلقاً أو عند أهل الكتاب.
5- أي بحسب ظنها، أو رغبتها.
6- «أي بحسب فهم السائل أو ظاهر اللفظ» مرآة المجلسيّ ٢٣٩/٦.
7- فيه إشارة إلى البداء.

3 - الحسين بن محمّد عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قد يُقَوَّم الرَّجل (1) بعدل أو بجور وينسب إليه ولم یکن قام به فيكون ذلك ابنه أو ابن ابنه من بعده، فهو هو (2).

١٨٤ - باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) كلهم قائمون بأمر اللّه تعالى هادون إليه

١ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن زيد - أبي الحسن، عن الحكم بن أبي نعيم قال : أتيت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو بالمدينة، فقلت له : عليَّ نذر (3) بين الركن والمقام (4) إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتّى أعلم أنك قائم آل محمّد أم لا، فلم يجبني بشيء، فأقمت ثلاثين يوماً، ثمَّ استقبلني في طريق فقال: يا حكم وإنك لههنا بعد، فقلت : نعم إني أخبرتك بما جعلت اللّه علي، فلم تأمرني ولم تنهني عن شيء ولم تجبني بشيء؟ فقال : بكر عليَّ غدوة المنزل، فغدوت عليه فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): سل عن حاجتك، فقلت: إنّي جعلت اللّه علي نذراً وصياماً وصدقة بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتّى أعلم أنك قائم آل محمّد أم لا، فإن كنت أنت رابَطْتُكَ (5) وإن لم تكن أنت، سرت في الأرض فطلبت المعاش، فقال يا حكم كلّنا قائم بأمر اللّه، قلت : فأنت المهدي ؟ قال : كلنا نهدي إلى اللّه، قلت: فأنت صاحب السيف؟ قال : كلّنا صاحب السيف ووارث السيف (6)، قلت: فأنت الّذي تقتل أعداء اللّه ويعزُّ بك أولياء اللّه ويظهر بك دين اللّه ؟ فقال : يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمساً وأربعين [سنة]؟ وإنَّ صاحب هذا الأمر أقرب عهداً باللبن مني (7) وأخفٌ على ظهر الدابة.

ص: 615


1- أي يحكم عليه بصفة : عادل أو جائر.
2- «الضمير الأوّل للقائم بأحدهما حقيقة والثاني لما هو المراد من اللفظ، أو للمقدّر الواقعي والمكتريب في اللوح المحفوظ أو بالعكس، وقيل : الأوّل للصادر والثاني للمنسوب أي الرَّجل» مرآة المجلسيّ ٢٣٩/٦.
3- أي أنشأت وجعلت علي نذراً.
4- ظرف مكان المتعلق نذره، أي للإتيان بالمنذور. ولعله نذر أن يقيم بين الركن والمقام، ويفسره ما يأتي من الصيام والصدقة بينهما مع الإقامة حسب الظاهر.
5- أي لازمتك.
6- أي سيف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أو الجفر الأحمر.
7- أي يُرى عند خروجه أقل سناً مني وأقوى، مرآة المجلسيّ ٢٤١/٦. أو أن المعنى أقرب عهداً بلبن أمه مني يريد أن سنّه أقل من سني» المازندراني ٣٨٤/٧.

2 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه سُئِلَ عن القائم فقال : كلنا قائم بأمر اللّه، واحد بعد واحد حتّى يجيىء صاحب السيف فإذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الّذي كان (1).

3 _ عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شَمّون، عن عبد اللّه ابن عبد الرحمن، عن عبد اللّه بن القاسم البطل، عن عبد اللّه بن سنان قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) (2). قال : إمامهم الّذي بين أظهرهم وهو قائم أهل. زمانه.

١٨٥ - باب صلة الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - الحسين بن محمّد بن عامر بإسناده رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من زعم أنّ الإمام يحتاج إلى ما في أيدي النّاس فهو كافر (3)، إنّما النّاس يحتاجون أن يقبل منهم الإمام، قال اللّه عزّ وجلّ: (خُذ مِن أَموَالِهِم صَدَقَةً تُطَهَّرُهُم وتُزَكّيهم بُها) (4).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عيسى بن سليمان النحاس، عن المفضّل بن عمر عن الخيبري ويونس بن ظبيان قالا : سمعنا أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما من شيء أحبُّ إلى اللّه من إخراج الدراهم إلى الإمام، وأنَّ اللّه ليجعل له الدّرهم في الجنّة مثل جبل أحد (5)، ثمَّ قال : إنَّ اللّه تعالى يقول في كتابه : (مَنْ ذا الّذي يُقْرِضُ اللّه قَرضَاً حَسَنَاً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أضعَافَاً كَثِيرَة).(6). قال : هو واللّه في صلة الإمام خاصّة.

ص: 616


1- «من الخروج بالسيف والحكم بعلمه وقتل مانع الزكاة وقطع أيدي بني شيبة والمنع من الميازيب وسائر ما يضر بالطريق وهدم المنارات والمقاصير الخ...» مرآة المجلسيّ ٢٤٢/٦.
2- الإسراء / 71 وقد مر قبل قليل أن كلّ إمام منهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو قائم أهل زمانه.
3- «أي غير عارف بفضل الإمام وأنه قادر على قلب الجبال ذهباً بدعائه، فالكفر في مقابلة الإيمان الكامل. أو محمول على ما إذا كان ذلك على وجه التحقير والإزراء بشأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)» مرآة المجلسيّ ٢٤٢/٦.
4- التوبة / ١٠٣.
5- «يعني أن له وزناً في ميزان العمل الصالح كوزن جبل أحد، ولعله كناية عن كثرة ثوابه وعظمة جزائه بحيث لا يعلم قدره إلّا اللّه» المازندراني ٧ / ٣٨٦.
6- البقرة/ ٢٤٥.

3 - وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن حماد بن أبي طلحة، عن معاذ صاحب الأكسية (1) قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن اللّه لم يسأل خلقه ما في أيديهم قرضاً من حاجة به إلى ذلك وما كان اللّه من حق فإنّما هو لوليه (2).

٤ - أحمد بن حمد، عن عليّ بن الحكم عن أبي المغرا، عن إسحاق بن عمار، عن، أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾ (3). قال : نزلت في صلة الإمام.

٥ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن ميّاح، عن أبيه قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) یا میاح درهم يوصل به الإمام أعظم وزناً من أحد.

٦ - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : درهم يوصل به الإمام أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من وجوه البر.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن فضّال، عن ابن بكير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّي لأخذ من أحدكم الدّرهم وإنّي لمن أكثر أهل المدينة مالاً ما أريد بذلك إلّا أن تطهروا (4).

١٨٦ - باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه

إنَّ (5) اللّه تبارك وتعالى جعل الدنيا كلها بأسرها لخليفته حيث يقول للملائكة : (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (6). فكانت الدنيا بأسرها لآدم وصارت بعده لأبرار ولده وخلفائه، فما غلب عليه أعداؤهم ثمَّ رجع إليهم بحرب أو غلبة سمّي فيئاً، وهو أن يفيء(7) إليهم بغلبة وحرب، وكان حكمه فيه ما قال تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي

ص: 617


1- هو ابن مسلم الهراء (الفراء) كان يبيع الثياب وكان شاعراً نحوياً متعيناً في الأدب. فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي /118/1 نقلا عن البرقي.
2- أي من جعله أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والأئمّة المعصومون من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
3- الحديد / 11.
4- أي من الشح وغيره من أمراض النفس.
5- من هنا إلى قوله (تركها في يده) هو من كلام الكلينيّ (رضیَ اللّهُ عنهُ).
6- البقرة/ ٣٠.
7- أي يرجع.

الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (1) فهو للّه وللرسول ولقرابة الرّسول، فهذا هو الفيء الراجع، وإنّما يكون الراجع ما كان في يد غيرهم، فأخذ فأخذ منهم بالسيف، وأما ما رجع إليهم من غير أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو الأنفال هو اللّه وللرّسول خاصّة، ليس لأحد فيه الشركة وإنّما جُعل الشركة في شيء قوتل عليه، فجعل لمن قاتل من الغنائم أربعة أسهم وللرسول سهم والّذي للرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقسمه على ستة أسهم : ثلاثة له وثلاثة لليتامى والمساكين وابن السبيل. وأما الأنفال فليس هذه سبيلها، كان للرّسول (عَلَيهِ السَّلَامُ) خاصّة، وكانت فَدَك (2) لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خاصّة، لأنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فتحها وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لم يكن معهما أحد، فزال عنها اسم الفيء ولزمها اسم الأنفال، وكذلك الأجام (3) والمعادن والبحار والمفاوز، هي للإمام خاصّة، فإن عمل فيها قوم بإذن الإمام فلهم أربعة أخماس وللإمام خمس، والّذي للإمام يجري مجرى الخمس (4)، ومن عمل فيها بغير إذن الإمام (5) فالإمام يأخذه كله، ليس لأحد فيه شيء، وكذلك من عمر شيئاً أو أجرى قناة أو عمل في أرض خراب بغير إذن صاحب الأرض فليس له ذلك فإنّ شاء أخذها منه كلّها وإن شاء تركها في يده.

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال : سمعت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: نحن واللّه عنى الّذين اللّه بذي القربي، الّذين قرنهم اللّه بنفسه ونبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال : (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ) (6) منا خاصّة (7)، ولم يجعل لنا سهماً في الصدقة (8)، أكرم اللّه نبيّه وأكرمنا أن يطعمنا أو ساخ ما في أيدي النّاس.

2 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن عن أبان، الوشّاء، أبان، عن عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ

ص: 618


1- الأنفال / ٤١ وهذه الآية تسمى بآية الخمس في القرآن.
2- قرية بخيير، كان قد نحلها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لبضعته الزهراء (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنها كانت لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خاصّة لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب واغتصبها منها أبو بكر ومن تلاه فراجع كلّ ما يتعلق بها في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي 209/15 وما بعدها.
3- الأجام : (وتُقرأ بكسر الهمزة أيضاً) جمع اجمة وهي الشجر الكثيف الملتف
4- أي أنّه حق للإمام خاصّة انتقل إليه بالوراثة لا إنّه يجري مجراه في وجوب قسمته على من ذكرتهم الآية.
5- مطلقاً، إلّا أنّه وردت النصوص بأنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد أباحوا مالهم لشيعتهم وهذه الإباحة هي بمنزلة الإذن لهم بالتصرف.
6- الحشر، والمراد بالفيء في هذه الآية الغنيمة من أهل الحرب والتي تغنم منهم بواسطة القتال أو غيره.
7- أي تخص اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من بني هاشم دون غيرهم.
8- أي الزكاة إذا تحرم على الهاشمي من غيره.

وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى). قال هم قرابة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والخمس اللّه وللرسول ولنا.

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الأنفال ما لم يوجف (1) عليه بخيل ولا ركاب أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم (2)، وكلُّ أرض خربة وبطون الأودية فهو لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء.

٤ - عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن العبد الصالح (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الخمس من خمسة أشياء من الغنائم (3) والغوص ومن الكنوز ومن المعادن والملاحة (4) يؤخذ من كلّ هذه الصنوف الخمس، فيجعل لمن جعله اللّه تعالى له، ويقسم الأربعة الأخماس بين من قاتل عليه (5) وولي ذلك، ويقسم بينهم الخمس على ستة أسهم : سهم للّه وسهم لرسول اللّه وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل.

فسهم اللّه وسهم رسول اللّه لأولي الأمر من بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وراثةً، فله ثلاثة أسهم : سهمان وراثةً(6) وسهم مقسوم له من اللّه (7) وله نصف الخمس كملا، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته (8)، فسهم ليتاماهم وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكتاب والسنة (9) ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل عنهم شيء فهو للوالي (10) وإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي (11) أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به وأنما صار عليه أن يمونهم (12) لأنَّ له ما فضل عنهم.

ص: 619


1- أي لم يعمل بخيل ولا رجال لتحصيله.
2- أي سلموها طواعية.
3- مطلقاً ويدخل فيها أرباح المكاسب والتجارات.
4- المفروض أنّها داخلة في المعادن، وإنما نص عليها بالخصوص لغفلة النّاس عن وجوب الخمس فيما تنتجه من ملح بشكل عام.
5- بالنسبة لغنائم الحرب.
6- وذلك لأن سهم اللّه إنّما يعود إلى رسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
7- وهو سهم ذي القربى بنص الآية.
8- ممّن ينتسب إلى هاشم بالأب دون الأم على القول الأصح الأشهر عندنا.
9- في بعض النسخ (على الكفاف والسعة).
10- أي للإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم يخالف فيه منا إلّا ابن ادريس وتوقف العلّامة عن الفتوى فيه كما يظهر من كتابه المختلف.
11- وهذا أيضاً لم يخالف فيه إلّا ابن إدريس.
12- أي يعطيهم قدر مؤونة سنتهم.

وإنما جعل اللّه هذا الخمس خاصّة لهم دون مساكين النّاس وأبناء سبيلهم، عوضاً لهم من صدقات الناس، تنزيهاً من اللّه لهم لقرابتهم برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكرامة من اللّه لهم عن أوساخ الناس، فجعل لهم خاصّة من عنده ما يغنيهم به عن أن يصيرهم في موضع الذل والمسكنة، ولا بأس بصدقات بعضهم على بعض(1)، وهؤلاء الّذين جعل اللّه لهم الخمس هم قرابة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الّذين ذكرهم اللّه فقال : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (2). وهم بنو عبد المطلب أنفسهم (3)، الذَّكر منهم والأنثى، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحد، ولا فيهم ولا منهم في هذا الخمس من مواليهم. وقد تحلّ صدقات النّاس لمواليهم (4) وهم والناس سواء، ومن كانت أُمه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإنَّ الصدقات تحلُّ له، وليس له من الخمس شيء لأنَّ اللّه تعالى يقول : (ادعوهم لآبائهم) (5). وللإمام صفو المال، أن يأخذ من هذه الأموال صفوها : الجارية الفارهة (6) والدابة الفارهة (7) والثوب والمتاع بما يحبُّ أو يشتهي فذلك له قبل القسمة وقبل إخراج الخمس، وله أن يسدَّ بذلك المال جميع ما ينوبه (8) من مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم وغير ذلك ممّا ينوبه، فإن بقي بعد ذلك شيء أخرج الخمس منه فقسمه في أهله، وقسم الباقي على من ولي ذلك، وإن لم يبق بعد سد النوائب شيء، فلا شيء لهم وليس لمن قاتل شيء من الأرضين (9)، ولا ما غلبوا عليه إلّا ما احتوى عليه العسكر (10).

وليس للأعراب من القسمة شيء وإن قاتلوا مع الوالي، لأنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صالح الأعراب أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على أنّه إن دهم (11) رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من عدوّه دَهْمٌ أن يستنفرهم (12)، فيقاتل بهم، وليس لهم في الغنيمة نصيب، وسنته جارية فيهم وفي غيرهم،

ص: 620


1- أي تصح صدقة الهاشمي على هاشمي مثله.
2- الشعراء / ٢١٤.
3- «لأن ولد هاشم انحصر في ولد عبد المطلب وكان لعبد المطلب عشرة من الأولاد لم يبق منهم ولد إلّا من خمسة عبد اللّه وأبي طالب والعبّاس والحارث وأبي لهب ولم يبق لعبد اللّه ولد إلّا من ولد أبي طالب فاتحدا في لنسب...» مرآة المجلسيّ ٢٥٩/٦. وقوله انفسهم : أي لا مواليهم.
4- وهم من انتسبوا إليهم بولاء العتق.
5- الأحزاب / ٥.
6- المقصود بهذه الأموال الغنائم. والفارهة : المليحة الحسناء.
7- القوية النشيطة.
8- أي يعرض له من الحاجة.
9- أي من رقبتها وإن كان لهم نصيب من غلتها.
10- أي معسكر الأعداء.
11- أي غشيه، والدُّهم : الجماعة الكُثر.
12- أي يطلب منهم الخروج للجهاد.

والأرضون التي أخذت عنوة (1) بخيل ورجال فهي موقوفة متروكة في يد من يعمرها ويحييها ويقوم عليها على ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحقّ (2)، النصف [أ] والثلث [أ] والثلثين، وعلى قدر ما يكون لهم صلاحاً ولا يضرهم، فإذا أخرج منها ما أخرج بدأ فأخرج منه العشر من الجميع ممّا سقت السماء أو سقي سيحاً (3)، ونصف العشر ممّا سقي بالدوالي والتواضح (4) فأخذه الوالي، فوجهه في الجهة التي وجّهها اللّه على ثمانية أسهم للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل اللّه وابن السبيل ثمانية أسهم، يقسم بينهم في مواضعهم بقدر ما يسغنون به في سنتهم بلا ضيق ولا تقتير، فإن فضل من ذلك شيء رُدّ إلى الوالي، وإن نقص من ذلك شيء ولم يكتفوا به كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم حتّى يستغنوا ويؤخذ بعد ما بقي من العشر، فيقسم بين الوالي وبين شركائه الّذين هم عمال الأرض وأكَرَتُها (5)، فيدفع إليهم أنصباؤهم على ما صالحهم عليه، ويؤخذ الباقي فيكون بعد ذلك أرزاق أعوانه على دين اللّه، وفي مصلحة ما ينوبه من تقوية الإسلام وتقوية الدّين في وجوه الجهاد وغير ذلك، ممّا فيه مصلحة العامّة، ليس لنفسه من ذلك قليلٌ ولا كثير.

وله بعد الخمس الأنفال، والأنفال كلّ أرض خربة قد باد أهلها وكلُّ أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ولكن صالحوا صلحاً وأعطوا بأيديهم على غير قتال، وله رؤوس الجبال وبطون الأودية والأجام وكلُّ أرض ميتة لا ربّ (6) لها، وله صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب، لأنّ الغصب كله مردود (7)، وهو وارث من لا وارث له، يحول من لا حيلة له.

وقال : إنّ اللّه لم يترك شيئاً من صنوف الأموال إلّا وقد قسمه، وأعطى كلّ ذي حق حقه، الخاصّة والعامّة والفقراء والمساكين، وكلُّ صنف من صنوف الناس، فقال : لو عُدل في النّاس لاستغنوا، ثمَّ قال : إنّ العدل أحلى من العسل، ولا يعدل إلّا من يحسن العدل.

قال : وكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقسم صدقات البوادي في البوادي، وصدقات أهل الحضر

ص: 621


1- أي غلبة وقهراً بالقتال.
2- أي الخراج.
3- أي بواسطة القنوات التي يجر فيها الماء من الأنهار.
4- جمع ناضحة : الدابة التي يستقى بها والدلاء الكبيرة.
5- جمع أكار وهو حفار الأرض العامل فيها.
6- أي لا مالك لها.
7- أي مردود على صاحبه لا يجوز التصرف فيه.

في أهل الحضر، ولا يقسم بينهم بالسوية على ثمانية حتّى يعطي أهل كلّ سهم ثمناً، ولكن يقسمها على قدر من يحضره من أصناف الثمانية على قدر ما يقيم كلّ صنف منهم يقدر لسنته، ليس في ذلك شيء موقوتُ (1) ولا مسمّى (2) ولا مؤلف (3)، إنّما يضع ذلك على قدر ما يرى وما يحضره حتّى يسدّ كلّ فاقة كلّ قوم منهم، وإن فضل من ذلك فضل عرضوا المال جملة إلى غيرهم (4). والأنفال على الوالي (5)، وكلّ أرض فتحت في أيّام النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى آخر الأبد، وما كان افتتاحاً (6) بدعوة أهل الجور وأهل العدل لأنَّ ذمّة رسول اللّه في الأولين والآخرين ذمّة واحدة، لأنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «المسلمون إخوة تتكافيء دماء وهم ويسعى بذمتهم أدناهم».

وليس في مال الخمس (7) زكاة، لأنَّ فقراء النّاس جعل أرزاقهم في أموال النّاس على ثمانية أسهم فلم يبق منهم أحدٌ. وجعل للفقراء قرابة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نصف الخمس فأغناهم. عن صدقات النّاس وصدقات النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وولي الأمر، فلم يبق فقير من فقراء الناس، ولم يبق فقير من فقراء قرابة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلّا وقد استغنى فلا فقير، ولذلك لم يكن على مال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والوالي زكاة، لأنه لم يبق فقير محتاج، ولكن عليهم أشياء تنوبهم من وجوه ولهم من تلك الوجوه كما عليهم.

٥ - عليّ بن محمّد بن عبد اللّه عن بعض أصحابنا أظنه (8) السياري، عن عليّ بن أسباط قال : لما ورد أبو الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) على المهدي (9) رآه يرد المظالم (10) فقال : يا أمير المؤمنين : ما بال مظلمتنا لا تردُّ؟ فقال له : وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال : إن اللّه تبارك وتعالى لما فتح على نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فَدَك وما والاها (11)، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فأنزل اللّه على

ص: 622


1- أي لم يحدّد لأدائه وقت معين.
2- أي مشخص.
3- أي مثبت في الكتب، أو معهود، أو متناسب مؤتلف مع ما يعطى للآخر، إذ كلّ ذلك راجع إلى نظر الإمام وما يراه من المصلحة.
4- أي الإمام وعماله وولاته.
5- أى يفوض أمرها إليه.
6- أي كلّ أرض فتحت عنوة بجهاد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نفسه أو بجهاد من جاء بعده من ولاة الجور ولكن بسنته ودعوته في الجهاد فهي للإمام وإن كانت بغير إذنه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- أي ما هو للنبي والوصي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). «ويمكن حمله على أنّه لا يبقى عنده سنة بل يقسم قبل ذلك أو أطلق الزكاة على الخمس مجازاً» مرآة المجلسيّ ٢٦٧/٦.
8- الظان هو الراوي.
9- هو ثالث طغاة بني العبّاس.
10- أي الأشياء المأخوذة ظلماً.
11- أي وما تبعها وماثلها في الحكم من الأراضي التي لم تؤخذ عنوة.

نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) (1) فلم يدر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مَنْ هُمْ، فراجع في ذلك. جبرئيل وراجع جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) ربّه، فأوحى اللّه إليه أن أدفع فدك إلى فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، فدعاها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال لها : يا فاطمة : إن اللّه أمرني أن أدفع إليك فدك، فقالت : قد قبلت يا رسول اللّه من اللّه ومنك.

فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلما ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها، فأتته فسألته أن يردها عليها فقال لها : ائتني بأسود أو أحمر (2) يشهد لك بذلك، فجاءت بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأم أيمن فشهدا لها، فكتب لها بترك التعرُّض، فخرجت والكتاب معها فلقيها عمر فقال: ما هذا معك يا بنت محمّد ؟ قالت كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة، قال : أرينيه فأبَتْ فانتزعه من يدها ونظر فيه، ثمَّ تفل فيه ومحاه وخرقه (3)، فقال لها : هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب؟ فضعي الحبال (4) في رقابنا. فقال له المهدي : يا أبا الحسن حدها لي، فقال : حدٌ منها جبل أحد وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر (5)، وحد منها دومة الجُنْدُل (6)، فقال له كلّ هذا؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين هذا كله إنَّ هذا كله ممّا لم، يوجف على أهله رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بخيل ولا ركاب، فقال كثير، وأنْظُرُ فيه

٦ - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الأنفال هو النَّقْل (7) وفي سورة الأنفال جذع الأنف(8).

7 _ أحمد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سُئِلَ عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى). فقيل له : فما كان اللّه فلمن هو ؟ فقال : لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وما كان لرسول اللّه فهو للإمام. فقيل له : أفرأيت إن

ص: 623


1- الإسراء / ٢٦.
2- أي بإنسان أسود أو أحمر كناية عن العربي والأعجم.
3- أي مزقه.
4- كناية عن الاستدعاء إلى المحاكمة وقد قال ذلك تحقيراً واستهزاءاً.
5- أي ساحله.
6- «هي حصن على خمسة عشر ليلة من المدينة ومن الكوفة على عشر مراحل» مرآة المجلسيّ ٢٦٩/٦.
7- أي جمع النفل. وهو الزيادة لغة.
8- «أي قطع أنف المخالفين وهو كناية عن إذلالهم... وإنما كان فيه جدع أنفهم لأنه حكم اللّه تعالى بأن الأنفال اللّه والرسول ومعلوم أن ما كان للرسول فهو للقائم مقامه بعده» مرآة المجلسيّ ٦ / ٢٧٠.

كان صنف من الأصناف (1) أكثر وصنف أقلّ، ما يصنع به؟ قال: ذاك إلى الإمام أرأيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كيف يصنع ؟ أليس إنّما كان يعطي على ما يرى؟ كذلك الإمام.

8 - عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنّه سُئل عن معادن الذهب والفضة والحديد والرصاص والصفر، فقال عليها الخمس.

9 - علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة قال : الإمام يجري(2) ويُنفّل (3) ويعطي ما شاء قبل أن تقع السهام (4)، وقد قاتل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بقوم (5) لم يجعل لهم في الفيء نصيباً، وإن شاء قسم ذلك بينهم.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عبد الصمد بن بشير، عن حكيم مؤذن [أ] بن عيسى (6) قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى). فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمرفقيه على ركبتيه (7) ثمَّ أشار بيده، ثمَّ قال : هي واللّه الإفادة يوماً بيوم (8) إلّا أن أبي جعل شيعته في حلّ لِيَزَّكُوا (9).

11 _ عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عثمان، عن سماعة قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الخمس فقال : في كلّ ما أفاد النّاس من قليل أو كثير.

12 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى بن يزيد قال : كتبت (10): جعلت

ص: 624


1- أي التي ورد ذكرها في الآية.
2- أي ينفق.
3- أي يعطي زيادة على الأجرة أو النفقة أو غيرهما حسب رأيه أو يأخذ هو ما شاء من صفايا الملوك وغيرها.
4- أي قبل قسمة الغنائم والفيء.
5- وهم الأعراب كما تقدم. وإن أراد أعطاهم مع ذلك.
6- ورد في رجال الشيخ الطوسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) (319) حكيم مؤذن بني عبس.
7- وضعهما على ركبتيه، أو رفعهما عنهما.
8- أي أن كلّ ما يستفاد حتّى بالاكتساب والتجارة فهو من الغنيمة فتشمله الآية في وجوب إخراج خمسه فوراً، ولك__ن المشهور عند فقهائنا هو استثناء المؤونة منها. وقد استثنوا من وجوب الخمس الميراث المحتسب والهدية والمهر ولم يخالف فيه إلّا أبو الصلاح منهم. وهنالك بحث مفيد حول هذا الموضوع في مرآة المجلسيّ ٢٧٢/٦ - ٢٧٣ فراجعه.
9- أي ليظهروا.
10- لم يذكر الإمام الّذي كتب إليه ويحتمل أنّه الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقد لقي الثلاثة كما ذكر الأردبيلي في جامع الرواة ٦٩/١. وفي بعض نسخ الكافي : (عن يزيد).

لك الفداء تعلّمني ما الفائدة وما حدها رأيك - أبقاك اللّه تعالى - أن تمنَّ علي ببيان ذلك، لكيلا أكون مقيماً على حرام لا صلاة لي ولا صوم فكتب الفائدة ممّا يفيد إليك (1) في تجارة من ربحها وحَرْث بعد الغرام (2) أو جائزة (3).

13 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي نصر قال : كتبت إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الخمس اخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة ؟ فكتب : بعد المؤونة (4).

١٤ - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كلّ شيء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه فإنَّ لنا خمسه، ولا يحلّ (5) لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتّى يصل إلينا حقنا.

١٥ - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان عن يونس بن يعقوب، عن عبد العزيز ابن نافع قال : طلبنا الإذن على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأرسلنا إليه فأرسل إلينا : ادخلوا اثنين اثنين، فدخلت أنا ورجل معي، فقلت للرّجل : أحب أن تستأذن بالمسألة فقال : نعم، فقال له : جعلت فداك إنَّ أبي كان ممّن سباه بنو أمية وقد علمت أنَّ بني أمية لم يكن لهم أن يحرموا ولا يحللوا، ولم يكن لهم ممّا في أيديهم قليل ولا كثير، وإنما ذلك لكم، فإذا ذكرت [رد] الّذي كنت فيه دخلني من ذلك ما يكاد يفسد علي عقلي ما أنا فيه. فقال له : أنت في حلّ ممّا كان من ذلك وكلُّ من كان في مثل حالك (6) من ورائي فهو في حلّ من ذلك، قال : فقمنا وخرجنا فسبقنا مُعتِّب (7) إلى النفر القعود الّذين ينتظرون إذن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال لهم : قد ظفر عبد العزيز بن نافع بشيء ما ظفر بمثله أحد قط قد قيل له : وما ذاك؟ ففسره لهم، فقام اثنان فدخلا على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال أحدهما : جعلت فداك إن أبي كان من سبايا بني أمية، وقد علمت أن بني امية لم يكن لهم من ذلك قليل ولا كثير، وأنا أحب أن تجعلني من ذلك في حلّ، فقال: وذاك

ص: 625


1- أي ممّا تستفيده.
2- أي وزرع بعد مؤونته ومؤونة سنتك.
3- أي هدية منك إلى غيرك فهي مستثناة. ويحتمل عطفها على (مما يفيد...) فيكون المعنى أن في الهدية التي تصلك الخمس.
4- أي مؤونة السنة له ولعياله.
5- حكم أكثر فقهاء الإماميّة - بناء على روايات إباحتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أموالهم لشيعتهم - بجواز ذلك في زمان الغيبة.
6- أي تركك لما كنت عليه وندمك بسبيه ورجوعك إلى الحق.
7- هو مولى للصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).

إلينا (1)؟ وما ذاك إلينا (2)، ما لنا أن نحل ولا أن نحرم، فخرج الرَّجلان وغضب أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلم يدخل عليه أحدٌ في تلك الليلة إلّا بدأه أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : ألا تعجبون من فلان يجيئني فيستحلّني ممّا صنعت بنو أمية، كأنه يرى أنَّ ذلك لنا !؟ ولم ينتفع أحد في تلك الليلة بقليل ولا كثير إلّا الأوَّلين فإنهما غنيا بحاجتهما (3).

١٦ - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ضُريس الكناسي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): من أين دخل على النّاس الزنا (4) ؟ قلت: لا أدري جعلت فداك، قال : من قبل خمسنا أهل البيت إلّا شيعتنا الأطيبين، فإنّه محلل لهم لميلادهم(5).

17 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن شعيب، عن أبي الصباح قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نحن قوم فرض اللّه طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفو المال.

18 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن القاسم ابن محمّد، عن رفاعة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الرَّجل يموت، لا وارث له ولا مولى قال هو من أهل هذه الآية (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ) (6).

19 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الكنز كم فيه ؟ قال الخمس ؛ وعن المعادن كم فيها؟ قال: الخمس، وكذلك الرصاص والصفر والحديد وكلّما كان من المعادن يؤخذ (7) منها ما يؤخذ من الذهب والفضّة.

20 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن صباح الأزرق، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ أشدَّ ما فيه النّاس يوم القيامة أن يقوم صاحب

ص: 626


1- استفهام إنكاري.
2- أي ليس التحليل أو التحريم راجعاً لنا. وإنما قاله (عَلَيهِ السَّلَامُ) تقية.
3- أي استغنيا بقضائها. أو ظفرا بها.
4- أي هو في حكمه من حيث الحرمة، إذ إن الأمة المسبية مثلاً للإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيها حق ولذا لا يجوز وطؤها بغير إذنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكذا المال الّذي تعلق به الخمس لا يجوز أن يجعل ثمناً للأمة أو مهراً للزوجة. نعم استثني الشيعة بمقتضى روايات الإباحة من هذا الحكم.
5- أي لتزكو ولادتهم وتطيب ذرياتهم.
6- الأنفال / 1 - والمعنى أن الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو وارث من لا وارث له بالسبب أو النسب أو ولاء العتق أو ولاء ضامن الجريرة.
7- أي من قبل الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).

الخمس فيقول : يا ربّ خمسي (1) ؛ وقد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم ولتزكو ولادتهم (2).

21 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن عليّ، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة ما فيه؟ قال : إذا بلغ ثمنه ديناراً فقيه الخمس (3).

٢٢ _ محمّد بن الحسين وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن مهزيار قال : كتبت إليه : يا سيدي رجل دُفِعَ إليه مال يحج به، هل عليه في ذلك المال حين يصير إليه الخمس، أو على ما فضل في يده بعد الحجّ ؟ فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليس عليه الخمس (4).

23 - سهل بن زياد عن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحسين بن عبد ربه قال : سرح الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) بصلة إلى أبي، فكتب إليه أبي هل علي فيما سرحت إلى خمس ؟ فكتب إليه : لا خمس عليك فيما سرّح به صاحب الخمس (5).

2٤ - سهل، عن إبراهيم بن محمّد الهمداني قال : كتبت إلى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6) : أقرأني عليّ بن مهزيار كتاب أبيك (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما أوجبه على أصحاب الضياع نصف السدس بعد المؤونة وأنّه ليس على من لم تقم ضيعته بمؤونته نصف السدس ولا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك، فقالوا : يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة، مؤونة الضيعة وخراجها لا مؤونة الرَّجل وعياله. فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد مؤونته ومؤونة عياله و [بعد] خراج السلطان.

2٥ - سهل، عن أحمد بن المثنى قال : حدَّثني محمّد بن زيد الطبري قال : كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسأله الإذن في الخمس فكتب إليه :

ص: 627


1- أي أدرك خمسي.
2- أي تنمو وتكثر.
3- «يظهر من هذا الحديث أن النصاب الّذي لو تحقق في كلّ من الغوص والمعدن لوجب إخراج الخمس منه هو دينار. ولكن الروايات الصحيحة التي رواها علماؤنا دلت على أن الخمس في المعدن لا يجب إلّا إذا بلغ ثمنه عشرين ديناراً من هنا فقد «حمل بعضهم الدينار على الاستحباب في المعدن وعلى الوجوب في الغوص وأورد عليه بأن الحمل على الاستحباب مشكل لاتحاد الرواية. إلّا أن يقال : لا مانع من حمل بعض الرواية على الاستحباب للمعارض وبعضها على الوجوب لعدمه» مرآة المجلسيّ ٢٨٠/٦.
4- «والمسؤول عنه يحتمل الرضا والجواد والهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذا ينافي ما هو المشهور من وجوب الخمس في جم_ المكاسب. وربما تحمل الرواية على ما إذا لم يبق بعد مؤونة السنة شيء» ن.م ص / 281.
5- هذا يدل بمفهومه على أنّه لو أهداه غير الإمام مالاً لوجب فيه الخمس، فيكون موافقاً لما عليه جمهور علمائنا من وجوب الخمس في كلّ ما يصل إليه عدا ما استثني.
6- أي الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، إنَّ اللّه واسع كريم ضمن على العمل الثواب وعلى الضيق الهم، لا يحلُّ مال إلّا من وجه أحلّه اللّه. وإنَّ الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا وما نبذله ونشتري من أعراضنا ممّن نخاف سطوته، فلا تزووه عنا ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه، فإنّ إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم، وما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم، والمسلم من يفي اللّه بما عهد إليه، وليس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب، والسلام.

٢٦ - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن زيد قال : قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسألوه أن يجعلهم في حلّ من الخمس فقال : ما أمحل هذا (1) تمحضونا بالمودة (2) بألسنتكم وتزوون عنا حقاً جعله اللّه لنا وجعلنا له، وهو الخمس، لا نجعل، لا نجعل، لا نجعل لأحدٍ منكم في حلّ.

٢٧ _ عليّ بن إبراهيم، عن أبيه قال: كنت عند أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ دخل عليه صالح بن محمّد بن سهل وكان يتولّى له الوقف بقم، فقال يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف في حلّ، فإنّي أنفقتها، فقال له: أنت في حلّ، فلما خرج صالح، قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أحدهم يثب على أموال حق آل محمّد وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثمَّ يجيء فيقول : اجعلني في حلّ أتراه ظنَّ أنّي أقول : لا أفعل (3)، واللّه ليسألنهم اللّه يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثاً.

28 _ علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد عن الحلبي قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن العنبر وغوص اللؤلؤ، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): عليه الخمس.

كمل الجزء الثاني من كتاب الحجّة [من كتاب الكافي] ويتلوه كتاب الإيمان والكفر. والحمد للّه ربّ العالمين والسّلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

ص: 628


1- هو من المحال أو من المَحْل: وهو المكر.
2- أي تخلصون لنا بها.
3- يدل هذا على أن إجلاله له إنّما كان تقية.

الفهرس

مقدمة الكتاب...3

سيرة الكلينيّ ...7

خطبة الكتاب... 41

كتاب العقل والجهل... 51

كتاب فضل العلم... 75

باب فَرْض العلم ووجوب طلبه والحثّ عليه.... 77

باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء... 79

باب أصناف النّاس... 81

باب ثواب العالم والمتعلّم... 82

باب صفة العلماء... 86

باب حق العالم... 86

باب فَقْدُ العلماء... 88

بات مجالسة العلماء وصحبتهم... 89

باب سؤال العالم وتذاكره باب بذل العلم... 90

باب النهي عن القول بغير علم... 91

باب من عمل بغير علم... 93

باب استعمال العلم... 94

باب المستأكل بعلمه والمباهي به... 96

باب لزوم الحجّة على العالم وتشديد الأمر عليه...97

ص: 629

باب النوادر...98

باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسك بالكتب...103

باب التقليد... 106

باب البدع والرأي والمقائيس...107

باب الردّ إلى الكتاب والسنة وأنه ليس شيء من الحلال والحرام وجميع ما يحتاج النّاس إليه إلّا وقد جاء فيه كتاب أو سنة...113

باب اختلاف الحديث...116

باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب...123

كتاب التوحيد...127

باب حدوث العالم وإثبات المحدث... 129

باب إطلاق القول بأنه شيء...137

باب أنّه لا يُعْرَفُ إلّا به...140

باب أدنى المعرفة... 141

باب المعبود...142

باب الكون والمكان... 143

باب النسبة...146

باب النهي عن الكلام في الكيفية... 147

باب في إبطال الرؤية...149

باب النهي عن الصفة بغير ما ووصف به نفسه تعالى...153

باب النهي عن الجسم والصورة...157

باب صفات الذات...159

باب آخر وهو من الباب الأول... 160

باب الإرادة أنّها من صفات الفعل وسائر صفات الفعل...161

باب حدوث الأسماء... 164

باب معاني الأسماء واشتقاقها...166

باب آخر وهو من الباب الأوّل إلّا أن فيه زيادة وهو الفرق ما بين المعاني التي تحت أسماء اللّه وأسماء المخلوقين... 170

ص: 630

باب تأويل الصمد...174

باب الحركة والانتقال... 175

باب العرش والكرسي... 179

باب الروح...183

باب جوامع التوحيد...184

باب النوادر...191

باب البداء... 194

باب في أنّه لا يكون شيء في السماء والأرض إلّا بسبعة... 200

باب المشيئة والإرادة باب الابتلاء والاختبار...202

باب السعادة والشقاء... 203

باب الخير والشر... 204

باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين...205

باب الاستطاعة...211

باب البيان والتعريف ولزوم الحجّة...212

باب اختلاف الحجّة على عباده... 214

باب حجج اللّه على خلقه... 214

باب الهداية أنّها من اللّه عزّ وجلّ... 215

كتاب الحجّة... 219

باب الاضطرار إلى الحجّة... 221

باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمّة... 228

باب الفرق بين الرسول والنبيّ والمحدث... 230

باب أنّ الحجّة لا تقوم اللّه على خلقه إلّا بإمام.... 231

باب أن الأرض لا تخلو من حجّة... 232

باب أنّه لو لم يبق في الأرض إلّا رجلان لكان أحدهما الحجّة...234

باب معرفة الإمام والرد إليه...235

ص: 631

باب فرض طاعة الأئمّة... 240

باب في أن الأئمّة شهداء اللّه عزّ وجلّ على خلقه... 245

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم الهداة...247

باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ولاة أمر اللّه وخَزَنَةُ علمه...247

باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) خلفاء اللّه عزّ وجلّ في أرضه وأبوابه التي منها يؤنى...249

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) نور اللّه عزّ وجلّ...249

باب أنَّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم أركان الأرض...252

باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته...255

باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ولاة الأمر وهم النّاس المحسودون الّذين ذكرهم اللّه عزّ وجلّ...262

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) العلامات التي ذكرها اللّه عزّ وجلّ في كتابه...263

باب أنَّ الآيات التي ذكرها اللّه عزّ وجلّ في كتابه هم الأئمّة...264

باب ما فرض اللّه عزّ وجلّ ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الكون مع الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)...265

باب أنَّ أهل الذكر الّذين أمر اللّه الخلق بسؤالهم هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)...267

باب أنَّ من وصفه اللّه تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)...269

باب أنَّ الراسخين في العلم هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ...269

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم...270

باب في أنّ من اصطفاه اللّه من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)...271

باب أنّ الأئمّة في كتاب اللّه إمامان : إمام يدعو إلى اللّه وإمام يدعو إلى النار...272

ص: 632

باب أنّ القرآن يهدي للإمام... 273

باب أنّ النعمة التى ذكرها اللّه عزّ وجلّ في كتابه هي الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)...273

باب أنّ المتوسّمين الّذين ذكرهم اللّه تعالى في كتابه هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) والسبيل فيهم مقيم...274

باب عرض الأعمال على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)...276

باب أنّ الطريقة التي حثّ على الاستقامة عليها هي ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)...277

باب أنّ الأئمّة معدن العلم وشجرة النبوّة ومختلف الملائكة...277

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ورثة العلم يرث بعضهم بعضاً العلم...278

باب أنّ الأئمّة ورثوا علم النبيّ وجميع الأنبياء والأوصياء الّذين من قبلهم...280

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند اللّه عزّ وجلّ وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها...283

باب أنّه لم يجمع القرآن كله إلّا الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وأنهم يعلمون علمه كلّه... 284

باب ما أعطي الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من اسم اللّه الأعظم...286

باب ما عند الأئمّة من آيات الأنبياء (عَلَيهِ السَّلَامُ)... 287

باب ما عند الأئمّة من سلاح رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومتاعه...288

باب أن مثل سلاح رسول اللّه مثل التابوت في بني إسرائيل...293

باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)...294

باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها...298

باب فى أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يزدادون في ليلة الجمعة... 308

باب لولا أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يزدادون لنفد ما عندهم...309

باب أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل (عَلَيهِ السَّلَامُ)... 310

ص: 633

باب نادر فيه ذكر الغيب... 311

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) إذا شاؤوا أن يعلموا علموا...313

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلّا باختيار منهم...313

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء صلوات اللّه عليهم... 316

باب أن اللّه عزّ وجلّ لم يعلم نبيّه علماً إلّا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنه كان شريكه في العلم...318

باب جهات علوم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)...319

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لو سُتِرَ عليهم لأخبروا كلّ امرىء بما له وعليه...320

باب التفويض إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وإلى الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) في أمر الدّين...320

باب في أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) بمن يشبهون ممّن مضى وكراهية القول فيهم بالنبوّة...324

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) محدّثون مفهمون ...325

باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)...327

باب الرّوح التي يسدد اللّه بها الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)... 328

باب وقت ما يعلم الإمام جميع علم الإمام الّذي كان قبله عليهم جميعاً السلام...330

باب في أنّ الأئمّة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في العلم والشجاعة والطاعة سواء...331

باب أن الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) يعرف الإمام الّذي يكون من بعده وأن قول اللّه تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) فيهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) نزلت...331

باب أنّ الإمامة عهد من اللّه عزّ وجلّ معهود من واحد إلى واحد...333

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلون إلّا بعهد من اللّه عزّ وجلّ وأمر منه لا يتجاوزونه...335

ص: 634

باب الأمور التي توجب حجّة الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)...339

باب ثبات الإمامة في الأعقاب وأنها لا تعود في أخ ولا عمّ ولا غيرهما من القرابات...341

باب ما نصّ اللّه عزّ وجلّ ورسوله على الأئمّة واحداً فواحداً...342

باب الإشارة والنصّ على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...347

باب الإشارة والنصّ على الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)... 353

باب الإشارة والنصّ على الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)... 356

باب الإشارة والنصّ على عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...360

باب الإشارة والنصّ على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)...361

باب الإشارة والنصّ على أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق صلوات اللّه عليهما...362

باب الإشارة والنصّ على أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)...364

باب الإشارة والنصّ على أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)... 368

باب الإشارة والنصّ على أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ)... 377

باب الإشارة والنصّ على أبي الحسن الثالث (عَلَيهِ السَّلَامُ)...381

باب الإشارة والنصّ على أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...383

باب الإشارة والنصّ إلى صاحب الدار (عَلَيهِ السَّلَامُ)...386

باب في تسمية من رآه (عَلَيهِ السَّلَامُ)...388

باب في النهي عن الاسم...391

باب نادر في حال الغَيْبَة...392

باب في الغيبة...395

باب ما يفصل به بین دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة...403

باب كراهية التوقيت... 429

باب التمحيص والامتحان...431

باب أنّه من عرف إمامه لم يضره تقدَّم هذا الأمر أو تأخر...432

ص: 635

باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمّة أو بعضهم ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل...434

باب في من دان اللّه عزّ وجلّ بغير إمام من اللّه جل جلاله...437

باب من مات وليس له إمام من أئمة الهدى وهو من الباب الأول...438

باب في من عرف الحقّ من أهل البيت ومن أنكر... 440

باب ما يجب على النّاس عند مضي الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)...441

باب في أنَّ الإمام متى يعلم أنَّ الأمر قد صار إليه... 443

باب حالات الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) في السن...446

باب أنَّ الإمام لا يغسله إلّا إمام من الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)...448

باب مواليد الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)...449

باب خلق أبدان الأئمّة وأرواحهم وقلوبهم (عَلَيهِ السَّلَامُ)...453

باب التسليم وفضل المسلّمين...454

باب أنّ الواجب على النّاس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام فيسألونه عن معالم دينهم ويُعلمونهم ولايتهم ومودتهم له...457

باب أنَّ الأئمّة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بسطهم وتأتيهم بالأخبار (عَلَيهِ السَّلَامُ)...458

باب أنّ الجنّ يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في امورهم...459

باب في الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) أنّهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ولا يسألون البينة (عَلَيهِ السَّلَامُ)...462

باب أنَّ مستقى العلم من بيت آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...463

باب أنّه ليس شيء من الحقّ في يد النّاس إلّا ما خرج من عند الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وأنّ كلّ شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل...464

باب فيما جاء أن حديثهم صَعْب مُسْتَصْعَب...466

باب ما أمر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللّزوم

ص: 636

لجماعتهم ومَنْ هُم...468

باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)... 470

باب أنّ الأرض كلّها للإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)...473

باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر الأمر... 476

باب نادر...478

باب فيه نُكَت وتتف من التنزيل في الولاية... 469

باب فيه تتف وجوامع من الرواية في الولاية.... 506

باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم...508

أبواب التاريخ

باب مولد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ووفاته...509

باب النهي عن الإشراف على قبر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...524

باب مولد أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه...524

باب مولد الزهراء فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)...531

باب مولد الحسن بن عليّ صلوات اللّه عليهما...533

باب مولد الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)...536

باب مولد عليّ بن الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)...539

باب مولد أبي جعفر محمّد بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)...541

باب مولد أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...545

باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)...549

باب مولد أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)...5560

باب مولد أبي جعفر محمّد بن عليّ الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ)...566

باب مولد أبي الحسن عليّ بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...572

باب مولد أبي محمّد الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)...578

باب مولد الصاحب (عَلَيهِ السَّلَامُ)...591

باب فيما جاء في الاثني عشر والنصّ عليهم (عَلَيهِ السَّلَامُ)... 604

ص: 637

باب في أنّه إذا قيل في الرَّجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فإنّه هو الّذي قيل فيه...614

باب أنّ الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) كلّهم قائمون بأمر اللّه هادون إليه...615

باب صلة الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)...616

باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب...617

ص: 638

أصول الكافي المجلد 2

هوية الکتاب

سرشناسه : كليني، محمّد بن يعقوب، - 329ق.

عنوان قراردادي : الكافي

عنوان و نام پديدآور : اصول الكافي/ محمّد بن يعقوب الكليني؛ ضبطه و صححه و علق عليه محمّدجعفر شمس الدين.

مشخصات نشر :بيروت : دارالتعارف للمطبوعات، 1411ق. = 1990م.= 1369.

مشخصات ظاهري : 2ج.

فروست : موسوعة الكتب الاربعه في احاديث النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و العتره؛1،2.

يادداشت : عربي.

يادداشت : كتاب حاضر در سالهاي مختلف توسط ناشران مختلف منتشر شده است.

يادداشت : كتابنامه.

موضوع : احاديث شيعه -- قرن 4ق.

شناسه افزوده : شمس الدين، محمّدجعفر

رده بندي كنگره : BP129/ك 8ك 22 1369

رده بندي ديويي : 297/212

شماره كتابشناسي ملي : م 81-8050

محرّر الرقمي: محمّد رادمرد

ص: 1

اشارة

ص: 2

مَوْسُوعَة الكتب الأربَعَة في أحاديث النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والعترة (عَلَيهِم السَّلَامُ) 2

أصول الكافي

الجزء الثاني

ثقة الاسلام محمّد بن يعقوب الكلينى (رَحمهُ اللّه)

المتوفى سنة 329/328 ه-

ضبطه وصحّحه وعلّق عليه

محمّد جعفر شمس الدِّين

وار التعارف للمطبوعات

بيروت لبنات

ص: 3

مكتبة مؤمن قريش

حُقوق الطبع محفوظة

1411ه- - 1990م

المعارف المطبوعات

وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند اللّه اتقاكم

المكتب : شارع سوريا - بناية دوريش - الطابق الثالث

الادارة والمعرض - حارة حريك - المنشية - شارع دكاش - بناية الحسنين تلفون - 837857

ص.ب 8601 - 11

ص: 4

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الإيمان والكفر من كتاب الكافي

إشارة:

[تصنيف الشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني (رضیَ اللّهُ عنهُ)](1)

باب طينة المؤمن والكافر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد اللّه، عن رجل. عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ خلق (2) النبيّين من طينة (3) علّيّين (4) : قلوبهم وأبدانهم (5). وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة. و [جعل] خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك، وخلق الكفّار من طينة سجّين (6) : قلوبهم وأبدانهم (7)، فخلط بين الطينتين (8)، فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن، ومن ههنا يصيب المؤمن السيّئة، ومن ههنا يصيب الكافر الحسنة، فقلوب المؤمنين تحنُّ (9) إلى ما خلقوا منه، وقلوب الكافرين تحنُّ إلى ما خلقوا منه.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفّار

ص: 5


1- هذه الديباجة إما من المصنف (قدّس سِرُّه) نفسه أو من أحد الرواة عنه لكتاب الكافي. وهي غير مثبتة في بعض النسخ. وفي العنوان «قدّم الإيمان على الكفر لأنه الأصل والأهم، أو لأنه وجودي كما قيل» مرآة المجلسي 1/7.
2- أي كوّن أو قدّر.
3- في النهاية : طينة الرجل : خلقه وأصله.
4- قد يراد بها السماء السابعة، وقيل : هي اسم لديوان الحفظة من الملائكة حيث ترفع إليهم الأعمال الصالحة لعباد اللّه الصالحين توطئة لرفعها إليه سبحانه. وقيل : هي كناية عن المراتب الشريفة والأماكن العالية في الجنّة، وقيل : سدرة المنتهى، الخ.
5- بدل النبيّين.
6- في القاموس : سجّين : موضع فيه كتاب الفجار، وواد في جهنم، أو حجر في الأرض السابعة
7- بدل من الكفار.
8- أي مزج بينهما عند خلق بدن آدم ومن هنا كان في الإنسان قابلية السمو والهبوط والإيمان والكفر، والصلاح والفساد.
9- أي تتوّق وتشتاق.

الجازيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ خلق المؤمن من طينة الجنّة (1) وخلق الكافر من طينة النّار ؛ وقال : إذا أراد اللّه عزّ وجلّ بعبد خيراً(2) طيّب (3) روحه وجسده فلا يسمع شيئاً من الخير إلّا عرفه ولا يسمع شيئاً من المنكر إلّا أنكره ؛ قال : وسمعته يقول : الطينات ثلاث : طينة الأنبياء والمؤمن من تلك الطينة إلّا أنَّ الأنبياء هم من صفوتها هم الأصل ولهم فضلهم، والمؤمنون الفرع من طين لازب (4)، كذلك لا يفرق اللّه عزّ وجلّ بينهم وبين شيعتهم ؛ وقال : طينة الناصب (5) من حمأ مسنون (6). وأما المستضعفون (7) فمن تراب لا يتحول مؤمنٌ. عن إيمانه، ولا ناصب عن نصبه واللّه المشيئة فيهم. (8)

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن صالح بن سهل قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): جُعلتُ فِداك: من أي شيء خلق اللّه عزّ وجلّ طينة المؤمن فقال : من طينة الأنبياء، فلم تنجس أبداً. (9)

4 - محمّد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمّد وغيره عن محمّد بن خلف، عن أبي نهشل قال : حدّثني محمّد بن إسماعيل، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللّه جلَّ وعزَّ خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا ممّا خلقنا منه وخلق أبدانهم من دون ذلك، وقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت ممّا خلقنا منه، ثمّ تلا هذه الآية «كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ» وخلق عدوّنا من سجّين وخلق قلوب شيعتهم ممّا خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لأنها خلقت ممّا خلقوا منه، ثمّ تلا هذه الآية : «كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ *

ص: 6


1- أي يعلم سبحانه أنّه بسبب حسن اختياره وما سوف يصدر عنه من أعمال صالحة أنّه سوف يكون من أهل الجنّة.
2- أي بأن يختم له بالسعادة وحسن العاقبة.
3- أي بلطفه وتوفيقه.
4- اللازب : اللاصق واللازم وكأنه أراد أن المؤمن ملازم لخط الأنبياء والأوصياء لاصق به باعتباره متفرعاً عنه لصوق الطين بعضه ببعض، ودخول بعضه ببعض. ويؤيد هذا ما بعده.
5- أي المبغض لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
6- الحما: الطين الأسود، والمسنون المنتن، وهو طينة سجين الّتي ذُكر في الحديث الأوّل أنّه سبحانه خلق منها قلوب الكفار وأبدانهم.
7- المستضعف : هو الّذي لا يعرف الحق ولم يعتنق الباطل، أو من لم يدخل لا في الإيمان فيكون من أهله ولا في الكفر فيكون من أهله.
8- أي إلّا ما شاء اللّه، وهو إشارة إلى البداء.
9- بنجاسة الشرك والكفر وإن نجست بالمعاصي فتطهر بالتوبة والشفاعة، مرآة المجلسي 7/7.

كِتَابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ» (1).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وغير واحد، عن الحسين بن الحسن جميعاً، عن محمّد بن أورمة، عن محمّد بن عليّ، عن إسماعيل بن يسار، عن عثمان بن يوسف قال : أخبرني عبد اللّه بن كيسان، عن أبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : جعلت فداك أنا مولاك، عبد اللّه بن کیسان قال أما النسب فأعرفه وأما أنت فلست أعرفك (2)، قال : قلت له : إني ولدت بالجبل، ونشأت في أرض فارس، وإنّني أخالط النّاس في التجارات وغير ذلك، فأخالط الرّجل، فأرى له حسن السمت (3) وحسن الخلق و [كثرة] أمانة، ثمّ أفتشه فأتبينه عن عداوتكم (4) وأخالط الرجل فأرى منه سوء الخلق وقلّة أمانة وزعارة (5)، ثمّ أُفتشه فأتينه عن ولايتكم (6)، فكيف يكون ذلك ؟ فقال لي : أما علمت يا ابن كيسان، أنَّ اللّه عزّ وجلّ أخذ طينة من الجنّة وطينة من النار، فخلطهما جميعاً، ثمّ نزع هذه من هذه ؛ وهذه من هذه (7)، فما رأيت من أولئك (8) من الأمانة وحسن الخلق وحسن السّمت فمما مسّتهم من طينة الجنّة، وهم يعودون إلى ما خلقوا منه، وما رأيت من هؤلاء (9) من قلة الأمانة وسوء الخلق والزعارة، فمما مستهم من طينة النّار وهم يعودون إلى ما خلقوا منه.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن صالح بن سهل قال : قلت لأبي عبد اللّه :(عَلَيهِ السَّلَامُ): المؤمنون من طينة الأنبياء؟ قال : نعم.

7 - عليّ بن محمّد عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن ابن، عليّ بن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ لما أراد أن يخلق آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، بعث جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أول ساعة من يوم الجمعة، فقبض بيمينه قبضة، بلغت قبضته

ص: 7


1- مر هذا الحديث بعينه في المجلد الأوّل باب خلق أبدان الأئمّة وأرواحهم وقلوبهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ورقمه (4) مع اختلاف طفيف في السند إذ هناك (عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن خالد وبقية السند عينه. واختلاف طفيف أيضاً في بعض كلماته وحروفه وعلقنا عليه فراجع).
2- يعني شخصياً أو من حيث المذهب وهو التشيع.
3- أي حسن الظاهر والهيئة.
4- أي اكتشف أنّه ممّن يضمر لكم العداوة أهل البيت.
5- أي سوء الخلق والإسم منه زعرور. وفي بعض النسخ (دعارة) وهي الفحش والفساد.
6- أي من مواليكم ومحبيكم.
7- «معناه أنّه نزع طينة الجنّة من طينة النّار وطينة النّار من طينة الجنّة بعدما مست إحداهما الأخرى ثمّ خلق أهل الجنّة من طينة الجنّة وخلق أهل النّار من طينة النار» مرآة المجلسي 9/7.
8- أي من مبغضي أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
9- أي الموالين لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

من السّماء السّابعة إلى السّماء الدُّنيا، وأخذ من كلّ سماء تربة، وقبض قبضة أخرى من الأرض السّابعة العليا إلى الأرض السابعة القصوى، فأمر اللّه عزّ وجلّ كلمته (1) فأمسك القبضة الأولى بيمينه والقبضة الأخرى بشماله، ففلق (2) الطين فلقتين فذرا من الأرض ذروا (3) ومن السماوات ذرواً فقال للّذي بيمينه : منك الرّسل والأنبياء والأوصياء والصدّيقون والمؤمنون والسعداء، ومن أريد كرامته، فوجب لهم ما قال كما قال وقال للّذي (4) بشماله : منك الجبارون والمشركون والكافرون والطواغيت ومن أريد هوانه وشقوته، فوجب لهم ما قال كما قال، ثمّ إنّ الطينتين خلطتا جميعاً، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ: «إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى»(5)، فالحب طينة المؤمنين (6) الّتي ألقى اللّه عليها محبته، والنوى طينة الكافرين الّذين نأوا(7) عن كلّ خير. وإنما سمّي النوى من أجل أنّه نأى عن كلّ خير وتباعد عنه، وقال اللّه عزّ وجلّ: ﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) (8) فالحيُّ : المؤمن الّذي تخرج طينته من طينة الكافر، والميت الّذي يخرج منالحي : هو الكافر الّذي يخرج من طينة المؤمن. فالحي: المؤمن، والميت : الكافر، وذلك قوله عزّ وجلّ : (أَوَ مَنْ كان مَيْتاً فأحييناه) (9) فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر، وكانت حياته حين فرق اللّه عزّ وجلّ بينهما بكلمته، كذلك يخرج اللّه عزّ وجلّ المؤمن في الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور، ويخرج الكافر من النور إلى الظلمة بعد دخوله إلى النور، وذلك قوله عزّ وجلّ: (لِيُنْذِرَ مَن كان حيّاً ويَحِقَّ القولُ على الكافرين) (10).

باب آخر منه وفيه زيادة وقوع التكليف الأول

باب آخر منه وفيه زيادة وقوع التكليف الأول(11)

1 - أبو عليّ الأشعريّ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن

ص: 8


1- أي جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- أي : فشق.
3- أي نثراً وإذهاباً.
4- أي الجزء الّذي بشماله من الطين.
5- الأنعام / 95.
6- هذا من بطون الآية الّتي كشف عنه تأويله (عَلَيهِ السَّلَامُ). وعليه فالمراد «بالفلق شق كلّ منهما وإخراج الآخر منه أو شق كلّ منهما عن صاحبه أو خلقهما» مرآة المجلسي 12/7.
7- أي بعدوا.
8- الأنعام / 95.
9- الأنعام / 122.
10- يس / 70 ومعنى :يحق : يجب. والمقصود بالقول : كلمة العذاب.
11- إنما كان هذا الباب من الباب الأوّل لاشتماله على كيفية بدء الخلق وذكر الطينة الّتي خُلق منها كلّ أصحاب اليمين وأصحاب الشمال. وإنما أفرده بالذكر مع ذلك لاشتمال رواياته على أمر زائد لم يرد في الأحاديث السابقة وهو موضوع التكليف وما يجر إليه من القول في مسألة الجبر والاختيار فتدبر.

الحكم، عن أبان بن عثمان عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لو علم النّاس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان (1)، إنَّ اللّه عزّ وجلّ قبل أن يخلق الخلق قال : كن ماء عذباً أخلق منك جنّتي وأهل طاعتي وكن ملحاً أجاجاً أخلق منك ناري وأهل معصيتي ثمّ أمرهما فامتزجا، فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن، ثمّ أخذ طيناً من أديم (2) الأرض فعركه (3) عركاً شديداً فإذا هم كالذرّ يدبّون، فقال (4) لأصحاب اليمين : إلى الجنّة بسلام، وقال لأصحاب الشمال إلى النّار ولا أبالي، ثمّ أمر ناراً فأسعرت فقال لأصحاب الشمال: ادخلوها، فهابوها (5)، فقال لأصحاب اليمين ادخلوها فدخلوها فقال : كوني برداً وسلاماً فكانت برداً وسلاماً. فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا (6) فقال : قد أقلتكم فادخلوها، فذهبوا فهابوها، فَثَمَّ (7) ثبتت الطاعة والمعصية فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ؛ ولا هؤلاء من هؤلاء(8) .

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة أنَّ رجلاً سأل أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه جل وعزَّ : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى - إلى آخر الآية) (9) فقال وأبوه (10) يسمع (عَلَيهِ السَّلَامُ): حدّثني أبي أنَّ اللّه عزّ وجلّ قبض قبضة من تراب التربة الّتي خلق منها آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فصب عليها الماء العذب الفرات، ثمّ تركها أربعين صباحاً، ثمّ صبّ عليها الماء المالح الأجاج فتركها أربعين صباحاً، فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركاً شديداً، فخرجوا كالذرّ من يمينه وشماله، وأمرهم جميعاً أن يقعوا في النار، فدخل (11) أصحاب اليمين، فصارت عليهم برداً

ص: 9


1- «أي في مسألة الاستطاعة والاختيار والجبر، أو... في أمر من أمور الدين لاختلاف أفهامهم وقابلياتهم وطينتهم» مرآة المجلسي 16/7.
2- أي وجه الأرض.
3- أي فدلكه، والظاهر أنّه عجنه بالماء العذب والماء الأجاج الّذي أنشأه أولاً وخاطبه.
4- كناية عن هدايتهم بألطافه إلى سلوك طريقها. وكذا ما بعده ولكن بسلب الإلطاف.
5- أي خافوها.
6- لعل الاستقالة كناية عن تمنيهم الإطاعة ولكن مع غلبة شقوتهم لا يفعلونها.
7- أي فهناك أو عند ذلك.
8- أي أن حسن الاختيار لفريق المؤمنين الّذي أهلهم لتلقي الألطاف الإلهية لا يمكن أن يجتمع مع سوء اختيار فريق أصحاب النّار حيث سُلبت عنهم بسببه تلك الألطاف. فسبقت من اللّه الحسنى للأول وحق القول وكلمة العذاب على الآخرين.
9- الأعراف/ 172.
10- أي الإمام السجّاد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
11- أي باختيارهم.

وسلاماً وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها (1).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان عن محمّد بن عليّ الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه عزّ وجلّ لما أراد أن يخلق آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أرسل الماء على الطين، ثمّ قبض قبضة فعركها ثمّ فرَّقها فرقتين بيده، ثمّ ذرأهم فإذا هم يدبّون، ثمّ رفع لهم ناراً فأمر أهل الشمال أن يدخلوها فذهبوا إليها فهابوها فلم يدخلوها، ثمّ أمر أهل اليمين أن يدخلوها فذهبوا فدخلوها، فأمر اللّه جل وعزّ النّار فكانت عليهم برداً وسلاماً، فلمّا رأى ذلك أهل الشمال قالوا ربنا أقلنا، فأقالهم، ثمّ قال لهم : ادخلوها، فذهبوا فقاموا عليها ولم يدخلوها، فأعادهم طيناً وخلق منها آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فلن يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ولا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء. قال : فيرون (2) أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أول من دخل تلك النّار فلذلك قوله جلَّ وعزَّ : «قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ». (3)

باب آخر منه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن داود العجلي عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه تبارك وتعالى حيث خلق الخلق، خلق ماء عذباً وماء مالحاً أجاجاً، فامتزج الماء ان، فأخذ طيناً من أديم الأرض فعركه عركاً شديداً، فقال لأصحاب اليمين وهم كالذريدبون إلى الجنّة بسلام وقال لأصحاب الشمال إلى النّار ولا أبالي، ثمّ قال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) (4). ثمّ أخذ الميثاق على النبيّين (5)، فقال : ألست بربكم وأنَّ هذا محمّد رسولي، وأَنَّ هذا عليُّ أمير المؤمنين ؟ قالوا : بلى، فثبتت لهم النبوَّة، وأخذ الميثاق على أولي العزم أنني ربكم ومحمّد رسولي وعلي أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزّان علمي - (عَلَيهِم السَّلَامُ) -، وأنَّ المهدي انتصر به،لديني، وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي، وأعبد به طوعاً

ص: 10


1- أي بسوء اختيارهم.
2- أي أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
3- الزخرف/ 81 والمعنى : فأنا أول العابدين منكم. لأنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على بصيرة من ربه وهو أعلم الخلق باستحالة أن يكون له ولد سبحانه ولذا كان أول المطيعين لأمره تعالى.
4- الأعراف/ 172.
5- هذا يشير إلى أن أخذه الميثاق على الأنبياء كان سابقاً على أخذه على غيرهم. وذلك أمر مفهوم لأن التقدم في الرتبة والشرف يوجب التقدم في الفهم والاستعداد وهذا يستلزم سبق أخذ الميثاق عليهم ممّن هم أدنى منهم فهماً واستعداداً وأقل منهم رتبة.

وكرهاً، قالوا : أقررنا يا ربِّ وشهدنا، ولم يجحد آدم (1) ولم يقر فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهديّ ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به، وهو قوله عزّ وجلّ : (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) (2) قال : إنما هو فترك (3). ثمّ أمر ناراً فأججت (4) فقال لأصحاب : الشمال : أدخلوها فهابوها وقال لأصحاب اليمين : أدخلوها فدخلوها فكانت عليهم برداً وسلاماً، فقال أصحاب الشمال يا رب أقلنا فقال : قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها، فهابوها، فثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن اللّه عزّ وجلّ لما أخرج ذرّيّة آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبية له وبالنبوَّة لكلّ نبي، فكان أول من أخَذَ لَهُ عليهم الميثاق بنبوته محمّد بن عبد اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، ثمّ قال اللّه عزّ وجلّ لآدم : (انْظُرْ مَاذَا تَرَى)، قال : فنظر آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى ذريته وهم ذرّ قد ملأوا السماء، قال آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ربّ ما أكثر ذرّيّتي ولأمر ما (5) خلقتهم ؟ فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم ؟ قال اللّه عزّ وجلّ : (يَعْبُدُونَنِي (6) لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ويؤمنون برسلي ويتبعونهم)، قال آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ربّ فما لي أرى بعض الذرّ أعظم من بعض، وبعضهم له نور كثير، وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور؟ فقال اللّه عزّ وجلّ :(كذلك خلقتهم لأبلوهُم (7) في كلّ حالاتهم)، قال آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ربّ فتأذن لي في الكلام فأتكلّم؟ قال اللّه عزّ وجلّ : (تكلم فإنَّ روحك من روحي (8) وطبيعتك [من] خلاف كينونتي) (9) ؛ قال :آدم يا ربّ فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر واحد وطبيعة واحدة، وجبلة واحدة (10)، وألوان واحدة، وأعمّار واحدة وأرزاق سواء لم يبغ بعضهم على بعض، ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في شيء من الأشياء، قال اللّه عزّ وجلّ يا

ص: 11


1- يفهم من هذا أن آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما لم يعزم على الإقرار بالحجة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) خرج عن كونه من أولي العزم.
2- طه / 115. ومعنى فنسي : فترك.
3- تفسير منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) للنسيان بالترك.
4- أي أضرمت والهبت.
5- أي ولأمر عظيم خلقتهم.
6- أي أريد منهم أن يعبدوني الخ.
7- أي لامتحنهم واختبرهم.
8- أي من روح اصطفيته واخترنه، أو من عالم المجردات بناءً على تجرد النفس مرآة المجلسي 25/7.
9- «أي خلقتك الجسمانية البدنية أو صفاتها التابعة لها (خلاف) وجودي فإنها من عالم الماديات ولا تناسب عالم المجردات» ن. م.
10- أي خلقة واحدة.

آدم (بروحي نطقت ويضعف طبيعتك تكلفت ما لا علم لك به وأنا الخالق العالم، بعلمي خالفت بين خلقهم وبمشيئتي يمضي فيهم أمري وإلى تدبيري وتقديري صائرون، لا تبديل لخلقي، إنما خلقت الجن والإنس ليعبدون، وخلقت الجنّة لمن أطاعني وعبدني منهم واتبع رسلي ولا أبالي، وخلقت النّار لمن كفر بي وعصاني ولم يتبع رسلي ولا أبالي؛ وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة (1) بي إليك وإليهم، وإنّما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم أيكم أحسن عملاً في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم، فلذلك خلقت الدُّنيا والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنّة والنار، وكذلك أردت في تقديري وتدبيري، وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمّارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم، فجعلت منهم الشقي والسعيد، والبصير والأعمى، والقصير والطويل، والجميل والدميم(2)، والعالم والجاهل والغني والفقير، والمطيع والعاصي، والصحيح والسقيم، ومن به الزَّمانة ومن لا عاهة به، فينظر الصحيح إلى الّذي به العاهة فيحمدني على عافيته، وينظر الّذي به

العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن أعافيه ويصبر على بلائي فأثيبه جزيل عطائي، وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني، وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته فلذلك خلقتهم (3)، لأبلوهم في السراء والضراء، وفيما أعافيهم وفيما أبتليهم، وفيما أعطيهم وفيما أمنعهم، وأنا اللّه الملك القادر، ولي أن أمضي جميع ما قدَّرت على ما دبّرت، ولي أن أغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت، وأقدم من ذلك ما أخرت وأؤخر من ذلك ما قدَّمت وأنا اللّه الفعّال لما أريد، لا أسْأَلُ عمّا أفعل وأنا أسأل خلقي عما هم فاعلون).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن عبد اللّه بن محمّد الجعفي وعقبة جميعاً، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ خلق الخلق فخلق من أحبَّ ممّا أحب، وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنّة. وخلق من أبغض ممّا أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النّار، ثمّ بعثهم في الظلال. فقلت : وأي شيء الظلال؟ فقال : ألم تر إلى ظلك في الشمس شيئاً وليس بشيء، ثمّ بعث منهم النبيّين

ص: 12


1- أي فقر وحاجة.
2- أي قبيح الخلقة.
3- والحاصل أن حكمك بأنهم إذا كانوا على صفات واحدة كان أقرب إلى الحكمة والصواب إنما نشأ من الأوهام التابعة للقوى البدنية فإنهم لو كانوا كذلك لم يتيسر التكليف المعرّض لهم لأرفع الدرجات، ولم يبق نظام النوع ولم يرتكبوا الصناعات الشاقة الّتي بها بناء نوعهم إلى غير ذلك من الحكم والمصالح مرآة المجلسي 25/7 – 26.

فدعوهم إلى الإقرار باللّه عزّ وجلّ وهو قوله عزّ وجلّ : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) ثمّ دعوهم إلى الإقرار بالنبيّين فأقر بعضهم وأنكر بعض، ثمّ دعوهم إلى ولايتنا فأقر بها واللّه من أحب وأنكرها من أبغض وهو قوله : (مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) (1) ثمّ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان التكذيب ثُمَّ.

باب أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أوّل مَن أجاب وأقر اللّه عزّ وجلّ بالربوبية

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن بعض قريش قال الرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : بأي شيء سبقت الأنبياء (2) وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم ؟ فقال : «إني كنت أول من آمن بربّي وأول من أجاب حيث أخذ اللّه ميثاق النبيّين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم، فكنت أنا أول نبي قال : بلى، فسبقتهم بالإقرار باللّه عزّ وجلّ».

2 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد عن بعض أصحابنا، عن عبد اللّه بن سنان قال : قلت لأي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك إنّي لأرى بعض أصحابنا يعتريه النزق(3) والحدَّة والطَّيش، فأغْتَمُّ لذلك غمّاً شديداً، وأرى لذلك غمّاً شديداً، وأرى من خالفنا فأراه حسن خالفنا فأراه حسن السمت(4). قال : لا تقل حَسَن السَّمت، فإن السمت سَمتُ الطريق ولكن قل حسن السيماء، فإنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)(5). قال : قلت: فأراه حسن السيماء وله وقار فأغتم لذلك، قال : لا تغتم لما رأيت من نَزَق أصحابك، ولما رأيت من حسن سيماء من خالفك (6)، إنَّ اللّه تبارك وتعالى لما أراد أن يخلق آدم خلق تلك الطينتين، ثمّ فرَّقهما فرقتين

ص: 13


1- الزخرف/ 87. وقد مر هذا الحديث بنفس هذا السند وباختلاف طفيف في بعض ألفاظه في باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية في المجلد الأول، وكان رقمه هناك (2) وعلقنا عليه فراجع.
2- أي رتبة وشرفاً وفضلاً مع أنك آخرهم زماناً. وقد مر هذا الحديث بنفس هذا السند. والألفاظ في مولد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من المجلد الأوّل وكان رقمه (6)وعلقنا عليه هناك فلا نعيد فراجع.
3- النزّق : الطيش والخفة عند الغضب.
4- السمت الهيئة وقيل : هي هيئة أهل الصلاح ولذلك فرّق الإمام بين حسن الظاهر وبين حسن العمل وصدق الاعتقاد، فإن السمت هو سلامة القصد والدين، وحسن العمل وفق ما تقتضيه أوامر اللّه ونواهيه، والاستواء على طريق الحق وصراط اللّه.
5- الفتح / 29.
6- أي في المذهب والمعتقد.

فقال لأصحاب اليمين كونوا خلقاً بإذني، فكانوا خلقاً بمنزلة الذرّ يسعى (1)، وقال لأهل الشمال : كونوا خلقاً بإذني، فكانوا خلقاً بمنزلة الذرّ، يدرج، ثمّ رفع لهم ناراً فقال : أدخلوها بإذني، فكان أوّل من دخلها محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثمّ اتبعه أولو العزم من الرّسل وأوصياؤهم وأتباعهم، ثمّ قال لأصحاب الشمال : ادخلوها بإذني، فقالوا ربنا خلقتنا لتحرقنا؟ فَعَصَوا، فقال لأصحاب اليمين أخرجوا بإذني من النار، لم تكلّم النّار منهم كلما (2)، ولم تؤثر فيهم أثراً، فلما رآهم أصحاب الشمال، قالوا : ربنا نرى أصحابنا قد سلموا فأقِلْنا (3) ومُرْنا بالدخول، قال : قد أقلتُكُم فادخلوها، فلما دنوا وأصابهم الوهج (4) رجعوا فقالوا: يا ربنا لا صبر لنا على الاحتراق فعصوا، فأمرهم بالدخول ثلاثاً، كلّ ذلك يعصون ويرجعون، وأمر أولئك ثلاثاً، كلّ ذلك يطيعون ويخرجون، فقال لهم : كونوا طيناً بإذني فخلق منه ادم، قال : فمن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء، ومن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء، وما رأيت من نَزَق أصحابك وخُلُقِهِم فمما أصابهم من لطخ أصحاب الشمال، وما رأيت من حسن سيماء من خالفكم ووقارهم فمما أصابهم من لطخ أصحاب اليمين (5).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن عليّ بن إسماعيل، عن محمّد بن إسماعيل، عن سعدان بن مسلم، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سئل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بأي شيء سبقت ولد آدم؟ قال: «إنّي أوَّل من أقرَّ بربّي، إِنَّ اللّه أخذ ميثاق النبيّين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى، فكنتُ أوَّل مَن أجاب».

باب كيف أجابوا وهم ذر

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كيف أجابوا وهم ذر؟ قال: جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه (6)، يعني في الميثاق.

ص: 14


1- وإطلاق السعي هنا والدرج فيما سيأتي (أي في أصحاب الشمال) إما لمحض التفنن في العبارة، أو المراد بالسعي سرعة السير، وبالدرج المشي الضعيف.... فيكون إشارة إلى مسارعة الأولين إلى الخيرات وبطؤ الآخرين عنها مرآة المجلسي 34/7.
2- الكلم: الجرح.
3- أي من عصياننا لأمرك الأول.
4- أي وهج النار، وهو اتقادها وحرّ لهيبها.
5- أي عند خلط الطينتين ثمّ فلقهما فلقتين.
6- أي أجابوه به وهو عائد (ما) الموصولة المحذوف والمعنى أنّه سبحانه وجعل في كلّ ذرة العقل وآلة السمع وآلة النطق مرآة المجلسي 36/7 - 37.

باب فِطرة الخَلْق على التوحيد

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاس عَلَيْهَا) (1) ؟ قال : التوحيد.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاس عَلَيْهَا) ما تلك الفطرة؟ قال : هي الإسلام، فطرهم اللّه حين أخذ ميثاقهم على التوحيد، قال: (ألستُ بربكم) (2) وفيه المؤمن والكافر.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّده، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاس عَلَيْهَا) قال : فطرهم جميعاً على التوحيد.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : حنفاء اللّه غير مشركين به (3)؟ قال : الحنيفية من الفطرة الّتي فطر اللّه النّاس عليها، لا تبديل لخلق اللّه، قال : فطرهم على المعرفة به، قال زرارة وسألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى - الآية) (4)؟ قال : أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة، فخرجوا كالذَّر فعرفهم وأراهم نفسه (5)، ولولا ذلك لم يعرف أحد ربه. وقال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «كلّ مولود يولد على الفطرة، يعني المعرفة بأنَّ اللّه عزّ وجلّ خالقه»، كذلك قوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) (6).

ص: 15


1- الروم / 30، والفطرة الخلقة، وخلقهم سبحانه عليها إيجاد الاستعداد عندهم للإذعان للحق بعد تعقله وفهمه.
2- الأعراف/ 172.
3- الحجّ / 31 وحنفاء اللّه : أي مائلين عن كلّ دين وعقيدة غير الإسلام فاستقيموا عليه.
4- الأعراف/ 172.
5- أي بعقولهم وبصائرهم لا بأبصارهم الحسية.
6- الزخرف/ 87. وقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كلّ مولود يولد على الفطرة : قيل : معناه الفطرة الإسلامية والدين الحق، وإنما أبواه يهودانه وينصرانه، أي ينقلانه إلى دينهما. وهذا التفسير مشكل إن حمل اللفظ على حقيقته فقط، لأنه يلزم منه أن لا يتوارث المشركون مع أولادهم الصغار قبل أن يهودوهم وينصروهم واللازم منتف بل الوجه حمله على الحقيقة والمجاز معاً، أما حمله على مجازه فعلى ما قبل البلوغ...... وأما حمله على الحقيقة فعلى ما بعد البلوغ لوجوه الكفر من الأولاد مرآة المجلسي 56/7.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ابن أبي جميلة، عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاس عَلَيْهَا) قال : فطرهم على التوحيد

باب كَوْن المؤمن في صُلْبِ الكافر

1 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عليّ ابن ميسرة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن نطفة المؤمن لتكون في صلب المشرك، فلا يصيبه من الشر شيء، حتّى إذا صار في رحم المشركة لم يصبها من الشر شيء، حتّى تضعَهُ، فإذا وَضَعَتْهُ لم يصبه من الشر شيء، حتّى يجري عليه القلم. (1)

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن يقطين، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : إني قد أشفَقْتُ (2) من دعوة أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) على يقطين وما ولد، فقال : يا أبا الحسن ليس حيث تذهب، إنما المؤمن في صلب الكافر (4) بمنزلة الحصاة في اللبنة يجيء المطر فيغسل اللبنة ولا يضر الحصاة شيئاً (5).

باب إذا أراد اللّه عزّ وجلّ أن يخلق المؤمن

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن إبراهيم بن مسلم الحلواني (6)، عن أبي إسماعيل الصيقل الرّازي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن في الجنّة لشجرة تسمّى المُزْن (7)، فإذا أراد اللّه أن يخلق مؤمناً أقطر منها قطرة، فلا تصيب بقلة ولا ثمرة أكل

ص: 16


1- أي قلم التكليف. وإنما لم يصبه وهو في رحمها شيء من الرجس والشرك لأن اللّه سبحانه يحفظها من أن تصيبها آفة واللّه خير حافظا وهو أرحم الراحمين الفيض في الوافي ج 18/3.
2- أي خفتُ.
3- يظهر من هذا أن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان قد دعا على يقطين وولده ولعنهم لأنهم كانوا من المشايعين لبني العباس، ولذا كان عليّ بن يقطين خائفاً من أن يلحقه ضرر بسبب تلك الدعوة.
4- أي أن المؤمن يكون في صلب الكافر فيحفظه اللّه من رجسه وشركه وما يلحق اللّه به من ضرر.
5- في بعض النيخ شيء وهو الأصح، والمقصود بالشيء : الضرر والشر.
6- نسبة إلى حلوان قرية في عراق العرب. وهنالك بلد بمصر يسمى بنفس الاسم.
7- المُزن : السحاب. وقال الفيض (رضیَ اللّهُ عنهُ) ج 17/3 «وهو أيضاً يعم سحاب الرحمة والجود والكرم وسحاب ماء المطر والخصب والديم، وكما أن لكل قطرة من ماء المطر صورة وسحاباً انفصلت عنه في عالم الملك كذلك له صورة وسحاب انفصلت منه في عالمي الملكوت والجبروت وكما أن البقلة والثمرة تتربيان بصورهما الملكية كذلك تتربيان بصورهما الملكوتية والجبروتية المخلوقتين من ذكر اللّه تعالى اللتين من شجر المزن الجناني وكما أنهما تتربيان بها عند الأكل كذلك تتربيان بها بعد الأكل... الخ.

منها مؤمن أو كافر إلّا أخرج اللّه عزّ وجلّ من صلبه مؤمناً.

باب في أن الصبغة هي الإسلام

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً).(1) قال : الإسلام، وقال في قوله عزّ وجلّ : (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) (2)؟ قال: هي الإيمان باللّه وحده لا شريك له.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن عبد اللّه بن فرقد عن حمران عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً) قال : الصبغة هي الإسلام.

3 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن غير واحد، عن أبان، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً) قال : الصبغة هي الإسلام. وقال في قوله عزّ وجلّ: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) قال : هي الإيمان.

باب في أن السَّكِينَةَ هي الإيمان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ :(أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ

ص: 17


1- البقرة/ 138. و (صبغة اللّه) منصوب على المصدرية من قوله تعالى في الآية الّتي قبلها (آمنا باللّه) فيكون مفعولاً مطلقاً من غير لفظ فعله وقيل : على البدلية من قوله تعالى فيما قبلها (ملة إبراهيم)، وقيل منصوب على التحضيض أي اتبعوا صبغة اللّه أو الزموها وهكذا.
2- البقرة/ 256.

الْمُؤْمِنِينَ) (1) قال : هو الإيمان. قال : وسألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (2) قال : هو الإيمان.

2 - عنه، عن أحمد عن صفوان عن أبان عن فضيل قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ) (3) هل لهم فيما كتب في قلوبهم صنع؟ قال : لا.

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : السكينة الإيمان.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، وهشام بن سالم وغيرهما، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) قال : هو الإيمان.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس، عن جميل قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله عزّ وجلّ : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ). قال : هو الإيمان. قال : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) قال : هو الإيمان وعن قوله: ﴿وألزمهم كلمة التقوى) (4) ؟ قال : هو الإيمان.

باب الإخلاص

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد اللّه بن مسكان، عن

ص: 18


1- الفتح / 4. والآية في المصحف (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ) الآية والظاهر أن المراد بالسكينة الثبات وطمأنينة النفس وشدة اليقين بحيث لا يتزلزل عند الفتن وعروض الشبهات... ولذا قال : (لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ). مرآة المجلسي 71/7.
2- المجادلة / 22، وقال الطبرسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) في مجمع البيان المجلد الخامس / 255 عند قوله : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) : «أي قواهم بنور الإيمان ويدل عليه قوله : كذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا الآية عن الزجاج. وقيل: وقواهم بنور الحجج والبراهين حتّى اهتدوا للحق وعملوا به وقيل : قواهم بالقرآن الّذي هو حياة القلوب من الجهل عن الربيع. وقيل : أيدهم بجبرئيل في كثير من المواطن ينصرهم ويدفع عنهم».
3- المجادلة / 22. وقال الطبرسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) في مجمع البيان المجلد الخامس / 255 : (كتب في قلوبهم الإيمان بما فعل بهم من الألطاف فصار كالمكتوب. وقيل : كتب في قلوبهم علامة الإيمان ومعنى ذلك أنّها سمة وعلامة لمن شاهدهم من الملائكة على أنهم مؤمنون... الخ).
4- الفتح / 26 وكلمة التقوى لدى المفسرين هي كلمة التوحيد إذ يتقى بها من عذاب اللّه وما فسرها (عَلَيهِ السَّلَامُ) به أظهر، إذ يجمع العقايد الإيمانية واجتماعها يُتقى من عذاب اللّه لا بكلمة التوحيد فقط، وفسرت في كثير في الروايات بالولاية لأنها مستلزم لساير العقايد مرآة المجلسي 74/7.

أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (حنيفاً مسلماً) (1) قال : خالصاً مخلصاً ليس فيه شيء من عبادة الأوثان.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه رفعه إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «يا أيّها النّاس إنّما هو اللّه والشيطان والحقُ والباطل، والهدى والضلالة، والرشد والغيُّ، والعاجلة والآجلة، والعاقبة والحسنات والسيئات، فما كان من حسنات فلله وما كان من سيئات فللشيطان لعنه اللّه» (2).

3 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنَّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه كان يقول : طوبى (3) لمن أخلص للّه العبادة والدعاء، ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه (4)، ولم ينس ذكر اللّه بما تسمع أذناه(5)، ولم يحزن صدره بما أعطِي غيرُه.

4 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (6) قال : ليس يعني أكثر عملاً ولكن أصوبكم عملاً، وإنما الإصابة خشية اللّه والنية الصادقة والحسنة (7). ثمّ قال : الإبقاء على العمل حتّى يخلص أشدُّ من العمل ؛ والعمل الخالص : الّذي لا تريد أن يحمدك عليه أحدٌ إلّا اللّه عزّ وجلّ، والنيَّة أفضل من العمل، ألا وإنَّ النية هي العمل، ثمّ تلا قوله عزّ وجلّ : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) (8) يعني علی نيته.

5 - وبهذا الإسناد قال : سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (9)

ص: 19


1- آل عمران/ 67.
2- والغرض أن الحق والهدى والرشد ورعاية الآجلة والحسنات منسوب إلى اللّه، وأضدادها منسوبة إلى الشيطان، فما كان خالصاً اللّه فهو من الحسنات، وما كان للشيطان فيه مدخل فهو من السيئات مرآة المجلسي 75/7.
3- أي شجرة طوبى في الجنّة، أو مطلق الخير.
4- أي من الدنيا وبهارجها وحطامها.
5- من اللغو واللّهو والباطل وسائرها ما حُرَم سماعه.
6- المُلْك / 2 ويبلوكم : يختبركم ويمتحنكم.
7- صفة ثانية للنية. وفي بعض النسخ (والخشية) وبناء على تكرارها يكون المراد بالأولى الخوف من اللّه، وبالثانية خوف العبد من عدم قبول عمله.
8- الإسراء / 84.
9- الشعراء/ 89.

قال : القلب السليم الّذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه، قال : وكل قلب فيه شرك (1) أو شك (2) فهو ساقط، وإنما أرادوا (3) الزهد في الدُّنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة.

6 - بهذا الإسناد عن سفيان بن عيينة عن السندي عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ما أخلص العبد الإيمان باللّه عزّ وجلّ أربعين يوماً - أو قال (4) : ما أجمل عبد ذكر اللّه عزّ وجلّ أربعين يوماً - إلّا زهده اللّه عزّ وجلّ في الدُّنيا وبصره داءها ودواءها فأثبت الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه، ثمّ تلا : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) (5) فلا ترى صاحب بدعة إلّا ذليلاً ومفترياً (6) على اللّه عزّ وجلّ وعلى رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعلى أهل بيته صلوات اللّه عليهم إلّا ذليلاً.

باب الشرائع

عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر؛ وعدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي عن محمّد بن مروان جميعاً، عن أبان بن عثمان، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ اللّه تبارك وتعالى أعطى محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : التوحيد والإخلاص وخلع الأنداد(7) والفطرة الحنيفية السمحة ولا رهبانية ولا سياحة (8)، أحلَّ فيها الطيبات وحرَّم فيها الخبائث

ص: 20


1- سواء كان شركاً جلياً ظاهراً أو خفياً باطناً.
2- الشك ما يقابل اليقين فهو هنا أعم من الشك المصطلح وهو تساوي طرفي الاحتمال.
3- أي الأنبياء والأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- الترديد من الراوي.
5- الأعراف/ 152.
6- معطوف على (فلا تَرى). ولعل الوجه في إيراد الآية للاستشهاد بها هو أن من اتخذ العجل من بني إسرائيل لم يخلصوا العبادة اللّه أربعين يوماً بل نكثوا إيمانهم وكفروا بعبادتهم العجل قبل أن يرجع موسى من ميقات ربه الّذي كان أربعين يوماً ولذلك توعدهم اللّه بهذا الوعيد في الدنيا والآخرة، ولعل هذا هو وجه الشبه بينهم وبين صدر الحديث واللّه العالم.
7- جمع بد: وهو المثل والنظير الّذي يناوي، نظيره وينازعه ويخالفه.
8- الرهبانية من الرهبة وهي الخوف، وكان بعض النصارى يعتزل الدنيا وأهلها بل يعذب نفسه وجسده بمختلف أنواع العذاب والألم حتّى أن بعضهم كان يخصي نفسه ليسحق شهوته وقد حرّم الإسلام هذا النوع من السلوك وجعله بدعة ما أنزل اللّه بها من سلطان. وأما السياحة فهي الابتعاد عن المدن والحواضر وسكن البوادي والقفار والجبال والأودية، ولا سياحة في الإسلام.

ووضع عنهم إصرهم (1) والأغلال الّتي كانت عليهم، ثمّ افترض عليه فيها الصلاة والزكاة والصيام والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال والحرام والمواريث والحدود والفرائض والجهاد في سبيل اللّه. وزاده الوضوء، وفضله (2) بفاتحة الكتاب وبخواتيم سورة البقرة والمفصل، وأحلَّ له المغنم والفيء، ونصره بالرعب، وجعل له الأرض مسجداً وطهوراً وأرسله كافّة إلى الأبيض والأسود والجن والإنس، وأعطاه الجزية وأسر المشركين وفداهم، ثمّ كلّف ما لم يكلّف أحد من الأنبياء وأنْزِلَ عليه سيفٌ من السماء(3)، في غير غمد وقيل له : (قاتل في سبيل اللّه لا تُكَلَّفُ إلّا نفسك) (4).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة ابن مهران قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قول اللّه عزّ وجلّ : (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) (5) فقال : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، قلت: كيف صاروا أولي العزم؟ قال : لأن نوحاً بعث بكتاب وشريعة، وكلّ من جاء بعد نوح أخذ بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه حتّى جاء إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالصحف وبعريمةٍ ترك كتاب نوح لا كفراً به، فكل نبي جاء بعد إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أخذ بشريعة إبراهيم ومنهاجه وبالصحف، حتّى جاء موسى بالتوراة وشريعته ومنهاجه، وبعزيمة ترك الصحف (6)، وكل نبي جاء بعد موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أخذ بالتوراة وشريعته ومنهاجه حتّى جاء المسيح (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالإنجيل ؛ وبعزيمة ترك شريعة موسى ومنهاجه، فكل نبي جاء بعد المسيح أخذ بشريعته ومنهاجه، حتّى جاء محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه، فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، فهؤلاء أولو العزم من الرُّسل (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 21


1- الإصر : هو - كما في الزجاج - ما عقدته من عقد ثقيل، مع اللّه أو مع النّاس، والمقصود به هنا وفي سورة الأعراف، هو ما كان أخذه اللّه على بني إسرائيل من عهد بأن يعملوا بكل ما أنزله عليهم في التوراة.
2- روي عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قوله : «أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، ومكان الإنجيل المثاني ومكان الزبور المئين وفضلت بالمفصل». والسبع الطوال : البقرة آل عمران، النساء المائدة الأنعام الأعراف والقرينتان الأنفال والتوبة. والمثاني هي السور الّتي تلي الطوال أولها سورة يونس وآخرها سورة النحل. وقيل غير ذلك. وأما المئون، فهي ما كان عدد آياتها مائة أو أقل من ذلك أو أكثر بقليل. وأما المفصل فقد اختلف فيه فقيل هو من سورة محمّد إلى آخر القرآن وقيل من سورة ق، وقيل هو ما بعد الحواميم إلى الآخر. وسمي بهذا الاسم لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة. واللّه العالم.
3- لعله ذو الفقار كما ورد في بعض الأخبار.
4- النساء/ 84.
5- الأحقاف / 35.
6- أي صحف إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

باب دعائم الإسلام

1 - حدّثني الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلى بن محمّد الزيادي، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال : حدَّثنا أبان بن عثمان، عن فضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال : بني الإسلام على خمس (1) : على الصلاة والزّكاة والصوم والحج والوَلاية (2) ولم ينادَ بشيء كما نودي بالولاية.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عجلان أبي صالح قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أوقفني على حدود الإيمان، فقال: شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه، والإقرار بما جاء به من عند اللّه، وصلوة الخمس، وأداء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت وولاية ولينا وعداوة عدوّنا والدخول مع الصادقين (3).

3 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبّاس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بني الإسلام على خمس على الصّلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ النّاس بأربع وتركوا هذه - يعني الولاية (4) -.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن العرزميّ، عن أبيه عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : أثافي الإسلام (5) ثلاثة : الصلاة والزكاة والولاية، لا تصحُّ واحدة منهنَّ إلّا بصاحبتيها.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعبد اللّه بن الصلت جميعاً، عن حماد بن عيسى، عن حریز بن عبد اللّه عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بني الإسلام على خمسة أشياء : على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية، قال زرارة : فقلت : وأي شيء من ذلك أفضل؟ فقال :

ص: 22


1- يفهم من هذا أن هذه الخمس هي أركان الإسلام وعمده الّتي لا يعد الإنسان مسلماً إلّا بالتوفر عليها والاعتقاد والعمل بها.
2- الولاية : هي المحبة والمودة لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) اللذان يتفرع عنهما الدخول معهم والسير على سنتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كما سوف يصرح به الحديث التالي. والدخول معهم هو الكون معهم في الاعتقاد والعمل مع معاداة أعدائهم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي الأئمّة المعصومين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- الولاية هنا بالكسر بمعنى الإمرة في الدين والدنيا لأئمّة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وقوله : يعني من كلام الراوي.
5- «الأثافي : جمع الأنفية، وهي الأحجار الّتي يوضع عليها القدر وأقلها ثلاثة، وإنما اقتصر في هذا الحديث على هذه الثلاث لأنها أهمهن» مرآة المجلسي 102/7.

الولاية أفضل، لأنّها مفتاحهنَّ (1) والوالي هو الدليل عليهنَّ، قلت: ثمّ الّذي يلي ذلك في الفضل؟ فقال : الصلاة إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : «الصلاة عمود دينكم»، قال: قلت: ثمّ الّذي يليها في الفضل ؟ قال : «الزكاة لأنّه قرنها بها (2) وبدأ بالصلاة قبلها»، وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : الزكاة تُذهب الذنوب (3). قلت: والّذي يليها في الفضل؟ قال: الحجّ قال اللّه عزّ وجلّ: (وللّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)(4). وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لحَجّة مقبولة خير من عشرين صلاة نافلة، ومن طاف بهذا البيت طوافاً أحصى فيه أسبوعه (5)، وأحسن ركعتيه (6) غفر اللّه وقال في يوم عرفة ويوم المزدلفة ما قال (7) : قلت : فماذا يتبعه ؟ قال : الصوم.

قلت: وما بال الصوم صار آخر ذلك أجمع ؟ قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الصوم جُنّة (8) من النّار، قال : ثمّ قال: إنّ أفضل الأشياء ما إذا فاتك لم تكن منه توبة دون أن ترجع إليه فتؤديه بعينه، إن الصلاة والزكاة والحج والولاية ليس يقع شيء مكانها دون أدائها، وإن الصوم إذا فاتك أو قصرت أو سافرت فيه أديت مكانه أياماً غيرها، وجزيت ذلك الذنب بصدقة، ولا قضاء عليك، وليس من تلك الأربعة شيء يجزيك مكانه غيره، قال : ثمّ قال ذُروة (9) الأمر وسَنامه (10) ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرَّحمن الطاعة للإمام بعد معرفته، إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) (11). أما لو أنّ رجلاً قام ليله (12)، وصام نهاره، وتصدق بجميع ماله، وحجّ جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي اللّه فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على اللّه جل وعزَّ حقٌّ في ثوابه، ولا كان من أهل

ص: 23


1- أي أن الإمام الوالي هو الّذي يفتح للناس أبواب معرفة هذه الأمور المذكورة ويعلمهم أحكامها وشرائطها وأجزائها وكل ماله دخل في صحتها وإجزائها.
2- أي ذكرها بعدها بلا فصل فدل على أنّها تليها في الفضل.
3- لا ريب في أن كلّ عبادة من العبادات إذا أتى بها الإنسان تامة الأجزاء والشرائط فإنها تُذهب الذنوب أيضاً فيحمل هذا على أن الزكاة هي أكثر من بقية العبادات مذهبة للذنوب.
4- آل عمران/ 97.
5- أي سبعة أشواط طوافه.
6- أي ركعتي الطواف بعده.
7- فيه إشارة إلى ما ورد من الأحاديث في فضيلة هذين اليومين وكثرة ثواب تمضيتهما في العبادة والدعاء والابتهال.
8- أي وقاء.
9- أي أعلاه.
10- سنام البعير أعلا عضو فيه، وهنا مستعمل بنحو الاستعارة للارتفاع والسمو والعلو أيضاً.
11- النساء/ 80.
12- أي أحياه بالصلاة والتهجد.

الإيمان، ثمّ قال : أولئك (1) المحسن منهم يدخله اللّه الجنّة بفضل رحمته.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن صفوان بن يحيى، عن عيسى بن السري أبي البسع قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرني بدعائم الإسلام الّتي لا يسع أحداً التقصير عن معرفة شيء منها، الّذي من قصر عن معرفة شيء منها فسد دينه، ولم يقبل [اللّه] منه عمله، ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله ولم يضق به ممّا هو فيه (2) لجهل شيء من الأمور جهله؟ فقال : شهادة أن لا إله إلّا اللّه والإيمان بأن محمّداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، والإقرار بما جاء به من عند اللّه، وحقٌّ في الأموال الزكاة ؛ والوِلاية الّتي أمر اللّه عزّ وجلّ بها : ولاية آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، قال : فقلت له هل في الوِلاية شيء دون شيء فضل (3) يعرف لمن أخذ به؟ قال : نعم قال اللّه عزّ وجلّ: (ي يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (4). وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية». وكان رسول اللّه (5). (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وكان عليا (6) (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال الآخرون : كان معاوية، ثمّ كان الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمّ كان الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال الآخرون : يزيد بن معاوية وحسين بن عليّ ولا سواء ولا سواء (7). قال : ثمّ سكت ثمّ قال : أزيدك ؟ فقال له حكم الأعور : نعم جعلت فداك قال : ثمّ كان عليّ بن الحسين ثمّ كان محمّد بن عليّ أبا جعفر، وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتّى كان أبو جعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم، حتّى صار النّاس يحتاجون إليهم من بعد ما كان يحتاجون إلى النّاس (8)، وهكذا يكون الأمر، والأرض لا تكون إلّا بإمام ومن مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، وأحوج ما تكون إلى ما أنت عليه إذ بلغت نفسك هذه - وأهوى بيده إلى حلقه (9) - وانقطعت عنك الدُّنيا

ص: 24


1- «الظاهر أنّه إشارة إلى المخالفين، والمراد بهم المستضعفون فإنهم مُرجَون لأمر اللّه، ولذا قال : بفضل رحمته، في مقابلة قوله : ما كان له على اللّه حق» مرآة المجلسي 108/7.
2- «ولم يضق به، الباء للتعدية، ومن في قوله : ممّا هو فيه للتبعيض، وهو مع مدخوله فاعل لم يضق أي : لم يضق عليه بشيء ممّا هو فيه» مرآة المجلسي 109/7. وفي بعض النسخ: (لم يُضَر).
3- «لعل مراد السائل بقوله (هذا) أنّه هل يوجد فضل في رجل خاص من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعينه يقتضي أن يكون هو ولي الأمر دون غيره يعرفه من أخذ به» الفيض في الوافي ج 21/3.
4- النساء / 59.
5- أي ولي اللّه في حياته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
6- أي بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولياً للأمر.
7- أي لا يستوي على ومعاوية ولا الحسين ويزيد.
8- أي فقهاء المخالفين لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
9- هذا من كلام الراوي.

تقول : لقد كنتُ على أمر حسن(1).

أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عيسى بن السريّ أبي اليسع، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن مثنى الحناط، عن عبد اللّه بن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بني الإسلام على خمس : الولاية والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحجّ.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن أبان عن فضيل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بني الإسلام على خمس : الصّلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، ولم يناد بشيء ما نودي بالولاية يوم الغدير.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حماد بن عثمان، عن عيسى بن السري قال : لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : حدّثني عمّا بنيت عليه دعائم الإسلام إذا أنا أخذت بها زكى (2) عملي ولم يضرني جهل ما جهلت بعده فقال : شهادة أن لا إله إلّا اللّه، وأن محمّداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، والإقرار بما جاء به من عند اللّه، وحق في الأموال من الزكاة؛ والوِلاية الّتي أمر اللّه عزّ وجلّ بها ولاية آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فإنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية»، قال اللّه عزّ وجلّ : (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (3). فكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمّ صار من بعده حسن. ثمّ من بعده حسين، ثمّ من بعده عليّ بن الحسين، ثمّ من بعده محمّد بن عليّ، ثمّ هكذا يكون الأمر، إن الأرض لا تصلح إلّا بإمام، ومن مات لا يعرف إمامه (4) مات ميتة جاهلية وأحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه ههنا - قال : وأهوى بيده إلى صدره - يقول حينئذ : لقد كنتُ على أمر حسن.

10 - عنه (5)، عن عن أبي الجارود (6) قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ابن رسول اللّه : هل تعرف مودتي لكم وانقطاعي إليكم وموالاني إياكم؟ قال: فقال: نعم، قال: فقلت: فإني

ص: 25


1- هو ولاية أئمّة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
2- أي زاد ونما. وهذا الحديث صورة مختصرة من الحديث السادس المتقدم والراوي واحد عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو ابن السري.
3- النساء/ 59.
4- أي المعصوم من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) والّذي هو حجة اللّه عليه في زمانه.
5- ضمير عنه، كأنه راجع إلى عيسى بن السري مرآة المجلسي 114/7.
6- واسمه زياد بن المنذر.

أسألك مسألة تجيبني فيها فإنّي مكفوف البصر قليل المشي، ولا أستطيع زيارتكم كلّ حين. قال : هات حاجتك، قلت: أخبرني بدينك الّذي تدين اللّه عزّ وجلّ به أنت وأهل بيتك لادين اللّه عزّ وجلّ به. قال : إن كنت أقصرت الخطبة (1) فقد أعظمت المسألة، واللّه لأعطينك ديني ودين آبائي الّذي ندين اللّه عزّ وجلّ به شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، والإقرار بما جاء به من عند اللّه، والوِلاية لولينا والبراءة من عدوّنا والتسليم لأمرنا، وانتظار قائمنا، والاجتهاد (2)، والورع (3).

11 - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سمعته يسأل أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له : جعلت فداك : أخبرني عن الدين الّذي افترض اللّه عزّ وجلّ على العباد ما لا يسعهم جهله ولا يقبل منهم غيره، ما هو؟ فقال : أعد عَلَيَّ (4)، فأعاد عليه، فقال : شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً، وصوم شهر رمضان، ثمّ سكت قليلاً، ثمّ قال : والوِلاية - مرتين، ثمّ قال : هذا الّذي فرض اللّه على العباد ولا يسأل الربُّ العباد يوم القيامة فيقول ألا زدتني على ما افترضتُ عليك (5)؟ ولكن من زاد زاده اللّه، إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سن سنناً حسنة جميلة ينبغي للنّاس الأخذُ بها.

12 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي زيد الحلال، عن عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن اللّه عزّ وجلّ فرض على خلقه خمساً (6) فرخص في أربع (7) ولم يرخص في واحدة.

ص: 26


1- يقصد (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالخطبة المقدمة الّتي استهل بها أبو الجارود كلامه توطئة لمسألته. وكأنها لقضرها لا تتناسب مع عظمة المسألة الّتي سأل عنها.
2- أي في طاعة اللّه والانقياد لنا.
3- أي عن محارم اللّه.
4- «كأنّ الأمر بالإعادة لسماع الحاضرين وإقبالهم إليه، أو لإظهار حسن الكلام والتلذذ بسماعه» مرآة المجلسي 7 / 115.
5- أي يقول اللّه سبحانه للعبد الّذي اقتصر من طاعة اللّه على الفرائض : هلا زدتني من النوافل لكل فرض أوجبته عليك كصلاة النافلة بالنسبة للصلاة، وصوم بعض الأيّام المستحبة غير شهر رمضان بالنسبة للصوم وهكذا.
6- الخمس، هي شهادة التوحيد والصلاة والزكاة والحج وصوم شهر رمضان، والولاية وهذه الّتي لم يرخص بها على ضوء ما تقدم.
7- كالتقصير في الصلاة في السفر وتأخيرها عن وقت الفضيلة مع العذر وترك كثير من واجباتها في بعض الأحيان أو سقوط الصلاة عن الحائض والنفساء وعن فاقد الطهورين إن قلنا به والزكاة عمّن لم يبلغ النصاب أو لم يحل عليه الحول أو لم يتمكن من التصرف فيه أو فقد ساير الشرايط والحج عمّن لم يستطع أو لم يخل سربه وأشباه ذلك والصوم عن المسافر أو الشيخ الكبير الخ بخلاف الولاية فإنها مع بقاء التكليف لا يسقط وجوبها في حال من الأحوال مرآة المجلسي 116/7 - 117.

13 - عنه، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء عن أبان عن إسماعيل الجعفي قال : دخل رجلٌ على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعه صحيفة، فقال له أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذه صحيفة مخاصم يسأل(1) عن الدين الّذي يقبل فيه العمل. فقال : رحمك اللّه هذا الّذي أريد، فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : : شهادة أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأن محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عبده ورسوله، وتقرُّ بما جاء من عند اللّه، والولاية لنا أهل البيت والبراءة من عدوّنا والتسليم لأمرنا، والورع والتواضع وانتظار قائمنا فإنَّ لنا دولة إذا شاء اللّه جاء بها.

14 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وأبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار جميعاً عن صفوان عن عمرو بن حريث قال : دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو في منزل أخيه عبد اللّه بن محمّد فقلت له : جعلت فداك ما حَوَّلك إلى هذا المنزل؟ قال : طلب النزهة (2) فقلت : جعلت فداك ألا أقص عليك ديني ؟ فقال : بلى، قلت : أدين اللّه بشهادة أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأن محمّداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن اللّه يبعث من في القبور، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت والولاية لعلي أمير المؤمنين بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، والولاية للحسن والحسين والولاية لعليّ بن الحسين والولاية لمحمّد بن عليّ ولك من بعده صلوات اللّه عليهم أجمعين، وأنّكم أئمتي عليه أحيا وعليه أموت وأدين اللّه به، فقال: يا عمر و هذا واللّه دين اللّه ودين آبائي الّذي أدين اللّه به في السر والعلانية، فاتق اللّه، وكفَّ لسانك ألا من خير، ولا تقل إنّي هديت نفسي (3) بل اللّه هداك، فأدَّ شكر ما أنعم اللّه عزّ وجلّ به عليك، ولا تكن ممّن إذا أقبل طُعِنَ في عينه وإذا أدبر طعن في قفاه(4)، ولا تحمل النّاس على كاهلك (5)، فإنّك أوشك إن حملت النّاس على كاهلك أن يصدعوا شُعَبَ كاهلك (6).

ص: 27


1- أي صحيفة مناظر سأل فيها، يعني جئني لتناظرني في الدين الّذي يقبل فيه العمل. وفي بعض النسخ : سل، فعل أمر، يعني : لا تناظرني بل سل من غير تعنت وهو أوضح الوافي ج 22/3.
2- أي العزلة.
3- كناية عن نهيه عن أن يأخذه العُجب والغرور الموجبان لحبط العمل وسَلْب التوفيق
4- «نهاه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن التظاهر بدينه بحيث يطعنه المخالفون في حضوره وغيبته ويؤذونه بما يثقل عليه ولا يطيق حمله» الوافي ج 22/3.
5- أي لا تسلّط النّاس على نفسك بترك التقية أو لا تحملهم على نفسك بكثرة المداهنة والمداراة بحيث تتضرر بذلك مرآة المجلسي 119/7.
6- الشعب بعد ما بين المنكبين كما ذكره الفيروزآبادي. كناية عن إرهاقه بمطالبهم وعدم قدرته لتحملها.

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ألا أخبرك بالإسلام أصله وفرعه وذروة سنامه :قلت بلی جعلت فداك قال أما أصله فالصلاة (1)، وفرعه الزكاة (2) وذروة سنامه الجهاد (3)، ثمّ قال : إن شئتَ أخبرتك بأبواب الخير؟ قلت : نعم جعلت فداك قال : الصوم جنة من النار، والصدقة تذهب بالخطيئة، وقيام الرّجل في جوف الليل بذكر اللّه (4)، ثمّ قرأ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ).

باب أن الإسلام يُحْفَنُ به الدم [ وتُؤَدّى به الأمانة] وأن الثواب على الإيمان

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن عن القاسم الصيرفي شربك المفضّل قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الإسلام يُحقن (5) به الدّم، وتؤدى به الأمانة وتستحل به الفروج ؛ والثواب على الإيمان (6).

2 - عليّ عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن العلاء عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الإيمان إقرار وعمل والإسلام إقرار بلا عمل (7).

ص: 28


1- لأنها عمود الدين والفسطاط لا قيامة له بدون العمود.
2- قيل : لأنها بدونه لا تقبل بل لا تصح.
3- لأن الجهاد طريق علو الإسلام وعزته وانتشاره. وقد ورد في الخبر أن الجهاد فوق كلّ برّ.
4- والمقصود بذكر اللّه هنا صلاة الليل أو قيامه بالتهجد والعبادة مطلقا. واستشهاده (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذه الآية (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) السجدة / 16 يومىء إلى أنّها واردة في فضلها ومدح الفاعلين لها.
5- أي يحبس ويمنع كناية عن حرمة إهراقه وهذه إحدى الثمرات الثلاث المترتبة في الحديث على الإسلام الظاهري وهو النطق بالشهادتين وعدم إظهار ما يتنافى مع التوحيد الكامل وعدم إنكار ما علم ثبوته من الدين ضرورة والثمرتان الأخريان وجوب رد الأمانة حتّى ولو كان المؤتمن كافراً على المشهور، وصحة التناكح وما يترتب عليه من ثبوت الأنساب والمواريث.
6- يفهم منه أن الإيمان غير الإسلام، إذ لا يكفي فيه ما ذكر فيه بل لا بد من ضم الاعتقاد بولاية أهل البيت وإمامة الأئمّة الاثني عشر من ذرية النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من أولهم إلى آخرهم والبراءة من أعدائهم إضافة إلى الاعتقاد الباطني بما أقر به ظاهراً. ويفهم منه أن أعمال الإنسان لا تقبل ولا يترتب عليها الثواب إلّا بالولاية، وإن الحكم بإسلام شخص في الظاهر بناءً على ما تقدم إنما هو في عصر عدم انبساط يد المعصوم أو غيبته، وإما عند ظهور القائم (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) فإنه يقتل فيما لو أصر على إنكار الحق مع قيام الحجة لأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يحكم - كما تقدم - بعلمه بالواقع لا بالظاهر، ولا بالبينات والايمان.
7- هذه تفرقة أخرى بين الإيمان والإسلام، فالإسلام إقرار بالشهادتين وبما هو من ضرورات الدين وإن لم يعمل وفق إقراره بشرط ألا يظهر خلافه، وأما الإيمان فهو انضمام العمل بما أقر به إلى الإقرار.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أَسْلَمْنا وَلَمّا يَدْخُل الإيمان في قلوبكم) (1) فقال لي : ألا ترى أن الإيمان غير الإسلام.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سفيان بن السمط قال: سأل رجلٌ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الإسلام والإيمان، ما الفرق بينهما، فلم يجبه، ثمّ سأله فلم يجبه. ثمّ التقيا في الطريق وقد أزف (2) من الرجل الرحيل، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كأنه قد أزف منك رحيل ؟ فقال : نعم فقال : فالقني في البيت فلقيه فسأله عن الإسلام والإيمان ما الفرق بينهما، فقال : الإسلام هو الظاهر الّذي عليه النّاس : شهادة أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحجّ البيت وصيام شهر رمضان فهذا الإسلام وقال : الإيمان معرفة هذا الأمر مع هذا فإن أقرَّ بها ولم يعرف هذا الأمر (3) كان، مسلماً وكان ضالاً (4).

5 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، وعدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد جميعاً عن الوشّاء عن أبان عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا). فمن زعم أنّهم آمنوا فقد كذب، ومن زعم أنّهم لم يسلموا فقد كذب (5).

6 - أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن حكم بن أيمن عن قاسم شريك المفضّل قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الإسلام يحقن به الدم وتؤدّى به الأمانة وتستحلُّ به الفروج والثواب على الإيمان (6).

باب إن الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن

ص: 29


1- الحجرات / 14.
2- أي قَرُبَ وحلّ.
3- أي أمر الإمامة والولاية.
4- أي كان مسلماً ظاهراً كافراً واقعاً، وإنما لم يقل كافراً إما تقية، أو لئلا يتوهم السائل جريان أحكام الكافر على من لم يؤمن بالولاية. اللّهمّ ألا أن يراد بالضلال الضياع عن الحق وهو الولاية.
5- هذا واضح في أن الإسلام هو الظاهر والإيمان أخص منه.
6- مرّ هذا الحديث بعينه قبل قليل بنفس الألفاظ ونفس الراوي ورقمه (1).

صالح، عن سماعة قال : قلت لأبي عبد اللّه : أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان (1)؟ فقال : إنّ الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان، فقلت: فصفهما (2) لي، فقال : الإسلام شهادة أن لا إله إلّا اللّه والتصديق برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) به حقنت الدماء، وعليه جرت المناكح والمواريث، وعلى ظاهره جماعة النّاس، والإيمان الهدى(3) وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من العمل به، والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة، إنَّ الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر، والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن(4)، وإن اجتمعا في القول والصفة.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن موسى بن بكر، عن فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان.

3 - علي، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن الإيمان يشارك الإسلام ولا يشاركه الإسلام، إن الإيمان ما وقر في القلوب (5)، والإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء؛ والإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان.

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الصباح الكناني قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيهما أفضل : الإيمان أو الإسلام؟ فإن من قِبَلَنا يقولون : إنّ الإسلام أفضل من الإيمان فقال : الإيمان أرفع من الإسلام. قلت : فأوجدني ذلك (6)، فال : ما تقول فيمن أحدث (7) في المسجد الحرام متعمداً؟ قال : قلت: يضرب ضرباً شديداً. قال: أصبت قال فما تقول فيمن أحدث في الكعبة متعمداً؟ قلت : يُقتل، قال: أصبت. ألا ترى أنَّ الكعبة أفضل من المسجد وأنَّ الكعبة تشرك المسجد (8) والمسجد لا يشرك الكعبة وكذلك الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان.

ص: 30


1- أي من حيث الحقيقة ومن حيث المفهوم.
2- أي بين حقيقة كلّ منهما.
3- أي الاهتداء إلى ولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) والاعتقاد بإمامتهم (عَلَيهِم السَّلَامُ).
4- وذلك واضح، لأن المعتبر في الإسلام الظاهر فقط بين المعتبر في الإيمان ضم التصديق الباطني إلى الإقرار الظاهري.
5- أي ثبت وسكن فيها، وهو يشير إلى ما مر من اعتبار التصديق الباطني بما أقر به ظاهراً في تحقيق الإيمان.
6- أي فهمني كيف أن الإيمان أرفع من الإسلام، أو وضح لي ذلك.
7- أي بال أو تغوط من دون اضطرار أو غفلة عالما بحرمة المسجد الحرام.
8- أي في حكم التعظيم في الجملة. أو في أنّها يصدق عليها أنّها مسجد وكعبة أو في أن من دخل الكعبة يحكم بدخوله في المسجد بخلاف العكس مرآة المجلسي 154/7.

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : الإيمان ما استقر في القلب وأفضى به (1) إلى اللّه عزّ وجلّ، وصدقه العمل بالطاعة للّه والتسليم لأمره والإسلام ما ظهر من قول أو فعل، وهو الّذي عليه جماعة النّاس من الفِرق كلّها وبه حُقنت الدّماء، وعليه جرت المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج، فخرجوا بذلك من الكفر وأضيفوا إلى الإيمان ؛ والإسلام لا يشرك الإيمان والإيمان يشرك الإسلام وهما في القول والفعل يجتمعان كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة. وكذلك الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان، وقد قال اللّه عزّ وجلّ : (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ). فقول اللّه عزّ وجلّ أصدق القول. قلت : فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك ؟ فقال : لا، هما يجريان في ذلك مجرى واحداً ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقربان به إلى اللّه عزّ وجلّ، قلت: أليس اللّه عزّ وجلّ يقول : (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) (2) وزعمت أنهم مجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحج مع المؤمن؟ قال : أليس قد قال اللّه عزّ وجلّ : (يُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً) (3) فالمؤمنون هم الّذين يضاعف اللّه عزّ وجلّ لهم حسناتهم لكلّ حسنة سبعون ضعفاً، فهذا فضل المؤمن ويزيده اللّه في حسناته على قدر صحة إيمانه (4) أضعافاً كثيرة ويفعل اللّه بالمؤمنين ما يشاء من الخير، قلت : أرأيت من دخل في الإسلام أليس هو داخلاً في الإيمان؟ فقال : لا ولكنه قد أضيف إلى الإيمان وخرج من الكفر، وسأضرب لك مثلاً تعقل به فضل الإيمان على الإسلام، أرأيت لو بصرت رجلاً في المسجد أكنت تشهد أنك رأيته في الكعبة؟ قلت : لا يجوز لي ذلك، قال : فلو بصرت رجلاً في الكعبة أكنت شاهداً أنّه قد دخل المسجد

ص: 31


1- أي جعل وجهة القلب إلى اللّه سبحانه هذا إن أرجعنا الضمير إلى القلب، وأما إذا أرجعناه إلى صاحب القلب وأرجعنا الضمير في به إلى (ما) الموصولية فيصير المعنى : وصل بسبب ذلك الاعتقاد أو أوصل ذلك الاعتقاد إلى اللّه كناية عن علمه سبحانه بحصوله في قلبه مرآة المجلسي 155/7.
2- الظاهر أن السائل أراد أنّه إذا كانا مجتمعين في الحسنات والحسنة بالعشر، فكيف يكون له فضل عليه في الأعمال والقربات مع أن الموصول من أدوات العموم فيشمل كلّ من فعلها مرآة المجلسي 157/7، والآية هي في سورة الأنعام/ 160.
3- البقرة / 245.
4- أي أن المؤمن يزيده اللّه من فضله على الآخر بسبب صدق إيمانه وثباته وصحته ويحرم اللّه الآخر من هذه الزيادة لأنه لا يتصف إلّا بالإسلام ظاهراً.

الحرام؟ قلت نعم قال : وكيف ذلك؟ قلت : إنّه لا يصل إلى دخول الكعبة حتّى يدخل المسجد، فقال: قد أصبت وأحسنت، ثمّ قال : كذلك الإيمان والإسلام(1).

باب آخر منه وفيه أن الإسلام قبل الإيمان

عليّ بن إبراهيم عن العباس بن معروف عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن حماد بن عثمان، عن عبد الرحيم القصير قال : كتبت مع عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن : الإيمان ما هو؟ فكتب إليّ مع عبد الملك بن أعين سألت رحمك اللّه عن الإيمان، والإيمان (2) هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالأركان، والإيمان بعضه من بعض وهو دار، وكذلك الإسلام،دار، والكفر دار (3)، فقد يكون العبد مسلماً قبل أن يكون مؤمناً، ولا يكون مؤمناً حتّى يكون مسلماً، فالإسلام قبل الإيمان وهو يشارك الإيمان(4)، فإذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي، أو صغيرة من صغائر المعاصي الّتي نهى اللّه عزّ وجلّ عنها كان خارجاً من الإيمان، ساقطا عنه اسم الإيمان وثابتا عليه اسم الإسلام فإن تاب واستغفر عاد إلى دار الإيمان، ولا يخرجه إلى الكفر إلّا الجحود والاستحلال أن يقول للحلال : هذا حرام، وللحرام : هذا حلال ودان بذلك (5) فعندها يكون خارجاً من الإسلام والإيمان، داخلا في الكفر، وكان بمنزلة من دخل الحرم ثمّ دخل الكعبة وأحدث (6) في الكعبة حدثاً فأخرج عن الكعبة وعن الحرم فضُرِبَتْ عنقه وصار إلى النار.

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الإيمان والإسلام قلت له : أفرق بين الإسلام والإيمان قال : فأضرب لك مثله ؟ قال : قلت : أورد ذلك، قال : مثل الإيمان والإسلام مثل الكعبة الحرام من الحرم، قد يكون في الحرم ولا يكون في الكعبة، ولا يكون في الكعبة حتّى يكون في الحرم، وقد يكون مسلماً ولا يكون مؤمناً، ولا يكون مؤمناً حتّى يكون مسلماً، قال : قلت : فيخرج من الإيمان شيء؟ قال: نعم، قلت فيصيّره إلى ماذا؟ قال : إلى الإسلام أو الكفر (7). وقال : لو أن رجلاً

ص: 32


1- أي يقال للمؤمن مسلم ولا عكس لأن الإسلام أعم من الإيمان وقد تقدمت الإشارة إليه.
2- أي الإيمان الكامل.
3- «إنما شبه الإيمان والإسلام والكفر بالدار لأن كلا منهما بمنزلة حصن لصاحبه يدخل فيها ويخرج منها...» الوافي ج 19/3.
4- أي كلما ثبت الإيمان ثبت الإسلام ولا عكس.
5- أي تعبد اللّه به.
6- أي عالماً بحرمتها متعمداً هتك تلك الحرمة.
7- ما يخرجه من الإيمان إلى الإسلام هو إنكار الولاية وما يلزمها وما يخرجه منهما معاً إلى الكفر هو الارتداد أو إنكار ما يعلم أنّه من الدين ضرورة بلا شبهة.

دخل الكعبة فأفلت منه بوله أخرج من الكعبة ولم يخرج من الحرم فغسل ثوبه وتطهر، ثمّ لم يمنع أن يدخل الكعبة، ولو أن رجلاً دخل الكعبة قبال فيها معانداً أخرج من الكعبة ومن الحرم وضربت عنقه.

باب بدون العنوان

1 - عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمّد بن سالم عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ [1] ناساً تكلموا في هذا القرآن بغير علم وذلك (1) أن اللّه تبارك وتعالى يقول : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) (2) الآية. فالمنسوخات من المتشابهات، والمحكمات من النّاسخات، إنّ اللّه عزّ وجلّ بعث نوحاً إلى قومه (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) (3). ثمّ دعاهم إلى اللّه وحده، وأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، ثمّ بعث الأنبياء (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ذلك إلى أن بلغوا محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فدعاهم إلى أن يعبدوا اللّه ولا يشركوا به شيئاً وقال: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) (4). فبعث الأنبياء إلى قومهم بشهادة أن لا إله إلّا اللّه والإقرار بما جاء [به] من عند اللّه، فمن آمن مخلصاً ومات على ذلك أدخله اللّه الجنّة بذلك وذلك أنّ اللّه ليس بظلام للعبيد، وذلك أنّ اللّه لم يكن يعذب عبداً حتّى يغلظ عليه في القتل والمعاصي الّتي أوجب اللّه عليه بها النّار لمن عمل بها، فلما استجاب لكلّ نبي من استجاب له من قومه من المؤمنين، جعل لكلّ نبي منهم شرعة ومنهاجا والشرعة والمنهاج سبيل وسنة، وقال اللّه لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) (5). وأمر كلّ نبي

ص: 33


1- «تعليل لتكلّمهم فيه بغير علم، لأنهم تكلموا في متشابهه أيضاً مع أنّه لا يعلم تأويله إلّا اللّه والراسخون في العلم والمحكم في اللغة المتقن وفي العرف يطلق على ماله معنى لا يحتمل غيره، وعلى ما اتضحت دلالته، وعلى ما كان محفوظاً من النسخ والتخصيص أو منهما جميعاً... والمتشابه يقابله بكل من هذه المعاني»، مرآة المجلسي 164/7.
2- آل عمران / 7.
3- نوح/ 3.
4- الشورى / 13، والمعنى : بيّن لكم ونهج من الدين ما وصى به نوحاً وهو الّذي أوحاه اللّه إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وهو ما وصى به من سبقه من الأنبياء (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد نوح وقوامه التوحيد الخالص والاجتماع عليه والبراءة من الشرك الخ.
5- النساء/ 163.

بالأخذ بالسبيل والسنّة، وكان من السنة والسبيل الّتي أمر اللّه عزّ وجلّ بها موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن جعل اللّه عليهم السبت (1)، وكان من أعْظَمَ السبت (2) ولم يستحلَّ أن يفعل ذلك من خشية اللّه، أدخله اللّه الجنّة، ومن استخفَّ بحقه واستحل ما حرم اللّه عليه من عمل الّذي نهاه اللّه عنه فيه، أدخله اللّه عزّ وجلّ النّار وذلك حيث استحلوا الحيتان واحتبسوها وأكلوها يوم السبت (3)، غضب اللّه عليهم من غير أن يكونوا أشركوا بالرَّحمن، ولا شكوا في شيء ممّا جاء به موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال اللّه عزّ وجلّ: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (4). ثمّ بعث اللّه عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) بشهادة أن لا إله إلّا اللّه والإقرار بما جاء به من عند اللّه وجعل لهم شرعة ومنهاجاً فهُدمت (5) السبت الّذي أمروا به أن يعظموه قبل ذلك، وعامة ما كانوا عليه من السبيل والسنة الّتي جاء بها موسى، فمن لم يتبع سبيل عيسى أدخله اللّه النّار وإن كان الّذي جاء به النبيون جميعاً أن لا يشركوا باللّه شيئاً، ثمّ بعث اللّه محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وهو بمكة عشر سنين، فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنَّ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رسول اللّه إلّا أدخله اللّه الجنّة بإقراره وهو إيمان التصديق، ولم يعذب اللّه أحداً ممّن مات وهو متبع لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على ذلك إلّا من أشرك بالرّحمن، وتصديق ذلك أنّ اللّه عزّ وجلّ أنزل عليه في سورة بني إسرائيل بمكة : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا - إلى قوله تعالى - إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا) (6). أدب وعظة وتعليم ونهي خفيف ولم يَعِد عليه، ولم يتواعد على اجتراح شيء مما نهى عنه، وأنزل نهياً عن أشياء حذر عليها ولم يغلظ فيها ولم يتواعد عليها وقال : (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا * وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا * وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا * وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا * وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا * وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ

ص: 34


1- قال الراغب الأصفهاني : السبت في الأصل قطع العمل. وقيل : سمّي يوم السبت لأن اللّه تعالى ابتدأ خلق السماوات والأرض يوم الأحد فخلقها في ستة أيام كما ذكره فقطع عمله تعالى يوم السبت فسمي بذلك، وسبت فلان صار في السبت.
2- أي فقطع العمل فيه.
3- ظرف لاحتبسوها لأن المحرم عليهم كان احتباسها في السبت لا أكلهم لها.
4- البقرة/ 65.
5- أي عطلت ونُسخت الشرعة وأبطل المنهاج الّذي كان زمن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- سورة بني إسرائيل / 23 - 30. وهي سورة الإسراء. ومعنى (وقضى) أي أمر أمراً حتماً.

السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا * ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا) (1) وأنزل في (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) (2): (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (3). فهذا مشرك. وأنزل فى (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) (4) : (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى) (5). فهذا مشرك. وأنزل في [سورة] تبارك: (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) (6). فهؤلاء مشركون. وأنزل ما في الواقعة : (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) (7) فهؤلاء مشركون. وأنزل في الحاقة: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ - إلى قوله - إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ) (8). فهذا مشرك. وأنزل في طسم (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ) (9)، جنود إبليس ذريته من الشّياطين وقوله: ﴿وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ) (10)، يعني المشركين الّذين اقتدوا بهم هؤلاء فاتبعوهم على شركهم وهم قوم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، ليس فيهم من اليهود والنصارى أحد وتصديق ذلك قول اللّه عزّ وجلّ : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) (11) (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ) (12) (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ) (13) ليس فيهم اليهود الّذين

ص: 35


1- سورة الإسراء / 31 - 39. ومعنى خشية إملاق أي مخافة الفاقة والفقر. (كان خطئاً كبيراً) أي ذنباً كبيراً. (إلا بالحق) دل على أن القتل بالحقّ وارد وهو يكون بأحد أسباب ثلاثة الزنا للمحصن، والارتداد، وقتل مؤمن متعمداً. و (القسطاس المستقيم) ميزان العدل الصحيح (ولا تَقْفُ) لا تتبع، و (ملوماً) أي لائماً لنفسك نادماً. و (مدحوراً) مبعداً من رحمة اللّه.
2- سورة الليل / 1.
3- الليل / 14 - 16.
4- الانشقاق / 1.
5- الانشقاق / 10 - 15.
6- الملك / 8 - 9.
7- الواقعة / 92 – 94.
8- الحاقة / 25 - 33.
9- الشعراء / 91 - 95.
10- الشعراء.99.
11- ص / 12.
12- الشعراء / 176 وأصحاب الأيكة هم قوم شعيب (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأيكة : الغيضة والشجر الملتف.
13- الشعراء / 160.

قالوا : عزير ابن اللّه ولا النصارى الّذين قالوا : «المسيح ابن اللّه، سيدخل اللّه اليهود والنصارى النّار ويدخل كلّ قوم بأعمالهم ؛ وقولهم : وما أضلنا إلّا المجرمون»، إذ دعونا إلى سبيلهم، ذلك قول اللّه عز رجل فيهم حين جمعهم إلى النّار : (قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ) (1). وقوله : (كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا) (2) برىء بعضهم من بعض ولعن بعضهم بعضاً، يريد بعضهم أن يحج بعضاً رجاء الفلج (3) فيفلتوا من عظيم ما نزل بهم، وليس بأوان بلوى ولا اختبار ولا قبول معذرة ولات حين نجاة. والآيات وأشباههنَّ ممّا نزل به بمكة ولا يدخل اللّه النّار إلّا مشركاً، فلما أذن اللّه لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في الخروج من مكة إلى المدينة بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلّا اللّه، وأن محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عبده ورسوله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصيام شهر رمضان، وأنزل عليه الحدود وقسمة الفرائض (4)، وأخبره بالمعاصي الّتي أوجب اللّه عليها وبها النّار لمن عمل بها. وأنزل في بيان القاتل (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (5). ولا يلعن اللّه مؤمناً، قال اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) (6). وكيف يكون في المشيئة وقد ألحق به - حين جزاه جهنّم - الغضب واللعنة وقد بين ذلك من الملعونون في كتابه. وأنزل في مال اليتيم من أكله ظلماً : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) (7). وذلك أن أكل مال اليتيم يجيىء يوم القيامة والنار تلتهب في بطنه، حتّى يخرج لهب النّار من فيه حتّى يعرفه كلّ أهل الجمع، أنّه أكل مال اليتيم. وأنزل في الكيل (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (8) ولم يجعل الويل لأحد حتّى يسمّيه كافراً، قال اللّه عزّ وجلّ: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (9) وأنزل في العهد : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ

ص: 36


1- الأعراف / 38 والآية في المصحف هكذا : (قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ) والظاهر أنّه تصحيف من النساخ، لأن الآية الّتي بعدها مباشرة (وقالت أولاهم الأخراهم) الآية.
2- الأعراف 38 ومعنى ادراكوا اجتمعوا.
3- الفَلَح : الظفر وإثبات الحجة.
4- أي السهام المفروضة للورثة في كتاب اللّه.
5- النساء/ 93.
6- الأحزاب / 64 – 65.
7- النساء/ 10 وأكل مال اليتامى ظلماً عبارة عن الانتفاع بها لأنفسهم بغير وجه حق، وإنما ذكر الأكل لأن جل الانتفاع بالمال إنما يكون به.
8- المطففين / 1، وهي من السور المكية كما يذكر الملبرسي، إلّا بعض آيات منها نزلت في المدينة كما عن قنادة وابن عباس والمطففون : الّذين ينقصون الميزان والمكيال.
9- مريم / 37. واليوم العظيم هو يوم القيامة بأهواله.

وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (1) والخلاق: النصيب فمن لم يكن له نصيب في الآخرة فبأي شيء يدخل الجنّة. وأنزل بالمدينة : (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (2). فلم يسم اللّه الزاني مؤمناً ولا الزانية مؤمنة. وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): - ليس يمتري (3) فيه أهل العلم أنّه قال : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، فإنه إذا فعل ذلك خلع عنه الإيمان كخلع القميص. ونزل بالمدينة : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (4). فبرأه اللّه ما كان مقيماً على الفرية من أن يسمّى بالإيمان، قال اللّه عزّ وجلّ : (َفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ) (5). وجعله اللّه منافقاً، قال اللّه عزّ وجلّ: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (6). وجعله عزّ وجلّ من أولياء إبليس، قال : (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) (7). وجعله ملعوناً فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (8). وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال اللّه عزّ وجلّ: (فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) (9). وسورة النور أنزلت بعد سورة النساء (10) وتصديق ذلك (11)، أنّ اللّه عزّ وجلّ أنزل عليه في سورة النساء (وَاللَّاتِي

ص: 37


1- آل عمران / 77.
2- النور/ 3.
3- أي لا يشك.
4- النور/ 4 - 5.
5- السجدة / 18.
6- التوبة / 67.
7- الكهف/ 50، وفسق عن أمر ربه أي خرج عن أمر ربه وعصى فلم يسجد لآدم.
8- النور/ 23 - 24. والمحصنات العفيفات.
9- الإسراء،71 والآية في المصحف هكذا (فمن أوتي كتابه بيمينه) الآية. ولعله من تصحيف النسّاخ، والفتيل : قيل هو الخيط الّذي في شق النواة، وهو كناية عن الحقارة والقلة والخفة.
10- «كأن هذا جواب عن اعتراض مقدّر وهو أنّه لما أنزل اللّه في سورة النساء مرتين : إن اللّه لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وهي تدل على عدم ترتب العذاب على غير الشرك فيمكن كونها ناسخة للآيات الدالة على عقوبات أصحاب الكبائر وعدم كونهم من المؤمنين فأجاب (عَلَيهِ السَّلَامُ)..... بأن أكثر ما أوردنا من الآيات واستدللنا بها إنما هي في سورة النور وهي نزلت بعد سورة النساء فكيف تكون آية النساء ناسخة لها...» مرآة المجلسي 204/7.
11- أي والدليل على ذلك.

يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) (1) والسبيل الّذي قال اللّه عزّ وجلّ : ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ *الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، محمّد، عن محمّد بن إسماعيل عن محمّد بن فضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قيل لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من شهد أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان مؤمناً ؟ قال : فأين فرائض اللّه (3)؟

قال : وسمعته يقول : كان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لو كان الإيمان كلاماً لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام. قال : وقلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ عندنا قوماً يقولون : إذا شهد أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فهو مؤمنٌ، قال : فلِمَ يُضربون الحدود ولِمَ تُقطَعُ أيديهم؟! وما خلق اللّه عزّ وجلّ خلقاً أكرم على اللّه عزّ وجلّ من المؤمن، لأنّ الملائكة خدّام المؤمنين، وأنَّ جوار اللّه للمؤمنين، وأنَّ الجنّة للمؤمنين، وأنّ الحور العين للمؤمنين، ثمّ قال : فما بال من جحد الفرائض كان كافراً (4).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن سلام الجعفي قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الإيمان، فقال: الإيمان أن بطاع اللّه فلا يعصى (5).

باب في أن الإيمان مبثوث لجوارح البدن كلها

باب في أن الإيمان مبثوث (6) لجوارح البدن كلها

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد قال : حدَّثنا أبو

ص: 38


1- النساء 15، والمراد بالفاحشة هنا : الزنا، وقيل السحاق.
2- النور/ 1 - 2. والسبيل كما أشار إليه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنما هو ببيان الحكم، وقيل : بالتوبة، أو بالنكاح الصحيح المحصن لهن عن الفاحشة.
3- دل هذا على أن القيام بالفرائض يدخل في الإيمان، وإلا لو كان مجرد العقائد كاف فيه للغى تشريع الفرائض والعبادات، وهذا ما أشار إليه في الحديث التالي.
4- أي أنكر وجوبها، فإنه يحكم بكفره إجماعاً.
5- وهذا يستبطن التصديق بوجوده سبحانه ووحدانيته ورسوله وبكل ما جاء به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من أحكام، وحكم العقل بوجوب شكر المنعم وذلك بعد معرفته بالإتيان بما أمر والانزجار عما زجر عنه.
6- أي منشور.

عمر والزبيري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : أيّها العالم : أخبرني أيُّ الأعمال أفضل عند اللّه ؟ قال : ما لا يقبل اللّه شيئاً إلّا به، قلت : وما هو؟ قال: الإيمان باللّه الّذي لا إله إلّا هو، أعلى الأعمال درجةً وأشرفُها منزلةً وأسناها (1) حظاً. قال : قلت: ألا تخبرني عن الإيمان، أقولُ هو وَعَمَلٌ أم قول بلا عمل ؟ فقال : الإيمان عمل كلّه والقول بعض ذلك العمل، بفرض(2) من اللّه بين في كتابه واضح نوره (3)، ثابتة حجّته (4)، يشهد له به الكتاب ويدعوه إليه(5)، قال: قلت : صفه لي جعلت فداك حتّى أفهمه، قال: الإيمان (6) حالات ودرجات وطبقات ومنازل (7)، فمنه التام المنتهى تمامه، ومنه الناقص البين نقصانه، ومنه الراجح الزائد رجحانه قلت : إنَّ الإيمان ليتم وينقص ويزيد ؟ قال : نعم، قلت كيف ذلك؟ قال : لأن اللّه تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها، وفرّقه فيها، فليس من جوارحه جارحة إلّا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، فمنها قلبه الّذي به يعقل ويفقه ويفهم، وهو أمير بدنه الّذي لا تَرِدُ الجوارح ولا تَصْدر إلّا عن رأيه وأمره. ومنها عيناه اللتان يبصر بهما، وأذناه اللتان يسمع بهما، ويداه اللتان يبطش بهما، ورجلاه اللتان يمشي بهما، وفرجه الّذي الباه(8) من قبله ولسانه الّذي ينطق به، ورأسه الّذي فيه وجهه، فليس من هذه جارحة إلّا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها بفرض من اللّه تبارك اسمه ينطق به الكتاب لها ويشهد به عليها.

ففرض على القلب غير ما فرض على السمع وفرض على السمع غير ما فرض على العينين، وفرض على العينين غير ما فرض على اللسان، وفرض على اللسان غير ما فرض على اليدين، وفرض على اليدين غير ما فرض على الرّجلين، وفرض على الرّجلين غير ما فرض على الفرج، وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه، فأما ما فرض على القلب من الإيمان فالإقرار والمعرفة والعَقْدُ والرّضا والتسليم بأن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له إلها واحداً، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وأن محمّداً عبده ورسوله صلوات اللّه عليه وآله، والإقرار بما جاء من عند اللّه من نبي أو كتاب،

ص: 39


1- أي أرفعُها.
2- أي بسبب فرض من اللّه.
3- الضميران يرجعان إلى الفرض.
4- الضميران يرجعان إلى الفرض.
5- أي يشهد الكتاب لكون الفرض عملاً أو للعامل به ويدعو العامل إلى ذلك الفرض.
6- في بعض النسخ (للإيمان).
7- «كأنه إشارة إلى الحالات الثلاث الآتية أي التام والناقص والراجح، والدرجات مراتب الرجحان فإنها كثيرة بحسب الكمية والكيفية والطبقات مراتب النقصان والمنازل ما يلزم تلك الدرجات والطبقات من القرب إليه سبحانه والبعد عنه والمثوبات المترتبة عليها مرآة المجلسي 216/7 – 217.
8- الباه - كما يقول الجوهري - لغة في الباءة وهو الجماع.

فذلك ما فرض اللّه على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله، وهو قول اللّه عزّ وجلّ : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا) (1). وقال : (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (2). وقال : (الّذين آمنوا بأفواههم وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (3) وقال : (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) (4). فذلك ما فرض اللّه عزّ وجلّ على القلب من الإقرار والمعرفة، وهو عمله، وهو رأس الإيمان وفرض اللّه على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقرّ به قال اللّه تبارك وتعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) (5). وقال : (قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (6). فهذا ما فرض اللّه على اللسان وهو عمله، وفرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم اللّه، وأن يُعرض عمّا لا يحل له ممّا نهى اللّه عزّ وجلّ عنه، والإصغاء إلى ما أسخط اللّه عزّ وجلّ فقال في ذلك : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) (7). ثمّ استثنى اللّه عزّ وجلّ موضع النسيان فقال: (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (8). وقال : (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) (9). وقال عزّ وجلّ : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) (10). وقال: (إِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ) (11). وقال : (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) (12). فهذا ما فرض اللّه على السمع من الإيمان أن لا يصغي إلى ما لا

ص: 40


1- النحل / 106.
2- الرعد / 28.
3- المائدة/ 41. والآية في المصحف هكذا : (يا أيّها الرسول لا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر من الّذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم...) الآية ولعله من تصحيف النسّاخ.
4- البقرة / 284.
5- البقرة/ 83.
6- العنكبوت / 46 والآية في المصحف هكذا : وقولوا آمنا بالّذي أنزل إلبنا وأنزل إليك وإلهنا... الآية ولعله من تصحيف النساخ.
7- النساء / 140.
8- الأنعام / 68.
9- الزمر / 17 - 18.
10- المؤمنون/ 1 - 4.
11- القصص / 55.
12- الفرقان/ 72.

يحل له، وهو عمله، وهو من الإيمان وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم اللّه عليه، وأنْ يعرض عمّا نهى اللّه عنه، ممّا لا يحلُّ له وهو عمله وهو من الإيمان، فقال تبارك وتعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) (1). فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه، ويحفظ فرجه أن يُنظر إليه. وقال : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) (2) من أن تنظر إحداهنّ إلى فرج أختها، وتحفظ فرجها من أن يُنظر اليه وقال : كلّ شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلّا هذه الآية فإنّها من النظر (3). ثمّ نظم ما فرض على القلب واللسان والسمع والبصر في آية أخرى فقال : (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ) (4) يعني بالجلود الفروج والأفخاذ. وقال: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (5)، فهذا ما فرض اللّه على العينين من غض البصر عما حرم اللّه عزّ وجلّ، وهو عملهما وهو من الإيمان وفرض اللّه على اليدين أن لا يبطش بهما إلى ما حرم اللّه، وأن يبطش بهما إلى ما أمر اللّه عزّ وجلّ وفرض عليهما من الصدقة وصلة الرحم، والجهاد في سبيل اللّه، والطهور للصّلاة، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (6). وقال: ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) (7). فهذا ما فرض اللّه على اليدين لأنّ الضرب من علاجهما (8). وفرض على الرّجلين أن لا يمشي بهما إلى شيء من معاصي اللّه، وفرض عليهما المشي إلى ما يرضي اللّه عزّ وجلّ فقال: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا) (9) وقال: ﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (10). وقال فيما شهدت الأيدي والأرجل على أنفسهما وعلى أربابهما من تضييعهما لما

ص: 41


1- النور/ 30 والمراد بغض البصر خفضه عما يحرم النظر إليه وقصره على ما يحل له النظر إليه.
2- النور/ 31.
3- لاقترانها بالأمر بغض البصر.
4- فصلت/ 22.
5- الإسراء / 36.
6- المائدة / 6.
7- محمّد / 4. وشَدُّ الوثاق كناية عن الأسر وأوزارها : أثقالها كناية عن انتهائها.
8- العلاج : المزاولة.
9- الإسراء / 37.
10- لقمان 19، واقصد أَي اتَّبِدْ.

أمر اللّه عزّ وجلّ به وفرضه عليهما: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (1). فهذا أيضاً ممّا فرض اللّه على اليدين وعلى الرّجلين وهو عملهما وهو من الإيمان. وفرض على الوجه السجود له بالليل والنهار في مواقيت الصلاة فقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (2). فهذه فريضةً جامعة على الوجه واليدين والرجلين. وقال في موضع آخر : ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (3). وقال فيما فرض على الجوارح من الطَّهور والصّلاة بها، وذلك أنَّ اللّه عزّ وجلّ لمّا صرف نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى الكعبة عن البيت المقدَّس فأنزل اللّه عزّ وجلّ: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) (4). فسمّى الصّلاة إيماناً، فمن لقي اللّه عزّ وجلّ حافظاً لجوارحه، موفياً كلّ جارحة من جوارحه ما فرض اللّه عزّ وجلّ عليها، لقي اللّه عزّ وجلّ مستكملاً لإيمانه، وهو من أهل الجنّة. ومن خان في شيء منها، أو تعدّى ما أمر اللّه عزّ وجلّ فيها، لقي اللّه عزّ وجلّ ناقص الإيمان. قلت: قد فهمت نقصان الإيمان وتمامه، فمن أين جاءت زيادته؟ فقال : قول اللّه عزّ وجلّ : ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُون * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ) (5). وقال: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) (6). ولو كان كله واحداً لا زيادة فيه ولا نقصان، لم يكن لأحد منهم فضل على الآخر ولاستَوَتْ النِعَمُ فيه، ولاستوى النّاس وبطل التفضيل، ولكن بتمام الإيمان(7) دخل المؤمنون الجنّة، وبالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند اللّه، وبالنقصان دخل المفرطون النار.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد محمّد بن خالد، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى بن عيسى جميعا عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن عبيد اللّه بن الحسن، عن الحسن بن هارون قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

ص: 42


1- يس/ 65.
2- الحجّ / 77.
3- الجن/ 18.
4- البقرة/ 143.
5- التوبة / 124 - 125 يستبشرون : يفرحون بما أعطاهم اللّه من الإيمان واليقين. والمرض: هو النفاق. و (رجساً إلى رجسهم) أي شكاً إلى شكّهم، والحديث عن المنافقين.
6- الكهف / 103، والحديث عن أهل الكهف.
7- تمام الإيمان هو التصديق والإقرار والعمل.

(إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) قال : يُسأل السمع عمّا سمع والبصر عمّا نظر إليه والفؤاد عمّا عقد عليه (1).

3 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان أو (2) غيره، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عن الإيمان فقال : شهادة أن لا إله إلّا اللّه [وأن محمّداً رسول اللّه]، والإقرار بما جاء من عند اللّه، وما استقر في القلوب من التصديق (3) بذلك، قال : قلت : الشهادة أليست عملاً ؟ قال : بلى، قلت : العمل من الإيمان؟ قال : نعم الإيمان لا يكون إلّا بعمل والعمل منه ولا يثبت الإيمان إلّا بعمل (4).

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن عبد اللّه بن مسکان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : ما الإسلام؟ فقال: دیناللّه اسمه الإسلام وهو دين اللّه قبل أن تكونوا حيث كنتم، وبعد أن تكونوا (5)، فمن أقر بدين اللّه فهو مسلم، ومن عمل بما أمر اللّه عزّ وجلّ به فهو مؤمن (6).

5 - عنه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيّوب ابن الحرّ، عن أبي بصير قال : كنت عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له سلام (7): إِنَّ خَيْثَمة بن أبي خيثمة يحدَّثنا عنك أنّه سألك عن الإسلام فقلت له : إن الإسلام من استقبل قبلتنا، وشهد شهادتنا، ونسك نسكنا (8)، ووالى ولينا وعادى عدونا فهو مسلم. فقال : صدق خيثمة، قلت : وسألك عن الإيمان فقلت : الإيمان باللّه والتصديق بكتاب اللّه وأن لا يعصي اللّه، فقال: صدق خيثمة.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الإيمان، فقال: شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه قال : قلت : أليس هذا عمل قال بلى قلت فالعمل من الإيمان؟ قال: لا يثبت

ص: 43


1- أي عما عزم عليه من الإقرار اللساني وما يلزمه ويتبعه من العمل بالأركان.
2- الترديد من الراوي.
3- التصديق هو الاعتقاد الجازم بمضمون الشهادتين وبحقانية ما جاء به النبي من شريعة وأحكام ووعد ووعيد.
4- وهذا يدل على أن الإيمان ليس اعتقاداً بالقلب وإنما هو إضافة إلى ذلك قول باللسان وعمل بالأركان. وهو الإيمان الكامل.
5- أي قبل انتقالكم من عالم المُثل والظلال إلى عالم التجسد في الخارج، وبعد تجسدكم، بل قبل وجودكم في عالم المثل والظلال وحينه وبعده.
6- وهذا صريح في أن الإيمان لا يتم بالعقايد القلبية فقط بل العمل جزء متمم له.
7- يحتمل المستنير الجعفي وابن أبي عمرة الخراساني وكلاهما مجهولان من أصحاب الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وخيثمه غير مذكور في الرجال مرآة المجلسي 244/7.
8- أي عبد اللّه من خلال الفرائض الّتي يعبده المسلمون بها.

له (1) الإيمان إلّا بالعمل والعمل منه.

7 - بعض أصحابنا، عن عليّ بن العباس، عن عليّ بن ميسر، عن حماد بن عمرو النصيبي قال: سأل رجل العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : أيّها العالم أخبرني أيُّ الأعمال أفضل عند اللّه (2)؟ قال : ما لا يقبل عمل إلّا به، فقال: وما ذلك؟ قال : الإيمان باللّه، الّذي هو أعلى الأعمال درجة، وأسناها حظاً وأشرفها منزلة، قلت : أخبرني عن الإيمان أقول وعمل أم قول بلا عمل؟ قال الإيمان عمل كلّه، والقول بعض ذلك العمل بفرض من اللّه بينه في كتابه واضح نوره ثابتة حجته، يشهد به الكتاب ويدعو إليه قلت : صف لي ذلك حتّى أفهمه فقال : إن الإيمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل فمنه التام المنتهى تمامه ومنه الناقص المنتهى نقصانه، ومنه الزائد الرّا راجح زيادته قلت وإن الإيمان ليتم ويزيد وينقص؟ قال: نعم، قلت : وكيف ذلك؟ قال : إنَّ اللّه تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح بني آدم وقسمه عليها، وفرقه عليها فليس من جوارحهم جارحة إلّا وهي موكلة من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، فمنها قلبه الّذي به يعقل ويفقه ويفهم، وهو أمير بدنه الّذي لا تورد (3) الجوارح ولا تصدر إلّا عن رأيه وأمره ؛ ومنه يداه اللتان يبطش بهما، ورجلاه اللتان يمشي بهما، وفرجه الّذي الباه من قبله، ولسانه الّذي ينطق به الكتاب ويشهد به عليها وعيناه اللتان يبصر بهما ؛ وأذناه اللتان يسمع بهما. وفرض على القلب غير ما فرض على اللسان، وفرض على اللسان غير ما فرض على العينين، وفرض على العينين غير ما فرض على السمع، وفرض على السمع غير ما فرض على اليدين، وفرض على اليدين غير ما فرض على الرّجلين، وفرض على الرّجلين غير ما فرض على الفرج، وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه فأما ما فرض على القلب من الإيمان فالإقرار والمعرفة والتصديق والتسليم والعقد والرّضا بأن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، أحداً، صمداً، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً وأنَّ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عبده ورسوله.

8 - محمّد بن الحسن عن بعض أصحابنا، عن الأشعث بن محمّد، عن محمّد بن حفص بن خارجة قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : - وسأله رجل عن قول المرجئة في الكفر والإيمان وقال(4): إنّهم يحتجون علينا ويقولون كما أنَّ الكافر عندنا هو الكافر عند اللّه

ص: 44


1- الضمير يعود إلى المؤمن المدلول عليه بلفظ الإيمان.
2- مر مضمون هذا الحديث عن الزبيري عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قبل قليل تحت الرقم (3) من هذا الباب مع اختلاف في بعض ألفاظه واضطراب فى أماكن منه يمكن تصحيحها على ضوء الحديث الأنف، ولعلها من سهو النسّاخ فراجع مقارناً مع تفصيل هناك مفقود هنا.
3- الأصح : تَردُ.
4- أي السائل، وهذه الفقرة كلها إلى قوله : مؤمن هي من كلام الراوي.

فكذلك نجد المؤمن إذا أقر بإيمانه أنّه عند اللّه مؤمن، فقال (1) - سبحان اللّه وكيف يستوي هذان (2) والكفر إقرار من العبد فلا يكلّف بعد إقراره ببيّنة (3)، والإيمان دعوى (4) لا يجوز إلّا ببينة وبينته عمله ونيته، فإذا اتفقا فالعبد عند اللّه مؤمن والكفر موجود بكلّ جهة من هذه الجهات الثلاث من نية أو قول أو عمل والأحكام تجري على القول والعمل، فما أكثر من يشهد له المؤمنون بالإيمان ويجري عليه أحكام المؤمنين وهو عند اللّه كافر وقد أصاب (5) من أجرى عليه أحكام المؤمنين بظاهر قوله وعمله.

باب السبق إلى الإيمان

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد قال (6) : حدَّثنا أبو عمر والزبيري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : إنَّ للإيمان درجات ومنازل، يتفاضل المؤمنون فيها عند اللّه ؟ قال : نعم، قلت : صفه لي رحمك اللّه حتّى أفهمه، قال : إِنَّ اللّه سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرّهان، ثمّ فضّلهم على درجاتهم في السبق إليه، فجعل كلّ امرىء منهم على درجة سبقه، لا ينقصه فيها من حقه ولا يتقدَّم مسبوق سابقاً ولا مفضول فاضلا، تفاضل بذلك أوائل هذه الأمة وأواخرها، ولو لم يكن للسابق إلى الإيمان فضل على المسبوق، إذا لَلَحِقَ آخر هذه الأمة أوّلها، نعم ولتقدَّموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضلُ على من أبطأ عنه، ولكن بدرجات الإيمان قدَّم اللّه السابقين، وبالإبطاء عن الإيمان أخر اللّه المقصرين، لأنا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملاً من الأولين وأكثرهم صلاةً وصوماً وحجّاً وزكاةً وجهاداً وإنفاقاً، ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضاً عند اللّه، لكان الآخرون بكثرة العمل مقدَّمين على الأوَّلين، ولكن أبى اللّه عزّ وجلّ أن يدرك آخر درجات الإيمان أوّلها، ويقدّم فيها من أخر اللّه أو يؤخر فيها من قدَّم اللّه. قلت : أخبرني عمّا

ص: 45


1- أي الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- أي الكافر والمؤمن.
3- لأن إقرار العقلاء على أنفسهم نافذ ولذا قيل بأن الإقرار هو أقوى أدلة الإثبات فلا يحتاج إلى مثبت عداه.
4- أي وكما أن الدعوى في سائر الدعاوى لا تقبل إلّا ببينة فكذا جعل اللّه هذه الدعوى غير مقبولة إلّا بشاهدين من قلبه وجوارحه فلا يثبت عنده إلّا بهما، وأما عند النّاس فيكفيهم في الحكم الإقرار والعمل الظاهري كما يكتفى عند الضرورة بالشاهد واليمين.... مرآة المجلسي 250/7.
5- أي في حكمه بإيمانه بحسب الظاهر.
6- الظاهر أن هذا الحديث تتمة لما تقدم تحت رقم (3) من هذا الباب عن الزبيري عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ندب اللّه عزّ وجلّ المؤمنين إليه من الاستباق إلى الإيمان فقال : قول اللّه عزّ وجلّ: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) (1). وقال: (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (2). وقال: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (3). فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم، ثمّ ثَنّى بالأنصار، ثمّ ثلث بالتابعين لهم بإحسان، فوضع كلّ قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده، ثمّ ذكر ما فضّل اللّه عزّ وجلّ به أولياءه بعضهم على بعض، فقال عزّ وجلّ: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ - إلى آخر الآية) (4) -. وقال : (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ) (5). وقال : (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا) (6). وقال : (هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ) (7). وقال : (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) (8). وقال : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ) (9). وقال : (وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً) (10). وقال: (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا) (11). وقال : (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (12). وقال : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ) (13). وقال : (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ) (14). وقال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا

ص: 46


1- الحديد / 21، والمراد بسابقوا إلى مغفرة الخ أي سارعوا على وجه المسابقة إلى ما يكون سبباً في نيلكم مغفرة من اللّه ورضوان.
2- الواقعة 10 - 11.
3- التوبة / 100.
4- البقرة/ 253 وتفضيل نبي أو رسول على نبي أو رسول آخر إنما هو بإعطائه خصلة أو مزية أو منقبة لم يعطها للآخر.
5- الإسراء / 55.
6- الإسراء / 21.
7- آل عمران/ 163.
8- هود/ 3.
9- التوبة / 20.
10- النساء / 95-96.
11- الحديد/ 10، والمراد بالفتح أي فتح مكة.
12- المجادلة / 11.
13- النوبة / 120، والظمأ العطش، والنصب التعب والمشقة. والمخمصة : المجاعة.
14- البقرة/ 110.

یره) (1) فهذا ذكر درجات الإيمان ومنازله عند اللّه عزّ وجلّ (2).

باب درجات الإيمان

1 - عدة، من أصحابنا، عن أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن الحسن بن محبوب، عن عمّار بن أبي الأحوص، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه عزّ وجلّ وضع الإيمان على سبعة أسهم على البرّ (3) والصدق (4) واليقين (5) والرّضا (6) والوفاء (7) والعلم (8) والحلم (9)، ثمّ قسم ذلك بين النّاس، فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم فهو كامل (10)، محتمل (11) ؛ وقسم لبعض النّاس السهم ولبعض السهمين ولبعض الثلاثة حتّى انتهوا إلى [ ال- ] سبعة، ثمّ قال : لا تحملوا على صاحب السهم سهمين، ولا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهضوهم (12) ثمّ قال: كذلك حتّى ينتهي إلى [ال- ] سبعة.

2 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي اليقظان، عن يعقوب بن الضحاك، عن رجل من أصحابنا سراج وكان خادماً لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بعثني أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حاجة وهو بالحيرة (13) أنا وجماعة من مواليه قال : فانطلقنا فيها ثمّ رجعنا

ص: 47


1- الزلزلة / 7 - 8، والذرة : النملة الصغيرة أو الهباء الّذي يظهر عندما تتخلله أشعة الشمس.
2- وبالجملة هذه الآيات كلها تدل على اختلاف مراتب المؤمنين في الثواب والدرجات عند اللّه تعالى والمنازل في الجنّة كما لا يخفى مرآة المجلسي 273/7.
3- البر هو الإحسان مطلقاً.
4- الصدق : هو القول المطابق للواقع، ومن هنا ينطبق على الخبر وصف الصدق والكذب.
5- اليقين هو الاعتقاد الجازم، والمراد به هنا الاعتقاد بأحوال الآخرة، وبقضاء اللّه وقدره وعدله وحكمته وسائر صفاته.
6- هو إذعان الإنسان لقضاء اللّه في حالّتي الشدة والرخاء والتسليم المطلق له.
7- الوفاء هو القيام بالعهود مطلقاً سواء كانت مع اللّه أو مع النّاس في حقوقه سبحانه وأحكامه أو في حقوق العباد.
8- العلم هو معرفة اللّه سبحانه وجوداً وصفات ومعرفة حججه على خلقه وأحكامه الّتي توصل إلى مرضاته.
9- الحلم هو ملكة حاصلة للنفس مانعة لها عن المبادرة إلى الانتقام وطلب التسلط والترفع والغلبة مرآة المجلسي 273/7.
10- أي كامل الإيمان.
11- أي قابل لصفة الإيمان متحمل لها.
12- أي فتتقلوا وتشقوا عليهم.
13- مكان قرب الكوفة كان منزل ملوك المناذرة.

مغتمّين (1) قال : وكان فراشي في الحائر الّذي كنا فيه نزولاً، فجئت وأنا بحال(2) فرميت بنفسي، فبينا أنا كذلك إذا أنا بأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد أقبل قال : فقال : قد أتيناك أو قال(3): جئناك، فاستويت جالساً، وجلس على صدر فراشي فسألني عمّا بعثني له فأخبرته. فحمد اللّه ثمّ جرى ذكر قوم فقلت : جعلت فداك إنا نبرأ منهم، إنهم لا يقولون ما نقول. قال: فقال: يتولونا ولا يقولون ما تقولون تبرؤون منهم ؟ قال : قلت : نعم قال : فهوذا عندنا (4) ما ليس عندكم فينبغي لنا أن نبرأ منكم؟ قال : قلت : لا - جعلت فداك.. قال : وهوذا عند اللّه ما ليس عندنا أفتراه أطر حنا (5) ؟ قال : قلت : لا واللّه جعلت فداك ما نفعل؟ قال : فتولوهم ولا تبرؤوا منهم،، إِنَّ من المسلمين من له سهم، ومنهم من له سهمان، ومنهم من له ثلاثة أسهم ؛ ومنهم من له أربعة أسهم ؛ ومنهم من له خمسة أسهم، ومنهم من له ستة أسهم، ومنهم من له سبعة أسهم، فليس ينبغي أن يحمل صاحب السّهم على ما عليه صاحب السهمين، ولا صاحب السهمين على ما عليه صاحب الثلاثة، ولا صاحب الثلاثة على ما عليه صاحب الأربعة، ولا صاحب الأربعة على ما عليه صاحب الخمسة، ولا صاحب الخمسة على ما عليه صاحب السنّة، ولا صاحب السنّة على ما عليه صاحب السبعة ؛ وسأضرب لك مثلاً : إنّ رجلاً كان له جار وكان نصرانياً فدعاه إلى الإسلام وزيّنه(6) له، فأجابه، فأتاه سُخيراً (7) فقرع عليه الباب فقال له : هذا ؟ قال : أنا من فلان. قال : وما حاجتك ؟ فقال : توضّأ وألبس ثوبيك ومرَّ بنا إلى الصلاة. قال : فتوضأ ولبس ثوبيه وخرج معه، معه، قال: فصليا ما شاء اللّه، ثمّ صليا الفجر، ثمّ مكثا حتّى أصبحا، فقام الّذي كان نصرانياً يريد منزله، فقال له الرّجل : أين تذهب؟ النهار قصير والّذي بينك وبين الظهر قليل؟ قال : فجلس معه إلى أن صلى الظهر، ثمّ قال : وما بين الظهر والعصر قليل فاحتبسه حتّى صلى العصر، قال : ثمّ قام وأراد أن ينصرف إلى منزله فقال له : إنَّ هذا آخر النهار وأقل من أوَّله فاحتبسه حتّى صلّى المغرب. ثمّ أراد أن ينصرف إلى منزله فقال له : إنما بقيت صلاة واحدةً، قال : فمكث حتّى صلى العشاء الآخرة ثمّ تفرّقا، فلمّا كان سُحَيراً غدا عليه فضرب عليه الباب

ص: 48


1- أي قد أصابنا الغم والهم وفي بعض النسخ (معتمين) من العَتَمَة وهي تطلق على الثلث الأوّل من الليل، أي رجعنا وكان سيرنا في العتمة.
2- «أي بحال سوء من الغم» الوافي ج 29/3.
3- الترديد من الراوي.
4- من الخصال والمكارم والعلوم والمعارف والمناقب.
5- أي نأى بنا وأبعدنا عن رحمته واعتباره وقبوله.
6- أي حسّن لجاره النصراني الإسلام.
7- وهو تصغير السحر وهو سدس آخر الليل أو ساعة آخر الليل. وقيل : قبيل الصبح». مرآة المجلسي 276/7.

فقال : من هذا؟ قال : أنا فلان، قال : وما حاجتك ؟ قال : توضأ والبس ثوبيك واخرج بنا فصل قال : اطلب لهذا الدين من هو أفرغ مني، وأنا إنسان مسكين وعلي عيال، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أدخله في شيء (1) أخرجه منه - أو قال (2) : أدخله من مثل ذه وأخرجه من مثل هذا..

207 - باب، آخر منه (3)

1 - أحمد بن محمّد عن الحسن بن موسى، عن أحمد بن عمر، عن يحيى بن أبان، عن شهاب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لو علم النّاس كيف خلق اللّه تبارك وتعالى هذا الخلق لم يلم أحدٌ أحداً (4) فقلت : أصلحك اللّه فكيف ذاك؟ فقال : إِنَّ اللّه تبارك وتعالى خلق أجزاء بلغ بها تسعة وأربعين جزءاً. ثمّ جعل الأجزاء أعشاراً فجعل الجزء عشرة أعشار، ثمّ قسمه بين الخلق فجعل في رجل عُشر جزء وفي آخر عُشري جزء حتّى بلغ به جزءاً تاماً وفي آخر جزءاً وعُشر جزء وآخر جزءاً وعُشري جزء وآخر جزءاً وثلاثة أعشار جزء حتّى بلغ به جزئين تامين، ثمّ بحساب ذلك حتّى بلغ بأرفعهم تسعة وأربعين جزءاً، فمن لم يجعل فيه إلّا عشر جزء لم يقدر على أن يكون مثل صاحب العُشرين، وكذلك صاحب العُشرين لا يكون مثل صاحب الثلاثة الأعشار، وكذلك من تمَّ له جزء لا يقدر على أن يكون مثل صاحب الجزئين، ولو علم النّاس أنَّ اللّه عزّ وجلّ خلق هذا الخلق على هذا لم يلم أحدٌ أحداً.

2 - محمّد بن يحيى، عن - محمّد أحمد، بن، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن عليّ ابن أبي عثمان، عن محمّد بن عثمان، عن محمّد بن حماد الخزاز، عن عبد العزيز القراطيسي قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عبد العزيز إنَّ الإيمان عشر درجات بمنزلة السلّم يُصْعَدُ

ص: 49


1- «أي من الإسلام صار سبباً لخروجه من الإسلام رأساً أو المراد بالشيء الكفر، أي أدخله بجهله في الكفر الّذي أخرجه منه» مرآة المجلسي 276/7.
2- الترديد من الراوي.
3- أي هذا باب آخر يمكن عده من الباب الأول، وإنما جعله باباً آخر لأن الباب الأوّل كان مبنياً على قسمة الإيمان بسبعة أسهم، وأخبار هذا الباب مبنية على أكثر أو أقل. أو عبر في أخبار الباب السابق بالسهام، وفي أخبار هذا الباب بالأجزاء والدرجات والمنازل.... مرآة المجلسي 277/7.
4- أي في عدم فهم الدقائق والقصور عن بعض المعارف أو في عدم اكتساب الفضائل والأخلاق الحسنة. فالتكاليف بالنسبة إلى العباد مختلفة بحسب اختلاف قابلياتهم واستعداداتهم ولا يستحق من لم يكن قابلاً لمرتبة من المراتب المذكورة أن يلام : لم لم تفهم هذا المعنى، ولم تفعل الصلاة كما كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يفعلها مثلا...» ن. م ص / 278.

مرقاة بعد مرقاة (1)، فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست على شيء (2) حتّى ينتهي إلى العاشر، فلا تُسقط (3) من هو دونك فيسقطك من هو فوقك (4)، وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، فإنَّ من كسر مؤمناً فعليه جبره. (5)

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن سدير قال : قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ المؤمنين على منازل، منهم على واحدة، ومنهم على اثنتين ومنهم على ثلاث ومنهم على أربع، ومنهم على خمس، ومنهم على ست، ومنهم على سبع، فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو، وعلى صاحب الثنتين ثلاثاً لم يقو، وعلى صاحب الثلاث أربعاً لم يقو، وعلى صاحب الأربع خمساً لم يقو، وعلى صاحب الخمس ستاً لم يقو، وعلى صاحب الستّ سبعاً لم يقو، وعلى هذه الدرجات. (6)

4 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن محمّد بن سنان، عن الصباح بن سيابة، عن أبي عبد اللّه :(عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ما أنتم والبراءة يبرءُ بعضكم من بعض إنَّ المؤمنين بعضهم أفضل من بعض، وبعضهم أكثر صلاةً من بعض، وبعضهم أنفذ بصراً (7) من بعض وهي الدرجات (8).

باب نسبة الإسلام

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابنا رفعه قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لأنسبنَّ الإسلام (9) نسبة لا ينسبه أحد قبلي، ولا ينسبه أحد بعدي إلّا بمثل

ص: 50


1- أي درجة بعد درجة ومرتبة بعد مرتبة.
2- أي من الإيمان.
3- أي عن الاعتبار أو من الإيمان.
4- أي بالإيمان أو الاعتبار.
5- أي إزالة انكساره وإرضاؤه وإعادة ما تسبب في الذهاب عنه إليه.
6- كأن المعنى : وعلى هذا القياس الدرجات الّتي تنقسم هذه المنازل إليها مرآة المجلسي 281/7.
7- يعني فهما وفطانة.
8- أي درجات الإيمان فكل منهم على درجة منه فلا تبرأوا منهم ولا تخرجوهم عن الإيمان، أو هي الدرجات الّتي ذكرها اللّه في قوله : (آل عمران / 163) هم درجات عند اللّه» مرآة المجلسي 281/7.
9- اريد بالإسلام ماهنا الإيمان لا معناه الأعم، ألا ترى إلى قوله : إن المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه. وقوله : إن المؤمن يرى يقينه في عمله الوافي ج 32/3.

ذلك (1) : إِنَّ الإسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو العمل، والعمل هو الأداء، إن المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكن أتاه من ربه فأخذه إنَّ المؤمن يرى يقينه في عمله والكافر يرى إنكاره في عمله، فوالّذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم (2)، فاعتبروا إنكار الكافرين والمنافقين بأعمالهم الخبيثة.

2 - عنه، عن أبيه، عن عبد اللّه بن القاسم، عن مدرك بن عبد الرحمن، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «الإسلام عریان فلباسه الحياء، وزينته الوقار (3)، ومروءته العمل الصالح (4) وعماده الورع ولكلّ شيء أساس ؛ وأساس الإسلام حبنا أهل البيت».

عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عليّ بن معبد عن عليّ بن معبد عن عبد اللّه بن القاسم، عن مدرك بن عبد الرحمن، عن أبي عبد عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

3 - عدَّة من أصحابنا، من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أبيه، عن جده صلوات اللّه عليهم قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ اللّه خلق الإسلام فجعل له عرصة (5)» وجعل له نوراً، وجعل له حصناً، وجعل له ناصراً». فأما عرصته فالقرآن، وأما نوره فالحكمة، وأما حصنه فالمعروف(6)، وأما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا، فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم، فإنه لما أسري بي إلى

ص: 51


1- «وحاصل الخبر: إن الإسلام هو التسليم والانقياد والانقياد التام لا يكون إلّا باليقين، واليقين هو التصديق الجازم والإذعان الكامل بالأصول الخمسة، أو تصديق اللّه ورسوله والأئمّة الهداة والتصديق لا يظهر أو لا يفيد إلّا بالإقرار الظاهري والإقرار التام لا يكون أو لا يظهر إلّا بالعمل بالجوارح... والعمل الّذي هو شاهد الإيمان هو أداء ما كلف اللّه تعالى به لاختراع الأعمال وابتداعها كما تفعله المبتدعة» مرأة المجلسي 282/7.
2- أي المنافقون أو المخالفون لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
3- الوقار الرزانة والثبات، وفي بعض النسخ: (الوفاء) أي بالعهود اللّه أو للناس.
4- المروءة: الإنسانية والمعنى : «إن العمل الصالح من لوازم الإسلام ومما يجعل الإسلام حقيقياً بأن يسمّى إسلاماً، كما أن المروة من لوازم الإنسان ومما يصير به الإنسان حقيقياً بأن يسمى إنساناً...» مرآة المجلسي 288/7.
5- العرصة : فضاء واسع يتخلل مجموعة من الدور يكون بالنسبة إليها كمتنزه أو ملعب أو ما شاكل.
6- وجه كون القرآن عرصة الإسلام فباعتبار أن القرآن هو المسرح والحلبة الّتي يعرض عليها الإسلام علومه ومعارفه ومواعظه وقصصه وأحكامه فيسرح الناظر طرفه فيها ويعمل فكره فيما يدور عليها. وأما وجه كون الحكمة نور الإسلام فلأن الحكمة هي المعارف الحقة والعلوم السامية الّتي تعطي من حواها بصيرة تجعله يدرك حقائق الإسلام وحقانيته وأنه من عند اللّه سبحانه، وأما وجه كون المعروف حصنه، فلأن المعروف سواء أريد به الإحسان أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممّا يؤدي إلى حفظ الإسلام وحياطته في نفس المحسن إليه كما في نفس المحسن ويمنع المنسدين من أن يعملوا على طمس حقائقه وأحكامه ودرس معالمه.

السماء الدُّنيا فنسبني (1) جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأهل السماء، استودع اللّه حبي وحبَّ أهل بيتي وشيعتهم في قلوب الملائكة، فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة. ثمّ هبط بي إلى أهل الأرض فنسبني إلى أهل الأرض(2) فاستودع اللّه عزّ وجلّ حبي وحبَّ أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي، فمؤمنوا أُمتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلى يوم القيامة، ألا فلو أنَّ الرَّجل من أُمِّتي عبد اللّه عزّ وجلّ عمره أيّام الدُّنيا، ثمّ لقي اللّه عزّ وجلّ مبغضاً لأهل بيتي وشيعتي ما فرج اللّه صدره إلّا عن النفاق. (3)

باب [ خصال المؤمن ]

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن عبد الملك بن غالب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثماني خصال: وقوراً عند الهزاهز (4)، صبوراً عند البلاء (5)، شكوراً عند الرخاء (6)، قانعاً بما رزقه اللّه، لا يظلم الأعداء ولا يتحامل (7) للأصدقاء، بدنه منه في تعب والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن (8)، والحلم وزيره (9)، والعقل أمير جنوده (10)، والرفق (11) أخوه، والبر والده.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : الإيمان له أركان (12) أربعة : التوكل على اللّه،

ص: 52


1- أي بين لهم نسبي ومن أكون أو نبوتي وصفتها أو مناقبي وخصائصي الّتي وهبنيها اللّه سبحانه.
2- «وأما ذكر نسبه إلى أهل الأرض فبالآيات الّتي أنزلها فيه وفي أهل بيته ويقرؤها النّاس إلى يوم القيامة» مرآة المجلسي 290/7.
3- أي فضحه اللّه على رؤوس الأشهاد يوم القيامة بإظهار ما كان في قلبه من النفاق، وهذا يدل على عدم إيمان من أبغض أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) بل عدم إسلامه واقعاً.
4- أي رزيناً ثابتاً عند حصول الفتن الّتي تحدث بين النّاس.
5- البلاء الشر. فلا يتبرم عند نزوله بل يسلّم أمره إلى اللّه.
6- الرخاء الخير والنعمة.
7- أي لا يتكلف للأصدقاء. لا بظلم النّاس من أجل إرضائهم بأي شكل من أشكال الظلم قولاً وعملاً.
8- أي رفيقه ومصاحبه.
9- لأن المؤمن يستعين به في تسيير شؤون دينه ودنياه.
10- وهي أعماله الصالحة وأخلاقه الحميدة وهذه تدفع الشيطان وجنوده، وتأتمر بأوامر العقل.
11- أي اللين.
12- «إنما جعلها بمنزلة الأركان لعدم استقرار الإيمان وثباته إلّا بها مرآة المجلسي 293/7.

وتفويض الأمر إلى اللّه، والرضا بقضاء اللّه، والتسليم لأمر اللّه عزّ وجلّ.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه عمّن ذكره عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنكم لا تكونون صالحين حتّى تعرفوا، ولا تعرفون حتّى تصدّقوا، ولا تصدقون حتّى تسلّموا أبواباً أربعة لا يصلح أولها إلّا بآخرها، ضلَّ أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيداً، إنَّ اللّه تبارك وتعالى لا يقبل إلّا العمل الصالح، ولا يتقبل اللّه إلّا بالوفاء بالشروط والعهود، ومن وفى اللّه بشروطه واستكمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل وعده (1)، إِنَّ اللّه عزّ وجلّ (2) أخبر العباد بطريق الهدى، وشرع لهم فيها المنار، وأخبرهم كيف يسلكون، فقال: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) (3). وقال : (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (4). فمن اتقى اللّه عزّ وجلّ فيما أمره لقي اللّه عزّ وجلّ مؤمناً بما جاء به محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، هيهات هيهات (5) فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا أنهم آمنوا وأشركوا من حيث لا يعلمون. إنّه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردّى (6)، وصل اللّه طاعة ولي أمره بطاعة رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع اللّه ولا رسوله، وهو الإقرار بما نزل من عند اللّه : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (7) والتمسوا البيوت (8) الّتي أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فإنّه قد خبركم أنهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه عزّ وجلّ وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار إنَّ اللّه قد استخلص الرسل لأمره، ثمّ استخلصهم مصدّقين لذلك في نُذره، فقال: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ) (9). تاه من جهل

ص: 53


1- «يعني أن الصلاح موقوف على المعرفة والمعرفة موقوفة على التصديق، والتصديق موقوف على تسليم أبواب أربعة لا يتم بعضها بدون بعض وهي التوبة عن الشرك والإيمان بالتوحيد والعمل الصالح والاهتداء بالإمام فصاحب الثلاثة الأولى من دون الاهتداء بالإمام ضال تائه لا تقبل توبته ولا توحيده ولا عمله لعدم وفائه بجميع الشروط والعهود» الوافي ج 30/3.
2- هذا تفصيل بعد الإجمال.
3- طه / 82.
4- المائدة / 27.
5- أي بَعدَ بَعد.
6- أي الهلاك.
7- الأعراف.31. والخطاب لبني آدم.
8- هذا وما بعده إشارة إلى قوله تعالى : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) النور / 36 - 37.
9- فاطر / 24.

واهتدى من أبصر وعقل، إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (1). وكيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم ينذر (2)؟ اتبعوا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأقروا بما نزل من عند اللّه واتبعوا آثار الهدى(3)، فإنهم علامات الأمانة والتقى، واعلموا أنّه لو أنكر رجلٌ عيسى ابن مريم (عَلَيهِا السَّلَامُ) وأقرَّ بمن سواه من الرسل لم يؤمن، إقتصوا الطريق بالتماس المنار (4)، والتَمِسُوا من وراء الحجب الآثار، تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا باللّه ربكم.

4 - عنه، عن أبيه، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: رفع (5) إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قومٌ في بعض غزواته فقال : من القوم (6)؟ فقالوا : مؤمنون يا رسول اللّه، قال : وما بلغ من إيمانكم؟ قالوا: الصبر عند البلاء، والشكر عند الرّخاء، والرّضا بالقضاء، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حلماء (7) علماء كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء، إن كنتم كما تصفون، فلا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا اللّه الّذي إليه ترجعون.

باب (بدون العنوان)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبأسانيد مختلفة، عن الأصبغ بن نباتة قال : خطبنا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في داره - أو قال (8) : في القصر - ونحن مجتمعون، ثمّ أمر صلوات اللّه عليه فكُتِبَ في كتاب وقرىء على النّاس. وروى غيره أنَّ ابن الكواء(9) سأل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن

ص: 54


1- الحجّ / 46.
2- يشير هذا إلى ترتب الاهتداء على الأبصار وترتب الأبصار على الإنذار وتوقف الإنذار على وجود المنذر ومعرفته، فتحصل من ذلك وجود النذير ووجوب معرفته.
3- أي أئمّة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
4- المنار هو الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- رفع : إما على قراءة المعلوم أي أسرع إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قوم. أو على قراءة المجهول أي قدّم قوم إلى رسول اللّه. وقيل: رفع قوم : «أي ظهروا فإن الرفع ملزوم للظهور».
6- أي من أي قبيل من النّاس أنتم ؟.
7- في بعض النسخ (حكماء).
8- الترديد من الراوي. والمراد بالقصر لعله قصر الإمارة.
9- هو أحد رؤوس الخوارج واسمه عبد اللّه.

صفة الإسلام والإيمان والكفر والنفاق، فقال: أما بعد فإنّ اللّه تبارك وتعالى شَرع الإسلام (1) وسهل شرائعه لمن وَرَدَه، وأعز أركانه (2) لمن حاربه (3)، وجعله عزّاً لمن تولاه وسلم (4) لمن دخله، وهدى لمن ائتم به، وزينة لمن تجلله (5)، وعذراً لمن انتحلم (6)، وعروة لمن اعتصم به وحبلاً لمن استمسك به، وبرهاناً لمن تكلّم به ونوراً لمن استضاء به، وعوناً لمن استغاث به، وشاهداً لمن خاصم به (7)، وفَلَجاً لمن حاج بها (8)، وعلماً لمن وعاه، وحديثاً لمن روى، وحكماً لمن قضا وحلماً لمن جرَّب ولباساً لمن تدبّر، وفهماً لمن تفطن ويقيناً لمن عقل وبصيرة لمن عزم، وآية لمن توسم وعبره لمن اتعظ ونجاة لمن صدق، وتؤدة (9) لمن أصلح، وزلفى (10) لمن اقترب، وثقة لمن توكل ورخاء (11) لمن فوَّض، وسيقة لمن أحسن، وخيراً لمن سارع، وجُنّة (12) لمن صبر، ولباساً لمن اتقى، وظهير(13) لمن رشد وكهف (14) لمن آمن وأمَنَةً لمن أسلم، ورجاء (15) لمن صدق، وغنى لمن قنع، فذلك الحقُّ، سبيله الهدى ومأثرته المجد (16)، وصفته الحسنى (17) فهو أبلج المنهاج (18) مشرق المنار، ذاكي (19) المصباح، رفيع

ص: 55


1- الشريعة في الأصل مورد الشاربة. «ويقال لما شرع اللّه لعباده (من السنن والأحكام) إذ به حياة الأرواح كما بالماء حياة الأبدان» الوافي ج 3 ص / 31.
2- أي قواها وجعلها متينة.
3- أي حارب المسلمين وهم أهل الإسلام ويمكن أن يحمل على الحقيقة بأن يبغضه ويصد عنه فيكون محارباً للدين.
4- أي أمناً لمن دخله، لأنه يأمن القتل والسبي والنفي في الدنيا وعذاب جهنم في الآخرة.
5- أي استتر وتغطى به. وفي بعض النسخ (تحلله) أي جعله حلة على نفسه.
6- أي ادعاه كاذباً.
7- أي لمن ناظر وجادل به، فإن فيه من الأدلة والبراهين والحجج الواضحة الحقة ما يجعله ظافراً على خصمه ظاهر الحجة عليه وهو معنى الفلج.
8- أي الظفر.
9- أي سببا لرزانته وتأنيه.
10- أي حظوة ومنزلة.
11- أي خيرا ونعمة وفي بعض النسخ: (ورجاء).
12- أي واقياً.
13- أي نصيراً.
14- أي ملجاً.
15- أي سبب رجاء لمن صدق في كلّ أموره مع اللّه في السراء والضراء، وفي بعض النسخ: (وروحاً) وفي بعضها : (ورخاء) وفي نهج البلاغة : (وراحة). وفي الوافي (لمن فوّض) أي يكون سبب رجاء لمن فوض أموره إلى اللّه.
16- المأثرة المنقبة والمجد : بلوغ الشرف والكرم.
17- أي أن الإسلام متصف بمحاسن الأفعال والأقوال والأعمال.
18- أي منضح السبيل.
19- أي متوقد متوهج.

الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة، سريع السبقة أليم النقمة كامل العدة، كريم الفرسان، فالإيمان منهاجه والصالحات مناره والفقه مصابيحه والدّنيا مضماره والموت غايته والقيامة حلبته والجنّة سبقته والنار نقمته والتقوى عدّته والمحسنون فرسانه(1)، فبالإيمان يستدلُّ على الصالحات وبالصالحات يعمّر الفقه وبالفقه يرهب الموت وبالموت تختم الدنيا وبالدنيا تجوز القيامة (2) وبالقيامة تزلف الجنّة، والجنّة حسرة أهل النار، والنّار موعظة المتقين والتقوى سنخ (3) الإيمان.

باب صفة الإيمان

1 - بالإسناد الأول، عن ابن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سُئِلَ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الإيمان، فقال : إن اللّه عزّ وجلّ جعل الإيمان على أربع دعائم : على الصبر واليقين والعدل والجهاد فالصبر من ذلك على أربع شعب : على الشوق والإشفاق (4) والزهد والترقب (5)، فمن اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات (6) ومن أشفق من النّار رجع عن المحرّمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن راقب الموت سارع إلى الخيرات؛ واليقين على أربع شعب تبصرة الفطنة (7) وتأوّل الحكمة(8) ومعرفة العبرة (9) وسنة الأولين (10). فمن أبصر الفطنة عرف الحكمة، ومن تأوّل الحكمة عرف

ص: 56


1- «والحاصل أن المضمار يطلق على موضع تضمير الفرس للسباق وزمانه وعلى الميدان الّذي يسابق فيه، وشبه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أهل الإسلام بالخيل الّتي تجمع للسباق ومدة عمر الدنيا بالميدان الّذي يسابق فيه والموت بالقلم المنصوب في نهاية الميدان فإن ما يتسابق فيه من الأعمال الصالحة إنما هو قبل الموت والقيامة بوضع تجمع فيه الخيل بعد السباق ليأخذ السبقة من سبق بقدر سبقه ويظهر خسران من تأخر، والجنّة بالسبقة والنار بما يلحق المتأخر من الحرمان والخسران» مرآة المجلسي 307/7 - 308.
2- «أي أن كلّ ما يلقاه العبد في القيامة فإنما هو نتائج أعماله وأخلاقه وعقايده المكتسبة في الدنيا فبالدنيا تجاز القيامة الوافي ج 313. وفي بعض النسخ (تحاز) والمعنى نفسه أي تحاز مثوبات القيامة أو أهوالها وعذابها.
3- أي أصله.
4- أي الخوف.
5- أي الانتظار والمنتظر هنا الموت.
6- أي نسيها وصير على تركها.
7- أي جعلها بصيرة.
8- أي جعل الحكمة واضحة جلية بالتمعن فيها.
9- أي التدبر بالعبرة والعظة بغاية الاعتبار والاتعاظ.
10- أي سيرة الأمم السالفة كافرة كانت أو مؤمنة ذات أعمال صالحة أو طالحة والغرض منه يشرحه ما يليه من کلامه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

العبرة، ومن عرف العبرة عرف السنّة، ومن عرف السنّة فكأنما كان مع الأولين، واهتدى إلى الّتي هي أقوم، ونظر إلى من نجى بما نجى ومن هلك بما هلك، وإنّما أهلك اللّه من أهلك بمعصيته، وأنجى من أنجى بطاعته ؛ والعدل على أربع شعب غامض (1) الفهم وغمر (2) العلم وزهرة الحكم (3) وروضة الحلم (4). فمن فهم فسّر جميع العلم ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في النّاس حميداً (5) ؛ والجهاد على أربع شعب: على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين (6). فمن أمر بالمعروف شدَّ ظهر (7) المؤمن ومن نهى عن المنكر أرغم أنف (8) المنافق وأمن كيده، ومن صدق في المواطن قضى الّذي عليه، ومن شنىء الفاسقين غضب اللّه، ومن غضب اللّه غضب اللّه له فذلك الإيمان ودعائمه وشعبه.

باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان

1 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر عن جابر قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أخا جعف (9) إنَّ الإيمان أفضل من الإسلام، وإنَّ اليقين أفضل من الإيمان وما من شيء أعزُّ من اليقين (10).

2 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد والحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد ؛ جميعاً، عن الوشّاء عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : الإيمان فوق الإسلام بدرجة،

ص: 57


1- أي مبهم عميق.
2- أي كثير.
3- أي الحكم الواضحة الزاهرة.
4- أي الحلم الواسع.
5- أي محمود الخصال والسيرة.
6- الشنآن البغض.
7- أي آزره ونصره وقواه.
8- أصل الإرغام التمريغ بالتراب وهنا هو كناية عن الإذلال. هذا ولا بد من التنبيه أن نسخ الكافي أورد فيها هذا الحديث مع اختلاف في بعض الفاظه فيما بين بعضها والبعض الآخر، بل تبديل لبعض عباراته بعبارات أخرى كما حصل في رواية السيد رضي الدين (رضیَ اللّهُ عنهُ) في نهج البلاغة.
9- المقصود به جابر الجعفي نسبة إلى قبيلة يمنية، وهو راوي الحديث عنه عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
10- دل هذا الحديث على أنّه كما كان الإيمان أخص من الإسلام فإن اليقين أخص من الإيمان لاعتبار أمر زائد في حقيقته لم يعتبر في حقيقة الإيمان ولذا كان أعز وأفضل.

والتقوى فوق الإيمان بدرجة واليقين فوق التقوى بدرجة، وما قسّم في النّاس شيء أقلُّ من اليقين (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن حمران بن أعين قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّ اللّه فضل الإيمان على الإسلام بدرجة كما فضل الكعبة على المسجد الحرام.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم أو غيره (2) عن عمر بن أبان الكلبي، عن عبد الحميد الواسطي، عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا محمّد الإسلام درجة (3) قال : قلت : نعم قال : والإيمان على الإسلام (4) درجة، :قال قلت نعم قال : والتقوى على الإيمان درجة قال قلت : نعم، قال: واليقين على التقوى درجة، قال : قلت : نعم، قال: فما أوتي النّاس أقل من اليقين، وإنما تمسكتم بأدنى الإسلام (5) فإيّاكم أن ينفلت من أيديكم (6).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس قال: سألت أبا الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الإيمان والإسلام فقال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنما هو (7) الإسلام، والإيمان فوقه بدرجة والتقوى فوق الإيمان بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة، ولم يقسم بين النّاس شيء أقل من اليقين قال : قلت: فأي شيء اليقين؟ قال : التوكل على اللّه، والتسليم اللّه، والرضا بقضاء اللّه، والتفويض إلى اللّه. قلت : فما تفسير ذلك؟ قال : هكذا قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (8).

ص: 58


1- أي أن أهل اليقن من بين عامة النّاس وخاصتهم أقل القليل، وذلك لأنه لا يتصف به إلّا الأبدال منهم، وهذا يدل على أن النّاس مراتب و درجات وأصناف من حيث القابليات والاستعدادات النفسية والعقلية، وقد مرّت الإشارة إليه في كثير من الروايات المتقدمة.
2- الترديد من الراوي.
3- وكأنه استفهام، أي اليس الإسلام درجة من الدرجات أو هو أول الدرجات والمراتب؟.
4- أي يفضل أو يزيد عليه.
5- أي بأوطأ مراتبه وأضعف مصاديقه، والمعني بذلك ضعفاء الإيمان من الشيعة أو عوام النّاس ممّن لا يعرفون إلّا الإسلام الظاهري وهو النطق بالشهادتين مع بعض ظواهر فرائضه وأحكامه.
6- وذلك لأن من تمسك بشيء على وهن منه وضحالة فكر يكون عرضة للإفلات منه عند أية هزة أو حركة، وقد مثل الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالمحسوس لتقريبه إلى الأذهان والا فإفلات الإسلام من الأيدي كناية عن ذهابه من العقل والقلب واستبداله بالكفر والنفاق.
7- أي الدين.
8- لعل عدم جواب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلّا بهذا الشكل المجمل وإسناده إلى المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لعلمه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقصور فهم السائل عن استيعاب الشرح والتفصيل أكثر. وإن كان ذلك بعيداً لأن يونس هنا على الظاهر بقرينة روايته عن الرضا ورواية محمّد بن عيسى عنه أنّه يونس بن عبد الرحمن مولى آل يقطين وهو من عيون أصحاب الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) الّذي كان يشير إليه في العلم والفتيا كما يقول النجاشي (رضیَ اللّهُ عنهُ).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الإيمان فوق الإسلام بدرجة والتقوى فوق الإيمان بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة ولم يقسم بين العباد شيء أقل من اليقين.

باب حقيقة الإيمان واليقين

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن عذافر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بينا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في بعض أسفاره إذ لقيه ركب، فقالوا : السّلام عليك يا رسول اللّه، فقال : ما أنتم ؟ فقالوا : نحن مؤمنون يا رسول اللّه، قال : فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا : الرّضا بقضاء اللّه والتفويض إلى اللّه والتسليم لأمر اللّه، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا اللّه الّذي إليه ترجعون»(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي محمّد الوابشي وإبراهيم بن مهزم، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) صلّى بالنّاس الصبح، فنظر إلى شاب في المسجد وهو يخفق ويهوي (2) برأسه مصفراً لونه، قد نحف جسمه وغارت عيناه في رأسه، فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : كيف أصبحت يا فلان (3)؟ قال: أصبحت يا رسول اللّه موقناً فعجب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من قوله (4) وقال : «إنَّ لكلّ يقين حقيقة فما حقيقة يقينك»؟ فقال : إنَّ يقيني يا رسول اللّه هو الّذي أحزنني وأسهر ليلي وأظمأ هواجري (5) فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها (6)، حتّى كأني أنظر إلى عرش ربّي وقد نُصب للحساب، وحُشر الخلائق لذلك وأنا فيهم،

ص: 59


1- مر هذا الحديث في باب خصال المؤمن تحت رقم (4) ولكن بسند آخر عن الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وعلّقنا عليه فراجع.
2- أي يحرك رأسه بسبب النعاس إلى الأسفل أو أحد الجانبين.
3- هذا يدل على أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يعرف هذا الشاب ولعله حارثة بن مالك الوارد في الحديث الثاني لتشابه الواقعتين وتطابق كلّ من السؤال والجواب تقريباً هنا وهناك.
4- إما من التعجب لأنه ادعى شيئاً لنفسه نادراً،حصوله، أو من الإعجاب بمقالته.
5- جمع هاجرة وهي اشتداد الحر نصف النهار.
6- أي انصرفت عنها وزهدت فيها.

وكأني أنظر إلى أهل الجنّة يتنعمون في الجنّة ويتعارفون وعلى الأرائك متكئون، وكأني أنظر إلى أهل النّار وهم فيها معذَّبون مُصْطَرِ خون (1)، وكأنّي الآن أسمع زفير النّار يدور في مسامعي، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لأصحابه : «هذا عبد نور اللّه قلبه بالإيمان»، ثمّ قال له : «الزم ما أنت عليه»، فقال الشاب : ادع اللّه لي يا رسول اللّه أن أرزق الشهادة معك، فدعا له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فاستشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : استقبل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري فقال له : كيف أنت يا حارثة بن مالك ؟ فقال : يا رسول اللّه مؤمن حقاً (2)، فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : لكلّ شيء حقيقة فما حقيقة قولك ؟ فقال : يا رسول اللّه عزفت نفسي عن الدُّنيا، فأسهرت ليلي، وأظمأت هواجري، وكأني أنظر إلى عرش ربي [و] قد وضع للحساب، وكأني أنظر إلى أهل الجنّة يتزاورون في الجنّة، وكأني أسمع عواء (3) أهل النّار في النّار، فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «عبد نور اللّه قلبه أبصرت (4) فاثبت»، فقال : يا رسول اللّه أدع اللّه لي أن يرزقني الشهادة معك، فقال : اللّهمّ ارزق حارثة الشهادة، فلم يلبث إلّا أياماً حتّى بعث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سريّة (5) فبعثه فيها، فقاتل فقتل تسعة - أو ثمانية - ثمّ قتل.

وفي رواية القاسم بن بريد عن أبي بصير قال : استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر وكان هو العاشر.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : إنَّ على كلّ حق حقيقة (6) وعلى كلّ صواب نوراً (7).

باب التفكر

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال

ص: 60


1- أي يستغيثون.
2- أي حق الإيمان.
3- أي صراخ أو صياح، وغالباً ما يقال لصوت الذئب عواء الذئب.
4- أي صرت ذات بصيرة.
5- السرية - كما في الصحاح - القطعة من الجيش.
6- الحقيقة، ما يثبت به الشيء.
7- النور ما ينجلي به الشيء ويتضح.

كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : نبه (1) بالتفكر قلبك ؛ وجاف (2) عن الليل جنبك، واتق اللّه ربِّك.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن الحسن الصيقل قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عمّا يروي النّاس أن تفكر ساعة خير من قيام ليلة، قلت: كيف يتفكر؟ قال : يمرُّ بالخربة أو بالدار فيقول : أين ساكنوك أين بانوك، ما [با] لك لا تتكلّمين (3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أفضل العبادة إدمان التفكر في اللّه (4) وفي قدرته.

4 - محمّد بن يحيى، عن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن معمر بن خلاد قال : سمعت أبا الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر اللّه عزّ وجلّ.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إسماعيل بن سهل، عن حماد، عن ربعي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : [إِنَّ] التفكر يدعو إلى البر والعمل به (5).

باب المكارم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الهيثم بن أبي مسروق، عن، يزيد بن إسحاق شعر عن الحسين بن عطيّة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المكارم (6) عشر، فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن، فإنها تكون في الرَّجل ولا تكون في ولده، وتكون في الولد ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في الحرّ، قيل : وما هنَّ ؟ قال : صدق اليأس (7)

ص: 61


1- أي أيقظه من غفلته بالموعظة والحكمة والتفكر.
2- أي باعد نفسك عن النوم، كناية عن ضرورة السهر والتهجد في الليل.
3- فيه إشارة إلى أن التفكر عبارة عن التأمل والتدبر في أحوال الدنيا وتقلباتها وسير الأمم السالفة وعواقبها بهدف الاتعاظ والاعتبار.
4- الإدمان : المواظبة والمداومة، والتفكر في اللّه في صفاته وأفعاله ومظاهر قدرته وحكمته من خلال التأمل والتدبر في مخلوقاته.
5- لأنه يؤدي إلى الاتعاظ والاعتبار اللّذين ينتجان العمل بالطاعات ومكارم الأخلاق وترك المعاصي والرذائل والموبقات خوفا من غضب اللّه وسوء العاقبة.
6- المكارم: جمع المكرمة وهي الأفعال الحميدة الّتي توجب اتصاف المرء بالشرف والكرامة.
7- أي عما في أيدي النّاس ويكون يقينه بما عند اللّه تعالى دون غيره. وفي بعض النسخ (البأس) ومعناه الحرب والقتال وصدق البأس عبارة عن الثبات عند النزال والإقدام في قتال أعداء اللّه.

وصدق اللسان، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف (1)، وإطعام السائل، والمكافأة على الصنايع (2)، والتذمم للجار والتذمّم للصّاحب (3) ورأسهنَّ الحياء.

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ خص رسله بمكارم الأخلاق، فامتحنوا أنفسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا اللّه، واعلموا أنَّ ذلك من خير، وإن لا تكن فيكم فاسألوا اللّه وارغبوا إليه فيها قال فذكر [ها] عشرة اليقين والقناعة، والصبر، والشكر، والحلم، وحسن الخُلُق، والسخاء، والغيرة (4)، والشجاعة، والمروة. قال : وروى بعضهم بعد هذه الخصال العشرة وزاد فيها الصدق وأداء الأمانة.

3- عنه، عن بكر بن صالح، عن جعفر بن محمّد الهاشمي، عن إسماعيل بن عباد قال بكر وأظنني (5) قد سمعته من إسماعيل، عن عبد اللّه بن بكير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنا : لنحبُّ من كان عاقلاً، فهماً، فقيهاً، حليماً، مدارياً، صبوراً صدوقاً، وفيّاً. إنَّ اللّه عزّ وجلّ خص الأنبياء بمكارم الأخلاق، فمن كانت فيه فليحمد اللّه على ذلك، ومن لم تكن فيه فليتضرع إلى اللّه عزّ وجلّ وليسأله إيّاها، قال : قلت : جعلت فداك وما هنَّ ؟ قال : هنَّ الورع (6) والقناعة والصبر والشكر والحلم والحياء والسخاء والشجاعة والغيرة والبر وصدق الحديث وأداء الأمانة.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ ارتضى لكم الإسلام ديناً، فأحسنوا صحبته (7) بالسخاء وحسن الخلق.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوهي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : الإيمان أربعة أركان الرّضا بقضاء اللّه، والتوكل على اللّه، وتفويض الأمر إلى اللّه، والتسليم لأمر اللّه (8).

ص: 62


1- أي إطعامه وإكرامه.
2- أي المجازاة على المعروف بالشكر وعلى الإحسان بالإحسان.
3- أي أن يحفظ ذمام كلّ منهما فلا يؤذيه، بل يدفع عنه، وأن يأنف من أن يسيء إليه في جواره أو صحبته.
4- الغيرة الحمية في الدين مطلقاً، ومنها حفظ نسائه وعدم التهاون فيما قد يبدر منهن ممّا هو خلاف العفة والصون.
5- هذا من كلام الراوي.
6- أي عن محارم اللّه سبحانه.
7- لأنه إن لم تحسن صحبته فارق وترك.
8- مر بعض الأحاديث المشابهة وعلقنا عليها في حينه فراجع.

6 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد عن الحسن بن عليّ، عن عبد اللّه بن سنان، عن رجل من بني هاشم (1) قال : أربع من كنَّ فيه كَمُل إسلامه ولو كان من قرنه إلى قدمه خطايا لم تنقصه : الصدق والحياء وحسن الخُلُق والشكر.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي حمزة عن جابر بن عبد اللّه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ألا أخبركم بخير رجالكم»؟ قلنا : بلى يا رسول اللّه. قال: «إنّ من خير رجالكم التقي، النقي، السَّمح الكفّين (2)، النقي الطرفين (3)، البر بوالديه، ولا يلجيء عياله إلى غيره» (4).

باب فضل اليقين

1 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن المثنى بن الوليد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ليس شيء إلّا وله حد(5)، قال: قلت : جعلت فداك فما حدُّ التوكل ؟ قال : اليقين (6)، قلت : فما حد اليقين؟ قال: ألا تخاف مع اللّه شيئاً.

2 - عنه، عن معلّى عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد اللّه سنان، عن أبي عبد اللّه بن (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط وعبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من صحة يقين المرء المسلم (7) أن لا يرضي النّاس بسخط اللّه، ولا يلومهم (8) على ما لم يؤته اللّه، فإنَّ الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يردُّه كراهية كاره ؛ ولو أنَّ أحدكم فرّ من رزقه كما يفرُّ من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت،

ص: 63


1- لعله أحدهم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ويحمل مثل هذا التعبير على عدم رغبة الراوي ذكر اسمه (عَلَيهِ السَّلَامُ) تقية. أو أنّه أحد الرواة وضمير (قال) يرجع إلى الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- كناية عن السخاء.
3- أي الفرج واللسان. ونقاء الأوّل بحفظه عما حرم اللّه عليه وقصر شهوته على أزواجه أو ما ملكت يمينه، ونقاء الثاني بحيسه عن الكذب والنميمة والغيبة وغير ذلك. وقد ورد عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه قال : من ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنّة.
4- بأن يقتر عليهم في النفقة أو يحجبها عنهم فيضطرهم إلى سؤال النّاس.
5- الحد العلامة أو التعريف أو النهاية.
6- اليقين : هو الاعتقاد الجازم الّذي لا يزلزله شيء.
7- أي باللّه وأنه الضار النافع ولا أحد غيره يملك الضر والنفع.
8- أي لا يذمهم على منعهم عنه ما في أيديهم ممّا أعطاهم اللّه ومنعه عنه.

ثمَّ قال : إِنَّ اللّه بِعَدْلِهِ وقسطه جعل الروح والرَّاحة في اليقين (1) والرّضا (2)، وجعل الهم والحزن (3) في الشك والسخط (4).

3 - ابن محبوب، عن هشام بن سالم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن العمل الدائم القليل على البقين أفضل عند اللّه من العمل الكثير على غير يقين.

4 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه على المنبر : لا يجد أحد [كم] طعم الإيمان حتّى يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطِئَه (5)، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه جلس إلى حائط مائل يقضي بين النّاس، فقال بعضهم : لا تقعد تحت هذا الحائط، فإنه معور (6). فقال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: حَرَسَ امرءاً أجلُه (7)، فلما قام سقط الحائط. قال : وكان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ممّا يفعل هذا وأشباهه، وهذا اليقين (8).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن صفوان الجمال قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا) (9) فقال : أما إنّه ما كان ذهباً ولا فضة وإنما كان أربع كلمات لا إله إلّا أنا من أيقن بالموت لم يضحك سنه، ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، ومن أيقن بالقَدَر (10) لم يخش إلّا اللّه.

7 - عنه عن عليّ بن الحكم عن صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان

ص: 64


1- أي برازقيته سبحانه وأن بيده العطاء والمنع.
2- أي بقضاء اللّه والتسليم لحكمه وهذا من النتائج المترتبة على اليقين.
3- هما مقابل الروح والراحة.
4- مقابل اليقين والرضا.
5- أي لا بد وأن يصيبه.
6- أي متصدع يخاف منه أن ينقض.
7- هو بمعنى : كفى بالأجل حارساً.
8- أي الاعتقاد الجازم بأن المميت هو اللّه والمحيي هو سبحانه وإنه لن تموت نفس إلّا إذا حان حَيْنُها. أو الاعتقاد الجازم بما كان قد أخبره به النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عن كيفية استشهاده وأنه لن يكون بسقوط جدار أو نحوه.
9- الكهف : 82.
10- أي بأن كلّ شيء بقضاء اللّه وقدره.

أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا يجد عبد طعم الإيمان حتّى يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأنَّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الضار النافع هو اللّه عزّ وجلّ.

8 - محمّد بن بن يحيى، عن، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الوساء، عن عبد عن عبد اللّه بن سنان عن أبي حمزة، عن سعيد بن قيس الهمداني قال : نظرت يوماً في الحرب إلى رجل عليه ثوبان(1)، فحركت فرسي فإذا هو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت: يا أمير المؤمنين في مثل هذا الموضع ؟ فقال : نعم يا سعيد بن قيس، إنه ليس من عبد إلّا وله من اللّه حافظ وواقية، معه ملكان (2) يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل أو يقع في بئر، فإذا نزل القضاء خلّيا بينه وبين كلّ شيء.

9 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن عليّ بن أسباط قال: سمعت أبا الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كان في الكنز الّذي قال اللّه عزّ وجلّ : (وكان تحته كنز لهما)، كان فيه (3) بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن إليها (4)، وينبغي لمن عقل عن اللّه أن لا يتهم اللّه في قضائه ولا يستبطئه في رزقه، فقلت: جعلت فداك أريد أن أكتبه، قال : فضرب واللّه يده إلى الدواة ليضعها بين يدي، فتناولت يده، فقبلتها وأخذت الدَّواة فكتبته.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الرحمن العرزمي، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان قنبر غلام علي يحبّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) حباً شديداً، فإذا خرج علي صلوات اللّه عليه خرج على أثره بالسيف، فرآه ذات ليلة فقال : يا قنبر ما لك؟ فقال : جئت لأمشي خلفك يا أمير المؤمنين. قال : ويحك أمن أهل السماء تحرسني أو من أهل الأرض ؟ فقال : لا، بل من أهل الأرض. فقال : إنَّ أهل الأرض لا يستطيعون لي شيئاً إلّا بإذن اللّه من السماء فارجع، فرجع

11 - عليّ بن إبراهيم عن بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عمّن ذكره قال : قيل

ص: 65


1- إشارة إلى أنّه لم يكن لابساً لامة الحرب من الدرع والمغفر وغير ذلك كما هو شأن المحاربين في ساحة المعركة احتياطاً لانفسهم.
2- إشارة إلى قوله تعالى : (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه) الرعد / 11، والمعقبات الحرس من الملائكة الّذين يتعاقبون على حفظه في الليل والنهار فإذا نزل القدر خلوا بينه وبينه.
3- اختلاف الأخبار في المكتوب في اللوح لا خير فيه لأن الجميع كان فيه، واختلاف العبارات للنقل بالمعنى مع أن الظاهر أنّها لم تكن عربية وفي النقل من لغة إلى لغة كثيراً ما تقع تلك الاختلافات مرآة المجلسي 368/7.
4- أي كيف يطمئن وتستقر نفسه إليها.

للرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّك تتكلّم بهذا الكلام (1) والسيف (2) يقطر دماً، فقال : إن اللّه وادياً من ذهب حماه بأضعف خلقه النمل، فلو رامه البخاتي لم تصل إليه(3).

باب الرضا بالقضاء

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن بعض أشياخ بني النجاشي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : رأس طاعة اللّه (4) الصبر والرضا عن اللّه فيما أحبَّ العبد أو كره (5)، ولا يرضى عبد عن اللّه فيما أحب أو كره إلّا كان خيراً له فيما أحب أو کره.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن حماد بن عيسى عن عبد اللّه بن مسكان، عن ليث المرادي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ أعلم النّاس باللّه أرضاهم بقضاء اللّه عزّ وجلّ (6).

3 - عنه، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الصبر والرّضا عن اللّه رأس طاعة اللّه، ومن صبر ورضي عن اللّه فيما قضى عليه فيما أحب أو كره، لم يقض اللّه عزّ وجلّ له فيما أحب أو كره إلّا ما هو خيرٌ له (7).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «قال اللّه عزّ وجلّ إنَّ من عبادي

ص: 66


1- أي بأمر الإمامة والولاية.
2- أي سيف الظالمين من بني العباس ولعله هارون أو غيره.
3- البخاتي : جمع بختية وهي الإبل الخراسانية.
4- كنى بالرأس عن أشرف المراتب وأعلاها، باعتبار أن الرأس هو أعلى أعضاء البدن. وفي بعض النسخ : (كل طاعة اللّه).
5- أي لنفسه من الأمور المحبوبة كالسعادة والغنى والصحة أو الأمور المبغوضة له كالمرض والشقاء والفقر الخ.
6- لأن الرضا تابع لليقين، واليقين هو أعلى مراتب العلم، لأنه العلم الجازم الّذي لا يزعزعه شيء.
7- لأنه سبحانه - كما ورد في بعض الأخبار - عند حسن ظن عبده المؤمن به إضافة إلى أن اللّه سبحانه لا يختار لعبده إلّا ما فيه خيره ومصلحته وإن خفيت تلك المصلحة على العبد المحدوديته وقصوره عن الإحاطة بمصالحه ومفاسدة.

المؤمنين عباداً لا يصلح لهم أمر دينهم إلّا بالغنى والسَّعة والصحة في البدن، فأبلوهم (1) بالغنى والسَّعة وصحة البدن فيصلح عليهم أمر دينهم، وإنَّ من عبادي المؤمنين لعباداً لا يصلح لهم أمر دينهم إلّا بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم، فأبلوهم (2) بالفاقة والمسكنة والسقم، فيصلح عليهم أمر دينهم، وأنا أعلم بما يصلح عليه أمر دين عبادي المؤمنين، وإنَّ من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده، فيتهجد لي الليالي فيتعب نفسه في عبادتي فَأَضْرِبُهُ بالنعاس (3) الليلة واللّيلتين نظراً مني له وإبقاءً عليه فينام حتّى يصبح فيقوم وهو ماقت لنفسه (4) زارىء عليها، ولو أخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العُجْبُ من ذلك فيصيّره العجبُ إلى الفتنة بأعماله، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله (5) ورضاه عن نفسه، حتّى يظنَّ أَنه قد فاق العابدين، وجاز في عبادته حد التقصير، فيتباعد مني عند ذلك، وهو يظنُّ أنّه يتقرب إليَّ، فلا يتكل العاملون على أعمالهم الّتي يعملونها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم وأفنوا أعمّارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي، والنعيم في جناتي ورفيع درجاتي العلى في جواري، ولكن فبرحمتي فليثقوا وبفضلي فليفرحوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإنَّ رحمتي عند ذلك تَدَارَكُهُم (6)، ومَنِّي (7) يبلغهم رضواني، ومغفرتي تلبسهم عفوي، فإنّي أنا اللّه الرحمن الرحيم وبذلك تسميت».

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال، عن أبي الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ينبغي لمن عقل عن اللّه أن لا يستبطئه في رزقه، ولا يتهمه في قضائه

ص: 67


1- أي اختبرهم بهذه الأمور ليظهر مدى شكرهم أو كفرانهم.
2- أي اختبرهم بهذه الأمور ليظهر مدى صبرهم ورضاهم أو مدى جزعهم وشكهم وسخطهم.
3- لا يخفى أن ضرب كلّ شيء بحسبه والمراد بضربه بالنعاس هنا تسليط النعاس عليه بحيث لا يقوم الليلة والليلتين لما اعتاد القيام إليه من التهجد وذلك لطفا به ورحمة له.
4- أي كاره لها.
5- فيه إشارة إلى أن العجب إضافة إلى كونه محبطاً للأجر وماحقاً للعمل يؤدي إلى الغرور والاغترار بالشيطان الغرور فيتراخى الإنسان ويضعف متراجعاً على توجهه إليه سبحانه وانقطاعه إليه، وغافلا عن أنّه لو عبد اللّه آناء الليل وأطراف النهار لما وفاه جزءً بسيطاً من حق شكره سبحانه على ما أنعم به عليه ووفقه إليه، وهذا المعنى ما تشير إليه تتمة هذا الحديث.
6- أي تلحقهم.
7- أي نعمتي.

6 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان عن عمرو بن نهيك بياع الهروي (1) قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال اللّه عزّ وجلّ : عبدي المؤمن لا أصرفه في شيء إلّا جعلته خيراً له، فليرض بقضائي، وليصبر على بلائي، وليشكر نعمائي أكتبه يا محمّد من الصديقين عندي.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنَّ فيما أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى موسى بن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ) : یا موسى بن عمران : ما خلقت خلقاً أحبُّ إليَّ من عبدي المؤمن فإنّي إنّما أبتليه (2) لما هو خيرٌ له، وأعافيه لما هو خير له، وأزوي (3) عنه ما هو شر له لما هو خير له وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي، وليشكر نعمائي، وليرض بقضائي، أكتبه في الصدّيقين عندي، إذا عمل برضائي وأطاع أمري.

8 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن فضيل بن عثمان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : عجبت للمرء المسلم (4) لا يقضي اللّه عزّ وجلّ له قضاء إلّا كانت خيراً له وإن قُرِّض (5) بالمقاريض كان خيراً له، وإن ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيراً له.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن سنان، عن صالح بن عقبة، عن عبد اللّه بن محمّد الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أحقُّ خلق اللّه أن(6) يسلّم لما قضى اللّه عزّ وجلّ، من عرف اللّه عزّ وجلّ، ومن رضي بالقضاء أتى عليه القضاء وعظم اللّه أجره (7)، ومن سخط القضاء مضى عليه القضاء وأحبط اللّه أجره.

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن عليّ بن

ص: 68


1- أي كان هذا الراوي يبيع الثياب المصنوعة في هراة.
2- الابتلاء : الاختبار وهو إنما يكون للخير والشر، ومنه قوله تعالى : (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) الأنبياء/35. وإن كان الظاهر من الابتلاء بمقتضى مقابلته مع ما بعده وأعافيه أن المراد بالابتلاء الشر فقط.
3- أي اقبض عنه وامنع.
4- المراد بالمسلم هنا المؤمن، لأن ما بعده يدل على أنّه من المنقادين اللّه المفوضين أمورهم إليه وهذا لا يكون عادة إلّا من المؤمن الكامل الإيمان.
5- أي قطع وجزىء بالمقاريض.
6- أي بأن يسلّم.
7- أي ضاعفه وكثّره، إذ يؤتيه أجر القضاء وأجر الرضا به.

هاشم بن البريد عن أبيه قال: قال [لي] عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما : الزهد عشرة أجزاء، أعلا درجة الزهد أدنى درجة الورع، وأعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين، وأعلى درجة اليقين أدنى درجة الرّضا (1).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن أسباط، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لقي الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عبد اللّه بن جعفر فقال : يا عبد اللّه كيف يكون المؤمن مؤمناً وهو يسخط قسمه (2)، ويحقر منزلته، والحاكم عليه اللّه، وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلّا الرّضا أن يدعو اللّه فيستجاب له.

12 - عنه، عن أبيه، عن ابن سنان عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : بأي شيء يُعلم المؤمن بأنه مؤمن؟ قال : بالتسليم اللّه، والرّضا فيما ورد عليه من سرور أو سخط.

13 - عنه عن أبيه، عن ابن سنان عن الحسين بن المختار، عن عبد اللّه بن أبي، يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لم يكن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول لشيء قد مضى : لو كان غيرُه (3).

باب التفويض إلى اللّه والتوكل عليه

1 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن مفضّل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما اعتصم بي عبد من (4) دون أحد من خلقي، عرفت ذلك من نيّته، ثمّ تكيده (5) السماوات والأرض ومن فيهنَّ إلّا جعلت له المخرج من بينهنَّ، وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي، عرفت ذلك من نيته، إلّا قطعت أسباب السّماوات والأرض من يديه وأسخت الأرض (6) من تحته ولم أبال بأي واد هلك.

ص: 69


1- دل على أن الرضا بقضاء اللّه هو أعلى درجات الإيمان الكامل. وهذا لا يتأتى إلّا للأبدال من النّاس، وهم على ما تقدم في اليقين أقل القليل الّذين قسم لهم ذلك اليقين.
2- أي حظه ونصيبه في الدنيا وفي بعض النسخ (قسمته).
3- أي لا يتمنى لو وُجد غير الشيء الّذي وُجِد، وهذا من التسليم.
4- أي المؤمنين.
5- أي تمكر به.
6- أي خسفتها.

2 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن محبوب، عن أبي حفص الأعشى، عن عمر [و] بن خالد عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما قال : خرجت حتّى انتهيت إلى هذا الحائط فاتكأت عليه، فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان، ينظر في تجاه وجهي (1) ثمّ قال : يا عليّ بن الحسين مالي أراك كئيباً حزيناً؟ أعلى الدُّنيا؟ فرزق اللّه حاضر للبر والفاجر، قلت ما على هذا أحزن وإنّه لكما تقول(2)، قال: فعلى الآخرة (3) فوعدٌ صادق يحكم فيه ملك قاهر - أو قال (4) : قادر - قلت: ما على هذا أحزن وإنّه لكما تقول، فقال : ممَّ حزنك؟ قلت : [ممّا] نتخوف من فتنة ابن الزبير (5) وما فيه النّاس(6) قال : فضحك، ثمّ قال : يا عليّ بن الحسين هل رأيت أحداً دعا اللّه فلم يجبه؟ قلت : لا، قال : فهل رأيت أحداً توكل على اللّه فلم يكفه؟ قلت : لا، قال : فهل رأيت أحداً سأل اللّه فلم يعطه؟ قلت : لا، ثمّ غاب عني (7)

عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب مثله.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن حسّان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ الغنى والعز يجولان(8)، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا (9).

عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن حسّان مثله.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن عبد اللّه ابن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أيما عبد أقبل قبل ما يحبُّ اللّه عزّ وجلّ (10) أقبل اللّه قبل ما

ص: 70


1- أي إلى جهتي الّتي أنا قادم منها.
2- أي رزق اللّه حاضر للبر والفاجر.
3- أي أنت حزين على الآخرة ؟.
4- الترديد من الراوي.
5- هو عبد اللّه، وكان من الشانئين لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وفتنة دعاء النّاس إلى نفسه بعد استشهاد الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي من الهرج والمرج.
7- لعله كان الخضر (عَلَيهِ السَّلَامُ) والفرق بين الدعاء والسؤال، أن الأوّل يكون لدفع ضر والثاني لاستجلاب نفع.
8- أي يدوران ويتحركان. والمراد بالغنى غنى النفس وبالعز عدم إذلالها بالطلب ممّا في أيدي المخلوقين اعتماداً على ما في يد اللّه سبحانه.
9- أي أقاما واستفرا.
10- أي جعله مقصده وجهته الّتي يتوجه إليها.

يحبُّ، ومن اعتصم باللّه عصمه اللّه، ومن أقبل اللّه قبله وعصمه لم يبال لو سقطت السماء على الأرض، أو كانت نازلةٌ (1) نزلت على أهل الأرض فشملتهم بليّة، كان في حزب اللّه بالتقوى من كلّ بلية، أليس اللّه عزّ وجلّ يقول: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ) (2).

5 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن غير واحد، عن عليّ بن أسباط، عن أحمد بن عمر الحلال، عن عليّ بن سُوَيد، عن أبي الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته : عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (3). فقال : التوكل على اللّه درجات، منها أن تتوكل على اللّه في أمورك كلّها، فما فعل بك كنتَ عنه راضياً، تعلم أنّه لا يألوك (4) خيراً وفضلاً، وتعلم أنَّ الحكم في ذلك له، فتوكّل على اللّه بتفويض ذلك إليه، وثق به فيها وفي غيرها (5).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أعطي ثلاثاً لم يمنع ثلاثاً : من أعطي الدُّعاء أعطي الإجابة، ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة، ومن أعطي التوكل أعطي الكفاية، ثمّ قال : أتلوت كتاب اللّه عزّ وجلّ : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) ؟. وقال : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) (6)؟. وقال : (أدعوني أستجيب لكم) (7)؟

7 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن أبي علي، عن محمّد بن الحسن، عن الحسين بن راشد عن الحسين بن علوان قال : كنا في مجلس نطلب فيه العلم وقد نفدت نفقتي في بعض الأسفار، فقال لي بعض أصحابنا من تؤمل لما قد نزل بك (8)؟ فقلت : فلاناً، فقال : إذا واللّه لا تُسعفُ (9) حاجتك، ولا يبلغك أملك ولا تنجح طلبتك، قلت : وما علمك رحمك اللّه ؟ قال : إنَّ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) حدّثني أنّه قرأ في بعض الكتب أنَّ اللّه تبارك وتعالى

ص: 71


1- أي بلية ومصيبة.
2- الدخان/ 51 والمقام الأمين المكان المأمون من المكاره.
3- الطلاق، فهو حَسْبُهُ : أي كافيه.
4- أي لا يمنعك، أو لا يقصر في أن يعطيك خيراً الخ.
5- أي في أمورك كلها وفي أمور غيرك كذلك.
6- إبراهيم / 7.
7- غافر / 60.
8- أي من الحاجة إلى النفقة.
9- أي لا تقضى.

يقول : (وعزتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي، لأقطعن أمل كلّ مؤمل [من النّاس] غيري باليأس، ولأكسونه ثوب المذلة عند النّاس ولا نَحيَّنَّه من قربي ولا بعدنّه من فضلي أيؤمل غيري في الشدائد والشدائد بيدي، ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة، وبابي مفتوح لمن،دعاني، فمن ذا الّذي أملني لنوائبه فَقَطعته دونها (1)؟! ومن ذا الّذي رجاني لعظيمة (2) فقطعت رجاءه منّي ؟! جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي، وملأت سماواتي ممّن لا يمل من تسبيحي وأمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي، فلم يثقوا بقولي، ألم يعلم [أنَّ] من طرقته نائبةً من نوائبي أنّه لا يملك كشفها أحد غيري إلّا من بعد إذني فمالي أراه لاهياً عنّي، أعطيته بجودي ما لم يسألني ثمّ انتزعته عنه فلم يسألني رده وسأل غيري؛ أفيراني أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثمّ أسْألُ فلا أجيب سائلي؟! أبخيل أنا فيبخلني (3) عبدي، أو ليس الجود والكرم لي؟! أو ليس العفو والرَّحمة بيدي؟! أو ليس أنا محل الآمال ؟! فمن يقطعها دوني؟ أفلا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيري، فلو أنَّ أهل سماواتي وأهل أرضي أملوا جميعاً ثمّ أعطيت كلّ واحد منهم مثل ما أمل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرة، وكيف ينقص ملك أنا قيمه (4)، فيا بؤساً (5) للقانطين من رحمتي وبا بؤساً لمن عصاني ولم يراقبني).

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن بعض أصحابنا، عن عباد بن يعقوب الرواجني، عن سعيد بن عبد الرحمن قال : كنتُ مع موسى بن عبد اللّه (6) بينبع (7) وقد نفدت نفقتي في بعض الأسفار، فقال لي بعض ولد الحسين من تؤمل لما قد نزل بك؟ فقلت: موسى بن عبد اللّه، فقال: إذاً لا تُقضي حاجتك ثمّ لا تنجح طلبتك، قلت : ولم ذلك؟ قال : لأني قد وجدت في بعض كتب آبائي أنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول - ثمّ ذكر مثله - فقلت : يا ابن رسول اللّه أمل عليَّ، فأملأه عليَّ، فقلت: لا واللّه ما أسأله (8) حاجة بعدها.

ص: 72


1- النوائب الحوائج وما ينزل بالإنسان من المهمات. وقطعته دونها : أي جعلته عاجزاً منقطعاً دون أن يصل إلى دفعها.
2- أي لمهمة أو نازلة حلت به.
3- أي يعدّني بخيلا.
4- أي أنا قائم على تدبيره.
5- أي : ابأسهم اللّه بؤساً، وهو الحزن والشدة والفقر.
6- هو موسى بن عبد اللّه بن الحسن.
7- مكان على طريق مكة يعتبر واحة لما فيه من الماء والشجر.
8- الضمير راجع لموسى بن عبد اللّه.

باب الخوف والرجاء

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن منصور بن يونس، عن الحارث بن المغيرة، أو أبيه (1)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : ما كان في وصيّة لقمان؟ قال : كان فيها الأعاجيب (2)، وكان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه : خف اللّه عزّ وجلّ خيفة لو جئته ببر الثَّقَلين (3) لعذَّبك، وأرجُ اللّه رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك. ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان أبي يقول : إنه ليس من عبد مؤمن إلّا [و] في قلبه نوران : نور خيفة ونور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا (4).

2 - محمّد بن الحسن عن سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا إسحاق خف اللّه كأنك تراه (5) وإن كنت لا تراه (6) فإنّه يراك، فإن كنت ترى أنّه لا يراك فقد كفرت (7)، وإن كنت تعلم أنّه يراك ثمّ برزت له (8) بالمعصية، فقد جعلته من أهون الناظرين عليك (9).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن الهيثم بن واقد قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من خاف اللّه أخاف اللّه منه كلّ شيء، ومن لم يخف اللّه أخافه اللّه من كلّ شيء

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه، عن حمزة بن عبد اللّه

ص: 73


1- الترديد من الراوي.
2- جمع الأعجوبة، وهي ما يعجبك حُسْنُه أو قبحه والمراد بها في الحديث الحُسن لا القبح باعتبارها من وصية لقمان (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي الإنس والجن.
4- «ظاهر الخبر أنّه لا بد أن يكون العبد دائماً بين الخوف والرجاء لا يغلب أحدهما على الآخر إذ لو رجح الرجاء لزم الأمن لا في موضعه... ولو رجح الخوف لزم اليأس الموجب للهلاك..» مرآة المجلسي 32/8.
5- أي خف اللّه خوف من يشاهده بعينه وإن كان محالاً» مرآة المجلسي 33/8.
6- أي لا بحاسة البصر لأنه محال رؤيته باعتباره تعالى ليس جسماً متميزاً، ولا ببصيرتك لأنك لست من أهل المكاشفات والرياضيات النفسانية الّتي لا تتأتى إلّا بعد المجاهدة والتطهر عن دنس المادة وتعلقات النفس الشهوانية. فتذكر دائماً بأنه محيط بكل شيء عالم بكل شيء لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وأنه مطلع عليك في سرك وعلانيتك وإنه أقرب إليك من حبل الوريد.
7- لأنه إنكار لضروري من ضروريات الإسلام وهو أن اللّه غني ليس فيه جانب من جوانب النقص والفقر والحاجة.
8- أي أظهرت له المعصية وجاهرته بها.
9- أي المطلعين عليك. وفي بعض النسخ (إليك).

الجعفري، عن جميل بن درّاج عن أبي حمزة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من عرف اللّه خاف اللّه، ومن خاف اللّه سخت نفسه عن الدُّنيا (1).

5 - عنه، عن ابن أبي نجران، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : قومٌ يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو (2)، فلا يزالون كذلك حتّى يأتيهم الموت، فقال: هؤلاء قوم يترجحون (3) في الأماني، كذبوا، ليسوا براجين، إنَّ من رجا شيئاً طلبه ومن خاف من شيء هرب منه.

6 - ورواه عليّ بن محمّد رفعه قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ قوماً من مواليك يلمون بالمعاصي (4) ويقولون نرجو، فقال : كذبوا ليسوا لنا بموال (5)، أولئك قوم ترجّحت بهم الأمانيُّ، من رجا شيئاً عمل،له ومن خاف من شيء هرب منه.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن صالح بن حمزة رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنَّ من العبادة شدَّةَ الخوف من اللّه عزّ وجلّ يقول اللّه (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (6). وقال جل ثناؤه : (فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) (7) وقال تبارك وتعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) (8). قال : وقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إِنَّ حبّ الشرف والذكر (9) لا يكونان في قلب الخائف الراهب (10).

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الحسن بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن أبي سعيد المُكاري، عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما [قال : ] قال : إنَّ رجلاً ركب البحر بأهله (11) فكُسِرَ بهم (12)، فلم ينج ممّن كان

ص: 74


1- أي تركها وانصرف عن ملاذها وزخارفها المؤدية إلى غضب اللّه سبحانه بعد انغماسه فيها ونسيانه لربه.
2- أي نرجو مغفرة اللّه ورحمته.
3- أي أن أمانيهم الخادعة مالت بهم عن الصراط المستقيم الّذي هو صراط اللّه سبحانه.
4- أي يباشرونها، واللَّمَم : الذنوب الصغيرة.
5- أي بمحبين متابعين لأن المتابعة والمحبة لنا تستدعي الورع عن محارم اللّه صغيرها وكبيرها وليست مجرد. : القلقة لسان.
6- فاطر / 28، ودل الحديث على أن الخشية من اللّه هي شدة الخوف منه، وعلى أن الخشية في حد ذاتها عبادة.
7- المائدة / 44.
8- الطلاق / 2.
9- أي حب الظهور والاستعلاء على النّاس والسمعة بينهم.
10- وذلك لأن الخوف والرهبة من اللّه يشدانه إلى العمل للآخرة والرغبة فيها في حين أن حب الجاه والسمعة في شؤون أهل الدنيا المنجذبين إلى زخارفها وحطامها، ولذا فهما ضدان أو نقيضان لا يجتمعان في قلب رجل واحد.
11- أي مع زوجته.
12- أي تحطمت سفينتهم.

في السفينة إلّا امرأة الرّجل، فإنّها نجت على لوح من ألواح السفينة حتّى ألجأت على جزيرة من جزائر البحر، وكان في تلك الجزيرة رجل يقطع الطريق، ولم يدع اللّه حرمة إلّا انتهكها(1)، فلم يعلم إلّا والمرأة قأئمّة على رأسه فرفع رأسه إليها فقال : إنسيّة أم جنية؟ فقالت : إنسية، فلم يكلّمها كلمة حتّى جلس منها مجلس الرّجل من أهله (2)، فلما أن هم بها اضطربت، فقال لها : مالك تضطر بين ؟ فقالت : أفْرُقُ (3) من هذا - وأومأت بيدها إلى السماء - قال : فصنعت من هذا شيئاً؟ قالت : لا وعزّته، قال : فأنت تفرقين منه هذا الفرق ولم تصنعي من هذا شيئاً، وإنما استكرهك استكراهاً، فأنا واللّه أولى بهذا الفرق والخوف وأحقُّ منك، قال : فقام ولم يحدث (4) شيئاً، ورجع إلى أهله وليست له همّة إلّا التوبة والمراجعة، فبينا هو يمشي إذ صادفه راهب يمشي في الطريق، فحميت عليهما الشمس فقال الراهب للشاب : ادع اللّه يظلّنا بغمامة، فقد حميت علينا الشَّمس، فقال الشّابُ : ما أعلم أنَّ لي عند ربّي حسنة فأتجاسر على أن أسأله شيئاً، قال: فأدعو أنا وتؤمن أنت (5) قال نعم، فأقبل الراهب يدعو والشّاب يؤمن، فما كان بأسرع من أن أضلّتهما غمامة، فمشيا تحتها مليّاً (6) من النهار ثمّ تفرقت الجادة جادتين، فأخذ الشابّ في واحدة وأخذ الراهب في واحدة، فإذا السحابة مع الشاب، فقال الراهب: أنت خير مني، لك استجيب ولم يُستجب لي، فأخبرني ما قصتك؟ فأخبره بخبر المرأة فقال : غفر لك ما مضى حيث دخلك الخوف، فانظر كيف تكون فيما تستقبل (7).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن حمزة بن حمران، قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ ممّا حفظ من خطب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه قال : يا أيّها النّاس إنَّ لكم معالم (8) افانتهوا إلى معالمكم، وإنَّ لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، ألا إِنَّ المؤمن يعمل بين مخافتين : بين أجل قد مضى لا يدري ما اللّه صانع فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري ما اللّه قاض فيه فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه (9)، ومن دنياه لآخرته، وفي الشيبة

ص: 75


1- أي تناولها عن طريق الحرام.
2- أي حالة الجماع.
3- أي أخاف من اللّه - حيث أومات إلى السماء بيدها.
4- أي لم يباشر الزنا معها.
5- أي تقول امين ومعناها : اللّهمّ استجب.
6- مليا: أي فترة طويلة.
7- أي من أيام حياتك.
8- أي علامات تستدلون بها وتستهدون وهي معالم الدين وأحكام الشرع المقدس.
9- «يعني يجتهد في الطاعة والعبادة ويروّض نفسه بالأعمال الصالحة في أيام قلائل لراحة الأبد والنعيم المؤبد» الوافي ج 3 / 58.

قبل الكبر، وفي الحياة قبل الممات، فوالّذي نفس محمّد بيده ما بعد الدُّنيا من مستعتب (1) وما بعدها من دار إلّا الجنّة أو النار.

10 - عنه، عن أحمد عن ابن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) (2) قال : من علم أنَّ اللّه يراه ويسمع ما يقول، ويعلم ما يعمله من خير أو شرّ، فيحجزه (3) ذلك عن القبيح من الأعمال، فذلك الّذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى (4).

11 - عنه عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان عن ابن مسكان، عن الحسن بن أبي سارة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا يكون المؤمن مؤمناً حتّى يكون خائفاً راجياً، ولا يكون خائفاً راجباً حتّى يكون عاملاً لما يخاف ويرجو.

12 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن فضيل بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المؤمن بين مخافتين : ذنب قد مضى لا يدري ما صنع اللّه فيه، وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك (5)، فهو لا يصبح إلّا خائفاً ولا يصلحه إلّا الخوف (6).

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنه ليس من عبد مؤمن إلّا [و] في قلبه نوران : نور خيفة ونور رجاء، لو وُزِنَ هذا لم يزد على هذا، ولو وُزِنَ هذا لم يزد على هذا (7).

ص: 76


1- أي من رجوع عن المعصية وطلب الصفح لأن الآخرة دار جزاء ولا عمل.
2- الرحمن / 46 والمعنى : أن من خاف اليوم الّذي يقف فيه بين يدي ربه للحساب والجزاء، وهو يوم القيامة، وخوفه إنما يكون في الدنيا فيعمل فيها من أجل الخلاص من أهوال ذلك اليوم.
3- أي يحجره ويمنعه.
4- إشارة إلى قوله تعالى في سورة النازعات / 40 - 41 «وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنّة هي المأوى».
5- أي المعاصي الّتي توجب هلاكه في الآخرة بإلقائه في جهنم.
6- أي أن الخوف يكسر شهوة نفسه الأمارة بالسوء فيكون صمّام أمان له يردعه عن اقتراف المعصية، وفي ذلك صلاح له وإصلاح.
7- مر مضمون هذا الحديث في أول الباب تحت رقم (1) وقد علقنا عليه.

باب حُسن الظن باللّه عزّ وجلّ

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب (1)، عن داود بن كثير، عن أبي عبيدة الحذاء (2)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): قال اللّه تبارك وتعالى : (ولا يتكل العاملون (3) على أعمالهم الّتي يعملونها لثوابي، فإنّهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم - أعمّارهم - (4) في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي، والنعيم في جناتي، ورفيع الدرجات العلى في جواري، ولكن برحمتي فليثقوا، وفضلي فليرجوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإنَّ رحمتي عند ذلك تدركهم، ومني يبلغهم رضواني ومغفرتي تلبسهم عفوي، فإنّي أنا اللّه الرحمن الرحيم وبذلك تسميت.

2 - ابن محبوب عن جميل بن صالح عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : وجدنا في كتاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال - وهو على منبره - : «والّذي لا إله إلّا هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلّا الدنيا والآخرة إلّا بحسن ظنه باللّه ورجائه له، وحسن خُلقه، والكفّ عن اغتياب المؤمنين، والّذي لا إله إلّا هو لا يعذَّب اللّه مؤمناً بعد التوبة والاستغفار إلّا بسوء ظنه باللّه، وتقصيره من رجائه، وسوء خُلقه، واغتيابه للمؤمنين والّذي لا إله إلّا هو لا يحسن ظنّ عبد مؤمن باللّه(5) إلّا كان اللّه عند ظن عبده المؤمن (6)، لأنَّ اللّه كريم، بيده الخيرات، يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظنَّ ثمّ يُخلف ظنه ورجاءه، فأحسنوا باللّه الظنَّ وارغبوا إليه».

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أحسن الظن باللّه فإنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : أنا عند ظن عبدي المؤمن بي، إن إن خيراً فخيراً وإن شرّاً فشراً (7).

ص: 77


1- هو الحسن بن محبوب السرّاد ويقال (الزراد).
2- واسمه زياد بن عيسى.
3- «أي لا يعتمدوا عليها وإن أتوا بها حسنة تامة الأركان وذلك لأن المفسدات الخفية كثيرة جداً وقلما يخلو عمل عنها... الخ» الوافي ج 59/3. وقد مر هذا ضمن الحديث رقم (4) في باب الرضا بالقضاء والسند واحد.
4- في الحديث السابق (وأفنوا أعمّارهم).
5- أي ظنه بأنه يغفر له عند استغفاره.
6- إذا اطلع منه على صدقه في الاستغفار والإنابة وعدم العزم على العودة إلى الذنب.
7- وقال الخطابي : معناه : أنا عند ظن عبدي في حسن عمله وسوء عمله، لأن من حسن عمله حسن ظنه ومن ساء عمله ساء ظنّه مرآة المجلسي 45/8.

4 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمّد، عن المنقري (1). عن سفيان ابن عيينة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : حسن الظن باللّه أن لا ترجو إلّا اللّه، ولا تخاف إلّا ذنبك (2).

باب الاعتراف بالتقصير

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لبعض ولده : يا بنيَّ عليك بالجد، لا تخرجنَّ نفسك حد التقصير (3) في عبادة اللّه عزّ وجلّ وطاعته، فإنَّ اللّه لا يُعبد حق من عبادته.(4)

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن بعض العراقيين(5)، عن محمّد بن المثنى الحضرمي عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر قال: قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا جابر لا أخرجك اللّه من النقص و [لا] التقصير (6).

3 - عنه، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ رجلاً في بني إسرائيل عبد اللّه أربعين سنة ثمّ قرَّب قُربان (7) فلم يقبل منه، فقال لنفسه : ما أتيتُ (8) إلّا منك وما الذنب إلّا لك، قال : فأوحى اللّه تبارك وتعالى إليه : ذمّك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة.

4 - أبو علي الأشعري عن عيسى بن أيّوب عن عليّ بن مهزيار، عن الفضل ابن

ص: 78


1- واسمه سلیمان بن داود.
2- بدل هذا الحديث على أن الخوف لا يتنافى مع حسن الظن بل يمكن اجتماعهما بأن يخاف من عدم قبول عمله كما مر فلا يعتمد عليه ويرجو قبوله الحسن ظنه بكرم اللّه ورحمته.
3- أي ينبغي أن تعد نفسك مقصراً دائماً في عبادتك لربك وطاعتك له.
4- أي مهما اجتهد مخلوق في عبادة خالقه وطاعته له فإنه لا يفي بجزء ضئيل من حق شكره سبحانه.
5- أي عن بعض الرواة من أهل العراق، أو الكوفة بالتحديد.
6- أي وفقك اللّه لأن تعدّ عبادتك ناقصة ونفسك مقصرة أيضاً، مرآة المجلسي 46/8.
7- القربان ما يقدّم إلى اللّه تقرباً به إليه من النعم، وكانت علامة قبول اللّه له عند بني إسرائيل أن تنزل نار من السماء فتحرقه.
8- أي ما دخل علي البلاء إلّا من جهتك الوافي 60/3.

يونس، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : أَكْثر من أن تقول : اللّهمّ لا تجعلني من المعارين(1)، ولا تُخرجني من التقصير. قال : قلت : أما المعارون فقد عرفت أنَّ الرجل يعارِ الدِّين ثمّ يخرج منه، فما معنى لا تخرجني من التقصير ؟ فقال : كلّ عمل تريد به اللّه عزّ وجلّ فكن فيه مقصراً عند نفسك، فإنَّ النّاس كلّهم في أعمالهم فيما بينهم وبين اللّه مقصرون إلّا من عصمه اللّه عزّ وجلّ.

باب الطاعة والتقوى

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن أبي نصر، عن محمّد أخي عرام عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لا تذهب بكم المذاهب (2)، فواللّه ما شيعتنا إلّا من أطاع اللّه عزّ وجلّ.

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : خطب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في حجة الوداع فقال : «يا أيّها النّاس، واللّه ما من شيء يُقربكم من الجنّة ويُبَاعِدُكُمْ من النّار إلّا وقد أمرتكم به، وما من شيء يقربكم من النّار ويباعدكم من الجنّة إلّا وقد نهيتكم عنه، ألا وإنَّ الرُّوح الأمين (3) نفت (4) في روعي (5) أنّه لن تموت نفس حتّى تستكمل رزقها، فاتقوا اللّه وأجملوا (6) في الطلب، ولا يحمل أحدكم استبطاء شيء من الرزق أن يطلبه بغير حلّه (7)، فإنه لا يدرك ما عند اللّه إلّا بطاعته».

3 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن سالم ؛ وأحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، جميعاً عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : يا جابر

ص: 79


1- أي من الّذين جعل الإيمان عارية في قلوبهم بمعنى أنّه غير ثابت ولا مستقر فسرعان ما يزول.
2- «إسناد الإذهاب إلى المذاهب مجاز، والمعنى : لا تذهبوا المذاهب في طلب الرخص والمعاذير في تقصيركم في طاعة اللّه تعالى بسبب انتسابكم إلينا ولا تحسبوا أن مجرد القول بالتشيع كاف في النجاة... من دون مشايعة لنا في عبادة اللّه تعالى» الوافي ج 60/3.
3- يعني جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- أي ألقى أو أوحى.
5- أي نفسي.
6- أي اقتصدوا في الطلب وارفقوا بأنفسكم فيه.
7- أي بمعصية اللّه. أو من غير السبل وبغير الوسائل الّتي أحلها اللّه.

أيكتفي من ينتحل التشيع (1) أن يقول بحبنا أهل البيت فواللّه ما شيعتنا إلّا من اتقى اللّه وأطاعه وما كانوا يعرفون (2) يا جابر إلّا بالتواضع والتخشع، والأمانة وكثرة ذكر اللّه، والصوم والصلاة، والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة، والغارمين، والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن النّاس إلّا من خير؛ وكانوا أمناء عشائرهم(3) في الأشياء. قال :جابر : فقلت يا ابن رسول اللّه ما نعرف اليوم أحداً بهذه الصفة، فقال : يا جابر لا تذهبنَّ بك المذاهب حَسب الرجل أن يقول : أحبُّ عليّاً وأقولاه ثمّ لا يكون مع ذلك فعّالاً (4)؟ فلو قال: إنّي أُحبُّ رسول اللّه، فرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) خيرٌ من علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمّ لا يتبع سيرته ولا يعمل بسته ما نَفَعَهُ حبه إيَّاه شيئاً، فاتقوا اللّه واعملوا لما عند اللّه، ليس بين اللّه وبين أحد قرابة، أحبُّ العباد إلى اللّه عزّ وجلّ [وأكرمهم عليه] أتقاهم وأعملهم بطاعته، يا جابر : واللّه ما يتقرب إلى اللّه تبارك وتعالى إلّا بالطاعة، وما معنا براءة (5) من النّار، ولا على اللّه لأحدٍ من حجّة (6)، من كان للّه مطيعاً فهو لنا ولي، ومن كان اللّه عاصياً فهو لنا عدو وما تُنَالُ ولايتنا إلّا بالعمل والورع.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا كان يوم القيامة يقوم عُنق من النّاس (7) فيأتون باب الجنّة فيضربونه (8)، فيقال لهم : من أنتم؟ فيقولون : نحن أهل الصبر، فيقال لهم : على ما صبرتم ؟ فيقولون : كنا نصبر على طاعة اللّه ونصبر عن معاصي فيقول اللّه عزّ وجلّ : صَدَقوا أدْخِلُوهُمُ الجنّة، وهو قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (9).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن فضيل بن عثمان،

ص: 80


1- أي يدعيه وهو ليس من أهله.
2- أي شيعتنا.
3- أي ثقاتهم والمؤتمنون عندهم.
4- أي مطبقاً لما يستلزمه حب أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وموالاتهم من كثرة العبادة والطاعة والتحلي بمحامد الأخلاق وجميل الخصال والمكارم.
5- أي صك بالبراءة منها.
6- أي يحتج بها على اللّه لو كان أهلاً للعقاب فعاقبه بأنه من شيعة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) بلسانه ومن أعداء اللّه وأعدائهم بعمله، إذ اللّه الحجة البالغة ولا قبح في العقاب بعد البيان والإنذار.
7- أي جماعة منهم.
8- أي يطرقونه.
9- الزمر / 10.

عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول : لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يُتقبل (1).

6 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن بعض أصحابه، عن أبان، عن عمرو بن خالد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يا معشر الشيعة - شيعة آل محمّد -، كونوا النمرقة الوسطى (2) يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي. فقال له رجل من الأنصار يقال له سعد : جعلت فداك ما الغالي؟ قال: قوم يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، فليس أولئك منا ولسنا منهم. قال : فما التالي ؛ قال : المرتاد يريد الخير، يبلغه الخير يوجر عليه. ثمّ أقبل علينا فقال : واللّه ما معنا من اللّه براءة ولا بيننا وبين اللّه قرابة، ولا لنا على اللّه حجّة، ولا نتقرب إلى اللّه إلّا بالطاعة، فمن كان منكم مطيعاً اللّه تنفعه ولايتنا ومن كان منكم عاصياً اللّه لم تنفعه ولايتنا، وَيْحَكُمْ لا تغتروا، ويحكم لا تغتروا.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن مفضّل بن عمر قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فذكرنا الأعمال فقلت أنا : ما أضعف عملي، فقال (3) : مَه، استغفر اللّه، ثمّ قال لي إن قليل العمل مع التقوى خير من كثير العمل بلا تقوى. قلت كيف يكون كثير بلا تقوى؟ قال: نعم مثل الرّجل يطعم طعامه ويرفق جيرانه ويوطيء رحله (4)، فإذا ارتفع له الباب من الحرام دخل فيه، فهذا العمل بلا تقوى. ويكون الآخر ليس عنده (5) فإذا ارتفع له الباب من الحرام لم يدخل فيه (6).

8 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن أبي داود المستر، عن محسن الميثمي، عن يعقوب بن شعيب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما نقل اللّه عزّ وجلّ عبداً

ص: 81


1- أشار في آخر الحديث إلى قوله سبحانه (إنما يتقبل اللّه من المتقين) المائدة/ 27. الوافي 3 ص / 61.
2- «النمرقة - مثلثة - الوسادة الصغيرة وفي الكلام استعارة والمراد أنّه كما كانت الوسادة الّتي يتوسد عليها الرجل إذا كانت رفيعة جداً أو خفيضة جداً لا تصلح للتوسد بل لا بد لها من حد من الارتفاع والانخفاض حتّى تصلح لذلك كذلك أنتم في دينكم وأئمتكم لا تكونوا غالين تجاوزون بهم عن مرتبتهم الّتي أقامهم اللّه عليها وجعلهم أهلاً لها وهي الإمامة والوصاية النازلتان عن الإلوهية والنبوَّة... ولا تكونوا أيضاً مقصرين فيهم تنزلونهم عن مرتبتهم وتجعلونهم كسائر النّاس.... بل كونوا كالنمرقة الوسطى... الخ» ن. م ص 60.
3- ولعل ردعه (عَلَيهِ السَّلَامُ) المفضّل عن استقلال العمل وأمره بالاستغفار منه كان لاستشمامه منه رائحة الاتكال على العمل مع أن العمل هين جداً في جنب التقوى لاشتراط قبوله بها ولهذا نبهه على ذلك الوافي ج 3 ص / 61.
4- «توطية الرحل كناية عن التواضع والتذلل يقال فرش وطيء لا يؤذي جنب النائم، يعني رحله ممهد يتمكن منه من يصاحبه ولا يتأذى أو كناية عن الكرم والضيافة» ن. م.
5- أي لا يوجد عنده عمل كثير بل عمل قليل ولكن مع التقوى.
6- إذ إن التقوى تحجزه عن الدخول في الحرام.

من ذلّ المعاصي إلى عزّ التقوى، إلّا أغناه من غير مال وأعزّه من غير عشيرة، وآنسه من غير بَشَر.

باب الورع

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن زيد الشحام، عن عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : إني لا ألقاك إلّا في السنين، فأخبرتي بشيء آخذ به، فقال: أوصيك بتقوى اللّه والورع والاجتهاد (1) واعلم أنّه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن حديد بن حكيم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : اتقوا اللّه وصونوا دينكم بالورع

3 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن يزيد بن خليفة قال : وعظنا أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأمر وزهد، ثمّ قال : عليكم بالورع، فإنّه لا ينال ما عند اللّه إلّا بالورع.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه.

5 - عنه، عن أبيه عن فضالة بن أيّوب، عن الحسن بن زياد الصيقل، عن فضيل ابن يسار قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ أشدَّ العبادة الورع (2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن حنان بن سدير قال قال أبو الصباح الكناني لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما نلقى من النّاس فيك (3)؟! فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وما الّذي تلقى من النّاس في ؟ فقال : لا يزال يكون بيننا وبين

ص: 82


1- أي بذل الوسع في طاعة اللّه واجتناب محارمه والفرق بين التقوى والورع على ما قيل : إن التقوى إنما تكون بترك المحرمات والورع إنما يكون بالابتعاد عن الشبهات أيضاً.
2- وذلك لأن الورع كما تقدم هو ترك الشبهات إضافة إلى ترك المحرمات الّذي تحققه التقوى وهذا الترك أصعب من فعل الطاعة.
3- أي من الأذى بسبب انتسابنا إليك، ولا يخفى ما في توجيه مثل هذا الكلام الجلفي إلى المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من سوء أدب وجفاء.

الرَّجل الكلام فيقول : جعفري خبيث، فقال : يعيّركم النّاس بي ؟ فقال له أبو الصباح : نعم. قال : فقال : ما أقل واللّه من يتَّبع جعفراً منكم، إنما أصحابي من اشتدَّ ورعه، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، فهؤلاء أصحابي (1).

7 - حنان بن سدير، عن أبي سارة الغزال عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه عزّ وجلّ : ابن آدم اجتنب ما حرمت عليك، تكن من أورع النّاس(2).

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان المنقري، عن حفص بن غياث قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الورع من النّاس، فقال الّذي يتورع عن محارم اللّه عزّ وجلّ.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن النعمان عن أبي أسامة قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : عليك بتقوى اللّه والورع والاجتهاد وصدق الحديث، وأداء الأمانة وحسن الخلق، وحسن الجوار، وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير السنتكم، وكونوا زيناً ولا تكونوا شيئاً(3)، وعليكم بطول الركوع والسجود، فإنَّ أحدكم إذا أطال الركوع والسجود هتف إبليس من خلفه وقال : يا ويله أطاع وعصيت وسجد وأبيتُ.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن أبي زيد، عن أبيه قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدخل عيسى بن عبد اللّه القمي فرحب به وقرب من مجلسه، ثمّ قال : يا عيسى بن عبد اللّه ليس منا - ولا كرامة (4) - من كان في مصر (5) فيه مائة ألف أو يزيدون (6) وكان في ذلك المصر أحدٌ أورع منه.

11 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال عن عليّ بن عقبة، عن أبي کهمس (7)، عن عمرو بن سعيد بن هلال قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أوصني، قال أوصيك

ص: 83


1- مع ملاحظة قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما أقل واللّه من يتبع جعفراً منكم، يمكن أن يكون ما ذكره (عَلَيهِ السَّلَامُ) إيماء إلى أن ما تسمعون من المخالفين إنما هو لعدم الطاعة إما بترك الطاعات والأعمال الرضية أو بترك ما أمرتكم به من التقية مرآة المجلسي 60/8.
2- كأنه تعريض بأصحاب البدع الّذين يحرمون ما أحل اللّه على أنفسهم ويسمونه ورعاً أو تنبيه على أن الورع إنما هو بترك المعاصي لا بالمبالغة في الطاعات والإكثار منها، ن. م ص / 61.
3- أي عاراً.
4- أي ليس له كرامة عند اللّه سبحانه أو عند المعصومين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- أي قطر أو بلد.
6- أي من المخالفين.
7- هو كنية هيثم بن عبد اللّه والقاسم بن عبيد وهيثم بن عبيد الشيباني.

بتقوى اللّه والورع والاجتهاد واعلم أنّه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه.

12 - عنه عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أعينونا بالورع، فإنه من لقي اللّه عزّ وجلّ منكم بالورع كان له عند اللّه فرجاً، وإنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) (1) فمنا (2) النبي ومنا الصديق والشهداء والصالحون.

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنا لا نعدُّ الرَّجل مؤمناً حتّى يكون بجميع أمرنا متبعاً مريداً، ألا وإنَّ من اتباع أمرنا وإرادته الورع، فتزينوا به، يرحمكم اللّه وكبدوا (3) أعدائنا [به] ينعشكم اللّه (4).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال، عن العلاء، عن ابن أبي يعفور قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كونوا دعاة للنّاس بغير ألسنتكم ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلاة والخير، فإن ذلك داعية (5).

15 - الحسين بن محمّد عن عليّ بن محمّد بن سعيد عن محمّد بن مسلم، عن محمّد بن حمزة العلوي قال : أخبرني عبيد اللّه بن عليّ عن أبي الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال : كثيراً ما كنت أسمع أبي يقول: ليس من شيعتنا من لا تتحدث المخدرات (6) بورعه في خدورهنَّ، وليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة آلاف رجل(7) فيهم [من] خلق [ا] اللّه أورع من منه.

باب العفة

باب العفة (8)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة عن أبي

ص: 84


1- النساء/ 69.
2- «أي من بني هاشم، وكأن المراد بالصديق أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبالشهداء الحسنان (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبالصالحين باقي الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو المراد بالشهداء جميع الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبالصالحين شيعتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ)». مرآة المجلسي 64/8.
3- أي أوقعوهم في الشدة والمشقة من الكبد. وفي بعض النسخ (كيدوا) أي حاربوا.
4- أي يرفع منازلكم في الدنيا والآخرة.
5- أي يكون عملكم الحسن داعياً للمخالفين للدخول فيما أنتم فيه من ولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
6- المستورات المحجبات في بيوتهن.
7- أي من المخالفين.
8- والعفة في الأصل: الكف، قال في القاموس : عف عفاً وعفافة بفتحهن وعفة بالكسر فهو عف وعفيف : كف عما لا يحلّ ولا يجمل... وقال الراغب العفة، حصول حالة للنفس تمنع بها من غلبة الشهوة والمتعفف المتعاطي لذلك بضرب من الممارسة والقهر...» مرآة المجلسي 66/8.

جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما عُبد اللّه بشيء أفضل من عفّة بطنٍ وفَرْج.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ أفضل العبادة عفّة البطن والفرج.

3 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول : أفضل العبادة العفاف.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن معلّى أبي عثمان عن أبي بصير قال : قال رجل لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّي ضعيف العمل قليل الصيام، ولكني أرجو أن لا أكل إلّا حلالاً، قال : فقال له : أيُّ الاجتهاد أفضل من عفّة بطن وفرج.

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «أكثر ما تلج (1) به أمتي النّار الأجوفان : البطن والفرج».

6 - وبإسناده قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ثلاث أخافهنَّ على أمتي من بعدي : الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن (2)، وشهوة البطن والفرج».

7- أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن بعض أصحابه، عن ميمون القداح قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما من عبادة أفضل من عفة بطن وفرج.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من عبادة أفضل عند اللّه من عفّة بطن وفرج.

باب اجتناب المحارم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن

ص: 85


1- أي تدخل.
2- أي الابتلاءات الّتي تؤدي للهرج والمرج والضلال.

داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال : من علم أنَّ اللّه عزّ وجلّ يراه ويسمع ما يقوله ويفعله من خير أو شر، فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال، فذلك الّذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى (1).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كلّ عين باكية يوم القيامة غير ثلاث : عين سهرت في سبيل اللّه (2)، وعين فاضت (3) من خشية اللّه وعين غُضّت (4) عن محارم اللّه.

3 - علي، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : فيما ناجى اللّه عزّ وجلّ به موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) يا موسى ما تقرَّب إليَّ المتقربون بمثل الورع عن محارمي، فإنّي أبيحهم جنات عدن لا أشرك معهم أحداً.

4 - عليّ [بن إبراهيم]، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أشد ما فرض اللّه على خلقه ذكر اللّه كثيراً. ثمّ قال : لا أعني اللّه اللّه سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر وإن كان منه، ولكن ذكر اللّه عندما أحلّ وحرم فإن كلّ طاعة عمل بها وإن كان معصية تركها (5).

5 - ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) (6). قال : أما واللّه إن كانت أعمالهم أشد بياضاً من القباطي (7)، ولكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه.

6 - علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من ترك معصية اللّه (8) مخافة اللّه تبارك وتعالى، أرضاه اللّه يوم القيامة».

ص: 86


1- مر مضمون هذا الحديث مع تغيير طفيف في بعض ألفاظه في باب الخوف والرجاء ورقمه (10) والسند واحد وعلقنا عليه فراجع.
2- أي في الجهاد والمرابطة في الثغور أو مطلقاً.
3- كناية عن بكائها من خوف اللّه سبحانه.
4- أي كسرها صاحبها عن النظر إلى ما حرم اللّه عليه.
5- هذا يدل على أن الطاعة العملية اللّه بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه هو الطاعة حقيقة لا مجرد لقلقة اللسان بالقول.
6- الفرقان / 23. وقَدِمنا : قصدنا. والمقصود ب- (من عمل) أي من عمل حسن عليه الثواب.
7- ثياب رقيقة بيضاء تصنع من قبل أقباط مصر.
8- ترك معصية اللّه، إما بفعل طاعته أو بترك ما نهي عنه.

باب أداء الفرائض

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما : من عمل بما افترض اللّه عليه فهو من خير النّاس (1)

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار عن عبد اللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (اصْبروا وصابروا ورابطوا) (2). قال اصبروا على الفرائض.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد بن عيسى، عن أبي السفاتج (3)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: اصبروا وصابروا ورابطوا. قال : اصبروا على الفرائض وصابروا على المصائب، ورابطوا على الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

وفي رواية ابن محبوب، عن أبي السفاتج [ وزاد فيه]: فاتقوا اللّه ربكم فيما افترض عليكم.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إعمل بفرائض اللّه تكن أتقى النّاس» (5).

5 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه تبارك وتعالى : (ما تحبب (6) إليَّ عبدي بأحبَّ ممّا افترضت عليه).

ص: 87


1- الخيرية نسبية هنا، فهو من خير النّاس الّذين قد يتركون بعض الفرائض، مع أن الّذي يأتي بجميع ما افترض اللّه عليه مع إتيانه بالمستحات أيضاً أو بعضها فهو خير منه.
2- آل عمران/ 200. والمصابرة : مطاولة المرء غيره بالصبر والمقصود بالغير هنا الكفار والمرابطة هنا الجهاد. والحديث التالي مفسر لهذا الحديث.
3- واسمه إبراهيم بن عبد اللّه. ويطلق على إسحاق بن عبد اللّه، وعلى إسحاق بن عبد العزيز أيضاً.
4- أي احبسوا أنفسكم على ولايتهم والانقياد لهم وانتظار قائمهم.
5- كون إنسان اتلقى من إنسان أمر نسبي، والكلام فيه هنا نفس الكلام حول الحديث رقم (1) من هذا الباب.
6- التحبب استجلاب المحبة.

باب استواء العمل والمداومة عليه

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا كان الرّجل على عمل فليدم عليه سنة، ثمّ يتحوّل عنه إن شاء إلى غيره (1)، وذلك أنَّ ليلة القدر يكون فيها في عامه ذلك، ما شاء اللّه أن يكون.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أحبُّ الأعمال إلى اللّه عزّ وجلّ مادا [و] م عليه العبد وإن قل

3 - أبو علي الأشعري عن عيسى بن أيّوب، عن عليّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار، عن نَجَبَة (2)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من شيء أحبُّ إلى اللّه عزّ وجلّ من عمل يداوم عليه وإن قل.

4 - عنه، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما يقول : إنّي لأحبُّ أن أداوم على العمل وإن قل.

5 - عنه عن فضالة بن أيّوب عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما يقول : إنّي لأحبُّ أن أقدم على ربّي وعملي مستو (3).

6 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن جعفر بن بشير، عن عبد الكريم بن عمرو عن سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إياك أن تفرض على نفسك (4) فريضة فتفارقها اثني عشر هلالاً (5).

ص: 88


1- أي «إلى غيره من الطاعات... والحاصل أنّه إذا داوم سنة يصادف ليلة القدر الّتي يكون فيها ما شاء اللّه كونه من البركات والخيرات والمضاعفات فيصير له هذا العمل مضاعفاً مقبولاً... الخ» مرآة المجلسي 80/8 - 81.
2- لعله نجبة بن الحارث العطار. وقد يكون (نجية) كما في بعض نسخ المرآة وهو موافق لما في التهذيب / 4، باب وجوه الصيام الحديث (910) والاستبصارج 2 باب صوم يوم عاشوراء الحديث (441). فراجع معجم الرجال للإمام الخوئي 125/19 - 126.
3- أي على نسق واحد بين الإفراط والتفريط.
4- أي تحملها على عمل طاعة من الطاعات، وليس الفرض هنا بمعنى الإيجاب بنذر ونحوه لأنه تابع لقصد الناذر سنة أو أكثر أو أقل.
5- أي شهراً.

باب العبادة

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عمر بن يزي يزيد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : في التوراة مكتوب : يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، ولا أكلكَ إلى طَلَبك، وعلي أن أسدَّ فاقتك (1)، وأملأ قلبك خوفاً مني ؛ وإن لا تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك شغلاً بالدُّنيا ثمّ لا أسد فاقتك وأكِلْك إلى طلبك.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن أبي جميلة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال اللّه تبارك وتعالى : (يا عبادي الصديقين تنعموا بعبادتي في الدُّنيا فإنكم تتنعمون بها في الآخرة).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أفضل النّاس من عشق العبادة(2)، فعانقها وأحبها بقلبه، وباشرها بجسده، وتفرغ لها، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدّنيا، على عسر أم على يسر».

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن شاذان بن الخليل قال - وكتبت من كتابه بإسناد له يرفعه إلى عيسى بن عبد اللّه قال : - قال عيسى بن عبد اللّه لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك ما العبادة؟ قال : حسن النية بالطاعة من الوجوه الّتي يطاع اللّه منها، أما إنك يا عيسى لا تكون مؤمناً حتّى تعرف النّاسخ من المنسوخ، قال : قلت جعلت فداك وما معرفة النّاسخ من المنسوخ ؟ قال: فقال : أليس تكون مع الإمام موطناً نفسك على حسن النية في طاعته، فيمضي ذلك الإمام ويأتي إمام آخر فتوطن نفسك على حسن النية في طاعته؟ قال: قلت نعم قال هذا معرفة النّاسخ من المنسوخ (3).

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل، عن هارون بن خارجة،

ص: 89


1- أي فقرك وحاجتك.
2- أي تولّه قلبه بها وأفرط في حيها.
3- هذا المعنى للناسخ والمنسوخ موافق ومؤيد لما ورد في الأخبار في تفسير قوله تعالى : (ما ننسخ من آية أو ننسها تأتِ بخير منها) البقرة / 106 إن المراد به ذهاب إمام ونصب إمام بعده فهو خير منه أو مثله.... مرآة المجلسي 8 / 85.

عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : [إِنّ] العباد ثلاثة (1): قوم عبدوا اللّه عزّ وجلّ خوفاً فتلك عبادة العبيد، وقوم عبدوا اللّه تبارك وتعالى في طلب الثواب، فتلك عبادة الاجراء، وقوم عبدوا اللّه عزّ وجلّ حبّاً له، فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة (2).

6 - علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما أقبح الفقر بعد الغنى (3)، وأقبح الخطيئة بعد المسكنة (4)، وأقبح من ذلك العابد للّه ثمّ يدع عبادته».

7 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد عن الوشّاء، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من عمل بما افترض اللّه عليه فهو من أعبد النّاس.

باب النية

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب. عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما قال : لا عمل إلّا بنيّة (5).

2 - عليَّ، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «نيّة المؤمن خيرٌ من عمله، ونيّة الكافر شرٌّ من عمله ؛ وكلّ عامل يعمل على نيّته» (6).

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ العبد المؤمن الفقير ليقول : يا ربّ ارزقني حتّى أفعل

ص: 90


1- أي ثلاثة أصناف. وفي بعض النسخ (العبادة ثلاث) أي ثلاث مراتب.
2- فيه إشارة إلى أن في كلّ من القسمين الأولين للعبادة أيضاً فضلاً.
3- أي في نظر النّاس.
4- الظاهر أن المراد به بيان قبح ارتكاب الخطايا بعد حصول الفقر والمسكنة لضعف الدواعي وقلة الآلات والأدوات، وإن احتمل أن يكون الغرض بيان قبح الذنوب بعد كونه مبتلى بالفقر والمسكنة فأغناه اللّه فارتكب بعد ذلك الخطايا لتضمنه كفران النعمة ونسيان الحالة السابقة مرآة المجلسي 87/8.
5- أي لا أعمال صحيحة كما فهمه الأكثر إلّا بنية وخُصَّ بالعبادات، ن. م ص / 88.
6- ذكر صاحب الوافي ج 71/3 - 72 وجوهاً أربعة لهذا الحديث وقد وجهه هو (رضیَ اللّهُ عنهُ) فقال : والثالث: ما خطر ببالي وهو أن المؤمن ينوي أن يوقع عباداته على أحسن الوجوه لأن إيمانه يقتضي ذلك ثمّ إذا كان يشتغل بها لا يتيسر له ذلك ولا يتأتى كما يريد فلا يأتي بها كما ينبغي فما الّذي ينوي دائماً خير من الّذي يعمل في كلّ عبادة». ويقابل هذا طبعاً نية الكافر، وذلك لأن الكافر ينوي الشر ويأمل من الشر ما لا يدركه.

كذا وكذا من البر ووجوه الخير، فإذا علم اللّه عزّ وجلّ ذلك منه بصدق نية، كتب اللّه له الأجر (1) مثل ما يكتب له من لو عمله، إنَّ اللّه واسع كريم.

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن إسحاق بن الحسين، عن عمرو (2) عن حسن بن أبان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن حدّ العبادة الّتي إذا فعلها فاعلها كان مؤدّياً ؟ فقال : حسن النية بالطاعة (3).

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن أحمد بن يونس، عن أبي هشام قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما خُلّد أهل النّار في النار، لأنّ نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها (4) أن يعصوا اللّه أبداً، وإنما خلّد أهل الجنّة في الجنّة، لأنّ نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا اللّه أبداً، فبالنيات خلّد هؤلاء وهؤلاء، ثمّ تلا قوله تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) (5) قال : على نيته.

باب (بدون العنوان)

باب (6)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن الأحول (7)، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ألا إنّ لكلّ عبادة شرّة (8) ثمّ تصير إلى فترة (9) فمن صارت شرّة عبادته إلى سنتي فقد اهتدي، ومن خالف سنّتي فقد ضلَّ وكان عمله في تباب (10). أما إنّي أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأضحك وأبكي، فمن رغب عن منهاجي وسنّتي فليس مني». قال (11) : «كفى بالموت موعظة، وكفى

ص: 91


1- أي على نيته الخيرة تلك.
2- في الوافي : عن محمّد بن إسحاق، عن الحسين بن عمرو.
3- يعني أن يكون له في طاعة من يعبده نية حسنة فإن تيسر له الإتيان بما وافق نيته وإلا فقد أدى ما عليه من العبادة بحسن نيته الوافي ج 72/3.
4- أي في الدنيا.
5- الإسراء / 84.
6- «إنما لم يُعنون الباب لأنه يمكن إدخاله في عنوان الباب الآتي، ولعله لو ذكر بعده كان أولى وأما مناسبته للباب السابق كما توهم فهي ضعيفة» مرآة المجلسي 106/8.
7- تقدم التنبيه على أنّه محمّد بن عليّ بن النعمان وهو مؤمن الطاق.
8- أي شدة ونشاط.
9- أي إلى سكون وتراخ عن العبادة.
10- أي خسران وفي بعض النسخ (تبار). والمعنى واحد. وقد مر صدر هذا الحديث في باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب من المجلد الأوّل تحت رقم (10) وعلقنا عليه فراجع.
11- أي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).

باليقين غنىً، وكفى بالعبادة شغلا) (1).

2 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحجّال عن ثعلبة، قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لكلّ أحد شرة ولكلّ شرة فترة، فطوبى لمن كانت فترته إلى خير.

باب الاقتصاد في العبادة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنّ هذا الدين متين (2) فأوغلوا (3) فيه برفق (4)، ولا تكرهوا عبادة اللّه إلى عباد اللّه، فتكونوا كالراكب المنبت (5) الّذي لا سفراً قطع ولا ظهراً أبقى» (6).

محمّد بن سنان، عن مقرن، عن محمّد بن سوقة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة (7).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّ اللّه عزّ وجلّ إذا أحب عبداً فعمل [ عملاً] قليلاً جزاه بالقليل الكثير، ولم يتعاظمه (8) أن يجزي بالقليل الكثير له.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم،

ص: 92


1- «الظاهر أن هذه الفقرات الأخيرة مواعظ أخر لا ارتباط لها بما تقدمها مرآة المجلسي 108/8.
2- أي قوي شديد.
3- الإيغال : السير الشديد.
4- أي بلين ولطف.
5- أي المنقطع.
6- بريد أن الّذي يحمل نفسه سيراً في السفر فوق طاقتها وطاقة راحلته فإنه ينقطع في الطريق بسبب عجز دابته عن مواصلة السير فلا يكون قد بلغ مقصده ولا أبقى على راحلته.
7- وذلك بتحميلها أكثر ممّا تطيق. كما مر في حديث الرجل الّذي هدى النصراني فحمله أكثر من طوقه فكرهه بالإسلام وأرجعه إلى الكفر وقد مر في باب درجات الإيمان تحت رقم (2).
8- أي لم يكثر عليه.

عن منصور، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مرَّ بي أبي وأنا بالطواف وأنا حدث (1) وقد اجتهدت في العبادة، فرآني وأنا أتصابُّ عرقاً، فقال لي: يا جعفر يا بنيَّ إنَّ اللّه إذا أحبّ عبداً أدخله الجنّة ورضي عنه باليسير (2).

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري وغيره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: اجتهدت في العبادة وأنا شاب فقال لي أبي : يا بنيَّ دونَ(3) ما أراك تصنع، فإنَّ اللّه عزّ وجلّ إذا أحبّ عبداً رضي عنه باليسير.

6 - حميد بن زياد عن الخشاب، عن ابن بقاح (4)، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يا علي إنَّ هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربّك، [ف-] إنَّ المنبت - يعني المفرِط - لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرم (5)، واحذر حذر من يتخوف أن يموت غداً».

باب مَن بَلَغَهُ ثواب من اللّه على عمل

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من سمع شيئاً من الثواب على شيء فصنعه كان له (6)، وإن لم يكن على ما بلغه (7).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن سنان، عن عمران الزعفراني، عن محمّد بن مروان قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من بلغه ثواب من اللّه على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب، أوتيه (8)، وإن لم يكن الحديث كما بلغه (9).

ص: 93


1- أي شاب يافع.
2- أي بالقليل من العمل أو بالميسور منها، طبعاً بشرط التقوى والورع كما مر.
3- أي اصنع دون ما أراك تصنع.
4- واسمه الحسن بن عليّ.
5- أي تأن وارفق ولا تستعجل، فإن من يرجو البقاء طويلاً لا يسارع في الفعل كثيراً. أو أن من يرجو ذلك لا يتعب نفسه بل يداري بدنه ولا ينهكه بكثرة الصيام والسهر وأمثالهما مرآة المجلسي 111/8.
6- أي كان ذلك الثواب له.
7- أي وإن لم يكن ما بلغه من الثواب على ذلك العمل صحيحاً ثابتاً في الواقع.
8- أي أعطي ذلك الثواب.
9- وذلك لأن الأعمال الجسمانية لا قدر لها عند اللّه إلّا بالنيات القلبية، ومن يعمل بما سمع أنّه عبادة فإنما يعمل به طاعة اللّه وانقياداً لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فيكون عمله مشتملا على نية التقرب وهيئة التسليم وإن كان نسبته إلى الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) خطأ وذلك لأن هذا الخطأ لم يصدر منه باجتهاده وإنما صدر عن غيره... الخ» الوافي ج 72/3.

باب الصَّبر

باب الصَّبر (1)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب. عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الصبر رأس الإيمان (2).

2 - أبو عليّ الأشعري عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن فضيل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد القاساني، جميعاً، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا حفص إنَّ من صبر صبر قليلاً وإنَّ من جزع جزع قليلا (3)، ثمّ قال : عليك بالصبر في جميع أمورك، فإنَّ اللّه عزّ وجلّ بعث محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأمره بالصبر والرفق، فقال: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا * وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ) (4). وقال تبارك وتعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [السيئة] فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (5). فصبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حتّى نالوه بالعظائم (6) ورموه بها، فضاق صدره فأنزل اللّه عزّ وجلّ : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (7). ثمّ كذَّبوه ورموه، فحزن لذلك، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا) (8).

ص: 94


1- قال المحقق الطوسي (قدّس سِرُّه): الصبر : حبس النفس عن الجزع عند المكروه وهو يمنع الباطن عن الاضطراب واللسان عن الشكاية والأعضاء عن الحركات غير المعتادة مرآة المجلسي 121/8.
2- كأنه جعل الإيمان جسداً وجعل الصبر رأسه، فهو تشبيه للمعقول بالمحسوس.
3- أي صبر وجزع صبراً وجزعاً قليلاً. أو صبر وجزع زمناً قليلاً، وهو زمن وقوع المصيبة، أو مدة العمر، وهي قليلة بالنسبة إلى عمر الدنيا، أو الدنيا والآخرة.
4- المزمل / 10 - 11.
5- فصلت/ 35.
6- كانهامه بالسحر والجنون والافتراء على اللّه وأنواع الأذية الّتي مارسوها معه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
7- الحجر / 97 – 98.
8- الأنعام / 33 - 34.

فألزم النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نفسه الصبر، فتعدوا فذكروا اللّه (1) تبارك وتعالى وكذبوه، فقال: قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهي، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ) (2). فصبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في جميع أحواله، ثمّ بُشر في عترته بالأئمّة ووُصفوا بالصبر، فقال جلَّ ثناؤه : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) (3). فعند ذلك قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد فشكر اللّه عزّ وجلّ ذلك له»، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ (4) فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنّه بشرى وانتقام، فأباح اللّه عزّ وجلّ له قتال المشركين»، فأنزل [اللّه]: ([ف- ] اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) (5). (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) (6). فقتلهم اللّه على يدي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأحبائه، وجعل له ثواب صبره مع ما أدَّخر له في الآخرة، فمن صبر واحتسب (7) لم يخرج من الدُّنيا حتّى يقر [ اللّه ] له عينه (8) في أعدائه، مع ما يدَّخر له في الآخرة.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن أبي محمّد عبد اللّه السراج، رفعه إلى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ؛ ولا إيمان لمن لا صبر له.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد اللّه، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.

ص: 95


1- أي قالوا عليه سبحانه ما لم ينزل به سلطاناً، أو نسبوا إليه ما لا يليق بساحته سبحانه.
2- ق / 38 - 39. واللغوب: النصب والإعياء.
3- السجدة / 24.
4- الأعراف / 137. و (مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ) أي من العمّارات والأبنية والقصور (وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) من الأشجار والأعناب والثمار وقيل : يعرشون : يبنون لأن عنبهم كان غير معروش.
5- التوبة 5. ومعنى احصروهم امنعوهم من دخول مكة والتصرف في بلاد المسلمين. و (كلّ مرصد) : كلّ طريق ومرقب.
6- البقرة/ 191. (ثقفتموهم) : الثقافة بالأمر في الأصل : الحذق فيه والبَصَر وجودة الحذر. وهو هنا بمعنى : في أي مكان تمكنتم منهم.
7- أي جعل صبره اللّه ليحتسبه له من جملة الصالحات في صحيفة أعماله يوم القيامة.
8- أي يسره بما يريه في أعدائه من خذلان في الدنيا.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد محمّد بن خالد عن أبيه، عن عليّ بن النعمان، عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إِنَّ الحَرَّ حرّ على جميع أحواله، إن نابته نائبة (1) صبر لها وإن تداكت (2) عليه المصائب لم تكسره، وإن أسر وقهر واستبدل باليسر عسراً، كما كان يوسف الصديق الأمين صلوات اللّه عليه لم يضرر حرّيته أن استعبد وقهر وأسر، ولم تضرره ظلمة الجبّ (3) ووحشته، وما ناله أن من اللّه عليه فجعل الجبّار العاتي له عبداً (4) بعد إذ كان [له] مالكاً فأرسله ورحم به أمة، وكذلك الصبر يعقب خيراً، فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر توجروا.

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن بكير، عن حمزة بن حمران، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الجنّة محفوفة بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدُّنيا دخل الجنّة وجهنّم محفوفة باللذات والشهوات فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار.

8 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن مرحوم، عن أبي سيّار (5)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا دخل المؤمن في قبره، كانت الصلاة عن يمينه، والزكاة عن يساره والبر مظلّ عليه (6) ويتنحى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصّلاة والزّكاة والبرّ : دونكم (7) صاحبكم، فإن عجزتم عنه فأنا دونه.

9 - علي، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد اللّه بن ميمون، عن أبي عبد اللّه قال: دخل أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه المسجد، فإذا هو برجل على باب المسجد كثيب حزين، فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : مالكَ؟ قال : يا أمير المؤمنين أصبتُ بأبي [ وأمّي] وأخي (8) وأخشى أن أكون قد وجلت(9)، فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): عليك بتقوى اللّه

ص: 96


1- أي نزلت به بلية أو مصيبة.
2- أي اجتمعت وتداقت.
3- أي البئر.
4- أي مطيعاً منقاداً لرأيه وحكمه.
5- واسمه مسمع بن عبد الملك، كردين.
6- في بعض النسخ (مطل عليه أي مشرف وهو أنسب لمكان التعدية ب- (على).
7- اسم فعل بمعنى (خذوا)، ويمكن أن يستفاد من هذا الحديث تجسّم الأعمال في عالم البرزخ أو في الآخرة.
8- أصابته بهم كتابة عن مونهم.
9- قال في الوافي ج 66/3: لعل المراد بخشية الوجل خوفه من أن يكون قد انشقت مرارته من شدة ما أصابه من الألم، وقال المجلسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) في مرآته 134/8 : وكأن المعنى : أخشى أن يكون حزني بلغ حداً مذموماً شرعاً فعبّر عنه بالوجل». أقول: وهذا أنسب بجواب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).

والصبر تُقدِمُ عليه غداً (1) ؛ والصبر في الأمور بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد، وإذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن سماعة بن مهران عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : ما حبسك عن الحجّ؟ قال: قلت: جُعِلتُ فداك، وقع عليَّ دَين كثير وذهب مالي، ودَيني الّذي قد لزمني هو أعظم من ذهاب مالي، فلولا أنَّ رجلاً رجلا من أصحابنا أخرجني (2) ما قدرت أن أخرج، فقال لي : إن تصبر تُغتبط (3)، وإلا تصبر يُنفذ اللّه مقاديره، راضياً كنت أم كارهاً.

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن الأصبغ قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : الصبر صبران : صبر عند المصيبة، حسن جميل، وأحسن من ذلك الصبر عندما حرم اللّه عزّ وجلّ عليك ؛ والذكر ذكران : ذكر اللّه عزّ وجلّ عند المصيبة وأفضل من ذلك ذكر اللّه عندما حرم عليك، فيكون حاجزاً (4).

12 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي عن العباس بن عامر، عن - العرزمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «سيأتي على النّاس زمان لا يُنَالُ المُلْكُ فيه إلّا بالقتل والتجبّر، ولا الغنى إلّا بالغصب والبخل، ولا المحبة (5) إلّا باستخراج الدين (6) واتباع الهوى ؛ فمن أدرك ذلك الزَّمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى(7)، وصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة (8)، وصبر على الذلّ وهو يقدر على العز (9) آتاه اللّه ثواب خمسين صديقاً ممّن صدق بي».

13 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن إسماعيل بن مهران، عن

ص: 97


1- أي تقدم على ثوابه وجزائه يوم القيامة. أو عند اللّه.
2- أي إلى الحجّ على نفقته.
3- أي تَسَرّ، أما في الدنيا بتبديل اللّه العسر باليسر، وأما في الآخرة فيما تجده من جزيل الأجر والثواب.
4- أي حاجزاً ومانعاً عن الدخول في الحرام.
5- أي كسب محبة النّاس واستجلابها.
6- أي التخلّي عن التمسك بأهداب الدين وآدابه وهذا قد يكون من قبل الراغب في محبة النّاس له، أو من قبل الناس لكي يمنحوه حبهم.
7- أي من غير جلّه.
8- أي ولكن باستخراج الدين من قلبه.
9- أي ولكن بالتجبر أو صيرورته من اتباع الظلمة.

دُرُسْت بن أبي منصور، عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لما حضرت أبي عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الوفاة ضمّني إلى صدره وقال : يا بنيَّ : أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، وبما ذكر أن أباه أوصاه به يا بنيَّ اصبر على الحق وإن كان مرّاً.

14 - عنه، عن أبيه [عن يونس بن عبد الرحمن] رفعه عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الصبر صبران: صبر على البلاء، حَسَنُ جميل، وأفضل الصبرين الورع عن المحارم.

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى قال : أخبرني يحيى بن سليم الطائفي قال : أخبرني عمرو بن شمر اليماني، يرفع الحديث إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «الصبر ثلاثة : صبر عند المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، فمن صبر على المصيبة حتّى يردها بحسن عزائها (1) كتب اللّه له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض. ومن صبر على الطاعة كتب اللّه له ستمائة درجة ما بين الدّرجة إلى الدرجة كما بين تُخُوم الأرض (2) إلى العرش، ومن صبر عن المعصية كتب اللّه له تسعمائة درجة ما بين الدَّرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش».

16 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن يونس بن يعقوب قال : أمرني أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن آتي المفضّل وأعزّيه بإسماعيل (3) وقال : اقرأ المفضل السّلام وقل له : إنا قد أصبنا بإسماعيل فصبرنا، فاصبر كما صبرنا، إنا أردنا أمراً وأراد اللّه عزّ وجلّ أمراً، فسلّمنا لأمر اللّه عزّ وجلّ.

17 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه، كان له مثل أجر ألف شهيد.

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ أنعم على قوم، فلم يشكروا، فصارت (4) عليهم وبالاً، وابتلى قوماً بالمصائب فصبروا، فصارت (5) عليهم نعمة.

ص: 98


1- وهو الصبر عندها.
2- أي حدود الأرض.
3- «كأن المراد بإسماعيل ابنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولعل المفضّل كان ممّن أحبه وأنس به» الوافي ج 66/3 والظاهر أنّه المفضّل بن عمر وكنيته أبو عبد اللّه ويلقب بالجعفي وقد وردت فيه روايات مادحة وروايات ذامة فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي 292/18 وما بعدها.
4- أي النعم أو النعمة.
5- أي المصائب.

19 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبان بن أبي مسافر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (يا أيّها الّذين آمنوا اصبروا وصابروا) (1). قال: اصبروا على المصائب.

وفي رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : صابروا على المصائب (2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسي، عن عليّ بن محمّد بن أبي جميلة، عن جده أبي جميلة عن بعض أصحابه قال: لولا أن الصبر خُلق قبل البلاء لتفطّر (3) المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا (4).

21 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار وعبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): قال اللّه عزّ وجلّ : (إنّي جعلت الدُّنيا بين عبادي قرضاً (5)، فمن أقرضني منها قرضاً أعطيته بكلّ واحدة عشراً إلى سبعمائة ضعف وما شئت من ذلك؛ ومن لم يقرضني منها قرضاً فأخذت منه شيئاً قسراً [فصبر]، أعطيته ثلاث خصال، لو أعطيتُ واحدةً منهنَّ ملائكتي لرضوا بها منّي)، قال : ثمّ تلا أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قول اللّه عزّ وجلّ : (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ) فهذه واحدة من ثلاث خصال (وَرَحْمَةٌ (اثنتان) وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (6) ثلاث ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا لمن أخذ اللّه منه هذا لمن أخذ اللّه منه شيئاً قسراً (7).

22 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن القاسم بن محمّد، عن سلیمان بن داود عن يحيى بن آدم عن شريك، عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مرءة الصبر في حال الحاجة والفاقة والتعفّف (8) والغنى(9) أكثر من مروّة الإعطاء

ص: 99


1- آل عمران/ 200.
2- وقد مرّ ضمن الحديثين رقم (2) من باب أداء الفرائض وكذا في الحديث (3) من نفس الباب عن أبي السفاتج وفيه (وصابروا على المصائب)، «ولا تنافي بينها فإن للآيات معاني شتى ظهراً وبطنا» مرآة المجلسي 140/8.
3- أي تشقق.
4- الصفا الحجر الأملس.
5- أي أعطيتهم مقسوماً بينهم ليقرضوني فأعوضهم أضعافها لا يمسكوا عليها، مرآة المجلسي 141/8.
6- البقرة/ 156 - 157 ومعنى: صلوات من ربهم : أي مغفرة منه، وقيل : بركات من ربهم.
7- أي أن من بذل عن طيب نفس له أعظم ممّا ذكر وأكبر.
8- ترك المسئلة مع الحاجة والفقر.
9- في بعض النسخ (والعَنا) أي التعب.

23 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يرحمك اللّه ما الصبر الجميل ؟ قال : ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى النّاس (1).

24 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن بعض أصحابه، عن أبان عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي النعمان، عن أبي عبد اللّه أو (2) أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من لا يُعد الصبر لنوائب الدهر يعجز.

25 - أبو علي الأشعري عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنا صُبر (3) وشيعتنا أصبر منا، قلت: جعلت فداك كيف صار شيعتكم أصبر منكم ؟ قال : لأنا نصبر على ما نعلم وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون (4).

باب الشكر

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «الطاعم (5) الشاكر له من الأجر كأجر الصائم المحتسب (6)؛ والمعافى الشاكر له من الأجر كأجر المبتلى الصابر ؛ والمعطى الشاكر له من الأجر كأجر المحروم القانع (7)».

2 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما فتح اللّه على عبد باب شكر فخزن عنه (8) باب الزيادة».

ص: 100


1- أي أن شكواه تكون إلى اللّه وحده. ولكن ورد في بعض أقوال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما يفيد أن الشكوى إلى المؤمن هي بمثابة الشكوى إلى اللّه.
2- الترديد من الراوي.
3- جمع صابر.
4- ذكر العلامة المجلسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) في مرآته 144/8 لهذا القول عدة وجوه، وما هو الأظهر عنده منها : إنا نصبر على ما نعلم وقوعه قبل وقوعه وهذا ممّا يهون المصيبة، وشيعتنا تنزل عليهم المصائب فجأة مع عدم علمهم بها قبل وقوعها فهي عليهم أشد.
5- الطاعم، يطلق على باذل الطعام أي المُطْعِم. كما يطلق على الأكل للطعام أيضاً.
6- أي الّذي يقصد بعمله وجه اللّه برجاء أن يحتسبه له في صحيفة أعماله.
7- أي الممنوع عن العطاء الراضي بحاله.
8- أي منع عنه.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن جعفر بن محمّد البغدادي، عن عبد اللّه بن إسحاق الجعفري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مكتوب في التوراة : أشكر من أنعم عليك وأنْعِم على من شكرك، فإنّه لا زوال للنعماء إذا شكرت، ولا بقاء لها إذا كفرت، الشكر زيادة في النعم وأمان من الغِيَر (1).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن عليّ، عن علي ابن أسباط، عن يعقوب بن سالم عن رجل عن [أبي جعفر أو ] (2) أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المعافى الشاكر له من الأجر ما للمبتلى الصابر ؛ والمعطى الشاكر له من الأجر كالمحروم القانع (3).

5 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن فضل البقباق قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (4). قال : الّذي أنعم عليك بما فضّلك وأعطاك وأحسن إليك، ثمّ قال : فحدَّثَ (5) بدينه (6) وما أعطاه اللّه وما أنعم به عليه (7).

6 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عند عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول اللّه لِمَ تُتعب نفسك (8) وقد غفر اللّه لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخّر (9)). فقال : يا عائشة ألا أكون

ص: 101


1- أي من تغير الحال من النعمة إلى النقمة ومن الغنى إلى الفقر ومن الصحة إلى المرض الخ.
2- الترديد من الراوي.
3- الشكر باللسان أن يحمد اللّه، وبالقلب أن يرى النعمة من اللّه. وبالجوارح أن يصرفها في طاعة اللّه ويستفاد من الأخبار الآتية [ والأخبار المتقدمة ] إن لكل منها أجراً ومزيداً وإن كان للمجموع مزيد أجر ومزيد الوافي ج 67/3.
4- الضحى / 11.
5- أي النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
6- أي بلّغ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) دين اللّه كاملاً بعقيدته وشريعته وآدابه وأخلاقه وأحكامه.
7- أي حدّث (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بما أعطاه اللّه من مقام النبوَّة وما يستلزمه من العظمة والكرامة في الدارين وما أفاض عليه من النعم الدنيوية والأخروية.
8- أي بالتهجد وقيام الليل للعبادة.
9- لقد ذكر العلماء لتوجيه نسبة الذنب إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مع أنّه معصوم لا تصدر عنه معصية عدة وجوه : أحدها: ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنب أمتك وما تأخر بشفاعتك وإضافة ذنوب أمته إليه للاتصال والسبب بينه وبينها. وأراد بذكر التقدم والتأخر ما تقدم زمانه وما تأخر. الثاني : ما ذكره المرتضى (رضیَ اللّهُ عنهُ) : إن الذنب مصدر والمصدر يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول معاً فيكون هنا مضافاً إلى المفعول والمراد: ما تقدم في ذنبهم إليك من منعهم إياك من مكة وصدهم لك عن المسجد الحرام ويكون معنى المغفرة على هذا الإزالة والنسخ لأحكام أعدائه المشركين فيما بعد ولذلك جعله جزاء على جهاده... الخ فراجع هذين الوجهين مع بقية الوجوه في مجمع البيان للطبرسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) المجلد الخامس ص / 110 - 111.

عبداً شكوراً. قال : وكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل اللّه سبحانه وتعالى : (طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى)(1).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن حسن بن جهم، عن أبي اليقظان، عن عبيد اللّه بن الوليد قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ثلاث لا يضر معهن شيء : الدُّعاء عند الكرب، والاستغفار عند الذَّنب، والشكر الذَّنب، والشكر عند النعمة.

8 - - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه ابن جبلة، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من أعطي الشكر أعطي الزيادة، يقول اللّه عزّ وجلّ : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) (2).

9 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن رجلين من أصحابنا، سمعاه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال ما أنعم اللّه على عبد من نعمة فَعَرفها بقلبه (3)، وحمد اللّه ظاهراً بلسانه، فتمّ كلامه، حتّى يؤمر له بالمزيد.

10 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن هشام، عن ميسر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : شكر النعمة اجتناب المحارم، وتمام الشكر قول الرّجل : الحمد للّه ربّ العالمين.

11 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن عيينة، عن عمر ابن يزيد قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : شكر كلّ نعمة وإن عَظُمَتْ أَن تَحْمَدَ اللّه عزّ وجلّ عليها.

12 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكراً؟ قال : نعم. قلت : ما هو ؟ قال : يحمد اللّه على كلّ نعمة عليه في أهل ومال، وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حقٌّ (4) أداه ومنه قوله جلَّ وعزَّ : (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا

ص: 102


1- طه / 1 - 2. والشقاء : استمرار ما يشق على النفس.
2- إبراهيم / 7.
3- هذا هو معنى شكر القلب كما نبهنا سابقاً.
4- أي حق مالي واجب كزكاة وخمس ونذر، أو مطلقاً.

لَهُ مُقْرِنِينَ) (1). ومنه قوله تعالى : (رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) (2). وقوله : (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا) (3).

13 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن معمر بن خلاد قال : سمعت أبا الحسن صلوات اللّه عليه يقول : من حمد اللّه على النعمة فقد شكره وكان الحمد (4) أفضل [من] تلك النعمة.

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد، عن عليّ بن الحكم، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : ما أنعم اللّه على عبد بنعمة صغُرَت أو كبُرَت، فقال : الحمد اللّه، إلّا أدّى شكرها.

15 - أبو علي الأشعري عن عيسى بن أيّوب عن عليّ بن مهزيار عن القاسم بن محمّد، عن إسماعيل بن أبي الحسن، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أنعم اللّه عليه بنعمة فعرفها بقلبه فقد أدّى شكرها.

16 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ الرّجل منكم ليشرب الشّربة من الماء فيوجب اللّه له بها الجنّة، ثمّ قال : إنّه ليأخذ الإناء فيضعه على فيه فيسمي (5) ثمّ يشرب فينحيه وهو يشتهيه فيحمد اللّه،ثمّ يعود فيشرب، ثمّ ينحيه فيحمد اللّه، ثمّ يعود فيشرب، ثمّ ينحيه فيحمد اللّه، فيوجب اللّه عزّ وجلّ بها له الجنّة.

17 - ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني سألت اللّه عزّ وجلّ أن يرزقني مالاً فرزقني، وإني سألت اللّه أن يرزقني ولداً فرزقني ولداً، وسألته أن يرزقني داراً فرزقني، وقد خفت أن يكون ذلك استدراجاً (6)، فقال : أما

ص: 103


1- الزخرف/ 13 ومُقرنين : أي مطبقين ضابطين. وهذا شكر لنعمة الراحلة أو السفينة أو وسيلة الانتقال وكذا شكر الانتقال إلى دار أو دخوله إليه أن يقول مضمون الآيتين التاليتين.
2- المؤمنون/ 29.
3- الإسراء / 80 وإيراد الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) لكل هذه الآيات في مقام الجواب عن سؤال كيف يكون العبد شاكراً، يدل على أن معرفة كون النعمة من اللّه وتلفظه بما يدل على ذلك يسلكه في عِداد الشاكرين للنعمة.
4- أي توفيق اللّه له ليحمده في حد ذاته نعمة أعظم من الأولى، والالتفات إلى ذلك أيضاً في حد ذاته نعمة تحتاج إلى شكر وهكذا ولذا لا يمكن أن يؤدى اللّه حقيقة شكره سبحانه.
5- أي يذكر اسم اللّه سبحانه.
6- الاستدراج في اللغة الخديعة والاستدراج منه سبحانه معناه أن يجدد للعبد نعمة كلما ارتكب خطيئة حتّى ينسى الاستغفار. أو أن يمهله فلا يأخذه بخطاياه ومعاصيه أخذاً سريعاً ويذره في غفلته.

- واللّه - مع الحمد فلا.

18 - الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد عن الوشّاء، عن حماد بن عثمان قال خرج أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المسجد، وقد ضاعت دابته، فقال : لئن ردَّها اللّه عليَّ لأشكرنَّ اللّه حق شكره قال فما لبث أن أتي بها، فقال الحمد للّه، فقال له قائل: جعلت فداك أليس قلت : لأشكرن اللّه حقَّ شكره؟ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ألم تسمعني قلت: الحمد للّه (1)؟.

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد عن المثنّى الحناط، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذا ورد عليه أمر يسره قال : الحمد للّه على هذه النعمة، وإذا ورد عليه أمر يغتم به قال : الحمد للّه على كلّ حال (2).

20 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : تقول ثلاث مرات إذا نظرت إلى المستلى من غير أن تُسمعه : الحمد للّه الّذي عافاني ممّا ابتلاك به، ولو شاء فعل، قال : من قال ذلك لم يصبه ذلك البلاء أبداً.

21 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن غير واحد، عن أبان ابن عثمان، عن حفص الكناسي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) :قال ما من عبد يرى مبتلى فيقول: «الحمد للّه الّذي عدل عنّي ما ابتلاك به، وفضلني عليك بالعافية، اللّهمّ عافني ممّا ابتليته به» إلّا لم يبتل بذلك البلاء (3).

22 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا رأيت الرجل وقد ابتلي وأنعم اللّه عليك فقل : اللّهمّ إنّي لا أسخر ولا أفخر (4) ولكن أحمدك على عظيم نعمائك عليَّ.

23 - عنه، عن أبيه، عن هارون بن الجهم عن حفص بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 104


1- هذا يدل على أن قول : الحمد اللّه، فرد كامل من الشكر، لأنه يفيد اختصاص جميع المحامد باللّه تعالى فيدل على أنّه ولي كلّ نعمة ظاهرة وباطنة. وإذا أضاف إليه : رب العالمين، دل على أنّه رب كلّ المخلوقات لا ينازعه في ربوبيته أحد من مخلوقاته، وإنه المربي لها جميعاً.
2- أي حال نعمته وحال نقمته، وحال بلائه وحال عافيته وهكذا.
3- وذلك لأن القول منه يدل على معرفته بأن عافيته هو من اللّه، وإن بلاء الآخر من اللّه أيضاً، وعلى قدرة اللّه أن يبدل حسن حاله بسوء حال صاحبه، وهذا يجمع بين الشكر القلبي والشكر اللساني.
4- لا أسخر أي لا أستهزى بهذا المبتلى ولا أفخر أي ولا أفتخر عليه بسلامتي ممّا ابتلي به هو.

قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا رأيتم أهل البلاء فاحمدوا اللّه ولا تُسْمِعوهم (1) فإنّ ذلك يحزنهم».

24 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي عبد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان في سفر يسير على ناقة له، إذ نزل فسجد خمس سجدات، فلما أن ركب قالوا يا رسول اللّه إنا رأيناك صنعت شيئاً لم تصنعه؟ فقال نعم استقبلني جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فبشرني ببشارات من اللّه عزّ وجلّ، فسجدت اللّه شكراً لكلّ بشرى سجدة (2).

25 - عنه، عن عثمان بن عيسى عن يونس بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا ذكر أحدكم نعمة اللّه عزّ وجلّ فليضع خدَّه على التراب شكراً للّه، فإن كان راكباً فلينزل فليضع خدَّه على التراب، وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة (3) فليضع خدّه على قَرَبُوسه (4) وإن لم يقدر فليضع خدَّه على كفّه، ثمّ ليحمد اللّه على ما أنعم اللّه عليه(5).

26 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن عطية، عن هشام بن أحمر قال : كنت أسير مع أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بعض أطراف المدينة إذ ثنى رجله عن دابته، فخرَّ ساجداً، فأطال وأطال، ثمّ رفع رأسه وركب دابته. فقلت: جعلت فداك قد أطلت السجود؟ فقال : إنني ذكرت نعمة أنعم اللّه بها علي فأحببت أن أشكر ربي.

27 – عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد اللّه صاحب السابري فيما أعلم أو (6) غيره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : فيما أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) يا موسى : أشكرني حق شكري فقال يا ربّ وكيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك به إلّا وأنت أنعمت به علي ؟ قال : يا موسى الآن شكرتني حين علمت أنَّ ذلك منّي (7).

ص: 105


1- هذا يدل على أن الشكر اللساني هو درجة من الشكر بقرينة عدم إسماعهم.
2- فيه إشارة إلى أن ما حمله جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان خمس بشارات بخمس نعم.
3- أي لئلا يكون في نزوله وسجوده إمام النّاس موضع تهمة أو مظلة طلب سمعة أو شبهة رياء. أو أن المعنى هو استلزام نزوله الإشارة بالبنان إليه لفعله شيئاً قد يكون مستهجنا عند النّاس فيدفعهم إلى التساؤل عن الغرض من فعله فيوجب اشتهاره وقد يؤدي إلى ما يوجب حبط عمله بينه وبين نفسه.
4- القَرَبوس جنو السِّرْج، ولكل سَرْج فَرَبوسان.
5- وهذا الحديث يدل على استحباب سجود الشكر عند تجدد النعمة أو تذكرها فوراً أو مع الإمكان، وبقدره ويدل أيضاً على استحباب حمد اللّه فيها.
6- الترديد من الراوي.
7- هذا يشير إلى شكر القلب وهو معرفة أن النعمة من اللّه.

28 - ابن أبي عمير، عن ابن رئاب عن إسماعيل بن الفضل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات، اللّهمّ ما أصبحت (1) بي من نعمة أو عافية من دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر بها عليّ يا رب حتّى ترضى (2) وبعد الرّضا (3)، فإنك إذا قلت ذلك، كنت قد أديت شكر ما أنعم اللّه به عليك في ذلك اليوم وفي تلك الليلة.

29 - ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول ذلك (4) إذا أصبح، فسمّي بذلك عبداً شكوراً، وقال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من صدق اللّه نجا» (5).

30 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن عمّار الدهني قال: سمعت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن اللّه يحبُّ كلّ قلب حزين (6)، ويحبُّ كلّ عبد شكور، يقول اللّه تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم القيامة : أشكرت فلاناً (7)؟ فيقول : بل شكرتك يا ربّ، فيقول : لم تشكرني إذ لم تشكره، ثمّ قال : أشكركم للّه أشكركم للناس (8).

باب حُسْن الخُلُق

باب حُسْن الخُلُق (9)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً (10).

ص: 106


1- ويقول عند المساء : ما أمست مع بقية الدعاء نفسه.
2- أي أول مراتب الرضا.
3- أي جميع مراتبه أي ما يمكن الوصول إليه منها.
4- أي ما تقدم من دعاء.
5- لعله إشارة إلى أن نوحاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان صادقاً في مضمون دعائه مع اللّه، فأنجاه اللّه وأنعم عليه في الدنيا والآخرة.
6- لتفكره الدائم في أهوال يوم القيامة وإشفاقه من أن لا يشمله اللّه بظله يوم لا ظل إلّا ظله.
7- أي حيث أحسن إليك في الدنيا.
8- لا باعتبار أنهم المنعمون عليه الرازقون له فهذا من الشرك، بل باعتبار أنهم أسباب هياها اللّه له لتوصل إليه الخير، ليعود الشكر من هذه الناحية إليه سبحانه.
9- «الخُلُق يطلق على الملكات والصفات الراسخة في النفس حسنةً كانت أم قبيحة وهي في مقابلة الأعمال، ويطلق حُسن الخلق غالباً على ما يوجب حسن المعاشرة ومخالطة النّاس بالجميل» مرآة المجلسي 146/8.
10- لقد مر ما يشير إلى دخالة حسن الخلق في أبواب الإيمان فراجع.

2 - الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان، عن رجل من أهل المدينة، عن عليّ بن الحسين عليهما السلام قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما يوضع في ميزان امرىء (1) يوم القيامة أفضل من حسن الخلق».

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أربع من كن فيه كمل إيمانه وإن كان من قرنه إلى قدمه (2) ذنوباً لم ينقصه ذلك [قال] وهو الصدق، وأداء الأمانة، والحياء، وحُسْنُ الخُلُق (3).

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن ابن محبوب، عن عنبسة العابد قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما يقدم المؤمن على اللّه عزّ وجلّ بعمل بعد الفرائض أحبُّ إلى اللّه تعالى من أن يَسَعَ النّاس بخُلقه (4).

5 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان، عن ذريح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إِنَّ صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم» (5).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أكثر ما تلج (6) به أمتي الجنّة تقوى اللّه وحسن الخلق.

7 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن حسين الأحمسي وعبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ الخلق الحسن يُميتُ الخطيئة (7) كما تميث الشمس الجليد.

ص: 107


1- أي ميزان أعماله.
2- مبالغة في كثرة ذنوبه أو كناية عن صدورها من كلّ جارحة من جوارحه مرآة المجلسي 167/8 - 168.
3- «الصدق يخرج كثيراً من الذنوب كالكذب وما يشاكله وكذا أداء الأمانة يخرج كثيراً من الذنوب كالخيانة في أموال النّاس ومنع الزكوات والأخماس وسائر حقوق اللّه وكذا الحياء من الخلق يمنعه من التظاهر بأكثر المعاصي والحياء من اللّه يمنعه من تعمد المعاصي والإصرار عليها ويدعوه إلى التوبة سريعاً وكذا حسن الخلق يمنعه عن المعاصي المتعلقة بإيذاء الخلق كعقوق الوالدين وقطع الأرحام والإضرار بالمسلمين، فلا يبقى من الذنوب إلّا قليل لا يضر في إيمانه مع أنّه موفق للتوبة واللّه الموفق» مرآة المجلسي 168/8.
4- أي يكون خلقه الحسن وسيعاً بحيث يشمل جميع النّاس ن.م.
5- ويدل على أن الأخلاق لها ثواب كثواب الأعمال ن. م والصفحة.
6- أي تدخل.
7- أي يذيبها.

8- عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : البرّ وحسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمّار.

9 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن عبد الحميد قال : حدّثني يحيى بن عمرو عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أوحى اللّه تبارك وتعالى إلى بعض أنبيائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) : الخُلُقُ الحَسَن يَميث الخطيئة، كما تميث الشمس الجليد.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : هلك (1) رجلٌ على عهد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأتي(2) الحفّارين، فإذا بهم لم يحفروا شيئاً وشكوا ذلك إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقالوا : يا رسول اللّه ما يعمل حديدنا في الأرض، فكأنما نضرب به في الصفا(3)، فقال : ولم(4) إن كان صاحبكم لحسن الخلق ايتوني بقدح من ماء، فأتوه به، فأدخل يده فيه، ثمّ رشّه على الأرض رشّاً، ثمّ قال احفروا قال فحفر الحفّارون، فكأنّما كان رملاً يتهايل عليهم (5).

11 - عنه، عن محمّد بن سنان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال إنَّ الخلق منيحة (6) يمنحها اللّه عزّ وجلّ خلقه، فمنه سجيّة (7) ومنه نيّة (8)، فقلت، فأيّتهما أفضل؟ فقال : صاحب السجيّة، هو مجبول لا يستطيع غيره (9)، وصاحب النية يصبر على الطاعة تصبّراً، فهو (10) أفضلهما.

12 - وعنه، عن بكر بن صالح عن الحسن بن عليّ، عن عبد اللّه بن إبراهيم، عن عليّ بن أبي عليّ اللّهبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ اللّه تبارك وتعالى ليعطي العبد من

ص: 108


1- أي مات.
2- الضمير المستتر في (فاتي) راجع إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
3- الصفا الصخرة الملساء.
4- هذا استفهام إنكاري أو للتعجب. ومنشأ تعجبه هو كون صاحبهم الميت حسن الخُلُق فلِمَ اشتدت الأرض على الحفارين مكان قبره؟ مع أن حُسن الخلق يوجب سهولة شأن صاحبه في الدنيا والآخرة؟.
5- يتهايل عليهم : أي يتصاب ويجري ليسره وسهولته.
6- أي عطية ومنحة.
7- أي طبيعة وخلق فهو فطري.
8- أي يكون عن قصد واكتساب يحصل عليه الإنسان بالممارسة والنظر.
9- أي لو تعمد سوء الخلق لما استقام له.
10- أي صاحب الخُلُق الحسن الّذي يكون عن قصد واكتساب وذلك لما يلاقي في سبيل تحصيله من مشقة وعناء وخير الأمور أحمزها.

الثواب على حسن الخُلُق، كما يعطي المجاهد في سبيل اللّه، يغدو عليه ويروح(1).

13 - عنه، عن عبد اللّه الحجّال، عن أبي عثمان القابوسي، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه تبارك وتعالى أعار أعداءه (2) أخلاقاً من أخلاق أوليائه، ليعيش أولياؤه مع أعدائه في دولاتهم.

وفي رواية أخرى : ولولا ذلك لما تركوا ولياً للّه إلّا قتلوه.

14 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن العلاء بن كامل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا خالطت النّاس فإن استطعت أن لا تخالط أحداً من النّاس إلّا كانت يدك العليا (3) عليه فافعل، فإنَّ العبد يكون فيه بعض التقصير من العبادة ويكون له حُسْنُ خُلُق، فيبلغه اللّه ب- [حسن] خلقه درجة الصائم القائم.

15 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حریز بن عبد اللّه عن بحر، عن بحر السقا قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا بحر حسن الخلق يُسر (4)، ثمّ قال : ألا أخبرك بحديث ما هو في يدي أحد من أهل المدينة؟ قلت: بلى، قال: بينا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذات يوم جالس في المسجد، إذ جاءت جارية لبعض الأنصار وهو قائم، فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (5) فلم تقل شيئاً، ولم يقل لها النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) شيئاً، حتّى فعلت ذلك ثلاث مرّات (6)، فقام لها النبيُّ في الرابعة وهي خلفه، فأخذت هدبة (7) من ثوبه ثمَّ رجعت فقال لها النّاس : فعل اللّه بك وفعل (8) حبست رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثلاث مرات، لا تقولين له شيئاً ولا هو يقول لك شيئاً، ما كانت حاجتك إليه؟ قالت : إنَّ لنا مريضاً فأرسلني أهلي لأخذ هدبة من ثوبه، [ل- ] يستشفي بها، فلما أردت أخذها رآني فقام فاستحييت منه أن آخذها

ص: 109


1- يغدو: أي يذهب عُدوة أو مطلقاً. ويروح؛ يعني يرجع آخر النهار أو مطلقاً.
2- لعله إشارة إلى أن هؤلاء الأعداء باعتبار أن أخلاقهم مستعارة وليست ذاتية فيهم أعارهم اللّه إياها لحكمة محددة فلا ثواب عليها يعود عليهم في الآخرة.
3- اليد العليا : كناية عن الإحسان إليه. لأن اليد المعطية تكون غالباً فوق اليد الآخذة.
4- أي سبب ليسر أمور صاحبه. وقد تُقرأ بصيغة المضارع (يَسُ) فيكون المعنى حسن الخلق يكون سبباً لإدخال السرور على صاحبه أو مطلقاً.
5- أي نهض من مكانه لاعتقاده بأنها تريده لحاجة تخصها.
6- أي كلّ مرة كانت تجذب طرف ثوبه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
7- الهدبة : طرف الثوب أو خمله.
8- هذا دعاء عليها.

وهو يراني، وأكره أن أستأمره (1) في أخذها، فأخذتها

16 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حبيب الخثعمي. عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «أفاضلُكُمْ أحْسَنُكُم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً(2)، الّذين يألفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم».

17 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : المؤمن مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

18 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم.

باب حُسْنِ البِشر

باب حُسْنِ البِشر(3)

1 - عدة أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن، عن عليّ بن الحكم عن الحسن ابن الحسين قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : يا بنيَّ عبد المطلب، إنكم لن تسعوا النّاس بأموالكم (4) فالقَوْهُم بطلاقة الوجه وحسن البشر.

ورواه عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلّا أنّه قال : يا بنيَّ هاشم (5).

2 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ثلاث من أتى اللّه بواحدة منهن أوجب اللّه له الجنّة : الإنفاق من إقتار (6) والبشر لجميع العالم،

ص: 110


1- أي أشاوره أو أستأذنه.
2- الأكناف : الجوانب. «هذا مَثَل وحقيقته من التوطئة وهي التمهيد والتذلل وفراش وطيء لا يؤذي جنب النائم... أراد الّذين جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذى» الوافي ج 3/ 81 - 82، وقوله : توطأ رحالهم : أي تنزل منازلهم للضيافة أو لطلب الحاجة فيرحبون بضيوفهم وقاصديهم بالخلق والبشاشة بحيث يشعرون بأنهم أصحاب البيوت لا ضيوفها.
3- حسن البشر : طلاقة الوجه وتهلّله.
4- أي لا تتسع أموالكم بعطائهم.
5- بنو هاشم وبنو عبد المطلب مصداقهما واحد لأن نسل هاشم إنما انحصر في ولد عبد المطلب.
6- أي ينفق لا عن سعة في العيش بل ضيق وتقتير فيه.

والإنصاف من نفسه (1).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رجلٌ فقال : يا رسول اللّه أوصني، فكان فيما أوصاه أن قال : إلْقَ أخاك بوجه منبسط (2).

4 - عنه، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : ما حدّ حُسن الخُلق؟ قال : تليّن جناحك (3)، وتطيب كلامك، وتلقى أخاك ببشر حسن.

5 - عنه، عن أبيه، عن حماد، عن ربعي عن فضيل قال (4): صنائع المعروف(5) وحسن البشر يكسبان المحبة، ويدخلان الجنّة، والبخل وعبوس الوجه يبعدان من اللّه ويدخلان النار.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «حُسْنُ البِشْرِ يُذهِب بالسخيمة» (6).

باب الصدق وأداء الأمانة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ لم يبعث نبياً إلّا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر.

2 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمّار وغيره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا تغتروا (7) بصلاتهم ولا بصيامهم، فإنّ الرّجل ربما لهج بالصلاة (8) والصوم حتّى لو تركه

ص: 111


1- أي يتولى الحكم على نفسه فيما يتعلق بحقوق النّاس عليه فيما أحب أو كره.
2- أي بشوش متهلل.
3- جناح الإنسان : جانبه وتليين الجانب كناية عن التذلل والتواضع والخضوع.
4- أي المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويحتمل الباقر كما يحتمل الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأن الظاهر أن الفضيل هذا هو ابن يسار وقد روى عنهما (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- الإحسان إلى الغير بما يدرك حسنه بالعقل أو الشرع.
6- أي الحقد في النفس.
7- أي لا تنخدعوا.
8- أي حرص على أدائها.

استوحش ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن أبي نجران، عن مثنى الحناط، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من صدق لسانه زكى عمله (1).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن موسى بن سعدان، عن عبد اللّه بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام قال : قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أول دخلة دخلت عليه : تعلّموا الصدق (2) اقبل الحديث.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي كهمس قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عبد اللّه بن أبي يعفور يقرئك السلام، قال: عليك وعليه السلام، إذا أتيت عبد اللّه فاقرأه السلام وقل له : إن جعفر بن محمّد يقول لك : انظر ما بلغ به (3) عليُّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فالزمه، فإنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنما بلغ ما بلغ به عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بصدق الحديث وأداء الأمانة.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي إسماعيل البصري، عن فضيل بن يسار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا فضيل إنَّ الصادق أوَّل من يصدّقه اللّه عزّ وجلّ، يعلم أنّه صادق، وتصدقه نفسه تعلم أنّه صادق.

7 - ابن أبي عمير، عن منصور بن حام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنما سمّي إسماعيل صادق الوعد لأنه وعد رجلاً في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة، فسماه اللّه عزّ وجلّ صادق الوعد(4)، ثمّ [قال] إنَّ الرجل أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل: ما زلت منتظراً لك.

8 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر الخزاز، عن جده الربيع بن سعد قال: قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ربيع إنَّ الرجل ليصدق حتّى يكتبه اللّه صديقاً (5).

ص: 112


1- أي زاد ونما،ثوابه لأن الصدق من أعظم أركان التقوى، وإنما يتقبل اللّه من المتقين.
2- «أي قواعده كجواز النقل بالمعنى ونسبة الحديث المأخوذ عن واحد من الأئمّة إلى آبائه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو إلى الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أو تبعيض الحديث وأمثال ذلك. أو المراد تعلّم وجوبه ولزومه وحرمة تركه» مرآة المجلسي 182/8.
3- أي بسبه.
4- وذلك إشارة إلى قوله تعالى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا) مريم / 54 وهو ابن إبراهيم الخليل (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- الصديق : مبالغة في الصدق أو التصديق والإيمان بالرسول قولاً وفعلا، أو كثير التصديق في أمور الدين، كما عن الطبرسي (رضیَ اللّهُ عنهُ).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّ العبد ليصدق حتّى يُكتب عند اللّه من الصادقين، ويكذب حتّى يكتب عند اللّه من الكاذبين، فإذا صدق قال اللّه عزّ وجلّ : صدق وبر، وإذا كذب قال اللّه عزّ وجلّ : (كذب وفجر) (1).

10 - عنه، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين عن عبد اللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم (2)، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع.

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم قال : قال أبو الوليد حسن بن زياد الصيقل : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من صدق لسانه زكي عمله، ومن حَسُنَتْ نَيّتُه زِيدَ في رزقه، ومن حسن بره بأهل بيته مدَّ له في عمره (3).

12 - عنه، عن أبي طالب رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإن ذلك شيء اعتاده، فلو تركه استوحش لذلك، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته.

باب الحياء

باب الحياء (4)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الحياء من (5) الإيمان والإيمان(6) في الجنّة.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن

ص: 113


1- إنما سمّى الكاذب فاجراً لأن الكذب أحد وجوه الفجور.
2- أي بأعمالكم.
3- سوف تأتي الأحاديث الّتي تدل على أن صلة الرحم والبر بالوالدين يمدان في عمر الإنسان. فارتقب.
4- «الحياء : ملكة للنفس توجب انقباضها عن القبيح وانزجارها عن خلاف الآداب خوفاً من اللوم» مرآة المجلسي 187/8.
5- (من) إما سببية، أي الحياء إنما يحصل بسبب الإيمان وما يقوم عليه ويدعو إليه. أو تبعيضية أي الحياء من أركان الإيمان.
6- أي المؤمن.

الحسن الصيقل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الحياء والعفاف (1) والعيُّ (2) - أعني عيَّ اللسان لا عيُّ القلب - من الإيمان.

3 - الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهدي، عن مصعب بن يزيد عن العوّام ابن الزبير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من رقّ وجهه رقّ علمه (3).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن يحيى أخي دارم، عن معاذ بن كثير، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الحياء والإيمان مقرونان في قرن (4)، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن، عن سهل بن زياد عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن، يقطين، عن الفضل بن كثير، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا إيمان لمن لا حياء له (5).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ؛ عن بعض أصحابنا، رفعه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : الحياء حياء ان حياء عقل(6) وحياء حمق (7)، فحياء العقل، هو العلم، وحياء الحمق هو الجهل.

7- محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن عليّ، عن عبد اللّه بن إبراهيم، عن عليّ بن أبي علي اللّهبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أربع من كنّ فيه وكان من قرنه إلى قدمه ذنوباً بدلها اللّه (8) حسنات : الصدق والحياء وحسن الخلق والشَّكر.

ص: 114


1- العفاف أي ترك المحرمات بل الشبهات أيضاً ويطلق غالباً على عفة البطن والفرج» مرآة المجلسي 188/8.
2- عِيّ كلّ شيء بحسبه، فعِي اللسان حصره وعجزه عن النطق، وعِيّ القلب عماه وعدم اهتدائه إلى وجه الصواب. وعي الماشي عجزه عن السير وتعبه وكلله، وعي البصر عشاه وعماه عن الأبصار السليم. وهكذا. ولكن الظاهر من عيّ اللسان هنا عدم خوضه باللغو والباطل والإثم وهو ممدوح في مقابلة في القلب المذموم.
3- من رق وجهه أي استحيا من السؤال عما لا يعلم وهذا يؤدي إلى رقة علمه : أي قلته وضحالته.
4- القرن حبل يجمع به البعيران كما في القاموس ومعنى اقترانهما تلازمهما في الوجود.
5- هذا مؤيد للحديث السابق.
6- أي حياء ناشيء عن العقل بأن يكون حياؤه عن أمر يحكم العقل السليم بقبحه فحياؤه هنا سبه العلم الّذي يميز بين حسن الأشياء وقبحها.
7- أي حياء ناشيء عن الحمق بأن يستحي عن أمر يستقبحه النّاس في حين أنّه ليس فيه قبح واقعي، وهذا سببه الجهل لعدم إدراك محسنات الأشياء ومقبحاتها.
8- وقد قيل في هذا التبديل وجوه : الأول: إنه يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم. الثاني: أنّه يبدل ملكة المعصية في النفس بملكة الطاعة الثالث : أنّه تعالى يوفقه الأضداد ما سلف منه الرابع : أنّه يثبت له بدل كلّ عقاب ثواباً مرآة المجلسي 191/8. وراجع مجمع البيان للطبرسي البيان للطبرسي المجلد الرابع ص / 180.

باب العَفْو

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد

اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في خطبته: «ألا أخبركم بخير خلائق (1) الدُّنيا والآخرة ؟ : العفو عمّن ظلمك، وتصل من قطعك، والإحسان إلى من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك».

2 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن عبد الحميد، عن يونس ابن يعقوب، عن غرة بن دينار الرقي، عن أبي إسحاق السبيعي، رفعه قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ألا أدلكم على خير أخلاق الدُّنيا والآخرة؟ تصل من قطعك (2)، وتعطي من حرمك(3)، وتعفو عمّن ظلمك».

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه نشيب اللّفائفي، عن حمران بن أعين قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ثلاث من مكارم الدنيا والآخرة : تعفو عمّن ظلمك وتصل من قطعك، وتحلم إذا جهل عليك (4).

4 - علي، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إذا كان يوم القيامة جمع اللّه تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد، ثمّ ينادي مناد : أين أهل الفضل ؟ قال : فيقوم عُنُق من النّاس (5) فتلقاهم الملائكة فيقولون : وما كان

ص: 115


1- جمع خليقة وهي تستعمل في الطبيعة والسجيّة وتستعمل في المخلوقات من النّاس والبهائم. والمراد بها هنا الأول. وهي ملكة نفسانية تصدر بها النفس الأفعال بيسر من غير تقدم روية وفكر وتكلف فغير الراسخ من صفات النفس لا يكون خليقة وكذا الراسخ الّذي يكون مبدأ للأفعال النفسية بعسر وتأمل كالبخيل إذا حاول الكرم.
2- أي من الرحم، أو مطلقاً، بمعاشرته وملاينته.
3- أي تبذل لمن منع عنك العطاء وقبض يده.
4- أي سفهك.
5- أي جماعة من النّاس والمراد بأهل الفضل إما أهل الفضيلة والكمال أو أهل الرجحان أو أهل التفضيل والإحسان مرآة المجلسي 193/8.

فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا، ونعطي من حرمنا، ونعفو عمّن ظلمنا، قال: فيقال لهم : صدقتم ادخلوا الجنّة.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن جهم بن الحكم المدائني، عن إسماعيل بن أبي زياد السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «عليكم بالعفو، فإنّ العفو لا يزيد العبد إلّا عزاً، فتعافُوا (1) يعزكم اللّه (2)».

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن أبي خالد القماط، عن حمران عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة (3).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن سعدان، عن معتب قال : كان أبو الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حائط له يصرم (4) فنظرت إلى غلام له قد أخذ كارة (5) من تمر فرمى بها وراء الحائط، فأتيته وأخذته وذهبت به إليه، فقلت: جعلت فداك إنّي وجدت هذا وهذه الكارة، فقال للغلام : يا فلان قال لبّيك قال أتجوع ؟ قال : لا يا سيدي، قال فتعرى؟ قال : لا يا سيدي، قال : فلأي شيء أخذت هذه؟ قال : اشتهيت ذلك قال : اذهب فهي لك. وقال : خلّوا عنه.

8 - عنه، عن ابن فضّال قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما التقت فئتان قطّ إلّا نصر أعظمهما عفواً.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أتي باليهودية الّتي سمّت الشاة للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال لها : ما حملك على ما صنعت؟ فقالت : قلت : إن كان نبياً لم يضره، وإن كان ملكاً أرحت

ص: 116


1- أي ليعفوا كلّ واحد منكم عن صاحبه.
2- أما في الدنيا فلأن العافي يزيد قدره ويرتفع شأنه بين النّاس، وأما في الآخرة فلما ينتظره من رحمة اللّه ورضوانه.
3- ذكر العلامة المجلسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) وجوهاً للعبارة. الأوّل : أن صاحب الندامة الأولى أفضل من صاحب الندامة الثانية. الثاني :.... أي لو كان في العفو ندامة فهي أفضل وأيسر إذ يمكن تداركه غالباً بخلاف الندامة على العقوبة. الثالث : أن يقدّر مضاف فيهما، أي رفع تلك الندامة أيسر من رفع هذه. الرابع : إن مجموع تلك الحالّتين أي العفو والندم عليه أفضل من مجموع حالّتي العقوبة والندم عليها، 194/8 - 195 باختصار.
4- صرم النخل : جزه وقطع ثمره.
5- أي كمية من الطعام، ولعله كان يسرق.

النّاس منه قال فعفا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عنها.

10 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ثلاث لا يزيد اللّه بهنَّ المرء المسلم إلّا عزاً : الصفح عمّن ظلمه وإعطاء من حرمه، والصلة لمن قطعه.

باب كَظم الغَيْظِ

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما أحبُّ أنّ لي بذل نفسي حُمر النعم (1)، وما تجرّعت جرعة أحبّ إليَّ من جرعة غيظ لا أكافي بها صاحبها.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان وعليّ بن النعمان عن عمّار بن مروان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها، فإنَّ عظيم الأجر لمن عظيم البلاء (2)، وما أحب اللّه قوماً إلّا ابتلاهم.

3 - عنه عن عليّ بن النعمان ومحمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان عن أبي الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : اصبر على أعداء النعم (3)، فإنّك لن تكافي من عصى اللّه فيك(4) بأفضل من أن : تطيع اللّه فيه(5).

4 - عنه، عن محمّد بن سنان عن ثابت مولى آل حريز عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كظم الغيظ عن العدوّ في دولاتهم (6) تقيّةً حزم (7) لمن أخذ به، وتحرز من التعرض للبلاء في

ص: 117


1- حمر النعم كرائمها وهي مَثَل في كلّ نفيس. «والخبر يحتمل وجهين : الأول: أن يكون الذل بالضم والباء سبية، أي ما أرضى أن أذلّ نفسي ولي بذلك كرائم الدنيا. الثاني: أن يكون الذل بالكسر والباء للعوض أي لا أرض أن يكون لي عوض انقياد نفسي وسهولتها وتواضعها... نفائس الأموال...» مرآة المجلسي 197/8 - 198.
2- أي الإمتحان والاختبار.
3- أي الّذين يحسدون النّاس على ما آتاهم اللّه من فضله.
4- أي بالحسد أو بغيره من أنواع الظلم
5- أي بكظم غيظك والعفو عنه فتكون من المحسنين الّذين عناهم اللّه بقوله : (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آل عمران / 134.
6- أي زمن حكمهم وتسلطهم.
7- أي أحكام للأمر وضبطه والتوثق فيه.

الدُّنيا، ومعاندة الأعداء في دولاتهم ومماظتهم (1) في غير تقيّة ترك أمر اللّه (2)، فجاملوا النّاس يسمن ذلك لكم عندهم (3) ولا تعادوهم فتحملوهم على رقابكم (4) فتذلّوا.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن بعض أصحابه، عن مالك بن حصين السكونيّ قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما من عبدٍ كَظم غيظاً إلّا زاده اللّه عزّ وجلّ عزّاً في الدُّنيا والآخرة ؛ وقد قال اللّه عزّ وجلّ: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(5). وأثابه اللّه مكان غيظه ذلك.

6 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عَميرة قال : حدّثني من سمع أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من كظم غيظاً ولو شاء أن يُمضيه أمضاه (6)، أملأ اللّه قلبه يوم القيامة رضاه.

7 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن ابن فضّال، عن غالب ابن عثمان، عن عبد اللّه بن منذر، عن الوصافي (7)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من كظم غيظاً وهو (7) يقدر على إمضائه حشا اللّه قلبه أمناً وإيماناً يوم القيامة.

8 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : يا زيد اصبر على أعداء النعم، فإنّك لن تكافي من عصى اللّه فيك بأفضل من أن تطيع اللّه فيه، يا زيد إنَّ اللّه اصطفى الإسلام واختاره فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حفص بياع السابري، عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «مِن أَحَبّ السبيل إلى اللّه عزّ وجلّ جرعتان : جرعة (8) غيظ تردها بحلم، وجرعة مصيبة تردّها بصبر».

ص: 118


1- أي منازعتهم والمشادة معهم.
2- لأنه نهى عن القاء الإنسان نفسه في التهلكة وأمر بالتقية.
3- كناية عن ارتفاع الشأن عند العدو ممّا يصرفه عن التفكير في إلحاق الضرر به، بل جر النفع إليه.
4- كناية عن تسليطهم عليكم وإذلالكم.
5- آل عمران / 134.
6- أي كان قادراً على أن يشفي غيظه بالنيل من عدوه.
7- الظاهر أنّه عبيد اللّه بن الوليد.
8- الجرعة في الأصل تستعمل في الماء وهي ما يجرع مرة واحدة والجمع جُرع. وجرعة الغيظ أو الغصص مستعارة منه.

10 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن ربعي، عمّن حدّثه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال لي أبي : يا بنيَّ ما من شيء أقرّ لعين أبيك من جرعة غيظ عاقبتها صبر، وما من شيء يسرني أنَّ لي بِذَلّ نفسي حمر النعم.

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن معاذ بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : اصبروا على أعداء النعم، فإنّك لن تكافي من عصى اللّه فيك بأفضل من أن تطيع اللّه فيه

12 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن خلاد، عن الثمالي، عن عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما قال : قال : ما أحب أنَّ لي بذل نفسي حمر النعم، وما تجرعت من جرعة أحبُّ إليَّ من جرعة غيظ لا أكافي بها صاحبها.

13 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن مثنى الحناط، عن أبي حمزة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما من جرعة يتجرعها العبد أحبّ إلى اللّه عزّ وجلّ من جرعة غيظ يتجرعها عند تردُّدها في قلبه (1)، إما بصبر وإما بحلم (2).

باب الحِلْمَ

باب الحِلْمَ (3)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن عبيد اللّه قال : سمعت الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا يكون الرّجل عابداً حتّى يكون حليماً؛ وإنَّ الرَّجل كان إذا تعبد في بني إسرائيل لم يعد عابداً حتّى يصمت قبل ذلك عشر سنين (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان عن

ص: 119


1- «المراد بترددها في قلبه إقدام القلب تارة إلى تجرعها لما فيه من الأجر الجزيل وإصلاح النفس، وتارة إلى ترك تجرعها لما فيه من البشاعة والمرارة» مرآة المجلسي 204/8.
2- قيل: الصبر هو أن لا يقول ولا يفعل شيئاً أصلا، والحلم أن يقول أو يفعل شيئاً يوجب رفع الفتنة وتسكين الغضب فيكون الحلم بمعنى العقل واستعماله ن. م.
3- قال الراغب : الحلم : ضبط النفس عن هيجان الغضب وقيل : الحِلم : الأناة والتثبت في الأمور. وهو يحصل من الاعتدال في القوة الغضبية.
4- هذا يشير إلى ما كان في بني إسرائيل من صوم الصمت.

أبي حمزة قال : المؤمن خلط عمله بالحلم، يجلس ليعلم (1)، وينطق ليفهم، لا يحدث أمانته (2) الأصدقاء، ولا يكتم شهادته الأعداء ولا يفعل شيئاً من الحق رياء، ولا يتركه حياء، إن زكي (3) خاف ممّا يقولون، واستغفر اللّه ممّا لا يعلمون لا يغره قول من جهله، ويخشى إحصاء ما قد عمله.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنّه ليعجبني الرجل أن يُدْرِكَهُ حلمه عند غضبه.

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عليّ بن الحكم عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ يحبُّ الحيي الحليم.

5 - عنه، عن عليّ بن حفص العوسي الكوفي، رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما أعزّ اللّه بجهل قط، ولا أذل بحلم (4) قطّ».

6 - عنه، عن بعض أصحابه، رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كفى بالحلم ناصراً ؛ وقال : إذا لم تكن حليماً فتحلَّم (5).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عبد اللّه الحجّال، عن حفص ابن أبي عائشة قال : بعث أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) غلاماً له في حاجة فأبطأ، فخرج أبو عبد اله (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أثره لما أبطأ، فوجده نائماً فجلس عند رأسه يروحه (6) حتّى انتبه، فلما تنبه قال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا فلان واللّه ما ذلك لك، تنام الليل والنهار لك الليل ولنا منك النّهار.

8 - محمّد بن ي-ه بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ اللّه يحبُّ الحيي الحليم العفيف المتعفّف».

ص: 120


1- أي يتخير من المجالس ما كان مجلس تذاكر العلم وذلك بقصد التعلم.
2- أي لا يذيع ما اؤتمن عليه من سر حتّى للأصدقاء.
3- أي مُدح بخصاله الحسنة وأعماله الكريمة.
4- قد يراد بالحلم هنا العقل والعلم فيراد بما يقابله من الجهل عدم العقل والعلم. ويحتمل أن يراد به التأني والتثبت فيراد بما يقابله من الجهل التهور والحمق.
5- أي تكلّف الحلم، فإن ممارسة التكلّف له قد تجعل الإنسان حليماً في النهاية على نحو السجية.
6- الظاهر أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يحرك يديه فوق رأسه كالمروحة لتحريك الهواء فيكون ذلك سبباً في استغراقه بنوم مريح، وهذا منتهى الحلم.

9 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن أيّوب بن نوح، عن عباس بن عامر، عن ربيع بن محمّد المسلّي، عن أبي محمّد، عن عمران، عن سعيد بن يسار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا وقع بين رجلين منازعة نزل ملكان فيقولان للسفيه منهما : قلت وقلت (1) وأنت أهل لما قلت ستجزى بما قلت. ويقولان للحليم منهما : صبرت وحلمت سيغفر اللّه لك إن أتممت ذلك (2)، قال : فإن ردَّ الحليم عليه ارتفع الملكان (3).

باب الصمت وحفظ اللسان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر (4) قال : قال أبو الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من علامات الفقه (5) الحلم والعلم والصمت ؛ إن الصمت باب من أبواب الحكمة (6)، إنَّ الصمت يكسب المحبّة (7) إنه دليل على كلّ خير.

2 - عنه عن الحسن بن محبوب عن عبد اللّه بن سنان عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنما شيعتنا الخُرس (8).

3 - عنه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي علي الجواني، قال : شهدت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يقول لمولى له يقال له سالم - ووضع يده على شفتيه وقال : - يا سالم احفظ لسانك تسلم

ص: 121


1- التكرار لبيان كثرة الشتم وقول الباطل مرآة المجلسي 209/8.
2- أي فلم تردّ عليه.
3- «أي بعد حلمه عنه أوّلاً، ارتفع الملكان ساخطين عليهما ويكلانهما إلى الملكين ليكتبا عليهما قولهما، والرد بعد مبالغة الآخر في الشتم والفحش لا ينافي وصفه بالحلم لأنه قد حلم أولاً ومراتب الحلم متفاوتة» مرآة المجلسي 210/8.
4- هو البزنطي.
5- المقصود بالفقه هنا التدبر والتأمل في الأمور لا الفقه بالمعنى المصطلح.
6- لأن الّذي يشغل نفسه بالهذر وكثرة الكلام ينشغل فكره عن التأمل والتدبر في دقائق الأمور، ولذا فإن الصمت بترك الذهن فاعلاً مفكراً ممّا يؤدي إلى العلم وخاصة فيما لو كان مصغياً مستمعاً إلى من يؤدي إليه دقائق العلوم.
7- أي محبة اللّه لما يؤول إليه صمته من زيادة معرفته به سبحانه و بدينه ممّا يؤدي إلى زيادة خوفه منه. أو محبة النّاس، لأن أكثر المشاحنات والبغضاء بين النّاس إنما سببها اللسان وما يفرط منه من زلل القول. وفي معظم النسخ (الجنّة) بدل (المحبة).
8- «أي هم لا يتكلمون باللغو والباطل، وفيما لا يعلمون، وفي مقام التقية خوفاً على أئمتهم وأنفسهم واخوانهم...» مرآة المجلسي 211/8.

ولا تحمل النّاس على رقابنا (1).

4 - عنه، عن عثمان بن عيسى قال : حضرت أبا الحسن صلوات اللّه عليه وقال له رجل: أوصني، فقال له : احفظ لسانك تعزّ، ولا تمكّن النّاس من قيادك فتذلَّ رقبتك (2).

5 - عنه، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لرجل أتاه : «ألا أدلك على أمر يُدخلك اللّه به الجنّة»؟ قال: بلى يا رسول اللّه، قال : «أنل ممّا أنالك اللّه»، قال: فإن كنت أحوج ممّن أنيله؟ قال: «فانصر المظلوم»، قال : وإن كنت أضعف ممّن أنصره؟ قال: «فاصنع للأخرق (3) يعني أشر عليه» (4). قال : فإن كنت أخرق ممّن أصنع له؟ قال: «فأصْمِتْ لسانك إلّا من خير، أما يسرك أن تكون فيك خصلةٌ من هذه الخصال تجرُّك إلى الجنّة»؟.

6 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح (5)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لقمان لابنه : يا بنيَّ إن كنت زعمت أن الكلام من فضّة، فإنَّ السكوت من ذهب (6).

7 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن الحلبي، رفعه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أمسك لسانك، فإنّها (7) صدقة تصدّق بها على نفسك(8): ثمّ قال : ولا يعرف عبد حقيقة الإيمان حتّى يخزن من لسانه» (9).

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً،

ص: 122


1- أي لا تسلّطهم علينا نتيجة إطلاقك العنان للسانك في التحدث بما يثير حفيظتهم. والمقصود بالناس المخالفون لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
2- كناية عن تسليطهم عليه نتيجة هفوة لسان تصدر عنه تكون مستمسكاً لهم عليه.
3- الأخرق الأحمق الّذي لا يهتدي إلى الصواب في أمره. ومعنى اصنع له أي أسدِهِ معروفاً.
4- والمعروف هو أن توجهه في أمره الوجهة الصحيحة أو أن تشير عليه بالرأي الصائب في أي عمل لا يهتدي إلى وجه الصواب فيه.
5- الظاهر أنّه عبد اللّه بن ميمون القداح.
6- لا شك في أن الكلام خير من السكوت فلا بد من حمل هذا الحديث على ما إذا كان الكلام في لغو أو لهو أو باطل أو ما يجر إلى المشاحنات فعندئذٍ يكون السكوت خيراً منه.
7- أي خصلة إمساك اللسان.
8- «تشبيه الإمساك بالصدقة على النفس باعتبار أنّه ينفعها في الدنيا والآخرة كما أن الصدقة تنفع الفقير... الخ»، مرآة المجلسي 216/8.
9- أي يمسك به عن الباطل واللغو.

عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عبيد اللّه بن عليّ الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) (1). قال : يعني كفوا ألسنتكم.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن الحلبي، رفعه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «نجاة المؤمن [في] حفظ لسانه».

10 - يونس عن مثنّى، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كان أبو ذرّ - (رَحمهُ اللّه) - يقول : يا مبتغي العلم (2)، إنَّ هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك وَوَرِقِك (3).

11 - حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح (4)، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو ابن جميع، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان المسيح (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا تكثروا الكلام في غير ذكر اللّه، فإنَّ الّذين يكثرون الكلام في غير ذكر اللّه قاسية قلوبهم ولكن لا يعلمون (5).

12 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن أبي نجران، عن أبي جميلة عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال ما من يوم إلّا وكل عضو من أعضاء الجسد كفّر اللّسان (6) : يقول (7) : نشدتك اللّه أن نعذَّب فيك (8).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن إبراهيم بن مهزم الأسدي، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه (9) كلّ صباح فيقول : كيف أصبحتم ؟ فيقولون: بخير إن تركتنا،

ص: 123


1- النساء 77. ويبدو أن هذا تفسير منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لبطن الآية، وإلا فما ذكره المفسرون هنا أنّها نزلت في قوم بمكة من المسلمين أمروا بالصلاة والزكاة والكف عن قتال المشركين قبل أن ينزل الأمر بالجهاد فلما أمروا به شق عليهم وخافوا النّاس لما كانوا يرون من ضعفهم وقلة عددهم وقالوا : ربنا لم كتبت علينا القتال... الآية 77 من سورة النساء.
2- أي يا طالب العلم.
3- الوَرِق : الدراهم المضروبة.
4- واسمه الحسن بن على بقرينة رواية الخشاب عنه وروايته عن معاذ.
5- وفي هذا تنبيه على أن مطلق كثرة الكلام حتّى في المباحات يوجب قسوة القلب، والغفلة عن اللّه.
6- أي تخضع له وتتذلل وتستعطفه.
7- أي بلسان الحال.
8- أي سألتك وأقسمت عليك به أن تصمت لئلا نعذب بسببك.
9- كناية عن التسلط والاستعلاء.

ويقولون : اللّه اللّه فينا ويناشدونه ويقولون : إنّما نثاب ونعاقب بك(1).

14 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن قيس أبي إسماعيل - وذكر أنّه لا بأس به من أصحابنا - رفعه قال : جاء رجل (2) إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول اللّه أوصني، فقال : احفظ لسانك قال يا رسول اللّه أوصني قال : «احفظ لسانك»، قال يا رسول اللّه أوصني، قال : احفظ لسانك، ويحكَ : وهل يُكَبُّ النّاس على مناخرهم في النّار إلّا حصائد ألسنتهم»(3).

15 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عمّن رواه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من لم يحسب كلامه من عمله (4) كثرت خطاياه وحضر عذابه (5)».

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «يعذب اللّه اللسان بعذاب لا يعذب به شيئاً من الجوارح، فيقول : أي ربّ عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئاً، فيقال له : خرجت منك كلمة (6) فبلغت مشارق الأرض ومغاربها، فسُفِك بها الدَّمُ الحرام، وانتهب بها المال الحرام، وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي [وجلالي] لأعذبنك بعذاب لا أعذب به شيئاً من جوارحك (7)».

17 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إن كان في شيء شؤم (8) ففي اللسان».

18 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد والحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، جميعاً، عن الوشاء قال : سمعت الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كان الرّحل من بني إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين (9).

ص: 124


1- أي المدار في ما ينالنا من ثواب أو عقاب هو أنت أي بسببك نعاقب ونئاب.
2- روي من طرق أهل السنة أنّه معاذ بن جبل.
3- قال ابن الأثير : «يعني ما يقطعونه من الكلام الّذي لا خير فيه واحدتها حصيدة تشبيهاً بما يحصد من الزرع، وتشبيهاً للسّان وما يقطعه من القول بحد المنجل الّذي يحصد به».
4- أي من لم يعتبر أو يعد كلامه من جملة عمله الصادر عنه.
5- وذلك بحضور أسباب ذلك العذاب وهو أقواله الّتي تكون باللغو والباطل واللّهو وأنواع ما حُرّم عليه.
6- كالإفتاء بغير ما أنزل اللّه أو شهادة الزور الخ.
7- إما بتقدير أي جوارح صاحبك أو إيحاء إلى أنّه كان متسلطاً في الدنيا على جميع جوارح البدن وإنها كانت خاضعة تابعة له.
8- الشؤم : عدم اليمن وعدم الخير والمعنى: إن كان ما تخشى عاقبته في شيء ففي اللسان وذلك أمر صحيح لكثرة ما ينضح به من الفتن والهذر الّذي يكون وخيم العاقبة على صاحبه وعلى النّاس.
9- مر مضمون هذا الحديث بسند آخر عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في باب الحلم تحت رقم (1).

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن الغفاري، عن جعفر بن إبراهيم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من رأى موضع كلامه من عمله (1) قل كلامه إلّا فيما يعنيه (2)».

20 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، عن منصور بن يونس عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : في حكمة آل داود (3): على العاقل (4) أن يكون عارفاً بزمانه (5)، مقبلاً على شأنه (6)، حافظاً للسانه

21 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يزال العبد المؤمن يكتب محسناً ما دام ساكت (7) فإذا تكلّم كتب محسناً أو مسيئاً.

باب المداراة

باب المداراة (8)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ثلاث من لم يكن فيه لم يتم له عمل : ورع يحجزه (9) عن معاصي اللّه وخُلُق يداري به النّاس وحِلْم يرد به جهل الجاهل».

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن الحسن قال ؛ سمعت جعفراً (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : جاء جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا محمّد ربك يقرئك السلام ويقول لك : دارِ خَلْقي.

ص: 125


1- أي يعرف أن نسبة كلامه من مجموع عمله هي الرابية، لأن الكلام كما تقدم عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في الحديث (15) من هذا الباب هو من العمل.
2- أي فيعود عليه بالنفع ويهمه.
3- أي الزبور، أو الأعم منه ومما صدر عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) من الحكم والأقوال.
4- أي يجب على العاقل.
5- أي بأهل زمانه.
6- أي مهتما بشؤون نفسه ممّا يصلحها في الدين والدنيا.
7- هذا يدل إما على أن السكوت في حد ذاته محبوب مرغوب فيه يثاب صاحبه عليه، أو أنّه سكوت عن اللغو يرافقه انصراف إلى التفكر والتأمل بقصد الاعتبار أو التعلم.
8- المداراة والمداراة : تستعمل في معنيين متضادين، فهي كما في الصحاح : المخالفة والمدافعة. وقد تأتي بمعنى الملاطفه والملاينة والمداجاة والمخاتلة والاتقاء وهي هنا بمعنى الملاينة والملاطفة والاتقاء.
9- أي يحجره ويمنعه.

3 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : في التوراة مكتوب - فيما ناجى اللّه عزّ وجلّ به موسى بن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ) - يا موسى اكتم مكتوم سرّي في سريرتك(1)، وأظهر في علانيتك المداراة عني (2) لعدوّي وعدوّك من خلقي، ولا تستسب لي (3) عندهم بإظهار مكتوم سري فتشرك عدوك وعدوّي في سبيّ (4).

4 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حمزة بن بزيع، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «أمرني ربي بمداراة النّاس كما أمرني بأداء الفرائض» (5).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «مداراة النّاس نصف الإيمان، والرفق بهم نصف العيش». ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : خالطوا الأبرار سراً (6) وخالطوا الفجار (7) جهاراً ولا تميلوا عليهم فيظلموكم، فإنّه سيأتي عليكم زمان لا ينجو فيه من ذوي الدين إلّا من ظنوا أنّه أبله وصبر نفسه على أن يقال [له]: إنّه أبله لا عقل له.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن بعض أصحابه ؛ ذكره (8)، عن محمّد بن سنان، عن حذيفة ابن منصور قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ قوماً من النّاس قلت مداراتهم للناس فأنفُوا(9) من قريش، وأيم اللّه ما كان بأحسابهم بأس، وإنَّ قوماً من غير قريش حَسُنَت مداراتهم فألحقوا بالبيت الرفيع (10)، قال : ثمّ قال : من كفَّ يده عن النّاس فإنما يكف عنهم يداً واحدة ويكفّون عنه أيدي كثيرة.

ص: 126


1- أي في قلبك، لأن القلب هو موضع السر.
2- لما كان أصل الدرء الدفع وهو مأخوذ في المداراة عُديت بعنه الوافي ج 86/3.
3- «أي لا تطلب سبي فإن من لم يفهم السريسب من تكلم به» ن. م.
4- أي تكون شريكاً له في السب لأنك تسببت له به.
5- الصلوات الخمس أو مطلق ما افترضه عليّ.
6- المراد بمخالطة السر إما إيطان المحبة لهم، أو الاتصال بهم في السر.
7- الحكمة منه هو اتفاء شرهم ودفع عداوتهم، ولا يجوز أن تؤدي مخالطتهم إلى موادّتهم وإبطان المحبة لهم بل لا بد من إيطان البغض لهم.
8- أي ذكره عليّ بن إبراهيم ولكن الراوي نسي اسمه.
9- أي ضربت أنوفهم إضافة إلى نفيهم من الانتساب إلى قريش، وفي بعض النسخ (فألقوا) أي طردوا وأخرجوا
10- وهم بنو هاشم، أي أن مداجاة هؤلاء للظالمين وملاطفتهم لهم كانا سببا في جعل عطاء هؤلاء كعطاء من ينتسب إلى أشرف بيت في قريش وهم بنو هاشم.

باب الرفق

باب الرفق (1)

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عمّن ذكره، عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ لكلّ شيء قفلا وقفل الإيمان الرفق (2).

2 - وبإسناده قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من قسم له الرفق قسم له الإيمان.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن يحيى الأزرق، عن حماد بن بشير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ اللّه تبارك وتعالى رفيق يحبُّ الرّفق، فمن رِفْقِه بعباده تسليله أضغانهم (3) ومضادَّتهم (4) لهواهم وقلوبهم. ومن رفقه بهم أنّه يدعهم على الأمر يريد إزالتهم عنه (5) رفقاً بهم لكيلا يلقي عليهم عرى الإيمان (6) ومثاقلته جملة واحدة فيضعفوا، فإذا أراد ذلك نسخ الأمر بالآخر فصار منسوخاً.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن معاذ بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «الرفق يُمْن والخرقُ (7) شؤم».

5 - عنه، عن ابن محبوب، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ رفيق يحبُّ الرّفق، ويعطي (8) على الرفق ما لا يعطي على العنف

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ الرفق لم يوضع على شيء إلّا زانه، ولا نُزع من شيء إلّا شانه» (9).

ص: 127


1- الرفق كما في النهاية لين الجانب وهو خلاف العنف.
2- وذلك لأن من لم يرفق يعنف فيعنف عليه فيغضب فيحمله الغضب على قول أو فعل به يخرج الإيمان من قلبه، فالرفق قفل للإيمان يحفظه الوافي ج 86/3.
3- أي انتزاعه لأحقادهم وضغائنهم وإخراجها برفق. لأن التسليل انتزاع الشيء برفق.
4- أي وإخراج مضادة أهواء بعضهم لبعض وقلوب بعضهم لبعض تدريجاً وبرفق أيضاً. وهذا من لطفه سبحانه بهم.
5- هذا يشير إلى الحكمة في التدرج في تشريع الأحكام الإلهية.
6- أي أحكامه وشروطه وحدوده. وفي بعض النسخ عرى الإسلام.
7- الخرق الحمق، وهو ضد اليمن الّذي هو البركة.
8- أي من الخير في الدنيا والثواب في الآخرة.
9- أي عابه.

7 - علي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة عن عمرو بن المقدام، رفعه إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: «إنّ في الرّفق الزيادة والبركة، ومن يحرم الرّفق يحرم الخير».

8 - عنه، عن عبد اللّه بن المغيرة عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما زُوِيَ (1) الرفق عن أهل بيت إلّا زوي عنهم الخير.

9 - عدَّة من أصحابنا، أحمد عن بن أبي عبد اللّه عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن عليّ بن المعلّى عن إسماعيل بن يسار، عن أحمد بن زياد بن أرقم الكوفي، عن رجل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أيما أهل بيت أعطوا حظهم من الرفق فقد وسع اللّه عليهم في الرزق؛ والرفق في تقدير المعيشة خير من السعة في المال ؛ والرفق لا يعجز عنه شيء، والتبذير لا يبقى معه شيء (2)؛ إنَّ اللّه عزّ وجلّ رفيق يحبُّ الرّفق.

10 - عليّ بن إبراهيم رفعه عن صالح بن عقبة، عن هشام بن أحمر، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي - وجرى بيني وبين رجل من القوم كلام فقال لي -: ارفق بهم فإنَّ كفر أحدهم في غضبه ولا خير فيمن كان كفره في غضبه (3).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الرفق نصف العيش (4).

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ اللّه يحب الرفق ويعين عليه، فإذا ركبتم الدواب العُجْف(5) فانزلوها منازلها، فإن كانت الأرض مجدبة فانجوا عنها وإن كانت مخصبة فانزلوها منازلها (6)».

ص: 128


1- أي أبْعِدُ ونُحِي.
2- أي سلوك جانب الاقتصاد في المعيشة من دون إفراط ولا تفريط خير من الثراء الفاحش إذا لم يوجد معه تقدير واقتصاد لأن التبذير يذهب بالمال وإن كثر.
3- ولأن أكثر النّاس عند الغضب يتكلمون بكلمة الكفر وينسبون إلى اللّه سبحانه وإلى الأنبياء والأوصياء (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ما لا يليق بهم، وأي خير يتوقع ممّن لا يبالي عند الغضب من الخروج عن الإسلام واستحقاق القتل في الدنيا والعذاب الدائم في الآخرة....؟ مرآة المجلسي 240/8.
4- «أي نصف أسباب العيش الطيب، لأن رفاهية العيش إما بكثرة المال والجاه وحصول أسباب الغلبة أو بالرفق في المعيشة والمعاشرة بل هذا أحسن» ن. م.
5- أي الهزيلة.
6- هذا الحديث ينبه على أن الرفق ليس مطلوباً بالنسبة للتعامل مع الإنسان أيضاً بل لا بد من الرفق حتّى مع الحيوان الأعجم.

13 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن عثمان بن عيسى، عن عمرو - ابن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لو كان الرفق خلقاً يُرى ما كان ممّا خلق اللّه شيءٌ أحسن منه».

14 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن - ميمون، عمّن حدَّثه عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه رفيق يحب الرفق، ومن رفقه بكم تسليل أضغانكم ومضادة قلوبكم وإنه ليريد تحويل العبد عن الأمر فيتركه عليه حتّى يحوله بالناسخ (1)، كراهية تثاقل الحق عليه.

15 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما اصطحب اثنان إلّا كان أعظمهما أجراً وأحبّهما إلى اللّه عزّ وجلّ أرفقهما بصاحبه.

16 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن حسّان، عن الحسن بن الحسين، عن فضيل، ابن عثمان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من كان، فيقاً في أمره نال ما يريد من النّاس (2).

باب التواضع

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أرسل النجاشي (3) إلى جعفر بن أبي طالب وأصحابه (4) فدخلوا عليه وهو في بيت له جالس على التراب، وعليه خُلقان الثياب (5) قال : فقال جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فأشفقنا(6) منه حين رأيناه على تلك الحال فلما رأى ما بنا وتغيّر وجوهنا قال :

الحمد للّه الّذي نصر محمّداً وأقر عينه، ألا أبشركم ؟ فقلت: بلى أيّها الملك، فقال: إنّه

ص: 129


1- أي بالحكم النّاسخ الحكم ذلك الأمر، وذلك بعد أن يتركه مدة على الأوّل مراعاة لاعتياد نفسه عليه وألفته به.
2- وذلك لأن من طبيعة النّاس وسجيتهم أنهم إذا رأوا الرفق من شخص أحبوه وأعانوه وألقى اللّه في قلوبهم فلا يدعونه يشقى أو تتعسر أمور معيشته.
3- هو ملك الحبشة واسمه أصحمة بن بحر، آمن بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قبل الفتح، قيل بأنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) صلى عليه لما وافاه خبر موته.
4- وكانوا قد هاجروا من مكة إلى أرض الحبشة وهي الهجرة الأولى للمسلمين.
5- أي الثياب البالية.
6- أي خفنا.

جاءني الساعة من نحو أرضكم عينُ (1) من عيوني هناك فأخبرني أنَّ اللّه عزّ وجلّ قد نصر نبيه محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأهلك عدوه وأسر فلان وفلان التقوا بواد يقال له بدر كثير الأراك (2) الكأني أنظر إليه (3) حيث كنت أرعى لسيّدي هناك، وهو رجل من بني ضمرة فقال له جعفر : أيّها الملك فمالي أراك جالساً على التراب وعليك هذه الخُلقان ؟ فقال له : يا جعفر إنا نجد فيما أنزل اللّه على عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ من حقِّ اللّه على عباده أن يحدثوا له تواضعاً عندما يحدث لهم من نعمة، فلما أحدث اللّه عزّ وجلّ لي نعمة بمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، أحدثت اللّه هذا التواضع، فلما بلغ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال لأصحابه : «إنَّ الصدقة تزيد صاحبها كثرة فتصدقوا يرحمكم اللّه، وإنَّ التواضع يزيد صاحبه رفعة، فتواضعوا يرفعكم اللّه، وإنَّ العفو يزيد صاحبه عزاً، فاعفوا يعزكم اللّه»

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : إِنَّ في السماء مَلَكَين موكلين بالعباد، فمن تواضع للّه رفعاه ومن تكبر وضعاه.

3 - ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أفطر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عشيّة خميس في مسجد قبا، فقال: «هل من شراب»؟ فأتاه أوس بن خولي الأنصاري بعسر (4) مخيض بعسل، فلما وضعه على فيه نحاه، ثمّ قال: «شرابان يكتفى بأحدهما من صاحبه، لا أشربه ولا أحرمه ولكن أتواضع اللّه، فإنَّ من تواضع للّه رفعه اللّه، ومَن تكبر فضه اللّه، ومَن اقتصد في معيشته رزقه اللّه، ومن بذر حرمه اللّه، ومن أكثر ذكر الموت أحبّه اللّه» (5).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن داود الحمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، مثله وقال : من أكثر ذكر اللّه أظلّه اللّه. في جنّته(6).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن العلاء بن رزين، عن محمّدبن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يذكر أنّه أتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَلَك

ص: 130


1- أي جاسوس.
2- نوع من الشجر معروف.
3- هذا من تتمة كلام النجاشي، والضمير يعود إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، ويروى بأن النجاشي هو طفل باعه أهله لرجل من الحجاز على ما يبدو لئلا يصبح الملك بعد أبيه وليستولوا على الملك. ثمّ اضطروا إلى استرداده وتوجوه ملكا.
4- العُسَ : قدح ضخم جمعه عِسَاس.
5- لأن كثرة ذكر الموت تستلزم الانزواء عن الدنيا وشدة التعلق بالآخرة وحب لقاء اللّه، ومن أحب لقاء اللّه أحب اللّه لقاءه.
6- أي أظله اللّه برحمته يوم لا ظل إلّا ظله، وهو من لطفه سبحانه بعباده المؤمنين، الّذي يؤدي بهم إلى الجنّة.

فقال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ يخيّرك أن تكون عبداً رسولاً متواضعاً أو مَلَكاً رسولاً، قال : فنظر إلى جبرئيل (1)، وأومأ بيده (2) أن تواضع، فقال : عبداً متواضعاً، رسولاً، فقال الرسول (3) : «مع أنّه لا ينقصك ممّا عند ربّك شيئاً»، قال (4) : ومعه مفاتيح خزائن الأرض»(5).

6 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من التواضع أن ترضى بالمجلس دون المجلس (6)، وأن تسلم على من تلقى، وأن تترك المراء (7) وإن كنت محقاً، وأن لا تحبَّ أن تحمد على التقوى.

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن يقطين، عمّن رواه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يا موسى : أتدري لم اصطفيتك بكلامي (8) دون خلقي ؟ قال : يا ربِّ ولم ذاك؟ قال : فأوحى اللّه تبارك وتعالى إليه أن يا موسى إنّي قلبت عبادي ظهراً لبطن، فلم أجد فيهم أحداً أذلُّ لي نفساً منك، يا موسى إنك إذا صليت وضعت خدَّك على التراب - أو قال (9) : على الأرض -.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال : مرَّ عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما على المجذّمين (10) وهو راكب حماره وهم يتغدُّون، فدعوه إلى الغداء، فقال : أما إنّي لولا أني صائم لفعلت، فلما صار إلى منزله أمر بطعام، فصُنع وأمر أن يتنوّقوا فيه (11)، ثمّ دعاهم فتغدوا عنده وتغدى معهم.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان بن عيسى، عن هارون ابن خارجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ من التواضع أن يجلس الرجل دون شرفه (12).

ص: 131


1- كأن نظره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان للاستشارة فيما ينبغي عليه أن يجيب.
2- الضمير يرجع إلى جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي الملك المنزل.
4- أي الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- أي والحال أن الملك عندما خيّر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يحمل معه ما يتمكن به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عند اختياره الشق الثاني من فتح خزائن الأرض.
6- أي أقل شرفاً ووجاهة من المجلس الّذي تستحقه.
7- أي الخصومة والجدل.
8- أي بأن كلمتك مباشرة من وراء حجاب.
9- الترديد من الراوي.
10- أي المصابين بمرض الجذام وهو البرص.
11- أي يتقنوا صنعه ويتأنقوا في إعداده.
12- أي في المجلس الّذي هو أدون ممّا يستحقه بمقتضى مقامه وشرفه وذلك بدافع التواضع.

10 - عنه، عن ابن فضّال ومحسن بن أحمد عن يونس بن يعقوب قال : نظر أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى رجل من أهل المدينة قد اشترى لعياله شيئاً وهو يحمله، فلما رآه الرجل استحيى منه، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اشتريته لعيالك وحملته إليهم، أما واللّه لولا أهل المدينة لأحببت أن أشتري لعيالي الشيء ثمّ أحمله إليهم.

11 - عنه عن أبيه، عن عبد اللّه بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: فيما أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) يا داود: كما أن أقرب النّاس من اللّه المتواضعون كذلك أبعد النّاس من اللّه المتكبرون.

12 - عنه عن أبيه، عن عليّ بن الحكم رفعه إلى أبي بصير قال: دخلت على أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في السنة الّتي قُبض فيها أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت : جعلت فداك مالك ذبحت كبشاً ونحر فلان بدنة (1)؟ فقال : يا أبا محمّد إنّ نوحاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان في السفينة وكان فيها ما شاء اللّه، وكانت السفينة مأمورة فطافت بالبيت وهو طواف النساء، وخلّى سبيلها نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأوحى اللّه عزّ وجلّ إلى الجبال أنّي واضع سفينة نوح عبدي على جبل منكنَّ، فتطاولت وشمخت(2) وتواضع الجودي وهو جبل عندكم، فضربت السفينة بجؤجؤها (3) الجبل، قال: فقال نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند ذلك : يا ماري اتقن وهو بالسريانية [يا] ربِّ أصلح، قال : فظننت أن أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عرض بنفسه (4).

13 - عنه، عن عدَّة من أصحابه، عن عليّ بن أسباط عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : التواضع أن تعطي النّاس ما تحبُّ أن تُعطاه.

وفي حديث آخر قال : قلت : ما حد التواضع الّذي إذا فعله العبد كان متواضعاً؟ فقال التواضع درجات منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم، لا يحب أن يأتي إلى أحد إلّا مثل ما يؤتى إليه، إن رأى سيئة درأها (5) بالحسنة، كاظم الغيظ عاف عن النّاس، واللّه يحب المحسنين.

ص: 132


1- البدنة : من الإبل والبقر كالأضحية من الغنم تُهدى إلى مكة فتنحر أو تذبح بها سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها جمعها بَدَنات ويُدن. وقوله فلان لعله إشارة إلى أحد الأشراف الّذين كانوا من المنظورين في زمن الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- أي ارتفعت وعلت وشمخ الرجل بأنفه : تكبر.
3- أي صدرها ومقدّمها.
4- «أي غرضه من هذا التمثيل بيان أنّه اختار الكبش للتواضع وهو مورث للعزة في الدارين... ويحتمل أن يكون في ذلك تقية أيضاً» مرآة المجلسي 255/8. والتعريض : خلاف التصريح.
5- أي دفعها وردّها.

باب الحب في اللّه والبغض في اللّه

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وأحمد بن محمّد بن خالد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وسهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من أحب اللّه، وأبغض اللّه (1)، وأعطى اللّه فهو ممّن كمل إيمانه.

2 - ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مِن أوْثَقِ عُرى الإيمان أن تحب في اللّه وتبغض في اللّه، وتعطي في اللّه، وتمنع في اللّه.

4 - ابن محبوب، عن أبي جعفر محمّد بن النعمان الأحول صاحب الطاق، عن سلام ابن المستنير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ودّ (2) المؤمن للمؤمن في اللّه من أعظم شُعَب (3) الإيمان، ألا ومن أحب في اللّه، وأبغض في اللّه، وأعطى في اللّه ومنع في اللّه فهو من أصفياء اللّه» (4).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن عليّ ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول: إنَّ المتحابين في اللّه يوم القيامة على منابر من نور، قد أضاء نور وجوههم ونور أجسادهم ونور منابرهم كلّ شيء حتّى يُعرفوا به، فيقال : هؤلاء المتحابون في اللّه.

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حماد، عن حريز عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الحبّ والبغض، أمِنَ الإيمان هو ؟ فقال : وهل الإيمان إلّا الحب والبغض ؟ ثمّ تلا هذه الآية : (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (5).

ص: 133


1- أي أحب من أحبّ لأن اللّه يحبه وأمر بحبه من الأنبياء والأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ) والصلحاء من المؤمنين لا للأغراض الدنيوية... وأبغض من أبغض لأن اللّه يبغضه وأمر ببغضه من أئمّة الضلالة والكفار والمشركين والمخالفين والظلمة والفجّار لمخالفتهم اللّه تعالى مرآة المجلسي 257/8.
2- أي حبّ.
3- أي أجزاء وفروع.
4- أي محبي اللّه المصافين الخُلّص.
5- الحجرات / 7 وزيّنه : أي حسن لكم الإيمان بلطفه سبحانه. والفسوق الكذب. وقيل : الخروج عن الطاعة إلى المعصية.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ؛ عن محمّد بن عيسى، عن أبي الحسن عليّ بن يحيى - فيما أعلم - عن عمرو بن مدرك الطائي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لأصحابه : «أيُّ عُرى الإيمان أوثق»؟ فقالوا : اللّه ورسوله أعلم، وقال بعضهم الصلاة وقال بعضهم : الزَّكاة. وقال بعضهم : الصيام. وقال بعضهم : الحجّ والعمرة وقال بعضهم الجهاد فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لكلّ ما قلتم فضل وليس به (1)، ولكن أوثق عرى الإيمان الحبُّ في اللّه والبغض في اللّه وتوالي أولياء اللّه (2) والتبري من أعداء اللّه».

7 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن عمر بن جبلة الأحمسي، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «المتحابون في اللّه يوم القيامة على أرض زبرجدة خضراء، في ظل عرشه (3) عن يمينه - وكلتا يديه يمين (4) - وجوههم أشدُّ بياضاً وأضوء من الشمس الطالعة، يغبطهم (5) بمنزلتهم كلّ مَلَك مُقَرَّب وكلُّ مرسل»، يقول النّاس : من هؤلاء؟ فيقال : هؤلاء المتحابون في اللّه.

8 - عنه، عن أبيه، عن النضر بن سويد عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا جمع اللّه عزّ وجلّ الأولين والآخرين قام مناد فنادى يسمع النّاس فيقول : أين المتحابون في اللّه، قال : فيقوم عُنق من النّاس فيقال لهم : اذهبوا إلى الجنّة بغیر حساب قال : فتلقاهم الملائكة فيقولون : إلى أين؟ فيقولون : إلى الجنّة بغير حساب، قال : فيقولون : فأي ضرب (6) أنتم من النّاس ؟ فيقولون نحن المتحابون في اللّه، قال : فيقولون : وأي شيء كانت أعمالكم (7)؟ قالوا : كنا نحبُّ في اللّه ونبغض في اللّه، قال : فيقولون : نعم أجر العاملين.

ص: 134


1- أي ليس ذلك الفضل ممّا يجعله هو أوثق عرى الإيمان.
2- أي الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) الّذين جعلهم اللّه سبحانه حججه على خلقه بعد نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وتواليهم مودتهم ونصرتهم والأخذ بسنتهم والاهتداء بهديهم ومتابعتهم، والبراءة من أعدائهم.
3- أي في ظل رحمته يوم لا ظل إلّا ظله.
4- قال في النهاية : أي أن يديه تبارك وتعالى بصفة الكمال لا نقص في واحدة منهما، لأن الشمال ينقص عن اليمين، وكل ما جاء في القرآن والحديث من إضافة اليد والأيدي واليمين وغير ذلك من أسماء الجوارح إلى اللّه فإنما هو على سبيل المجاز والاستعارة واللّه سبحانه منزّه عن التشبيه والتجسيم
5- أي يتمنى منزلتهم من دون أن يحب زواله عنهم فهو ليس من الحسد في شيء.
6- يعني : أي صنف أو أي مثل أو أي نوع أو أي شكل الح.
7- أي في الدنيا.

9 - عنه، عن عليّ بن حسّان عمّن ذكره عن داود بن فرقد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ثلاث من علامات المؤمن علمه باللّه ومن يحبُّ ومن يبغض (1).

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن الرّجل ليحبكم (2) وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله اللّه الجنّة بحبّكم، وإنَّ الرَّجل ليبغضكم وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله اللّه ببغضكم النار.

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن العرزمي، عن أبيه، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا أردت أن تعلم أنَّ فيك خيراً فانظر إلى قلبك، فإن كان يحبّ أهل طاعة اللّه ويبغض أهل معصيته ففيك خير واللّه يحبّك، وإن كان يبغض أهل طاعة اللّه ويحبّ أهل معصيته (3) فليس فيك خير واللّه يبغضك، والمرء مع من أحبَّ(4).

12 - عنه، عن أبي علي الواسطي عن الحسين بن أبان، عمّن ذكره، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لو أنَّ رجلاً أحب رجلا اللّه (5)، لأثابه اللّه على حبّه إياه وإن كان المحبوب في علم اللّه من أهل النار، ولو أنَّ رجلاً أبغض رجلا اللّه (6)، لأثابه اللّه على بغضه إياه وإن كان المبغض في علم اللّه من أهل الجنّة.

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بشير الكناسي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قد يكون حب في اللّه ورسوله وحب في الدنيا (7)، فما كان في اللّه ورسوله فثوابه على اللّه، وما كان في الدنيا فليس بشيء.

14 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان عيسى، عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ المسلمين يلتقيان، فأفضلهما (8) أشدُّهما حبّاً، لصاحبه (9).

ص: 135


1- أى علمه بمن يحبه اللّه أو يبغضه فيحبه هو بدوره ويبغضه.
2- أي معاشر الشيعة.
3- أي يبغض الصنف الأوّل لضرر دنيوي لحقه منهم ويحب الصنف الثاني لنفع دنيوي لحقه منهم.
4- أي في الآخرة، كما هو الحال في الدنيا.
5- أي وكان ظاهره الصلاح والإيمان.
6- أي وكان ظاهر الفساد والانحراف والفسوق والظلم أو الكفر.
7- أي من أجل الدنيا ومنافعها وحطامها.
8- أي عند اللّه.
9- أي في اللّه.

15 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر وابن فضّال، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما التقى مؤمنان قط إلّا كان أفضلهما أشدّهما حبّاً لأخيه.

16 - الحسين بن محمّد، عن محمّد بن عمران السبيعي عن عبد اللّه بن جبلة عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كلّ من لم يحبّ على الدين، ولم يبغض على الدين، فلا دين له (1).

باب ذم الدنيا والزهد فيها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن الهيثم بن واقد الحريري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من زهد في الدنيا (2) أثبت اللّه الحكمة (3) في قلبه وأنطق بها لسانه وبصره عيوب الدنيا داءها (4) ودواءها (5)، وأخرجه من الدنيا سالم (6) إلى دار السلام (7).

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، وعليّ بن محمّد القاساني، جميعاً، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزّهد في الدنيا، ثمّ قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لا يجد الرَّجل حلاوة الإيمان في قلبه حتّى لا يبالي من (8) أكل الدّنيا. ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتّى تزهد في الدنيا».

ص: 136


1- أي فلا دين كامل أو تام له. لأن الحب في اللّه والبغض في اللّه كما مر هو من جملة الإيمان. اللّهمّ إلّا إذا لم يحب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً اللّه، ولم يبغض أئمّة الضلالة ويتبرأ منهم لأنهم أعداء اللّه ورسوله والأئمّة وإنما أبغضهم لعدم وصول نفع إليه منهم فهذا لا دين له حقيقة.
2- أي تركها ورغب عنها رغبة منه فيما عند اللّه من الثواب والجنّة والرضوان.
3- «الحكمة العلوم الحقة المقرونة بالعمل، أو العلوم الربانية الفائضة من اللّه تعالى بعد العمل بطاعته» مرآه المجلسي 267/8.
4- من شهواتها وزخارفها وكثرة المعاصي من أهلها.
5- وهوا التجافي عنها، والتدبر في أحوال أهلها ومالهم فيها وفي الآخرة، وتذكر ما حذر اللّه عباده منها وإنها لعب ولهو وزينة الخ، كلّ ذلك يجعله محصناً تجاه مغرياتها وأمراضها.
6- أي من الذنوب خطايا والأمراض الخلقية والنفسية.
7- أي الجنّة.
8- على تقدير كونه مصدراً فالمعنى : إنه راغب عن الدنيا غير مهتم بالّذي انقادت له إنساناً كان أو حيواناً. وعلى تقدير كونه حرف جر فالمعنى: أنّه لا يهتم بحطام الدنيا والتقلب في بهارجها.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أيّوب الخزاز، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدُّنيا (1).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعليّ بن محمّد، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان ابن داود المنقري، عن عليّ بن هاشم بن البريد عن أبيه، أنَّ رجلاً سأل عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الزُّهد، فقال: عشرة أشياء، فأعلى درجة عن الزُّهد أدنى درجة الورع، وأعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين، وأعلى درجة اليقين أدنى درجة الرّضا، ألا وإنَّ الزهد في آية من كتاب اللّه عزّ وجلّ : (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) (2).

5 - وبهذا الإسناد عن المنقري، عن سفيان بن عيينة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يقول : كلّ قلب فيه شكٍّ أو شرك فهو ساقط، وإنّما أرادوا بالزهد في الدُّنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة (3).

6 - علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن علامة الراغب في ثواب الآخرة، زهده في عاجل زهرة الدُّنيا (4)، أما إنَّ زهد الزاهد في هذه الدُّنيا لا ينقصه ممّا قسم اللّه عزّ وجلّ له فيها وإن زهد ؛ وإن حرص الحريص على عاجل زهرة [الحياة] الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص فالمغبون من حرم حظه من الآخرة.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى الخثعمي، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما أعجب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) شيء من الدُّنيا إلّا أن

ص: 137


1- «ذلك لأن الاشتغال بالدنيا... مانع عظيم من تفرّغ القلب للأمور الدينية وتفكره فيها بل حبها لا يجتمع اللّه تعالى وطاعته وطلب الآخرة» مرآة المجلسي 269/8.
2- الحديد 23. وقد مر صدر هذا الحديث في باب الرضا بالقضاء تحت رقم (10) وبنفس السند عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- مر هذا الحديث في ذيل حديث سابق في باب أن السكينة هي الإيمان من هذا المجلد تحت رقم (5) وبنفس الإسناد عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعلقنا عليه، ولكن ورد هناك: «كلّ قلب في شرك أوشك...».
4- هذا أيضاً يشير إلى عدم إمكان اجتماع حب الدنيا وحب الآخرة في قلب رجل واحد، لأن الإنسان بمقدار تعلقه بالدنيا الفانية تنقطع صلته بالآخرة الباقية وعلى ضوء ذلك يفهم قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في نهاية الحديث : فالمغبون... الخ أي الخاسر، ولا إشكال في أن من باع آخرته الباقية بدنياه الفانية فهو في خسران مبين وهذا لا ينافي العمل والسعي في الدنيا من أجل تحصيل قوته وقوت عياله فهذا ليس من طلب الدنيا المذموم إذ لا يوجب ذلك انغماسه في الدنيا ولا نسيانه أمر الآخرة. لأن سعيه بذاك المقدار ممّا هو مأمور به من قبل الشارع فهو طاعة من الطاعات ولذا فهو عائد إلى الآخرة لا إلى الدنيا في الحقيقة.

يكون فيها جائعاً (1) خائفاً (2).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : خرج النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وهو محزون، فأتاه ملك ومعه مفاتيح خزائن الأرض، فقال : يا محمّد هذه مفاتيح خزائن الأرض يقول لك ربّك : افتح وخذ منها ما شئت من غير أن تنقص شيئاً عندي، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : الدنيا دار من لا دار له (3) ولها يجمع من لا عقل له فقال الملك : والّذي بعثك بالحقّ نبياً، لقد سمعت هذا الكلام من ملك يقوله في السماء الرابعة، حين أعطيت المفاتيح.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مرَّرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِجَدْي أسَكَ (4) ملقى على مزبلة ميتاً، فقال لأصحابه : كم يساوي هذا؟ فقالوا لعله لو كان حيّاً لم يساو درهماً، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «والّذي نفسي بيده للدنيا أهون على اللّه من هذا الجدي على أهله» (5).

10 - عليّ بن إبراهيم، عن عليّ بن محمّد القاساني، عمّن ذكره، عن عبد اللّه بن القاسم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا أراد اللّه بعبد خيراً زهده في الدنيا، وفقهه في الدين، وبصره عيوبها، ومن أوتيهنَّ (6) فقد أوتي خير الدنيا والآخرة ؛ وقال : لم يطلب أحد الحقَّ بباب (7) أفضل من الزهد في الدنيا، وهو (8) ضد لما طلب أعداء الحق، قلت: جعلت فداك ممّا ذا(9)؟ قال : من الرغبة فيها، وقال : ألا من صبار كريم (10)، فإنّما هي أيام قلائل، ألا إنه حرام عليكم أن تجدوا طعم الإيمان حتّى تزهدوا في الدنيا.

قال : وسمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا تخلى المؤمن من الدنيا سما (11) ووجد حلاوة حبّ

ص: 138


1- إما بسبب الصوم أو لإيثاره الغير على نفسه فيما يملكه من قوت أو لأن الجوع يذكره بيوم القيامة وهكذا.
2- أي من أهوال يوم القيامة أو من اللّه سبحانه لأنه خوف يوجب تأمينه من غضبه في الدارين أو من العدو في الجهاد.
3- أي ليس له في الآخرة نصيب، إذ الدارداران لا ثالث لهما، فإذا لم يكن له دار غير الدنيا، فالآخرة ليست له.
4- أي مقطوع الأدنين.
5- أي أصحابه، تمثيل لحقارة شأن الدنيا وهوانها على اللّه، ولذا يعطيها من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الآخرة إلّا من يحب.
6- أي من أعطي تلك الخصال الثلاث.
7- أي بسبب ووسيلة.
8- أي الزهد.
9- هو طلب توضيح من السائل لما طلبه أعداء الحق.
10- أي ألا يوجد إنسان كريم كثير الصبر على الدنيا ومصائبها وبلاءاتها؟.
11- أي شرف وكرم وعلا عن الأمراض الدنيوية والنقائص الأخلاقية.

اللّه، وكان عند أهل الدنيا كأنه قد خولط (1)، وإنّما خالط القومَ حلاوة حبّ اللّه، فلم يشتغلوا بغيره قال وسمعته يقول : إن القلب إذا صفا ضاقت به الأرض حتّى يسمو.

11 - علي، [عن أبيه]، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد، عن الزهري محمّد بن مسلم بن شهاب قال : سُئل عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيُّ الأعمال أفضل عند اللّه عزّ وجلّ؟ فقال : ما من عمل بعد معرفة اللّه جل وعزَّ ومعرفة رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أفضل من بغض الدنيا، وإنَّ لذلك لشعباً كثيرة، وللمعاصي شعباً، فأول ما عُصي اللّه به الكبر، وهي معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من الكافرين ؛ والحرص وهي معصية آدم (2) وحوّا حين قال اللّه عزّ وجلّ لهما : (كلا منها رَغَداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) (3). فأخذا ما لا حاجة بهما إليه فدخل ذلك (4) على ذريتهما إلى يوم القيامة، وذلك أنَّ أكثر ما يطلب ابن آدم مالا حاجة به إليه، ثمّ الحسد، وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعب من ذلك حبّ النساء، وحبّ الدنيا، وحبّ الرئاسة، وحبّ الراحة، وحبّ الكلام، وحبّ العلوّ والثروة، فصرن سبع خصال، فاجتمعن كلّهنَّ في حبّ الدّنيا، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك : حبُّ الدنيا رأس كلّ خطيئة والدنيا دنيا آن: دنيا بلاغ (5) ودنيا ملعونة.

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إنَّ في طلب الدنيا (6) إضراراً بالآخرة وفي طلب الآخرة إضراراً بالدّنيا، فأضروا بالدنيا فإنّها أولى بالإضرار».

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن أبي

ص: 139


1- أي اختل عقله وذلك أوضح ما يكون في موقف الأمم على امتداد العصور من أنبيائها حيث كانوا يرمونهم بالجنون.
2- لقد مر معنا أن إطلاق المعصية على فعل آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنما هو إطلاق مجازي لأن مخالفته إنما كانت نهي تنزيهي لا تحريمي، وهي من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين.
3- البقرة/ 35. والرغد : سعة العيش.
4- أي الأخذ زيادة على الحاجة والضرورة أو الحرص.
5- أي كفاية، أو كفاف.
6- طلب الدنيا الّذي يضر بالآخرة هو طلب زخارفها وبهارجها وذلك عن أي طريق كان حتّى طريق ارتكاب المعاصي والكبائر وترك الطاعات والقربات فمثل ذلك ممّا يضر بآخرة الإنسان بلا ريب، وكذلك طلب الآخرة الّذي يضر بدنيا البلاغ فهو عبارة عن الترهب والانقطاع عن الدنيا والسياحة في الأرض ولبس المسوح وهذا أيضاً ممّا هو منهي عنه. وعليه فمضمون الحديث يشير إلى المعنى الأوّل لطلب الدنيا وعليه فهو نهي عن سلوك طريقه، ولا منافاة بينه وبين وجوب السعي لتأمين قوته وقوت عياله إذ إن هذا المقدار من الدنيا لا يضر بالآخرة كما مر.

أيوب الخزاز، عن أبي عبيدة الحذاء قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : حدّثني بما أنتفع به. فقال : يا أبا عبيدة أكثر ذكر الموت، فإنّه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلّا زهد في الدنيا.

14 - عنه، عن عليّ بن الحكم عن الحكم بن أيمن عن داود الأبزاري قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : مَلَكٌ ينادي كلّ يوم : ابن آدم لذ للموت واجْمَع للفناء وابن للخراب.

15 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن أبان عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما : إنَّ الدنيا قد ارتحلت مديرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكلّ واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، [ألا] وكونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة.

ألا إِنَّ الزاهدين في الدنيا اتخذوا الأرض بساطاً، والتراب فراشاً، والماء طيباً، وقُرَّضوا من الدنيا تقريضاً (1).

ألا ومن اشتاق إلى الجنّة سلا (2) عن الشهوات، ومن أشفق من النّار رجع عن المحرمات ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب.

ألا إنَّ اللّه عباداً كمن رأى (3) أهل الجنّة في الجنّة مخلّدين، وكمن رأى أهل النّار في النّار معذبين شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة، أنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، صبروا أياماً قليلة، فصاروا بعقبى راحة طويلة، أما الليل فصافون أقدامهم (4) تجري دموعهم على خدودهم وهم يجأرون (5) إلى ربهم يسعون في فكاك رقابهم (6)، وأما النهار فحلماء، علماء، بررة، أتقياء، كأنهم القداح (7)، قد براهم الخوف (8) من العبادة، ينظر إليهم الناظر فيقول : مرضى - وما بالقوم من مرض (9) - أم خولطوا فقد خالط القوم أمرٌ عظيم ؛ من ذكر النّار وما فيها(10).

ص: 140


1- على بناء المفعول من القرض بمعنى القطع، وبناء التفعيل للمبالغة، وقيل : بمعنى التجاوز من قرضت الوادي إذا جزته أو بمعنى العدول من قرضت المكان إذا عدلت عنه مرآة المجلسي 287/8.
2- أي انصرف عنها وتركها، أو نسيها.
3- «أي صاروا من اليقين بمنزلة المعاينة»، والرؤية هنا قلبية.
4- أي للصلاة.
5- أي يتضرعون إلى اللّه رافعين أصواتهم بالدعاء.
6- أي من النار.
7- أي السهام والنبال.
8- أي نحتهم.
9- أي يظن أنهم مرضى الصفرة وجوههم ونحافة أبدانهم، مخطأ ظنه وقال وما بالقوم من مرض، بل هم الأصحاء من الأدواء النفسانية والأمراض القلبية الخ، مرآة المجلسي 290/8.
10- والحاصل أنهم لما كانوا لشدة اشتغالهم بحب اللّه وعبادته واعتزالهم عن عامة الخلق ومباينة أطوارهم لأطوارهم وأقوالهم لأقوالهم ويسمعون منهم ما هو فوق إدراكهم وعقولهم فتارة ينسبونهم إلى المرض الجسماني وتارة إلى المرض الروحاني وهو الجنون واختلاط العقل بما يفسده فأجاب (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الأوّل بالنفي المطلق، وعن الثاني بأن المخالطة متحققة لكن لا بما يفسد العقل، بل بما يكمله من خوف النّار وحب الملك الغفار ن. م.

16 - عنه عن عليّ بن الحكم عن أبي عبد اللّه المؤمن عن جابر قال: دخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا جابر واللّه إنّي لمحزون، وإنّي لمشغول القلب، قلت : جعلت فداك وما شَغَلَك؟ وما حَزَنَ قلبك ؟ فقال : يا :جابر : إنه من دخل قلبه صافي خالص دين اللّه (1) شغل قلبه عما سواه ؛ يا جابر ما الدنيا وما عسى أن تكون الدنيا هل هي إلّا طعام أكلته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها (2) ؟ !.

يا جابر: إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا ببقائهم فيها (3)، ولم يأمنوا قدومهم الآخرة ؛ يا جابر الآخرة دار قرار، والدُّنيا دار فناء وزوال، ولكن أهل الدنيا أهل غفلة، وكأنَّ المؤمنين هم الفقهاء أهل فكرة وعبرة، لم يُصمّهم عن ذكر اللّه جلَّ اسمه ما سمعوا بآذانهم (4)، ولم يُعمهم عن ذكر اللّه ما رأوا من الزينة بأعينهم، ففازوا بثواب الآخرة، كما فازوا بذلك العلم. واعلم يا جابر: أنَّ أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة وأكثرهم لك معونة، تذكر(5) فيعينونك وإن نسيت ذكروك، قوالون بأمر اللّه، قوامون على أمر اللّه، قطعوا محبّتهم بمحبة ربِّهم، ووحشوا الدّنيا (6) لطاعة مليكهم، ونظروا إلى اللّه عزّ وجلّ وإلى محبته بقلوبهم، وعلموا أن ذلك هو المنظور إليه، لعظيم شأنه، فأنزل الدنيا كمنزل نزلته ثمّ ارتحلت عنه، أو كمال. وجدته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء، إنّي [إنما] ضربت لك هذا مثلاً، لأنها عند أهل اللب(7) والعلم باللّه كفىء الظلال (8) ؛ یا جابر فاحفظ ما استرعاك اللّه (9) جلَّ وعزَّ من دينه وحكمته، ولا تسألن عمّا لك عنده إلّا ماله عند نفسك، فإن تكن الدنيا على غير ما وصفت لك فتحوّل إلى دار المستعتب (10)، فلعمري لَرُبَّ حريص على أمر قد شقي به حين أتاه، ولرب

ص: 141


1- أي المحبة الصافية اللّه المكتسبة من خالص دينه سبحانه وهو الإسلام.
2- أي نكحتها والتمثيل بهذه الأمور الثلاثة لبيان حقارة الدنيا وحقارة لذاتها وسرعة زوالها وانقضائها.
3- أي لم يلههم طول الأمل فينسيهم العمل للآخرة.
4- أي ما سمعوا بآذانهم عن وصف بهارج الدنيا وزينتها، وأحوال الأمم الماضية في تقلبهم في زخرفها وقصورها وجاهها وسلطانها، ووصف لذائذ طعامها وشرابها وشهواتها الخ.
5- أي تسألهم حاجتك.
6- أي لم يأنسوا بها.
7- أي العقل.
8- أي هي في سرعة زوالها وتحولها كفيء الظلال.
9- أي ما استودعك واستحفظك.
10- أي «إن تكن الدنيا عندك على غير ذلك فانتقل إلى مقام التوبة والاستعتاب والاسترضاء فإن هذه عقيدة فاسدة» مرأة المجلسي 295/8 نقلاً عن بعض الأفاضل.

كاره لأمر قد سعد به حين أتاه، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ : (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) (1).

17 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أبو ذر - (رَحمهُ اللّه) -: جزى اللّه الدّنيا عنّي مذمّةً بعد رغيفين من الشعير أتغدى بأحدهما وأتعشّى بالآخر، وبعد شملتي الصوف أنزر بإحداهما وأتردّى بالأخرى (2).

18 - وعنه، عن عليّ بن الحكم عن المثنى، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبو ذر – (رضي اللّه عنه) - يقول في خطبته : يا مبتغي العلم : كأَنَّ شيئاً من الدنيا لم يكن شيئاً إلّا ما ينفع خبره ويضر شره إلّا من رحم اللّه (3) ؛ يا مبتغي العلم : لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك، أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثمّ غدوت عنهم إلى غيرهم، والدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره، وما بين الموت والبعث إلّا كنومة نمتها ثمّ استيقظت منها ؛ يا مبتغي العلم قدم لمقامك بين يدي اللّه عزّ وجلّ، فإنّك مثاب بعملك، كما تدين تدان، يا مبتغي العلم.

19 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «مالي وللدنيا (4)، إنّما مثلي ومثلها كمثل الراكب رفعت له شجرة في يوم صائف (5) فقال (6) تحتها ثمّ راح وتركها (7).

20 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يحيى بن عقبة الأزدي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القز، كلما ازدادت على نفسها لفّاً كان أبْعَدَ لها من الخروج حتّى تموت غماً. قال : وقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان فيما وعظ به لقمان ابنه : يا بنيَّ إنَّ النّاس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جَمَعوا ولم يبق من جَمَعوا له ؛ وإنّما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل ووعدت عليه أجراً، فأوف عملك واستوف أجْرَك، ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتّى سمنت فكان

ص: 142


1- آل عمران/ 141 ويمحص : أي يختبر ويمحق : أي ينقصهم ويفنيهم.
2- أي اجعل إحداهما إزاراً والأخرى رداءً والشَّملة - كما في النهاية - كساء يتغطى به ويُتلفف فيه.
3- الاستثناء راجع إلى ما يضر،شره، أي يضر شره إلّا من لطف اللّه به فوقاه شره.
4- أي أية علاقة لي مع الدنيا أو أية محبة، أو أي شغل الخ.
5- أي حار.
6- قال : من القيلولة وهي النوم وقت الظهيرة.
7- ووجه التشبيه للدنيا هنا بذلك هو سرعة الرحيل والانتقال.

حتفها (1) عند سمنها، ولكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها وتركتها ولم ترجع إليها آخر الدَّهر أخربها ولا تعمرها (2)، فإنّك لم تؤمر بعمّارتها.

واعلم أنك ستسأل غداً إذا وقفت بين يدي اللّه عزّ وجلّ عن أربع : شبابك فيما أبليته، وعمرك فيما أفنيته ومالك ممّا اكتسبته وفيما أنفقته، فتأهّب لذلك وأعدَّ له جواباً، ولا تأس(3) على ما فاتك من الدُّنيا، فإنَّ قليل الدنيا لا يدوم بقاءه، وكثيرها لا يؤمن بلاؤه، فخذ حذرك، وجد في أمرك، واكشف الغطاء عن وجهك وتعرَّض لمعروف ربّك، وجدد التوبة في قلبك، واكمش (4) في فراغك (5) قبل أن يُقصد قصدك (6) ويقضى قضاؤك، ويحال بينك وبين ما تريد.

21 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : فيما ناجى اللّه عزّ وجلّ به موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) یا موسی : لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين وركون من اتخذها أباً وأمّاً (7). يا موسى لو وكلتك إلى نفسك لتنظر لها إذا لغلب عليك حبّ الدّنيا وزهرتها، يا موسى نافس في الخير أهله واستبقهم إليه، فإنَّ الخير كاسمه (8)، واترك من الدنيا ما بك الغنى عنه، ولا تنظر عينك إلى كلّ مفتون بها وموكل إلى نفسه؛ واعلم أنَّ كلّ فتنة بدؤها حب الدنيا، ولا تغبط أحداً بكثرة المال فإنَّ مع كثرة المال تكثر الذنوب الواجب الحقوق (9)، ولا تغبطنَّ أحداً برضى النّاس عنه، حتّى تعلم أنَّ اللّه راض عنه، ولا تغبطنَّ مخلوقاً بطاعة النّاس له (10)، فإنَّ طاعة النّاس له واتباعهم إياه على غير الحق هلاك له ولمن اتبعه.

22 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة عن غياث بن إبراهيم أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن في كتاب علي صلوات اللّه عليه : إنما مثل الدنيا كمثل الحيّة ما ألين

ص: 143


1- أي هلاكها وموتها. وهذه استعارة تمثيلية شبه توسع الإنسان في لذات الدنيا وشهواتها وعدم مبالاته بحرامها و شبهاتها وابتلائه بعد الموت بعقوباتها بشاة وقعت في زرع أخضر فأكلت منه حيث شاءت وكيف شاءت بلا مانع حتّى إذا سمنت قتلها صاحبها السمنها مرآة المجلسي 303/8.
2- الضميران يرجعان إلى الدنيا ومعنى عدم أعمّارها الاقتصار منها على مقدار الضرورة.
3- أي لا تحزن.
4- أي اسرع وعجل.
5- أي في أن تنجز ما تحتاج إليه في آخرتك.
6- أي يقصدك ملك الموت لأخذ روحك، وهو كناية عن الموت.
7- كناية عن التودد إليها وجعلها قبله يتردد عليها صباحاً ومساءً.
8- أي إن الخير ينفع صاحبه في الآخرة كما يكون سبباً لنفعه في الدنيا بحسن ذكره بين النّاس بعمل الخير.
9- أي للتقصير في أداء الحقوق الواجبة غالباً مرآة المجلسي 309/8.
10- أي بطاعتهم له في الباطل.

مسّها وفي جوفها السمُّ الناقع (1)، يحذرها الرجل العاقل، ويهوى إليها الصبيُّ الجاهل.

23 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد اللّه :(عَلَيهِ السَّلَامُ) كتب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى بعض أصحابه يعظه : أوصيك ونفسي بتقوى من لا تحلّ معصيته ولا يرجى غيره، ولا الغنى إلّا به، فإنَّ من اتقى اللّه جل وعزَّ قوي وشبع وروي، ورفع عقله عن أهل الدنيا، فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله معاين الآخرة، فأطفأ بضوء قلبه ما أبصرت عيناه من حبّ الدّنيا، فقدر حرامها وجانب شبهاتها، وأضر واللّه بالحلال الصافي إلّا ما لا بد له من كسرة [منه] يشدّ بها صلبه، وثوب يواري به عورته من أغلظ ما يجد وأخشنه، ولم يكن له فيما لا بد له منه ثقة ولا رجاء (2)، فوقعت ثقته ورجاؤه على خالق الأشياء، فجد واجتهد وأتعب بدنه حتّى بدت الأضلاع وغارت العينان فأبدل اللّه له من ذلك قوة في بدنه وشدة في عقله، وما ذخر له في الآخرة أكثر، فارْفُضِ الدّنيا (3) فإنَّ حب الدنيا يُعمي ويُصمّ ويبكم (4) ويذل الرقاب، فتدارك ما بقي من عمرك، ولا تقل غداً [أ] و بعد غد، فإنّما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني والتسويف حتّى أتاهم أمر اللّه بغتة وهم غافلون، فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة، وقد أسلمهم الأولاد والأهلون، فانقطع إلى اللّه بقلب منيب(5)، من رفض الدنيا وعزم ليس فيه انكسار ولا انخزال (6). أعاننا اللّه وإياك على طاعته ووفقنا اللّه وإياك لمرضاته.

24 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة وغيره، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مثل الدنيا كمثل ماء البحر كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتّى يقتله.

25 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد عن الوشاء قال : سمعت الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 144


1- أي القاتل. وقيل : الناقع : الثابت المجتمع - كما في النهاية.
2- لانحصار ثقته ورجائه به سبحانه.
3- أي أتركها.
4- أي البصيرة عن إدراك الحق. ويمكن أن يراد بها عمى البصر الظاهر لعدم انتفاعه بما يرى فكأنه أعمى وصمم السمع الظاهر لأنه لا ينتفع بما يسمع فكأنه أصمّ كما قال سبحانه : ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة) البقرة / 7. والبكم نسبته إلى الظاهر أظهر فإنه لما لم يتكلم بالحقّ وبما ينفعه فكأنه أبكم، مرآة المجلسي 313/8.
5- أي تائب راجع إلى اللّه.
6- أي تباطؤ وانقطاع.

يقول : قال عيسى بن مريم صلوات اللّه عليه للحواريين (1) : يا بنيَّ إسرائيل لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا أصابوا دنياهم.

باب (بدون العنوان)

1 - الحسين بن محمّد الأشعري عن معلى بن محمّد عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن اللّه عزّ وجلّ يقول : «وعزَّتي (2) وجلالي وعظمتي وعلوي وارتفاع مكاني، لا يؤثر عبد هواي على هوى نفسه إلّا كففت (3) عليه ضيعته، وضمّنت السماوات والأرض (4) رزقه، وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجر (5)».

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن ابن سنان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه عزّ وجلّ : وعزتي وجلالي وعظمتي وبهائي وعلوّ ارتفاعي، لا يؤثر عبد مؤمن هواي على هواه في شيء من أمر الدنيا، إلّا غناه في نفسه، وهمته في آخرته، وضمّنت السماوات والأرض رزقه وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجر.

باب القناعة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان عن زيد الشحّام، عن عمرو بن هلال قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إياك أن تطمح بصرك إلى من هو فوقك (6)، فكفى بما قال اللّه عزّ وجلّ لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ) (7). وقال: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (8).

ص: 145


1- أي أنصاره الخلّص. قيل سموا بذلك لأن صنعتهم كانت تبييض الثياب أو لأنهم خلصوا من كلّ عيب.
2- أي وقدرتي وقوتي وشدتي.
3- أي جمعت عليه معيشته وضممتها إليه.
4- أي جعلتهما ضامنتين لرزقه، وذلك بتسخيرهما لخدمته.
5- أي كنت له عوضاً عن تجارة كلّ تاجر لأني الباقي والآخرون زائلون، وثوابي دائم بعدهم لا ينقطع.
6- أي أن تنظر إلى من هو فوقك فمن أقبلت عليه الدنيا بجاهها ومالها لتتمنى أن تكون مكانه أو مثله.
7- التوبة / 55.
8- طه / 131.

فإن دخلك من ذلك شيء فاذكر عيش رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فإنّما كان قوته الشعير، وحلواه التمر، ووقوده السَّعَف (1) إذا وجده.

2 - الحسين بن محمّد بن عامر، عن معلى بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، جميعاً عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ عن عائذ عن أبي خديجة سالم بن مكرم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه اللّه».

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن الهيثم بن واقد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من رضي من اللّه باليسير من المعاش، رضي اللّه منه باليسير من العمل (2).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن عبد اللّه بن القاسم عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: مكتوب في التوراة: ابن آدم، كن كيف شئت كما تدين تدان، من رضي من اللّه بالقليل من الرّزق، قبل اللّه منه اليسير من العمل، ومن رضي باليسير من الحلال خفت مؤنته وزكت مكسبته، وخرج من حدّ الفُجوز (3).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عرفة، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من لم يقنعه من الرّزق إلّا الكثير، لم يكفه من العمل إلّا الكثير، ومن كفاه من الرّزق القليل فإنّه يكفيه من العمل القليل.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول : ابن آدم إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فإنَّ أيسر ما فيها يكفيك، وإن كنت إنّما تريد مالاً يكفيك فإنَّ كلّ ما فيها لا يكفيك (4).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن محمّد الأسدي، عن

ص: 146


1- السَّعَف - كما في القاموس - جريدة النخل أو ورقه وأكثر ما يقال إذا يبست.
2- وذلك لأن كلّ أو جلّ العبادات المالية أو المالية البدنية تسقط عنه هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن من يرضى باليسير من العيش يكون قد رغب عن الدنيا وزهد فيها ويكون قد حقق التقوى في نفسه وقليل العمل مع التقوى مقبول لأنه سبحانه إنما يتقبل من المتقين.
3- أي خرج عن مظنة الوقوع في الحرام والشبهات.
4- وذلك لأن الدنيا للإنسان المتهالك عليها كماء البحر المالح بالنسبة للعطشان كلما شرب منه زاد عطشه، وهي أخذ منها شيئاً طلب المزيد.

سالم بن مكرم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: اشتدَّت حال رجل (1) من أصحاب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقالت له امرأته لو أتيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فسألته (2)، فجاء إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فلما رآه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : «من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه اللّه» فقال الرجل : ما يعني غيري. فرجع إلى امرأته فأعلمها فقالت إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بشر فأعلمه (3) فأتاه، فلما رآه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: «من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه اللّه، حتّى فعل الرّجل ذلك ثلاثاً، ثمّ ذهب الرجل فاستعار معولاً ثمّ أتى الجبل، فصعده فقطع حطباً، ثمّ جاء به فباعه بنصف مدّ من دقيق فرجع به فأكله، ثمّ ذهب من الغد، فجاء بأكثر من ذلك فباعه، فلم يزل يعمل ويجمع حتّى اشترى معولاً، ثمّ جمع حتّى اشترى بكرين (4) وغلاماً ثمّ أثرى حتّى أيسر(5)، فجاء إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأعلمه كيف جاء يسأله وكيف سمع النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : قلت لك : «من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه اللّه».

8 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن الفرات عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من أراد أن يكون أغنى النّاس فليكن بما في يد اللّه أوثق منه بما في يد غيره» (6).

9 - عنه، عن ابن فضّال، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر [أ] و(7) أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قنع بما رزقه اللّه فهو من أغنى النّاس.

10 - عنه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران قال : شكا رجلٌ إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه يطلب فيصيب ولا يقنع، وتنازعه نفسه إلى ما هو أكثر منه. وقال : علّمني شيئاً أنتفع به، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن كان ما يكفيك يغنيك، فأدنى ما فيها (8) يغنيك، وإن كان ما يكفيك لا يغنيك فكل ما فيها لا يغنيك.

11 - عنه، عن عدَّة من أصحابنا، عن حنان بن سدیر رفعه قال: قال أمير

ص: 147


1- أي ضاقت عليه معيشته وضيق عليه في رزقه.
2- أي لو طلبت منه ما يسد به حاجتك.
3- أي أخبره بحالك وفاقتك لأنه لا يعلم الغيب البشريته.
4- مثنى :بكر هو الفتى من الإبل.
5- أي غني وأصبح ميسور الحال موسعاً عليه.
6- لأن الغنى عدم الحاجة إلى الغير والقانع بما رزقه اللّه لا يحتاج إلى السؤال من غيره تعالى مرآة المجلسي 326/8.
7- الترديد من الراوي.
8- أي الدنيا.

المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من رضي من الدنيا بما يُجزيه(1)، كان أيسر ما فيها يكفيه، ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم يكن فيها شيء يكفيه.

باب الكفاف

عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن غير واحد، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : قال اللّه عزّ وجلّ : (إن من أغبط أوليائي عندي رجلاً خفيف الحال(2)، ذا حظّ من صلاة، أحسن عبادة ربّه بالغيب(3)، وكان غامضاً في النّاس (4) جعل رزقه كفافاً (5)، فصبر عليه عجلت منيته (6) فقل تراثه وقلت بواكيه (7)).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): طوبی (8) لمن أسلم وكان عيشه كفافاً».

3 - النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «اللّهمّ ارزق محمّداً وآل محمّد ومن أحب محمّداً وآل محمّد العفاف والكفاف، وارزق من أبغض محمّداً وآل محمّد المال والولد» (9).

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم بن محمّد النوفلي رفعه إلى عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما قال : مرَّ رسول

ص: 148


1- أي يكفيه.
2- كناية عن فقره في الدنيا. وفي بعض النسخ: حفيف (الحال أي قليل المال والمعنى متقارب).
3- أي بعيدا منزويا عن النّاس.
4- أي غير معروف ولا مشهور.
5- أي بقدر الضرورة.
6- وكأن المراد بعجلة منيته زهده في مشتهيات الدنيا وعدم افتقاره إلى شيء منها كأنه ميت. وقد ورد في الحديث المشهور موتوا قبل أن تموتوا الوافي ج 80/3.
7- التراث : الإرث وأصله : الوراث والبواكي : الّذين يبكون الميت ؛ وذلك كناية عن قلة عياله وأولاده، أو لمغموريته وعدم اشتهاره بين النّاس الخ.
8- من أسماء الجنّة. أو هي شجرة فيها.
9- يستشعر منه الذم لكثرة الأولاد والأموال ربما لأنهم فتنة، وقد يكون من الولد من هو عدو لأهله كما دلت على ذلك بعض الآيات والروايات.

اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) براعي إبل فبعث يستسقيه، فقال: أما ما في ضروعها فصَبُوحُ الحي (1) وأما ما في آنيتنا فغَبُوقُهُمْ (2)، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «اللّهمّ أكثر ماله وولده»، ثمّ مرَّ براعي غنم فبعث إليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها وأكفأ (3) ما في إنائه في إناء رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وبعث إليه بشاة وقال : هذا ما عندنا وإن أحببت أن نزيدك زدناك؟ قال: فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «اللّهمّ ارزقه الكَفاف»، فقال له بعض أصحابه : يا رسول اللّه، دعوت للّذي ردَّك بدعاء عامتنا نحبه، ودعوت للّذي أسعفك بحاجتك (4) بدعاء كلنا نكرهه؟! فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إن ما قل وكفى خيرٌ ممّا كثر وألهى : اللّهمّ ارزق محمّداً وآل محمّد الكفاف».

5 - عنه، عن أبيه، عن أبي البختري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : يحزن عبدي المؤمن إن قترت عليه (5) وذلك أقرب له مني، ويفرح عبدي المؤمن إن وسعت عليه وذلك أبعد له مني.

6 - الحسين بن محمّد، بعن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : [قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ] قال اللّه عزّ وجلّ : إنَّ من أغبط أوليائي عندي عبداً مؤمناً ذا حظ من صلاح، أحسن عبادة ربه، وعبد اللّه في السريرة، وكان غامضاً في النّاس(6) فلم يُشَر إليه بالأصابع (7)، وكان رزقه كفافاً، فصبر عليه فعُجّلت به المنية، فقلَّ تراثه وقلّت بواكيه.

باب تعجيل فعل الخير

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان قال : حدّثني حمزة بن حمران قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا هم (8) أحدكم بخير فلا يؤخّره، فإنَّ

ص: 149


1- الصبوح ما حلب أول النهار، أو ما يشرب في الصباح.
2- الغبوق ما يحلب آخر النهار، أو ما يشرب في المساء.
3- أي كب وأفرغ.
4- أي قضاها.
5- أي ضيقت وقدرت عليه رزقه.
6- أي مغموراً غير مشتهر بينهم.
7- تأكيد وتفريع على سابقه.
8- أي عزم وأراد وقصد ولم يفعل.

العبد ربّما صلّى الصلاة أو صام اليوم فيقال له : اعمل ما شئت بعدها فقد غفر [ اللّه ] لك (1).

2 - عنه عن عليّ بن الحكم عن أبي جميلة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : افتتحوا نهاركم بخير، وأملوا (2) على حفظتكم (3) في أوَّله خيراً وفي آخره خيراً، يُغفر لكم ما بين ذلك إن شاء اللّه.

3 - عنه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبي يقول : إذا هممت بخير فبادر، فإنّك لا تدري ما يحدث.

4 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ اللّه يحبُّ من الخير ما يعجل».

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن الحكم عن أبان بن، عثمان، عن بشير بن يسار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا أردت شيئاً من الخير فلا تؤخّره، فإنَّ العبد يصوم اليوم الحارّ يريد ما عند اللّه فيعتقه اللّه به من النّار ؛ ولا تستقل ما يتقرَّب به إلى اللّه عزّ وجلّ ولو شقَّ تمرة (4).

6 - عنه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من هم بخير فليعجّله ولا يؤخّره، فإنَّ العبد ربّما عمل العمل فيقول اللّه تبارك وتعالى : (وقد غفرت لك ولا أكتب عليك شيئاً أبداً)، ومَن همَّ بسيّئة فلا يعلمها، فإنه ربما عمل العبد السيئة فيراه اللّه سبحانه فيقول : (لا وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبداً).

7 - عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا هممت بشيء من الخير فلا تؤخّره، فإنَّ اللّه عزّ وجلّ ربّما أطلع على العبد وهو على شيء من الطاعة فيقول : (وعزتي وجلالي لا أعذبك بعدها أبداً) (5)، وإذا هممت بسيئة فلا تعملها،

ص: 150


1- يعني أن العبادة الّتي توجب المغفرة التامة والقرب الكامل من جناب الحق تعالى مستورة على العبد لا يدرى أيّها هي، فكلما هم بعبادة فعليه إمضاؤها قبل أن تفوته فلعلها تكون هي تلك العبادة كما روي عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها مرآة المجلسي 333/8.
2- الإملاء : هو إلقاء كلام على الغير ليكتبه.
3- المقصود بهم الملائكة الموكلون بحفظ الإنسان والتسجيل عليه في الليل والنهار.
4- أي نصفها. والنهي عن استقلال التصدق ولو بشق تمرة لأنها وإن كانت حقيرة في نظر الشبعان إلّا أنّه قد يتوقف عليها حفظ حياة جائع، فهي لذلك عظيمة الأثر والأجر عند اللّه.
5- «الظاهر أن هذا (كالّذي قبله) من باب التفضل وذلك العمل يصير سبباً لاستحقاق هذا الفضل، ويحتمل أن يكون مبنياً على التكفير، فإن الحسنات يذهبن السيئات، ويكون هذا العمل مكفراً لما بعده أيضاً ويحفظه اللّه فيما يأتي عن الكبائر» مرآة المجلسي 336/8.

فإنّه ربّما أطلع اللّه على العبد وهو على شيء من المعصية فيقول : (وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبداً) (1).

8 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار عن ابن فضّال، عن أبي جميلة (2)، عن محمّد بن حمران عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا هم أحدكم بخير أو صلة فإن عن يمينه وشماله شیطانین (3) فليبادر لا يكفاه (4) عن ذلك.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من هم بشيء من الخير فليعجّله، فإنَّ كلّ شيء فيه تأخير فإنَّ للشيطان فيه نظرة (5).

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن أسباط، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللّه ثقل الخير على أهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة، وإنَّ اللّه عزّ وجلّ خفّف الشرَّ على أهل الدنيا كخفته في موازينهم يوم القيامة.

باب الإنصاف والعدل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن الحسن ابن حمزة، عن جده [عن] أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول في آخر خطبته طوبى لمن طاب خُلقه، وطَهُرَتْ سجيته (6)،

ص: 151


1- وهذا أيضاً كالّذي قبله «فهو إما لخروجه بذلك عن استحقاق الغفران فيعاقب على جميع معاصيه بذلك، أو لاستحقاقه الخذلان فيتسلط عليه الشيطان فيخرجه عن الإيمان، أو هو مبني على الحبط فيحبط هذا العمل ما يأتي به من الطاعات بعده» ن. م.
2- الظاهر أنّه المفضل بن صالح بقرينة رواية الحسن بن فضال عنه وروايته عن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- قد يقال : صاحب اليمين يضله من جهة الطاعة وصاحب الشمال من جهة المعصية مرآة المجلسي 337/8.
4- أي لا يصداه ويمنعاه.
5- إما «بسكون الظاء أي فكرة لإحداث جيلة يكف بها العبد عن الإتيان بالخير أو بكسرها يعني مهلة يتفكر فيها لذلك، أو بالتحريك بمعنى الحكم أو... الانتظار» مرآة المجلسي 337/8.
6- أي طبيعته بأن تخلصت من رذائل الأخلاق والأمراض النفسية.

وصلحت سريرته (1)، وحسنت علانيته وأنفق الفضل (2) من ماله وأمسك الفضل من قوله (3)، وأنصف النّاس من نفسه».

2 - عنه، عن محمّد بن سنان، عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من يضمن لي أربعة (4) بأربعة أبيات في الجنّة؟ أنفق ولا تَخَفْ فقراً، وأفش السلام في العالم، واترك المراء (5) وإن كنت محقاً، وأنصف النّاس من نفسك

3 - عنه، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن عليّ بن عقبة، عن جارود أبي المنذر قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : سيّد الأعمال ثلاثة : إنصاف النّاس من نفسك حتّى لا ترضى بشيء إلّا رضيت لهم مثله، ومؤاساتك الأخ في المال، وذكر اللّه على كلّ حال، ليس سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر فقط، ولكن إذا ورد عليك شيء أمر اللّه عزّ وجلّ به أخذت به، أو إذا ورد عليك شيء نهى اللّه عزّ وجلّ عنه تركته.

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن عليّ بن المعلى، عن يحيى بن، عن يحيى بن أحمد، عن أبي محمّد الميثمي، عن رومي بن زرارة عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كلام له : ألا إنّه من يُنصف النّاس من نفسه لم يزده اللّه إلّا عزّاً.

5 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن عبد اللّه بن مسكان، عن عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ثلاثة هم أقرب الخلق إلى اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة حتّى يفرغ من الحساب : رجلٌ لم تَدْعُهُ قدرة (6) في حال غضبه إلى أن يحيف (7) على من تحت يده، ورجل مشى بين اثنين (8) فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة (9)، ورجل قال بالحقّ فيما له وعليه.

ص: 152


1- السريرة هي السر، والمقصود بها هنا القلب حيث يتخلى عن كلّ ما يمكن أن يعتريه من الأمراض كالحقد والغش والحسد الخ.
2- أي ما فضل عنده عن الكفاف، أو أخرج مطلق ما عليه من الحقوق المالية.
3- أي تخلى عن الكلام بالباطل واللغو والهذر.
4- أي من يلتزم لي في نفسه بأربعة أمور.
5- أى الجدال والخصام.
6- أي لم تحمله قدرته أو قدرة من يطاوعه إذا أمره.
7- الحيف : الظلم والجور.
8- أي سعى بينهما في مصالحة أو قضاء أو تحكيم.
9- أي بمقدار حبة شعير، وهي كناية عن القلة.

عنه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن الحسن البزَّاز، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال في حديث له : ألا أخبركم بأشدّ ما فرض اللّه على خلقه، فذكر ثلاثة أشياء أوَّلها : إنصاف النّاس من نفسك.

7 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «سيّد الأعمال إنصاف النّاس من نفسك، ومؤاساة الأخ في اللّه (1)، وذكر اللّه عزّ وجلّ على كلّ حال (2)».

8 - علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن الحسن البزاز قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ألا أخبرك بأشدّ ما فرض اللّه على خلقه [ثلاث](3)، قلت: بلى. قال : إنصاف النّاس من نفسك، ومؤاساتك أخاك، وذكر اللّه في كلّ موطن، أما إنّي لا أقول سبحان اللّه والحمد اللّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر، وإن كان هذا من ذاك (4)، ولكن ذكر اللّه جلَّ وعزَّ في كلّ موطن، إذا هجمت (5) على طاعة أو على معصية.

9 - ابن محبوب، عن أبي أسامة قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما ابتلي المؤمن بشيء أشدَّ عليه (6) من خصال ثلاث يُحرمها (7)، قيل : وما هنَّ ؟ قال : المؤاساة في ذات يده (8) والإنصاف من نفسه وذكر اللّه كثيراً، أما إني لا أقول سبحان اللّه والحمد للّه، [ ولا إله إلّا اللّه]، ولكن ذكر اللّه عندما أحلَّ له وذكر اللّه عندما حرَّم عليه.

10 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن جده أبي البلاد رفعه قال: جاء أعرابي إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وهو يريد بعض غزواته، فأخذ بغرز (9) راحلته فقال : يا رسول اللّه علّمني عملاً أدخل به الجنّة، فقال : ما أحببت أن يأتيه النّاس إليك فأته إليهم، وما كرهت أن يأتيه النّاس إليك فلا تأته إليهم، خلّ سبيل الراحلة.

ص: 153


1- أي جعله مساوياً له في كلّ شيء مالاً كان أو غيره، أي جعله مساوياً لنفسه في السراء والضراء.
2- أي في حال الغنى وفي حال الفقر في حال الصحة وفي حال الفقر في حال الرضا والغضب الخ.
3- أي من خصال ثلاث أو بدل من أشد أو عطف بيان له.
4- أي من ذكر اللّه اللساني.
5- أي اقتحمت، أو انتهيت فجأة.
6- أي في الآخرة.
7- أي يبتلى بفقدها.
8- أي فيما يملك.
9- أي بركاب.

11 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن عبد الكريم، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن(1)، ما أوسع العدل إذا عدل فيه (2) وإن قلَّ.

12 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من أنصف النّاس من نفسه رُضي به حَكَماً لغيره (3).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن يوسف بن عمران بن ميثم عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إني سأجمع لك الكلام في أربع كلمات قال يا ربّ وما هنَّ ؟ قال : واحدةً لي وواحدة لك وواحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين النّاس قال : يا ربِّ بينهنَّ لي حتّى أعلمهنَّ، قال : أما الّتي لي فتعبدني، لا تشرك بي شيئاً، وأما الّتي لك، فأجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه (4)، وأما الّتي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الإجابة، وأما الّتي بينك وبين النّاس فترضى للناس ما ترضى لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك.

14 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن غالب بن عثمان، عن روح ابن أخت المعلّى عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: اتقوا اللّه واعدلوا، فإنكم تعيبون على قوم لا يعدلون (5).

15 - عنه عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: العدل أحلى من الشهد، وألين من الزُّبد، وأطيب ريحاً من المسك.

16 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران، عن عثمان بن جبلة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ثلاث خصال من كنَّ فيه أو واحدة منهنَّ كان في ظل عرش اللّه ظلَّ يوم لا ظلّ إلّا ظلّه» رجلٌ أعطى النّاس من نفسه ما هو

ص: 154


1- أي العطشان.
2- الضمير راجع إما إلى الأمر أو إلى العدل فيكون المعنى : ما أوسع العدل إذا عدل في أمر وإن كان ذلك الأمر قليلاً. وقد يكون قوله وإن قل يرجع إلى بيان ندرة العدل بين النّاس.
3- أي من أعطى من نفسه النصف فيما أحبت أو كرهت كان أهلاً ليحكم بين النّاس بالعدل.
4- وهو يوم القيامة، إذ هو اليوم الّذي يكون الإنسان أحوج ما يكون إلى ثواب عمله.
5- وهم سلاطين الجور، وفقهاء المخالفين.

سائلهم (1)، ورجلٌ لم يقدّم رِجلاً ولم يؤخّر رجلاً (2) حتّى يعلم أنَّ ذلك اللّه رضى، ورجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتّى ينفي ذلك العيب عن نفسه، فإنّه لا ينفي منها عيباً إلّا بداله عیب ؛ وكفى بالمرء شغلا بنفسه عن النّاس.

17 - عنه، عن عبد الرحمن بن حماد الكوفي، عن عبد اللّه بن إبراهيم الغفاري عن جعفر بن إبراهيم الجعفري عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من واسى الفقير من ماله وأنصف النّاس من نفسه، فذلك المؤمن حقّاً».

18 - محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن خالد بن نافع بيّاع السابري، عن يوسف البزاز قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما تدارأ (3) اثنان في أمر قط، فأعطى أحدهما النَّصَفَ صاحبه، فلم يقبل منه، إلّا أديل منه(4).

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه جنّة لا يدخلها إلّا ثلاثة أحدهم من حكم في نفسه بالحق.

20 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن ما أوسع العدل إذا عدل فيه وإن قلَّ (5).

باب الاستغناء عن النّاس

1 - محمّد بن يحيى بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : شرف المؤمن (6) قيام الليل (7)، وعزّه (8) استغناؤه عن النّاس.

ص: 155


1- أي يعاملهم بمثل ما يحب أن يعاملوه به.
2- كناية عن الإقدام والإحجام والفعل والترك.
3- أي تدافعاً في الخصومة.
4- أي كانت الغلبة له عليه.
5- مر هذا الحديث بعين ألفاظه بسند آخر ولكن عن الحلبي. تحت رقم (11) من هذا الباب وعلقنا عليه.
6- أي منزلته وعلو شأنه.
7- أي بالصلاة والتهجد.
8- أي ظفره ودفع المذلة عنه.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعليّ بن محمّد القاساني جميعاً، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئاً إلّا أعطاه فلييأس (1) من النّاس كلّهم، ولا يكون له رجاء إلّا عند اللّه، فإذا علم اللّه عزّ وجلّ ذلك من قلبه لم يسأل اللّه شيئاً إلّا أعطاه.

3 - وبهذا الإسناد عن المنقري، عن عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي النّاس، ومن لم يرج النّاس في شيء ورد أمره إلى اللّه عزّ وجلّ في جميع أموره، استجاب اللّه عزّ وجلّ له في كلّ شيء.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن عبد الأعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : طلب الحوائج إلى النّاس استلاب (2) للعزّ، ومذهبة للحياء، واليأس ممّا في أيدي النّاس عز للمؤمن في دينه (3)، والطمع هو الفقر الحاضر (4).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك اكتب لي إلى إسماعيل بن داود الكاتب لعلي أصيب منه، قال : أنا أضنّ بك (5) أن تطلب مثل هذا وشِبهه، ولكن عوّل على مالي (6).

6 - عنه، عن أبيه عن حماد بن عيسى عن معاوية بن عمّار، عن نجم بن حطيم الغنوي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : اليأس ممّا في أيدي النّاس عزّ المؤمن في دينه أو ما سمعت قول حاتم :

إذا ما عزمت (7) اليأس ألفيته (8) الغنى***إذا عرفته النفس، والطمع الفقر

ص: 156


1- أي فليقنط.
2- أي زوال له بسرعة.
3- لأنه مع اليأس عن النّاس لا يترك حقاً ولا عبادة ولا أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر خوفاً من عدم وصول منفعة منهم إليه فهو عزيز غالب في دينه مرآة المجلسي 355/8.
4- «لأنه يطمع لئلا يصير فقيراً، ومفسدة الفقر الحاجة إلى النّاس فهو يتعجل مفسدة الفقر لئلا يصير فقيراً فتترتب عليه مفسدته» ن. م.
5- أي أبخل بك من أن تريق ماء وجهك في أمثال هذه الأمور الدنية.
6- أي اعتمد عليه فسد منه حاجتك.
7- أي عقدت العزم عليه وأردته والمقصود اليأس ممّا في أيدي النّاس.
8- أي وجدته.

7 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن عمّار الساباطي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول : ليجتمع في قلبك الافتقار إلى النّاس والاستغناء عنهم (1)، فيكون افتقارك إليهم في كين كلامك وحسن بشرك، ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزّك.

عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد قال : حدّثني عليّ بن عمر، عن يحيى بن عمران، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول : ثمّ ذكر مثله.

باب صِلَة الرَّحِم

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه جل ذكره : (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (2) قال : فقال : هي أرحام النّاس، إنَّ اللّه عزّ وجلّ أمر بصلتها وعظمها، ألا ترى أنّه جعلها منه (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن النعمان، عن إسحاق بن عمّار قال : بلغني عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ رجلا أتى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول اللّه أهل بيتي أبوا إلّا توثّباً علي (4) وقطيعة لي وشتيمة، فأرفضهم؟ قال : إذاً يرفضكم اللّه جميعاً، قال: فكيف أصنع ؟ قال : تصل من قطعك وتعطي من حرمك، وتعفو عمّن ظلمك (5)، فإنك إذا فعلت ذلك كان لك من اللّه عليهم ظهير (6).

3 - وعنه عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن

ص: 157


1- أي «يجتمع في قلبك اعتقادان اعتقادك بأنك مفتقر إليهم للمعاشرة لأن الإنسان مدني بالطبع يحتاج بعضهم إلى بعض في التعيش والبقاء واعتقادك بأنك مستغن عنهم غير محتاج إلى سؤالهم لأن اللّه تعالى ضمن أرزاق العباد. وفائدة الأوّل حسن المعاشرة... وفائدة الثاني حفظ العرض الخ» مرآة المجلسي 357/8.
2- النساء / 1. و (تساءلون): أصلها : تتساءلون، أي يسأل بعضكم بعضاً فيقول : أسألك باللّه. و (الأرحام) إما عطف على لفظ الجلالة، أي اتقوا الأرحام أن تقطعوها أو هي عطف على محل الجار والمجرور كما تقول : مررت بزيد وعمرواً.
3- أي قرنها بنفسه في الأمر بالتقوى.
4- اي تهجماً علي وظلماً لي.
5- أي منهم ومطلقاً.
6- أي معين وناصر.

محمّد بن عبيد اللّه قال : قال أبو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيّرها اللّه ثلاثين سنة ويفعل اللّه ما يشاء.

4 - وعنه عن عليّ بن الحكم، عن خطاب الأعور، عن أبي حمزة قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : صلة الأرحام تزكي الأعمال (1)، وتنمي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسر الحساب وتنسيء في الأجل (2).

5 - وعنه، عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن المقدام، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «أوصي الشاهد من أمتي والغائب منهم، ومن في أصلاب الرّجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة، أن يصل الرحم وإن كانت منه على مسيرة سنة، فإنّ ذلك(3) من الدّين».

6 - وعنه، عن عليّ بن الحكم، عن حفص، عن أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : صلة الأرحام تُحسن الخُلُق، وتُسمّح الكف (4)، وتطيّب النفس(5) وتزيد في الرزق، وتنسيء في الأجل.

7 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : إنّ الرَّحم معلّقة بالعرش (6) تقول : اللّهمّ صل من وصلني واقطع من قطعني (7) وهي رحم آل محمّد، وهو قول اللّه عزّ وجلّ: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) (8) ورحم كلّ ذي رحم.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن يونس بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أوّل ناطق من الجوارح يوم القيامة الرحم تقول : يا ربِّ من وصلني في الدُّنيا فصل اليوم ما بينك وبينه (9)، ومن قطعني في الدُّنيا فاقطع اليوم ما بينك وبينه.

ص: 158


1- أي تنميها وتزيدها في الثواب.
2- أي تؤخر فيه كتابة عن إطالة عمر الإنسان كما مر في بعض الأحاديث ويأتي من أن صلة الرحم تطيل العمر.
3- أي صلة الرحم ولو بالسفر الشاق البعيد من الأمور الّتي جاء بها الإسلام.
4- أي تجعله ذا كرم وجود.
5- أي تطهرها ممّا قد يصيبها من أمراض كالحقد الحسد وأشباههما.
6- «تمثيل للمعقول بالمحسوس... وتعلقها بالعرش كناية عن مطالبة حقها بمشهد من اللّه...» الوافي ج 93/3.
7- أي كن له كما كان حاله معي في دار الدنيا من الصلة أو الإساءة.
8- الرعد / 25.
9- أي بالمغفرة والرحمة واللطف.

9 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : صل رحمك ولو بشربة من ماء ؛ وأفضلُ ما توصل به الرَّحم كف الأذى عنها؛ وصلة الرحم منسأة في الأجل، مَحْبَةٌ في الأهل (1).

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد اللّه، عن فضيل بن يسار قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ الرَّحم معلّقة يوم القيامة بالعرش تقول : اللّهمّ صلِّ مَن وَصَلَني واقطع من قطعني

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن زيع عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أبو ذر رضي اللّه عنه : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول، حَافَتا الصراط (2) يوم القيامة الرحم والأمانة، فإذا مرَّ الوصول للرحم، المؤدّي للأمانة نفذ إلى الجنّة وإذا مرَّ الخائن للأمانة، القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل وتكفّا به (3) الصراط في النّار.

12 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن - حفص بن قرط، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: صلة الأرحام تُحسن الخُلُق، وتسمح الكفَّ وتطيب النفس، وتزيد في الرزق، وتنسيء في الأجل.

13 - عنه، عن عثمان بن عيسى عن خطاب الأعور، عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : صلة الأرحام تزكي الأعمال، وتدفع البلوى، وتنمي الأموال، وتنسىء له في عمره، وتوسع في رزقه، وتحبّب في أهل بيته، فليتق اللّه وليصل رحمه.

14 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، - عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد عن الحكم الحناط قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) صلة الرحم وحسن الجوار (4)، يعمران الديار ويزيدان في الأعمّار.

15 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد اللّه بن ميمون القداح، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول

ص: 159


1- أي سبب لنشر محبة الأهل بعضهم البعض.
2- أي جانباه. وكأن الرحم والأمانة تحفان بالصراط عن الجانبين.
3- أي تمايل وانقلب.
4- أي مداراة المجاور له في السكن وإكرامه وكف الأذى عنه والصبر على أذيته لو حصلت.

اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إن أعجل الخير ثواباً صلة الرحم» (1).

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من سرَّه النساء (2) في الأجل، والزيادة في الرزق فليصل رحمه».

17 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما نعلم شيئاً يزيد في العمر إلّا صلة الرحم، حتّى أن الرجل يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولاً للرحم، فيزيد اللّه في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثاً وثلاثين سنة، ويكون أجله ثلاثاً وثلاثين سنة، فيكون قاطعاً للرحم فينقصه اللّه ثلاثين سنة ويجعل أجله إلى ثلاث سنين.

الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، مثله.

18 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما خرج أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يريد البصرة نزل بالرَّبذَة (3)، فأتاه رجل من محارب (4)، فقال : يا أمير المؤمنين إنّي تحمّلت في قومي حمالة (5) وإني سألت في طوائف منهم المؤاساة والمعونة فسبقت إليَّ ألسنتهم بالنكد (6)، فَمُرْهُمْ يا أمير المؤمنين بمعونتي وحتّهم على مؤاساتي، فقال : أين هم؟ فقال : هؤلاء فريقٌ منهم حيث ترى، قال، فنص (7) راحلته فأدلفتُ كأنها ظليم (8)، فأدلف بعض أصحابه في طلبها فلأياً بلأي ما لحقت(9)، فانتهى إلى القوم فسلّم عليهم وسألهم ما يمنعهم من مؤاساة صاحبهم فشكوه وشكاهم، فقال أمي-ر المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وصل امرؤ عشيرته (10)، فإنّهم أولى ببره وذات يده، ووصلت العشيرة أخاها إن

ص: 160


1- إنما كانت صلة الرحم أعجل الخير ثواباً لأن أكثر ما وعد سبحانه عليها معجل له في الدنيا كزيادة عمره وزيادة رزقه وتحبيبه إلى النّاس وتحسين خلقه الخ.
2- أي تأخيره.
3- الرَّبَذَة : قرية قريبة من المدينة نفى إليها أبو ذر (رضیَ اللّهُ عنهُ) ومات فيها وقبره بها.
4- اسم قبيلة.
5- الحَمالة : - كما فى النهاية - ما يتحمله الإنسان عن غيره من دية أو غرامة الخ.
6- أي المنع والصدود أو إعطاء القليل بعسر وشدة.
7- أى حثها على السير بأقصى سرعتها.
8- أدلفت : أي سارت بخطى حثيثة متقاربة، والظليم : ذكر النعام.
9- أي بعد مشقة وجهد وإبطاء أدركتهم.
10- «أمر في صورة الخبر» أي ليَصِلْ.

عَثَر به دهر وأدبرت عنه دنيا فإنّ المتواصلين المتباذلين مأجورون، وإن المتقاطعين المتدابرين موزورون (1)، [قال] ثمّ بعث راحلته وقال: حلّ (2).

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عثمان بن عيسى، عن يحيى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لن يرغب المرء عن عشيرته وإن كان ذا مال وولد(3)، وعن (4) مودتهم وكرامتهم ودفاعهم بأيديهم وألسنتهم، هم أشد النّاس حيطة(5) من ورائه، وأعطفهم عليه وألمهم لشَعَثِه (6)، إن أصابته مصيبةٌ أو نزل به بعض مكاره الأمور، ومن يقبض يده عن عشيرته فإنّما يقبض عنهم يداً واحدةً ويقبض عنه منهم أيدي كثيرة ومن يلن حاشيته (7) يعرف صديقه منه المودة، ومن بسط يده بالمعروف إذا وجده يخلف اللّه له ما أنفق في دنياه ويضاعف له في آخرته، ولسان الصدق للمرء يجعله اللّه في النّاس خيراً من المال يأكله ويورثه، لا يزدادنَّ أحدكم كبراً وعظماً في نفسه ونأياً(8) عن عشيرته، إن كان موسراً في المال، ولا يزدادن أحدكم في أخيه زهداً ولا منه بعداً، إذا لم ير منه مروة وكان معوزاً في المال ولا يغفل أحدكم عن القرابة بها الخصاصة (9) أن يسدُّها بما لا ينفعه إن أمسكه، ولا يضره إن استهلكه.

20 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن عبد اللّه عن عثمان بن عيسى، عن سليمان بن،، هلال قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ آل فلان يبر بعضهم بعضاً ويتواصلون، فقال : إذا تمنى أموالهم وينمون فلا يزالون في ذلك حتّى يتقاطعوا، فإذا فعلوا ذلك (10) انقشع عنهم (11).

21 - عنه، عن غير واحد عن زياد القندي، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إنَّ القوم ليكونون فَجَرَةً ولا يكونون بررة، فيصلون

ص: 161


1- أي مأثومون.
2- كلمة زجر للناقة إذا حثتها على السير، كما في النهاية بتسكين اللام أو بتنوينها مع الكسر والتخفيف.
3- لما كان ذو المال والولد أكثر ما يكون مستغنياً عن غيره راغباً عنه جعله الفرد الأخفى الوافي 95/3.
4- أي لن يرغب عن الخ.
5- أي حماية له ومحافظة عليه.
6- أي أجمعهم لتفرق أمره وتشتته.
7- أي جانبه وجناحه.
8- أي تباعداً وهَجراً.
9- أي الفقر والحاجة.
10- أي تقاطعوا وتدابروا.
11- أي زال وانكشف ما كان فيهم من نمو الأموال والأنفس.

أرحامهم فتنمى أموالهم وتطول أعمّارهم، فكيف إذا كانوا أبراراً بررة».

22 - وعنه، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : صلوا أرحامكم ولو بالتسليم، يقول اللّه تبارك وتعالى : (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (1).

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن - صفوان الجمال قال : وقع بين أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبين عبد اللّه بن الحسن كلام حتّى وقعت الضوضاء (2) بينهم، واجتمع النّاس فافترقا عشيّتهما بذلك، وغدوتُ في حاجة، فإذا أنا بأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على باب عبد اللّه بن الحسن وهو يقول : يا جارية قولي لأبي محمّد [يخرج] قال : فخرج فقال : يا أبا عبد اللّه ما بكر بك؟، فقال : إنّي تلوت آية من كتاب اللّه عزّ وجلّ البارحة فأقلقتني، قال : وما هي؟ قال: قول اللّه جلَّ وعزَّ ذكره : (الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ) (3) فقال : صدقت لكأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب اللّه جلّ وعزّ قط فاعتنقا وبكيا.

24 - وعنه، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن سنان قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ لي ابن عمّ أسله فيقطعني وأصله فيقطعني، حتّى لقد هممت لقطيعته إياي أن أقطعه أتأذن لي قطعه ؟ قال : إنك إذا وصلته وقطعك وصلكما اللّه عزّ وجلّ جميعاً (4)، وإن قطعته وقطعك قطعكما اللّه.

25 – عنه، عن عليّ بن الحكم، عن داود بن فرقد قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّي أحبُّ أن يعلم اللّه أنّي قد أذللت رقبتي في رحمي، وأنّي لأبادر أهل بيتي، أصلهم قبل أن يستغنوا عني (5).

26 - عنه، عن الوشّاء، عن محمّد بن فضيل الصيرفي، عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ رحم آل محمّد - الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) - لمعلّقة بالعرش تقول : اللّهمّ صل من وصلني واقطع من قطعني ثمّ هي

ص: 162


1- النساء/ 1.
2- أي الأصوات والجَلَبَة.
3- الرعد / 21.
4- أي قد تكون صلتك له سبباً في استحيائه منك وندمه على قطيعتك فيصلك بلطف اللّه به وفضله.
5- أي أن رزقهم مقسوم على كلّ حال فأبادر بصلتهم قبل أن يصل إليهم رزقهم المقسوم فآتي في وقت لا يحتاجون فيه إلى صلتي لهم.

جارية بعدها في أرحام المؤمنين، ثمّ تلا هذه الآية : (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ).

27 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) (1) فقال : قرابتك.

28 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان وهشام بن الحكم ودرست بن أبي منصور عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ؟ قال : نزلت في رحم آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وقد تكون في قرابتك (2). ثمّ قال : فلا تكوننَّ ممّن يقول للشيء: إنه في شيء واحد (3).

29 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن عليّ، عن أبي جميلة، عن الوصافي، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من سره أن يمدَّ اللّه في عمره وأن يبسط له في رزقه فليصل رحمه، فإنَّ الرَّحم لها لسان يوم القيامة ذلق (4) تقول : يا ربّ صل من وصلني واقطع من قطعني، فالرجل ليرى بسبيل خير (5) إذا أتته الرحم الّتي قطعها فتهوي به إلى أسفل قعر في النار.

30 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسن بن عليّ، عن صفوان، عن الجهم بن حميد قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : تكون لي القرابة على غير أمري (6)، ألهم علي حقِّ؟ قال: نعم حقُّ الرَّحم لا يقطعه شيء، وإذا كانوا على أمرك كان لهم حقان: حقُّ الرَّحم وحقُ الإسلام.

31 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن صلة الرحم والبرَّ، ليهوِّنان الحساب ويعصمان من الذُّنوب، فصلوا أرحامكم وبروا بإخوانكم ولو بحسن السلام ورد الجواب.

32 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الصمد بن بشير قال :

ص: 163


1- الرعد / 21.
2- أي أن خصوص المورد لا يخصص الوارد فهو جار في كلّ رحم مؤمن.
3- أي إذا نزلت آية في شيء خاص فلا تخصص حكمها بذلك الأمر، بل عممه في نظائره مرآة المجلسي 385/8.
4- أي فصيح بليغ.
5- أي ليظن به أنّه من أهل الخير والصلاح.
6- أي غير عقيدتي في الإمامة أي من المخالفين. أو أنهم من الكفار.

قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : صلة الرحم تهوّن الحساب يوم القيامة، وهي منسأة في العمر، وتقي مصارع السوء(1)، وصدقة الليل تطفيء غضب الربّ.

33 - علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عثمان، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ صلة الرحم تزكي الأعمال، وتنمي الأموال، وتيسّر الحساب، وتدفع البلوى، وتزيد في الرّزق.

باب البر بالوالدين

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (2) ما هذا الإحسان ؟ فقال : الإحسان أن تُحسن صحبتهما، وأن لا تكلّفهما أن يسألاك شيئاً ممّا يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين(3)، أليس يقول اللّه عزّ وجلّ : (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (4). قال : ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وأما قول اللّه عزّ وجلّ : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا) (5) قال : إن أضجراك (6) فلا تقل لهما : أف؛ ولا تنهرهما إن ضرباك، قال : وقل لهما قولاً كريماً. قال : إن ضرباك فقال لهما : غفر اللّه لكما، فذلك منك قول كريم ؛ قال : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) (7) قال : لا تملأ عينيك (8) من النظر إليهما إلّا برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما، ولا تقدَّم قدامهما (9).

2 - ابن محبوب عن خالد بن نافع البجلي، عن محمّد بن مروان قال : سمعت أبا عبد

ص: 164


1- كناية عن الوقوع في البلايا الفاضحة الفادحة مرآة المجلسي 387/8.
2- الإسراء / 23.
3- أي عنك لتمكنهما من قضاء الحاجة بنفسيهما، أو كان هنالك غيرك ممّن يقضي حاجتهما، وهذا يدل على أن البر بالوالدين مشروط بالمبادرة إلى قضاء حاجتهما قبل أن يسألاه إياها أو كانا مستغنيين عنه في قضائها.
4- آل عمران/ 92.
5- الإسراء/ 24 ولا تنهرهما : أي لا تزجرهما وتنفض يديك عليهما.
6- الضجر والتضجر : التبرم والضيق.
7- الإسراء / 24.
8- أي لا تمدّ النظر إليهما فترة غير متعارفة.
9- أي لا تسبقهما في السير أو في الجلوس.

اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ رجلا أتى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول اللّه أوصني فقال : لا تشرك باللّه شيئاً وإن حُرّقت بالنار وعذبت إلّا وقلبك مطمئن بالإيمان، ووالديك (1) فأطعهما وبرهما حيين كانا أو ميتين، وإن أمراك أن تخرج من أهلك (2) ومالك فافعل فإن ذلك من الإيمان.

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يأتي يوم القيامة شيء مثل الكبة (3) فيدفع في ظهر المؤمن فيدخله الجنّة، فيقال: هذا البرّ.

4 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوساء، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت : أي الأعمال أفضل ؟ قال : الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل اللّه عزّ وجلّ.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن درست بن أبي منصور، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سأل رجلٌ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ما حق الوالد على ولده ؟ قال : لا يسمّيه باسمه (4) ؛ ولا يمشي بين يديه ؛ ولا يجلس قبله، ولا يستسب له (5).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه عن عبد اللّه بن بحر، عن عبد اللّه بن مسكان عمّن رواه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال - وأنا عنده - لعبد الواحد الأنصاري في بر الوالدين في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا). فظننا أنّها الآية الّتي في بني إسرائيل : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)]. فلما كان بعد سألته فقال : هي الّتي في لقمان (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ (حسناً) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا) (6). فقال : إنَّ ذلك أعظم [من] أن يأمر بصلتهما وحقهما

ص: 165


1- ووالديك : الظاهر أن والديك منصوب بفعل مقدر يفسره الفعل المذكور..... وأقول : يمكن أن يقدّر فعل آخر أي : وارغ والديك فأطعهمها مرآة المجلسي 393/8.
2- أي بأن تطلق زوجتك.
3- الكُبَّة : بفتح الكاف وضمها، - كما في الكاف وضمها - كما في القاموس - الدفعة في القتال والجري والحملة في الحرب، والزحام، وإفلات الخيل للجري أو للحملة، والصدمة الخ.
4- بل بكنيته أو بقوله : يا أبي أو يا والدي وذلك لأن مناداته باسمه ينافي التعظيم كما عليه العرف.
5- أي لا يأتي بشيء يكون سبباً لسب النّاس لأبيه.
6- لقمان / 14 - 15 والآية (15) صحيحة كما في المصحف. وأما الآية (14) فصدرها هكذا : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ...) الآية وليس فيها كلمة (حسناً) وإنما هي في سورة العنكبوت /8.

على كلّ حال. (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)؟ فقال: لا بل يأمر بصلتهما وإن جاهداه على الشرك ما زاد حقهما إلّا عظماً (1).

7 - عنه عن محمّد بن عليّ عن الحكم بن مسكين، عن محمّد بن مروان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما يمنع الرَّجل منكم أن يبر والديه حيين وميتين؛ يصلّي (2) عنهما، ويتصدق عنهما ؛ ويحج عنهما ؛ ويصوم عنهما، فيكون الّذي صنع لهما، وله مثل ذلك فيزيده اللّه عزّ وجلّ ببره وصلته خيراً كثيراً.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن معمر بن خلّاد قال : قلت لأبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): أدعو لوالدي إذا كانا لا يعرفان الحقَّ (3)؟ قال : ادع لهما وتصدّق عنهما ؛ وإن كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما، فإنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : إِنَّ اللّه بعثني بالرحمة لا بالعقوق.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : جاء رجل إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول اللّه من أبر؟ قال : أمّك، قال: ثمّ من؟ قال : أمّك، قال: ثمّ من؟ قال : أمّك، قال: ثمّ من؟ قال : أباك (4).

10 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : أتى رجل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول اللّه إني راغب في الجهاد نشيط (5) قال : فقال له النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «فجاهد في سبيل اللّه فإنك إن تُقتل تكن حيّاً عند اللّه ترزق وإن تمت (6) فقد وقع أجرك على اللّه، وإن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت»، قال: يا رسول اللّه إنَّ لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان

ص: 166


1- «لما استبان من حال المخاطب أنّه فهم من قوله سبحانه فلا تطعهما أنّه لا تجب صلتهما في حال مجاهدتهما على الشرك رد عليه ذلك بقوله : لا، وأضْرَبَ عنه بإثبات الأمر بصلتهما حينئذ أيضاً، وقوله : ما زاد حقهما إلّا عظماً، تأكيد لما سيق». الوافي 92/3.
2- أي بعد الوفاة وكذلك الأمر بالنسبة للحج والصوم.
3- سواء كانا على الكفر أو على مذهب المخالفين. ولكن لما كان هذا مخالفاً لما عليه أكثر علماء الإمامية من عدم جواز الدعاء للكافر ومنه الناصب وعدم انتفاعه بالطاعات لا بد من حمل الحديث على المستضعف.
4- استدل به على أن للأم ثلاثة أرباع البر. وقيل : لا يفهم منه إلّا المبالغة في بر الأم ولا يظهر منه مقدار الفضل.. ووجه الفضل ظاهر لكثرة مشقتها وزيادة تعبها.... مرآة المجلسي 419/8.
5- أي قوي خفيف سريع.
6- أي حتف أنفك بعد خروجك إلى الجهاد.

خروجي، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «فقر (1) مع والديك فوالّذي نفسي بيده لأنسُهما بك يوماً وليلة خير من جهاد سنة».

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية ابن وهب، عن زكريا بن إبراهيم قال : كنتُ نصرانياً فأسلمتُ وحججت، فدخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت: إنّي كنت على النصرانية وإنّي أسلمت، فقال: وأي شيء رأيت في الإسلام (2)؟ قلت : قول اللّه عزّ وجلّ : (مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ) (3) فقال : لقد هداك اللّه، اللّهمّ اهده - ثلاثاً، سَل عمّا شئت يا بني، فقلت : إن أبي وأمي على النصرانية وأهل بيتي ؛ وأمي مكفوفة البصر فأكون معهم وآكل في آنيتهم ؟ فقال يأكلون لحم الخنزير؟ فقلت : لا ولا يمسّونه، فقال: لابأس، فانظر أمك فبرها، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك، كن أنت الّذي تقوم بشأنها، ولا تخبرن أحداً أنك أتيتني (4) حتّى تأتيني بمنى إن شاء اللّه. قال : فأتيته بمنى والناس حوله كأنه معلم صبيان هذا يسأله وهذا يسأله، فلما قدمت الكوفة الطفت لأمي وكنت أطعمها وأفلّي (5) ثوبها ورأسها وأخدمها، فقالت لي : يا بني، ما كنتَ تصنع هذا وأنت على ديني، فما الّذي أرى منك منذ هاجرت فدخلت في الحنيفية (6)؟ فقلت : رجل من ولد نبينا أمرني بهذا، فقالت: هذا الرجل هو نبي؟ فقلت : لا ولكنه ابن نبي، فقالت : يا بنيَّ إن هذا نبي إن هذه وصايا الأنبياء، فقلت: يا أمه، إنه ليس يكون بعد نبيّنا نبيّ ولكنه ابنه فقالت: يا بنيَّ دينك خير دين اعرضه علي، فعرضته عليها فدخلت في الإسلام وعلمتها، فصلّت الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة، ثمّ عرض لها عارض في الليل، فقالت : يا بنيَّ أعد عليَّ ما علمتني فاعدته عليها، فأقرت به وماتت، فلما أصبحت كان المسلمون الّذين غسلوها، وكنت أنا الّذي صليت عليها ونزلت في قبرها.

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم؛ وعدة من

ص: 167


1- أي أثبت واستقر.
2- أي ما الّذي وجدته في الإسلام حتّى اخترته على ما كنت عليه من دين؟.
3- الشورى / 52. ويفهم من إيراد زكريا هذه الآية جواباً على سؤال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو الاستشهاد على أن الإيمان لطف من اللّه يرزقه من يشاء من عباده.
4- ولعله (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنما نهاه عن أخباره بإتيانه إليه كيلا يصرفه بعض رؤساء الضلالة عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويدخله في ضلالته قبل أن يهتدي للحق الوافي ج 93/23. ثمّ إن في قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلا تكلها... الخ، معجزة له (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنه كان يعلم بأن أمه سوف تعتنق الإسلام بعد ذلك وتموت عليه كما يصرح به في الخبر بعد ذلك.
5- أي أبحث في رأسها وثوبها عن القمل إن كان لأريحها منه.
6- هي الإسلام لبعده عن طرفي الإفراط والتفريط أو نسبة إلى ملة إبراهيم الحنيف.

أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن إسماعيل بن مهران، جميعاً، عن سيف بن عميرة، عن عبد اللّه بن مسكان عن عمّار بن حيان قال : خبرت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ببر إسماعيل ابني، بي فقال : لقد كنت أحبه وقد ازددت له حباً، إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنته أخت له من الرضاعة (1)، فلما نظر إليها سُرَّ بها وبسط ملحفته (2) لها، فأجلسها عليها، ثمّ أقبل يحدثها ويضحك في وجهها، ثمّ قامت وذهبت وجاء أخوها، فلم يصنع به ما صنع بها، فقيل له : يا رسول اللّه صنعت بأخته ما لم تصنع به وهو رجلٌ ؟ فقال : لأنها كانت أبر بوالديها منه (3).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن عبد اللّه بن مسکان عن إبراهيم بن شعيب قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنَّ أبي قد كبر جداً وضعف فنحن نحمله إذا أراد الحاجة (4)؟ فقال : إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل، ولقمه بيدك فإنّه جنّة لك غداً (5).

14 - عنه، عن عليّ بن الحكم عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح، عن جابر قال : سمعت رجلاً يقول لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ لي أبوين مخالفين؟ فقال برهما كما تبرُّ المسلمين ممن يتولانا (6).

15 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن عنبسة عنبسة بن مصعب عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ثلاث لم يجعل اللّه عزّ وجلّ لأحد فيهنَّ رخصة : أداء الأمانة إلى البرّ والفاجر، والوفاء بالعهد للبر والفاجر وبرُّ الوالدين برّين كانا أو فاجرين.

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من السنّة والبرّ أن يكنى الرجل باسم أبيه (7).

ص: 168


1- أخته من الرضاعة أنيسة، وأخوه من الرضاعة هو أخوها من النسب وكان اسمه عبد اللّه وهما ابنا الحارث بن عبد العزى.
2- أي ما يلتحف به.
3- دل الحديث على أن الأبر بوالديه يستحق مزيد الاهتمام والإكرام.
4- أي قضاء حاجته من التغوط والتبول أو مطلقاً.
5- أي وقاية لك من النّار يوم القيامة.
6- أي للأجنبي المؤمن حق الإيمان، وللوالدين المخالفين حق الولادة فهما متساويان في الحق مرآة المجلسي 427/8.
7- أي أن يسمي ابنه باسم أبيه فيقال له : أبو فلان.

17 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد ؛ وعليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد جميعاً، عن الوساء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: جاء رجلٌ وسأل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عن بر الوالدين فقال : ابرر أمك ابرر أمّك ابرر أمّك، ابرر أباك ابرر أباك ابرر أباك، وبدأ بالأم قبل الأب.

18 - الوشّاء، عن أحمد أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: جاء رجلٌ إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : إنّي قد ولدت بنتاً وربيتها حتّى إذا بلغت فألبستها وحليتها ثمّ جئت بها إلى قليب (1) فدفعتها في جوفه وكان آخر ما سمعت منها وهي تقول يا أبتاه، فما كفّارة ذلك؟ قال : ألك أم حية؟ قال : لا، قال : فلك خالة حيّة؟ قال: نعم، قال: فابررها فإنّها بمنزلة الأمّ يكفّر عنك ما صنعت، قال أبو خديجة : فقلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : متى كان هذا؟ فقال : كان في الجاهلية، وكانوا يقتلون البنات مخافة أن يُسبين فيلدن في قوم آخرين.

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل يجزي الوالد والده؟ فقال : ليس له جزاء إلّا في خصلتين : يكون الوالد مملوكاً فيشتريه ابنه فيعتقه، أو يكون عليه دين فيقضيه عنه.

20 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عمرو ابن شمر عن جابر (2) قال : أتى رجلٌ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : فقال : إني رجل شاب نشيط وأحبُّ الجهاد، ولي والدة تكره ذلك؟ فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ارجع فكن مع والدتك فوالّذي بعثني بالحقّ [نبياً]، لأنسُها بك ليلةً خيرٌ من جهادك في سبيل اللّه سننة».

21 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد عن الحسن بن عليّ، عن عبد اللّه بن سنان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما، ثمّ يموتان، فلا يقضي عنهما ديونهما، ولا يستغفر لهما فيكتبه اللّه عاقاً، وإنه ليكون عاقاً لهما في حياتهما غير بار بهما، فإذا ماتا قضى دينهما، واستغفر لهما، فيكتبه اللّه عزّ وجلّ باراً.

باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :

ص: 169


1- القليب : البئر العادية القديمة - كما في القاموس -.
2- لم يُذكر المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) الّذي روى عنه جابر ولكن بملاحظة ما مر من حديث تحت رقم (10) عن يونس بن عبد الرحمن، عن جابر أيضاً عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن المعصوم هو نفسه (عَلَيهِ السَّلَامُ) خاصة وأن مضمون الخبرين متقارب.

قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من أصبح لا يهتم (1) بأمور المسلمين فليس بمسلم(2)».

2 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أَنَسَكُ النّاس نسكا (3) أنصحهم جيب (4) وأسلمهم قلباً لجميع المسلمين».

3 - عليّ بن إبراهيم، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان ابن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : عليك بالنصح اللّه في خلقه(5)، فلن تلقاه بعمل أفضل منه.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن محمّد بن القاسم الهاشمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم.

5 - عنه، عن سلمة بن الخطاب، عن سليمان بن سماعة، عن عمه عاصم الكوزي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : «من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلا ينادي يا للمسلمين (6) فلم يجبه فليس بمسلم».

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : الخلق عيال اللّه فأحبُّ الخلق إلى اللّه من نفع عيال اللّه وأدخل على أهل بيت سروراً (7).

7 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عَميرة قال : حدّثني من سمع أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : سُئِلَ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : مَن أحبُّ النّاس إلى اللّه ؟ قال : «أنفع النّاس للنّاس».

8 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن مثنّى بن الوليد الحناط، عن فطر بن خليفة، عن

ص: 170


1- أي لا يفكر فيها ولا يعتزم التصدي للقيام بما تقتضيه سواء منها الدنيوي والأخروي.
2- أي ليس بكامل الإسلام.
3- أي عبادة وطاعة والناسك هو العابد القائم بالطاعات والقربات.
4- أي أنقاهم وأطهرهم قلباً ويحتمل أحفظهم للأمانة وأبعدهم عن الغش والخيانة.
5- أي أطوعهم اللّه بإسداء النصح للمسلمين فيما أمر اللّه من أداء حقوقهم والانتهاء عما نهى اللّه من أذيتهم بكل أنواعها.
6- أي على نحو الاستغاثة بهم.
7- بأي سبب من أسباب السرور الفعلية أو القولية. وكون الخلق عيال اللّه باعتبار أنّه خالقهم ورازقهم وحافظهم ومدبر أمورهم في الدنيا والآخرة.

عمر بن عليّ بن الحسين، عن أبيه صلوات اللّه عليهما قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من ردَّ عن قوم من المسلمين عادية [ماء] (1) أو ناراً وجبت له الجنّة».

9 - عنه، عن ابن فضّال عن ثعلبة بن ميمون عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) (2) قال : قولوا للناس حسناً ولا تقولوا إلّا خيراً حتّى تعلموا ما هو (3)؟

10 - عنه، عن ابن أبي نجران، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال في قول اللّه عزّ وجلّ : (وقولوا للناس حسناً). قال: قولوا للناس أحسن ما تحبّون أن يقال فيكم.

11 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه ابن جبلة عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ) (4) قال : نقاعاً (5).

باب إجلال الكبير

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من إجلال اللّه (6) إجلال ذي الشيبة المسلم.

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد رفعه قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ليس منّا (7) من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا.

ص: 171


1- لفظ (ماء) غير موجود في أكثر النسخ، وعلى فرض وجوده فالمعنى : سيلاً أو فيضانا. وعلى فرض عدم وجوده فالمعنى : من رد عنهم ظلماً أو عدواً.
2- البقرة/ 83. والمعنى كما روي عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم». وسوف يأتي ما يؤيده.
3- ما : يحتمل أن تكون للنفي، أو للاستفهام، أو الموصولة. والمعنى : لا تقولوا لهم إلّا خيراً ما تعلموا فيهم الخير وما لم تعلموا فيهم الخير، فأما إذا علمتم أنّه لا خير فيهم وانكشف لكم عن سوء ضمايرهم بحيث لا يبقى لكم مرية فلا عليكم إلّا تقولوا خيراً» الوافي ج 99/3.
4- مريم / 31.
5- أي جعلني معلماً للخير عن مجاهد، والنفاع : كثير النفع. وقيل ثابتاً دائماً على الإيمان والطاعة.
6- أي تعظيمه سبحانه وتعظيم شعائر اللّه من التقوى وامتثال أحكامه أيضاً تعظيم له.
7- أي من المؤمنين الكاملي الإيمان.

3- عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن أبان، عن الوصافي (1) قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): عظموا كباركم، وصلوا أرحامكم، وليس تصلونهم بشيء أفضل من كف الأذى عنهم.

باب أخوة المؤمنين بعضهم لبعض

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن - المفضل بن عمر قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنما المؤمنون إخوة (2) بنو أب وأم (3) وإذا ضرب على رجل منهم عرق (4) سهر له الآخرون.

2 - عنه، عن أبيه عن فضالة بن أيّوب عن عمر بن أبان عن جابر الجعفي. قال : تَقَبَّضَتُ (5) بين يدي أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت : جعلت فداك ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني، أو أمر ينزل بي حتّى يعرف ذلك أهلي في وجهي وصديقي. فقال : نعم يا جابر : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم من ريح روحه(6)، فلذلك، المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه. فإذا أصاب روحاً من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن حزنت هذه لأنها منها (7).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله (8)، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه ولا يَعِدُهُ عِدَةَ فيُخلفه.

ص: 172


1- واسمه عبد اللّه بن الوليد.
2- أي في الدين. أو ينبغي أن يكونوا بمنزلة الأخوة في التراحم والتعاطف مرآة المجلسي 8/9.
3- «أريد بالأب روح اللّه الّذي نفخ منه في طينة المؤمن، وبالأم الماء العذب والتربة الطيبة كما مر في أبواب الطينة لا آدم وحواء كما يتبادر إلى بعض الأذهان لعدم اختصاص الانتساب إليهما بالإيمان...» ن. م.
4- «ضرب العرق حركته بقوة والمراد هنا المبالغة في قلة الأذى...» ن. م ص / 9.
5- أي شعرت بحزن وضيق صدر.
6- الضمير يرجع إليه سبحانه وهو قوله تعالى: ﴿ونفخت فيه من روحي) الحجر / 29.
7- «لا يقال : على هذا الوجه يلزم أن يكون المؤمن محزوناً دائماً؟ لأنا نقول : يحتمل أن يكون للتأثر شرائط أخرى تفقد في بعض الأحيان، كارتباط هذه الروح ببعض الأرواح أكثر من بعض كما ورد الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» مرآة المجلسي 10/9.
8- ومنه قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «المؤمن مرآة المؤمن». أي يريه محاسنه ومعايبه.

4 - محمّد بن يحيى بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعدَّةً من أصحابنا، عن سهل ابن زیاد جميعاً، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئاً منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة ؛ وإن روح المؤمن لأشدُّ اتصالاً بروح اللّه من اتّصال شعاع الشمس بها.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن مثنى الحنّاط، عن الحارث بن المغيرة قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : المسلم أخو المسلم هو عينه و مرآته ودليله لا يخونه ولا يخدعه ولا يظلمه ولا يكذبه ولا يغتابه.

6 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ودخل عليه رجل فقال لي : تحبه؟ فقلت : نعم، فقال لي ولم لا تحبه وهو أخوك وشريكك في دينك، وعونك على عدوّك ورزقه على غيرك.

7 - أبو علي الأشعري عن الحسين بن الحسن، عن محمّد بن أورمة عن بعض أصحابه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن فضيل عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى في صورهم من ريح الجنّة، فلذلك فلذلك هم إخوة لأب وأمّ.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحجال، عن عليّ بن عقبة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه ولا يَعِدُهُ عِدَة فيخلفه (1)

9 - أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن رجل، عن جميل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : المؤمنون خَدَمٌ بعضهم لبعض، قلت : وكيف يكونون خدماً بعضهم لبعض؟ قال يفيد بعضهم بعضاً... الحديث (2).

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل البصري، عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ نفراً من المسلمين خرجوا إلى سفر لهم فضلوا الطريق، فأصابهم عطش

ص: 173


1- مرّ هذا الحديث بنفس المضمون والسند عدا الحجّال فقد ورد مكانه هناك ابن فضّال.
2- الحديث مجهول. وكلمة (الحديث) في آخره دليل على أنّه جزء من حديث أهمل الراوي ذكر تتمته.

شديد فتكّفتوا(1) ولزموا أصول الشجر، فجاءهم شيخ وعليه ثياب بيض فقال: قوموا فلابأس عليكم فهذا الماء، فقاموا وشربوا وارتووا، فقالوا : من أنت يرحمك اللّه ؟ فقال : أنا من الجن الّذين بايعوا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، إنّي سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول : المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله، فلم تكونوا تضيعوا بحضرتي.

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن حماد بن عيسى، عن ربعي عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه (2) ولا يخذله (3) [ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه ]. قال ربعي : فسألني رجل من أصحابنا بالمدينة فقال : سمعت فضيل يقول ذلك؟ قال فقلت له : نعم، فقال : [ف-] إني سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يغشّه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه.

باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الإيمان وينقضه

باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الإيمان وينقضه (4)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مَسْعَدَة بن صَدَقَة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول - وسُئِلَ (5) عن إيمان من يلزمنا حقه وأخوته كيف هو وبما يثبت وبما يبطل -؟ فقال : إنَّ الإيمان قد (6) يتخذ على وجهين(7)، أما أحدهما فهو الّذي يظهر لك من صاحبك فإذا ظهر لك منه مثل الّذي تقول به أنت، حقت ولايته وأخوته، إلّا أن يجيىء منه نقض للّذي وصف من نفسه وأظهره لك، فإن جاء منه ما تستدلّ به على نقض الّذي أظهر لك، خرج عندك ممّا

ص: 174


1- أي لبسوا أكفانهم. وفي بعض النسخ: (فتكنفوا) أي اجتمعوا وأحاطوا أو أنهم لزموا جانب الطريق وهو كنفه.
2- على قراءة (يظلمه) بتشديد اللام فالمعنى : لا ينسبه إلى الظلم.
3- الخذلان : تركه في وقت هو أحوج ما يكون إليه فيه.
4- كأن السائل من أصحاب ربعي إنما سأل ليتأكد من رواية الحديث على الشكل الّذي رواه أولاً ولبيان أن فرقاً بين ما سمعه هو شخصيا من الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبين ما سمعه من رواية الفضيل، وذلك الفرق هو زيادة (ولا يغشه).
5- «الانتحال : ادعاء أمر بغير حقيقة أو مطلقاً، واتخاذ نحلة أو دين. وقوله : ينقضه، عطف على يوجب، والضمير المستتر فيه راجع إلى (ما)، والبارز إلى الحق، أي هذا باب في بيان ما يوجب رعاية الحقوق الإيمانية لمن ادعى الإيمان، وبيان ما ينقض الحق ويسقط وجوب رعايته». مرآة المجلسي 18/9.
6- الواو حالية.
7- قد للتحقيق. وإنما اكتفى بذكر أحد الوجهين عن الآخر لأن الآخر كان معلوماً وهو ما يُعرف بالصحبة المتأكدة والمعاشرة المتكررة الموجبة لليقين. وإنما ذكر الفرد الأخفى وهو ما يظهر بدون ذلك الوافي ج 103/3.

وصف لك وأظهر، وكان لما أظهر لك ناقصاً، إلّا أن يدَّعي أنّه إنّما عمل ذلك تقيّة، ومع ذلك يُنظر فيه (1)، فإن كان ليس ممّا يمكن أن تكون التقيّة في مثله لم يُقبل منه ذلك (2)، لأنَّ للتقيّة مواضع، من أزالها عن مواضعها لم تستقم له وتفسير ما يتقى مثل [أن يكون] قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله، فكلّ شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية ممّا لا يؤدي إلى الفساد في الدين(3) فإنه جائز.

باب في أن التواخي لم يقع على الدين وإنما هو التعارف

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن - حمزة بن محمّد الطيار، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لم تتواخوا على هذا الأمر وإنّما تعارفتم عليه.

2 - عنه، عن أحمد بن محمّد عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان وسماعة، جميعاً، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لم تتواخوا على هذا الأمر [و] إنما تعارفتم عليه (4).

باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من حق المؤمن على أخيه المؤمن أن يُشْبِعَ جَوْعَتَه (5)، ويواري عورته (6)، ويفرج عنه كربته ويقضي دينه، فإذا مات خَلَفَه

ص: 175


1- أي فيه تفصيل.
2- أي ما ادعاه من التقية.
3- كقتل أحد المؤمنين حتّى من العوام فضلا عن العلماء أو الأنبياء أو الأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإنه لا تقية في ذلك.
4- لعل المراد بهذا الحديث وبما قبله «أنكم لم تتواخوا على التشيع إذ لو كنتم متواخين على التشيع لجرت بينكم جميعاً المواخاة وأداء الحقوق ويعم ذلك كلّ من كان على التشيع وليس كذلك، بل إنما أنتم متعارفون على التشيع، يتعارف بعضكم بعضاً عليه من دون مواخاة وعلى هذا يجوز أن يكون الحديث - وكذا الّذي قبله - وارداً مورد الإنكار وأن يكون واقعاً موقع الإخبار ويحتمل أن يكون المراد أن مجرد القول بالتشيع لا يوجب التواخي بينكم وإنما يوجب التعارف بينكم وأما التواخي فإنما توجبه أمور أخرى غير ذلك لا يجب بدونها» الوافي ج 3 / 104.
5- أي يطعمه حتّى يشبع.
6- قد يراد بها القبل والدبر من الرجل وجسد المرأة كله ويكون المراد بالستر الثوب الساتر أو يراد بها العيوب الّتي قد تكون في أخيه المؤمن فيكون الواجب سترها عليه وعدم نشرها بين النّاس ولكن المناسب هو المعنى الأول.

في أهله وولده (1).

2 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن بكير الهجري، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : ما حقُّ المسلم على المسلم؟ قال له : سبع حقوق واجبات، ما منهنَّ حقٌّ إلّا وهو عليه واجب إن ضيع منها شيئاً خرج من ولاية اللّه وطاعته، ولم يكن اللّه فيه من نصيب (2)، قلت له : جعلت فداك وما هي ؟ قال : يا معلّى إنّي عليك شفيق أخاف أن تُضَيّع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل قال : قلت له : لا قوة إلّا باللّه، قال : أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك ؛ والحقُّ الثاني أن تجتنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره ؛ والحقُّ الثالث أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك ؛ والحقُّ الرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته؛ والحقُّ الخامس [أن] لا تشبع ويجوع، ولا تروى ويظمأ ولا تلبس ويعرى، والحقُّ السادس أن يكون لك خادم وليس لأخيك خادم فواجب أن تبعث خادمك فيغسل ثيابه ويصنع طعامه ويمهد فراشه والحقُّ السّابع أن تبر قسمه (3) وتجيب دعوته، وتعود مريضه، وتشهد جنازته ؛ وإذا علمت أن له حاجة تبادره إلى قضائها ولا تلجئه أن يَسأَلْكَها، ولكن تبادره مبادرة، فإذا فعلت ذالك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايتك.

3 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن سيف، عن أبيه سيف، عن عبد الأعلى بن أعين قال : كتب [بعض] أصحابنا يسألون أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أشياء، وأمروني أن أسأله عن حقِّ المسلم على أخيه، فسألته فلم يجبني، فلما جئت لأودعه فقلت : سألتك فلم تجبني ؟ فقال : إنّي أخاف أن تكفروا(4)، إنَّ من أشدّ ما افترض اللّه على خلقه ثلاثاً : إنصاف المرء من نفسه حتّى لا يرضى لأخيه من نفسه إلّا بما يرضى لنفسه منه، ومؤاساة الأخ في المال، وذكر اللّه على كلّ حال ليس سبحان اللّه والحمد للّه ولكن عندما حرَّم اللّه عليه فيدعه.

4 - عنه، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب عن جميل، عن مرازم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال ما عُبد اللّه بشيء أفضل من أداء حق المؤمن.

ص: 176


1- أي قام على رعايتهم وتدبير أمورهم.
2- أي لم يكن من المفلحين الّذين يدخلون في حزب اللّه. أو أن أعماله لا يصل منها شيء إلى اللّه ولا تقبل منه سبحانه.
3- أي أن تمضيه على الصدق.
4- قيل : أي تخالفوا بعد العلم وهو أحد معاني الكفر، وأقول : لعل المراد أن تشكوا في الحكم أو فينا لعظمته وصعوبته، أو تستخفوا به وهو مظنة الكفر أو موجب لصدقه بأحد معانيه مرآة المجلسي 32/9 .

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : حقُّ المسلم على المسلم أن لا يشبع ويجوع أخوه ولا يروى ويعطش أخوه ولا يكتسي ويعرى أخوه، فما أعظم حقَّ المسلم على أخيه المسلم. وقال : أحب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك، وإذا احتجت فَسَله، وإن سألك فأعطه لا تمله خيراً ولا يمله لك(1)، كن له ظهر (2). فإنه لك ظهر، إذا غاب فاحفظه في غيبته، وإذا شهد (3) فزره وأجلّه وأكرمه، فإنه منك وأنت منه، فإن كان عليك عاتباً فلا تفارقه حتّى تسأل سميحته (4)، وإن أصابه خيرٌ فاحمد اللّه. وإن ابتلي فأعضده، وإن تُمُحل له فأعنه (5)، وإذا قال الرّجل لأخيه : أف انقطع ما بينهما من الولاية، وإذا قال أنت عدوّي كفر أحدهما، فإذا اتهمه أنماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء ؛ وقال(6) : بلغني أنّه قال : إنَّ المؤمن ليزهر نوره لأهل السماء كما تزهر نجوم السماء لأهل الأرض. وقال : إنَّ المؤمن وليُّ اللّه يعينه (7) ويصنع له (8) ولا يقول (9) عليه (10) إلّا الحق ولا يخاف غيره.

6 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : للمسلم على أخيه المسلم من الحقِّ : أن يسلّم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، وينصح له (11) إذا غاب، ويسمّته إذا عطس (12)، ويجيبه إذا دعاه، ويتبعه إذا مات (13).

عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة مثله.

ص: 177


1- أي لا تسأمه من جهة أكثارك الخير له ولا يسأمك من جهة إكثاره الخير لك الوافي ج 102/3. وقيل معناه : لا يورث الخير إياك ملالا لأجله ولا يورث الخير إباه ملالا لأجلك مرآة المجلسي 34/9.
2- أي سنداً وقوة ومعيناً.
3- أي حضر.
4- أي حتّى تطلب مسامحته وغفرانه. وفي الوافي 102/3 (حتّى تسلّ سخيمته) أي تنتزع حقده وحنقه.
5- أي إن كيد.
6- أي عليّ بن إبراهيم أو اليماني أو غيرهما من الرواة.
7- الضمير يرجع إلى لفظ الجلالة.
8- أي يكفيه ما يهمّه.
9- أي المؤمن.
10- أي على اللّه.
11- أي يحفظه في ظهر الغيب فلا يغتابه ويدفع عنه الغيبة ويدعو له بكل خير.
12- أي يدعو له عند عطاسه بالبركة والخير والثبات على الحق.
13- أي يشيع جنازته.

7 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي المأمون الحارثي قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما حقُّ المؤمن على المؤمن؟ قال : إنَّ من حق المؤمن على المؤمن المودَّة له أهله، في صدره والمؤاساة له في ماله، والخَلَف له (1) في والنصرة له على من ظلمه، وإن كان نافلة في المسلمين (2) وكان غائباً أخذ له بنصيبه، وإذا مات، الزيارة إلى قبره، وأن لا يظلمه وأن لا يغشه وأن لا يخونه وأن لا يخذله وأن لا يكذبه، وأن لا يقول له أفٌ، وإذا قال له : أنّ فليس بينهما ولاية وإذا قال له : أنت عدوّي فقد كفر أحدهما، وإذا اتهمه أنماث الإيمان في قلبه كما ينمات الملح في الماء.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن أبي علي صاحب الكلل (3)، عن أبان بن تغلب قال : كنت أطوف مع أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فعرض لي رجل من أصحابنا كان سألني الذهاب معه في حاجة، فأشار إليَّ، فكرهت أن أدع أبا عبد اللّه وأذهب إليه، فبينا أنا أطوف إذ أشار إليَّ أيضاً، فرآه أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أبان، إياك يريد هذا؟ قلت : نعم ؛ قال : فمن هو؟ قلت رجل من أصحابنا، قال هو على مثل ما أنت عليه (4) :قلت نعم قال : فاذهب إليه، قلت : فأقطع الطواف ؟ قال : نعم، قلت : وإن كان طواف الفريضة (5)؟ قال نعم،، قال : فذهبت معه، ثمّ دخلت عليه بعد فسألته فقلت : أخبرني عن حق المؤمن فقال : يا أبان دعه لا تُرده، قلت بلى جعلت فداك، فلم يزل أردّد عليه، فقال: يا أبان تقاسمه شطر مالك(6)، ثمّ نظر إليَّ فرأى ما دخلني (7) فقال : يا أبان أما تعلم أنَّ اللّه عزّ وجلّ قد ذكر المؤثرين على أنفسهم (8)؟ قلت : بلى جعلت فداك، فقال: أما إذا أنت قاسمته فلم تؤثره بعد، إنّما أنت وهو سواء، إنّما تؤثره إذا أنت أعطيته من النصف الآخر.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبان، عن عيسى بن أبي منصور قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنا وابن أبي يعفور وعبد اللّه بن طلحة فقال ابتداء منه : يا ابن أبي يعفور قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ستّ خصال من

ص: 178


1- أي يقوم بتدبير شؤون عائلته في حال غَيْبته.
2- أي غنيمة.
3- أي كان يبيع الكلل: جمع كلة وهي - على ما في القاموس - الستر الرقيق، وغشاء رقيق يتوقى به من البعوض.
4- أي من العقيدة بالقول بالإمامة.
5- أي الطواف الواجب.
6- أي نصفه.
7- أي من الخوف من عدم العمل به أو من التعجب مرآة المجلسي 40/9.
8- إشارة إلى قوله تعالى (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) الحشر / 9.

كنَّ فيه كان بين يدي اللّه عزّ وجلّ وعن يمين اللّه»، فقال ابن أبي يعفور : وما هنَّ جعلت فداك؟ قال : يحبُّ المرء المسلم لأخيه ما يحبُّ لأعز أهله ؛ ويكره المرء المسلم لأخيه ما يكره لأعزّ أهله ؛ ويناصحه الولاية.(1). فبكى ابن أبي يعفور وقال : كيف يناصحه الولاية؟ قال : يا ابن أبي يعفور إذا كان منه بتلك المنزلة بنّه همه ففرح لفرحه إن هو فرح وحزن لحزنه إن هو حزن، وإن كان عنده ما يفرج عنه فرّج عنه وإلا دعا اللّه له، قال : ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ثلاث لكم (2) وثلاث لنا (3) أن تعرفوا فضلنا، وأن تطؤوا عقبنا (4) وأن تنتظروا عاقبتنا (5)، فمن كان هكذا كان بين يدي اللّه عزّ وجلّ، فيستضيىء (6) بنورهم من هو أسفل منهم، وأما الّذين عن يمين اللّه، فلو أنهم يراهم من دونهم لم يهنئهم العيش ممّا يرون من فضلهم، فقال ابن أبي يعفور : وما لهم لا يرون وهم عن يمين اللّه ؟ فقال : يا ابن أبي يعفور إنهم محجوبون بنور اللّه، أما بلغك الحديث أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يقول : «إنَّ اللّه خلقاً عن يمين العرش بين يدي اللّه وعن يمين اللّه، وجوههم أبيض من الثلج وأضوء من الشمس الضّاحية» (7)، يسأل السائل ما هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء الّذين تحابوا في جلال اللّه (8).

10 - عنه عن عثمان بن عيسى عن محمّد بن عجلان قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدخل رجلٌ فسلّم، فسأله كيف من خلّفت من إخوانك؟ قال: فأحسن الثناء وزكى وأطرى (9)، فقال له : كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم؟ فقال: قليلة، قال: وكيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم (10) ؟ قال : قليلة، قال : فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم (11) ؟ فقال : إنك لتذكر أخلاقاً قل ما هي فيمن عندنا، قال: فقال : فكيف تزعم هؤلاء أنهم شيعة.

11 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر عن أبي إسماعيل قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك، إنَّ الشيعة عندنا كثير فقال : [ف] هل يعطف الغني

ص: 179


1- أي يمحضه المحبة محضاً.
2- أي ثلاث خصال من المذكورات للشيعة وهي الحب والكراهية، والمناصحة.
3- أي للأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- أي تتابعونا وتقتدوا بنا وتسلموا لنا في كلّ ما نطلبه منكم.
5- أي دولتنا وقائمنا.
6- أي في ظلمة يوم القيامة.
7- أي المرتفعة وقت الضحى.
8- أي في عظمته.
9- أي ومدح.
10- أي حضورهم عندهم لاستطلاع أحوالهم ومد يد المساعدة لهم وحضور مجالسهم.
11- أي في أموالهم وما يملكون.

على الفقير؟ وهل يتجاوز المحسن عن المسىء؟ ويتواسون؟ فقلت : لا، فقال : ليس هؤلاء شيعة الشيعة من يفعل هذا.

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن فضيل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبو جعفر صلوات اللّه عليه يقول : عظموا أصحابكم ووقروهم ولا يتجهم (1) بعضكم بعضاً، ولا تضاروا، ولا تحاسدوا، وإياكم، والبخل كونوا عباد اللّه المخلصين.

13 - أبو عليّ الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن عمر بن أبان، عن سعيد بن الحسن قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيجييء أحدكم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه؟ فقلت : ما أعرف ذلك فينا، فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فلا شيء إذا(2)، قلت : فالهلاك (3) إذاً، فقال : إنَّ القوم لم يُعطوا أحلامهم بعد (4).

14 - عليّ بن إبراهيم، عن الحسين بن الحسن، عن محمّد بن أورمة، رفعه، عن معلى بن خنيس قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن حق المؤمن، فقال : سبعون حقاً لا أخبرك إلّا بسبعة، فإنّي عليك مشفق أخشى ألا تحتمل، فقلت: بلى إن شاء اللّه، فقال : لا تشبع ويجوع ولا تكتسي ويعرى؛ وتكون دليله وقميصه الّذي يلبسه(5)، ولسانه الّذي يتكلّم به، وتحبُّ له ما تحب لنفسك، وإن كانت لك جارية بعثتها لتمهد فراشه وتسعى في حوائجه بالليل والنهار، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايتنا وولايتنا بولاية اللّه عزّ وجلّ.

15 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المغرا(6)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه، ويحق (7) على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمؤاساة لأهل الحاجة، وتعاطف

ص: 180


1- أي لا يلقاه بوجه مكفهر منقيض.
2- أي ليس عندهم شيء من خصال الإيمان.
3- أي العذاب في الآخرة.
4- أي لم تكمل عقولهم، ولم تنضج، وكل إنسان إنما يحاسب على قدر عقله.
5- أي تكون محرم أسراره ومختصاً به غاية الاختصاص. أو المعنى : تكون ساتر عيوبه، وقيل : تدفع الأذى عنه كما يدفع القميص عنه الحر والبرد وهو بعيده مرآة المجلسي 48/9.
6- هذه الكنية تطلق على حميد بن المثنى الصيرفي وعلى الخصّاف.
7- أي يجب وثبت.

بعضهم على بعض، حتّى تكونوا كما أمركم اللّه عزّ وجلّ : (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) (1)، متراحمين، مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «حقُّ على المسلم إذا أراد سفراً أن يُعلم إخوانه، وحقٌّ على إخوانه إذا قدم أن يأتوه».

باب التراحم والتعاطف

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن محالد عن الحسن بن محبوب، عن شعيب العقرقوفي قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول لأصحابه : اتّقوا اللّه وكونوا إخوة بررة، متحابين فى اللّه متواصلين متراحمين تزاوروا وتلاقوا وتذاكروا أمرنا (2) وأحيوه.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن كليب الصيداوي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال تواصلوا وتباروا وتراحموا، وكونوا إخوة بررة كما أمركم اللّه عزّ وجلّ.

3 - عنه، عن محمّد بن سنان عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : تواصلوا وتباروا وتراحموا وتعاطفوا.

4 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المغرا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمؤاساة لأهل الحاجة، وتعاطف بعضهم على بعض، حتّى تكونوا كما أمركم اللّه عزّ وجلّ: (رحماء بينهم)، متراحمين، مغتمين لما غاب عنكم من امرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (3).

ص: 181


1- إشارة إلى قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ...) الآية 29 من سورة الفتح.
2- أي أمر الإمامة والولاية.
3- مر مضمون هذا الحديث في الباب السابق تحت رقم (15) بنفس السند بفرق هو زيادة صدر له هناك، ولفظ (بينكم) هناك و (بينهم) هنا.

باب زيارة الإخوان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن [علىّ] ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من زار أخاه اللّه لا لغيره (1) التماس موعد (2) اللّه، وتنجز ما عند اللّه (3)، وكل اللّه به سبعين ألف ملك ينادونه ألا طبت (4) وطابت لك الجنّة.

2 - عنه عن عليّ بن النعمان عن ابن مسكان عن خيثمة قال: دخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أودعه فقال : يا خيثمة أبلغ من ترى من موالينا السّلام وأوصهم بتقوى اللّه العظيم وأن يعود غنيهم على فقيرهم وقويّهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيّهم جنازة ميّتهم وأن يتلاقوا في بيوتهم،، فإنَّ لُقيا بعضهم بعضاً حياة لأمرنا، رحم اللّه عبداً أحيا أمرنا، يا خيثمة : أبلغ موالينا أنا لا نغني عنهم من اللّه شيئاً إلّا بعمل، وأنهم لن ينالوا ولايتنا إلّا بالورع وأنَّ أشدَّ النّاس حسرة يوم القيامة من وصف عدلاً ثمّ خالفه إلى غيره.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابيه، عن حماد بن عيسى، بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «حدّثني جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن اللّه عزّ وجلّ أهبط إلى الأرض ملكاً، فأقبل ذلك الملك يمشي حتّى وقع إلى باب عليه رجل يستأذن على ربِّ الدار، فقال له الملك، ما حاجتك إلى ربّ هذه الدّار؟ قال : أخ لي مسلم زرته في تبارك وتعالى، قال له الملك، ما جاء بك إلّا ذاك ؟ فقال : ما جاء بي إلّا ذاك، فقال : إني رسول اللّه اللّه إليك، وهو يقرئك السلام ويقول : وجبت لك الجنّة». وقال الملك : إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (إيما مسلم زار مسلماً فليس إيَّاه،زار إياي زار وثوابه علىّ الجنّة).

4 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي النهدي، عن الحصين، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من زار أخاه في اللّه قال اللّه عزّ وجلّ : (إيّاي زرت وثوابك عليَّ ؛ ولست أرضى لك ثواباً دون الجنّة)

5 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة،

ص: 182


1- كمنفعة شخصية دنيوية مادية أو معنوية.
2- هو يوم القيامة.
3- أي من الثواب.
4- أي زكوت وطهرت.

عن يعقوب بن شعيب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من زار أخاه في جانب المصر(1) ابتغاء وجه اللّه، فهو زوره (2) ؛ وحقٌّ على اللّه أن يكرم زوره.

6 - عنه، عن عليّ بن الحكم عن سيف بن عميرة، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من زار أخاه في بيته قال اللّه عزّ وجلّ له : أنت ضيفي وزائري، عليَّ قراك (3)، وقد أوجبت لك الجنّة بحبّك إيّاه».

7 - عنه، عن عليّ بن الحكم عن إسحاق بن عمّار، عن أبي غرة (4) قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من زار أخاه في اللّه في مرض أو صحة، لا يأتيه خداعاً (5) ولا استبدالا (6)، وكل اللّه به سبعين ألف ملك ينادون في قفاه أن : طبت وطابت لك الجنّة، فأنتم زُوَّار اللّه وأنتم وفد الرحمن (7) له حتّى يأتي منزله، فقال له يسير (8) : جعلت فداك وإن كان المكان بعيداً؟ قال : نعم يا يسير وإن كان المكان مسيرة سنة، فإن اللّه جواد والملائكة كثيرة، يشيعونه حتّى يرجع إلى منزله.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي [بن] النهدي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مَن زار أخاه في اللّه واللّه، جاء يوم القيامة يخطر (9) بين قباطي (10) من نور ؛ ولا يمر بشيء إلّا أضاء له حتّى يقف بين يدي اللّه عزّ وجلّ، فيقول اللّه عزّ وجلّ له : مرحباً ؛ وإذا قال: مرحباً، أجزل اللّه عزّ وجلّ له العطيّة.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن بشير (11)، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن العبد المسلم إذا خرج من بيته زائراً أخاه اللّه لا لغيره، التماس وجه اللّه،

ص: 183


1- أي طرف البلد الّذي يكون فيه الزائر وهذا كناية عن بعد المسافة بين الزائر والمزار.
2- أي زائره والضمير فيه راجع إلى اللّه سبحانه.
3- قرى الضيف إكرامه والإحسان إليه.
4- وقد يُقرأ (أبو عزّة). أبو غرة الخراساني. ويحتمل أنّه أبو عزّة الكوفي أو أبو عزّة مولى يسار.
5- أي ليوهمه بأنه يحبه ويغشه بإظهار مودته
6- أي بقصد عود نفع عليه بدلاً من زيارته له.
7- لعله إشارة إلى قوله تعالى (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا) مريم / 85.
8- لعله بشير الدهان، حيث ذكر الشيخ في رجاله تحت رقم (16) أنّه قيل : يسير، فراجع.
9- أي يتبختر ويتمايل في مشيته.
10- ذكرنا في مورد سابق أن القباطي نوع من الثياب المنسوجة نسبة إلى أقباط مصر.
11- وفي بعض النسخ (يسير) وهذا يؤيد ما ذكره الشيخ ونقلناه عنه أنّه بشير الدهان.

رغبة فيما عنده، وكل اللّه عزّ وجلّ به سبعين ألف ملك ينادونه من خلفه إلى أن يرجع إلى منزله : ألا طبت وطابت لك الجنّة.

10 - الحسين بن محمّد [عن أحمد بن محمّد] عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما زار مسلمٌ أخاه المسلم في اللّه واللّه، إلّا ناداه اللّه عزّ وجلّ أيّها الزائر طبت وطابت لك الجنّة.

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ اللّه عزّ وجلّ جنّة لا يدخلها إلّا ثلاثة : رجلٌ حكم على نفسه بالحقّ (1)، ورجل زار أخاه المؤمن في اللّه، ورجل آثر أخاه المؤمن في اللّه.

12 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد اللّه بن محمّد الجعفي،، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن المؤمن ليخرج إلى أخيه يزوره فيوكل اللّه عزّ وجلّ به ملكاً فيضع جناحاً في الأرض وجناحاً في السماء يظلّه، فإذا دخل إلى منزله نادي الجبار تبارك وتعالى : أيّها العبد المعظّم لحقيّ، المتبع لآثار نبيّ (2)، حقٌّ عليَّ إعظامك، سلني أعطك ادعني أجبك اسكت أبتدئك، فإذا انصرف شيعه الملك يظله بجناحه حتّى يدخل إلى منزله، ثمّ يناديه تبارك وتعالى أيّها العبد المعظم لحقي حقٌّ علي إكرامك قد أوجبت لك جنّتي وشفّعتك في عبادي(3).

13 - صالح بن عقبة، عن عقبة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لزيارة المؤمن في اللّه خيرٌ من عتق عشر رقاب مؤمنات؛ ومن أعتق رقبة مؤمنة وقى كلّ عضو عضواً من النّار (4) حتّى أنَّ الفُرْجَ يقي الفَرْجَ.

14 - صالح بن عقبة، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أيّما ثلاثة مؤمنين اجتمعوا عند أخ لهم، يأمنون بوائقه (5) ولا يخافون غوائله (6) ويرجون ما عنده، إن دعوا اللّه

ص: 184


1- أي أنصف خصمه من نفسه، لأنه علم أن له الحق عليه.
2- من الأخبار والأحاديث والأوامر الّتي تضمنت وجوب تعظيم الأخ المؤمن وإكرامه وصلته.
3- أي قبلت شفاعتك فيهم يوم القيامة أو أذنت لك أن تشفع فيهم.
4- أي صان وحفظ. وفي بعض النسخ وقى اللّه بكل عضو وفي بعضها الآخر : وفى اللّه بكل الخ، والأوّل أنسب وأظهر.
5- البوائق : جمع بائقة وهي الشر والداهية.
6- الغوائل : جمع غائلة وهي البائقة أيضاً.

أجابهم، وإن سألوا أعطاهم وإن استزادوا زادهم وإن سكتوا ابتدأهم.

15 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب قال: سمعت أبا حمزة يقول : سمعت العبد الصالح (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من زار أخاه المؤمن اللّه لا لغيره، يطلب به ثواب اللّه وتنجّز ما وعده اللّه (1) عزّ وجلّ، وكل عزّ وجلّ به سبعين ألف ملك، من حين يخرج من منزله حتّى يعود إليه ينادونه : ألا طبت وطابت لك الجنّة، تبوأت (2) من الجنّة منزلاً.

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لقاء الإخوان مغنم جسيمٌ (3) وإن قلّوا.

باب المُصَافَحَة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون عن يحيى بن زكريّا عن أبي عبيدة قال : كنت زميل (4) أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكنت أبدأ بالركوب، ثمّ يركب هو، فإذا استوينا سلّم وساءل مساءلة رجل لا عهد له بصاحبه وصافح، قال : وكان إذا نزل نزل قبلي، فإذا استويت أنا وهو على الأرض سلّم وسائل مساءلة من لا عهد له بصاحبه، فقلت: یا ابن رسول اللّه، إنك لتفعل شيئاً ما يفعله أحد من قبلنا وإن فعل مرة فكثير، فقال : أما علمت ما في المصافحة، إن المؤمنين يلتقيان فيصافح أحدهما صاحبه، فلا تزال الذنوب تتحات (5) عنهما كما يتحات الورق عن الشجر، واللّه ينظر إليهما حتّى يفترقا.

2 - عنه، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبي خالد القماط، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن المؤمنين إذا التقيا وتصافحا، أدخل اللّه يده بين أيديهما(6)، فصافح أشدّهما حبّاً لصاحبه.

ص: 185


1- أي سؤال ما وعد اللّه سبحانه من الثواب بإحضاره والوفاء به.
2- أي سكنت واتخذت.
3- أي غنيمة عظيمة.
4- أي رفيقه في السفر، أو عديله في الركوب على دابة واحدة.
5- أي تتساقط وتتناثر.
6- وكأنه أطلق الجمع على التثنية مجازاً وذلك لاستثقالهم اجتماع التثنيتين، مرآة المجلسي 62/9.

3 – ابن فصال، عن عليّ بن عقبة، عن أيّوب، عن السَمَيْدَع (1)، عن مالك بن أعين الجهني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أدخل اللّه عزّ وجلّ يده بين أيديهما، وأقبل بوجهه على أشدّهما حباً لصاحبه، فإذا أقبل اللّه عزّ وجلّ بوجهه عليهما تحاتت عنهما الذُّنوب كما يتحات الورق من الشجر.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ المؤمنين إذا التقيا فتصافحا، أقبل اللّه عزّ وجلّ عليهما بوجهه، وتساقطت عنهما الذُّنوب كما يتساقط الورق من الشجر.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبيدة الحذاء قال: زاملتُ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شق محمل من المدينة إلى مكة، فنزل في بعض الطريق، فلما قضى حاجته وعاد قال هات يدك يا أبا عبيدة فناولته يدي فغمزها (2) حتّى وجدت الأذى في أصابعي، ثمّ قال : يا أبا عبيدة ما من مسلم لقي أخاه المسلم فصافحه وشبك أصابعه في أصابعه إلّا تناثرت عنهما ذنوبهما كما يتناثر الورق من الشجر في اليوم الشاتي (3).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن مالك الجهني قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا مالك : أنتم شيعتنا [أ] لا ترى أنك تفرط في أمرنا، إنه لا يُقْدَرُ على صفة اللّه فكما لا يُقدَرُ على صفة اللّه كذلك لا يقدر على صفتنا (4)، وكما لا يقدر على صفتنا كذلك لا يقدر على صفة المؤمن، إنَّ المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه، فلا يزال اللّه ينظر إليهما والذنوب تتحات عن وجوههما كما يتحات الورق من الشجر، حتّى يفترقا، فكيف يقدر على صفة من هو كذلك.

་7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن محمّد بن فضيل عن أبي حمزة قال: زاملت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فحططنا الرحل (5)، ثمّ مشى قليلاً،

ص: 186


1- هو الهلالي. وقد ذكره الشيخ في رجاله تحت رقم (325) وعده من أصحاب الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكذلك فعل الأردبيلي في جامع الرواة 387/1. ولا يبعد أنّه كان من أصحاب الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فروى عنه وإن كان التصاقه بالصادق أشهر.
2- أي فضغطها وشد عليها.
3- «اليوم الشاتي : الشديد البرد أو هو كناية عن يوم الريح للزومه لها غالباً... الخ» مرآة المجلسي 64/9.
4- «وحاصله، أنّه كلما وصفوا به من الكمال فهو دون مرتبتهم، لأنهم ممّن لا يقدر قدرهم كما أن اللّه سبحانه لن يقدر قدره، بل لا يمكنكم معرفة قدر المؤمن من شيعتنا فكيف تقدرون على معرفة قدرنا» ن. م ص / 65.
5- الرحل : - كما في المصباح - كلّ شيء يُعد للرحيل من وعاء للمتاع ومركب للبعير وحلس ورسن وجمعه أرحل، ورحل الشخص مأواه في الحضر، ثمّ أطلق على أمتعة المسافر لأنها هناك مأواه.

ثمَّ جاء فأخذ بيدي فغمزها غمزة شديدة، فقلت: جعلت فداك أو كنتُ معك في المحمل؟! فقال : أما علمت أن المؤمن إذا جال جولة ثمّ أخذ بيد أخيه نظر اللّه إليهما بوجهه، فلم يزل مقبلاً عليهما بوجهه ويقول للذنوب تتحات عنهما، فتتحات - يا أبا حمزة - كما يتحاتُّ الورق عن الشجر، فيفترقان وما عليهما من ذنب.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن حد المصافحة (1)، فقال : دور نخلة (2).

9 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان عن عمر و (3) بن الأفرق، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ينبغي للمؤمنين إذا توارى أحدهما عن صاحبه بشجرة ثمّ التقيا أن يتصافحا.

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابه، عن محمّد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد عن جابر عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلّم عليه وليصافحه، فإنَّ اللّه عزّ وجلّ أكرم بذلك الملائكة (4) فاصنعوا صنع الملائكة».

11 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن ابن بقاح عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا التقية فتلاقوا بالتسليم والتصافح، وإذا تفرقتم فتفرقوا بالاستغفار (5).

12 - عنه، عن موسى بن القاسم، عن جده معاوية بن وهب (6) أو غيره، عن رزين (7)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان المسلمون إذا غَزَوا مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ومروا بمكان كثير الشجر، ثمّ خرجوا إلى الفضاء، نظر بعضهم إلى بعض فتصافحوا.

13 - عنه، عن أبيه، عمّن حدَّثه عن زيد بن الجهم الهلالي، عن مالك بن أعين، عن

ص: 187


1- أي حد تجديد المصافحة.
2- أي بمقدار الاستدارة حول جذع نخلة.
3- في رجال الجشي (عمر). وفي بعض النسخ (عمرو) (الأفرق من دون (ابن).
4- أي بالسلام والمصافحة عند كلّ تلاقٍ بينهم وهم يهبطون ويصعدون ويغدون ويروحون.
5- أي بأن يدعو كلّ منكم لصاحبه بالمغفرة.
6- الترديد من الراوي.
7- رزین هذا مشترك بين عدة رواة بهذا الاسم منهم الكوفي، والإبزاري، والأنماطي، وابن أسد، وابن أسيد، وابن أنس وابن عبد ربه، فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي، 186/7 وما بعدها.

أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا صافح الرجل صاحبه فالّذي يلزم التصافح(1) أعظم أجراً من الّذي يدع، ألا وإنَّ الذَّنوب لتتحات فيما بينهم حتّى لا يبقى ذنب.

14 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار قال : دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فنظر إلي بوجه قاطب (2). فقلت : ما الّذي غيّرك لي؟ قال : الّذي غيّرك لإخوانك، بلغني يا إسحاق أنك أقعدت ببابك : بواباً، يردُّ عنك فقراء الشيعة، فقلت: جعلت فداك إني خفت الشهرة (3)، فقال: أفلا خفت البلية، أو ما علمت أن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أنزل اللّه عزّ وجلّ الرَّحمة عليهما فكانت تسعة وتسعين (4) لأشدّهما حبّاً لصاحبه. فإذا توافقا (5) غمرتهما الرَّحمة، فإذا قعدا يتحدثان قال الحفظة بعضها البعض : اعتزلوا بنا فلعلَّ لهما سرًّا وقد ستر اللّه عليهما. فقلت : أليس اللّه عزّ وجلّ يقول : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (6)؟. فقال : يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإنّ عالِمَ السِّرِّ يسمع ويرى.

15 - عنه، عن إسماعيل بن مهران، عن أيمن بن محرز، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما صافح رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رجلاً قط فنزع يده حتّى يكون هو الّذي ينزع يده منه (7)

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن ربعي ؛ عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ لا يوصف وكيف يوصف وقال في كتابه : (ما قدروا اللّه حق قدره) (8) فلا يوصف بقدر إلّا كان أعظم من ذلك، وإنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لا يوصف، وكيف يوصف عبد احتجب اللّه عزّ وجلّ بسبع (9)، وجعل طاعته في الأرض كطاعته [في السماء]. فقال : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (10) ومن أطاع هذا فقد أطاعني ومن عصاه

ص: 188


1- أي الّذي يبقي يد صاحبه في يده بألا يبتدىء في سحبها.
2- أي عابس.
3- أي انفضاح أمري وإني على مذهب التشيع.
4- أي تسعة وتسعين جزءاً لأشدهما حباً لصاحبه والجزء الباقي للآخر.
5- أي ترافقا وفي بعض النسخ (توافقا) أي استوقف كلّ منهما صاحبه.
6- ق / 18.
7- مر ما يشير إلى استحباب ذلك في الحديث (13) من هذا الباب.
8- الحجّ / 74.
9- «يحتمل أن يكون قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : احتجب اللّه بسبع، أنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قد أرتفعت الحجب بينه وبين اللّه سبحانه حتّى بقي من السبعين ألف [ كما ورد في بعض الأحاديث أن له سبحانه سبعين ألف حجاب ] سبع واللّه ورسوله وابن رسوله أعلم» الوافي ج 111/3.
10- الحشر / 7.

فقد عصاني، وفوض إليه، وإنا لا نوصف وكيف يوصف قوم رفع اللّه عنهم الرجس وهو الشكُ (1). والمؤمن لا يوصف وإنَّ المؤمن ليلقى أخاه فيصافحه فلا يزال اللّه ينظر إليهما والذُّنوب تتحاتُ عن وجوههما كما يتحات الورق عن الشجر.

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن النعمان، عن فضیل ابن عثمان، عن أبي عبيدة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا التقى المؤمنان فتصافحا، أقبل اللّه بوجهه عليهما وتتحاتُ الذُّنوب عن وجوههما حتّى يفترقا.

18 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : تصافحوا فإنّها تذهب بالسخيمة.

19 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح (2)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لقى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حُذَيْفَة، فمدَّ النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يده فكفَّ (3) حذيفة يده فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يا حذيفة بسطت يدي إليك فكففت يدك عنى»؟ فقال حذيفة : یا رسول اللّه بيدك الرغبة (4)، ولكني كنت جُنُباً فلم أحبَّ أن تمس يدي يدك وأنا جُنُب، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أما تعلم أنّ المسلمين إذا التقيا فتصافحا تحاتتْ ذنوبُهُما كما يَتَحاتُ ورقُ الشجر».

20 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق عن بكر بن محمّد، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ لا يقدر أحدٌ قَدْرَه، وكذلك لا يقدِرُ قَدْر نبيه وكذلك لا يقدِر قَدْرَ المؤمن، إنّه ليلقى أخاه فيصافحه فينظر اللّه إليهما والذُّنوب تتحاتُ عن وجوههما حتّى يفترقا، كما تتحات الريح الشديدة الورق عن الشجر

21 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رفاعة قال(5): سمعته يقول : مصافحة المؤمن أفضل من مصافحة الملائكة (6)

ص: 189


1- «أي لا يعتريهم الشك في شيء ممّا يُسئلون أو يقولون بل يعلمون جميع ذلك بعين اليقين مرآة المجلسي 72/9.
2- واسمه عبد اللّه بن ميمون.
3- أي قبضها عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
4- كأن الباء بمعنى (في) أي يرغب جميع الخلق في مصافحة يدك الكريمة» مرآة المجلسي 73/9.
5- لا بد أن يكون الّذي قال هو إمّا أبو عبد اللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأن رفاعة هذا هو ابن موسى الأسدي النخاس الكوفي وقد روا عنهما (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- «كأن المعنى : مصافحة المؤمنين أفضل من مصافحة الملكين، أو مصافحة المؤمن مع المؤمن أفضل من مصافحته مع الملائكة لو تيسرت له، ويؤمي إلى أن المؤمن الكامل أفضل من الملائكة» مرآة المجلسي 74/9.

باب المعانقة

1 - محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن يزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد اللّه بن محمّد الجعفي، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالا : أيما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفاً بحقه كتب اللّه له بكل خطوة حسنة، ومُحِيت عنه سيئة، ورُفِعَتْ له درجة. وإذا طرق الباب فتحت له أبواب السماء فإذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل اللّه عليهما بوجهه، ثمّ باهى بهما الملائكة، فيقول : انظروا إلى عبدي تزاورا وتحابار في، حق عليَّ ألا أعذبهما بالنار بعد هذا الموقف، فإذا انصرف شيعه الملائكة عدد نفسه وخطاه وكلامه، يحفظونه من بلاء الدنيا وبوائق (1) الآخرة إلى مثل تلك الليلة من قابل (2)، فإن مات فيما بينهما، أعفي من الحساب، وإن كان المزور يعرف من حق الزائر ما عرفه الزائر من حق المزور، كان له مثل أجره.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن المؤمِنين إذا اعتنقا غمرتهما الرَّحمة، فإذا التزما لا يريدان بذلك إلّا وجه اللّه ولا يريدان غرضاً من أغراض الدُّنيا قيل لهما : مغفوراً لكما فاستأنفا(3)، فإذا أقبلا على المساءلة قالت الملائكة بعضها لبعض: تنحوا عنهما فإنَّ لهما سرّاً وقد ستر اللّه عليهما. قال إسحاق : فقلت : جعلت فداك فلا يكتب عليهما لفظهما وقد قال اللّه عزّ وجلّ: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ؟ قال : فتنفّس أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) الصعداء (4) ثمّ بكى حتّى اخضلت(5) دموعه لحيته وقال: يا إسحاق إنَّ اللّه تبارك وتعالى إنما أمر الملائكة أن تعتزل عن المؤمنين إذا التقيا إجلالاً،لهما، وإنه وإن كانت الملائكة لا تكتب لفظهما ولا تعرف كلامهما فإنّه (6) يعرفه ويحفظه عليهما، عالم السر وأخفى.

باب التقبيل

1 - أبو علي الأشعري، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن

ص: 190


1- جمع بائقة : وهي الداهية والمصيبة.
2- أي من السنة التالية.
3- أي استأنفا العمل، بعد أن سُيّرت ذنوبكما.
4- أي التنفس العميق المتصل نسبياً.
5- أي بلّلت.
6- أي اللّه سبحانه.

الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن لكم لنوراً تُعرفون به (1) في الدُّنيا، حتّى أنَّ أحدكم إذا لقي أخاه قبله في موضع النور من جبهته (2).

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة بن موسى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يقبل رأسُ أحد ولا يده إلّا [يد] رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أو من أريد(3) به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).

3 - علي، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن زيد النّرْسي، عن عليّ بن مزيد صاحب السابري قال: دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتناولت يده فقبلتها، فقال: أما إنّها لا تصلح إلّا لنبيّ أو وصي نبيّ.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحجال، عن يونس ابن يعقوب قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ناولني يدك أقبلها فأعطانيها، فقلت: جعلت فداك رأسك (4)، ففعل، فقبلته فقلت : جعلت فداك رجلاك، فقال: أقسمت أقسمت أقسمت - ثلاثاً - وبقي شيء، وبقي شيء، وبقي شيء(5).

5 - محمّد بن يحيى عن العمركي بن عليّ، عن عليّ بن جعفر، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قبل للرَّحم (6) ذا قرابة فليس عليه شيء وقبلة الأخ (7) على الخدّ، وقبلة الإمام بين عينيه.

6 - وعنه، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان، عن أبي الصبّاح مولى آل سام، عن أبي عبد أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ليس القبلة على الفم إلّا للزوجة (8) [أ] و الولد الصغير.

ص: 191


1- لا يلزم أن تكون المعرفة عامة بل تعرفهم بذلك الملائكة والأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ). ويمكن أن يعرفهم بذلك بعض الكمّل من المؤمنين أيضاً وإن لم يروا النور ظاهراً مرآة المجلسي 78/9.
2- دل هذا على أن موضع التقبيل هو الجبهة، لأن المؤمن يعرف أنّها موضع النور من أخيه في الدنيا بمقتضى آثار أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
3- كالأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) إذ إن في تعظيمهم تعظيماً لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ومودتهم مودةً له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، أو بعض السادات الصالحين ممّن ينتسبون إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فإن تعظيمهم تعظيماً لذوي القربى الّذين أمرنا بمودتهم. وكذلك العلماء الربانيون باعتبارهم حفظة وحملة علم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) والذابين عن الإسلام.
4- أي هات رأسك لأقبله.
5- «لعل المراد أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال ثلاث مرات حلفت ألا أناول رجلي لأحد يقبلها وهل يبقى مكان السؤال لذلك بعد حلفي عليه» الوافي ج 113/3.
6- أي لا لشهوة أو ما شابهها و (فليس عليه شيء) أي إثم.
7- أي الأخ من النسب، أما الأخ في الدين والإيمان فتقبيله على جبهته كما مر.
8- مطلقاً، سواء كانت دأئمّة أو متمتعاً بها أو ملك يمين.

باب تَذَاكُرِ الإخوان

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيّوب، عن عليّ بن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : شيعتنا الرحماء بينهم (1)، الّذين إذا خلوا ذكروا اللّه [إنَّ ذكرنا من ذكر اللّه ] إنا إذا ذُكِرْنا ذُكِرَ اللّه وإذا ذكر عدونا ذُكِر الشيطان(2).

2 - محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : تزاوروا فإن في زيارتكم إحياءً لقلوبكم، وذكراً لأحاديثنا، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض، فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم، وإن تركتموها ضَلَلْتُم وهَلَكتم، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم(3).

3 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الوشّاء عن منصور بن يونس، عن عباد بن كثير قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّي مررت بقاصٌ يقصُّ(4) وهو يقول: هذا المجلس [الّذي ] لا يشقى به جليس، قال: فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هيهات هيهات، أخطأت أستاههم (5) الحفرة، إنَّ اللّه ملائكة سياحين، سوى الكرام الكاتبين، فإذا مروا بقوم يذكرون محمّداً وآل محمّد قالوا : قفوا فقد أصبتم حاجتكم، فيجلسون، فيتفقهون معهم، فإذا قاموا (6) عادوا مرضاهم وشهدوا جنائزهم وتعاهدوا غائبهم، فذلك المجلس الّذي لا يشقى به جليس.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم عن المستورد

ص: 192


1- أي المتراحمون يرحم بعضهم بعضاً.
2- وذلك لأن ذكر فضائلهم وسيرهم باعتبارهم حجج اللّه في أرضه ونعمته على خلقه هو ذكر اللّه المنعم الّذي له الحجة البالغة، في حين أن ذكر مثالب أعداء أهل البيت وسيرهم وقبائحهم هو ذكر لمن زيّنها لهم وحملهم عليها بعد أن استحوذ عليهم فأنساهم ذكر اللّه، وذلك هو الشيطان الرجيم.
3- أي بفلاحكم فى الدنيا وفوزكم بجنة ربكم فى الآخرة وزعيم : ضامن كفيل.
4- القاصّ: مفرد جمعه قصاصون فئة من المرتزقة كان يعينهم سلاطين الجور في المساجد ليقصّوا على النّاس القصص والحكابات ويحدثوهم بالأحاديث الكاذبة الموضوعة عن فضائل هؤلاء الطغاة وذلك لإضفاء صفة الشرعية عليهم من جهة وليشغلوا النّاس عما هم فيه من ظلم وبؤس ويصرفوهم عن ظلم أولئك السلاطين وفجورهم وخروجهم على أبسط قواعد الإسلام الحنيف وأول من ابتدع هذه البدعة معاوية بن أبي سفيان وعثمان بن عفان، ومن الجدير بالذكر أنهم غالباً ما كانوا - إضافة إلى دعائهم للسلطان وجنده وأهل بيته - يضعون الأحاديث الكاذبة في ذم خصومهم السياسيين إلى درجة قد تصل إلى حد التفسيق أو التكفير ويدعون عليهم.
5- الإستاء : جمع سته، وهي الأست [ مؤخر الإنسان] ولعل هذا الكلام من الأمثال السائرة.
6- الضمير المستتر هنا وفيما بعده يرجع إلى الملائكة.

النخعي، عمّن رواه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ من الملائكة الّذين في السماء لَيَطَّلِعُونَ إلى الواحد والاثنين والثلاثة وهم يذكرون فضل آل محمّد قال : فتقول : أما ترون إلى هؤلاء في قلتهم وكثرة عدوّهم يصفون فضل آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)؟. قال : فتقول الطائفة الأخرى من الملائكة : ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم.

5 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن عن ابن فضّال، عن ابن مسكان، عن ميسر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : أَتَخْلُونَ وتتحدّثون وتقولون ما شئتم؟ فقلت: إي واللّه إنا لنخلوا ونتحدث ونقول ما شئنا، فقال : أما واللّه لوددت أنّي معكم في بعض تلك المواطن(1)، أما واللّه إني لأحبُّ ريحكم (2) وأرواحكم (3) ؛ وإنكم على دين اللّه ودين ملائكته فأعينوا ب-ورع واجتهاد (4).

6 - الحسين بن محمّد ؛ ومحمّد بن يحيى، جميعاً، عن عليّ بن محمّد بن سعد، عن محمّد بن مسلم، عن أحمد بن زكريا، عن محمّد بن خالد بن ميمون، عن عبد اللّه بن سنان، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما اجتمع ثلاثة من المؤمنين فصاعداً إلّا حضر من الملائكة مثلهم، فإن دعوا بخير أمنوا، وإن استعاذوا من شرّ دعوا اللّه ليصرفه عنهم، وإن سألوا حاجة تشفعوا إلى اللّه وسألوه قضاها، وما اجتمع ثلاثة من المتاحدين إلّا حضرهم عشرة أضعافهم من الشياطين فإن تكلّموا تكلّم الشيطان بنحو كلامهم، وإذا ضحكوا ضحكوا معهم، وإذا نالوا من أولياء اللّه (5) نالوا معهم، فمن ابتلي من المؤمنين بهم (6) فإذا خاضوا في ذلك فليقم ولا يكن شرك شيطان ولا جليسه، فإن غضب اللّه عزّ وجلّ لا يقوم له شيء، ولعنته لا يردُّها شيء، ثمّ صلوات اللّه عليه : فإن لم يستطع فلينكر بقلبه وليقم، ولو حلب شاة أو فُواقَ ناقة (7).

7 - وبهذا الإسناد عن محمّد بن بن سليمان، عن محمّد بن محفوظ، عن أبي المغرا قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ليس شيء أنكى (8) لإبليس وجنوده من زيارة الإخوان في اللّه

ص: 193


1- أي مجالسكم وخلواتكم.
2- أي الطيبة العطرة وهو كناية عن عقائدهم الصحيحة.
3- جمع روح، أي النسيم، وهو كناية عن أقوالهم الحسنة.
4- أي بورع عن المعاصي واجتهاد في الطاعات.
5- أي أصابوا منهم بالسب والشتم والنقيصة وأولياء اللّه : هم الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي بمجالستهم.
7- أي زمان حلب شاة أو فُواق ناقة، وفواق الناقة الفترة ما بين الحلبتين لإراحتها أو لرضاعة فصيلها.
8- أي أجرح وأقرح.

بعضهم لبعض. قال : وإِنَّ المؤمنين يلتقيان فيذكر ان اللّه ثمّ يذكران فضلنا أهل البيت فلا يبقى على وجه إبليس مُضْغَة (1) لحم إلّا تحدَّد (2)، حتّى أن روحه لتستغيث من شدة ما يجد من الألم، فتحسُّ ملائكة السماء وخزَّان الجنان فيلعنونه حتّى لا يبقى ملك مقرب إلّا لعنه، فيقع خاسئاً (3) حسير (4) مدحوراً (5).

باب إدخال السرور على المؤمنين

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من سرَّ مؤمناً فقد سرَّني ومَن سرَّني فقد سرَّ اللّه (6).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن رجل من أهل الكوفة يكنى أبو محمّد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : تَبَسُّمُ الرَّجل في وجه أخيه حَسَنة (7)، وصرف القذى (8) عنه حَسَنَة، وما عبد اللّه بشيء أحبُّ إلى اللّه من إدخال السرور على المؤمن.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن عبد اللّه بن مسكان عن عبيد اللّه عن عبيد اللّه بن الوليد الوصافي قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن فيما ناجی اللّه عزّ وجلّ به عبده موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ لي عباداً أبيحهم جنتي (9) وأحكمهم فيها (10) قال : يا ربّ ومن هؤلاء الّذين تبيحهم جنتك وتحكمهم فيها؟. قال: من أدخل على مؤمن

ص: 194


1- المضغة : قطعة اللحم وغيره - على ما في القاموس -.
2- أي هزل ونقص.
3- أي مطروداً من رحمة اللّه.
4- الحسير : الكليل والضعيف والمتلهف والمَعْيِي جمع حسرى مثل مريض ومرضى.
5- المدحور : المطرود.
6- سرور اللّه تعالى مجاز، والمراد ما يترتب على السرور من اللطف والرحمة... مرآة المجلسي 90/9.
7- أي خصلة حسنة يترتب عليها الثواب.
8- القذى - كما في النهاية - هو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو طين أو وسخ الخ. والمراد به هنا مطلق الأذى.
9- أي اجعلها مباحة لهم.
10- من التحكيم، أي أجعلهم حكاماً، الوافي ج 117/3.

سروراً. ثمّ قال : إنّ مؤمناً كان في مملكة جبار فولع (1) به فهرب منه إلى دار الشرك، فنزل برجل من أهل الشرك فأظله (2) وأرفقه (3) وأضافه، فلما حضره الموت أوحى اللّه عزّ وجلّ إليه : وعزّتي وجلالي لو كان [لك] في جنتي مسكن لأسكنتك فيها، ولكنّها محرمة على من ميات بي مشركاً، ولكن يا نار هيديه (4) ولا تؤذيه، ويؤتى برزقه طَرَفَي النهار، قلت من الجنّة؟ قال : من حيث شاء اللّه.

4 - عنه، عن بكر بن صالح عن الحسن بن عليّ، عن عبد اللّه بن إبراهيم، عن عليّ بن أبي علي، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهم قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنّ أحبّ الأعمال إلى اللّه عزّ وجلّ إدخال السرور على المؤمنين».

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى داود (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أنّ العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي. فقال :داود يا ربّ وما تلك الحسنة ؟ قال : يدخل على عبدي المؤمن سروراً ولو بتمرة، قال :داود : يا ربّ حقٌّ لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه منك.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن مفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يرى أحدكم إذا أدخل على مؤمن سروراً أنّه عليه أدخله فقط بل واللّه علينا، بل واللّه على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).

7- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : إنَّ أحب الأعمال إلى اللّه عزّ وجلّ إدخال السرور على المؤمن، شَبْعَةُ مسلم (5) أو قضاء دينه.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن سدير الصيرفي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حديث طويل : إذا بعث اللّه المؤمن من قبره، خرج معه مثال (6) يقدم (7) أمامه، كلما رأى المؤمن هولاً من أهوال يوم القيامة قال له المثال : لا

ص: 195


1- أي استخف وذهب بحقه.
2- أي آواه بما يظلّه من الحر والقَرَ.
3- أي نفعه.
4- أي ازعجيه وافزعيه وحركيه واصلحيه» للحوافي ج 117/3.
5- أي مقدار ما يشبع جوعته، والمراد بالمسلم المؤمن ولو ظاهراً.
6- أي يتقدمه.
7- أي صورة.

تفزع ولا تحزن وابشر بالسرور والكرامة من اللّه عزّ وجلّ حتّى يقف بين يدي اللّه عزّ وجلّ فيحاسبه حساباً يسيراً، ويأمر به إلى الجنّة، والمثال أمامه فيقول له المؤمن : يرحمك اللّه نِعمَ الخارج خرجت معي من قبري وما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من اللّه حتّى رأيت ذلك، فيقول (1) من أنت؟ فيقول: أنا السرور الّذي كنت أدخلت على أخيك المؤمن في الدنيا، خلقني اللّه عزّ وجلّ منه (2) الأبشّرك.

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن السيّاري، عن محمّد بن جمهور قال : كان النجاشي (3) وهو رجل من الدّهاقين عاملا على الأهواز وفارس، فقال بعض أهل عمله لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن في ديوان النجاشي علي خراجاً، وهو مؤمن يدين بطاعتك، فإن رأيت أن تكتب لي إليه كتاباً، قال : فكتب إليه أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم سُرِّ أخاك يسرك اللّه. قال : فلما ورد الكتاب عليه دخل عليه وهو في مجلسه، فلما خلا ناوله الكتاب وقال : هذا كتاب أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقبله ووضعه على عينيه وقال له : ما حاجتك؟ قال : خراج علي في ديوانك، فقال له : وكم هو ؟ قال : عشرة آلاف درهم فدعا كاتبه وأمره بأدائها عنه، ثمّ أخرجه منها (4)، وأمر أن يثبتها له القابل (5)، ثمّ قال له : سررتك ؟ فقال : نعم جعلت فداك، ثمّ أمر له بمركب وجارية وغلام وأمر له بتخت ثياب (6)، في كلّ ذلك يقول له : هل سررتك؟ فيقول : نعم - علت فداك، فكلما قال : نعم زاده حتّى فرغ (7). ثمّ قال له : احمل فرش هذا البيت الّذي كنت جانساً فيه حين دفعت إليَّ كتاب مولاي الّذي ناولتني فيه، وارفع إليَّ حوائجك. قال : ففعل، خرج الرّجل فصار إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد ذلك، فحدّثه الرّجل بالحديث على جهته، فجعل يُسر (8) بما فعل (9) فقال الرجل : يا ابن رسول اللّه كأنّه قد سرّك ما فعل بي ؟ فقال : إي واللّه لقد

ص: 196


1- أي المؤمن.
2- فيه إشعار بتجسّم الأعمال يوم القيامة إن خيراً فخير وإن شراً فشرّ.
3- «يظهر من كتب الرجال أن النجاشي المذكور في الخبر اسمه عبد اللّه وأنه ثامن آباء أحمد بن عليّ النجاشي صاحب كتاب (الرجال) المشهور» مرآة المجلسي 95/9. والدهقان : لقب يطلق على رئيس القرية وعلى التاجر وعلى من له مال وعقار كذا في القاموس.
4- أي محا اسمه من دفتر الديون لئلا يطالب بها فيما بعد.
5- أي يسجل في حسابات السنة القادمة أنّه قد أداها أيضاً فيكون قد أعفاه من الخراج سنتين متتاليتين بعد أن أداها الدهقان عنه من ماله ويحتمل أنّه سجل بأن يعطى في السنة القادمة من ماله (أي النجاشي) هذا المبلغ.
6- وفي القاموس التخت وعاء يصان فيه الثياب.
7- أي توقف وانتهى النجاشي عن العطاء.
8- أي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
9- أي النجاشي.

سرّ اللّه ورسوله.

10 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن عليّ بن بن فضّال عن منصور، عن عمّار بن أبي اليقظان عن أبان بن تغلب قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن حقّ المؤمن على المؤمن قال : فقال : حقُّ المؤمن على المؤمن أعظم من ذلك، لو حدثتكم لكفرتم، إن المؤمن إذا خرج من قبره، خرج معه مثال من قبره، يقول له : أبشر بالكرامة من اللّه والسرور، فيقول له : بشِّرك اللّه بخير ؛ قال : ثمّ يمضي معه يبشره بمثل ما قال وإذا مرَّ بهول (1) قال : ليس هذا لك، وإذا مر بخير قال هذا لك، فلا يزال معه يؤمنه ممّا يخاف ويبشره بما يحبّ حتّى يقف معه بين يدي اللّه عزّ وجلّ، فإذا أمر به إلى الجنّة قال له المثال : أبشر فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد أمر بك إلى الجنّة قال فيقول : من أنت رحمك اللّه تبشرني من حين خرجت من قبري، وانستني في طريقي وخبرتني عن ربي ؟ قال : فيقول : أنا السرور الّذي كنت تدخله على إخوانك في الدُّنيا خُلقْتُ منه لأبشرك وأُونس وحشتك.

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال مثله.

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن مالك بن عطية عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أحبَّ الأعمال إلى اللّه سرور [الّذي ] تدخله على المؤمن، تطرد عنه (2) جوعته، أو تكشف عنه كربته».

12 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن مسكين، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أدخل على مؤمن سروراً، خلق اللّه عزّ وجلّ من ذلك السرور خلقاً (3) فيلقاه عند موته فيقول له أبشر يا ولي اللّه بكرامة من اللّه، ورضوان، ثمّ لا يزال معه حتّى يدخله قبره [ يلقاه]، فيقول له مثل ذلك، فإذا بُعِثَ يلقاه فيقول له مثل ذلك، ثمّ لا يزال معه عند كلّ هول يبشّره ويقول له مثل ذلك، فيقول له : من أنت رحمك اللّه ؟ فيقول : أنا السرور الّذي أدخلته على فلان.

13 - الحسين بن محمّد عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن عبد اللّه ابن سنان قال: كان رجل عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقرأ هذه الآية : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ

ص: 197


1- الهول : المخافة من الأمر لا يدرى ما هجم عليه منه والجمع : أهوال وهوول، كما في القاموس.
2- كناية عن إشباعه إذا كان جائعاً، أو المبادرة إلى إطعامه قبل أن يصيبه الجوع.
3- الظاهر أنّه المثال الّذي يتقدمه ومر الحديث عنه.

وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (1). قال : فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فما ثواب من أدخل عليه السرور ؟ فقلت : جعلت فداك عشر حسنات (2). فقال : إي واللّه وألف ألف حسنة (3).

14 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن أورمة، عن عليّ بن يحيى، عن الوليد بن العلاء عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أدخل السرور على مؤمن فقد أدخله على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، ومن أدخله على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقد وصل ذلك إلى اللّه، وكذلك من أدخل عليه كرباً (4).

15 - عنه، عن إسماعيل بن منصور عن المفضّل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أيّما مسلم لقي مسلما (5) فسره سره اللّه عزّ وجلّ.

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أحب الأعمال إلى اللّه عزّ وجلّ، إدخال السرور على المؤمن : إشباع جوعته أو تنفيس كربته (6) أو قضاء دينه.

باب قضاء حاجة المؤمن

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن عليّ، عن بكار بن كَرْدَم عن المفضّل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : يا مفضل اسمع ما أقول لك، واعلم أنّه الحقُّ وافعله وأخبر به علية (7) إخوانك. قلت، جعلت فداك وما علية إخواني؟ قال : الرّاغبون في قضاء حوائج إخوانهم قال : ثمّ قال : ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى

ص: 198


1- الأحزاب / 58. و (بغير ما اكتسبوا) أي من أن يقترفوا جناية يستحقون بها الإيذاء و (فقد احتملوا) أي فقد فعلوا. و (بهتاناً) أي كذباً على الغير يواجهه به.
2- لعل السائل قد اعتبر أن إدخال السرور على المؤمن حسنة، ومن أتى بحسنة تكتب له عشراً، تطبيقاً لقوله تعالى : (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) الأنعام / 160.
3- قال تعالى : (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة/ 261.
4- أي فقد أدخله على رسول اللّه، ومن أدخله على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقد وصل ذلك إلى اللّه أيضاً.
5- أي مؤمناً ولو ظاهراً.
6- أي كشفها.
7- أي وجوههم والمقدمين فيهم.

اللّه عزّ وجلّ له يوم القيامة مائة ألف حاجة، من ذلك أولها (1) الجنّة، ومن ذلك أن يدخل قرابته و معارفه وإخوانه الجنّة بعد أن لا يكونوا نُصاباً (2)، وكان المفضّل إذا سأل الحاجة أخاً من إخوانه قال له : أما تشتهي أن تكون من علية الإخوان.

2 - عنه، عن محمّد بن زياد قال : حدّثني خالد بن يزيد عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ خلق خلقاً من خلقه، انتجبهم (3) لقضاء حوائج فقراء شيعتنا ليثيبهم على ذلك الجنّة، فإن استطعت أن تكون منهم فكن ثمّ قال : لنا واللّه رب نعبده لا نشرك به شيئاً (4).

3 - عنه، عن محمّد بن زياد عن الحكم بن أيمن عن صدقة الأحدب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قضاء حاجة المؤمن خيرٌ من عتق ألف رقبة، وخيرٌ من حملان (5) ألف فرس في سبيل اللّه.

عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن محمّد بن زياد، مثل الحديثين.

4 - علي، عن أبيه، عن محمّد بن زياد، عن صندل، عن أبي الصباح الكناني قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لقَضَاءُ حاجة امرىء مؤمن أحب إلى [اللّه] من عشرين حجة كلّ حجّة ينفق فيها صاحبها مائة ألف (6).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد - أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن إسماعيل بن عمّار الصيرفي :قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك المؤمن رحمة على المؤمن؟ قال : نعم، قلت : وكيف ذاك؟ قال : أيما مؤمن أتى أخاه في حاجة فإنّما ذلك رحمة من اللّه ساقها إليه وسبّبها له، فإن قضى حاجته كان قد قبل الرحمة بقبولها، وإن ردَّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها فإنّما ردَّ عن نفسه رحمة من اللّه جلَّ وعزَّ ساقها إليه وسبّبها له، وذخر اللّه عزّ وجلّ تلك الرحمة إلى يوم القيامة، حتّى يكون المردود عن حاجته هو الحاكم فيها، إن شاء

ص: 199


1- أوّلها مبتدأ خبره من ذلك.
2- جمع ناصب وهو المعادي لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) أي أن يكونوا إما مؤمنين على عقيدة الإمامة، أو مستضعفين.
3- أي اختارهم.
4- لعل المراد... إنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يطلبون حوائجهم إلى أحد سوى اللّه سبحانه وإنهم منزهون عن ذلك الوافي ج 3/ 118. وهنالك وجه آخر هو أن يكون (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال ذلك لئلا يزل لغاية محبته ومعرفته بفضائلهم فينتهي حاله إلى الغلو مرآة المجلسي 103/9.
5- الحملان ما يحمل عليه من الدواب في الهبة خاصة، كما في القاموس
6- أي من الدراهم أو الدنانير إذا أنفقها في غير حوائج المؤمنين.

صرفها إلى نفسه، وإن شاء صرفها إلى غيره يا إسماعيل : فإذا كان يوم القيامة، وهو الحاكم في رحمة من اللّه قد شرعت له (1) فإلى من ترى يصرفها؟ قلت: لا أظن يصرفها عن نفسه، قال : لا تظنّ، ولكن استيقن فإنّه لن يردّها عن نفسه، يا إسماعيل من أتاه أخوه في حاجة يقدر على قضائها فلم يقضها له سلّط اللّه عليه شُجاعاً (2)، ينهش (3) إبهامه في قبره إلى يوم القيامة، مغفوراً له أو معذَّباً.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن، عن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من طاف بالبيت أسبوعاً(4) كتب اللّه عزّ وجلّ له ستة آلاف حسنة، ومحا عنه ستة آلاف سيئة، ورفع له ستة آلاف درجة. - قال : وزاد فيه إسحاق بن عمّار - وقضى له ستة آلاف حاجة، قال : ثمّ قال : وقضاء حاجة المؤمن أفضل من طواف وطواف حتّى عد عشراً.

7 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما قضى مسلم المسلم حاجة إلّا ناداه اللّه تبارك وتعالى : علي ثوابك ولا أرضى لك بدون الجنّة.

8 - عنه، عن سعدان بن مسلم عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من طاف بهذا البيت طوافاً واحداً كتب اللّه عزّ وجلّ له ستة آلاف حسنة، ومحا عنه ستّة آلاف سيّئة، ورفع اللّه له ستة آلاف درجة (5) حتّى إذا كان عند الملتزم (6)، فتح اللّه له سبعة أبواب من أبواب الجنّة، قلت له : جعلت فداك هذا الفضل كلّه في الطواف؟ قال : نعم وأخبرك بأفضل من ذلك، قضاء حاجة المسلم أفضل من طواف وطواف وطواف حتّى بلغ عشراً.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن إبراهيم الخارقي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من مشى في حاجة أخيه المؤمن يطلب بذلك ما عند اللّه حتّى تقضى له كتب اللّه عزّ وجلّ له بذلك مثل أجر حجة وعمرة مبرورتين، وصوم

ص: 200


1- أي فتح له طريقها، أو هيئت وأعِدَّت.
2- ضرب من الحيات خبيث.
3- أي لسعه، أو عزّه.
4- أي سبعة أشواط.
5- إما من درجات القرب المعنوي، أو من درجات الجنّة.
6- الملتزم : المستجار مقابل باب الكعبة سمّي به لأنه يستحب التزامه وإلصاق البطن به والدعاء عنده وقيل : المراد به الحجر الأسود أو ما بينه وبين الباب أو عند الباب مرآة المجلسي 106/9.

شهرين من أشهر الحُرُم (1)، واعتكافهما في المسجد الحرام ؛ ومن مشى فيها بنية ولم تُقضَ كتب اللّه له بذلك مثل حجّة مبرورة، فارغبوا في الخير.

10 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن أُورمة، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة عن أبيه، عن أبي بصير قال قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : تنافسوا(2) في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهله فإنّ للجنة باباً يقال له : المعروف، لا يدخله إلّا من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا، فإنّ العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن، فيوكل اللّه عزّ وجلّ به مَلَكين : واحداً عن يمينه وآخر عن شماله يستغفران له ربه ويدعوان بقضاء حاجته، ثمّ قال : واللّه لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أسر بقضاء حاجة المؤمن إذا وصلت إليه من صاحب الحاجة.

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن خلف بن حماد عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : واللّه لأن أحجّ حجّة أحبُّ إلي من أن أعتق رقبه ورقبة [ورقبة] ومثلها ومثلها حتّى بلغ عشراً ومثلها ومثلها حتّى بلغ السبعين، ولأن أعولَ أهل بيت من المسلمين، أسد جوعتهم وأكسو عورتهم فأكف وجوههم عن النّاس، أحبُّ إليَّ من أن أحجّ حجّة وحجّة [وحجّة] ومثلها ومثلها حتّى بلغ عشراً ومثلها ومثلها حتّى بلغ السبعين.

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي علي صاحب الشعير، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن من عبادي من يتقرب إليّ بالحسنة فأحكمه في الجنّة، فقال موسى : يا ربّ وما تلك الحسنة؟ قال: يمشي مع أخيه المؤمن في قضاء حاجته قضيت أو لم تقض (3).

13 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، عن عليّ بن جعفر قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من أتاه أخوه المؤمن في حاجة فإنّما هي رحمة من اللّه تبارك وتعالى ساقها إليه، فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا (4) وهو موصول بولاية اللّه، وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلّط اللّه عليه شجاعاً من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة، مغفوراً له أو معذباً، فإن عذره الطالب (5) كان أسوء حالاً (6).

ص: 201


1- الأشهر الحرم أربعة، واحد منها فرد هو رجب وثلاثة سرد وهي ذو القعدة وذو الحجّة ومحرم، سميت بذلك لتحريم القتال فيها.
2- التنافس الرغبة في الشيء النفيس والانفراد به.
3- هذا مع اجتهاده بالسعي في قضائها كما مر في حديث سابق.
4- أي وجد له العذر ولم يلمه.
5- أي بمحبتنا.
6- هذا يدل على أن حساب القبر وعذابه لا يسقط بإسقاط العبد لسببه باعتبار حقه لأنه حق اللّه وحق اللّه لا يسقطه إلّا عفوه.

14 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد اللّه بن محمّد الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن المؤمن لترد عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده فيهتمُّ بها قلبه، فيدخله اللّه تبارك وتعالى بهعه الجنّة

باب السعي في حاجة المؤمن

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن محمّد بن مروان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مشي الرجل في حاجة أخيه المؤمن يُكتبُ له عشر حسنات، ويُمحا عنه عشر سيئات، ويُرفع له عشر درجات، قال : ولا أعلمه (1) إلّا قال : ويعدل عشر رقاب (2)، وأفضل من اعتكاف شهر في المسجد الحرام (3).

2 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللّه عباداً في الأرض يَسْعَون في حوائج النّاس، هم الآمنون يوم القيامة، ومن أدخل على مؤمن سروراً فرح(4) اللّه قلبه يوم القيامة.

3 - عنه، عن أحمد، عن عثمان بن عيسى، عن رجل عن أبي عبيدة الحذاء قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من مشى في حاجة أخيه المسلم أظلّه اللّه بخمسة وسبعين ألف ملك(5)، ولم يرفع قدماً إلّا كتب اللّه له حسنة، وحط عنه بها سيئة، ويرفع له بها درجة، فإذا فرغ من حاجته(6) كتب اللّه عزّ وجلّ له بها أجر حاج ومعتمر.

4 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان عن هارون بن خارجة عن صَدَقَة، عن رجل من أهل حلوان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لأن أمشي في حاجة أخ لي مسلم أحبّ إليَّ من أن أعتق ألف نسمة، وأحمل في سبيل اللّه على ألف فرس. مُسْرَجَة مُلْجَمَة (7).

ص: 202


1- «أي ولا أظنه» مرآة المجلسي 111/9.
2- أي يساوي ثواب عتق عشر رقاب في سبيل اللّه.
3- «استدل به علی جواز كون السنة أفضل من الواجب لأن السعي مستحب غالباً، والاعتكاف يشمل الواجب أيضاً، مع أن المستحب أيضاً ينتهي إلى الواجب في كلّ ثالثة على المشهور» ن. م ص / 111 – 112.
4- أي أدخل السرور عليه يومها. وفي بعض النسخ (فرج) والمعنى واحد.
5- إما بذواتهم إن كان للملائكة أجسام وظلال أو الظل بمعنى الحماية والرعاية.
6- سواء قضيت أو لم تقض بلحاظ روايات تقدمت.
7- أي أجهز ألف فارس بما يحتاجون إليه وأوجههم إلى الجهاد في سبيل اللّه.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال ما من مؤمن يمشي لأخيه المؤمن في حاجة، إلّا كتب اللّه عزّ وجلّ له بكل خطوة حسنة، وحط عنه بها سيئة، ورفع له بها درجة وزيد بعد ذلك عشر حسنات، وشفع في عشر حاجات.

6 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيّوب الخزَّاز، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من سعى في حاجة أخيه المسلم طلب وجه اللّه، كتب اللّه عزّ وجلّ له ألف ألف حسنة، يغفر فيها لأقاربه وجيرانه وإخوانه ومعارفه ومن صنع إليه معروفاً في الدنيا (1)، فإذا كان يوم القيامة قيل له : ادخل النّار (2) فمن وجدته فيها صنع إليك معروفاً في الدنيا فأخرجه بإذن اللّه عزّ وجلّ إلّا أن يكون ناصباً (3).

7 - عنه، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من سعى في حاجة أخيه المسلم فاجتهد فيها، فأجرى اللّه على يديه قضاءها، كتب اللّه عزّ وجلّ له حجّة وعمرة واعتكاف شهرين في المسجد الحرام وصيامهما، وإن اجتهد فيها ولم يجر اللّه قضاءها على يديه، كتب اللّه عزّ وجلّ له حجّة وعمره.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كفى بالمرء اعتماداً على أخيه أن ينزل به حاجته.

9 - عنه، عن أحمد بن محمّد عن بعض أصحابنا عن صفوان الجمال قال : كنت جالساً مع أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ دخل عليه رجل من أهل مكة يقال له ميمون، فشكا إليه تعذر الكراء (4) عليه. فقال لي : قم فأعن أخاك فقمت معه فيسّر اللّهكراه، فرجعت إلى مجلسي، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما صنعت في حاجة أخيك؟ فقلت : قضاها اللّه - بأبي أنت وأمي فقال : أما إنّك أن تعين أخاك المسلم أحب إلي من طواف أسبوع بالبيت مبتدئاً (5). ثمّ قال: إنّ

ص: 203


1- بشرط ألا يكونوا كفاراً أو من النصاب.
2- «عدم تضرر المؤمن بدخول النّار لأمره تعالى بكونها عليه برداً وسلاماً». مرآة المجلسي 114/9.
3- «وكأن الاختلافات الواردة في الروايات في أجور قضاء حاجة المؤمن محمولة على اختلاف النيات ومراتب الإخلاص فيها، وتفاوت الحاجات في الشدة والسهولة واختلاف ذوي الحاجة في مراتب الحاجة والإيمان والصلاح واختلاف السعاة في الاهتمام وأمثال ذلك» ن. م.
4- الكراء : أجر المستأجر وهو مصدر في الأصل من كاريته وتعذر الكراء عليه : هو حجب مستأجر دوابه (إن كان مكارياً) الأجرة عليه أو تعذر من يكتري دوابه.
5- إما أنّه يعود إلى الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) أي قال ذلك (عَلَيهِ السَّلَامُ) مبتدئاً من دون أن أسأله عن ثواب من قضى حاجة أخيه أو هو على بناء المجهول حال من الطواف أو هو حال من فاعل تعين أي تعين مبتدئاً.

رجلاً أتى الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : بأبي أنت وأمي أعني على قضاء حاجة، فانتعل وقام مع فمرّ على الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو قائم يصلّى فقال له: أين كنت عند أبي عبد اللّه تستعينه على حاجتك، قال : قد فعلت - بأبي أنت وأمي - فذكر أنّه معتكف، فقال له : أما إنه لو أعانك (1) كان خيراً له من اعتكافه شهراً.

10 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن الحسن بن عليّ، عن أبي جميلة(2)، عن ابن سنان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال اللّه عزّ وجلّ : الخلق عيالي(3)، فأحبَّهم إليَّ ألطفهم بهم وأسعاهم في حوائجهم.

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي عمّارة (4) قال : كان حمّاد بن أبي حنيفة إذا لقيني قال : كرّر علي حديثك، فأحدثه، قلت : رُوّينا أن عابد بني إسرائيل كان إذا بلغ الغاية في العبادة صار مشاءً في حوائج النّاس عانياً (5) بما يصلحهم.

باب تفريج كرب المؤمن

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن زيد الشحّام قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من أغاث أخاه المؤمن اللّهفان اللّهثان (6) عند جهده، فنفّس كربته، وأعانه على نجاح حاجته، كتب اللّه عزّ وجلّ له بذلك ثنتين وسبعين رحمة من اللّه، يعجّل له منها واحدة يصلح بها أمر معيشته، ويدَّخر له إحدى وسبعين رحمة لأفزاع يوم القيامة وأهواله.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :

ص: 204


1- أي لو لم يكن معكفاً واستعنته فأعانك لكان الخ.
2- واسمه المفضّل بن صالح.
3- كون الخلق عياله سبحانه باعتبار رازقيته لهم وتدبيره لأمورهم.
4- أبو عمّارة - كما يذكر الأردبيلي في جامع الرواة 406/2 - كنية لكل من : قيس بن يعقوب، محمّد بن أحمد، محمّد بن سلیمان بن عمّارة حمزة بن حبیب داود بن سليمان سليمان بن عمرو، محمّد بن ظهير، محمّد بن عثمان بن زيد جعفر بن عمّارة حمزة بن عبد المطلب وزاهر بن الأسود.
5- إما من الاعتناء وهو الاهتمام بالأمر والاشتغال به أو من العناء وهو التعب والمشقة.
6- «اللّهفان: المظلوم المضطر يستغيث واللّهثان : العطشان» الوافي ج 119/3.

قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من أعان مؤمناً، نفس اللّه عزّ وجلّ عنه ثلاثاً وسبعين كربة، واحدة في الدُّنيا وثنتين وسبعين كربة عند كربه العظمى» (1)، قال : حيث يتشاغل النّاس بأنفسهم.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن نعيم، عن مسمع. أبي سيّار، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من نفس عن مؤمن كربة نفس اللّه عنه كرب الآخرة وخرج من قبره وهو ثَلِجَ الفؤاد (2). ومن أطعمه من جوع أطعمه اللّه من ثمار الجنّة. ومن سقاه شربة سقاه اللّه من الرحيق المختوم (3).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوساء، عن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من فرَّج عن مؤمن فرج اللّه عن قلبه يوم القيامة.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن ذريح المحاربي قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يقول أيما مؤمن نفس عن مؤمن كربة وهو معسر يسر اللّه له حوائجه في الدُّنيا والآخرة. قال : ومن ستر على مؤمن عورة (4) يخافها ستر اللّه عليه سبعين عورة من عورات الدُّنيا والآخرة. قال : واللّه في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه، فانتفعوا بالعظة وارغبوا في الخير.

باب إطعام المؤمن

1 - محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أشبع مؤمناً وجبت له الجنّة، ومن أشبع كافراً كان حقاً على اللّه أن يملأ جوفه من الزَّقوم (5)، مؤمناً كان (6) أو كافراً.

2 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى عن بعض أصحابنا، عن أبي

ص: 205


1- أي يوم القيامة.
2- أي بارد القلب مطمئِه.
3- الرحيق المختوم : أي الخمر في أوان مختومة بالمسك بدل الطين أو المراد أطيب الخمر أو أصفاها الخ.
4- العورة : كلّ ما يُستحى منه عرفاً إذا ظهر أو كلّ ما يعيب عرفاً أو عادة.
5- الزقوم كما أخبر اللّه سبحانه، شحرة تنبت في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين وهي طعام الأثيم. ولا بد من حمل قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أطعم كافراً الخ إنه إنما يطعمه لكفره لا لداع رحمة ورأفة وشفقة.
6- أي المطعم.

بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لأن أطعم رجلا من المسلمين أحب إلي من أن أطعم أفقاً من النّاس (1)، قلت : وما الأفق؟ قال : مائة ألف أو يزيدون.

3 - عنه، عن أحمد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه اللّه من ثلاث جنان في ملكوت السّماوات (2) : الفردوس وجنة عدن وطوبى [و] شجرة (3) تخرج من جنة عدن، غرسها ربُّنا بیده (4)».

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من رجل يدخل بيته مؤمنين فيطعمهما شبعَهُما إلّا كان ذلك أفضل من عتق نسمة.

5 - عنه، عن أبيه عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أطعم مؤمناً من جوع أطعمه اللّه من ثمار الجنّة، ومن سقى مؤمناً من ظمأ سقاه اللّه من الرَّحيق المختوم.

6 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد اللّه بن ميمون القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من أطعم مؤمناً حتّى يشبعه لم يدر أحد من خلق اللّه ما له من الأجر في الآخرة، لا مَلَكُ مقرَّب ولا نبي مرسل إلّا اللّه رب العالمين، ثمّ قال : من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان (5)، ثمّ تلا قول اللّه عزّ وجلّ : (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) (6).

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من سقى مؤمناً شربةً من ماء من حيث يقدر (7) على الماء، أعطاه اللّه

ص: 206


1- الأفق الناحية، والمراد أن أطعم أهل ناحية وتفسيره (عَلَيهِ السَّلَامُ) للأفق بهذا العدد يشير إلى البيان من ناحية القلة، أو لبيان أنّه عدد كثير يقال فيهم مائة ألف أو يزيدون كما ورد فيمن بُعث إليهم يونس (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- الملكوت : هو العز والسلطان. هو إما صفة للجنان جمع جنة، أو متعلق بأطعمه.
3- أي وأطعمه اللّه من شجرة تخرج من جنة عدن الخ.
4- اليد هنا يراد بها الرحمة، أو القدرة.
5- أي الجائع.
6- البلد / 14 - 16، والمسغبة المجاعة. وذا مقربة : أي ذا قرابة ورحم أو مسكيناً ذا متربة : أي الّذي قد لصق بالتراب من الفقر والحاجة.
7- أي المؤمن الّذي شرب كان قادراً على تحصيل الماء بنفسه.

بكلّ شربة سبعين ألف حسنة، وإن سقاه من حيث لا يقدر على الماء فكأنما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل».

8 - عدَّة من أصحابنا، عن، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن حسين بن نعيم الصحاف قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أتحبُّ إخوانك يا حسين؟ قلت: نعم، قال تنفع فقراءهم؟ قلت نعم قال : أما إنّه يحق عليك (1) أن تحب من يحبُّ اللّه، أما واللّه لا تنفع منهم أحداً حتّى تحبّه (2)، أتدعوهم إلى منزلك؟ قلت : نعم ما آكل إلّا ومعي منهم الرجلان والثلاثة والأقل والأكثر، فقال أبو عبد اللّه : أما إنَّ فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم، فقلت : جعلت فداك أطعمهم طعامي وأوطئهم رحلي ويكون فضلهم علي أعظم ؟! قال : نعم إذا دخلوا منزلك دخلوا بمغفرتك ومغفرة عيالك (3) وإذا خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك وذنوب عيالك.

9 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي محمّد الوابشي قال : ذكر أصحابنا عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت : ما أتغدى ولا أتعشّى إلّا ومعي منهم الإثنان والثلاثة وأقل وأكثر، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم، فقلت: جعلت فداك كيف وأنا أطعمهم طعامي وأنفق عليهم من مالي وأخدمهم عيالي، فقال : إنهم إذا دخلوا عليك دخلوا برزق من اللّه عزّ وجلّ كثير، وإذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك.

10 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن مقرن، عن عبيد اللّه الوصافي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لأن أطعم رجلاً مسلماً أحبُّ إليَّ من أن أعتق أن أعتق أفقاً من النّاس، قلت: وكم الافق ؟ فقال : عشرة آلاف (4).

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من أطعم أخاه في اللّه كان له من الأجر مثل من أطعم فئاماً(5) من النّاس، قلت : وما الفئام [من النّاس]؟ قال : مائة ألف من النّاس.

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن سدير الصيرفي قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما منعك أن تعتق كلّ يوم نسمة؟ قلت : لا يحتمل مالي

ص: 207


1- أي يجب.
2- كان غرضه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن دعوى المحبة بدون النفع كذب وإن كنت صادقاً في دعوى المحبة لا بد أن تنفعهم مرآة المجلسي 127/9.
3- في كثير من الأخبار برزقك ورزق عيالك.
4- لا تنافي بينه وبين ما مضى إذ كان ما مضى إطعام مائة ألف وهنا عتق عشرة آلاف مرآة المجلسي 129/9.
5- الفئام لغة: الجماعة من النّاس. وقد قدرها (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمائة ألف.

ذلك، قال : تطعم كلّ يوم مسلماً، فقلت : موسراً أو معسراً؟ قال : فقال : إنَّ الموسر قد يشتهي الطعام.

13 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أكلة (1) يأكلها أخي المسلم عندي أحب إليَّ من أن أعتق رقبة.

14 - عنه، عن إسماعيل بن مهران عن صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لأن أشبع رجلاً من إخواني، أحبُّ إليَّ من أن أدخل سوقكم هذا فأبتاع منها رأساً(2) فأعتقه.

15 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لأن آخذ خمسة دراهم [و] أدخل إلى سوقكم هذا فأبتاع بها الطعام، وأجمع نفراً من المسلمين أحبُّ إليَّ من أن أعتق نسمة.

16 - عنه، عن الوشّاء، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سُئِلَ محمّد بن عليّ (3) صلوات اللّه عليهما ما يعدل عتق رقبة؟ قال : إطعام رجل مسلم.

17 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي شبل (4) قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما أرى شيئاً يعدل زيارة المؤمن إلّا إطعامه، وحقٌّ على اللّه أن يطعم من أطعم مؤمناً من طعام الجنّة.

18 - محمّد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لأن أطعم مؤمناً محتاجاً أحبُّ إليَّ من أن أزوره، ولأن أزوره أحبُّ إليَّ من أن أعتق عشر رقاب.

19 - صالح بن عقبة. عن عبد اللّه بن محمّد ويزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أطعم مؤمناً موسراً كان له يعدل رقبة من ولد إسماعيل ينقذه من الذبح، ومن أطعم مؤمناً محتاجاً كان له يعدل مائة رقبة من ولد إسماعيل ينقذها من الذبح.

ص: 208


1- الأكلة : اللقمة.
2- أي عبداً أو أمة.
3- أي الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- واسمه عبد اللّه بن سعيد بياع الوشى وهو ثقة كما يذكر الأردبيلي في جامع الرواة 392/2.

20 - صالح بن عقبة، عن نصر بن قابوس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لإطعام مؤمن أحبُّ إليَّ من عتق عشر رقاب وعشر حجج، قال : قلت : عشر رقاب وعشر حجج ؟ قال : فقال : يا نصر إن لم تطعموه مات أو تدلّونه (1) فيجيء إلى ناصب فيسأله والموت خير له من مسألة ناصب يا نصر من أحيى مؤمناً فكأنما أحيى النّاس جميعاً، فإن لم تطعموه فقد أمتموه وإن أطعمتموه فقد أحييتموه.

باب مَنْ كَسَا مؤمناً

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقاً على اللّه أن يكسوه من ثياب الجنّة، وأن يهون عليه سكرات الموت (2) وأن يوسع عليه في قبره وأن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى وهو قول اللّه عزّ وجلّ في كتابه: (وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (3).

2 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن عليّ، عن عبد اللّه بن جعفر بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من كسا أحداً من فقراء المسلمين ثوباً من عُري أو أعانه بشيء ممّا يقوته (4) من معيشته وكل اللّه عزّ وجلّ به سبعة آلاف ملك من الملائكة، يستغفرون لكلّ ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصور.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن صفوان عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من كسا أحداً من فقراء المسلمين ثوباً من عُري، أو أعانه بشيء ممّا يقوته من معيشته، وكل اللّه عزّ وجلّ به سبعين ألف ملك من الملائكة يستغفرون لكلّ ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصّور».

ص: 209


1- «الحاصل : أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما قال : الموت لازم لعدم الإطعام، كان هنا مظنة للسؤال وهو أنّه يمكن أن يسأل الناصب ولا يموت، فأجاب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأنه إن أردتم أن تدلّوه على أن يسأل الناصب فهو لا يسأله لأن الموت خير له من مسئلته فلا بد من أن يموت فإطعامه إحياؤه» مرآة المجلسي 132/9 - 133.
2- أي شدائده.
3- الأنبياء / 103، ويومكم : أي يوم جزائكم على طاعاتكم في الدنيا.
4- أي ممّا يسد رمق الفقير من الأكل. وفي بعض النسخ (يقويّه).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) [قال : ] من كسا مؤمناً كساه اللّه من الثياب الخضر (1) وقال في حديث آخر لا يزال في ضمان اللّه ما دام عليه سلك (2).

5 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه كان يقول : من كسا مؤمناً ثوباً من عُري كساه اللّه من إستبرق الجنّة، ومن كسا مؤمناً ثمَّ يأمن غنى لم يزل فى سته من اللّه (3) ما بقي من الثوب خرقة.

باب في الطافِ المؤمن وإكرامه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن هاشم عن سعدان بن مسلم، عن أبي عبد اله أبي عبد اله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أخذ من وجه أخيه المؤمن قذاة (4) كتب اللّه عزّ وجلّ له عشر حسنات ؛ ومن تبسّم في وجه أخيه كانت له حسنة.

2 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز عن جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قال لأخيه المؤمن : مرحباً، كتب اللّه تعالى له مرحباً إلى يوم القيامة (5).

3 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من أتاه أخوه المسلم فأكرمه فإنّما أكرم اللّه عزّ وجلّ.

4 - عنه، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن نصر بن إسحاق، عن الحارث ابن النعمان، عن الهيثم بن حمّاد عن أبي داود عن زيد بن أرقم قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما في أمتي عبد ألطف أخاه في اللّه بشيء من لطف إلّا أخدمه اللّه من خدم الجنّة».

5 - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن عليّ، عن عبد اللّه بن جعفر بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من أكرم أخاه

ص: 210


1- إشارة إلى ثياب أهل الجنّة الّتي ذكرها اللّه سبحانه في سورة الإنسان/ 21: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ) أي فوقهم ثياب رقيقة من الديباج الأخضر وثياب غليظة من الديباج أيضاً.
2- أي ما دام عليه خيط منه.
3- أي إن اللّه سبحانه يستره من العقوبة أو الذنوب أو الفضيحة في الدنيا والآخرة.
4- القذاة : جمع قذى، وهو ما يقع في العين أو الشراب من وسخ وغيره. وقد مر حديث بهذا المعنى ويأتي آخر أيضاً.
5- أي ثواب ذلك متصلا إلى يوم القيامة.

المسلم بكلمة يلطفه بها، وفرّج عنه كربته، لم يزل في ظلّ اللّه الممدود (1) عليه الرحمة(2) ما كان في ذلك».

6 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز عن جميل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إنّ ممّا خص اللّه عزّ وجلّ به المؤمن، أن يعرفه بر إخوانه وإن قل؛ وليس البرُّ بالكثرة وذلك أنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول في كتابه : (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) ثمَّ قال : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (3). ومن عرفه اللّه عزّ وجلّ بذلك أحبه اللّه ومن أحبه اللّه تبارك وتعالى وفاه أجره يوم القيامة بغير حساب، ثمّ قال: يا جميل ارو هذا الحديث لإخوانك، فإنّه ترغيب في البرّ.

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن المفضّل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ المؤمن ليتحف أخاه التحفة قلت وأيُّ شيء التحفة؟ قال: من مجلس ومتكا وطعام وكسوة وسلام، فَتَطاوَلُ الجنّة (4) مكافأة له، ويوحي اللّه عزّ وجلّ إليها : أنّي قد حرمت طعامك على أهل الدنيا إلّا على نبي أو وصي نبيّ، فإذا كان يوم القيامة أوحى اللّه عزّ وجلّ إليها : أن كافيء أوليائي بتُحَفهم، فيخرج منها وصفاء ووصائف (5) معهم أطباق مغطاة بمناديل من لؤلؤ، فإذا نظروا إلى جهنّم وهَوْلِها. وإلى الجنّة وما فيها طارت عقولهم، وامتنعوا أن يأكلوا، فينادي مناد من تحت العرش : أنَّ اللّه عزّ وجلّ قد حرّم جهنّم على من أكل من طعام جنّته، فيمد القوم أيديهم فيأكلون.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: يجب للمؤمن على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرة (6).

9 - الحسين بن محمّد ؛ ومحمّد بن يحيى، جميعاً، عن عليّ بن محمّد بن سعد، عن محمّد بن أسلم عن محمّد بن عليّ بن عدي قال أملأ علي محمّد بن سليمان، عن

ص: 211


1- أي المبسوط المتصل.
2- أي تنزل عليه الرحمة.
3- الحشر / 9، والإيثار : تقديم الغير على النفس في العطاء وغيره. والخصاصة : الحاجة والفاقة، والشح : البخل. وقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وليس البر بالكثرة : أي أن البر لا يتوقف على كثرة المال بل ينبغي للمقل أيضاً أن يبر إخوانه.
4- «أي تمتد وترتفع الإرادة مكافأته وإطعامه في الدنيا عجالة. وقيل : استعارة تمثيلية لبيان شدة استحقاقه لذلك» مرآة المجلسي 139/9.
5- أي بخدم وخادمات.
6- مبالغة في ارتكاب الكبائر، لأن المبالغة عند العرب إلى السبعين - كما قيل -.

إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): أحْسِنُ يا إسحاق إلى أوليائي ما استطعت، فما أحْسَنَ مؤمن إلى مؤمن ولا أعانه إلّا خَمَش (1) وجه إبليس وقرَّح قلبه (2).

باب في خدمته

باب في خدمته (3)

1 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن إسماعيل بن أبان عن صالح بن أبي الأسود رفعه عن أبي المعتمر قال: سمعت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أيّما مسلم خدم قوماً من المسلمين، إلّا أعطاه اللّه مثل عددهم خداماً في الجنّة».

باب نصيحة المؤمن

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن أبان، - عن عيسى بن أبي منصور عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه (4).

2 - عنه عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب (5).

3 - ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة.

4 - ابن محبوب، عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لينصح الرّجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه».

ص: 212


1- أي خدشه ولطمه.
2- كناية عن شدة غمه وهمه.
3- أي خدمة المؤمن.
4- يناصحه : من نصحه ينصحه ويناصحه نصحاً ونصاحة، والاسم نصيحة : وهي كلّ فعل أو قول يقصد بهما الخير للمنصوح من دون أن يخالطه غش أو خداع أو مصلحة شخصية.
5- أي في حضوره وغيبته.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ أعظم النّاس منزلة عند اللّه يوم القيامة أمشاهم في أرضه (1) بالنصيحة لخلقه».

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : عليكم بالنصح اللّه في خلقه فلن تلقاه بعمل أفضل منه (2).

باب الإصلاح بين النّاس

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن حماد بن أبي طلحة، عن حبيب الأحول قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : صدقة يحبها اللّه : إصلاح بين النّاس إذا تفاسدوا (3)، وتقارب (4) بينهم إذا تباعدوا.

عنه، عن محمّد بن سنان عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، مثله.

2 - عنه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لأن أصلح بين اثنين أحبُّ، من أن أتصدق بدينارين.

3 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان عن مفضّل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي.

4 - ابن سنان، عن أبي حنيفة سابق الحاجّ (5) قال : مرَّ بنا المفضّل وأنا وختني (6) نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثمّ قال لنا : تعالوا إلى المنزل، فأتيناه فأصلح بيننا بأربعمائة درهم فدفعها إلينا من عنده، حتّى إذا استوثق كلّ واحد منا من صاحبه، قال : أما إنّها ليست من مالي

ص: 213


1- «المراد إما المشي حقيقة أو كناية عن شدة الاهتمام» مرآة المجلسي 143/9.
2- وقد مر بعض الأخبار في النصيحة في باب الاهتمام بأمور المسلمين ويأتي بعضها في باب المعاشرات إنشاء اللّه.
3- أي فدت علاقة بعضهم ببعض.
4- أي سعي في تقاربهم.
5- «أبو حنيفة، اسمه سعيد بن بيان وإنما لقب بذلك (سابق الحاج) لأنه كان يتأخر عن الحجّ ثمّ يعجل ببقية الحاج من الكوفة ويوصلهم إلى عرفة في تسعة أيام أو في أربعة عشر يوماً»... مرآة المجلسي 145/9.
6- الختن صهر الرجل من ابنته أو أخته.

ولكن أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أن أصلح بينهما وأفتديها من ماله (1)، فهذا من مال أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المصلح ليس بكاذب (2).

6 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن إسماعيل، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) (3) قال : إذا دعيت لصلح بين اثنين فلا تقل عليَّ يمين ألا أفعل.

7 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن ابن محبوب، عن معاوية ابن وهب أو (4) معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أبلغ عني كذا وكذا - في أشياء أمر بها - قلت : فأبلغهم عنك وأقول عني ما قلت لي وغير الّذي قلت؟ قال : نعم إن المصلح ليس بكذاب [إنّما هو الصلح ليس بكذب].

باب في إحياء المؤمن

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : قول اللّه عزّ وجلّ: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ * فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (5)؟ قال: من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما أحياها ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها. (6)

2 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن فضيل بن يسار قال : قلت لأبي

ص: 214


1- الافتداء بالمال هنا مجازي. والعلاقة المجوزة أنّه كما كانت الدية المالية يدفع بها الدم كذلك المال هنا تدفع به المنازعة.
2- أي إذا نقل المصلح كلاماً من أحد الجانبين إلى الآخر لم يقله وعلم رضاه به أو ذكر فعلا لم يفعله للإصلاح، ليس من الكذب المحرم بل هو حسن مرآة المجلسي 146/9.
3- البقرة/ 224 و (عُرضة) أي حجة وتعلَّةٌ.
4- الترديد من الراوي.
5- الآية في سورة المائدة/ 32 هكذا : «من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنّه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض... الآية».
6- أوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) القتل المادي بالضلال والإحياء المادي بالهداية.

جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): قول اللّه عزّ وجلّ في كتابه (ومَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) ؟ قال : من حَرْق أو غَرَق قلت فمن أخرجها من ضلال إلى هدى؟ قال : ذاك تأويلها الأعظم (1).

محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبد اللّه ابني محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبان مثله.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أبي خالد القماط عن حمران قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أسألك؟ - أصلحك اللّه - فقال : نعم فقلت كنت على حال وأنا اليوم على حال أخرى، كنت أدخل الأرض فأدعو الرّجل والاثنين والمرأة فينقذ اللّه من شاء(2)، وأنا اليوم لا أدعو أحداً(3) ؟ فقال : وما عليك (4) أن تخلّي بين النّاس وبين ربّهم(5) فمن أراد اللّه أن يخرجه من ظلمة إلى نور أخرجه، ثمّ قال : ولا عليك (6) إن آنست من أحد خيراً أن تنبذ إليه الشيء نبذا(7) قلت : أخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ : (ومَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). قال : من حَرْق أو غَرَق، ثمّ سكت، ثمّ قال : تأويلها الأعظم أن : دعاها فاستجابت له.

باب في الدعاء للأهل إلى الإيمان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن بن عيسى، عن عليّ بن النعمان عن عبد اللّه بن مسكان، عن سلیمان بن خالد قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن لي أهل بيت وهم يسمعون منّي (8) أفأدعوهم إلى هذا الأمر؟ فقال: نعم، إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول في كتابه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (9).

ص: 215


1- أي ذلك بطن من بطون الآية.
2- أي بهدايته إلى المذهب الحق بدعوتي.
3- وكأنه لنهيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) له عن أن يجهر بدعوته النّاس إلى المذهب الحق تقية.
4- أي لا بأس عليك، أو أي ضرر عليك.
5- أي أن تتركهم اللّه، فمن كان أهلا للهداية هداه.
6- أي من بأس.
7- أي أن تطرح إليه شيئاً من براهين المذهب الحق ممّا يؤدي به إلى الهدى ولكن أطرحه عليه بيسر ورفق.
8- أي يقبلون قولي ويطيعونني.
9- التحريم / 6. و (قوا) فعل أمر من الوقاية وهي المنع والحفظ، ووقاية الأهل إنما تكون بتعليمهم ما يحفظهم من دخول النّار فيكون المراد بالتعليم تعليمهم أمور دينهم ليفعلوا الطاعات ويجتنبوا المعاصي.

باب في ترك دعاء النّاس

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن كليب بن معاوية الصيداوي قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إياكم والناس (1)، إنَّ اللّه عزّ وجلّ إذا أراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك ويطلبه، ثمّ قال : لو أنكم إذا كلّمتم النّاس قلتم : ذهبنا حيث ذهب اللّه (2) واخترنا من اختار اللّه واختار اللّه محمّداً واخترنا آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).

2 - محمّد بن يحيى بن يحيى،، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرّاج عن ابن مسكان عن ثابت أبي سعيد قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ثابت مالكم وللناس كفّوا عن النّاس ولا تدعوا أحداً إلى أمركم فواللّه لو أنّ أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على أن يضلوا عبداً يريد اللّه هداه ما استطاعوا، كفّوا عن النّاس ولا يقول أحدكم : أخي وابن عمّي وجاري، فإنَّ اللّه عزّ وجلّ إذا أراد بعبد خيراً طيب روحه، فلا يسمع بمعروف إلّا عرفه ولا بمنكر إلّا أنكره، ثمّ يقذف اللّه في قلبه كلمة يجمع بها أمره (3).

3 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن محمّد بن مروان عن الفضيل قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ندعوا النّاس إلى هذا الأمر؟ فقال : يا فضيل إن اللّه إذا أراد بعبد خيراً أمر ملكاً فأخذ بعنة حتّى أدخله في هذا الأمر طائعاً أو كارها(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) اجعلوا أمركم هذا اللّه ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان اللّه فهو اللّه وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء ولا تخاصموا بدينكم النّاس فإن المخاصمة ممرضة للقلب إنَّ اللّه عزّ وجلّ قال لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : (إنّك لا تهدي من أحببت ولكنَّ اللّه يهدي من يشاء) وقال : (أفأنت تكره النّاس حتّى يكونوا مؤمنين) ذروا النّاس فإنَّ النّاس أخذوا عن النّاس وإنّكم أخذتم عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولا سواء ؛ وإنني سمعت أبي يقول : إذا كتب اللّه على

ص: 216


1- أي احذروا أن تدعوهم إلى المذهب الحق في زمن تكون وظيفتكم هي التقية.
2- أي حيث أمر اللّه باختيار من رضي بأن يكون إماماً وهادياً إليه وهم محمّد وأهل بيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
3- مر هذا الحديث بنفس السند (مع تغيير طفيف) وبنفس المتن تقريباً (مع تقديم وتأخير فيه) في باب الهداية أمنها من اللّه عزّ وجلّ ورقمه (1)، وعلقنا عليه.
4- أيضاً مر هذا الحديث بسنده وألفاظه في نفس الباب المشار إليه أعلاه ورقمه (4) وعلقنا عليه هناك.

عبد أن يدخله في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره (1).

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن ابن أذينة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق قوماً للحق (2) فإذا مرَّ بهم الباب من الحق قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه، وإذا مرَّ بهم الباب من الباطل أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه، وخلق قوماً لغير ذلك فإذا مرَّ بهم الباب من الحق أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه، وإذا مر بهم الباب من الباطل قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه (3).

6 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عبد الحميد بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ إذا أراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة من نور فأضاء لها سمعه وقلبه حتّى يكون أحرص على ما في أيديكم منكم وإذا أراد بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء، فأظلم لها سمعه وقلبه، ثمّ تلا هذه الآية (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)(4).

7 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران، عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه عزّ وجلّ إذا أراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة بيضاء وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكاً يسدّده وإذا أراد بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطاناً يضلّه (5).

باب أن اللّه إنما يعطى الدين مَن يُحبه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران، عن عمر بن حنظلة قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا الصخر، إنَّ اللّه

ص: 217


1- أيضاً هذا الحديث بسنده ومتنه مع تغيير طفيف في بعض الفاظه مر في الباب المذكور في سابقيه تحت رقم (3) وعلقنا عليه هناك فراجع.
2- اللام للعاقبة، أي خلقهم سبحانه وهو يعلم أن عاقبة أمرهم تؤول إلى الدين الحق.
3- وقد أشار الحديث إلى أن السعي لا مدخل له كثيراً في الهداية وإنما هو لتحصيل الثواب فلا ينبغي فعله في موضع التقية لعدم ترتب الثواب عليه مرآة المجلسي 157/9.
4- مر مضمون هذا الحديث بألفاظ متطابقة في بعضه ومختلفة في بعضه الآخر، وبسند متطابق في بعض رواته عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً وذلك في باب أن الهداية من اللّه عزّ وجلّ ورقمه (2) وعلقنا عليه هناك.
5- هذا هو صدر الحديث المذكور تحت رقم (2) من الباب المنوّه عنه قبله وقد علقنا عليه هناك فراجع.

يعطي الدنيا من يحبُّ ويبغض (1)، ولا يعطي هذا الأمر (2) إلّا صفوته من خلقه (3)، وأنتم واللّه على ديني ودين آبائي إبراهيم وإسماعيل (4)، لا أعني عليّ بن الحسين ولا محمّد بن عليّ وإن كان هؤلاء على دين هؤلاء.

2 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوساء، عن عاصم ابن حميد، عن مالك بن أعين الجهني قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : يا مالك إن اللّه يعطي الدنيا من يحبُّ ويبغض ولا يعطي دينه إلّا من يحبّ.

3 - عنه، عن معلّى عن الوشّاء، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن عمر ابن حنظلة، وعن حمزة بن حمران، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن هذه الدُّنيا يعطيها اللّه البرَّ والفاجر ولا يعطي الإيمان إلّا صفوته (5) من خلقه.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن أبي سليمان عن میسر قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ الدّنيا يعطيها اللّه عزّ وجلّ من أحبّ ومن أبغض وإنّ الإيمان لا يعطيه إلّا من أحبه (6).

باب سلامة الدين

باب سلامة الدين (7)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن أيّوب بن الحرّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : ﴿ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا) (8) فقال : أما لقد بسطوا عليه (9) وقتلوه ولكن أتدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه (10) في دينه.

ص: 218


1- أي من يحبه اللّه ومن يبغضه اللّه.
2- أي الهداية إلى مذهب الحق.
3- أي من اجتباه واختاره وفضّله منهم.
4- أي فيما يتعلق بالأصول المشتركة للرسالات السماوية والّتي جاء كلّ نبيّ بها.
5- صفوة الشيء : خالصه.
6- الضمير راجع إليه سبحانه.
7- «أي المقصد الأقصى الّذي ينبغي أن يكون مطلوب العاقل هو سلامة الدين لا السلامة في الدنيا من آفاتها» مرآة المجلسي 161/9.
8- غافر / 45، والضمير في (فوقاه) يرجع إلى مؤمن آل فرعون حيث عصمه اللّه من فرعون وملئه.
9- أي أيديهم، أو سلطوا عليه.
10- أي أن يدخلوا عليه الضلال والكفر في دينه الّذي هو ما جاء به موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ذلك الوقت.

عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن أبي جميلة (1) قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان في وصيّة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأصحابه : اعلموا أن القرآن هدى الليل والنهار (2) ونور الليل المظلم (3) على ما كان من جهد وفاقة، فإذا حضرت بليّةٌ (4) فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم، وإذا نزلت نازلة (5) فاجعلوا أنفسكم دون دينكم ؛ واعلموا أن الهالك من هلك دينه والحريب (6) من حُرِبَ دينه، ألا وإنه لا فقر بعد الجنّة، ألا وإنه لا غنى بعد النّار، لا يُفَكُ أسيرها ولا يَبْرَءُ ضريرها.

3 - علي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد اللّه، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال : سلامة الدّين (7) وصحة البدن خير من المال، والمال زينة من زينة الدنيا حسنة.

محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد عن ربعي، عن الفضيل، عن، أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، مثله.

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن ابن فضّال، عن يونس ابن يعقوب، عن بعض أصحابه قال: كان رجل يدخل على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أصحابه فغير زماناً (8) لا يحج، فدخل عليه بعض معارفه (9)، فقال له : فلان ما فعل؟ قال : فجعل يضجع الكلام (10) يظنُّ أنّه إنما يعني الميسرة والدنيا، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كيف دينه؟ فقال: كما تحبُّ، فقال هو واللّه الغنى.

باب النقية

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وغيره عن أبي

ص: 219


1- واسمه المفضّل بن صالح.
2- كناية عن الباطل والحق.
3- كناية عن شدة الفتن وتعاظمها.
4- ما يمكن تجنب شره بدفع المال.
5- ما لا يمكن تجنب شره إلّا ببذل النفس.
6- الحريب : مَن سُلب ماله منه.
7- أي خلوصه عن كلّ ما يتنافى معه من الشرك والكفر والشك وغيره من الانحرافات العقائدية أو العملية.
8- أي مكث وذهب ضد - كما في القاموس - وفي بعض النسخ: (فصبر).
9- أي بعض معارف ذلك الرجل الّذي انقطع عن الحج.
10- «أي يخفضه أو يقصر ولا يصرّح بالمقصود ويشير إلى سوء حاله لئلا يغتم الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بذلك» مرآة المجلسي 9 / 164.

عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا) قال: بما صبروا على التقيّة (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) (1) قال : الحسنة التقيّة والسيئة الإذاعة (2).

2 - ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عمر الأعجمي قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقيّة (3) ولا دين لمن لا تقية له، والتقية في كلّ شيء إلّا في النبيذ والمسح على الخفين (4).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : التقية من دين اللّه. قلت من دين اللّه ؟ قال : إي واللّه من دين اللّه، ولقد قال يوسف : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ) (5) واللّه ما كانوا سرقوا شيئاً. ولقد قال إبراهيم : (إني سقيم) (6) واللّه ما كان سقيماً (7).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن خالد؛ والحسين بن سعيد جميعاً، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن حسين بن أبي العلاء، عن حبيب بن بشر قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سمعت أبي يقول : لا واللّه ما على وجه الأرض شيء أحب إلي من التقية، يا حبيب إنه من كانت له تقيّة رفعه اللّه، يا حبيب من لم تكن له تقيّة وضعه اللّه يا حبيب إن النّاس إنّما هم في هدنة (8) فلو كان ذلك كان هذا(9)،

5 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن العباس بن عامر، عن جابر المكفوف، عن عبد اللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : اتقوا على دينكم فاحجبوه

ص: 220


1- القصص / 54. على ما في الخبر كأنها منزلة على جماعة من مؤمني أهل الكتاب آمنوا بمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) باطناً وأخفوا إيمانهم عن قومهم تقية فآتاهم أجرهم مرتين لإيمانهم (مرة ومرة للعمل بالتقية مرآة المجلسي 166/9.
2- الإذاعة : الإشاعة.
3- لعل المعنى أن لمن يعمل بالتقية في مواردها تسعة أضعاف ثواب من لم يعمل بها في تلك الموارد.
4- لعله لعدم الحاجة الماسة للوضوء بالنبيذ والمسح على الخفين، بل العمل بهما نادر وذلك لوجود المندوحة غالباً.
5- يوسف / 70 والاستشهاد بالآية لبيان جواز التقية حتّى ممّن هم في منزلة يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الدنيا والآخرة.
6- الصافات / 89.
7- وقوله (إني سقيم) وما كان سقيماً تقية أو لمصلحة معينة أخفاها عن قومه وهي انفراده للقيام بعملية تحطيم الأصنام. أو نورية منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) حيث قصد أنّه سقيم القلب لشركهم وفهموا أنّه سقيم الجسم.
8- «يعني أن مخالفينا اليوم في هدنة وصلح ومسالمة معنا لا يريدون قتالنا والحرب معنا ولهذا نعمل معهم بالتقية» الوافي ج 122/3.
9- «يعني لو كان في زمن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً الهدنة لكانت التقية فإن التقية واجبة ما أمكنت...» ن. م.

بالتقية، فإنّه لا إيمان لمن لا تقيّة له، إنّما أنتم في النّاس كالنحل في الطير، لو أنّ الطير تعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلّا أكلته، ولو أنَّ النّاس (1) علموا ما في أجوافكم أنّكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم، ولنحلوكم (2) في السر والعلانية، رحم اللّه عبداً منكم كان على ولايتنا.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) (3) قال : الحسنة : التقية والسيّئة : الإذاعة، وقوله عزّ وجلّ : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السيئة) (4) قال : الّتي هي أحسن التقيّة، (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (5).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم عن أبي عمرو الكناني قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا عمرو أرأيتك لو حدثتك بحديث أو أفتيتك بفتيا ثمّ جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك، أو أفتيتك بخلاف ذلك، بأيهما كنت تأخذ؟ قلت بأحدثهما وأدع الآخر، فقال : قد أصبت يا أبا عمرو، أبى اللّه إلّا أن يعبد سراً (6)، أما واللّه لئن فعلتم ذلك إنه [ل- ] خير لي ولكم، [و] أبى اللّه عزّ وجلّ لنا ولكم في دينه إلّا التقية.

8 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن دُرُست الواسطي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما بلغت تقيّة أحد تقية أصحاب الكهف إن كانوا ليشهدون الأعياد ويشدون الزنانير (7)، فأعطاهم اللّه أجرهم مرَّتين.

9 - عنه، عن أحمد محمّد، عن بن عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن حماد بن واقد اللحام قال : استقبلت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في طريق فأعرضت عنه بوجهي ومضيت، فدخلت عليه

ص: 221


1- يعني المخالفين منهم.
2- أي سبوكم وشتموكم. وفي بعض النسخ (لنجلوكم) أي ضربوكم بمقدم ارجلهم كناية عن احتقارهم لهم وإذلالهم.
3- فصّلت/ 34.
4- فصّلت/ 34 أيضاً، ولكن كلمة (السيئة) هنا من كلام الإمام تفسيراً وليست من الآية.
5- فصّلت / 34.
6- «أي في دولة الباطل، والعبادة في السر هي الاعتقاد بالحقّ قلباً، أو العمل بالحكم الأصلي سراً وإظهار خلاف كلّ منهما علانية» مرآة المجلسي 172/9.
7- وهي قطعة قماش أو جلد كان يشدها النصراني أو المجوسي على وسطه وكأنها علامة يُعرف بها.

بعد ذلك، فقلت : جعلت فداك إنّي لألقاك فأصرف وجهي كراهة أن أشقّ عليك(1)، فقال لي : رحمك اللّه، ولكن رجلاً لقيني أمس في موضع كذا وكذا فقال : عليك السلام يا أبا عبد اللّه، ما أحسن ولا أجمل (2).

10 - عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال : قيل لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنَّ النّاس يروون أنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال على منبر الكوفة : أيّها النّاس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثمّ تدعون إلى البراءة منّي فلا تبرؤوا مني، فقال : ما أكثر ما يكذب النّاس على علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمّ قال: إنّما قال: إنّكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثمّ ستدعون إلى البراءة مني وإني لعلى دين محمّد ؛ ولم يقل : لا تبرؤوا مني. فقال له السائل : أرأيت إن اختار القتل دون البراءة ؟ فقال : واللّه ما ذلك عليه (3)، وماله إلّا ما مضى عليه عمّار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالإيمان، فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيه (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ) (4). فقال له النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عندها يا عمّار : إن عادوا فعد(5)، فقد أنزل اللّه عزّ وجلّ عذرك وأمرك أن تعود إن عادوا.

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن هشام الكندي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إياكم أن تعملوا عملاً يعيرونا(6) به، فإنَّ ولد السوء يعير والده بعمله كونوا لمن انقطعتم إليه زيناً ولا تكونوا عليه شيئاً، صلوا في عشائرهم، وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم واللّه ما عبد اللّه شيء أحب إليه من الخبء، قلت : وما الخبء؟ قال : التقيّة.

12 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن القيام (7) للولاة، فقال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : التقية من ديني ودين آبائي ولا إيمان لمن لا تقية له.

13 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن حماد، عن ربعي عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : التقية في كلّ ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به (8).

14 - علي، عن أبيه، عن ابن محبوب عن جميل بن صالح، عن محمّد بن مروان

ص: 222


1- شق الأمر: أي صعب.
2- أي لم يحسن حيث فعل خلاف التقية بالسلام عليّ ولا فعل الجميل بذلك.
3- أي لم يفرض ذلك عليه.
4- النحل/ 106.
5- أي إن عاد المشركون لإكراهك على النطق بكلمة الكفر فانطق بها ثانية وثالثة.
6- يعني المخالفين.
7- كناية عن تعظيمهم وإظهار الخضوع لهم.
8- لأن علم الإنسان بنفسه ضروري كما قيل.

عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: [كان] أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : وأيُّ شيء أقر لعيني من التقية، إنَّ التقيّة جنّة المؤمن (1).

15 - عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمّد بن مروان قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما مُنِعَ ميثم رحمه اللّه من التقية(2)، فواللّه لقد علم أنَّ هذه الآية نزلت في عمّار وأصحابه: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ).

16 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن شعيب الحدّاد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنما جعلت (3) التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغ الدم فليس تقيّة (4).

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال عن ابن بكير، عن محمّد ابن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كلّما تقارب هذا الأمر (5) كان أشدَّ للتقيّة.

18 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن إسماعيل الجعفي ومعمر بن يحيى بن سام ومحمّد بن مسلم وزرارة قالوا سمعنا أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : التقيّة في كلّ شيء يضطر إليه ابن آدم فقد أحلّه اللّه له.

19 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن حريز، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : التقية تُرس اللّه بينه وبين خلقه (6).

20 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن أحمد حمزة عن الحسين بن الحسين بن المختار عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : خالطوهم بالبرانية وخالفوهم بالجوّانية (7) إذا كانت الإمرة صبيانيّة (8).

ص: 223


1- أي واقية له من شر المخالفين وضررهم.
2- هذا الكلام منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إشفاقي، أي لِمَ لم يتق ميثم مع أنّه لم يكن ممنوعاً منها ولا كان جاهلاً بها. وميثم هو ميثم التمار من خلّص أصحاب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي شرعت وفُرضت.
4- أي لو استوجبت التقية الولوغ في دم محقون الدم كما لو أمره الجائر أن يقتل إنساناً محرم القتل أو يقتله فعندئذ لا يجوز له قتل ذلك الإنسان حتّى ولو أدى عصيانه إلى قتله هو.
5- أني أمر قيام الحجة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
6- «أي ترس يمنع الخلق من عذاب اللّه، أو من البلايا النازلة من عنده» مرآة المجلسي 184/9.
7- «أصل البراني من اكبر والجواني من جو البيت أي من داخله والألف والنون فيهما من زيادات النسب... يعني (عَلَيهِ السَّلَامُ): خالطوا النّاس بالعلانية والظاهر وخالفوهم في السر والباطن» الوافي ج 123/3.
8- أي إذا كانت الإمارة والحكم بيد الصبيان والسفهاء.

21 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن زكريا المؤمن، عن عبد اللّه ابن أسد، عن عبد اللّه بن عطاء قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : رجلان من أهل الكوفة أخذا فقيل لهما: ابرئا من أمير المؤمنين فبرى واحد منهما وأبى الآخر، فخلي سبيل الّذي برىء وقتل الآخر؟ فقال : أما الّذي برىء فرجل فقيه في دينه، وأما الّذي لم يبرء فرجل تعجّل إلى الجنّة.

22 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : احذروا عواقب العثرات(1).

23 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ ابن النعمان عن ابن مسكان عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : التقيّة تُرس المؤمن، والتقية حرز المؤمن، ولا إيمان لمن لا تقيّة له(2)، إنَّ العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيدين اللّه (3) عزّ وجلّ به فيما بينه وبينه، فيكون له عزّاً في الدُّنيا ونوراً الآخرة، وإن العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيذيعه (4) فيكون له ذلاً في الدُّنيا وينزع اللّه عزّ وجلّ ذلك النور منه.

باب الكتمان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : وددتُ واللّه أنّي افتديت خصلتين في الشيعة لنا ببعض لحم ساعدي : النزق (5) وقلّة الكتمان.

2 - عنه عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان، عن أبي أسامة زيد الشحام قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أمر النّاس بخصلتين فضيعوهما فصاروا منهما (6)

ص: 224


1- «يعني : كلما تقولونه أو تفعلونه فانظروا أولاً في عاقبته وماله ثمّ قولوه أو افعلوه فإن العثرة قلما تفارق القول أو الفعل ولا سيما إذا كثرا. أو المراد أنّه كلما عثرتم عثرة في قول أو فعل فاشتغلوا بإصلاحها وتداركها كيلا يؤدي في العاقبة إلى فساد لا يقبل الإصلاح» الوافي ج 123/3.
2- أي يترك التقية في موردها مع العلم بوجوبها وحرمة تركها.
3- أي يتعبد اللّه به.
4- أي يشيعه مخالفا لأوامر العمل بالتقية الّتي تحتم عليه أن يكتمه.
5- النزق : الطيش والخفة عند الغضب.
6- أي فَغَدَوا بسبب تضييعهما وليس عندهم شيء منهما.

على غير شيء : الصبر والكتمان.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبن أبي عمير، عن يونس بن عمّار، عن سليمان ابن خالد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا سليمان إنّكم على دين من كتمه أعزه اللّه ومن أذاعه أذله اللّه.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن بكير عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : دخلنا عليه جماعةً (1)، فقلنا: يا ابن رسول اللّه إنا نريد (2) العراق فأوصنا، فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ليقو شديدكم ضعيفكم وليعد غنيكم على فقيركم، ولا تبوا سرنا (3) ولا تُذيعوا أمرنا، وإذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهداً أو شاهدين من كتاب اللّه فخذوا به وإلا فقفوا عنده (4)، ثمّ ردُّوه إلينا حتّى يستبين لكم واعلموا أن المنتظر لهذا الأمر (5) له مثل أجر الصائم القائم، ومن أدرك قائمنا فخرج معه فقتل فقتل عدونا كان له مثل أجر عشرين شهيداً ومن قتل مع قائمنا كان له مثل أجر خمسة وعشرين شهيداً.

5 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان عن عبد الأعلى قال : سمعت أبا،، عبد اللّه يقول : إنه ليس من احتمال أمرنا التصديق له (6) والقبول فقطُّ (7)، من احتمال أمرنا ستره وصيانته من غير أهله، فأقرئهم السّلام وقل لهم : رحم اللّه عبداً اجتر (8) مودة النّاس إلى نفسه، حدثوهم بما يعرفون، واستروا عنهم ما ينكرون، ثمّ قال: واللّه ما الناصب لنا حرباً بأشدّ علينا مؤونة من الناطق علينا بما نكره، فإذا عرفتم من عبد إذاعة فامشوا إليه وردُّوه عنها، فإن قبل منكم وإلا فتحمّلوا عليه بمن يثقل عليه ويسمع منه (9)، فإنَّ الرّجل منكم يطلب الحاجة فيلطف فيها حتّى تقضى له، فالطفوا في حاجتي كما تلطفون في حوائجكم، فإن هو قبل منكم وإلا فادفنوا كلامه تحت أقدامكم ولا تقولوا : إنه يقول ويقول، فإن ذلك يحمل عليَّ وعليكم أما

ص: 225


1- أي حالة كوننا مجتمعين.
2- أي نقصد التوجه إلى العراق.
3- أي الإحكام الّتي تفرّدوا (عَلَيهِ السَّلَامُ) بها عن المخالفين لهم.
4- أي توقفوا عن العمل به وعن طرحه أيضاً وردّه إليهم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- أي أمر قيام قائمهم (عَلَيهِم السَّلَامُ).
6- أي الإقرار القلبي بمضمونه.
7- أي العمل به أو مجرد الإقرار باللسان به.
8- أي اجتذب. وقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) حدثوهم توجيه وبيان لأسلوب اجتذاب مودة المخالفين.
9- «أي تكلّفوا أن تحملوا عليه ثقيلاً لا مفر له إلّا أن يسمع منه» الوافي ج 124/3.

واللّه لو كنتم تقولون ما أقول لأقررت أنكم أصحابي، هذا أبو حنيفة له أصحاب، وهذا الحسن البصري له أصحاب وأنا امرؤ من قريش قد ولدني رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وعلمت كتاب اللّه وفيه تبيان كلّ شيء، بدؤ الخلق وأمر السماء وأمر الأرض وأمر الأولين وأمر الآخرين، وأمر ما كان وأمر ما يكون، كأني أنظر إلى ذلك نصب عيني.

6 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن الربيع بن محمّد المسلّي، عن عبد اللّه بن سليمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : ما زال سرنا مكتوماً حتّى صار في يد [ي] ولد كيسان (1) فتحدَّثوا به في الطريق وقرى السواد (2).

7 - عنه، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : واللّه إن أحب أصحابي إليَّ أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا وإنَّ أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم (3) للّذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ویروى عنا فلم يقبله، إشماز منه (4) وجحده، وكفّر من دان به، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند، فيكون بذلك خارجاً عن ولايتنا.

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن عبد اللّه بن يحيى، عن حريز، عن معلى بن خنيس قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا معلى اكتم أمرنا ولا تُذعه، فإنّه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزّه اللّه به في الدُّنيا، وجعله نوراً بين عينيه في الآخرة، يقوده إلى الجنّة، يا معلى من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذله اللّه به في الدُّنيا ونزع النور من بين عينيه في الآخرة وجعله ظلمة تقوده إلى النّار يا معلّى إنّ التقية من ديني ودين آبائي ولا دين لمن لا تقية له، يا معلّى إِنَّ اللّه يحبُّ أن يعبد في السرّ كما يحبُّ أن يعبد في العلانية؛ يا معلى إنَّ المذيع لأمرنا كالجاحد له (5).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن مروان بن مسلم، عن عمّار قال: قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرت بما أخبرتك به أحداً؟ قلت: لا إلّا

ص: 226


1- «كيسان لقب مختار بن أبي عبيدة الّذي طلب بثأر أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) المنسوب إليه الكيسانية» ن. م.
2- أي قري سواد والعراق، أو سواد الكوفة.
3- أي أبغضهم.
4- أي تقبض ونفرت نفسه منه.
5- «كأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يخاف على معلى القتل لما يرى من حرصه على الإذاعة ولذلك أكثر من نصيحته بذلك ومع ذلك لم تنجع نصيحته فيه وإنه قد قتل بسبب ذلك» الوافي ج 124/3.

سليمان بن خالد قال : أحسنت أما سمعت قول الشاعر:

فلا يَعْدوَنْ سرّي وسرك ثالثاً***الا كلّ سر جاوز اثنين شائع (1)

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن الرضا عن مسألة فأبي وأمسك، ثمّ قال : لو أعطيناكم كلّما تريدون كان شراً لكم وأخذ برقبة صاحب هذا الأمر (2)، قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ولاية اللّه أسرّها إلى جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأسرها جبرئيل إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأسرها محمّد إلى عليّ وأسرَّها عليُّ إلى من شاء اللّه، ثمّ أنتم تذيعون ذلك، من الّذي أمسك حرفاً سمعه (3)؟ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : في حكمة آل داود(4): ينبغي للمسلم أن يكون مالكاً لنفسه، مقبلاً على شأنه، عارفاً بأهل زمانه، فاتقوا اللّه ولا تذيعوا حديثنا، فلولا أن اللّه يدافع عن أوليائه (5) وينتقم لأوليائه من أعدائه، أما رأيت ما صنع اللّه بآل برمك وما انتقم اللّه لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقد كان بنو الأشعث على خطر عظيم، فدفع اللّه عنهم بولايتهم لأبي الحسن (6)، وأنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة، وما أمهل اللّه لهم فعليكم بتقوى اللّه ؛ ولا تغرنّكم [الحياة] الدُّنيا، ولا تغتروا بمن قد أمهل له، فكأنَّ الأمر قد وصل إليكم.

11 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوساء، عن عمر بن أبان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) طوبى لعبد نُومَة (7)، عرفه اللّه ولم يعرفه النّاس، أولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم، ينجلي عنهم كلّ فتنة مظلمة، ليسوا بالمذابيع البذر (8)، ولا بالجفاة المرائين.

12 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الأصبهاني، عن

ص: 227


1- «وكأن الاستشهاد للأشعار بأن هذا ممّا يحكم العقل الصريح بقبحه ولا يحتاج إلى السماع عن صاحب الشرع» مرآة المجلسي 192/9
2- أي الإمام المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- الاستفهام إنكاري، أي لا يوجد أحد من أهل هذا الزمان يسمع حديثاً ثمّ يكتمه بل ينشره بشكل أو بآخر، وهذه هي العلة في تحفّظنا وتحرّجنا من التحدث إليهم في شؤون الإمامة.
4- أي الزبور، أو الأعم منه.
5- «الفاء للبناء، وجزاء الشرط محذوف أي لانقطعت سلسلة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وشيعتهم بترككم للتقية» مرآة المجلسي 193/9.
6- أي الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- أي الحامل الذكر.
8- أي الّذين يلقون الكلام على عواهنه ولا يكتمون بل يفشون كلّ ما يسمعون.

أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : طوبى لكلّ عبد نومة لا يؤبه له، يعرف النّاس ولا يعرفه النّاس يعرفه اللّه منه (1) برضوان، أولئك مصابيح الهدى ينجلي عنهم كلّ فتنة مظلمة، ويفتح لهم باب كلّ رحمة، ليسوا بالبذر المذاييع ولا الجفاة المرائين وقال : قولوا الخير تُعرفوا به واعملوا الخير تكونوا من أهله ولا تكونوا عُجُلًا (2) مذاييع، فإنّ خياركم الّذين إذا نظر إليهم ذُكر اللّه، وشراركم المشّاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، المبتغون للبراء (3) المعايب.

13 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عمّن أخبره قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كفّوا ألسنتكم والزموا بيوتكم، فإنّه لا يصيبكم أمر (4) تخصون به أبداً ولا تزال الزيدية لكم وقاء أبداً (5).

14 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن أبي الحسن صلوات اللّه عليه قال : إن كان في يدك هذه شيء فإن استطعت أن لا تعلم هذه (6) فافعل ؛ قال : وكان عنده إنسان فتذاكروا الإذاعة، فقال : احفظ لسانك تُعزَّ، ولا تمكّن النّاس من قياد رقبتك (7) فتذلَّ.

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن خالد بن نجيح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ أمرنا مستور مقنع بالميثاق(8) فمن هتك علينا أذله اللّه.

16 - الحسين بن محمّد ؛ ومحمّد بن يحيى، جميعاً، عن عليّ بن محمّد بن سعد، عن محمّد بن مسلم، عن محمّد بن سعيد بن غزوان، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن أيان، عن عيسى بن أبي منصور قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : نَفَس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح، وهمه لأمرنا (9) عبادة، وكتمانه لسرنا جهاد في سبيل اللّه، قال لي محمّد بن سعيد :

ص: 228


1- أي من عنده.
2- أي مستعجلين متسرعين في الأمور.
3- أي للبريء من العيوب.
4- أي إذا استعملتم التقية مع المخالفين لا يصيبكم منهم ضرر أبداً.
5- وذلك لأن الزيدية لا يلتزمون بالتقية فتتوجه أنظار المخالفين إليهم فيدفع اللّه عنكم بتقيتكم ويأخذهم المخالفون بعدمها.
6- أي اليد الأخرى.
7- كناية عن تسليط الأعداء عليه عند عدم أخذه بالتقية.
8- أي بالعهد الّذي أخذ اللّه رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يكتموه عن غير أهله مرآة المجلسي 201/9.
9- أي اهتمامه بقيام قائمنا (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) وذلك بترقب ظهوره المبارك وإعداد نفسه لذلك بالتقوى والورع والكتمان والحرص على طاعة اللّه والعزم على طاعته (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)عند قيامه.

اكتب هذا بالذهب (1)، فما كتبت شيئاً أحسن منه.

باب المؤمن وعلاماته وصفاته

1 - محمّد بن جعفر عن محمّد بن إسماعيل، عن عبد اللّه بن داهر عن الحسن ابن يحيى، عن قثم أبي قتادة الحرّاني، عن عبد اللّه بن يونس عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قام رجل يقال له : همّام (2) - وكان عابداً، ناسكاً مجتهداً - إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يخطب، فقال : يا أمير المؤمنين صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه؟ فقال:

يا همّام المؤمن هو الكيس (3) الفطن (4)، بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شيء صدراً، وأذلُّ شيء نفساً، زاجر عن كلّ فان (5)، حاص على كلّ حسن، لا حقود ولا حسود ولا وثاب (6)، ولا سبّاب، ولا عيّاب ولا مغتاب يكره الرفعة ويشنأ السمعة (7) طويل الغمّ(8)، بعيد الهمّ، كثير الصمت، وقور ذكور، صبور،شکور مغموم بفکره، مسرور بفقره، سهل الخليقة، لين العريكة (9)، رصين الوفاء قليل الأذى لا متأفّك (10) ولا متهتك.

إن ضحك لم يخرق (11)، وإن غضب لم ينزق، ضحكه تبسم، واستفهامه تعلّم، ومراجعته تفهم. كثير علمه، عظيم حلمه كثير الرّحمة لا يبخل، ولا يعجل، ولا يضجر، ولا يبطر، ولا يحيف (12) في حكمه، ولا يجوز في علمه، نفسه أصلب من الصلد (13)، ومكادحته

ص: 229


1- أي بماء الذهب وهو كناية عن عظمته وضرورة شدة الاهتمام به.
2- «قيل : هو همام بن شريح بن يزيد بن مرّة وكان من شيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأوليائه» مرآة المجلسي 203/9. وقيل : هو همام بن عبادة بن خيثم وكان معروفا بالزهد والتقشف.
3- في القاموس : الكيس : خلاف الحمق.
4- الفطنة : الحذق والحذق ممّا يكتسب بالتجربة. وأما الكياسة فهي تكون في الطبع والخلقة.
5- أي من حطام الدنيا وزخرفها.
6- أي لا يشب في وجوه النّاس بالمنازعة والمعارضة مرآة المجلسي 204/9.
7- أي يبغض حب الظهور وفعل ما يؤدي إلى اشتهاره وثناء النّاس عليه.
8- لما يفكر فيه من مصيبة الموت وفتنة القبر وأهوال يوم القيامة.
9- أي سلس الأخلاق كيّسها.
10- أي لا يكذب كثيراً، أو لا يكذب على النّاس.
11- الخُرْق : الحُمق، أو إساءة التصرف.
12- أي لا يجوز ولا يظلم.
13- أي الحجر الصلب القاسي.

أحلى من الشهد، لا جشع ولا هلع ولا عنف ولا صلف ولا متكلّف (1) ولا متعمق (2)، جميل المنازعة، كريم المراجعة عدل إن غضب رفيق إن طلب، لا يتهور ولا يتهتك ولا يتجبر، خالص الود، وثيق العهد، وفي العقد شفيق، وصول، حليم، خمول(3) قليل الفضول راض عن اللّه عزّ وجلّ مخالف لهواه، لا يغلظ على من دونه، ولا يخوض فيما لا،يعنيه، ناصر للدين محام عن المؤمنين كهف للمسلمين، لا يخرق الثناء سمعه ولا ينكي الطمع قلبه، ولا بصرف اللعب حكمة، ولا يطلع الجاهل علمه (4)، قوال، عمال، عالم حازم، لا بفحاش ولا بطياش(5)، وصول في غير عنف، بذول في غير سرف، لا بختال(6) ولا بغدار، ولا يقتفي أثراً (7)، ولا يحيف بشراً، رفيق بالخلق، ساع في الأرض، عون للضعيف، غوث للملهوف، لا يهتك ستراً ولا يكشف سرّاً، كثير البلوى قليل الشكوى، إن رأى خيراً ذكره، وإن عاين شراً ستره، يستر العيب، ويحفظ الغيب، ويقيل العثرة، ويغفر الزلّة، لا يطلع على نصح فيذره، ولا يدع جنح حيف فيصلحه، أمين، رصين تقيّ، نقيّ، زكيّ، رضيّ، يقبل العذر ويجمل الذكر ؛ ويحسن بالناس الظنّ، ويتهم على الغيب نفسه، يحبُّ في اللّه بفقه وعلم، ويقطع في اللّه بحزم وعزم، لا يخرق به فرح ولا يطيش به مرح، مذكر للعالم، معلم للجاهل، لا يتوقع له بائقة(8)، ولا يخاف له غائلة (9)، كلّ سعي أخلص عنده من سعيه (10)، وكلّ نفس أصلح عنده من نفسه عالم بعيبه شاغل بغمه لا يثق بغير ربه، غريب وحيد جريد [حزين]، يحبُّ في اللّه ويجاهد في اللّه ليتبع رضاه ولا ينتقم لنفسه بنفسه، ولا يوالي في سخط ربه مجالس لأهل الفقر، مصادق لأهل الصدق، مؤازر لأهل الحق. عون للقريب، أب لليتيم، بعل للأرملة، حفي بأهل المسكنة مرجو لكلّ كريهة، مأمول لكلّ شدَّة، هشّاش،

ص: 230


1- أي غير متعرض لما لا يعنيه من الأمور.
2- أي لا يبالغ في الأمور الدنيوية. أو لا يتنطع في الكلام ولا يبالغ في تحسينه وتفخيمه لينال استحسان سامعيه.
3- أي مغمور، لا يعرفه النّاس لعدم ميله إلى حب الظهور.
4- أي لا يلقي بعلمه إلى من لا يفهمه أو لا يستحقه أو لا يؤمن بمدلوله كالمخالفين.
5- أي ليس نزقاً خفيفاً في أقواله وأفعاله بل هو متدبر رزين.
6- أي ليس بغدّار ولا خدّاع.
7- أي لا يتتبع عثرات النّاس ويستطلع عيوبهم.
8- الغائلة الداهية، أي لا ينتظر منه شرا وخصومة.
9- القائلة : أيضاً الداهية والشر، جمع غوائل.
10- «أي لحسن ظنه بالناس واتهامه لنفسه، سعي كلّ أحد في الطاعات أخلص عنده من سعيه، وقريب منه الفقرة التالية» مرآة المجلسي 216/9.

بشّاش، لا بعبّاس ولا بحسّاس (1)، صلیب (2)، كظّام، بسّام، دقيق النظر، عظيم الحذر، [لا يجهل وإن جهل عليه يحلم] لا يبخل وإن بخل عليه صبر عقل فاستحيى، وقنع فاستغنى حياؤه يعلو شهوته ووده يعلو،حسده وعفوه يعلو حقده، لا ينطق بغير صواب، ولا يلبس إلّا الاقتصاد، مشيه التواضع، خاضع لربه بطاعته، راض عنه في كلّ حالاته، نيته خالصة، أعماله ليس فيها غش ولا خديعة نظره عبرة سكوته فكرة وكلامه حكمة، مناصحاً متباذلاً متواخياً (3)، ناصح في السر والعلانية، لا يهجر أخاه، ولا يغتابه، ولا يمكر به، ولا يأسف(4) على ما فاته، ولا يحزن على ما أصابه، ولا يرجو مالا يجوز له الرجاء، ولا يفشل في الشدة، ولا يبطر في الرخاء، يمزج الحلم بالعلم والعقل بالصبر، تراه بعيداً،كسله دائماً نشاطه قريباً أمله، قليلاً،زلله متوقعاً لأجله خاشعاً قلبه ذاكراً ربه، قانعة نفسه، منفيّاً جهله، سهلاً أمره، حزيناً لذنبه، ميتة شهوته كظوماً غيظه صافياً خلقه، آمناً منه جاره، ضعيفاً كبره، قانعاً بالّذى قدر له متيناً صبره محكماً امره، كثيراً ذكره، يخالط النّاس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ويتجر ليغنم؛ لا ينصت للخبر ليفجر به (5)، ولا يتكلّم ليتجبّر به على من سواه، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته فأراح النّاس من نفسه، إن بغي عليه صبر حتّى يكون اللّه الّذي ينتصر له بعده ممّن تباعد منه بغض ونزاهة، ودنوه ممّن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده تكبراً ولا عظمة ولا دُنوّه خديعة ولا خلابة (6)، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير، فهو إمام لمن بعده من أهل البرّ.

قال : فصاح همّام صيحة، ثمّ وقع مغشياً عليه، فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما واللّه لقد كنت أخافها عليه وقال : هكذا تصنع الموعظة البالغة بأهلها، فقال له قائل : فما بالك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : إنَّ لكل أجلاً لا يعدوه وسبباً لا يجاوزه، فمهلاً لا تَعْد (7)، فإنّما نفت (8) على لسانك شيطان.

ص: 231


1- أي لا يتجسس على الآخرين ليطلع على عيوبهم وعوراتهم ويتتبع عثراتهم.
2- أي شديد صلب في أمر الدين.
3- هذه الثلاث منصوبة على الحال أو الاختصاص.
4- الأسف الحزن الشديد.
5- أي لا يستمع إلى قول من أحد لينقله فإن كان خيراً حرفه وإن كان شراً نم به ليوقع به العداوة والبغضاء. وفي بعض النسخ (ليفخر به أي يكون القول خيراً فينقله وينسبه إلى نفسه متباهياً. وفي بعض النسخ أيضاً (لا ينصب للخير الخ) أي لا يقبل منصب القضاء أو الولاية ليتوسل به إلى الظلم والعدوان والفجور.
6- أي خديعة ومراوغة.
7- أي لا تَعُدْ إلى قول ما قلت.
8- النفث شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل كما ذكره الجوهري.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن عبد اللّه بن غالب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال: وقور عند الهزاهز (1)، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه اللّه، لا يظلم الأعداء ولا يتحامل للأصدقاء، بدنه منه في تعب والنّاس منه في راحة، إنَّ العلم (2) خليل المؤمن، والحلم وزيره والصبر أمير جنوده، والرفق أخوه واللين والده..

3 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المؤمن يصمت ليسلم، وينطق ليغنم، لا يحدث أمانته الأصدقاء، ولا يكتم شهادته من البعداء، ولا يعمل شيئاً من الخير رياء ولا يتركه حياءً، إن زكي خاف ممّا يقولون ويستغفر اللّه لما لا يعلمون لا يغره قول من جهله، ويخاف إحصاء ما عمله.

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض من رواه، رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: المؤمن له قوَّة في دين وحزم في لين وإيمان في يقين، وحرص في فقه، ونشاط في هدى، وبر في استقامة، وعلم في حلم، وكيس في رفق، وسخاء في حق، وقصد(3) في غنى، وتجمّل في فاقة (4)، وعفو في قدرة وطاعة اللّه في نصيحة، وانتهاء في شهوة وورع في رغبة، وحرص في جهاد، وصلاة في شغل، وصبر في شدّة ؛ وفي الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، ولا يغتاب ولا يتكبر، ولا يقطع الرحم، وليس بواهن، ولا فظ ولا غليظ، ولا يسبقه بصره، ولا يفضحه بطنه، ولا يغلبه فرجه، ولا يحسد النّاس، يعير ولا يعير، ولا يسرف ينصر المظلوم ويرحم المسكين نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، لا يرغب في عزّ الدُّنيا ولا يجزع من ذلّها للناس هم قد أقبلوا عليه وله هم قد شغله(5)، لا يُرى في حكمه نقص ولا في رأيه وهن ولا في دينه ضياع (6)، يرشد من استشاره، ويساعد من ساعده ويكيع عن الخنا والجهل (7).

ص: 232


1- أي حليم رزين عند حدوث الفتن الّتي تهز النّاس.
2- هذا كلام مستأنف بعد أن أورد (عَلَيهِ السَّلَامُ) الخصال الثمان.
3- القصد في الأمور أوسطها فهو في إنفاقه وسط لا إفراط عنده ولا تفريط، ولا إسراف ولا تقتير.
4- أي يبدو في ملبسه وتصرفاته في زينة وتأنق مع كونه فقيراً، وذلك ليحسبه الجاهل له من الاغنياء تعففاً.
5- هم النّاس هو الدنيا وهمه هو الآخرة والعمل لها.
6- أي تدينه راسخ قوي لا تزعزعه الشكوك والأضاليل.
7- أي يفر ويبتعد عن السفاهة والجهل والفحش في القول والفعل.

5 - عنه، عن بعض أصحابنا، رفعه عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مرَّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمجلس من قريش، فإذا هو بقوم بيض ثيابهم، صافية ألوانهم كثير ضحكهم، يشيرون بأصابعهم إلى من يمرُّ بهم (1)، ثمّ مرَّ بمجلس للأوس والخزرج فإذا قوم بليت منهم الأبدان(2)، ودقت منهم الرقاب واصفرَّت منهم الألوان، وقد تواضعوا بالكلام فتعجب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) من ذلك ودخل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : بأبي أنت وأمي إني مررت بمجلس لآل فلان ثمّ وصفهم، ومررت بمجلس للأوس والخزرج فوصفهم، ثمّ قال : وجميع مؤمنون، فأخبرني يا رسول اللّه بصفة المؤمن؟ فنكس رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، ثمّ رفع رأسه فقال : عشرون خصلة في المؤمن، فإن لم تكن فيه لم يكمل إيمانه، إن من أخلاق المؤمنين يا علي : الحاضرون الصلاة، والمسارعون إلى الزكاة والمطعمون المسكين، الماسحون رأس اليتيم المطهّرون أطمارهم (3) المتزرون على أوساطهم (4). الّذين إن حدَّثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا وإذا تكلّموا صدقوا رهبان بالليل (5)، أسد بالنهار (6)، صائمون النّهار، قائمون الليل، لا يؤذون جاراً ولا يتأذى بهم جار، الّذين مشيهم على الأرض هَوْنُ (7)، و خطاهم إلى بيوت الأرامل وعلى أثر الجنائز، جعلنا اللّه وإياكم من المتقين.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن أبي العبّاس قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن الحسن بن [ز] علان عن أبي إسحاق الخراساني، عن عمرو بن جميع العبدي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 233


1- الظاهر أنهم كانوا من أهل الدنيا ممّن لم يدخل الإيمان في قلوبهم ولذا فهم يشيرون بأصابعهم إلى من يمر بهم سخرية واستهزاء أو اغتياباً له وذكراً لعيوبه.
2- أي هزلت من كثرة العبادة والاهتمام بآخرتهم وخوفهم من أهوالها.
3- أي ثيابهم البالية جمع طمر، وتطهيرهم لها إما بغسلها ممّا قد يصيبها من نجاسة، أو بتقصيرها لئلا تنجر على الأرض فتصيب النجاسة.
4- قيل: هو كناية عن الاهتمام في العبادة مرآة المجلسي 235/9.
5- أي شأنهم في الليل شأن الرهبان في قيامه بالعبادة والتهجد.
6- هو تشبيه لهم بالأسود في قوتهم على جهاد الأعداء وعدم الخوف من لقائهم.
7- أي هينا كناية عن تواضعهم في مشيهم وسكينتهم وقد ورد في صفات المؤمنين (وعباد الرحمن الّذين يمشون على الأرض هونا) الفرقان / 63.

قال : شيعتنا هم الشاحبون (1)، الذَّابلون (2)، الناحلون (3)، الّذين إذا جنّهم اللّيل(4) استقبلوه بحزن.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : شيعتنا أهل الهدى وأهل التقى، وأهل الخير، وأهل الإيمان وأهل الفتح والظفر (5).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بزرج، عن مفضّل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إياك والسفلة(6)، فإنّما شيعة علي من عف بطنه وفرجه، واشتدَّ جهاده (7)، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر.

10 - عدَّة من من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن شيعة علي كانوا خمص البطون (8)، دبل الشفاه، أهل رأفة وعلم وحلم يُعرفون بالرهبانية، فأعينوا على ما أنتم عليه (9) بالورع والاجتهاد.

11 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن صفوان الجمال، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما المؤمن، الّذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، وإذا قدر لم يأخذ أكثر ممّا له.

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا سليمان أتدري من المسلم؟ قال : جعلت فداك أنت أعلم، قال : المسلم (10) من سلم المسلمون من لسانه

ص: 234


1- أي متغيروا الألوان والأجسام من كثرة العبادة والسهر للتهجد وكثرة همهم لأمر الآخرة.
2- أي ذهبت نضارة جلودهم من كثرة العبادة وخاصة الصيام، واهتمامهم بأمر آخرتهم.
3- أي المهزولوا الأجسام.
4- أي عطاهم وسترهم بظلمته.
5- «إما الفتح والظفر على المخالفين بالحجج والبراهين أو على الأعادي الظاهرة إن أمروا بالجهاد فإنهم أهل اليقين والشجاعة، أو على الأعادي الباطنة بغلبة جنود العقل على عساكر الجهل...» مرآة المجلسي 238/9.
6- أي أسافل النّاس وأساقطهم وغوغاؤهم.
7- أي اجتهاده في العبادة والطاعة.
8- أي فارغوها، كناية عن قلة الأكل أو كثرة الصوم.
9- أي من الولاية لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
10- أي من يستحق اتصافه بالإسلام. وكذا المؤمن.

ويده، ثمّ قال: وتدري من المؤمن؟ قال: قلت أنت أعلم ؛ قال: [إنّ] المؤمن من ائتمنه المسلمون على أموالهم وأنفسهم والمسلم حرام على المسلم أن يظلمه أو يخذله أو يدفعه دفعة تُعنّته (1).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّما المؤمن الّذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق، والّذي إذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدّي إلى ما ليس له بحق.

14 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن أبي البختري (2) - رفعه قال : سمعته يقول : المؤمنون هينون لينون كالجمل الإنفا (3) إذا قيد انقاد، وإن أنيخ على صخرة استناخ.

15 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ثلاثة من علامات المؤمن : العلم باللّه (4)، ومن يحبُّ ومن يكره (5).

16 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «المؤمن كَمَثَلِ شجرة لا يتحاتّ (6). ورقها في شتاء ولا صيف» قالوا يا رسول اللّه وما هي ؟ قال : النخلة.

17 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن أورمة، عن [أبي] إبراهيم الأعجمي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المؤمن حليم لا يجهل، وإن جهل عليه يَحْلُم، ولا يظلم وإن ظُلِمَ غفر، ولا يبخل وإن بخل عليه صبر.

18 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن منذر بن جيفر (7)، عن آدم أبي الحسين اللؤلؤي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المؤمن من طاب

ص: 235


1- أي يوجهه وجهة تؤدي به إلى الوقوع في المشقة والهلاك أو الإثم والفساد.
2- واسمه وهب بن وهب القرشي.
3- هو الّذي عقر الخشاش أنفه، فهو لا يمتنع على قائده للوجع الّذي به - كما ذكر في النهاية -.
4- أي بالربوبية وصفاته الكمالية فيؤمن مرآة المجلسي 244/9.
5- أي والعلم بمن يحبه اللّه فيحبه ومن يكرهه اللّه ويبغضه فيكرهه.
6- أي لا يتساقط. ووجه التشبيه أن المؤمن كثير المنافع كالنخلة يستفاد بكل شيء منها في جميع الأوقات. وفي بعض النسخ (ولا ينجل) أي لا يخاصم.
7- هو جيفر بن حكيم العبدي، كما قيل.

مكسبه (1)، وحسنت خليقته وصحت سريرته، وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من کلامه وكفى النّاس شرّه، وأنصف النّاس من نفسه.

19 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن عليّ. عن أبي كهمس، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ألا أنبئكم بالمؤمن؟ من ائتمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم، ألا أنبئكم بالمسلم؟ من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر السيّئات وترك ما حرم اللّه والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة» (2).

20 - محمّد بن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن مفضّل بن عمر، عن أبي أيّوب العطار، عن جابر قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما شيعة علي الحلماء العلماء الذبل الشفاه، تعرف الرهبانية على وجوههم.

21 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : صلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف وعظهم فبكى وأبكاهم من خوف اللّه، ثمّ قال: أما واللّه لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وإنّهم ليصبحون ويمسون شُعثاً غُبراً خُمصاً، بين أعينهم كَرُكَب المعزى (3)، يبيتون لربهم سجّداً وقياماً يراوحون بين أقدامهم وجباههم (4)، يناجون ربّهم ويسألونه فكاك رقابهم من النار، واللّه لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون مشفقون.

22 - عنه، عن السندي بن محمّد، عن محمّد بن الصلت عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال صلّى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الفجر ثمّ لم يزل في موضعه حتّى صارت الشمس على قيد رمح، وأقبل على النّاس بوجهه فقال : واللّه لقد أدركت أقواماً يبيتون لربهم سجداً وقياماً يخالفون بين جباههم وركبهم (5)، كأنَّ زفير (6) النّار في آذانهم، إذا ذكر اللّه عندهم

ص: 236


1- أي كان مكسبه من وجوه الحلال.
2- أي يوجهه وجهة بكون فيها هلاكه أو فساده وضلاله، أو يوقعه في المشقة والعنت.
3- الركب جمع الركبة، وهو كناية عن كثرة السجود وطوله.
4- أي يعتمدون في قيامهم على أقدامهم وفي سجودهم على جباههم أثناء الصلاة مع إطالتهم في القيام ليزيحوا جباههم وإطالتهم في السجود ليريحوا أقدامهم.
5- هذا قريب من معنى المراوحة.
6- صوبت اضطرام النار.

مادوا (1) كما يميد الشجر، كأنما القوم باتوا غافلين (2)، قال : ثمّ قام فما رئي ضاحكاً حتّى قبض صلوات اللّه عليه.

23 - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن المفضّل ابن عمر قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا أردت أن تعرف أصحابي فانظر إلى من اشتد ورعه وخاف خالقه ورجا،ثوابه، وإذا رأيت هؤلاء فهؤلاء أصحابي.

24 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن الحسن بن شمون عن عبد اللّه بن عمرو بن الأشعث، عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا المتزاورون في إحياء أمرنا الّذين إن غضبوا لم يظلموا، وإن رضوا لم يسرفوا، بركةً على من جاوروا، سلم لمن خالطوا.

25 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن سنان عن عيسى النهريري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من عرف اللّه وعظمه منع فاه من الكلام (3)، وبطنه من الطعام (4)، وعفى نفسه بالصيام والقيام قالوا بآبائنا وأمهاتنا يا رسول اللّه هؤلاء أولياء اللّه؟ قال : «إِنَّ أولياء اللّه سكتوا فكان سكوتهم ذكراً، ونظروا فكان نظرهم عبرة، ونطقوا فكان نطقهم،حكمة ومشوا فكان مشيهم بين النّاس بركة، لولا الآجال الّتي قد كتبت عليهم لم تقرَّ أرواحهم (5) في أجسادهم خوفاً من العذاب وشوقاً إلى الثواب».

26 - عنه، عن بعض أصحابه من العراقيين رفعه قال : خطب النّاس الحسن بن عليّ صلوات اللّه عليهما فقال : أيّها النّاس أنا أخبركم عن أخ لي كان من أعظم النّاس في عيني وكان رأس ما عظم به في عيني صغر الدُّنيا في عينه، كان خارجاً من سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد ولا يكثر إذا وجد، كان خارجاً من سلطان فرجه، فلا يستخفٌ له عقله ولا رأيه، كان خارجاً

ص: 237


1- أي اضطربوا واقشعرت جلودهم من خوف اللّه.
2- أي كأنما أهل زمانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) باتوا غافلين عن الآخرة وأهوالها لانغماسهم في الدنيا أو أن المراد بالقوم هم من وصفهم، أي كان هؤلاء من شدة خوفهم من اللّه ودهشتهم من أهوال يوم القيامة يتراءى للناظر إليهم أنهم أموات غير أحياء.
3- أي فيما لا يرضي اللّه، وفيما لا طائل منه.
4- أي الحرام، أو هو كناية عن كثرة الصوم طاعة اللّه
5- في بعض النسخ (لم تستقر).

من سلطان الجهالة فلا يمد يده إلّا على ثقة لمنفعة، كان لا يتشهى ولا يتسخط ولا يتبرم(1) كان أكثر دهره صمّاتاً، فإذا قال بذ القائلين (2)، كان لا يدخل في مراء(3)، ولا يشارك في دعوى، ولا يدلي بحجّة حتّى يرى قاضياً (4) وكان لا يغفل عن إخوانه، ولا يخص نفسه بشيء دونهم كان ضعيفاً مستضعفاً فإذا جاء الجدُّ كان ليثاً عادياً (5)، كان لا يلوم أحداً فيما يقع العذر (6) في مثله حتّى يرى اعتذاراً، كان يفعل ما يقول ويفعل ما لا يقول، كان إذا ابتزه أمران (7) لا يدري أيهما أفضل نظر إلى أقربهما إلى الهوى فخالفه، كان لا يشكو وجعاً إلّا عند من يرجو عنده البرء، ولا يستشير إلّا من يرجو عنده النصيحة، كان لا يتبرم ولا يتسخط ولا يتشكى ولا يتشهى ولا ينتقم ولا يغفل عن العدو، فعليكم بمثل هذه الأخلاق الكريمة، إن أطقتموها، فإن لم تطيقوها كلّها فأخذ القليل خيرٌ من ترك الكثير. ولا حول ولا قوة إلّا باللّه.

27 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن مهزم ؛ وبعض أصحابنا، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن إسحاق الكاهلي ؛ وأبو علي الأشعري، عن الحسن بن عليّ الكوفي عن العباس بن عامر، عن ربيع بن محمّد، جميعاً، عن مهزم الأسدي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا مهزم شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه (8)، ولا شحناؤه بدنه (9) ولا يمتدح بنا معلناً ولا يجالس لنا عائباً ولا يخاصم لنا قالياً (10)، إن لقي مؤمناً أكرمه وإن لقي جاهلاً هجره ؛ قلت : جعلت فداك فكيف أصنع بهؤلاء المتشيّعة، قال : فيهم التمييز وفيهم التبديل وفيهم التمحيص (11)، تأني عليهم سنون تفنيهم وطاعون يقتلهم واختلاف يبدّدهم شيعتنا من لا يهر

ص: 238


1- أي لا يتضجّر من سوء حاله بإدبار الدنيا عنه لأن همه الأكبر هو الآخرة، أو لا يتضجّر من السعي في قضاء حوائج الناس.
2- أي سبقهم وغلبهم في منطقه، لأنه ينطق بالحكمة والحق.
3- أي مجادلة لا طائل من ورائها، إلّا لفت الأنظار إليه.
4- «المعنى أنّه ليس من عادته إذا ظلمه أحد أن يبثّ الشكوى عند النّاس كما هو دأب أكثر الخلق بل يصبر إلى أن يجد حاكماً يحكم بينه وبين خصمه وذلك في الحقيقة يؤول إلى الكف عن فضول الكلام» مرآة المجلسي 262/9.
5- أي أسداً مفترساً كناية عن شجاعته وإقدامه في مواقف الجد والنزال.
6- أي فيما من شأنه أن يكون فيه عذر.
7- أي تنازعه أمران.
8- كناية عن أخذه بآداب الإسلام في الخطاب كما أشارت إليه الآية الكريمة (واغضض من صوتك...) الآية 19 من سورة لقمان.
9- «أي لا تتجاوز عداوته بدنه... أي يعادي نفسه ولا يعادي غيره، وإن عادى غيره في اللّه لا يظهره تقية» مرآة المجلسي 267/9.
10- أي مبغضاً.
11- التمييز : إظهار الفرق بين الصادق الإيمان الراسخ فيه والمتزلزل. والتبديل: هو تغيير حالهم من الأحسن إلى الأسوأ أو استبدالهم بقوم آخرين يكونون أحسن حالا منهم. والتمحيص : الامتحان والابتلاء والاختبار ليميز الخبيث من الطيب.

هرير الكلب ولا يطمع طمع الغرب، ولا يسأل عدونا وإن مات جوعاً. قلت: جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء؟ قال : في أطراف الأرض ؛ أولئك الخفيض عيشهم، المنتقلة ديارهم، إن شهدوا لم يُعرفوا وإن غابوا لم يفتقدوا ؛ ومن الموت لا يجزعون، وفي القبور يتزاورون وإن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموه، لن تختلف قلوبهم وإن اختلف بهم الدار، ثمّ قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أنا المدينة وعلي الباب، وكذب من زعم أنّه يدخل المدينة لا من قبل الباب، وكذب من زعم أنّه يحبني ويبغض عليّاً صلوات اللّه عليه».

28 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من عامل النّاس فلم يظلمهم، وحدَّثهم فلم يَكْذِبْهُم، وَوَعَدَهُم فلم يُخلفهم، كان ممّن حرمت غيبته، وكملت مروءته، وظهر عدله ووجبت أخوته.

29 - عنه، عن ابن فضّال، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن عبد اللّه بن الحسن عن أمّه فاطمة بنت الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ثلاث خصال من كن فيه استكمل خصال الإيمان : إذا رضي لم يُدخله رضاه في باطل، وإذا غضب لم يُخرجه الغضب من الحقِّ، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له»(1).

30 - عنه، عن أبيه عن عبد اللّه بن القاسم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ لأهل الدين علامات يُعرفون بها : صدق الحديث وأداء الأمانة ووفاء بالعهد وصلة الأرحام ورحمة الضعفاء وقلة المراقبة للنساء (2) - أو (3) قال : قلة المواتاة (4) للنساء - وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الخُلُق واتباع العلم وما يقرب إلى اللّه عزّ وجلّ زلفي، طوبى لهم وحسن مآب - وطوبى شجرة في الجنّة أصلها في دار النبي محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وليس من مؤمن إلّا وفي داره غصن منها - لا يخطر على قلبه شهوة شيء إلّا أتاه به ذلك، ولو أنَّ راكباً مجداً سار في ظلها مائة عام ما خرج منه، ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتّى

ص: 239


1- أي لا تدعوه قدرته إلى اغتصاب حقوق الآخرين أو تجاوز حقوقه.
2- أي مطاوعتهن كَلَفاً بهن أو خوفاً منهن وقيل : النظر في إدبارهن وتتبعهنّ.
3- الترديد من الراوي.
4- المطاوعة والانصياع.

يسقط هرما (1) إلّا نفي هذا فارغبوا، إنَّ المؤمن من نفسه في شغل، والناس منه في راحة، إذا جنَّ عليه الليل افترش وجهه وسجد اللّه عزّ وجلّ بمكارم (2) بدنه يناجي الّذي خلقه في فكاك رقبته، ألا فهكذا كونوا.

31 - عنه، عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن سليمان بن عمرو النخعي قال : وحدّثني الحسين بن سيف، عن أخيه علي، عن سليمان، عمّن ذكره، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سئل النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عن خيار العباد فقال : الّذين إذا أحسنوا استبشروا(3)، وإذا أساؤوا استغفروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا غضبوا غفروا.

32 - وبإسناده، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إنَّ خياركم أول-و النهى (4)»، قيل : يا رسول اللّه ومن أولو النهى؟ قال : «هم أولو الأخلاق الحسنة، والأحلام الرزينة، وصلة الأرحام والبررة بالأمهات والآباء والمتعاهدين للفقراء والجيران واليتامى، ويطعمون الطعام ويفشون السلام في العالم، ويصلّون والناس نيام غافلون».

33 - عنه عن الهيثم النهدي عن عبد العزيز بن عمر، عن بعض أصحابه، عن يحيى بن عمران الحلبي قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيُّ الخصال بالمرء أجمل؟ فقال : وقار بلا مهابة، وسماح (5) بلا طلب مكافأة، وتشاغل بغير متاع الدنيا.

34 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحنّاط عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه وقلة مرائه، وحلمه وصبره وحسن خُلقه.

35 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن عرفة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ألا أخبركم بأشبهكم بي ؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). قال : أحسنكم خلقاً وألينكم كنفا(6)، وأبركم بقرابته، وأشدُّكم حباً لإخوانه في دينه، وأصبركم على الحق، وأكظمكم للغيظ، وأحسنكم عفواً، وأشدُّكم من نفسه إنصافاً في الرّضا والغضب.

ص: 240


1- «إنما خص الغراب بالذكر لأنه أطول الطيور عمراً» مرآة المجلسي 277/9.
2- أي أعضاء البدن المكرّمة كالجبهة واليدين والركبتين الخ.
3- أي فرحوا بما ينتظرهم من ثواب الآجل على إحسانهم.
4- أي أصحاب العقول، وإنما سميت العقول بالنهى لأنها تنهى عن الفحشاء والقبائح.
5- أي جود وكرم.
6- الكتف : الجانب والظل، وهو كناية عن التواضع وحسن الخُلُق، بحيث لا يؤذي جاره في المجلس أو المسكن.

36 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أخلاق المؤمن الإنفاق على قدر الإقتار (1) والتوسع على قدر التوسع، وإنصاف النّاس وابتداؤه إياهم بالسلام عليهم.

37 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن فضّال، عن ابن بكير عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المؤمن أصلب من الجبل، الجبل يُستقل منه (2) والمؤمن لا يستقل من دينه شيء.

38 - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن إسحاق ابن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المؤمن حسن المعونة، خفيف المؤونة، جيد التدبير لمعيشته، لا يلسع من جُحر مرَّتين (3).

39 - عليّ بن محمّد بن بندار عن إبراهيم بن إسحاق، عن سهل بن الحارث، عن الدلهات مولى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا يكون المؤمن مؤمناً حتّى يكون فيه ثلاث خصال: سنّة من ربِّه وسنّة من نبيّه وسنّة من وليّه، فأما السنّة من ربه فكتمان سرّه، قال اللّه عزّ وجلّ: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) (4). وأما السنّة من نبيه فمداراة النّاس فإنَّ اللّه عزّ وجلّ أمر نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بمداراة النّاس فقال: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) (5). وأما السنة من وليه فالصبر في البأساء والضراء(6).

باب في قلة عدد المؤمنين

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن قتيبة

ص: 241


1- أي الإنفاق باقتصاد فيما لو قبر عليه رزقه أو يوازن بين رزقه وإنفاقه فإن قدر عليه قتر وإن وُسع عليه فيه وسع، ويؤيده ما بعده.
2- «من القلة أي ينقص ويؤخذ منه بعضاً بالفأس والمعول ونحوهما والمؤمن لا ينقص من دينه شيء بالشكوك والشبهات» مرآة المجلسي 281/9.
3- اللسع : اللدغ والجحر هنا مكان الأفعى، وهذا كتابة عن أن المؤمن بحكمته وفراسته يتعظ ويعتبر، فإذا ابتلي من جهة تحرز عنها فلا يؤتى منها مرة ثانية.
4- الجن/ 26 – 27.
5- الأعراف/ 199. والعفو من أخلاق النّاس هو ما لا يجهدهم، والعرف المعروف.
6- البأساء تكون في الأموال والضراء تكون في الأنفس.

الأعشى قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : المؤمنة أعزُّ من المؤمن (1) اوالمؤمن أعز من الكبريت الأحمر (2)، فمن رأى منكم الكبريت الأحمر؟.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنى الحناط، عن کامل التمار قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : النّاس كلهم بهائم (3) - ثلاثاً (4) إلّا قليل من المؤمنين والمؤمن غريب - ثلاث مرات -.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول لأبي بصير : أما واللّه لو أني أجد منكم ثلاثة مؤمنين(5) يكتمون حديثي ما استحللت أن أكتمهم حديثاً.

4 - محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد بن بندار عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه ابن حماد الأنصاري، عن سدير الصيرفي قال : دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : واللّه ما يَسَعُكَ القعود (6) فقال : وَلمَ يا سدير؟ قلت لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك، واللّه لو كان لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما لَكَ من الشيعة والأنصار والموالي ما طمع فيه تيم ولا عدي، فقال: يا سدير وكم عسى أن يكونوا؟ قلت : مائة ألف. قال : مائة ألف؟ قلت : نعم، ومائتي ألف. قال : مائتي ألف؟ قلت: نعم ونصف الدُّنيا قال: فسكت عني ثمّ قال : يخف (7) عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع (8)؟ قلت: نعم فأمر بحمار وبغل أن يُسرجا، فبادرت فركبت الحمار، فقال : يا سدير أترى أن تؤثرني بالحمار؟ قلت : البغل أزين وأنبل (9) قال : الحمار أرفق بي، بي، فنزلت فركب الحمار وركبت البغل فمضينا فحانت الصلاة، فقال: يا سدير انزل بنا نصلي، ثمّ قال : هذه

ص: 242


1- أي إنّها أندر وأقل وجوداً.
2- «الكبريت الأحمر، هو الجوهر الّذي يطلبه أصحاب الكيمياء وهو الإكسير» مرآة المجلسي 285/9.
3- «أي شبيهة بها في عدم العقل وإدراك الحمق وغلبة الشهوات النفسانية على القوى العقلانية كما قال تعالى : (ان هم كالأنعام بل هم أضل سيلا) الفرقان / 44». ن. م 285 - 286.
4- أي كررها ثلاث مرات.
5- «يمكن أن يقال في سبب تعيين الثلاثة أن الواحد لا يمكنه ضبط السر وكذا الإثنان وأما إذا كانوا ثلاثة فيأنس بعضهم بعض ويذكرون ذلك فيما بينهم فلا يضيق صدرهم ويخف عليهم الاستتار عن غيرهم كما هو المجرب»، مرآة المجلسي 286/9.
6- أي عن الجهاد.
7- أي يسهل.
8- مكان فيه أشجار ومياه كان من أوقاف علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) على طريق المدينة.
9- أزين يعني ركوبه احسن في نظر النّاس وأنبل : أي هو أكثر نجابة وفضلاً من الحمار.

أرض سبخة (1) لا تجوز الصلاة فيها (2)، فسرنا حتّى صرنا إلى أرض حمراء ونظر إلى غلام يرعى جداء (3) فقال : واللّه يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود، ونزلنا وصلّينا فلما فرغنا من الصلاة عطفت (4) على الجداء فعددتها فإذا هي سبعة عشر.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان عن سماعة بن مهران قال : قال لي عبد صالح صلوات اللّه عليه : يا سماعة أمنوا على فرشهم وأخافوني (5)، أما واللّه لقد كانت الدُّنيا وما فيها إلّا واحد يعبد اللّه ولو كان معه غيره لأضافه اللّه عزّ وجلّ إليه حيث يقول : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (6)، فغير (7) بذلك ما شاء اللّه، ثمّ إِنَّ اللّه آنسه بإسماعيل وإسحاق فصاروا ثلاثة، أما واللّه إنَّ المؤمن (8) لقليل وإنَّ أهل الكفر لكثير، أندري لم ذاك؟ فقلت : لا أدري جعلت فداك فقال : صُيّروا أنساً للمؤمنين، يبتون إليهم ما في صدورهم فيستريحون إلى ذلك ويسكنون إليه.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن أورمة، عن النضر، عن يحيى بن أبي خالد القماط عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك ما أقلنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها ؟ فقال : ألا أحدثك بأعجب من ذلك، المهاجرون والأنصار ذهبوا إلّا - وأشار بيده - ثلاثة (9) قال حمران : فقلت : جعلت فداك ما حال عمّار؟ قال : رحم اللّه عمّاراً أبا اليقظان بايع وقتل شهيداً، فقلت في نفسي ما شيء أفضل من الشهادة فنظر إليَّ فقال : لعلّك ترى أنّه مثل الثلاثة أيهات أيهات (10).

7 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه عن

ص: 243


1- أي ذات نز وملح جمع سبخات.
2- هذا عندنا محمول على الكراهة.
3- هي أولاد المعزى جمع جدي.
4- أي مِلْتُ.
5- أي أن مدّعي التشيع لنا أهل البيت ناموا على فرشهم آمنين مطمئنين وأرعبوني بإفشاء سري والإذاعة علي في أمر الإمامة.
6- النحل / 120.
7- أي مكث ومضى.
8- أي صاحب الإيمان الكامل، وعليه فالمراد بأهل الكفر بمقتضى التقابل أهل الإيمان الظاهري الناقص.
9- أراد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أبا ذر والمقداد وسلمان من خواص علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
10- أي هيهات بمعنى بعد فهي كلمة تبعيد واستبعاد.

عليّ بن جعفر قال: سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ليس كلّ من قال بولايتنا مؤمناً ولكن جعلوا أنساً للمؤمنين(1).

باب الرضا بموهبة الإيمان والصبر على كلّ شيء بعده

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن فضيل بن يسار، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عبد الواحد ما يضرُّ رجلاً - إذا كان على ذا الرَّأي - (2) ما قال النّاس (3) له ولو قالوا : مجنون ؛ وما يضره ولو كان على رأس جبل يعبد اللّه حتّى يجيئه الموت.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «قال اللّه تبارك وتعالى : (لو لم يكن في الأرض إلّا مؤمن واحد لاستغنيت به عن جميع خلقي (4) ولجعلت له من إيمانه أنساً لا يحتاج إلى أحد).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الحسين بن موسى، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال : ما يبالي من عرفه اللّه هذا الأمر أن يكون على قلّة جبل (5) يأكل من نبات الأرض حتّى يأتيه الموت.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن كليب بن معاوية، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : ما ينبغي للمؤمن أن يستوحش إلى أخيه (6) فمن دونه، المؤمن عزيز في دينه

ص: 244


1- أي يشعرون بأنهم كثر فلا يستوحشون لقلتهم.
2- أي القول بالإمامة والاعتقاد بها.
3- أي المخالفون.
4- «أي لاقمت نظام العالم وأنزلت الماء من السماء ولدفعت العذاب وأنواع البلاء بسبب هذا المؤمن لأن هذا يكفي المصلحة بقاء للنظام»، مرآة المجلسي 292/9.
5- أي قمة جبل وأعلاه.
6- «أي يجد الوحشة، ولعله ضَمّن معنى الميل والسكون فعدّى بإلى أي استوحش من النّاس مائلاً أو ساكناً إلى أخيه» مرآة المجلسي 293/9.

5 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبان وسيف بن عميرة، عن فضيل بن يسار قال: دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مرضة مرضها لم يبق منه إلّا رأسه (1) فقال : يا فضيل إنني كثيراً ما أقول : ما على رجل (2) عرفه اللّه هذا الأمر (3) لو كان في رأس جبل حتّى يأتيه الموت يا فضيل بن يسار إنَّ النّاس أخذوا يميناً وشمالاً (4) وإنا وشيعتنا هدينا الصراط المستقيم يا فضيل بن يسار إن المؤمن لو أصبح له ما بين المشرق والمغرب كان ذلك خيراً له(5) ولو أصبح مقطعاً أعضاؤه كان ذلك خيراً له(6)، يا فضيل بن يسار إن اللّه لا يفعل بالمؤمن إلّا ما هو خير له. يا فضيل بن يسار لو عدلت الدُّنيا عند اللّه عزّ وجلّ جناح بعوضة ما سقى عدوه منها شربة ماء يا فضيل بن يسار إنّه من كان همه همّاً واحداً (7) كفاه اللّه همّه ومن كان همه في كلّ واد (8) لم يبال اللّه بأي واد هلك

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن منصور الصيقل والمعلى بن خنيس قالا : سمعنا أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : قال اللّه عزّ وجلّ: (ما ترددت (9) في شيء أنا فاعله كترددي في موت عبدي المؤمن، إنني لأحب لقاء، ويكره الموت فأصرفه عنه، وإنه ليدعوني فأجيبه وإنه ليسألني فأعطيه، ولو لم يكن في الدُّنيا إلّا واحد من عبيدي مؤمن لاستغنيت به عن جميع خلقي ولجعلت له من إيمانه أنساً لا يستوحش إلى أحد).

ص: 245


1- أي هزلت جميع أعضاء بدنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) باستثناء رأسه لأن الرأس لقلة اللحم عليه لا يصيبه الهزال.
2- أي لا بأس على رجل ولا ضرر.
3- أي أمر الإمامة.
4- أي انحرفوا عن الحق.
5- لأنه بحكم إيمانه سوف يستعمل هذا الملك فيما يرضي اللّه ويشكره عليه فيكون مقرباً له إليه سبحانه.
6- لأنه بحكم إيمانه سوف يصبر على البلاء توخياً لأجر الصابرين فيكون مقرباً له إليه سبحانه أيضاً.
7- وهو طلب مرضاة اللّه والعمل للآخرة والتكسب في الدنيا بمقدار ما يقيم أوده.
8- أي في كلّ ما يحتمل أنّه باب من أبواب الدنيا غير عابي يكون كثير منها تقوده إلى الانحراف والضلال وتبعده عن اللّه سبحانه وتنسيه الآخرة لأن الدنيا أكبر همه.
9- لما كان التردد في الأمور من شؤون الممكن وهو مستحيل في حقه سبحانه أوّل هنا بوجوه منها : «أن في الكلام إضماراً. والتقدير: لو جاز علي التردد ما ترددت في شيء كترددي في وفاة المؤمن». ومنها: «ما تردد عبدي المؤمن في شيء أنا فاعله كتردده في قبض روحه فإنه متردد بين إرادته البقاء وإرادتي للموت فأنا ألطفه وأبشره حتّى أصرفه عن كراهة الموت فأضاف سبحانه تردد نفس وليه إلى ذاته المقدسة كرامة وتعظيما له...» مرآة المجلسي 298 - 297/9.

باب في سكون المؤمن إلى المؤمن

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس؛ عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ المؤمن ليسكن إلى المؤمن، كما يسكن الظمآن إلى الماء البارد (1).

باب فيما يدفع اللّه بالمؤمن

1 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسن الّتيمي، عن محمّد بن عبد اللّه بن زرارة، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه ليدفع بالمؤمن الواحد عن القرية (2) الفناء.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان،

عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يصيب قرية عذابٌ وفيها سبعة من المؤمنين (3).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قيل له في العذاب إذا نزل بقوم يصيب المؤمنين (4)؟ قال: نعم ولكن يخلصون(5) بعده (6).

باب في أن المؤمن صنفان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن نصير أبي الحكم

ص: 246


1- «هذا تشبيه كامل للمعقول بالمحسوس، فإن للظمآن اضطراباً في فراق الماء ويشتد في طلبه له فإذا وجده استقر وسكن ويصير سبباً لحياته البدنية فكذلك المؤمن يشتد شوقه إلى المؤمن وتعطشه في لقائه فإذا وجده سكن ومال إليه ويحيى به حياة طيبة روحانية...» مرآة المجلسي 300/9.
2- أي عن أهلها إما ببركة وجوده أو بدعائه.
3- لا تنافي بين منطوق هذه الرواية هنا ومنطوق السابقة عليها إذ أن المؤمنين يختلفون باختلاف مرتبة الإيمان فقد يوجد عند السبعة بمجموعهم ما يوجد عند الواحد بمفرده من صدق الإيمان وكماله كما أن المعاصي الّتي توجب العذاب والعقاب مختلفة بحسب المراتب شدة وضعفا.
4- لأن البلاء - كما ورد - إذا نزل عم. ويكن حمل هذا الحديث على نوع خاص من البلاء الّذي من طبيعته العموم والشمول كالقحط والوباء.
5- أي يسلمون وينجون.
6- أي إما بعد الموت في عالمي البرزخ والقيامة، أو بعد البلاء كأن يكتب لهم سبحانه الحياة مع موت الآخرين بسببه.

الخثعمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المؤمن مؤمنان : فمؤمن صدق بعهد اللّه ووفي بشرطه، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ : (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) (1) فذلك الّذي لا تصيبه أهوال الدنيا (2) ولا أهوال الآخرة، وذلك ممّن يشفع ولا يُشفع له ومؤمن كخامة الزرع (3)، تعوج أحياناً وتقوم أحياناً (4)، فذلك ممّن تصيبه أهوال الدُّنيا وأهوال الآخرة وذلك ممّن يُشفع له ولا يشفع.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبد اللّه عن خالد العمّي عن خضر بن عمرو، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : المؤمن مؤمنان : مؤمن وفي اللّه بشروطه الّتي شرطها عليه، فذلك مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وذلك من يشفع ولا يُشفع له وذلك ممّن لا تصيبه أهوال الدُّنيا ولا أهوال الآخرة. ومؤمن زلت به قدم (5) فذلك كخامة الزّرع كيفما كفأته (6) الريح انكفأ، وذلك ممّن تصيبه أهوال الدُّنيا والآخرة ويشفع له وهو على خير.

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم الأنصاري، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قام رجل بالبصرة إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الإخوان، فقال: الإخوان صنفان : إخوان الثقة وإخوان المكاشرة (7)، فأما إخوان الثقة فهم الكفُّ والجناح والأهل والمال، فإذا كنت من أخيك على حدّ الثقة فابذل له مالك وبدنك (8) وصاف من صافاه وعاد من عاداه، واكتم سره وعيبه

ص: 247


1- الأحزاب / 23، وما عاهدوا اللّه عليه هو التصديق برسوله وبما جاء به من عند ربه والدفاع عنه وعن رسالته بمقاتلة أعداء اللّه حتّى النصر أو الاستشهاد.
2- قيل : أهوال الدنيا هي بلاءاتها ومصائبها ولكن هذا غير صحيح لأن المؤمن قد يكون أشد ابتلاءاً بذلك من غيره وقيل : بأن المراد بأهوال الدنيا الطاعون والقحظ وأيضاً هذا مردود بأن هذه الأمور إذا نزلت عمت المؤمن وغيره. فالأنسب ما قيل المراد بأهوال الدنيا الهموم من فوات نعيمها لأن الدنيا ونعيمها لم تخطر بباله فكيف الهموم من فواتها والمراد أعم منها ومن عقوباتها ومكارهها ومصائبها لأنها عنده نعمة مرغوبة لا أهوال مكروهة مرآة المجلسي 305/9.
3- هي السيقان الطرية الغضّة الّتي هي أول ما ينبت من الزرع.
4- هذا وجه الشبه بين هذا الصنف الثاني من المؤمن وبين خامة الزرع، فهو يميل كما تميل وميله تارة نحو شهوات الدنيا وما يستتبعها من الباطل والانحراف وأخرى نحو الحق واستقامته على طريقته متجنباً الأهواء وما تؤدي إليه من الانحراف عن الآخرة وانغماسه في الدنيا.
5- كناية عن إقدامه على المعصية ومقارفته لها.
6- أي إمالته وكبته.
7- الممازحة والمباسطة مأخوذ من الكَشْر: وهو ظهور الأسنان عند الضحك.
8- بذل البدن كناية عن خدمته والسعي في حوائجه.

وأظهر منه الحسن ؛ واعلم أيّها السائل أنّهم أقل من الكبريت الأحمر، وأما إخوان المكاشرة فإنك تصيب لذتك منهم، فلا تقطعن ذلك منهم ولا تطلبنَّ ما وراء ذلك من ضميرهم(1)، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان.

باب ما أخذه اللّه على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن بن عيسى عن عليّ بن النعمان عن داود ابن فرقد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أخذ اللّه ميثاق المؤمن على أن لا تُصدَّق مقالته (2) ولا ينتصف من عدوه (3) وما من مؤمن يشفي نفسه (4) إلّا بفضيحتها (5) لأنَّ كلّ مؤمن ملجم (6).

2 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إن اللّه أخذ ميثاق المؤمن على بلايا أربع أيسرها عليه مؤمن يقول بقوله (7) يحسده، أو منافق يقفو أثره، أو شيطان يغويه، أو كافر يرى جهاده (8)، فما بقاء المؤمن بعد هذا».

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما أفلت المؤمن من واحدة من ثلاث ولربما اجتمعت الثلاث عليه إما بغض من يكون معه في الدار يغلق عليه بابه يؤذيه، أو جار يؤذيه، أو من في طريقه إلى حوائجه يؤذيه ؛ ولو أنَّ مؤمناً على قلة جبل (9) لبعث اللّه عزّ وجلّ إليه شيطانا(10) يؤذيه

ص: 248


1- أي ما يضمرونه في قرارة نفوسهم.
2- أي أخذ اللّه عليه الميثاق أن يصبر على تكذيبه فيما يقول من قبل المبطلين.
3- أي يأخذ حقه منه.
4- أي يشفيها من غيظها من عدوه بالانتقام منه.
5- وذلك لأنه مع عدم القدرة على النيل من عدوه لا يشفي غيظه مع ما يوجبه من ذله وتسليط عدوه عليه.
6- أي بالتقية.
7- أي هو على ما هو عليه من التشيع.
8- أي يعتقد الكافر بوجوب جهاد المؤمن ومقاتلته فيكيد له من كلّ وجه ليلحق به الأذى.
9- أي قمة الجبل وأعلاه.
10- من شياطين الإنس أو الجن. والحكمة في تسليط الشيطان على المؤمن ليؤذيه إما كفارة لذنوبه أو لاختبار صبره على البلاء أو لتزهيده في الدنيا أو لجميع ذلك.

ويجعل اللّه له من إيمانه أنساً لا يستوحش معه إلى أحد.

4 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود ابن سرحان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أربع لا يخلو منهنَّ المؤمن أو واحدة منهنَّ، مؤمن يحسده وهو أشدُّهنَّ عليه(1)، ومنافق يقفو أثره، أو عدو يجاهده، أو شيطان يغويه.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن سنان، عن عمّار بن مروان عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ جعل وليه في الدُّنيا غرضاً لعدوّه (2).

6 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن محمّد بن عجلان قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فشكا إليه رجل الحاجة فقال له : اصبر فإنَّ اللّه سيجعل لك فرجاً، قال: ثمّ سكت ساعة، ثمّ أقبل على الرّجل فقال : أخبرني عن سجن الكوفة كيف هو ؟ فقال : - أصلحك اللّه - ضيق منتنّ وأهله بأسوء حال، قال: فإنما أنت في السجن فتريد أن تكون فيه في سعة، أما علمت أنَّ الدُّنيا سجن المؤمن.

7 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن إبراهيم الحذاء، عن محمّد بن صغير، عن جده شعيب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الدُّنيا سجن المؤمن فاي سجن جاء منه خير.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحجال، عن داود بن أبي يزيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المؤمن مكفّر (3).

وفي رواية أخرى : وذلك أنَّ معروفه يصعد إلى اللّه فلا ينشر في النّاس والكافر مشكور.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من مؤمن إلّا وقد وكل اللّه به أربعة شيطاناً يغويه يريد أن يضله، وكافراً يغتاله (4)، ومؤمناً يحسده، وهو أشدهم عليه، ومنافقاً يتتبع عثراته.

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عمرو بن شمر، عن

ص: 249


1- «إنما كان حسد المؤمن أشدهن لأن صدور الشر من القريب المجانس أشد وأعظم من صدوره من البعيد المخالف لتوقع الخير من الأوّل دون الثاني» مرآة المجلسي 314/9.
2- أي جعله مستهدفاً لعداوة عدو اللّه يكيده ويتحين الفرص لإيقاع الضرر به.
3- أي مجحود النعمة. وقيل : هو مبتلى في الدنيا بأنواع البلاء ليصبر عليها فتكون كفارة لذنوبه.
4- أي يقتله أو يأخذه أو يهلكه على حين غرّة. وفي بعض النسخ (يقاتله).

جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إذا مات المؤمن خُلّي على جيرانه من الشياطين عدد ربيعة ومضر، كانوا مشتغلين به (1).

11 - سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما كان ولا يكون وليس بكائن مؤمن إلّا وله جار يؤذيه ؛ ولو أنَّ مؤمناً في جزيرة من جزائر البحر لا بتعث اللّه له من يؤذيه (2).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم عن أبي أيّوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) :قال ما كان فيما مضى ولا فيما بقي ولا فيما أنتم فيه مؤمن إلّا وله جارٌ (3) يؤذيه.

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : ما كان (4) ولا يكون إلى أن تقوم الساعة مؤمن إلّا وله جار يؤذيه.

باب شدة ابتلاء المؤمن

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ أشدَّ النّاس بلاءاً (5) الأنبياء ثمّ الّذين يلونهم (6)، ثمّ الأمثل فالأمثل (7).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : ذكر عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) البلاء وما يخص اللّه عزّ وجلّ به المؤمن، فقال : سُئِلَ رسولُ اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من أشدُّ النّاس بلاء في الدُّنيا فقال : النبيون ثمّ الأمثل فالأمثل، ويبتلي المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله، فمن صح إيمانه وحسن عمله اشتدَّ بلاؤه ومن سخف إيمانه (8) وضعف عمله (9) قلَّ بلاؤه.

ص: 250


1- فعندما مات انصرف هم الشياطين الّذين كان همهم منصرفا إليه إلى جيرانه لينشغلوا بوسوستهم وإغوائهم.
2- أي من شياطين الجن والإنس.
3- الجار أعم من الجار في السكن أو المصاحب أو الشريك الخ.
4- أي فيما مضى من الدنيا. أو ما وُجد مؤمن.
5- البلاء يكون بالنعمة والخير ليختبر اللّه شكر عبده كما يكون بالمحنة والشر ليختبر صبره.
6- أي يأتون بعدهم رتبة أو من كان أقرب إليهم فيها.
7- أي الأشرف رتبة فالأشرف.
8- السخف: ضعف العقل أو خفة فيه والمراد بسخف الإيمان ضعفه وسطحيته.
9- أي كماً أو كيفاً أو بهما.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان عن زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن عظيم الأجر لمع عظيم البلاء، وما أحب اللّه قوماً إلّا ابتلاهم.

4 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد اللّه عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أشدُّ النّاس بلاء الأنبياء ثمّ الأوصياء ثمّ الأماثل فالأماثل.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ للّه عزّ وجلّ عباداً في الأرض من خالص عباده ما ينزل من السماء تحفة (1) إلى الأرض إلّا صرفها عنهم إلى غيرهم، ولا بلية إلّا صرفها إليهم.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أحمد بن محمّد بن خالد عن أحمد بن عبيد، عن الحسين این علوان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال - وعنده سدير - : إنَّ اللّه إذا أحب عبداً غته بالبلاء غنا (2) وإنا وإياكم (3) يا سدير لنصبح به (4) ونمسي.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان عن الوليد بن علاء عن حماد عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ اللّه تبارك وتعالى إذا أحب عبداً غته بالبلاء غتاً وثجه (5) بالبلاء ثجّاً، فإذا دعاه قال : لبّيك عبدي لئن عجلت لك ما سألت إنّي على ذلك لقادر، ولئن ادَّخرت لك فما ادَّخرت لك فهو خيرٌ لك.

8 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب عن زيد الزراد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ عظيم البلاء يكافأ به عظيم الجزاء، فإذا أحب اللّه عبداً ابتلاه بعظيم البلاء، فمن رضي فله عند اللّه الرضا (6) ومن سخط البلاء فله عند اللّه السخط».

9 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن زكريا بن الحر، عن جابر بن

ص: 251


1- التحفة : الترفة واللطف والهدية جمع تحف وتحائف.
2- أي غمره وغمسه.
3- أي نحن وشيعتنا.
4- أي بالبلاء.
5- الثج : كما في النهاية سيلان دماء الهدي والأضاحي وهو كناية عن كثرة بلاء المؤمن بحيث يفيض عليه ويغمره.
6- يدل الحديث على أن كثير البلاء موجب لكثرة الأجر والثواب وشدة القرب من ساحة رضوانه سبحانه.

يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنما يبتلى المؤمن في الدنيا على قدر دينه - أو قال(1) : - على حسب دینه

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن بعض أصحابه، عن محمّد بن، المثنى الحضرمي، عن محمّد بن بهلول بن مسلم العبدي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنما المؤمن بمنزلة كفّة الميزان كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه (2).

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلّا عرض له أمر يحزنه، يُذكّر به (3).

12 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن صفوان عن معاوية بن عمّار، عن ناجية قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ المغيرة (4) يقول : إن المؤمن لا يبتلى بالجذام ولا بالبرص ولا بكذا ولا بكذا؟ فقال: إن كان لغافلاً عن صاحب ياسين (5) إنه كان مكنعاً (6) - ثمّ ردَّ أصابعه (7) - فقال : كأني أنظر إلى تكنيعه أتاهم فأنذرهم ثمّ عاد إليهم من الغد فقتلوه، قال : إنَّ المؤمن يبتلى بكلِّ بليّة ويموت بكل ميتة إلّا أنّه لا يقتل نفسه.

13 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه، عن إبراهيم بن محمّد الأشعري، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه يقول : إن المؤمن من اللّه عزّ وجلّ لبأفضل مكان - ثلاثاً - إنه ليبتليه بالبلاء ثمّ ينزع نفسه عضواً عضواً من جسده وهو يحمد اللّه على ذلك.

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن

ص: 252


1- الترديد من الراوي.
2- أي كلما «زيد في المؤمن من الإيمان زيد في الكفة الأخرى وهو الكافر الّذي بلاء المؤمن بسببه سواء كان من الإنس أو الجن فيزيد بلاؤه وأذاه للمؤمن بحسب زيادة إيمان المؤمن» مرآة المجلسي 329/9.
3- أي يكون بسبب ذلك الحزن ذاكراً لذنوبه ووجوب توبته منها، وإنما سلط عليه الحزن لطفاً به لأن الحزن من أوجب الأمور إصلاحا للنفس والقلب.
4- هو ابن سعيد، وقد وردت الأخبار بذمه بل لعنه بسبب كذبه على الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- هو حبيب النجار وقد آمن برسل عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذلك في قوله تعالى «وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين..» الآيات 20 - 27 من سورة يس.
6- أي أشل أو مشنّج الأصابع، أو مقطوعها. وفي بعض النسخ بالتاء (مكتعا).
7- هذا من كلام الراوي، أي أن الإمام جسم بيده المباركة كيفية التكنيع في الأصابع.

فضيل بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ في الجنّة منزلة لا يبلغها عبد إلّا بالابتلاء في جسده (1).

15 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمّد الأشعري، عن أبي يحيى الحناط عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال : شكوت إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما ألقى من الأوجاع - وكان مسقاماً (2) فقال لي : يا عبد اللّه لو يعلم المؤمن ما له من الأجر في المصائب لتمنّى أنّه قُرّض (3) بالمقاريض.

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن يونس بن رباط قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ أهل الحقِّ لم يزالوا منذ كانوا(4) في شدَّة، أما إنَّ ذلك إلى مدة قليلة وعافية طويلة.

17 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن الحسين بن المختار عن أبي أسامة، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ ليتعاهد المؤمن (5) بالبلاء كما يتعاهد الرّجل أهله بالهدية من الغيبة (6)، ويحميه الدُّنيا (7) كما يحمي الطبيب المريض (8).

18 - علي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة عن محمّد بن يحيى الخثعمي، عن محمّد بن بهلول العبدي قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لم يؤمن اللّه المؤمن من هزاهز (9)الدنيا ولكنه آمنه من العمى (10) فيها والشقاء في الآخرة.

19 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن نعيم الصحاف، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إني لأكره

ص: 253


1- أي بالأمراض والأسقام.
2- هذا من كلام الراوي والمسقام : كثير الأسقام والأمراض.
3- أي قطع.
4- أى منذ وجدوا.
5- أي يتفقده.
6- أي بعد الانقطاع عنه والابتعاد زماناً بسفر أو انشغال.
7- أي يمنعه عن مشتهيات الدنيا ويزويها عنه
8- ووجه التشبيه أنّه كما يمنع الطبيب مريضه عن تناول ما يضره من الأطعمة والعقاقير كذلك يمنع اللّه المؤمن عما يضره في آخرته ومعاده من زخارف الدنيا ومشتهياتها.
9- أي البلاء والفتن الّتي تحدث في الدنيا فتجعل النّاس يضطربون لها.
10- المراد بالعمى عمى البصيرة لا عمى البصر.

للرجل أنْ يعافى في الدُّنيا فلا يصيبه شيء من المصائب.

20 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن نوح بن شعيب، عن أبي داود المسترقّ، رفعه قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : دُعي النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى طعام فلما دخل منزل الرَّجل نظر إلى دجاجة فوق حائط قد باضت فتقع البيضة على وتد في حائط فثبتت عليه ولم تسقط ولم تنكسر، فتعجب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) منها. فقال له الرَّجل : أعجبت من هذه البيضة فوالّذي بعثك بالحقّ ما رزئت (1) شيئاً قط [قال : ] فنهض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولم يأكل من طعامه شيئاً وقال : ومن لم يُزرأ فما اللّه فيه من حاجة (2).

21 - عنه عن عليّ بن الحكم عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ). وأبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «لا حاجة اللّه فيمن ليس له (3) في ماله وبدنه نصيب».

22 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عثمان النوا، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ يبتلي المؤمن بكل بلية ويميته بكلّ ميتة ولا يبتليه بذهاب عقله، أما ترى أيّوب كيف سلّط إبليس على ماله وعلى ولده وعلى أهله وعلى كلّ شيء منه ولم يسلّط على عقله، ترك له ليوحّد اللّه به.

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنه ليكون للعبد (4) منزلة عند اللّه فما ينالها إلّا بإحدى خصلتين : إما بذهاب ماله، أو ببلية في جسده.

24 - عنه، عن ابن فضّال، عن مثنّى الحناط، عن أبي أسامة، عن أبي عبد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه عزّ وجلّ : لولا أن يجد (5) عبدي المؤمن في قلبه، لعصبت رأس الكافر بعصابة حديد، لا يُصدع رأسه أبداً (6).

25 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عثمان، عن عبد

ص: 254


1- أي ما نقصت في مال ولا ولد ولا نفس.
2- «أي أنّه ليس من خلّص المؤمنين وممن أعده اللّه لهداية الخلق ولعبادته ومعرفته الخ»، مرآة المجلسي 337/9.
3- الضمير يرجع إلى اللّه سبحانه.
4- أي المؤمن الكامل الإيمان.
5- أي يحزن.
6- كناية عن سلامته من المكاره والمصائب والبلايا في دار الدنيا.

اللّه بن مسکان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «مثل المؤمن كمثل خامة الزرع تكفئها الرّياح كذا وكذا، وكذلك المؤمن تكفئه الأوجاع والأمراض، ومثل المنافق كمثل الإرزبة المستقيمة (1) الّتي لا يصيبها شيء حتّى يأتيه الموت فيقصفه قصفاً».

26 - عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة، عن عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يوماً لأصحابه : «ملعون كلّ مال لا يزكّى، ملعون كلّ جسد لا يزكى ولو في كلّ أربعين يوماً مرَّة»، فقيل : يا رسول اللّه أما زكاة المال فقد عرفناها فما زكاة الأجساد ؟ فقال لهم : أن تصاب بآفة، قال : فتغيرت وجوه الّذين سمعوا ذلك منه، فلما رآهم قد تغيرت ألوانهم قال لهم : أتدرون ما عنيت بقولي؟ قالوا : لا يا رسول اللّه، قال : «بلى الرجل يخدش الخدشة وينكب النكبة ويعثر العثرة ويمرض المرضة ويُشَاكُ الشوكة (2) وما أشبه هذا حتّى ذكر في حديثه اختلاج العين (3)».

27 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن ابن بكير قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيبتلى المؤمن بالجذام والبرص وأشباه هذا؟ قال : فقال : وهل كتب البلاء إلّا على المؤمن (4).

28 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن رواه عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن المؤمن ليكرم على اللّه حتّى لو سأله الجنّة بما فيها أعطاه ذلك من غير أن ينتقص من ملكه شيئاً، وإنَّ الكافر ليهون على اللّه حتّى لو (5) سأله الدُّنيا بما فيها أعطاه ذلك من غير أن ينتقص من ملكه شيئاً، وإنَّ اللّه ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الغائب أهله بالطرف (6)، وإنه ليحميه الدُّنيا كما يحمي الطبيب المريض.

29 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ في كتاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ أشدَّ النّاس بلاء النبيون، ثمّ الوصيون، ثمّ الأمثل فالأمثل ؛ وإنما يبتلى المؤمن على قدر أعماله الحسنة، فمن صح دينه وحسن عمله اشتدَّ بلاؤه، وذلك أنَّ اللّه

ص: 255


1- الإرزبة : عصيّة من حديد، وقد مر تمثيل المؤمن بخامة الزرع في باب أن المؤمن صنفان من هذا المجلد تحت رقم (1) وعلّقنا عليه فراجع.
2- أي تدخل الشوكة في جسده.
3- أي حركتها السريعة وهو نوع من الأمراض قد يعتري بعض أجزاء البدن ومنها العين.
4- هذا محمول على الغالب.
5- (لو) هنا كالّتي قبلها حرف امتناع لامتناع.
6- جمع طُرفة : وهي كلّ ما يُسْتَمْلح

عزّ وجلّ لم يجعل الدُّنيا ثواباً لمؤمن ولا عقوبة لكافر، ومن سخف دينه وضعف عمله قل بلاؤه، وإن البلاء أسرع إلى المؤمن التقي من المطر إلى قرار الأرض (1).

30 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن مالك

ابن عطية عن يونس بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ هذا الّذي ظهر بوجهي(2) يزعم النّاس أنَّ اللّه لم يبتل به عبداً له فيه حاجة، قال : فقال لي : لقد كان مؤمن آل فرعون مكنّع الأصابع فكان يقول هكذا - ويمد يديه - ويقول : «يا قوم اتبعوا المرسلين». ثمّ قال لي : إذا كان الثلث الأخير من الليل في أوله (3) فتوضٌ وقم إلى صلاتك الّتي تصليها، فإذا كنت في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوليين فقل وأنت ساجد يا علي يا عظيم يا رحمن یا رحیم یا سامع الدعوات يا معطي الخيرات صلّ على محمّد وآل محمّد وأعطني من خير الدنيا والآخرة ما أنت أهله واصرف عنّي من شرّ الدّنيا والآخرة ما أنت أهله، وأذهب عني بهذا الوجع - وتسمّيه - فإنّه قد غاظني وأحزنني، وألح في الدُّعاء. قال : فما وصلت إلى الكوفة حتّى أذهب اللّه به عنّي كله.

باب فضل فقراء المسلمين

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن سنان، عن العلاء عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن فقراء المسلمين (4) يتقلبون في رياض الجنّة قبل أغنيائهم بأربعين خريفاً (5) ثمّ قال : سأضرب لك مَثَل ذلك إنّما مَثَل ذلك مثل سفينتين مُرَّ بهما على عاشر (6) فنظر في أحداهما فلم ير فيها شيئاً، فقال : أسر بوها (7) ونظر في ا[لَّا] خرى فإذا هي موقورة (8) فقال : احبسوها.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن سعدان قال : قال أبو

ص: 256


1- فرار الأرض المطمئن من الأرض والمستقر الثابت منها.
2- ربما كان جذاماً أو نحوه. وربما كان الماً يعتريه.
3- أي في أول الثلث الأخير من الليل.
4- في الوافي ج 137/3 : (المؤمنين).
5- المراد بالخريف هنا العام الواحد، لأن الخريف هو الفصل المعروف من فصول السنة الأربعة، فعبر بالجزء وأراد به الكل. وقيل : بأن الخريف سبعون سنة. وروي أنّه ألف عام، كلّ عام ألف سنة.
6- العاشر : هو من يأخذ العُشر، وهو موظف الضرائب أو الجمارك في عصرنا.
7- أي خلّوا عنها وأرسلوها.
8- اي محمّلة بأحمال ثقيلة.

عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : المصائب مِنَحٌ من اللّه والفقر مخزون عند اللّه.

3 - وعنه رفعه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «يا علي إن اللّه جعل الفقر أمانة عند خلقه، فمن ستره أعطاه اللّه مثل أجر الصائم القائم، ومن أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله، أما إنه ما قتله بسيف ولا رمح ولكنه قتله بما نكى (1) من قلبه».

4 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن داود الحذاء، عن محمّد بن صغير، عن جده شعیب، عن مفضّل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كلما ازداد العبد إيماناً ازداد ضيقاً في معيشته (2).

5 - وبإسناده قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لولا إلحاح المؤمنين على اللّه في طلب الرزق لنقلهم من الحال الّتي هم فيها إلى حال أضيق منها.

6 - عنه، عن بعض أصحابه، رفعه، قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما أعطي عبد من الدُّنيا إلّا اعتباراً (3) وما زوي عنه (4) إلّا اختباراً.

7 - عنه، عن نوح بن شعيب وأبي إسحاق الخفاف عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ليس لمصاص شيعتنا (5) في دولة الباطل إلّا القوت شرّقوا إن شئتم أو غربوا لن ترزقوا إلّا القوت.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن الأشعري، عن بعض مشائخه، عن إدريس بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يا عليُّ الحاجة أمانة اللّه عند خلقه، فمن كتمها على نفسه أعطاه اللّه ثواب من صلّى، ومن كشفها إلى من يقدر أن يفرج عنه ولم يفعل فقد قتله، أما إنه لم يقتله بسيف ولا سنان ولا سهم ولكن قتله بما نكى من قلبه».

ص: 257


1- أي جَرح.
2- إما لأن اللّه سبحانه يقدر عليه رزقه ليصبر تقرباً إليه فيزيده اللّه قرباً من رضوانه أو لأن ازدياد إيمانه يجعله أكثر حيطة في أمر دنياه وتحرجاً عن الشبهات وأبواب الحرام في مكاسبه فيقل ما يرد عليه من المال فتضيق به معيشته.
3- أي ليعتبر به الآخرون من أهل الدنيا، حيث يرون ما ترتب عليه من فساده ونسيان اخرته، أو ليعتبر هو عندما يلتفت إلى نعم اللّه عليه فيشكره بلسانه وبقلبه وبدفع جزء ممّا أنعم سبحانه عليه إلى الفقراء ممّن حرمهم اللّه من هذه النعم من الصدقات الواجبة والمندوبة.
4- أي قبض ومُنع وطُويَ عنه.
5- أي الخالصو الإيمان منهم.

9 - وعنه، عن أحمد، عن عليّ بن الحكم عن سعدان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ اللّه عزّ وجلّ يلتفت يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيهاً بالمعتذر إليهم فيقول : وعزَّتي وجلالي ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم عليَّ، ولترون ما أصنع بكم اليوم فمن زوَّد أحداً منكم في دار الدنيا معروفاً فخذوا بيده فأدخلوه الجنّة، قال : فيقول رجل منهم : يا ربّ إنَّ أهل الدُّنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء ولبسوا الثياب اللينة وأكلوا الطعام وسكنوا الدور وركبوا المشهور من الدواب (1) فأعطني مثل ما أعطيتهم، فيقول تبارك وتعالى : لك ولكل عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدنيا منذ كانت الدنيا إلى أن انقضت الدنيا سبعون ضعفاً

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن إبراهيم بن عقبة، عن إسماعيل ابن سهل وإسماعيل بن عبّاد، جميعاً يرفعانه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما كان من ولد آدم مؤمن إلّا فقيراً ولا كافر إلّا غنيّاً حتّى جاء إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) (2) فصيّر اللّه في هؤلاء أموالاً وحاجة، وفي هؤلاء أموالاً وحاجة.

11 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : جاء رجل موسر إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نقي الثوب، فجلس إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). فجاء رجلٌ معسر درن (3) الثوب فجلس إلى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أخفت أن يمسك من فقره شيء؟ قال : لا، قال : فخفت أن يصيبه من غناك شيء ؟ قال : لا، قال : فخفت أن يوسخ ثيابك؟ قال : لا، قال : فما حملك على ما صنعت؟ فقال : يا رسول اللّه إنَّ لي قريناً يزين لي كلّ قبيح ويقبح لي كلّ حسن (4)، وقد جعلت له نصف مالي، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) للمعسر : «أتقبل؟» قال: لا، فقال له الرّجل : ولم ؟ قال : أخاف أن يدخلني ما دخلك» (5).

12 - عليّ بن إبراهيم، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد، عن

ص: 258


1- أي ما اشتهر وعُرف بنفاسته وفراهته.
2- الممتحنة / 4. وقال الشيخ الطبرسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) في تفسير مجمع البيان المجلد الخامس/ 271 تفسيراً لقول إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «لا تعذبنا بأيديهم ولا ببلاء من عندك فيقولوا لو كان هؤلاء على حق لما أصابهم هذا البلاء، عن مجاهد وقيل معناه : لا تسلطهم علينا فيفتنونا عن دينك... الخ».
3- أي وسخ.
4- «إن لي قريناً أي شيطاناً يغويني ويجعل القبيح حسناً في نظري والحسن قبيحاً وهذا الصادر مني من جملة إغوائه» الوافي ج 137/3.
5- أي من غواية الشيطان.

سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: في مناجاة موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل : مرحباً بشعار الصالحين؛ وإذا رأيت الغنى مقبلاً فقل : ذنب عُجِّلت عقوبته (1).

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «طوبى للمساكين بالصبر (2)، وهم الّذين يرون ملكوت السماوات والأرض».

14 - وبإسناده قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) :«يا معشر المساكين طيبوا نفساً، وأعطوا اللّه الرّضا من قلوبكم، يثبكم اللّه عزّ وجلّ على فقركم، فإن لم تفعلوا فلا ثواب لكم» (3).

15 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عيسى الفراء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا كان يوم القيامة أمر اللّه تبارك وتعالى منادياً ينادي بين يديه أين الفقراء؟ فيقوم عُنُق (4) من النّاس كثير، فيقول : عبادي! فيقولون : لبّيك ربنا، فيقول : إني لم أفقركم لهوان بكم عليَّ، ولكنّي إنّما اخترتكم لمثل هذا اليوم، تصفحوا وجوه النّاس فمن صنع إليكم معروفاً لم يصنعه إلّا في (5) فكافوه عنّي بالجنّة.

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن إبراهيم الحذَّاء، عن محمّد بن صغير، عن جده،شعيب عن مفضّل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لولا إلحاح هذه الشيعة على اللّه في طلب الرزق، لنقلهم من الحال الّتي هم فيها إلى ما هو أضيق منها.

17 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن محمّد بن الحسين بن كثير الخزاز، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال لي : أما تدخل السوق؟ أما ترى الفاكهة تباع ؟ والشيء ممّا تشتهيه ؟ فقلت بلى، فقال: أما إنَّ لك بكل ما تراه فلا تقدر على شرائه حسنة (6).

ص: 259


1- «أي أذنبت ذنباً صار سبباً لأن أخرجني اللّه من أوليائه واتصفت بصفات أعدائه أو ابتلاني بالمشقة الّتي ابتلى بها أصحاب الأموال كما قال تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) التوبة/55» مرآة المجلسي 9 / 365.
2- أي جنة طوبى لهم بسبب صبرهم على الفقر وسائر الابتلاءات في الدنيا.
3- دل الحديث على أن الثواب إنما يترتب على الصبر على الفقر لا على أصل الفقر.
4- أي جماعة وطائفة.
5- أي لم يُسد ذلك المعروف إليكم لمصلحة تعود عليه أو دنيا وإنما قصد به التقرب إلي ومرضاتي.
6- دل الحديث على أن هنالك عوضاً للمؤمن في الآخرة على صبره على الحرمان من الطيبات ورضاه بما قسم اللّه له في الدنيا.

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان عن عليّ بن عفّان عن مفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه جل ثناؤه ليعتذر (1) إلى عبده المؤمن المحوج في الدُّنيا كما يعتذر الأخ إلى أخيه، فيقول: وعزتي وجلالي ما أحوجتك في الدُّنيا من هوان كان بك عليَّ، فارفع هذا السجف (2) فانظر إلى ما عوضتك من الدنيا، قال: فيرفع فيقول ما ضرَّني ما منعتني مع ما عوّضتني.

19 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا كان يوم القيامة قام عنق من النّاس حتّى يأتوا باب الجنّة فيضربوا باب الجنّة، فيقال لهم : من أنتم؟ فيقولون نحن الفقراء، فيقال لهم : أقبل الحساب (3)؟ فيقولون : ما أعطيتمونا شيئاً تحاسبونا عليه فيقول اللّه عزّ وجلّ: (صَدَقوا، ادخلوا الجنّة).

- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن مبارك غلام شعيب قال: سمعت أبا الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : إني لم أغن الغني لكرامة به عليَّ، ولم أفقر الفقير لهوان به عليَّ، وهو (4) ممّا ابتليت به الأغنياء بالفقراء. ولولا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنّة.

21 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عيسى، عن إسحاق بن عمّار والمفضّل بن عمر قالا : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : مياسير(5) شيعتنا أمناؤنا على محاويجهم، فاحفظونا فيهم يحفظكم اللّه.

22 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الفقر أزين للمؤمن من العذار على خدّ الفرس (6).

23 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن غالب،

ص: 260


1- نسبة الاعتذار إلى اللّه سبحانه مجازي وهو كناية عن شموله سبحانه له بلطفه وإدخاله في رحمته والنظر إليه بعين عطفه ورضاه فيكون شبيهاً بالمعتذر.
2- أي الستر.
3- الاستفهام للإنكار أو التعجب أي كيف تدخلون الجنّة قبل عرضكم على الحساب ليرى إن كنتم تستحقون دخولها؟
4- أي إغنائي لهذا وإفقاري لذاك.
5- جمع موسر على غير القياس، وهو ذو المال والغنى.
6- «العذار من اللجام ما سال على خد الفرس» الوافي ج 3 ص / 138.

عن أبيه، عن سعيد بن المسيب قال: سألت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً) (1). قال : عنى بذلك أمّة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أن يكونوا على دين واحد كفّاراً كلّهم. (لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ) (2)، ولو فعل اللّه ذلك بأمة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لحزن المؤمنون وغمّهم ذلك، ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم (3).

باب (بدون العنوان)

باب (4)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبان بن عبد الملك قال : حدّثني بكر الأرقط، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو(5) عن شعيب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه دخل عليه واحد فقال : أصلحك اللّه، إنّي رجل منقطع إليكم بمودتي وقد أصابتني حاجةً شديدة وقد تقربت بذلك إلى أهل بيتي وقومي فلم يزدني بذلك منهم إلّا بعداً، قال : فما آتاك اللّه (6) خيرٌ ممّا أخذ منك (7). قال : جعلت فداك أدع اللّه لي أن يغنيني عن خلقه، قال: إنَّ اللّه قسم رزق من شاء على يدي من شاء، ولكن سل اللّه أن يغنيك عن الحاجة الّتي تضطرك إلى لئام خلقه (8).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الفقر الموت الأحمر (9)، فقلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الفقر من الدّينار والدّرهم؟ فقال : لا ولكن من الدين (10).

ص: 261


1- الزخرف 33 والناس : المقصود بهم بحسب هذا التأويل هم أمة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعد وفاته. والمقصود بمن يكفر بالرحمن المخالفون المنكرون للإمامة والحاصل أنّه لولا أنّه كان يصير سبباً لكفر المؤمنين لحزنهم وغمّهم وانكسار قلبهم فيستولي عليهم الشيطان فيكفرون ويلحقون بالمخالفين إلّا شاذ منهم لا يكفي وجودهم لنصرة الإمام أو يهلكون غماً وحزناً. وأيضاً لو كان جميع المخالفين بهذه الدرجة من الغنى والثروة وجميع المؤمنين في غاية الفقر والمهانة والمذلة مرآة العقول للمجلسي 373/9.
2- الزخرف 33 والناس : المقصود بهم بحسب هذا التأويل هم أمة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعد وفاته. والمقصود بمن يكفر بالرحمن المخالفون المنكرون للإمامة والحاصل أنّه لولا أنّه كان يصير سبباً لكفر المؤمنين لحزنهم وغمّهم وانكسار قلبهم فيستولي عليهم الشيطان فيكفرون ويلحقون بالمخالفين إلّا شاذ منهم لا يكفي وجودهم لنصرة الإمام أو يهلكون غماً وحزناً. وأيضاً لو كان جميع المخالفين بهذه الدرجة من الغنى والثروة وجميع المؤمنين في غاية الفقر والمهانة والمذلة مرآة العقول للمجلسي 373/9.
3- أي لم يناكح المخالفون المؤمنين بالتزوج فيهم والتزويج لهم، فلا تصل بينهم الأنساب الّتي هي سبب للتوارث، إضافة إلى استلزام ذلك لانقراض المؤمنين وزوالهم.
4- هذا الباب يعتبر من لواحق الباب السابق، إذ فيه يتحدث عن الفقر الممدوح والفقر المذموم.
5- الترديد من الراوي.
6- أي من مودتنا أهل البيت أو من الفقر.
7- أي من الثروة والمال.
8- اللئيم : هو الدنيء النفس والشحيح المهين ويدل الحديث على أن الفقر قد يضطر صاحبه إلى مد يده بالحاجة إلى غيره فإن كان ذلك الغير لئيما يكون ذلك الفقر الّذي تسبب إلى سؤال ذلك اللئيم مذموماً.
9- كناية عن شدة وطأة الفقر، لأن الموت الأحمر هو الموت بسبب القتل الشديا القاسي.
10- ويؤيده ما ورد عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أن الغنى والفقر بعد العرض على اللّه. وما ورد في بعض الموارد من أن الحريب من حرب دينه لا ماله.

باب أن للقلب أذنين ينفث فيهما المَلَكُ والشيطان

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من قلب إلّا وله أذنان على إحداهما مَلَكَ مرشد وعلى الأخرى شيطان مفتن (1)، هذا يأمره وهذا يزجره، الشيطان يأمره بالمعاصي والملك يزجره عنها، وهو قول اللّه عزّ وجلّ : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (2).

2 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ للقلب أذنين، فإذا هم العبد بذنب قال له روح الإيمان(3) : لا تفعل ؛ وقال له الشيطان افعل، وإذا كان على بطنها (4) نزع منه روح الإيمان.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ما من مؤمن إلّا ولقلبه أذنان في جوفه (5) : أذن ينفث فيها الوسواس الخنّاس وأذن ينفث فيها الملك، فيؤيد اللّه المؤمن بالملك، فذلك قوله : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (6).

باب الروح الّذي أَيَّدَ به المؤمن

1 - الحسين بن محمّد ومحمّد بن يحيى، جميعاً، عن عليّ بن محمّد بن سعد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي سلمة، محمّد عن بن سعيد بن غزوان، عن ابن أبي نجران عن محمّد بن سنان، عن أبي خديجة (7) قال : دخلت على أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال لي : إن اللّه تبارك

ص: 262


1- أي مضلّ.
2- ق / 17 - 18. «وظاهر هذا الخبر أن الرقيب والعتيد الملك والشيطان بل المتلقيين أيضاً، ويحتمل أن يكون هذا بطن الآية، أو يكون الرقيب العتيد صاحب اليمين ويكون الزاجر والكاتب متحداً» مرآة المجلسي 388/9.
3- حول المراد بروح الإيمان هنا ذكرت وجوه منها : أنّها الملك كما مر في بعض الأحاديث، ومنها: أنّها العقل، ومنها : أنّها الروح الّتي في الإنسان ومنها : إنّها قوة الإيمان وكما له ونوره الخ. وقد أورد الشيخ المجلسي في مرآته 1388/9 - 390 هذه الوجوه وغيرها بشكل مسهب فراجع.
4- الضمير راجع بمناسبات الحكم والموضوع إلى المرأة المزني بها.
5- قيد احترازي لإخراج أذني الإنسان اللّذين في رأسه.
6- المجادلة / 22.
7- واسمه سالم بن مكرم.

وتعالى أيّد المؤمن بروح منه تحضره في كلّ وقت يُحسن (1) فيه ويتقي (2)، وتغيب عنه في كلّ وقت يذنب فيه ويعتدي، فهي معه تهتز سرورا عند إحسانه وتسيخ (3) في الثرى عند إساءته فتعاهدوا عباد اللّه نعمه بإصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقيناً وتربحوا نفيساً ثميناً (4)، اللّه امرءاً رحم هم (5) بخير فعمله أو هم بشر فارتدع عنه، ثمّ قال: نحن نؤيد الروح بالطاعة اللّه والعمل له (6).

باب الذنوب

باب الذنوب (7)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة (8)، إنَّ القلب ليواقع الخطيئة (9) فما تزال به حتّى تغلب عليه فيصير أعلاه أسفله (10).

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن عبد اللّه بن مسكان، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) (11) فقال : ما أصبرهم على فعل ما يعلمون أنّه يصيرهم إلى النار.

3- عنه عن أبيه عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أما إنّه ليس من عرق يضرب، ولا نكبة (12) ولا صداع ولا مرض إلّا بذنب؛ وذلك قول اللّه

ص: 263


1- أي يفعل فيه الطاعات.
2- أي يجتنب المحرمات.
3- أي تغوص وترسب وهو كناية عن هبوطها في دركات الإنسانية وانحطاطها وتلاشي أثرها.
4- المراد به الجنّة ودرجاتها العُلى.
5- أي عزم عليه وقصد إليه.
6- «أي نقويه، وفي بعض النسخ (نزيد) فيرجع إلى التأييد أيضاً فإنه يتقوى بالطاعة كأنه يزيد»، مرآة المجلسي 396/9.
7- عنون الفيض (رضیَ اللّهُ عنهُ) هذا الباب في الوافي 166/3 هكذا : باب غوايل الذنوب وتبعاتها.
8- المراد بها الجنس.
9- أي يرتكبها مرة بعد أخرى أو خطيئة بعد خطيئة.
10- أي أن الخطيئة تختلط بالقلب وتسكنه حتّى تصيره منكوساً لا يستقر فيه شيء من الخير، لأنها تكدّره وتجعله مظلماً لا يتأثر بنور الحق والحقيقة.
11- البقرة/ 175، وظاهر الاستفهام في الآية التعجب، ولما كان من الأمور المستحيلة في حقه سبحانه، كان المقصود منه التعجيب لنا من هؤلاء الكفار الّذين يداومون ويصرون على أن يعملوا في الدنيا أعمالاً تؤدي بهم إلى النّار في الأخرة.
12- «النكبة : وقوع الرجل على الحجارة عند المشي، أو المصيبة والأوّل أظهر» مرآة المجلسي 399/9.

عزّ وجلّ في كتابه: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (1) قال : ثمّ قال : وما يعفو اللّه أكثر ممّا يؤاخذ به.

4 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن حماد، عن حريز عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال ما من نكبة تصيب العبد إلّا بذنب وما يعفو اللّه عنه أكثر.

5 - علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا تبدين عن واضحة (2) وقد عملت الأعمال الفاضحة، ولا يأمن البيات (3) من عمل السيّئات.

6 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عن أسامة عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : تعوذوا باللّه من سطوات اللّه (4) بالليل والنهار، قال : قلت له وما سطوات اللّه ؟ قال : الأخذ على المعاصي.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه، عن سليمان الجعفري عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الذُّنوب كلها (5) شديدة وأشدُّها ما نبت عليه اللحم والدَّم (6)، لأنه (7) إما مرحوم وإما معذَّب والجنّة لا يدخله إلّا طيب.

8 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ العبد ليذنب الذَّنب فيزوى عنه الرّزق (8).

9 - عليّ بن محمّد عن صالح بن أبي حماد، عن محمّد بن إبراهيم النوفلي، عن

ص: 264


1- الشورى 30. والخطاب للخلق كافة عدا المعصومين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الأنبياء والأوصياء والمراد بالمصيبة البلية في النفس أو المال فهي بسبب معاصيكم.
2- «الواضحة : الأسنان تبدو عند الضحك والمعنى : لا تضحك ضحكاً تبدو به أسنانك ويكشف عن سرور قلبك وقد عملت أعمالاً قبيحة افتضحت بها عند اللّه وعند ملائكته وعند الرسول والأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولا تدري أغَفَر اللّه لك أم يعذبك عليها» مرآةالمجلسي 401/9.
3- البيات : الإغارة ليلا - كما في المصباح - والمقصود هنا، نزول البلايا عليه والمصائب ليلا أو على حين غرة وإن كان بالنهار.
4- أي بطشه وقهره.
5- باعتبار أنّها هتك الحرمة المولى سبحانه وتجرؤ عليه حتّى ولو كانت من الصغائر.
6- بأن أصر على المعصية مدة ينبت فيها عادة اللحم ويشتد العظم.
7- أي بعد الموت في البرزخ اولاً ثمّ في القيامة.
8- هذا وارد على نحو الأعم الأغلب وإلا فقد يغدق اللّه الرزق على العصاة والكفار استدراجاً.

الحسين بن مختار، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ملعون ملعون من عبد الدينار والدرهم، ملعون (1) ملعون من كمه أعمى (2)، ملعون ملعون من نكح بهيمة».

10 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشاء، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : اتقوا المحقرات من الذُّنوب (3)، فإنَّ لها طالباً (4)، يقول أحدكم : أذنب وأستغفر، إِنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول: (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) (5) ؛ وقال عزّ وجلّ : (إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (6).

11 - أو عليّ الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن سليمان بن طريف، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إِنَّ الذَّنب يحرم العبد الرزق.

12 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان عن الفضيل عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ الرَّجل ليذنب الذَّنب فَيُدرءُ (7) عنه الرزق وتلا هذه الآية : (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ) (8).

13 - عنه، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي بصير قال :

ص: 265


1- أي مطرود من ساحة رحمة اللّه سبحانه.
2- أي بأن يعيره بعماه فيقول له يا أعمى. وهذا أحد الوجوه في الحديث وهنالك غير هذا الوجه فراجع مرأة المجلسي 9 / 405.
3- أي صغائرها وما قد يهون في نظر فاعله.
4- أي يسجلها ويحاسب عليها.
5- يس / 12) وفي المصحف / (ونكتب) ولعله من تصحيف النسّاخ أو نقل للآية بالمعنى. والمقصود ب- (إمام مبين) اللوح المحفوظ.
6- لقمان / 16. وقال بعض المحققين : خفاء الشيء إما لغاية صغره، وإما لاحتجابه، وإما لكونه بعيداً، وإما لكونه في ظلمة، فأشار إلى الأوّل بقوله : مثقال حبة.... وإلى الثاني بقوله : فتكن في صخرة. وإلى الثالث بقوله : أو في السماوات وإلى الرابع بقوله : أو في الأرض.... مرآة المجلسي 408/9 - 409.
7- أي يُدفع.
8- القلم / 17 - 19. نزلت هذه الآيات في قوم كانت لأبيهم جنة إذا حان وقت قطاف ثمرها استثنى منه مؤونة سنة وتصدق بالباقي على الفقراء فعزموا بعد موت أبيهم الا يفعلوا فعله في التصدق فدمرها اللّه سبحانه. (ولا يستثنون) أي لم يقولوا إنشاء اللّه. أو لا يستثنون حصة المساكين فعل أبيهم.

سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا أذنب الرَّجل خرج في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب انمحت وإن زاد زادت حتّى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبداً.

14 - عنه عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن العبد يسأل اللّه الحاجة فيكون من شأنه (1) قضاؤها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء، فيذنب العبد ذنباً فيقول اللّه تبارك وتعالى للملك : لا تقض حاجته واحرمه إيَّاها فإنّه تعرّض لسخطي واستوجب الحومان مني.

15 - ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : إنه ما من سنة أقل مطراً من سنة ولكنّ اللّه يضعه حيث يشاء، إنَّ اللّه عزّ وجلّ إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدَّر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم وإلى الفيافي (2) والبحار والجبال وإنَّ اللّه ليعذب الجُعَل (3) في جُحرها بحبس المطر عن الأرض الّتي هي بمحلّها بخطايا من بحضرتها، وقد جعل اللّه لها السبيل في مسلك سوى محلة أهل المعاصي. قال : ثمّ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فاعتبروا يا أولي الأبصار (4).

16 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن ابن بكير عن، أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ الرَّجل يذنب الذَّنب فَيُحْرَمُ صلاة الليل، وإنَّ العمل السيّىء أسرع (5) في صاحبه من السكين في اللحم.

17 - عنه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من هم بسيئة فلا يعملها، فإنه ربما عمل العبد السيئة خيراه الرب تبارك وتعالى فيقول : (وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعد ذلك أبداً) (6).

18 - الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهدي عن عمرو بن عثمان، عن رجل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : حقٌّ على اللّه أن لا يعصى في دار إلّا أضحاها للشمس حتّى تطهّرها (7).

ص: 266


1- الضمير راجع إليه سبحانه.
2- جمع فيفاء وهي البرية الواسعة أو المفازة الّتي لا ماء فيها.
3- دويبة صغيرة، وقبل هو الحرباء.
4- أي اتعظوا يا أصحاب البصائر وتفكروا في عواقب أفعالكم.
5- أي تأثيراً ونفوذاً.
6- وذلك بمنع لطفه سبحانه عنه فلا يوفق للتوبة.
7- أي أخر بها حتّى برزت في حرارة الشمس، وهو إشعار بأن المعاصي توجب خراب الديار وبوار أهلها.

19 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إن العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام وإنه لينظر إلى أزواجه في الجنّة يتنعمّن» (1).

20 - أبو على الأشعري عن عيسى بن أيّوب عن عليّ بن مهزيار، عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير، عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : [قال : ] ما من عبد إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنباً خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد وإن تمادى (2) في الذُّنوب زاد ذلك السواد حتّى يغطي البياض، فإذا [ت-] غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً وهو قول اللّه عزّ وجلّ : (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (3).

21 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لاتبدين عن واضحة وقد عملت الأعمال الفاضحة، ولا تأمن البيات، وقد عملت السيئات (4).

22 - محمّد بن يحيى وأبو علي الأشعري عن الحسين بن إسحاق، عن عليّ بن مهزيار، عن حماد بن عيسى، عن أبي عمرو المدائني عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : كان أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن اللّه قضى قضاء حتماً ألا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إياه حتّى يُحدث العبد ذنباً يستحقُ بذلك النقمة (5).

23 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل بن صالح، عن سدير قال : سأل رجلٌ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (قَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ.... الآية) فقال : هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وأنهار جاريةٌ وأموال ظاهرةً فكفروا نعم اللّه عزّ وجلّ وغيّروا ما بأنفسهم من عافية اللّه فغيّر اللّه ما بهم من

ص: 267


1- «في الخبر دلالة على أن الذنب يمنع من دخول الجنّة في تلك المدة ولا دلالة فيه على أنّه في تلك المدة في النّار أو في شدائد القيامة» مرآة المجلسي 417/9. وقد ورد عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله : لا تتكلموا بشفاعتنا فإن شفاعتنا قد لا تلحق بأحدكم إلّا بعد ثلاثمائة سنة.
2- أي أصر وداوم عليها.
3- المطففين / 14. ومعنى (بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ) «أي غلب على قلوبهم ما كانوا يكسبون حتّى قبلت الطبع والختم على وجه لا يدخل فيها شيء من الحق. والمراد بما كانوا يكسبون الأعمال الظاهرة القبيحة والأخلاق الباطنة الخبيثة...» مرآة المجلسي 418/9 - 419.
4- مر مضمون هذا الحديث قبل قليل وعلّقنا عليه.
5- ويشير إلى هذا المعنى قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

نعمة. وإنّ اللّه لا يغير ما بقوم حتّى يغيروا ما بأنفسهم فأرسل اللّه عليهم سيل العرم فغرَّق قراهم وخرب ديارهم وأذهب أموالهم، وأبدلهم مكان جنّاتهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل، وشيء من سدر قليل، ثمّ قال: (ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ) (1).

24 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن سماعة قال: - سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما أنعم اللّه على عبد نعمة فسلبها إيَّاه حتّى يذنب ذنباً يستحقُ بذلك السلب.

25 - محمّد بن يحى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن الهيثم بن واقد الجزري قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ بعث نبياً من أنبيائه إلى قومه وأوحى إليه أن قل لقومك : إنه ليس من أهل قرية ولا [أ] ناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سراء (2) فتحولوا عما أحبُّ إلى ما أكره إلّا تحولت لهم عما يحبون إلى ما يكرهون، وليس من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضرَّاء (3) فتحوَّلوا عمّا أكره إلى ما أُحبُّ إلّا تحوّلت لهم عمّا يكرهون إلى ما يحبّون، وقل لهم : إن رحمتي سبقت غضبي (4) فلا تقنطوا من رحمتي، فإنّه لا يتعاظم عندي ذنب أغفره، وقل لهم : لا يتعرضوا معاندين لسخطي، ولا يستخفوا بأوليائي فإنَّ لي سطوات عند غضبي، لا يقوم لها شيء (5) من خلقي.

26 26 - عليّ بن إبراهيم الهاشمي، عن جده محمّد بن الحسن بن محمّد بن عبيد اللّه عن سليمان الجعفري، عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى نبي من الأنبياء : إذا أطعتُ رضيت، وإذا رضيت باركت وليس لبركتي نهاية، وإذا عُصِيتُ غَضِبْتُ وإذا غضبت لعنتُ، ولعنتي تبلغ السابع من الورى (6).

ص: 268


1- الآيات في سورة سبا / 15 - 19. «فكفروا نعم اللّه عزّ وجلّ حيث قالوا ربنا باعد بين أسفارنا، بطروا النعمة وملوا العافية وطلبوا الكد والتعب. وشكوا بعد سفرهم إفراطاً منهم في الترفيه وعدم الاعتداد بما أنعم اللّه عليهم سيل العرم أي الأمر الصعب أو المطر الشديد أو الجرذ أضاف إليه السيل لأنه نقب عليهم سداً حقن به الماء أو الحجارة المركومة الّتي عقد بها السد فيكون جمع عرمة، وقيل : اسم واد جاء السيل من قبله كان ذلك بين عيسى ومحمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ). خمط مر بشع، والأئل مر بشع، والأثل هو الطرفاء». الوافي ج 167/3.
2- أي مسرّة.
3- أي مضرّة أو زمانة.
4- إما بمعنى أن رحمتي غلبت غضبي، أو بمعنى السبق المعنوي أو السبق الزماني.
5- أي لا يطيقها ولا يقدر أن يتعرض لها.
6- الورى: كما في القاموس ولد الولد، أي أن لعنة اللّه تصيب الذرية حتّى البطن السابع، ولعله لعلمه سبحانه برضاهم بفعل آبائهم من المعاصي.

27 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسن بن عليّ عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) [أنه] قال : إن أحدكم ليكثر به الخوف من السلطان، وما ذلك إلّا بالذنوب فتوقوها ما استطعتم ولا تمادوا فيها.

28 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، رفعه قال: قال أمي-ر المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا وجع أوجع للقلوب من الذُّنوب (1)، ولا خوف أشدُّ من الموت ؛ وكفى بما سلف تفكّراً (2)، وكفى بالموت واعظاً.

29 - أحمد بن محمّد الكوفي، عن عليّ بن الحسن الميثمي، عن العباس بن هلال الشامي مولى لأبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعت الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كلّما أحدث العباد من الذُّنوب ما لم يكونوا يعملون (3)، أحدث اللّه لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون.

30 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عباد بن صهيب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: يقول اللّه عزّ وجلّ: إذا عصاني من عرفني (4) سلطت عليه من لا يعرفني.

31 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن اسباط، عن ابن عرفة، عن أبي لحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ في كلّ يوم وليلة منادياً ينادي : مهلا مهلا عباد اللّه عن معاصي اللّه، فلولا بهائم رُتَّع (5)، وصبية رضع، وشيوخ ركّع، لصب عليكم العذاب صبّاً، ترضون به رضّأ (6).

باب الكبائر

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن أبي جميلة عن

ص: 269


1- «أي الذنوب تصير سبباً لهم القلب وحزنه أزيد من غيرها من المخوفات، لأن الذنوب تصير سبباً للخوف من عقاب الّذي هو أعظم المفاسد وأشدها» مرآة المجلسي 427/9 - 428.
2- أي «كفى التفكر فيما سلف من أحوال نفسه وأحوال غيره وعدم بقاء لذات الذنوب وبقاء تبعاتها وفناء الدنيا وذهاب من ذهب قبل بلوغ آماله وحسن عواقب الصالحين والمحسنين وسوء عاقبة الظالمين والفاسقين...» ن. م ص / 428.
3- أي من البدع الّتي أحدثوها أو الذنب الّذي لم يصدر منهم قبل ذلك وإن صدر من غيرهم، ن. م ص / 429.
4- أي صدّق بربوبيتي وبرسلي وبما جاؤوا به من عندي.
5- أي سأئمّة في الأرض الخصبة تأكل وتشرب كما شاءت.
6- أي تدقون به دقاً وتسحقون سحقاً.

الحلبي، عن عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : في قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا) (1) قال : الكبائر، الّتي أوجب اللّه عزّ وجلّ عليها النار.

2 - عنه، عن ابن محبوب قال : كتب معي بعض أصحابنا إلى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسأله عن الكبائر كم هي وما هي ؟ فكتب الكبائر (2) : من اجتنب ما وعد اللّه عليه النّار كفّر عنه سيئاته إذا كان مؤمناً والسبع الموجبات (3) : قتل النفس الحرام وعقوق الوالدين وأكل الربا، والتعرب بعد الهجرة (4) أوقذف المحصنات، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزَّحف (5).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد اللّه بن مسكان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : الكبائر سبع : قتل المؤمن متعمداً (6) وقذف المحصنة (7)، والفرار من الزَّحف والتعرُّب بعد الهجرة، وأكل مال اليتيم ظلماً، وأكل الربا بعد البينة (8) وكلُّ ما أوجب اللّه عليه النّار.

4 - يونس، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ من الكبائر عقوق الوالدين، واليأس من روح اللّه، والأمن لمكر اللّه (9). وقد روي (10) [أنَّ] أكبر الكبائر الشرك باللّه.

5 - يونس عن حماد، عن نعمان الرازي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من زنى خرج من الإيمان، ومن شرب الخمر خرج من الإيمان، ومن أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً خرج من الإيمان (11).

ص: 270


1- النساء/ 31 والنهي عن هذه الكبائر إنما يكون بواسطة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والمراد بالسيئات صغائر الذنوب والتكفير : المحو والعفو.
2- أي هذا بيان الكبائر المسؤول عنها.
3- أي الّتي أوجب اللّه عليها النار.
4- هو أن يعود ليعيش مع أهل البوادي بعيداً عن حواضر الإسلام. ولا يبعد تعميه لكل من تعلم آداب الشرع وسننه ثمّ تركها وأعرض عنها ولم يعمل بهاء الوافي ج 174/3.
5- الزحف: المشي إلى العدو لمجاهدته.
6- أي عالماً بإيمانه مع عدم الموجب لهدر دمه.
7- المحصنة : المرأة المسلمة المعروفة بالعفاف.
8- أي بعدما علم تحريمه.
9- مكر اللّه : عقابه وعذابه والأمن منه : الاغترار باستدراجه سبحانه فيلج بالمعصية.
10- هذا حديث آخر ولعله بنفس السند.
11- الظاهر أن الحكم لا يختص بما ذكر، بل إن ما ذكر عناوين كبرى يندرج تحتها مصاديق، «نبه بالزنا على جميع ما حرمه اللّه من الشهرات، وبالخمر على جميع ما يشغل عن اللّه الخ» مرآة المجلسي 15/10.

6 - عنه، عن محمّد بن عبده قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا يزني الزاني وهو مؤمن؟ قال : لا، إذا كان على بطنها (1) اسلب الإيمان فإذا قام رُدَّ إليه فإذا عاد سلب. قلت : فإنه يريد أن يعود؟ فقال: ما أكثر من يريد أن يعود فلا يعود إليه أبداً (2).

7 - يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) (3) قال : الفواحش الزنا والسرقة، واللمم : الرجل يلم بالذَّنب فيستغفر اللّه منه. قلت : بين الضلال والكفر منزلة ؟ فقال : ما أكثر عرى الإيمان (4).

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الكبائر، فقال : هنَّ في كتاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) سبع : الكفر باللّه، وقتل النفس وعقوق الوالدين، وأكل الرّبا بعد البينة، وأكل مال اليتيم ظلماً. والفرار من الزَّحف والتعرُّب بعد الهجرة، قال : فقلت : فهذا أكبر المعاصي ؟ قال : نعم قلت : فأكل درهم من مال اليتيم ظلماً أكبر أم ترك الصلاة؟ قال : ترك الصلاة، قلت : فما عددت ترك الصلاة في الكبائر؟ فقال: أي شيء أوّل ما قلت لك ؟ قال قلت : الكفر، قال : فإنَّ تارك الصلاة كافر. يعني من غير علّة(5).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن حبيب، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : ما من عبد إلّا وعليه أربعون جُنّة (6) حتّى يعمل أربعين كبيرة، فإذا عمل أربعين كبيرة انكشفت عنه الجنن فيوحي اللّه إليهم أن استروا عبدي بأجنحتكم فتستره الملائكة بأجنحتها قال : فما يدع شيئاً من القبيح إلّا قارفه (7)، حتّى يمتدح (8) إلى

ص: 271


1- الضمير يرجع إلى المرأة المزني بها.
2- أي «ليس لإرادة العود حكم العود كما أن إرادة أصل المعصية ليست كنفس المعصية فإنها صغيرة مكفرة..» مرآة المجلسي 16/10.
3- النجم / 32، واللمم : صغائر الذنوب وقيل : أن يقارب مواقعة الذنب ثمّ يتوب عنه.
4- هذا يحتمل وجوهاً منها : «هل أن بين حصول أول مراتب الضلال وحصولى الكفر منزلة وواسطة ؟ فأجاب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأن المنازل كثيرة فإن فعل الفرائض بل مطلق العبادات وترك المعاصي من عرى الإيمان فإذا انتفى واحد منها دخل في الضلال...» مرآة المجلسي 18/10.
5- أي من غير مانع يمنعه من أدائها، أو شبهة أو جهل، وهذا من كلام الراوي أو المصنف رحمه اللّه.
6- أي أربعون سترا. جمع جنن.
7- أي زاوله وواقعه وارتكبه.
8- أي يحسن الثناء عليه عندهم.

النّاس بفعله القبيح، فيقول الملائكة : يا ربّ هذا عبدك ما يدع شيئاً إلّا ركبه (1) وإنا لنستحيي ممّا يصنع، فيوحي اللّه عزّ وجلّ إليهم أن ارفعوا أجنحتكم عنه فإذا فُعِلَ ذلك (2) أخذ في بغضنا أهل البيت فعند ذلك ينهتك ستره في السماء وستره في الأرض، فيقول الملائكة: يا ربِّ هذا عبدك قد بقي مهنوك الستر (3) فيوحي اللّه عزّ وجلّ إليهم : لو كانت اللّه فيه حاجة (4) ما أمركم أن ترفعوا أجنحتكم عنه.

ورواه ابن فضّال، عن ابن مسكان.

10 - عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الكبائر ؛ القنوط من رحمة اللّه واليأس (5) من روح اللّه، والأمن من مكر اللّه، وقتل النفس الّتي حرم اللّه، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلماً، وأكل الربا بعد البينة، والتعرب بعد الهجرة وقذف المحصنة والفرار من الزَّحف، فقيل له : أرأيت المرتكب للكبيرة يموت عليها، أتخرجه (6) من الإيمان، وإن عذب بها فيكون عذا به كعذاب المشركين (7)، أوله انقطاع ؟ قال : يخرج من الإسلام إذا زعم أنّها حلال ولذلك يعذب أشدَّ العذاب، وإن كان معترفاً بأنّها كبيرة وهي عليه حرام وأنّه يعذب عليها وأنها غير حلال، فإنه معذَّب عليها وهو أهون عذاباً من الأوّل (8) ويخرجه من الإيمان ولا يخرجه من الإسلام.

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا زنى الرجل فارقه روح الإيمان»؟ قال : وهو قوله : «وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ منه» (9) ذاك الّذي يفارقه.

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبد

ص: 272


1- أي من المعاصي والقبائح.
2- أي رفع الأجنحة.
3- فيه إشعار بأنهم يريدون ستره ويستعظمون أن يبقى هكذا مهتوكاً.
4- أي لطف وتوفيق للطاعة.
5- بعد أن لم يكن فرق بين اليأس والقنوط في المعنى كان ذكر اليأس بعد القنوط من باب عطف البيان «وربما يخص اليأس بالأمور الدنيوية والقنوط بالأمور الأخروية»، الوافي ج 175/3.
6- الضمير يرجع إلى الكبيرة.
7- أي في الدوام والاستمرار وعدم الانقطاع.
8- اهونيته إما من حيث نوعه وذاته وإما من حيث انقطاعه بخلاف الأول.
9- المجادلة / 22. أي وقواهم بنور وبرهان منه. فالّذي يفارقه هو كمال الإيمان وما يترتب عليه به من آثار.

اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يسلب منه روح الإيمان ما دام على بطنها فإذا نزل عاد الإيمان(1). قال : قلت [له] : أرأيت إن هم (2)؟ قال : لا، أرأيت إن هم أن يسرق أتُقْطَعُ يده؟.

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن صباح بن سيابة قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له محمّد بن عبده : يزني الزاني وهو مؤمن ؟ قال : لا إذا كان على بطنها سُلِبَ الإيمان منه فإذا قام رُدَّ عليه، قلت: فإنه أراد أن يعود ؟ قال : ما أكثر م يهم أن يعود ثمّ لا يعود (3).

14 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد عن الوشّاء، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : الكبائر سبعة (4) ؛ منها قتل النفس متعمّداً، والشرك باللّه العظيم وقذف المحصنة، وأكل الرّبا بعد البينة والفرار من الزَّحف والتعرب بعد الهجرة، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلماً، قال : والتعرب والشرك واحد (5).

15 - أبان، عن زياد الكناسي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): والّذي إذا دعاه أبوه لعن أباه والّذي إذا أجابه ابنه يضربه (6).

16 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، رفعه، عن محمّد بن داود الغنوي، عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أمير المؤمنين، إن ناساً زعموا أن العبد لا يزني وهو مؤمنٌ، ولا يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن، ولا يأكل الربا وهو مؤمن، ولا يسفك الدم الحرام وهو مؤمن، فقد ثقل عليَّ هذا وحرج (7) منه صدري حين أزعم أن هذا العبد يصلي صلاتي، ويدعو دعائي، ويناكحني وأناكحه، ويوارثني وأوارثه، وقد خرج من الإيمان من أجل ذنب يسير (8) أصابه، فقال أمير

ص: 273


1- أي إليه إما بعد زواله كلياً، أو إلى كماله بعد نقصانه بفعل الزنا، ولا بد من حمل ذلك على ما بعد التوبة، لا بمجرد النزول عن بطن الزانية.
2- أي قصد الزنا هل يفارقه روح الإيمان مرآة المجلسي 27/10.
3- مر مضمون هذا الحديث فيما مضى وعلّقنا عليه.
4- «كأن التاء بتأويل الكبيرة بالذنب إن لم يكن من تصحيف النساخ» مرآة المجلسي 28/10.
5- «قوله : التعرب والشرك واحد اعتذار عما يتراءى من المخالفة بين الإجمال والتفصيل في العدد فالمعنى أن المراد بالشرك ما يشمل التعرب أيضاً فإنه بمنزلة الشرك... فذكره بعده من قبيل ذكر الخاص بعد العام لبيان الفرد الخفيّ» مرآة المجلسي 28/10 - 29، والوافي ج 175/3.
6- «الأمران من إفراد العقوق وفيه تنبيه على أن العقوق قد يكون من جانب الوالد أيضاً»، الوافي ج 175/3.
7- أي ضاق.
8- «كأنه عده يسيراً لأن الخلل في العقائد الإيمانية أعظم منه. وقيل : اليسير في مقابل الكثير فلا ينافي عظمة الذنوب المذكورة. وقيل : اليسير هنا ما قل زمانه وانقضت لذته سريعاً» مرأة المجلسي 31/10.

المؤمنين صلوات اللّه عليه : صدقت سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول : والدليل عليه كتاب اللّه.

خلق اللّه عزّ وجلّ النّاس على ثلاث طبقات وأنزلهم ثلاث منازل وذلك قول اللّه عزّ وجلّ الكتاب : (أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقون) (1)، فأما ما ذكر من أمر السابقين فإنّهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين، جعل اللّه فيهم خمسة أرواح : روح القدس وروح الإيمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين وبها علموا الأشياء، وبروح الإيمان عبدوا اللّه ولم يشركوا به شيئاً، وبروح القوَّة جاهدوا عدوهم وعالجوا معاشهم، وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ونكحوا الحلال من شباب النساء، وبروح البدن دبّوا ودرجوا، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم، ثمّ قال: قال اللّه عزّ وجلّ : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) (2) ثمّ قال في جماعتهم (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (3) يقول : أكرمهم بها ففضّلهم على من سواهم، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم.

ثمّ ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقاً بأعيانهم جعل اللّه فيهم أربعة أرواح : روح الإيمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الأربعة حتّى تأتي عليه،حالات فقال الرجل : يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات؟ فقال : أما أولاهنَّ فهو كما قال اللّه عزّ وجلّ: (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا) (4)، فهذا ينتقص منه جميع الأرواح، وليس بالّذي يخرج من دين اللّه، لأنَّ الفاعل به ردَّه إلى أرذل عمره، فهو لا يعرف للصلاة وقتاً، ولا يستطيع التهجد بالليل ولا بالنّهار، ولا القيام في الصف مع النّاس(5) فهذا نقصان من روح الإيمان وليس يضره شيئاً (6) ؛ ومنهم من ينتقص منه روح القوَّة فلا يستطيع جهاد عدوّه، ولا يستطيع طلب المعيشة. ومنهم من ينتقص منه روح الشهوة فلو مرت به أصبحُ بنات آدم لم يحنَّ إليها (7)، ولم يقم، وتبقى روح البدن فيه فهو يدب ويدرج حتّى

ص: 274


1- هذا مضمون الآيات 8 و 9 و 10 من سورة الواقعة.
2- البقرة/ 253.
3- المجادلة / 22. وقد مر مجمل هذا الحديث في كتاب الحجة من المجلد الأوّل تحت الأرقام 1 و 2 و 3 وعلقنا عليه هناك فراجع.
4- النحل / 70.
5- أي في صلاة الجماعة.
6- لأنه نقصان في الأفعال مع العذر.
7- أي لم يمل إليها ولم يشتهها.

يأتيه ملك الموت فهذا الحال خير (1)، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ هو الفاعل به. وقد تأتي عليه حالات في قوته وشبابه فيهم بالخطيئة فيشجّعه روح القوَّة، ويزين له روح الشهوة، ويقوده روح البدن حتّى توقعه في الخطيئة، فإذا لامسها نقص من الإيمان وتفصّى منه (2) فليس يعود فيه حتّى يتوب، فإذا تاب تاب اللّه عليه وإن عاد أدخله اللّه نار جهنم.

فأما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى يقول اللّه عزّ وجلّ : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ) (3) يعرفون محمّداً والولاية في التوراة والإنجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم. (وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (4) (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ أنك الرسول إليهم فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (5). فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم [ اللّه ] بذلك فسلبهم روح الإيمان، وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح : روح القوَّة وروح الشهوة وروح البدن، ثمّ أضافهم إلى الأنعام، فقال : (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ) (6). لأنَّ الدابة إنّما تحمل بروح القوة وتعتلف بروح الشهوة وتسير بروح البدن، فقال [له] السائل : أحييت قلبي بإذن اللّه يا أمير المؤمنين.

17 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن داود قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا زنى الرجل فارقه روح الإيمان؟» قال: فقال : هو مثل قول اللّه عزّ وجلّ : [ (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) (7) ثمّ قال : غير هذا أبين منه، ذلك قول اللّه عزّ وجلّ]: (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)هو الّذي فارقه.

18 - يونس، عن ابن بكير، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (8) الكبائر فما سواها. قال : قلت: دخلت

ص: 275


1- أي لا يكون هذا النقص في الروح سبياً لإثمه وضرره الأخروي. وفي بعض النسخ : «فهذا مجال خير».
2- أي تخلص منه روح الإيمان أو خرج هو منه.
3- البقرة/ 146 – 147.
4- البقرة/ 146 – 147.
5- البقرة/ 146 – 147.
6- الفرقان / 44.
7- البقرة / 267. ولا تيمموا الخبيث أي لا تقصدوا الردي. وروي أنهم كانوا يتصدقون بالتمر الرديء أو الفاسد منه فنهوا عن ذلك. «وأما التشبيه فيحتمل وجوهاً الأوّل : أن الأعمال الصالحة إنفاق من النفس وإذا فارقها روح الإيمان بسبب الأعمال السيئة صارت خبيثة... والثاني : أن الإيمان يصير خبيثاً كالمال الرديء الثالث: أن إيمان الزاني ناقص لا إنه معدوم بكله أن الإنفاق من المال الخبيث ناقص لا أنّه ليس بإنفاق أصلا...» مرآة المجلسي 41/10.
8- النساء / 48.

الكبائر في الاستثناء (1) قال : نعم.

19 - يونس عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الكبائر فيها استثناء أن يغفر لمن يشاء؟ قال : نعم.

20 - يونس، عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : (ومن يُؤْتَ الحكمة فقد أُوتِيَ خيراً كثيراً) (2) قال : معرفة الإمام، واجتناب الكبائر الّتي أوجب اللّه عليها النّار.

21 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حكيم قال: قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الكبائر تخرِجُ من الإيمان؟ فقال: نعم وما دون الكبائر قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن».

22 - ابن أبي عمير، عن عليّ [بن] الزَّيّات عن عبيد بن زرارة قال: دخل ابن قيس الماصر وعمرو بن ذرّ - وأظنّ (3) معهما أبو حنيفة - على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتكلّم ابن قيس الماصر فقال : إنا لا نخرج أهل دعوتنا وأهل ملّتنا (4) من الإيمان في المعاصي والذنوب، قال: فقال له أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ابن قيس، أما رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقد قال : لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن، فاذهب أنت وأصحابك حيث شئت (5).

23 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد اللّه سنان قال : بن سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرَّجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت، هل يخرجه ذلك منالإسلام وإن عذب كان عذا به كعذاب المشركين أم له مدَّة وانقطاع ؟ فقال : من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنّها حلال أخرجه ذلك من الإسلام وعذب أشدَّ العذاب، وإن كان معترفاً أنّه أذنب ومات عليه أخرجه من الإيمان ولم يخرجه من الإسلام وكان عذابه أهون من عذاب الأول(6).

ص: 276


1- «أي في التعليق بالمشيئة وقد شاع تسمية التعليق بمشيئة اللّه استثناء فإن قولك : أفعل ذلك إنشاء اللّه في قوة قولك : إلّا أن لا يشاء اللّه فعلي» مرآة المجلسي 43/10.
2- البقرة/ 269. وقيل : بأن الحكمة علم القرآن. وقيل : هي الإصابة في القول والفعل، وقيل : هي النبوَّة. وقيل غير ذلك.
3- هذا الظن من الراوي.
4- أي الّذين ينتسبون إلى ديننا ويدعون إلى ما ندعو إليه منه.
5- يشير قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى المنافاة بين الاتصاف بالإيمان ومقارفة الكبائر.
6- مر مضمون هذا الحديث في باب الكبائر من هذا المجلد تحت رقم (10) وعلقنا عليه فراجع.

24 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني قال : حدّثني أبو جعفر صلوات اللّه عليه قال : سمعت أبي يقول: سمعت أبي موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : دخل عمرو بن عبيد (1) على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلمّا سلّم وجلس تلا هذه الآية : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ) (2)، ثمّ أمسك (3). فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما أسكتك ؟ قال : أحب أن أعرف الكبائر من كتاب اللّه عزّ وجلّ، فقال: نعم يا عمرو أكبر الكبائر الإشراك باللّه، يقول اللّه : (مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) (4). وبعده الإياس من روح اللّه، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (5) ثمّ الأمن لمكر اللّه، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (6). ومنها عقوق الوالدين لأنَّ اللّه سبحانه جعل العاقَ جباراً شقياً (7). وقتل النفس الّتي حرَّم اللّه إلّا بالحق، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا... إلى آخر الآية) (8) وقذف المحصنة، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (9) وأكل مال اليتيم، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) (10). والفرار من الزحف لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول: ﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (11) وأكل الربا لأنَّ ؟ اللّه عزّ وجلّ يقول : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) (12) والسحر، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ

ص: 277


1- هو من شيوخ المعتزلة.
2- النجم / 32، وقيل : كبائر الإثم : الإشراك باللّه والفواحش كالزنا وما شاكله.
3- أي سكت.
4- المائدة / 72، والآية في المصحف هكذا: «إنه من يشرك باللّه... الآية»، ولعله من تصحيف النساخ، أو أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أوردها بالمعنى.
5- يوسف / 87. وروح اللّه هنا فرجه ورحمته.
6- الأعراف/ 99، ومكر اللّه هنا استدراجه عزّ وجلّ لخلقه بالنعم، والخاسرون : الهالكون.
7- فيه إشارة إلى قوله عزّ وجلّ على لسان عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) مريم /32. وإلى قوله تعالى حكاية عن يحيى (عَلَيهِ السَّلَامُ) (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا) مريم / 14.
8- النساء / 93. وصدر الآية هكذا (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا...) وعجزها هكذا (وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا).
9- النور/ 23 وأول الآية هكذا : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ).
10- النساء/ 10 ومطلع الآية هكذا (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا...).
11- الأنفال/ 16، والمتحرف : المتحرك المتقدم من أصحابه أن يرى عورة من العدو أن يصيبها. وقيل : المتحرف المستفرد لتمكنه غرة من طالبه.
12- البقرة/ 275، والمس الجنون. ويتخبطه: يصرعه ويخنقه.

خَلَاقٍ) (1) والزّنا، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) (2). واليمين الغموس (3) الفاجرة لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) (4). والغلول لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (5). ومنع الزَّكاة المفروضة، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ) (6). وشهادة الزور وكتمان الشهادة لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (7). وشرب الخمر لأنَّ اللّه عزّ وجلّ نهى عنها كما نهى عن عبادة الأوثان (8). وترك الصلاة متعمداً أو شيئاً ممّا فرض اللّه، لأنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : «من ترك الصلاة متعمداً فقد برىء من ذمّة اللّه وذمّة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، ونقض العهد وقطيعة الرحم»، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (ُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (9) قال : فخرج عمرو وله صراخ من بكائه وهو يقول : هَلَك من قال برأيه ونازَعَكُمْ في(10) الفضل والعلم.

باب استصغار الذنب

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، جميعاً، - عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي أسامة زيد الشحّام قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اتقوا المحقّرات من الذُّنوب فإنّها لا تُغفر، قلت : وما المحقرات؟ قال : الرجل يذنب الذَّنب فيقول : طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك (11).

ص: 278


1- البقرة/ 102، والخلاق هنا النصيب.
2- الفرقان/ 69.
3- أي الكاذبة.
4- آل عمران / 77.
5- آل عمران/ 161. والغلول : هو الخيانة في الغنيمة والسرقة منها قبل القسمة.
6- التوبة / 35.
7- البقرة/ 283. وإنما أضاف الإثم إلى القلب وإن كان الإثم للجملة لأن اكتساب الإثم بكتمان الشهادة يقع بالقلب لأن العزم على الكتمان إنما يقع به مرآة المجلسي 61/10.
8- «أي ذكرهما في آية واحدة وسياق واحد فيدل على مقاربتهما في وجوب تركهما وترتب العقاب على فعلهما ولذا ورد شارب الخمر كعابد الوثن» ن. م ص / 62.
9- الرعد /25، وسوء الدار : سوء العاقبة يوم القيامة.
10- يريد أهل بيت النبوَّة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
11- أي غير ذلك الذنب الّذي عده حقيراً بلحاظ ذاته ولم يعتن به.

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا تستكثروا كثير الخير ولا تستقلوا قليل الذُّنوب، فإنَّ قليل الذُّنوب يجتمع حتّى يكون كثيراً، وخافوا اللّه في السر (1) حتّى تعطوا من أنفسكم النَّصَفَ (2).

3 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال والحجّال، جميعاً، عن ثعلبة، عن زياد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نزل بأرض قرعاء(3) فقال لأصحابه : ائتوا بحطب، فقالوا يا رسول اللّه نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب قال : فليأت كلّ إنسان بما قدر عليه فجاؤوا به حتّى رموا بين يديه بعضه على بعض فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : هكذا تجتمع الذُّنوب، ثمّ قال: إيّاكم والمحقرات من الذُّنوب، فإنَّ لكلّ شيء طالباً، ألا وإنَّ طالبها (4) يكتب ما قدَّموا وآثارهم وكلَّ شيء أحصيناه في إمام مبين (5).

باب الإصرار على الذنب

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عبد اللّه بن محمّد النهيكي، عن عمّار بن مروان القندي، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا صغيرة مع الإصرار (6)، ولا كبيرة مع الاستغفار (7).

2 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شُمَّر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (8) قال : الإصرار هو أن يذنب الذَّنب فلا يستغفر اللّه ولا يحدّث نفسه بتوبة فذلك الإصرار (9).

ص: 279


1- أي في القلب أو الخلوة.
2- «أي حتّى يبلغ خوفكم درجة يصير سبباً لإعطاء الإنصاف والعدل من أنفسكم للناس ولا ترضون لهم ما لا ترضون لأنفسكم» مرآة المجلسي 69/10.
3- أي جرداء لا نبات فيها.
4- وهو اللّه سبحانه.
5- أورد (عَلَيهِ السَّلَامُ) مضمون الآية 12 من سورة يس (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ...) الآية.
6- دل الحديث على أن الإصرار على المعصية الصغيرة في حد ذاته كبيرة من الكبائر.
7- المراد بالاستغفار التوبة النصوح.
8- آل عمران 135 وهم يعلمون : أي أنهم قد عضوا.
9- «وقد فسر بعض علمائنا الإصرار بأنه الإكثار من فعل المعصية الصغيرة سواء كان من نوع واحد أو أنواع مختلفة فراجع» مرآة المجلسي 72/10.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا واللّه لا يقبل اللّه شيئاً من طاعته على الإصرار على شيء من معاصيه.

باب في أصول الكفر وأركانه

باب في أصول الكفر وأركانه (1)

1 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أصول الكفر ثلاثة : الحرص والاستكبار، والحسد، فأما الحرص فإنَّ آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين نهي عن الشجرة، حمله الحرص على أن أكل منها. وأما الاستكبار فإبليس حيث أمر بالسجود لآدم فأبى، وأما الحسد فابنا آدم (2) حيث قتل أحدهما صاحبه.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أركان الكفر أربعة : الرَّغبة والرهبة (3) والسخط (4) والغضب.

3- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن نوح بن شعيب، عن عبد اللّه الدهقان، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ أوَّل ما عُصي اللّه عزّ وجلّ به ستّ : حبُّ الدنيا (5)، وحبُّ الرئاسة (6) وحبُّ الطعام (7)، وحبُّ النوم (8)، وحبُّ الرَّاحة، وحبُّ النساء (9)».

4 - محمّد بن يح بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان عن طلحة بن زید عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ رجلاً من خثعم، جاء إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : أي الأعمال أبغض إلى

ص: 280


1- «كأن المراد بأصول الكفر ما يصير سبباً للكفر أحياناً لا دائماً» مرآة المجلسي 73/10.
2- بتقدير : معصية ابني آدم والقصود معصية أحدهما بقتل أخيه حسداً له.
3- «لعل المراد بالرغبة الرغبة في الدنيا والحرص عليها أو اتباع الشهوات النفسانية وبالرهبة الخوف من قوات الدنيا و اعتباراتها بمتابعة الحق أو الخوف من القتل عند الجهاد، ومن الفقر عند أداء الزكاة... الخ»، مرآة المجلسي 10 / 74 – 75.
4- السخط «عدم الرضا بقضاء اللّه وانقباض النفس في أحكامه وعدم الرضا بقسمه» ن. م.
5- أي زخارفها ولذائذها بنحو ينسي الآخرة.
6- أي بالظلم والعسف والتسلط.
7- أي للذته لا للاستعانة به على الطاعة.
8- أي بشكل يكون مانعاً عن أداء الطاعات.
9- أي الإغراق فيه بحيث يؤدي إلى الوقوع في الحرام.

اللّه عزّ وجلّ؟ فقال : الشرك باللّه، قال : ثمّ ماذا؟ قال : قطيعة الرحم، قال : ثمّ ماذا؟ قال : الأمر بالمنكر (1) والنهي عن المعروف.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسن بن عطية، عن يزيد الصائغ قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): رجلٌ على هذا الأمر (2) إن حدث كذب، وإن وعد أخلف وإن ائتمن خان، ما منزلته؟ قال : هي أدنى (3) المنازل من الكفر وليس بكافر.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من علامات الشقاء جمود العين (4) وقسوة القلب(5)، وشدة الحرص في طلب الدُّنيا، والإصرار على الذَّنب».

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن أسباط، عليّ بن أسباط عن داود بن النعمان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : خطب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) النّاس فقال: «ألا أخبركم بشراركم»؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه قال: «الّذي يمنع رفده (6) ويضرب عبده ويتزود وحده (7)»، فظنوا أنَّ اللّه لم يخلق خلقاً هو شرٌّ من هذا.

ثمَّ قال: «ألا أخبركم بمن هو شرٌّ من ذلك»؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه، قال : «الّذي لا يرجى خيره ولا يؤمن شره»، فظنوا أنَّ اللّه لم يخلق خلقاً هو شر من هذا.

ثمّ قال: «ألا أخبركم بمن هو شر من ذلك»؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: «المتفحّش (8) اللعان الّذي إذا ذكر عنده المؤمنون لعنهم وإذا ذكروه لعنوه».

8 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ثلاث من كن فيه كان منافقاً وإن صام وصلى وزعم أنّه مسلم : من إذا انتُمِنَ خان، وإذا حدَّث كَذَب، وإذا وَعَدَ أخلف»، إنَّ اللّه عزّ وجلّ قال

ص: 281


1- «المنكر: ما حرمه اللّه أو ما علم بالشرع أو العقل قبحه ويحتمل شموله للمكروه أيضاً» مرآة المجلسي 76/10.
2- أي الاعتقاد بالإمامة والتشيع.
3- أي أقرب المراتب من الكفر.
4- الشقاء ضد السعادة، وهو سوء العاقبة بالعذاب يوم القيامة وجمود العين : كناية عن عدم البكاء من خشية اللّه أو عند تذكر أيام اللّه.
5- قسوة القلب : غلظته بنحو لا يتأثر بذكر اللّه.
6- أي عطاءه ومعونته للمحتاج.
7- أي لا يحب أن يشاركه الزاد أحد، وهو كناية عن البخل والشح.
8- المبالغ في سوء القول والكلام الرديء.

في كتابه: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (1). وقال : (أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) (2) وفي قوله عزّ وجلّ : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا) (3).

9 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ألا أخبركم بأبعدكم مني شَبَها»؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه، قال: «الفاحش المتفحش البذيء (4) البخيل المختال (5) الحقود الحسود القاسي القلب، البعيد من كلّ خير يرجى، غير المأمون من كلّ شر يتّقى».

10 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد، عن منصور بن العباس، عن علي ابن أسباط، رفعه إلى سلمان (6) قال : إذا أراد اللّه عزّ وجلّ هلاك عبد نزع منه الحياء (7)، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه ألا خائناً مخوناً، فإذا كان خائناً مخوناً نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلّا فظّاً غليظاً، فإذا كان فظّاً غليظاً نزعت منه ربقة الإيمان (8)، فإذا نزعت منه ربقة الإيمان لم تلقه إلّا شيطاناً (9) ملعون (10).

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن زياد الكرخي عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ثلاث (11) ملعونات ملعون من فعلهنَّ : المتغوط في ظلّ النزال (12) والمانع الماء المنتاب (13)، والساد الطريق المعربة (14)».

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي

ص: 282


1- الأنفال/ 58.
2- النور/ 7.
3- مريم / 54.
4- البذيء : سليط اللسان بسوء القول ورديء الكلام.
5- المتكبر المعجب بنفسه.
6- المقصود به سلمان الفارسي (رَحمهُ اللّه) وحيث من يسند هذا الحديث إلى المعصوم فهو من صنف الموقوف.
7- وذلك بسلب لطفه سبحانه عنه.
8- أي كمال الإيمان، أو بعض معانيه الّتي مرت عند حديثنا عنه في أوائل هذا المجلد.
9- «أي شبيهاً به في الصفات أو بعيداً من اللّه ومن هدايته وتوفيقه» مرآة المجلسي 82/10.
10- أي مطروداً مبعداً من رحمة اللّه.
11- أي ثلاث خصال، واللعن إنما يتعلق بفاعل إحداها.
12- المراد بظل النزال تحت سقف أو شجرة ينزلها المسافرون وقد يعم بحيث يشمل المواضع المعدة لنزولهم وإن لم يكن فيه ظل لاشتراك العلة مرآة المجلسي 83/10.
13- أي الّذي يمنع صاحب النوبة في الاستقاء من الماء عن استيفاء حقه من الماء.
14- أي الطريق الّتي أثر فيها استطراق السابلة حتّى أصبحت معروفة مقصودة للعبور عليها.

عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ثلاث ملعون من فعلهنَّ : المتغوط في ظل النزال والمانع الماء المنتاب، والساد الطريق المسلوك».

13 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي حمزة، عن جابر بن عبد اللّه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ألا أخبركم بشرار رجالكم»؟ قلنا : بلى يا رسول اللّه، فقال: «إنّ من شرار رجالكم البهات (1) الجريء الفحاش الأكل وحده والمانع رفده والضارب عبده والملجيء عياله إلى غيره» (2).

14 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ميسر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «خمسة لعنتهم وكلُّ نبي مجاب(3): الزائد في كتاب اللّه، والتارك لسنتي (4)، والمكذب بقدر اللّه (5)، والمستحل من عترتي (6) ما حرَّم اللّه، والمستأثر بالفيء [و] المستحل له (7)».

باب الرياء

1 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن - القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال لعباد بن كثير البصري في المسجد: ويلك يا عباد إياك والرياء فإنّه من عمل لغير اللّه وكله اللّه إلى من عمل له (8).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : اجعلوا أمركم هذا (9) اللّه ولا تجعلوه للناس، فإنّه ما كان اللّه فهو اللّه وما كان للناس فلا يصعد إلى اللّه (10).

ص: 283


1- البهات : فعّال من البهت وهو أن يكثر في النّاس قول ما ليس فيهم من العيوب.
2- كناية عن بخله وتضييقه عليهم فى المصرف بحيث يضطرهم إلى سؤال النّاس.
3- «أي لعنهم كلّ نبي أجابه قومه أو لا بد من أن يجيبه قومه أو أجاب اللّه دعوته» مرآة المجلسي 86/10.
4- أي بنحو البدعة في الدين.
5- المقصود بهم المفوّضة وقد ورد أنهم مجوس هذه الأمة.
6- وهم أهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- «الفيء : ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد» - كما في النهاية - ومعنى الاستئثار به الانفراد بعدم تسليمه إلى من جعله اللّه له خاصة وهو المعصوم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
8- كناية عن عدم قبوله سبحانه لمثل هذا العمل.
9- أي الاعتقاد بالإمامة. وكونه اللّه أي خالصاً له سبحانه من كلّ ما قد يشوبه من غرض دنيوي.
10- كناية عن عدم قبوله سبحانه وعدم ترتب الثواب عليه.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن يزيد بن خليفة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كلّ رياء شرك (1)، أنّه من عمل للناس كان ثوابه على النّاس، ومن عمل اللّه كان ثوابه على اللّه.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (2) قال : الرَّجل يعمل شيئاً من الثواب لا يطلب به وجه اللّه إنما يطلب تزكية النّاس يشتهي أن يسمع به النّاس فهذا الّذي أشرك بعبادة ربه، ثمّ قال : ما من عبد أسر خيراً فذهبت الأيّام أبداً حتّى يُظهر اللّه له خيراً (3) وما من عبد يُسر شرّاً(4) فذهبت الأيّام حتّى يظهر اللّه له شراً.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن عرفة قال : قال لي الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ويحك يا ابن عرفة : اعملوا لغير رياء ولا سمعة (5)، فإنّه من عمل لغير اللّه وكله اللّه إلى ما عمل ويحك ! ما عمل أحد عملاً إلّا ردّاه اللّه (6)، إن خيراً فخير، وإن شرا فشر.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن يزيد قال : إني لأتعشّى مع أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ تلا هذه الآية : (بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) (7) يا أبا حفص ما يصنع الإنسان أن يتقرب إلى اللّه عزّ وجلّ بخلاف ما يعلم اللّه تعالى، إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يقول : من أسرَّ سريرة ردًّاه اللّه رداءها إن خيراً فخير وإن شرَّاً فشرّ».

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :

ص: 284


1- «هذا هو الشرك الخفي لما أشرك في قصد العبادة غيره تعالى فهو بمنزلة من أثبت معبوداً غيره سبحانه كالصنم» مرآة المجلسي 104/10.
2- الكهف/ 110.
3- يشير إلى أن إخفاء فعل الخير أفضل عند اللّه من إظهاره.
4- أي يخفي في نفسه فعلاً قبيحاً كالرياء مثلاً.
5- «يكون على وجهين، أحدهما : أن يعمل عملاً ويكون غرضه عند العمل سماع النّاس له، كما أن الرياء هو أن يعمل ليراه النّاس فهو قريب من الرياء بل نوع منه. وثانيهما : أن يسمع عمله النّاس بعد الفعل» مرآة المجلسي 107/10.
6- أي يلبسه رداءً بسبب ذلك العمل، وهو من نوع العمل، إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً.
7- القيامة / 14 - 15.

قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنَّ المَلَك ليصعد بعمل العبد مبتهجاً به، فإذا صعد(1) بحسناته يقول اللّه عزّ وجلّ: (اجعلوها في سجين (2) إنه ليس إياي أراد بها).

8 - وبإسناده قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ثلاث علامات للمرائي : ينشط (3) إذا رأى الناس، ويكسل إذا كان وحده، ويحبُّ أن يُحمد في جميع أموره.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن عليّ بن سالم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال اللّه عزّ وجلّ : (أنا خير شريك(4) من أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله إلّا ما كان لي خالصاً).

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن داود، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من أظهر للناس ما يحبُّ اللّه وبارز اللّه بما كرهه(5) لقي اللّه وهو ماقت له (6).

11 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن فضل أبي العباس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما يصنع أحدكم أن يظهر حسناً ويُسر سيئاً(7)، أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أنَّ ذلك ليس كذلك واللّه عزّ وجلّ يقول : (بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)، إنَّ السريرة (8) إذا صحت قويت العلانية (9).

الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن محمّد بن جمهور، عن فضالة، عن معاوية عن الفضيل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

12 - عليّ بن إبراهيم عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عليّ أبي حمزة، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما من عبد يسرُّ خيراً إلّا لم تذهب الأيّام حتّى

ص: 285


1- أي أتم صعوده وانتهى إلى مرتبة العرض على اللّه سبحانه.
2- سجّين : - كما في القاموس - حيث كتاب الفجار كما نصت عليه الآية 7 من سورة المطففين وقد يطلق على واد في جهنم الخ.
3- أي يظهر الاجتهاد والاهتمام بالعمل.
4- «لأنه سبحانه غني لا يحتاج إلى الشركة وإنما يقبل الشركة من لم يكن غنيا بالذات فلا يقبل العمل المخلوط لرفعته وغناه» مرآة المجلسي 110/10 - 111.
5- أي عمل بما يكرهه سبحانه من المعاصي.
6- أي مبغض شانيء له.
7- أي يخفي في نفسه نية سوء بخلاف ما يُظهر.
8- أي النية.
9- أي نشطت الجوارح للعمل في السر والعلن.

يظهر اللّه له خيراً، وما من عبد يسر شراً إلّا لم تذهب الأيّام حتّى يظهر اللّه له شرّاً.

13 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن يحيى بن بشير، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أراد اللّه عزّ وجلّ بالقليل من عمله أظهر اللّه له أكثر ممّا أراد، ومن أراد النّاس بالكثير من عمله في تعب من بدنه وسهر من ليله أبى اللّه عزّ وجلّ إلّا أن يقلّله(1) في عين من سمعه.

14 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سيأتي على النّاس زمان تخبث فيه سرائرهم وتحسن فيه علانيتهم، طمعاً في الدُّنيا، لا يريدون به ما عند ربهم يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف، يعمهم اللّه بعقاب فيدعونه دعاء الغريق (2) فلا يستجيب لهم.

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن يزيد قال : إني لأتعشّى مع أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ تلا هذه الآية : بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره، يا أبا حفص ما يصنع الإنسان أن يعتذر إلى النّاس بخلاف ما يعلم اللّه منه، إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يقول : من أسرَّ سريرة ألبسه اللّه رداءها إن خيراً فخير وإن شراً فشرّ.

16 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : الإبقاء على العمل أشدُّ من العمل، قال : وما الإبقاء على العمل؟ قال : يصل الرجل بصلة وينفق نفقة اللّه وحده لا شريك له فكتب له سرًّا، ثمّ يذكرها (3) فتمحى فتكتب له علانية (4)، ثمّ يذكرها فتمحى وتكتب له رياء (5).

17 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : اخشوا اللّه خشية ليست بتعذير (6)، واعملوا اللّه في غير رياء ولا سمعة فإنه من عمل لغير اللّه وكله اللّه إلى عمله.

18 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة،

ص: 286


1- أي يحقره، والضمير يرجع إلى كثير العمل.
2- أي دعاء من أشرف على الفرق.
3- أي يظهرها.
4- بلحاظ أقلية ثواب صدقة العلن عن صدقة السر.
5- أي أنّها لا ترد فقط ويحبط أجرها بل تكتب عليه معصية يلحقه عقابها.
6- أي ليست بذات تقصير أي لا تكونوا مقصرين فيها.

عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسره (1) ذلك؟ فقال : لا بأس، ما من أحد إلّا وهو يحبُّ أن يظهر له في النّاس الخير، إذا لم يكن صنع ذلك لذلك (2).

باب طلب الرئاسة

باب طلب الرئاسة (3)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلاد عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه (4) ذكر رجلاً فقال : إنه يحبُّ الرئاسة، فقال : ما ذئبان ضاريان(5) في غنم قد تفرَّق رعاؤها (6) بأضرَّ في دين المسلم من الرّئاسة.

2 - عنه، عن أحمد عن سعيد بن جناح عن أخيه أبي عامر، عن رجل، عن أبي عبد قال : اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من طلب الرئاسة (7) هلك.

3 - عدة عدَّة من أصحابنا، عن أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عبد اللّه بن مسكان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إياكم وهؤلاء الرؤساء الّذين يترأسون، فواللّه ما خفقت النعال (8) خلف رجل إلّا هلك وأهلك (9).

4 - عنه، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع وغيره رفعوه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ملعون من ترأس (10)، ملعون من هم بها، ملعون من حدث بها نفسه.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن أيّوب، عن أبي عقيلة

ص: 287


1- الضمير يرجع إلى العامل.
2- أي ليراه النّاس فيكون رياءً أو ليسمع به النّاس فيكون سمعة وكلاهما مذموم منهي عنه.
3- أي الشرف والمنصب والعلو على النّاس.
4- يحتمل أن الذاكر هو الراوي أو المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ).
5- الضاري الوحش الّذي بهجم على الحيوان ليصطاده ويأكله.
6- إيماء إلى شدة الفتك بالقطيع عندما يتركه الراعي.
7- المقصود بها الرئاسة بالقهر والتسلط وتلك الّتي ليس لها بأهل وكله مذموم.
8- أي ما ضربت النعال الأرض.
9- «هذا محمول على الجماعة الّذين كانوا في أعصار الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويدعون الرئاسة من غير استحقاق، أو تحذير من تسويل النفس وتكبرها واستعلائها باتباع العوام ورجوعهم إليه فيهلك بذلك ويهلكهم بإضلالهم» مرآة المجلسي 123/10.
10- «أي ادعى الرياسة بغير حق فإن التفعّل غالباً يكون للتكليف» مرآة المجلسي 123/10.

الصيرفي :قال : حدَّثنا كرّام، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إيّاك والرئاسة وإياك أن تطأ أعقاب الرجال قال قلت جعلت فداك أمّا الرئاسة فقد عرفتها وأما أن أطأ أعقاب الرّجال فما ثلثا ما في يدي (1) إلّا ممّا وطئت أعقاب الرجال. فقال لي(2): ليس حيث تذهب إياك أن تنصب رجلاً دون الحجّة، فتصدقه في كلّ ما قال.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : ويحك يا أبا الرَّبيع لا تطلبنَّ الرّئاسة ولا تكن ذئباً(3) ولا تأكل بنا النّاس (4) فيفقرك اللّه، ولا تقل فينا ما لا نقول في أنفسنا (5) فإنك موقوف ومسؤول لا محالة.(6). فإن كنت صادقاً صدقناك وإن كنت كاذباً كذَّبناك.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن منصور بن العباس، عن ابن مياح (7)، عن أبيه قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من أراد الرِّئاسة هَلَك.

8 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أترى (8) لا أعرف خياركم من شراركم؟ بلى واللّه وإن شراركم مَن أحَبَّ أن يوطًا عَقِبه، إنه لا بدَّ (9) من كذاب أو عاجز الرّأي.

باب اختتال الدنيا بالدين

1 - محمّد بن يحيى. بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر عن يونس بن ظبيان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ

ص: 288


1- أي من الروايات أو من العلم.
2- أجاب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «بأنه ليس الغرض النهي عن ذلك بل الغرض النهي عن جعل غير الإمام المنصوب من قبل اللّه تعالى بحيث تصدقه في كلّ ما يقول» مرآة المجلسي 124/10.
3- في بعض النسخ (ذنباً) أي إمعَة تابعاً لغيرك ممّن لم يجعله اللّه أهلاً للرئاسة.
4- «أي لا تجعل انتسابك إلينا بالتشيع أو العلم أو النسب مثلا وسيلة لأخذ أموال النّاس أو إضرارهم...» مرأة المجلسي 124/ 10.
5- بأن تنسب إلينا ما ليس فينا كالربوبية أو الحلول باللّه سبحانه أو الاتحاد معه فإن كلّ ذلك شرك.
6- أي لا محيص عنه ولا بد منه.
7- هو الحسين أو الحسن بن مباح المدائني.
8- الاستفهام إنكاري.
9- والتقدير «لا بد لنا من كذاب. أولا بد في الأرض من كذاب يطلب الرياسة ومن عاجز الرأي يتبعه» مرآة المجلسي 125/10.

يقول : (ويل (1) للّذين يختلون الدنيا بالدين (2)، وويل للّذين يقتلون الّذين يأمرون بالقسط من الناس (3)، وويل للّذين يسير المؤمن فيهم بالتقية، أبي يغترون أم عليَّ يجترؤون، فبي حلفت لأتيحنَّ (4) لهم فتنة تترك الحليم (5) منهم حيران).

باب من وَصَفَ عدلا وعمل بغيره

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يوسف البزاز، عن معلّى ابن خنيس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) [أنّه] قال : إنَّ [من] أشدّ النّاس حسرة يوم القيامة من وصف عدلاً ثم عمل بغيره (6).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن قتيبة الأعشى عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : إِنَّ [من] أشدّ النّاس عذاباً يوم القيامة من وصف عدلاً وعمل بغيره.

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ من أعظم النّاس حسرة يوم القيامة من وصف عدلاً ثمّ خالفه إلى غيره.

4 - محمّد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن عليّ بن مهزيار، عن عبد اللّه ابن يحيى، عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : في قول اللّه عزّ وجلّ : (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ) (7)، قال : يا أبا بصير هم قوم وصفوا عدلاً بألسنتهم ثمّ خالفوه إلى غيره.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن عطية، عن خَيْثَمَة قال : قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أبلغ شيعتنا أنّه لن ينال ما عند اللّه (8) إلّا بعمل،

ص: 289


1- أي عذاب وهلاك وقيل : ويل اسم واد في جهنم.
2- أي يطلبون الدنيا بعمل الآخرة، وذلك بالرياء والمخادعة والمراوغة.
3- وهم الأنبياء والأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ) والعلماء والصالحون.
4- أي لأقيض أو لأقدرن.
5- أي العاقل ذو الأناة والتدبر في الأمور.
6- «العدل: الوسط الغير المايل إلى إفراط أو تفريط. يعني من علم غيره طريقاً وسطاً في الأخلاق والأعمال ثمّ لم يعمل به ولم يحمل نفسه عليه تكون حسرته يوم القيامة أشد من كلّ حسرة وذلك لأنه يرى ذلك الغير قد سعد بما تعلمه منه وبقي هو بعلمه شقياً...» الوافي ج 147/3.
7- الشعراء / 94. (فكبكبوا) أي رمي بعضهم على بعض في الجحيم منكبين على وجوههم، وأصل (كبكبوا) (كببوا) فكررت الكاف، كما قيل.
8- أي من الأجر والثواب والدرجات.

وأبلغ شيعتنا أنَّ أعظم النّاس حسرة يوم القيامة من وصف عدلاً ثمّ يخالفه إلى غيره.

باب المِراء والخصومة ومعاداة الرجال

باب المِراء (1) والخصومة (2) ومعاداة الرجال

1 - عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): إيّاكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان (3) وينبت عليهما النفاق (4).

2 - وبإسناده قال : قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ثلاث (5) من لقي اللّه عزّ وجلّ بهنَّ دخل الجنّة من أي باب شاء : مَن حسن خُلقه، وخشي اللّه في المغيب والمحضر، وترك المراء وإن كان محقاً.

3 - وبإسناده قال : من نصب اللّه غرضاً للخصومات أوشك أن يكثر الانتقال (6).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عمّار بن مروان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا تُمارين حليماً (7) ولا سفيهاً، فإنَّ الحليم يقليك(8) والسفيه يؤذيك (9).

5 - عليٌّ، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر بن يزيد عن أبي

ص: 290


1- أي الجدال بلا غرض ديني.
2- «أصل المخاصمة - كما يقول الراغب - أن يتعلق كلّ واحد بخصم الآخر أي جانبه وأن يجذب كلّ واحد خصم الجوالق من جانب» والمخاصمة - كما قيل - تكون غالباً في الأمور الدنيوية.
3- أي يفسدانها بالبغض والإحن
4- «أي التفاوت بين ظاهر كلّ واحد منهما وباطنه بالنسبة إلى صاحبه، وهذا نفاق أو النفاق مع الربّ تعالى أيضاً إذا كان في المسائل الدينية فإنهما يوجبان حدوث الشكوك والشبهات في النفس والتصلب في الباطل للغلبة على الخصم...» مرآة المجلسي 132/10.
5- أي من الخصال.
6- النصب الإقامة، والغرض الهدف، وإقامة اللّه تعالى هدفاً للخصومات «كناية عن كثرة المخاصمة في ذات اللّه سبحانه وصفاته فإن العقول قاصرة عن إدراكها ولذا نهي عن التفكر فيها وكثرة التفكر والخصومة فيها يقرب الإنسان من كثرة الانتقال من رأي إلى رأي لحيرة العقول فيها وعجزها عن إدراكها... ويحتمل أن يكون المراد الانتقال من الحق إلى الباطل...» مرآة المجلسي 137/10.
7- أي عاقلاً، أو مثبناً في أموره كلها. وهو بمعنييه يقابل السفيه بمعنييه.
8- لأن المثبت الرزين لا ينجر إلى الجدال والخصومة وقد يسبب ذلك إيغار صدره وتولد بغضه.
9- أي بسلاطة لسانه وعدم اعتنائه باللياقات وآداب المجادلة.

عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما كاد جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يأتيني إلّا قال : يا محمّد اتق شحناءَ (1) الرجال وعداوتهم».

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن الحسن بن الحسين الكندي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) «إياك وملاحاة الرجال» (2).

77 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إياكم والمشارة (3) فإنّها تورث المعرَّة (4) وتظهر العورة (5).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن عنبسة العابد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إيّاكم والخصومة فإنّها تشغل القلب (6) وتورث النفاق وتكسب الضغائن (7).

9 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما كاد جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يأتيني إلّا قال : يا محمّد اتق شحناء الرّجال وعداوتهم» (8).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن مهران، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ما أتاني جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) قطُّ إلّا وعظني فآخر قوله لي : إيّاك ومشارة النّاس فإنّها تكشف العورة(9) وتذهب بالعزّ».

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً

ص: 291


1- الشحناء البغضاء.
2- أي لومهم وعذلهم ومخاصمتهم.
3- المشارة مفاعلة الشر من طرفين بأن يبتدىء صاحبه بالشر فيقابله الآخر بمثله.
4- المعرة - كما في القاموس - الإثم والأذى والغرم والدية والخيانة.
5- أي المستور من العيوب.
6- أي تحزن القلب وتغمه فينصرف عن التفكر وعن ذكر اللّه سبحانه.
7- أي الأحقاد.
8- قد مر قبل قليل بنفس السند والألفاظ تحت رقم (5) من هذا الباب، وكأن تكراره من اشتباه النسّاخ
9- أي العيوب المستورة.

عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما عهد إليَّ جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شيء ما عهد إليَّ في معاداة الرجال» (1).

12 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن بعض أصحابه، رفعه، قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من زرع العداوة حصد ما بذر(2).

باب الغضب

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل (3).

2 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه، عن ميسر قال ذكر الغضب عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : إن الرجل ليغضب فما يرضى أبداً حتّى يدخل النار، فأيما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره ذلك، فإنّه سيذهب عنه رجز الشيطان(4)، وأيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه، فإنَّ الرَّحم إذا مست سكنت.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن داود بن فرقد قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الغضب مفتاح كلّ شرّ (5).

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، من القاسم بن سليمان، عن سليمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعت أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أتى رسول اه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رجل بدوي فقال : إنّي أسكن البادية فعلّمني جوامع الكلام (6)، فقال : أمرك أن لا

ص: 292


1- أي ببيان مفاسد هذا الأمر الدينية والدنيوية والتحذير منها والنهي عن الوقوع فيه فيقع فيها.
2- أي أن الثمرة تكون من نوع البذر، فمن يزرع العداوة لا بد وأن يجني العداوة أيضاً.
3- أي إذا أدخل الخل العسل ذهبت حلاوته وخاصته وصار المجموع شيئاً آخر فكذا الإيمان إذا دخله الغضب فسد ولم يبق على صرافته وتغيرت آثاره فلا يسمى إيماناً حقيقة مرآة المجلسي 142/10.
4- أي وساوسه وفي الحديث تنبيه على مفاسد استمرار الغضب لأن ذلك يؤدي إلى تصاعده وتعاظمه حتّى يوقع صاحبه فيما يؤدي به إلى النّار وتوجيه إلى أن تغيير الحالة الّتي يكون الغضبان عليها إلى غيرها يوجب تلاشي الغضب شيئاً فشيئاً حتّى يزول.
5- أي يكون سببا في انفتاح أبواب الشرور والمفاسد عليه كالسفه والظلم والعصبية الخ.
6- أي ما قلت ألفاظه وكثرت معانيه.

تغضب فأعاد عليه الأعرابي المسألة ثلاث مرات حتّى رجع الرجل إلى نفسه(1)، فقال: لا أسأل عن شيء بعد هذا ما أمرني رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلّا بالخير. قال (2) : وكان أبي يقول : أيُّ شيء أشدُّ من الغضب، إنَّ الرَّجل ليغضب فيقتل النفس الّتي حرم اللّه ويقذف المحصنة(3).

5 - عنه، عن ابن فضّال عن إبراهيم بن محمّد الأشعري، عن عبد الأعلى قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : علّمني عظة أتعظ بها، فقال: إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أتاه رجل فقال له : يا رسول اللّه علّمني عظة أتعظ بها، فقال له : انطلق ولا تغضب، ثمّ أعاد إليه فقال له : انطلق ولا تغضب - ثلاث مرات -.

6 - عنه عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عمّن سمع أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من كفَّ غضبه ستر اللّه عورته (4).

7 - عنه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مكتوب في التوراة فيما ناجى اللّه عزّ وجلّ به موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا موسى أمسك غضبك عمّن ملكتك عليه (5) أكفّ عنك غضبي.

8 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن عبد الحميد، عن يحيى ابن عمرو، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى بعض أنبيائه : (يا ابن آدم اذكرتي في غضبك أذكرك في غضبي لا أمحقك فيمن أمحق (6) وارض بي منتصراً فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك (7)).

9 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله، وزاد فيه : وإذا ظُلمت بمظلمة (8) فارض

ص: 293


1- أي التفت إلى أن السؤال واحد والجواب واحد في المرات الثلاث ولذا لا داعي لطرح السؤال نفسه من جديد لأن الجواب سوف يكون هو نفسه.
2- أي الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي يتهم العفيفة بالزنا وهو من الكبائر.
4- لأنه حالة الغضب يفقد شعوره وتنحل إرادته فتصدر منه أمور قبيحة ما كانت لتصدر عنه حالة وعيه وهدوء أعصابه.
5- من العبيد والإماء أو الأعم منه ومن الرعية.
6- في النهاية المحق النقص والمحو والإبطال.
7- «الانتصار: الانتقام ولما كان الغرض من إمضاء الغضب غالباً هو الانتقام من الظالم رغب سبحانه في تركه بأني منظم من الظالم لك وانتقامي خير من انتقامك...» مرآة المجلسي 151/10.
8- المظلمة : اسم لما يطلبه من حق عند ظالمه.

بانتصاري لك فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن إسحاق ابن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ في التوراة مكتوباً : يا ابن آدم أذكرني حين تغضب أذكرك عند غضبي، فلا أمحقك فيمن أمحق، وإذا ظُلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك، فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك.

11 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد وعليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد جميعاً، عن الوشّاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رجلٌ للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : يا رسول اللّه علّمني، قال : اذهب ولا تغضب، فقال الرجل : قد اكتفيت بذاك، فمضى إلى أهله فإذا بين قومه حرب قد قاموا صفوفاً ولبسوا السلاح، فلما رأى ذلك لبس سلاحه، ثمّ قام معهم، ثمّ ذكر قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «لا تغضب» فرمى السلاح، ثمّ جاء يمشي إلى القوم الّذين هم عدو قومه، فقال : يا هؤلاء ما كانت لكم من جراحة أو قتل أو ضرب ليس فيه أثر فعلي في مالي أنا (1) أوفيكموه. فقال القوم : فما كان (2) فهو لكم نحن أولى بذلك منكم، قال : فاصطلح القوم وذهب الغضب.

12 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم وإن أحدكم إذا غضب احمرت عيناه وانتفخت أوداجه ودخل الشيطان فيه (3)، فإذا خاف أحدكم ذلك من نفسه فليلزم الأرض، فإن رجز الشيطان فيه، ليذهب عنه عند ذلك.

13 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض أصحابه، رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) الغضب ممحقة لقلب الحكيم ؛ وقال : من لم يملك غضبه لم يملك عقله (4).

ص: 294


1- أي أنا انفرد بدفعه لكم ولا أشرك في دفعه أفراد العاقلة أو العشيرة حيث قد يكون مظنة المطل أو التأخير والتسويف.
2- أي ممّا ذكرت أو من مطلق حق.
3- «شبّه الغضب في الحديث بالجمرة الّتي هي القطعة المتوهجة من النّار ونسبها إلى الشيطان لأن ينفخ نزغاته ووساوسه تحدث وتشتد وتوقد في قلب ابن آدم وتلتهب ويغلي بها دم القلب كغلي الحميم فيحدث منه دخان بتحليل الرطوبات وينتشر في العروق ويرتفع إلى أعالي البدن والدماغ والوجه كما يرتفع الماء والبخار في القدر فلذلك تحمر العين والوجه والبشرة وتنتفخ الأوداج والعروق وحينئذ يتسلط عليه الشيطان ويدخل فيه ويحمله على ما يريد...» مرآة المجلسي 153/10.
4- لأن نفسه الناطقة نشل عن العمل أثناء غضبه وتحكمه النفس الغضبية في تلك الحال فتمنعه عن التفكر والتدبر بعواقب الأمور.

14 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن الحسن بن عليّ، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من كفَّ نفسه عن أعراض النّاس (1) أقال اللّه نفسه (2) يوم القيامة. ومن كفَّ غضبه عن النّاس كفَّ اللّه تبارك وتعالى عنه عذاب يوم القيامة».

15 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من كفَّ غضبه عن النّاس كفَّ اللّه عنه عذاب يوم القيامة.

باب الحسد

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ الرَّجل ليأتي بأي بادرة فيكفر (3) وإنَّ الحسد (4) ليأكل الإيمان كما تأكل النّار الحطب.

2 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النّار الحطب.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن محبوب، عن داود الرقي أحمد قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : اتقوا اللّه ولا يحسد بعضكم بعضاً، إنَّ عيسى بن مريم كان من شرايعه السيح في البلاد (5)، فخرج في بعض سيحه ومعه رجل من أصحابه قصير وكان كثير

ص: 295


1- أي كف نفسه عن هتك حرمتها بأية صورة من صور الهتك.
2- «قيل : المراد بالنفس هنا العيب. وأقول : يمكن أن يكون المراد بالنفس هنا أيضاً المعنى الشايع لأن الإقالة وإن كان الغالب نسبتها إلى العشرات والذنوب لكن يمكن نسبتها إلى النفس أيضاً فإن الإقالة في الأصل هي أن يشتري الرجل متاعاً فيندم فيأتي البايع فيقول: أقلني، أي اترك ما جرى بيني وبينك وردّ عليّ ثمني وخذ متاعك واستعمل في غفران الذنوب لأنه بمنزلة معاوضة بينه وبين الرب تعالى فكأنه أعطى الذنب وأخذ العقوبة والنفس مرهونة في تلك المعاملة يقتص منها...» مرآة المجلسي 154/10.
3- البادرة - كما في النهاية - هو الكلام الّذي يسبق من الإنسان في الغضب. وقد ذكر المجلسي في مرآته 157/10 عدة وجوه محتملة لهذه الفقرة أوجهها في نظرنا هو «أن عدم منع النفس عن البوادر وعدم إزالة مواد الغضب عن النفس وإرخاء عنان النفس منها ينجر إلى الكفر أحياناً أو غالباً...».
4- الحسد - كما في النهاية - أن يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنى زوالها عنه وتكون له دونه.
5- السيح : - كما في القاموس - الذهاب في الأرض للعبادة. ومنه المسيح.

اللزوم لعيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلما انتهى عيسى إلى البحر قال : بسم اللّه، بصحّة يقين منه فمشى على ظهر الماء، فقال الرجل القصير حين نظر إلى عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) جازه : بسم اللّه بصحة يقين منه فمشى على الماء ولحق بعيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فدخله العجب بنفسه. فقال : هذا عيسى روح اللّه يمشي على الماء وأنا أمشي على الماء فما فضله عليَّ، قال : فُرمِسَ (1) في الماء فاستغاث الماء فاستغاث بعيسى فتناوله من الماء فأخرجه ثمّ قال له : ما قلت يا قصير؟ قال: قلت: هذا روح اللّه يمشي على الماء وأنا أمشي على الماء فدخلني من ذلك عجب، فقال له عيسى : لقد وضعت نفسك في غير الموضع الّذي وضعك اللّه فيه فمقتك اللّه على ما قلت فتب إلى اللّه عزّ وجلّ ممّا قلت قال : فتاب الرّجل وعاد(2) إلى مرتبته الّتي وضعه اللّه فيها(3)، فاتقوا اللّه ولا يحسدن بعضكم بعضاً.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : كاد الفقر أن يكون كفراً وكاد الحسد أن يغلب القدر (4).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن وهب قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : آفة الدين الحسد والعجب والفخر (5).

6 - يونس، عن داود الرقي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): قال اللّه عزّ وجلّ لموسى بن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا ابن عمران لا تحسدن النّاس على ما آتيتهم من فضلي ولا تمدن عينيك (6) إلى ذلك ولا تتبعه نفسك، فإنَّ الحاسد ساخط لنعمي، صاد لقسمي الّذي قسمت بين عبادي ومن يك كذلك فلست منه وليس مني.

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن الفضيل ابن عياض، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن المؤمن يغبط (7) ولا يحسد والمنافق يحسد ولا يغبط

باب العصبية

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن داود بن

ص: 296


1- أي غَمِس.
2- أي في قرارة نفسه واعتقاده.
3- «أي الإقرار بحط نفسه عن الارتقاء إلى درجة النبوَّة وسلّم لعيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) فضله ونبوته وترك الحسد له» مرآة المجلسي 170/1.
4- «لعل المراد بغلبة القدر منعه ما قدر للحاسد أو المحسود من الخير» الوافي ج 148/3.
5- «الحسد والعجب من معاصي القلب والفخر من معاصي اللسان...» مرآة المجلسي 171/10.
6- أي لا تمدن نظر عينيك إلى ما متعت به بعض النّاس كفاراً كانوا أو مؤمنين استحساناً له وتمنياً أن يكون لك مثله، وفي ذلك نهي عن الرغبة في الدنيا الّتي قد تنسي الإنسان الآخرة.
7- الغبطة هي أن تتمنى مثل نعمة غيرك لنفسك من دون تمنيك زوالها عنه.

النعمان عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من تعصب (1) أو تُعصّب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه (2).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، ودرست ابن أبي منصور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربق الإيمان من عنقه».

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من كان في قلبه حبة من خردل(3) من عصبية بعثه اللّه يوم القيامة مع أعراب الجاهلية (4)».

4 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن خضر، عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من تعصب (5) عصبه اللّه بعصابة من نار.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن صفوان بن مهران عن عامر بن السمط، عن حبيب بن أبي ثابت، عن علي ابن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لم يدخل الجنّة حمية (6) غير حمية حمزة بن عبد المطلب - وذلك حين أسلم - غضباً للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في حديث السلا (7) الّذي ألقي على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).

6 - عنه، عن أبيه، عن فضالة، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ الملائكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم (8) وكان في علم اللّه أنّه ليس منهم، فاستخرج ما في

ص: 297


1- العصبية : هي أن يغضب الإنسان لعصبته ويحامي عنهم والعصبة الأقارب من جهة الأب.
2- «إما كناية عن خروجه من الإيمان رأساً للمبالغة أو عن إطاعة الإيمان للإخلال بشريعة عظيمة من شرائعه. أو المعنى : خلع ربقة من ربق الإيمان الّتي ألزمها الإيمان عليه من عنقه» مرآة المجلسي 174/10 - 175.
3- كناية عن القلة.
4- هم سكان البوادي ممّن يبعدون عن حواضر الإسلام الكبرى حيث لا يستطيعون أن يتقفوا بثقافة الإسلام ولا يعرفون حدود ما أمر اللّه سبحانه ولذا فهم ضعيفو الإيمان بعيدون عن الاتصاف بالورع والتقوى والالتزام.
5- أي ارتكب العصبية.
6- «السلا: الجلدة الّتي فيها الولد ألقاها المشركون على رأسه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حين وجدوه في السجود فأخذت حمزة الحمية له فأسلم» الوافي ج 149/3.
7- الأنفة والغيرة.
8- اي في فعل الطاعات والانقياد لأمر اللّه سبحانه أو أن بعض الملائكة كانوا يظنون أنّه من سنخهم الملائكي في حين أنّه كان من الجن كما صرّحت بذلك الآية (50) من سورة الكهف.

نفسه (1) بالحميّة والغضب فقال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (2).

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : سئل عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن العصبيّة، فقال: العصبية الّتي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين وليس من العصبية أن يحبَّ الرَّجل قومه (3) ولكن من العصبية أن يعين(4) قومه على الظلم.

باب الكبر

1 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن يونس عن أبان عن حكيم قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أدنى الإلحاد (5)، فقال : إن الكبر أدناه.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : الكبر قد يكون في شرار النّاس من كلّ جنس، والكبر رداء اللّه، فمن نازع اللّه عزّ وجلّ رداءه لم يزده اللّه إلّا سفالاً (6). إِنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مرفي بعض طرق المدينة وسوداء تلقط السرقين (7) فقيل لها : تنحي عن طريق رسول اللّه فقالت : إنَّ الطريق لمعرض (8)، فهم بها (9) بعض القوم أن يتناولها، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «دعوها فإنها جبّارة» (10).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن عثمان بن عیسی، عن العلاء بن

ص: 298


1- أي أظهر إبليس ما في نفسه.
2- الأعراف/ 12.
3- إما محض المحبة، أو بالأفعال كإعانتهم والسعي في قضاء حوائجهم والبر بهم وهذا ممّا هو مندوب إليه ولا ضير فيه.
4- باليد أو اللسان أو كليهما.
5- الإلحاد: الميل عن الحق إما إلى الشرك باللّه وهذا يبطل الإيمان، أو إلى الشرك بالأسباب وهذا لا ينافي الإيمان بل يضعفه ويوهن عراه.
6- أي ضعة وذلة في عيون النّاس.
7- هو الزبل، معرب : سركين بالفارسية.
8- أي واسع عريض.
9- أي قصدها.
10- أي متكبّرة.

الفضيل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : العز رداء اللّه، والكبر إزاره، فمن تناول شيئاً منه أكبه اللّه في جهنّم (1).

4 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة عن معمر بن عمر بن عطاء، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الكبر رداء اللّه والمتكبر ينازع اللّه رداءه.

5 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن محمّد بن عليّ، عن أبي جميلة (2)، عن ليث المرادي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الكبر رداء اللّه فمن نازع اللّه شيئاً من ذلك (3) أكبّه اللّه في النّار.

6 - عنه، عن أبيه، عن القاسم بن عروة، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالا : لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال ذرة من كبر.

7 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من الكبر، قال : فاسترجعت (4) فقال : مالك تسترجع ؟ قلت : لما سمعتُ منك، فقال : ليس حيث تذهب، إنّما أعني الجحود، إنما هو الجحود (5).

8 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أيّوب بن الحرّ، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: الكبر أن تغمص (6) النّاس وتسفه الحقّ (7).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم عن سيف

ص: 299


1- «الرداء والإزار مثلان في انفراده بصفتي العز والكبر، أي ليستا كسائر الصفات الّتي قد يتصف بها الخلق مجازاً كالرحمة والكرم شبههما بالرداء والإزار لأن المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان لأنه لا يشاركه في ردائه وإزاره أحد فكذلك اللّه لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد» الوافي ج 149/3 نقلا عن النهاية الأثيرية.
2- اسمه المفضّل بن صالح.
3- أي من الكبر.
4- أي قلت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وهذا إنما يقال عند المصيبة لقوله تعالى (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا الخ). وإنما استرجع لما وجد في نفسه من الاعتداد بها فظن أنّه هالك.
5- أي أن المقصود من الكبر الّذي يُدخل صاحبه النّار هو الكفر باللّه سبحانه أو عدم التصديق برسله وبما جاؤوا به من عنده.
6- أي تحتقر وتستصغر.
7- أي تستخف بالحقّ ولا تعبأ به وقد فسره (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الرواية التالية.

ابن عميرة عن عبد الأعلى بن أعين قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إن أعظم الكبر غَمْصُ الخلق وسفه الحق»، قال قلت وما غمصُ الخلق وسفه الحق؟ قال : يجهل الحق ويطعن على أهله، فمن فعل ذلك فقد نازع اللّه عزّ وجلّ رداءه.

10 - عليّبن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن في جهنّم لوادياً للمتكبرين (1) يقال له : سَقَر ؛ شكا إلى اللّه عزّ وجلّ شدَّة حرّه وسأله أن يأذن له أن يتنفس فتنفّس فأحرق جهنّم..

11 - محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن داود بن فرقد، عن أخيه قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ المتكبرين يُجعلون في صُوَرِ الذَّرّ، يتوطّاهم النّاس حتّى يفرغ اللّه من الحساب (2).

12 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن غير واحد، عن علي ابن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : ما الكبر؟ فقال : أعظم الكبر أن تسفه الحقَّ وتغمص النّاس قلت وما سفه الحق قال : يجهل الحقِّ ويطعن على أهله.

13 - عنه، عن يعقوب بن يزيد عن محمّد بن عمر بن يزيد، عن أبيه قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنني أكل الطعام الطيب وأشمُّ الريح الطيبة وأركب الدابة الفارهة(3)، ويتبعني الغلام فترى في هذا شيئاً من التجبّر فلا أفعله؟ فأطرق أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمّ قال : إنما الجبار الملعون من غَمَص النّاس وجهل الحقِّ، قال: عمر فقلت : أما الحقُّ فلا أجهله والغمص لا أدري ما هو قال: من حقر النّاس وتجبر عليهم فذلك الجبار.

14 - محمّد بن جعفر عن محمّد بن عبد الحميد عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ثلاثة لا يكلمهم اللّه ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم شيخ،زان وملك جبّار، ومقل (4). مختال (5)».

ص: 300


1- في هذا إشارة إلى الآية 60 من سورة الزمر. والآية 29 من سورة النحل. والآية 72 من سورة الزمر وكذا الآية 76 من سورة غافر وقال في النهاية : سَقر اسم أعجمي لنار الآخرة.
2- «يدل على أنّه يمكن أن يخلق الإنسان يوم القيامة أصغر ممّا كان مع بقاء الأجزاء الأصلية أو بعضها فيه ثمّ يضاف إليه سائر الأجزاء فيكبر... أو يكون المقصود بالصورة الصفة أي يطأهم النّاس كما يطأون الذر في الدنيا» مرآة المجلسي 211/10.
3- أي حاذقة ونشيطة وخفيفة. ويقال هذا للمبرذون والبغل والحمار ولا يقال للفرس فاره بل رائع وجواد.
4- أي فقير.
5- أي معجب بنفسه متكبّر.

15 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن مروك بن عبيد، عمّن حدثه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمّا قدِم عليه الشيخ يعقوب (عَلَيهِ السَّلَامُ) دخله عن الملك، فلم ينزل إليه(1)، فهبط جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا يوسف أبسط راحتك (2) فخرج منها نور ساطع، فصار في جو السماء (3)، فقال يوسف : يا جبرئيل ما هذا النور الّذي خرج من راحتي ؟ فقال : تُزعت النبوَّة من عقبك عقوبة لما لم تنزل إلى الشيخ يعقوب فلا يكون من عقبك نبيّ.

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من عبد إلّا وفي رأسه حَكَمَة (4) ومَلَك يمسكها، فإذا تكبر قال له : اتضع وضعك اللّه (5)، فلا يزال أعظم النّاس في نفسه وأصغر النّاس في أعين النّاس، وإذا تواضع رفعه اللّه عزّ وجلّ، ثمّ قال له : انتعش (6) نعشك اللّه، فلا يزال أصغر النّاس في نفسه وأرفع النّاس في أعين النّاس.

17 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن بعض أصحابه عن النهدي عن يزيد بن إسحاق،شعر عن عبد اللّه بن المنذر عن عبد اللّه بن بكير قال : قال أبو عبد اللّه :(عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما من أحد يتيه (7) إلّا من ذلّة يجدها في نفسه. وفي حديث آخر عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)قال : ما من رجل تكبر أو تجبر إلّا لذلّة وجدها في نفسه (8).

باب العُجب

باب العُجب (9)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن أسباط، عن رجل من أصحابنا من أهل خراسان من ولد إبراهيم بن سيّار يرفعه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه

ص: 301


1- «لعل المراد بالنزول النزول عن السرير أو المركب وكلاهما مرويان». الوافي ج 150/3.
2- الراحة باطن الكف.
3- أي ارتفع إلى السماء واستقر هناك.
4- «الحَكَمَة محرّكة، ما أحاط بحنكي الفرس من لجامه وفيها العذاران» الوافي ج 150/3.
5- هذا دعاء من الملك عليه.
6- أي ارتفع رفعك اللّه. وهذا من دعاء الملك له.
7- أي يتكبر أو يضلّ ويتحيّر.
8- هذا يدل على أن مرض التكبر إنما يتسبب عن خسة ورداءه في النفس ودناءة.
9- العُجب : استكثار عمل الطاعة بحيث يرى نفسه غير مقصر اتجاه ربه.

علم أنَّ الذَّنب خيرٌ للمؤمن من العُجب، ولولا ذلك ما ابتلي مؤمن بذنب أبداً(1).

2 - عنه، عن سعيد بن جناح عن أخيه أبي عامر عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من دخله العُجْبُ هَلَك (2).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن عليّ بن أسباط، عن أحمد بن عمر الحلّال، عن

عليّ بن سويد، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن العجب الّذي يُفسد العمل، فقال: العجب درجات منها : أن يزيَّن للعبد سوء عمله فيراه حسناً (3) فيعجبه ويحسب أنّه يحسن صنعاً (4). ومنها : أن يؤمن العبد بربّه فيمنُّ على اللّه عزّ وجلّ واللّه عليه فيه المنُّ (5).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ الرَّجل ليُذنب الذَّنب فيندم عليه، ويعمل العمل فيسره ذلك (6)، فيتراخى عن حاله تلك، فلأن يكون على حاله تلك خيرٌ له ممّا دخل فيه (7).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان عن نضر بن قرواش عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أتى عالم عابداً فقال له : كيف صلاتك؟ فقال : مثلي يُسأل عن صلاته؟! وأنا أعبد اللّه منذ كذا وكذا، قال : فكيف بكاؤك ؟ قال : أبكي حتّى تجري دموعي، فقال له العالم: فإن ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدل (8)، إن المدل لا يصعد عمله من شيء

ص: 302


1- يدل الخبر «على أن العُجب أشد من الذنب أي من ذنوب الجوارح، فإن العجب ذنب القلب، وذلك لأن الذنب يزول بالتوبة ويكفر بالطاعات والعجب صفة نفسانية يشكل إزالتها ويفسد الطاعات...» مرآة المجلسي 10 / 219.
2- أي طُرد من رحمة اللّه واستحق العقاب.
3- إشارة إلى قوله تعالى في سورة فاطر الآية / 8 (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا).
4- إشارة إلى الآيتين 103 - 104 من سورة الكهف: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا).
5- إشارة إلى الآية 17 من سورة الحجرات: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
6- أي ينظر إلى عمله نظرة إعظام واستكثار.
7- «أي كونه على حالة الندامة مع كونها مقرونة بالذنب خير ممّا دخل فيه من العجب وإن كان مقروناً بالحسنة» مرآة المجلسي 222/10.
8- «الإدلال وراء العجب فلا مدلّ إلّا وهو معجب وربّ معجب لا يدلّ إذ العجب يحصل بالاستعظام ونسيان النعمة دون توقع جزاء عليه والإدلال لا يتم إلّا مع توقع جزاء... والإدلال هو من مقدمات الكبر وأسبابه» ن. م ص / 223 - 224.

6 - عنه عن أحمد بن، أحمد بن محمّد عن أحمد بن داود عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: دخل رجلان المسجد أحدهما عابد والآخر فاسق، فخرجا من المسجد والفاسق صديق (1) والعابد فاسق، وذلك أنّه يدخل العابد المسجد مدلاً بعبادته يدلّ بها فتكون فكرته في ذلك، وتكون فكرة الفاسق في التندم على فسقه، ويستغفر اللّه عزّ وجلّ ممّا صنع من الذُّنوب.

7 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الرّجل يعمل العمل (2) وهو خائف مشفق ثمّ يعمل شيئاً من البر فيدخله شبه العجب به؟ فقال : هو في حاله الأولى وهو خائف أحسن حالاً منه في حال عجبه.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «بينما موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالساً إذ أقبل إبليس وعليه برنس (3) ذو ألوان، فلما دنى من موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) خلع البرنس وقام إلى موسى فسلّم عليه، فقال له موسى : من أنت؟ فقال : أنا إبليس، قال : أنت فلا قرب اللّه دارك (4) قال : إِنِّي إِنما جئت لأسلّم عليك لمكانك من اللّه (5)، قال : فقال له موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فما هذا البرنس؟ قال : به اختطف قلوب بني آدم (6)، فقال موسى : فأخبرني بالذَّنب الّذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه (7)؟ قال : إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله، وصغر في عينه ذنبه».

وقال : قال اللّه عزّ وجلّ لداود (عَلَيهِ السَّلَامُ) (يا داود بشر المذنبين وأنذر الصدّيقين). قال : كيف أبشِّر المذنبين وأنذر الصدّيقين؟ قال: (يا داود بشر المذنبين أنّي أقبل التوبة وأعفو عن الذنب، وأنذر الصدّيقين ألا يعجبوا بأعمالهم فإنّه ليس عبد أنصبه (8) للحساب إلّا هَلَكَ (9)).

ص: 303


1- الصديق : من كثر منه الصدق أو الصادق الإيمان، ومن صدق اعتقاد أو صدق قوله وفعله اعتقاده ذاك.
2- أي العمل السيء الّذي فيه معصية اللّه سبحانه، وذلك في مقابلة قوله : ثمّ يعمل شيئاً من البر. فإشفاقه من عقوبة معصيته لا من شعوره بالتقصير في الطاعة وقد مر حديث بهذا المعنى قبل قليل تحت رقم (4).
3- البُرنُس : كما في النهاية هو كلّ ثوب رأسه منه ملتصق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره. وقال الجوهري : هو قلنسوة طويلة وقد ذكر هذا المعنى له في الوافي ج 3 / 151.
4- «أي لا قربك اللّه منا أو من أحد. وقيل : أي حيرك اللّه، وقيل : هو كناية عن تخريب داره» مرآة الملجسي 10 / 225.
5- «أي لم أجيء لإضلالك فتبعدني لأنه لا طمع لي فيك لقربك من اللّه، أو سلامي عليك للمنزلة الّتي لك عند اللّه» ن. م، والصفحة.
6- أي لأستلبها بخفة ورشاقة.
7- أي استملته إليك وغلبته على نفسه إلى ما تريد من المعصية.
8- أي أقيمه.
9- أي باستحقاقه للعقاب. لأنه لو أفنى عمره بعمل الطاعات فإنه لن يفي اللّه حق شكره على نعمة واحدة من نعمه، فكيف إذا عصاه بجوارحه وجوانحه؟!

باب حب الدنيا والحرص عليها

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن درست بن أبي منصور، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؛ وهشام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : رأس كلّ خطيئة حبُّ الدنيا (1).

2 - علي، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن حماد بن بشير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما ذئبان ضاريان في غنم قد فارقها رعاؤها، أحدهما في أولها والآخر في آخرها بأفسد (2) فيها من حب المال والشرف في دين المسلم.

3 - عنه، عن أبيه عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما ذئبان ضاريان في غنم ليس لها راع، هذا في أوَّلها وهذا في آخرها، بأسرع فيها من حبّ المال والشرف في دين المؤمن.

4 - محمّد بن يحيى - ين يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن الشيطان يدير ابن آدم في كلّ شيء (3)، فإذا أعياه (4)، جثم له عند المال فأخذ برقبته (5).

5 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن أبي أسامة زيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من لم يتعزَّ بعزاء اللّه (6) تقطعت نفسه حسرات على الدُّنيا، ومن أتبع بصره ما في أيدي النّاس كثر همه ولم يشف غيظه، ومن لم ير اللّه عزّ وجلّ عليه نعمة إلّا في مطعم أو مشرب أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه(7)».

ص: 304


1- «لأن خصال الشر مطوية في حب الدنيا وكل ذمائم القوة الشهوية والغضبية مندرجة في الميل إليها...» مرآة المجلسي 228/10.
2- أي بأكثر إفساداً.
3- «أي يبعثه على ارتكاب كلّ ضلالة ومعصية أو يكون معه ويلازمه عند عروض كلّ شبهة أو شهوة لعله يضله أو يزلّه» مرآة المجلسي 229/10.
4- أي لم يقدر على إغوائه، لأن الإنسان لم يطاوعه فيما يوسوس له به.
5- أي كمن له واختفى عند المال باعتباره من أعظم مصائد الشيطان، فإذا جاء إلى المال وافتتن به أوقعه الشيطان فيه بالحرام والشبهات.
6- أي من لم يتسل ويتصبر عند المصيبة بقوله : إنا للّه وإنا إليه راجعون كما علّمه اللّه سبحانه.
7- «أي من توهم أن نعمة اللّه عليه منحصرة في هذه النعم الظاهرة كالمطعم والمشرب والمسكن وأمثالها فإذا فقدها أو شيئاً منها ظن أنّه ليس اللّه عليه نعمة فلا ينشط في طاعة اللّه وإن عمل شيئاً من هذه العقيدة الفاسدة لا يتقبل منه فيكون عمله قاصراً وعذابه دانياً...» مرآة المجلسي 231/10.

6 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن يعقوب بن يزيد عن زياد القندي، عن أبي وكيع، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إنَّ الدينار والدرهم (1) أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم».

7 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يحيى بن عقبة الأزدي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : مَثَلُ الحريص على الدُّنيا مثل دودة القزّ (2)، كلما ازدادت من القز على نفسها لفّاً كان أبعد لها من الخروج حتّى تموت غماً. وقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): أغنى الغنى من لم يكن للحرص أسير (3). وقال : لا تشعروا قلوبكم الإشتغال بما قد فات (4) فتشغلوا أذهانكم عن الاستعداد لما لم يأت (5).

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد، جميعاً عن القاسم بن محمّد عن سليمان المنقري، عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن الزهري (6) محمّد بن مسلم بن عبيد اللّه قال سئل عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أي الأعمال أفضل عند اللّه؟ قال : ما من عمل بعد معرفة اللّه عزّ وجلّ ومعرفة رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أفضل من بغض الدُّنيا فإنَّ لذلك (7) لشعباً كثيرة، وللمعاصي،شعب فأوَّل ما عُصي اللّه به الكبر. معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من الكافرين، ثمّ الحرص وهي معصية آدم وحواء (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين قال اللّه عزّ وجلّ لهما : (كُلَا مِنْ

ص: 305


1- يعني حبهما والتهالك على تحصيلهما وعدم إخراج حق اللّه منهما، أو صرفهما في المعاصي.
2- وقد أنشد بعضهم في هذا التمثيل : ألم تر أن المرء طول حياته ***حريص على ما لا يزال يناسجه کدود کدود القز ينسج دائ-م--اً ***فيهلك غماً وسط ما هو ناسجه» الوافي ج 152/3.
3- وذلك واضح، لأن الحريص كلما كثر ماله ازداد حرصه وبخله فيعيش عيشة الفقراء حيث يكنز ماله ويحوطه ويبخل به على نفسه ويحاسب حساب الأغنياء في الآخرة.
4- أي من أمور الدنيا سواء بعدم حصوله من رأس أو حصوله ثمّ زواله.
5- وهو الموت، أو أمر الآخرة.
6- إنما نسب محمّد بن مسلم بهذه النسبة لأن جده الأعلى هو زهرة بن كلاب وكان من أصحاب الإمام زين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإن كان من علماء العامة في الأصل.
7- «المشار إليه في قوله : فإن لذلك العمل، يعني أن للأعمال الصالحة لشُعَباً ترجع كلها إلى بعض الدنيا وللمعاصي شعباً ترجع كلها إلى حب الدنيا ثمّ اكتفى بيان أحدهما عن الآخر، وأراد بحب الدنيا أولاً حب المال وثانياً حب كل ما لا حاجة به في تحصيل الآخرة» الوافي ج 153/3 .

حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (1) فأخذا ما لا حاجة بهما إليه، فدخل ذلك على ذريتهما إلى يوم القيامة، وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به إليه، ثمّ الحسد وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعب من ذلك حبُّ النساء وحبُّ الدُّنيا وحبُّ الرئاسة وحبُّ الرّاحة وحبُّ الكلام وحبُّ العلوّ والثروة، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلهنَّ في حب الدُّنيا، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك : حب الدنيا رأس كلّ خطيئة والدنيا دنياء آن : دنيا بلاغ (2) ودنيا ملعونة.

9 - وبهذا الإسناد عن المنقري عن حفص بن غياث عن أبي بعد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه تعالى : في مناجاة موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (يا موسى إنَّ الدُّنيا دار عقوبة، عاقبت فيها آدم عند خطيئته، وجعلتها ملعونة (3)، ملعون ما فيها إلّا ما كان فيها لي، يا موسى إن عبادي الصالحين زهدوا في الدنيا بقدر علمهم (4)، وسائر الخلق رغبوا فيها بقدر جهلهم، وما من أحد عظمها فقرت عيناه فيها ولم يحقرها أحد إلّا انتفع بها) (5).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما ذئبان ضاريان في غنم قد فارقها رعاؤها، واحد في أولها وهذا في آخرها بأفسد فيها من حبّ المال والشرف في دين المسلم (6).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن منصور بن العباس عن سعيد بن جناح عن عثمان بن سعيد، عن عبد الحميد بن عليّ الكوفي، عن مهاجر الأسدي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال مرّ عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها فقال: أما إنهم لم يموتوا إلّا بسخطة (7) ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا(8)، فقال الحواريون يا روح اللّه وكلمته أدع اللّه أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها.

ص: 306


1- البقرة / 35.
2- أي كفاية وكفاف.
3- «اللعن : الطرد والإبعاد والسب وكأن المراد بلعنها لعن أهلها أو كراهتها والمنع عن حبها وكل ما نهى اللّه تعالى عنه فقد لعنه وطرده» مرآة المجلسي 235/10.
4- أي بعيوبها وكونها لعب ولهو وإنها تزول وتفنى.
5- وذلك لأنه عندما تركها إلّا بما يقيم أوده منها توجه إلى الآخرة فربح في الدارين.
6- مر قبل قليل بنفس المعنى مع اختلاف بسيط في بعض ألفاظه وإن بسند مختلف تخت رقمي (2) و (3) من هذا الباب وعلقنا عليه.
7- الغضب والمراد به هنا غضب اللّه عليهم.
8- أي لدفن الحي المتأخر منهم الميت.

فدعا عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ربه فنودي من الجو أن نادهم فقال عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالليل على شُرف(1) من الأرض فقال يا أهل هذه القرية فأجابه منهم مجيب لبّيك يا روح اللّه وكلمته، فقال: وَيْحَكُمْ (2) ما كانت أعمالكم ؟ قال : عبادة الطاغوت (3) وحبّ الدُّنيا، مع خوف قليل (4) وأمل بعيد وغفلة في لهو ولعب، فقال : كيف كان حبكم للدُّنيا؟ قال : كحب الصبي لأمّه، إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا وإذا أدبرت عنا بكينا وحزنا، قال : كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال : الطاعة لأهل المعاصي. قال : كيف كان عاقبة أمركم؟ قال : بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في الهاوية، فقال : وما الهاوية؟ فقال : سجين قال : وما سجين؟ قال : جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة، قال : فما قلتم وما قيل لكم ؟ قال : قلنا ردنا إلى الدُّنيا فنزهد فيها، قيل لنا : كذبتم، قال : ويحك كيف لم يكلمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح اللّه إنهم ملجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد وإنّي كنت فيهم ولم أكن منهم، فلما نزل العذاب عمّني معهم (5) فأنا معلّق بشعرة على شفير جهنّم (6) لا أدري أكَبِّكَبُ فيها أم أنجو منها، فالتفت عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى الحواريين فقال : يا أولياء اللّه أكل الخبز اليابس بالملح الجريش (7) والنوم على المزابل خير كثير مع عافية الدُّنيا والآخرة (8).

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ما فتح اللّه على عبد باباً من أمر الدُّنيا إلّا فتح اللّه عليه من الحرص مثله.

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل، ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلّا بالعمل، ويلكم، علماء سوء، الأجر تأخذون والعمل تضيّعون يوشك ربُّ العمل أن يقبل عمله، ويوشك أن يخرجوا من ضيق

ص: 307


1- أي مرتفع من الأرض.
2- ويح: اسم فعل بمعنى الترحم.
3- الطاغوت من الطغيان وهو تجاوز الحد، وقد يطلق على الشيطان والصنم وكل صاحب ضلالة.
4- أي من الآخرة مع الغفلة عنها وعما ينبغي أن يقدم الإنسان لها من طاعات.
5- هذا يدل على أن العذاب إذا نزل عم، وفيه إشعار بوجوب اعتزال أهل المعاصي تجنباً لذلك وقد وردت روايات في ذلك.
6- أي حافتها وجانبها.
7- أي خشن لم يحسن تنعميه بالدق والسحق.
8- عافية الدنيا خلوصها من هموم العيش وتحصيل لوازمه ومشقته مع ما يلازمه من تبلبل الفكر وحزن النفس، وعافية الآخرة النجاة من أهوالها وحر نارها.

الدُّنيا إلى ظلمة القبر، كيف يكون من أهل العلم من هو في مسيره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه وما يضره أحبُّ إليه ممّا ينفعه.

14 - عنه، عن أبيه، عن محمّد بن عمرو - فيما أعلم - عن أبي عليّ بن عمرو - فيما أعلم - عن أبي عليّ الحذّاء، عن حريز، عن زرارة ؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أبعد ما يكون العبد من اللّه عزّ وجلّ إذا لم يهمّه إلّا بطنه وفرجه (1).

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان - وعبد العزيز العبدي، عن عبد اللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أصبح وأمسى والدُّنيا أكبر همه جعل اللّه تعالى الفقر بين عينيه، وشتت أمره (2)، ولم ينل من الدُّنيا إلّا ما قسم اللّه له، ومن أصبح وأمسى والآخرة أكبر همه جعل اللّه الغنى في قلبه (3) وجمع له أمره.

16 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن سنان، عن حفص ابن قرط، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من كثر اشتباكه (4) بالدنيا كان أشد لحسرته عند فراقها.

17 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من تعلّق قلبه بالدنيا تعلّق قلبه بثلاث خصال: هم لا يفنى (5) وأمل لا يدرك ورجاء لا ينال (6).

باب الطمع

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن حسان، عمّن حدَّثه،

ص: 308


1- فيكون سعيه منحصراً في إشباعهما مع عدم اهتمامه بأمور آخرته ونسيانه لربه.
2- «التشتيت التفريق، لأنه لعدم توكله على ربه لا ينظر إلّا في الأسباب ويتوسل بكل سبب ووسيلة فيتحير في أمره ولا يدري وجه رزقه فلا تنتظم أحواله» مرآة المجلسي 244/10.
3- لأنه بتوكله على اللّه يُرزق القناعة وينقطع أمله فيما عداه سبحانه، ولذا كان ذهنه صافياً ورؤيته واضحة وباله هادئاً مستقراً.
4- أي انغماسه فيها واشتغاله بها.
5- إما لعدم حصول المطلوب والمراد أو لفوته بعد حصوله.
6- «والفرق بين الأمل والرجاء أن متعلق الأمل العمر والبقاء في الدنيا ومتعلق الرجاء ما سواه. أو متعلق الأمل بعيد الحصول ومتعلق الرجاء قريب الوصول» مرآة المجلسي 10 / 245 - 246.

عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذلّه (1).

2 - عنه، عن أبيه، عمّن ذكره، بلغ به أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : بئس العبد عبد له طمع يقوده، وبئس العبد عبد له رغبة تذلّه.

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري قال : قال عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): رأيت الخير (2) كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي النّاس.

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن بعض أصحابنا، عن عليّ بن سلیمان بن رشيد عن موسى بن سلام عن سعدان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : [ما] الّذي يثبت الإيمان في العبد؟ قال : الورع (3)، والّذي يخرجه منه؟ قال: الطمع.

باب الخرق

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عمّن حدثه، عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال من قسم له الخرق (4) حُجب عنه الإيمان (5).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان، عن عمرو ابن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لو كان الخرق خلقاً يُرى ما كان شيء ممّا خلق اللّه أقبح منه».

باب سوء الخلق

باب سوء الخلق (6)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد

ص: 309


1- أي أنّه يمد بصره إلى ما في أيدي النّاس ويطمع فيه فيسألهموه فيكون ذلك سبباً في مذلة نفسه.
2- أي خير الدنيا والآخرة.
3- هو ترك المحرمات والابتعاد عن الشبهات ويشعر الحديث بأن الطمع يكون سبباً في ارتكاب الأوّل والوقوع في الثاني.
4- أي جعل من حظه ونصيبه والخُرْق هو الحمق، وعدم الرفق.
5- وذلك لأنه يؤدي إلى إيذاء المؤمنين والوقوع في كثير من المحرمات القولية والعملية، كالطعن في المؤمن وسبه وضربه والاعتداء عليه بالقول والفعل.
6- «سوء الخلق : وصف للنفس يوجب فسادها وانقباضها وتغيرها على أهل الخلطة والمعاشرة وإيذائهم بسبب ضغيف أو بلا سبب ورفض حقوق المعاشرة وعدم احتمال ما لا يوافق طبعه منهم، وقيل: هو كما يكون مع الخلق يكون الخالق أيضاً...» مرآة المجلسي 260/10.

اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ سوء الخلق ليفسد العمل كما يُفسد الخل العسل.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أبى اللّه عزّ وجلّ لصاحب الخلق السيء بالتوبة»(1). قيل : وكيف ذاك يا رسول اللّه؟ قال : «لأنه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه».

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران، عن، سيف بن عميرة، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن سوء الخلق ليفسد الإيمان كما يُفسد الخل العسل.

4 - عنه، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبد اللّه بن عثمان، عن الحسين ابن مهران، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من ساء خُلقه عذّب نفسه (2).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن عبد الحميد، عن يحيى ابن عمرو، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى بعض أنبيائه : الخلق السىء يُفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل.

باب السَّفه

باب السَّفه (3)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن شريف بن سابق عن الفضل ابن أبي غرة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ السفه خلقٌ لئيم، يستطيل (4) على من [هو] دونه ويخضع لمن [هو] فوقه.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن بعض أصحابه، عن أبي

ص: 310


1- بعدم توفيقه لإيقاعها ابتداء، أو بعدم قبولها منه.
2- لأنه بسوء خلقه مع النّاس يوجب لنفسه الهم الدائم لكثرة أعدائه وقلة الراغبين في معاشرته حتّى داخل بيته من أفراد أسرته.
3- «السفه : ضد الحلم، وأصله الخفة والحركة» الوافي ج 160/3.
4- أي يتعالى، والمراد به المتصف بالسفه وهو السفيه. وإنما يفعل السفيه ذلك لاختلال مقاييسه واضطراب شخصيته وتخلخل في قواه العقلية ولذا نجده بين طرفي الإفراط والتفريط في علاقاته الاجتماعية.

المغرا عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا تسفهو (1) فإنَّ أئمتكم ليسوا بسفهاء.

وقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2) : من كافأ السفيه بالسفه (3) فقد رضي بما أتى إليه حيث احتذى مثاله.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب عن عبد الرّحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في رجلين يتسابان فقال : البادي منهما أظلم، ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يتعد المظلوم (4).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن صفوان عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ أبغض خلق اللّه عبد اتقى النّاس لسانه (5).

باب البذاء

1 - محمّد بن يحيى، عن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : [إِنَّ] من علامات شرك الشيطان (6) الّذي لا يشكُ فيه أن يكون فحاشاً (7)، لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إذا رأيتم الرجل لا يبالي ما قال ولا ما قيل له فإنّه لَعِيّة (8) أو شرك شيطان».

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن

ص: 311


1- الخطاب موجه لاتباع أئمّة أهل الحديث.(عَلَيهِ السَّلَامُ). ودعوة لهم إلى التأسي بسيرتهم والسير على خطاهم والتحلي بأخلاقهم.
2- «الظاهر أنّه من تتمة الخبر السابق، ويحتمل أن يكون خبراً آخر مرسلاً» مرآة المجلسي 263/10.
3- أي قابل سفه السفيه بسفه آخر.
4- أي الحد الّذي أذن له بالوقوف عنده في رد الظلم لقوله تعالى (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) الشورى / 41. وقوله تعالى : (لا يحب اللّه الجهر بالسوء من القول إلّا من ظلم) النساء / 148.
5- وذلك خوفاً من بذاءته وسلاطته.
6- أي من العلامات الّتي يكون الإنسان مشاركاً فيه الشيطان أو مع الشيطان.
7- أي كثير قول السوء والفحش.
8- «اللّغية : الزنا يقال فلان لَغِيَّة في مقابله فلان لرشدة» الوافي ج 160/3.

عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ اللّه حرم الجنّة على كلّ فحاش بذيء، قليل الحياء، لا يبالي ما قال ولا ما قيل له، فإنّك إن فتشته (1) لم تجده إلّا لغية أو شرك شيطان». فقيل : يا رسول اللّه وفي النّاس شرك شيطان؟ فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): أما تقرأ قول اللّه عزّ وجلّ : (وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) (2).

قال : وسأل رجلٌ فقيهاً (3) : هل في النّاس من لا يبالي ما قيل له؟ قال: «من تعرض للناس يشتمهم وهو يعلم أنهم لا يتركونه، فذلك الّذي لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه».

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبي جميلة، يرفعه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه يبغض الفاحش المتفحش (4).

5 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن نعمان الجعفي قال : كان لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) صديق لا يكاد يفارقه إذا ذهب مكاناً، فبينما هو يمشي معه في الحذائين (5) ومعه غلامٌ له سندي يمشي خلفهما إذ التفت الرَّجل يريد غلامه ثلاث مرات فلم يره فلما نظر في الرابعة قال : يا ابن الفاعلة أين كنت ؟ قال فرفع أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يده فصك بها جبهة نفسه، ثمّ قال : سبحان اللّه تقذف أمه قد كنت أرى أنَّ لك ورعاً فإذا ليس لك ورع، فقال : جعلت فداك إنَّ أُمه سنديّة مشركة، فقال : أما علمت أنَّ لكل أُمَّةٍ نكاحاً، تنع عني، قال : فما رأيته يمشي معه حتّى فرق الموت بينهما. وفي رواية أخرى : إِنَّ لكلِّ أُمة نكاحاً تحتجزون به من الزنا (6).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي

ص: 312


1- أي تفحصت عنه ونقصيت مبدأه ومنشأه.
2- الإسراء / 64. «ومعنى مشاركة الشيطان للإنسان في الأموال حمله إياه على تحصيلها من الحرام وإنفاقها فيما لا يجوز وعلى ما لا يجوز من الإسراف والتقتير والبخل والتبذير ومشاركته له في الأولاد إدخاله معه في النكاح إذا لم يسم اللّه والنطفة واحدة..» الوافي ج 160/3.
3- المراد بالفقيه هنا أحد الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- «الفاحش : ذو الفحش في كلامه وفعاله والمتفحش الّذي يتكلف ذلك ويتعمده» مرآة المجلسي 273/10.
5- سوق صانعي الأحذية.
6- دل الخبر على أمور الأوّل : أن القول يا ابن الفاعلة قذف الثاني : أن هذا القول المستند إلى الجهل لا يُعذر به قائله. الثالث : أنّه لا يجوز قوله لأحد إلّا مع القطع بأنه ابن زنا الرابع رجحان هجران الفاسق. الخامس : بأن نكاح كلّ قوم صحيح عن مرآة المجلسي 10 / 273 - 274 بتصرف.

جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): إن الفحش لو كان مثالاً لكان مثال سَوْء (1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان في بني إسرائيل رجل فدعا اللّه أن يرزقه غلاماً ثلاث سنين، فلما رأى أن اللّه لا يجيبه قال : يا ربّ أبعيد أنا منك فلا تسمعني أم قريب أنت منى فلا تجيبني قال : فأتاه آت في منامه فقال : إنك تدعو اللّه عزّ وجلّ منذ ثلاث سنين بلسان بذيء وقلب عاتٍ غير تقي، ونيّةٍ غير صادقة، فأقلع عن بذائك وليتق اللّه قلبك ولتحسن نيتك، قال : ففعل الرّجل ذلك ثمّ دعا اللّه فولد له غلام (2).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إنَّ من شرّ عباد اللّه من تكره مجالسته لفحشه».

9 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: البذاء من الجفاء (3) والجفاء في النّار (4).

10 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان عن الحسن الصيقل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إِنَّ الفحش والبذاء والسلاطة(5) من النفاق.

11 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إن اللّه يبغض الفاحش البذيء والسائل الملحف» (6).

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لعائشة : «يا عائشة إنّ الفحش ولو كان ممثلاً لكان مثال سوء».

ص: 313


1- أي لو جسّم لكان ممّا تسوء الإنسان رؤيته وهو كناية عن دمامته وقبحه.
2- يدل هذا الحديث على أن الاتصاف بالتقوى وبمكارم الأخلاق مع الإخلاص في النية والخلوص في التوجه إليه سبحانه شروط مطلوب توفرها في استجابة دعاء العبد والعاتي : الجبار الشقي.
3- الجفاء الغلظة والقسوة، وعدم البرّ.
4- أي سبب من أسباب دخول النار.
5- السلاطة: القهر والصحب وحدة اللسان وشدته.
6- أي الملح في سؤاله للناس. وأما الإلحاح في الدعاء وسؤال اللّه سبحانه فهو محمود مطلوب.

13 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن بعض رجاله قال : من فحش على أخيه المسلم نزع اللّه منه بركة رزقه ووكله إلى نفسه، وأفسد عليه معيشته (1).

14 - عنه، عن معلّى، عن أحمد بن غسان عن سماعة قال: دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال لي مبتدئاً (2) : يا سماعة ما هذا الّذي كان بينك وبين جمالك؟! إياك أن تكون فحاشاً أو صحاباً (3) أو لعاناً، فقلت : واللّه لقد كان ذلك إنّه (4) ظلمني، فقال : إن كان ظلمك لقد أربيت عليه(5)، إن هذا ليس من فعالي ولا آمر به شيعتي، استغفر ربك ولا تعد، قلت: أستغفر اللّه ولا أعود.

باب مَنْ يُتقى شَرُّه

1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بينا هو ذات يوم عند عائشة، إذ استأذن عليه رجل فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : بئس أخو العشيرة (6)، فقامت عائشة فدخلت البيت وأذن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) للرجل، فلما دخل أقبل عليه بوجهه وبشره (7) يحدثه، حتّى إذا فرغ وخرج من عنده قالت عائشة : يا رسول اللّه بينا أنت تذكر هذا الرجل بما ذكرته به إذ أقبلت عليه بوجهك وبِشْرِك ؟ فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عند ذلك: «إنَّ من شرّ عباد اللّه من تكره مجالسته لفحشه».

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «شرُّ النّاس عند اللّه يوم القيامة الّذين يُكْرَمونَ اتقاء شرّهم».

ص: 314


1- لأن الفاحش ينفرّ عنه النّاس فيكرهون مجالسته ومعاملته فتنسد في وجهه أبواب الرزق المتعارفة وبذلك تفسد معيشته مادياً ومعنوياً.
2- أي من غير أن أبدأه أنا بسؤال أو كلام.
3- الصحاب كثير الصخب وهو الضجة أو السلاطة في اللسان.
4- الضمير يرجع إلى الجمّال.
5- أي أنك بفعلك ظلمنه أكثر ممّا كان ظلمك.
6- العشيرة - كما في القاموس - بنو أبي الرجل الأدنون أو قبيلته.
7- أي وانبساط أسارير وجهه، وسروره أو أن البشر طلاقة الوجه.

3 - عنه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من (عَلَيهِ السَّلَامُ): من خاف النّاس لسانه (1) فهو في النار.

4 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي،، حمزة، عن جابر بن عبد اللّه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «شرُّ النّاس يوم القيامة الّذين يُكرمون اتّقاء شرّهم».

باب البَغْي

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ أعجل الشرّ عقوبة البغي» (2).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: يقول إبليس لجنوده : ألقوا بينهم الحسد والبغي، فإنهما يعدلان عند اللّه الشرك(3).

3 - علي، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن مسمع أبي سيّار أنَّ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كتب إليه في كتاب : أنظر أن لا تكلَّمنَّ بكلمة بغى (4) أبداً وإن أعجبتك نفسك وعشيرتك.

4 - علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب ويعقوب السراج، جميعاً، عن عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيّها النّاس إنَّ البغي يقود أصحابه إلى النّار، وإنَّ أوَّل من بغى على اللّه عناق بنت آدم، فأوّل قتيل قتله اللّه عناق وكان مجلسها جريباً في جريب(5) وكان لها عشرون إصبعاً في كلّ إصبع ظفران مثل المنجلين (6) فسلط اللّه عليها أسداً كالفيل وذئباً

ص: 315


1- أي بسبب سلاطته وبذاءته.
2- البغي : هو الاستعلاء والاستطالة على الآخرين وفي القاموس : هو الظلم والعدول عن الحق والكذب. وفي أكثر موارد البغي في كتاب اللّه هو مذموم كما في الآية 42 من سورة الشورى، والآية 23 من سورة يونس والآية 60 من سورة الحجّ وهكذا. والظاهر أن تعجيل عقوبة البغي من قبل اللّه سبحانه في الدنيا لما فيه من الزجر عن البغي والاعتبار بمآل الباغي.
3- لأن أغلب الفساد والمعاصي إنما ينشأ من هاتين الخصلتين.
4- أي بكلمة ظلم أو استعلاء أو تطاول أو كذب على الغير وإن كنت في موقع قدرة عليها بسبب اعتدادك بنفسك وعشيرتك.
5- الجريب - كما في المصباح - الوادي، ثمّ استعير للقطعة المميزة من الأرض، ويختلف مقداره بحسب اصطلاح أهل الأقاليم كاختلافهم في مقدار الرطل والذراع. وقيل بأن الجريب عشرة آلاف ذراع وقيل أكثر من ذلك.
6- المنجل : حديدة معقوفة حادة تستعمل في حصد الزرع والعُشب.

كالبعير ونسراً مثل البغل، فقتلنها، وقد قتل اللّه الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا (1).

باب الفخرِ والكبر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عجباً للمتكبّر الفخور، الّذي كان بالأمس نطفة ثمّ هو غداً جيفة.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «آفة الحسب الافتخار والعُجب (2).

3 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان، عن عقبة بن بشير الأسدي قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا عقبة بن بشير الأسدي وأنا في الحسب الضَّحَم من قومي. قال : فقال : ما تمن علينا بحسبك (3)؟ إِنَّ اللّه رفع بالإيمان من كان النّاس يسمونه وضيعاً إذا كان مؤمناً، ووضع بالكفر من كان النّاس يسمونه شريفاً إذا كان كافراً، فليس لأحد فضل على أحد إلّا بالتقوى (4).

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن عيسى بن الضحاك قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عجباً للمختال الفخور، وإنما خلق من نطفة ثمّ يعود جيفة، وهو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع به (5).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : 5 أتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رجل فقال : يا رسول اللّه أنا فلان بن فلان حتّى عد تسعة (6)، فقال له

ص: 316


1- والمعنى العام : أن اللّه عزّ وجلّ قتل الجبارين الّذين جبروا خلق اللّه على ما أرادت نفوسهم الخبيثة من الأوامر والنواهي وبغوا عليهم ولم يرفقوا بهم على أحسن الأحوال والشوكة والقدرة لفسادهم فلا يغتر الظالم بأمنه واجتماع أسباب عزته فإن اللّه هو القوي العزيز مرآة المجلسي 285/10.
2- «حَسَب الرجل مآثر آبائه لأنه يحسب من المناقب والفضائل وأما النسب فهو مجرد النسبة إلى الآباء سواء كان لهم مأثرة تعد أو لا...» الوافي ج 150/3.
3- (ما) هنا : للاستفهام الإنكاري.
4- إشارة إلى قوله تعالى في سورة الحجرات (إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم) الآية/13.
5- أي لا علم له بما يكون عليه حاله من خير أو شر، ومرض أو صحة وضعف أو قوة، وفقر أو غنى، وغير ذلك من الأحوال المتعاقبة، وهو بالتالي لا يملك من أمره شيئاً.
6- أي من آبائه الأغلين.

رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إما إنك عاشرهم في النّار» (1).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «آفة الحسب الافتخار» (2).

باب القَسْوَة

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عمرو بن عثمان، عن عليّ بن عيسى رفعه، قال : فيما ناجى اللّه عزّ وجلّ به موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا موسى لا تُطوِّل في الدُّنيا أَمَلَكَ (3) فيقسو قلبك والقاسي القلب(4) مني بعيد.

عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن حفص، عن إسماعيل بن دبيس (5) عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا خلق اللّه العبد في أصل الخلقة كافراً (6) لم يمت حتّى يحبّب اللّه إليه الشرِّ فيقرب منه (7)، فابتلاه بالكبر والجبرية (8) فقسا قلبه، وساء خلقه، وغلظ وجهه (9)، وظهر فحشنه، وقل حياؤه، وكشف اللّه ستره (10)، وركب المحارم فلم ينزع عنها (11) ثمّ ركب معاصي اللّه وأبغض طاعته ووثب على النّاس (12) لا يشبع من الخصومات فاسألوا اللّه العافية واطلبوها منه.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :

ص: 317


1- وأي أن آباءك كانوا كفاراً وهم في النّار فما معنى افتخارك بهم وأنت أيضاً مثلهم في الكفر باطناً إن كان منافقاً أو ظاهراً أيضاً إن كان كافراً فلا وجه لافتخارك أصلا مرآة المجلسي 290/10.
2- مر بنفس السند والمتن تحت رقم (2) من هذا الباب مع زيادة (والعجب) هناك.
3- وذلك يتم بأن يستغرق فى الدنيا والعمل لها بحيث ينسى الآخرة وما هو من مقدماتها وهو الموت.
4- أي غليظه وشديدة بحيث لا تؤثر فيه العظة والعبرة.
5- في بعض النسخ [إسماعيل بن خنيس].
6- أي خلقه وكان قد سبق في علمه أنّه سيكفر نتيجة سوء سريرته وفساد طينته.
7- أي من الشر.
8- أي التجبر والطغيان والكبر.
9- هذا كناية عن خشونته وتقطيبه وهو من علامات سوء الخُلُق غالباً.
10- أي أظهر معايبه للناس.
11- أي أصر على ارتكابها فلم يتخلّ عنها.
12- أي اعتدى عليهم بالظلم والخصومة.

أصول الكافي

قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لمتان : لمّة (1) من الشيطان ولمّة من الملك، فلمّة الملك : الرقة والفهم ولمّة الشيطان السهو والقسوة (2).

باب الظلم

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن هارون بن الجهم، - عن المفضل بن صالح (3)، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الظلم ثلاثة (4) : ظلم يغفره اللّه، وظلم لا يغفره اللّه، وظلم لا يَدَعُه اللّه، فأما الظلم الّذي لا يغفره فالشرك (5). وأمّا الظلم الّذي يغفره (6) فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين اللّه، وأما الظلم الّذي لا يدعه فالمداينة بين العباد (7).

2 - عنه، عن الحجّال عن غالب بن محمّد عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) (8) قال : قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد بمظلمة.

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن وهب بن عبد ربه وعبيد اللّه الطويل، عن شيخ من النَّخَع (9) قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني لم أزل والياً منذ زمن الحجاج إلى يومي هذا فهل لي من توبة؟ قال : فسكت ثمّ أعدت عليه، فقال : لا حتّى تؤدّي إلى كلّ ذي حق حقه (10).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من مظلمة أشدُّ

ص: 318


1- اللمة : الخطرة تقع في القلب. فإن كانت خيراً فهي من الملك وإن كانت شراً فهي من الشيطان.
2- أي أن هذه الأمور من علامات هذه اللمة وتلك.
3- وقد يرد في كثير من الروايات بالكنية وهي (أبو جميلة).
4- أي ثلاثة أنواع أو أقسام.
5- إشارة إلى قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ...).
6- أي وإن بلا توبة صاحبه منه.
7- لأنه من حق العبد المظلوم.
8- الفجر / 14 والمرصاد - كما في القاموس - الطريق والمكان يرصد فيه العدو.
9- قبيلة من قبائل اليمن.
10- أي توصله إليهم إن كان مادياً، أو تتحلل منه بإقالتهم لك إن كان معنوياً.

من مظلمة لا يجد صاحبها عليها عوناً(1) إلّا اللّه عزّ وجلّ.

5 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن إسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما حضر عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الوفاة ضمّني إلى صدره، ثمّ قال : يا بني، أوصيك بما أوصاني به أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين حضرته الوفاة، وبما ذكر أن أباه أوصاه به قال: يا بنيَّ إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلّا اللّه.

6 - عنه (2)، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن حفص بن عمر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من خاف القصاص (3) كفّ عن ظلم النّاس.

7 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من أصبح لا ينوي ظلم أحد (4) غفر اللّه له ما أذنب ذلك اليوم ما لم يسفك دماً أو يأكل مال يتيم حرام (5).

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من أصبح لا يهم بظلم أحد غفر اللّه له ما اجترم»(6).

9 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من ظلم مظلمة أخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده.

10 - ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة».

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن عيسى] عن منصور، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «اتقوا الظلم فأنه ظلمات يوم القيامة».

ص: 319


1- أي لا يمكنه الانتصار في الدنيا لا بنفسه ولا بغيره. وظلم الضعيف العاجز فحش مرآة المجلسي 298/10.
2- الضمير راجع إلى أحمد بن أبي عبد اللّه في الحديث السابق.
3- سواء كان القصاص دنيوياً أو أخروياً.
4- أي عقد العزم على ألا يظلم أحداً.
5- ظاهر هذا الخبر أنّه مخصص لبقية الأخبار والآيات الدالة على أنّه تعالى يؤاخذ بحقوق النّاس، وقد ذكر المجلسي (رَحمهُ اللّه) بأن هذا مشكل ولكنه حاول توجيهه بعدة وجوه فراجع المرآة 299/10 - 300.
6- أي ارتكب من ذنب واجترح وأذنب وفي بعض النسخ: (ما أجرم).

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من أحد يظلم بمظلمة إلّا أخذه اللّه بها في نفسه وماله، وأما الظلم الّذي بينه وبين اللّه فإذا تاب غفر اللّه له.

13 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن أبي نجران، عن عمّار بن حكيم، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مبتدئاً : من ظلم سلّط اللّه عليه من يظلمه أو على عقب عقبه قلت هو يظلم فيسلّط اللّه على عقبه أو على عقب عقبه ؟ فقال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) (1).

14 - عنه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ أوحى إله نبي من أنبيائه في مملكة جبار من الجبارين أن انت هذا الجبار فقل له : إنني لم أستعملك على سفك الدماء واتخاذ الأموال، وإنما استعملتك لتكفَّ عنّي أصوات المظلومين، فإنّي لم أدع ظلامتهم وإن كانوا كفاراً (2).

15 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد عن الحسن بن عليّ الوشاء عن عليّ ابن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من أكل مال أخيه ظلماً ولم يرده إليه أكل جذوة من النّار (3) يوم القيامة.

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال العامل بالظلم والمعين له (4) والراضي به (5) شركاء ثلاثتهم.

17 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم

ص: 320


1- النساء/ 9. «والوجه في ذلك أن الدنيا دار مكافأة وانتقام وإن كان بعض ذلك ممّا يؤخر إلى الآخرة وفائدة ذلك أما بالنسبة إلى الظالم فإنه يردعه عن الظلم إذا سمع به، وأما بالنسبة إلى المظلوم فإنه يستبشر نبيل الانتقام في الدنيا مع نيله ثواب الظلم الواقع عليه في الآخرة فإنه ما ظفر أحد بخير ممّا ظفر به المظلوم لأنه يأخذ من دين الظالم أكثر ممّا أخذ الظالم من ماله وهذا ممّا يصحح الانتقام من عقب الظالم أو عقب عقبه فإنه وإن كان في صورة الظلم لأنه انتقام من غير أهله مع أنّه لا تزر وازرة وزر أخرى إلّا أنّه نعمة عليه في المعنى من جهة ثوابه في الدارين فإن ثواب المظلوم في الآخرة أكثر ممّا جرى عليه من الظلم في الدنيا» الوافي للفيض ج 162/3.
2- فيه إشعار بأن دوام الملك قد يجامع الكفر ولكنه لا يجامع الظلم، لأن الظلم إذا امتد دمّر.
3- أي قبسة أو جمرة - كما في القاموس -. «وأكل الجذوة إما حقيقة بأن يلقى في حلقه النار، أو كناية عن كونه سبباً لدخول النار» مرآة المجلسي 304/10.
4- أي في الظلم.
5- أي من غير الظالم والمظلوم.

قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن العبد ليكون مظلوماً، فما يزال يدعو حتّى يكون ظالماً (1).

18 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عن أبيه، عن أبي نهشل عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : من عذر (2) ظالماً بظلمه سلّط اللّه عليه من يظلمه، فإن دعا لم يستجب له (3) ولم يأجره اللّه على ظلامته.

19 - عنه، عن محمّد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : ما انتصر (4) اللّه من ظالم إلّا بظالم ؛ وذلك قوله عزّ وجلّ: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا) (5).

20 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من ظلم أحداً ففاته (6) فليستغفر اللّه له فإنّه كفارة له».

21 - أحمد بن محمّد الكوفي، عن إبراهيم بن الحسين، عن محمّد بن خلف عن موسى بن إبراهيم المروزي عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من أصبح وهو لا يهم بظلم أحد غفر اللّه له ما اجترم».

22 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : دخل رجلان على أبي عبد قال : دخل رجلان على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من مدارأة (7) بينهما ومعاملة، فلما أن كلامهما قال : أما إنه ما ظفر أحد بخير من ظفر بالظلم (8)، أما إنّ سمع

ص: 321


1- هذا الحديث يحتمل وجوهاً. الأوّل : أن يفرط بالدعاء على ظالمه بحيث لا يكون تناسب بين ظلامته ودعائه عليه. الثاني : أن لا يكتفي بالدعاء عليه لدفع ضرره بل يدعو بابتلائه في حين أن المطلوب منه أن يدعو اللّه بصلاح أخيه المؤمن الثالث: أن يلح في الدعاء حتّى يسلطه اللّه على خصمه فيظلمه فينعكس الأمر.. الخ مرآة المجلسي 306/10 بتصرف.
2- إما بعدم لومه على ظلمه أو باختلاق الأعذار له في ظلمه.
3- إن لم يستجب اللّه له دعاءه على ظالم نفسه لمكان تلمس الأعذار من قبله لظالم غيره.
4- أي ما انتقم.
5- الأنعام / 129.
6- أي لم يحظ به إما لموته أو لعدم إمكان الوصول إليه من أجل استرضائه والاستقالة منه. ويحمل على ما إذا كان ظلمه له غير مالي والأوجب عليه الخروج عن عهدته بالدفع إلى ورثته أو التصدق به عنه.
7- المداراة : التدافع في الخصومة.
8- أي لم يظفر أحد بما يكون خيراً من أن يكون مظلوماً، والوجه فيه ما ذكرناه في تعليقنا على الحديث رقم 4 من هذا الباب فراجع.

المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر ممّا يأخذ الظالم من مال المظلوم، ثمّ قال : من يفعل الشرَّ بالناس فلا ينكر الشرَّ إذا فعل به، أما إنّه يحصد ابن آدم ما يزرع وليس يحصد يحدّ من المرّ حلواً، ولا من الحلو مرّاً (1)، فاصطلح الرَّجلان قبل أن يقوما.

23 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من خاف القصاص كفَّ عن ظلم النّاس.

باب اتّباع الهوى

باب اتّباع الهوى (2)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن أبي محمّد الوابشي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم، فليس شيءٌ أعدى للرّجال من اتباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم (3).

2 - عدة عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن عبد اللّه بن القاسم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): يقول اللّه عزّ وجلّ: (وعزَّتي (4) وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني، لا يؤثر (5) عبد هواه على هواي (6) إلّا شنّتُ عليه أمره (7) ولبست عليه دنياه (8) وشغلت قلبه بها ولم أؤته منها إلّا ما قدرت له، وعزتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلّا استحفظته ملائكتي (9)، وكفّلت السماوات والأرضين رزقه وكنت له من وراء تجارة

ص: 322


1- فيه تنبيه على أن ثمرة كلّ شيء من سنخه.
2- الهوى: مصدر هَويَهُ إذا اشتهاه وأحبه ومال إليه. والمقصود به هوى النفس. سمّي بذلك لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كلّ واهية وفي الآخرة إلى الهاوية مرآة المجلسي 310/10 - 311 وهو مذموم ذماً شديدا ومنهي عنه نهياً أكيداً.
3- قال الجوهري : حصدت الزرع وغيره احصده حصداً والزرع محصود وحصد وحصدة وحصائد ألسنتهم الّذي في الحديث هو ما قيل في النّاس باللسان وقطع به عليهم.
4- هذا القسم منه سبحانه بهذه الأمور العظيمة إنما هو لتحقيق المضمون الوارد في الخطاب الّذي تضمنه الحديث وتأكيد حصوله وحث السامع على الإذعان والالتزام به.
5- أي يقدّم ويختار.
6- أي ما ارتضيته أناله.
7- هذا كناية عن تحيره في أمر دينه ودنياه.
8- أي ضيّقت عليه أمر معيشته وأوقعته في المصائب والمنغصات والهموم.
9- أي كلفتهم بحفظه من كلّ مكروه.

كلّ تاجر وأتته الدنيا وهي راغمة(1)).

3 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن الوشّاء عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن يحيى بن عقيل قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما أخاف عليكم اثنتين (2): اتباع الهوى وطول الأمل أما اتباع الهوى فإنه يصدُّ عن الحقِّ (3) وأما طول الأمل فينسي الآخرة.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : قال لي أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اتق المرتقى (4) السهل إذا كان منحدره (5) وَعِراً.

قال : وكان أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا تدع النفس وهواها (6)، فإن هواها [في ] رداها (7) وترك النفس وما تهوى أذاها وكفُّ النفس عما تهوى داوها (8).

باب المَكْر والغدر والخديعة

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم رفعه قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لولا أن المكر (9) والخديعة (10) في النّار لكنت أمكر النّاس.

2 - علي، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول

ص: 323


1- أي منقادة طائعة ذليلة.
2- أي خصلتين أو خِلتين.
3- لما كان كلّ من الحق والباطل يقابل الآخر ويعانده ولما كانت الدنيا من أهل الباطل غالباً «فاتباع الهوى إما يصير سبباً لاشتباه الحق بالباطل في نظره أو يصير باعثاً على إنكار الحق مع العلم به» مرآة المجلسي 316/10.
4- أي موضع الرقي والصعود.
5- موضع النزول «ولعل المراد بصدر الحديث النهي عن طلب الجاه والرياسة وسائر شهوات الدنيا ومرتفعاتها فإنها وإن كانت مواتية على اليسر والخفض إلّا أن عاقبتها عاقبة سوء والتخلص من غوائلها وتبعاتها في غاية الصعوبة» الوافي ج 154/3.
6- أي ما تحبه من الشهوات.
7- أي هلاكها في الآخرة في انجرافها مع ما تشتهيه وتميل إليه في الدنيا.
8- أي علاج أمراضها في كفها عما تهواه وتشتاقه وتميل إليه.
9- المكر - كما يقول الراغب - صرف الغير عما يقصده بحيلة وذلك ضربان مكر محمود وهو أن يتحرى بذلك فعل الجميل ومذموم، وهو أن يتحرى به فعل القبيح.
10- الخديعة المخاتلة ويراد بها هنا ورود المكروه عليه من حيث لا يعلم. يقال: خدعه فانخدع. والوجه في كون ذي المكر والخديعة في النّار لعمله بهما مع مخالفتهما لأحكام اللّه سبحانه فيما أمر ونهى.

اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «يجيى، كلّ غادر (1) - يوم القيامة - بإمام (2) مائل شدقه (3) حتّى يدخل النار، - ويجيء كلّ ناكت بيعة إمام أجذم(4) حتّى يدخل النار».

3 - عنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ليس منا من ماكر مسلماً» (5).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قريتين من أهل الحرب لكلّ واحدة منهما ملك على حدة، اقتلوا ثمّ اصطلحوا، ثمّ إنَّ أحد الملكين غدر بصاحبه، فجاء إلى المسلمين فصالحهم على أن يغزو معهم تلك المدينة (6)؟ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا ينبغي للمسلمين أن يغدروا ولا يأمروا بالغدر، ولا يقاتلوا مع الّذين غدروا ولكنّهم يقاتلون المشركين حيث وجدوهم، ولا يجوز عليهم (7) ما عاهد عليه الكفّار (8).

5 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد اللّه بن عمرو بن الأشعث، عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري، عن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يجيىء كلّ غادر بإمام يوم القيامة مائلاً شدقه حتّى يدخل النار» (9).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي الحسن العبدي، عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذات يوم وهو يخطب على المنبر بالكوفة : يا أيّها النّاس، لولا كراهية الغدر كنت من أدهى النّاس (10)،

ص: 324


1- الغادر هو كلّ ناقض لعهد ناكث لبيعة، أو موصل سوء إلى الغير بطريق الخديعة والحيلة.
2- أي مع إمام ضلالة.
3- الشَّدْق : جانب الفم. وهو علامة له يُعرف بها يوم القيامة بين الخلائق.
4- الأجذم : هو مقطوع البد من الجذم : القطع كما قاله الجزري. ولعل ذلك لأن البيعة إنما كانت تتم بصفق اليد على يد الإمام، وقيل : أجذم - هنا - أي أجذم الحجة لا لسان له يتكلم ولا حجة له في يده.
5- أي بالغ في مكره.
6- أي المغدور بملكها أو بأهلها.
7- أي لا ينفذ ولا يلزم.
8- أي أن الصلح الّذي جرى بين المدينتين الكافرتين لا يلزم المسلمين بعدم قتالهما كما أن للمسلمين أن يقاتلوا الأخرى الّتي لم تصالحهم، فإن الصلح مع إحداهما لا يمنع من قتالهم الأخرى.
9- مر مضمون هذا الحديث في الحديث رقم (2) من هذا الباب وعلقنا عليه.
10- الدهاء - كما في القاموس - جودة الرأي والإرب والدَّهِي : العاقل. وكأن المراد هنا طلب الدنيا بالحيلة واستعمال الرأي في غير المشروع مرآة المجلسي 324/10.

ألا إِنَّ لكلِّ غَدرة فَجرة (1) ولكلّ فَجَرَة كَفَرَة (2)، ألا وإنَّ الغدر والفجور والخيانة في النّار(3).

باب الكذب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن إسحاق ابن عمّار، عن أبي النعمان قال (4) : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا النعمان، لا تكذب علينا كذبة (5) فتسلب الحنيفية (6)، ولا تطلبنُ أن تكون رأساً فتكون ذَنَبا (7)، ولا تستأكل النّاس (8) فتفتقر (9)، فإنّك موقوف لا محالة ومسؤول (10)، فإن صدقت صدقناك، وإن كذبت كذَّبناك.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عمّن حدَّثه عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما يقول لولده : اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كلّ جدّ وهَزْل(11)، فإنَّ الرَّجل إذا كذب في الصغير اجترى على الكبير، أما علمتم أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : «ما يزال العبد يصدق حتّى يكتبه اللّه صدّيقاً، وما يزال العبد يكذب حتّى يكتبه اللّه كذَّاباً».

3، - عنه عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ جعل للشرّ أقفالاً، وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب،

ص: 325


1- الفجر : - كما في القاموس - الانبعاث في المعاصي والزنا كالفجور فيهما... وفجر: فسق وكذب وعصى وخالف... الخ.
2- كَفَرة : أي سترة للحق أو كفران للنعمة وستر لها.
3- أي أصحاب هذه الخصال في النار، إذ تكون سببا في دخولهم النار.
4- الظاهر أنّه أبو النعمان العجلي وعده البرقي من أصحاب الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فراجع معجم رجال الحديث للخوئي 63/22.
5- أي ولو كذبة واحدة.
6- «أي الملة المحمّدية المائلة عن الضلالة إلى الاستقامة أو من الشدة إلى السهولة الشدة إلى السهولة...» مرآة المجلسي 10 / 325.
7- وذلك لأن من يطلب الرئاسة في دولة الباطل لا بد وأن يتوسل إليها بتوسط من هو أعلى منه وأكثر جاهاً وسلطاناً فيصير تابعاً ذليلاً له لأن الأعلى سوف يكون ولي نعمته وانطلاقاً من القول المأثور : احتج إلى من شئت تكن أسيره.
8- أي بسبب انتسابك إلينا، فتضع السنتنا أحاديث كاذبة لم تصدر عنا وتنسبها إلينا لتأكل أموال النّاس.
9- أي دنيا وآخرة.
10- إشارة إلى قوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) الصافات / 24.
11- أي لعب ومَرْح. وفي الحديث دلالة على حرمة الكذب في كلتا الحالّتين الجد والهزل.

والكذب شرّ (1) من الشراب.

4 - عنه، عن أبيه، عمّن ذكره عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن الكذب هو خرابُ الإيمان (2).

5 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد ؛ وعليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد جميعاً، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة (3)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الكذب على اللّه وعلى رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من الكبائر.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن أبان الأحمر، عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ أوّل من يكذِّبُ الكذَّاب : اللّه عزّ وجلّ (4)، ثمّ الملكان اللذان معه، ثمّ هو يعلم أنّه كاذب.

7 - عليّ بن الحكم، [عن أبان]، عن عمر بن يزيد قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إنَّ الكذاب يهلك بالبينات ويهلك أتباعه بالشبهات (5).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي نجران، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ آية الكذاب بأن يخبرك خبر السماء والأرض والمشرق والمغرب، فإذا سألته عن حرام اللّه وحلاله لم يكن عنده شيء (6).

9 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إِنَّ الكِذَّبَةَ لتفطر الصائم، قلت : وأينا لا يكون ذلك منه؟!

ص: 326


1- أي أكثر شرّية. «والوجه فيه أن الشرور التابعة للشراب تصدر بلا شعور بخلاف الشرور التابعة للكذب». مرآة المجلسي 329/10.
2- أي سبب في خرابه.
3- واسمه سالم بن مكرم.
4- لسبق علمه تعالى.
5- أي أن من يضع الحديث عن المعصومين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كذباً وافتراءاً عليهم ويبتدع في الدين فهو يهلك نفسه بأمر يعلم كذبه وأتباعه يهلكون بالشبهة والجهالة لحسن ظنهم به واحتمالهم صدقه مرآة المجلسي 330/10. وقد يكون المقصود بالكذاب هنا من يجلس في مجلس القضاء والفتيا وهو ليس لها بأهل مع علمه بذلك.
6- «وذلك لأن العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه لا يحصل لأحد إلّا بالتقوى وتهذيب السر عن رذائل الأخلاق، قال اللّه تعالى : (اتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ) البقرة/ 282 ولا يحصل التقوى إلّا بالاقتصار على الحلال والاجتناب عن الحرام ولا يتيسر ذلك إلّا بالعلم بالحلال والحرام فمن أخبر عن شيء من حقائق الأشياء ولم تكن عنده معرفة بالحلال والحرام فهو لا محالة كذاب يدعي ما ليس له» الوافي 157/3.

قال : ليس حيث ذهبت إنّما ذلك الكذب على اللّه وعلى رسوله وعلى الأئمّة صلوات اللّه عليه وعليهم (1).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بعض أصحابه رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : ذُكر الحائك (2) لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه ملعون، فقال: إنما ذاك الّذي يحوك الكذب على اللّه وعلى رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن القاسم بن عروة، عن عبد الحميد الطائي، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا يجد عبد طعم الإيمان (3) حتّى يترك الكذب هزله وجده.

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الكذَّاب هو الّذي يكذب في الشيء؟ قال: لا، ما من أحد إلّا يكون ذلك منه ولكنَّ المطبوع على الكذب (4).

13 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن الحسن بن ظريف، عن أبيه، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من كثر ذنبه ذهب بهاؤه (5).

14 - عنه، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن سالم رفعه قال قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): ينبغي للرَّجل المسلم أن يجتنب مواخاة الكذاب، فإنه يكذب حتّى يجيىء بالصدق فلا يصدق (6).

15 - عنه، عن ابن فضّال، عن إبراهيم بن محمّد الأشعري، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ ممّا أعان اللّه [به] على الكذَّابين النسيان (7).

ص: 327


1- دل على أن الكذب على اللّه ورسوله والأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المفطرات، وقد وردت النصوص فيه.
2- المقصود بالحائك في هذا الحديث وغيره من الأحاديث هو من يضع الحديث وينسبه كذباً إلى اللّه ورسوله أو إليهم (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ومن هنا يستقيم الحكم بكونه ملعوناً. وقد صرّح بذلك في ذيل الحديث.
3- هذا كناية عن كمال الإيمان وترتب الآثار عليه.
4- أي المجبول عليه بحيث صار الكذب له طبيعة تلازمه.
5- أي وقاره وهيبته عند اللّه وعند النّاس.
6- تمشياً مع عرف النّاس في شكّهم بكل ما يتفوه به من أخبار وذلك لاستصحابهم كذبه بسبب تحققهم من كثرة كذبه في ما يخبر به.
7- «فإنهم كثيرا ما يكذبون في خبر ثمّ ينسون ويخبرون بما ينافيه ويكذبه فيفتضحون بذلك عند الخاصة والعامة» مرآة المجلسي 334/10.

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: الكلام ثلاثة : صدق وكذب وإصلاح بين النّاس. قال : قيل له : جعلت فداك ما الإصلاح بين النّاس؟ قال : تسمع من الرجل كلاماً يبلغه فتخبث نفسه (1) فتلقاه فتقول : سمعت من فلان قال فيك من الخير كذا وكذا، خلاف ما سمعت منه.

17 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن الحسن الصيقل قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنا قد رُوِّينا عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ) (2)؟. فقال : واللّه ما سرقوا وما كذب ؛ وقال إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) (3)؟ فقال : واللّه ما فعلوا وما كذب قال : فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما عندكم فيها يا صيقل؟ قال : فقلت : ما عندنا فيها إلّا التسليم قال فقال : إِنَّ اللّه أحبَّ اثنين، وأبغض اثنين، أحب الخطر (4) فيما بين الصفّين، وأحب الكذب في الإصلاح، وأبغض الخطر في الطرقات(5). وأبغض الكذب في غير الإصلاح، إنَّ إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنما قال: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) إرادة الإصلاح (6) ودلالة على أنهم لا يفعلون، وقال يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) إرادة الإصلاح (7).

18 - عنه، عن أبيه، عن صفوان عن أبي مخلّد السراج، عن عيسى بن حسان قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كلّ كذب مسؤول عنه صاحبه (8) يوماً إلّا [كذباً] في ثلاثة : رجل كائد في حربه فهو موضوع عنه، أو رجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى به هذا(9)، يريد بذلك الإصلاح ما بينهما، أو رجل وعد أهله (10) شيئاً وهو لا يريد أن يتمَّ لهم.

ص: 328


1- أي فتتكدر نفس المقول فيه ذلك الكلام من قبل ذلك الرجل القائل الكادح في أخيه، والحديث يدل على جواز الكذب في مقام إصلاح ذات بين المؤمنين. كما سيصرح به في الحديث الآتي.
2- يوسف / 70. ولا يخفى أن هذا القول لم يكن ليوسف وإنما كان لأحد رجاله بدل صدر الآية (فأذن مؤذن...).
3- الأنبياء /63. والظاهر أن (وقال إبراهيم) من كلام السائل أيضاً. والمقصود ب- (كبيرهم) أي أكبرهم في الهيكل والحجم، أو أعظمه عندهم.
4- أي التبختر إعجابا بالنفس عند طلب المبارزة في القتال.
5- أي التبختر وكثرة التردد والتسكع فيها.
6- أي رغبته (عَلَيهِ السَّلَامُ) في إصلاح عقيدة قومه الفاسدة بمنعهم عن عبادة الأصنام.
7- أي إصلاح ما فسد بينه وبين أخوته، أو إصلاحهم هم بعدما فعلوه به، وذلك لا بد للوصول إليه من حدوث ما كان.
8- أي من قبل اللّه سبحانه وذلك في القبر أو القيامة.
9- أي ينقل من عند نفسه عن أحدهما إلى الآخر كلاماً طيباً لم يقله في صاحبه لتطيب نفسه عليه.
10- أي الزوجة.

19 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن مغيرة عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: المصلح ليس بكذاب.

20 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي عن محمّد بن مالك عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: حدّثني أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، حدیث، فقلت له : جعلت فداك أليس زعمت لي الساعة كذا وكذا؟ فقال : لا، فعظم ذلك عليَّ فقلت بلى واللّه، زعمت فقال : لا واللّه ما زعمته قال : فعظم عليَّ، فقلت: جعلت فداك بلى واللّه قد قلته، قال : نعم قد قلته أما علمت أنَّ كلّ زعم في القرآن كذب (1).

21 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن أبي إسحاق الخراساني قال(2): كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إياكم والكذب، فإنَّ كلّ راج طالب وكلَّ خائف هارب (3).

22 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار عن الحجّال (4)، عن ثعلبة. (5)، عن معمر بن عمرو (6)، عن عطاء عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لا كذب على مصلح»، ثمّ تلا (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)، ثمّ قال : واللّه ما سرقوا وما كذب»، ثمّ تلا (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) ثمّ قال واللّه ما فعلوه وما كذب.

باب ذي اللسانين

باب ذي اللسانين (7)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن عون القلانسي، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من لقي المسلمين بوجهين ولسانين

ص: 329


1- الزعم : كما في القاموس - القول الحق والباطل والكذب ضد وأكثر ما يقال فيما يشك فيه، والزعمي : الكذاب والصادق.. والتزعم التكذب وأمر مَزْعَم : لا يوثق به.
2- إما إرسال أو إضمار بأن يكون ضمير قال راجعاً إلى الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) مرآة المجلسي 334/10.
3- «أراد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تكذبوا في ادعائكم الرجاء والخوف من اللّه سبحانه وذلك لأن كلّ راج طالب لما يرجو ساع في أسبابه وأنتم لستم كذلك، وكل خائف هارب ممّا يخاف منه مجتنب ممّا يقربه منه وأنتم لستم كذلك» الوافي ج 157/3.
4- الظاهر أنّه عبد اللّه بن محمّد الأسدي.
5- الظاهر أنّه ابن ميمون بقرينة روايته عن معمر بن عمر.
6- لا يبعد أن (عمرو) تحريف (عمر) فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي 267/18 - 268
7- «قال بعض المحققين : ذو اللسانين هو الّذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ويتردد بين المتعاديين ويكلم كلّ واحد بكلام يوافقه...» نقلا عن مرآة المجلسي 353/10.

جاء يوم القيامة وله لسانان من نار.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن أبي شيبة، عن الزهري، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يُطري أخاه شاهداً (1) ويأكله غائباً (2)، إن أعطي حسده، وإن ابتلي خذله (3).

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عليّ بن أسباط، عن عبد الرحمن بن حماد رفعه قال : قال اللّه تبارك وتعالى لعيسى ابن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (يا عيسى ليكن لسانك في السر والعلانية لساناً واحداً وكذلك قلبك، إنّي أحذرك نفسك وكفى بي خبيراً، لا يصلح لسانان في فم واحد، ولا سيفان في غمد واحد ولا قلبان في صدر واحد ؛ وكذلك الأذهان) (4).

باب الهجرة

باب الهجرة (5)

1 - الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن الربيع، وعدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، رفعه، قال في وصيّة المفضّل : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا يفترق رجلان على الهجران إلّا استوجب أحدهما البراءة واللعنة (6) وربما استحق ذلك كلاهما، فقال له مَعَتِّب (7): جعلني اللّه فداك هذا الظالم (8) فما بال المظلوم ؟ قال : لأنه لا يدعو أخاه إلى صلته ولا يتغامس (9) له عن كلامه، سمعت كلامه، سمعت أبي يقول : إذا تنازع اثنان فعازَّ(10) أحدهما الآخر فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتّى يقول لصاحبه أي أخي أنا الظالم، حتّى يقطع الهجران بينه وبين صاحبه، فإنَّ اللّه تبارك وتعالى حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن ابن

ص: 330


1- أي يبالغ في مدحه إذا لقيه.
2- إشارة إلى قوله تعالى : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ) الحجرات/ 12.
3- أي لم ينصره.
4- أي لا يمكن أن تجتمع فيها الاعتقادات الحقة والباطلة.
5- الهجرة والهجران ترك شخص لآخر ورفضه له وقطيعته له.
6- أي من اللّه ورسوله منه.
7- هو من موالي الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) الممدوحين.
8- أي هذا حاله من براءة اللّه منه ولعنه له.
9- أي يتعامى ويتغافل كأنه لم يسمع ما قال فيه. وفي بعض النسخ (يتعامس).
10- أي غالبه. ومنه قوله تعالى في سورة ص / 23 «وعزّني في الخطاب» أي غالبني.

أبي عمير، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «لا هجرة فوق ثلاث» (1).

1 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرجل يصرم (2) ذوي قرابته ممّن لا يعرف الحق؟ قال : لا ينبغي له أن يصرمه.

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن عمه مرازم بن حكيم قال : كان عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) رجلٌ من أصحابنا يلقب شَلْقان (3) وكان قد صيّره في نفقته (4) وكان سيّيء الخلق فهجره فقال لي يوماً : يا مرازم [و] تكلّم عيسى(5)؟ فقلت نعم، فقال : أصبت لا خير في المهاجرة.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن سنان، عن أبي سعيد - القماط، عن داود بن كثير قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أيما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثاً لا يصطلحان إلّا كانا خارجين من الإسلام، ولم يكن بينهما ولاية (6) فأيهما سبق إلى كلام أخيه كان السابق إلى الجنّة يوم الحساب».

6 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن الشيطان يغري (7) بين المؤمنين، ما لم يرجع (8) أحدهم عن دينه، فإذا فعلوا ذلك استلقا على قفاه وتمدَّد (9)، ثمّ قال : فزتُ (10)، فرحم اللّه امرءاً ألف بين وليين لنا، يا معشر المؤمنين تألّفوا وتعاطفوا.

7 - الحسين بن محمّد، عن عليّ بن محمّد بن سعيد عن محمّد بن مسلم، عن محمّد بن محفوظ عن عليّ بن النعمان عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد

ص: 331


1- أي ثلاث ليال.
2- أي يهجره من رأس والصرم القطع. ويدل الحديث على الأمر بصلة الرحم حتّى ولو كان كافراً أو منافقاً.
3- هذا لقب عيسى بن أبي منصور القرشي الكوفي، وعده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعده البرقي تارة في أصحاب الباقر وأخرى في أصحاب الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد وردت في مدحه روايات ويستقرب الإمام الخوئي أن المسمى بهذا الاسم رجلان لا رجل واحد أحدهما من أصحاب الباقر والآخر من أصحاب الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ). فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي 176/13 وما بعدها.
4- أي تكفل بالإنفاق عليه وإعالته.
5- على نحو الاستفهام، أي أو تكلمه، والمقصود بعيسى هو ابن أبي منصور. ويحتمل فيه الأمر.
6- هي المحبة الّتي تكون بين المؤمنين.
7- أي يلقيها ويلصقها.
8- أي ما دام لم يخرج أحدهما من الدين كلية.
9- كناية عن فراغه من عمله في التفريق بين المؤمنين وإخراجهم عن دائرة الإيمان.
10- أي ظفرت بما أردت.

اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يزال إبليس فرحاً ما اهتجر المسلمان، فإذا التقيا اصطحت ركبتاه(1) وتخلعت أوصاله (2) ونادى يا ويله ما لقي من الثبور (3).

باب قطيعة الرحم

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في حديث: «ألا إن في التباغض الحالقة، لا أعني حالقة الشعر ولكن حالقة الدين» (4).

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن حذيفة بن منصور قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اتقوا الحالقة فإنّها تميت الرجال قلت : وما الحالقة؟ قال : قطيعة الرحم.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عثمان بن عيسى، عن بعض أنسحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : إن إخوتي وبني عمي قد ضيّقوا عليَّ الدَّار والجاوني منها إلى بيت ولو تكلّمت أخذت (5) ما في أيديهم، قال: فقال لي : اصبر فإن اللّه سيجعل لك فرجاً، قال : فانصرفت ووقع الوباء(6) في سنة إحدى وثلاثين [ومائة] فماتوا واللّه كلهم فما بقي منهم أحد قال فخرجت فلما دخلت عليه (7) قال : ما حال أهل بيتك؟ قال : قلت له : قد ماتوا واللّه كلّهم، فما بقي منهم أحد، فقال: هو بما صنعوا بك وبعقوقهم إياك وقطع رحمهم بتروا(8)، أتحب أنهم بقوا وأنّهم ضيقوا عليك؟ قال: قلت: إي واللّه.

ص: 332


1- أي اضطربتا وارتعشتا.
2- أي مفاصله، وهي مجتمع العظام.
3- الثبور : الهلاك. «وإنما التفت في حكاية قول إبليس عن التكلم إلى الغيبة في قوله : يا ويله، ولقي، تنزيهاً لنفسه المقدسة عن نسبة الشر إليه في اللفظ وإن كان في المعنى منسوبا إلى غيره» الوافي للفيض ج 156/3.
4- «قال في النهاية : وفيه دب إليكم داء الأمم البغضاء وهي الحالقة الحالقة : الخصلة الّتي من شأنها أن تحلق أي، تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموس الشعر وقيل هي قطيعة الرحم والتظالم انتهى» نقلا عن الوافي للفيض ج 3/ 155.
5- كناية عن غلبته لهم عند المنازعة معهم.
6- الوباء بالقصر والمد والهمز - كما في النهاية - الطاعون والمرض العام.
7- الضمير يرجع إلى الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- أي استئصلت شأفتهم وقطع دابرهم.

4 - عنه، عن أحمد عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: في كتاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثلاث خصال لا يموت صاحبهنَّ أبداً حتّى يرى وبالهنَّ (1) : البغي، وقطيعة الرحم، واليمين الكاذبة يبارز اللّه بها ؛ وإنَّ أعجلَ الطّاعة ثواباً لَصِلَةُ الرَّحم، وإنَّ القوم ليكونون فجاراً فيتواصلون فتنمى أموالهم ويثرون(2). وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع (3) من أهلها، وتنقل الرَّحم (4) وإن نقل الرحم انقطاع النسل.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة العابد قال: جاء رجل فشكا إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) اقاربه، فقال له : أكظم غيظك وافعل(5)، فقال: إنّهم يفعلون ويفعلون(6)، فقال: أتريد أن تكون مثلهم فلا ينظر اللّه إليكم (7).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لا تقطع رحمك وإن قطعتك».

7 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه رفعه، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في خطبته : أعوذ باللّه من الذُّنوب الّتي تعجل الفناء، فقام إليه عبد اللّه بن الكوَّاء اليشكري (8) فقال : يا أمير المؤمنين أو تكون ذنوب تعجل الفناء؟ فقال: نعم وَيْلَك، قطيعة الرحم، إن أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فَجَرة فيرزقهم اللّه، وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضاً فيحرمهم اللّه وهم أتقياء.

8، - عنه عن ابن محبوب عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار (9).

ص: 333


1- أي ثقلهن وشدتهن وسوء عاقبتهن.
2- أي يصيرون ذوي ثروة.
3- جمع بلقع وبلقعة : وهي الأرض القفر الّتي لا شيء فيها - كما في النهاية.. ومفادها هنا تفريق الشمل وتغيير النعمة.
4- كناية عن انقطاع النسل كما صرح به في ذيل الحديث، والتعبير عن انقطاع النسل بنقل الرحم لأنه حينئذ تنتقل القرابة من أولاده إلى سائر أقاربه مرآة المجلسي 367/10.
5- أي واصنع معهم ما أمكنك من البر، أو هو كناية عن ضرورة مواصلة كظم الغيظ والاستمرار عليه.
6- أي من أذيتي.
7- أي يسلبكم من ألطاف رحمته في الدنيا والآخرة.
8- وكان من رؤساء الخوارج.
9- وأحد أسبابه أنهم يتخاصمون ويتنازعون ويترافعون إلى الظلمة وحكام الجور فتصير أموالهم بالرشوة في أيديهم، وأيضاً إذا تخاصموا ولم يتعاونوا يتسلط عليهم الأشرار ويأخذونها منهم» مرآة المجلسي 370/10.

باب العُقُوق

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن حديد بن حكيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أدنى العقوق أفّ(1)، ولو علم اللّه عزّ وجلّ شيئاً أهون منه لنهى عنه.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «كن بارّا واقتصر على الجنّة، وإن كنت عاقاً [فظاً] فاقتصر على النار» (2).

3 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن صالح الحذاء، عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا كان يوم القيامة كشف غطاء من أغطية الجنّة فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام إلّا صنف واحد، قلت: من هم؟ قال: العاقُّ لوالديه (3).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «فوق كلّ ذي بربر، حتّى يُقتل الرّجل في سبيل اللّه فإذا قُتل في سبيل اللّه فليس فوقه بر، وإن فوق كلّ عقوق عقوقاً حتّى يقتل الرجل أحد والديه فإذا فعل ذلك فليس فوقه عقوق».

5 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من نظر إلى أبويه نظر ماقت (4) وهما ظالمان له لم يقبل اللّه له صلاة.

6 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن فرات عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في كلام له : إياكم وعقوق الوالدين، فإنَّ ريح الجنّة توجد من مسيرة ألف عام، ولا

ص: 334


1- هي كلمة تضجر. وقد مر ما يتعلق بذلك في باب بر الوالدين فراجع.
2- الاقتصار على هذه أو تلك عبارة عن الاكتفاء وهو كناية عن أن أجر البر الجنّة وعقوبة العقوق النار.
3- «أي لهما أو لكل منهما، ويدل ظاهراً على عدم دخول العاق الجنّة، ويمكن حمله على المستحلّ، أو على أنّه لا يجد ريحها ابتداءً وإن دخلها أخيراً...» مرآة المجلسي 371/10.
4- أي نظر مبغض كاره.

يجدها عاق، ولا قاطع رحم، ولا شيخ زان، ولا جار إزاره خيلاء(1)، إنما الكبرياء اللّه ربّ العالمين».

7 - عنه، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد [السلمي]، عن أبيه، عن جده، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لو علم اللّه شيئاً أدنى من : لو علم اللّه شيئاً أدنى من أف لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق، ومن العقوق أن ينظر الرَّجل إلى والديه فَيَحُدُّ النظر إليهما (2).

8 - علي، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن عبد اللّه بن سليمان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن أبي نظر إلى رجل ومعه ابنه يمشي والابن متكىء على ذراع الأب، قال: فما كلمه (3) أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مقتاً له حتّى فارق الدُّنيا.

9 - أبو علي الأشعري عن أحمد بن محمّد، عن محسن بن أحمد، عن أبان بن، عن عثمان، عن حديد بن حكيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أدنى العقوق أف ولو علم اللّه أيسر منه لنهى عنه.

باب الانتفاء

باب الانتفاء (4)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كَفَرَ باللّه (5) من تبرأ من نسب وإن دقّ (6).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي المغرا(7)، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كفر باللّه من تبرأ من نسب وإن دقّ.

3 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، عن ابن أبي عمير، وابن فضّال عن رجال

ص: 335


1- يمكن أن ينطبق على مطلق تطويل الثوب وشبهه ممّا يلبسه الإنسان بحيث يسبل طرفيه تكبراً وغطرسة وتبختراً. وقد مر ما يشير إلى قبح ذلك والنهي عنه في أحاديث سابقة.
2- يشعر بأنه يجب أن يكون النظر إلى الأبوين نظر محب خاضع خاشع متذلّل، لا نظر غاضب متأفف متبرم. وهذا من العقوق العملي كما أن قول أفٍّ لهما من العقوق القولي.
3- الضمير - حسب الظاهر - راجع إلى الإبن.
4- أي التبرّي من نسب باعتبار دناءته عرفا مرآة المجلسي 376/10.
5- هذا يحمل على ما إذا كان مستحلا لقطع الرحم.
6- أي وإن كان النسب بعيداً، أو كان خسيساً حقيراً.
7- واسمه حميد بن المثنى.

شتّى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّهما قالا : كفر باللّه العظيم الانتفاء من حسبا (1) وإن دقَّ.

باب مَن آذى المسلمين واحتقرهم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال اللّه عزّ وجلّ: (ليأذن (2) بحرب مني من آذى عبدي المؤمن (3)، وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن (4) ؛ ولو لم يكن من خلقي في الأرض فيما بين المشرق والمغرب إلّا مؤمن واحد مع إمام عادل لاستغنيت بعبادتهما عن جميع ما خلقت(5) في أرضي ولقامت سبع سماوات وأرضين بهما ولجعلت لهما من إيمانهما أنساً لا يحتاجان إلى أنس سواهما).

2 - عنه، عن أحمد بن محمّد عن ابن سنان عن منذر بن يزيد عن المفضّل بن عمر قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الصدود (6) لأوليائي، فيقوم قوم : ليس على وجوههم لحم (7)، فيقال : هؤلاء الّذين آذوا المؤمنين ونصبوا لهم(8)، وعاندوهم، وعنفوهم في دينهم(9)، ثمّ يؤمر بهم إلى جهنم.

3 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون عن حماد بن بشير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): قال اللّه تبارك وتعالى :

ص: 336


1- أي النسب.
2- أي فليعلم وليتيقّن.
3- المراد به الشيعي الكامل الإيمان.
4- وذلك يكون بحفظه ورعايته وخدمته وقضاء حوائجه والسعي بها وألطافه الخ.
5- «المراد بالاستغناء بعبادة مؤمن واحد مع أنّه سبحانه غني مطلق لا حاجة له إلى عبادة أحد، قبول عبادتهما والاكتفاء بهما لقيام نظام العالم» مرآة المجلسي 378/10.
6- أي المعرض بوجهه عنهم تكبراً أو كرهاً، المانع من برهم وصلتهم
7- «إنما سقط لحم وجوههم لأنهم كاشفوهم بوجوههم الشديدة من غير استحياء من اللّه ومنهم». الوافي للفيضج 3 / 161.
8- أي أظهروا لهم العداوة.
9- أي عيروهم به ولاموهم عليه.

(من أهان لي ولياً فقد أرصد لمحاربتي) (1).

4 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن محمّد بن أبي حمزة عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من حقر (2) مؤمناً مسكيناً أو غير مسكين، لم يزل اللّه عزّ وجلّ حاقراً له ماقتاً حتّى يرجع عن مَحْفَرَتِهِ إيَّاه.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن معلى بن خنيس قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللّه تبارك وتعالى يقول: من أهان لي وليّاً فقد أرصد لمحاربتي وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي (3).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : قال اللّه عزّ وجلّ: (قد نابذني (4) من أذلَّ عبدي المؤمن).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وأبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار جميعاً، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن حماد بن بشير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : قال اللّه عزّ وجلّ : (من أهان لي ولياً فقد أرصد لمحاربتي، وما تقرب إليَّ عبد(5) بشيء أحبُّ إليَّ ممّا افترضت عليه، وإنه لينقرَّب إليَّ بالنافلة حتّى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ولسانه الّذي ينطق به ويده الّتي يبطش بها، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته (6)؛ وما ترددت عن شيء أنا فاعله كترددي عن موت المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته (7)).

ص: 337


1- الإرصاد : المراقبة والإعداد للشيء. وفي كتاب النهاية : يقال رصدته إذا قعدت له على طريقه تترقبه، وأرصدت له العقوبة إذا أعددتها.
2- أي أذلّ.
3- يدل على أن عقوبة إذلال المؤمن تصل إلى المذلّ في الدنيا أيضاً بل بعد الإذلال بلا مهلة ولو بمنع اللطف والخذلان مرآة المجلسي 381/10.
4- في المصباح المنير : نابذتهم خالفتهم، ونابذتهم الحرب كاشفتهم إياها وجاهرتهم بها.
5- أي طلب القرب من رحمتي ومغفرتي ورضواني.
6- «قيل: المعنى أني إذا أحببته كنت كسمعه وبصره في سرعة الإجابة، فقوله : إن دعاني أجبته، إشارة إلى وجه التشبيه، يعني إني أجيبه سريعاً إن دعاني إلى مقاصده كما يجيبه سمعه عند إرادته سماع المسموعات، وبصره عند إرادته أبصار المبصرات وهذا مثل قول النّاس المعروف بينهم : فلان عيني ونور بصري ويدي وعضدي، وإنما يريدون به التشبيه في معنى من المعاني للمقام...» مرآة المجلسي 391/10.
7- ورد مضمون ذيل هذا الحديث في الحديث رقم (6) من باب الرضا بموهبة الإيمان والصبر على كلّ شيء بعده من هذا المجلد وعلقنا عليه هناك فراجع.

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي سعيد القماط، عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما أسري بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : يا رب ما حال المؤمن عندك؟ قال : يا محمّد من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي، وما ترددت عن شيء أنا فاعله كترددي عن وفاة المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ؛ وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلّا الغني ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك ؛ وإنَّ من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلّا الفقر ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك، وما يتقرب إليَّ عبد من عبادي بشيء أحبّ إليَّ ممّا افترضت عليه وإنه ليتقرب إليَّ بالنافلة حتّى أحبه فإذا أحببته كنت إذا سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ولسانه الّذي ينطق به ويده الّتي يبطش بها، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته (1).

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من استذلَّ مؤمناً واستحقره لقلة ذات يده (2) ولفقره شهره اللّه (3) يوم القيامة على رؤوس الخلائق.

10 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لقد أسرى ربِّي بي فأوحى إليَّ من وراء الحجاب (4) ما أوحى، وشافهني (5) [إلى ] أن قال لي : يا محمّد من أذل لي ولياً فقد أرصدني بالمحاربة ومن حاربني حاربته قلت يا ربِّ ومن وليك هذا؟ فقد علمت أن من حاربك حاربته، قال لي : ذاك من أخذتُ ميثاقه لك ولوصيّك ولذرّيّتكما بالولاية».

11 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): قال اللّه عزّ وجلّ: «من استذلُّ عبدي المؤمن فقد بارزني بالمحاربة، وما ترددت في شيء أنا فاعله كترددي في عبدي

ص: 338


1- اتضح المراد من هذا الحديث من تعليقنا على المتقدم عليه.
2- كناية عن فقره.
3- أي جعل له علامة في الآخرة يشتهر ويُعرف بها بأنه كان ممّن أذلّ مؤمناً في الدنيا.
4- الحجاب : الستر حسياً كان أو معنوياً، والمراد به هنا الثاني.
5- أي بلا توسط ملك.

المؤمن، إنّي أحبُّ لقاءه فيكره الموت فأصرفه عنه، وإنه ليدعوني في الأمر فأستجيب له بما هو خير له) (1).

باب مَن طَلَبَ عَثرات المؤمنين وعوراتهم

1 - محمّد بن يحيى، عن، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن إبراهيم والفضل ابني يزيد الأشعري، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالا : أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرَّجل على الدين فيحصي عليه عثرات--ه وزلاته ليعنّفه بها يوماً ما (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يا معشر (3) من أسلم بلسانه ولم يَخْلَص (4) الإيمان إلى قلبه، لا تذمّوا المسلمين ولا تَتَبَّعُوا عوراتهم فإنّه من تتبع عوراتهم تتبع اللّه عورته، ومن تتبع اللّه تعالى عورته يفضحه ولو في بيته(5)».

عنه، عن عليّ بن النعمان عن أبي الجارود (6)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله (7)،

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي

ص: 339


1- أي ما هو أصلح له إما في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معاً.
2- أي ليلومه ويعيره بها بقصد هتك حرمته. ووجه قربه إلى الكفر إن ذلك منه باعتبار عدم استقرار إيمانه في قلبه ومن لم يستقر إيمانه بعد فهو قريب من الكفر، أو المراد بالكفر كفر النعمة فإن مراعاة حقوق الأخوة من أجل نعماء اللّه عزّ وجلّ وقصده ذلك مناف لمراعاتها فهو قريب من الكفر المازندراني 2/10.
3- المعشر : الجماعة.
4- أي لم يصل.
5- تَتبعوا أصلها تتبعوا فحذفت تاء منها. والمعنى : لا تنقبوا وتفتشوا عنها، والعورات: جمع عورة وهي أمر قبيح يستره الإنسان مادياً كان أو معنوياً.
6- «والمراد بتتبع اللّه تعالى عورته إرادة إظهارها على خلقه ومن أراد اللّه تعالى إظهار عورته وإعلان بواد ما يكره إظهاره بفضحه بإظهارها ولو في جوف بيته إذ لا مانع لإرادته تعالى ولا دافع لها المازندرني 3/10. وقال المجلسي في مرآته 301/10: «والمراد بتتبع اللّه سبحانه عورته منع لطفه وكشف ستره، ومنع الملائكة عن ستر ذنوبه وعيوبه فهو يفتضح في السماء والأرض... الخ».
7- واسمه زياد بن المنذر.

الرّجُل الرّجلَ على الدين، فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنّفه بها يوماً ما (1).

4 - عنه، عن الحجّال عن عاصم بن حميد عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يا معشر من أسلم بلسانه ولم يسلم بقلبه، لا تتبعوا عثرات المسلمين فإنه من تتبع عثرات المسلمين تتبع اللّه عثرته ومن تتبع اللّه عثرته يفضحه» (2).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن إسماعيل، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مسلم أو الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لا نطلبوا عثرات المؤمنين فإن من تتبع عثرات أخيه تتبع اللّه عثراته ومن تتبع اللّه عثراته يفضحه ولو في جوف بيته».

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرّجلُ الرَّجلَ على الدين فيحصي [عليه] زلّاته ليعيّره بها يوماً ما.

7 - عنه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أبعد ما يكون العبد من اللّه أن يكون الرجل يواخي الرجل وهو يحفظ [عليه] زلاته ليعيره بها يوماً ما.

باب التعيير

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن رجل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أنّب (3) مؤمناً أنبه اللّه (4) في الدُّنيا والآخرة.

2 - عنه، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن عمّار، عن إسحاق بن عمّار،

ص: 340


1- مر مضمون هذا الحديث قبل قليل مع تفاوت يسير في ألفاظه والراوي فيهما زرارة عن المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) تحت رقم (1) من هذا الباب وعلقنا عليه فراجع.
2- مر أيضاً تحت رقم (2) من هذا الباب بمعناه وألفاظه مع اختلاف جزئي فيها. ومن الواضح أن أكثر أحاديث هذا الباب متشابهة ما الألفاظ متطابقة المعاني بل بعضها يكاد تتطابق أسانيدها ومع ذلك أوردها المصنف رحمه اللّه كلها وهذا ملفت للنظر.
3- التأنيب : اللوم والتعنيف.
4- التأنيب من اللّه سبحانه للعبد معاقبته في الدنيا أو في الآخرة أو في كليهما على تعنيفه لأخيه المؤمن.

عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من أذاع فاحشة (1) كان كمبتدئها (2)، ومن غير مؤمناً بشيء لم يمت حتّى يركبه (3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من عير مؤمناً بذنب لم يمت حتّى يركبه.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن حسين ابن عمر بن سليمان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من لقي أخاه بما يؤنبه (4) أنّبه اللّه في الدنيا والآخرة.

باب الغيبة والبهت

باب الغيبة والبهت(5)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة (6) في جوفه».

قال : وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : الجلوس في المسجد انتظار الصلاة عبادة ما لم يُحدث، قيل: يا رسول اللّه وما يحدث؟ قال: الاغتياب.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو من الّذين قال اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (7).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوساء، عن داود ابن

ص: 341


1- الفاحشة : المعصية الشديدة القبح، وإذاعتها التشهير بصاحبها وكان قد ارتكبها في السر.
2- أي فاعلها فيكون المذيع كالفاعل.
3- اي اقترفها : وتحريم التعبير بها ولا ينافي وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن المطلوب فيهما النصح لا التأنيب إلّا أذا علم أنّه لا تنفعه مرآة المجلسي 405/10.
4- أي بما يؤنبه به بتقدير العائد بعد حمل (ما) على الموصولية.
5- الغيبة : ذكرك أخاك في غيبته بما يكره ظهوره من عيوبه الموجودة فيه فعلاً، فإن ذكرته بما يسؤوه ولم يكن فيه فقد بهته، وهو البهت أو البهتان.
6- الأكلة أو الأكلة : مرض خبيث يتأكل لحم الجسم بسببه، وتخصيصه بالجوف ربما لأنه أكثر أذى وأسرع قتلاً. وذهب بعضهم إلى أن الأكلة (بتسكين الكاف مع فتح الهمزة) اللقمة، مؤيداً رأيه هذا بذكر الجوف في الحديث، وتشبيه الغيبة باللقمة عنده أنسب لأن اللّه سبحانه شبهها بأكل اللحم فراجع الوافي للفيض ج 163/3.
7- النور/ 19. قال الطبرسي في مجمع البيان المجلد 132/4 (... أن تشيع الفاحشة) أي يفشوا ويظهروا الزنا والقبائح في الّذين آمنوا بأن ينسبوها إليهم ويقذفوهم بها لهم عذاب أليم في الدنيا) بإقامة الحد عليهم. (والآخرة) وهو عذاب النار.

سرحان قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الغيبة قال : هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل (1) وتبثُ (2) عليه أمراً قد ستره اللّه عليه لم يقم عليه فيه حدّ(3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن هارون بن الجهم عن حفص بن عمر عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سئل النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): ما كفارة الاغتياب قال: «تستغفر اللّه لمن اغتبته كلّما ذكرته» (4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من بَهَتَ مؤمناً أو مؤمنة بما ليس فيه بعثه اللّه في طينة خَبَال (5) حتّى يخرج ممّا قال (6) قلت : وما طينة الخبال؟ قال : صديد يخرج من فروج المومسات (7).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن العبّاس بن عامر، عن أبان عن رجل لا نعلمه إلّا يحيى الأزرق قال : قال لي أبو الحسن صلوات اللّه عليه : من ذكر رجلاً من خلفه (8) بما هو فيه ممّا عرفه النّاس لم يغتبه (9)، ومن ذكره من خَلْفه بما هو فيه ممّا لا يعرفه النّاس اغتابه، ومن ذكره بما ليس فيه فقد بَهَتَه.

7 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن سيّابة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الغيبة أن تقول في أخيك ما سَتَره اللّه

ص: 342


1- هو أعم من القول والعمل، إذ القول فعل له أيضاً. فإذا نسبت إليه قولاً في الدين لم يقله بقصد الإساءة إليه و انتقاص دينه فقد اغتبته أيضاً.
2- أي تشهره وتشيعه وتعلنه.
3- أي لم يطلع عليه الحاكم الشرعي في حينه ليقيم عليه الحد الشرعي.
4- أي كلما ذكرت أنك اغتبته، أو كلما ذكرت الشخص المغتاب «وفي بعض النسخ : كما ذكرته، وحمل على أن ذلك بعد التوبة وظاهره عدم وجوب الاستحلال ممّن اغتابه وبه قال جماعة بل منعوا منه ولا ريب أن الاستحلال منه أولى وأحوط إذا لم يصر سبباً لمزيد إهانته ولإثارة فتنة لا سيما إذا بلغه ذلك» مرآة المجلسي 431/10.
5- الخيال الفساد.
6- أي إثبات صدق ما قاله في أخيه المؤمن، وهذا يشير إلى خلوده في النار، لأن البهت هو قولك في أخيك ما ليس فيه من عيب، فلا يستطيع إثبات ما هو غير موجود أصلا. وقيل إن المعنى : «خروجه من دنس الإثم بتطهير النّار له، وقال الطيبي في شرح المشكاة حتّى يخرج ممّا قال أي يتوب منه أو يتطهر». مرآة المجلسي 435/10.
7- الصديد هو الدم المختلط بالقيح، أو هو القيح والمومسات: جمع المومسة وهي الزانية الفاجرة.
8- أي في غيبته.
9- لا بد من حمله على ما إذا كان الأمر المذكور ممّا لا يدخل الحزن والأذية عليه، وإلا فقد يسلك في باب أذية المؤمن.

عليه، وأما الأمر الظاهر فيه مثل الحدة (1) المحلة (2)، والبهتان أن تقول فيها (3) ما ليس فيه.

باب الرواية على المؤمن

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن مفضّل ابن عمر قال: قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من روى على مؤمن رواية (4) يريد بها شَيْنَه (5) وهدم مروءته (6) ليسقط من أعين النّاس، أخرجه اللّه من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان (7).

2 - عنه، عن أحمد عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان قال: قلت له : عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ قال: نعم، قلت تعني سفليه (8)، قال : ليس حيث تذهب، إنما هي (9) إذاعة سرّه.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن مختار، عن زيد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما جاء في الحديث عورة المؤمن على المؤمن حرام قال: ما هو (10) ان ينكشف فترى منه شيئاً (11)، إنما هو أن تروي عليه (12) أو تعيبه (13).

ص: 343


1- الجدة - كما في القاموس - ما يعتري الإنسان من الغضب والنزق.
2- العَجَلة : - كما في القاموس أيضاً - السرعة والمبادرة في الأمور من غير تأمل.
3- أي سواء كان قولك ما ليس فيه في حضوره أو غيبته. فكله بهتان.
4- أي «بأن ينقل عنه كلاماً يدل على ضعف عقله وسخافة رأيه وسفاهة طبعه» المازندراني 9/10.
5- أي عيبه.
6- المروءة : - كما قال الجوهري - الإنسانية.
7- «ولعل السر في عدم قبول الشيطان له أن فعله أقبح من فعل الشيطان لأن سبب خروج الشيطان من ولاية اللّه تعالى هو مخالفة أمره مستنداً بأن أصله أشرف من أصل آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم يذكر من فعل آدم ما يسؤوه ويسقطه عن نظر الملائكة، وسبب خروج هذا الرجل من ولايته تعالى هو مخالفة أمره عزّ وجلّ من غير أن يسندها إلى شبهة إذ الأصل واحد وذكره من فعل المؤمن ما يؤذيه ويحقره في أعين السامعين وادعاء الكمال الفعلي لنفسه فعلا وهذا إدلال وتفاخر وعُجب وتكبر فلذلك لا يقبله الشيطان لكونه أقبح فعالاً منه على أن الشيطان لا يعتمد على ولايته له لان شأنه نقض الولاية لا عن شيء...» المازندراني 09/10.
8- أي عورتيه وهما القبل والدبر.
9- أي عورة المؤمن المقصودة في هذا الحديث هي كشف سرّه.
10- أي ليست العورة أن الخ، أو ليس الحرام.
11- أي من عورتيه.
12- أي تنقل عنه كلاماً يلحق به الضرر من جراء نقلك له.
13- أي تظهر عيباً مستوراً عنده أو تقول فيه كلاماً يؤذيه أو يجرح كرامته.

باب الشماتة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن عن إبراهيم بن محمّد الأشعري عن أبان بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : لا تبدي الشماتة (1) لأخيك، فيرحمه اللّه ويصيّرها بك، وقال: من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتّى يُفتَتَن (2).

محمّد بن خالد، عن الحسن بن عليّ بن فضال

باب السباب

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «سباب المؤمن (3) كالمشرف على الهلكة (4)».

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد اللّه بن بكير، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «سباب المؤمن فسوق (5)، وقتاله كفر (6)، وأكل لحمه (7) معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه».

3 - عنه، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي

جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ رجلاً من بني تميم أتى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : أوصني، فكان فيما أوصاه أن قال : «لا تسبوا النّاس فتكتسبوا العداوة بينهم».

ص: 344


1- الشماتة الفرح والسرور بمصيبة الأخ المؤمن.
2- أي يبتلي ويمتحن.
3- السباب الشتم والسب.
4- «لعل المراد بها (أي الهلكة) الكفر والخروج من الدين وبالمشرف عليها من قرب وقوعه فيهما بفعل الكبائر العظيمة، والساب شبيه بالمشرف وقريب منه ولو أريد بها العقوبة أو استحقاقها لم يتم التشبيه على الظاهر لأن الساب على الأوّل مشرف عليها وعلى الثاني متصف بها: المازندراني 10/10.
5- الفسوق : مصدر فَسَقَ يفسق الخروج عن دائرة طاعة اللّه إلى معصيته.
6- لا بد من حمله على أنّه يقاتله بسبب إيمانه، أو أنّه يقاتله مستحلاً لقتاله، أو يحمل على أن قتاله قد يكون من أسباب الكفر فيكون الإطلاق مجازيا.
7- كناية عن اغتيابه.

4 - ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في رجلين يتسابّان قال: البادي منهما أظلم، ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يعتذر إلى المظلوم (1).

5 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما شهد رجل على رجل بكفر (2) قط إلّا باء (3) به أحدهما، إن كان شهد [به] على كافر صدق، وإن كان مؤمناً رجع الكفر عليه، فإياكم والطعن على المؤمنين (4).

6 - الحسن بن محمّد، عن معلى بن محمّد عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن عليّ بن أبي حمزة عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول: إنَّ اللعنة إذا خرجت من في (5) صاحبها تردَّدت فإن وجدت مساغاً (6) وإلا رجعت على صاحبها.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن عليّ، عن عليّ بن عقبة، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللعنة إذا خرجت من في صاحبها تردَّدت بينهما فإن وجدت مساغاً وإلا رجعت على صاحبها.

8 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن حسّان، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا قال الرَّجل لأخيه المؤمن : أفّ خرج من ولايته (7)،، وإذا قال : أنت عدوّي كفر أحدهما (8)، ولا يقبل اللّه من مؤمن عملا وهو

ص: 345


1- ورد هذا الحديث تحت رقم (3) في باب الشفه من هذا المجلد بنفس السند مع ذكر الواسطة بين الشيخ الكليني وابن محبوب هناك وهي : عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب، ولا اختلاف بين المتنين إلّا في قوله هناك : «ما لم يتعد إلى المظلوم» وقد علقنا عليه سابقا فراجع.
2- سواء كان بنحو الإخبار أو الإنشاء، أو شهد به عند حاكم.
3- أي رجع به وصار عليه.
4- أي قدحهم وذمهم.
5- أي من فمه.
6- أي مدخلاً. وقد روي عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه قال: «إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثمّ تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثمّ تأخذ يميناً وشمالاً فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الّذي لعن فإن كان لذلك أهلا وإلا رجعت إلى قائلها».
7- ولاية المؤمن للمؤمن : نصرته له ومحبته له في اللّه.
8- كفر المخاطب في صورة كون القائل صادق في قوله وكفر القائل في صورة كونه كاذباً لأن الكفر يعود إليه بتكفيره لأخيه المسلم.

مضمر على أخيه المؤمن سوءاً (1).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن سنان عن حماد بن عثمان، عن ربعي، عن الفضيل عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من إنسان يطعن في عين مؤمن (2) إلّا مات بشر ميتة وكان قمنا(3) أن لا يرجع إلى خير.

باب التهمة وسوء الظن

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا اتهم المؤمن أخاه (4) انماث (5) الإيمان من قلبه (6) كما ينماث الملح في الماء.

2 - عدَّة من أصحابنا، أحمد، عن بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابه عن الحسين ابن حازم، عن حسين بن عمر بن يزيد عن أبيه قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من اتهم أخاه في دينه (7) فلا حرمة بينهما (8) ومن عامل أخاه بمثل ما عامل به النّاس (9) فهو بريء ممّا ينتحل (10).

3- عنه، عن أبيه، عمّن حدَّثه عن الحسين بن المختار عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كلام له : ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يغلبك منه (11) ولا

ص: 346


1- «أي يريد به شراً أو يظن به ما هو بريء عنه مرآة المجلسي 12/11. ودل هذا على أن إضمار السوء لا يقدح في أصل الإيمان نعم يدفع كماله...» المازندراني 13/10.
2- أي يقدح فيه في حضوره، سواء كان ما قدحه به متصفاً به المخاطب أولاً.
3- أي جديراً وأهلاً.
4- أى ظن به ظن السوء.
5- أي ذاب وتلاشى.
6- «إنما قال من قلبه، ولم يقل في قلبه للتنبيه على فساد قلبه حتّى أنّه ينافي الإيمان ويوجب فساده» المازندراني 14/10.
7- كان يتهمه بفعل المعاصي أو ترك شيء من الواجبات، أو يتهمه بالكفر.
8- الحرمة: كما في القاموس ما لا يحل انتهاكه، والمقصود بها حرمة الإيمان، وهذا التعبير كناية عن سلب الرابطة الإيمانية الّتي كانت تجمع بينهما.
9- من غير المؤمنين.
10- الانتحال ادعاء ما ليس له أي هو خارج عن ربقة الإسلام والإيمان.
11- «أي إحمل أمر أخيك قولاً كان أو فعلاً على أحسنه وإن كان مرجوحاً وكان خلافه راجحاً مظنوناً من غير تجسس حتى يأتيك اليقين على خلافه فإن الظن قد يغلط والتجسس منهي عنه» المازندراني 14/10 - 15.

تظنّنَّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً (1).

باب من لم يُناصِحُ أخاه المؤمن

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن النعمان، عن أبي حفص الأعشى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من سعى في حاجة لأخيه فلم ينصحه (2) فقد خان اللّه ورسوله» (3).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عثمان عن بن عيسى، عن سماعة :قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أيما مؤمن مشى (4) في حاجة أخيه فلم يناصحه (5) فقد خان اللّه ورسوله.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد ؛ وأبو علي الأشعري، عن محمّد ابن حسان جميعاً، عن إدريس بن الحسن عن مصبح بن هلقام قال : أخبرنا أبو بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أيما رجل من أصحابنا استعان به رجل من إخوانه في حاجة فلم يبالغ فيها بكل جهد (6)، فقد خان اللّه ورسوله والمؤمنين، قال أبو بصير: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما تعني بقولك والمؤمنين؟ قال : من لدن أمير المؤمنين إلى آخرهم (7).

4 - عنهما جميعاً، عن محمّد بن عليّ، عن أبي جميلة (8)قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من مشى في حاجة أخيه ثمّ لم يناصحه فيها كان كمن خان اللّه ورسوله، وكان اللّه خصمه (9).

ص: 347


1- «فإذا خرجت منه كلمة ذات وجهين وجب عليك أن تحملها على الوجه الخير» ن. م ص / 15 – 16.
2- أصل النصح الإخلاص من قبل الشخص قولاً وفعلاً فيما فيه مصلحة أخيه المؤمن. ومن ذلك الجد في قضاء حاجته والسعي صادقاً في الطافه والدفع عنه وجلب النقع إليه وتسديد رأيه في ما يعترضه من أمور دينه ودنياه، وإلا فإنه يكون قد غشه. وفي بعض النسخ (فلم يناصحه).
3- فيه أشعار بأن غش المؤمن يعتبر خيانة اللّه والرسول.
4- أي سعى في قضائها.
5- أي فلم يبذل ما تحتاجه من جهد أو كان مضمراً في نفسه كراهة قضائها.
6- الجهد، كما في القاموس الطاقة. أي بذل أقصى ما في وسعه، ولذا فهي تستبطن التعب والمشقة.
7- يحتمل أن يكون المراد بالمؤمنين خصوص الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما يحتمل أن يراد بهم الأعم منهم ومن شيعتهم ومواليهم.
8- واسمه المفضّل بن صالح.
9- «أي يخاصمه من قبل المؤمن في الآخرة أو في الدنيا فينتقم له فيهما» مرآة المجلسي 20/11.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابه، عن حسين ابن حازم، عن حسين بن عمر بن يزيد عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من استشار أخاه فلم يمحضه محض الرأي (1) سلبه اللّه عزّ وجلّ رأيه (2).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : أيما مؤمن مشى مع أخيه المؤمن في حاجة فلم يناصحه فقد خان اللّه ورسوله (3).

باب خُلف الوعد

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : عِدَةُ (4) المؤمن أخاه نَذر لا كفارة له (5)، فمن أَخْلَفَ فَبِخُلْفِ اللّه بدأ ولمقْتِه تعرَّض (6) وذلك قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) (7).

2 - علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فَلْيَفِ إذا وَعَدَ» (8).

ص: 348


1- أي فلم يشر عليه بما يقضي به العقل الحكيم والتدبير القويم السليم.
2- «ولعل السر في سلبه أنّه نعمة جليلة وترك الشكر عليه بعدم العمل بمقتضاه كفران لتلك النعمة وكفرانها موجب لسلبها» المازندراني 18/10.
3- مر هذا الحديث قبل قليل تحت رقم (2) عن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) برواية سماعة أيضاً وبنفس المضمون إلّا أن فيه هناك : (في حاجة أخيه).
4- العِدَة : الوعد وهو يكون في الخير، وإذا كان في الشر يقال : أوعدت إبعاداً ووعيداً
5- «أي كالنذر في جعله على نفسه أو في لزوم الوفاء به إلّا أنّه لا كفارة له» المازندراني 18/10.
6- «لأن اللّه أخذ على العباد العهد بأن يعملوا بأوامره وينتهوا عما نهى عنه، ولما أمر بالوفاء بالعهد ونهى عن الخلف عنه فمن أراد خلف العهد خالف اللّه فيما عاهده عليه وإن كان معفواً مع عدم الفعل (ولغضبه سبحانه) تعرض» مرأة المجلسي 22/11.
7- الصف / 2 - 3.
8- دل هذا الحديث - كالّذي قبله - على وجوب الوفاء بالوعد وحرمة خُلفه. ويمكن أن يكون قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في هذا الحديث: (من كان يؤمن الخ) إشارة إلى أن ذلك مقتضى الإيمان ومن لوازمه فمن لم يفعل ذلك فليس بمؤمن مرآة المجلسي 24/11.

باب مَن حَجَبَ أخاه المؤمن

1 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن حسّان، وعدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد جميعاً، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب(1)، ضرب اللّه عزّ وجلّ بينه وبين الجنّة سبعين ألف سور ما بين ما بين السور إلى السور مسيرة ألف عام (2).

2 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن إسماعيل بن محمّد، عن محمّد بن سنان قال كنت عند الرّضا صلوات اللّه عليه فقال لي : يا محمّد إنه كان في زمن بني إسرائيل أربعة نفر من المؤمنين فأتى واحد منهم الثلاثة وهم مجتمعون في منزل أحدهم في مناظرة بينهم فقرع الباب فخرج إليه الغلام فقال : أين مولاك؟ فقال : ليس هو في البيت، فرجع الرجل ودخل الغلام إلى مولاه فقال له : من كان الّذي قرع الباب؟ قال: كان فلان فقلت له لستَ في المنزل، فسكت ولم يكترث (3) ولم يلم غلامه ولا اغتم أحد منهم لرجوعه عن الباب وأقبلوا في حديثهم، فلما كان من الغد بكر إليهم (4) الرَّجل فأصابهم وقد خرجوا يريدون ضيعة (5) لبعضهم فسلّم عليهم وقال : أنا معكم ؟ فقالوا له : نعم ولم يعتذروا إليه (6)، وكان الرَّجل محتاجاً ضعيف الحال، فلمّا كانوا في بعض الطريق إذا غمامة قد أظلّتهم فظنوا أنّه مطر، فبادروا فلمّا استوت الغمامة على رؤوسهم إذا مناد ينادي من جوف الغمامة أيتها النّار خذيهم وأنا جبرئيل رسول اللّه، فإذا نار من جوف الغمامة قد اختطفت الثلاثة النفر وبقي الرجل مرعوباً يعجب ممّا نزل بالقوم ولا يدري ما السبب؟ فرجع إلى المدينة فلقي يوشع بن نون (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخبره الخبر وما رأى وما سمع، فقال يوشع بن نون (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما علمت أنَّ اللّه سخط عليهم بعد أن كان عنهم راضياً وذلك بفعلهم بك، فقال : وما فعلهم بي؟ فحدَّثه يوشع، فقال الرجل : فأنا أجعلهم في حلّ وأعفو عنهم، قال : لو كان هذا قبل لنفعهم فأما الساعة فلا (7)

ص: 349


1- «أي مانع من الدخول عليه، إما بإغلاق الباب دونه أو إقامة بواب على بابه يمنعه من الدخول عليه» ن. م ص / 45.
2- يحتمل أنّه من أعوام الدنيا ومن أعوام الآخرة، كما يمكن أن يراد معناه الحقيقي، أو المجازي فيكون كناية عن بعده من رحمة اللّه سبحانه.
3- أي لم يبال ولم يهتم.
4- أي جاءهم بكرة.
5- الضيعة - كما في القاموس - العقار والأرض والأرض المغلة.
6- أي عما حصل عند مجيئه السابق ورجوعه من الباب بعد أن قال له الغلام ما قال.
7- أي لا ينفعهم عفوك بعد أن هلكوا، فلن يرجعوا إلى الدنيا.

وعسى أن ينفعهم من بعد (1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن بكر بن صالح، عن محمّد بن سنان، عن مفضّل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب ضرب اللّه بينه وبين الجنّة سبعين ألف سور، غلظ كلّ سور مسيرة ألف عام [ما بين السور إلى السور مسيرة ألف عام ] (2).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : جعلت فداك ما تقول في مسلم أتى مسلماً زائراً [ أو طالب حاجة] وهو في منزله، فاستأذن عليه فلم يأذن له ولم يخرج إليه ؟ قال : يا أبا حمزة أيما مسلم أتى مسلماً زائراً أو طالب حاجة وهو في منزله فاستأذن له ولم يخرج إليه لم يزل (3) في لعنة اللّه حتّى يلتقيا (4) فقلت : جعلت فداك في لعنة اللّه حتّى يلتقيا ؟ قال : نعم يا أبا حمزة.

باب من استعان به أخوه فلم يُعِنْه

1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد وأبو علي الأشعري، عن محمّد بن حسّان، عن محمّد بن عليّ عن سعدان عن حسين بن أمين، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من بخل بمعونة أخيه المسلم والقيام له في حاجته [إلا] ابتلي بمعونة من يأثم عليه ولا يوجر (5)

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أيما رجل من شيعتنا أتى رجلا من إخوانه فاستعان به في

ص: 350


1- أي يوم القيامة، أو في عالم البرزخ.
2- مر مضمون هذا الحديث بتفاوت جزئي تحت رقم (1) من هذا الباب وعلّقنا عليه.
3- أي الشخص الثاني الّذي احتجب عن أخيه، ولا بد من حمله على عدم وجود عذر عنده للاحتجاب.
4- ولا بد من اشتراط ارتفاع لعنة اللّه عنه عند الالتقاء بما إذا اعتذر إلى صاحبه من تصرفه معه، نظراً إلى مضمون الحديث رقم (2) المتقدم.
5- كما لو أعان ظالماً أو كافراً، فإن كان باختياره فهو ليس غير مثاب على عمله بل مأثوم أيضاً وإن كان بالقهر والتسلط فلا يؤجر على الظلم والقهر الّذي أصابه من الظالم.

حاجته فلم يُعِنه وهو يقدر، إلّا ابتلاه اللّه بأن يقضي حوائج غيره من أعدائنا، يعذبه اللّه عليها يوم القيامة.(1).

3 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن حسّان، عن محمّد بن أسلم، عن الخطاب ابن مصعب، عن سدير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لم يَدَعْ رجل معونة أخيه المسلم حتّى يسعى (2) فيها ويواسيه (3)، إلّا ابتلي بمعونة من يأثم ولا يوجر.

4 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن. بن عبد اللّه، عن علي ابن جعفر عن [أخيه] أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : من قصد إليه رجل من إخوانه مستجيراً به في بعض أحواله (4) فلم يجره بعد أن يقدر عليه، فقد قطع ولاية اللّه (5) عزّ وجلّ.

باب من منع مؤمناً شيئاً من عنده أو من عند غيره

باب من منع مؤمناً شيئاً من عنده أو من عند غيره(6)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وأبو علي الأشعري، عن محمّد بن حسّان، جميعاً، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن سنان، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) :قال : أيما مؤمن منع مؤمناً شيئاً ممّا يحتاج إليه وهو يقدر عليه من عنده أو من عند غيره، أقامه اللّه (7) يوم القيامة مسودا وجهه مُزْرَقَةً عيناه (8)، مغلولةً يداه إلى عنقه فيقال : هذا الخائن الّذي خان اللّه ورسوله، ثمّ يؤمر به إلى النّار.

ص: 351


1- أي يعذبه اللّه على قضاء تلك الحوائج للأعداء يوم القيامة. ويدل الحديث على حرمة قضاء حوائج الكفار وخاصة النواصب.
2- أي يمشي في إنجازها.
3- أي يعزّيه ويعاونه.
4- إما لقضاء حاجة تعترضه أو لدفع ظالم يتسلط عليه.
5- أي محبة اللّه له أو نصرته له. «والحاصل أنّه لا يتولى اللّه أموره ولا يهديه بالهدايات الخاصة ولا يعينه ولا ينصره» مرآة المجلسي 50/ 11.
6- «مفاد أحاديث هذا الباب راجع إلى ما في الباب السابق إلّا أنّها لما وردت باسم خاص ونهي خاص وضع لها باباً آخر» المازندراني 21/10.
7- أي بعثه أو أوقفه ونصبه. أو حشره.
8- إشارة إلى قوله تعالى في سورة طه / 102 (ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً) أي زرق العيون وذلك من أقبح ألوان العين وأبغضها إلى العرب، لأن الروم كانوا أعدى أعدائهم وكانوا زرق العيون قاله البيضاوي. وقيل بأن ذلك يصيب عيونهم من شدة العطش. وقيل : معنى (زرقا) أي عمياً، لأن حدقة الأعمى تزرق. وقيل : يحتمل إرادة قبح المنظر وفظاظة الصورة.

2 - ابن سنان عن يونس بن ظبيان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا يونس من حبس حقُّ المؤمن (1)، أقامه اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة خمسمائة عام على رجليه حتّى يسيل عرقه أو (2) دمه (3)، وينادي مناد من عند اللّه : هذا الظالم الّذي حبس عن اللّه حقه، قال: فيوبّخ أربعين يوماً (4) ثمّ يؤمر به إلى النار.

3 - محمّد بن سنان، عن مفضّل بن عمر قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من كانت له دار فاحتاج مؤمن إلى سكناها فمنعه إياها قال اللّه عزّ وجلّ : (يا ملائكتي أبخِلَ عبدي على عبدي بسكنى الدار الدُّنيا وعزتي وجلالي لا يسكن جناني أبداً) (5).

4 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، عن عليّ بن جعفر قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من أتاه أخوه المؤمن في حاجة فإنّما هي رحمةٌ من اللّه عزّ وجلّ ساقها إليه، فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصول بولاية اللّه عزّ وجلّ وإن ردَّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلّط اللّه عليه شجاعاً من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة، مغفور له أو معذَّب، فإن عذره الطالب كان أسوء حالا(6). قال : وسمعته يقول (7): من قصد إليه رجل من إخوانه مستجيراً به في بعض أحواله فلم يجره بعد أن يقدر عليه فقد قطع ولاية اللّه تبارك وتعالى.

باب من أخاف مؤمناً

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى، عن

ص: 352


1- «المراد بحق المؤمن من الديون والحقوق اللازمة أو الأعم منها ممّا يلزمه أداؤه من جهة الإيمان...» مرآة المجلسي 52/11.
2- الترديد من الراوي.
3- في بعض النسخ (أودية).
4- أي من قبل اللّه أو الملائكة أو الأنبياء والأوصياء أو عامة المؤمنين أو هؤلاء جميعاً، والمراد بالأربعين يوماً مقدارها من أيام الدنيا بقرينة إقامة اللّه له قبل ذلك خمسمائة عام والّتي تحتمل أعوام الدنيا كما تحتمل أعوام الآخرة.
5- لا بد من حمل منعه له على منعه لإيمانه ليس إلّا فيكون المانع من أهل الكفر واللّه أعلم.
6- مر هذا الحديث بسنده وبمتنه عينه إلى هذا الموضع تحت رقم (13) من باب قضاء حاجة المؤمن من هذا المجلد، إلّا أن فيه هناك (مغفوراً له أو معذباً) وقد سبق وعلقنا عليه.
7- من هنا إلى آخر الحديث مربعينه تقريباً في الحديث رقم (4) من الباب السابق وعلقنا عليه هناك وكان بنفس السند أيضاً.

الأنصاري عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه اللّه عزّ وجلّ يوم لا ظل إلّا ظله» (1).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي إسحاق الخفاف، عن بعض الكوفيين عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من روع (2) مؤمناً بسلطان ليصيبه منه (3) مكروه (4) فلم يصبه فهو في النار ومن روّع مؤمناً بسلطان ليصيبه منه مكروه فأصابه فهو مع فرعون وآل فرعون في النّار(5).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من أعان على مؤمن بشطر كلمة (6) لقي اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة مكتوب بين عينيه (7). آيس من رحمتي

باب النميمة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا بلى يا رسول اللّه، قال : «المشّاؤون بالنميمة (8)، المفرَّقون بين الأحبّة (9)، الباغون (10) للبراء(11) المعايب».

ص: 353


1- أي ظل عرشه، أو كنفه، أو عزه ورعايته.
2- أي خوف وهدّد.
3- أى من ذلك السلطان.
4- أي ضرر يكرهه.
5- «قيل أي في نار البرزخ، حيث قال : النّار يُعرضون عليها غدوّاً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب» غافر / 46 مرآة المجلسي 55/11.
6- أي نصف كلمة، كأن يقول اق في اقتل. ويمكن حملها على أي فعل ولو ضئيل يكون فيه إعانة على ظلم هذا المؤمن كالإشارة باليد أو العين أو الحاجب جواباً على قول الظالم له مثلاً أأقتله أو أسجنه أو غير ذلك. والإعانة عليه أعم من أن تكون على نفسه أو عرضه أو ماله.
7- أي على جبهته.
8- إشارة إلى قوله تعالى في سورة القلم / 11 : «هماز مشاء بنميم»، والنميمة : هو أن يسعى أحد في نقل كلام شخص على شخص إلى ذلك الشخص المقول فيه ذلك الكلام بقصد إيقاع الفتنة بينهما والنقل قد يكون باللفظ وقد يكون بالإشارة أو بالكتابة.
9- بالنميمة أو غيرها.
10- أي القاصدون والطالبون.
11- جمع البريء، وهو الخالي عما قيل فيه من عيب أو نقل عنه من كلام.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن محمّد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل عن محمّد بن قبس، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : محرَّمة الجنّة على القناتين (1) المشائين بالنميمة.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الأصبهاني عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : شراركم المشّاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبّة، المبتغون للبراء المعايب.

باب الإذاعة

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمّد ابن عجلان قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ عيّر أقواماً بالإذاعة في قوله عزّ وجلّ: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به) (2) فإياكم والإذاعة.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد الخزاز، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقنا (3).

قال : وقال لمعلى بن خنيس : المذيع حديثنا كالجاحد له.

3 - يونس عن ابن مسكان عن ابن أبي يعفور قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من أذاع علينا حديثنا سلبه اللّه الإيمان (4).

4 - يونس بن يعقوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما قتلنا من أذاع حديثنا قتل خطاء ولكن قتلنا قتل عمد (5).

ص: 354


1- القتات - كما في النهاية - النمام، يقال : قت الحديث إذا زوّره وهيأه وسواه.
2- النساء / 83 و (أذاعوا به) أي أفشوه، قال البيضاوي : كان يفعله قوم من ضيفة المسلمين إذا بلغهم خبر عن سرايا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أو أخبرهم الرسول بما أوحي إليه من وعد بالظفر أو تخويف من الكفرة أذاعوا لعدم حزمهم وكانت إذاعتهم مفسدة.
3- «المذيع والجاحد متشاركان في عدم الإيمان وبراءة الإمام منهم وفعل ما يوجب لحوق الضرر، بل ضرر الإذاعة أقوى لأن ضرر الجحد يعود إلى الجاحد، وضرر الإذاعة يعود إلى المذيع وإلى المعصوم وإلى المؤمنين..» المازندراني 26/10 والمقصود بالجاحد من لم يعتقد بولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) بل أنكرها.
4- وذلك بسلب لطفه سبحانه عنه فلا يوفق إلى الإيمان.
5- أي مثل قتل العمد في الإثم والعقوبة.

5 - يونس عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : يحشر العبد يوم القيامة وما ندى دماً (1) فيدفع إليه شبه المِحْجَمَة (2) أو فوق ذلك (3) فيقال له : هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا ربّ إنّك لتعلم أنك قبضتني وما سَفَكْتُ دماً، فيقول: بلى سمعت من فلان رواية كذا وكذا، فرويتها عليه فنقلت حتّى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها وهذا سهمك من دمه (4).

6 - يونس، عن ابن سنان ؛ عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5) وتلا هذه الآية: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (6) قال : واللّه ما قتلوهم بأيديهم، ولا ضربوهم بأسيافهم، ولكنهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا فصار قتلا واعتداءً ومعصية.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) (7) فقال: أما واللّه ما قتلوهم بأسيافهم ولكن أذاعوا سرهم وأفشوا عليهم فقتلوا (8).

8 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن محمّد بن عجلان، عن أبي عبد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ عير قوماً بالإذاعة، فقال : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ) فإياكم والإذاعة.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عثمان، عمّن أخبره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أذاع علينا شيئاً من أمرنا فهو كمن قتلنا عمداً ولم يقتلنا خطاءً.

10 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن نصر بن

ص: 355


1- ما : نافية، وندي: ابتل والمعنى لم يكن قد أصاب من دم أحد شيئاً ولا ابتل به.
2- أي قارورة الحجّام.
3- أي أو أكبر منها.
4- قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) «رب كلام انفذ من السهام» و «رب کلام کالحسام».
5- «الواو : للاستئناف، أو حال عن فاعل قال المذكور بعدها أو عن فاعل روى المقدّر أو للعطف على جملة أخرى تركما الراوي» مرآة المجلسي 63/11
6- البقرة/ 61. و (ذلك) في الآية إشارة إلى ما تضمنته الآية السابقة عليها من ضرب الذلة والمسكنة على بني إسرائيل وحلول غضب اللّه عليهم.
7- آل عمران 112، والكلام عن كفرة أهل الكتاب.
8- دل هذا الحديث وما شاكله ممّا تقدم على أن الإذاعة سبب للقتل وإن المسبب كالمباشر في الإثم والمعصية.

صاعد مولى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أبيه قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : مذيع السرّ شال (1)؛ وقائله عند غير أهله (2) كافر ومن تمسك بالعروة الوثقى فهو ناج، قلت: ما هو؟ قال: التسليم (3).

11 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، عن رجل من الكوفيين، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ جعل الدِّين دولتين دولة آدم - وهي دولة اللّه - ودولة إبليس، فإذا أراد اللّه أن يُعبد علانية كانت دولة آدم، وإذا أراد اللّه أن يُعبد في السر (4) كانت دولة إبليس (5)، والمذيع لما أراد اللّه ستره مارقُ من الدين(6).

12 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عبد الرحمن ابن الحجاج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من استفتح نهاره (7) بإذاعة سرّنا، سلّط اللّه عليه حرَّ الحديد (8) وضيق المحابس (9).

باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :

ص: 356


1- ولعل المراد أن مذيع السر عند مجهول الحال شاك المازندراني 27/10 أو أن المعنى : مذيع السر عند من لا يعتمد عليه من الشيعة شاك أي غير موقن فان صاحب اليقين لا يخالف في شيء ويحتاط في عدم إيصال الضرر إليه مرآة المجلسي 65/11.
2- غير أهل السر هم الكافر والمخالف ومن لا يؤتمن عليه لأنه يذيعه. وهذا يشعر بأن اطلاع المؤمن للمؤمن الموثوق الحريص على السر لا محذور فيه.
3- أي للمعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) والانقياد له فهو العروة الوثقى الّتي لا انفصام لها.
4- في الوافي ج 159/3 (على السرّ) وقد قال رحمه اللّه وقد مضى هذا الحديث بإسناد آخر في كتاب الحجة مع أخبار آخر في هذا المعنى.
5- دولة إبليس كناية عن كلّ حكومة حاكم ظالم جائر حيث يضطر المؤمنون معه إلى أن يعبدوا اللّه ويعملوا بمقتضى إيمانهم سراً خوفاً من ظلمه وجوره.
6- أي خارج عنه بعد ان كان داخلا فيه، ولذلك سمي الخوارج بالمارقة.
7- «وكأن استفتاح النهار على المثال أو لكونه أشد أو كناية عن كون هذا منه على العمد والقصد لا على الغفلة والسهو، ويحتمل أن يكون الاستفتاح بمعنى الاستنصار وطلب النصرة... الخ» مرآة المجلسي 66/11.
8- كناية عن قتله بالسيف وشبهه أو تكبيله بقيود الحديد.
9- أي السجون.

قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من طلب رضا النّاس بسخط اللّه (1)، جعل اللّه حامده من النّاس ذاماً» (2).

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من طلب مرضاة النّاس بما يسخط اللّه، كان حامده من النّاس ذاماً، ومن آثر طاعة اللّه بغضب النّاس كفاه اللّه عداوة كلّ عدو، وحسد كلّ حاسد وبغي كلّ باغ، وكان اللّه عزّ وجلّ له ناصراً وظهيراً (3)».

3 - عنه، عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي قرَّة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كتب رجل إلى الحسين صلوات اللّه عليه : عظني بحرفين (4)، فكتب إليه : من حاول (5) أمراً بمعصية اللّه، كان أفوتَ لما يرجو وأسرع لمجيء ما يحذر (6).

4 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا دين لمن دان بطاعة من عصى اللّه (7)، ولا دين لمن دان بفِرْية باطل (8) على اللّه، ولا دين لمن دان بجحود (9) شيء من آيات اللّه (10).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري] قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من أرضى سلطاناً بسخط اللّه خرج من دين اللّه».

ص: 357


1- بمداهنتهم أو مهادنتهم أو مشاركتهم في المعاصي الّتي من أعظمها محاربة أئمّة الحق لينال الحظوة عند أئمّة الجور.
2- أي «يذمه من يحمده في وقت النصرة أو من يتوقع منه الجهد فيترتب على فعله نقيض مقصوده، أما في الدنيا فلان حامده يعلم خيانته وجوره قطعاً فيبغضه باطناً وربما يلومه ظاهراً أو لا يثق به في أمر من أموره وأما في الآخرة فإن كلّ واحد منهما يتبرأ من الآخر كما نطق به القرآن الكريم» المازنداني 28/10.
3- أي معيناً.
4- أي بجملتين ولعله كناية عن قلة الألفاظ وكثرة المعاني.
5- أي رام وقصد.
6- «مثلا من طلب رضا المخلوق بمعصية الخالق يفوت رضاه ومدحه ويجد غضبه وذمّه» المازندراني 29/10.
7- أي لا إيمان أو لا عبادة لمن عبد اللّه بأقوال إمام غير معصوم أو بعمله بمعصية أمره بها أو هو تابعه فيها. أو أخذه بفتوى من ليس أهلا للفتيا والقضاء.
8- الفِرية : اسم من افترى عليه الكذب افتراء : اختلقه وتقال لاختلاق كلّ ما لا يصح أن يكون.
9- أي إنكار.
10- يحتمل أن يراد بآيات اللّه الأئمّة المعصومون (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو الأعم.

باب في عقوبات المعاصي العاجلة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان عن رجل عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «خمس إن أدركتموهنَّ فتعوَّذوا باللّه منهنَّ : لم تظهر الفاحشة(1) في قوم قط حتّى يعلنوها إلّا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع الّتي لم تكن في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسنين (2) وشدَّة المؤونة وجور السلطان، ولم يمنعوا الزكاة إلّا منعوا القطر (3) من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد اللّه وعهد رسوله إلّا سلّط اللّه عليهم عدوّهم وأخذوا بعض ما في أيديهم ولم يحكموا بغير ما أنزل اللّه عزّ وجلّ] إلّا جعل اللّه عزّ وجلّ بأسهم بينهم (4).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : وجدنا في كتاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إذا ظهر الزّنا من بعدي كثر موت الفجأة (5)، وإذا طفف المكيال والميزان (6) أخذهم اللّه بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها من الزرع والثمار والمعادن كلها. وإذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم والعدوان وإذا نقضوا العهد سلّط اللّه عليهم عدوهم، وإذا قطعوا الأرحام جُعِلَت الأموال في أيدي الأشرار (7)، وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم

ص: 358


1- أي الزنا.
2- جمع سنة، وهي - كما في القاموس - الجدب والقحط.
3- أي المطر.
4- البأس : القوة والشدة والعذاب وكأن «المراد به غلبة بعضهم على بعض بالتعدي والطغيان ومعاونة بعض لبعض على الظلم والعدوان» المازندراني 31/10 ولا يخفى أن كلّ واحد من الأمور المذكورة بعد التأمل فيها نجد أنّه يترتب عليها «عقوبة تناسبه، فإن الأوّل لما كان فيه تضييع آلة النسل ناسبه الطاعون الموجب لانقطاعه، والثاني لما كان القصد فيه زيادة المعصية ناسبه القحط وشدة المؤونة وجور السلطان بأخذ المال وغيره والثالث لما كان فيه منع ما أعطاه اللّه يتوسط الماء ناسبه منع نزول المطر من السماء، والرابع لما كان فيه ترك العدل والحاكم العادل ناسبه تسلط العدو وأخذ الأموال، والخامس لما كان فيه رفض الشريعة وترك القوانين العدلية ناسبه وقوع الظلم بينهم الخ...» المازندراني 30/10.
5- أي البغتة.
6- أي حصل التلاعب بهما بحيث يأخذ صاحب الحق بواسطتهما أقل من حقه.
7- إذ إن قطع الأرحام «يوجب انقطاع النسل الموجب لوقوع الأموال في أيدي الأشرار، أو يوجب وقوع المخالفة بينهم وعدم معاونة بعضهم بعضاً وذلك يوجب طمع الأشرار في أموالهم وأخذها منهم ظُلماً...» المازندراني 31/10.

ينهوا عن المنكر ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط اللّه عليهم شرارهم فيدعوا خيارهم(1) فلا يستجاب لهم.

باب مُجالسة أهل المعاصي

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي زياد النهدي، عن عبد اللّه بن صالح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلساً يعصى اللّه فيه (2) ولا يقدر على تغييره.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن بكر بن محمّد، عن الجعفري (3) قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : مالي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟ فقال: إنه خالي، فقال : إنه يقول في اللّه قولاً عظيماً، يصف اللّه ولا يوصف، فإما جلست معه وتركتنا وإما جلست معنا وتركته (4)؟ فقلت : هو يقول (5) ما شاء، أي شيء عليَّ منه إذا لم أقل ما يقول؟ فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعاً. أما علمت بالّذي كان من أصحاب موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان أبوه من أصحاب فرعون فلما لحقت خيل فرعون موسى تخلّف عنه (6) ليعظ أباه فَيُلْحِقَه بموسى، فمضى أبوه وهو يراغمه (7) حتّى بلغا طرفاً من البحر (8) فغرقا جميعاً، فأتي موس (عَلَيهِ السَّلَامُ) الخبر، فقال : هو في رحمة اللّه، ولكنَّ النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمّن قارب المذنب دافع.

3 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن

ص: 359


1- هم الأمرون بالمعروف الفاعلون له الناهون عن المنكر التاركون له وعدم استجابة دعائهم لاستحكام الغضب وبلوغه حد الحتم والإبرام ألا يرى أنّه لم يقبل شفاعة خليل الرحمن (عَلَيهِ السَّلَامُ) لقوم لوطه مرآة المجلسي 74/11.
2- إما بفعل المعاصي كشرب الخمر والغيبة وغيرهما أو بترك الطاعات كترك الصلاة أو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الخ. ويدل الحديث على وجوب تغيير المنكر عند القدرة عليه باللسان والقلب معاً أو القلب عند عدم القدرة على التغيير باللسان.
3- واسمه داود بن القاسم. ويحتمل أن يكون سليمان بن جعفر الجعفري.
4- يشعر بعدم جواز مجالسة من يجالس أهل المعاصي وإن لم يكن منهم.
5- أي عبد الرحمن بن يعقوب.
6- أي عن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- المراغمة : المغاضبة والهجران.
8- أي سارا جزء من الطريق الّذي سلكه فرعون في مطاردته لموسى بعد أن ضرب موسى البحر بعصاه.

عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند النّاس (1) كواحد منهم، قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «المرء على دين خليله وقرينه» (2).

4 - محمّد بن بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود ابن سرحان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا رأيتم أهل الريب (3) والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبهم، والقول فيهم والوقيعة(4) و باهتوهم (5) كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم النّاس، ولا يتعلمون من بِدَعِهِمْ، يكتب اللّه لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة».

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمّد ابن يوسف، عن ميسر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا ينبغي للمسلم أن يواخي الفاجر (6) ولا الأحمق ولا الكذاب.

6 - عنه عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن سالم الكندي، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه إذا صعد المنبر قال : ينبغي للمسلم أن يجتنب مواخاة ثلاثة : الماجن (7) والأحمق والكذَّاب، فأما الماجن فيزيّن لك فعله (8) ويحبُّ أن تكون مثله، ولا يعينك على أمر دينك ومعادك، ومقارنته جفاء (9) وقسوة، ومدخله ومخرجه عليك عار، وأما الأحمق فإنّه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه، وربما أراد منفعتك فضرَّك (10)، فموته خيرٌ من حياته، وسكوته خيرٌ من نطقه (11) وبعده خير من

ص: 360


1- أي في نظرهم، ولذلك قالوا قل لى من تعاشر أقل لك من أنت.
2- «أي ظاهراً وباطناً، أما ظاهراً فظاهر لأنه عند النّاس مثلهم، وإما باطناً فلأن النفس مائلة إلى الشرور فتميل إلى طبع الجليس سريعا وتسكن إليه فتستعد لصدور ما يصدر عنه من الأمور المنكرة...» المازندراني 33/10.
3- أي الشكاكون في دين اللّه، نتيجة استغراقهم في الشبهات والأوهام والأباطيل.
4- الوقيعة : الذم واللوم والعيب.
5- «البهت التحير والدهش ولعل المراد به إلزامهم بالحجج البالغة لينقطعوا ويبهتوا كما بهت الّذي كفر في محاجة إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)» المازندراني 34/10.
6- الفاجر : الفاسق المنبعث في المعاصي. وجمعه فجار وفجرة والعلة في هذا النهي عن اتخاذ هؤلاء رفقاء مع ملازمتهم ومواساتهم هو أنهم مفسدون لدين الإنسان ودنياه.
7- مجن مجوناً - كما في القاموس - صلب وغلظ، ومنه الماجن لمن لا يبالي قولاً وفعلاً كأنه صلب الوجه. أي أنّه لا يقيم وزنا للآداب العامة والقيم الاجتماعية القويمة.
8- أي يحسنه ليحملك على محاكاته فيه.
9- الجفاء : غلظ الطبع وخشونته.
10- وذلك لنزقه وعدم تدبره في الأمور، حيث يهجم عليها بلا روية.
11- لأن قلب الأحمق - كما ورد عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وراء لسانه.

قربه، وأما الكذَّاب فإنّه لا يهنئك معه عيش، ينقل حديثك وينقل إليك الحديث (1)، كلما أفنى أحدوثة (2) مطها بأخرى (3) حتّى أنّه يحدثُ بالصدق فما يُصَدِّق، ويغري بين النّاس بالعداوة، فينبت السخائم (4) في الصدور فاتقوا اللّه وانظروا لأنفسكم (5).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عذافر، عن بعض أصحابه، عن محمّد بن مسلم أو (6) أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما : بابني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم (7) في طريق فقلت يا أبه من هم؟ قال: إياك ومصاحبة الكذَّاب فإنه بمنزلة السّراب (8) يقرب لك البعيد ويباعد لك القريب، وإياك ومصاحبة الفاسق فإنّه بائعك بأكلة (9) أو أقل من ذلك، وإياك ومصاحبة البخيل فإنّه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرّك.

وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإنّي وجدته ملعوناً في كتاب اللّه عزّ وجلّ في ثلاث مواضع : قال اللّه عزّ وجلّ: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (10) وقال: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)(11). وقال في البقرة: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (12).

8 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن شعيب العقرقوفي

ص: 361


1- أي الخبر بقصد النميمة وإيقاع السنة بينك وبين المنقول عنه، وبالعكس.
2- أي حديثا. وهو ما يتحدث به.
3- أي مدّها وطولها.
4- أي الأحقاد.
5- أي اختار لها من الرفقاء ما فيه صلاحها في الدارين.
6- الترديد من الراوي.
7- في بعض النسخ فلا توافقهم.
8- قال الراغب السراب : اللامع في المفازة كالماء وذلك لانسرابه في رأي العين ويستعمل السراب فيما لا حقيقة له.
9- أكلة : (بفتح الهمزة) أي وجبة طعام واحدة وبالضم: (أكلة) أي لقمة.
10- محمّد / 22.
11- الرعد/ 25.
12- البقرة/ 27.

قال، سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا.. إلى آخر الآية) (1) فقال : إنما بهذا : [ إذا سمعتم] الرَّجل [الّذي] يجحد الحقَّ ويكذِّب به ويقع في الأئمّة(2) فقم من عنده ولا تقاعده، كائناً من كان

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن عبد الأعلى بن أعين، عن أبي عبد اللّه أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يجلس مجلساً ينتقص فيه إمام أو يعاب فيه مؤمن (3).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : من كان يؤمن باللّه واليوم والآخر فلا يقوم مكان ريبة (4).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة عن عبد الأعلى قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يقعدنَّ في مجلس يعاب فيه إمام أو ينتقص فيه مؤمن.

12 - الحسين بن محمّد، عن عليّ بن محمّد بن سعد، عن محمّد بن مسلم، عن إسحاق بن موسى قال : حدّثني أخي وعمي عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ثلاثة مجالس يمقتها(5) اللّه ويرسل نَفْمَتَهُ (6) على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم : مجلساً فيه من يصف لسانه كذباً في فتياه ؛ ومجلساً ذكر أعدائنا فيه جديد وذكرنا فيه رثَّ (7) ؛ ومجلساً فيه من يَصُدْعَنا

ص: 362


1- النساء / 140، وتتمة الآية (فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا).
2- أي يذمهم وينتقص من سمو مقامهم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- دل على حرمة الجلوس في مجلس الغيبة حتّى ولو كان موضوعها المؤمن فضلا عن المعصوم (عَلَيهِم السَّلَامُ).
4- أي لا يقوم مقام تهمة وشك ولا يجلس فيه فإنه يتهم بالفسق ظاهراً عند النّاس وقد يتلوث به باطناً لانقلاق قلبه وقبوله الشك والفسق من الجليس المازندراني 39/10.
5- أي يبغضها.
6- أي لعنته أو غضبه.
7- هذا كناية عن أن الجالسين في ذلك المجلس هم من ظالمي آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حقهم ومغتصبيه، أو من اتباعهم ممّن يكيلون المدح لأولياء نعمتهم من أولئك الظالمين مع إغفالهم لفضائل أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) أو الوقيعة فيهم. والرث : البالي الخلق.

وأنت تعلم (1) ؛ قال : ثمّ تلا أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثلاث آيات من كتاب اللّه كأنما كن في فيه - أو (2) قال [في] كفه - : (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) (3). (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ)(4). (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) (5).

13 - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن مسلم عن داود بن فرقد قال: حدّثني محمّد بن - سعيد الجمحي قال : حدّثني هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا ابتليت بأهل النَّصْبِ (6) ومجالستهم فكن كأنك على الرَّضَف (7) حتّى تقوم، فإن اللّه يمقتهم ويلعنهم، فإذا رأيتهم يخوضون في ذكر إمام من الأئمّة فَقُم، فإنَّ سخط اللّه ينزل هناك عليهم.

14 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قعد عند سباب لأولياء اللّه فقد عصى اللّه تعالى (8).

15 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن القاسم بن عروة، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قعد في مجلس يسب فيه إمام من الأئمّة، يقدر على الانتصاب (9) فلم يفعل ألبسه اللّه الذُّلُّ في الدنيا وعذبه في الآخرة، وسلبه صالح ما من به عليه من معرفتنا.

16 - الحسين بن محمّد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن عليّ بن محمّد بن سعد، عن محمّد ابن مسلم عن الحسن بن عليّ بن النعمان، قال حدّثني أبي عليّ بن النعمان عن ابن مسكان، عن اليمان بن عبيد اللّه قال : رأيت يحيى بن أم الطويل (10) وقف الكناسة (11) ثمّ نادى

ص: 363


1- أي يخذل ويمنع النّاس عن موالاتنا وأنت تعلم أنّه يفعل ذلك.
2- الترديد من الراوي.
3- النحل / 116.
4- الأنعام / 108.
5- الأنعام / 68.
6- أهل النصب الّذين ينصبون العداء لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) من المخالفين.
7- أي كأنك جالس على الرّضَف وهي - كما في النهاية - الحجارة المحماة على النار، واحدتها رضفة. وهو كناية عن سرعة القيام من بينهم واعتزالهم لئلا ينزل بهم غضب اللّه فيعم الجالس معهم وإن لم يكن منهم.
8- دل على حرمة مجالسة أعداء أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) إلّا لضرورة كالتقية.
9- الانتصاب : القيام والاعتزال. وفي بعض النسخ (الانتصاف) وهو الانتقام، أو من النصفة وهي استيفاء الحق كاملاً حتّى صار كلّ على النصف، ويراد به هنا إعطاء أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) حقهم بالدفاع عنهم وبيان فضائلهم ورد الواقعين بهم من أعدائهم وفي بعض النسخ أيضاً الانصراف.
10- وكان من أصحاب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقيل من أصحاب عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
11- الكناسة : محلة واسعة منبسطة في الكوفة ولعلها كانت مجمع النّاس هناك.

بأعلى صوته : معشر أولياء اللّه ! إنا براء ممّا تسمعون من سب عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فعليه لعنة اللّه، ونحن براء من آل مروان وما يعبدون من دون اللّه، ثمّ يخفض صوته فيقول: من سب أولياء اللّه فلا تقاعدوه، ومن شك فيما نحن عليه فلا تُفاتحوه (1)، ومن احتاج إلى مسألتكم من إخوانكم فقد خنتموه (2)، ثمّ يقرأ : (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) (3).

باب أصناف النّاس

1 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن سليم مولى طربال قال : حدّثني هشام، عن حمزة بن الطيار قال: قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : النّاس على أصناف قال : قلت : أتأذن لي أن أكتبها ؟ قال : نعم قلت ما أكتب؟ قال : اكتب أهل الوعيد من أهل الجنّة وأهل النّار (4) واكتب (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا) (5) قال : قلت : من هؤلاء قال : وحشي منهم (6) قال : واكتب (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) (7) قال : واكتب (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا) (8) لا يستطيعون حيلة إلى الكفر، ولا يهتدون سبيلاً إلى الإيمان (فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) (9) قال : واكتب أصحاب الأعراف (10) قال قلت : وما

ص: 364


1- أي لا تحاكموه، أو لا تقاضوه، أو لا تخاصموه.
2- وجه الخيانة هو الجاؤه للسؤال، مع أن المطلوب هو إعطاؤه قبل أن يسأل.
3- الكهف / 29، والسَّرادق كلما أحاط بالشيء، أو ما يمد فوق صحن البيت و (أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) : أي أحاط بهم عذابها كأنه سرادق ضرب عليهم. والمُهْل : القيح والصديد الّذي يذوب فيسيل من الجسد - كما في النهاية - ومنه قيل للنحاس المذاب : مُهْل. وقيل هو دروي الزيت يشوي الوجوه من حرارته. والمرتفق : المتكا.
4- أهل النّار هم أهل الوعيد، وأما أهل الجنّة فهم أهل الوعد، وكأنه اكتفى بعدم ذكره هنا تغليباً. وفي بعض النسخ (أهل الوعدين) وفي بعضها الآخر (أهل الوعد)، فهذان صنفان من الأصناف الستة.
5- التوبة/ 102.
6- إنما ذكر وحشي لمن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً لأنه قتل حمزة عم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في معركة أحد كما قتل مسيلمة الكذاب في وقعة اليمامة وهذا هو الصنف الثالث.
7- التوبة/ 106. وهذا هو الصنف الرابع.
8- النساء / 98.
9- النساء/ 99. وهذا هو الصنف الخامس وهم المستضعفون.
10- هذا هو الصنف السادس والأعراف على ما قيل سور بين الجنّة والنار، وقد ذكره سبحانه في الآية / 13 من سورة الحديد (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ...) الآية وعلى أعلاه رجال يعرفون كلاً بسيماهم... «وعلى أسفله قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم أوقفهم اللّه تعالى عليه لأنها درجة متوسطة بين الجنّة والنار ويمكن أن ينتقل بعضهم أو كلهم بعد ذلك إلى الجنّة بفضله تعالى» مرآة المجلسي 104/11 - 105.

أصحاب الأعراف؟ قال: قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فإن أدخلهم النّار فبذنوبهم، وإن أدخلهم الجنّة فبرحمته.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن حماد، عن حمزة بن الطيار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : النّاس على ست فرق، يؤولون (1) كلّهم إلى ثلاث فرق : الإيمان والكفر والضلال وهم أهل الوعدين (2) الّذين وعدهم اللّه الجنّة والنار : المؤمنون والكافرون والمستضعفون والمرجون لأمر اللّه إمّا يعذبهم وإما يتوب عليهم، والمعترفون بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، وأهل الأعراف.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن زرارة قال : دخلت أنا وحمران (3) - أو (4) أنا وبكير - على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : إنا نمد المطمار قال : وما المطمار؟ قلت : التُّر(5)، فمن وافقنا من علوي أو غيره توليناه ومن خالفنا من علوي أو غيره برثنا منه، فقال (6) لي : يا زرارة قول اللّه أصدق من قولك (7)، فأين الّذين قال اللّه عزّ وجلّ : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا) أي المرجون لأمر اللّه ؟ أين الّذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً؟ أين أصحاب الأعراف، أين المؤلفة قلوبهم ؟!.

وزاد حماد في الحديث قال (8) : فارتفع صوت أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وصوتي حتّى كان يسمعه من على باب الدار.

ص: 365


1- أي يرجعون.
2- أي الوعيد والوعد والثاني أهم من الأول. وفي بعض النسخ (وهم أهل الوعيد).
3- هو حمران بن أعين وهو أخو زرارة بن أعين.
4- الترديد من الراوي أو من زرارة وبكير هو ابن أعين أخو زرارة أيضاً.
5- التر كما في القاموس الأصل، والخيط يقدّر به البناء. والمعنى أن المقياس الّذي نزن به النّاس هو ولايتنا لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) فمن كان على مذهبنا فيه احيبناه وعظمناه ونصرناه ومن كان على مذهب غيرنا أبغضناه وحقرناه وخذلناه وتبرأنا منه.
6- أي الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- ويشير (عَلَيهِ السَّلَامُ) بذلك إلى وعده سبحانه المستضعفين ومن بعدهم من الأصناف المذكورة بالجنّة فلا يجوز إدخالهم في المخالف والتبرّي منهم كما يُتَبرّى منه المازندراني 44/10.
8- أي زرارة، لأن ما رواه حماد زيادة عما رواه هشام بن سالم عن زرارة أيضاً.

وزاد فيه (1) جميل، عن زرارة : فلما كثر الكلام بيني وبينه قال لي : يا زرارة حقاً على اللّه أن [لا] يدخل الضلال (2) الجنّة.

باب الكفر

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير - الرقي قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): سُنَنُ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)(3) كفرائض اللّه (4) عزّ وجلّ؟ فقال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ فرض فرائض موجبات على العباد فمن ترك فريضة من الموجبات فلم يعمل بها وجحدها كان كافراً (5)، وأمر [رسول] اللّه بأمور كلّها حسنة (6). فليس من ترك بعض ما أمر اللّه عزّ وجلّ به عباده من الطاعة بكافر، ولكنّه تارك للفضل منقوص من الخير.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : واللّه إنَّ الكفر لأقدم من الشرك وأخبث وأعظم (7)، قال : ثمّ ذكر كفر إبليس حين قال اللّه له : اسجد لآدم فأبى أن يسجد، فالكفر أعظم من الشرك، فمن اختار على اللّه عزّ وجلّ، وأبى الطاعة وأقام على الكبائر فهو كافر، ومن نصب ديناً غير دين المؤمنين فهو مشرك (8).

ص: 366


1- أي زاد جميل في هذا الحديث عن زرارة على ما رواه هشام بن سالم عن زرارة أيضاً.
2- المراد بالضلال الأصناف الّتي ذكرها الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مقام جوابه لزرارة.
3- أي ما لم يظهر من ظاهر القرآن وبيّنه الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أعم من الواجب والندب مرآة المجلسي 108/11.
4- أي أن هذه السنن كالفرائض في لزوم العمل بها وتعظيمها.
5- «الفريضة تشمل الواجبات الأصولية والفروعية فلا يبعد أن يكون قوله : فلم يعمل بها، ناظراً إلى الثانية. وقوله : وجحدها ناظراً إلى الأولى. حينئذ يكون الكفر أعم من كفر الجحود وكفر ترك ما أمر اللّه به...» المازندراني 10 / 45.
6- الظاهر أن المراد به المندوب ممّا أمر به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
7- «الكفر هو ترك طاعة اللّه معاندة واستكباراً، والشرك هو أن يثبت اللّه في الخلق أو العبادة أو الطاعة شريكاً، أعم من أن يكون ذلك على المعاندة أو على الجهل والضلال فبين (عَلَيهِ السَّلَامُ) :أولاً : إن ترك طاعته تعالى مع العلم معاندة واستكباراً أخبث وأقدم من الشرك لأن أول معصية وقعت من العباد وأشدها معصية إبليس، وهي كانت من هذا القبيل، لأنه لم يشرك بل ترك السجود والطاعة معاندة واستكباراً وهذا أشد من شرك لم ينضم إليه ذلك، وكان من الجهل والضلالة فأما الشرك الّذي كان على وجه الاستكبار والمعاندة فهو أشد لتلك الجهة لا لجهة الشرك» مرآة المجلسي 110/11.
8- أي أن من اتخذ ديناً غير دين المؤمنين يكون مشركاً بمعنى أنّه أشرك في وجوب الطاعة مع اللّه سبحانه غيره.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ذكر عنده سالم بن أبي حفصة وأصحابه (1) فقال : إنهم ينكرون أن يكون من حارب عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) مشركين؟ فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فإنّهم يزعمون أنهم كفار (2)، ثمّ قال لي : إنَّ الكفر أقدم من الشرك ثمّ ذكر كفر إبليس حين قال اللّه له : اسجد فأبى أن يسجد، وقال : الكفر أقدم من الشرك، فمن اجترى على اللّه فأبى الطاعة وأقام على الكبائر فهو كافر يعني مستخف كافر (3).

4 - عنه، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة عن حمران بن أعين قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله عزّ وجلّ : (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) (4) قال: إما أخذ فهو شاكر وإما تاركُ فهو كافر.

5 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حماد بن عثمان، عن عبيد عن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) (5) قال : ترك العمل الّذي أقرَّ به (6)، من ذلك أن يترك الصلاة من غير سُقم ولا شُغْل.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن موسى بن بكير قال : سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الكفر والشرك أيهما أقدم ؟ قال : فقال لي : ما عهدي بك تخاصم النّاس (7)، قلت : أمرني هشام بن سالم أن أسألك عن ذلك، فقال لي : الكفر أقدم وهو الجحود، قال اللّه عزّ وجلّ: (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)(8).

ص: 367


1- كان وإياهم من الزيدية البترية وقد وردت في ذمّه بل لعنه بعض الروايات.
2- «أي إن لم يقولوا بشركهم فلا محيص لهم عن القول بكفرهم، فإن محاربة الإمام كبيرة البتة والمصرّ على الكبيرة عندهم كافر والكفر أخبث وأقدم من الشرك» مرآة المجلسي 112/11.
3- أي الحكم بكفره مقيد بما إذا كان إباؤه للطاعة وإقامته على الكبائر بنحو الاستخفاف.
4- الدهر، وهدايته للسبيل إنما كانت بإرسال الرسل وإنزال الكتب وإقامة الحجج (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- المائدة / 5.
6- «فالمراد بالكفر هنا ارتكاب مطلق الكبائر أو الكبائر الّتي يؤذن فعلها بعدم اليقين والاستخفاف بالدين كما يرشد إليه التمثيل بترك الصلاة من غير سقم ولا شغل» مرآة المجلسي 114/11.
7- أي ليس لي معرفة بحالك هل تخاصم النّاس فتريد معرفة ما سألت لتخاصمهم المازندراني 48/10. «ويحتمل أن تتكون (ما) استفهامية، أي ألم أعهد إليك إلّا تخاصم النّاس فهل تخاصمهم بعد عهدي إليك» مرآة المجلسي 114/11 والمخاصمة : المناظرة والمجادلة.
8- البقرة / 34.

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يدخل النّار مؤمن (1) قال : لا واللّه، قلت : فما يدخلها إلّا کافر؟ قال : لا إلّا من شاء اللّه، فلما رددت عليه مراراً قال لي : أي زرارة إني أقول : لا وأقول : إلّا من شاء وأنت تقول : لا ولا تقول : إلّا من شاء اللّه.

قال (2) : فحدّثني هشام بن الحكم وحماد عن زرارة قال: قلت في نفسي : شيخ لا علم له بالخصومة (3)، قال : فقال لي: يا زرارة ما تقول فيمن أقر لك بالحكم (4) أتقتله؟ ما تقول في خدمكم وأهليكم أتقتلهم (5)؟ قال: فقلت : أنا - واللّه - الّذي لا علم لي بالخصومة.

8 - عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وسئل عن الكفر والشرك أيهما أقدم ؟ - فقال : الكفر أقدم وذلك أن إبليس أول من كفر، وكان كفره غير شرك لأنه لم يدعُ إلى عبادة غير اللّه وإنما دعى إلى ذلك بعد (6) فأشرك.

9 - هارون، عن مسعدة بن صدقة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وسئل ما بال الزاني لا تسمّيه كافراً وتارك الصلاة قد سمّيته كافراً وما الحجّة في ذلك؟ - فقال : لأنَّ الزَّاني وما أشبهه إنّما يفعل ذلك لمكان الشهوة لأنّها تغلبه وتارك الصلاة لا يتركها إلّا استخفافاً بها، وذلك لأنك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلّا وهو مستلذ لإتيانه إياها قاصداً إليها، وكلُّ من ترك الصلاة قاصداً إليها فليس يكون قصده لتركها اللذة، فإذا نفيت اللذة وقع الاستخفاف وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر (7).

ص: 368


1- يراد به الشيعي التقي.
2- القائل إما ابن أبي عمير أو إبراهيم بن هاشم كما اختاره المجلسي في مرآته 115/11.
3- أي لا يعرف أسلوب المناظرة الصحيحة، والظاهر أن المراد بالشيخ الّذي أساء زرارة الظن به هو الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- يعني قال لك أنا على مذهبك كلما حكمت على أن أعتقده وأدين اللّه به مرآة المجلسي 116/11.
5- «وحاصل كلامه (عَلَيهِ السَّلَامُ) الردّ عليه بإثبات الواسطة لأن المخالفين في بعض الأحكام في حكم المسلمين... وإن كان يمكن دخول بعض المخالفين كالمستضعفين الجنّة فلما لم يفهم زرارة غرضه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان يزعم أن الواسطة غير معقولة نبهه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأحوال من أقر له بالحكم أي خدمه وبأحوال خدمه أي عبيده وساير أهاليه فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): أتجوز قتلهم، ولم لا تقتلهم إن كانوا كفاراً مشركين، فتفطن من ذلك بالفرق بينهم وبين ساير الكفار وعلم أنّه إذا جاز الفرق في القتل بينهم وبين ساير الكفار فيجوز في غير ذلك من الأمور فاعترف بأنه نفسه لا علم له بالخصومة» مرآة المجلسي 116/11.
6- أي بعد تمرده ولعنه وإنظاره.
7- الكفر هنا هو كفر الجحود لا كفر النعمة مقابل شكرها وذلك لأن المستخف بالصلاة ظاهره الإنكار لها وعدم الاعتناء بشأنها.

قال (1) : وسئل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقيل له : ما الفرق بين من نظر إلى امرأة فزنى بها أو خمر فشربها وبين من ترك الصلاة حتّى لا يكون الزَّاني وشارب الخمر مستخفّاً كما يستختُ تارك الصلاة، وما الحجّة في ذلك وما العلة الّتي تفرّق بينهما ؟ قال : الحجّة أنَّ كلّما أدخلت أنت نفسك فيه لم يدعك إليه داع ولم يغلبك غالب شهوة مثل الزّنا وشرب الخمر، وأنت دعوت نفسك إلى ترك الصلاة وليس ثمّ شهوة فهو الاستخفاف بعينه وهذا فرق ما بينهما.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن عبد اللّه ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من شكٍّ في اللّه وفي(2) رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فهو كافر.

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من شكٍّ في رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)؟ قال : كافر، قلت : فمن شكٍّ في كفر الشاك فهو كافر؟ فأمسك عني فرددت عليه ثلاث مرات فاستبنت (3) في وجهه الغضب.

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : ومن يكفر بالإيمان فقد حَبِطَ عمله. فقال : من ترك العمل الّذي أقرَّ به (4)، قلت : فما موضع ترك العمل؟ حتّى يدعه أجمع (5)؟ «قال : منه الّذي يدع الصلاة متعمداً لا من سكر ولا من علة.

13 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حكيم وحماد عن أبي مسروق قال : سألني أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أهل البصرة فقال لي : ما هم؟ قلت: مرجئة (6) وقدريّة وحروريّة (7) فقال : لعن اللّه تلك الملل الكافرة المشركة (7) الّتي لا تعبد اللّه على شيء.

ص: 369


1- أي مسعدة.
2- الواو هنا للتنويع والتقسيم فهي بمعنى (أو). ولا بد من حمل كفر الشاك هنا على ما بعد إقامة الحجة عليه وإزاحة الشبهة.
3- أي فعرفت وكأنه صد بالإمساك سؤاله عمّن شك في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لعلمه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأنه يسأل عنه بعد هذا السؤال فمنعه بالإمساك خوفاً من إفشائه أو تقية من بعض الحاضرين، المازندراني 52/10.
4- إلى هنا مر في مضمون الحديث رقم (5) من باب الكفر وعلقنا عليه.
5- كأنه طلب معرفة العمل الّذي تركه يوجب حبط العمل حتّى يجتنب عنه وفيه دلالة على أن الذنب يحبط العمل» المازندراني 52/10 - 53.
6- المرجئة، فرقة كانت تعتقد بأنه لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة. والقدرية : فرقة كانت تقول بأن الإنسان مجبور على أعماله وأنها مخلوقة اللّه. وقيل بالعكس، أي أنّه مستقل في أفعاله ولا دخل اللّه فيها مطلقاً. والحرورية : فرقة من الخوارج سموا بذلك نسبة إلى حروراء مكان في ظاهر الكوفة.
7- أي اجتمعت فيهم صفتا الكفر والشرك والأوّل أعم.

14 - عنه، عن الخطاب بن مسلمة وأبان عن الفضيل قال: دخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعنده رجلٌ، فلما قعدت قام الرجل فخرج، فقال لي : يا فضيل ما هذا عندك، قلت: وما هو؟ :قال حروري قلت كافر؟ قال : إي واللّه مشرك.

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كلّ شيء يجره (1) الإقرار والتسليم فهو الإيمان، وكل شيء يجره الإنكار والجحود فهو الكفر.

16 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوساء، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ علياً صلوات اللّه عليه باب فتحه اللّه، من دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا(2).

17 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه ابن - جبلة، عن إسحاق بن عمّار وابن سنان وسماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «طاعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذلُّ (3) ومعصيته كفر باللّه»، قيل : يا رسول اللّه وكيف يكون طاعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذُلاً ومعصيته كفراً باللّه؟ قال: «إنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) يحملكم على الحق، فإن أطعتموه ذللتم، وإن عصيتموه كفرتم باللّه عزّ وجلّ».

18 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشاء، قال: حدّثني إبراهيم ابن أبي بكر قال : سمعت أبا الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) باب من أبواب الهدى، فمن دخل من باب عليّ كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً، ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الّذين اللّه فيهم المشيئة (4).

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان عن ابن بكير، عن

ص: 370


1- أي ما كان من لوازمه المترتبة عليه.
2- «المراد بالداخل : العارف بحقه وبالخارج المنكر له سواء أنكره مطلقاً أو أنكره في مرتبته، وهنا قسم ثالث هو الّذي لم يدخل ولم يخرج ويُسمّى ضالاً ومستضعفاً.... وسوف يشير إليه في روايات تالية». المازندراني 54/10.
3- الذل : إما عند اللّه سبحانه لأن من لوازم موالاته العمل بالطاعات القأئمّة على الخضوع والخشوع والتذلل والعبودية للّه تعالى. وإما عند النّاس لأن موالاته قد تجر على المتولي له (عَلَيهِ السَّلَامُ) غضب سلاطين الجور والظلم وتنكيلهم به ومحاربته في عيشه ومضايقته في معيشته، هذا مع ما تقتضيه تلك الموالاة من السير وفق سنن التقوى وما يستتبعه من الزهد في الدنيا او الابتعاد عن الشبهات والشهوات، كلّ ذلك يجعل تلك الدنيا سجناً للمؤمن، ولعل هذا ما يشير إليه قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الحديث : إن علياً يحملكم على الحق.
4- كالمستضعفين وأشباههم.

زرارة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لو أنَّ العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا (1).

20 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ نصب عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) علماً بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمناً، ومن أنكره كان كافراً، ومن جهله كان ضالاً، ومن نصب معه شيئاً (2) كان مشركاً، ومن جاء بولايته دخل الجنّة ومن جاء بعداوته دخل النار.

21 - يونس، عن موسى بن بكير، عن أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) باب من أبواب الجنّة، فمن دخل بابه كان مؤمناً، ومن خرج من بابه كان كافراً ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الّتي للّه فيهم المشيئة.

باب وُجُوه الكُفْر

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب اللّه عزّ وجلّ قال : الكفر في كتاب اللّه على خمسة أوجه.

فمنها كفر الجحود، والجحود على وجهين ؛ والكفر بترك ما أمر اللّه ؛ وكفر البراءة ؛ وكفر النعم.

فأما كفر الجحود فهو الجحود بالربوبية وهو قول من يقول : لا ربّ ولا جنة ولا نار (3)، وهو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم : الدَّهريّة وهم الّذين يقولون : (وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ) (4)، وهو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان على غير تثبت منهم ولا تحقيق لشيء ممّا

ص: 371


1- «مثلاً من جحد حق علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم يقم عليه حجة إذا وقف ولم ينكره لم يكفر ودخل في المستضعف...» المازندراني 55/10.
2- أي جعل معه إماماً آخر واعتبره مفترض الطاعة كان اتخد ديناً غير دينه سبحانه وجعل اللّه شريكاً في تعيين الإمام لأن الإمامة من المناصب الإلهية كالنبوَّة.
3- الجحود لغة الإنكار فيكون المعنى إنكار ما يتعلق بالربوبية من وجود ووحدانية وغير ذلك. كإنكار المعاد الّذي هو دار الجزاء. إذ إن الربوبية تقتضي التكليف، وهو يقتضي الحساب والثواب أو العقاب، ويقتضي هذا بدوره الإيمان بوجود جنة ونار وكل ذلك من مستلزمات الإيمان بالرب، فإنكاره إنكار لها أيضاً.
4- الجائية / 24. والدهر : اسم لمدة العالم من ابتدائه حتّى انقضائه وهو بخلاف الزمان الّذي يقع على المدة القصيرة والطويلة.

يقولون، قال اللّه عزّ وجلّ: (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (1) أنَّ ذلك كما يقولون. وقال: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) (2) يعني بتوحيد اللّه تعالى، فهذا أحد وجوه الكفر.

وأما الوجه الآخر من الجحود على معرفة(3)، وهو أن يجحد الجاحد وهو يعلم أنّه حقٌّ، قد استقر عنده وقد قال اللّه عزّ وجلّ : (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا) (4) وقال اللّه عزّ وجلّ: (وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) (5) فهذا تفسير وجهي الجحود.

والوجه الثالث من الكفر كفر النعم، وذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (6). وقال: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (7). وقال: (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) (8).

والوجه الرابع من الكفر، ترك ما أمر اللّه عزّ وجلّ به وهو قول اللّه عزّ وجلّ: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ) (9) فكفّرهم بترك ما أمر اللّه عزّ وجلّ به، ونسبهم إلى الإيمان ولم يقبله منهم، ولم ينفعهم عنده فقال : (فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (10).

ص: 372


1- البقرة/ 78.
2- البقرة/ 6.
3- أي للحق كأن يحجد عناداً أو حسداً الخ.
4- النمل / 14.
5- البقرة/ 89. والاستفتاح الاستنصار، وقد كان اليهود يزعمون أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يكون منهم ويتهددون العرب قبل مبعثه فلما جاء (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وكانوا قد عرفوه بصفاته في التوراة كفروا به.
6- النمل / 40. وشكر النعمة إنما يكون بمعرفتها ومعرفة أنّها من عند اللّه والانبعاث لتأدية ما أوجبه عليه من الطاعات والانتهاء عما زجره عنه من المعاصي، فإن لم يفعل ذلك يكون كافراً لأنعمه سبحانه.
7- إبراهيم / 7.
8- البقرة/ 152.
9- البقرة/ 84 - 85.
10- البقرة/ 85. والمقصود بإيمانهم ببعض الكتاب : الفداء، وبكفرهم ببعض : حرمة القتال والإجلاء.

والوجه الخامس من الكفر، كفر البراءة، وذلك قوله عزّ وجلّ يحكي قول إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) (1) يعني تبرأنا منكم، وقال يذكر إبليس وتبرئته من أوليائه من الإنس يوم القيامة : (إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) (2) وقال : (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا) (3) يعني يتبرَّء بعضكم من بعض.

باب دعائم الكفر وَشُعَبه

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه قال: بني الكفر على أربع دعائم (4) : الفسق والغلوّ، والشكّ، والشبهة(5).

والفسق على أربع شعب (6) على الجفاء (7)، والعمى (8)، والغفلة، والعتو(9)، فمن جفا احتقر الحقَّ (10)، ومقت الفقهاء، وأصر على الحنث العظيم (11)، ومن عمي نسي الذكر، واتبع الظنَّ، وبارز خالقه (12)، وألح عليه الشيطان، وطلب المغفرة بلا توبة ولا استكانة (13) ولا

ص: 373


1- الممتحنة / 4.
2- إبراهيم / 22.
3- العنكبوت 25 مودة بينكم : أي تتحابون على عبادتها وتتواصلون عليها.
4- جمع الدعامة : وهي العماد للبيت والطنب للخيمة. والمراد هنا أصوله وبواعثه. مرآة المجلسي 141/11.
5- «والفسق : الخروج عن الطاعة، والغلو مجاوزة الحد في الدين..، والشك الارتياب، وهو خلاف اليقين... وكأن المراد به هنا الشك في أصول الدين وضرورياته وهو أعظم أصول الكفر والشبهة ما يشبه الحق وليس به. وقيل : هي ترجيح الباطل بالباطل وتصوير غير الواقع بصورة الواقع وجلها بل كلها يحصل بمزج الباطل بالحقّ» ن. م ص / 141 – 143.
6- أي فروع.
7- «الجفاء : الغلظة في الطبع والخرق في المعاملة والفظاظة في القلب» مرآة المجلسي 143/11.
8- هو زوال البصيرة القلبية أو تعطلها عن التدبر والتأمل.
9- الاستكبار والتجبّر.
10- أي ازدرى أهل الحق. وفي بعض النسخ (الخلق).
11- أي الذنب العظيم. وقيل : هو نقض العهد المؤكد بالحلف.
12- أي حاربه مطلقاً أو في اتباع الظن حيث ارتكب ما نهاه عنه بقوله عزّ وجلّ: (ولا تقف ما ليس لك به علم) المازندراني 64/10.
13- أي بلا تضرّع وتذلل.

غفلة (1) ؛ ومن غفل جنى على نفسه (2) ؛ وانقلب على ظهره، وحسب غيه رشداً؛ وغرته الأماني، وأخذته الحسرة والندامة إذا قضي الأمر وانكشف عنه الغطاء وبدا له ما لم يكن يحتسب (3)، ومن عنا عن أمر اللّه شكٍّ(4)، ومن شكَ تعالى اللّه عليه فأذله بسلطانه وصغره بجلاله كما اغترَّ بربه الكريم وفرَّط في أمره. (5)

والغلو على أربع شعب على التعمّق بالرأي (6)، والتنازع فيه، والزيغ (7)، والشقاق (8)، فمن تعمّق لم ينب إلى الحق، ولم يزدد إلّا غرقاً في الغمرات (9) ولم تنحسر عنه فتنة إلّا غشيته أخرى، وانخرق دينه فهو يهوي في أمر مريج (10)، ومن نازع في الرأي وخاصم شُهر بالعثل (11) من طول اللجاج، ومن زاغ قبحت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة، ومن شاقّ أعورت عليه طرقه (12) واعترض عليه أمره فضاق عليه مخرجه إذا لم يتّبع سبيل المؤمنين.

والشكُّ على أربع شعب على المِرْية (13)، والهوى، والتردد (14)، والاستسلام (15)، وهو قول اللّه عزّ وجلّ: (فبأي آلاء ربك تتمارى) (16).

وفي رواية أخرى (17) على المرية، والهول من الحق (18)، والتردد، والاستسلام للجهل وأهله.

ص: 374


1- أي من المعاصي.
2- أي أهلكها.
3- أي الوعود الكاذبة، وهي وعود الغرور.
4- أي القيامة، أو عند الاحتضار والسوق، أو بعد يوم الموت.
5- أي عصى أمر ربه استكباراً شك في قدرة اللّه وعظمته لأن المعصية غالباً ما تؤدي بصاحبها إلى الابتعاد عن اللّه ونسيانه وذلك هو الكفر.
6- أي الغوص في أمور الدين بالظنون والآراء الضالة المضلة.
7- أي الانحراف عن الحق.
8- الخصومة والعداوة لأهل الحق.
9- أي اللجج، والمقصود بها لجج الباطل وظلمات الجهل.
10- أي مختلط مضطرب.
11- أي الحمق، وفي بعض النسخ (بالفشل) وهو الضعف والجبن.
12- أي أصبحت طرقه بلا علامات يهتدى بها. وفي بعض النسخ (أوعرت) أي صعبت.
13- المرية : - كما في الجوهري - الشك والجدل.
14- أي التحير.
15- أي الانقياد لهواه ممّا يوجب هلاكه في الدارين.
16- النجم / 55.
17- أي أن الشك - على رواية أخرى.
18- أي الخوف من تقبله لأن قلبه معمور بالباطل.

فمن هاله ما بين يديه (1) نكص على عقبيه (2)، ومن امترى في الدين تردد في الريب(3)، وسبقه الأولون من المؤمنين، وأدركه الآخرون (4)، ووطئته سنابك (5) الشيطان، ومن استسلم لهلكة الدُّنيا والآخرة هلك فيما بينهما (6)، ومن نجا من ذلك فمن فضل اليقين، ولم يخلق اللّه خلقاً أقل من اليقين (7).

والشبهة على أربع شعب : إعجاب بالزينة (8)، وتسويل النفس (9)، وتأول العوج (10) ولَبْس الحق بالباطل، وذلك بأنَّ الزّينة تصدف عن البينة (11) وأنَّ تسويل النفس تقحم على الشهوة، وأنَّ العوج يميل بصاحبه ميلاً عظيماً، وأنَّ اللبس ظلمات بعضها فوق بعض فذلك الكفر ودعائمه وشعبه.

باب صفة النفاق والمنافق

قال (12) : والنفاق على أربع دعائم على الهوى والهوينا (13)، والحفيظة، والطمع.

ص: 375


1- أي من الحق.
2- أي رجع إلى الباطل، إذ ليس بعد الحق مرجع إلاه.
3- أي تحير وانتقل من شك إلى شك ومن باطل إلى باطل لأنه أعمى بصيرته عن طريق الحق الواحد فحار في أي طريق من طرق الباطل يسير.
4- إنما سبقه الأولون ممّن كانوا في مرتبته وأدركه الآخرون ممّن كانوا دونه في الإيمان لأن أولئك وهؤلاء لم يترددوا کتر دده ولم يحتاروا كحيرته فبقي يراوح مكانه واستمروا في سيرهم التصاعدي في مدارج الإيمان واليقين بلا شك ولا ريب.
5- «السنابك : جمع السنبك وهو طرف مقدم الحافر» المازندراني 69/10، وهذا كناية عن استيلاء الشيطان وجنوده عليه.
6- أي لم تسلم له واحدة منهما، فهو ممّن خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.
7- اليقين : كيف نفساني يدفع صاحبه إلى أن يكون مع الّذين اصطفاهم اللّه وطهرهم تطهيراً وهم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيتابعهم ويواليهم ويأتمر بأوامرهم ويتزجر عند زواجرهم. «واليقين بالمعنى المذكور لا يكون إلّا لمن اصطفاه اللّه تعالى من عباده ولمن تابعهم حق المتابعة» وهم أقل القليل نسبة إلى مجموع الخلق.
8- أي زخرف الحياة الدنيا وبهارجها.
9- أي تزيين الأمور الباطلة لصاحبها.
10- أي تأويل الأمر المعوج والباطل بما يظن أنّه حق ومستقيم مرآة المجلسي 153/11.
11- أي تصرف النفس عنها.
12- «فاعل قال : أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذا من تتمة الحديث السابق» المازندراني 70/10.
13- «الهوی ميل النفس إلى مقتضى طباعها وخروجها عن حدود اللّه وهو أشد جاذب عن قصد الحق... والهوينا: : تصغير الهونا، وهي الفتنة الصغرى الّتي تجر إلى الكبرى» ن. م ص / 71.

فالهوى على أربع شعب : على البغي والعدوان والشهوة والطغيان، فمن بغى كثرت غوائله(1) وتُخلّي منه وقصر عليه (2)، ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه(3)، ولم يسلم قلبه(4)، ولم يملك نفسه عن الشهوات، ومن لم يعدل نفسه (5) في الشهوات خاض في الخبيثات، ومن طغى ضلَّ على عمد بلا حجّة.

والهوينا على أربع شعب على الغِرَّة (6)، والأمل، والهيبة، والمماطلة(7)، وذلك بأن الهيبة تردُّ عن الحق والمماطلة تفرّط في العمل حتّى يقدم عليه الأجل، ولولا الأمل علم الإنسان حَسَبَ ما هو فيه (8)، ولو علم حسب ما هو فيه مات خُفات (9) من الهول والوجل، والغرّة تقصر بالمرء عن العمل.

والحفيظة على أربع شعب على الكبر والفخر والحميّة (10) والعصبيّة، فمن استكبر أدبر عن الحق، ومن فخر فجر، ومن حمى أصر على الذُّنوب، ومن أخذته العصبية جار، فبئس الأمر أمر بين إدبار وفجور وإصرار وجور على الصراط.

والطمع على أربع شعب الفرح والمرح (11)، واللّجاجة، والتّكاثر، فالفرح مكروه عند اللّه، والمرح خيلاء، واللجاجة بلاء (12) لمن اضطرته إلى حمل الآثام، والتكاثر لهو ولعب وشغل واستبدال الّذي هو أدنى بالّذي هو خيرٌ.

فذلك النفاق ودعائمه وشعبه. واللّه قاهر فوق عباده تعالى ذكره، وجلَّ وجهه، وأحسن كلّ شيء خلقه، وانبسطت يداه، ووسعت كلّ شيء رحمته، وظهر أمره، وأشرق نوره وفاضت بركته واستضاءت حكمته وهيمن كتابه، وفَلَجَتْ حجّته (13)، وخلص دينه، واستظهر سلطانه،

ص: 376


1- أي شروره ودواهيه.
2- أي نُسي من قبله سبحانه فمنع عنه لطفه فيخلّي بينه وبين الشيطان فيُغلب. وفي بعض النسخ (ونُصِرَ عليه).
3- جمع بائقة وهي الداهية والمصيبة.
4- أي من الأمراض النفسية والرذائل.
5- أي لم يقصرها ويضع بها حداً يمنعها عن الخوض فيها. وفي بعض النسخ (يعذل) أي يلم. وفي بعضها (يعزل).
6- أي الغفلة.
7- المماطلة : تسويف ما ينبغي الإقدام عليه والإسراع إليه من شؤون الدنيا والدين.
8- أي لو علم الإنسان مقدار عمره وقيمة عمله.
9- خفاتا : أي فجأة.
10- «الحمية: هي الأنفة والعار لأنهما من أسباب الحماية أي المنع والدفع...» المازندراني 73/10.
11- أي أشد الفرح وقد يبرزه بالتبختر والخيلاء.
12- أي فتنة وامتحان.
13- أي ظهرت وغلبت.

وحقّت كلمته وأقسطت موازينه، وبلغت رسله، فجعل السيّئة ذنباً، والذَّنب فتنة (1)، والفتنة دَنَساً (2) وجعل الحسنى عتبى (3) والعتبى توبة والتوبة طهوراً، فمن تاب اهتدى، ومن افتتن غوى، ما لم يتب إلى اللّه ويعترف بذنبه ولا يهلك على اللّه (4) إلّا هالك.

اللّه اللّه فما أوسع ما لديه من التوبة والرحمة والبشرى والحلم العظيم، وما أنكل ما عنده من الأنكال (5) والجحيم والبطش الشديد فمن ظفر بطاعته اجتلب كرامته، ومن دخل في معصيته ذاق وبال نقمته وعما قليل ليصبحن نادمين.

2 - محمّد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن عليّ بن مهزيار، عن محمّد بن عبد الحميد والحسين بن سعيد جميعاً، عن محمّد بن الفضيل قال: كتبت إلى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن مسألة فكتب إليَّ : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا) (6)، ليسوا من الكافرين، وليسوا من المؤمنين وليسوا من المسلمين يظهرون الإيمان ويصيرون إلى الكفر والتكذيب لعنهم اللّه

3 - الحسين بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم، عن الهيثم بن واقد، عن محمّد بن سليمان عن ابن مسكان عن أبي حمزة، عن علي ابن الحسين صلوات اللّه عليهما قال : إنَّ المنافق ينهي ولا ينتهي ولا ينتهي (7)، ويأمر بما لا يأتي (8)، وإذا قام إلى الصلاة اعترض - قلت: يا ابن رسول اللّه وما الاعتراض؟ قال : الالتفات (9) - وإذا ركع

ص: 377


1- أي افتتاناً وانحرافاً عن الحق.
2- أي قذارة نفسية وقلبية ورذيلة لهما.
3- «العتبى : الرجوع عن الذنب والإساءة والعصيان إلى الطاعة والتوبة والإحسان والحسنى : الفعلة الحسنة الموافقة للقوانين الشرعية والعقلية، أو الكلمة الحسنى وهي الشهادتان وغيرهما من الأقوال المطابقة للقواعد الحقة، أو العبادة الحسنى» المازندراني 77/10.
4- أي بعد أن نصب له الحجج وأقام له البينات وفتح له باب التوبة ثمّ أصر على مبارزته سبحانه بالكفر والمعاصي.
5- «النكل : منع الرجل وتبعيده عما يريد، والنكال : العقوبة الّتي تنكل النّاس عن فعل ما جعلت له جزاء. والنّكل : القيد لأنه ينكل به أي يمنع وجمعه أنكال ونكول» المازندراني 77/10 – 78.
6- النساء/ 143.
7- أي عما نهى عنه.
8- أي بما أمر به.
9- أي يميناً وشمالاً، أما كناية عن انشغال قلبه عن الصلاة بأمور الدنيا، أو يلتفت ليرى هل يراه من أحد يصلّى فيكون عمله رياء وسمعة.

رَبَضَ (1)، يمسي وهمّه العشاء وهو مفطر، ويصبح وهمّه النوم ولم يسهر، إن حدَّثك كَذَبَك، وإن ائتمنته خانك، وإن غِبتَ اغتابك، وإن وَعَدَكَ أَخْلَفَك.

4 - عنه، عن ابن جمهور عن سليمان بن سماعة، عن عبد الملك بن بحر، رفعه مثل ذلك - وزاد فيه - إذا ركع ربض، وإذا سجد نَقَرَ (2)، وإذا جلس شَغَرَ (3).

5 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : مثل المنافق مثل جذع النخل أراد صاحبه أن ينتفع به في بعض بنائه فلم يستقم له في الموضع الّذي أراد فحوله في موضع آخر فلم يستقم له، فكان آخر ذلك أن أحرقه بالنّار (4).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق» (5).

باب الشرك

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بريد العجليّ، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عن أدنى ما يكون العبد به مشركاً، قال : فقال: من قال للنواة إنّها حصاة وللحصاة إنّها نواة ثمّ دان به (6).

ص: 378


1- الرّبض للدابة مثل بروك الإبل وهو هنا «كناية عن إدلاء رأسه وعدم استواء ظهره، أو عن أنّه يسقط نفسه على الأرض قبل أن يرفع رأسه من الركوع كإسقاط الغنم نفسه عند ربوضه» مرآة المجلسي 172/11.
2- كناية عن تخفيف السجود، بحيث لا تثبت جبهته على الأرض فيه.
3- «أي رفع ساقيه عن الأرض وقعد على عقبيه من شعر الكلب رفع إحدى رجليه بال أو لم يبل» المازندراني 10 / 80. ولعل المراد به ما يفعله المخالفون في التشهد على أنّه فعل مستحب عندهم.
4- أي أن المنافق لا ينتفع منه بشيء ولا يصلح لشيء، وصلاحه في إحراقه. وقيل : «كما أن جذع النخل غير مستقيم يكون ظاهرة منحدباً وباطنه معوجاً غائراً وصار ذلك سبباً لعدم الانتفاع به في بعض الأمور المطلوب منه وإحراقه بالنار كذلك المنافق» المازندراني 80/10.
5- دل على أن زيادة خشوع القلب على خشوع الجسد وكذا تساويهما أمر مرغوب فيه.
6- «يعني اعتقده بقلبه وجعله ديناً، والوجه في كونه شركاً أنّه يرجع إلى متابعة الهوى أو تقليد من يهوى، فصاحبه وإن عبد اللّه وأطاعه فقد أطاع هواه أو من يهواه مع اللّه وأشركه معه» الوافي للفيض ج 42/3.

2 - عنه، عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي العباس قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أدنى ما يكون به الإنسان مشركاً، قال: فقال : من ابتدع رأياً(1) فأحب عليه (2) أو أبغض علیه (3).

3 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه ابن جبلة، عن سماعة، عن أبي بصير وإسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (4) قال : يطيع الشيطان من حيث لا يعلم فيشرك (5).

4 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن بكير، عن ضريس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) قال : شرك طاعة وليس شرك عبادة. وعن قوله عزّ وجلّ : (ومن النّاس من يعبد اللّه على حرف) (6) قال: إن الآية تنزل في الرجل ثمّ تكون في أتباعه (7) ثمّ قلت: كلّ من نصب دونكم شيئاً فهو ممّن يعبد اللّه على حرف؟ فقال : نعم وقد يكون محضاً (8).

5 - يونس عن داود بن فرقد عن حسّان الجمال عن عميرة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : أمر النّاس بمعرفتنا والردّ إلينا والتسليم لنا، ثمّ قال : وإن صاموا وصلوا

وشهدوا أن لا إله إلّا اللّه وجعلوا في أنفسهم أن لا يردُّوا إلينا كانوا بذلك مشركين.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد اللّه بن يحيى

ص: 379


1- أي اخترعه بهواه من دون أن يكون له أساس في دين اللّه، ولم يقم عليه دليل شرعي.
2- أي أحب من تابعه في بدعته.
3- أي أبغض من خالفه رأيه المبتدع.
4- يوسف/ 106.
5- دل هذا الحديث على أن عدم العلم بكون ما يعمله الإنسان في العقائد والأحكام هو إطاعة للشيطان أو أنّه فاسد باطل لا يقدح في كونها شركاً، وبطريق أولى تكون مع العلم بذلك شركاً. وهذا ما يسمى بشرك الطاعة لا بشرك العبادة كما يصرح به في الحديث التالي.
6- الحجّ / 11. قيل معنى (على حرف) على شك. وقيل على ضعف في العبادة. وقيل غير ذلك. ولعل المراد به الشك في محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وما جاء به من ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وغيرها المازندراني 82/10.
7- أي في عقبه ومن تابعه في عقيدته الفاسدة ممّن أتى بعد عصر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فشكوا في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، إذ كانوا تابعين لمن شك في النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في عصره.
8- «أي مشركاً محضاً، كعلماء المخالفين والمتعصبين منهم حيث تركوا الحق مع وضوح البرهان عناداً، مرآة المجلسي.177/11 ويحتمل أن يكون المعنى أن نزولها يكون محضاً لهم - أي الثلاثة المعهودون - وأنهم مقصود منها أصالة» المازندراني 82/10.

الكاهلي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لو أن قوماً عبدوا اللّه وحده لا شريك له، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزَّكاة، وحجّوا البيت وصاموا شهر رمضان ثمّ قالوا لشيء صنعه اللّه أو صنعه النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ألا (1) صنع خلاف الّذي صنع ؟ أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين، ثمّ تلا هذه الآية (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (2) ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : فعليكم بالتسليم.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد عن عبد اللّه بن يحيى، عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) (3) فقال: أما واللّه ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم، ولكن أحلوا لهم حراماً وحرَّموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون.

8 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من أطاع رجلا في معصية فقد عبده (4).

باب الشك

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن الحكم قال : كتبت إلى العبد الصالح (عَلَيهِ السَّلَامُ) أخبره أني شاك وقد قال إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ): (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى) (5) وإني أحبُّ أن تريني شيئاً، فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنَّ إبراهيم كان مؤمناً وأحب أن يزداد إيماناً

ص: 380


1- ألا حرف تحضيض، ودخوله على الفعل الماضي هنا وهو: صنع، يدل على توبيخ ترك الفعل، وعدم رضا المخالفين بما صنعه اللّه وأمر رسوله بتبليغه في تنصيب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجعل ذريته مفروضة الطاعة على الأمة كلها إلى أن تقوم الساعة.
2- النساء/ 65. وقد مضى هذا الحديث بعينه في باب التسليم وفضل المسلمين من المجلد الأوّل تحت رقم (2) وعلقنا عليه هناك فراجع.
3- التوبة / 31.
4- قوله (في معصية) «إما وصف لرجلاً أو حال عنه أو متعلق بأطاع فيفيد على الأولين أن العاصي معبود لمن أطاعه مطلقاً... وعلى الأخير أن العاصي معبود لمن أطاعه في المعصية سواء فعلها أيضاً أو رضي بها ومدحه عليها أو دعا له أو لم ينكرها مع القدرة على الإنكار» المازندراني 10 / 83.
5- البقرة/ 260، وكان السائل «أراد أني شاك فيك فأحب أن تريني شيئاً يفيد اليقين بك كما كان إبراهيم شاكاً في إحياء الموتى فأحب أن يريه ربه ما يفيده اليقين» المازندراني 84/10.

وأنت شاك والشاك لا خير فيه (1)، وكتب (2) : إنّما الشك ما لم يأت اليقين، فإذا جاء اليقين لم يجز الشكُ، وكتب : أنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول: (وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ) (3) قال : نزلت في الشّاكَ.

2من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن أبي إسحاق الخراساني قال : كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في خطبته : لا ترتابوا فتشكّوا أو لا تشكّوا فتكفروا (4).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن أبي أيّوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالساً عن عن يساره وزرارة عن يمينه، فدخل عليه أبو بصير فقال : يا أبا عبد اللّه : ما تقول فيمن شكٍّ في اللّه ؟ فقال : کافر يا أبا محمّد قال: فشكٍّ في رسول اللّه ؟ فقال : كافر، قال : ثمّ التفت إلى زرارة (5) فقال : إنما يكفر إذا جحد.

4 - عنه عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن هارون ابن خارجة عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) (6) قال : بشك.

5 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق عن بكر بن محمّد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ الشكٌّ والمعصية في النّار، ليسا منا ولا إلينا (7).

ص: 381


1- «المراد أن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يسأل ربه ليزيل الشك عن نفسه لأنه كان مؤمناً بذات الرب وصفاته وقدرته على إحياء الموتى ولم يشك قط بل سأله ليزداد يقيناً بأن يرى بالعيان ما علمه بالدليل والجنان... وأنت شاك كما اعترفت به والشاك لا خير فيه لأن الخير كله سيما الإيمان في اليقين» ن. م.
2- أي الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- 102. والعهد يكون بمعنى الوصية وبمعنى الولاية والخلافة، وبمعنى الضمان.
4- الارتياب: الشك والتهمة ولعل المراد هنا الخوض في الشبهات الّتي توجب الشك أو عدم الرضا بقضاء اللّه واتهامه فيه أو التردد الّذي هو مبدأ الريب والشك مرآة المجلسي 182/11.
5- لعل التفاته (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى زرارة بالخصوص ليقول له ما قاله (عَلَيهِ السَّلَامُ) تنبيهاً له على فساد ما كان يبني عليه من عدم الواسطة بين المؤمن والكافر كما تقدم في الحديث (6) من باب الكفر.
6- الأنعام / 82. ولم يلبسوا : أي ولم يخلطوا. والمقصود بهم من صدقوا ظاهراً باللّه ورسوله وبما جاء به من عند ربه ولم يشكوا بذلك باطناً.
7- «كنى بهما عن أهليهما لأن استحقاق الشاك والعاصي للنار إنما هو من جهة الشك والمعصية ولاستلزامهما من يقومان به» الوافي للفيض ج 49/3.

6 - عدَّة من أصحابنا،، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن عثمان بن عيسى، عن رجل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من شكٍّ في اللّه بعد مولده على الفطرة لم يفيء إلى خير أبداً (1).

7 - عنه، عن أبيه، رفعه إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا ينفع مع الشك والجحود عمل (2).

8 - وفي وصيّة المفضّل قال سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من شكٍّ أو ظنَّ فأقام على أحدهما أحبط اللّه عمله (3)، إن حجة اللّه هي الحجّة الواضحة (4).

9 - عنه، عن عليّ بن أسباط عن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت: إنا لنرى الرجل له عبادة واجتهاد وخشوع ولا يقول بالحقّ فهل ينفعه ذلك شيئاً؟ فقال : يا أبا محمّد إنما مثل أهل البيت (5) مثل أهل بيت كانوا في بني إسرائيل، كان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلّا دعا فأجيب، وإنَّ رجلاً منهم اجتهد أربعين ليلة، ثمّ دعا فلم يستجب له فأتى عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) يشكوا إليه ما هو فيه ويسأله الدُّعاء قال: فتطهر عيسى وصلى ثمّ دعا اللّه عزّ وجلّ فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه : يا عيسى إن عبدي أتاني من غير الباب الّذي أوتى منه، إنه دعاني وفي قلبه شكٍّ منك فلو دعاني حتّى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله ما استجبت له، قال : فالتفت إليه عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : تدعو ربك وأنت في شك من نبيه؟ فقال : يا روح اللّه وكلمته قد كان واللّه ما قلت فادع اللّه [لي] أن يذهب به عني قال : فدعا له عیسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتاب اللّه عليه وقبل منه وصار في حدّ أهل بيته.

باب الضَّلال

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن هاشم صاحب البريد (6) قال : كنت أنا ومحمّد بن مسلم وأبو الخطاب مجتمعين فقال لنا أبو

ص: 382


1- أي لم يرجع إلى خير، وقد دل الحديث على عدم قبول توبة المرتد الفطري ظاهراً وهو المشهور بين علمائنا، وإن ذهب الشهيد الثاني (رَحمهُ اللّه) إلى أن القول بقبول توبته باطناً قوي.
2- لأن العمل إنما ينفع مع الإيمان لا مع الكفر والجاحد كافر كما مر.
3- أي لم يقبله، وذلك لأن الشرط هو اليقين والشك والظن خلافه.
4- أي توجب اليقين.
5- «إنما مثل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أهل بيت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأمته بعيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمته في أنهم إذا شكوا فيهم لم تستجب دعوتهم ولم يقبل منهم عبادة، وفيه تنبيه على أن الشك فيهم كالشك في النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لأن عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان نبياً» الوافي ج 49/3.
6- لعله لقب بصاحب البريد لأنه إما كان مالكاً للبغال الّتي كان ينقل عليها البريد أو الرجال الّذين كانوا ينقلونه، أو موكلا بها.

الخطاب : ما تقولون فيمن لم يعرف هذا الأمر (1)؟ فقلت : من لم يعرف هذا الأمر فهو كافر، فقال أبو الخطاب : ليس بكافر حتّى تقوم عليه الحجّة، فإذا قامت عليه الحجّة فلم يعرف فهو كافر، فقال له محمّد بن مسلم : سبحان اللّه ماله إذا لم يعرف ولم يجحد يكفر؟! ليس بكافر إذا لم يجحد، قال : فلما حججت دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخبرته بذلك، فقال : إنك قد حضرت وغابا ولكن موعدكم الليلة الجمرة الوسطى بمنى.

فلمّا كانت الليلة اجتمعنا عنده وأبو الخطاب ومحمّد بن مسلم فتناول وسادة فوضعها صدره ثمّ قال لنا : ما تقولون في خدمكم ونساءكم وأهليكم أليس يشهدون أن لا إله إلّا اللّه؟ قلت بلى قال : أليس يشهدون أنَّ محمّداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)؟ قلت: بلى، قال : أليس يصلّون ويصومون ويحجون؟ قلت: بلى، قال فيعرفون ما أنتم عليه؟ قلت: لا، قال: فما هم عندكم؟ قلت من لم يعرف [هذا الأمر] فهو كافر.

قال : سبحان اللّه أما رأيت أهل الطريق وأهل المياه؟ قلت: بلى، قال: أليس يصلّون ويصومون ويحجون؟ أليس يشهدون أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه قلت: بلى، :قال فيعرفون ما أنتم عليه؟ قلت لا قال فما هم عندكم؟ قلت : من لم يعرف [هذا الأمر] فهو كافر.

قال : سبحان اللّه أما رأيت الكعبة والطُوَّاف وأهل اليمن وتعلقهم بأستار الكعبة ! قلت : بلی، قال : أليس يشهدون أن لا إله إلّا اللّه وأنَّ محمّداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ويصلّون ويصومون ويحجون؟ قلت بلى قال فيعرفون ما أنتم عليه؟ قلت : لا قال : فما تقولون فيهم ؟ قلت : من لم يعرف فهو كافر.

قال : سبحان اللّه هذا قول الخوارج (2)، ثمّ قال : إن شئتم أخبرتكم، فقلت أنا: لا، فقال : أما إنّه شرٌّ عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منا، قال: فظننت أنّه يديرنا على قول محمّد بن مسلم.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : فما تقول في مناكحة النّاس فإنّي قد بلغت ما تراه وما تزوجت قط، فقال : وما يمنعك من ذلك؟ فقلت : ما يمنعني إلّا أنني أخشى أن لا تحل لي مناكحتهم (3) فما تأمرني ؟ فقال : فكيف تصنع وأنت شاب أتصبر؟ قلت : أتخذ الجواري. قال : فهات الآن فبما

ص: 383


1- أي أمر الإمامة.
2- «فإنهم يقولون : كلّ من فعل كبيرة أو صغيرة وأصر عليها فهو كافر خارج عن الإسلام مستحق للقتل ولذا حكموا بكفر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للتحكيم مع أنهم جبروه عليه» مرآة المجلسي 190/11.
3- وذلك بناء على رأيه (أي زرارة) في المخالفين وحكمه بكفرهم إذ لا واسطة عنده بين المؤمن والكافر كما مر.

تستحلُ الجواري (1)؟ قلت : إنَّ الأمة ليست بمنزلة الحرة إن رابتني بشيء بعتها واعتزلتها(2)، قال : فحدّثني بما استحللتها (3)؟ قال: فلم يكن عندي جواب.

فقلت له : فما ترى أتزوج؟ فقال : ما أبالي أن تفعل، قلت: أرأيت قولك : ما أبالي أن تفعل، فإنَّ ذلك على جهتين تقول : لست أبالي أن تأثم من غير أن أمرك، فما تأمرني أفعل ذلك بأمرك؟ فقال لي : قد كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) تزوج وقد كان من أمر امرأة نوح وامرأة لوط ما قد كان، إنّهما قد كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين، فقلت: إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ليس في ذلك بمنزلتي إنّما هي تحت يده وهي مقرة بحكمه مقرَّة بدينه قال : فقال لي : ما ترى من الخيانة في قول اللّه عزّ وجلّ (فخانتاهما) (4) ما يعني بذلك إلّا الفاحشة (5) وقد زوّج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فلاناً(6)، قال : قلت : أصلحك اللّه ما تأمرني أنطلق فأتزوج بأمرك؟ فقال لي : إن كنت فاعلاً فعليك بالبلهاء (7) من النساء قلت : وما البلهاء؟ قال : ذوات الخدور العفائف.

فقلت: من هي على دين سالم بن أبي حفصة (8)؟ قال : لا، فقلت : من هي على دين ربيعة الرأي (9) ؟ فقال : لا ولكن العواتق (10) اللواتي لا ينصبن كفراً ولا يعرفن ما تعرفون(11). قلت : وهل تعدو أن تكون مؤمنة أو كافرة؟ فقال : تصوم وتصلي وتتقي اللّه ولا تدري ما أمركم؟ فقلت : قد قال اللّه عزّ وجلّ: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) (12). لا واللّه لا يكون أحدٌ من النّاس ليس بمؤمن ولا كافر (13).

قال : فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قول اللّه أصدق من قولك يا زرارة أرأيت قول اللّه عزّ وجلّ:

ص: 384


1- أي أن نكاح الكافرة حرام كما أن وطيها حرام فما هو دليلك على الفرق بينهما.
2- «يعني إن أوهمتني (أي الأمة) بشيء يسوؤني ويخالف ما أنا عليه بعتها واعتزلتها بخلاف الحرة فإن حرمتها أتم وأعظم وقبح مفارقتها أشد وأفخم» المازندراني 92/10.
3- «أي إنك قبل أن تدخلها في دينك وتكلمها في ذلك كيف جاز لك وطئها على زعمك» مرآة المجلسي 192/11.
4- التحريم / 10.
5- المراد بالفاحشة هنا - بمقتضى مناسبات الحكم والموضوع وهو عائشة وحفصة - المخالفة والشقاق.
6- يعني عثمان بن عفان.
7- قال الجوهري : رجل أبله وهو الّذي غلبت عليه سلامة الصدر، وامرأة بلهاء.
8- هو من أعيان الزيدية ومقدميهم.
9- هو ابن أبي عبد الرحمن فروخ وكان من فقهاء العامة.
10- جمع العاتق : وهي - في النهاية - الشابة أول ما تدرك. وقيل : هي الّتي لم تبن من والديها ولم تتزوج وقد أدركت وشبت.
11- أي من أمر الإمامة.
12- التغابن / 2.
13- هذا من تتمة كلام زرارة على مبناه في عدم الواسطة بين المؤمن والكافر.

(خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (1) فلما قال عسى ؟ فقلت : ما هم إلّا مؤمنين أو كافرين قال : فقال : ما تقول في قوله عزّ وجلّ : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا) (2) إلى الإيمان، فقلت: ما هم إلّا مؤمنين أو كافرين فقال واللّه ما هم بمؤمنين ولا كافرين ثمّ أقبل عليَّ فقال : ما تقول في أصحاب الأعراف؟ فقلت: ما هم إلّا مؤمنين أو كافرين، إن دخلوا الجنّة فهم مؤمنون وإن دخلوا النّار فهم كافرون فقال واللّه ما هم بمؤمنين ولا كافرين؛ ولو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنّة كما دخلها المؤمنون ولو كانوا كافرين لدخلوا النّار كما دخلها الكافرون، ولكنهم قوم قد استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم الأعمال وإنّهم لكما قال اللّه عزّ وجلّ.

فقلت : أمن أهل الجنّة هم أم من أهل النار؟ فقال : اتركهم حيث تركهم اللّه، قلت : أفتر جئهم ؟ قال : نعم أرجئهم كما أرجأهم اللّه، إن شاء أدخلهم الجنّة برحمته وإن شاء ساقهم إلى النّار بذنوبهم ولم يظلمهم، فقلت: هل يدخل الجنّة كافر؟ قال: لا، قلت: [ف] هل يدخل النّار إلّا كافر؟ قال: فقال : لا إلّا أن يشاء اللّه. يا زرارة إنني أقول ما شاء اللّه وأنت لا تقول ما شاء اللّه، أما إنّك إن كبرت رجعت وتحلّلت عنك عقدك (3).

باب المُسْتَضْعَف

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابه عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن المستضعف فقال : هو الّذي لا يهتدي حيلة إلى الكفر فيكف ولا يهتدي سبيلاً إلى الإيمان (4)، لا يستطيع أن يؤمن ولا يستطيع أن يكفر، فهم الصبيان، ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان مرفوع عنهم القلم (5).

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن جميل عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المستضعفون الّذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، قال لا

ص: 385


1- التوبة / 102.
2- النساء / 98.
3- أي من الشبهات والشكوك، أو خف وتلاشى حنقك على المخالفين وحديتك معهم.
4- «وإنما قال في الكفر : حيلة، وفي الإيمان : سبيلا للتنبيه على أنّه لا سبيل إلى الكفر ولا دليل عليه، ولو فرض شيء يفضي إليه فإنما هو حيلة نفسانية وشبهة شيطانية». مرآة لمجلسي 203/11.
5- أي قلم التكليف.

يستطيعون حيلة إلى الإيمان ولا يكفرون الصبيان وأشباه عقول الصبيان من الرجال والنساء.

3 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن المستضعف، فقال : هو الّذي لا يستطيع حيلة يدفع بها عن الكفر، ولا يهتدي بها إلى سبيل الإيمان، لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر. قال : والصبيان ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن جندب، عن سفيان بن السمط البجلي قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما تقول في المستضعفين، فقال لي شبيهاً بالفزع (1) : فتركتم أحداً يكون مستضعفاً وأين المستضعفون(2)؟ فواللّه لقد مشى بأمركم هذا العوائق إلى العواتق في خدورهنَّ وتحدَّث به السقايات في طريق المدينة.

5 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيّوب، عن عمر ابن أبان قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن المستضعفين فقال : هم أهل الولاية، فقلت أيُّ ولاية؟ فقال : أما إنّها ليست بالولاية في الدين (3)، ولكنّها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة، وهم لبسوا بالمؤمنين ولا بالكفّار، ومنهم المُرْجَوْنَ لأمر اللّه عزّ وجلّ.

6 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن مثْنى، مثنى، عن إسماعيل الجعفي قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الدين الّذي لا يسع العباد جهله، فقال: الدين واسع (4)، ولكنَّ الخوارج ضيقوا على أنفسهم من جهلهم، قلت : جعلت فداك فأحدثك بديني الّذي أنا عليه ؟ فقال : بلى، فقلت: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله، والإقرار بما جاء من عند اللّه وأتولاكم وأبرء من عدوكم ومن ركب رقابكم (5) وتأمر عليكم وظلمكم حقكم، فقال : ما جهلت شيئاً ! هو واللّه الّذي نحن عليه، قلت: فهل سلم أحد لا يعرف هذا الأمر؟ فقال : لا إلّا المستضعفين قلت من هم؟ قال : نساؤكم وأولادكم ثمّ قال :

ص: 386


1- أي المرعوب الخائفة.... ولعل فزعه (عَلَيهِ السَّلَامُ) باعتبار أن سفيان كان من أهل الإذاعة لهذا الأمر المازندراني 102/10.
2- «يعني أن المستشعب من لا يكون عالماً بالحقّ والباطل وما تركتم أحداً على هذا الوصف لإفشائكم أمرنا حتّى تتحدث النساء الخ...» ن. م. ولذا فالاستفهام إنكاري.
3- أي موالاة أئمّة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
4- أي لا يتحقق الخروج من دين الإسلام بقليل من العقائد والأعمال كما هو مذهب الخوارج مرآة المجلسي 211/11.
5- أي تسلط عليكم واغتصب حقكم بالقهر والغلبة.

أرأيت أم أيمن (1)؟ فإنّي أشهد أنّها من أهل الجنّة وما كانت تعرف ما أنتم عليه.

7 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من عرف اختلاف النّاس فليس بمستضعف (2).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب عن جميل بن دراج قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني ربما ذكرت هؤلاء المستضعفين فأقول نحن وهم في منازل الجنّة، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا يفعل اللّه ذلك بكم أبداً(3).

9 - عنه، عن عليّ بن الحسن الّتيمي، عن أخويه محمّد وأحمد ابني الحسن، عن عليّ بن يعقوب عن مروان بن مسلم، عن أيّوب بن الحرّ قال : قال رجل لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونحن عنده : جعلت فداك، إنّا نخاف أن ننزل بذنوبنا منازل المستضعفين، قال فقال : لا واللّه لا يفعل اللّه ذلك بكم أبداً (4).

عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) منا.

10 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من عرف اختلاف النّاس فليس بمستضعف(5).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران، عن عن محمّد ابن منصور الخزاعي، عن عليّ بن سويد عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن الضعفاء فكتب إليَّ : الضعيف من لم تُرفع إليه حجّة ولم يعرف الاختلاف، فإذا عرف الاختلاف فليس بمستضعف.

12 - بعض أصحابنا، عن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن حبيب الخثعمي، عن أبي سارة إمام مسجد بني هلال عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ليس اليوم مستضعف (6)، أبلغ الرّجال الرّجال والنساءُ النساء.

ص: 387


1- هي حاضنة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
2- لأن من عرف اختلاف النّاس يكون ذا عقل وقدرة على التمييز بين الحق والباطل فلا يشمله اصطلاح المستضعف ليكون معذوراً في ترك طلب الحق وأتباعه.
3- «كأنه أراد به التساوي في الدرجة فأنكره (عَلَيهِ السَّلَامُ) واظهر التفاوت» المازندراني 104/10.
4- دل هذا الحديث على أن المستضعفين في درجة أدنى من المؤمنين وإن كانوا من أصحاب الذنوب والمعاصي.
5- مر مضمونه بعينه قبل قليل تحت رقم (7).
6- وذلك لتيسر معرفة الحق بعد تناقله وشيوعه بحيث لا يجهله إلّا مقصر في صلبه، ولذا فلا عذر له.

باب المُرْجَونَ لأمر اللّه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ) (1) قال : قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين، ثمّ إنّهم دخلوا في الإسلام فوحدوا اللّه وتركوا الشرك ولم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنّة، ولم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النّار فهم على تلك الحال إما يعذبهم وإما يتوب عليهم (2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر الواسطي، عن رجل قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : المُرْجَوْنَ قومٌ كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين، ثمّ إنّهم بعد ذلك دخلوا في الإسلام فوحدوا اللّه وتركوا الشرك ولم يكونوا يؤمنون فيكونوا من المؤمنين، ولم يؤمنوا فتجب لهم الجنّة، ولم يكفروا فتجب لهم النّار (3)، فهم على تلك الحال مُرْجَون لأمر اللّه.

باب أصحاب الأعراف

1 - محمّد - بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير؛ وعلي ابن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رجل جميعاً، عن زرارة قال: قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما تقول في أصحاب الأعراف؟ فقلت: ما هم إلّا مؤمنون أو كافرون، إن دخلوا الجنّة فهم مؤمنون، وإن دخلوا النّار فهم كافرون فقال : واللّه ما هم بمؤمنين ولا كافرين ولو كانوا مؤمنين دخلوا الجنّة كما دخلها المؤمنون، ولو كانوا كافرين لدخلوا النّار كما دخلها الكافرون، ولكنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم الأعمال وإنهم لكما قال اللّه عزّ وجلّ، فقلت: أمن أهل الجنّة هم أو من أهل النار؟ فقال: أتركهم حيث تركهم اللّه، قلت :

ص: 388


1- التوبة/ 106. وقد تمسك أصحاب عقيدة الإرجاء لعقيدتهم بهذه الآية فسُمّوا مرجئة، إذ كانوا يقولون إن اصحاب الكبائر والمعاصي لا تحكم فيهم بكفر ولا إيمان وإنما يؤخرون حتّى يحكم اللّه في أمرهم ما يشاء.
2- يدل الحديث على أن نوبة وحشي قاتل حمزة لم تقبل بنحو القطع واليقين.
3- «لعل المراد بالإيمان الإيمان المقتضي لدخول الجنّة كما يشعر به التفريع وهو الإيمان الكامل المستقر الموجب للأمن، وبالكفر الجحود الموجب لدخول النّار» مرآة المجلسي 215/11.

أفتُرْجِئهم قال : نعم أرجئهم كما أرجئهم اللّه إن شاء أدخلهم الجنّة برحمته وإن شاء ساقهم إلى النّار بذنوبهم ولم يظلمهم، فقلت : هل يدخل الجنّة كافر؟ قال : لا. قلت : هل يدخل النّار إلّا کافر ؟ قال : فقال : لا إلّا إن يشاء اللّه، يا زرارة إنني أقول : ما شاء اللّه وأنت لا تقول ما شاء اللّه أما إنك إن كبرت رجعت وتحلّلت [عنك] عقدك (1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسان، عن موسى بن بكر، عن رجل قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الّذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً فأولئك قوم مؤمنون، يحدثون في إيمانهم من الذُّنوب الّتي يعيبها المؤمنون ويكرهونها فأولئك عسى اللّه أن يتوب عليهم (2).

باب في صنوف أهل الخلاف وذكر القدرية والخوارج والمرجئة وأهل البلدان

باب في صنوف أهل الخلاف وذكر القدرية (3) والخوارج والمرجئة وأهل البلدان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن مروك بن عبيد، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لعن اللّه القدرية لعن اللّه الخوارج لعن اللّه المرجئة، لعن اللّه المرجئة قال : قلت : لعنت هؤلاء مرة مرة ولعنت هؤلاء مرتين ؟ قال : إنَّ هؤلاء يقولون : إنَّ قَتَلَتَنا مؤمنين (4) فدماؤنا (5) متلطخة بثيابهم إلى يوم القيامة، إن اللّه حكى عن قوم في كتابه: (أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (6) قال : كان بين القاتلين والقائلين خمسمائة عام فألزمهم اللّه القتل برضاهم ما فعلوا (7).

ص: 389


1- مر هذا الحديث في مضمون حديث آخر تقدم في باب الضلال تحت رقم (2) بنفس السند وعلقنا عليه هناك فراجع.
2- سند هذا الحديث هو بعينه سند الحديث رقم (2) من الباب السابق وكأنه تتمة له. ومعناه قد مر شرحه.
3- لعل المراد بالقدرية هنا المفوضة وهو أحد المعنيين لهذه الفرقة والمعنى الآخر الجبرية. وقد نبهنا على ذلك سابقاً.
4- وذلك انسجاماً مع مبناهم في أنّه لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة.
5- أي أهل البيت ومن والاهم.
6- الآية كما هي في المصحف هكذا : (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) آل عمران / 183. وعليه فالآية هنا إما تصحيف من النساخ، وإما أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) نقلها بالمعنى.
7- يدل هذا على أن الرضا بالقتل من غير حق هو في حكم القتل نفسه من حيث العقوبة والجرم.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حكيم وحماد بن عثمان، عن أبي مسروق :قال سألني أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أهل البصرة ما هم؟ فقلت : مرجئة وقدريّة وحرورية، فقال : لعن اللّه تلك الملل الكافرة المشركة الّتي لا تعبد اللّه على شيء(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن منصور بن يونس، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أهل الشام شر من أهل الرُّوم، وأهل المدينة شرٌّ من أهل مكة وأهل مكة يكفرون باللّه جهرة (2).

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ أهل مكة ليكفرون باللّه جهرة (3) وإنَّ أهل المدينة أخبث من أهل مكة، أخبث منهم سبعين ضعفاً (4)

ه - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن سيف بن عَميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): أهل الشام شر أم [أهل] الروم فقال : إنَّ الرُّوم كفروا ولم يعادونا وإنَّ أهل الشّام كفروا وعادونا (5).

6 - عنه، عن محمّد بن الحسين عن النضر بن شعيب عن أبان بن عثمان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا تجالسوهم - يعني المرجئة - لعنهم اللّه ولعن [اللّه] مللهم المشركة الّذين لا يعبدون اللّه على شيء من الأشياء (6).

ص: 390


1- قد مر مضمون هذا الحديث بسنده نفسه تحت رقم (13) من باب الكفر من هذا المجلد، وبمتنه أيضاً إلّا أن فيه هناك : فقال لي قبل قوله : (ما هم). وقد علقنا عليه.
2- «الخيرية والشرّية لهذه الأمة باعتبار الإيمان ومحبة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وباعتبار الكفر وعداوتهم، فكلما كان الإيمان والمحبة أفخم كان الخير أعظم وكلما كان الكفر والعداوة أعظم كان الشر أتم، وعداوة أهل الشام لما كانت أكثر من عداوة أهل الروم كان شرهم أكثر من شرهم، وكذلك أهل المدينة بالنسبة لأهل مكة، يكفرون باللّه جهرة لأنهم ينكرون الأوصياء، صريحاً... الخ» المازندراني 108/10.
3- ربما يقال أيضاً - مع ملاحظة ما ذكر في التعليق على الحديث السابق - أنّه إنما كان أهل مكة يكفرون باللّه جهرة لأنهم إذا عصوا أو عبدوا غير اللّه أو تولوا غير أولياء اللّه فقد الحدوا وأشركوا، لقوله تعالى : (ومن يُرِدْ فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم)...» ن. م. وقد ورد هذا المعنى عن الصادق(عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- ربما يكون التحديد بالسبعين للمبالغة في بيان خبثهم.
5- يدل الحديث، على شرّية أهل الشام على أهل الروم لعداوتهم لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) دونهم، فمحبتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) مقياس للخيرية كما أن عداوتهم مقياس للشرية.
6- أي على دين من الأديان، أوملة من الملل.

باب المؤلفة قلوبهم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رجل جميعاً، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المؤلّفة قلوبهم قوم وحدوا اللّه وخلعوا عبادة [من يعبد] من دون اللّه ولم تدخل المعرفة قلوبهم أنَّ محمّداً رسول اللّه ؛ وكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يتألّفهم ويعرفهم لكيما يعرفوا ويعلّمهم (1).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته، عن قول اللّه عزّ وجلّ: (والمؤلّفةِ قُلُوبُهم) (2) قال : هم قوم وحدوا اللّه عزّ وجلّ وخلعوا عبادة من يُعْبَدُ من دون اللّه، وشهدوا أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وهم في ذلك(3) شُكاك في بعض (4) ما جاء به محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فأمر اللّه عزّ وجلّ نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أن يتألفهم بالمال والعطاء لكي يَحْسُنَ إسلامهم، ويثبتوا على دينهم الّذي دخلوا فيه وأقروا به.

وإنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يوم حُنَيْنٍ تألف رؤساء العرب من قريش وسائر مضر، منهم أبو سفيان بن حرب، وعُيَيْنَة بن حُصَيْن الفزاري وأشباههم من النّاس، فغضبت الأنصار واجتمعت إلى سعد بن عُبَادَة، فانطلق بهم إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بالجُعرانة (5) فقال : يا رسول اللّه أتأذن لي في الكلام ؟ فقال : نعم فقال : إن كان هذا الأمر من هذه الأموال الّتي قسمت بين قومك شيئاً أنزله اللّه رضينا وإن كان غير ذلك لم نرضَ قال زرارة وسمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : فقال

ص: 391


1- «المفهوم من هذا الخبر وما بعده أن المؤلفة مسلمون لهم ضعف في الإسلام لعدم استقراره في قلوبهم ويدخل فيهم المنافقون بدليل الشك في بعض ما جاء به رسول اللّه.... والتألف : المدارة والإيناس ليثبتوا على الإسلام رغبة فيما يصل إليهم من المال. وقال المفيد: المؤلفة قسمان مسلمون ومشركون. وقال العلامة في الإرشاد: المؤلفة هم الكفار الّذين يستمالون للجهاد أو إلى الإسلام ومسلمون... الخ. والمقصود إن إعطاءهم لأمرين : أحدهما : تأليف قلوبهم بالمال ليثبت إسلامهم ويستقر في قلوبهم. وثانيهما أن يعرفهم ويعلمهم بأعيانهم لأصحابه حتّى يعرفوهم بأنهم من الّذين لم يثبت إيمانهم...» المازندراني 109/10. وقيل : يُعرفهم رسالته بالبراهين والحجج وشرائع الإسلام وأحكام الحلال والحرام الخ.
2- التوبة / 60.
3- أي مع ذلك.
4- كالولاية مثلاً.
5- موضع بين مكة والطائف.

رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): يا معشر الأنصار أكلكم على قول سيدكم سعد؟ فقالوا : سيدنا اللّه ورسوله : ثمّ قالوا في الثالثة : نحن على مثل قوله ورأيه، قال زرارة فسمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : فحطّ اللّه نورهم (1). وفرض اللّه للمؤلفة قلوبهم سهماً في القرآن.

3 - علي، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المؤلّفة قلوبهم لم يكونوا قط أكثر منهم اليوم (2).

4 - علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسحاق ابن غالب قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا إسحاق كم ترى أهل هذه الآية : (إن أعْطُوا منها رَضُوا وإن لم يُعْطُوا منها إذا هم يسخطون) (3) قال : تمَّ قال : هم أكثر من ثلثي النّاس.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن حسان، عن موسى بن بكر، عن رجل قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما كانت المؤلّفة قلوبهم قط أكثر منهم اليوم، وهم قوم وحدوا اللّه وخرجوا من الشرك ولم تدخل معرفة محمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قلوبهم وما جاء به، فتألفهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وتألّفهم المؤمنون بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لكيما يعرفوا (4).

باب في ذكر المنافقين والضلال وإبليس في الدعوة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال : كان الطيار (5) يقول

ص: 392


1- أي أنزل اللّه في مرتبة إيمانهم بسبب ما صدر عنهم من قول وموقف.
2- «والمراد بكثرتهم أن أصناف المسلمين لما كثروا وتضاعفت أطماعهم وقلّ الديانون منهم كان هذا الصنف الّذين كان يتألفهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أكثر لا إن حكم التأليف جار في هذا الزمان، ويحتمل أن يكون المراد أن إمام الحق أيضاً بحسب قدرته وبسط يده يفعل ذلك معهم». مرآة المجلسي 224/11. ويحتمل أن قوله هذا (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان لبيان خطأ ما صنعه أبو بكر عندما منع سهم المؤلفة قلوبهم بحجة عزة الإسلام ومنعة المسلمين وعدم الحاجة إلى التأليف لذلك، غافلاً عن أن إعطاء هؤلاء لم يكن الهدف منه محصوراً في نصرة المسلمين فقط بل قد يكون لتثبيتهم على الإسلام أو لتعليمهم ما جهلوا منه، أو لجعلهم يتخلون عما يبطنون من شك في بعض ما جاء به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من أمر ربه.
3- التوبة / 58. وفي المصحف (فإن أعطوا...) والآية تتحدث عن المنافقين وتبرز خصلة من خصالهم الذميمة. و (يلمزك) يعيبك.
4- يعرفوا : إما على قراءة المجهول، فيكون المعنى، ليكون أخذهم للسهم علامة يعرفون بها بين أصحابك أنهم من أهل المؤلفة. وإما على المعلوم فيكون المعنى : ليتعلموا أنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رسول اللّه حقاً بإقامة الحجج والبينات لهم على ذلك ويتعلموا ما جاء به من عند ربه.
5- يحتمل أنّه محمّد بن عبد اللّه ويحتمل أنّه ابنه حمزة إذ كان يطلق عليه هذا اللقب أيضاً، وقد أدرك ابنه هذا الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم يدرك الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

لي : إبليس ليس من الملائكة وإنما أمرت الملائكة بالسجود لآدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال إبليس : لا أسجد، فما لإبليس يعصي حين لم يسجد وليس هو من الملائكة؟ قال(1): فدخلت أنا وهو على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : فأحسن واللّه في المسألة (2)، فقال : جعلت فداك أرأيت ما ندب اللّه عزّ وجلّ إليه المؤمنين من قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أدخل في ذلك المنافقون معهم؟ قال: نعم والضلال وكل من أقر بالدّعوة الظاهرة، وكان إبليس ممّن أقر بالدعوة الظاهرة معهم.

باب في قوله تعالى : ومن النّاس من يعبد اللّه على حرف

باب في قوله تعالى : ومن النّاس من يعبد اللّه على حرف(3)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل وزرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ) (4) قال زرارة : سألت عنها أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : هؤلاء قوم عبدوا اللّه وخلعوا عبادة من يعبد من دون اللّه، وشكوا في محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وما جاء به، فتكلموا بالإسلام، وشهدوا أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً رسول اللّه، وأقروا بالقرآن وهم في ذلك شاكون في محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وما جاء به، وليسوا شكاكاً في اللّه قال اللّه عزّ وجلّ : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ) يعني على شك في محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وما جاء به (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ) يعني عافية في نفسه وماله وولده (اطْمَأَنَّ بِهِ) ورضي به (وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ) يعني بلاء في جسده أو ماله تطير (5) وكره المقام على الإقرار بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فرجع إلى الوقوف (6) والشّك، فنصب العداوة اللّه ولرسوله. والجحود بالنبي وما جاء به.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : ومن النّاس من يعبد اللّه على

ص: 393


1- أي جميل.
2- الظاهر أن وجه كونه أحسن في المسئلة أنّه لم يسأل عن محل النزاع مباشرة وإنما مهد بالسؤال عن المنافقين، ليدخل فيما بعد بالسؤال عن أمر إبليس باعتبار أنّه كان يخالط الملائكة ويتظاهر كأنه منهم ولم يكن منهم فتحى بذلك منحى المنافقين الّذين يظهرون خلاف ما عليه باطنهم.
3- أي على وجه واحد وهو أن يعبده على السراء والضراء، أو على شك، أو على غير طمأنينة على أمره، كما في القاموس.
4- الحجّ / 11.
5- أي تشاءم.
6- أي التوقف في أمر الدين أو التوقف عن الإذعان لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولما جاء به وذلك باطناً لا ظاهراً وبالجنان لا باللسان. بقرينة ذكر الشك بعده.

حرف) قال : هم قوم وحدوا اللّه وخلعوا عبادة من يعبد من دون اللّه فخرجوا من الشرك ولم يعرفوا أنَّ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رسول اللّه، فهم يعبدون اللّه على شك في محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وما جاء به، فاتوا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وقالوا : ننظر فإن كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا وأولادنا علمنا أنّه صادق وأنّه رسول اللّه، وإن كان غير ذلك نظرنا (1).

قال اللّه عزّ وجلّ : (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ) يعني عافية في الدنيا (وإن أصابته فتنة) يعني بلاء في نفسه وماله] (انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ) انقلب على شكّه إلى الشرك، (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ) قال : ينقلب مشركا، يدعو غير اللّه ويعبد غيره، فمنهم من يعرف ويدخل الإيمان قلبه فيؤمن ويصدّق، ويزول عن منزلته من الشك إلى الإيمان، ومنهم من يثبت على شكه ومنهم من ينقلب إلى الشرك (2).

عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن زرارة مثله.

باب [ أدنى ما يكون به العبد مؤمناً أو كافراً أو ضالاً]

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال : سمعت عليّاً صلوات اللّه عليه يقول - وأتاه رجل فقال له : ما أدنى ما يكون به العبد مؤمناً وأدنى ما يكون به العبد كافراً أو أدنى ما يكون به العبد ضالاً؟ فقال له : قد سألت فافهم الجواب - : أما أدنى ما يكون به العبد مؤمناً أن يعرفه اللّه تبارك وتعالى نفسه (3) فيقر له بالطاعة، ويعرّفه نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (4) فيقر له بالطاعة، ويعرفه إمامه (5) وحجّته في أرضه وشاهده على خلقه فيقر له بالطاعة قلت له : يا أمير المؤمنين وإن

ص: 394


1- أي أن هؤلاء - كما سبق وذكرنا - عبدوا اللّه على وجه واحد هو هنا عبادتهم له على السراء والضراء.
2- أي صنف من هؤلاء عندما تنزل به البلايا والمصائب ينتقل من شكه بنبوة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى الشرك باللّه، لا إنه يجمع بين الشرك باللّه والشك في محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
3- وذلك إنما يكون بإظهار آيات قدرته ووحدانيته وعظمته وكماله في الآفاق والأنفس وبإرسال الأنبياء ونصب الحجج وإنزال الكتب.
4- وذلك إنما يتم بإظهار المعجز على يديه.
5- وإنما يتم ذلك إضافة إلى النصوص النبوية الثابتة قولاً وفعلاً وتقريراً، بإظهار الكرامات على يديه وغمره بالألطاف الإلهية ليكون أفضل أهل زمانه من جميع الجهات.

جهل جميع الأشياء إلّا ما وصفت؟ قال: نعم إذا أمر أطاع وإذا نهي انتهى (1).

وأدنى ما يكون به العبد كافراً من زعم أنَّ شيئاً نهى اللّه عنه أنَّ اللّه أمر به ونصبه ديناً يتولّى عليه ويزعم أنّه يعبد الّذي أمره به وإنّما يعبد الشيطان (2).

وأدنى ما يكون به العبد ضالاً، أن لا يعرف حجّة اللّه (3) تبارك وتعالى وشاهده على عباده الّذي أمر اللّه عزّ وجلّ بطاعته وفرض ولايته قلت يا أمير المؤمنين صفهم لي قال: الّذين قرنهم اللّه عزّ وجلّ بنفسه ونبيه فقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (4) قلت : يا أمير المؤمنين جعلني اللّه فداك أوضح لي، فقال: الّذين قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في آخر خطبته يوم قبضه اللّه عزّ وجلّ إليه : إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدي ما إن تمسكتم بهما : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي، فإنَّ اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض كهاتين - وجمع بين مستحتيه - ولا أقول كهاتين - وجمع بين المسبحة والوسطى - فتسبق إحداهما الأخرى، فتمسكوا بهما لا تزلوا ولا تضلوا ولا تَقَدَّمُوهُمْ فتضلّوا (5).

باب

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ بني أمية أطلقوا (6) للناس تعليم الإيمان ولم يطلقوا تعليم الشرك لكي إذا حملوهم عليه لم يعرفوه (7).

ص: 395


1- ويدل هذا على أن الإقرار الّذي أشير إليه فيما تقدم من الحديث - لا يكفي وحده بل لا بد مع ذلك من العمل الّذي يتجسد في الانبعاث والانزجار ويؤيد هذا ما ورد عنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أن الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان.
2- لقد مر ما يفيد هذا المعنى في الحديث رقم (1) من باب الشرك وكان فيه : (من قال للحصاة أنّها نواة - أو بالعكس - ودان به...) أي اتخذه دينا.
3- أي لا يعرف أنّه هو حجة اللّه بعينه مع اعتقاده بوجوب وجود حجة اللّه على الخلق بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
4- النساء/ 59.
5- أي لا تتقدموا عليهم ولا تتجاوزوهم.
6- أي رخصوهم فيه.
7- أي أن الغاية من عدم ترخيص طغاة بني أمية النّاس في تعليم الشرك ومعرفة حدوده هي أنهم إذا دعوهم إلى إطاعتهم لم يعلموا أن ما يدعونهم إليه من الشرك، أو أن نفس إطاعتهم لهم شرك، فيأمنون مخالفتهم لهم ويضمنون بقاء سلطانهم.

باب ثبوت الإيمان وهل يجوز أن ينقله اللّه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن حسين بن نعيم الصحاف قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لم يكون الرجل عند اللّه مؤمناً قد ثبت له الإيمان عنده ثمّ ينقله اللّه (1) بعد من الإيمان إلى الكفر؟ قال: فقال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ هو العدل إنما دعا العباد إلى الإيمان به لا إلى الكفر ولا يدعو أحداً إلى الكفر به، فمن آمن باللّه ثمّ ثبت له الإيمان عند اللّه لم ينقله اللّه عزّ وجلّ [ بعد ذلك] من الإيمان إلى الكفر، قلت له : فيكون الرَّجل كافراً قد ثبت له الكفر عند اللّه ثمّ ينقله بعد ذلك من الكفر إلى الإيمان؟ قال : فقال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ خلق النّاس كلهم على الفطرة الّتي فطرهم عليها، لا يعرفون إيماناً بشريعة ولا كفراً بجحود، ثمّ بعث اللّه الرُّسل تدعوا العباد إلى الإيمان به، فمنهم من هدى اللّه ومنهم من لم يهده اللّه (2).

باب المُعَارِينَ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ خلق خلقاً للإيمان(3) لا زوال له، وخلق خلقاً للكفر(4) لا زوال له، وخلق خلقاً بین ذلك واستودع بعضهم الإيمان، فإن يشأ أن يتمه لهم اتمه، وإن يشأ أن يسلبهم إياه سلبهم وكان فلان (5) منهم معاراً.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب

ص: 396


1- نسبته النقل إلى اللّه إما على نحو المجاز، أو على نحو الحقيقة في عقيدة السائل حيث كان يرى أنّه اللّه إنما يخلق الكفر والإيمان في الإنسان.
2- «والمعنى أنّه من هؤلاء النّاس من هداه اللّه عزّ وجلّ بالهدايات الخاصة لعدم إبطاله الفطرة الأصلية... واستماعه إلى نداء الحق... ومنهم من لم يهده اللّه لإبطاله فطرته وإعراضه عن سماع نداء الحق فيسلب عنه الرحمة واللطف والتوفيق وهو المراد من عدم هدايته له» مرآة المجلسي 237/11.
3- الظاهر أن اللام في كلتا اللفظتين للعاقبة أي خلق خلقاً عاقبتهم ستكون الإيمان أو الكفر.
4- الظاهر أن اللام في كلتا اللفظتين للعاقبة أي خلق خلقاً عاقبتهم ستكون الإيمان أو الكفر.
5- الظاهر أنّه محمّد بن مقلاص الأسدي الكوفي : أبو الخطاب بقرينه التصريح به في حديث آت، وربما كنى عنه هنا للتقية. ومقلاص : يكنى بأبي زينب ولذلك يقال لأبي الخطاب أحياناً : محمّد بن أبي زينب وكان أبو الخطاب هذا في بداية أمره على الحق ثمّ فسدت عقيدته فلعنه الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).

والقاسم بن محمّد الجوهري، عن كليب بن معاوية الأسدي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن العبد يصبح مؤمناً ويمسي كافراً، ويصبح كافراً ويمسي مؤمناً، وقوم يعارون الإيمان ثمّ يسلبونه ويسمون المعارين، ثمّ قال : فلان منهم (1).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري وغيره، عن عيسى شلقان قال : كنت قاعداً فمرَّ أبو الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعه بهمة (2) قال : قلت يا غلام (3) ما ترى ما يصنع أبوك (4)؟ يأمرنا بالشيء ثمّ ينهانا عنه أمرنا أن نتولّى أبا الخطاب ثمّ أمرنا أن نلعنه ونتبرء منه؟ فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو غلام : إن اللّه خلق خلقاً للإيمان لا زوال له، وخلق خلقاً للكفر لا زوال له وخلق خلقاً بين ذلك أعاره الإيمان يسمون المعارين، إذا شاء سلبهم وكان أبو الخطاب ممّن أعير الإيمان قال : فدخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخبرته ما قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وما قال لي فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّه نبعة نبوَّة (5).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن صلوات اللّه عليه قال : إن اللّه خلق النبيّين على النبوَّة فلا يكونون إلّا أنبياء، وخلق المؤمنين على الإيمان فلا يكونون إلّا مؤمنين، وأعار قوماً إيماناً، فإن شاء تممه لهم وإن شاء سلبهم إياه، قال : وفيهم جرت (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) (6). وقال لي : إن فلاناً كان مستودعاً إيمانه، فلمّا كذب علينا سلب إيمانه ذلك (7).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن حبيب عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن اللّه جبل النبيّين على نبوتهم، فلا يرتدون أبداً، وجبل الأوصياء على وصاياهم فلا يرتدون أبداً، وجبل بعض

ص: 397


1- راجع تعليقتنا على الحديث السابق.
2- جمع بهم، وهي صغار الغنم.
3- المقصود به الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان صغير السن.
4- أي الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- أي عمله من ينبوع النبوَّة، أو هو غصن من شجرة النبوَّة والرسالة، مرآة المجلسي 246/11. والنبع - كما في القاموس - شجر للقسي والسهام ينبت في قلة الجبل.
6- الأنعام / 98 والآية هكذا (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) من نفس واحدة يعني آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والمستقر ما استقر في الأرحام، والمستودع حيث يموت. وقيل : المستودع : ما كان في أصلاب الرجال يفقهون يفهمون وبناء على تأويله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أي منكم من هو ثابت الإيمان ومنكم من هو غير ثابته، ولذا ينتقل عنه إلى الكفر.
7- أي كذبه علينا كان سبيا في سلب إيمانه عنه.

المؤمنين على الإيمان فلا يرتدون أبداً، ومنهم من أعير الإيمان عارية، فإذا هو دعا وألح في الدُّعاء مات على الإيمان (1).

باب في علامة المُعَار

1 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان عن المفضّل الجعفي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ الحسرة (2) والندامة (3) والويل (4) كله لمن لم ينتفع بما أبصره (5)، ولم يدر ما الأمر الّذي هو عليه مقيم أنفع له أم ضرٍّ، قلت له : فيم يُعرف الناجي (6) من هؤلاء جعلت فداك ؟ قال : من كان فعله لقوله موافقاً (7) فأثبت له الشهادة بالنجاة ومن لم يكن فعله لقوله موافقاً فإنما ذلك مستودع (8).

باب سهو القلب

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جعفر بن عنمان، عن سماعة، عن أبي بصير وغيره قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ القلب (9) ليكون الساعة من الليل والنهار ما فيه كفر ولا إيمان (10) كالثوب الخَلِق (11)، قال : ثمّ قال لي : أما تجد ذلك من نفسك (12)؟ قال :

ص: 398


1- «هذا تنبيه للغافلين على دوام الذكر وطلب حسن الخاتمة، ومنه خوف أكثر الخائفين حيث علموا صفات القلب وغفلته وتنقله ولم يعلموا أن عاقبة أمرهم هي الاستقرار على الإيمان أو الكفر مع إمكان الموت في ساعة الغفلة وإغواء الشيطان... وفيه دلالة على إن الإتمام والسلب مسببان من فعل الإنسان لأنه يصير بذلك محلاً للتوفيق والخذلان..» المازندراني 10 / 124.
2- الحسرة : التلهف على قوات أمر مرغوب فيه.
3- الندامة : الحزن لما أصابه من مكروه.
4- الويل : العذاب. وقيل : بأنه اسم واد في جهنم.
5- أي أعرض عما نصب له من آيات وعلائم وحجج وبينات وما وضع له من أحكام عرضها ولم يعتن بالعمل بمقتضاها.
6- أي من عقوبات الآخرة.
7- أي يأمر بالمعروف ويأتمر به رينتهي عن المنكر وينهى عنه.
8- أي هو من مُعَاري الإيمان، وقد ينتقل عنه.
9- والمراد بها ساعة الغفلة عن الحق وعن الباطل.
10- أي النفس الناطقة.
11- «تشبيه القلب بالثوب الخلق فى الكثافة والرثائة أو في أنّه ليس باطلاً ولا كاملاً في الجملة تشبيه معقول بمحسوس لقصد التقبيح والتنفير» المازندراني 125/10.
12- الاستفهام تقريري.

ثم تكون النكتة (1) من اللّه من القلب بما شاء من كفر وإيمان.

عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن أبي أبي عمير مثله.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن العباس بن معروف عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : يكون القلب ما فيه من إيمان ولا كفر شبه المضغة (2) أما يجد أحدكم ذلك.

3 - محمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ عن عليّ بن جعفر، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه خلق قلوب المؤمنين مطوية مبهمة (3) على الإيمان (4) فإذا أراد استثارة ما فيها (5) نضحها (6) بالحكمة وزرعها بالعلم وزارعُها والقيم عليها رب العالمين.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن محمّد بن سنان عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن القلب ليرجج (7) فيما بين الصدر والحنجرة حتّى يعقد على الإيمان (8)، فإذا عقد على الإيمان قر، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) (9).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة (10)، عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ القلب ليتجلجل (11) في الجوف

ص: 399


1- النكتة: النقطة وهى كناية عن موت القلب إذا كانت للكفر وحياته إن كانت للإيمان والمقصود بمشيئته سبحانه للكفر والإيمان منح القدرة للعبد عليها والاختيار بينهما، فإن آمن فبحسن اختياره وإن كفر فبسوء اختياره.
2- المضغة : مقدار ما يمضغ من قطعة اللحم.
3- «خلق قلوبهم مطوية على سبيل التشبيه بما يقبل الطي كالثياب والكتاب، والمراد بالمبهمة المغلقة والمقفلة على سبيل التشبيه بالبيت فلا يعلم ما فيها إلّا هو... أو الخالصة الصحيحة الّتي ليس فيها شيء من العاهات والأمراض».
4- أي كائنة على الإيمان.
5- أي تهيجها. وفي بعض النسخ (استشارة) أي استخراج ما فيها من شار العسل شوراً، وأشاره واستشارة إذا استخرجه من القفير.
6- أي رشها.
7- الرّج : التحريك الشديد والاضطراب وذلك طلباً للحق.
8- أي اعتقد واستقر عليه.
9- التغابن / 11.
10- واسمه المفضّل بن صالح.
11- التجلجل - كما في القاموس - التحرك والتضعضع.

يطلب الحق، فإذا أصابه اطمأن وقر، ثمّ تلا أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذه الآية : (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ - إلى قوله - كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) (1).

6- عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إن القلب يكون في الساعة من الليل والنهار ليس فيه إيمان ولا كفر، أما تجد ذلك، ثمّ تكون بعد ذلك نكتة من اللّه في قلب عبده بما شاء، إن شاء بإيمان وإن شاء بكفر.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن عبد اللّه بن القاسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه خلق قلوب المؤمنين مبهمة على الإيمان، فإذا أراد استثارة ما فيها فتحها بالحكمة، وزرعها بالعلم وزارعها والقيم عليها ربُّ العالمين.

باب في ظلمة قلب المنافق وإن أعطي اللسان، ونور قلب المؤمن وإن قصر لسانه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن فضال، عن عليّ بن عقبة، عن عمرو، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لنا ذات يوم : تجد الرجل لا يخطىء بلام ولا واو خطيباً مِصْقَعاً (2) ولقلبه (3) أشدُّ ظلمة من الليل المظلم (4)، وتجد الرجل لا يستطيع يعبر عما في قلبه، بلسانه وقلبه يُزْهِر كما يزهر المصباح (5).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن المفضّل، عن سعد (6)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ القلوب أربعة(7): قلب فيه نفاق

ص: 400


1- الأنعام / 125.
2- المِصْفَع: (وقد يلفظ بالسين) : البليغ أو الجهوري الصوت أو من لا يتمتع في كلامه ولا يتردد.
3- أي نفسه الإنسانية الناطقة.
4- وذلك لانغماسها في الشهوات الحيوانية، والأهواء الهابطة وغربتها عن عالم الملكوت المنير بصفاء الإيمان.
5- وذلك لأن نفسه الناطقة قد استضاءت بأنوار الحكمة الإيمانية، فارتفعت عن مهابط الحيوانية ومواضع الشهوات والغرائز وتسامت في مراتب الإنسانية مستلهمة أنوار الحكمة الإيمانية.
6- هو سعد بن طريف بقرينة رواية المفضل بن صالح عنه وهذا يكنى بأبي جميلة.
7- «وجه الحصر، إن القلب إما متصف بالإيمان أو لا، الأوّل إما متصف بالإيمان بجميع ما جاء به النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أو ببعضه دون بعض الأوّل قلب المؤمن، والثاني قلب فيه إيمان ونفاق، والثاني إما أن يصرح بالإيمان ظاهراً أو لا، الأوّل قلب المنافق والثاني قلب المشرك». المازندراني 130/10.

وإيمان، وقلب منكوس، وقلب مطبوع، وقلب أزهر أجرد (1) - فقلت : ما الأزهر؟ قال: فيه كهيئة السراج - فأما المطبوع فقلب المنافق، وأما الأزهر فقلب المؤمن إن أعطاه شَكَرَ وإن ابتلاه صَبَرَ، وأما المنكوس فقلب المشرك، ثمّ قرأ هذه الآية : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (2). فأما القلب الّذي فيه إيمان ونفاق فهم قوم كانوا بالطائف فإن أدرك أحدَهُم أجلُه على نفاقه هَلَكَ وإن أدركه على إيمانه نجا.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال القلوب ثلاثة (3) : قلب منكوس لا يعي شيئاً من الخير، وهو قلب الكافر؛ وقلب فيه نكتة سوداء فالخير والشر فيه يعتلجان (4) فأيهما كانت منه غلب عليه ؛ وقلب مفتوح (5) فيه مصابيح تزهر ولا يطفأ نوره إلى يوم القيامة وهو قلب المؤمن.

باب في تنقل أحوال القلب

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةً من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً، عن ابن محبوب، عن محمّد بن النعمان الأحول، عن سلام بن المستنير قال : كنت عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدخل عليه حمران بن أعين وسأله عن أشياء، فلما هم حمران بالقيام قال لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخبرك - أطال اللّه بقاءك لنا وأمتعنا بك - أنا نأتيك فما نخرج من عندك حتّى ترقّ قلوبنا وتسلوا أنفسنا عن الدُّنيا (6) ويهون علينا ما في أيدي النّاس من هذه الأموال، ثمّ نخرج من عندك فإذا صرنا مع النّاس والتجار أحببنا الدُّنيا (7)؟ قال : فقال أبو

ص: 401


1- «أريد بالأجرد الصافي عن الكدر، أعني ما يقابل المطبوع فإن الطبع الرَّين» الوافي للفيض ج 51/3.
2- المُلك 22. و (مكباً) أي منقلباً لا يرى ما بين يديه ولا ما عن يمينه ولا ما عن شماله.
3- «هذا لا ينافي ما مر من أن القلوب أربعة، لأن قوله : (وقلب فيه نكتة سوداء يشمل القسمين منها وهما قلب فيه نفاق وإيمان وقلب المنافق الّذي لم يؤمن بحسب الباطن أصلا» المازندراني 131/10.
4- أي يصطرعان ويقتتلان.
5- هذا مقابل القلب المنغلق المختوم عليه وهو قلب المنافق، وانفتاحه عبارة عن قابليته لتلقي المعارف وحقائق الإيمان وتأثره بها، وبقاء أثرها بعد الموت في عالم البرزخ إلى يوم الدين.
6- أي ننساها. يقال : سلاه وسلا عنه.
7- «هذا إنكار منه على نفسه لما وجد منها في خلوتها خلاف ما يظهر منه بحضرته (عَلَيهِ السَّلَامُ) خوف أن يكون ذلك من أنواع النفاق وأراد من نفسه أن يكون دائماً على تلك الحالة الّتي يجدها عند موعظته (عَلَيهِ السَّلَامُ)... الخ» المازندراني 132/10.

جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّما هي القلوب مرة تصعب ومرَّة تسهل (1).

ثمّ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما إنَّ أصحاب محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قالوا : يا رسول اللّه نخاف علينا النّفاق، قال : فقال : ولم تخافون ذلك؟ قالوا : إذا كنا عندك فذكرتنا ورغبتنا وجلْنا ونسينا الدنيا وزهدنا حتّى كأنّا نعاين الآخرة والجنّة والنار ونحن عندك، فإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت وشممنا الأولاد ورأينا العيال والأهل يكاد أن نحوّل عن الحال الّتي كنا عليها عندك وحتى كأنا لم نكن على شيء ؟ أفتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقاً؟ فقال لهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «كلا إنَّ هذه خطوات الشيطان فيرغبكم في الدُّنيا، واللّه لو تدومون على الحالة الّتي وصفتم أنفسكم بها الصافحتكم الملائكة ومشيتم على الماء، ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون اللّه لخلق اللّه خلقاً حتّى يذنبوا، ثمّ يستغفروا اللّه فيغفر [ اللّه ] لهم، إنَّ المؤمن مفتن توَّاب (2)»، أما سمعت قول اللّه عزّ وجلّ: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (3) وقال : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) (4).

باب الوَسْوَسَة وحديث النفس

1 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن محمّد بن حمران قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الوسوسة (5) وإن كَثُرَتْ، فقال : لا شيء فيها، تقول : لا إله إلّا اللّه.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له : إنّه يقع في قلبي أمرٌ عظيم فقال: قل: لا إله إلّا اللّه، قال جميل : فكلما وقع في قلبي شيء قلت : لا إله إلّا اللّه فيذهب عنّي (6).

ص: 402


1- أي ليست القلوب على حالة واحدة دائماً، فمرة تنقاد لسلطان العقل وأخرى تتمرد عليه وتنقاد لسلطان الشهوة، مرة تقبل ومرة تُدبر، ولذا سميت القلوب بهذا الاسم لتقلب أحوالها.
2- المفتن : الممتحن والمقصود منه هنا الممتحن بالذنوب والتواب، كثير التوبة.
3- البقرة/ 222.
4- هود.
5- الظاهر أن المراد بالوسوسة هنا حديث النفس حول شؤون المبدا والمعاد أي الوسوسة في التفكر في الخلق. أو أزاد حديث النفس بالمعاصي كالزنا وغيره وإنما لا يكون شيء في الوسوسة هذه ما لم ينطق بها أو يفصح عنها لأنها تكون مشمولة لحديث الرفع وقد ورد فيه «والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينبس بشفة».
6- هذا إخبار من جميل بن درّاج عن أنّه قد جرب ما وجهه إليه الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) في تلك الحال فكان نافعاً.

3 - ابن أبي عمير، عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: جاء رجل إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول اللّه هَلكت (1)، فقال له (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أتاك الخبيث. فقال لك : مَن خَلَقَك؟ فقلت : اللّه، فقال لك : اللّه من خَلَقَه ؟ فقال : إي والّذي بعثك بالحقّ لكان كذا، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ذاك واللّه محض الإيمان» (2).

قال ابن أبي عمير : فحدثت بذلك عبد الرحمن بن الحجاج فقال : حدّثني أبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إنما عنى بقوله «هذا واللّه محض الإيمان» خوفه أن يكون قد هلك حيث عرض له ذلك في قلبه

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، - جميعاً عن عليّ بن مهزيار قال : كتب رجل إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يشكو إليه لمما(3) يخطر على باله، فأجابه في بعض كلامه : إن اللّه عزّ وجلّ إن شاء ثبتك فلا يجعل لإبليس عليك طريقاً، قد شكى قوم إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لمماً يعرض لهم لأن تهوي بهم الريح أو يقطعوا أحبُّ إليهم من أن يتكلموا به (4)، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أتجدون ذلك (5)»؟ قالوا: نعم، فقال: «والّذي نفسي بيده إن ذلك لصريح الإيمان، فإذا وجدتموه فقولوا آمنا باللّه ورسوله ولا حول ولا قوة إلّا باللّه».

5 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن محمّد، عن - محمّد بن بكر بن جناح، عن زكريا بن محمّد، عن أبي اليسع داود الأبزاري، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن رجلا أتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول اللّه إنني نافقتُ، فقال: واللّه ما نافقت، ولو نافقت ما أتيتني تعلمني ما الّذي رابك (6)؟ أظنُّ العدو الحاضر (7) أتاك فقال لك : مَن خلقك، فقلت : اللّه خلقني، فقال لك : من خلق اللّه ؟ قال : إي والّذي بعثك بالحقّ لكان كذا، فقال : إنَّ الشيطان أتاكم من قبل الأعمال فلم يقو عليكم، فأتاكم من هذا الوجه لكي يستزلكم (8)، فإذا كان كذلك فليذكر أحدكم اللّه وحده.

ص: 403


1- إنما قال السائل هلكت «لظنه أنّه مكلف بالتحفظ من الخطرات ودفعها شاق عليه»، المازندراني 139/10.
2- إنما كانت هذه الخطرات وما استتبعها من خوف الهلاك محض الإيمان لأن الكافر لا يداخله شيء من هذا الخوف بسبب ذلك بل لا يداخله خوف حتّى من محاربته اللّه ولرسوله. فكان ذلك الخوف إمارة على صدق إيمانه.
3- اللَّمَم : - كما في القاموس - الجنون، وصغار الذنوب.
4- هو عبارة عن إظهاره.
5- أي الهوي والتقطيع أحب إليهم من إظهار ذلك اللمم.
6- أي شككك وأوقعك في الريب.
7- المقصود به الشيطان، كما يصرح بذلك بَعْدُ.
8- أي يدعوكم إلى الزلة وهي المعصية والذنب.

باب الاعتراف بالذنوب والندم عليها

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي الأحمسي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : واللّه ما ينجو من الذَّنب إلّا من أقرَّ به (1).

قال : وقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): كفى بالندم توبة (2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عمّن ذكره، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لا واللّه ما أراد اللّه تعالى من النّاس إلّا خصلتين : أن يقرُّوا له بالنعم فيزيدهم(3)، وبالذنوب فيغفرها لهم (4).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمر [و] بن عثمان، عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إِنَّ الرَّجل ليذنب الذَّنب فيدخله اللّه به الجنّة، قلت: يدخله اللّه بالذَّنب الجنّة؟ قال : نعم إنه ليذنب فلا يزال منه خائفاً ماقتاً لنفسه فيرحمه اللّه فيدخله الجنّة(5).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن سنان، عن معاوية بن عمّار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنه واللّه ما خرج عبد من ذنب بإصرار (6) وما خرج عبد من ذنب إلّا بإقرار.

5 - الحسين بن محمّد، عن محمّد بن عمران بن الحجاج السبيعي [عن محمّد بن وليد]، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : من أذنب ذنباً فعلم أنَّ اللّه مطلع عليه إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، غفر له وإن لم يستغفر (7).

ص: 404


1- أي اعترف بأنه ذنب، أما إذا اقترفه مستحلاً فهو كافر ونجاته منه عند الإقرار به نجاة من العقوبة.
2- دل على أن العزم على ترك العود إلى المعصية ليس شرطاً في التوبة، إلّا أن يقال بأن الندم يستبطن العزم على الترك.
3- وذلك لأن معرفة أن النعمة من اللّه سبحانه وأنه متفضّل بها على عبده، هي شكر لها وبالشكر تزيد وتدوم.
4- لأن الإقرار بها ندم وهو توبة وهي توجب غفرانها.
5- «دل على أن دوام الخوف والمقت بمعنى تحققهما كلما خطر الذنب بباله سبب للرحمة لأنه بالخوف اعترف بعظمة الرب وقبح مخالفته وبالمقت اعترف بذنبه وتقصيره وكل واحد سبب تام للرحمة» المازندراني 141/10 - كما دل الحديث على أن «الذنب الّذي يوجب الخضوع والتذلل خير من الطاعة الّتي توجب العُجب والتدلل» مرآة المجلسي 11 / 284.
6- الإصرار، المواظبة على الفعل إما حقيقة أو حكماً.
7- «لعل الوجه أن ذلك إقرار بالذنب وبأنه معصية للخالق العالم المطلع القادر واعتراف بالعجز والتقصير وكل ذلك سبب للمغفرة كالتوبة والندامة وترك الذنوب إلّا أن هذا السبب أعظم من الأوّل» المازندراني 142/10.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن عبد الرحمن بن محمّد بن أبي هاشم، عن عنبسة العابد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه يحبُّ العبد أن يطلب إليه في الجرم العظيم (1) ويبغض العبد أن يستخف بالجرم اليسير (2).

7 - محمّد بن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد محمّد بن عيسى عن إسماعيل بن سهل، عن حماد، عن ربعي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : إن الندم على الشر يدعو إلى تركه (3).

8 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسين الدقاق، عن عبد اللّه بن محمّد عن أحمد بن عمر، عن زيد القتات عن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما من عبد أذنب ذنباً فندم عليه إلّا غفر اللّه له قبل أن يستغفر (4)، وما من عبد أنعم اللّه عليه نعمة فعرف أنّها من عند اللّه إلّا غفر اللّه له قبل أن يحمده (5).

باب ستر الذنوب

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن العباس مولى الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6) قال : سمعته (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : المستتر بالحسنة يعدل (7) سبعين حسنة: والمذيع (8) بالسيئة مخذول (9)، والمستتر بالسيئة مغفور له.

ص: 405


1- «يتحقق هذا الطلب بدوام الحسرة والتضرع ومنشاؤه العلم بقيح المعصية والمخالفة وثمرته تنور القلب ومحبة الرب» ن. م.
2- وذلك باستصغار ذنبه وإصراره على فعله حقيقة أو حكماً، فهذا يستبطن الاستخفاف باللّه سبحانه ومحادته وهو ممّا يوجب مقته سبحانه ولعنته.
3- «وذلك لما تقدم من أن الندامة توبة والتوبة تدعو إلى ترك الذنوب، أو إن الندم يستبطىء العزم على ترك الذنب كلية.
4- لأن الندامة فعل القلب والاستغفار فعل اللسان والأوّل أشرف ولذا له تأثير بدون الثاني ولا تأثير للثاني بدونه» المازندراني 143/10.
5- وذلك لأن معرفته أنّها من عند اللّه نوع من الشكر القلبي والشكر من العبادات المندوب إليها فهي حسنة والحسنة تمحو السيئة وتذهبها.
6- هو العباس بن هشام الناشري الأسدي العربي، كنيته أبو الفضل. ثقة جليل في أصحابنا، كثير الرواية كسر اسمه فقيل عبيس له كتب الخ مات رحمه اللّه سنة عشرين ومائتين أو قبلها بسنة فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي 249/9 و ص / 252.
7- أي ثواب استتاره بالحسنة يساوي ثواب سبعين حسنة في العلن.
8- أي المشيع الناشر لها.
9- لأنه بفعله ذاك يكشف عن استخفافه بالدين والشريعة وهتكه لحرمتها، فيكون سبباً لسلب اللّه سبحانه ألطافه عنه وتركه لنفسه وفساد طينته فتكون النتيجة خذلانه في الدنيا والآخرة.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن صندل، عن ياسر عن اليسع بن حمزة، عن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «المستتر بالحسنة يعدل سبعين حسنة، والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها (1) مغفور له».

باب من يهم بالحسنة أو السيئة

باب من يهم(2) بالحسنة أو السيئة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن دراج عن زرارة عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن اللّه تبارك وتعالى جعل لآدم في ذريته من هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة، ومن هم بحسنة وعملها كتبت له بها عشراً، ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه [سيئة ] ومن همَّ بها وعملها كتبت عليه سيئة.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن المؤمن ليهمُّ بالحسنة ولا يعمل بها فتكتب له حسنة، وإن هو عملها كتبت له عشر حسنات، وإن المؤمن ليهم بالسيِّئة أن يعملها فلا يعملها فلا تكتب عليه.

3 - عنه، عن عليّ بن حفص العوسي، عن عليّ بن النسّائح، عن عبد اللّه بن موسى بن جعفر، عن أبيه قال: سألته عن المَلَكَين (3) هل يعلمان بالذَّنب إذا أراد العبد أن يفعله أو الحسنة ؟ فقال : ريح الكنيف وريح الطيب سواء (4)؟ قلت: لا. قال: إن العبد إذا هم بالحسنة خرج نفسه طيب الريح فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال : قم (5) فإنه قد هم بالحسنة، فإذا فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده فاثبتها له. وإذا هم بالسيئة خرج نفسه منتن الريح فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين : قف فإنه قد همَّ بالسيئة فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده وأثبتها عليه (6).

ص: 406


1- أي بالسيئة بشرط أن يكون استتاره بها حياءً من اللّه ومعرفة بقبح معصيته لا نفاقاً.
2- هم : أراد الشيء وقصده وعزم عليه ولم يفعله. ويظهر من الحديث أن عدم فعل السيئة بعد الهم بها موجب لعدم كتابتها عليه أعم من أن يكون خوفا من اللّه أو من النّاس.
3- يعني الموكلين بكتابة حسنات العبد وسيئاته.
4- هذا وارد عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في صورة سؤال تقريري.
5- كناية عن عدم اختصاص الملك صاحب الشمال بما سيصدر عن مريد الحسنة، وفي بعض النسخ (قف).
6- «إنما جعل الريق واللسان آلة لإثبات الحسنة أو السيئة لأن بناء الأعمال إنما هو على ما عقد في القلب من التكلم بها وإليه الإشارة بقوله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وهذا الريق واللسان الظاهر صورة لذلك المعنى...» الوافي للفيض ج 170/3.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن فضل ابن عثمان المرادي قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): أربع (1) من كنَّ فيه لم يهلك على اللّه بعدهنَّ إلّا هالك (2) يهم العبد بالحسنة فيعملها فإن هو لم يعملها كتب اللّه له حسنة بحسن نيته، وإن هو عملها كتب اللّه له عشراً ؛ ويهم بالسيئة أن يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شيء، وإن هو عملها أجل سبع ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها، فإنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) (3). أو الاستغفار (4)، فإن هو قال (5) : أستغفر اللّه الّذي لا إله إلّا هو، عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذوالجلال والإكرام وأتوب إليه، لم يكتب عليه شيء، وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات : اكتب (6) على الشقي المحروم.

باب التوبة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا تاب العبد توبة نصوحاً (7) أحبّه اللّه فستر عليه في الدُّنيا والآخرة، فقلت: وكيف يستر عليه؟ قال : ينسي مَلَكَيْهِ ما كتبا عليه من الذُّنوب، ويوحي إلى جوارحه : اكتمی علیه ذنوبه ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمى ما كان

ص: 407


1- أي خصال.
2- أي أن من لم تكن فيه هذه الخصال كتبت عليه العقوبة وخسر خسراناً مبيناً، ووجه تعدية الهلاك بعلى في قوله (على اللّه) «إما بتضمين معنى الورود، أي لم يهلك حين وروده على اللّه أو معنى الاجتراء، أي مجترنا على اللّه، أو معنى العلو والرفعة كأن من يعصيه تعالى يترفع عليه ويخاصمه، ويحتمل أن يكون على بمعنى (في) أي في معرفته وأوامره ونواهيه الخ...» مرآة المجلسي 294/11
3- هود / 114.
4- أي أو أن يتبعها بالاستغفار.
5- هذا بيان لأفضل الأفراد وإلا فالاستغفار لا ينحصر بهذه الصيغة.
6- أي سجل عليه سيئة واحدة.
7- التوبة النصوح : - كما في النهاية - هي الخالصة الّتي لا يعاود بعدها الذنب، وإنما سميت التوبة نصوحاً - وهي على وزن فعول من أبنية المبالغة - لأن الإنسان من خلالها قد بالغ في نصح نفسه بها.

يعمل عليك من الذُّنوب(1)، فيلقى اللّه حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذُّنوب.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ) (2) قال : الموعظة التوبة (3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) (4) قال : يتوب العبد من الذُّنب ثمّ لا يعود فيه (5).

قال محمّد بن الفضيل : سألت عنها أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يتوب من الذَّنب ثمّ لا يعود فيه، وأحب العباد إلى اللّه تعالى المفتنون التوابون.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) قال : هو الذَّنب الّذي لا يعود فيه أبداً، قلت: وأينا لم يعد؟ فقال: يا أبا محمّد إنَّ اللّه يحبُّ من عباده المفتن التواب (6).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا رفعه قال : إن اللّه عزّ وجلّ أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات والأرض لنجوا بها قوله عزّ وجلّ: (إنَّ اللّه يحبُّ التوابين ويحبُّ المتطهرين) (7). فمن أحبه اللّه لم يعذبه؛ وقوله (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ

ص: 408


1- «المراد بكتمان الجوارح وبقاع الأرض ذنوبه إما نسيانهما كما في الملكين أو عدم الشهادة بها والأوّل أظهر» المازندراني 10 / 150.
2- البقرة/ 275.
3- أي أن التوبة تكون من الآثار المترتبة على الموعظة الّتي تؤثر في نفس الإنسان وتصلحها.
4- التحريم / 8.
5- هذا هو تفسير التوبة النصوح وقد ألمحنا إليه سابقاً.
6- مر منا توضيح (المفتّن التوّاب) في باب تنقل أحوال القلب عند تعليقنا على الحديث رقم (1) فراجع.
7- البقرة/ 222.

إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (1). وقوله عزّ وجلّ : (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) (2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يا محمّد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة، أما واللّه إنّها ليست إلّا لأهل الإيمان. قلت: فإن عاد (3) بعد التوبة والاستغفار من الذُّنوب وعاد في التوبة؟! فقال: يا محمّد بن مسلم، أترى (4) العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب ثمّ لا يقبل اللّه توبته؟ قلت : فإنّه فعل ذلك مراراً، يذنب ثمّ يتوب ويستغفر [اللّه]، فقال : كلّما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد اللّه عليه بالمغفرة وإن اللّه غفور رحيم يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة اللّه (5).

7 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : (إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (6) قال : هو العبد يهمُ بالذَّنب ثمّ يتذكّر فيمسك فذلك قوله: (تذكروا فإذا هم مبصرون)

ص: 409


1- المؤمن / 7 - 9.
2- الفرقان / 68 - 70. ونفهم من مجموع الآيات الثلاث أن كلّ آية استبطنت خصلة من الخصال الّتي منحها اللّه بلطفه للتائبين: الأولى : محبته سبحانه لهم الثانية: استغفار الملائكة ودعاؤهم لهم ولمن صلح من ذرياتهم بدخول الجنّة ووقايتهم لعقوبات السيئات الّتي كانوا قد ارتكبوا الثالثة : وعده سبحانه لهم بالأمن من أهوال يوم القيامة وكرباته فلا يفزعون حين يفزع النّاس.
3- أي رجع إلى مقارفة المعصية بعد توبته واستغفاره منها أولاً.
4- الاستفهام إنكاري.
5- «لما استبعد السائل قبول التوبة بعد نقضها مراراً حذره (عَلَيهِ السَّلَامُ) من تقنيط المؤمن من الرحمة الواسعة والقول بأنك فعلت ما لا يغفر اللّه لك بعده (فهذا التقنيط) حرام وحكم على اللّه سبحانه وحجر عليه وجهل بأحكام الربوبية وإدلال بأن له عند اللّه تعالى منزلة لا لذلك المذنب، ولذا قال العلماء : ينبغي أن يكون واعظ النّاس متوسطاً بين الترغيب والترهيب، ولو زاد الترهيب لا على حد يوجب القنوط جاز باعتبار أن أكثر النفوس إلى الفساد أميل فزجرها بزيادة الترهيب أفضل» المازندراني 153/10 بتصرف بسيط.
6- الأعراف/ 201. و (مسَّهم طائف) أي ألمّ بهم لمّة من الشيطان، وطائف : اسم فاعل من طاف يطيف، كأنها طافت بهم ودارت حولهم فلم يقدر أن يؤثر فيهم.

8 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللّه تعالى أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضلَّ راحلته وزاده (1) في ليلة ظلماء فوجدها، فاللّه أشد فرحاً بتوبة عبده من ذلك الرجل (2) براحلته حين وجدها.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن عبد اللّه بن عثمان، عن أبي جميلة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ اللّه يحب العبد المفتن التواب ومن لم يكن ذلك منه كان أفضل (3).

10 - عنه عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان عن محمّد بن سنان، عن يوسف [بن] أبي يعقوب بياع الأرز، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : التائب من الذنب كمن لا ذنب له (4) والمقيم على الذَّنب (5) وهو مستغفر منه كالمستهزىء (6).

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ اللّه عزّ وجلّ أوحى إلى داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن انت عبدي دانيال (7) فقل له : إنّك عصيتني فغفرت لك، وعصيتني فغفرت لك، وعصيتني فغفرت لك، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك، فأتاه داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا دانيال إنني رسول اللّه إليك وهو يقول لك : إنك عصيتني فغفرت لك، وعصيتني فغفرت لك، وعصيتني فغفرت لك، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك، فقال له دانيال : قد أبلغت يا نبي اللّه، فلمّا كان في السَّحر قام دانيال فناجى ربّه فقال : يا ربّ إنَّ داود نبيك أخبرني عنك أنني قد عصيتك فغفرت لي، وعصيتك فغفرت لي، وعصيتك فغفرت لي، وأخبرني عنك أنني إن عصيتك الرابعة لم تغفر

ص: 410


1- أي ما يتزود به من طعام وشراب وفي بعض النسخ (ومزاده).
2- أي من فرح ذلك الرجل، والفرح هنا كناية عن الرضا والقبول منه سبحانه لعبده المنيب التائب إليه ممّا اجترح.
3- يدل الحديث على أن ترك الذنب رأساً خير من التوبة منه، كما أن التارك أفضل من التائب.
4- التشبيه هنا بلحاظ عدم العقوبة لا بلحاظ الدرجة عند اللّه.
5- أي المصرّ عليه سواء كان من نوع واحد أو أنواع متعددة.
6- «أي بنفسه أو بشرايع الدين أو برب العالمين أي شبيه به لأنه يظهر الندم وليس بنادم حقيقة... ويظهر الخوف وليس كذلك، ولو كان مستهزئاً حقيقة لكان كافراً باللّه العظيم» مرآة المجلسي 305/11.
7- ليس معلوماً أن المقصود بدانيال في هذا الحديث هو دانيال النبي، بل من المحتمل أنّه أحد عباد أو علماء عصر داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) لذلك لا داعي لتأويل المعصية بأنها فعل خلاف الأولى لتستقيم مع القول بعصمة الأنبياء عندنا كما فعله المجلسي (رَحمهُ اللّه) في مرآته 395/11 والّذي يؤيد ما قلناه ما ورد في ذيل الحديث نفسه على لسان دانيال هذا «فوعزتك لئن لم تعصمني لأعصينك».

لي، فوعزَّتك لئن لم تعصمني لأعصينك، ثمّ لأعصينك ثمّ لأعصينّك.

12 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن موسى بن القاسم، عن جدّه الحسن بن راشد عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا تاب العبد توبة نصوحاً أحبه اللّه فستر عليه فقلت : وكيف يستر عليه ؟ قال : يُنسي ملكيه ما كان يكتبان عليه، ويوحي [اللّه] إلى جوارحه وإلى بقاع الأرض أن اكتمي عليه ذنوبه، فليقى اللّه عزّ وجلّ حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب (1).

13 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب كما يفرح أحدكم بضالته إذا وجدها(2).

باب الاستغفار من الذنب

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران، عن زرارة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ العبد إذا أذنب ذنباً أجّل من غدوة إلى الليل (3) فإن استغفر (4) اللّه لم يكتب عليه.

2 - عنه، عن أبيه عن ابن أبي عمير ؛ وأبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من عمل سيئة أجّل فيها سبع ساعات(5) من النهار فإن قال : أستغفر اللّه الّذي لا إله إلّا هو الحي القيوم. - ثلاث مرّات - لم تكتب عليه.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وأبو علي الأشعري، ومحمّد بن يحيى، جميعاً، عن الحسين بن إسحاق، عن عليّ بن مهزيار عن فضالة بن أيّوب، عن عبد الصمد بن بشير، عن

ص: 411


1- قد مر متن هذا الحديث باختلاف بسيط تحت رقم (1) من هذا الباب وعلقنا عليه فراجع.
2- قد مر كسابقه تحت رقم (8) من هذا الباب.
3- «هذا إذا أذنب غدوة واجل هذا المقدار من الزمان إن أذنب في غيرها» المازندراني 156/10. والظاهر أنّه لا فرق في الذنب بين أن يكون من الكبائر أو الصغائر إذا لم يتعلق بحقوق النّاس.
4- الاستغفار: طلب المغفرة والستر لئلا يطلع على ذنبه أحد من الخلق.
5- هذا التحديد بسبع ساعات لا يتنافى مع ما ورد في الحديث السابق من تأجيله من الغدوة إلى الليل، لأن التأجيل من حيث الزمان يختلف باختلاف الذنوب وتوعية المذنبين.

أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : العبد المؤمن إذا أذنب ذنباً أجله اللّه سبع ساعات، فإن استغفر اللّه لم يكتب عليه شيءٌ، وإن مضت الساعات ولم يستغفر كُتبَتْ عليه سيئة، وإِنَّ المؤمن لَيَذْكُرُ ذنبه بعد عشرين سنة حتّى (1) يستغفر ربه فيغفر له، وإنّ الكافر لينساه من ساعته.

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يتوب إلى اللّه عزّ وجلّ في كلّ يوم سبعين مرَّة (2)، فقلت : أكان يقول : أستغفر اللّه وأتوب إليه ؟ قال : لا ولكن كان يقول : أتوب إلى اللّه (3) قلت إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يتوب ولا يعود ونحن نتوب ونعود فقال : اللّه المستعان.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من عمل سيئة أجل فيها سبع ساعات من النّهار، فإن قال : أستغفر اللّه الّذي لا إله إلّا هو الحي القيوم وأتوب إليه - ثلاث مرات - لم تكتب عليه.(4).

6 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال عن عليّ بن عقبة بياع الأكسية عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ المؤمن ليذنب الذَّنب فيذكر بعد عشرين سنة فيستغفر اللّه منه فيغفر له، وإنما يذكره ليغفر له، وإنَّ الكافر ليذنب الذنب فينساه من ساعته

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من مؤمن يقارف (5) في يومه وليلته أربعين كبيرة، فيقول وهو نادم : أستغفر اللّه الّذي لا إله إلّا هو الحي القيوم بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام وأسأله أن يصلّى على محمّد وآل محمّد وأن يتوب عليَّ. إلّا غفرها اللّه عزّ

ص: 412


1- هذا التعبير يشعر بأن تذكر المؤمن لذنبه بعد هذه المدة المتطاولة إنما هو لطف من اللّه به لكي يستغفر ربه منه. والّذي يؤيد هذا نسيان الكافر لذنبه من ساعته وما ذلك إلّا لسلب ذلك اللطف الإلهي منه. بل سوف يأتي ما يؤكد ذلك في الحديث رقم (6) من هذا الباب.
2- فيه ترغيب في التوبة، لأنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذا تاب مع علو رفعته وكمال عصمته بهذا العدد في كلّ يوم كان الأولى بحال غيره أن لا يترك التوبة في شيء من الأوقات» المازندراني 157/10.
3- أي مع الاستغفار أو بدونه، ولكن ليس بالصيغة الّتي طرحها السائل، وإنما بوجه آخر. وفعله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) للاستغفار والتوبة مع عصمته باعتبار أنهما من العبادات المندوب إليها والمحبوبة بذاتها للّه سبحانه ولذا ليس مأخوذاً فيهما الوقوع في المعصية.
4- ذلك مشروط بعدم إقامته على المعصية وإلا اعتبر مستهزئاً كما مر.
5- أي يواقع، وفي بعض النسخ (يقارب).

وجلَّ له، ولا خير فيمن يقارف في يوم أكثر من أربعين كبيرة (1).

8 - عنه، عن عدَّة من أصحابنا، رفعوه قالوا : قال لكلّ شيء داوء ودواء الذُّنوب : الاستغفار (2).

9 - أبو علي الأشعري ؛ ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن الحسين بن إسحاق؛ وعلي ابن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن عليّ بن مهزيار، عن النضر بن سويد، عن عبد اللّه بن سنان عن حفص (3) قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما من مؤمن يذنب ذنباً إلّا أجّله اللّه عزّ وجلّ سبع ساعات من النّهار، فإن هو تاب لم يكتب عليه شيء، وإن هو لم يفعل كتب [اللّه] عليه سيّئة. فأتاه عبّاد البصري فقال له : بلغنا أنّك قلت: ما من عبد يذنب ذنباً إلّا أجّله اللّه عزّ وجلّ سبع ساعات من النّهار؟ فقال : ليس هكذا قلت ولكني قلت: ما من مؤمن وكذلك كان قولى (4).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من قال: «أستغفر اللّه» مائة مرة في [كلّ] يوم غفر اللّه عزّ وجلّ له سبعمائة ذنب، ولا خير (5) في عبد يذنب في [كلّ] يوم سبعمائة ذنب.

باب فيما أعطى اللّه عزّ وجلّ آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقت التوبة

باب فيما أعطى اللّه عزّ وجلّ آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقت التوبة(6)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه أو عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: يا ربّ سلّطت عليَّ (7) الشيطان

ص: 413


1- «فيه دلالة على أن المغفرة بالقول المذكور لا تتعلق بالزائد عن الأربعين ولعل السر فيه أن من زاد عليه لعدم مبالاته بالدين خارج عن الإيمان مع احتمال أن يكون هذا الكلام في مقام الوعيد للمبالغة في الزجر» المازندراني 10 / 158.
2- عندما شبه الاستغفار بالدواء فقد شبه الذنوب بالأمراض المهلكة من باب تشبيه المعقول بالمحسوس.
3- الظاهر أن المراد به حفص الأعور لأن هذا أحد شخصين يروي بواسطتها عبد اللّه بن سنان عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والأخر هو عمر بن يزيد.
4- دل على أن التأجيل مختص بالمؤمن، لأن الكافر ميؤوس من تذكره المعصية.
5- إخبار بشدة عقوبته وسوء حاله وخاتمته إذ قد لا يوفق من له هذه الذنوب الكثيرة للاستغفار والتوبة لكمال غفلته ووغوله في المعاضي ومخالفته المازندراني 159/10.
6- المراد بوقت التوبة إما سعة زمانها فيما إذا كانت (ما) مصدرية، أو تكون (ما) وصلية فيكون ظرفاً، أي أن هذا هو الّذي منحه اللّه لآدم (أو ذريته) في وقت توبتهم.
7- أي على ذريتي.

وأجريته مني مجرى الدَّم (1) فاجعل لي شيئاً(2)، فقال : يا آدم جعلت لك أنَّ من هم من ذرّيّتك بسيئة لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت عليه سيئة ومن هم منهم بحسنة فإن لم يعملها كتبت له حسنة، فإن هو عملها كتبت له عشراً، قال : يا رب زدني، قال : جعلت لك أنَّ من عمل منهم سيِّئة ثمّ استغفر له غفرت له، قال : يا رب زدني، قال : جعلت لهم التوبة - أو قال(3) : بسطت لهم التوبة حتّى تبلغ النَّفْسُ هذه (4)، قال : يا ربّ حسبي (5).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من تاب قبل موته بسنة قبل اللّه توبته»، ثمّ قال: «إن السنة لكثيرة، من تاب قبل موته بشهر قبل اللّه توبته ثمّ قال إن الشهر لكثير من تاب قبل موته بجمعة قبل اللّه توبته»، ثمّ قال: «إنَّ الجمعة لكثير، من تاب قبل موته بيوم قبل اللّه توبته»، ثمّ قال: «إنَّ يوماً لكثير، من تاب قبل أن يعاين (6) قبل اللّه توبته».

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا بلغت النفس هذه - وأهوى بيده إلى حلقه - لم يكن للعالم توبة (7) وكانت للجاهل توبة» (8).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان عن معاوية بن وهب قال : خرجنا إلى مكة ومعنا شيخ متألّه متعبد لا يعرف هذا الأمر (9) يتم الصلاة

ص: 414


1- كناية عن تسلّطه عليهم وتمكنه منهم إلّا من أخلصه اللّه تعالى.
2- أي زودني من لطفك بما أحارب به الشيطان وأدفع به شر احابيله أو أستقوي به عليه، أو يمنعني من الياس والقنوط.
3- الترديد من الراوي.
4- النفس الروح والمقصود بهذه التراقي أو الحلقوم كما ورد في بعض الآيات.
5- «إنما قال آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) حسبي لعلمه بأن أكثر أولاده إلّا من أخذت يده الشقاوة الأبدية تدركهم الرحمة الواسعة وتدخلهم في باب التوبة...» المازندراني 161/10.
6- أي يعاين ملك الموت أو المعصومين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأحوال ما بعد الموت. وهذا الحديث لا ينافي وجوب الفورية في التوبة، لأن الموت قد يأتيه بغتة فلا يوفق إليها.
7- مر مضمون هذا الحديث إلى هنا بسنده تحت رقم (3) من باب لزوم الحجة على العالم وتشديد الحجة عليه من المجلد الأول.
8- وإنما كان الأمر كذلك «لأن العالم لما ترك مقتضى علمه إلى هذا الوقت لا عذر له فلا مساهلة معه بخلاف الجاهل...» المازندراني 162/10. وقيل : العالم هو العالم بموته والمراد بالجاهل الجاهل بموته.
9- أي أمر الإمامة، ولذلك يفعل فعل العامة فيتم صلاته في السفر.

في الطريق، ومعه ابن أخ له مسلم فمرض الشيخ فقلت لابن أخيه : لو عرضت هذا الأمر على عمك لعل اللّه أن يخلصه، فقال كلّهم : دعوا الشيخ حتّى يموت على حاله، فإنّه حَسَنُ الهيئة (1). فلم يصبر ابن أخيه حتّى قال له : يا عمّ إنَّ النّاس ارتدوا بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلّا نفراً يسيراً، وكان لعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الطاعة (2) ما كان لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وكان بعد رسول اللّه الحقُّ والطاعة له، قال : فتنفّس الشيخ وشهق وقال : أنا على هذا وخرجت نفسه. فدخلنا على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فعرض عليّ بن السري هذا الكلام على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : هو رجل من أهل الجنّة، قال له عليّ بن السري : إنه لم يعرف شيئاً من هذا غير ساعته تلك ! ؟ قال : فتريدون منه ماذا (3)؟، قد دخل واللّه الجنّة.

باب اللُّمَم

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : أرأيت قول اللّه عزّ وجلّ : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) (4) قال : هو الذَّنب يلم به الرَّجل فيمكث ما شاء اللّه ثمّ يلمُّ به بعد (5).

2 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن العلاء، عن صفوان، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) قال : الهنة بعد الهنة (6) أي الذَّنب بعد الذَّنب يلمُّ به العبد.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما من مؤمن إلّا وله ذنب يهجره زماناً ثمّ يلمُّ به، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ : (إلا

ص: 415


1- أي هو حسن السمت وهذا أمر مرغوب فيه شرعاً وعقلاً.
2- أي من لزوم طاعته على العباد بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
3- «يعني ماذا تريدون منه، أتريدون منه الأعمال والأعمال ساقطة عنه مكفّرة بالتوبة أم تريدون منه الإقرار والإيمان وقد أقر وآمن فدخل الجنّة: المازندراني 163/10.
4- النجم / 32 و (كبائر الإثم) هي ما عظم عقابه من المعاصي، وتوعد اللّه صاحبه عليه بالنار، وقيل هي ما ترتب عليه الحد. و (الفواحش) ما يزيد قبحه من الكبائر، وقد فسرت في حديث يأتي بالزنا والسرقة.
5- أي يرتكبه ثمّ يتركه مدة ثمّ يعود إليه.
6- «الهن والهَنة كناية عن كلّ شيء ذكره باسمه قبيح مثل الفرج ونحوه وهي هنا كناية عن الذنب كما وقع التفسير به...» المازندراني 164/10.

اللّمم.. وسألته عن قول اللّه عزّ وجلّ (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ). قال : الفواحش الزنا والسرقة واللّمم الرَّجل يلم بالذَّنب فيستغفر اللّه منه.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحارث بن مهرام، عن عمرو بن جميع قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من جاءنا يلتمس الفقه والقرآن وتفسيره فدعوه، ومن جاءنا يبدي عورة (1) قد سترها اللّه فنحوه، فقال له رجل من القوم : جعلت فداك واللّه إنني لمقيم على ذنب منذ دهر، أريد أن أتحوّل عنه إلى غيره فما أقدر عليه فقال له : إن كنت صادقاً فإنَّ اللّه يحبك وما يمنعه أن ينقلك منه إلى غيره إلّا لكي تخافه(2).

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن حماد بن عيسى [ عن حريز]، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من ذنب إلّا وقد طبع عليه عبد مؤمن يهجره الزَّمان ثمّ يلم به (3) وهو قول اللّه عزّ وجلّ: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ). اللمام : العبد الّذي يلم الذَّنب بعد الذَّنب ليس من سليقته، أي من طبيعته.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن المؤمن لا يكون سجيته (4) الكذب والبخل والفجور، وربما ألم من ذلك شيئاً لا يدوم عليه، قيل : فيزني؟ قال : نعم ولكن لا يولد له من تلك النطفة (5).

باب في أن الذنوب ثلاثة

باب في أن الذنوب ثلاثة (6)

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الرحمن بن حماد، عن بعض أصحابه رفعه

ص: 416


1- المقصود بإبداء عورة هنا إذاعة أمرهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) والرواية عليهم ولذا أمر أصحابه بألا يمكنوا من الدخول عليهم من لا يؤتمن على أحاديثهم بل يشيعها ويذيعها ممّا يشكل خطراً عليهم وعلى شيعتهم من قبل الظالمون.
2- أي يبتليك اللّه بهذا الذنب وأمثاله لئلا يأخذك العجب من نفسك بكثرة الطاعات فتخرج بك عن حد الخوف منه سبحانه، وهذا من لطف اللّه بعباده المؤمنين.
3- «لعل المراد أن المؤمن ممنوع من الدخول في الذنب زماناً على سبيل الكناية ثمّ يلم به لمصلحة...» المازندراني 10 / 165.
4- السجية : الطبيعة والخُلُق.
5- «لعل المراد أن المتولد من تلك النطفة لا يكون ولداً له ولا يلحق به شرعاً، لا أنّه لا يتولد منها ولد فإنه خلاف الواقع» المازندراني 165/10.
6- وجه الحصر : إن الذنب إما للتقصير في حق اللّه أو في حق النّاس والأول: إما أن يرفع عن العبد العقوبة الدنيوية بالتوبة، أو لا. فهذه ثلاثة وأما الذنب الّذي لا عقوبة عليه في الدنيا ولم يتب منه. فالظاهر أنّه داخل في القسم الثالث وحكمه حكمه» المازندراني 166/10.

قال : صعد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالكوفة المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال : أيّها النّاس إن الذنوب ثلاثة ثمّ أمسك، فقال له حَبَّةُ العرني (1): يا أمير المؤمنين قلت: الذُّنوب ثلاثة ثم امسَكْتَ فقال : ما ذكرتها إلّا وأنا أريد أن أفسّرها ولكن عرض لي بهر (2) حال بيني وبين الكلام، نعم الذُّنوب ثلاثة : فذنب مغفور، وذنب غير مغفور، وذنب نرجو لصاحبه ونخاف عليه، :قال يا أمير المؤمنين فبيّنها لنا؟

قال : نعم أمّا الذَّنب المغفور، فعبد عاقبه اللّه على ذنبه في الدنيا فاللّه أحلم وأكرم من أن يعاقب عبده مرَّتين ؛ وأمّا الذَّنب الّذي لا يغفر فمظالم العباد بعضهم لبعض، إنَّ اللّه تبارك وتعالى إذا برز لخلقه (3) أقسم قسماً على نفسه، فقال : وعزتي وجلالي لا يجوزني ظُلم ظالم، ولو كفُّ بكفّ (4)، ولو مَسْحَةٌ بكف، ولو نطحة ما بين القرناء إلى الجمّاء (5)، فيقتصُّ للعباد بعضهم من بعض حتّى لا تبقى لأحد على أحد مظلمة ثمّ يبعثهم للحساب ؛ وأمّا الذَّنب الثالث فذنب ستره اللّه على خلقه ورزقه التوبة منه، فأصبح خائفاً من ذنبه راجياً لربه، فنحن له كما هو لنفسه، نرجو له الرَّحمة ونخاف عليه العذاب.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن بكير، عن زرارة، عن حمران، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رجل أقيم عليه الحد في الرجم أيُعاقَبُ [عليه] في الآخرة؟ قال : إِنَّ اللّه أكرم من ذلك (6).

باب تعجيل عقوبة الذنب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ إذا كان

ص: 417


1- حبَّة بن جُوَين (جرير، جُوير العَرَني وكنيته أبو قدامة من أصحاب أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- البهر : كما في القاموس - انقطاع النفس من الإعياء.
3- أي ظهر أمره وحكمه، ونصب الموازين يوم القيامة ليقضي بين عباده.
4- أي ضربة كف بكفّ.
5- الجماء : ما لا قرن له من الدواب.
6- «وظاهره أن من أقيم عليه الحدّ يسقط عنه العقاب وإن لم يتب كما هو ظاهر الأصحاب...» مرآة المجلسي 333/11.

أمره (1) أن يكرم عبدا(2) وله ذنب ابتلاه بالسقم (3)، فإن لم يفعل ذلك له ابتلاه بالحاجة(4)، فإن لم يفعل به ذلك شدّد عليه الموت ليكافيه بذلك الذَّنب، قال : وإذا كان من أمره أن يهين عبداً وله عنده حسنة صحح بدنه، فإن لم يفعل به ذلك وسع عليه في رزقه، فإن هو لم يفعل ذلك به هون عليه الموت ليكافيه بتلك الحسنة.

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن الحكم بن عتيبة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن العبد (5) إذا كثرت ذنوبه ولم يكن عنده من العمل ما يكفّرها ابتلاه بالحزن (6) ليكفّرها.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : قال اللّه عزّ وجلّ : (وعزتي وجلالي لا أخرج عبداً من الدُّنيا وأنا أريد أن أرحمه حتّى أستوفي منه كلّ خطيئة عملها، إما بسقم في جسده، وإما بضيق في رزقه، وإما بخوف في دنياه، فإن بقيت عليه بقية شدَّدتُ عليه عند الموت؛ وعزتي وجلالي لا أخرج عبداً من الدُّنيا وأنا أريد أن أعذبه حتّى أوقيه كلّ حسنة عملها، إما بسعة في رزقه، وإما بصحة في جسمه، وإما بأمن في دنياه، فإن بقيت عليه بقية هونت عليه بها الموت).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن ابن محبوب، عن هشام ابن سالم، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ المؤمن ليهول (7) عليه في نومه فيغفر له ذنوبه، وإنه ليمتهن في بدنه (8) فيغفر له ذنوبه.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن السري بن خالد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا أراد اللّه عزّ وجلّ بعبد خيراً عجّل له عقوبته في الدنيا، وإذا أراد بعبد سوءاً أمسك عليه ذنوبه حتّى يوافي بها يوم القيامة.

ص: 418


1- أي شأنه وقضائه وتدبيره.
2- أي يكرمه في الآخرة بسبب إيمانه فيرفع عنه العذاب.
3- أي المرض.
4- أي ضيّق عليه في معيشته.
5- أي المؤمن.
6- أي بأحد الأسباب المفضية إلى الحزن سواء كانت ظاهرة أو خفية.
7- أي يخوّف ويفرّع، وإن كان ما يحصل منهما للإنسان في نومه خيالي مثالي.
8- أي يصاب بالضعف والوهن.

6 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : و (مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (1) : ليس من التواء عرق، ولا نكبة حجر (2) ولا عثرة قدم، ولا خدش عود إلّا بذنب (3) وَلَمَا يعفو اللّه أكثر (4)، فمن عجل اللّه عقوبة ذنبه في الدنيا، فإنَّ اللّه عزّ وجلّ أجل وأكرم وأعظم من أن يعود في عقوبته في الآخرة.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العباس بن موسى الوراق، عن عليّ الأحمسي، عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ما يزال الهمُّ والغمُّ بالمؤمن حتّى ما يدع له ذنباً».

8 - عنه، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن الحارث بن بهرام، عن عمرو بن جميع قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ العبد المؤمن ليهتمُّ (5) في الدُّنيا حتّى يخرج منها ولا ذنب عليه.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي الأحمسي عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يزال الهم والغم بالمؤمن حتّى ما يدع له من ذنب.

10 - محمّد بن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : قال اللّه عزّ وجلّ : (ما من عبد أريدُ أن أدخله الجنّة إلّا ابتليته في جسده، فإن كان ذلك كفارة لذنوبه وإلا شدَّدت عليه عند موته حتّى يأتيني ولا ذنب له، ثمّ أدخله الجنّة. وما من عبد أريد أن أدخله النّار إلّا صححت له جسمه، فإن كان ذلك تماماً لطلبته عندي (6)، وإلا آمنت خوفه من سلطانه، فإن كان ذلك تماماً لطلبته عندي، وإلا وسعت عليه في رزقه، فإن كان ذلك تماماً لطلبته عندي، وإلا هونت عليه موته، حتّى يأتيني ولا حسنة له عندي ثمّ أدخله النار).

ص: 419


1- الشورى / 30.
2- أي إصابة بحجر، أو إدماء بحجر.
3- يدل على أن هذه الأمور الّتي قد تصيب المؤمن في الدنيا إنما تكون عقوبة له على ذنب أذنبه وكفارة عنه.
4- أي أن اللّه سبحانه بتفضله وإحسانه يعفو عن أكثر الذنوب بدون ابتلاء العبد بمثل هذه العقوبات.
5- أي تتكاثر عليه الهموم والهم على ما قيل : هو ما يعتري الإنسان قبل حلول المصيبة أو المشكلة وأما الغم فهو ما يعتريه بعد حلولها.
6- أي فإن كان تصحيح جسمه يوازي ما يكون قد عمله من معروف فاكتفى به ويكون قد استوفى حظه منه في الدنيا.

11 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن أورمة، عن النضر بن سويد عن درست بن أبي منصور عن ابن مسكان عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مرّ نبي من انبياء بني إسرائيل برجل بعضه تحت حائط وبعضه خارج منه قد شَعَتَتْه الطير (1) ومزقته الكلاب، ثمّ مضى (2) فَرُفِعَت (3) له مدينة فدخلها، فإذا هو بعظيم من عظمائها ميت على سرير مسجاً بالديباج (4) حوله المجمر (5) فقال : يا ربِّ أشهد أنك حَكَم، عدل، لا تجور، هذا عبدك (6) لم يشرك بك طرفة عين أمته بتلك الميتة، وهذا عبدك لم يؤمن بك طرفة عين أمتة بهذه الميتة؟! فقال : عبدي أنا كما قلت حكم عدل لا أجور، ذلك عبدي كانت له عندي سيئة أو (7) ذنب أمته بتلك الميتة لكي يلقاني ولم يبق عليه شيء، وهذا عبدي كانت له [ عندي ] حسنة فأمته بهذه الميتة لكي يلقاني وليس له عندي حسنة.

12 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن أبي الصباح الكناني قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدخل عليه شيخ فقال : يا أبا عبد اللّه أشكو إليك ولدي وعقوقهم، وإخواني وجَفَاهم عند كبر سنّي، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا هذا إنَّ للحق دولة وللباطل دولة، وكلُّ واحد منهما في دولة صاحبه ذليل، وإنَّ أدنى ما يصيب المؤمن في دولة الباطل العقوق من ولده، والجفاء من إخوانه، وما من مؤمن يصيبه شيء من الرفاهية في دولة الباطل إلّا ابتلي قبل موته إما في بدنه وإما في ولده وإما في ماله، حتّى يخلصه اللّه ممّا اكتسب في دولة الباطل، ويوفّر له حظه في دولة الحق. فاصبر وأبشر (8).

ص: 420


1- أي فرقته أجزاء بمخالبها ومناقيرها.
2- أي النبي.
3- أي عرضت وانكشفت.
4- مسجى : أي مغطى والديباج - كما في المصباح - ثوب سداه ولحمته إبريسم.
5- وعاء يوضع فيه الجمر، وربما كان يُشعل فيه البخور.
6- المقصود هو جثة الرجل الّتي مزقتها الكلاب وفرقت لحمها الطيور.
7- «الترديد من الراوي، وفيه دلالة على أن رفع السيئات والحسنات لا يختص بالابتلاء والإكرام في حال الحياة بل يكون بالإعزاز وعدمه بعد الموت أيضاً» المازندراني 171/10.
8- «الحق والباطل مثل كفتي ميزان رفع أحدهما موجب لوضع الآخر وبالعكس فإذا كانت الدولة دولة الباطل كان الباطل رفيعاً وأهله عزيزاً، وكان الحق وضيعاً وأهله ذليلاً، وإذا كانت الدولة دولة الحق كان الأمر بالعكس. ثمّ إنه يصيب المؤمن في دولة الباطل مصائب كثيرة أدناها ما ذكر كلّ ذلك لظهور الباطل وخفاء الحق، وإن أصاب المؤمن في دولة الباطل رفاهية في العيش وسعة في الرزق فإنما هو غالباً لمماشاته مع أهل الباطل ومجاراته معهم، ولو فرض عدم ذلك فلا شبهة في وقوع التشابه بينه وبينهم ومن تشبه بقوم كان منهم فلذلك كانت له سيئة يتخلص منها بالابتلاء قبل الموت. ولما كان السائل في دولة الباطل وانتفت عنه الرفاهية أمره (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالصبر على المصائب اللازمة في دولة الباطل وبشره بما أعد اللّه للصابرين». المازندراني 173/10.

باب في تفسير الذنوب

1 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن أحمد بن محمّد، عن العباس بن العلاء عن مجاهد، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الذُّنوب الّتي تغير النعم البغي (1) والذَّنوب الّتي تورث الندم (2) القتل، والّتي تنزل النقم الظلم، والّتي تهتك الستر شرب الخمر، والّتي تحبس الرزق الزنا، والّتي تعجّل الفناء قطيعة الرحم، والّتي تردُّ الدُّعاء وتظلم الهواء (3) عقوق الوالدين.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كان أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : نعوذ باللّه من الذُّنوب الّتي تعجّل الفناء، وتقرب الآجال وتخلّي الدّيار، وهي قطيعة الرحم والعقوق وترك البرّ (4).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أيّوب بن نوح - أو (5) بعض أصحابه عن أيّوب عن صفوان بن يحيى قال : حدّثني بعض أصحابنا قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا فشا أربعة ظهرت أربعة : إذا فشا الزّنا ظهرت الزلزلة، وإذا فشا الجور في الحكم احتبس القطر، وإذا خُفِرَت (6) الذمة أديل لأهل الشرك من أهل الإسلام (7) وإذا مُنِعَت الزَّكاة ظَهَرَت الحاجة (8).

باب نادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد

ص: 421


1- «أي البغي على الإمام العارف العادل أو على النّاس أو السعي بالفساد بينهم أو فجور المرأة وكل ذلك يوجب فساد النظام وزوال الرفاهية وتغيّر النعم وذهاب الراحة» ن. م.
2- أي في الدنيا والآخرة.
3- إما كناية عن تشتت الفكر وتوزع القلب ممّا يؤدي إلى عمى البصيرة عنده، أو أنّه يحمل على معناه الحقيقي فتكون رياح مخيفة يسود معها ما بين السماء والأرض وهو من الآيات.
4- بنحو اللف والنشر المرتب، أي أن قطيعة الرحم تعجّل الفناء والعقوق تقرب الآجال وهو كناية عن تقصير الأعمّار، وترك البر يخلي الديار من أهلها.
5- الترديد من الراوي.
6- الإخفار الغدر ونقض العهد.
7- أي حصلت الغلبة لأهل الشرك على المسلمين.
8- «أي حاجة الفقراء، أو حاجة الأغنياء أيضاً لأن الزكاة سبب لبقاء المال ونموه فإذا منعوها تلفت أموالهم»، المازندراني 174/10.

العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّ العبد من عبيدي المؤمنين، ليذنب الذَّنب العظيم ممّا يستوجب به عقوبتي في الدنيا والآخرة فأنظر له فيما فيه صلاحه في آخرته فأعجل له العقوبة (1) عليه في الدُّنيا لأجازيه بذلك الذَّنب، وأقدر عقوبة ذلك الذنب وأقضيه وأتركه عليه موقوفاً غير ممضى ولي في إمضائه المشيئة، وما يعلم عبدي به، فأتردد في ذلك مراراً على إمضائه، ثمّ أمسك عنه فلا أمضيه كراهةً لمساءته وحيداً عن إدخال المكروه عليه، فأتطول عليه بالعفو عنه والصفح، محبة لمكافآته لكثير نوافله الّتي يتقرب بها إليَّ في ليله ونهاره، فأصرف ذلك البلاء عنه وقد قدَّرته وقضيته، وتركته موقوفاً، ولي في إمضائه المشيئة، ثمّ أكتب له عظيم أجر نزول ذلك البلاء وأدخره وأوفّر له أجره ولم يشعر به ولم يصل إليه أذاه (2) وأنا اللّه الكريم الرؤوف الرَّحيم).

باب نادر أيضاً

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال عن ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (3) فقال هو(4) : (ويعفو عن كثير) (5) قال : قلت : ليس هذا أردتُ (6) أرأيت ما أصاب عليّاً وإشباهه من أهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) من ذلك (7)؟ فقال : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يتوب إلى اللّه في كلّ يوم سبعين مرة من غير ذنب (8).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن

ص: 422


1- «إشارة إلى إرادة تعجيل العقوبة الدنيوية وتقديرها وقضائها ليكون جزاءً لذلك الذنب وكفارة له، ثمّ أنّه بعد القضاء جعله موقوفاً على الإمضاء إذ لا يوجد شيء في الخارج بدون الإمضاء، ثمّ أمسك عن الإمضاء وعفى عن ذلك الذنب رحمة وتفضلاً ونظراً لبعض نوافله لئلا يرد عليه المساءة والمكروه».
2- «إشارة إلى تفضّل آخر فوق المذكور وهو أنّه أثابه لأجل ذلك البلاء المقدّر المقضي مع عدم نزوله ثواباً عظيماً، فالمراد بنزول البلاء نزوله على سبيل الفرض» المازندراني 175/10.
3- الشورى / 30.
4- أي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- الشورى / 30.
6- أي ليس تتمة الآية هو ما أردت بسؤالي.
7- أي ممّا كسبت أيديهم من ذنوب، مع أننا نعتقد بأنهم معصومون عنها.
8- «هذا الجواب يحمل وجهين: أحدهما: أن المصيبة قد تكون من غير ذنب والغرض منها زيادة الثواب ورفع الدرجات، حينئذ حكم الآية جار في غيرهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) والخطاب غير شامل لهم. وثانيهما: أن المكتسب أعم من الذنب وغيره كما أن التوبة أعم من ذنب وغيره فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين». المازندراني 176/10.

محبوب، عن عليّ بن رئاب قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) أرأيت ما أصاب عليّاً وأهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) من بعده هو بما كسبت أيديهم وهم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال: إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يتوب إلى اللّه ويستغفره في كلّ يوم وليلة مائة مرة (1) من غير ذنب، إن اللّه يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب.

3 - عليّ بن إبراهيم رفعه قال : لما حمل عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى يزيد بن معاوية فأوقف بين يديه قال یزید لعنه اللّه : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)، فقال عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ليست هذه الآية فينا إن فينا قول اللّه عزّ وجلّ: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (2).

باب أن اللّه يدفع بالعامل عن غير العامل

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عليّ بن معبد عن عبد اللّه بن القاسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن اللّه [ل] يدفع بمن يصلى من شيعتنا عمّن لا يصلّي من شيعتنا ولو أجمعوا على ترك الصلاة لهلكو (3)، وإنَّ اللّه ليدفع بمن يزكّي من شيعتنا عمّن لا يزكّي ولو أجمعوا على ترك الزكاة لهلكوا، وإنَّ اللّه ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمّن لا يحج ولو أجمعوا على ترك الحجّ لهلكوا، وهو قول اللّه عزّ وجلّ : (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (4) فواللّه ما نزلت إلّا فيكم ولا عنى بها غيركم (5).

باب أن ترك الخطيئة أيْسَرُ من [طلب] التوبة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن بعض،

ص: 423


1- لا منافاة بين تحديد الاستغفار بالمائة هنا وبالسبعين في الحديث السابق لإمكان صدورهما منه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
2- الحديد / 22، ومقصوده (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن مصيبتنا مقدرة علينا من اللّه سبحانه من غير ذنب ليزيد في ثوابنا ويرفع درجاتنا عنده.
3- أي في الدنيا بالاستئصال.
4- البقرة/ 251.
5- دل على أن هذا اللطف الإلهي مخصوص بموالي الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشيعتهم. وقيل : بأن كون الشيعة هم المقصودون أولاً وبالذات بتنزيلها فيهم لا ينافي شمول تأويلها للغير، فراجع المازندراني 178/10.

أصحابه عن أبي العباس البقباق [قال : ] قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): تركُ الخطيئة أيسر من طلب التوبة (1)، وكم من شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً، والموت فضح الدُّنيا، فلم يترك لذي لبّ فرحاً (2).

باب الاستدراج

باب الاستدراج (3)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن جندب، عن سفيان بن السمط قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ اللّه إذا أراد بعبد خيراً فأذنب ذنباً أتبعه بنقمة ويذكره الاستغفار، وإذا أراد بعبد شرًا فأذنب ذنباً أتبعه بنعمة(4) لينسيه الاستغفار، ويتمادى بها، وهو قول اللّه عزّ وجلّ : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ) (5) بالنعم عند المعاصي.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن أبن محبوب، عن ابن رئاب، عن بعض أصحابه قال : سئل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الاستدراج، فقال : هو العبد يذنب الذَّب فيملي له (6) ويجدّد له عندها النعم فتلهيه عن الاستغفار من الذنوب، فهو مستدرج من حيث لا يعلم.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان عن عمّار بن مروان، عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ:

ص: 424


1- «إشارة إلى أن شرائط قبول التوبة كثيرة،... وأيضاً بعد إدراك لذة الذنب والتدنس به ربما لم تطاوع نفسه في التوبة لا سيما إذا بلغ حد الطبع والرّين» مرآة المجلسي 351/11.
2- يعني أن الموت يكشف عن مساوىء الدنيا وذلك بمعاينة سوء عاقبة من اغتر بها وبشهواتها فنسي الآخرة في حين أن ذوي العقول السليمة يدركون عواقب المعاصي والاغترار بالشهوات وأنها تؤدي بصاحبها إلى نار أعدها جبارها لغضبه ولذا فهم دائمو الحزن والخوف من أن تدفعهم نفوسهم الأمارة إلى الانغماس فيما يوجب دخولهم فيها، ويتولاهم الهم من جراء مراقبة تلك النفوس ومحاسبتها باستمرار ولذا لا يجدون سبباً أو متسعاً من الوقت ليفرحوا بشيء منها.
3- الاستدراج - كما قيل - «هو أن يتابع اللّه على عبده النعم إبلاغاً للحجة والعبد مقيم على الإساءة مصر عليها فيزداد بتواتر النعم عليه غفلة ومعصية وذهاباً إلى الدرجة القصوى منها فيأخذه اللّه بغتة على شدة حين لا عذر له».
4- اللام للعاقبة.
5- الأعراف/ 182.
6- أي يمهله ويطيل له المدة والزمان قبل أن يأخذه آخذ عزيز مقتدر.

(سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ). قال : هو العبد يذنب الذَّنب فتجدَّد له النّعمة معه تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار من ذلك الذَّنب.

4 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان [بن داود] المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كم من مغرور بما قد أنعم اللّه عليه، وكم من مُسْتَدْرَج بستر اللّه عليه، وكم من مفتون بثناء النّاس عليه(1).

باب محاسبة العمل

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنما الدهر ثلاثة أيام (2) أنت فيما بينهنَّ : مضى أمس بما فيه فلا يرجع أبداً، فإن كنت عملت فيه خيراً لم تحزن لذهابه وفرحت بما استقبلته منه (3) وإن كنت قد فرطت فيه فحسرتك شديدة لذهابه وتفريطك فيه، وأنت في يومك الّذي أصبحت فيه من غد في غِرَّة (4) ولا تدري لعلّك لا تبلغه وإن بلغته لعلّ حضّك فيه في التفريط مثل حظك في الأمس الماضي عنك.

فيوم من الثلاثة قد مضى أنت فيه مفرّط، ويوم تنتظره لست أنت منه على يقين من ترك التفريط، وإنما هو (5) يومك الّذي أصبحت فيه، وقد ينبغي لك إن عقلت وفكرت فيما فرطت في الأمس الماضي، ممّا فاتك فيه من حسنات ألا تكون اكتسبتها ومن سيئات ألا تكون أقصرت عنها، وأنت مع هذا مع استقبال غد على غير ثقة من أن تبلغه وعلى غير يقين من اكتساب حسنة أو مرتدع عن سيئة محبطة، فأنت من يومك الّذي تستقبل على مثل يومك الّذي استدبرت فاعمل عمل رجل ليس يأمل من الأيّام إلّا يومه الّذي أصبح فيه وليلته، فاعمل أو

ص: 425


1- «أي كم غافل عن مآل حاله وعقوبات اللّه في الدنيا والآخرة بما أنعم اللّه عليه فظن أنّه لكرامته على اللّه أنعم عليه، وكم من رجل ستر اللّه عيوبه عن النّاس أو عن نفسه أيضاً استدراجاً فظن كماله وقربه عند اللّه، وكم رجل افتتن ووقع في مهاوي العُجب بثناء النّاس عليه فغفل عن عيوب نفسه وظن مدح النّاس حقا» مرآة المجلسي 354/11.
2- مقصوده (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالأيّام الأزمنة والأوقات، فأمس يراد به الماضي من عمر الإنسان، وباليوم : الحاضر من عمره، وبالغد : مستقبل غمره.
3- المراد بما يستقبله منه : الثواب الّذي يستقبله في قبره أو في الآخرة، بسبب عمله الصالح الّذي عمله فيه.
4- أي في غفلة والمعنى: «اغتررت بالغد وسوفت العمل إليه غافلاً عن أنك لا تعلم وصولك إليه وعدم تفريطك فيه» مرأة المجلسي 355/11.
5- أي الدهر، وقيل أي اليوم، وقيل: ما بيده من الأيّام وما يمكنه العمل فيه بقرينة المقام.

دَعْ، واللّه المعين على ذلك (1).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ليس منا (2) من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم، فإن عمل حسناً استزاد اللّه، وإن عمل سيّئاً استغفر اللّه منه وتاب إليه.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن النعمان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي النعمان العجلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يا أبا النعمان لا يغرنك الناسُ من نفسك (3)، فإنَّ الأمر يصل إليك دونهم، ولا تقطع نهارك بكذا وكذا (4) فإنَّ معك من يحفظ عليك عملك، وأحسن فإنّي لم أر شيئاً أحسن دَرَكاً (5) ولا أسرع طلباً من حسنة محدثة لذنب قديم (6).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي النعمان مثله.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: اصبروا على الدنيا فإنّما هي ساعة، فما مضى منها فلا تجد له ألماً ولا سروراً، وما لم يجىء فلا تدري ما هو؟ وإنّما هي (7) ساعتك الّتي أنت فيها، فاصبر فيها على طاعة اللّه واصبر فيها عن معصية اللّه.

5 - عنه، عن بعض أصحابنا، رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إحمل نفسك لنفسك فإن لم تفعل لم يحملك غيرك (8).

ص: 426


1- وحاصل المراد أنه: «ينبغي لك التفكر فيما فرطت في الماضي بترك الحسنات وفعل السيئات مع عدم الوثوق بإدراك المستقبل وعدم اليقين بفعل الحسنة وترك السيئة فيه على تقدير إدراك فإن هذا يوجب العمل في يومك الّذي أصبحت فيه تداركاً لما فات وتلافياً لما هو آت» المازندراني 181/10.
2- أي من شيعتنا، أو من محبينا. وفي الحديث حث على ضرورة مراقبة النفس يومياً، في كلّ ساعة منه، أو في آخره ليرى مدى استقامتها فيبني عليه ويطلب من اللّه التوفيق لتثبيته أو مدى اعوجاجها فيقومه ويطلب من اللّه إقداره على ذلك ويستغفره عما نجم عنه ويتوب إليه.
3- تحذير من أن تنخدع نفسه بمدحهم وثنائهم وتقريضهم إياه فيصيبها الغرور والعُجب فتغفل عن عيوبها. ونبهه إلى أن عيوب نفسه وسيئاتها فيما لو غفل عنها سوف تنعكس سلباً عليه هو لا عليهم وسوف يحاسب عليها هو لا هم.
4- كناية عن القيل والقال واللغو بالباطل.
5- أي لحاقاً.
6- أي تتبع الحسنة السيئة حديثة كانت أو قديمة فتمحوها لأن الحسنات يذهبن السيئات.
7- أي الدنيا.
8- أي ابتعد عن المواطن الّتي تجرك إلى الحزن والشقاء في الدنيا والآخرة لتكون في المواطن الّتي توصلك إلى العزة والسعادة بسبب صلاحك وطاعتك ولا تعتمد على الغير وتسوّف عمرك في التأميل بذلك إذ ما حك جلدك مثل ظفرك. وخاصة يوم القيامة يوم لا تغني نفس عن نفس شيئاً.

6 - عنه (1)، رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لرجل : إنك قد جعلت طبيب نفسك، وبين لك الداء (2)، وعُرِّفتَ آية الصحة (3)، ودُلِلْتَ على الدَّواء (4)، فانظر كيف قيامك على نفسك (5).

7 - عنه رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لرجل : اجعل قلبك قريناً برا (6) أو ولداً واصلاً (7) واجعل عملك والداً تتبعه واجعل نفسك عدوا (8) تجاهدها واجعل مالك عارية تردُّها (9).

8 - [و] عنه، رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اقصر نفسك عما يضرها من قبل أن تفارقك، واسع في فكاكها (10) كما تسعى في طلب معيشتك (11)، فإن نفسك رهينة بعملك.

9 - عنه، عن بعض أصحابه، رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كم من طالب للدُّنيا لم يدركها، ومدرك لها قد فارقها، فلا يشغلنك طلبها عن عملك، والتمسها من معطيها ومالكها، فكم من حريص على الدُّنيا قد صرعته، واشتغل بما أدرك منها عن طلب آخرته حتّى فني عمره وأدركه أجله.

وقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : المسجون من سجنته دنياه عن آخرته (12).

ص: 427


1- أي أحمد بن محمّد الوارد في سند الحديث رقم (4).
2- المقصود داء النفس، وهو الأمارية بالسوء والعجب والغرور والغفلة وغيرها من أمراضها الخبيثة.
3- آية الصحة الدلائل والبينات والبراهين والحجج الّتي تبين حدود الإيمان والتصديق وصفات المؤمنين.
4- الدواء : أي دواء تلك الأمراض النفسية والخلقية من مراقبة النفس وحملها على مضادات تلك الأمراض والتحلي بالسجايا والخصال الّتي بينها النبي وأهل بيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
5- بمراقبتها وتشخيص علتها وعلاجها بما دُلِلتَ عليه من دواء لتلك العلة.
6- أي رفيقاً مصاحباً صالحاً. والمراد بالقلب العقل.
7- شبه العقل بالولد الواصل الغير العاق لأنه لا يرشده إلّا إلى خير ولا يأتي بما يؤذيه أو يسيء إليه.
8- «شبّه العمل الصالح بالوالد لأنه يوصل الخير العظيم والنفع الجسيم إليه كالوالد، وشبه النفس الأمارة بالعدو لأنها أعدى عدو للإنسان فلا بد من قتل متمنياتها القاتلة وشهواتها الباطلة لتطيع العقل فيما يأمرها به وينهاها عنه» المازندراني 184/10.
9- شبه المال بالعارية في مشقة ضبطها وعدم الانتفاع بها غالباً ولانتقال إلى غيره بعد الموت أي لا ينبغي أن يتعلق قلبك به كما لا يتعلق القلب بالعارية مرآة المجلسي 362/11.
10- أي من النار، أو العذاب.
11- أي ينبغي أن يكون سعيك في فكاك نفسك من العذاب الأخروي أزيد من سعيك في الدنيا بطلب معيشتك لمقام التفاوت بين الدنيا والآخرة، فإن لم تفعل فلا يكونن سعيك في فكاكها أقل من سعيك في معيشتك بل ليكن مثله.
12- أي حبسته في قمقم شهواتها وبهارجها فأعمت بصيرته عن رؤية الآخرة وتذكره لأهوالها فلم يعمل لها.

10 - وعنه رفعه عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : إذا أتت على الرجل أربعون سنة قيل له : خذ حذرك فإنك غير معذور (1)، وليس ابن الأربعين بأحقِّ بالحذر من ابن العشرين، فإنَّ الّذي يطلبهما واحد ولبس براقد، فاعمل لما أمامك من الهول ودع عنك فضول القول(2).

11 - عنه عن عليّ بن الحكم عن حسّان عن زيد الشحام قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : خذ لتفسك من نفسك، خذ منها في الصحة قبل السقم، وفي القوة قبل الضعف، وفي الحياة قبل الممات.

12 - عنه، عن عليّ بن الحكم عن هشام بن سالم، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ النهار إذا جاء قال : يا ابن آدم اعمل في يومك هذا خيراً أشهد لك به عند ربّك يوم القيامة، فإنّي لم أتك فيما مضى، ولا آتيك فيما بقي، وإذا جاء الليل قال مثل ذلك.

13 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن شعيب بن عبد اللّه عن بعض أصحابه : رفعه قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أمير المؤمنين أوصني بوجه من وجوه البر أنجو به، قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيّها السائل استمع ثمّ استفهم ثمّ استيقن ثمّ استعمل (3)، واعلم أنَّ النّاس ثلاثة (4) : زاهد وصابر وراغب فأما الزاهد فقد خرجت الأحزان والأفراح من قلبه، فلا يفرح بشيء من الدُّنيا ولا يأسى(5) على شيء منها فاته، فهو مستريح، وأما الصابر فإنّه يتمناها بقلبه فإذا نال منها ألجم نفسه عنها لسوء عاقبتها وشنآنها(6)، لو اطلعت على قلبه عجبت من عفّته وتواضعه وحزمه، وأمّا الرَّاغب فلا يبالي من أين جاءته الدنيا من حلّها أو [من] حرامها، ولا يبالي ما دنس فيها عرضه، وأهلك نفسه، وأذهب مروءته، فهم في غمرة (7) يضطربون.

ص: 428


1- لأن العذر المتصور لابن الأربعين إن كان ضعف العقل وقلة الإدراك فإنه - غالباً - ما يكون قد اكتمل ونضج إدراكه في هذه السن، وإن كان غلبة الشهوة فإنها غالباً ما تكون قد انكرت حدتها في هذه السن أيضاً.
2- «المراد بترك فضول القول عدم التكلم به وعدم استماعه لأن ذلك مفسد للسان والسمع والقلب ومانع عن إدراك الحق واستقراره في القلب» المازندراني 185/10.
3- أي ثمّ اعمل بما استيقنت به بعد أن فهمته من بعد استماعك له من أهله.
4- «وجه الحصر أن الإنسان إما أن يخرج حب الدنيا من قلبه أولا والثاني : إما أن يمنع نفسه عن تحصيلها أو لا، فالأول،زاهد والثاني صابر، والثالث راغب» المازندراني 186/10.
5- أي لا يحزن، وكأنه ناظر إلى قوله تعالى (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) الحديد/ 23.
6- الشنآن : البغض، والمقصود من (شنآتها) هنا قبح الدنيا في نظر عقله وإن مالت نفسه إليها.
7- أي في شدة سواء أريد بها الشدة الّتي تعرض لصاحب الدنيا في تحصيلها، أو في ضبطها، أو عند فراقها بالموت، أو عند الوقوف بين يدي اللّه ليحاسبه على حلالها ويعاقبه على،حرامها، ويعاتبه على شبهاتها.

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن حكيم عمّن حدَّثه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يصغر ما ينفع يوم القيامة ولا يصغر ما يضر يوم القيامة، فكونوا فيما أخبركم اللّه عزّ وجلّ كمن عاين (1).

15 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد القاساني، جميعاً، عن القاسم بن محمّد عن سليمان المنقري، عن حفص بن غياث قال سمعت أبا عبد اللّه يقول : إن قدرت أن لا تُعرف فافعل وما عليك ألا يثني عليك النّاس، وما عليك أن تكون مذموماً عند النّاس إذا كنت محموداً عند اللّه، ثمّ قال : قال أبي عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا خير في العيش إلّا لرجلين (2) رجل يزداد كلّ يوم خيراً، ورجل يتدارك منيته بالتوبة، وأنّى له بالتوبة، واللّه لو سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبل اللّه تبارك وتعالى منه إلّا بولايتنا أهل البيت، ألا ومن عرف حقنا، ورجا الثواب فينا، ورضي بقوته نصف مدّ في كلّ يوم، وما ستر عورته، وما أكن رأسه، وهم (3) واللّه في ذلك خائفون وجلون ودُّوا أنّه حظهم من الدُّنيا وكذلك وصفهم اللّه عزّ وجلّ فقال : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) (4) ثمّ قال : ما الّذي آتوا؟ آتوا واللّه مع الطاعة المحبة والولاية وهم في ذلك خائفون، ليس خوفهم خوف شكٍّ، ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا.

16 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم عن الحكم بن سالم قال : دخل قوم فوعظهم (5) ثمّ قال : ما منكم من أحد إلّا وقد عاين (6) الجنّة وما فيها وعاين النّار وما فيها إن كنتم تصدقون بالكتاب.

17 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن

ص: 429


1- أي كما أن من رأى شيئاً بعينه الباصرة يتيقن بوجوده كذلك يكون حاله مع ما أخبر به عزّ وجلّ، بل هذا أولى باليقين لاستحالة الخطأ في حقه تعالى مع إمكان اشتباه الحواس.
2- الرجل الأوّل هو المؤمن الكامل الإيمان الّذي يراقب نفسه فلا يتركها تنزلق فيما يغضب اللّه سبحانه، وإن هو هم بذنب ذكر اللّه واستعاذ به من نزغات الغرور فاستيصر. والرجل الثاني هو الغافل المسوّف الّذي يعصي ثمّ يعلل نفسه بالتوبة في آخر عمره، أو أنّه يعصي ولكنه يتوب توبة لاعب لا حتّى وصل به الأمر إلى مرحلة الاستخفاف. أو كان من المخالفين الظالمين أو أتباعهم فإن توبة هذا لا تقبل أيضاً، إذ أن قبولها مشروط بولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
3- المقصود بهم موالو أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) والخلّص من شيعتهم.
4- المؤمنون 60.
5- لم يتضح من كان ذلك الواعظ من المعصومين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي بعين بصيرته لا ببصره وذلك من خلال تصور نعيم هذه وعذاب تلك ممّا ورد من أوصافهما وحالات أهلهما في القرآن الكريم والسنة الشريفة، من باب تقريب المعقول بالمحسوس.

سماعة قال: سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا تستكثروا كثير الخير(1) ولا تستقلوا قليل الذُّنوب، فإنَّ قليل الذُّنوب يجتمع حتّى يصير كثيراً، وخافوا اللّه في السرّ حتّى تعطوا من أنفسكم النَّصفَ (2)، وسارعوا إلى طاعة اللّه، وأصدقُوا الحديث، وأدوا الأمانة، فإنما ذلك لكم، ولا تدخلوا فيما لا يحل لكم، فإنّما ذلك عليكم.

18 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد ابن مسلم عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : ما أحسن الحسنات بعد السيئات (3) وما أقبح السيئات بعد الحسنات (4).

19 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن ابن فضّال، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّكم في آجال مقبوضة(5)، وأيام معدودة، والموت يأتي بغتة، من يزرع خيراً يحصد غبطة(6)، ومن يزرع شراً يحصد ندامة ولكلّ زارع ما زرع، ولا يسبق البطيء منكم حظه، ولا يدرك حريص ما لم يقدَّر له (7)؛ من أعطي خيراً فاللّه أعطاه ومن وُقي شرا فاللّه وقاه.

20 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن بعض أصحابه، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان عن واصل عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : جاء رجلٌ إلى أبي ذرّ فقال : يا أبا ذرّ ما لنا نكره الموت؟ فقال: لأنّكم عمّرتم الدُّنيا وأخر بتم الآخرة فتكرهون أن تنقلوا من عمران إلى خراب. فقال له : فكيف ترى قدومنا على اللّه ؟ فقال : أمّا المحسن منكم فكالغائب يقدم على أهله (8)، وأما المسيء منكم فكالآبق يرد على مولاه (9)، قال فكيف ترى حالنا عند اللّه ؟ قال : اعرضوا أعمالكم على الكتاب إن اللّه يقول : (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي

ص: 430


1- لئلا تقعوا في العجب المحبط للعمل والكسل المانع عن الثواب.
2- أي الإنصاف والعدل في حكمهم لها أو عليها من دون حاجة إلى توسط حاكم.
3- لأن الحسنات يذهبن السيئات.
4- لأنها تأكلها وتذهب بها.
5- أي أعمّاركم معدودة بتمام أيامها تنتقص لحظة فلحظة وساعة فساعة.
6- أي مسرة وحبوراً.
7- أي لا يخافن أحد أن يفوته ما قدر له من رزق ولا يتهالكن أحد على الدنيا معتقداً أنّه يستطيع أن يحصل على ما لم يقدّره اللّه له فإن خطأ هذا كخطأ ذاك في تصوره.
8- أي وهو فرح مستبشر بلقاء من يحب وما يحب.
9- أي وهو خائف مضطرب ممّا سوف يلقاه من عقابه.

نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (1) قال : فقال الرجل : فأين رحمة اللّه؟ قال : رحمة اللّه قريب من المحسنين.

قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وكتب رجلٌ إلى أبي ذر رضي اللّه عنه - يا أبا ذر أطرفني (2) بشيء من العلم، فكتب إليه : إنّ العلم كثير ولكن إن قدرت أن لا تسيء إلى من تحبّه فافعل قال : فقال له الرجل : وهل رأيت أحداً يسيء إلى من يحبه؟ فقال له : نعم نفسك أحبُّ الأنفس إليك فإذا أنت عصيت اللّه فقد أسأت إليها.

21 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : اصبروا على طاعة اللّه وتصبروا (3) عن معصية اللّه، فإنّما الدُّنيا ساعة فما مضى فليس تجد له سروراً ولا حزناً، وما لم يأت فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة الّتي أنت فيها، فكأنك قد اغتبطت (4).

22 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسي، عن يونس، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال الخضر لموسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا موسى إن أصلح يوميك الّذي هو أمامك(5)، فانظر أي يوم هو وأعدَّ له الجواب، فإنك موقوف ومسؤول، وخذ موعظتك من الدهر فإنَّ الدَّهر طويل قصير (6)، فاعمل كأنك ترى ثواب عملك ليكون أطمع لك في الآخرة، فإنّما هو آت من الدنيا كما هو قد ولّى منها.

23 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قيل لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عظنا وأوجز، فقال : الدُّنيا حلالها حساب، وحرامها عقاب، وأنّى لكم بالرّوح ولمّا تأسوا بسنة نبيكم، تطلبون ما يطغيكم (7) ولا ترضون ما يكفيكم.

ص: 431


1- الانفطار 13 - 14.
2- الطرفة : - كما في المصباح - ما يُسْتَمْلح.
3- التصبّر : تكلّف الصبر، وفيه من المشقة ما فيه، باعتبار أن النفس أميل إلى المعصية الّتي فيها شهوتها من الطاعة لما فيها من كبحها عما ترتاح إليه، ومن هنا عبّر عن الطاعة بالصبر وعن المعصية بالتصبر.
4- أي سوف تنال بعد الموت نتيجة صبرك على الطاعة وتصبرك عن المعصية ما يسرك ويجعلك محبوراً بحيث يتمنى غيرك ما كان لك من الثواب والرضوان.
5- عبر عن الدنيا والآخرة باليومين للإنسان ولا إشكال أن ما هو أنفع للإنسان وأصلح هو آخرته، لأن يوم الدنيا يزول وينتهي دون يوم الآخرة.
6- أي «إن الدهر مع طوله نظراً إلى ذاته قصير نظراً إلى وجودك وهو الساعة الّتي أنت فيها أو نظراً إلى انقطاعه لأن كلّ منقطع قصير» المازندراني 292/10.
7- أي الغنى والثروة زيادة عما يكفي الإنسان ليعيش بكرامة مستغنياً عما في أيدي النّاس، قانعاً بما آتاه اللّه من فضله.

باب من يعيب النّاس

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن أسرع الخير ثواباً البر، وإن أسرع الشر عقوبة البغي ؛ وكفى بالمرء عيباً أن يبصر من النّاس ما يعمى عنه من نفسه، أو يعير النّاس بما لا يستطيع تركه، أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان عن أبي حمزة قال : سمعت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): كفى بالمرء عيباً أن يبصر من النّاس ما يعمى عليه من نفسه وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق عن عليّ بن مهزیار عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن مختار، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كفى بالمرء عيباً أن يتعرف من عيوب النّاس ما يعمى عليه من أمر نفسه أو يعيب على النّاس أمراً هو فيه، لا يستطيع التحوّل عنه إلى غيره أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي عبد الرحمن الأعرج وعمر بن أبان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر وعليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالا : إن أسرع الخير ثواباً البر، وأسرع الشرِّ عقوبة البغي ؛ وكفى بالمرء عيباً أن ينظر في عيوب غيره ما يعمى عليه من عیب نفسه أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه أو ينهى النّاس عما لا يستطيع تركه.

باب أنه لا يؤاخَذُ المسلم بما عمل في الجاهلية

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ ناساً أتوا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعدما أسلموا

ص: 432


1- من الواضح أن الكمال اللّه وحده، وكل إنسان لا بد وأن يكون فيه نقص في جانب من الجوانب، وفي هذا الحديث حثّ على أن يراقب الإنسان نفسه ويرى مواطن الخلل فيها فيعمل على إصلاحها، وأن يقلع عن البحث عما في غيره من عثرات لينتقده عليها أو يعيره بها متعاميا عن عثراته وعورات نفسه هو يقول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شعر منسوب إليه : إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى*** وحظك موفور وعرضك صين لانك لا تذكر به عورة امريء*** فكلّك عورات وللناس السُنُ وعينك إن أبدت إليك معايباً*** فصنها وقل يا عين للناس أعين
2- أي لا يهمه ولا يعود عليه بالفائدة.

فقالوا : يا رسول اللّه أيؤخذ الرجل منا بما كان عمل في الجاهلية بعد إسلامه؟ فقال لهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من حَسُنَ إسلامه وصحٌ يقين إيمانه (1) لم يأخذه اللّه تبارك وتعالى بما عمل في الجاهليّة ، ومن سَخُفَ (2) إسلامه ولم يصح يقين إيمانه أخذه اللّه تبارك وتعالى بالأوّل والآخر.

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن المنقري، عن فضيل بن عياض قال : «سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن الرَّجل يحسن في الإسلام أيؤاخذ بما عمل في الجاهلية؟ فقال: قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهليّة، ومن أساء في الإسلام (3) أخذ بالأوّل والآخر».

باب أن الكفر مع التوبة لا يبطل العمل

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب وغيره، عن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من كان مؤمناً فعمل خيراً في إيمانه ثمّ أصابته فتنةً فكفر (4) ثمّ تاب بعد كفره كتب له وحسب بكلّ شيء كان عمله في إيمانه، ولا يبطله الكفر إذا تاب بعد كفره (5).

باب المعافين من البلاء

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب [وغيره] عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه عزّ وجلّ ضنائن (6) يضنَّ بهم عن البلاء فيحييهم في عافية ويرزقهم في عافية ويميتهم في عافية ويبعثهم في عافية ويسكنهم

ص: 433


1- «المراد بالإسلام الحسن أن يكون مقروناً بالإقرار بجميع أصول الدين ليخرج المخالفون وإضرابهم» مرآة المجلسي 383/11.
2- السُّخف : رقة العقل. والمراد بسخف إسلام المرء أن يخالط إسلامه شيء من الشك أو النفاق.
3- أي ارتكب بعد إسلامه معاصي تشعر باستحلاله لها أو استخفافه بأمر الدين بحيث يحكم بخروجه منه.
4- لا إشكال في أن الفتنة إذا تمكنت من الإنسان أفسدت عقله وقلبه وصار في الغافلين ومن أهل الشقاوة، وخاصة تلك الّتي تكون من الشيطان.
5- «عموم هذا الخبر أو إطلاقه دل على أن توبة المرتد مقبولة وإن كان فطرياً وقد يخصص (أو يقيد) بالملي لروايات دلت على أن توبة الفطري غير مقبولة» المازندراني 196/10.
6- «الضّنائن الخصائص، واحدتها ضنينة فعيلة بمعنى مفعولة من الضّن وهو ما يختصه وتضنن به أي تبخل به لمكانه منك وموقعه عندك» الوافي ج 135/3.

الجنّة في عافية (1).

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : إنَّ اللّه عزّ وجلّ خلق خلقاً ضنَّ بهم عن البلاء خلقهم في عافية، وأحياهم في عافية وأماتهم في عافية، وأدخلهم الجنّة في عافية.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً عن جعفر بن محمّد، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ ضنائن من خلقه يغذوهم بنعمته، ويحبوهم بعافيته (2)، ويدخلهم الجنّة برحمته تمر بهم البلايا والفتن لا تضرهم شيئاً.

باب [ ما رفع عن الأمة]

1 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن أبي داود المسترقُ قال : حدّثني عمرو ابن مروان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «رفع عن أمتي أربع خصال خطاؤها ونسيانها وما أكرهوا عليه (3) وما لم يطيقوا (4)» وذلك قول اللّه عزّ وجلّ : (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) (5) وقوله: ﴿ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ) (6).

2 - الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهدي رفعه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «وضع عن أمتي تسع خصال: الخطاء والنسيان وما لا يعلمون (7)

ص: 434


1- «اعلم أن اللّه تعالى حكيم كلّ فعله منوط بالحكمة فإذا علم أن بعض عبادة لا يحتاج في إصلاحه إلى البلاء رزقهم العافية، وقد يعطى بعضهم البلاء لزيادة الأجر ورفع المنزلة، وإذا علم أن بعضهم يحتاج إلى البلاء ابتلاهم به» المازندراني 196/10.
2- أي يمنحهم العافية بلا من ولا جزاء.
3- من الواضح أن الرفع في هذه الثلاثة متعلق بإثمها إذ لا يُعقل رفع نفسها لوقوعها فعلاً من الأمة.
4- وأما الرفع هنا فمتعلق بنفس ما لا طاقة للأمة به إذ لا يكلف اللّه نفسا إلّا وسعها.
5- البقرة/ 286.
6- النحل /106 إلّا من أكره أي على قول كلمة الكفر.
7- لا بد من تخصيصه بما قام الدليل على عدم معذورية الجاهل فيه من المواضع.

وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه، وما استكرهوا عليه، والطَّيَرَة(1)، والوسوسة في التفكر في الخلق، والحسد ما لم يظهر بلسان أو يد (2)».

باب أن الإيمان لا يضر معه سيئة والكفر لا ينفع معه حسنة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لابي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل لأحد على ما عمل ثواب على اللّه موجب إلّا المؤمنين؟ قال : لا(3).

2 - عنه، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال موسى للخضر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد تحرَّمت بصحبتك (4) فأوصني، قال :[له]: ألزم ما لا يضرك معه شيء (5) كما لا ينفعك مع غيره شيء (6).

3 - عنه، عن يونس، عن ابن بكير، عن أبي أمية يوسف بن ثابت قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا يضرُّ مع الإيمان عمل ولا ينفع مع الكفر عمل، ألا ترى أنّه قال : (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ.. وماتوا وَهُمْ كَارِهُونَ) (7).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن أبي أمية يوسف بن ثابت بن أبي سعدة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : [ قال : ] قال : الإيمان لا يضر معه

ص: 435


1- الطَّيَرَة : التشاؤم من الشيء.
2- يفيد بأن إظهار ما يعرض للإنسان من الحسد وإبرازه في الخارج بمبرز هو فعل محرّم.
3- «دل على وجوب الثواب للمؤمنين على اللّه سبحانه لا لغيرهم وذلك لأن اللّه سبحانه وعد على العمل بشرائطه ثواباً فإذا تحقق العمل مع شرائطه الّتي من جملتها الإيمان لزم الثواب وثبت وهذا معنى الوجوب على اللّه خلافاً للأشاعرة فإنهم ذهبوا إلى أنّه لا يجب على اللّه شيء وقالوا يجوز أن يعاقب المطيع ويثيب العاصي وهذا القول يبطل الوعد والوعيد» المازندراني 199/10.
4- أي أصبحت لي بمصاحبتك وملازمتك حرمة فلا تخيبني فيما أسألك عنه وإلا تكون قد انتهكتها.
5- المراد به الإيمان أو مستلزماته من الطاعات والعمل الصالح.
6- المراد بغيره، أي غير الإيمان وهو الكفر والعياذ باللّه فإنه سبب لدخول النّار ولو فعل الأعمال الصالحة فإنها لا تنفعه في عتقه منها. ولذا ورد أن الكافر إذا أتى بعمل صالح أثابه اللّه عليه في الدنيا وليس له في الآخرة نصيب وقد مر ما يدل على ذلك.
7- إلى قوله تعالى وبرسوله، جزء لآية 54 من سورة التوبة وتتمتها (وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ ك- الى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) وقوله (وماتوا وَهُمْ كَارِهُونَ) جزء الآية / 125 من سورة التوبة أيضاً وأولها (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ) والحديث في الآيتين عن المنافقين.

عمل وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل.

5 - أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عمّن ذكره عن عبيد بن زرارة عن محمّد بن مارد قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : حديث روي لنا أنك قلت : إذا عرفت فاعمل ما شئت؟ فقال : قد قلت ذلك، قال : قلت : وإن زَنَوا أو سرقوا أو شربوا الخمر، فقال لي : : إنا للّه وإنا إليه راجعون (1) ؛ واللّه ما أنصفونا أن نكون أخذنا بالعمل ووضع عنهم (2)، إنما قلت : إذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الخير وكثيره فإنّه يقبل منك.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن الرَّيَّان بن الصلت، رفعه، عن أبي اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كثيراً ما يقول في خطبته : يا أيّها النّاس دينكم دينكم(3) فإِنَّ السيّئة فيه خير من الحسنة في غيره والسيّئة فيه تُغفر والحسنة في غيره لا تقبل(4).

هذا آخر كتاب الإيمان والكفر والطاعات والمعاصي من كتاب الكافي والحمد للّه وحده وصلى اللّه على محمّد وآله

ص: 436


1- إشارة إلى أن هذا الافتراء علينا بفهم هذا المعنى مصيبة عظيمة مرآة المجلسي 397/11.
2- والمعنى: «أن التكليف لم يوضع عنا فكيف وضع عنهم بسيينا. أو أنا نخاف العقاب ونتوب ونتضرع إلى اللّه تعالى وهم أملون بسبب ولايتنا إن هذا ليس بإنصاف».ن.م.
3- أي احفظوه أو التزموه.
4- فيه إشارة إلى أن السيئة من حيث هي سيئة ليست خيراً من الحسنة من حيث هي حسنة بل الخيرية وعدمها باعتبار المغفرة وعدم القبول المازندراني 201/10. و (في) الواردة في الحديث بمعنى (مع).

كتاب الدعاء

إشارة:

كتاب الدع---اء (1)

باب فضل الدعاء والحث عليه

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن اللّه عزّ وجلّ يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (2) قال : هو الدعاء (3)، وأفضل العبادة الدُّعاء ؛ قلت : إن (إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (4)؟ قال : الأواه هو الدعاء.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل وابن محبوب، جميعاً عن حنان بن سدير، عن أبيه قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أي العبادة أفضل؟ فقال : ما من شيء أفضل عند اللّه عزّ وجلّ من أن يسأل ويطلب ممّا عنده (5)، وما أحد أبغض إلى اللّه عزّ وجلّ ممّن يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده.

3 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان عن ميسر بن عبد العزيز، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال لي : يا ميسر أدْعُ ولا تَقُلْ : إن الأمر قد فُرغَ منه (6)، إِنَّ عند اللّه عزّ وجلّ منزلة لا تنال إلّا بمسألة (7)؛ ولو أن عبداً سدَّ فاه ولم يسأل لم يُعْطَ شيئاً، فَسَلْ

ص: 437


1- «الدُّعاء :... الرغبة إلى اللّه تعالى، ومنه : دعوت فلاناً ناديته وهو على أربعة أقسام، الأول: ما يتعلق بالتحميد والتسبيح والتهليل الثاني: ما يتعلق بطلب خير الدنيا ورفع مكارهها الثالث ما يتعلق بطلب الآخرة والتوفيق لخيراتها الرابع ما تعلق بالاثنين والثلاثة منها» المازندراني 201/10.
2- غافر / 60. و داخرین صاغرین.
3- أي أن العبادة المذكورة في الآية هي الدعاء، فإنه من أبواب العبادة. وتذكير الضمير بلحاظ أنّه يرجع إلى العبادة وهي مصدر أو باعتبار تذكير الخبر.
4- التوبة / 114. (الأواه) قيل : هو الدعاء كما في الخبر، وقيل : هو الرحيم بعباد اللّه. وقيل : هو الخاشع المتضرّع.
5- أي عند اللّه سبحانه. «وإنما أتى بمن التبعيضية لأن طلب جميع ما عنده اعتداء في الدعاء بل طلب للمحال» مرآة المجلسي 3/12.
6- أي أبرم فلن يتغير، أي وضِعَت الأفلام وطويت الصحف.
7- دل الحديث على أن لكل شيء علة وسبباً وشرطاً وأن الدعاء من جملة تلك الشروط والأسباب، بل قد يكون بذاته - إذا حصل وفق ما هو المطلوب فيه - علة تامة لمتعلقه.

تغط، يا ميسر إنه ليس من باب يقرع إلّا يوشك أن يفتح لصاحبه.

4 - حميد بن زياد عن الخشّاب، عن ابن بقاح عن معاذ، عن عمرو بن جميع، عن، أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من لم يسأل اللّه عزّ وجلّ من فضله [فقد] افتقر (1).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول: أدْعُ ولا تقل قد فُرغ من الأمر، فإنَّ الدُّعاء هو العبادة إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) وقال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (2).

6 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن أبي نجران، عن سيف التمار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : عليكم بالدُّعاء فإنّكم لا تقربون بمثله، ولا تتركوا صغيرة (3) لصغرها أن تدعوا بها، إنَّ صاحب الصغار هو صاحب الكبار.

7 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان، عن عبيد بن زرارة عن أبيه، عن رجل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الدعاء هو العبادة الّتي قال اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي الآية) ادع اللّه عزّ وجلّ ولا تقل : إنَّ الأمر قد فرغ منه.

قال زرارة : إنما يعني لا يمنعك إيمانك بالقضاء والقدر أن تبالغ بالدعاء وتجتهد فيه(4) - أو كما قال (5) -.

8 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أحب الأعمال إلى اللّه عزّ وجلّ في الأرض الدُّعاء، وأفضل العبادة العفاف (6)، قال : وكان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) رجلاً دعاءً (7).

ص: 438


1- لأن مفاتيح الرزق وخزائنه عند اللّه سبحانه والدعاء والمسألة أحد تلك المفاتيح إن لم يكن أعظمها.
2- غافر / 60. وأول الآبة (وقال ربكم...) وما تقدم في الحديث تتمة هذه الآية.
3- أي المهمة الصغيرة، الّتي قد لا يعتني النّاس بشأنها عادة لحقارتها. وفي ذلك إشارة إلى أن الإنسان غير قادر باستقلاله عن توفيق اللّه وعنايته على القيام بأي عمل حتّى ولو كان ضئيلاً.
4- يدل على أنّه مع تسلط سيف المحو والإثبات لا مجال للاعتماد على الإيمان بالقضاء والقدر، والدعاء سبب من أسباب المحو والإثبات.
5- هذا من كلام عبيد بن زرارة فقد تردد لشكه فيما قاله أبوه ممّا يؤدي هذا المعنى أو غيره.
6- العفاف : كف البطن والفرج عن الحرام. وقد يراد به مطلق العفة عن الحرام أو عن سؤال ما في أيدي النّاس.
7- أي كثير الدعاء.

باب أن الدعاء سلاح المؤمن

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيّوب، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «الدُّعاء سلاح المؤمن (1)، وعمود الدين (2)، ونور السماوات والأرض (3)».

2 - وبهذا الإسناد قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الدُّعاء مفاتيح النجاح ومقاليد الفلاح (4) وخير الدعاء ما صدر عن صدر نقي وقلب تقي ؛ وفي المناجاة سبب النجاة، وبالإخلاص يكون الخلاص، فإذا اشتدّ الفزع فإلى اللّه المفزع (5).

3 - وبإسناده قال : قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدر أرزاقكم»؟ قالوا بلى قال تدعون ربكم بالليل والنهار، فإن سلاح المؤمن الدّعاء.

4 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح (6)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الدعاء تُرْس (7) المؤمن، ومتى تكثر قرع الباب يفتح لك.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه كان يقول لأصحابه : عليكم بسلاح الأنبياء، فقيل : وما سلاح الأنبياء؟ قال: الدعاء.

ص: 439


1- لأن به يستعين المؤمن على دفع أو رفع مكاره الدهر وأهوال يوم القيامة.
2- قيل : هو عمدة العبادات.
3- «أي منورهما، إذ به يظهر آثار الخير فيهما، أو به اهتدى أهلهما، ووفقوا لمعرفته تعالى ومعرفة أوليائه أو المعنى : أن نظامهما ووجودهما وبقاءهما بالدعاء إذ هو من عمدة العبادات وهي سبب لإيجاد المخلوقات...» مرآة المجلسي 12 / 10.
4- النجاح ؛ الفوز بقضاء الحاجة والفلاح - كما في القاموس - الفوز والنجاة والبقاء في الخير والمقاليد: جمع مقلد وهو المفتاح، وقد تأتي المقاليد بمعنى الخزائن. وقد يكون متعلق النجاح الأمور الدينية، ومتعلق الفلاح الأمور الأخروية.
5- أي الاستعانة والاستغاثة.
6- الظاهر أنّه عبد اللّه بن ميمون بن الأسود القداح مولى بني مخزوم، لقب بالقداح لأنه كان يبري القداح وكان ثقة فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي 354/10.
7- التّرْس : صفحة من الفولاذ مستديرة تحمل في اليد للوقاية من السيف ونحوه جمع أتراس، وتراس وتروس وترسة.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن أبي سعيد البجلي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إِنَّ الدُّعاء أَنْفَذُ من السنان (1).

7، - عنه عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الدُّعاء أنفذ من السنان الحديد (2)

باب أن الدعاء يردّ البلاء والقضاء

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان قال : سمعته يقول : إِنَّ الدُّعاء يردُّ القضاء (3)، ينقضه (4) كما يُنْقَضُ السلك وقد أبرم إبراماً (5).

2 - عنه عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن عمر بن يزيد قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ الدُّعاء يردُّ ما قد قدّر (6) وما لم يقدر، قلت : وما قد قدر عرفته فما لم يقدر؟ قال : حتّى لا يكون(7).

3 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان، عن بسطام الزيات، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ الدّعاء يردُّ القضاء وقد نزل من السماء وقد أبرم إبراماً.

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى عن أبي همّام إسماعيل بن همام، عن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ الدّعاء والبلاء ليترافقان إلى يوم القيامة، إنَّ الدُّعاء ليرد البلاء وقد أبرم إبراماً.

ص: 440


1- «أشار إلى نفوذ الدعاء في الأعداء أشد من نفوذ السنان فيهم ولعل السر فيه أن الداعي الراجي من اللّه تعالى والملتجي إليه في دفع الأعداء يظهر ضعفه وعجزه ويسلب عن نفسه الحول والقوة ويتمسك بحول اللّه وقوته، والمتمسك بالسيف والسنان معتمد بحوله وقوته وسنانه ومن البيّن أن الأوّل أقوى من الثاني في دفعهم» المازندراني 206/10.
2- أي الحاد النافذ.
3- أي يكون الدعاء سبباً في عدم إنفاذ وإمضاء القضاء.
4- أي يهدمه ويحل ما جُدِل وأبرم منه.
5- أي إحكاماً واتقاناً.
6- أي أثبت في اللوح المحفوظ.
7- أي حتّى لا يُمضي ويصبح متعلقاً للإرادة والمشيئة إذ عندها لا يمكن ردّه. ومضمون ما بعده من الأحاديث واردة بهذا المعنى أيضاً. وقد تقدم ما يفيد في المقام في باب البداء من كتاب التوحيد من المجلد الأوّل فراجع.

5 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الدُّعاء يدفع البلاء النازل وما لم ينزل.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : ألا أدلك على شيء لم يستثن فيه (1) رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)؟ قلت: بلى، قال : الدُّعاء يردُّ القضاء وقد أبرم إبراماً - وضم أصابعه (2) -.

7 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد،، عن الوساء، اللّه الوشّاء، عن عبد بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الدُّعاء يردُّ القضاء بعدما أبرم إبراماً، فأكثر من الدعاء فإنه مفتاح كلّ رحمة، ونجاح كلّ حاجة، ولا ينال ما عند اللّه عزّ وجلّ إلّا بالدعاء، وإنه ليس باب يكثر قرعه إلّا يوشك أن يفتح لصاحبه.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن أبي ولاد قال : قال أبو الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليكم بالدّعاء فإنَّ الدّعاء للّه، والطلب إلى اللّه يرد البلاء، وقد قُدْرَ وقُضِيَ ولم يبق إلّا إمضاؤه (3)، فإذا دُعي اللّه عزّ وجلّ وسُئِلَ صَرْف البلاء صَرَفَه.

9 - الحسين بن محمّد رفعه عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ ليدفع بالدّعاء الأمر الّذي علمه إن يدعى له فيستجيب (4) ولولا ما وفق العبد من ذلك الدّعاء لأصابه منه (5) ما يجثّه (6) من جديد الأرض (7).

باب أن الدعاء شفاء من كلّ داء

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أسباط بن سالم، عن علاء بن

ص: 441


1- «أي لم يقل إنشاء اللّه... أو لم يستن فرداً منه» مرآة المجلسي 15/12.
2- الظاهر أن المراد بضم الأصابع إطباقها على راحة الكف، وذلك تمثيلاً للإبرام الّذي هو الإحكام الّذي من خصائصه في الأشياء المادية تلاحم أجزائها بعضها مع بعض.
3- فيه إشعار بأن الأمر المقضي إذا بلغ مرحلة الإرادة والمشيئة وامضي لا يرده شيء.
4- «لعل الغرض في توجيه ذلك الأمر وهو البلاء إلى العبد مع العلم بأنه يدفعه بالدعاء هو تحريك العبد إليه في جميع الأوقات فإنه يجوز في كلّ الأوقات أن يكون البلاء متوجهاً إليه ويبعثه ذلك إلى الدعاء دائماً...» المازندراني 209/10.
5- أي من البلاء الّذي كني عنه بلفظ (الأم).
6- أي يقتلعه وينتزعه وهو كناية عن الإهلاك.
7- جديد الأرض: وجهها.

كامل قال: قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عليك بالدُّعاء فإنّه شفاء من كلّ داء (1).

باب أن من دعا استجيب له

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ، عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال : الدُّعاء كهف الإجابة كما أن السحاب كهف المطر (2).

2 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال : ما أبرز عبد يده (3) إلى اللّه العزيز الجبار إلّا استحيا اللّه عزّ وجلّ أن يردها صفراً (4)، حتّى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء، فإذا دعا أحدكم فلا يردّ يده حتّى يمسح على وجهه ورأسه.

باب إلهام الدعاء

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هل تعرفون طول البلاء من قِصَرِه؟ قلنا : لا، قال: إذا أُلْهِمَ (5) أحد [كم] الدُّعاء عند البلاء فاعلموا أن البلاء قصير

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد قال : قال أبو الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيلهمه اللّه عزّ وجلّ الدُّعاء إلّا كان كشف ذلك البلاء وشيك (6)، وما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيمسك عن الدُّعاء إلّا كان

ص: 442


1- بإطلاقه، يشمل الأدواء الجسدية والروحية.
2- «أي كما أن السحاب مظنة المطر فالدعاء مظنة الإجابة. وكما أن الكهف وهو المغارة في الجبل يكن الأوي إليه من المخاوف والأخطار فالدعاء كهف المضطر وملجأ الملهوف. وقيل : شبه بالسحاب إشارة إلى أنّه محل المطر إلّا أنّه قد لا ينزل لعدم المصلحة وكذلك الدعاء قد لا يستجاب في الدنيا لعدم المصلحة ويعطى عوضه في الآخرة» مرآة المجلسي 18/12.
3- أي سائلا بها.
4- أي خالية.
5- إلهام الدعاء : إخطاره بباله وتوفيقه إليه.
6- أي سريعاً.

ذلك البلاء طويلاً، فإذا نزل البلاء فعليكم بالدعاء والتضرع إلى اللّه عزّ وجلّ.

باب التقدم في الدعاء

باب التقدم في الدعاء (1)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم عن هشام ابن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من تقدَّم في الدُّعاء استجيب له إذا نزل به البلاء ؛ وقالت الملائكة : صوت معروف ولم يحجب عن السماء. ومن لم يتقدَّم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء ؛ وقالت الملائكة : إن ذا الصوت لا نعرفه.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ابن سنان، عن عنبسة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من تخوف [من] بلاء يصيبه فتقدَّم فيه بالدُّعاء لم يُره اللّه عزّ وجلّ ذلك البلاء أبداً.

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن منصور بن يونس، عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ الدُّعاء في الرخاء يستخرج(2) الحوائج في البلاء.

4 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من سره أن يستجاب له في الشدَّة فليُكْثِر الدُّعاء في الرخاء.

5 - عنه، عن أبيه، أبيه، عن عبيد اللّه بن يحيى، عن رجل، عن عبد الحميد بن غوّاص الطائي عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كمان جدّي يقول : تقدموا في الدُّعاء، فإنَّ العبد إذا كان دعاءً فنزل به البلاء فَدَعَا، قيل : صوت معروف، وإذا لم يكن دعاءً فنزل به بلاء فَدَعَا، قيل : أين كنت قبل اليوم.

6 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء عمّن حدثه، عن أبي الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الدُّعاء بعدما ينزل البلاء لا ينتفع [به] (3).

ص: 443


1- الظاهر أن المراد بتقدم الدعاء هو اشتغال العبد به حتّى في وقت الرخاء بحيث يكون عادة لديه وليس فقط بعد نزول البلاء أو عند الشدّة، وهو بهذه الصورة إضافة إلى كونه عبادة مرغوبة في حد ذاتها فإن من فوائده الإسراع في استجابة دعائه عند نزول البلاء به أو عند شدته فيُرفع عنه كما يؤمي إليه مضمون الحديث الأول، بل وما بعده أيضاً.
2- أي يستخلصها ويستوفيها. وقيل يخرجها من القوة إلى (الفعل) مرآة المجلسي 22/12.
3- لا بد من حمله - بملاحظة بعض الروايات المتقدمة - على من لم يكن الدعاء عنده عادة يتوجه به إلى ربه حتّى في وقت الرخاء، أو المقصود بنزول البلاء وصوله مرحلة الإرادة والمشيئة والإبرام، وهو في هذه الحال لا يردّه شيء، كما سبق ونبهنا عليه.

باب اليقين في الدعاء

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليم الفراء، عمّن حدثه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا دعوت فظنَّ (1) أن حاجتك بالباب.

باب الإقبال على الدعاء

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمر و قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن اللّه عزّ وجلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه (2). فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثمّ استيقن بالإجابة.

2 - عدة - من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : لا يقبل اللّه عزّ وجلّ دعاء قلب لاه، وكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا دعا أحدكم للميت فلا يدعو له وقلبه لاه عنه (3)، ولكن ليجتهد له في الدعاء.

ص: 444


1- «حمل الكليني الظن على البقين لما سيأتي في الحديث الأوّل من الباب الآتي، ويمكن حمله على معناه الظاهر فإن اليقين بالإجابة مشكل، إلّا أن يقال : المراد اليقين بما وعد اللّه من إجابة الدعاء إذا كان مع شرائط وأعم من أن يعطيه أو عوضه في الآخرة» مرآة المجلسي 24/12.
2- لو تحرك لسان الداعي بقلب ساه «كان حريا بعد الاستجابة لوجوه. الأوّل : أن الدعاء من أفضل الأعمال وإنما الأعمال بالنيات ولا يتصور النية مع سهو القلب. الثاني: أن دعاءه حينئذ شبيه بالاستهزاء وهو يوجب البعد عن الرحمة فكيف يكون موجباً للإجابة؟ الثالث: أن اللسان ترجمان للقلب والترجمان إذا قال شيئاً لم يخطر ببال الأصل ظهر منه الخيانة واستحق هجه الطرد والمنع عن الحضور. الرابع : أن القلب إذا أعرض عنه جل شأنه واشتغل بغيره فقد اتخذ إلها غيره... فحقيق أن يكله إلى ذلك الغير. الخامس : أن العاشق إذا أعرض عن المعشوق مع كمال ألطاف المعشوق وإكرامه فالمعشوق أولى بأن يعرض عنه» المازندراني 211/10 - 212.
3- أي لاه عن الميت المدعو له، وكأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) نظر إلى ما عليه النّاس عند دعائهم للميت في حالة تعزية أهله بفقده أو عند ذكره في مجلس ما فإنهم إنما يفعلون ذلك بقصد أداء واجب اجتماعي اقتضته قواعد اللياقة والذوق غالباً فلا يتأتى منهم غالباً قصد الدعاء له حقيقة بل صورة.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن سيف بن عَمِيرَة، عن سليم الفراء عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا دعوت فأقبل بقلبك وظنَّ حاجتك بالباب (1).

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عَمِيرَة، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب قاس.

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما استسقى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وسُقِيَ النّاس حتّى قالوا : إنّه الغرق - وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بيده وردّها (2) : «اللّهمّ حوالينا ولا علينا» (3) قال : فتفرق السحاب - فقالوا : يا رسول : : اللّه استسقيت لنا فلم نسق ثمّ استسقيت لنا فسقينا؟ قال: «إنّي دعوت وليس لي في ذلك نية (4) ثمّ دعوت ولي في ذلك نيّة.

باب الإلحاح في الدعاء والتلبّث

باب الإلحاح في الدعاء والتلبّث (5)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عطية، عن عبد العزيز الطويل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ العبد إذا دعا لم يزل اللّه تبارك وتعالى في حاجته (6) ما لم يستعجل (7).

ص: 445


1- هذا المضمون هو ما ورد في الحديث الوتر الوارد ذكره في الباب السابق، ولعله يصلح مفسّراً له، وأن الظن بمعنى اليقين مع توفر شرط الدعاء الأساس وهو الإقبال عليه سبحانه والانقطاع إليه.
2- «هذا يحتمل وجوهاً : أحدها: أن مفعول القول : اللّهمّ الخ. وقوله بيده : حال، أي مشيراً بيده. وقوله : وردّها إيضاً حال، أي وقد ردّها عن السماء بعدما رفعها إليها للدعاء. الثاني : أن يكون القول بمعنى الفعل أي حرّك يده يده يميناً وشمالاً مشيراً إلى تفرّق السحاب وكشفها عن المدينة وقد ردّها سابقاً عن الدعاء...» الخ مرآة المجلسي 27/12.
3- أي أنزل المطر في أطراف المدينة حيث الزرع لا على بيوتها وأزقتها خوفاً من الغرق بالسيل.
4- أي لم يكن عنده كمال الاهتمام والقصد، وذلك لأنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قد لا يكون مقتنعا بوجود مصلحة مقتضية لطلب السقي منه سبحانه ثمّ حصلت عنده القناعة فيما بعد.
5- الإلحاح : المواظبة والإسمرار في الدعاء بحيث لا يتوانى عنه ولا يفتر. وقيل : هو العزم وحسن الظن به سبحانه في الإجابة والتلبث : التوقف والمكث في مواطن الدعاء بتطويل مدته وعدم الاستعجال في طلب الحاجة وإن أبطات عنه بحيث لا يكون ذلك مدعاة إلى يأسه وانصرافه عن الدعاء.
6- أي في تقديره وتيسيره وتسبيب أسبابه» مرآة المجلسي 28/12.
7- أي تؤخر استجابة دعائه فيترك الدعاء يأساً من قضائه سبحانه لحاجته.

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عطية، عن عبد العزيز الطويل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن العبد إذا عجّل فقام لحاجته (1) يقول اللّه تبارك وتعالى : (أما يعلم عبدي أني أنا اللّه الّذي أقضي الحوائج).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عَمِيرَة، 2 عن محمّد بن مروان عن الوليد بن عقبة الهجري قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : واللّه لا يلح عبد مؤمن على اللّه عزّ وجلّ في حاجته إلّا قضاها له.

4 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحجّال عن حسّان، عن أبي الصباح عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ اللّه عزّ وجلّ كره إلحاح النّاس بعضهم على بعض في المسألة وأحبَّ ذلك لنفسه (2)، إنَّ اللّه عزّ وجلّ يحبُّ أن يُسأل ويُطلَبَ ما عنده

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين الأحمسي، عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لا واللّه لا يلح عبد على اللّه عزّ وجلّ إلّا استجاب اللّه له (3).

6 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «رحم اللّه عبداً طلب من اللّه عزّ وجلّ حاجة فالح في الدّعاء استجيب له أو لم يستجب [له] وتلا هذه الآية: ﴿ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا) (4).

باب تسمية الحاجة في الدعاء

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد اللّه الفراء، عن أبي عبد

ص: 446


1- أي اختصر في دعائه أو لم يلجأ إلى الدعاء كسباً للوقت ليتوجه إلى قضاء حاجة ما عرضت له.
2- أي أحب إلحاح عبده في مسألته دون مسألة غيره.
3- الاستجابة هنا وفيما تقدم من الحديثين السابقين مشروطة بأن يكون المطلوب مشروعاً وأن يكون الدعاء مستوفياً للشرائط من الإخلاص والانقطاع والتوجه.
4- مريم / 48. وهذا القول حكاية عن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ولكنّه يحبّ أن تبثَّ (1) إليه الحوائج، فإذا دعوت فسم حاجتك.

وفي حديث آخر قال : إنّ اللّه عزّ وجلّ يعلم حاجتك وما تريد، ولكن يحبّ أن تبت إليه الحوائج.

باب إخفاء الدعاء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي همام إسماعيل بن همام عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : دعوة العبد سراً دعوة واحدة تعدل سبيعين دعوةً علانية.

وفي رواية أخرى : دعوة تخفيها أفضل عند اللّه من سبعين دعوة تظهرها (2).

باب الأوقات والحالات الّتي ترجى فيها الإجابة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد محمّد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن زيد الشحّام قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اطلبوا الدعاء في أربع ساعات (3) : عند هبوب الرياح، وزوال الأفياء (4)، ونزول القطر (5)، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن، فإنَّ أبواب السماء تفتح (6) عند هذه الأشياء.

2 - عنه، عن أبيه وغيره عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس فضل البقباق قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يستجاب الدعاء في أربعة مواطن في الوتز (7)، وبعد الفجر، وبعد الظهر،

ص: 447


1- أي تُظهر وتنشر.
2- فيهما دلالة على أن دعوة السر أفضل من دعوة العلن بشرط ألا يكون الإعلان رياءً وسمعة وإلا فلا نسبة بين الدعوتين حينئذ، إذ الثانية بحكم العدم.
3- وأما مقدار الساعة منها فغير معلوم، ولكن ورد أنّه عند الزوال تفتح أبواب السماء، وعندما سُئل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من أي وقت؟ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): بمقدار ما يصلي الرجل أربع ركعات مترسلاً.
4- الأفياء : جمع فيء وهو الظل، إما بانعدامه كلية كما في بعض الأقطار حيث تكون الشمس في كبد السماء فينزل شعاعها بشكل عمودي على الأجسام، أو بانحرافه ورجوعه من جهة المغرب إلى جهة المشرق.
5- أي المطر.
6- إما حقيقة، أو كناية عن نزول الرحمة والألطاف الإلهية.
7- أي صلاة الوتر، وهي الركعة المفردة من صلاة الليل في آخرها.

وبعد المغرب (1).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اغتنموا الدّعاء عند أربع : عند قراءة القرآن، وعند الأذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفّين للشهادة (2)

4 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن عبد اللّه ابن عطاء، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبي إذا كانت له إلى اللّه حاجة طلبها في هذه الساعة، يعني زوال الشمس.

5 - عنه، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حسين بن المختار، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا رقّ أحدكم فليدع، فإنَّ القلب لا يرق حتّى يخلُصَ (3).

6 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «خير وقت دعوتم اللّه عزّ وجلّ فيه الأسحاره ؛ وتلا هذه الآية في قول يعقوب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «سوف أستغفر لكم ربي» (4) [و] قال : أخرهم إلى السحر.

7 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم، عن معاوية ابن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس، فإذا أراد ذلك قدَّم شيئاً فتصدَّق به، وشم شيئاً من طيب وراح إلى المسجد ودعا في حاجته بما شاء اللّه (5).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن حديد، رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا اقشعر جلدك ودمعت عيناك، فدونَكَ دونك (6)، فقد قصد قصدك (7).

ص: 448


1- أي بعد صلوات الفريضة في هذه الأوقات.
2- أي عند التقاء جيشي المسلمين والكفار للقتال والظاهر أن زمن ذلك يمتد من لحظة التقائهما إلى لحظة الاستشهاد في سبيل اللّه.
3- أي يتفرغ عن الاشتغال بكل شيء إلّا باللّه سبحانه وينقطع عن كلّ شيء إلّا إياه سبحانه.
4- يوسف / 98.
5- فيه إشارة إلى أن التصدّق قبل التوجه بالدعاء وطلب الحاجة، والتطيب، وكون الدعاء في المسجد كلها أمور تساهم في الاستجابة.
6- أسم فعل بمعنى خذ والتكرار للمبالغة.
7- أي اعتدل قصدك إياه واستقام وفيه حث على طلب الحاجات منه حينئذ المازندراني 216/10.

قال : ورواه محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن محمّد بن أبي حمزة، عن سعيد (1) مثله.

9 - عنه، عن الجاموراني(2)، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن صندل(3)، عن أبي الصباح الكناني (4)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن اللّه عزّ وجلّ يحبّ من عباده المؤمنين كلّ عبد] دعاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس فإنّها ساعة تفتح فيها أبواب السّماء، وتقسّم فيها الأرزاق وتقضى فيها الحوائج العظام.

10 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ في الليل لساعة ما يوافقها عبد مسلم ثمّ يصلّى ويدعو اللّه عزّ وجلّ فيها إلّا استجاب له في كلّ ليلة، قلت: أصلحك اللّه وأي ساعة هي من الليل؟ قال: إذا مضى نصف الليل وهي السدس الأوّل من أوَّل النّصف (5).

باب الرغبة والرهبة والتضرع والتبتل والابتهال والاستعاذة والمسألة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الرَّغبة أن تستقبل ببطن كفيك إلى السّماء، والرَّهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء (6).

وقوله (7) وتبتل إليه تبتيلا (8) قال : الدّعاء بأصبع واحدة تشير بها(9)، والتضرّع تشير

ص: 449


1- هو سعيد بن يسار الضبيعي العجلي الأعرج لا بياع السابري، وذلك بقرينة رواية محمّد بن أبي حمزة عنه.
2- واسمه محمّد بن أحمد ولقبه الرازي، وذلك بقرينة روايته عن الحسن بن عليّ بن ابي حمزة.
3- هو صندل بن محمّد بن الحسن الأنباري وكان له أخ راوية أيضاً يدعى علي.
4- واسمه إبراهيم بن نعيم العبدي. وقد لقبه الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالميزان لوثاقته.
5- أي من أول النصف الآخر ومن : ابتدائية، وبيانية للسدس المازندراني 217/10.
6- «الرغبة : الإرادة، والراغب الطالب للشيء منه تعالى يناسب حاله أن يبسط كفيه إلى السماء ليوضع مطلوبه فيهما والرهبة : الخوف والفزع والخائف يناسب حاله أن يجعل ظهر كفيه إلى السماء وبطنهما إلى الأرض للإشعار بأنه ألقى نفسه على الأرض تذللا، أو بأنه مع الخوف من التقصير كيف يتوقع أخذ شيء منه تعالى» المازندراني 217/10.
7- أي مدلول قوله تعالى، وهو من كلام الراوي.
8- المزمّل / 8.
9- «التبتل : الانقطاع والمتبتل المنقطع إليه تعالى المعرض عما سواه يناسب حاله ذلك للإشعار بأنه ليس له سواه ولا مرجع إلّا إياه...» المازندراني 217/10.

بأصبعيك وتحركهما (1)، والابتهال رفع اليدين وتمدُّهما (2) وذلك عند الدمعة، ثمّ ادع (3).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) (4)، فقال: الاستكانة هو الخضوع والتضرّع هو رفع اليدين والتضرع بهما.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، والحسين بن سعيد جميعاً، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي خالد، عن مروك بياع اللؤلؤ(5)، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال (6): ذكر (7) الرغبة، وأبرز باطن راحتيه إلى السماء، وهكذا (8) الرهبة وجعل ظهر كفيه إلى السماء، وهكذا التضرع وحرك أصابعه يميناً وشمالاً (9) وهكذا التبتل ويرفع أصابعه مرَّة ويضعها مرة، وهكذا الابتهال، ومدَّ يده تلقاء وجهه إلى القبلة ولا يبتهل حتّى تجري الدَّمعة (10).

4 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه عن فضالة عن العلاء (11)، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : مرَّ بي رجل وأنا أدعو في صلاتي بيساري فقال : يا أبا عبد اللّه بيمينك، فقلت: يا عبد اللّه إنَّ اللّه تبارك وتعالى حقاً على هذه كحقّه على هذه.

وقال : الرّغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما، والرهبة تبسط يديك وتظهر ظهرهما، والتضرّع تحرك السبابة اليمنى يميناً وشمالاً، والتبتل تحرّك السبابة اليسرى ترفعها في السماء رسلاً (12)

ص: 450


1- الظاهر أنهما من اليدين وأنهما سبابتان ن. م.
2- الابتهال: لغة الاجتهاد وإخلاصه - كما في القاموس - وفسره في النهاية بمد اليدين جميعاً، كما في المتن.
3- الظاهر عوده إلى الجميع.
4- المؤمنون / 76. وأول الآية هكذا (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ...).
5- لا يبعد أنّه مروك بن عبيد بن سالم واسم مروك : صالح. راجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي 18 / 125 – 127.
6- أي الراوي.
7- أي الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
8- هذا من كلام الراوي أيضاً، أي ذكر الإمام الرهبة ومثله (هكذا) الّتي بعد ذلك مكررة.
9- لعله إشعار من الداعي بعدم معرفته ما سوف يؤول إليه حاله فيكون من أصحاب الشمال أو من أصحاب اليمين.
10- جريان الدمعة كناية عن البكاء وهو علامة إجابة الدعاء.
11- الظاهر أنّه العلاء بن رزين بقرينة روايته عن محمّد بن مسلم.
12- الرِّسل : الرّفق والتؤدة - كما في القاموس -.

وتضعها، والابتهال تبسط يديك وذراعيك إلى السماء والابتهال حين ترى أسباب البكاء.

5 - عنه، عن أبيه أو غيره عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سألته عن الدُّعاء ورفع اليدين فقال : على أربعة أوجه : أما التعوّذ (1) فتستقبل القبلة بباطن كفيك، وأما الدّعاء في الرّزق فتبسط كفّيك وتفضي بباطنهما (2) إلى السماء، وأما التبتل فإيماء بأصبعك السبابة، وأما الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك، ودعاء التضرع أن تحرّك أصبعك السبّابة ممّا يلي وجهك (3) وهو دعاء الخيفة.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ: (فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) قال : الاستكانة هي الخضوع والتضرُّع رفع اليدين والتضرع بهما (4).

7 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم وزرارة قالا، قلنا لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كيف المسألة إلى اللّه تبارك وتعالى؟ قال: تبسط كفيك. قلنا : كيف الاستعاذة؟ قال : تفضي بكفيك والتبتل الإيماء بالأصبع، والتضرّع تحريك الأصبع والابتهال أن تمد يديك جميعاً.

باب البكاء

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ما من شيء إلّا وله كيل ووزن إلّا الدموع (5) فإنَّ القطرة تطفىء بحاراً من نار، فإذا اغرورقت العين (6) بمائها لم يرهق (7) وجهاً قَتَر (8) ولا ذلّة فإذا فاضت

ص: 451


1- أي التحرز والتحصن من شر الأعداء من الأنس والجن. ومن شرور النفس الّتي هي أعدى الأعداء.
2- أي تجعل باطنهما. أو تظهر باطنهما.
3- «ظاهره الرفع والخفض وهو مخالف لما مر في الخبر السابق وهو بعينه ما مر في التبتل وكأنه لهذا عدّها أربعاً والمراد أنهما مترادفان فهذا اصطلاح آخر». مرآة المجلسي 47/12.
4- مر مضمونه تحت رقم (2) من هذا الباب والراوي عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو محمّد بن مسلم أيضاً.
5- «للعبارة وجهان: الأوّل : أن كلّ عبادة يعتبر كيلها ووزنها ويجزي على وجه الاستحقاق بمثلها كيلا بكيل ووزناً بوزن وإذا وقعت الزيادة فهي تفضّل إلّا الدمع فإنه وإن كان خفيفاً قليلاً يستحق صاحبه أجراً جزيلاً لا يعلم قدره إلّا اللّه الثاني : إن الدمع لكونه عظيماً لا يحيط به الكيل والوزن فلا يمكن أن يقدر بهما فلذلك يوجب أجراً جزيلا»المازندراني 220/10.
6- أي فاض دمعها وكأنها غرقت فيه.
7- أي لم يغش.
8- القتر: الغبرة. الغبار.

حرمه اللّه على النّار ولو أن باكياً بكي في أمة الرحموا.

2 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن فضّال، عن أبي جميلة ومنصور ابن يونس، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من عين إلّا وهي باكية يوم القيامة، إلّا عيناً بكت من خوف اللّه، وما اغرورقت عين بمائها من خشية اللّه عزّ وجلّ إِلا حرَّم اللّه عزّ وجلّ سائر جسده على النّار، ولا فاضت على خدّه فَرَهَقَ ذلك الوجه قترٌ ولا ذلّة، وما من شيء إلّا وله كيل ووزن إلّا الدمعة، فإنَّ اللّه عزّ وجلّ يطفيء باليسير منها البحار من النار، فلو أن عبداً بكى في أمة لرحم اللّه عزّ وجلّ تلك الأمة ببكاء ذلك العبد.

3 - عنه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن منى الحناط، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من قطرة أحبّ إلى اللّه عزّ وجلّ من قطرة دموع في سواد الليل مخافة من اللّه يراد بها غيره.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن صالح بن رزين ومحمّد بن مروان وغيرهما، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كلّ عين باكية يوم القيامة إلّا ثلاثة : عين غُصَّتْ عن محارم اللّه وعين سهرت في طاعة اللّه (1)، وعين بكت في جوف الليل من خشية اللّه.

5 - ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج ودُرُست، عن محمّد بن مروان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما من شيء إلّا وله كيل ووزن إلّا الدموع، فإنَّ القطرة منها تطفيء بحاراً من النّار، فإذا اغرورقت العين بمائها لم يَرْهَق وجهه فتر ولا ذِلّة، فإذا فاضت حرمه اللّه على النار، ولو أنَّ باكياً بكى في أمة الرحموا (2).

6 - ابن أبي عمير، عن رجل من أصحابه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أن عبادي لم يتقرَّبوا إليَّ بشيء أحبّ إليَّ من ثلاث خصال، قال موسى : يا ربِّ وما هنّ؟ قال : يا موسى الزّهد في الدنيا، والورع عن المعاصي، والبكاء من خشيتي، قال موسى : يا ربّ فما لمن صنع ذا؟ فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه يا موسى : أما الزاهدون في الدنيا ففي الجنّة، وأما البكاؤون من خشيتي ففي الرفيع الأعلى (3) لا يشاركهم أحد، وأما الورعون عن

ص: 452


1- أعم من أن يكون ذلك للدعاء والتهجد أو في الثغور لمراقبة العدو والدفاع عن أرض الإسلام.
2- مر مضمونه تحت رقم (1) من هذا الباب.
3- الرفيع الأعلى : المراد به الدرجات العليا في الجنّة، مسكن الرفيق الأعلى من الأنبياء والأولياء والشهداء والصديقين.

معاصي فإنّي أفتش النّاس ولا أقتشهم.(1)

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أكون أدعو فأشتهي البكاء ولا يجيئني، وربما ذكرت بعض من مات من أهلي فارقُ وأبكي فهل يجوز ذلك؟ فقال : نعم فتذكرهم فإذا رققت فابك وادع ربّك تبارك وتعالى(2).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن عنبسة العابد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن لم يكن بك بكاء فتباك (3).

9 - عنه، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن سعيد بن يسار بياع السابري قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنّي أتباكى في الدُّعاء وليس لي بكاء؟ قال: نعم ولو مثل رأس الذُّباب.

10 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن عليّ بن أبي حمزة قال : قال، أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأبي بصير : إن خفت أمراً يكون أو حاجة تريدها، فابدأ اللّه ومجده، وأثن عليه كما هو أهله، وصلّ على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وسل حاجتك، وتباك ولو مثل رأس الذُّباب، إنَّ أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يقول : إن أقرب ما يكون العبد من الرَّب عزّ وجلّ وهو ساجدٌ باك.

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن إسماعيل البجلي عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن لم يجئك البكاء فتباك، فإن خرج منك مثل رأس الذباب فبخ بخ (4).

باب الثناء قبل الدعاء

1 - أبو على الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن - الحارث بن المغيرة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إيّاكم إذا أراد أحدُكُم أن يسأل من ربه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة، حتّى يبدأ بالثناء على اللّه عزّ وجلّ، والمدح له، والصلاة على

ص: 453


1- أي يدخلون الجنّة بغير حساب.
2- «فيه دلالة على جواز استعمال الحيل المشروعة لترقيق القلب والقدرة على البكاء» المازندراني 222/10.
3- التباكي : حمل النفس على البكاء أو التشبه بالباكين من حيث الحركة والصوت والرّنة.
4- بخ : كلمة تقال عند الإعجاب والرضا بشيء ما، وكذلك عند المدح والثناء أو الفخر.

النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، ثمّ يسأل اللّه حوائجه.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن في كتاب أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : إِنَّ المِدْحَةَ (1) قبل المسألة، فإذا دعوت اللّه عزّ وجلّ فمجده، قلت: كيف أمجده؟ قال : تقول : «يا من هو أقرب إليَّ من حبل الوريد (2)، يا فعالاً لما يريد، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الأعلى (3)، يا من هو ليس كمثله (4) شيء».

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن ابن سنان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنما هي (5) المِدْحَةُ، ثمّ الثناء، ثمّ الإقرار بالذَّنب، ثمّ المسألة، إنه واللّه ما خرج عبد من ذنب إلّا بالإقرار.

4 - وعنه (6)، عن ابن فضّال عن ثعلبة، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله إلّا أنّه قال : ثمّ الثناء، ثمّ الاعتراف بالذنب (7).

5 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حماد ابن عثمان، عن الحارث بن المغيرة قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا أردت أن تدعو فمجد اللّه (8) عزّ وجلّ، واحمده، وسبِّحه، وهلله، وأتن عليه، وصلّ على محمّد النبي وآله، ثمّ سَلْ تُعْطَ.

6 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان عن عيص بن القاسم قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا طلب أحدكم الحاجة فلين على ربّه وليمدحه، فإنَّ الرَّجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيا له من الكلام أحسن ما يقدر عليه، فإذا طلبتم الحاجة فمجدوا اللّه العزيز الجبار وامدحوه وأثنوا عليه تقول : يا أجود من أعطى ويا خير من سُئِلَ، يا أرحم من

ص: 454


1- المذحة ما يمدح به مصدر مدحته مَدْحاً.
2- كناية عن غاية القرب والإحاطة.
3- «يمكن أن يكون كناية عن إحاطة علمه بجميع الممكنات جليها وخفيها كبيرها وصغيرها واستيلاؤه على الجميع لأن كونه بالمنظر الأعلى يستلزم ذلك» المازندراني 224/10.
4- «المقصود نفي مثله لا نفي مثل مثله المستلزم لثبوت مثله فالكاف زائدة كما قيل. وقيل غير زائدة والمقصود نفي المثل بالبرهان بيانه أن ذاته تعالى مسلّم الثبوت لا ينكره أحد، فلو ثبت له مثل لزم ثبوت مثل المثل، ونفي اللازم يستلزم نفي الملزوم وهو المطلوب» ن. م.
5- أي آداب الدعاء.
6- أي عن أحمد بن محمّد بن خالد الوارد في سند الحديث السابق.
7- هو تعبير آخر عن الإقرار الوارد في الحديث السابق.
8- تمجيده سبحانه قول اللّه أكبر. وقد يطلق على الحولقة وهي قول لا حول ولا قوة إلّا باللّه.

استرحم، يا أحد يا صمد (1)، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ويقضي ما أحب، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الأعلى، يا من ليس كمثله شيء، يا سميع يا بصير» وأكثر من أسماء اللّه عزّ وجلّ فإنَّ أسماء اللّه كثيرة، وصلّ على محمّد وآله وقل: «اللّهمّ أوسع عليَّ من رزقك الحلال ما أكفُ به وجهي (2)، وأؤدّي به عن أمانتي، وأصِلُ به رحمي، ويكون عوناً لي في الحجّ والعمرة.»

وقال: إنَّ رجلاً دخل المسجد فصلى ركعتين ثمّ سأل اللّه عزّ وجلّ، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «عجّل العبد ربه» (3). وجاء آخر فصلى ركعتين ثمّ أثنى على اللّه عزّ وجلّ وصلَّى على النبي [وآله] فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «سَلْ تُعْطَ».

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن أبي کهمس قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : دخل رجلٌ المسجد فابتدأ (4) قبل الثناء على اللّه والصلاة على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : عاجل العبد ربه، ثمّ دخل آخر فصلّى وأثنى على اللّه عزّ وجلّ وصلّى على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : سل تُعْطَ، قال : أن في كتاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5) : أنَّ الثناء على اللّه والصلاة على رسوله قبل المسألة، وإنَّ أحدكم ليأتي الرَّجل يطلب الحاجة فيحبُّ أن يقول له خيراً قبل أن يسأله حاجته.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عمّن حدثه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت آيتان في كتاب اللّه عزّ وجلّ أطلبهما فلا أجدهما (6) قال : وما هما؟ قلت : قول اللّه عزّ وجلّ : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (7) فندعوه ولا نرى إجابة، قال : أفترى اللّه عزّ وجلّ أخْلَف وعده؟ قلت : لا، قال : فممَّ ذلك (8)؟ قلت: لا أدري، قال : لكني أخبرك، من أطاع اللّه

ص: 455


1- الصمد - كما في النهاية - السيد الّذي انتهى إليه السؤدد وقيل : الدائم الباقي. وقيل : الّذي لا جوف له. وقيل : الّذي يصمد في الحوائج إليه أي يُقصد.
2- أي امنع به وجهي عن ذل مسألة النّاس.
3- أي سأله قبل أن يفعل شيئاً من آداب الدعاء كتمجيده سبحانه وتحميده والثناء عليه وغير ذلك ممّا تقدم.
4- أي بسؤال حاجته.
5- هذا من كلام الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- أي لا أجد أن مضمونهما يتحقق.
7- غافر / 60.
8- أي ما هو علة عدم الإجابة؟

عزّ وجلّ فيما أمره ثمّ دعاه من جهة الدعاء (1) أجابه، قلت وما جهة الدعاء قال : تبدأ فتحمد اللّه وتذكر نعمه عندك، ثمّ تشكره، ثمّ تصلى على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، ثمّ تذكر ذنوبك فتقربها، ثمّ تستعيذ منه، فهذا جهة الدُّعاء ثمّ قال : وما الآية الأخرى؟ قلت : قول اللّه عزّ وجلّ : (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (2) وإنّي أنفق ولا أرى خَلَفاً، قال : أفترى اللّه عزّ وجلّ أخلف وعده ؟ قلت : لا، قال : فم ذلك؟ قلت لا أدري، قال : لو أنَّ أحدكم اكتسب المال من حلّه وأنفقه في حلّه (3) لم ينفق درهماً إلّا أخلف عليه.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من سره أن يستجاب له دعوته فليُطب مكسبه (4).

باب الاجتماع في الدعاء

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الواسطي، عن درست بن أبي منصور عن أبي خالد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما من رهط أربعين رجلا (5) اجتمعوا فدعوا اللّه عزّ وجلّ في أمر إلّا استجاب اللّه لهم، فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون اللّه عزّ وجلّ عشر مرات إلّا استجاب اللّه لهم، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو اللّه أربعين مرَّة فيستجيب اللّه العزيز الجبار له (6).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن يونس ابن يعقوب، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما اجتمع أربعة رهط (7) قط على أمر

ص: 456


1- أي على الوجه والكيفية الّتي رسمها للداعي عند دعائه وهي عبارة عن شروط ومقدمات وآداب إذا تخلّفت لم تتحقق الإجابة.
2- سبأ 39. فهو يُخلِفَهُ : أي يعطيكم عوضه.
3- أي اكتسبه من وجوه الحلال الّتي شرعها اللّه له وأنفقه في وجوه الحلال دون الحرام.
4- أي ليكسبه من وجوه الحلال دون الحرام.
5- الرهْط : وإن كانوا قد اختلفوا في عدد أفراده على أقوال من جملتها ما في الرواية وهو الأربعون، إلّا أنهم اتفقوا على ان جميع أفراده من الرجال ولا يكون معهم امرأة أبداً.
6- لا تنافي بين هذا الحديث وبين ما مر من أن دعاء السر أفضل من دعاء العلن إذ فرق بين أن يكون الاجتماع في الدعاء أدعى للإجابة وبين كون دعاء السر أكثر ثواباً. فكل من الموردين ناظر إلى جهة غير الأخرى.
7- «أي رجال، ولا ينافي ذلك كون مظنة الإجابة في الأربعين أكثر، أو يحمل على ما إذا دعا كلّ منهم عشر مرات، وقد يحمل الرهط على العشرة فيصير المجموع أربعين» مرآة المجلسي 77/12.

واحد فدعوا [اللّه] إلّا تفرقوا عن إجابة.

3 - عنه عن الحجّال عن ثعلبة، عن عليّ بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا حزنه أمر جمع النساء والصبيان ثمّ دعا وأمنوا (1).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الدّاعي والمؤمن في الأجر شريكان.

باب العموم في الدعاء

1 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا دعا أحدكم فليعم (2)، فإنّه أوجب للدُّعاء».

باب من أبطأت عليه الإجابة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قلت لابي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ): جُعِلْتُ فِداك، أنّي قد سألت اللّه حاجة منذ كذا وكذا سنة وقد دخل قلبي من إبطائها شيء، فقال يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيل حتّى يقنطك، إن أبا جعفر صلوات اللّه عليه كان يقول : إنَّ المؤمن يسأل اللّه عزّ وجلّ حاجة فيؤخر عنه تعجيل إجابته حباً لصوته واستماع نحيبه (3) ثمّ قال : واللّه ما أخّر اللّه عزّ وجلّ عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم ممّا عجّل لهم فيها، وأي شيء الدُّنيا، إن أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يقول : ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحواً من دعائه في الشدّة، ليس إذا أعطي فَتَرَ (4)، فلا تملَّ الدُّعاء فإنه من اللّه عزّ وجلّ بمكان (5)، وعليك بالصبر، وطلب الحلال، وصلة الرَّحم، وإياك ومكاشفة النّاس (6) فإنا أهل البيت نَصِلُ من قطعنا، ونُحْسِنُ إلى من أساء إلينا،

ص: 457


1- أي :قالوا آمين وهو اسم مبني على الفتح معناه : اللّهمّ استجب.
2- أي لا يخصص نفسه به، بل يدعو للمؤمنين وللمؤمنات.
3- النحيب البكاء الشديد.
4- فتر انكسرت حدته أو سكن بعد حدّة وذلك بأن يترك الدعاء أو يتراخى فيه.
5- أي في مقام عظيم ومنزلة رفيعة.
6- أي مجاهرتهم بالعداوة ومبادأتهم بها.

فنرى واللّه في ذلك العاقبة الحسنة. إنَّ صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل فأعطي طلب غير الّذي سأل، وصغُرَت النعمة في عينه فلا يشبع من شيء، وإذا كثرت النعم كان المسلم من ذلك على خطر للحقوق الّتي تجب عليه وما يُخافُ من الفتنة فيها (1)، أخبرني عنك لو أني قلت لك قولاً أكنت تثق به مني ؟ فقلت له : جعلت فداك إذا لم أثق بقولك فيمن أثق وأنت حجة اللّه على خلقه؟ قال : فكن باللّه أوثق، فإنك على موعد من اللّه، أليس اللّه عزّ وجلّ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) (2). وقال: (لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) (3). وقال : (پ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا) (4). فكن باللّه عزّ وجلّ أوثق منك بغيره، ولا تجعلوا في أنفسكم إلّا خيراً (5) فإنّه مغفورٌ لكم.

2 - عنه، عن أحمد، عن عليّ بن الحكم، عن منصور الصَّيْقَل قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ربما دعا الرَّجل بالدُّعاء فاستجيب له ثمّ أخر ذلك إلى حين (6)؟ قال: فقال: نعم، قلت : ولم ذاك ليزداد من الدُّعاء؟ قال : نعم.

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن أبي هلال المدائني، عن حديد (7)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ العبد ليدعو فيقول اللّه عزّ وجلّ للملكَيْن : قد استجبت له ولكن احبسوه بحاجته (8)، فإنّي أحبّ أن أسمع صوته، وإنَّ العبد ليدعو فيقول اللّه تبارك وتعالى : عجّلوا له حاجته فإنّي أبغض صوته.

4 - ابن أبي عمير، عن سليمان صاحب السابري، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يستجاب للرجل الدُّعاء ثمّ يؤخر قال : نعم عشرين سنة.

5 - ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان بين قول اللّه عزّ

ص: 458


1- أي الحقوق من حيث عدم أداء الواجب أو المندوب منها بخلاً وشحاً، أو وقوعه في العُجب فيما لو أداها.
2- البقرة/ 186.
3- الزمر / 53. (لَا تَقْنَطُوا) : أي لا تيأسوا.
4- البقرة/ 268.
5- أي لا تظنوا بربكم إلّا خيراً.
6- هذا كلام مستبطن للاستفهام والتعجب في أن أي هل يمكن أن يستجيب اللّه دعاء العبد ثمّ يؤخر إبرام ما قضى به إلى وقت آخر؟
7- هو حديد بن حكيم الأزدي المدائني، كنيته أبو علي.
8- أي بسبب حاجته بتأخير إجابتها.

وجلَّ: (وقَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) (1) وبين أخذ فرعون أربعين عاماً.

6 - ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ المؤمن ليدعو فيؤخر إجابته إلى يوم الجمعة (2).

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ العبد الولي اللّه يدعو اللّه عزّ وجلّ في الأمر ينوبه(3) فيقول للملك الموكل به : اقض لعبدي حاجته ولا تعجّلها فإنّي أشتهي أن أسمع نداءه وصوته، وإنَّ العبد العدو للّه ليدعو اللّه عزّ وجلّ في الأمر ينوبه فيقال للملك الموكل به: اقض [لعبدي] حاجته وعجّلها فإنّي أكره أن أسمع نداءه وصوته.

قال : فيقول النّاس : ما أعطي هذا (4) إلّا لكرامته ولا منع هذا (5) إلّا لهوانه.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لا يزال المؤمن بخير ورجاء رحمة من اللّه عزّ وجلّ ما لم يستعجل فيقنط ويترك الدعاء، قلت له : كيف يستعجل ؟ قال : يقول : قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرى الإجابة.

9 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن إسحاق ابن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ المؤمن ليدعو اللّه عزّ وجلّ في حاجته فيقول اللّه عزّ وجلّ أخروا إجابته، شوقاً (6) إلى صوته ودعائه، فإذا كان يوم القيامة قال اللّه عزّ وجلّ: (عبدي!

ص: 459


1- يونس / 89 والخطاب كان لموسى وهارون عندما دعا موسى على آل فرعون بقوله : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ).
2- وذلك لتحصيل فضيلة الدعاء في هذا اليوم لبركته وزيادة النفحات الإلهية فيه.
3- أي يصيبه.
4- أي العدو اللّه.
5- أي الولي اللّه. وفيه دلالة على أن النّاس لمكان قصورهم وتعجّلهم الأمور يحكمون على ظاهرها بحسب مقاييسهم هم وهو غير صحيح.
6- «قيل : الشوق إنما يتعلق بشيء أدرك على وجه ولم يُدرك من وجه آخر فإن غير المدرك أصلا والمدرك من جميع الوجوه لا يتصور الشوق إليه، فإن من غاب عنه محبوبه وبقي عنده خياله يشتاق إليه وكذا لورآه لم يتصور أن يشتاق إليه إلّا أن يراه من وجه دون وجه كأن يرى وجهه دون شعره، ويراه في ظلمة الليل فإنه يشتاق إلى استكمال رؤيته بإشراق الضوء عليه فلكل مشتاق جهتان : جهة إدراك وجهة جهل فالشوق نقص وهو ممتنع عليه سبحانه، وأجيب بأن الشوق يستلزم المحبة وإذا نَسِبَ إليه سبحانه يراد به ذلك اللازم» المازندراني 231/10.

«دعوتني فأخّرت إجابتك، وثوابك (1) كذا وكذا ودعوتني في كذا وكذا فأخرت إجابتك وَثَوابك كذا وكذا، قال : فيتمنى المؤمن أنّه لم يستجب له دعوة في الدنيا ممّا يرى من حسن الثواب».

باب الصلاة على النبي محمّد وأهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ)

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا يزال الدّعاء محجوباً حتّى يصلّى على محمّد وآل محمّد (2).

2 - عنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من دعا ولم يذكر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رفرف الدّعاء على رأسه (3) فإذا ذكر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رفع الدعاء.

3 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن أبي أسامة زيد الشحام، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنَّ رجلا أتى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول اللّه إنّي أجعل لك ثلث صلواتي (4)، لا، بل أجعل لك نصف صلواتي، لا، بل أجعلها كلّها لك، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا تكفى مؤونة الدنيا والآخرة».

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف(5)، عن أبي أسامة (6)، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «ما معنى أجعل صلواتي كلها لك؟ : فقال : يقدّمه بين يدي كلّ حاجة فلا يسأل اللّه عزّ وجلّ شيئاً حتّى يبدأ بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فيصلي عليه ثمّ يسأل اللّه حوائجه.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن

ص: 460


1- أي ثوابك الّذي أعطيك إياه الآن في القيامة.
2- آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عترته وأهل بيته ويشمل ذلك المعصومين الثلاثة عشر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). «والسر في حجب الدعاء بدون الصلاة أمران :الأوّل أن نبينا وآله (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسائط بينه وبين عباده في قضاء حوائجهم ونيل مطالبهم وهم أبواب معرفته فلا بد من التوسل بهم في غرض الدعاء عليه وقبوله لديه... الثاني : إن العبد إذا ضم الصلاة مع دعائه وعرض المجموع إلى اللّه سبحانه والصلاة غير محجوبة فالدعاء أيضاً غير محجوب لأن اللّه سبحانه كريم يستحي أن يقبل جزء المعروض ويرد جزءاً آخر...» المازندراني 231/10 - 232.
3- هذا كناية عن عدم وصول الدعاء إلى مرتبة الاستجابة.
4- أي أدعيتي.
5- أي ابن عَمِيرَة.
6- هو زيد الشحام.

القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «لا تجعلوني كقَدَح الراكب (1) فإنَّ الراكب يملأ قدحه فيشربه إذا شاء، اجعلوني في أول الدعاء وفي آخره وفي وسطه».

6 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن، الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه ؛ وحسين بن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا ذُكر النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأكثروا الصلاة عليه، فإنّه من صلى على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) صلاة واحدة صلّى اللّه عليه ألف صلاة في ألف صفّ من الملائكة، ولم يبق شيء ممّا خلقه اللّه إلّا صلّى على العبد لصلاة اللّه عليه وصلاة ملائكته (2)، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور، قد برىء اللّه منه ورسوله وأهل بيته.

7 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من صلى عليَّ صلّى اللّه عليه وملائكته، ومن شاء فليقل شاء فليقل ومن شاء فليكثر».

8 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمیر، عن عبد اللّه. بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «الصَّلاة عليَّ وعلى أهل بيتي تذهب بالنّفاق» (3).

9 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن حسّان عن أبي عمران الأزدي، عن عبد اللّه ابن الحكم، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال : ياربِّ صلِّ على محمّد وآل محمّد مائة مرّة (4) اقضيت له مائة حاجة ثلاثون للدنيا [والباقي للآخرة].

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم وعبد الرحمن بن أبي نجران جميعاً عن صفوان الجمال، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كلّ دعاء يدعى اللّه عزّ وجلّ به محجوب عن السماء حتّى يصلّى على محمّد وآل محمّد (5).

ص: 461


1- «فإن الراكب يعلّق قدحه في آخر رحله عند فراغه من ترحاله ويجعله خلفه». «أراد : لا تؤخروني في الذكر لأن الراكب يؤخر القدح إلى أن يرفع كلّ شيء بسبب ما فيه من الماء، وربما يحتاج إليه فيستعمله ويشربه ثمّ يعلقه في آخر رحله عند فراغه من ترحاله ويجعله من خلفه» المازندراني 233/10.
2- الصلاة على النبي وأهل بيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من العبد المؤمن عبارة عن طلب الوسيلة والفضيلة والدرجات الرفيعة مع التحنن لهم وعليهم، والصلاة من اللّه عليهم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هو إجابة ذلك الطلب وتحقيق مضمونه.
3- بشرط التصديق به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والإقرار بولايتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بنحو جدّي.
4- أي يكرر اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد بهذا العدد.
5- مر مضمونه مع اختلاف في الألفاظ.

11 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال : حدّثني من سمع أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : جاء رجل إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : أجعل نصف صلواتي لك؟ قال : نعم، ثمّ قال : أجعل صلواتي كلها لك قال : نعم، فلمّا مضى قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «كُفي همَّ الدُّنيا والآخرة» (1).

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم (2) قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ رجلا أتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول اللّه إني جعلت ثلث صلواتي لك؟ فقال له خيراً، فقال له : يا رسول اللّه إنّي جعلت نصف صلواتي لك؟ فقال له : ذاك أفضل، فقال: إنّي جعلت كلّ صلواتي لك فقال : إذا يكفيك اللّه عزّ وجلّ ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك، فقال له (3) رجلٌ : أصلحك اللّه كيف يجعل صلاته له؟ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا يسأل اللّه عزّ وجلّ شيئاً إلّا بدأ بالصلاة على محمّد وآله.

13 - ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليَّ فإنّها تذهب بالنّفاق».

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يعقوب بن عبد اللّه، عن إسحاق بن فروخ مولى آل طلحة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا إسحاق بن فروخ من صلى على محمّد وآل محمّد عشراً صلّى اللّه عليه وملائكته مائة مرّة، ومن صلى على محمّد وآل محمّد مائة [مرَّة] صلى اللّه عليه وملائكته ألفاً(4)، أما تسمع قول اللّه عزّ وجلّ : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)(5).

15 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما في الميزان شيء أثقل من الصلاة على محمّد وآل محمّد وإنَّ الرَّجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به (6) فيخرج (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الصلاة عليه فيضعها في ميزانه فيرجح [به].

ص: 462


1- مر مضمونه أيضاً كالسابق.
2- هو مرازم بن حكيم الأزدي المدائني / مولى. كنيته أبو محمّد.
3- أي لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- «لا منافاة بين هذا وبين ما سبق في الحديث رقم (6) من أن من صلى عليه صلاة صلى اللّه عليه ألف صلاة لأن الزيادة من باب التفضل، ويحتمل أن يكون باعتبار تفاوت المصلين» المازندراني 10 / 235 - 236.
5- الأحزاب / 43.
6- أي فترجح سيئاته على حسناته لثقل تلك وخفة هذه.

16 - عليّ بن محمّد، عن ابن جمهور عن أبيه، عن رجاله قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من كانت له إلى اللّه عزّ وجلّ حاجة فليبدأ بالصلاة على محمّد وآله، ثمّ يسأل حاجته، ثمّ يختم بالصلاة على محمّد وآل محمّد، فإنَّ اللّه عزّ وجلّ أكرم من أن يقبل الطرفين وبدع الوسط إذ[ا] كانت الصلاة على محمّد وآل محمّد لا تحجب عنه (1).

17 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محسن بن أحمد، عن أبان الأحمر، عن عبد السلام بن نعيم قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إني دخلت البيت(2) ولم يحضرني شيء من الدُّعاء إلّا الصّلاة على محمّد وآل محمّد، فقال: أما إنه لم يخرج أحدٌ بأفضل ممّا خرجت به.

18 - عليّ بن محمّد، عن أحمد بن الحسين، عن عليّ بن الرَّيَّان، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدّهقان قال : دخلت على أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال لي : ما معنى قوله : (وذكر اسم ربه فصلی) (3) :قلت كلّما ذكر اسم ربه قام فصلى فقال لي : لقد كلف اللّه عزّ وجلّ هذا شططاً (4) فقلت : جعلت فداك فكيف هو ؟ فقال : كلّما ذكر اسم ربه صلّى على محمّد وآله.

19 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن مفضّل بن صالح الأسدي، عن محمّد بن هارون عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا صلّى أحدكم ولم يذكر النبي [وآله] (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في صلاته يُسْلَك بصلاته غير سبيل الجنّة (5). وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من ذكرت عنده فلم يصلّ عليَّ دخل النّار فأ بعدَهُ اللّه (6)، وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من ذكرت عنده فنسي الصلاة على خطىء به طريق الجنّة» (7).

20 - أبو علي الأشعري عن الحسين بن عليّ، عن عبيس بن هشام، عن ثابت عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من ذكرت عنده فنسي أن يصلّي عليَّ خطأ اللّه به طريق الجنّة».

ص: 463


1- أي بل ترفع إليه وتقبل عنده.
2- أي الكعبة المطهرة.
3- الأعلى / 15.
4- «الشطط : الجور والظلم والبعد عن الحق، وذلك لكثرة أفعال الصلاة ومقدماتها وشرائطها فلو كلفوا بها عند كلّ ذكر لوقعوا في شدة وضيق وعطلت أمورهم بخلاف الصلاة على النبي وآله (عَلَيهِ السَّلَامُ)» المازندراني 237/10.
5- «كناية عن عدم إيصال صاحبها إلى الجنّة أو عن عدم رفعها وإثباتها في عليين. وربما يستدل به على وجوب الصلاة على النبي وآله في التشهد إذ لا تجب في الصلاة إلّا فيه اتفاقاً» مرآة المجلسي 105/12.
6- إما دعاء عليه، أو إخبار عن طرد اللّه له من رحمته.
7- خطيء: أصله خطا، ء: أصله خطأ، يعني جعله اللّه مخطئاً طريق الجنّة، كما يفسره ما بعده.

21 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمع أبي رجلاً متعلقاً بالبيت وهو يقول : اللّهمّ صلّ على محمّد، فقال له أبي : يا عبد اللّه لا تبترها (1) لا تظلمنا حقنا قل: اللّهمّ صلّ على محمّد وأهل بيته (2).

باب ما يجب من ذكر اللّه عزّ وجلّ في كلّ مجلس

باب ما يجب من ذكر اللّه (3) عزّ وجلّ في كلّ مجلس

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن ربعي بن عبد اللّه بن الجارود الهذلي، عن الفضيل بن يسار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما من مجلس يجتمع فيه أبرار وفجار، فيقومون على غير ذكر اللّه عزّ وجلّ (4) إلّا كان حسرةً عليهم يوم القيامة.

2 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما اجتمع في مجلس قوم لم يذكروا اللّه عزّ وجلّ ولم يذكرونا، إلّا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة، ثمّ قال : [قال] أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن ذِكْرَنا من ذكر اللّه وذكر عدوّنا من ذكر الشيطان (5).

3 - وبإسناده قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقل إذا أراد أن يقوم من مجلسه: سبحان ربك ربّ العزّة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد للّه ربّ العالمين (6).

ص: 464


1- البتر : القطع قبل الإتمام.
2- ويدل على وجوب قرن أهل البيت مع النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في الصلاة، لأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) اعتبر عدم ذكرهم ظلماً وهو قبيح محرم.
3- «اعلم أن ذكر اللّه تعالى هو المقصود من خلق الإنسان ومن وضع جميع التكاليف... وللذكر درجات، الأولى : أن يكون باللسان مع غفلة القلب عنه وهذا أضعفها والثانية : أن يكون بالقلب مع عدم استقراره فيه، والثالثة : أن يكون بالقلب ويستقر فيه والرابعة : أن يكون بالقلب مع استقراره فيه واستيلائه عليه بحيث لا يشغل عنه أصلا». المازندراني 240/10.
4- يندرج في ذكر اللّه كلّ ما يؤدي إلى تمثله سبحانه وحضوره في الذهن من صفات وأحكام ورسل وأولياء بذكر تواريخهم ومناقبهم وفضائلهم، وكذلك ذكر الجنّة والنار الخ. بل يمكن تعميم الذكر إلى ما يشمل القلب إلى جانب اللسان.
5- لأنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) حجج اللّه وأولياؤه وأبوابه الّتي يؤتى منها وأعداءهم أولياء الشيطان ومحاز بوه وأعوانه وحبائله فذكرهم ذكر له.
6- هذا كناية عن مضاعفة الأجر وزيادة الثواب لمن قال ذلك عند القيام من مجلسه.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مكتوب في التوارة الّتي لم تغير (1) أَنَّ موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) سأل ربه فقال : يا رب أقريب أنت مني فأناجيك أم بعيد فأناديك. فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه : يا موسى أنا جليس من ذكرني، فقال موسى : فمن في سترك يوم لا ستر إلّا سترك (2)؟ فقال : الّذين يذكرونني فأذكرهم ويتحابون في فأحبهم، فأولئك الّذين إذا أردت أن أصيب أهل الأرض بسوء ذكرتهم فدفعت عنهم بهم.

5 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن حسين بن زيد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم اللّه عزّ وجلّ ولم يصلوا على نبيهم إلّا كان ذلك المجلس حسرة ووبالاً (3) عليهم».

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا بأس بذكر اللّه وأنت تبول، فإنّ ذكر اللّه عزّ وجلّ حسن على كلّ حال فلا تسأم (4) من ذكر اللّه.

7 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) يا موسى : لا تفرح بكثرة المال، ولا تدع ذكري على كلّ حال، فإنَّ كثرة المال تنسي الذُّنوب، وإن ترك ذكري يُقَسِّي القلوب.

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: مكتوب في التوراة الّتي لم تغير أن موسى سأل ربه فقال : إلهي إنه يأتي علي مجالس أعزك وأجلك أن أذكرك فيها، فقال: يا موسى إنَّ ذكري حسن على كلّ حال.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابه، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه عزّ وجلّ لموسى : أكثر ذكري بالليل

ص: 465


1- أي الّتي لم تنلها يد تحريف أحبار اليهود.
2- أي لا ظل إلّا ظلك، وذلك يوم القيامة.
3- الوبال : الضرر والمكروه يلحق المرء، وأصله وبال الطعام أي وخامته وثقله ويقال ذاق فلان وبال عمله أي عاقبته السيئة وجزاءه الوخيم.
4- من السأم وهو الملل. أي لا يدعونك حقارة محل البول وقذارته إلى ترك ذكر اللّه فيه وذلك لعظمة ذكره سبحانه على أي حال كنت عليه.

والنهار، وكن عند ذكري خاشعاً، وعند بلائي صابراً، واطمئن عند ذكري واعبدني ولا تشرك بي شيئاً، إلي المصير، يا موسى اجعلني ذُخْرَك (1)، وضع عندي كنزك من الباقيات الصالحات (2).

10 - وبإسناده عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه عزّ وجلّ لموسى : (اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم (3)، وأكثر ذكري بالليل والنهار، ولا تتبع الخطيئة في معدنها فتندم (4) فإنَّ الخطيئة موعد أهل النّار (5)).

11 - وبإسناده قال : فيما ناجی اللّه به موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال یا موسى لا تنسني على كلّ حال فإنَّ نسياني يميت القلب.

12 - عنه عن ابن فضّال عن غالب بن عثمان عن بشير الدهان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه عزّ وجلّ : (يا ابن آدم اذكرني في ملاء أذكرك في ملاء خير من ملئك) (6).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه عزّ وجلّ: (من ذكرني في ملاء من النّاس ذكرته في ملاء من الملائكة).

باب ذكر اللّه عزّ وجلّ كثيراً

1 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن

ص: 466


1- أي ما يكون ذخيرة لك يوم فقرك في الدنيا والآخرة.
2- إشارة إلى قوله تعالى في سورة الكهف / 46 (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) وكذا ورد ذكر الباقيات الصالحات في الآية 76 من سورة مريم وقد اختلف في المراد بالباقيات الصالحات فقيل: الصلوات الخمس، وقيل : سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر، وقيل العمل بطاعة اللّه، لأن ذلك كله من الصالحات الّتي تبقى لصاحبها في الآخرة.
3- «يعني تأمل وتفكر أولاً فكل ما رجحه عقلك ورأه خيراً لك وعارياً عن المفسدة ووخامة العاقبة فتكلم به فإنك إن فعلت هكذا تسلم من الندامة» المازندراني 242/10.
4- «وكان المراد بمعدن الخطيئة هو الظَّلمة والفجرة أو السفاهة والجهالة... وبالجملة نهى عن اتباع الخطيئة بالتحرز عن الأصول المتولدة هي منها» ن. م.
5- أي أن النّار ستكون عقاباً لأهل الخطايا.
6- المراد بالملأ الأوّل الجماعة من النّاس، أو علَيتُهم وبالملأ الّذي هو خير ملأ الملائكة، وسوف يأتي في الحديث التالي.

القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من شيء إلّا وله حد ينتهي إليه إلّا الذكر فليس له حدّ ينتهي إليه، فرض اللّه عزّ وجلّ الفرائض (1) فمن أدَّاهنَّ فهو حدهنَّ ؛ وشهر رمضان فمن صامه فهو حده، والحج فمن حج فهو حده إلّا الذكر فإنَّ اللّه عزّ وجلّ لم يرض منه بالقليل ولم يجعل له حدا ينتهي إليه، ثمّ تلا هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) (2)، فقال : لم يجعل اللّه عزّ وجلّ له حداً ينتهي إليه، قال : وكان أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر اللّه، وآكل وإنه ليذكر اللّه، وأكل معه الطعام وإنه ليذكر اللّه، ولقد كان يحدث القوم [و] ما يشغله ذلك عن ذكر اللّه (3)، وكنت أرى لسانه لازقاً بحنكه يقول : لا إله إلّا اللّه (4). وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس، ويأمر بالقراءة (5) من كان يقرأ منا ومن كان لا يقرأ منا أمره بالذكر. والبيت الّذي يُقْرَأ فيه القرآنُ ويُذْكَرُ اللّه عزّ وجلّ فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين، ويضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدري (6) لأهل الأرض، والبيت الّذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر اللّه فيه تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين، وقد قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ألا أخبركم بخير أعمالكم لكم أرفعها في درجاتكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من الدينار والدرهم. وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتقتلوهم ويقتلوكم (7)) فقالوا : بلى، فقال: «ذكر اللّه عزّ وجلّ كثيراً، ثمّ قال : جاء رجل إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : من خير أهل المسجد؟ فقال: «أكثرهم اللّه ذكراً». وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من أعطي لساناً ذاكراً فقد أعطي خیر الدنيا والآخرة». وقال في قوله تعالى : (وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (8) قال : لا تستكثر ما عملت من خير اللّه.

2 - حميد بن زياد عن ابن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : شيعتنا الّذين إذا خلوا ذكروا اللّه كثيراً(9).

ص: 467


1- أي الصلوات الخمس.
2- الأحزاب / 41 - 42. و (بكرة) : أي غدوة قيل المراد صلاة الصبح. (وأصيلاً) : عشياً، قيل يعني صلاة العصر.
3- «أي الذكر القلبي، كان يجد ذلك بنور الإمامة أو من شواهد أحواله. أو عند تكلم الغير كان مشغولاً بالذكر فإذا تم كلام السائل شرع في الجواب أو كان كلامه دائماً مشتملا على الذكر» مرآة المجلسي 130/12.
4- لأن شهادة التوحيد ليس فيها أي حرف من حروف الشفة بل كلّ حروفها ممّا يلزق بالحنك : وهو باطن أعلى الفم من داخل - كما في القاموس -.
5- أي بتلاوة القرآن.
6- أي المضيء المتلالي.
7- أي في الجهاد.
8- المدثر / 6.
9- هذا دليل على صدق إيمانهم بعكس المنافقين الّذين إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم ولا ينشطون إلّا إذا رأوا الناس.

3 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد ؛ وعدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن الحسن بن عليّ الوشّاء عن داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من أكثر ذكر اللّه عزّ وجلّ أحبّه اللّه ومن ذكر اللّه كثيراً كتبت له براءتان : براءة من النار وبراءة من النفاق».

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عَمِيرَة، عن بكر بن أبي بكر، عن زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: تسبيح فاطمة الزهراء (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الذكر الكثير الّذي قال اللّه عزّ وجلّ: (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا).

عنه، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي أسامة زيد الشحام ومنصور بن حازم وسعيد الأعرج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

5 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء عن داود الحمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من أكثر ذكر اللّه عزّ وجلّ أظلّه اللّه في جنّته (1).

باب أن الصاعقة لا تصيب ذاكراً

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يموت المؤمن بكلّ ميتة (2) إلّا الصاعقة (3)، لا تأخذه وهو يذكر اللّه عزّ وجلّ.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة (4)، عن بريد بن معاوية العجلي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ الصواعق لا تصيب ذاكراً، قال : قلت : وما الذاكر؟ قال : من قرأ مائة آية (5).

ص: 468


1- إما بظل أفنان أشجارها وقصورها أو بظل رحمته ورضوانه.
2- الميتة : - كما في المصباح الحال والهيئة أي حال الموت ونوعه وهيئته.
3- الصاعقة : الموت وكل عذاب مهلك وصيحة العذاب، والمخراق الّذي يكون بيد الملك سائق السحاب ولا يأتي على شيء إلّا أحرقه ونار تسقط من السماء في رعد شديد. جمع صواعق.
4- هو عمر بن اذينة.
5- إما في مجموع اليوم والليلة، أو في كلّ منهما. وفيه إشعار بأن المقصود بالذاكر ما يقابل الغافل، وأن الذكر يصدق على كلّ ما يؤدي إلى خطور اللّه سبحانه في الذهن، كما سبق ونبهنا عليه.

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ميتة المؤمن، قال : يموت المؤمن بكلِّ ميتة يموت غرقاً ويموت بالهدم ويبتلى بالسبع ويموت بالصاعقة ولا تصيب ذاكراً اللّه عزّ وجلّ.

باب الاشتغال بذكر اللّه عزّ وجلّ

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (من شُغِل بذكري عن مسالّتي (1) أعطيته أفضل ما أعطي من سألني).

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ العبد ليكون له الحاجة إلى اللّه عزّ وجلّ فيبدأ بالثناء على اللّه، والصلاة على محمّد وآل محمّد، حتّى ينسى حاجته فيقضيها اللّه له من غير أن يسأله إياها.

باب ذكر اللّه عزّ وجلّ في السر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال اللّه عزّ وجلّ: (من ذكرني سرا(2) ذكرته علانية (3)).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عَمِيرَة، عن سليمان بن عمرو عن أبي المغرا الخصاف رفعه قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من ذكر اللّه عزّ وجلّ في السرّ فقد ذكر اللّه كثيراً، إنَّ المنافقين كانوا يذكرون اللّه علانية ولا

ص: 469


1- يشمل ما إذا نسي المسألة لانشغاله بذكره سبحانه كما سيشير إليه في الحديث التالي. ومن جعل الذكر مقصوداً لذاته وبذاته من دون أن يتخذه وسيلة للمسئلة.
2- أعم من أن يكون بالقلب والفكر، أو باللسان في حال الخلوة، أو به لا في حالها ولكن من دون ظهور جوهر الصوت، أي إخفاتاً.
3- أي على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، والمراد بذكره سبحانه له إظهار كرامته وفضله وما أعده له من الثواب الجزيل.

يذكرونه في السر، فقال اللّه عزّ وجلّ: ﴿يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) (1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال رفعه قال : قال اللّه - عزّ وجلّ لعيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عيسى اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي(2)، واذكرني في ملإ[ك] أذكرك في ملاء خير من ملاء الآدميين؛ يا عيسى ألن لى قلبك، وأكثر ذكري في الخلوات واعلم أن سروري أن تبصبص (3) إليَّ، وكن في ذلك حيّاً ولا تكن ميّتاً (4).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَيهِما السَّلَامُ) قال : لا يكتب الملك إلّا ما سمع. وقال اللّه عزّ وجلّ: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً) (5)، فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرّجل غير اللّه عزّ وجلّ لعظمته

باب ذكر اللّه عزّ وجلّ في الغافلين

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الذَّاكر اللّه عزّ وجلّ في الغافلين كالمقاتل في المحاربين (6).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ذاكر اللّه عزّ وجلّ في الغافلين كالمقاتل عن الفارين (7) والمقاتل عن الفارين له الجنّة».

ص: 470


1- النساء / 142.
2- «قيل : النفس تطلق على الدم وعلى نفس الحيوان وعلى الذات، وعلى الغيب... والأولان يستحيلان في حقه تعالى دون الأخيرين [والمراد بالذكر النفسي في الحديث: (وَاذْكُرْ فِي نَفْسِكَ) ذكر لا يعرفه غير الذاكر، وفي قوله (أذكرك في نفسي) جزاء ذلك الذكر يعني أجازيك وارحمك لأجل الذكر فسمي جزاء الذكر ذكراً وليس المراد به الذكر المقابل للنسيان...» المازندراني 249/10.
3- التبصبص : الملق من خوف أو طمع.
4- أي كن حاضر القلب ولا تكن ساهياً غافلاً فإن القلب الساهي الغافل عن ذكره تعالى وعن إدراك الحق ميت والقلب العاقل الذاكر حي المازندراني 249/10.
5- الأعراف / 205. وما ذكر من أن الملك لا يكتب إلّا ما سمع لا ينافي ما تقدم في باب من هم بالحسنة أو السيئة من أن الملك يعلم قصد العبد لهذه أو تلك بالريح الطيب أو النتن الّذي ينبعث من الهام لإمكان حمله هناك على ما تعلق بالجوارح من الأفعال.
6- «أي الهاربين أو الحاضرين في الحرب الّذين لم يحاربوا. وفي بعض النسخ (في الهاربين)». مرآة المجلسي 143/12.
7- «أي كما أن حرب غير الفارين يدفع العدو عن الفارين لئلا يعاقبوهم كذلك ذكر الذاكرين يدفع ضرر الشيطان عن الغافلين» ن. م.

باب التحميد والتمجيد

باب التحميد والتمجيد (1)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي سعيد القماط، عن المفضّل قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جُعِلتُ فداك علمني دعاءً جامعاً، فقال لي : احمد اللّه فإنه لا يبقى أحد يصلّي إلّا دعا لك، يقول: سمع اللّه لمن حمده (2).

2 - عنه عن عليّ بن الحسين عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن مروان قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أي الأعمال أحبُّ إلى اللّه عزّ وجلّ؟ فقال : أَن تَحمَدَه.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي الحسن الأنباري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يحمد اللّه في كلّ يوم ثلاثمائة مرة وستين مرة، عدد عروق الجسد يقول : الحمد للّه ربّ العالمين كثيراً على كلّ حال.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وحميد بن زياد عن الحسن بن محمّد (3)، جميعاً عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن يعقوب بن شعيب قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إِنَّ في ابن آدم ثلاثمائة وستين عرقاً، منها مائة وثمانون متحركة، ومنها مائة وثمانون ساكنةً، فلو سكن المتحرّك لم ينم، ولو تحرّك الساكن لم ينم، وكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذا أصبح قال : الحمد للّه رب العالمين كثيراً على كلّ حال - ثلاثمائة وستين مرة - وإذا أمسى قال مثل ذلك (4).

5 - عدَّة من أصحابنا، من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن منصور بن العباس، عن سعيد بن جناح قال: حدّثني أبو مسعود، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال أربع مرات إذا أصبح : الحمد للّه ربّ العالمين، فقد أدى شكر يومه (5)، ومن قالها إذا أمسى فقد أدى شكر ليلته.

ص: 471


1- المجد - كما يقول الراغب - السعة في الكرم والجلالة، ويراد بالتمجيد هنا كلّ ذكر يشتمل على الصفات الدالة على جلاله سبحانه وسعة كرمه.
2- أي بعد رفع رأسه من الركوع و (سمع) متضمن معنى (استجاب) أي استجاب اللّه... الخ.
3- في بعض النسخ (الحسين بن محمّد) وما هنا أصح على الظاهر لأن حميد بن زياد يروي عن الحسن بن محمّد بن سماعة وهذا يروي عن الميثمي فراجع مرآة المجلسي 145/12 والمازندراني 250/10.
4- لا تنافي بين مضمون هذا الحديث ومضمون الحديث السابق عليه لأن هذا مفصل وذاك مجمل فيحمل المجمل على المفصل. وإن كان المجلسي 146/12 ذكر أنّه لا داعي لمثل هذا المحل، إذ يمكن أن يكون قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثانياً بعد الغروب وهو داخل في الليل، وقد أيد رأيه هذا بما سيرد في الحديث التالي من قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (شكر ليلته).
5- أي على النعم الإلهية الهابطة عليه أي ذلك اليوم.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن حسان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كلّ دعاء لا يكون قبله تحميد فهو أبتر (1)، إنما التحميد ثمّ الثناء، قلت : ما أدري ما يجزي من التحميد والتمجيد قال : يقول : (اللّهمّ أنت الأوّل فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء (2)، وأنت الظاهر (3) فليس فوقك شيء، وأنت الباطن(4) فليس دونك شيءُ (5) وأنت العزيز الحكيم».

7 - وبهذا الإسناد قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما أدنى ما يجزي من التحميد؟ قال: تقول : (الحمد للّه الّذي علا فقهر، والحمد للّه الّذي ملَك فقدر، والحمد للّه الّذي بَطَنَ فَخَبَر، والحمد للّه الّذي [ يميت الأحياء و] يحيي الموتى وهو على كلّ شيء قدير).

باب الإستغفار

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «خير الدعاء الاستغفار» (6).

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن حسين بن سيف، عن أبي جميلة عن - عبيد بن زرارة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته وهي تتلألأ (7).

3 - عليّ بن إبراهيم [ عن أبيه عن ياسر، عن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: مثل الاستغفار مثل ورق على شجرة تحرك فيتناثر (8)، والمستغفر من ذنب ويفعله كالمستهزيء بربه.

ص: 472


1- أي أقطع.
2- «أشار بالفقرة الأولى إلى أنّه الأوّل باعتبار ابتداء الموجودات، وبالفقرة الثانية إلى أنّه الآخر باعتبار انتهاء الغايات فدائرة الإمكان تبتدىء منه في الوجود وتنتهي إليه في الحاجة» مرآة المجلسي 148/12.
3- أي الغالب القاهر.
4- أي العالم بالسرائر وما تخفي الصدور.
5- أي لا يخفى عليك شيء مهما بلغ في القلة والصغر.
6- «لأن الغفران أهم المطالب وأعظمها، أو لأنه يصير سبباً لرفع السيئات الّتي هي أعظم حُجب إجابة الدعوات» مرآة المجلسي 153/12.
7- أي تلمع وتضيء بقوة.
8- أي يتطاير ورقها عند تحركها.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان لا يقوم من مجلس وإن خفٌ (1) حتّى يستغفر اللّه عزّ وجلّ خمساً وعشرين مرة (2).

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يستغفر اللّه عزّ وجلّ في كلّ يوم سبعين مرّة، ويتوب إلى اللّه عزّ وجلّ سبعين مرّة قال قلت: كان يقول : أستغفر اللّه وأتوب إليه؟ قال : كان يقول : أستغفر اللّه أستغفر اللّه - سبعين مرة - ويقول : وأتوب إلى اللّه وأتوب إلى اللّه - سبعين مرّة (3) -.

6 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن حسين بن زيد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : الاستغفار وقول : لا إله إلّا اللّه، خير العبادة، قال اللّه العزيز الجبار : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) (4).

باب التسبيح والتهليل والتكبير

1 - عليّ بن إبراهيم، عن بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وأبي أيّوب الخزاز جميعاً، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : جاء الفقراء إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقالوا : يا رسول اللّه : إنّ الأغنياء لهم ما يُعتقون وليس لنا، ولهم ما يحجون (5) وليس لنا، ولهم ما يتصدّقون وليس لنا، ولهم ما يجاهدون وليس لنا، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من كبر اللّه عزّ وجلّ مائة مرَّة

ص: 473


1- أي وإن قصرت مدة المكث فيه.
2- قد تقدم منا توجيه استغفار المعصوم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وإنه لا يكون عند ذنب، وإنما هو من قبيل حسنات الأبرار سيئات المقربين.
3- مر قريباً من هذا المضمون مضمون الخبر رقم (4) من باب الاستغفار من الذنب من هذا المجلد وإن بسند آخر فراجع.
4- محمّد / 19. واستشهاده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بالآية : «إما لكون كثرة الذكر سبباً لزيادة العلم واليقين، أو لأن المراد بالآية القول مع العلم أو القول فقط لظهور حصول العالم في المخاطب. أو المراد الاستدامة على هذه العقيدة وأعظم أسبابها تكرار الذكر والأفضلية (إنما كانت لاختيارهما للرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فعلم أنهما أنفع الأشياء لها، أو لمّا كان هو أهم العقايد فما يدل عليه أفضل الأذكار» مرآة المجلسي 157/12.
5- أي لهم من الأموال ما يحجون به.

كان أفضل من عتف مائة رقبة، ومن سبّح اللّه مائة مرة كان أفضل من سياق مائة بدنة (1)، ومن حمد اللّه مائة مرّة كان أفضل من حُمْلانِ (2) مائة فرس في سبيل اللّه بسرجها ولجمها وركبها ومن قال : لا إله إلّا اللّه مائة مرّة كان أفضل النّاس عملاً ذلك اليوم إلّا من زاد (3)، قال : فبلغ ذلك الأغنياء فصنعوه»، قال فعاد الفقراء إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقالوا: يا رسول اللّه قد بلغ الأغنياء ما قلت فصنعوه فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء» (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان عن حماد عن ربعي،(5)، عن فُضَيل (6)، عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : أكثروا من التهليل والتكبير فإنّه ليس شيء أحبُّ إلى اللّه عزّ وجلّ من التهليل والتكبير (7).

3 - علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) التسبيح نصف الميزان والحمد للّه يملأ الميزان واللّه أكبر يملأ ما بين السماء والأرض (8).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مرَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) برجل يغرس غرساً في حائط (9) له، فوقف له وقال : ألا أدلك على غرس أثبت أصلا وأسرع إيناعاً (10) وأطيب ثمراً وأبقى؟ قال: بلى فدلّني يا رسول اللّه، فقال : إذا أصبحت وأمسيت فقل: سبحان اللّه والحمد اللّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر، فقال : فإنَّ لك إن قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنّة من أنواع الفاكهة وهنَّ من الباقيات الصالحات، قال فقال الرجل : فإنِّي أشهدك يا رسول اللّه أَنَّ

ص: 474


1- البدنة : قيل هي الناقة أو البقرة، وقد تطلق على البعير، ولا يطلق على الشاة أنّها بدنة وهي الّتي تساق إلى منى أو مكة في الحجّ أو العمرة لتذبح فيهما. ولا يصح أن تركب أو يحمل عليها.
2- الحملان - كما في النهاية - مصدر حمل يحمل أي أفضل من أن يجهز مائة فارس ويبعثهم في الجهاد.
3- أي إلّا من زاد على هذا العدد فإنه يكون أفضل منه.
4- فيه دلالة على أن الغنى الّذي لا يلهي عن اللّه والآخرة أفضل من الفقر، لأنه قد يصل بصاحبه إلى درجات لا يصل إليها الفقير وإن كان له ثواب عظيم فيما لو صبر على فقره.
5- هو ربعي بن عبد اللّه بن الجارود أبو نعيم البصري.
6- هو الفضيل بن يسار بقرينة رواية ربعي عنه.
7- «أفضلية التهليل لدلالته على التوحيد الكامل والتكبير لدلالته على الاتصاف بجميع الصفات الكمالية والتنزه عن جميع سمات النقص...» مرآة المجلسي 161/12.
8- يشعر بأن هذه الأمور الثلاثة ممّا يتجسّم يوم القيامة من الأعمال ويوزن.
9- الحائط البستان.
10- يَنعَت الثمار وأيْنَعَت أي أدركت وهي هنا استعارة لوصول الشجرة حد الإثمار.

حائطي هذا صدقةً مقبوضةً على فقراء المسلمين أهل الصدقة، فأنزل اللّه عزّ وجلّ آيات من القرآن (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) (1).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : خير العبادة قول : لا إله إلّا اللّه».

باب الدعاء للاخوان بظهر الغيب

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن الفضيل ابن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أوشك (2) دعوةٍ وأسرع إجابة دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدر الرزق (4) ويدفع المكروه.

3 - عنه عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تبارك وتعالى : (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) (5) قال : هو المؤمن يدعو لأخيه (6) بظهر الغيب فيقول له الملك امين ويقول اللّه العزيز الجبار : ولك مثلا ما سألت وقد أعطيت ما سألت بحبك إياه.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الواسطي، عن دُرست بن أبي منصور، عن أبي خالد القماط قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أسرع الدُّعاء نجحاً(7) للإجابة دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب، يبدأ بالدعاء لأخيه فيقول له ملك موكل به : آمين ولك مثلاه.

ص: 475


1- الليل / 5 - 7.
2- أي أقرب.
3- أي في حال غيبة المدعو له.
4- أي يكثره ويجلبه.
5- الشورى/ 26.
6- أي لأخيه من المؤمنين رحماً كان أو بعيداً حياً أو ميتاً.
7- النجح : الظفر بالمطلوب.

5 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن سليمان، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن جعفر بن محمّد التميمي عن حسين بن علوان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما من مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات إلّا ردَّ اللّه عزّ وجلّ عليه مثل الّذي دعا لهم به من كلّ مؤمن ومؤمنة، مضى من أوّل الدَّهر أو هو آت إلى يوم القيامة، إنّ العبد ليؤمر به إلى النّار يوم القيامة فيُسْحَب فيقول المؤمنون والمؤمنات : يا ربّ هذا الّذي كان يدعو لنا فشفعنا(1) فيه، فيشفعهم اللّه عزّ وجلّ فيه فينجو».

6 - علي، عن أبيه قال : رأيت عبد اللّه بن جُندب في الموقف (2) فلم أر موقفاً كان أحسن من موقفه، ما زال ماذا يديه إلى السماء ودموعه تسيل على خديه حتّى تبلغ الأرض، فلمّا صَدَرَ النّاس (3) قلت له : يا أبا محمّد ما رأيت موقفاً قط أحسن من موقفك. قال : واللّه ما دعوت إلّا لإخواني، وذلك أن أبا الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أخبرني أنَّ من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف فكرهت أن أدع مائة ألف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة (4)، عن ثوير (5) قال : سمعت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه المؤمن بظهر الغيب أو يذكره بخير قالوا : نِعْمَ الأخ أنت لأخيك، تدعو له بالخير وهو غائب عنك وتذكره بخير، قد أعطاك اللّه عزّ وجلّ مِثْلَي (6) ما سألت له، وأثنى عليك مِثْلَي ما أثنيت عليه ولك الفضل عليه. وإذا سمعوه يذكر أخاه بسوء ويدعو عليه قالوا له : بئس الأخ أنت لأخيك كُفَّ أيّها المسْتَتِرُ على ذنوبه وعورته، وأربع على نفسك، واحمد اللّه الّذي ستر عليك واعلم أنَّ اللّه عزّ وجلّ أعلم بعبده منك (7).

ص: 476


1- أي أقبل شفاعتنا فيه.
2- أي عرفات وعلي في أول السند هو عليّ بن إبراهيم.
3- أي انصرفوا ورجعوا.
4- هو الحذاء.
5- هو ابن أبي فاختة واسم أبي فاختة : سعيد بن علاقة.
6- أي ضعفي.
7- «يعني قف على نفسك واقتصر عليها المازندراني 259/10. والعورة العيب. وقيل المعنى : اقتصر على النظر في حال نفسك ولا تلتفت إلى غيرك وأعلم أن اللّه أعلم بعبده منك فإن علم صلاحه وصلاح سائر عباده في دفعه يدفعه، وفي ابتلائه يبتليه وفي عافيته يعافيه ولا يحتاج في شيء من ذلك إلى تعليمك» مرآة المجلسي 170/12.

باب مَن تُسْتَجَابُ دَعْوَتُه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عيسى بن عبد اللّه القمي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ثلاثة دعوتهم مستجابة الحاج، فانظروا كيف تخلُفُونَه(1). والغازي في سبيل اللّه، فانظروا كيف تخلفونه. والمريض فلا تغيظوه (2) ولا تضجروه (3).

2 - الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلى بن محمّد، عن حسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : خمس دعوات لا تُحْجَبَنَّ عن الرَّبِّ تبارك وتعالى (4) : دعوة الإمام المقسط (5)، ودعوة المظلوم، يقول اللّه عزّ وجلّ : (لانتقمن لك ولو بعد حين)، ودعوة الولد الصالح لوالديه، ودعوة الوالد الصالح لولده، ودعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب، فيقول (6) : ولك مثله.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إياكم ودعوة المظلوم فإنّها ترفع فوق السحاب (7) حتّى ينظر اللّه عزّ وجلّ إليها» فيقول: (ارفعوها حتّى أستجيب له وإياكم ودعوة الوالد فإنّها أحد من السيف).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن،زرعة عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان أبي يقول : اتقوا الظلم فإن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء (8)

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قَدَّمَ أربعين من المؤمنين ثمّ دعا أستجيب له (9).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن عليّ بن النعمان، عن عبد اللّه بن

ص: 477


1- أي فيما يعود إليه من مال وأهل وولد، وهو دعوة إلى حسن قيامهم بشؤونهم وما يصلحهم.
2- «يدل على أن الدعاء لأربعين من المؤمنين موجب لإجابة الدعاء نفسه» مرآة المجلسي 173/12.
3- أي تغضبوه.
4- أي لا تجعلوه يتضجر ويتبرم من سوء معاملتكم معه.
5- هذا عبارة عن أنّه سبحانه يستجيب لها.
6- أي العادل وهو أعم من إمام الأصل فيشمل إمام الجماعة.
7- أي اللّه سبحانه، أو المَلك كما مر.
8- كناية عن جهة العلو والارتفاع أو الحجب ما بين الخلق وبين عرش الخالق.
9- كناية عن استجابة اللّه لها.

طلحة النهدي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أربعة لا تردُّ لهم دعوة حتّى تفتح لهم أبواب السماء وتصير إلى العرش (1) الوالد لولده، والمظلوم على من ظلمه، والمعتمر حتّى يرجع، والصائم حتّى يفطر».

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ليس شيء أسرع إجابة من دعوة غائب لغائب».

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :، قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «دعا موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمَّنَ هارون (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمّنت الملائكة (عَلَيهِ السَّلَامُ)» فقال اللّه تبارك وتعالى : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا) (2). ومن (3) غزا في سبيل اللّه استجيب له كما استجيب لكما يوم القيامة.

باب من لا تُسْتَجاب دعوتُه

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن حماد بن عيسى عن حسين بن مختار، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: صحبته بين مكة والمدينة فجاء سائل فأمر أن يعطى، ثمّ جاء آخر فأمر أن يعطى ثمّ جاء آخر فأمر أن يعطى ثمّ الرَّابع فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يُشْبِعُكَ اللّه (4)، ثمّ التفت إلينا فقال : أما إنَّ عندنا ما نعطيه ولكن أخشى أن نكون كأحد الثلاثة الّذين لا يستجاب لهم دعوة : رجل أعطاه اللّه مالاً فأنفقه في غير حقه(5)، ثمّ قال: اللّهمّ ارزقني فلا يستجاب له، ورجل يدعو على امرأته أن يريحه منها وقد جعل اللّه عزّ وجلّ أمرها إليه (6)، ورجل يدعو على جاره وقد جعل اللّه عزّ وجلّ له السبيل إلى أن يتحول عن جواره ويبيع داره.

ص: 478


1- «حتى : غاية لعدم الرد لا للرد، ولفظة : أو بمعنى إلى أن، أو للعطف على (تفتح) والفتح إما كناية عن قبول الدعاء وصعوده إلى السماء أو محمول على الحقيقة» المازندراني 261/10. والصيرورة إلى العرش، إما بنحو الحقيقة أو كناية أيضاً عن القبول والاستجابة.
2- يونس / 89.
3- هذا من تتمة كلام اللّه سبحانه، فهو معطوف على (قد أجيبت... الخ). والحديث يدل على أن المؤمن على الدعاء شريك فيه مع الداعي.
4- أي دعا له بأن يكفيه اللّه من فضله، وهو كناية عن عدم أمره بإعطائه شيئاً كما فعل مع الثلاثة قبله.
5- في المحرمات أو المندوبات والمباحات فإن الإسراف مذموم حتّى في المندوبات والمباحات.
6- أي أمر طلاقها وتسريحها.

2 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن عبد اللّه بن إبراهيم، عن جعفر بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أربعة لا تستجاب لهم دعوة : رجل جالس في بيته يقول: اللّهمّ ارزقني فيقال له : ألم آمرك بالطلب، ورجل كانت له امرأة فدعا عليها فيقال له : ألم أجعل أمرها إليك، ورجل كان له مال فأفسده فيقول: اللّهمّ ارزقني، فيقال له : ألم أمرك بالاقتصاد، ألم آمرك بالاصلاح (1)، ثمّ قال : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) (2) ورجل كان له مال فأدانه بغير بينة فيقال له : ألم أمرك بالشهادة (3).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عمر [ان] بن أبي عاصم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله

3 - الحسين بن محمّد الأشعري عن معلى بن محمّد عن الوساء، عن عبد اللّه بن سنان عن الوليد بن صبيح قال: سمعته يقول : ثلاثة تردُّ عليهم دعوتهم : رجلٌ رزقه اللّه مالاً فأنفقه في غير وجهه ثمّ قال : يا رب ارزقني، فيقال له : ألم أرزقك، ورجل دعا على امرأته وهو لها ظالم (4) فيقال له : ألم أجعل أمرها بيدك، ورجلٌ جلس في بيته وقال يا ربّ ارزقني فيقال له : ألم أجعل لك السبيل إلى طلب الرّزق.

باب الدعاء على العدو

1 - عدَّة من من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه ابن جبلة، عن إسحاق بن عمّار قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) جاراً لي وما ألقى منه، قال : فقال لي : أدْعُ عليه، قال : ففعلت فلم أر شيئاً (5)، فعدت إليه فشكوت إليه فقال لي : ادع

ص: 479


1- أي إصلاح المال والعمل على حفظه وتنميته من طرق الحلال وحسن التصرف فيه. والاقتصاد: عدم الإسراف وعدم التقتير وعدم الإفراط وعدم التفريط.
2- الفرقان / 67. لم يسرفوا : أي لم يتجاوزوا الحد الّذي أباحه اللّه إلى ما فوقه والإقتار : ما قصر عن أمر اللّه تعالى والقوام الوسط ما بين ذلك. وقيل غير ذلك.
3- إشارة إلى آية المداينة وهي الآية 282 من سورة البقرة وأولها : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ...).
4- «إنما كان ظالماً لها بسبب الدعاء عليها لأن دعاءه عليها مع قدرته على التخلص بوجه آخر ظلم: المازندراني 263/10.
5- أي لم يستجب دعائي. ولم يتحقق شيء ممّا دعوت به عليه.

عليه قال : فقلت : جعلت فداك قد فعلت فلم أرشيئاً، فقال : كيف دعوت عليه ؟ فقلت : إذا لقيته دعوت عليه، قال : فقال : أدع عليه إذا أدبر (1) و [إذا] استدبر، ففعلت فلم ألبث حتّى أراح اللّه منه.

2 - وروي عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا دعا أحدكم على أحد قال : اللّهمّ أطرقه ببليّة (2) لا أخت لها وأبح حريمه (3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم عن مالك ابن عطية، عن يونس بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ لي جاراً من قريش من آل محرِز قد نوه (4) باسمي وشهرني (5) كلّما مررت به قال هذا الرافضي يحمل الأموال إلى جعفر بن محمّد. قال : فقال (6) لي : فادع اللّه عليه إذا كنت في صلاة الليل وأنت ساجد في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوليين، فاحمد اللّه عزّ وجلّ ومجده وقل: اللّهمّ إنَّ فلان بن فلان قد شهرني ونوه بي وغاظني وعرضني للمكاره، اللّهمّ اضربه بسهم (7) عاجل تشغله به عني، اللّهمّ وقرب أجله، واقطع أثره، وعجّل ذلك يا ربّ الساعة الساعة، قال: فلما قدمنا الكوفة قدمنا ليلاً فسأنت أهلنا عنه قلت ما فعل فلان؟ فقالوا: هو مريض فما انقضى آخر كلامي حتّى سمعت الصياح من منزله وقالوا : قد مات.

4 - أحمد بن محمّد الكوفي، عن عليّ بن الحسن الّتيمي، عن عليّ بن أسباط، عن يعقوب بن سالم قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له العلاء بن كامل : إنَّ فلاناً يفعل بي ويفعل (8)، فإن رأيت أن تدعو اللّه عزّ وجلّ فقال : هذا ضعف بك قل : اللّهمّ إنك تكفي من كلّ

ص: 480


1- الإدبار ضد الإقبال.
2- أي اضربه ودقه ببلية. والطروق الّذي يأتي في الليل سمي بذلك لأنه يحتاج إلى أن يدق الباب، والطوارق: النوازل والمصائب الّتي تحصل ليلا. وقد تقال على المصائب بشكل عام.
3- «الحريم ما يختص بالرجل ولا يحلّ لغيره التصرف فيه إلّا بإذنه.... وحرمة الرجل حرمه وأهله وهو كناية عن استيلاء الأعادي عليه وكشف معايبه وإذلاله» مرآة المجلسي 178/12.
4- نوّه به تنويهاً - كما في القاموس - رفع ذكره وعظمه، والمقصود هنا ليس التعظيم بل النيل منه بكشف عقيدته للنيل منه.
5- الشهرة والتشهير إعلان الشيء وإظهاره في شنعة حتّى يشيع ويذيع بين النّاس
6- أي الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- السهم استعمل هنا بمعنى المصيبة على نحو الاستعارة.
8- كناية عن إصراره على أذيته ومضايقته.

شيء ولا يكفي منك شيء، فاكفني أمر فلان بم شئت وكيف شئت و [من] حيث شئت وأنّى شئت.(1)

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي نجران، عن حماد بن عثمان عن المسمعي قال : لما قتل داود بن عليّ (2) المعلى بن خنيس قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لأدعونً اللّه على من قتل مولاي وأخذ مالي، فقال له دواد بن عليّ : إنك لتهددني بدعائك ؛ قال حماد : قال المسمعي : فحدّثني معتب أنَّ أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يزل ليلته راكعاً وساجداً فلما كان في السحر سمعته يقول وهو ساجد: «اللّهمّ إنّي أسألك بقوتك القوية وبجلالك (3) الشديد الّذي كلّ خلقك له ذليل أن تصلّى على محمّد وأهل بيته، وأن تأخذه الساعة الساعةَ»، فما رفع رأسه حتّى سمعنا الصيحة في دار داود بن عليّ، فرفع أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) رأسه وقال: إني دعوت اللّه بدعوة بعث اللّه عزّ وجلّ عليه ملكاً فضرب رأسه بمرزبة (4) من حديد انشقت منها مثانته فمات.

باب المُبَاهَلَة

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حكيم، عن أبي مسروق (5)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت : إنا نكلم النّاس فنحتج عليهم بقول اللّه عزّ وجلّ : : (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فيقولون : نزلت في أمراء السرايا (6)، فنحتج عليهم بقوله عزّ وجلّ: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ إلى آخر الآية) (7) فيقولون : نزلت في المؤمنين؛ ونحتج عليهم بقول اللّه عزّ وجلّ: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (8) فيقولون : نزلت في قربى المسلمين، قال: فلم أدع شيئاً ممّا حضرني ذكره من هذه

ص: 481


1- «بم، إشارة إلى سبب الأخذ والكفاية، وكيف إلى كيفيتهما، وحيث إلى مكانهما وأنّى إلى زمانهما... والظاهر أن معنى من حيث شئت من أي جهة وناحية شئت..» مرآة المجلسي 181/12.
2- هو والي السفاح العباسي على المدينة.
3- الجلال: العظمة.
4- المرزبة : المطرقة الّتي تكسر بها الأحجار وأشباهها.
5- واسمه عبد اللّه النهدي.
6- السرايا: جمع سرية : وهي - كما في النهاية - طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو. سموا بذلك لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم من الشيء السري النفيس. وكأنهم - عند هؤلاء - المقصودون بأولي الأمر.
7- المائدة/ 55.
8- الشورى / 23.

وشبهه إلّا ذكرته، فقال لي : إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة (1)، قلت: وكيف أصنع؟ قال : أصلح نفسك ثلاثاً(2) وأظنه قال : وصم (3) واغتسل (4) وأبرز أنت وهو إلى الجبان(5)، فشبّك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه (6)، ثمّ أنصفه وابدأ بنفسك (7) وقل: (اللّهمّ ربَّ السّماوات السبع وربَّ الأرضين السبع عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، إن كان أبو مسروق جحد حقاً وادعى باطلاً فأنزل عليه حُسْبانا (8) من السماء أو عذاباً أليماً)، ثمّ ردَّ الدَّعوة عليه فقل: ﴿وإن كان فلان جحد حقاً وادَّعى باطلاً فأنزل عليه حسباناً من السماء أو عذاباً أليماً) ثمّ قال لي : فإنّك لا تلبث أن ترى ذلك فيه، فواللّه ما وجدت خلقاً يجيبني إليه (9).

2 - عدة عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران، عن مخلّد أبي الشكر، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الساعة الّتي تباهل فيها ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس (10).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن محمّد بن إسماعيل، عن مخلّد أبي الشكر، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

3 - أحمد، عن بعض أصحابنا في المباهلة قال : تشبك أصابعك في أصابعه ثمّ تقول : (اللّهمّ إن كان فلان جحد حقاً وأقر بباطل فأصبه بحسبان من السماء أو بعذاب من عندك). وتُلاعنه سبعين مرَّة (11).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن أبي

ص: 482


1- المباهلة : - كما في النهاية - الملاعنة، وهو أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولون : لعنة اللّه على الظالم منا.
2- أي ثلاث ليال وإصلاح النفس بتهذيبها وحملها على الاستغفار والتوبة والدعاء والتهجد.
3- أي في الأيّام الثلاثة الّتي هي نهارات الليالي الثلاث.
4- أي قبل الخروج إلى المباهلة.
5- الجبان المصلى في الصحراء، وقد تسمى المقبرة بالجبانة لأنها غالباً ما تكون في تلك الأزمنة في الصحراء، تسمية للشيء باسم موضعه.
6- أي في أصابع يده اليمنى أيضاً.
7- هذا توضيح لإنصافه له، والإنصاف العدل.
8- الحُسبان : الصاعقة. والشر، والعذاب.
9- هذا من كلام أبي مسروق والمعنى لم أجد من يجرؤ على أن يباهلني.
10- هذا هو أفضل أوقات المباهلة، لأنه مظنة استجابة الدعاء، وإلا فيجوز المباهلة في غيره من الأوقات.
11- «الظاهر كون العدد في مجلس واحد. وقيل : يعني إن لم تقع الاستجابة في المرة الأولى لاعنه مرة ثانية وهكذا»مرأة المجلسي 188/12.

العباس، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في المباهلة قال : تشبك أصابعك في أصابعه ثمّ تقول : (اللّهمّ إن كان فلان جحد حقاً وأقر بباطل فأصبه بحسبان من السماء أو بعذاب من عندك). وتلاعنه سبعين مرة.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة(1)، عن بعض أصحابه قال : إذا جحد الرجل الحق فإن أراد أن تلاعنه قل: اللّهمّ ربَّ السماوات السبع وربَّ الأرضين السبع وربَّ العرش العظيم، إن كان فلان جحد (2) الحق وكفر به فأنزل عليه حسباناً من السماء أو عذاباً أليماً).

باب ما يمجد به الرب تبارك وتعالى نفسه

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ اللّه عزّ وجلّ ثلاث ساعات في الليل وثلاث ساعات في النّهار يمجد فيهنَّ نفسه، فأول ساعات النهار حين تكون الشمس هذا الجانب يعني من المشرق مقدارها من العصر يعني من المغرب إلى الصلاة الأولى (3)، وأول ساعات الليل في الثلث الباقي من الليل إلى أن ينفجر الصبح (4) يقول : إني أنا اللّه رب العالمين، إنّي أنا اللّه العلي العظيم إني أنا اللّه العزيز الحكيم إنّي أنا اللّه الغفور الرحيم، إنّي أنا اللّه الرّحمن الرّحيم، إنّي أنا اللّه مالك يوم الدين، إنّي أنا اللّه لم أزل ولا أزال إني أنا اللّه خالق الخير والشر إني أنا اللّه خالق الجنّة والنار، إنِّي أنا اللّه بديء كلّ شيء وإلي يعود إنِّي أنا اللّه الواحد الصمد، إنّي أنا اللّه عالم الغيب والشهادة إنّي أنا اللّه الملك القدوس(5) السلام المؤمن(6) المهيمن العزيز الجبار المتكبر، إنّي أنا اللّه الخالق الباريء المصوّر لي الأسماء الحسنى، إنّي أنا اللّه الكبير

ص: 483


1- هو المفضّل بن صالح.
2- الجمود - كما قال الجوهري - الإنكار مع العلم.
3- هي صلاة الظهر، هنا.
4- «وتفصيل القول : إنه قد يقسم مجموع الليل والنهار أربعاً وعشرين ساعة متساوية وتسمى بالساعات المسوّية، وكل يقسم كلّ من الليل والنهار اثنتي عشرة ساعة متساوية في أي فصل كان وتسمى بالساعات المعوجة، وكأنها المراد هنا، وقد يطلق على مقدار قليل من الليل أو النهار اختص بحكم أو حالة كما ورد أن ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة وإن بين العشائين ساعة فليست هي من الساعات المسوّية ولا المعوجة» مرآة المجلسي 190/12.
5- الطاهر المنزه.
6- أي المؤمن لعباده يوم القيامة من العذاب.

المتعال. قال : ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من عنده والكبرياء رداؤه فمن نازعه شيئاً من ذلك أكبّه اللّه في النار، ثمّ قال : ما من عبد مؤمن يدعو بهنَّ مقبلاً قلبه إلى اللّه عزّ وجلّ إلّا قضى حاجته، ولو كان شقيّاً رجوت أن يحول سعيداً.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن عبد اللّه بن بكير، عن عبد اللّه بن أعين، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ اللّه تبارك وتعالى يمجد نفسه في كلّ يوم وليلة ثلاث مرات، فمن مجد اللّه بما مجد به نفسه ثمّ كان في حال شقوة حوله اللّه عزّ وجلّ إلى سعادة، يقول : أنت اللّه لا إله إلّا أنت ربُّ العالمين، أنت اللّه لا إله إلّا أنت الرَّحمن الرّحيم، أنت اللّه لا إله إلّا أنت العزيز [العليُّ ] الكبير، أنت اللّه لا إله إلّا أنت مالك يوم الدين، أنت اللّه لا إله إلّا أنت الغفور الرحيم، أنت اللّه لا إله إلّا أنت العزيز الحكيم، أنت اللّه لا إله إلّا أنت منك بدء الخلق وإليك يعود، أنت اللّه [الّذي] لا إله إلّا أنت لم تزل ولا تزال، أنت اللّه [الّذي] لا إله إلّا أنت خالق الخير والشر، أنت اللّه لا إله إلّا أنت خالق الجنّة النار، أنت اللّه لا إله إلّا أنت أحدٌ صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، أنت اللّه لا إله إلّا أنت الملك القدوس السّلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان اللّه عما يشركون، هو اللّه الخالق الباريء المصوّر له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم - إلى آخر السورة (1) - أنت اللّه لا إله إلّا أنت الكبير؛ والكبرياء رداؤك.

باب من قال لا إله إلا اللّه

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما من شيء أعظم ثواباً(2) من شهادة أن لا إله إلّا اللّه، إنَّ اللّه عزّ وجلّ لا يعدله شيء ولا يشركه في الأمور أحدٌ.

2 - عنه، عن الفضيل بن عبد الوهاب عن إسحاق بن عبيد اللّه، عن عبيد اللّه بن الوليد الوصافي رفعه قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من قال: «لا إله إلّا اللّه. غُرسَت له شجرةً

ص: 484


1- أي سورة الحشر وآخرها آخر ما ذكر في الحديث، والظاهر أن ابتداء القراءة من الآية 23 حتّى آخر الآية 24 من هذه السورة. ولكن الآية 23 أولها : (هو اللّه الّذي لا إله إلّا هو الملك...) ولكن لا بد من الالتزام فيها بالصيغة الّتي وردت في التمجيد عن المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- وجه الأعظمية أن هذه الكلمة هي كلمة التوحيد الدالة على اتصافه بجميع صفات الكمال للّه سبحانه.

في الجنّة من ياقوتة حمراء، منبتها (1) في مسك أبيض، أحلى (2) من العسل وأشد بياضاً من الثلج وأطيب ريحاً من المسك فيها أمثال ثدي الأبكار(3)، تعلو عن سبعين حلة».

وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «خير العبادة قول : لا إله إلّا اللّه».

وقال: خير العبادة الاستغفار وذلك قول اللّه عزّ وجلّ في كتابه : «فاعلم أنّه لا إله إلّا اللّه واستغفر لذنبك» (4).

باب من قال لا إله إلا اللّه واللّه أكبر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عیسی رفعه عن حريز، عن يعقوب القمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ثمن الجنّة لا إله إلّا اللّه واللّه أكبر (5).

باب من قال لا إله إلا اللّه وحده وحده وحدَه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد، عن عليّ بن النعمان عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : طوبی (6) لمن قال من أمتك : (لا إله إلّا اللّه وحده وحده وحده) (7).

ص: 485


1- أي أرض الجنّة.
2- وصف لثمرتها.
3- «أي في الشجرة أثمار مشبهة بثدي الأبكار في الهيئة والمقدار وكأن المراد بها الرمان» المازندراني 271/10. «وقيل : المراد أن ثمرتها شبيهة بثدي بكر تكون تحت سبعين حجاباً تحفظها عن الغبار والكثافة ونظر الأجانب مبالغة في صفاء تلك الثمرة وطراوتها» مرآة المجلسي 198/12.
4- مر ذكر أن قول لا إله إلّا اللّه خير العبادة ولكن منضماً إلى الاستغفار مع استشهاده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بنفس الآية. في الحديث رقم (6) من باب الاستغفار وعلقنا عليه فراجع.
5- «أي من كلّ شيء، أو من أن يوصف والبايع هو اللّه سبحانه والمشتري هو العبد والثمن هذه الكلمة الشريفة مع شرائطها ومنها الإقرار بالرسالة والولاية لأهلهما» مرآة المجلسي 12 / 200.
6- طوبی - كما في النهاية - اسم الجنّة واسم شجرة فيها. وقيل هي فعلى من الطيب لا من الجنّة ولا الشجرة.
7- تكرار وحده للتأكيد والمبالغة في تفرده وواحديته ووحدانيته.

باب من قال : لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له - عشراً -

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عمرو بن عثمان ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن ابن مسكان عن أبي بصير ليث المرادي، عن عبد الكريم بن عُتْبَة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول: من قال عشر مرات(1) قبل أن تطلع الشمس وقبل غروبها : (لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير) كانت كفارة لذنوبه ذلك اليوم (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عمّن ذكره، عن عمر بن محمّد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من صلّى الغداة فقال قبل أن ينقض(3) «ركبتيه عشر مرات : لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي [وهو حي لا يموت] بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير. وفي المغرب مثلها، لم يلق اللّه عزّ وجلّ عبد بعمل أفضل من عمله إلّا من جاء بمثل عمله» (4).

باب من قال: أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعيد، عن أبي عبيدة الحذاء،

ص: 486


1- «اعلم أنّه إذا رتب الثواب على عدد معين فالظاهر أنّه لا يترتب على أقل أو أكثر وبه صرح ابن طاووس (رضیَ اللّهُ عنهُ) وغيره... ثمّ قيل: إن الأولى تمام العدد من غير فصل بكلام اجنبي...» المازندراني 273/10.
2- «لعل المراد باليوم اليوم مع ليلته، فيكون ما قاله قبل طلوع الشمس كفارة لذنوب الليل وما قاله قبل غروبها كفارة الذنوب النهار، ولو كان المراد اليوم فقط كان ناظراً إلى قبل غروبها، وأحال الأوّل على الظهور. والظاهر أن المراد بالذنوب أعم من الصغيرة والكبيرة» مرآة المجلسي 203/12.
3- النقض: الهدم وأستعير هنا لتغيير وضع الركبتين عن الحالة الّتي كانت عليها في حال التشهد والتسليم، وفي بعض النسخ أن يقبض وهو قريب من الأول» .ن.م.
4- «إن قيل : الاستثناء يفيد أن عمل من جاء بمثل عمله أفضل من عمله والمثلية تقتضي المساواة فبينهما تناف، قلت : المراد بالأفضلية هنا المساواة مجازاً، كما يقال : ليس في البلد أفضل من زيد، والمراد نفي المساواة، وأنه أفضل ممّن عداه، وهذا شايع، فالمعنى : لم يلق اللّه عبد بعمل مساو لعمله في الفضيلة والكمال إلّا من جاء بمثل عمله».

عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله. كتب اللّه (1) له ألف ألف حسنة.

باب من قال عشر مرات في كلّ يوم: أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له إلها واحداً أحداً صمداً، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد العزيز العبدي، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال في كلّ يوم عشر مرات : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له إلها واحداً أحداً (2) صمداً، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً. كتب اللّه له خمسة وأربعين ألف حسنة، ومحا عنه خمسة وأربعين ألف سيئة، ورفع له خمسة وأربعين ألف درجة.

وفي رواية أخرى وكنَّ له حرزاً في يومه من السلطان والشيطان، ولم تحط به كبيرة من الذُّنوب (3).

باب من قال : يا اللّه يا اللّه - عشر مرات -

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن أيّوب بن الحر أخي أديم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قال : يا اللّه يا اللّه - عشر مرات - قيل له : لبّيك(4) ما حاجتك.

باب من قال : لا إله إلا اللّه حقاً حقاً

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى الأرميني، عن أبي

ص: 487


1- نسبة الكتابة إلى اللّه على نحو المجاز باعتبار أنّه الأمر بها، والملك المباشر.
2- الواحد : الّذي ليس معه اخر والأحد المتفرد بالذات الّذي تستحيل عليه القسمة ولا يقبل التجزيء. لأنه البسيط من جميع الجهات.
3- أي لم تستول عليه بحيث توقعه في الإصرار عليها.
4- هذا من باب الاستعارة لبيان كونه أهلا لاستجابة دعوته وتحقيق رغبته.

عمران الخراط، عن الأوزاعي (1)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قال في كلّ يوم : لا إله إلّا اللّه حقاً حقاً (2) لا إله إلّا عبودية ورقاً (3)، لا إله إلّا اللّه إيماناً وصدقاً. أقبل اللّه عليه بوجهه (4) ولم يصرف وجهه عنه حتّى يدخل الجنّة.

باب من قال: يا رب يا رب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن عيسى، عن أيّوب ابن الحر أخي أديم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال عشر مرات : يا رب يا ربِّ (5) قيل له : لبّيك ما حاجتك.

2 - أحمد بن محمّد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران قال : مرض إسماعيل بن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قل : يا ربُّ يا ربُّ - عشر مرات - فإنَّ من قال ذلك نودي لبّيك ما حاجتك.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن معاوية، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قال : يا رب يا اللّه يا رب يا اللّه. حتّى ينقطع نفسه قيل له : لبّيك ما حاجتك.

باب من قال : لا إله إلا اللّه مخلصاً

1 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد ؛ وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن

ص: 488


1- الأوزاعي : عبد الرحمن بن عمرو بن محمّد من كبار علماء العامة، وكنيته أبو عمرو، كان يسكن بيروت وقبره معروف في محلة منها سميت باسمه.
2- إما حال مؤكدة من لفظ الجلالة، أو مفعول مطلق لفعل محذوف أي : حق حقاً، والتكرار للتأكيد.
3- كلّ منهما معقول لأجله بفعل محذوف أي أقول هذا القول لأجل عبوديتي ورقي لك.
4- كناية عن حبه له ورضاه به.
5- «(والرب): أقرب الأسماء إلى الاسم الأعظم لذا لم يذكر اللّه دعاء من أدعية الأنبياء والصالحين إلّا افتتحها به كقوله : (ربنا ظلمنا أنفسنا) (ربنا آتنا من لدنك رحمة). (ربنا اصرف عنا ربنا لا تؤاخدنا). (رب إني مسني الضر) ومثله كثير، وفيه استعطاف لما فيه من الدلالة على تربية كلّ شيء وتكميله وحفظه وإخراجه من حد النقص إلى الكمال بحسب ما يليق بحاله» مرآة المجلسي 208/12.

محمّد، جميعاً عن الوشّاء عن أحمد بن عائذ عن أبي الحسن السواق(1)، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: يا أبان إذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث : من شهد أن لا إله إلّا مخلصاً (2) وجبت له الجنّة، قال : قلت له : إنّه يأتيني من كلّ صنف من الأصناف أفأروي لهم هذا الحديث؟ قال : نعم يا أبان إنه إذا كان يوم القيامة وجمع اللّه الأولين والآخرين فتسلب (3) لا إله إلّا اللّه منهم إلّا من كان على هذا الأمر (4).

باب مَن قال : ما شاء اللّه لا حول ولا قوة إلا باللّه

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا دعا الرَّجل فقال بعد ما دعا : ما شاء اللّه (5) لا حول ولا قوة إلّا باللّه (6). قال اللّه عزّ وجلّ : استبسل عبدي (7) واستسلم لأمري اقضوا حاجته.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن بعض أصحابه عن جميل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : من قال: ما شاء اللّه لا حول ولا قوة إلّا باللّه - سبعين مرّة - صرف عنه سبعين نوعاً من أنواع البلاء أيسر ذلك الخنق، قلتُ : جعلت فداك وما الخنق ؟ قال : لا يعتلّ بالجنون فيُخْنَق (8).

ص: 489


1- واسمه عليّ بن محمّد بن عليّ بن عمر بن رباح بن قيس.
2- أي شهد بذلك حال كونه مخلصاً اللّه في شهادته تلك ومخلصاً له الدين وهذا ما يسمى بإيمان التصديق، المشروط بشرائط من جملتها التصديق بالرسول والرسالة والولاية لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) كما أشار إليه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ذيل الحديث، وبذلك تجب له الجنّة.
3- «المراد بالسلب إما نسيانها أو عدم ترتب أثرها عليها، أو عدم انطلاق لسانه بها كما أنهم يوم القيامة يريدون أن يسجدوا وهم لا يستطيعون (وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) القلم / 43.» مرآة المجلسي211/12.
4- أي والتشيع وولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
5- «أي ما شاء اللّه كان أو أشاء ما شاء اللّه» المازندراني 277/10.
6- يعني لا تحول لنا عن المعاصي ولا قوة لنا على الطاعات إلّا بعون اللّه وتوفيقه. وقد مر ما يؤكد هذا المعنى في بعض أبواب كتاب التوحيد من المجلد الأوّل من هذا الكتاب فراجع.
7- استبسل - كما في القاموس - طرح نفسه للحرب يريد أن يقتل أو يُقتل. وهو هنا كناية عن أقصى درجات الانقياد والتسليم والمسكنة اللّه.
8- «كان المعنى : أن مقصودي من الخنق هذا النوع منه وهو الّذي يحصل من الجنون كالصرع مرآة المجلسي 12/214. والاعتلال: أن تصيبه علّة. وفي بعض النسخ (لا يقتل) أي لا يُلوى. وفي بعض النسخ أيضاً (الحُبون) جمع الجبن وهو خراج كالدمل وما يعتري في الجسد فينيح ويرم. (والحَبَن) داء في البطن يعظم منه ويرم - قاله في القاموس -.

باب من قال : استغفر اللّه الّذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه

1 - محمّد - بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الصمد، عن الحسين بن حماد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال في دُبُر صلاة الفريضة قبل أن يثني رجليه : أستغفر اللّه الّذي لا إله إلّا هو الحيُّ (1) القيوم (2) ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه = ثلاث مرات - غفر اللّه عزّ وجلّ له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.

باب القول عند الإصباح والإمساء

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن أسباط، عن غالب بن عبد اللّه، عن أبي - عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه تبارك وتعالى : (وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) (3) قال هو الدُّعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وهي ساعة إجابة.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن جابر، - عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنَّ إبليس عليه لعائن اللّه يبثَّ جنود الليل من حيث تغيب الشمس وتطلع، فأكثروا ذكر اللّه عزّ وجلّ في هاتين الساعتين وتعوذوا باللّه من شر إبليس وجنوده، وعوّذوا صغاركم في تلك الساعتين فإنهما ساعتا غفلة (4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية عن رزين صاحب الأنماط (5)، عن

ص: 490


1- الحي : الفعّال المدرك.
2- أي القائم بلا زوال ويقال هو القيوم على كلّ شيء بالرعاية من قمت بالشيء إذا توليته بنفسك وتوليت حفظه وإصلاحه وتدبيره» المازندراني 279/10.
3- الرعد / 15. يقول : ويسجد أيضاً ظلال كلّ من يسجد اللّه طوعاً وكرها بالغدوات والعشايا فظل المؤمن يسجد طائعاً وظل الكافر يسجد كارها، و (الأصال) جمع (أصل) وهذا جمع (أصيل) وهو العشي. والعشي ما بين العصر إلى غروب الشمس والغُدُوِّ : جمع الغدوة وهي البكرة. أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس.
4- أي سهو وعدم التفات. يغفل النّاس غالباً فيهما عن ذكر اللّه سبحانه ويحتمل أنّه إشارة إلى قوله تعالى في. الآية 205 من سورة الأعراف : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ).
5- ويقال : بياع الأنماط والأنماط جمع نمط: وهو ظهارة فراش ما وضَرْب من البسط، ووعاء كالشفط.

أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال : اللّهمّ إني أشهدك وأشهد ملائكتك المقربين وحملة عرشك المصطفين أنك أنت اللّه لا إله إلّا أنت الرَّحمن الرّحيم وأنَّ محمّداً عبدك ورسولك، وأنَّ فلان بن فلان إمامي وولي، وأنَّ أباه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعلياً والحسن والحسين وفلاناً وفلاناً - حتّى ينتهي إليه - أئمتي وأوليائي على ذلك أحيا وعليه أموت وعليه أبعث يوم القيامة وأبرأ من فلان وفلان وفلان. فإن مات في ليلته (1) دخل الجنّة.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال؛ وبكر بن محمّد، عن أبي إسحاق الشعيري (2)، عن يزيد بن كلثمة، عن أبي عبد اللّه أو عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : تقول إذا أصبحت أصبحت باللّه مؤمناً على دين محمّد وسنته ودين علي وسنته، ودين الأوصياء وسنتهم، آمنت بسرهم وعلانيتهم (3)، وشاهدهم وغائبهم وأعوذ باللّه ممّا استعاذ منه رسول، اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأوصياء، وأرغب إلى اللّه فيما رغبوا إليه، ولا حول ولا قوة إلّا باللّه

5 - عنه عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن أبي أيّوب إبراهيم بن عثمان الخزاز، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما كان إذا أصبح قال: «أبتدىء يومي هذا بين يدي نسياني وعجلتي(4) بسم اللّه وما شاء اللّه. فإذا فعل ذلك العبد أجزأه ممّا نسي في يومه».

6 - عنه، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن شهاب وسليم الفرّاء عن رجل عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال هذا حين يمسي حُفَّ بجناح من أجنحة جبرئيل (5) (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى يصبح : «أستودع اللّه العلي الأعلى الجليل العظيم (6) نفسي ومن يعنيني أمره، أستودع اللّه نفسي المرهوب المخوف (7) المتضعضع (8)

ص: 491


1- قد يكون هذا قرينة على أن هذا الدعاء من أدعية المساء لعدم التصريح بوقته في الحديث كسابقيه.
2- لقب بذلك لأنه كان يبيع الشعير.
3- «أي من ادعى منهم الإمامة ظاهراً كأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومن اتقى ولم يدع ظاهراً كسائر الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ). أو المراد بالسر العقايد وبالعلانية الأقوال والأعمال.. الخ» مرآة المجلسي 224/12.
4- «يعني ابتدىء وأقدم بين يدي نسياني عن الخيرات وسرعتي فيها هاتين الكلمتين الشريفتين...» المازندراني 281/10.
5- هذا كناية عن كونه - عند قوله ذاك - محفوظاً من جميع المكاره.
6- العليّ : المنزه عن صفات المخلوقين، تأكيد لعلوه أو بمعنى الغالب والجليل من صفات الكمال أو هو الحاوي على جميع صفات الجلال والعظيم هو ذو العظمة وهو راجع إلى كمال الذات والصفات.
7- «الفرق بين المرهوب والمخوف أن الرهبة ملاحظة العظمة من حيث هي والخوف بملاحظتها مع ملاحظة التقصير» مرآة المجلسي 227/12.
8- أي المنقاد المستسلم المتذلل.

لعظمته كلّ شيء - ثلاث مرات -.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وأبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحال عن عليّ بن عقبة وغالب بن عثمان عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا أمسيت قل: «اللّهمّ إني أسألك عند إقبال ليلك وإدبار نهارك وحضور صلواتك(1) وأصوات دعائك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد» وادع بما أحببت.

8 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من يوم يأتي على ابن آدم إلّا قال له ذلك اليوم (2) : يا ابن آدم أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد، فقل في خيراً واعمل في خيراً أشهد لك به يوم القيامة فإنّك لن تراني بعدها أبداً. قال : وكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا أمسى يقول : مرحباً بالليل الجديد والكاتب الشهيد اكتبا على اسم اللّه، ثمّ يذكر اللّه عزّ وجلّ.

9 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عبد اللّه بن بكير، عن شهاب بن عبد ربه قال: سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا تغيرت الشمس (3) فاذكر اللّه عزّ وجلّ، وإن كنت مع قوم يشغلونك فقم وادْعُ.

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي قرَّة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ثلاث تناسخها الأنبياء (4) من آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى وصلن إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان إذا أصبح يقول: اللّهمّ إني أسألك إيماناً تباشر به قلبي (5) ويقيناً(6) حتّى أعلم أنّه لا يصيبني إلّا ما كتبت لي (7)، ورضّني بما قسمت لي (8).

ورواه بعض أصحابنا وزاد فيه (9) وحتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت يا

ص: 492


1- أي صلاة العشائين وحدها أو مع نوافلها ونوافل صلاة الليل.
2- أي بلسان الحال أو أنّه الملك الموكل به بلسان المقال.
3- أي من حيث اصفرار لونها عند العصر.
4- أي توارثوها نبياً عن نبي. والمقصود بالثلاث ثلاث كلمات.
5- «وهو الإيمان المستقر فيه، وإنما طلبه لأن الإيمان المستودع قد يزول بأدنى تدليسات الشيطان ويطير بأدنى نفخاته» المازندراني 283/10.
6- أي علماً جازماً لا يقبل التزلزل، يتعلق بقضاء اللّه وقدره، بقرينة ما بعده.
7- أي قدرته علي وقضيته واثبته في اللوح المحفوظ.
8- ورضاه بما قسمه اللّه له عبارة عن قناعته به والانقياد والتسليم لأمره.
9- هذه الزيادة مرتبطة بثالث الكلمات (ورضّني.. الخ) لأنها ممّا يتفرع على الرضا والتسليم.

حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً وصلى اللّه على محمّد وآله».

11 - «و(1) [روي] عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «الحمد للّه الّذي أصبحنا والملك له، وأصبحت عبدك وابن عبدك وابن أمتك في قبضتك (2)، اللّهمّ ارزقني من فضلك رزقاً من حيث أحتسب (3) ومن حيث لا أحتسب، واحفظني من حيث أحتفظ ومن حيث لا أحتفظ، اللّهمّ ارزقني من فضلك ولا تعجل لي حاجة إلى أحد من خلقك، اللّهمّ البسني العافية وارزقني عليها الشكر يا واحد يا أحد يا صمد يا اللّه الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد يا اللّه يا رحمن يا رحيم يا مالك الملك ورب الأرباب وسيد السادات ويا اللّه [یا] لا إله إلّا أنت اشفني بشفائك من كلّ داء وسقم (4) فإني عبدك وابن عبدك أتقلب في قبضتك».

12 - عنه (5)، عن محمّد بن عليّ، رفعه إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه كان يقول: «اللّهمّ إنّي وهذا النهار خلقان من خلقك، اللّهمّ لا تبتلني به ولا تبتله بي (6)، اللّهمّ ولا تُرِهِ منّي جرأة على معاصيك ولا ركوباً لمحارمك، اللّهمّ اصرف عني الأزلَ واللأواء والبلوى (7) وسوء القضاء (8) وشماتة الأعداء ومنظر السوء (9) في نفسي ومالي».

قال: وما من عبد يقول حين يمسي ويصبح: رضيت باللّه رباً وبالإسلام ديناً وبمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نبياً وبالقرآن بلاغاً(10) وبعلي إماماً - ثلاثاً - إلّا كان حقاً على اللّه العزيز الجبار

ص: 493


1- يحتمل أن يكون عطفاً على سند الحديث السابق عليه.
2- كناية عن مدى إحاطة قدرة اللّه بالخلق وتسلطه عليهم.
3- أي أظن.
4- «يمكن حمل الداء على المرض النفساني والسقم على المرض الجسماني» المازندراني 284/10.
5- أي أحمد بن محمّد في سند الحديث السابق.
6- «كأنه طلب أن لا يصدر منه المعاصي فيه ولا ينزل فيه المصائب إليه، وبالجملة طلب حسن المعاشرة وعدم كون كل منهما بلية للآخر». المازندراني 10 / 285.
7- الأزل: الشدة والضيق اللاواء الشدة وضيق المعيشة واحتباس الرزق والبلوى : اسم لما يبتلى ويختبر به من المحنة والبلية والغم.
8- أي ما قضى اللّه سبحانه به عليه من المصائب. وقد مر أن الدعاء قد يكون سبباً في رد الأمر المقضي حيث لم يصل إلى مرتبة المشيئة والإرادة.
9- السوء : اسم من ساءه يسوءه، نقيض سره. والمعنى : يا رب اصرف عني النظر إلى ما يسووني ويحزنني في نفسي ومالي. وقد يراد به المصدر أي المنظر الّذي يسوء من نظر إليه. «وسوء النفس شامل للعيوب النفسانية والجسمانية والعاهات البدنية، وفي المال تلفه ونقصه أو الخسران فيه أو كساده بل كونه حراماً أو شبهة...» مرآة المجلسي 238/12.
10- أي عظة كافية بالغة.

أن يرضيه يوم القيامة.

قال : وكان يقول (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا أمسى : «أصبحنا اللّه شاكرين وأمسينا اللّه حامدين، فلك الحمد كما أمسينا لك مسلمين سالمين» (1).

قال : وإذا أصبح قال: «أمسينا اللّه شاكرين وأصبحنا اللّه حامدين والحمد اللّه كما أصبحنا لك مسلمين سالمين».

13 - عنه، عن عثمان بن عيسى عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول إذا أصبح : «بسم اللّه وباللّه وإلى اللّه وفي سبيل اللّه وعلى ملة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، اللّهمّ إليك أسلمتُ نفسي، وإليك فوضت أمري، وعليك توكلت يا رب العالمين، اللّهمّ احفظني بحفظ الإيمان من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي ومن قبلي (2)، لا إله إلّا أنت لا حول ولا قوة إلّا باللّه، نسألك العفو والعافية من كلّ سوء وشر في في الدنيا والآخرة اللّهمّ إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن ضغطة القبر ومن ضيق القبر (3)، وأعوذ بك من سطوات (4) الليل والنهار، اللّهمّ رب المشعر الحرام، وربَّ البلد الحرام، وربَّ الحل والحرام (5)، أبلغ محمّداً وآل محمّد عني السلام، اللّهمّ إني أعوذ بدرعك الحصينة، وأعوذ بجمعك أن تميتني غَرَقاً أو حَرْقاً أو شَرَقاً (6) أو قود (7) أو صبر (8) أو مسمّاً(9) أو

ص: 494


1- أي من الآفات والبلايا.
2- «السالك خائف من قطع الطريق من الشيطان ومن نفسه الأمارة بالسوء والشيطان يأتيه من الجهات الست بالوساوس والشبهات والنفس تعرض عليه سلوك سبيل المشتهيات فلم ير للتخلص منها مساغاً إلّا بأن يلجأ إلى اللّه ويطلب منه الحفظ من جميع تلك الجهات وما يخاف منه من قبل نفسه» المازندراني 286/10. والمراد بحفظ الإيمان والحفظ الّذي يقتضيه الإيمان ليشمل الحفظ عما يضر بالدين كما يشمل الحفظ عما يضر بالدنيا، أو أن المعنى : احفظني بما تحفظ به أهل الإيمان.
3- لعل تخصيص ضغطة القبر بعد ذكره عذاب القبر مع أنّها بعض صوره، باعتبارها من أشد صور عذابه وضيق القبر، ربما يكون كناية عن الضنك والشدة الّتي قد يكون الإنسان معرضاً لها بعد وضعه فيه فيكون حبساً له عن الانطلاق في عالم البرزخ الرحب حيث يلتقي مع أحبته ومعارفه.
4- السطوات: جمع سطوة وهي البطش والقهر وهي عبارة عن المصائب والبلايا الّتي تحدث في الليل والنهار.
5- الحلّ ما جاوز الحرم، فيكون المراد بالحرام هنا الحرم بحدوده المرسومة بأحكامها المختصة بها والمذكورة في كتب الفقه. وفي بعض النسخ (والإحرام) فيكون المراد بالجل : الإحلال من جميع ما كان محرماً عليه بالإحرام.
6- الشرق: مصدر شَرِق فلان بالماء ونحوه إذا غص به حتّى يموت.
7- أي قصاصاً.
8- الموت صبراً أي حبساً، بأن يرمى في السجن حتّى يدركه الموت.
9- أي بالسم.

ترديّاً في بئر، أو أكيل السبع، أو موت الفجأة، أو بشيء من ميتات السوء، ولكن أمتني على فراشي في طاعتك وطاعة رسولك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مصيباً للحق (1) غير مخطيء، أو في الصف الّذي نعتهم في كتابك (كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) (2) أعيذ نفسي وولدي وما رزقني ربي بقل أعوذ بربّ الفلق - حتّى يختم السورة - وأعيذ نفسي وولدي وما رزقني ربي بقل أعوذ برب النّاس - حتّى يختم السورة (3) - ويقول : الحمد للّه عدد ما خلق اللّه، والحمد للّه مثل ما خلق، والحمد للّه مِلءَ ما خلق، اللّه والحمد للّه مِداد كلماته (4) والحمد للّه زنة عرشه، والحمد اللّه رضا نفسه، ولا إله إلّا اللّه الحليم الكريم ولا إله إلّا اللّه العلي العظيم سبحان اللّه ربّ السماوات والأرضين وما بينهما وربّ العرش العظيم، اللّهمّ إني أعوذ بك من ذرك الشّقاء(5)، ومن شماتة الأعداء، وأعوذ بك من الفقر والوَقْر (6) وأعوذ بك من سوء المنظر في الأهل والمال والولد. ويصلّي على محمّد وآل محمّد» عشر مرات.

14 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من عبد يقول إذا أصبح قبل طلوع الشمس : «اللّه أكبر اللّه أكبر كبيراً وسبحان اللّه بكرة وأصيلاً، والحمد للّه رب العالمين كثيراً، لا شريك له وصلى اللّه على محمّد وآله» إلّا ابتدرهنَّ ملك (7) وجعلهنَّ في جوف جناحه وصعد بهنَّ إلى السماء الدُّنيا فتقول الملائكة : ما معك ؟ فيقول : معي کلمات قالهنَّ رجلٌ من المؤمنين وهي كذا وكذا، فيقولون : رحم اللّه من قال هؤلاء الكلمات وغفر له، قال : وكلّما مرَّ بسماء قال لأهلها مثل ذلك، فيقولون : رحم اللّه من قال هؤلاء الكلمات وغفر له حتّى ينتهي بهنَّ إلى حملة العرش، فيقول لهم: إن معي كلمات تكلّم بهنَّ رجلٌ من المؤمنين وهي كذا وكذا فيقولون : رحم اللّه هذا العبد وغفر له

ص: 495


1- أي للدين والولاية.
2- الصف : 4 والآية هكذا : (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) وصفاً : أي مصطفاً، مصطفين، والبنيان المرصوص الحيطان المينية، قد رُصَّت فأحكم بناؤها.
3- يحتمل أن يكون هذا الكلام للاختصار صادراً عن الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما يحتمل أنّه صادر عن أبي بصير أو غيره من الرواة. ومنهم المصنف (رضیَ اللّهُ عنهُ).
4- المداد مصدر بمعنى المدد وهو هنا كناية عن الكثرة، لأن كلماته تعالى لا تنتهي حتّى يصح ما قيل من أن المراد بمداد كلماته مثلها في العدد، أو أنّها مثلها في الكثرة.
5- الدرك الوصول واللحاق ودرك الشقاء في الدنيا التعب والنصب وفي الآخرة سوء العاقبة.
6- الوَقْر ذهاب السمع كله أو ثقل فيه.
7- «دلالة عن أن الملائكة يتنافسون في رفع أعمال العباد فيفهم أن الرافع لأعمالهم غير منحصر بالحفظة» المازندراني 289/10.

انطلق بهنّ إلى حفظة كنوز مقالة المؤمنين فإنَّ هؤلاء كلمات الكنوز (1) حتّى تكتبهنَّ في ديوان الكنوز.

15 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد من أصحابه، عن أبان بن عثمان، عن عيسى بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا أصبحت فقل: «اللّهمّ إني أعوذ بك من شر ما خلقت وذرأت وبرأت (2) في بلادك وعبادك، اللّهمّ إني أسألك بجلالك وجمالك وحلمك وكرمك كذا وكذا».

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن عبد اللّه بن ميمون عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن علياً صلوات اللّه عليه وآله كان يقول إذا أصبح : «سبحان اللّه الملك القدوس - ثلاثاً - اللّهمّ إني أعوذ بك من زوال نعمتك، ومن تحويل عافيتك، ومن فُجأة نَقْمتك (3)، ومن دَرك الشقاء، ومن شر ما سبق (4) في الليل، اللّهمّ إني أسألك بعزة ملكك، وشدة قوتك، وبعظيم سلطانك وبقدرتك على خلقك. ثمّ سل حاجتك.

17 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد عن الحسين بن المختار، عن العلاء بن کامل قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول (5) عند المساء : لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو على كلّ شيء قدير. قال : قلت : بيده الخير، قال : إن بيده الخير ولكن قل كما أقول [لك] عشر مرات، وأعود باللّه السميع العليم حين تطلع الشمس وحين تغرب عشر مرات.

18 - علي، عن أبيه، عن حماد، عن حريز عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: يقول بعد الصبح : الحمد اللّه ربّ الصباح ؛ الحمد للّه فالق الأصباح (6) - ثلاث مرات - اللّهمّ افتح لي باب الأمر الّذي فيه اليسر والعافية، اللّهمّ هتىء لي سبيله وبصرني مخرجه، اللّهمّ إن كنت قضيت لأحد من خلقك علي مقدّرة (7) بالشرّ فخذه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن

ص: 496


1- «قيل : الإضافة بيانية، وتسميتها بالكنوز باعتبار ادخار ثوابها لصاحبها أو باعتبار نفاستها وعظم قدرها فإنما يكنز ما يضنّ به وكان نفيساً عزيزاً عند صاحبه» مرآة المجلسي 251/12.
2- الخلق في الأصل هو التقدير، والذره خاص بخلق الذرية والبرء الخلق من غير مثال يُحتذى
3- النقمة: العقوبة.
4- أي قدّر في الليل من البليات والمصائب سواء كان نزولها فيه أو في النهار.
5- يحتمل أن يكون قطع الآية هنا وعدم إكمالها من الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو من الراوي مراعاة للاختصار.
6- أي الحمد اللّه شاق الصبح من ظلمة الليل وسواده.
7- أي قدرة وقوة.

شماله ومن تحت قدميه ومن فوق رأسه، واكفنيه بما شئت ومن حيث شئت وكيف شئت».

19 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي، إسماعيل السِّرَّاج عن الحسين بن المختار عن رجل عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قال إذا أصبح: «اللّهمّ إنِّي أصبحت في ذمتك وجوارك (1)، اللّهمّ إني أستودعك ديني ونفسي ودنياي وآخرتي وأهلي ومالي، وأعوذ بك يا عظيم من شر خلقك جميعاً، وأعوذ بك من شر ما يبلس (2) به إبليس وجنوده». إذا قال هذا الكلام لم يضره يومه ذلك شيء، وإذا أمسى فقاله لم يضره تلك الليلة شيء إن شاء اللّه تعالى.

20 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا صليت المغرب والغداة فقل : بسم اللّه الرّحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم. - سبع مرات -، فإنّه من قالها لم يصبه جُذام ولا بَرَص ولا جنون ولا سبعون نوعاً من أنواع البلاء، قال: وتقول إذا أصبحت وأمسيت الحمد لربّ الصباح، «الحمد لفالق الإصباح – مرتين -، الحمد للّه الّذي أذهب الليل بقدرته وجاء بالنهار برحمته ونحن في عافية». ويقرأ آية الكرسي (3)، وآخر الحشر (4)، وعشر آيات من الصافات (5) وسبحان ربك ربّ العزّة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد للّه ربّ العالمين، فسبحان اللّه حين تُمْسُونَ وحين تُصبِحُونَ وله الحمد في السّماوات والأرض وعشيّاً وحين تُظهرون يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تُخْرَجون، سُبوح قدوس رب الملائكة والرّوح سبقت رحمتك غضبك لا إله إلّا أنت سبحانك إني عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم».

21 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «اللّهمّ لك الحمد أحْمَدُكَ وأستعينك وأنت ربي وأنا عبدك، أصبحت على عهدك

ص: 497


1- الذّمة العهد والكفالة والجوار الأمان وإعطاء الذمة.
2- أبلس: تحير وتحزن وسكت ويئس والمعنى ما يئس إبليس به من رحمة اللّه، وهو العُجب والكبر والتمرد على اللّه.
3- الأحوط أنّها إلى قوله : (هم فيها خالدون).
4- أي آخر آية منها ورقمها في المصحف / 24 وهي هو اللّه الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
5- أي من أولها إلى قوله تعالى (شهاب ثاقب).

ووعدك وأؤمن بوعدك وأوفي بعهدك ما استطعت ؛ ولا حول ولا قوة إلّا باللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله، أصبحت على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص، وملّة إبراهيم ودین محمّد، على ذلك أحيا وأموت إن شاء اللّه، اللّهمّ أحيني ما أحييتني به وأمتني إذا أمتني على ذلك وابعثني إذا بعثتني على ذلك، أبتغي بذلك رضوانك واتباع سبيلك، إليك ألجأت ظهري وإليك فوضت أمري، آل محمّد أئمتي ليس لي أئمّة غيرهم، بهم أنتم وإياهم أتولّى وبهم اقتدي، اللّهمّ اجعلهم أوليائي في الدنيا والآخرة، واجعلني أوالي أولياءهم وأعادي أعداءهم في الدنيا والآخرة وألحقني بالصّالحين وآبائي معهم».

422 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له علمني شيئاً أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت فقال: قل: «الحمد للّه الّذي يفعل ما يشاء (1) ولا يفعل ما يشاء غيره، الحمد للّه كما يحبُّ اللّه أن يُحْمَد، الحمد للّه كما هو أهله، اللّهمّ أدخلني في كلّ خير (2) أدخلت فيه محمّداً وآل محمّد، وأخرجني من كلّ سوء أخرجت منه محمّداً وآل محمّد وصلّى اللّه على محمّد وآل محمّد».

23 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عبد الرحمن بن حماد الكوفي، عن عمرو بن مصعب عن فرات بن الأحنف عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مهما تركت من شيء فلا تترك أن تقول في كلّ صباح ومساء : «اللّهمّ إني أصبحت أستغفرك في هذا الصباح وفي هذا اليوم لأهل رحمتك وأبرأ إليك من أهل لعنتك، اللّهمّ إنّي أصبحت أبرأ إليك في هذا اليوم وفي هذا الصباح ممّن نحن بين ظهرانيهم من المشركين ومما كانوا يعبدون، إنهم كانوا قوم سوء فاسقين اللّهمّ اجعل ما أنزلت من السماء إلى الأرض في هذا الصباح وفي هذا اليوم بركة على أوليائك وعقاباً على أعدائك، اللّهمّ وال من والاك وعاد من عاداك، اللّهمّ اختم لي بالأمن والإيمان كلّما طلعت شمس أو غربت، اللّهمّ اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيراً، اللّهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. اللّهمّ إنك تعلم منقلبهم ومثواهم، اللّهمّ احفظ إمام المسلمين بحفظ الإيمان وانصره نصراً عزيزاً وافتح له فتحاً يسيراً واجعل له ولنا من لدنك سلطاناً نصيراً، اللّهمّ العن فلاناً وفلاناً والفِرَقَ المختلفة (3) على رسولك وولاة الأمر بعد رسولك والأئمّة من بعده وشيعتهم،

ص: 498


1- أي بلا دافع ولا مانع.
2- أي ممّا هو من شأني، ويمكنني الدخول فيه.
3- أي المخالفة للرسول والأئمّة من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ممّن اغتصبوهم حقهم الّذي جعله اللّه لهم.

وأسألك الزيادة من فضلك، والإقرار بما جاء من عندك، والتسليم لأمرك، والمحافظة على ما أمرت به لا أبتغي به بَدَلاً ولا أشتري به ثمناً قليلاً، اللّهمّ اهدني فيمن هديت، وقني شرَّ ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، ولا يذلُّ من واليت تباركت وتعاليت، سبحانك ربَّ البيت تقبل مني دعائي وما تقربت به إليك من خير فضاعفه لي أضعافاً [مضاعفة] كثيرة وآتنا من لدنك [رحمة و] أجراً عظيماً ربّ ما أحسن ما ابتليتني (1)، وأعظم ما أعطيتني، وأطول ما عافيتني وأكثر ما سترت عليَّ، فلك الحمد يا إلهي كثيراً طيباً مباركاً عليه، مِلءُ السّماوات ومِلءَ الأرض (2) وملء ما شاء ربّي كما يحب ويرضى، وكما ينبغي لوجه ربي ذي الجلال والإكرام».

24 - عنه (3)، عن إسماعيل بن مهران عن حمّاد بن عثمان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من قال: «ما شاء اللّه كان، لا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم» مائة مرة حين يصلّي الفجر (4) لم ير يومه ذلك شيئاً يكرهه.

25 - عنه، عن إسماعيل بن مهران عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال في دُبُرِ صلاة الفجر ودُبُر صلاة المغرب سبع مرات: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم لا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم دفع اللّه عزّ وجلّ عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الرّيح (5)، والبرص والجنون، وإن كان شقيّاً مُحِيَ من الشقاء وكُتِبَ في السعداء».

26 - وفي رواية سعدان (6)، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله إلّا أنّه قال : أهونه الجنون والجذام والبرص وإن كان شقيّاً رجوت أن يحوّله اللّه عزّ وجلّ إلى السّعادة.

27 - عنه، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله إلّا أنّه قال : يقولها ثلاث مرات حين يصبح، وثلاث مرات حين يمسي لم يخف شيطاناً ولا سلطاناً ولا

ص: 499


1- «أي من الإحسان والخير والإنعام وإن كان الإبلاء يستعمل في الخير والشر. وقال القتيبي : يقال من الخير أبليته أبليه إبلاء ومن الشر بلوته ابلوه بلاء».
2- «المراد به كثرة العدد يقول : لو قدر أن تكون كلمات الحمد إجساماً لبلغت من كثرتها أن تملأ السموات والأرض، ويجوز أن يراد بها أجرها وثوابها» مرآة المجلسي 275/12.
3- أي عن أحمد بن محمّد بن خالد الوارد في سند الحديث السابق.
4- أي بعد فريضة الفجر.
5- الريح : «يحتمل وجوهاً : الأوّل : أن يكون تعفّن الأعضاء وفسادها بحيث يحس منها الريح المنتنة. الثاني: الابتلاء بالريح كسقوطه بها من سطح.. الثالث : أن يكون كناية عن تصرف الجن في البدن كما يقال في عرف العرب والعجم : أصابته ريح الجن» مرآة المجلسي 276/12 باختصار.
6- هذا لقب لعبد الرحمن بن مسلم العامري، وكان يقود أبا بصير (رضیَ اللّهُ عنهُ) يحيى بن القاسم لأنه ولد مكفوفاً.

بَرَصاً ولا جذاماً ؛ ولم يقل سبع مرات، قال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)(1): وأنا أقولها مائة مرَّة.

28 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا صلّيت الغداة والمغرب فقل : «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم لا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم» - سبع مرات -، فإنه من قالها لم يصبه جنون ولا جذام ولا برص ولا سبعون نوعاً من أنواع البلاء.

29 - عنه، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سعد بن زيد قال : قال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا صليت المغرب فلا تبسط رجلك ولا تكلم أحداً حتّى تقول مائة مرة : «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم لا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم» ومائة مرّة في الغداة فمن قالها دفع اللّه عنه مائة نوع من أنواع البلاء، أدنى نوع منها البرص والجذام والشيطان والسلطان (2).

30 - عنه، عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن عبد اللّه بن إبراهيم الجعفري قال : سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا أمسيت فنظرت إلى الشَّمس في غروب وإدبار فقل: «بسم اللّه الرَّحمن الرّحيم الحمد للّه الّذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك. الحمد للّه الّذي يصف ولا يوصف (3) ويعلم ولا يُعلم، يعلم خائنة (4) الأعين وما تخفي الصدور، أعوذ بوجه اللّه (5) الكريم وباسم اللّه العظيم من شرّ ما ذرأ وما برأ ومن شرّ ما تحت الثرى، ومن شر ما ظهر وما بطن ومن شرّ ما كان في الليل والنهار، ومن شرّ أبي مُرَّة (6) وما ولد ومن شرِّ الرَّسيس (7) ومن شر ما وصفت وما لم أصف؟ فالحمد للّه ربّ العالمين ذكر أنّها أمانٌ من السبع (8)، ومن الشيطان الرجيم ومن ذريته. قال : وكان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول إذا أصبح : سبحان اللّه الملك

ص: 500


1- يحتمل الإمام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما يحتمل الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- النسبة بين هذا الخبر والأخبار السابقة «تقتضي أن يكون المدفوع بالسبع مرات سبعة أنواع من البلايا، أو يكون المدفوع بمائة مرة ألف نوع من البلايا ليرتفع التنافي بين الأخبار والجواب : أن أنواع البلايا المدفوعة بمائة مرة أشد وأعظم من الأنواع المدفوعة بسبع كما يشعر به قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أدنى نوع منها الجذام والبرص والشيطان والسلطان. وفي السبع قال : لم يصبه جنون ولا جذام ولا برص ولا سبعون نوعاً من البلاء حيث يفهم منه أن الجنون والجذام والبرص أعظم نوع من هذه الأنواع، وإذا اختلفت البلايا في الشدة والضعف بطلت النسبة المذكورة» المازندراني 298/10.
3- «أي يصف الأشياء بصفاتها وحقايقها ولا يوصف كنه ذاته وصفاته، أو لا يتصف بصفات المخلوقات، أو بصفات زائدة على الذات» مرآة المجلسي 279/12.
4- أي خيانة، وذلك بالنظر إلى ما حرم اللّه عليه النظر إليه، أو الغمز واللمز بالإشارة بها ليعين ظالماً أو لينتقص مؤمناً
5- أي بذاته المتصفة بالكرم.
6- كنية إبليس. وفي بعض النسخ (أبي قترة) وهو كنية إبليس أيضاً.
7- الرسيس الكاذب أو المفسد وأهل الرس : هم المفسدون من رس بين القوم إذا أفسد.
8- أي الوحش المفترس.

القدوس - ثلاثاً - اللّهمّ إنّي أعوذ بك من زوال نعمتك، ومن تحويل عافيتك، ومن فجأة نقمتك، ومن درك الشقاء، ومن شر ما سبق في الكتاب، اللّهمّ إنّي أسألك بعزة ملكك وشدّة قوّتك وبعظيم سلطانك وبقدرتك على خلقك».

31 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة (1)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ الدُّعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها سنة واجبة (2) مع طلوع الفجر (3) والمغرب تقول : «لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي، وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير» - عشر مرات - وتقول : «أعوذ باللّه السميع العليم من هَمَزات الشياطين (4) وأعوذ بك ربّ أن يحضرون، إنَّ اللّه هو السميع العليم» - عشر مرات - قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فإن نسيت قضيت كما تقضي الصلاة إذا نسيتها.

32 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن أبي جميلة عن، عن أبي جميلة، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قل: أستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم وأعوذ باللّه أن يحضرون، إنَّ اللّه هو السميع العليم». وقل: «لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير». قال: فقال له رجل: مفروض هو؟ قال: نعم مفروض محدود (5) تقوله قبل طلوع الشمس وقبل الغروب عشر مرّات فإن فاتك (6). شيء فاقضه من الليل والنهار.

33 - عنه عن إسماعيل بن مهران عن رجل عن إسحاق بن عمّار، عن العلاء بن، کامل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ من الدُّعاء ما ينبغي لصاحبه إذا نسيه أن يقضيه، يقول بعد الغداة: «لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير [كلّه] وهو على كلّ شيء قدير» - عشر مرات.. ويقول: «أعوذ باللّه

ص: 501


1- هو سالم بن مكرم.
2- أي لازمة مؤكدة.
3- «في بعض النسخ : الشمس بدل الفجر، وهو الأظهر والظاهر أن (مع) بمعنى (عند) وأنه مع مدخوله تفسير للقبل وتحديد له ويمكن أن يكون المراد استحباب الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، ووجوبه يعني تأكد استحبابه عند طلوع الفجر أو الشمس وعند غروبها» المازندراني 299/10.
4- الهَمْز - كما في القاموس - الغمز، والضغط والنخس والدفع والضرب، والعض، والكسر. وقد فسر همز الشيطان بالجنون لأنه يحصل من غمزه و نخسه.
5- أي هو ظاهر الرجحان موقوت بوقت معين من أوله وآخره.
6- أي عمد أو عن نسيان.

السميع العليم» - عشر مرات - فإذا نسي من ذلك شيئاً كان عليه قضاؤه.

34 - عنه عن ابن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا، جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن التسبيح، فقال : ما علمت شيئاً موظفاً (1) غير تسبيح فاطمة (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعشر مرات بعد الفجر تقول : «لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد [يحيي ويميت] وهو على كلّ شيء قدير» ويسبّح ما شاء تطوعاً (2).

35 - محمّد بن بن يحيى، عن، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبيدة الحذاء (3) قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من قال حين يطلع الفجر: «لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت [ويميت ويحيي] وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير» - عشر مرات - «وصلى اللّه على محمّد وآل محمّد» عشر مرات، وسبّح خمساً وثلاثين مرة، وهلل خمساً وثلاثين مرة، وحمد اللّه خمساً وثلاثين مرّة لم يُكتب في ذلك الصباح من الغافلين، وإذا قالها في المساء لم يكتب في تلك الليلة من الغافلين.

36 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله أن يعلّمني دعاءً فكتب إليَّ : تقول إذا أصبحت وأمسيت : «اللّه اللّه اللّه ربّي الرّحمن الرّحيم لا أشرك به شيئاً» وإن زدت على ذلك فهو خير، ثمّ تدعو بما بدا لك في حاجتك فهو لكلّ شيء بإذن اللّه تعالى يفعل اللّه ما يشاء (4).

37 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن داود الرقي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا تَدَعْ أن تدعو بهذا الدّعاء ثلاث مرّات إذا أصبحت، وثلاث مرّات إذا أمسيت : «اللّهمّ اجعلني في درعك الحصينة الّتي تجعل فيها من تريد فإنّ أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يقول : هذا من الدُّعاء المخزون (5).

ص: 502


1- الموظف : ما عينت فيه هيئة خاصة وعدد محدود فلا يخرج على هيئته ولا يزاد ولا ينقص من عدده.
2- التطوع : قد يطلق - كما هو الغالب - على ما لم يواظب عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من المستحبات، ولذا لا يندرج في باب السنن، والّتي من خواصها قضاؤها عند الفوت.
3- هو زياد بن عيسى.
4- أي ليس هو لحاجة دون حاجة بتوفيق اللّه، واللّه قادر على أن يقضي جميع الحاجات ما دعي به منها وما لم يُدْعَ.
5- أي محفوظ مُحْرَز عن غير أهله.

38 - عليّ بن محمّد عن بعض أصحابه، عن محمّد بن سنان، عن أبي سعيد المكاري (1)، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له ما عنى بقوله : (وإبراهيم الّذي وفّى) (2)؟ قال : كلمات بالغ فيهنَّ قلت وما هنَّ ؟ قال : كان إذا أصبح قال : أصبحت : وربي محمود (3) أصبحت لا أشرك باللّه شيئاً ولا أدعو معه إلهاً ولا أتخذ من دونه ولياً - ثلاثاً.. وإذا أمسى قالها ثلاثاً، قال : فأنزل اللّه عزّ وجلّ في كتابه (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى). قلت : فما عنى بقوله في نوح : (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) (4)؟ قال : كلمات بالغ فيهنَّ، قلت، وما هنَّ ؟ قال : كان إذا أصبح قال : أصبحت أشهدك ما أصبَحَتْ بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فإنّها منك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد على ذلك ولك الشكر كثيراً. كان يقولها إذا أصبح ثلاثاً وإذا أمسى ثلاثاً ؛ قلت : فما عنى بقوله في يحيى (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً) (5) قال : تحنن اللّه، قال : قلت : فما بلغ من تحنّن اللّه عليه ؟ قال : كان إذا قال : يا ربّ، قال اللّه عزّ وجلّ لبّيك يا يحيى.

باب الدعاء عند النوم والانتباه

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ والحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق جميعاً عن بكر بن محمّد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال حين يأخذ مضجعه ثلاث مرات : الحمد للّه الّذي علا فقهر والحمد للّه الّذي بَطَنَ فَخَبَر، والحمد للّه الّذي مَلَكَ فقدَر، والحمد للّه الّذي يحيي الموتى ويميت الأحياء وهو على كلّ شيء قدير (6). خرج من الذُّنوب كهيئة يوم ولدته أمه.

2 - محمّد بر بن يحيى، عن أحمد بن محمّد رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليقل: اللّهمّ إنّي احتبست نفسي عندك (7) فاحتبسها في محلّ رضوانك

ص: 503


1- واسمه هاشم بن حيان.
2- النجم / 37.
3- أي تلهج بحمده جميع الخلائق.
4- الإسراء / 3.
5- مريم / 13. (وحناناً) أي رحمة (وزكاة) أي طهارة من الذنوب.
6- مر هذا في متن الحديث رقم (7) من باب التحميد والتمجيد وعلقنا عليه هناك فراجع.
7- كأنه جعل نفسه بالنوم حبيبة اللّه سبحانه فإن أراد توفاها وقبضها إليه وإن أراد أرسلها إلى أن يحين جينها وهو ما قاله سبحانه في الآية 42 من سورة الزمر.

ومغفرتك، وإن رددتها [إلى بدني] فارددها مؤمنة عارفة بحق أوليائك حتّى تتوفاها على ذلك.

3 - حميد بن زياد عن الحسين بن محمّد عن غير واحد عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه كان يقول عند منامه: آمنت باللّه وكفرتُ باطاغوت (1)، اللّهمّ احفظني في منامي وفي يقظتي.

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن محمّد بن مروان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ألا أخبركم بما كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول إذا أوى إلى فراشه؟ قلت بلى قال كان يقرأ آية الكرسي ويقول: «بسم اللّه آمنت باللّه وكفرت بالطَّاغوت، اللّهمّ احفظني في منامي وفي يقظتي».

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن ميمون، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول: اللّهمّ إني أعوذ بك من الاحتلام (2)، ومن سوء الأحلام وأن يلعب بي الشيطان (3) في اليقظة والمنام.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد والحسين ابن سعيد، جميعاً، عن القاسم بن عروة، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : تسبيح فاطمة الزهراء (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا أخذت مضجعك : فكبر اللّه أربعاً وثلاثين، واحمده ثلاثاً وثلاثين وسبحه ثلاثاً وثلاثين(4)، وتقرأ آية الكرسي والمعوذتين، وعشر آيات من أول الصافات، وعشراً من آخرها.

7 - عنه، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيّوب، عن داود بن فرقد، عن أخيه (5) أنَّ شهاب بن عبد ربه سأله أن يسأل أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : قل له : إن امرأة تفزعني في المنام بالليل فقال قل له : اجعل مسباحاً(6) وكبر اللّه أربعاً وثلاثين

ص: 504


1- «الطاغوت الشيطان والأصنام والكاهن وكل ما عبد من دون اللّه، وكل رئيس في الضلالة، وأقدمهم من أقدم أولاً على تخريب الدين» المازندراني 303/10.
2- الاحتلام: نزول المني في حالة النوم بسبب رؤياه نفسه يداعب أو يجامع امرأة.
3- عبارة عن تزييناته ووساوسه وتسويلاته الخبيثة.
4- ليس في هذا ما يدل على وجوب الترتيب بين أجزاء تسبيح الزهراء (عَلَيها السَّلَامُ)، لأن الواو كما هو مقرر في محله ليست للترتيب كما أن التقديم في الذكر في الرواية لا يدل عليه.
5- لداود بن فرقد عدة أخوة هم يزيد وعبد الرحمن وعبد الحميد وليس معروفاً من منهم المقصود في هذه الرواية.
6- المسباح هو المسبحة أو ما يستعمل لضبط عدد التسبيحات والأذكار.

تكبيرة، وسبح اللّه ثلاثاً وثلاثين تسبيحة واحمد اللّه ثلاثاً وثلاثين، وقل : لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي بيده الخير وله اختلاف الليل والنّهار (1)، وهو على كلّ شيء قدير. - عشر مرات -.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه أتاه ابن له ليلةً فقال له : يا أبه أريد أن أنام، فقال : يا بنيَّ قل : «أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأن محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عبده ورسوله أعوذ بعظمة اللّه، وأعوذ بعزة اللّه، وأعوذ بقدرة اللّه، وأعوذ بجلال اللّه، وأعوذ بسلطان اللّه، إنّ اللّه على كلّ شيء قدير، وأعوذ بعفو اللّه، وأعوذ بغفران اللّه، وأعوذ برحمة اللّه من شرّ السّامة والهامّة (2) ومن شرّكلّ دابة صغيرة أو كبيرة بليل أو نهار، ومن شرّ فسقه الجن والإنس ومن شرّ فسقة العرب والعجم، ومن شر الصواعق والبرد اللّهمّ صلّ على محمّد عبدك ورسولك». قال معاوية : فيقول الصبي : الطيب، عند ذكر النبي، [الطيب] المبارك (3)، قال : نعم يا بنيَّ الطيب المبارك.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن مفضّل بن عمر قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن استطعت أن لا تبيت ليلة حتّى تَعَوَّذَ بأحد عشر حرفاً؟ قلت: أخبرني بها؟ قال: قل: «أعوذ بعزة اللّه، وأعوذ بقدرة اللّه وأعوذ بجلال اللّه، وأعوذ بسلطان اللّه، وأعوذ بجمال اللّه، وأعوذ بدفع اللّه، وأعوذ بمنع اللّه، وأعوذ بجمع اللّه، وأعوذ بملك اللّه، وأعوذ بوجه اللّه، وأعوذ برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من شر ما خلق وبرأ وذرأ». وتعوّذ به كلّما شئت.

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى عن خالد بن نجيح قال : كان أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا أويت إلى فراشك فقل : «بسم اللّه وضعت جنبي الأيمن (4) [اللّه] على ملة إبراهيم حنيفاً للّه مسلماً وما أنا من المشركين».

ص: 505


1- اي تعاقبهما، وولوج أحدهما في الآخر، أو اختلافهما من حيث الطول والقصر بحسب الفصول.
2- «في مصباح اللغة الهامة ما له سم يقتل كالحية، والجمع الهوام، وقد يطلق الهوام على ما لا يقتل كالحشرات والسامة من الخشاش ما يسم ولا يقتل بسمه كالعقرب والزنبور، والجمع سوام» المازندراني 305/10.
3- «قوله : فيقول : استفهام والإخبار بعيد والطيب إما منصوب على أنّه مقول القول، أو مرفوع على أنّه صفة للصبي، والمبارك على الأوّل صفة للنبي وعلى الثاني مقول القول» ن. م. وأرى بأن كلمة : الطيب، بعد كلمة الصبي زائدة من تصحيف النسّاخ، إذ مع حذفها يستقيم المعنى من دون حاجة إلى شيء من هذه التخريجات.
4- لعل فيه تنبيها على استحباب النوم على الجانب الأيمن ربما لبركته وما يستبطنه اسم من توسم الخير وربما لوجود مفسدة صحية في النوم على الأيسر لما يسببه من ضغط وثقل على القلب.

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن حسين بن سعيد، عن، النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «إذا قام أحدكم من الليل فليقل: سبحان ربّ النبيّين وإله المرسلين وربّ المستضعفين» (1) والحمد للّه الّذي يحيي الموتى وهو على كلّ شيء قدير. يقول اللّه عزّ وجلّ: (صدق عبدي وشكر).

12 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا قمت بالليل من منامك فقل: «الحمد للّه الّذي ردَّ عليَّ روحي لأحمده وأعبده» فإذا سمعت صوت الديك (2) فقل : سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبقت رحمتك غضبك، لا إله إلّا أنت وحدك، عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي، فإنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت، فإذا قمت فانظر في آفاق (3) السّماء وقل : اللّهمّ لا يواري منك ليل داج (4)، ولا سماء ذات أبراج (5)، ولا أرض ذات مهاد ولا ظلمات بعضها فوق بعض، ولا بحر لُجِّي (6)، تدلج بين يدي المدلج (7) من خلقك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، غارت النجوم ونامت العيون وأنت الحي القيوم لا تأخذك سِنَةٌ ولا نوم، سبحان ربي ربّ العالمين وإله المرسلين والحمد اللّه ربّ العالمين».

13 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل ابن شاذان جميعاً، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : كان أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا قام آخر الليل يرفع صوته حتّى يسمع أهل الدار ويقول: «اللّهمّ أعني على هول المطلع (8).

ص: 506


1- يمكن تخصيصه بالأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ويحتمل التعميم لكل مستضعف.
2- روي في بعض الأخبار بأن الديك يصيح عندما يرى يرى ملكاً من الملائكة.
3- الآفاق : الأطراف والأنحاء.
4- أي مظليم معتم.
5- أي أركان وحصون. وقيل: البرج : باب السماء، وقيل: الكوكب العظيم.
6- أي عظيم.
7- «الإدلاج سير الليل كله أو مطلق السير في الليل، وربما خصّص بالسير في أوله. والمعنى: «أن رحمتك : وتوفيقك وإعانتك لمن توجه إليك وعبدك صادرة عنك قبل توجهه إليك وعبادته لك إذ لولا رحمتك وتوفيقك لم يخطر ذلك بباله فكأنك سريت إليه قبل أن يسري هو إليك» مرآة المجلسي 310/12.
8- «هول المطلع : - كما في النهاية - الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت فشبهه بالمطلع الّذي يشرف عليه من موضع عال» وقيل : بأن هول المطّلع هو الإطلاع على الملائكة الّذين يقبضون الأرواح وذهب المجلسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) في مرآته 313/12 إلى أن المراد منه - حسب الظاهر - أهوال القبر.

ووسّع عليّ ضيق المضجع (1)، وارزقني خير ما قبل الموت وارزقني خير ما بعد الموت».

14 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه رفعه قال : تقول إذا أردت النوم : «اللّهمّ إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها» (2).

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد جميعاً، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي أسامة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من قرأ قل هو اللّه أحد مائة مرة حين يأخذ مضجعه غفر له ما عمل قبل ذلك خمسين عاماً، وقال يحيى : فسألت سماعة عن ذلك فقال: حدّثني أبو بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول ذلك ؛ وقال (3) : يا أبا محمّد (4) أما إنك إن جربته وجدته سديداً (5).

16 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد، جميعاً، عن جعفر بن محمّد الأشعري عن ابن القدّاح عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذا أوى إلى فراشه قال : «اللّهمّ باسمك أحيا وباسمك أموت فإذا قام من نومه قال: «الحمد للّه الّذي أحياني بعد ما أماتني (6) وإليه النشور» وقال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): من قرأ عند منامه آية الكرسي ثلاث مرّات، والآية الّتي في آل عمران: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ) (7)وآية السخرة وآية السجدة (8)، وكل به شيطانان (9) يحفظانه من مردة الشياطين، شاؤوا أو أبوا، ومعهما من اللّه ثلاثون ملكاً يحمدون اللّه عزّ وجلّ ويسبحونه ويهللونه ويكبرونه ويستغفرون له

ص: 507


1- أي القبر، أو البرزخ.
2- لعله إشارة إلى قوله تعالى : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى...) الزمر / 42.
3- أي أبو بصير وهي كنية لليث بن البختري.
4- كنية ليحيي بن القاسم.
5- أي مطابقاً صميماً صادقاً.
6- لأن النوم موت أصغر، واليقظة منه نشور أصغر أيضاً.
7- هي الآية 18 من آل عمران شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلّا هو العزيز الحكيم.
8- هي الآية 54 من سورة الأعراف / هنالك قولان حول آية السجدة، قول بأنها الآيتان 53 و 54 من سورة فصلت. والقول الآخر أنّها الآية 16 من سورة آلم السجدة وأولها (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ...) إلى قوله تعالى (ينفقون).
9- «هذا من جملة تسخيراته تعالى حيث جعل عدو وليه حافظاً له» المازندراني 309/10.

إلى أن ينتبه ذلك العبد من نومه وثواب ذلك (1) له.

17 - أحمد بن محمّد الكوفي، عن حمدان القلانسي عن محمّد بن الوليد، عن أبان (2)، عن عامر بن عبيد اللّه (3) بن جذاعة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من أحد يقرأ آخر، الكهف (4) عند النوم إلّا تيقظ (5) في الساعة الّتي يريد.

18 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : من أراد شيئاً من قيام الليل وأخذ مضجعه (6) فليقل: «[بسم اللّه] اللّهمّ لا تؤمني مكرك (7)، ولا تنسني ذكرك، ولا تجعلني من الغافلين، أقوم (8) ساعة كذا وكذا». إلّا وكّل اللّه عزّ وجلّ به ملكاً ينبهه تلك الساعة.

باب الدعاء إذا خرج الإنسان من منزله

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزاز، عن أبي حمزة قال : رأيت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يحرّك شفتيه حين أراد أن يخرج وهو قائم على الباب، فقلت: [إني] رأيتك تحرك شفتيك حين خرجت فهل قلت شيئاً؟ قال : نعم، إنَّ الإنسان إذا خرج من منزله قال حين يريد أن يخرج : اللّه أكبر، اللّه أكبر - ثلاثاً - (9) باللّه أخرج وباللّه أدخل وعلى اللّه أتوكل - ثلاث مرات - اللّهمّ افتح لي في وجهي هذا بخير واختم لي بخير؟ وقني شرَّ كلّ دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم لم يزل في ضمان اللّه عزّ وجلّ حتّى يرده اللّه إلى

ص: 508


1- أي ثواب تسبيحهم وتهليلهم وتكبيرهم واستغفارهم.
2- هو أبان بن عثمان الأحمر البجلي، أبو عبد اللّه.
3- الظاهر أن فيه تصحيفاً، إذ الموجود في كتب الرجال عامر بن عبد اللّه بن جذاعة، وهو الّذي روى عنه أبان بن عثمان الأحمر فعبيد غلط.
4- ورقمها (110) وهي قوله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا).
5- أي استيقظ من نومه.
6- أي من أراد أن يستيقظ في وقت معين من الليل للتهجد والعبادة.
7- «أصل المكر: الخداع، وهو على اللّه سبحانه محال وإذا نسب إليه تعالى يراد به الاستدراج أو الجزاء بالغفلات والإيقاع بالبليات والعقوبة بالسيئات» المازندراني 310/10.
8- أي أريد أن أقوم.
9- أي قال : اللّه أكبر ثلاث مرات ولعل عدم ذكر اللّه أكبر الثالثة وكذا ما بعده من الذكر وقع من الراوي رعاية للاختصار ويحتمل أنّه من الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) لنفس السبب.

المكان الّذي كان فيه.

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب عن أبي حمزة مثله.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن مالك ابن عطية، عن أبي حمزة الثمالي قال: أتيت باب عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فوافقته (1) حين خرج من الباب فقال : بسم اللّه آمنت باللّه وتوكلت على اللّه. ثمّ قال : يا أبا حمزة إنَّ العبد إذا خرج من منزله عرض له الشيطان (2) فإذا قال : بسم اللّه قال الملكان : كُفيت (3)، فإذا قال : آمنت باللّه، :قالا : هديتَ (4)، فإذا قال : توكلت على اللّه، قالا : وقبتَ (5). فيننحى الشيطان فيقول بعضهم لبعض (6) : كيف لنا بمن هدي وكفي ووقي ؟ قال : ثمّ قال : اللّهمّ إنَّ عرضي لك اليوم (7). ثمّ قال : يا أبا حمزة إن تركت النّاس (8) لم يتركوك وإن رفضتهم (9) لم يرفضوك، قلت : فما أصنع ؟ :قال اعطهم [من] عرضك ليوم فقرك وفاقتك.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي حمزة قال : استأذنت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فخرج إليَّ وشفتاه تتحركان فقلت له (10)، فقال : أفطنت لذلك يا ثمالي ؟ قلت : نعم جعلت فداك، قال: إني واللّه تكلّمت بكلام ما تكلّم به أحد قط إلّا كفاه اللّه ما أهمّه من أمر دنياه وآخرته قال قلت له أخبرني به قال: نعم، من قال حين يخرج من منزله: «بسم اللّه حسبي اللّه توكلت على اللّه، اللّهمّ إني أسألك خير أموري كلها، وأعوذ بك من خزي الدُّنيا وعذاب الآخرة» كفاه اللّه ما أهمه من أمر دنياه وآخرته.

4 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 509


1- أي صادفته عند خروجه، أو اتفق وصولي حين خروجه.
2- أي جنسه وكذا فيما سيأتي.
3- أي استغنيت باللّه عن غيره.
4- أي إلى دين الحق.
5- أي من كلّ شر من الجن والإنس.
6- أي بعض الشياطين لبعض.
7- «أي لا أتعرض لمن هتك عرضي لوجهك إما عفواً أو تقية وكلاهما اللّه رضى» مرآة المجلسي 322/12 وقال في النهاية عرض الرجل نفسه وبدنه لا غير.
8- أي تركت مجادلتهم ومحاورتهم والوقيعة فيهم.
9- أي اعتزلتهم.
10- أي سألته بم أو لم يحرك شفتيه.

قال: من قال حين يخرج من باب داره: أعوذ بما عادت به ملائكة اللّه (1) من شرّ هذا اليوم الجديد الّذي إذا غابت شمسه لم تعد من شر نفسي ومن شرَّ غيري، ومن شر الشياطين، ومن شر من نصب لأولياء اللّه (2)، ومن شر الجن والإنس، ومن شرّ السباع والهوام، ومن شر ركوب المحارم كلّها، أجير نفسي باللّه من كلّ شرّه غفر اللّه له وتاب عليه وكفاه الهم (3) وحجزه (4) عن السوء وعصمه من الشرّ.

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا خرجت من منزلك فقل : «بسم اللّه توكلت على اللّه، لا حول ولا قوة إلّا باللّه. اللّهمّ إني أسألك خير ما خرجت له، وأعوذ بك من شر ما خرجت له، اللّهمّ أوسع علي من فضلك، وأتمم علي نعمتك، واستعملني في طاعتك، واجعل رغبتي فيما عندك، وتوفني على ملتك وملة رسولك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (5).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عليّ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة (6) قال : كان أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا خرج يقول: «اللّهمّ بك خرجت (7)، ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت، اللّهمّ بارك لي في يومي وارزقني هذا فوزه (8)، وفتحه(9)، ونصره وطهوره (10)، وهداه وبركته، واصرف عني شره وشر ما، فيه، بسم اللّه وباللّه واللّه أكبر والحمد للّه ربّ العالمين اللّهمّ إنّي قد خرجت فبارك لي في خروجي وانقعني به» قال: وإذا دخل في منزله قال ذلك.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا خرج من منزله قال : «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، خرجت بحول اللّه وقوته لا

ص: 510


1- «أي أعوذ بأسمائه الحسنى، وفي الفقيه : أعوذ باللّه ممّا عاذت منه ملائكة اللّه. والموصول فيه عبارة عن المعصية والمخالفة واستعاذة الملائكة تدل على اقتدارهم على المخالفة وإن لم تقع كما في الأنبياء» المازندراني 312/10.
2- أي الّذين عادوا أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وشيعتهم.
3- أي ما أهمه من أمر دينه ودنياه.
4- أي منعه. وكذا (وعصمه).
5- أي ثبت قلبي على دينك ولا تزغه بعد إذ هديتني.
6- هو سالم بن مكرم.
7- أي بقوتك وتوفيقك.
8- أي بظفري فيما أطلب فيه.
9- أي فتح أبواب رحمتك فيه.
10- أي التنزه عن المعاصي فيه.

بحول مني، ولا قوتي، بل بحولك وقوتك يا ربّ، متعرّضاً لرزقك فأتني به(1) في عافية».

8- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر ابن يزيد قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من قرأ قل هو اللّه أحد حين يخرج من منزله عشر مرات، لم يزل في حفظ اللّه عزّ وجلّ وكلاءته (2) حتّى يرجع إلى منزله.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن موسى بن القاسم، عن صباح الحذاء قال : قال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ). إذا أردت السفر فقف على باب دارك واقرأ فاتحة الكتاب أمامك وعن يمينك وعن شمالك، و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) أمامك وعن يمينك وعن شمالك، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) أمامك وعن يمينك وعن شمالك، ثمّ قل: «اللّهمّ احفظني واحفظ ما معي وسلّمني وسلّم ما معي (3)، وبلغني وبلّغ ما وبلغني وبلّغ ما معي (4) بلاغاً حسناً». ثمّ قال : أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه، ويَسْلَم ولا يَسْلَمُ ما معه ويبلغ ولا يبلغ ما معه

10 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبان، عن أبي حمزة (5) عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه كان إذا خرج من البيت قال : «بسم اللّه خرجت وعلى اللّه توكلت، لا حول ولا قوة إلّا باللّه».

11 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن موسى بن القاسم، عن صباح الحذّاء، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: يا صباح لو كان الرجل منكم إذا أراد سفراً قام على باب داره تلقاء وجهه الّذي يتوجه له، فقرأ الحمد أمامه وعن يمينه وعن شماله، والمعوذتين أمامه وعن يمينه وعن شماله، وقل هو اللّه أحد أمامه وعن يمينه وعن اللّه أحد أمامه وعن يمينه وعن شماله، وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله، ثمّ قال : «اللّهمّ احفظني واحفظ ما معي، وسلّمني وسلّم ما معي، وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل لحفظه اللّه وحفظ ما معه وسلّمه وسلّم ما معه وبلّغه وبلّغ ما معه، أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه، ويبلغ ولا يبلغ ما معه، ويسلم ولا يسلم ما معه» (6).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم،

ص: 511


1- أي بالرزق.
2- أي وحراسته.
3- «الظاهر أنّه تأكيد لما قبله وهو كثير في الأدعية» المازندراني 315/10.
4- أي إلى الجهة الّتي أقصدها في سفري.
5- أي الثمالي.
6- هذا نفس مضمون الحديث رقم (9) المتقدم وبنفس السند تقريباً، إلّا أن فيه زيادة وآية الكرسي.

عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: «بسم اللّه آمنت باللّه، توكلت على اللّه، ما شاء اللّه لا حول ولا قوة إلّا باللّه» فتلقّاه الشياطين فتنصرف وتضرب الملائكة (1) وجوهها وتقول : ما سبيلكم عليه وقد سمّى اللّه وآمن به وتوكل عليه وقال : ما شاء اللّه لا حول ولا قوة إلّا باللّه.

باب الدعاء قبل الصلاة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن النعمان عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من قال هذا القول كان مع محمّد وآل محمّد إذا قام (2) قبل أن يستفتح الصّلاة: «اللّهمّ إنّي أتوجه إليك(3) بمحمّد وآل محمّد وأقدمهم بين يدي صلاتي وأتقرب بهم إليك (4) فاجعلني بهم (5) وجيهاً في الدُّنيا والآخرة ومن المقربين مننت عليَّ بمعرفتهم فاختم لي بطاعتهم ومعرفتهم وولايتهم، فإنّها السعادة واختم لي بها، فإنّك على كلّ شيء قدير». ثمّ تصلّي فإذا انصرفت قلت: «اللّهمّ اجعلني مع محمّد وآل محمّد في كلّ عافية وبلاء واجعلني مع محمّد وآل محمّد في كلّ مثوى ومنقلب(6)، اللّهمّ اجعل محياي محياهم ومماتي مماتهم واجعلني معهم في المواطن كلّها، ولا تفرّق بيني وبينهم، إنك على كلّ شيء قدير».

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابنا رفعه قال : تقول قبل دخولك في الصلاة : «اللّهمّ إني أقدم محمّداً نبيك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بين يدي حاجتي، وأتوجه به [إليك] في طَلِبَتي فاجعلني بهم وجيهاً في الدُّنيا والآخرة ومن المقربين، اللّهمّ اجعل صلاتي بهم متقبّلة وذنبي بهم مغفوراً ودعائي بهم مستجاباً يا أرحم الرَّحمين».

3 - عنه، عن أبيه عن عبد اللّه القاسم عن صفوان الجمال قال : شهدت أبا عبد

ص: 512


1- أي تتلقاه الشياطين بقصد إغوائه ولكنها لا تستطيع وتخسأ لأن الملائكة تتصدى لها وتضرب وجوهها كلّ ذلك بسبب الذكر الّذي قاله.
2- أي للصلاة.
3- «أي أقبل بظاهري وباطني إليك» المازندراني 366/10.
4- «أي أتقرب بتوسطهم أو بتصديقهم ومتابعتهم إليك» .ن. م.
5- أي بسبب توسيطي وتصديقي ومتابعتي لهم.
6- «المثوى: محل الإقامة أو مصدر ميمي من قولهم ثوى بالمكان أقام به وكذا المنقلب يحتملها، أي في كلّ مكان أقاموا فيه وكل محل انقلبوا فيه، أو في كلّ إقامة وسكون وكل انقلاب وحركة» مرآة المجلسي 332/12.

اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) واستقبل القبلة قبل التكبير وقال: «اللّهمّ لا تؤيسني من روحك (1) ولا تقنطني من رحمتك، ولا تؤمني مكرك، فإنّه لا يأمن مكر اللّه إلّا القوم الخاسرون» قلت: جعلت فداك ما سمعت بهذا من أحد قبلك، فقال: إنَّ من أكبر الكبائر عند اللّه اليأس من روح اللّه والقنوط من رحمة اللّه والأمن من مكر اللّه

باب الدعاء في أدبار الصلوات

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه البرقي(2)، عن عيسى بن عبد اللّه القمّي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول إذا فرغ من الزّوال (3) : «اللّهمّ إنّي أتقرب إليك بجودك وكرمك وأتقرب إليك بمحمّد عبدك ورسولك وأتقرب إليك بملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين وبك(4)، اللّهمّ أنت الغني عنّي وبي الفاقة إليك، أنت الغني وأنا الفقير إليك أقلتني عثرتي وسترت علي ذنوبي فاقض لي اليوم حاجتي، ولا تعذبني بقبيح ما تعلم منّي، بل عفوك وجودك يسعني» قال : ثمّ يخرُّ ساجداً ويقول : «يا أهل التقوى (5) و يا أهل المغفرة، يا بريا رحيم، أنت أبر بي من أبي وأمي ومن جميع الخلائق، اقبلني (6) بقضاء حاجتي مجاباً دعائي، مرحوماً صوتي، قد كشفت أنواع البلايا عني».

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الصباح بن سيابة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال إذا صلّى المغرب ثلاث مرات: الحمد للّه الّذي يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره أعطي خيراً كثيراً.

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، رفعه قال : يقول بعد

ص: 513


1- أي لا تقنطني من راحتك.
2- واسمه أحمد بن محمّد بن خالد.
3- «الظاهر أنّه فريضة الظهر، والنافلة محتملة» المازندراني 318/10.
4- أي إني لا أعتمد على شيء من عملي يقربني منك ولذا أتقرب إليك بما ذكرت.
5- أي أنت حقيق بأن يتقى من عقوبتك بسبب المعصية.
6- في بعض النسخ (اقلبني) ولعله أنسب بالمعنى.

العشائين: «اللّهمّ بيدك (1) مقادير (2) الليل والنهار، ومقادير الدُّنيا والآخرة، ومقادير الموت والحياة، ومقادير الشمس والقمر، ومقادير النصر والخذلان ومقادير الغنى والفقر، اللّهمّ بارك (3) لي في ديني ودنياي، وفي جسدي وأهلي وولدي، اللّهمّ ادرأ عني شرَّ فسقة العرب والعجم والجن والإنس واجعل منقلبي (4) إلى خير دائم ونعيم لا يزول».

4 - عنه، عن بعض أصحابه رفعه قال : من قال بعد كلّ صلاة وهو آخذ بلحيته بيده اليمنى : «يا ذا الجلال والإكرام ارحمني من النار» - ثلاث مرات - ويده اليسرى مرفوعة وبطنها إلى ما يلي السّماء ثمّ يقول: «أجرني من العذاب الأليم [ثلاث مرات] ثمّ يؤخر يده عن لحيته، ثمّ يرفع يده ويجعل بطنها ممّا يلي السّماء (5)، ثمّ يقول: يا عزیز یا کریم یا رحمن یا رحیم ويقلب يديه ويجعل بطونهما ممّا يلي السماء، ثمّ يقول «أجرني من العذاب [الأليم]» - ثلاث مرات - صلّ على محمّد وآل محمّد والملائكة والرُّوح غفر له ورضي عنه ووصل بالاستغفار له حتّى يموت جميع الخلائق إلّا الثقلين الجن والإنس ؛ وقال : إذا فرغت من تشهدك فارفع يديك وقل: «اللّهمّ اغفر لي مغفرة عزماً جزماً (6) لا تغادر ذنباً ولا أرتكب بعدها محرماً أبداً، وعافني معافاة لا بلوى بعدها أبداً، واهدني هدى لا أضلُّ بعده أبداً، وانفعني يا ربّ بما علّمتني، واجعله لي ولا تجعله عليَّ (7)، وارزقني كفافاً (8) ورضني به يا رباه، وتب علي يا اللّه يا اللّه يا اللّه يا رحمن یا رحمن یا رحمن یا رحیم یا رحیم یا رحیم ارحمني من النّار ذات السعير وابسط عليّ من سعة رزقك، واهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، واعصمني من الشيطان الرّجيم، وأبلغ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عني تحية كثيرة وسلاماً واهدني بهداك، وأغنني بغناك، واجعلني من أوليائك المخلصين، وصلى اللّه على محمّد وآل محمّد آمین». قال : قال هذا من بعد كلّ صلاة رد اللّه عليه روحه في قبره وكان حيا(9) مرزوقاً ناعماً مسروراً إلى يوم القيامة.

ص: 514


1- اليد : بمعنى القدرة.
2- جمع مقدار وهو مبلغ الشيء المقدّر بتقدير معين.
3- البركة : الزيادة والنماء.
4- أي مرجعي ومالي في الآخرة.
5- الظاهر أنّه بعد الدعاء الأوّل المذكور تصبح كلتا يديه مرفوعتين وباطنهما معاً نحو السماء. ويؤيده قوله فيما بعد (ويقلب يديه).
6- أي حتماً قطعاً.
7- أي اجعل ما علمتني نافعاً لي بأن توفقني للعمل به ولا تجعله بحيث يضرني ترك العمل به فإن العالم بلا عمل محجوج بعلمه مرآة المجلسي 341/12.
8- أي مقدار الحاجة، ممّا يكف وجهي عما في أيدي النّاس.
9- «أي بالحياة الّتي تكون في البرزخ بالجسد المثالي أو غيره كالشهداء لا بهذا البدن» مرآة المجلسي 343/12.

5 - عنه، عن بعض أصحابه رفعه قال : تقول بعد الفجر: «اللّهمّ لك الحمد حمداً خالداً مع خلودك، ولك الحمد حمداً لا منتهى له دون رضاك (1)، ولك الحمد حمداً لا أمد له دون مشيئتك (2)، ولك الحمد حمداً لا جزاء لقائله إلّا رضاك، اللّهمّ لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان، اللّهمّ لك الحمد كما أنت أهله، حتى ينتهي الحمد اللّه بمحامده كلّها على نعمائه كلّها الحمد إلى حيث ما يحبُّ ربي ويرضى». وتقول بعد الفجر قبل أن تتكلّم (3) : الحمد للّه ملء الميزان ومنتهى الرّضا، وزِنَةَ العرش وسبحان اللّه ملء الميزان، ومنتهى الرّضا، وزنة العرش واللّه أكبر ملء الميزان ومنتهى الرّضا وزنة العرش، ولا إله إلّا اللّه ملء الميزان ومنتهى الرّضا وزنة «العرش تعيد ذلك أربع مرات ثمّ تقول : [اللّهمّ] أسألك مسألة العبد الذُّليل أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ؛ وأن تغفر لنا ذنوبنا وتقضي لنا حوائجنا في الدُّنيا والآخرة في يُسر منك وعافية.

6 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه، عن محمّد بن الفرج قال : كتب إليَّ أبو جعفر بن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذا الدعاء وعلّمنيه (4) وقال : من قال في دبر صلاة الفجر لم يلتمس حاجة إلّا تيسرت له وكفاه اللّه ما أهمّه : بسم اللّه وباللّه وصلّى اللّه على محمّد وآله وأفوض أمري إلى اللّه إن اللّه بصير بالعباد، فوقاه اللّه سيّئاتِ ما مكروا، لا إله إلّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين، حسبنا اللّه ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسهم سوء، ما شاء اللّه لا حول ولا قوة إلّا باللّه [العلي العظيم] ما شاء اللّه لا ما شاء النّاس ما شاء اللّه وإن كره النّاس، (5) الربُّ من حسبي المربوبين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الرازق من المرزوقين، حسبي الّذي لم يزل حسبي منذ قط (6) حسبي اللّه الّذي لا إله إلّا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. وقال: إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقل : رضيت باللّه رباً وبمحمّد نبياً وبالإسلام ديناً وبالقرآن كتاباً وبفلان وفلان أئمّة، اللّهمّ وليك فلانٌ (7) فاحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله

ص: 515


1- أي لا ينتهي حتّى أحوز رضاك.
2- أي دون ما تشاء من العباد أن يحمدوك به ممّا أنت أهله.
3- أي بأي كلام مع أحد من النّاس.
4- تعليمه إياه، قد يكون بعد أن التقاه مشافهة وقد يكون بالكتابة.
5- أي اللّه كافيني.
6- «يظهر منه أنّه يمكن أن يكون هنا : قطّ، بالسكون بمعنى حسب. وقيل : المعنى حسبي اللّه وكفاني من أول عمري إلى الآن ومنه أتوقع الكفاية فيما بقي» مرآة المجلسي 350/12.
7- أي للحجة صاحب الزمان (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).

ومن فوقه ومن تحته، وامدد له في عمره، واجعله القائم بأمرك والمنتصر لدينك، وأره ما يحبُّ وما تَقَرَّ به عينه في نفسه وذريته وفي أهله وماله وفي شيعته وفي عدوّه (1)، وأرهم منه ما يحذرون، وأره فيهم ما يحبُّ وتقرّ به عينه، واشف صدورنا وصدور قوم مؤمنين قال : وكان النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول إذا فرغ من صلاته: «اللّهمّ اغفر لي ما قدَّمت وما أخرت (2)، وما أسررت وما أعلنت وإسرافي على نفسي، وما أنت أعلم به مني، اللّهمّ أنت المقدّم وأنت المؤخّر، لا إله إلّا أنت، بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أجمعين، ما علمت الحياة خيرا لي فأحيني، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللّهمّ إنّي أسألك خشيتك في السر والعلانية، وكلمة الحق في الغضب والرّضا، والقصد (3) في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفد، وقرة عين لا ينقطع، وأسألك الرّضا بالقضاء وبركة الموت بعد العيش وبرد العيش بعد الموت، ولذة المنظر إلى وجهك وشوقاً إلى رؤيتك ولقائك من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللّهمّ زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهديين اللّهمّ اهدنا فيمن هديت، اللّهمّ إني أسألك عزيمة الرشاد والثبات في الأمر والرشد وأسألك شكر نعمتك وحسن عافيتك وأداء حقك، وأسألك يا رب قلباً سليماً، ولساناً صادقاً، وأستغفرك لما تعلم وأسألك خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم، فإنّك تعلم ولا نعلم وأنت علام الغيوب».

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن سيف ابن عَمِيرة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : جاء جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى يوسف وهو في السجن فقال له : يا يوسف قل في دبر كلّ صلاة : «اللّهمّ اجعل لي فرجاً ومخرجاً (4)، وارزقني من حيث احتسب (5) ومن حيث لا أحتسب».

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عبد العزيز، عن

ص: 516


1- وذلك بإهلاك عدوه، فهو ما تقربه عينه (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) وقُرة العين سكونها وهو كناية عن فرحها وسرورها وظفرها بالمطلوب.
2- «ودعاؤه بذلك مع علمه بأنه مغفور له ومع أنّه معصوم من جميع الذنوب إشفاق وتعليم للأمة. وقيل خوف مكر اللّه وقيل : يحتمل أنّه بحسب المقامات يرى مقامه في زمان دون مقامه في زمان آخر فيستغفر من مقامه الأول. وقيل طلب لأمته إلّا أنّه نسبها إلى نفسه للأشعار بأن مغفرة ذنوبهم مغفرة له. أو طلبها لنفسه بناء على أن الكفار كانوا معتقدين بأنه مذنب في دعوة الرسالة فجعل رفع ذلك الاعتقاد منهم بمنزلة المغفرة، أو بناء على أنّه عدا خلاف الأولى ذنباً» المازندراني 325/10.
3- أي الاعتدال.
4- أي فرجاً من الشدة ومخرجاً من الضيق.
5- أي من حيث أظن أنّه مورد رزقي.

بكر بن محمّد عمّن رواه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قال هذه الكلمات عند كلّ صلاة مكتوبة حفظ في نفسه وداره وماله وولده أجير نفسي ومالي وولدي وأهلي وداري وكلّ ما هو منّي، باللّه الواحد الأحد الصمد الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وأجير نفسي ومالي وولدي وكلّما هو مني بربّ الفَلَق من شر ما خلق - إلى آخرها - وبرب النّاس - إلى آخرها - وآية الكرسي - إلى آخرها - (1).

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال : من قال في دبر الفريضة : «يا من يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء أحد غيره» - ثلاثاً - ثمّ سأل أعطي ما سأل».

10 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق عن سعدان، عن سعيد بن يسار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا صليت المغرب فأمر يدك على جبهتك وقل : «بسم اللّه الّذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة الرّحمن الرّحيم، اللّهمّ أذهب عنّي الهم [والغمّ] والحزن» - ثلاث مرّات -.

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد الجعفي، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كنت كثيراً ما أشتكي عيني (2)، فشكوت ذلك إلى أبي عبد (3) اللّه فقال : ألا أعلمك دعاء لدنياك وآخرتك وبلاغاً(4) لوجع عينيك ؟ قلت : بلى قال : تقول في دبر الفجر ودبر المغرب: «اللّهمّ إني أسألك بحق محمّد وآل محمّد عليك، صلِّ على محمّد وآل محمّد، واجعل النور في بصري (5)، والبصيرة في ديني واليقين في قلبي، والإخلاص في عملي، والسلامة في نفسي والسعة في رزقي، والشكر لك أبداً ما أبقيتني».

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير قال : حدّثني أبو جعفر الشامي قال : حدّثني رجل بالشام يقال له : هلقام (6) بن أبي هلقام قال: أتيت أبا إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : جُعِلتُ فِداك علّمني دعاء جامعاً للدُّنيا والآخرة وأوجز، فقال : قل في دبر الفجر إلى أن تطلع الشمس: «سبحان اللّه العظيم وبحمده أستغفر اللّه وأسأله من فضله».

ص: 517


1- قال هلقام : لقد كنت من أسوء أهل بيتي حالاً، فما علمت حتّى أتاني ميراث من قبل.
2- تعبير (إلى آخرها) في جميع الموارد رعاية للاختصار وهو إما من الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو من الراوي، أو من النسّاخ.
3- الاشتكاء من الشكوى. وهي المرض.
4- أي كفاية.
5- أي القوة البصريه.
6- الهلقام - كما في القاموس - الضخم الطويل.

رجل ما ظننت أن بيني وبينه قرابة، وإنّي اليوم لمن أيسر أهل بيتي وما ذلك إلّا بما علمني مولاي العبد الصالح (عَلَيهِ السَّلَامُ).

باب الدعاء للرزق

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد جميعاً عن القاسم بن عروة، عن أبي جميلة(1)، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد للّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يعلّمني دعاء للرّزق، فعلّمني دعاء ما رأيت أجلب منه للرّزق قال : قل : «اللّهمّ ارزقني من فضلك الواسع الحلال الطيب رزقاً واسعاً حلالاً طيباً بلاغاً للدُّنيا والآخرة، صبّاً صبا (2)، هنيئاً مريئاً (3)، من غير كد ولا من من أحد خلقك، إلّا سعة من فضلك الواسع فإنك قلت : واسألوا اللّه فضله (4) فمن فضلك أسأل، من ومن عطيتك أسأل، ومن يدك الملأى (5) أسأل».

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال(6)، عن يونس، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لقد استبطأت الرّزق، فغضب (7) ثمّ قال لي : قل : «اللّهمّ إنك تكفلت برزقي ورزق كلّ دابة، يا خير مدعو ويا خير من أعطى ويا خير من سُئِلَ ويا أفضل مرتجى افعل بي كذا وكذا».

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : أبطأ رجلٌ من أصحاب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عنه، ثمّ أتاه فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ما أبطأ بك عنا؟» فقال : السقم والفقر، فقال له : أفلا أعلمك دعاء يذهب اللّه عنك بالسقم والفقر؟ قال: بلى يا رسول اللّه، فقال : قل : «لا حول ولا قوة إلّا باللّه [العلي العظيم] توكلت على الحي الّذي لا يموت، والحمد للّه الّذي لم يتخذ [صاحبة ولا] ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذُّلّ وكبره تكبيراً» قال : فما لبث أن عاد إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال: يا رسول اللّه قد أذهب اللّه عنّي السقم والفقر.

ص: 518


1- هو المفضل بن صالح.
2- أي رزقاً مصبوباً، والتكرار للتأكيد أو للأشعار بأنه رزق متجدد في كلّ يوم.
3- أي غير وخيم العاقبة لا في الجسد ولا في الروح.
4- النساء / 32.
5- «مؤنث ملآن والمعنى «من مزيد قدرتك المملوءة من نعم الدنيا والآخرة أسأل» مرآة المجلسي 384/12
6- هو الحسن بن عليّ بن فضال.
7- غضبه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأن كلام أبي بصير يستبطن سوء ظن باللّه سبحانه وعدم التسليم لأمره والرضا بقضائه

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن زيد الشحّام، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ادع في طلب الرزق في المكتوبة وأنت ساجد : «يا خير المسؤولين ويا خير المعطين ارزقني وارزق عبائي من فضلك الواسع فإنك ذو الفضل العظيم».

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن خالد عن القاسم بن عروة، عن أبي جميلة عن أبي بصير قال : شكوت إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) الحاجة، وسألته أن يعلّمني دعاء في طلب الرّزق، فعلمني دعاء ما احتجت منذ دعوت به قال : قل [دبر] صلاة الليل (1) وأنت ساجد : «يا خير مدعو ويا خير مسؤول ويا أوسع من أعطى ويا خير مرتجى ارزقني وأوسع عليَّ من رزقك وسبب لي رزقاً من قِبَلِك، إنك على كلّ شيء قدير».

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن أحمد بن محمّد بن أبي داود عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: جاء رجل إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول اللّه إنِّي ذو عيال وعلي دَيْنٌ وقد اشتدَّت حالي، فعلمني دعاءً أدعو اللّه عزّ وجلّ به ليرزقني ما أقضي به ديني وأستعين به على عيالي، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يا عبد اللّه توضأ وأسبغ وضوءك (2)، ثمّ صلّ ركعتين تتمَّ الرُّكوع والسجود» ثمّ قل: «يا ماجد يا واحد يا كريم [يا دائم] أتوجه إليك بمحمّد نبيّك نبي الرحمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، يا محمّد (3) يا رسول اللّه إنّي أتوجه بك إلى اللّه ربّك وربّي وربّ كلّ شيء، أن تصلّي على محمّد وأهل بيته وأسألك نفحة كريمة (4) من نفحاتك، وفتحاً يسيراً (5)، ورزقاً واسعاً ألمُ به شَعَثي (6) وأقضي به ديني وأستعين به على عيالي».

7 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى،، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن أبي سعيد المكاري وغيره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : علّم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هذا الدُّعاء : يا رازق

ص: 519


1- «إعلم أن في مصطلح الأخبار تطلق صلاة الليل غالباً على الثمان ركعات، وقد تطلق على الإحدى عشرة بإضافة الشفع والوتر إليها، وعلى الثلاث عشرة بإضافة ركعتي الفجر، وكأن الأوّل هنا أظهر، والمراد إما قراءته في كلّ سجدة منها أو في إحداها لا على التعيين والأخير أظهر، لكن لا ينافي التكرار» مرآة المجلسي 387/12.
2- أي انت به كاملا مشتملا على واجباته ومستحابته.
3- بعد أن جعل الداعي محمّد وأهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسيلة وشفاعة إلى اللّه بين يدي طلبته توجه بالخطاب إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ليقبل هو بدوره أن يكون شفيعه عند اللّه في إنجاز طلبته.
4- النفحة: في الأصل، هبوب الريح الطيبة، وريح المسك استعملها هنا على نحو الاستعارة في الرحمة الإلهية.
5- ای لأبواب الرزق من دون تعب ولا نَصَب.
6- الشَّعَث: انتشار الأمر. والمعنى أسألك يا رب رزقاً تجمع به ما تفرق من أمري واضطرب من أحوالي.

المقلّين (1)، يا راحم المساكين يا ولي المؤمنين، يا ذا القوة المتين (2)، صلّ على محمّد وأهل يا بيته وارزقني وعافني واكفني ما أهمني».

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : نظر أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى رجل وهو يقول: «اللّهمّ إني أسألك من رزقك الحلال»، فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سألت قوت النبيّين (3) قل: «اللّهمّ إني أسألك رزقاً [حلالاً ] واسعاً طيباً (4) من رزقك».

9 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قلت للرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جُعِلتُ فداك ادع اللّه عزّ وجلّ أن يرزقني الحلال فقال: أتدري ما الحلال؟ قلت : الّذي عندنا الكسب الطيب، فقال : كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الحلال هو قوت المصطفين، ثمّ قال: قل: «أسألك من رزقك الواسع».

10 - عنه (5)، عن بعض أصحابه، عن مفضّل بن مزيد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قل : «اللّهمّ أوسع عليّ في رزقي، وامدد لي في عمري واجعلني ممّن تنتصر به لدينك ولا تستبدل بي غيري»(6).

11 - عنه، عن أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) دعاء في الرزق: «يا اللّه يا اللّه يا اللّه أسألك بحق من حقه عليك عظيم أن تصلي على محمّد وآل محمّد، وأن ترزقني العمل بما علمتني من معرفة حقك وأن تبسط عليّ ما حظرت (7) من رزقك».

ص: 520


1- جمع مقل : وهو الفقير.
2- المتين كما في النهاية من أسماء اللّه تعالى ومعناه : الشديد القوى الذى لا يلحقه في أفعاله مشقة ولا كلفة ولا : تعب.
3- «كونه قوت النبيّين، إما لأنه لا يتيسر العلم بذلك الا لهم بالوحي والإلهام، وإما لندرة وجوهه ولا يمكن لأكثر النّاس الصبر عليه والقناعة به إلّا لهم... وطريقه ضيق والطالب له طالب لضيق معيشته...» مرآة المجلسي 12 / 392 – 393.
4- «المشهور بين الفقهاء أن الحلال والطيب مترادفان أو الحلال ما أحله الشارع وما لم يرد فيه نهي، والطيب ما تستطيبه النفس وتستلذه. وقيل : الطيب يقال لمعان الأوّل المستلذ الثاني : ما أحله الشارع الثالث : ما كان طاهرا الرابع : ما خلا عن الأذى في النفس والبدن وهو حقيقة في الأوّل لتبادره إلى الذهن عند الإطلاق، والخبيث يقابل الطيب بمعانيه» مرآة المجلسي 391/12 – 392.
5- أي عن أحمد بن محمّد بن خالد.
6- «أي اجعلني ممّن تنشقم به من الأعداء لإظهار دينك بالتوفيق والأمر والنهي والجهاد مع إمام عادل... ولا تهلكني بالتولي عن طاعتك، والمخالفة بمعصيتك ولا تأت بمن يطيعك بدلاً مني...» المازندراني 336/10.
7- أي حبست ومنعت.

12 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن عبد الحميد العطار، عن يونس بن يعقوب عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنا قد استبطأنا الرزق، فغضب ثمّ قال : قل : «اللّهمّ إنّك تكفلت برزقي ورزق كلّ دابة فيا خير من دعي ويا خير من سئل ويا خير من أعطى ويا أفضل مرتجى افعل بي كذا وكذا (1)».

13 - أبو بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يدعو بهذا الدعاء : اللّهمّ إني أسألك حُسْنَ المعيشة (2)، معيشة أتقوى بها على جميع حوائجي، وأتوصل بها في الحياة إلى آخرتي من غير أن تترفني فيها فأطغى، أو تقتر بها علي فأشقى، أوسع علي من حلال رزقك، وأفضل عليّ من سَيْب (3) فضلك، نعمة منك سابغة (4)، وعطاء غير ممنون(5)، ثمّ لا تشغلني عن شكر نعمتك بإكثار منها تلهيني بهجته، وتفتني زهرات زهوته (6) ولا بإقلال علي منها يقصر بعملي كده، ويملأ صدري همه، أعطني من ذلك يا إلهي غنى عن شرار خلقك، وبلاغاً أنال به رضوانك، وأعوذ بك يا إلهي من شرّ الدُّنيا وشر ما فيها، لا تجعل الدُّنيا علي سجناً (7) ولا فراقها علي حزناً، أخرجني من فتنتها مرضياً عني، مقبولاً فيها عملي، إلى دار الحيوان (8)، ومساكن الأخيار، وأبدلني بالدُّنيا الفانية نعيم الدار الباقية، اللّهمّ إني أعوذ بك من أَزْلِها (9) وزلزالها وسطوات شياطينها وسلاطينها، ونكالها (10)، ومن بغي من بغى عليَّ فيها، اللّهمّ من كادني فكذه (11)، ومن أرادني فارده، وفلّ عني حد من نصب لي حده، واطف عني نار من شبّ لي وقوده واكفني مكر المكرة وافقاً عنّي عيون الكفرة، واكفني هم من أدخل عليَّ همّه، وادفع عني شرَّ الحَسَدَة، واعصمني من ذلك بالسكينة، وألبسني درعك الحصينة

ص: 521


1- تقدم بمضمون متقارب جداً من هذا المضمون عن يونس عن أبي بصير تحت رقم (2) من هذا الباب وعلّقنا عليه فراجع.
2- المقصود بحسن المعيشة بقرينة ما بعدها عيشة الكفاف دون زيادة ولا نقصان.
3- السيب: العطاء. وفي بعض النسخ (وافض علي...).
4- أي كاملة وافية.
5- أي غير منقوص ولامقطوع.
6- «زهرات الدنيا متاعها وحسنها وبهجتها ونضارتها وزينتها والزهوة الكبر والفخر والخيلاء» المازندراني 337/10.
7- أي بتضييق العيش علي فيها وبكثرة بلاءاتها ومصائبها.
8- الحيوان - كما في القاموس - خلاف المَوتان، والمقصود بها الجنّة، لأن الحياة الحقيقية تنحصر فيها.
9- الأزل : الضيق والشدة والمقصود بزلزالها مصائبها وبلاءاتها.
10- النكّال : العقوبة.
11- الكيد من الإنسان المكر والخديعة ومن اللّه سبحانه: جزاؤه على المكر من باب المشاكلة.

واخبأني في سترك الواقي، وأصلح لي حالي، وصدّق قولي بفعالي، وبارك لي في أهلي ومالي».

باب الدعاء للدين

باب الدعاء للدين (1)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد، جميعاً، عن ابن محبوب، - عن جميل بن دراج، عن وليد بن صبيح قال : شكوت إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ديناً لي على أناس، فقال: قل: «اللّهمّ لحظةً (2) من لحظاتك تيسّر على غرمائي بها القضاء، وتيسر لي بها الاقتضاء (3) إنك على كلّ شيء قدير».

2 - الحسين بن محمّد الأشعري عن معلى بن محمّد عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أتى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رجلٌ فقال : يا نبي اللّه الغالب عليَّ الدَّين ووسوسة الصدر، فقال له النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : قل: توكلت على الحيّ الّذي لا يموت الحمد للّه الّذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذُّلّ وكبره تكبيراً». قال : فصبر الرَّجل ما شاء اللّه، ثمّ مرَّ على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فهتف به (4) فقال : ما صنعت ؟ فقال : أدمنتُ (5) ما قلت لي يا رسول اللّه فقضى اللّه ديني، وأذهب وَسْوَسَةً صدري.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان (6) عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: جاء رجل إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : يا رسول اللّه قد لقيت شدَّة من وسوسة الصدر، وأنا رجل مدين معيل محوج (7). فقال له : كرّر هذه الكلمات: «توكّلت على الحي الّذي لا يموت، والحمد للّه الّذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذُّلّ، وكبره تكبيراً». فلم يلبث أن جاءه فقال : أذهب اللّه عني وسوسة صدري وقضى عني دَيْني، ووسع عليّ رزقي.

ص: 522


1- أعم من أن يكون للإنسان أو عليه. والدعاء في الأوّل لتيسير الاستيفاء، وفي الثاني للتوفيق إلى الإيفاء.
2- أي أسألك لحظة. والمراد بها هنا نظر الرحمة.
3- أي الاستيفاء.
4- أي صاح به.
5- أي داومت عليه ولازمته.
6- هو عبد اللّه بن مسكان.
7- أي محتاج.

4 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة عن موسى بن بكر، دعاء عن أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان كتبه لي في قرطاس : «اللّهمّ اردد إلى جميع خلقك مظالمهم الّتي قبلي، صغيرها وكبيرها في يسر منك وعافية، وما لم تبلغه قوتي، ولم تسعه ذات يدي، ولم يقو عليه بدني ويقيني ونفسي(1)، فأدّه عني من جزيل ما عندك من فضلك، ثمّ لا تخلف عليَّ منه شيئاً تقضيه من حسناتي (2)، يا أرحم الرّاحمين، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ عبده ورسوله، وأنَّ الدِّين كما شَرَع، وأن الإسلام كما وصف، وأنَّ الكتاب كما أنزل، وأنَّ القول كما حدَّث، وأنَّ اللّه هو الحق المبين، ذكر اللّه محمّداً وأهل بيته بخير وحيّا محمّداً وأهل بيته بالسّلام».

باب الدعاء لِلْكَرْب والهمّ والحزن والخوف

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السرَّاج (3)، عن ابن مسكان عن أبي حمزة قال : قال محمّد بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا حمزة مالك إذا أتى بك أمر تخافه أن لا تتوجه إلى بعض زوايا بيتك - يعني (4) القبلة - فتصلي ركعتين ثمّ تقول : يا أبصر الناظرين ويا أسمع السامعين ويا أسرع الحاسبين ويا أرحم الرّاحمين» - سبعين مرة - كلّما دعوت بهذه الكلمات [مرَّة] سألت حاجة.

2 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن ثابت عن أسماء قالت : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من أصابه هم أو غم أو كرب أو بلاء أو لأواء(5)فليقل: «اللّه ربّي ولا أشرك به شيئاً، توكلت على الحي الّذي لا يموت».

3 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا نزلت برجل نازلة أو شديدة أو كربه أمر فليكشف عن ركبتيه وذراعيه

ص: 523


1- «(ويقيني ونفسي) لما فيهما من الضعف المانع من تسليم البدن إلى المظلوم» المازندراني 342/10.
2- أي لا تبق للمظلوم على شيئاً إلى يوم القيامة فيأخذ من حسناتي أو تجعل من سيئاته في ميزاني لقاء ما بقي له عليّ في الدنيا من مظلمة.
3- واسمه عبد اللّه بن عثمان.
4- هذا من كلام الراوي. ويحتمل من كلامه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- اللأواء: الشدة وضيق المعيشة.

وليلصقهما بالأرض وليلزق جؤجؤه (1) بالأرض ثمّ ليدعُ بحاجته وهو ساجدٌ.

4 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب، عن الحسن بن عمّار الدَّهان عن مسمع (2)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما طرح إخوة يوسف يوسف في الجُبِّ أتاه جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدخل عليه فقال : يا غلام ما تصنع ههنا ؟ فقال : إنَّ أخوتي ألقوني في الجبّ، قال : فتحبّ أن تخرج منه ؟ قال : ذاك إلى اللّه عزّ وجلّ، إن شاء أخرجني. قال : فقال له : إن اللّه تعالى يقول لك : ادعني بهذا الدعاء حتّى أخرجك من الجب. فقال له : وما الدعاء؟ فقال: قل: «اللّهمّ إنّي أسألك بأنَّ لك الحمد، لا إله إلّا أنت المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام أن تصلي على محمّد وآل محمّد، وأن تجعل لي ممّا أنا فيه فَرَجاً ومخرجاً» قال: ثمّ كان من قصته ما ذكر اللّه في كتابه.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ الّذي دعا به أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على داود بن عليّ حين قتل المعلى بن خنيس وأخذ مال أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «اللّهمّ إنِّي أسألك بنورك الّذي لا يطفى، ويعزائمك (3) الّتي لا تخفى، وبعزك الّذي لا ينقضي، وبنعمتك الّتي لا تحصى، ويسلطانك الّذي كففت به فرعون عن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الهمّ قال : تغتسل وتصلي ركعتين وتقول : «يا فارج الهم ويا كاشف الغم، يا رحمن الدُّنيا والآخرة ورحيمهما (4)، فرج همي واكشف غمّي يا اللّه الواحد الأحد الصمد الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد اعصمني وطهرني واذهب ببليتي» واقرأ آية الكرسي والمعوذتين.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة (5)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا خفت أمراً فقل: اللّهمّ إنك لا يكفي منك أحد وأنت تكفي من كلّ

ص: 524


1- أي صدره.
2- الظاهر بقرينة رواية الدهان عنه أنّه مسمع بن عبد الملك بن مسمع كنيته أبو سيار ولقبه كردين.
3- عزايم اللّه : - كما في القاموس - فرايضه الّتي أوجبها.
4- «قيل هما اسمان بنيا للمبالغة من رحم، والأوّل أبلغ من الثاني، لأن زيادة المباني تدل على زيادة المعاني. وتلك الزيادة إما باعتبار الكمية ولذلك يقال رحمن الدنيا لأنه يعم الأبرار والفجار ورحيم الآخرة لأنه يخص الأبرار» المازندراني 344/10.
5- هو ابن مهران بقرينة رواية عثمان بن عيسى عنه.

أحد من خلقك فاكفني كذا وكذا.

وفي حديث آخر قال : تقول: «يا كافياً من كلّ شيء ولا يكفي منك شيء في السماوات والأرض، اكفني ما أهمني من أمر الدُّنيا والآخرة وصلّى اللّه على محمّد وآله». وقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): من دخل على سلطان يهابه فليقل: «باللّه أستفتح وباللّه استنجح وبمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أتوجه، اللّهمّ ذلل لي صعوبته وسهل لي حزونته(1) فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أمّ الكتاب». وتقول أيضاً : «حسبي اللّه لا إله إلّا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، وأمتنع بحول اللّه وقوته من حولهم وقوتهم، وأمتنع بربّ الفَلَق من شر ما خلق ولا حول ولا قوة إلّا باللّه».

8 - عنه، عن عدَّة من أصحابنا، رفعوه، إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان من دعاء (2) أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الأمر يَحْدُث : «اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، واغفر لي وارحمني، وزك عملي (3) ويسر منقلبي واهد[ء] قلبي وآمن خوفي وعافني في عمري كله وثبت حجتي واغفر خطاياي وبيض وجهي واعصمني في ديني وسهل مطلبي ووسع عليَّ في رزقي فإني ضعيف وتجاوز عن سيّىء ما عندي بحسن ما عندك، ولا تفجعني (4) بنفسي، ولا تفجع لي حميماً وهب لي يا إلهي لحظة من لحظاتك، تكشف بها عني جميع ما به ابتليتني، وتردَّ بها عليَّ ما هو أحسن عاداتك عندي فقد ضعفت قوتي وقلت حيلتي وانقطع من خلقك رجائي ولم يبق إلّا رجاؤك وتوكلي عليك وقدرتك عليَّ، يا ربّ : إن ترحمني وتعافني كقدرتك عليَّ إن تعذبني وتبتلني، إلهي ذكر عوائدك (5) يؤنسني، والرَّجاء لإنعامك يقوّيني، ولم أخلُ من نعمك منذ خلقتني وأنت ربي وسيدي ومفزعي (6) وملجئي والحافظ لي، والذَّابُ عني والرحيم بي والمتكفل برزقي، وفي قضائك وقدرتك كلّما أنا فيه فليكن يا سيدي ومولاي فيما قضيت وقدرت وحتمت تعجيل خلاصي ممّا أنا فيه جميعه والعافية لي فإنّي لا أجد لدفع ذلك أحداً غيرك ولا أعتمد فيه إلّا عليك، فكن يا ذا الجلال والإكرام] عند أحسن ظني بك ورجائي لك، وارحم تضرعي واستكانتي وضعف ركني (7) وامنن بذلك عليَّ وعلى كلّ داع دعاك يا أرحم الراحمين وصلى اللّه

ص: 525


1- أي غلظته وخشونته.
2- أي من جملة دعائه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- أي طهرة ممّا يتنافى مع الإخلاص لك فيه، أو ضاعفه من حيث الكم والثواب.
4- الفجيعة : المصيبة.
5- العوائد : جمع العائدة وهي الصلة والرحمة والعطية.
6- أي مغيثي وناصري.
7- أي قوتي أو جوارحي.

على محمّد وآله.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن إسماعيل بن يسار، عن بعض من رواه قال : قال (1) : إذا أحزنك أمر فقل في آخر سجودك : «يا جبرئيل يا محمّد، یا جبرئيل يا محمّد - تكرر ذلك - اكفياني ما أنا فيه فإنكما كافيان واحفظاني بإذن اللّه فإنكما حافظان».

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أعين، عن بشير ابن مسلمة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ما أبالي إذا قلت هذه الكلمات لو اجتمع عليَّ الإنس والجن : «بسم اللّه وباللّه ومن اللّه وإلى اللّه وفي سبيل اللّه وعلى ملة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، اللّهمّ إليك أسلمتُ نفسي، وإليك وجهتُ وجهي، وإليك ألجأت ظَهْري، وإليك فوضت أمري، اللّهمّ احفظني بحفظ الإيمان من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي ومن تحتي، ومن قبلي (2) وادفع عني بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوة إلّا بك».

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير مثله.

11 - عنه، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ):قال لي رجل أي شيء قلت حين دخلت على أبي جعفر بالربذة (3) قال: قلت: «اللّهمّ إنك تكفي من كلّ شيء ولا يكفي منك شي فاكفني بما شئت وكيف شئت ومن حيث شئت وأنّى شئت».

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن عليّ بن ميسر قال : لما قدم أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى له على رأسه وقال له : إذا دخل عَلَيَّ فاضرب عنقه، فلما دخل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) نظر إلى أبي جعفر وأسر شيئاً فيما بينه وبين نفسه لا يدرى ما هو ثمّ أظهر : «يا من يكفي خلقه كلّهم ولا يكفيه أحداً اكفني شرَّ عبد اللّه بن عليّ» قال : فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه وصار مولاه لا يبصره (4)، فقال أبو جعفر : يا

ص: 526


1- هذا الحديث ضعيف من جهة، ومضمر من جهة أخرى باعتبار أنّه لم يُعرف القائل فيه.
2- أي احفظني من المفاسد والمصائب المتأتية من قِبَل نفسي. وفي بعض النسخ (ما قبلي).
3- المراد بأبي جعفر: المنصور العباسي، والرَّبَذَة مكان قريب من المدينة دفن فيه أبو ذر الغفاري (رضیَ اللّهُ عنهُ) بعد أن سيره عثمان منفيا إليها.
4- الضمير يرجع إلى الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقرينة ما أجاب به المولى سيده.

جعفر بن محمّد لقد عنّيتك (1) في هذا الحرّ فانصرف، فخرج أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من عنده، فقال أبو جعفر لمولاه ما منعك أن تفعل ما أمرتك به؟ فقال : لا واللّه ما أبصرته ولقد جاء شيء فحال بيني وبينه فقال له أبو جعفر : واللّه لئن حدَّثت بهذا الحديث أحداً لأقتلنّك.

13 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز عن أحمد بن أبي داود، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي : «ألا أعلمك دعاء تدعو به، إنا أهل البيت إذا كَرَبَنا أمرٌ وتخوفنا من السلطان أمراً لا قبل لنا به (2) ندعو به، قلت : بلى بأبي أنت وأمّي یا ابن رسول اللّه قال قل يا كائناً قبل كلّ شيء، ويا مكوّن كلّ شيء، ويا باقي بعد كلّ شيء، صلّ على محمّد وآل محمّد وافعل بي كذا وكذا».

14 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن عليّ بن مهزيار قال : كتب محمّد بن حمزة الغنوي إليَّ يسألني أن أكتب إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في دعاء يعلّمه يرجو به الفرج، فكتب إليَّ : أما ما سأل محمّد بن حمزة من تعليمه دعاء يروجو به الفرج فقل له : يلزم (3) «يا من يكفي من كلّ شيء ولا يكفي منه شيء، اكفني ما أهمني ممّا أنا فيه» فإني أرجو أن يكفي ما هو فيه من الغمّ إن شاء اللّه تعالى. فأعلمته ذلك، فما أتى عليه إلّا قليل - عتى خرج من الحبس.

15 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه، عن ابن أبي حمزة قال : سمعت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول لابنه : يا بني، من أصابه منكم مصيبة أو نزلت به نازلةٌ فليتوضأ وليسبغ الوضوء، ثمّ يصلي ركعتين أو أربع ركعات ثمّ يقول في آخرهنَّ : «يا موضع كلّ شكوى و یا سامع كلّ نجوى وشاهد كلّ ملأ (4) وعالم كلّ خفيّة، ويا دافع ما يشاء من بلية»، ويا خليل إبراهيم ويا نجي (5) موسى و يا مصطفي محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، أدعوك دعاء من اشتدت فاقته، وقلت حيلته، وضعفت قوته، دعاء الغريق الغريب المضطر، الّذي لا يجد لكشف ما هو فيه إلّا أنت يا أرحم الرّاحمين» فإنّه لا يدعو به أحدٌ إلّا كشف اللّه عنه إن شاء اللّه.

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أخي سعيد عن سعيد ابن يسار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يدخلني الغمّ فقال : أكثر من [أن ت-- ] قول: «اللّه اللّه ربّي

ص: 527


1- أي أتعبتك.
2- أي لا طاقة لنا به.
3- أي بدأب ويداوم، والمقصود بأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) الإمام محمّد بن عليّ الجواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- الملا : الجماعة.
5- النجي: - كما في الصحاح - الشخص الّذي تساره.

لا أشرك به شيئاً»، فإذا خفت وسوسة أو حديث نفس فقل : «اللّهمّ إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، عدل في حكمك، ماض في قضاؤك، اللّهمّ إني أسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به (1) في علم الغيب عندك، أن، تصلّى على محمّد وآل محمّد وأن تجعل القرآن نور بصري وربيع قلبي، وجلاء حزني، وذهاب همي، اللّه اللّه ربي لا أشرك به شيئاً».

17 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان دعاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ليلة الأحزاب (2) : يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين ويا كاشف غمّي، اكشف عنّي غمي وهمي وكربي، فإنك تعلم حالي وحال أصحابي واكفني هول عدوّي.

18 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن إبراهيم بن إسرائيل، عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : خرج بجارية لنا خنازير (3) في عنقها، فأتاني آت فقال : يا علي قل لها فلتقل: «يا رؤوف يا رحيم يا رب يا سيدي» - تكرّره - قال : فقالته فأذهب اللّه عزّ وجلّ عنها، قال : وقال هذا الدُّعاء الّذي دعا به جعفر بن سليمان(4).

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) دعاءً وأنا خلفه فقال: «اللّهمّ إني أسألك بوجهك (5) الكريم واسمك العظيم، وبعزتك الّتي لا ترام (6) وبقدرتك الّتي لا يمتنع منها شيء أن تفعل بي كذا وكذا». قال : وكتب إليَّ رقعة بخطه قل: يا من علا فقهر وبطن فخبر يا من ملك فقدر ويا من يحيي الموتى وهو على كلّ شي قدير، صلّ على محمّد وآل محمّد وافعل بي كذا وكذا. ثمّ قل: «يا لا إله إلّا اللّه ارحمني بحق لا إله إلّا اللّه ارحمني». وكتب إليَّ في رقعة أخرى يأمرني أن أقول : اللّهمّ ادفع عني بحولك وقوتك، اللّهمّ إني أسألك في يومي هذا، وشهري هذا، وعامي هذا بركاتك فيها وما ينزل فيها من عقوبة أو مكروه أو بلاء فاصرفه عني وعن ولدي بحولك وقوتك، إنك على كلّ شيء قدير

ص: 528


1- أي اختصصت به، أو استبددت به.
2- هي ليلة الخندق وسميت الأحزاب لتحزب المشركين والكفار على حربه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ومهاجمة المدينة المنورة. فأرسل سبحانه عليهم ريحاً وجنوداً لم يرها أحد وألقى في قلوبهم الرعب فهزموا من دون قتال.
3- قال في مغرب :اللغة الخنازير : قروح تخرج في الرقبة.
4- «لعله كان به هذا الداء فارتفع بهذا الدعاء، فذكره (عَلَيهِ السَّلَامُ) تأكيداً لبيان تأثيره» مرآة المجلسي 426/12.
5- المراد بالوجه الذات المقدسة.
6- أي لا تقصد ولا تُطلب، إذ هي ممّا تحار فيها العقول.

اللّهمّ إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحويل عافيتك، ومن فُجأة نقمتك، ومن شر كتاب (1) قد سبق، اللّهمّ إنّي أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كلّ دابة أنت أخذ بناصيتها إنك على كلّ شيء قدير، وإنّ اللّه قد أحاط بكلّ شيء علماً وأحصى كلّ شيء عدداً».

20 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عمر بن يزيد (2): «يا حَيُّ (3) يا قيوم يا لا إله إلّا أنت، برحمتك أستغيث فاكفني ما أهمني ولا تكلني إلى نفسي» تقوله مائة مرَّة وأنت ساجد.

21 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن بعض أصحابه، عن إبراهيم ابن حنان، عن عليّ بن سورة، عن سماعة قال : قال لي أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا كان لك يا سماعة إلى اللّه عزّ وجلّ حاجة فقل : «اللّهمّ إني أسألك بحق محمّد وعلي فإنَّ لهما عندك شأناً من الشّان وقدراً من القدر، فبحق ذلك الشأن ويحق ذلك القدر أن تصلي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا»، فإنّه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن مُمتَحَن إلّا وهو يحتاج إليهما (4) في ذلك اليوم.

22 - عليّ بن محمّد، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن أبي القاسم الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل، عن معاوية بن عمّار والعلاء بن سيابة وظريف بن ناصح قال : لما بعث أبو الدوانيق (5) إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) رفع يده إلى السماء، ثمّ قال: «اللّهمّ إنك حفظت الغلامين بصلاح أبويهما (6) فاحفظني بصلاح آبائي محمّد وعلي والحسن والحسين وعليّ بن الحسين و محمّد بن عليّ، اللّهمّ إني أدرء بك (7) في نحره، وأعوذ بك من شره». ثمّ قال للجمال : سر،

ص: 529


1- الكتاب هنا هو اللوح المحفوظ.
2- «عمر بن يزيد مشترك بين السابري والكوفي يرويان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والأوّل عن الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم يعلم أن الدعاء منقول عن المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو لا» المازندراني 355/10.
3- الحي : اسم من أسماء اللّه سبحانه، بمعنى الفعّال المدرك، فهو سبحانه لا يجوز عليه الموت والفناء.
4- أي محمّد وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمكان شفاعتهما عند اللّه.
5- لقب أبي جعفر المنصور واشتهر بأبي الدوانيق لأنه لما أراد حفر الخندق بالكوفة قسط على كلّ واحد منهم دائق فضة وأخذه وصرفه في الحفر هكذا ورد في كتاب المغرب.
6- هذا إشارة إلى قصة الجدار الّذي أقامه العبد الصالح وقيل بأنه الخضر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان معه موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاعترض عليه، وقد وردت في الآية 77 من سورة الكهف (...فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا) والآية 82 من سورة الكهف (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ...).
7- أي ادفع بك.

فلما استقبله الربيع بباب أبي الدَّوانيق قال له : يا أبا عبد اللّه ما أشد باطنه عليك لقد سمعته يقول : واللّه لا تركت لهم نخلاً إلّا عقرته ولا مالاً إلّا نهبته، ولا ذرية إلّا سبيتها، قال: فهمس (1) بشيء خفي، وحرّك شفتيه، فلما دخل سلّم وقعد فردّ عليه السلام ثمّ قال : أما واللّه لقد هممت أن لا أترك لك نخلاً إلّا عقرته ولا مالا إلّا أخذته فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أمير المؤمنين إنَّ اللّه ابتلى أيّوب فصبر وأعطى داود فشكر وقدَّر يوسف فغفر، وأنت من ذلك النسل ولا يأتي ذلك النسل إلّا بما يشبهه، فقال: صدقت قد عفوت عنكم، فقال له : يا أمير المؤمنين إنه لم ينل منا أهل البيت أحدٌ دماً إلّا سلبه اللّه ملكه فغضب لذلك واستشاط (2) فقال : على رِسْلكِ (3) يا أمير المؤمنين، إنَّ هذا الملك كان في آل أبي سفيان فلما قتل يزيد حسيناً سلبه اللّه ملكه فورثه آل مروان، فلما قتل هشام زيداً سلبه اللّه ملكه فورثه مروان بن محمّد، فلمّا قتل مروان إبراهيم سلبه اللّه ملكه فأعطاكموه. فقال: صدقتهاتِ ارفع حوائجك، فقال: الإذن، فقال : هو في يدك متى شئت فخرج فقال له الربيع : قد أمر لك بعشرة آلاف درهم، قال : لا حاجة لي فيها قال : إذن تغضبه فخذها ثمّ تصدق بها.

23 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أعين، عن قيس بن سَلَمَة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما يقول : ما أبالي إذا قلت هذه الكلمات لو اجتمع علي الجن والإنس : بسم اللّه وباللّه ومن اللّه وإلى اللّه وفي سبيل اللّه وعلى ملة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، اللّهمّ إليك أسلمت نفسي، وإليك وجهت وجهي وإليك ألجأت ظهري وإليك فوضت أمري، اللّهمّ احفظني بحفظ الإيمان من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي ومن قبلي وادفع عني بحولك وقوتك فإنّه لا حول ولا قوة إلّا باللّه» (4).

باب الدعاء للعلل والأمراض

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران

ص: 530


1- أي تكلم بكلام خفي.
2- أي التهب غضباً.
3- الرسل : الرفق والتؤدة.
4- امر هذا المضمون في الحديث رقم (10) من هذا الباب إلّا أن في سنده هناك بشير بن مسلمة بدل قيس بن سلمة. وفي آخره هناك (الأبك) بدل (إلا باللّه). وعلقنا عليه فراجع.

وابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان يقول عند العلة : «اللّهمّ إنك غيرت أقوماً فقلت: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا) (1)، فيا من لا يملك كشف ضري ولا تحويله عنّي أحدٌ غيره، صلّ على محمّد وآل محمّد واكشف ضرّي وحوّله إلى من يدعو معك إلهاً آخر لا إله غيرك.

2 - أحمد بن محمّد عن عبد العزيز بن المهتدي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن داود بن رزين قال : مرضت بالمدينة مرضاً شديداً فبلغ ذلك أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فكتب إليَّ : قد بلغني علتك فاشتر صاعاً من برثم استلق على قفاك وانثره على صدرك كيفما انتثر وقل : «اللّهمّ إنِّي أسألك باسمك الّذي إذا سألك به المضطر (2) كشفت ما به من ضر، ومكنت له في الأرض، وجعلته خليفتك على خلقك، أن تصلى على محمّد وآل محمّد وأن تعافيني من علّتي ثمّ استو جالساً، واجمع البر من حولك وقل مثل ذلك، وأقسمه مدا(3) مدا لكل مسكين وقل مثل ذلك، قال :داود : ففعلت ذلك فكأنما نشطتُ من عقال (4) وقد فعله غير واحد فانتفع به.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن نعيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : اشتكى بعض ولده فقال : يا بنيَّ قل: اللّهمّ اشفني بشفائك، وداوني بدوائك وعافني من بلائك فإني عبدك وابن عبدك.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن يونس بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جُعِلتُ فداك هذا الّذي قد ظهر بوجهي يزعم النّاس أنَّ اللّه عزّ وجلّ لم يبتل به عبداً له فيه حاجة (5). فقال لي : لا، لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع الأصابع (6) فكان يقول هكذا - ويمد يده - ويقول : يا قوم اتبعوا المرسلين، قال : ثمّ قال:

ص: 531


1- الإسراء / 56 والّذين كان المشركون يعبدونهم من دون اللّه هم الملائكة، أو الجن، أو المسيح أو عزير أو الأصنام.
2- قيل: يحتمل أن يكون المراد بالمضطر أيّوب (عَلَيهِ السَّلَامُ). ويحتمل أن يكون عاماً والخلافة عامة. وقيل أن المراد به الحجة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف). والأظهر أنّه إشارة إلى قوله تعالى: (امن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) النمل/ 62.
3- المد رطل وثلث والصاع أربعة أمداد.
4- أي خرجت منه، والعِقال : حبل يُعقل به اليعير في وسط ذراعه، جمع : عُقُل.
5- هذا كناية عن عدم اعتناء اللّه بشأنه ونسيانه له. وإسقاطه من عينه.
6- «الظاهر أنّه فرعون موسى، والأنسب بما بعده أنّه فرعون إنطاكية الّذي أرسل إليه عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) رسله، وفرعون لقب كلّ متكبر جبار وإن اشتهر في الأول. والمؤمن المذكور كان من أهل إنطاكية ولذلك نسب إليه وهم قتلوه بعد نصحه لهم وإظهار إيمانه» المازندراني 359/10. وجاء في القاموس : الاكنع : من رجعت أصابعه إلى كفه وظهرت رواجبه، والرواجب : مفاصل أصول الأصابع، أو بواطن مفاصلها... الخ.

إذا كان الثلث الأخير من الليل في أوَّله فتوضأ وقم إلى صلاتك الّتي تصليها، فإذا كنت في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوليين فقل وأنت ساجد : يا علي يا عظيم يا رحمن يا رحيم يا سامع الدعوات ويا معطي الخيرات صلّ على محمّد وآل محمّد وأعطني من خير الدُّنيا والآخرة ما أنت أهله، واصرف عني من شرّ الدُّنيا والآخرة ما أنت أهله، واذهب عني هذا الوجع وسمه - فإنه قد غاظني و [أ] حزنني وألح في الدُّعاء. قال : فما وصلت إلى الكوفة حتّى أذهب اللّه به عنّي كله.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن محمّد ابن إسماعيل، جميعاً، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا رأيت الرجل مرَّ به البلاء فقل : «الحمد اللّه الّذي عافاني ممّا ابتلاك به وفضّلني عليك وعلى كثير ممّن خلق» ولا تسمعه (1).

6 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن محمّد بن عيسى، عن داود بن رزین، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : تضع يدك على الموضع الّذي فيه الوجع وتقول ثلاث مرات: «اللّه اللّه ربي حقاً لا أشرك به شيئاً، اللّهمّ أنت لها ولكلّ عظيمة ففرجها عنّي» (2).

7 - عنه، عن محمّد بن عيسى عن داود عن مفضّل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) للأوجاع تقول : «بسم اللّه وباللّه كم (3) من نعمة اللّه في عرق ساكن وغير ساكن (4) على عبد شاكر وغير شاكره وتأخذ لحيتك بيدك اليمنى بعد صلاة مفروضة وتقول: «اللّهمّ فرج عنّي كربتي، وعجل عافيتي واكشف ضُرّي» - ثلاث مرات - واحرص أن يكون ذلك مع دموع وبكاء.

8 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن رجل قال : دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فشكوت إليه وجعاً بي فقال: قل: «بسم اللّه - ثمّ امسح يدك عليه وقل - أعوذ بعزة اللّه وأعوذ بقدرة اللّه وأعوذ بجلال اللّه وأعوذ بعظمة اللّه وأعوذ بجمع اللّه وأعوذ برسول اللّه وأعوذ بأسماء اللّه من شر ما أحذر ومن شرّ ما أخاف على نفسي»

ص: 532


1- الظاهر أن النهي هنا عن إسماعه نهي تحريم لما فيه من أذية وإدخال الحزن عليه.
2- أي اكشفها عني.
3- كم خبرية. والمعنى : للّه نعم لا تحصى.
4- ففي سكون الساكن كما في تحرك المتحرك نعمة جليلة بحيث لو انعكس الأمر فتحرك الساكن أو سكن المتحرك لكان ذلك سبباً في اختلال نظام بدن الإنسان ولإصابته أمراض وأوجاع.

تقولها سبع مرات، قال : ففعلت فأذهب اللّه عزّ وجلّ [بها] الوجع عني.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان عن عون قال (1) : أمر يدك على موضع الوجع ثمّ قل: «بسم اللّه وباللّه ومحمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم اللّهمّ امسح عني ما أجد» ثمّ تمر يدك اليمنى وتمسح موضع الوجع - ثلاث مرات (2).

10 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن أخي غرام، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : تضع يدك على موضع الوجع تقول: «بسم اللّه وباللّه [و] محمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولا حول ولا قوة إلّا باللّه، اللّهمّ امسح عني ما أجد وتمسح الوجع ثلاث مرّات».

11 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن عليّ بن عيسى، عن عمه قال : قلت له : علّمني دعاء أدعو به لوجع أصابني ؟ قال : قل وأنت ساجد: يا اللّه يا رحمن يا رحيم ] يا رب الأرباب وإله الآلهة، ويا ملك الملوك، ويا سيّد السّادة، اشفني بشفائك من كلّ داء وسقم فإني عبدك أتقلب في قبضتك» (3).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي نجران، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز (4)، عن زرارة عن أحدهما (عَلَيهِما السَّلَامُ) قال : إذا دخلت على مريض فقل : أعيذك باللّه العظيم رب العرش العظيم من شر كلّ عرق نفار (5) ومن شر حر النار» - سبع مرات -.

13 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان ابن عثمان عن الثمالي (6)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا اشتكى الإنسان فليقل : «بسم اللّه وباللّه ومحمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أعوذ بعزة اللّه وأعوذ بقدرة اللّه على ما يشاء من شرّ ما أجد».

ص: 533


1- الحديث مضمر وعون مردد بين عدة أشخاص.
2- لا يخفى أن إمرار اليد اليمنى هنا والمسح بها على موضع الوجع ثلاث مرات إنما هو فعل متأخر عن الدعاء، فيكون مجرد الإمرار مرة على موضع الوجع ولو باليسرى كاف كفعل مقدم على الدعاء.
3- تقلبه في قبضته تعالى كناية عن مقهوريته لقدرته وخضوعه لمشيئته يفعل فيه ما يريد بلا مانع ولا دافع.
4- هو حريز بن عبد اللّه السجستاني، أبو محمّد الأزدي من اهل الكوفة. ولقب بالسجستاني لكثرة سفره إليها للتجارة.
5- عرق نفّار: أي متهيج متورم. وفي بعض النسخ (نعّار) أي فوّار الدم مرتفعه.
6- هو أبو حمزة.

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ، عن هشام الجواليقي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا منزل الشفاء ومذهب الداء أنزل على ما بي داء من شفاء».

15 - محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن محمّد بن عيسى، عن أبي إسحاق صاحب الشعير، عن حسين الخراساني وكان خبازاً قال : «شكوت إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجعاً بي فقال : إذا صليت فضع يدك موضع سجودك ثمّ قل: بسم اللّه محمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) اشفني يا شافي لا شفاء إلّا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً، شفاء من كلّ داء وسقم».

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مرض علي صلوات اللّه عليه فأتاه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال له : قل: «اللّهمّ إنّي أسألك تعجيل عافيتك وصبراً على بليتك وخروجاً إلى رحمتك».

17 - عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان ينشر (1) بهذا الدعاء : تضع يدك على موضع الوجع وتقول: «أيها الوجع اسكن بسكينة اللّه (2)، وقرّ بوقار اللّه، وانحجز بحاجز اللّه وإهدأ بهداء اللّه، أعيذك أيّها الإنسان بما أعاذ اللّه عزّ وجلّ به عرشه وملائكته يوم الرَّجفة والزلازل(3)»، تقول ذلك سبع مرات ولا أقل من الثلاث.

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عمّار بن المبارك، عن عون بن سعد مولى الجعفري، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : تضع يدك على موضع الوجع وتقول: «اللّهمّ إني أسألك بحق القرآن العظيم الّذي نزل به الروح الأمين، وهو عندك في أمّ الكتاب (4) علي (5) حكيمٌ (6)، أن تشفيني بشفائك وتداويني بدوائك وتعافيني من بلائك» - ثلاث مرات - وتصلي على محمّد وآله.

ص: 534


1- جاء في القاموس : النشرة: رقية يعالج بها المجنون والمريض. وقد سمّيت نشرة - على ما في النهاية - لأنه ينشر به عنه أي يكشف ويزال.
2- أي بطمأنينته ورحمته.
3- «(ما) عبارة عن حفظه تعالى لعرشه وملائكته عن التحرك والاضطراب وإلقاء الطمأنينة إليهم في ذلك اليوم وهو يوم ذكره اللّه تعالى في سورة الحاقة» المازندراني 363/10.
4- أي اللوح المحفوظ.
5- أي رفيع الشأن.
6- حكيم: أي ذو حكمة بالغة، أو محكم لا ينسخه غيره - قاله البيضاوي -.

19 - أحمد بن محمّد، عن العوفي، عن عليّ بن الحسين، عن محمّد بن عبد اللّه بن زرارة، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة قال : عرض بي وجع في ركبتي، فشكوت ذلك إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : إذا أنت صليت فقل : «يا أجود من أعطى ويا خير من سُئِلَ ويا أرحم من استرحم إرحم ضعفي وقلة حيلتي وعافني من وجعي» قال : ففعلته فعوفيت.

باب الحرز والعوذة

باب الحرز والعوذة(1)

1 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبان، عن ابن المنذر قال : ذكرت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) الوحشة (2)، فقال : ألا أخبركم بشيء إذا قلتموه لم تستوحشوا بليل ولا نهار بسم اللّه وباللّه وتوكلت على اللّه وإنّه من يتوكل على اللّه فهو حسبه إن اللّه بالغ أمره قد جعل اللّه لكلّ شيء قدراً (3)، اللّهمّ اجعلني في كنفك وفي جوارك واجعلني في أمانك وفي منعك فقال : بلغنا أنَّ رجلاً قالها ثلاثين سنة وتركها ليلة فلسعته عقرب.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محسن بن أحمد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قل: «أعوذ بعزة اللّه، وأعوذ بقدرة اللّه، وأعوذ بجلال اللّه، وأعوذ بعظمة اللّه، وأعوذ بعفو اللّه، وأعوذ بمغفرة اللّه، وأعوذ برحمة اللّه، وأعوذ بسلطان اللّه الّذي هو على كلّ شيء قدير، وأعوذ بكرم اللّه، وأعوذ بجمع اللّه من شر كلّ جبار عنيد (4)، وكلّ شيطان مريد (5) وشرّ كلّ قريب أو بعيد أو ضعيف أو شديد ومن شرّ السامة والهامة والعامة (6) ومن شرّ كلّ دابة صغيرة أو كبيرة بليل أو نهار ومن شرّ فسّاق العرب والعجم ومن شرّ فسقة الجنّ والإنس» (7).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن القداح(8)، عن أبي عبد

ص: 535


1- «العوذة: الرقية والتعويذ والجرز: العوذة وما يحفظ به الشيء». المازندراني 364/10.
2- الوحشة - كما في القاموس - الهم والخلوة والخوف.
3- أي مقداراً أو تقديراً في الذات والصفات والزمان.
4- أي مخالف للحق مع علمه به.
5- أي عاتٍ.
6- العامة المصيبة الّتي تشمل عامة النّاس والعامة أيضاً : القيامة. وكنا قد فسرنا سابقاً كلاً من السّامة والهامة.
7- «يمكن تخصيص الفساق بالكفرة، وتخصيص الفسقة بالفسقة من أهل الدين» المازندراني 365/10.
8- هو عبد اللّه بن ميمون.

اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : رَقَى النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حسناً وحسيناً فقال: «أعيذكما بكلمات اللّه التامات (1) وأسمائه الحسنى كلها عامة، من شرّ السامة والهامة ومن شرّ كلّ عين لامة (2) ومن شر حاسد إذا حسد» ثمّ التفت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلينا فقال : هكذا كان يعوّذ إبراهيم إسماعيل وإسحاق (عَلَيهِ السَّلَامُ).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن بكير، عن سليمان الجعفري قال: سمعت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إذا أمسيت فنظرت إلى الشمس في غروب وإدبار فقل : «بسم اللّه وباللّه والحمد للّه الّذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذلّ وكبره تكبيراً، والحمد للّه الّذي يصف ولا يوصف، ويعلم ولا يعلم، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأعوذ بوجه اللّه الكريم وباسم اللّه العظيم من شرّ ما برأ وذراً ومن شرّ ما تحت الثرى، ومن شرّ ما بطن وظهر ومن شرّ ما وصفت وما لم أصف والحمد للّه ربّ العالمين»، ذكر أنّها أمانٌ من كلّ سبع ومن الشيطان الرجيم وذريته، وكلّ ما عض أو لسع، ولا يخاف صاحبها إذا تكلّم بها لصاً ولا غولاً. قال : قلت له : إني صاحب صيد السبع (3)، وأنا أبيت في الليل في الخرابات وأتوحّش. فقال لي : قل إذا دخلت: «بسم اللّه أدخل وأدخل رجلك اليمنى وإذا خرجت فأخرج رجلك اليسرى وسم اللّه فإنّك لا ترى مكروهاً.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم، عن قتيبة الأعشى قال : علّمني أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قل: «بسم اللّه الجليل أعيذ فلاناً باللّه العظيم من الهامة والسامّة واللامة والعامة ومن الجن والإنس ومن العرب والعجم، ومن نفثهم (4) وبغيهم ونفخهم وبآية الكرسي» ثمّ تقرأها، ثمّ تقول في الثانية (5): «بسم اللّه أعيذ فلاناً باللّه الجليل...» - حتّى تأتي عليه - (6).

ص: 536


1- كلمات اللّه : قيل هي علمه، وقيل هي القرآن وإنما وصفت كلماته بالتامات لأنها خالية عن النقص والعيب إن في جانب اللفظ أو جانب المعنى. وقيل : كلماته : أسماؤه الحسنى، وقيل غير ذلك.
2- أي ذات لمم، واللَّمَم : طرف من الجنون يلم بالإنسان ويقرب منه ويعتريه - كذا في النهاية - وجاء في القاموس - العين اللامة : الّتي تصيب بسوء.
3- أي صياد السباع.
4- النفث : - كما قال في النهاية - إنما يكون بالفم وهو شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلّا ومعه شيء من الريق، وفسر النفخ أيضاً بالكبر لأن المتكبر يتعاظم ويجمع نفسه فيحتاج أن ينفخ. والمراد به هنا السحر، ومنه : النفاثات في العقد. وهن السواحر اللواتي ينفثن في عقد الخيط حتّى يرقين عليها.
5- أي في المرة الثانية.
6- أي إلى آخر الدعاء.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك إنّي أخاف العقارب، فقال: انظر إلى بنات نعش (1) الكواكب الثلاثة الوسطى منها بجنبه كوكب صغير قريب منه تسميه العرب السّها (2) ونحن نسمّيه «أسلم» أحدَّ النظر إليه كلّ ليلة وقل ثلاث مرات: «اللّهمّ ربّ أسلم، صلّ على محمّد وآل محمّد وعجل فرجهم وسلّمنا» قال إسحاق : فما تركته منذ دهري إلّا مرة واحدة فضربتني العقرب.

7 - أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحسن عن العبّاس بن عامر، عن أبي جميلة، عن سعد الاسكاف قال : سمعته يقول (3) : من قال هذه الكلمات فأنا ضامن له ألا يصيبه عقرب ولا هامة حتّى يصبح : «أعوذ بكلمات اللّه التامات الّتي لا يجاوزهنَّ (4) بَر ولا فاجر، من شر ما ذراً ومن شرّ ما برأ ومن شرّ كلّ دابة هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم».

8 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في بعض مغازيه إذا شكوا إليه البراغيث أنّها تؤذيهم فقال : إذا أخذ أحدُكُم مضجعه فليقل : أيّها الأسود الوئاب الّذي لا يبالي غلقاً ولا باباً، عزمت عليك (5) بأم الكتاب ألا تؤذيني وأصحابي إلى أن يذهب الليل ويجيء الصبح بما جاء - والّذي نعرفه (6) - إلى أن يؤوب الصبح متى ما آب(7).

9 - عليّ بن محمّد، عن ابن جمهور (8)، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا لقيت السَّبُعَ فقل : «أعوذ بربّ دانيال والجبّ (9) من شرّ كلّ أسد مستأسد».

ص: 537


1- بنات نعش - كما في القاموس - سبعة كواكب أربعة منها نعش وثلاث بنات، وكذلك الصغرى.
2- السُّها: هي الكوكب الثاني من بنات نعش ويسمى الأوّل منها القائد، والثالث الحور.
3- يحتمل أن يكون القائل هو الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأن سعد بن طريف الّذي يلقب بالإسكاف روى عنهما، إضافة إلى أن الشيخ الطوسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) عده أيضاً من أصحاب الإمام السجّاد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- «إذا كان المراد بالكلمات علم اللّه تعالى فالمعنى أنّه يشمل علمه البر والفاجر ويحيط بهما، وإذا كان المراد القرآن فالمعنى أن أوامره ونواهيه ووعده ووعيده يشملهما، وإذا كان المراد الأسماء فالمعنى أنّها تؤثر في البَرِّ والفاجر... الخ» مرآة المجلسي 439/12.
5- أي أقسمت عليك.
6- هذا من كلام الراوي.
7- أي إلى أن يرجع الصبح متى ما رجع، وهذا - حسب كلام الراوي - بدل من قوله : ويجيء الصبح بما جاء.
8- هو الحسن بن محمّد بن جمهور العمي.
9- الجب: البئر. «وكان دانيال محبوساً في الجبّ في زمن بخت نصر وطرحت معه السباع فلم تَدْنُ السباع فلم تَدْنُ منه». مرآة المجلسي 12 / 440.

10 - محمّد بن جعفر أبو العباس، عن محمّد بن عيسى، عن صالح بن سعيد عن - إبراهيم بن محمّد بن هارون أنّه كتب إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسأله عُوذَةً للرياح الّتي تعرض للصبيان (1) فكتب إليه بخطه بهاتين العوذتين وزعم صالح (2) أنّه أنفذهما إلى إبراهيم بخطه : «اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلّا اللّه، أشهد أنَّ محمّداً رسول اللّه، اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلّا اللّه ولا ربَّ لي إلّا اللّه، له الملك وله الحمد لا شريك له سبحان اللّه، ما شاء اللّه كان وما لم يشأ لم يكن، اللّهمّ ذا الجلال والإكرام، ربَّ موسى وعيسى وإبراهيم الّذي وفّى، إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، لا إله إلّا أنت سبحانك مع ما عددت من آياتك وبعظمتك وبما سألك به النبيون، وبأنك ربُّ النّاس، كنت قبل كلّ شيء وأنت بعد كلّ شيء، أسألك باسمك الّذي تمسك به السماوات أن تقع على الأرض إلّا باذنك، وبكلماتك التامات الّتي تحيي بها الموتى، أن تجير عبدك فلاناً من شرّ ما ينزل من السماء وما يعرج إليها، وما يخرج من الأرض وما يلج فيها وسلامٌ على المرسلين والحمد للّه ربّ العالمين» وكتب إليه أيضاً بخطه : «بسم اللّه وباللّه وإلى اللّه وكما شاء اللّه وأعيذه بعزة اللّه وجبروت اللّه وقدرة اللّه وملكوت (3) اللّه، هذا الكتاب من اللّه شفاء لفلان بن فلان [ابن] عبدك وابن أمتك عبد اللّه صلى اللّه على محمّد وآله».

11 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن محمّد بن عليّ، عن علي ابن محمّد، عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا لقيت السبع فاقرأ في وجهه آية الكرسي وقل له : «عَزَمْتُ عليك بعزيمة اللّه وعزيمة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعزيمة سلیمان بن داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعزيمة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأئمّة الطاهرين من بعده» فإنّه ينصرف عنك إن شاء اللّه. قال : فخرجت فإذا السبع قد اعترض فعزمت عليه وقلت له : إلّا تنحيت عن طريقنا ولم تؤذينا قال فنظرت إليه قد طأطأ [ب-] رأسه وأدخل ذنبه بين رجليه وانصرف.

12 - عنه، عن جعفر بن محمّد، عن يونس (4)، عن بعض أصحابنا، عن أبي الجارود(5)

ص: 538


1- الرياح : كناية عن الجن، سموا أرواحاً - كما يقول في النهاية - لكونهم لا يُرون. وما يعرض للأطفال يسمى : أم الصبيان.
2- أي صالح بن سعيد الوارد من السند.
3- الملكوت فعلوت من الملك، ومعناه : العز والسلطان.
4- في الطبعة القديمة من الوافي : جعفر بن محمّد بن يونس ولا يبعد صحة ذلك بقرينة رواية أحمد بن محمّد بن عيسى كتاب جعفر بن محمّد بن يونس على ما ذكره النجاشي فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي 187/20 و 78/21.
5- هو زياد بن المنذر.

عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قال في دبر الفريضة : أستودع اللّه العظيم الجليل نفسي وأهلي وولدي ومن يعنيني امره وأستودع اللّه المرهوب المخوف المتضعضع لعظمته كلّ شيء نفسي وأهلي ومالي وولدي ومن يعنيني أمره حُفَّ بجناح (1) من أجنحة جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحُفِظَ في نفسه وأهله وماله.

13 - عنه، رفعه قال : من بات في دار وبيت وحده فليقرأ آية الكرسي وليقل: «اللّهمّ آنس وحشتي، وآمن روعتي، وأعني على وحدتي».

14 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن يزيد بن مرة عن بكير قال : سمعت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال لي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «يا عليُّ ألا أعلمك كلمات إذا وقعت في ورطة (2) أو بلية»؟ فقل : «بسم اللّه الرّحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم فإنَّ اللّه عزّ وجلّ يصرف بها عنك ما يشاء من أنواع البلاء».

باب الدعاء عند قراءة القرآن

1 - قال(3) كان أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يدعو عند قراءة كتاب اللّه عزّ وجلّ: «اللّهمّ ربنا لك الحمد أنت المتوحد بالقدرة والسلطان المتين ولك الحمد أنت المتعالي بالعزّ والكبرياء وفوق السماوات والعرش العظيم (4)، ربّنا ولك الحمد أنت المكتفي بعلمك والمحتاج إليك كلّ ذي علم ربّنا ولك الحمد يا منزل الآيات والذكر العظيم (5)، ربنا فلك الحمد بما علمتنا من الحكمة والقرآن العظيم المبين، اللّهمّ أنت علّمتناه قبل رغبتنا في تعليمه، واختصصتنا به قبل رغبتنا بنفعه، اللّهمّ فإذا كان ذلك مناً منك وفضلاً وجوداً ولطفاً بنا ورحمة لنا وامتناناً علينا من غير حولنا ولا حيلتنا (6) ولا قوتنا، اللّهمّ فحبّب إلينا حسن تلاوته، وحفظ آياته، وإيماناً بمتشابهه

ص: 539


1- أي أحيط به. وقد ورد قريب من هذا المضمون في الحديث رقم (6) من باب القول عند الإصباح والإمساء وفسرنا هناك معنى المخوف والمتضعضع فراجع.
2- الورطة - كما في القاموس - الهلكة وكل أمر تعسر النجاة منه.
3- هذا الحديث مُرسَل.
4- أي بالقدرة والتسلط لا بالاستقرار والتمكن.
5- الذكر العظيم: القرآن والمراد بالآيات الدلالات والبينات على وجوده وعظمته وما جاء به رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
6- الحول الحركة. والحيلة : الحذق والمهارة.

وعملاً بمحكمه، وسبباً في تأويله(1)، وهدى في تدبيره وبصيرة بنوره، اللّهمّ وكما أنزلته شفاءً لأوليائك وشقاء على أعدائك وعمى على أهل معصيتك ونوراً لأهل طاعتك، اللّهمّ فاجعله لنا حصناً من عذابك وحرزاً من غضبك، وحاجزاً عن معصيتك، وعصمة من سخطك، ودليلا على طاعتك ونوراً يوم نلقاك نستضيء به في خلقك ونجوز به [على] صراطك ونهتدي به إلى جنتك (2)، اللّهمّ إنا نعوذ بك من الشقوة في حمله (3) والعمى عن عمله، والجور عن حكمه، والعلوّ عن قصده (4)، والتقصير دون حقه، اللّهمّ احمل عنا ثقله، وأوجب لنا أجره وأوزعنا شكره(5) واجعلنا نراعيه(6) ونحفظه اللّهمّ اجعلنا نتبع حلاله ونجتنب حرامه، ونقيم حدوده ونؤدي فرائضه اللّهمّ ارزقنا حلاوة في تلاوته، ونشاطاً في قيامه، ووجلاً في ترتيله، وقوة في استعماله في آناء الليل و [ أطراف ] النهار، اللّهمّ واشفنا من النوم باليسير (7) وأيقظنا في ساعة الليل من رقاد الراقدين، ونبهنا عند الأحايين الّتي يستجاب فيها الدعاء من سنة الوسنانين (8)، اللّهمّ اجعل لقلوبنا ذكاء عند عجائبه الّتي لا تنقضي، ولذاذة عند ترديده، وعبرة عند ترجيعه، ونفعاً بيّناً عند استفهامه، اللّهمّ إنا نعوذ بك من تخلّفه في قلوبنا، وتوسّده عند رقادنا (9)، ونبذه وراء ظهورنا، ونعوذ بك من قساوة قلوبنا لما به وعظتنا اللّهمّ انفعنا بما صرفت فيه من الآيات وذكرنا بما ضربت فيه من المَثُلات (10)، وكفّر عنا بتأويله السيئات، وضاعف لنا به جزاء في الحسنات وارفعنا به ثواباً في الدرجات، ولقنا به البشرى بعد الممات اللّهمّ اجعله لنا زاداً تقوينا به في الموقف بين يديك، وطريقاً واضحاً نسلك به إليك، وعلماً نافعاً نشكر به نعماءك، وتخشعاً صادقاً نسبّح به أسماءك، فإنك اتخذت به علينا حجّة قطعت به عذرنا، واصطنعت به عندنا نعمة قصر عنها شكرنا، اللّهمّ اجعله لنا وليّاً يثبتنا من الزلل، ودليلا يهدينا لصالح العمل،

ص: 540


1- أي قيظ لنا من يؤول لنا ما تشابه منه، وهم الأئمّة الهداة من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
2- لقد ورد في بعض الأحاديث أن القرآن نور يوم القيامة يقود حامله إلى الجنّة.
3- حيث لم نعمل بما ورد فيه من أوامرك وزواجرك ومواعظك وعبرك.
4- أي تجاوز ما رسمه لنا من طريق.
5- أي ألهمنا شكره.
6- بالنظر إلى مقاصده ومراميه.
7- «جعل النوم الكثير مرضاً، واليسير منه وهو ما وقع في ست ساعات تقريباً شفاء له ولا بد من هذا القدر لاستراحة النفس وخروج القوى من التعب والكلال» المازندراني 376/10.
8- الوسنانين جمع الوسنان وهو النائم من غير استغراق في النوم.
9- «جعله وسادة، وهو كناية عن امتهانه وطرحه عند النوم وترك تلاوته والتدبر فيه» المازندرانی 377/10.
10- المثلات : جمع المثلة أن يشوّه جسده حياً أو ميتاً. والظاهر أن المراد بها ما عرضه سبحانه من أخبار عقوبات وهي الأمم السابقة بعد عصيانها وتمردها على اللّه سبحانه ومحاربتها لرسله.

وعَوْناً هادياً يقومنا من الميل(1)، وعوناً يقوينا من الملل، حتّى يبلغ بنا أفضل الأمل، اللّهمّ اجعله لنا شافعاً يوم اللقاء، وسلاحاً يوم الارتقاء، وحجيجاً (2) يوم القضاء، ونوراً يوم الظلماء يوم لا أرض ولا سماء، يوم يجزى كلّ ساع بما سعى، اللّهمّ اجعله لنارياً يوم الظمأ، وفوزاً يوم الجزاء من نار حامية، قليلة البقيا (3) على من بها اصطلى وبحرّها تلظّى، اللّهمّ اجعله لنا برهاناً على رؤوس الملاء يوم يجمع فيه أهل الأرض وأهل السماء اللّهمّ ارزقنا منازل الشهداء، وعيش السعداء، ومرافقة الأنبياء، إنك سميع الدُّعاء».

باب الدعاء في حفظ القرآن

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عمّن ذكره، عن عبد اللّه ابن سنان، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : تقول: «اللّهمّ إني أسألك ولم يسأل العبادُ مثلَكَ، أسألك بحق محمّد نبيك ورسولك وإبراهيم خليلك وصفيك، وموسى كليمك ونجيك، وعيسى كلمتك وروحك، وأسألك بصُحُف إبراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وإنجيل عيسى، وقرآن محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وبكل وحي اوحيته، وقضاء أمضيته، وحق قضيته، وغنى أغنيته، وضال هديته وسائل اعطيته، وأسألك باسمك الّذي وضعته على الليل فأظلم، وباسمك الّذي وضعته على النّهار فاستنار وباسمك الّذي وضعته على الأرض فاستقرَّت (4) ودعمت به السماوات (5) فاستقلت ووضعته على الجبال فرست (6)، وباسمك الّذي بثثت به الأرزاق وأسألك باسمك الّذي تحيي به الموتى وأسألك بمعاقد العزّ من عرشك(7)، ومنتهى الرَّحمة من كتابك، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن ترزقني حفظ القرآن وأصناف العلم، وأن تثبتها في قلبي وسمعي وبصري وأن تخالط بها لحمي ودمي وعظامي ومخي، وتستعمل بها ليلي ونهاري برحمتك وقدرتك فإنه لا حول ولا قوة إلّا بك يا حي يا قيوم قال :

ص: 541


1- أي الاعوجاج عن طريق الحق.
2- أي محاجاً مغالباً بالحجة والبرهان يوم القيامة.
3- أي قليلة الرعاية والحفظ والشفقة والرحمة والعفو.
4- أي «في الهواء والماء من غير نزول ولا رسوب مع عظمة الحجم وثقالة الجسم» المازندراني 381/10.
5- أي جعلت اسمك دعامة أقمتها بها. وهو الاسم الأعظم.
6- أي ثبتت.
7- «المعاقد : جمع المعقد، اسم مكان يعقد به الشيء، ولعل المراد به خصال العرش الّتي استحق بها العز، أو صفاته تعالى المعقود بها عز عرشه كالقدرة والقوة...» المازندراني 382/10.

وفي حديث آخر زيادة: «وأسألك باسمك الّذي دعاك به عبادك الّذين استجبت لهم، وأنبياؤك فغفرت لهم ورحمتهم، وأسألك بكل اسم أنزلته في كتبك، وباسمك الّذي استقر به عرشك، وباسمك الواحد الأحد الفرد الوتر المتعال الّذي يملأ الأركان كلّها، الطاهر الطهر المبارك المقدَّس الحي القيوم نور السماوات والأرض الرَّحمن الرّحيم الكبير المتعال، وكتابك المنزل بالحق، وكلماتك التامات ونورك التام وبعظمتك وأركانك (1)» وقال في حديث آخر: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من أراد أن يوعيه اللّه (2) عزّ وجلّ القرآن والعلم فليكتب هذا الدعاء في إناء نظيف بعسل ماذي (3) ثمّ يغسله بماء المطر قبل أن يمس الأرض، ويشربه ثلاثة أيام على الريق فإنّه يحفظ ذلك إن شاء اللّه».

2 - عنه عن أبيه عن حماد بن عيسى رفعه إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أعلمك دعاء لا تنسى القرآن: «اللّهمّ ارحمني بترك معاصيك أبداً ما أبقيتني، وارحمني مِن تَكلُّف (4) ما لا يعنيني، وارزقني حسن المنظر فيما يرضيك عنّي، وألزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الّذي يرضيك عنّي، اللّهمّ نور بكتابك بصري، واشرح به صدري وفرّح به قلبي وأطلق به لساني واستعمل به بدني، وقوني على ذلك وأعني عليه إنّه لا معين عليه إلّا أنت لا إله إلّا أنت».

قال ورواه بعض أصحابنا عن وليد بن صبيح عن حفص الأعور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

باب دعوات موجزات لجميع الحوائج للدنيا والآخرة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن إسماعيل بن سهل، عن عبد اللّه بن جُندب، عن أبيه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قل: «اللّهمّ اجعلني أخشاك كأنّي أراك (5)، وأسعدني بتقواك ولا تشقني بنشطي لمعاصيك، وخر لي في قضائك، وبارك [لي] في

ص: 542


1- «لعل المراد بها صفاته الذاتية، ولا يبعد أن يراد بها الأنبياء والرسول والأوصياء (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والإضافة للتشريف» المازندراني 10 / 385.
2- أي يجعله حافظاً.
3- أي في إناء طاهر نزيه عن القذر بعسل أبيض جديد، أو عسل خالص جيد.
4- أي تجشم.
5- «طلب الخشية يستلزم طلب كمال العلم والمعرفة كما قال تعالى : إنما يخشى اللّه من عباده العلماء، ولذلك قال : كأني أراك، طلباً للتوفيق إلى مقام المشاهدة وهو مقام رفيع لا يبلغه إلّا خاص الخواص كالأنبياء والأوصياء والأولياء وغير ممّن أخذت باعه العناية الأزلية...» المازندراني 386/10.

قدرك حتّى لا أحب تأخير ما عجلت ولا تعجيل ما أخرت واجعل غناي في نفسي ومتعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارثين مني (1) وانصرني على من ظلمني وأرني فيه قدرتك يا رب وأقر بذلك عيني».

2 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن أبي اسلیمان الجصاص عن إبراهيم بن ميمون قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «اللّهمّ أعِنِّي على هَوْل يوم القيامة، وأخرجني من الدُّنيا سالم (2)، وزوّجني من الحور العين، واكفني مؤونتي ومؤونة عيالي ومؤونة النّاس، وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين».

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قل : «اللّهمّ إني أسألك من كلّ خير أحاط به علمك وأعوذ بك من كلّ سوء احاط به علمك، اللّهمّ إنّي أسألك عافيتك في أموري كلها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة».

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعدة من أصحابنا، عن سهل ابن زیاد جميعاً، عن عليّ بن زياد قال : كتب عليّ بن بصير يسأله أن يكتب له في أسفل كتابه دعاء يعلمه إياه يدعو به فيعصم به من الذنوب جامعاً للدنيا والآخرة. فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بخطه : «بسم اللّه الرَّحمن الرّحيم، يا من أظهر الجميل، وسَتَرَ القبيح، ولم يهتك الستر عني، ياكريم العفو، يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة يا صاحب كلّ نجوى، ويا منتهى كلّ شكوى يا كريم الصفح يا عظيم المنّ يا مبتدءاً كلّ نعمة قبل استحقاقها، يا رباه يا سيداه یا مولاه یا غیاثاه صلّ على محمّد وآل محمّد وأسألك أن لا تجعلني في النار، ثمّ تسأل ما بدالك».

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن أبي عبد اللّه البرقي وأبي

ص: 543


1- «قيل : أي اجعل السمع والبصر باقيين مني، والمراد ما يحصل بالسمع والبصر وهو العلم، أي وفقنا لحيازة العلم لا المال حتّى يكون العلم هو الباقي مني يبقى بعد موتي...» مرآة المجلسي 449/12. وقيل المعنى : «بقاؤهما وقوتهما عند الكبر وانحلال القوى النفسانية فيكون السمع والبصر وارثي سائر القوى والباقيين بعدهما» المازندراني 387/10.
2- أي خالصاً من الذنوب وتبعات مظالم النّاس.

طالب، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «اللّهمّ أنت ثقتي في كلّ كربة (1) وأنت رجائي في كلّ شدّة، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة وعُدة، كم من كرب يضعف عنه. الفؤاد (2)، وتقل فيه الحيلة (3)، ويخذل عنه القريب والبعيد ويشمت به العدو، وتعنيني (4).فيه. الأمور أنزلته بك وشكوته إليك، راغباً فيه عمّن سواك ففرّجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت ولي كلّ نعمة وصاحب كلّ حاجة، ومنتهى كلّ رغبة فلك الحمد كثيراً ولك المن فاضلاً».

6 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن عيسى بن عبد اللّه القمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قل: «اللّهمّ إنّي أسألك بجلالك وجمالك وكرمك أن تفعل بي كذا وكذا».

7 - عنه، عن ابن محبوب، عن الفضل بن يونس، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال لي : أكثر من أن تقول: «[اللّهمّ ] لا تجعلني من المعارين (5) ولا تخرجني من التقصير» قال : قلت : أما المعارين فقد عرفت فما معنى لا تخرجني من التقصير؟ قال : كلّ عمل تعمله تريد به وجه اللّه عزّ وجلّ فكن فيه مقصراً عند نفسك، فإنَّ النّاس كلّهم في أعمالهم فيما بينهم وبين اللّه عزّ وجل مقصّرون.

8 - عنه، عن ابن محبوب، عن أبان عن عبد الرحمن بن أعين قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لقد غفر اللّه عزّ وجلّ لرجل من أهل البادية بكلمتين دعا بهما، قال: «اللّهمّ إن تعذبني فأهل لذلك أنا، وإن تغفر لي فأهل لذلك أنت» فغفر اللّه له.

9 - عنه، عن يحيى بن المبارك، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عمّه، عن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «يا من دلّني على نفسه وذلّل قلبي بتصديقه، أسألك الأمن والإيمان في الدنيا والآخرة».

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن أبيه

ص: 544


1- الكربة والكرب : الحزن الشديد.
2- وذلك لكثرته، لأن (كم) للتكثير وهي خبرية.
3- وذلك لتعاظمه وتطامن الحيلة عن دفعه.
4- أي تتعبني وتشق علي، وفي بعض النسخ (تُعيني) أي تخضعني وتذلني.
5- المُعار : هو الّذي جعل اللّه الإيمان في قلبه عارية ويوشك أن يُسْلَبَه. وقد مر عدة أحاديث تحت باب المعارين وباب علامات المعار من هذا المجلد فراجع. وأما هذا الحديث بالذات فقد مر بمضمونه مع اختلاف يسير في باب الاعتراف بالتقصير من هذا المجلد تحت رقم (4) والراوي هو ابن يونس أيضاً، وقد ورد في آخره هناك بعد :قوله :مقصرون : (إلا من عصمه اللّه).

قال: رأيت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في فناء الكعبة (1) في الليل وهو يصلّي، فأطال القيام حتّى جعل مرَّة يتوكأ على رجله اليمنى ومرة على رجله اليسرى، ثمّ سمعته يقول بصوت كأنه باك : «يا سيّدي تعذبني (2) وحبّك في قلبي ؟ أما وعزَّتك لئن فعلت لتجمعنّ بيني وبين قوم طال ما عاديتهم فيك» (3).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن عمر بن عبد العزيز عن بعض أصحابنا عن داود الرقي قال إنّي كنت أسمع أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أكثر ما يلح به في الدّعاء على اللّه بحق الخمسة يعني رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم.

12 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب، عن إبراهيم الكرخي قال : علّمنا أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) دعاء وأمرنا أن ندعو به يوم الجمعة : «اللّهمّ إنّي تعمدت إليك بحاجتي وأنزلت بك اليوم فقري ومسكنتي، فأنا [ اليوم] لمغفرتك أرجامِنِّي لعملي، ولمَغْفِرَتك ورحمتك أوسع من ذنوبي فتولّ قضاء كلّ حاجة هي لي، بقدرتك عليها وتيسير ذلك عليك، ولفقري إليك، فإنّي لم أصب خيراً قط إلّا منك، ولم يصرف عني أحد شرا قط غيرك، وليس أرجو لآخرتي ودنياي سواك ولا ليوم فقري [و] يوم يفردني النّاس في حفرتي وأفضي إليك يا ربّ بفقري» (4).

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عطية، عن زيد بن الصائغ قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): ادع اللّه لنا، فقال: «اللّهمّ ارزقهم صدق الحديث (5) وأداء الأمانة (6) والمحافظة على الصلوات (7)، اللّهمّ إنهم أحقُّ خلقك أن تفعله بهم اللّهمّ وافعله بهم».

14 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن

ص: 545


1- فناء الكعبة وصيدها وهو الساحة أمامها وقيل : هو ما امتد من جوانبها جمع افنية وفني.
2- الاستفهام إنكاري، والمقصود بالعذاب عذاب الآخرة.
3- «كأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أراد أن المعاداة توجب الافتراق والتعذيب يوجب الاجتماع وهما يجتمعان لأن تنافي اللوازم يستلزم تنافي الملزومات...» المازندراني 392/10.
4- أفضي : أي أصير إلى ساحتك وأصل إليك وأخلو مع عملي بك. و (بفقري) متعلق بيفردني.
5- أي في أمور الدين والدنيا.
6- أي اللّه وللناس.
7- أي بالإتيان بها في أوقاتها المحددة واجبة ومندوبة تامة الأجزاء والشرائط.

محبوب، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «اللّهمّ من علي بالتوكل عليك، والتفويض إليك، والرّضا بقدرك، والتسليم لأمرك، حتّى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت يا ربّ العالمين».

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن سجيم (1)، عن ابن أبي يعفور (2) قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : وهو رافع يده إلى السماء: «ربّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً، لا أقل من ذلك ولا أكثر قال فما كان بأسرع من أن تحدَّر (3) الدموع من جوانب لحيته، ثمّ أقبل علي فقال : يا ابن أبي يعفور، إنَّ يونس بن متى وكله اللّه عزّ وجلّ إلى نفسه أقلّ من طرفة عين فأحدث ذلك الذنب (4). قلت فبلغ به كفراً - أصلحك اللّه -؟ قال: لا ولكنَّ الموت على تلك الحال هلاك (5).

16 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد رفعه قال : أتى جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال له : إنَّ ربّك يقول لك : إذا أردت أن تعبدني يوماً وليلة حق عبادتي فارفع يديك إليَّ وقل: «اللّهمّ لك الحمد حمداً خالداً مع خلودك، ولك الحمد حمداً لا منتهى له دون علمك ولك الحمد حمداً لا أمد له دون مشيئتك، ولك الحمد حمداً لا جزاء لقائله إلّا رضاك، اللّهمّ لك الحمد كله ولك المنّ كلّه ولك الفخر كلّه ولك البهاء كله ولك النور كلّه ولك العزّة كلّها ولك الجبروت كلها ولك العظمة كلّها، ولك الدنيا كلّها، ولك الآخرة كلّها، ولك الليل والنهار كله، ولك الخلق كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله علانيته وسره، اللّهمّ لك الحمد حمداً أبداً، أنت حسن البلاء، جليل الثناء سابغ النعماء(6)، عدل القضاء، جزيل العطاء، حسن الآلاء (7) إله [من] في الأرض وإله [من] في السّماء، اللّهمّ لك الحمد في السّبع السداد (8)، ولك الحمد في الأرض المهاد، ولك الحمد طاقة العباد، ولك الحمد سعة البلاد،

ص: 546


1- في كلّ النسخ الّتي بين يدي (سُجَيم) بالجيم ولكني لم أجد أحداً بهذا الاسم فيما عندي من كتب الرجال وإنما الموجود (سُحَيم) بالحاء المهملة وهو سُحَيم السندي (السعدي) من أصحاب الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو الّذي روى عن ابن أبي يعفور.
2- واسمه عبد اللّه.
3- تحدّر الدمع تنزّل، كما ذكره في الصحاح.
4- أي ترك الأولى. وهو خروجه من بين قومه بعد أن كذبوه قبل أن يأمره اللّه بالخروج أو يستأذنه فيه.
5- الهلاك هنا الضلالة، وذلك لأن حسنات الأبرار سيئات المقرّبين.
6- أي متمها ومكملها.
7- أي النعم. وذكر في قوله (سابغ النعماء) كما لها، وهنا حسنها فلا منافاة.
8- «الشداد: جمع شديدة أي قوية محكمة لا تتغير ولا تتأثر بمرّ الدهور أو مرتفعة من شد النهار إذا ارتفع» المازندراني 397/10.

ولك الحمد في الجبال الأوتاد، ولك(1) الحمد في الليل إذا يغشى، ولك الحمد في النهار إذا تجلّى، ولك الحمد في الآخرة والأولى، ولك الحمد في المثاني (2) والقرآن العظيم، وسبحان اللّه وبحمده، والأرض جميعاً قبضته (3) يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه (4)، سبحانه وتعالى عما يشركون، سبحان اللّه وبحمده، كلّ شيء هالك إلّا وجهه، سبحانك ربنا وتعاليت و تباركت وتقدَّست خلقت كلّ شيء بقدرتك، وقهرت كلّ شيء بعزتك، وعلوت فوق كلّ شيء بارتفاعك (5) وغلبت كلّ شيء بقوتك وابتدعت كلّ شيء بحكمتك وعلمك، وبعثت الرّسل بكتبك، وهديت الصالحين بإذنك، وأيدت المؤمنين بنصرك، وقهرت الخلق بسلطانك، لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، لا نعبد غيرك ولا نسأل إلّا إياك ولا نرغب إلّا إليك أنت موضع شكوانا ومنتهى رغبتنا وإلهنا ومليكنا».

17 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال : قال [لي] أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابتداء منه : يا معاوية أما علمت أن رجلا أتى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه فشكى الإبطاء عليه في الجواب في دعائه فقال له: أين أنت الدعاء عن السريع الإجابة؟ فقال له الرجل: ما هو ؟ قال : قل : «اللّهمّ إني أسألك باسمك العظيم الأعظم، الأجلّ الأكرم المخزون المكنون النور الحق البرهان المبين، الّذي هو نور مع نور، ونور من نور، ونور في نور، ونور على نور ونور فوق كلّ نور، ونور يضيء به كلّ ظلمة، ويكسر به كلّ شدَّة، وكلّ شيطان مريد وكلّ جبار عنيد لا تقر به أرض ولا تقوم به سماء (6) ويأمن به كلّ خائف، ويبطل به سحر كلّ ساحر، وبغي كلّ باغ، وحسد كلّ حاسد ويتصدع لعظمته البر والبحر ويستقلّ به الفلك حين يتكلّم به الملك فلا يكون للموج عليه سبيل، وهو اسمك الأعظم الأعظم،

ص: 547


1- «بعد التنبيه باختصاص الحمد به تعالى في كلّ الأمكنة نبه باختصاص الحمد به في كلّ الأزمنة» المازندراني 10 / 398.
2- «المثاني : سورة الحمد على الأشهر، وهو المروي عن الأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفيه أقوال أخر... وإنما سميت به لأنها تتى في الصلاة وقيل : لأنها نزلت مرتين مرة بمكة حين فرضت الصلاة ومرة بالمدينة لما حوّلت القبلة، ولم يثبت ذلك والظاهر أنّها مكية فقط...» ن. م.
3- هذا كناية عن قدرته سبحانه، أي في مقدوره.
4- وهذا أيضاً كناية عن سعة قدرته وذكر اليمين للمبالغة في بيان الاقتدار والقوة.
5- أي قدرة وعلو شأن وليس المقصود الارتفاع المكاني.
6- «القرار الثبات والسكون... والظاهر أن (به) متعلق بالفعل المذكور وأن الباء للسببية أو بمعنى (مع) وأنه يفهم منه بحسب المقام أن عدم قرار الأرض وعدم قيام السماء عند الدعاء به على زوالهما من غير حاجة إلى تقديره وقال بعض أفاضل المتأخرين «به» متعلق بفعل مقدر لا بالمذكور، تقديره : لا تقر أرض ولا تقوم سماء إذا دعي به عليهما، ولا يخفى بعده، لأن حذف الشرط وإرادته وإبقاء جزء منه غير معروف» المازندراني 401/10.

الأجل الأجل، النور الأكبر الّذي سميت به نفسك واستويت به على عرشك، وأتوجه إليك بمحمّد وأهل بيته أسألك بك وبهم أن تصلي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا».

18 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن عمرو بن أبي المقدام قال : أملا علي هذا الدُّعاء أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو جامع للدنيا والآخرة، تقول بعد حمد اللّه والثناء عليه :

«اللّهمّ أنت اللّه لا إله إلّا أنت الحليم لكريم، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت العزيز الحكيم، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الواحد القهار، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الملك الجبار، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الرّحيم الغفّار، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت شديد المحال (1)، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الكبير المتعال، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت السميع البصير، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت المنيع القدير، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الغفور الشكور، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الحميد المجيد، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الغفور الودود، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الحنان المنّان، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الحليم الدَّيان (2)، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الجواد الماجد وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الواحد الأحد وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الغائب الشاهد، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت الظاهر الباطن، وأنت اللّه لا إله إلّا أنت بكلّ شيء عليم، تم نورك فهديت، وبسطت يدك فأعطيت، ربنا وجهك(3) أكرم الوجوه، وجهتك خير الجهات، وعطيتك أفضل العطايا وأهنأها، تُطاع ربَّنا فَتَشْكُر، وتُعصى دينا فتغفر لمن شئت تجيب المضطر [ين] وتكشف السوء وتقبل التوبة وتعفو عن الذُّنوب، لا محازى أياديك (4)، ولا تحصى نعمك ولا يبلغ مدحتك قول قائل، اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد وعجل فرجهم وروحهم وراحتهم (5) وسرورهم وأذقني طعم فرجهم وأهلك أعداءهم من الجن والإنس (6)، وآتنا في الدُّنيا حَسَنة وفي الآخرة حسنة (7) وقنا عذاب النار، واجعلنا من الّذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، واجعلني من الّذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون، وثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وبارك لي في المحيا والممات والموقف والنشور

ص: 548


1- شديد المحال أي شديد العقوبة والإهلاك لأعدائه والكيد لهم.
2- الديان: هو الّذي يجازي العباد بأفعالهم. وقيل : الديان القهار.
3- أي ذاتك.
4- أي نِعَمك.
5- الروح الراحة والعطف تفسيري.
6- الآن، أو عند خروج الحجة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) أو الأعم.
7- قيل : بأن الحسنة الأولى الجهاد مع إمام عادل، والحسنة الثانية ثواب المجاهدين. وقيل : أن المراد بالأولى متابعة الإمام العادل وبالثانية مصاحبته. وقيل : المراد بالأولى العلم والعبادة وبالثانية الجنّة... الخ.

والحساب والميزان وأهوال يوم القيامة، وسلّمني على الصراط، واجزني عليه، وارزقني علماً نافعاً ويقيناً صادقاً (1)، وتُقى وبرا وورعاً وخوفاً منك وفَرَقاً (2) يبلغني منك زلفى ولا يباعدني عنك، وأحببني ولا تبغضني، وتولّني ولا تخذلني، وأعطني من جميع خير الدنيا والآخرة ما علمت منه وما لم أعلم وأجرني من السوء كله بحذافيره (3) ما علمت منه وما لم أعلم».

19 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ألا تخصني بدعاء؟ قال : بلى قال : قل : «يا واحد يا ماجد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، يا عزيز يا كريم يا حنان يا منان يا سامع الدعوات، يا أجود من سئل ويا خير من أعطى، يا اللّه يا اللّه يا اللّه قلت: «ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون (4)» ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؛ كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «[نعم] لنعم المجيب أنت ونعم المدعو ونعم المسؤول أسألك بنور وجهك وأسألك بعزتك وقدرتك وجبروتك وأسألك بملكوتك، ودرعك الحصينة، وبجَمْعِك (5)، وأركانك كلّها وبحق محمّد وبحق الأوصياء بعد محمّد أن تصلي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا».

20 - عنه، عن بعض أصحابه، عن حسين بن عمّارة، عن حسين بن أبي سعيد المكاري وجهم بن أبي جهيمة، عن أبي جعفر - رجل من أهل الكوفة كان يعرف بكنيته - قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : علمني دعاء أدعو به فقال : نعم قل: «يا من أرجوه لكل خير ويا من آمن سخطه عند كلّ عثرة (6)، ويا من يعطي بالقليل الكثير، يا من أعطى من سأله تحتناً منه ورحمة، يا من أعطى من لم يسأله ولم يعرفه صلّ على محمّد وآل محمّد وأعطني بمسالّتي من جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة، فإنّه غير منقوص ما أعطيتني وزدني من سعة فضلك يا كريم».

21 - وعنه، رفعه إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه علم أخاه عبد اللّه بن عليّ هذا الدعاء : «اللّهمّ

ص: 549


1- احتراز عن الكاذب من الاعتقاد وهو الاعتقاد بالباطل فإنه عند أصحابه يقين كاذب أو يراد باليقين الصادق الاعتقاد الجازم الّذي لا يحتمل النقيض، إذ إطلاق اليقين على ما يحتمله غير صادق.
2- الفرق الهلع والخوف الشديد.
3- حذافير : جمع حذفار وهو جانب الشيء وأعلاه والمعنى : احفظني واحمني من جميع أنواع السوء وأفراده بأسرها.
4- الصافات / 75.
5- «قيل : المراد جمعك للكمالات، ويحتمل أن يكون المراد الجيش، أو يكون الجمع بمعنى المجموع أي بمجموع صفاتك». مرآة المجلسي 584/12.
6- العَثْرة : السقطة والزلّة ولعله أريد بها هنا الذنب وأمن سخط اللّه للثقة بسعة رحمته وحلمه لا استصغاراً لشأنه واستخفافاً بعظمته.

ارفع ظنّي صاعداً (1)، ولا تطمع في عدوا ولا حاسداً، واحفظني قائماً وقاعداً ويقظاناً وراقداً، اللّهمّ اغفر لي وارحمني واهدني سبيلك الأقوم، وقني حرّ جهنّم واحطط عنّي المغرم (2) والمأثم (3) واجعلني من خير خيار العالم».

22 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى وهارون بن خارجة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : «ارحمني ممّا لا طاقة لي به ولا صبر لي عليه».

23 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد، عن ابن، سنان، عن حفص، عن محمّد بن مسلم قال : قلت له : علّمني دعاء فقال : فأين أنت من دعاء الإلحاح، قال : قلت : وما دعاء الإلحاح ؟ فقال : «اللّهمّ ربَّ السّماوات السبع وما بينهنَّ، وربَّ العرش العظيم، وربَّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وربَّ القرآن العظيم، وربّ محمّد خاتم النبيّين، إنّي أسألك بالّذي تقوم به (4) السماء وبه تقوم الأرض، وبه تفرّق بين الجمع وبه تجمع بن المتفرّق، وبه ترزق الأحياء، وبه أحصيت عدد الرّمال ووزن الجبال وكَيْلَ البحور» ثمّ تصلّي على محمّد وآل محمّد، ثمّ تسأله حاجتك وألح في الطلب.

14 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن عليّ، عن كرام(5)، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه كان يقول : اللّهمّ املأ قلبي حبّاً لك (6) وخشية منك وتصديقاً وإيماناً بك وفَرَقاً منك وشوقاً إليك يا ذا الجلال والإكرام اللّهمّ حبب إلى لقاءك، واجعل لي في لقائك خير الرحمة والبركة وألحقني بالصالحين، ولا تؤخّرني مع الأشرار وألحقني بصالح من مضى واجعلني مع صالح من بقي، وخذ بي سبيل الصالحين وأعني على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم، ولا تردَّني في سوء استنقذتني منه يا ربَّ العالمين، أسألك إيماناً لا أجل له دون لقائك(7) ، تحييني وتميتني عليه وتبعثني عليه إذا بعثتني، وابرأ قلبي من الرياء

ص: 550


1- «لعل المراد ارفع ظني عن المخلوقين واجعله صاعداً إليك فتكون أنت موضع رجائي أو ارفع ظني عن الانحطاط أي اجعل ظني بك كاملا مرآة المجلسي 12 / 460 وقيل المعنى : أي ظني بالرحمة والمغفرة والإحسان وصعوده عبارة عن الصدق والقبول...» المازندراني 410/10.
2- المغرم: مغرم الذنوب، وقيل هو الغُرم : أي الدين.
3- المأثم : الإثم.
4- المراد بالموصول ذاته تعالى أو علمه وقدرته.
5- هو لقب عبد الكريم بن عمرو بن صالح الخثعمي الكوفي.
6- لكي لا يبقى فيه مكان لغيرك يا ربّ.
7- الأجل : الوقت المعين لشيء مستقبلي. والمعنى : اسألك يا رب يقيناً جازماً لا ينقضه شك ولا ريبة إلى الموت أو إلى القيامة.

والسمعة والشّكّ في دينك اللّهمّ أعطني نصراً في دينك وقوة في عبادتك وفهماً في خلقك (1) وكفلين (2) من رحمتك، وبيض وجهي بنورك، واجعل رغبتي فيما عندك، وتوفّني في سبيلك على ملتك وملة رسولك، اللّهمّ إني أعوذ بك من الكسل والهرم والجبن والبخل والغفلة والقسوة والفترة (3) والمسكنة، وأعوذ بك يا ربّ من نفس لا تشبع ومن قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يُسمع، ومن صلاة لا تنفع، وأعيذ بك نفسي وأهلي وذريتي من الشيطان الرجيم، اللّهمّ إنه لا يجيرني منك أحد ولا أجد من دونك مُلتَحَداً (4)، فلا تخذلني ولا تردني في هلكة ولا تردني بعذاب، أسألك الثبات على دينك والتصديق بكتابك واتباع رسولك، اللّهمّ اذكرني برحمتك ولا تذكرني بخطيئتي، وتقبل مني وزدني من فضلك إني إليك راغب، اللّهمّ اجعل ثواب منطقي وثواب مجلسي رضاك عني، واجعل عملي ودعائي خالصاً لك، واجعل ثوابي الجنّة برحمتك، واجمع لي جميع ما سألتك وزدني من فضلك إني إليك راغب، اللّهمّ غارت النجوم ونامت العيون وأنت الحي القيوم، لا يواري منك ليل ساج (5) ولا سماء ذات أبراج ولا أرضُ ذات مهاد (6) ولا بحر لجي، ولا ظلمات بعضها فوق بعض تدلج الرحمة على من تشاء من خلقك، تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أشهد بما شهدت به على نفسك وشهدَتْ ملائكتك وأولوا العلم لا إله إلّا أنت العزيز الحكيم، ومن لم يشهد بما شهدت به على نفسك وشَهِدَتْ ملائكتك وأولوا العلم فاكتب شهادتي مكان شهادتهم، اللّهمّ أنت السلام ومنك السلام أسألك يا ذا الجلال والإكرام أن تفك رقبتي من النار» (7).

25 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمّد بن يحيى الخثعمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّ أبا ذرّ أتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ومعه جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) في صورة دِحْيَة الكلبي (8) وقد استخلاه (9) رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فلما رآهما انصرف عنهما ولم يقطع كلامهما فقال

ص: 551


1- أي تدبّراً في عظمة مخلوقاتك وتدبيرك لهم يفضي بي إلى رسوخ إيماني بعظمتك ووحدانيتك وسعة قدرتك وحكمتك.
2- أي ضعفين، أو حظين.
3- الفترة : الكسل والفتور عن القيام بما تفرضه عليّ من طاعتك وأداء حقك.
4- المُتحد : الملجأ.
5- ساج: «يمكن أن يكون من سجي بمعنى غطى قال ابن الأثير في النهاية : ومنه الليل الساجي لأنه يغطي بظلامه وسكونه، يعني لا يستر منك شيئاً ليل يغطي الأشياء بظلامه» المازندراني 10 / 415.
6- مهاد : جمع مَمهدة، وهي ما ارتفع أو انخفض من الأرض بشكل مستو.
7- وقد مر بعض فقرات هذا الحديث في ثنايا بعض أحاديث باب الدعاء عند النوم والانتباه من هذا المجلد خاصة الحديث رقم (12) منها وعلقنا عليه هناك فراجع.
8- ذجية الكلبي : - كما قال في النهاية - هو ابن خليفة أحد الصحابة كان جميلاً حسن الصورة.
9- أي اختلى به.

جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا محمّد هذا أبو ذر قد مرَّ بنا ولم يسلّم علينا أما لو سلّم لرددنا عليه، يا محمّد إنَّ له دعاء يدعو به معروفاً عند أهل السماء فسله عنه إذا عرجت إلى السماء، فلما ارتفع جبرئيل جاء أبو ذرّ إلى النبي فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ما منعك يا أبا ذر أن تكون سلّمت علينا حين مررت بنا؟ فقال : ظننت يا رسول اللّه أن الّذي [كان] معك دحية الكلبي قد استخليته لبعض شأنك، فقال : ذاك جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يا أبا ذر وقد قال : أما لو سلّم علينا لرددنا عليه، فلما علم أبو ذرّ أنّه كان جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) دخل من الندامة حيث لم يسلّم عليه ما شاء اللّه، فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ما هذا الدعاء الّذي تدعو به؟ فقد أخبرني جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ لك دعاء تدعو به معروفاً في السماء، فقال : نعم يا رسول اللّه أقول: اللّهمّ إني أسألك الأمن والإيمان بك والتصديق بنبيك والعافية من جميع البلاء والشكر على العافية والغنى عن شرار النّاس» (1).

26 - علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة قال : أخذت هذا الدُّعاء عن أبي جعفر [محمّد بن عليّ ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : وكان أبو جعفر يسميه الجامع (2): «بسم اللّه الرحمن الرحيم أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله، آمنت باللّه وبجميع رسله رسله وبجميع وبجميع ما أنزل به(3) على جميع الرّسل وأنَّ وعد اللّه حقٌّ، ولقاءه حقٌّ، وصَدَقَ اللّه وبلّغ المرسلون والحمد للّه رب العالمين وسبحان اللّه كلّما سبّح اللّه شيءٌ وكما يحبُّ اللّه أن يسبح، والحمد للّه كلّما حمد اللّه شيء وكما يحبّ اللّه أَن يُحْمَدَ، ولا إله إلّا اللّه كلما هلل اللّه شيءٌ وكما يحبّ اللّه أن يهلل واللّه أكبر كلّما كبر اللّه شيء وكما يحبّ اللّه أن يكبر، اللّهمّ إنّي أسألك مفاتيح الخير وخواتيمه (4) وسوابغه (5) وفوائده وبركاته، وما بلغ علمه علمي، وما قصر عن إحصائه حفظي، اللّهمّ انهج إلي أسباب معرفته وافتح لي أبوابه وغشني ببركات رحمتك ومُنَّ عليَّ بعصمة عن الإزالة عن دينك، وطهر قلبي من الشَّكُ ولا تشغل قلبي بدنياي وعاجل معاشي عن آجل ثواب آخرتي، واشعَلْ قلبي بحفظ ما لا تقبل مني جهله، وذلّل لكلّ خير لساني، وطهر قلبي من الرياء ولا تُجْرِهِ في مفاصلي واجعل عملي خالصاً

ص: 552


1- فيه دلالة على أن الإنسان لا يستغني بطبعه عن الاستعانة بغيره، ولذا فليدع ربه أن يغنيه عن شرار النّاس دون خيارهم، وقد مر في الّذي بَعْدَ باب فضل فقراء المسلمين ما يدل عليه فراجع الحديث رقم واحد منه.
2- «في النهاية : الجامع من الدعاء هو الّذي يجمع الأغراض الصالحة والمقاصد الصحيحة، أو يجمع الثناء على اللّه تعالى وآداب مسألة» المازندراني 417/10.
3- هذا الكلام غير مستقيم، فإما أن (به) زائدة من تصحيف النسّاخ. وإما أن الصحيح ما في التهذيب ومصباح الكفعمي (انزلت به (جميع)، أو نقدر نائب فاعل ل- (أنزل) فيصبح (وما انزل به جبرئيل، أو الملك).
4- هذا كناية عن دوام الخير واستمراره دون انقطاع.
5- جمع سابغ : وهو الفرد الكامل من كلّ نوع.

لك، اللّهمّ إني أعوذ بك من الشر، وأنواع الفواحش كلّها ظاهرها وباطنها (1) وغفلاتها(2) وجميع ما يريدني به الشيطان الرجيم وما يريدني به السلطان العنيد، ممّا أحطت بعلمه وأنت القادر على صرفه عني، اللّهمّ إني أعوذ بك من طوارق الجن والإنس وزوابعهم وبوائقهم (3) ومكائدهم ومشاهد الفسقة من الجن والإنس، وأن أستزل عن ديني فتفسد عليَّ آخرتي، وأن يكون ذلك منهم ضرراً عليَّ في معاشي أو يعرض بلاء يصيبني منهم لا قوة لي به ولا صبر لي على احتماله، فلا تبتلني يا إلهي بمُقاساته (4)، فيمنعني ذلك عن ذكرك ويشغلني عن عبادتك، أنت العاصم المانع الدافع الواقي من ذلك كله، أسألك اللّهمّ الرفاهية(5) في معيشتي ما أبقيتني، معيشة أقوى بها على طاعتك وأبلغ بها رضوانك، وأصير بها إلى دار الحيوان غداً، ولا ترزقني رزقاً يطغيني، ولا تبتلني بفقر أشقى به مضيقاً عليَّ، أعطني حظاً وافراً في آخرتي ومعاشاً واسعاً هنيئاً مريئاً في دنياي ولا تجعل الدنيا علي سجناً، ولا تجعل فراقها علي حزناً، أجرني من فتنتها واجعل عملي فيها مقبولاً وسعيي فيها مشكوراً، اللّهمّ ومن أرادني بسوء فأرده بمثله، ومن كادني فيها فكده، واصرف عني هم من أدخل عليَّ همه، وامكر بمن مكر بي فإنك خير الماكرين وافقأ عني عيون الكفرة الظلمة والطغاة والحسدة، اللّهمّ وأنزل عليَّ منك السكينة، وألبسني درعك الحصينة واحفظني بسترك الواقي وجلّلني عافيتك النافعة وصدّق قولي وفعالي، وبارك لي في ولدي وأهلي ومالي اللّهمّ ما قدَّمت وما أخرت وما أغفلت وما تعمدت، وما توانيت (6)، وما أعلنت وما أسررت فاغفره لي يا أرحم الراحمين».

27 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قل: «اللّهمّ أوسع عليَّ في رزقي، وامدد لي في عمري، واغفر لي ذنبي، واجعلني ممّن تنتصر به لدينك ولا تستبدل بي غيري».

ص: 553


1- «أي جليّها وخفيها، أو بدنيّها وقلبيها، والفاحشة كلّ ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي وكل خصلة قبيحة من الأقوال والأفعال» المازندراني 419/10.
2- «الإضافة للملابسة باعتبار أن الفواحش مسببة عن الغفلات من وجه وأسباب لها من وجه آخر» ن. م ص / 420.
3- الزابعة من اشتد غيظه وغضبه وعربدته وزوبعة كما في القاموس اسم شيطان أو رئيس الجن. والبوائق : جمع باثفة وهي الداهية والمصيبة والشر والغائلة.
4- أي بمكابدته وتحمل مشقته.
5- الرفاهية لين العيش ورغده.
6- أي قصرت فيه من الطاعة وعمل الخير.

28 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه كان يقول : يا من يشكر اليسير ويعفو عن الكثير، وهو الغفور الرَّحيم، اغفر لي الذنوب الّتي ذهبت لذتها وبقيت تبعتها».

29 - وبهذا الإسناد، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان من دعائه يقول: «يا نور يا قدوس يا أوَّل الأولين ويا آخر الآخرين يا رحمن يا رحيم، اغفر لي الذنوب الّتي تغير النعم (1) واغفر لي الذُّنوب الّتي تحل النقم (2) واغفر لي الذنوب الّتي تهتك العِصَم (3) واغفر لي الذُّنوب الّتي تنزل البلاء واغفر لي الذنوب الّتي تديل (4) الأعداء، واغفر لي الذنوب الّتي تعجّل الفناء، واغفر لي الذُّنوب الّتي تقطع الرّجاء، واغفر لي الذنوب الّتي تُظلم الهواء، واغفر لي الذُّنوب الّتي تكشف الغطاء واغفر لي الذنوب الّتي تردّ الدعاء واغفر لي الذنوب الّتي ترد غيث السماء» (5).

30 - عنه، عن محمّد بن سنان عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «يا عُدتي في كربتي، ويا صاحبي في شدَّتي ويا ولي في نعمتي ويا غياثي في رغبتي». قال: وكان من دعاء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «اللّهمّ كتبت الآثار وعلمت الأخبار واطلعت على الأسرار (6)، فحُلْتَ بيننا وبين القلوب (7)، فالسرُّ عندك علانية، والقلوب إليك مفضاة(8)، وإنما أمرك لشيء إذا أردته أن تقول له كن فيكون، فقل (9) برحمتك لطاعتك أن تدخل في كلّ عضو من أعضائي ولا تفارقني حتّى ألقاك، وقل برحمتك لمعصيتك أن تخرج من كلّ عضو من أعضائي فلا تقربني حتّى ألقاك، وارزقني من الدُّنيا وزهدني فيها، ولا تُزْوها (10) عني ورغبتي

ص: 554


1- كلّ الذنوب تغيّر النعم، وإن كان قد ورد أن النجس في المكيال والميزان بالخصوص سبب لذلك.
2- النقم : جمع نقمة وهي المجازاة بالعقوبة، ومما ينزل النقم المعاصي الكبيرة الّتي تستوجب الحد كالزنا والسرقة.
3- «العِصَم : جمع العِصْمة وهي خصلة مانعة من المعصية، شبهها بالساتر بقرينة الهتك والذنوب إذا كثرت وتراكمت، تهتكها وترفعها بالمرة حتّى لا يبالي المذنب بأي ذنب ورد ولا بأي واد هلك، وقد يصدر الهتك من ذنب واحد كشرب الخمر» المازندراني 424/10.
4- تديل : أي تغلب والإدالة الغلبة - كما في القاموس -.
5- وقد مر بعض فقرات هذا الدعاء في مضامين أحاديث سابقة من هذا الباب وعلقنا عليها هناك فراجع.
6- أي علمتها.
7- «لعل المراد بقوله بيننا المواد الجسمانية والقوى البدنية وبالقلوب العقول المجردة النورانية المائلة إلى اللّه بإذنه، وبكونه تعالى حائلا بينهما أي أنّه مانع من استيلاء الأولى على الثانية...» المازندراني 426/10.
8- أي موصولة.
9- قل هنا بمعنى الحكم والقضاء وقد ورد في كتب اللغة ما يؤكد استعمال القول في هذا المعنى.
10- أي لا تنحيها عني أو لا تقبضها عني.

فيها يا رحمن».

31 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن عبد الرحمن بن سيّابة قال : أعطاني أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذا الدّعاء: «الحمد للّه ولي الحمد وأهله وسنتهاه ومحله، أخلص من وحده واهتدى من عَبَدَه وفاز من أطاعه وأمِنَ المعتصم به، اللّهمّ يا ذا الجود والمجد والثناء الجميل والحمد، أسألك مسألة من خضع لك برقبته، وَرَغَمَ لك أنفه وعفّر لك وجهه، وذلّل لك نفسه وفاضت من خوفك دموعه وتردَّدت عبرته واعترف لك بذنوبه، وفضحته عندك خطيئته، وشانته (1) عندك جريرته، وضعفت عند ذلك قوَّته وقلت حيلته، وانقطعت عنه أسباب خدائعه واضمحل عنه كلّ باطل، وألجأته ذنوبه إلى ذلّ مقامه بين يديك، وخضوعه لديك، وابتهاله إليك، أسألك اللّهمّ سؤال من هو بمنزلته أرغب إليك كرغبته، وأتضرع إليك كتضرعه وأبتهل إليك كأشدّ ابتهاله، اللّهمّ فارحم استكانة منطقي، وذلَّ مقامي ومجلسي وخضوعي إليك برقبتي أسألك اللّهمّ الهدى من الضّلالة، والبصيرة من العمى، والرشد من الغواية، وأسألك اللّهمّ أكثر الحمد عند الرّخا، وأجمل الصبر عند المصيبة، وأفضل الشكر عند موضع الشكر والتسليم عند الشبهات وأسألك القوة في طاعتك، والضعف عن معصيتك والهرب إليك منك، والتقرب إليك ربّ لترضى والتحري لكلّ ما يرضيك عنّي في إسخاط خلقك التماساً لرضاك، ربّ من أرجوه إن لم ترحمني، أو من يعود عليَّ إن أقصيتني (2)، أو من ينفعني عفوه إن عاقبتني، أو من آمل عطاياه إن حرمتني أو من يملك كرامتي إن أهنتني، أو من يضرني هوانه إن أكرمتني، ربّ ما أسوء فعلي وأقبح عملي، وأقسى قلبي وأطول أملي وأقصر أجلي، وأجرأني على عصيان من خلقني، ربّ وما أحسن بلاءك (3) عندي، وأظهر نعماءك علي، كثرت علي منك النعم فما أحصيها، وقل مني الشكر فيما أُوْلَيْتَنِيهِ فبطرت بالنعم (4)، وتعرَّضت للنقم، وسهوت عن الذكر، وركبت الجهل بعد العلم، وجُزْتُ من العدل إلى الظلم، وجاوزت البر إلى الإثم وصرت إلى الهرب من الخوف والحزن، فما أصغر حسناتي وأقلها في كثرة ذنوبي، وما أكثر ذنوبي وأعظمها على قدر صِغَر خَلقي وضعف ركني، رب وما أطول أملي في قصر أجلي، وأقصر أجلي في بعد أملي وما أقبح سريرتي وعلانيتي، رب

ص: 555


1- أي قبحته وعابته.
2- أي من يعطف عليّ أو يفيدني إن أنت أبعدتني عن عطفك ورحمتك.
3- البلاء العطية والمنحة.
4- البَطَر : شدة المرح بالنعمة والطغيان بها.

لا حجة لي إن احتججت، ولا عذر لي إن اعتذرت، ولا شكر عندي إنْ ابْتُلِيتُ وأُوليتُ (1)، إن لم تعني على شكر ما أوليت، ربّ ما أخف ميزاني غداً إن لم ترجّحه، وأزل لساني إن لم تثبته، واسود وجهي إن لم تبيضه، ربّ كيف لي بذنوبي الّتي سلفت مني قد هدَّت لها أركاني، ربّ كيف أطلب شهوات الدنيا وأبكى على خيبتي فيها ولا أبكي وتشتد حسراتي على عصياني وتفريطي (2)، ربّ دعتني دواعي الدنيا فأجبتها سريعاً، وركنت إليها طائعاً، ودعتني دواعي الآخرة فتتبطت عنها وأبطأت في الإجابة والمسارعة إليها، كما سارعت إلى دواعي الدنيا وحطامها الهامد، وهشيمها البائد، وسرابها الذاهب (3)، ربّ خوفتني وشوقتني، واحتججت عليَّ برقي (4) وكفلت لي برزقي فآمنت [من] خوفك وتثبطت عن تشويقك، ولم أتكل على ضمانك، وتهاونت باحتجاجك، اللّهمّ فاجعل أمني منك في هذه الدنيا خوفاً، وحوّل تتبطي شوقاً، وتهاوني بحجّتك فَرَقاً منك ثمّ رضّني بم قسمت لي من رزقك يا كريم [ يا كريم]، أسألك باسمك العظيم رضاك عند السخطة، والفرجة عند الكربة والنور عند الظلمة، والبصيرة عند تشبه الفتنة، ربّ اجعل جنّتي من خطاياي حصينةً، ودرجاتي في الجنان رفيعةً، وأعمالي كلّها متقبلة، وحسناتي مضاعفة زاكية، وأعوذ بك من الفتن كلّها ماظهر منها وما بطن، ومن رفيع المطعم والمشرب (5)، ومن شرّ ما أعلم ومن شرّ ما لا أعلم وأعوذ بك من أن أشتري الجهل بالعلم والجفاء بالحلم والجور بالعدل والقطيعة بالبرّ، والجزع بالصبر، والهدى بالضلالة (6) والكفر بالإيمان».

ابن محبوب، عن جميل بن صالح أنّه ذكر أيضاً مثله وذكر أنّه دعاء عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما وزاد في آخره «آمين ربّ العالمين».

ص: 556


1- «الابتلاء كما يكون بالمنحة والعطية كذلك يكون بالمحنة والبلية وهي أولى بالإرادة هنا للفرار عن وسمة التكرار وفيه دلالة على أنّه سبحانه يستحق الشكر في الحالين» المازندراني 431/10.
2- «فيه تعجب من انعكاس حاله حيث طلب الدنيا وبكى على عدم نيلها ولم يطلب الآخرة ولم يبك على الإتيان بما يوجب خرابها مع أن الدنيا دار الفرار والآخرة دار القرار» من. م.
3- «السراب : ما تراه نصف النهار كأنه ماء وليس بماء شبه به متاع الدنيا في أنّه ليس بشيء» المازندراني 432/10. وفي بعض النسخ (وشرابها).
4- أي بعبوديتي لك، ووجه الاحتجاج به أن العبد وما يملك لمولاه ويحكم العقل بوجوب إطاعته له وقبح معصيته والتمرد عليه.
5- «وإن كان حلالاً، لأن في حلاله حساباً وفي حرامه عقاباً ولأنه يوجب الغفلة والقسوة والدخول في زمرة المتنعمين والخروج عن زي المساكين» المازندراني 434/10.
6- مقتضى السياق سابقاً ولاحقاً، وانسجاما مع المعنى المقصود فالصحيح القلب بأن تكون (والضلالة بالهدى) وقد وردت هكذا في مصباح الكفعمي.

32 - ابن محبوب قال : حدَّثنا نوح أبو اليقظان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ادْعُ بهذا الدعاء : «اللّهمّ إني أسألك برحمتك الّتي لا تُنال منك إلّا برضاك والخروج من جميع معاصيك [إلا برضاك] والدخول في كلّ ما يرضيك، والنجاة من كلّ ورطة (1)، والمخرج من كلّ كبيرة أتى بها منّي عمداً، وزلّ بها مني خطأ أو خطر بها علي خطرات الشيطان، أسألك خوفاً توقفني به على حدود رضاك وتشعبُ (2) به عنّي كلّ شهوة خطر بها هواي، واستَزَلُّ بها رأبي ليجاوز حد حلالك، أسألك اللّهمّ الأخذ بأحسن ما تعلم، وترك سيء كلّ ما تعلم، أو أخطأ من حيث لا أعلم أو من حيث أعلم، أسألك السعة في الرّزق والزهد في الكفاف، والمخرج بالبيان من كلّ شبهة، والصواب في كلّ حجّة، والصدق في جميع المواطن، وإنصاف النّاس من نفسي فيما عليَّ ولي، والتذلّل في إعطاء النَّصَفِ من جميع مواطن السخط والرّضا، وترك قليل البغي وكثيره في القول مني والفعل وتمام نعمتك في جميع الأشياء، والشكر لك عليها لكي ترضى وبعد الرّضا، وأسألك الخِيَرَةَ في كلّ ما يكون فيه الخيرة بميسور الأمور كلها لا بمعسورها يا كريم يا كريم يا كريم وافتح لي باب الأمر الّذي فيه العافية والفرج، وافتح لي بابه، ويسر لي مخرجه من قدَّرت له علي مقدرة من خلقك فخذ عني بسمعه وبصره ولسانه ويده، وخذه عن يمينه وعن يساره ومن خلفه ومن قدامه (3)، وامنعه أن يصل إليَّ بسوء، عزّ جاركِ(4) وجلّ ثناء وجهك ولا إله غيرك أنت ربي وأنا عبدك، اللّهمّ أنت رجائي في كلّ كربة، وأنت ثقتي في كلّ شدّة، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة وعدَّة، فكم من كرب يضعف عنه الفؤاد وتقل فيه الحيلة، ويشمت فيه العدو وتعيى (5) فيه الأمور، أنزلته بك، وشكوته إليك، راغباً إليك فيه عمّن سواك قد فرَّجته وكفيته (6)، فأنت ولي كلّ نعمة، وصاحب كلّ حاجة، ومنتهى كلّ رغبة فلك الحمد كثيراً ولك المن فاضلاً».

33 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : قل : اللّهمّ إني أسألك قول التوابين وعملهم (7)، ونور

ص: 557


1- الورطة الهلكة وكل ما يعسر الخلاص منه.
2- تشعب : أي تفرّق وتوزّع.
3- هذا كله كناية عن الحيلولة التامة بينه وبين إيقاع الضرر به.
4- أي من استجار بك.
5- لقد ورد هذا ضمن الدعاء المنسوب إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) والمتقدم في الحديث رقم (5) من هذا الباب وقد ورد فيه هناك (وتعينني) بدل (وتعيي).
6- ورد في الدعاء المنوه عنه أعلاه هناك : (ففرجته وكشفته وكفيتنيه).
7- «أريد بالقول القول اللفظي والنفسي وهو الندامة من الذنوب والعزم على عدم العود إليها، وبعملهم : ما يترتب عليه من تدارك ما مضى والاجتهاد فيما يأتي...» المازندراني 439/10.

الأنبياء وصدقهم، ونجاة المجاهدين وثوابهم، وشكر المصطفين ونصيحتهم، وعمل الذاكرين ويقينهم، وإيمان العلماء وفقههم وتعبّد الخاشعين وتواضعهم، وحكم الفقهاء (1) وسيرتهم، وخشية المتقين ورغبتهم، وتصديق المؤمنين وتوكلهم، ورجاء المحسنين وبرهم، اللّهمّ إنّي أسألك ثواب الشاكرين، ومنزلة المقربين ومرافقه النبيّين، اللّهمّ إني أسألك خوف العاملين لك وعمل الخائفين منك، وخشوع العابدين لك، ويقين المتوكلين عليك وتوكل المؤمنين بك، اللّهمّ إنك بحاجتي عالم غير معلم، وأنت لها واسع غير متكلّف وأنت الّذي لا يحفيك سائل(2) ولا ينقصك نائل، ولا يبلغ مدحتك قول قائل أنت كما تقول وفوق ما نقول، اللّهمّ اجعل لي فرجاً قريباً، وأجر عظيماً وستراً جميلاً، اللّهمّ إنك تعلم أنّي على ظلمي لنفسي وإسرافي عليها لم أتخذ لك صدا ولا ندا ولا صاحبة ولا ولداً (3)، يا من لا تغلطه المسائل، يا من لا يشغله شيء عن شيء ولا سمع عن سمع ولا بصر عن بصر، ولا يبرمه إلحاح الملحين (4)، أسألك أن تفرّج عني في ساعتي هذه من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب، إنك تحيي العظام وهي رميم، وإنك على كلّ شيء قدير، يا من قل شكري له فلم يحرمني، وعظمت خطيئتي فلم يفضحني، ورآني على المعاصي فلم يجبهني (5). وخلقني للّذي خلقني له فصنعت غير الّذي خلقني له فنعم المولى أنت يا سيدي وبئس العبد أنا وجدتني، ونعم الطالب أنت ربي وبئس المطلوب [أنا] ألفيتني (6)، عبدك وابن عبدك وابن أمتك بين يديك ما شئت صنعت بي اللّهمّ هدأت الأصوات وسكنت الحركات وخلا كلّ حبيب بحبيبه، وخلوت بك أنت المحبوب إليَّ فاجعل خلوتي منك الليلة العتق من النّار يا من ليست لعالم فوقه صفة، يا من ليس لمخلوق دونه منعة (7) يا أول قبل كلّ شيء ويا آخر بعد كلّ شيء، يا من ليس له عنصر (8)، ويا من ليس لآخره فناء، ويا أكمل منعوت ويا أسمح المعطين ويا من يفقه بكلّ لغة يدعى بها وبا من عفوه قديم،

ص: 558


1- أي حكمتهم أو قضاءهم.
2- الإحفاء الإلحاح في المسألة، والمعنى: أن السائل مهما ألح عليك في المسألة فإنه لا يشق عليك ولا يتعبك بل : إن إلحاحه محبوب مرغوب لديك.
3- أي لم أشرك بعبادتك أحداً ممّا فعله المشركون والمغضوب عليهم والضالون.
4- أي لا يمله ولا يضجره مبالغة عباده في مسألته.
5- أي لم تردّني وتمنعني، أو لم تلقني بما أكره.
6- أي وجدتني.
7- أي قوة تمنع من يريده بسوء - كما في النهاية -.
8- «أي علة فاعلية وأجزاء مادية صورية. وقد يراد بالعنصر : الأصل والمعنى ليس لأوله ابتداء» المازندراني 445/10 بتصرّف.

وبطشه،شديد وملكه مستقيم، أسألك باسمك الّذي شافهت به موسی(1)، یا اللّه یا رحمن، یا لا إله إلّا أنت اللّهمّ أنت الصمد أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تدخلني الجنّة برحمتك.

34 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الوليد، عن يونس قال: قلت : للرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : علّمني دعاء وأوجز (2)، فقال: قل: «يا من دلّني على نفسه (3) وذلل قلبي بتصديقه (4) أسألك الأمن والإيمان».

35 - عليّ بن أبي حمزة ؛ عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أن رجلا أتى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أمير المؤمنين كان لي مال ورثته ولم أنفق منه درهماً في طاعة اللّه عزّ وجلّ، ثمّ اكتسب منه مالاً فلم أنفق منه درهماً في طاعة اللّه (5)، فعلّمني دعاء يخلف عليَّ ما مضى ويغفر لي ما عملت أو عملاً أعمله (6)، قال : قل : قال : وأي شيء أقول يا أمير المؤمنين؟ قال : قل كما أقول: «يا نوري في كلّ ظلمة (7)، ويا أنسي في كلّ وحشة، ويا رجائي في كلّ كربة ويا ثقتي في كلّ شدّة ويا دليلي في الضلالة، أنت دليلي إذا انقطعت دلالة الأدلاء، فإن دلالتك لا تنقطع ولا يضل من هديت أنعمت عليَّ فأسبغت، ورزقتني فوفّرت، وغذيتني فأحسنت غذائي، وأعطيتني فأجزلت بلا استحقاق لذلك بفعل مني ولكن ابتداء منك لكرمك وجودك، فتقويت بكرمك على معاصيك، وتقويت برزقك على سخطك، وأفنيت عمري فيما لا تحبُّ، فلم يمنعك جرأتي عليك وركوبي لما نهيتني عنه ودخولي فيما حرمت عليَّ أن عُدْتَ عليَّ بفضلك، ولم يمنعني حلمك عني وعودك عليَّ بفضلك وإن عدت في معاصيك، فأنت العواد بالفضل وأنا العواد بالمعاصي، فيا أكرم من أقر له بذنب وأعزّ من خضع له بذلّ، لكرمك أقررت بذنبي، ولعزّك خضعت بذلّي، فما أنت صانع بي في كرمك وإقراري بذنبي، وعزّك وخضوعي بذلّي افعل بي ما أنت أهله (8) ولا تفعل بي ما أنا أهله» (9).

ص: 559


1- هذا كناية عن شدة القرب والكلام بلا آلة نطق.
2- أي اختصر.
3- أي على ذاته المقدسة من حيث الوجود ومن حيث ما يليق به من صفات جمال وجلال وأفعال.
4- أي بالإيمان به وبما جاء به رسوله من كتاب وأحكام.
5- الظاهر من هذا أنّه أنفقه في معصية اللّه سبحانه، ويحتمل إنفاق بعضه في المباحات من دون نية التقرب إليه تعالى فلا يترتب عليه ثواب الطاعة.
6- أي : أو علمني عملاً أعمله.
7- شبه الهادي بالنور والجهالة بالظلمة.
8- من سعة رحمتك وكرمك.
9- من الخذلان والأخذ بالعقوبة والحرمان.

ص: 560

كتاب فضل القرآن

إشارة:

كتاب فضل القرآن (1)

في تمثّل القرآن وشفاعته لأهله

1 - عليّ بن محمّد، عن عليّ بن العبّاس عن الحسين بن عبد الرحمن، عن سفيان الحريري، عن أبيه، عن سعد الخفاف، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يا سعد تعلموا القرآن، فإنَّ القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة (2) نظر إليها الخلق، والنّاس صفوف (3) عشرون ومائة ألف صفٌ؛ ثمانون ألف صف أمة محمّد، وأربعون ألف صف من سائر الأمم، فيأتي على صف المسلمين في صورة رجل فيسلّم فينظرون إليه ثمّ يقولون : لا إله إلّا اللّه الحليم الكريم، إنَّ هذا الرجل من المسلمين نعرفه بنعته وصفته (4) غير أنّه كان أشدُّ اجتهاداً منا في القرآن، فمن هناك أعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نُعْطَه، ثمّ يجاوز حتّى يأتي على صف الشهداء فينظرون إليه [الشهداء] ثمّ يقولون : لا إله إلّا اللّه الرَّبُّ الرَّحيم، إنَّ هذا الرجل من الشهداء نعرفه بسَمْته (5) وصفته غير أنّه من شهداء البحر، فمن هناك أعطي من البهاء والفضل ما لم نعطه قال : فيتجاوز حتّى يأتي [على] صف شهداء البحر في صورة شهيد فينظر إليه شهداء البحر فيكثر تعجبهم ويقولون : إنَّ هذا من شهداء البحر نعرفه بسمته وصفته، غير أن الجزيرة الّتي أصيب فيها كانت أعظم هولاً من الجزيرة الّتي أصبنا فيها فمن هناك أعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه، ثمّ يجاوز حتّى يأتي صف النبيّين والمرسلين في صورة نبي مرسل، فينظر النبيون والمرسلون إليه فيشتد لذلك تعجبهم ويقولون : لا إله إلّا اللّه الحليم الكريم، إنَّ هذا النبي مرسل نعرفه بسمته وصفته غير أنّه أعطي فضلاً كثيراً، قال: فيجتمعون (6) فيأتون

ص: 561


1- القرآن في اللغة هو الجمع والتأليف، ومن هنا سمي كتاب اللّه قرآناً لأنه جمع أغراضاً متعددة بعضها إلى البعض الآخر بين دفتيه من العقائد إلى الأحكام إلى القصص إلى العظة إلى الأخلاق...
2- لا يبعد أن يجسم القرآن يوم القيامة في أحسن خلقة كما ورد في تجسّم الأعمال يومئذ، وقد ذهب إليه بعض العلماء.
3- أي حالة كون النّاس صفوفاً.
4- «إنما يعرفونه بنعته ووصفه لأنهم كانوا يتلونه، وإنما وصفوا اللّه بالحلم والكرم والرحمة حين رؤيتهم لما رأوا في في جنبه من النقص والقصور الناشين من تقصيرهم فهم يرجون من اللّه العفو والكرم والرحمة» مرآة المجلسي 475/102.
5- السمت الطريق، ویراد به هنا حسن الظاهر.
6- يعني النبيّين.

رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فيسألونه ويقولون : يا محمّد من هذا؟ فيقول لهم : أو ما تعرفونه؟ فيقولون ما نعرفه هذا ممّن لم يغضب اللّه عليه(1)، فيقول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : هذا حجة اللّه على خلقه (2)، فيسلّم ثمّ يجاوز حتّى يأتي على صفّ الملائكة في صورة ملك مقرب، فتنظر إليه الملائكة فيشتد تعجبهم ويكبر ذلك عليهم لما رأوا من فضله ويقولون : تعالى ربّنا وتقدَّس، إنَّ هذا العبد من الملائكة نعرفه بسمته وصفته، غير أنّه كان أقرب الملائكة إلى اللّه عزّ وجلّ مقاماً، فمن هناك ألبس من النور والجمال ما لم نلبس ثمّ يجاوز حتّى ينتهي إلى ربّ العزّة (3) تبارك وتعالى، فيخر تحت العرش فيناديه تبارك وتعالى : يا حجّتي في الأرض، وكلامي الصادق الناطق، ارفع رأسك وسَلْ تُعْطَ، واشفَع تُشَفّع، فيرفع رأسه فيقول اللّه تبارك وتعالى : كيف رأيت عبادي ؟ فيقول : يا رب منهم من صانني وحافظ علي ولم يضيّع شيئاً، ومنهم من ضيعني واستخف بحقي وكذَّب بي، وأنا حجتك على جميع خلقك، فيقول اللّه تبارك وتعالى : (وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني، لأثيبن عليك اليوم أحسن الثواب، ولأعاقبنَّ عليك اليوم أليم العقاب). قال : فيُرجعُ (4) القرآن رأسه في صورة أخرى ؛ قال : فقلت له : يا أبا جعفر في أي صورة يرجع ؟ قال : في صورة رجل شاحب متغيّر (5) يبصره أهل الجمع (6)، فيأتي الرجل من شيعتنا الّذي كان يعرفه ويجادل به أهل الخلاف فيقوم بين يديه فيقول : ما تعرفني ؟ فينظر إليه الرجل فيقول : ما أعرفك يا عبد اللّه، قال : فيرجع في صورته الّتي كانت في الخلق الأوّل (7) ويقول : ما تعرفني؟ فيقول : نعم، فيقول القرآن : أنا الّذي أسهرتُ ليلك وأنصَبْتُ (8) عيشك، سمعت الأذى ورجمت (9) بالقول في، ألا وإن كلّ تاجر قد استوفى تجارته وأنا وراءك اليوم، قال : فينطلق به إلى ربّ العزّة

ص: 562


1- «يعني إنما نعرفه بهذا الوجه الّذي لا يفيد تعيينه وهو أنّه لم يفعل شيئاً يوجب غضب اللّه عليه ولو كان ترك الأولى» المازندراني 4/11.
2- ووجه كونه حجة على الخلق لأنه بين لهم كلّ ما ينبغي لهم أن يعملوه أو يتركوه، ووعظهم ورباهم وبشرهم وأنذرهم ورغبهم وحذرهم وخوفهم وساق لهم ما فيه اعتبارهم لو اعتبروا الخ.
3- أي إلى عرضه وموضع مناجاته.
4- في بعض النسخ (فيرفع).
5- «الشاحب : من تغير لونه من جوع أو هزال أو غيره والوصف للتوضيح، وكأن هذه الصورة هي الّتي حدثت بملامسة العصاة، وهي موجودة أيضاً في هذه الدار إلّا أنّها لا تراها الأبصار... وقيل : سبب رجوعه إلى هذه الصورة سماعه الوعيد الشديد، وهو وإن كان على غيره لكنه لا يخلو من التأثير في من اطلع عليه» المازندراني 5/11.
6- أي يرى أهل الموقف ذلك التغير الّذي طرأ عليه.
7- أي صورته الكاملة الحسن الناشئة في الأصل من الأصل من ذاته وكمالاته.
8- أي اتعبت.
9- أي طُردت ولعنت وشتمت بسبب متابعتك أحكامي وإيمانك بأني من عند اللّه.

تبارك وتعالى فيقول : يا رب يا ربّ عبدك وأنت أعلم به قد كان نَصِباً بي(1)، مواظباً عليَّ، يعادى بسببي ويحب في ويبغض، فيقول اللّه عزّ وجلّ: (أدخلوا عبدي جنتي واكسوه حلة من حلل الجنّة وتوجوه بتاج، فإذا فعل به ذلك عُرضَ على القرآن) فيقال له : هل رضيت بما صُنِعَ بوليك؟ فيقول : يا ربّ إنّي أستقل هذا له فزده مزيد الخير كله، فيقول: (وعزتي وجلالي وعلوي وارتفاع مكاني لأنحلنّ له (2) اليوم خمسة أشياء مع المزيد له ولمن كان بمنزلته، إلّا أنّهم شباب لا يهرمون، وأصحاء لا يسقمون وأغنياء لا يفتقرون وفرحون لا يحزنون وأحياء لا يموتون). ثمّ تلا هذه الآية (لا يذقون فيها الموت إلّا الموتة الأولى (3)) قال (4) قلت : جُعلتُ فداك يا أبا جعفر وهل يتكلّم القرآن؟ فتبسم ثمّ قال : رحم اللّه الضعفاء من شيعتنا إنهم أهل تسليم، ثمّ قال : نعم يا سعد والصلاة تتكلّم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى، قال سعد: فتغير لذلك لوني وقلت هذا شيء لا أستطيع [أنا] أتكلّم به في النّاس(5)، فقال أبو جعفر : وهل النّاس إلّا شيعتنا، فمن لم يعرف الصلاة (6) فقد أنكر حقنا. ثمّ قال : يا سعد أسمعك كلام القرآن؟ قال :سعد فقلت بلى صلّى اللّه عليك، فقال: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) فالنهي كلام والفحشاء والمنكر رجال ونحن ذكر اللّه ونحن أكبر.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أيّها النّاس إنّكم في دار هدنه (7)، وأنتم على ظهر سفر، والسير بكم سريع، وقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كلّ جديد، ويقربان كلّ بعيد، ويأتيان بكل موعود فأعدوا الجهاز لبعد المجاز (8)، قال : فقام المقداد بن الأسود

ص: 563


1- أي تعِباً بسببي.
2- أي لاعطين له.
3- الدخان 56. والضمير في (فيها) يرجع إلى الجنّة والموتة الأولى : تلك الّتي ذاقوها في الدنيا.
4- أي سعد الخفاف.
5- «والظاهر أن المراد بالتكلم التكلم باللسان وإن سعداً لم يشك فيه بعد سماعه من المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإنما سأل لتقريره وتثبيته ذلك في الذهن، لكونه أمراً مستبعداً بين النّاس فلذلك قال : لا أستطيع الخ.. أو قال ذلك تعجباً وفزعاً: المازندراني 7/11. وأما الفيض (رضیَ اللّهُ عنهُ) فقد ذكر في الوافي ج 209/5 أن المقصود من «تكلم القرآن عبارة عن إلقائه إلى السمع ما يفهم منه المعنى وهذا هو معنى حقيقة الكلام لا يشترط فيه أن يصدر من لسان لحمي وكذا تكلم الصلاة فإن من أتى بالصلاة بحقها وحقيقتها نهته الصلاة عن متابعة أعداء الدين...».
6- أي بوصف كونها ناطقة، أو كما وصفها (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- الهدنة : لغة السكون والصلح والموادعة بين كلّ متحاربين. ولكنها هنا بمعنى آخر سوف يوضحه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مكان لاحق من هذا الحديث.
8- أي لطول السفر وبعد المقصد. وذاك السفر يحتاج إلى زاد من نوع خاص هو الطاعات والقربات.

فقال : يا رسول اللّه وما دار الهدنة؟ قال: دار بلاغ (1) وانقطاع (2)، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنّه شافع مشفّع (3) وماحل مصدق (4) ومن جعله أمامه قاده إلى الجنّة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدلُّ على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل (5) وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حُكْم (6) وباطنه علم ظاهره أنيق (7) وباطنه عميق له نجوم وعلى نجومه نجوم (8)، لا تُحصى عجائبه، ولا تبلی غرائبه فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة(9)، فليجل جال بصره وليبلغ الصفة نظره، ينجو من عَطَب (10) ويتخلص من نَشَب (11)، فإنّ التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، فعليكم بحسن التخلّص (12) وقلّة التربص (13).

3 - عليّ، عن أبيه عن عبد اللّه بن المغيرة عن سماعة بن مهران قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ العزيز الجبار أنزل عليكم كتابه وهو الصادق البار، فيه خبركم وخبر من قبلكم وخبر من بعدكم وخبر السماء والأرض، ولو أتاكم من يخبركم عن ذلك (14) لتعجّبتم.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن أبي

ص: 564


1- البلاغ : اسم لما يتبلّغ ويتوصل به إلى الشيء المطلوب، فالهدنة على هذا هي كناية عن المهلة الّتي تعطى للإنسان في الدنيا عمره ليتزود فيها بما ينفعه في آخرته.
2- أي انفصال عن الدنيا إلى الآخرة بالموت.
3- أي مقبول الشفاعة لمن شفع له.
4- الماحل : المجادل والمخاصم، أي أنّه مقبول القول يخصم بين يدي اللّه سبحانه من نبذه وراء ظهره ولم يعمل بمقتضاه.
5- تحصيل الشيء : تحقيقه وإثباته.
6- «يعني إن ظاهره وهو الفاظه وعباراته وأسلوبه وآياته حاكم قاض لنا وعلينا. أو كلام مانع من الجهل والسفه وينهى عنهما، أو محكم متقن لا اختلاف فيه ولا اضطراب» المازندراني 11/11.
7- الأنيق ما حسن ظاهره فأعجب ناظره.
8- أي «أن معانيه مترتبة غير محصورة يظهر بعضها من بعض ويطلع بعضها عقيب بعض» المازندراني 11/11.
9- «يعني أن القرآن دليل على المعرفة لمن عرف وصف القرآن للأشياء ونطقه بأحوالها الّتي من جملتها الولاية إذ لا تتم المعرفة بدون معرفتها، أو لمن عرف نعته وصفته من الغرائب والعجائب والمزايا المندرجة فيه» ن. م.
10- العطب : الهلاك.
11- النَشَب: من نَشَب في الشيء إذا وقع فيما لا نجاة له منه، وهو كناية عن الهلاك.
12- أي النجاة من الباطل.
13- أي قلة التلبث والانتظار.
14- أي عما في القرآن من أخبار الماضين والآتين وغرائب السماوات والأرض وعجائبهما.

الجارود (1)، قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أنا أوّل وافد على العزيز الجبار يوم القيامة، وكتابه وأهل بيتي ثمّ أمتي، ثمّ أسألهم ما فعلتم بكتاب اللّه وبأهل بيتي.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنّ هذا القرآن فيه منار الهدى، ومصابيح الدّجى (2)، فليجل جال بصره، ويفتح للضياء نظره، فإنّ التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في لظلمات بالنور.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي جميلة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان في وصيّة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أصحابه : اعلموا أن القرآن هدى النّهار ونور الليل المظلم على ما كان من جهد وفاقة (3).

7 - علي،، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه، عن آبائه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : شكا رجل إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وجعاً في صدره فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : استشف بالقرآن فإنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول : (وشفاء لما في الصدور) (4)

8 - أبو علي الأشعري عن بعض أصحابه، عن الخشّاب (5)، رفعه قال : قال أبو عبد اللّه : (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا واللّه لا يرجع الأمر والخلافة إلى آل أبي بكر وعمر أبداً، ولا إلى بني أمية أبداً، ولا في ولد طلحة والزبير أبداً، وذلك (6) أنهم نبذوا القرآن وأبطلوا السنن وعطلوا الأحكام، وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : القرآن هدى من الضّلالة، وتبيان من العمى، واستقالة من العثرة، ونور من الظلمة، وضياء من الأحداث (7)، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من الفتن وبلاغ من الدُّنيا إلى الآخرة، وفيه كمال دينكم، وما عدل أحد عن القرآن إلّا إلى النّار (8).

ص: 565


1- هو زياد بن المنذر.
2- الدجى الظلمة ويراد بها هنا الشبهة والبدعة من باب الاستعارة.
3- «يعني أن القرآن هدى للمؤمنين في النهار ونور لهم في الليل المظلم في حال شدة ومشقة من التباس الفتن وتوارد الشبهات إذ يهديهم إلى الحق وسلوك سبيله وفي حال الفقر والفاقة إذ يحملهم على الصبر لجزيل الأجر أو يدفعها عنهم بالخاصية أو بعض الآيات والسور الموجبة لزيادة الرزق...» المازندراني 14/11.
4- يونس / 57 دل على أنّه بقراءته وتدبر آياته والتحرز به شفاء للأمراض الجسمية والنفسية.
5- واسمه الحسن بن موسى.
6- أي عدم رجوع الإمامة إلى من ذكر، وذلك واضح لأن الإمامة امتداد للنبوة، والإمام يجب أن يكون كالنبي عالماً : بالقرآن ظاهره وباطنه محكمه ومتشابهه ناسخه و منسوخه عامه وخاصه مطلقه ومقيده، وعاملا بما فيه كذلك.
7- الأحداث : جمع حدث وهو الأمر المنكر، وغالباً ما يطلق على البدعة ولذلك ورد (وشر الأمور محدثاتها).
8- لأنه الحق، وهل بعدد الحق إلّا الضلال؟.

9 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ القرآن زاجر وآمر، يأمر بالجنّة ويزجر عن النار.

10 - عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن سعد الإسكاف قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أعطيت السور الطوال (1) مكان التوراة، وأعطيت المئين (2) مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني (3) مكان الزبور، وفُضَّلت بالمفصّل(4) ثمان وستون سورة، وهو مهيمن (5) على سائر الكتب والتوراة لموسى، والإنجيل لعيسى والزبور لداود.

11 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يجيىء القرآن يوم القيامة في أحسن منظور إليه صورةً، فيمرُّ بالمسلمين فيقولون: هذا الرّجل منا فيجاوزهم إلى النبيّين فيقولون : هو منا، فيجاوزهم إلى الملائكة المقربين فيقولون : هو منا، حتّى ينتهي إلى ربِّ العزّة عزّ وجلّ فيقول : يا ربّ فلان بن فلان أظمأت هواجره (6)، وأسهرت ليله في دار الدُّنيا، وفلان بن فلان لم أظمأ هواجره ولم أسهر ليله، فيقول تبارك وتعالى : أدخلهم الجنّة على منازلهم فيقوم فيتبعونه، فيقول للمؤمن : إقرأ وارقه(7)، قال : فيقرأ ويرقى حتّى يبلغ كلّ رجل منهم منزلته الّتي هي له فينزلها.

12 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد وسهل ابن،زياد جميعاً، عن ابن محبوب عن مالك بن عطية، عن يونس بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن الدواوين يوم القيامة ثلاثة : ديوان فيه النعم وديوان فيه الحسنات وديوان فيه السيئات، فيقابل بين ديوان النعم وديوان الحسنات فتستغرق النعم عامة الحسنات (8)، ويبقى

ص: 566


1- السبع الطوال من السور هي : البقرة آل عمران، النساء المائدة الأنعام الأعراف، والقرينتان الأنفال والتوبة، سميتا بذلك لعدم الفصل بينهما بالبسملة. وقيل السابعة : يونس. وسميت بالطوال لأنها أطول سور القرآن.
2- أراد بالمئين كلّ سورة تبلغ آياتها المائة آية أو تنقص عنها يسيراً أو تزيد عليها كذلك.
3- أول المثاني سورة يونس وآخرها سورة النحل، وإنما سميت المثاني لأنها ثنيت الطوال، وقيل: المراد بالمثاني سورة الحمد وهو مروي عنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقيل المراد بالمثاني كلّ سور القرآن لقوله تعالى في الآية 23 من سورة الزمر (اللّه نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني. وقيل سميت المثاني لأن اللّه ثنى فيه القصص والأخبار والحدود والأحكام والأمثال الخ).
4- سور المفصل من بعد الحواميم إلى آخر القرآن سميت بذلك لكثرة الفصول بين سورها بالبسملة.
5- أي شاهد.
6- الهواجر جمع الهاجرة تقال لنصف النهار عند اشتداد الحر.
7- أي اقرأ آية واصعد درجة من درجات الجنّة. كما سيصرح به في حديث آت.
8- أي تنفد حسنات العبد بما يقابلها من النعم ويبقى من النعم ما لا يقابله من الحسنات والديوان جريدة الحساب.

ديوان السيئات فيدعى بابن آدم المؤمن للحساب فيتقدّم القرآن أمامه في أحسن صورة فيقول : يا ربّ أنا القرآن، وهذا عبدك المؤمن قد كان يتعب نفسه بتلاوتي، ويطيل ليله بترتيلي، وتفيض عيناه إذا تهجد، فأرضِهِ كما أرضاني. قال : فيقول العزيز الجبار: عبدي أبسُطُ يمينك فيملأها من رضوان اللّه العزيز الجبار، ويملأ شماله من رحمة اللّه، ثمّ يقال : هذه الجنّة مباحة لك فاقرأ واصعد فإذا قرأ آية صعد درجة.

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعليّ بن محمّد القاساني، جميعاً، عن القاسم ابن محمّد، عن سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: قال علي ابن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لومات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت (1) بعد أن يكون القرآن معي. وكان (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا قرأ (مالك يوم الدّين) يكررها حتّى كاد أن يموت.

14 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسحاق بن غالب قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا جمع اللّه عزّ وجلّ الأولين والآخرين، إذا هم بشخص قد أقبل لم يُر قط أحسن صورة منه، فإذا نظر إليه المؤمنون وهو القرآن قالوا : هذا منا، هذا أحسن شيء رأينا، فإذا انتهى إليهم جازهم، ثمّ ينظر إليه الشهداء حتّى إذا انتهى إلى آخرهم جازهم فيقولون : هذا القرآن، فيجوزهم كلّهم حتّى إذا انتهى إلى المرسلين فيقولون : هذا القرآن فيجوزهم حتّى ينتهي إلى الملائكة فيقولون: هذا القرآن فيجوزهم (2) [ثمَّ ينتهي ] حتّى يقف عن يمين العرش فيقول الجبار وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لأكرمنَّ اليوم من أكرمك ولأهينن من أهانك.

باب فضل حامل القرآن

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن الحسن بن أبي الحسين الفارسي، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن السكونيّ (3)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنَّ أهل

ص: 567


1- كناية عن بقائه وحده على هذه الأرض.
2- لا منافاة بين مضمون هذا الخبر من أن من ذكر يعرفون أنّه القرآن بعينه وبين ما ورد في مضمون الخبر الأوّل من هذا الباب من أنهم إنما يعرفونه بنعته وسمته وصفته دون عينه لاحتمال اختلاف المقامين أو الوقتين أو اختلاف القائلين.
3- واسمه إسماعيل بن أبي زياد.

القرآن (1) في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبيّين والمرسلين فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم فإن لهم من اللّه العزيز الجبار لمكاناً عليّاً.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد، جميعاً، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الحافظ للقرآن العامل به مع السِّفَرَة الكرام البررة (2).

3 - وبإسناده، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : تعلّموا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة صاحبه في صورة شاب جميل شاحب اللون فيقول له القرآن : أنا الّذي كنتُ أسهرت ليلك وأظمات هواجرك وأجفَفْتُ ريقك وأسلْتُ دمعتك، أؤول معك حيثما ألتَ، وكلُّ تاجر من وراء تجارته، وأنا اليوم لك من وراء تجارة كلّ تاجر، وسيأتيك كرامة [من] اللّه عزّ وجلّ فأبشر، فيؤتى بتاج فيوضع على رأسه ويعطى الأمان بيمينه والخلد في الجنان بيساره، ويكسى حلتين ثمّ يقال له : إقرء وارقَهُ، فكلما قرء آية صعد درجة، ويكسى أبواه حلّتين إن كانا مؤمنين ثمّ يقال لهما : هذا لما علمتماه القرآن.

4 - ابن محبوب، عن مالك بن عطية عن منهال القصاب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن، اختلط القرآن بلحمه ودمه (3)، وجعله اللّه عزّ وجلّ مع السِّفَرَة الكرام البررة، وكان القرآن حجيزاً(4) عنه يوم القيامة، يقول: يا ربِّ إِنَّ كلّ عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي فبلغ به أكرم عطاياك، قال : فيكسوه اللّه العزيز الجبار حلتين من حلل الجنّة، ويوضع على رأسه تاج الكرامة، ثمّ يقال له (5) : هل أرضيناك فيه ؟ فيقول القرآن : يا ربّ قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا، فيعطى الأمن بيمينه والخُلد بيساره، ثمّ يدخل الجنّة فيقال له اقرأ واصعد درجة، ثمّ يقال له : هل بلغنا به وأرضيناك فيقول: نعم. قال (6): ومن قرأه : كثيراً، وتعاهده بمشقة من شدَّة حفظه أعطاه اللّه عزّ وجلّ أجر هذا مرَّتين.

5 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ بن عبد اللّه، وحميد بن زياد، عن

ص: 568


1- المراد بأهل القرآن حفظته وحملته والتالين لآياته والعاملين بما فيه.
2- السُّفَرَة : جمع سافر وهو - كما في النهاية - الكاتب لأنه يبين الشيء. والمراد بالسِّفَرَة هنا الملائكة. والبَرَرَة : جمع بارّ وهو المطيع اللّه المنزّه عن النقائص.
3- أي حاجزا ومانعا يمنع بين أهوال يوم القيامة وبينه.
4- «يعني يؤثر في ظاهره وباطنه ويوجب استقامة أعضائه وقلبه وجوارحه...» المازندراني 21/11.
5- أي للقرآن الشافع له.
6- أي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

الخشّاب جميعاً، عن الحسن بن عليّ بن يوسف، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إِنَّ أحقَّ النّاس بالتخشع في السر والعلانية(1) لَحَامِلُ القرآن، وإن أحقَّ النّاس في السر والعلانية بالصّلاة والصوم لَحَامِلُ القرآن، ثمّ نادى بأعلى صوته : يا حامل القرآن تواضع به يرفعك اللّه ولا تعزّز به فيذلك اللّه، يا حامل القرآن تزين به اللّه يزينك اللّه [به] ولا تزين به للناس (2) فيشينك اللّه به، من ختم القرآن فكأنما أدرجت النبوَّة بين جنبيه ولكنّه لا يوحى إليه، ومن جمع القرآن فنوله (3) لا يجهل مع من يجهل عليه ولا يغضب فيمن يغضب عليه، ولا يحدُّ (4) فيمن يحد، ولكنه يعفو ويصفح ويغفر ويحلم لتعظيم القرآن، ومن أوتي القرآن فظن أن أحداً من النّاس أوتي أفضل ممّا أوتي فقد عظم ما حقّر اللّه وحقّر ما عظم اللّه.

6 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ بن عبد اللّه عن عبيس بن هشام، قال: حدَّثنا صالح القماط، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد بن تغلب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : النّاس أربعة (5)، فقلت : جعلت فداك وما هم ؟ فقال : رجل أوتي الإيمان ولم يؤتَ القرآن(6)، ورجل أوتي القرآن ولم يؤت الإيمان ورجل أوتي القرآن واوتي الإيمان (7) ورجل لم يؤت القرآن ولا الإيمان، قال: قلت : جُعِلتُ فِداك فسّر لي حالهم، فقال: أما الّذي أوتي الإيمان ولم يؤت القرآن فمثله كمثل الثمرة طعمها حلو ولا ريح لها، وأما الّذي أوتي القرآن ولم يؤت الإيمان فمثله كمثل الآس (8) ريحها طيب وطعمها مر، وأما من أوتي القرآن والإيمان فمثله كمثل الأترّجة (9) ريحها طيب وطعمها طيب، وأمّا الّذي لم يؤت الإيمان ولا القرآن فمثله كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها.

7 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه وعليّ بن محمّد القاساني، جميعاً، عن القاسم ابن

ص: 569


1- أي بالجوارح والجوانح.
2- أي ليمدحوك ويثنوا عليك.
3- أي فحقه والمتوقع منه، والمعنى أن من جمع القرآن بحفظه والعمل به فالمتوقع منه ألا يجهل على من يجهل عليه.. الخ. و (في) في قوله (فيمن) بمعنى على أو مع.
4- من الحدّة وهي النزق والحمق.
5- أي أربعة أصناف.
6- أعم من أن يكون أمياً لا يعرف القراءة، أو أنّه يعرفها ولكنه يتهاون بقراءته، أو يقرؤه ولكنه لا يتعظ به ولا يعمل بمقتضاه والمراد بالإيمان التصديق باللّه ورسوله وبما جاء به من عنده.
7- كالمنافق الّذي يبطن الكفر ويظهر الإيمان فيقرأ القرآن ولكنه لا يؤمن به ولا بما فيه ولا بأنه من عند اللّه.
8- آس جمع اسة شجرة معروفة.
9- الأترجة : ثمرة شجر بستاني من جنس الليمون ناعم الورق والحطب وهو أصناف مختلفة. ويقال : تُرجة، و: ترنجة.

محمّد، عن سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال : قلت لعليّ الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيُّ الأعمال أفضل قال : الحال المرتحل (1) قلت : وما الحال المرتحل قال : فتح القرآن، وختمه كلّما جاء بأوّله ارتحل في آخره وقال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من أعطاه اللّه القرآن فرأى أنَّ رجلاً أعطي أفضل ممّا أعطي فقد صغر عظيماً وعظم صغيراً».

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن رشید عن أبيه، عن معاوية بن عمّار قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من قرأ القرآن فهو غني ولا فقر بعده وإلا ما به غنی (2).

9 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن أبي نجران، عن أبي جميلة عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «يا معاشر قراء القرآن اتقوا اللّه عزّ وجلّ فيما حملكم من كتابه، فإنّي مسؤول وإنّكم مسؤولون إنّي مسؤول عن تبليغ الرسالة وأمّا أنتم فتُسألون عما حملتم من كتاب اللّه وسنتي».

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص قال سمعت موسی بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول لرجل : أتحب البقا في الدنيا؟ فقال: نعم فقال : ولم؟ قال : لقراءة قل هو اللّه أحد، فسكت عنه فقال له بعد ساعة : يا حفص من مات من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن (3) علم في قبره ليرفع اللّه به من درجته، فإنَّ درجات الجنّة على قدر آيات القرآن يقال له : اقرأ وارق، فيقرأ ثمّ يرقى (4). قال حفص : فما رأيت أحداً أشدّ خوفاً على نفسه من موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولا أرجى النّاس منه (5) وكانت قراءته حُزْناً (6)،

ص: 570


1- «أي النازل المقيم والمنتقل، وقد فسّره (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمن يختم القرآن ثمّ يبتدىء به من أوله. قال ابن الأثير : هو الّذي يختم القراءة بتلاوته ثمّ يفتتح التلاوة من أوله شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه ثمّ يفتح سيره أي يبتدىء به، ولذلك قراء مكة إذا ختموا القرآن بالتلاوة ابتدأوا وقرأوا الفاتحة وخمس آيات من أول سورة البقرة إلى قوله (وهم المفلحون) ثمّ يقطعون القراءة ويسمون ذلك الحال المرتحل» نقلاً عن المازندراني 26/11.
2- «أي إن لم يكن قرأ القرآن فليس هو بغني وإن جمع الأموال» مرآة المجلسي 488/12 «وذلك لأن في القرآن من المواعظ ما إذا اتعظ به استغنى عن غير اللّه في كلّ ما يحتاج إليه» الوافي للفيض ج 5 / 262.
3- أي قراءة القرآن.
4- أي يقرأ آية ثمّ يصعد درجة وهكذا.
5- لقد مر معنا في باب الخوف والرجاء من هذا المجلد بيان كيف أن العبد المؤمن دائماً تتنازعه حالتا الخوف من اللّه والرجاء لعفوه ورحمته، وإن في قلبه نورين نور خيفة ونور رجاء. وإنما يعرف خوف العبد من ربه بالهرب من معاصيه وكل ما يحتمل أنّه يوقعه فيما لا يحبه ويرضاه، وإنما يعرف بأنه راج بالإقبال على العبادات وسائر الطاعات خاشعاً متضرعاً.
6- أي قراءة تنبىء عن حزن قاريها، أو هي كناية عن حالة البكاء.

فإذا قرأ فكأنه يخاطب إنساناً.

11 - علي، عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : حملة القرآن عرفاء (1) أهل الجنّة، والمجتهدون قوَّاد أهل الجنّة (2)، والرّسل سادة أهل الجنّة (3).

باب من يتعلم القرآن بمشقة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وسهل بن زياد، جميعاً، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : إنّ الّذي يعالج القرآن (4) ويحفظه بمشقة منه وقلة حفظ له أجران (5).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن الصباح بن سيابة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من شدّد عليه في القرآن(6) كان له أجران ومن يسر عليه كان الأولين (7).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد، عن سليم الفراء، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتّى يتعلّم القرآن أو يكون في تعليمه (8).

باب من حفظ القرآن ثمّ نَسِيَهُ

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وأبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد

ص: 571


1- عرفاء جمع عريف، وهو - كما في النهاية - القيم بأمور القبيلة والجماعة.
2- أي العلماء المجتهدون في الدنيا هم قادة النّاس باعتبار أن النّاس سلموهم زمام أمورهم في دينهم ودنياهم من خلال أخذ أحكامهم عنهم ومتابعتهم والالتزام بفتاويهم فأوصلهم ذلك كله إلى الجنّة، فكأنهم قادوهم إليها.
3- وذلك لمزيد شرفهم وفضلهم على سائر أصناف النّاس.
4- أي يزاول تعلمه وقراءته وحفظه.
5- أجر على المشقة في تعلمه وأجر على ما يلقاه من صعوبة حفظه.
6- أي كان حفظه وتعلمه عليه صعباً عانى منه المشقة.
7- لعل المراد بالأولين السابقون الّذين سبقوا إلى الإيمان باللّه ورسوله مرآة المجلسي 490/12.
8- «الّذي يسبق إلى الأفهام من تعلم القرآن وتعليمه غالباً تحفظه بدوام الدرس والتلاوة وحملها على إطلاقها بحيث يتناول ضبطه تحفظاً وتلاوة وفهماً وتفقهاً ودراية أنسب» المازندراني 28/11.

الجبار جميعاً، عن ابن فضّال، عن أبي إسحاق ثعلبة بن ميمون، عن يعقوب الأحمر قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جُعِلْتُ فداك إني كنت قرأت القرآن فقلت مني (1) فادع اللّه عزّ وجلّ أن يعلّمنيه، قال : فكأنّه فزع لذلك فقال : علمك اللّه هو وإيانا جميعاً قال(2): ونحن نحو من عشرة ثمّ قال : السورة تكون مع الرّجل قد قرأها ثمّ تركها فتأتيه يوم القيامة في أحسن صورة وتسلّم عليه فيقول : من أنت فتقول: أنا سورة كذا وكذا فلو أنك تمسكت بي وأخذت بي لأنزلتك هذه الدرجة، فعليكم بالقرآن، ثمّ قال : إنّ من النّاس من يقرأ القرآن ليقال : فلان قارىء، ومنهم من يقرأ القرآن ليطلب به الدنيا ولا خير في ذلك (3)، ومنهم من يقرأ القرآن لينتفع به في صلاته وليله ونهاره.

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا(4)، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من نسي سورة من القرآن مثلت له في صورة حسنة ودرجة رفيعة في الجنّة فإذا رآها قال ما أنت ما أحسنك ليتك لي؟ فيقول : أما تعرفني ؟ أنا سورة كذا وكذا ولو لم تنسني رفعتك إلى هذا (5).

3 - ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن يعقوب الأحمر قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ عليَّ دَيْناً كثيراً، وقد دخلني (6) ما كان القرآن يتفلت مني، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : القرآنَ القرآنَ (7)، إنَّ الآية من القرآن والسورة لتجييء يوم القيامة حتّى تصعد ألف درجة - يعني في الجنّة - فتقول : لو حفظتني لبلغت بك ههنا.

4 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة ؛ وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن محسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ الرَّجل إذا كان يعلم السورة ثمّ نسيها أو تركها (8) ودخل الجنّة، أشرفت

ص: 572


1- فَلَت وأفلت وانفلت تخلّص وهذا كناية عن نسيانه له.
2- أي الراوي وهو يعقوب.
3- أي لا خير في قراءة من يقرأ القرآن رياء وسمعة أو لطلب الدنيا. أو لا خير في القارىء نفسه. أو لا خير فيه ولا في قراءته.
4- واسمه حميد بن المثنى.
5- أي إلى هذا المقام من الجنّة.
6- أي رابني ودخل نفسي الغم والحزن.
7- أي تعاهدوا القرآن والزموه.
8- أي ترك قراءتها.

عليه من فوق في أحسن صورة فتقول: تعرفني ؟ فيقول : لا، فتقول : أنا سورة كذا وكذا لم تعمل بي وتركتني أما واللّه لو عملت بي لبلغت بك هذه الدرجة وأشارت بيدها إلى فوقها.

5 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ بن عبد اللّه عن العباس بن عامر، عن الحجاج الخشاب، عن أبي كهمس الهيثم بن عبيد (1) قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رجل قرأ القرآن ثمّ نسيه - فرددت عليه ثلاثاً - أعليه فيه حرج؟ قال : لا(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن خالد؛ والحسين بن سعيد جميعاً عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد اللّه بن مسكان عن يعقوب الأحمر قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جعلت فداك إنه أصابتني هموم وأشياء لم يبق شيء من الخير (3) إلّا وقد تفلّت منّي منه طائفة حتّى القرآن لقد تفلّت مني طائفة منه، قال : ففزع عند ذلك حين ذكرت القرآن ثمّ قال : إنَّ الرّجل لينسى السورة من القرآن فتأتيه يوم القيامة حتّى تشرف عليه من درجة من بعض الدرجات فتقول: السلام عليك، فيقول : وعليك السّلام من أنت ؟ فتقول : أنا سورة كذا وكذا ضيعتني وتركتني، أما لو تمسكت بي بلغت بك هذه الدرجة، ثمّ أشار (4) بأصبعه ثمّ قال : عليكم بالقرآن فتعلموه، فإنَّ من النّاس من يتعلم القرآن ليقال فلان قارىء، ومنهم من يتعلّمه فيطلب به الصوت فيقال فلان حسن الصوت، وليس في ذلك خير، ومنهم من يتعلّمه فيقوم به في ليله ونهاره لا يبالي من علم ذلك ومن لم يعلمه (5).

باب في قراءته

1 - علي، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : القرآن عهد اللّه

ص: 573


1- وفي النجاشي (الهيثم بن عبد اللّه أبو كهمس كوفي عربي له كتاب ذكره سعد بن عبد اللّه في الطبقات).
2- ولكن الّذي يؤيد أنّه (الهيثم بن عبيد) كما هو مذكور هنا تصريح الشيخ الطوسي (قدّس سِرُّه) في كلّ من التهذيب 8 باب أحكام الطلاق الحديث 318 والاستبصارج 3 باب في أن المواقعة بعد الرجعة شرط لمن يريد أن يطلق طلاق العدة الحديث 1001 بأن أبا كهمس اسمه هيثم بن عبيد فراجع.
3- المنفي بقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا، هو الإثم، من دون نظر إلى فوات الأجر العظيم، وخسرانه الدرجة الرفيعة.
4- أي من الكمالات اللائقة في الإنسان.
5- أي الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ). دل الحديث على أن الثواب الجزيل إنما هو لمن يقرأ القرآن مخلصاً في نيته اللّه متجرداً عن كلّ من عداه وما عداه.

إلى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده وأن يقرأ منه في كلّ يوم خمسين آية.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد، جميعاً، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود عن حفص بن غیاث عن الزهري قال: سمعت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : آيات القرآن خزائن (1)، فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها.

باب البيوت الّتي يُقْرَأْ فيها القرآن

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن الفضيل بن عثمان، عن ليث بن أبي سليم رفعه قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن، ولا نتّخذوها قبوراً (2) كما فعلت اليهود والنصارى، صلوا في الكنائس والبيع (3) وعطلوا بيوتهم، فإنّ البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره، واتسع أهله (4)، وأضاء لأهل السماء كما تضىء نجوم السماء لأهل الدُّنيا».

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن خالد؛ والحسين بن سعيد جميعا عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن عبد الأعلى مولى آل سام عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن البيت إذا كان فيه المرء المسلم يتلو القرآن (5) يتراءاه (6) أهل السماء كما يترأى أهل الدُّنيا الكوكب الدري (7) في السماء

3 – محمّد، عن أحمد وعدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعاً، عن جعفر بن

ص: 574


1- إنما عبر عن آيات القرآن بالخزائن لما تحتويه من غرر المعاني ودور الحقائق ولباب الحكمة وعظيم الأحكام ولذيذ القصص والمؤثر من الموعظة والعبرة، كلّ ذلك بأوجز لفظ وافصحه، واسلس بيان وأبلغه.
2- «يعني لا تتخذوها مهجورة من التلاوة وهو من التمثيل البديع لأنه شبه النائم بالميت وشبه البيت الّذي لا تلاوة فيه بالقبر الّذي لا تتأنى العبادة من ساكنه. ويمكن أن يكون تشبيه البيت بالقبر في معنى الظلمة، بل هو الظاهر» المازندراني 32/11.
3- البيع : جمع بيعة وهي مكان عبادة النصارى والكنائس : جمع كنيسة وهي مكان عبادة النصارى واليهود أيضاً.
4- كناية عن تكاثرهم بالتوالد وزيادة أعدادهم ويحتمل أن المقصود بيان سعة معيشة أهله، بأن وسع عليهم في الرزق.
5- سواء كانت تلاوته في الليل أو النهار.
6- أي ينظرون إليه ويرونه.
7- أي الكوكب الشديد الإنارة، قال في النهاية : كأنه نُسِبَ إلى الدر تشبيهاً بصفائه.

محمّد بن عبيد اللّه، عن ابن القداح (1)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : البيت الّذي يُقرأ فيه القرآن ويُذكر اللّه عزّ وجلّ فيه تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض، وإن البيت الّذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يُذْكَرُ اللّه عزّ وجلّ فيه تقل بركته وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين

باب ثواب قراءة القرآن

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد؛ وعليّ بن إبراهيم عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان عن معاذ بن مسلم، عن عبد اللّه ابن سليمان عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قرأ القرآن قائماً في صلاته كتب اللّه له بكل حرف مائة حسنة، ومن قرأه في صلاته جالساً كتب اللّه له بكل حرف خمسين حسنة، ومن قرأه في غير صلاته كتب اللّه له بكل حرف عشر حسنات.

قال ابن محبوب وقد سمعته عن معاذ على نحو ممّا رواه ابن سنان.

2 - ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما يمنعُ التاجر منكم المشغول في سوقه إذا رجع إلى منزله أن لا ينام حتّى يقرأ سورة من القرآن فتُكتَبُ له مكانَ كلّ آية يقرؤها عشر حسنات ويمحى عنه عشر سيئات (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم (3) أو غيره، عن سيف بن عَمِيرَة عن رجل عن جابر، عن مسافر (4)، عن بشر بن غالب الأسدي، عن الحسين بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قرأ آية من كتاب اللّه عزّ وجلّ في صلاته قائماً يكتب له بكلّ حرف مائة حسنة، فإذا قرأها في غير صلاة كتب اللّه له بكل حرف عشر حسنات، وإن استمع

ص: 575


1- هو عبد اللّه بن ميمون القداح.
2- لا منافاة بين ما ورد في هذا الحديث من أنّه يكتب له بكل آية عشر حسنات وما ورد في الحديث السابق من أنّه يكتب له بكل حرف عشر حسنات أما أولاً : فلأنه ذكر هنا أنّه يمحى عنه أيضاً عشر سيئات فربما كان محوا لسيئات العشر عنه معادلاً لنسبة الحروف الزائدة في الآية عن الواحد وثانياً : لأن إثبات الحسنات ومحو السيئات إنما هو من باب التفضل وهذا له مراتب أو لأن الثواب إنما يختلف باختلاف مراتب القارئين وأوقات القراءة وفضيلة المقروء. وعلى هذا توجه الرواية التالية أيضاً.
3- الترديد من الراوي.
4- وكنيته أبو مسلم.

القرآن كتب اللّه له بكلّ حرف حسنة، وإن ختم القرآن ليلاً صلّت عليه الملائكة حتّى يصبح، وإن ختمه نهاراً صلّت عليه الحَفَظَة (1) حتّى يمسي، وكانت له دعوة مجابة، وكان خيراً له ممّا بين السماء إلى الأرض قلت هذا لمن قرأ القرآن فمن لم يقرأ؟ قال : يا أخا بني أسد إنَّ اللّه جواد ماجد كريم إذا قرأ ما معه أعطاه اللّه ذلك.

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن النضر بن سويد (2) عن خالد بن ماد القلانسي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من ختم القرآن بمكة (3) من جمعة إلى جمعة أو أقل من ذلك أو أكثر، وختمه في يوم جمعة، كتب له من الأجر والحسنات من أوَّل جمعة كانت في الدُّنيا إلى آخر جمعة تكون فيها، وإن ختمه في سائر الأيّام فكذلك(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد؛ والحسين بن سعيد جميعاً، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن محمّد بن مروان، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من قرأ عشر آيات في ليلة لم يُكتب من الغافلين ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة آية كُتِبَ من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كُتِبَ من الخاشعين ومن قرأ ثلاث مائة آية كُتِبَ من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار من تبر (5) - القنطار خمسة عشر ألف مثقال من ذهب والمثقال أربعة وعشرون قيراطاً - أصغرها مثل جبل أحد وأكبرها ما بين السماء إلى الأرض».

6 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد ابن

ص: 576


1- أي الملائكة الحفظة، وهم الموكلون بحفظه من المكاره أو الموكلون بكتابة أعماله وحفظها لمجازاته عليها.
2- في بعض النسخ (النضر بن سعيد) وكذا في الطبعة القديمة من مرآة العقول للمجلسي. وقد روى الشيخ الصدوق هذه الرواية بعينها في كتابه ثواب الأعمال وفيها (النضر بن شعيب) بدل (النضر بن سويد) ولا يبعد أن يكون هو الصحيح وذلك لأن النضر بن شعيب له روايات كثيرة في الكتب الأربعة والّذي يروي عنه كثيرا هو محمّد بن الحسين ووقع في طريق النجاشي والشيخ والصدوق إلى خالد بن ماد القلانسي،... وجزم القهبائي باتحاده مع النضر بن سويد وهو غريب إذ لا مقتضى لاحتمال الاتحاد فضلا عن الجزم به، فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي 156/19 – 159.
3- يراد بها الحرم لا خصوص المسجد الحرام، أو البلد الحرام.
4- «لعل التعبير بهذا النحو للإشعار باختلاف مراتب الفضل وإن اشتراك الكل في ذلك الثواب، مثلاً الختم من الجمعة إلى الجمعة أفضل ممّا كان الختم فقط في الجمعة وهو أفضل ممّا إذا كان الابتداء والختم في ساير الأيّام» مرآة المجلسي 496/12.
5- التّبر: : الذهب والفضة أو فتاتهما قبل أن يصاغا، فإذا صيغا فهما ذهب وفضة. والواحدة : تبرة.

محمّد، جميعاً، عن عليّ بن حديد، عن منصور، عن محمّد بن بشير، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) - قال (1) : وقد روي الحديث عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - قال : من استمع حرفاً من کتاب اللّه عزّ وجلّ من غير قراءة كتب اللّه له حسنة ومحا عنه سيئة ورفع له درجة، ومن قرأ نظراً من غير صوت كتب اللّه له بكل حرف حسينة ومحا عنه سيئة ورفع له درجة، ومن تعلم منه حرفاً ظاهراً (2) كتب اللّه له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات. قال : لا أقول بكل آية ولكن بكلّ حرف باء أو تاء أو شبههما. قال : ومن قرأ حرفاً [ظاهراً] وهو جالس في صلاته كتب اللّه له به خمسين حسنة ومحا عنه خمسين سيّئة ورفع له خمسين درجة، ومن قرأ حرفاً وهو قائم في صلاته كتب اللّه له بكل حرف مائة حسنة ومحا عنه مائة سيئة ورفع له مائة درجة، ومن خَتَمَه كانت له دعوة مستجابة سؤخّرة أو معجّلة (3)، قال : قلت : جعلت فداك ختمه كلّه؟ قال : ختمه كلّه.

7 - منصور، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعت أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ختم القرآن إلى حيث تعلم» (4).

باب قراءة القرآن في المصحف

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن يعقوب بن يزيد، رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قرأ القرآن في المصحف متع ببصره، وخُفّف(5) عن والديه وإن كانا كافرين.

2 - عنه عن عليّ بن الحسين بن الحسن الضرير عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنه ليعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد اللّه عزّ وجلّ به الشياطين.

3 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن فضّال، عمّن ذكره، عن أبي عبد

ص: 577


1- أي أحد الرواة. ويحتمل أنّه من كلام المصنف.
2- ظاهراً : إما صفة لحرف فيكون المقصود ما يظهر عند النطق دون ما لا يظهر كالمدغم أو الساقط بسبب درج الكلام. أو صفة للتعلم فالمقصود هو الحفظ عن ظهر قلب.
3- قوله : مؤخرة أو معجلة، إما راجع إلى الدعوة فيكون تفصيلاً بين ما تعلق منها بأمر من أمور العاجلة أو الآجلة. وإما راجع إلى (مستجابة) فيكون تفصيلا في ظرف تحققها وإنه الآن أو مستقبلا.
4- «أي يعلم القارىء كلاً أو بعضاً فإذا علم القارىء بعضه وقرأه ولم يقدر على غيره فله أجر ختم القرآن كله» المازندراني 36/11.
5- أي العذاب. وسوف يأتي ما يدل عليه في الحديث رقم (4).

اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ثلاثة يشكون إلى اللّه عزّ وجلّ: مسجد خراب لا يصلّي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف مُعَلّق قد وقع عليه الغبار لا يُقرأ فيه.

4 - عليّ بن محمّد، عن ابن جمهور، عن محمّد بن عمر بن مسعدة، عن الحسن بن راشد، عن جده، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قراءة القرآن في المصحف تخفف العذاب عن الوالدين ولو كانا كافرين.

5 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه ابن جبلة، عن معاوية بن وهب عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : جعلت فداك إنّي أحفظ القرآن على ظهر قلبي فأقرأه على ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف؟ قال : فقال لي : بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل، أما علمت أنَّ النظر في المصحف عبادة (1).

باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن عبد اللّه بن سليمان قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) (2). قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : تنه تبياناً (3) ولا تهذه هذ الشعر (4)، ولا تنثره نثر الرَّمل (5)، ولكن أفزعوا قلوبكم القاسية (6) ولا يكن هم أحدكم آخر السورة (7).

ص: 578


1- دل على أن مجرد النظر في المصحف أمر محبوب ومطلوب في ذاته وإن عليه أجراً غير أجر القراءة، وقد تقدم في الحديث رقم (6) من باب ثواب قراءة القرآن ثواب من قرأ نظراً من غير صوت أيضاً.
2- المزمل / 4.
3- دل على أن الترتيل هو إخراج الحروف من مخارجها بحيث تظهر متميزة بعضها عن بعض عند السامع. ولذا يقال : ترتيل وترسيل.
4- الهَذ: سرعة القطع. وهذ القرآن هذا إذا أسرع في قراءته كما يسرع في قراءة الشعر.
5- الرمل عند نثره يقع على الأرض متباعدة حبّاته وكأنه أراد بذلك التنبيه على أن المطلوب في الترتيل إخراج الحروف من مخارجها بحيث تظهر متميزة بعضها عن بعض ولكن ليس بحيث تخرج الحروف متقطعة منفصلا بعضها عن بعض كحبات الرمل عند نشرها وذلك لطول الفواصل بينها.
6- أي أخيفوا قلوبكم الغليظة بالتدبر في آياته وما ورد فيه من أخبار الأمم السالفة وكيف كفرت باللّه فأخذها سبحانه أخذ عزيز مقتدر، ولا ريب أن التدبر لا يمكن أن يتأتى إلّا لمن يقرأ القرآن بهدوء مترسلا في قراءته فاهماً مقاصده ومراميه.
7- أي همه أن يصل إلى آخر السورة فيسرع في قراءته كسرعته في قراءة الشعر فلا يلتفت إلى معانيه ولا يدرك مغازيه ومراميه.

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن القرآن نَزَل بالحزن (1) فاقرؤوه بالحزن (2).

3 - عليّ بن محمّد، عن إبراهيم الأحمر، عن عبد اللّه بن حماد، عن عبد عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «اقرؤوا القرآن بألحان(3) العرب وأصواتها، وإيّاكم ولحونَ أهل الفسق (4) وأهل الكبائر، فإنه سيجيء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع (5) الغناء والنَّوح والرهبانية، لا يجوز تراقيهم (6)، قلوبهم مقلوبة(7)، وقلوب من يعجبه شأنهم».

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن حسن بن شمون قال : حدّثني عليّ بن محمّد النوفلي، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ذكرت الصوت عنده فقال: إنَّ عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يقرأ فربّما مرَّ به المار فصعق (8) من حسن صوته، وإنَّ الإمام لو أظهر من ذلك (9) شيئاً لما احتمله النّاس من حسنه، قلت : ولم يكن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن؟ فقال : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يحمّل النّاس من خلفه ما يطيقون (10).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليم الفراء عمّن أخبره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أعرب القرآن فإنه عربي (11).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن عبد اللّه بن القاسم، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ أوحى إلي موسى بن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا وقفت بين يدي فقف موقف الذليل الفقير، وإذا قرأت التوراة فأسمعنيها بصوت حزين.

ص: 579


1- «لاشتماله على ما يوجب الحزن من أحوال الحشر والنشر والثواب والعقاب وأحوال الأمم الماضية وإهلاكهم ومسخهم الخ» المازندراني 38/11.
2- أي بصوت يثير الحزن والخشوع في نفس القارىء والسامع.
3- أي بلغات العرب.
4- وهي الّتي تكون بنحو التطريب والتغني كما هو متعارف عند الفسّاق ممّا يوجب لسامعه خفة واهتزازاً.
5- الترجيع : مد الصوت وترديد القراءة.
6- التراقي - كما في المغرب - جمع الترقوة وهي عظام وصل بين نقرة النحر والعاتق من الجانبين، وهذا التعبير كناية عن عدم ارتفاع قراءتهم وعدم قبول اللّه لها.
7- كناية عن عدم قابليتها لاستقرار الإيمان فيها أو أي معنى من المعاني العظيمة الّتي تستبطنها آيات كتاب اللّه.
8- أي غشي عليه وذهب عقله من حسن صوته.
9- من حسن الصوت.
10- أي لم يكن يقرأ بصوت يمكنهم سماعه من دون أن يصعقوا، كما أنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لم يخاطب النّاس إلّا بقدر عقولهم.
11- «إما من أعرب كلامه إذا ظهر إعرابه ولم يلحن فيه، أو من أعرب بكلامه إذا أفصح به ولم يلحن في خروفه ومواده...» المازندراني 41/11.

7 - عنه عن عليّ بن معبد عن عبد اللّه بن القاسم، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «لم يعط أمتي أقل من ثلاث : الجمال والصوت الحسن والحفظ».

8 - عنه (1)، عن أبيه عن عليّ بن معبد، عن يونس، عن أبي عبد اللّه بن مسكان، عن بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ من أجمل الجمال الشَّعرَ الحسن، ونغمة الصوت الحسن (2)».

9 - عنه، عن عليّ بن معبد عن عبد اللّه بن القاسم، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «لكلّ شيء حِلية وحلية القرآن الصوت الحسن»(3).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن موسى بن عمر الصيقل، عن محمّد ابن عيسى، عن السكونيّ (4)، عن عليّ بن إسماعيل الميثمي، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما بعث اللّه عزّ وجلّ نبياً إلّا حسن الصوت.

11 - سهل [ بن زياد] عن الحجّال، عن عليّ بن عقبة عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليه أحسن النّاس صوتاً بالقرآن، وكان السقاؤون يهرون فيقفون بيابه يسمعون قراءته، وكان أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أحسن النّاس صوتاً.

12 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد الأسدي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان، عن محمّد بن الفضيل قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يكره أن يقرأ (قل هو اللّه أحد) بنفس واحد.

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا قرأتُ القرآن فرفعتُ به صوتي جاءني الشيطان فقال : إنما ترائي بهذا أهلَك والنّاسَ :قال يا أبا محمّد اقرأ قراءة ما بين القراءتين تسمع أهلك ورجع بالقرآن صوتك فإنَّ اللّه عزّ وجلّ يحبُّ الصوت الحسن يرجع فيه ترجيعاً (5).

ص: 580


1- أي عن عليّ بن إبراهيم.
2- قال في الصحاح : فلان حسن النغمة إذا كان حسن الصوت في القراءة.
3- لقد ورد في بعض الأخبار أن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً. وقد دل هذا الخبر كغيره من أخبار الباب لا على جواز تحسين الصوت في القراءة بل على رجحانه أيضاً.
4- واسمه إسماعيل بن أبي زياد، واسم أبي زياد مسلم.
5- للترجيع مراتب بعضها الغناء كما دل عليه قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الحديث السابق : (سيجيء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء). فمن عرف مراتبه وميز بينها وعرف مرتبة الغناء فالظاهر أنّه يجوز له ما دون هذه المرتبة... الخ» المازندراني 43/11. وعليه فيحمل قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في هذا الحديث: ورجّع الخ على المرتبة الجائزة من الترجيع فلا منافاة بين الخبرين.

باب فيمن يظهر الغشية عند [قراءة] القرآن

1 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن إسحاق الضبي، عن أبي عمران الأرمني (1)، عن عبد اللّه بن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت : إن قوماً إذا ذكروا شيئاً من القرآن أو حدّثوا به صعق أحدهم حتّى يُرَى أن أحدهم لو قطعت يداه أو رجلاه لم يشعر بذلك؟ فقال سبحان اللّه ذاك من الشيطان (2)، ما بهذا نعتوا (3) إنما هو (4) اللّين والرقّة والدمعة والوجل.

أبو علي الأشعري عن محمّد بن حسّان، عن أبي عمران الأرمني، عن عبد اللّه ابن الحكم عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.

باب في كم يُقرأ القرآن ويُختم

1 1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن الحسين بن المختار، عن محمّد بن عبد اللّه قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أقرأ القرآن في ليلة؟ قال : لا يعجبني أن تقرأه في أقل من شهر (5).

2 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه، عن عليّ بن أبي حمزة

ص: 581


1- واسمه موسى بن رنجويه، وقد نص النجاشي على تضعيفه وكذا ابن الغضائري.
2- «لتصرفه فيه حتّى جعله على هذه الحالة أو لإغوائه حتّى يتصنع ذلك لإظهار كما له عند النّاس» المازندراني 44/11.
3- أي وصفوا والمقصود بهم من لهم أهلية التأثر عند سماع آيات اللّه.
4- أي أن الّذي وصف به المؤمنون عندما تتلى عليهم آيات اللّه هو الوجل وغيره من الصفات المذكورة، ولعله إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأنفال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا...) وإلى قوله تعالى في سورة الإسراء: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ... وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا).
5- ليس لازم ذلك تعين قراءة جزء من القرآن في كلّ يوم وليلة ليتطابق عدد أيام الشهر مع عدد أجزائه، مع احتمال ذلك.

قال: دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له أبو بصير : جعلت فداك أقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلة ؟ فقال : لا، قال : ففي ليلتين؟ قال : لا، قال : ففي ثلاث؟ قال: ها وأشار بيده (1)، ثمّ قال : يا أبا محمّد إنَّ لرمضان حقاً وحرمة لا يشبهه شيء من الشهور، وكان أصحاب محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقل، إن القرآن لا يقرأ هذرمة (2) ولكن يرتل ترتيلاً، فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنّة فقف عندها وسل اللّه عزّ وجلّ الجنّة، وإذا مررت بآية فيها ذكر النّار فقف عندها وتعوّذ باللّه من النار.

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن النعمان، عن يعقوب بن شعیب، عن حسين بن خالد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : في كم أقرأ القرآن؟ فقال : إقرءه أخماساً (3)، إقرءه أسباعاً(4)، أما إن عندي مصحفاً مجزى أربعة عشر جزءاً (5).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد خالد بن عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن عليّ بن المغيرة، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : إن أبي سأل جدَّك، عن ختم القرآن في كلّ ليلة فقال له :جدك كلّ ليلة فقال له في شهر رمضان، فقال له جدّك : في شهر رمضان فقال له أبي : نعم ما استطعت فكان أبي يختمه أربعين ختمة في شهر رمضان، ثمّ ختمته بعد أبي فربما زدت وربما نقصت على قدر فراغي وشغلي ونشاطي وكسلي، فإذا كان في يوم الفطر جعلت لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ختمة، ولعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أخرى، ولفاطمة (عَلَيهِ السَّلَامُ) أخرى، ثمّ للأئمّة (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى انتهيت إليك فصيّرت لك واحدة منذ صرت في هذا الحال(6) فأي شيء لي بذلك؟ قال: لك بذلك أن تكون معهم يوم القيامة، قلت: اللّه أكبر [ف] لي بذلك ؟ قال : نعم ثلاث مرّات.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي

ص: 582


1- ها كما في النهاية كلمة تنبيه للمخاطب على ما يساق إليه من الكلام، وإشارته (عَلَيهِ السَّلَامُ) بيده تحتمل تقرير أبا بصير على الثلاث ليال كما تحتمل طلب السكوات والإصغاء.
2- الهذرمة - كما في النهاية - السرعة في الكلام، وقد مر النهي عن الهذ في القراءة، وقلنا هناك بأن الهذ السرعة في القراءة.
3- أي جزءه خمسة أجزا واقرأ في كلّ يوم منه جزء.
4- أي جزءه سبعة أجزاء.
5- أي كان (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقرأه في أسبوعين.
6- أي منذ اعتنقت مذهب التشيع، أو منذ دأبت على هذا العمل في ختم القرآن.

حمزة قال : سأل أبو بصير أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنا حاضر فقال له : جعلت فداك أقرأ القرآن في ليلة؟ فقال : لا، فقال في ليلتين ؟ فقال : لا حتّى بلغ ست ليال فأشار بيده فقال : ها، ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا أبا محمّد إنّ من كان قبلكم من أصحاب محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يقرأ القرآن في شهر وأقلّ، إنّ القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلاً إذا مررت بآية فيها ذكر النّار وقفت عندها وتعوّذت باللّه من النّار، فقال أبو بصير : أقرأ القرآن في رمضان في ليلة؟ فقال: لا، فقال: في ليلتين ؟ فقال : لا فقال : في ثلاث ؟ فقال : ها - وأومأ بيده - نعم شهر رمضان لا يشبهه شيء من الشهور له حقٌّ وحرمة أكثر من الصّلاة ما استطعت (1).

باب أن القرآن يُرْفَعُ كما أُنْزِل

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي (2)، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إِنَّ الرّجل الأعجمي (3) من أمتي لَيَقْرَأُ القرآن بعجمية (4) فترفعه الملائكة على عربية.

2 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن سليمان، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : جُعِلْتُ فداك، إنا نسمع الآيات في القرآن ليس هي عندنا (5) كما نسمعها، ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم، فهل نأثم؟ فقال : لا، إقرؤوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم (6).

باب فَضْل القرآن

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بدر، عن محمّد بن مروان،

ص: 583


1- لقد مر الشق الثاني من هذا الحديث في مضمون حديث عن أبي بصير عن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً وكان الشق الأوّل منه هنا مختصاً بالسؤال عن ختم القرآن في ليلة أو أكثر في غير شهر رمضان ولذا لا منافاة بين هذا الشق هنا وبين ما تقدم ومن قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ها إلى قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بالنار، مشترك بين الحديثين، ولعله كان هنا وهناك حديثاً واحداً فجزىء خاصة وأن الراوي المباشر له هو ابن حمزة واللّه العالم.
2- النوفلي : لقب الحسين بن يزيد بن محمّد بن عبد الملك.
3- يُقصد به غير العربي مطلقاً.
4- أي مع اللحن والخطأ في الحروف والحركات لعدم تمكنه من الصحيح.
5- أي في النسخة الّتي هي بخط أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو أن المقصود القرآن الّذي توارثه الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).
6- المقصود الإمام الحجة (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) وسوف يأتي ما يدل عليه. وقد ورد أيضاً في بعض الروايات : اقرأوا كما يقرأ النّاس.

عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من قرأ قل هو اللّه أحد مرّة بورك عليه، ومن قرأها مرتين بورك عليه وعلى أهله ومن قرأها ثلاث مرّات بورك عليه وعلى أهله وعلى جيرانه، ومن قرأها اثني عشر مرة بنى اللّه له اثني عشر قصراً في الجنّة فيقول الحَفَظَة : اذهبوا بنا إلى قصور أخينا فلان فتنظر إليها. ومن قرأها مائة مرّة غُفِرَت له ذنوب خمسة وعشرين سنة ما خلا الدّماء والأموال ومن قرأها أربعمائة مرّة كان له أجر أربعمائة شهيد كلّهم قد عقر جواده (1) وأريق دمه (2)، ومن قرأها ألف مرة في يوم وليلة لم يمت حتّى يَرَى مقعده في الجنّة أو يُرَى له (3).

2 - حميد بن زياد، عن الحسين بن محمّد، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما أمر اللّه عزّ وجلّ هذه الآيات أن يهبطن إلى الأرض تعلقن بالعرش (4) وقلن أي ربّ إلى أين تهبطنا إلى أهل الخطايا والذنوب. فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليهنّ: أن اهبطن فوعزتي وجلالي لا يتلوكن أحد من آل محمّد وشيعتهم في دبر ما افترضت عليه من المكتوبة في كلّ يوم إلّا نظرت إليه بعيني المكنونة (5) في كلّ يوم سبعين نظرة أقضي له في كلّ نظرة سبعين حاجة، وقبلته على ما فيه من المعاصي، وهي (6) أُمّ الكتاب و «شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو والملائكة وأولو العلم» وآية الكرسي وآية الملك.

3 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن حسّان عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن محمّد بن سكين، عن عمرو بن شمر عن جابر قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من قرأ المسبحات (7) كلّها قبل أن ينام لم يمت حتّى يدرك القائم، وإن مات كان في جوار محمّد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن عليّ بن النعمان، عن عبد اللّه بن طلحة، عن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من قرأ قل هو اللّه أحد مائة مرة حين يأخذ

ص: 584


1- أي ضرب قوائمه بالسيف فقطعها.
2- أي في الجهاد.
3- يراه هو إما في منامه أو في لحظات الشوق أو يرى في منامه من يدله عليه من معصوم أو شخص من الصديقين والصالحين.
4- «أي توسلن بعلم اللّه تعالى ممّا يقع في دار الغرور وعالم الشرو، أو تعلقن بالعرش الجسماني الّذي هو مطاف الملائكة المقربين...» المازندراني 48/11.
5- أي الألطاف الخاصة مرآة المجلسي 508/12.
6- أي الآيات المنوه عن هبوطها إلى الأرض أعلاه.
7- «المسبحات من السور ما افتتح بسبح أو يسبح» الوافي للفيض ج 5 / 269.

مضجعه غفر اللّه له ذنوب خمسين سنة (1).

5 - حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح(2)، عن معاذ، عن عمرو بن جميع، رفعه إلى عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من قرأ أربع آيات من أول البقرة وآية الكرسي وآيتين بعدها (3) وثلاث آيات من آخرها لم ير في نفسه وماله شيئاً يكرهه ولا يقربه شيطان ولا ينسى القرآن.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن سيف بن عَمِيرَة، عن رجل عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر، يجهر بها صوته كان كالشاهر سيفه في سبيل اللّه، ومن قرأها سرا كان كالمتشحط بدمه (4) في سبيل اللّه، ومن قرأها عشر مرَّات غفرت له على نحو ألف ذنب من ذنوبه.

7 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أبي صلوات اللّه عليه يقول : قل هو اللّه أحد ثُلُثُ القرآن (5)، وقل يا أيّها الكافرون رُبع القرآن (6).

8 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن عليّ، عن الحسن ابن الجهم، عن إبراهيم بن مهزم عن رجل سمع أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من قرأ آية الكرسي عند

ص: 585


1- لقد مر في الحديث الأوّل من هذا الباب أن قراءة سورة الإخلاص مائة مرة توجب مغفرة ذنوب خمس وعشرين سنة عدا ما تعلق بالدماء والأموال، ولا منافاة بينه وبين ما ورد فى هذا الحديث من أنّها توجب مغفرة ذنوب خمسين سنة لأن قراءتها هناك مطلقة من حيث الوقت وهنا مقيدة بحين أخذه لمضجعه.
2- هو الحسن بن عليّ بن بقاح.
3- على القول بأن آية الكرسي إلى قوله : خالدون. تكون الآيتان اللتان بعدها الآية رقم 258 والآية رقم 259 من سورة البقرة أي إلى قوله : قدير. وعلى القول بأن آية الكرسي إلى قوله : وهو العلي العظيم فالآيتان اللتان بعدها هما الآية رقم 256 والآية رقم 257 إلى قوله : خالدون.
4- بتشحط بدمه : - كما في النهاية - أي يتخبط فيه ويضطرب ويتمرغ.
5- لعل الوجه «في معادلة هذه السورة لثلث القرآن أن مقاصد القرآن الكريم ترجع عند التحقيق إلى ثلاثة معان معرفة اللّه ومعرفة السعادة والشقاوة الأخرويين والعلم بما يوصل إلى السعادة ويبعد عن الشقاوة وسورة الإخلاص تشتمل على الأصل الأوّل وهو معرفة اللّه وتوحيده وتنزيهه عن مشابهة الخلق بالصمدية ونفي الأصل والفرع والكفو...» الوافي للفيض ج 5 / 102.
6- «لعل الوجه أن القرآن نزل على أربعة أرباع ربع في المؤمنين وربع في الكافرين وربع في السنن والأمثال وربع في الفرائض والأحكام وهذه السورة مشتملة على ربع الكافرين» المازندراني 51/11.

منامه لم يخف الفالج إن شاء اللّه، ومن قرأها في دبر كلّ فريضة لم يضره ذو حمة (1). وقال: من قدَّم قل هو اللّه أحد بينه وبين جبار منعه اللّه عزّ وجلّ منه، يقرأها من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فإذا فعل ذلك رزقه اللّه عزّ وجلّ خيره ومنعه من شرّه ؛ وقال : إذا خفت أمراً فاقرأ مائة آية من القرآن من حيث شئت ثمّ قل: اللّهمّ اكشف عني البلاء - ثلاث مرّات -.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من قرأ مائة آية يصلّي بها (2) في ليلة كتب اللّه عزّ وجلّ له بها قنوت ليلة (3)، ومن قرأ مائتي آية في غير صلاة لم يحاجه القرآن(4) يوم القيامة، ومن قرأ خمسمائة آية في يوم وليلة في صلاة النهار والليل (5) كتب اللّه عزّ وجلّ له في اللوح المحفوظ قنطاراً من الحسنات والقنطار ألف ومائتا أوقية ؛ والأوقية أعظم من جبل أحد

10 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن حسّان عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من مضى به يوم واحد فصلّى فيه بخمس صلوات ولم يقرأ فيها بقل هو اللّه أحد قيل له : يا عبد اللّه لست من المصلّين (6).

11 - وبهذا الإسناد عن الحسن بن سيف بن عَمِيرَة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يدع أن يقرأ في دبر الفريضة (7) بقل هو اللّه أحد، فإنّه من قرأها جمع اللّه له خير الدُّنيا والآخرة وغفر له ولوالديه وما ولدا.

12 - عنه، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن سورة الأنعام نزلت جملة شيعها سبعون ألف ملك حتّى أنزلت على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فعظموها وبجّلوها (8)، فإِنَّ اسم اللّه عزّ وجلّ فيها في سبعين موضعاً ولو يعلم النّاس ما في قراءتها ما تركوها.

ص: 586


1- «الحمة السم ويطلق على إبرة العقرب والزنبور وناب الحية للمجاورة لأن السم يخرج منها...» ن. م.
2- أي صلاة نافلة.
3- أي قيامها بالتهجد والطاعة.
4- أي لم يخاصمه.
5- اي في فريضتهما أو نوافلهما الموظفة فيهما أو الأعم.
6- يحمل ذلك على نفي الكمال، وأقلية الثواب.
7- أي بعد الفراغ منها.
8- تعظيمها وتبجيلها - بملاحظة ذيل الحديث - إنما يكون بالمداومة على قراءتها بتدبّر.

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السّكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) صلّى على سعد بن معاذ فقال : لقد وافى من الملائكة سبعون ألفاً وفيهم جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يصلّون عليه فقلت له : يا جبرئيل بما يستحقُ صلاتكم عليه؟ فقال : بقراءته قل هو اللّه أحد قائماً وقاعداً وراكباً وماشياً وذاهباً وجائياً.

14 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد بن بشير، عن عبيد اللّه بن الدهقان، عن دُرُست (1)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): من قرأ الهيكم التكاثر عند النوم وقي فتنة القبر (2).

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبد اللّه بن الفضل النوفلي رفعه قال (3) : ما قُرِءت الحمد على وجع سبعين مرَّة إلّا سكن.

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لو قُرِءَت (4) الحمد على ميت سبعين مرة ثمّ ردّت فيه الرُّوح ما كان ذلك عجباً.

17 - عنه، عن أحمد بن بكر، عن صالح، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : ما من أحد في حدّ الصبي يتعهد (5) في كلّ ليلة قراءة قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب النّاس كلّ واحدة ثلاث مرات، وقل هو اللّه أحد مائة مرة، فإن لم يقدر فخمسين، إلّا صرف اللّه عزّ وجلّ عنه كلّ لَمَم (6) أو عرض من أعراض الصبيان والعطاش (7)، وفساد المعدة، وبدور الدم (8) أبداً ما تعوهد بهذا حتّى يبلغه الشيب، فإن تعهد نفسه بذلك أو تعوهد (9) كان محفوظاً إلى يوم يقبض اللّه عزّ وجلّ نفسه.

18 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد المنقري

ص: 587


1- هو ابن أبي منصور.
2- فتنة القبر : ما يبتلى به الميت بعد وضعه فيه من الضغطة وغيرها ممّا فيه أذيته.
3- هذا الحديث مرفوع.
4- التأنيث باعتبار السورة.
5- حد الصبا: أي وهو في سن الصِّبا ويتعهد أي جعلها في عهدته وداوم عليها.
6- اللمم : طرف من الجنون.
7- العطاش : داء يصيب الإنسان فيشرب ولا يرتوي.
8- أي ضغط الدم - في الاصطلاح المعاصر -.
9- هذا من كلام الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) حسب الظاهر، ومعناه : يتعهده ويتفقده بقراءة ما ذكر.

قال : سمعت أبا إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من استكفى بآية من القرآن من الشرق إلى الغرب (1) كفي [إذا كان بيقين ].

19 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن بكر بن محمّد الأزدي، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في العوذة قال : تأخذ قُلة (2) جديدة فتجعل فيها ماء ثمّ تقرأ عليها إنا أنزلناه في ليلة القدر ثلاثين مرّة، ثمّ تعلّق وتشرب منها وتتوضأ ويز [د] اد فيها ماء (3) إن شاء اللّه.

20 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن إدريس الحارثي، عن محمّد بن سنان، عن مفضّل بن عمر قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا مفضّل احتجز من النّاس (4) كلّهم ببسم اللّه الرَّحمن الرّحيم، وبقل هو اللّه أحد، اقرأها عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك ومن فوقك ومن تحتك، فإذا دخلت على سلطان جائر فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرات واعقد بيدك اليسرى ثمّ لا تفارقها (5) حتّى تخرج من عنده.

21 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر عن السيّاري (6)، عن محمّد بن بكر، عن أبي الجارود، عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه أنّه قال : والّذي بعث محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بالحقّ وأكرم أهل بيته ما من شيء تطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبها، أو ضالة، أو ابق، إلّا وهو في القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني عنه، قال : فقام إليه رجلٌ فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عمّا يؤمن من الحرق والغرق؟ فقال : اقرأ هذه الآيات (اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) (7). (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ - إلى قوله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (8)، فمن قرأها فقد أمن الحرق والغرق - قال : فقرأها رجل واضطرمت النّار في بيوت جيرانه وبيته وسطها فلم يصبه شيء -. ثمّ قام إليه رجل

ص: 588


1- أي من طلب الكفاية والحفظ من شر أهل المشرق والمغرب.
2- القلة : الجرة العظيمة.
3- أي يصب فيها ماء جديد كلما نقص ماؤها الّذي قرأت عليه السورة فيأخذ حكم ما كان ما كان فيها من ماء من حيث التأثير.
4- أي امتنع من شرهم.
5- أي ابق على يدك اليسرى معقودة مضمومة الأصابع حتّى تخرج.
6- هو أحمد بن محمّد بن السيّار.
7- الأعراف/ 196 والآية في المصحف هي : (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ).
8- الزمر/ 67. ما قدروا اللّه حق قدره : أي ما عظموه أو ما أنزلوه المنزلة اللائقة بقدره الرفيع. والظاهر أن الأثر المذكور مترتب على قراءة مجموع الآيتين.

آخر فقال : يا أمير المؤمنين إنَّ دابتي استصعبت (1) عليَّ وأنا منها على وجل(2)، فقال : اقرأ في أذنها اليمنى (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (3) - فقرأها فذلّت له دابته - وقام إليه رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين إنَّ أرضي أرض مُسْبِعَة وإِنَّ السباع تغشى منزلي ولا تجوز حتّى تأخذ فريستها. فقال : اقرأ (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (4) - فقرأهما الرجل فاجتنبته السباع.. ثمّ قام إليه آخر فقال : يا أمير المؤمنين إن في بطني ماء أصفر (5) فهل من شفاء؟ فقال : نعم بلا درهم ولا دينار، ولكن اكتب على بطنك آية الكرسي، وتغسلها وتشربها وتجعلها ذخيرة في بطنك فتبرأ بإذن اللّه عزّ وجلّ - ففعل الرّجل فبرأ بإذن اللّه -. ثمّ قام إليه آخر فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن الضّالّة (6)؟ فقال : اقرأ يس في ركعتين وقل : يا هادي الضّالّة ردّ عليّ ضالّتي - ففعل فردّ اللّه عزّ وجلّ عليه ضالته. ثمّ قام إليه آخر فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن الآبق (7) فقال : اقرأ (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ - إلى قوله - : وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (8) فقالها الرجل فرجع إليه الآبق.. ثمّ قام إليه آخر فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن السرق فإنّه لا يزال قد يسرق لي الشيء بعد الشيء ليلا؟ فقال له : اقرأ إذا أويت إلى فراشك : (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا - إلى قوله - : وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) (9) ثمّ قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من بات بأرض قفر فقرأ هذه الآية : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ - إلى قوله - : تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (10) حرسته الملائكة وتباعدت عنه الشياطين، قال: فمضى الرّجل فإذا هو بقرية خراب فبات فيها ولم يقرأ

ص: 589


1- أي صعب انقيادها.
2- أي خوف من أن تلقيني عن ظهرها إن امتطيتها أو ترفسني إن دنوت منها.
3- آل عمران 83 طوعاً وكرها : عنى بذلك إسلام من أسلم من النّاس كرهاً أي حَذَر السيف. وقيل : سجود المؤمن طائعاً وسجود ظل الكافر وهو كاره وفيه اختلاف.
4- التوبة / 128. من أنفسكم تعرفونه لا من غيركم. العنت: دخول المشقة والمكروه. حريص على هدى ضلالكم وتوبتكم. حسبي : كفاني.
5- أي داء الصفراء. وبيته الّذي ينشأ منه ويؤثر على المعدة والجهاز الهضمي هو المرارة.
6- أي عما يفيد من آيات القرآن لوجدان الضالة.
7- العبد الآبق : هو الهارب من مولاه.
8- النور/ 40.
9- الإسراء/ 110 - 111.
10- الأعراف/ 54.

هذه الآية فتغشاه الشيطان وإذا هو آخذ بخطمه (1) فقال له صاحبه : أنظره (2)، واستيقظ الرّجل فقرأ الآية فقال الشيطان لصاحبه (3) : أرغم اللّه أنفك أحرسه الآن حتّى يصبح، فلما أصبح رجع إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخبره وقال له : رأيت في كلامك الشفاء والصدق ؛ ومضى بعد طلوع الشمس فإذا هو بأثر شعر الشيطان مجتمعاً في الأرض(4).

22 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان عن سلمة بن محرز قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من لم يبرأه الحمد لم يبرأه شيء.

23 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران عن صفوان بن يحيى، عن عبد اللّه بن سنان عن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : من قرأ - إذا أوى إلى فراشه - : قل يا أيّها الكافرون وقل هو اللّه أحد كتب اللّه عزّ وجلّ له براءة من الشرك.

24 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن عليّ بن معبد عن أبيه، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : لا تملوا من قراءة إذا زلزلت الأرض زلزالها، فإنه من كانت قراءته بها في نوافله لم يصبه اللّه عزّ وجلّ بزلزلة أبداً ولم يمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا حتّى يموت، وإذا مات (5) نزل عليه ملك كريم من عند ربه فيقعد عند رأسه فيقول : يا ملك الموت ارفق بولي اللّه، فإنّه كان كثيراً ما يذكرني ويذكر تلاوة هذه السورة، وتقول له السورة مثل ذلك، ويقول ملك الموت : قد أمرني ربي أن أسمع له وأطيع ولا أخرج روحه حتّى يأمرني بذلك، فإذا أمرني أخرجت روحه، ولا يزال ملك الموت عنده حتّى يأمره بقبض روحه، وإذا كشف له الغطاء فيرى منازله في الجنّة فيخرج روحه من ألين ما يكون من العلاج، ثمّ يشيّع روحه روحه إلى الجنّة سبعون ألف ملك يبتدرون بها إلى الجنّة.

ص: 590


1- الخطم من الدابة مقدم أنفها وفمها.
2- أي أمهله.
3- «لعل المراد بصاحبه الّذي أمره بالإنظار هو المَلَك ولو أريد به الشيطان لورد أن الحراسة فعل الملك دون الشيطان. ويمكن دفعه بأنه لا منافاة بين إثبات الحراسة للملك سابقاً وللشيطان هنا» المازندراني 59/11.
4- في الوافي (منجراً) بدل (مجتمعاً). ولعل الوجه فيه أن الصور المهيبة المنكرة إذا تراءت من الغيب تكون ذوات شعور كثيرة طويلة وذلك لأن الشعر أدخل في النكرة، ولهذا ورد في حديث منكر ونكير أنهما يخطان الأرض بأنيابهما ويطئان في شعورهما يعني يمشيان فيها. الوافي للفيض ج 5 / 271.
5- أي إذا حضره الموت.

باب النوادر

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن عبيس بن هشام عمّن ذكره عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قراء القرآن ثلاثة : رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة (1)، واستدرّ به الملوك (2) واستطال به على النّاس (3). ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيّع حدوده، وأقامه إقامة القدح (4)، فلا كثر اللّه هؤلاء من حملة القرآن ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه، فأسهر به ليله وأظمأ به نهاره، وقام به في مساجده وتجافى به عن فراشه، فبأولئك يدفع اللّه العزيز الجبار البلاء، وبأولئك يديل(5) اللّه عزّ وجلّ من الأعداء وبأولئك يُنزل اللّه عزّ وجلّ الغيثَ من السماء، فواللّه لَهَؤلاء في قراء القرآن أعزّ من الكبريت الأحمر.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي يحيى عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : نزل القرآن أثلاثاً : ثلث فينا وفي عدوّنا، وثلث سُنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام (6).

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحجّال، عن عليّ بن عقبة، عن داود بن فرقد عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّ القرآن نزل أربعة أرباع : ربع وربع حرام، وربع سنن وأحكام، وربع حلال، خبر ما كان قبلكم ونبأ ما يكون بعدكم وفَضْلُ ما بينكم.

4 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار،

ص: 591


1- أي سلعة يتاجر بها ليكسب من حطام الدنيا.
2- أي جعله وسيلة يستجلب بها هبات السلاطين وعطاياهم.
3- أي تكبر عليهم واعتدى.
4- القِدْح : هو السهم قبل أن يُحدّ نصله فلا يؤثر في هدف الرامي، وكذلك في حفظ حروف القرآن وضيع حدوده فإنه لا ينتفع به في الآخرة بثواب ولا في الدنيا بتهذيب نفسه وتثبيت إيمانه وتطبيق أحكامه. وقد يقرأ (القدح) وهو الكأس الّذي يشرب منه الماء، وقد مر في الحديث رقم (5) من باب الصلاة على النبي محمّد وأهل بيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولا تجعلوني كقدح الراكب وقد وضحنا معناه هناك فراجع.
5- الإدالة : الغلبة.
6- «الغرض منه هو الإخبار عما في الواقع مع الحث على الإقرار بالولاية والبراءة من أعدائها والاتعاظ بالعبر والأمثال والعمل بالسنن والفرائض والأحكام، وينبغي أن يعلم أن مثل هذا التقسيم هو تقسيم الكل إلى الأجزاء قد يتفاوت بحسب الاعتبار ولا يجب فيه التساوي في المقدار نعم لا بد من عدم خروج جزء منه...» المازندراني 61/11.

عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : نزل القرآن أربعة أرباع : ربع فينا وربع في عدوّنا(1) وربع سنن وأمثال وربع فرائض وأحكام.

5 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد ؛ وسهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن محمّد بن الحسن السّري، عن عمه عليّ بن السّري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أوَّل ما نزل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم * اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) وآخره (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ) (2).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن القاسم، عن محمّد بن سليمان عن داود(3) عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) (4) وإنما أنزل في عشرين سنة بين أوله وآخره(5)؟ فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور، ثمّ نزل في طول عشرين سنة، ثمّ قال : قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من شهر رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان وأنزل الزَّبور لثمان عشرة خلون من شهر رمضان، وأنزل القرآن في ثلاث وعشرين من شهر رمضان (6).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن عيسى، عن بعض رجاله عن

ص: 592


1- يمكن أن يقال هنا بأن الربع الّذي نزل فيهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو ما يقابل الربع الحلال في الحديث السابق وكذا الربع الّذي نزل في عدوهم هو ما يقابل الربع الحرام هناك والمقصود منه متابعة أعدائهم وموالاتهم فإنه من أعظم المحرمات.
2- أي آخر ما نزل ولعل «المراد أنّه لم ينزل بعدها سورة كاملة فلا ينافي في نزول بعض الآيات بعدها كما هو المشهور» مرآة المجلسي 518/12.
3- في بعض النسخ سلسلة السند :هكذا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعليّ بن محمّد، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن حفص بن غياث «وهو الصحيح، كما عن بعض النسخ أيضاً، لأن إبراهيم بن هاشم لم يرو عن محمّد بن القاسم بل يروي كثيراً عن القاسم بن محمّد، والقاسم بن محمّد لم يرو عن محمّد بن سليمان بل يروي كثيرا عن سليمان بن داود... الخ» فراجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي 154/17.
4- البقرة/ 185.
5- ليس غرض السائل تحديد فترة نزول القرآن بداية وانتهاءً وإنما عرضه بين طول الفترة والاستفسار عن كيفية التوفيق بين منطوق الآية الّتي تحدد نزول القرآن في مدة شهر هي شهر رمضان. وإلا فنزول القرآن استغرق مدة ثلاث وعشرين سنة. هذا إضافة إلى أن المتعارف عليه بين النّاس هو إغفالهم لكسر لو وجد أو تهاونهم في موضوع المقاييس والأوزان والمقادير والتحديدات الزمانية والمكانية.
6- يدل بعد ملاحظة سورة إنا أنزلناه على أن ليلة القدر هي ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان.

أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا تتفأل بالقرآن(1).

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان عن ابن مسكان، عن محمّد بن الورّاق قال : عرضت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كتاباً فيه قرآن مختم معشر بالذهب (2) وكتب في آخره سورة بالذهب، فأريته إياه، فلم يتب فيه شيئاً إلّا كتابة القرآن بالذَّهب وقال : لا يعجبني أن يُكْتَبَ القرآن إلّا بالسواد كما كُتب أوَّل مرَّة.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن ياسين الضرير، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال : تأخذ المصحف في الثلث الثاني من شهر رمضان فتنشره وتضعه بين يديك وتقول : «اللّهمّ إنّي أسألك بكتابك المنزل وما فيه، وفيه اسمك الأعظم الأكبر، وأسماؤك الحسنى، وما يُخاف ويرجى، أن تجعلني من عتقائك من النّار وتدعو بما بدا لك من حاجة.

10 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لكلّ شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان (3).

11 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن سنان (4) أو عن غيره، عمّن ذكره قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن القرآن والفرقان أهما شيئان أو شيء واحد ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): القرآن جملة الكتاب والفرقان المحكم الواجب العمل به (5).

12 - الحسين بن محمّد، عن عليّ بن محمّد، عن الوشّاء، عن جميل بن دراج، عن

ص: 593


1- التفأل والتفاؤل : يكون فيما يسوء وفيما يسر ولعل السر في النهي عنه هو أنّه قد لا يصيب فيكون ذلك سبباً لتزلزل عقيدة المؤمن أو سريان الشك بالقرآن إلى نفسه ولا ينافي هذا النهي عن التفال ما اشتهر اليوم بين النّاس من الاستخارة بالقرآن على النحو المتعارف بينهم لأن التفال غير الاستخارة الوافي للفيض ج 274/5. ولعل المقصود بالتفأل بالقرآن هو أن يرجم بالغيب فيحاول استنباط الخير والشر ومعرفة ما هو غيب.
2- «قيل: الختم : ما كان علامة ختم الآيات فيه بالذهب، ويمكن أن يراد به النقش الّذي يكون في وسط الجلد، أو في الافتتاح والاختتام أو في الحواشي للزينة» مرآة المجلسي 519/12.
3- والوجه في كون شهر رمضان ربيع القرآن والربيع هو فصل الحرارة والحياة والحركة في الطبيعة إن في هذا الشهر تتفتح القلوب والعقول وتنشط الأرواح وتتوجه إلى اللّه فيكون ذلك سبباً في الانتفاع بما في القرآن من كنوز الحكم والعظة والعبرة فيتضاعف الثواب والأجر ويحصل التأثر والانفعال ممّا فيه خير الدنيا والآخرة.
4- الترديد من الراوي.
5- «الفرقان في الأصل مصدر بمعنى الفرق، ثمّ نقل إلى الواجب العمل به على الوجه المطلوب لأنه فارق فاصل بين الواجب والحرام وغيرهما من الأحكام... والمراد بالمحكم الحكم المتقن الباقي إلى آخر الدهر» المازندراني 11 / 64.

محمّد بن مسلم عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ القرآن واحد (1) نزل من عند واحد ولكنَّ الاختلاف يجيىء من قبل الرواة (2).

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ النّاس (3) يقولون : إنَّ القرآن نزل على سبعة أحرف، فقال : كذبوا أعداء اللّه ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد (4).

14 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن بكير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : نزل القرآن بإياك أعني واسمعى يا جارة (5).

وفي رواية أخرى عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : معناه ما عاتب اللّه عزّ وجلّ به على نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). فهو يعني به ما قد مضى في القرآن مثل قوله : (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا) (6) عنى بذلك غيره.

15 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه ابن جندب، عن،، عن سفيان بن السمط قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن تنزيل القرآن قال : اقرؤوا كما علمتم (7).

16 - عليّ بن محمّد عن بعض أصحابه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: دفع إلي أبو الحسن (8) (عَلَيهِ السَّلَامُ) مصحفاً وقال : لا تنظر فيه، ففتحته وقرأت فيه : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا)

ص: 594


1- أي نزل بلغة واحدة هي لغة قريش، الّتي ينتمي إليها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
2- حسب اختلاف لهجاتهم وبطونهم.
3- الظاهر أن المراد بهم المخالفون.
4- «اتفقت العامة على أن القرآن نزل على سبعة أحرف وإن اختلفوا في تفسيرها وتعيينها حتّى نقل عن ابن حبان أنّه بلغ الاختلاف في معنى الأحرف السبعة إلى خمسة وثلاثين قولا وبالغ الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الرد عليهم وقال إنه نزل على حرف واحد والاختلاف إنما جاء من قبل الرواة فالتبس ذلك الحرف المنزل بغيره على الأمة لأجل ذلك فيجوز لهم القراءة بأحد هذه الحروف حتّى يظهر الأمر» المازندراني 70/11.
5- «الجارة بالتخفيف ضرة المرأة من المجاورة بينهما. والمراد أنّه نزل بعض آيات القرآن وهو أيضاً قرآن على سبيل التعريض، وهو توجيه الخطاب إلى شخص وإرادة غيره لكونه أدخل في النصح وأقرب إلى القبول، أو لغرض» آخر المازندراني.70/11.
6- الإسراء / 74. ثبتناك : عصمناك تركهن إليهم : تميل وتطمئن.
7- أي من قبل أئمتكم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقد ورد في الروايات أن اقرأوا كما يقرأ النّاس حتّى يقوم القائم (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف).
8- أي الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأن ابن نصر البزنطي من خواص أصحابه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فوجدت فيها اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم قال : فبعث إلي ؛ ابعث إليّ بالمصحف (1).

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن حسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض إلّا كفر (2).

18 - عنه، عن الحسين بن النضر عن القاسم بن سليمان، عن أبي مريم الأنصاري (3)، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول: وقع مصحف في البحر فوجدوه وقد ذهب ما فيه إلّا هذه الآية (أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (4).

19 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن الوشّاء، عن أبان، عن ميمون القداح قال : قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) اقرأ قلت من أي شيء أقرأ؟ قال: من السورة التاسعة قال : فجعلت ألتمسها فقال : اقرأ من سورة يونس قال : فقرأت (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ) (5) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنّي لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن» (6).

20 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد عن الحجّال (7)، عمّن ذكره عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (8) قال : يبين الألسن ولا

ص: 595


1- كأن المراد بهذا المصحف هو الّذي جمعه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأخرجه وقال هذا هو القرآن الّذي أنزله سبحانه ورده قومه ولم يقبلوه وهو الموجود عند المعصوم ومن ذريته كما دلت عليه الأخبار المازندراني 71/11. وما وجده من أسماء مكتوبة عند تلك الآية إنما هو توضيح وتفسير لها وليس من النص القرآني.
2- «لعل المراد بضرب بعضه ببعض تأويل بعض متشابهاته إلى بعض بمقتضى الهوى من دون سماع من أهله أو نور وهدى من اللّه» الوافي للفيض ج 274/5.
3- واسمه عبد الغفار بن القاسم.
4- الشورى / ذيل الآية 53، وأولها (صراط اللّه الّذي له ما في السموات وما في الأرض).
5- يونس / 26. قَتَر : أي كآبة وكسوف حتّى تصير من الحزن كأنما عليها :قتر وهو الغبار ذلّة هوان والسورة التاسعة هي سورة التوبة بحسب الترتيب القرآني وليس قول الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما بعد : اقرأ من سورة يونس أنّها هي التاسعة، بل أراد الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يخفف عن القداح مؤنة التفتيش عن التوبة في المصحف، وليس غرضه إلّا أن يقرأ القداح لحاجة في نفسه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولذا اختار هو له السورة فقرأ القداح من حيث شاء.
6- وذلك «لاشتماله على الحزن والغم من عقوبات يوم القيامة وعقباته وشدائده وأهواله ووخامة الأمم الماضية وعقوباتهم في الدنيا بالمخالفة... الخ» المازندراني 73/11.
7- واسمه عبد اللّه بن محمّد الأسدي.
8- الشعراء / 195.

تبينه الألسن (1).

21 - أحمد بن محمّد بن أحمد عن محمّد بن أحمد النهدي، عن محمّد بن الوليد، عن أبان، عن عامر بن عبد اللّه بن جذاعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من عبد يقرأ آخر الكهف إلّا تيقظ في الساعة الّتي يريد (2).

22 - أبو علي الأشعري وغيره عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سليم مولاك ذكر أنّه ليس معه من القرآن إلّا سورة يس، فيقوم من الليل فينفذ ما معه من القرآن أيعيد ما قرأ؟ قال : نعم لابأس.

23 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن سالم بن سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنا أستمع حروفاً من القرآن ليس على ما يقرؤها النّاس، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كفَّ عن هذه القراءة، اقرأ كما يقرأ النّاس حتّى يقوم القائم، فإذا قام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قرأ كتاب اللّه عزّ وجلّ على حدّه (3)، وأخرج المصحف الّذي كتبه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقال : أخرجه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى النّاس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم : هذا كتاب اللّه عزّ وجلّ كما أنزله [اللّه] على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وقد جمعته من اللوحين (4)، فقالوا هوذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه، فقال أما واللّه ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً، إنما كان علي أن اخبركم حين جمعته لتقرؤوه.

24 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان عن سعيد بن عبد اللّه الأعرج قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرّجل يقرأ القرآن ثمّ ينساه ثمّ يقرأه ثمّ ينساه أعليه فيه حرج؟ فقال : لا (5).

ص: 596


1- «قيل: المراد أن القرآن لا يحتاج إلى الاستشهاد بأشعار العرب وكلامهم بل الأمر بالعكس لأنه أفصح الكلام. وفيه : أن اللّه سبحانه أخبر بأنه بلسان العرب فلو وقع فيه ما لا يوافق لسانهم بحسب الظاهر وتمسك به المنكرون في القدح والتكذيب لا بد من الاستشهاد لإخراجه من الكذب والأصوب : إن المبين من الإبانة بمعنى القطع، وإن القرآن يقطع بالفصاحة والبلاغة البالغة حد الإعجاز السنة الفصحاء والبلغاء عن المعارضة والإتيان بمثله ولا تقطعه ألسنتهم بالمعارضة» المازندراني 74/11.
2- مر مضمون هذا الحديث بعينه في باب الدعاء عند النوم والانتباه من هذا المجلد تحت رقم (17) فراجع.
3- أي كما أنزل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
4- «لعله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في زمن الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كتبه على لوحين فجمع منهما، أو المراد لوح الخاطر ولوح الدفاتر، أو المراد اللوح المحفوظ ولوح المحو والإثبات أو الأرضي والسماوي واللّه يعلم» مرآة المجلسي 523/12.
5- المراد بنفي الحرج هنا نفي الإثم، وهذا لا ينافي في تفويت الثواب والأجر. وقد مر مضمون مطابق لمعنى هذا المضمون من حيث السؤال والجواب في الحديث رقم (5) من باب من حفظ القرآن ثمّ نسيه من هذا المجلد.

25 - علي، عن أبيه، عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أبي :(عَلَيهِ السَّلَامُ): ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض إلّا كفر (1).

26 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً، عن ابن محبوب عن جميل عن سدير (2)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سورة المُلْكَ هي المانعة، تمنع من عذاب القبر، وهي مكتوبة في التوراة سورة الملك، ومن قرأها في ليلته فقد أكثر وأطاب ولم يكتب بها من الغافلين وإني لأركع بها بعد عشاء الآخرة وأنا جالس (3)، وإنّ والدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يقرؤها في يومه وليلته ومن قرأها إذا دخل عليه في قبره منكر ونكير من قبل رجليه قالت رجلاه لهما ليس لكما إلى ما قبلي سبيل قد كان هذا العبد يقوم عليّ فيقرأ سورة الملك في كلّ يوم وليلة، وإذا أتياه من قبل جوفه قال لهما : ليس لكما إلى ما قبلي سبيل قد كان هذا العبد أو عاني سورة الملك، وإذا أتاه من قبل لسانه قال لهما : ليس لكما إلى ما قبلي سبيل قد كان هذا العبد يقرأ بي في كلّ يوم وليلة سورة الملك.

27 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن فرقد والمعلى بن خنيس قالا : كنا عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعنا ربيعة الرّأي(4) فذكرنا فضل القرآن فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال، فقال ربيعة : ضال ؟ فقال : نعم ضال، ثمّ قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما نحن فنقرأ على قراءة أبي (5).

28 - عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ القرآن الّذي جاء به جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سبعة عشر ألف آية (6).

ص: 597


1- مر هذا المضمون بعينه برواية النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان تحت رقم (17) من هذا الباب وعلقنا عليه.
2- هو سديد بن حكيم الصيرفي الكوفي.
3- أي في نافلة العشاء.
4- كان فقيه أهل المدينة في عصره.
5- هو أبي بن كعب، وربما قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذلك بعد أن صرح بضلال ابن مسعود إن هو لم يقرأ بقراءتهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) تقية منه لوجود ربيعة الرأي وهو من المخالفين.
6- «وقد اشتهر اليوم بين النّاس أن القرآن ستة آلاف وستمائة وست وستون آية وروى الطبرسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) في تفسيره المسمى بمجمع البيان عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أن القرآن ستة آلاف ومائتان وثلاث وستون آية، فلعل البواقي تكون مخزونة عند أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وتكون فيما جمعه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو جاء الاختلاف، من قبل تحديد الآيات وحسابها، أو يكون ممّا نسخ تلاوته...» الوافي للفيض ج 274/5.

ص: 598

كتاب العشرة

إشارة:

كتاب العشرة (1)

باب ما يجب من المعاشرة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن مرازم (2) قال : قال - أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عليكم بالصلاة (3) في المساجد، وحسن الجوار للناس(4)، وإقامة الشّهادة (5)، وحضور الجنائز، إنه لا بدَّ لكم من النّاس (6)، إنَّ أحداً لا يستغني عن النّاس حياته والناس لا بدَّ لبعضهم من بعض.

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وأبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار جميعاً، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا، وفيما بيننا وبين خلطائنا من النّاس (7)؟ قال: فقال : تؤدون الأمانة إليهم (8)، وتقيمون الشهادة لهم وعليهم، وتعودون مرضاهم(9)، وتشهدون جنائزهم.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، ومحمّد بن خالد

ص: 599


1- العِشرة : اسم من المعاشرة وهي المخالطة والرفقة والمصاحبة.
2- هو مرازم بن حكيم الأزدي.
3- فرادی وجماعة وهذا من المندوب في صلاة الفريضة.
4- وهذا من الواجب في المعاشرات إذ تحرم أذية الجار.
5- أي أداء الشهادة على وجهها وهذا من الواجب.
6- إذ الإنسان مدني بالطبع ولا يمكنه أن يعيش وحده بل لا بد له من التعامل مع غيره والتعامل لتستقيم حياته وحياة غيره، ولولا ذلك لاختل النظام.
7- سأل عن الحقوق المشتركة فيما بين الخاصة المعبر عنهم بالقوم والعامة المعبر عنهم بالخلطاء من النّاس كما يظهر من الحديث الأتي الوافي للفيض ج 97/3.
8- هذا من الأمور الواجبة حتّى ولو كان المستأمن كافراً.
9- هذا من المندوب، إلّا إذا لم يداره أحد بحيث يخشى موته جوعاً وعطشاً أو لعدم الاستطباب فعند ذلك ينقلب إلى واجب كفائي أو عيني حسب مورده.

جميعاً، عن القاسم بن محمّد، عن حبيب الخثعمي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: عليكم بالورع (1) والاجتهاد (2)، واشهدوا الجنائز، وعودوا المرضى، واحضروا مع قومكم مساجدكم، وأحبوا للناس ما تحبّون لأنفسكم، أما يستحيي الرّجل منكم أن يعرف جاره حقه ولا يعرف حق جاره.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال : قلت له (3) : كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من النّاس ممّن ليسوا على أمرنا (4)؟ قال : تنظرون إلى أئمتكم الّذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون، فواللّه إنّهم ليعودون مرضاهم ويشهدون جنائزهم، ويقيمون الشهادة لهم وعليهم، ويؤدون الأمانة إليهم.

5 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل ابن شاذان جميعاً، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أسامة زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): اقرأ على من ترى أنّه يطيعني منهم (5) ويأخذ بقولي السلام، وأوصيكم بتقوى اللّه عزّ وجلّ، والورع في دينكم، والاجتهاد اللّه وصدق الحديث وأداء الأمانة، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، أدوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها برا أو فاجراً، فإن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يأمر بأداء الخيط والمخيط (6). صلوا عشائركم، واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق الحديث، وأدى الأمانة، وحسن خلقه مع النّاس قيل : هذا جعفري فيسرني ذلك ويدخل علي منه السرور، وقيل : هذا أدب جعفر، وإذا كان على غير ذلك عليَّ بلاؤه وعاره وقيل : هذا أدب جعفر، فواللّه لحدّثني أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أن الرّجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيكون زَيْنَها، آداهم للأمانة (7)، وأقضاهم للحقوق وأصدقهم للحديث إليه وصاياهم وودائعهم، تسأل العشيرة عنه فتقول : مَنْ مِثل فلان إنّه لآدانا للأمانة وأصدقنا للحديث.

ص: 600


1- أي عن محارم اللّه.
2- في طاعة اللّه وتحصيل مرضاته.
3- لم يصرح لمن قال والظاهر أن المسؤول هو الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأن معاوية بن وهب هو من أصحابه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- أي على التشيع.
5- أي من الشيعة.
6- المخيط الإبرة ويقال لها المخياط أيضاً والخياط.
7- أي أكثرهم أو أحسنهم تأدية لها.

باب حُسن المعاشرة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : قال : أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا عليهم فافعل(1).

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن محمّد بن حفص عن أبي الربيع الشامي قال: دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) والبيت غاص بأهله فيه الخراساني والشامي، ومن أهل الآفاق، فلم أجد موضعاً أقعد فيه، فجلس أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان متكئاً ثمّ قال : يا شيعة آل محمّد اعلموا أنّه ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يحسن صحبة من صحبه، ومخالفة (2) من خالقه، ومرافقة من رافقه ومجاورة من جاوره، وممالحة (3) من مالحه يا شيعة آل محمّد اتقوا اللّه ما استطعتم ولا حول ولا قوة إلّا باللّه.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (4) قال : كان (5) يوسع المجلس، ويستقرض للمحتاج، ويعين الضعيف.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن علاء بن الفضيل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : عظموا أصحابكم ووقروهم (6)، ولا يتهجم بعضكم على بعض (7) ولا تضارّوا ولا تحاسدوا وإياكم والبخل كونوا عباد اللّه المخلصين [الصالحين].

ص: 601


1- «يعني تكون يدك المعطية مستعلية عليهم في إيصال النفع والبر والصلة» الوافي للفيض ج 98/3.
2- المخالفة : المعاشرة بخلق حسن.
3- الممالحة : المؤاكلة.
4- يوسف / 36، وكان هذا خطاباً ليوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) من رفيقيه في السجن عندما سألاه عن تفسير الرؤيا الّتي رآها كلّ واحد منهما. وفي الآية 78 من نفس السورة أيضاً، وكان هذا خطاباً من إخوته وهم لا يعرفون أنّه يوسف عندما طلبوا منه أن يأخذ أحدهم بدل أخيهم من أبيهم وهو أخو يوسف من أبويه بعد أن وجد الصواع في رحله.
5- أي يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- التوقير والتعظيم بمعنى، ولذا فالعطف للتأكيد.
7- أي لا يدخل عليهم بغتة أو بغير إذن منهم. وقد مر هذا الحديث بعينه متناً وسنداً في باب حق المؤمن على أخيه وإداء حقه تحت رقم (12) ولكن فيه (ولا يتجهم بعضكم بعضاً) أي لا يلقاه بوجه مقطب، أو كريه. وفي بعض النسخ يوجد (ولا يتهجم بعضكم بعضاً) بدون حرف على فالمعنى عليه أنّه لا يطرد بعضكم بعضاً.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحجال، عن داود بن أبي يزيد وثعلبة وعليّ بن عقبة عن بعض من رواه عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : الانقباض من النّاس مكسبة للعداوة.

باب من يجب مصادقته ومصاحبته

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن حسين بن الحسن، عن محمّد بن، سنان، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا عليك (1) أن تصحب ذا العقل وإن لم تحمد كرمه (2)، ولكن انتفع بعقله، واحترس من سيء أخلاقه، ولا تدعنّ صحبة الكريم وإن لم تنتفع بعقله (3) ولكن انتفع بكرمه بعقلك(4) وافرر كلّ الفرار من اللئيم الأحمق (5).

2 - عنه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن محمّد بن الصلت، عن أبان عن أبي العديس (6) قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا صالح اتبع من يبكيك (7) وهو لك ناصح ولا تتبع من يضحكك وهو لك غاش (8)، وستردّون على اللّه جميعاً فتعلمون.

3 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن موسى بن يسار القطان، عن المسعودي(9)، عن أبي

ص: 602


1- أي لا ضرر أو لا بأس أو لا إثم عليك.
2- أي وإن كان بخيلاً أو سيء خلق.
3- بأن كان ضعيف العقل.
4- أي استعمل عقلك للانتفاع بكرمه فتكون بذلك قد أمنت ضعف العقل عنده هو ولم تفوّت منفعة كرمه عليك.
5- «لأنه ليس كريماً لتنتفع بكرمه ولا عاقلاً لتنتفع بعقله مع أن في صحبته مفاسد من وجوه شتى...» المازندراني 81/11.
6- لقد روى الشيخ الطوسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) في التهذيب 6 باب المكاسب نفس هذه الرواية تحت رقم (1104)، فإن صح سنده كما جاء في كتابه ولم يكن فيه تصحيف فأبو العديس هذا اسمه محمّد بن الصلت، لأنه (رضیَ اللّهُ عنهُ) قال هناك : (عن محمّد بن الصلت أبو العديس عن صالح...) ثمّ إن هذا السند هنا ناقص فلا بد من إضافة (عن صالح) بعد أبي العديس ليستقيم قول الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا صالح.
7- بتبيان عيوبك لك وزهده وورعه وتقواه ومتابعته القبول عنه وملازمة مجلسه ومصاحبته.
8- غشه - كما في القاموس - لم يمحضه بالنصح أو أظهر خلاف ما أضمر. وإضحاكه له بإدخال السرور عليه إمام بإطراء محاسنه وإغفال مساوئه أو بإيراد الحكايات المضحكة والقصص المسلية وإغرائه بمجالس البطالين وكل ذلك ممّا ينسيه الآخرة.
9- واسمه عليّ بن الحسين بن عليّ ويطلق على القاسم بن معن فراجع جامع الرواة للأردبيلي 451/2.

داود عن ثابت بن أبي صخرة عن أبي الزّعلي قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «انظروا من تحادثون؟ فإنّه ليس من أحد ينزل به الموت إلّا مثل له أصحابه (1) إلى اللّه (2) إن كانوا خياراً فخياراً وإن كانوا شراراً فشراراً، وليس أحد يموت إلّا تمثلتُ له عند موته» (3).

4 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن بعض الحلبيين (4)، عن عبد اللّه بن مسكان عن رجل من أهل الجبل لم يسمه قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عليك بالتلاد وإياك وكلّ محدّث (5) لا عهد له ولا أمان ولا ذمة ولا ميثاق وكن على حذر من أوثق النّاس عندك (6).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد رفعه إلى أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أحبُّ إخواني إليَّ من أهدى إليَّ عيوبي (7).

6 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن عبيد اللّه الدّهقان، عن أحمد بن عائذ عن عبيد اللّه الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا تكون الصداقة إلّا بحدودها، فمن كانت فيه هذه الحدود أو شيء منها فانسبه إلى الصداقة، ومن لم يكن فيه شيء منها فلا تنسبه إلى شيء من الصداقة، فأولها أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة، والثاني : أن يرى زَيْتُك زَيْنَه وشَيْنُكَ شَيْئًه، والثالثة : أن لا تغيره عليك ولاية ولا مال، والرابعة : أن لا يمنعك شيئاً تناله مقدرته والخامسة : وهي تجمع هذه الخصال أن لا يسلّمك (8) عند النكبات.

ص: 603


1- أي صُوِّروا له بصور مثالية.
2- في بعض النسخ (في اللّه).
3- يحتمل أن يكون من كلام رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كما يحتمل أنّه من كلام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- الظاهر أن المراد ببعض الحلبيين أحد بني شعبة إذ إن لقب (الحلبي) يطلق على كلّ واحد منهم وهم : محمّد بن عليّ بن أبي شعبة وأخوته : عبيد اللّه وعمران وعبد الأعلى، وأبوهم عليّ بن أبي شعبة، وأحمد بن عمران.
5- «التالد وإن كان في الأصل يطلق على المال القديم الّذي يولد عند الإنسان مقابل الطارف إلّا أن المقصود بالتلاد هنا والشيوخ وبالمحدث الشباب، أو المراد بالتلاد الأصحاب القدماء الّذين جربهم بالمعاشرة الطويلة، وبالمحدث خلافه» مرآة المجلسي 532/12.
6- يعني إحذر من وثقت به غاية الوثوق ولا تأمن عليه أن يكيدك ويحسدك إذا أحس منك بنعمة فكيف من لا تثق به فإن النّاس كلهم أعداء النعم لا يستطيعون أن يروا نعمة على عبد من عباد اللّه ولا يتغيرون عليه الوافي للفيض ج 3 / 104. وقد أشار (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى تفصيل بعض هذه المعاني في الحديث رقم (6) التالي.
7- فيه حث على أن يكون المؤمن مرآة أخيه المؤمن يرى فيه حسناته وسيئاته إما بمراقبته لنفسه أو بلفت صديقه وأخيه نظره إليها.
8- الإسلام الخذلان.

باب مَن تُكْرَهُ مجالسته ومرافقته

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عمرو بن عثمان، عن سالم الكندي، عمّن حدَّثه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا صعد المنبر قال : ينبغي للمسلم أن يتجنب مواخاة ثلاثة الماجن الفاجر (1)، والأحمق، : والكذَّاب، فأما الماجن الفاجر فيزيّن لك فعله ويحبُّ أنك مثله، ولا يعينك على أمر دينك ومعادك، ومقاربته جفاء وقسوة ومدخله ومخرجه عار عليك، وأما الأحمق فإنّه لا يشير عليك بخير، ولا يُرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه. وربما أراد منفعتك فضرك، فموته خير من حياته، وسكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه. وأما الكذَّاب فإنّه لا يهنأك معه عيش (2)، ينقل حديثك وينقل إليك الحديث، كلّما أفنى أحدوثة مطرها بأخرى مثلها حتّى أنّه يحدّث بالصدق فما يصدَّق ويفرّق بين النّاس بالعداوة فينبت السخائم في الصدور فاتقوا اللّه عزّ وجلّ وانظروا لأنفسكم (3).

2 - وفي رواية عبد الأعلى، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا ينبغي للمرء المسلم أن يواخي الفاجر فإنه يزيّن له فعله ويحبُّ أن يكون مثله ولا يعينه على أمر دنياه ولا أمر معاده، ومدخله إليه ومخرجه من عنده شَيْن عليه .

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن عثمان بن عيسى، عن محمّد بن يوسف، عن ميسر، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا ينبغي للمرء المسلم أن يواخي الفاجر ولا الأحمق ولا الكذاب(4).

4 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال عيسى ابن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن صاحب الشرّ يعدي (5) وقرين السوء

ص: 604


1- «الماجن : من لا يبالي قولاً ولا فعلاً لصلابة وجهه من المجون بمعنى الصلابة والغلظة» الوافي ج 105/3. والفاجر : صاحب الفجور والانغماس في الموبقات.
2- أي لا يصير لك هنيئاً.
3- وقد مر هذا الحديث سنداً ومتناً مع اختلاف طفيف في بعض ألفاظه ربما كانت من تصحيف النساخ هنا أو هناك وذلك في باب مجالسة أهل المعاصي من هذا المجلد الحديث رقم (6) وكنا قد علقنا عليه فراجع.
4- مر هذا الحديث في باب مجالسة أهل المعاصي من هذا المجلد تحت رقم (3) سنداً ومتناً إلّا أنّه هناك بدون كلمة (للمرء) وإنما فيه (للمسلم).
5- من عدا عليه إذا ظلمه، أو من العدوى، أي أن شره يسري إليه فيعديه فيصبح مثله في الشرية.

يُرْدي (1) فانظر من تقارن.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن موسى قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عمّار إن كنت تحبّ أن تستتب (2) لك النعمة وتكمل لك المروءة وتصلح لك المعيشة، فلا تشارك العبيد والسَّفَلَة (3) في أمرك، فإنّك إن ائتمنتهم خانوك، وإن حدثوك كذبوك، وإن نُكِبْتَ خذلوك، وإن وعدوك أخلفوك.

6 - قال : وسمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : حبُّ الأبرار للأبرار ثواب للأبرار، وحبُّ الفجار للأبرار فضيلة للأبرار، وبُغْضُ الفجار للأبرار زَيْن للأبرار وبغض الأبرار للفجار خزي على الفجار (4).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عذافر، عن بعض أصحابهما، عن محمّد بن مسلم وأبي حمزة، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال لي أبي عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما : يا بنيَّ انظر خمسةً فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق فقلت: يا أبت من هم عرفنيهم؟ قال : إياك ومصاحبة الكذَّاب فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب، وإياك ومصاحبة الفاسق فإنّه بايعك بأكلة أو أقل من ذلك، وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصاحبة الأحمق فإنّه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإنّي وجدته ملعوناً في كتاب اللّه عزّ وجلّ في ثلاثة مواضع، قال اللّه عزّ وجلّ : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ). وقال عزّ وجلّ : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ). وقال في البقرة: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (5).

ص: 605


1- أي يهلك.
2- أراذل النّاس وساقطوهم.
3- أي تستقيم وتصفو وتدوم.
4- لم يذكر حب الأبرار للفجار لأنه ممّا لا يتأتى منهم لهم. «وإنما كان حب الفجار للأبرار فضيلة للأبرار لأن حبهم إياهم مع عدم مجانستهم لهم دليل على أن برهم بلغ الغاية. وإنما كان بغضهم إياهم زيناً لهم لأنه دليل على صلابتهم في الدين وإنما كان بغض الأبرار للفجار خزياً عليهم لأنه دليل على أن فجورهم بلغ الغاية» الوافي ج 3/ 105.
5- مر مضمون هذا الحديث سنداً ومتنا في باب مجالسة أهل المعاصي تحت رقم (7) من هذا المجلد وقد علقنا عليه هناك فراجع.

8 - عدة عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن موسى بن القاسم قال: سمعت المحاربي يروي عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن آبائه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ثلاثة مجالستهم تميت القلب : الجلوس مع الأنذال، والحديث مع النساء، والجلوس مع الأغنياء» (1).

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن إبراهيم بن أبي البلاد عمّن ذکره، قال : قال لقمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) لابنه : يا بنيَّ لا تقترب فتكون أبعد لك ولا تبعد فتهان (2)، كلّ دابة تحبُّ مثلها وإنَّ ابن آدم يحبّ مثله، ولا تنشر بزّك (3) إلّا عند باغيه، كما ليس بين الذئب والكبش خلّة كذلك ليس بين البارّ والفاجر خلّة (4) ؛ من يقترب من الزفت (5) يعلّق به بعضه، كذلك من يشارك الفاجر يتعلّم من طرقه ؛ من يحبُّ المراء (6) يشتم، ومن يدخل مداخل السوء يتّهم، ومن يقارن قرين السوء لا يسلم ومن لا يملك لسانه يندم.

10 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن أبي نجران(7)، عن عمر بن، يزيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند النّاس كواحد منهم ؛ قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : المرء على دين خليله وقرینه (8).

11 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار عن الحجال، عن عليّ بن يعقوب الهاشمي، عن هارون بن مسلم، عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إياك ومصادقة الأحمق فإنك أسرّ ما تكون من ناحيته أقرب ما يكون إلى مساءتك (9).

ص: 606


1- الأنذال : جمع نَذل وهو الخسيس الحقير في جميع تصرفاته وإنما كانت مجالسة هذه الأصناف تميت القلب لأنها تجره إلى الشهوات وتنسيه الآخرة باعتبار أن هؤلاء غالباً هم حبائل الشيطان، فلا يستبعد أن تسري عدواهم إلى جلسيهم فيهري.
2- «لا تقترب : يعني من النّاس بكثرة المخالطة والمعاشرة فيسأموك ويملوك فتكون أبعد من قلوبهم ولا تبعد كلّ البعد فلم يبالوا بك فتصير مهيناً مخذولاً». الوافي للفيض ج 106/3. وقيل : «لعل معناه : لا تقترب من الفاجر فيكون اقترابه أبعد لك من الخير أو يكون عدم اقترابه أبعد لك من الشر، ولا تبعد من البار فتهان...» المازندراني 89/11.
3- البز: المتاع والثياب. وفي بعض النسخ (برك) أي إحسانك.
4- خِلَة : صداقة.
5- الزفت القار.
6- المراء: الجدال والنزاع والطعن في قول الغير تزييناً لقول الطاعن وتصغيراً للقول المطعون.
7- واسمه عبد الرحمن.
8- لقد مر هذا الحديث متناً وسنداً في باب مجالسة أهل المعاصي من هذا المجلد تحت رقم (3) فراجع.
9- لأنه لا يفكر بعواقب الأمور فربما فعل شيئاً يظن أنّه خير لك فيكون وبالاً عليك.

باب التحبَّب إلى النّاس والتودّد إليهم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ أعرابياً من بني تميم أتى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال له : أوصني، فكان ممّا أوصاه تحبّب (1) إلى النّاس يحبّوك.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مجاملة النّاس ثلث العقل(2).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ثلاث يُصفين وُدَّ المرء لأخيه المسلم : يلقاه بالبشر (3) إذا لقيه، ويوسع له في المجلس إذا جلس إليه، ويدعوه بأحب الأسماء إليه».

4 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): التودد إلى النّاس نصف العقل (4).

5 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عليّ بن حسان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : التودد إلى النّاس نصف العقل.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن حذيفة ابن منصور قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من كفَّ يده عن النّاس (5) فإنما يكف عنهم يداً واحدة ويكفون عنه أيدياً كثيرة.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن صالح بن

ص: 607


1- التحبب إظهار المحبة.
2- المجاملة المعاملة بالجميل ولعل كون المجاملة ثلث العقل باعتبار أنّها لا تستلزم التودد والتودد يستلزم المجاملة فهما مع التبتل في الباطن إلى اللّه تعالى تمام العقل الوافي ج 98/3.
3- البشر: انبساط أسارير الوجه.
4- «لأن العقل نصفان نصف عقل المعاد ونصف عقل المعاش وهذا هوه المازندراني 91/11 نقلا عن شرح النهج وقال في الوافي ج 9/3 لعل نصفه الآخر أن يكون مع ذلك متبتلاً إلى اللّه في باطنه متيقناً بأن النّاس لو اجتمعوا بحذافيرهم على أن ينفعوه مثقال ذرة أو يضروه ما قدروا على ذلك إلّا أن يشاء اللّه».
5- أي عن اذيتهم، لأن جميع الموارد الّتي استعمل فيها هذا التعبير (كف اليد) إنما أريد منع الأذى فراجع المائدة /11 والفتح 24/20، والمائدة / 110 والنساء / 84 و 91 والأنبياء / 39 والنساء / 77. بل قيل : إنما سميت راحة الإنسان مع أصابعها بالكف، لأن الأصل فيها أن يكف بها الإنسان الأذى عن نفسه. الغلول : السرقة من المغنم، وقد يراد به هنا الخيانة مطلقاً.

عقبة، عن سليمان بن زياد التميمي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): القريب من قرَّبته المودة وإن بَعُدَ نسبه، والبعيد من بعدته المودَّةُ وإِن قَرُبَ نسبه، لا شيء أقرب إلى شيء من يد إلى جسد، وإنَّ اليد تغلُّ فتقطع وتقطع فتحسم (1).

بات إخبار الرجل أخاه بحبه

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد محمّد بن خالد، عن أبيه،، عن محمّد بن عمر بن أذينة ] عن أبيه، عن نصر بن قابوس قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إذا أحببت أحداً من إخوانك فأعلمه (2) ذلك فإنَّ إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (3).

2 - أحمد بن محمّد بن خالد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، جميعاً، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا أحببت رجلاً فأخبره بذلك فإنه أثبت للمودة بينكما.

باب التسليم

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السّكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «السّلام تطوع والرد فريضة» (4)

ص: 608


1- «في التمثيل تنبيه على المهاجرة عن القريب وإن كانت شاقة باعتبار القرابة النسبية لكن لا بد منها إن كان خائناً فاسقاء» المازندراني 91/11.
2- أي أخبره بأنك تحبه، فإن لذلك دخلاً كبيراً في شد عرى المحبة بينكما كما يشير إليه الحديث الثاني.
3- البقرة/ 260. والوجه في استشهاد الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) على توجيهه المذكور أعلاه لنصر بن قابوس يوضحه ما رواه الشيخ الصدوق (رضیَ اللّهُ عنهُ) في عيون أخبار الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الباب الخامس عشر من عيون الأخبار عندما سأل المأمون الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن هذه الآية فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن اللّه تبارك وتعالى أوحى إلى إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أني أختار من عبادي خليلا إن سألني إحياء الموتى أجبته، فوقع في نفسه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه ذلك الخليل فقال : رب أرني الآية. قال أو لم تؤمن بي قال بلى ولكن ليطمئن قلبي على الخلة.
4- لا خلاف في أن السلام ابتداءً أمر مرغوب فيه مندوب إليه في الإسلام كما لا خلاف في أن رده لو حصل واجب إذا كان المسلم عليه بالغاً مكلفاً كالمسلّم، كما أن الرد إذا كان المسلّم عليه واحداً واجب عيني وإن كان أكثر فواجب كفائي. وأما إذا كان المسلّم عليه بالغاً والمسلّم مميزاً أو العكس فقد قال بعضهم بوجوب الرد أيضاً بناء على أفعال الصبي المميز صحيحة شرعاً.

2 - وبهذا الإسناد قال : من بدأ بالكلام قبل السّلام فلا تجيبوه (1) وقال : ابدؤوا بالسّلام قبل الكلام فمن بدأ بالكلام قبل السّلام فلا تجيبوه.

3 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أولى النّاس باللّه وبرسوله من بدأ بالسّلام» (2).

4 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان سلمان (3) رحمه اللّه يقول : افشوا (4) سلام اللّه فإنّ سلام اللّه لا ينال الظالمين(5).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ يحبّ إفشاء السّلام.

6 - عنه، عن ابن فضّال، عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلّ قال : [إِنَّ] البخيل من يبخل بالسّلام (6).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول: سلّمت فلم يردّوا عليَّ، ولعلّه يكون قد سلّم ولم يسمعهم، فإذا ردّ أحدكم فليجهر برده ولا يقول المسلّم : سلمت فلم يردّوا عليّ، ثمّ قال : كان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا تغضبوا ولا تُغضبوا، افشوا السلام، وأطيبوا الكلام، وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنّة بسلام، ثمّ تلا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قول اللّه عزّ وجلّ : (السّلام المؤمن المهيمن) (7).

ص: 609


1- هذا إذا كان تركه السلام لا لسبب عقلائي سوى التهاون بالآداب الشرعية فحقه أن يقابل بالازدراء والإهمال فلا يجاب على كلامه.
2- فيه إشعار بأن الابتداء بالسلام أفضل من رده، وأكثر ثواباً وقربة.
3- في بعض النسخ (كان سليمان (عَلَيهِ السَّلَامُ)).
4- أي أذيعوا وأنشروا. وهذا مقتضاه التسليم على كلّ مسلم يمكن أن يلقاه عرفه أم لم يعرفه.
5- أي لا تحجب السلام عمّن تعلم بأنه ظالم لنفسه أو لغيره فإنه لا ينفعه ولا يضرك بل فيه منفعة لك لأنك تكون قد عملت على تكميل نفسك وتألفه فلا تثير حفيظته عليك، بل قد يستوجب ذلك استشارة بقية إنسانية عنده تكون مدعاة لارعوائه عن ظلمه أو يكون عملك ذاك سبباً فى دالتك عليه لتنصحه فيقبل نصيحتك.
6- البخيل في الأصل: هو من شح بماله ومنعه غيره، وربما يكون قد جهد في تحصيله وجمعه، أما السلام فلا يكلفه شيئاً ولا مبرر له إلّا سوء طويته وقبح سريرته وعليه فإمساكه عنه أقبح بحيث يصير أولى بصفة البخيل ممّن شح بماله.
7- الحشر / 23 - المؤمن : الّذي يؤمن خلقه المهيمن الشهيد وقيل الأمين، وقيل : المصدّق.

8 - محمّد بن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن عبد اللّه ابن سنان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال البادي بالسلام أولى باللّه وبرسوله.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن الحسن بن المنذر قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : من قال : السّلام عليكم (1) فهي عشر حسنات، ومن :قال : [ ال-] سلام عليكم ورحمة اللّه فهي عشرون حسنة، ومن قال : [ ال-] سلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته فهي كاته فهي ثلاثون حسنة.

10 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ثلاثة تردّ عليهم ردّ الجماعة (2) وإن كان واحداً، عن العطاس يقال : يرحمكم اللّه وإن لم يكن معه غيره، والرّجل يسلم على الرّجل فيقول : السّلام عليكم، والرّجل يدعو للرّجل فيقول : عافاكم اللّه، وإن كان واحداً فإنّ معه غيره (3).

11 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين رفعه قال : كان أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : ثلاثة لا يسلّمون (4): الماشي مع الجنازة والماشي إلى الجمعة وفي بيت الحمام.

12 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن هارون ابن خارجة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من التواضع أن تسلّم على من لقيت (5).

ص: 610


1- «قال في النهاية : في أسماء اللّه تعالى السلام قيل : معناه سلامته ممّا يلحق الخلق من العيب والفناء، والسلام في الأصل السلامة، ومنه سميت الجنّة بدار السلام لأنها دار السلامة من الآفات وقيل : التسليم مشتق من السلام وقيل : معناه أن اللّه مطلع عليكم فلا تغفلوا. وقيل : معناه اسم السلام عليكم أي اسم اللّه عليك توقعاً لاجتماع معاني الخيرات فيه وانتفاء عوارض العباد عنه، وقيل : معناه سلمت مني فاجعلني أسلم منك». انتهى.
2- أي بصيغة الجمع وإن كان واحداً.
3- هذا لا ينافي ما تقدم في الحديث من قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (وإن كان واحداً، أو : وإن لم يكن معه غيره لأن النظر هناك إلى أن واحد ظاهرا وليس معه غيره ممّن هو مرئي ومحسوس، وقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (فإن معه غيره) ناظر إلى الواقع فإن معه الملائكة الحفظة أو كتبة الأعمال بلحاظه أو معه غيره بحسب القصد والنية ممّن هم على دينه وطريقته الإيمانية فقد تلحقهم رحمة اللّه وسلامه بشمولهم بالتسليم.
4- أي لا يبتدؤن بالسلام، إما في الماشي مع الجنازة والماشي إلى الجمعة فلأنهما مشغولا البال بتذكر الموت وأهواله والقبر وبلاءاته والآخرة وموقفها ومشغولا اللسان بذكر اللّه بالمسنون في مثل هذا الموقف فليس مطلوبا منهم التسليم في هذه الحال، وأما الثالث وهو من كان في بيت الحمام فلأن تسليمه قد يستلزم لفت نظر المسلّم عليه فيطلع على شيء منه لا يجوز النظر إليه أو لا يحسن.
5- لأن لازم السلام على من لقي هو السلام على من هو دونه شرفاً ومرتبة في مقاييس النّاس، فابتداؤه لمن هو دونه في الشرف والمرتبة الاجتماعية فيه نوع من التنزل عن مقامه لمن هو دونه ومحاربة لخصلة التكبر الّتي هي ضد التواضع.

13 - أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن جميل، عن أبي عبيدة الحذاء (1)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : مرَّ أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقوم فسلّم عليهم فقالوا : عليك السلام ورحمة اللّه وبركاته ومغفرته ورضوانه، فقال لهم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنما قالوا : رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت(2).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب (3)، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إن من تمام التحية للمقيم المصافحة، وتمام التسليم على المسافر المعانقة (4).

15 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): يكره للرجل أن يقول : حيّاك (5) اللّه ثمّ يسكت حتّى يتبعها بالسلام.

باب مَن يجب أن يبدأ بالسلام

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يسلّم الصغير على الكبير (6)، والمارُّ على القاعد(7)، والقليل على الكثير (8).

2 - عليّ بن إبراهيم عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة ابن

ص: 611


1- واسمه زیاد بن عیسی.
2- «وقال السيد الداماد (رضیَ اللّهُ عنهُ) الرحمة شاملة لجميع المنافع الأخروية والبركات للمنافع الدنيوية الّتي ترجع إلى الأولى من بسط أيديهم لإعلاء كلمة اللّه وهداية خلق اللّه إلى جانب قدسه تعالى فتكون الأولى للكمال والثانية للتكميل» نقلا عن مرآة المجلسي 542/12.
3- هو الحسن بن محبوب.
4- أي أن التحية للمقيم لها جزء ان التسليم والمصافحة. كما أن السلام للمسافر بعد قدومه من سفره له جزءان إلقاء السلام والمعانقة.
5- حيّاك اللّه : - كما فى النهاية - أي أبقاك حياً، وقيل : هو استقبال المحيا وهو الوجه، وقيل ملكك وفرحك.
6- لما له من حق توقيره وتعظيمه على الصغير، ولما فيه من تأديب الصغير وتعويده على احترام من هو أكبر منه. اللّهمّ إلّا إذا كان الصغير حجة من حجج اللّه على خلقه اصطفاه وارتضاه.
7- لأن المار المتحرك بالنسبة للقاعد الثابت بمنزلة الداخل عليه وسوف يأتي أن على الداخل إلى مجلس أن يسلّم.
8- لمزية الجماعة وفضلها.

مصعب عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : القليل يبدؤون الكثير بالسّلام، والراكب يبدأ الماشي، وأصحاب البغال يبدؤون أصحاب الحمير وأصحاب الخيل يبدؤون أصحاب البغال (1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن ابن بكير(2)، عن 1 بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول : يسلّم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، وإذا لقيت جماعة جماعةً سلّم الأقل على الأكثر، وإذا لقي واحد جماعة سلّم الواحد على الجماعة (3).

4 - سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : يسلّم الراكب على الماشي، والقائم على القاعد.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن عمر بن عبد العزيز عن جميل، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا كان قوم في مجلس، ثمّ سبق قوم فدخلوا فعلى الداخل أخيراً إذا دخل أن يسلّم عليهم (4).

باب إذا سلّم واحد من الجماعة أجزأهم، وإذا رد واحد من الجماعة أجزأ عنهم

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن ابن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا مرَّت الجماعة بقوم أجزأهم أن يسلّم واحد منهم، وإذا سلّم على القوم وهم جماعة أجزأهم أن يرد واحد منهم(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن

ص: 612


1- ربما لأن أصحاب البغال يكونون عادة أعلى رتبة اجتماعياً من أصحاب الحمير وكذا أصحاب الخيل بالنسبة لأصحاب البغال فطلب منهم الابتداء بالسلام على من دونهم لما فيه من التواضع وما له من أثر حسن في نفوس من هم دونهم رتبة.
2- واسمه عبد اللّه.
3- وذلك لمزية الجماعة وفضلها كما تقدم.
4- يحمل على ما إذا دخل القوم واحداً بعد واحد، والظاهر أن هذا الأخير ينبغي أن يسلّم على من كان في المجلس سابقا على دخوله حتّى ولو كان من رفقائه الّذين كان معهم ثمّ سبقوه في الدخول.
5- لأن وجوب الرد في هذه الحالة كاستحباب السلام كفائي لا عيني.

الحجّاج قال : إذا سلّم الرّجل من الجماعة أجزأ عنهم.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم، وإذا ردَّ واحدٌ أجزا عنهم.

باب التسليم على النساء

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يسلّم على النساء ويرددن عليه السلام، وكان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسلّم على النساء، وكان يكره أن يسلّم على الشابة منهنَّ ويقول: أتخوّف أن يعجبني صوتها فيدخل علي أكثر ممّا أطلب من الأجر (1).

باب التسليم على أهل الملل

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : دخل يهودي على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعائشة عنده فقال : السّام (2) عليكم فقال: رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عليكم، ثمّ دخل آخر (3) فقال مثل ذلك فردّ عليه كما رد على صاحبه، ثمّ دخل آخر فقال مثل ذلك فردَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كما ردَّ على صاحبيه، فغضبت عائشة فقالت : عليكم السام والغضب واللعنة يا معشر اليهود يا إخوة القردة والخنازير، فقال لها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يا عائشة إنَّ الفحش (4) لو كان ممثلاً لكان مثال سوء، إنَّ الرّفق لم يوضع على شيء قط إلّا زانه، ولم يرفع عنه قط إلّا شانه (5)، قالت : يا رسول اللّه أما سمعت إلى قولهم : السام عليكم؟ فقال:

ص: 613


1- قال الشيخ الصدوق (رضیَ اللّهُ عنهُ) في من لا يحضره الفقيه ج 3 بعد أن أورد هذا الحديث نفسه تحت رقم (1436) إلّا أن فيه (وقال) بدل (ويقول)، وقوله : (فيدخل من الإثم علي قال :(رضیَ اللّهُ عنهُ) : «إنما قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذلك لغيره وإن عبّر عن نفسه، وأراد بذلك أيضاً التخوف من أن يظن ظان أنّه يعجبه صوتها فيكفر، ولكلام الأئمّة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مخارج ووجوه لا يعقلها إلّا العالمون».
2- السّام - كما في النهاية - الموت والفه منقلبة عن واو.
3- أي يهودي آخر، وكذا ما بعده.
4- الفحش : ما يقبح من القول.
5- أي عابه.

بلى أما سمعتِ ما رددتُ عليهم؟ قلت : عليكم، فإذا سلّم عليكم مسلم فقولوا : سلام عليكم وإذا سلّم عليكم كافر فقولوا : عليك (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن يحيى(2)، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم (3) وإذا سلّموا عليكم فقولوا : وعليكم.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن اليهودي والنصراني والمشرك إذا سلّموا على الرجل وهو جالس كيف ينبغي أن يرد عليهم ؟ فقال : يقول : عليكم.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بريد ابن معاوية، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا سلّم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل : عليك.

5 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقالوا : إن ابن أخيك قد آذانا وآذى آلهتنا فادعه ومره فليكفَّ عن آلهتنا ونكفّ عن إلهه، قال : فبعث أبو طالب إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فدعاه، فلما دخل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لم ير في البيت إلّا مشركا (4)، فقال : السلام على من اتبع الهدى ثمّ جلس، فخبره أبو طالب بما جاؤوا له. فقال : أوَهَل لهم في كلمة(5) خير لهم من هذا يسودون بها العرب ويطأون أعناقهم ؟ فقال أبو جهل : نعم وما هذه الكلمة ؟ فقال :تقولون : لا إله إلّا اللّه قال : فوضعوا

ص: 614


1- الظاهر هو الاقتصار على كلمة (عليك) من دون تقديم لفظ السلام، وذلك بملاحظة الروايات الآتية.
2- لقد تكرر في هذا السند اسم محمّد بن يحيى والمراد بأحدهما الخزّاز وبالآخر الخثعمي، وهذا الكلام بجري في سند الحديث الثالث من باب إذا سلم واحد من الجماعة الخ المتقدم.
3- نهي عن ابتداء الكفار بالسلام والنهي ظاهر في الحرمة.
4- أي ظاهراً، لأن أبا طالب كان يستر إيمانه عن قريش وكان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يعلم ذلك أو أنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لم ير فيمن وفد على بيت أبي طالب إلّا مشركاً.
5- «الظاهر أن (أو) حرف عطف، يعني إما هذا الّذي قلت أو كلمة أخرى هي خير لهم من هذا، وهل لهم من ذاك، فاعترض الاستفهام بين حرف العطف والمعطوف» الوافي ج 3 ص / 110. وأما المازندراني 103/11 فقد ذهب إلى أن الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدر، و (لهم) متعلق بمحذوف، و (خير) خبر مبتدأ، والتقدير : أقالوا هذا، وهل لهم رغبة في كلمة هي خير لهم من هذا الّذي طلبوه».

أصابعهم في آذانهم وخرجوا هراباً يقولون (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ) فأنزل اللّه تعالى في قولهم : (ص * وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ - إلى قوله - إِلَّا اخْتِلَاقٌ) (1).

6 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن زرارة عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : تقول في الردّ على اليهودي والنصراني سلام (2).

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : قلت لأبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ): أرأيت إن احتجت إلى متطبب وهو نصراني أسلم عليه وأدعو له؟ قال: نعم إنه لا ينفعه دعاؤك (3)

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن عبد الرّحمن بن الحجاج قال : قلت لأبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أرأيت إن احتجت إلى الطبيب وهو نصراني [أن] أسلّم عليه وأدعو له؟ قال: نعم إنه لا ينفعه دعاؤك.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن عرفة، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قيل لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كيف أدعو لليهودي والنصراني قال : تقول له : بارك اللّه لك في الدنيا (4).

10 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير عن أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مصافحة المسلم اليهودي والنصراني قال من وراء الثوب فإن صافحك بيده (5) فاغسل يدك (6).

ص: 615


1- ص / 1 - 7 ذي الذكر أي ذي الشرف، وقيل ذي التذكر لكم :اختلاق أي كذب اختلقه محمّد.
2- سلام هنا، أي لا شأن لنا بك وأمرنا متاركة أتركك وتتركني فأسلم منك وتسلم مني، كأنه سلام توديع ومفارقة وليس سلام تحية وموادّة، وقد ورد فى القرآن بمعنى المتاركة والمفارقة فى قوله تعالى حكاية عن إبراهيم الأزر قال سلام عليك 47 / مريم، وكذا 55 / القصص و 89 / الزخرف و 63 / الفرقان وغيرها وليس سلام تحية وموادة كما في هود / 48، والنساء / 94، ومريم / 33 وهود / 69، وفي قوله تعالى : (وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم) الأنعام / 54 وغيرها.
3- هذا لا ينافي ما تقدم، لأنه هنا محمول على حال الضرورة حسب الظاهر والضرورات تبيح المحظورات. وقد مر أن سلام اللّه لا ينال الظالمين.
4- في بعض النسخ (في دنياك).
5- أي من دون حاجب.
6- وذلك لأن الكافر نجس العين فتسري النجاسة مع الرطوبة المسرية، وإلا فيكون غسل اليد استحبابياً للتعبد.

11 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبّاس بن عامر، عن عليّ بن معمر عن خالد القلانسي قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): ألقى الذمي فيصافحني، قال : امسحها بالتراب وبالحائط (1)، قلت فالناصب؟ قال : اغسلها (2).

12 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان، عن العلاء بن رزين، محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في رجل صافح رجلاً مجوسياً قال : يغسل يده ولا عن يتوضأ (3).

باب مكاتبة أهل الذمة

باب مكاتبة أهل الذمة (4)

1 - أحمد بن محمّد الكوفي، عن عليّ بن الحسن بن عليّ، عن عليّ بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي بصير قال : سُئل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرّجل يكون له الحاجة إلى المجوسي أو إلى اليهوديّ، أو إلى النصراني، أو أن يكون عاملاً أو دهقان (5) من عظماء أهل أرضه، فيكتب إليه الرّجل في الحاجة العظيمة أيبدأ بالعلج (6) ويسلّم عليه في كتابه، وإنّما يصنع ذلك لكي تقضى حاجته؟ قال: أما أن تبدأ به فلا، ولكن تسلّم عليه في كتابك، فإنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قد كان يكتب إلى كسرى وقيصر.

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن عبد اللّه ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرّجل يكتب إلى رجل من عظماء عمال المجوس فيبدأ باسمه قبل اسمه ؟ فقال : لا بأس إذا فعل لاختيار المنفعة (7).

ص: 616


1- لا بد وأن يحمل على صورة عدم الرطوبة المسرية.
2- هذا يدل على أخبثية الناصب على الكافر ومع ذلك لا بد من حمل وجوب غسل اليد على صورة ما إذا كانت المصافحة مع الرطوبة المسرية.
3- أما غسل اليد فلسراية النجاسة، وإما عدم الوضوء فلأن ملاقاة الأعيان النجسة لا توجب نقض الوضوء كما أنّها ليست من موجباته.
4- المكاتبة : المراسلة بواسطة الكتب.
5- الدُّهقان : المتولي لشؤون إدارة الناحية أو الضيعة، وعند العجم رئيس الفلاحين ويطلق على التاجر، وكل من كان له التصرف بقوة في شأن من الشؤون.
6- العلج - كما في الصحاح - الرجل من الكفار ويبدأ به أي يقدم ذكر اسمه في الرسالة.
7- اختيار المنفعة : جلبها. ولا منافاة بين قوله هنا لا بأس، وقوله في الرواية المتقدمة (فلا) إذ يمكن حملها هناك على الكراهة وهنا على الإباحة أو الجواز.

باب الإغضاء

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان عنده قوم يحدّثهم، إذ ذكر رجل منهم رجلاً فوقع فيه (1) وشكاه، فقال له أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وأنّى لك بأخيك كله - وأيّ الرّجال المهذب -(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم؛ ومحمّد بن سنان، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تفتش النّاس (3) فتبقى بلا صديق.

باب نادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، وحمّاد بن عثمان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : انظر قلبك فإذا أنكر صاحبك فإنّ أحدكما قد أحدث (4).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن الحسن بن يوسف، عن زكريا بن محمّد، عن صالح بن الحكم قال : سمعت رجلاً يسأل أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : الرّجل يقول : أودّك فكيف أعلم أنّه يودني ؟ فقال : امتحن قلبك فإن كنت توده فإنه يودَّك.

3 - أبو بكر الحبّال، عن محمّد بن عيسى القطان المدائني قال: سمعت أبي يقول: حدَّثنا مسعدة بن اليسع قال : قلت لأبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّي واللّه لأحبّك، فأطرق ثمّ رفع رأسه فقال : صدقت يا أبا بشر، سل قلبك عما لك في قلبي من حبّك فقد أعلمني

ص: 617


1- أي أخذ في ذمه وسبه والانتقاص منه.
2- «(أنّى) بمعنى (أين) للاستبعاد، يعني من أين لك أخوك كلّ الأخ أي الكامل في الأخوة المنزه عما يوجب النقص فيها...» المازندراني 105/11.
3- أي اكتف بحسن ظاهرهم ولا تحاول أن تدقق في بواطنهم، لأنك قلما تجد شخصاً باطنه خالص من أي عيب.
4- أي أبغضك، أو أنّه أحدث ما يوجب فساد المودة بينكما.

قلبي عمّالي في قلبك (1).

4 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن الحسن بن الجهم قال : قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تنسني من الدّعاء قال : [أ] وتعلم أني أنساك؟ قال : فتفكرت في نفسي وقلت: هو يدعو لشيعته وأنا من شيعته قلت لا لا تنساني قال : وكيف علمت ذلك؟ قلت : إني من شيعتك وإنّك لتدعو لهم، فقال : هل علمت بشيء غير هذا؟ قال : قلت:،لا، قال : إذا أردت أن تعلم مالك عندي فانظر [إلى] مالي عندك.

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : انظر قلبك فإن أنكر صاحبك فاعلم أنَّ أحدكما قد أحدث.

باب العُطاس والتسميت

باب العُطاس والتسميت (2)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جرّاح المدائني قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : للمسلم على أخيه من الحق أن يسلّم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، وينصح له إذا غاب، ويسمّته إذا عطس يقول (3) : «الحمد للّه رب العالمين لا شريك له»، ويقول له : «يرحمك اللّه» فيجيبه فيقول له: «يهديكم اللّه ويصلح بالكم»، ويجيبه إذا دعاه، ويتبعه إذا مات (4).

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة، عن أبي. عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا عطس الرّجل فسمتوه ولو كان من وراء جزيرة، وفي رواية اخرى ولو من وراء البحر» (5).

ص: 618


1- أي أن هنالك تلازماً بين ما وجدت لي في قلبك من حب وبين ما وجدته في قلبي لك منه.
2- التسميت بالسين والشين (التشميت) - كما في النهاية - الدعاء بالخير والبركة، واشتقاق المعجمة (التشميت) من الشوامت وهي القوائم كأنه دعا للعاطس بالثبات على طاعة اللّه، وقيل : معناه أبعدك اللّه عن الشماتة، والمهملة (التسميت) من السمت وهو الهيئة الحسنة والقصد والحجة، أي جعلك اللّه على سمت حسن لأن هيئته يزعج للعطاس.
3- أي العاطس.
4- أي يشيع خبازته.
5- هذا مع إمكان سماعه، والمقصود بالبحر حسب الظاهر النهر أو ما شابهه والجزيرة والبحر كناية عن الحاجز بين العاطس والمسمّت وهو يدل على تأكد استحباب تسميت العاطس لمكان الاهتمام به إلى هذا الحد والحرص عليه.

3 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن مثنى، عن إسحاق بن يزيد ومعمر بن أبي زياد وابن رئاب قالوا : كنا جلوساً عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ عطس رجل فما ردّ عليه أحد من القوم شيئاً، حتّى ابتدأ هو (1) فقال : سبحان اللّه، ألا سمتم، إن من حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا اشتكى، وأن يجيبه إذا دعاه، وأن يشهده إذا مات، وأن يسمّته إذا عطس.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى قال : كنت عند الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فعطس، فقلت له : صلّى اللّه عليك، ثمّ عطس، فقلت: صلى اللّه عليك، ثمّ عطس فقلت صلّى اللّه عليك وقلت له : جعلت فداك إذا عطس مثلك (2) نقول له كما يقول بعضنا لبعض يرحمك اللّه ؟ أو كما نقول (3)؟ قال : نعم أليس تقول : صلى اللّه على محمّد وآل محمّد؟ قلت بلى قال : وارحم محمّداً وآل محمّد (4)؟ قال : بلى وقد صلّى اللّه عليه ورحمه وإنما (5) صلواتنا عليه رحمة لنا وقربة.

5 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : سمعت الرّضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : التثاؤب من الشيطان والعطسة من اللّه عزّ وجلّ (6).

6 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد قال سألت العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن العطسة وما : العلّة في الحمد اللّه عليها ؟ فقال : إنّ اللّه نعماً على عبده في صحة بدنه وسلامة جوارحه، وإنّ العبد ينسى ذكر اللّه عزّ وجلّ على ذلك، وإذا نسي أمَرَ اللّه الرّيح فتجاوز (7) في بدنه ثمّ يخرجها

ص: 619


1- أي الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- أي من أهل العصمة (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- إشارة إلى قوله للإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) صلى اللّه عليك.
4- أي وتقول هذا القول أيضاً.
5- أي أن صلواتنا عليه وعليهم لا لحاجة منهم إلى دعائنا لهم بل لاحتياجنا نحن إلى مغفرته ورحمته سبحانه وقد جعلت صلواتنا عليهم وسيلة إلى نيلهما.
6- «إنما كان الشاؤب من الشيطان لأن منشأه الغفلة الناشئة من الخذلان بأن يكل اللّه العبد إلى نفسه وإنما كانت العطسه من اللّه عزّ وجلّ لأنه حمل عبده عليها ليذكر اللّه عندها» الوافي ج 114/3. وقال المازندراني 108/11 وإنما نسبه - أي التثاب - إلى الشيطان لأنه من تكسيله وسببه، وقيل: أضيف إليه لأنه يرضيه. وقيل إنما ينشأ من امتلاء البطن) وثقل النفس وكدورة الحواس ويورث الغفلة والكسل وسوء الفهم ولذا كرهه اللّه تعالى وأحبه الشيطان وضحك منه... ولكونه من الشيطان قيل إنه ما تثاب نبي قط».
7- أصلها فتتجاوز أي تسري وتتخلل.

من أنفه، فيحمد اللّه على ذلك، فيكون حمده عند ذلك شكراً لما نسي.

7 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن ابن فضّال، عن جعفر ابن يونس، عن داود بن الحصين قال : كنا عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأحصيت في البيت أربعة عشر رجلاً، فعطسن أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فما تكلّم أحدٌ من القوم فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ألا تسمتون ألا (1) تسمتون من حق المؤمن على المؤمن إذا مرض أن يعوده، وإذا مات أن يشهد جنازته، وإذا عطس أن يسمته - أو (2) قال : يشمته - وإذا دعاه أن يجيبه.

8 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر عن جابر قال : قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : نِعمَ الشيء العَطْسَة، تنفع في الجسد وتذكّر باللّه عزّ وجلّ، قلت : إن عندنا قوماً يقولون : ليس لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في العطسة نصيب (3)، فقال إن كانوا كاذبين فلا نالهم شفاعة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).

9 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال : عطس رجل عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : الحمد اللّه، فلم يسمّته أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : نقصنا حقنا (4)، ثمّ قال إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد للّه ربّ العالمين وصلى اللّه على محمّد وأهل بيته. قال : فقال الرَّجل (5)، فسمّته أبو جعفر.

10 - علي،، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل البصري، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّ النّاس يكرهون الصلاة على محمّد وآله في ثلاثة مواطن : عند العطسة، وعند الذبيحة، وعند الجماع، فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : مالهم ويلهم نافقوا لعنهم اللّه.

11 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف قال : كان أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا عطس فقيل له : يرحمك اللّه قال : يغفر اللّه لكم ويرحمكم ؛ وإذا عطس عنده إنسان قال : يرحمك اللّه عزّ وجلّ.

ص: 620


1- ألا : حرف تخصيص إذا شُدّدت. وإذا خففت فهي للاستفهام وقد يكون إنكارياً وتوبيخياً.
2- الترديد من الراوي.
3- الظاهر - وبقرينة الرواية التالية - أنهم كانوا يرون الاكتفاء عند العطسة بقول الحمد للّه أو بذكر اللّه مطلقاً من دون ذكر محمّد وأهل بيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
4- لم يعطنا ما نستحق من ذكرنا عند عطاسه، وهو قول اللّهمّ صل على محمّد وأهل بيته.
5- أي قال الرجل ما قاله الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) تاماً.

12 - عنه، عن أبيه، عن النوفلي أو غيره عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: عطس غلام لم يبلغ الحُلُمَ عند النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : الحمد للّه، فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : بارك اللّه فيك.

13 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا عطس الرجل فليقل: الحمد اللّه [ ربّ العالمين] لا شريك له، وإذا سمّت الرّجل فليقل : يرحمك اللّه، وإذا رد[دت] فليقل: يغفر اللّه لك ولنا : فإنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سئل عن آية أو شيء فيه ذكر اللّه (1) فقال : كلّما ذكر اللّه فيه فهو حسن(2).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن سنان عن الحسين بن نعيم عن مسمع بن عبد الملك قال : عطس أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : الحمد اللّه ربّ العالمين ثمّ جعل أصبعه على أنفه فقال : رغم أنفي اللّه رغماً داخراً (3).

15 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر، عن محمّد بن مروان رفعه قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من قال إذا عطس : الحمد للّه ربّ العالمين على كلّ حال لم يجد وجع الأذنين والأضراس.

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد أو (4) غيره، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: في وجع الأضراس ووجع الآذان إذا سمعتم من يعطس فابدؤوه بالحمد(5).

17 - عليّ بن إبراهيم [عن أبيه] عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير، عن عثمان، عن أبي أسامة (6) قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): من سمع عطسة فحمد اللّه عزّ وجلّ

ص: 621


1- أي سُئِلَ ليعلمهم شيئاً مخصوصاً يقال عند العطاس أو التسميت.
2- بدل ما تقدم وما يأتي على أن بعض الأحاديث الّتي ورد فيها الذم لمن لم يذكر محمّداً وأهل بيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عند العطسة أو الّتي ورد فيها الحث على قولها إنما كانت - حسب الظاهر - مخصوصة بصورة ما إذا لم يقلها القائل باعتباره من أهل الخلاف عليهم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ويؤمي إلى ذلك بعض التعابير الواردة في تلك الروايات مثل : إن عندنا قوماً. أو: إن النّاس يكرهون.
3- رغم، وأرغم اللّه أنفه : - كما في النهاية - أي ألصقه بالرغم وهو التراب، هذا هو الأصل، ثمّ استعمل في الذل والعجز والانقياد على كره منه.
4- الترديد من الراوي.
5- أي بقول الحمد اللّه.
6- الظاهر أنّه زيد الشحام.

وصلّى على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأهل بيته لم يشتك عينيه ولا ضرسه، ثمّ قال : إن سمعتها فقلها (1) وإن كان بينك وبينه البحر.

18 - أبو علي الأشعري عن بعض أصحابه، عن ابن أبي نجران، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : عطس رجل نصراني عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له القوم : هداك اللّه (2)، فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : [فقولوا]: يرحمك اللّه، فقالوا له : إنه نصراني؟! فقال : لا يهديه اللّه حتّى يرحمه.

19 - عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إذا عطس المرء المسلم ثمّ سكت لعلة تكون به قالت الملائكة عنه : الحمد للّه ربّ العالمين، فإن قال : الحمد للّه ربّ العالمين، قالت الملائكة يغفر اللّه لك قال وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «العطاس للمريض دليل العافية وراحة البدن».

20 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى عن يعقوب بن يزيد عن عثمان بنعيسى، عن عبد الصمد بن بشير، عن حذيفة بن منصور [ عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)] قال : قال : العطاس ينفع في البدن كله ما لم يزد على الثلاث فإذا زاد على الثلاث فهو داء وسقم (3).

21 - أحمد بن محمّد الكوفي، عن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم عن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) (4) قال : العطسة القبيحة (5).

22 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن ابن راشد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من عطس ثمّ وضع يده على قصبة أنفه ثمّ قال: «الحمد للّه ربّ العالمين [الحمد للّه] حمداً كثيراً كما هو أهله، وصلّي اللّه على محمّد النبي وآله وسلّم» خرج من منخره الأيسر طائر أصغر من الجراد وأكبر من الذباب، حتّى يسير تحت العرش يستغفر اللّه له إلى يوم القيامة (6).

ص: 622


1- أي إن سمعت العطسة فقل هذه الكلمات.
2- أي إلى الإسلام.
3- كالزكام ونحوه ممّا يدل على وجود رطوبات في البدن تجاوزت حدها فسببت اختلال وظائف بعض أعضائه.
4- لقمان / 19. أنكر الأصوات : أقبحها.
5- دل على أنّها إذا خرجت بصوت منكر تكون من مصاديق الآية المستشهد بها.
6- هذا الحديث نص على ضعفه صاحب مرآة العقول 559/12.

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه رواه، عن رجل من العامة قال : كنت أجالس أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلا واللّه ما رأيت مجلساً أنبل من مجالسه (1). قال: فقال لي ذات يوم: من أين تخرج أين تخرج العطسة؟ فقلت : من الأنف، فقال لي : أصبت الخطأ (2)، فقلت : جعلت فداك من أين تخرج؟ فقال: من جميع البدن، كما أنَّ النطفة تخرج من جميع البدن ومخرجها (3) من الإحليل، ثمّ قال : أما رأيت الإنسان إذا عطس نفض أعضاؤه (4)، وصاحب العطسة يأمن الموت سبعة أيام.

24 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «تصديق الحديث عند العطاس» (5).

25 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا كان الرّجل يتحدث بحديث فعطس عاطس فهو شاهد حق».

26 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «تصديق الحديث عند العطاس».

27 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد، عن أحمد بن محمّد، عن محسن بن عن أبان بن عثمان عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا عطس الرَّجل ثلاثاً فَسَمِّته ثمّ اتركه (6).

باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنَّ من إجلال اللّه عزّ وجلّ

ص: 623


1- أي أعظم أو أنجب أو أفضل.
2- أي اخطأت. وهو عبارة أخرى عن قوله : أخطأت الصواب.
3- أي النطفة والإحليل مجرى البول من ذكر الإنسان وقد يطلق على الذكر برمته.
4- أي حصلت فيها مثل الرعدة، والحركة الشديدة.
5- «لعل السر فيه أن العطسة رحمة من اللّه تعالى للعبد ويستبعد نزول الرحمة في مجلس يكذب فيه خصوصاً عند صدور الكذب فإذا قارنت الحديث دلت على صدقه» المازندراني 113/11.
6- أي إذا عاود العطس بعد الثلاثة فلا تسمتنه.

إجلال الشيخ الكبير (1).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من عرف فضل كبير لسنه فوقره آمنه اللّه من فزع يوم القيامة».

3 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من وقر ذا شيبة في الإسلام آمنه اللّه عزَّ وجلّ من فزع يوم القيامة».

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل عن إسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا الخطاب يحدّث عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ثلاثة لا يجهل حقهم إلّا منافق معروف [ب-] النفاق : ذو الشيبة في الإسلام وحامل القرآن (2)، والإمام العادل (3).

5 - عنه، عن أبيه، عن أبي نهشل، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : من إجلال اللّه عزّ وجلّ إجلال المؤمن ذي الشيبة، ومن أكرم مؤمناً فبكرامة اللّه بدأ، ومن استخفٌ بمؤمن ذي شيبة أرسل اللّه إليه من يستخف به قبل موته.

6 - الحسين بن محمّد أحمد عن بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير وغيره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من إجلال اللّه عزّ وجلّ إجلال ذي الشيبة المسلم (4).

باب إكرام الكريم

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد اللّه بن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال دخل رجلان على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فألقى لكلّ واحد منهما وسادة فقعد عليها أحدهما وأبى الآخر، فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) اقعد عليها فإنه لا يأبى الكرامة إلّا حمار (5)، ثمّ قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه».

ص: 624


1- أي تعظيمه وتوقيره في جميع الأحوال.
2- لقد تقدم روايات كثيرة في فضل حامل القرآن وقلنا بأن المراد بحامله حافظه والمتدبر لآياته والعامل به.
3- الظاهر أنّه إمام الأصل، أي الإمام المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ). ويحتمل الأعم فيشمل إمام الجماعة وغيره.
4- من الواضح في هذه الروايات من هذا الباب أنّها تقيد ذا الشيبة بكونه مؤمناً أو مسلماً أو في الإسلام، وفي هذا دلالة على أن الحكم بلزوم توقیره و تعظیمه مختص به دون غيره من الشيوخ.
5- الكرامة مصدر كرم يكرم، وكرّمه تكريماً عظمه ونزّهه.وأعزّه. وإطلاق الحديث يشمل كلّ أنواع التكريم سواء كان بالقول أو الفعل ومنه إهداء الهدية وشبهها وتخصيص الحمار بالذكر هنا نظراً لغبائه وحقارته. والخسيس ضد الكريم.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه».

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد محمّد بن عیسى، عن عبد اللّه العلوي، عن أبيه، عن جده قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): لما قدم عدي بن حاتم إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (1) أدخله النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بيته، ولم يكن في البيت غير خَصَفَة (2) ووسادة من أدم (3). فطرحها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لعديّ بن حاتم.

باب حقّ الداخل

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إنَّ من حق الدّاخل على أهل البيت أن يمشوا معه هُنَبيَّةً (4) إذا دخل وإذا خرج ؛ وقال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم في بيته فهو أمير عليه حتّى يخرج» (5).

باب المجالس بالأمانة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان عن ابن أبي عوف، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سمعته يقول : المجالس بالأمانة.(6).

ص: 625


1- وذلك بعد هر به إلى الشام على أثر قتال المسلمين بقيادة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لقبيلة طي الّتي كان عدي هذا زعيمها باعتبار أنهم أصروا على الشرك، ثمّ بعد ذلك رجع عدي إلى الجزيرة وقدم المدينة وأسلم على يدي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
2- الخَصَفة : الجُلَّة تعمل من الخوص للتمر. وكذلك تقال للثوب الغليظ جداً، جمعها خَصَف وخِصاف.
3- الأدم: جمع أديم وهو الجلد أو أحمره أو مدبوغه.
4- هنئية : أي ساعة يسيرة أو لطيفة وهي هنا كتابة عن الخطوات القليلة، أو الوقت اليسير.
5- الأمير هو الداخل لا صاحب البيت. والأمير هنا كناية عن تعظيمه وتبجيله وخدمته. قال الشاعر: يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا ***نحن الضيوف وأنت رب المنزل
6- أي أن كلّ ما يراه الإنسان أو يسمعه في مجلس يكون فيه فهو في حكم الأمانة من وجوب الحفظ وعدم الإذاعة وعدم التفريط، بل عليه أن يتعامل معه كما يتعامل مع سر نفسه هو.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «المجالس بالأمانة».

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عمّن،، ذكره، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : المجالس بالأمانة وليس لأحد أن يحدث بحديث يكتمه صاحبه إلّا بإذنه إلّا أن يكون ثقة (1) أو ذكراً له بخير.

باب في المناجاة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا كان القوم ثلاثة فلا يتناجى منهم اثنان دون صاحبهما، فإن في ذلك [م-]مّا يحزنه ويؤذيه (2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أصحابنا، عن أحمد بن محمّد أبي عبد اللّه عن محمّد بن عليّ، عن يونس بن يعقوب، عن أبي الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا كان ثلاثة في بيت فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك ممّا يغمّه (3).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من عَرَض لأخيه المسلم [المتكلّم ] في حديثه فكأنما خدش وجهه» (4).

ص: 626


1- أي إلّا أن يكون المنقول إليه ثقة مأموناً على ذلك الحديث لا ينقله إلى ثالث إلّا إذا كان ثقة أيضاً وهكذا. ولكن يستشكل فيه مع ملاحظة أن صاحبه يكتمه، ومعنى كتمانه له أنّه يكره أن يشيع والسر إذا جاوز الاثنين شاع. اللّهمّ إلّا أن يحمل على أن ذلك الحديث له ارتباط بموضوع الإمامة وما إليها فيجب كتمه كما مر في باب الكتمان من المجلد الثاني، إلّا على من يوثق به من شيعة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ). وفي بعض النسخ (إلا أن يكون فقها).
2- قال اللّه تعالى : (إنما النجوى من الشيطان ليَحْزُنَ الّذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلّا بإذن اللّه) المجادلة / 10. والنجوى الحديث الخفي أو السر.
3- «وكذلك الجماعة دون الواحد للاشتراك في العلة. ثمّ حزنه إما لكتمان السر عنه وعدم ائتمانه بحفظه أو لتوهمه أنهما يقولان في حقه شيئاً ممّا يكرهه... إلى غير ذلك من تسويلات النفس وأحاديث الشيطان... ولا يبعد تخصيص ذلك بما إذا لم يحتاجا إلى السر شرعاً أو عرفاً أو لم يعلما عدم حزن الخارج... فالظاهر أنّه لا يكره...» المازندراني 116/11.
4- أي من قاطع أخاه المسلم في كلامه بحيث لزم منه منعه من إتمام حديثه، خاصة إذا كانت المقاطعة بعنوان الاعتراض عليه وتسفيه رأيه فإن في ذلك إهانة له وحطاً من شأنه وإسقاط مروّته بين النّاس.

باب الجلوس

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن النوفلي، عن عبد العظيم ابن عبد اللّه بن الحسن العلوي رفعه قال : كان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يجلس ثلاثاً(1): القُرْفُص (2) وهو أن يقيم ساقيه ويستقبلهما بيديه ويشدّ يده في ذراعه ؛ وكان يجثو على ركبتيه (3)، وكان يثنى رجلاً واحدة ويبسط عليها الأخرى ولم ير (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) متربعاً قط.

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي حمزة الثمالي قال: رأيت عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قاعداً واضعاً إحدى رجليه على فخذه (4) فقلت : إنَّ النّاس (5) يكرهون هذه الجلسة ويقولون : إنّها جلسة الرَّبِّ، فقال : إنّي إنّما جلست هذه الجلسة للملالة، والرَّبُّ لا يمل (6)، ولا تأخذه سنة ولا نوم.

3 - علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن مرازم، عن أبي سليمان الزاهد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : من رضي بدون التشرف من المجلس لم يزل اللّه عزّ وجلّ وملائكته يصلون عليه حتّى يقوم (7).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أكثر ما يجلس (8) تجاه القبلة.

5 - أبو عبد اللّه الأشعري عن معلى بن محمّد، عن الرّشاء، عن حماد بن عثمان قال :

ص: 627


1- أي ثلاث كيفيات. أو ثلاث جلسات.
2- قال في القاموس : القُرفصاء ضرب من الجلوس وهو أن يجلس على اليتيه ويلصق فخذيه ببطنه ويحتبي بيديه على ساقيه كما يحتبي بالثوب تكون يداه مكان الثوب.
3- هذه هي الكيفية الثانية لجلسته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). والجُثو : الجلوس على الركبتين.
4- وهذه الجلسة تسمى التورك. ووضع إحدى رجليه على فخذه تميزها عن جلسة التربع.
5- الظاهر أن المقصود بالناس أولئك الّذين يجعلون اللّه جسماً له طول وعرض وأعضاء كأعضاء الإنسان وهم المشبهة والمجسمة ممّن ينتحلون الإسلام وهو منهم براء، أو اليهود والنصارى من غير المسلمين.
6- لأن الملل من صفات الممكن الضعيف واللّه سبحانه هو الواجب الوجود لذاته ويستحيل عليه ذلك.
7- المراد بالتشرف بالمجلس المكان الّذي هو لأهل الشرف والصدارة وهو أعلى المجلس وصدره عادة ومعنى الحديث أنّه إن كان من أهل الصدارة والشرف ومع ذلك جلس حيث ينتهي به المجلس وكان يمكنه أن يجلس في الصدر، وذلك تواضعاً وتهذيباً لنفسه وصوناً لها عن العُجب والغرور فإنه يكون أهلا لطلب الرحمة له من قبل الملائكة وأهلاً لغمره بها من قبل اللّه سبحانه.
8- (ما) مصدرية : أي أكثر جلوسه، مجتمعاً ومنفرداً.

جلس أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) متورّكاً رجله اليمنى على فخذه اليسرى فقال له رجلٌ : جعلت فداك هذه جلسة مكروهة، فقال : لا إنّما هو شيء قالته اليهود لما أن فرغ (1) اللّه عزّ وجلّ من خلقٍ : السماوات والأرض واستوى على العرش، جلس هذه الجلسة ليستريح، فأنزل اللّه عزّ وجلّ (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ) (2) وبقي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) متوركاً كما هو.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس إليه حين يدخل.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى(3)، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سوق المسلمين كمسجدهم، فمن سبق إلى مكان فهو أحقُّ به إلى الليل (4) ؛ قال : وكان لا يأخذ على بيوت السوق كراء (5).

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ينبغي للجلساء في الصيف أن يكون بين كلّ اثنين مقدار عظم الذراع (6) للا يشقّ بعضهم على بعض في الحرّ.

9 - علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان قال : رأيت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يجلس في بيته عند باب بيته قبالة الكعبة.

باب الاتكاء والاحتباء

باب الاتكاء والاحتباء (7)

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :

ص: 628


1- هذا مقول قولهم الفاسد عليهم لعائن اللّه.
2- البقرة/ 255.
3- تقدم التنبيه على أن أحد الراويين هو الخزاز والآخر هو الخثعمي.
4- هذا هو وجه التشبيه بين السوق والمسجد حيث قيل : الوقف لمن سبق والسوق وإن لم يكن وقفاً إلّا أنّه من المنافع العامة الّتي يكون السابق إلى الانتفاع بها أحق من غيره فيها فلا يجوز إزالته بالإكراه عنها وأخذ مكانه.
5- الكراء الأجرة. وبيوت السوق دكاكينها وخيمها وأكشاكها الّتي تعرض فيها البضائع والسلع.
6- هذا من كلّ جانب، فتصبح المسافة بين كلّ اثنين من الجانبين ذراعين، وهذا طبعا تابع لضيق المكان وسعته.
7- الإحتياء جمع الظهر والساقين باليدين أو بقماش من عمامة أو ثوب أو غيرهما.

قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «الإتكاء في المسجد (1) رهبانية العرب، إن المؤمن مجلسه مسجده وصومعته بيته».

2 - عنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): الاحتباء في المسجد حيطان العرب (2).

3 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «الاحتباء حيطان (العرب».

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن - أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرجل يحتبي بثوب واحد؟ فقال : إن كان يغطي عورته فلا بأس (3).

5 - عنه، عن محمّد بن عليّ عن عليّ بن أسباط عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لا يجوز للرجل أن يحتبي مقابل الكعبة (4).

باب الدُّعابةوالضحك

باب الدُّعابة(5) والضحك

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال : سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت : جُعِلتُ فداك، الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم كلام يمزحون ويضحكون ؟ فقال : لا بأس ما لم يكن فظننت أنّه عنى الفحش (6)، ثمّ قال: إن رسول ثمّ

ص: 629


1- أي انتظاراً لدخول وقت الصلاة المفروضة أو للتأمل والتدبر في آيات اللّه أو لأية طاعة من الطاعات.
2- شبه الاحتباء بالحيطان لأنه بشد ركبتيه وساقيه مع ظهره بيديه بعد جمعهما تصير تلك الهيئة من الجلوس لهم كالحائط تمنعهم من السقوط وإنما خصص الاحتباء بكونه في المسجد ربما لأن أكثر مساجدهم لم تكن إلّا عبارة عن عرصة يتخذونها للصلاة من دون جُدر أو سقوف أو كانت جُدرها من الخوض فلا تصلح للاتكاء فيستعملون طريقة الاحتباء لأنه يساعدهم على شد أصلابهم إذا جلسوا. وهذا الوجه ينسحب على الحديث التالي أيضاً.
3- أي فيه من الطول ما يكفي عند رفعه الساقيه حالة الاحتباء لستر عورته. وبمفهومه يدل على وجود بأس فيما لم يكن كذلك.
4- ربما لأنه يتنافى مع الخشوع والخضوع والتذلل أما بيت اللّه الحرام وأول بيت وضع للناس. وفي بعض النسخ (قبالة الكعبة) والمعنى واحد.
5- الدُّعابة : المزاح.
6- أي ما لم يكن المزاح فحشاً في القول. وهذا من كلام الراوي.

اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يأتيه الأعرابي فيهدي له الهدية ثمّ يقول مكانه (1) : أعطنا ثمن هديتنا، فيضحك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). وكان إذا اغتم يقول : ما فعل الأعرابي ليته أتانا

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن شريف بن سابق، عن - الفضل بن أبي قرَّة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ما من مؤمن إلّا وفيه دعابة، قلت: وما الدُّعابة (2) ؟ قال : المزاح.

3 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن يحيى بن سلام، عن يوسف بن يعقوب، عن صالح بن عقبة، عن يونس الشيباني قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كيف مداعبة بعضكم بعضاً؟ قلت : قليل قال : فلا تفعلوا (3) فإنَّ المداعبة من حُسن الخلق، وإنك لتدخل بها السرور على أخيك، ولقد كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يداعب الرَّجل يريد أن يسرَّه.

4 - صالح بن عقبة، عن عبد اللّه بن محمّد الجعفي قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إنَّ اللّه عزّ وجلّ يحبُّ المداعب في الجماعة بلا رفث(4).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن الحسن بن كليب، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ضحك المؤمن تبسم (5)

6 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن منصور، عن حريز عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كثرة الضحك تميت القلب (6)، وقال : كثرة الضحك تميث الدين (7) كما يميث الماء الملح.

7 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إنَّ من الجهل الضحك من غير عَجَب (8) ؛ قال : وكان يقول : لا تبدين عن واضحة (9) وقد

ص: 630


1- أي يقول الأعرابي وهو واقف مكانه لا يتزحزح.
2- إنما سأل هذا السؤال لأن لفظ دعابة يحتمل عدة معان منها الأحمق والضعيف وغيرهما.
3- أي لا تفعلوا ما أنتم عليه من قلة المزاح. وليس معنى ذلك الحث على الإفراط فيه لأنه مذموم بل لا إفراط ولا تفريط.
4- الرفث - هنا - الفحش من القول ويطلق على الجماع.
5- التبسّم : أقل الضحك وهو ما لم يشتمل على صوت.
6- أي توقعه في الغفلة.
7- أي تذيبه.
8- العَجَب والتعجب من الأمور العارضة على الإنسان بلا واسطة، وهو مساءٍ في الصدق مع الإنسان، إذ لا يصدق على الأعجم أنّه متعجب.
9- الواضحة : - كما في الصحاح - الأسنان الّتي تبدو عند الضحك، وهو كناية عن النهي عن الضحك في حال يكون الإنسان في مقام المعصية اللّه سبحانه بل عليه أن يحزن ويندم على ما فرط في جنب اللّه لا أن يضحك ويكون من الغافلين. وقيل : الواضحة هي الأسنان سميت بذلك لاتصافها بالوضح وهو البياض.

عملت الأعمال الفاضحة، ولا يأمن البيات (1) من عمل السيئات.

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إياكم والمزاح فإنّه يذهب بماء الوجه (2).

9 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن حدَّثه عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا أحببت رجلاً فلا تمازحه ولا تماره (3)

10 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : القهقهة من الشّيطان (4).

11 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد الكندي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن عنبسة العابد قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : كثرة الضحك تذهب بماء الوجه.

12 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): إياكم والمزاح فإنه يجر السخيمة (5) ويورث الضغينة (6) وهو السبُّ الأصغر (7).

13 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن خالد بن طهمان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا قهقهت فقل حين تفرغ «اللّهمّ لا تمقتني» (8).

ص: 631


1- البيات : - هنا - وقوع العذاب فجأة ليلاً أو مطلقاً.
2- يمكن الجمع بين النهي عن المزاح في هذا الحديث وغيره مع التوجيه إليه فيما تقدم بحمله هنا على النهي عن الإغراق فيه والإكثار منه أو كونه مع بذيء أو خسيس وضيع فإنه يذهب بوقار الإنسان ويسقطه في عيون النّاس ويحمل التوجيه إليه هناك على ما إذا كان بحد معقول وبكيفية معقولة مع أشخاص مؤمنين مؤدبين بآداب الإسلام.
3- المماراة : المجادلة.
4- القهقهة : الضحك بصوت عال مع الترجيع فيه وهي غالباً من صفات أهل الغفلة وهي من الشيطان ولذا نسبها إليه.
5- السخمة: الحقد في النفس.
6- الضغينة، الحقد والبغضاء والعداوة.
7- أي الشتم الأصغر الّذي يؤدي غالباً إلى الشتم الأعظم والفحش فيه.
8- المقت: البغض الشديد.

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحجال، عن داود بن فرقد وعليّ بن عقبة وثعلبة، رفعوه إلى أبي عبد اللّه وأبي جعفر أو أحدهما (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) قال : كثرة المزاح تذهب بماء الوجه، وكثرة الضحك تمج الإيمان مجّاً(2).

15 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن عنبسة العابد قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : المزاح السباب الأصغر (3).

16 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان عن محمّد بن مروان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إياكم والمزاح فإنّه يَذْهَبُ بماء الوجه ومهابة الرّجال.

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن أبي العباس، عن عمّار ابن مروان قال: قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تُمار (4) فيذهب بهاؤك، ولا تُمازح فَيُجترأ عليك (5).

18 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عمّار بن مروان عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا تُمازح فَيُجترأ عليك.

19 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال في وصيّة له لبعض ولده - أو قال (6) : قال أبي لبعض ولده - : إياك والمزاح فإنه يذهب بنور إيمانك ويستخف بمروءتك (7)

20 - عنه، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم، من إبراهيم بن مهزم، عمّن ذكره، عن أبي الحسن الأوّل (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان يحيى بن زكريا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يبكي (8) ولا يضحك، وكان عيسى

ص: 632


1- هذا الترديد كله من الرواة.
2- مَج الماء من الفم : رماه وأخرجه منه والمقصود هنا أن كثرة الضحك تخرج الإيمان من القلب وتقذف به منه.
3- لاحظ تعليقتنا على الحديث رقم (8) والحديث رقم (12) من هذا الباب.
4- أي لا تجادل.
5- أي يتطاول عليك بالقول أو الفعل أو كليهما، وذلك لسقوط هيبتك المانعة من ذلك، وتحلّلك من وقارك الحافظ لمقامك.
6- الترديد من الراوي.
7- المروءة والمروة : هي الإنسانية وهي مشتقة من المرء وهي من أجل وأعظم الصفات الكمالية للإنسان قال في :المصباح : المروءة: آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات.
8- بكاؤه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا لذنب بل شوقاً إلى لقاء اللّه، واستشعاراً لعظمته وربوبيته في حين أن بكاء المذنبين إنما يكون خوفاً من عقابه.

ابن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) يضحك ويبكي، وكان الّذي يصنع عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أفضل من الّذي كان يصنع يحيى (عَلَيهِ السَّلَامُ).

باب حق الجوار

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير ؛ ومحمّد بن يحيى، عن الحسين ابن إسحاق، عن عليّ بن مهزيار، عن عليّ بن فضال عن فضالة بن أيّوب جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن عمر و (1) بن عكرمة قال : دخلت على أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له : لي جار يؤذيني؟ فقال : إرحمه، فقلت: لا رحمه اللّه، فصرف وجهه عنّي (2)، قال : فكرهت أن أدعه(3)، كذا وكذا ويفعل بي ويؤذيني فقال : أرأيت إن كاشفته انتصفت منه (4)؟ فقلت : يفعل بي فقلت : بلى أربي عليه (5) فقال : إن ذا ممّن يحسد النّاس على ما آتاهم اللّه من فضله، فإذا رأى نعمة على أحد فكان له أهل جعل بلاءه عليهم، وإن لم يكن له أهل جعله على خادمه، فإن لم يكن له خادم أسهر ليله وأغاظ نهاره ؛ إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أتاه رجل من الأنصار فقال: إنّي اشتريت داراً في بني فلان وإنَّ أقرب جيراني منّي جواراً من لا أرجو خيره ولا آمن شره، قال: فأمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسلمان وأبا ذر ونسيت (6) آخر وأظنه المقداد - أن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم بأنّه لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه (7) ؛ فنادوا بها ثلاثاً، ثمّ أومأ بيده (8) إلى كلّ أربعين داراً من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله.

ص: 633


1- في بعض النسخ: عمر.
2- إنما صرف (عَلَيهِ السَّلَامُ) بوجهه عنه أي أعرض لأنه أساء الأدب مع الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) الّذي عندما قال له : إرحمه شفيعاً عنده لجاره فلم يكتف برفض شفاعته بل عمل بعكس أمره فقال : لا رحمه اللّه.
3- كأنه ندم على سوء أدبه، ولم تطاوعه نفسه أن يترك الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو في حالة النفور منه معرضاً بوجهه عنه. فأخذ في عرض بعض مساوی جاره مبررا حنقه عليه.
4- المكاشفة : المعاداة جهاراً. يعني إن جاهرته بالإيذاء قدرت على الانتقام منه وهضمه ودفع شره عنك. أو إن جاهرته بعد إساءاته فهل لك أن تتم حجتك عليه وتثبت ظلمه إياك بحيث يقبل منك ذلك الوافي للفيض ج 97/3.
5- أي نعم ليس فقط أني أثبت إساءاته بالدليل بل أقيم الحجة على إني أزيد عليه بأني أقابل إساءاته تلك بالإحسان إليه ودفع شره بالرفق واللين والمداراة.
6- الكلام هذا للراوي.
7- البوائق : جمع البائقة وهي الداهية والشر والظلم.
8- أي النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وذلك يدل على أن حكم الجار في وجوب إيتائه حقه ينطبق على من كان على بعد أربعين داراً من جميع الجهات.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة ابن زيد، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قرأت في كتاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كتب بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب أن الجار كالنفس غير مضارّ ولا آثم (1)، وحرمة الجار على الجار كحرمة أمه (2) ؛ الحديث مختصر.

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن إبراهيم بن أبي رجاء، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : حسن الجوار يزيد في الرّزق.

4 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، أسباط، عن عمه يعقوب ابن سالم عن إسحاق بن عمّار عن الكاهلي (3) قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : إن يعقوب (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما ذهب منه بنيامين نادى يا رب أما ترحمني ؟ أذهبت عيني، وأذهبت ابني؟ فأوحى اللّه تبارك وتعالى : لو أمتهما لأحييتهما لك حتّى أجمع بينك وبينهما، ولكن تذكّر الشاة الّتي ذبحتها وشوّيتها وأكلت وفلان وفلان إلى جانبك صائم (4) لم تنله (5) منها شيئاً؟.

5 - وفي رواية أخرى قال : فكان بعد ذلك يعقوب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ينادي مناديه كلّ غداة من منزله على فرسخ : ألا من أراد الغداء فليأتِ إلى يعقوب، وإذا أمسى نادى : ألا من أراد العشاء فليأتِ إلى يعقوب.

6 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: جاءت فاطمة (عَلَيهِ السَّلَامُ) تشكو إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعض أمرها فأعطاها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كُرَيْسَةً (6) وقال : تعلمي ما فيها ؛ فإذا فيها : من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن باللّه واليوم

ص: 634


1- أي ينبغي للرجل ألا يضار جاره ولا أن يوقعه في الإثم.
2- تشبيه حرمة الجار بحرمة الأم فيه مبالغة وتأكيد على تغليظ الأمر في وجوب رعاية حقه وتعظيمه هذا وقد ذهب المجلسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) في مرآته 571/12 إلى أن المراد بالجار في الحديث من أجرته لا جار الدار فلا يناسب الباب إلّا بتكلف بعيد.
3- واسمه عبد اللّه بن يحيى ويطلق على أخيه إسحاق أيضاً.
4- من حق اللفظ في هذين الموردين أن يأتي بصيغة التثنية فيقال (صائمان، تنلهما) فأتيا بصيغة الإفراد بتأويل كلّ واحد منهما صائم والمراد بكونهما بجانبه أنهما جاران له دار كلّ منهما إلى جنب داره. وقد يراد بالصيام معناه الحقيقي، وقد يكون كناية عن الجوع والفقر.
5- من حق اللفظ في هذين الموردين أن يأتي بصيغة التثنية فيقال (صائمان، تنلهما) فأتيا بصيغة الإفراد بتأويل كلّ واحد منهما صائم والمراد بكونهما بجانبه أنهما جاران له دار كلّ منهما إلى جنب داره. وقد يراد بالصيام معناه الحقيقي، وقد يكون كناية عن الجوع والفقر.
6- كريسة : مصغر كراسة وهي الجزء من الصحيفة. وفي بعض النسخ (كَرَبَة) مفرد كرب : وهي أصول سعف النخل الغلاظ أمثال الكتف.

الآخر فليقل خيراً أو ليسكت.

7- عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن سعدان، عن أبي مسعود قال : قال لي أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : حسن الجوار زيادة في الأعمّار وعمّارة الديار.

8 - عنه، عن النهيكي، عن إبراهيم بن عبد الحميد عن الحكم الخياط :قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : حسن الجوار يعمر الديار ويزيد في الأعمّار.

9 - عنه، عن بعض أصحابه عن صالح بن حمزة، عن الحسن بن عبد اللّه، عن عبد صالح (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ليس حسن الجوار كفّ الأذى (1)، ولكن حسن الجوار صبرك على الأذى (2).

10 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : حسن الجوار يعمر الديار وينسي في الأعمّار (3).

11 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد أبي عبد اللّه، عن إسماعيل بن مهران، عن محمّد بن حفص، عن أبي الربيع الشامي (4)، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال - والبيت غاص بأهله (5) : اعلموا أنّه ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره.

12 - عنه، عن محمّد بن عليّ عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : المؤمن من آمن جاره بوائقه قلت وما بوائقه؟ قال: ظلمه وغشمه(6).

13 - أبو علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : جاء رجل إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فشكا إليه أذى من جاره، فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إصبر، ثمّ أتاه ثانية فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إصبر، ثمّ عاد إليه

ص: 635


1- أي كف الأذى عن الجار فقط.
2- أي الصادر عن جارك.
3- نساه وأنساه أخره، أي يؤخر الأجل ويطيل العمر. واللّه سبحانه بيده لوح المحو والإثبات فقد يكون عمره مقدَّراً بخمسين عاماً ولكنه إن فعل الأمر الكذائي كصلة رحمه مثلاً يصبح سبعين عاماً. كما إن الأعمّار قد تنقص عما قدر لها في اللوح المحفوظ بسبب عمل معين يقوم به الإنسان.
4- واسمه خالد بن أوفى (أو خليد).
5- أي ممتلىء بهم.
6- العشم : الظلم والجور.

فشكاه ثالثة فقال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) للرجل الّذي شكا : إذا كان عند رواح النّاس إلى الجمعة (1) فأخرج متاعك إلى الطريق حتّى يراه من يروح إلى الجمعة فإذا سألوك فأخبرهم قال : ففعل، فأتاه جاره المؤذى له فقال له : ردّ متاعك فلك اللّه عليَّ أن لا أعود (2).

14 - عنه، عن محمّد بن عبد الجبار عن محمّد بن إسماعيل، عن عبد اللّه بن عثمان، عن أبي الحسن البجلي عن عبيد اللّه الوصافي عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع» (3)، قال : وما من أهل قرية يبيت [و]فيهم ما جائع ينظر اللّه إليهم (4) يوم القيامة.

15 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة(5)، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من القواصم الفواقر (6) الّتي تقصم الظهر جار السوء؛ إذ رأى حسنة أخفاها وإن رأى سيّئة أفشاها.

16 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه(عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أعوذ باللّه من جار السوء في دار إقامة، تراك عيناه ويرعاك قلبه (7)، إن رآك بخير ساءه وإن رآك بشر سره.

باب حد الجوار

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن عمرو بن عكرمة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : كلّ أربعين داراً جيران من بين يديه خلفه وعن يمينه وعن شماله (8) ومن

ص: 636


1- أي صلاة الجمعة.
2- أي إلى اذيتك.
3- وذلك لأن من جملة ما جاء به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الحث على إغاثة الملهوف وإطعام الجائع وأوصى بالجار حتّى ظن أنّه سيورثه فعندما يبيت شخص شبعا وجاره يتضور جوعاً مع علمه بذلك فلا يكون قد صدق بما جاء به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
4- أي لا ينظر إليهم بعين رحمته.
5- واسمه المفضل بن صالح.
6- الفواقر : جمع الفاقية وهي الداهية الشديدة سميت بذلك لأنها تقصم فقار الظهر.
7- كناية عن مراقبته لك وتسقطه لإخبارك لا لهفة عليك بل تجسساً وحسداً.
8- مر مضمون هذا الحديث في ذيل الحديث رقم (1) من هذا الباب بنفس السند تقريباً.

2 - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : حد الجوار أربعون داراً من كلّ جانب من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله.

باب حسن الصحابة وحق الصاحب في السفر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان قال : أوصاني أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: أوصيك بتقوى اللّه، وأداء الأمانة وصدق الحديث وحسن الصحابة لمن صحبت ولا قوة إلّا باللّه.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا عليه فافعل (1).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ما اصطحب اثنان إلّا كان أعظمهما أجراً وأحبّهما إلى اللّه عزّ وجلّ أرفقهما بصاحبه».

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن عدَّة من أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «حق المسافر أن يقيم عليه أصحابه إذا مرض ثلاثاً» (2).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه، عن آبائه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) صاحب رجلاً ذمّيّاً فقال له الذمّي أين تريد يا عبد اللّه؟ فقال : أريد الكوفة، فلما عدل الطريق بالذمّي عدل معه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له الذمي : الست زعمت أنك تريد الكوفة؟ فقال له : بلى، فقال له الذمّي : فقد تركت الطريق (3)؟ فقال له : قد علمت، قال : فلِمَ عدلت معي وقد علمت ذلك؟ فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا من تمام حسن الصحبة أن يشيّع الرَّجل صاحبه هُنَيئَةً إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبينا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فقال له

ص: 637


1- مر هذا الحديث سنداً ومتناً تحت رقم (1) من باب حسن المعاشرة من هذا المجلد إلّا أن فيه هناك (عليهم) بدل (عليه) هنا. وقد علقنا هناك تعليقة فراجع.
2- أي: أن يلازموه ثلاث ليال مع أيامها لتمريضه وعلاجه فإذا لم يتمكن من مرافقتهم فلا جناح عليهم لو تركوه في مأمن وواصلوا سفرهم.
3- أي جاوزت طريق الكوفة وتركتها وراءك.

الذمّي : هكذا قال؟ قال: نعم، قال الذمي : لا جرم إنّما تبعه تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة فأنا أشهدك أني على دينك ورجع الذمي مع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)(1)، فلما عرفه أسلم.

باب التكاتب

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وسهل بن زياد، جميعاً، عن ابن محبوب عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : التواصل بين الأخوان في الحضر التزاور (2)، وفي السفر التكاتب (3).

2 - ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ردُّ جواب الكتاب واجب كوجوب ردّ السلام (4)، والبادي بالسلام أولى باللّه ورسوله.

باب النوادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء عن جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقسم لحظاته بين أصحابه فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية (5) ؛ قال : ولم يبسط رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رجليه (6) بين أصحابه قط، وإن كان ليصافحه الرجل فما يترك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يده من يده حتّى يكون هو التارك، فلمّا فطنوا لذلك كان الرَّجل إذا صافحه قال بيده (7) فنزعها من يده.

ص: 638


1- أي إلى الكوفة.
2- أي زيارة بعضهم بعضاً.
3- أي المراسلة بواسطة الكتب وهي الرسائل.
4- هذا من باب إلحاق النظير بنظيره في الحكم إذ السلام تحية وتحفة من الحاضر، والكتاب تحفة وتحية من الغائب فكما يجب رد السلام بالسلام يجب رد الكتاب بالكتاب المازندراني 133/11.
5- هذا من عظمة أخلاقه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وكونه راعياً للجميع ولما في التسوية حتّى في النظرة من تعميق العلاقة وتمتين الروابط الإنسانية وتثبيت الثقة بعدالة الراعي. ومن هنا نجد أمير المؤمنين يوجه عامله على مصر محمّد بن أبي بكر فيكتب إليه (فاخفض لهم جناحك وألن لهم جانبك، وابسط لهم وجهك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة، حتّى لا يطمع العظماء في حيفك لهم، ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم الكتاب رقم (27) ورقم (46) من نهج البلاغة.
6- أي لم يمدهما.
7- يجعل العرب القول عبارة عن جميع الأفعال وتطلقه على غير الكلام واللسان وكل ذلك على المجاز والاتساع. قال بيده : أي أخذ ورد هكذا في النهاية.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : إذا كان الرّجل حاضراً فكنّه (1) وإذا كان غائباً فسمه (2).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «إذا أحب أحدكم أخاه المسلم فليسأله عن اسمه واسم أبيه واسم قبيلته وعشيرته، فإن من حقه الواجب وصدق الإخاء أن يسأله عن ذلك وإلا فإنها معرفة حمق» (3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد، عن عليّ بن جعفر، عن عبد الملك بن قدامة، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يوماً لجلسائه : تدرون ما العَجْز؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم، فقال : العجز ثلاثة (4) أن يبدر(5) أحدكم بطعام يصنعه لصاحبه فيخلفه ولا يأتيه ؛ والثانية أن يصحب الرجل منكم الرجل أو يجالسه يحب أن يعلم من هو ومن أين هو؟ فيفارقه قبل أن يعلم ذلك؛ والثالثة أمر النساء يدنو أحدكم من أهله فيقضي حاجته وهي لم تقض حاجتها (6) ؛ فقال عبد اللّه بن عمرو بن العاص : فكيف ذلك يا رسول اللّه ؟ قال : يتحوش (7) ويمكث حتّى يأتي (8) ذلك منهما جميعاً. قال : وفي حديث آخر قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إن من أعجز العجز رجل لقي رجلاً فأعجبه نحوه(9) فلم يسأله عن اسمه ونسبه وموضعه».

5 - وعنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سمعت أبا الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : لا تذهب الحشمة (10) بينك وبين أخيك، أبق منها فإنَّ ذهابها ذهاب الحياء.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن إسماعيل، عن عبد اللّه بن

ص: 639


1- أي خاطبه بكنيته.
2- أي اذكره باسمه.
3- أي الأحمق، وهو ضعيف العقل أي إن كلا من العاقل والأحمق مشترك في مثل هذه المعرفة الإجمالية، والمطلوب من العاقل أن يعرف أخاه المؤمن فيما يتعلق بهذه الأمور المذكورة معرفة تفصيلية.
4- أي ثلاثة أنواع، وفي ثلاثة مواقف والمراد بالعجز التقصير في أداء حقوق العشرة والمصاحبة.
5- أي يبادر بمعنى يستبق ويستعجل.
6- أي يصل إلى مرتبة اللذة والإنزال،دونها، وهذا يكشف عن أنانيته وعدم اهتمامه إلّا بقضاء وطره من دون أن يلحظ زوجته. وهذا ما يفسره قوله فيما بعد.
7- أي يتمكث ويبطىء. وفي بعض النسخ (يتحوس) وهما متقاربان.
8- أي بلوغ اللذة والإنزال.
9- أي مثله، أو شخصه.
10- الحشمة : الاستحياء، والتوقي.

واصل، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تثق بأخيك كلّ الثقة فإِنَّ صِرْعَةَ الاسترسال لن تُسْتَقَال (1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز، عن معلّى بن خنيس وعثمان بن سليمان النحاس، عن مفضّل بن عمر ؛ ويونس بن ظبيان قالا : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اختبروا إخوانكم بخصلتين فإن كانتا فيهم وإلا فاعزب ثمّ اعزب ثمّ اعزب (2)، محافظة على الصلوات في مواقيتها والبر بالإخوان في العسر واليسر.

باب (بدون العنوان)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز عن جميل بن دراج قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تدع (3) بسم اللّه الرّحمن الرّحيم وإن كان بعده شعر.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن الحسن - ابن علي، عن يوسف بن عبد السلام عن سيف بن هارون مولى آل جَعْدَة قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اكتب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من أجود كتابك ولا تمد الباء حتّى ترفع السِّين (4).

3 - عنه عن عليّ بن الحكم عن الحسن بن السرّي عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال : لا تكتب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم لفلان (5) ولا بأس أن تكتب على ظهر الكتاب لفلان.

4 - عنه عن محمّد بن عليّ، عن النضر بن شعيب، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن السري، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لا تكتب داخل الكتاب : لأبي فلان واكتب

ص: 640


1- الصرعة : الطرح على الأرض. وفي المَثَل : سوء الاستمساك خير من حسن الصرعة والاسترسال : الاستيناس والانبساط والاستقالة طلب الإقالة من البيع أو العقد أو العهد. وقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) هنا (فإن صرعة... الخ) مثل يُضرب لمن دخل في أمر من دون روية وتدبر ثمّ اكتشف أضراره وأخطاره الّتي لا يمكن دفعها ولا الخروج من وزرها حتّى لو استقال منها.
2- أَعْزَبَ فلان فلاناً : أبعده وعزب الرجل ذهب.
3- النهي هنا كراهتي تنزيهي، وقد ورد أن كلّ كلام لم يُبدء ببسم اللّه الرحمن الرحيم فهو أبتر. سواء كان قولاً أو كتابة.
4- قال الفاضل الاسترابادي : استحباب رفع السين قبل مد الباء يحتمل اختصاصه بالخط الكوفي مرآة المجلسي 580/12 ومعنى رفع السين تضريسه والمقصود بأجود الكتاب في الحديث موضع الصدر منه أي افتتحه بالبسملة.
5- أي لا تثبت في داخل الكتاب اسم المرسل إليه بل أثبته على ظاهره ليعرف من دون أن يفتح من هو صاحبه، أو إن المعنى: لا تكتب لفلان بعد البسملة بل : إلى فلان ويؤيد هذا الوجه الحديث التالي.

«إلى أبي فلان» واكتب على العنوان «لأبي فلان».

5 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرّجل يبدأ بالرَّجل في الكتاب (1)، قال : لا بأس به، ذلك من الفضل، يبدأ الرَّجل بأخيه يكرمه.

6 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن الأحمر، عن حديد بن حكيم، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لابأس بأن يبدأ الرجل باسم صاحبه في الصحيفة قبل اسمه.

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم قال : أمر أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بكتاب في حاجة، فكُتِبَ ثمّ عُرِضَ عليه ولم يكن فيه استثناء (2) فقال : كيف رجوتم أن يتم هذا (3) وليس فيه استثناء، انظروا كلّ موضع لا يكون فيه استثناء فاستثنوا فيه.

8 - عنه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه كان يترب الكتاب (4)، وقال: لا بأس به.

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن عطية أنّه رأى كتباً لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) متربة.

باب النهي عن إحراق القراطيس المكتوبة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الملك بن عتبة، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن القراطيس تجتمع هل تحرق بالنار وفيها شيء من ذكر اللّه ؟ قال : لا تغسل بالماء أوّلاً قبل (5).

2 - عنه، عن الوساء، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: لا تحرقوا القراطيس ولكن امحوها وحرقوها.

ص: 641


1- أي يبدأ بذكر اسم المرسل إليه قبل اسمه تكريماً له وتقديماً على نفسه فيقول بعد البسملة : إلى فلان من فلان، أو إلى أبي فلان من فلان ويؤيد هذا المعنى الحديث التالي.
2- أي إذا شاء اللّه، أو إن شاء اللّه.
3- أي موضوع الحاجة المكتوب عنها.
4- «تتريب الكتاب وإترابه أن تجعل التراب عليه وتلطخه به وفي الحديث: أتربوا فإنه أنجح للحاجة» الوافي للفيض ج 126/3.
5- أي قبل الإحراق إن كان لا بد من إحراقها.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن زرارة قال : سُئِلَ أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الاسم من أسماء اللّه يمحوه الرّجل بالتفل (1) قال : امحوه بأطهر ما تجدون.

4 - علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «امحوا كتاب اللّه [تعالى ] وذكره بأطهر ما تجدون (2)، ونهى أن يُحْرَقَ كتاب اللّه، ونهى أن يمحى بالإقلام» (3).

5 - علي، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الظهور (4) الّتي فيها ذكر اللّه عزّ وجلّ قال : اغسلها (5).

تمَّ كتاب العِشْرَة وللّه الحمد والمنة وصلّى اللّه على محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

(هذا آخر كتاب العِشْرَة وبه تم كتاب الأصول من الكافي)

ص: 642


1- أي البصاق.
2- وذلك في صورة الاضطرار إلى محوه لغرض عقلائي كوقوع تصحيف فيه مثلاً.
3- النهي عن الإحراق نهي تحريمي وذلك لما فيه من هتك وإهانة والنهي عن المحو بالأقلام نهي كراهتي.
4- أي الجلود.
5- وذلك لغرض عقلائي أو شرعي.

الفهرس

كتاب الإيمان والكفر

باب طينة المؤمن والكافر...5

باب آخر منه وفيه زيادة وقوع التكليف...8

باب آخر منه...10

باب أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أول من أجاب وأقرّ اللّه عزّ وجلّ بالربوبية...13

باب كيف أجابوا وهم ذر؟...14

باب فطرة الخلق على التوحيد...15

باب كون المؤمن في صلب الكافر...16

باب إذا أراد اللّه عزّ وجلّ أن يخلق المؤمن...16

باب في أن الصبغة هي الإسلام الإيمان... 17

باب في أن السكينة هي الإيمان...17

باب الإخلاص...18

باب الشرائع... 20

باب دعائم الإسلام...22

باب أن الإسلام يحقن به الدم...28

باب أنَّ الإيمان يشرك الإسلام ولا عكس... 29

باب آخر منه وفيه أن الإسلام قبل الإيمان...32

باب (بدون العنوان)...33

باب في أنّ الإيمان مبثوث لجوارح البدن كلّها... 38

باب السبق إلى الإيمان... 45

ص: 643

باب درجات الإيمان... 47

باب آخر منه...49

باب نسبة الإسلام...50

باب [ خصال المؤمن ].... 52

باب (بدون العنوان)... 54

باب صفة الإيمان... 56

باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان.... 57

باب حقيقة الإيمان واليقين باب التفكّر...59

باب المكارم... 60

باب فضل اليقين...61

باب الرّضا بالقضاء...63

باب التفويض إلى اللّه والتوكل عليه...66

باب الخوف والرجاء...69

باب حسن الظن باللّه عزّ وجلّ...77

باب الاعتراف بالتقصير...78

باب الطاعة والتقوى...79

باب الورع...82

باب العفّة...84

باب اجتناب المحارم...85

باب أداء الفرائض...87

باب استواء العمل والمداومة عليه... 88

باب العبادة...89

باب النيّة... 90

باب (بدون العنوان)...91

باب الإقتصاد في العبادة...92

باب من بلغه ثواب من اللّه على عمل...93

باب الصبر...94

ص: 644

باب الشكر...100

باب حسن الخلق...106

باب حسن البشر...110

باب الصدق وأداء الأمانة... 111

باب الحياء...113

باب العفو...115

باب كظم الغيظ... 117

باب الحِلم... 119

باب الصمت وحفظ اللسان...121

باب المداراة.... 125

باب الرفق...127

باب التواضع...129

باب الحبّ في اللّه والبغض في اللّه...133

باب ذم الدنيا والزهد فيها...136

باب (بدون العنوان) 145

باب القناعة... 145

باب الكفاف...148

باب تعجيل فعل الخير...149

باب الإنصاف والعدل... 151

باب الاستغناء عن النّاس... 155

باب صلة الرحم...157

باب البر بالوالدين... 164

باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم...169

باب إجلال الكبير...171

باب أخوة المؤمنين بعضهم لبعض...172

باب فيما يوجب الحقِّ لمن انتحل الإيمان وينقصه...174

باب في أن التواخي لم يقع على الدين وإنما هو التعارف... 175

ص: 645

باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقّه... 175

باب التراحم والتعاطف... 181

باب زيارة الاخوان... 182

باب المصافحة...185

باب المعانقة...190

باب التقبيل... 190

باب تذاكر الإخوان...192

باب إدخال السرور على المؤمنين... 194

باب قضاء حاجة المؤمن...198

باب السعي في حاجة المؤمن... 202

باب تفريج كرب المؤمن...204

باب إطعام المؤمنين...205

باب من كسا مؤمناً...209

باب في الطاف المؤمن وإكرامه... 210

باب في خدمته...212

باب نصيحة المؤمن...212

باب الإصلاح بين النّاس... 213

باب في إحياء المؤمن...214

باب في الدعاء للأهل إلى الإيمان...215

باب في ترك دعاء النّاس...216

باب أن اللّه إنما يعطي الدين من يحبه...217

باب سلامة الدين...218

باب التقيّة... 219

باب الكتمان... 224

باب المؤمن وعلاماته وصفاته...229

باب في قلة عدد المؤمنين... 241

باب الرضا بموهبة الإيمان والصبر على كلّ شيء بعده...244

باب في سكون المؤمن إلى المؤمن...246

ص: 646

باب في ما يدفع اللّه بالمؤمنين...246

باب في أنَّ المؤمن صنفان... 246

باب ما أخذه اللّه على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به... 248

باب شدَّة ابتلاء المؤمن...250

باب فضل فقراء المسلمين... 256

باب (بدون العنوان)... 261

باب أن للقلب أذنين ينفث فيهما الملك والشيطان... 262

باب الروح الّذي أريد به المؤمن...262

باب الذنوب...263

باب الكبائر... 269

باب استصغار الذنب... 278

باب الإصرار على الذَّنب...279

باب في أصول الكفر وأركانه...280

باب الرياء...283

باب طلب الرئاسة... 287

باب اختتال الدنيا بالدين... 288

باب من وصف عدلاً وعمل بغيره...289

باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال...290

باب الغضب ...292

باب الحسد... 295

باب الكبر...296

باب العجب...301

باب حبّ الدّنيا والحرص عليها... 304

باب الطمع...308

باب الخُرْق... 309

باب سوء الخلق... 309

ص: 647

باب السفه...310

باب البذاء...311

باب من يتقى شره... 314

باب البغي...315

باب الفخر والكِبر... 316

باب القسوة...317

باب الظلم...318

باب اتباع الهوى... 322

باب المكر والغدر والخديعة...323

باب الكذب...325

باب ذي اللسانين... 329

باب الهجرة... 330

باب قطيعة الرحم... 332

باب العقوق...334

باب الانتفاء... 335

باب من آذى المسلمين واحتقرهم... 336

باب من طلب عثرات المؤمنين وعوراتهم...339

باب التعيير...340

باب الغيبة والبهت...341

باب الرواية على المؤمنين... 343

باب الشماتة.... 344

باب السباب...344

باب التهمة وسوء الظن...347

باب من لم يناصح أخاه المؤمن...347

باب خُلف الوعد...348

باب مَن حَجَبَ أخاه المؤمن...349

باب من استعان به أخوة فلم يُعِنْهُ...350

باب من منع مؤمناً شيئاً عنده...351

ص: 648

باب من أخاف مؤمناً...352

باب النميمة....353

باب الإذاعة... 354

باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق...356

باب في عقوبات المعاصي العاجلة...358

باب مجالسة أهل المعاصي...359

باب أصناف النّاس...364

باب الكفر...366

باب وجوه الكفر...371

باب دعائم الكفر وشُعَبه...373

باب صفة النفاق والمنافق...375

باب الشرك...378

باب الشك...380

باب الضلال... 382

باب المستضف...385

باب المُرْجَوْنَ لأمر اللّه... 388

باب أصحاب الأعراف...388

باب في صنوف أهل الخلاف...389

باب المؤلفة قلوبهم...391

باب في ذكر المنافقين والضلال وإبليس في الدعوة ...392

باب في قوله تعالى : ومن النّاس (من يعبد اللّه على حرف)... 393

باب أدنى ما يكون به العبد مؤمناً أو كافراً أو ضالاً... 394

باب (بدون العنوان)...395

باب ثبوت الإيمان وهل يجوز أن ينقله اللّه...396

باب المُعَارين...396

باب في علامة المُعَار... 398

باب سهو القلب...398

ص: 649

باب في ظلمة قلب المنافق وإن أعطي اللّسان ونور قلب المؤمن وإن قصر به لسانه...400

باب في تنقل أحوال القلب...401

باب الوسوسة وحديث النفس... 402

باب الاعتراف بالذنوب والندم عليها...404

باب ستر الذُّنوب...405

باب من يهم بالحسنة أو السيئة... 406

باب التوبة.... 407

باب الاستغفار من الذنب...411

باب فيما أعطى اللّه عزّ وجلّ آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقت التوبة...413

باب اللمم...415

باب في أنَّ الذُّنوب ثلاثة...416

باب تعجيل عقوبة الذنب...417

باب في تفسير الذنوب...421

باب نادر...421

باب نادر أيضاً.... 422

باب أنَّ اللّه يدفع بالعامل عن غير العامل... 423

باب أنَّ ترك الخطيئة أيسر من [طلب] التوبة...423

باب الاستدراج...424

باب محاسبة العمل... 425

باب من يعيب النّاس...432

باب أنّه لا يؤاخذ المسلم بما عمل في الجاهلية...432

باب أنّ الكفر مع التوبة لا يبطل العمل... 433

باب المعافين من البلاء...433

باب ما رفع عن الامة...434

باب أنَّ الإيمان لا يضر معه سيّئة والكفر لا ينفع معه حسنة... 435

ص: 650

كتاب الدعاء

باب فضل الدعاء والحثّ عليه...437

باب أن الدعاء سلاح المؤمن...439

باب أن الدعاء يردُّ البلاء والقضاء... 440

باب أن الدعاء شفاء من كلّ داء...441

باب أن من دعا أستجيب له...442

باب إلهام الدعاء الدعاء... 442

باب التقدّم في الدّعاء...443

باب اليقين في الدعاء...444

باب الإقبال على الدّعاء... 444

باب الإلحاح في الدعاء والتلبث...445

باب تسمية الحاجة في الدعاء... 446

باب إخفاء الدعاء...447

باب الأوقات والحالات الّتي ترجى فيها الإجابة...447

باب الرغبة والرهبة والتضرُّع والتبتل والابتهال والاستعاذة والمسألة...449

باب البكاء...451

باب الثناء قبل الدّعاء... 453

باب الاجتماع في الدعاء الدّعاء... 456

باب العموم في الدُّعاء...457

باب من أبطأت عليه الإجابة...457

باب الصلاة على النبي محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأهل بيته (عَلَيهِم السَّلَامُ)...460

باب ما يجب من ذكر اللّه عزّ وجلّ في كلّ مجلس...464

باب ذكر اللّه عزّ وجلّ كثيراً...466

باب أنَّ الصاعقة لا تصيب ذاكراً...468

باب الاشتغال بذكر اللّه عزّ وجلّ...469

باب ذكر اللّه عزّ وجلّ في السرّ...469

باب ذكر اللّه عزّ وجلّ في الغافلين... 470

باب التحميد والتمجيد...471

ص: 651

باب الاستغفار...472

باب التسبيح والتهليل والتكبير... 473

باب الدُّعاء للإخوان بظهر الغيب...475

باب من تُسْتَجَابُ دعوته...477

باب من لا تُسْتَجَابُ دعوته...478

باب الدّعاء على العدوّ...479

باب المباهلة...481

باب ما يمجد به الرب تبارك وتعالى نفسه...483

باب من قال لا إله إلّا اللّه واللّه أكبر...484

باب من قال لا إله إلّا اللّه واللّه أكبر... 485

باب من قال لا إله إلّا اللّه وحده وحده وحده...485

باب من قال لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له - عشراً –...486

باب من قال أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله...486

باب من قال عشر مرات في كلّ يوم : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده - إلى قوله - صاحبة ولا ولداً...487

باب من قال يا اللّه يا اللّه - عشر مرات - ...487

باب من قال لا إله إلّا اللّه حقاً حقاً... 487

باب من قال يا رب يا ربّ...488

باب من قال لا إله إلّا اللّه مخلصاً...488

باب من قال ما شاء اللّه لا حول ولا قوة إلّا باللّه... 489

باب من قال أستغفر اللّه الّذي لا إله إلّا هو الحي القيوم - الخ -...490

باب القول عبد الإصباح والإمساء... 490

باب الدعاء عند النوم والانتباه...503

باب الدعاء إذا خرج الإنسان من منزله...508

باب الدعاء قبل الصلاة...512

باب الدعاء في أدبار الصلوات... 513

ص: 652

باب الدّعاء للرّزق...518

باب الدعاء للدين...522

باب الدّعاء للكرب والهم والحزن والخوف...524

باب الدّعاء للعلل والأمراض... 530

باب الحِرْز والعُوذَة...535

باب الدعاء عند قراءة القرآن... 539

باب الدعاء في حفظ القرآن.... 541

باب دعوات موجزات لجميع الحوائج...542

كتاب فضل القرآن

[ في تمثل القرآن وشفاعته لأهله ]...561

باب فضل حامل القرآن...567

باب من يتعلم القرآن بمشقة...571

باب من حفظ القرآن ثمّ نسيه...571

باب في قراءته... 573

باب البيوت الّتي يقرأ فيها القرآن...574

باب ثواب قراءة القرآن... 575

باب قراءة القرآن في المصحف... 577

باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن...578

باب فيمن يظهر الغشية عند [قراءة] القرآن...581

باب في كم يُقرأ القرآن ويُخْتَم...581

باب في أَنَّ القرآن يُرْفَع كما أُنزل...583

باب فضل القرآن...583

باب النوادر...591

كتاب العِشْرَة

باب ما يجب من المعاشرة...599

باب حسن المعاشرة...601

باب من يجب مصادقته ومصاحبته...602

ص: 653

باب من تكره مجالسته ومرافقته...604

باب التحبّب إلى النّاس والتودد إليهم...607

باب إخبار الرجل أخاه يحبه...608

باب التسليم...608

باب من يجب أن يبدأ بالسلام...611

باب إذا سلّم واحد من الجماعة أجزأههم وإذا ردَّ واحد من الجماعة أجزأ عنهم...612

باب التسليم على النساء...613

باب التسليم على أهل الملل...613

باب مكاتبة أهل الذمة... 616

باب الإغضاء... 617

باب نادر... 617

باب العطاس والتسميت...618

باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم... 623

باب إكرام الكريم...624

باب حق الداخل...625

باب المجالس بالأمانة...625

باب في المناجاة... 626

باب الجلوس...627

باب الإتكاء والاحتباء... 628

باب الدعاء والضحك... 629

باب حق الدار... 633

باب حد الجوار...636

باب حسن الصحابة وحق الصاحب في السفر...637

باب التكاتب...638

باب النوادر... 638

باب (بدون العنوان)...640

باب النهي عن إحراق القراطيس المكتوبة...641

ص: 654

فُروعُ الكافي المجلد 3

هویة الکتاب

سرشناسه : کلیني، محمّد بن یعقوب، - 329ق.

عنوان قراردادی : الكافي

عنوان و نام پدیدآور : فُروعُ الكافي/ محمّد بن یعقوب الکلیني؛ ضبطه و صححه و علق علیه محمّدجعفر شمس الدین.

مشخصات نشر :بیروت : دارالتعارف للمطبوعات، 1411ق. = 1990م.= 1369.

مشخصات ظاهری : 3ج.

فروست : موسوعة الکتب الاربعه فی احادیث النبی (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و العتره؛1،2.

یادداشت : عربی.

یادداشت : کتاب حاضر در سالهای مختلف توسط ناشران مختلف منتشر شده است.

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : احادیث شیعه -- قرن 4ق.

شناسه افزوده : شمس الدین، محمّدجعفر

رده بندی کنگره : BP129/ک 8ک 22 1369

رده بندی دیویی : 297/212

شماره کتابشناسی ملی : م 81-8050

محرر الرقمي: محسن حقانی فر

ص: 1

اشارة

فُروعُ الکَافی

ص: 2

مَوسُوعَة الكُتُبْ الأربعَة في أحَاديث النَّبي(صلی الله علیه وآله وسلم) والعِترة(عليهم السلام)

فُروعُ الكَافي

لِثقَة الاسِلَام

محمَّد بن يَعقُوب الكُلَيني

المتوفى سنة 329/328ه-

الجزء الأول

ضَبَطَه وَصَحَّهُ وَخَرَّجَ أَحَادِيثَهُ وَعَلّق عَليه

محمَّد جعفر شمس الدّين

دار التعارف للمطبوعات

بيروت لبنان

ص: 3

حُقُوق الطَّبع مَحفُوظَة

1413 ه- - 1992م

مكتبة مؤمن قريش

لو وضع ايمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه.

الإمام الصادق(عليه السلام)

moamenquraish.blogspot.com

دار التعارف للمطبوعات

المكتب : شارع سوريا - بناية درويش - الطابق الثالث

الادارة والمعرض : حارة حريك - المنشية - شارع دكاش - بناية الحسنين

تلفون : 37857 - 823685

صندوق البريد : 601 - 11 - 643 - 11

ص: 4

محتویات الکتاب

اشارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتّقين، والصّلاة والسّلام على خير خلقه

محمّد وآله الطّاهرين

كتابُ الطَّهارة

1- باب طَهُور الماء

قال أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ - رحمه الله - :

1 - حدَّثني عليٌّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «الماء يطهِّر ولا يطهَّر »(1).

2 - محمّد بن يحيى وغيره ،عن محمّد بن أحمد، عن الحسن بن الحسين اللّؤلؤي، بإسناده قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): الماء كلّه طاهرٌ حتّى يُعْلَمَ أَنّه قَذِر(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحُسين، عن أبي داود المنشد(3)، عن جعفر بن محمّد، عن يونس، عن حماد بن عثمان(4)، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: الماء كلّه طاهرٌ حتّى يعلم أنّه قذره(5).

4 - عليُّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: سألته عن ماء البحر، أطَهُورُ هو ؟ قال : نعم (6).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن ماء البحر، أطَهُورٌ هو ؟ قال : نعم (7).

ص: 5


1- التهذيب 1 ، 10 - باب المياه وأحكامها وما يجوز . . . ، ح 1 . الفقيه 1 ، 1 - باب المياه وطهرها ونجاستها، ح 2 مرسلا والمعنى كما قيل : يطهر غيره ولا يطهره غيره، وفيه نظر.
2- الفقيه 1 ، نفس الباب ح 1 بتفاوت التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 2
3- واسمه سليمان بن سفيان المسترق .
4- في التهذيب : حمّاد بن عيسى وإن كرره بحماد بن عثمان في الحديث 4 من الباب.
5- التهذيب 1 نفس الباب، ح 3.
6- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 5 و 6 بدون كلمة : هو في الثاني .
7- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 5 و 6 بدون كلمة : هو في الثاني .
2 - باب الماء الذي لا ينجّسه شيء

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى ؛ وعليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، جميعا عن معاوية بن عمّار قال : سمعت أبا عن عبد الله(عليه السلام)يقول : إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيءٌ (1).

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى ،عن علي بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الماء الّذي تبول فيه الدَّوابّ، وتَلِعُ فيه الكلاب، وَيَغْتسل فيه الجُنب؟ قال: إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شیءٌ(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجّسه شيءٌ، تُفَسَّخ فيه أو لم يُتفَسّخ فيه، إلّا أن يجيء له ريح يغلب على ريح الماء(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح الثّوريّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كان الماء في الرّكي(4)كّراً لم ينجّسه شيء . قلت: وكم الكرّ؟ قال: ثلاثة أشبار ونصف عمقها في ثلاثة أشبار ونصف عرضها(5)

ص: 6


1- الاستبصار 1 ، 1 - باب مقدار الماء الذي لا ينجسه شيء ، ح 2 . التهذيب ،1، 3 - باب آداب الأحداث ح 47 و 48 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الماء إذا بلغ كراً لا ينجّسه شيء إلّا إذا تغير بعين النجاسة بأحد أوصافه الثلاثة قال المحقق في الشرائع 12/1 ، وهو بصدد الحديث عن قسم المحقون من المياه : «وما كان منه كراً فصاعداً لا ينجس إلا أن تغير النجاسة أحد أوصافه . . . ».
2- الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 1 بتفاوت في المتن وبعض السند ، ح 1 وكرره في 21 - باب في المياه وأحكامها ، ح 27 بتفاوت أيضاً. وكذا برقم 7 من الباب 9 من نفس الجزء الفقيه ،1، 1 - باب المياه وطهرها ونجاستها، ح 12 مرسلا بتفاوت وولغ الكلب في الإناء : شرب منه بأطراف لسانه .
3- الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح ،4 ، وذيل ح7 أيضاً ، التهذيب 1 نفس الباب ، ح 56 . وكذلك ذيل ح 17 من الباب 21 من نفس الجزء . والظاهر أن محمد بن إسماعيل في سند الحديث هو النيسابوري البندقي لا ابن بزيع. وقوله : تفسخ أو ... الخ : أي تحلّلت عين النجاسة من حيوان ذي نفس سائلة أو عذرة أو ما شابه ...
4- الركّي : جمع ركية وهي البشر .
5- الاستبصار 1 ، 17 - باب البئر يقع فيها ما يغير أحد أوصاف الماء إما ... ، ح 9 . بزيادة في صدره، ولعلها سقطت هنا وفي التهذيب من النسّاخ أو لعلها أغفلت هنا وفي التهذيب اعتماداً على ذكر العرض إذ لا بد معه من طول للجسم. إلا أن يكون الشكل اسطوانياً فيكون المقصود بالعرض قطر الدائرة . هذا وقد حمل الشيخ في التهذيب هذا الحديث على التقيه لأنه موافق المذهب بعض العامة خاصة والراوي له الحسن بن صالح الثوري وهو زيدي بتري متروك العمل بما يختص بروايته. وذكر في الاستبصار وجهاً آخر وهو أن يكون المراد بالركيّ المصنع الّذي لا يكون له مادة بالنبع، دون الآبار التي لها مادة فإن ذلك هو الذي يراعى فيه الاعتبار بالكر. التهذيب 1 ، 21 - باب المياه وأحكامها ، ح 1 .

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الكرّ من الماء ، كم يكون قدره؟ قال : إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصف، في مثله ثلاثة أشبار ونصف، في عمقه في الأرض، فذلك الكرّ من الماء(1).

6 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير ،عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الكرّ من الماء ألف ومائتا رِطْل (2).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقيّ، عن ابن سنان(3)، عن إسماعيل بن جابر قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الماء الّذي لا ينجّسه شيءٌ؟ قال: كرّ، قلت وما الكرّ؟ قال : ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار (4).

8 - عليٌّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ،عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : الكرُّ من الماء نحو حبّي هذا - وأشار بيده إلى حبّ من تلك الحباب الّتي تكون بالمدينة (5).

3 - باب الماء الذي تكون فيه قِلّة، والماء الّذي فيه الجِيفَ والرجل يأتي الماء ويده قذرة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليٌّ بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهليّ قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إذا أتيت ماءاً وفيه قِلّة، فانْضَحْ عن يمينك وعن يسارك وبين يديك وتوضَّأ (6).

ص: 7


1- الاستبصار 1 ، 2 - باب كمية الكر، ح، التهذيب 1، 3 - باب آداب الأحداث....ح55.
2- الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 4. التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 52 بتفاوت فيهما .
3- في الاستبصار نص على أنه عبد الله بن سنان .
4- الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 2 . التهذيب 1، نفس الباب ، ح 54 والبرقي هو محمد بن خالد .
5- الاستبصار 1 ، 1 - باب مقدار الماء الذي لا ينجسه شيء، ح ه . التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 57 . ويقول استاذنا الإمام الخوئي ، التنقيح 286/1 :« وهذه الرواية غير قابلة لأن يستدل بها في شيء لا لنا ولا علينا لضعفها بالإرسال كما لا يخفى».
6- التهذيب 1، 21 - باب المياه وأحكامها ، ح 2 .

2 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان قال: حدَّثني محمّد بن الميسر(1)قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل الجُنب ينتهي إلى الماء القليل في الطّريق ويريد أن يغتسل منه ، وليس معه إناء يغرف به، ويداه قذرتان؟ قال : يضع يده ويتوضّأ ثمَّ يغتسل، هذا ممّا قال الله عزّ وجلَّ (2): ﴿ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾(3).

3 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه قال : كلّما غلب الماء ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب، وإذا تغيّر الماء وتغير الطّعم فلا تتوضّأ ولا تشرب (4).

4 -عليٌّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن عبد الله بن سنان قال: سأل رجلٌ أبا عبد الله(عليه السلام) - وأنا جالس - عن غدير أَتَوْه وفيه جيفة؟ فقال : إذا كان الماء قاهراً ولا يوجد فيه الرِّيح فتوضّأ .

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد ،عن عليِّ بن أبي حمزة قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الماء السّاكن، والاستنجاء منه، والجيفة فيه؟ فقال : توضّأ من الجانب الآخر ولا توضّأ من جانب الجيفة(5).

6-عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)في الماء الآجن: تتوضأ منه إلّا أن تجد ماءاً غيره فَتَنَزَّه منه (6).

ص: 8


1- في الاستبصار: محمّد بن عيسى....
2- سورة الحج / 78. والحَرَج الضيق، أو أضيق الضيق. وقد يأتي في غير هذا الموضع بمعني الإثم.
3- التهذيب 1 ، 6 - باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها ، ح 116 . الاستبصار 1، 76 - باب الجنب ينتهي إلى البئر أو الغدير وليس ... ، ح 2. وقد وجه الشيخ في الاستبصار هذا الخبر بأن يأخذ الماء من المستنقع بيده ولا ينزله بنفسه، ويغتسل بصب الماء على البدن ويكون قوله : ويداه ،قذرتان إشارة إلى ما عليهما من الوسخ دون النجاسة ...
4- الاستبصار 1 ، 3 - باب حكم الماء الكثير إذا تغير أحد . . . ، ج 2، التهذيب 1 ، 10 - باب المياه وأحكامها وما 3 ح يجوز . . . ، ح 8 بتفاوت يسير في الجميع، وليس في سندهما عمن أخبره .... وعلى كل حال، فالمراد بتغير الماء تغير لونه أو رائحته أو طعمه بعين النجاسة .
5- الاستبصار 1 ، 10 - باب الماء القليل يتسل فيه شيء من النجاسة ، ح 5 التهذيب 1، 21 - باب المياه وأحكامها ، ح 3 ، الفقيه ، ، : - باب المياه وطهرها و . . . ، ح 21 بتفاوت في الجميع . وإنما نهاه عن الاستنجاء من جانب الجيفة لأنه لا ينفك عن التغير بالجيفة غالباً، والتوضي في جوابه(عليه السلام)بمعنى التنظف والاستنجاء بمقتضى ضرورة التطابق بين السؤال والجواب، وإلا فالمتبادر منه عند إطلاقه مع عدم القرينة الحالية أو المقالية هو الوضوء الإصطلاحي .
6- التهذيب 1 ، 10 - باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به وما ...، ح 9 بتفاوت يسير وبدون الذيل. الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 3 بدون الذيل والماء الأجن، هو الذي تغير طعمه ولونه، وقيل: رائحته ، وقيل :غشيه الطحلب والورق . وقد كرر ذكره الشيخ رحمه الله بنفس نص الفروع مع الذيل برقم 5 من الباب 21 من نفس الجزء . كما ذكر مضمونه الصدوق رحمه الله في الفقيه 1 ، 1 - باب المياه وطهرها و. ... ذيل ح 10 .

7 - عليٌّ بن محمّد، عن سهل، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الحياض الّتي بين مكّة والمدينة تَرِدُها السباع وتلغ فيها الكلاب ويغتسل فيها الجُنُب ، أيْتَوَضَّاً منها؟ قال : وكم قدر الماء؟ قلت : إلى نصف الساق وإلى الركبة ،وأقلّ، قال: تَوَضّأ (1) .

4 - باب البئر وما يقع فيها

1 -عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرّضا(عليه السلام)عن البئر تكون في المنزل للوضوء، فتقطر فيها قَطَرات من بَوْلِ أو دم ، أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبَعر ونحوها، ما الّذي يطهّرها حتّى يحلّ الوضوء منها للصّلاة؟ فوقَّع(عليه السلام)بخطّه في كتابي : تَنْزح منها دلاءاً (2).

2 - وبهذا الإسناد قال : ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلّا أن يتغيّر [به](3).

ص: 9


1- الاستبصار 1 ، 10 - باب الماء القليل يحصل فيه شيء من النجاسة ، ح .9 . التهذيب 1 ، 21 - باب المياه وأحكامها ، ح 36 بتفاوت فيهما. هذا وقد دل سؤال الإمام(عليه السلام)عن قدر الماء والجواب بأنه إلى نصف الساق أو الركبة على أمرين: الأول: إن الماء إذا بلغ نصف الساق في الصحاري فإنه يشتمل قطعاً على أضعاف الكر عادة، وذلك لأن الصحاري مسطحة وليست مرتفعة الأطراف ومن هنا حكم بعدم انفعاله بملاقاة النجس له كالكلب وغيره الثاني : إن هناك فرقاً بين القليل فينفعل بملاقاة النجس والكثير فلا، وإلا لكان استفصال الإمام(عليه السلام)عن مقدار الماء لغوياً، وهو مردود.
2- الاستبصار 1، 24 - باب البئر يقع فيها الدم القليل أو الكثير، ح 2 وفي ذيله : ينوح . .. ، بدل تنزح . ... وكذلك هو في التهذيب 1 ، 11 - باب تطهير المياه من . . . ، ح 36 . هذا والمشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم وجوب نزح عشر دلاء للدم القليل إذا وقع في البئر.
3- التهذيب 1 نفس الباب، صدرح .. وأورده برقم 6 من الباب 21 من نفس الجزء أيضا كحديث مستقل بدون (به) في الذيل. الاستبصار 1 ، 17 - باب البئر يقع فيها ما يغير أحد أوصاف الماء إما . .. ، ح 8 بزيادة في آخره . وقد قال الشيخ في الاستبصار عند ذكره الحديث : فالمعنى في هذا الخبر أنه لا يفسده شيء إفساداً لا يجوز الانتفاع بشيء منه إلا بعد نزح جميعه إلا ما يغيره فأما ما لم يتغير فإنه ينزح منه مقدار وينتفع بالباقي ... وقد علق استاذنا السيد الخوئي على ما ذكره الشيخ هنا قائلا : «وأما ما ذكره الشيخ الطوسي قدس سره من أن معنى قوله : (لا يفسده شيء) أنه لا يفسده شيء إفساداً غير قابل للإصلاح والزوال، فإن البئر تقبل الاصلاح بنزح المقدرات فيدفعه ما أفاده المحقق الهمداني من أن هذا الكلام لو كان صدر من متكلم عادي لأجل تفهيم المعنى المدعي كان مضحكاً عند أبناء المحاورة فكيف يصدر مثله عن الإمام الذي هو أفصح المتحاورين ، وعليه فمعناه ما قدمناه من أنه واسع لا ينفعل بشيء من النجاسات ».

3 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي أُسامة (1)، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الفارة والسنور والدّجاجة والطّير والكلب قال : ما لم يتفسّخ أو يتغيّر طعم الماء فيكفيك خمسُ دلاء، فإن تغيّر الماء فخُذْ منه حتّى يذهب الرّيح(2).

4 - محمّد بن يحيى رفعه عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا يفسد الماء إلّا ما كان له نفس سائلة(3).

5 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النّضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام)في السّام أبرص يقع في البئر ، قال : ليس بشيء، حرِّك الماء بالدَّلوْ (4).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان، عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عمّا يقع في الآبار؟ فقال: أمّا الفارة وأشباهها فينزح منها سبع دلاء، إلّا أن يتغيّر الماء فينزح حتى يطيب، فإن سقط فيها كلبٌ فَقَدِرْتَ أن تنزح مَاءَها فافعل، وكلّ شيء وقع في البئر ليس له دمٌ مثل العقرب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس(5).

7 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا سقط في البئر شيءٌ صغيرٌ فمات فيها، فانزح منها

ص: 10


1- هو زيد الشحّام .
2- التهذيب 1 ، 11 - باب تطهير المياه من النجاسات ح 6. الاستبصار 1 ، 20 - باب البئر يقع فيها الكلب والخنزير و . . . ، ح 6 . وقد ساوى هذا الحديث في النزح بين أشياء اختلفت عند أصحابنا في مقدرات نزحها فيما هو المشهور بينهم .
3- ) التهذيب 1 ، 10 - باب المياه وأحكامها وما يجوز . ..، ح 51 . الاستبصار 1 ، 13 - باب ما ليس له نفس سائلة يقع في ... ، ح 2 بسند آخر.
4- التهذيب 1 ، 11 - باب تطهير المياه من النجاسات ح.39 الاستبصار 1 ، 21 - باب البئر يقع فيها الفارة والوزغة والسامّ أبرص ح 10 بتفاوت في الجواب. الفقيه 1 ، 1 - باب المياه وطهرها ونجاستها، ح 31 بتفاوت . وقد حمل الشيخ هذا الحديث على ما إذا لم يكن السام أبرص قد تفسّخ وتسلخ ، وإلا فلا بد من نزح سبع دلاء له حينئذٍ .
5- التهذيب 1 ، 10 - باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به وما . . . ، ح 49 بتفاوت قليل. الاستبصار 1، 13 - باب ما ليس له نفس سائلة يقع في ... ، ح 3 وروى ذيل الحديث بتفاوت يسير . هذا والمجمع عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم على أن ما ليس له نفس سائلة فميتته طاهرة لا توجب تنجيساً لملاقيها ، وما ورد من النزح لها لو وقعت في البشر فمحمول على الاستحباب دفعاً لكراهة سمّيتها لو كانت أو منفرية النفس منها .

دلاءاً، وإن وقع فيها جُنُبٌ فانزح منها سبع دلاء، فإن مات فيها بعير، أو صُبْ فيها خمر فلیُنْزَح(1).

8 - محمّد بن يحيى، عن العمركّي بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه الحسن(عليه السلام)قال : سألته عن رجل ذبح شاة فاضطربت ووقعت في بئر ماء وأوداجها تَشْخَبُ دماً ، هل يتوضّأ من تلك البئر؟ قال : ينزح منها ما بين الثّلاثين إلى الأربعين دلواً ثمَّ يتوضّأ منها ولا بأس به. قال : وسألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت في بئر، هل يصلح أن يتوضّأ منها؟ قال : ينزح منها دلاءً يسيرة ثم يتوضّأ منها، وسألته عن رجل يستقي من بئر فيرعف فيها، هل يتوضّأ منها؟ قال : ينزح منها دلاء يسيرة (2).

9 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قلت :بئر يخرج في مائها قطع جلود؟ قال : ليس بشيء، إنّ الوزغ ربّما طرح جِلْدَه ، وقال : يكفيك دلو من ماء (3).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يُسْتَقى به الماء من البئر، هل يتوضّأ من ذلك الماء؟ قال : لا بأس (4).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن العذرة تقع في البئر؟ قال : ينزح منها عشرة دلاء ، فإن ذابت فأربعون أو خمسون دلواً(5).

ص: 11


1- الاستبصار 1 ، 19 - باب البئر يقع فيها البعير والحمار وما . . . ، ح 2 . التهذيب 1 ، 11 - باب تطهير المياه من النجاسات ، ح 25 . وفي الذيل فيهما زيادة الماء كله
2- الاستبصار 1 ، 24 - باب البئر يقع فيها الدم القليل أو الكثير ، ح 1 . التهذيب 1 ، 21 - باب المياه وأحكامها، ح 7 . الفقيه 1 ، 1 - باب المياه وطهرها ونجاستها ح 29 وروى صدر الحديث فقط. هذا والمشهور بين الأصحاب وجوب نزح خمسين دلواً للدم الكثير في نفسه ما عدا الدماء الثلاثة وسبق منا التنبيه إلى أن المشهور عندهم أيضاً وجوب نزح عشر دلاء للدم القليل كدم الدجاجة المذبوحة .
3- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 44 بتفاوت الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 30 بتفاوت أيضاً. وفيهما عن يعقوب بن عثيم سأل أبا عبد الله(عليه السلام).
4- التهذيب 1 ، 21 - باب المياه وأحكامها ، ح. هذا وقد حمل الشيخ رحمه الله هذا الحديث على ما إذا لم يصل الشعر إلى الماء، لأنه لو وصل إليه لكان مفسداً له .
5- التهذيب 1 ، 11 - باب تطهير المياه من النجاسات ذيل ح 33 الاستبصار 1 ، 22 - باب البئر تقع فيها العذرة اليابسة أو الرطبة، ح 1 بسند مختلف

12 - عليٌّ بن محمّد، عن سهل، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): بئر يُستَقى منها ، ويتوضّأ به، ويغسل منه الثياب، ويعجن به، ثمَّ يعلم أنّه كان فيها ميت؟ قال: فقال : لا بأس، ولا يغسل منه الثوب ، ولا تعاد منه الصلاة(1).

5 - باب. البئر تكون إلى جنب البالوعة

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان ، عن الحسن بن رباط، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألت عن البالوعة تكون فوق البئر؟ قال : إذا كانت فوق البئر فسبعة أذرع وإذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع من كل ناحية، وذلك كثير(2).

2 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه : عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، ومحمّد بن مسلم وأبي بصير قالوا قلنا له بئر يُتَوضّأ منها يجري البول قريباً منها، أينجسها؟ قال : فقال: إن كانت البئر في أعلى الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها ، وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجّس ذلك شيء، وإن كان أقل من ذلك ينجّسها، وإن كانت البئر في أسفل الماء عليها، وكان بين البئر وبينه تسعة أذرع ، لم ينجسها، وما كان أقلّ من ذلك فلا الوادي ويمر يُتَوضّأ منه .

قال زرارة فقلت له : فإن كان مجرى البول بلزقها وكان لا يثبت على الأرض؟ فقال: ما لم يكن له قرار فليس به بأس، وإن استقرَّ منه قليل فإنّه لا يثقب الأرض ولا قعر له حتّى يبلغ

ص: 12


1- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح .8. الاستبصار 1 ، 17 - باب البئر يقع فيها ما يغير أحد أوصاف الماء إما . . . ، ح 6 بتفاوت يسير . الفقيه 1 ، 1 - باب المياه وطهرها ونجاستها ، ح 20 مرسلا بتفاوت والمراد بالميت في الرواية، إما ميت الإنسان، وإما مطلق الميت في مقابل الحي، وظاهر الرواية هو عدم تغير ماء البئر بوقوع ميت فيها إذ لو كان قد تغير به لالتفت إلى هذا التغير عادة باستعمال ذلك الماء إما من ناحية طعمه أو لونه أو رائحته، وذلك هو مفروض كلام السائل المستفاد من قوله : ثم علم أنه كان فيها ميت.
2- التهذيب 1 ، 21 - باب المياه وأحكامها ، ح 9 بتفاوت في الترتيب بين الصدر والعجز . الاستبصار 1، 25 - باب مقدار ما يكون بين البئر والبالوعة ، ح 1 بنفس تفاوت التهذيب والبالوعة هي الحفرة التي تتجمع فيها المياه القذرة والفضلات من الإنسان من بول أو غائط وهي حفرة الكنيف أو غيره ومعنى كون البئر أسفل من البالوعة أو أعلى أن قرار البالوعة يكون فوق قرار البئر أو العكس. وقد يكون القراران متساويين. وقد قال فقهاؤنا رضوان الله عليهم باستحياب أن يتباعد البئر عن البالوعة خمسة أذرع في الأرض الصلبة أو كان قرار البئر فوق قرار البالوعة وسبعة أذرع في الأرض الرخوة أو كان قرار البئر مساو لقرار البالوعة أو تحتها .

البئر، وليس على البئر منه بأس، فيتوضّأ منه إنّما ذلك إذا استنقع كلّه(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السّراج عبد الله بن عثمان، عن قدامة بن أبي يزيد الحمّار (2)، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته : كم أدنى ما يكون بين البئر - بئر الماء - والبالوعة ؟ فقال : إن كان سهلاً فسبعة أذرع ، وإن كان جبلاً فخمسة أذرع ، ثمَّ قال : الماء يجري إلى القبلة إلى يمين، ويجري عن يمين القبلة إلى يسار القبلة، ويجري عن يسار القبلة ، إلى يمين القبلة، ولا يجري من القبلة إلى دبر القبلة (3).

4 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد عن عبّاد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن محمّد بن القاسم، عن أبي الحسن(عليه السلام)، في البئر يكون بينها وبين الكنيف خمسة أذرع، أو أقل، أو أكثر، يتوضّأ منها؟ قال: ليس يكره من قرب ولا بُعْد يتوضّأ منها ويغتسل ما لم يتغيّر الماء(4)

6 - باب الوضوء من سؤر الدوابّ والسباع والطَّيْر

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: لا بأس بأن يتوضّأ ممّا شرب منه ما يؤكل لحمه.

2 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن خالد، والحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : فَضْلُ الحمامة والدّجاج لا بأس به، والطّير(5).

3 - أبو داود(6)، عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن عن زرعة عن سماعة قال :

ص: 13


1- التهذيب 1 ، 21 - باب المياه وأحكامها ، ح 12 بتفاوت يسير الاستبصار 1 ، 25 - باب مقدار ما يكون بين البئر والبالوعة ، ح 3 وفيه : وكان بين البئر وبينه سبعة أذرع ..، بدل : ... تسعة أذرع ... وتفاوت آخر قليل . وقوله : في أعلى الوادي ... وأسفله ... إشارة إلى علو قرار البئر عن قرار البالوعة وبالعكس .
2- في سند التهذيب عن قدامة بن أبي زيد الحمار وفي سند الاستبصار: عن قدامة بن أبي زيد الجمال.
3- التهذيب ،1 نفس الباب، ح 10 . الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 2
4- الاستبصار ،1، نفس الباب ، ح 4. التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 13 . وقوله(عليهم السلام): من قُرب ولا بعد ، أي قرب الكنيف من البئر وبعده، ويحتمل من قُرب الماء وبعده. وأبو الحسن في الحديث هو الإمام الرضا(عليه السلام).
5- التهذيب 1 ، 10 - باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر . . . ، ح 42 .
6- هو سليمان بن سفيان المسترق .

سألته : هل يشرب سؤر شيء من الدّواب ويتوضّأ منه ؟ قال : فقال : أمّا الإبل والبقر والغنم فلا بأس(1).

4 -عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة. عن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إن في كتاب عليّ(عليه السلام) أن الهرّ سَبُعٌ فلا بأس بسؤره، وإنّي لاستحيي من الله أن أدع طعاماً لأنَّ هرًّا أَكَلَ منه(2).

5- أحمد بن إدريس، ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سئل عمّا تشرب منه الحمامة ؟ فقال : كلّ ما أُكل لحمه فتوضّاً من سؤره واشرب . وعمّا شرب منه بازٌ أو صقر أو عقاب فقال : كلّ شيء من الطّير تَوَضّأْ ممّا يشرب منه إلّا أن ترى في منقاره دماً، فإن رأيت في منقاره دماً فلا تَوَضّأ منه ولا تَشْرَبْ (3)

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)، عن جرّة وجد فيها خنفساء قد ماتت؟ قال : أَلْقِها وتوضّأ منه ، وإن كان عقرباً فأَرِقْ الماء وتوضّأ من ماءٍ غيره ؛ وعن رجل معه إناء أن فيهما ماء وقع في أحدهما قذٌر ولا يدري أيّهما هو وليس يقدر على ماء غيره؟ قال : يهريقهما جميعاً ويتيمّم (4).

7- أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن أيّوب بن نوح عن الوشاء، عمن ذكره عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه كان يكره سؤر كلِّ شيء لا يؤكل لحمه .

7 - باب الوضوء من سؤر الحائض والجُنُب واليهوديّ والنصرانيّ والنّاصِب

1 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين ؛ ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن

ص: 14


1- التهذيب 1 ، نفس ،الباب ح 39 وليس فيه ذكر الغنم .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 38 بتفاوت يسير. وقد دَل الحديث على أن السبعية في الهر لا تنهض سبباً وحدها للاجتناب عن سؤره .
3- الاستبصار 1 ، 12 - باب سؤر ما يؤكل لحمه وما لا ... ، ح 1 بزيادة في آخره. التهذيب 1، 10 - باب المياه وأحكامها وما يجوز . . . ، ح 43 . وذكر صدره بتفاوت مع نفس السند برقم 25 من نفس الباب أيضاً. وقد دل صدر الحديث بمفهومه على أن ما لا يؤكل لحمه لا يجوز التوضؤ به ولا الشرب منه .
4- الاستبصار 1، 10 - باب الماء القليل يحصل فيه شيء من النجاسة ، ح . . التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 45 بتفاوت يسير فيهما .

شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن عنبسة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : اشرب من سؤر الحائض ولا تَوَضَّأ منه(1).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام) : هل يغتسل الرَّجل والمرأة من إناء واحد؟ فقال: نعم، يُفْرغان على أيديهما قبل أن يضعا أيديهما في الإناء ، قال : وسألته عن سؤر الحائض ؟ فقال : لا تَوَضّأ منه ، وَتَوَضَّأ من سؤر الجُنُب إذا كانت مأمونة ، ثمَّ تغسل يديها قبل أن تُدْخِلَهما في الإناء، وكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يغتسل هو وعائشة في إناء واحد ويغتسلان جميعاً (2).

3 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الحائض، يشرب من سؤرها؟ قال: نعم، ولا يتوضّأ منه(3).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)أيتوضّأ الرَّجل من فضل المرأة؟ قال: إذا كانت تعرف الوضوء ؛ ولا يتوضّأ من سؤر الحائض .

5 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن سعيد الأعرح قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن سؤر اليهوديِّ والنّصرانيِّ ؟ فقال : لا (4).

6 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن أيّوب بن نوح، عن الوشّاء، عمّن

ص: 15


1- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 17 بتفاوت. الاستبصار 1 ، 7 - باب استعمال فضل وضوء الحائض والجنب ح وسؤرهما ، ح 3 بتفاوت أيضا هذا ، ولا بد من حمل هذا الخبر كغيره من الأخبار الناهية مطلقاً عن التوضي بسؤر الحائض أو الشرب منه على الأخبار المقيدة بما إذا كانت غير مأمونة جرياً على القاعدة في مثل المقام من حمل المطلق على المقيد
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 6 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 2 بتفاوت فيهما وبدون الصدر. وفيهما : يتوضأ منه . . ، بدل : لا توضاً منه.
3- التهذيب 1 ، 10 - باب المياه وأحكامها وما يجوز ... ، ح 18 . الاستبصار 1 ، 7 - باب استعمال فضل وضوء الحائض و . . . ، ح 4 بتفاوت فيهما .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 21 . الاستبصار 1 ، 8 - باب استعمال استار الكفّار، ح 1. ووجوب الاجتناب عن سؤر الكافر مطلقاً مبني على الحكم بنجاسته، وهذا هو المشهور بين متقدمي أصحابنا ومتأخريهم، بل لعلها عندهم من الأمور الواضحة، بل عدها بعضهم من البديهيات، ولم يخالف إلّا بعض المتقدمين وجملة من محققي المتأخرين. وإذا أردت الاطلاع على تفصيل ذلك وما قيل من النقض والإبرام فراجع التنقيح2/ 45 وما بعدها .

ذكره ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه كره سؤر ولد الزنا، وسؤر اليهوديِّ والنصرانيِّ والمشرك، وكلّ من خالف الإسلام، وكان أشدّ [ذلك] عنده سؤر النّاصب(1) .

8 - باب الرجل يُدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها، والحد في غسل اليدين من الجنابة والبول والغائط والنوم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن سماعة، عن أبي بصير، عنهم(عليهم السلام)قال : إذا دخلت يدك في الإناء قبل أن تغسلها فلا بأس، إلّا أن يكون أصابها قذر بول أو جنابة، فإن دخلت يدك في الإناء وفيها شيءٌ من ذلك فأَهْرق ذلك الماء .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن عبد الكريم بن عُتبة قال : سألت الشيخ(2)عن الرَّجل يستيقظ من نومه ولم يَبُل، أَيُدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها؟ قال: لا، لأنّه لا يدري أين كانت يده، فَلْيَغْسِلْهَا(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليِّ بن الحكم، عن شهاب بن عبد ربّه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل الجُنُب يسهو فيغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها، أنّه لا بأس إذا لم يكن أصاب يده شيء.

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما(عليهم السلام)قال: سألته عن الرَّجل يبول ولم يمسّ يده شيء، أيغمسها في الماء؟ قال : نعم، وإن كان جُنُباً(4).

5-عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سئل : كم يُفْرِعُ الرَّجل على يده قبل أن يُدخلها في الإناء؟ قال : واحدة من

ص: 16


1- الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 2 . التهذيب ،1 نفس الباب ، ح 22 . والسؤر - لغة - البقية من كل شيء، والفضلة كما في تاج العروس 251/3 . وقد حملت الكراهة هنا على الحرمة كما في مرآة العقول.
2- هو أبو عبد الله الصادق(عليه السلام)كما صرح به في الاستبصار، وابن عتبة الكوفي الهاشمي هو من أصحابه(عليهم السلام).
3- الاستبصار 1 ، 30 - باب غسل اليدين قبل ادخالهما الإناء عند ... ، ح 5 التهذيب 1 ، 3 - باب آداب الأحداث الموجبة . . . ، ح 45 وفيه : حيث باتت . . . ، بدل اين باتت . . . ، وفيهما زيادة في أول الحديث .
4- الاستبصار 1 ، 30 - باب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء عند ... ، ح . التهذيب 1، 3 - باب آداب الأحداث الموجبة ... ، ح 37 :وفيهما يده اليمنى وبتفاوت يسير في الجميع.

حدَث البولْ، وثنتين من الغائط، وثلاثاً من الجنابة(1).

6 - علي بن محمّد، عن سهل، عمّن ذكره، عن يونس، عن بكار بن أبي بكر قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرَّجل يضع الكوز الّذي يغرف به من الحبّ في مكان قذر ثمَّ يدخله الحبِّ؟ قال : يصبّ من الماء ثلاثة أكفّ، ثمَّ يدلك الكوز(2).

9 - باب اختلاط ماء المطر بالبول، وما يرجع في الإناء من غسالة الجُنُب والرجل يقع ثوبه على الماء الذي يستنجي به

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في ميزابين سَالَا ، أحدهما بول والآخر ماء المطر، فاختلطا ، فأصاب ثوب رجل لم يضرِّه ذلك(3) .

2 -عدُّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن الحكم بن مسكين، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : لو أنّ ميزابين سَالَا ؛ أحدهما ميزاب بول والآخر ميزاب ماء فاختلطا ثمَّ أصابك، ما كان به بأس(4).

3 - أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم عن الكاهليّ، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قلت: أَمُرُّ في الطريق فيسيل عليِّ الميزاب في أوقات أعلم أنَّ الناس يتوضّؤون؟ قال: قال ليس به بأس لا تسأل عنه ، قلت : ويسيل عليِّ من ماء المطر أرى فيه التغيّر، وأرى فيه آثار القذر، فتقطر القطرات عليَّ وينتضح عليَّ منه ، والبيت يُتَوَضًّا على سطحه فَيَكِفُ على ثيابنا؟ قال: ما بذا بأسٌ لا تغسله كلّ شيء يراه ماء المطر فقد طهر(5) .

ص: 17


1- الاستبصار 1 نفس ،الباب ح .1 والحديث فيه مضمر التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 35 . بتفاوت فيهما.
2- والظاهر من الصب ثلاثة أكفّ من الماء، إنما هو الصب على الكوز الذي إصابته نجاسة القدر قبل إدخاله في الحب لئلا يفسد الماء بملاقاته.
3- التهذيب 1 ، 21 - باب المياه وأحكامها ، ح 14 . وحمل على ما إذا كان عند نزول المطر ولم يتغير الماء به ويكون في حال نزول الغيث وما قيل من أن المراد من الاختلاط الاشتباه فاشتباه ظاهر مرآة المجلسي 43/13 .
4- التهذيب 1 ، 21 - باب المياه وأحكامها ، ح 15 . انظر التعليقة السابقة فهي منطبقة هنا.
5- هذا وقد نقل المحقق في المعالم عن أكثر الأصحاب كالفاضلين والشهيدين وغيرهم الحاق ماء المطر حال نزوله بالجاري في عدم الانفعال بالملاقاة ما دام الغيث نازلاً سواء جرى أو لم يجر . وأما الشيخ رحمه الله فقد قيد الحاق ماء المطر به بما إذا لم يتغير بأحد الأوصاف الثلاثة كما نص عليه في التهذيب .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن(عليه السلام)(1)في طين المطر أنّه لا بأس به أن يصيب الثّوب ثلاثة أيّام ، إلّا أن يعلم أنّه قد نجسه شيءٌ بعد المطر ، فإن أصابه بعد ثلاثة أيّام فاغسله ؛ وإن كان الطريق نظيفاً لم تغسله(2).

5 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الأحول قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أخرج من الخلاء فأستنجي بالماء، فيقع ثوبي في ذلك الماء الّذي استنجیتُ به ؟ فقال : لا بأس به(3).

6 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن الحكم عن شهاب بن عبد ربّه ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه قال - في الجنب يغتسل فيقطر الماء عن جسده في الإناء وينتضح الماء من الأرض فيصير في الإناء - : أنّه لا بأس بهذا كلّه.

7 -محمّد بن إسماعيل ،عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبْعيّ بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: في الرّجل الجُنُب يغتسل فينتضح من الماء في الإناء؟ فقال : لا بأس ﴿ مَا(4) جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ (5).

8 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن الوشّاء عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أغتسل في مُغْتَسَل يُبال فيه ويُغْتَسَلُ من الجنابة، فيقع في الإناء ماء ينزو من الأرض؟ فقال : لا بأس به(6).

ص: 18


1- هو الإمام الكاظم(عليه السلام)كما صرح بذلك في الفقيه عند إيراده الحديث.
2- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب وغيرها من ... ، ح 70 . الفقيه 1، 16 - باب ما ينجس الثوب والجسد ح 15 بتفاوت.
3- التهذيب 1، 4 - باب صفة الوضوء و ...، ح 72 الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 14 بزيادة في الذيل هي : وليس عليك شيء. والأحول : لقب مؤمن الطاق محمد بن النعمان. ويستفاد من الحديث في قوله(عليهم السلام): لا بأس به : إنه طاهر لا إنه نجس معفو عنه كما نسبه في الذكرى إلى المحقق في المعتبر، وإطلاقه يؤذن بعدم الفرق في ذلك بين المخرجين والمتعدي وغيره إلا أن يتفاحش بحيث لا يصدق على إزالته اسم الاستنجاء، ولا بين أن ينفصل الماء أجزاء من النجاسة مميزة أو لا. واشترط العلامة في النهاية عدم زيادة الوزن وتبعه شيخنا في الذكرى، ودليله غير ظاهر نعم يشترط عدم تغيره بالنجاسة وعدم وقوعه على نجاسة خارجة مرآة المجلسي 45/13 .
4- سورة الحج / 87 .
5- التهذيب 1 4 - باب صفة الوضوء و...، ح 73.
6- ولا بد من حمله على ما إذا لم يصب الماء قبل أن ينزو من الأرض عين النجاسة أو المكان الذي أصابته النجاسة، أو على ما إذا شك في ذلك حيث تحكمه أصالة الطهارة .
10 - باب ماء الحمّام والماء الذي تسخّنه الشمس

1 - بعض أصحابنا، عن ابن جمهور ، عن محمّد بن القاسم، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : لا تغتسل من البئر الّتي تجتمع فيها غسالة الحمّام فإنّ فيها غسالة ولد الزّنا وهو لا يطهر إلى سبعة آباء(1)، وفيها غسالة النّاصب وهو شرُّهما، إِنَّ الله لم يخلق خلقاً شرًّا من الكلب، وإنَّ النّاصب أهون على الله من الكلب . قلت : أخبرني عن ماء الحمام يغتسل منه الجنب والصبيّ واليهوديّ والنصرانيّ والمجوسيّ ؟ فقال : إنَّ ماء الحمام كماء النّهر(2) يطهر بعضه بعضاً .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن بكر بن حبيب، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : ماء الحمّام لا بأس به إذا كانت له مادَّة(3).

3 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان(4) قال : سمعت رحلاً يقول لأبي عبد الله (عليه السلام): إني أدخل الحمّام في السّحر وفيه الجنب وغير ذلك، فأقوم فأغتسل فينتضح عليَّ - بعدما أفرغ - من مائهم؟ قال: أليس هو جارٍ؟ قلت بلى، قال: لا بأس(5).

4 - محمّد بن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي يحيى الواسطيّ، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الماضي(عليه السلام)قال : سُئل عن مجمع الماء في الحمّام من غسالة النّاس يصيب الثّوب ؛ قال : لا بأس(6).

ص: 19


1- أي من الأسفل، ويحتمل الأعلى أيضاً على بعده، ويدل على نجاسة ولد الزنا كما ذهب إليه المرتضى ويعزى إلى أبن إدريس وإلى الصدوق أيضاً، لكن ينبغي حمل الطهارة في أولاده على الطهارة المعنوية لعدم القول بنجاستهم ظاهرا مرآة المجلسي 47/13 .
2- «يحتمل أن يكون المراد الحياض الصغار والمراد بقوله : يطهر بعضه بعضاً : إن المادة عند الاتصال تطهر ذلك الماء القليل . ويحتمل أن يكون المراد الماء الذي يصب على صحن الحمام بناء على عدم القول بالسراية »ن .م .
3- التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام وآدابه وسننه ، ح 26 .
4- لا ذكر له في سند التهذيب.
5- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 27 .
6- التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمّام و ...، ح 34 وفيه : مجتمع . . . ، بدل مجمع الفقيه 1 ، 1 - باب المياه وطهرها ونجاستها ، ح 17 .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن أبي الحسين الفارسيّ، عن سليمان بن جعفر، عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «الماء الّذي تسخّنه الشمس لا تَتَوَضّؤوا به، ولا تغتسلوا به ولا تعجنوا به فإنّه يورث البَرَص »(1) .

11 - باب الموضع الذي يكره أن يتغوط فيه أو يُبال

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) :« من فِقْهِ الرَّجل أن يرتاد موضعاً لِبَوْله»(2).

2 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رجلٌ لعليّ بن الحسين(عليه السلام): أين يتوضّأ الغرباء؟ قال : يُتَّقى شطوط الأنهار ، والطرق النّافذة، وتحت الأشجار المثمرة، ومواضع اللَّعْن. فقيل له : وأين مواضع اللَّعْن؟ قال : أبواب الدُّور (3).

3 - محمّد بن يحيى بإسناده رفعه قال : سئل أبو الحسن(عليه السلام): ما حدَّ الغائط ؟ قال : لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، ولا تستقبل الرّيح ولا تستدبرها . روي أيضاً في حديث آخر لا تستقبل الشَّمس ولا القمر(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : نهى النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)أن يطمح الرَّجل ببوله من السّطح أو من الشيء المرتفع في الهواء(5).

4- عليُّ بن إبراهيم، رفعه قال: خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد الله(عليه السلام)، وأبو الحسن موسى(عليه السلام)قائمٌ وهو غلامٌ، فقال له أبو حنيفة : يا غلامٌ، أين يضع الغريب ببلدكم؟

ص: 20


1- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 35
2- يرتاد : أي يختار أو يطلب لبوله مكاناً ليناً أو منحدراً احتياطاً من أن تنز و قطراته أو رشاشه عليه فتنجّسه
3- التهذيب 1 ، 3 - باب آداب الأحداث الموجبة ...، ح 17 الفقيه 1 ، 2 - باب ارتياد المكان للحدث والسّنة في ...، ح 9. ومواضع اللّعن :هي تلك الأماكن التي تكون مظنة للّعن ومحل له حيث يوجب تأذّي عامة الناس، وعليه فيكون ذكر أبواب الدور في الحديث من باب ذكر أوضح المصاديق أو من باب المثال لا الحصر.
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 4 بدون الذيل . وأخرجه عن الحسن بن علي(عليه السلام). الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 12 . الاستبصار 1، 26 - باب استقبال القبلة واستدبارها عند . . . ، ح .1 . كما كرر الشيخ رحمه الله الحديث برقم 27 1 من نفس الباب والجزء .
5- الفقيه 1، نفس الباب، ح 15 بتفاوت في الترتيب التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 8 بتفاوت وسند آخر وطمح يبوله : أي رماه في الهواء .

فقال : اجتنب أفنية المساجد، وشطوط الأنهار ، ومساقط الثّمار، ومنازل النّزال، ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول وارفع ثوبك ، وَضَعْ حيث شِئْتَ (1).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «ثلاث خصال ملعون من فَعَلَهُنَّ : المتغوّط في ظِلّ النزال، والمانع الماء المُنْتاب، وسادٌّ الطْريق المسلوك(2).

12 - باب القول عند دخول الخلاء وعند الخروج، والاستنجاء، ومَنْ نَسِيَه والتسمية [ عند الدخول و] عند الوضوء

1 -عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إذا دخلت المخرج فقل :

«بسم الله، اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من الخبيث المخبث الرِّجس النّجس الشَّيطان الرَّجيم» فإذا خرجت فقل : «بسم الله ، الحمد الله الّذي عافاني من الخبيث المخبث وأماط عنّي «الأذى» وإذا توضّأت فقل : أشهد أن لا إله إلّا الله ، اللّهمَّ اجعلني من التَّوَّابين واجعلني من المتطهّرين والحمد لله ربِّ العالمين»(3).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا سَمَّيْتَ في الوضوء طهر جسدك كلّه، وإذا لم تسمَّ لم يطهر من جسدك إلّا ما مرَّ عليه الماء(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبراهيم بن أبي محمود قال : سمعت

ص: 21


1- التهذيب ،1، 3 - باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 18 .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح .19 الفقيه 1 ، 2 - باب ارتياد المكان للحدث و . . . ، ح 10 باختلاف يسير في الجميع في صدر الحديث قوله : ظل النزال : أي الأماكن التي ينزل فيها المسافرون . والماء المنتاب : قد يراد به صاحب النوبة في الاستقاء من الماء فيكون مفعولاً ثانياً للمانع ، وقد يراد به الماء الذي ينتابه الناس للاستقاء مرة بعد أخرى . والمَنَاب : الطريق إلى الماء والحديث ظاهر في حرمة فعل هذه الأمور.
3- التهذيب ،1 نفس ،الباب ، ح 2 بتفاوت يسير جداً. الفقيه 1 نفس الباب، ح 7 وأخرج صدر الحديث عن الصادق(عليه السلام)بما وجده رحمه الله بخط سعد بن عبد الله من حديث أسنده إليه(عليه السلام). والمخبث : - قيل - هو الذي يعلم الناس الخبث ويوقعهم فيه.
4- التهذيب 1 ، 15 - باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 23 وكرره برقم 4 من الباب 16 من نفس الجزء. الاستبصار 1 ، 39 - باب التسمية عند الوضوء ، ح 2 . الفقيه 1 ، 10 - باب حد الوضوء وترتيبه و ...، ح 15 بتفاوت وزيادة .

الرِّضا(عليه السلام)يقول : يستنجى، ويغسل ما ظهر منه على الشَّرْج، ولا تدخل فيه الأنملة(1).

4 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار السّاباطيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته الرَّجل إذا أراد أن يستنجي، بأيِّما يبدأ ؛ بالمقعدة أو بالإحليل؟ فقال: بالمقعدة، ثمِّ عن بالإحليل(2) .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : نهى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أن يستنجي الرَّجل بيمينه (3).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحسين بن عبد ربّه قال ،قلت له : ما تقول في الفص يُتَّخذ من حجارة زمرد؟ قال : لا بأس به، ولكن إذا أراد الاستنجاء نَزَعَهُ (4).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الاستنجاء باليمين من الجّفاء وروي أنّه إذا كانت باليسار علّة (5).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا انقطعت درة البول فَصُبَّ الماء (6).

9 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن المغيرة عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: قلت له :

ص: 22


1- الاستبصار 1 ، 31 - باب وجوب الاستنجاء من الغائط والبول، ح.1. التهذيب 1، 3 - باب الأحداث الموجبة . 000 ح 67 . الفقيه 1 ، 2 - باب ارتياد المكان للحدث والسنة . . . ، ح 25 . وفي الثلاثة ... ولا يدخل .... والشرج ؛ ما بين الدبر والأنثيين وقيل : حلقة الدبر . والأنملة : عقدة الإصبع أو رأسها .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 15 . وقوله : بأيما : أي بأيهما
3- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 12
4- التهذيب 1 ، 15 - باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 22 وفيه ... من أحجار زمزم، بدل: ... من حجارة زمرد.
5- التهذيب 1 ، 3 - باب آداب الأحداث ... ، ح 13 وروى صدر الحديث الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 16 مرسلاً وروي صدره. وروى ذيله بتفاوت برقم 17 من الباب . :قوله وروي ... الخ أي ترتفع الحزازة إذا لم يكن قادراً على الاستنجاء باليسار لعلّة ما .
6- التهذيب 1 ، 15 - باب آداب الأحداث ... ، ح 28 . والدرّة : - كما في الصحاح - كثرة اللبن وسيلانه . والمراد به هنا انصياب البول وسيلانه.

للاستنجاء حدُّ ؟ قال : لا ، ينقى ما ثَمَّهْ ، قلت : فإنّه ينقى ما ثَمَّهْ ويبقى الريح ؟ قال : الرّيح لا ينظر إليها (1).

10 - عليُّ بن محمّد، عن سهل، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم بن عمرو، عن الحسن بن زياد قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام) عن الرّجل يبول فيصيب فخذه وَرُكْبَته قدر نكتة من بول، فيصلّي ، ثمَّ يذكر بعدُ أنّه لم يغسله؟ قال : يغسله ويعيد صلاته .

11 - محمّد بن الحسن، عن سهل، عن موسى بن القاسم، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة ، عن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : قلت له : الرَّجل يريد أن يستنجي كيف يقعد؟ قال : كما يقعد للغائط ، وقال : إنّما عليه أن يغسل ما ظهر منه ، وليس عليه أن يغسل باطنه(2).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنَّ النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)قال لبعض نسائه: «مُرِي نساء المؤمنين أن يستنجينَ بالماء ويبالغنَ، فإنّه مَظْهَرَةٌ للحواشي ومَذْهَبَةٌ للبواسير»(3).

13 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل [بن شاذان]؛ وعليّ بن إبراهيم، عن ، أبيه، عن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال في قول الله عزّ وجلَّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾(4)قال : كان النّاس يستنجون بالكرسف والأحجار، ثمَّ أحْدِثَ الوَضوء(5)، وهو خلق كريمٌ ، فأمر به رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وصنعه وأنزل الله في كتابه ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ .

14 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة ، عن زرارة قال :

ص: 23


1- التهذيب 1 ، 3 - باب آداب الأحداث ... ، ح 14 . وثمة : اسم يشار به إلى المكان البعيد، وهي في . الأصل: ثُمَّ ، زيدت عليه ،تاء ، ولا بد من الوقف عليه بها للسكت والمراد به هنا الاشارة إلى حلقة الدبر ومخرج الغائط ، وقد دل الحديث على أن العبرة بزوال عين النجاسة ولا عبرة بما لا عين له ولا جسم كالرائحة.
2- التهذيب 1، 15 - باب آداب الأحداث ... ، ح 24 . الفقيه 1 ، 2 - باب ارتياد المكان للحدث والسّنة ح 19 وروی صدر الحديث فقط مرسلاً .
3- الاستبصار 1، 31 - باب وجوب الاستنجاء من الغائط والبول ح.2. التهذیب 1 ، 3 - باب آداب الأحداث . . . ، ح 64 . الفقيه ،1 نفس الباب ، ح 27 وفيه : مُري النساء المؤمنات ... ، والحواشي : جمع ، حاشية، والمقصود بها هنا أطراف مخرج الغائط .
4- سورة البقرة 222
5- الوضوء : اسم لما يتوضأ به، وهو الماء.

توضّأت يوماً ولم أغسل ذَكَري ، ثمَّ صلّيت، فسألت أبا عبد الله(عليه السلام)فقال : اغسل ذَكَرَكَ واعِدْ صلاتك(1) .

15 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن عليِّ بن يقطين، عن أبي الحسن (عليه السلام) في الرَّجل يبول فينسى غَسْلَ ذَكَرِه ، ثمَّ يتوضّأ وضوءَ الصّلاة؟ قال : يغسل ذكره [ يعيد الصلاة] ولا يعيد الوضوء(2).

16 - عنه ، عن أحمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)في الرَّجل يبول وينسى أن يغسل ذَكَرَهُ حتّى يتوضّأ ويصلي ؟ قال : يغسل ذَكَرَهُ ويعيد الصّلاة، ولا يعيد الوضوء.

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة ، قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا دخلت الغائط(3)فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثمَّ توضّأت ونسيت أن تستنجي ، فذكرتَ بعدما صلّيتَ، فعليك الإعادة، وإن كنت أهرقت الماء فنسيتَ أن تغسل ذكَرَكَ حتّى صلّيت، فعليك إعادة الوضوء والصَّلاة، وغَسَلُ ذكرك، لأنَّ البول ليس مثل البَراز(4).

13 - باب الإستبراء من البول وغَسْله ومن لم يجد الماء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام)رجلٌ بَالَ ولم يكن معه ماءٌ؟ فقال: يعصر أَصْلَ ذَكَره إلى طرفه ثلاث عصرات، ويَنتَرُ طرفه، فإن خرج بعد ذلك شيءٌ فليس من البول، ولكنّه من الحبائل(5).

ص: 24


1- الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 7 التهذيب ،1 ، نفس الباب، ح 74 و 88 والحديث فيهما كما هنا مقطوع .
2- الاستبصار ،1، نفس الباب، ح 10 . التهذيب ،1 ، نفس الباب ، ح 77 وليس فيهما : يعيد الصلاة. وأبو الحسن هنا كما صرح به في التهذيبين: الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام)
3- یعنی محلّه، وهو الكنيف .
4- التهذيب 1 ، 3 - باب آداب الأحداث .... ح 85. الاستبصار 1 ، 31 - باب وجوب الاستنجاء من الغائط والبول، ح 17 . وفيهما : لأن البول مثل البراز. ولعل ما في الفروع هو الصحيح ، والمعنى : أن البول لا بد في التطهير منه من استعمال الماء، مع أن البراز - وهو كناية عن الغائط - يكفي فيه الأحجار كما هو المتسالم عليه عند الأصحاب رضوان الله عليهم .
5- التهذيب 1 3 باب الأحداث الموجبة . . . ، ح 10 . وكرره برقم 26 من الباب 15 من نفس الجزء. الاستبصار 1 ، 28 - باب وجوب الاستبراء قبل الاستنجاء من البول، ح 2 والحبائل : - هنا - عروق الذكر، والنشر : الجذب بجفاء وقوة .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وأبي داود، جميعاً عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل بال ثمَّتوضأ وقام إلى الصّلاة فوجد بَلَلاً؟ قال : لا يتوضّأ، إنّما ذلك من الحبائل(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن أحمد بن أَشْيَم، عن صفوان قال : سأل الرِّضا(عليه السلام)رجلٌ - وأنا حاضر - فقال : إنّ بي جرحاً في مقعدتي ، فأنوضّاً واستنجي ثمَّ أجد بعد ذلك النَّدَى والصّفرة من المقعدة، أفأُعيد الوضوء ؟ فقال : وقد أَنْقَيْتَ ؟ [ف] قال : نعم ، قال : لا ، ولكن رشّه بالماء ولا تُعِدْ الوضوء(2).

أحمد، عن أبي نصر قال: سأل الرِّضا(عليه السلام)رجلٌ بنحو حديث صفوان .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير قال: سمعت رجلاً سأل أبا عبد الله(عليه السلام)فقال : ربّما بلْتُ ولم أقدر على الماء، ويشتدّ علىَّ ذلك؟ فقال: إذا بلْتَ وتمسّحت فامسح ذَكَرَكَ بريقَك، فإن وجدت شيئاً فقل : هذا من ذاك(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرَّجل يعتريه البول ولا يقدر على حَبْسه ؟ قال : فقال لي : إذا لم يقدر على حبسه فالله أَوْلى بالعذر، يجعل خريطة(4).

6 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان عبد الرَّحمن(5)قال : كتبت إلى أبي الحسن(6)(عليه السلام)في خصيّ يبول فيلقى من ذلك شدَّة، ويرى البلل بعد البلل ؟ قال : يتوضّأ، ثمَّ ينتضح في النّهار مرَّةً واحدةً (7).

ص: 25


1- وظاهره مذهب الصدوق من أنه مع عدم الاستبراء أيضاً لا يجب إعادة الوضوء وإن أمكنه حمله عليه، لكن حمل الأخبار الأخرى على الاستحباب أظهر، وهو موافق للأصل أيضاً وإن كان مخالفاً للمشهورة مرآة المجلسي 62/13 .
2- التهذيب 1 ، 3 - باب آداب الأحداث الموجبة ... ، ح 70. وكرره برقم 11 من الباب 14 من نفس الجزء ويحتمل أن يكون الوضوء في الحديث بمعنى الاستنجاء في جميع المواضع استعمالاً في المعنى اللغوي لا الاصطلاحي .
3- التهذيب 1، 14 - باب الأحداث الموجبة ... ، ح 14. وكرره برقم 13 من الباب 15 من نفس الجزء أيضاً . الفقيه 1 ، 16 - باب ما ينجس الثوب والجسد ، ح 12 والسائل فيه هو نفس حنان .... والظاهر من الأمر بالمسح بالريق إنما هو لرفع وسواس النجاسة كما فهمه أصحابنا رضوان الله عليهم .
4- الخريطة : - هنا - هي ما يجعل من يصاب بسلس البول ذكره فيه تحفظاً من سراية النجاسة.
5- في سند التهذيب عن سعدان بن مسلم، عن عبد الرحيم .
6- هو الإمام الكاظم(عليه السلام)كما صرح به في الفقيه .
7- التهذيب 1، 15 - باب آداب الأحداث . . . ، ح 14 وفيه : وينتضح الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 20 وفيه : ... ثم ينضح ثوبه ... الخ .

7- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم عن الحسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن البول يصيب الجسد، قال: صبّ عليه الماء مرَّتين .

وروي(1)أنّه يجزىء أن يغسل بمثله من الماء إذا كان على رأس الحشفة وغيره .

وروي: أنّه ماء ليس بوسخ فيحتاج أن يُدْلكَ.

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن فضّال، عن ابن فضال، عن غالب بن عثمان ، عن رَوْح بن عبد الرَّحيم قال : بال أبو عبد الله (عليه السلام)وأنا قائم على رأسه ومعي أداوة، أو(2)قال : كوز، فلمّا انقطع انقطع شَخْبُ البول قال بيده هكذا(3)إليَّ ، فناولته بالماء فتوضّأ مكانَهُ (4).

14 - باب مقدار الماء الذي يجزىء للوضوء والغسل ومن تَعَدِّى في الوضوء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : يأخذ أحدكم الرَّاحة من الدَّهن فيملأ بها جسده، والماء أوسع من ذلك .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل ،عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)قال : إنّما الوضوء حدَّ من حدود الله ليعلم الله يطيعه ومن يعصيه، وإنَّ المؤمن لا ينجّسه شيء إنّما يكفيه مثل الدَّهن(5).

ص: 26


1- التهذيب 1 ، 3 - باب آداب الأحداث ...، ج 33 الاستبصار 1 ، 29 - باب مقدار ما يجزي من الماء في ح الاستنجاء من البول، ح 2 وروياه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى ويعقوب بن يزيد عن مروك بن عبيد عن نشيط بن صالح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله(عليه السلام). وقد روى الشيخ هذا الحديث في التهذيب بالإرسال وقال : ولو سلم وصح لاحتمل أن يكون أراد بقوله : بمثله ، يعني بمثل ما خرج من البول وهو أكثر من مثلي ما يبقى على رأس الحشفة. هذا وقد احتمل المجلسي أن يراد بالمثلية الجنس تنبيها على أنه لا يجزي في التطهير من البول إلا الماء وهو مجمع عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم .
2- الترديد من الراوي .
3- قال بيده أي أشار بها .
4- التهذيب 1، 15 - باب آداب الأحداث . . . ، ح 25 .
5- التهذيب 1، 6 - باب حكم الجنابة وصفة ...، ح 78 . الفقيه 1 ، 8 - باب صفة وضوء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، ح 5 مرسلاً. ومعنى أن المؤمن لا يُنجّسه شيء : يعني لا ينجّسه شيء من الأحداث بحيث يحتاج في إزالته إلى صب الماء الزائد على الدهن كما في النجاسات الخبيثة بل يكفي أدنى ما يحصل به الجريان ولو باستعانة اليد الفيض في الوافي ج 4 ص 48 .

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وأبو داود، جميعاً عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن داود بن فَرْقَد قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إنَّ أبي كان يقول : إِنَّ للوضوء حدًّا مَنْ تَعَدّاه لم يؤجر ؛ وكان أبي يقول : إنّما يتلدَّد، فقال له رجلٌ : وما حدُّه؟ قال: تغسل وجهك ويديك وتمسح رأسك ورجليك (1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : الجُنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد أجزأه(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما(عليه السلام)قال: سألته عن غسل الجنابة، كم يجزىء من الماء؟ فقال: كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) يغتسل بخمسة أمداد بينه وبين صاحبته (3)، ويغتسلان جميعاً من إناء واحد (4).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن حمزة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يجزئك من الغسل والاستنجاء ما ملئت يمينك(5).

7- عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب عن جميل، عن زرارة؛ عن أبي جعفر(عليه السلام)في الوضوء قال : إذا مسَّ جلدَكَ الماءُ فَحَسْبُكَ (6).

8 - عليُّ ، عن أبيه ، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قلت له:

ص: 27


1- اللدد هو الخصومة الشديدة، ولعل المعنى أنه كثيراً ما يتخاصم في هذا الباب مع أبناء العامة حيث يهريقون الماء الكثير في غسلهم مواضع المسح وبذا يتجاوزون حد الوضوء، ولعل ذيل الحديث يؤيد هذا المعنى . وفي بعض النسخ: يتلذذ أي يتلذذ المكثر المتعدّي في صب الماء بتكرار الصب حتى يتجاوز الحد دون أن يشعر.
2- التهذيب : ، نفس الباب ، ح 71. الاستبصار 1 ، 73 - باب مقدار الماء الذي يجزي في غسل الجنابة و ....ح9
3- يعني زوجته .
4- التهذيب 1 ، 6 - باب حكم الجنابة وصفة ...، ح 73. الاستبصار 1 ، 73 - باب مقدار الماء الذي يجزي في غسل الجنابة و ...، ح 5 .
5- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح77 الاستبصار 1 ، نفس ،الباب ، ح 8 بتفاوت في الذيل فيهما .
6- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح72. الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 10 فَحَسْبُكَ : أي كافيك، أو يكفيك .

الرَّجل يجنب فيرتمس في الماء ارتماسة واحدة فيخرج، يجزئه ذلك من غسله؟ قال : نعم .

9 - عليُّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إنَّ الله ملكاً يكتب سَرَفَ الوضوء كما يكتب عدوانه(1).

15 - باب السِّواك

1 - عليُّ بن محمّد، عن سهل ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القدَّاح ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : ركعتان بالسّواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك، قال : قال رسول الله (ص) : «لولا أن أشقَّ على أُمّتي لأمرتهم بالسّواك مع كلِّ صلاة» (2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن أبي أُسامة(3)، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: من سُنَن المرسلين السّواك (4).

3 - أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قال النبيَّ(صلی الله علیه وآله وسلم): «ما زال جبرائيل(عليه السلام)يوصيني بالسِّواك حتّى خِفْتُ أن أحفى»-أو أدرد-(5).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عمّن ذكره، عن أبي جعفر(عليه السلام)في السِّواك قال : لا تدعه في كلّ ثلاث ولو أن تُمِرَّه مرَّة(6).

ص: 28


1- سرف الوضوء : الإسراف في صب الماء حتى يتجاوز الحد المشروع . والعدوان في الوضوء : الاتيان به على غير الكيفية المأمور بها شرعاً كما يفعل أبناء العامة. أو أن المراد به - بمقتضى المقابلة مع السرف - التقتير في الماء بحيث لا يتحقق معنى الغسل أو المسح المرسومين شرعاً .
2- وقد حاول البعض الاستدلال على وجوب السواك بهذا الحديث بحمل الأمر فيه عليه. ولا يخفى ما فيه. ولذا فالمشهور عندنا استحباب السواك مطلقاً.
3- هو زيد الشحام .
4- والحديث صحيح .
5- أخفى : - كما في الصحاح - أي استقصي على أسناني فأذهبها بالتسوك . وأدْرَد : أي تسقط أسناني . ولا يخفى أن المفهوم من أحدهما غير المفهوم من الآخر.
6- الحديث مرسل .

5 - عليُّ ، بإسناده قال : أدنى السِّواك أن تَدْلُكَ بإصبعك (1).

6 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار ،عن صفوان، عن المعلّى أبي عثمان، عن معلّى بن خنيس قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن السّواك بعد الوضوء؟ فقال : الاستياك قبل أن تتوضّاً، قلت: أرأيتَ إن نسي حتّى يتوضّأ ؟ قال : يستاك ثمَّ يتمضمض ثلاث مرَّات(2).

وروي أنَّ السّنة في السّواك في وقت السّحر.

7 - عليّ بن محمّد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد، عن أبي بكر بن أبي سماك قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا قمت باللّيل فاستَكْ، فإنَّ الملَكَ يأتيك فيضع فاه على فيك، وليس من حرف تتلوه وتنطق به إلّا صعد به إلى السّماء فليكن فُوكَ

طيّبَ الرِّيح (3).

16 - باب المضمضة والاستنشاق

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن حكم بن حكيم ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن المضمضة والاستنشاق، أَمِنَ الوضوء هي ؟ قال : لا(4).

2 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ،عن شاذان بن الخليل، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حمّاد، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: سألته عن المضمضة والاستنشاق؟ قال : ليس هما من الوضوء، هما من الجوف (5).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة،

ص: 29


1- الحديث مرسل أيضاً .
2- ربما يستدل به على استحباب المضمضة ثلاث مرات
3- الحديث ضعيف .
4- «قال: لا يحتمل أن يكون المراد أنهما ليسا من واجباته أو ليسا من أجزائه بل من مقدماته . وقال في المدارك : الحكم باستحباب المضمضة والاستنشاق هو المعروف من المذهب والنصوص به مستفيضة. وقال ابن أبي عقيل : إنهما ليسا بفرض ولا سنة وله شواهد من الأخبار إلا أنها مع ضعفها قابلة للتأويل» مرآة المجلسي 71/13 .
5- وإنما لم يكونا من الوضوء، لأنه إما غسل للظاهر أو مسح له ولا دخل للجوف فيه. والحديث مجهول.

عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ليس عليك مضمضة ولا استنشاق لأنّهما من الجوف(1)

17 - باب صفة الوضوء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن أبان، وجميل، عن زرارة قال : حكى لنا أبو جعفر(عليه السلام)وضوء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فدعا بقَدَح فأخذ كفّاً من ماء فأسْدَلَهُ على وجهه، ثم مسح وجهه من الجانبين جميعاً، ثم أعاد يده اليسرى في الإناء فأَسْدَلَها على يده اليمنى، ثم مسح جوانبها ، ثم أعاد اليمنى في الإناء فصبها على اليسرى ثم صنع بها كما صنع باليمنى، ثم مسح بما بقي في يده رأسه ورجليه، ولم يُعِدُهُما في الإناء(2).

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن داود بن النّعمان، عن أبي أيّوب، عن بكير بن أَعيَن، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : أَلَا أحكي(3)لكم وضوء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ فأخذ بكفّه اليمنى كفّاً من ماء فغسل به وجهه، ثمَّ أخذ بيده اليسرى كفّاً من ماء فغسل به يده اليمنى، ثمَّ أخذ بيده اليمنى كفّاً من ماء فغسل به يده اليسرى، ثمَّ مسح بفَضْل يديه رأسَه ورجلَيْه .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : يأخذ أحدكم الرَّاحة من الدُّهن فيملأ بها جسده والماء أوسع من ذلك ] ، أَلَا أَحْكي لكم وضوء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ قلت: بلى، قال: فأدْخَلَ يده في الإناء ولم يغسل يده فأخذ كفّاً من ماء فصبّه على وجهه، ثمَّ مسح جانبيه حتّى مسنحه كلّه، ثمَّ أخذ كفاًّ آخر بيمينه فصّبه على يساره، ثمَّ غسل به ذراعه الأيمن، ثمَّ أخذ كفّاً آخر فغسل به ذراعه الأيسر، ثمَّ مسح رأسه ورجليه بما بقي في يديه .

4 - عليُّ ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر(عليه السلام): ألّا أحكي لكم وضوء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟

ص: 30


1- التهذيب 1، 6 - باب حكم الجنابة وصفة . . ، ح 50 الاستبصار 1 ، 71 - باب الجنب هل عليه مضمضة . واستنشاق أم لا؟ ح 2 .
2- الاستبصار 1 ، 33 - باب النهي عن استعمال الماء الجديد لمسح الرأس والرجلين ، ح 1 بتفاوت . التهذيب 1 ، 4 - باب صفة الوضوء و ... ، ح 6 بتفاوت . وأسْدَلَه : أي أرسله وأرخاه وأجراه .
3- حكيت فعله وحاكيته : إذا فعلت مثل فعله كذا في الصحاح ...

فقلنا : بلى، فدعا بقعب(1)فيه شيء من ماء ، ثمَّ وضعه بين يديه(2)، ثمَّ حسر(3)عن ذراعيه ، غمس فيه كفّه اليمنى ثمَّ قال : هكذا إذا كانت الكفّ طاهرة (4)، ثمَّ غرف قملأها ماءاً فوضعها على جبينه ثمَّ قال :« بسم الله» ، وسَدَلَهُ على أطراف لحيته،ثمَّ أمرَّ يده على وجهه وظاهر جبينه مرَّة واحدة، ثمَّ غَمَسَ يده اليسرى فغرف بها مِلأها ثمَّ وضعه على مرفقه اليمنى ، وأمرَّ كفّه على ساعده حتّى جرى الماء على أطراف أصابعه، ثمَّ غرف بيمينه مِلَّاها فوضعه على مرفقه اليسرى، وأمرَّ كفّه على ساعده حتّى جرى الماء على أطراف أصابعه، ومسح مقدِّم رأسه وظَهْرَ قدميه ببلَّة يساره وبقيّة بلّة يمناه (5).

قال(6) : وقال أبو جعفر(عليه السلام): إنَّ الله وتر يحب الوتر فقد يجزئك من الوضوء ثلاث غرفات : واحدة للوجه واثنتان للذّراعين، وتمسح ببلّة يمناك ناصِيَتَك، وما بقي من بلّة يمينك ظّهْرَ قدمك اليمنى، وتمسح ببلّة يسارك ظَهْرَ قَدَمِك اليسرى.

قال زرارة قال أبو جعفر(عليه السلام): سأل رجل أمير المؤمنين(عليه السلام)عن وضوء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فحكى له مثل ذلك .

5 - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة وبكير أنّهما سألا أبا جعفر(عليه السلام)عن وضوء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ فدعا بطست أو تور فيه(7) ماء فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبّها على وجهه فغسل بها وجهه، ثمَّ غمس كفّه اليسرى فغرف بها غرفة فأفرع على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكفّ لا يردّها(8)إلى المرفق ، ثمَّ غمس كفّه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق وصنع بها مثل ما صنع باليمنى ، ثمَّ

ص: 31


1- القعب - كما في القاموس - قدح من خشب مقعر .
2- أي قدامه وفي مقابله . وهذا لا ينافي ما هو المشهور عند أصحابنا من استحباب وضع الإناء عن يمينه لاحتمال أن يكون الإناء أقرب إلى يمينه (عليه السلام)من يساره وهو مما لا ينافي المقابلة العرفية.
3- خسر أي كشف وهو متعد بنفسه، ومفعوله محذوف وهو الكم والله العالم.
4- يدل على أن غمس اليد في الإناء قبل غسلها إنما هو في صورة كونها طاهرة وإلا فلا بد من غسلها قبل الغسل لئلا يتنجس الماء بملاقاتها له .
5- ما ورد في ذيل هذا الحديث من مسحه(عليه السلام)ببلة يساره وبقية بلة يمناه هو من متعلقات القدمين فقط، إذ أن مسبح عود القيد كلا المتعاطفين غير لازم كما حرّر في محلّه.
6- التهذيب 1، 16 - باب صفة الوضوء والفرض منه ، ح 13 إلى قوله : ... قدمك اليسرى.
7- الترديد من الراوي ، أو منه(عليه السلام)للتخيير . والتور: - كما في النهاية - إناء من صفر أو حجارة كالأجانة وقد يُتوضأ منه .
8- يمكن أن يكون المراد نفي ابتداء الغسل من الأصابع كما تفعله العامة، أو أنه في أثناء الغسل لا يمسح بيده إلى المرفق بل يرفع يده ثم يضع على المرفق وينزلها مرآة المجلسي 77/13.

مسح رأسه وقدميه ببلل كفّه، لم يحدث لهما ماءاً جديداً ، ثمّ قال: ولا يدخل أصابعه تحت الشّراك(1)قال : ثمَّ قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ﴾(2)فليس له أن(3)يدع شيئاً من وجهه إلّا غَسَلَه، وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين فليس له أن يدع شيئاً من يديه إلى المرفقين إلّا غَسَلَه، لأنَّ الله يقول: ﴿اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق﴾، ثمَّ قال: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ ، فإذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزاه(4) .

قال : فقلنا: إين الكعبان؟ ،قال هاهنا، يعني المفصل دون عظم السّاق، فقلنا : هذا(5)ما هو؟ فقال : هذا من عظم السّاق والكعب أسفل من ذلك فقلنا : أصلحك الله ، فالغَرفَة الواحدة تجزىء للوجه وغرفة للذّراع ؟ قال : نعم، إذا بالغت فيها، والثّتان(6)تأتيان على ذلك كلّه .

6 - محمّد بن الحسن وغيره ،عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رباط، عن يونس بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الوضوء للصّلاة؟ فقال: مرَّةً مرَّةٌ (7).

7- عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد ؛ وأبي داود، جميعاً عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن حمّاد بن عثمان، عن عليِّ بن المغيرة، عن ميْسَرَة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : الوضوء واحدة واحدة ووصف الكعب في ظهر القدم (8).

8 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال : كنت قاعداً عند أبي عبد الله(عليه السلام)، فدعا بماء فملأ به كفّه

ص: 32


1- الشراك: سير النعل على ظهر القدم
2- سورة المائدة / 6 .
3- وإنما لم يكن له أن يدع شيئاً من وجهه إلا غسله لأن ظاهر الأمر بغسل الوجه إنما ينطبق على كله فترك بعضه أو بعض اليدين خلاف ظاهر الأمر.
4- وإنما أجزأه ذلك في المسح لأن الماء هنا للتبعيض .
5- الظاهر أنه إشارة إلى قبتي القدمين .
6- يعني الغرفتين لكل عضو.
7- الاستبصار 1 ، 41 - باب عدد مرات الوضوء ، ح . التهذيب ،1، 4 - باب صفة الوضوء و . ح 55
8- الاستبصار 1 ، 41 - باب عدد مرات الوضوء، ح.2. التهذيب 1 ، 4 - باب صفة الوضوء والفرض منه ، ح 54 .وكون الكعب عبارة عن قبة القدم هو أحد قولين في معنى الكعب عند أصحابنا رضوان الله عليهم، والقول الآخر هو وجوب المسح إلى مفصل القدم كما يساعد عليه ظاهر كلمات اللغويين كصاحب القاموس حيث يفسر الكعب بأنه كل مفصل للعظام.

فَعَمٌ به وجهه ، ثمَّ ملأ كفّه فَعَمَّ به يده اليمنى، ثمَّ ملا كفّه فَعَمُّ به [يده] اليسرى، ثمَّ مسح على رأسه ورجليه وقال : هذا وضوء من لم يُحْدِثُ حَدَثاً. يعني به التّعدِّي في الوضوء.

9 - عليّ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الوضوء؟ فقال: ما كان وضوء علي(عليه السلام)إلّا مرَّة مرَّة(1).

هذا دليل على أنَّ الوضوء إنّما هو مرَّة مرَّة، لأنه صلوات الله عليه كان إذا ورد عليه أَمْرَان كلاهما الله طاعة أخذ بأحوطهما وأشدّهما على بدنه، وإنّ الّذي جاء عنهم(عليه السلام)أنّه قال :« الوضوء مرَّتان» إنّه هو لمن لم يقنعه مرَّة واستزاده فقال : مرَّتان ، ثمَّ قال : ومن زاد على مرَّتين لم يؤجر، وهذا أقصى غاية الحدَّ في الوضوء الّذي من تجاوزه أثِمَ ولم يكن له وضوء ، وكان كمن صلّى الظهّر خمس ركعات، ولو لم يطلق(عليه السلام) في المرَّتين لكان سبيلهما سبيل الثّلاث.

وروي في رجل كان معه من الماء مقدار كفّ وحضرت الصّلاة ، قال : فقال : يقسّمه أثلاثاً : ثلث للوجه، وثلث لليد اليمنى، وثلث لليد اليسرى، ويمسح بالبلة رأسه ورجلَيه.

18 - باب حَدّ الوجه الذي يغسل والذراعين وكيف يغسل

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قلت له : أَخْبِرْني عن حدِّ الوجه الّذي ينبغي له أن يُوَضّأ، الّذي قال الله عزّ وجلَّ؟ فقال : الوجه الّذي أمر الله تعالى بغسله الّذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه، إن زاد عليه لم يؤجر، وإن نقص منه أَثِمَ : ما دارت عليه السّبابة والوسطى والإبهام من قصاص الرّأس إلى الذَّقن، وما جرت عليه الإصبعان من الوجه مستديراً فهو من الوجه، وما سوى ذلك فليس من الوجه . قلت الصّدغ ليس من الوجه؟ قال : لا(2).

ص: 33


1- الاستبصار 1 ، 41 - باب عدد مرات الوضوء ، ح 4. التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 56 . الفقيه 1، 9 - باب صفة وضوء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، ح 3 بزيادة وتفاوت وقد رواه مرسلا وفي الثلاثة : وضوء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم). . . ، بدل : وضوء علي(عليه السلام).
2- التهذيب 1، 4 - باب صفة الوضوء و ...، ج 3، الفقيه 1 ، 10 - باب حد الوضوء وترتيبه و ... ، ح 1 بتفاوت وزيادة في آخره ، والحدّ : - هنا - الفصل بين الشيئين والصدغ : المنخفض ما بين أعلى الأذن وطرف الحاجب، وقصاص الشعر منتهى منابت شعر الرأس والمراد به هنا المقدّم لأن الكلام على حد غسل الوجه .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما(عليهم السلام)قال: سألته عن الرَّجل يتوضّا، أيُبَطِّنُ لِحيته؟ قال : لا(1)

3 -محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم):« لا تضربوا وجوهكم بالماء ضرباً إذا توضّأتم، ولكن شنّوا الماء شَنًّا» (2).

4 - علي بن محمّد، عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران قال : كتبت إلى الرِّضا(عليه السلام)أسأله عن حدِّ الوجه ؟ فكتب : من أوّل الشّعر إلى آخر الوجه، وكذلك الجبينين(3).

5- محمّد بن الحسن وغيره، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن الحكم، عن الهيثم بن عروة التّميميّ قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ فقلت: هكذا ومسحتُ من ظهر كفّي إلى المرفق، فقال: ليس هكذا تنزيلها(4)، إنما هي: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾، ثم أمرُ يده من مرفقه إلى أصابعه (5).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أخيه إسحاق بن إبراهيم، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرِّضا(عليه السلام)قال: فرض الله على النّساء في الوضوء للصّلاة أن يبتدئن بباطن أذرعهنّ، وفي الرِّجال بظاهر الذِّراع (6)

7- عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن

ص: 34


1- التهذيب 1 ، 16 - باب صفة الوضوء و ... ، ح 14 أيُبطن: أي أيغسل باطن شعر لحيته بحيث يجب عليه التخليل إذا كانت لحيته كثيفة الشعر .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 2 . الاستبصار 1، 40 - باب كيفية استعمال الماء في غسل الوجه، ح 2. وشَنُ الماء يشنّه شَنًا فَرّقه يعني صبه متفرقا .
3- التهذيب 1 ، 4 - باب صفة الوضوء و ...، ح 4 بزيادة حينئذ في الذيل .
4- أي مفادها ومعناها بأن يكون المراد بلفظة (إلى) : من ، أو المعنى أن (إلى) في الآية غاية للمغسول لا الغسل فلا يفهم الابتداء من الآية، وظهر من السنة أن الابتداء من المرفق، فالمعنى أنه لا ينافي الابتداء من المرفق إلا أنه يفيده. والظاهر أنه كان في قراءتهم(عليهم السلام)هكذا مرآة المجلسي .93/13 والحديث ضعيف على المشهور.
5- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 8 بتفاوت .
6- التهذيب 1 ، 4 - باب صفة الوضوء و ...، ح 42 . الفقيه 1 ، 10 - باب حد الوضوء وترتيبه و ...، ح 13 بتفاوت .

محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: سألته عن الأقطع اليد والرِّجل؟ قال : يغسلهما(1) .

8- [و] عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ،عن الحسن بن عليّ ، عن رفاعة قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن الأقطع ؟ قال : يغسل ما قطع منه(2).

9 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ، عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر(عليه السلام)قال : سألته عن رجل قُطعت يده من المرفق، كيف يتوضّأ ؟ قال : يغسل ما بقي من عضدو(3)

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام): إن أُناساً يقولون : إنَّ بطن الأُذَّنين من الوجه، وظهرهما من الرّأس؟ فقال : ليس عليهما غَسْل ولا مَسْحُ (4) .

19 - باب مسح الرأس والقَدمَيْن

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن شاذان بن الخليل النّيسابوريّ، عن معمّر بن عمر، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : يجزىء من المسح على الرَّأس موضع ثلاث أصابع، وكذلك الرَّجْل(5).

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الأذنان ليسا من الوجه ولا من الرَّأس ؛ قال : وذكر المسح فقال : امسح على مقدّم رأسك، وامسح على القدمين، وابدأ بالشّق الأيمن.

ص: 35


1- التهذيب 1 ، 16 - باب صفة الوضوء والفرض منه ، ح 15 . وقد نقل عن بعض الأصحاب أن المراد غسل ما بقي من المرفق إن لم يقطع منه. وعن بعض آخر وأن قطع منه ، ونقل عن ابن الجنيد أن المراد غسل ما بقي من العضد ولا يخفى - على ذلك - ما فيه من تكلف في نسبة الغسل إلى الرجل لاشتمال السؤال عليها أيضاً.
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 8 بتفاوت في الذيل . والمعنى: أي يغسل ما بقي من العضو المقطوع إن وجد.
3- التهذيب 1 ، نفس ،الباب ح 16 . الفقيه 1 ، 10 - باب حد الوضوء وترتيبه و ... ، ح 12 بزيادة في آخره.
4- التهذيب 1 ، 4 - باب صفة الوضوء و . . . ، ح 5 وفي ذيله : ولا مس. الاستبصار 1، 36 - باب الأذنين هل يجب مسحهما مع ...، ح1
5- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 16 . الاستبصار 1، 34 - باب كيفية المسح على الرأس والرجلين ، ح 2 . هذا وقد قال أصحابنا رضوان الله عليهم بوجوب أن يكون المسح بشكل يصدق عليه عنوان الماسح والممسوح والمندوب منه مقدار ثلاث أصابع عرضاً ، ولو جمع على المقدم شعراً من غيره لم يجزىء، وكذلك لو مسح على العمامة وغيرها ممّا يستر موضع المسح .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن شاذان بن الخليل، عن يونس، عن حمّاد، عن الحسين قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): رجلٌ توضّأ وهو مُعْتَمُّ، فثقل عليه نزع العمامة لمكان البَرْد ؟ فقال : ليُدْخِلْ إصبعه(1).

4 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): ألا تخبرني من أين علمت وقلت: إن المسح ببعض الرّأس وبعض الرِّجلين؟ فضحك ثمَّ قال: يا زرارة، قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) ونزل به الكتاب من الله ، لأنَّ الله عزّ وجلَّ يقول : ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ﴾(2)فعرفنا أنَّ الوجه كلّه ينبغي أن يغسل ثمَّ قال: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾(3)ثمَّ فصّل بين الكلام (4)فقال :﴿ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ (5)فعرفنا حين قال: ﴿بِرُءُوسِكُمْ﴾ أنَّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثمَّ وصل الرِّجلين بالرَّأس كما وصل اليدين بالوجه : فقال : ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾(6)فعرفنا حين وصله بالرَّأس أنَّ المسح على بعضها ، ثمَّ فسّر ذلك رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)للنّاس فضيّعوه ، ثمَّ قال : ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ﴾(7)، فلمّا وضع الوضوء إن(8)لم تجدوا الماء، أثبت بعض الغسل مسحاً لأنّه قال :

﴿ بِوُجُوهِكُمْ﴾ ثمَّ وصل بها ﴿وَأَيْدِيكُمْ﴾ ثمَّ قال :﴿مِنْهُ﴾ أي من ذلك التّيمّم ، لأنّه علم أنَّ ذلك أجمع لم يجر على الوجه، لأنّه يعلق من ذلك الصّعيد ببعض الكفّ ولا يعلق ببعضها، ثمَّ قال :﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾(9)والحَرَج : الضَّيق(10)

5 - عليُّ ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز عن زرارة قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): المرأة يجزئها من مسح الرأس أن تمسح مقدَّمه قدر ثلاث أصابع، ولا تلقي عنها خمارها (11).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محّمد بن أبي نصر، عن أبي

ص: 36


1- التهذيب 1، 4 - باب صفة الوضوء و ...، ح 88 الاستبصار 1 ، 35 باب مقدار ما يمسح من الرأس والرجلين ، ح 2 .
2- سورة المائدة/ 6 .
3- سورة المائدة/ 6 .
4- في التهذيب والاستبصار : ... بين الكلامين
5- سورة المائدة/ 6 .
6- سورة المائدة/ 6 .
7- سورة المائدة/ 6 .
8- في التهذيب والاستبصار عمن لم يجد الماء
9- سورة المائدة / 6 .
10- التهذيب ،1 نفس الباب ح 17 . الاستبصار 1 ، 35 - باب مقدار ما يمسح من الرأس والرجلين ، ح 5 . الفقيه 1 ، 21 - باب التيمم ، ح 1 بتفاوت
11- التهذيب ،1، نفس الباب، ح 44

الحسن الرِّضا(عليه السلام)قال سألته : عن المسح على القدمين، كيف هو؟ فوضع كفّه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، لو أنّ رجلاً قال بإصبعين من أصابعه هكذا ؟ فقال : لا ، إلّا بكفّه (1).

7 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس قال: أخبرني من رأى أبا الحسن(عليه السلام)بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب، ومن الكعب إلى أعلى القدم ويقول : الأمر في مسح الرّجلين مُوَسِّع ، من شاء مسح مقبلًا ومن مسح مُدْبراً، فإنّه من الأمر الموسّع إن شاء الله (2).

8 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: قال: لو أنّك توضّأت فجعلت مسح الرَّجلين غسلاً ثمَّ أضمرت أنَّ ذلك هو المفترض ، لم يكن ذلك بوضوء، ثمَّ قال : ابدأ بالمسح على الرَّجلين، فإن بَدَا لَكَ غسل فغسلتَ فامسح بعده ليكون آخر ذلك المفترض (3).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن الحكم بن مسكين، عن محمّد بن مروان قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إنّه يأتي على الرَّجل ستّون وسبعون سنة ما قَبِلَ الله منه صلاة، قلت : وكيف ذاك؟ قال : لأنّه يغسل ما أمر الله بمسحه(4)

10 - محمّد بن يحيى، عن عليِّ بن إسماعيل، عن عليِّ بن النّعمان، عن القاسم بن

ص: 37


1- التهذيب ،1 نفس الباب، ح 28 ، وح 92 بتفاوت فيهما الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 3 وفي ذيله : لا ، لا يكفيه. وقال الشيخ رحمه الله بعد إيراده الحديث فمعناه لا يكون مستكملاً لخصال الفضل .
2- الاستبصار 1 ، 32 - باب النهي عن استقبال الشَّعر في ... ، ح 3 وروى صدر الحديث، التهذيب 1، 4 - باب صفة الوضوء و ...، ح 9 ومن أصحابنا رضوان الله عليهم من أجاز النكس في مسح الرأس على كراهة كالمحقق في الشرائع ومنهم من أجاز النكس في كل من مسح الرأس والقدمين من دون كراهة كالشهيدين على أصح القولين عندهما، وإن كان الشهيد الأول رحمه الله في كتاب البيان رجح منع النكس في الرجلين دون الرأس وكذا في كتابه الألفية أيضاً. ولكنه في الدروس عكس الأمر، ومهما يكن فإن الأكثر والمشهور عندنا هو جواز النكس في مسح الرجلين .
3- الاستبصار 1 ، 37 - باب وجوب المسح على الرجلين ح 5 بتفاوت يسير . التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 35 بتفاوت يسير أيضاً ، ورواه في التهذيب 1 ، أيضاً برقم 96 من نفس الباب مسنداً إلى أبي عبد الله(عليه السلام) وصدر الحديث دال على حرمة التشريع بنسبة ما لم يعلم صدوره عن الله إليه سبحانه فضلا عما علم بصدور عكسه عنه، ولعل ذيله ناظر إلى حال التقية وإنه لو كان الأمر كذلك فيمكن الجمع بين الغسل والمسح للرجلين بشرط البدء بالمسح إن أمكن وإلّا فالختم به .
4- الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح3. وفي سنده محمّد بن سهل بدل محمد بن مروان. التهذيب 1، نفس الباب ، ح 33 . والظاهر أن الصحيح بقرينة الراوي عنه وهو الحكم بن مسكين وإنه أيضاً يروي عن الصادق(عليه السلام)هو ما في كل من التهذيب والفروع وإنه محمّد بن مروان والله العالم .

محمّد، عن جعفر بن سليمان عمّه قال: سألت أبا الحسن موسى(عليه السلام)قلت: جُعِلْتُ فِداك ، يكون خُفُّ الرّجل مخرّقاً فيُدْخل يده فيمسح ظهر قدمه، أيجزئه ذلك؟ قال : نعم(1).

11 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أَبَان، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : توضّأ عليٌّ(عليه السلام) فغسل وجهه وذراعيه ، ثمَّ مسح على رأسه، وعلى نعليه : ولم يدخل يده تحت الشّراك (2).

12 - محمّد بن يحيى، رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الّذي يخضب رأسه بالحنّاء ثمَّ يبدو له في الوضوء؟ قال : لا يجوز؟ حتّى يصيب بشرة رأسه بالماء (3).

20 - باب مسح الخف

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبان، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن المريض، هل له رخصة في المسح (4)؟ قال: لا.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: قلت له : في مسح الخفين تقيّة؟ فقال : ثلاثة لا أتقي فيهنَّ أحداً شرب المُسْكر، ومَسْحُ الخفين ومتعة الحجّ .

قال زرارة ولم يقل : الواجب عليكم ألا تتّقوا فيهنَّ أحداً (5).

ص: 38


1- التهذيب 1 : نفس الباب ، ح 34 . الفقيه 1 ، 10 - باب حد الوضوء وترتيبه و ...، ح 11 بتفاوت يسير، ورواه مرسلا .
2- الشراك : - كما في النهاية - أحد سيور النعل التي يكون على وجهها وقد حمل الشيخ رحمه الله فعله(عليه السلام)هنا على ما إذا كان النعلان عربيين حيث لا يمنعان من وصول الماء إلى الرجلين بمقدار ما يجب من المسح ، وقال في المنتهى : وهو جيد .
3- الاستبصار 1 ، 44 - باب المسح على الرأس وعليه الحناء ، ح 3 بتفاوت يسير . التهذيب 1 ، 16 - باب في صفة الوضوء والمفروض منه ، ح 10 بتفاوت يسير أيضاً. وقد حمله الشيخ على ما إذا أمكن إيصال الماء إلى البشرة دون ما إذا لم يمكنه ذلك أو كان فيه مشقة .
4- وذلك بتركه من رأس، أو بالمسح على الخف، وكلاهما في حال التقية.
5- الاستبصار 1 ، 45 - باب جواز التقية في المسح على الخفين ، ح 2 . التهذيب 1، 16 - باب في صفة الوضوء والمفروض منه ، ح 23 . بدون قول زرارة فيهما. وروي في الفقيه 1 ، 10 - باب حد الوضوء وترتيبه و . . . ، ح :8 قال العالم :(عليه السلام): ثلاثة لا أتقي فيهن أحداً : شرب المسكر ، والمسح على الخفين، ومتعة الحج. هذا ويمكن أن يكون وجه الجمع في الجميع وجود القائل به من العامة.
21 - باب الجبائر والقروح والجراحات

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن الرّضا(عليه السلام)عن الكسير تكون عليه الجبائر، أو تكون به الجراحة، كيف يصنع بالوضوء، وعند غسل الجنابة وغسل الجمعة ؟ قال : يغسل ما وصل إليه الغسل ممّا ظهر مما ليس عليه الجبائر، ويدع ما سوى ذلك ممّا لا يستطيع غسله ، ولا ينزع الجبائر و [لا] يعبث بجراحته(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن الجرح ، كيف يصنع به صاحبه؟ قال : يغسل ما حَوْلَهُ (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه سئل عن الرّجل يكون به القرحة في ذراعه أو نحو ذلك في موضع الوضوء، فيعصبها بالخرقة ويتوضّأ ويمسح عليها إذا توضّأ ؟ فقال : إن كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة، وإن كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثمَّ ليغسلها ، قال : وسألته عن الجرح، كيف أصنع به في غسله؟ قال : اغسل ما حوله(3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن الحسن بن رباط، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : عَثَرْتُ فانقطع ظفري، فجعلت على إصبعي مرارة ، فكيف أصنع بالوضوء؟ قال : يُعرَف هذا وأشباهه من كتاب الله عزَّوجلَّ(4) : ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾، امسح عليه (5).

ص: 39


1- الاستبصار 1 ، 46 - باب المسح على الجبائر ، ح 1 . التهذيب ،1 ، نفس الباب ، ح 24 . وأورده أيضاً برقم 28 من نفس الباب ولكن فيه : ... سألت أبا إبراهيم(عليه السلام) . . . ، وبتفاوت يسير عما هنا. هذا، والكسير: فعيل بمعنى المكسور (المفعول) . والجبيرة - كما في الحبل المتين - الخرقة مع العيدان التي تشدّ على العظام المكسورة، والفقهاء يطلقونها على ما تشد به القروح والجروح أيضاً ويساوون بينهما في الأحكام ..
2- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 26 .
3- الاستبصار 1، 46 - باب المسح على الجبائر ، ح 2 . التهذيب 1، 16 - باب صفة الوضوء والفرض منه، ح 25 . قال المحقق في الشرائع 23/1 : من كان على بعض أعضاء طهارته جبائر، فإن أمكنه نزعها أو تكرار الماء عليها حتى يصل إلى البشرة وجب وإلا أجزأه المسح عليها، سواء كان ما تحتها ظاهراً أو نجساً، وإذا زال العذر، استأنف الطهارة على تردد فيه .
4- سورة الحج / 78
5- الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 3 وفيه : تعرفُ .... بدل : يُعْرَفُ .... التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 27 . وقد رأى الفاضل التستري أن الأحوط أن يضيف إلى مثل هذا الوضوء تيمماً وذلك على القول بعدم وجوب مسح جميع ظهر اليد في التيمم . والله العالم
22 - باب الشك في الوضوء ومن نَسِيَه أو قَدَّم أو أَخَّر

1 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن عامر، عن عبد الله بن بكير، عن أبيه، قال: قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): إذا استيقنتَ أنَّك قد أحدثت فتوضّأ، وإيّاك أن تُحْدِثَ وضوءاً أبداً حتّى تستيقن أنّك قد أُحْدَثْتَ(1).

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر

(عليه السلام)قال : إذا كنت قاعداً على وضوء ولم تدر اغسلت ذراعك أم لا ، فأَعِدْ عليها وعلى جميع ما شككت فيه أنّك لم تغسله أو تمسحه ممّا سمّى الله ما دمت في حال الوضوء، فإذا قمت من الوضوء وفرغت، فقد صرت في حال أُخرى في صلاة أو غير صلاة فشككت في بعض ما سمّى الله ممّا أوجب الله تعالى عليك فيه وضوءاً فلا شيء عليك ، وإن شككت في مسح رأسك وأصبت في لحيتك بلّة فامسح بها عليه وعلى ظهر قدميك، وإن لم تصب بلّة فلا تنقض الوضوء بالشّك، وامضِ في صلاتك، وإن تيقّنت أنّك لم تتمَّ وضوءك فأعِدْ على ما تركت يقيناً حتّى تأتي على الوضوء .

قال حمّاد: وقال حريز قال زرارة : قلت له : رجلٌ ترك بعض ذراعه أو بعض جسده في غسل الجنابة؟ فقال : إذا شكّ ثمَّ كانت به بلّة وهو في صلاته مسح بها عليه، وإن كان استيقن رجع وأعاد عليه الماء ما لم يصب بلّة، فإن دخله الشّك وقد دخل في حال أُخرى فليمض في صلاته ولا شيء عليه، وإن استبان رجع وأعاد الماء عليه، وإن رآه وبه بلّة مسح عليه وأعاد الصّلاة باستيقان، وإن كان شاكّاً فليس عليه في شكّه شيء فليمض في صلاته(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم : عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن ذكرت وأنت في صلاتك أنّك قد تركت شيئاً من وضوئك المفروض

ص: 40


1- التهذيب 1 4 - باب صفة الوضوء والفرض منه و ...، ح 117 وفيه : إذا استيقنت أنك قد توضأت فإياك أن و. تحدث وضوءاً ... الخ . وفيه دلالة على عدم جواز نقض اليقين إلا بيقين مثله
2- التهذيب 1 ، 4 - باب صفة الوضوء والفرض منه و . . . ، ح 110 . وفيه : وإن استيقن . . . بدل : وإن استبان . . . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه لو استيقن ترك غسل عضو من أعضاء الوضوء وجب عليه العود إليه وإلى ما بعده للحفاظ على الترتيب، وكذا لو شك في غسل عضو وكان ما زال على حال الوضوء دون ما إذا كان قد انتقل عنه إلى حالة أخرى.

عليك، فانصرف وأتمَّ الّذي نسيته من وضوئك وأَعِدْ صلاتك، ويكفيك من مسح رأسك أن تأخذ من لحيتك بللها إذا نسيتَ أن تمسح رأسك فتمسح به مقدّم رأسك (1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إذا نسي الرَّجل أن يغسل يمينه فغسل شماله ومسح رأسه ورجليه، وذكر بعد ذلك، غسل يمينه وشماله ومسح رأسه ورجليه، وإن كان إنّما نسي شماله فليغسل الشّمال ولا يعيد على ما كان توضّأ وقال: أَتْبعْ وضوءَكَ بعضّه بعضاً(2).

5 - عليُّ ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد، عن حريز عن زرارة قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): تابع بين الوضوء كما قال الله عزّ وجلّ إبدأ بالوجه، ثمَّ باليدين، ثمَّ امسح الرَّأس والرَّجلين، ولا تقدمنَّ شيئاً بين يدي شيء تخالف ما أمِرتَ به ، وإن غسلتَ الذِّراع قبل الوجه فابدأ بالوجه وأُعِد على الذِّراع، وإن مسحت الرَّجل قبل الرأس فامسح على الرأس قبل الرَّجل . ثمَّ أعِدْ على الرَّجل، إبدأ بما بَدَأ الله به(3).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وأبي داود، جميعاً عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا نسيت فغسلتَ ذراعك قبل وجهك، فأعِدْ غَسل وجهك، ثمَّ اغسل ذراعيك بعد الوجه، فإن بدأت بذراعك الأيسر قبل الأيمن، فأُعِدْ غَسْلَ الأيمن ثمَّ اغسل اليسار، وإن نسيت مسح رأسك حتّى تغسل رجليك، فامسح رأسك ثمَّ اغسل رجليك (4).

7 - وبهذا الإسناد قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا توضّأت بعض وضوئك فَعَرَضَتْ لك حاجة حتّى ينشف وضوئك، فأعِدْ وضوءك، فإنَّ الوضوء لا يتبعّض(5).

ص: 41


1- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 112 .
2- الاستبصار 1، 43 - باب وجوب الترتيب في الأعضاء ، ح 6 . التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 108 . قوله : ولا يعيد على ما كان :توضأ أي لا يعيد ما قبل الشمال، وأما المسحتان اللتان كان قد أتى بهما قبل تذکره نسیان غسل شماله فلا بد من إعادتهما بعد غسلها حفاظاً على الترتيب في أفعال الوضوء .
3- الاستبصار ،1 نفس الباب ح 1 . التهذيب ،1 ، نفس الباب ، ح 100 . الفقيه 1 ، 10 - باب حد الوضوء وترتيبه و ... ، ح 2 بتفاوت يسير في الجميع. قوله: تابع بين الوضوء : يعني رتب بين أعضائه في الغسل والمسح . وهو مجمع عليه عندنا.
4- الاستبصار ،1 ، 43 - باب وجوب الترتيب في الأعضاء ، ح .5 التهذيب 1 4 - باب صفة الوضوء و...، ح 107 . وفيهما فغسلت ذراعيك بدل فغسلت ذراعك .
5- الاستبصار 1، 42 - باب وجوب الموالاة في الوضوء ، ح 1. وفيه حتى يبس... بدل حتى ينشف .... التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 79 وكرره برقم 104 من نفس الباب أيضاً، وفيه حتى يبس ... ، وفي ذيله في : الموضعين : لا يبعض.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): ربّما توضّأت فنفد الماء فدعوتُ الجارية فأبطأتْ عليَّ بالماء، فيجفّ وضوئي ؟ فقال : أَعِدْ(1).

9 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن حمّاد بن عثمان، عن حكم بن حكيم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل نسي من الوضوء الذّراع والرّأس؟ قال : يعيد الوضوء ، إنّ الوضوء يتبع بعضه بعضاً.

23 - باب ما ينقُضُ الوضوء وما لا ينقُضْهُ

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وأحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن سالم أبي الفضل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ليس ينقض الوضوء إلّا ما خرج من طرفَيْكَ الأسفَلَيْن اللّذَين أنعم الله عليك بهما(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سهل، عن زكريّا بن آدم قال : سألت الرّضا(عليه السلام)عن النّاسور، أينقض الوضوء؟ قال : إنّما ينقض الوضوء ثلاث : البول والغائط والرِّيح (3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنَّ الشيطان ينفخ في دبر الإنسان حتّى يخيّل إليه يخيل إليه أنّه قد خرج منه ريح، فلا ينقض الوضوءّ إلّا ريح تسمعها أو تجد ريحها(4).

ص: 42


1- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 105 وح 80 أيضاً. الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 2. هذا وقد حكم أصحابنا بوجوب الموالاة بين غسل الأعضاء في الوضوء، وإلا فعليه الإعادة وقال المحقق في الشرائع 22/1 وهو يتحدث عن الموالاة وهي أن يغسل كل عضو قبل أن يجف ما تقدمه ، وقيل : بل هي المتابعة بين الأعضاء مع الاختيار ومراعاة الجفاف مع الاضطرار.
2- الاستبصار 1 ، 51 - باب الضحك والقهقهة ، ح 1 . التهذيب 1 ، 1 - باب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 17 وفي الذيل منهما بهما عليك بدل ... عليك بهما وسالم أبو الفضل: هو الحنّاط .
3- الاستبصار 1 ، 51 - باب الضحك والقهقهة ، ح 2 . التهذيب 1 ، 1 - باب الأحداث الموجبة للطهارة، ح 18 وفيهما الناصور بدل الناسور وهو هنا علة تصيب العروق التي في حلقة الدبر من الداخل أو الخارج.
4- الاستبصار 1 ، 55 - باب الريح يجدها الإنسان في بطنه، ح2 . التهذيب 1، 14 - باب الأحداث الموجبة . . . ، ح 9 وفيهما وضوءه . . . ، بدل الوضوء .... وفيهما أيضاً، يسمعها، بدل: تسمعها.

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن ظريف(1)، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : ليس في حَبِّ القرع والدّيدان الصّغار وضوء، إنّما هو بمنزلة القُمَّل(2).

5 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن ابن أخي فضيل، عن فضيل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل يخرج منه مثل حبِّ القرع؟ قال : ليس عليه وضوء . وروي : إذا كانت ملطّخة بالعذرة أعاد الوضوء(3).

6 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر ولأبي عبد الله(عليه السلام)ما ينقض الوضوء؟ فقالا : ما يخرج من طرفَيك الأسفَلين من الدُّبر والذَّكَر، غائط أو بول أو منيُّ أو ريح، والنّوم حتّى يذهب العقل، وكلّ النّوم يُكره إلّا أن تكون تسمع الصوت(4).

7 - محمّد بن يحيى، عن العمركي، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه موسى(عليه السلام)قال : سألته عن الرَّجل ، هل يصلح له أن يستدخل الدَّواء ثمَّ يصلّي وهو معه، أينقض الوضوء؟ قال: لا ينقض الوضوء، ولا يصلّي حتّى يطرحه(5).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء ، قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرّجل يتجشأ فيخرج منه شيء ، أيعيد الوضوء؟ قال : لا .

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن أبي أُسامة قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن القيء، هل ينقض الوضوء؟ قال : لا(6).

ص: 43


1- هو ابن ناصح .
2- الاستبصار 1 ، 48 - باب الديدان ، ح 2 . التهذيب 1 ، 1 - باب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 22 . الفقيه 1 ، 15 - باب ما ينقض الوضوء ، ح 2 . وحب القرع : دود عريض يتولد في الإمعاء يشبه حب القرع فسمّي به وشبهه بالقمل من حيث عدم ناقضيته للطهارة إذا وجد في بدن الإنسان. هذا، ولا بد من الحمل على ما إذا خرج غير ملطخ بالعذرة وإلا فهو ناقض للوضوء كما سوف يشير إليه في الرواية التالية .
3- الاستبصار ،1 نفس ،الباب .. التهذيب ، نفس الباب ، ح 19 وفيهما عليه الوضوء، وليس فيهما الذيل من قوله : وروي ... الخ . وليس في سندهما ذكر للفضيل متوسط بين ابن أخي الفضيل وأبي عبد الله(عليه السلام).
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 12 . الفقيه 1 ، 15 - باب ما ينقض الوضوء ، ح 1 بزيادة في آخره مع تفاوت يسير .
5- التهذيب 1 ، 14 - باب الأحداث الموجبة للطهارة، ح 1 .
6- الاستبصار 1، 49 - باب القيء ، ح 1 . التهذيب 1، باب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 25 . هذا، وقد ذكر أصحابنا موارد يستحب الوضوء عندها ومن جملتها القيء، وإن صرح بعضهم بأن استحباب الوضوء في هذه الموارد غير ثابت فالأولى أن يتوضأ برجاء المطلوبية

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وأبو داود عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إذا قاء الرَّجل وهو على طهر فليتمضمض(1).

11 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسکان ، عن محمّد الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الرَّجل يكون على طهر فيأخذ من أظفاره أو شعره أيعيد الوضوء؟ فقال : لا ، ولكن يمسح رأسه وأظفاره بالماء، قال: قلت: فإنّهم يزعمون أنَّ فيه الوضوء؟ فقال : إن خاصموكم فلا تخاصموهم ، وقولوا هكذا السُنَّة (2).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : ليس في القبلة ولا مس الفرج ولا المباشرة وضوء(3)

13 - محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن العاف والحجامة وكلّ دم سائل؟ فقال : ليس في هذا وضوء، إنما الوضوء من طرفّيْك اللّذَين أنعم الله تعالى بهما عليك(4).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن رجل به علّة لا يقدر على الاضطجاع، والوضوء يشتّد عليه وهو قاعد مستند بالوسائد، فربّما أُغفي وهو قاعدٌ على تلك الحال؟ قال : يتوضّأ قلت له : إنَّ الوضوء يشتدَّ عليه لحال علّته ؟ فقال : إذا خفي عليه الصّوت فقد وجب الوضوء عليه ، وقال : يؤخّر الظّهر ويصلّيها مع العصر يجمع بينهما، وكذلك المغرب والعشاء (5).

ص: 44


1- الاستبصار 1 ، 50 - باب الرعاف ، ح .. التهذيب 1، 14 - باب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 31 . بزيادة في آخرهما وتفاوت في بعض السند أيضاً .
2- الاستبصار 1 57 - باب مس ،الحديد، ح .. التهذيب 1، 14 - باب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 2 . قوله(عليه السلام): يمسح رأسه و ... الخ : محمول على الاستحباب لدرء كراهة الحديد. والضمير في : فإنهم ، وفي : خاصموكم ، يرجع إلى المخالفين.
3- الاستبصار 1، 53 - باب القبلة ومس الفرج ، ح 1 . التهذيب 1 ، 1 - باب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 54 بتفاوت في الترتيب فيهما الفقيه 1 ، 15 - باب ما ينقض الوضوء، ح 9 بتفاوت يسير .
4- الاستبصار 1، 50 - باب الرعاف ، ح 1 . التهذيب 1 نفس الباب، ح 33 . ولا يخفى أن الحصر هنا إضافي بالنسبة إلى ما يخرج من الجسد، فلا ينافي ناقضية النوم والإغماء.
5- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 14 بتفاوت يسير. وقوله(عليه السلام)يشتد عليه ، قال في الحبل المتين : أراد به أنه يصعب عليه صعوبة قليلة لا يؤدي إلي جواز التيمم وإلا لسوّغه(عليه السلام)له . وإنما ذكر الراوي تعسر الوضوء عليه وأردفه بقوله : وهو قاعد، رجاء أن يرخص(عليه السلام)له في ترك مطلق الطهارة وطمعاً في أن يكون النوم حال القعود وتمكين المقعد من الأرض غير ناقض للطهارة كما ذهب إليه بعضهم وخصوصاً إذا كانت الطهارة متعسرة . وما تضمنه آخر الحديث من قوله(عليه السلام): إذا خفي عليه الصوت ... الخ ، مما استدل به الشيخ في التهذيب على النقض بالإغماء والمرة وتبعه المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى وشيخنا الشهيد في الذكرى، ولا يخفى ما فيه» مرآة المجلسي 11913 - 120 .

15 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الحَفْقَة والخفقتين؟ فقال: ما أدري ما الخَفْقَة والخفقتان إن الله يقول:(1)﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴾. إنَّ علياً(عليه السلام)كان يقول : من وجد طعم النوم قائماً أو قاعداً فقد وجب عليه الوضوء(2).

16 - علي بن محمّد، عن ابن جمهور، عمّن ذكره، عن أحمد بن محمّد، عن سعد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: أُذنان وعينان، تنام العينان ولا تنام الأُذنان، وذلك لا ينقض الوضوء، فإذا نامت العينان والأُذُنان انتقض الوضوء.

17 - أحمد بن إدريس ؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صَدَقة، عن عمّار الساباطيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الرَّجل يقرض من شعره بأسنانه أيمسحه بالماء قبل أن يصلّي ؟ قال : لا بأس، إنّما ذلك في الحديد (3).

24 - باب الرجل يطأ على العَذَرَة أو غيرها من القَذَر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح ، عن الأحول ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: في الرجل يطأ على الموضع الپذي ليس بنظيف، ثمَّ يطأ بعده مكاناً نظيفاً؟ قال : لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعاً أو نحو ذلك(4).

ص: 45


1- سورة القيامة / 14 . وقيل في معنى الآية : إن على الإنسان من نفسه رقباء من جوارحه يشهدون عليه بما عمل .
2- الاستبصار 1 ، 47 - باب النوم ، ح 10 . التهذيب 1 ، نفس ،الباب ، ح 10 . وخَفَقَ فلان - كما في القاموس - : حرك رأسه إذا نعس.
3- الاستبصار 1، 57 - باب مس الحديد، ح4 . التهذيب 1، 14 - باب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 3 . وقد حمل الحديث على ضَرْب من الاستحباب بعد استعمال الحديد في قص الشعر أو الظفر درءاً لكراهته كما تقدم .
4- التحديد بالخمسة عشر ذراعاً إنما هو لبيان ما تزول به النجاسة على باطن النعل أو القدم عند المشي، ويؤيده قوله(عليه السلام)في الذيل أو نحو ذلك . ويمكن أن يستدل بظاهر الحديث على اشتراط تطهير النعل أو باطن القدم بالمشي أن تكون الأرض طاهرة. وأضاف ابن الجنيد اشتراط يبوستها أيضاً.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر(عليه السلام)إذ مرَّ على عذرة يابسة فوطأ عليها فأصابت ثوبه، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، قد وطئت على عذرة فأصابت ثوبك ، فقال : أليس هي يابسة؟ فقلت بلى فقال : لا بأس: إنَّ الأرض تطهّر بعضها بعضاً.

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار،عن محمّد الحلبيّ قال : نزلنا في مكان بيننا وبين المسجد زقاق قذر، فدخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)فقال : أين نزلتم ؟ فقلت : نزلنا في دار فلان، فقال : إنَّ بينكم وبين المسجد زقاقاً قذراً - أو(1) قلنا له : إنّ بيننا وبين المسجد زقاقاً قذراً - فقال : لا بأس، الأرض تطهّر بعضها بعضاً(2)، قلت : والسرقين(3) الرَّطب أطأ عليه؟ فقال: لا يضرُّك مثله.

4 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الرّجل يطأ في العذرة أو البول، أيعيد الوضوء؟ قال: لا، ولكن يغسل ما أصابه. وفي رواية أخرى : إذا كان جافّاً فلا يغسله .

5- عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن المعلّى بن خنيس قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الخنزير، يخرج من(عليه السلام)عن الخنزير يخرج من الماء فيمرُّ على الطريق فيسيل منه الماء، أمرّ عليه حافياً ؟ فقال : أليس وراءه شيء جافّ؟(4)قلت: بلى، قال: فلا بأس، إن الأرض تطهّر بعضها بعضاً.

25 - باب المذي والودي

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد، عن حريز عن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إن سال من ذَكَرِكَ شيء من مذي أو ودي وأنت في الصلاة، فلا تغسله، ولا تقطع الصّلاة،

ص: 46


1- الترديد من الراوي .
2- قال في المدارك : قوله(عليهم السلام): الأرض يطهر بعضها بعضاً : يمكن أن يكون معناه أن الأرض يطهر بعضها وهو المماس لأسفل النعل أو الطاهر منها بعض الأشياء وهو النعل والقدم ويحتمل أن يكون المراد أن أسفل القدم والنعل إذا تتجس بملاقاة بعض الأرض النجسة يطهره البعض الآخر الطاهر إذا مشى عليه، فالمطهر في الحقيقة ما ينجس بالبعض الآخر، وعلقه بنفس البعض مجازاً .
3- السرقين :الزّبل.
4- يمكن أن يستدل به على اشتراط جفاف الأرض في تطهيرها لباطن القدم والنعل، وإن كان ظاهراً في الجفاف منخصوص الرطوبة السارية مما خلفه الخنزير من الماء المنفصل عن بدنه .

ولا تنقض له الوضوء وإن بلغ عَقِبَيْك ، فإنّما ذلك بمنزلة النخامة، وكلّ شيء يخرج منك بعد الوضوء فإنّه من الحبائل، أو من البواسير، وليس بشيء، فلا تغسله من ثوبك إلّا أن تقذره(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن المذي ؟ فقال : ما هو والنخامة إلّا سواء(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن بريد بن معاوية قال : سألت أحدهما (عليهم السلام)عن المذي ؟ فقال : لا ينقض الوضوء، ولا يغسل منه ثوب ولا جسد، إنّما هو بمنزلة المخاط والبزاق(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن المذي يسيل حتّى يصيب الفخذ ؟ فقال : لا يقطع صلاته ولا يغسله من فخذه، إنّه لم يخرج من مخرج المنيّ، إنّما هو بمنزلة النّخامة .

26- باب أنواع الغسل

1 - محمّد بن أسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى ؛ وابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سمعته يقول : الغسل من الجنابة، ويوم الجمعة، والعيدين، وحين ،تحرم، وحين تدخل مكة والمدينة، ويوم عرفة، ويوم تزور البيت، وحين تدخل الكعبة، وفي ليلة تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين من شهر رمضان، ومن غسّل ميّتاً (4).

ص: 47


1- الاستبصار 1 ، 56 - باب حكم المذي والوذي ، ح 15 بتفاوت وفيه إلى قوله : من الحبائل. وكذلك هو في التهذيب 1 ، 1 - باب الأحداث الموجبة للطهارة، ح 52 والمذي : هو السائل الذي يخرج من الإنسان بعد المداعبة والملاعبة والوذي هو السائل الذي يخرج من الإنسان بعد خروج المني ، وهنالك قسم ثالث وهو الودي، ويخرج بعد خروج البول .
2- الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 1 . التهذيب ،1 نفس الباب ، ح 38 بتفاوت فيهما . والنخامة : ما يخرج من الصدر أو ما يخرج من الخيشوم من البلغم والمواد عند التنخم . وقيل : هو ما يخرجه الإنسان من حلقه من مخرج الخاء المعجمة . وقد دل الحديث لا على عدم ناقضية المذي للوضوء فقط بل على طهارته أيضاً وهو المشهور عند أصحابنا إلا ابن الجنيد حيث حكم بنجاسته إذا نزل بشهوة .
3- الاستبصار 1 ، نفس الباب .. التهذيب ، نفس الباب ، ح 40 بتفاوت وأخرجاه عن ابن أذينة عن زيد الشحام عن أبي عبد الله(عليه السلام). وأشار إليه في الفقيه 1 ، 16 - باب ما ينجس الثوب والجسد ، ح 2 .
4- التهذيب 1 ، 5 - باب الأغسال المفترضات والمسنونات، ح 22 بتفاوت قليل واختلاف في الترتيب وسند آخر.والظاهر من قوله(عليه السلام): تزور البيت؛ طواف الحج، وإن احتمل مطلق الطواف بالبيت. وأما الغسل بالنسبة للعيدين فقد حدّد أصحابنا رضوان الله عليهم وقته بالزوال، وإن ذهب بعضهم إلى تحديد وقته بالصلاة والخبر مطلق من هذه الناحية .

2 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن غسل الجمعة ؟ فقال : واجب في السّفر والحضر، إلّا أنّه رخّص للنساء في السّفر لقلّة الماء ، وقال : غسل الجنابة واجب، وغسل الحائض إذا طهرت واجب، وغسل المستحاضة واجب إذا احتشت بالكرسف فجاز الدّم الكرسف فعليها الغسل لكلِّ صلاتين، وللفجر غسل ، وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كلّ يوم مرَّة، والوضوء لكلِّ صلاة، وغسل النّفساء واجب، وغسل المولود واجب، وغسل الميّت واجب، وغسل الزيارة واجب، وغسل دخول البيت واجبٌ، وغسل الاستسقاء واجبٌ، وغسل أوَّل ليلة من شهر رمضان يستحبُّ، وغسل ليلة إحدى وعشرين، وغسل ليلة ثلاث وعشرين سنّة لا تتركها فإنّه يرجى في إحداهنَّ ليلة القدر، وغسل يوم الفطر، وغسل يوم الأضحى سنّة، لا أُحبُّ تركها وغسل الإستخارة يستحبُّ، العمل في غسل الثلاث اللّيالي من شهر رمضان ليلة تسعة عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين(1) .

27 - باب ما يجزىء الغسل منه إذا اجتمع

1 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: (2)إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزاك غسلك ذلك للجنابة والجمعة ، وعرفة، والنحر، والحَلْق، والذبح ، والزيارة، وإذا اجتمعت عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد ؛ قال : ثمَّ قال : وكذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها وإحرامها وجمعتها وغُسْلها من حيضها وَعِيدِها (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن دَّراج،

ص: 48


1- الاستبصار 1 ، 59 - باب وجوب غسل الجنابة والحيض والاستحاضة و ...، ح 2 وروى صدر الحديث بتفاوت التهذيب 1 نفس الباب ح 2 بتفاوت الفقيه 1 ، 18 - باب الإغسال، حه بتفاوت أيضاً. والكرسف الفطن، والمراد به هنا القطنة التي تضعها الحائض أو المستحاضة في فرجها تحشوه به توقياً من سراية الدم إلى بدنها وثيابها . وربما يكون هذا الحديث هو مستند المشهور في قولهم بتثليث أقسام المستحاضة
2- أسنده في التهذيب إلى أحدهما(عليهم السلام).
3- التهذيب 1، 5 - باب الأغسال المفترضات والمسنونات ح .11. ويدل الحديث على تداخل الأغسال إذا كان معها واجب أو كانت كلها واجبة .

عن بعض أصحابنا، عن أحدهما(عليهم السلام)أنّه قال : إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأ عنه ذلك الغسل من كلِّ غسل يلزمه في ذلك اليوم(1) .

28 - باب وجوب الغسل يوم الجمعة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الحسن الرّضا(عليه السلام)قال: سألته عن الغسل يوم الجمعة فقال : واجب على كلِّ ذكر وأُنثى ، عبد أو حرّ (2).

2 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن محمّد بن عبد الله قال: سألت الرّضا(عليه السلام)عن غسل يوم الجمعة ؟ فقال : واجبٌ على كلِّ ذكر وأُنثى ، عبد أو حرّ (3).

3 -محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الغسل يوم الجمعة على الرّجال والنّساء في الحضر، وعلى الرِّجال في السّفر، وليس على النّساء في السّفر وفي رواية أخرى: أنّه رخص للنّساء في السّفر لقلّة الماء(4)

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن سيف، عن أبيه سيف بن عميرة، عن الحسين بن خالد(5)قال: سألت أبا الحسن الأوّل (عليه السلام) : كيف صار غسل يوم الجمعة واجباً؟ فقال : إنَّ الله تبارك وتعالى أتمَّ صلاة الفريضة بصلاة النافلة؛ وأتمَّ صيام الفريضة بصيام النافلة؛ وأتمَّ وضوء الفريضة بغسل يوم الجمعة، ما كان في ذلك من سهو أو تقصير أو نسيان[ أو نقصان ] (6).

ص: 49


1- الحديث ضعيف .
2- الاستبصار 1 ، 61 - باب الأغسال المسنونة ، ح 4 . التهذيب ،1، نفس الباب ، ح 23 . والذي يظهر من المصنف رحمه الله هنا وجوب الغسل يوم الجمعة، وقد صرّح أبو جعفر الصدوق رحمه الله في الفقيه بأنه سنة واجبة، بل قال بأنه واجب على الرجال والنساء في الحضر والسفر إلا أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء وذلك في باب غسل الجمعة وآداب الحمّام، ولكن المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم هو الاستحباب دون الفرض والإيجاب ولذا أدرجوه في باب الأغسال المسنونة للوقت، فراجع .
3- الاستبصار 1 ، 61 - باب الأغسال المسنونة ، ح ه ، التهذيب 1، 5 - باب الأغسال المفترضات والمسنونات ح 24 وفي سنده : محمد بن عبيد الله . وكرره برقم 28 من الجزء الثالث من التهذيب.
4- وحمل على عدم تأكد الاستحباب لما ورد في خبر أم أحمد بنت موسى الآتي تحت رقم 6 من هذا الباب .
5- إن كان هو ابن أبي علاء الخفاف فهو ثقة، وإن كان الصيرفي فهو مجهول.
6- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 25 وكرره برقم 4 من الباب 17 من نفس الجزء. وفيه أتم وضوء النافلة بغسل الجمعة، بدل: وأتمّ وضوء الفريضة بغسل يوم الجمعة . وروى بمعناه مرسلاً في الفقيه 1 ، 22 - باب غسل يوم الجمعة ودخول . . . ، ح 7 .

5 - عدَّة من أصحابنا، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد الأنصاري، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الأصبغ قال: كان أمير المؤمنين(عليه السلام)إذا أراد أن يوبخ الرَّجل يقول : والله لأَنتَ أعجز من التّارك الغسل يوم الجمعة، وإنّه لا يزال في طهر إلى الجمعة الأخرى (1).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن موسى، عن أُمّه وأُمّ أحمد بنت(2)موسى قالتا : كنَّا مع أبي الحسن(عليه السلام)بالبادية ونحن نريد بغداد، فقال لنا يوم الخميس : اغتسلا اليوم الغد يوم الجمعة ، فإنَّ الماء بها غداً قليل، فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة (3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: لا بدَّ من غسل يوم الجمعة في السّفر والحضر، فمن نسي فليعد من الغد؛ وروي فيه رخصة للعليل.

29- باب صفة الغسل والوضوء قبله وبعده، والرجل يغتسل في مكان غير طيّب وما يقال عند الغسل، وتحويل الخاتم عند الغسل

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى؛ عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال: سألته عن غسل الجنابة ؟ فقال : تبدأ بكفّيك فتغسلهما، ثمَّ تغسل فرجك، ثمَّ تصبّ الماء على رأسك ثلاثاً ، ثمَّ تصبّ الماء على سائر جسدك مرَّتين ، فما جرى عليه الماء فقد طَهُرَ (4).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعيّ بن ،

ص: 50


1- التهذيب ، الحديث رقم 30 بالتسلسل العام.
2- في التهذيب : ابن موسى ....
3- التهذيب 1 ، 17 - باب الأغسال وكيفية الغسل من الجنابة ، ح 3 الفقيه 1 ، نفس الباب، ح . وفيه: روى الحسن بن موسى . . . ، :بدل الحسين بن موسى...
4- الاستبصار 9 ، 74 - باب وجوب الترتيب في غسل الجنابة ، ح 2 . التهذيب 1، 6 - باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها ، ح 56 بتفاوت يسير فيهما. وفي ذيل حديث التهذيب : فقد طهره .

عبد الله، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يُفيضُ الجنب على رأسه الماء ثلاثاً، لا يجزئه أقلَّ من ذلك(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : قلت : كيف يغتسل الجنب ؟ فقال : إن لم يكن أصاب كفّه شي ءُ (2)غمسها في الماء ، ثمَّ بدأ بفرجه فأنقاه بثلاث غرف ، ثمَّ صبَّ على رأسه ثلاث أكفّ، ثمَّ صبَّ على منكبه الأيمن مرَّتين وعلى منكبه الأيسر مرَّتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأه(3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن بعض أصحابنا قال : قال : تقول في غسل الجمعة: «اللّهمَّ طهّر قلبي من كلّ آفة تمحق بها ديني وتبطل بها عملي»، وتقول في غسل الجنابة :« اللّهمَّ طهّر قلبي وزكّ عملي وتقبّل سعيي واجعل ما عندك خيراً لي»(4).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله (5).

6 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر(عليه السلام)قال : سألته عن المرأة عليها السّوار والدُّملُج في بعض ذراعها، لا تدري يجري الماء تحته تحته أم لا، كيف تصنع إذا توضّأت أو اغتسلت؟ قال : تحرّكه حتّى يدخل الماء تحته أو تنزعه . وعن الخاتم الضيّق لا يدري هل يجري الماء تحته إذا توّضأ أم لا، كيف يصنع ؟ قال : إن علم أنَّ الماء لا يدخله فليُخْرِجُهُ إذا توضّأ(6).

ص: 51


1- وظاهره تثليث الصبّ لا الغسل، والمعنى أنه لا يجزيه أقل من ذلك ، أي من الثلاث الأكف لتحقق الغسل غالباً مرآة المجلسي 132/13 .
2- في التهذيب : مني ...، بدل شيء ....
3- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 59 والحديث لا يدل على وجوب الترتيب بين المنكبين لعدم دلالة الواو عليه اللهم إلا أن يقال بدلالة الترتيب الذكري هنا، وعلى تقدير ذلك فهو إنما يدل على الترتيب في الصب لا الغسل، والله العالم .
4- التهذيب ،1 ، نفس الباب ، ح 105 وكرره بتفاوت برقم 9 من الباب 17 من نفس الجزء وهو في الموضعين مسند إلى أبي عبد الله(عليه السلام)بسند آخر. والمقصود بتطهير القلب تخليصه من القصود الفاسدة والعقائد المنحرفة .
5- الاستبصار 1 ، 74 - باب وجوب الترتيب في غسل الجنابة ، ح 6 . التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 114 . هذا، ولا بد من حمل الارتماسة الواحدة على الواحدة العرفية الغير المجزأة لعدم تعقل الوحدة الحقيقية فتأمل. ورواه بتفاوت في الفقيه 1 ، 19 - باب صفة غسل الجنابة، ح 13
6- التهذيب 1، 4 - باب صفة الوضوء والفرض منه و ...، ح 71 وروى ذيله بنفس السند برقم 70 من نفس الباب . والدُملُج : حليّ يلبس - على الأصح - في المعصم، وما يلبس في العضد يسمّى المعضد . وقوله(عليه السلام): إن علم . . .، «ظاهره الفرق بين الوضوء والغسل باشتراط العلم بالعدم في وجوب التخليل في الأول، وكفاية عدم العلم في الثاني لكون الأمر في الغسل أشدّ ... الخ، مرآة المجلسي 134/13

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وأبي داود، جميعاً عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي حمزة، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في رجل أصابته جنابة فقام في المطر حتّى سال على جسده، أيجزئه ذلك من الغسل ؟ قال : نعم .

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إنَّ عليّاً(عليه السلام)لم يرّ بأساً أن يغسل الجُنُب رأسه غدوة ويغسل سائر جسده عند الصّلاة(1).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه، ثمَّ بدًّا له أن يغسل رأسه، لم يجد بدا من إعادة الغسل(2).

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن حمّاد، عن بكر بن كرب قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يغتسل من الجنابة، أيغسل رِجْلَيْه بعد الغسل؟ فقال : إن كان يغتسل في مكان يسيل الماء على رجليه بعد الغسل فلا عليه أن يغسلهما، وإن كان يغتسل في مكان يستنقع رجلاه في الماء فليغسلهما (3).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : جُعِلْتُ فِداك أغتسل في الكنيف الّذي يبال فيه

ص: 52


1- التهذيب 1، 6 - باب حكم الجنابة وصفة . . . ، ح 63 . وقد دل الحديث على أن الموالاة في غسل الجنابة غير واجبة وإن وجبت في الوضوء، وهذا حكم إجماعي عند أصحابنا رضوان الله عليهم.
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 60 . الاستبصار 1 ، 74 - باب وجوب الترتيب في غسل الجنابة ، ح .. وفيهما : عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، وقد دل هذا الحديث على وجوب الترتيب في الغسل الترتيبي للجنابة مقابل الغسل الارتماسي، وقد نص أصحابنا على كلا النوعين من الغسل حيث ذكروا أن الترتيب يبدأ بالرأس ثمَّ بالجانب الأيمن ثمَّ الأيسر، ومنهم من جعل الترتيب بين الرأس وبين بقية البدن، وقالوا بأنه يسقط الترتيب بارتماسة واحدة في الماء تقارنها نية الغسل، وعدّوا الترتيبي أفضل من الارتماسي .
3- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح57 . والظاهر أنه إنما أمر(عليه السلام)بغسلهما فيما كانتا مستنقعتين في الماء، إما لأنه في هذه الحالة لا يصدق سيلان الماء عليهما فلا يتحقق غسلهما، أو لأنهما محجوبتان كلا أو بعضاً بالطين أو غيره مما يمنع وصول الماء إليهما. أو لأن ماء الغسالة يتنجس لملاقاته النجاسة فيكون لا بد من تطهيرهما بعد مما أصابهما منها. وقد روي بمعناه مرسلاً في الفقيه 1 ، 2 - باب ارتياد المكان للحدث والسنة . . . ، ذيل ح 18 .

وعَلَيَّ نعلٌ سِنْدِيَّة؟ فقال : إن كان الماء الّذي يسيل من جسدك يصيب أسفل قدميك فلا تغسل قدميك(1).

12 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ،عن شاذان بن الخليل، عن يونس، عن يحيى بن طلحة، عن أبيه، عن عبد الله بن سليمان قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : الوضوء بعد الغسل بِدْعَةُ (2).

13 - محمّد بن يحيى ؛ وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كلُّ غسل قبله وضوء إلّا غسل الجنابة، وروي : أنّه ليس شيء من الغسل فيه وضوء إلّا غسل يوم الجمعة فإنَّ قبله وضوء وروي : أيُّ وضوء أطهر من الغسل(3).

14 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم ،عن الحسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الخاتم إذا اغتسلت؟ قال: حوِّله من مكانه؛ وقال في الوضوء؛ تديره، وإن نسيت حتّى تقوم في الصلاة فلا آمرك أن تعيد الصّلاة .

15 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ،عن فضالة، عن عبد الله بن سنان ، سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : اغتسل أبي من الجنابة فقيل له : قد أبقيتَ(4)لمعة في ظهرك لم يصبها الماء، فقال له ما كان عليك لو سكتَّ، ثمَّ مسح تلك اللّمعة بیده (5).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن محمّد

ص: 53


1- التهذيب 1، 6 - باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، ح .58 الفقيه 1 ، 2 - باب ارتياد المكان للحدث والسنة . . . ، ح 18 بتفاوت وزيادة .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح.86. وإنما كان الوضوء بعد الغسل بدعة للعلم بعدم احتياج غسل الجنابة إليه ولإجزائه عنه، فيكون بالإتيان به بنحو الوجوب بعد غسل الجنابة قد نسب إلى الشارع المقدس ما علم بصدور عكسه عنه، وهذا يكشف عن أن حرمة الوضوء بعد غسل الجنابة تشريعية لا ذاتية، وعليه فإذا أتى به هنا برجاء القربة المطلقة فلا محذور لأن الوضوء مستحب نفسي.
3- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 82 وروى صدره فقط، وكذلك فعل في الاستبصار 1 ، 75 - باب سقوط فرض ح الوضوء عند الغسل من الجنابة ، ح . وروى ذيله في التهذيب 1 ، برقم 81 من نفس الباب، وكذا في الاستبصار ،1، برقم 2 من نفس الباب .
4- فى التهذيب : قد بقيت .....
5- التهذيب 1 ، 17 - باب الاغسال وكيفية الغسل من الجنابة ، ح .1. ويمكن أن يكون الاستفهام الإنكاري للتنبيه على أن المعصوم لا يسهو كما يمكن أن يكون للتعليم على عدم وجوب التنبيه للغافل أو الساهي في مثل هذا المورد.

الحلبيّ ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة(1).

17 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عمّا تصنع النّساء في الشعر والقرون؟ فقال: لم تكن هذه المشطة، إنّما كنَّ يَجْمَعْنَهُ ، ثمَّ وصف أربعة أمكنة ، ثمَّ قال : يبالغن في الغسل(2).

30- باب ما يوجب الغسل على الرَّجل والمرأة

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين ،عن محمّد بن مسلم، عن بن مسلم عن أحدهما(عليهم السلام)قال: سألته ؛ متى يجب الغسل على الرَّجل والمرأة؟ فقال : إذا أَدْخَلَهُ فقد وَجَبَ الغسل والمهر والرَّجمُ(3) .

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل قال : سألت الرِّضا(عليه السلام)عن الرَّجل يجامع المرأة قريباً من الفرج فلا يُنْزِلان، متى يجب الغسل؟ فقال : إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ، فقلت : التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟ قال : نعم(4).

3 - وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن الرَّجل يصيب الجارية البكر لا يفضي إليها ولا يُنزِل عليها ، أعليها غسل ؟ وإن كانت ليست ببكر ثمَّ أصابها ولم يفض إليها أعليها غسل ؟ قال : إذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل البكر وغير البكر(5).

ص: 54


1- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة و ... ، ح 37 بسند آخر. كما ذكره برقم 107 من الباب 6 من نفس الجزء بنفس سند الفروع .
2- التهذيب 1، 6 - باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها ، ح 109 . والقرون : جمع قرن، ويراد به هنا الضفيرة وهي الخصلة من الشعر تشد إلى بعضها. وقوله(عليهم السلام): لم تكن : أي في زمن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، أو في الزمن السابق على زمنه(عليه السلام) . قوله : ثم وصف أربعة أمكنة : أي ذكر أربعة نواح من الرأس كان النسوة يوزّعن شعورهن فيها فلا يجمعنه .
3- الاستبصار 1، 64 - باب أن التقاء الختانين يوجب الغسل، ح 1 . التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 1 . وإنما يجب الرجم عند التقاء الختانين في الزنا، لا في النكاح المشروع أو وطي الشبهة .
4- الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 2 . التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 2 ، والحَشَفَة : ما فوق الختان من رأس الذكر. . والختان موضع القطع من الذكر والأنثى . وإذا التقى الختانان: أي موضع الختن من كل منهما وهو كناية عن الجماع .
5- الاستبصار ،1، نفس الباب، ح 3 بتفاوت . التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت . قوله : لا يفضي إليها : أي لا يدخل بها. وقوله(عليهم السلام) : البكر وغير البكر، يعني أنهما متساويتان في هذا الحكم.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبيد الله الحلبيّ قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)، عن المفخّذ عليه غسل ؟ قال : نعم ، إذا أَنْزَلَ(1).

5 - عدًّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن إسماعيل بن سعد الأشعريّ قال : سألت الرّضا(عليه السلام)عن الرَّجل يلمس فرج جاريته حتّى تُنْزل الماء من غير أن يباشر، يعبث بها بیده حتّى تُنْزل؟ قال : إذا أَنْزَلَتْ من شهوة فعليها الغسل(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت الرِّضا(عليه السلام)عن الرَّ جل يجامع المرأة فيما دون الفرج، وتنزل المرأة، عليها غسل؟ قال : نعم(3).

7 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن المرأة تعانق زوجها من خلفه فتحرَّك على ظهره فتأتيها الشّهوة فتنزل الماء عليها الغسل، أو لا يجب عليها الغسل ؟ قال : إذا جاءتها الشّهوة فأنزلت الماء وجب عليها الغسل(4).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا أتى الرجل المرأة في دبرها فلم يُنزل، فلا غسل عليهما، وإن أنزل فعليه الغسل، ولا غسل عليها(5).

31- باب احتلام الرجل والمرأة

1 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن علي بن الحكم، عن

ص: 55


1- الاستبصار 1، 62 - باب أن خروج المني يوجب. خروج المني يوجب . . . ، ح .1 التهذيب 1، 6 - باب حكم الجنابة و . . . ، . - 4. . والتفخيذ : هو الجلوس بين فخذي المرأة أو فوقهما وملاعبتها مع إنزال المني وعدمه من دون إيلاج .
2- الاستبصار 1، 63 - باب إن المرأة إذا أنزلت وجب . . . ، ح 12 . التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 18 .
3- الاستبصار ،1 ، نفس الباب ح 13 . التهذيب ،1 نفس الباب، ح 19 .عبد الله (عليه السلام).
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 17 وفيه : إذا جاءت الشهوة . وروى بمعناه في الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 3 .
5- الاستبصار 1، 66 - باب الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج فينزل هو دونها ، ح 2 . من دون ذكر في سنده لأبي هذا، والذي عليه أكثر الأصحاب هو تحقق الجنابة بالوطء في الدبر ووجوب الغسل عنده من دون تفريق بين الفاعل والمفعول انزل أو لم ينزل . قال المحقق في الشرائع 26/1 وهو بصدد الحديث عن ثاني سببي الجنابة :« والجماع ، فإن جامع امرأته في قبلها والتقى الختانان وجب الغسل وإن كانت الموطوءة ميتة، وإن جامع في الدُّبُر ولم يُنزل وجب الغسل على الأصح ، ولو وطأ غلاماً فأوقبه ولم يُنزل، قال المرتضى رحمه الله : يجب الغسل معوّلاً على الاجماع المركّب ولم يثبت الإجماع، ولا يجب الغسل بوطء البهيمة إذا لم يُنزل» .

الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يرى في المنام حتّى يجد الشّهوة، فهو يرى أنّه قد احتلم ، فإذا استيقظ لم يَرَ في ثوبه الماء ولا في جسده ؟ قال : ليس عليه الغسل . وقال : كان عليٌّ(عليه السلام)يقول : إنّما الغسل من الماء الأكبر، فإذا رأى في منامه ولم ير الماء الأكبر فليس عليه غسل(1).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن رجل احتلم فلمّا انتبه وجد بللاً؟ فقال: ليس بشيء، إلّا أن يكون مريضاً فعليه الغسل(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : إذا كنت مريضاً فأصابتك شهوة فإنّه ربّما كان هو الدَّافق، لكنّه يجيء مجيئاً ضعيفاً ليس له قوَّة لمكان مرضك، ساعة بعد ساعة، قليلاً قليلاً، فاغتسل منه(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن ابن المغيرة عن حريز، عن ابن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرَّجل يرى في المنام ويجد الشّهوة، فيستيقظ وينظر فلا يجد شيئاً، ثمَّ يمكث بَعْدُ فيخرج ؟ قال : إن كان مريضاً فليغتسل، وإن لم يكن مريضاً فلا شيء عليه، قال: فقلت له : فما فرق بينهما ؟ فقال : لأنَّ الرَّجل إذا كان صحيحاً جاء بدفقة وقوَّة، وإذا كان مريضاً لم يجىء إلاّ بَعْدُ(4).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرَّجل؟ قال : إذا أنزلت فعليها الغسل، وإن لم تُنْزل فليس عليها الغسل(5).

ص: 56


1- الاستبصار 1، 64 - باب أن التقاء الختانين يوجب الغسل، ح5 التهذيب 1 6 - باب حكم الجنابة وصفة . . ، ح 7 . والماء الأكبر هو المني، وهو كناية عن الجنابة . 7.
2- الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 6 . التهذيب 1 ، 17 - باب الأغسال وكيفية . . . ، ح 13 . وفيهما : ألا أن يكون مريضاً فإنه يضعف ... الخ . هذا، وأصحابنا رضوان الله عليهم لم يشترطوا في المريض بحكم بأن النازل منه مني عند اشتباهه ؛ الدفق، بل اكتفوا بفتور الجسد مع خروج ما يخرج منه بشهوة حيث أوجبوا عليه الغسل حينئذ .
3- التهذيب 1 ، نفس ،الباب ، ح 22 . والدافق : - هنا - هو المني .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 17 :وفيه : بدفعة قوية . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 8 وفيه : بدفقة قوية . وفيهما تفاوت عما في الفروع .
5- التهذيب 1، 6 - باب حكم الجنابة وصفة ...، ح 22 . الاستبصار 1 ، 63 - باب أن المرأة إذا أنزلت وجب عليها الغسل في ... ، ح 10 . الفقيه 1 ، 19 - باب صفة غسل الجنابة ، ح 12 رواه مرسلاً مضمراً بتفاوت يسير.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن المرأة ترى أنَّ الرَّجل يجامعها في المنام في فَرْجها حتّى تُنزل؟ قال : تغتسل . وفي رواية أخرى قال عليها غسل ولكن لا تحدِّثوهن بهذا فيتّخذْنَه علّة(1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سالب أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل ينام ولم ير في نومه أنّه احتلم، فيجد في ثوبه وعلى فخذه الماء، هل عليه غُسْل ؟ قال : نعم(2).

32- باب الرجل والمرأة يغتسلان من الجنابة ثمَّ يخرج منهما شيء بعد الغسل

1 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكانّ، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يبول، فخرج منه شيء؟ قال: يعيد الغسل قلت : فالمرأة يخرج منها بعد الغسل ؟ قال : لا تعيد، قلت: فما فرق بينهما؟ قال: لأن ما يخرج من المرأة إنّما هو من ماء الرَّجل(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سئل عن الرَّجل يغتسل ثمَّ يجد بعد ذلك بللاً وقد كان بال قبل أن يغتسل ؟

قال : إن كان بال قبل أن يغتسل، فلا يعيد الغسل(4).

3 -الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن المرأة تغتسل من الجنابة ثمَّ ترى

ص: 57


1- الاستبصار 1 ، 63 - باب أن المرأة إذا أنزلت وجب. . . ، ح إ وروى صدر الحديث. وكذلك هو في التهذيب 1 ، 6 - باب حكم الجنابة وصفة ...، ح 9 وح 25 أيضاً وروى ذيله في الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 2 . كما روى ذيله في التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 10
2- الاستبصار 1، 65 - باب الرجل يرى في ثوبه المني ولم يذكر الاحتلام ، ح 2 . التهذيب 1 ، 17 - باب الأغسال وكيفية . . . ، ح 12 .
3- الاستبصار 1 ، 72 - باب وجوب الاستبراء من الجنابة بالبول قبل الغسل، ح 1 . وفي ذيله : إنما هو ماء الرجل. التهذيب 1، 6 - باب حكم الجنابة وصفة . . . ، ح 95. هذا، ويقول الشهيدان: «ولو وجد المجنب بالإنزال بللا مشتبهاً بعد الاستبراء بالبول أو الاجتهاد مع تعذره لم يلتفت وبدون الاستبراء بأحد الأمرين يغتسل ...» .
4- الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ج 2. التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 96 بتفاوت يسير جداً الفقيه 1 ، 19 - باب صفة غسل الجنابة ، ح 9 بتفاوت في بعض ألفاظه وأخرجه مرسلاً .

نطقة الرّجل بعد ذلك، هل عليها غسل ؟ فقال : لا(1).

4 - أبو داود، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة ،عن سماعة قال : سألته عن الرَّجل يجنب ثم يغتسل قبل أن يبول فيجد بللاً بعدما يغتسل؟ قال: يعيد الغسل، وإن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله، ولكن يتوضّأ ويستنجي(2) .

33- باب الجنب يأكل ويشرب ويقرأ ويدخل المسجد ويختضب ويدهن ويطلي ويحتجم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : الجُنُب إذا أراد أن يأكل ويشرب غسل ،يده وتمضمض وغسل وجهه وأكل وشرب(3).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ،عن ابن فضّال، عن ابن بكير قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الجُنب ، يأكل ويشرب ويقرأ؟ قال : نعم يأكل ويشرب ويقرأ ويذكر الله عزّ وجلّ ما شاء(4)

3 - عليُّ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : للجنب أن يمشي في المساجد كلّها ولا يجلس فيها إلا المسجد الحرام ومسجد الرَّسول(صلی الله علیه وآله وسلم).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الجنب يجلس في المساجد؟ قال: لا ولكن يمرُّ فيها كلّها إلّا المسجد الحرام ومسجد الرَّسول(صلی الله علیه وآله وسلم)(5).

ص: 58


1- التهذيب ،1، نفس الباب، ح 104
2- الاستبصار ، نفس الباب ، ح 3 التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 97 . والحديث في الجميع مضمر والظاهر أن أبا داود في سند الحديث هو سليمان بن سفيان أبو داود المنشد . وقد حمل الحديث على ما إذا لم يكن استبرأ للبول .
3- التهذيب ،1، 6 - باب حكم الجنابة وصفة . . . ، ح 45 .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 37. الاستبصار 1، 69 - باب الجنب والحائض يقرءان القرآن، ح 1 . وفيهما: ويقرأ القرآن . . . ، في الموضعين. ولا بد من تقييد جواز قراءة الجنب للقرآن بما عدا سور العزائم أو شيء منها .
5- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار ،عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عمّن قرأ في المصحف وهو على غير وضوء؟ قال : لا بأس، ولا يمسَّ الكتاب(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن حريز قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الجُنب يدَّهن ثمَّ يغتسل؟ قال: لا(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرَّضا(عليه السلام): الرَّجل يجنب فيصيب جسده ورأسه الخَلوق والطّيب والشيء اللكدّ مثل علك الرّوم والطّرار وما أشبهه، فيغتسل، فإذا فرغ وجد شيئاً قد بقي في جسده من أثر الخلوق والطيّب وغيره؟ قال : لا بأس (3).

8- أبو داود ، عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الجُنُب والحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه، قال: نعم، ولكن لا يضعان في المسجد شيئاً (4).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن أبي الحسن الأول(عليه السلام)قال : لا بأس أن يختضب الجُنب ويجنبَ المختضب، ويطّلي بالنّورة. وروي أيضاً: أن المختضب لا يجنب حتّى يأخذ الخضاب، وأمّا في أوَّل الخضاب فلا.

10 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه

ص: 59


1- التهذيب ،1 ، نفس ،الباب ، ح 34 . الاستبصار 1 ، 68 - باب الجنب لا يمس المصحف ، ح 2 وفيه : الكتابة، بدل الكتاب، هذا وقد ذكر أصحابنا رضوان الله عليهم إحكاماً للجنب تضمنت ما تقدم وبعضاً مما يأتي ، يقول المحقق في الشرائع :27/1 : «فيحرم عليه (أي الجنب) قراءة كل واحدة من العزائم، وقراءة بعضها حتى ا البسملة، إذا نوى بها إحداها ،ومس كتابة القرآن أو شيء عليه اسم الله تعالى سبحانه، والجلوس في المساجد، ووضع شيء فيها والجواز في المسجد الحرام أو مسجد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)خاصة، ولو أجنب فيهما لم يقطعهما إلا بالتيمم . ويكره له الأكل والشرب، وتخف الكراهة بالمضمضة والاستنشاق، وقراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم وأشد من ذلك قراءة سبعين وما زاد أغلظ كراهية، ومس المصحف (أي غير الكتابة) والنوم حتى يغتسل أو يتوضأ أو يتيمم، والخضاب» .
2- الاستبصار 1 ، 70 - باب الجُنب يدهن ويختضب و ...، ح 8 التهذيب 1، 6 - باب حكم الجنابة وصفة ... ، ح 46 . وكرره برقم 31 من الباب 17 من نفس الجزء. والحديث محمول على الكراهة .
3- التهذيب 1 نفس الباب، ح 47. وفيه والشيء اللزق. واللكدّ من لكدّ عليه الوسخ : أي لصق به ولزمه . والطرار نوع من الطين اللزج، وفي بعض النسخ الطراد وفي بعضها الظرب.
4- التهذيب ،1 نفس الباب، ح3 .

الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال : سألته عن الرَّجل يُجنب ثمَّ يريد النّوم ؟ قال : إن أحبّ أن يتوضّأ فليفعل، والغسل أحبُّ إليَّ وأفضل من ذلك، فإن هو نام ولم يتوضّأ ولم يغتسل، فليس عليه شيء إن شاء الله تعالى(1).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا بأس بأن يحتجم الرّجل وهو جُنُبُ.

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا بأس أن يختضب الرَّجل ويجنب وهو مختضب ، ولا بأس أن يتنوّر(2) الجُنُب ويحتجم ويذبح، ولا يذوق شيئاً حتّى يغسل يديه ويتمضمض، فإنّه يخاف منه الوَضَع(3).

34- باب الجُنُب يُعْرَقُ في الثوب أو يصيب جسده ثوبه وهو رطب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي أسامة قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الجُنُبِ يَعْرَقُ في ثوبه، أو يغتسل، فيعانق امرأته ويضاجعها وهي حائض أو جُنب، فيصيب جسده من عرقها؟ قال : هذا كله ليس بشيء(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي أُسامة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): يصيبني السّماء(5) وعليَّ ثوب فتبلّه وأنا جنب، فيصيب بعض ما أصاب جسدي من المني، أفأُصلّي فيه؟ قال : نعم(6).

ص: 60


1- التهذيب 1 ، 17 - باب الأغسال وكيفية ...، ج 20 بتفاوت يسير . ورواه مضمراً أيضاً والظاهر أن المسؤول هو ح الصادق(عليه السلام)لأن سماعة لأن سماعة من أصحابه ويحتمل أنه الكاظم(عليه السلام)لأن سماعة من أصحابه أيضاً .
2- يتنوّر أي يطلي بالنورة لإزالة الشعر .
3- الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح .6 . وفيه زيادة ولا يدهن . قبل قوله : ولا يذوق . . . . التهذيب 1 ، 6 - باب حكم الجنابة وصفة ...، ح 48 . والوضح : البَرَص. أو ما يكنى به عنه - كما في الصحاح ..
4- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات ، ح 73. الاستبصار 1 ، 110 - باب عرق الجنب والحائض يصيب الثوب ، ح 1 . هذا، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على القول بطهارة عرق الجنب من الحلال وعرق الحائض ،واختيها وإن اختلفوا في عرق الجنب من الحرام فالمشهور بين المتقدمين هو النجاسة كما حكي عن الصدوقين والمفيد في المقنعة، والشيخ في كتابيه النهاية ،والخلاف، بل نقل في كتابه الأخير الإجماع على النجاسة . وأما المشهور بين المتأخرين من فقهائنا القول بطهارة عرق الجنب من الحرام، بل حكى الحلي الإجماع عليه مدعياً أن من قال من أصحابنا بالنجاسة في كتاب له رجع عنه في كتاب له آخر .
5- يعني ماء المطر النازل من السماء، وهي جهة العلو.
6- ولا بد من حمله على التقية لتساهل المخالفين في أمر المني كثيراً. أو يحمل على ماء السماء قد أصاب الموضع الذي كان قد أصابه المني فطهره أيضاً لأن ما أصابه المطر فقد طهر والله العالم .

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام) -وأنا حاضر - عن رجل أجنب في ثوبه فيعرق فيه ؟ فقال : ما أرى به بأساً، فقيل : إنّه يعرق حتّى لو شاء أن يعصره عَصَرَه؟ قال: فقطّب أبو عبد الله(عليه السلام) في وجه الرَّجل وقال : إن أبَيْتُمْ فشيء من ماء يَنْضَحُهُ به(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا يجنب الثّوب الرَّجل، ولا يجنب الرَّجل الثَوب (2).

5 - محمّد بن أحمد، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي أُسامة قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الثّوب تكون فيه الجنابة، فتصيبني السّماء حتّى يبتل عليَّ؟ قال: لا بأس.

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرَّجل يبول وهو جُنُب ، ثمَّ يستنجي فيصيب ثوبه جسده وهو رطبٌ؟ قال: لا بأس(3).

35- باب المني والمذي يصيبان الثوب والجسد

1 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن المنيّ يصيب الثّوب؟ قال : إن عرفتَ مكانه فاغسله وإن خفي عليك مكانه فاغسله كلّه(4).

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن ميسّر قال :

ص: 61


1- التهذيب 1، نفس الباب، ح 74 بتفاوت يسير في الذيل الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 2. وقطب: عبس وتجهم.
2- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب و . . . ، ح 75. الاستبصار 1 ، 110 - باب عرق الجنب والحائض يصيب حه الثوب ، ح 3 وفي سنده : بكير، بدل ابن بكير الفقيه 1 ، 16 - باب ما ينجس الثوب والجسد ، ح 4 بتفاوت . والمراد بالثوب ، الثوب الذي يعرق فيه الجنب أو يجنب وهو يلبسه .
3- وهو محمول على ما إذا لم يعلم بإصابة محل النجاسة من الثوب للبدن وهو على هذه الحالة.
4- التهذيب 1 ، نفس ،الباب ، ح 12 وفيه : فإن خفي .... وما تضمنه الحديث من الحكم بوجوب غسل كل الثوب عند عدم العلم بمكان النجاسة منه، مما لا خلاف فيه بين أصحابنا رضوان الله عليهم .

قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): آمر الجارية فتغسل ثوبي من المنيّ فلا تبالغ غسله، فأصلّي فيه فإذا هو(1)يابس؟ قال : أعِدْ صلاتك، أمّا إنّك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شيء(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن المني يصيب الثّوب؟ قال : اغسل الثّوب كله إذا خفي عليك مكانه قليلاً كان أو كثيراً(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا احتلم الرَّجل فأصاب ثوبه شيء فليغسل الّذي أصابه، وإن ظنَّ أنّه أصابه شيء ولم يستيقن ولم ير مكانه فلينضحه بالماء، وإن استيقن أنّه قد أصابه ولم ير مكانه فليغسل ثوبه كله فإنّه أحسن(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، بن خالد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن المذي يصيب التّوب؟ قال : ليس به بأس.

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوسّاء، عن أبان، عن عنبسة بن مصعب قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : لا نرى في المذي وضوءاً ولا غسلاً، ما أصاب الثوب منه، إلا في الماء الأكبر(5).

36- باب البول يصيب الثوب أو الجسد

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن البول يصيب الجسد ؟ قال : صبَّ عليه الماء مرَّتين، فإنّما هو ماءٌ ؛ وسألته عن الثّوب يصيبه البول ؟ قال : اغسله مرَّتين ؛ وسألته عن الصبيِّ يبول على

ص: 62


1- يعني المنيّ .
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تطهير الثياب و . . . ، ح 13 .
3- التهذيب 1 ، قفس ،الباب ، ح 14 . وكرره برقم التسلل العام 879 من الجزء 2 من التهذيب .
4- التهذيب 1 نفس الباب، ح 15 .
5- الاستبصار 1، 56 - باب حكم المذي ،والوذي ، ح 4 التهذيب 1 ، 1 - باب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 41 وفيهما : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : كان علي(عليه السلام)لا يرى في ... الخ . الفقيه 1، 16 - باب ما ينجس الثوب والجسد ، ح .1. مرسلا وبدون قوله إلا في الماء الأكبر. والمقصود بالماء الأكبر: المني، كناية عن الجنابة، والاستثناء منقطع.

الثّوب؟ قال : يصبُّ عليه الماء قليلاً ثمَّ يعصره(1).

2- أحمد [بن محمّد] عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرَّضا(عليه السلام): الطنفسة والفراش يصيبهما البول، كيف يصنع بهما ، وهو ثخين كثير الحشو ؟ قال : يغسل ما ظهر منه في وجهه(2).

3 - أحمد، عن موسى بن القاسم، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن الثّوب يصيبه البول فينفذ إلى الجانب الآخر ، وعن الفرو وما فيه من الحشو؟ قال : إغْسِلْ ما أصاب منه ومسَّ الجانب الآخر، فإن أصبت مس شيء منه فاغسله، وإلا فانضحه بالماء .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن حكم بن حكيم الصيرفيِّ قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أبول فلا أصيب الماء، وقد أصاب يدي شيء من البول، فأمسحه بالحائط أو التّراب، ثمَّ تعرق يدي فأمسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي ؟ قال: لا بأس به(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة أنّه قال : في كتاب سماعة رفعه إلى أبي عبد الله(عليه السلام): إن أصاب الثوبَ شيء من بول السّنور، فلا تصحُّ الصّلاة فيه حتّى تغسله .

6 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن بول الصّبي ، قال : تصبّ عليه الماء، وإن كان قد أكل فاغسله غسلاً؛ والغلام والجارية في ذلك شرع سواء(4).

ص: 63


1- التهذيب 1 ،12 - باب تطهير الثياب و ...، ح 1. وجاء في آخره بصيغة المخاطب المفرد الاستبصار 1، 104 - باب بول الصبي ، ح 3 وروى ذيل الحديث فقط . وروى صدره في التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 77 .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 11 وفيه : كيف يصنع به، بدل: ... بهما . الفقيه 1، 16 - باب ما ينجس الثوب والجسد، ح 11 بتفاوت يسير والطنفسة - كما في القاموس - الثوب والبساط والحصير من سعف عرضه ذراع.
3- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب و ... ، ح 7 الفقيه 1، 16 - باب ما ينجس الثوب والجسد ، ح 10 وفيه : وبالتراب. ولعل نفي البأس عنه وهو كناية عن عدم الحكم بالتنجس بالملاقاة ناشيء من عدم تيقن السراية ولا أكثر من الشك فيها وهذا لا ينقض اليقين السابق بطهارة الأعضاء المذكورة أو الثوب
4- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 2 . الاستبصار 1 ، 104 - باب بول الصبي، ح 2 . والغسل مأخوذ في مفهومه الدلك أو العصر، وذلك ليس معتبراً في الصبّ. هذا، وقد نسب إلى الإسكافي من قدامى الأصحاب، القول بطهارة بول الرضيع الذكر قبل اغتذائه بالطعام مستنداً إلى رواية السكوني، والتي هجرها الأصحاب ولم يعملوا بمضمونها بملاحظة ما تضمنته من الحكم بنجاسة لبن الجارية، وإن كان بعض فقهائنا رضوان الله عليهم من المتأخرين قد بيّن امكانية الجميع بينها وبين اطلاق ما دل على نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه وذلك بحملها على عدم احتياج التطهير من بوله إلى أزيد من الغسل من دون عصر والذي هو معتبر في التطهير، لأخذ العصر عنده في مفهوم الغسل والله العالم. هذا وقد روى الشيخ رواية السكوني المشار إليها برقم 5 من الباب 12 من الجزء 1 من التهذيب وبرقم 1 من الباب 104 من الجزء 1 من الاستبصار.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن الفضل بن غزوان، عن الحكم بن حكيم قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّي أغدو إلى السّوق فأحتاج إلى البول وليس عندي ماء ، ثمَّ أتمسّح واتنشّف بيدي ، ثمَّ أمسحها بالحائط وبالأرض، ثمَّ أحكُّ جسدي بعد ذلك؟ قال : لا بأس(1)

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن المثنّى، عن أبي أيّوب قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أدْخُلُ الخلاء وفي يدي خاتم فيه اسم من أسماء الله تعالى؟ قال : لا ، ولا تجامع فيه (2).

وروي أيضاً أنّه إذا أراد أن يستنجي من الخلاء فليحوّله من اليد الّتي يستنجي بها .

37- بابِ أبوال الدوابَ وأَرْوَائها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة أنّهما قالا : لا تغسل ثوبك من بول شيء يؤكل لحمه(3).

2 - حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن ألبان الإبل والغنم والبقر وأبوالها ولحومها ؟ فقال : لا تَوَضّأ منه إن أصابك منه شيء أو ثوباً لك فلا تغسله إلّا أن تتنظّف .

قال : وسألته عن أبوال الدَّوابِّ والبغال والحمير؟ فقال : اغسله، فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثّوب كلّه، وإن شككت فانضحه(4)

ص: 64


1- وحمل على عدم سراية النجاسة إلى البدن عند حكه .
2- وحمل النهي عن الدخول إلى الخلاء ومعه خاتم عليه اسم الله والنهي عن المجامعة فيه على الكراهة، بشرط عدم السراية إلى الاسم وإلا فيحرم
3- التهذيب 1 ، 11 - باب تطهير المياه من النجاسات، ح 41 وفيه : من بول ما يؤكل لحمه. وكرره برقم 56 من الباب 12 من نفس الجزء وهو بنفس نص الفروع
4- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب وغيرهما من النجاسات ، ح 58 الاستبصار 1 ، 108 - باب أبوال الدوابّ والبغال والحمير، ح 1 ، وفي التهذيب : وإن أصابك ...، بزيادة الواو . واختلف الأصحاب في أبوال البغال والحمير والدواب فذهب الأكثر إلى طهارتها وكراهة مباشرتها. وقال الشيخ في النهاية، وابن الجنيد بنجاستها، وأجاب القائلون بالطهارة عن الأخبار الدالة على النجاسة بالحمل على الاستحباب، وهو مشكل لانتفاء ما يصلح للمعارضة، وهذا كله في أبوالها، فأما أروائها ، فقال السيد في المدارك : يمكن القول بنجاستها أيضاً لعدم القائل بالفصل، ولا يبعد الحكم بطهارتها تمسكاً بمقتضى الأصل السالم عن المعارض، وبرواية الحلبي وأبي مريم . (انتهى)، ولعل ما اختاره أخيراً أقوى مرآة المجلسي 161/13 .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ،عن محمّد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن بكير بن أعين عن زرارة، عن أحدهما(عليهم السلام) في أبوال الدَّوابِّ تصيب الثّوب، ،فكرهه فقلت له : أليس لحومها حلالاً؟ قال: بلى، ولكن ليس ممّا جعله الله للأكل(2).

5 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي مريم قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): ما تقول في أبوال الدَّوابِّ وأرواثها؟ قال: أمّا أبوالها فاغسل إن أصابك، وأمّا أرواثها فهي أكثر من ذلك(3).

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ،عن البرقيّ، عن أبان عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا بأس بروث الحمير، واغسل أبوالها (4).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان عن ، مالك الجهنيِّ قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عمّا يخرج من منخر الدّابَّة يصيبني(5)؟ قال : لا بأس به(6).

8 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن سماعة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن أصاب التّوب شيء من بول السّنور فلا يصلح الصّلاة فيه حتّى تغسله(7).

ص: 65


1- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 57
2- التهذيب ،1، نفس الباب، ح 59. وفي سنده ابن بكير، بدل بكير بن أعين الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 7 وفي ذيله : . . . جعلها . . . ، بدل : . . . جعله . . .
3- التهذيب 1 ، نفس الباب ح 62 . الاستبصار ،1 نفس الباب، ح4. وقوله من ذلك، أي من أن يمكن الاحتراز عنها .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 60 . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 2 وفيه الحُمُر .
5- في التهذيب فيصيبني .
6- التهذيب 1 ، 22 - باب تطهير البدن والثياب من النجاسات، ح 1 .
7- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 2 .

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن جميل بن دراج، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كلُّ شيء يطير فلا بأس ببوله وخُرثه(1).

10 - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي الأعزّ عن النّخاس قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّي أُعالج الدَّوابَّ، فربّما خرجتُ باللّيل وقد بالت وراثت، فيضرب أحدها برجله أو يده فينضح على ثيابي، فأصبح فأرى أثره فيه؟ فقال : ليس عليك شيء .

38- باب الثوب يصيبه الدم والمدة

(2)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معاوية بن حكيم، عن المعلّى أبي عثمان، عن أبي بصير قال : دخلت على أبي جعفر(عليه السلام)وهو يصلّي ، فقال لي قائدي(3): إنَّ في ثوبه دماً ، فلمّا انصرف قلت له : إنَّ قائدي أخبرني أنَّ بثوبك دماً ، فقال لي : إنَّ بي دماميل، ولست أغسل ثوبي حتّى تبرأ(4).

2 - أحمد، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألته عن الرَّجل به القرح أو الجرح ولا يستطيع أن يربطه ولا يغسل دمه؟ قال : يصلّي، ولا يغسل ثوبه كلَّ يوم إلّا مرَّة، فإنّه لا يستطيع أن يغسل ثوبه كلِّ ساعة(5).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: قلت له : الدَّم يكون في الثّوب عليَّ وأنا في الصّلاة؟ قال : إن رأيت وعليك ثوب غيره فاطرحه وصلّ ، وإن لم يكن عليك غيره فامضِ في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدِّرهم، وما

ص: 66


1- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب و. ح 66 وفي ذيله : ... بخرئه وبوله .
2- المدة : - كما في القاموس - ما يجتمع في الجرح من القيح
3- أي الشخص الذي يقوده لأن أبا بصير كان مكفوف البصر .
4- ) التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 34 . الاستبصار 1، 106 - باب المقدار الذي يجب إزالته من الدم و . . . ، ح 8 وفي سنده : المعلى بن عثمان .
5- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 35 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 9 . وقد استظهر بعض متأخري فقهائنا رضوان الله عليهم من قوله : (ولا يغسل دمه) أنه معطوف على قوله ( يربطه)، ويكون التقدير : ولا يستطيع أن يغسل دمه، ولكن مثل هذا ينافيه الأمر بالغسل في كل يوم مرة لامتناع التكليف بغير المقدور أو المستطاع، فلا بد من أن يحمل الخير على إرادة نفي الاستطاعة على غسل الدم في تمام المدة، على نحو العموم المجموعي ، فلا ينافي الاستطاعة على الغسل في كل يوم مرة ويشهد له التعليل بقوله (عليه السلام): فإنه لا يستطيع ... الخ .

كان أقلّ من ذلك فليس بشيء، رأيتَه قبلُ أو لم تره ، وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدِّرهم ، فضيّعت غسله وصلّيت فيه صلاة كثيرة، فأعِدْ ما صلّيت فيه(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال :إن عليّاً(عليه السلام)كان لا يرى بأساً بدم ما لم يُذَكَ، يكون في الثوب فيصلّي فيه الرَّجل - يعني دم السّمك(2).

5 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صَدَقة، عن عمّار السّاباطيّ قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن رجل يسيل من أنفه الدَّم، هل عليه أن يغسل باطنه؟ يعني جوف الأنف، فقال : إنّما عليه أن يغسل ما ظهر منه(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن العبد الصّالح(عليه السلام) قال : سألته أُمُّ ولد لأبيه فقالت : جُعِلْتُ فِداك، إنّي أُريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحيي منه ؟ قال : سلي ولا تستحيي ، قالت : أصاب ثوبي دمُ الحيض، فغسلته فلم يذهب أثره ؟ فقال : اصبغيه بمشق حتّى يختلط ويذهب(4).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : دمك أنظف من دم غيرك، إذا كان في ثوبك شبه النّضح من دمك فلا بأس، وإن كان

ص: 67


1- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات ، ح 23 . الاستبصار ،1، 106 - باب المقدار الذي يجب إزالته من الدم و . . . ، ح 1 . الفقيه 1 ، 39 - باب ما يصلى فيه وما لا . . . ، ح 9 بتفاوت . هذا، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه يعفى في الصلاة عن الدم في الثوب والبدن إذا كان دم جرح أو قرح مع السيلان دائماً، أو في وقت لا يسع زمن فواته الصلاة، وعن مطلق الدم دون الدرهم البغلي سعة وقدّر بسعة أخمص الراحة، وبعقد الإبهام العليا، وبعقد السبابة على اختلاف التقديرات بشرط ألا يكون من الدماء الثلاثة والحق بها بعضهم دم نجس العين والعفو عن هذا المقدار مع اجتماعه مورد وفاق ومع تفرقه أقوال أجودها الحاقه بالمجتمع - كما يقول الشهيد الثاني في الروضة - وما زاد عن ذلك وجبت إزالته عن الثوب والبدن، وإذا أخل المصلي بإزالة النجاسة وما كانت أو غيره أعاد في الوقت وخارجه، فإن لم يعلم بها وعلم بعد الصلاة لم تجب عليه الإعادة ولا القضاء، كما نص على ذلك المحقق في الشرائع 54/1
2- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 42 . وفيه : عن جعفر عن أبيه(عليهم السلام)أن علياً(عليه السلام) ... الخ . وقوله(عليهم السلام): ما لم يُذَكّ ، أي ما ليس قابلا للتذكية الشرعية باعتبار عدم وجود نفس سائلة له، ولذا مثل له بالسمك حيث إن ذكاته إخراجه من الماء حيا .
3- التهذيب 1 ، 22 - باب تطهير البدن و ...، ح 3 .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 87 وفي ذيله زيادة أثره. هذا وقد كرر الكليني رحمه الله ذكر هذا الحديث بعينه برقم 3 من باب غسل ثياب الحائض من كتاب الحيض من هذا الجزء والمثق: طين أحمر.

دم غيرك قليلاً أو كثيراً فاغسله .

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن دم البراغيث يكون في الثّوب، هل يمنعه ذلك من الصلاة فيه ؟ قال : لا ، وإن كَثُر ، فلا بأس أيضاً بشبهه من الرّعاف، ينضحه ولا يغسله(1).

وروي أيضاً أنه لا يغسل بالرّيق شيء إلّا الدَّم (2).

9 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الرَّيَّان قال : كتبت إلى الرَّجل(عليه السلام): هل يجري دم البقِّ مجرى دم البراغيث، هل يجوز لأحد أن يقيس بدم البقِّ على البراغيث فيصلّي فيه، وأن يقيس على نحو هذا فيعمل به؟ فوقَّع(عليه السلام): يجوز الصلاة، والطّهر منه أفضل(3).

39- باب الكلب يصيب الثوب والجسد وغيره مما يكره أن يُمَس شيء منه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمد، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا مسَّ ثوبك الكلب، فإن كان يابساً فانضحه، وإن كان رطباً فاغسله(4).

2 - حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الكلب يصيب شيئاً من جسد الرَّجل؟ قال : يغسل المكان الّذي أصابه (5).

ص: 68


1- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب و . . . ، ح 40 . هذا وقد نقل الاجماع عن أصحابنا رضوان الله عليهم على ، .طهارة دم ما لا نفس له سائلة
2- «يمكن حمله على الدم الخارج في داخل الفم فإنه يطهر الفم بزوال عينه فكان الريق ظهره، أو على ما كان أقل من الدرهم فتكون الإزالة لتقليل النجاسة لا للتطهير، وقال ابن الجنيد في مختصره : لا بأس أن يزال بالبصاق عين الدم من الثوب ونسب الشهيد في الذكرى إليه القول بطهارة الثوب بذلك، وحمل العلامة رحمه الله هذا الخبر على الدم الطاهر كدم السمك مرآة المجلسي 168/13 .
3- التهذيب ، نفس ،الباب ح 41 . والمقصود بالرجل : الإمام الرضا(عليه السلام).
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 43 . وفي سنده : ... عن حريز، عمن أخبره عن أبي عبد الله(عليه السلام)والأمر بالنضح . إنما هو على الاستحباب لعدم سراية النجاسة مع اليبوسة .
5- التهذيب 1 ، 1 - باب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح 61 . وكرره برقم 45 و 49 من الباب 12 من نفس الجزء . الاستبصار 1 ، 54 - باب مصافحة الكافر ومس الكلب، ح .. ويمكن حمله على ما لو كان أصابه برطوبة فيجب غسل المكان الحصول التنجس بالسراية نظراً إلى نجاسة الكلب .

3 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ النّيسابوريّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه موسى(عليه السلام)قال : سألته عن الفارة الرَّطبة قد وقعت في الماء تمشي على الثياب، أيصلّي فيها؟ قال : اغسل ما رأيت من أثرها وما لم تره فانضحه بالماء(1).

4 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى، عن يونس عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته هل يحلّ أن يمسّ الثعلب والأرنب أو شيئاً من السّباع حيّاً أو ميّتاً؟ قال: لا يضّره، ولكن يغسل يده(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن إبراهيم بن ميمون قال سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل يقع ثوبه على جسد الميّت؟ قال : إن كان غُسّل فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه ، وإن كان لم يغسّل ، فاغسل ما أصاب ثوبك منه ، يعني إذا برد الميّت (3).

6 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر، عن موسى بن جعفر(عليه السلام)قال : سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله، فذكر [ذلك] وهو في صلاته، كيف يصنع ؟ قال : إن كان دخل في صلاته فليمض ، وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلّا أن يكون فيه أثر فيغسله (4).

40- باب صفة التيمم

1 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعليُّ بن محمّد، عن سهل، جميعاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن التيمّم ؟ فضرب بيده الأرض ثمَّ رفعها فنفضها، ثمَّ مسح بها جبينيه وكفّيه مرّة واحدة (5).

ص: 69


1- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب و . . . ، ح 48 بزيادة في آخره .
2- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب و ...، ح 50 وفيه: هل يجوز . . . . بدل: هل يحل ه .... ... وكرر الشيخ رحمه الله هذا الحديث بزيادة في آخره برفم 1522 من التسلسل العام في الجزء الثاني من التهذيب فراجع . هذا ونظراً إلى كون الحديث مرسلاً ووجود معارض لها حملها بعض الأصحاب على الاستحباب، في مقابل أشهيد الثاني حيث استدل بها على سراية نجاسة الميتة مع اليبوسة، ولم يستجوده صاحب المدارك لأن اللازم منه ثبوت الحكم المذكور مع الحياة أيضا وهو معلوم البطلان .
3- التهذيب ،1 نفس ،الباب ح 98 بدون : يعني إذا . ...الخ
4- التهذيب 1 نفس الباب، ح 47 بزيادة في آخره.
5- التهذيب ،1 ، 9 - باب صفة التيمم وأحكام المحدثين منه وما . . . ، ح 4 . الاستبصار 1 ح 4 . الاستبصار 1 ، 102 - باب كيفية التيمم ، ح 3 بتفاوت فيهما . قال المحقق في الشرائع 48/1 ، وهو بصدد بيان كيفية التيمم : «والواجب في التيمم النية، واستدامة حكمها، والترتيب يضع يديه على الأرض ثم يمسح الجبهة بهما من قصاص الشعر إلى طرف أنفه ، ثم يمسح ظاهر الكفين وقيل : باستيعاب مسح الوجه والذراعين والأول أظهر. ويجزيه في الوضوء ضربة واحدة لجبهته وظاهر كفيه ولا بد فيما هو بدل من الغسل من ضربتين . وقيل : في الكل ضربتان، وقيل: ضربة واحدة، والتفصيل أظهر. وإن قطعت كفاه سقط مسحهما واقتصر علي الجبهة ، ولو قطع بعضهما مسح على ما بقي . ويجب استيعاب مواضع المسح في التيمم فلو أبقى منها شيئاً لم يصحّ» .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنه سئل عن التيمّم ؟ فتلا هذه الآية: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾(1)وقال : ﴿ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾(2)، قال : فامسح على كفّيك من حيث موضع القطع ؛ وقال (3): ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾(4).

3- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان عن الكاهليّ قال: سألته عن التيمّم ؟ قال : فضرب بيده على البساط فمسح بها وجهه ، ثمَّ مسح كفّيه إحداهما على ظهر الأُخرى(5).

4- عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن التيمّم ؟ فقال : إنّ عمّار بن ياسر أصابته جنابة فتمعّك كما تتمعّك الدّابة، فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «يا عمّار تمعّكْتَ كما تتمعّك الدّابّة»، فقلت له : كيف التيمّم ؟ فوضع يده على المسح (6)ثمَّ رفعها فمسح وجهه ثمّض مسح فوق الكفّ قليلاً(7).

ورواه، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب.

5 - محمّد بن يحيى، عن الحسين بن عليّ الكوفيّ ، عن النّوفليِّ ، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : لا وضوء من مُوَطّاً ؛ قال النّوفليُّ : يعني ما تطأ عليه برجلك(8).

ص: 70


1- سورة المائدة / 38 .
2- سورة المائدة / 6. والمرفق موصل الذراع بالعضد، سمّي بذلك لأنه يستعان به والمرفق أيضاً سمي بذلك لأنه يرتفق عليه أي بتكا، وجمع كل منهما مرافق.
3- سورة مريم / 64 .
4- التهذيب 1، 9 - باب صفة التيمم وأحكام ... ، ح 2 . الاستبصار 1 ، 102 - باب كيفية التيمم، ح 1 .
5- التهذيب ،1 نفس الباب .. الاستبصار ، نفس الباب ، ح 2 والحديث مضمر في الجميع.
6- تمعك أي تمرّغ .
7- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 1 ، الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 4 ، بتفاوت فيهما .
8- التهذيب 1 ، 8 - باب التيمم وأحكامه ، ح .11. هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب أن يكون التيمم على تراب من رُبى الأرض وعواليها .

6 - الحسن بن عليّ العلويّ، عن سهل بن جمهور، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن الحسن بن الحسين العرنيِّ، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: نهى أمير المؤمنين(عليه السلام)أن يتيمم الرَّجل بتراب من أثر الطريق(1).

41- باب الوقت الّذي يوجب التيمّم ومن تَيَمَّمَ ثم َّوجد الماء

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : سمعته يقول : إذا لم تجد ماء وأردت التيمُّم ، فأخّر التيمُّم إلى آخر الوقت، فإن فاتك الماء لم تَفتِّكَ الأرض(2).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن زرارة، عن أحدهما(عليهم السلام)قال : إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمّم وليصلِّ في آخر الوقت، فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه ، وليتوضّأ لما يستقبل(3).

ص: 71


1- التهذيب 1 ، 8 - باب التيمم وأحكامه ، ح 12 .
2- التهذيب 1، نفس الباب، ح62 . الاستبصار 1 ، 99 - باب أن التيمم لا يجب إلا في آخر الوقت، ح 1. وفيهما لا تفتك .... هذا وهنالك قولان عند أصحابنا رضوان الله عليهم في جواز البدار إلى التيمم وعدم وجوب التأخير إلى آخر الوقت، فعن جملة منهم كالإرشاد والبيان والمنتهى والتحرير والمفاتيح، وعن المدارك وغيره أنه قوي وقال صاحب الجواهر إنه الأقوى في نظره، وقد نسب هذا القول إلى الشيخ الصدوق رحمه الله مستدلين ببعض النصوص إضافة إلى إطلاق أدلة البدلية. هذا ولكن المشهور عند المتقدمين - بل مطلقاً . - عدم جواز البدار إلى التيمم أول الوقت بل وجوب التأخير إلى آخره. بل عن الغنية والانتصار وغيرهما دعوى الاجماع عليه وفي بعض الكتب كالكفاية نقل الاتفاق عليه، مستدلين ببعض الروايات حاملين الأخبار التي استدل بها للقول الأول على بعض الوجوه وهنالك قول ثالث بجواز تقديم التيمم أول الوقت مع العلم بعدم زوال المانع واستمرار العجز إلى آخر الوقت وعدمه عند عدم العلم واحتمال ارتفاعه كما في النهاية والتذكرة والمختلف واللمعة والمعتبر، واختار هذا في جامع المقاصد والقواعد، بل نسبه في جامع المقاصد إلى أكثر المتأخرين، وإلى أنه الأشهر بينهم كما في الروضة، ولعل الوجه في هذا القول هو ظهور بعض الروايات الصحيحة والموثقة في صورة احتمال وجدان الماء فتكون أخص مطلقاً من بقية الروايات الدالة على وجوب الإعادة مطلقاً فتحمل على صورة العلم بالعدم، لأنه يدور الأمر فيها حينئذ بين الطرح والتخصيص فيصار إلى الثاني دون الأول وفق ما تقتضيه قواعد فن الجمع بين الروايات والله العالم .
3- التهذيب 1 نفس ،الباب ح 29 . الاستبصار 1 ، 95 - باب أن المتيمم إذا وجد الماء لا يجب عليه إعادة الصلاة ، ح 1 . هذا وقد دل الحديث على وجوب طلب الماء عند سعة الوقت، كما يستفاد من الحديث عدم جواز البداء إلى التيمم مع سعة الوقت وعدم الطلب، وذلك لأن دليل وجوب الطلب مانع عن تحقق موضوع التيمم وهو عدم الوجدان ،هنا، كما دل الحديث على عدم وجوب القضاء لما صلاه مع التيمم فيما لو وجد الماء خارج الوقت ، وهذا مجمع عليه عند أصحابنا وإن اختلفوا في وجوب الإعادة فيما لو وجد الماء وكان الوقت باقياً.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إذا لم يجد الرجل طهوراً وكان جُنُباً، فليمسح من الأرض ويصلّي ، فإذا وجد ماءاً فليغتسل، وقد أجزأته صلاته الّتي صلّى(1).

4 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): يصلّي الرَّجل بوضوء واحد صلاة اللّيل والنهار كلّها؟ قال: نعم، ما لم يُحدِث، قلت: فيصلّي بتيمّم واحد صلاة الليل والنهار كلّها؟ قال: نعم، ما لم يُحدِث أو يُصِبْ ماءاً ، قلت : فإن أصاب الماء وَرَجَا أَن يقدر على ماء آخر، وظنَّ أنّه يقدر عليه كلّما أراد، فعسر ذلك عليه؟ قال : ينقض ذلك تيمُّمه وعليه أن يعيد التيمّم ، قلت : فإن أصاب الماء وقد دخل في الصلاة؟ قال: فلينصرف وليتوضّأ ما لم يركع، فإن كان قد ركع فليمْض في صلاته، فإنَّ التيمُّم أحد الطّهورين(2).

5 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن عاصم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل لا يجد الماء فيتيمّم ويقيم في الصلاة، فجاء الغلام فقال : هوذا الماء ؟ فقال : إن كان لم يركع فلينصرف وليتوضّأ، وإن كان قد ركع فليمضِ في صلاته(3).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن داود الرّقي قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أكون في السّفر، وتحضر الصّلاة وليس معي ماء ، ويقال : إنَّ الماء

ص: 72


1- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 30 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 2 . والمقصود بالطهور : الماء. وقوله(عليه السلام) : فليمسح : عبارة عن التيمم . وقد دل الحديث على أن عدم وجود الماء هو من مسوغات التيمم .
2- التهذيب 1 ، 8 - باب التيمم وأحكامه ، ح 54 الاستبصار 1 ، 97 - باب المتيمّم يجوز له أن يصلي بتيممه صلوات كثيرة أم لا؟ ح 6 وفيه إلى قوله : وعليه أن يعيد التيمم. كما روى صدر الحديث إلى قوله : أو يُصِب الماء، برقم 1 من نفس الباب والظاهر أنه لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم الحاجة إلى تجديد التيمم إذا لم ينقضه بحدث أو يجد ماءً كما ذكر في الذخيرة، ونقل في الخلاف إجماع الفرقة على ذلك، وفي المعتبر قال : هو مذهب علمائنا أجمع . وبلحاظ هذا الإجماع لا بد من حمل الروايات التي وردت عكس ذلك إما على الاستحباب أو التقية
3- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 65 . الاستبصار 1 ، 100 - باب من دخل في الصلاة بتيمم ثم وجد الماء ، ح 2 . . هذا، ويقول الشهيدان رحمهما الله في كتابيهما : ولو وجد (الماء) في أثناء الصلاة ولو بعد التكبير أتمها مطلقاً على الأصح عملاً بأشهر الروايات وأرجحها سنداً، واعتضاداً بالنهي الوارد عن قطع الأعمال، ولا فرق في ذلك بين الفريضة والنافلة، وحيث حُكم بالإتمام فهو للوجوب على تقدير وجوبها فيحرم قطعها والعدول بها إلى النافلة لأن ذلك مشروط بأسباب مسوغة .. ومقابل الأصح أقوال منها : الرجوع ما لم يركع، ومنها : الرجوع ما لم يقرأ، ومنها: التفصيل بسعة الوقت وضيقه ، والأخيران لا شاهد لهما، والأول مستند إلى رواية معارضة بما هو أقوى منها .

قريبٌ منّا ، أفأطلب الماء - وأنا في وقت - يميناً وشمالاً؟ قال : لا تطلب الماء، ولكن تيمّم ، فإنّي أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضلّ فيأكلك السَّبُعُ (1).

7 - أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرّجل يمرُّ بالرّكية وليس معه دلو؟ قال : ليس عليه أن ينزل الرّكية، إنَّ ربُّ الماء هو ربُّ الأرض فليتيمّم(2).

8 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء عن حمّاد بن عثمان، عن يعقوب بن سالم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل لا يكون معه ماء، والماء، عن يمين الطّريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك؟ قال : لا أمره أن يغرِّر بنفسه فَيَعْرِض له لصٌّ أو سَبْعٌ(3).

9 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان ، عن منصور بن حازم، عن ابن أبي يعفور؛ وعنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا أتيت البئر وأنت جُنُب، ولم تجد دلواً ولا شيئاً تَغرف به، فتيمّم بالصّعيد، فإنَّ ربَّ الماء وربَّ الصّعيد واحدٌ، ولا تقع في البئر، ولا تفسد على القوم ماءهم (4)

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ،عن أبي بصير قال : سألته عن رجل كان في سفر وكان معه ماء، فنسيه وتيمّم وصلّى ، ثمَّ ذكر أنَّ معه ماء قبل أن يخرج الوقت؟ قال : عليه أن يتوضّأ ويعيد الصّلاة . قال : وسألته عن تيمّم الحائض والجنب، سواء إذا لم يجدا ماءاً؟ قال : نعم(5).

42- باب الرجل يكون معه الماء القليل في السفر ويخاف العطش

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن سنان، عن أبي

ص: 73


1- التهذيب ،1، نفس الباب ، ح 10 وفي ذيله ويأكلك .
2- التهذيب ! ، نفس الباب ، ح 1 . الفقيه 1 ، 21 - باب التيمم، ضمن ح 3 وأخرجه عن عبيد الله بن الحلبي سأل أبا عبد الله(عليه السلام). والركية : البئر ذات الماء ، جمعها : رُكي وركايا ولا بد من حمل هذا الحديث على ما إذا كان هنالك ضرر عقلائي محتمل في النزول إلى البئر ، أو كان فيه حرج ومشقة شديدة .
3- التهذيب 1 ، 8 - باب التيمم وأحكامه ، ح 2 . والتغرير حمل النفس على الغرور .
4- التهذيب 1 ، 6 - باب حكم الجنابة و ... ، ح 117 . الاستبصار 1، 76 - باب الجنب ينتهي إلى البئر أو الغدير وليس . . . ، ح 1 . هذا، وقد نقل المحقق في المعتبر إجماع أصحابنا على هذا الحكم وذلك لعدم الوصلة إلى الماء الموجود فقال : وعدم الوصلة كعدم الماء، وهو إجماع». أقول وعدم الوصلة هنا أعم من التشريعية والتكوينية .
5- التهذيب 1 ، 9 - باب صفة التيمم وأحكام . ..، ح 19.

عبد الله(عليه السلام)في رجل أصابته جنابة في السّفر وليس معه ماءً إلّا قليل، وخاف إن هو اغتسل أن يعطش، قال: إن خاف عطشاً فلا يهريق منه قطرة، وليتيمم بالصّعيد، فإن الصّعيد أحبُّ إلىّ(1).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يُجنب ومعه من الماء قدر ما يكفيه لشربه، أيتيمّم أو يتوضأ ؟ قال : التيمّم أفضل، ألا ترى أنّه إنّما جعل عليه نصف الطّهور(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران وجميل قالا : قلنا لأبي عبد الله(عليه السلام): إمام قومٍ أصابته جنابة في السّفر، وليس معه ماء يكفيه للغسل، أيتوضّأ بعضهم ويصلّي بهم ؟ قال : لا ، ولكن يتيمّم ويصلّي بهم ، فإنّ الله عزَّ وجلَّ قد جعل التراب طهوراً (3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة قال : إن كانت الأرض مبتلّة وليس فيها تراب ولا ماء، فانظر أجفّ موضع تجده فتيمّم من غباره، أو شيء مغبّر، وإن كان في حال لا تجد إلّا الطّين، فلا بأس أن تتيمّم به(4).

ص: 74


1- التهذيب 1 ، 20 - باب التيمم وأحكامه ، حه وبمضمون الحديث عمل الأصحاب رضوان الله عليهم .
2- التهذيب 1 ، نفس ،الباب ، ح 4 بتفاوت وسند آخر. الفقيه 1 ، 21 - باب التيمم، ذیل ح 3 باختلاف بالسند . قوله(عليه السلام): جعل عليه نصف الطهور أي جعل عليه في التيمم نصف أعضاء الوضوء تخفيفاً، وعليه فالأمر بالوضوء مع احتياجه إلى ذلك الماء ينافي التخفيف المذكور.
3- التهذيب 1 ، 20 - باب التيمم وأحكامه ، ح .. وكرره برقم 26 من الباب 10 من الجزء الثالث من التهذيب. الاستبصار 1 ، 259 - باب أن المتيمم لا يصلي بالمتوضئين، ح 5 بتفاوت وفي سنده حمزة بن حمران. الفقيه 1 ، 21 - باب التيمم ، ح 13 بتفاوت هذا والمشهور بين الأصحاب كراهة ائتمام المتطهر بالتيمم، بل نقل في المنتهى عدم الخلاف فيه إلا من محمد بن الحسن الشيباني .
4- التهذيب 1 ، 8 - باب التيمم وأحكامه ، ح 20 بتفاوت وزيادة فيه ضمنه . وهو كذلك أيضاً في الاستبصار 1 ، 93 - باب التيمم بالأرض الوحلة و...، ح .. هذا وقد أجمع فقهاؤنا رضوان الله عليهم على أنه لا يجوز التيمم إلا بالأرض أو ما أنبتت من غير المأكول والمشروب. كما لا يجوز التيمم بالوحل مع وجود التراب ،ومع فقد التراب له أن يتيمم بغبار ثوبه، أو لبد ،سرجه، أو عرف دابته، ومع فقدان ذلك يتيمم بالوحل. كما نصوا على أنه لا يجوز له التيمم بالمعادن ولا بالرماد ولا بالنبات المنسحق كالاشنان والدقيق، ولا يصح التيمم بالتراب المغصوب ولا بالنجس فراجع شرائع الإسلام للمحقق 12/ 47 - 48 . وكتاب الشهيدين الطهارة، الفصل الثالث في التيمم ، ص / 37 من الطبعة الحجرية.
43- باب الرجل يصيبه الجنابة فلا يجد إلا الثلج أو الماء الجامد

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن رجل أجنب في السفر ولم يجد إلا الثلج ، أو ماءاً جامداً ؟ فقال : هو بمنزلة الضرورة، يتيمم، ولا أرى أن يعود إلى هذه الأرض التي توبِقُ دينه(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه رفعه قال : قال : إن أجنب فعليه أن يغتسل على ما كان عليه، وإن احتلم تيمّم(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عمّن رواه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن رجل أصابته الجنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه التّلف إن اغتسل ؟ قال : يتيمّم ويصلّي، فإذا أمِنَ البرد اغتسل وأعاد الصّلاة(3).

44- باب التيمّم بالطّين

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كنت في حال لا تقدر إلّا على الطيّن فتيمّم به ، فإنَّ الله أولى بالعُذْر ، إذا لم يكن معك ثوب جاف أو لَبَدٌ تقدر أن تنفضه وتتيمّم به .

وفي رواية أُخرى صعيد طيّب وماء طهور(4).

ص: 75


1- التهذيب 1 ، 8 - باب التيمم وأحكامه ، ح 27 . الاستبصار 1، 94 - باب الرجل يحصل في أرض غطاها الثلج . ح 3 توبق دينه أي تهلكه وذلك بأن تحول بينه وبين أن يؤدي فرائض دينه كما هو المطلوب منه . وقد استدل بهذا الحديث سلار» على التيمم بالثلج ، ولا يخفى أن الظاهر التيمم بالتراب كما فهمه الشيخ ، وعلى تقدير عدم ظهوره لا يمكن الاستدلال به ، ثم أنه ذهب الشيخ في النهاية إلى تقدم الثلج على التراب كما يظهر من الأخبار، ويمكن القول بالتفصيل بأنه إن حصل الجريان فالثلج مقدم وإلا فالتراب .... مرآة المجلسي 183/13
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 47 . الاستبصار 1 ، 96 - باب الجنب إذا تيمم وصلى هل . . . ، ح 6. وليس في سندهما عن أبيه وفيهما إن أجنب نفسه ....
3- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 41. الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 4 . وقال الشيخ رحمه الله : من تعمد الجنابة وخشي على نفسه من استعمال الماء يتيمم ويصلّي ثم يعيد، واحتج بخبر جعفر بن بشير وعبد الله بن سنان . وقال في المدارك هما يدلان على ما اعتبره من القيد والأجود حملهما على الاستحباب لأن مثل هذا المجاز أولى من التخصيص وإن كان القول بالوجوب لا يخلو من رجحان مرآة المجلسي 185/13 .
4- التهذيب 1 نفس الباب، ح17 بدون الذيل وروى الذيل بسند آخر في ذيل ح 23 من نفس الباب . الاستبصار 1 ، 93 - باب التيمم في الأرض الوحلة و ... ، ح 1 بدون الذيل أيضاً مع تفاوت يسير
45- باب الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ،عن ابن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز ،عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الرَّجل يكون به القرح والجراحة، يجنب؟ :قال لا بأس بأن لا يغتسل [و] يتيمم (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : قال : يتيمّم المجدور والكسير بالتّراب إذا أصابته الجنابة(2).

3 - عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن أحمد رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن مجدور أصابته جنابة؟ قال : إن كان أجنب هو فليغتسل، وإن كان احتلم فليتيمّم(3).

4 - أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح ؛ وابن فضّال، عن عبد الله بن إبراهيم الغفاريّ، عن جعفر بن إبراهيم الجعفري، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إنَّ النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) ذكر له أنَّ رجلاً أصابته جنابة على جرح کان به فامر بالغسل فاغتسل فكزّ فمات(4)، فقال

رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «قتلوه قتلهم الله، إنّما كان دواء العِيِّ السؤال».

5 - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن سكين وغيره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قيل له : إنَّ فلاناً أصابته جنابة وهو مجدور فغسّلوه فمات ، فقال : قتلوه، ألّا سألوا، ألّا يمّموه، إنَّ شفاء العِيِّ السؤال(5).

قال : وروي ذلك في الكسير والمبطون يتيمّم ولا يغتسل .

ص: 76


1- التهذيب 1 ، 8 - باب التيمم وأحكامه ، ح 4 بتفاوت . الفقيه 1 ، 21 - باب التيمم ، ح 6 بتفاوت
2- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 7 بتفاوت والمجدور من أصابه مرض الجدري .
3- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 48 . الاستبصار 1 ، 96 - باب الجنب إذا تيمم وصلى هل ... ، ح 7 .
4- الكُزّ : - كما في الصحاح - داء تأخذ من شدة البرد، وقد كزّ الرجل فهو مكزوز إذا تقبض من البرد.
5- التهذيب 1 ، نفس الباب، ج 3 بزيادة في آخره. الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 7 و 8 والثاني عن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بتفاوت ورواه مرسلا والعِيّ : عدم الاهتداء لوجه والعجز عن العلم بالشيء . والتحيّر في الكلام. والمراد به هنا الجهل، وكل جاهل لم يتأب عن السؤال وتعلم وجد شفاء وراحة. ومحمد بن سكين ثقة، وفي بعض النسخ : مسكين وهو مجهول.
46- باب النوادر

1 - عليّ بن محمّد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال: دخلت على الرّضا(عليه السلام)وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة، فَدَنَوْتُ منه لأصب عليه ، فأبى ذلك وقال : مه يا حسن فقلت له : لِمَ تنهاني أن أصب على يدك، تكره أن أوجر ؟ قال توجر أنت وأوْزَرُ أنا(1)، فقلت له : وكيف ذلك؟ فقال: أما سمعت الله عزّ وجلّ يقول: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾(2)وها أناذا أتوضّأ للصّلاة وهي العبادة، فأكره أن يشركني فيها أحدٌ(3)

2 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن القدَّاح، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم):« افتتاح الصّلاة الوضوء، وتحريمها التكبير، وتحليلها التّسليم».

3 -عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السّندي، عن جعفر بن بشير، عن صباح الحذّاء ،عن أبي أُسامة قال : كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام) فسأله رجل من المغيرية(4)عن شيء من السّنن ؟ فقال : ما من شيء يحتاج إليه أحدٌ من ولد آدم إلّا وقد جرت فيه من الله ومن رسوله سنّة ، عرفها من عرفها وأنكرها من أنكرها فقال رجل : فما السنّة في دخول الخلاء؟ قال: تذكر الله ، وتتعوَّذ بالله من الشيطان الرَّجيم، وإذا فرغت قلت: «الحمد لله على ما أخرج منّي من الأذى في يسر وعافية» . قال الرَّجل : فالإنسان يكون على تلك الحال ولا يصبر حتّى ينظر إلى ما يخرج منه ؟ قال : إنّه ليس في الأرض آدميّ إلّا ومعه مَلَكَان مُوَكّلان به، فإذا كان على تلك الحال ثَنَيا برقبته ثمَّ قالا : يا ابن آدم انظر إلى ما كنت تكدح له (5)في الدُّنيا إلى ما هو صائر.

ص: 77


1- تؤجر ،أنت يحتمل أن يكون استفهاماً. وأزَرُ :أنا جملة حالية، وعلى ظاهره يدل على أن الجاهل يثاب على فعل يراه حسناً، ويمكن حمله على الكراهة ولا تكون المعاونة على المكرو مكروهاً. أو يكون مكروهاً من جهة ومندوباً من جهة مرآة المجلسي 118/13 .
2- سورة الكهف / 110 .
3- التهذيب 1، 16 - باب صفة الوضوء والفرض منه ، ح 37 هذا وقد نقل عن العلامة رحمه الله في المنتهى وغيره أنه استدل بهذا الحديث على كراهة الاستعانة في الوضوء بنحو الصبّ .
4- قال الشهر سناني في كتابه الملل والنِحَل: «المغيريّة : أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي، ادّعى أن الإمام بعد محمّد بن على بن الحسين: محمّد بن عبد الله بن الحسن، وكان المغيرة مولى لعبد الله بن خالد القسري . . .».
5- كَدَح - كما في القاموس - سعى وعمل لنفسه خيراً أو شراً .

4 - محمّد بن يحيى، عن سَلَمَة بن الخطاب، عن إبراهيم بن محمّد الثقفيّ، عن عليِّ بن المعلّى، عن إبراهيم بن محمّد بن حمران، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من توضّأ فَتَمَنْدَل(1)كانت له حسنة، وإن توضّأ ولم يتمندل حتّى يجفَّ وضوؤه كانت له ثلاثون حسنة .

5- عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان، عن جرّاح الحذّاء، عن سماعة بن مهران قال : قال أبو الحسن موسى(عليه السلام): من توضّأ للمغرب، كان وضوؤه ذلك كفّارة لما مضى من ذنوبه في نهاره ما خلا الكبائر، ومن توضّأ لصلاة الصبح كان وضوؤه ذلك كفّارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلّا الكبائر(2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن قاسم الخزَّاز ، عن عبد الرَّحمن بن كثير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : بينا(3)أمير المؤمنين(عليه السلام)قاعد ومعه ابنه محمّد إذ قال : يا محمّد إئتني بإناء من ماء، فأتاه به، فصبّه بيده اليمنى على يده اليسرى ثمَّ قال: «الحمد لله الّذي جعل الماء طهوراً ولم يجعله نجساً» ، ثمَّ استنجى فقال: «اللّهمَّ حصن فرجي وأعفّه، واستر عورتي وحرِّمها على النار»، ثمَّ استنشق فقال : اللّهمَّ لا تحرّم عليَّ ريح الجنّة، واجعلني ممّن يشمّ ريحها وطيبها وريحانها»، ثمَّ تمضمض فقال : «اللّهمَّ أنْطِقْ لساني بذكرك، واجعلني ممّن ترضى عنه» ، ثمَّ غسل وجهه فقال :« اللّهمَّ بيّض وجهي يوم تسوَّدّ [فيه] الوجوه، ولا تسوَّد وجهي يوم تبيضّ [فيه] الوجوه» ، ثمَّ غسل يمينه فقال : «اللّهمَّ أعطني كتابي بيميني والخُلْدَ بيساري»، ثمَّ غسل شماله فقال: «اللّهمَّ لا تعطني كتابي بشمالي ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي ، وأعوذ بك من مقطعّات النّيران»(4)، ثمَّ مسح رأسه فقال: «اللّهمَّ غشني برحمتك وبركاتك وعفوك»، ثمَّ مسح على رجليه فقال: «اللّهمَّ ثبّت قدمي [ على الصّراط] يوم تزلّ فيه الأقدام، واجعل سعيي فيما يرضيك عنّي»، ثمَّ التفت إلى محمّد فقال : يا محمّد ، من توضّأ بمثل ما توضّأتُ ، وقال مثل ما قلتُ، خلق الله له من كلِّ قطرة ملكاً يقدِّسه ويسبّحه ويكبّره ويهلّله ويكتب له ثواب ذلك(5).

ص: 78


1- أي تنشف بعد الوضوء بالمنديل. والحديث ضعيف .
2- الحديث مجهول.
3- أصل (بينا) : بين فأشبعت الفتحة وقفاً فصارت ألفاً ، يقال : بينا وبينما ثم أجري الوصل مجرى الوقف وأبقيت المشبعة وصلاً مثلها ،وقفاً وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة، ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل ومبتدأ وخبر ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى والأفصح في جوابهما ألا يكون فيه إذ وإذا
4- مأخوذ من قوله تعالى في سورة الحج / :19:« فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يُصَبُّ من فوق رؤوسهم الحميم» . والمقطع من الثياب كل ما يفصل ويخاط من قميص وغيره والتعبير في الآية إما حقيقي أو كناية عن لصوق النار بهم كالثياب .
5- التهذيب 1 ، 4 - باب صفة الوضوء و ...، ح 2 الفقيه 1 ، 9 - باب صفة وضوء أمير المؤمنين (عليه السلام)، ح 1 بتفاوت في الجميع. وحصّن فرجي : أي استره وصنه عن الحرام . أعطني الجنة بيساري : كناية عن حصولها بسهولة من غير تعب ولا مشقّة .

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمّد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول وهو يحدث الناس بمكة: صلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الفجر ، ثمَّ جلس مع أصحابه حتّى طلعت الشمس، فجعل يقوم الرجل بعد الرَّجل حتّى لم يبقَ معه إلا رجلان : أنصاري وثقفي ، فقال لهما رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «قد علمت أنَّ لكما حاجة وتريدان أن تسألا عنها، فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني، وإن شئتما فأسألا عنها»؟ قالا : بل تخبرنا قبل أن نسألك عنها، فإنَّ ذلك أجلى للعمى وأبعدُ من الارتياب وأثبتُ للإيمان، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «أمّا أنت يا أخا ثقيف، فإنّك جئت أن تسألني عن وضوئك وصلاتك، ما لَكَ في ذلك من الخير، أمّا وضوؤك فإنّك إذا وضعت يدك في إنائك ثم قلت: «بسم الله »، تناثرت منها ما اكتسبتَ من الذُّنوب، فإذا غسلت وجهك ، تناثرت الذُّنوب الّتي اكتسبتها عيناك بنظرهما، وَفُوكَ، فإذا غسلت ذراعيك، تناثرت الذُّنوب عن يمينك وشمالك فإذا مسحتَ رأسك وقدميك، تناثرت الذُّنوب الّتي مشَيْتَ إليها على قدميك، فهذا لك في وضوئك» (1).

8 - عليَّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الوضوء شطر الإيمان(2).

9 - أبو عليّ الأشعريّ، عن بعض أصحابنا ،عن إسماعيل بن مهران، عن صباح الحذّاء، عن سماعة قال : كنت عند أبي الحسن(عليه السلام) فصلّى الظّهر والعصر بين يديَّ، وجلست عنده حتّى حضرت المغرب، فدعا بوَضوء فتوضّأ للصّلاة، ثمَّ قال لي : توضّأ ، فقلت : جُعِلْتُ فِداك أنا على وضوئي، فقال : وإن كنت على وضوء إنَّ من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفّارة لما مضى من ذنوبه في يومه إلّا الكبائر، ومن توضّأ للصّبح كان وضوؤه ذلك كفّارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلّا الكبائر .

10 - محمّد بن يحيى ؛ وأحمد بن إدريس، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : الطّهر على الطهّر عَشْرُ حَسَنَات .

ص: 79


1- الفقيه 1، 62 - باب فضائل الحج ، صدر ح 1 بتفاوت .
2- «يحتمل أن يكون المراد بالشطر الجزء ، والنصف، وعلى التقديرين، يمكن أن يراد بالإيمان الصلاة، كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾أي صلاتكم، أو الإيمان المشتمل على العبادات لأنه أحد اطلاقاته في الأخبار» مرآة المجلسي 198/13.

11 -محمّد بن الحسن وغيره، عن سهل بن زياد بإسناده، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إذا فرغ أحدكم من وضوئه فليأخذ كفّاً من ماء فليمسح به قفاه، يكون ذلك فكاك رقبته من النار(1).

12 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد ،عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال : قلت له : الرَّجل يغتسل بماء الورد ويتوضّأ به للصّلاة؟ قال : لا بأس بذلك(2).

13 - أبو عليّ الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الوهَّاب، عن محمّد بن أبي حمزة، عن هشام بن سالم، عن إسماعيل الجعفيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عمّن مسَّ عظم الميّت؟ قال : إذا كان سنةَ فليس به بأس.

14 - محمّد بن يحيى رفعه، عن أبي حمزة قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): إذا كان الرَّجل نائماً في المسجد الحرام، أو مسجد الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم)، فاحتلم فأصابته جنابة، فليتيمّم، ولا يمرّ في المسجد إلّا متيمّماً حتّى يخرج منه، ثمَّ يغتسل، وكذلك الحائض إذا أصابها الحيض تفعل كذلك، ولا بأس أن يمرَّا في سائر المساجد ولا يجلسان فيها(3).

15 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير

ص: 80


1- الحديث ضعيف على المشهور. وقد حمله البعض على التقية .
2- التهذيب 1 ، 10 - باب المياه وأحكامها وما . . . ، ح 10 . الاستبصار 1 ، 5 - باب حكم المياه المضافة، ح 2 . هذا والمشهور عند أصحابنا بل مما ادعي إجماعهم عليه عدم جواز الوضوء أو الغسل بالماء المضاف ومنه المعتصر من الأجسام ورداً كان أو غيره، ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق فيما نقل عنه مستدلاً بهذه الرواية، ونقل أن الكاشاني رحمه الله تابعه في ذلك، هذا ولكني لم أعثر في الفقيه على هذه الرواية أولاً، وثانياً وجدته رحمة الله صرح في الفقيه 1 ، 1 - باب المياه وطهرها ونجاستها بعد الحديث رقم 20 بأنه لا يجوز التوضي باللبن معللاً بأنه إنما هو بالماء أو الصعيد نعم جوز الاستياك بماء الورد. وقد رمى الشيخ رحمه الله في التهذيب هذه الرواية بالشذوذ وذكر إجماع العصابة على ترك العمل بظاهرها، ثمَّ قال : ولو سلم لاحتمل أن يكون أراد به الوضوء الذي هو التحسين .... ويحتمل أن يكون أراد(عليه السلام) بقوله : ماء الورد الماء الذي وقع فيه الورد . الخ. ومراده رحمه الله بالتحسين هو ما يعبر عنه بالتهيّة أو التزيّن أو التنظيف وكلها ليست وضوءاً ولا غسلاً رحمه اصطلاحيين.
3- التهذيب 1 ، 20 - باب التيمم وأحكامه ، ح 18 بتفاوت في الذيل وأخرجه عن محمد بن أحمد بن يعقوب بن يزيد عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان عن أبي حمزة عن أبي جعفر(عليه السلام). والحكم بوجوب التيمم على من احتلم في المسجد قبل حركته الخروجية منه هو ما عليه الأصحاب رضوان الله عليهم ومستندهم هذه الرواية، وأن نقل عن ابن حمزة القول بالاستحباب دون الوجوب، وإن اختلفوا في مشاركة الحائض للجنب في هذا الحكم للفرق بينهما حيث لا سبيل لها إلى الطهارة بخلافه .

قال : سألته عن حيّة دخلت حبّاً فيه ماء وخرجت منه ؟ قال : إن وجد ماءاً غيره فليُهْريقه(1).

16 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن(عليه السلام)قال : سألته عن رجل رعف فامتخط، فصار بعض ذلك الدَّم قطعاً صغاراً فأصاب إناءه، هل يصلح له الوضوء منه ؟ فقال : إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس، وإن كان شيئاً بيّناً فلا يتوضّأ منه(2).

قال : وسألته عن رجل رعف وهو يتوضّأ، فيقطر قطرة في إنائه ، هل يصلح الوضوء منه ؟ قال : لا(3).

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن سعد بن سعد، عن - صفوان قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن رجل احتاج إلى الوضوء للصّلاة وهو لا يقدر على الماء، فوجد بقدر ما يتوضّأ به بمائة درهم، أو بألف درهم، وهو واجد لها، يشتري ويتوضّأ . أو يتيمّم ؟ قال : لا ، بل يشتري قد أصابني مثل ذلك، فاشتريت وتوضّأت ، وما يشترى بذلك مال كثير(4).

هذا آخر كتاب الطّهارة من كتاب الكافي [وهو خمسة وأربعون باباً] ويتلوه كتاب الحيض إن شاء الله تعالى.

ص: 81


1- التهذيب 1 ، 21 - باب المياه وأحكامها ، ح 21 . الاستبصار 1 ، 11 - باب حكم الفارة والوزغة والحية . . . ح 6 . وأسند فيهما إلى أبي عبد الله (عليه السلام)وقد حمل على الاستحباب دفعاً لكراهة السم .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 18 . الاستبصار 1 ، 10 - باب الماء القليل يحصل فيه شيء من النجاسة ، ح 12 . والذي يظهر أن الشيخ رحمه الله يعمل بمقتضى هذا الحديث وأن الدم إذا كان قليلاً لا يدركه الطرف يحكم بطهارته، ومن الواضح أن هذه الرواية لا تدل على طهارة ما لا يدركه الطرف من الدم، لأنه قد فرض فيها أن الدم أصاب إناءه لا الماء في الإناء، ولدا حكم (عليه السلام)بنفي البأس عن الماء لعدم العلم بإصابة الدم له، وقد ذكر أستاذنا السيد الخوئي وجوها متعددة لحمل هذه الرواية عليها مع بسط القول فيها فراجع التنقيح 161/1 وما بعدها.
3- حمل على ما إذا علم بإصابة الدم للماء في الإناء.
4- التهذيب 1 ، 20 - باب التيمم وأحكامه ، ح 14 . الفقيه 1 ، 7 - باب مقدار الماء للوضوء والغسل ، ح 3 وفيه : ما يسوؤني . ... ، بدل: ما يُشترى ...، وعلى رواية الفقيه، تكون (ما) نافية والمعنى : وما يسوؤني أن أدفع في سبيل التقرب إليه سبحانه بالوضوء وتحصيل الطهارة المائية مالاً كثيراً. وعلى رواية الفروع والتهذيب (ما يشترى) تكون (ما) موصولة أي الذي يشترى بهذا المال ثواب كثير في الآخرة.

ص: 82

كتاب الحَيْض

47- أبواب الحيض

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوساء، عن حمّاد بن عثمان ، عن أديم بن الحرِّ قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إن الله تبارك وتعالى حد للنساء في كلِّ شهر مرة .

2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن قول الله عزَّ وجلّ : ﴿ إِنِ ارْتَبْتُمْ ﴾ ؟(1)فقال : ما جاز الشّهر فهو رِيبّةٌ (2).

48- باب أدنى الحيض وأقصاه وأدنى الظهر

1 1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن أحمد بن أَشيَم، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن أدنى ما يكون من الحيض؟ فقال : ثلاثة وأكثره عشرة (3).

ص: 83


1- سورة الطلاق / 4 .
2- وما تضمنه هذا الحديث من تحديد الحكم بالريبة بشهر باعتباره مخالفاً لما عليه أصحابنا رضوان الله عليهم، لا بد من حمله علي ما هو الغالب من كون الريبة قد تحصل بتجاوز المدة المذكورة فيه للعادة عند المرأة، وإن كان هذا التوجيه بعيداً أيضاً .
3- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة .... ، ح 17 . وفيه : ... ثلاثة أيام و ...، الاستبصار 1 ، 78 - باب أقل الحيض وأكثره ، ح 1 وفيه : أدناه ثلاثة أيام و.... هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام، وقد نقل عدم الخلاف بينهم على ذلك ابن إدريس في السرائر، ونقل الإجماع عليه في الخلاف والغنية والمنتهى، والذكرى والتنقيح ، وجامع المقاصد، والمدارك وغيرها. وعن المعتبر : أنه مذهب فقهاء أهل البيت(عليهم السلام)، وعن الأمالي نسبته إلى دين الإمامية.

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله

(عليه السلام)قال : أَقلُّ ما يكون الحيض ثلاثة أيّام، وأكثر ما يكون عشرة أيّام.

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن صفوان بن يحيى قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن أدنى ما يكون من الحيض؟ فقال : أدناه ثلاثة وأبعده عشرة (1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: لا يكون القُرْءُ في أقلّ من عشرة أيّام فما زاد، أقلّ ما يكون عشرة من حين تظهر إلى أن ترى الدَّم (2).

5 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : أدنى الطَّهر عشرة أيّام، وذلك أنَّ المرأة أوَّل ما تحيض ربّما كانت كثيرة الدَّم فيكون حيضها عشرة أيّام، فلا تزال كلّما كبرت نقصت حتّى ترجع إلى ثلاثة أيّام، فإذا رجعت إلى ثلاثة أيّام ارتفع حيضها، ولا يكون أقلّ من ثلاثة أيّام، فإذا رأت المرأة الدَّم في أيّام حيضها تركت الصّلاة، فإن استمرُّ بها الدَّم ثلاث أيّام فهي حائض، وإن انقطع الدَّم بعد ما رأته يوماً أو يومين اغتسلت وصلّت وانتظرت من يوم رأت الدَّم إلى عشرة أيّام، فإن رأت في تلك العشرة أيّام من يوم رأت الدَّم يوماً أو يومين حتّى يتمَّ لها ثلاثة أيام ، فذلك الّذي رأته في أوَّل الأمر مع هذا الّذي رأته بعد ذلك في العشرة فهو من الحيض، وإن مرَّ بها من يوم رأت الدَّم عشرة أيّام ولم تر الدَّم، فذلك اليوم واليومان الّذي رأته لم يكن من الحيض، إنّما كان من علّة إمّا من قرحة في جوفها، وإمّا من الجوف، فعليها أن تعيد الصلاة تلك اليومين الّتي تركتها لأنّها لم تكن حائضاً فيجب أن تقضي ما تركت من الصّلاة في اليوم واليومين، وإن تمَّ لها ثلاثة أيّام فهو من الحيض، وهو أدنى الحيض، ولم يجب عليها القضاء ، ولا يكون الطّهر أقلّ من عشرة أيّام ، فإذا حاضت المرأة، وكان حيضها خمسة أيّام ثمَّ انقطع الدَّم ، اغتسلت وصلّت، فإن رأت

ص: 84


1- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة و... ، ح 18. الاستبصار 1 ، 78 - باب أقل الحيض وأكثره، ح 2 وفيه : أدناه ثلاثة أيام ......
2- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 23 . الاستبصار ،1 ، 79 - باب أقل الطهر، ح .1 . وليس فيهما لفظ (في). والقرء: يطلق على الحيض والطهر ،معاً ، فهو من الاضداد وما تضمنه الخبر إجماعي عندنا بل ذكر في الأمالي أنه من دين الإمامية.

بعد ذلك الدَّم ولم يتمَّ لها من يوم طهرت (1)عشرة أيّام فذلك من الحيض تدع الصّلاة، وإن رأت الدَّم من أوّل ما رأت الثّاني الّذي رأته تمام العشرة (2)أيّام ودام عليها، عدَّت من أوّل ما رأت الأوّل والثّاني عشرة أيّام، ثمَّ هي مستحاضة تعمل ما تعمله المستحاضة.

وقال: كلّ ما رأت المرأة في أيّام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض، وكلّما رأته بعد أيّام حيضها فليس من الحيض(3).

49- باب المرأة ترى الدم قبل أيامها أو بد طُهرِها

1-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا رأت المرأة الدَّم قبل عشرة فهو من الحيضة الأولى(4)، وإن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة (5).

2 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن الحسن بن سعيد(6)، عن زرعة، عن سماعة قال : سألته عن المرأة ترى الدَّم قبل وقت حيضها؟ فقال : إذا رأت الدَّم قبل وقت حيضها فلتدع الصّلاة، فإنّه ربّما تعجّل بها الوقت، فإذا كان أكثر من أيّامها الّتي كانت تحيض فيهنّ ، فلتتربّص ثلاثة أيّام بعد ما تمضي أيّامها ، فإذا تربّصت ثلاثة أيّام ولم ينقطع عنها الدَّم، فلتصنع كما تصنع المستحاضة(7).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كانت أيام المرأة عشرة أيام لم تستظهر، وإذا كانت أقلَّ استظهرت(8).

ص: 85


1- أي من آخر يوم كانت طاهرة قبل الحيض، أو آخر جزء من طهرها السابق . أو يتم لها من يوم طهرت مع ما رأت من الدَّم قبله عشرة، فالمراد حصول تتمة العشرة من ذلك اليوم .
2- أي تتمة العشرة مع الدم السابق والنقاء المتخلل.
3- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة و. . . ، ح 24
4- أي من توابعها والمتسببة عنها .
5- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 26 . ورواه بنفس السند مع تفاوت برقم 20 من الباب أيضاً. وقوله : من الحيضة المستقبلة يعني من ،مقدماتها، فلا تأخذ حكم الحيض .
6- في التهذيب : الحسين بن سعيد .
7- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 25 .
8- واختلف الأصحاب في وجوب الاستظهار واستحبابه، فالمشهور بين القدماء الأول، وبين المتأخرين الثاني، واختلف أيضاً في عدده، فقال الشيخ في النهاية : تستظهر بيوم أو يومين بعد العادة، وهو قول الصدوق والمفيد، وقال المرتضى رحمه الله : إلى العشرة، والظاهر من الأخبار التخيير بين اليوم واليومين والثلاثة، واختاره صاحب المدارك .. الخ » . مرآة المجلسي 208/13 . هذا ، والمراد بالاستظهار : تركها العبادة حتى يستبين حالها من كونها حائضاً أو مستحاضة. والذي يظهر من الأخبار أن الاستظهار إنما يجب أو يستحب على القولين فيما إذا كان الدم أسود كثيفاً دون ما إذا كان أصفر رقيقاً. وكذا فيما لو كانت تحتمل انقطاعه علي رأس العشرة، أما لو علمت جزما بتجاوزه العشرة فإنها حينئذ تعمل عمل المستحاضة فيما زاد عن أيام العادة فوراً من دون حاجة إليه لأن العلم أقوى مراتب الظهور فلا استظهار مع حصوله .
50- باب المرأة ترى الصُّفْرَةَ قبل الحيض أو بعده

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حّماد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن المرأة ترى الصّفرة في أيامها؟ فقال : لا تصلي حتى تنقضي أيامها، وإن رأت الصفرة في غير أيامها توضّات وصلت(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في المرأة ترى الصّفرة ؟ فقال : إن كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض، وإن كان بعد الحيض بيومين فليس من الحيض(2).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّی بن محمّد ، عن الوشّاء، عن أبان، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا رأت المرأة الصّفرة قبل انقضاء أياّم عدَّتها(3) لم تُصَلّ، وإن كانت صفرة بعد انقضاء أيّام قرئها صلّت.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام) - وأنا حاضر - عن المرأة ترى الصّفرة؟ فقال: ما كان قبل الحيض فهو من الحيض، وما كان بعد الحيض فليس منه(4).

5 - محمّد بن أبي عبد الله ، عن معاوية بن حكيم قال : قال : الصفرة قبل الحيض بيومين فهو من الحيض، وبعد أيّام الحيض ليس من الحيض، وهي في أيّام الحيض حيض.

ص: 86


1- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح 53 .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 54 الفقيه 1 ، 20 - باب غسل الحيض والنفاس ، ح ه ورواه مرسلاً مقطوعاً. وقوله فليس من الحيض يعني ظاهراً، فهو مع الانقطاع محكوم بأنه حيض أيضا .
3- أي عادتها العددية والحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 1، نفس الباب ح .55 . ولا وجود للقاسم بن محمد في سنده.
51- باب أول ما تحيض المرأة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال : سألته عن الجارية البكر أوّل ما تحيض فتقعد في الشّهر يومين، وفي الشّهر ثلاثة أيّام، ويختلف عليها، لا يكون طمثها في الشّهر عدَّة أيّام سواء؟ قال: فلها أن تجلس وتدع الصّلاة ما دامت ترى الدَّم، ما لم تجز العشرة، فإذا اتفق الشهران عدَّة أيام سواء، فتلك أيّامها(1).

2- عليّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن يعقوب قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): المرأة ترى الدَّم ثلاثة أيّام أو أربعة ؟ قال تدع الصّلاة، قلت: فإنّها ترى الطّهر ثلاثة أيّام أو أربعة ؟ قال : تصلّي ، قلت : فإنها ترى الدَّم ثلاثة أيّام أو أربعة؟ قال: تدع الصّلاة، قلت : فإنّها ترى الطّهر ثلاثة أيّام أو أربعة؟ قال: تصلّي قلت : فإنّها ترى الدَّم ثلاثة أيّام أو أربعة ؟ قال : تدع الصّلاة تصنع ما بينها وبين شهر، فإذا انقطع الدَّم عنها وإلّا فهي بمنزلة المستحاضة(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد رفعه، عن زرعة، عن سماعة قال : سألته عن جارية حاضت أوّل حيضها ، فدام دمها ثلاثة أشهر وهي لا تعرف أيّام أَقْرائها؟ فقال : أَقْرَاؤها مثل أَقراء نسائها، فإن كانت نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيّام، وأقلّه ثلاثة أيّام(3).

52- باب استبراء الحائض

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار وغيره، عن يونس، عمّن حدَّثه،

ص: 87


1- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح 1 . وحيث قام الاجماع على أن أقلَّ الحيض ثلاثة أيّام فيكون ما تضمنه صدر الحديث من أنها ترى الدَّم في شهر يومين مخالفاً له، ولذا لا بد من تأويله بشكل يتفق مع الإجماع المذكور، وقد ذكر من جملة التأويلات في الشهر يومين ثم ينقطع فتراه قبل تمام العشرة بيوم . والله العالم .
2- التهذيب ،1 نفس ،الباب .2 . الاستبصار 1 ، 79 - باب أقل الطهر . ح .. ولا يخفى ما في الحديث من التكرار بنفس الألفاظ، ولعله من اشتباه النسّاخ ويحتمل أنه من السائل فكرر الإمام(عليه السلام)الجواب . والحديث مخالف ما أجمعوا عليه من كون أقل الطهر عشرة، ويمكن أن يكون المراد أنها ترى الدم بصفة الاستحاضة ثلاثة أو أربعة في ضمن العشرة التي هي أيام الطهر لا متصلاً بما رأته في الثلاثة أو الأربعة بصفة الحيض، وإن كان بعيداً جداً و . ... مرآة المجلسي 210/13 .
3- التهذيب ،1 نفس ،الباب ح 4. الاستبصار 1 ، 82 - باب المرأة ترى الدم أول مرة، ح 3. وفيهما الحديث مضمر كما هنا. والمراد بنسائها إما قريباتها أو أهل بلدها من أقرانها.

عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سئل عن امرأة انقطع عنها الدّم فلا تدري أطهرت أم لا ؟ قال : تقوم قائماً وتلزق بطنها بحائط، وتستدخل قطنة بيضاء، وترفع رجلها اليمنى، فإن خرج على رأس القطنة مثل رأس الذُّباب دم عبيط(1)لم تطهر ، وإن لم يخرج فقد طَهُرَتْ، تغتسل وتصلّي .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا أرادت الحائض أن تغتسل، فلتستدخل قطنة، فإن خرج فيها شيءٌ من الدَّم فلا تغتسل وإن لم تر شيئاً فلتغتسل، وإن رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضّأ ولتَصلُ .

3 - محمّد بن يحيى، عن سَلَمَة بن الخطاب، عن عليّ بن الحسن الطّاطريّ، عن محمّد بن أبي حمزة ،عن ابن مسكان، عن شرحبيل الكنديّ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت: كيف تعرف الطّامث طهرها؟ قال : تعتمد برجلها اليسرى على الحائط، وتستدخل الكرسف(2)بيدها اليمنى، فإن كان تمَّ مثلُ رأس الذُّباب(3)خرج على الكرسف .

4 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(عليه السلام): أنّه بلغه أنَّ نساءاً كانت إحداهنَّ تدعو بالمصباح في جوف اللّيل تنظر إلى الطّهر(4)فكان يعيب ذلك ويقول : متى كانت النساء يصنعن هذا.

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ثعلبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام):أنّه كان ينهي النّساء أن ينظرن إلى أنفسهنَّ(5)في المحيض باللّيل ويقول : إنّها قد تكون الصّفرة والكدرة(6).

6 - عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن عليّ البصريِّ قال: سألت أبا الحسن الأخير(عليه السلام)وقلت له : إنَّ ابنة شهاب تقعد أيّام أقرائها، فإذا هي اغتسلت رأت القطرة بعد القطرة ؟ قال : فقال : مُرْها فلتقم بأصل الحائط كما يقوم الكلب، ثمَّ تأمر امرأة فلتغمز بين

ص: 88


1- العبيط - كما في الصحاح : الدم الخالص الطري. والحديث مرسل والكيفيات الواردة في الاستبراء، والذي هو عبارة عن طلب براءة الرحم من الدم حملت على الاستحباب مع ما في اختلاف الروايات في خصوصياتها، مما يفهم منه أن المراد حصول البراءة من الدم بأية كيفية كانت .
2- الكرسف : القطن .
3- يعني من الدم.
4- يظهر منه أنهن كن ينظرن إلى الفرح وهو موضع نزول الدم على ضوء السراج .
5- أي إلى فروجهن، كنى عنه بأنفسهنَّ .
6- وهما لا يظهران بمجرد النظر، والكرسف أفضل طريق لاستبانتهما .

وركيها غمزاً شديداً، فإنّه إنّما هو شيء يبقى في الرَّحم يقال له : الإراقة، وإنّه سيخرج كلّه ، ثمَّ قال : لا تخبروهنَّ بهذا وشبهه وذروهنَّ وعلتهنَّ القذرة ؛ قال : ففعلت بالمرأة الّذي قال، فانقطع عنها فما عاد إليها الدَّم حتّى ماتت(1).

53- باب غسل الحائض وما يجزيها من الماء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، جميعاً عن عبد الله بن يحيى الكاهليِّ قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنَّ النّساء اليوم أحدثن مشطاً، تعمد إحداهنَّ إلى القرامل(2)من الصّوف تفعله الماشطة تصنعه مع الشّعر، ثمَّ تحشوه بالرِّياحين، ثمَّ تجعل عليه خرقة رقيقة ثم تخيطه بمسَلّة(3)، ثمَّ تجعله في رأسها، ثمَّ تصيبها الجنابة ؟ فقال : كان النّساء الأَول إنّما يمتشطن(4)، فإذا أصابهنَّ الغسل بقذر(5)، مُنْها أن تُرَوّي رأسها من الماء وتعصره حتّى يروِّي ،المقاديم) فإذا روِّى فلا بأس عليها قال : قلت : فالحائض ؟ قال : تنقض المشط(6)نقضاً .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن مثنى الحناط، عن حسن الصيقل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الطّامث تغتسل بتسعة أرطال من ماء (7).

3 -عليُّ بن محمّد وغيره ، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن المرأة الحائض ترى الطّهر وهي في السّفر، وليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها، وقد حضرت الصّلاة؟ قال : إذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله، ثمَّ تتيمّم وتصلّي ، قلت : فيأتيها زوجها في تلك الحال؟ قال : نعم، إذا غسلت فرجها وتيمّمت فلا بأس(8).

ص: 89


1- الحديث مرسل مجهول
2- القرامل - كما في الصحاح - ما تشد المرأة في شعرها .
3- المسلّة : الأبرة الكبيرة، وجمعها : مسال.
4- أي يجمعن الشعر في مقدم الرأس.
5- أي بجنابة .
6- المشط ما كانت فعلته بشعرها من التزيين وشدّه وجمعه .
7- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح .68 . الاستبصار 1 ، 88 - باب مقدار الماء الذي تغتسل به الحائض، ح . وفسّر الرطل بالمدني، والمقدّر المذكور محمول على الاستحباب. والحديث مجهول .
8- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 72 من دون قوله : فلا بأس في الذيل والظاهر من الحديث اشتراط غسل الفرج في جواز الجماع قبل أن تغتسل وهو يحتمل الوجوب كما يحتمل الاستحباب، وأنه لو عدم الماء اشترط التيمم قبله. هذا وقد جوّز أصحابنا لزوجها وَطْأها قبل الغسل وبعد الطهر وإن على كراهية .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: الحائض ما بلغ بَلَلُ الماء من شعرها أجزأها (1).

1- أبو علي الأشعري، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في الحائض تغتسل وعلى جسدها الزَّعفَرَانُ لم يذهب به الماء؟ قال : لا بأس(2).

54- باب المرأة ترى الدم وهي جُنُب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهليِّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن المرأة يجامعها زوجها فتحيض وهي في المغتسل، تغتسل أو لا تغتسل ؟ قال : قد جاءها ما يُفسد الصّلاة، فلا تغتسل(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، سنان، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: سألته عن المرأة تحيض وهي جُنُب هل عليها غسل الجنابة؟ قال: غسل الجنابة والحيض واحد(4).

3-عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن سعيد بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): المرأة ترى الدَّم وهي جُنُب ، أتغتسل من الجنابة أم غسل الجنابة والحيض ؟ فقال : قد أتاها ما هو أعظم من ذلك .

ص: 90


1- التهذيب ،1 ، نفس الباب، ح 71 الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 2 .
2- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح 70 . الفقيه 1 ، 20 - باب غسل الحيض والنفاس صدر ح 17 وحمل على الأثر، أو على ما لا يشكل حاجباً وإلا فالغسل باطل .
3- التهذيب 1 ، 17 - باب الأغسال وكيفية ... ، ح 21 ، وكرره برقم 4 من الباب 19 الآتي . وفيه : . . . يجامعها الرجل . . . ، بدل يجامعها زوجها واستدل بهذا الخبر على أن غسل الجنابة واجب لغيره .
4- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح 45 . ورواه بسند آخر برقم 35 من الباب 7 من نفس الجزء . ورواه بسند مختلف أيضاً في الاستبصار 1 ، 59 - باب وجوب غسل الجنابة والحيض و..، صدر ح 4 . الفقيه 1 ، 18 باب الأغسال، ح 2 . وقد دل الحديث على اتحاد غسل الجنابة وغسل الحيض في الكيفية وإنها لا تحتاج بعد الطهر إلى تعدد الغسل، وهذا ما يعبر عنه بتداخل عنه بتداخل الأسباب، والظاهر عدم الخلاف بين أصحابنا في كفاية غسل الجنابة لو أتى به عن جميع الأغسال فيما لو اجتمعت عليه وكانت جميعها واجبة.
55- باب جامع في الحائض والمستحاضة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن غير واحد سألوا أبا عبد الله(عليه السلام)،عن الحائض والسّنة في وقته؟ فقال : إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)سنَّ في الحائض ثلاث سُنَن ، بيّن فيها كلِّ مشكل لمن سمعها وفهمها حتّى لا يدع لأحد مقالاً فيه بالرَّأي ، أمّا إحدى السّنن ؛ فالحائض الّتي لها أيام معلومة قد أحصتها بلا اختلاط عليها، ثمَّ استحاضت، واستمرَّ بها الدَّم، وهي في ذلك تعرف أيّامها (1)ومبلغ عددها، فإنَّ امرأة يقال لها : فاطمة بنت أبي حُبَيش استحاضت فاستمرَّ بها الدَّم، فأتت أَمِّ سلمة فسألت رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عن ذلك ، فقال :« تدع الصّلاة قدر أقرائها، أو قدر حيضها»، وقال: «إنَّما هو عرق» (2)، وأَمَرَها أن تغتسل وتستثفر(3)بثوب وتصلّي .

قال أبو عبد الله(عليه السلام): هذه سنّة النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)في الّتي تعرف أيّام أَقرَائها لم تختلط عليها، ألا ترى أنّه لم يسألها كم يوم هي ولم يقل : إذا زادت على كذا يوماً فأنت مستحاضة، وإنّما سنَّ لها أيّاماً معلومة ما كانت من قليل أو كثير بعد أن تعرفها وكذلك أفتى أبي(عليه السلام)وسئل عن المستحاضة فقال : إنّما ذلك عرق غابر(4)أو ركضة من الشيطان(5)فلتدع الصّلاة أيّام أقرائها، ثمَّ تغتسل وتتوضّأ لكلِّ صلاة قيل : وإن سال؟ قال: وإن سال مثل المَثْعَب(6)، قال أبو عبد الله(عليه السلام): هذا تفسير حديث رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وهو موافق له فهذه سنّة الّتي تعرف أيّام أقرائها، لا وقت لها إلّا أيّامها قلّت أو كثرت .

وأمّا سنّة الّتي قد كانت لها أيّام متقدّمة ثمَّ اختلط عليها من طول الدَّم فزادت وتقصت حتّى أغفلت عددها وموضعها من الشّهر، فإنَّ سنّتها غير ذلك، وذلك أنَّ فاطمة بنت أبي حُبَيْش اتت النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)فقالت: إنّي أُستحاض فلا أطهر ؟ فقال النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم): «ليس ذلك بحيض، إنّما

ص: 91


1- يعني من الشهر في أوله أو وسطه أو آخره .
2- يعني دم عرق، فهو كدم الجرح والقرح يكون في الرحم أو الفرج فلا يأخذ حكم الحيض، ولا بد من حمله على ما إذا لم ينقطع على العشرة بل تجاوزها .
3- استشفار المرأة : أن تضع خرقة علي فرجها منعاً لسراية النجاسة وتشدّ طرفيها بين فخذيها إلى حجزتها.
4- قال في الصحاح : غَبِرَ الجرح غبراً : أندمل على فساد ثم ينتقض بعد ذلك.
5- يعني دفعة من الشيطان. وقال في النهاية : والمعنى : أن الشيطان قد وجد بذلك طريقاً إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها حتى أنساها عادتها.
6- ثعبت الماء ثعبا فجرته والمثعب الحوض، جمعه متاعب.

هو عرق، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصّلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدَّم وصلّي». وكانت تغتسل في كلِّ صلاة، وكانت تجلس في مركن(1) لاختها، وكان صفرة الدَّم تعلو الماء، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): أما تسمع رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)أمر هذه بغير ما أمر به تلك، ألا تراه لم يقل لها : دعي الصّلاة أيّام أقرائك، ولكن قال لها : إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلّي، فهذا يبين أنَّ هذه امرأة قد اختلط عليها أيامها لم تعرف عددها ولا وقتها، ألا تسمعها تقول : إنّي أُستحاض فلا أطهر . وكان أبي يقول : إنّها استحيضت سبع سنين . ففي أقلّ من هذا تكون الرَّيبة والاختلاط، فلهذا احتاجت إلى أن تعرف إقبال الدَّم من إدباره وتغيّر لونه من السّواد إلى غيره، وذلك أنَّ دم الحيض أسود يُعرف، ولو كانت تعرف أيّامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم ، لأن السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة فما فوقها في أيام الحيض - إذا عُرفت - حيضاً كله إن كان الدَّم أسوداً وغير ذلك فهذا يبين لك أن قليل الدَّم وكثيره أيّام الحيض حيض كلّه إذا كانت الأيّام معلومة، فإذا جهلت الأيّام وعددها احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدَّم وإدباره وتغيّر لونه، ثمَّ تدع الصلاة على قدر ذلك، ولاأرى النبيَّ(صلی الله علیه وآله وسلم)قال:«اجلسي كذا وكذا يوماً فما زادت فأنتِ مُستحاضة». كما لم تؤمر الأُولى بذلك، وكذلك أبي(عليه السلام)أفتى في مثل هذا وذاك أنَّ امرأة من أهلنا استحاضت فسألت أبي(عليه السلام)عن ذلك، فقال : إذا رأيت الدَّم البحراني(2) فَدَعي الصّلاة ، وإذا رأيت الطّهر ولو ساعة من نهار فاغتسلي وصلّي قال أبو عبد الله(عليه السلام): وأري جواب أبي(عليه السلام)هاهنا غير جوابه في المستحاضة الأُولى، ألا ترى أنّه قال: تدع الصّلاة أيّام أقرائها، لأنّه نظر إلى عدد الأيّام ، وقال هاهنا : إذا رأت الدَّم البحراني فلتدع ،الصلاة وأمر هاهنا أن تنظر إلى الدَّم إذا أقبل وأدبر وتغيّر. وقوله : البحراني، شبه معنى قول النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم): أنَّ دم الحيض أسود يعرف وإنّما سمّاه أبي بحرانيّاً لكثرته ولونه ، فهذا سنّة النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)في الّتي اختلط عليها أيامها حتّى لا تعرفها، وإنّما تعرفها بالدَّم ما كان من قليل الأيّام وكثيره .

قال : وأما السّنة الثّالثة، فهي الّتي ليس لها أيام متقدّمة، ولم تر الدَّم قطُّ، ورأت أوَّل ما أدركت واستمرُّ بها ، فإنَّ سنّة هذه غير سنة الأُولى والثّانية ، وذلك أَنَّ امرأة يقال لها : حَمْنَةُ بنت جحش أتت رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) فقالت: إنّي استحضت حيضة شديدة؟ فقال لها: «احتشي

ص: 92


1- المِركن: أجّانة تغسل فيها الثياب.
2- قال في القاموس : البحر عمق الرحم والباحر الدم الخالص ،الحمرة ودم الرحم كالبحراني . وقال في النهاية : وقيل : نسب إلى البحر لكثرته وسعته. ويؤيد ما قال صاحب النهاية ما سوف يرد في نفس هذه الرواية من تفسيره(عليه السلام)له .

كرسفاً»، فقالت : إنّه أشدُّ من ذلك، إنّي أثجّه ثجّاً؟(1)فقال : تلجَّمي(2) وتحيّضي في كلِّ شهر في علم الله ستّة أيّام أو سبعة ، ثمَّ اغتسلي غسلاً وصومي ثلاثة وعشرين يوماً أو أربعة وعشرين ، واغتسلي للفجر غسلاً ، وأخّري الظّهر وعجّلي العصر، واغتسلي غسلاً، وأخّري المغرب وعجّلي العشاء واغتسلي غسلاً»، قال أبو عبد الله(عليه السلام): فأراه قد سنَّ في هذه غير ما سنَّ في الأولى والثّانية، وذلك لأنَّ أمرها مخالف لأمر هاتيك، ألا ترى أنَّ أيامها لو كانت أقلَّ من سب وكانت خمساً أو أقلَّ من ذلك ، ما قال لها : تحيضي سبعاً فيكون قد أَمَرَها بترك الصّلاة أيّاماً وهي مستحاضة غير حائض، وكذلك لو كان حيضها أكثر من سبع وكانت أيامها عشراً أو أكثر، لم يأمرها بالصّلاة وهي حائض ، ثمَّ ممّا يزيد هذا بياناً قوله(عليه السلام)لها : تحيّضي وليس يكون التحيّض إلّا للمرأة الّتي تريد أن تكلّف ما تعمل الحائض، ألا تراه لم يقل لها : أيّاماً معلومة تحيّضي أيّام حيضك. وممّا يبّين هذا قوله لها : في علم الله لأنّه قد كان لها ، وإن كانت الأشياء كلّها في علم الله تعالى، وهذا بيّن واضح أنّ هذه لم تكن لها أيّام قبل ذلك قطَّ . وهذه سنّة الّتي استمرَّ بها الدَّم أوّل ما تراه أقصى وقتها سبع وأقصى طهرها ثلاث وعشرون حتّى يصير لها أيّاماً معلومة، فتنتقل إليها، فجميع حالات المستحاضة تدور على هذه السنن الثلاث، لا تكاد أبداً تخلو من واحدة منهنَّ إن كانت لها أيّام معلومة من قليل أو كثير، فهي على أيّامها وخَلْقها الّذي جرت عليه، ليس فيه عدد معلوم موقت غير أيّامها، فإن اختلطت الأيّام عليها وتقدَّمت وتأخرت، وتغيّر عليها الدَّم ألواناً ، فسنّتها إقبال الدَّم وإدباره وتغيّر ،حالاته وإن لم تكن لها أيّام قبل ذلك، واستحاضت أوّل ما رأت فوقتها سبع، وطهّرها ثلاث وعشرون، فإنَّ استمرَّ بها الدَّم أشهراً فعلت في كلِّ شهر كما قال لها ، فإن انقطع الدَّم في أقلَّ من سبع أو أكثر من سبع ، فإنّها تغتسل ساعة ترى الطّهر وتصلّي، فلا تزال كذلك حتّى تنظر ما يكون في الشّهر الثّاني ، فإن انقطع الدَّم لوقته في الشّهر الأوَّل سواء حتّى توالى عليها حيضتان أو ثلاث ، فقد علم الآن أنَّ ذلك قد صار لها وقتاً وخلقاً معروفاً، تعمل عليه وتدع ما سواه، وتكون سنّتها فيما تستقبل إن استحاضت قد صارت سنّة إلى أن تحبس أقراؤها ، وإنّما جعل الوقت إن توالي عليها حيضتان أو ثلاث ، لقول رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)للّتي تعرف أيامها : دعي الصلاة أيّام أقرائك، فعلمنا أنّه لم يجعل القرء الوّاحد سنّة لها فيقول : دعي الصّلاة أيّام قرئك، ولكن سنَّ لها الإقراء ، وأدناه حيضتان فصاعداً، وإذا اختلط عليها أيّامها وزادت ونقصت حتّى لا تقف منها على حدّ ، ولا من الدَّم على لون، عملت بإقبال الدَّم وإدباره، وليس لها سنّة غير هذا، لقول رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إذا أقبلت الحيضة فدعي

ص: 93


1- قال في الصحاح تججت الماء والدم أثجّه ثجَّا، إذا سيلته
2- اللجام الخرقة الّتي تشدها الحائض على فرجها لمنع راية النجاسة .

الصّلاة وإذا أدبرت فاغتسلي» ولقوله :«إنَّ دم الحيض أسود يُعرف» كقول أبي(عليه السلام): إذا رأيت الدَّم البحرانيَّ. فإن لم يكن الأمر كذلك ،ولكن الدَّم أطبق عليها فلم تزل الاستحاضة دارَّة(1)، وكان الدَّم على لون واحد وحالة واحدة، فسنّتها السّبع والثلاث والعشرون، لأنّها قصّتها، كقصّة حمنة حين قالت : إنِّي أثجّه ثجّا(2).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى ؛ وابن أبي عمير ،عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : المستحاضة تنظر أيّامها فلا تصلّي فيها، ولا يَقْرَبُهَا بَعْلُها، فإذا جازت أيّامها ورأت الدَّم يثقب الكرسف، اغتسلت للظّهر والعصر، تؤخّر هذه وتعجّل هذه، وللمغرب والعشاء غسلاً، تؤخّر هذه وتعجّل هذه، وتغتسل للصّبح، وتحتشي وتستثفر ولا تحبّي(3)، وتضمَّ فخذيها في المسجد وسائر جسدها خارج، ولا يأتيها بعلها في أيّام قرئها، وإن كان الدَّم لا يثقب الكرسف، توضّأت ودخلت المسجد، وصلّت كلّ صلاة بوضوء، وهذه يأتيها بعلُها إلّا في أيّام حيضها(4).

3 - محمّد، عن الفضل، عن صفوان، عن محمّد الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: سألته عن المرأة تُستحاض؟ فقال : قال أبو جعفر(عليه السلام): سئل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عن المرأ تُستحاض، فأمَرَهَا أن تمكث أيّام حيضها، لا تصلّي فيها، ثمَّ تغتسل وتستدخل قطنة وتستثفر بثوت، ثمَّ تصلي حتّى يخرج الدَّم من وراء الثّوب . قال : تغتسل المرأة الدَّمية بین كلِّ صلاتين .

والاستذفار: أن تَطَيّب وتستجمر بالدُّخنة وغير ذلك، والاستثفار أن تجعل مثل ثفر الدَّابّة .

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : قال : المستحاضة، إذا ثقب الدَّم الكرسف اغتسلت لكلِّ صلاتين وللفجر غسلاً، وإن لم يجز الدَّم الكرسف فعليها الغسل كلَّ يوم مرَّة ، والوضوء لكلِّ صلاة ، وإن أراد زوجها أن يأتيها

ص: 94


1- المراد بالدرّة هنا : كثرة الدم وسيلانه
2- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح 6 بتفاوت
3- أي لا تصلي ركعتي التحية للمسجد. وفي التهذيب : ولا تحني : يعني لا تحني ظهرها كثيراً خوفاً من أن يغزر الدم ويخرج بكثرة.
4- التهذيب 1، 5 - باب الأغسال المفترضات والمسنونات ، ح 9 بتفاوت يسير قوله(عليه السلام): وتستثفر : الإستثفار: أن تأخذ خرقة طويلة تشد أحد طرفيها من قدام وتخرجها من بين فخذيها وتشد طرفها الآخر من خلف، مأخوذ من استثفر الكلب إذا أدخل ذنبه بين رجليه . وكرر المصنف ذكر هذا الحديث وبتفاوت يسير في بعض الألفاظ في التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح 56 .

فحين تغتسل، هذا إن كان دمها عبيطاً، وإن كانت صفرة فعليها الوضوء(1) .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : المستحاضة تغتسل عند صلاة الظّهر فتصلّي الظهر والعصر، ثمَّ تغتسل عند المغرب فتصلّي المغرب والعشاء، ثمَّ تغتسل عند الصّبح فتصلّي الفجر، ولا بأس أن يأتيها بَعْلُها إذا شاء، إلّا أيّام حيضها فيعتزلها بَعْلُها . قال : وقال : لم تفعله امرأة قطُّ احتساباً إلّا عوفيت من ذلك(2).

6 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: قلت له : جُعِلْتُ فِداك ، إذا مكثت المرأة عشرة أيّام ترى الدَّم، ثمَّ طهرت فمكثت ثلاثة أيّام طاهرة، ثمَّ رأت الدَّم بعد ذلك، أتُمسك عن الصّلاة؟ قال : لا ، هذه مستحاضة، تغتسل وتستدخل قطنة بعد قطنة وتجمع بين الصّلاتين بغسل، ويأتيها زوجها إن أراد(3).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن داود مولى أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن المرأة تحيض ثمَّ يمضي

المغرا العجليّ، عمّن أخبره عن أبي عبد الله وقت طهّرها وهي ترى الدَّم؟ قال : فقال : تستظهر بيوم ، إن كان حيضها دون عشرة أيّام، وإن استمرَّ الدَّم فهي مستحاضة، وإن انقطع الدَّم اغتسلت وصلَّت .

قال : قلت له : فالمرأة يكون حيضها سبعة أيّام أو ثمانية أيّام حيضها دائم مستقيم ، ثمَّ تحيض ثلاثة أيّام، ثم ينقطع عنها الدَّم فترى البياض ، لا صفرة ولا دماً؟ قال : تغتسل وتصلّي،

ص: 95


1- المهديب ! ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح57 بتفاوت يسير جداً. ويدل على حكم المتوسطة في الجملة لكن لا يدل على اختصاص الغسل بصلاة الفجر، والذي ظهر لنا من الأخبار أن دم الاستحاضة إذا سال، فهو حدث يوجب الغسل والاحتشاء لمنع السيلان فإذا لم يسل من وقت صلاة إلى وقت أخرى لم يجب الغسل لها، وإن خرج من القطنة، أو أخرجها وسال وجب الغسل، فهذا الغسل إما لأنه لا بد من أن تغير الخرقة في اليوم والليلة مرة فيسيل الدم فتغتسل، أو لأن الغالب أن مثل هذه المرأة يخرج دمها في اليوم والليلة مرة من وراء الكرسف إذا كان دما عبيطاً، فتظهر فائدة التقييد بالعبيط . ... مرآة المجلسي 226/13 .
2- التهذيب ،1 ، نفس الباب ، ح 59 والتهذيب 1 ، 19 - باب الحيض و ...، ح 77 أيضاً وقوله واحتساباً أي طلباً لرضا الله وثوابه . والخبر ظاهر فيما هو وظيفة المستحاضة الكثيرة. وإن كان نقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل إلى التسوية في الوظيفة من وجوب ثلاثة أغسال بينها وبين المتوسطة أيضاً .
3- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 58. وجمعها بين الصلاتين بغسل لا ينافي جواز التفريق بين الصلاتين على أن تغتسل لكل منهما غسلاً هذا وقد اختلف أصحابنا رضوان الله عليهم في جواز وطي المستحاضة، فذهب البعض إلى اشتراط الآيتان بجميع وظيفتها في الحلّ، بينما ذهب بعض آخر إلى عدم اشتراط شيء من ذلك فيه ، وذهب ثالث إلى اشتراط الغسل فقط وبعض إلى اشتراط الوضوء أيضاً .

قلت : تغتسل وتصلي وتصوم، ثمَّ يعود الدَّم؟(1)قال : إذا رأت الدَّم أمسكت الصّلاة عن والصّيام، قلت: فإنّها ترى الدَّم يوماً وتطهر يوماً ؟ قال : فقال : إذا رأت الدَّم أمسكت، وإذا رأت الطّهر صلّت، فإذا مضت أيّام حيضها واستمرَّ بها الطّهر، صلّت، فإذا رأت فهي الدَّم مستحاضة، قد انتظمتُ لك أمرها كلَّه (2)

56- باب معرفة دم الحيض من دم الاستحاضة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ قال : دَخَلَتْ على أبي عبد الله(عليه السلام)امرأة، فسألته عن المرأة يستمرُّ بها الدَّم فلا تدري حيض هو أو غيره؟ قال : فقال لها : إن دم الحيض حارٌّ ، عبيط، أسود، له دفع وحرارة ودم الاستحاضة أصفرٌ باردٌ، فإذا كان للدَّم حرارةٌ ودفعٌ وسوادٌ فلتدع الصلاة. قال: فخرجت وهي تقول: والله لو كان امرأة ما زاد على هذا(3).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى ؛ وابن أبي عمير،جميعا عن معاوية بن عمّار قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إنَّ دم الاستحاضة والحيض ليس يخرجان من مكان واحد، إنَّ دم الاستحاضة باردٌ ، ودم الحيض حارٌ(4).

3 -عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن إسحاق بن جرير قال: سألتني امرأة منّا أن أُدْخِلَها على أبي عبد الله(عليه السلام) ، فاستأذنت لها، فأذن لها، فدخلت ومعها مولاة لها فقالت له : يا أبا عبد الله قوله تعالى: ﴿زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ ﴾(5)ما

ص: 96


1- أي قبل انقضاء أيام العادة
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 66 . الاستبصار 1، 90 - باب الاستظهار للمستحاضة ، ح 7 ورويا صدر الحديث إلى قوله : وصلت ودل الحديث على أن أقل الاستظهار يوم وأنه مشروط بكون العادة أقل من عشرة أيام .
3- التهذيب 1 ، 7 باب حكم الحيض والاستحاضة و ... ، ح 1. هذا ،والمشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم العمل في موضوع الذم بقاعدة الإمكان ويراد بها إمكان أن يكون الدم حيضاً، سواء كان بالصفات المذكورة لدم الحيض أو لم يكن. وخصوا الأخبار التي تضمنت هذه الصفات بالمبتدأة والمضطربة، وإن استشكل بعضهم بالعمل بقاعدة الإمكان ،هذه لأنه يستلزم ترك المعلوم ثبوته في الذمة تعويلاً على مجرد الإمكان .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 2 وفيه : وإن دم الحيض حار . قوله(عليهم السلام): ليس يخرجان ... الخ : أي أن كلا منهما يخرج من موضع غير موضع الآخر في باطن الرحم .
5- سورة النور / 35 .

عنى بهذا ؟ فقال لها : أيّتها المرأة، إنَّ الله تعالى لم يضرب الأمثال للشّجرة إنّما ضرب الأمثال لبني آدم، سلي عمّا تريدين، قالت : أخبرني عن اللّواتي باللّواتي، ما حدُّهنّ فيه؟ قال : حدُّ الزِّنا، إنّه إذا كان يوم القيامة أُتي بهنَّ وأُلبسن مقطّعات من نار، وقُمَعْنَ بمقامع من نار وسُرْبِلْنَ من النّار، وأدخل في أجوافهنَّ إلى رؤوسهنَّ أعمدة من نار وقُذف بهنَّ في النّار، أيّتها المرأة، إِنَّ أَوَّل من عمل هذا العمل قوم لوط، واستغنى الرِّجال بالرِّجال فبقين النّساء بغير رجال، ففعلن كما فعل رجالهنَّ ليستغني بعضهنَّ ببعض . فقالت له : أصلحك الله ، ما تقول في المرأة تحيض فتجوز أيّام حيضها؟ قال: إن كان حيضها دون عشرة أيّام استظهرت بيوم واحد ثمَّ هي مستحاضة قالت: فإنَّ الدَّم يستمرُّ بها الشهر والشّهرين والثلاثة، كيف تصنع بالصلاة؟ قال: تجلس أيّام حيضها ثمَّ تغتسل لكلّ صلاتين فقالت له : إنَّ أيّام حيضها تختلف عليها، وكان يتقدّم الحيض اليوم واليومين والثلاثة، ويتأخر مثل ذلك، فما علمها به؟ قال: دم الحيض ليس به خفاء، هو دم حارٌ تَجِدُ لَهُ حرقةً، ودم الاستحاضة دمٌ فاسدٌ باردٌ . قال : فالتفتت إلى مولاتها فقالت : أتراه كان امرأة مرَّةً (1).

57- باب معرفة دم الحيض والعذرة والقرحة

1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، جميعاً عن محمّد بن خالد، عن خلف بن حمّاد؛ ورواه أحمد أيضاً، عن محمّد بن أسلم ،عن خلف بن حمّاد الكوفي قال : تزوّج بعض أصحابنا جارية معصراً (2)لم تطمث، فلمّا اقتضّها (3)سال الدّم، فمكث سائلاً لا ينقطع نحواً من عشرة أيّام؟ قال: فأروها القوابل ومن ظنّوا أنّه يبصر ذلك من النّساء، فاختلفن، فقال بعضٌ : هذا من دم الحيض، وقال بعضٌ : هو من دم العذرة، فسألوا عن ذلك فقهاءهم كأبي حنيفة وغيره من فقهائهم فقالوا : هذا شيء قد أشكل والصّلاة فريضة واجبة ، فلتتوضّأ ولتصلَّ وليمسك عنها زوجها حتّى ترى البياض(4)، فإن كان دم الحيض يضرَّها الصّلاة، وإن كان دم العذرة كانت قد أدَّت الفرض ففعلت الجارية ذلك، وحَجَجْتُ

ص: 97


1- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة و . . . ، ح 3 وروى مع مطلع الصدر من قوله : ما تقول في المرأة تحيض فتجوز ... الخ . والسربال : القميص .
2- المعصرة - كما في الصحاح - الجارية أول ما أدركت وحاضت . ويقال : هي التي قاربت الحيض، لأن الإعصار في الجارية كالمراهقة في الغلام.
3- اقتضّها : افتضّها وافترعها، وبمعناه : افتضّها
4- البياض : الطهر .

في تلك السّنة، فلمّا صرنا بمنى بعثت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر(عليه السلام) فقلت : جُعِلْتُ فداك، إنَّ لنا مسألة قد ضقنا بها ذَرْعاً ، فإن رأيت أن تأذن لي فآتيك وأسألك عنها؟ فبعث إليَّ : إذا هدأت الرِّجْلُ وانقطع الطّريق(1)فأَقْبِلْ إن شاء الله .

قال خلف : فرأيت اللّيل، حتّى إذا رأيت النّاس قد قلَّ اختلافهم بمنى، توجّهت إلى ،مضربه فلمّا كنت قريباً إذا أنا بأسود قاعد على الطّريق فقال: من الرَّجل؟ فقلت : رجل من الحاجّ ، فقال : ما اسمك؟ قلت خلف بن حمّاد . قال : أدخل بغير إذن، فقد أمرني أن أقعد هاهنا ، فإذا أتيتَ أذنتُ لك، فدخلت وسلّمت فردَّ السّلام وهو جالس على فراشه وحده ما في الفسطاط(2)غيره ، فلمّا صرت بين يديه سألني ، وسألته عن حاله فقلت له : إنَّ رجلاً من مواليك تزوَّج جارية معصراً لم تطمث، فلمّا اقتضّها سال الدَّم فمكث سائلاً لا ينقطع نحواً من عشرة أيّام، وإن القوابل اختلفنَ في ذلك ، فقال بعضهنَّ : دم الحيض، وقال بعضهنَّ : دم العذرة، فما ينبغي لها أن تصنع ؟ .

قال : فلتّق الله ، فإن كان من دم الحيض فلتُمسك عن الصّلاة حتّى ترى الطّهر، وليمسك عنها بعلُها، وإن كان من العذرة فلتتّق الله ولتتوضّأ(3)ولتصلّ، ويأتيها بعلها إن أحبَّ ذلك، فقلت له : وكيف لهم أن يعلموا ممّا هو حتّى يفعلوا ما ينبغي؟ قال : فالتفت يميناً وشمالاً في الفسطاط مخافة أن يسمع كلامه أحدٌ ، قال : ثمَّ نهد إليَّ (4)فقال : يا خلف، سرُّ الله سرُّ الله فلا تذيّعوه، ولا تعلّموا هذا الخلق أُصول دين الله ، بل ارضوا لهم ما رضي الله لهم من ضلال قال : ثمَّ عقد بيده اليسرى تسعين(5)ثمَّ قال : تستدخل القطنة ثمَّ تدعها مَلِيّاً، ثمَّ تخرجها إخراجاً رفيقاً ، فإن كان الدَّم مطوِّقاً في القطنة فهو من العذرة، وإن كان مستنقعاً في القطنة فهو من الحيض، قال خلف فاستخفني الفرح فبكيت فلمّا سكن بكائي قال : ما أبكاك؟ قلت : جُعِلْتُ فِداك مَن كان يحسن هذا غيرك؟ قال : فرفع يده إلى السّماء وقال : والله إنّي ما أخبرك

ص: 98


1- والتعبير بهدوء الرَّجل وانقطاع الطريق كناية عن سكون الناس عن المشي والاستطراق وانقطاع المارة، ولعله طلب التخفي عن الأعين تقية .
2- الفسطاط : بيت من شَعْر .
3- ولتتوضأ : المراد بالتوضي إما غسل الفرج، أو للأحداث للأُخَر.
4- في القاموس : نهد إلى عدوه صمد إليه أي قصد والمراد به هنا أنه(عليه السلام)قد توجه إليه بالحديث وأقبل عليه .
5- «وعقد التسعين من موضوعات الحساب وهو أن تجعل رأس الأصبع السبابة في أصل الإبهام وتضمها حتى يبين بينهما إلا خلل يسير . . »مرآة المجلسي 232/13. ثم نبه رحمه الله على أن هذا العقد الذي ذكره الراوي إنما هو عقد تسعمائة لا عقد تسعين ببيان هو من صناعة أهل الحساب شرحه فراجع ص 233 - 234 من المصدر أعلاه .

إلّا عن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، عن جبرائيل، عن الله عزّ وجلَّ(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ،عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زياد بن سوقة قال : سئل أبو جعفر(عليه السلام)عن رجل اقتضَّ امرأته أو أمته فرأت دماً كثيراً لاينقطع عنها يوماً، كيف تصنع بالصّلاة؟ قال : تمسك الكرسف، فإن خرجت القطنة مطوَّقة بالدِّم فإنّه من العذرة، تغتسل وتمسك معها قطنة وتصلّي، فإن خرج الكرسف، منغمساً بالدَّم فهو من الطمث، تقعد عن الصّلاة أيّام الحيض(2).

3 - محمّد بن يحيى ،رفعه عن أبان قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام)فتاة منّا بها قرحة في فرجها، والدَّم سائل لا تدري من دم الحيض أو من دم القرحة؟ فقال: مُرْها فلتستلقِ على ظهرها ، ثمَّ ترفع رجليها ، ثم تستدخل إصبعها الوسطى، فإن خرج الدَّم من الجانب الأيمن فهو من الحيض، وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة(3).

58- باب الحُبْلى ترى الدَّم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن الحسين بن

ص: 99


1- روى هذا الحديث بنفس السند وإن بشكل مختصر في التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة والنفاس، ح . وقال الشيخ البهائي رحمه الله :« وجه دلالة تطوق الدم على كونه دم عذرة، إن الافتضاض ليس إلا خرق الجلدة الرقيقة المنتسجة على فم الرحم فإذا خرقت خرج الدم من جوانبها بخلاف دم الحيض».
2- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح 4 .
3- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح .8 وجعل فيه الجانب الأيسر مكان الأيمن وبالعكس وقال الصدوق في الفقيه 1 ، 20 - باب غسل الحيض والنفاس : وإن اشتبه عليها دم الحيض ودم القرحة فربما كان في فرجها قرحة فعليها أن تستلقي على قفاها وتدخل أصبعها فإن خرج الدَّم من الجانب الأيمن فهو من قرحة، وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من الحيض. وقال العلامة المجلسي في مرآة العقول 13 / 235 ، بعد أن نقل رأي الصدوق هذا : وكذا الشيخ وأتباعه وعكس ابن الجنيد، واختلف كلام الشهيد رحمه الله هذه في المسألة، فأفتى في البيان بالأول، وفي الذكرى والدروس بالثاني، ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف متن الرواية ، فما في الكافي موافق لفتوى الذكرى والدروس وما في التهذيب موافق لفتوى البيان . قيل : ويمكن ترجيح رواية التهذيب بأن الشيخ أعرف بوجوه الحديث واضبط خصوصاً مع فتواه بمضمونها في النهاية والمبسوط، وفيهما معاً نظر بين يعرفه من يقف على أحوال الشيخ ووجوه ،فتواه نعم ، يمكن ترجيحها بإفتاء الصدوق في كتابه بمضمونها أن عادته فيه نقل متون الأخبار. ويمكن ترجيح رواية الكليني بتقدّمه وحسن ضبطه كما يعلم من كتابه الذي لا يوجد مثله ، وبأن الشهيد رحمه الله ذكر في الذكرى أنه وجد الرواية في كثير من نسخ التهذيب كما في الكافي . وظاهر كلام ابن طاووس أن نسخ التهذيب القديمة كلها موافقة له أيضاً. وقال السيد في المدارك : وكيف كان فالأجود اطّراح هذه الرواية كما ذكر المحقق في المعتبر لضعفها وإرسالها واضطرابها ومخالفتها للاعتبار، لأن القرحة يحتمل كونها في كل من الجانبين والأولى الرجوع إلى حكم الأصل واعتبار الأوصاف . .».

نعيم الصحاّف قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنَّ أم ولدي ترى الدَّم وهي حامل، كيف تصنع بالصّلاة؟ قال : فقال لي : إذا رأت الحامل الدَّم بعدما تمضي عشرون يوماً(1)من الوقت الّذي كانت ترى فيه الدَّم من الشّهر الّذي كانت تقعد فيه ، فإنَّ ذلك ليس من الرَّحم ، ولا من الطمث، فلتتوضّأ، وتحتشي بكرسف وتصلّي وإذا رأت الحامل الدَّم قبل الوقت الّذي كانت ترى فيه الدَّم بقليل، أو في الوقت من ذلك الشّهر، فإنّه من الحيضة، فلتمسك عن الصّلاة عدد أيّامها الّتي كانت تقعد في حيضها، فإن انقطع الدَّم عنها قبل ذلك فلتغتسل ولتصلّ ، وإن لم ينقطع الدَّم عنها إلّا بعدما تمضي الأيّام الّتي كانت ترى فيها الدَّم بيوم أو يومين، فلتغتسل، ثمَّ تحتشي وتستذفر وتصلّي الظّهر والعصر، ثمَّ لتنظر ، فإن كان الدَّم فيما بينهما وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضّأ ولتصلّ عند وقت كلّ صلاة ما لم تطرح الكرسف، فإن طرحت الكرسف عنها فسال الدَّم وجب عليها الغسل وإن طرحت الكرسف ولم يسل الدَّم فلتتوضّأ ولتصلّ، ولا غسل عليها ، قال : وإن كان الدَّم إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيباً لا يرقأ(2)، فإنَّ عليها أن تغتسل في كلّ يوم وليلة ثلاث مرَّات، وتحتشي، وتصلّي، وتغتسل للفجر، وتغتسل للظهّر والعصر، وتغتسل للمغرب والعشاء، قال: وكذلك تفعل المستحاضة، فإنّها إذا فعلت ذلك أذهب الله بالدَّم عنها(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال: سألته عن المرأة الحبلى قد استبان حَبَلُها، ترى ما ترى الحائض من الدَّم؟

ص: 100


1- الحكم بكون الدم المرئي بعد العادة بعشرين يوماً استحاضة هو ما نص عليه الشيخ رحمه الله في النهاية أيضاً، كما اختاره صاحب المدارك ومال إليه في المعتبر.
2- لا يرقا لا يسكن ولا يهدأ ولا يفتر.
3- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة والنفاس ح 20 . والتهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس و ...، ح 54 الاستبصار 1 ،83 - باب الحبلى ترى الدم ح 10 .ولا خلاف بين . أصحابنا رضوان الله عليهم في اجتماع الحيض مع الإرضاع ، بل يمكن القول بأنه من الضروريات، ولكنهم اختلفوا في اجتماعه مع الحمل بلحاظ النفي والإثبات في الجملة على قولين قول بأنه يجتمع معه وهو الأقوى بحسب ما نقل عن بعضهم كما عن كثير من كتب العلامة والشهيدين والمقنع والفقيه والمحقق الثاني، بل ما عن صاحب المدارك بأنه مذهب الأكثر من أصحابنا، وعن جامع المقاصد أنه المشهور وقد استدل له بكثير من الروايات التي تقدمت وبعضها صحاح. والقول الثاني هو المنع عن اجتماع الحيض مع الحبل، وقد نسب هذا القول إلى المقيد رحمه الله ، والمحقق في الشرائع حيث استظهر كون الدم الذي تراه المرأة الحامل استحاضة وأدرجه فيها وكذلك يظهر من كلامه رحمه الله في المختصر النافع حيث قال وهل يجتمع مع الحمل؟ فيه روايات أشهرها أنه لا يجتمع والظاهر أن من جملة ما استدل به هؤلاء هو هذا الحديث النبوي . ولكن بعض فقهائنا ذهبوا إلى أنه لا يصلح لا هو ولا غيره مما استدل به لمعارضة الأخبار السابقة المصرحة بالإمكان من وجوه كثيرة : لكثرة ،العدد وأصحية السند ومخالفة العامة، وموافقة المشهور. فتأمل

قال : تلك الهِراقة من الدَّم إن كان دماً كثيراً أحمر فلا تصلِّ، وإن كان قليلاً أصفر فليس عليها إلّا الوضوء(1).

3 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال: سألته عن الحبلى ترى الدَّم كما كانت ترى أيّام حيضها مستقيماً في كلِّ شهر؟ فقال : تُمْسِكُ عن الصلاة كما كانت تصنع في حيضها، فإذا طهرت صلّت(2)

4 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن الحبلى ترى الدَّم وهي حامل ، كما كانت ترى قبل ذلك في كلِّ شهر، هل تترك الصّلاة؟ قال : تترك إذا دام(3).

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وأبو داود ،جميعاً عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد ؛ وفضالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه سئل عن الحُبلى ترى الدَّم ، أتترك الصّلاة؟ فقال: نعم، إنَّ الحبلى ربّما قَذَفَتْ بالدَّم(4).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك، الحُبلى ربّما طمثت؟ فقال: نعم، وذلك أنَّ الولد في بطن أُّمِّه غذاه الدَّم، فربّما كَثُرَ ففضل عنه، فإذا فضل دفعته، فإذا دفعته حرمت عليها الصّلاة.

وفي رواية أُخرى إذا كان كذلك ، تأخّر الولادة(5)

59 - باب النُّفَسَاء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن الفضيل بن

ص: 101


1- الهراقةً: الدفقة أو الصَّيَّة .
2- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة و ...، ح 17 . الاستبصار 1 ، 83 - باب الحبلى ترى الدم، ح 7 . والحديث صحيح.
3- التهذيب 1 نفس الباب، ح 12 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ح4. وفيهما : سألت أبا إبراهيم(عليه السلام)، والحديث صحيح .
4- التهذيب ،1 نفس الباب، ح 10 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ح 2 . والحديث صحيح .
5- الحديث حسن .

يسار، وزرارة، عن أحدهما(عليهم السلام)قال : النفساء تكفُّ عن الصّلاة أَيّام أَقْرَائِها الّتي كانت تمكث فيها، ثمَّ تغتسل وتعمل كما تعمل المستحاضة(1) .

2 -عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبدالله بن بكير، عن عبد الرَّحمن بن أعين قال : قلت له : إنَّ امرأة عبدالملك ولدت، فعدَّ لها أيّام حيضها، ثمَّ أمرها فاغتسلت واحتشت، وأمرها أن تلبس ثوبين نظيفين، وأمرها بالصلاة، فقالت له : لا تطيب نفسي أن أدخل المسجد، فدعني أقوم خارجاً عنه وأسجد فيه، فقال: قد أمر به رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)[وقال : ] فانقطع الدَّم عن المرأة ورأت الطهر، ومارعليُّ (عليه السلام)بهذا قبلكم فانقطع الدَّم عن المرأة ورأت الطّهر(2)، فما فعلت صاحبتكم؟(3)قلت : ما أدري(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه رفعه قال : سَأَلَتْ امرأةٌ أبا عبد الله(عليه السلام)فقالت : إنّي كنت أقعد من نفاسي عشرين يوماً، حتّى أفتوني بثمانية عشر يوماً؟ فقال : أبو عبد الله(عليه السلام): وَلِمَ أفتوك بثمانية عشر يوماً؟ فقال رجل : للحديث الّذي روي عن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) قال لأسماء بنت عميس حين نفست بمحمّد بن أبي بكر، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): إن أسماء سألت رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وقد أتي بها ثمانية عشر يوماً، ولو سألته قبل ذلك، لأمَرَها أن تغتسل وتفعل ما تفعله المستحاضة(5).

ص: 102


1- التهذيب 1 5 - باب الأغسال المفترضات والمسنونات ، ح 10 . وكرره برقم 67 و 71 من الباب 7 من نفس الجزء أيضاً. الاستبصار 1 ، 91 - باب أكثر أيام النفاس ، ح .. أقول : والنفاس هو دم الولادة المقارن لخروج جزء وإن كان منفصلاً مما يعد آدمياً أو مبدأ نشوء آدمي وإن كان مضغة مع اليقين أو بعد خروجه أجمع، مأخوذ من النفس التي هي الولد أو من النفس التي هي الدم أو تنفس الرحم بالدم والولد منفوس والمرأة نفساء والجمع نِفاس وقد يجمع على نفساءات. وربما خصه بعض أصحابنا رضوان الله عليهم بما يخرج عقيب الولادة. وأقله عندهم مُسمّاه وهو وجوده في لخطة فيجب الغسل بعدها بانقطاعه وإذا لم تر المرأة دماً فلا نفاس وأكثره قدر العادة في الحيض للمعتادة على تقدير تجاوزه العشرة وإلا فالجميع نفاس، وإن تجاوز العادة. وأما إذا لم تكن للمرأة عادة فأكثره عشرة أيام على المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم .
2- أي صار أمرهما(عليهم السلام)سبباً لرفع العلة عن المرأتين.
3- أي هل كان أمر عبد الملك سبباً لرفع علة المرأة بسبب أمر عبد الملك لها؟ .
4- الحديث حسن أو موثق .
5- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس و ... ، ح 84. الاستبصار 1 ، 91 - باب أكثر أيام النفاس ، ح 14 . هذا ، والمشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم هو أن أكثر النفاس عشرة أيام، ولكن المنسوب إلى المفيد في المقنعة والسيد والصدوق والإسكافي وفي الخلاف وعن المبسوط نسبته إلى قوم من أصحابنا - إن أكثر النفاس ثمانية عشر يوماً وقيل غير ذلك وذلك استناداً إلى روايات يشكل العمل بها إما لضعف في إسنادها أو لإرسالها ، أو لحملها على التقية، إضافة إلى معارضتها بما هو أصح سنداً وأكثر شهرة وعدداً، يقول الصدوق في الفقيه 1 ، آخر باب 20 - في غسل الحائض والنفساء والأخبار التي رويت في قعودها أربعين يوماً وما زاد إلى أن تظهر معلولة كلها وردت للتقية لا يفتي بها إلا أهل الخلاف .

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن زرارة قال : قلت له : النّفساء، متى تصلّي؟ قال : تقعد بقدر حيضها، وتستظهر بيومين، فإن انقطع الدَّم وإلّا اغتسلت واحشت واستثْفَرَت وصلّت، وإن جاز الدَّم الكرسف ، تَعَصَّبت واغتسلت ثمَّ صلّت الغداة بغسل، والظهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، وإن لم يجز الدَّم الكرسف صلّت بغسل واحد، قلت: والحائض ؟ قال : مثل ذلك سواء، فإن انقطع عنها الدَّم وإلّا فهي مستحاضة تصنع مثل النفساء سواء ، ثمَّ تصلّي ولا تدع الصّلاة على حال، فإنَّ النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)قال:« الصّلاة عماد دينكم»(1).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وأبو داود(2)، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمّد بن أبي حمزة، عن يونس بن يعقوب قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : تجلس النّفساء أيّام حيضها الّتي كانت تحيض، ثمَّ تستظهر، وتغتسل، وتصلّي(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تقعد النّفساء أيّامها الّتي كانت تقعد في الحيض، وتستظهر بيومين(4).

60- باب النفساء تطهر ثم ترى الدم أو رأت الدم قبل أن تلد

1 - محمّد بن أبي عبد الله، عن معاوية بن حكيم، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الحسن الأوَّل(عليه السلام)في امرأة نَفَسَتْ فتركت الصلاة ثلاثين يوماً ، ثم تطّهرت، ثمَّ رأت الدَّم بعد ذلك؟ قال : تدع الصلاة، لأن أيامها أيّام الطهر [و] قد جازت أيّام النفاس(5).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن

ص: 103


1- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 68 بتفاوت يسير . وأخرجه عن : .... زرارة عن أبي عبد الله(عليه السلام). والحديث دال على أن الدم إذا جاز الكرسف فالاستحاضة كثيرة يجب لها إغسال ثلاثة في اليوم واحد للصبح ، وواحد للظهرين تجمع بينهما، وواحد للعشائين تجمع بينهما أيضاً. وبذا يكون الحديث حجة على من ذهب من الأصحاب إلى القول باشتراط تجاوز الكرسف في المتوسطة والخرقة التي تليه في الكثيرة.
2- الظاهر أنه سليمان بن سفيان المسترق .
3- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 72 الاستبصار ،1 نفس الباب، ح 2 وليس في سنده ذكر لأبي داود .
4- التهذيب 1 نفس الباب، ح 73 . الاستبصار 1، نفس الباب، ح 3 .
5- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة والنفاس، ح82. بتفاوت يسير .

الحسين، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم(عليه السلام)عن امرأة نَفَسَتْ فمكثت ثلاثين يوماً أو أكثر، ثمَّ طهرت وصلّت، ثمَّ رأت دماً أو صُفْرةً؟ قال : إن كانت صفرةٌ فلتغتسل ولتصلّ، ولا تمسك عن الصّلاة(1).

3 - أبو علي الأشعريُّ، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في المرأة يصيبها الطَّلْق أيّماً أو يومين، فترى الصّفرة أو دماً؟ [ف] قال : تصلّي ما لم تَلِد، فإن غلبها الوجع ففاتها صلاة لم تقدر أن تصليها من الوجع، فعليها قضاء تلك الصّلاة بعد ما تطهر(2).

61- باب ما يجب على الحائض في أوقات الصلاة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسي، عن حريز، عن زرارة، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الحائض تَطَّهِرُ يوم الجمعة وتذكر الله ؟ قال : أمّا الطّهر فلا، ولكنّها تتوضّأ في وقت الصّلاة ثمَّ تستقبل القبلة وتذكر الله(3).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، وحمّاد، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تتوضّأ المرأة الحائض إذا أرادت أن تأكل ، وإذا كان وقت الصّلاة توضّأت، واستقبلت القبلة وهلّلت وكَبّرَت، وتلت القرآن، وذكرت الله عزّ وجلَّ.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمّار بن مروان ، عن زيد الشّحام قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : ينبغي للحائض أن تتوضّأ عند وقت كلِّ صلاة، ثمَّ تستقبل القبلة وتذكر الله مقدار ما كانت تصلّي(4).

ص: 104


1- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة و ... ، ح 75 بزيارة في آخره الاستبصار 1 ، 91 - باب أكثر أيام النفاس، ح ه بزيادة في آخره أيضاً والذي عليه أصحابنا هو أن الاستحاضة القليلة - وهي التي عبر عنها بالصفرة - لا غسل لها بعد انقطاعها كما في أثناء وجودها، وعليه فلا بد من حمل الصفرة في الرواية على الاستحاضة المتوسطة وهو بعيد أو يكون الأمر بالغسل للاستحباب دون الفرض والايجاب.
2- الفقيه 1 ، 20 - باب غسل الحيض والنفاس ح 20 بتفاوت. التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة ، و ...، ح 83 والطلق وجع الولادة، وبمضمون الحديث عمل الأصحاب والحديث مولّق .
3- هذا والمشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم استحباب الوضوء للحائض في أوقات الصلوات لذكر الله بقدرها، وأن ذهب اين بابويه إلى وجوب ذلك عليها استناداً إلى رواية زرارة الآتية برقم (4) من هذا الباب، والتي حملت على الاستحباب جمعا بين الأدلة. وبالنسبة للمشهور راجع شرائع الإسلام للمحقق 31/1، وغيره.
4- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة و ...، ح 27 وفيه فتذكر . . ، بدل : وتذكر . . . .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّ بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : إذا كانت المرأة طامئاً فلا تحلُّ لها ،الصلاة وعليها أن تتوضّأ وضوء الصّلاة عند وقت كل صلاة، ثمَّ تقعد في موضع طاهر، وتذكر الله عزَّ وجلَّ وتسبّحه وتحمده وتهلّله كمقدار صلاتها، ثمَّ تفرغ لحاجتها(1)

62- باب المرأة تحيض بعد دخول وقت الصلاة قبل أن تصلّيها أو تطهر قبل دخول وقتها فتتوانى في الغسل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الفضل بن يونس قال : سألت أبا الحسن الأوّل(عليه السلام)قلت : المرأة ترى الطّهر قبل غروب الشّمس، كيف تصنع بالصّلاة؟ قال : إذا رأت الطّهر بعدما يمضي من زوال الشّمس أربعة أقدام، فلا تصلّي إلّا العصر، لأنَّ وقت الظّهر دخل عليها وهي في الدَّم، وخرج عنها الوقت وهي في الدَّم، فلم يجب عليها أن تصلّي الظّهر، وما طرح الله عنها من الصّلاة وهي في الدَّم أكثر ، قال : وإذا رأت المرأة الدَّم بعدما يمضي من زوالِ الشَّمس أربعة أقدام، فلتمسك عن الصّلاة، فإذا طهرت من الدَّم فلتقض صلاة الظّهر، لأنَّ وقت الظّهر دخل عليها وهي طاهر ، وخرج عنها وقت الظّهر وهي طاهر، فَضَيَّعَتْ صلاة الظّهر، فوجب عليها قضاؤها(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال عن ثعلبة، عن معمر بن يحيى قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الحائض تطهر عند العصر، تصلّي الأولى(3)؟ قال: لا إنّما تصلّي الصّلاة الّتي تطهر عندها (4).

ص: 105


1- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 28 . وفيه بمقدار صلاتها بدل كمقدار صلاتها قوله : تفرغ لحاجتها : أي تقصدها، وقد يأتي متعدياً بإلى أيضاً وقيل : اللام هنا بمعنى (إلى) لمناسبتها أكثر حينئذ لاستقامة المعنى
2- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح 22 . الاستبصار 1 ، 84 - باب الحائض تظهر عند وقت الصلاة ، ح 2 قال المحقق في الشرائع 30/1 : إذا دخل وقت الصلاة في فحاضت وقد مضى مقدار الطهارة والصلاة وجب عليها القضاء، وإن كان قبل ذلك لم يجب وأن طهرت قبل آخر الوقت بمقدار الطهارة وإداء ركعة وجب عليها الأداء، الإخلال القضاء .
3- يعني صلاة الظهر.
4- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة و ...، ح 21 الاستبصار 1 ، 84 - باب الحائض تظهر عند وقت الصلاة الصلاة، ح1 . والججّال هو عبد الله بن محمد الأسدي . ولا بد من حمل الحديث على ما إذا تضيق وقت العصر بحيث لا يسع إلا أربع ركعات مع الطهارة .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن أبي عبيدة قال : إذا رأت المرأة الطّهر وقد دخل عليها وقت الصّلاة، ثمَّ أخّرت الغسل حتّى تدخل وقت صلاة أُخرى، كان عليها قضاء تلك الصّلاة الّتي فرَّطت فيها، فإذا طهرت في وقت وجوب الصّلاة فأخّرت الصّلاة حتّى يدخل وقت صلاة أخرى، ثمَّ رأت دماً، كان عليها قضاء تلك الصّلاة الّتي فرَّطت فيها(1).

4 - ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال أيّما امرأة رأت الطّهر وهي قادرة على أن تغتسل في وقت صلاة ففرَّطت فيها حتّى يدخل وقت صلاة أُخرى، كان عليها قضاء تلك الصلاة الّتي فرّطت فيها، وإن رأت الطّهر في وقت صلاة فقامت في تهيئة ذلك، فجاز وقت صلاة، ودخل وقت صلاة أُخرى، فليس عليها قضاء، وتصلّي الصّلاة الّتي دخل وقتها(2).

5 - ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن أبي الورد(3)قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن المرأة تكون في صلاة الظّهر وقد صلّت ركعتين ، ثمَّ ترى الدَّم ؟ قال : تقوم من مسجدها ولا تقضي الرَّكعتين، وإن كانت رأت الدَّم وهي في صلاة المغرب، وقد صلّت ركعتين فلتقم من مسجدها فإذا طهرت فلتقض الرَّكعة الّتي فاتتها من المغرب(4).

63- باب المرأة تكون في الصلاة فتحسّ بالحيض

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في المرأة

ص: 106


1- التهذيب 1 ، نفس الباب ح 30 الاستبصار 1 ، نفس ،الباب ح 4 وروى ذيل الحديث.
2- التهذيب ،1 نفس الباب، ح 31 .
3- أبو الورد لم يرد في أي من كتب الرجال المعتمدة إلا بهذه الكنية فاسمه مجهول.
4- التهذيب 1 نفس ،الباب ح 32 الاستبصار 1 ، 85 - باب المرأة تحيض بعدما دخل عليها وقت الصلاة، ح .. وقد افتى بمضمون هذا الخبر الشيخ الصدوق في الفقيه 1 ، 20 - باب غسل الحيض والنفاس في كلامه قبيل الحديث (8) فراجع ، والظاهر أنه مستنده خبر أبي الورد هذا، وقال العلامة في المختلف وهو بصدد التعليق على هذا الحديث والتحقيق في ذلك : أنها إن فرطت بتأخير الصلاة في الموضعين وجب عليها قضاء الصلاة فيهما، وأن لم تفرّط لم يجب عليها شيء في الموضعين والرواية متأولة على من فرّطت في المغرب دون الظهر، وإنما يتم قضاء الركعة بقضاء باقي الصلاة ويكون إطلاق الركعة على الصلاة مجازاه فراجع 1 ص 39 .

تكون في الصّلاة فتظنّ أنّها قد حاضت؟ قال : تُدْخِلُ يدها فتمسَّ الموضع، فإن رأت شيئاً انصرفت، وإن لم تر شيئاً أتمّت صلاتها(1).

64- باب الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة

1 - الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلّى بن محمّد عن الوشّاء، عن أبان، عمن أخبره، عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام)قالا : الحائض تقضي الصّيام ولا تقضي الصّلاة(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن راشد قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الحائض تقضي الصّلاة؟ قال: لا، قلت: تقضي الصّوم؟ قال: نعم، قلت : من أين جاء هذا؟ قال: إنَّ أوّل من قاس إبليس(3).

3 - عليّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن قضاء الحائض الصّلاة ثمَّ تقضي الصّوم (4) ؟ قال : ليس عليها أن تقضي الصّلاة وعليها أن تقضي صوم شهر رمضان، ثمَّ أقبل عَلَيَّ وقال : إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)[كان] يأمر بذلك فاطمة (عليها السلام)وكانت تأمر بذلك المؤمنات(5).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى ؛ عن الوشّاء، عن أَبَان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفيّ قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): إنَّ المغيرة بن سعيد روى عنك أنّك قلت له : إنَّ الحائض تقضي الصّلاة؟ فقال: ما له، لا وفقه الله ، إنَّ امرأة عمران نذرت ما في بطنها محرَّراً ، والمحرَّر للمسجد يدخله ثمَّ لا يخرج منه أبداً، فلمّا وَضَعَتْها قالت ربّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنثى وليس الذِّكر

ص: 107


1- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستحاضة و ...، ح 44 . ويمكن حمل قوله(عليه السلام): تدخل يدها . . . ؛ على وجوب الاختيار والاستعلام ، كما يمكن حمله على الفضل والاستحباب ، والمقصود بالموضع هنا : الفرج، وهو محل الدم. وقد دل الحديث على عدم انتقاض الوضوء بمس الفرج .
2- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس و ...، ح 29 وهذا الحكم اجماعي عند أصحابنا رضوان الله عليهم .
3- التهذيب ،1 نفس ،الباب ح 30 . هذا وقد كرر الشيخ الكليني رحمه الله هذا الحديث في الفروع 2 ، كتاب ، الصيام، باب صوم الحائض والمستحاضة ، ح 1 . وذكر قياس إبليس إشارة إلى قوله لعنة الله عليه عندما أبي عن السجود لآدم خلقتني من نار وخلقته من طين.
4- في التهذيب : الصيام .
5- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس و ... ، ح 31 وحيث وردت الأخبار بأنها(عليه السلام)ك-انت مبرّأة من الحيض فيكون أمره(صلی الله علیه وآله وسلم)لها(عليه السلام)بأن تأمر المؤمنات بذلك، فيكون من باب الأمر بالأمر.

كالأُنثى ، فلمّا وَضَعَتْها أَدْخَلَتَها المسجد، فساهمت عليها الأنبياء فأصابت القرعة زكريّا، وكفّلها زكريّا فلم تخرج من المسجد حتّى بلغت، فلمّا بلغت ما تبلغ النّساء خرجت، فهل كانت تقدر على أن تقضي تلك الأيام التي خرجت وهي عليها أن تكون الدَّهر في المسجد(1).

65- باب الحائض والنفساء تَقْرَآن القُرآن

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ وحمّاد، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الحائض تقرأ القرآن(2)وتحمد الله .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زيد الشّحّام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : تقرأ الحائضُ القرآن، والنّفساء والجنب أيضاً (3).

3 - محمّد بن يحيى ؛ عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن الطامث، تسمع السّجدة؟ قال : إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها(4).

4 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : سألته عن التّعويذ يعلّق على الحائض؟ فقال: نعم، إذا كان في جلد أو فضّة أو قصبة حديد(5)

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن داود بن فَرقَد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن التّعويذ يعلّق على الحائض ؟ قال : نعم لا بأس، قال: وقال:

ص: 108


1- والوجه في الاحتجاج منه(عليه السلام)بقصة مريم(عليها السلام)هو أن تكون سنداً لإبطال مبنى من حكم من المخالفين بوجوب قضاء الصلاة على الحائض وهو الحكم بوجوب قضاء كل عبادة فاتت المكلف ومن الواضح أنه لا يمكنهم الطعن في ما اورده(عليه السلام)من سند لعدم الوجوب في هذه الحالة. والله العالم. ومهما يكن فالحديث ضعيف على المشهور.
2- لا بد من تخصيصه بما عدا سورة العزائم وقد مرت الإشارة إلى حرمة قراءة شيء منها على الجنب والحائض .
3- انظر التعليقة السابقة.
4- التهذيب 1، 6 - باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها ، ح 44 الاستبصار 1، 69 - باب الجنب والحائض يقرءان القرآن، ح 7. وقد حمله الشيخ رحمه الله على الاستحباب والظاهر لاشتراطه الطهارة في سجود العزائم، وهو خلاف المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم حيث أوجبوا عليها السجود تمسكاً بإطلاق الأمر الخالي عن التقييد .
5- والتقييد بكونه في مثل الأمور المذكورة إنما هو على الاستحباب تعظيماً للقرآن العظيم.

تقرؤه وتكتبه ولا تصيبه يدها (1).

وروي أنّها لا تكتب القرآن .

66- باب الحائض تأخذ من المسجد ولا تضع فيه شيئاً

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: سألته ؛ كيف صارت الحائض تأخذ ما في المسجد ولا فيه ؟ فقال : لأن الحائض تستطيع أن تضع ما في يدها في غيره، ولا تستطيع أن تأخذ ما فيه إلا منه(2).

67 - باب المرأة يرتفع طَمْثُها ثم يعود؛ وحد اليأس من المحيض

1 - أبو على الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن امرأة ذهب طمثها سنين ثم عاد إليها شيء؟ قال : تترك الصلاة حتى تطهر(3).

2 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): المرأة التي قد يئست من المحيض، حدها خمسون سنة(4)ستون سنة أيضاً وروي

ص: 109


1- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس و ...، ح 98 بتفاوت في الذيل وبدون: وروي ... الخ . وأخرجه عن الحسين بن سعيد عن فضالة، عن داود عن رجل عن أبي عبد الله(عليه السلام). «ولا يخفى عدم دلالة الخبر على جواز الكتابة والقراءة للقرآن للحايض لأن التعويذ أعم منه ، إلا أن يستدل بعمومه أو إطلاقه، وفيه دلالة على المنع من مس الأدعية والاسماء وساير ما يجعل تعويذاً، وفي أكثرها على المشهور محمول على الكراهة فتأمل مرآة المجلسي 252/13
2- التهذيب 1 ، 19 - باب الحيض والاستخاصة و ...، ح .55 .يقول المجلسي في المرآة 252/13 : «والنهي عن الوضع محمول عند أكثر الأصحاب على التحريم ، وعند سلار على الكراهة والعمل على المشهور ، وذكر الأكثر أنه لا فرق في الوضع بين كونه من خارج المسجد أو داخله كما يقتضيه اطلاق الخبر».
3- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 56 . ويمكن حمل الخبر على ما إذا صادف الدم ما كان من أيام عادتها سابقاً قبل انقطاع طمئها.
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 57 .

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن طريف ، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تَرَ حَمرَة (1)إلّا أن تكون امرأة من قريش(2).

4 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : حد التي قد يئست من المحيض خمسون سنة(3)

68- باب المرأة يرتفع طمئها من علة فَتُسْقى الدواء ليعود طمثها

1 -عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن رفاعة بن موسى النخّاس قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر(عليه السلام) قلت: أشتري الجارية فتمكث عندي الأشهر لا تطمث، وليس ذلك من كِبَر، وأربها النّساء فيقلن لي : ليس بها حبل، فلي أن أنكحها في فرجها؟ فقال: إنَّ الطّمث قد تحبسه الريح من غير حَبَل، فلا بأس أن تمسّها في الفرج، قلت: فإن كان بها حَبَلٌ فما لي منها؟ قال : إن أردتَ فيما دون الفرج.

2 - ابن محبوب، عن رفاعة قال : قلتُ لأبي عبد الله(عليه السلام): أشتري الجارية فربّما احتبس طمثها من فساد دم أو ريح في الرَّحم ، فتسقى الدَّواء لذلك فتطمث من بومها، أفيجوز لي ذلك وأنا لا أدري ذلك من حَبَل هو أو من غيره ؟ فقال لي : لا تفعل ذلك(4)، فقلت له : إنّه إنّما ارتفع طمثها منها شهراً ، ولو كان ذلك من حبل إنّما كان نطفة كنطفة الرّجل الّذي يعزل؟ فقال لي : إنَّ النطفة إذا وقعت في الرَّحم، تصير إلى علقة ثمَّ إلى مضغة ثمَّ إلى ما شاء الله ، وإنّ النطفة إذا وقعت في غير الرَّحم لم يخلق منها شيء، فلا تسقها دواء إذا ارتفع طمثها شهرا وجاز وقتها الّذي كانت تطمث فيه .

ص: 110


1- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 58 . الفقيه 1 ، 20 - باب غسل الحيض والنفاس ، ح7. ويقول المحقق في الشرائع 29/1: «وتيأس المرأة ببلوغ ستين ، وقيل : في غير القرشية والنبطية ببلوغ خمسين سنة» .
2- يعني : دماً .
3- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 59
4- إنما نهاه(عليه السلام) عن سقيها الدواء بعد ارتفاع طمئها شهراً لاحتمال وجود حمل عندئذ ويكون سقي الدواء موجباً لقتل مبدء نشوء آدمي وهو حرام. ولا يقاس هذا بالعزل، لأنه إذا عزل ضيّع نطفة لم تستقر بعد في الرحم عكس الصورة الأولى .

3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن داود بن فَرْقَد قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل اشترى جارية مُدْرِكةً ولم تحض عنده حتى مضى لذلك ستة أشهر، وليس بها حَبَل ؟ قال : إن كان مثلها تحيض، ولم يكن ذلك من كبَر، فهذا عيب تُرَدّ منه(1).

69- باب الحائض تَختَضِب

1 - عدَّةٌ من أصحابنا ،عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سهل بن اليسع ، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام): عن المرأة تختضب وهي حائض؟ قال : لا بأس به(2).

2 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد، عن محمّد بن أبي حمزة قال : قلت لأبي إبراهیم(عليه السلام): تختضب المرأة وهي طامث؟ قال: نعم (3).

70- باب غسل ثياب الحائض

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن سورة بن كليب قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن المرأة الحائض، أتغسل ثيابها الّتي لبستها في طمئها؟ قال : تغسل ما أصاب ثيابها من الدَّم وتدع ما سوى ذلك، قلت له : وقد عرقت فيها؟ قال : إنَّ العرق ليس من الحيض(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عقبة بن محرز، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الحائض تصلّي في ثوبها ما لم يُصِبْهُ دم.

ص: 111


1- وإنما جاز له ردّها بذلك، لأنّه غير متعارف في أمثالها وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن العيب في العبد أو الأمة هو كل ما كان زائداً أو ناقصاً عن الخلقة الأصلية فله الردبه .
2- التهذيب 1 ، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة و ... ، ح 94 .
3- التهذيب ،1 نفس ،الباب ح 95 . هذا، وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على كراهة الخضاب للحائض 1، وكذا للجنب فراجع شرائع الإسلام للمحقق 27/1 و 31 .
4- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، ح:83 . وفي ذيله الحيضة بدل . . . الحيض. الاستبصار 1 ، 110 - باب عرق الجنب والحائض يصيب الثوب ح 9 هذا وبمضمون الحديث عمل الأصحاب .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن العبد الصّالح(عليه السلام) قال: سألته أُمُّ ولد لأبيه فقالت : جُعِلْتُ فِداك، إنّي أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحيي منه، فقال: سلي ولا تستحيي، قالت: أصاب ثوبي دم الحيض، فغسلته فلم يذهب أثره؟ فقال: إصبغيه بمشق حتّى يختلط ويذهب(1).

71- باب الحائض تتناول الخُمْرَةَ أو الماء

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن الحائض تُناول الرَّجلَ الماء؟ فقال: قد كان بعض نساء النّبيِّ (صلی الله علیه وآله وسلم) تسكب عليه الماء وهي حائض، وتناوله الخُمْرَة(2).

تمّ كتاب الحيض من كتاب الكافي،

والحمد لله ربّ العالمين

وصلى الله على محمد وآله .

ص: 112


1- مر هذا الحديث برقم 6 من الباب 38 من هذا الجزء وهو باب الثوب يصيبه الدم والمدة فراجع .
2- التهذيب 1 ، 19 باب الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح 60 . والخُمرَة : سجادة صغيرة تصنع من سعف النخل .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الجنائز

72- باب علل الموت وأن المؤمن يموت بكل ميتة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عمّن حدَّثه، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : كان النّاس يعتبطون اعتباط(1)، فلمّا كان زمان إبراهيم(عليه السلام)قال: يا ربّ اجعل للموت علّة يؤجر بها الميّت ويسلّى بها عن المصاب، قال: فأنزل الله عزَّ وجلَّ الموم، وهو البرسام(2)، ثمَّ أنزل بعده الدَّاء (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عاصم بن حميد، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : كان النّاس يعتبطون اعتباطاً، فقال إبراهيم(عليه السلام): يا ربِّ لو جعلت للموت علّة يُعرف بها(4)ويسلّى عن المصاب، فأنزل الله عزّ وجلَّ الموم وهو البرسام، ثمّ أنزل الدّاء بعده.

3 - محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن سعدان، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سمعنه يقول : الحمّى رائد الموت(5)، وهو سجن الله في الأرض، وهو حظُّ المؤمن من النّار .

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ،عن ابن فضّال، عن محمّد بن الحصين، عن محمّد بن الفضيل، عن عبد الرَّحمن بن يزيد عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «مات

ص: 113


1- في الصحاح : مات فلان ،عبطة أي صحيحاً شاباً.
2- قال في النهاية : البرسام : علة يهذي فيها .
3- أي سائر الأمراض الأخرى.
4- أي تكون من علامات الموت ،وإماراته فيأخذ المرء أهبته له بالوصية وغيرها .
5- أي يستدل بها عليه كما يستدل الناس على قدوم القوم بقدوم رائدهم وهو من يرسلونه قبلهم للإعلام بهم أو لغير ذلك. والحديث مجهول.

داود النّبيِّ(عليه السلام)يوم السّبت مفجوءاً، فأظلّته الطّير بأجنحتها، ومات موسى كليم الله(عليه السلام)في التّيه(1)، فصاح صائح من السّماء : مات موسى(عليه السلام)، وأيُّ نفس لا تموت»؟.

5 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، والحسن بن محبوب، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قال : وأخْذَةُ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إنَّ موت الفجأة تخفيف عن المؤمن، وأَخذَةُ أسَفٍ(2)عن الكافر».

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد أو(3)غيره ، عن عليِّ بن حديد، عن الرِّضا(عليه السلام)قال: أكثر من يموت من موالينا بالبَطَن الذَّريع(4).

7 - محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن شيخ من أصحابنا يكنّى بأبي عبد الله، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم):« الحمّى رائد الموت وسجن الله تعالى في أرضه وَفَوْرُها من جهنّم، وهي حظّ كلّ مؤمن من النّار»(5).

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان عن معاوية بن عمّار، عن ناجية قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): إنَّ المؤمن يبتلى بكلّ بليّة، ويموت بكل ميتة، إلّا أنّه لا يقتل نفسه.

9 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن ميتة المؤمن فقال : يموت المؤمن بكلِّ ميتة ، يموت غَرَقاً، ويموت بالهدم، ويبتلى بالسَّبُع ويموت بالصّاعقة، ولا تصيب(6)ذاكر الله تعالى .

10 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن عثمان النّوا، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إِنَّ الله عزَّ وجلَّ يبتلي المؤمن بكلِّ بليّة، ويُميته بكلِّ ميتة، ولا

ص: 114


1- التّيه : المفازة يتاه فيها.والحديث مجهول.
2- الأسف؛ الحزن والغضب معاً، وقد يقال لكل واحد منهما على الانفراد وآسَفَه أغضَبَهُ ومنه قوله تعالى في سورة الزخرف /55 : فلما آسفونا انتقمنا منهم فاغرقناهم أجمعين. يعني : فلما اغضبونا ...
3- الترديد من الراوي .
4- البَطَن : داء يصيب البطن، وهو الإسهال الذي يلح على صاحبه حتى يقتله. والذريع: السريع. والحديث ضعيف .
5- وفَوْرُها يعني وهيجانها . وكون فورها من جهنم ، لعله على المجاز، أي لشدتها كأنها من جهنم، أو أنها تنبعث من الخطايا التي توجب النار، فلذا قال : إنها حظ المؤمن من النار . . مرآة المجلسي 13 / 260 - 261 .
6- الضمير يرجع إلى الصاعقة، ويحتمل عوده للجميع .

يبتليه بذهاب عقله، أما ترى أيوب(عليه السلام)كيف سَلَّط إبليس على ماله وولده وعلى أهله وعلى كلِّ شيء منه، ولم يسلّطه على عقله، ترك له ما يوحّد الله عزّ وجلَّ به.

73- باب ثواب المرض

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)رفع رأسه إلى السّماء فتبسّم ، فقيل له : يا رسول الله ، رأيناك رفعت رأسك إلى السّماء فتبسّمتَ؟ قال: نعم، عجبت لمَلَكَيْن هبطا من السّماء إلى الأرض يلتمسان عبداً مؤمناً صالحاً في مصلّى كان يصلّي فيه ليكتبان له عمله في يومه وليلته، فلم يجداه في مصلّاه ، فعرجا إلى السّماء فقالا : ربّنا، عبدك المؤمن فلان التمسناه في مصلّاه لنكتب له عمله ليومه وليلته فلم نُصِبْهُ، فوجدناه في حبالك(1)، فقال الله عزَّ وجلَّ: اكتبا لعبدي مثل ما كان يعمله في صحّته من الخير في يومه وليلته ما دام في حبالي، فإنَّ عليّ أن أكتب له أجر ما كان يعمله في صحّته إذا حبَسْتُهُ عنه(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم): «إنَّ المسلم إذا غلبه ضعف الكِبَر»، أمر الله عزّ وجلَّ المَلَك أن يكتب له في حاله تلك مثل ما كان يعمل وهو شابٌ نشيط صحيح ، ومثل ذلك إذا مرض وكّل الله به ملكاً يكتب له في سقمه ما كان يعلم من الخير في صحّته حتّى يرفعه الله(3)ويقبضه (4)وكذلك الكافر إذا اشتعل بسقم في جسده، كتب الله له ما كان يعمل من الشرّ في صحّته.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): « يقول الله عزَّ وجلَّ للمَلَك الموكّل بالمؤمن إذا مرض: اكتب له ما كنتَ تكتب له(5)في صحّته»، فإنّي أنا الّذي صيرته في حبالي .

ص: 115


1- كناية عن منع المرض له عن الحركة وتأدية فرائضه كأنه مربوط بالحبال، ونسبة الحبال إلى الله سبحانه باعتبار أن المرض والصحة بيده كما سوف يشير إليه في حديث آت من هذا الباب .
2- أي بسبب المرض .
3- الضمير في يرفعه يرجع إلى المرض.
4- الضمير في يقبضه يرجع إلى المريض. والحديث ضعيف.
5- أي من أفعال الخير، كما سوف يشير إليه في حديث آتٍ من هذا الباب

4 - عليُّ ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الصباح قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): سهرة ليلة من مرض، أفضل من عبادة سنة .

5 - عدَّةُ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد الحميد عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا صعد ملكا العبدِ المريضِ إلى السّماء عند كلّ مساء ، يقول الرَّبُّ تبارك وتعالى : ماذا كتبتما لعبدي في مرضه؟ فيقولان: الشكاية، فيقول : ما أنصفتُ عبدي إن حبسته في حبس من حبسي ثمَّ أمنعه الشكاية، فيقول : اكتبا لعبديِ مثل ما كنتما تكتبان له من الخير في صحّته، ولا تكتبا عليه سيّئة حتّى أُطلقه من حبسي، فإنّه في حبس من حبسي(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن دُرُسْت ،عن زرارة ،عن أحدهما(عليه السلام) قال : سهر ليلة من مرض أو وجع، أفضل وأعظم أجراً من عبادة سنة(2).

7 - عنه، عن أحمد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن دُرُست قال : سمعت أبا إبراهيم(عليه السلام)يقول : إذا مرض المؤمن أوحى الله عزّوجلَّ إلى صاحب الشِّمال: لا تكتب على عبدي ما دام في حبسي ووثاقي ذنباً، ويوحي إلى صاحب اليمين : أن اكتب لعبدي ما كنت تكتبه في صحّته من الحسنات(3).

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن حفص بن غياث، عن حجّاج ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : الجسد إذا لم يمرض أشِرَ ، ولا خير في جسد لا يمرض بأشر(4).

9 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن حسّان، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: حمّى ليلة تعدل عبادة سنة، وحمّى ليلتين تعدل عبادة سنتين، وحمّى ثلاث تعدل عبادة سبعين سنة ، قال : قلت: فإن لم يبلغ سبعين سنة؟

ص: 116


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث ضعيف .
3- والمقصود بصاحب الشمال الملك القعيد عن شمال الإنسان ليكتب السيئات، وبصاحب اليمين الملك القعيد. عن يمينه ليكتب الحسنات والحديث ضعيف أيضاً .
4- قوله(عليه السلام): بأشر : أي حال كونه متلبساً بأشر. والأشر: - كما في الصحاح - البطر، وهو شدة الفرح . والحديث مجهول.

قال : فلأُمّه وأبيه(1)، قال: قلت فإن لم يبلغا؟ قال : فلقرابته ، قال : قلت: فإن لم يبلغ قرابته؟ قال : فلجيرانه .

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: حمّى ليلة كفّارة لما قبلها ولما بعدها(2).

74- باب آخر منه

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شُمّر، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)قال الله عزَّ وجلَّ : من مرض ثلاثاً لم يَشْكُ إلى أحد من عوّاده أَبْدَلْتُهُ لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه، فإنَّ عافَيتَه عافيته ولا ذنب له (3)، وإن قبَضْتُهُ قبضته إلى رحمتي .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : قال الله تبارك وتعالى : ما من عبد ابْتَلَيْتُهُ ببلاء فلم يَشْكُ إلى عوّاده، إلّا أبدلته لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه(4)، فإن قبضته قبضته إلى رحمتي، وإن عاش عاش وليس له

ذنب .

3 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن الحسن بن الفضل، عن غالب بن عثمان ، عن بشير الدَّهان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال الله عزَّ وجلَّ : أيّما عبد ابْتَلَيْتُهُ ببليّة فكتم ذلك من عوَّاده ثلاثاً ، أبدلته لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه، وبَشَراً خيراً من بَشَرِهِ(5)، فإن أبقيته أبقيته ولا ذنب له، وإن مات مات إلى رحمتي .

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن علي الكنديِّ، عن أحمد بن الحسن الميثميِّ، عن

ص: 117


1- «ويمكن حمله على أن العبادات لما كان أثرها رفع الدرجات وتكفير السيئات، ولما لم يكن له سيئة بقدر سبعين سنة يكفر به ذنوب أبويه، أو يكون المراد قبول عباداته» مرآة المجلسي 265/3 . والحديث ضعيف .
2- ويمكن أن يكون اختلاف الثواب باختلاف الأمراض أو الأشخاص أو مراتب الصبر والرضاء مرآة المجلسي 266/3 . والحديث مجهول.
3- أى مما سبق وصدر عنه، والحديث ضعيف.
4- أي لم يكتب عليه عذاب، أو لا تكتسب بسببه وبالقوة التي تحصل منه سيئة موبقة غالباً، أو إلى مدة» مرآة المجلسي 266/3 . والحديث مرسل .
5- البَشَرَة والبَشَر : - كما في الصحاح - ظاهر جلد الإنسان، والحديث مجهول.

رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: من مرض ليلةً فَقَبِلَها بقَبُولها، كتب الله عزَّ وجلَّ له عبادة ستّين سنة ؛ قلت ما معنى قبولها ؟ قال : لا يشكو ما أصابه فيها إلى أحد .

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن العزرميّ ، عن أبيه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من اشتكى ليلة فَقَبِلَها بقَبولها ، وأدَّى إلى الله شكرها، كانت كعبادة ستّين سنة، قال أبي : فقلت له : ما قبولها ؟ قال : يصبر عليها ولا يخبر بما كان فيها، فإذا أصبح حمد الله على ما كان(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): من مرض ثلاثة أيّام فكتمه ولم يخبر به أحداً ، أبدل الله عزَّ وجلَّ له لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه، وبَشَرَةً خيراً من بشرته، وشعراً خيراً من شعره، قال : قلت له : جُعِلْتُ فِداك، وكيف يُبْدِلُهُ؟ قال : يُبْدِلُهُ لحماً ودماً وشعراً وبشرةً لم يُذْنِبُ فيها(2).

75- باب حدّ الشكاية

(3)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سئل عن حد الشكاية للمريض ؟ فقال : إنَّ الرَّجل يقول : حممت اليوم، وسهرت البارحة وقد صدق وليس هذا شكاية، وإنّما الشكوى أن يقول : قد ابتليتُ بما لم يُبْتَلَ به أحد، ويقول : لقد أصابني ما لم يُصِبْ أحداً ، وليس الشكوى أن يقول : سهرت البارحة وحممت اليوم ونحو هذا .

76- باب المريض يُؤذَنُ به الناس

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : ينبغي للمريض منكم أن يُؤْذِنَ إخوانه بمرضه، فيعودونه فيؤجر فيهم ويؤجرون فيه ، قال : فقيل له : نعم هم يؤجرون بممشاهم(4)إليه ، فكيف

ص: 118


1- كانّ حمده الله إذا أصبح وقد عوفي هو أداء شكرها إليه سبحانه. هذا، والحديث مجهول.
2- هذا يؤيد التفسير الثاني الذي مر في الحديث الثاني من هذا الباب فراجع .
3- الشكاية : والشَّكاة؛ مصدر بمعنى الشكوى.
4- أي بمشيهم وسعيهم، والباء للسببية .

يؤجر هو فيهم؟ قال : فقال : باكتسابه لهم الحسنات فيؤجر فيهم فيكتب له بذلك عشر حسنات، ويرفع له عشر درجات، ويُمحى بها عنه عشر سيّئات .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد العزيز بن المهتدي ، عن يونس قال : قال أبو الحسن(عليه السلام): إذا مرض أحدكم فليأذن للنّاس يدخلون عليه، فإنّه ليس من أحد إلّا وله دعوة مستجابة .

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن القاسم بن محمّد، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن سيف بن عَمِيرة قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا دخل أحدكم على أخيه عائداً له فليسأله(1)يدعو له، فإنَّ دعاءه مثل دعاء الملائكة .

77- باب في كم يُعاد المريض، وقدر ما يجلس عنده وتمام العيادة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط ، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا عيادة في وجع العين، ولا تكون عيادة في أقلّ من ثلاثة أيّام(2)، فإذا وجبت فيوم ويوم لا، فإذا طالت العلّة تُرك المريض وعياله .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : العيادة قدر فواق ناقة(3)، أو حلب ناقة(4).

3- محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن الفضل بن عامر أبي العبّاس، عن موسى بن القاسم قال : حدَّثني أبو زيد قال : أخبرني مولى لجعفر بن محمّد(عليه السلام)قال : مرض بعض مواليه فخرجنا إليه نعوده ونحن عدَّة من موالي جعفر، فاستقبلنا جعفر(عليه السلام)في بعض

ص: 119


1- الضمير المرفوع يعود إلى العائد ويحتمل عوده إلى المريض. أي فليسأل المريضُ العائد له. وعلى الأول : فكون دعائه مثل دعاء الملائكة في الاستجابة لأنه مغفور مكفر عن ذنوبه . وعلى الثاني : فباعتبار مشايعة الملائكة له فيتابعونه في الدعاء مرآة المجلسي 269/13 - 270
2- الظاهر أنه لا ينبغي أن يعاد المريض من أول ما يمرض إلى ثلاثة، فإذا برء قبل مضيها وإلا فيوم ويوم لا ، أو أن أقل العيادة أن يراه في كل ثلاثة أيام .... أو أن أقل العيادة أن يراه ثلاثة أيام متواليات وبعد ذلك يوماً فيوماً . ..» مرآة المجلسي 270/13 .
3- الظاهر أن الترديد من الراوي .
4- قال في الصحاح : الفواق : ما بين الحلبتين من الوقت لأنها تحلب ثم تترك الناقة سويعه يرضعها الفصيل لتدرّ ثم تحلب .

الطّريق فقال لنا: أين تريدون؟ فقلنا : نريد فلاناً نَعُودُه ، فقال لنا : قفوا، فوقفنا فقال : أحدكم تفّاحة أو سفرجلة ، أو أُترجّة، أو لُعقَة(1)من طيب، أو قطعة من عود بخور؟ فقلنا : ما معنا شيء من هذا، فقال: أما تعلمون أنّ المريض يستريح إلى كلّ ما أدخل به عليه .

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سليمان، عن موسى بن قادم ، عن رجل عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تمام العيادة للمريض أن تضع يدك على ذراعه، وتعجّل القيام من عنده، فإنَّ عيادة النَوْكى أشدُّ على المريض من وجعه(2).

5 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن أبي يحيى قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام)تمام العيادة أن تضع يدك على المريض إذا دخلت عليه .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : إنَّ من أعظم العوَّاد أجراً عند الله عزَّ وجلَّ لَمَنْ إذا عاد أخاه خفّف الجلوس، إلّا أن يكون المريض يحبُّ ذلك ويريده، ويسأله ذلك ؛ وقال(عليه السلام): من تمام العيادة أن يضع العائد إحدى يديه على الأُخرى أو على جبهته(3).

78- باب حدّ موت الفجأة

1 - محمّد بن يحيى؛ عن موسى بن الحسن، عن أبي الحسن النهديّ رفع الحديث قال : كان أبو جعفر(عليه السلام)يقول : من مات دون الأربعين فقد اخترم (4)، ومن مات دون أربعة عشر يوماً فموته موت فجأة .

2 - عنه ، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن بهلول بن مسلم، عن حفص، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: من مات في أقل من أربعة عشر يوماً(5)كان موته موت فجأة .

ص: 120


1- يقول الجوهري : اللعقة ما تأخذه الملعقة، واللققة : المرة الواحدة. والحديث مجهول.
2- النَوكى : الحمقى ومفرده : نوك . وقد نص الشهيد الثاني رحمه الله في الدروس على أن العائد يضع يده على ذراع المريض ويدعو له .
3- الضمير في يديه وجبهته يعود إلى العائد، ولعله لبيان الحزن والتحسّر على ما يصيب إخاه المؤمن من المرض والوجع .
4- أي استؤصل واقتطع .
5- أي من ابتداء مرضه والحديث مجهول.
79- باب ثواب عيادة المريض

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقبة، عن ميسّر قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : من عاد امرءاً مسلماً في مرضه، صلّى عليه يومئذ سبعون ألف ملك إن كان صباحاً حتّى يمسوا، وإن كان مساءاً حتّى يصبحوا، مع أنَّ له خريفاً في الجنّة(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال،عن عبد الله بن بكير، عن فُضَيل بن يسار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من عاد مريضاً، شيعه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يرجع إلى منزله(2).

3 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فصال، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : أيّما مؤمن عاد مؤمناً ، خاض [في] الرَّحمة خوضاً ، فإذا جلس غمرته الرَّحمة، فإذا انصرف وكّل الله به سبعين ألف ملك يستغفرون له ويسترحمون عليه ويقولون : طِبتَ وطابت لك الجنّة إلى تلك الساعة من غدٍ . وكان له يا أبا حمزة خريفٌ في الجنّة، قلت: وما الخريف، جُعِلْتُ فداك؟ قال : زاوية في الجنّة يسير الرّاكب فيها أربعين عاماً (3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن داود الرّقي، عن رجل من أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : أيّما مؤمن عاد مؤمناً في الله عزّ وجلَّ في مرضه، وكّل الله به مَلَكاً من العوّاد يعوده في قبره، ويستغفر له إلى يوم القيامة .

5 - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن ، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من عاد مريضاً من المسلمين، وكّل الله به أبداً سبعين ألفاً من الملائكة يغشَون رَحْلَه(4)، ويسبّحون فيه ويقدسون ويهلّلون ويكّبرون إلى يوم

ص: 121


1- مع أن له خريفاً في الجنة الخُرافة : اسم ما يخترف من النخل حين يدرك . والمَخْرَف : الحائط من النخل، «أي أن العائد فيما يحوزه من الثواب كأنه على نخل الجنة يخترف ثمارها والخريف هنا فعيل بمعنى مفعول أي مخترف. هذا وقد ورد تفسير الخريف في الجنة بالزاوية فيها، وذلك في الحديث الثالث من هذا الباب. والحديث ضعيف على المشهور.
2- ولا ريب في أن لاختلاف العائدين في نياتهم وكيفيات عياداتهم وظروفها الزمانية والمكانية دخالة في اختلاف مراتبهم من حيث الثواب والأجر. وعليه يحتمل الاختلاف الوارد بين الروايات في المقام .
3- الحديث مجهول .
4- غشِيَهُ : جاءه ، والرَّحل : - هنا - المنزل .

القيامة، نصف صلاتهم(1)لعائد المريض.

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن وهب بن عبد ربّه قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : أيّما مؤمن عاد مؤمناً مريضاً في مرضه حين يصبح ، شيّعه سبعون ألف ملك ، فإذا فعد غمرته الرَّحمة، واستغفروا الله عزَّ وجلَّ له حتّى يمسي ، وإن عاده مساءاً كان له مثل ذلك حتّى يصبح(2).

7 - أبو عليّ الأشعريُّ عن الحسن بن عليّ ؛ عن عبد الله بن المغيرة، عن عبيس بن هشام، عن إبراهيم بن مهزم، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: من عاد مريضاً ، وكّل الله عزَّ وجلَّ به مَلَكاً يعوده في قبره .

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : أيّما مؤمن عاد مؤمناً حين يصبح ، شيّعه سبعون ألف ملك، فإذا قعد غمرته الرَّحمة واستغفروا له حتّى يمسي ، وإن عاده مساءً كان له مثل ذلك حتّى يُصْبحَ .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : كان فيما ناجي به موسى ربّه أن قال: يا ربِّ، ما بلغ من عيادة المريض من الأجر(3)؟ فقال الله عزَّ وجلَّ : أُوكّل به مَلَكاً يعوده في قبره إلى محشره.

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم عن مَسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): من عاد مريضاً ناداه مناد من السّماء باسمه : يا فلان طِبْتَ وطاب [لك] ممشاك بثواب(4)من الجنّة .

80- باب تلقين الميت

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إذا حضرتَ الميّت قبل أن يموت، فلقّنه شهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا

ص: 122


1- أي ذكرهم وتسْبيحهم .
2- دل على أنه لا حزازة في زيارة المريض مساءً. والحديث ضعيف على المشهور .
3- يحتمل أن تكون كلمة (من زائدة، ويحتمل أن تكون سببية، والضمير المرفوع في (بلغ) راجعاً إلى الإنسان، ومفعوله الضمير الراجع إلى (ما) و (من) في قوله من الأجر، بيانية مرآة المجلسي 276/13 .
4- الماء هنا سببية .

شريك له، وأنَّ محمّداً عبده ورسوله(1).

2 - عنه ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)وحفص بن البختري عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إنكم تلقنون موتاكم عند الموت لا إله إلا الله ونحن نلقن موتانا محمّد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)(2).

3 - عليٌّ ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا أدركتَ الرَّجل عند النّزْع ، فلقّنه كلمات الفرج : لا إله إلّا الله الحليم الكريم، لا إله إلّا الله العليُّ العظيم سبحان الله ربِّ السّماوات السّبع وربِّ الأرضينَ السّبع وما فيهنّ وما بينهنَّ وما تحتهنَّ وربِّ العرش العظيم، والحمد لله ربِّ العالمين قال : فقال أبو جعفر(عليه السلام): لو أدركتُ عند الموت لَنَفَعْتُهُ، فقيل لأبي عبد الله(عليه السلام): بما ذا كان ينفعه؟ قال: يلقّنه ما أنتم عكرمة عليه(3).

4 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن داود بن سليمان الكوفيِّ ، عن أبي بكر الحضرميِّ قال : مرض رجل من أهل بيتي ، فأتيته عائداً، فقلت له : يا ابن أخي، إنَّ لك عندي نصيحةً ، أتقبلها؟ فقال : نعم ، فقلت : قل : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فشهد بذلك، فقلت: إنَّ هذا لا تنتفع به إلّا أن يكون منك على يقين فذكر أنّه منه على يقين فقلت : قل : أشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله، فشهد بذلك، فقلت : إنَّ هذا لا تنتفع به حتّى يكون منك على يقين، فذكر أنّه منه على يقين، فقلت: قل : أشهد أنَّ عليّاً وصيّه وهو الخليفة من بعده، والإمام المفترض الطاعة من بعده، فشهد بذلك ، فقلت له : إنك لن تنتفع بذلك حتى يكون منك على يقين ، فذكر أنّه منه على يقين، ثمَّ سمّيت الأئمة(عليهم السلام)رجلا رجلاً ، فأقر بذلك، وذكر أنّه على يقين ، فلم يلبث الرَّجل أن توفّي، فجزع أهله عليه جزعاً شديداً، قال : فغبت عنهم ثمَّ أتيتهم بعد ذلك، فرأيت عزاءاً حسناً، فقلت : كيف تجدونكم ؛ كيف عزاؤك أيّتها المرأة؟ فقالت : والله لقد أُصِبنْا بمصيبة عظيمة بوفاة فلان - رحمه الله - وكان ممّا سخا بنفسي لرؤيا رأيتها ، اللّيلة فقلت : وما تلك الرُّؤيا؟ قالت:

ص: 123


1- دلّ على استحباب تلقين الشهادتين معاً للميت فى مقابل العامة الذين يكتفون بتلقين الشهادة الأولى فقط . وقد أخرج الحديث في التهذيب 10 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 4 .
2- الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت، ح 2 بتفاوت في الترتيب عن أبي جعفر(عليه السلام)مرسلاً.
3- تهذیب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ... ، ح 7 الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت، ح 14 وروى ذيل (3) حديث فقط . وعكرمة : فقيه تابعي كان مولى لابن عباس وكان يرى رأي الخوارج كما سوف يشار إليه في الحديث رقم 5 من هذا الباب . وقوله(عليهم السلام): ما أنتم عليه أي من الإقرار بالولاية بعد الإيمان بالله ورسوله .

رأيت فلاناً - تعني الميّت - حيّاً سليماً ، فقلت : فلان؟ قال: نعم، فقلت له : أما كنت مِتَّ؟ فقال: بلى ولكن نَجَوْتُ بكلمات لقّنيها أبو بكر(1)، ولولا ذلك لكدت أَهْلَك(2).

5- عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد عن القاسم محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: كنّا عنده، وعنده حمران(3)، إذ دخل عليه مولى له فقال : جُعِلْتُ فِداك ، هذا عِكرمة في الموت، وكان يرى رأي الخوارج، وكان منقطعاً إلى أبي جعفر(عليه السلام)فقال لنا أبو جعفر(عليه السلام): أَنظِروني حتّى أرجع إليكم، فقلنا : نعم، فما لبث أن رجع فقال: أما إنّي لو أدركتُ عِكرمة قبل أن تقع النّفسُ موقعها، لعلّمته كلماتٍ ينتفع بها، ولكنّي أدركته وقد وقعت النّفس ،موقعها قلت : جُعِلْتُ فِداك ، وما ذاك الكلام؟ قال هو والله ما أنتم عليه، فلقّنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلّا الله ، والولاية (4).

6 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عليّ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: ما من أحد يحضره الموت، إلّا وكّل به إبليس من شيطانه أن يأمره بالكفر ، ويشكّكه في دينه حتّى تخرج نفسه، فمن كان مؤمناً لم يقدر عليه، فإذا حضرتم موتاكم فلقّنوهم شهادة أن لا إله إلّا الله وأنَّ محمّداً رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)حتّى يموت(5).

وفي رواية أُخرى قال : فَلَقِتْهُ كلماتِ الفَرَج، والشهادتين، وتسمّي له الإقرار بالأئمّة(عليهم السلام)واحداً بعد واحد حتّى ینقطع عنه الكلام .

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين(عليه السلام) إذا حضر أحداً من أهل بيته الموت، قال له : قل : لا إله إلّا الله العليِّ العظيم، سبحان الله ربّ السماوات

ص: 124


1- يعني الحضرمي الراوي .
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ... ، ح 5 بتفاوت يسير جداً هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب تلقين الميت الشهادتين والإقرار بالأئمة(عليهم السلام)واحداً واحداً، وبكلمات الفرج وهي تضمنته بعض الروايات الآنفة .
3- هو ابن اَعيَن .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 6 وانظروني: أي امهلوني أو انتظروني. ووقعت النفس موقعها : كناية عن فراقها الجسد وحصول الموت والنفس هي الروح.
5- الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت، ح 8 وفي ذيله : ... يموتوا . ورواه مرسلاً بتفاوت قليل.

السّبع وربِّ الأرضين السّبع وما بينهما وربِّ العرش العظيم، والحمد الله ربِّ العالمين، فإذا قالها المريض قال : اذهب فليس عليك بأسٌ(1).

8 - سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي بكر الحضرمي قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): والله لو أنَّ عابد وثن وصف ما تصفون (2)عند خروج نَفْسِه، ما طعمت النّار من جسده شيئاً أبداً .

9 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي(3)، فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): قل : لا إله إلّا الله العليّ العظيم، لا إله إلّا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربِّ السّماوات السّبع وربِّ الأرضين السّبع وما بينهنَّ وربِّ العرش العظيم، والحمد لله ربِّ العالمين ،فقالها فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «الحمد لله الّذي استنقذه من النّار»(4).

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرَّحمن بن أبي هاشم، عن سالم بن أبي سلمة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: حضر رجلاً الموت فقيل : يا رسول، إن فلاناً قد حضره الموت، فنهض رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ومعه أناس من أصحابه، حتّى أتاه وهو مغمى عليه، قال : فقال :« يا مَلَكَ الموت، كفَّ عن الرَّجل حتّى أسأله»، فأفاق الرَّجل ، فقال النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم): ما رأيتَ؟ قال: رأيتُ بياضاً كثيراً وسواداً كثيراً، قال:« فأيّهما كان أقرب إليك»؟ فقال : السواد، فقال النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم): قل :« اللّهمَّ اغفر لي الكثير من معاصيك، واقبل منّي اليسير من طاعتك»، فقاله، ثمَّ أغمي عليه، فقال: «يا مَلَكَ الموت، خفّف عنه حتّى أسأله»، فأفاق الرَّجل، فقال: «ما رأيتَ؟» قال: رأيتُ بياضاً كثيراً وسواداً كثيراً، قال: «فأيّهما كان أقرب إليك»؟ فقال: البياض، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «غفر الله لصاحبكم». قال: فقال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا حَضَرْتُمْ ميّتاً فقولوا له هذا الكلام ليقوله(5).

ص: 125


1- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 8 وفي ذيله : وليس . ، بدل : . . . فليس
2- أي من الإقرار بالولاية بعد الإذعان للوحدانية والرسالة والحديث ضعيف على المشهور.
3- أي يموت .
4- الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت، ح 1 بتفاوت.
5- الحديث ضعيف. ولعل البياض عقائده وأعماله الحسنة والسواد أعماله القبيحة. وفي بعض الأخبار أنه قال : رأيت أبيضين وأسودين، فيمكن أن يكون الأبيضان الملكين، والأسودان شيطانين يريدان إغواءه ، أو أتاه الملائكة بصورة حسنة وقبيحة ، لأنه إذا صادفوه من السعداء توجه إليه ملائكة الرحمة وأن كان من الأشقياء توجه إليه ملائكة الغضب مرآة المجلسي 13/ 280 - 281 .
81- باب إذا عَسُرَ على الميت الموت واشتدَّ عليه النَّزْع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن ذريح قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : قال عليُّ بن الحسين(عليه السلام): إنَّ أبا سعيد الخدريّ كان من أصحاب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وكان مستقيماً ، فَنَزَعَ ثلاثة أيّام ، فغسّله(1)أهله ثمَّ حُمِل إلى مصلّاه فمات فيه .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إذا عسر على الميّت موته ونَزْعُه ، قُرب إلى مصلّاه الّذي كان يصلّي فيه(2).

3 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال : إذا اشتدّ عليه النّزع ، فضعه في مصلّاة الّذي كان يصلّي فيه أو عليه(3).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء ،عن أَبَان ،عن ليث المراديّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام): قال : قال : إِنَّ أبا سعيد الخدريّ قد رزقه الله هذا الرَّأي(4)، وإنّه قد اشتدّ نزعه فقال : احملوني إلى مصلّاي، فحملوه، فلم يلبث أن هلك.

5 - محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن سليمان الجعفريّ قال : رأيت أبا الحسن يقول لابنه القاسم : قم يا بنيّ فاقرأ عند رأس أخيك ﴿والّصّافّات صفّاً﴾ حتّى تستتمها ، فقرأ فلما بلغ ﴿أهُمْ أشدُّ خلقاً أمَّن خلقنا﴾ قضى الفتى، فلمّا سجّي(5)وخرجوا، أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له : كنّا نعهد الميّت إذ أُنِزلَ به، يقرأ عنده ﴿یس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴾ ،

ص: 126


1- إما بتطهيره من نجاسة إصابت جسده، أو غسلا استجب. وقد نص أصحابنا على استحباب أن يسجّى الإنسان حالة النزع في المكان الذي كان يصلي فيه .
2- التقريب من المصلّى - هنا - بمعنى النقل إليه . لا بمعنى الإدناء منه فقط . كما تدل عليه بقية الأخبار. وقد أخرج الحديث في التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ح 1 .
3- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين .2. قوله(عليه السلام)أو عليه أي الثوب أو الخمرة الذي كان يصلي عليه أو عليها .
4- أي أمرهم بحمله إلى مصلاه عند نزعه والحديث ضعيف على المشهور.
5- سُجِّي الميت أي غطي بثوب. وقد ترد في غير هذا الموضع بمعنى وجّه إلى القبلة . ولا منافاة بين ما ورد من استحباب قراءة يس في هذه الحالة لتعجيل الفرج، وبين أمره(عليه السلام) بقراءة سورة الصافات، وذلك لكون القرآن كله بركة ورحمة وفي جميع الحالات.

وصرت تأمرنا بالصافّات، فقال : يا بنيَّ، لم يقرأ عبدٌ مكروبٌ من موت قطّ إلّا عجّل الله راحته(1).

82- باب توجيه الميت إلى القبلة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم الشّعيريّ ؛ وغير واحد ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال في توجيه الميت تستقبل بوجهه القبلة، وتجعل قَدَمَيْه مما يلي القبلة(2).

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن محمّد بن أبي حمزة، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الميّت؟ فقال : استقبل بباطن قَدَمَيْه القِبلة(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : إذا مات لأحدكم ميّت فَسَجّوه تُجاه القبلة، وكذلك إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة، فيكون مستقبلا بباطن قدميه ووجهه إلى القبلة(4).

83- باب أن المؤمن لا يُكْرَهُ على قَبْض روحه

1 - أبو علي الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن أبي محمّد الأنصاريّ - قال :

ص: 127


1- التهذيب 1، نفس الباب، ح .. وفي ذيله : لا تُقرَأ عند مكروب قطّ إلا ... الخ .
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ... ، ح ا وفيه : يستقبل ، ويجعل هذا، والمراد بالميت من أشرف على الموت وصار في حالة النزع ، فأطلق عليه أنه ميت بعلاقة الأول والمشارفة وبلحاظ ما سيكون . والمشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم وجوب توجيه المحتضر إلى القبلة وأن نقل عن البعض القول بالاستجاب، كما نقل عن البعض القول بوجوب توجيهه بعد الموت لاقبله . بل نقل صاحب المعتبر اطباق العلماء أن زمان التوجيه قبل الموت لا بعده .
3- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 2 . الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت، ح 6 بتفاوت يسير .
4- التهذيب ،1 نفس ،الباب ، ح .. الفقيه 1 ، 27 - باب النوادر ، ح 33 هذا وقد ذهب البعض إلى القول بأن التسجية في اللغة هي التغطية، فلا يدل الحديث على أكثر من الأمر بتغطية الميت تجاه القبلة وهي أمر مستحب بالاجماع ولا يدل على وجوب توجيهه إلى القبلة، ومن المعلوم أن تغطية الميت إنما تكون بعد الموت لا قبله، ولكن يدفع هذا أن التغطية لما كان استحبابها مطلقا غير مقيد باستقبال القبلة اجماعا أضافة إلى قوله(عليه السلام)في الحديث : وكذلك إذا غسل ... الخ فإن هذين الأمرين يجعلانا نجزم بأن التسجية في الحديث كناية عن التوجيه إلى القبلة لأنها بمعنى التغطية فتأمل.

وكان خيّراً - قال : حدَّثني أبو اليقظان عمّار الأسديّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) : لو أنَّ مؤمناً أقسم على ربّه أن لا يميته ،ما أماته أبداً ، ولكن إذا كان ذلك أو(1)إذا حضر أَجَلُه ، بعث الله عزّ وجلَّ إليه ريحين: ريحاً يقال لها : المنسية، وريحاً يقال لها: المسخية، فأمّا المنسية فإنّها تنسيه أهله وماله ، وأمّا المسخية فإنّها تسخي نفسه عن الدُّنيا حتّى يختار ما عند الله(2).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن سدير الصيرفيّ قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك يا ابن رسول الله ، هل يُكْرَه المؤمن على قبض روحه؟ قال : لا والله إنّه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه، جزع عند ذلك، فيقول له ملك الموت: يا وليَّ الله ، لا تجزع، فو الّذي بعث محمّداً(صلی الله علیه وآله وسلم)لأَنا أبربك وأشفقُ عليك من والد رحيم لو حَضَرَك، افتح عينك فانظر ، قال : ويمثَّل له (3)رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ذريّتهم(عليهم السلام)، فيقال له: هذا رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة(عليهم السلام) رفقاؤك ، قال : فيفتح عينه فينظر، فينادي روحَه منادٍ من قِبَل ربِّ العزّة فيقول :﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (إلى محمّمد وأهل بيته)، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً (بالولاية)، مَرْضِيَّةً( بالثّواب)، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (يعني محمّداً وأهل بيته)، وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ فما شيء أحبُّ إليه من استلال (4)روحه واللّحوق بالمنادي .

84- باب ما يعاين المؤمنُ والكافرُ

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن علي بن عُقْبَة، عن أبيه قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): يا عُقبة، لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلّا هذا الأمر(5)الّذي

ص: 128


1- الترديد من الراوي ولا توجد (أو) في بعض النسخ .
2- وعلى ما في الحديث فالريحان على نحو المجاز، ويحتمل أن يكونا على نحو الحقيقة . وفي الصحاح : سَخَت نفسي عن الشيء : إذا تركته هذا والحديث مجهول.
3- والتمثل بالاجساد المثالية لمن مضى منهم(عليه السلام)والإمام الحي بجسده المقدس بحيث لا يراه غير الميت كما نقل مثل ذلك في كثير من المعجزات، والاستشكال بأنه يتفق في وقت واحد موت جماعة الكثيرة، فلا وجه له ، إذ يمكن أن لا يتفق ذلك في زمان واحد وعلى تقدير التسليم زمان الاحتضار ممتد غالباً فيمكن أن يحضروا عندهم جميعاً على التعاقب على أنه يمكن أي يروهم في مكانهم أو يحضروا بأجساد مثالية كثيرة في حياتهم أيضاً. مرآة المجلسي 13 / 285.
4- السُلّ - كما في القاموس - انتزاعك الشيء واخراجه في رفق كالإستلال. هذا، والحديث ضعيف على المشهور.
5- وهو الاقرار بالولاية.

أنتم عليه، وما بين أحدكم وبين أن يرى ما تَقِرُّ به(1)عينّه إلّا أن تبلغ نفسه إلى هذه، ثمَّ أهوى بيده إلى الوريد، ثمَّ اتّكأ - وكان معي المعلّى - فغمزني أن أسأله فقلت : يا ابن رسول الله ،فإذا بَلَغَتْ نَفْسُهُ هذه، أيُّ شيء يرى؟ فقلت له بضع عشرة مرَّة : أيُّ شيء؟ فقال في كلّها :يرى، ولا يزيد عليها ، ثمَّ جلس في آخرها فقال : يا عقبة ! فقلت : لبّيك وسَعْدَيك ، فقال : أَبَيْتَ إلّا أن تعلم؟ فقلت : نعم يا ابن رسول الله ، إنّما ديني مع دينك فإذا ذهب ديني كان ذلك(2) ، كيف لي بك يا ابن رسول الله كلِّ ساعة، وبكيتُ فَرَقَ لي ؟ فقال : يراهما واللهِ ، فقلت : بأبي وأُمّي ، من هما؟ قال : ذلك رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وعلي(عليه السلام)، يا عُقبة ، لن تموت نفس مؤمنة أبداً حتّى تراهما، قلت: فإذا نظر إليهما المؤمن أيرجع إلى الدُّنيا؟ فقال : لا ، يمضي أمامه، إذا نظر إليهما مضى أمامه، فقلت له : يقولان شيئاً؟ قال: نعم يدخلان جميعاً على المؤمن، فيجلس رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) عند رأسه ، وعليُّ(عليه السلام)عند رجليه ، فيكُّب عليه رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)فيقول : يا وليَّ الله ، أُبْشِرْ، أنا رسول الله إنّي خير لك ممّا تركتَ من الدُّنيا، ثمَّ ينهض رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فيقوم عليُّ(عليه السلام) حتّى يكبَّ عليه، فيقول: يا وليَّ الله ، أَبْشِر، أنا عليُّ بن أبي طالب الّذي كنتَ تحبّه ، أَمَا لأَنْفَعنَّكَ . ثمَّ قال : إنَّ هذا في كتاب الله عزّ وجلَّ ، قلت : أين جعلني الله فداك هذا من كتاب الله؟ قال: في يونس، قول الله عزَّ وجلَّ ههنا: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ *لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن خالد بن عمارة، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا حيل بينه(4)وبين الكلام، أتاه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ومن شاء الله ، مجلس رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عن يمينه، والآخر عن يساره(5)، فيقول له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): أمّا ما كنت ترجو فهو ذا أمامك، وأمّا ما كنت تخاف منه فقد أمِنْتَ منه ، ثمَّ يفتح له باب إلى الجنّة فيقول : هذا منزلك من الجنّة، فإن شئت رَدَدْناك إلى الدُّنيا ولك فيها ذهب وفضّة، فيقول : لا

ص: 129


1- قرَّة العين : برودتها وانقطاع بكائها ورؤيتها ما كانت مشتاقة إليه .
2- لعل المراد أن ديني إنما يستقيم إذا كان تابعاً لدينك وموافقاً لما تعتقده فإذا ذهب ديني بسبب عدم علمي بما تعتقده، كان ذلك : أي الخسران والهلاك والعذاب الأبدي، فذلك : اشارة إلى ما هو المعلوم مما يترتب على من فسدت عقيدته مرآة المجلسي 286/13 .
3- سورة يونس / 63 - 64 . وكلمات الله مواعيده وفسرت في بعض الأخبار بالأئمة الأطهار(عليهم السلام)وهذه البشرى، وهي البشارة، تحتمل كونها من بشارات الدنيا للمؤمن، كما تحتمل أنها من بشارات الآخرة. والحديث ضعيف على المشهور.
4- مقصد بالضمير المؤمن حال النَّزع
5- تنافي بين ما هنا وبين ما مر في الحديث السابق من جلوس رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عند رأسه وأمير المؤمنين(عليه السلام)عند رجليه، إذ قد يكون لظروف المكان والزمان والشخص المحتضر دخالة في ذلك وفي كيفية جلوسهما(صلی الله علیه وآله وسلم)منه .

حاجة لي في الدُّنيا، فعند ذلك يَبيَضَ لونه، ويرشح جبينه(1)وَتَقَلَّصُ شفتاه ، وتنتشر منخراه، وتدمع عينه اليسرى، فأيُّ هذه العلامات رأيت فاكتَفِ بها(2)، فإذا خرجت النّفس من الجسد، فيعرض عليها كما عرض عليه وهي في الجسد، فتختار الآخرة، فتغّسله فيمن يغسّله وتقلّبه فيمن يقلّبه، فإذا أُدْرِجَ في أكفانه ووضع على سريره، خرجت روحه تمشي بين أيدي القوم قُدُماً، وتلقاه أرواح المؤمنين يسلّمون عليه ويبشّرونه بما أعدَّ الله له جلَّ ثناؤه من النعيم، فإذا وضع في قبره، رُدَّ إليه الرُّوح إلى وِرْكيه(3)، ثمَّ يسأل عمّا يعلم، فإذا جاء بما يعلم، فتح له ذلك الباب الّذي أراه رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فيدخل عليه من نورها وضوئها وبَرْدها وطيب ريحها .

قال : قلت : جُعِلْتُ فداك، فأين ضَعْطَة القبر؟ فقال هيهات ما على المؤمنين منها شيء، والله إنَّ هذه الأرض لتفتخر على هذه فيقول : وطأ على ظهري مؤمن ولم يطأ على ظهرِكِ مؤمن، وتقول له الأرض: والله لقد كنتُ أحبّك وأنت تمشي على ظهري، فأمّا إذا وُلّيتك فستعلم ماذا أصنع بك، فتفسح له مدَّ بصره(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن سعيد بن يسار أنّه حضر أحدَ بُّني سابور وكان لهما فضل وورع وإخبات(5)، فمرض أحدهما وما أحسبه إلّا زكريّا بن سابور قال : فَحَضَرْتُهُ عند موته ، فبسط يده ثمَّ قال : ابيضت يدي يا عليُّ ، قال : فدخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)وعنده محمّد بن مسلم قال : فلمّا قمت من عنده ظننت أنَّ محمّداً يخبره بخبر الرَّجل ، فأتبعني(6)برسول، فرجعت إليه فقال : أخبرني عن هذا الرَّجل الّذي حَضَرْتَهُ عند الموت، أي شيء سمعته يقول؟ قال: قلت: بسط يده ثمَّ قال : ابيضت يدي يا عليُّ، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): والله رآه، والله رآه، والله رآه(7)

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان قال : حدَّثني من سمع أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : منكم والله يقبل، ولكم والله يغفر، إنّه ليس بين

ص: 130


1- أي يعلوه العرق.
2- أي في الشروع بالأعمال المتعلقة بالاحتضار، وإلا فكثير منها يتخلف عند الموت، أو في العلم بأنه قد حضره النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)والأئمة(عليهم السلام)إن مات بعد ذلك مرآة المجلسي 13 / 288 .
3- ردّ الروح إلى وركيه فقط لأن ذلك يكفي لجلوسه في قبره للمسألة من قبل الملكين.
4- يعني في الموضع الذي تكون فيه الروح في عالم البرزخ. هذا، والحديث مجهول.
5- الإخبات : الخشوع والتواضع ، وأبناء سابور كلهم ثقات رووا عن الصادق(عليه السلام) والكاظم(عليه السلام)كما يذكر النجاشي في رجاله .
6- يعني الصادق (عليه السلام).
7- والحديث موثق .

أحدكم وبين أن يغتبط(1)ويرى السّرور وقرة العين إلّا أن تبلغ نفسه ههنا - وأَوْمَاً بيده إلى حلقه - ثمَّ قال : إنّه إذا كان ذلك، واحتضر، حضره رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وعليَّ(عليه السلام)وجبرائيل وملك الموت(عليه السلام)، فيدنو منه عليُّ(عليه السلام)فيقول : يا رسول الله ، إنَّ هذا كان يحبّنا أهل البيت، فأحِبَّه، ويقول رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم):«يا جبرائيل، إنَّ هذا كان يحبُّ الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحِبَّه»، ويقول جبرائيل لمَلَك الموت : إنَّ هذا كان يحبُّ الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبّه وأَرْفِق به، فيدنو منه ملك الموت، فيقول : يا عبد الله ، أخذت فَكَاك رقبتك(2)، أخذت أمان براءتك(3)، تمسّكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدُّنيا؟ قال : فيوفّقه الله عزَّ وجلَّ فيقول: نعم(4)، فيقول: وما ذلك؟ فيقول : ولاية عليَّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فيقول : صَدَقْتَ ، أمّا الّذي كنت تحذره فقد آمَنَكَ الله منه ، وأمّا الّذي كنتَ ترجوه فقد أدركته ، أَبْشِرْ بالسّلف الصالح مرافقة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وعليّ وفاطمة(عليهم السلام)، ثمَّ يسلّ نفسه سلاًّ رفيقاً .

ثمَّ ينزل بكفنه من الجنّة وحنوطه من الجنّة بمسك أذفر ، فيكفّن بذلك الكفن، ويحنّط بذلك الحنوط ، ثمَّ يكسى حلّه صفراء من حلل الجنّة ، فإذا وُضع في قبره فُتح له باب من أبواب الجنّة يدخل عليه من رَوْحُها ورَيْحَانها ، ثمَّ يفسخ له عن أمامه مسيرة شهر، وعن يمينه وعن يساره ، ثمَّ يقال له : نَمْ نَوْمَةَ العروس على فراشها، أبشِرْ برَوحٍ وريحان وجنّة نعيم، وربّ غير غضبان، ثمَّ يزور آل محمّد في جنان رَضْوى(5)، فيأكل معهم من طعامهم، ويشرب من شرابهم، ويتحدّث معهم في مجالسهم، حتّى يقوم قائمنا أهل البيت، فإذا قام قائمنا بعثهم الله فأقبلوا معه يلبّون زمراً زمراً(6)، فعند ذلك يرتاب المبطلون، ويضمحلّ المحلّون(7)، وقيلُ ما يكونون ، هلكت المحاضير ونجي المقربون(8)من أجل ذلك قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)لعليّ(عليه السلام):

ص: 131


1- الغبطة - كما في القاموس - حسن الحال والمسرة .
2- اشارة إلى قوله تعالى : فك رقبة، وقد فسرت في بعض الأخبار بولايتهم(عليهم السلام).
3- أى ما هو سبب للبراءة من النار .
4- وهذا يدل على أن قول ملك الموت(عليه السلام): أخذت إنما هو على نحو الاستفهام. هذا، والحديث ضعيف على المشهور.
5- رضوى : - كما في القاموس - جبل بالمدينة وموضع أقول : والظاهر أن المراد بها هنا الموضع الذي تكون فيه جنة الدنيا . أي في عالم البرزخ .
6- أي المنتهكون لحرمات الله
7- أي هلك المستعجلون لقيام القائم(عليه السلام)، وفي ذلك ذمّ لهم . وفرس محضير: أي كثير العدو.
8- المتربون - بفتح الراء - أهل التسليم والانقياد لا يعترضون على الله في قضائه وقدره وبكسر الراء؛ الذي يقولون : الفرج قريب ولا يستبطئونه وتضيق صدورهم بتأخره .

«أنت أخي، وميعاد ما بيني وبينك وادي السّلام »(1)، قال : وإذا احتضر الكافر حض-ره رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وعليُّ (عليه السلام) وجبرائيل(عليه السلام)وَمَلَك الموت(عليه السلام)، فيدنو منه عليٌّ(عليه السلام)فيقول : يا رسول الله ، إنَّ هذا كان يبغضنا أهل البيت، فأَبْغِضْه، ويقول رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «يا جبرائيل : إنَّ هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسوله فَأبْغِضْه»، فيقول جبرائيل : يا ملك الموت، إنَّ هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسوله فَأَبْغِضْه وأَعْنف عليه، فيدنو منه ملك الموت فيقول : يا عبد الله ، أخذت فكاك رهانك، أخذت أمان براءتك، تمسّكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدُّنيا؟ فيقول : لا ، فيقول : أُبْشِرْ يا عدُّو الله بسخط الله عزَّ وجلَّ وعذابه والنّار، أمّا الّذي كنت تحذره فقد نزل بك ، ثمَّ يسلّ نفسه سلاًّ عنيفاً ، ثمَّ يوكّل بروحه ثلاثمائة شيطان كلّهم يبزق في وجهه ويتأذى برَوْحه ، فإذا وُضع في قبره، فُتح له بابٌ من أبواب النّار فيدخل عليه من قَيْحها ولهبها .

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيِّ، عن ابن مسكان عن عبد الرَّحيم قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): حدِّثني صالح بن ميثم، عن عَباية الأسديّ أنّه سمع علياً(عليه السلام)يقول : والله لا يبغضني عبد أبداً يموت على بغضي، إلّا رآني عند موته حيث يكره ، ولا يحبّني عبد أبداً فيموت على حُبّي ، إلّا رآني عند موته حيث يُحِبُّ . فقال أبو جعفر(عليه السلام): نعم، ورسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)باليمين(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن عليِّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن يحيى بن سابور قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول في الميّت : تدمع عينه عند الموت، فقال : ذلك عند معاينة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فيرى ما يَسُرُّه ، ثمَّ قال : أما ترى الرَّجل يرى ما يسرُّه وما يحبُّ فتدمع عينه لذلك ويضحك.

7 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكنديّ، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان ، عن عامر بن عبد الله بن جذاعة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سمعته يقول : إنَّ النفس إذا وقعت في الحلق أتاه ملك فقال له : يا هذا - أو(3)يا فلان - أمّا ما كنتَ ترجو فآيِس منه، وهو الرجوع إلى الدُّنيا، وأمّا ما كنتَ تخاف(4)فقد أَمِنْتَ منه .

ص: 132


1- هذا يؤيد ما ورد في بعض الأخبار من أن مجتمعهم(عليهم السلام)بعد مفارقة الأرواح للأبدان إنما هو وادي السلام، والله العالم والحديث ضعيف على المشهور
2- الحديث مجهول.
3- الترديد من الراوي . والحديث حَسَنُ .
4- أي من عذاب الآخرة.

8 - أبَان بن عثمان، عن عُقْبَة أنه سمع أبا عبد الله(عليه السلام)يقول: إنَّ الرَّجل إذا وقعت نفسه في صدره يرى، قلت: جُعِلْتُ فِداك ، وما يرى؟ قال : يرى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فيقول له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «أنا رسول الله أبشر ، ثمَّ يرى عليَّ بن أبي طالب (عليه السلام)فيقول : أنا عليُّ بن أبي طالب الّذي كنتَ تحبّه ، تحبّ أن أنفعك اليوم ، قال : قلت له : أيكون أحدٌ من الناس يرى هذا ثمَّ يرجع إلى الدُّنيا؟ قال : قال : لا ، إذا رأى هذا أبداً مات وأعظَمَ ذلك(1)، قال : وذلك في القرآن قول الله عزَّ وجلَّ :﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ﴾.

9 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبديّ، عن ابن أبي يعفور قال : كان خطّاب الجهنيّ خليطاً لنا(2)، وكان شديد النّصب لآل محمّد(عليه السلام)، وكان يصحب نجدة الحروريّة(3)قال : فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقّية فإذا هو مغمى عليه في حدِّ الموت، فسمعته يقول مالي وَلَكَ يا عليُّ ، فأخبرت بذلك أبا عبد الله(عليه السلام)، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): رآه وربِّ الكعبة، رآه وربِّ الكعبة .

10 - سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الحميد بن عوَّاض قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : إذا بلغت نفس أحدكم هذه، قيل له : أمّا ما كنت تحذر من همِّ الدُّنيا وحُزنها فقد أَمِنتَ منه ويقال له : رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وعليُّ(عليه السلام)وفاطمة (عليه السلام)أمامَك(4).

11 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : إنَّ آية المؤمن إذا حضره الموت، يَبْيَاض وجهه أشدّ من بياض لونه ، ويرشح جبينه(5)، ويسيل من عينيه، كهيئة الدموع، فيكون ذلك خروج نفسه، وإنَّ الكافر تخرج نفسه سَلّاً من شدقه كزبد البعير(6)أو كما تخرج نفْس البعير .

ص: 133


1- أي عدَّ ما رأى مما بشر به عظيماً بحيث لا يختار عليه شيئاً . ويحتمل أن يكون من كلام الراوي، والمراد أنه(عليه السلام)أعظم كلامي واستغرب ما قلت له من جواز الرجوع إلى الدنيا بعد رؤية ذلك، وهو أظهره مرآة المجلسي 294/13
2- أي مخالطاً معنا، يجالسنا ويماشينا .
3- رأس الخوارج والحرورية : نسبة إلى حروراء؛ موضع بالكوفة اتخذه الخوارج مقراً لهم .
4- الحديث ضعيف على المشهور
5- أي يعرق.
6- في الصحاح : الشَّدْق : جانب الفم ، وقال : الزَّبد : زبد الماء والبعير والفضة وغيرها . وزبد شدق فلان وتزيد بمعنى والحديث ضعيف على المشهور. وقد أخرجه في الفقيه 1 ، 14 - باب غسل المبت، ح 21 وفيه : نفس الحمار.

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد، جميعاً عن القاسم بن محمّد، عن عبد الصمد بن بشير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قلت: أصلحك الله ، مَنْ أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، ومن أبغض لقاء الله أبغض الله لقاءه؟ قال: نعم، قلت: فواللهِ إنّا لنكره الموت، فقال : ليس ذلك حيث تذهب، إنّما ذلك عند المعاينة، إذا رأى ما يحبُّ فليس شيء أحبُّ إليه من أن يتقدّم، والله تعالى يحبُّ لقاءه، وهو يحبُّ لقاء الله حينئذ، وإذا رأى ما يكره، فليس شيء أبغض إليه من لقاء الله ، والله يبغض لقاءه .

13 - أبو علي الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي المستهلّ، عن محمّد بن حنظلة قال : قلت لابي عبدالله(عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك ، حديث سمعته من بعض شيعتك ومواليك يرويه عن أبيك ؟ قال : وما هو ؟ قلت زعموا أنّه كان يقول : أغبط ما يكون امرءٌ بما نحن عليه إذا كانت النفس في هذه، فقال: نعم، إذا كان ذلك، أتاه نبیُّ الله ،وأتاه عليُّ ، وأتاه جبرائيلُ، وأتاه مَلَكُ الموت(عليه السلام) فيقول : ذلك الملك لعليّ(عليه السلام): يا عليُّ ، إِنَّ فلاناً كان موالياً لك ولأهل بيتك، فيقول : نعم، كان يتولانا ويتبرّء من عدوِّنا، فيقول ذلك نبيُّ الله الجبرائيل، فيرفع ذلك جبرائيل إلى الله عزَّ وجلَّ(1).

14 - وعنه، عن صفوان، عن جارود بن المنذر قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إذا بلغت نفس أحدكم هذه - وأوما بيده إلى حلقه - قرَّت عَيْنُهُ .

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن سليمان بن داود، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام)قوله عزّ وجلّ :﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ - إلى قوله - إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾(2)فقال : إنّها إذا بلغت الحلقوم ، ثمَّ أُرِي منزله من الجنّة فيقول : ردُّوني إلى الدُّنيا حتّى أخبر أهلي بما أرى، فيقال له: ليس إلى ذلك سبيل .

16 - سهل بن زياد، عن غير واحد من أصحابنا قال : قال : إذا رأيت الميّت قد شَخص

ص: 134


1- الحديث مجهول. وقوله : ذلك المَلَك : اشارة إلى ملك الموت . وقوله : فيرفع ذلك : يعني هذا الكلام، أو روح المؤمن.
2- سورة الواقعة / 83 إلى 87 . والآيات هكذا: « فلولا إذا بَلَغَتِ الحُلْقوم ، وأنتم حينئذ تنظرون، ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون، فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صدقين». والحلقوم : الحَلْق، جمعها : حلاقيم والضمير في (إليه) : يعود إلى المحتضر ومدينين: محاسبين والضمير في ترجعونها يقصد به الدنيا .

ببصره(1)، وسالت عينه اليسرى، ورشح جبينه، وتقلّصت شفتاه، وانتشرت منخراه، فأيّ شيء رأيتَ من ذلك فَحَسْبُكَ بها (2).

وفي رواية أخرى: وإذا ضحك أيضاً فهو من الدّلالة ، قال : وإذا رأيته قد خَمَصَ (3)وج-هه وسالت عينه اليمنى فاعلم أنّه(4).

85- باب إخراج روح المؤمن والكافر

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن إدريس القميّ قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إِنَّ الله عزَّ وجلَّ يأمر مَلَك الموت فيردُّ نفس المؤمن ليهوِّن عليه ويخرجها من أحسن وجهها، فيقول النّاس : لقد شدّد على فلان الموت، وذلك تهوين من الله عزّوجلّ عليه(5)، وقال : يصرف عنه إذا كان ممّن سخط الله عليه، أو ممّن أبغض الله أمره ، أن يجذب الجذبة الّتي بلغتكم بمثل السفّود(6)من الصوف المبلول، فيقول الناس : لقد هوَّن الله على فلان الموت .

2 - عنه ، عن يونس، عن الهيثم بن واقد، عن رجل عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : دخل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)على رجل من أصحابه وهو يجود بنفسه فقال : يا مَلَكَ الموت، ارفِقْ بصاحبي، فإنّه مؤمن ، فقال : أَبشِرْ يا محمّد ، فإنّي بكلِّ مؤمن رفيق، واعلم يا محمّد أنّي أقبض روح ابن آدم، فيجزع أهله، فأقوم في ناحية من دارهم فأقول : ما هذا الجزع، فوالله ما تعجلّناه قبل أَجَله، وما كان لنا في قبضه من ذنب فإن تحتسبوا وتصبروا تُؤجروا، وإن تجزعوا تأثموا وتُوزَرُوا ، واعلموا أنَّ لنا فيكم عَوْدَةً ثمَّ عَوْدَة، فالحذرَ الحذر ، إنّه ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مَدَر ولا وَبَر(7)إلا وأنا أتصفّحهم في كلِّ يوم خمسَ مرَّات، ولأنَا أعلمُ بصغيرهم

ص: 135


1- شخوص البصر - كما في النهاية - : ارتفاع الاجفان إلى فوق وتحديد النظر وانزعاجه .
2- الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت ج 20 . والحديث ضعيف على المشهور.
3- قال في القاموس : خمَصَ الجرح سكن ،ورمه وخمص البطن - مثلثة الميم خلا .
4- فاعلم أنه : أي مات أو أنه من أهل النار.
5- المراد أنه يردّ عليه روحه مرة بعد أخرى، وينزع عنه ليخفّف بذلك سيئاته ولا يعلم الناس أنه سبب للتخفيف والكافر بخلاف ذلك. ويحتمل أن يكون المراد أنه يردّ الروح إلى جسده بعد قرب النزع مرة بعد أخرى لئلا يشقّ عليه مفارقة الدنيا دفعة فيهون عليه، والكافر يصرف عنه ذلك والله يعلم مرآة المجلسي 298/13 .
6- السفود - كما يقول الجوهري - الحديدة التي يشوى بها اللحم .
7- أي أهل الحضر ممن يبنون بيوتهم بالطين أو أهل البادية ممن بيوتهم الخيام المصنوعة من وبر الإبل وغيرها.

وكبيرهم منهم بأنفسهم ، ولو أردتُ قَبْضَ روح بعوضه(1)ما قدرت عليها حتّى يأمرني ربّي بها، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): إنّما يتصفّحهم في مواقيت الصّلاة، فإن كان ممّن يواظب عليها عند مواقيتها لقّنه شهادة أن لا إله إلّا الله وأنَّ محمداً رسول الله ، ونحّى عنه مَلَكُ الموت إبليسَ .

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : حضر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)رجلا من الأنصار ، وكانت له حالة حسنة(2)عند رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)،فحضره عند موته، فنظر إلى مَلَك الموت عند رأسه فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): ارفق بصاحبي فإنّه مؤمن، فقال له مَلَكُ الموت :يا محمّد، طِب نفساً وقَرَّ عيناً، فإنّي بكلّ مؤمن رفيق شفيق، واعلم يا محمّد أنّي لأحْضُرُ ابن آدم عند قَبْض روحه ، فإذا قبضته صرخ صارخ من أهله عند ذلك، فأتنحّى في جانب الدَّار ومعي روحه(3)فأقول لهم : والله ما ظلمناه، ولا سَبَقْنا به ،أجَلَه ، ولا استعجلنا به قَدَرَه، وما كان لنا في قبض روحه من ذنب، فإن ترضَوا بما صنع الله به وتصبروا تؤجروا وتُحمدوا، وإن تجزعوا وتسخطوا تأثموا وتُوزَروا، وما لكم عندنا من عتبي(4)، وإنَّ لنا عندكم أيضاً لبقيّةً وعَوْدَةً ، فالحذَرَ الحذَرَ، فما من أهل بيت مَدَر ولا شَعْر في برّ ولا بحر إلّا وأنا أتصفّحهم في كلِّ يوم خمس مرّات عند مواقيت الصّلاة، حتّى لأنَا أعلم منهم بأنفسهم ، ولو أنّي يا محمّد ، أردت قبض نفس بعوضة ما قدرت على قبضها حتّى يكون الله عزّ وجلَّ هو الأمر بقبضها، وإنّي لملقّن المؤمن عند موته شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنَّ محمداً رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

86- باب تعجيل الدفن

1 - أبو علي الأشعريُّ ، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «يا معشر النّاس، لا ألْفَين(5)رجلاً

ص: 136


1- قيل: هذا يدل على أن قبض روح الحيوانات أيضاً مفوّض إليه(عليه السلام)، وفيه نظر، فتأمل» مرآة المجلسي 13/ 29 هذا والحديث مرسل .
2- أي كان مؤمناً مَرْضِيّاً عنده(صلی الله علیه وآله وسلم).
3- ظاهره كغيره من الأخبار تجسّم الروح، ويمكن تأويله .
4- في بعض النسخ من عتب والعتبى : الرجوع عن الذنب والإساءة واستعتب : طلب الرضا عنه وتجاوز إساءته. ولعل المعنى : إذا فعلتم ذلك ومتم عليه فلا ينفعكم الاستعتاب والاسترضاء . أو ليس لكم علينا من عتاب أو ليس أن تطلبوا منا إرجاع ميتكم إلى الدنيا» مرآة المجلسي .300/13. هذا، والحديث ضعيف.
5- في بعض النسخ: لا القَين بالقاف. وقد اثبته المجلسي بالفاء في الأصل، وبالقاف في الشرح . وقال : أي لا أجدن وعلى النسختين يحتمل الإخبار والإنشاء .

مات له ميّت(1)فانتظر به الصّبح ، ولا رجلا مات له ميّت نهاراً فانتظر به اللّيل، لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشّمس ولا غروبها، عجّلوا بهم إلى مضاجعهم يرحمكم الله ، فقال النّاس: وأنت يا رسول الله يرحمك الله (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن العبّاس بن معروف، عن اليعقوبيِّ، عن موسى بن عيسى ،عن محمّد بن ميسر، عن هارون بن الجهم، عن السكونيّ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم):« إذا مات الميّت أوَّل النهار، فلا يَقِيلُ إلّا في قبره »(3).

87- باب نادر

1 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد؛ والحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، جميعاً عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ليس من ميّت يموت ويُترَكُ ،وحده، إلّا لعب به الشيطان في جوفه(4).

88- باب الحائض تمرض المريض

1 - عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة قال : قلت لأبي الحسن(عليه السلام): المرأة تقعد عند رأس المريض

ص: 137


1- بحكم المقابلة مع ما بعده : يعني ليلًا.
2- وقد أثبت المجلسي في الأصل ما هو مجود هنا ، بينما ذكر في الشرح : فرحمك الله ، وقال : أي استجيب دعاؤنا فرحمك الله . وأضاف والظاهر أنه كان في بعض النسخ بدل : - يرحمك الله - فجمع بينهما بقرينة أنه ليس في بعضها - فرحمك الله .. هذا، والحديث ضعيف. وقد أخرجه في التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 4 . الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت، ح 44 .
3- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ، ح 5 وقوله(عليه السلام): فلا يقيل : من القيلولة . قال في القاموس : قال فيلاً وقائلة وقيلولة ومقيلا نام فيه فهو قائل والحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 12 وفيه : . إلا لعب الشيطان في جوفه . الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت ح54 بتفاوت واختلاف، ورواه مرسلاً. وكأن المراد بلعب الشيطان، ارسال الحيوانات والديدان إلى جوفه. ويحتمل أن يكون المراد بقوله : يموت، حال الاحتضار، أي يلعب الشيطان في خاطره بإلقاء الوساوس والتشكيكات». مرآة المجلسي 302/13. هذا، والحديث ضعيف على المشهور.

وهي حائض في حدَّ الموت ؟ فقال : لا بأس أن تُمَرِّضه، فإذا خافوا عليه وقرب ذلك ، فَلْتَتَنَحَ عنه وعن قربه، فإن الملائكة تتأذّى بذلك(1).

89- باب غسل الميت

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا أردت غسل الميّت، فاجعل بينك وبينه ثوباً يستر عنك عورته إمّا قميصاً وإمّا غيره، ثمَّ تبدأ بكفّيه ورأسه ثلاث مرّات بالسّدر، ثمَّ سائر جسده وابدأ بشّقه الأيمن، فإذا أردت أن تغسل فَرْجَه، فَخُذْ خرقة نظيفة فلفّها على يدك اليسرى، ثمَّ اَدْخِلْ يدك من تحت الثوب الّذي على فرج الميّت فاغسله من غير أن ترى عورته، فإذا فرغت من غسله بالسّدر، فاغسله مرَّة أخرى بماء وكافور، وشيء من حنوطه ، ثمَّ اغسله بماء بحت(2)غسلة أُخرى، حتّى إذا فرغت من ثلاث(3)، جعلته في ثوب، ثمَّ جفّفته(4)

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ؛ ومحمّد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن غسل الميّت؟ فقال : اغسله بماء وسدر، ثمَّ اغسله على أثر ذلك غسلة أُخرى بماء وكافور وذريرة(5)إن كانت، واغسله الثالثة بماء قراح قلت ثلاث غسلات لجسده كلّه ؟ قال : نعم ، قلت : يكون عليه ثوب إذا غسّل؟ قال : إن استطعت أن يكون عليه قميص فغسّله من تحته وقال: أحبُّ لمن غسّل الميّت أن يلفُّ على يده الخرقة حين يغسله(6).

ص: 138


1- التهذيب 1 ، 23 باب تلقين المحتضرين ، خ 6. ورواه في قرب الإسناد أيضاً، ص / 129 . قوله تمرّضه : أي تقوم على خدمته وقضاء حوائجه في مرضه والأمر بالتنحي محمول على الاستحباب على المشهور.
2- ماء بحت: أي ماء قراح خالص من كل خليط من السدر والكافور .
3- أي الغسلات الثلاث بالسدر والكافور والماء القراح .
4- وقد دل الحديث على وجوب ستر عورة الميت عند تغسيله عن الغاسل وغيره وعلى استحباب غسل كفيه قبل الشروع في الغل المرسوم. كما دل على حرمة ملامسة الغاسل لفرج المغسول إلا من وراء خرقة يلفها على يده، وذلك لأن المس أقوى من النظر، وكما حرم التالي حرم الأول بطريق أولى، كما يشعر الحديث التالي باستحباب أن يكون الغسل لباقي جسد أيضاً من دون مس مباشر والحنوط - كما في القاموس - كل طيب يخلط للميت. هذا، وقد أخرج الحديث في التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ... ، ح 42 .
5- الذريرة:- كما يقول ابن ادريس في السرائر - نبات طيب غير معهود ويسمّى بالقحان أو القمحان ويقول العلامة في المعتبر إنها الطيب المسحوق وقوله إن كانت : يشعر بعدم تحتمها .
6- التهذيب 1 ، 5 - باب الأغال المفترضات والمسنونات ، ح 14 ، وكرره برقم 43 من الباب 13 من نفس الجزء أيضاً. والحديث صحيح .

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن الحلبيّ قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): يغسّل الميّت ثلاث غسلات، مرَّة بالسّدر، ومرَّة بالماء يطرح فيه الكافور، ومرَّة أُخرى بالماء القراح ، ثمَّ يكفّن ، وقال : في وصيّته أن أكفّنه في ثلاث أثواب أحدها رداء له حِبَرَة (1)، وثوب آخر وقميص ، قلت(2): ولِمَ كتب هذا ؟ قال : مخافة قول الناس(3)وعصّبناه بعد ذلك بعمامة، وشققنا له الأرض من أجل أنّه كان بادنا(4)، وأمرني أن أرفع القبر من الأرض أربع أصابع مُفَرّجات، وذكر أنَّ رشُ القبر بالماء حسن(5).

4 - عنه ، عن محمّد بن سنان، عن عبد الله الكاهليِّ قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن غسل الميّت ؟ فقال : استقبل بباطن قدميه القبلة حتّى يكون وجهه مستقبل القبلة، ثمَّ تُلَيِّنُ مفاصله، فإن امتَنَعَتْ عليك فَدَعْها، ثمَّ ابدأ بفَرْجه بماء السّدر والحُرْض(6)، فاغسله ثلاث غسلات، وأَكثِر من الماء، وامسح بطنه مسحاً رفيقاً ، ثمَّ تحوّل إلى رأسه وابدأ بشقّه الأيمن من لحيته ورأسه، ثمَّ ثنَّ بشقّه الأيسر من رأسه ولحيته ووجهه واغسله برفق، وإيّاك والعنف، واغسله غسلاً ناعماً ، ثمَّ أَضْجِعْهُ على شقه الأيسر ليبدو لك الأيمن، ثم اغسله من قرنه إلى قدميه وامسح يدك على ظهره وبطنه ثلاث غسلات ، ثمَّ ردَّه إلى جنبه الأيمن حتّى يبدو لك الأيسر، فاغسله ما بين قرنه إلى قدميه وامسح يدك على ظهره وبطنه ثلاث غسلات [ثمَّ ردَّه إلى قفاه فابدأ بفرجه بماء الكافور فاصنع كما صنعت أوَّل مرَّة ، اغسله ثلاث غسلات(7)] بماء الكافور والحُرْض ، وامسح يدك على بطنه مسحاً رفيقاً ، ثمَّ تحوّل إلى رأسه فاصنع كما صنعت أولاً بلحيته من جانبيه كلاهما ، ورأسه ووجهه بماء الكافور ثلاث غسلات ، ثمَّ ردَّه إلى الجانب الأيسر حتّى يبدو لك الأيمن، فاغسله من قرنه إلى قدميه ثلاث غسلات ، ثمَّ ردَّه إلى الجانب الأيمن حتّى يبدو لك الأيسر، فاغسله من قرنه إلى قدميه ثلاث غسلات، وأَدْخِلْ يدك تحت

ص: 139


1- الحِبَرَة : ضَرْبٌ من البرد اليمني .
2- القائل - حسب ظاهر الكلام - هو الحلبي . ويحتمل أن القائل هو الصادق(عليه السلام)لأبيه(عليهم السلام)، وسوف يأتي التصريح به في رواية برقم 7 من الباب 90 من هذ الجزء. وعليه لا بد من قراءة (كتب) على المجهول.
3- المقصود بالناس : أبناء العامة ، وبكتابة الباقر(عليه السلام) ذلك في وصيته يكون للصادق(عليه السلام)، العذر في ترك ما هو المشهور عندهم. أو يكون المراد قول الناس في إمامته، فإن الوصية علامة الإمامة . فراجع مرآة المجلسي 305/13 .
4- بادناً سميناً. ويقال للرجل والمرأة .
5- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 44 .
6- الحُرْض: الأشنان .
7- هذه الزيادة وجدت في التهذيب، وسقطت من الفروع هنا، وقد نبه على ذلك العلامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول 306/13 وقال بعد أن أثبتها أخذاً من التهذيب : وهو الصواب ولعله سقط من نساخ الكتاب.

مَنْكِبَيْه وذراعيه ويكون الذّراع والكفّ مع جنبه طاهرة، كلّما غسلت شيئاً منه أدخلت يدك تحت منكبيه وفي باطن ذراعيه ، ثمَّ ردَّه إلى ظهره، ثمَّ اغسله بماء قراح كما صنعت أوَّلاً ، تبدأ بالفرج، ثمَّ تَحَوَّل إلى الرّأس واللّحية والوجه حتّى تصنع كما صنعت أوّلاً بماء قراح ، ثمَّ آزره بالخرقة ويكون تحتها القطن تذفره به إذفاراً(1)قطناً كثيراً، ثمَّ تشدّ فخذيه على القطن بالخرقة شدّاً شديداً حتّى لا تخاف أن يظهر شيء، وإيّاك أن تُقعِدَهُ أو تغمز بطنه، وإيّاك أن تحشو في مسامعه شيئاً، فإن خفت أن يظهر من المنخَرَيْنِ شيء فلا عليك أن تُصَيّر ثَمَّ قطناً، وإن لم تَخَفْ فلا تجعل فيه شيئاً، ولا تخلّل أظافيره، وكذلك غسل المرأة(2).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن رجاله، عن يونس عنهم(عليهم السلام)قال : إذا أردت غسل الميّت، فَضَعْهُ على المغتَسَل مستقبلَ القبلة، فإن كان عليه قميص فأَخْرَجْ يده من القميص، واجمع قميصه على عورته، وارفعه من رجليه إلى فوق الرُّكبة، وإن لم يكن عليه قميص، فألْقِ على عورته خرقة، واعمد إلى السّدر فصيّره في طست، وصبُّ عليه الماء، واضربه بيدك حتّى ترتفع رغوته، واعزل الرَّغوة في شيء، وصبَّ الآخر في الإجّانة الّتي فيها الماء، ثمّ اغسل يديه ثلاث مرَّات كما يغتسل الإنسان من الجنابة إلى نصف الذِّراع ، ثمَّ اغسل فرجه ونَقِهِ، ثُمَّ اغسل رأسه بالرَّغوة وبالغ في ذلك واجتهد أن لا يدخل الماء منخَرَيَه ومسامعه ، ثمَّ أَضْحِعْهُ على جانبه الأيسر، وصبَّ الماء من نصف رأسه إلى قدميه ثلاث مرَّات، وأدْلُك بدنه دَلكاً رفيقاً، وكذلك ظهره وبطنه، ثمَّ أَضْجِعْهُ على جانبه الأيمن وافعل به مثل ذلك، ثمَّ صبّ ذلك الماء من الإجاّنة، واغسل الإجّانة بماء قراح، واغسل يديك إلى المرفقين، ثمَّ صبَّ الماء في الماء في الآنية، والْقِ فيه حبّات كافور، وافعل به كما فعلت في المرّة الأولى، ابدأ بيديه ثمَّ بِفَرْجِهِ ، وامسح بطنه مسحاً رفيقاً ، فإن خرج شيءٌ(3)فأنقِهِ ، ثمَّ اغسل رأسه، ثمَّ أَضْجِعْهُ على جنبه الأيسر، واغسل جنبه الأيمن وظهره وبطنه ، ثمَّ اَضْجِعْهُ على جنبه الأيمن، واغسل جنبه الأيسر كما فعلت أوَّل مرَّة ، ثمَّ اغسل يديك إلى المرفقين، والآنية، وصبَّ فيه الماء القراح، واغسله بماء قراح كما غسّلته في المرَّتين الأوَّلتين، ثمَّ نشّفه بثوب طاهر، واعمد إلى قطن فذرَّ عليه شيئاً من حنوط، وضعه على فَرْجه ؛ قُبُل ودُبُر، واحش القطن في دبره لئلّا يخرج منه شيء، وخذ خرقة طويلة

ص: 140


1- الإستذفار، ويقال أيضاً الإستثفار، هو أن تأخذ خرقة طويلة يشد أحد طرفيها من قدام ويخرجها من بين فخذي الميت ويشدّ طرفها الآخر من خلفه .
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 41 بتفاوت يسير وأخرج جزءاً صغيراً من ذيله في الفقيه 1 ، 27 - باب النوادر، ح 31 و 32 .
3- يعني من جوفه من النجاسة والقذر.

عرضها شبر فشدّها من حَقويه(1)، وضمَّ فخذيه ضمّاً شديداً ولفّها في فخذيه، ثمَّ أَخْرِج رأسها من تحت رجليه إلى جانب الأيمن وأغرزها في الموضع الّذي لففت فيه الخرقة، وتكون الخرقة طويلة تلفُّ فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفّاً شديداً(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن العمركيِّ بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن(عليه السلام)قال: سألته عن الميّت، هل يغسّل في الفضاء؟ قال : لا بأس، وإن سُتِر بستر فهو أحبُّ إليَّ(3).

90- باب تحنيط الميت وتكفينه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن رجاله، عن يونس، عنهم(عليهم السلام)قال : في تحنيط الميّت وتكفينه، قال : ابسط الحِبَرَةَ بَسْطاً ، ثمَّ ابسط عليها الإزار ، ثمَّ ابسط القميص عليه، وتردَّ مقدَّم القميص عليه ، ثمَّ اعمد إلى كافور مسحوق فضعه على جبهته موضع سجوده، وامسح بالكافور على جميع مفاصله من قرنه إلى قدميه، وفي رأسه، وفي عنقه ومنكبيه ومرافقه، وفي كلِّ مفصل من مفاصله من اليدين والرِّجلين، وفي وسط راحتيه، ثمَّ يحمل فيوضع على قميصه، ويردُّ مقدَّم القميص عليه، ويكون القميص غير مكفوف ولا مزرور، ويجعل له قطعتين من جريد النخل رطباً قدر ذراع، يجعل له واحدة بين ركبتيه ؛ نصف ممّا يلي الساق ونصف ممّا يلي الفخذ، ويجعل الأُخرى تحت إبطه الأيمن، ولا يجعل في منخريه ولا في بصره ومسامعه ولا على وجهه قطناً ولا كافوراً ؛ ثمَّ يعمّم، يؤخذ وسط العمامة فيُثنى على رأسه بالتدوير، ثمَّ يلقى فضل الشّق الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن، ثمَّ يُمَدُّ على صدره(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن مفضّل بن صالح، عن زيد

ص: 141


1- الحَقِّوُ: معقد الإزار من الوسط. ولفّ هذه الخرقة بالكيفية الواردة في الرواية هو معنى الإستذفار والإذفار الوارد في الرواية السابقة .
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 45 بتفاوت يسير والغرز: الإدخال والإخفاء
3- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 24. الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت، ح 55. والمقصود بالفضاء : المكان المكشوف الغير المسقوف .
4- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 56 بتفاوت يسير . هذا والحنوط - كرسول - كما في القاموس - كل طيب يخلط للميت أو هو - كما في المجمع - كل طيب يصنع له والمشهور عندنا بل نقل الإجماع عليه هو وجوب مسح الكافور على المساجد السبعة للميت وهي الجبهة واليدان والركبتان وابهاما الرجلين وهنالك مواضع ذكرها فقهاؤنا رضوان الله عليهم يستحب مسحها به أيضاً مبسوطة في مظانها فراجع .

الشحّام قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، بمَ كُفن؟ قال : في ثلاثة أثواب ؛ ثوبين صحاريّين، وبرد حِبَرَة(1).

3- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كفنتَ الميّت، فذرَّ على كلِّ ثوب شيئاً من ذريرة وكافور(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: إذا أردت أن تحنّط الميّت، فاعمد إلى الكافور فامسح به آثار السّجود منه ، ومفاصله كلّها، ورأسه، ولحيته، وعلى صدره من الحَنوط . وقال حَنُوط الرَّجل والمرأة سواء وقال : وأَكْرَهُ أَن يُتْبَعَ بمَجْمَرة(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عثمان(4)، عن حريز: عن زرارة؛ ومحمّد بن مسلم قالا : قلنا لأبي جعفر(عليه السلام): العمامة للميّت من الكفن؟ قال : لا ، إنّما الكفن المفروض ثلاثة أثواب، وثوب تامُّ لا أقلّ منه يواري جسده كلّه، فما زاد فهو سنّة إلى أن يبلغ خمسة أثواب، فما زاد فهو مبتدع، والعمامة سنّة ، وقال : أمر النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)بالعمامة، وعُمّم النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم)، وبعث إلينا الشيخ الصّادق(عليه السلام)(5)ونحن بالمدينة لمّا مات أبو عبيدة الحذّاء بدينار، وأمرنا أن نشتري له حنوطاً وعمامة، فَفَعَلْنا(6).

ص: 142


1- روى في التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 21 عن الشيخ ، عن أبي القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير، عن زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال : كَفَن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في ثلاثة أثواب، ثوبين صحاريين وثوبِ يمنة عَبري أو ظفار . وذكر الصدوق في الفقيه 1، 24 - باب المس ، ح 19 فقال : وكُفّن النبي (ص) في ثلاثة أثواب في بُردتين ظفريتين من ثياب اليمن، وثوب كرسف وهو ثوب قطن. أقول : وظفار بلدة باليمن قرب صنعاء. وصحار : بلدة من أعمال عُمان .
2- التهذيب ،1 نفس الباب، ح 57 .
3- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 58 بتفاوات يسير الاستبصار 1 ، 123 - باب موضع الكافور من الميت، ح 1 بتفاوت يسير. وقوله : وعلى صدره . . . ، متعلق بمحذوف، أي وضع على صدره، ويحتمل تعلّقه بقوله(عليه السلام): فامسح .
4- قال المجلسي في المرآة 310/13 : وقال في المنتقى : ذكر العلامة في الخلاصة أن جماعة يغلطون في الإسناد عن إبراهيم بن هاشم إلى حماد بن عيسى فيتوهمونه حماد بن عثمان، وإبراهيم بن هاشم لم يلق حماد بن عثمان، ونبه على هذا غير العلامة أيضاً من أصحاب الرجال والاعتبار شاهد به. وقد وقع هذا الغلط في إسناد هذا الخبر على ما وجدناه في نسختين عندي الآن للكافي، ويزيد وجه الغلط في خصوص هذا السند أن حماد بن عثمان لا يعهد له رواية عن حريز بل المعروف المتكرر رواية حمّاد بن عيسى عنه .
5- في التهذيب : وبعث إلينا أبو عبد الله(عليه السلام)
6- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 22 . هذا وتظهر الفائدة في عدم كون ما زاد على ثلاثة أثواب وكذا العمامة من الكفن الواجب في بعض الموارد كحكم سارق ما زاد أو سارق العمامة وأمثاله.

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الميّت يكفّن في ثلاثة، سوى العمامة ، والخرقة يشد بها وركيه لكيلا يبدو منه شيء، والخرقة والعمامة لا بدَّ منهما، وليستا من الكفن(1).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كتب أبي في وصيّته أن أكفّنه في ثلاثة أثواب، أحدها رداء له حِبَرَة كان يصلّي فيه يوم الجمعة، وثوب آخر، وقميص، فقلت لأبي : لِمَ تكتب هذا؟ فقال: أخاف أن يغلبك النّاس، وإن قالوا كفّنه في أربعة أو خمسة فلا تفعل، وعَمِّمْني بعمامة، وليس تعد العمامة من الكفن، إنّما يُعَدُّ(2)ما يلفُّ به الجسد (3).

8 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن عثمان النّوا قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّي أُغّسل الموتى، قال : وتُحسِن؟ قلت: إنِّي أُغسّل فقال : إذا غسّلت فارفق به، ولا تغمزه، ولا تمسُّ مسامعه بكافور ، وإذا عمّمته فلا تعمّمه عِمَّة الأعرابي ، قلت : كيف أصنع ؟ قال : خذ العمامة من وسطها، وانشرها على رأسه، ثمَّ ردَّها إلى خنفه، واطرح طرفَيها على صدره(4).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام)كيف أصنع بالكفن ؟ قال : تؤخذ خرقة فتشدُّ بها على مقعدته ورجليه قلت : فالإزار؟ قال: إنّها لا تعدُّ شيئاً ، إنما تصنع ليضمَّ ما هناك لئلًا يخرج منه شيء، وما يصنع من القطن أفضل منها(5)، ثمَّ يخرق القميص إذا غسِّل

ص: 143


1- التهذيب ،1، نفس الباب، ح 24 . قال المحقق في الشرائع 39/1 - 40 : ويجب أن يكفن في ثلاثة أقطاع، مئزر وقميص وأزار، ويجزي عند الضرورة ،قطعة، ولا يجوز التكفين بالحرير . . . . . وقال عند ذكر سنن الكفن:« وأن يزاد للرجل حبرة عبرية غير مطرزة بالذهب، وخرقة لفخذيه، يكون طولها ثلاثة أذرع ونصفاً وفي عرض شبر تقريباً فيشد طرفاها على حقويه ويلف بما استرسل منها فخذاه لفاً شديداً بعد أن يجعل بين إليتيه شيء من القطن، ... وعمامة يعمم بها محنّكاً يلف رأسه بها لفاً ويخرج طرفاها من تحت الحنك ويلقيان على صدره ... وأن يكون الكفن قطناً، وتنشر على الحبرة واللفافة والقميص ذريرة وتكون الحبرة فوق اللفافة والقميص باطنها ..الخ »
2- يعني من الكفن الواجب .
3- التهذيب 1 ، نفس الباب ح 25 الفقيه 1، 24 - باب المس ، ح 21 وروى صدر الحديث فقط بتفاوت، مرسلاً.
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 67 وكرر صدره فقط برقم 86 من الباب 23 من نفس الباب إلى قوله: بكافور الاستبصار 1 ، 119 - باب كيفية غسل الميت ح1 وفيه إلى قوله : بكافور .
5- وأراد بقوله : فالآزار، الاستفسار من الإمام (عليه السلام)أنه هل يستغني عنه بهذه الخرقة أم لا؟ ويمكن أن يكون مراده أن الإزرار هو الثالث من الأثواب وبه يتم الكفن المفروض، فما هذه الرابعة ؟ فأجابه(عليه السلام)بأنها غير معدودة من الكفن فلا يستغنى بها عن شيء من أثوابه ولا تزيد قطع الكفن بها عن الثلاثة مرآة المجلسي 312/13 - 13 2 .

وينزع من رجليه ، قال : ثم الكفن قميص غير مزرور ولا مكفوف(1)، وعمامة يعصّب بها رأسه ويردُّ فضلها على رجليه(2).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في العمامة للميّت ؟ فقال : حَنْكَهُ (3).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يكفّن الميّت في خمسة أثواب ؛ قميص لا يزرّ عليه، وإزار وخرقة يعصّب بها وسطه وبُرْد يلفّ فيه، وعمامة يعمّم بها ويلقى فضلها على صدره(4).

12 - عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن غير واحد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: الكافور هو الحنوط(5).

13 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن داود بن سرحان قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام) [لي] في كفن أبي عبيدة الحذّاء : إنّما الحنوط الكافور، ولكن اذهب فاصنع كما يصنع النّاس(6).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن داود بن سر. سرحان قال : مات أبو عبيدة الحذَّاء وأنا بالمدينة، فأرسل إليَّ أبو عبد الله(عليه السلام)بدينار وقال اشتر بهذا حنوطاً، واعلم أنَّ الحنوط هو الكافور ولكن اصنع كما يصنع النّاس، قال: فلمّا مضيت أتبعني بدينار وقال : اشتر بهذا كافوراً (7).

ص: 144


1- غير مزرور: أي لا أزرار فيه والثوب المكفوف هو الذي خيطت حواشيه .
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ج 62 . وقال الشيخ الحر في الوسائل ج 2 / الباب 2 من أبواب التكفين في ذيل الحديث 8 وهو هذا الحديث الذي بين أيدينا معلقاً على ما ورد فيه : ويردّ فضلها على رجليه قال : أقول : هذا تصحيف والصحيح يردّ فضلها على وجهه ذكره صاحب المنتقى وأقول : لقد مر معنا من الروايات ما يؤكد ما ذكره الشيخ الحر وأن ما هنا تصحيف
3- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 63
4- التهذيب ،1 ، نفس الباب، 26 . وكرره برقم 68 من نفس الباب أيضاً. وقوله : لا يزرّ عليه : أي لا تُشد أزرار القميص لو كان له أزرار والحديث ضعيف على المشهور.
5- هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الحنوط لا يكون إلا بالكافور، فما يصنعه أبناء العامة من التحنيط بالمسك وحده غير جائز عندنا ، كما سوف يشير إليه في الرواية التالية وأن نقل عن ابن بايويه استحباب جعل المسك معه وقد حملت على التقية .
6- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 49. والمقصود بالناس المخالفون. والحديث مجهول.
7- الظاهر أن دفعه(عليه السلام)للدينار الأول لشراء المسك كان تقية . والحديث ضعيف على المشهور.

15 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكندي، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الحنوط للميّت؟ قال: اجعله في مساجده(1).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النّوفليّ ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنَّ النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) نهى أن يوضع على النعش الحنوط (2).

91- باب تكفين المرأة

1 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكنديّ، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام): في كم تُكَفّن المرأة؟ قال: تكفّن في خمسة أثواب، أحدها الخِمار(3).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ،عن بعض أصحابنا رفعه قال : سألته : كيف ، تُكَفّن المرأة؟ فقال : كما يكفّن الرَّجل ، غير أنّها تشدُّ على ثدييها خرقة تضمّ الثدي إلى الصدر، وتشدُّ على ظهرها، ويصنع لها القطن أكثر ممّا يصنع للرِّجال، ويُحْشى القُبُلُ والدُّبر بالقطن والحنوط ، ثمَّ تشدُّ عليها الخرقة شدّاً شديداً(4).

3 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر ، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة، عن قاسم بن يزيد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)قال : يكفّن الرَّجل في ثلاثة أثواب، والمرأة إذا كانت عظيمة في خمسة: دِرْع ومِنْطَق وخمار ولفافتين(5).

ص: 145


1- ويمكن تعميم المساجد بحيث تشمل الأنف والصدر ، إذ الأول يستحب في جميع السجدات، والثاني في سجدة الشكر مرآة المجلسي 315/13
2- التهذيب 1 نفس ،الباب ح53 والحنوط ، إما الكافور للإسراف والبدعة أو المسك للنهي عن تقريبه الميت، أو الأعم مرآة المجلسي 315/13 . والحديث ضعيف على المشهور .
3- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 1.14 . هذا والأربعة أثواب الباقية هي القميص واللفافتان وخرقة الفخذ ويحتمل أن الرابع هو خرقة الثديين، كما يحتمل أنه النمط المنصوص عليه في بعض الروايات .
4- التهذيب 1، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 112 و 113 وفيه في الثاني : ومنطقة . . ، بدل : ومِنطق ... والمِنْطَق والمِنْطَقَة : - كما يقول في القاموس - شقة تلبسها المرأة وتشد وسطها ثم يرسل الأعلى على الأسفل إلى الركبة والأسفل ينجر على الأرض. وقال المجلسي في مرآته 316/13 :« الظاهر المراد به الخرقة التي تلف على الفخذين فإنها تشد على الوسط . . ».
5- التهذيب 1، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 112 و 113 وفيه في الثاني : ومنطقة . . ، بدل : ومِنطق ... والمِنْطَق والمِنْطَقَة : - كما يقول في القاموس - شقة تلبسها المرأة وتشد وسطها ثم يرسل الأعلى على الأسفل إلى الركبة والأسفل ينجر على الأرض. وقال المجلسي في مرآته 316/13 :« الظاهر المراد به الخرقة التي تلف على الفخذين فإنها تشد على الوسط . . ».
92- باب كراهية تَمير الكفن وتسخين الماء

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: لا يُجَمّر الكفن(1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن عدَّة من أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا يسخّن الماء للميّت، ولا يعجّل له النّار، ولا يحنّط بمسك(2).

3 - أحمد بن محمّد الكوفيّ ، عن ابن جمهور(3)، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال : وحدَّثنا عبد الله بن عبد الرحمن، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : لا تُجَمّروا الأكفان ولا تمسحوا موتاكم بالطيب إلّا بالكافور، فإن الميّت بمنزلة المُحْرِم(4).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ ، عن السكوني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، أنَّ النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) نهى أن تُتبَعَ جنازة بمجمرة(5).

93- باب ما يستحب من الثياب للكفن وما يكره

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: أجيدوا أكفان موتاكم فإنّها زينتهم .(6).

2 - عدَّة من أصحابنا ،عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي

ص: 146


1- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 30 الاستبصار 1 ، ، 121 - باب تجمير الكفن ، ح 1 وفي سنده: عن بعض أصحابنا وتجمير الكفن تبخيره بدخان الأشياء الطيبة الرائحة .
2- التهذيب 1، نفس الباب، ح 105 . وروى صدره مرسلا عن أبي جعفر(عليه السلام)في الفقيه 1، 23 - باب غسل الميت ح.52 وروى رحمه الله برقم 53 من الباب وبعد ذكر الحديث المتضمن للنهي عن تسخين الماء للميت إلا أن يكون شتاءاً بارداً فتوقي الميت مما توقي منه نفسك. والحديث ضعيف على المشهور.
3- الظاهر أنه محمد بن الحسن بن جمهور.
4- التهذيب 1، نفس الباب، ح 31 وفيه : ولا تمسوا بدل ولا تمسحوا الاستبصار 1، نفس الباب، ح 2
5- التهذيب ،1 نفس الباب ح 32 . الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 3 ،
6- أي في الآخرة، لأنهم يبعثون بها كما سوف يرد في بعض الأخبار وأخرجه في الفقيه 1 ، 24 - باب المس. ح 10 .

جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): ليس من لباسكم شيء أحسن من البياض، فالبسوه موتاكم (1).

3 - عدَّة من أصحابنا ،عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عمرو بن عثمان وغيره، عن المفضّل بن صالح، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : قال النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم) ليس من لباسكم شيء أحسن من البياض ، فالْبَسُوه وكفّنوا فيه موتاكم(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن بعض أصحابه قال: يستحبُّ أن يكون في كفنه ثوبٌ كان يصلّي فيه، نظيف، فإنَّ ذلك يستحبّ أن يكفّن فيما كان بصلّي فيه(3).

5 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن بعض أصحابنا، عن ابن فضّال، عن مروان، عن عبد الملك قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن رجل اشترى من كسوة الكعبة شيئاً فقضى ببعضه حاجته، وبقي بعضه في يده، هل يصلح بَيْعُهُ؟ قال : يبيع ما أراد ويهب ما لم يُرِدْ ، ويستنفع به ويطلب بركته، قلت: أَيْكَفِّن به الميّت؟ قال: لا(4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرَّحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : تنوَّقوا في الأكفان فإنّكم تُبعَثون بها (5).

7 - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرَّحمن بن أبي هاشم، عن أبي

ص: 147


1- ويدل على استحباب البياض في الكفن الواجب. وقد نص عليه أصحابنا رضوان الله عليهم .
2- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 35
3- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين، و ...، ح 20 وأخرجه بتفاوت عن ... عبد الله بن المغيرة عن علا، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) ... الفقيه 1 ، 24 - باب المس ، ح 11 بتفاوات وأخرجه مرسلاً 1، عن الباقر(عليه السلام)أيضاً .
4- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 36 . الفقيه ،1 نفس ،الباب ح 14 . وأبو الحسن(عليه السلام)هنا هو الإمام موسى الكاظم(عليه السلام) كما صرح به في الفقيه . وإنما صح بيع كسوة الكعبة لأنها ليست من الوقف . ونهي عن التكفين بها لأنها عادة تكون من الحرير ولا يجوز التكفين به.
5- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 99 وأخرجه عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى، عن ابن سنان عن أبي عبد الله(عليه السلام). وقال الشيخ المجلسي رحمه الله في مرآته 318/13 : «وفي هذا السند أو في السند الآتي سهو كما يظهر بعد التأمل، فتدبر الفقيه 1، 24 - باب المس ، ح 9 ورواه مرسلاً وفيه : فإنهم يبعثون بها. وتنوّقوا : مثل : تأنقوا أي تجوّدوا وأحكموا وبالغوا في الأكفان .

خديجة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الكتّان كان لبني إسرائيل يكفّنون به، والقطن لأُمّه محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)(1).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عمرو بن سعيد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي الحسن الأوَّل(عليه السلام)قال : سمعته يقول : إنّي كفّنتُ أبي في ثوبين شَطَويّين كان يحرم فيهما، وفي قميص من قمصه، وعمامة كانت لعليّ بن الحسين(عليه السلام)، وفي برد اشتريته بأربعين ديناراً ، لو كان اليوم لساوى أربعمائة دينار(2).

9 - سهل بن زياد، عن أيّوب بن نوح ،عمّن رواه، عن أبي مريم الأنصاري، عن أبي جعفر(عليه السلام)، أنَّ الحسن بن عليّ(عليه السلام)كفن أسامة بن زيد ببُرْدٍ أحمر حِبَرَة ، وأن عليّاً (عليه السلام)كفّن سهل بن حُنَيْف بُبُرْدٍ أحمر حِبَرَة(3).

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : أبي عبد الكفن يكون بُرداً فإن لم يكن برداً فاجعله كلّه قطناً، فإن لم تجد عمامة قطن فاجعل العمامة

سابريّا (4).

11 - علي بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن الوشّاء، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا يُكَفِّن الميّتُ بالسواد(5).

12 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن راشد(6)قال : سألته عن ثياب تُعمل بالبصرة على عمل العَصَب اليماني من قزّ وقطن، هل يصلح أن يكفّن فيها الموتى؟ قال : إذا كان القطن أكثر من القزّ فلا بأس(7).

ص: 148


1- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 37 . الاستبصار 1 ، 122 - باب أن الكفن لا يكون إلا قطناً، ح 2 . الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 12 .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 38 بتفاوت قليل . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت قليل. وثوب شطوي : نسبة إلى بلدة شطا من أعمال مصر، وقد وجّه الشيخ هذا الخبر على الحال التي لا يقدر فيها على القطن وقال : على أنه حكاية ،فعل، ويجوز أن يكون ذلك يختص بهم(عليه السلام)، ولم يقل فيه : وينبغي أن تفعلوا أنتم ، وإذا لم يكن فيه لم يجب المصير إليه .
3- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 36 . والبرد: الثوب المخطط ، جمع برد وأبراد .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 38 الاستبصار ،1 نفس الباب ح.1 والسابري - كما في القاموس - الثوب الرقيق .
5- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 39 . وحمل على الكراهة .
6- في كل من التهذيب والاستبصار عن الحسن بن راشد .
7- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ، ح 41 . الاستبصار 1 ، 122 - باب أن الكفن لا يكون إلا قطناً، ح5 الفقيه 1 ، 24 - باب المس ، ح 13 وفي الأخيرين من القصب . . ، بدل : من العَصَب ... والحديث مضمر في الجميع والقَصَب أو العَصَب نبت باليمن تصنع منه ثياب رقيقة ناعمة. هذا وقد اجمع علماؤنا على عدم جواز أن يكون الكفن من الحرير الخالص، وذكر وا له بعض المستحبات كأن يكون من النوع الجيد، وأن يكون قطناً وأن يكون أبيض من خالص المال وطهوره، وأن يكون من الثوب الذي أحرم فيه أو صلى، وأن يلقى عليه شيء من الكافور والذريرة . .. الخ
94- باب حدّ الماء الذي يغسل به الميت والكافور

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن فضيل سُكَرَة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك ، هل للماء حدُّ محدودٌ؟ قال: إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال لعليّ صلوات الله عليه: «إذا أنامِتُ فاستقِ لي سِتَّ قرب من ماء بئر غَرْس»، فغسّلني وكفّنّي وحنّطني ، فإذا فرغت من غسلي وكفني وتحنيطي ، فخذ بمجامع كفني وأجْلِسْني ثمَّ سَلْني عمّا شئت، فوالله لا تسألني عن شيء إلّا أجبتك فيه»(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لعلي(عليه السلام): يا عليّ ، إذا أنا مِتّ فغسّلني بسبع قربٍ من بئر غَرْس»(2).

3 - محمّد بن يحيى قال : كتب محمّد بن الحسن(3)إلى أبي محمّد(عليه السلام)(4)في الماء الّذي يغسل به الميّت، كم حدُّه؟ فَوَفَّع(عليه السلام) : حدُّ غسل الميّت، يغسل حتّى يطهر إن شاء الله ، قال : وكتب إليه : هل يجوز أن يغسّل الميّت وماؤه الّذي يصبُّ عليه يدخل إلى بئر كنيف، أو الرَّجل يتوضّأ وضوء الصّلاة أن يصبَّ ماء وضوئه في كنيف؟ فَوَقَّع(عليه السلام): يكون ذلك في بلاليع (5).

ص: 149


1- التهذيب ،1 ، نفس الباب ، ح 42 . الاستبصار 1، 116 - باب حد الماء الذي يغسل به المیت، ح 3 وروی صدر الحديث فقط . وبئر غرس بالمدينة. ودل الحديث على استحباب تكثير الماء في غسل الميت على خلاف سائر الأغسال. والسؤال بعد الغسل إما بعود الروح إليه(صلی الله علیه وآله وسلم)كما هو الظاهر، أو بإيجاد الله تعالى الكلام على لسانه المقدّس، أو بالارتباط بين روحيهما المقدسين، والافاضة على روحه(عليه السلام) من روحه(صلی الله علیه وآله وسلم)بغير كلام، أو بالتكلم في الجسد المثالي، والأول أظهر كما لا يخفى مرآة المجلسي 322/13 . هذا، والحديث ضعيف على المشهور
2- التهذيب ،1 نفس الباب، ح 43. وفي ذيله : ... من ماء بئر غَرْس والظاهر أن السبع تصحيف فإن أكثر الروايات وردت بالست، ويحتمل أن تكون إحداهما موافقة الروايات المخالفين تقية مرآة المجلسي 323/13.
3- أي الصفّار.
4- يعني الحسن العسكري(عليه السلام).
5- التهذيب ،1، 23 - باب تلقين المحتضرين، وروى مجموع الحديث في حديثين منفصلين برقم 22 وبرقم 23 الاستبصار 1 ، 116 - باب حد الماء . . . ، ح 1 وروى صدر الحديث فقط. الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت ح 51 وروی صدره بتفاوت. وقال رحمه الله بعد ایراده صدر الحديث :هذا وهذا التوقيع في جملة توقيعاته عندي بخطه(عليه السلام)في صحيفة .

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه(1)رفعه قال : السّنة في الحنوط ثلاثة عشر درهماً وثلث أكثره ؛وقال : إن جبرائيل(عليه السلام)نزل على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بحنوط وكان وزنه أربعين درهماً، فقسّمها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) ثلاثة أجزاء جزء له وجزء لعليّ، وجزء لفاطمة(عليها السلام)(2).

5 - عدَّة من أصحابنا ،عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: أقلُّ ما يجزىء من الكافور للميّت مِثقال(3).

وفي رواية الكاهليّ ؛ وحسين بن المختار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : القصد من ذلك أربعة مثاقيل(4).

95- باب الجَرِيدَة

1 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، ومحمّد بن إسماعيل، عن العضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحسن بن زياد الصيقل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يوضع للميّت جريدتان، واحدة في اليمين، والأخرى في الأيسر(5)، قال : قال : الجريدة تنفع المؤمن والكافر(6).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان بن سدير، عن يحيى بن عبادة المكّيّ قال: سمعت سفيان الثوري يسأله(7)عن

ص: 150


1- لا يوجد في التهذيب: عن أبيه، ولعله سقط سهواً .
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...،ح13
3- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 14 و 15 . والقصد الوسط. هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن المجزي من الكافور وكذا السدر في تغسيل الميت هو ما يقع عليه الاسم، وعليه فيحمل ما ورد في هذه الروايات على الاستحباب مع اختلاف مراتبه. والحديث ضعيف على المشهور، وسنده الثاني مرسل .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 14 و 15 . والقصد الوسط. هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن المجزي من الكافور وكذا السدر في تغسيل الميت هو ما يقع عليه الاسم، وعليه فيحمل ما ورد في هذه الروايات على الاستحباب مع اختلاف مراتبه. والحديث ضعيف على المشهور، وسنده الثاني مرسل .
5- في التهذيب: .. في اليسار.
6- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 122 . وروى ذيله فقط في الفقيه 1، 24 - باب المس، ح7 . وأخرجه بعنوان أن الصيقل سأل الصادق(عليه السلام). والحديث مجهول. ولعل تخفيف العذاب عن الكافر إنما يكون في القبر والبرزخ وهذا لا ينافي تغليظ العذاب عليه في الآخرة. وقد حمل المفيد في المقنعة - على الظاهر - الكافر هنا على مرتكب الكبيرة.
7- في الفقيه : يسأل أبا جعفر(عليه السلام).

التخضير؟ فقال : إنَّ رجلاً من الأنصار هَلَكَ، فأوذِنَ(1)رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بموته، فقال لمن يليه من قرابته: خضّروا صاحبكم فما أقلّ المخضّرين، قال: وما التخضير؟ قال : جريدة خضراء توضع من أصل اليدين إلى الترقوة(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن رجل، عن يحيى بن عبادة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تؤخذ جريدة رطبة قدر ذراع، فتوضع - وأشار بيده - من عند ترقوته إلى يده، تلفُّ مع ثيابه، قال : وقال الرَّجل: لقيت أبا عبد الله(عليه السلام)بَعْدُ فسألته عنه، فقال: نعم، قد حدَّثت به يحيى بن عبادة(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): أرأيتَ الميّت إذا مات، لِمَ تجعل معه الجريدة؟ قال : يتجافى عنه العذاب والحساب ما دام العود رطباً ، قال : والعذاب كلّه في يوم واحد، في ساعة واحدة ، قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم، وإنّما جُعلت السعفتان لذلك، فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفوفهما إن شاء الله(4).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دَّراج قال : قال : إنَّ الجريدة قدر شبر، توضع واحدة من عند الترقوة إلى ما بلغت ممّا يلي الجلد والأخرى في الأيسر من عند الترقوة إلى ما بلغت من فوق القميص(5).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن سماعة، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : توضع للميّت جريدتان، واحدة في الأيمن والأُخرى في الأيسر .

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن حريز؛ وفُضَيل؛

ص: 151


1- أي أخبر وأعلِمَ .
2- الفقيه 1 ، 24 - باب المس، ح.6 والترقوة عظم معوج قليلا يربط بين العائق وموضع النحر من الإنسان . والحديث مجهول.
3- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 64
4- الفقيه 1 ، نفس الباب، ج 8 بتفاوت يسير وظاهر هذا الحديث يتنافى مع ما دل على ديمومة العذاب أو النعيم في القبر إلى يوم يبعثون، ويمكن حمل تلك الأخبار على الكافر وهذا على المؤمن . وقد ذهب الشيخ المجلسي رحمه الله إلى امكان حمل هذا الحديث على أن المراد أن ابتداء جميع أنواع العذاب وأقسامه في الساعة الأولى، فإذا لم يتبدىء فيها يرتفع العذاب رأساً . فراجع مرآة العقول 326/13 .
5- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ... ، ح 65 . وبمضمونه عمل أكثر الأصحاب إن في الموضع أو المقدار .

وعبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : قيل لأبي عبد الله(عليه السلام): لأيّ شيء توضع مع الميّت الجريدة؟ قال : إنّه يتجافى عنه العذاب ما دامت رطبة(1).

8- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه قال : قيل له(2): جُعِلْتُ فِداك ، ربّما حضرني مَن أخافه(3)، فلا يمكن وضع الجريدة على ما رويتنا(4)؟ قال: أَدْخِلْها حيث ما أمكن(5).

9 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكندي، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الجريدة، توضع في القبر، قال : لا بأس(6).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن غير واحد من أصحابنا قالوا: قلنا له: جُعِلْنا فِداك(7)، إن لم نقدر على الجريدة؟ فقال: عود السدر؛ قيل : فإن لم نقدر على السدر؟ فقال : عود الخِلاف(8).

11 - عليِّ بن إبراهيم، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن محمّد بن محمّد، عن علىِّ بن بلال أنّه كتب إليه يسأله عن الجريدة إذا لم نجد نجعل بدلها غيرها في موضع لا يمكن

ص: 152


1- التهذيب 1 ، نفس ،الباب ح 123 بتفاوت . الفقيه 1 ، 24 - باب المس ح 2 بتفاوت . والأصل في وضع الجريدة مع الميت في كفنه ما رواه الشيخ (رحمةالله) في التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين ح 120 ، وقال سمعت ذلك مرسلاً من الشيوخ ومذاكرة ولم يحضرني الآن إسناده وجملة ما ذكره من أن آدم(عليه السلام)لما أهبطه الله تعالى من جنة المأوى إلى الأرض استوحش فسأل الله تعالى أن يؤنسه بشيء من أشجار الجنة فأنزل الله تعالى إليه النخلة فكان يأنس بها في حياته فلما حضرته الوفاة قال لولده : إني كنت أنس بها في حياتي وأرجو الأنس بها بعد وفاتي فإذا مت فخذوا منها جريداً وشقوه بنصفين وضعوهما معي في أكفاني ففعل ولده ذلك وفعلته الأنبياء بعده ثم اندرس ذلك في الجاهلية فأحياه النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وفعله فصارت سنة متبعة. كما اعتبر صاحب الحبل المتين أن الأصل في وضع الجريدة ما نقله المفيد في المقنعة ... ثم ذكر نفس المعنى الذي ذكره الشيخ في التهذيب.
2- في التهذيب : قلت له ...
3- أي من المخالفين.
4- في التهذيب : على ما رويناه يعني ما رود عنكم من وضعهما مع الميت واحدة عن يمينه والأخرى عن يساره .
5- التهذيب ،1 ، نفس الباب، ح 124 . وقوله : حيث ما أمكن أي ولو في القبر بقرينة عدم أمكان وضعهما في مكانهما المرسوم .شرعا ويؤيده ما في الحديث الآتي.
6- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 126 . الفقيه 1 ، نفس الباب، ح4.
7- في التهذيب جعلنا الله فداك .
8- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 27 ، والخلاف : هو شجر الصفصاف، أو نوع منه . وقد دل الحديث على أفضلية النخل على السدر وأفضلية السدر على الخلاف وهو المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم، وأن نقل عن المفيد رحمه الله قوله بتقديم الخلاف على السدر كما قيل بأنه بعد السدر لا ترتيب بين سائر الأشجار، وأن قدم الشهيد الأول في الدروس والبيان الرمان إذا لم يوجد الخلاف على غيره من سائر الأشجار. ولم يستبعد المجلسي رحمه الله ما ذكره الشهيد.

النخل ؟ فكتب يجوز إذا أعْوَزَت الجريدة، والجريدة أفضل، وبه جاءت الرواية(1).

12 - وروى عليُّ بن إبراهيم في رواية أُخرى قال : يجعل بَدَلَها عود الرُّمان(2).

13 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال: سألته عن الجريدة، توضع من دون الثياب أو من فوقها؟ قال : فوق القميص ودون الخاصرة(3)، فسألته : من أيّ جانب؟ فقال : من الجانب الأيمن.

96-باب الميت يموت وهو جُنبُ أو حائض أو نفساء

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : قلت له(4): مات ميّت وهو جُنُب ، كيف يغسّل وما يجزئه من الماء؟ فقال : يغسّل غسلاً واحداً يجزىء ذلك عنه لجنابته ولغسل الميّت، لأنّهما حرمتان اجتمعتا في حُرمة واحدة(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن المرأة إذا ماتت في نفاسها، كيف تُغَسَّل؟ قال : مثل غسل الطّاهرة، وكذلك الحائض، وكذلك الجنب إنّما يغسّل غسلاً واحداً فقط(6).

3 - سهل بن زياد، عن ابن محبوب ؛ وأحمد بن محمّد(7)في المرأة إذا ماتت نفساء، وكثر دمها، أدخلت إلى السرَّة في الأُدم أو مثل الأدم نظيف، ثمَّ تكفّن بعد ذلك(8).

ص: 153


1- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 28 و 29 .
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 28 و 29 .
3- أي قرب الخاصرة من فوق وظاهر الحديث الاكتفاء بجريدة واحدة .
4- في كل من التهذيب والاستبصار أسنده إلى أبي جعفر(عليه السلام).
5- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 29 . الاستبصار 1 ، 115 - باب الرجل يموت وهو جنب ، ح 2 . هذا، وقد نقل صاحب المنتهى 432/1 إجماع كل أهل العلم على عدم احتياج من مات جُنُباً أو حائضاً إلى غير غسل الموت، ولم يخالف في ذلك غير الحسن البصري، ويساعد عليه أصالة البراءة عن وجوب غسل الجنابة أو الحيض في هذه الحال.
6- التهذيب 1 نفس الباب، ح 27 الفقيه 1 ، 24 - باب المس، ح 3، بتفاوت يسير .
7- في التهذيب : في الأديم أو مثل الأديم والأديم : مفرد آدم وآدام وهو الجلد أحمره أو مدبوغه - كما في القاموس - .
8- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ... ، ح 115 بزيادة في آخره وأخرجه عن ابن محبوب رفعه قال : الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 25 بتفاوت .
97- باب المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك

1 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عليِّ بن يقطين قال: سألت العبد الصّالح(عليه السلام) عن المرأة تموت وولدها في بطنها؟ قال : يُشَقُ بطنها ويُخْرَجُ وَلَدُها(1).

2 - سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبی عبد الله(عليه السلام) قال: سألته عن المرأة تموت ويتحرَّك الولد في بطنها، أيُشَقُ بطنها ويُسْتَخْرَج ولدها؟ قال : نعم (2).

وفي رواية ابن أبي عمير زاد فيه : يُخرج الولد ويخاط بطنها(3).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن ابن وهب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام) : إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولدٌ يتحرَّك، شُقَّ بطنُها ويُخرج الولد ؛ وقال في المرأة يموت في بطنها الولد فيتخوَّف عليها، قال: لا بأس أن يدخل الرَّجل يده فيقطّعه ويخرجه(4).

98- باب كراهية أن يُقَصِّ من الميت ظفر أو شعر

1-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أ عبد الله (عليه السلام) قال: لا يمسَّ من الميّت شعر ولا ظفر، وإن سقط منه شيء فاجعله في كفنه(5).

2 - عنه ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة ،عن غياث، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كره

ص: 154


1- التهذيب ،1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 173 .
2- التهذيب 1، نفس الباب، ح 174 و 175
3- التهذيب 1، نفس الباب، ح 174 و 175
4- التهذيب 1 نفس ،الباب ح 176 وفي ذيله زيادة: إذا لم ترفق به النساء يقول المجلسي في المرآة 13 / 330 - 331 : والمشهور وجوب شق الجوف وإخراج الولد، وإطلاق الروايات يقتضي عدم الفرق في الجانب بين الأيمن والأيسر وقيده الشيخان في المقنعة والنهاية، وابن بابويه بالأيسر، وجدناه في الفقه الرضوي ، والصدوق ذكر عبارته بعينها، وتبعهما الشيخان . وأما خياطة المحل فقد نص عليه المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط واتباعهما، وهو رواية ابن أبي عمير، وردّها المحقق بالقطع وهو حسن لكن الخياطة أولى وأحوط». هذا ولا بد من حمل ذيل الخبر الأخير على صورة عدم وجود امرأة تحسن تولي أمر المرأة الميتة.
5- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 108 .

أمير المؤمنين صلوات الله عليه أن تُحلق عانَةُ الميّت إذا غسّل، أو يقلّم له ظفر، أو يُجزَّ له شعر .

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم ، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كره أن يقصَّ من الميت ظفر، أو يقص له شعر، أو تحلق له عانة، أو يُعْمَضَ له مفصل(1).

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكنديّ، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن أبَان بن عثمان ، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الميّت يكون عليه الشعر، فيُحلق عنه أو يُقَلَّم؟ قال : لا يُمَسَّ منه شيء ، اغسله وادفنه(2).

99- باب ما يخرج من الميت بعد أن يغسل

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ، عبد الله بن يحيى الكاهليّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا خرج من منخر الميّت الدَّم أو الشيء بعد الغسل، وأصاب العمامة أو الكفن، قرِّضه بالمقراض(3).

2 - عنه ، عن بعض أصحابه، رفعه قال : إذا غسّل الميت، ثمَّ أحدث بعد الغسل، فإنّه يغسل الحدث ولا يُعاد الغسل(4).

ص: 155


1- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ... ، ح 109 بتفاوت وفيه : يُغمز...بدل: يغمض ..
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 110 . هذا وقد نقل الشيخ في الخلاف وابن زهرة في الغنية الإجماع على حرة قص شيء من أظفار الميت أو تسريح لحيته كثيفة كانت أو خفيفة ولا قص شيء من شعره، بل نسبه في المنتهى إلى علمائنا ، كما نص وابن سعيد في الوسيلة والجامع على الحرمة ، ولكن نقل صاحب المعتبر، والتذكره الإجماع عندنا على الجواز مع الكراهة ومن قال بالكراهة المحقق في الشرائع حيث قال وهو بصدد الحديث عن مكروهات تغسيل الميت وأن يقص أظفاره وأن يرجّل شعره . . . . . هذا ولكن الظاهر هو اجماعهم على أنه لو سقط من الميت شيء من شعره أو غيره وجوب ادراجه في كفنه، يقول المحقق في الشرائح 41/1 : «إذا سقط من الميت شيء من شعره أو جسده وجب أن يطرح معه في گفته » .
3- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 50 بتفاوت بسير. وكرره برقم 102 من الباب 23 من نفس الجزء .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 100 بتفاوت هذا، وما تضمنه الخبران الأول والأخير بإطلاقهما وجوب قرض محل النجاسة بلا فرق بين أن يكون قد طرح في القبر أم لا هو ما نقل عن الشيخ رحمه الله، في حين ذهب أكثر أصحابنا رضوان الله عليهم إلى وجوب الغسل ما لم يطرح في القبر، وإلا فالقرض وأما ما تضمنه الحديث الثاني من عدم وجوب إعادة الغسل هو المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم، ولم يخالف إلا ابن أبي عقيل حيث نقل عنه القول بوجوب إعادته .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا خرج من الميّت شيء بعد ما يكفّن فأصاب الكفن ، قرّض منه (5)

100- باب الرجل يغسّل المرأة والمرأة تغسّل الرجل

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه سئل عن الرَّجل يموت وليس عنده من يغسّله إلّا النساء؟ فقال : تغسّله امرأته ، أو ذات قرابة إن كانت له، وتصبَّ النّساء عليه الماء صبّاً، وفي المرأة إذا ماتت، يُدْخِلُ

زوجها يده تحت قميصها فيغسّلها(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل، أيصلح له أن ينظر إلى امرأته حين تموت أو يغسلها إن لم يكن عندها من يغسلها، وعن المرأة هل تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين تموت ؟ فقال : لا بأس بذلك، إنّما يفعل ذلك أهل المرأة كراهة أن ينظر زوجها إلى شيء يكرهونه منها(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين ،عن صفوان، عن العلاء ،عن محمّد بن مسلم قال: سألته عن الرَّجل يغسّل امرأته؟ قال : نعم ، من وراء الثّوب(3).

ص: 156


1- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح55 الاستبصار 1 ، 117 - باب جواز غسل الرجل امرأته و ...،ح 1. هذا وقد اجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على وجوب المماثلة بين الغاسل والميت في الذكورية والانوثية فلا يجوز تغسيل الرجل المرأة ولا العكس ولو كان من وراء الثياب ولم يلزم لمس أو نظر، واستثني من ذلك صور، منها الطفل إذا لم يزد سنه على ثلاث سنوات والزوج والزوجة وهاتان الصورتان مما حكي الاجماع عليهما بين فقهائنا . ومنها المولى يغسل امته إذا لم تكن مزوجة ولا في عدة الغير ولا مبعضة ولا مكاتبة، وهذه الصورة كما في المدارك وجامع المقاصد وغيرهما مقطوع بها في كلام الأصحاب . ومنها صورة المحارم بنسب أو رضاع حيث ذكر في مفتاح الكرامة عدم وجود مخالف فيه إلا ما يظهر من الغنية، بل هو المشهور ظاهراً بل صريحا . ولا فرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة والمطلقة الرجعية دون البائنة والحرة والأمة فراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 29/1 من الطبعة الحجرية .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 62 بدون : (فيها) في الذيل الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ح 10 الفقيه 1، 23 - باب غسل الميت، ح 56 . ولا يخفى أن التعليل ظاهر في عموم الحكم، وأن موقف أهل المرأة ظاهر في صورة وجود المماثل، وأنه منهم ليس إلا لاعتبارات عرفية وهي مما لا ربط له بالمانع الشرعي من قريب ولا بعيد .
3- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح .56. وفي ذيله : ... الثياب الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 2 . ووجوب كون تغسيل الزوجة لزوجها وبالعكس من وراء الثوب هو المشهور عند أصحابنا كما عن نهاية الشيخ والبيان والمنتهى وجامع المقاصد والروضة وغيرها ولكن الأشهر - كما في الرياض - جوازه مع التجرد.

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكنديّ ، عن غير واحد، عن أُبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن الرَّجل بموت وليس عنده من يغسّله إلّا النّساء، هل تغسّله النساء؟ فقال : تغسله امرأته، أو ذات محرمة، وتصبُّ عليه النّساء الماء صبّاً من فوق الثياب(1).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن النعمان، عن داود بن فَرْقَد، قال : سمعت صاحباً لنا يسأل أبا عبد الله(عليه السلام)عن المرأة تموت مع رجال ليس فيهم ذو محرم ،هل يغسّلونها وعليها ثيابها ؟ قال : إذاً يدخل ذلك عليهم، ولكن يغسّلون كفّيها(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن عثمان ، عن سماعة قال : سألته عن المرأة إذا ماتت ؟ فقال : يُدْخل زوجها يده تحت قميصها إلى المرافق(3).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل يموت في السّفر أو في أرض ليس معه فيها إلّا النّساء، قال: يدفن ولا يغسّل ؛ وقال : في المرأة تكون مع الرَّجال بتلك المنزلة، إلّا أن يكون معها زوجها، فإن كان معها زوجها فليغسّلها من فوق الدِّرع ، ويسكب عليها الماء سَكْباً، ولتغسّله امرأته إذا مات، والمرأة ليست مثل الرَّجل، المرأة أسوء منظراً حين تموت(4).

8 - أبو علي الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ،جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن منصور[ بن حازم] قال: سألت أبا

ص: 157


1- التهذيب 1 ، نفس ،الباب ، ح 61 . الاستبصار 1، نفس الباب ، ج 7، ولا يخفى الارسال في هذا الحديث. واستقرب بعض المعاصرين أن يكون الأمر بالصب من وراء الثياب - فيه وفي غيره من الأخبار - من جهة حضور النساء لا من جهة أخرى.
2- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ، ح 73. الاستبصار 1 ، 118 - باب الرجل يموف في السفر وليس معه رجل ولا امرأته ولا واحدة من .... ح ح 9. هذا وقد كرر الكليني رحمه الله هذا الحديث برقم 9 من هذا الباب أيضاً قوله (عليه السلام): أذن يدخل ذلك عليهم : أي يعابون عليه، والدخل العيب، ويحتمل رجوع الضمير في (عليهم) إلى نفس الرجال الأجانب، كما يحتمل رجوعه إلى أهل المرأة وأخرجه أيضاً في الفقيه 1 ، 24 - باب المس ، ح 26 بتفاوت .
3- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 57 وفي ذيله زيادة كلمة : فيغسلها . الاستبصار 1 ، 117 - باب جواز غسل الرجل امرأته و ...، ح .. وفي ذيله : ويغسلها إلى المرافق .
4- التهذيب ،1 نفس ،الباب ح 59 و 60 الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 5 و 6 بتفاوت الأول فيهما بسندٍ آخر. وأخرج صدره أيضاً في التهذيب 1، برقم 171 من الباب 13 إلى قوله يُدفن ولا يغسل .

عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يخرج في السّفر ومعه امرأته ، يغسّلها؟ قال: نعم، وأمّه، وأُخته ، ونحو هذا، يلقي على عورتها خرقة (1).

9 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَميرة، عن داود بن فَرْقَد قال: سمعت صاحباً لنا يسأل أبا عبد الله (عليه السلام)عن المرأة تموت مع رجال ليس معهم ذو محرم ، هل يغسّلونها وعليها ثيابها ؟ فقال : إذاً يدخل عليهم، ولكن يغسّلون كفّيها(2).

10 - سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في المرأة إذا ماتت وليس معها امرأة تغسّلها؟ قال : يُدْخِلُ زوجها يده تحت قميصها فيغسّلها إلى المرافق(3).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن الرَّجل يغسل امرأته؟ قال: نعم، إنّما يمنعها أهلها تَعَصُّباً (4).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه سئل عن الرجل المسلم يموت في السّفر وليس معه رجل مسلم، ومعه رجال نصارى، ومعه عمّته وخالته مسلمتان، كيف يصنع في غسله؟ قال : تغسله عمته وخالته في قميصه، ولا تقربه النصارى؛ وعن المرأة تموت في السفر وليس معها امرأة مسلمة ومعها نساء نصارى وعمّها وخالها مسلمان: قال يغسّلانها، ولا تقربها النصرانيّة كما كانت المسلمة تغسّلها، غير أنّه يكون عليها دِرْعٌ فيصبَّ الماء من فوق الدَّرع ؛ قلت : فإن مات رجلُّ مسلم وليس معه رجلٌ مسلم ، ولا امرأة مسلمة من ذوي قرابته، ومعه رجالٌ نصاری، ونساء مسلمات ليس بينه وبينهنّ قرابة ؟ قال : يغتسل النّصرانيّ ، ثم يغسّله ، فقد اضطُرَّ ؛ وعن المرأة المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ولا رجل مسلم من ذوي قرابتها ، ومعها نصرانيّة، ورجال مسلمون ليس بينها وبينهم قرابة ؟ قال : تغتسل النّصرانيّة ، ثمَّ تغسلها ؛ وعن النّصرانيّ يكون في السّفر وهو مع المسلمين، فيموت؟

ص: 158


1- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 63 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ح 12 الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 31 بتفاوت .
2- مر برقم 5 من هذا الباب فراجع .
3- التهذيب 1 ، نفس ،الباب ، ح 58 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح4 . وظاهر هذا الخبر كغيره من الأخبار عدم بطلان المحرمية بالموت .
4- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 64 . الاستبصار 1 ، 117 - باب جواز غسل الرجل امرأته و ... ، ح 12 .

قال : لا يغسله مسلم ولا كرامة، ولا يدفنه، ولا يقوم على قبره(1).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن سالم، عن مفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): من غسّل فاطمة(عليه السلام)؟ قال : ذاك أمير المؤمنين(عليه السلام)، كأنّك استفظعت ذلك من قوله، فقال لي : كأنّك ضقت ممّا أخبرتك؟ فقلت : قد كان ذلك، جُعِلْتُ فِداك. جُعِلْتُ فِداك ، فقال لي : لا تَضِيقَنَّ ، فإنّها صديقة لم يكن يغسّلها إلّا صدّيق، أما علمت أنَّ مريم(عليها السلام)لم يغسلها إلا عيسى(عليه السلام)، قلت : جُعِلْتُ فِداك ، فما تقول في المرأة تكون في السّفر مع الرجال ليس لها معهم ذو محرم ، ولا معهم امرأة، فتموت المرأة، ما يُصْنَع بها؟ قال : يغسّل منها ما أوجب الله عليه التّيمّم، ولا تمسّ ولا يكشف شيء من محاسنها الّذي أمر الله عزّ وجلَّ بستره، قلت: كيف يصنع بها؟ قال : يغسّل بطن كفّيها ووجهها، ويغسل ظهر كفّيها(2).

101- باب حد الصبي الذي يجوز للنساء أن يُغَسَلْنَهُ

1 - أبو علي الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن ابن النمير(3)مولى الحارث بن المغيرة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): حدِّثني عن الصبيّ، إلى كم تغسّله النّساء؟ فقال : إلى ثلاث سنين(4).

ص: 159


1- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين ، ح 165 بتفاوت يسير إلى قوله : تغتسل النصرانية وتغسلها ورور ذيله بتفاوت برقم (150) من نفس الباب وبنفس السند الفقيه 1 ، 24 - باب المسن، في أحاديث متفرقة منها ح 34 وح 38. قوله(عليهم السلام): تغتسل النصرانية و ...، ذهب إلى جواز تغسيل النصراني والنصرانية الشيخان واتباعهما، وذهب بعض المتأخرين إلى أنه يدفن حينئذ بغير غسل، وقال الفاضل التستري : كأن في هذه الأخبار دلالة على طهارة أهل الكتاب كما حكي عن بعض الأصحاب مرآة المجلسي 339/13 .
2- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ، ح 67 بتفاوت. وروى صدر هذا الحديث في الاستبصار 1 ، 117 - باب جواز غسل الرجل امرأته والمرأة زوجها ، 15 . وروى ذيله في الاستبصار ،1، 118 - باب الرجل يموت في السفر وليس معه . ، ع ا . وروى جزءا من صدره في الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت، ح 57 . وروى أيضاً ذيله بتفاوت في 24 - باب المس ، ح 36 . واستفظعه : - كما في القاموس - وجده فظيعاً. والصدّيقة والصديق : أي المعصومة والمعصوم، وهو من بلغ الغاية في التصديق قولا وعملا، وهذا لا يتحقق إلا مع العصمة .
3- في التهذيب عن أبي النمير ..
4- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ... ، ح 166 . الفقيه 1 ، 24 - باب المس ، ح 29 . ما دل عليه من جواز تغسيل النساء الصبي مجرداً إلى ثلاث سنين هو المشهور بين الأصحاب، وكذا تغسيل الرجل الصبية، وجوز المفيد وسلار إلى خمس وجوز الصدوق تغسيل بنت أقل من خمس سنين مجردة، ومنع المحقق في المعتبر من تغسيل الرجل الصبية مطلقا مرآة المجلسي 340/13 .
102- باب غسل من غسل الميت ومن مسه وهو حارُّ ومن مسّه وهو باردٌ

1 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من غسّل ميّتاً فليغتسل، قلت: فإن مسّه ما دام حارّاً ؟ قال : فلا غسل عليه ، وإذا بَرَدَ ثمَّ مسّه فليغتسل، قلت: فَمَنْ أَدْخَلَهُ القبر؟ قال : لا غسل عليه، إنّما يمسّ التّياب(1).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام) قال : قلت : الرَّجل يغمض عين الميّت، عليه غسل ؟ قال : إذا مسّه بحرارته فلا، ولكن إذا مسّه بعد ما يبرد فليغتسل، قلت: فالّذي يغسّله يغتسل ؟ قال : نعم، قلت فيغسّله ثمَّ يكفّنه قبل أن يغتسل؟ قال : يغسّله، ثمَّ يغسل يده من العاتق، ثمَّ يلبسه أكفانه، ثم يغتسل، قلت : فمن حمله عليه غسل ؟ قال : لا ، قلت : فمن أدخله القبر، عليه وضوء؟ قال : لا ، إلّا أنه يتوضّأ من تراب القبر إن شاء(2).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يغسّل الّذي غسّل الميّت ؛ وإنْ قَبل إنسان الميّتَ وهو حارُّ، فليس عليه غسلٌ، ولكن إذا مسّه وقَبَّله وقد بَرَدَ فعليه الغسل، ولا بأس أن يمسّه بعد الغسل ويُقَبِّله(3).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن الرَّجل يمسّ الميّت، أينبغي له أن يغتسل منها؟ قال : لا إنّما ذلك من الإنسان وحده . قال : وسألته عن الرَّجل يصيب ثوبه جسد الميّت، فقال : يغسل ما أصاب الثوب (4).

5 - أبو علي الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحجّال، عن ثعلبة، عن

ص: 160


1- التهذيب 1 ، 5 - باب الأغسال المفترضات والمسنونات ، ح 15 بتفاوت الاستبصار 1 ، 60 - باب وجوب غسل الميت و ...، ح 1 . هذا، وقد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على وجوب الغسل على من مس ميتاً قبل تغسيله تمام الغسل وبعد برده، فإذا مسه بعد تمام تغسيله المعهود شرعاً أو قبل برده فلا غسل على الماس.
2- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 9 .
3- التهذيب 1، 5 - باب الأغسال المفترضات والمسنونات ، ح 16 . الاستبصار 1، 60 - باب وجوب غسل الميت و ...، ح 2
4- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 20 بتفاوت وبدون الذيل.

معمر بن يحيى قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) ينهى عن الغسل إذا دخل القبر(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قبل عثمان بن مظعون بعد موته(2).

7 7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب ، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل يقع طرف ثوبه على جسد الميّت؟ قال : إن كان غسّل الميت فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه ، وإن كان لم يغسّل ، فاغسل ما أصاب ثوبك منه (3).

8 - سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : أيغتسل مَن غسّل الميّت ؟ قال : نعم ، قلت : من أَدْخَلَهُ القبر؟ قال لا ، إنّما يمسُّ الثّياب(4).

103- باب العلة في غسل الميت غسل الجنابة

1 - عليُّ بن محمّد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمّد بن سليمان الدّيلميِّ، عن أبيه ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : دخل عبد الله بن قيس الماصر على أبي جعفر(عليه السلام)فقال : أخبرني عن الميّت لمَ يغسّل غسل الجنابة ؟ فقال له أبو جعفر(عليه السلام): لا أَخبرك، فخرج من عنده فلقي بعض الشيعة، فقال له : العجب لكم يا معشر الشّيعة، تولّيتم هذا الرَّجل وأطعتموه، ولو دعاكم إلى عبادته لأجَبْتُمُوه، وقد سألته عن مسألة فما كان عنده فيها شيء ، فلمّا كان من قابل دخل عليه أيضاً فسأله عنها فقال : لا أُخبرك بها ، فقال عبد الله بن قيس لرجل من أصحابه : انطلق إلى الشيعة فاصحَبهُم وأَظهِرْ عندهم موالاتك إيّاهم، ولعنتي والتّبرّي منّي،

ص: 161


1- ويحمل على الكراهة .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 16 . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 7 الفقيه 1 ، 24 - باب المس ، ح 51 . ويدل الحديث على جواز تقبيل الميت كما يدل على علو قدر ابن مظعون لمكان فعله(صلی الله علیه وآله وسلم).
3- واستدل به على ما ذهب إليه العلامة من وجوب غسل الثوب إذا أصاب بدن الميت جافاً، ولي فيه نظر، إذا الظاهر أن الثوب منصوب بالمفعولية، إذ لو كان مرفوعاً لكان ظاهره وجوب غسل جسد الميت لا الثوب، وعلى تقدير النصب، يدل على وجوب إزالة ما وصل إلى الثوب من جسد الميت من رطوبة أو نجاسة، فلا يدل على مدّعاهم بل على خلافه فتدبر مرآة المجلسي 343/13 .
4- الفقيه 1، 24 - باب المس ، ح 49 وأخرجه عن سليمان بن خالد عن عن أبي عبد الله (عليه السلام)وفي ذيله : مس . . . ، بدل بدل .. يمس ... وقال المجلسي في مرآته عن هذا الحديث وكأن فيه نوع تقية كما لا يخفى .

فإذا كان وقت الحجّ، فأتني حتّى أدفع إليك ما تحجّ به ، وَسَلّهم أن يُدخلوك على محمّد بن عليّ، فإذا صرتَ إليه فاسأله عن الميّتِ لم يغسّل غسل الجنابة ، فانطلق الرَّجل إلى الشيعة فكان معهم إلى وقت الموسم ، فنظر إلى دين القوم فقبله بقبوله، وكتم ابن قيس أمره مخافة أن.

يحرم الحجّ ، فلمّا كان وقت الحجّ أتاه فأعطاء حجّة وخرج ، فلمّا صار بالمدينة قال له أصحابه : تخلّف في المنزل حتّى نذكرك له ونسأله ليأذن لك، فلمّا صاروا إلى أبي جعفر(عليه السلام)قال لهم : أين صاحبكم، ما أنصفتموه، قالوا: لم نعلم ما يوافقك من ذلك، فأمر بعض من حضر أن يأتيه به، فلمّا دخل على أبي جعفر(عليه السلام)قال له : مرحباً كيف رأيت ما أنت فيه اليوم ممّا كنت فيه(1)قَبْلُ؟ فقال: يا ابن رسول الله ، لم أكن في شيء، فقال : صَدَقْتَ أَمَا إِنَّ عبادتك يومئذ كانت أخفّ عليك من عبادتك اليوم، لأنَّ الحقِّ ثقيل، والشيطان موكّل بشيعتنا، لأنَّ سائر النّاس قد كفوه أنفسهم(2)، إني سأُخبرك بما قال لك ابن قيس الماصر قبل أن تسألني عنه، وأصيّر الأمر في تعريفه إيّاه إليك، إن شئت أخبرته ، وإن شئت لم تخبره، إنَّ الله تعالى خلق خلّاقين(3)، فإذا أراد أن يخلق خلقاً أمرهم فأخذوا من التربة الّتي قال في كتابه : ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾ (4)فعجن النّطفة بتلك التربة الّتي يخلق منها بعد أن أسكنها الرَّحم أربعين ليلة ، فإذا تمّت لها أربعة أشهر قالوا يا ربّ، نخلق ماذا؟ فيأمرهم بما يريد من ذكر أو أبيض أو أسود ، فإذا خرجت الرُّوح من البدن، خرجت هذه النطفة بعينها منه ، كائناً ما كان صغيراً أو كبيراً ذكراً أو أُنثى، فلذلك يغسّل الميّت غسل الجنابة، فقال الرجل: يا ابن رسول الله لا والله ما أُخبر ابن قيس الماصر بهذا أبداً، فقال: ذلك إليك(5).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النّوفليِّ ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سُئل ما بال الميّت يُمْني(6)؟ قال: النّطفة الّتي خلق منها يرمي بها(7).

3- بعض أصحابنا، عن أصحابنا، عن عليِّ بن الحسن الميثميّ، عن هارون بن حمزة، عن بعض أصحابنا، عن عليِّ بن الحسين(عليه السلام)قال: قال : إنَّ المخلوق لا يموت حتّى تخرج منه النّطفة الّتي خلق منها من فيه أومن عينه(8).

ص: 162


1- أي من متابعتك لعبد الله بن قيس الماصر .
2- فلا حاجة به إلى إغوائهم بعد أن أطاعوه فيما دعاهم إليه من الضلال
3- أي ملائكة ،خلاقين والخلق بمعنى التقدير مرآة المجلسي 345/13.
4- سورة طه / 55
5- والحديث ضعيف.
6- أي يخرج من عينه الماء الغليظ الشبيه بالمني مرآة المجلسي 345/13 أقول: وما ذكره رحمه الله خلاف الظاهر، وخاصة بملاحظة التعليل.
7- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 104 . والحديث ضعيف على المشهور .
8- الحديث مرسل.
104- باب ثواب من غسّل مؤمناً

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن غالب، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : أيما مؤمن غسّل مؤمناً فقال إذا قلبه : اللهم إن هذا بدن عبدك المؤمن، قد أخرجت روحه منه ، وفرَّقْتَ بينهما (1)، فعفوك عفوك ، غفر الله له ذنوب سنة إلا الكبائر(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: من غسّل ميّتاً فأدّى فيه الأمانة، غفر الله له قلت : وكيف يؤدّي فيه الأمانة؟ :قال : لا يحدّث بما يرى(3).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ما من مؤمن يغسّل مؤمناً ويقول وهو يغسّله : ربّ عفوَكَ عَفْوَكَ إلّا عفا الله عنه(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : كان فيما ناجى الله به موسى قال: يا ربِّ ما لمن غسّل الموتى ؟ فقال : أغَسّلُهُ من ذنوبه كما ولدته أُمّه(5).

105- باب ثواب من كفّن مؤمناً

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : من كفّن مؤمناً ، كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيامة (6).

ص: 163


1- ضمير التثنية يرجع إلى الروح والبدن .
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحضرين و ...، ح 52 . الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت، ح 47 . والحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 1، 3 - باب تلقين المحتضرين، ح 105 بتفاوت . الفقيه 1 ، نفس الباب ح 46 بتفاوت أيضاً وزيادة في آخره لعلها من كلام الصدوق رحمه الله وقوله : لا يحدّث بما يرى أي من عيوب جسدية في الميت مما هو مستور عن الناس سواء ما كان فيه حال حياته، أو ما جدّ له بموته .
4- الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 48 بتفاوت يسير والضمير في (عنه) يحتمل رجوعه إما إلى الميت أو إلى الغاسل القائل .
5- الفقيه 1 ، نفس الباب، ذيل ح 45 بتفاوت. والحديث ضعيف .
6- التهذيب 1 نفس الباب، ح 106 الفقيه 1 ، 24 - باب المس، صدرح 17 عن الصادق(عليه السلام).
106- باب ثواب من حفر لمؤمن قبراً

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عَمِيرة، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: من حفر لميّت ،قبراً، كان كمن بوّأَهُ بيتاً موافقاً إلى يوم القيامة(1).

107- باب حد حفر القبر واللَّحد والشقّ وإن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يُحِدَلَهُ

1 - سهل بن زياد قال : روى أصحابنا أنَّ حدَّ القبر إلى التّرقوة، وقال بعضهم : إلى الثديِ وقال بعضهم(2): قامة الرّجل حتّى يمدُّ الثّوب على رأس مَن في القبر، وأمّا اللّحد فبقدر ما يمكن فيه الجلوس ، قال : ولمّا حضر علي بن الحسين(عليه السلام)الوفاة أغمي عليه(3)، فبقي ساعة ثمَّ رفع عنه الثوب ، ثمَّ قال : الحمد لله الّذي أورثنا الجنّة نتبوّأ منها حيث نشاء فنِعْمَ أجرُ العاملين ثمَّ قال: احفروا لي وابلغوا إلى الرَّشح ، قال : ثمَّ مدَّ الثّوب عليه فمات(عليه السلام)(4).

2 - سهل، عن بعض أصحابه، عن أبي همّام إسماعيل بن همّام، عن أبي الحسن الرِّضا(عليه السلام)قال : قال أبو جعفر(عليه السلام)حين احتضر : إذا أنامتُّ فاحفروا لي وشقّوا لي شقّاً (5)، فإن قيل لكم: إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) لُحِّدَله فقد صَدَقوا (6).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ،

ص: 164


1- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ، ح 107 . الفقيه 1 ، 24 - باب المس، ذيل ح 17 عن الصادق(عليه السلام)بتفاوت يسير : وبواه أنزله منزلا ، موافقاً مرضيّاً .
2- الظاهر أنه من كلام الراوي لأن المعصوم لا يحكي قول أحد، كما يقول الشهيد الأول في الذكرى.
3- يقول الشهيد الثاني : لا يريد به حقيقة الإغماء بل مجازه، بمعنى أنه قد حصل له ما أوجب عند الحاضرين أن يصفوه بذلك، لأن المعصوم(عليه السلام)ما دام حياً لا يجوز أن يخرج من التكليف
4- التهذيب ،1 ، نفس الباب ، ح 114 ، وأخرجه بتفاوت قليل عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله(عليه السلام). واللحد حفر حائط القبر مما يلي القبلة بقدر قامة الميت حيث يوضع فيه .
5- الشق - هنا - هو أن يحفر في أرض القبر حفرة مستطيلة يوضع فيها الميت ثم يبنى على الميت. واللحد أفضل منه
6- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 113 .

عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)لحّدله أبو طلحة الأنصاريُّ .(1).

4 - عليّ ، عن أبيه ، عن النّوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنَّ النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)نهى أن يعمّق القبر فوق ثلاثة أذرع (2) .

108- باب إن الميت يُؤْذَنَ به الناس

1 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد؛ وعبد الله بن سنان جميعاً، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: ينبغي لأولياء الميّت منكم أن يؤذنوا إخوان الميّت بموته، فيشهدون جنازته، ويصلّون عليه، ويستغفرون له، فيكتب لهم الأجر، ويكتب للميّت الاستغفار، ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب لميّتهم من الاستغفار(3).

2 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : سألته عن الجنازة يؤذَنُ بها النّاس؟ قال : نعم .

3- - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إِنَّ الجنازة يؤذِّنُ بها النّاس.

109- باب القول عند رؤية الجنازة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أَبَان - لا أعلمه إلّا ذكره - عن أبي حمزة قال : كان عليُّ بن الحسين(عليه السلام) إذا رأى جنازة قد أقبلت قال : الحمد لله الّذي لم يجعلني من السواد المُخْتَرَم(4).

ص: 165


1- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 112 و 111 .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 112 و 111 .
3- التهذيب ،1 نفس الباب ح 115 بتفاوت قليل.
4- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 117 . الفقيه 1 ، 26 - باب التعزية والجزع عند . . . ، ح 24 . والسواد : عامة الناس وقد يطلق على الشخص والمخترم : الهالك . وقوله(عليه السلام)هذا ليس لكراهته الموت ولقاء الله وإنما هو شكر له على نعمة الحياة وجوداً واستمراراً ليزداد من فعل الطاعات والخيرات التي تقربه أكثر من حظيرة القدس.

2 - محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن أبي الحسن النّهديّ رفعه قال : كان أبو جعفر(عليه السلام)إذا رأى جنازة قال : الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم .

3 - حميد، عن ابن سماعة، عن عبد الله بن جبلة، عن محمّد بن مسعود الطّائيّ، عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): من استقبل جنازة أو رآها فقال : الله أكبر، هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، اللّهم زِدْنا إيماناً وتسليماً، الحمد الله الذي تعزّز بالقدرة وقهر العباد بالموت، لم يبق في السّماء مَلَكٌ إلّا بكى رحمةً لصوته(1).

110- باب السنّة في حمل الجنازة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن غير واحد، عن يونس، عن عليِّ بن يقطين، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)قال : سمعته يقول : السُنة في حمل الجنازة أن تستقبل جانب السرير بشقك الأيمن فتلزم الأيسر بكتفك الأيمن، ثم تمرُّ عليه إلى الجانب الآخر وتدور من خلفه إلى الجانب الثالث من السّرير ، ثمَّ تمرُّ عليه إلى الجانب الرابع مما يلي يسارك(2).

2 - أبو علي الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن عليِّ بن حديد، عن سيف بن عَمِيرة، عن عمرو بن شمّر، عن جابر عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : السُنّة أن يحمل السّرير من جوانبه الأربع، وما كان بعد ذلك من حَمْل فهو تطوّع(3).

3-عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن الفضل بن يونس قال: سألت أبا إبراهيم(عليه السلام)عن تربيع الجنازة؟ قال : إذا كنت في موضع تقيّة فابدأ باليد اليمنى، ثمَّ بالرَّجل اليمنى، ثمَّ ارجع من مكانك إلى ميامن الميّت، لا تمرّ خلف رجله البتّة حتّى تستقبل الجنازة، فتأخذ يده اليسرى، ثمَّ رجله اليسرى، ثمَّ ارجع من مكانك ولا تمرَّ خلف الجنازة البتّة حتّى تستقبلها ، تفعل كما فعلت أوّلاً ، فإن لم تكن تتّقي فيه، فإنَّ تربيع الجنازة الّتي جرت به السّنة :

ص: 166


1- التهذيب1 نفس الباب، ح 116 وفيه : ..... مَلَك مُقَرّب..
2- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 120 الاستبصار 1 ، 127 - باب تربيع الجنازة، ح 2 بتفاوت فيهما .
3- التهذيب 1 نفس ،الباب ح 121 . الاستبصار ،1 نفس الباب ، ح 3 وذكره الصدوق مع حذف السند في الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت ذيل ح 8 .

أن تبدأ باليد اليمنى، ثمَّ بالرجل اليمنى، ثمَّ بالرِّجل اليسرى، ثمَّ باليد اليسرى حتّى تدور حولها(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن موسى بن أكيل، عن العلاء بن سيّابة ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : تبدأ في حمل السّرير من جانبه الأيمن، ثمَّ تمرُّ عليه من خلفه إلى الجانب الآخر، ثمَّ تمرُّ حتّى ترجع إلى المقدّم كذلك، دوران الرَّحى عليه(2).

111- باب المشي مع الجنازة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن عذافر عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : المَشْيُ خَلْفَ الجنازة أفضلُ من المشي بين يَدَيها(3).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن أورمة، عن محمّد بن عمرو، عن حسين بن أحمد المنقريّ، عن يونس بن ظبيان ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : امش أمام جنازة المسلم العارف، ولا تمش أمام جنازة الجاحد، فإنَّ أمام جنازة المسلم ملائكة يُسْرعون به إلى الجنّة، وإنَّ أمام جنازة الكافر ملائكة يُسرعون به إلى النّار(4).

3 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عمرو بن عثمان ، عن مفضّل بن صالح، عن جابر عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : مشى النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)خلف جنازة، فقيل له : يا

ص: 167


1- التهذيب 1، نفس ،الباب ح 118 . يقول الشهيدان رحمهما الله وهما بصدد الحديث عن مستحبات التشييع :« ومشي المشيّع خلفه أو إلى أحد جانبيه، ويكره أن يتقدمه لغير تقية والتربيع وهو حمله بأربعة رجال من جوانب السرير الأربعة كيف اتفق والأفضل التناوب، والأفضل أن يبدأ في الحمل بجانب السرير الأيمن وهو الذي يلي يسار الميت فيحمله بكتفه الأيمن ثم ينتقل إلى مؤخره الأيمن فيحمله بالأيمن كذلك، ثم ينتقل إلى مؤخره الأيسر فيحمله بالكتف الأيسر، ثم ينتقل إلى مقدّمه الأيسر فيحمله بالكتف الأيسر كذلك . . . ».
2- التهذيب ،1، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 119 . الاستبصار 1 ، 127 - باب تربيع الجنازة، ح 1 بدون كلمة عليه في الذيل
3- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 70 بزيادة في آخره، وكذلك هو في الفقيه 1، 25 - باب الصلاة على الميت ح 11 وأسنده إلى أبي جعفر(عليه السلام).
4- وقد مر أن من مستحبات الشييع عند أصحابنا رضوان الله عليهم هو المشي خلف الجنازة أو إلى أحد جانبيها مع تنصيصهم على كراهة تقدّمها وما ورد هنا من الأمر بالمشي أمام جنازة المسلم العارف ربما يحمل على التقية، والمراد بالجاحد الكافر، بمقتضى مقابلته مع المسلم، ويحتمل إرادة المخالف أيضاً.

رسول الله ، مَالَكَ تمشي خلفها ؟ فقال : إنَّ الملائكة أراهم يمشون أمامها، ونحن تَبَعُ لهم(1).

4 - أبو علي الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما(عليهم السلام) قال: سألته عن المشي مع الجنازة؟ فقال بين يديها، وعن يمينها، وعن شمالها، وَخَلْفَها .

5 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكنديّ، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: امش بين يدي الجنازة وخَلْفَها .

6 - أبو علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحجال، عن عليِّ بن شجرة، عن أبي الوفاء المراديّ، عن سدير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : من أحبَّ أن يمشي ممشى الكرام الكاتبين، فَلْيَمْشِ بِجَنْبي السّرير(2).

7 - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النّوفليّ ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سئل ؛ كيف أصنعُ إذا خرجتُ مع الجنازة ؛ أمشي أمامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها؟ فقال : إن كان مخالفاً فلا تمشِ أمامه، فإنَّ ملائكة العذاب يستقبلونه بألوان العذاب(3).

112- باب كراهية الركوب مع الجنازة

1 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: رأى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قوماً خلف جنازة ركباناً ، فقال : أما استحى هؤلاء أن يتبعوا صاحبهم ركباناً وقد أَسْلَمُوه(4)على هذه الحال؟

2 - عليُّ ، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله

ص: 168


1- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 71 وفيه : رأيتهم يمشون ... والتبع : التابع
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 72 . وفيه : جنبي ... والكرام الكاتبون : هم الملائكة الذين يكتبون أعمال الإنسان ويقعدون عن يمينه وشماله .
3- التهذيب 1 نفس الباب ح 73 وأخرجه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين، عن وهيب بن 1، حفص عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام). وقد دل هذا الحديث على اختصاص المشي خلف الجنازة بجنازة المخالف وبه يمكن الجمع بين الأخبار، إلا أن المنصوص عليه عند أصحابنا استحباب المشي خلف الجنازة أو إلى أحد جانبيها مطلقاً إلا لتقية.
4- أسْلَمُوه : أي خذلوه وخذلانهم له إما باستخفافهم به بركوبهم خلف جنازته، أو لتفويتهم بمشيهم ثواباً كان يصل إليه لو فعلوا .

قال : مات رجل من الأنصار من أصحاب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فخرج رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في جنازته يمشي ، فقال له بعض أصحابه : أَلَا تركب يا رسول الله ؟ فقال : إنّي لأكْرَهُ أن أركب والملائكة يمشون، وَأَبَى أن يركب(1).

113- باب من يتبع جنازة ثم يرجع

1 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن زرارة قال : كنت مع أبي جعفر(عليه السلام)في جنازة لبعض قرابته، فلمّا أن صلّى على الميّت قال وليّه لأبي جعفر(عليه السلام): ارجع يا أبا جعفر مأجوراً ولا تَعَنّى(2)لأنّك تضعف عن المشي ، فقلت أنا لأبي جعفر(عليه السلام): قد أذِنَ لك في الرُّجوع، فارجع، ولي حاجة أُريد أن أسألك عنها، فقال لي أبو جعفر(عليه السلام): إنّما هو فضل وأجر ، فبقدر ما يمشي مع الجنازة يؤجر الّذي يتبعها، فأمّا بِإِذْنِهِ، فليس بإِذْنِهِ جئنا ولا بإذنِهِ نرجع .

2 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن أبي عبد الله رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «أميران وليسا بأميرين: ليس لمن تبع جنازة أن يرجع حتى يُدْفَنَ أو يؤذن له، ورجل يحجُّ مع امرأة فليس له أن ينفر حتّى تقضي نُسُكَهَا ».

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب ، عن زرارة قال: حضر أبو جعفر(عليه السلام)جنازة رجل من قريش، - وأنا معه - وكان فيها عطاء(3)، فَصَرَخَتْ صارِحَةً، فقال عطاء: لتسكتنَّ أو لنرجعنَّ قال: فلم تسكت، فرجع عطاء، قال: فقلت لأبي جعفر(عليه السلام): إنَّ عطاء قد رجع ، قال : وَلِمَ؟ قلت : صرخت هذه الصّارخة ، فقال لها : لتسكتنَّ أو لنرجعنّ، فلم تسكت، فرجع ، فقال : امض بنا، فلو أنّا إذا رأينا شيئاً من الباطل(4)مع الحقِّ تركنا له الحقِّ ، لم نقضِ حقَّ مسلم ؟! قال : فلمّا صلّى على الجنازة قال وليّها لأبي جعفر(عليه السلام):

ص: 169


1- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 74 بدون قوله : وأبى أن يركب ومن عموم التعليل نستكشف عدم اختصاص الحكم به (صلی الله علیه وآله وسلم).
2- أي لا يلحقك العناء. وأصلها : تتعنى
3- هو عطاء بن أبي رباح من علماء العامة والمقربين من البلاط الأموي ، وكان كما يذكر المؤرخون ، أعور أفطس أعرج شديد السواد.
4- عنى(عليه السلام)بذلك صراخ ،المرأة، وكونه من الباطل إما لأنه جَزَع وهو محرم، أو لسماع الأجانب صوتها مع خوف الفتنة وهو محرم أيضاً .

ارجع مأجوراً رحمك الله فإنّك لا تقوى على المشي فأبى أن يرجع ، قال : فقلت له : قد أذن لك في الرُّجوع،ولي حاجة أُريد أن أسألك عنها، فقال: امض، فليس بِإذنِهِ جئنا، ولا بإِذنِه ِنرجع، إنّما هو فضل وأجر طلبناه، فبقدر ما يتبع الجنازةٌ الرّجلُ يُؤْجر على ذلك(1).

114- باب ثواب من مشى مع جنازة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سَيف بن عَميرة، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا أدخل المؤمن قبره نودي : ألا إن أوَّل حبائك الجنّة ، وحباء من تبعك المغفرة(2).

2 - عليّ ، عن أبيه، وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن داود الرّقي، عن رجل من أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: من شيّع جنازة مؤمن حتّى يُدْفَنَ في قبره(3)، وكّل الله عزَّ وجلَّ به سبعين ملكاً من المشيّعين يشيّعونه ويستغفرون له إذا خرج من قبره إلى الموقف .

3 - سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : أوّل ما يُنْحَفُ به المؤمن، يُغْفَرُ لمن تَبِعَ جنازته(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عَميرة، عن عمرو بن شمّر، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : من شيّع ميّتاً حتّى يصلّى عليه ، كان له قيراط من الأجر، ومن بلغ معه إلى قبره حتّى يدفن، كان له قيراطان من الأجر، والقيراط مثل جبل أُحُد .

5 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : من مشى مع جنازة حتى يصلي عليها ثمَّ رجع ،

ص: 170


1- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ، ح 126 . ويظهر من إبائه (عليهم السلام)عن الرجوع هنا وأبائه عن الرجوع كما ورد في الحديث الأول من هذا الباب مع أن زرارة هنا كان يطلب منه(عليه السلام)الرجوع لحاجة يريد أن يسألها أياه(عليه السلام)وكذلك عيناً في الحديث الأول أن تشييع المؤمن أهم من قضاء حاجة المؤمن فتأمل
2- الحباء العطاء. والحديث ظاهراً مختص بالميت المؤمن ومن شيعه من المؤمنين.
3- وقد دل الحديث على استحباب الإقامة للمشيّع حتى يتم الدفن.
4- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 127 . الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت، ح 6 بتفاوت 25 - يسير .

كان له قيراط [من الأجر]، فإذا مشى معها حتّى تدفن كان له قيراطان، والقيراط مثل جبل أُحُد(1).

6 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن ميسّر قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : من تبع جنازة مسلم أعطي يوم القيامة أربع شفاعات، ولم يقل شيئاً(2)إلا وقال الملك وَلَكَ مثل ذلك(3)

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : من تبع جنازة كتب الله له أربع قراريط قيراط باتّباعه، وقيراط للصّلاة عليها، وقيراط بالانتظار حتّى يفرغ من دفنها، وقيراط للتّعزية (4).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: فيما ناجی به موسى(عليه السلام)ربِّه قال: يا ربّ ما لمن شيّع جنازة؟ قال: أُوكّل به ملائكة من ملائكتي معهم رايات يشيّعونهم من قبورهم إلى مَحْشَرِهِمْ .

115- باب ثواب من حَمَلَ جنازة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عَمِيرة، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : من حمل جنازة من أربع جوانبها، غفر الله له أربعينَ كبيرةُ(5).

ص: 171


1- التهذيب ،1 ، نفس الباب، ح 130 . الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 2 بتفاوت في الجميع يسير. والقيراط : نصف دانق معرب كيراتون باليونانية، وأصله بعد تعريبه قراط بالتشديد فأبدل من أحد حرفي تضعيفه ياءً كما هو الحال في دينار، ولذلك يجمع على قرار يط، لأن جمع التكسير يرد الألفاظ إلى أصولها ، وهو يختلف باختلاف البلاد، ففي مكة القيراط ربع سدس دينار، وفي العراق نصف عشره ، هكذا قيل، وهذا يؤيد مقولة أن الأعمال تجسّم يوم القيامة وتوزن. ويظهر من الحديث أن ثواب المشي مع الجنازة حتى الدفن يعادل ثواب المشي معها حتى الصلاة عليها والتمثيل بأحد للدلالة على جلالة قدر الثواب وكثرته .
2- أي أثناء التشييع من الاستغفار للميت وللمؤمنين والترحم عليه والدعاء له ولهم .
3- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 128 . الفقيه ،1، نفس الباب ، ح 3 قوله(عليه السلام): أربع شفاعات، أي يشفع في أربعة من المؤمنين .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 129 . الفقيه 1، نفس الباب، ح 1 .
5- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ، ح 124 . الفقيه 1، 25 - باب الصلاة على الميت، ح 12 بتفاوت. وغفران الأربعين كبيرة، إنما هو لما مضى منها لا لما يستأنف.

2 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن سليمان بن خالد، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من أخذ بقائمة السّرير غفر الله له خمساً وعشرين كبيرة، وإذا ربّع خرج من الذُّنوب(1).

3 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحجّال، عن عليِّ بن شجرة عن عيسى بن راشد، عن رجل من أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : سمعته يقول: من أخذ بجوانب السّرير الأربعة، غفر الله له أربعين كبيرة .

116- باب جنائز الرجال والنساء والصبيان والأحرار والعبيد

1 - عدّةٌ من أصحابنا ،عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: سألته؛ كيف يصلّى على الرِّجال والنساء؟ قال : يوضع الرِّجل ممّا يلي الرِّجال ، والنِّساء خَلْفَ الرِّجال(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن علي، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار السّاباطيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في الرَّجل يصلّي على ميّتين أو ثلاثة أموات، كيف يصلّي عليهم ؟ قال : إن كان ثلاثة أو اثنين أو عشرة أو أكثر من ذلك ، فليصلّ عليهم صلاة واحدة، يكبّر عليهم خمس تكبيرات، كما يصلّي على ميّت واحد، وقد صلّى عليهم جميعاً، يضع ميّتاً واحداً، ثمَّ يجعل الآخر إلى إلية الأوَّل، ثمَّ يجعل رأس الثّالث إلى إلية الثَّاني شبه المدرج حتّى يفرغ منهم كلّهم ما كانوا ، فإذا سوّاهم هكذا قام في الوسط، فكبّر خمس تكبيرات، يفعل كما يفعل إذا صلّى على ميت واحد ؛ سئل : فإن كان الموتى رجالاً ونساء؟ قال : يبدأ بالرِّجال، فيجعل رأس الثّاني إلى إلية الأوَّل حتّى يفرغ من الرّجال كلّهم، ثمَّ يجعل رأس المرأة إلى إلية الرَّجل الأخير ، ثمَّ يجعل رأس المرأة الأخرى

ص: 172


1- الفقيه 1 ، نفس ،الباب ، ح 9 وفيه : بقوائم السرير وما في الفروع هنا من قوله ( بقائمة) هو الأصح في نظري لئلا يتناقض صدر الحديث مع ذيله، لأنه ليس للتربيع معنى إلا بأخذ السرير من قوائمه الأربع وفي هذه الحال يخرج من ذنوبه . والتوفيق بين هذه الرواية وبين غيرها في هذا المقام هو بالقول بأن الثواب إنما يختلف باختلاف حالات المشيعين والمشيعين من حيث الإيمان والإخلاص والفضل والعلم ... الخ . كما يختلف باختلاف كيفية الحمل من حيث انطباق الآداب الشرعية عليه وعدمه.
2- الاستبصار 1 ، 291 - باب ترتيب جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت ح 1 ، التهذيب 3 32 - باب الصلاة على الأموات ، ح 27 وفيه : يوضع الرجال.

إلى إلية المرأة الأُولى حتّى يفرغ منهم كلّهم، فإذا سوّى هكذا قام في الوسط - وسط الرِّجال - فكبّر وصلّى عليهم كما يصلّي على ميّت واحد؛ وسئل عن ميّت صُلّي عليه ، فلمّا سلّم الإمام فإذا الميّت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه ؟ قال : يسوّى وتُعاد الصلاة عليه، وإن كان قد حُمل ما لم يدفن، فإن كان قد دُفن، فقد مضت الصّلاة، لا يصلّى عليه وهو مدفون(1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : كان إذا صلّى على المرأة والرَّجل ، قدَّم المرأة وأخر الرَّجل، وإذا صلّى على العبد والحرِّ ، قدَّم العبد وأخر الحرّ، وإذا صلّى على الكبير والصّغير، قدَّم الصّغير وأخّر الكبير(2).

4 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن الجبّار، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال: سألته عن الرِّجال والنّساء كيف يصلّى عليهم؟ قال : الرّجال أمام النساء ممّا يلي الإمام، يصّف بعضهم على أثر بعض(3).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في جنائز الرجال والصبيان والنّساء، قال: يضع النّساء، ممّا يلي القبلة، والصبيان دونهم، والرّجال دون ذلك، ويقوم الإمام ممّا يلي الرِّجال(4).

6 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ،عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن جنائز الرِّجال والنّساء إذا اجتمعت ؟ فقال : يقدَّم الرِّجال في كتاب عليّ(عليه السلام)(5).

ص: 173


1- الاستبصار 1 ، 291 - باب ترتيب الجنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت ، ح 8 التهذيب ،3، 32 - باب الصلاة على الأموات، ح 30 بدون الذيل فيهما هذا ولم يشترط أصحابنا هنا إلا أن يجعل رأس الجنازة إلى يمين الإمام ، وعدوا من السنن أن يقف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة، وأن اتفقا - كما يقول المحقق رحمه الله - جعل الرجل مما يلي الإمام والمرأة وراءه ويجعل صدرها محاذيا لوسطه ليقف الإمام موقف الفضيلة، فلو كان طفلا جعل من وراء المرأة.
2- الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 2 . الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت ، ح 39 وفيه : وكان علي(عليه السلام).
3- الاستبصار 1 ، نفس الباب . التهذيب ،3، نفس الباب، ح 31 .
4- الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح.5 التهذيب ،3 نفس الباب، ح 33 . وفيهما : توضع النساء .
5- الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح7. التهذيب 3، نفس الباب، ح 29 وفيه : تقدّم . . . ، بدل: يقدم ... ومن الواضح أن هذا الترتيب بجميع صدره محمول على الاستحباب دون الفرض والايجاب كما يذكر الشيخ رحمه الله .
117- باب نادر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن زكريّا، عن أبيه زكريّا بن موسى، عن اليسع بن عبد الله القمّي(1) قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل، يصلّي على جنازة وحده؟ قال : نعم ؛ قلت : فائنان يصلّيان عليها؟ قال: نعم، ولكن يقوم الآخر خلف الآخر، ولا يقوم بجنبه(2).

2 -عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران ،عن سَيف بن عمِيرة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : لا يصلّى على الجنازة بحذاء ولا بأس بالخُفّ(3).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النّوفليُّ ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): خير الصفوف في الصلاة ،المقدَّم، وخير الصفوف في الجنائز المؤخّر، قيل : يا رسول الله، وَلِمَ؟ قال : صار سُتْرَةٌ للنساء(4).

118- باب الموضع الذي يقوم الإمام إذا صلّى على الجنازة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة ،عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : من صلّى على امرأة فلا يقوم في وسطها، ويكون ممّا يلي صدرها، وإذا صلّى على الرَّجل فليقم في وسطه(5)

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن

ص: 174


1- في التهذيب: عن القاسم بن عبيد الله القمي.
2- الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت، ح 24 - بتفاوت قليل التهذيب 3 ، 32 - باب الصلاة على الأموات، ح 16 .
3- التهذيب ،3، 22 - باب الزيادات . ح 38 .
4- التهذيب ،3 32 - باب الصلاة على الأموات ، ح 17 .
5- الاستبصار 1 ، 290 - باب موضع الوقوف من الجنازة ، ح 2 . التهذيب 3، 21 - باب الصلاة على الأموات، حه ويقول الشهيدان «والوقوف، أي وقوف الإمام، أو المصلي وحده عند وسط الرجل وصدر المرأة على الأشهر، ومقابل المشهور قول الشيخ في الخلاف أنه يقف عند رأس الرجل وصدر المرأة، وقوله في الاستبصار أنه عند رأسها وصدره والخنثى هنا كالمرأة».

موسى بن بكر، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال : إذا صليت على المرأة فَقُمْ عند رأسها، وإذا صلَّيتَ على الرّجل فَقُمْ عند صدره(1).

119- باب من أَوْلى الناس بالصلاة على الميت

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : يصلّي على الجنازة أَوْلى النّاس بها ، أو يأمر من يحبُّ(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن لقاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له المرأة تموت، من أحقُّ بالصّلاة عليها؟ قال: زوجها؛ قلت: الزَّوج أحقُّ من الأب والولد والأخ؟ قال: نعم، ويغسّلها (3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: سألته، عن المرأة تموت، من أحقُّ أن يصلّي عليها؟ قال: الزّوج؛ قلت : الزوَّج أحقّ من الأب والأخ والولد ؟ قال : نعم .

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: إذا حضر الإمام الجنازة، فهو أحقُّ النّاس بالصلاة عليها(4).

5 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، أبي عبد الله(عليه السلام)قال: يصلّي على الجنازة أوْلى النّاس بها، أو يأمر من يحبُّ.

120- باب من يصلّي على الجنازة وهو على غير وضوء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن فضال، عن يونس بن

ص: 175


1- الاستبصار 1 ، 290 - باب موضع الوقوف من الجنازة ، ح 1 . التهذيب ،3، 32 - باب الصلاة على الأموات، ح 15 ، وأورده أيضاً برقم 4 من الباب 21 من نفس الجزء .
2- التهذيب 3 ، 22 - باب الزيادات ، ح 30 .
3- الاستبصار 1 ، 302 - باب من أحق بالصلاة على المرأة ، ح 1 . التهذيب 3 ، 22 باب الزيادات، ح 31 الفقيه 1، 25 - باب الصلاة على الميت، ح 21 هذا، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الزوج أولى بزوجته مطلقاً في جميع أحكام الميت بلا فرق بين الدائم والمنقطع
4- التهذيب 3 نفس الباب، ح 36 .

يعقوب ، قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الجنازة، أيصلّى عليها على غير وضوء؟ فقال : نعم، إنّما هو(1)تكبير وتحميد وتسبيح وتهليل، كما تكبّر وتسبّح في بيتك على غير وضوء(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبّي قال : سئل أبو عبد الله (عليه السلام)عن الرَّجل تدركه الجنازة وهو على غير وضوء، فإن ذهب يتوضأ فاتته الصلاة عليها؟ قال : يتيمّم ويصلّي(3)

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وأبو علي الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عبد الحميد بن سعيد(4)قال: قلت لأبي الحسن(عليه السلام): الجنازة يُخْرَجُ بها ولستُ على وضوء، فإن ذهبتُ أتوضّأ فاتتني الصّلاة، ألِي أن أصلّي عليها وأنا على غير وضوء؟ قال : تكون على طُهرً أحبُّ إليَّ(5).

4 - أبو علي الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال : سألته عن الرّجل تَفْجَاه الجنازة وهو على غير طهر، قال : فليكبّر معهم .

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال : سألته عن رجل مرَّت به جنازة وهو على غير وضوء، كيف يصنع ؟ قال يَضْرِبُ بيديه على حائط اللّبْن فيتيمّم [به] (6).

121- باب صلاة النّساء على الجنازة

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن

ص: 176


1- التذكير بلحاظ الفعل وفي الفقيه : إنما هي ...
2- التهذيب 3 22 - باب الزيادات ، ح 22 . الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت ح 42 بتفاوت في الذيل فليس فيه : على غير وضوء ويمكن أن يستفاد من قوله(عليه السلام): إنما هو تكبير و الخ ، أن الصلاة على الميت ليست صلاة بالمعنى الحقيقي حتى يشترط فيها ما يشترط في صلاة الفريضة من الطهارة الحدثية والخبثية في البدن واللباس، وإنما هي صلاة بالمعنى اللغوي، وإطلاق الصلاة عليها إطلاق مجازي بلحاظ اشتمالها على الدعاء وماشاكل.
3- وقد حمل الخبر بلحاظ التيمم على الاستحباب دون الوجوب، لعدم اشتراط الصلاة على الميت بالطهارة كما تقدم إجماعاً.
4- في التهذيب: عن عبد الحميد بن سعد . . .
5- التهذيب ،3، قفس الباب، ح 23
6- التهذيب 3، 23 - باب الزيادات ، ح 24 - بدون (به) في الذيل . وهو محمول على الاستحباب أيضاً.

عليّ بن عقبة ،عن امرأة الحسن الصّيقل، عن الحسن الصّيقل عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: سئل؛ كيف تصلّي النّساء على الجنازة إذا لم يكن معهنَّ رجل؟ قال : يَصْفُفْنَ جميعاً ، ولا تتقدمهنَّ امرأة(1).

2 - أبو علي الأشعريّ ، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا لم يحضر الرَّجل تقدَّمت امرأة وسطهنَّ، وقام النساء عن يمينها وشمالها وهي وسطهنَّ تكبّر حتّى تفرغ من الصلاة(2).

1 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكنديِّ، عن الميثميِّ ، عن أَبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : قلت: تصلّي الحائض على الجنازة؟ قال: نعم، ولا تَصُفُّ (3)معهم، تقوم مفردة(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الحائض تصلّي على الجنازة؟ قال: نعم، ولا تصفّ معهم(5).

5- حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: الطامث تصلّي على الجنازة، لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود، والجُنُب، تتيمّم وتصلّي على الجنازة(6).

122 - باب وقت الصلاة على الجنائز

1 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام): هل يمنعك شيء من هذه الساعات عن الصلاة على الجنائز؟ فقال : لا(7).

ص: 177


1- التهذيب 3 ، 320 - باب الصلاة على الأموات ، ح 43 :وفيه : فلا ...، بدل ولا . .. الفقيه 1، 25 - باب الصلاة على الميت ، ح 26 بتفاوت وزيادة في آخره ،وظاهره أن لا إمامة للمرأة فهنا بقرينة قوله : يصففن جميعاً ولا تتقدمهنّ امرأة .
2- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 44 الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 25 بتفاوت.
3- في التهذيب : ولا تقف معهم ...
4- التهذيب 3 ، 22 - باب الزيادات، ح 25
5- التهذيب 3 نفس الباب، ح 26 . وفي ذيله : نعم، ولا تقف معهم، تقف مفردة .
6- التهذيب ،3 نفس الباب، ح 27 وفيه : والجنب يتيمم ويصلي على الجنازة.
7- الاستبصار 1 ، 289 - باب وقت الصلاة على الميت، ح 2 . التهذيب 3 ، 32 - باب الصلاة على الأموات، ح 23

2 -أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: يُصلّى على الجنازة في كلّ ساعة، إنها ليست بصلاة ركوع ولا سجود، وإنما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود، لأنّها تَعْرُبُ بين قَرْنَي شيطان وتطلع بين قَرْنَي شيطان(1).

123- باب علة تكبير الخَمْس على الجنائز

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه رفعه، قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): لم جعل التكبير على الميّت خمساً؟ فقال: ورد من كلّ صلاة(2) تكبيرة .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان؛ وهشام بن سالم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يكبّر على قوم خمساً، وعلى قوم آخرين أربعاً، فإذا كبّر على رجل أربعاً اتُّهم - يعني بالنفاق(3).

3 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن مهاجر، عن أمّه أمِّ سلمة، قالت: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إذا صلّى على ميّت كبّر وتشهّد، ثمَّ كبّر، ثمَّ صلّى على الأنبياء ودعا، ثمَّ كبّر ودعا للمؤمنين، ثمَّ كبّر الرابعة ودعا للميت، ثمَّ كبّر وانصرف، فلمّا نهاه الله عزَّ وجلَّ عن الصلاة على المنافقين، كبّر وتشهّد، ثمَّ كبّر وصلّى على النبيّين صلّى الله عليهم ، ثمَّ كبّر ودعا للمؤمنين، ثمَّ كبّر الرابعة وانصرف ولم يَدْعُ للميّت(4).

ص: 178


1- الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 3 . التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 24 . قال في النهاية- تعليقاً على قوله(عليه السلام): بين قرني شيطان، أي ناحيتي رأسه وجانبيه وقيل : القرن القوة، أي حين تطلع يتحرك الشيطان ويتسلط فيكون كالمعين لها وقيل بين قرنيه ،أي أمتيه الأولين والآخرين، وكل هذا تمثيل لمن سجد للشمس عند طلوعها، فكأن الشيطان سوّل له ذلك، فإذا سجد لها كان كان الشيطان مقترن بها
2- يعني من الصلوات الخمس المفروضات في اليوم والليلة .
3- الاستبصار 1 ، 293 - باب عدد التكبيرات على الأموات، ح.8. وفيه : وإذا كبر . . . التهذيب 3 ، 32 - باب الصلاة على الأموات ، ح 8 وليس في ذيلهما : يعني ... الخ . ولعله من كلام الكليني رحمه الله . نعم الشيخ ذكر الحديث مع الزيادة برقم 1 من الباب 22 من نفس الجزء. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على كيفية صلاة الميت خمس تكبيرات مع اختلافهم في وجوب الدعاء بينهن ،وعدمه، كما اتفقوا على أن الميت لو كان مخالفاً اقتصر المصلي على أربع تكبيرات مع اختلافهم في لزوم لعنه عقيب الرابعة وعدمه.
4- الفقيه 1 ، 35 - باب الصلاة على الميت، ح 16 مرسلاً بتفاوت. التهذيب 3 ، 21 - باب الصلاة على الأموات، ح .. وربما يستدل بهذا الخبر على وجوب الدعاء بعد كل تكبيرة من التكبيرات الخمس كه ، هو المشهور بين: فقهائنا وما ورد في آخره بأنه - إذا كان المسجّى منافقاً أو مخالفاً - كبر الرابعة وانصرف فلم يدع للميت لا ينافي ما هو المعروف عندنا من وجوب الدعاء عليه على تقدير القول بوجوب الدعاء بعد التكبيرات، وذلك لاحتمال أن يكون النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)قد دعا عليه ولم يسمعه أحد، أو أنه لم يدع للميت بل دعا عليه فنفى الراوي الأول وهذا لا يستلزم النفي مطلقاً خاصة وأن الدعاء عليه لا يتطلب إلا كلمات قليله أو أنه يتأدى بكلمتين كأن يقول : اللهم العنه، وما شابه.

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابه، عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، عن أبيه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إنَّ الله تبارك وتعالى فرض الصلاة خمساً، وجعل للميّت من كلّ صلاة تكبيرة» .

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عثمان بن عبد الملك الحضرميّ ، عن أبي بكر الحضرمي قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): يا أبا بكر، تدري كم الصلاة على الميّت؟ قلت : لا ، قال : خمس تكبيرات ، فتدري من أين أُخذت الخمس؟ قلت : لا قال: أُخذت الخمس تكبيرات من الخمس صلوات، من كلّ صلاة تكبيرة(1).

124- باب الصلاة على الجنائز في المساجد

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن طلحة، عن أبي بكر بن عيسى بن أحمد العلويّ، قال: كنت في المسجد وقد جيء بجنازة، فأردت أن أُصلّي عليها، فجاء أبو الحسن الأوَّل(عليه السلام)فوضع مرفقه في صدري، فجعل يدفعني حتّى خرج(2)من المسجد، فقال يا أبا بكر إنَّ الجنائز لا يصلّى عليها في المساجد(3).

125- باب الصلاة على المؤمن والتكبير والدعاء

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن أُورمة، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة ، قال : سألته عن الصلاة على الميّت؟ فقال : تكبّر خمس تكبيرات ، تقول أوَّل ما

ص: 179


1- التهذيب ،3 ، 21 - باب الصلاة على الأموات ، ح 2 .
2- في كل من التهذيب والاستبصار حتى أخرجني ..
3- التهذيب 3 ، 32 - باب الصلاة على الأموات ، ح 42. وحمل على الكراهة، وما ورد من الأخبار في تجويز الصلاة عليها في المساجد محمول على الرخصة وعدم الحظر وعند الاضطرار.وأخرجه أيضاً في الاستبصار 1 ، 292 - باب المواضع التي يصلى فيها على الجنائز، ح 3 ،

تكبّر : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله، اللّهمَّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعلى الأئمة الهداة ، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غِلًّا للذين آمنوا ربّنا إنّك رؤوف رحيم، اللّهمَّ اغفر لأحيائنا وأمواتنا من المؤمنين والمؤمنات، وألّف قلوبنا على قلوب أخيارنا، واهدنا لما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنك إنّك تهدي من نشاء إلى صراط مستقيم، فإن قطع عليك التكبيرة الثانية فلا يضرُّك، تقول: اللّهمَّ عبدك ابن عبدك وابن أُمَتِكَ أنت أعلم به منّي، افتقر إلى رحمتك واستغنيتَ عنه، اللّهمَّ فتجاوز عن سيّئاته، وزِدْ في إحسانه، واغفر له، وارحمه، ونوِّر له في قبره، ولقّنه حجّته، والْحِقْهُ بنبيّه(صلی الله علیه وآله وسلم)، ولا تحرمنا أجره ولا تَفْتِنا بعده، تقول هذا حتّى تفرغ من خمس تكبيرات(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن زرارة،عن أبي عبد الله(عليه السلام) في الصلاة على الميّت قال : تكبّر، ثمَّ تصلّي على النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)، ثمَّ تقول : اللّهمَّ عبدك ابن عبدك ابن أُمَتِك، لا أعلم منه إلّا خيراً، وأنت أعلم به منّي ، اللّهمَّ إن كان محسناً فزِدْ في إحسانه، وتقبَّل منه ، وإن كان مسيئاً فاغفر له ذنبه [وارحمه]، وافسح له في قبره، واجعله من رفقاء محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)، ثمَّ تكبّر الثانية وتقول : اللّهمَّ إن كان زاكياً فزكّه ، وإن كان خاطئاً فاغفر له ثمَّ تكبّر الثالثة وتقول: اللّهمَّ لا تحْرِمْنا أجْرَهُ ولا تَفْتِنا بعده، ثمَّ تكبّر الرّابعة وتقول : اللّهمَّ اكتبه عندك في علّيّين، واخلف على عَقِبِهِ في الغابرين، واجعله من رفقاء محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)، ثمَّ تكبر الخامسة وانصرف .

3 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد، قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن التكبير على الميّت، فقال: خمس، تقول في أولاهُنَّ أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، اللّهمَّ صلّ على محمّد وآل محمّد ثمَّ تقول : اللّهمّ إنّ هذا المسجّى قدَّامَنا عبدك وابن عبدك ، وقد قبضت روحه إليك، وقد احتاج إلى رحمتك وأنت غنّي عن عذابه، اللّهمَّ إنّا لا نعلم من ظاهره إلّا خيراً وأنت أعلم بسريرته، اللّهمَّ إن كان محسناً فزِد في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته، ثمَّ تكبّر الثانية، وتفعل

ص: 180


1- التهذيب ،3 ، 21 - باب الصلاة على الأموات ، ح 7 بزيادة في أوله وآخره وتفاوت وروى السؤال عن صلاة الميت وجوابه(عليه السلام)بقوله : خمس تكبيرات مع زيادة فإذا فرغت سلمت عن يمينك، في الاستبصار 1، 295 - باب أنه لها تسليم في صلاة الميت، ح 4 ، وقد حمل الشيخ رحمه الله هذه الرواية التي رود فيها ذكر التسليم في صلاة الميت في كل من التهذيبين على التقية .

ذلك في كلّ تكبيرة(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : تكبّر ثمَّ تَشَهد ؛ ثمَّ تقول : إنّا الله وإنّا إليه راجعون، الحمد لله ربِّ العالمين، ربِّ الموت والحياة، صلّ على محمّد وأهل بيته، جَزَى الله عنّا محمّداً خيرا الجزاء بما صنع بأُمّته، وبما بلغ من رسالات ربه، ثمَّ تقول : اللّهمَّ عبدك ابن عبدك ابن أُمّتِك، ناصيته بيدك، خلا من الدُّنيا واحتاج إلى رحمتك وأنت غنيّ عن عذابه، اللّهمَّ إنّا لا نعلم منه إلّا خيراً وأنت أعلم به ، اللّهمَّ إن كان محسناً فَزِدْ في إحسانه وتقبّل منه ، وإن كان مسيئاً فاغفر له ذنبه وارحمه وتجاوز عنه برحمتك، اللّهمَّ الْحِقْهُ بنبيّك وثبّته بالقول الثابت في الحياة الدُّنيا وفي الآخرة، اللَّهمّ اسلُكْ بنا و به سبيل الهدى، واهّدِنا وإيّاه صراطك المستقيم ، اللّهمَّ عفوك عفوك ، ثمَّ تكبّر الثانية وتقول مثل ما قلت حتّى تفرغ من خمس تكبيرات.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس قال: سألت الرِّضا(عليه السلام) قلت : جُعِلْتُ فِداك، إنَّ الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميّت في التكبيرة الأُولى، ولا يرفعون فيما بعد ذلك فأقتَصِرُ على التكبيرة الأولى كما يفعلون، أو أرفع يَدَيَّ في كلّ تكبيرة؟ فقال: ارفع يدك في كلّ تكبيرة(2).

6 - عليُّ بن محمّد، عن عليّ بن الحسن، عن أحمد بن عبد الرَّحيم أبي الصخر، عن إسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربّه ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في الصلاة على الجنائز تقول: اللّهمَّ أنت خلقت هذه النفس وأنت أُمَتَّها ، تعلم سرَّها وعلانيتها، أتيناك شافعين فيها فَشَفَعْنا، اللَّهمَّ ولّها من تولّت واحشرها مع من أحبّت.

126- باب إنه ليس في الصلاة دعاء مُوَقَّت وإنه ليس فيها تسليم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن محمّد بن مسلم؛ وزرارة ؛ معمر بن يحيى ؛ وإسماعيل الجعفيّ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : ليس في الصّلاة على

ص: 181


1- روى صدره فقط في التهذيب 3، 32 - باب الصلاة على الأموات ، ح 6 . وكذلك فعل في الاستبصار 1 ، 293 - باب عدد التكبيرات على الأموات، ح5 .
2- الاستبصار 1 ، 296 - باب رفع اليدين في كل تكبيرة ، ح .. التهذيب ،3، 21 - باب الصلاة على الأموات ،ح 18 .

الميت قراءة ولا دعاء موقّت(1)تدعو بما بدالك ، وأحقُّ الموتى أن يُدْعى له المؤمن، وأن يبدأ بالصلاة على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)(2).

2 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن الحلبيّ قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): ليس في الصلاة على الميّت تسليم(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ ؛ وزرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام)قالا : ليس في الصّلاة على الميّت تسليم(4).

127- باب من زاد على خمس تكبيرات

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن مثنى بن الوليد، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : صلّى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)على حمزة سبعين صلاة.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: كبّر أمير المؤمنين صلوات الله عليه على سهل بن حُنَيف - وكان بدريّاً - خمس تكبيرات ، ثمَّ مشى ساعة، ثمَّ وضعه وكبّر عليه خمساً أخرى، فصنع ذلك حتّى كبّر عليه خمساً وعشرين تكبيرة(5).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعد، عن القاسم بن محمّد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : كبّر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

ص: 182


1- أي محدّد معين من قبل الشارع بحيث لا يجوز ،غيره، وإن كان الأفضل الدعاء بما هو مرسوم.
2- الاستبصار 1 ، 294 - باب أنه لا قراءة في الصلاة على الميت، ح 1. التهذيب ،3، 21 - باب الصلاة على الأموات ، ح 14 . هذا وعدم وجوب القراءة في الصلاة على الميت اجماعي عند أصحابنا رضوان الله عليهم .
3- الاستبصار 1 ، 295 - باب أنه لا تسليم في الصلاة على الميت، ح 1 . التهذيب 3، نفس الباب، ح 2 .
4- الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 2 . التهذيب 3 نفس الباب ، ح 10 . وعدم وجود تسليم في صلاة الأموات اجماعي عندنا وما ورد في بعض الروايات من وجود التسليم فيها فهو شاذ وحمل على التقية .
5- الاستبصار 1 ، 300 - باب الصلاة على الجنازة مرتين ح 1 التهذيب 3 32 - باب الصلاة على الأموات، ح 37 هذا، والمجمع عليه عند أصحابنا رضوان الله عليهم أن الواجب في الصلاة على الميت هو المرة الواحدة، واختلفوا فيما زاد عليها، ونقل العلامة أن المشهور الكراهة ، وهنالك قول باختصاص الكراهة بمن كان قد صلّى عليها أما المصلّي ابتداءاً على من صلّي عليه فلا بل كلام بعضهم كالشيخ في الاستبصار صريح في الاستحباب .

على حمزة سبعين تكبيرةً، وكبّر عليُّ عليه الصلاة والسلام [عندكم] على سهل بن حُنَيف خمساً وعشرين تكبيرة، قال: كبّر خمساً ،خمساً كلّما أدركه النّاس قالوا : يا أمير المؤمنين، لم نُدرك الصلاة على سَهْل، فيضعه فيكبّر عليه خمساً، حتّى انتهى إلى قبره، خمس مرَّات(1).

128- باب الصلاة على المستضعَف وعلى من لا يعرف

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهم السلام)قال : الصلاة على المستضعف والّذي لا يعرف: الصلاة على النّبي(صلی الله علیه وآله وسلم)والدُّعاء للمؤمنين والمؤمنات، تقول: «ربّنا اغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم» إلى آخر الآيتين(2).

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا صلّيت على المؤمن فادعُ له ، واجتهد له في الدُّعاء، وإن كان واقفاً مستضعفاً فكبّر وقل : اللّهمَّ اغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن كان مستضعفاً فقل : اللهمَّ اغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم، وإذا كنت لا تدري ما حاله فقل : اللّهمَّ إن كان يحبُّ الخير وأهله فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه وإن كان المستضعف منك بسبيل(4)، فاستغفر له على وجه الشّفاعة(5)، لا على وجه الولاية(6).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابه، عن أبي

ص: 183


1- التهذيب 3 ، 22 - باب الزيادات ، ح 2 . الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت، ح 17 بتفاوت يسير.
2- سورة غافر / 7 و 8 و 9 . وفي بالقرآن ورد ... ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا و ... إلى آخرها .
3- التهذيب 3، 21 - باب الصلاة على الأموات، ح 22
4- أي له عليك حق رحم أو جوار أو قرابة أو معروف.
5- أي قل: اللهم أقبل شفاعتي فيه
6- المقصود بالولاية ولاية أهل البيت(عليهم السلام). أي من لا تربطه به عقيدة بالأئمة(عليهم السلام)ليس لك أن تدعو له بها كما تدعو بها لم هو من أهلها . هذا وقد أورد مضمون هذا الحديث مع حذف الإسناد في الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت بعد إيرادة الحديث رقم 38 .

عبد الله(عليه السلام) قال : الترحّم على جهتين : جهة الولاية وجهة الشفاعة .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن رجل، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تقول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنَّ محمّداً رسول الله ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد عبدك ورسولك ، اللّهمَّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وتقبّل شفاعته وبيّض وجهه وأكثر تَبَعَهُ(1)، اللّهمَّ اغفر لي وارحمني وتُبْ عليَّ ، اللّهمَّ اغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وَقِهِمْ عذاب الجحيم، فإن كان مؤمناً دخل فيها، وإن كان ليس بمؤمن خرج منها .

6 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن ثابت أبي المقدام قال : كنت مع أبي جعفر(عليه السلام) فإذا بجنازة لقوم من جيرته فحضرها ، وكنت قريباً منه فسمعته يقول : اللّهمَّ إنّك أنت خلقت هذه النفوس، وأنت تُميتها، وأنت تُحييها وأنت أعلم بسرائرها وعلانيتها منّا ومستقرّها ومستودَعِها، اللّهمَّ وهذا عبدك ولا أعلم منه شرّاً، وأنت أعلم به، وقد جئناك شافعين له بعد موته، فإن كان مستوجباً(2)فشفّعنا فيه، واحشره مع من كان يتولّاه(3)

129- باب الصلاة على الناصب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لما مات عبد الله بن أُبَيَّ بن سلول حضر النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)جنازته،فقال عمر الرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): يا رسول الله أَلَمْ يَنْهَكَ الله أن تقوم على قبره(4)؟ فسكت فقال : يا رسول الله ، ألَمْ يَنْهَكَ الله أن تقوم على قبره؟ فقال له : وَيْلَكَ، وما يدريك ما قلتُ، إنّي قلت : اللّهمَّ احش جوفه ناراً ، واملأ قبره ناراً، وأَصْلِهِ ناراً قال أبو عبد الله (عليه السلام): فأبدى من رسول الله ما كان يكره(5).

2 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن

ص: 184


1- يعني الأتباع، الذين آمنوا به وصدّقوة.
2- أي مستوجباً للشفاعة وأهلا لها .
3- التهذيب ،3، 21 - باب الصلاة على الأموات، ح 23
4- يقصد ما ورد في الآية 84 من سورة التوبة : ﴿ولا تصَلّ على أحد منهم مات أبداً ولا تَقُمْ على قبره ﴾... الآية .
5- التهذيب ،3، نفس الباب، ح.24 . وسلول : اسم أم عبد الله بن أبي المنافق . والحديث يكشف عما كان يتمتع به عمر بن الخطاب من غِلظة وصلافة وقلة أدب مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

محبوب، عن زياد بن عيسى، عن عامر بن السمط، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنَّ رجلاً من المنافقين مات، فخرج الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما يمشي معه، فلقيه مولى له، فقال له الحسين (عليه السلام): أين تذهب يا فلان؟ فقال له مولاه: أفرّ من جنازة هذا المنافق أن أُصلّي عليها، فقال له الحسين(عليه السلام): أُنظر أن تقوم على يميني، فما تسمعني أقول فَقُلْ مثلَه، فلمّا أن كبّر عليه وليّه ، قال الحسين(عليه السلام): الله أكبر، اللّهمَّ العن فلاناً عبدك ألف لعنة مؤتلفَةٍ غير مختلفة ، اللّهمَّ اخز عبدك في عبادك وبلادك، وأُصْلهِ حرِّ نارك، وأذِقْه أشدَّ عذابك، فإنّه كان يتولّى أعداءك ويعادي أولياءَك، ويبغض أهل بيت نبيّك(صلی الله علیه وآله وسلم)(1).

3 - سهلُ، عن ابن أبي نجران، عن صفوان الجمّال عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: مات رجل من المنافقين فخرج الحسين(عليه السلام) يمشي ، فلقي مولىّ له فقال له : إلى أين تذهب؟ فقال : أفرُّ من جنازة هذا المنافق أن أُصلّي عليه فقال له الحسين(عليه السلام): قم إلى جنبي فما سمعتني أقول فقُلْ مثلَه قال فرفع يديد فقال : اللّهمَّ اخز عبدك في عبادك وبلادك، اللّهمَّ أَصْلِه حرَّ نارك، اللّهمَّ أذقه أشدَّ عذابك فإنّه كان يتولّى أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيّك(صلی الله علیه وآله وسلم)(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : إذا صلّيت على عدوِّ الله فقل : اللّهمّ إنَّ فلاناً لا تعلم منه إلّا أنّه عدوُّ لك ولرسولك، اللّهمَّ فاحش قبره ناراً، واحش جوفه ناراً، وعجّل به إلى النّار، فإنّه كان يتولّى أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيّك، اللّهمَّ ضيّق عليه قبره، فإذا رُفِعَ فقل : اللّهمَّ لا ترفعه ولا تزكّه(3).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليه السلام)قال(4): إن كان جاحداً للحقّ فقل : اللّهمّ املأ جوفه ناراً وقبرهُ ناراً، وسلّط عليه الحيّات والعقارب، وذلك قاله أبو جعفر(عليه السلام)لامرأة سوء من بني أُميّة صلّى عليها أبي ، وقال هذه المقالة : واجعل الشيطان لها قريناً ، قال محمّد بن مسلم : فقلت له : لأيِّ شيء يجعل الحيّاتِ والعقاربَ في قبرها؟ فقال : إنَّ الحيّات يعضُضْنَها والعقارب يلسَعْنَها، والشياطين

ص: 185


1- التهذيب ،3، 21 - باب الصلاة على الأموات، ج 25
2- الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت، ح 37 بتفاوت
3- الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 38 - بتفاوت يسير قوله : فإذا رُفِعَ : أي إذا رُفِعَت جنازته إلى القبر. قوله : لا ترفعه ولا تُزَكّه: أي لا ترفع مقامه عندك ولا تبارك له في عمله ولا تنمي له ثواباً إن كان له ثواب .
4- الظاهر أنه الصادق(عليه السلام)بقرينة قوله بَعْدُ : ... قالها أبو جعفر(عليه السلام).

تقارنها في قبرها قلت: تَجِدُ أَلَمَ ذلك؟ قال : نعم شديداً .

6 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : تقول(1): اللّهمّ اخز عبدك في عبادك وبلادك، اللّهمَّ أَصْلِه نارك، وأذِقْه أشدَّ عذابك، فإنّه كان يعادي أولياءك وبوالي أعداءك ويبغض أهل بيت نبيّك(صلی الله علیه وآله وسلم).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الله الحجّال، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)؛ أو عمّن ذكره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال(2): ماتت امرأة من ،أُميّة، فَحَضَرْتُها، فلمّا صلّوا عليها ورفعوها وصارت على أيدي الرِّجال قال(3): اللّهمَّ ضَعها ولا تَرْفَعُها ولا تُزَكّها ، قال : وكانت عدُوّة الله ، قال : ولا أعلمه إلّا قال : ولنا(4)

130- باب . في الجنازة توضع وقد كَبِّرَ على الأولة

1 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ، عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر(عليه السلام)قال : سألته عن قوم كبّروا على جنازة تكبيرة أو ثنتين، ووُضِعَت معها أخرى، كيف يصنعون بها؟ قال : إن شاؤوا تركوا الأولى حتّى يفرغوا من التكبير على الأخيرة، وإن شاؤوا رفعوا الأُولى وأَتَمّوا ما بقى على الأخيرة، كلّ ذلك لا بأس به(5).

131- باب في وضع الجنازة دون القبر

1 1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ،عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن عجلان قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): لا تَفْدَح ميّتك بالقبر، ولكن ضَعْه أسفل منه بذراعين أو ثلاثة ، ودَعْهُ يأخذ أُهْبَتَه(6).

2 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن أحمد الخراسانيِّ ، عن أبيه، عن يونس قال : حديث

ص: 186


1- يعني إذا صلّيت على المخالف أو المنافق .
2- يعني الراوي .
3- يعني الصادق(عليه السلام).
4- أي وعدوّة لنا أهل البيت .
5- التهذيب ،3 32 - باب الصلاة على الأموات، ح 46 بتفاوت يسير جداً.
6- فَدَحَهُ : أثقل عليه . والأهْبَة : العُدّة.

سمعته عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)، ما ذكرته وأنا في بيت إلّا ضاق عليِّ(1)، يقول : إذا أتيتَ الميّت شفير قبره(2)فأمهله ساعة، فإنه يأخذ أهْبَتَهُ للسؤال .

132- باب نادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبيّ، عن عبد الله بن مسكان، عن زرارة قال: كنت عند أبي جعفر(عليه السلام)وعنده رجلٌ من الأنصار ، فمرّت به جنازة ، فقام الأنصاريُّ ولم يقم أبو جعفر(عليه السلام)، فقعدت معه، ولم يزل الأنصاريُّ قائماً حتّى مضَوابها، ثمَّ جلس ، فقال له أبو جعفر(عليه السلام): ما أقامك؟ قال: رأيت الحسين بن عليّ(عليه السلام)يفعل ذلك، فقال أبو جعفر(عليه السلام): واللهِّ ما فعله الحسين(عليه السلام)، ولا قام لها أحدٌ منّا أهل البيت قطّ، فقال الأنصاري شكّكتني أصلحك الله ، قد كنت أظنّ أنّي رأيتُ(3).

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مُثّنّى الحنّاط، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان الحسين بن عليّ

(عليه السلام)جالساً ، فمرَّت عليه جنازة فقام الناس حين طلعت الجنازة، فقال الحسين(عليه السلام): مرَّت جنازة يهوديّ وكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)على طريقها جالساً فكره أن تعلو رأسه جنازة يهوديّ فقام لذلك(4).

133- باب دخول القبر والخروج منه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا ،عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبديِّ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: لا ينبغي لأحد أن يدخل القبر في نَعْلَين، ولا

ص: 187


1- كناية عن ثقل الحديث وما يبعثه تذكّر مضمونه من الخوف والرهبة في النفس.
2- أي حافته وجانبه .
3- التهذيب ،1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 131 هذا، ومضمون هذا الحديث يدل على كراهة القيام للجالس عند مرور الجنازة مطلقاً، وهو المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم، وما ورد في بعض الروايات من القيام عند مرورها حمل على ما إذا كانت جنازة غير المسلم كما هو في الحديث التالي
4- التهذيب 1، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 132 بدون فقام لذلك، في ذيله . والظاهر من قوله : فقام الناس. أن الحسن(عليه السلام)لم يقم معهم .

خُفِّين، ولا عمامة، ولا رادء، ولا قلنسوة(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن يقطين قال: سمعت أبا الحسن(عليه السلام)يقول : لا تنزل في القبر وعليك العمامة والقلنسوة ولا الحذاء، ولا الطيلسان، وحلّ أزرارك، وبذلك سنّة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)جَرَتْ ، وليتعوّذ بالله من الشيطان الرَّجيم، وليقرأ فاتحة الكتاب، والمعوذّتين، وقل هو الله أحد، وآية الكرسيّ، وإن قدر أن يحسر عن خدِّه ويلصقه بالأرض فليفعل، وليَشْهَدْ، وليذكر ما يعلم، حتّى ينتهي إلى صاحبه (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عبد الله المسمعيّ، عن إسماعيل بن يسار الواسطيّ، عن سَيْف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرميّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: لا تنزل القبر وعليك العمامة، ولا القلنسوة، ولا رداء، ولا حذاء، وحلِّ أزرارك ، قال : قلت والخُفّ؟ قال: لا بأس بالخُفٌ في وقت الضرورة والتقيّة(3).

4 - عليُّ بن محمّد، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من دخل القبر، فلا يخرج إلّا من قبل الرِّجلَين(4).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه قال : قال : يدخل الرِّجل القبر من حيث شاء، ولا يخرج إلّا من قبل رِجْلَيْه(5).

وفي رواية أخرى قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): إنَّ لكلّ بيت باباً، وإنَّ باب القبر من قِبَل الرّجلّين(6).

ص: 188


1- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 81 .
2- أي إلى صاحب زمانه من الإمام المعصوم(عليه السلام). وهو في زماننا هذا الحجة القائم عجل الله فَرَجَهُ الشر
3- التهذيب ،1 ، نفس الباب ، ح 79 . الاستبصار 1 : 124 - باب السنّة في حلّ الأزرار عند نزول القبر، ح 1 بزيادة فيهما في الآخر. وفي سند الاستبصار 1 : إسماعيل بن بشار الواسطي . هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على سنن الدفن في كتبهم مستوفاة ومنها حل الأزرار لمن ينزل الميت في قبره وكشف الرأس وغير ذلك فراجع.
4- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 85 .
5- يعني رِجْلَى الميت.
6- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 86. وأخرجه عن جماعة عن محمد بن هارون بن موسى عن أبي العباس أحمد بن محمد عن علي بن الحسن . وعن أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير عن علي بن الحسن بن فضّال عن أحمد بن صبيح عن عبد الرحمن بن محمد العزرمي عن ثوير بن يزيد عن خالد بن سعدان عن جبير بن نقير الحضرمي عن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).
134- باب من يدخل القبر ومن لا يدخل

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن عبد الله بن راشد، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : الرَّجل ينزل في قبر والده، ولا ينزل الوالد في قبر ولده .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، وغيره عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يُكْرَهُ للرَّجل أن ينزل في قبره ولده .

3 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن رجل، عي أبي عبد الله (عليه السلام)قال : لمّا مات إسماعيل بن أبي عبد الله أتى أبو عبد الله(عليه السلام)القبر، فأَرْخى نفسه فقعد(1)ثمَّ قال: رحمك الله وصلّى عليك، ولم ينزل في قبره وقال : هكذا فعل النّبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) بإبراهيم(عليه السلام).

4 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن عبد الله الحجّال، عن ثعلبة بن میمون، عن زرارة أنّه سأل أبا عبد الله(عليه السلام)عن القبر ، كم يدخله ؟ قال : ذاك إلى الوليّ ، إن شاء أدخل وِتْراً وإن شاء شفْعاً(2).

5- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: مضت السّنّة من رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أنَّ المرأة لا يدخل قبرها إلّا من كان يراها في حياتها(3).

6 - سهل بن زياد، عن محمّد بن أُرومة، عن عليِّ بن ميسرة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال الزَّوج أحقُّ بامرأته حتّى يَضَعَها في قبرها(4).

7 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكنديّ، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن أبَان، عن عبد الله بن راشد قال: كنت مع أبي عبد الله(عليه السلام)حين مات إسماعيل ابنه(عليه السلام)،

ص: 189


1- أرخى نفسه : أرسلها وقعد يعني خارج القبر كما صرح به في الحديث حيث قال: ولم ينزل في قبره.
2- التهذيب ،1 نفس الباب ح 82 بتفاوت قليل .
3- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 116 .
4- التهذيب ،1 ، نفس الباب ، ح 117 . قوله(عليه السلام)أحقّ بها : أي في جميع الأحكام المتعلقة بتجهيزها والصلاة عليها ودفنها. وقد مر ما يدلّ عليه .

فأُنزِل في قبره، ثمَّ رمى بنفسه على الأرض ممّا يلي القبلة، ثمَّ قال: هكذا صنع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بإبراهيم، ثمَّ قال : إنَّ الرجل ينزل في قبر والده، ولا ينزل في قبر ولده(1).

8 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يحيى بن عمرو، عن عبد الله بن راشد عن عبد الله العنبري قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرّجل يَدْفُنُ ابنه؟ قال : لا يدفنه في التّراب، قال: قلت فالابن يدفن أباه ؟ قال : نعم، لا بأس(2).

135- باب سَلّ الميت وما يقال عند دخول القبر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إذا أتيتَ بالميّت القبر، فسله من قِبَلِ رِجلَيه، فإذا وضعته في القبر فاقرأ آية الكرسيّ، وقل: بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، اللّهمّ افسح له في قبره، واَلْحِقْه بنبيّه صلّى الله عليه وآله وقل كما قلت في الصلاة عليه مرَّة واحدة من عند : اللَّهمّ إن كان مُحسناً فزِد في إحسانه ، وإن كان مسيئاً فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه، واستغفر له ما استطعت، قال: وكان عليُّ بن الحسين(عليه السلام)إذا أدخل الميّت القبر قال : اللّهمَّ جافِ الأرض عن جَنبَيْه، وصاعد عمله، ولقّه منك رضوان(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد؛ ومحمّد بن خالد، جميعاً عن النّضر بن سويد، عن يحيى بن عمران، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا سَلَلْتَ الميّت فقل : بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، اللّهم إلى رحمتك لا إلى عذابك فإذا وضعته في اللّحد، فَضَع يدك(4)على أُذُنه فقل : الله ربّك، والإسلام دينك، ومحمّد نبيّك، والقرآن كتابك، وعليُّ إمامك (5).

3 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن

ص: 190


1- ولعل السرفيه هو أن جزع الوالد وحزنه على الولد أكثر بكثير من جزع الولد وحزنه على والده، وذلك لأن الولد هو فلذة الكبد وثمرة الفؤاد .
2- التهذيب ،1، نفس الباب، ح 98 .
3- التهذيب 1، نفس الباب، ح 83. بتفاوت يسير.
4- في التهذيب : فضع فمك. ...
5- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و . : ، ح 92 بتفاوت يسير . وقد كرره برقم 134 من الباب 23 من نفس الجزء أيضاً.

رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أحدهما(عليهم السلام)عن الميّت؟ فقال : تَسلّه من قِبَل الرِّجلَيْن، وتلزق القبر بالأرض إلى قدر أربع أصابع مُفَرَّجات، وتُرَبِّع قبرما(1).

4 - سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن عجلان، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : سلّه سَلاً رفيقاً، فإذا وضعته في لحده فليكن أَولَى النّاس ممّا يلي رأسه، ليذكر اسم الله[عليه]، ويصلّي على النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)، ويتعوّذ من الشيطان، وليقرأ فاتحة الكتاب والمعوّذتين، وقل هو الله أحد، وآية الكرسيّ، وإن قدر أن يحسر عن خدِّه ويلزقه بالأرض فَعَلَ، ويشهد، ويذكر ما يعلم حتّى ينتهي إلى صاحبه(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليِّ بن الحكم، عن محمّد بن سنان، عن محفوظ الإسكاف، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إذا أردت أن تدفن الميّت ،فليكن أعقل من ينزل في قبره عند رأسه ، وليكشف خدّه الأيمن حتّى يفضي به إلى الأرض، ويدني فمه إلى سمعه ويقول : إسمَعْ إفْهَمْ - ثلاث مرّات ، الله ربّك، ومحمّد نبيّك، والإسلام دينك، - وفلان - إمامك إِسْمَعْ وافهَم وأعدْها عليه ثلاث مرَّات هذا التلقين (3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم،عن أحدهما(عليهم السلام)قال : إذا وضع الميّت في لحده فقل : بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، عبدك ابن عبدك نزل بك وأنت خير منزول به ، اللّهمّ افسح له في قبره، وأَلْحِقْهُ بنبيّه ، اللّهمَّ إنّا لا نعلم منه إلّا خيراً وأنت أعلم به ، فإذا وضعت عليه اللّبن فقل : اللّهمَّ صِلْ وحدته ،وآنس وّحْشته، وأَسكِن إليه من رحمتك رحمة تُغْنيه عن رحمة من سواك . فإذا خرجت من قبره فقل : إنّا الله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله ربِّ العالمين، اللّهمَّ ارفع درجته في أعلى عليّين واخْلُفْ على عَقِبِهِ في الغابرين، يا ربّ العالمين(4).

7 - عنه ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز عن زرارة(5)قال : إذا وضعت الميّت في

ص: 191


1- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 84 بتفاوت قليل. هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على كراهة أن يعلو القبر ح عن سطح الأرض أكثر من أربع أصابع .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 90) قوله(عليهم السلام) : ويذكر ما يعلم ؛ أي يلقنه الأئمة(عليهم السلام)بتعداد اسمائهم واحداً بعد واحد إلى أن ينتهي إلى أمام عصره، وهو في عصرنا الحجة بن الحسن عجل الله فرجه الشريف، وهذا ما عبر عنه بقوله : صاحبه .
3- التهذيب ،1 ، نفس الباب ح 91. قوله : اعقل .... أي أقرب الناس إليه ، أو من العاقلة : وهو من يعقل عنه في جنايته . أو من العقل بمعنى الحكمة والرزانة قوله وفلان ؛ يقصد تسمية إمام عصره الذي هو حجة الله عليه .
4- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 88 بتفاوت في الذيل .
5- في التهذيب : عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام).

لَحْده، قرأت آية الكرسيّ ، واضرب يدك على منكبه الأيمن ثمَّ قل: يا فلان ، قل : رضيتُ بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)نبيّاً، وبعليّ(عليه السلام)إماماً ، وسَمّ إمام زمانه(1).

8 - عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سماعة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): ما أقول إذا أَدْخَلْتُ الميّت منّا قبره؟ قال : قل : اللّهمَّ هذا عبدك فلان وابن عبدك قد نزل بك وأنت خير منزول به ، وقد احتاج إلى رحمتك، اللّهمَّ ولا نعلم منه إلّا خيراً وأنت أعلم بسريرته، ونحن الشّهداء بعلانيته، اللّهمّ فجافِ الأرض عن جَنبَيه، ولقنّه حجّته، واجعل هذا اليوم خير يوم أتى عليه، واجعل هذا القبر خير بيت نزل فيه، وصيّره إلى خير ممّا كان فيه، ووسّع له في مدخله، وآنس وَحْشَتَه ، واغفر ذنبه ، ولا تَحْرِمْنا أجره ولا تُضلّنا بعده.

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يُشَقُّ الكفن من عند رأس الميّت إذا أُدخل قَبْرَهُ(2).

10 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن بعض أصحابه ، عن أَبَان، عن عبد الرَّحمن بن سيّابة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سلّ الميّت سلًّا .

12 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا وضعت الميّت في القبر قلت: اللّهمّ [هذا] عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به ، فإذا سللته من قِبَلِ الرِّجلين ودلّيته(3)قلت : بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، اللّهمَّ إلى رحمتك لا إلى عذابك ، اللّهمّ افسح له في قبره ، وَلَقِّنه حجّته، وثبته بالقول الثّابت، وقنا وإيّاه عذاب القبر وإذا سوّيت عليه التّراب قل : اللَهمّ جافِ الأرض عن جَنبَيه، وأصْعِد روحه إلى أرواح المؤمنين في علّيّين وألْحِقْهُ بالصالحين .

136- باب ما يبسط في اللحد وَوَضْع اللّبْنِ والآجُرّ والّساج

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد القاسانيّ قال : كتب عليُّ بن بلال

ص: 192


1- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين صدر ح 135 بتفاوت يسير.
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 89 . وشق الكفن من عند رأس الميت عند وضعه في القبر ليوضع خده على التراب وهو من السنن. هذا وكرر الشيخ رحمه الله هذا الحديث برقم 138 من الباب 23 من نفس الجزء بتفاوت في ترتيب عبارته .
3- أي أرسلته في القبر إرسالاً.

إلى أبي الحسن(عليه السلام): إنّه ربّما مات الميّت عندنا وتكون الأرض نَدِيَّة، فنفرش القبر بالسّاج، أو نطبق عليه، فهل يجوز ذلك ؟ فكتب : ذلك جائز(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم [ عن أبيه]، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن يحيى بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ألقى شُقْران مولى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في قبره القطيفة .

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن حسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن أبَان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول : جعل عليٌّ(عليه السلام)على قبر النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)لبناً ، فقلت : أرأيت إن جَعَلَ الرَّجل عليه آجُراً هل يَضُرَّ الميّت؟ قال : لا .

137- باب من حثا على الميت وكيف يُحْثى

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن داود بن النعمان قال : رأيت أبا الحسن(عليه السلام)يقول : ما شاء الله لا ما شاء النّاس، فلمّا انتهى إلى القبر تنحّى فجلس ، فلمّا أُدْخِلَ الميّتُ الحدَهُ، قام فحثا عليه التّراب ثلاث مرَّات بيده .

2 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا حَثَوْتَ التراب على الميّت فقل: إيماناً بك، وتصديقاً بِبَعْثِكَ، هذا ما وَعَدَنا الله ورسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)، قال : وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): سمعت رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يقول: «من حثا على ميّت وقال هذا القول، أعطاه الله بكلِّ ذرّة حسنة»(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال : كنت مع أبي جعفر(عليه السلام)في جنازة رجل من أصحابنا، فلمّا أن دفنوه، قام (عليه السلام)إلى قبره فحثا عليه ممّا يلي رأسه ثلاثاً بكفّه، ثمَّ بسط كفّه على القبر، ثمَّ قال: اللّهمَّ جافِ الأرض

ص: 193


1- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 133 . ورواه مضمراً. وقال الصدوق رحمه الله في الفقيه 1، 25 - باب الصلاة على الميت ، ح 46: وروي عن أبي الحسن الثالث(عليه السلام)أطلاق في أن يفرش القبر بالساج ويطبق على الميت السّاج والساج الخشب والتطبيق - هنا - : فرشه أو سقفه بالطابق، وهو قطع الآج-رّ الكبيرة .
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح94 وفيه : وتصديقاً بنبيك، بدل : وتصديقاً ببعثك.

عن جَنبَيه، وأَصْعِدْ إليك ،روحه، ولقِّه منك رضواناً، واسكن قبره من رحمتك ما تغنيه به عن رحمة من سواك، ثمَّ مضى(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن عمر بن أَذينة قال: رأيت أبا عبد الله(عليه السلام)يطرح التّراب على الميّت، فيمسكه ساعة(2)في يده، ثمَّ يطرحه، ولا يزيد على ثلاثة أكفّ قال فسألته عن ذلك؟ فقال : يا عمر، كنت أقول : إيمانا بك وتصديقاً ببَعْثك، هذا ما وعد الله ورسوله - إلى قوله - : تسليماً، هكذا كان يفعل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وبه جرت السنّة .

5 - عليّ بن إبراهيم، عن يعقوب بن يزيد، عن عليِّ بن أسباط، عن عُبَيد بن زرارة قال : مات لبعض أصحاب أبي عبد الله(عليه السلام)ولد ، فحضر أبو عبد الله(عليه السلام)، فلمّا أُلْحِدَ، تقدَّم أبوه فطرح عليه التّراب، فأخذ أبو عبد الله(عليه السلام) بكفّيه وقال : لا تطرح عليه التراب، ومن كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التّراب، فإن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) نهى أن يطرح الوالد أو ذو رحم على ميّته التّراب، فقلنا : يا ابن رسول الله أتنهانا عن هذا وحده(3)؟ فقال : أنها كم [من] أن تطرحوا التّراب على ذوي أرحامكم ، فإنَّ ذلك يورث القسوة في القلب، ومن قسا قلبه بَعُدَ من ربِّه(4).

138- باب تربيع القبر وَرَشِّه بالماء وما يقال عند ذلك، وقدر ما يُرْفَعُ من الأرض

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن ابن بكير، عن قدامة بن زائدة قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)سلَّ إبراهيم ابنه سلًّا وربّع قبره .

2- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يستحب أن يُدْخَلَ معه في قبره جريدة رطبة، ويُرفع قبره من

ص: 194


1- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 95 .
2- الساعة هنا، ليس المراد بها الساعة الزمانية المعروفة، وإنما هو كناية عن التلبث فترة ما قبل طرح حفنة التراب من بده .
3- أي عن هذا الميت وحده من أن نطرح عليه التّراب. ويحتمل : عن طرح التّراب دون غيره من الأمور المتعلقة بالدفن.
4- التهذيب ،1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 96 .

الأرض قدر أربع أصابع مضمومة، ويُنضح عليه الماء، ويُخلّى عنه(1).

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال: سألته(2)عن وضع الرَّجل يده على القبر ما هو، ولم صُنِع؟ فقال صنعه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)على ابنه بعد النّضح ، قال : وسألته كيف أضع يدي على قبور المسلمين؟ فأشار بيده إلى الأرض ووضعها عليها ، ثمَّ رفعها وهو مقابلَ القبلة(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أَذَينة، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يصنع بمن مات من بني هاشم خاصّةً، شيئاً لا يصنعه بأحد من المسلمين، كان إذا صلّى على الهاشميّ ونضح قبره بالماء، وضع كفّه على القبر حتّى تُرى أصابعُهُ في الطَّين، فكان الغريب يقدم أو المسافر من أهل المدينة، فيرى القبر الجديد عليه أثر كفٌ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) فيقول : من مات من آل محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)؟(4).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إنَّ أبي قال لي ذات يوم في مرضه : يا بنيَّ، أُدْخِلْ أناساً من قريش من أهل المدينة حتّى أُشْهِدَهُمْ ، قال : فأدخلت عليه أُناساً منهم فقال : يا جعفر، إذا أنا متّ فغسّلني، وكفّنّي، وارفع قبري أربع أصابع، ورشّه بالماء، فلمّا خرجوا قلت: يا أَبَه، لو أمرتني بهذا لصنعته ولم تُرِدْ(5)أن أُدْخِلَ عليك قوماً تُشْهِدُهُم ؟ فقال : يا بنيّ، أردت أن لا تُنَازَعَ (6).

6 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في

ص: 195


1- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 100 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 42/1 - 43 ، وهو بصدد الحديث عن سنن الدفن والسنن أن يحفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة، ويجعل له لحد مما يلي القبلة. ويحل عقد الأكفان من قبل رأسه ورجليه، ويجعل معه شيء من تربة الحسين(عليه السلام)ويلقنه ويدعو له، ثم يشرج اللبن، ويخرج من قبل جلي القبر، ويهيل الحاضرون عليه التراب بظهور الأكف قائلين : إنا لله وإنا إليه راجعون ويرفع القبر مقدار أربع أصابع ويربع ويصب عليه الماء من قبل رأسه ثم يدور علهيه فإن فضل من الماء شيء ألقاه على وسط القبر، وتوضع اليد على القبر ويترحم على الميت ويلقنه الولي بعد انصراف الناس عنه بأرفع صوته . . » .
2- في التهذيب : سألت أبا عبد الله(عليه السلام).
3- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 153 وروی ذیله بدون قوله : ثمّ رفعها .
4- التهذيب 1 نفس ،الباب ح 143 .
5- معطوف على جزاء الشرط صنعته . . ، أي ولم تحتج إلى تلك الإرادة .
6- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ... ، ح 101 . قوله(عليهم السلام): أردت أن لا تُنازَعَ : أي في أمر الإمامة وأنها إليك من بعدي، والوصية من اماراتها أو فيما أوصيتك به ممن يحضر جنازتي من المخالفين لأن بعضهم قد لا يرى بعضه مشروعا .

رشّ الماء على القبر قال : يتجافى عنه(1)العذاب ما دام الندى في التراب.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان رشُّ القبر على عهد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا فرغت من القبر فانضَحْهُ، ثمَّ ضع يدك عند رأسه وتغمز كفّك عليه بعد النّضح .

9 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أَبَان، عن عبد الله بن عجلان قال : قام أبو جعفر(عليه السلام)على قبر رجل من الشّيعة فقال: اللّهمّ صِلّ وحدته، وآنس وَحْشَتَه وأَسْكن إليه(2)من رحمتك ما يستغني بها عن رحمة مَنْ سواك .

10 - أَبَان ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : يُدعى للميّت حين يدخل حفرته(3)، ويُرفع القبر فوق الأرض أربع أصابع .

11 - محمّد بن يحيى، عن بعض ، عن بعض أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن إسماعيل قال : حدّثني أبو الحسن الدلّال، عن يحيى بن عبد الله قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : ما على أهل الميّت منكم(4)أن يدرؤوا(5)عن ميّتهم لقاء منكر ونكير؟ قلت : كيف يصنع ؟ قال : إذا أَفرد الميّت، فليتخلّف عنده أولى النّاس به، فيضع فمه عند رأسه ثم َّينادي بأعلى صوته : يا فلان بن فلان - أو يا فلانه بنت فلان ، هل أنت على العهد الّذي فارقتنا عليه من شهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمّداً عبده ورسوله سيد النبيّين ، وأنَّ عليّاً أمير المؤمنين وسيد الوصييّن، وأنَّ ما جاء به محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)حقٌّ، وأن الموت حقّ ، وأنَّ البعث حقّ، وأنَّ الله يبعث من في القبور؟ قال: فيقول منكر لنكير: انصرِف بنا عن هذا فقد لُقِنَ حُجَّتَهُ (6)

ص: 196


1- أي عن الميت ذي القبر. ويتجافى : أي يتباعد عنه. هذا ولا خلاف في استحباب رش القبر بالماء عند أصحابنا رضوان الله عليهم، بل عند العلماء كافة .
2- من الإسكان ضُمّن معنى الضّمّ، ولذلك عدّي بإلى .
3- أي بالمأثور في هذه الحالة، وهذا لا ينافي استحباب الدعاء له قبله وبعده أيضاً.
4- أي ما يمنعهم
5- أي يدفعوا .
6- التهذيب (1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ... ، ح 103 و 104 . الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت ح 48 بتفاوت يسير .
139- باب نطيين القبر وتجصيصه

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليِّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: لا تُطَيِّنوا القبر من غير طِينِهِ(1) .

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قَبْرُ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)محصّبٌ حصباء حمراء(2).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب قال: لمّا رجع أبو الحسن موسى(عليه السلام)من بغداد ومضى إلى المدينة، ماتت له ابنة بِفيِد، فدفنها، وأمر بعض مواليه أن يجصّص قبرها، ويكتب على لوح اسمها ويجعله في القبر(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليِّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، أَنَّ النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)نهى أن يُزاد على القبر ترابٌ لم يخرج منه(4).

140- باب التربة التي يدفن فيها الميت

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن مسكان ، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما(عليه السلام)قال : من خُلِقَ من تُرْبَةٍ دُفِنَ فيها .

2 - عدّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحجّال، عن ابن بكير، عن أبي منهال، عن الحارث بن المغيرة قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إِنَّ النّطفة إذا وقعت في الرَّحم، بعث الله عزّ وجلَّ مَلَكاً فأخذ من التّربة الّتي يدفن فيها ، فمائها(5)في النطفة، فلا يزال قلبه يحنّ إليها حتّى يُدْفَنَ فيها .

ص: 197


1- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 144 .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 147 . والحصباء : الحَصَب، جمع حَصَبة وهي الحصاة . ويستفاد من عبارة العلامة في المنتهى استحباب جعل الحَصَب الأحمر على القبر كما يدل عليه الخبر.
3- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ح146 . الاستبصار 1 ، 128 - باب النهي عن تخصيص القبر وتطيينه ، ح 2 . وفيد - كما في القاموس - قلعة في طريق مكة، هذا وقد حمل الشيخ رحمه الله في الاستبصار هذا الحديث على الرخصة بفعل ذلك ورفع الحظر هذا، وقد افتى أصحابنا رضوان الله عليهم بكراهة تجصيص القبر وتطيينه .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 145 .
5- أي مزجها وخلطها .
141- باب التعزية وما يجب على صاحب المصيبة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا ،عن سهل بن زياد عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن عذافر، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: ليس التعزية إلّا عند القبر، ثمَّ ينصرفون، لا يُحدُثُ في الميت حَدَثٌ فيسمعون الصوت(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: التعزية لأَهْل المصيبة بعد ما يُدْفَن(2).

3 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجباّر، عن الحجّال، عن إسحاق بن عمّار قال(3): ليس التعزية إلّا عند القبر ثمَّ ينصرفون ، لا يحدث في الميّت حَدَثُ فيسمعون الصوت .

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : التعزية الواجبة بعد الدَّفن (4).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن محمّد، عن الحسين بن عثمان قال : لما مات إسماعيل بن أبي عبد الله(عليه السلام)، خرج أبو عبد الله(عليه السلام)فتقدَّم السرير بلا حذاء ولا رداء (5).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ينبغي لصاحب المصيبة أن يضع رداءَه حتّى يَعْلَمَ النَّاسُ أنّه صاحب المصيبة(6).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن رفاعة النخّاس، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : عزّى أبو عبد الله(عليه السلام)رجلا بابن له فقال : الله خيرٌ لابنك

ص: 198


1- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 156 .
2- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ، ح 157 . الاستبصار 1 ، 129 - باب كيفية التعزية ، ح 2 . وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب التعزية وهي تفعلة من العزاء وهو الصبر والسلوان والمراد بها الحمل على الصبر والتسلية عن المصاب بإسناد الأمر إلى حكمة الله تعالى وعدله وتذكيره بما وعد الله الصابرين، وهي كما يقول الشهيدان - «مشروعة قبل الدفن اجماعاً وبعده عندنا».
3- مر هذا الحديث باختلاف في بعض السند مسنداً إلى أبي عبد الله(عليه السلام)برقم 1 من هذا الباب فراجع .
4- محمول على تأكد الاستحباب وليس المراد بالوجوب معناه الاصطلاحي لعدم قائل به هنا. وقد أخرجه في الفقيه 1 نفس الباب، ح 3 مرسلا .
5- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 158 . الفقيه 1، 26 - باب التعزية والجزع عند ...، ح 23
6- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 159

منك، وثواب الله خيرٌ لك من ابنك، فلمّا بلغه جزعه بَعدَ عاد إليه فقال له: قدمات رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فمالّكَ به أُسوة؟ فقال : إنّه كان مرهقاً(1)، فقال : إنَّ أمامه ثلاث خصال: شهادة أن لا إله إلّا الله ورحمة الله ، وشفاعة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فلن تفوته واحدة منهنَّ إن شاء الله(2).

8 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس رداء، وأن يكون في قميص حتّى يُعْرَفَ (3).

9 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال : رأيت موسى (عليه السلام)يعزّي قبل الدفن وبَعْدَهُ(4).

10- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ، عن ابن مهران قال : كتب أبو جعفر الثاني(عليه السلام)إلى رجل : ذكرت مصيبتك بعلي ابنك، وذكرت أنه كان أحبّ ولدك إليك، وكذلك الله عزّ وجلَّ إنّما يأخذ من الوالد وغيره أزكى ما عند أهله ليعظّم به أجر المصاب بالمصيبة، فأَعْظَمَ الله أجرك وأحسن عزاك، وربط على قلبك(5) إنّه قدير، وعجّل الله عليك بالخلف، وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله تعالى .

142- باب ثواب من عَزَّى حزيناً

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، عن

ص: 199


1- في الفقيه مراهقاً. والمُرْهِق من يرتكب المعاصي والكبائر، وكأن جزع والده عليه كان لخوفه من نزول ، ح 7 بتفاوت يسير العذاب به بسبب ذلك .
2- الفقيه 1، 26 - باب التعزية و ح 7 بتفاوت یسیر.
3- التهذيب 1 ، نفس ،الباب ، ح 160 وفيه : رادءه الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 8 بزيادة في آخره وكأن المراد بالرداء الثوب الفوقاني المتعارف لبسه عند غالبية الناس في الحالات الاعتيادية، فإذا نزعه صاحب المصيبة كان ذلك سبباً لتميزه فتسهل معرفته من بينهم.
4- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 161 . الفقيه 1 ، 26 - باب التعزية والجزع عند ، ح 2 الاستبصار 1 ، 129 - باب كيفية التعزية ، ح 1 .
5- ربط على قلبه : شدّة وقواه ليكن بالصبر والشجاعة وميه قوله تعالى في الآية 14 من سورة الكهف : وربطنا على قلوبهم إذ قاموا ... الآية وفي الآية /11/ الأنفال وليربط على قلوبكم ... الآية. وفي الآية /10/ القصص: لولا أن ربطنا على قلبها ... الآية .

آبائه(عليهم السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): من عزّى حزيناً كُسِيَ في الموقف(1)حلّة يحبّر بها(2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن وهب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): من عزّى مصاباً كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المصاب شيئاً.

143- باب المرأة تموت وفي بطنها صبي يتحرك

(3)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في المرأة تموت ويتحرَّك الولد في بطنها، أَيُشَقُّ بطنُها ويُخْرَجُ الولد ؟ قال : فقال : نعم، ويخاط بَطنُها.

2 - عَّدة من أصحابنا ،عن أحمد بن محمّد، بن خالد عن وهب بن وهب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام): إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرّك فيتخوّف عليه، فَشُقُ بطنَها وأَخرِج الولد .

وقال :في المرأة يموت ولدها في بطنها فيتخوّف عليها ، قال : لا بأس أن يُدْخِلَ الرَّجل يده فيقطعه ويخرجه إذا لم ترفق به النساء.

144- باب غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن موسى، عن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : السِّقْطُ إذا تم له أربعة أَشْهُرٍ غُسل .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ ؛ ،وزرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه سئل عن الصلاة على الصبي، متى يصلّى عليه؟ قال : إذا

ص: 200


1- يعني يوم القيامة
2- حَبَرَ الأمر فلاناً يحبره حَبراً : شرُّه.
3- مرت هذه الأحاديث باختلاف يسير . تحت نفس العنوان في الباب رقم 97 من هذا الجزء وخرجناها وعلقنا عليها هناك فراجع.

عقل الصلاة، قلت: متى تجب الصلاة عليه ؟ فقال : إذا كان ابن ستّ سنين؛ والصّيام إذا أَطَاقَهُ(1).

3- عليٌّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة قال: رأيت ابناً لأبي عبد الله(عليه السلام)في حياة أبي جعفر(عليهالسلام) يقال له : عبد الله فطيم قد دَرَج(2)، فقلت له : يا غلام، من ذا الّذي إلى جنبك؟ - لمولى لهم؟ -، فقال : هذا مولاي، فقال له المولى - يمازحه - : لستُ لك بمَوْلى ، فقال : ذلك شرٌّ لك، فطعن في جنازة الغلام فمات، فأُخْرِج في سفط إلى البقيع ، فخرج أبو جعفر(عليه السلام)وعليه جبّة خزّ صفراء، وعمامة خزّ صفراء، ومطرف خزّ أصفر، فانطلق يمشي إلى البقيع وهو معتمد عليٌّ ، والناس يعزّونه على ابن ابنه، فلمّا انتهى إلى البقيع، تقدَّم أبو جعفر(عليه السلام)فصلّى عليه، وكبّر عليه أربعاً ، ثمَّ أمر به فدَينَ، ثُمَّ أخذ بيدي فتنحى بي ثمَّ قال : إنّه لم يكن يصلّى على الأطفال، إنما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأمر بهم فيُدْفَنون من وراء ولا يصلى عليهم، وإنّما صلّيتُ عليه من أجل أهل المدينة كراهية، أن يقولوا : لا يصلّون على أطفالهم(3).

4 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد؛ والحسين بن سعيد، عن النّضر بن سُوَيد، عن يحيى بن عمران، عن ابن مسكان، عن زرارة قال : مات ابن لأبي جعفر(عليه السلام)فأخبر بموته، فأمر به فغُسّل وكُفّن ومشى معه وصلّى عليه، وطرحت خُمْرَةً فقام عليها، ثمَّ على قبره حتّى فرغ منه ، ثمَّ انصرف وانصرفت معه، حتّى أنّي لا مشي معه فقال: أما إنّه لم يكن يُصَلّى على مثل هذا وكان ابن ثلاث سنين، كان عليُّ(عليه السلام)يأمر به فيُدْفَن ولا يصلّى عليه، ولكن الناس(4)صنعوا شيئاً فنحن نصنع مثله . قال : قلت : فمتى

ص: 201


1- التهذيب 3 22 - باب الزيادات ح 3 وفي سنده عن زرارة بدل وزرارة الاستبصار 1 ، 297 - باب الصلاة على الأطفال، ح .. الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت .33 وفي الحديث تصريح بتطبيق سن الست سنوات على المرحلة التي يكون الصبي معها أهلا لأن يعقل الصلاة، ولعله لذلك حدد الفقهاء هذه السن ليدرّب عليها هذا ومذهب الأكثر كما في المدارك، والمشهور كما عن جماعة، بل حكى في الانتصار والمنتهى وظاهر الخلاف الاجماع على وجوب الصلاة على الطفل إذا بلغ له من العمر ست سنين، كما ذكر في جامع المقاصد وغيره أن المشهور عندنا استحباب الصلاة على من كان له من العمر أقل من ست سنين حتى لو مات بعد تولده حيا مباشرة - كما نقل عن ابن أبي عقيل من أصحابنا عدم وجوب الصلاة على من لم يبلغ بلوغا شرعياً، لأن الصلاة - حسب رأيه - استغفار ودعاء للميت وغير البالغ لا يحتاج إلى ذلك .
2- دَرَجَ: أي مشى أول مَشْيِهِ .
3- التهذيب 3 ، 22 - باب الزيادات، ح 4. الاستبصار 1 ، 297 - باب الصلاة علي الأطفال ، ح 2 . قول الغلام للعبد : ذلك شر لك : أي انكارك كونك مولى لي هو شرُّ لك والمطرف رداء معلّم. وفي الحديث تصريح منه عليه بأنه إنما فعل ما فعل تقية وعليها يحمل ما ورد في الرواية من أنه كبر على جنازة الغلام أربع تكبيرات.
4- أي المخالفون .

تجب الصلاة عليه ؟ فقال : إذا عقل الصلاة وكان ابن ستّ سنين، قال : قلت : فما تقول في الولدان؟(1)فقال: سئل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) عنهم فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن إسماعيل، عن عثمان بن عيسى ، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي الحسن الأوّل(عليه السلام)قال: سألته عن السّقط إذا استوى خَلْقُهُ ، يجب عليه الغسل واللّحد والكفن ؟ فقال : كلُّ ذلك يجب عليه(2).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليِّ بن مهران، عن محمّد بن الفضيل قال : كتبت إلى أبي جعفر(عليه السلام)أسأله عن السِّقط، كيف يصنع به؟ فكتب(عليه السلام)إليَّ : إِنَّ السّقط يُدْفَنُ بدمه في موضعه(3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن سعيد، عن عليّ بن عبد الله(4)قال : سمعت أبا الحسن موسى(عليه السلام)يقول : إنّه لمّا قبض إبراهيم ابن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، جرت فيه ثلاث سُنَن ، أما واحدة فإنّه لما مات انكسفت الشمس، فقال الناس : انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله ، فصعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)المنبر ، فحمد الله وأثْنى عليه ، ثمَّ قال : يا أيّها الناس، إنَّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان [له] لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإن انكسفتا أو واحدة منهما فصلّوا ثمَّ نزل عن المنبر فصلّى بالنّاس صلاة الكسوف فلمّا سلّم قال: يا عليَّ ، قم فجهّز ابني ، فقام عليُّ(عليه السلام)فغسّل إبراهيم، وحنّطه وكفّنه ، ثمَّ خرج به، ومضى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)حتّى انتهى به إلى قبره، فقال النّاس : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)نسي أن يصلّي على إبراهيم لِمَا دَخَلَهُ من الجزع عليه، فانتصب قائماً ثمَّ قال: يا أيّها النّاس، أتاني جبرائل(عليه السلام)بما قلتم زعمتم أنّي نسيت أن أُصلّي على ابني لِمَا دخلني من الجزع، ألا وإنّه ليس كما ظننتم ، ولكن اللّطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات، وجعل لموتاكم من كلِّ صلاة تكبيرة، وأمرني أن لا أُصلّي إلّا على من صلّى، ثمَّ قال : يا عليّ إِنزل فالحَدْ ابني، فنزل فالْحَدَ إبراهيم في لحده فقال الناس : إنّه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر ولده إذا لم يفعل

ص: 202


1- أي ما يصنع بالأطفال بعد الموت. وسوف يأتي جوابه(عليه السلام)في 165 - باب الأطفال ح 3 من هذا الكتاب وكذلك ح 1 .
2- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 130 وأخرجه عن أبي عبد الله(عليه السلام) وفي آخره زيادة: إذا استوى ومعناه : إذا تمت خلقته . هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن السقط إذا كان له أربعة أشهر فصاعداً غسّل ولُفٌ في خرقة ودفن. وإن كان لدون ذلك أو لم تلجه الروح لف في خرقة ودفن، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 38/1.
3- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 129. بتفاوت يسير جداً. والحديث محمول على ما إذا لم يتم للسقط أربعة أشهر.
4- في التهذيب : عن علي بن أبي عبد الله .

رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فقال لهم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): يا أيّها الناس، إنّه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادَكم، ولكنّي لست آمَنْ إذا حلّ أحدُكُم الكَفَنَ عن ولده، أن يلعب به الشيطان فَيَدْخُلُهُ عند ذلك من الجزع ما يحبط أجره، ثمَّ انصرف(صلی الله علیه وآله وسلم)(1).

8- عليُّ ، عن عليّ بن شيرة، عن محمّد بن سليمان، عن حسين الحرشوش(2)، عن هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنَّ النّاس يكلمونا ويردُّون علينا قولنا : إنّه لا ايُصَلَّى على الطّفل لأنّه لم يُصَلِّ فيقولون: لا يُصَلّى إلّا على من صلّى؟ فنقول: نعم، فيقولون: أرايتم لو أنّ رجلاً نصرانيّاً أو يهودياً أسلم ثمَّ مات من ساعته، فما الجواب فيه ؟ فقال : قولوا لهم : أرأيتَ لو أنَّ هذا الّذي أسلم السّاعة ثمَّ افترى على إنسان ما كان يجب عليه في فرْيَتِهِ ، فإنّهم سيقولون : يجب عليه الحدّ ، فإذا قالوا هذا قيل لهم : فلو أنّ هذا الصبيّ الّذي لم يُصَلِّ افترى على إنسان، هل كان يجب عليه الحدّ، فإنّهم سيقولون : لا. فيُقال لهم : صدقتم، إنّما يجب أن يُصَلّى على من وجب عليه الصّلاة والحدود، ولايُصَلّى على من لم تجب عليه الصّلاة ولا الحدود(3).

145- باب الغريق والمصعوق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن [الأوَّل](عليه السلام)في المصعوق والغريق، قال : يُنتظَرُ به ثلاثة أيام، إلّا أن يتغيّر قبل ذلك(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن إسحاق بن عمّار قال : سألته(5)عن الغريق، أيُغسل؟ قال: نعم، ويُستَبرء، قلت: وكيف يستبرء؟ قال : يُتْرَكُ ثلاثة أيّام قبل أن يُدفن، وكذلك أيضاً صاحب الصّاعقة، فإنّه ربّما ظنوا أنّه مات ولم يَمُنا(6).

ص: 203


1- التهذيب 3 ، 9 - باب صلاة الكسوف ، ح ! . وروى صدره إلى قوله : صلاة الكسوف. وروى قسماً من الذيل بتفاوت في الفقيه 1 ، 81 - باب صلاة الكسوف و ...، ح 2 .
2- في التهذيب: المرجوس
3- التهذيب 3 32 - باب الصلاة على الأموات ، ح 65
4- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و.. ، ح 160 .
5- في التهذيب: سألت أبا عبد الله(عليه السلام).
6- التهذيب 1، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 158. وصاحب الصاعقة : المصعوق بها.

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: كان أمير المؤمنين(عليه السلام)يقول : الغريق يُغَسّل(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الغريق يُحْبَسُ حتّى يتغيّر ويُعْلَمَ أنّه قد مات، ثمَّ يغسّل ويكفّن ؛ قال : وسئل عن المصعوق ، فقال : إذا صُعِقَ حُبِس(2)يومين، ثمَّ يغسّل ويكفّن .

5 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن إسماعيل بن عبد الخالق أخي(3)شهاب بن عبد ربّه قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): خمسة ينتظر بهم إلّا أن يتغيّروا: الغريق والمصعوق والمبطون والمهدوم والمُدَخّن(4).

6 - أحمد بن مهران ، عن محمّد بن عليّ، عن عليِّ بن أبي حمزة قال : أصاب النّاس بمَكّة سنة من السّنين صواعق كثيرة، مات من ذلك خلق كثير، فدخلتُ على أبي إبراهيم(عليه السلام)فقال مبتدئاً من غير أن أسأله: ينبغي للغريق والمصعوق أن يُتَربّص به ثلاثاً لا يدفن، إلّا أن تجيء منه ريح تدل على موته ، قلت : جُعِلْتُ فِداك ، كأنّك تخبرني أنّه قد دُفِنَ ناسٌ كثيرٌ أحياء؟ فقال : نعم يا عليُّ، فد دُفن ناسٌ كثيرٌ أحياء، ما ماتوا إلّا في قبورهم(5).

146- باب القَتلى

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن أبَان بن تغلب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن الَّذِي يُقْتَلُ في سبيل الله أيُعَسَّل ويكفّن ويُحنَّط؟ قال: يدفن كما هو في ثيابه، إلّا أن يكون به رَمَقٌ ثمَّ مات، فإنّه يُغسل ويُكَفِّن ويُحَنّط ويُصَلّى عليه ، إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)صلّى على حمزة وكفّنه لأنّه كان قد جرِّدا(6).

ص: 204


1- التهذيب 1، نفس الباب، ح 157
2- أي انتظر به يومان ومُنع من الدفن فيهما .
3- في التهذيب : ابن أخي شهاب ....
4- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح.156 . ومعنى يُنتظر بهم : أي يؤجل دفنهم لاحتمال بقائهم على قيد الحياة، والمُدَحْن : هو الذي اختنق بالدخان والمصعوق هو الذي أصابته الصاعقه .
5- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 159
6- التهذيب 1، 13 - باب تلقين المحتضرين و ... ، ح 137 . الاستبصار 1 ، 125 - باب المقتول شهيداً بين الصِّفَین،ح3. الفقيه 1، 24 - باب المس ، ح 45 . قوله(عليهم السلام)قد جُرِّد : أي سلب المشركون ثيابه بعد أن نزعوها عنه كلا، أو بوضا، ولكن ليس بالمقدار الذي يقوم ذلك البعض مقام الكفن، وتلك هي العلة في تكفين الحمزة(عليه السلام)مع أنه كان شهيداً .

2- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن إسماعيل بن جابر؛ وزرارة - عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قلت له : كيف رأيتَ الشّهيد يُدْفَن بدمائه؟ قال: نعم، في ثيابه بدمائه، ولا يحنّط ولا يغسّل ، ويدفن كما هو، ثمَّ قال : دَفَنَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عمّه حمزة في ثيابه بدمائه الّتي أصيب فيها ، وردّاه النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)برداء فقصر عن رِجْلَيه ، فَدَعَا له بإذخر فطرحه عليه، وصلّى عليه سبعين صلاة، وكبّر عليه سبعين تكبيرة(1).

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبّان، عن أبي مريم قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : الشّهيد إذا كان به رَمَقٌ، غُسّل وكُفّن وحُنّط وصُلّي عليه ، وإن لم يكن به رَمَقٌ، دُفِنَ فى أثوابه(2).

4 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أبي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن عليّ، عن آبائه(عليهم السلام)قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: يُنزَعُ عن الشّهيد الفَرْوُ والحُفّ والقلنسوة والعمامة والمِنْطَقَةُ والسّراويل، إلّا أن يكون أصابه دم ، فإن أصابه دم تُرك، ولا يُتْرَك عليه شيء معقود إلّا حُلّ(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن سنان، عن أَبَان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : الّذى يُقتل في سبيل الله ، يُدْفَنُ في ثيابه، ولا يغسّل إلّا أن يدركه المسلمون وبه رَمَقٌ ثمَّ يموت بَعْدُ ، فإنّه يُغَسّل ويُكَفِّن ويُحنّط، إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كفّن حمزة في ثيابه ولم يُغَسّله، ولكنه صلّى عليه (4).

ص: 205


1- التهذيب 1 ، نفس ،الباب ، ح 138 وفيه : وزاده النبي(صلی الله علیه وآله وسلم). . . ، بدل : وردّاه النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) . . . ، الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح4 وروى صدره إلى قوله : كما هو. والإذْخر الحشيش الأخضر.
2- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 139 . الاستبصار ،1 نفس الباب ، ح 5 الفقيه ،1، نفس الباب، ح 44 . وفيه : كُفّن ... ، بدل دُفِنَ، والرمق : بقية الحياة، وجمعه أرماق.
3- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 140 . الفقيه 1 ، 24 - باب المس ، ح 47 . والضمير في 1، (أصابه)، إما أن يرجع إلى أقرب مرجع وهو السراويل أو إلى الجميع بتقدير : كل واحد، وقد قال الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة: وينزع عنه الفرو والجلود كالخفين وأن أصابهما الدم والمنطقة والمنطق : حزام يشد على الوسط.
4- التهذيب 1، نفس الباب، ح 141
147- باب أكيل السَّبُعِ والطير والقتيل يوجد بعض جسده والحريق

1 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن(عليه السلام)قال : سألته عن الرَّجل يأكله السّبع والطّير فتبقى عظامه بغير لحم ، كيف يُصْنَعُ به؟ قال: يُغسّل ويُكَفِّن ويُصلّى عليه ويُدْفَن، وإذا كان الميّت نصفين، صُلّي علي النّصف الّذي فيه القلب(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل بن درَّاج، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا قُتل قتيل فلم يوجد إلّا لحم بلا عظم له، لم يُصَلّ عليه، وإن وجد عظم بلا لحم صُلّي عليه(2).

قال : وروي أنّه لا يُصَلِّى على الرّأس إذا أُفْرِدَ من الجسد.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه ، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا وجد الرّجل قتيلاً ، فإن وُجِدَ له عضو تامٌّ صُلّي عليه ودُفِنَ ، وإن لم يوجد له عضو تامّ لم يُصَلّ عليه ودُفِن(3).

4 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أيّوب بن نوح رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إذا قُطِعَ من الرَّجل قطعة فهو ميتة، وإذا مسّه الرجل، فكلّ ما كان فيه عظم فقد وَجَبَ على مَن مَسَّهُ الغسلُ، وإن لم يكن فيه عظم فلا غُسْلَ عليه(4).

5 -سهل ، عن عبد الله بن الحسين، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذ وُسَطَ الرَّجُل نصفين، صُلّي على الّذي فيه القلب (5).

ص: 206


1- التهذيب ،1، نفس الباب ، ح 151 . وكرره بسند مختلف عن أبي جعفر(عليه السلام) برقم 53 من الباب 32 من الجزء 3 من التهذيب وفي ذيله قلبه بدل القلب الفقيه 1 ، نفس ،الباب ح 42 بدون قوله : فإذا كان الميت نصفين ... الخ .
2- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 152
3- التهذيب 1 نفس الباب ، ح 155 . الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت، ح 32 .
4- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ، ح 14 بتفاوت يسير . الاستبصار 1، 60 - باب وجوب غسل الميت وغسل من مس ميتا، ح 5
5- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 153 وفيه : بنصفين ... الفقيه 1، 25 - باب الصلاة على الميت ذيل ح 32 ولعله من كلام الصدوق ومعنى توسيطه :نصفين أي قطعه نصفين، وهذا الحديث ينسجم مع ما عليه مشهور أصحابنا رضوان الله عليهم من أن الصدر كالميت في جميع الأحكام. يقول المحقق في الشرائع 371 : «وإذا وجد بعض الميت، فإن كان فيه الصدر، أو الصدر وحده غسل وكفن وصلي عليه ودفن، وأن لم يكن وكان فيه عظم غسل ولف في خرقة ودفن .... وأن لم يكن فيه عظم اقتصر على لفه في خرقة و دفته . . .» .

6 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن عليّ، عن آبائه

(عليه السلام)قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه - وسئل عن الرَّجل يحترق بالنّار ؟ فأمَرَهُمْ أن يصبّوا عليه الماء صَبّاً، وأن يُصَلَّى علیه(1) .

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليُّ بن معبد، عن الدِّهقان، عن دُرُسْت، عن أبي خالد(2)قال: اغسل كلّ شيء من الموتى ؛ الغريق وأكيل السِّبُع، وكلّ شيء إلّا ما قُتل بين الصفّين، فإن كان به رَمَقٌ غُسّل، وإلّا فلا(3).

148- باب يموت في السفينة ولا يقدر على الشطّ أو يُصابُ وهو عريان

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أيّوب بن الحرِّ قال: سئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن رجل مات في سفينة في البحر، كيف يُصْنَعُ به؟ قال : يوضع في خابية ويوكى رأسُها ويُطرح في الماء(4).

ص: 207


1- التهذيب 1 ، نفس ،الباب ح 144 وفيه : عن رجل ...، والأمر بالصبّ يستبطن عدم جواز غسله بالمس والدلك خوفاً من تناثر لحمه ويقول المحقق في الشرائع 38/1 «ولو خيف من تغسيله تناثر جلده كالمحترق والمجدور يتيمم بالتراب كما يتيمم الحي العاجزه» .
2- هو يزيد القماطّ .
3- التهذيب ،1 نفس الباب، ح 135 وفي سنده : عن عبيد الله بن الدهقان الاستبصار 1، 125 - باب المقتول ،1، شهيداً بين الصفين، ح 1 وفي سنده: علي بن سعيد بدل : علي بن معبد هذا وقد استثنى أصحابنا رضوان الله عليهم من وجوب التغسيل الشهيد وهو من قتل في معركة أمر بها النبي أو الإمام أو نائبهما الخاص وكان في حزبهما بسببه أو قتل في جهاد مأمور به في زمن الغيبة - على خلاف بينهم في هذا الأخير - فقالو بأن من كان كذلك لا يغسل ولا يكفن إلا إذا وجد عارياً بل يصلى عليه ويدفن بثيابه ودمائه وينزع عنه الفرو والجلود والمشهور عندهم أن المعيار في سقوط الغسل عنه أن يموت في المعركة سواء أدركه المسلمون حياً أم لا كما ذكره في المعتبر ناقلاً اجماع أهل العلم عليه، كما نقل الشهيد في الذكرى اتفاقنا عليه. وما تضمنه هذا الحديث من أنه يغسل لو كان به رمق هو ظاهر المفيد فيما نسب إليه مع جماعة .
4- التهذيب 1 نفس الباب، ح 164 ، الفقيه 1، 24 - باب المسّ، ح 40 وفي ذيله. ويُرمى بها في الماء. الاستبصار 1، 126 - باب الميت يموت في المركب ، ح 4 .والخابية : - كما في الصحاح- الحبّ، وأصلها الهمز لأنه من ،خات، إلا أن العرب تركت .همزها. وقال الجوهري : الوكاء : الذي يشدّ به رأس القربة، يقال: أوكى ما في سقائه : إذا شدّه بالوكاء. وما تضمنه هذا الخبر هو المعمول به عند أصحابنا رضوان الله عليهم عند تعذر الوصول إلى البر لدفنه. يقول المحقق في الشرائع 42/1: وراكب البحر يلقى فيه إما مثقلاً أو مستوراً في وعاء كالخابية أو شبهها مع تعذر الوصول إلى البر».

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبَان، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه قال في الرَّجل يموت مع القوم في البحر، فقال: يُغسل ويُكَفِّن ويُصلّى عليه وَيُثَقل ويُرمى به في البحر(1).

3 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا مات الرَّجل في السّفينة، ولم يُقْدَر على الشّط، قال: يُكَفِّن، ويُحنّط، ويُلفّ في ثوب، ويُلقى في الماء(2).

4 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن مروان بن مسلم، عن عمّار بن موسى قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)قال : ما تقول في قوم كانوا في سَفَر، فهم يمشون على ساحل البحر ، فإذا هم برجل ميّت عريان قد لفظه البحر، وهم عراة ليس عليهم إلّا إزار، كيف يُصَلُّون عليه وهو عريان، وليس معهم فضل ثوب يكفّنونه فيه؟ قال: يُحْفَر له، ويوضع في لَحْده ، ويوضع اللَّبْنُ على عورته لتستر عورته باللَّبْن، ثمَّ يُصَلّى عليه، ثمَّ يدفن، قال: قلت: فلا يُصلّى عليه إذا دفن؟ قال : لا ، لا يصلّى على الميّت بعدما يُدفن، ولا يصلّى عليه وهو عريان حتّى تُوارى عورته(3).

149- باب الصلاة على المصلوب والمرجوم والمُقْتَص منه

1-عدَّةُ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن بن عبد الرَّحمن، عن مسمع كردين، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : المرجوم والمرجومة يُغسّلان ويُحنّطان ويَلبسان الكفن قبل ذلك، ثمَّ يُرجَمان ويصلّى عليهما، والمقتصّ منه بمنزلة

ص: 208


1- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 161 . الاستبصار 1، 126 - باب الميت يموت في المركب ، ح 1 .
2- التهذيب ،1 ، نفس الباب، ح .162 . الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 2 .
3- التهذيب 3 15 - باب صلاة العراة ، ح .4. ولفظه البحر : أي رمى به وطرحه وألقاه إلى البرّ، فهو لفيظ وملفوظ، وبه سمي الكلام لفظاً لأنه يرمى به من الفم. وأخرجه بتفاوت إلى قوله : ويُدفن ، في الفقيه 1 ، 25 - باب الصلاة على الميت، ح 29 .

ذلك، يغسّل ويحنّط ويلبس الكفن ويُصَلّى عليه(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم [ عن أبيه ](2)، عن أبي هاشم الجعفريّ قال: سألت الرِّضا(عليه السلام)عن المصلوب؟ فقال : أَمَا عَلمتَ أنَّ جدّي(عليه السلام)صلّى على عمّه ؟(3)قلت: أعلم ذاك، ولكنّي لا أفهمه مبينّاً ، قال : أُبيّنه لك، إن كان وجه المصلوب إلى القبلة، فَقُمْ على منكبه الأيمن، وإن كان قفاه إلى القبلة، فقم على منكبه الأيسر، فإنَّ بين المشرق والمغرب قبلة، وإن كان منكبه الأيسر إلى القبلة، فقم على منكبه الأيمن، وإن كان منكبه الأيمن إلى القبلة، فقم على منكبه الأيسر، وكيف كان منحرفاً فلا تُزايل(4)مناكبه ، وليكن وجهك إلى ما بين المشرق والمغرب، ولا تستقبله ولا تستدبره ،البتّة، قال أبو هاشم وقد فهمت إن شاء الله ، فهمته والله (5).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن العبّاس بن معروف، عن اليعقوبي، عن موسى بن عيسى، عن محمّد بن ميسر، عن هارون بن الجهم، عن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «لا تُقِّروا المصلوب بعد ثلاثة حتّى يُنْزَلَ ويُدفن »(6).

150- باب ما يجب على الجيران لأهل المصيبة واتّخاذ المأتم

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري [وعن] هشام بن سالم ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لمّا قُتِلَ جعفر بن أبي طالب (عليه السلام)، أمر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فاطمة(عليها السلام)أن تتّخذ طعاماً لأسماء بنت عُمَيس ثلاثة أيّام، وتأتيها ونساءها فتقيم

ص: 209


1- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتظرين و ... ، ح 146 بتفاوت قليل . و 147 أيضاً. الفقيه 1، 24 - باب المس ، ح 41 بتفاوت والرجم : هو حد الزاني المحصن والزانية كذلك، والمقتص منه : هو الذي يقتل مؤمناً متعمدا بغير حق فيقاد به .
2- لا يوجد في سند التهذيب :عن أبيه.
3- جده عليه السلام هو الإمام الصادق(عليه السلام)وعمّه هو زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام).
4- أي فلا تفارق . من زيل، أو من زال يزال زيالاً بمعنى برح ويفيد النفي، وزال يزال لا تستعمل إلا مع النفي وتدل معه على الثبات والاستمرار.
5- التهذيب ،3 32 - باب الصلاة على الأموات، ح47 . وفي ذيله : فهمت والله بدل: فهمته والله هذا، وقد استقرب الشيخ الصدوق رحمه الله هذه الرواية، ونقل الشهيد في الذكرى استقرابه لكون أبي الصلاح وابن زهرة من قدامى الأصحاب قد عملا بمضمونها باعتبار أنهما قالا يصلى على المصلوب ولا يستقبل الإمام وجهه في التوجه. كما نقل رحمه الله عن الفاضل في المختلف نفي البأس عن العمل بها .
6- التهذيب 1، 13 - باب تلقين المحضرين و ...، ح 149 وفيه : بعد ثلاثة أيام .. وما تضمنه الحديث من وجوب أنزال المصلوب بعد ثلاثة أيام هو الأظهر عند أصحابنا كما نص عليه ابن ادريس في سرائره .

عندها ثلاثة أيّام فَجَرَتْ بذلك السنّة أن يُصْنَعَ لأهل المصيبة الطعام ثلاثاً .

2 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: يصنع لأهل الميّت مأتم ثلاثة أيّام من يوم مات .

3 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: ينبغي لجيران صاحب المصيبة أن يطعموا الطّعام [عنه] ثلاثة أيّام.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز أو غيره قال : أوصى أبو جعفر(عليه السلام)بثمانمائة درهم لمأتمه (1). وكان يرى ذلك من السّنة، لأنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال : «اتّخذوا لآل جعفر طعاماً، فقد شُغِلوا»(2).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن عيد الله الكاهليّ قال: قلت لأبي الحسن(عليه السلام): إنَّ امرأتي وامرأة ابن مارد تخرجان في المأتم فانهنا هما، فتقول لي امرأتي : إن كان حراماً فانهنا عنه حتّى نتركه ، وإن لم يكن حراماً فلاي شيء تَمْنَعْنَاهُ ، فإذمات لنا ميّت لم يجئنا أحد ، قال : فقال أبو الحسن(عليه السلام): عن الحقوق تسألني ، كان أبي(عليه السلام)يبعث أُمّي وأمَّ فروة تقضيان حقوق أهل المدينة(3).

6 - أحمد بن محمّد الكوفيّ، عن ابن جمهور عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: وحدَّثنا الأصمّ، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : مُرُوا أهاليكم بالقول الحسن عند موتاكم، فإنَّ فاطمة سلام الله عليها لمّا قُبِضَ أبوها (صلی الله علیه وآله وسلم)، أسعدتها(4) بنات ،هاشم فقالت اتركن التَعداد(5)وعليكنّ بالدعاء.

ص: 210


1- المأتم في الأصل، يطلق على الاجتماع في الحزن أو الفرح والظاهر أن المقصود به هنا الطعام لأهل الميت. أو الإطعام عن روحه .
2- أي شغلتهم مصيبتهم بفقيدهم عن أن يعدّوا الطعام لأنفسهم وضيوفهم من المعزّين.
3- المقصود بالحقوق هنا القيام بما تقتضيه الآداب الشرعية من المشاركة الوجدانية والعملية من التواصل والتعاون على البر ومنه المؤاساة والتعزية في مصيبة الموت والتبريك والتهنئة في مناسبات الأفراح. وقد أخرجه في الفقيه 1 ، 26 - باب التعزية والجزع عند ...، ح 28 بتفاوت وامرأة ابن مارد كانت أخت الكاهلي كما صرح به في الفقيه.
4- الإسعاد من المساعدة والمعونة .
5- لعل المراد به ما يتم في مناسبات الموت من القيام بذكر مناقب الميت وخصاله .
151- باب المصيبة بالولد

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السرّاج، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ولد يقدّمه الرَّجل، أفضل من سبعين ولداً يخلفهم بعده ، كلّهم قد ركبوا الخيل وجاهدوا في سبيل الله.

2 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : دخل رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)على خديجة حين مات القاسم ابنها وهي تبكي، فقال لها : ما يبكيك؟ فقالت درّت دريرة(1)فبكيت فقال : يا خديجة، أما ترضَيْنَ إذا كان يوم القيامة، أن تجيئي إلى باب الجنّة وهو قائم فيأخذ بيدك فيدخلك الجنّة وينزلك أفضلها، وذلك لكلِّ مؤمن، إنَّ الله عزّ وجلَّ أحكمُ وأكرمُ أن يسلب المؤمن ثمرة فؤاده ، ثمَّ يعذّبه بعدها أبداً.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زیاد، جميعاً عن ابن مهران قال : كتب رجل إلى أبي جعفر الثاني(عليه السلام)يشكو إليه مصابه بولده، وشدَّة ما دخله(2)، فكتب إليه : أمّا علمت أنَّ الله عزَّ وجلَّ يختار من مال المؤمن ومن ولده أَنْفَسَه(3) ليأجره على ذلك .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النّوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إذا قبض ولد المؤمن والله أعلم بما قال العبد، قال الله تبارك وتعالى لملائكته : قَبَضْتُم ولد فلان ؟ فيقولون : نعم ربَّنا ، قال : فيقول : فما قال عبدي؟ قالوا : حَمِدَك واستَرجَع ، فيقول الله تبارك وتعالى : أخذتم ثمرة قلبه وقرَّة عينه فحمدني واسترجع ، ابنوا له بيتاً في الجنّة وسمّوه بيت الحَمْد»(4).

5- عدّة من أصحابنا، عن أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سَيف بن عَمِيرة قال : حدَّثنا أبو عبد الرحمن قال : حدَّثنا أبو بصير قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)بقول : إنَّ الله عزّ وجلَّ إذا أحبَّ عبداً قبض أحبَ ولده إليه .

ص: 211


1- الدّرّ : اللبن .
2- أي ما أصابه من الحزن على فقده.
3- النفيس: الغالي الثمن، وما يُضَنُّ به.
4- الفقيه 1 ، 26 - باب التعزية والجزع عند ... ، ح 22 بتفاوت قليل.

6 - عنه، عن إسماعيل بن مهران، عن سَيف بن عَمِيرة ، عن عمرو بن شمّر ،عن جابر، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من قدَّم من المسلمين ولدين يحتسبهما عند الله عزّ وجلَّ، حَجَباه من النّار بإذن الله تعالى .

7 - عنه ، عن إسماعيل بن مهران، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : لمّا توفّي طاهر ابن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، نهى رسول الله خديجة عن البكاء، فقالت : بلى يا رسول الله، ولكن درّت عليه الدّريرة فبكيتُ، فقال : أما ترضَيْنَ أن تجديه قائماً على باب الجنّة ، فإذا رآك أخذ بيدك فأدخلك الجنّة أطهرها مكاناً وأطيبَها ؟ قالت : وإنَّ ذلك كذلك؟ قال : الله أعزُّ وأكرمُ من أن يسلب عبداً ثمرة فؤاده، فيصبر ويحتسب ويحمد الله عزّ وجلَّ، ثمَّ يعذّبه .

8 -عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : ثواب المؤمن من ولده إذا مات الجنّة، صبر أو لم يصبر(1).

9 - ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله(2)أو أبي الحسن(عليه السلام)قال: إنّ الله عزّ وجل لَيَعْجَبُ من الرَّجل، يموت ولده وهو يحمد الله، فيقول: يا ملائكتي، عبدي أخذتُ نَفْسَه(3)وهو يحمدني .

10- محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليّ بن سيف، عن عليّ بن سَيف، عن أبيه ؛ عن عمرو بن شمّر، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : من قدَّم أولاداً يحتسبهم عند الله عزَّ وجلَّ، حجبوه من النار بإذن الله عزَّ وجلَّ.

152- باب التَّعزّي

1 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن الحكم، عن سليمان بن عمرو النخعيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: من أُصيب بمصيبة ، فليذكر مُصَابه بالنبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)فإنّه من أعظم المصائب .

ص: 212


1- الفقيه 1 ، 26 - باب التعزية والجزع عند . . . ، ح 17 مرسلاً. وهو محمول على ما إذا لم يؤد عدم صبره إلى الجزع أو قول ما يغضب الله سبحانه أو على ما إذا استند عدم صبره إلى ما هو خارج عن الاختيار.
2- الترديد من الراوي .
3- إنما عبَّر عن الولد بالنفس، لأنه قطعة من الإنسان وفلذة كبده .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان، عن زيد الشحّام ، عن عمرو بن سعيد الثقفي، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال : إن أصِبْتَ بمصيبة في نفسك، أو في مالك، أو في ولدك، فاذكر مُصابك برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فإنَّ الخلائق لم يصابوا بمثله قطّ .

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن ،خالد عن إسماعيل بن مهران، عن سَيف بن عميرة، عن عمرو بن شمّر ، عن عبد الله بن الوليد الجعفيّ، عن رجل، عن أبيه قال: لمّا أُصيب أمير المؤمنين(عليه السلام)، نعى(1)الحسنُ إلى الحسين(عليه السلام)وهو بالمدائن، فلمّا قرأ الكتاب قال يا لها من مصيبة ما أعظمها مع أنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال : من أُصيب منكم بمصيبة فليذكر مصابه بي، فإنّه لن يصاب بمصيبة أعظم منها، وَصَدَقَ(صلی الله علیه وآله وسلم).

4 -عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لمّا مات النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم)، سمعوا صوتاً ولم يرَوا شخصاً، يقول: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ، فمن زُحْزِحَ(2)عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ وقال : إنَّ فى الله(3)خَلَفاً من كلّ هالك، وعزاءٌ من كلّ مصيبة، ودرَكاً(4)ممّا فات، فبالله فيقوا، وإيّاه فارجوا، وإنّما المحروم من حُرِمَ الثواب.

5 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن سليمان بن سماعة، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لما قُبض رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)جاءهم جبرائيل(عليه السلام)، والنبيّ مسجّى، وفي البيت عليُّ وفاطمة والحسن والحسين(عليه السلام)، فقال : السلام عليكم يا أهل بيت الرَّحمة، ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ ، إِنَّ في الله عزَّ وجلَّ عزاء من كلّ مصيبة، وخَلَفاً من كلِّ هالك، وَدَرَكاً لما فات، فبالله فثقوا وإيَّاه فارجوا فإنَّ المُصاب من حُرِم الثواب هذا آخر وطئي من الدُّنيا(5). قالوا: فسمعنا الصوت ولم نَرَ الشخص.

6 - عنه ، عن سلمة، عن عليِّ بن سيف، عن أبيه، عن أبي أُسامة زيد الشحّام ، عن أبي ،

ص: 213


1- النعي : النبأ بالموت .
2- زَحْزَحَهُ زَحْزَحَةً : دفعه ونحاه عن موضعه . والآية هي 185 من سورة آل عمران، وتتمتها : وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ.
3- أي في ثواب الله أو في بقاء ذاته وديمومته بعد فناء كل شيء.
4- أي إدراكاً، أو عوضاً .
5- كناية عن انقطاع الوحي بوفاة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

عبد الله(عليه السلام)قال : لما قُبض رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)جاءت التعزية، أتاهم آت يسمعون حسّه(1)ولا يرون شخصه، فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ ، في الله عزّ وجلَّ عزاءُ من كلّ مصيبة، وخَلَفٌ من كلِّ هالك، ودَرَكٌ لما فات، فبالله فيقوا، وإيّاه فارجوا، فإنّ المحروم من حُرم الثواب، والسلام عليكم .

7- عنه ، عن عليّ بن سيف، عن أبيه، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام)مثله، وزاد فيه : قلت : من كان في البيت؟ قال : عليُّ وفاطمة والحسن والحسين(عليه السلام).

8 - عنه ، عن سَلَمة، عن محمّد بن عيسى الأرمني، عن الحسين بن علوان، عن ، عبد الله بن الوليد، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : لمّا قُبض رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أتاهم آتٍ فوقف بباب البيت فسلّم عليهم ، ثمَّ قال : السلام عليكم يا آل محمّد،﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾، في الله عزَّ وجلَّ خَلَفٌ من كلّ هالك، وعزاءٌ من كلّ مصيبة، ودَرَكٌ لما فات، فبالله فثقوا ، وعليه فتوكّلوا وبنصره لكم عند المصيبة فارضوا فإنّما المُصابُ من حرم الثواب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . ولم يَروا أحداً ، فقال بعض من في البيت : هذا مَلَكْ من السماء بعثه الله عزّ وجلَّ إليكم ليعزّيكم، وقال بعضهم : هذا الخضر(عليه السلام)جاءكم يعزيكم بنبيّكم (صلی الله علیه وآله وسلم).

153- باب الصبر والجَزَع والاسترجاع

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، والحسن بن عليّ جميعاً عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قلت له: ما الجزع ؟ قال : أشدُّ الجزع الصّراخ بالميل، والعويل، ولطم الوجه والصّدر، وجزّ الشّعر من النّواصي ، ومن أقام النّواحة فقد ترك الصّبر وأخذ في غير طريقه، ومن صبر واسترجع وحمد الله عزّ وجلّ، فقد رضي بما صنع الله ، ووقع أجره على الله ، ومن لم يفعل ذلك جرى عليه القضاء وهو ذميم، وأحبط الله تعالى أجره.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)مثله .

ص: 214


1- الحس والحسيس: الصوت أو الحركة يسمع لها صوت .

3- الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن عليِّ بن إسماعيل الميثميّ، عن رِبْعّشي بن عبد الله، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إِنَّ الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن، فيأتيه البلاء وهو صبور؛ وإنَّ الجزع والبلاء يستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء وهو جَزوع(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ ، عن السّكونيِّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «ضَرْبُ المسلم يَدَهُ على فخذه عند المصيبة إحباط لأَجْرِهِ» .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خَرّبوذ ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : ما من عبد يصاب بمصيبة فيسترجع عند ذكره المصيبة، ويصبر حين تفجأه، إلّا غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه ، وكلّما ذكر مصيبته فاسترجع عند ذكر المصيبة، غفر الله له كلَّ ذنب اكتسب فيما بينهما(2).

6 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن داود بن رزين، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من ذكر مصيبته، ولو بعد حين فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون والحمد لله ربّ العالمين، اللّهمَّ أجِرْنِي على مصيبتي، واخلُف عليَّ أفضلَ منها ،كان له من الأجر مثل ما كان عند أوَّل صَدْمَةٍ(3).

7 -عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد محمّد، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : يا إسحاق، لا تعدّنَّ أمصيبة ُعطِيت عليها الصبر واستوجبتَ عليها من الله عزَّ وجلَّ الثواب، إنّما المصيبة الّتي يُحْرَمُ صاحبُها أجرَها وثوابها إذا لم يصبر عند نزولها.

8 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ، عن عليّ بن عُقْبة، عن

ص: 215


1- الفقيه 1 ، 26 - باب التعزية والجزع عند . . . ، ح 27 . وفي صدره : إن البلاء والصبر ... الخ . قوله(عليه السلام): يستبقان . . ؛ أي هما كَفَرسَي رهان يحاول كل واحد منهما أن يسبق الآخر، ولكن الصبر يسبق البلاء إلى المؤمن ، والجزع يسبق البلاء إلى الكافر .
2- ضمير التثنية، إما يعود إلى كل من نزول المصيبة والاسترجاع، أو إلى الاسترجاعين وبالأخير جزم المجلسي، رحمه الله، وأخرجه الصدوق رحمه الله بتفاوت قليل في الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 14 ، وفي ذيله : ... غفر الله له كل ذنب اكتسبه فيما بين الاسترجاع الأول إلى الاسترجاع الأخير ... الخ . وهذا يؤيد ما ذهب إليه المجلسي في عود ضمير التثنية هنا ..
3- المقصود بأول صدمة : لحظة نزول المصيبة وفَجْأتها .

امرأة الحسن الصّيقل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا ينبغي الصّياح على الميّت ولا شقّ الثياب(1).

9 - سهل، عن عليِّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن الأول(عليه السلام)قال: قال : ضَرْبُ الرَّجل يَدَهُ على فخذه عند المصيبة إحباط لأجره(2).

ا - سهل، عن الحسن بن عليّ، عن فضيل بن ميسر قال : كنّا عند أبي عبد الله(عليه السلام)، فجاء رجلٌ فشكى إليه مصيبة أُصيب بها، فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): أما إنّك إن تصبر تؤجر ، وإلّا تصبر يمضي عليك قدَّر الله الذي قدر عليك وأنت مأزور(3).

11 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن الحسن بن محمّد بن مهزيار، عن قتيبة الأعشى قال : أتيت أبا عبد الله (عليه السلام)أعود ابناً له، فوجدته على الباب فإذا هو مهتمُّ ،حزين فقلت: جُعِلْتُ فِداك ، كيف الصبيّ ؟ فقال : والله إنّه لما به، ثمَّ دخل فمكث ساعة ثمَّ خرج إلينا قد أسْفَرَ وجهه(4)وذهب التغيّر والحزن، قال: فطمعت أن يكون وقد صلح الصبيُّ فقلت: كيف الصبيُّ جُعِلْتُ فِداك؟ فقال: قد مضى لسبيله، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، لقد كنتَ وهو حيُّ مهتمّاً حزيناً، وقد رأيت حالك الساعة وقد مات غير تلك الحال، فكيف هذا؟ فقال: إنّا أهل البيت إنّما نجزع قبل المصيبة، فإذا وقع أمر الله رضينا بقضائه وسلّمنا لأمره .

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائني ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا يصلح الصيّاح على الميّت ولا ينبغي، ولكن النّاس لا يعرفونه، والصّبر خير .

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن علاء بن كامل، قال: كنت جالساً عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فَصَرَخَتْ صارِحَةٌ مِن الدَّار، فقام أبو عبد الله(عليه السلام)، ثمَّ جلس فاسترجع وعاد في حديثه حتى فرغ منه، ثمَّ قال : إنّا لنحبّ أن نعافي

ص: 216


1- نصّ أصحابنا رضوان الله عليهم على حرمة شق الثوب على الميت إلا أن يكون أباً أو أخاً فقد استثني لفعل الإمام العسكري(عليه السلام)على الإمام الهادي(عليه السلام)ولفعل الفاطميات على الحسين(عليه السلام). ولم يخالف في ذلك إلا ابن ادريس فيما ينقل عنه الشهيد الأول رحمه الله في الذكرى ولسان الحديث يدل على الكراهة .
2- مر هذا الحديث بنصه برقم 4 من هذا الباب بسندٍ آخر عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).
3- أي مأثوم . والقياس فيه أن يكون بالواو لا بالهمزة.
4- أي انطلقت اساريره وانبسط .

في أنفسنا وأولادنا وأموالنا، فإذا وقع القضاء فليس لنا أن نحبّ ما لم يحبُّ الله لنا .

14 - أبو علي الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب ، عن بعض أصحابنا قال : كان قوم أتوا أبا جعفر(عليه السلام)فوافقوا صبيّاً له مريضاً، فرأوا منه اهتماماً وغَمّاً، وجعل لا يَقِرُّ ، قال : فقالوا : والله لئن أصابه شيء إنا لنتخوّف أن نرى منه ما نکره، قال : فما لبثوا أن سمعوا الصياح عليه، فإذا هو قد خرج عليهم منبسطَ الوجه في غير الحال الّتي كان عليها، فقالوا له : جَعَلَنا الله فِداك، لقد كنّا نخاف ممّا نرى منك أن لو وقع أن نرى منك ما يغمّنا فقال لهم : إنّا لنحب أن نعافى فيمن نحبُّ، فإذا جاء أمر الله سلّمنا فيما أحبَّ.

154- باب ثواب التعزية

1 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : كان فيما ناجی به موسی(عليه السلام) ربِّه قال: يا ربّ ما لمن عزّى الثكلى ؟ قال : أظلّه في ظلّي يوم لا ظل إلا ظلّى .

2 - أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن حسان، عن الحسن بن الحسين ، عن علي بن عبد الله، عن علي بن منصور، عن إسماعيل الجوزي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): من عزَّى حزيناً كُسِيَ في الموقف حلّة يُحبى بها .

3 - عنه ، عن محمد بن عليّ، عن عيسى بن عبد الله العمريّ، عن أبيه، عن جده، عن أبيه(عليه السلام)قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام): من عزّى الثكلى أظَلّه الله في ظلِّ عرشه يوم لا ظلَّ إلّا ظلّه .

4 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن وهب عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): من عزَّى مُصاباً كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المُصاب شيء».

155- باب في الّسلْوَة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن مهران بن محمد قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول: إن الميّت إذا مات بعث الله مَلَكاً إلى أوجع أهله،

ص: 217

فمسح على قلبه فأنساه لوعة الحزن ولولا ذلك لم تَعْمُر الدُّنيا(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: إنَّ الله تبارك وتعالى تَطَوّل(2)على عباده بثلاث، ألقى عليهم الرِّيح(3)بعد الرُّوح ولولا ذلك ما دَفَنَ حميمٌ حميماً ، وألقى عليهم السلوة ولولا ذلك لانقطع النّسل، وألقى على هذه الحبّةِ الدابّةٌ ، ولولا ذلك لكَنَزِها ملوكهم كما يكنزون الذَّهب والفضّة .

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن مهران بن محمّد قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : إذا مات الميّت بعث الله مَلَكاً إلى أوْجَعِ أَهْلِهِ فمسح على قلبه فأنساه لَوْعَةَ الحُزن، ولولا ذلك لم تَعْمُرُ الدُّنيا(4).

156- باب زيارة القبور

1- عليُّ بن إبراهيم ؛ عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ ؛ وجميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في زيارة القبور قال : إنّهم(5)يأْنَسُونَ بكم، فإذا غبتم عنهم استَوْحَشوا .

2 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها؟ فقال: أما زيارة القبور فلا بأس بها، ولا تُبْنى عندها المساجد(6).

ص: 218


1- الفقيه 1 ، 26 - باب التعزية والجزع عند ... ، ح 21 . ولَوْعَةُ الحزن : حَرْقَتُهُ . هذا وسوف يكرر هذا الحديث بعينه متناً وسنداً برقم 3 من هذا الباب ولعله من أشباه النسّاخ.
2- أي تفضّل .
3- أي الرائحة الكريهة بعد خروج الروح من البدن، بحيث يصبح الإنسان جيفة نتنة .
4- مر برقم 1 من هذا الباب .
5- يعني الموتى .
6- الفقيه 1 ، 26 - باب التعزية والجزع عند ...، ح 30 . وفي ذيله : ولا يبنى عندها مساجد وقد دل الحديث 1، إضافة إلى استحباب زيارة المؤمنين - النهي عن بناء المساجد عندها، حيث حمل أصحابنا هذا النهي على الكراهة، قال الشهيد الأول في الذكرى والمشهور كراهة البناء على القبر واتخاذه مسجدا. ونقل الشيخ الطوسي في المبسوط الإجماع على كراهة البناء على القبر، وفي النهاية قال : يكره تجصيص القبور وتظليلها، وكذا يكره المقام عندها لما فيه من إظهار السخط لقضاء الله والاشتغال عن مصالح المعاد والمعاش، أو لسقوط الاتعاظ بها أقول والإجماع على كراهة اتخاذ القبر مسجداً أو البناء عليه مخصوص بما عدا قبور المعصومين(عليهم السلام)لورود الروايات في وجوب تعظيمها وعظم بركتها، فتكون هذه الروايات مخصصة للعمومات الناهية أو مقيدة لإطلاقها .

أبي

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن عبد الله(عليه السلام)قال : سمعته يقول : عاشت فاطمة(عليه السلام) بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً لم تُر كاشرة(1)ولا ضاحكة . تأتي قبور الشهداء في كلِّ جمعة مرَّتين(2): الإثنين والخميس فتقول: فهنا كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ههنا كان المشركون .

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن إسحاق بن عمّار،عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: قلت له : المؤمن يعلم بمن يزور قبره؟ قال: نعم، ولا يزال مستأنساً به ما دام عند قبره فإذا قام وانصرف من قبره، دَخَلَه من انصرافه عن قبره وَحْشَةً .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): كيف التسليم على أهل القبور ؟ فقال : نعم ، تقول : السلام على أهل الدِّيار من المسلمين والمؤمنين، أنتم لنا فَرَطٌ ونحن إن شاء الله بكم لاحقون.

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ جميعاً عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام قال: مررتُ مع أبي جعفر(عليه السلام)بالبقيع ، فمررنا بقبر رجل من أهل الكوفة من الشيعة ، قال : فوقف عليه(عليه السلام) فقال : اللّهمَّ ارحم غُربَتَه ، وصِل وحدته، وآنس وحشته وأَسْكِنْ إليه من رحمتك ما يستغني بها عن رحمة من سواك وأَلْحِقْهُ بمن كان يتولّاه .

7 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال : تقول : السلام عليكم من ديار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحِقُونَ .

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدائني قال: سألت أباعبد الله(عليه السلام): كيف التسليم على أهل القبور ؟ قال : تقول : السلام على أهل الدِّيار من المسلمين والمؤمنين، رحم الله المستقدمين منّا والمستأخِرينَ وإنّا إن شاء الله بكم لاحِقُونَ(3)

9 - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد قال : كنتِ يفيد، فمشيت مع علي بن بلال

ص: 219


1- أي متسمة.
2- في التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المختضرين، ح 168 ورد عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنها(عليهم السلام)كانت تأتي قبور الشهداء في كل غداة سبت ،وكذلك في الفقيه ،1 ، نفس الباب ، ح 36 .
3- الفقيه 1 ، 26 - باب التعزية والجزع عند . . . ، ح 32 بتفاوت قليل.

إلى قبر محمّد بن إسماعيل بن بزيع، فقال عليُّ بن بلال، قال لي صاحب هذا القبر(1)، عن الرِّضا(عليه السلام)قال : من أتى قبر أخيه ثمَّ وضع يده على القبر وقرأ إنّا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرّات أمِنَ يوم الفزع الأكبر أو يوم الفزع(2).

10 - أحمد بن محمّد الكوفيّ، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن مفضّل بن عمر عن أبي عبد الله(عليه السلام)؛ وعن عبد الله بن عبد الرّحمن الأصمّ، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام) : زوروا مَوْتاكم، فإنّهم يفرحون بزيارتكم، وليطلب أحدُكُم حاجَتَه عند قبر أبيه وعند قبر أمّه بما يدعو لهما .

157- باب أن الميت يزور أهْلَهُ

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: إنّ المؤمن ليزور أهله فيرى ما يحبُّ ويُسْتَرُ عنه ما يكره، وإن الكافر ليزور أهله فيرى ما يكره ويُسْتَر عنه ما يحبُّ قال : ومنهم من يزور كلَّ جمعة، ومنهم من يزور على قدر عمله .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : ما من مؤمن ولا كافر إلّا وهو يأتي أهله عند زوال الشمس، فإذا رأى أهله يعملون بالصّالحات حَمِدَ الله على ذلك، وإذا رأى الكافر أهله يعلمون بالصّالحات كانت عليه حسرة .

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن الأوّل(عليه السلام) قال: سألته عن الميّت، يزور أهله؟ قال: نعم، فقلت: في كم يزور؟ قال : في الجمعة (3)وفي الشهر وفي السنة على قدر منزلته، فقلت: في أيّ صورة يأتيهم؟ قال : في صورة طائر لطيف يسقط(4)على جُدُرِهِمْ ويُشْرف عليهم، فإن رآهم بخير فرح، وإن رآهم بشّر وحاجة حَزِنَ واغتمِّ .

ص: 220


1- أي حدتني في حياته .
2- التهذيب 6 ، 49 - باب ثواب زيارة قبور الإخوان على ...، ح 1 بتفاوت في الذيل . ويوم الفزع الأكبر : هو يوم القيامة، والترديد من الراوي
3- المراد بالجمعة - بقرينة ما بعده - الاسبوع .
4- أي يحطّ .

4 - عنه ، عن إسماعيل بن مهران ،عن دُرُست الواسطي، عن إسحاق بن عمّار، عن عبد الرحيم القصير قال : قلت له : المؤمن يزور أهله ؟ فقال : نعم يستأذن ربّه فيأذن له، فيبعث معه مَلَكَين فيأتيهم في بعض صور الطير، يقع في داره، ينظر إليهم ويسمع كلامهم.

5 - عنه ، عن محمّد بن سنان، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي الحسن الأوَّل(عليه السلام): يزور المؤمن أهله؟ فقال: نعم، فقلت في كم؟ قال : على قدر فضائلهم، منهم من يزور في كلّ يوم، ومنهم من يزور في كلّ يومين، ومنهم من يزور في كلّ ثلاثة أيّام، قال: ثمَّ رأيت في مجرى كلامه أنّه يقول : أدناهم منزلةٌ يزور كلّ جمعة، قال: قلت: في أيّ ساعة؟ قال: عند زوال الشّمس، ومثل ذلك ، قال : قلت : في أيِّ صورة ؟ قال : في صورة العصفور أو أصغر من ذلك، فيبعث الله تعالى معه مَلَكاً فيريه ما يسرُّه ويستر عنه ما يكره ، فيرى ما يسرُّه ويرجع إلى قرّة عين(1).

158- باب أن الميت يُمَثَلُ له ماله وولده وعمله قبل موته

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، وعدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ؛ والحسن بن علي، جميعاً عن أبي جميلة مفضل بن صالح، عن جابر ، عن عبد الأعلى ؛ وعلي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس، عن إبراهيم، عن عبد الأعلى ؛ عن سُوَيد بن غفلة قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إنَّ ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيّام الدنيا وأوّل يوم من أيّام الآخرة، مُثّل له مالُهُ وولدُه وعملّه، فيلتفت إلى ماله فيقول : والله إنّي كنت عليك حريصاً شحيحاً، فمالي عندك؟ فيقول: خذ منّي كَفَنَكَ ، قال : فيلتفت إلى ولده فيقول: والله إني كنت لكم محبّاً، وإنّي كنت عليكم محامياً، فماذا لي عندكم؟ فيقولون : نؤدّيك إلى حفرتك نواريك فيها ، قال : فيلتفت إلى عمله فيقول : والله إنّي كنت فيك لزاهداً، وإن كنتَ عليَّ لثقيلاً ، فماذا عندك؟ فيقول : أنا قرينُكَ في قبرك ويوم نَشْرِك ، حتّى أَعْرَضَ أنا وأنت على ربّك ، قال : فإن كان لله ولياًّ أتاه أطيبُ النّاس ريحاً ، وأحسنُهُم منظراً ، وأحسنُهُم رِياشاً(2) فقال : أبشر برَوحٍ ورَيْحان وجنّةِ نعيم، ومقدمك خير

ص: 221


1- الفقيه 1 ، 26 - باب التعزية والجزع عند . . . ، ح 41 بتفاوت قليل قوله : أدناهم منزلةً أي أقلهم أو أحَطُهُم . : في سلّم الفضائل والظاهر أنهم الأغلب أو فيه نفي للانقطاع عن الزيارة أكثر من أسبوع. وإن كان في بعض الروايات التي مرّت قد ذكر الشهر أو السنة، على قدر منزلته من الصلاح.
2- الرِياش : الأثاث الفاخر .

مقدم، فيقول له: من أنت؟ فيقول : أنا عملُكَ الصالح، ارتحل من الدُّنيا إلى الجنّة، وإنّه(1)ليعرف غاسلَه ويناشدُ حامله أن يعجّله، فإذا أُدخل قبره أتاه مَلَكا القبر يجرّان أشعارهما، ويَخُدّان(2)الأرض بأقدامهما ، أصواتهما كالرّعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف ،فيقولان له: من ربّك؟ وما دينك؟ومن نبيّك؟ فيقول : الله ربّي، وديني الإسلام، ونبيّ محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)، فيقولان له: ثبّتك الله فيما تحبُّ وترضى ؛ وهو قول الله عزّ وجلّ :﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾(3)، ثمَّ يُفْسِحان له في قبره مد بصره ، ثمَّ يفتحان له باباً إلى الجنّة، ثمَّ يقولان له: نَم قرير العين، نوم الشاب الناعم، فإنَّ الله عزّ وجلَّ يقول : ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ﴾(4)، قال : وإن كان لرّبه عدوّاً، فإنّه يأتيه أقبح من خَلَق الله زيّاً ورؤياً، وأَنْتَنه ريحاً، فيقول له أبشر بنُزُل من حميم وتصليةِ جحيم، وإنّه ليعرف غاسلَه، ويناشد حَمَلَتَهُ أن يحبسوه ، فإذا أُدخل القبر أتاه ممتحنا القبر فألقيا عنه أكفانه ثمَّ يقولان له: من ربّك وما دينك؟ ومن نبيّك؟ فيقول : لا أدري ، فيقولان : لا دَرِيتَ ولا هُدِيتَ فيضربان يافوخه(5)بمرزبة معهما ضربةً ما خلق الله عزَّ وجلَّ من دابّة إلّا وتذعر لها ما خلا الثَّقَلَين ، ثمَّ يفتحان له باباً إلى النّار، ثمَّ يقولان له : نَمْ بِشَرّ حال، فيه من الضيق مثلُ ما فيه القنا من الزُّج(6)حتّى أنَّ دماغه ليخرج من بين ظفره ولحمه، ويسلّط الله عليه حيّات الأرض وعقاربها وهوامّها فتنهشه حتّى يبعثه الله من قبره، وإنّه ليتمنّى قيام الساعة فيما هو فيه من الشرِّ.

وقال جابر : قال أبو جعفر(عليه السلام): قال النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم): إنّي كنت أنظر إلى الإبل والغنم وأنا أرعاها، وليس من نبيّ إلّا وقد رعى الغنم وكنت أنظر إليها قبل النبوَّة وهي متمكّنة في المكينة، با حولها شيء يهيّجها، حتّى تذعر فتطير ، فأقول : ما هذا ، وأعْجَبُ، حتّى حدثني جبرائيل(عليه السلام)

ص: 222


1- المقصود بالضمير: الميت
2- يَخُدّان يَشْقان.
3- سورة إبراهیم / 27 والقول الثابت : القول الحق وهو الشهادتان، كما يقول المفسرون . وفي الحياة الدنيا : أي في القبر كما ورد في الرواية
4- سورة الفرقان / 24. خير مستقراً : أي أن المؤمنين يوم القيامة خير مستقراً في منازلهم من الجنة من مستقر هؤلاء المشركين الذين يفخرون بما أوتوا من عرض الدنيا في الدنيا والآخرة وأحسن مقيلا : أي في أوقات قائلتهم في الدنيا، والقائلة والقيلولة : النوم في الظهيرة، وذكر بعض المفسرين أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس وإنهم ليقيلون في رياض الجنة حتى يفرغ الله من حساب بقية الناس.
5- المرزبة: عصى كبيرة من حديد تستعمل لتكسير الحجر.
6- الزّجّ: الحديد التي في أسفل الرمح .

أن الكافر يُضْرَبُ ضربةً ما خلق الله شيئاً إلّا سمعها ويَذْعَرُ لها إلّا الثقلَين ، فقلت : ذلك(1)لضربة الكافر، فنعوذ بالله من عذاب القبر.

2 - سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ، عن بشير الدهّان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إذا حُمِلَ عدوُّ الله إلى قبره نادى حَمَلَتْهُ : أَلَا تسمعون يا إخوَتاه إنّي أشكو إليكم ما وقع فيه أخوكم الشّقي، إنَّ عدوُّ الله خدعني فأوردني ثمَّ لم يصدرني، وأَقْسَمَ لي إنّه ناصحٌ لي ، فَغَشّني ؛ وأشكو إليكم دنيا غرَّتني حتّى إذا اطمأننت إليها صرعتني ؛ وأشكو إليكم أَخِلّاء الهوى منَّوْني ثمَّ تبرَّؤوا منّي وخذلوني ؛ وأشكو إليكم أولاداً حميت عنهم وآثرتهم على نفسي، فأكلوا مالي وأسلموني ؛ وأشكو إليكم مالاً مَتَعْتُ منه حقّ الله فكان وَبَالُهُ عَلَيَّ وكان نَفْعُهُ لغيري، وأشكو إليكم داراً أنفقت عليها حريبتي(2) وصّار ساكنها غيري، وأشكو إليكم طول الثواء(3)في قبر [ي] ينادي : أنا بيت الدُّود، أنا بيت الظُّلُمَة والوحشة والضّيق، يا إخواتاه فاحبسوني ما استطعتم، واحذورا مثل ما لقيتُ فإنّي قد بشِّرْتُ بالنّار وبالذُّلّ والصِّغار وغضب العزيز الجبّار، وآحسرتاه على ما فرَّطت في جنب الله ، ويا طول عَوْلَتاه، فما لي من شفيع يُطاع ولا صديق يرحمني ، فلو أنَّ لي كرَّةُ فأكونّ من المؤمنين .

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام)مثله ، - وزاد فيه - : فما يفتر ينادي حتّى يدخل قبره، فإذا دخل حفرته رُدَّت الرُّوح في جسده، وجاءه مَلَكًا القبر فامتحناه ؛ قال : وكان أبو جعفر(عليه السلام) يبكي إذا ذكر هذا الحديث.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عمرو بن شمّر، عن جابر قال: قال علي بن الحسين(عليه السلام): ما ندري كيف نصنع بالنّاس إن حَدَّثناهُمْ بما سمعنا من رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ضحكوا ، وإن سكتنا لم يَسَعنا، قال: فقال ضمرة بن معبد : حدَّثنا فقال : هل تدرون ما يقول عدوُّ الله إذا حُمِلَ على سريره؟ قال: فقلنا: لا، قال: فإنّه يقول لِحَمَلَتِهِ : ألا تسمعون أنّي أشكو إليكم عدوُّ الله خدعني وأوردني ثمَّ لم يصدرني، وأشكو إليكم إخواناً وَاخَيْتُهُمْ فخذلوني، وأشكو إليكم أولاداً حاميت عنهم فخذلوني ، وأشكوا إليكم داراً أنفقت فيها حريبتي فصار سُكّانها غيري فأَرفقوا بي ولا تستعجلوا ، قال : فقال : ضمرة : يا أبا الحسن، إن

ص: 223


1- ذلك : اشارة منه(صلی الله علیه وآله وسلم)إلى ما كان يلاحظ من دغر الغنم وطيرانها، مع أن ما حولها شيء يهيّجها .
2- حرية الرجل : ماله .
3- ثوى المكان وبالمكان يثوي ثواءاً وثُوِياً - وبابه مضى : أقام به على استقرار وطول لبث، فهو ثاو، والمَثوى : صدر ،ثوى أو اسم مكان منه .

كان هذا يتكلّم بهذا الكلام يوشك أن يثب على أعناق الّذين يحملونه؟ قال: فقال عليُّ بن الحسين(عليه السلام): اللّهمَّ إن كان ضمرة هزأ من حديث رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فَخُذْهُ أَخْذَةَ أَسَف(1)قال : فمكث أربعين يوماً ثمَّ مات فحضره مولى له قال : فلمّا دُفن، أتى عليُّ بن الحسين (عليه السلام)فجلس إليه فقال له : من أين جئت يا فلان؟ قال: من جنازة ضُمْرَة، فوضعتُ وجهي عليه حين سُوّي عليه(2)، فسمعت صوته، والله أعرفه كما كنت أعرفه وهو حيُّ يقول : وَيْلَكَ يا ضُمرة بن معبد، اليوم خَذَلَكَ كلُّ خليل، وصار مصيرك إلى الجحيم، فيها مسكنك ومبيتك والمقيل، قال: فقال عليُّ بن الحسين(عليه السلام): أَسأَلُ الله العافية، هذا(3)جزاء من يهزأ من حديث رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

159- باب المسألة في القبر ومَنْ يُسْأَلُ ومَنْ لا يُسْأَلُ

1 - أبو علي الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحجّال، عن ثعلبة، عن أبي بكر الحضرميِّ قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): لا يسأل في القبر إلّا من مَحَضَ الإيمان مَحْضاً أو مَحَضَ الكفر مَحْضاً، والآخرون يلهون عنهم(4).

2- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران ،عن عبد الله بن سنان ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إنّما يُسأل في قبره من مَحَضَ الإيمان مَحْضاً والكفرَ مَحْضاً ، وأمّا ما سوى ذلك فَيُلهى عنهم .

3 - أبو علي الأشعريِّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن ابن بكير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: إنّما يُسْأَل في قبره من مَحَضَ الإيمان مَحْضاً والكفرَ مَحْضاً ، وأمّا ما سوى ذلك فَيُلهي عنه .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى،عن الحسين بن سعيد، عن

ص: 224


1- أَسَف : أي غضب. وأسف : غضبان ومنه قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾. يعني : فلما أغضبونا.
2- سُوّي عليه : أي بُني عليه اللبن، أو أهيل عليه التراب.
3- وكأنه(عليه السلام)قد استكشف من ذلك أن مقالته تلك : إن كان هذا يتكلم بهذا الكلام يوشك أن يثب على أعناق الذين يحملونه، كانت مقالة استهزاء وسخرية .
4- الفقيه 1 ، 26 - باب التعزية والجزع عند ... ، ح 29 بتفاوت في الذيل. وَمَحَضَ الإيمان أو الكفر : أي أخلصها 1، فأخلص الإيمان من آية شائبة شرك، وأخلص الكفر من آية شائبة إيمان. والتلهي عن بعض الموتى هو عبارة عن اغفالهم من سؤال القبر وعدم التعرض لهم بالسؤال فيه .

النّضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن بريد بن معاوية، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام) : لا يُسْأَلُ في القبر إلّا من مَحَضَ الإيمان مَحْضاً أو مَحَضَ الكفر مَحْضاً .

5 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن هارون بن خارجة ؛ عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): يُسْألُ وهو مضغوط(1).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا ،عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أَيَفْلَتُ من ضغطة القبر أحد؟ قال : فقال : نعوذ بالله منها ،ما أقلَّ من يَفَلتُ من ضغطة القبر، إنَّ رقيّة لمّا قتلها عثمان، وقفّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)على قبرها فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه وقال للناس: «إنّي ذكرت هذه وما لَقِيَتْ، فرققت لها واستوهبتها من ضمّة القبر»، قال: فقال : اللّهمَّ هب لي رقيّة من ضمّة القبر، فوهبها الله له قال: وإنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)خرج في جنازة سعد وقد شيّعه سبعون ألف مَلَك ، فرفع رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)رأسه إلى السّماء ثمَّ قال: «مثل سعد يُضَمّ»، قال: قلت: جُعِلْتُ فداك، إنّا نحدّث أنّه كان يَسْتَخِفُ بالبول(2)، فقال: معاذ الله إنّما كان من زعارَّة(3)في خُلُقِهِ على أهله ؛ قال : فقالت أُمُّ سعد : هنيئاً لك يا سعد، قال: فقال لها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «يا أُمّ سعد، لا تُحتّمي على الله» .

7 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ، عن غالب بن عثمان، عن بشير الدّهان، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : يجيىء المَلَكَان منكر ونكير إلى الميّت حين يدفن ،أصواتهما كالرَّعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف يخطّان الأرض بأنيابهما، ويطان في شعورهما، فيسألان الميّت مَنْ رَبُّك؟ وما دينك؟ قال: فإذا كان مؤمناً قال : الله ربّي، وديني الإسلام، فيقولان له: ما تقول في هذا الرَّجل الّذي خرج بين ظهرانيكم؟(4)فيقول : أعَنْ محمّد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)تسألاني؟ فيقولان له: تشهد أنّه رسول الله، فيقول: أشهد أنّه رسول الله، فيقولان له: نم نَوْمَةَ لا حُلم فيها، ويفسح له في قبره تسعة أذرع، ويفتح له باب إلى الجنّة ويرى مقعده فيها. وإذا كان الرَّجل كافراً، دخلا عليه وأقيم الشيطان بين يديه، عيناه من نحاس، فيقولان له: مَن ربِّك؟ وما دينك؟ وما تقول في هذا الرَّجل الّذي قد خرج من بين ظهرانيكم؟ فيقول : لا أدري فيخليّان بينه وبين الشيطان فيسلّط عليه في قبره تسعة وتسعين

ص: 225


1- أي يضغط القبر عليه .
2- أي فلا يطهّر منه، أو لا يطّهر منه كما ينبغي.
3- الزعارة : شراسة الخُلُق.
4- أي بينكم وفي وسطكم .

تنّيناً ، لو أنّ تنّيناً واحداً منها نفخ في الأرض ما انبتت شجراً أبداً، ويفتح له باب إلى النّار ويرى مقعده فيها .

8 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن عبد الله بن القاسم ، عن أبي بكر الحضرميِّ قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): أَصْلَحَكَ الله ، من المسؤولون في قبورهم؟ قال : من مَحَضَ الإيمان ومن مَحَضِ الكفر ، قال : قلت : فبقيّة هذا الخلق؟ قال : يُلهى واللهِ عنهم، ما يُعْبَأ بهم ، قال : قلت : وعمَّ يُسألون؟ قال: عن الحجّة القائمة بين أظهركم، فيقال للمؤمن : ما تقول في فلان بن فلان؟ فيقول : ذاك إمامي فيقال نَم، أنام الله عينك ويفتح له باب من الجنّة، فما يزال يتحفه من رَوْحِها إلى يوم القيامة. ويقال للكافر ما تقول في فلان بن فلان؟ قال: فيقول : قد سمعت به وما أدري ما هو، فيقال له : لا دريت(1). قال : ويفتح له باب من النّار، فلا يزال يتحفه من حرّها إلى يوم القيامة.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن حديد، عن جميل، عن عمرو بن الأشعث أنّه سمع أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : يُسْأَلُ الرَّجل في قبره، فإذا أَثْبَتَ فُسح له في قبره سبعة أذرع(2)، وفُتح له باب إلى الجنّة ، وقيل :ه : نم نومة العروس قريرَ العين.

10 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إذا وُضِعَ الرَّجلُ في قبره، أتاه مَلَكان مَلَكٌ عن يمينه ومَلَكُ عن يساره، وأُقيم الشّيطان بين عينيه، عيناه من نحاس، فيقال له : كيف تقول في الرَّجل الّذي[كان] بين ظهرانيكم؟ قال : فيفزع له فزعة، فيقول إذا كان مؤمناً : أَعَنْ محمّد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)تسألاني؟ فيقولان له: نَم نومةً لا حلم فيها، ويفسح له في قبره تسعة أذرع ، ويرى مقعده من الجنّة، وهو قول الله عزّ وجلَّ :﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ ، وإذا كان كافراً قالا له : من هذا الرَّجل الّذي خرج بين ، ظهرانيكم؟ فيقول : لا أدري، فَيُخَلّيان بينه وبين الشيطان .

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ،عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)قال : يقال للمؤمن في قبره : من

ص: 226


1- الظاهر أنه دعاء عليه. ويحتمل أنه نفي لنفيه، وهو إثبات لدرايته بنبوته وجحده بها.
2- قد يكون الاختلاف الوارد في الروايات في قدر ما يفسح له في قبره من الأذرع ناشئاً من اختلاف الأشخاص من حيث الصدق والبصيرة والإيمان والأعمال.

ربُّك؟ قال : فيقول : الله ، فيقال له : ما دينك؟ فيقول : الإسلام، فيقال له : من نبيّك؟ فيقول: محمّد، فيقال : من إمامك؟ فيقول : فلان(1)، فيقال : كيف علمت بذلك؟ فيقول : أمرٌ هداني الله له وثبّتني عليه فيقال له : نَمْ نَوْمَةَ لا حُلم فيها، نومة العروس، ثمَّ يفتح له باب إلى الجنّة فيدخل عليه من رَوْحها وريحانها، فيقول : يا ربّ، عجّل قيام السّاعة لعلّي أرجع إلى أهلي ومالي ؛ ويقال : للكافر : من ربُّك؟ فيقول : الله ، فيقال: من نبيّك؟ فيقول : محمّد، فيقال: ما دينك؟ فيقول : الإسلام فيقال: من أين علمت ذلك؟ فيقول : سمعت الناس يقولون فَقُلْتُه(2)فيضربانه بمرزبة لو اجتمع عليها الثقلان الإنس والجنُّ لم يطيقوها، قال: فيذوب كما يذوب الرّصاص، ثمَّ يعيدان فيه الرّوح، فيوضع قلبه بين لوحين من نار، فيقول : يا ربّ أخر قيام السّاعة .

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إنَّ المؤمن إذا أُخرج من بيته شيّعته الملائكة إلى قبره يزدحمون عليه، حتّى إذا انتهى به إلى قبره قالت له الأرض: مرحباً بك وأهلاً، أمَا والله لقد كنتُ أحبُّ أن يمشيَ عليّ مثلُك، لَتَرَيَنَّ ما أصنَع بك، فتوسّع له مدَّ بصره، ويدخل عليه في قبره مَلَكا القبر وهما قعيد القبر منكر ونكير، فيلقيان فيه الرُّوح إلى حقويه، فيقعدانه ويسألانه فيقولان له: من ربّك؟ فيقول: الله ، فيقولان: ما دينك؟ فيقول الإسلام فيقولان ومن نبيّك؟ فيقول : محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)، فيقولان : ومن إمامك؟ فيقول : فلان، قال : فينادي مناد من السّماء : صَدَقَ عبدي، افرشوا له في قبره من الجنّة، وافتحوا له في قبره باباً إلى الجنّة والبسود من ثياب الجنّة حتّى يأتينا وما عندنا خيرٌ له، ثمَّ يقال له : نم نومة عروس، نم نومة لا حلم فيها ، قال : وإن كان كافراً خرجت الملائكة تشيّعه إلى قبره يَلعنونه، حتّى إذا انتهى به إلى قبره قالت له الأرض : لا مرحباً بك ولا أهلاً، أمَا والله لقد كنتُ أُبغض أن يمشيَ عليَّ مثلُك، لا جَرَمَ لَتَرَيَنَّ ما أصنع بك اليوم، فتضيق عليه حتّى تلتقي جوانحه(3)، قال : ثمَّ يدخل عليه مَلَكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير.

قال أبو بصير : جُعِلْتُ فداك، يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة؟ فقال: لا، قال: فيقعدانه ويلقيان فيه الرُّوح إلى حقويه فيقولان له: من ربّك؟ فَيَتَلَجْلَج(4)ويقول : قد

ص: 227


1- أي يسمّي إمام عصره(عليه السلام)الذي هو حجة الله عليه .
2- يحتمل أنه كان منافقاً في الدنيا، ويحتمل أنه كان كافراً فيقول هذه المقالة في القبر كاذباً لظنه أنه ينجيه.
3- الجوانح : الاضلاع مما يلي الصدر
4- التلجلج : التردد في الكلام .

سمعت النّاس يقولون، فيقولان له: لا دَرِيتَ، ويقولان له: ما دينك؟ فيتلجلج ، فيقولان له: لا دَرِيتَ ويقولان له: من نبيّك؟ فيقول : قد سمعت النّاس يقولون، فيقولان له: لا دَرِيتَ، ويسأل عن إمام ،زمانه ، قال : فينادي مناد من السّماء : كذب عبدي، افرشوا له في قبره من النّار، والَبِسوه من ثياب النّار، وافتحوا له باباً إلى النّار، حتّى يأتينا، وما عندنا شرٌّله، فيضربانه بمرزبة ثلاث ضربات ليس منها ضربة إلّا يتطاير قبره ناراً ، لو ضُرب بتلك المرزبة جبال تهامة(1)لكانت رميماً .

وقال أبو عبد الله(عليه السلام): ويسلّط الله عليه في قبره الحيّات تنهشه نهشاً، والشيطان يغمّه غمّاً، قال ويسمع عذابه من خَلَقَ الله إلّا الجنَّ والإنس ، قال : وإنّه ليسمع خَفْقَ نعالهم(2)ونَفْضَ أيديهم(3)، وهو قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ .

13 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن كولوم، عن أبي سعيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا دخل المؤمن قبره كانت الصّلاة عن يمينه، والزّكاة عن يساره، والبرُّيطلّ عليه(4)، ويتنحى الصبر ناحية، وإذا دخل عليه المَلَكان اللّذان يَلِيَانِ مساءلته قال الصبر للصلاة والزّكاة: دونكم صاحبكم ، فإن عجزتم عنه فأنا دونه .

14 - عليُّ بن محمّد، عن محمّد بن أحمد الخراسانيّ، عن أبيه قال: قال أب-و عبد الله(عليه السلام): إذا وضع الميّت في قبره مثّل له شخصٌ فقال له : يا هذا، كنّا ثلاثة، كان رزقك فانقطع بانقطاع أجَلِكَ ، وكان أهلك فخلِّفوك وانصرفوا عنك، وكنتُ عملَكَ فبقيتٌ معك،أَمَا إني كنتُ أهونَ الثَّلاثة عليك(5).

15 - عنه ، عن أبيه ، رفعه قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): يُسْأَلُ الميّت في قبره عن خمس : عن صلاته، وزكاته وحجّه وصيامه، وولايته إيّانا أهل البيت فتقول الولاية من جانب القبر للأربع : ما دخل فيكن من نَقْصٍ فَعَلَي تمامُهُ .

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس قال: سألته عن المصلوب ،يُعَذِّب عذاب القبر؟ قال : فقال : نعم، إنَّ الله عزَّ وجلَّ يأمر الهواء أن يَضْغَطَهُ .

ص: 228


1- تهامة: أي مكة.
2- الخفق: صوت النعل .
3- أي من تراب القير مما يكون قد علق بها .
4- أي يشرف عليه .
5- أي في الدنيا.

17 - وفي رواية أُخرى، سُئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن المصلوب، يصيبه عذاب القبر؟ فقال : إنَّ ربِّ الأرض هو ربُّ الهواء، فيوحي الله عزّ وجلَّ إلى الهواء فيضغطه ضَغْطَةً أشدُّ من ضغطة القبر.

18 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان،عن أبي بصير، عن أحدهما(عليهم السلام)قال : لمّا ماتت رقيّة ابنة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «الْحَقي بسلَفِنا الصّالح عثمان بن مظعون وأصحابه قال : وفاطمة(عليها السلام)على شفير القبر تنحدر موعها في القبر، ورسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يتلقّاه بثوبه(1)قائماً يدعو قال : إنّي لأعْرِفُ ضَعْفَها، سألت الله عزّ وجلَّ أن يُجيرها من ضَمَّة القبر .

160- باب ما ينطق به موضع القبر

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرَّحمن بن أبي هاشم، عن سالم عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ما من موضع قبر إلّا وهو ينطق كلُّ يوم ثلاث مرّات : أنا بيت التراب أنا بيت البلاء، أنا بيت الدُّود ، قال : فإذا دخله عبدٌ مؤمنٌ قال : مرحباً ،وأهلاً ، أمَا والله لقد كنتُ أحبّك وأنتَ تمشي على ظهري ، فكيف إذا دخلت َبطني فسترى ذلك، قال: فيفسح له مدَّ البصر ، ويفتح له باب يرى مقعده من الجنّة ، قال : ويخرج من ذلك رجل لم تر عيناه شيئاً قط أحسنَ منه ، فيقول(2): يا عبد الله، ما رأيتُ شيئاً قطّ أحسن منك ، فيقول : أنا رأيك الحسن الذي كنتَ عليه، وعملك الصّالح الّذي كنت تعمله، قال: ثمَّ تؤخذ روحه فتوضع في الجنّة حيث رأى منزله ، ثمَّ يقال له : نم قرير العين، فلا يزال نفحة من الجنّة تصيب جسده يجد لذتها وطيبها حتّى يُبْعَثَ ، قال : وإذا دخل الكافر قال : لا مرحباً بك ولا أهلاً، أما والله لقد كنتُ أبغضك وأنت تمشي على ظهري، فكيف إذا دخلت بطني، سترى ذلك ، قال : فتّضم عليه فتجعله رميماً، ويعاد كما كان، ويفتح له باب إلى النار فيرى مقعده من النار، ثمَّ قال : ثمَّ إنّه يخرج منه رجلٌ أقبح من رأى قطُّ ، قال : فيقول(3): يا عبدَ الله، من أنت، ما رأيت شيئاً أقبح منك ؟ قال : فيقول : أنا عملك السیّيء الّذي كنت تعمله ورأيُكَ الخبيث، قال: ثمَّ تؤخذ روحه

ص: 229


1- أي كان(صلی الله علیه وآله وسلم) يتلقى دمعه هو بثوبه فلا يسقط إلى الأرض.
2- أي الميت.
3- أي الميت .

فتوضع حيث رأى مقعده من النار، ثمَّ لم تزل نفخة من النار تصيب جسده فيجد ألمها وحرّها في جسده إلى يوم يُبْعَث، ويسّلط الله على روحه تسعة وتسعين تنّيناً تنهشه ليس فيها تنّين ينفخ على ظهر الأرض فتنبت شيئاً.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ، عن غالب بن عثمان، عن بشير الدّهان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إنَّ للقبر كلاماً في كلّ يوم ، يقول: أنا بيت الغُربة، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدُّود، أنا القبر، أنا روضة من رياض الجنّة أو حُفْرَةٌ من حُفَرِ النّار.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الرَّحمن بن حمّاد، عن عمر و بن يزيد قال : قلت : لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّي سمعتك وأنت تقول : كلُّ شيعتنا في الجنّة على ما كان فيهم ؟ قال : صدقتك، كلّهم والله في الجنّة ، قال : قلت : جُعِلْتُ فِداك ، إِنَّ الذُّنوب كثيرة كبار؟(1)فقال : أمّا في القيامة فكلّكم في الجنّة بشفاعة النبيِّ المُطاع، أو وصيِّ النبيّ ، ولكنّي والله أتخوَّفُ عليكم في البرزخ قلت : وما البرزخ ؟ قال : القبر منذ حين موته إلى یومِ القيامة .

161- باب في أرواح المؤمنين

1 - عليَّ بن محمّد، عن عليِّ بن الحسن، عن الحسين بن راشد، عن المرتجل بن معمر، عن ذريح المحاربيّ، عن عبادة الأسديّ، عن حبّة العُرَنيّ قال: خرجت مع أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى الظَّهر(2)فوقف بوادي السلام كأنّه مخاطب لأقوام، فقمت بقيامة حتّى أعيَیْتُ، ثمَّ جلست حتّى مَلَلْتُ ، ثمَّ قمت حتّى نالني مثل ما نالني أوَّلاً ، ثمَّ جلست حتّى مللتُ، ثمَّ قمت وجمعت ردائي فقلت : يا أمير المؤمنين، إنّي قد أشْفَقْتُ عليك من طول القيام، فراحةً ساعة ثمَّ طرحت الرداء ليجلس عليه فقال لي : ياحبّة، إن هو إلّا محادثة مؤمن أو مؤانسته ، قال : قلت يا أمير المؤمنين وإنّهم لكذلك، قال: نعم، ولو كُشِفَ لك لرأيتَهم حلقاً حلقاً مُحْتَبِينَ(3)يتحادثون ، فقلت : أجسام أم أرواح ؟ فقال : أرواح ، وما من مؤمن يموت في بقعة من

ص: 230


1- أي من الكبائر، فيكف يكون صاحبها من أهل الجنة؟.
2- الظهر : يعني ظهر الكوفة وهو النجف الأشرف .
3- الإحتباء : الجلوس مع رفع الركبتين مضمومتين بيديه أو ثوبه .

بقاع الأرض إلّا قيل لروحه : الحقي بوادي السّلام، وإنّها لبقعة من جنّة عَدْن .

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ، عن أحمد بن عمر رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قلت له : إنَّ أخي ببغداد وأخاف أن يموت بها؟ فقال : ما تبالي حيثما مات أمَا إنّه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها إلّا حشر الله روحه إلى وادي السّلام، قلت له وأين وادي السّلام؟ قال : ظَهْرُ الكوفة، أما إنّي كأّني بهم حَلَقٌ حَلَقٌ قعودٌ يتحدّثون(1).

162- باب آخر في أرواح المؤمنين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : جُعِلْتُ فِداك ، يَرْوُونَ أنَّ أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش ؟ فقال : لا ، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير ولكن في أبدان كأبدانهم .

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران، عن مثنى الحنّاط، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إنَّ أرواح المؤمنين لفي شجرة من الجنّة ،يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها، ويقولون : ربّنا أقِمْ الساعة لنا، وأنْجِزْ لنا ما وَعَدْتَنا، وأَلحق آخرنا بأوَّلنا .

3- سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن دُرُست بن أبي منصور، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إنَّ الأرواح في صفة الأجساد في شجرة في الجنّة تَعَارِفُ تَسَاءَل، فإذا قدمت الرُّوح على الأرواح يقول : دعوها فإنّها قد أفلتت من هَوْل عظيم ، ثمَّ يسألونها ما فعل فلان وما فعل فلان؟ فإن قالت لهم : تَرَكْتُهُ حيّاً، ارتجوه، وإن قالت لهم : قد هَلَك، قالوا : قد هوى هوى(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن أرواح المؤمنين؟ فقال: في حُجُرات في الجنّة، يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها، ويقولون : ربّنا أَقِمْ السّاعة لنا،

ص: 231


1- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 170
2- أي إلى الدركات إذ لو كان من أهل السعادة لحق بهم.

وأَنْجِز لنا ما وعدتنا، والحق آخرنا بأوَّلنا .

5 - عليُّ ، عن أبيه، عن محسن بن أحمد، عن محمّد بن حمّاد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا مات الميّت، اجتمعوا عنده يسألونه عمّن مضى وعمّن بقي ، فإن كان مات ولم يَرِدْ عليهم قالوا : قد هوى هوى، ويقول بعضهم لبعض : دعوه(1)حتّى يسكن ممّا مرَّ عليه من الموت .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، عن القاسم بن محمّد، عن الحسين بن أحمد، عن يونس بن ظبيان قال: كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام)فقال : ما يقول النّاس في أرواح المؤمنين؟ فقالت: يقولون : تكون في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): سبحان الله ، المؤمن أكرمُ على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير، يا يونس، إذا كان ذلك أتاه محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم)وعليٌ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)والملائكة المقربون(عليه السلام)، فإذا قبضه الله عزّ وجلّ صيّر تلك الرُّوح في قالب كقالبه في الدُّنيا، فيأكلون ويشربون فإذا قَدِمَ عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة الّتي كانت في الدُّنيا(2).

7 - محمّد ، عن أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة ،عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّا نتحدَّث عن أرواح المؤمنين أنّها في حواصل طيور خضر ترعى في الجنّة، وتأوي إلى قناديل تحت العرش ؟ فقال : لا ، إذاً ما هي في حواصل طير، قلت: فأين هي؟ قال: في روضة كهيئة الأجساد في الجنّة .

163- باب في أرواح الكفّار

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن أرواح المشركين؟ فقال: في النّار يُعَذِّبون، يقولون : ربنّا لا تُقِم لنا الساعة، ولا تُنْجِز لنا ما وعدتنا، ولا تلحق آخرنا بأوَّلنا.

2 - عدَّةً من أصحابنا ، عن سهل بن زياد، عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران، عن مُثَنّى،

ص: 232


1- الضمير يعود إلى الميت الوافد عليهم .
2- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح 171 .

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إنَّ أرواح الكفّار في نار جهنّم يُعْرَضون عليها يقولون : ربنّا لا تقم لنا السّاعة، ولا تنجز لنا ما وعدتنا، ولا تلحق آخرنا بأوَّلنا.

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بإسناد له قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام): سُرُّ بشر في الناّر بَرهُوت الّذي فيه أرواح الكفّار.

4 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن القّداح، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام)قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام): شرُّ ماء على وجه الأرض ماء بَرْهُوت، وهو الّذي بحَضْرَ مَوْت تَرِدُهُ هام الكفّار(1).

5- عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه ، عن النوفليِّ ، عن السكونيِّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): شرُّ اليهود يهود بيسان(2)، وشر النّصاری نصاری نجران، وخير ماء على وجه الأرض ماء زمزم وشرُّ ماء على وجه الأرض ماء برهوت ، وهو واد بحَضْرَ مَوْت يَرِدُ عليه هام الكفّار وصداهم(3).

164- باب جَنّة الدنيا

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وسهل بن زياد؛ وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ضريس الكناسي الكناسيّ قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام): إِنَّ النّاس يذكرون أنَّ فُراتنا يخرج من الجنّة، فكيف هو وهو يُقبِل من المغرب، وتصبُّ فيه العيون والأودية؟ قال : فقال أبو جعفر(عليه السلام)- وأنا أسمع - : إِنَّ الله جنّة خلقها الله في المغرب وماء فراتكم يخرج منها، وإليها تخرج أرواح المؤمنين من حُفَرهم عند كلّ مساء، فتسقط على ثمارها وتأكل منها وتتنعّم فيها، وتتلاقى وتتعارف، فإذا طلع الفجر هاجت من الجنّة فكانت في الهواء فيما بين السّماء والأرض، تطير ذاهبة وجائية، وتعهد حُفَرَها إذا طلعت الشمس، وتتلاقى في الهواء وتتعارف، قال: وإنَّ الله ناراً في المشرق، خَلَقَها لَيُسْكِنَها أرواح الكفّار، ويأكلون من زَقُومها ويشربون من حميمها ليلَهُم، فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد

ص: 233


1- هام: جمع هامة . والمقصود بهام الكفّار أبدانهم المثالية.
2- بيسان - كما في القاموس - قرية بمرو، وموضع بالشام، وقرية باليمامة .
3- الصدى - هنا - بدن الآدمي بعد موته .

باليمن يقال له : برهوت، أشدُّ حرّاً من نيران الدُّنيا، كانوا فيها يتلاقون ويتعارفون، فإذا كان المساء عادوا إلى النّار، فهم كذلك إلى يوم القيامة، قال: قلت: أَصْلَحَكَ الله ، فما حال الموحِّدين المقرِّين بنبوَّة محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)من المسلمين ،المذنبين، الّذين يموتون وليس لهم إمام ، ولا يعرفون ولايتكم ؟ فقال أمّا هؤلاء فإنّهم في حفرتهم لا يخرجون منها ، فمن كان منهم له عمل صالح ولم يظهر منه عداوة فإنّه يُخَدُّله خدُّ إلى الجنّة الّتي خلقها الله في المغرب، فيدخل عليه منها الرَّوح في حفرته إلى يوم القيامة، فيلقى الله فيحاسبه بحساناته وسيئاته ، فإمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار، فهؤلاء موقوفون لأمر الله ، قال : وكذلك يفعل الله بالمستَضْعَفينَ والبُلْه والأطفال وأولاد المسلمين الّذين لم يبلغوا الحُلُم، فأما النصّاب من أهل القبلة، فإنّهم يُخَدُّلهم خدُّ إلى النّار الّتي خلقها الله في المشرق، فيدخل عليهم منها اللّهب والشرر والدخان وفورة الحميم إلى يوم القيامة ، ثمَّ مصيرهم إلى الحميم، ثمَّ في النّار يُسْجَرون ، ثمَّ قيل لهم : أينما كنتم تَدْعُونَ من دون الله؟ أين إمامكم الّذي اتّخذتموه دون الإمام الّذي جعله الله للناس إماماً؟

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الحسين بن ميسّر قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن جنّة آدم(عليه السلام)؟ فقال : جنّة من جنان الدُّنيا تطلع فيها الشمس والقمر ، ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبداً .

165- باب الأطفال

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)ال : سألته : هل سُئل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عن الأطفال؟ فقال : قد سُئل فقال : اللهُ أَعْلَمُ بما كانوا عاملین(1).

ثمَّ قال : يا زرارة هل تدري قوله : اللهُ أعلمُ بما كانوا عاملين؟ قلت : لا ، قال : الله فيهم المشيئة إنّه إذا كان يوم القيامة جمع الله عزَّ وجلَّ الأطفال، والّذي مات من النّاس في الفترة(2)، والشيخ الكبير الّذي أدرك النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)وهو لا يعقل، والأصمّ والأبكم الّذي لا يعقل، والمجنون والأبله الّذي لا يعقل، وكلُّ واحد منهم يحتجُّ على الله عزَّ وجلَّ، فيبعث الله إليهم مَلَكاً من

ص: 234


1- مر هذا ذیل حدیث برقم 4 من الباب 144 من هذا الجزء وسوف يكرره برقم 3 من هذا الباب أيضاً وأن بتفاوت . وقد أورد الصدوق رحمه الله عدة روايات بهذا المضمون في الباب 151 - باب حال من يموت من أطفال المشركين والكفّار فراجع .
2- الفَتْرَة : هي الزمن الذي يفصل بين موت نبي وإرسال نبي آخر.

الملائكة فيؤجّج لهم ناراً ، ثمَّ يبعث الله إليهم مَلَكاً فيقول لهم : إنَّ ربّكم يأمركم أن تَثبوا فيها، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً وأدخل الجنّة، ومن تخلّف عنها دخل النّار(1)

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن غير واحد رفعوه، إنّه سئل عن الأطفال فقال : إذا كان يوم القيامة، جمعهم الله وأجّج لهم ناراً وأمرهم أن يطرحوا أنفسهم فيها، فمن كان في علم الله عزَّ وجلَّ أنّه سعيد رمى بنفسه فيها، وكانت عليه برداً وسلاماً، ومن كان في علمه أنه شقيُّ امتنع ، فيأمر الله بهم إلى النّار ، فيقولون : يا ربّنا تأمر بنا إلى النّار ولم تُجْرِ علينا القلم؟ فيقول الجبّار : قد أمرتكم مشافهة فلم تطيعوني، فكيف ولو أرسلت رسلي بالغيب إليكم .

وفي حديث آخر: أمّا أطفال المؤمنين فيلحقون بآبائهم، وأولاد المشركين يلحقون بآبائهم، وهو قول الله عزَّ وجلَّ :﴿ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ (2)

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبيّ، عن ابن مسكان، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الولدان؟ فقال : سئل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عن الولدان والأطفال، فقال : الله أعْلَمُ بما كانوا عاملين(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة ، عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): ما تقول في الأطفال الّذين ماتوا قبل أن يبلغوا ؟ فقال : سئل عنهم

ص: 235


1- روى ذيل هذا الحديث بتفاوت في الفقيه 1 ، 151 - باب حال من يموت من أطفال . . . ، ح 4. وقال رحمه الله بعد ایراده الحديث كلاماً ظاهره وبقرنية قوله : متى أمروا يوم القيامة ... الخ ، أن المشركين والكفار يعذبون في عالم البرزخ بالنار أيضاً . أنه لم يتبت هذا، وكل ما ورد ما تعرض له القرآن الكريم في سورة غافر/ 46 : ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾فقد دلت بعض الروايات الواردة أن ما يحصل في البرزخ هو العرض على النار ، بمعنى أن الميت يعرض عليه مقعده يوم القيامة من الجنة أو النار بالغداة والعشي. والذي يؤيد هذا - كما ورد في بعض الروايات أنه يوم القيامة لا غداة ولا عشي، وأنهم إذا كانوا يعذبون في النار في الغداة والعشي فهم ما بين ذلك من السعداء. ثم أن ذيل الآية يدل بصراحة على أن الإدخال للنار إنما يتم يوم القيامة. لا في عالم البرزخ .
2- سورة الطور 23 وقبل هذا قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ ﴾ ... الآية قال الشيخ الطبرسي (رحمة الله) في تفسير هذه الآية في مجمع البيان المجلد الخامس ص / 165 : يعني بالذرية أولادهم الصغار والكبار ، لأن الكبار يتبعون الآباء بإيمان منهم، والصغار يتبعون الآباء بإيمان من الآباء فالولد يحكم له بالإسلام تبعاً لوالده . واتبع بمعنى تبع ... وقيل الإتباع : الحاق الثاني بالأول في معنى يكون الأول عليه، لأنه لو الحق به من غير أن يكون في معنى هو عليه لم يكن إتباعاً وكان الحاقا والمعنى: أنا نلحق الأولاد بالآباء في الجنة والدرجة من أجل إيمان الآباء لتقرّ أعين الآباء باجتماعهم معهم في الجنة كما كانت تقربهم في الدنيا . . . .».
3- انظر رقم 1 من هذا الباب.

رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين ؛ ثمَّ أقبل عليُّ فقال : يا رزارة هل تدري ما عنى بذلك رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ قال : قلت: لا، فقال : إنّما عَنَى : كُفّوا عنهم ولا تقولوا فيهم شيئاً، وردّوا علمهم إلى الله .

5- عدُّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عميرة، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ قال : فقال : قصرت الأبناء عن عمل الآباء فالحقوا الأبناء بالآباء لتقرَّ بذلك أعينهم(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه سئل عمّن مات في الفَترَة، وعمّن لم يدرك الحَنْث (2)، والمعتوه(3)؟ فقال : يحتجُّ الله عليهم، يرفع لهم ناراً فيقول لهم: ادخلوها، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، ومن أبى قال: ها أنتم قد أمرتكم فعصيتموني .

7 - وبهذا الإسناد قال : ثلاثة يحتجّ عليهم، الأبكم(4)، والطفل، ومن مات في الفترة فترفع لهم نار فيقال لهم ادخلوها، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، ومن أبى قال تبارك وتعالى : هذا قد أمرتكم فعصيتموني .

166- باب النوادر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن نوح بن شعيب، عن شهاب بن عبد ربّه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن الجُنُب يغسل الميت؟ أو مَنْ غسل ميّتاً له أن يأتي أهله ثم يغتسل ؟ فقال : سواء، لا بأس بذلك، إذا كان جُنُباً غسل يده وتوضّأ وغسّل الميّت، فإن غسّل ميّتاً ثمّ توضّأ ثمَّ أتى أهله يجزيه غسل واحد لَهُما (5)

ص: 236


1- الفقيه 1، 150 - باب حال من يموت من أطفال المؤمنين، ح 3 وأخرجه عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله(عليه السلام).
2- في القاموس : الحنث الأثم والذنب والمقصود من لم يوضع عليه قلم التكليف بَعدُ.
3- المعتوه: - كما في القاموس - المغلوب على عقله .
4- المقصود به الأخرس الذي جمع إلى خَرَسِهِ الصَّمَم أيضاً .
5- التهذيب 1، 23 - باب تلقين المحتضرين ، ح 95 بتفاوت يسير . ويدل الحديثّ على جواز أن يغسّل الجنب الميت، خلافاً للجعفي كما نقل عنه الشهيد الأول في الدروس. كما دل الحديث على استحباب الوضوء للجنب عند تغسيله للميت، واستحباب الوضوء لمن أراد الجماع وعليه غسل المسّ.

2 - عليُّ ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إنَّ الميّت إذا حضره الموت، أوْثَقَهُ مَلَكَ الموت، ولولا ذلك ما استقرُّ(1).

3 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن أبي محمّد الهذليّ، عن إبراهيم بن خالد القطّان، عن محمّد بن منصور الصّيقل، عن أبيه قال: شكوت إلى أبي عبد الله(عليه السلام)وَجْداً(2)وجدته علي ابن لي هلك، حتّى خِفْتُ على عقلي ، فقال : إذا أصابك من هذا شيء فأَفِضْ من دموعك فإنّه يسكن عنك .

4 - عليّ بن إبراهيم رفعه قال : لمّا مات ذرّ بن أبي ذرّ، مسح أبو ذرّ القبر بيده ثمَّ قال : رحمك الله يا ذرّ، والله إن كنتَ بي بارًّا ، ولقد قُبِضَتَ وإنّي عنك لَرَاضِ ، أما والله ما بي فقدك وما عليَّ من غضاضة(3)، وما لي إلى أحد سوى الله من حاجة، ولولا هول المطّلَع(4)لسرَّني أن أكون مكانك ، ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك، والله ما بكيت لك ولكن بكيت عنك، فليت شَعْري(5)ماذا قلت وماذا قيل لك ، ثمَّ قال : اللّهمَّ إنّي قد وهبت له ما افترضتَ عليه من حقّي ، فَهَبْ له ما افترضتَ عليه من حقّك، فأنت أحقّ بالجود منّي .

5 - عدَّةُ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عثمان بن عيسى، عن عدَّة من أصحابنا قال : لمّا قُبِضَ أبو جعفر(عليه السلام)، أمر أبو عبد الله (عليه السلام)بالسّراج في البيت الّذي كان يسكنه حتّى قُبِضَ أبو عبد الله(عليه السلام)، ثمَّ أمر أبو الحسن(عليه السلام)بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله (عليه السلام)حتّى خُرِجَ به إلى العراق، ثمَّ لا أدري ما كان(6).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن أوَّل من جعل له النّعش ؟ فقال : فاطمة(عليها السلام)(7).

ص: 237


1- والإيثاق : إما على نحو الحقيقة وإن كنا لم نره، أو على نحو المجاز، بمعنى سلب قدرته على الحركة عند معاينة مَلَك الموت . والحديث ضعيف على المشهور.
2- الوَجْد - هنا - الحزن .
3- ما بي فقدُك : أي ما أوقع بي فقدُك مكروهاً. والغضاضة : المنقصة .
4- في النهاية : يريد به الموقف يوم القيامة، أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت، فشبه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال.
5- فليت شعري : أي علمي .
6- التهذيب 1 ، 13 - باب تلقين المحتضرين و ...، ح 11 بتفاوت يسير الفقيه 1 ، 24 - باب المس، ح 48 بتفاوت يسير أيضاً . يدل على استحباب الإسراج في بيوت وفاة الأئمة(عليهم السلام) بل مشاهدهم بالطريق الأولى، وأما بيوت وفاة غيرهم ففيه إشكال لظهور الاختصاص .... مرآة المجلسي 238/14 .
7- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين ، ح 184 وفي ذيله : فاطمة بنت رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم). الفقيه 1 ، 27 -باب النوادر (آخر كتاب الجنائز) ح 39 بتفاوت . هذا وقد أورد المجلسي رحمه الله في كتاب البحار روايات كثيرة ورد في بعضها أن الملائكة علمت فاطمة(عليها السلام)النعش وصوّرته لها .

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سئل عن الميّت، يبلى جسده؟ قال: نعم، حتّى لا يبقى له لحم ولا عظم إلپا طينته الّتي خُلق منها ، فإنّها لا تبلى، تبقى في القبر مستديرة حتّى يُخْلَقَ منها كما خُلِقَ أَوَّل مرَّة(1).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وأحمد بن محمّد الكوفي، عن بعض أصحابه، عن صَفوان بن يحيى، عن يزيد بن خليفة الخولانيّ وهو يزيد بن خليفة الحارثيّ قال: سأل عيسى بن عبد الله أبا عبد الله(عليه السلام)وأنا حاضرٌ فقال : تخرج النّساء إلى الجنازة؟ وكان(عليه السلام)متّكئاً فاستوى جالساً ثمَّ قال : إِنَّ الفاسق عليه لعنة الله ، آوى عمّه المغيرة بن أبي العاص - وكان ممّن هدر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)دمه - فقال لابنة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): لا تخبري أباك بمكانه ، كأنّه لا يوقن أنَّ الوحي يأتي محمّداً ، فقالت: ما كنت لأكْتُمَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عدوَّه، فجعله بين مِشْجَب(2)له ولحّفه بقطيفة، فأتى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الوحيُ فأخبره بمكانه، فبعث إليه عليّاً (عليه السلام)وقال : «اشتمل على سيفك انت بيت ابنة ابن عمّك، فإن ظفرت بالمغيرة فاقتله»، فأتى البيت، فجال فيه فلم يظفر به، فرجع إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فأخبره فقال : يا رسول الله لم أره ، فقال : «إنَّ الوحي قد أتاني فأخبرني أنّه في المِشْجَب».

ودخل عثمان بعد خروج عليُّ(عليه السلام)فأخذ بيد عمّه فأتى به [إلى] النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)، فلمّا رآه أكبّ عليه، ولم يلتفت إليه، وكان نبيُّ الله (صلی الله علیه وآله وسلم)حيّياً كريماً فقال : يا رسول الله هذا عمّي ، هذا المغيرة بن أبي العاص وفد، والّذي بعثك بالحقّ ،آمنته قال أبو عبد الله(عليه السلام): وكذب، والّذي بعثه بالحقّ ما ،آمنه فأعادها ثلاثاً، وأعادها أبو عبد الله(عليه السلام)ثلاثاً، أنّى آمَنَه، إلّا أنّه يأتيه عن يمينه ثمَّ يأتيه عن يساره، فلمّا كان في الرَّابعة، رفع رأسه إليه فقال له : قد جَعَلْتُ لك ثلاثاً (3)، فإن قدرت عليه بعد ثالثة قتلته، فلمّا أدبر ، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «اللّهمَّ العن المغيرة بن أبي العاص، والعن من يؤويه ، والعن من يحمله والعن من يطعمه والعن من يسقيه والعن من يجهّزه، والعن من يعطيه سقاءً أو حذاءً أو رشاء أو وعاء»، وهو يعدهنَّ بیمینه، وانطلق به عثمان

ص: 238


1- وفي الحديث دلالة على أن المعاد يكون بالجسم أيضاً
2- المشجب : - كما في النهاية - عيدان تضم رؤوسها وتفرج بين قوائمها وتضع عليها الثياب، وقد تعلّق عليه الأداوة لتبريد الماء . .
3- يعني ثلاث ليال .

فآواه وأطعمه وسقاه وحمله وجهّزه، حتّى فعل جميع ما لعن عليه النّبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)من يفعله به، ثمَّ أخرجه في اليوم الرَّابع يسوقه، فلم يخرج من أبيات المدينة حتّى أعطب الله راحلته، ونقب حذاه وورمت قدماه فاستعان بيديه وركبتيه، وأثقله جهازه حتّى وجس(1)به، فأتى شجرة فاستظلَّ بها ، لو أتاها بعضكم ما أبهره ذلك(2)، فأتى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الوحيُ فأخبره بذلك، فدعا عليّاً(عليه السلام)فقال: «خذ سيفك وانطلق أنت وعمّار وثالث لهم، فأتِ المغيرة بن أبي العاص تحت شجرة كذا وكذا، فأتاه عليُّ(عليه السلام)فقتله، فضرب عثمان بنت رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وقال : أنت أخبرت أباك بمكانه، فبعثت إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)تشكو ما لقيت فأرسل إليها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)اقني حياءك (3)ما أقبح بالمرأة ذات حسب ودين في كلِّ يوم تشكو زوجها، فأرسلت إليه مرَّات ، كلّ ذلك يقول لها ذلك، فلمّا كان في الرّابعة، دعا عليّاً(عليه السلام)وقال : خذ سيفك واشتَمِلْ عليه ، ثمَّ ائت بيت ابنة ابن عمك فخذ بيدها، فإن حال بينك وبينها أحدٌ فاحْطِمهُ(4)بالسّيف، وأقبل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كالواله من منزله إلى دار عثمان، فأخرج عليُّ(عليه السلام)ابنة رسول الله ، فلمّا نظرت إليه رفعت صوتها بالبكاء واستعبر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وبكى، ثمَّ أدخلها منزله، وكشفت عن ظهرها ، فلمّا أن رأى ما بظهرها قال ثلاث مرَّات :ما له قتلك، قتله الله ، وكان ذلك يوم الأحد، وبات عثمان ملتحفاً بجاريتها، فمكث الإثنين والثّلاثاء وماتت في اليوم الرّابع،فلمّا حضر أن يخرج بها، أمر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فاطمة(عليها السلام)فخرجت نساء المؤمنين معها، وخرج عثمان يشيّع جنازتها ، فلمّا نظر إليه النّبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم)قال :« من أطاف البارحة بأهله أو بفتاته فلا يتبعنّ جنازتها» ، قال ذلك ثلاثاً، فلم ينصرف، فلمّا كان في الرّابعة قال : لينصرفنّ أو لأُسمّينّ باسمه، فأقبل عثمان متوكّئاً على مولى له ممسك ببطنه فقال : يا رسول الله إنّي أشتكي بطني ، فإن رأيتَ أن تأذن لي أنصرف، قال انصرف، وخرجت فاطمة(عليه السلام)ونساء المؤمنين والمهاجرين فصلَّينَ على الجنازة(5)

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال :

ص: 239


1- الوجس: الفزع ، أي خاف الموت على نفسه، أو خيف عليه الموت .
2- «كلمة (ما) نافية، والبهرة : تتابع النفس للإعياء، أي لم يمش مكاناً بعيداً مع هذه المشقة التي تحملها ، بل ذهب إلى مكان لو أتاه بعضكم من المدينة ماشيا لم يحصل له إعياء ،وتعب فأعجزه الله في هذه المسافة القليلة مع العدة التي أعدّها له عثمان بإعجاز النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)»مرآة المجلسي 246/14 .
3- أي الزمي حياءَك.
4- أي : اكسِرْهُ .
5- أشار إلى القصة مع إيراد جزء من صدره وذيله بتفاوت في التهذيب 3 ، 32 - باب الصلاة على الأموات ، ح 69 . وكذلك في الاستبصار 1 ، 301 - باب الصلاة على جنازة معها امرأة ح 1 . هذا، والحديث مجهول.

إذا أعدّ الرَّجل كَفَنَهُ فهو مأجور كلّما نظر إليه .

10 - وبهذا الإسناد : أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام)اشتكى عينه، فعاده النّبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم)فإذا هو يصيح ، فقال النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم) : «أجَزَعاً أم وجعاً»؟ فقال: يا رسول الله، ما وجعت وجعاً قطّ أشدُّ منه، فقال: «يا عليُّ، إنَّ ملك الموت إذا نزل لقبض روح الكافر، نزل معه سفّود من نار فينزع روحه به فتصیح جهنّم»، فاستوى عليُّ(عليه السلام)جالساً فقال : يا رسول الله ، أعِدْ عَلَيَّ حديثك، فلقدأنساني وجعي ما قلت ، ثمَّ قال : هل يصيب ذلك أحداً من أُمّتك ؟ قال : نعم حاكم جائر، وأكل مال اليتيم ظُلْماً ، وشاهد زُور(1).

11 - وبهذا الإسناد عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم): «مستريح ومستراح منه ، أمّا المستريح فالعبد الصّالح ، استراح من غمِّ الدُّنيا وما كان فيه من العبادة إلى الرَّاحة ونعيم الآخرة، وأمّا المستراح منه فالفاجر، يستريح منه الملكان اللّذان يحفظان عليه، ،وخادمُهُ ،وأهلُه ، والأرض الّتي كان يمشي عليها»(2).

12 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا أعدّ الرَّجل كفنه، فهو مأجور كلّما نظر إليه(3).

13 - سهل بن زياد؛ وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب قال : سمعت أبا الحسن الأوَّل(عليه السلام)يقول : إذا مات المؤمن، بكت عليه الملائكة، وبقاعُ الأرض الّتي كان يعبد الله عليها، وأبواب السّماء التّي كان يصعد أعماله فيها، وتُلِمَ ثَلْمَةٌ الإسلام لا يسدُّها شيء، لأنَّ المؤمنين حصون الإسلام كحصون سور المدينة لها(4).

14 - سهل بن زياد عن محمّد بن علي، عن إسماعيل بن يسار، عن عمرو بن يزيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا حضر الميّت أربعون رجلاً فقالوا : اللّهمَّ إنّا لا نعلم منه إلّا خيراً . قال الله عزَّ وجلَّ : قد قبلتُ شهادتكم، وغفرتُ له ما علمتُ ممّا لا تعلمون(5).

ص: 240


1- التهذيب ،6 ، 87 - باب من إليه الحكم و. إليه الحكم و...، ح 29 بتفاوت. وقوله(صلی الله علیه وآله وسلم): أجَزَعاً أم وجعاً: أي أن صياحك هو من عدم الصبر على الألم أو من شدته. والنتيجة واحدة والحديث ضعيف على المشهور.
2- أي الأرض التي لو كان لها إحساس لتأذت بمشيه عليها. فالاستعمال مجازي .
3- مر بعينه متناً وسنداً برقم 9 من هذا الباب ودل على استحباب إعداد الكفن ومداومة النظر إليه، ربما لأنه يذكر بالموت فينشط صاحبه للاستعداد له بالعمل الصالح .
4- روى صدره مرسلا بتفاوت في الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت، ح 39 والمراد ببكاء البقاع والأبواب بكاء أهلها ، أو البكاء التقديري ، أو هو كتابة عن تعطلها وذهاب آثاره عنها وظور آثار موته عليها .... والثَّلْمَةَ، الخلل الواقع في الحائط وغيره، والجمع : تلم، ولعل المراد بالحصن أجزاؤه وبروجه». مرآة المجلسي 248/14 .
5- ) الفقيه 1 25 - باب الصلاة على الميت، ح 19 بتفاوت وأخرجه عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام)، بدل :عمرو بن يزيد .... ونفي علمهم منه إلا خيراً، ظاهره الأعم من الصلاة ويدل على استحباب ذكر الميت المؤمن بخير وإن علم منه الشر. والحديث ضعيف على المشهور.

15 - سهل، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عامر بن عبد الله قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : كان على قبر إبراهيم بن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عِذْقٌ يظله من الشّمس، يدور حيث دارت الشّمس، فلمّا يبس العذق، درس القبر فلم يعلم مكانه (1).

16 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: كان البَراء بن معرور التّميميّ الأنصاري بالمدينة، وكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بمكة، وإنّه حضره الموت، وكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)والمسلمون يصلّون إلى بيت المقدس، فأوصى البراء إذا دُفِنَ أن يُجْعَل وجهه إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إلى القبلة ، فَجَرَت به السنّة، وأنّه أوصى بثلث ماله، فنزل به الکتاب وجرت به السنّة .

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : جاء جبرائيل إلى النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : يا محمّد، عش ما شئت(2)فإنك ميّت، وأَحْبِبْ من شئت فإنّك مفارقه، واعمل ما شئت فإنّك لاقيه .

18 - ابن أبي عمير، عن أيوب، عن أبي عبيدة قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): حَدَّثْني ما أنتفع به، فقال : يا أبا عبيدة أكثر ذِكْرَ الموت فإنّه لم يُكثر ذِكْرَه إنسان إلّا زهد في الدُّنيا(3).

19 - ابن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن عن داود الأبزاريّ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : مناد ينادي في كلّ يوم: ابن آدم لِدْ للموت واجمع للفناء وابنِ للخراب(4).

: 20 - ابن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة ،عن أبي بصير قال : شكوت إلى أبي

ص: 241


1- الفقيه 3، 150 - باب حال من يموت من أطفال المؤمنين ، ح 6 بتفاوت . والعِذق : - كما في القاموس المحيط - القنو، أي الكباسة من النخلة، والعنقود من العنب، أو إذا أكل ما عليه، جمع أعذاق وعذوق، وكل غصن له شُعَب.
2- «شبيه بأمر التسوية، والحاصل أنه ليس الغرض منه الأمر، بل مساواة أنواع العيش في انتهائها إلى الموت وعدم بقاء اللذات والآلام وانصرامها جميعاً، وكذا قوله : واعمل ما شئت أي أعمال الخير والشر مساوية في كونها مستعقبة للجزاء، وحملها على التهديد لا يناسب رفعة شأن المأمور(صلی الله علیه وآله وسلم) ، إلا أن يقال : المخاطب بها حقيقة ، الأمة »مرآة المجلسي 250/14 .
3- ويدل على استحباب كثرة ذكر الموت والحديث حَسَنٌ.
4- اللام - في الجميع - لام العاقبة، والحديث مجهول.

عبد الله(عليه السلام)الوسواس، فقال : يا أبا محمّد، أُذكر تقطّع أوصالك في قبرك، ورجوع أحبابك عنك إذا دفنوك في حفرتك، وخروج بنات الماء(1)من مِنْخَرَيك ، وأكل الدُّود لحمك ، فإنَّ ذلك يسلّي عنك ما أنت فيه، قال أبو بصير : فوالله ما ذكرته إلّا سلّى عنّي ما أنا فيه من همِّ الدُّنيا .

21 - أبو علي الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقبة، عن أسباط بن سالم مولى أبَان قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك يعلم مَلَكُ الموت ، بقبض من يقبض ؟(2)قال : لا ، إنّما هي صِكاك(3)تنزل من السّماء إقْبِضْ نفس فلان ابن فلان .

22 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): ما من أهل بيت شعر ولا وَبَر(4)إلّا ومَلَكُ الموت يتصفّحهم(5) في كلّ يوم خَمْسَ مرَّات(6).

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من كان معه كفنه في بيته لم يُكتب من الغافلين، وكان مأجوراً كلّما نظر إليه(7).

24 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن المفضّل بن صالح، عن زيد الشحّام قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن مَلَك الموت ، يقال: الأرض بين يديه كالقصعة ،يمدُّ يده منها حيث يشاء؟(8)قال : نعم .

25 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا قال : حدِّثني يعقوب الأحمر قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) نُعزّيه بإسماعيل ، فترحَّم عليه ثمَّ قال : إنَّ الله عزَّ وجلَّ نعى إلى نبيّه(صلی الله علیه وآله وسلم)نفسه فقال : ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾(9)، وقال :﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾(10)، ثمَّ أنشأ يحدِّث فقال : إنّه يموت

ص: 242


1- بنات الماء: الديدان التي تتولد من الرطوبات والمراد بالوسواس : هم الدنيا كما سوف يشير إليه في نهاية الحديث. والحديث ضعيف على المشهور.
2- أي قبل حلول الأجل .
3- الصكاك : - جمع الصّكّ، وهو الكتاب. والحديث مجهول.
4- لعل الأصح : ولا مَدَر، لتصحّ المقابلة مع الشّعر.
5- صفّح القوم : عرضهم واحداً واحداً .
6- الظاهر أنه يكون في أوقات الصلوات الخمس كما ورد في بعض الروايات
7- التهذيب 1 ، 23 - باب تلقين المحتضرين، ح97 .
8- أي بإذنه تعالى والحديث ضعيف.
9- سورة الزمر / 30 .
10- سورة آل عمران/ 185

أهل الأرض حتّى لا يبقى أحد ، ثمَّ يموت أهل السماء، حتّى لا يبقى أحدٌ إِلَّا مَلَكُ الموت وحَمَلة العرش وجبرائيل وميكائيل(عليه السلام)، قال : فيجيء مَلَكُ الموت(عليه السلام)حتى يقوم بين يدي الله عزَّ وجلَّ فيقال له : من بقي ؟ - وهو أعلم ، فيقول : يا ربِّ لم يبق إلّا مَلَكُ الموت وحَمَلَةٌ العرش وجبرائيل وميكائيل(عليه السلام)، فيقال له : قل لجبرائيل وميكائيل فليمونا، فتقول الملائكة عند ذلك : يا ربِّ ، رسولَيك وأمينيك؟ فيقول : إنّي قد قضيت على كلِّ نفس فيها الرُّوح الموتَ، ثمَّ يجيء ملك الموت حتّى يقفَ بين يَدَي الله عزَّ وجل فيقال له: من بقي ؟- وهو أعلم-، فيقول: يا ربِّ، لم يبق إلّا مَلَك الموت وحَمَلَةٌ العرش، فيقول : قل لحملة العرش فليموتوا ، قال : ثمَّ يجيء كثيباً حزيناً لا يرفع طرفه ، فيقال : من بقي ؟ فيقول : يا ربِّ لم يبق إلّا مَلَكُ الموت، فيقال له : مُتْ يا مَلَكَ الموت، فيموت، ثمَّ يأخذ الأرض بيمينه والسّماوات بيمينه(1)، ويقول: أين الّذين كانوا يدعون معي شريكاً، أين الّذين كانوا يجعلون معي إلهاً آخر؟

26 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن مفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «أخبرني جبرائيل(عليه السلام)أنَّ مَلَكاً ملائكة من الله كانت له عند الله عزَّ وجلَّ منزلةٌ عظيمة، فتعتّب عليه(2)فأهْبِطَ من السّماء إلى الأرض، فأتى إدريس(عليه السلام)فقال : إنَّ لك من الله منزلة فاشفع لي عند ربّك، فصلّى(3)ثلاث ليال لا يفتر، وصام أيّامها لا يفطر ، ثمَّ طلب إلى الله تعالى في السِّحَر في المَلَك ، فقال المَلَك، إنّك قد أعطيتَ سُؤلَكَ، وقد أُطلق لي جناحي، وأنا أحب أن أُكافيك، فاطلب إليَّ حاجة، فقال : تريني مَلَك الموت لعليّ أنس به فإنّه ليس يهنئني مع ذِكْرِهِ شيء، فبسط جناحه ثمَّ قال : اركب، فصعد به يطلب مَلَك الموت في السّماء الدُّنيا، فقيل له : اصعد قاستقبله بين السّماء الرَّابعة والخامسة، فقال المَلَك: يا مَلَكَ الموت، ما لي أراك قاطباً؟(4)قال : العجب، إنّي تحت ظلّ العرش حيث أُمرت أن أَقبِضَ روح آدميّ بين السّماء الرابعة والخامسة، فسمع

ص: 243


1- إشارة إلى قوله تعالى في سورة الزمر /67: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ . يقول الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان عند تفسيره الآية : «أخبر الله سبحانه عن كمال قدرته، فذكر أن الأرض كلها مع عظمتها في مقدوره كالشيء الذي يقبض عليه القابض بكفّه فيكون في قبضته، وهذا تفهيم لنا على عادة التخاطب فيما بيننا ، وكذا قوله والسماوات مطويات ،بيمينه أي يطوبها بقدرته كما يطوي أحد منا الشيء المقدور له كطيه بيمينه وذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار ... الخ» . هذا، والحديث صحيح.
2- أي وَجَدَ عليه .
3- أي إدريس(عليه السلام) .
4- يعني عابساً متجهماً.

إدريس(عليه السلام)فامعتض(1)، فخرَّ من جناح المَلَك فقبض روحه مكانه، وقال الله عزّ وجلَّ:

﴿ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴾ (2).

27 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن النّعمان، عن ابن مسكان، عن داود بن فَرْقَد [أبي يزيد]، عن ابن أبي شيبة الزُّهريّ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «الموت الموت(3)، ألّا ولا بدَّ من الموت، جاء الموت بما فيه، جاء بالرَّوح والرَّاحة والكرَّة المباركة(4)إلى جنّة عالية، لأهل دار الخلود، الّذين كان لها سعيهم، وفيها رغبتهم، وجاء الموت بما فيه بالشَّقوة والنّدامة وبالكرَّة الخاسرة إلى نار حامية لأهل دار الغرور، الّذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم ، ثمَّ قال : وقال : إذا استحقّت ولاية الله والسّعادة جاء الأجل بين العينين(5)وذهب الأمل وراء الظّهر(6)، وإذا استحقّت ولاية الشّيطان والشّقاوة، جاء الأمل بين العينين، وذهب الأجل وراء الظّهر(7)، قال : وسئل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): أيّ المؤمنين أكْيَس؟ فقال: «أكثرهم ذكراً للموت، وأشدُّهم له استعداداً» .

28 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة قال : سمعت علي بن الحسين(عليه السلام)يقول : عَجَبٌ كلَّ العَجَب لمن أنكر الموت(8)وهو يرى من يموت كلُّ يوم وليلة، والعجب كلُّ العجب لمن أنكر النّشأة الأخرى وهو يرى النّشأة الأُولى(9).

29 - محمّد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن فَضالة بن أيّوب، عن سعدان، عن عجلان أبي صالح قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): يا أبا صالح ، إذا أنت حَمَلْتَ جنازة فكن كأنّك أنت المحمول وكأنك سألت ربِّك الرُّجوع إلى الدُّنيا ففعل، فانظر

ص: 244


1- معض من الأمر وامتَعَضَ : غضب وشَقّ عليه .
2- سورة مريم / 57 وقال الطبرسي رحمه الله عند تفسيره للآية : أي عالياً رفيعاً، وقيل: إنه رفع إلى السماء الرابعة، وقيل: إلى السادسة، وقال مجاهد : رفع إدريس كما رفع عيسى وهو حي لم يمت، وقال آخرون : إنه قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة وروي ذلك عن أبي جعفر(عليه السلام) . وقيل : إن معناه : رفعناه محله ومرتبته في الرسالة كقوله تعالى : ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ ولم يرد به رفعة المكان هذا والحديث ضعيف.
3- أي احذروا الموت الموت.
4- أي الرجعة المباركة
5- كناية عن تذكر الموت وذهاب الأمل .
6- كناية عن ترك الرغبة في الدنيا .
7- هذا بعكس الكناية في الموضعين السابقين أعلاه. والحديث مجهول.
8- لما كان الموت حقيقة بديهية لا يمكن إنكارها ، كان المراد بإنكاره هنا الغفلة عنه نتيجة الغوص في الدنيا وحطامها وشهواتها بحيث يطول أمله فنيسيه الآخرة.
9- لأن إذعانه للنشأة الأولى وهي من لا شيء تقتضي بطريق أولى إذعانه للبعث والنشور وهو إعادة تركيب الأجزاء وضمها بعضها إلى بعض وهي أهون من تلك .

ماذا تستأنف ، قال : ثمَّ قال : عَجَبٌ لقوم حُبِس أوَّلهم عن آخرهم(1)ثمَّ نودي فيهم الرَّحيل وهم يلعبون .

30 - عنه ، عن فضالة، عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ما أنزل الموت حقٌّ منزلته من عدِّ غداً من أجّلَه(2)، قال : وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): ما أطال عبد الأمل إلّا أساء العمل، وكان يقول : لو رأى العبد أجله وسرعته إليه، لأبْغَضَ العمل من طلب الدُّنيا(3).

31 - محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن شمر، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : سألته عن لحظة ملك الموت؟(4)قال : أما رأيت النّاس يكونون جلوساً فتعتريهم السّكتة فما يتكلّم أحدٌ منهم، فتلك لحظة مَلَك الموت حيث يلحظهم .

32 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى :﴿ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ﴾ (5)قال : فإنّ ذلك ابن آدم إذا حل به الموت قال هل من طبيب؟ إنّه الفراق . أيقن بمفارقة الأحبّة، قال: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ﴾(6)التّفت الدُّنيا بالآخرة،﴿ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ﴾(7)قال : المصير إلى ربِّ العالمين.

23 - محمّد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن عليّ بن مهزيار، عن عليِّ بن إسماعيل الميثميِّ، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): قول الله عزّ وجلّ :﴿ إنّما نَعْدُّ لهم عَدًّا﴾؟ (8)قال : ما هو عندك ؟ قلت: عدد الأيّام ، قال : إنَّ الآباء والأمّهات يُحْصُونَ ذلك، لا، ولكنّه عدد الأنفاس .

34 - عنه ، عن فضالة ، عن موسى بن بكر، عن زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: الحباة

ص: 245


1- المراد بأولهم الأموات منهم حيث منعهم الموت من الرجوع إلى آخرهم وهم الأحياء.
2- روى في الفقيه 1 ، 23 - باب غسل الميت، ح 40 عن الصادق(عليه السلام)مرسلاً قال: من عد غداً من أجله فقد أساء صحبة الموت. وقوله: ما أنزل الموت : أي ما عرف حقيقته كما هي، أو ما أدى حقه من رعايته وانتظاره .
3- من : إما تبعيضية فيكون المعنى : الأعمال التي هي من جملة طلب الدنيا . أو تعليلية، فيكون المعنى : لطلبها
4- أي علامتها .
5- سورة القيامة / 27 و 28 و 29 و 30 .
6- سورة القيامة / 27 و 28 و 29 و 30 .
7- سورة القيامة / 27 و 28 و 29 و 30 .
8- سورة مريم / 84

والموت خَلْقان من خَلْق الله(1)، فإذا جاء الموت فدخل في الإنسان، لم يدخل في شيء إلّا وقد خرجت منه الحياة .

35 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن محمّد بن سكين قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يقول : استأثر الله بفلان(2)؟ فقال: ذا مكروه، فقيل: فلان يجود بنفسه ؟ فقال : لا بأس، أما تراه يفتح فاه عند موته مرَّتين أو ثلاثة، فذلك حين يجود بها لِمَا يرى من ثواب الله عزّ وجلَّ، وقد كان بهذا ضنيناً(3).

36 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إنَّ قوماً فيما مضى قالوا لنبيّ لهم : أدْعُ لنا ربك يرفع عنّا الموت، فدعا لهم، فرفع الله عنهم الموت، فكثروا حتى ضاقت عليهم المنازل، وكثر النسل، ويصبح الرَّجل يطعم أباه وجدّه وأُمّه وجدِّ جدَّه ويُوَضّيهم(4)ويتعاهدهم ، فشُغِلوا عن طلب المعاش، فقالوا : سل لنا ربّك أن يردَّنا إلى حالنا الّتي كنّا عليها، فسأل نبيهم ربِّه فردَّهم إلى حالهم(5).

37 - علي بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن عليِّ بن الحكم، عن ربيع بن محمّد، عن عبد الله بن سليم العامريّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إن عيسى ابن مريم جاء إلى قبر يحيى بن زكريّا(عليه السلام)، وكان سأل ربّه أن يحييه له، فدعاه فأجابه وخرج إليه من القبر، فقال له : ما تريد منّي ؟ فقال له : أُريد أن تؤنسني كما كنتَ في الدُّنيا، فقال له : يا عيسى، ما سكنت عنّي حرارة الموت، وأنت تريد أن تعيدني إلى الدُّنيا وتعود عليَّ حرارة الموت، فتركه فعاد إلى قبره(6)

38 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن يزيد الكناسيّ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : إنَّ فتية من أولاد ملوك بني إسرائيل كانوا متعبِّدين، وكانت العبادة(7)

ص: 246


1- إشارة إلى قوله تعالى في سورة الملك / 2 :﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ والخلق - هنا - معناه التقدير.
2- أي استبدّ به وخصّ به نفسه - كذا في القاموس ، وهو هنا كناية عن موته .
3- ضنيناً : أي بخيلاً. وقد دل الحديث على جواز قول فلان يجود بنفسه، فيما إذا كان مؤمناً فقط، بقرينة قوله (عليه السلام): لِمَا يرى من ثواب الله عز وجل .
4- الوضوء هنا بمعنى التنظف.
5- بدل الحديث على أن الموت نعمة كنعمة الحياة.
6- الحديث مرسل ومجهول. وما دل عليه الحديث من أن يحيى(عليه السلام)مات قبل زكريا(عليه السلام)ينافي الأخبار الدالة على كون يحيى وصياً لعيسى(عليه السلام).
7- أي غالباً كانت كذلك .

في أولاد ملوك بني إسرائيل، وإنّهم خرجوا يسيرون في البلاد ليعتبروا، فمرّوا بقبر على ظهر الطريق قد سفى عليه السّافي(1)، ليس يبيّن منه إلّا رَسْمُهُ فقالوا : لو دعونا الله السّاعة فينشر لنا صاحب هذا القبر فسألناه كيف وجد طعم الموت، فدعوا الله ، وكان دعاؤهم الّذي دعوا الله به : أنت إلهنا يا ربنا ليس لنا إلهٌ غيرك، والبديع الدَّائم غيرُ الغافل، والحيُّ الّذي لا يموت، لك في كلِّ يوم شأن، تعلم كلِّ شيء بغير تعليم أُنشُرْ لنا هذا الميّت بقدرتك، قال: فخرج من ذلك القبر رجلٌ أبيض الرَّأس واللّحية ينفض رأسه من التّراب فَزِعَاً شاخصاً بَصَرَة إلى السماء، فقال لهم : ما يوقفكم على قبري ؟ فقالوا : دعوناك لنسألك كيف وجدت طعم الموت؟ فقال لهم : لقد سكنت في قبري تسعة وتسعين سنة ما ذهب عنّي ألم الموت وكربه، ولا خرج مرارة طعم الموت من حلقي ، فقالوا له : متَّ يوم متَّ وأنت على ما نرى أبيض الرَّأس واللّحية؟ قال: لا ولكن لمّا سمعت الصيّحة : أَخرُجُ اجتمعت تربة عظامي إلى روحي، فنفست فيه فَخَرَجْتُ فزِعاً شاخصاً بصري، مهطعاً(2)إلى صوت الدَّاعي، فابيضَّ لذلك رأسي ولحيتي(3).

39 - عليُّ ، عن أبيه، عن النّوفليِّ ، عن السّكونيِ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): «من أشراط(4)السّاعة أن يفشوا الفالج وموت الفجأة».

40 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد رفعه قال : جاء أمير المؤمنين(عليه السلام)إلى الأشعث بن قيس يُعَزّيه بأخ له يقال له عبد الرَّحمن، فقال له أمير المؤمنين(عليه السلام): إن جزعتَ فحقُ الرَّحم ،آتيتَ ، وإن صبرت فحقَّ الله أدَّيت، على إنّك إن صبرت جرى عليك القضاء وأنت محمود، وإن جزعت جرى عليك القضاء وأنت ،مذموم فقال له الأشعث: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): أتدري ما تأويلها؟ فقال الأشعث: لا أنت غاية العلم ومنتهاه، فقال له : أمّا قولك : إنّا لله ، فإقرار منك بالملك، وأمّا قولك : وإنّا إليه راجعون، فإقرار منك بالهلاك(5).

41 - محمّد بن يحيى يرفعه، عن أمير المؤمنين(عليه السلام)قال : دعا نبيُّ من الأنبياء على قومه، فقيل له : أسلّط عليهم عدوُّهم ؟ فقال : لا ، فقيل له : فالجوع ؟ فقال : لا، فقيل له : ما

ص: 247


1- قال الفيروزآبادي : سَفَت الريح التراب تسفيه : ذرّتْهُ.
2- قال الفيروزآبادي : هَطَعَ قطعاً ومطوعاً: أسرع مقبلاً خائفاً، وأقبل ببصره على الشيء ولا يقلع عنه
3- «ويدل على جواز ظهور الكرامة والمعجزة لغير الأنبياء والأوصياء(عليه السلام)، وإن احتمل أن يكون بعضهم نبياً أو وصياً» مرآة المجلسي 264/14 .
4- الأشراط : العلامات والحديث ضعيف على المشهور.
5- وقد دل على أن حق الله مقدّم في الأداء على حق الآدمي حتى ولو كان رحماً في كل من الجزع والصبر. والحديث ضعيف .

تريد؟ فقال : موت دفيق(1)يحزن القلب ويُقِلُّ العدد فأَرْسَلَ إليهم الطّاعون(2).

42 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط رفعه قال: كان أبو عبد الله(عليه السلام)يقول عند المصيبة : الحمد لله الّذي لم يجعل مصيبتي في ديني، والحمد لله الّذي لو شاء أن يجعل مصيبتي أعظم ممّا كانت، والحمد لله على الأمر الّذي شاء أن يكون فكان .

43 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان، عن عبد الحميد بن أبي جعفر الفرَّاء قال : إن أبا جعفر(عليه السلام) انقلع ضرس من أضراسه فوضعه في كفّه ثمَّ قال : الحمد الله ، ثمَّ قال : يا جعفر ، إذا أنا مت ودفنتني ، فادفنه معي ، ثمَّ مكث بعد حين ثمَّ انقلع أيضاً آخر، فوضعه على كفّه ثمَّ قال : الحمد الله ، يا جعفر، إذا متُّ فأدفنه معي(3).

44 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن محمّد الأزدي ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ﴿ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾ - إلى قوله : ﴿تَعْمَلُونَ﴾ (4). قال : تعدّ السّنين، ثمَّ تعد الشّهور، ثمَّ تعدّ الأيّام ، ثمَّ تعدّ السّاعات، ثمَّ تعدّ النَّفَس﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾(5).

45 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القدَّاح، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سمع النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم)امرأة حين مات عثمان بن مظعون وهي تقول : هنيئاً لك يا أبا السائب الجنّة ، فقال النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم):«وما عِلْمُكِ ، حَسْبُكِ أن تقولي : كان يحبُّ الله عزّ وجل ورسوله»، فلمّا مات إبراهيم ابن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) هَمَلَتْ (6)عين رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بالدُّموع، ثمَّ قال النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم): «تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يُسْخِط الرّب، وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون»، ثمَّ رأى النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم)في قبره خَلَلاً فسواه بيده، ثمَّ قال: «إذا عمل

ص: 248


1- أي مصبوب. وفي بعض النسخ: دفيف وفي القاموس : الدّف: نسف الشيء واستئصاله، وأدففته: أجهزت عليه ،كدففته .
2- يدل على أن الطاعون أقل ضرراً من تسلط العدو والموت بالجوع.
3- يدل الحديث على استحباب التحميد عند المصيبة والبلاء، وعلى استحباب دفن الضرس المنقلع حال الحياة مع الميت . والحديث مجهول.
4- سورة الجمعة / 8 وأول الآية : قل ... ، وفيها بعد قوله : ﴿مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ .
5- سورة الأعراف / 34 . ومطلع الآية : ولكل امةٍ أَجَلٌ .... ومعنى جاء أَجَلُهم : أي قرب وقت موتهم، أو وقت إنزال العقاب بهم .
6- أي فاضت .

أحدكم عملاً فليُتْقِن» ؛ ثمَّ قال : «الحق بسلفك الصالح عثمان بن مظعون»(1).

46 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد ،عن عليِّ بن مهزيار قال: كتب إلى أبي ، جعفر(عليه السلام)رجلٌ يشكو إليه مصابه بولد له ، وشدَّة ما يدخله، فقال: وكتب(عليه السلام)إليه : أمّا علمت أنَّ الله عزّ وجلَّ يختار من مال المؤمن ومن ولده أنْفَسَه ليأجره على ذلك (2).

هذا آخر كتاب الجنائز من كتاب الكافي لأبي جعفر [محمد بن يعقوب] الكلينيّ - رحمه الله - ، والحمد لله وحده، وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين . ويتلوه كتاب الصلاة

ص: 249


1- يقول المجلسي في مرآته 267/14: «الحديث ضعيف على المشهور ويدلّ على مرجوحية التحتم والتحكم بالجزم بكون الميت من أهل الجنة وإن كان في أقصى درجة الصلاح والزهد فإن عثمان كان من زهّاد الصحابة وأكابرها وكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يحبه حاً شديداً . ... ويدل على عدم منافاة البكاء للصبر بل كونه مطلوباً إذا لم يقل شيئا يوجب سخط الرب تعالى ويحتمل كون بكائه(صلی الله علیه وآله وسلم) للشفقة على الأمة، ويدل على استحباب تسوية القبر وسد خلاله ».
2- مرمتن هذا الحديث بأدنى تفاوت برقم 3 من الباب 151 من هذا الجزء وأخرجه عن سهل بن زياد عن ابن مهران عن أبي جعفر الثاني(عليه السلام) مكاتبة أيضاً . والحديث ضعيف على المشهور « وأبو جعفر(عليه السلام)هو الجواد(عليه السلام)، ويدل على أن المؤمن إنما يذهب من ولده وماله ما هو أحب إليه وأرضى لديه ليكون أسبغ الأجره. مرآة المجلسي 268/14

ص: 250

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الصلاة

167- باب فَضْل الصلاة

قال محمّد بن يعقوب الكلينيّ مصنّف هذا الكتاب - رحمه الله - :

1 - حدِّثني محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن أفضل ما يتقرَّب به العباد إلى ربّهم، وأحبّ ذلك إلى الله عزّ وجلَّ، ما هو ؟ فقال : ما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصّلاة، ألا تَرى أنَّ العبد الصّالح عيسى ابن مريم(عليه السلام)قال:(1): «وأوصاني بالصلاة والزَّكاة ما دمت حيّاً »(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن هارون بن خارجة ، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سمعته يقول : أحبُّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ الصّلاة، وهي آخر وصايا الأنبياء(عليه السلام)، فما أحْسَنَ الرَّجل يغتسل أو يتوضّأ فيسبغ الوضوء، ثمَّ يتنحّى حيث لا يراه أنيس فيشرف عليه وهو راكعٌ أو ساجدٌ، إنَّ العبد إذا سجد فأطال السجود، نادى إبليس : يا ويلاه، أطاع وعصيتُ وسجد وأبيتُ(3).

3 - عليُّ بن محمد، عن سهل بن زياد، عن الوشّاء قال: سمعت سمعت الرّضا(عليه السلام)يقول :

ص: 251


1- سورة مريم / 31 .
2- التهذيب 2 ، 12 - باب فضل الصلاة والمفروض منها و ... ، ح 1 وأخرج صدره فقط عن محمّد بن علي بن - محبوب، عن العباس بن معروف عن عبد الله بن المغيرة عن ... الخ . الفقيه ،1، 30 - باب فضل الصلاة، ح 13 وآخره : بالصلاة.
3- الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 17 بتفاوت يسير في الذيل . ورواه مرسلاً وأسباغ الوضوء : الإتيان به مشتملا على واجباته ومندوباته .

أَقْرَبُ ما يكون العبدُ من الله عزَّ وجلَّ وهو ساجد، وذلك قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَاسْجُدْ واقْتَرِبْ﴾(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن يزيد بن خليفة قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إذا قام المصلّي إلى الصّلاة، نزلت عليه الرّحمة من أعنان(2)السّماء إلى أعنان الأرض، وحفّت به الملائكة، وناداه مَلَكُ : لو يعلم هذا المصلّي ما في الصلاة ما انْفَتَلَ(3).

5 - محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إذا قام العبد المؤمن في صلاته ، نظر الله إليه - أو(4)قال : أقبل الله عليه - حتّى ينصرف وأظلّته الرَّحمة من فوق رأسه إلى أُفق السماء، والملائكة تَحُفُّه من حوله إلى أُفق السماء ، ووكّل الله به ملكاً قائماً على رأسه يقول له : أيّها المصلّي ، لو تعلم من ينظر إليك ومن تناجي، ما التفتّ ولا زِلْتَ من موضعك أبداً ».

6 - أبو داود، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام)قال : الصّلاة قربان كل تقيّ(5).

7 - عنه ، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن إسماعيل بن عمّار، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): صلاة فريضة خيرٌ من عشرينَ حجّة، وحجّة خيرٌ من بيت مَمْلُوءٍ ذهباً يتصدّق منه حتّى يَفْنى(6).

8 - جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن

ص: 252


1- وإنما كان العبد أقرب إلى الله حال سجوده لما فيه من التذلل والخضوع، بل هو من أوضح مصاديقهما، مما لا يوجد في غيره من أجزاء الصلاة، أو مطلق صور التعبد والآية في سورة العلق / 19 . وقد أخرج الصدوق هذا الحديث عن الصادق(عليه السلام)مرسلاً في الفقيه 1 ، 30 - باب فضل الصلاة، ح 7 بتفاوت قليل.
2- أعنان: نواحي.
3- روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 1 ، 30 - باب فضل الصلاة ، ح 15 عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام) أنه قال: للمصلي ثلاث خصال : إذا هو قام في صلاته حقت به الملائكة من قدميه إلى أعنان السماء، ويتناثر البِرّ عليه من أعنان السماء إلى مفرق رأسه وملك موكل به ينادي : لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل وانفتل :انصرف .
4- الترديد من الراوي .
5- الفقيه ،1 نفس ، الباب ، ح 16 . والقربان : كل ما يتقرب به إلى الله من قول أو فعل
6- الفقيه 1 ، 30 - باب فضل الصلاة ، ح 9 . التهذيب 2 ، 12 - باب فضل الصلاة و. . ، ح 4 . هذا، والمراد بصلاة الفريضة التي هي خير من عشرين حجة، الصلاة المؤداة بأجزائها وشرائطها مع كامل الإخلاص والتوجه، وبالحجج العشرين التي لا تكون صحيحة ومقبولة عند الله أو لا تكون بكامل الإخلاص واليقين، أو تكون بغير ولاية أهل البيت(عليهم السلام) ... الخ .

فَضالة ، عن(1)عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنه قال : مرَّ بالنبيِّ(صلی الله علیه وآله وسلم)رجلٌ وهو يعالج بعض حُجُراته فقال: يا رسول الله، ألا أكفيك؟ فقال: «شأنك»، فلمّا فرغ، قال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «حاجتك»؟ قال : الجنّة، فأطرق رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ثمَّ قال: «نعم»، فلمّا ولّى قال له : «يا عبد الله، أعِنّا بطول السجوده »(2).

9 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن حمزة بن حمران، عن عُبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «مثل الصلاة مثل عمود الفسطاط، إذا ثبت العمود نفعت الأطناب والأوتاد والغشاء، وإذا انكسر العمود لم ينفع طنب ولا وتد ولا غشاء» (3).

10 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليمانيِّ ، عمّن حدَّثه ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قول الله عزّ وجلَّ :﴿ إنَّ الحسناتِ يُذْهِبْنَ لسيّئاتِ ﴾(4)قال : صلاة المؤمن باللّيل، تَذْهَبُ بما عمل من ذنب بالنّهارا(5).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من قَبِلَ اللهُ منه صلاة واحدة لم يُعَذِّبه ، ومن قبل منه حَسَنَةً لم يُعَذِّبه(6).

12 - محمّد بن يحيى، عن سَلَمَة بن الخطّاب، عن الحسين بن سيف، عن أبيه قال : حدَّثني من سمع أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : من صلّى ركعتين يعلم ما يقول فيهما(7)، انصرف وليس بينه وبين الله ذَنْبٌ .

13 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): الصّلاة ميزان من وفّى استوفى»(8).

ص: 253


1- في التهذيب عن العلا عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام).
2- روى في التهذيب ،2 نفس الباب ح 3 بالإسناد أعلاه قال : أتى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)رجل فقال : ادع الله لي أن يُدخلني الجنة، فقال: أعني بكثرة السجود وبنفس هذا النص مرسلاً روى في الفقيه 1، نفس الباب، ح 14
3- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 11 . الفقيه ،1 ، نفس الباب ، ح 18 . وفي التهذيب : وإذا انكسر لم ينفع . .. الخ . والحديث من باب تمثيل المعقول بالمحسوس.
4- سورة هود / 114
5- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 234 . الفقيه 1 ، 65 - باب ثواب صلاة الليل ، ح 9 .
6- التهذيب 2 ، 12 - باب فضل الصلاة و ... ، ح 12 . الفقيه 1 ، 30 - باب فضل الصلاة،ح 20
7- أي متفكراً في القراءة فيهما ، والأدعية والأذكار كذلك، متمعناً في المعاني، مستشعراً الخشوع والخضوع مع كامل الاعتقاد والتصديق والانقياد .
8- الفقيه 1 ، 30 - باب فضل الصلاة ، ح 1 مرسلاً وفّى : أي وفاها حقها من التوجه فيها والإخلاص والخشوع والخضوع والتذلّل وحضور القلب. استوفى : أي نال وأخذ تمام ما يترتب على ذلك من الثواب والأجر والمغفرة والقرب غير منقوص. ومن نقص أنقص. ويحتمل أنها معيار لباقي العبادات.
168- باب من حافظ على صلاته أو ضيّعها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن(1)، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبَان بن تغلب قال : كنت صلّيت خلف أبي عبد الله(عليه السلام)بالمُزْدَلِفة فلمّا انصرفَ التفتَ إليَّ فقال: يا أبَان، الصلوات الخمس المفروضات، من أقام حدودهنَّ، وحافظ على مواقيتهنَّ، لقي الله يوم القيامة وله عنده عهد يدخله به الجنّة، ولمن لم يُقمْ حدودهنَّ، ولم يحافظ على مواقيتهنَّ، لقي الله ولا عهد له، إن شاء عذَّبه وإن شاء غفر له(2).

2 - الحسين بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن عامر ، عن عليِّ بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج ، عن أبَان بن تغلب قال : صلّيت مع أبي عبد الله(عليه السلام)المغرب بالمزدلفة، فلمّا انصرف، أقام الصلاة وصلّى العشاء الآخرة، لم يركع بينهما(3)، ثمَّ صلّيت معه بعد ذلك بَسنة، فصلّي المغرب ، ثمَّ قام فتنفّل بأربع ركعات، ثمَّ أقام فصلّى العشاء الآخرة ، ثمَّ التفت إليَّ فقال: يا أبَان هذه الصّلوات الخمس المفروضات، من أقامهنّ وحافظ على مواقيتهنَّ، لقي الله يوم القيامة وله عنده عهد يُدْخِلُهُ به الجنّة، ومن لم يصلّهنَّ لمواقيتهنَّ، ولم يحافظ عليهنَّ، فذاك إليه إن شاء غفر له وإن شاء عذَّبه .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن يونس بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قيل له - وأنا حاضر - : الرَّجل يكون في صلاته خالياً(4)، فيدخلُهُ العُجب؟ فقال : إذا كان أوّل صلاته بنيّة يريد بها ربّه، فلا يضرُّه ما دخله بعد ذلك، فليمض في صلاته، وليخسأ(5)الشّيطان.

ص: 254


1- في التهذيب : يونس بن عبد الله والظاهر أن ما في الفروع هو الصحيح .
2- التهذيب 2 ، 12 - باب فضل الصلاة .و. ح 14 بتفاوت يسير . ورواه عن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)مرسلاً بتفاوت و اختلاف في الصيغة في الفقيه 1 ، 30 - باب فصل الصلاة ، ح .. أقول : والمراد بالمحافظة على المواقيت، المراقبة لها مع أخذ الأهبة للإتيان بما تتوقف عليه الصلاة من المقدمات بحيث يكون جاهزاً للشروع فيها عند حلول وقتها.
3- أي لم يأت بينهما بأي فاصل صلاتي كالنوافل مثلاً. والاستعمال مجازي بعلاقة الكل والجزء.
4- أي خالي القلب من شؤون الدنيا ، حاضر القلب فى صلاته ولعله يأخذه العجب بأنه كذلك
5- أي وليطرد.

4 - جماعةٌ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : كلُّ سهو في الصّلاة (1)يطرح منها ، غير أنَّ الله تعالى يتمُّ بالنّوافل، إنَّ أوَّل ما يحاسب به العبد الصلاة، فإن قُبلت قُبل ما سواها، إنَّ الصّلاة إذا ارتفعت في أوَّل وقتها، رجعت إلى صاحبها وهي بيضاء مشرقة تقول : حَفِظَتَني ، حفظك الله ، وإذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها، رجعت إلى صاحبها وهي سوداء مظلمة تقول : ضَيَّعْتَني ، ضَيْعَكَ الله (2).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين، عن محمّد بن الفضيل قال : سألت عبداً صالحاً(عليه السلام) عن قول الله عزَّ وجلَّ :﴿ الّذين هم عن صلاتهم ساهون ﴾؟(3)قال : هو التّضييع(4).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن جعفر(عليه السلام)قال : بَيْنا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) جالس في المسجد، إذ دخل رجلٌ فقام يصلّي ، فلم يتمَّ ركوعه ولا سجوده فقال(صلی الله علیه وآله وسلم): «نَقْرٌ كنَقْر الغراب، لئن مات هذا وهكذا صلاته، ليموتَنَّ على غير ديني»(5).

7 - عنه ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال : لا تتهاون بصلاتك، فإنَّ النبيَّ(صلی الله علیه وآله وسلم)قال عند موته : «ليس منّي من استخفَّ بصلاته ، ليس منّي من شرب مسكراً، لا يَرِدُ علىَّ الحوض لا والله» .

8 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن النّوفليَّ ، عن السكونيَّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «لا يزال الشَّيطان ذَعِراً (6)من المؤمن ما حافظ على

ص: 255


1- المراد بالسهو في الصلاة عدم حضور القلب عندها أو المراد به كل زيادة ونقيصة سهوية لا تبطل الصلاة .
2- التهذيب 2 ، 12 - باب فضل الصلاة والمفروض منها و ... ، ح 15 بدون الصدر الفقيه 1 ، 30 - باب فضل الصلاة ، ح 5 و 6 بتفاوت وأخرجهما مرسلين عن الصادق(عليه السلام). ورجوع الصلاة يحتمل فيه أنه يكون في الآخرة بعد تجسيمها ليصح منها الخطاب، أو في الدنيا برجوع بركة ثوابها إليه، أو بعد ردّها وضرب وجهه بها عند عدم قبولها كما في بعض الأخبار .
3- سورة الماعون / 5
4- التهذيب ،2، نفس الباب، ح 16
5- التهذيب 2 نفس الباب، ح 17 . والتمثيل بنقر الغراب للدلالة على عدم إتمامه ركوعه ولا سجوده بالشكل المطلوب منه شرعاً، أي بدون طمأنينة فيهما ولا استقرار.
6- أي فزعاً خائفاً.

الصّلوات الخمس، فإذا ضيعهنَّ تَجَرَّأ عليه فأدخله في العظائم »(1).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال : قال أبو عبد الله

(عليه السلام): والله إنه ليأتي على الرَّجل خمسون سنةً وما قَبِلَ الله منه صلاة واحدة، فأيُّ شيء أشدُّ من هذا، والله إنّكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم من لو كان يصلّي لبعضكم ما قَبلَها منه لاستخفافه بها، إنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يقبل إلّا الحَسَن، فكيف يقبل ما يُسْتَخَفٌ به (2).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا قام العبد في الصلاة فخفّف صلاته، قال الله تبارك وتعالى لملائكته : أما تَرَوْنَ إلى عبدي كأنّه يرى أنَّ قضاء حوائجه بيد غيري ، أما يعلم أنَّ قضاء حوائجه بيدي(3).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا ما أدى الرَّجل صلاة واحدة تامة، قبلَتْ جميع صلاته وإن كنَّ غير تامات(4)، وإن أفسدها كلها لم يقبل منه شي منها، ولم يحسب له نافلة ولا فريضة، وإنما تقبل النافلة بعد قبول الفريضة، وإذا لم يؤد الرّجل الفريضة، لم يقبل منه النافلة، وإنّما جُعلت النافلة ليتم بها ما أفسد من الفريضة(5).

12 - وبهذا الإسناد، عن حريز عن الفضيل قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلَّ : ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحافِظون )(6) قال : هي الفريضة، قلت: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ ؟(7)قال : هي النافلة(8).

13 - محمّد بن يحيى، عن ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن داود بن فَرْقَد قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): قوله تعالى : ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى

ص: 256


1- العظائم : الكبائر من الذنوب.
2- التهذيب 2 ، 12 - باب فضل الصلاة و . . . ، ح 18 بتفاوت يسير و 19 .
3- التهذيب 2 ، 12 - باب فضل الصلاة و . . . ، ح 18 بتفاوت يسير و 19 .
4- أي قبلت صلواته الأخرى الباقية وإن كانت ناقصة عن سهو وغفلة منه في ذلك اليوم .
5- أي ما نقص منها أو زاد فيها عن سهو ولم يلتفت أصلاً .
6- سورة المؤمنون/ 9 .
7- سورة المعارج / 23 .
8- التهذيب 2 ، 12 - باب فضل الصلاة و. . . ، ح 20 .

الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾(1)قال : كتاباً ثابتاً، وليس إن عجّلت قليلاً أو أخّرت قليلا(2) بالّذي يضرُّك ما لم تضيّع تلك الإضاعة، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول لقوم :﴿ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾(3).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : أيّما مؤمن حافظ على الصّلوات المفروضة فصلّاها لوقتها، فليس هذا من الغافلين .

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرَّاج، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال : قال أبو الحسن الأوَّل(عليه السلام): إنّه لمّا حضر أبي الوفاة قال لي: يا بنيّ، إنّه لا ينال شفاعتنا من استخفَّ بالصلاة.

16 - محمّد، عن سهل بن زياد، عن النّوفليّ ، عن السكونيّ، عن جعفر، عن أبيه(عليهم السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «لكلِّ شيء وجه ، وَوَجْهُ دينكم الصّلاة، فلا يَشِينَنَّ أحدُكُم وَجْهَ دينه ، ولكلِّ شيء أنفٌ وأنف الصّلاة التكبير»(4)

169- باب فَرْض الصلاة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عمّا فرض الله عزَّ وجلَّ من الصَّلاة؟ فقال : خمس صلوات في اللّيل والنهار، فقلت: فهل سمّاهنَّ وبينهنّ في كتابه؟ قال: نعم، قال الله تعالى لنبيّه(صلی الله علیه وآله وسلم): ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾(5)ودلوكها : زوالها، ففيهما بين دلوك الشَّمس إلى غَسَق اللّيل أربع صلوات، سمّاهن الله وبيّنهنّ ووقّتهنّ، وغَسَقُ اللّيل هو انتصافه، ثمَّ قال تبارك وتعالى : ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾(6)فهذه

ص: 257


1- سورة النساء / 103 كتاباً موقوتاً : أي فرضاً مفروضاً .
2- التعجيل والتأخير هنا بلحاظ الوقت الفضيلي للصلاة.
3- سورة مريم / 59 . والمقصود بالتضييع في الآية تأخير الصلاة عن أوقاتها المحدّدة أو تركها من رأس. والغيّ : الشر والخسران .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 9 .
5- سورة الإسراء / 78.
6- سورة الإسراء / 78.

الخامسة، وقال الله تعالى في ذلك : ﴿أقِمِ الصَّلاة طَرَفَي النّهار﴾(1)، وطرفاه : المغرب والغداة، ﴿وزُلَفاً من اللّيل﴾(2)، وهي صلاة العشاء الآخرة، وقال تعالى : ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ (3)، وهي صلاة الظّهر، وهي أوَّل صلاة صلّاها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وهي وسط النّهار، ووسط الصّلاتين بالنهار : صلاة الغداة، وصلاة العصر، وفي بعض القراءة : ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ (صلاة العصن)﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾(4)قال : ونزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في سفره، فَقَنَتَ فيها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وتركها على حالها في السّفر والحَضَر، وأضاف للمقيم ركعتين(5)وإنما وَضِعَت الرَّكعتان اللّتان أضافهما النّبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم)يوم الجمعة للمقيم ، لمكان الخطبتين مع الإمام، فمن صلّى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلّها أربع ركعات كصلاة الظّهر في سائر الأيّام(6).

2 - وبإسناده، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: كان الّذي فرض الله على العباد من الصّلاة عشر ركعات، وفيهنّ القراءة وليس فيهنَّ وَهُمْ - يعني سهواً - فزاد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)سبعاً وفيهنَّ الوَهْمُ وليس فيهنَّ قراءة.

3 ، - وبإسناده عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر(عليه السلام): فرض الله الصّلاة وسنّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) عشرة أوجه : صلاة الحضر ،والسفر، وصلاة الخوف على ثلاثة أَوْجُه، وصلاة كسوف الشمس والقمر وصلاة العيدين، وصلاة الاستسقاء، والصلاة على الميّت .

4 - حمّاد ، عن حريز عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)في قول الله عزّ وجلّ :﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾أي موجوباً .

5 - حمّاد عن حريز، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الفرض في الصّلاة؟ فقال : الوقتُ والطَهور، والقِبْلَةُ والتَّوجُّه، والركوع، والسجود، والدُّعاء، قلت: ما سوى

ص: 258


1- سورة هود 114 . وزُلَفاً جمع زُلْفة، وهي الساعة والمنزلة .
2- سورة هود 114 . وزُلَفاً جمع زُلْفة، وهي الساعة والمنزلة .
3- سورة البقرة / 238 . وقيل : الوسطى : الفضلى ، وقانتين طائعين واصل القنوت الطاعة ، وقيل : قانتين : ساكتين. هذا وفي تعيين الصلاة الوسطى أقوال : فإضافة إلى القول بأنها الظهر، أو بأنها العصر، هنالك قول ثالث بأنها المغرب نظراً إلى عدد ركعاتها متوسطة بين ركعتي الصبح وأربع ركعات الظهر والعصر والعشاء، وقول رابع بأنها الصبح لتوسطها بين الفرائض النهارية والليلية . وما بين هلالين من قوله (صلاة العص) ليس قرآناً وإنما هو من التفسير والتوضيح.
4- سورة البقرة / 238 . وقيل : الوسطى : الفضلى ، وقانتين طائعين واصل القنوت الطاعة ، وقيل : قانتين : ساكتين. هذا وفي تعيين الصلاة الوسطى أقوال : فإضافة إلى القول بأنها الظهر، أو بأنها العصر، هنالك قول ثالث بأنها المغرب نظراً إلى عدد ركعاتها متوسطة بين ركعتي الصبح وأربع ركعات الظهر والعصر والعشاء، وقول رابع بأنها الصبح لتوسطها بين الفرائض النهارية والليلية . وما بين هلالين من قوله (صلاة العص) ليس قرآناً وإنما هو من التفسير والتوضيح.
5- أي صارت للمقيم أربعاً، وبقيت للمسافر ركعتين صلاة الظهر في السفر، كصلاة الجمعة .
6- التهذيب 2 ، 12 - باب فضل الصلاة و ... ، ح 23 بتفاوت يسير الفقيه 1 ، 29 - باب فرض الصلاة ، ح 1 بتفاوت يسير أيضاً.

ذلك؟ قال : سُنّة في فريضة(1).

6 -عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: للصلاة أربعة آلاف حدّ(2).

وفي رواية أُخرى :للصلاة أربعة آلاف باب(3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : عشر ركعات ركعتان من الظّهر، وركعتان من العصر، وركعتا الصّبح، وركعتا المغرب، وركعتا العشاء الآخرة، لا يجوز الوَهُمُ فيهِنَّ، ومن وَهَمَ في شيء منهنّ استقبل الصّلاة استقبالاً (4)، وهي الصّلاة الّتي فرضها الله عزَّ وجلَّ على المؤمنين في القرآن، وفوض إلى محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)فزاد النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) في الصّلاة سبع ركعات، وهي سنّة ليس فيها قراءة، إنّما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء، فالوَهْمُ إنّما يكون فيهنَّ ، فزاد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في صلاة المقيم غير المسافر ركعتين في الظهر والعصر والعشاء الآخرة، وركعةٌ في المغرب للمقيم والمسافر.

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الصَّلاة ثلاثة أثلاث : ثُلُثٌ طَهور، وثُلُثُ ركوع، وثُلُثٌ سجود(5).

170- باب المواقيت أوَّلها وآخرها وأفْضَلها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة ، عن زرارة قال : كنت قاعداً عند أبي عبد الله(عليه السلام)أنا وحمران بن أعين فقال له حمران : ما تقول فيما يقول

ص: 259


1- التهذيب 2 نفس ،الباب ح 24 . وكذلك رواه في نفس الجزء من التهذيب برقم 1 من الباب 9 فراجع .
2- التهذيب2 ، 12 - باب فضل الصّلاة و ...، ح 25 . الفقيه 1 ، 28 - باب الصلاة وحدودها، ح 2 مرسلاً بتفاوت .
3- التهذيب ،2 ، نفس ،الباب ، ح 26 . الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 1 وأخرجاه عن الرضا(عليه السلام)وهو في الثاني مرسل . وحدود الصلاة عبارة عن أحكامها ومقدماتها وأجزائها وشرائطها، وأما أبوابها فقد تكون بمعنى حدودها . وقيل : المراد بها أبواب السماء التي تصعد من خلالها الصلاة إلى مقام القبول والرفعة ونيل الثواب.
4- أي من شك أنه في الركعة الأولى أو الثانية مع استقرار شكه تبطل صلاته وعليه الاستئناف، وهو المعمول به عندنا .
5- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من ... ، ح 2 . الفقيه 1 ، 3 - باب أقسام الصلاة ، ح 1 . ويمكن أن يكون المراد بالطهور الطهارات الثلاث أو الأعم منها ومن إزالة النجاسات. والغرض من هذا التثليث الحث على الاهتمام بهذه الأمور الثلاثة والحرص عليها . فلا صلاة إلا بطهور كما أن الركوع والسجود ركنان تبطل الصلاة بزيادتهما أو نقيصتهما عمداً أو سهواً .

زرارة، وقد خالفتُهُ فيه ؟ فقال أبو عبد الله(عليه السلام): ما هو؟ قال: يزعم أنَّ مواقيت الصّلاة كانت مفوَّضة إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، هو الّذي وضعها ، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): فما تقول أنت؟ قلت : إن جبرائيل(عليه السلام)أتاه في اليوم الأوَّل بالوقت الأوَّل، وفي اليوم الأخير بالوقت الأخير، ثمَّ قال جبرائيل(عليه السلام)ما بينهما وقت، فقال أبو عبدالله(عليه السلام): يا حمران، إنَّ زرارة يقول : إِنَّ جبرائيل(عليه السلام) إنّما جاء مشيراً على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وصدق زرارة، إنّما جعل الله ذلك إلى محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)فوضعه وأشار جبرائيل (عليه السلام)به [عليه].

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الحسن بن علان، عن حمّاد بن عيسى ؛ وصفوان بن يحيى، عن ربعي بن

عبد الله، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: إنَّ من الأشياء أشياء موسّعة وأشياء مضيّقة، فالصّلاة ممّا وسع فيه، تُقَدّم مرَّة وتؤخر أُخرى، والجمعة ممّا ضيّق فيها فإنَّ وقتها يوم الجمعة ساعة تزول، ووقت العصر فيها وقت الظهر في غيرها .

3-عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سمعته يقول : لكلّ صلاة وقتان، وأوَّل الوقت أفضله ،وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتاً إلّا في عذر من غير علّة(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار أو(2)ابن وهب قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام): لكلِّ صلاة وقتان، أوَّل، الوقت أفضلهما(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، أذينة، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): أصلحك الله ، وقت كلِّ صلاة أوَّل الوقت أفضل أو أوسطه أو آخره؟ فقال: أوّله إنّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال : إن الله عزّ وجلّ يحبُّ من الخير ما يعجّل(4).

ص: 260


1- التهذيب ،2، 4 - باب أوقات الصلاة وعلامة كل ... ، ح .75 الاستبصار 1 ، 146 - باب أن لكل صلاة وقتين، . ح 1 الظاهر من هذه الرواية أن المقصود بالوقت الأول للصلاة هو الوقت الفضيلي والوقت الثاني هو وقت الإجزاء وهو مختار جمهور المتأخرين وابن إدريس وابن الجنيد. وإن كان يحتمل ظهورها في أن الوقت الأول للمختار والوقت الثاني لذوي الأعذار وهو مختار الشيخين وأبي الصلاح وابن البرّاج وابن أبي عقيل كما نقل الشيخ البهائي رحمه الله . هذا، والحديث صحيح .
2- الترديد من الراوي. واسم ابن وهب وهب.
3- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح76 . الاستبصار ،1، نفس الباب، ح 2 . وفيهما : وأول الوقت أفضلهما.
4- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 78 .

6 - محمّد بن يحيى، عن سَلَمَة بن الخطّاب، عن عليِّ بن سَيف بن عَمِيرة ، عن أبيه، عن قتيبة الأعشى، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إنَّ فضل الوقت الأوَّل على الآخر، كفضل الآخرة على الدُّنيا(1).

7- الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد الأزديِّ قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): لَفضُلُ الوقت الأوَّل على الأخير، خير للرَّجل من ولده وماله(2).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر(عليه السلام): اعلم أنَّ أوّل الوقت أبداً أفضل، فعجّل بالخير ما استطعت، وأَحَبُّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ ما داوم العبد عليه وإن قَلَّ(3).

9 - أحمد بن إدريس وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن أبيه، عن منصور بن حازم أو (4)غيره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال عليُّ بن الحسين صلوات الله عليهما: من اهتمَّ بمواقيت الصلاة، لم يستكمل لذَّة الدُّنيا (5).

171- باب وقت الظهر والعصر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس ،عن يزيد بن خليفة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت فقال أبو عبد الله(عليه السلام): إذاً لا يكذب علينا (6)، قلت : ذكر أنَّك قلت: إن أول صلاة افترضها الله على نبيّه(صلی الله علیه وآله وسلم)الظهر، وهو قول الله عزّ وجلّ :﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾(7)فإذا زالت الشمس لم يمنعك إلّا سُبْحَتُك(8)ثمَّ لا

ص: 261


1- التهذيب 2 ، نفس الباب ح 0.80 والحديث ضعيف
2- التهذيب ،2 ، نفس الباب، ح 77 . وفيه : للمؤمن بدل : للرجل . الفقيه 1 ، 32 - باب مواقيت الصلاة ، ح 7 .
3- التهذيب 2، 4 - باب أوقات الصلاة وعلامة كل ... ، ح 81 بتفاوت يسير .
4- الترديد من الراوي .
5- لم يستكمل لذة الدنيا ، أي لا يعتني بها ولا يطلب كمالها، بل إنما يهتم بالصلاة في أول وقتها ويقدمها على سائر اللّذات، أو لا يمكنه استكمالها مرآة المجلسي 30/15. والحديث مرسل .
6- «يعني لما كان الراوي هو ، فلا يكذب، أو أنه لما روى الوقت فلا يكذب، لأن خبر الوقت عنا مشهور لا يمكن من الكذب علينا، فلا يدل على المدح بل على الذم لكنه بعيد فتأمل» مرآة المجلسي 30/15.
7- سورة الإسراء / 78. وقد اختلفوا في معنى الدلوك ، قيل : هو ميل الشمس عن كبد السماء وقت الزوال. وقيل: إنها غروبها، والمقصود به هنا الأول.
8- السّبحة : صلاة النافلة

تزال في وقت إلى أن يصير الظلّ قامة، وهو آخر الوقت فإذا صار الظلّ قامة دخل وقت العصر، فلم يزل في وقت العصر حتّى يصير الظلّ قامتين ، وذلك المساء، فقال : صَدَقَ (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن سَلَمة بن الخطّاب ،عن عليٍّ بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر، إلّا أنَّ بين يديها سُبْحَةً، وذلك إليك إن شئت طَوَّلتَ وإِن شئت قَصْرتَ(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ذريح المحاربي قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): متى أصلّي الظهر؟ فقال : صلِّ الزَّوال ثَمَان(3)، ثمَّ صلّ الظهر، ثمَّ صلِّ سُبْحَتَك طالت أو قصرت، ثمَّ صلِّ العصر .

4 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن الحارث بن المغيرة ؛ وعمر بن حنظلة ؛ ومنصور بن حازم قالوا : كنّا نقيس الشمس بالمدينة بالذَّراع، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): ألا أُنبّئكم بأبيَنَ من هذا إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر، إلّا أنَّ بين يديها سُبْحَةً، وذلك إليك، إن شئت طوَّلت وإن شئت قصّرت(4).

[وروی سَّعد(5)، عن موسى بن الحسن، عن الحسن بن الحسين اللّؤلؤيّ، عن صفوان بن يحيى، عن الحارث بن المغيرة النضريِّ ؛ وعمر بن حنظلة، عن منصور مثله ، وفيه : إليك، فإن كنت خفّفت سبحتك فحين تفرغ من سُبحتك، وإن طوّلت فحين تفرغ من سُبْحتك ](6). موپیروسن

5 -عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن عروة، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت

ص: 262


1- التهذيب 2 - ، 4 - باب أوقات الصلاة وعلامة كل ... ، ح 7 بتفاوت يسير . الاستبصار 1 ، 148 - باب آخر وقت الظهر والعصر، ح 7 بتفاوت يسير أيضاً.
2- التهذيب 2 نفس الباب، ح 8.
3- أي صلَّ نافلة الظهر وهي ثماني ركعات قبلها .
4- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ، ح 14 . الاستبصار 1، 147 - باب أول وقت الظهر والعصر،ح 23 بتفاوت فيهما، وفي سندهما ...عن الحارث بن المغيرة عن عمر بن حنظلة قال : ... الخ .
5- هو سعد بن عبد الله
6- التهذيب ،2، 4 - باب وقت الصلاة وعلامة كل . . . ، ح 14 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 23 وكرره برقم 25 من نفس الباب أيضاً، كله بتفاوت فيهما.

الصلاتين إلّا أنَّ هذه قبل هذه(1).

[وروى سعد، عن الحسين بن سعيد ؛ ومحمّد بن خالد البرقي ؛ والعباس بن معروف جميعاً عن القاسم ؛ وأحمد بن محمّد بن عيسى، عن البرقي، عن القاسم مثله، وفيه : دخل وقت الظهر والعصر جميعاً، وزاد ثمَّ أنت في وقت منهما جميعاً حتى تغيب الشمس] (2).

6 - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرَّحمن بن أبي هاشم البجليّ، عن سالم أبي خديجة(3)، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: سأله إنسان - وأنا حاضر - فقال : ربّما دخلتُ المسجد، وبعض أصحابنا يصلّون العصر، وبعضهم يصلّون الظهر؟ فقال : أنا أمرتهم بهذا، لو صلّوا على وقت واحد عُرِفوا فأخِذَ برقابهم(4).

7 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن صالح بن سعيد ، عن يونس، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عمّا جاء في الحديث أن صلّ الظهر إذا كانت الشمس قامة وقامتين، وذراعاً وذراعين، وقدماً وقدمين، مَن هذا ومن هذا(5)، فمتى هذا، وكيف هذا، وقد يكون الظلّ في بعض الأوقات نصف قدم ؟(6)قال : إنّما قال : ظلّ القامة، ولم يقل : قامة الظلّ، وذلك أنّ ظلّ القامة يختلف مرَّة يكثر ومرَّة يقلُّ، والقامة قامة أبداً لا تختلف، ثمَّ قال : ذراع وذراعان وقدمٌ وقدمان، فصار ذراعٌ وذراعان تفسيرَ القامة والقامتين في الزمان الّذي يكون فيه ظلّ القامة ذراعاً، وظلّ القامتين ذراعين، فيكون ظلّ القامة والقامتين والذِّراع والذِّراعين متّفقين في كلِّ زمان معروفين، مفسّراً أحدهما بالآخر، مسدِّداً به، فإذا كان الزّمان يكون فيه ظلّ القامة

ص: 263


1- التهذيب 2 نفس الباب، ح 2 و 19 . الاستبصار 1، 147 - باب أول وقت الظهر والعصر، ح 8. والحديث رقم 9 من الباب 148 من نفس الجزء الفقيه 1 ، 32 - باب مواقيت الصلاة ، ح 2 بتفاوت يسير في الجميع .
2- التهذيب 2 نفس الباب، ح 2 و 19 . الاستبصار 1، 147 - باب أول وقت الظهر والعصر، ح 8. والحديث رقم 9 من الباب 148 من نفس الجزء الفقيه 1 ، 32 - باب مواقيت الصلاة ، ح 2 بتفاوت يسير في الجميع .
3- هو سالم بن مكرم.
4- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ح 37 . الاستبصار 1، 147 - باب أول وقت الظهر والعصر، ح 48 وفي سنده سالم مولى أبي خديجة. وفيهما في الذيل : ... تعرفوا فأخذوا برقابهم قوله : عُرفوا ... الخ : أي عرفهم المخالفون بأنهم من الشيعة فتكلوا بهم أو قتلوهم .
5- أي من صاحب الحكم الأول ومن صاحب الحكم الثاني؟
6- قوله : وقد يكون الظل في بعض الأوقات نصف قدم ؛ لعل السائل ظن أن الظل المعبر عنه بالمثل والذرع هو مجموع المتخلف والزائد فقال : قد يكون الظل المتخلف نصف قدم فيلزم أن يؤخر الظهر إلى أن يزيد الفيء ستة أقدام ونصفاً وهذا كثير، أو أنه ظن أن المماثلة إنما تكون بين الفيء الزائد والظل المتخلف، فاستبعد الاختلاف الذي يحصل من ذلك بحسب الفصول فإن الظل المتخلف قد يكون نصف قدم في العراق، وقد يكون خمسة أقدام والأول أظهر وحاصل جوابه(عليه السلام): إن المعتبر في ذلك هو الذراع والذراعان من الفيء الزائد وهو لا يختلف في الأزمان والأحوال ... الخ مرآة العقول للمجلسي 15 34 - 35 هذا، والحديث مجهول مرسل.

ذراعاً ،كان الوقت ذراعاً من ظلِّ القامة، وكانت القامة ذراعاً من الظلّ، فإذا كان ظلُّ القامة أقلَّ [1] و أكثر، كان الوقت محصوراً بالذِّراع والذِّراعين، فهذا تفسير القامة والقامتين والذِّراع والذِّراعين(1).

8 - علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن مسمع بن عبد الملك قال : إذا صلّيت الظهر فقد دخل وقت العصر إلّا أنَّ بين يديها سُبحة، فذلك إليك، إن شئتَ طوّلت وإن شئتَ قصّرت .

172- باب وقت المغرب والعشاء الآخرة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن أحمد بن أَشْيَم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سمعته يقول : وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق، وتدري كيف ذاك؟ قلت: لا، قال: لأنَّ المشرق مطلُّ على المغرب هكذا - ورفع يمينه فوق يساره - ، فإذا غابت هاهنا ذهبت الحمرة مِن هاهنا(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد؛ والحسين بن سعيد، عن القاسم بن عروة، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا غابت الحمرة من هذا الجانب - يعني من المشرق - فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها(3).

ص: 264


1- التهذيب 2 ، 4 - باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها ، ح 18 .
2- التهذيب 2 ، 4 - باب أوقات الصلاة وعلامة كل . . . ، ح 34 . الاستبصار 1 ، 149 - باب وقت المغرب والعشاء الآخرة، ح 20 . هذا وهل يعرف المغرب بسقوط القرص - قرص الشمس - أو به وبزوال الحمرة المشرقية، وهي المعبر عنها بالشفق؟ ذكر صاحب المعتبر أن الذي عليه عمل الأصحاب هو الثاني، كما نسبه جماعة إلى المشهور بل نقل ابن إدريس في سرائره الإجماع عليه ونسبه صاحب المدارك إلى الأكثر. بينما ذهب ابن الجنيد والمرتضى إلى الأول إلى المبسوط والعلل وغيرهما بل ربما نسبه البعض إلى أكثر الطبقة الثالثة وأنهم يرون أن المراد بغروب الشمس غروبها عن أفق المصلي فإذا علم بغروبها عن الأفق كذلك جاز الإفطار والصلاة وإن لم تذهب الحمرة. وأن ذهاب الحمرة إنما جعلت مرجعاً عند الشك في غروب الشمس عن الأفق لاحتمال حجبها بسحاب أو جبل أو غيرهما. ولعل قول الإمام(عليه السلام)في هذا الحديث وتأخذ بالحائطة لدينك، يمكن أن يكون شاهداً لهذا القول الثاني. وأن التأخير إنما كان لاحتمال عدم سقوط القرص لا لوجوب التأخير حتى ذهاب الحمرة تعبداً .
3- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 35 الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 17 . وفي ذيلهما : . . . ومن غربها. هذا، وقد علق أحد فقهائنا المعاصرين على هذا الحديث بقوله : وفيه أن الترتيب في القضية ليس بلحاظ الوجود الخارجي إذ لا ترتب للجزاء على الشرط ، بل بلحاظ الترتب العلمي، وترتب العلم بالجزاء على العلم بالشرط لا يقتضي اقترانهما حدوثا . . .».

3 - عليُّ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إنَّ الله خلق حجاباً من ظلمة ممّا يلي المشرق، ووكّل به مَلَكاً، فإذا غابت الشّمس اغترف ذلك المالك غرفة بيده ثمَّ استقبل بها المغرب، يتبع الشفق ويخرج من بين يديه قليلاً قليلاً، ويمضي فيوافي المغرب عند سقوط الشفق، فيسرح [في] الظلمة ثمَّ يعود إلى المشرق، فإذا طلع الفجر، نشر جناحيه فاستاق الظلمة (1)من المشرق إلى المغرب حتّى يوافي بها المغرب عند طلوع الشمس.

4 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : وقت سقوط القرص ووجوب الإفطار، أن تقوم بحذاء القبلة، وتتفقد الحمرة الّتي ترتفع من المشرق، فإذا جازت قمة الرأس(2)إلى ناحية المغرب، فقد وجب الإفطار وسقط القرص .

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): وقت المغرب إذا غاب القرص، فإن رأيتَ بعد ذلك وقد صلّيت فأعِد الصلاة(3)ومضى صومك(4)وتكفّ عن الطعام إن كنت أصيبت منه شيئاً (5).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس ،عن يزيد بن خليفة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنَّ عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت، قال : فقال أبو عبد الله(عليه السلام): إذاً لا يكذب علينا ،قلت : قال : وقت المغرب إذا غاب القرص، إلّا أنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كان إذا جدَّ به السير أخّر المغرب ويجمع بينها وبين العشاء، فقال : صَدَقَ، وقال: وقت العشاء حين يغيب الشفق إلى ثلث اللّيل، ووقت الفجر حين يبدو حتّى يضيء (6).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سمعته يقول : وقت المغرب إذا

ص: 265


1- الاستباق : السَّوْق . والحديث ضعيف على المشهور ، وما ورد فيه موكول علمه إلى أهله ، فهم(عليه السلام)أدرى به .
2- وظاهر اشتراط جواز الافطار أو الصلاة بذهاب الحمرة المشرقية من مستوى قمة الرأس، وهي أعلاه ووسطه . وقد حمل على الاستحباب والحديث ضعيف على المشهور.
3- لأنه يكون قد صلى قبل دخول الوقت، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على وجوب الإعادة فيما إذا وقعت الصلاة بكاملها خارجه.
4- يدل على أن الافطار مع ظن دخول الليل لا يوجب القضاء .
5- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ح 76 .
6- التهذيب 2 ، 4 - باب أوقات الصلاة وعلامة ... ، ح 46 . الاستبصار 1، 149 - باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح 26 .

غربت الشمس فغاب قُرْصُها(1).

8 - الحسين بن محمّد الأشعريُّ، عن عبد الله بن عامر، عن عليّ بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن زيد الشحّام قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن وقت المغرب؟ فقال : إن جبرائيل(عليه السلام)أتى النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم)لكلّ صلاة بوقتين، غير صلاة المغرب، فإنَّ وقتها واحدٌ، ووقتُها وجوبُها(2).

9 - ورواه، عن زرارة ؛ والفضيل قالا : قال أبو جعفر(عليه السلام): إنَّ لكلِّ صلاة وقتين غير المغرب، فإن وقتها واحد، ووقتها وجوبها، ووقت فوتها (3)سقوط الشفق .

وروي أيضاً أنَّ لها وقتين، آخر وقتها سقوط الشفق .

وليس هذا ممّا يخالف الحديث الأوَّل إنَّ لها وقتاً واحداً، لأنَّ الشفق هو الحمرة، وليس بين غيبوبة الشمس وبين غيبوبة الشفق إلّا شيء يسير ، وذلك أنَّ علامة غيبوبة الشمس بلوغ الحمرة القبلة، وليس بين بلوغ الحمرة القبلة وبين غيبوبتها إلّا قدر ما يصلّي الإنسان صلاة المغرب ونوافلها إذا صلّاها على تؤدة وسكون، وقد تفقّدت ذلك غير مرَّة، ولذلك صار وقت المغرب ضيّقاً.

10 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال قال: سأل - عليُّ بن أسباط أبا الحسن(عليه السلام)- ونحن نسمع - :الشفق: الحُمْرَةُ أو البياض ؟ فقال : الحُمرة، لو كان البياض كان إلى ثلث اللّيل .

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الله بن محمّد الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عمران بن عليّ الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)متى تجب العَتَمَة ؟(4). قال : إذا غاب الشفَق - والشفَقُ الحمرة ، فقال عبيد الله : أصلحك الله ، إنّه يبقى

ص: 266


1- التهذيب 2 ، 4 - باب أوقات الصلاة و ... ، صدر ح 32 . الاستبصار 1 ، 149 - باب وقت المغرب والعشاء الآخرة، ح 5 .
2- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ح73 . الاستبصار ،1، 146 - باب أن لكل صلاة وقتين، ح 4 . وكرر ذكره برقم 36 من الباب 149 أيضاً. ويحتمل رجوع الضمير في (وجوبها) إلى الشمس، إذ أن وجوب الشمس: غروبها وهو أول وقت المغرب. وقد حمل الشيخ في الاستبصار، وكذا في التهذيب قوله(عليهم السلام)فإن وقتها واحد، على الأخبار عن قرب ما بين الوقتين وأنه ليس بينهما من الاتساع ما بين الوقتين في سائر الصلوات، وقال: ولو أن إنساناً تأنى في صلاته وصلاها على تؤدة لكان فراغه منها عند غيبوبة الشفق فكأن الوقتين وقت واحد لضيق ما بينهما. ويقصد رحمه الله بوقتي المغرب غيبوبة الشمس وهو الأول وغيبوبة الشفق وهو الثاني .
3- أي فوت وقتها الفضيلي، وهو ذهاب الحمرة المغربية.
4- العَتَمَة : العشاء الآخرة .

بعد ذهاب الحمرة ضوءٌ شديدٌ مُعْتَرِض ؟ فقال أبو عبد الله(عليه السلام): إنّ الشفق إنّما هو الحمرة ، وليس الضوء من الشَّفَق(1).

12 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن عروة، عن عُبَيد بن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا غربت الشمس دخل وقت الصلاتين، إلّا أنَّ هذه قبل هذه(2).

13 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبَان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قال رسول الله (ص): لولا أن أشقَّ على أُمّتي لأَخّرتُ العشاء إلى ثلث اللّيل»(3).

وروى أيضاً إلى نصف اللّيل(4).

14 -محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن محمّد بن الوليد، عن أَبَان بن عثمان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : وقت المغرب في السَفَر إلى رُبْع اللّيل(5).

15 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليٍّ بن الرَّيَّان قال : كتبت إليه : الرَّجل يكون في الدار، تمنعه حيطانها النظر إلى حمرة المغرب،ومعرفة مغيب الشفق ووقت صلاة العشاء الآخرة، متى يصلّيها ، وكيف يصنع ؟ فوقّع(عليه السلام): يصلّيها - إذا كان على هذه الصفة- قصرة النجوم والمغرب عند اشتباكها وبياض مغيب الشمس قصرة النجوم [إلى] بيانها(6).

ص: 267


1- التهذيب 2 ، 4 - باب أوقات الصلاة وعلامة ... ، ح 54 . الاستبصار 1، 149 - باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح 38 .
2- أي أن المغرب قبل العشاء، وقد دل على وجوب الترتيب بين العشائين كما دل غيره بنفس اللسان على وجوب الترتيب بين الظهرين أيضاً .
3- الاستبصار 1 ، نفس الباب، صدرح 47 بتفاوت يسير . التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت، صدرح 78 بتفاوت يسير .
4- الاستبصار 1 ، 147 - باب أول وقت الظهر والعصر، ذيل ح 52 . التهذيب 2 ، نفس الباب، ضمن ح 41
5- التهذيب 3 ، 23 - باب الصلاة في السفر، ح 119 .
6- التهذيب 2 نفس ،الباب ح 75 وفي ذيله : ... عند قصر النجوم والعشاء عند اشتباكها وبياض مغيب الشمس . الاستبصار 1، 149 - باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح 33 وفي ذيله : عند قصر النجوم، والمغرب عند اشتباكها وبياض مغيب الشمس والظاهر أن ما ورد في ذيل الحديث هنا في الفروع من قوله : قصرة النجوم (أي) بيانها هو من كلام الكليني رحمه الله بقرينة ما ورد في التهذيب بعد إيراد الحديث : قال محمد بن الحسن : معنى قصر النجوم بيانها. والله العالم.

16 - عليُّ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران قال : كتبت إلى الرضا(عليه السلام): ذكر أصحابنا أنّه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر، وإذا غربت دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة، إلّا أن هذه قبل هذه في السفر والحضر، وإنَّ وقت المغرب إلى ربع اللّيل؟ فكتب(عليه السلام): كذلك الوقت، غير أنَّ وقت المغرب ضيّق، وآخر وقتها ذهاب الحمرة ومصيرها إلى البياض في أُفق المغرب(1).

173- باب وقت الفجر

1 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزیار قال : كتب أبو الحسن(2)ابن الحصين إلى أبي جعفر الثاني(عليه السلام) معي : جُعِلْتُ فِداك، قد اختلفت مُوالوك في صلاة الفجر، فمنهم من يصلّي إذ طلع الفجر الأوَّل المستطيل في السماء(3)، ومنهم من يصلّي إذا اعترض في أسفل الأُفق واستبان(4)، ولست أعرف أفضل الوقتين فأُصلّي فيه، فإن رأيت أنَّ تعلّمني أفضل الوقتين وتحدّه لي، وكيف أصنع مع القمر والفجر لا يتبين معه حتّى يحْمَرَّ ويصبح، وكيف أصنع مع الغيم، وما حدُّ ذلك في السفر والحضر فعلتُ إن شاء الله؟، فكتب(عليه السلام)بخطه وقرأته : الفجر - يرحمك الله - هو الخيط الأبيض المعترض ليس هو الأبيض صُعَداء، فلا تُصَلِّ في سفر ولا حضر حتّى تتبيّنه ، فإنَّ الله تبارك وتعالى لم يجعل خلقه في شُبْهةٍ من هذا، فقال:﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾(5)، فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل والشرب في الصوم، وكذلك هو الذي توجَبُ به الصلاة(6).

2 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الرَّحمن بن سالم، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني بأفضل المواقيت في صلاة الفجر ؟ فقال : مع طلوع الفجر، إنَّ الله عزّ وجلَّ يقول: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ

ص: 268


1- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت، ح 74 . الاستبصار 1، 149 - باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح 37
2- فی كل من التهذيب والاستبصار: عن الحسين بن سعيد عن الحصين بن أبي الحصين .
3- هذا هو ما يسمى بالفجر الكاذب وإنما سمي بذلك لكون الأفق مظلماً بعد.
4- هذا هو ما يسمى بالفجر الصّادق، وإنما سمي بذلك لأنه صدقك عن الصبح وبينّه لك.
5- سورة البقرة / 187
6- التهذيب 2 ، 4 - باب أوقات الصلاة وعلامة . . . ، ح 66 بتفاوت قليل . الاستبصار 1، 150 - باب وقت صلاة الفجر، ح 5 بتفاوت يسير أيضاً.

قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾(1)، يعني صلاة الفجر تشهده ملائكة اللّيل وملائكة النّهار، فإذا صلّى العبد الصبح مع طلوع الفجر، أثْبِتَتْ له مرَّتين أثبتها ملائكة اللّيل وملائكة النّهار(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن عطيّة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الصبح ؛ هو الذي إذا رأيته معترضاً كأنه بياض سُورى(3).

4 - عليُّ ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن يزيد بن خليفة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : وقت الفجر حين يبدو حتّى يضيء(4).

5- عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : وقت الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء، ولا ينبغي تأخير ذلك عمداً، لكنّه وقت لمن شُغِلَ أو نسي أو نام(5).

6 - عليُّ بن إبراهيم ، عن عليِّ بن محمّد القاساني، عن سليمان بن حفص المَرْوَزي،عن أبي الحسن العسكريّ(عليه السلام)قال : إذا انتصف اللّيل، ظهر بياض في وسط السماء شِبْهَ عمود من حديد، تضيء له الدُّنيا، فيكون ساعة ثمَّ يذهب ويُظْلم ، فإذا بقي ثلث اللّيل، ظهر بياض من قبل المشرق فأضاءت له الدُّنيا، فيكون ساعة ثمَّ يذهب، وهو وقت صلاة اللّيل، ثمَّ يُظْلم قبل الفجر، ثمَّ يطلع الفجر الصّادق من قِبلَ المشرق . قال : ومن أراد أن يصلّي صلاة اللّيل في نصف اللّيل فذلك له(6).

ص: 269


1- سورة الإسراء / 78
2- التهذيب 2 ، 4 - باب أوقات الصلاة وعلامة . . . ، ح 67 . الاستبصار 1 ، 150 - باب وقت صلاة الفجر ، ح 6 . وفيهما: تثبته بدل أثبتها والحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح.69 . الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 7 الفقيه ،1 ، 77 - باب معرفة الصبح و . . . ، ح ا بتفاوت وسُورى، أو سُوراء : اسم مكان الموضعين في العراق، قرب الحلة وقرب بغداد، ولعل المراد به هنا إما نهر الفرات أو نهر دجلة .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 63 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 2. هذا ويقول المحقق في الشرائع : وما بين طلوع الفجر الثاني - المستطير في الأفق - إلى طلوع الشمس وقت للصبح». وقال أيضا : وما بين طلوع الفجر إلى طلوع الحمرة للمختار في الصبح، وما زاد على ذلك حتى تطلع الشمس للمعذور، وعندي أن ذلك كله للفضيلة.
5- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 72 الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 12 . قوله : إلى أن يتجلّل الصبح السماء: هو كناية عن انتشار ضوئه وشموله .
6- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 213 بتفاوت في الذيل.
174- باب وقت الصلاة في يوم الغَيْم والريح، ومن صلّى لغير القبلة

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن الصلاة باللّيل والنّهار، إذا لم تُرَ الشمسُ ولا القمرُ ولا النجومُ ؟ قال : اجتهد رأيك، وتعمّد القبلة جهدَك(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله الفرّاء، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال له رجلٌ من أصحابنا: ربّما اشتبه الوقت علينا في يوم الغيم؟ فقال: تعرف هذه الطيور الّتي عندكم بالعراق يقال لها : الدِّيَكَة؟ قلت: نعم، قال: إذا ارتفعت أصواتها وتجاوبت فقد زالت الشمس، أو(2)قال : فصلّه(3).

3 - الحسين بن محمّد ،عن عبد الله عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إذا صليّت وأنت على غير القبلة، فاستبان لك أنّك صلّيت على غير القبلة وأنت في وقت، فَأَعِد، فإن فاتك الوقت فلا تُعِدْ (4).

ص: 270


1- التهذيب 2 ، 5 - باب القبلة ، ح 16 . الاستبصار 1 ، 160 - باب من اشتبه عليه القبلة في ... ، ح 5. وكرره في التهذيب 2 ، برقم 46 من الباب 13 فراجع. ويستفاد من هذه الأخبار وجوب التحري عن جهة القبلة، فإن غلب الظن على جهة معينة عوّل عليه، وكذا إن دار أمر ظنه بين جهتين أو ثلاث، وإلا فالمشهور بين فقهائنا في صورة سعة الوقت أن يصلي إلى الجهات الأربع لأن الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية، أو يكرر الصلاة إلى الجهات بمقدار ما يسع الوقت وإن لم يسع إلا صلاة واحدة تخير في إدائها إلى أية جهة شاء .
2- الترديد من الراوي .
3- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ، ح 47 . الفقيه 1 ، 32 - باب مواقيت الصلاة ، ح 23 والديكة : جمع الديك . وهذه العلامة إنما يعوّل عليها - على فرض العمل بهذه الرواية وهي مجهولة - فيما إذا أفادت الاطمئنان بكونها في وقت يستقرب فيه ويطمأن إلى دخول الوقت وإلا فإن صياح الديكة في كثير من الأحيان قد يكون فيما بين الوقتين .
4- التهذيب 2 ، 5 - باب القبلة ، ح 19 . الاستبصار 1 ، 161 - باب من صلّى إلى غير القبلة ثم 1. وكرر ح ذكره في التهذيب ،2 ، برقم 12 من الباب 9 أيضاً. هذا، وقد أجْمَعَ أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه لو أخل بالاستقبال عامداً عالماً بطلت صلاته مطلقاً، وأما لو أخل بها جاهلا بالحكم أو ناسياً أو غافلاً أو مخطئاً في اعتقاده أو في ضيق الوقت فهنا تفصيل. فإن كان منحرفاً عنها إلى ما بين اليمين واليسار فالمشهور بينهم، بل نقل عن بعضهم الاجماع عليه هو صحة صلاته، وذهب البعض كما عن الخلاف والمبسوط والسرائر والغنية وغيرها إلى وجوب الإعادة في هذه الصورة في الوقت إذا انكشف إنه صلى إلى غير القبلة باجتهاده. ولو انكشف له الانحراف عن القبلة ما بين الجهتين في أثناء الصلاة فقد أجمعوا على وجوب استقامته عندها ويبني على صحة ما مضى من صلاته. وأما إذا كان منحرفاً إلى اليمين أو اليسار أو كان مستدبرًا للقبلة فإن اكتشف خطأه في الوقت فقد أجمعوا على وجوب الإعادة عليه لو كان مجتهداً مخطئاً، وأما وجوب القضاء فيما لو كان الانحراف إلى اليمين واليسار فالمشهور بينهم أيضاً عدم وجوب القضاء عليه، وأما لو اكتشف أنه كان مستدبراً للقبلة فالمحكي عدم وجوب القضاء عليه أيضاً عن الحلي والشهيد والعلامة في بعض كتبهم، والشهيد الثاني وولده والميسي والأصفهاني ،وغيرهم، كما حكي وجوب القضاء عليه عن الشيخين وابن زهرة وسلار والعلامة في بعض كتبه واللمعة وجامع المقاصد، بل نسبه الشهيد الثاني في الروضة إلى المشهور. بل قوّى رحمه الله في الروضة وجوب الإعادة مطلقا قال :« والأقوى الإعادة في الوقت مطلقاً لضعف مستند التفصيل الموجب لتقييد الصحيح المتناول بإطلاقه موضع النزاع وعلى المشهور كل ما خرج عن دبر القبلة إلى أن يصل إلى اليمين واليسار يلحق بهما، وما خرج عنهما نحو القبلة يلحق بها ».

4 - وبهذا الإسناد، عن فضالة، عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)في رجل صلّى الغداة بليل، غَرَّهُ من ذلك القمر، ونام حتّى طلعت الشمس، فأخبر أنّه صلّى بِلَيلٍ ، قال : يعيد صلاته(1).

5- عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن إبراهيم النّوفليّ ، عن الحسين بن المختار، عن رجل قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّي رجلٌ مؤذِّن ، فإذا كان يوم الغيم لم أعرف الوقت؟ فقال: إذا صاح الديك ثلاثة أصوات وَلاءً فقد زالت الشّمس، وقد دخل وقت الصّلاة(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من صلّى في غير وقت فلا صلاة له(3).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): يجزىء التحرِّي أبداً إذا لم يعلم أين وجه القبلَة(4).

8 - أحمد بن إدريس ؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسين بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار السّاباطيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : في رجل صلّى على غير القبلة، فيعلم وهو في الصّلاة قبل أن يفرغ من

ص: 271


1- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من ... ، ح .6 . هذا، ولا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم ولا إشكال عندهم في بطلان الصلاة قبل دخول وقتها، يقول المحقق في الشرائع 64/1: «ولو صلّى قبل الوقت عامداً أو جاهلاً أو ناسياً كانت صلاته باطلة ».
2- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ، ح 48 . الفقيه 1 ، 32 - باب مواقيت الصلاة ، ح 24 . هذا، وقد علقنا فيما سبق على كون صياح الديك علامة على دخول الوقت. والحديث هذا ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 42 . وذكره أيضاً برقم 5 من الباب 9 من هذا الجزء الاستبصار 1، 145 - باب من صلى في غير الوقت، ح 1 .
4- التهذيب 2 ، 5 - باب القبلة ، ح 14 . الاستبصار 1، 160 - باب من اشتبه عليه القبلة في ... ، ح 3 . الفقيه 1، 42 - باب القبلة ، ح 5 وفيه : المتحيّر بدل التحري والتحري : الفحص وطلب أحرى الأمرين أو الأمور، والاجتهاد في طلب القبلة.

صلاته؟ قال : إن كان متوجّهاً فيما بين المشرق والمغرب فليحوّل وجهه إلى القبلة ساعة يعلم، وإن كان متوجّهاً إلى دُبُر القبلة فليقطع الصّلاة، ثمَّ يحوّل وجهه إلى القبلة، ثمَّ يفتتح الصّلاة (1).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرَّجل يكون في قَفْر من الأرض في يوم غيم، فيصلّي لغير القبلة ، ثمَّ يصحى فيعلم أنّه صلّى لغير القبلة، كيف يصنع ؟ قال : إن كان في وقت فَلْيُعِد صلاته، وإن كان مضى الوقت فَحَسْبُهُ اجتهاده(2).

10 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن قِبلَة المُتحيّر؟ فقال: يصلّي حيث يشاء وروي أيضاً أنّه يصلّي إلى أربع جوانب .

11 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن رباح، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا صلّيت وأنت ترى أنّك في وقت، ولم يدخل الوقت، فدخل الوقت وأنت في الصلاة، فقد أجْزَاتْ عنك(3).

12 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته : هل كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يصلّي إلى بيت المقدس؟ قال: نعم، فقلت : أكان يجعل الكعبة خَلْفَ ظَهْره؟ فقال: أمّا إذا كان بمكّة فلا ، وأمّا إذا هاجر إلى المدينة فنعم، حتّى حُوّل إلى الكعبة .

ص: 272


1- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 27 . وكرره برقم 13 من الباب 9 من نفس الجزء . الاستبصار 1 ، 161 - باب من صلى إلى غير القبلة ثم تبين ...، ح 11 .
2- التهذيب 2 ، 5 - باب القبلة ، ح 20 . وكرره برقم 11 من الباب 9 من نفس الجزء. الاستبصار 1 ، 161 - باب من صلّى إلى غير القبلة ثم تبين ...، ح 2 . والقفر : الأرض البلقع لا ماء ولا نبات. وقوله : ثم يصحى : أي يذهب الغيم من السماء فتنجلي .
3- التهذيب 2، 4 - باب أوقات الصلاة وعلامة كل . . . ، ح 61 . الفقيه 1 ، 32 - باب مواقيت الصلاة ، ح 21 . ولا بد من حمل قوله (عليهم السلام) وأنت ترى على الاعتقاد والجزم بدخول الوقت ثم ينكشف خطأ اعتقاده، وإلا بأن كان - عندما شرع في الصلاة - ظانا دخول الوقت، فقد ذهب كثير من فقهائنا إلى القول بصحة الصلاة عندئذ أيضاً، وإن خالف فيها البعض منهم فحكموا بوجوب الإعادة إن انكشف الخطأ أثناء الصلاة وذلك لعدم تجويزهم التعويل على الظن في الوقت، كما يستفاد من الحديث أنه لو انكشف وقوع الصلاة بتمامها خارج الوقت بطلان الصلاة ووجوب إعادتها في الوقت.
175- باب الجَمْع بين الصلاتَين

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : صلّى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بالنّاس الظّهر والعصر حين زالت الشّمس في جماعة من غير علّة، وصلّى بهم المغرب والعشاء الآخرة قبل سقوط الشَّفَق من غير علّة في جماعة، وإنّما فعل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ليتّسع الوقت على أُمّته(1).

2 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الله بن سنان قال : شِهِدْتُ المغرب ليلة مَطيرة في مسجد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فحين كان قريباً من الشَّفَق نادوا وأقاموا الصّلاة، فصلّوا المغرب ، ثمَّ أمهلوا بالنّاس حتّى صلّوا ركعتين ، ثمَّ قام المنادي في مكانه في المسجد فأقام الصّلاة، فصلّوا العشاء، ثمَّ انصرف النّاس إلى منازلهم، فسألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن ذلك، فقال: نعم، قد كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عمل بهذا(2).

3- محمّد بن يحيى، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن الحسين بن سَيف، عن حماد بن عثمان، عن محمّد بن حكيم، عن بن حكيم، عن أبي الحسن

(عليه السلام)قال : سمعته يقول: إذا جمعتّ بين الصّلاتين فلا تطوَّع بينهما(3).

4 -علي بن محمّد، عن محمّد بن موسى، عن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال، عن حمّاد بن عثمان ، قال : حدَّثني محمّد بن حكيم قال : سمعت أبا الحسنعن يقول : الجمع بین الصّلاتين إذا لم يكن بينهما تطوّع ، فإذا كان بينهما تطوُّع فلا جمع.

5- علي بن محمّد، عن الفضل بن محمّد، عن يحيى بن أبي زكريا، عن أبان، عن صفوان الجمّال قال: صلى بنا أبو عبد الله(عليه السلام) الظّهر والعصر عندما زالت الشّمس بأذان وإقامتين، وقال : إنّي على حاجة فتنفّلوا(4).

ص: 273


1- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ، ح 83. الاستبصار ،1، 149 - باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح 42 . هذا، وجواز الجمع مطلقاً بين الصلاتين هو مذهب الإمامية كما نص عليه الشهيد في الذكرى وإن كانت النصوص قد دلّت على استحباب التفريق بينهما ليأتي بكل واحدة في وقتها الفضيلي.
2- عمل بهذا : أي بالجمع بين العشائين والحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ، ح 87 والحديث ضعيف . ولعل معناه : أنه مع التطوع لا جمع، كما ينص عليه الحديث التالي مع وحدة الراوي فيهما.
4- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 85 . وقد دل الحديث على جواز الاتيان بنافلة الظهرين بعد العصر. وعلى جواز الجمع وأنه لحاجة. والحديث مجهول.

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن عبّاس النّاقد قال: تفرَّق ما كان في يدي، وتفرَّق عنّي حرفائي(1)فشكوت ذلك إلى أبي محمّد(عليه السلام)(2)فقال لي : اجمع بين الصّلاتين الظّهر والعصر ترى ما تحبُّ (3).

176- باب الصلاة التي تُصَلّى في كل وقت

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن هاشم أبي سعيد المكاريّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد عبد الله(عليه السلام)قال : خمس صلوات تصلّيهنّ في كلِّ وقت : صلاة الكسوف، والصّلاة على الميّت، وصلاة الإحرام، والصّلاة الّتي تفوت، وصلاة الطّواف من الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد العصر إلى اللّيل(4).

2 -محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وأحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار ، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : خمس صلوات لا تُتْرك على كلِّ حال : إذا طفت بالبيت وإذا أردت أن تُحْرم، وصلاة الكسوف، وإذا نسيت فصلّ إذا ذكرتَ ، وصلاة الجنازة(5).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : أربع صلوات يصلّيهنّ الرجل في كلِّ ساعة : صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أدّيتَها، وصلاة ركعتي الطواف الفريضة، وصلاة الكسوف والصلاة على الميّت، هؤلاء تصليهنّ في الساعات كلّها(6).

177- باب التطوّع في وقت الفريضة والساعات التي لا يُصَلّى فيها

1 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن

ص: 274


1- الحرفاء: جمع حريف، وهو المعامل في الحرفة.
2- في التهذيب : إلى أبي عبد الله(عليه السلام). وما هنا في الفروع أظهر.
3- التهذيب 2، نفس الباب، ح 86 . وهذا الحديث وإن دل على استحباب الجمع إلا أنه يمكن تأويله بجمع لا يقتضي طول التفريق، لامتناع أن يكون ترك النافلة بين الظهر والعصر مستحباً. والحديث مجهول أيضاً.
4- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في ... ، ح 140 . وقوله : من الفجر ... الخ : لعله مرد على فقهاء العامة المانعين من الجواز في هذين الوقتين.
5- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في ...، ح 141 . وفي ذيله : . .. والجنازة .
6- الفقيه 1 ، 58 - باب الصلاة التي تصلى في كل وقت، ح 1 بتفاوت قليل. وقوله : طواف الفريضة : أي الطواف الواجب في الحج .

فَضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن زرارة(1)قال : قال لي : أتدري لم جعل الذِّراع والذِّراعان ؟ قال : قلت : لِمَ؟ قال : لمكان الفريضة، لك أن تتنفّل من زوال الشّمس إلى أن يبلغ ذراعاً، فإذا بلغ ذراعاً بدأت بالفريضة وتركت النّافلة (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن منهال قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الوقت الّذي لا ينبغي لي [ أن يتنقّل] إذا جاء الزَّوال؟ قال : ذراع إلى مثله(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته(4)عن الرَّجل يأتي المسجد وقد صلّى أهْلُه(5)، أيبتدىء بالمكتوبة أو يتطوّع؟ فقال : إن كان وقت حَسَن(6)فلا بأس بالتطوّع قبل الفريضة، وإن كان خاف الفوت من أجل ما مضى من الوقت، فليبدأ بالفريضة، وهو حقُّ الله عزَّ وجلَّ ، ثمَّ ليتطوّع بما شاء، إلّا هو موسّع أن يصلّي الإنسان في أوّل دخول وقت الفريضة النّوافل ، إلّا أن يخاف فوت الفريضة، والفضل إذا صلّى الإنسان وحده، أن يبدأ بالفريضة إذا دخل وقتها ليكون فضل أوَّل الوقت للفريضة، وليس بمحظور عليه أن يصلّي النَّوافل من أوَّل الوقت إلى قريب من آخر الوقت(7).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت : أصلّي في وقت فريضة نافلة؟ قال : نعم، في أوَّل الوقت إذا كنت مع إمام تقتدي به فإذا كنت وحدك، فابدأ بالمكتوبة (8).

ص: 275


1- في التهذيب والاستبصار: عن أبي جعفر(عليه السلام).
2- الاستبصار 1، 147 - باب أول وقت الظهر والعصر ، ح 20 بتفاوت يسير . التهذيب 2، 4 - باب وقت الصلاة وعلامة كل . . . ، ضمن ح ضمن ح 55 بتفاوت يسير الفقيه 1 ، 32 - باب مواقيت الصلاة، ضمن ح 8 بتفاوت . وقوله : لمكان القريضة أي إنما جعل ذلك وهو الذراع والذراعان لئلا تزاحم النافلة الفريضة، لا لأن لا يؤتى بالفريضة قبل ذلك .
3- «الضمير المرفوع في (جاء) راجع إلى الوقت والزوال : فاعل : لا ينبغي . والمراد به نافلة الزوال. وقوله : إلى مثله لبيان وقت فضيلة الظهر، أي فصل الظهر إلى ذراع آخر أو لبيان وقت نافلة العصر، والأول أظهر . ... »مرآة المجلسي 54/15 .
4- في التهذيب : سألت أبا عبد الله(عليه السلام).
5- الضمير يعود إلى المسجد يعنى أهل المسجد المصلّين فيه.
6- في وقت حسن أي وقت يتسع للتطوع والفريضة بَعْدُ .
7- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت، ح 88 بتفاوت يسير . وروى صدره بتفاوت إلى قوله : ثم ليتطوع ما شاء، في الفقيه 1 ، 56 - باب الجماعة وفضلها ، ح .75 . قوله(عليه السلام): .... من أول الوقت إلى قريب من ... الخ : المواد بالأول والآخر هنا أول الوقت الفضيلي وآخره .
8- التهذيب 2 ، نفس الباب، نفس الباب، ح 89

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلمٍ قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إذا دخل وقت الفريضة ، أتنفّل، أو أبدأ بالفريضة؟ فقال: إنَّ الفضل أن تبدأ بالفريضة، وإنّما أخّرت الظهر ذراعاً من عند الزَّوال من أجل صلاة الأوّابين(1).

6 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلمٍ قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) : إذا دخل وقت الفريضة، أتنفّل أو أبدأ بالفريضة؟ قال: إنَّ الفضل أن تبدأ بالفريضة.

7 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن عدَّة من أصحابنا أنّهم سمعوا أبا جعفر(عليه السلام)يقول: كان أميرالمؤمنين صلوات الله عليه لا يصلّي من النّهار حتّى تزول الشمس، ولا من اللّيل بعدما يصلّي العشاء الآخرة حتّى ينتصف اللّيل(2).

معنى هذا أنّه ليس وقت صلاة فريضة ولا سنّة، لأنَّ الأوقات كلّها قد بيّنها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فأمّا القضاء - قضاء الفريضة - وتقديم النّوافل وتأخيرها فلا بأس .

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه رفعه قال: قال رجل لأبي عبد الله(عليه السلام): الحديث الذي روي عن أبي جعفر(عليه السلام): أن الشمس تطلع بين قرني الشيطان؟ قال: نعم، إنَّ إبليس اتخذ عرشاً بين السماء والأرض، فإذا طلعت الشمس وسجد في ذلك الوقت النّاسُ قال إبليس الشياطينه : إنَّ بني آدم يُصَلُّون لي(3).

9 - علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن راشد ،عن الحسين بن أسلم قال : قلت لأبي الحسن الثّاني(عليه السلام): أكون في السّوق فأعرف الوقت، ويضيق عليَّ أن أدخل فأصلّي ؟ قال : إِنَّ الشَّيطان يقارن الشمس في ثلاثة أحوال : إذا ذرّت(4)، وإذا كَبَّدَت (5)، وإذا غربت، فصلِّ بعد الزوال، فإنَّ الشيطان يريد أن يوقعك على حدّ يقطع بك دونه(6).

ص: 276


1- المقصود بصلاة الأوّابين : نافلة الزوال.
2- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ح 97 . الاستبصار 1 ، 151 - باب وقت نوافل النهار، ح 1 . هذا، وقد دل الحديث على عدم جواز تقديم نافلة الزوال على الزوال، وهو المشهور عند أصحابنا إلا يوم الجمعة، فإنه يجوز التقديم فيه لما دل عليه من نصوص صريحة، ولكن الذي نقل عن الشهيد وصاحب المدارك والأردبيلي جواز التقديم مطلقاً، وهنالك قول ثالث بالرخصة بتقديمها ذكره الشيخ في التهذيب وصرّح بالميل إليه.
3- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 105 .
4- ذرّت الشمس : طلعت.
5- أي توسطت، وصارت في كبد السماء .
6- أي يريد الشيطان أن يقطع الطريق متلبساً بك عند الحد، ولذا ففوّت عليه هذه الفرصة بصلاتك بعد الزوال.
178- باب من نام عن الصلاة أو سَهى عنها

1 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : إذا نسيت صلاة، أو صلّيتها بغير وضوء، وكان عليك قضاء صلوات، فابدأ بأوَّلهنَّ فأذَّن لها وأقم، ثمّ صلّها، ثمَّ صلّ ما بعدها بإقامة، إقامة لكلِّ صلاة(1)، وقال: قال أبو جعفر(عليه السلام) : وإن كنت قد صلّيت الظّهر، وقد فاتتك الغداة فذكرتها، فصلِّ الغداة أيَّ ساعة ذكرتها ولو بعد العصر، ومتى ما ذكرت صلاة فاتتك صلّيتها ؛ وقال : إن نسيت الظهر حتّی صلّيتَ العصر، فذكرتها وأنت في الصّلاة، أو بعد فراغك، فانوها الأُولى ثمَّ صلَّ العصر فإنّما هي أربع مكان أربع(2)، فإن ذكرت أنَّك لم تصلِّ الأولى وأنت في صلاة العصر وقد صلّيت منها ركعتين ، فانْوِها الأُولى، ثمَّ صلّ الرّكعتين الباقيتين، وقم فصلِّ العصر، وإن كنت قد ذكرت أنّك لم تصلّ العصر حتّى دخل وقت المغرب، ولم تَخَفْ فَوْتَها، فصلِّ العصر ثمَّ صلّ المغرب، وإن كنت قد صلّيت المغرب فقم فصل العصر، وإن كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر، ثم قم فأتمها ركعتين، ثم سلّم، ثم تصلي المغرب، فإن كنت قد صليت العشاء الآخرة ونسيت المغرب، فقم فصلّ المغرب، وإن كنت ذكرتها وقد صلّيت من العشاء الآخرة ركعتين، أو قمت في الثّالثة فانوها المغرب، ثمَّ سلّم، ثمَّ قم فصلِّ العشاء الآخرة، وإن كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتّى صلّيت الفجر، فصلِّ العشاء الآخرة، وإن كنت ذكرتها وأنت في الركعة الأُولى أو في الثّانية من الغداة، فانوِها العشاء، ثمَّ قم فصلِّ الغداة، وأذِّن وأقم، وإن كانت المغرب والعشاء الآخرة قد فاتتاك جميعاً، فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة ابدأ بالمغرب ثمَّ العشاء الآخرة، فإن خشيت أن تفوتك الغداة إن بدأت بهما، فابدأ بالمغرب، ثمَّ بالغداة، ثمَّ صلّ العشاء، فإن خشيت أن تفوتك الغداة إن بدأت بالمغرب، فصلِّ الغداة(3)، ثمَّ َصلِّ المغرب والعشاء، ابدأ بأوّلهما لأنّهما جميعاً قضاء، أيُّهما ذكرت فلا

ص: 277


1- دل على أن الأذان إنما يكون للصلاة الأولى، وأما ما بعدها من الفوائت فلا أذان لها بل يقتصر على الإقامة فقط ، وعليه يحمل ما دل من الروايات على استحباب الأذان لكل صلاة على الصلاة الأدائية فقط.
2- دلّ على جواز العدول بالنية لمن ذكر فوات السابقة وهو في اللاحقة، إذا لم يفت محل العدول مع التفاوت في عدد الركعات، وعليه عمل الأصحاب رضوان الله عليهم. كما يدل على جواز العدول بالنية إلى السابقة حتى بعد الفراغ من اللاحقة وذلك فيما إذا تساويا في عدد الركعات .
3- دل كل ذلك على عدم جواز القضاء إذا زاحم الأداء مع تضيّق وقته، لأن الفضاء موسّع . كما يشير إليه ذيل الحديث.

تصلّهما إلّا بعد شعاع الشّمس(1)، قال: قلت: لم ذاك؟ قال: لأنّك لست تخاف فوتها(2).

2 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سألته عن رجل نسي الظهر حتّى دخل وقت العصر؟ قال: يبدأ بالظّهر، وكذلك الصّلوات، تبدأ بالّتي نسيت، إلّا أن تخاف أن يخرج وقت الصّلاة، فتبدأ بالّتي أنت في وقتها، ثمَّ تصلّي الّتي نسيت (3).

3-عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)أنه سئل عن رجل صلّى بغير طهور، أو نسي صلوات لم يصلّها، أو نام عنها؟ فقال : يقضيها إذا ذكرها في أيِّ ساعة ذَكَرَها من ليل أو نهار ، فإذا دخل وقت الصّلاة ولم يتمَّ ما قد فاته ، فليقضِ ما لم يتخوَّف أن يذهب وقت هذه الصلاة الّتي قد حضرت، وهذه أحقُّ بوقتها، فليصلّها، فإذا قضاها فليصلّ ما فاته ممّا قد مضى، ولا يتطوّع بركعة حتّى يقضي الفريضة كلّها(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ؛ ومحمّد بن خالد، جميعاً عن القاسم بن عروة، عن عُبيد بن زرارة، عن أبيه، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أُخرى، فإن كنتَ تعلم أنّك إذا صليت الّتي فاتتك كنت من الأُخرى في وقت، فابدأ بالّتي فاتتك ، فإنَّ الله عزّ وجلَّ يقول :﴿ أقِمْ الصّلاة لذِكري﴾(5)، وإن كنتَ تعلم

ص: 278


1- دل على كراهة الصلاة قضاءً أيضاً عند طلوع الشمس، كما دلت عليه الروايات، لأنها تطلع بين قَرْنَي شيطان كما تقدم .
2- التهذيب ،3 10 - باب أحكام فوائت الصلاة، ح ا بتفاوت يسير .
3- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في ...، ج 142 . وكرره برقم 106 من الباب 13 من نفس الجزء وفي الموردين : ثم تقضي التي نسيت بدل ثم تصلي ... الخ . الاستبصار 1 ، 157 - باب من فاتته صلاة فريضة فدخل . . . ، ح 1 .
4- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في ... ، ح 143 . وكرره برقم 96 من الباب 13 من نفس الجزء . وبرقم 2 من الباب 10 من الجزء 3 من التهذيب أيضاً . وروى صدره فقط برقم 139 من الباب 9 من الجزء الثاني من التهذيب. الاستبصار 1 ، 156 - باب وقت من فاتته صلاة الفريضة هل يجوز له أن . . . ، ح 1 . هذا، وعن الذكرى والدروس للشهيد الأول، وجامع المقاصد، وحاشية الإرشاد والمسالك، والمدارك وغيرها جواز الإتيان بالنافلة أداءً كانت أو قضاءً في وقت الفريضة، بل قال في الدروس إنه الأشهر بينما نسب المنع إلى الشيخين وإتباعهما. وعن جامع المقاصد أن المنع هو المشهور بين أصحابنا، ونسب في الذكرى إلى متأخري الأصحاب شهرة منع صلاة النافلة لمن عليه فريضة وقد استدل للمنع بهذا الحديث وغيره.
5- سورة طه / 14 .

أنّك إذا صليت الّتي فاتتك، فاتتك الّتي بعدها، فابدأ بالّتي أنت في وقتها فصلّها، ثمَّ أقِم الأُخرى(1)

5- الحسين بن محمّد الأشعريُّ، عن معلّى بن محمّد، عن أَبَان بن الوشّاء، عن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن رجل نسي صلاة حتّى دخل وقت صلاة أُخرى؟ فقال : إذا نسي الصّلاة، أو نام عنها، صلّى حين يذكرها، فإذا ذكرها وهو في صلاة ، بدأ بالّتي نسي، وإن ذكرها مع إمام في صلاة المغرب، أنمّها بركعة، ثمَّ صلّى المغرب، ثمَّ صلّى العَتَمَة بعدها، وإن كان صلّى العَتَمة وحده فصلّى منها ركعتين، ثمَّ ذكر أنّه نسي المغرب، أتمّها بركعة، فيكون صلاة المغرب ثلاث ركعات، ثمَّ يصلّي العَتَمَة بعد ذلك(2).

6 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ،عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: سألته عن رجل نسي الظّهر حتّى غربت الشّمس، وقد كان صلّى العصر؟ فقال : كان أبو جعفر(عليه السلام)أو(3)كان أبي(عليه السلام)يقول : إن أمكنه أن يصلّيها قبل أن يفوته المغرب بَدَأ بها، وإلّا صلّى المغرب، ثمَّ صلاها(4).

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن رجل أمَّ قوماً في العصر ، فذكر وهو يصلّي أنّه لم يكن صلّى الُأولى؟(5)قال : فليجعلها الأُولى الّتي فاتته، وليستأنف بعدُ صلاة العصر، وقد مضى القوم بصلاتهم (6).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل نسي أن يصلّي الصّبح حتّى طلعت الشمس؟ قال: يصَلّيها حين يذكرها، فإنّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) رقد عن صلاة الفجر حتى طلعت الشّمس، ثمَّ صلّاها حين استيقظ، ولكنّه تنحّى عن مكانه ذلك ثمَّ صلّى(7).

ص: 279


1- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ، ح 107 وفي ذيله : وأقم الأخرى. الاستبصار ،1، 157 - باب من فاتته صلاة فريضة فدخل عليه وقت ... ، ح 2 وفي ذيله : واقض الأخرى.
2- التهذيب ،2 نفس الباب، ح 108 . والعتمة : صلاة العشاء .
3- الترديد من الراوي .
4- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت، ح 110
5- يعني الظهر.
6- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة . . . . ، ح 78 بتفاوت قليل.
7- «والتنحّي لكراهة ذلك الموضع الذي أغفلهم الشيطان فيه عن الصلاة كما هو المصرح في خبر أورده في الذكرى» مرآة المجلسي 15 / 65 .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن النّعمان، عن سعيد الأعرج قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : نام رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عن الصبح ، والله عزَّ وجلَّ أنامه(1)حتّى طلعت الشمس عليه، وكان ذلك رحمة من ربك للناس، ألا ترى لو أنَّ رجلاً نام حتى تطلع الشَّمس لَعَيَّره النّاس وقالوا : لا تتورع لصلواتك، فصارت أسوة وسنة، فإن قال رجل لرجل: الصلاة، قال: قد نام رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فصارت أسْوَةً ورحمةً، رحم الله سبحانه بها نمت عن هذه الأُمّة.

10 - عليَّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة؛ والفضيل، عن أبي جعفر(عليه السلام)في قول الله تبارك اسمه : ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ قال : يعني مفروضاً، وليس يعني وقت فوتها إذا جاز ذلك الوقت ثمَّ صلّاها لم تكن صلاته هذه مؤدَّاة ، ولو كان ذلك لهلك سليمان بن داود(عليه السلام)حين صلّاها لغير وقتها، ولكنّه متى ما ذكرها صلّاها ، قال : ثمَّ قال : ومتى استيقنتَ أو شككتَ في وقتها أنَّك لم تصلّها، أو في وقت فوتها أنّك لم تصلّها صلّيتها، فإن شككت بعدما خرج وقت الفوت، فقد دخل حائل، فلا إعادة عليك من شكّ حتّى تستيقن فإن استيقنتَ فعليك أن تصلّيها في أيِّ حال كنت(2).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في رجل نام عن العَتَمة فلم يقم إلّا بعد انتصاف اللّيل، قال: يصلّيها ويصبح صائماً(3).

179- باب بناء مسجد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)

1 - علي بن محمّد ؛ ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر؛ وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سمعته يقول: إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بنى مسجده بالسُّمَيْط(4)، ثمَّ إِنَّ

ص: 280


1- بدل على أنه(صلی الله علیه وآله وسلم)إنما نام بإرادة الله سبحانه لذلك لمصلحة يقتضيها، ولم يكن عن سهو إطلاقاً، لأن السهو والغفلة مستحيلة عليه إجماعاً من أصحابنا رضوان الله عليهم لمكان عصمته(صلی الله علیه وآله وسلم).
2- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ح 135 وروى ذيل الحديث بتفاوت.
3- والإصباح صائماً حمله المشهور على الاستحباب ، وإن ذهب الشيخ وجماعة إلى القول بوجوبه مطلقاً عن عمد كان ترك صلاة العشاء أو عن سهو.
4- السُمَيط : - كما في القاموس - الآجُرّ القائم بعضه فوق بعض .

المسلمين كثروا فقالوا : يا رسول الله ، لو أمرت بالمسجد فزيد فيه، فقال: نعم، فأمر به فزيد فيه، وبناه بالسّعَيدة(1)، ثمَّ إِنَّ المسلمين كثروا فقالوا : يا رسول الله ، لو أمرتَ بالمسجد فزيد فيه، فقال: نعم، فأمر به فزيد فيه وبنى جداره بالأُنثى ،والذكر، ثمَّ اشتدَّ عليهم الحرُّ فقالوا : يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فَظُلّل، فقال: نعم، فأمر به فأُقيمت فيه سواري من جذوع النّخل، ثمَّ طُرِحَت عليه العوارض والخُصُف(2) والإذخر(3)، فعاشوا فيه حتّى أصابتهم الأمطار، فجعل المسجد يكِفُ(4)عليهم ، فقالوا : يا رسول الله ، لو أمرتَ بالمسجد فَطُيِّن، فقال لهم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): لا ، عريشٌ كعريش موسى(عليه السلام)، فلم يزل كذلك حتى قُبض رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وكان جداره قبل أن يُظَلّل قامة، فكان إذا كان الفيء ذراعاً وهو قدر مربض عَنْز، صلّى الظهر، وإذا كان ضعف ذلك صلّى العصر. وقال : السُّمَيط : لبنة لبنة، والسّعيدة : لبنة ونصف، والذِّكر والأُنثى لبنتان مخالفتان(5).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن المسجد الّذي أُسّس على التّقوى؟ قال : مسجد قُبا (6).

3 - أحمد بن إدريس وغيره عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عمرو بن سعيد قال : حدَّثني موسى بن أكيل، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): كم كان مسجد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ قال : كان ثلاثة آلاف وستّمائة ذراع تكسيراً(7).

180- باب ما يستتر به المصلّي ممّن يَمِّرّ بين يديه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن

ص: 281


1- السّعيد: ثلث اللبِنَة، وبالتصغير : ربعها .
2- الخَصَفَة : النخلة من الخوص للتمر، جمع خصف - كما في القاموس -.
3- الإِذْخِر: الحشيش الأخضر.
4- وَكَفَ البيت : أي قَطَر ... - كما في القاموس ..
5- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و ...، ح 58 .
6- التهذيب 2 نفس الباب ح 56 . وفي سنده حماد بن عثمان، بدل: حمّاد بن عيسى .
7- التهذيب ، نفس الباب، ح 57 بتفاوت يسير قوله(عليه السلام): تكسيراً : أي كان هذا حاصل ضرب الطول في 3 العرض فاستعمل لفظ التكسير في الضرب مجازاً ، وفي بعض النسخ مكسرة ، فيحتمل أن يكون إشارة إلى ذراع مخصوص كما ذكره المطرزي حيث قال في المغرب ؛ الذراع المكسرة ست ،قبضات، وهي ذراع القامة، وإنما وصفت بذلك لأنها نقصت عن ذراع الملك بقبضة، وهو بعض الأكاسرة، لا كسرى الأخير، وكانت ذراعه ست قبضات مرآة المجلسي 15 / 68 - 69 .

وهب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يجعل العَنَزَة بين يديه إذا صلّى(1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: كان طول دخل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ذراعاً، وكان إذا صلّى وضعه بين يديه، يستتر به ممّن يمر بين يديه(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل هل يقطع صلاته شيءٌ ممّا يمرُّ بين يديه؟ فقال: لا يقطع صلاةَ المؤمن شيءٌ، ولكن ادرؤوا ما استطعتم(3).

4 - وفي رواية ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا يقطع الصّلاة شيء، لا كلب ولا حمار ولا امرأة، ولكن استتروا بشيء، فإن كان بين يديك قدر ذراع رافعاً من الأرض فقد استترتَ(4).

[قال الكليني : ] والفضل في هذا أن تستتر بشيء وتضع بين يديك ما تتّقي به من المارّ، فإن لم تفعل فليس به بأس، لأنَّ الّذي يصلّي له المصلّي أقرب إليه ممّن يمرُّ بين يديه، ولكن ذلك أدب الصّلاة وتَوْقيرها .

5 - عليُّ بن إبراهيم رفعه، عن محمّد بن مسلم قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله(عليه السلام)فقال له : رأيتُ ابنك موسى(عليه السلام)يصلّي والنّاس يمرُّون بين يديه فلا ينهاهم، وفيه ما فيه، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): ادعوا لي موسى، فدُعي فقال له : يا بنيَّ، إنَّ أبا حنيفة يذكر

، أنك كنتَ تصلّي والنّاس يمرُّون بين يديك فلم تنههم ؟ فقال : نعم، يا أبهُ إِنَّ الَّذي كنت أصلّي

ص: 282


1- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 172 . الاستبصار ،1، 245 - باب ما يمر بين يديّ المصلي ، ح 1 . والعَنَزَة : أطول من العصا وأقصر من الرمح - كما في الصحاح ..
2- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 173 . ورواه ذيل حبرقم 114 من الباب 11 وذيل ح برقم 2 من الباب 240 من الجزء من الاستبصار بتفاوت فيهما الاستبصار 1 ، 245 - باب ما يمر بين يدي المصلّي ، ح 2 . والرَّحل : - للبعير - على ما في النهاية، كالسرج للفرس ، وقيل : أريد بطول الرحل ارتفاعه من الأرض ، يعني : : السمك ويدل الحديث كسابقه على استحباب اتخاذ المصلّي سترة، وهو مما أجمع عليه الأصحاب رضوان الله عليهم، وقدرت بمقدار ذراع، واستحبابها مطلق بحسب الظاهر إن في الصحاري والأماكن المكشوفة أو في الأبنية إذا كان موقف المصلي بعيداً عن الحائط أو السارية.
3- التهذيب ،2، نفس الباب، ح 174 وفيه المسلم بدل المؤمن الاستبصار 1، نفس الباب، ح 3 وقوله(عليه السلام): أدرؤوا . . . : أي ادفعوا المار، وقد استدل الشهيد في الذكرى بهذا الحديث على استحباب دفع المارّ من أمام المصلّي، ولكن بشرط عدم انجرار ذلك إلى القتال والعراك، وإلا لم يجز.
4- التهذيب ،2 نفس الباب ح 175 . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 4 .

له كان أقرب إليَّ منهم يقول الله عزّ وجلَّ: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾(1)قال : فضمّه أبو عبد الله(عليه السلام)إلى نفسه ثمَّ قال : [ يا بنيَّ] بأبي أنت وأُمّي، يا مُودَعَ الأسرار .

وهذا تأديب منه(عليه السلام)لا أنّه ترك الفضل(2).

181- باب المرأة تصلّي بحيال الرجل والرجل يصلّي والمرأة بحياله

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في المرأة تصلّي إلى جنب الرَّجل، قريباً منه؟ فقال : إذا كان بينهما موضع رَحْل فلا بأس .

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الرَّجل يصلّي والمرأة بحذاه يمنة أو يسّرَة؟ قال : لا بأس به إذا كانت لا تصلّي .

3 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن سنان، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في الرّجل والمرأة يصلّيان في وقت واحد، المرأة عن يمين الرَّجل، بحذاه؟ قال : لا ، إلّا أن يكون بينهما شبرٌ أو ذراع(3).

4 - علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال : سألته عن الرَّجل يصلّي في زاوية الحجرة، وامرأته

ص: 283


1- سورة ق / 16 . وحبل الوريد :عرق في الحلق بين الحلقوم والعلباوين وهما عَصَبا العنق قوله (عليه السلام): وفيه ما فيه : أي في هذا الفعل ما فيه من الكراهة أو فيه(عليه السلام)ما فيه من ظن الإمامة والأول أظهر. قوله(عليه السلام): وهذا تأديب منه الظاهر أن هذا كلام الكليني، وفي بعض النسخ : قال الكليني، وربما يتوهم أنه من كلام الإمام(عليه السلام)ويمكن أن يكون مراده أن هذا كان منه(عليه السلام) تأديباً لأبي حنيفة ولذا طلبه ليعلم أنه(عليه السلام)لم يترك الفضل الخ» مرآة المجلسي 15 / 70 - 71
2- سورة ق / 16 . وحبل الوريد :عرق في الحلق بين الحلقوم والعلباوين وهما عَصَبا العنق قوله (عليه السلام): وفيه ما فيه : أي في هذا الفعل ما فيه من الكراهة أو فيه(عليه السلام)ما فيه من ظن الإمامة والأول أظهر. قوله(عليه السلام): وهذا تأديب منه الظاهر أن هذا كلام الكليني، وفي بعض النسخ : قال الكليني، وربما يتوهم أنه من كلام الإمام(عليه السلام)ويمكن أن يكون مراده أن هذا كان منه(عليه السلام) تأديباً لأبي حنيفة ولذا طلبه ليعلم أنه(عليه السلام)لم يترك الفضل الخ» مرآة المجلسي 15 / 70 - 71
3- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 114 . الاستبصار 1، 240 - باب المرأة تصلي بحيال الرجل و ...، ح 2 بزيادة فيهما في الآخر وتفاوت قليل. هذا وقد نسب إلى الشيخين وأتباعهما، تارة، وإلى أكثر أصحابنا المتقدمين أخرى، وإلى أكثر علمائنا وإلى المشهور ،ثالثة بل عن الخلاف إجماعهم على المنع من أن يصلي الرجل والمرأة في مكان واحد بحيث تكون المرأة مقدمة على الرجل أو مساوية له من دون حائل بينهما كما أن الحلي وأكثر المتأخرين واختاره في القواعد والشرائع بل نسبه البعض إلى عامة المتأخرين من أصحابنا ذهبوا إلى القول بالجواز مع الكراهة، وكل من الفريقين استدل ببعض الروايات . هذا وقد نقل في المعتبر إجماع أصحابنا على سقوط المنع مع الحائل بينهما، وما ذلك إلا لاختصاص أدلة الكراهة بصورة عدمه. وكذا يزول المنع مع كون التباعد بينهما عشرة أذرع إجماعاً كما ذكره في المنتهى والمعتبر ، بل عن جامع المقاصد وغيره أنهم رضوان الله عليهم أجمعوا على زوال الكراهة في هذه الصورة أيضاً.

أو ابنته تصلّي بحذاه في الزَّاوية الأُخرى؟ فقال : لا ينبغي له ذلك، فإن كان بينهما شبرّ أجزأه ؛ قال : وسألته عن الرَّجل والمرأة يتزاملان في المحمل، يصلّيان جميعاً؟ فقال: لا، ولكن يصلّي الرَّجل ، فإذا صلّى صَلَّيت المرأة(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن إدريس بن عبد الله القميّ قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الرَّجل يصلّي وبحياله امرأة قائمة على فراشها جَنْبَته؟ فقال : إن كانت قاعدة فلا يضرَّه، وإن كانت تصلّي، فلا (2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يصلّي، وعائشة نائمة معترضة بين يديه وهي لا تصلّي(3).

7- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عمّن رواه،عن أبي عبد الله(عليه السلام): في الرَّجل يصلّي والمرأة تصلّي بحذاه، أو إلى جانبه؟ فقال: إذا كان سجودها مع ركوعه فلا بأس(4).

182- باب الخشوع في الصلاة وكراهية العَبَث

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إذا قمت في الصّلاة فعليك بالإقبال على صلاتك(5)، فإنّما يحسب لك منها ما أقبلتَ عليه، ولا تعبث فيها بيدك ولا

ص: 284


1- التهذيب ،2 نفس الباب، ح 113 . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 1 ورويا صدر الحديث إلى قوله : أَجْزَاه وروى ذيله في التهذيب 2 ، نفس ،الباب ح 115 . وفي الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ح 3. بتفاوت فيهما.
2- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 118 بتفاوت والمراد بكونها قاعدة عدم اشتغالها في الصلاة في قبال كونها مقيمة لها وهو ما عبّر عنه بقوله : قائمة .
3- الحديث مرسل .
4- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 113. الاستبصار 1، 240 - باب الرجل يصلي والمرأة تصلّي بحذاه ، ح .. بتفاوت فيهما في بعض السند. «قوله(عليه السلام): إذا كان سجودها ... ، أي يكون موضع جبهتها ساجدة محاذياً لما يحاذي رأسه راكعاً، وهذا يدل على عدم وجوب تأخرها بجميع البدن كظواهر بعض الأخبار السابقة» مرآة المجلسي 74/15. والحديث مرسل .
5- المراد من الإقبال على الصلاة - كما يقول الشيخ البهائي رحمه الله - رعاية آدابها الظاهرة والباطنة وصرف البال عما يعتري في أثنائها من الأفكار الدنية والوساوس الدنيوية وتوجه القلب إليها الخ .

برأسك ولا بلحيتك، ولا تحدّث نفسك ولا تتثاءب ولا تتمطّ(1)، ولا تكفّر(2)، فإنّما يفعل ذلك المجوس، ولا تَلَثَّم ولا تحتفز(3)[ولا] تفرَّج كما يتفرّج البعير ، ولا تقع على قدميك، ولا تفترش ذراعيك، ولا تفرقع أصابعك فإنَّ ذلك كلّه نقصان من الصّلاة، ولا تقم إلى الصّلاة متكاسلاً ولا متناعساً ولا متثاقلاً، فإنّها من خلال(4) النّفاق، فإنَّ الله سبحانه نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصّلاة وهم سكارى، يعنى سُكْرَ النّوم، وقال للمنافقين : ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾(5).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن أبي الحسن الفارسيّ، عمّن حدَّثه ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إنّ الله كره لكم أيّتها الأُمّة أربعاً وعشرين خصلة، ونهاكم عنها ، كره لكم العَبَثَ في الصّلاة».

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كنت دخلتَ في صلاتك، فعليك بالتخشّع والإقبال على صلاتك، فإنَّ الله عزَّوجلَّ يقول :﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ (6).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وأبو داود جميعاً عن الحسين بن سعيد، عدَّةٌ عن عليِّ بن أبي جهمة، عن جهم بن حميد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان أبي(عليه السلام)يقول : كان عليُّ بن الحسين صلوات الله عليهما إذا قام في الصّلاة كأنّه ساق شجرة، لا يتحرّك منه شيء إلّا ما حركه الرِّيح منه .

5 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبْعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : كان عليُّ(عليه السلام)قال : كان عليُّ بن الحسين صلوات الله عليهما إذا قام في الصلاة، تغيّر لونه، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتّى يَرْفَضُّ عرقاً (7).

ص: 285


1- كل هذه الأمور المذكورة محمولة على الكراهة في الصلاة بإجماع أصحابنا .
2- التكفير : وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في الصلاة كما يفعله المخالفون والنهي فيه محمول على التحريم عند أكثر أصحابنا رضوان الله عليهم، بل أن فعله موجب لبطلان الصلاة عند الأكثر أيضا، بل نقل الشيخ والسيد المرتضى الإجماع عليه، حيث لم يخالف في ذلك إلا المحقق في المعتبر موافقاً لأبي الصلاح القائل بالكراهة، وقد ناقشه الشيخ في الذكرى مناقشة طويلة فراجع.
3- الاحتفاز التضامّ عند الجلوس والاجتماع وهما مندوبان للمرأة مكروهان للرجل.
4- أي من صفات النفاق.
5- سورة النساء / 142
6- سورة المؤمنون / 2 .
7- ارفضاض الدموع - كما في القاموس - ترشّفها. والحديث مجهول كالصحيح وأخرجه في التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و...، ح 1 .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا استقبلت القبلة بوجهك، فلا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك، فإنَّ الله عزّ وجلَّ قال لنبيّه(صلی الله علیه وآله وسلم)في الفريضة:﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾(1)واخشع ببصرك ولا ترفعه إلى السماء، وليكن حذاء وجهك في موضع سجودك(2).

7- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن أَبَان بن عثمان، عن الفضيل بن يسار، عن أحدهما(عليهم السلام)أنه قال في الرَّجل يتثاءب ويتمطّى في الصلاة، قال : هو من الشيطان ولا يملكه(3).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الوليد(4)قال : كنت جالساً عند أبي عبدالله(عليه السلام)، فسأله ناجية أبو حبيب فقال له : جَعَلَني الله فِداك، إنَّ لي رحى أطحن فيها، فربّما قمت في ساعة من اللّيل فأعرف من الرحى أنَّ الغلام قد نام، فأضرب الحائط لأوقظه ؟ قال : نعم، أنت في طاعة الله عزَّ وجلَّ تطلب رزقه (5)

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى رفعه ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا قمت في الصلاة، لا تعبَثْ بلحيتك ولا برأسك، ولا تعبَثْ بالحصى وأنت تصلّي، إلّا أن تسوي حيث تسجد فإنّه لا بأس.

ص: 286


1- سورة البقرة / 144 .
2- التهديب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما . باب أحكام السهو في الصلاة وما . . . ، ح 83 وكرره برقم 2 00، ح 83 . وكرره برقم 2 من الباب 15 من هذا الجزء من التهذيب أيضاً. الاستبصار 1، 244 - باب الالتفات في الصلاة إلى الاستدبار، ح .. هذا ولا خلاف بين أصحابنا في الجملة، بل عن غير واحد دعوى الاجماع على أن تعمد الالتفات بتمام البدن إلى الخلف موجب البطلان الصلاة، وإن كان هنالك خلاف بينهم فهو في أن المبطل كون الالتفات بتمام البدن وعدمه وكونه إلى الخلف وعدمه وذلك تبعاً لاختلاف النصوص هذا وقد حمل الشهيد في الذكرى عن بعض معاصريه أن الالتفات بالوجه يقطع الصلاة مطلقاً، كما حمل هذه الرواية هناك على الالتفات بكل البدن .
3- التهذيب ،2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ذيل ح 184 بتفاوت وستد مختلف.
4- الظاهر أنه ذريح المحاربي ويحتمل أنه المثنى بن الوليد .
5- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 185 . الفقيه 1 ، 53 - باب المصلي يريد الحاجة ، ح 7 بتفاوت ويدل على أن الضرب على الحائط أو تحريك اليد بالإشارة أثناء الصلاة لحاجة يريد المصلّي التنبيه عليها لا يبطل الصلاة. ولا بد من تقييده بما إذا لم يؤد إلى محو صورة الصلاة فيكون مبطلا وغير جائز .
183- باب البكاء والدعاء في الصلاة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): ينبغي لمن يقرأ القرآن إذا مرَّ بآية من القرآن فيها مسألة أو تخويف أن يسأل الله عند ذلك خير ما يرجو، ويسأله العافية من النّار، ومن العذاب(1).

2-الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد عثمان، عن بن سعيد بيّاع السابريّ قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أَيَتَباكى الرَّجل في الصلاة؟ فقال: بخٍ بخٍ ، ولو مثل رأس الذُّباب(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن رَّجل يكون مع الإمام ، فيمرُّ بالمسألة أو بآية فيها ذكر جنّة أو نار؟ قال : لا بأس بأن يسأل عند ذلك ويتعوَّذ [ في الصلاة] من النّار، ويسأل الله الجنّة.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عُبَيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن ذكر السورة من الكتاب يدعو بها في الصلاة، مثل: قل هو الله أحد ؟ فقال : إذا كنت تدعو بها فلا بأس(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كلّما كلّمت الله به في صلاة الفريضة فلا بأس(4).

ص: 287


1- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 3 .
2- التهذيب ،2 نفس ،الباب ح4. الاستبصار ،1، 246 - باب البكاء في الصلاة، ح 1. البكاء : - كما عن الصحاح - يمد ويقصر، فمع المد يراد به الصوت الذي يكون مع البكاء، ومع القصر يراد به الدموع. هذا والمشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم، بل قال في المدارك أن ظاهرهم الإجماع عليه هو أن البكاء المشتمل على الصوت بل وغير المشتمل عليه أيضاً مبطل للصلاة إذا كان لأمر من أمور الدنيا، دون ما إذا كان للخوف منه سبحانه، بل المشهور بينهم، وقيل بأنه لم يعرف فيه مخالف أن الصلاة تبطل حتى لو كان البكاء اضطراراً نعم إذا حصل البكاء سهواً فلا خلاف عندنا في عدم مبطليته للصلاة ولا أقل من مشهورية ذلك . وبخ : كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء. وتكرر للمبالغة - كما يقول الجوهري ..
3- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 134 . ولعل المراد قراءة بعض القرآن في غير حال القراءة بقصد الدعاء والذكر، ويدل على أنه إذا قرأ في القنوت لا يكون قرآنا بناءا على اعتبار القصد في ذلك ،والدعاء بمثل قل هو الله أحد المراد به قراءتها مكان الدعاء، أو بأن يقول مثلا : اغفر لي بقل هو الله أحد ... الخ» مرآة المجلسي 80/15 .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 186 بزيادة في آخره: وليس بكلام الفقيه 1 ، 72 - باب دعاء قنوت الوتر ، ح 15 بتفاوت. واستدل بهذه الرواية على جواز الدعاء في الصلاة بغير العربية .
184- باب بدء الأذان والإقامة وفضلهما وثوابهما

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، أَذينة ، عن زرارة والفضل، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: لمّا أَسْرِيَ برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إلى السماء فبلغ البيت المعمور، وحضرت الصلاة، فأذَّن جبرائيل وأقام، فتقدَّم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وصفَّ الملائكة والنبيّون خلف محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لمّا هبط جبرائيل(عليه السلام)بالأذان على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، كان رأسه في جر عليّ(عليه السلام)، فأذِّن جبرائيل(عليه السلام)وأقام ، فلمّا انتبه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال: «يا عليُّ، سمعتّ»؟ قال: نعم، قال: «حفظتَ»؟ قال: نعم، قال: «أُدْعُ بلالاً فعلّمه»، فدعا عليُّ(عليه السلام)بلالاً فعلّمه(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد، عن يونس، عن أبَان بن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفيِّ قال : سمعت أبا جعفر

(عليه السلام)يقول : الأذان والإقامة خمسة وثلاثون حرفاً، فعدِّ ذلك بيده واحداً واحداً، الأذان ثمانية عشر حرفاً، والإقامة سبعة عشر حرفاً(3).

ص: 288


1- «ويدلّ على ما أجمع عليه أصحابنا من أن الأذان والإقامة بالوحي لا بالنوم كما ذهبت إليه العامة، وعلى ثبوت المعراج وهو متواتر، وعلى كون أرواح الأنبياء في السماء في أجسادهم الأصلية أو المثالية على الخلاف، ... وأما حضور الصلاة فالمراد إما صلاة أوجب الله عليه في ذلك الوقت وأوحى إليه أن صلها في الأرض عند الزوال، ووصل في السماء إلى مكان يكون في المكان الذي يحاذيه في الأرض أول الزوال، ويدل على جواز كون المؤذن والمقيم غير الإمام وعلى جواز ،اتحادهما وما ورد في التفريق لا يدل على التعيين». مرآة المجلسي 81/15
2- التهذيب 2 ، 14 - باب الأذان والإقامة ، ح 1 بتفاوت يسير الفقيه 1، 44 - باب الأذان والإقامة و. ،2، و... ، ح 1 بتفاوت يسير أيضاً .
3- التهذيب 2، 7 - باب عدد فصول الأذان و...، ح 1 . الاستبصار 1، 167 - باب عدد الفصول في الأذان و...، ح 1، والمقصود بالحرف : الفصل والمعروف بين قدامى أصحابنا رضوان الله عليهم أنه لو ترك الأذان أو الإقامة أو هما معاً عمداً حتى دخل في الصلاة لم يجز له قطعها للإتيان بهما أو بأحدهما وذلك لحرمة قطع الفريضة، نعم حكي عن الشيخ والحلي أنه يرجع لتداركهما في هذه الصورة ما لم يركع . وأما لو نسيهما أو أحدهما فالمشهور عندهم رضوان الله عليهم جواز قطع الصلاة لتداركهما ما لم يركع، وما ورد معارضاً لذلك حمل على جواز المضي في الصلاة جمعاً بينه وبين ما دل على جواز التدارك ما لم يركع . ولا فرق عند من جوز القطع للتدارك عند النسيان بين المنفرد وغيره كما يقتضيه اطلاق النصوص بل يظهر من عبارة الشهيد الثاني رحمه الله في المسالك أن جواز القطع مع نسيان الأذان وحده أو نسيانهما معاً دون نسيان الإقامة فقط وفاق بين الأصحاب، يقول: وكما يرجع ناسي الآذان يرجع ناسيهما بطريق أولى دون ناسي الإقامة لا غير على المشهور اقتصاراً في إبطال الصلاة على موضع الوفاق .

4 - أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي نجران، عن صفوان الجمّال قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : الأذان مَثْنى مَثْنى ، والإقامة مَثْنى مَثْنى(1).

5 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قال يا زرارة، تفتتح الأذان بأربع تكبيرات وتختمه بتكبيرتين وتهليلتين(2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن التثويب في الأذان والإقامة، فقال : ما نعرفه(3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر(عليه السلام): إذا اذَّنت فأَفْصِح بالألف والهاء ، وصلّ على النبيِّ كلّما ذكرته أو ذكره ذاكر في أذان وغيره(4).

8 - عنه ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا أذَّنت وأقمت صلّى خلفك صفّان الملائكة، وإذا أقمت صلّى خلفك صفٌ من الملائكة(5).

ص: 289


1- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 10 . الاستبصار 1، نفس الباب، ح 10 .
2- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 6 . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 6 .
3- التهذيب ،2 ، نفس الباب، ح 16 . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 16 . الفقيه 1، 44 - باب الأذان والإقامة و . . . ، ح 33 . وقوله : ما نعرفه : إنكار منه(عليه السلام)لمشروعينه. قال في المنتهى : الأصل في التثويب أن يجيء الرجل مستصرخاً فيلوح بثوبه ليرى ويشتهر فسمّي الدعاء تثويباً لذلك . وقيل : من ثاب يثوب إذا رجع . فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة فإن المؤذن إذا قال: حي على الصلاة، فقد دعاهم إليها، فإذا قال بعدها: الصلاة خير من النوم فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها. وقد ذهب بعض فقهائنا كالمحقق إلى كراهة الشويب، يقول رحمه الله في الشرائع : وكذا يكره قول : الصلاة خير من النوم ولكن البعض ذهب إلى تحريم ذلك كالشهيد الثاني حيث يقول في المسالك 24/1 : بل الأصح التحريم ، لأن الأذان والإقامة سنتان متلقيتان من الشرع كسائر العبادات فالزيادة فيهما تشريع ، محرم ، كما يحرم زيادة محمد وآله خير البرية، وإن كانوا(عليه السلام) خير البرية».
4- قيل : بأن المقصود بالألف ألف (الله) الأخيرة غير المكتوبة وهاؤه في آخر الشهادتين وعن ابن إدريس : المراد بالهاء ؛ هاء لا إله لا هاء أشهد ولا هاء الله فإنهما مبنيتان. هذا وما ذهب إليه أكثر الأصحاب استحباب الصلاة عليه كلما ذكر دون الفرض والإيجاب. هذا وقد روى الشيخ في التهذيب 2 ، 6 - باب الأذان والإقامة ، ح 44 بنفس السند عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء والإقامة حَدْر .
5- التهذيب 2 ، 6 - باب الأذان والإقامة ، ح 13 بتفاوت . الفقيه 1، 44 - باب الأذان والإقامة، ح 24 بتفاوت مرسلاً .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير ، عن أحدهما

(عليهم السلام)قال: سألته أيجزىء أذان واحد؟(1)قال : إن صلّيت جماعة لم يجزىء إلّا أذان وإقامة ، وإن كنت وحدك تبادر أمراً تخاف أن يفوتك يجزيك إقامة ، إلّا الفجر والمغرب، فإنّه ينبغي أن تؤذِّن فيهما وتقيم ، من أجل أنّه لا يقصر فيهما كما يقصر في سائر الصلوات (2).

10 - أبو داود، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة ،عن الحسين بن عثمان، عن عمرو بن أبي نصر قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أيتكلّم الرَّجل في الأذان؟ قال : لا بأس. قلت: في الإقامة قال : لا(3).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال : لا بأس أن يؤذّن الرَّجل من غير وضوء، ولا يقيم إلّا وهو على وضوء (4).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن سعيد ، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال : سألته عن الرَّجل ينتهي إلى الإمام حين يسلّم؟ قال: ليس عليه أن يعيد الأذان، فليدخل معهم في أذانهم، فإن وجدهم قد تفرَّقوا أعاد الأذان(5).

13 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار الساباطيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : سئل عن الأذان ، هل يجوز أن يكون من غير عارف؟ قال : لا يستقيم الأذان ولا يجوز أن يؤذِّن به إلّا رجل مسلم عارف، فإن علم الأذان فأذَّن ،به ، وإن لم يكن عارفاً لم يجز أذانه ولا إقامته ولا يقتدى به .

ص: 290


1- يعني بغير إقامة .
2- التهذيب ،2 نفس الباب .. الاستبصار ، ، 163 - باب الأذان والأقامة في صلاة المغرب و... ح2
3- التهذيب 2 6 - باب الأذان والإقامة ح 22 الاستبصار 1، 164 - باب الكلام في حال الإقامة ، ح 1 . ، . والمشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم هو استحباب عدم الكلام في الأذان والإقامة، بل نفي الخلاف عنه - كما في المنتهى - بين أهل العلم فيما يتعلق بالإقامة. ولذا حملت هذه الروايات على الكراهة والكراهة المغلّظة بعد : قد قامت الصلاة. وإن كان الشهيدان قد نصّا على إعادة الأذان فيما لو تكلم خلاله بما هو خارج عن رسمه فوات الموالاة ونقل الشهيد الثاني عن الشهيد الأول وغيره الفتوى بإعادة الإقامة لو تكلم في أثنائها مطلقاً، وقال : والنص ورد بإعادتها بالكلام بعدها .
4- التهذيب ،2 نفس الباب، ح 20 . وأخرجه عن ابن مسكان عن الحلبي عن أبي عبد الله(عليه السلام).
5- التهذيب 2 ، 14 - باب الأذان والإقامة ، ح 2 . قال المحقق في الشرائع 74/1: «ولو صلّي الإمام جماعة وجاء آخرون، لم يؤذنوا ولم يقيموا على كراهية ما دامت الأولى لم تتفرق، فإن تفرقت صفوفهم أذن الآخرون وأقاموا، وإذا أذن المنفرد ثم أراد الجماعة أعاد الأذان والإقامة» .

وسئل عن الرّجل يؤذِّن ويقيم ليصلّي وحده، فيجيء رجلٌ آخر فيقول له: نصلّي جماعة، فهل يجوز أن يصلّيا بذلك الأذان والإقامة؟ قال: لا، ولكن يؤذّن ويقيم(1).

14 - محمّد بن أسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه قال في الرَّجل ينسي الأذان والإقامة حتّى يدخل في الصلاة، قال : إن كان ذَكر قبل أن يقرأ فليصلّ على النبيِّ(صلی الله علیه وآله وسلم)، وليُقِمْ ، وإن كان قد قرأ فليتمَّ صلاته(2).

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد، عن حريز عن زرارة عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من سهى في الأذان فقدّم أو أخّر، عاد على الأوّل الّذي أخّره حتّى يمضي على آخره(3).

16 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال : يؤذُن الرَّجل وهو جالس، ولا يقم إلّا وهو قائم، وتؤذِّن وأنت راكب ، ولا تُقِم إلّا وأنت على الأرض(4).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : يؤذِّن الرَّجل وهو على غير القبلة؟ قال : إذا كان التشهّد(5)مستقبل القبلة فلا بأس(6).

ص: 291


1- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح .. والمقصود بالعارف في الرواية المؤمن، ولذا استدل بعضهم بهذه الرواية على اشتراط الإيمان في المؤذن إضافة إلى الإسلام وبما دل على بطلان عبادة المخالف، واشتراط الإسلام في المؤذن إجماعي .
2- التهذيب 2 ، 14 - باب الأذان والإقامة ، ح 4. الاستبصار 1 ، 166 - باب من نسي الأذان والإقامة حتى صلى ح أو . . . ، ح 6 . الفقيه 1، 44 - باب الأذان والإقامة و . . . ، ح 31 وأخرجه عن زيد الشحام . واعلم أن الروايات إنما تعطي استحباب الرجوع لاستدراك الأذان والإقامة أو الإقامة وحدها، وليس فيها ما يدل على جواز القطع لاستدراك الأذان مع الاتيان بالإقامة، ولم أقف على مصرّح به سوى المحقق وابن أبي عقيل، وحكى فخر المحققين الاجماع على عدم الرجوع إليه مع الاتيان بالإقامة، وعكس الشهيد الثاني رحمه الله ، وهو غير واضح، وإطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين الإمام والمنفرد مرآة المجلسي 88/15
3- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 17
4- التهذيب 2 ، 6 - باب الأذان والإقامة ، ح 35 الاستبصار 1 ، 165 - باب الأذان جالساً أو راكباً ، ح 2 . وفيهما : عن عبد صالح(عليه السلام). هذا وقد نقل الاجماع عندنا على استحباب القيام في الأذان والإقامة ولكن هناك من أصحابنا من ذهب إلى اعتبار القيام كالطهارة شرطاً في كل منهما .
5- أي كان حال النطق بالشهادتين مستقبل القبلة.
6- الفقيه 1 ، 44 - باب الأذان والإقامة و . . . ،ح 15 بتفاوت، وفيه : المتشهد بدل: التشهد التهذيب2 ، نفس الباب، ح 36 بتفاوت في صدره وأخرجه عن فضالة عن العلا، عن محمد عن أحدهما (عليهم السلام). هذا وقد نص: أصحابنا على أن استقبال القبلة في كل من الأذان والإقامة مستحب وليس واجباً ولا شرطاً ، نعم ، نقل عن بعضهم اشتراط استقبالها في خصوص الشهادتين فيهما وهو خلاف ما عليه الأكثر .

18 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن المرأة عليها أذان وإقامة؟ قال : لا(1).

19 - أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبَان بن عثمان، عن أبي مريم الأنصاريِّ قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إقامة المرأة أن تكبّر ، وتَشْهَدَ أن لا إله إلّا الله وأنَّ محمّداً عبده ورسوله .

20 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن أسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي هارون المكفوف قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا هارون ، الإقامة من الصلاة، إذا أقَمْتَ فلا تتكلّم ولا تؤم بيدك(2).

21 - وبهذا الإسناد، عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن صالح ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: لا يُقِم أحدكم الصلاة وهو ماش، ولا راكب، ولا مضطجع، إلّا أن يكون مريضاً، وليتمكّن في الإقامة كما يتمكّن في الصلاة، فإنه إذا أخذ في الإقامة فهو في الصلاة (3).

22 - الحسين بن محمّد الأشعريُّ، عن عبد الله بن عامر ، عن عليِّ بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا دخل الرَّجل المسجد وهو لا يأتمُّ بصاحبه، وقد بقي على الإمام آية أو آيتان، فخشي إن هو أذَّن وأقام أن يركع، فليقل: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، وليدخل في الصلاة(4).

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران [بن علي] الحلبيّ، قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن

ص: 292


1- التهذيب ،2 نفس ،الباب ح 40 . وروى بمعناه في الفقيه 1 ، نفس ،الباب ، ح 45 و 47 . هذا وقد نص أصحابنا على استحباب الأذان والإقامة لكل من الرجل والمرأة، ولكن اشترطوا أن تسرّ المرأة به، ولو أذنت المرأة للنساء جاز فراجع شرائع الإسلام للمحقق 1 / 74-75 .
2- التهذيب ،2، 6 - باب الأذان والإقامة ، ح 25 . الاستبصار 1 ، 164 - باب الكلام في حال الإقامة ح 4 . ، قوله(عليه السلام): إذا أقمت أي إذا قلت قد قامت الصلاة بقرينة كونه أوفق بسائر الأخبار الواردة والمشهور كراهة الكلام حينئذ .
3- التهذيب ،2 نفس الباب، ح 37 وفي ذيله في صلاة بدل في الصلاة وفيه لا يقيم بدل : لا يُقِيمُ ....
4- التهذيب 2 ، 14 - باب الأذان والإقامة، ح 18 . وقد دل على وحدة التهليل في آخر الإقامة لعذر من الأعذار.

الأذان قبل الفجر ؟ فقال : إذا كان في جماعة فلا وإذا كان وحده فلا بأس(1).

24 - محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال : القعود بين الأذان والإقامة في الصلاة كلّها، إذا لم يكن قبل الإقامة صلاة يصلّيها(2).

25 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن مهزيار، عن بعض أصحابنا، عن إسماعيل بن جابر أنَّ أبا عبد الله (عليه السلام)كان يؤذِّن، ويقيمُ غيره، وقال: كان يقيم وقد أذَّن غيره(3)

26 - جماعة من أصحابنا ،عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن الحسن بن السريِّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: الأذان ترتيل والإقامة حَدْرٌ(4).

27 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران رفعه قال : قال : ثلاثة يوم القيامة على كثبان المسك، أحدهم مؤذِّن أذْن احتساباً (5).

28 - محمّد، عن أحمد، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبيّ ، عن محمّد بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول : المؤذِّن يُغْفَرُ له مدى صوته ويشهد له كلِّ شيء سمعه(6).

ص: 293


1- التهذيب 2، 6 - باب الأذان والإقامة ، ح 16 . ولا خلاف بين علماء الإسلام في عدم جواز الأذان للفريضة قبل دخول وقتها في غير الصبح وأما جواز تقديمه في الصبح مع استحباب إعادته بعده فهو مختار الشيخ وأكثر الأصحاب، ومنع ابن إدريس عن تقديمه في الصبح أيضاً وهو ظاهر اختيار المرتضى في المسائل المصرية، وابن الجنيد وأبي الصلاح والجعفي، والأول أقوى والتفصيل المذكور في الرواية لم أره في كلام الأصحاب، ويمكن حمله على أنه لا يكتفي به للجماعة وأما المنفرد فيجوز له ترك الأذان ولو اكتفى به لم يكن به بأس ... الخ مرآة المجلسي 91/15
2- التهذيب 2 ، 7 - باب عدد فصول الأذان و ...، ح 21 . وأخرجه عنه ، عن أحمد بن محمد قال : ... هكذا موقوفا .
3- التهذيب 2 ، 14 - باب الأذان والإقامة ح.19 الفقيه 1، 44 - باب الأذان والإقامة و...، ح 40 عن علي(عليه السلام). ويدل على جواز أن يكون المؤذن غير المقيم وبالعكس.
4- التهذيب 2 ، 7 - باب عدد فصول ... ، ح 25 والحذر الإسراع في قبال الترتيل الذي هو التأنّي .
5- احتساباً أي تقرباً إلى الله وطلباً لمرضاته وثوابه.
6- التهذيب 2 ، 6 - باب الأذان والإقامة ، ح 15 . وأخرج في الفقيه 1 ، 44 -باب الأذان والإقامة و . . . ، ح 19 عن أبي جعفر(عليه السلام)بهذا المعنى وأن بتفاوت وزيادة فراجع . قوله(عليه السلام): ويشهد له أي يصدقه في حال الأذان الملائكة وسائر ذوي العقول، أو الأعم منهم ومن غيرهم بلسان الحال، إذ كلها لدلالتها على وجود الصانع ووحدته وعلمه ،وحكمته كأنها تشهد للمؤذن بصدق مقاله أو يشهد له يوم القيامة و.... مرآة المجلسي 19/15.

29 -محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله ،عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إذ سمع المؤذن يؤذِّن، قال مثل ما يقوله في كلّ شيء(1).

30 - على بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الحارث بن المغيرة النضريّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: من سمع المؤذِّن يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمّداً رسول الله ، فقال مصدّقاً محتسباً وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنَّ محمّداً رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وأَكْتَفي بهما عمّن أبَى وجحد ، وأُعين بهما من أقرَّ وشهد كان له من الأجر عدد من أنكر وجحد، ومثل عدد من أقرَّ وعَرَفَ(2).

31 - علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : كان طول حائط مسجد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قامة، فكان يقول(صلی الله علیه وآله وسلم)لبلال إذا دخل الوقت : «يا بلال، أَعْلٌ فوق الجدار وارفع صوتك بالأذان، فإنَّ الله قد وكّل بالأذان ريحاً ترفعه إلى السماء، وإنَّ الملائكة إذا سمعوا الأذان من أهل الأرض قالوا : هذه أصوات أمة محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم) بتوحيد الله عزَّ وجلَّ، ويستغفرون لأُمّة محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)حتّى يفرغوا من تلك الصلاة»(3).

32- الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن الحسين بن أسد، عن جعفر بن محمّد بن يقظان رفعه إليهم(عليه السلام) قال : يقول الرَّجل إذا فرغ من الأذان وجلس : اللّهمَّ اجعل قلبي بارّاً[ وعيشي ،قارًّا]، ورزقي دارًّا ، واجعل لي عند قبر نبيّك(صلی الله علیه وآله وسلم) قراراً ومستقرا(4).

33 - عليُّ بن مهزيار، عن محمّد بن راشد قال : حدَّثني هشام بن إبراهيم أنّه شكى إلى أبي الحسن الرضا(عليه السلام)سُقْمَه ، وأنّه لا يولد له ولد، فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله، قال: ففعلتُ، فَأَذْهَبَ الله عني سقمي وكثر ولدي ، قال محمّد بن راشد: وكنت دائم العلّة ما أَنْفَکُّ

ص: 294


1- هذا وقد دل الحديث على استحباب حكاية الأذان وهو مما أجمع عليه العلماء، ولم يرد ذكر لحكاية الإقامة أيضاً.
2- الفقيه ،1 ، نفس الباب، ح 29 بتفاوت .
3- التهذيب 2 ، 6 - باب الأذان والإقامة، ح 46. ويدل على استحباب أن يكون المؤذن على مرتفع وأن يعلو الصوت بالأذان .
4- التهذيب 2 ، 7 - باب عدد فصول ... ، ح 23 بتفاوت يسير. وفي سنده : جعفر بن محمد بن يقطين، بدل: ... بن يقظان .

منها في نفسي وجماعة خَدَمي وعيالي ، فلمّا سمعت ذلك من هشام عملت به ، فأَذْهَبَ الله عنِّي وعن عيالي العلل(1).

34 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لو أنَّ مؤذِّناً أعاد في الشّهادة وفي حيَّ على الصّلاة ، أو حيَّ على الفلاح المرَّتين والثلاث وأكثر من ذلك، إذا كان إنّما يريد به جماعة القوم ليجمعهم، لم يكن به بأس(2).

35 - جماعة عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن سليمان الجعفري قال: سمعته يقول: أذَّنْ في بيتك فإنّه يطرد الشّيطان، ويستحبّ من أجل الصّبيان(3).

185- باب القول عند دخول المسجد والخروج منه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن سعيد الراشديّ، عن يونس، عنهم(عليه السلام) قال : قال : الفضل في دخول المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى إذا دخلت، وباليسرى إذا خرجتَ(4).

2 - عليُّ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا دخلت المسجد فصل على النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، وإذا خرجت فافعل ذلك .

3 - وعنه ، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد عن فضالة، عن أبَان؛ ومعاوية بن وهب قالا : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا قمت إلى الصّلاة فقل : اللّهمَّ إنّي أُقدّم إليك محمّداً(صلی الله علیه وآله وسلم)بين يَدَي حاجتي، وأتوجّه به إليك، فاجعلني به وجيهاً عندك في الدنيا والآخرة ومن المقرَّبين،

ص: 295


1- التهذيب 2 ، 6 - باب الأذان والإقامة ، ح 47 . الفقيه 1 ، 44 - باب الأذان والإقامة و . . . ، ح 41 وفي آخره : والحمد الله . وفيه : هشام بن أبي إبراهيم .
2- التهذيب 2 ، 7 - باب عدد فصول ... ، ح 18 .الاستبصار 1، 167 - باب عدد فصول الأذان والإقامة ،ح 18.وبمضمونه أفتى الأصحاب رضوان الله عليهم .
3- قوله(عليه السلام): من أجل الصبيان، أي لا يستولي عليهم الشيطان ولا يضرهم أو يتعلمون الأذان، والأول أظهر، مرآة المجلسي 96/15
4- لا خلاف بين أصحابنا في استحباب تقديم اليمنى عند الدخول إلى المساجد واليسرى عند الخروج والعكس عند دخول الخلاء أيضاً.

اجعل صلاتي به مقبولة، وذنبي به مغفوراً، ودعائي به مستجاباً إنّك أنت الغفور الرَّحيم(1).

4- الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن جعفر بن محمّد الهاشميِّ ، عن أبي حفص العطّار - شيخ من أهل المدينة - قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إذا صلّى أحدكم المكتوبة وخرج من المسجد فليقف بباب المسجد ثمَّ ليقل : اللهمَّ دَعَوْتَنِي فأجبتُ دعوتك ، وصلّيتُ مكتوبتك، وانتشرت في أرضك كما أمرتني ، فأسألك من فضلك العمل بطاعتك، واجتناب سخطك، والكفاف(2)من الرِّزق برحمتك» .

186- باب افتتاح الصلاة والحدّ في التكبير وما يقال عند ذلك

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن زرارة، عن أحدهما(عليهم السلام)قال : ترفع يديك في افتتاح الصّلاة قبالة وجهك، ولا ترفعهما كلّ ذلك(3).

2 - وعنه ، عن أبيه ، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا قمت في الصّلاة فكبّرت، فارفع يديك ولا تجاوز بكفّيك أُذنيك . أي حيال خدَّيك.

3 - عنه ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : أدنى ما يجزىء من التّكبير في التّوجّه، تكبيرة واحدة، وثلاث تكبيرات أحسن، وسبع أفضل.

4 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسي، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كنت إماماً أجزأتك تكبيرة واحدة(4)، لأنَّ معك ذا الحاجة والضّعيف والكبير .

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي

ص: 296


1- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 5 الفقيه 1 45 - باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى ... ، صدر ح 2 بتفاوت يسير .
2- قال الجوهري : الكفاف من الرزق : القوت، وهو ما كفّ عن الناس، أي أغنى.
3- هذا ولا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في رجحان رفع اليدين حال التكبير في الصلاة، والمشهور استحباب الرفع نعم ذهب السيد المرتضى إلى القول بوجوبه في تكبيرات الصلاة كلها. وحد الرفع إما إلى النحر على قول بشرط ألا يتجاوز بهما الأذنين، أو إلى حذو منكبيه أو حيال حديه بشرط ألا يتجاوز بهما الأذنين أيضاً. وذهب الشيخ رحمه الله إلى القول برفعهما محاذياً بهما شحمتي أذنيه .
4- أي في افتتاح الصلاة.

عبد الله(عليه السلام)قال : التكبير في صلاة الفرض - الخمس الصلوات - خمس وتسعون تكبيرة، منها تكبيرات القنوت خمس(1).

6 - ورواه أيضاً، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة وفسّرهنّ في الظّهر إحدى وعشرين تكبيرة، وفي العصر إحدى وعشرين تكبيرة، وفي المغرب ستَّ عشرة تكبيرة، وفي العشاء الآخرة إحدى وعشرين تكبيرة، وفي الفجر إحدى عشرة تكبيرة، وخمس تكبيرات القنوت في خمس صلوات(2).

7 - عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا افتتحت الصّلاة فارفع كفيّك، ثمَّ ابسطهما بَسْطاً(3)، ثمَّ كبّر ثلاث تكبيرات ثمَّ قل : اللّهمَّ أنت الملك الحقُّ لا إله إلّا أنت، سبحانك إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي، إنّه لا يغفر الذّنوب إلّا أنت، ثمَّ تكبّر تكبيرتين ثمَّ قل : لبَّيْكَ وسَعْدَيْك ، والخير في يديك، والشرُّ ليس إليك، والمهديّ من هَدَيْتَ ، لا ملجأ منك إلّا إليك، سبحانك وحنانَيْكَ، تباركتَ وتعاليت، سبحانك ربّ البيت، ثمَّ تكبّر تكبيرتين ثمَّ تقول : وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات والأرض عالم الغيب والشّهادة حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونُسُكي ومَحْيَايَ ومماتي لله ربِّ العالمين، لا شريك له وبذلك أُمِرْتُ وأنا من المسلمين، ثمَّ تعوّذ من الشّيطان الرَّجيم ، ثمَّ اقرأ فاتحة الكتاب(4).

8 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام)يوماً : يا حمّاد تُحسن أن تصلّي ؟ قال: فقلت : يا سيّدي أنا أحفظ كتاب حريز في الصّلاة ، فقال : لا عليك يا حمّاد ، قم فَصَلِّ ، قال : فقمت بين يديه متوجّهاً إلى القبلة، فاستفتحتُ الصّلاة فركعت وسجدت ، فقال : يا حمّاد، لا تُحسن أن تصلّي، ما أقبح بالرَّجل منكم يأتي عليه ستّون سنة أو سبعون سنة فلا يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة، قال حمّاد : فأصابني في نفسي الذُّل.

فقلت : جُعِلْتُ فِداك ، فعلّمني الصّلاة، فقام أبو عبد الله (عليه السلام)مستقبل القبلة منتصباً، فأرسل يديه جميعاً على فخذيه، قد ضمَّ أصابعه وقرَّب بين قدميه حتّى كان بينهما قدر ثلاث

ص: 297


1- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 91 . الاستبصار 1 ، 193 - باب رفع اليدين بالتكبير إلى القنوت في ... ، ح ا بتفاوت يسير فيهما .
2- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 92 الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير جداً.
3- والمراد بالبسط : إما عدم ضم الأصابع بعضها إلى بعض أو إرسال اليدين بعد الرفع .
4- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 12. حَنانَيك : أي رحمة منك بعد رحمة، والحنان : الرحمة . سَعْدَيْك : أي مساعدة منك بعد مساعدة على طاعتك .

إصابع منفرجات، واستقبل بأصابع رجليه جميعاً القبلة لم يَحْرِفُهُما عن القبلة وقال بخشوع(1): الله أكبر ، ثمَّ قرأ الحمد بترتيل، وقل هو الله أحد، ثمَّ صبر هنيّةً(2)بقدر ما يُتَنَفّس وهو قائم ، ثمَّ هو رفع يديه حيال وجهه(3)وقال : الله أكبر، وهو قائم، ثمَّ ركع وملأ كفّيه من ركبتيه(4)منفرجات ، وردَّ ركبتيه إلى خلفه حتّى استوى ظهره، حتّى لو صُبَّ عليه قطرة من ماء أو دُهْن لم تَزُل لاستواء ظهره، ومدَّ عنقه ، وغمّضَ عينيه (5)، ثمَّ سبّح ثلاثاً بترتيل فقال : سبحان ربّي العظيم وبحمده . ثمَّ استوى قائماً ، فلمّا استمكن من القيام قال : سمع الله لمن حَمِدَه . ثمَّ كبّر وهو قائمٌ، ورفع يديه حيال وجهه، ثمَّ سجد وبسط كفّيه مضمومتي الأصابع بين يَدَي ركبتيه(6)حيال وجهه، فقال: سبحان ربّي الأعلى وبحمده ، ثلاث مرَّات، ولم يضع شيئاً من جسده على شيء منه، وسجد على ثمانية أعْظُم، الكفّين، والرُّكبتين، وأنامل إبهامي الرِّجلين، والجبهة، والأنف، وقال : سبعة منها فرضٌ يسجد عليها، وهي الّتي ذكرها الله في كتابه فقال: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾(7)وهي الجبهة ،والكفّان، والرّكبتان، والإبهامان، ووضع الأنف على الأرض سُنّة، ثمَّ رفع رأسه من السّجود، فلمّا استوى جالساً قال: الله أكبر ثمَّ قعد على فخذه الأيسر وقد وضع ظاهر قدمه الأيمن على بطن قدمه الأيسر وقال : أستغفر الله ربّي وأتوب إليه ، ثمَّ كبّر وهو جالسٌ، وسجد السّجدة الثّانية وقال كما قال في الأُولى، ولم يضع شيئاً من بدنه على شيء منه في ركوع ولا سجود وكان مجنّحاً(8)، ولم يضع ذراعيه على الأرض، فصلّى ركعتين على هذا ويداه مضمومتا الأصابع، وهو جالسٌ في التشهّد ، فلمّا فرغ من التشهّد سلّم، فقال: يا حمّاد ، هكذا صَلِّ (9).

ص: 298


1- الخشوع : إما بالقلب وهو هنا صرف النفس والعقل عما عدا الصلاة من شؤون الدنيا، وقصرهما على التفكر في معانيها ومراميها. وإما بالجوارح وهو غض البصر وترك العبث والالتفات في الصلاة والسكون والطمأنينة فيها .
2- هنية : مصغر هنة وهي الوقت اليسير وربما قيل : هنيهة .
3- حيال وجهه :أي بازائه وهو كناية عن عدم رفع يديه بالتكبير أزيد من محاذاة وجهه .
4- أي ماسّ ركبتيه بمجموع كفّيه ولم يكتف بوضع أطراف أصابعه عليهما .
5- وتغميض العينين حال الركوع خلاف ما عليه مشهور الأصحاب من استحباب النظر حال الركوع إلى ما بين قدميه . ولعل التغميض هنا أطلق على ما يشابهه مجازاً، باعتبار أن الناظر بين قدميه تقرب صورته من صورة المغمض والله العالم .
6- أي قريباً منهما، أو قدامهما.
7- سورة الجن / 18 .
8- أي رافعاً مرفقيه عن الأرض كأنهما جناحان على جنبيه أثناء السجود.
9- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 69 الفقيه 1 ، 45 - باب وصف الصلاة من فاتحتها . إلى ... ، ح 1 بزيادة في آخره .
187- باب قراءة القرآن

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن عمّار، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إذا قمتُ للصّلاة أقرء بسم الله الرَّحمن الرَّحيم في فاتحة القرآن؟ قال: نعم، قلت: فإذا قرأتُ فاتحة القرآن أقرء بسم الله الرَّحمن الرَّحيم مع السّورة؟ قال : نعم(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن مهزيار، عن يحيى بن أبي عمران الهمدانيّ قال: كتبت إلى أبي جعفر(عليه السلام): جُعِلْتُ فداك، ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم في صلاته وحده في أُمِّ الكتاب، فلمّا صار إلى غير أُمِّ الكتاب من السّورة تركها ، فقال العبّاسيُّ : ليس بذلك بأس؟ فكتب بخطّه : يعيدها مرَّتين على رغم أنفه - يعني العباسيِّ(2).

3- محمّد بن يحيى، عن عليِّ بن الحسن بن عليّ، عن عباد بن يعقوب، عن عمرو بن مصعب، عن فرات بن أحنف، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: سمعته يقول . أوَّ كلِّ كتاب نزل من السماء بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، فإذا قرأت بسم الله الرَّحمن الرَّحيم فلا تبالي ألّا تستعيذ، وإذا قرأت بسم الله الرَّحمن الرَّحيمِ سَتَرَتْكَ فيما بين السّماء والأرض(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي أيّوب الخزَّاز، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): القراءة في الصّلاة، فيها شيء موقّت؟ قال : لا ، إلّا الجمعة تقرأ فيها الجمعة والمنافقين(4).

5- عليُّ ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة، عن جميل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال:

ص: 299


1- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 19 الاستبصار 1 ، 170 - باب الجهر ببسم . الله الرّحمن الرَّحيم ، ح 2 وفيه : فاتحة الكتاب بدل فاتحة القرآن، في الموضعين .
2- التهذيب 2، نفس الباب، ح 20 . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 3 وفيه العياشي بدل: العباسي، في الموضعين والعباسي هو هشام بن إبراهيم وكان يعارض الإمامين الرضا والجواد (عليه السلام). وإنما وجبت الإعادة لأنه ترك آية من السورة وهي البسملة عندنا .
3- ويدل على عدم وجوب الاستعاذة أمام القراءة، وهو المشهور عندنا وما ورد من أن أول كل كتاب نزل من السماء ... الخ، ينافي بعض الروايات الدالة على أن بسم الله الرّحمن الرّحيم اختص بها سليمان(عليه السلام)ونبينا(صلی الله علیه وآله وسلم). وقوله :(عليه السلام): سترتك : أي من عذاب النار أو سترت عيوبك عن الملائكة، أو عن الثقلين أيضاً.
4- التهذيب 2 ، نفس الباب، صدرح 122 بتفاوت يسير في الذيل. هذا، وقد أشار الصدوق إلى ما يقرأ في الصلاة من السور في الفقيه 1، 45 - باب وصف الصلاة من . . . ، بعد الحديث، رقم 10 فراجع .

إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها فقل :أنت الحمد لله ربِّ العالمين ولا تقل : آمین(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة؛ وابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : لا يُكتَبُ من القراءة والدُّعاء إلّا ما أَسْمَعَ نَفْسَهُ(2).

7 - أبو داود، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن حسن الصّيقل قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أيجزىء عنّي أن أقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها إذا كنت مُسْتَعجلاً، أو أعجلني شيء؟ فقال: لا بأس (3).

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن صفوان الجمّال قال صلّى بنا أبو عبد الله(عليه السلام) المغرب، فقرأ بالمعوِّذتين في الرَّكعتين(4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها، ويجوز للصحيح في قضاء صلاة التّطوع باللّيل والنّهار(5).

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن صفوان، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إنّما يكره أنّ بجمع بين السّورتين في الفريضة، فأمّا النّافلة فلا بأس(6).

ص: 300


1- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 43 . الاستبصار 1 ، 175 - باب النهي عن قول آمين بعد الحمد، ح 1 هذا، والمشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم عدم جواز قول آمين بعد الحمد، فإذا قالها فقد بطلت صلاته، اللهم ألا للتقية، وإن ذهب البعض إلى الجواز على كراهة .
2- التهذيب ،2 نفس الباب، ح 131 . الاستبصار 1 ، 178 - باب إسماع الرجل نفسه، ح 1 .
3- التهذيب 2 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 23 . وفيه .... أن أقول .... بدل أن أقرأ . الاستبصار 1 ، 173 - باب أنه لا يقرأ في الفريضة بأقل من سورة ولا ... ، ح 4. وما ذكره في هذا الحديث من سقوط السورة في حال الاستعجال إجماعي عند أصحابنا رضوان الله عليهم إذا أريد بالاستعجال الخوف، أو ضيق الوقت أو ما شابه من الأعذار.
4- بالمعوذتين ، بكسر الواو، ولا خلاف بين أصحابنا في أنهما من القرآن ولا عبرة بما ينقل عن ابن مسعود من أنهما ليستا من القرآن وإنما أنزلتا لتعويذ الحسن والحسين (عليه السلام)ممرآة المجلسي 109/15
5- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 24 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح .5 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم وجوب السورة في النوافل مطلقاً في ليل أو نهار ، وفي الصحة والمرض.
6- التهذيب 2 ، نفس ،الباب ، ح 26 . الاستبصار 1 ، 174 - باب القران بين السورتين في الفريضة ، ح 2 . هذا، وقد ذهب جماعة كثيرة من أصحابنا رضوان الله عليهم إلى القول بجواز قراءة سورتين أو أكثر في ركعة في الفريضة ولكن على كراهية وحكي ذلك عن السرائر والشرائع والجامع والمعتبر وكتب الشهيد واعتبره الأقوى، وعن الحدائق نسبته إلى جمهور المتأخرين. كما أنه لا خلاف ولا إشكال في جواز ذلك من دون كراهية في النافلة ؛

11 - محمّد بن يحيى بإسناد له ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يُكره أن يقرأ قل هو الله أحد في نَفَسٍ واحد.

12 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سَيف بن عَمِيرة، عن منصور بن حازم قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام) : لا تقرأ في المكتوبة بأقلّ من سورة ، ولا بأكثر(1).

13 - أبو داود، عن عليِّ بن مهزيار بإسناده، عن صفوان الجمّال قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : صلاة الأوَّابين(2)الخمسون كلها بقل هو الله أحد .

14 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقبة، عن أبي هارون المكفوف قال : سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام)- وأنا حاضر - : كما يُقرأ في الزَّوال؟ فقال : ثمانين آية، فخرج الرَّجل ، فقال : يا أبا هارون، هل رأيت شيخاً أعجب من هذا الّذي سألني عن شيء فأخبرته، ولم يسألني عن تفسيره، هذا الّذي يزعم أهل العراق أنّه عاقلهم، يا أبا هارون، إنَّ الحمد سبع آيات، وقل هو الله أحد ثلاث آيات(3)، فهذه عشر آيات الزَّوال ثمان ركعات فهذه ثمانون آية .

15 - عنه ، عن محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته ، هل يقرأ الرَّجل في صلاته وَثَوْبُهُ على فيه؟ قال : لا بأس بذلك إذا أسمع أُذنَيه الهمْهَمَة (4).

16 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي حمزة، عمّن ذكره قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): يجزيك من القراءة معهم(5)مثل حديث النَّفس(6).

ص: 301


1- التهذيب 2، نفس الباب، ح 21 . الاستبصار 1 ، 173 - باب أنه لا يقرأ في الفريضة بأقل من سورة و. ... ح 1 . وهذا الخبر ظاهر في النهي عن تبعيض السورة في الفريضة، والقران بين سورتين في ركعة منها .
2- صلاة الأوابين هي نافلة الزوال كما مر التنبيه عليه . والمراد أن هذه الصلاة لا ينبغي أن تخلو ولو ركعة منها من قل هو الله أحد. أو أنه ينبغي أن يقرأ في كل واحدة منها في إحدى ركعتيها بقل هو الله أحد، وهو أظهر.
3- هذا مخالف لما عليه مشهور القراء من أن سورة التوحيد خمس آيات والحديث ضعيف.
4- التهذيب 2، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 132 . الاستبصار 1 ، 178 - باب إسماع الرجل نفسه ،ح 2
5- أي مع المخالفين.
6- التهذيب 2 نفس ،الباب ، ح 134 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ح4 ، وكرره برقم 5 من الباب 263 من نفس الجزء الفقيه 1 ، 56 - باب الجماعة وفضلها ، ح 95 بتفاوت كما كرره الشيخ في التهذيب 3، برقم 40 من الباب 3 وأن بتفاوت. ويدل الحديث على الاكتفاء في حال التقية بأقل من إسماع النفس.

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تلبية الأخرس وتَشَهّده وقراءته للقرآن في الصلاة، تحريك لسانه، وإشارته بإصبعه.

18 - وعنه، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن عمرو بن سعيد المدائنيِّ ، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه قال في الرّجل ينسى حرفاً من القرآن فيذكر وهو راكعٌ ، هل يجوز له أن يقرأ في الرَّكوع؟ قال : لا ، ولكن إذا سجد فليقرأ .

19 -عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن عبدوس، عن محمّد بن زاوية(1)، عن أبي عليِّ بن راشد قال : قلت لأبي الحسن(عليه السلام) : جُعِلْتُ فِداك، إنك كتبت إلى محمّد بن الفرج تعلّمه أنَّ أفضل ما تقرأ في الفرائض بأنّا أنزلناه وقل هو الله أحد . وإنَّ صدري ليضيق بقراءتهما في الفجر؟ فقال(عليه السلام): لا يضيقنَّ صدرك بهما، فإنَّ الفضل والله فيهما (2).

20 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن صفوان الجمّال قال : صلّيتُ خلف أبي عبد الله(عليه السلام)أيّاماً ، فكان إذا كانت صلاة لا يجهر فيها، جهر ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم، وكان يجهر في السورتين جميعاً(3).

21 - وعنه ،عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة عن قال : سألته قول الله عزّ وجلَّ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ﴾(4)قال : المُخافتة ما دون سمعك، والجهر أن ترفع صوتك شديداً(5).

22 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة قال : حدَّثني معاذ بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنَّه قال : لا تَدَعْ أن تقرأ بقل هو الله أحد، وقل يا أيّها الكافرون، في سبع

ص: 302


1- في التهذيب : زادَويه .
2- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 19 . ويدل على أن في السورتين المذكورتين فضلاً كثيراً، وإن كانت السور الطوال أفضل. كما يدل على استحباب السورتين على السور الطوال في الفجر . والحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 14 بتفاوت . الاستبصار 1 ، 170 - باب الجهر ببسم الله الرَّحمن الرّحيم ، ح .1. بتفاوت فيهما. هذا، وعند أصحابنا رضوان الله عليهم يجب الجهر بالبسملة في الصلوات الجهرية لأنها عندنا آية من كل سورة في القرآن عدا سورة براءة وأما في الصلوات الإخفاتية وهي الظهران فاستحباب الجهر بالبسملة نسبه في التذكرة إلى علمائنا وعن المعتبر أنه من منفردات الأصحاب، وادعى في الخلاف الإجماع عليه.
4- ؟ سورة الإسراء/ 110 .
5- التهذيب ،2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 20 .

مواطن في الرّكعتين قبل الفجر، وركعتي الزَّوال، وركعتين بعد المغرب، وركعتين من أوّل صلاة اللّيل، وركعتَي الإحرام، والفجر إذا أصبحت بها، وركعَتَي الطواف(1).

وفي رواية أُخرى، أنّه يبدأ في هذا كلّه بقل هو الله أحد، وفي الركعة الثانية بقل يا أيّها الكافرون، إلّا في الركعتين قبل الفجر، فإنّه يبدأ بقل يا أيّها الكافرون، ثمَّ يقرأ في الرَّكعة الثانية بقل هو الله أحد(2).

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزین، عن محمّد بن مسلم قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يؤم القوم فيغلط ؟ قال : يفتح عليه مَن خَلْفَه(3).

24 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النّوفليِّ ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه قال في الرَّجل يصلّي في موضع ثمَّ يريد أن يتقدَّم ، قال : يكفُّ عن القراءة في مشيه حتّى يتقدّم إلى الموضع الّذي يريد، ثمَّ يقرأ(4).

25 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن عمرو بن أبي نصر قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرَّجل يقوم في الصلاة فيريد أن يقرأ سورة، فيقرأ قل هو الله أحد وقل يا أيّها الكافرون؟ فقال: يرجع من كلّ سورة إلّا من قل هو الله أحد، و[ من] قل يا أيّها الكافرون(5).

26 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عَمِيرة، عن داود بن فَرْقَد ، عن صابر مولى بسّام قال : أمَّنا أبو عبد الله(عليه السلام)في صلاة المغرب،

ص: 303


1- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 41 وفيه : في أول ...، بدل من أول . .. . الفقيه 1 ، 74 - باب المواضع التي يستحب أن يقرأ فيها قل هو . . . ، ح 1 باختلاف في بعض ألفاظه وترتيب عباراته .
2- التهذيب ،2 نفس الباب ، ح 42 . وقد روي بهذا المعنى في الفقيه 1 ، 72 - باب دعاء قنوت الوتر، ذيل ح 18 .
3- نتح المأموم على إمامه : - كما في مصباح اللغة - قرأ ما ارتج على الإمام ليعرفه .
4- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 21 والحديث ضعيف على المشهور.
5- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة و ... ، ح 53 . وكرره برقم 22 من الباب 15 من نفس الجزء .« قال الفاضل التستري رحمه الله : كأن فيه أنه لا يشترط في صحة السورة القصد بالبسملة، ولعله الصواب، وبالجملة، لا أعرف دليلاً واضحاً على وجوب القصد، وقال أيضاً: كان في عدم الرجوع عنهما في هذه الصورة عدم لزوم القصد بالبسملة. لا يقال : المراد لا يرجع عنهما إلى غيرهما، لا أنه لا يعيدهما ، قلنا: مرجع ظاهر اللفظ ما ذكرناه، ويؤيده الأصل . انتهى . ولعل نظره رحمه الله إلى أن إطلاق الخبر يشمل ما إذا قرأ البسملة بقصد السورة ونسي بعد ذلك وقرأ غيرها، وإلا فالظاهر أن الناسي أولاً يقرأ البسملة بقصد السورة التي يقرأها ، وبالجملة يشكل الاستدلال به على هذا المطلب» مرآة المجلسي 115/15 .

فقرأ المعوَّذتين، ثمَّ قال: هما من القرآن(1).

27 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): على الإمام أن يُسمع من خلفه وإن كثروا؟ فقال : ليقرأ قراءة وسطاً، يقول الله تبارك وتعالى (2):﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ﴾.

28 - عليّ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن الّذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته ؟ قال : لا صلاة له، إلّا أن يبدأ بها في جهر أو إخفات، قلت: أيّهما أحبُّ إليك إذا كان خائفاً أو مستعجلاً ، يقرأ بسورة أو فاتحة الكتاب؟ قال : فاتحة الكتاب .(3).

188- باب عزائم السجود

1 - جماعة، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا قرأت شيئاً من العزائم الّتي يُسْجَدُ فيها، فلا تكبّر قبل سجودك ، ولكن تكبّر حين ترفع رأسك، والعزائم أربع : حَم السجدة، وألم تنزيل، والنّجم، واقرأ باسم ربّك(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : قال : إذا قرىء شيء من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد وإن كنتَ على غير وضوء ، وإن كنتَ جُنُباً، وإن كانت المرأة لا تصلّي(5) ،وسائر القرآن(6)أنت فيه بالخيار إن شئتَ سجدتَ وإن شئتّ لم تسجد(7).

ص: 304


1- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 125 وفيه إلى قوله : فقرأ المعوِّذتين .
2- سورة الإسراء / 110 .
3- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من ... ، ح 34 . الاستبصار 1، 169 - باب وجوب قراءة الحمد ، ح . . وروى صدره برقم 31 من الباب المذكور أعلاه من التهذيب بتفاوت . وكذلك في الاستبصار 1 ، 206 - باب من نسي القراءة ، ح .5 . وفيهما مسند إلى أبي جعفر(عليه السلام).
4- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 26 .
5- أي كانت حائضاً أو نُفَساء.
6- أي السجدات المستحبة فيه.
7- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 27 . ويدل الحديث على عدم اشتراط الطهارة من الحدث ولا من الخبث في سجود التلاوة لمن سمع آية العزيمة وإن كان يحرم عليه قراءتها بل قراءة شيء من سورها كما هو الأقوى في الأول، وإن كان الثاني مجمعاً عليه عند أصحابنا وقيل باشتراطها بالظهارة.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل سمع السجدة تُقْرأ؟ قال : لا يسجد إلّا أن يكون منصتاً لقراءته مستمعاً لها، أو يصلّي بصلاته، فأمّا أن يكون يصلّي في ناحية وأنت تصلّي في ناحية أُخرى، فلا تسجد لما سمعت(1).

4 - أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إن صلّيت مع قوم فقرأ الإمام ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾(2)أو شيئاً من العزائم ، وفرغ من قراءته ولم يسجد، فأُومِ إيماءً، والحائض تسجد إذا سمعت السجدة(3)

5 - عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه سئل عن الرَّجل يقرأ بالسجدة في آخر السورة؟ قال : يسجد، ثمَّ يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب، ثمَّ يركع ويسجد(4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير، عن زرارة عن أحدهما(عليهم السلام)قال : لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم، فإنَّ السجود زيادة في المكتوبة(5).

189- باب القراءة في الرِّكعتين الأخيرتَيْن والتسبيح فيهما

1 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر ،عن عليِّ بن مهزيار، عن النضر بن سويد، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن القراءة

ص: 305


1- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 25
2- يعني سورة العَلَق .
3- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 24 . الاستبصار 1 ، 177 - باب الحائض تسمع سجدة العزائم ، ح 1 .
4- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 23 . الاستبصار 1، 176 - باب من قرأ سورة من العزائم التي . . . ، ح 1 . هذا، وقد أجمع أصحابنا على عدم جواز قراءة شيء من سور العزائم في الصلاة الفريضة وحمل الحديث على النافلة، قال المحقق في الشرائع 84/1: من قرأ سورة من العزائم في النوافل يجب أن يسجد في موضع السجود وكذا إن قرأ غيره وهو يستمع ثم ينهض ويقرأ ما تخلف منها ويركع وإن كان السجود في آخرها يستحب له قراءة الحمد ليركع عن قراءة» .
5- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 129 . وقال المحقق في الشرائع 82/1: «ولا يجوز أن يقرأ في الفرائض شيئاً من سُور العزائم . ..». وهذا هو المشهور بين الأصحاب.

خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين؟ فقال الإمام يقرأ فاتحة الكتاب، ومن خلفه يُسَبِّح فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما، وإن شئت فسبّح (1).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): ما يجزىء من القول في الركعتين الأخيرتين؟ قال : أن تقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر وتكبّر وتركع(2).

190- باب الركوع وما يقال فيه من التسبيح والدعاء فيه وإذا رفع الرأس منه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن زرارة ؛وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصبٌ : الله أكبر ثمَّ اركع وقل : اللّهمَّ لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكّلت، وأنت ربّي، خشع لك قلبي وسمعي وبصري وشعري وَبَشَري ولحمي ودمي ومُخْي وعظامي وعصبي ، وما أقلّته قدماي غير مستنكف ولا مستكبر ولا مُسْتَحْسِر(3)، سبحان ربي العظيم وبحمده، ثلاث مرَّات في ترتيل، وتصفّ في ركوعك بين قدميك(4)تجعل بينهما قدر شبر ، وتمكّن راحتيك من ركبتيك، وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى، وبلّع بأطراف أصابعك عين الرُّكبة(5)، وفرج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك، وأقِمْ صُلْبَك ، ومُدّ عنقك، وليكن نظرك بين قدميك، ثمَّ قل: سمع الله لمن حمده، وأنت منتصبٌ قائم : الحمد لله ربّ العالمين، أهلَ الجبروت والكبرياء، والعظمة لله ربّ

ص: 306


1- التهذيب ،2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 41 . قال المحقق في الشرائع 123/1 : ويكره أن يقرأ المأموم خلف الإمام . إلا إذا كانت الصلاة جهرية ثم لا يسمع ولا همهمة ، وقيل : يحرم ، وقيل : يستحب أن يقرأ الحمد فيما لا يجهر فيه والأول أشبه ولو كان الإمام ممن لا يقتدى به وجبت القراءة .
2- التهذيب 2 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 135 . الاستبصار 1 ، 180 - باب التخيير بين القراءة والتسبيح في ...، ج 1 . يقول المحقق في الشرائع 82/1: والمصلّي في كل ثالثة ورابعة بالخيار، إن شاء قرأ الحمد، وإن شاء سبح، والأفضل للإمام القراءة». وقال في صفحة 83: يجزيه عوضا عن الحمد اثنتا عشرة تسبيحة صورتها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ثلاثاً ، وقيل : يجزي عشر، وفي رواية : تسع وفي أخرى أربع والعمل بالأول أحوط .
3- الاستحسار: التعب.
4- أي لا تكون قدم أقرب إلى القبلة من الآخر .
5- كناية عن مماسة الأصابع كلها عين الركبة ولاصقة بها كأنها بالعة لها .

العالمين، تجهر بها صوتك، ثمَّ ترفع يديك بالتكبير وتخرَّ ساجداً(1).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) فقلت : ما يقول الرجل خلف الإمام إذا قال(2): سمع الله لمن حمده؟ قال : يقول : الحمد لله ربّ العالمين ويخفض من صوته .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): إذا أردت أن تركع وتسجد فارفع يديك، وكبّر، ثمَّ أركع واسجدا(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : من لم يُقِمْ صُلْبَهُ في الصّلاة فلا صلاة له(4).

5 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : رأيت أبا الحسن(عليه السلام)يركع ركوعاً أخفض من ركوع كلِّ من رأيته يركع، وكان إذا ركع جَنّح بيديها (5).

6 - أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن رجل، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا رفعت رأسك من الركوع فأقِمْ صُلْبَكَ، فإنّه لا صلاة لمن لا يقيم صُلْبَه (6).

7- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ،عن السندي بن الربيع، عن سعيد بن جناح قال: كنت عند أبي جعفر(عليه السلام)في منزله بالمدينة، فقال مبتدئاً : من أتم ركوعه لم تدخله وحشة في القبر(7).

ص: 307


1- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 57 بتفاوت يسير .
2- الضمير المستتر يرجع إلى الإمام .
3- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 53 وفيه : فارفع يديك ثم اركع واسجد ويدل الخبر بظاهره على استحباب التكبير مع رفع اليدين لكل من الركوع والسجود . وقد حكي عن السيد المرتضى رحمه الله قوله بوجوب رفع اليدين بالتكبير في جميع تكبيرات الصلاة .
4- ويدل على وجوب الانتصاب في حال القيام في الصلاة، وهو المشهور عندنا .
5- ويدل على استحباب التجنيح في الركوع أيضاً، والتجنيح رفع ذراعيه عن الأرض كأنهما جناحان . والمشهور أن ذلك مستحب في السجود.
6- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 58 .
7- يحتمل أن يكون المراد بالإتمام الإتيان بالواجبات كما يحتمل أن يكون المراد به الإتيان بالآداب والأذكار المستحبة في الركوع والحديث مجهول.

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين ،عن جعفر بن بشير، عن حمّاد، عن هشام قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام): يجزىء عني أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود : لا إله إلا الله والله أكبر ؟ قال : نعم(1).

9 - أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عقبة قال : رآني أبو الحسن(عليه السلام)بالمدينة وأنا أصلي وأنكس برأسي، وأتمدّد في ركوعي، فأرسل إلي : لا تفعل.

191- باب السجود والتسبيح والدعاء فيه في الفرائض والنوافل وما يقال بين السجدتين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان ؛ عن الحلبي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا سجدت فكبر وقل : اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت وأنت ربي ، سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه(2)وبصره، الحمد الله رب العالمين، تبارك الله أحسن الخالقين، ثم قل: سبحان ربي الأعلى وبحمده - ثلاث مرات - فإذا رفعت رأسك فقل بين السجدتين : اللّهمّ اغفر لي وارحمني وأجرني(3)وادفع عني إني لما أنزلت إلي من خير فقير، تبارك الله رب العالمين(4).

2 -جماعة عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب، عن، عبد الله بن سنان عن حفص الأعور ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : كان علي صلوات الله عليه

ص: 308


1- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 73 و 74 وفيه زيادة : والحمد لله ، بعد : لا إله إلا الله . وزيادة في ذيله : كل هذا ذكر الله . وأجمع الأصحاب على وجوب الذكر في الركوع، وإنما اختلفوا في تعينه . فقال الشيخ في المبسوط : التسبيح في الركوع أو ما يقوم مقامه من الذكر واجب ومقتضى ذلك الاكتفاء بمطلق الذكر، وبه صرّح ابن إدريس كما هو صريح الخبر، ولا يخلو من قوة، وقال الشيخ في النهاية : أقل ما يجزي من التسبيح في الركوع والسجود تسبيحة واحدة وهو أن يقول في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده، وأقل ما يجزي من التسبيح في السجود أن يقول سبحان ربي الأعلى وبحمده ، وظاهر اختيار الشيخ في التهذيب وجوب تسبيحة كبرى أو ثلاث تسبيحات نواقص، ونقل عن أبي الصلاح أنه أوجب التسبيح ثلاث مرات على المختار وتسبيحة على المضطر ... الخ مرآة المجلسي 15 / 125 - 126 .
2- إضافة السمع إلى الوجه للمجاورة لا لأنه جزوه حيث ذهب العامة إلى وجوب غسل الأذنين في الوضوء.
3- إما من الأجر والثواب، أو من الإجارة بمعنى الأمان.
4- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 63 .

إذا سجد، يتخوّى كما يتخوّى البعير الضامر - يعني بروكه-(1).

3 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن محمّد بن إسماعيل قال : رأيت أبا الحسن(عليه السلام) إذا سجد يحرك ثلاث أصابع من أصابعه واحدة بعد ،واحدة تحريكاً خفيفاً، كأنه يعد التسبيح ، ثم رفع رأسه .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن أبي عبيدة الحذّاء ، قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول وهو ساجدٌ : أسألك بحقِّ حبيبك محمّد إلّا بدّلت سيئاتي حسنات، وحاسبتني حساباً يسيراً، ثمَّ قال في الثانية : أسألك بحقِّ حبيبك محمّد إلاّ كفيتني مؤونة الدنيا وكلِّ هول دون الجنة وقال في الثالثة : أسألك بحقِّ حبيبك محمّد لمّا غفرت لي الكثير من الذنوب والقليل، وقبلت منّي عملي اليسير، ثمَّ قال في الرابعة : أسألك بحقِّ حبيبك محمّد لمّا ادخلتني الجنّة وجعلتني من سكّانها، ولمّا نجّيتني من سَفَعات النّار(2)برحمتك وصلّى الله على محمد وآله .

5- جماعة ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن الرَّجل يذكر النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)وهو في الصّلاة المكتوبة إمّا راكعاً وإمّا ساجداً، فيصلّي عليه وهو على تلك الحال؟ فقال: نعم، إنَّ الصَّلاة على نبيِّ الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كهيئة التكبير والتسبيح، وهي عشر حسنات، يبتدرها ثمانية عشر ملكاً أيّهم يبلّغها إيّاه (3).

6 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضّاله ،عن الحسين بن سعيد عن فضالة، عن أبان عن عبد الرَّحمن بن سيّابة قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أدعو وأنا ساجدٌ؟(4)فقال : نعم، فادع

ص: 309


1- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و...، ح 64 . قال المجلسي في مرآته 128/15 : وفي القاموس : خوّى في سجوده تخوية، تجافى وفرج ما بين عضديه وجنبيه ، وقال : الضمر : بالضم الهزال، ومحاق البطن إلى أن قال وبالفتح : الرجل الهضيم البطن اللطيف الجسم ، وفيه الهضم خمص البطن ولطف الكشح ، انتهى . والظاهر أن التشبيه في عدم الصاق البطن بالأرض وعدم لصوق الأعضاء بعضها ببعض، والتخوي بينهما ويحتمل أن يكون التشبيه في أصل البروك أيضاً، فإن البعير يسبق بيديه قبل رجليه عند بروکه» . والحديث عند المجلسي مجهول .
2- سفعته النار :- كما في الصحاح - إذا نفخته نفخاً يسيراً فغيّرت لون البشرة .
3- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 62 . والضمير في (يبلغها) يرجع إلى الصلاة، وفي (إياه) يرجع إلى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم). ويدل على جواز الصلاة على النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)بل استحبابه في ركوع الصلاة وسجودها.
4- يشمل بإطلاقه الأعم من سجود الصلاة وغيره .

للدُّنيا والآخرة، فإنّه ربُّ الدُّنيا والآخرة(1).

7 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : أقرب ما يكون العبد من ربّه إذا دعا ربّه وهو ساجد، فأيُّ شيء تقول إذا سجدتَ؟ قلت: علّمني جُعِلْتُ فِداك ما أقول، قال: قل: يا ربّ الأرباب، ويا ملك الملوك، ويا سيّد السّادات، ويا جبّار الجبابرة ويا آله الآلهة، صلّ على محمّد وآل محمّد، وافعل بي كذا وكذا، ثمَّ قل: فإنّي عبدك، ناصِيَتي في قبضتك ثمَّ ادع بما شئت، واسأله فإنّه جواد ولا يتعاظمه شيءٌ.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال: صلّى بنا أبو بصير في طريق مكّة، فقال وهو ساجد، - وقد كانت ضَلَّت ناقة لجمّالهم - : اللهمَّ رُدَّ على فلان ناقته قال محمّد : فدخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)فأخبرته ، قال : وفعل ؟ قلت : نعم ، قال : وفعل ؟ قال : فَسَكَتَ قلت : فأُعيد(2)الصّلاة؟ قال: لا(3).

9 - أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): إنّي كنت أمهّد لأبي فراشه ،فأَنتظره حتّى يأتي، فإذا أوى إلىّ فراشه ونام قمت إلى فراشي، وإنّه أبطأ عليَّ ذات ليلة، فأتيتُ المسجد في طلبه وذلك بعدما هدأ النّاس، فإذا هو في المسجد ساجد، وليس في المسجد غيره، فسمعت حنينه(4)وهو يقول : سبحانك اللّهمَّ أنت ربّي حقّاً حقّاً سجدتُ لك يا ربِّ تعبّداً ورقّاً، اللّهمَّ إنَّ عملي ضعيف فضاعفه لي ، اللّهمَّ قني عذابك يوم تبعث عبادك ، وتب عليَّ إنّك أنت التّواب الرَّحيم .

10 - أحمد، عن ابن محبوب، عن أبي جرير الرَّواسي قال: سمعت أبا الحسن موسى(عليه السلام)وهو يقول : اللّهمَّ إنّي أسألك الرَّاحة عند الموت، والعفو عند الحساب يردّدها(5).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال، عن عبد الله بن محمّد،

ص: 310


1- التهذيب 2 ، 15- باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 63 .
2- في التهذيب : افاعيد
3- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 64 . وسكوته (عليه السلام)لا يدل على عدم الجواز، وقد يكون ترديده(عليه السلام)السؤال : وفعل تعجبا منه(عليه السلام)لترك أبي بصير التقية أو لكراهة الدعاء بذلك في الصلاة.
4- الحنين: خروج الصوت من الفم والحديث موثق .
5- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 65 . ولم يرد في الحديث في أي موضع كان(عليه السلام)يردّد هذا الدعاء، أهو في الصلاة أو غيرها، وعلى الأول فهل كان في القنوت أو السجود أو غيرهما من المواضع.

عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الله بن هلال قال : شكوت إلى أبي عبد الله(عليه السلام)تقرُّق أموالنا ، وما دخل علينا، فقال: عليك بالدُّعاء وأنت ساجدٌ، فإنَّ أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجدٌ قال : قلت : فأدعو في الفريضة وأسمّي حاجتي ؟ فقال: نعم، قد فعل ذلك رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فدعا على قوم بأسمائهم وأسماء آبائهم، وفعله عليُّ(عليه السلام)بعده(1).

12 - جماعة من أصحابنا،عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عند عائشة ذات ليلة، فقام يتنفّل، فاستيقظت عائشة فضربت بيدها فلم تجده، فظنّت أنّه قد قام إلى جاريتها، فقامت تطوف عليه فوطات عنقه(صلی الله علیه وآله وسلم)وهو ساجد باكٍ، يقول : سجد لك سوادي(2)وخيالي ، وآمن بك فؤادي ، أبوء(3)إليك بالنعم وأعترف لك بالذنب العظيم، عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنّه لا يغفر الذنب العظيم إلّا أنت ، أعوذ بعفوك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ برحمتك من نقمتك، وأعوذ بك منك، لا أبلغ مدحك والثناء عليك ،أنت كما أثنيت على نفسك، أستغفرك وأتوب إليك فلمّا انصرف قال : يا عائشة، لقد أوجعت عنقي ، أيُّ شيء خشيت؟ أن أقوم إلى جاريتك؟ .

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عمّن ذكره، عن محمّد بن أبي حمزة، عن أبيه قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): من قال في ركوعه وسجوده وقيامه: صلّى الله على محمّد وآل محمّد، كتب الله له بمثل الرُّكوع والسّجود والقيام .

14 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جعفر بن عليّ قال : رأيت أبا الحسن(عليه السلام)وقد سجد بعد الصّلاة، فبسط ذراعيه على الأرض، وألصق جؤجؤه(4)بالأرض في دعائه(5)

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن يحيى بن عبد الرَّحمن بن خاقان قال : رأيت أبا الحسن

ص: 311


1- ويدل الحديث على جواز الدعاء في الصلاة على الكافرين والقاسطين والناكثين والظالمين بشكل عام ، كما فعل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فدعا على هؤلاء كالوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة ومضر ورعل وذكوان ... الخ . وكما فعل علي(عليه السلام)في دعائه على معاوية وأبي موسى الأشعري وأبي الأعور السلمي وأضرابهم. والحديث مجهول.
2- السواد: - هنا - الشخص.
3- أبوء : أي أعتَرِفُ .
4- الجؤجؤ: الصدر. ويستحب لصقه بالأرض في خصوص سجدة الشكر.
5- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 79 وفي ذيله : في ثيابه، بدل : في دعائه .

الثالث(عليه السلام)سجد سجدة الشكر، فافترش ذراعَيه ،فألصق جؤجود وبطنه بالأرض، فسألته عن ذلك ؟ فقال : كذا نحبُّ(1).

16 - عليُّ بن محمّد، عن سهل، عن أحمد بن عبد العزيز قال : حدَّثني بعض أصحابنا قال : كان أبو الحسن الأوَّل(عليه السلام)إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال : هذا مقام من حسناتُهُ نعمة منك وشكرُهُ ضعيف ، وذنبه عظيم ، وليس له إلّا دفعك ورحمتك، فإنّك قلت في كتابك المنزل على نبيّك المرسل(صلی الله علیه وآله وسلم): ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾(2)، طال هجوعي وقلّ قيامي، وهذا السحر، وأنا أستغفرك لذنبي استغفار من لم يجد لنفسه ضرًّا ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، ثمَّ يخرُّ ساجداً صلوات الله عليه(3).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن جندب قال: سألت أبا الحسن الماضي(عليه السلام)عمّا أقول في سجدة الشكر، فقد اختلف أصحابنا فيه؟ فقال: قُلْ وأنت ساجد : اللّهمَّ إنّي أشهدك، وأُشهد ملائكتك وأنبياءَكَ ورسلَكَ وجميعَ خَلْقِكَ أنّك الله ربّي والإسلام دینی ،ومحمّد نبيّي ، وعليّاً وفلاناً وفلاناً إلى آخرهم أئمّتي ، بهم أتولّى ومن عدوّهم أتبرَّأ ، اللّهمَّ إنِّي أنْشُدُك دم المظلوم(4)- ثلاثاً - اللّهمَّ إنّي أنْشُدُك بإيوائك(5)على نفسك لأوليائك، لَتُظْفِرَنّهم بعدوّك وعدوِّهم، أن تصلي على محمّد وعلى المستحفظين (6)من آل محمّد، اللّهمَّ إنّي أسألك اليُسْرَ بعد العسر - ثلاثاً - ثمَّ ضع خدّك الأيمن على الأرض وتقول : يا كهفي(7)حين تعييني المذاهب(8)، وتضيق عليَّ الأرض بما رَحُبَت ويا بارىء خلقي رحمة بي وقد كان عن خلقي غنيّاً، صلّ على محمّد وعلى المستحفظين من آل محمّد، ثمَّ ضع خدَّك الأيسر

ص: 312


1- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 80 وفي ذيله : كذا يجب وعلى نسخة التهذيب يحتمل المراد بالوجوب الاستحباب المؤكد
2- سورة الذاريات / 17 - 18 . وما يهجعون بمعنى لا يهجعون، أي لا ينامون .
3- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح .276 . والمراد بآخر ركعة الوتر ، أي ركوع الوتز عند رفع رأسه منه، وذكره الكليني رحمه الله تحت عنوان هذا الباب لاتصاله بالسجود.
4- أَنْشُدُك : أي أسألك بحقك. وأنْشُدُ فلاناً ونشدته : أي قلت له سألتك بالله . ودم المظلوم ، يعني دم الحسين، أي أسألك بحقك أن تثأر لدم الحسين(عليه السلام) من سافكيه .
5- وأيتُ من الوأي وهو الوعد، ولعله إشارة إلى قوله تعالى في الآية 55 من سورة النور: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض.... الآية .
6- أي الحافظين لكتاب الله وسنة رسوله والقائمين على حدوده. وهو على البناء للفاعل، ويمكن أن يُقرأ على البناء للمفعول، أي الذين طلب الله منهم حفظ كل ما ذكرنا .
7- يا ملجأي
8- أي تشعب الطرق والمسالك إلى الناس وترددي في أيها أسلك إلى الحق مخافة أن أقع في الباطل وذلك لتشابكها وتشاكلها وتلبيسها .

وتقول : يا مذلّ كلّ جبّار، ويا معزُّ كلَّ ذليل ، قد وعزَّتك بلغ بي مجهودي(1)- ثلاثاً - ثمَّ تقول : يا حَنّان يا مَنّان يا كاشف الكُرَب العِظام - ثلاثاً - ثمَّ تعود للسجود فتقول مائة مرَّة : شكراً شكراً ثمَّ تسأل حاجتك إن شاء الله تعالى(2).

18 - عليُّ بن إبراهيم، عن عليَّ بن محمّد القاسانيّ، عن سليمان بن حفص المروزيّ قال : كتبت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر(عليه السلام) في سجدة الشكر، فكتب إليَّ : مائة مرَّة شكراً شكراً، وإن شئتَ عفواً عفواً(3).

19 - عدَّةً من أصحابنا ،عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه قال: خرجت مع أبي الحسن موسى بن جعفر(عليه السلام)إلى بعض أمواله(4)، فقام إلى صلاة الظّهر، فلمّا فرغ خرّ الله ساجداً فسمعته يقول بصوت حزين وتغرغر(5)دموعه : ربِّ عصيتك بلساني ولو شئتَ وعزّتِك لأخْرَسْتَني ، وعصيتك ببصري ولو شئتَ وعزّتِك لأكْمَهْتَنِي(6)، وعصيتك بسمعي ولو شئتَ وعزَّتِك لأصممتني، وعصيتك بيدي ولو شئتَ وعزّتِك لكنَعْتَني(7)، وعصيتك برجلي ولو شئتَ وعَزَّتِكَ لجَذَمْتَني(8)، وعصيتك بفَرْجي ولو شئتَ وعزَّتِك لعقمتني ، وعصيتك بجميع جوارحي الّتي أنعمتَ بها عليَّ وليس هذا جزاؤك منّي ، قال : ثمَّ أحصيت له ألف مرَّة وهو يقول : العفو العفو، قال : ثمَّ ألصق خدَّه الأيمن بالأرض فسمعته وهو يقول، بصوت حزين : بُؤتُ إليك بذنبي، عملتُ سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذنوب غيرك يا مولاي - ثلاث مرَّات - ثمَّ ألصق خدَّه الأيسر بالأرض فسمعته يقول : ارحم من أساء واقترف واستكانَ واعترف - ثلاث مرّات - ثمَّ رفع رأسه(9).

20 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم ، عن مالك بن عطيّة، عن يونس بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك ، هذا الّذي ظهر بوجهي

ص: 313


1- المجهود: - كما في النهاية - الطاقة.
2- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 184 . الفقيه 1، 47 - باب سجدة الشكر والقول فيها، ح 1 بتفاوت . وقد دل الحديث على استحباب تقليب الخدين بين السجدتين مع الدعاء أثناءه .
3- التهذيب ،2 نفس الباب ، ح 185 . الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 4 بتفاوت يسير . وسوف يكرره الكليني رحمه الله ، برقم 20 من الباب 198 من هذا الجزء .
4- أي ضياعه ومزارعه وبساتينه
5- الغرغرة - هنا - صوت معه بَحَح .
6- الكَمَه : العَمى .
7- الكَنَع : الشَّلَل .
8- أي لقطعت يدي أو الأنامل منها .
9- التهذيب ،2 ، نفس الباب، ح 186 .

يزعم النّاس أَنَّ الله لم يبتل به عبداً له فيه حاجة؟ فقال: لا، قد كان مؤمن آل فرعون مكنع الأصابع(1)، فكان يقول هكذا (2)- ويمدُّ يده - ويقول : يا قوم اتّبعوا المرسلين، قال : ثمَّ قال لي : إذا كان الثّلث الأخير من اللّيل في أوّله ، فتوضَّاً ، ثمَّ قم إلى صلاتك الّتي تصلّيها، فإذا كنت في السّجدة الأخيرة من الركعتين الأوَّلتين فقل وأنت ساجد: يا عليّ يا عظيم، يا رحمن يا رحيم يا سامع الدعوات، يا معطي الخيرات، صلّ على محمّد وأهل بيت محمّد، وأعطني من خير الدنيا والآخرة ما أنت أهله، واصرف عنّي من شرِّ الدُّنيا والآخرة ما أنا أهله، وأذْهِبْ عنّي هذا الوجع - وتسمّيه ، فإنّه قد غاظني وأحزنني وألحّ في الدُّعاء، قال: ففعلت، فما وصلت إلى الكوفة حتّى أذهب الله عنّي كلّه(3).

21 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيّ ، عن محمّد بن عليّ، عن سعدان ، عن رجل ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان يقول في سجوده : سجد وجهي البالي(4) لوجهك (5)الباقي الّدائم العظيم، سجد وجهي الذّليل لوجهك العزيز، سجد وجهي الفقير لوجه ربّي الغنيّ الكريم العليّ العظيم ، ربِّ أستغفرك ممّا كان، وأستغفرك ممّا يكون ، ربِّ لا تجهد بلائي(6)، ربِّ لا تشمت بي أعدائي ، ربِّ لا تُسَيّء قضائي(7)، ربِّ إنّه لا دافع ولا مانع إلّا أنت، صلّ على محمّد وآل محمّد بأفضل صلواتك، وبارك على محمّد وآل محمّد بأفضل بركاتك ، اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من سَطَواتك، وأعوذ بك من جميع غضبك وسخطك، سبحانك لا إله إلّا أنت ربُّ العالمين وكان أمير المؤمنين(عليه السلام)يقول وهو ساجد: ارحم ذلّي بين يديك، وتضرّعي إليك، ووحشتي من النّاس، وآنسني بك يا كريم وكان يقول أيضاً : وعظتني فلم أتّعظ، وزجرتني عن محارمك فلم أنزجر، وعَمرتني(8)أياديك فما شكرتُ ، عفوَك عفوَك يا كريم ، أسألك الرَّاحة عند الموت ، وأسألك العفو عند الحساب، وكان أبو جعفر(عليه السلام)يقول وهو ساجد : لا إله إلّا أنت حقّاً حقّاً، سجدتُ لك يا رب تعبّداً ورقّاً، يا عظيم، إنَّ عملي ضعيف فضاعِفْه لي يا كريم، يا حنّان اغفر لي ذنوبي وجرمي ، وتقبّل عملي يا كريم يا جبّار، أعوذ بك من أن أخيب، أو أحمل ظلماً،

ص: 314


1- الأكنع: - كما في القاموس - من رجعت أصابعه إلى كفه وظهرت رواجبه .
2- أي يشير بيده ويفعل .
3- الحديث مجهول.
4- أي وجهي الذي يؤول إلى البلى، أو هو في معرضه .
5- أي ذاتك المقدسة .
6- أي لا تجعله مما لا يطاق لشدّته .
7- يعني لا تبتلني بسوء القضاء .
8- في بعض النسخ: وغمرتني أياديك أي نِعَمُك

اللّهمَّ منك النعمة وأنت ترزق شُكْرَها(1)، وعليك يكون ثواب ما تفضّلتَ به من ثوابها ، بفضل طَوْلِك وبكريم عائدتك .

22 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد بن مروان قال : كان أبو الحسن(عليه السلام)يقول في سجوده : أعوذ بك من نار حرُّها لا يُطفأ وأعوذ بك من نار جديدُها لا يَبلى(2)، وأعوذ بك من نار عطشانها لا يُروى، وأعوذ بك من نار مسلوبها لا يُكسى .

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عُبيدة الحذّاء، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا قرأ أحدكم السجدة من العزائم، فليقُل في سجوده : سجدت لك تعبّداً ورقّاً، لا مستكبراً عن عبادتك ولا مستنكفاً، ولا متعظّماً، بل أنا عبدٌ ذليلٌ خائف مستجيرٌ(3).

24 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن الريّان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : شكوتُ إليه علّة أمِّ ولد لي أخذتها ، فقال : قل لها : تقول في السجود في دُبر كلِّ صلاة مكتوبة: يا ربّي يا سيّدي، صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد، وعافِني من وكذا كذا ، فيها نجا جعفر بن سليمان من النار(4)، قال : فعرضت هذا الحديث على بعض أصحابنا فقال : أعرفُ فيه : يا رؤوف يا رحيم يا ربّي، يا سيّدي، افعل بي كذا وكذا .

25 - عليُّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن أبي عمير، عن زياد القنديّ قال: كتبت إلى أبي الحسن الأوّل(عليه السلام): عَلَّمْني دعاءً، فإنّي قد بُلِيتُ بشيء - وكان قد حبس ببغداد حيث اتّهم بأموالهم(5)فكتب إليه : إذا صلّيت فأطل السجود ثمَّ قل: يا أَحَدُ من لا أَحَدَ حتّى ينقطعِ النَفَس ، ثمَّ قل: يا من لا يزيده كثرة الدعاء إلّا جوداً وكرماً حتّى ينقطع نَفَسُك ، ثمَّ قل: يا ربَّ الأرباب أنت أنت أنت(6)الّذي انقطع الرَّجاء إلّا منك ، يا عليُّ يا عظيم، قال زیاد فدعوتُ به ففرج الله عنّي ، وخُلّي سبيلي .

ص: 315


1- يدل على أن شكر النعمة نعمة منه سبحانه أيضاً .
2- إشارة إلى قوله تعالى : كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها
3- الدعاء محمول على الاستحباب. إذ المطلوب في سجود العزائم نفس الذكر في السجود أو مطلق الذكر. أو مجرد وضع الجبهة على الأرض أو غيرها .
4- المراد نار الدنيا ويحتمل عذاب الآخرة .
5- يعني سلاطين الجور.
6- أي أنت الذي يعرف بالكمالات، كما في قولهم : سيفي سَيْفي، ويحتمل أن يكون الثاني والثالث تأكيداً للأول مرآة المجلسي 141/15 .
192- باب أدنى ما يجزىء من التسبيح في الركوع والسجود وأكثره

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن عثمان بن عبد الملك، عن أبي بكر الحضرميّ قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): تدري أيُّ شيء حدُّ الرُّكوع والسجود؟ قلت : لا ، قال : تسبّح في الرُّكوع ثلاث مرَّات : سبحان ربّي العظيم وبحمده، وفي السجود: سبحان ربّي الأعلى وبحمده، ثلاث مرَّات، فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته، ومن نقص ثنتين نقص ثلثي صلاته، ومن لم يسبّح فلا صلاة له(1).

2 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن ابن فضّال، عن أحمد بن عمر الحلبيّ، عن أبيه، عن أبان بن تغلب قال : دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)وهو يصلّي، فَعَدَدْتُ له في الركوع والسجود ستّين تسبيحة(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران والحسن بن زياد قالا : دخلنا على أبي عبد الله(عليه السلام)وعنده قومٌ ، فصلّى بهم العصر، وقد كنّا صلّينا، فعدَدْنا له في ركوعه سبحان ربّي العظيم أربعاً وثلاثين أو(3)ثلاثاً وثلاثين مرَّة، وقال أحدهما في حديثه:« وبحمده»(4)في الرّكوع والسجود سواء(5).

هذا(6)لأنه علم عليه الصلاة والسّلام احتمال القوم لطول ركوعه وسجوده، وذلك أنّه روي أنّ الفضل للإمام أن يخفّف ويصلّي بأضعف القوم .

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قلت له : أدنى ما يجزىء المريض من التسبيح في الركوع والسجود ؟ قال : تسبيحة واحدة(7).

ص: 316


1- التهذيب 2 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 68 بتفاوت وكرره برقم 73 من الباب 9 من نفس الجزء. الاستبصار 1 ، 181 - باب أقل ما يجزي من التسبيح في الركوع والسجود . ح 10 بتفاوت، وفي سنده يحيى بن عبد الملك بدل : عثمان . . . ، والحديث مجهول.
2- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 61 وظاهر الحديث أن التسبيحات في كل ركوع وسجود، ويحتمل أنها في مجموع ركوعات الصلاة وسجوداتها كما يحتمل ركوع وسجود كل ركعة .
3- الترديد من الراوي .
4- أي بإضافة (وبحمده) إلى قوله : سبحان ربي العظيم.
5- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح66 . الاستبصار 1، نفس الباب، ح 11
6- الظاهر أن هذا الكلام من هنا إلى الآخر هو من كلام المؤلف رحمه الله وهو غير موجود في بقية الكتب .
7- أي التسبيحة الصغرى بحسب الظاهر.

5 - عليُّ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن هشام بن الحكم قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): ما من كلمة أخف على اللّسان منها ولا أبلغ من سبحان الله، قال: قلت: يجزئني في الركوع والسجود أن أقول مكان التسبيح : لا إله إلّا الله والحمد الله والله أكبر؟ قال : نعم ، كلُّ ذا ذكر الله ، قال : قلت : الحمد لله ولا إله إلّا الله قد عرفناهما، فما تفسير سبحان الله؟ قال : أَنفَة الله(1)، أما ترى الرَّجل إذا عجب من الشيء قال : سبحانَ الله(2) .

6 - عليُّ بن محمّد ؛ عن بعض أصحابنا، عن مروك بن عبيد، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قلت له : إنّي إمام مسجد الحيّ، فأركع بهم فأسمع خفقان نعالهم وأنا راكعٌ ؟ فقال : اصبر ركوعَك ومثل ركوعِك(3)، فإن انقطع (4)، وإلّا فانتصب قائماً(5).

193- باب ما يسجد عليه وما يُكْرَه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد؛ والحسين بن سعيد ،عن القاسم بن عروة، عن أبي العبّاس الفضل بن عبد الملك قال : قال أبوعبد الله(عليه السلام): لا تسجد إلّا على الأرض أو ما أنبتت الأرض، إلّا القطن والكتّان(6).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن أسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن حماد بن عيسى، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قلت له : أسجد على الزِّفْت؟ - يعني القير؟ - فقال : لا ، ولا على الثوب الكرسف ولا على الصوف ولا على شيء من الحيوان ولا على طعام، ولا على شيء من ثمار الأرض ولا على شيء من الرِّياش(7).

ص: 317


1- في الصحاح : تأنف من الشيء أنفاً، وأنفَةٌ : استنكَفَ.
2- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 73 وروى وسط الحديث فقط. قوله(عليه السلام):أما ترى ... ؛ أي لما كان التعجب من الشيء الغريب موهماً لتصوّر قدرة الله تعالى عن مثله يقول عند ذلك : سبحان الله ، أي أنزّهه عن أن لا يكون شيء تحت قدرته سبحانه مرآة المجلسي 143/15 .
3- أي اصبر بمقدار ضعفي ركوعك مع الذكر فيه .
4- أي خفقان النعال، وهو صوت صَفقِها .
5- الفقيه 1 ، 56 - باب الجماعة وفضلها ، ح 61 .
6- التهذیب2، نفس الباب،ح81.الاستیصار 1،188-باب السجود علی القطن والکتان ،ح1.وفیه :ما انبتته...هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله علیهم علی عدم جواز السجود إلا علی الاأرض أو ما أنبتت من غیر المأکول والملبوس.
7- التهذيب 2 ، نفس الياب، ح 82. الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 2 . والرياش : اللباس الفاخر، ولعل المراد به هنا مطلق اللباس.

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن الجص يوقد عليه بالعَذَرة وعظام الموتى ، ثم يجصص به المسجد، أيُسْجَدُ عليه ؟ فكتب(عليه السلام)إليّ بخطه : إن الماء والنار قد طَهِّراه(1).

4 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان عن الحلبي قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): دعا أبي بالخُمرة فأبطأت عليه، فأخذ كفّاً من حصى فجعله على البساط ثم سجد(2).

5- علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل بن يسار؛ وبريد بن معاوية عن أحدهما(عليهم السلام)قال : لا بأس بالقيام على المصلّى من الشَّعر والصوف إذا كان يسجد على الأرض، فإن كان من نبات الأرض فلا بأس بالقيام عليه والسجود عليه(3)،

6 - أحمد بن إدريس وغيره عن أحمد بن محمد، عن علي بن إسماعيل، عن ؛ محمد بن عمرو بن سعيد ، عن أبي الحسن الرّضا صلوات الله عليه قال : لا تسجد على القير، ولا على الصاروج(4).

7 - علي بن محمد ؛ وغيره عن سهل بن زياد عن علي بن الريان قال: كتب بعض ، أصحابنا إليه بيد إبراهيم بن عُقبة يسأله - يعني أبا جعفر(عليه السلام) -عن الصلاة على الحُمْرَة المدنية؟ فكتب : صلِّ فيها ما كان معمولاً بخيوطة ولا تصل على ما كان معمولاً بسيورة . قال : فتوقف أصحابنا، فأنشدتهم بيت شعر لتأبط شرًا العدواني كأنها خيوطة ماري تغار وتفتل وماري كان رجلاً حبالاً كان يعمل الخيوط(5).

ص: 318


1- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 136 . الفقيه 1 ، 40 - باب ما يسجد عليه وما لا . . . ، ح 6 . أقول : وليس المراد بالتطهير ما هو المصطلح عليه منه ، لأن عظام الموتى والعذرة لم يخالطا الجص ، وإنما كان دورهما إحراقه فقط، فهو على طهارته، فيكون المقصود بقوله(عليه السلام): قد طهراه، أي نظفاه ، من الطهارة بمعناها اللغوي .
2- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 91 والضمير في (فأبطات) يرجع إلى الجارية أو الخمرة. والخُمْرة: حصير صغير من سعف أو غيره . ويدل الحديث على عدم وجوب اتصال موضع السجود فيكفي أن يكون مثل الحصى المنفصل بعضه عن بعض .
3- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 92 الاستبصار ،1 ، 191 - باب السجود على شيء ليسی علیه سائر جسده ، ح 2
4- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح84 . الاستبصار 1 ، 189 - باب السجود على القير والقفر، ح 1 . وفيهما: على القُفْر ولا على القير ... الخ . والقير الزفت والصاروج هو النورة واخلاطها (معرب).
5- التهذيب ،2، نفس الباب ، ح 94 وفيه : الفهمي، بدل العدواني. والظاهر أن استشهاده بهذا البيت من الشعر ليثبت أن خيوطة وسيورة بالتاء مروي عن العرب، بعد أن توقفوا فيه لعدم معهوديته عندهم. وتغار تقتل. وقد نص علي بن الحسين بن بابويه في رسالته على النهي عن السجود على الحُصُر المدنية لأن سيورها من جلد .

8 - محمّد بن يحيى بإسناده قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): السجود على الأرض فريضة، وعلى الخُمْرَة سُنّة(1).

9 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: لا تسجد على الذَّهب ولا على الفضّة(2).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ(عليه السلام)قال: لا يسجد الرَّجل على شيء ليس عليه سائر جسده(3).

11 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن حمران، عن أحدهما(عليهم السلام) قال : كان أبي(عليه السلام)يصلّي على الخُمْرَة يجعلها على الطَّنْفَسة ويسجد عليها، فإذا لم تكن خُمْرَةً جعل حصى على الطّنفسة حيث يسجد(4).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن جميل بن درّاج عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه كره أن يُسْجَدَ على قرطاس عليه كتابة(5).

13 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ النيسابوريّ عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر(عليه السلام)قال: سألته عن الرَّجل يصلّي على الرطبة النابتة؟ قال: فقال : إذا ألصق جبهته بالأرض فلا بأس ؛ وعن الحشيس النابت الثيّل وهو يصيب أرضاً جَدَداً ؟ قال : لا بأس(6).

ص: 319


1- التهذيب ،2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 134 مرسلاً وفيه : وعلى غير الأرض سُنة . الفقيه 1 ، 40 - باب ما يسجد عليه وما لا ... ، ح 1 وفيه ... وعلى غير ذلك سُنّة، وكرر ذكره بنفس رواية التهذيب برقم 22 من الباب 29 من نفس الجزء من الفقيه .
2- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 85.
3- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح .89 الاستبصار 1 ، 191 - باب السجود على شيء ليس عليه سائر جسده ، ح 3 . وظاهره استحباب وصول سائر المساجد إلى الأرض أو ما أنبتت ويحتمل أن يكون المراد: قوموا للصلاة في موضع لا يلزمكم وضع شيء آخر مكان السجود لتتضرروا به من العامة كالحصير والأرض، ويمكن حمله على التقية أيضاً. ولعل الأوسط أوسط .... مرآة المجلسي 15 / 148 - 149 . وقال الشيخ رحمه الله في التهذيب بعد إيراده الخبر هذا الخبر موافق لبعض العامة، وليس عليه العمل لأنه يجوز أن يقف الإنسان على ما لم يسجد عليه .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب ح 90 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 1. والظاهر سقوط العدة، أو سقوط محمد بن يحيى من أول السند، وقد يفعل ذلك إحالة على الظهور، والطنفسة - بتثليث الطاء والفاء - بساط له خمل . مرآة المجلسي 149/15 .
5- التهذيب ،2 ، نفس ،الباب ، ح 88 الاستبصار 1 ، 190 - باب السجود على القرطاس فيه كتابة ، ح 1. والظاهر أن الكراهة فيه بمعناها المصطلح فلا تنافي الجواز، حيث قال به الأصحاب رضوان الله عليهم.
6- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 86 الفقيه 1 ، 39 - باب ما يصلّى فيه وما لا يصلّى فيه من ...، ح 13 بتفاوت يسير . والثيِّل : نزع من الحشيش الكثيف له عروق تتشبث بالتربة وإذا نما يصبح كالبساط الأخضر. والجَدَد: الغليظ المستوي من الأرض واشتراط الصاق الجبهة بالأرض بسبب عدم استقرار الجبهة عادة على ما ذكر.

14 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين أنَّ بعض أصحابنا كتب إلى أبي الحسن الماضي(عليه السلام)يسأله عن الصلاة على الزُّجاج ؟ قال : فلمّا نفذ كتابي إليه تفكّرت وقلت : هو ممّا أنبتت الأرض وما كان لي أن أسأله عنه قال : فكتب إليَّ : لا تُصَلِّ على الزُّجاج، وإن حدّثَتْكَ نَفْسُك أنّه ممّا أنبتت الأرض، ولكنّه من الملح والرَّمل ، وهما ممسوخان(1).

194- باب وضع الجبهة على الأرض

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : الجبهة كلّها من قصاص شعر الرأس إلى الحاجبين موضع السجود، فأيّما سقط من ذلك إلى الأرض أجزاك ، مقدار الدِّرهم، ومقدار طرف الأنملة(2).

2 - عنه، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة قال : أخبرني من سمع أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : لا صلاة لمن لم يُصِبْ أَنفَهُ ما يصيب جبينه

3 -محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها، ولكن جُرَّها على الأرض(3).

4 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن موضع جبهة الساجد، يكون أرفعَ من قيامِهِ؟ قال : لا ، ولكن يكون مستوياً(4).

ص: 320


1- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 87 :وقوله : ممسوخان أي مستحيلان خارجان عن اسم الأرض ويدل على عدم جواز السجود على الرمل : إلا أن يقال : إن الرمل مؤيد للمنع ، ومناط التحريم الملح، أو يكون المراد : إنهما استحيلا حتى صارا زجاجاً ، فلو كان أصله من الأرض أيضاً لم يجز السجود عليه، ولعل السائل ظن أن المراد بما أنبتت الأرض كل ما حصل منها مرآة المجلسي 15 / 150 - 151 .
2- والمشهور عندنا أن المقدار الواجب من وضع الجبهة في السجود هو المسمّى ، وإن ذهب البعض إلى وجوب أن يكون بمقدار الدرهم .
3- التهذيب 2 ، 15 -باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 77 . الاستبصار 1 ، 187 - باب من يسجد فتقع جبهته .ح على موضع مرتفع ، ح 2 . والنبكة : التلة الصغيرة جمعها : النباك . والأمر بالجر دون الرفع للاحتراز عن زيادة السجود وتعدّده .
4- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 83 بتفاوت قليل . والمراد بكون موضع الجبهة مستوياً أنه في نفسه لا ارتفاع فيه ولا انخفاض لا أن المراد به كونه مساوياً للموقف .

وفي حديث آخر : في السجود على الأرض المرتفعة ،قال : قال : إذا كان موضع جبهتك مرتفعاً عن رِجلَيك قدر لَبِنَة فلا بأس(1).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن بعض أصحابه، عن مصادف قال : خرج بي دُمَّلٌ، فكنت أسجد على جانب فرأى أبو عبد الله(عليه السلام)أثره فقال : ما هذا؟ فقلت: لا أستطيع أن أسجد من أجل الدُّمل، فإنّما أسجد منحرفاً، فقال لي : لا تفعل، ولكن احفر حفيرة فاجعل الدّمل في الحفرة حتّى تقع جبهتك على الأرض(2).

6 - عليُّ بن محمّد بإسناده له قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام)عمّن بجبهته علّةٌ لا يقدر على السجود عليها ؟ قال : يضع ذقنه على الأرض، إنَّ الله عزّ وجلَّ يقول(3):﴿ ويخِرُّونَ للأَذقان سُجَّداً ﴾(4).

7 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن عبد الملك بن عمرو قال: رأيت أبا عبد الله(عليه السلام) سوَّى الحصى حين أراد السجود.

8- محمّدٌ، عن الفضل، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : الرَّجل ينفخ في الصلاة موضعَ جبهته؟ فقال: لا(5).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن الرَّجل يسجد وعليه العمامة لا يصيب وجهه الأرض؟ قال : لا يجزيه ذلك حتّى تصل جبهته إلى الأرض(6).

ص: 321


1- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة و ... ، ح 127 وفيه : عن موضع بدنك ... بدل : عن رِجلَيك
2- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 85 وفيه حتى تضع ...، بدل حتى تقع 85. : ومضمون الحديث معمول به من الأصحاب رضوان الله عليهم .
3- سورة الإسراء / 107 .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 86. ولعل المراد، أن الذقن لما كان مسجداً للأمم السابقة ، فلذا نعدل إليه في حال الاضطرار، ويمكن أن يكون المراد بالأمة هذه الأمة في حال الاضطرار، ولا خلاف في أنه مع تعذر الحفيرة يسجد على أحد الجبينين، وأوجب ابن بابويه تقديم اليمنى، ومع التعذر يسجد على الذقن إجماعاً مرآة المجلسي 153/15.
5- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 78 . الاستبصار 1 ، 186 - باب النفخ في موضع السجود في ...، ح 2 والنهي عن النفخ لموضع السجود محمول على الكراهة ، اللهم إلا إذا اشتمل على حرفين وهما (أف) فيكون حراماً وموجباً لبطلان الصلاة.
6- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 87 . وبمضمونه عمل الأصحاب رضوان الله عليهم .
195- باب القيام والقعود في الصلاة

1 - عليُّ ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ، عن حمّاد بن عيسى ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك بالأُخرى، دع بينهما فصلاً إصبعاً(1)أقلُّ ذلك إلى شبر أكثره، وأسْدِلْ منكبيك(2)وأرسل يديك، ولا تشبّك أصابعك، ولتكونا على فخذيك قبالة رُكبتيك، وليكن نظرك إلى موضع سجودك، فإذا ركعت فَصُفٌ في ركوعك بين قدميك، تجعل بينهما قدر شبر، وتُمكّن راحتيك من ركبتيك، وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى، وبلّع أطراف أصابعك عين الرُّكبة، وفرِّج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك ، فإذا وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزاك ، وأحبُّ إليَّ أن تمكّن كفّيك من ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الرُّكبة، وتفرَّج بينهما، وأقم صُلْبَكَ، ومُدَّ عنقك، وليكن نظرك إلى ما بين قدميك، فإذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير وخرَّ ساجداً ، وابدأ بيديك فضعهما على الأرض قبل ركبتيك ، تضعهما معاً، ولا تفترش ذراعيك افتراش السَّبُع ذراعيه ولا تَضَعَنَّ ذراعيك على ركبتيك وفخذيك، ولكن تجنّح بمرفقيك، ولا تلصق كفّيك بركبتيك ولا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال منكبيك، ولا تجعلهما بين يدي ركبتيك، ولكن تحرفهما عن ذلك شيئاً، وأبسطهما على الأرض بسطاً، وأقبضهما إليك قبضاً، وإن كان تحتهما ثوبٌ فلا يضّرك، وإن أفضيتَ بهما إلى الأرض فهو أفضل، ولا تفرجنَّ بين أصابعك في سجودك ولكن ضمّهنّ جميعاً، قال: وإذا قعدت في تشهدك فألصق ركبتيك بالأرض ، وفرّج بينهما شيئاً، وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى وإليتاك على الأرض، وطرف إبهامك اليمنى على الأرض، وإيّاك والقعود على قدميك فتتأذِّى بذلك ، ولا تكن قاعداً على الأرض فتكون إنّما قعد بعضك على بعض، فلا تصبر للتشهد والدُّعاء(3).

2 - وبهذه الأسانيد، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز عن زرارة قال : إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها ولا تفرّج بينهما ، وتضمَّ يديها إلى صدرها لمكان ثدييها ، فإذا

ص: 322


1- منصوب على البدلية من قوله (فصلاً)، والمراد به طوله لا عرضه .
2- المنكب : مجمع عظم الكتف وعظم العضد والمراد بالإسدال عدم الرفع إلى فوق .
3- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 76 .

ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلاً تطأطأ كثيراً فترتفع عَجيزتها(1)، فإذا جلست فعلى إليتيها، ليس كما يقعد الرَّجل، وإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود بالركبتين قبل اليدين، ثمَّ تسجد لاطئة(2)بالأرض، فإذا كانت في جلوسها ،ضمّت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض، وإذا نهضت انسلّت انسلالاً لا ترفع عجيزتها أوّلاً(3).

3 - جماعة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن ايّوب، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: لا تُقْعِ بين السجدتين إقعاء(4).

4 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان عن ابن أبي يعفور ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا سَجَدَت المرأة بسطت ذراعيها(5)

5 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن معلّى بن أبي عثمان، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: سمعته يقول: كان عليُّ بن الحسين(عليه السلام)إذا هوى ساجداً إنكبّ وهو يكبّر(6).

6 - عليُّ بن إبراهيم ؛ عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا سجد الرَّجل ثمَّ أراد أن ينهض، فلا يعجن بيديه في الأرض، ولكن يبسط كفّيه ،من غير أن يضع مقعدته على الأرض(7).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد؛ عن فضّالة، عن أبّان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : سألته عن جلوس المرأة في الصّلاة؟ قال : تضم فخذيها (8).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا قال : المرأة إذا سجدت تضمّمت، والرَّجل إذا سجد تَفَتّح(9).

ص: 323


1- عجيزة المرأة : مؤخّرتها. وهى مؤنث العَجْز.
2- أي لاصقة.
3- التهذيب ،2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 118 . الفقيه 1 ، 54 - باب آداب المرأة في الصلاة، وأورده الصدوق رحمه الله بدون سند وكأنه كلام له .
4- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 69 . الاستبصار 1، 184 - باب الإقعاء بين السجدتين، ح 1 . وقد مرّ الكلام في معنى الإقعاء .
5- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 119 .
6- الظاهر أن تكبيره(عليه السلام)كان في حال الهويّ وعبّر عنه بالإنكباب أو أنه محمول على بيان الجواز.
7- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 79. ويعجن بيديه : أي يعتمد في قيامه بجمع كفّيه مع كون أصابعه مطوية مضمومة إلى الداخل كما يفعل العجان عند العجن.
8- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها .و . . . ، ح 120 و 121 .
9- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها .و . . . ، ح 120 و 121 .

9 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد، عن حريز عن رجل، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قلت له :﴿ فصلّ لربّك وانْحَر﴾(1)قال : النحر: الإعتدال في القيام، أن يقيم صلبه ونحره، وقال: لا تكفّر(2)، فإنّما يصنع ذلك المجوس، ولا تَلَثّم ولا تحتفز(3)، ولا تقع على قدميك، ولا تفترش ذراعيك(4).

196- باب التشهد في الركعتين الأولتين والرابعة والتسليم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن منصور بن حازم، عن بكر بن حبيب قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن التشهّد ؟ فقال : لو كان كما يقولون واجباً على الناس هلكوا، إنّما كان القوم يقولون أيسر ما يعلمون، إذا حمدت الله أجزأ عنك(5).

2 - وفي رواية أخرى عن صفوان ،عن منصور، عن بكر بن حبيب قال : قلت لأب جعفر(عليه السلام): أيّ شيء أقول في التشهّد والقنوت؟ قال : قل بأحسن ما علمت فإنّه لو كان موقّتاً لهلك النّاس(6).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال ،عن ثعلبة بن ميمون، عن يحيى بن طلحة، عن سورة بن كليب قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن أدنى ما يجزىء من التشهّد؟ فقال : الشهادتان(7).

ص: 324


1- سورة الكوثر / 2
2- التكفير : وضع إحدى اليدين على الأخرى في الصلاة.
3- أي لا تتضام. وفي التهذيب : ولا تختفر.
4- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 77 .
5- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 146 . الاستبصار 1 ، 195 - باب وجوب التشهد وأقل ما ... ، ح 5. وفي الذيل فيهما : أجزاك. وقوله (عليهم السلام): أجزا عنك: يعني عن سائر المستحبات قال المحقق في الشرائع 88/1: التشهد وهو واجب في كل ثنائية مرة، وفى الثلاثية والرباعية مرتين، ولو أخلّ بهما أو بأحدهما عامداً بطلت صلاته . والواجب في كل واحد منهما خمسة أشياء : الجلوس بقدر التشهد والشهادتان، والصلاة على النبي وعلى آله(عليهم السلام). وصورتهما : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً رسول الله ، ثم يأتي بالصلاة على النبي وآله ..... ثم قال في مسنونات التشهد وأن يقول ما زاد على الواجب من تحميد ودعاء .
6- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 149 . والحديث مجهول.
7- التهذيب 2، نفس الباب، ح 143 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 2 . ولم يذكر في الخبر الصلاة على النبي وآله(صلی الله علیه وآله وسلم)ولعل وجهه هو أن الجواب ورد على قدر السؤال وهو عن التشهد المتبادر منه النطق بالشهادتين فقط، والصلاة عليه وآله(صلی الله علیه وآله وسلم)ليست تشهدا بهذا المعنى. هذا والخبر مجهول

4 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن النعمان، عن داود بن فَرْقَد، عن يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) : أقرأ في التشهّد(1). ما طاب فللّه وما خَبُثَ فلغيره؟ فقال : هكذا كان يقول عليّ(عليه السلام).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ينبغي للإمام أن يُسمِعَ من خَلْفَه التشهّد، ولا يُسمعونه هم شيئاً(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان عن الحلبيِّ قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): كلّما ذكرت الله به والنبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) فهو من الصلاة وإن قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فقد انصرفت(3).

7 - وبهذا الإسناد، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا كنت في صفّ، فسلّم تسليمة عن يمينك، وتسليمة عن يسارك، لأنَّ عن يسارك من يسلّم عليك، وإذا كنت إماماً فسلّم تسليمة وأنت مستقبل القبلة .

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا انصرفت من الصلاة فانصرف عن يمينك(4).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان عن عنبسة بن مصعب قال: سألت أبا

ص: 325


1- أي ما زاد على التشهد الواجب .
2- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح.152 وفيه : ولا يُسمعونه شيئاً . الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها، ذيل
3- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 149 . يقول المحقق في الشرائع 89/1 وهو بصدد الحديث عن التسليم: وله عبارتان إحداهما : أن يقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين والأخرى أن يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبكل منهما يخرج من الصلاة وبأيهما بدأ كان الثاني مستحبا» . أقول: وهذا التخيير بين الصيغتين هو ما نسبه البعض منا إلى المشهور، كما نسبه بعض آخر إلى المتأخرين. وفي المنتهى : لا نعرف خلافاً في أنه لا يجب عليه الإتيان بهما. وقد استدل على التحليل بالأول بجملة من النصوص، وعلى التحليل بالثاني اطلاقات التسليم ،نعم نسب إلى المشهور أنه إذا قدم الصيغة الأولى كانت الثانية مستحبة وأن قدم الثانية اقتصر عليها لعدم الدليل على استحباب إيقاع الثانية بعدها، وهذا مخالف لما ذكره المحقق في الشرائع كما أثبتناه، فتأمل.
4- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 150 الفقيه 1 ، 55 - باب الآداب في الانصراف من الصلاة، ح 1 . وأخرجه عن . محمد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام). قوله(عليه السلام): فانصرف عن يمينك؛ يعني إذا صليت وانتهيت وأردت الانصراف إلى حاجتك وبعض شأنك فليكن توجهك إلى جهة اليمين دون جهة اليسار .

عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يقوم في الصفّ خلف الإمام وليس على يساره أحدٌ، كيف يسلّم؟ قال : يسلّم واحدة عن يمينه(1).

1 - وبهذا الإسناد، عن فضالة بن أيّوب، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرميّ قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا قمت من الرَّكعة فاعتمد على كفّيك وقل : بحول الله وقوّته أقوم وأقعد، فإنَّ عليّاً(عليه السلام)كان يفعل ذلك(2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا جلست في الركعتين الأوّلتين فتشهدت ثمَّ قمت فقل : بحول الله وقوّته أقوم وأقعد(3)

197- باب القنوت في الفريضة والنافلة ومتى هو وما يجزي فيه

1 - محمّد بن يحيى ،وغيره عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير ؛ وصفوان بن يحيى، عن ابن بكير، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن القنوت في الصلوات الخمس ؟ فقال : اقنت فيهنَّ جميعاً، قال وسألت أبا عبد الله(عليه السلام) بعد ذلك عن القنوت ؟ فقال لي : أمّا ما جهرت فلا تشكَّ(4).

2 - أحمد، عن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن صفوان الجمّال قال : صلّيتُ خلف أبي عبد الله(عليه السلام)أيّاماً، فكان يقنت في كلّ صلاة يُجْهَر فيها ولا يُجْهَر فيها(5).

ص: 326


1- لتهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 115 . الاستبصار 1 ، 199 - باب كيفية التسليم ح 3 ، بتفاوت في الذيل في الجميع
2- لتهذيب 2 ، نفس الباب، ح 96 . الاستبصار 1 ، 193 - باب رفع اليدين بالتكبير إلى القنوت في ...، ح 6 وليس في ذيله فإن عليّاً(عليه السلام)... الخ . الظاهر - بقرينة الباب - أن المراد من القيام من الركعة هو القيام عن التشهد الوسط ويؤيده الحديث التالي .
3- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 94 . الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 4 .
4- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح .99 . الاستبصار 1، 194 - باب السنّة في القنوت ، ح 3 . - 3 وفيهما: وأما ما جهرت فيه فلا تشك. والمقصود : لا تشك في وجوبه . وأكثر أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب القنوت في الصلاة وابن بابويه ذهب إلى القول بوجوبه وبطلان الصلاة بتركه عمداً، وابن أبي عقيل إلى القول بوجوبه في خصوص الصلاة الجهرية .
5- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 97 . الاستبصار 1 ، 194 - باب السنة في القنوت ، ح 1. الفقيه 1، 45 - باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ، ح 28 .

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن القنوت؟ فقال : فيما يجهر فيه بالقراءة ، قال : فقلت له : إني سألت أباك عن ذلك فقال : في الخمس كلّها ؟ فقال : رحم الله أبي إن أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحقِّ، ثم أتوني شكاكاً فأفتيتهم بالتقيّة(1).

4 - عليُّ ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن محمّد بن الفضيل، عن الحارث بن المغيرة قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): اقنت في كلِّ ركعتين ؛ فريضة أو نافلة قبل الرُّكوع(2).

5- محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن القنوت؟ فقال : في كلِّ صلاة، فريضة ونافلة .

6 - وبهذا الإسناد، عن يونس، عن وهب بن عبد ربّه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: من ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له(3).

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : القنوت في كلِّ صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع (4).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضّالة بن أيّوب، عن أبَان، عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن القنوت وما يقال فيه ؟ فقال : ما قضى الله على لسانك، ولا أعلم له شيئاً موقّتاً(5).

9 - بهذا الإسناد، عن فضالة، عن أبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : القنوتُ في الفريضة الدُّعاء، وفي الوتر الإستغفارُ.

ص: 327


1- التهذيب 2 نفس الباب ح 109 بتفاوت يسير ح بتفاوت يسير جداً. الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 13 . قوله(عليه السلام): أتوه ، يعني موقنين بإمامته وبما يقول، وذلك بمقتضى المقابلة مع ما بعده وربما يستدل بذلك على نوع ذمّ لأبي بصير، والله العالم .
2- الحديث مجهول.
3- لا صلاة له : أي تامة كاملة بلحاظ الأجر والثواب، لا بلحاظ الإجزاء كما هو واضح .
4- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 98 الاستبصار 1 ، 194 - باب السنة في القنوت ، ح 2 .
5- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 127 . وفيه : ولا أعلم فيه .... قوله(عليه السلام): موقتا : أي معينا بحيث لا يجوز القنوت بغيره.

10 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام)رجل نسي القنوت فذكره وهو في بعض الطريق؟ فقال : يستقبل القبلة ثمَّ ليقله، ثمَّ قال : إنّي لأّكره للرجل أن يرغب عن سنّة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) أو يَدَعَها(1).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن أدنى القنوت ؟ فقال: خمس تسبیحات(2).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يجزئك في القنوت: اللّهمَّ اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعفُ عنا في الدُّنيا والآخرة، إنّك على كلّ شيء قدير(3).

13 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ما أعرف قنوتاً إلّا قبل الركوع(4).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد قال : حدَّثني يعقوب ابن يقطين قال : سألت عبداً صالحاً(عليه السلام)عن القنوت في الوتر والفجر، وما يجهر فيه قبل الرُّكوع أو بعده؟ فقال : قبل الرُّكوع، حين تفرغ من قراءتك .

15 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن دُرُست، عن محمّد بن مسلم قال : قال : القنوت في كلِّ صلاة في الفريضة والتطوُّع(5).

ص: 328


1- التهذيب ،2 نفس ،الباب ، ح 139 . هذا وقد نص أصحابنا على استحباب قضاء القنوت لمن نسيه ولو بعد الصلاة، ولو ذكره وهو في الركوع أتى به بعده.
2- التهذيب ،2 نفس الباب ، ح 138 . ومحمول على أدنى الفضل لا الإجزاء.
3- التهذيب ،2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 90 .
4- المشهور عندنا أن في صلاة الجمعة قنوتاً بعد الركوع أيضاً في الركعة الثانية. ولم يخالف إلا المفيد وجماعة في ذلك .
5- الفقيه 1، 45 - باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى ...، ح 19 وفيه ... في كل ركعتين في التطوع والفريضة. وكرره بنفس النص برقم 12 من الباب 72 من نفس الجزء التهذيب 2، نفس الباب، صدر ح 104 . الاستبصار 1 ، نفس الباب، صدرح 8.
198- باب التعقيب بعد الصلاة والدعاء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : لا ينبغي للإمام أن ينتقل إذا سلّم، حتّى يتمّ من خَلْفَه الصّلاة ، قال : وسألته عن الرَّجل يؤمُّ في الصلاة، هل ينبغي له أن يعقّب بأصحابه بعد التسليم ؟ فقال : يسبّح(1)ويذهب من شاء لحاجته ولا يعقّب(2)رجل لتعقيب الإمام (3).

2 - عليُّ ، عن ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: أيّما رجل أمُّ قوماً فعليه أن يقعد بعد التسليم، ولا يخرج من ذلك الموضع حتّى يتمّ الّذين خلفه الّذين سبقوا صلاتهم، ذلك على كلِّ إمام واجب إذا علم أنَّ فيهم مسبوقاً، وإن علم أنّ ليس فيهم مسبوق بالصلاة فليذهب حيث شاء(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن حديد، عن منصور بن يونس، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من صلّى صلاة فريضة وعقّب إلى أُخرى، فهو ضيف وحقُّ على الله أن يكرم ضيفه(5) .

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أَبَان بن عثمان، عن الحسن بن المغيرة أنّه سمع أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إِنَّ فضل الدُّعاء بعد الفريضة على الدُّعاء بعد النّافلة، كفضل الفريضة على النافلة ، قال : ثمَّ قال : أدْعُه، ولا تقل قد فُرغ من الأمر(6)، فإنَّ الدّعاء هو العبادة، إنَّ الله عزّ وجلَّ يقول : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ (7) وقال: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ (7)، وقال : إذا أردت أن تدعو الله فمجّده، وأَحْمَدُهُ وسبّحه ، وهللّه واثْنِ عليه، وصلّ على النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)، ثمَّ سَلْ تُعْطَ .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)

ص: 329


1- يسبّح : يعني الإمام ، والتسبيح : تسبيح فاطمة أو مطلق التعقيب.
2- أي لا يلزم الزائد على التسبيح أيضاً .
3- التهذيب 2، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 154 و 155 و 156 .
4- التهذيب 2، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 154 و 155 و 156 .
5- التهذيب 2، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 154 و 155 و 156 .
6- أي لا تقل : إن التقدير من الله قد مضى فلا ينفع الدعاء»، لأن الدعاء في نفسه عبادة ، وقد يكون التقدير من الله مشروطاً بالدعاء من العبد.
7- سورة المؤمن / 60 وأول الآية : ﴿وقال ربكم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ....﴾ الآية. وداخرين: صاغرين هذا، والحديث ضعيف على المشهور.

قال : الدُّعاء بعد الفريضة أفضل من الصّلاة تَنفُلا (1).

6 - الحسين بن محمّد الأشعريُّ، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله

(عليه السلام): من سبّح تسبيح فاطمة الزَّهراء(عليه السلام)قبل أن يَثْنِيَ رِجْلَيه من صلاة الفريضة، غفر الله له ، و [ل-] يبدأ بالتكبير(2).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يحيى بن محمّد،عن عليِّ بن النعمان، عن ابن أبي نجران، عن رجل، عن أبي عبد الله

(عليه السلام) قال: من سبّح الله في دُبُر الفريضة تسبيح فاطمة الزهراء(عليها السلام)[ال-] مائة مرة ، وأتبعها بلا إله إلا الله ، غفر [ الله ] له(3).

8 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عذافر قال: دخلت مع أبي علىّ أبي عبد الله(عليه السلام)، فسأله أبي عن تسبيح فاطمة صلّي الله عليها؟ فقال: «الله أكبر» حتّى أحصى [ها] أربعاً وثلاثين مرَّة ، ثمَّ قال: «الحمد الله» حتّى بلغ سبعاً وستين، ثمَّ قال: «سبحان الله» حتّى بلغ مائة، يحصيها بيده جملة واحدة(4).

9 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن صفوان، عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: في تسبيح فاطمة صلّى الله عليها يبدأ بالتكبير أربعاً وثلاثين، ثمَّ التحميد ثلاثاً وثلاثين، ثمَّ التسبيح ثلاثاً وثلاثين(5).

10- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن الخيبريِّ ، عن الحسين بن ثُوَير ؛ وأبي سَلَمَة السرَّاج قالا : سمعنا أبا عبد الله(عليه السلام)وهو يلعن في دُبُر كلّ مكتوبة أربعة من الرِّجال، وأربعاً من النساء، فلانٌ وفلانٌ وفلانٌ ومعاوية، ويسمّيهم، وفلانة وفلانة وهند وأمّ الحكم أُخت معاوية(6).

ص: 330


1- الفقيه 1 ، 46 - باب التعقيب ، ح 15 بزيادة في آخره وأخرجه عن زرارة عن أبي عبد الله(عليه السلام). التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 157 .
2- التهذيب ،2 نفس الباب، ح 163 وفي ذيله غفر له ويبدأ بالتكبير الفقيه 1 ، 45 - باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ، ح 31 بدون قوله : ويبدأ بالتكبير . قوله(عليه السلام): قبل أن يثني رجليه : أي عن القبلة، أو مطلق تحويلهما عن جلسة الصلاة، أو عن الحالة التي كان عليها في تشهده وتسليمه . وقوله(عليه السلام): ويبدأ بالتكبير، أي بقوله الله أكبر أربعاً وثلاثين مرة في تسبيح فاطمة(عليها السلام)وفيه رد على المخالفين الذين يبدؤون بالتسبيح ثم التحميد ويؤخرون التكبير .
3- التهذيب 2 نفس الباب، ح 164 بتفاوت يسير .
4- التهذيب ،2 ، نفس الباب، ح 168
5- التهذيب ،2 نفس الباب ح 169 بتفاوت في الصدر.
6- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 169 بتفاوت وفيه : التيمي والعدوي بدل : فلان وفلان هذا والحديث مجهول. ولا يوجد ذكر للخيبري في سند التهذيب والخيبري مجهول الحال.

11 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد رفعه قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا شككت(1)في تسبيح فاطمة الزَّهراء(عليها السلام)فأَعِدْ.

12 - عنه ، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن جعفر عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنه كان يسبّح تسبيح فاطمة صلّى الله عليها فَيَصِله ولا يقطعه.

13 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبي هارون المكفوف، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: يا أبا هارون، إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة(عليها السلام)، كما نأمرهم بالصّلاة، فالزَمَهُ(2)، فإنّه لم يَلْزَمُهُ عبدٌ فَشَقِي(3).

14 - وبهذا الإسناد، عن صالح بن عقبة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : ما عُبِدَ الله بشيء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة(عليها السلام)، ولو كان شيء أفضل منه لَنَحَلَهُ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فاطمة(عليها السلام)(4).

15 - وعنه ، عن أبي خالد القمّاط قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : تسبيح فاطمة(عليها السلام)في كلِّ يوم في دبر كلِّ صلاة، أحبُّ إليَّ من صلاة ألف ركعة في كلِّ يوم(5).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد، عن حريز عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : أقلّ ما يجزيك من الدُّعاء بعد الفريضة أن تقول: اللهم إني أسألك من كلِّ خير أحاط به عِلْمُكَ، وأعوذ بك من كلِّ شرّ أحاط به عِلْمُك، اللّهمَّ إنّي أسألك عافيتك في أموري كلّها، وأعوذ بك من خِزْي الدُّنيا وعذاب الآخرة(6).

17 - عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن القاسم بن عروة، عن أبي العبّاس الفضل بن عبد الملك قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام): يستجاب الدُّعاء في أربعة مواطن: في الوتر، وبعد الفجر، وبعد الظّهر، وبعد المغرب(7).

ص: 331


1- سواء كان الشك في العدد أو في أصل الفعل.
2- أي داوم على فعله .
3- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 165 و 166 و 167 . وفي الأخير . . . . في كل يوم دبر كل صلاة . . . . قال المحقق في الشرائع 90/1: «التعقيب وأفضله تسبيح الزهراء(عليه السلام)ثم بما روي من الأدعية، وإلا فيما تيسر .
4- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 165 و 166 و 167 . وفي الأخير . . . . في كل يوم دبر كل صلاة . . . . قال المحقق في الشرائع 90/1: «التعقيب وأفضله تسبيح الزهراء(عليه السلام)ثم بما روي من الأدعية، وإلا فيما تيسر .
5- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 165 و 166 و 167 . وفي الأخير . . . . في كل يوم دبر كل صلاة . . . . قال المحقق في الشرائع 90/1: «التعقيب وأفضله تسبيح الزهراء(عليه السلام)ثم بما روي من الأدعية، وإلا فيما تيسر .
6- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 175 الفقيه 1، 46 - باب التعقيب، ح 1 بتفاوت يسير ومن الواضح أن ما ذكره . من الدعاء، أو ما يذكر من غيره من الأدعية عقيب الصلوات لا يجزي عن تسبيح الزهراء(عليه السلام)ولا ينافيه لأنه ثناء لا دعاء .
7- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 196

18 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن أبَان ، عن محمّد الواسطيِّ قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : لا تَدَعْ في دبر كلِّ صلاة : أُعيذ نفسي وما رزقني ربّي بالله الواحد الصمّد - حتى تختمها -، وأُعيذ نفسي وما رزقني ربّي بربِّ

الفلق - حتّى تختمها -، وأُعيذ نفسي وما رزقني ربّي بربّ النّاس - حتّى تختمها(1).

19 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ،عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر(عليه السلام): لا تنسوا الموجبتين - أو(2)قال : عليكم بالموجبتين - في دبر كلِّ صلاة ، قلت : وما الموجبتان؟ قال : تسأل الله الجنّة وتَعَوَّذ(3)بالله من النّار(4).

20 - محمّد بن يحيى ؛ وأحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن عليِّ بن محمّد القاساني، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن حفص المروزيِّ قال: كتب إليِّ الرَّجل صلوات الله عليه: في سجدة الشّكر مائة مرَّة شكراً شكراً - وإن شئتَ - عفواً عفواً(5) .

21 - محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد بإسناده، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: من سبقت أصابعه لسانه(6)حُسِب له .

22 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن احمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم ،عن داود العجليّ مولى أبي المغرا قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : ثلاث أُعطين سمع الخلائق(7): الجنّة ، والنّار، والحور العين، فإذا صلّى العبد وقال : اللّهمَّ أَعتِقني من النّار وأدْخِلْني الجنّة وزوِّجني من الحور العين ، قالت النّار يا ربِّ، إنَّ عبدك قد سألك أن تعتقه منّى فأعتقه. وقالت الجنّة : يا ربِّ، إنّ عبدك قد سألك إيّاي فأَسْكِنه [فيِّ]، وقالت الحور العين : يا ربِّ، إنَّ عبدك قد خَطبَنا إليك فزوِّجه منّا، فإن هو انصرف من صلاته ولم يسأل الله شيئاً من هذه، قالت الحور

ص: 332


1- التهذيب ،2 نفس ،الباب ح 177 . وسوف يكرره برقم 27 من الباب 198 من هذا الجزء والضمير في (تختمها) الأولى يعود إلى سورة الإخلاص، والثانية إلى سورة الفلق والثالثة إلى سورة الناس .
2- الترديد من الراوي .
3- بصيغة المضارع، وقد حذفت إحدى التائين، وأصلها وتتعوّذ .
4- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 176 . ورواه الصدوق في معاني الأخبار ص 57 عن أبيه عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد عن حماد .
5- مر برقم 18 من الباب 191 من هذا الجزء . والمقصود بالرجل : الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر(عليه السلام) كما صرح باسمه هناك فراجع
6- يعني في عد تسبيح الزهراء(عليه السلام). أو في التسبيح والتحميد والتهليل مطلقاً.
7- قوله(عليه السلام): سمع الخلائق يحتمل أن يكون مصدراً، أي سمع كلام الخلائق، أو بمعنى الأذن، أي كأذن الخلائق مرآة المجلسي 15/ 178 - 179 . هذا والحديث مجهول.

العين: إنَّ هذا العبد فينا الزاهدٌ، وقالت الجنّة : إنَّ هذا العبد فيَّ لزاهدٌ، وقالت النّار : إنَّ هذا العبد في لجاهل.

23 - أحمد [بن محمّد] رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، دعاءٌ يدعى به في دبر كلِّ صلاة تصلّيها، فإن كان بك داءٌ من سقم ووجع، فإذا قضيت صلاتك فامسح بيدك على موضع سجودك من الأرض، وادْعُ بهذا الدُّعاء، وأمِرَّ بيدك على موضع وَجَعِكَ سَبْعَ مرَّات تقول : يا من كَبَسَ الأرض(1)على الماء وسدُّ الهواء بالسَّماء (2)، واختار لنفسه أحسن الأسماء، صلِّ على محمّد وآل محمّد، وافعل بي كذا وكذا، وارزقني كذا وكذا، وعافني من كذا وكذا(3).

24 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن عليِّ بن شجرة، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه قال : تمسح بيدك اليمنى على جبهتك ووجهك في دبر المغرب والصّلوات، وتقول : بسم الله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشّهادة الرَّحمن الرّحيم، اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من الهمِّ والحزن(4)والسقم والعُدم(5)والصَّغار والذّل ، والفواحش ما ظهر منها (6)وما بطن(7).

25 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن التسبيح ؟ فقال : ما علمت شيئاً موقوفاً غير تسبيح فاطمة صلوات الله عليها، وعشر مرَّات بعد الغداة تقول : لا إله لّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي ، بيده الخير وهو على كلِّ شيء قديرٌ، ولكنٌ الإنسان يُسَبِّح ما شاء تطوَّعاً .

26 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عبد الملك القميّ، عن إدريس أخيه قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : إذا فرغت من صلاتك فقل : اللّهمَّ إنّي أدينك بطاعتك وولايتك وولاية رسولك وولاية الأئمّة(عليهم السلام)من أوَّلهم إلى آخرهم

ص: 333


1- أما بمعنى أدخلها في الماء فتكون (على) بمعنى (في)، أو بمعنى جمعها كائنة على الماء والكبس: الطمّ، أيضاً.
2- أي جعل السماء منتهى الهواء، أو هي منقلبة عن الهواء.
3- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و...، ح 187 .
4- يطلق الهم على ما لم يأت بعد، أو على ما لم يعلم سببه، بينما يطلق الحزن على ما مضى وتصرم.
5- العدم : الفقر.
6- وهي أفعال الجوارح. وما بطن: أفعال الجوانح .
7- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 197 .

وتسمّيهم ، ثمَّ قل : اللّهمَّ إنّي أدينك بطاعتك وولايتهم والرِّضا بما فضّلتهم به، غير متكبّر ولا مستكبر على معنى ما أنزلت(1)في كتابك على حدود(2)ما أتانا فيه وما لم يأتنا، مؤمن مقرّ مسلّم بذلك، راض بما رضيت به يا ربِّ، أُريد به وجهك والدّار الآخرة مرهوباً ومرغوباً إليك فيه، فأحْيِني ما أحييتني على ذلك وأمِتْني إذا أمتْني على ذلك وابعثني إذا بعثني على ذلك، وإن كان منّي تقصير فيما مضى فإنّي أتوب إليك منه ، وأرغب إليك فيما عندك وأسألك أن تعصمني من معاصيك، ولا تَكِلْني إلى نفسي طَرْفَةَ عين أبداً ما أحييتني، لا أقلّ من ذلك ولا أكثر، إنَّ النّفس الأَمّارة بالسوء إلا ما رحمتَ يا أرحم الراحمين وأسألك أن تعصمني بطاعتك حتّى تتوفّاني عليها وأنت عنّي راضٍ ، وأن تختم لي بالسعادة ولا تحوِّلني عنها أبداً، ولا قوّة إلّا بك .

27 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد عن الوشّاء، عن أبَان، عن محمّد الواسطي قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : لا تَدَعْ في دبر كلّ صلاة : أُعيذ نفسي وما رزقني ربي بالله الواحد الصّمد - حتّى تختمها ، وأُعيذ نفسي وما رزقني ربّي بربّ الفلق - حتّى تختمها ، وأعيذ نفسي وما رزقني ربّي بربّ النّاس - حتّى تختمها(3).

28 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن مهزيار، قال: كتب محمّد بن إبراهيم، إلى أبي الحسن(عليه السلام): إن رأيت يا سيّدي أن تعلّمني دعاءً أدعو به في دبر صلواتي يجمع الله لي به الله لي به خير الدُّنيا والآخرة؟ فكتب(عليه السلام)تقول : أعوذ بوجهك الكريم، وعزَّتك الّتي لا تُرام، وقدرتك الّتي لا يَمْتَنِعُ منها شيءٌ من شرِّ الدُّنيا والآخرة، ومن شرِّ الأوجاع كلّها.

199- باب من أحدَثَ قبل التسليم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن ابن بكير، عن عُبَيد بن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن رجل صلّى الفريضة، فلمّا فرغ ورفع رأسه من السّجدة الثّانية من الرَّكعة الرَّابعة، أَحْدَثَ؟ فقال: أما صلاته فقد مضت، وبقي التشهّد، وإِنَّما التشهّد سُنّة في الصّلاة، فليتوضّأ، وليَعُدْ إلى مجلسه أو مكان نظيف فيتشهّد(4).

ص: 334


1- أي على نحو ما أنزلت ...
2- أي على الشرائط والأحكام التي وردت فيه أو لم ترد.
3- مر برقم 18 من الباب السابق فراجع .
4- التهذيب ،2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ،ح 56 بتفاوت وسند آخر، وكذلك هو في الاستبصار 1 ،195 - باب وجوب التشهد وأقل ما يجزي منه ، ح 7 . هذا وقد علّق الشيخ في التهذيب بعد أن أورد الحديث فقال : يحتمل أن يكون إنما سأل عمن أحدث بعد الشهادتين وإن لم يستوف باقي تشهده، ... ولو كان قبل ذلك لكان يجب عليه إعادة الصلاة وأما قوله : إنما التشهد سنة معناه : ما زاد على الشهادتين ... ويكون ما أمره به بعد أن يتوضأ محمولاً على الاستحباب هذا وقد استظهر المجلسي رحمه الله أن الكليني رحمه الله ممن يذهب إلى أن الحدث الصادر بعد الفراغ من أركان الصلاة التي ظهر وجوبها بالقرآن لا يبطل الصلاة، وذكر عن الشيخ البهائي أنه نسبه أيضاً إلى الصدوق رحمه الله

2 - ، عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)في الرَّجل يحدث بعدما يرفع رأسه من السّجدة الأخيرة قبل أن يتشهّد؟ قال : ينصرف فيتوضّأ، فإن شاء رجع إلى المسجد، وإن شاء ففي بيته، وإن شاء حيث شاء، يقعد فيتشهّد ثمَّ يسلّم، وإن كان الحَدَثُ بعد التشهّد، فقد مضت صلاته(1).

200- باب السهو في افتتاح الصلاة

1 - عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الرَّجل ينسى تكبيرة الافتتاح؟ قال: يعيد(2).

2 - الحسين بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة، عن أبَان، عن الفضل بن عبد الملك أو(3)ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه قال : في الرَّجل يصلّي فلم يفتتح بالتّكبير ،هل تجزيه تكبيرة الرُّكوع ؟ قال : لا . بل يعيد صلاته إذا حفظ أنّه لم يكبّر(4).

ص: 335


1- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 157 . الاستبصار 1 ، 195 - باب وجوب التشهد وأقل ما يجزي منه ، ح . وقال الشيخ في التهذيب بعد إيراده الحديث : فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على من دخل في صلاته بتيمم ثم أحدث ناسياً قبل الشهادتين، فإنه يتوضأ إذا كان قد وجد الماء، ويتمم الصلاة بالشهادتين وليس عليه إعادتها، كما أن عليه إتمامها لو أحدث قبل ذلك . وقد علّق الفاضل التستري - فيما نقله عنه المجلسي في مرآته - علي ما ذكره الشيخ أعلاه قائلاً : فيه بعد، ولا أرى بأساً بإبقائه على ظاهره، ولا يلزمنا حينئذ جواز ترك التشهد اختياراً لجواز أن يكون الواجب الذي عرف وجوبه من جهة السنة مما لا يبطل الصلاة بتخلل الحدث بينه وبين ما عرف وجوبه من جهة القرآن .
2- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من ... ، ح 15 . الاستبصار 1، 204 - باب من نسي تكبيرة الافتتاح ح .2 . وفي ذيله يعيد الصلاة. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن تكبيرة الافتتاح ركن تبطل الصلاة بزيادتها أو نقيصتها عمداً وسهواً .
3- في التهذيبين وابن أبي يعفور.
4- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 20 . الاستبصار 1 ، 200 - باب من نسي تكبيرة الافتتاح هل يجزيه تكبيرة الركوع عنها أم لا؟ ح 1 .

3 - محمد بن يحيى رفعه عن الرّضا(عليه السلام)قال : الإمام يحمل أوهام من خَلْفَه إلّا تكبيرة الإفتتاح(1).

201- باب السهو في القراءة

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله ، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال: إنَّ عبد الله فرض الركوع والسجود، والقراءة سنّة، فمن ترك القراءة متعمداً أعاد الصّلاة، ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته ولا شيء

عليه (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل نسي أُمَّ القرآن؟ قال: إن كان لم يركع فليُعِدْ أُمَّ القرآن .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّي صلّيت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلّها ؟ فقال : أليس قد أتممتَ الرُّكوع والسّجود؟ قلت بلى قال : قد تمّت صلاتك إذا كان نسياناً(3).

202- باب السهو في الركوع

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)

ص: 336


1- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 21 . والمراد بالوهم الشك . والمعنى أن المأموم يرجع في الشك إلى علم الإمام كما هو المشهور عندنا إلا في التكبير، إذ لا تنعقد الجماعة ولا تتحقق المأمومية إلا بعد وقوعه والأصل عدمه.
2- التهذيب 2 نفس الباب، ح 27 . الاستبصار 1، 206 - باب من نسي القراءة ، ح 1 . الفقيه 1، 49 - باب ، أحكام السهو في الصلاة ، ح 22 بتفاوت . هذا، وقد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه لو أخل بواجب غير ركن من واجبات الصلاة ومنها القراءة نسياناً وتجاوز محله فقد صحت صلاته ولا شيء عليه، اللهم إلا إذا نسي سجدة، أو التشهد فعليه قضاؤهما بالخصوص بعد الصلاة والإتيان بسجدتي السهو.
3- التهذيب 2 ، 9 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 28 . الاستبصار 1 ، 206 - باب من نسي القراءة ، ح 2 .

عن الرَّجل يشكُّ وهو قائمٌ ، لا يدري ركع أم لم يركع ؟ قال : يركع ويسجد(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن رفاعة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: سألته عن رجل نسي أن يركع حتّى يسجد ويقوم ؟ قال : يستقبل(2).

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا استيقن أنّه قد زاد في الصلاة المكتوبة ركعة(3)، لم يعتدَّ بها ، واستقبل : الصّلاة إستقبالاً ، إذا كان قد استيقن يقيناً.

203- باب السهو في السجود

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال : سئل أبو . عبد الله(عليه السلام)عن رجل سهى فلم يدر سجدةً سجد أم ثنتين؟ قال : يسجد أُخرى، وليس عليه بعد انقضاء الصّلاة سجدتا السّهو(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله

(عليه السلام)عن رجل شكٍّ فلم يدر

ص: 337


1- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 48 بتفاوت يسير الاستبصار 1 ، 207 - باب من نسي الركوع ، ح 2 ولا يوجد فضالة في سنده . وقوله : وهو قائم يدل على أنه لو كان في المحل وشك في الإتيان بالركوع فعليه أن يأتي به وأما إذا تجاوز المحل وشك فيبني على أنه قد أتى به لقاعدة التجاوز، أما إذا علم وتيقن أنه لم يأت به بطلت صلاته إذا كان قد تجاوز المحل . كما سوف ينص عليه في الحديث التالي.
2- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 40 و 39 أيضاً. الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ح .. وقوله : حتى يسجد ويقوم، يدل على أنه لو لم يدخل في السجود، أو دخل ولم يدخل في السجدة الثانية بعد وجب عليه تدارك الركوع . وهذا هو ما نص عليه أصحابنا رضوان الله عليهم . وقوله(عليه السلام): يستقبل : أي يستأنف الصلاة.
3- قوله(عليه السلام)ركعة ، أي ركوعاً كما فهمه الكليني، أو ركعة كاملة فيدل على مذهب من قال ببطلان الصلاة بزيادة الركعة مطلقاً . وقال في المدارك : قطع الشيخ والسيد وابن بابويه ببطلان صلاة من زاد فيها ركعة ولم يفرقوا بين الرباعية وغيرها، ولا بين أن يكون قد جلس في آخر الصلاة أو لم يجلس . وقال الشيخ في الخلاف : وإنما اعتبر الجلوس بقدر التشهد أبو حنيفة بناء على أن الذكر في التشهد ليس بواجب عنده ... وقال في المبسوط : من زاد ركعة في صلاته أعاد .... مرآة المجلسي 187/15 .
4- لتهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل من تقدم ذكره في الصلاة من ... ، ح 57 . الاستبصار 1 ، 211 - باب من شك في واحدة سجد أم اثنتين ، ح 1 . ويحمل قوله(عليه السلام): يسجد أخرى، على ما إذا كان ما يزال في المحل. وهو محل وفاق بين الأصحاب، ولأن الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية.

سجدة سجد أم سجدتين؟ قال : يسجد حتى يستيقن أنّهما سجدتان(1).

3 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر؛ وعليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: سألته عن رجل صلى ركعة ثم ذكر وهو في الثانية وهو راكع أنه ترك سجدة من الأولى؟ فقال: كان أبو الحسن صلوات الله عليه يقول : إذا تركت السّجدة في الركعة الأولى ولم تدر واحدة أم اثنتين، استقبلت الصلاة حتى يصح لك أنهما اثنتان(2).

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان الخزّاز، عن المفضّل بن صالح ، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في رجل شُبّه عليه ولم يدر واحدة سجد أم ثنتين؟ قال : فليسجد أُخرى(3).

204- باب السهو في الركعتين الأولتين

1 - محمّد بن الحسن وغيره، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن عنبسة بن مصعب قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): إذا شككتَ في الركعتين الأوَّلتين فأَعِدْ(4).

2 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة قال : قال : إذا سهى الرَّجل في الرَّكعتين الأوَّلتين من

ص: 338


1- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 58 الاستبصار ،1 ، نفس الباب .2. وفيهما فلم يدر سجد سجدة، بدل: سجدة سجد. .. وليس في ذيلهما قوله(عليه السلام): أنهما سجدتان .
2- التهذيب 2 نفس الباب ، ح 63 بتفاوت وزيادة في آخره. الاستبصار ،1 ، 209 - باب من ترك سجدة واحدة من . . . ، ح 5 بتفاوت أيضا وزيادة في آخره. والمشهور عدم الفرق في الشك في الأفعال بین الأوليتين والأخيرتين، وذهب المفيد والشيخ إلى وجوب الاستئناف في الأوليتين، والعلامة في التذكرة استقرب البطلان إن تعلق الشك بركن من الأوليتين، وعلى المشهور يمكن حمله على ما إذا شك أنه سجد واحدة أم ثنتين فلم يلتفت إليه مع بقاء وقته حتى ركع، فإنه يجب عليه الإعادة، لكن الظاهر من المؤلف أنه يرى كل واحد من السجدتين ركنا كما يظهر بعيد هذا مرآة المجلسي 188/15 .
3- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح .59 . الاستبصار 1 ، 211 - باب من شك فلم يدر واحدة سجد أم ثنتين ح 3 .
4- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما ...، ح 2 . الاستبصار 1 ، 213 - باب السهو في الركعتين الأولتين، ح 2 . هذا، وقد اتفق الأصحاب رضوان الله عليهم على أن الشك في عدد الركعات في الصلاة الثنائية والثلاثية والأولتين من الرباعية إذا لم يغلب على ظنه شيء مبطل للصلاة وعليه الاستئناف. نعم، نقل عن أبي جعفر بن بابويه رحمه الله أنه يقول فيما لو شك المصلي بين الركعة والركعتين فله أن يبني على الأقل.

الظّهر والعصر والعَتَمة، ولم يدر أواحدة صلّى أم ثنتين، فعليه أن يعيد الصّلاة(1).

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز،عن زرارة عن أحدهما(عليهم السلام)قال: قلت له : رجل لا يدري واحدة صلّى أم ثنتين؟ قال: يعيد قال : قلت له : رجل لم يدر أِثنَتَيْن صلّى أم ثلاثاً؟ فقال : إن دخله الشكّ بعد دخوله في الثّالثة، مضى في الثّالثة ثمَّ صلّى الأخرى، ولا شيء عليه، ويسلّم قلت : فإنّه لم يدر في ثنتين هو أم في أربع ؟ قال : يسلّم، ويقوم فيصلّي ركعتين، ثمَّ يسلّم ولا شيء عليه(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء؛ والحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليِّ الوشّاء قال : قال لي أبو الحسن الرِّضا(عليه السلام): الإعادة في الرَّكعتين الأوَّلتين، والسّهو في الركعتين الأخيرتين(3).

205- باب السهو في الفجر والمغرب والجمعة

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : إذا شككت في المغرب فاعِدْ ، وإذا شككت في الفجر فأَعِدْ(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : سألت

ص: 339


1- التهذيب ،2 نفس ،الباب ح 5 بدون: والعتمة الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح ه . وفي سندهما : عن الحسن عن زرعة عن سماعة قال : ...
2- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 9 الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 9 وفيهما إلى قوله : يعيد . وروبا ذيل الحديث الباقي في التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 60 . وفي الاستبصار 1 ، 218 - باب من شك فلا يدري صلّى اثنتين او ثلاثا ، ح 1 وفي آخرهما ولا شيء عليه، ويسلم. هذا وقد علّق أحد فقهائنا المعاصرين على هذا الحديث بقوله : «أما مصحح زرارة عن أحدهما(عليهم السلام) ... فغير ظاهر فيه، (أي البناء على الثلاث) لو لم يكن ظاهراً في البناء على الأقل بقرينة إطلاق الثالثة على الركعة التي بيده وعدم تقييد الأخرى بكونها منفصلة، الموجب لظهورها في كونها متصلة، وعطف التسليم عليها الظاهر في كونه تسليم الصلاة. هذا وقد نقل في الخلاف والانتصار وظاهر السرائر وغيرها الاجماع عندنا على أن من شك بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين فإنه يبني على الثلاث ويأتي بالرابعة ويتم صلاته ثم يحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس. بل عن كشف الرموز أنه فتوى الأصحاب لا أعرف فيه مخالفاً .
3- التهذيب ،2 ، نفس الباب ح 10 . الاستبصار 1 ، 213 - باب السهو في الركعتين الأولتين ، ح 10
4- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح15 . الاستبصار 1، 214 - باب الشك في فريضة ،الغداة ، ح 1 .

أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يصلّي ولا يدري واحدة صلّى أم ثنتين ؟ قال : يستقبل حتّى يستيقن أنّه قد أتمَّ، وفي الجمعة وفي المغرب وفي الصلاة في السّفر(1).

3 - الحسين بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن بن فضالة أيّوب، عن سيف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرميِّ قال : صلّيت بأصحابي المغرب، فلمّا أن صلّيت ركعتين سلّمت ،فقال بعضهم: إنّما صلّيت ركعتين، فأعَدَّتُ، فأخبرت أبا عبد الله (عليه السلام)فقال : لعلّك أعدتَ ؟ قلت : نعم، قال: فضحك، ثمَّ قال: إنّما يجزيك أن تقوم فتركع ركعة(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ليس في المغرب والفجر سهو(3).

206- باب السهو في الثلاث والأربع

1 - محمّد بن يحيى ،وغيره، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير عثمان ، عن سماعة، عن أبي بصير قال: سألته عن رجل صلّى فلم يدر أفي الثّالثة هو أم في الرَّابعة؟ قال فما ذهب وهمه إليه، إن رأى أنّه في الثّالثة وفي قلبه من الرَّابعة شيءٌ، سلّم بينه وبين نفسه، ثمَّ يصلّي ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب(4).

2 - وعنه ، عن أحمد، عن الحسين، عن فضالة، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : إن استوى وَهْمُهُ في الثَّلاث والأربع، سلّم، وصلّى ركعتين وأربع سجدات بفاتحة الكتاب وهو جالس ، يقصد في التشهّد(5).

ص: 340


1- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما ...، ح 16 . الاستبصار 1 ، 214 - باب الشك في فريضة الغداة ، ح 2 .
2- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 25 . الاستبصار 1 ، 215 - باب السهو في صلاة المغرب ، ح 4 بزيادة في آخرهما وتفاوت يسير جداً وربما يُفهم من عدم إنكاره(عليه السلام)التخيير ، وفيه نظر ، لاحتمال عدم تقصيره في الاستعلام مرآة المجلسي 192/15.
3- التهذيب ،2 نفس الباب ح 17 . وفيه عن أبي جعفر(عليه السلام). الاستبصار 1 ، 214 - باب الشك في فريضة الغداة ، ح .. والحديث وإن كان ظاهره الأعم من الركعات إلا أن أكثر أصحابنا حمله عليها دون الأفعال.
4- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 36
5- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 37 وفيه : يقصر : ... ، بدل : يقصد . وقوله : يقصد في التشهد؛ من . القصد، أي الوسط، بأن لا يأتي بمستحبات التشهد . وقد دل هذا الحديث كالذي قبله وما يأتي بعده على تعين سورة الحمد في صلاة الاحتياط وعدم إجزاء التسبيحات فيها، وهو ما عليه المشهور عندنا وإن ذهب ابن إدريس إلى التخيير بين فاتحة الكتاب وبين التسبيح فيها .

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة عن أحدهما(عليهم السلام)قال: قلت له : من لم يدر في أربع هو أم في ثنتين، وقد أحرز الثنتين؟ قال : يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب، ويتشهّد، ولا شيء عليه، وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحزر الثلاث، قام فأضاف إليها أُخرى، ولا شيء عليه، ولا ينقض اليقين بالشكٍّ، ولا يُدخل الشكّ في اليقين، ولا يخلط أحدهما بالآخر، ولكنه ينقض الشكّ باليقين، ويتمّ على اليقين فيبني عليه، ولا يعتدّ بالشكّ في في حال من الحالات(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرّجل لا يدري ركعتين صلّى أم أربعاً؟ قال : يتشهّد ويسلّم، ثمَّ يقوم فيصلّي ركعتين وأربع سجدات، يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب، ثمَّ يتشهّد ويسلّم، وإن كان صلّى أربعاً، كانت هاتان نافلة، وإن كان صلّى ركعتين، كانت هاتان تمام الأربع، وإن تكلّم فليسجد، سجدتَي السهو(2).

5 - حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : إنّما السهو ما بين الثلاث والأربع، وفي الإثنتين و [في] الأربع بتلك المنزلة، ومن سها ولم يدر ثلاثاً صلّى أم أربعاً واعتدل شكّه(3)قال : يقوم فيتمُّ، ثمَّ يجلس فيتشهّد ويسلّم، ويصلّي ركعتين وأربع سجدات وهو جالس، فإن كان أكثر وهمه إلى الأربع، تشهّد وسلّم، ثمَّ قرأ فاتحة الكتاب وركع وسجد، ثمَّ قرأ وسجد سجدتين ،وتشهّد وسلّم، وإن كان أكثر وهمه [إلى] ،الثنتين نهض فصلّى ركعتين وتشهّد وسلّم .

ص: 341


1- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما ...، ح 41 . الاستبصار 1، 216 - باب من شك في اثنتين وأربع ، ح .. وظاهر الخبر البناء على الأقلّ، والمراد بقوله : ولا ينقض اليقين بالشك: أي لا يبطل المتيقن من صلاته بسبب الشك الذي عرض له في البقية. ولا يُدخل الشك في اليقين : أي لا يدخل الركعتين المشكوك فيهما الصلاة المتيقنة بأن يضمهما مع الركعتين المتيقنتين ويبني على الأكثر، ولكنه ينقض الشك باليقين، أي يسقط الركعتين المشكوك فيهما باليقين وهو البناء على الأقل .... والقول بالتخيير في خصوص هذه المسألة لا يخلو من قوة، وإن كان اختيار البناء على الأكثر لمخالفته للعامة أولى ونقل عن الصدوق رحمه الله في المقنع أنه حكم بالإعادة في هذه الصورة مرآة المجلسي 194/15.
2- التهذيب ،2 نفس الباب، ح 40 . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 2 . الفقيه 1 ، 49 - باب أحكام السهو في الصلاة ، ح 32 وأخرجه بتفاوت عن الحلبي عن أبي عبد الله(عليه السلام) .
3- أي استوى طرفاه فلم يظن بإحدى الصورتين .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في رجل صلّى فلم يدر أثنتين صلّى أم ثلاثاً أم أربعاً؟ قال : يقوم فيصلّي ركعتين من قيام، ويسلّم ثمَّ يصلّي ركعتين من جلوس ويسلّم، فإن كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة، وإلّا تمّت الأربع(1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبَان، عن عبد الرَّحمن بن سيّابة ، وأبي العبّاس، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا لم تَدْر ثلاثاً صليت أو أربعاً، ووقع رأيك على الثلاث، فابنِ على الثلاث، وإن وقع رأيك على الأربع، فسلّم وانصرف، وإن اعتدل وهمك، فانصَرِفْ(2)وصلِّ ركعتين وأنت جالس(3).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إذا لم تدر ثنتين صلّيت أم أربعاً ، ولم يذهب وَهْمُكَ إلى شيء، فتشهّد وسلّم ، ثمَّ صلّ ركعتين(4)وأربع سجدات، تقرأ فيهما بأُمَّ القرآن، ثمَّ تشهّد وَسلّم ، فإن كنت إنّما صلّيت ركعتين كانتا هاتان تمام الأربع، وإن كنت صليت أربعاً كانتا هاتان نافلة، وإن كنت لا تدري ثلاثاً صلّيت أم أربعاً ولم يذهب وَهُمُكَ إلى شيء، فسلّم، ثمَّ صلِّ ركعتين وأنت جالس تقرأ فيهما بأمّ الكتاب، وإن ذهب وهمك إلى الثلاث فقم فصل الرَّكعة الرَّابعة، ولا تسجد سجدتي السّهو، فإن ذهب وهمك إلى الأربع فتشهّد وسلّم ، ثمَّ اسجد سجدّتي السهو.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن حديد، عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال فيمن لا يدري أثلاثاً صلّى أم أربعاً ووهمه في ذلك سواء ، قال : فقال : إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع، فهو بالخيار، إن شاء صلّى ركعة وهو قائمٌ ، وإن شاء صلّى ركعتين وأربع سجدات وهو جالس ، وقال : في رجل لم يدر أثنتين صلّى أم أربعاً ووهمه يذهب إلى الأربع [أ] و إلى الركعتين ، فقال : يصلّي ركعتين وأربع سجدات ، وقال : إن

ص: 342


1- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما . .. ، ح 43 . وروى قريباً منه بسند آخر في الفقيه 1، 49 - باب أحكام السهو في الصلاة ، ح 38 . وقوله(عليه السلام): يقوم : يعني يبني على الأربع ثم يقوم ليأتي بصلاة الاحتياط . وما تضمنه الحديث هو مذهب أكثر أصحابنا رضوان الله عليهم، بما فيه تقديم الركعتين من قيام على الركعتين من جلوس. وأما ابن الجنيد وابن بابويه فذهبا في هذه الصورة إلى أنه يبني على الأربع ثم يأتي بركعة من قيام وركعتين من جلوس .
2- أي ابن على الأربع.
3- التهذيب 2 نفس ،الباب ح 34 .
4- المشهور بين أصحابنا أنه إذا شك بين الاثنتين والأربع بعد إكمال السجدتين فإنه يبني على الأربع ويتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام بل عن الخلاف والانتصار الإجماع على هذا الحكم.

ذهب وهمك إلى ركعتين وأربع فهو سواء، وليس الوهم في هذا الموضع مثله في الثّلاث والأربع(1).

207- باب من سها في الأربع والخمس ولم يدر زاد أو نقص أو استيقن أنه زاد

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إذا شكَّ أحدكم في صلاته فلم يدر زاد أم نقص، فليسجد سجدتين وهو جالس»، وسمّاهما رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) المرغِمَتَين(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم،عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة ، عن زرارة ؛ وبكير ابنَي أعين، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا استيقن أنّه زاد في صلاته المكتوبة، لم يعتدّ بها، واستقبل صلاته استقبالاً إذا كان قد استيقن يقيناً(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كنت لا تدري أربعاً صلّيت أو خمساً، فاسجد سجدتي السّهو بعد تسليمك، ثمَّ سلّم بعدهما (4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ،عن عثمان بن عيسى، عن

ص: 343


1- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما ... ، ح 35 . وفيه إلى قوله : ... وأربع سجدات وهو جالس .« قوله(عليه السلام): فهو بالخيار . قال في المدارك : بهذه الرواية احتج القائلون بالتخيير في الاحتياط بین الركعة من قيام والركعتين من جلوس وهي ضعيفة بالإرسال وبعلي بن حديد، فالأصح تعين الركعتين من جلوس كما هو ظاهر اختيار ابن أبي عقيل والجعفي لصحة مستنده . ... قوله(عليه السلام): وليس الوهم . .. الخ : يدل على ذلك أن الشك بين الاثنتين والأربع يلزمه الركعتان وإن غلب ظنه على الأربع، ولعله محمول على الاستحباب »مرآة المجلسي 198/15
2- قال الشهيد الثاني رحمه الله : المرغمتان - بكسر الغين - لأنهما يرغمان الشيطان كما ورد في الخبر، إما من المراغمة أي يغضبانه أو من الرّغام وهو التراب يقال : أرغم الله أنفه. وظاهر الحديث الشك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين والمراد بالسجدتين سجدتا السهو والمشهور بين الأصحاب وجوبهما في هذه الحالة . وحكى الشهيد الأول في الدروس عن الصدوق أنه يذهب في هذه الحالة إلى وجوب صلاة الاحتياط وهي ركعتان من جلوس.
3- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما . . . ، ح 64 . الاستبصار 1 ، 219 - باب من تيقن أنه زاد في الصلاة ، ح 1 . وفيهما: إذا استيقن الرجل .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 68 .

سماعة قال : قال : من حفظ سهوه وأتمّه فليس عليه سجدتا السّهو(1)، وإنّما السّهو على من لم يدر زاد أم نقص منها .

5 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام): من زاد في صلاته فعليه الإعادة(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد بن عيسى، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا لم تدر خمساً صلّيت أم أربعاً، فاسجد سجدتي السّهو بعد تسليمك(3)وأنت جالس، ثمَّ سلّم بعدهما.

208- باب من تكلم في صلاته أو انصرف قبل أن يُتمّها أو يقوم في موضع الجلوس

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): حفظ

من سهوه فأتمّه فليس عليه سجدتا السّهو(4)، فإنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)صلّى بالنّاس الظهر ركعتين، ثمَّ سها فسلّم، فقال له ذو الشِّمالين : يا رسول الله، أَنزَلَ في الصّلاة شيء؟ فقال:«وما ذاك»، قال: إنّما صلّيت ركعتين، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «أتقولون مثل قوله؟ »قالوا: نعم فقام(صلی الله علیه وآله وسلم) فأتم بهم الصّلاة، وسجد بهم سجدتي السّهو، قال: قلت: أرأيت من صلّى ركعتين وظنَّ أنهما أربع، فسلّم وانصرف ثمَّ ذكر بعدما ذهب أنّه إنّما صلّى ركعتين ؟ قال : يستقبل الصّلاة من أوَّلها، قال: قلت: فما بال

ص: 344


1- قوله(عليه السلام): من حفظ سهوه ... الخ : أي ذكر سهوه قبل فعل المبطل فأتم صلاته بأن يفعل ما سهاه من ركعة أو ركعتين فليس عليه سجود السهو مرآة المجلسي 201/15
2- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 65. الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح.2. هذا ولا خلاف بين علمائنا رضوان الله عليهم في أن من زاد ركعة في صلاته سهواً بطلت الصلاة، نعم، عن المعتبر والألفية والمنتهى والمسالك وموضع من القواعد وغيرها أنه إن كان جلس آخر الرابعة بقدر التشهد الواجب صحت صلاته وقد تقدمت منا الإشارة إلى ذلك .
3- وقد دل الحديث على أن موضع سجدتي السهو إنما هو بعد التسليم، وهو المشهور والأظهر عندنا، يقول المحقق في الشرائع 119/1 عن سجدتي السهو وموضعهما بعد التسليم للزيادة والنقصان، وقيل: قبله، وقيل: بالتفصيل والأول أظهر .
4- أي أنه يتذكر ما كان محل شكه أو سهوه فيأتي به أن تذكر أنه لم يفعله قبل أن يأتي بأي فعل مبطل للصلاة.

رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لم يستقبل الصّلاة وإنّما أتمَّ بهم ما بقي من صلاته؟ فقال : إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لم يبرح من مجلسه، فإن كان لم يبرح من مجلسه فليتمّ ما نقص من صلاته إذا كان قد حفظ الرَّكعتين الأوّلتين(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم : عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال في الرّجل يصلّي ركعتين من المكتوبة ثمَّ ينسى فيقوم قبل أن يجلس بينهما ؟ قال : فليجلس ما لم يركع، وقد تمّت صلاته، فإن لم يذكر حتّى يركع ، فليمض في صلاته، فإذا سلّم سجد سجدتين وهو جالس(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيُّ، عن منصور بن العباس، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صَدَقَة قال: قلت لأبي الحسن الأوَّل(عليه السلام): أَسَلَّمَ رسولُ الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في الركعتين الأوَّلتين؟ فقال: نعم، قلت: وحاله حاله؟(3)قال : إنّما أراد الله عزَّ وجلَّ أن يفقّههم(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يتكلّم ناسياً في الصلاة يقول : أقيموا صفوفكم؟ فقال : يتمُّ صلاته، ثمَّ يسجد سجدتين ، فقلت : سجدتا السّهو قبل التّسليم هما أو بعد؟ قال : بعد(5)

ص: 345


1- التهذيب 2 ، 16 - باب أحكام السهو، ح 26 . الاستبصار 1، 214 - باب الشك في فريضة الغداة ، ح 16 وفيه إلى قوله : فليتم ما نقص من صلاته. وروي صدره في الفقيه 1، 49 - باب أحكام السهو في الصلاة، ح 35 . وبعض أصحابنا كالصدوق قد دافعوا عن هذا الحديث وأمثاله مما تضمن نسبة السهو إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وحفظ ذي الشمالين لصلاته دونه(صلی الله علیه وآله وسلم)، لكنها - في نظرنا - ساقطة لقيام الدليل العقلي القطعي على عدم جواز السهو أو النسيان على المعصوم(عليهم السلام)نبياً كان أو إماماً ، وهذا مما أجمع عليه علماؤنا ولم يشذ عنهم إلا الشيخ الصدوق وشيخه محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله . وقد بسط الشيخ المجلسي في بحاره القول في هذه المسألة وتصدّى لأمثال هذه الأخبار التي تنسب السهو إلى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وفندها وبين شذوذها، فراجع المجلد السادس من بحار الأنوار لتطلع على تفاصيل ذلك كله . كما لا بأس بمراجعة دفاع الشيخ الصدوق عن موضوع سهو النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) في الفقيه 1 نفس ،الباب أعلاه، بعد ح 48 هذا والعجيب أن هذا الحديث صحيح ،السند ولذا لا بد من حمله على التقية .
2- التهذيب ،2 نفس الباب، ح 19. وفي آخره: نقر ثنتين ...، بدل: سجد سجدتين.... والمشهور عندنا قضاء التشهد المنسي وإبعاضه وأجمع أصحابنا على أنه يكون بعد التسليم. ونقل عن المفيد وابن بابويه وجوب ذهابهما إلى الاكتفاء بتشهد سجدتي السهر عن التشهد المنسيّ .
3- «أي في الجلالة والرسالة» مرآة المجلسي 204/15.
4- التهذيب 2 نفس ،الباب ، ح 20 . والحديث ضعيف. وهو محمول على التقية.
5- التهذيب 2 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما ... ، ح 56 . الاستبصار 1 ، 220 - باب من تكلم في الصلاة ساهياً أو . . . ، ح 1. وفي سندهما محمّد بن يعقوب بدل : محمّد بن يحيى. وفيهما بعده، بدل: بعد في الموضعين وقد ذكر مضمون الحديث مع حذف السند في الفقيه 1 ، نفس الباب قبيل الحديث رقم 46 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على بطلان الصلاة بالكلام متعمداً بحرفين ولو مهملين غير مفهمين للمعنى كما حكى ذلك صاحب المدارك والشهيدان وابن زهرة وغيرهم . وأما إذا كان التكلم ساهيا لم يكن ذلك مبطلا وقال في المنتهى : عليه علماؤنا ويجب عليه سجدنا السهو على المشهور. نعم ذهب الشيخ وجماعة أنه لو تكلم بتخيل الفراغ من الصلاة إلى الحكم ببطلان صلاته .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تقول في سجدتي السّهو: بسم الله وبالله ،اللّهمَّ صلّ على محمّد وآل محمّد قال الحلبيُّ : وسمعته مرَّة أخرى يقول : بسم الله وبالله السّلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليُّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : صلّى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ثمَّ سلّم في ركعتين، فسأله من خَلْفَه: يا رسول الله، أحَدَثَ في الصّلاة شيء؟ قال: «وما ذلك»؟ قالوا: إنّما صلّيت ركعتين، فقال: «أكذلك يا ذا اليدين»؟ - وكان يدعى ذا الشّمالين - فقال: نعم، فبني على صلاته، فأتمًّ الصّلاة أربعاً . وقال : إنَّ الله هو الّذي أنساه رحمة للأُمّة، ألا ترى لو أنَّ رجلاً صنع هذا لعُيَّر وقيل : ما تُقْبَلُ صلاتك، فمن دخل عليه اليوم ذاك قال : قد سنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وصارت أُسوة، وسجد سجدتين لمكان الكلام(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا قمت في الرّكعتين الأوَّلتين ولم تتشهّد، فذكرت قبل أن تركع ، فاقعد فتشهّد، وإن لم تذكر حتّى تركع، فامض في صلاتك كما أنت، فإذا انصرفتَ سجدت سجدتين لا ركوع فيهما، ثمَّ تَشَهَّد التشهّد الّذي فاتك(3).

ص: 346


1- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما ... ، ح 74 . الفقيه 1، 49 - باب أحكام السهو في الصلاة ، ح 14 بتفاوت فيهما . قال المحقق في الشرائع وصورتهما أن يكبر مستحباً ثم يسجد ثم يرفع رأسه ثم يسجد ثم يرفع رأسه ويتشهد تشهداً خفيفاً ثم يسلّم. وهل يجب فيهما الذكر؟ فيه تردد، ولو وجب هل يتعين بلفظ ؟ الأشبه : لا . هذا ولكن المشهور بين علمائنا وجوب الذكر في الجملة والذين ذهبوا إلى الوجوب انقسموا فريقين فريق يقول بتعين ما في صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام)وهو : بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد. أو : بسم الله وبالله والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. وقد ذهب إلى هذا في الغنية ونهاية الأحكام والدروس واللمعة والذكرى وغيرها وفريق آخر يقول بإجزاء مطلق الذكرى، وقد ذهب إلى هذا في الذخيرة والمبسوط والموجز والتحرير وربما غيرها. ولكل فريق ،وجه والوجهان مبنيان على استفادة الوجوب من الصحيح المذكور أولاً .
2- التهذيب 2، 16 - باب أحكام السهو ، ح 21 والحديث صحيح وهو محمول على التقية وقد مرت الإشارة إلى الوجه في ذلك.
3- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 18 . وظاهره مؤيد لما ذهب إليه المفيد وابن بابويه من الاكتفاء بتشهد سجدتي السهو عن التشهد المنسي، وهو خلاف المشهور كما تقدمت الإشارة إليه . اللّهمَّ ألا إذا قلنا باستفادة وجوب قضاء التشهد المنسي من قوله(عليهم السلام): الذي فاتك، بقرينة وجوب التشهد في سجدتي السهو. والله العالم.

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا قمت في الرَّكعتين من الظهر أو غيرهما ولم تتشهّد فيهما، فذكرت ذلك في الرَّكعة الثّالثة قبل أن تركع ، فاجلس فتشهد، وقم فأتمَّ صلاتك، فإن أنت لم . تذكر حتّى تركع، فامض في صلاتك حتّى تفرغ، فإذا فرغت فاسجد سجدتي السّهو بعد التّسليم قبل أن تتكلّم(1).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن عمّار قال: سألته عن الرَّجل يسهو فيقوم في حال قعود أو يقعد في حال قيام ؟ قال : يسجد سجدتين بعد التّسليم، وهما المرغِمَتان تُرْغِمان الشَّيطان(2).

209- باب من شك في صلاته كلّها ولم يدر زاد أو نقص، ومن كَثُر عليه السهو والسهو في النافلة وسهو الإمام ومَنْ خَلْفَه
اشارة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن صفوان، عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: إن كنت لا تدري كم صلّيت، ولم يقع وَهْمُكَ على شيء فأَعِد الصلاة(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة وأبي بصير قالا : قلنا له:

ص: 347


1- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 17 . ويدل الحديث على عدم جواز الكلام أو الإتيان بأي فعل قبل الإتيان بسجدتي السهو.
2- ويدل على ما ذهب إليه السيد المرتضى وابن بابويه من وجوب السجود للقعود في موضع قيام وعكسه مرآة المجلسي 207/15 .
3- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما . . . ، ح 45 . الاستبصار 1 ، 217 - باب من شك فلم يدرِ كم صلى ركعة أو . . . ، ح 2. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم إجماعاً صريحاً أو ظاهر حكي عن غير واحد منهم على إن من لم يدركم صلّى وجبت عليه إعادة الصلاة لأنه يعود في الحقيقة إلى كونه شكاً في الأوليتين وهو مبطل للصلاة إجماعاً . نعم روى في الفقيه 1، 49 - باب أحكام السهو في الصلاة، ح 39، حديثاً عن العبد الصالح(عليه السلام)عن الرجل يشك فلا يدري أواحدة صلى أم اثنتين أم ثلاثاً أم أربعاً .... قال : فليمض في صلاته وليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... الخ . فإن ما تضمنه هذا الحديث من حكم خاص بكثير الشك بقرينة قوله(عليه السلام): وليتعوّذ . .. الخ ، وإلا فإن الحكم في مثل ذلك هو الإعادة لمن كان معتدل الشك بالإجماع .

الرّجل يشكّ كثيراً في صلاته حتّى لا يدري كم صلّى ، ولا ما بقي عليه؟ قال: يعيد، قلنا له : فإنّه يكثر عليه ذلك، كلّما عاد شكَّ؟ قال : يمضي في شكّه ، ثمَّ قال : لا تُعَوّدوا الخبيث(1)من أنفسكم بنقض الصّلاة فتُطمِعوه، فإنّ الشّيطان خبيث يعتاد لما عُوِّد، فليمض أحدكم الوهم ، ولا يكثرنَّ نقض الصّلاة، فإنّه إذا فعل ذلك مرَّات لم يعد إليه الشكُّ، قال زرارة : ثمَّ قال: إنّما يريد الخبيث أن يُطاع ، فإذا عُصي لم يعد إلى أحدكم(2).

1- حمّاد، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : إذا شككت فلم تدر أفي ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أم في أربع فأعِدْ، ولا تمضِ على الشكِّ(3).

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : أتى رجل النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : يا رسول الله أشكو إليك ما ألقى من الوسوسة في صلاتي حتّى لا أدري ما صلّيت من زيادة أو نقصان؟ فقال : «إذا دخلت في صلاتك فاطعن فخذك الأيسر بإصبعك اليمنى المسبِّحة، ثمَّ قل: بسم قل : بسم الله وبالله توكّلت على الله ، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرَّجيم ، فإنّك تنحره وتطرده»(4).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الإمام يصلّي بأربعة أنفس، أو خمسة أنفس، ويسبح اثنان(5)على أنّهم صلّوا ثلاثاً ، ويسبّح ثلاثة على أنّهم صلوا أربعاً، ويقول هؤلاء(6): قوموا، ويقول هؤلاء : اقعدوا، والإمام مايل مع أحدهما أو معتدل الوهم، فما يجب عليه ؟ قال : ليس على الإمام سهو إذا حفظ عليه من خَلْفَه سَهْوَه بإيقان منهم، وليس على من خلف الإمام سهو إذا لم يَسْهُ الإمام ، ولا سهو في سهو، وليس في المغرب والفجر ،سهو، ولا في الرَّكعتين الأولتين من كلِّ صلاة، ولا

ص: 348


1- يعني الشيطان .
2- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 48 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح ه . واختلف الأصحاب فيما به تتحقق الكثرة المقتضية لعدم الالتفات إلى الشك، فقال الشيخ في المبسوط : قيل : حده أن يسهو ثلاث مرات متوالية، وبه قال ابن حمزة، وقال ابن إدريس : حده أن يسهو في شيء واحد أو فريضة واحدة ثلاث مرات، أو يسهو في أكثر الخمس، أعني ثلاث صلوات من الخمس فيسقط حكم السهو في الفريضة الرابعة ، وذهب أكثر المتأخرين إلى الرجوع إلى العادة مرآة المجلسي 15 / 208 - 209 .
3- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 44 . الاستبصار 1، نفس الباب، ح 1.
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- « يدل على أن إعلام الإمام والمأموم ما في ضميرهم بالآخر ينبغي أن يكون بالتسبيح فإنه لا يجوز الكلام . . . . »مرأة المجلسي 210/15 .
6- أي بالإشارة الغير الماحية لصورة الصلاة.

في نافلة، فإذا اختلف على الإمام مَن خَلْفَهُ فعليه وعليهم في الاحتياط الإعادة والأخد بالجزم(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال: سألته عن السّهو في النافلة؟ فقال: ليس عليه شی(2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : ليس على الإمام سهو، ولا على من خَلْفَ الإمام سهو، ولا على السّهو سهو، ولا على الإعادة إعادة(3).

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا كثر عليك السّهو فامض في صلاتك، فإنّه يوشك أن يَدَعَكَ، إنّما هو من الشّيطان(4).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال ، عن ابن بكير؛ عن عبيد الله الحلبيّ قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن السّهو فإنّه يكثر عَلَيَّ ؟ فقال : ادرج صلاتك إدراجاً قلت: فأيُّ شيء الإدراج ؟ قال : ثلاث تسبيحات في الرّكوع والسجود(5).

وروي أنّه إذا سها في النّافلة بنى على الأقلِّ.

ص: 349


1- التهذيب 3 ، 3 - باب أحكام الجماعة وأقل الجماعة وصفة ... ، ح 99. الفقيه 1 ، 49 - باب أحكام السهو في الصلاة ، ح 45 بتفاوت هذا وقال المحقق في الشرائع 118/1: «من سها في سهو، لم يلتفت وبنى على صلاته، وكذا إذا سها المأموم عوّل على صلاة الإمام، ولا شك على الإمام إذا حفظ عليه من خلفه، ولا حكم للسهو مع كثرته، ويرجع في الكثرة إلى ما يسمى في العادة كثيراً . وقيل أن يسهو ثلاثاً في فريضة ، وقيل : أن يسهو مرة في ثلاث فرائض، والأول أظهر .
2- التهذيب 2 ، 16 - باب أحكام السهو، ح 10 . وفيه : ليس عليك شيء. وقد دل الحديث على أن الشك مطلقاً لا يبطل النافلة بل يبني على الأقل فيها. والأشهر تخييره بين البناء على الأقل والبناء على الأكثر.
3- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 16 . الظاهر أن هذا حكم آخر بينه وبين كثرة السهو عموم من وجه، إذ مفاده أنه إذا حدث سبب للإعادة في صلاة بسبب الشك والسهو أو مطلقاً فأعاد ثم حدث في المعادة ما يوجب الإعادة لا يلتفت إليه، وحصول كثرة السهو لا ينحصر فيما يوجب الإعادة، فهما سببان لعدم الإعادة وإن اجتمعا في بعض الموارد .... والأحوط إتمامها ثم الإعادة والله يعلم مرآة المجلسي 226/15 .
4- التهذيب ،2 ، نفس الباب، ح 12 . الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 6 بتفاوت. ويدل على أن كثير الشك لا يلتفت إلى شكّه ولا يرتب عليه أثراً. وقد مضى الكلام فيما تتحقق به كثرة الشك.
5- التهذيب 2 نفس ،الباب ، ح 13 . قوله(عليه السلام): ثلاث تسبیحات: يعني سبحان الله ، ثلاث مرات في كل من الركوع والسجود.

فجميع(1)مواضع السّهو الّتي قد ذكرنا فيها الأثر سبعة عشر موضعاً: سبعة منها يجب على السّاهي فيها إعادة الصّلاة: الّذي ينسى تكبيرة الافتتاح ولا يذكرها حتّى يركع والّذي، ينسى ركوعه وسجوده والّذي لا يدري ركعة صلّى أم ركعتين، والّذي يسهو في المغرب والفجر، والّذي يزيد في صلاته، والّذي لا يدري زاد أو نقص ولا يقع وهمه على شيء، والّذي ينصرف عن الصّلاة بكلّيته قبل أن يتمّها .

ومنها مواضع لا يجب فيها إعادة الصّلاة ويجب فيها سجدتا السّهو: الّذي يسهو فيسلّم في الركعتين ثمَّ يتكلّم من غير أن يحوَّل وجهه وينصرف عن القبلة، فعليه أن يتمَّ صلاته ثمَّ يسجد سجدتي السّهو، والّذي ينسى تشهّده ولا يجلس في الركعتين وفاته ذلك حتّى يركع في الثّالثة، فعليه سجدتا السّهو وقضاء تشهّده إذا فرغ من صلاته، والّذي لا يدري أربعاً صلّى أو خمساً عليه سجدتا السّهو، والّذي يسهو في بعض صلاته فيتكلّم بكلام لا ينبغي له، مثل أمر ونهي من غير تعمّد، فعليه سجدتا السّهو، فهذه أربعة مواضع يجب فيها السّهو.

ومنها مواضع لا يجب فيها إعادة الصّلاة ولا سجدتا السّهو: الّذي يدرك سهوه قبل أن يفوته، مثل الّذي يحتاج أن يقوم فيجلس، أو يحتاج أن يجلس فيقوم، ثمَّ يذكر ذلك قبل أن يدخل في حالة أُخرى، فيقضيه، لا سهو عليه، والّذي يسلّم في الرّكعتين الأولتين ثمَّ يذكر فيتمَّ قبل أن يتكلّم، فلا سهو عليه، ولا سهو على الإمام إذا جفظ عليه من خلْفَه ، ولا سهو على مَنْ خَلْفَ الإمام، ولا سهو في سهو، ولا سهو في نافلة، ولا إعادة في نافلة، فهذه ستّة مواضع لا يجب فيها إعادة الصّلاة ولا سجدتا السهو.

وأمّا الّذي يشكّ في تكبيرة الإفتتاح ولا يدري كبّر أم لم يكبّر، فعليه أن يكبّر متى ما ذكر قبل أن يركع، ثمَّ يقرأ ثم يركع(2)، وإن شكّ وهو راكع فلم يدر كبّر أو لم يكبّر تكبيرة الافتتاح، مضى في صلاته ولا شيء عليه، فإن استيقن أنّه لم يكبّر أعاد الصّلاة حينئذ، فإن شكٍّ وهو قائم فلم يدر أركع أم لم يركع ، فليركع حتّى يكون على يقين من ركوعه ، فإن ركع ثمپَ ذكر أنّه قد كان ركع فليرسل نفسه إلى السّجود من غير أن يرفع رأسه من الركوع في الركوع، فإن مضى ورفع رأسه من الرَّكوع ، ثمَّ ذكر أنّه قد كان ركع، فعليه أن يعيد الصلاة، لأنه قد زاد في صلاته ركعة، فإن سجد ثمَّ شك فلم يدر أركع أم لم يركع، فعليه أن يمضي في صلاته ولا شيء عليه في شكّه ، إلّا أن يستيقن أنّه لم يكن ركع، فإن استيقن ذلك فعليه أن يستقبل الصّلاة ، فإن سجد ولم

ص: 350


1- من هنا إلى نهاية ما تحت عنوان السهو بين أربع وخمس هو من كلام الكليني رحمه الله
2- ظاهره وجوب التكبير حتى ولو كان قرأ أو دخل في القراءة، وهو خلاف المشهور بين الأصحاب .

يدر أسجد سجدتين أم سجدة، فعليه أن يسجد أُخرى حتّى يكون على يقين من السّجدتين، فإن سجد ثمَّ ذكر أنّه قد كان سجد سجدتين فعليه أن يعيد الصّلاة، لأنّه قد زاد في صلاته سجدة(1)، فإن شكٍّ ، فإن شكٍّ بعدما قام فلم يدر أكان سجد سجدة أو سجدتين، فعليه أن يمضي في صلاته ولا شيء عليه، وإن استيقن أنه لم يسجد إلّا واحدة فعليه أن ينحطَّ فيسجد أُخرى ولا شيء عليه ، وإن كان قد قرأ ثمَّ ذكر أنّه لم يكن سجد إلّا واحدة، فعليه أن يسجد أُخرى ثمَّ يقوم فيقرأ ويركع ولا شيء عليه، وإن ركع فاستيقن أنه لم يكن سجد إلاّ سجدة أو لم يسجد شيئاً فعليه إعادة الصّلاة .

السهو في التشهد

وإن سها فقام من قبل أن يتشهّد في الرّكعتين فعليه أن يجلس ويتشهّد ما لم يركع، ثمَّ يقوم فيمضي في صلاته ولا شيء عليه، وإن كان قد ركع وعلم أنّه لم يكن تشهّد مضى في صلاته، فإذا فرغ منها سجد سجدتي السّهو، وليس عليه في حال الشكّ شيء ما لم يستيقن .

السهو في اثنتين وأربع

إن شكٍّ فلم يدر أِثِنتَين صلى أو أربعاً، فإن ذهب وهمه إلى الأربع سلّم ولا شيء عليه، وإن ذهب وهمه إلى أنّه قد صلّى ركعتين، صلّى أُخريين ولا شيء عليه، فإن استوى وهمه سلّم ثمَّ صلّى ركعتين قائماً بفاتحة الكتاب، فإن كان صلّى ركعتين كانتا هاتان الرّكعتان تمام الأربعة، وإن كان صلّى أربعاً كانتا هاتان نافلة.

السهوفي اثنتين وثلاث

فإن شكَّ فلم يدر أركْعَتَين صلّى أم ثلاثاً فذهب وهمه إلى الرَّكعتين، فعليه أن يصلّي أُخريين ولا شيء عليه ، وإن ذهب وَهْمُهُ إلى الثلاث فعليه أن يصلّي ركعة واحدة ولا شيء عليه ، وإن استوى وَهُمُهُ وهو مستيقن في الركعتين، فعليه أن يصلّي ركعة وهو قائمٌ ، ثمَّ يسلّم، ويصلّي ركعتين وهو قاعدٌ بفاتحة الكتاب، وإن كان صلّى ركعتين فالّتي قام فيها قبل تسليمه تمام

ص: 351


1- الظاهر أن الكليني رحمه الله يبني على أن السجدة الواحدة ركن ولذا حكم هنا بوجوب إعادة الصلاة لأن زيادة الركن كنقيصته مبطلة للصلاة عن عمد كانتا أو عن سهو. ومن هنا حكم أيضاً في نهاية كلامه بوجوب الإعادة على من نسي سجدة واحدة وتيقن من ذلك بعد فوات محلها بالركوع، وهو خلاف المشهور بين الأصحاب حيث أوجبوا قضاء السجدة الواحدة بعد الصلاة لمن نسيها وقد فات محل تداركها.

الأربعة، والركعتان اللتان صلّاهما وهو قاعد مكان ركعة، وقد تمّت صلاته، وإن كان قد صلّى ثلاثاً، فالّتي قام فيها تمام الأربع، وكانت الرَّكعتان اللّتان صلّاهما وهو جالس نافلةٌ .

السهو في ثلاث وأربع

فإن شكَّ فلم يَدْرٍ أثلاثاً صلّى أم أربعاً، فإن ذهب وَهُمُهُ إلى الثلاث فعليه أن يصلّى أُخرى ثمَّ يسلّم ولا شيء عليه، وإن ذهب وهمه إلى الأربع، سلّم ولا شيء عليه، وإن استوى وهمه في الثلاث والأربع، سلّم على حال شكّه، وصلى ركعتين من جلوس بفاتحة الكتاب، فإن كان صلّى ثلاثاً، كانت هاتان الركعتان بركعة تمام الأربع، وإن كان صلّى أربعاً، كانت هاتان الرَّكعتان نافلةٌ له .

السهو في أربع وخمس

فإن شكٍّ فلم يَدْرِ أربعاً صلّى أو خمساً ، فإن ذهب وَهْمُهُ إلى الأربع سلّم ولا شيء عليه ، وإن ذهب وَهُمُهُ إلى الخمس أعاد الصلاة ، وإن استوى وَهُمُهُ سلّم وسجد سجدتي السهو، وهما المرغِمَتان .

210- باب ما يُقْبَلُ من صلاة الساهي

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إن عمّار الساباطيّ روى عنك رواية، قال : وما هي؟ قلت روى أنَّ السنّة فريضة(1)، فقال: أين يذهب، أين يذهب، ليس هكذا حدَّثته، إنّما قلت له : من صلّى فأَقْبَلَ على صلاته ، لم يحدِّث نفسه فيها ، أو لم يَسْهُ فيها ، أقبل الله عليه ما أقبَلَ عليها، فربّما رُفِعَ نصفُها أو رُبُعُها أو ثلثها أو خُمْسُها، وإنّما أمرنا بالسنّة ليَكمُلَ بها ما ذهب من المكتوبة.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم،

ص: 352


1- « كان عماراً ظن أنه إذا كانت النافلة لتميم الفريضة، ولم تقبل الفريضة إلا بها، فالنافلة واجبة ولم يفرق بين القبول والإجزاء. ولا يخفى على المتتبع أن أكثر أخباره لا يخلو من تشويش لأجل النقل بالمعنى وسوء فهمه» مرآة المجلسي 15 / 233 - 234 .

عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إنَّ العبد ليُرْفَعُ له من صلاته نصفها أو ثلثها أو ربعها أو خمسها، فما يُرفَع له إلّا ما أقبل عليه بقلبه ، وإنّما أمرنا بالنافلة ليتمَّ لهم بها ما نقصوا من الفريضة(1).

3 - وعنه عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : قال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام) - وأنا أسمع - : جُعِلْتُ فِداك إنّي كثير السهو في الصلاة؟ فقال : وهل يسلم منه أحدٌ ؟ فقلت : ما أظنّ أحداً أكثر سهواً منّي ، فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): يا أبا محمّد، إنَّ العبد يرفع له ثلث صلاته ونصفها وثلاثة أرباعها، وأقلُّ وأكثر على قدر سهوه فيها، لكنّه يتمّ له من النّوافل . قال : فقال له أبو بصير : ما أرى النوافل ينبغي أن تترك على حال، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): أجل، لا(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام)أنّهما قالا : إنّما لك من صلاتك ما أقبلتَ عليه منها ، فإن أوهمها كلّها(3)أو غفل عن أدائها(4)لفّت(5)فضرب بها وجه صاحبها(6).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة قال : في كتاب حريز أنّه قال : إنّي نسيت أنّي في صلاة فريضة حتّى ركعت وأنا أنويها تطوّعاً؟ قال : فقال : هي الّتي قمت فيها ، إن كنت قمت وأنت تنوي فريضة ثمَّ دخلك الشكّ فأنت في الفريضة، وإن كنت دخلت نافلة فنويتها فريضة، فأنت في النافلة، وإن كنت دخلت في فريضة ثمَّ ذكرت في نافلة كانت عليك فامضِ في الفريضة(7).

211 - باب ما يقطع الصلاة من الضحك والحَدَث والإشارة والنسيان وغير ذلك

1 - جماعة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن،

ص: 353


1- التهذيب 2 ، 16 - باب أحكام السهو، ح ا وفيه ليتمم، بدل: ليتمّ .
2- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 4 .
3- أي صلّاها لاهِيَ القلب عن الله سبحانه .
4- أي سهى عن بعض أفعالها أو عن أدائها في وقتها الفضيلي، أو نسي أدائها حتى تضيق وقتها والله العالم .
5- فيه دلالة على تجسّم الأعمال وضرب وجهه بها إما في الدنيا، أو في الآخرة .
6- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 5 و 6 .
7- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 5 و 6 .

عن زرعة، عن سماعة قال : سألته عن الضحك ، هل يقطع الصلاة؟ قال : أمّا التبسّم فلا يقطع الصلاة، وأمّا القهقهة فهي تقطع الصلاة(1).

ورواه أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الرَّجل يصيبه الرِّعاف وهو في الصلاة؟ فقال: إن قدر على ماء عنده يميناً أو شمالاً أو بين يديه وهو مستقبل القبلة فليغسله عننه ثمَّ ليصلّ ما بقي من صلاته ، وإن لم يقدر على ماء حتّى ينصرف بوجهه أو يتكلّم، فقد قطع صلاته(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن الرَّجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع أن يصبر عليه، أيصلّي على تلك الحال، أو لا يصلّي ؟ قال : فقال : إن احتمل الصبر، ولم يخف إعجالاً عن الصلاة، فليصلّ ولَيَصْبِرْ (3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي بكر الحضرميّ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليه السلام)أنّهما كانا يقولان : لا يقطع الصلاة إلّا أربعة : الخلاء والبول والرِّيح والصوت(4).

5- عليَّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن العلاء ،عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)في الرَّجل يمسُّ أنفه في الصلاة فيرى دماً، كيف يصنع، أينصرف؟ فقال : إن كان يابساً فليرمِ به ولا بأس(5).

ص: 354


1- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 181 . الفقيه 1 ، 50 - باب صلاة المريض والمغمى عليه و.....، ضمن ح 30 . القهقهة : - كما في القاموس - هي الترجيع بالصوت عند الضحك، أو شدة الضحك . والظاهر أن الحكم ببطلان الصلاة بتعمد القهقهة إجماعي عندنا .
2- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما . . . ، ح 84. الاستبصار 1، 243 - باب الرعاف ، ح 6 وروى بمعناه في الفقيه 1 ، نفس ،الباب ، ح 24 وأخرجه عن عمر بن أذينة عن أبي عبد الله(عليه السلام). والحديث وإن دل بظاهره على وجوب إزالة الرعاف أو الدم الطارىء أثناء الصلاة بشرط المحافظة على الاستقبال وعدم الكلام إلا أنه لا بد من تقييده بما زاد على مقدار الدرهم، أو بإزالة شيء منه لو كان درهماً على قول . كما دل الحديث على أن الرعاف لا يبطل الوضوء ولا الصلاة.
3- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 182 . الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 29 .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 218 . الاستبصار 1 ، 242 - باب أن البول والغائط والريح يقطع . ..، ح 1 . والمقصود بالصوت الريح ذو الصوت. والمراد أن هذه الأمور مما تبطل بها الصلاة لو حصل أحدها . والخلاء : كناية عن الغائط .
5- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 183 .

6 -علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج عن زرارة ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : القهقهة لا تنقض الوضوء، وتنقض الصلاة(1).

7 - عنه، عن أبيه ،عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه سئل عن الرَّجل يريد الحاجة وهو في الصلاة؟ فقال: يومي برأسه، ويشير بيده، ويسبّح والمرأة إذا أرادت الحاجة وهي تصلّي تصفق بيدها(2).

8 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد ،عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن الأصمّ، عن مسمع أبي سيّار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّ النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)سمع خلفه فرقعة، فرقع رجل أصابعه في صلاته، فلمّا انصرف قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): «أما إنّه حظّه من صلاته»(3).

9 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليّ بن مهزيار، عن فضالة، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الرَّجل يأخذه الرعاف والقيء في الصلاة، كيف يصنع ؟ قال : ينفتل فيغسل أنفه ويعود في صلاته، فإن تكلّم فليُعِدْ صلاته، وليس عليه وضوء(4).

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن الرَّجل ، أيقطع صلاته شيء ممّا يمرُّ بين يديه؟ فقال : لا يقطع صلاة المسلم شيء، ولكن ادْرَأ ما استطعت، قال : وسألته عن رجل رعف فلم رُقَ رعافه حتّى دخل وقت الصلاة؟ قال: يحشو أنفه بشيء، ثمَّ يصلّي، ولا يطيل إن خشي أن يسبقه الدَّم، قال : وقال إذا التفتَّ في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعِدْ الصلاة إذا كان الإلتفات فاحشاً، وإن

ص: 355


1- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 180 وفيه : ولكن تنقض الصلاة . ورواه في الفقيه 1 ، نفس الباب، ضمن الحديث 30.
2- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 184 . الفقيه 1 ، 53 - باب المصلي يريد الحاجة ، 1، ح 2 بتفاوت يسير فيه وزيادة في آخر رواية التهذيب رواها الكليني في الفروع 1 ، 182 - باب الخشوع في الصلاة و ... ، ح 7 . وصفق اليدين : عبارة عن ضرب إحداهما بالأخرى لتحدثا صوتاً يسمعه من يراد تنبيهه .
3- فرقعة الأصابع : صوت يصدر عن مفاصلها . وقوله(عليه السلام): حظه من صلاته أي نصيبه من فضلها ومزيد ثوابها والحديث ضعيف .
4- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 158 . الاستبصار 1، 243 - باب الرعاف ، ح 1 بتفاوت فيهما، وبدون قوله في الذيل وليس عليه وضوء. ويدل - بقرينة سكوته(عليه السلام)عن القيء - أنه لا ينقض الوضوء ولا يقطع الصلاة وهو يستبطن الحكم بطهارته أيضاً.

كنت قد تشهدت فلا تُعِد(1).

11 - الحسين بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن عامر، عن عليَّ بن مهزيار، عن فضالة، عن أبان عن سَلَمَة بن أبي حفص، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنَّ عليّاً صلوات الله عليه كان يقول : لا يقطع الصلاة الرعاف ولا القيءُ ولا الدّم، فمن وجد أزُّا فليأخذ بيد رجل من القوم من الصف فَلْيُقَدِّمُهُ - يعني إذا كان إماماً (2).

12 -محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان،عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: سألته عن الرَّجل يلتفت في الصلاة؟ قال: لا، ولا ينقض أصابعه(3).

212- باب التسليم على المصلّي والعطاس في الصلاة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الرجل يُسَلَّم عليه وهو في الصلاة؟ قال : يرد : سلام عليكم ولا يقول : وعليكم السلام، فإنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كان قائماً يصلّي، فمرَّ به عمّار بن ياسر، فسلّم عليه عمّار، فرد عليه النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)هكذا(4).

2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا عطس الرّجل في صلاته فليحمد الله(5).

ص: 356


1- التهذيب ،2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 178 . الاستبصار 1 ، 245 - باب ما يمر بين يدي المصلي ، ح 6 وروى صدره إلى قوله ما استطعت وروى ذيله من قوله : وقال : إذا التفت. الخ ، برقم 5 من الباب 244 من نفس الجزء. والدّرء الدفع. ويراد به دفع المار بين يدي المصلي من قبله، وقد مرّت الإشارة إليه أيضاً.
2- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 187 . الاستبصار 1 ، 243 - باب الرعاف ح 5 وفي سند التهذيب : عن سلمة، ، عن أبي حفص، وفي سند الاستبصار: عن مسلم عن أبي حفص والأز، أو الرز الصوت الخفي، وفي البطن ألم فيها.
3- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في 1 - باب أحكام السهو في الصلاة وما ... ، ح 82. الاستبصار ،1، 244 - باب الالتفات في الصلاة إلى الاستدبار، ح 2 والالتفات : أعم من المكروه والحرام .
4- التهذيب ،2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 204 . قال المحقق في الشرائع 92/1: «إذا سُلّم عليه يجوز أن يرد مثل قوله : سلام عليكم، ولا يقول : وعليكم السلام، على رواية». هذا، ولو ترك لرد فهنالك احتمال ببطلان صلاته إذا أتى بشيء من الأذكار أثناء توجه الخطاب بالردّ والمشهور عندنا كراهة السلام على المصلي، وهنالك قول بعدم الكراهة .
5- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 223 بتفاوت .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن معلّى أبي عثمان، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له :أسمع العَطْسَة وأنا في الصلاة فأَحْمَدُ الله وأصلّي على النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) ؟ قال: نعم، وإذا عطس أخوك وأنت في الصلاة فقل : الحمد الله ، وصلِّ على النبيِّ، وإن كان بينك وبين صاحبك اليمّ صلّ على محمّد وآله(1).

213- باب المصلّي يعرض له شيء من الهوامّ فيقتله

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يكون في الصلاة فيرى الحيّة أو العقرب، يقتلهما إن آذیاه؟ قال: نعم(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل يقتل البقّة والبرغوث والقمّلة والذّباب في الصلاة، أينقض صلاته ووضوءه؟ قال : لا(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن الرَّجل يكون قائماً في الصلاة الفريضة، فينسى كيسه أو متاعاً يتخوَّف ضيعته أو هلاكه؟ قال يقطع صلاته، ويحرز متاعه، ثمَّ يستقبل الصلاة، قلت: فيكون في الفريضة فتفلتُ عليه دابّة أو تفلت دابّته فيخاف أن تذهب، أو يصيب منها عنتاً؟ فقال : لا بأس بأن يقطع صلاته(4).

ص: 357


1- الفقيه 1 ، 50 - باب صلاة المريض والمغمى عليه و ...، ج 26 بتفاوت ونقيصة. وقد دل على وجوب رد السلام على المصلّي ولكن بنفس صيغته كما تقدم. وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على القول بوجوب رد السلام على الكفاية في الصلاة وغيرها . بل ذهب بعض الأصحاب إلى جواز رد السلام في الصلاة بالأحسن لعموم الآية : ... فحيوا بأحسن منها أو ردّوها .
2- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 214 .
3- التهذيب ،2 نفس الباب ح 215 . الفقيه ،1 ، 52 - باب المصلي تعرض السباع و ...، ح 4 .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 216 . الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 5 بتفاوت . والعنت : المشقة والتعب الشديد. ويقول المحقق في الشرائع 92/1: يجوز للمصلي أن يقطع صلاته إذا خاف تلف مال أو فرار غريمه أو تردّدي طفل وما شابه ذلك ، ولا يجوز قطع الصلاة اختياراً، أقول : والحكم بعدم جواز قطع الصلاة اختياراً إجماعي عند أصحابنا رضوان الله عليهم كما نص الشهيد رحمه الله في الذكرى على أن من أراد قطع الصلاة في موارد الجواز ليه أن يتحلل بالتسليم مستدلاً بعموم قوله(عليه السلام)في إحدى الروايات وتحليلها التسليم. وفي انطباقها على المورد تأمل وإشكال .

4 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن أبان عن محمّد قال : كان أبو جعفر(عليه السلام) إذا وجد قمّلة في المسجد دفنها في الحصى.

5- محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عمّن ،أخبره ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاماً لك قد أبق، أو غريماً لك عليه مال، أو حيّة تخافها على نفسك، فاقطع الصلاة، واتبع الغلام أو غريماً لك، واقتل الحيّة (1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: إن وجدت قملة وأنت تصلّي فادفنها في الحصى(2).

214- باب بناء المساجد وما يؤخذ منها والحَدَث فيها من النوم وغيره

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبيدة الحذَّاء ؛ قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : من بنى مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنّة، قال أبو عبيدة : فمرَّ بي أبو عبد الله(عليه السلام)في طريق مكّة وقد سوَّيتُ بأحجار مسجداً؟ فقلت له : جُعِلْتُ فِداك، نرجو أن يكون هذا من ذلك؟ فقال : نعم(3).

2 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبَان بن عثمان، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن المسجد يكون في البيت، فيريد أهل البيت أن يتوسّعوا بطائفة منه، أو يُحوّلوه إى غير مكانه ؟ قال : لا بأس بذلك ، قال : وسألته عن المكان يكون خبيثاً ثمَّ ينظّف ويُجعل مسجداً؟ قال : يطرح عليه من التّراب حتّى يواريه، فهو أطهر(4).

ص: 358


1- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 217 . الفقيه 1 ، 52 - باب المصلي تعرض له السباع و... ، ح 7 . وأبق العبد : ذهب بلا خوف أو كد عمل، أو استخفى ثم ذهب والآبق : العبد الهارب من مولاه .
2- التهذيب ،2 نفس الباب ح 208 بسند ،مختلف وفيه وأنت في الصلاة . . . ، بدل : وأنت تصلي . ومحمول على الاستحباب، أو التخيير جمعاً بين الأدلة .
3- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و ...، ح 68. الفقيه 1 ، 37 - باب فضل المساجد وحرمتها وثواب من صلى فيها، ح 27 بتفاوت .
4- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 47 الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 35 بتفاوت وأخرجه عن عبيد الله بن الحلبي عن أبي عبد الله(عليه السلام). وروى ذيله بتفاوت في الاستبصار 1 ، 272 - باب بئر الغائط يتخذ مسجداً، ح .. وأبو الجارود هو زياد بن المنذر.

1 -محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن العيص قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن البَيع والكنايس ، هل يصلح نقضهما لبناء المساجد؟ فقال: نعم(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن المساجد المظلّلة أيُكره الصّلاة فيها؟ قال: نعم، ولكن لا يضرُّكم اليوم، ولو قد كان العدل(2)لرأيتم كيف يصنع في ذلك، قال: وسألته أيعلقّ الرَّجل السِّلاح في المسجد ؟ قال : نعم، وأمّا في المسجد الأكبر(3)فلا ، فإنَّ جدّي نهى فإنّ جدّي نهى رجلاً يبري في مِشْقَصاً(4)في المسجد(5).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج ،عن جعفر بن إبراهيم، عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «من سمعتموه ينشد الشّعر في المساجد، فقولوا : فضَّ الله فاك، إنّما نُصِبَت المساجدُ للقرآن»(6).

6 - الحسن بن عليّ العلويّ، عن سهل بن جمهور ،عن عبد العظيم بن عبد الله العلويّ، عن الحسن بن الحسين العرنيِّ ، عن عمرو بن جميع قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الصّلاة في المساجد المصوِّرة؟ فقال : أكره ذلك، ولكن لا يضرُّكم ذلك اليوم، ولو قد قام العدل رأيتم كيف يصنع في ذلك (7).

ص: 359


1- التهذيب ، نفس الباب، ح 52 . ويقول الشهيد في الذكرى: يجوز اتخاذ المساجد في البيع والكنائس لرواية العيص، والمراد بنقضها، نقض ما لا بد منه في تحقيق المسجد كالمحراب وشبهه ويحرم نقض الزائد لا بتنائها للعبادة، ويحرم أيضاً اتخاذها في ملك أو طريق لما فيه من تغيير الوقف المأمور بإقراره، وإنما يجوز اتخاذها مساجد إذا باد أهلها أو كانوا أهل حرب فلو كانوا أهل ذمة حرم التعرض لها .
2- أي دولة العدل والحق بقيادة الحُجّة عجّل الله فرجه الشريف .
3- المسجد الأكبر : إما المسجد الحرام، أو كل مسجد جامع في بلد ما .
4- المِثْقَص : - كما في القاموس - نصل عريض أو سهم فيه ذلك يرمى به الوحش .
5- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد و . . . ، ح 15 وروى صدره في الفقيه 1 ، 37 - باب فضل المساجد وحرمتها و ...، ح 28 .
6- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 45 . وقد نص أصحابنا على كراهة انشاء الشعر في المساجد، وظاهر الزجر البليغ في هذا الحديث يقوّي إن المراد بالشعر ما كان باطلاً منه ومحرماً ، وإن كان يشمل بعمومه كل أنواعه حتى ما كان في مدائحهم(عليه السلام)، وإن كان يمكن استثناء ما كان كذلك لأنه عبادة فيحمل على أقلية الثواب . وقوله(عليهم السلام): إنما نصبت المساجد للقرآن باعتبار اشتمال الصلاة عليه، أو إنما ذكر على سبيل المثال، أو على سبيل الحصر الإضافي بالنسبة إلى الشعر والحديث مجهول.
7- التهذيب ، نفس الباب، ح 46 وأسنده إلى أبي عبد الله(عليه السلام)والمساجد المصوّرة، أي المزخرفة بالصُّور . والحديث ضعيف .

7 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد ،عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن مسمع أبي سيّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : نهى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) عن رطانة الأعاجم في المساجد(1).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم ،عن أحدهما(عليه السلام)قال : نهى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)عن سلّ السّيف في المسجد، وعن بّرْي النّبل(2)في المسجد قال : إنّما بُني لغير ذلك(3).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب ،عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الوضوء في المسجد؟ فكرهه من الغائط والبول(4).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن وهب، قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن النّوم في المسجد الحرام ومسجد النّبيِّ(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ قال: نعم، فأين ينام النّاس(5).

11 - عنه ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة بن أعين قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): ما تقول في النّوم في المساجد ؟ فقال : لا بأس به إلّا في المسجدين: مسجد النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)والمسجد الحرام ، قال : وكان يأخذ بيدي في بعض اللّيل فينتحّى ناحية ثمَّ يجلس فيتحدَّث في المسجد الحرام، فربّما نام ونمتُ، فقلت له في ذلك، فقال : إنّما يُكره أن ينام في المسجد الحرام الّذي كان على عهد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فأمّا النّوم في هذا الموضع فليس به بأس(6).

12 - جماعة، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن مهران

ص: 360


1- التهذيب ،3 نفس الباب ح 59 بسند مختلف والتراطن كل كلام لا يفهمه إلا من تواضع عليه، دون عامة الناس والحديث ضعيف.
2- بَري النيل : نَحْتُهُ
3- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 44 . ويستفاد من عموم التعليل النهي عن سائر الصناعات في المسجد.
4- التهذيب ،3، نفس الباب ح .39. وفي ذيله : من الغائط والبول.
5- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد و ...، ح 40 وفيه : . . . أين ...، بدل: فأين .... وحمل على الجواز المرجوح أو الاضطرار بقرينة التعليل.
6- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 41 بتفاوت في الذيل. هذا وقد نص أصحابنا على كراهة النوم في المساجد. وهنالك من خص الكراهة بالنوم في المسجدين الأعظمين في مكة والمدينة .

الكرخيّ ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قلت له : الرَّجل يكون في المسجد في الصّلاة فيريد أن يبزق ؟ فقال : عن يساره وإن كان في غير صلاة فلا يبزق حذاء القبلة، ويبزق عن يمينه ويساره(1).

13 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار قال: رأيت أبا جعفر الثّاني(عليه السلام)يَتْفُلُ في المسجد الحرام فيما بين الرُّكن اليمانيّ والحجر الأسود، ولم يدفنه(2).

14 - الحسين بن محمّد رفعه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّي لأكره الصّلاة في مساجدهم؟ (3)فقال : لا تَكْرَه، فما من مسجد بني إلّا على قبر نبيّ أو وصيِّ نبيّ قتل فأصاب تلك البقعة رشّة من دمه، فأحبَّ الله أن يُذْكَرَ فيها، فأدِّ فيها الفريضة والنّوافل، واقضِ فيها ما فاتك(4).

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي أُسامة زيد الشّحام قال : قلت لأبي عبد الله

(عليه السلام) : قول الله عزّ وجلَّ:﴿ لا تقربوا الصلاة وأنتم سُكارى﴾ ؟(5)فقال : سُكْرُ النّوم(6).

16 - جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن ابن سنان، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : ليس يرخّص في النّوم في شيء من الصّلاة(7).

ص: 361


1- التهذيب ،3 نفس الباب، ح 35 وفي ذيله ... وشماله بدل ... ويساره والحديث مجهول، وحمل : على الجواز جمعاً بين الأدلة كما يقول المجلسي في مرآته 249/15
2- الاستبصار 1 ، 273 - باب كراهية أن يبصق في المسجد ، ح 5 التهذيب 3 نفس الباب، ح 37 . وفيهما : تفل بدل يتفل وفي سند التهذيب : محمد بن علي بن مهزيار وحمل على بيان الجواز، أو على خصوصية في بصاقه(عليه السلام)فلا يقاس به غيره .
3- يعني المخالفين .
4- التهذيب 3 ، 25 - باب فضل المساجد و . . . ، ح 43 . ويمكن تخصيصه بالبلاد التي استشهد فيها نبي أو وصي لا مطلق البلاد لئلا ينافي زيادة عدد المساجد على عددهم(عليه السلام)، وكأن سؤال السائل عن تلك البلاد ومساجدها . . . » مرآة المجلسي 249/15 .
5- سورة النساء / 43 .
6- التهذيب 3 نفس ،الباب ، ح 42 . الفقيه 1، 66 - باب وقت صلاة الليل ح 12 بتفاوت وأخرجه عن زكريا النقاض عن أبي جعفر(عليه السلام).
7- يدل على بطلان الصلاة بالنوم وناقضيته في جميع الأحوال.
215- باب فضل الصّلاة في الجماعة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): ما يروي النّاس أنَّ الصَّلاة في جماعة أفضل من صلاة الرَّجل وحده بخمس وعشرين صلاة ؟ فقال : صَدَقوا ، فقلت : الرَّجلان يكونان جماعة؟ فقال: نعم، ويقوم الرَّجل عن يمين الإمام(1).

2 - جماعة ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن محمّد بن يوسف، عن أبيه قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : إِنَّ الجُهنيّ أتى النبيِّ(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : يا رسول الله ، إنّي أكون في البادية ومعي أهلي وولدي وغِلمتيِ(2)، فأؤذّن وأُقيم وأُصلّي بهم، أفجماعة نحن؟ فقال: «نعم» ، فقال : يا رسول الله :فقال : يا رسول الله ، إنَّ الغِلْمَةَ يتبعون قَطْرَ السّحاب(3)وأبقى أنا وأهلي وولدي، فأُؤذّن وأُقيم وأُصلّي بهم، فجماعة نحن؟ فقال: «نعم» ، فقال : يا رسول الله ، فإنَّ وُلدي يتفرَّقون في الماشية وأبقى أنا وأهلي فأُؤذّن وأقيم وأُصلّي بهم، أفجماعة أنا؟ فقال: «نعم»، فقال: يا رسول الله، إنَّ المرأة تذهب في مصلحتها فأبقى أنا وحدي ، فأُؤذّن وأُقيم فأُصلّي أفجماعة أنا؟ فقال: «نعم، المؤمن وحده جماعة» (4).

3 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبدالله، عن أبيه(عليه السلام)قال: قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) : « من صلّى الخمس في جماعة فظنّوا به خيراً»(5).

4 - جماعة ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): أما يستحيي الرَّجل منكم أن تكون له الجارية فيبيعها ،فتقول: لم يكن يحضر الصلاة(6).

ص: 362


1- التهذيب 3 ، 2 - باب فضل الجماعة ، ح 1 .
2- جمع الغلام ، والمقصود بهم الخَدَم والعبيد .
3- القطر المطر، جمع قطرة .
4- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد .و. ، ح 69 . والحديث مجهول. ويدل على جواز إمامة الأعرابي في الصلاة . ولعل الوجه في كون المؤمن وحده ،جماعة، ما ذكره الصدوق في الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها، قبيل الحديث رقم 6 حيث قال : وإذا لم يحضر المسجد أحد فالمؤمن وحده جماعة ، لأنه متى أذن وأقام صلى خلفه صفان من الملائكة، ومتى أقام ولم يؤذن صلى خلفه صف واحد أو يكون المعنى : إن الله سبحانه تفضّل عليه بثواب الجماعة ولو صلّى وحده .
5- الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها، ح 3 مرسلاً بتفاوت والحديث ضعيف على المشهور.
6- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد و...، ح 70 قوله(عليه السلام): يحضر الصلاة، أي جماعة، والحديث ضعيف على المشهور.

5- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : كنت جالساً عند أبي جعفر(عليه السلام)ذات يوم، إذ جاءه رجل فدخل عليه فقال له : جُعِلْتُ فِداك إنّي رجلٌ جار مسجد لقومي ، فإذا أنا لم أصلّ معهم وقعوا فيَّ(1)وقالوا : هو هكذا وهكذا؟(2)فقال : أمّا لئن قلت ذاك، لقد قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : من سمع النداء فلم يُجِبُهُ من غير علّة فلا صلاة له(3)، فخرج الرَّجل، فقال له : لا تدع الصّلاة معهم(4)وخلف كل إمام ، فلمّا خرج قلت له : جُعِلْتُ فِداك ، كَبُر عليَّ قولك لهذا الرَّجل حين استفتاك، فإن لم يكونوا مؤمنين ؟ قال : فضحك(عليه السلام)ثمَّ قال : ما أراك بعد إلّا هاهنا (5)يا زرارة، فأيّة علّة تريد أعظم من أنّه لا يأتمُّ به ، ثمَّ قال : يا زرارة، أما تراني قلت: صلّوا في مساجدكم وصلّوا مع أئمّتكم .

6 - حمّاد، عن حريز عن زرارة ؛ والفضيل قالا : قلنا له : الصّلوات في جماعة، فريضة هي ؟ فقال : الصّلوات فريضة، وليس الاجتماع بمفروض في الصّلاة كلّها، ولكنّها سُنّة، ومن تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علّة فلا صلاة له(6).

7 - الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلّى بن محمّد عن الوشّاء، عن عن المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال : ليكن الّذين يَلُون الإمام أُولي الأحلام منكم والنُّهي(7)، فإن نسي الإمام أو تعايا قوّموه، وأفضل الصّفوف أوَّلها، وأفضل أوَّلها ما دنا من الإمام، وفضل صلاة الجماعة على صلاة الرَّجل فذّا(8)خمس وعشرون درجة في الجنّة(9).

8 - علي بن محمّد، عن سهل بن زياد بإسناده قال : قال : فَضْلُ ميامن الصّفوف على

ص: 363


1- أي اغتابوني .
2- أي رافضي، معاند.
3- أي لا صلاة كاملة له من حيث الثواب .
4- أي مع المخالفين.
5- أي لا يعلم التورية عند التقية مرآة المجلسي 253/15
6- التهذيب 2 ، 2 - باب فضل الجماعة ، ح 2 . «قوله(عليهم السلام): فلا صلاة له : أي كاملة أو صحيحة إذا كان منكراً لفضلها» مرآة المجلسي 253/15.
7- أولو النهى : أولو العقول، سميت العقول بذلك لأنها تنهى أصحابنا عن القبيح . «وقال المازني : هو من عطف الشيء على نفسه مع اختلاف اللفظ للتأكيد ، وقيل : أولو الأحلام: البالغون وهو عطف المغاير، فيكون الأحلام جمع الحُلُم وهو ما يراه النائم، فيستفاد منه كراهة تمكين الصبيان في الصف الأول، كما أن على الأول يستفاد منه كراهة قيام الجهَّال فيه مع وجود العلماء» مرآة المجلسي 253/15 .
8- فذاً أي فرداً وانفذ انفرد.
9- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و ... ، ح 71 والحديث ضعيف على المشهور.

مياسرها، كفضل الجماعة على صلاة الفرد .

9 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يُحْسَبُ لك إذا دخلت معهم(1)وإن لم تقتد بهم ، مثل ما يُحْسَبُ لك إذا كنت مع من تقتدي به .

216- باب الصلاة خلف من لا يُقْتَدى به

1 - محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال،عن ابن بكير، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أكون مع الإمام فأفرغ من القراءة قبل أن يفرغ؟ قال : أُبْقِ آية، ومجّد الله واثن عليه، فإذا فرغ فاقرأ الآية واركع(2).

2 - عنه ، عن أحمد، عن عبد الله بن محمّد الحجّال، عن ثعلبة ، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الصّلاة خلف المخالفين ؟ فقال : ما هم عندي إلّا بمنزلة الجُدُر(3).

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عمّن سأل أبا عبد الله(عليه السلام)قال : أُصلّي خلف من لا أقتدي به، فإذا فرغت من قراءتي ولم يفرغ هو؟ قال: فسبّح حتّى يفرغ .

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا صلّيت خلف إمام لا تقتدي به، فاقرأ خلفه، سمعت قراءته أو لم تسمع(4).

ص: 364


1- أي من أئمة المخالفين. وقال المجلسي في مرآته 254/15 عن هذا الحديث : مجهول، وبالباب التالي أنسب .
2- التهذيب 3 3 باب أحكام الجماعة وأقل الجماعة وصفة ...، ح 47. وفيه: فأمسك ...، بدل: فابق . . . . هذا، والظاهر أن أصحابنا رضوان الله عليهم مجمعون على وجوب القراءة على من اقتدى بإمام ليس أهلا للإمامة لفسقه أو غيره، ولا يجب عليه الجهر بها في الصلاة الجهرية، ولو لم يتمكن من قراءة السورة اكتفى بقراءة الفاتحة وحدها، ولو لم يمكنه الإمام من إكمال الفاتحة بهويه إلى الركوع فهنالك عندهم قولان، قول بأنه يتمها في ركوعه وقول بسقوط ما تبقى منها للاضطرار.
3- التهذيب ،3 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و ...، ح 74. والجُدر : جمع الجدار، وهذا كناية عن عدم الاعتداد بقراءتهم وصلاتهم، «ولا يضر قربهم ويحتمل أن يكون المراد النهي عن الاقتداء بهم» مرآة المجلسي 255/15 .
4- التهذيب 3 ، 3 - باب أحكام الجماعة و ...، ج 37 . الاستبصار 1، 263 - باب وجوب القراءة خلف من لا يقتدى به ، ح 1 .

5- عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزيار، عن أبي عليِّ بن راشد قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): إنَّ مواليك قد اختلفوا (1)، فأُصلّي خلفهم جميعاً؟ فقال : لا تصلِّ إلّا خَلْف من تثق بدينه، ثمَّ قال : ولي موال فقلت أصحاب، فقال مبادراً قبل أن أستتمّ ذكرهم : لا(2)، يأمرك عليُّ بن حديد بهذا - أو(3)هذا ممّا يأمرك به عليُّ بن حديد- ، فقلت : نعم (4).

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): إنَّ أناساً رووا عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، أنّه صلّى أربع ركعات بعد الجمعة لم يفصل بينهنَّ بتسليم؟ فقال يا زرارة إن أمير المؤمنين(عليه السلام)صلى خلف فاسق ، فلمّا سلّم وانصرف، قام أمير المؤمنين صلوات الله عليه فصلى أربع ركعات لم يفصل بينهنّ بتسليم، فقال له رجل إلى جنبه يا أبا الحسن صليت أربع ركعات لم تفصل بينهنَّ ؟ فقال : إنها أربع ركعات مشبهات(5)، وسكت، فوالله ما عقل ما قال له(6).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): جُعِلْتُ فداك، إنّا نصلّي مع هؤلاء يوم الجمعة، وهم يصلّون في الوقت فكيف نصنع؟ فقال صلّوا معهم، فخرج حمران إلى زرارة فقال له : قد أمرنا أن نصلّي معهم بصلاتهم، فقال زرارة ما يكون هذا إلّا بتأويل، فقال له حمران قم حتّى تسمع منه ، قال : فدخلنا عليه ، فقال له زرارة : جُعِلْتُ فِداك ، إِنَّ حمران زعم أنّك أمرتنا أن نصلّي معهم فأنكرتُ ذلك؟ فقال لنا : كان عليُّ بن الحسين صلوات الله عليهما يصلّي معهم الرَّكعتين، فإذا فرغوا، قام فأضاف إليهما ركعتين .

ص: 365


1- أي في الآراء والاتجاهات الفكرية وربما في بعض الأحكام والاعتقاديات، ويفهم من بعض الروايات أنه كان هنالك أصحاب هشام بن الحكم، وأصحاب يونس بن عبد الرحمن وأصحاب علي بن حديد . وهكذا .
2- هذا نهي عن ذكرهم بالتفصيل .
3- الترديد من الراوي. وقوله(عليه السلام): لي موال : إخبار منه(عليه السلام)وليس استفهاماً .
4- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و ...، ح 75 وفيه إلى قوله : من تثق بدينه، وزاد فيه : وأمانته . والحديث ضعيف على المشهور
5- إما بفتح الباء، والمعنى مشتبهات لا يُعرف وجهها أو بكسر الباء والمعنى أنها مما توقع الناس في شبهة عدالة الإمام وهذا ما قصده(عليه السلام)بفعله وإن فهم البعض منه غيره أو لم يفهم شيئا .
6- التهذيب 3 ، نفس الباب ، ح 76 بتفاوت ح 76 بتفاوت يسير جداً .
217- باب من تُكْرَهُ الصلاة خلفه والعبد يَوْمُ القوم ومن أحقُّ أن يُؤم

1 - جماعة ، عن أحمد بن محمّد، عن عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : خمسة لا يَؤمّون النّاس على كلِّ حال: المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزِّنا والأعرابي(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النّوفليِّ . عن أبيه، عن النّوفليِّ ، عن السّكوني ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : لا يؤمَّ المقيّدُ المطلّقين ، ولا يؤمَّ صاحبُ الفالج الأصحّاء، ولا صاحب التيمّم المتوضّئين، ولا يؤمَّ الأعمى في الصحراء إلّا أن يُ-وَجَّه إلى القبلة(2).

3 - وبهذا الإسناد، في رجلين اختلفا، فقال أحدهما: كنتُ إمامَك، وقال الآخر: أنا كنتُ إمامك ، فقال : صلاتهما تامّة، قلت: فإن قال كلُّ واحد منهما : كنت أنتمُّ بك؟ قال : صلاتهما فاسدة وليستأنفا(3).

ص: 366


1- الاستبصار 1 ، 256 - باب الصلاة خلف المجذوم والأبرص ، ح 1 . التهذيب 3 ، 3 - باب أحكام الجماعة وأقل الجماعة و ... ، ح 4. الفقيه ،1، 56 - باب الجماعة وفضلها ، ح 15 بتفاوت وأخرجه عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام). والأعرابي : من كان من سكان البادية بعيداً عن حواجز الإسلام حيث لم يتأدب بآداب الدين ولم يثقف بثقافته ولم يتعلم أحكام شريعته وهذا وأمثاله هم المقصودون بقوله تعالى : ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا ..﴾ الآية. وقد كره أصحابنا إمامة المجذوم والأبرص والأعرابي ، وإن حرم بعض الأصحاب إمامة الأخير عملا بظاهر النهي، قال الشهيد الثاني تعليقاً على ذلك: ويمكن أن يريد به من لا يعرف محاسن الإسلام وتفاصيل الأحكام منهم المعني بقوله تعالى : ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا و..﴾، أو على من عرف ذلك وترك المهاجرة مع وجوبها عليه، فإنه حينئذ يمتنع إمامته لإخلاله بالواجب من التعلم والمهاجرة . وروى في الفقيه 1 ، . 56 - باب الجماعة وفضلها، ح 15 ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلّون بهم صلاة فريضة في جماعة : الأبرص والمجذوم وولد الزنا والأعرابي حتى يهاجر والمحدود. ويقصد بالمحدود من أقيم عليه الحد الشرعي . هذا وقد ادعى الشهيد الأول في الذكرى الإجماع على اشتراط طهارة مولد إمام الجماعة فلا تصح إمامة ولد الزنا وإن كان عدلاً بشرط ثبوت كونه ولد زنا .
2- التهذيب 3 نفس الباب ح 6 الفقيه ،1 نفس الباب ح 18 وروى صدر الحديث بتفاوت يسير عن الصادق(عليه السلام). والمقيد : المكبّل بالقيود أو المربوط بالحبال، وذلك لعدم حرية الحركة عنده فلا يتمكن من الإتيان بأفعال الصلاة على وجهها المطلوب، وكذلك صاحب الفالج ..
3- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 98 الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 33 بتفاوت. والضمير في : فقال، يرجع إلى أبي عبد الله(عليه السلام)والظاهر أن السؤال منصب على صحة الصلاة من جهة قصد الإمامة أو قصد المأمومية فكان جوابه(عليه السلام)دالا على عدم فساد صلاتهما في صورة قصدهما الإمامة، وعلى فسادها في صورة قصدهما المأمومية ، ولا بد من تقييد الحكم بالصحة في الصورة الأولى بما إذا لم يأت أي منهما بما يبطل صلاة المنفرد، وإلا لحكم بالبطلان أيضاً. وقال المحقق في الشرائع 123/1 : «ولو صلّى اثنان فقال كل واحد منهما كنت إماماً ، صحت صلاتهما ولو قال كنت مأموماً لم تصح صلاتهما، وكذا لو شكا فيما اضمراه».

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قلت له : الصلاة خلف العبد؟ فقال : لا بأس به إذا كان فقيهاً، ولم يكن هناك أفقه منه، قال : قلت : أصلّي خلف الأعمى؟ قال: نعم، إذا كان له من يسدِّده(1)، وكان أفضلهم، قال: وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): لا يُصَلِّيَنَّ أحدُكُم خلف المجذوم، والأبرص، والمجنون، والمحدود، وولد الزِّنا، والأعرابي لايؤمَّ المهاجرين(2).

5 - عليُّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن القوم من أصحابنا يجتمعون فتحضر الصلاة، فيقول بعضهم لبعض : تقدَّم يا فلان؟ فقال : إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال : «يتقدَّم القوم أَقْرَأْهُمْ للقرآن، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمُهُم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرُهُم سِنّا ، فإن كانوا في السنِّ سواء، فليؤمّهم أعلمُهُم بالسنَّة، وأفقههم في الدِّين، ولا يتقدمنَّ أحدُكُم الرَّجلَ في منزله، ولا صاحب [ال-] سلطان في سلطانه»(3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا بأس بالغلام الّذي لم يبلغ الحُلُمَ أن يؤم القوم، وأن يؤذِّن(4).

218- باب الرجل يؤمّ النساء والمرأة تؤمّ النساء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن

ص: 367


1- اي يوجهه إلى القبلة.
2- روى قول أمير المؤمنين مرسلاً في الفقيد 1، 56 - باب الجماعة وفضلها ، ح 16 . «واختلف الأصحاب في إمامة العبد، فقال الشيخ في الخلاف وابن الجنيد وابن ادريس إنها جائزة، عملا بمقتضى الأصل والعمومات وصحيحة محمد بن مسلم الوسائل (200/5 ، 02 . وقال الشيخ في النهاية والمبسوط : لا يجوز أن يؤم ح الأحرار، ويجوز أن يؤم مواليه إذا كان أقرأهم وأطلق ابن حمزة أن العبد لا يؤم الحر، واختاره العلامة في النهاية لأنه ناقص فلا يليق بهذا المنصب الجليل. وقال ابن بابويه في المقنع : لا يؤم العبد إلا أهله تعويلا على رواية السكوني (الوسائل 201/5 ، ح 4 ). وهي قاصرة من حيث السند والأحوط الترك إلا مع الضرورة. وفي الخبر دلالة على تقديم الأعلم، والمراد بالأفضل أيضاً الأعلم أو الأعم منه ومن الأتقى والأورع . وقال الشيخ بوجوب تقديم الأعلم، لقبح تفضيل المفضول، وأجاب العلامة عنه بأن هذا في الرياسة الكبرى... الخ »مرآة المجلسي 260/15 .
3- التهذيب 3 ، 3 - باب أحكام الجماعة وأقل الجماعة . . . . ، ح 25 . والمراد بالأقرأ : الأجود قراءة . وقيل : الأكثر حفظاً، والأحسن لهجة والأقدم هجرة الأسبق من دار الحرب هجرة ، أو يكون من أولاد من سبقت هجرته منها .
4- والمشهور عند أصحابنا أن البلوغ شرط في صحة الإمامة، وذكر في المنتهى نفي الخلاف فيه بينهم. ولكن في المبسوط والخلاف وغيرهما جواز إمامة المراهق المميز العاقل واستدل عليه في الخلاف بالإجماع. وقد نسب الشهيد الأول في الذكرى هذا الرأي إلى الجعفي. وقد منع الشهيد الأول في اللمعة من إمامة الصبي إلا أن يؤم مثله أو في نافلة . وعلق الشهيد الثاني في الروضة على ذلك بقوله : وهو يتم مع كون صلاته شرعية لا تمرينية .

أبي العباس قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يؤمُّ المرأة في بيته؟ فقال: نعم، تقوم وراءَه(1).

2 - جماعة ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن ابن سنان، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن المرأة تؤمُّ النساء؟ فقال : إذا كنَّ جميعاً أمتهنَّ في النافلة، فأمّا المكتوبة فلا ولا تَقَدَّمَهُنَّ، ولكن تقوم وسطاً منهنَّ(2).

3 - أحمد ، عن الحسين، عن فضالة، عن حمّاد بن عثمان، عن إبراهيم بن ميمون ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل يؤمُّ النساء ليس معهنَّ رجل في الفريضة؟ قال: نعم، وإن كان معه صبيُّ فليَقُمْ إلى جانبه(3).

219- باب الصلاة خلف من يُقتَدى به والقراءة خَلْفَه وضمانه الصلاة

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الصلاة خلف الإمام، أقرأ خَلْفَه ؟ فقال : أمّا الصلاة الّتي لا يجهر فيها بالقراءة، فإنَّ ذلك جُعِلَ إليه، فلا تقرأ خلفه، وأمّا الصلاة الّتي يجهر فيها، فإنّما أمِرَ بالجهر ليُنْصِتَ من خلفه، فإن سمعت فأنْصِتْ ، وإن لم تسمع فاقر(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبيّ ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا صلّيت خلف إمام تأتمُّ به، فلا تقرأ خلفه، سمعت قراءته أو لم

ص: 368


1- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد و ...، ح 77 . والعمل بمضمونه إجماعي عند أصحابنا رضوان الله عليهم .
2- التهذيب ، نفس الباب ، ح 88 وبرقم 34 من الباب 22 من نفس الجزء أيضاً بسند مختلف وتفاوت. الاستبصار 1 ، 261 - باب المرأة تؤم النساء . ح . وقريب منه في الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها، ح 86. قال المحقق في الشرائع 124/1 : ويشترط الذكورة، إذا كان المأمومون ذكرانا، أو ذكراناً وأناثاً، ويجوز أن تؤم المرأة النساء وكذا الخنثى، ولا تؤم المرأة رجلاً ولا خنثى. أقول: هذا هو المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم ، وإن ذهب ابن الجنيد ووافقه صاحب المدارك وصاحب المختلف إلى المنع عن إمامة المرأة في صلاة الفريضة وجوازه في النافلة وصلاة الميت إذا لم يكن أحد أولى بالميت منها حيث تقف وسطهن في الصف.
3- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد و ...، ح 87 - الفقيه 1 ، 56 - باب الجماعة وفضلها ، ح 77 .
4- التهذيب 3 ، 3 - باب أحكام الجماعة وأقلّ ...، ح 26 . الاستبصار 1، 262 - باب القراءة خلف من يقتدى به ، ح 1 .

تسمع، إلّا أن تكون صلاة يجهر فيها ولم تسمع فاقرأ(1).

3 - عليُّ ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز عن زرارة ،عن أحدهما(عليهم السلام)قال : إذا كنت خلف إمام تأتمُّ به فأنصت وسبّحْ في نفسك(2).

4 - وعنه ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن قتيبة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كنت خلف إمام ترتضي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة، فلم تسمع قراءته، فاقرأ أنت لنفسك، وإن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ(3).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن حديد ، عن جميل، عن زرارة قال: سألت أحدهما(عليهم السلام)عن الإمام يضمّن صلاة القوم؟ قال : لا(4).

6 - محمّد ،عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة؛ و محمد بن مسلم قالا : قال أبو جعفر(عليه السلام): كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : من قرأ خلف إمام يأتمُّ به فمات، بُعث على غير الفطرة(5).

220- باب الرجل يصلّي بالقوم وهو على غير طهر أو لغير القبلة

1-عليُّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرجل أمَّ قوماً وهو على غير طهر، فأعلمهم بعدما صلّوا؟ فقال: يعيد هو ولا يعيدون .

2 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)

ص: 369


1- التهذيب ، نفس الباب ، ح 27 . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 2. الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها، ح 66 بتفاوت يسير .
2- التهذيب ،3 نفس الباب، ح 28 . الاستبصار 1، نفس الباب، ح 3.
3- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 29 . الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح4 . الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 67 بتفاوت يسير عن عبيد بن زرارة.
4- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد و . . . ، ح 89. ولعل المراد أنه لا يضمن سوى القراءة من أفعال الصلاة ولا يتحملها عن المأمومين أو المراد بفقد شرط وجود مبطل في صلاة الإمام لا يبطل صلاة المأمومين لأنه ليس بضامن لصلاتهم كما يظهر من الخبر الآخر المتفق معه سندا مرآة المجلسي 15 265 - 266 . والحديث ضعيف.
5- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و . . . ، ح 90 . الفقيه 1 ، 56 - باب الجماعة وفضلها، .. 1، - ح 65 .

في الأعمى يؤمُّ القوم وهو على غير القبلة، قال: يعيد ولا يعيدون، فإنّهم قد تحرّوا(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن حديد، عن جميل، عن زرارة قال: سألت أحدهما(عليهم السلام)عن رجل صلّى بقوم ركعتين، فأخبرهم أنّه لم يكن على وضوء؟ قال : يتمُّ القوم صلاتهم، فإنّه ليس على الإمام ضمان(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال، وكان يَوْمُهُم رجلٌ، فلمّا صاروا إلى الكوفة، علموا أنّه يهوديُّ ؟ قال : لا يعيدون(3).

221- باب الرجل يصلّي وحده ثم يعيد في الجماعة أو يصلّي بقوم وقد كان صلى قبل ذلك

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)في الرَّجل يصلّي الصلاة وحده ثمَّ يجد جماعة ، قال : يصلّي معهم، ويجعلها الفريضة(4).

2 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب،

ص: 370


1- التهذيب ، نفس الباب ح 91 . وفيه : فإنّهم تحرّوا . والتحرّي : بذل الجهد في التقصي عن جهة القبلة.
2- التهذيب ، نفس الباب، ح 92 . الاستبصار 1 ، 270 - باب الإمام إذا سلّم ينبغي له أن لا مكانه يبرح من حتى ... ، ح 4 بتفاوت يسير الفقيه 1 ، نفس الباب . ح 117 بتفاوت قوله(عليه السلام): ليس على الإمام ضمان، يدل على أن صلاتهم غير تابعة لصلاته وإلا لحكم بالبطلان كما حكم ببطلان صلاته هو. والحديث ضعيف . هذا، ويقول المحقق في الشرائع 125/1 : «إذا ثبت أن الإمام فاسق أو كافر أو على غير طهارة بعد الصلاة، لم تبطل صلاة المؤتم، ولو كان عالماً أعاد ، ولو علم في أثناء الصلاة، قيل : يستأنف ، وقيل : ينوي الانفراد ويتم، وهو الأشبه» .
3- التهذيب 3 3 - باب أحكام الجماعة وأقلّ ...، ح 53 . الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها، ح 110 بتفاوت يسير وأخرجه عن كتاب زياد بن مروان القندي عن نوادر بن أبي عمير
4- التهذيب ، نفس الباب، ح 88 الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 42 بتفاوت وأخرجه عن هشام بن سالم عن الصادق(عليه السلام). هذا، ومما لا خلاف فيه بين الأصحاب استحباب إعادة من صلى منفرداً صلاته جماعة إماماً كان أو مأموماً، يقول المحقق في الشرائع 124/1 : ويستحب أن يعيد المنفرد صلاته إذا وجد من يصلي تلك الصلاة جماعة إماماً كان أو مأموما . وأما فيما لو صلى جماعة ثم وجد جماعة أخرى وأدركها فهل له أن يعيدها جماعة مرة أخرى؟ فيه خلاف فالشهيد في الذكرى حكم باستحباب الإعادة للعمومات واستشكل في ذلك صاحب المدارك بأن أكثر الروايات مخصوصة بمن صلى منفرداً ، ولذا استظهر عدم الاستحباب ، وأما الشهيدان فقد جوّزا الإعادة في هذه الصورة أيضاً .

أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أُصلّي ثمَّ أدخل المسجد فتقام الصلاة وقد عن صلّيتُ ؟ فقال : صلِّ معهم ، يختار الله أحبّهما إليها(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل دخل المسجد وافتتح الصلاة، فبينا هو قائم يصلّي إذ أذَّن المؤذِّن وأقام الصلاة؟ قال : فليصلِّ ركعتين، ثمَّ ليستأنف الصلاة مع الإمام، ولتكن الرَّكعتان تطوُّعاً(2).

4 - جماعة ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ،عن يعقوب بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن(عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك، تحضر صلاة الظهر فلا نقدر أن ننزل في الوقت حتّى ينزلوا وننزل معهم فنصلّي، ثمَّ يقومون فيسرعون ، فنقوم فنصلّي العصر ونريهم كأنّا نركع(3)، ثمَّ ينزلون للعصر فَيُقَدِّمونا فنصلّي بهم؟ فقال: صلَّ بهم، لا صلّى الله عليهم(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل قال : كتبت إلى أبي الحسن(عليه السلام)أنّي أحضر المساجد مع جيرتي وغيرهم، فيأمرونّي بالصلاة بهم وقد صلّيت قبل أن آتيهم ، وربّما صلّى خلفي من يقتدي بصلاتي، والمستضعف، والجاهل(5)، وأكره أن أتقدَّم وقد صلّيت بحال(6)من يصلّي بصلاتي ممّن سمّيت لك، فمُرْني في ذلك بأمرك أنتهي إليه وأعمل به إن شاء الله؟ فكتب(عليه السلام)صلّ بهم(7).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: من صلّى معهم(8)في الصفِّ الأوَّل، كان كمن صلّى خلف رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)(9).

ص: 371


1- التهذيب 3 ، 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها . . . . ، ح 96 . قوله(عليه السلام): يختار الله أحبهما إليه : فيه إشعار بأن صلاته فرادى قد تكون أفضل من الصلاة جماعة معهم أو مع غيرهم.
2- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 112 . والحديث صحيح ، ويدل على جواز العدول من الفريضة إلى النافلة لمكان الجماعة وهو ما عليه أصحابنا رضوان الله عليهم.
3- أي كأنا نصلّي نافلة وهي ركعتان بعد الظهر عند المخالفين. وننويها عصراً .
4- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد و . . . ، ح 97 .
5- أي الجاهل للحق من المخالفين.
6- متعلق بقوله : أكره ، والمعنى : أن كراهتي الصلاة وقد صلّيت إنما هي لأجل الشيعة ممن يقتدي بي، لا من أجل المعاندين للحق ولا المستضعفين .
7- التهذيب 3 3 - باب أحكام الجماعة وأقل . . . ، ح 86 .
8- أي مع المخالفين .
9- الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها ، ح .36 بزيادة في الذيل هي : في الصف الأول.

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال :سألته عن رجل كان يصلّي ، فخرج الإمام وقد صلّى الرّجل ركعة من صلاة فريضة؟ فقال: إن كان إماماً عدلاً فليصلّ أُخرى، وينصرف ويجعلهما تطوُّعاً، وليدخل مع الإمام في صلاته كما هو، وإن لم يكن إمام عَدْل، فليبن على صلاته كما هو، ويصلّي ركعة أخرى معه يجلس قدر ما يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)، ثمَّ ليتمَّ صلاته معه على ما استطاع، فإنَّ التقيّة واسعة وليس شيء من التقيّة إلا وصاحبها مأجور عليها إن شاء الله(1).

8- جماعة عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن الهيثم بن واقد، عز الحسين بن عبد الله الأرجانيِّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : من صلّى في منزله، ثمَّ أتى مسجد من مساجدهم فصلّى معهم، خرج بحسناتهم(2).

222- باب الرجل يدرك مع الإمام بعض صلاته وَيُحْدِثُ الإمامُ فيقدّمه

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الرَّجل يدرك الرِّكعة الثانية من الصلاة مع الإمام، وهي له الأُولى ، كيف يصنع إذا جلس الإمام؟ قال : يتجافى، ولا يتمكّن من القعود، فإذا كانت الثالثة للإمام وهي له الثانية ، فليلبث قليلاً إذا قام الإمام بقدر ما يتشهّد، ثمَّ يلحق بالإمام . قال : وسألته عن الّذي يدرك الرَّكعتين الأخيرتين من الصلاة، كيف يصنع بالقراءة؟ فقال : إقرأ فيهما، فإنّهما لك الأوليان ولا تجعل أوَّل صلاتك آخرها(3).

ص: 372


1- التهذيب ، نفس الباب، ح 89 الخبر يدل على وجوب الشهادتين الكبيرتين في التشهد لعدم الاكتفاء بالصغيرتين مع ضيق الوقت وعلى الاكتفاء بهذه الصلاة فيه وعلى استحباب التسليم مع الصلاة وإن التسليم على النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)لا يبطل الصلاة .... مرآة المجلسي 271/15
2- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد و ...، ح 98 . الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها، ح 119 بتفاوت قوله بحسناتهم، أي بحسنات المخالفين التقديرية لا التحقيقية . والحديث مجهول.
3- التهذيب 3 3 - باب أحكام الجماعة و ...، ج 71. الاستبصار 1، 267 - باب من فاتته مع الإمام ركعة أو ح رکعتان، ح .2 . قوله(عليه السلام): يتجافى : أي يرفع ركبتيه ويجلس على القدمين جلسة المتحفز. قوله(عليه السلام): ولا تجعل أول صلاتك آخرها : أي إذا لم تقرأ في الأخيرتين مع الإمام، وعليك أن تسبح في الأخيرتين أيضاً فيكون أول صلاتك تسبيحاً كآخرها، ولذا فاقرأ في الركعتين الأخيرتين له والأولتين لك وسبح في الباقيتين ليختلف أول صلاتك عن آخرها. هذا وقد استقرب العلامة في المنتهى استحباب القراءة في هذه الصورة، كما نقل عن بعض أصحابنا الوجوب لثلا تخلو الصلاة من القراءة والحديث صحيح .

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا لم تدرك تكبيرة الرَّكوع، فلا تدخل في تلك الرّكعة(1).

3 - عليُّ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن [محمّد بن] أبي نصر، عن الميثميّ، عن إسحاق بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك ، يسبقني الإمام بالرّكعة، فتكون لي واحدة وله ثنتان، فأتشهّد كلّما قعدت؟ فقال: نعم، فإنّما التشهّد بَرَكَة (2).

4 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان ، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : إذا سبقك الإمام بركعة فأدركت القراءة الأخيرة، قرأت في الثالثة من صلاته، وهي ثنتان لك، وإن لم تدرك معه إلّا ركعة واحدة قرأت فيها وفي الّتي تليها، وإن سبقك بركعة، جلست في الثانية لك والثالثة له حتّى تعتدل الصّفوف قياماً قال : وقال : إذا وجدت الإمام ساجداً فاثْبُتْ مكانَكَ حتّى يرفع رأسه ، وإن كان قاعداً قعدت، وإن كان قائماً قمتَ (3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا أدركت الإمام قد ركع، فكبّرت وركعت قبل أن يرفع رأسه، فقد أدركت الركعة فإن رفع الإمام رأسه قبل أن تركع، فقد فاتتك الرَّكعة(4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن النعمان، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل إذا أدرك الإمام هو راكعٌ فكبّر وهو مقيم صُلْبَه ، ثمَّ ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه، فقد أدرك(5).

ص: 373


1- لا خلاف بين أصحابنا في أن الركعة في الجماعة إنما تدرك بإدراك تكبير الركوع بأن يركع مع الإمام. ولكن لو لم يدرك تكبيرة الركوع مع الإمام بل يجتمع مع الإمام في حد الركوع، فالمشهور أنه يدرك تلك الركعة ، وهنالك قول بأنه لا يدرك الركعة في هذه الحال، والمستند له هذه الرواية
2- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد و ...، ح 99 والميثمي هو يعقوب بن شعيب، وقد يطلق على محسن أيضاً .
3- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد و . . . ، ح 100 .
4- التهذيب 3 3 - باب أحكام الجماعة وأقل .. 0 ، ح 65 . الاستبصار 1، 266 - باب من لم يلحق تكبيرة الركوع ، ح 5 وليس في ذيله كلمة الركعة . الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها ، ح 59 بتفاوت . قال المحقق في الشرائع 125/1 : إذا دخل والإمام راكع وخاف فوت الركوع ركع ، ويجوز أن يمشي في ركوعه حتى يلحق بالصف. ولا خلاف بين أصحابنا في العمل بما تضمنه الحديث.
5- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 64. الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح4. وفي الذيل فيهما زيادة هي : الركعة .

7- محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يأتي المسجد وهم في الصّلاة، وقد سبقه الإمام بركعة أو أكثر، فيعتلّ الإمام فيأخذ بيده فيكون أدنى القوم إليه فيقدِّمه ؟ فقال : يتمُّ صلاة القوم، ثمَّ يجلس، حتّى إذا فرغوا من التشهّد أومأ إليهم بيده عن اليمين والشمال، فكان الّذي أومأ إليهم بيده التسليم وانقضاء صلاتهم، وأتمَّ هو ما كان فاته أو بقي عليه(1).

8 - عنه ، عن الفضل ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): رجلٌ دخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة، فأحدث إمامهم، فأخذ بيد ذلك الرَّجل فقدَّمه فصلّى بهم، أيجزيهم صلاتهم بصلاته وهو لا ينويها صلاةً؟ فقال : لا ينبغي للرَّجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة، بل ينبغي له أن ينويها صلاة، فإن كان قد صلّى فإنَّ له صلاةً أخرى وإلّا فلا يدخل معهم،قد يجزىء عن القوم صلاتهم وإن لم ينوها(2)

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل أمَّ قوماً فصلّى بهم ركعة، ثمَّ مات؟ قال: يقدِّمون رجلاً آخر، ويعتدُّون بالرَّكعة، ويطرحون الميّت خلفهم، ويغتسل من مسّه(3).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ،عن مروك بن عبيد، عن أحمد بن النّضر ،عن رجل، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال : أيُّ شيء يقول هؤلاء في الرَّجل الّذي يفوته مع الإمام ركعتان؟ قلت :يقولون : يقرأ فيهما بالحمد وسورة فقال : هذا يقلّب صلاته يجعل أوَّلها آخِرَها، قلت : كيف يصنع ؟ قال : يقرأ فاتحة الكتاب في كلِّ ركعه(4).

ص: 374


1- التهذيب 3 نفس الباب ، ح 56 . الاستبصار 1 ، 265 - باب الإمام إذا أحدث فقدّم من . . . ، ح 1 . الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 82 بتفاوت يسير في الجميع. وقد دل الحديث على جواز التقديم في هذه الحالة، وذهب بعض أصحابنا إلى أنه على نحو الوجوب انطلاقا من ظهور بعض الأخبار فيه والمشهور عندنا عدم الوجوب .
2- التهذيب 3 3 - باب أحكام الجماعة و . . . ، ح 55 الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 105 بتفاوت يسير . وفيه إشعار بعدم اشتراط تطابق صلاة المأموم لصلاة الإمام. كما يدل على أن صلاة المأموم صحيحة مع بطلان صلاة الإمام و عدم اطلاع المأموم على ذلك، وقد مرّت الإشارة إليه . وقوله(عليه السلام): إن له صلاة أخرى أي يمكن أن ينويها في هذه الحالة عما في ذمته أو يجعلها تطوعاً.
3- التهذيب ،3 نفس الباب ، ح 60 . الفقيه 1 ، 56 - باب الجماعة وفضلها ، ح 107 بزيادة في آخره. وإيجاب الغسل على مسه محمول على المس بعد البرد وقبل التغسيل . اللهم ألا إذا حملناه على وجوب تطهير يد من مسه وهو حار برطوبة مسرية . أو غسل يده لدفع كراهة الميت إذا لم يكن برطوبة والله العالم.
4- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 72 . الاستبصار 1 ، 267 - باب من فاتته مع الإمام ركعة أو ...ح 4 . الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 13 بتفاوت .

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن النّعمان، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت : أجيء إلى الإمام وقد سبقني بركعة في الفجر، فلمّا سلّم، وقع في قلبي أنّي أتممت، فلم أزل ذاكر الله حتّى طلعت الشّمس، فلمّا طلعت نهضت فذكرت أنَّ الإمام كان سبقني بركعة ؟ فقال : إن كنت في مقامك فأتمَّ بركعة ، وإن كنت قد انصرفت فعليك الإعادة(1).

12 - جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير قال : سألته قال: سألته عن الرَّجل صلّى مع قوم وهو يرى أنّها الأُولى(2)، وكانت العصر ؟ قال : فليجعلها الأُولى وليصلّ العصر(3) .

وفي حديث آخر : فإن علم أنّهم في صلاة العصر، ولم يكن صلّى الأولى، فلا يدخل معهم(4).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن حديد، عن جميل، عن زرارة قال : سألت أحدهما صلوات الله عليهما عن إمام أمَّ قوماً فذكر أنّه لم يكن على وضوء، فانصرف وأخذ بيد رجل وأدخله فقدَّمه، ولم يعلم الّذي قُدِّم ما صلّى القوم ؟ قال : يصلّي بهم، فإن أخطأ سبّح القوم به وبنى على صلاة الّذي كان قبله(5).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن غياث بن إبراهيم قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن الّذي يرفع رأسه(6) قبل الإمام أيعود فيركع إذا أبطاء الإمام أن(7)يرفع رأسه؟ قال : (8).

ص: 375


1- التهذيب ،3، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة و ... ، ح 32 . وكرره برقم 102 من الباب 25 من الجزء الثالث من التهذيب. وقال الشيخ رحمه الله بعد إيراده الحديث في التهذيب : قوله(عليه السلام): وإن كنت قد انصرفت . . . : يعني به إذا كان قد استدبر القبلة الاستبصار 1 ، 214 - باب الشك في فريضة الغداة ، ح 11 .
2- يعني الظهر.
3- التهذيب ،3 25 - باب فضل المساجد و . . . ، ح 103 .
4- لم يعمل بمضمونه أحد من الأصحاب.
5- ) التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 104
6- في التهذيبين: يرفع رأسه من الركوع قبل الإمام
7- في التهذيب : ويرفع رأسه معه . ...
8- التهذيب 3 ، 3 - باب أحكام الجماعة و ... ، ح 76 . الاستبصار 1 ، 268 - باب من رفع رأسه من الركوع قبل 3 الإمام ، ح 2 . وقد روى في الفقيه 1، 56 - باب في الجماعة وفضلها ، ح 82 عن محمد بن سهل عن أبيه، قال : سألت الرضا(عليه السلام) عمن ركع مع إمام قوم يقتدي به ثم رفع رأسه قبل الإمام؟ قال: يعيد ركوعه معه . أقول : ويحمل ما رواه في الفقيه على ما لو رفعه ساهيا، وهنا على ما لو رفعه عامداً . هذا والمشهور بين أصحابنا أنه إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهواً، أو لاعتقاده بأن الإمام رفع رأسه، وجوب العود إلى الركوع والمتابعة ولا تضر زيادة الركن حينئذ لأنها مغتفرة في الجماعة في ما شابه ،هذا وإن لم يعد إثم وصحت صلاته وأما إذا رفع رأسه من أحدهما قبل الإمام عامداً لم يجز له المتابعة بل عن المدارك أنه مذهب الأصحاب، فلو تابع عمداً بطلت صلاته لزيادة الركن وكذلك تبطل صلاته لزيادة الركن أيضاً .
223- باب الرجل يخطو إلى الصف أو يقوم خلف الصف وحده أو يكون بينه وبين الإمام ما لا يتخطى

1 - جماعة ، عن أحمد بن محمّد ،عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية بن وهب قال : رأيت أبا عبد الله(عليه السلام) ودخل المسجد الحرام في صلاة العصر، فلمّا كان دون الصّفوف ركعوا ، فركع وحده، وسجد سجدتين، ثمَّ قام فمضى حتّى لحق الصّفوف(1).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي، عن محمّد بن مسلم قال : قلت له : الرَّجل يتأخّر وهو في الصّلاة؟ قال : لا(2)، قلت : فيتقدّم؟ قال : نعم، ما شاء إلى القبلة(3).

3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصّف مقاماً، أيقوم وحده حتّى يفرغ من صلاته؟ قال: نعم، لا بأس أن يقوم بحذاء الإمام(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : إن صلّى قومٌ وبينهم وبين الإمام ما لا يُتَخَطّى، فليس ذلك الإمام لهم بإمام ، وأيُّ صفّ كان أهله يصلّون بصلاة إمام وبينهم وبين الصفّ الّذي يتقدَّمهم قدر ما لا يتخطّى، فليس تلك لهم، فإن كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة، إلّا من كان من حيال الباب .

ص: 376


1- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد و . . . ، ح 105 . وإنما لحق الصفوف لإكمال العصر على الأظهر، وإن لم تكن الرواية صريحة في ذلك .
2- «قوله(عليه السلام): لا ، أي بلا ضرورة وإلا فيجوز للتوسعة على أهل الصف، أو لالتحاق المنفرد خلف الصف »مرآة المجلسي 282/15 .
3- التهذيب 3 ، 25 - باب فضل المساجد و...، ح 107. وفي ذيله: نعم، ماشياً إلى القبلة
4- التهذيب 3، نفس الباب، ح 106 وفي ذيله : نعم، لا بأس، يقوم ... الخ . وقوله : بحذاء الإمام، أي وحده خلف الصف ولكن في النقطة الموازية لخلف الإمام . وروى بمعناه عن سعيد الأعرج عن أبي عبدالله(عليه السلام)في التهذيب 3 3 - باب أحكام الجماعة و...، ح 91 .

قال : وقال : هذه المقاصير لم يكن في زمان أحد من النّاس، وإنّما أحدثها الجبّارون، ليست لمن صلى خلفها مقتدياً بصلاة من فيها صلاة.

قال : وقال أبو جعفر(عليه السلام): ينبغي أن يكون الصّفوف تامّة متواصلة بعضها إلى بعض، لا يكون بين صفّين ما لا يُتخطّى، يكون قدر ذلك مسقط جسد الإنسان(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن أبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا دخلت المسجد والإمام راكع ، فظننت أنك إن مشيت إليه يرفع رأسه من قبل أن تدركه، فكبّر واركع، وإذا رفع رأسه فاسجد مكانك، فإن قام فالحق بالصّف وإن جلس فاجلس مكانك، فإذا قام فالحق بالصّف(2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا أرى بالصّفوف بين الأساطين بأساً (3).

7 - أحمد بن إدريس وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار السّاباطيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الرَّجل يدرك الإمام وهو قاعد يتشهّد ، وليس خلفه إلّا رجل واحد عن يمينه؟ قال : لا يتقدّم

ص: 377


1- التهذيب ،3، 3 - باب أحكام الجماعة وأقلّ ...، ح 94 . الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها، ح 54 ، وروى فيه إلى قوله(عليه السلام): وليس لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة، بتفاوت يسير . وروى ذيل الحديث بتفاوت يسير أيضاً برقم 53 من نفس الباب والمقاصير: جمع المقصورة وهي مؤنث المقصور، ومقصورة المسجد : مقام الإمام، وبعضهم يقول : هي محوّلة عن اسم الفاعل، والأصل قاصرة أي حابسة، كما قيل حجاباً مستوراً، أي ساتراً، والظاهر أنها مما اخترعها الحكّام الظلمة خوفاً على أنفسهم من القتل والغيلة . وقوله : مسقط جسد الإنسان : أي بمقدار ما يحتاجه الإنسان من مسافة عند هويه إلى السجود، والظاهر من الحديث أنه(عليه السلام)في مقام تحديد المسافة الفاصلة بين الصفين الغير الضارة بوحدة الجماعة وبمأمومية المصلين. ويقول المحقق في الشرائع 122/1 - 123 وهو بصدد الحديث عن صلاة الجماعة : ولا تصح مع حائل بين الإمام والمأموم يمنع المشاهدة إلا أن يكون المأموم امرأة ... الخ ) ويقول في ص / 126 : «إذا وقف الإمام في محراب ،داخل، فصلاة من يقابله ماضية دون صلاة من إلى جانبيه إذا لم يشاهدوه ، ويجوز صلاة الصفوف الذين وراء الصف الأول لأنهم يشاهدون من يشاهدوه.
2- التهذيب 3 ، 3 - باب أحكام الجماعة وأقل الجماعة و . . . ، ح 67 و 68 . الاستبصار 1، 266 - باب من لم يلحق تكبيرة الركوع ، ح .. الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها ، ح 58 بتفاوت وزيادة في آخره. قال المحقق في الشرائع / 125 : إذا دخل والإمام راكع وخاف فوت الركوع ، ركع ، ويجوز أن يمشي في ركوعه حتى يلحق بالصف .
3- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 92 . وفيه : ... بالوقوف، بدل بالصفوف الفقيه 1، نفس الباب، ح 51

الإمام ولا يتأخّر الرّجل ولكن يقعد الّذي يدخل معه خلف الإمام ، فإذا سلم الإمام قام الرَّجل فأتمَّ الصلاة(1).

8 - محمّد بن يحيى، عن عليِّ بن إبراهيم الهاشميّ رفعه قال : رأيت أبا عبد الله(عليه السلام)يصلّي بقوم وهو إلى زاوية في بيته يقرب الحائط، وكلّهم عن يمينه ، وليس على يساره أحدا(2).

9 - أحمد بن إدريس وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار الساباطيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الرَّجل يصلّي بقوم وهم في موضع أسفل من موضعه الّذي يصلّي فيه ؟ فقال : إن كان الإمام على شبه الدُّكان أو على موضع أرفع من موضعهم لم يجز صلاتهم، وإن كان أرفع منهم بقدر إصبع أو أكثر أو أقلّ إذا كان الارتفاع ببطن مسيل، فإن كان أرضاً مبسوطة، أو كان في موضع منها ارتفاع، فقام الإمام في الموضع المرتفع، وقام من خلفه أسفل منه والأرض مبسوطة ، إلّا أنّهم في موضع منحدر قال : لا بأس ؟ قال : وسئل : فإن قام الإمام أسفل من موضع من يصلّي خلفه؟ قال : لا بأس، وقال: إن كان رجلٌ فوق بيت أو غير ذلك دكّاناً كان أو غيره وكان الإمام يصلّي على الأرض أسفل منه، جاز للرَّجل أن يصلّي خلفه ويقتدي بصلاته، وإن كان أرفع منه بشيء كثير(3).

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، قال : ذكر الحسين أنه أمر مَنْ يسأله عن رجل صلّى إلى جانب رجل فقام عن يساره وهو لا يعلم ، ثمَّ علم وهو في صلاته، كيف يصنع ؟ قال : يحوِّله عن يمينه(4)

ص: 378


1- التهذيب 3 ، 25 - باب فضل المساجد و ...، ح 108 . قوله(عليه السلام): ولا يتأخر: «يحتمل هذا أن يكون مخصوصاً باللحوق حال التشهد الأخير لأن هذه متابعة مستحبة لا يلزم للمأموم التأخر لأجله، وفي المدارك : لو أدرك الإمام بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة فقد قطع المحقق وغيره بأنه يكبر ويجلس معه فإذا سلّم الإمام قام وأتم صلاته ولا يحتاج إلى استئناف التكبير. ونص في المعتبر أنه مخيّر بين الإتيان بالتشهد وعدمه واستدل عليه برواية عمار وهي ضعيفة السند مرآة العقول للمجلسي 15 / 285 . أقول : ويقصد برواية عمار تلك المروية في الوسائل ج 5 ، ص 449 ، ح 3 .
2- ويدل على استحباب كون الوقوف إلى يمين الإمام دون يساره أو وسطه .
3- التهذيب 3 ، 3 - باب أحكام الجماعة و ...، ح 97 بتفاوت يسير. الفقيه 1، 56 - باب الجماعة وفضلها، ح 51 بتفاوت يسير أيضاً . قوله(عليه السلام): ارفع من موضعهم : أي ارتفاعاً لا يتساهل فيه بنظر العرف، ومن هنا يتضح بأنه لو كانت الأرض منبسطة مع قليل من الانحدار الغير الملحوظ عرفاً وكان موقف المأموم في محل الانحدار القليل ذاك فلا يقدح ذلك في صحة الجماعة وصدق المأمومية. يقول المحقق في الشرائع 123/1: «ولا تنعقد والإمام أعلى من المأموم بما يعتد به كالأبنية على تردد، ويجوز أن يقف على علو من أرض منحدرة، ولو كان المأموم على بناء عال كان جائزاً .
4- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 2 وفيه : أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أحمد بن أشيم، عن الحسين بن يسار المدائني أنه سمع من يسأل الرضا(عليه السلام)عن رجل ... الخ . وهو كذلك في الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 84 بتفاوت يسير والضمير في : وهو لا يعلم يحتمل رجوعه إلى الإمام، كما يحتمل رجوعه إلى المأموم . أي لا يعلم المأموم استحباب الوقوف على يمين الإمام .
224- باب الصلاة في الكعبة وفوقها وفي البِيَع والكنائس والمواضع التي تكْرَهُ الصلاة فيها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الصّلاة في البيع والكنائس؟ فقال: رشَّ وصلِّ، قال: وسألته عن بيوت المجوس؟ فقال رشّها وصلِّ(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الصّلاة في أعطان الإبل؟ فقال: إن تخوّفتَ الضَّيْعَةَ على متاعك فاكنِسْه وانضحه، ولا بأس بالصلاة في مرابض الغنم(2).

3 - عنه ، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : لا تصلِّ في مرابط الخيل والبغال والحمير(3).

4 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عمن سأل أبا عبد الله(عليه السلام)عن المسجد ينزّ حائط قبلته من بالوعة يُبال فيها؟ فقال : إن كان نَزَّهُ من البالوعة فلا تصلِّ فيه، وإن كان نَزّهُ من غير ذلك فلا بأس به(4).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الصلاة في مرابض الغنم ؟ فقال : صل فيها، ولا تصل في أعطان الإبل، إلّا أن تخاف على متاعك الضَّيْعَةَ فاكنسه ورشّه بالماء، وصلّ فيه(5).

ص: 379


1- هذا وقد ذهب ابن إدريس وابن البرّاج إلى القول بكراهة الصلاة في البيع والكنائس . وذكر الشيخ في النهاية والمبسوط أن الصلاة فيها بعد رشها إنما تكون بعد جفافها من الرطوبة الناشئة من الرش. واستحسن في الذكرى ذلك .
2- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان و. . . ، ح 76 . الاستبصار 1، 235 - باب الصلاة في مرابط الخيل والبغال ، ح 2 . وفيهما ... وانضَحْهُ وصَل .... وأعطان الإبل : مَبَارِكُها حول الماء تشرب أو مباركها مطلقاً والظاهر أن المقصود من النضح بالماء هنا دفع توهم النجاسة، أو استقذار الطبع .
3- النهي هنا كراهتي لا تحريمي .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 79 بدون به في الذيل .
5- إلى هنا مروي في الفقيه 1 ، 38 - باب المواضع التي يجوز الصلاة فيها والمواضع...،ح6

وسألته عن الصّلاة في ظهر الطريق، فقال: لا بأس أن تصلّي في الظواهر الّتي بين الجوادّ، فأمّا على الجوادّ فلا تصلِّ فيها(1). قال : وكره الصلاة في السّبخة إلّا أن يكون مكاناً ليّناً تقع عليه الجبهة مستوية .

قال : وسألته عن الصّلاة في البِيعَة فقال : إذا استقبلت القبلة فلا بأس به.

قال : ورأيته في المنازل الّتي في طريق مكّة يرشُ أحياناً موضع جبهته ثمَّ يسجد عليه رطباً كما هو(2)، وربّما لم يرشُّ الذي يرى أنّه طيّب.

قال : وسألته عن الرَّجل يخوض الماء(3)، فتدركه الصّلاة؟ فقال : إن كان في حرب فإنّه يجزيه الإيماء، وإن كان تاجراً فليَقُمْ ، ولا يدخله حتّى يصلّي .

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن أبي أُسامة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا تصلِّ في بيت فيه مجوسيُّ ، ولا بأس بأن تصلّي وفيه يهوديُّ أو نصرانيُّ(4).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن(عليه السلام): إنّا كنّا في البيداء في آخر اللّيل، فتوضّأت واستَكْتُ وأنا أهمُّ بالصّلاة، ثمَّ كأنّه دخل قلبي شيءٌ ، فهل يصلّى في البيداء في المحمل؟ فقال : لا تصلِّ في البيداء، قلت: وأين حدُّ البيداء ؟ فقال : كان [أبو] جعفر(عليه السلام)إذا بلغ ذات الجيش جدّ في السّير، ثمَّ لا يصلّي حتّى يأتي معرّس النبيِّ(صلی الله علیه وآله وسلم)، قلت : وأين ذات الجيش؟ فقال : دون الحفيرة بثلاثة أميال(5).

8 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الفضل قال : قال الرِّضا(عليه السلام): كلُّ طريق

ص: 380


1- إلى هنا مروي في التهذيب ،3، نفس ،الباب ، ح 73 . والجواد : جمع الجادّة : وهي وسط الطريق ومعظمه والظواهر : الأماكن المرتفعة عما حولها من الأرض والأرض السبخة الأرض ذات ملح ونَزّ، جمع سباخ، وما يعلو الماء كالطحلب والبيعة : مكان عبادة النصارى. هذا والنهي عن الصلاة على الجواد تحريمي عند المفيد والصدوق رحمهما الله
2- يقول الشهيد في الذكرى : لعله لدفع الغبار والشَّين .
3- خوضه الماء - هنا - إما على نحو الحقيقة أو كناية عن ركوبه السفينة .
4- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 103 . هذا، وقد نص الأصحاب على كراهة الصلاة في بيت فيه مجوسي . والحديث ضعيف.
5- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 90 وذات الجيش قيل بأنها موقع بين مكة والمدينة يخسف الله فيه بجيش . : السفياني والحفيرة : اسم مكان قرب المدينة إلى مسجد الشجرة . وقيل : هو نفس المكان الذي فيه المسجد المذكور.

يُوَطأ ويتطرَّق ، كانت فيه جادَّة أو لم تكن، لا ينبغي الصّلاة فيه، قلت: فأين أُصلّي ؟ قال: يمنةً ويسرةً (1).

9 - محمّد بن يحيى ،وغيره عن محمّد بن أحمد، عن أيّوب بن نوح ، عن أبي الحسن الأخير(عليه السلام) قال : قلت له : تحضر الصّلاة والرَّجل بالبيداء ؟ فقال : يتنحّى عن الجوادِّ يمنةٌ ويسرةً ويصلّي(2).

10 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه قال : الصّلاة تكره في ثلاثة مواطن من الطّريق: البيداء، وهي ذات الجيش، وذات الصّلاصل، وضَجَنَان قال : وقال : لا بأس أن يصلّي بين الظّواهر وهي الجوادّ، جوادُّ الطّريق، ويُكره أن يصلّى في الجوادّ(3).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا يصلّى في وادي الشَّقْرَة(4).

12 - عليُّ بن محمّد بن عبد الله، عن ابن البرقيِّ، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : عشرة مواضع لا يصلّى فيها: الطّين، والماء، والحمّام ،والقبور ومسانُّ الطّريق، وقرى النّمل، ومعاطن الإبل، ومجرى الماء، والسَّبخ والثّلج(5).

ص: 381


1- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 74. وفي سنده محمد بن الفضيل، بدل: محمد بن الفضل وفيه أو يتطرّق . الفقيه 1 ، 38 - باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها و . . . ، ح 5 بتفاوت يسير قوله(عليه السلام): يمنة ويسرة، أي عن يمين الجادة ويسارها، وقد دل الحديث على أن الطريق التي هجرت لا بأس بالصلاة عليها .
2- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من ...، ح 91 الفقيه 1 ، 38 - باب المواضع التي تجوز . الصلاة . . . ، ح 12
3- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 92 . وروى صدره بتفاوت في الفقيه 1 ، 38 - باب المواضع التي تجوز . . . ، ح .. ووادي الصلاصل : لم تثبت في كتب اللغة والصلصلة - في الأصل - صوت الحديد عندما يُحرك ، واعله اسم مكان فيه رمل أو طين يحدث المشي فوقه صوتاً كقرقعة الحديد، أو لعله ذات السلاسل، وهو اسم مكان في وادي القرى كان موضع غزوة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم). وضحنان : - قال في مراصد الإطلاع - هو جبل بتهامة ، وقيل : هو موضع خَسْفٍ
4- التهذيب ،2 نفس الباب ح 93 . وفيه: لا تصل الفقيه ،1 نفس ،الباب، ضمن ح .. وكرره في التهذيب 5 برقم 1475 من التسلسل العام بتفاوت يسير ووادي الشقرة اسم مكان قيل بأنه موضع خسف هذا إذا قرىء بضم الشين وتسكين القاف، وأما إذا قرىء بفتح الشين وكسر القاف، فيكون اسم واد تنبت فيه شقائق النعمان أو أي نبات أحمر آخر، لأن الشقر: هي شقائق النعمان .
5- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ...، ج 71 وفيه : ومسان الطرق. الاستبصار 1،234 - باب الصلاة في بيوت الحمام، ح 1. الفقيه 1، نفس الباب، ح 2 وفيه : والسبخة. ومسان الطريق وسننها معظمه ونهجه ووسطه وجهته. ومعاطن الإبل : مباركها حول الماء ومرابض الغنم حوله . والأرض السبخة: أرض ذات ملح ونَزّ، جمع : سباخ وما يعلو الماء كالطحلب والظاهر أن النهي عن الصلاة في بعض هذه الأماكن هو كراهتي، وفي بعضها الآخر تحريمي كما لو لم يتمكن من الإتيان بوظائفه من الاستقرار أو السجود المطلوبين .

13 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّر الساباطيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن حدِّ الطّين الّذي لا يسجد فيه ما هو ؟ قال : إذا غرق الجبهة ولم تثبت على الأرض ؛ وعن الرَّجل يصلّي بين القبور؟ قال : لا يجوز ذلك إلّا أن يجعل بينه وبين القبور إذا صلّى عشرة أذرع من بين يديه وعشرة أذرع من خلفه، وعشرة أذرع عن يمينه وعشرة أذرع عن يساره، ثمَّ يصلّي إن شاء(1).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن داود الصّرميّ قال: سألت أبا - الحسن(عليه السلام)قلت : إنّي أخرج في هذا الوجه، وربّما لم يكن موضع أُصلّي فيه من الثّلج ؟ فقال : إن أمكنك أن لا تسجد على الثّلج فلا تسجد ، وإن لم يمكنك فَسَوِّه واسجد عليه(2).

وفي حديث آخر اسجد على ثوبك(3).

15 - محمّد بن يحيى، عن عمران بن موسى ؛ ومحمّد بن أحمد، عن أحمد بن

ص: 382


1- روی صدره في التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 123 وكرر ذكره برقم 94 من الباب 17 من نفس الجزء . وروى بقيته في التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 104 . وروى ذيله من قوله : وسألته عن الرجل يصلي بين القبور .. الخ في الاستبصار 1 ، 238 - باب الصلاة بين المقابر، ح 1 . وروى صدره في الفقيه 1 ، 59 - باب الصلاة في السفر، ح .36. هذا ويقول المحقق في الشرائع : وتكره الصلاة في الحمّام، وبيوت الغائط، ومبارك الإبل، ومسكن النمل، ومجرى المياه والأرض السبخة، والثلج وبين المقابر، إلا أن يكون حائل ولو عنزة، أو بينه وبينها عشرة أذرع وبيوت النيران، وبيوت الخمور إذا لم تتعد إليه نجاستها وجواد الطرق، وبيوت المجوس، ولا بأس بالبيع والكنائس. ويكره أن تكون بين يديه نار مضرمة على الأظهر أو تصاوير وكما تكره الفريضة في جوف الكعبة تكره على سطحها، وتكره في مرابط الخيل والحمير والبغال ولا بأس بمرابض الغنم، وفي بيت فيه مجوسي ولا بأس باليهودي والنصراني، ويكره بين يديه مصحف مفتوح أو حائط ينز من بالوعة يال فيها، وقيل: تكره إلى انسان مواجه أو باب مفتوح 72/1220. وما ذكره المحقق من كراهة الصلاة بين المقابر وإلى القبور إلا بفاصل عشرة أذرع هو المشهور بين الأصحاب، إلا سلار فقد حكي عنه القول بعدم الجواز وحكمه بفساد الصلاة، كما حكي المنع عن استقبال القبر في الصلاة عن المفيد والحلبي .
2- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 112 . الاستبصار 1 ، 192 - باب السجود على الثلج ، ح 2 . الفقيه 1 ، 39 - باب ما يصلى فيه وما لا ... ، ح 49 .
3- أخرج في التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة و . . . ، ح 110 بسنده قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): لا بأس أن . تسجد وبين كفيك وبين الأرض ثوبك .

الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار السّاباطيِّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال في الرِّجل يصلّي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته؟ قال: لا، قلت: فإن كان في غلاف؟ قال : نعم ، وقال : لا يصلّي الرَّجل وفي قبلته نارٌ، أو حديد، وعن الرَّجل يصلّي وبين يديه قنديل مُعَلّق وفيه نار، إلّا أنّه بحياله؟ قال : إذا ارتفع كان شرٌّا، لا يصلّي بحياله(1).

16 - محمّد، عن العمركيّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: سألته عن الرَّجل يصلّي والسراج موضوع بين يديه في القبلة؟ فقال : لا يصلح له أن يستقبل النّار(2).

وروي أيضاً أنّه لا بأس به لأنَّ الّذي يصلّى له أقرب إليه من ذلك(3)

17 - محمّد بن الحسن ؛ وعلي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أقوم الصلاة فأرى قُدّامي في القبلة العذرة؟ فقال : تَنَحٌ عنها ما استطعت، ولا تصلِّ على الجواد َّ(4).

18 - جماعة عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ،عن فضّالة بن أيّوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما(عليهم السلام)قال: لا تصلّي المكتوبة في الكعبة(5).

وروي في حديث آخر : يصلّي في أربع جوانبها إذا اضطرَّ إلى ذلك.

19 - جماعة ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن

ص: 383


1- التهذيب ،2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و. ح 96 وفيه زيادة واردة ضمن الحديث. وروى جزءاً منه في الاستبصار 1 ، 237 - باب المصلي يصلي وفي قبلته نار أو . . . ، ح ... الفقيه 1 ، 39 - باب ما 1. يصلّى فيه وما لا ...، ح 27 بتفاوت. ولعل المراد بالحديد في الحديث السلاح، ويحتمل مطلق الحديد. وحمل على الكراهة . وكذلك نص أصحابنا على كراهة أن يصلي وبين يديه نار نعم ذهب أبو الصلاح فيما نقل عنه صاحب المدارك إلى القول بحرمته وعدم جواز التوجه إلى النار في الصلاة وهذا أيضاً ما يظهر من الصدوق رحمه الله في الفقيه كما سوف نذكر بعد قليل .
2- التهذيب (2 نفس ،الباب ، ح 97 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ح 2 . الفقيه ،1 نفس الباب، ح 14 . وقال الصدوق رحمه الله بعد إيراد الحديث : هذا هو الأصل الذي يجب أن يعمل به .
3- التهذيب ،2 نفس ،الباب ذيل ح 97 الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 15 وقد حمله الصدوق رحمه الله على أنه ، رخصة اقترنت بها علة صدرت عن ثقات ثم اتصلت بالمجهولين والانقطاع، وقد سمّى المجهولين الذين يروون هذا الحديث وهم الحسين بن عمرو عن أبيه، عن عمرو بن إبراهيم الهمداني ويقصد بالثقات - كما صرح به - : الحسن بن علي الكوفي، وقال عنه : وهو معروف .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 101 . وكرره برقم 95 من الباب 17 أيضاً .
5- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 96 . وعند أكثر الأصحاب فالحديث محمول على الكراهة، ونقل عن ابن البرّاج والشيخ في الخلاف القول بالتحريم.

الحسين بن عثمان ، عن ابن مسكان، عن خالد [عن] أبي إسماعيل قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) : الرَّجل يصلّي على أبي قبيس مستقبلَ القبلة؟ فقال : لا بأس(1).

20 - جماعة ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : سأل أحدهما(عليهم السلام) عن التّماثيل في البيت؟ فقال : لا بأس إذا كانت عن يمينك، وعن شمالك، ومن خلفك، أو تحت رجليك، وإن كانت في القبلة،فأَلقِ عليها ثوباً(2).

21 - عليُّ بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد، عن عبد السلام بن صالح، عن الرّضا(عليه السلام)في الّذي تدركه الصلاة وهو فوق الكعبة قال : إن قام لم يكن له قبلة، ولكنّه يستلقي على قفاه ويفتح عينيه إلى السماء، ويعقد بقلبه القبلة الّتي في السماء: البيت المعمور، ويقرأ، فإذا أراد أن يركع غمض عينيه ، فإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه، والسجود على نحو ذلك(3).

22 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في التمثال يكون في البساط فتقع عينك عليه وأنت تصلي؟ قال : إن كان بعين واحدة فلا بأس، وإن كان له عينان فلا (4).

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة وحديد قالا : قلنا لأبي عبد الله(عليه السلام): السطح يصيبه البول، أو يبال عليه، أيصلّي في ذلك المكان؟ فقال: إن كان تصيبه الشمس والرِّيح وكان جافّاً فلا بأس به، إلّا أن يكون يُتّخذ مبالاً(5).

ص: 384


1- التهذيب ،2 نفس الباب ، ح 97 . ويدل على ما هو مذهبنا من أن القبلة هي جهة الكعبة من تخوم الأرض إلى عنان السماء والحديث مجهول .
2- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 99 بتفاوت ، وكرره بتفاوت أيضاً برقم 73 من الباب 15 من نفس الجزء، وأخرجه في الموردين عن أبي جعفر(عليه السلام). الاستبصار 1 ، 233 - باب الوقوف على البساط الذي فيه التماثيل ، ح 1 بتفاوت أيضاً. والظاهر من الأخبار أنه يكره الصلاة في بيت فيه صورة، وتتأكد الكراهة إذا كانت في جهة القبلة منكشفاً فيكون الستر لرفع تأكد الكراهة لا أصلها فتأمل، مرآة المجلسي 297/15 .
3- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 98 . وقد ادعى الشيخ في الخلاف الإجماع على ما تضمنه من حكم. والحديث ضعيف.
4- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 38 بتفاوت . الفقيه 1 ، 38 - باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها و. ح 19 ولعل الفرق هو نقصان صورة التمثال عند وجود عين واحدة له فترتفع الحزازة .
5- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 99 . والظاهر أن ذلك للجفاف لا للتطهير، لأن الشمس مع الريح والريح وحدها لا تطهر على المشهور، والاستثناء باعتبار أنه يصير حينئذ كنيفاً فيكره الصلاة فيه فتأمل مرآة المجلسي 298/15 .

24 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار الساباطيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : لا يصلّى في بيت فيه خمرٌ أو مسكرٌ(1).

25 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حماّد، عن عامر بن نعيم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن هذه المنازل الّتي ينزلها الناس، فيها أبوال الدَّواب والسّرجين(2)ويدخلها اليهود والنصارى، كيف يصلّى فيها؟ قال : صلِّ على ثوبك(3).

26 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أبَان،عن عمرو بن خالد، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال جبرائيل (عليه السلام): يا رسول الله ؛ إنّا لا ندخل بيتاً فيه صورة إنسان، ولا بيتاً يُبال فيه، ولا بيتاً فيه كلبٌ (4).

27 - أبو علي الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إنَّ جبرائيل(عليه السلام)أتاني فقال : إنّا معشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه كلبٌ، ولا تمثالُ جسد، ولا إناء يُبال فيه»(5).

226- باب اللباس الذي تُكْرَهُ الصلاة فيه وما لا تُكْرَه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير قال: سأل زرارة أبا

ص: 385


1- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 72 . الاستبصار 1 ، 112 - باب الخمر يصيب ...، الثوب والنبيذ و . . . ، 1 صدرح 1 وفي ذيله : ولا مسكر. وفيهما : لا تصل .... وكان الشيخ قد ذكره وفي سنده محمد بن أحمد بن يحيى بدل أحمد بن محمد وبزيادة في آخره في التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات ، ح 104 . هذا، والخبر محمول على الكراهة وهو المشهور عندنا كراهة الصلاة في بيت فيه خمر، وعند الصدوق على التحريم، وهو ما يظهر من الشيخ المفيد رحمه الله أيضاً .
2- السرجين (السرقين) هو الزبل.
3- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 88 . الفقيه 1 ، 83 - باب المواضع التي تجوز الصلاة ... ، ح 10 وفي سنده : عمار بن نعيم القمي ، بدل عامر بن نعيم القمي، والحديث مجهول.
4- التهذيب 2 نفس الباب، ح 101 و 102 . ولا بد من استثناء الملكين الكاتبين من معشر الملائكة في ، الحديث لأنهما ملازمين للإنسان كما هو المنصوص ، والمقصود بتمثال الجسد، تمثال الإنسان بقرينة ما ورد في الحديث الأول من صورة الإنسان. ويحتمل تمثال مطلق الحيوان وإن كانت الكراهة أشد في تمثال الإنسان واطلاق الكلب يشمل كل أنواعه المعروفة، والظاهر من التعبير بالإناء الذي يبال فيه ما كان يبال فيه بالفعل، أي معداً لذلك . والحديث الأول ضعيف على المشهور والحديث الثاني مجهول.
5- التهذيب 2 نفس الباب، ح 101 و 102 . ولا بد من استثناء الملكين الكاتبين من معشر الملائكة في ، الحديث لأنهما ملازمين للإنسان كما هو المنصوص ، والمقصود بتمثال الجسد، تمثال الإنسان بقرينة ما ورد في الحديث الأول من صورة الإنسان. ويحتمل تمثال مطلق الحيوان وإن كانت الكراهة أشد في تمثال الإنسان واطلاق الكلب يشمل كل أنواعه المعروفة، والظاهر من التعبير بالإناء الذي يبال فيه ما كان يبال فيه بالفعل، أي معداً لذلك . والحديث الأول ضعيف على المشهور والحديث الثاني مجهول.

عبد الله(عليه السلام)عن الصلاة في الثعالب، والفَنَك، والسنجاب، وغيره من الوبر؟ فأخرج كتاباً زعم أنّه إملاء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): أنَّ الصلاة في وبركلِّ شيء حرام أكله، فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وألبانه وكلِّ شيء منه فاسدة، لا تُقبل تلك الصلاة حتّى تصلّي في غيره مما أحلّ الله أَكْله.

ثم قال : يا زرارة ،هذا عن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فاحفظ ذلك يا زرارة، فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكلِّ شيء منه ، جائزة إذا علمت أنّه ذكيِّ ، قد ذكّاه الذِّبح ، فإن كان غير ذلك ممّا قد نُهيت عن أكله، وحَرُمَ عليك أكله، فالصلاة في كلّ شيء منه فاسدة، ذكّاه الذبح أو لم يذكّه(1).

2 - عليُّ بن محمّد، عن عبد الله بن إسحاق العلوي، عن الحسن بن عليّ، عن محمّد بن سليمان الدِّيلمي، عن عيثم بن أسلم النجاشي، عن أبي بصير قال: سألت أباعبد الله(عليه السلام)عن الصلاة في الفِراء؟ قال : كان عليُّ بن الحسين صلوات الله عليهما رجلاً صَرِداً لا تدفئه فراء الحجاز، لأنَّ دباغتها بالقَرَظ ، فكان يبعث إلى العراق فيؤتى ممّا قِبَلهم بالفرو فيلبسه، فإذا حضرت الصلاة ألقاه، وألقى القميص الّذي تحته الذي يليه، فكان يُسْأل عن ذلك، فقال : إن أهل العراق يستحلّون لباس الجلود الميتة، ويزعمون أنَّ دباغه ذكاته(2).

3 - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن سليمان، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله وأبا الحسن(عليه السلام)عن لباس الفراء والصّلاة فيها؟ فقال: لا تصلُّ فيها إلّا فيما كان منه ذكيّاً، قال: قلت أو ليس الذّكي ممّا ذكي بالحديد؟ فقال: بلى، إذا كان ممّا يؤكل لحمه ، قلت : وما يؤكل(3) لحمه من غير الغنم؟ قال : لا بأس بالسنجاب، فإنّه دابّة لا تأكل اللّحم، وليس هو ممّا نهى عنه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، إذ نهى عن كلِّ ذي ناب ومخلب(4).

ص: 386


1- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . ، ح 26 . الاستبصار 1 ، 224 - باب الصلاة في . 224 - الفنك والسِّمُور و . . . ، ح 1 . والفنك : حيوان فروته أحسن الفراء ، قيل : هو نوع من جراء الثعلب التركي، وقد يطلق على جرو ابن آوى في بلاد الترك. وقد استفاد بعض أصحابنا من التكرار في بعض فقرات الحديث أن لفظ الحديث لابن بكير وأنه نقل ما في ذلك الكتاب بالمعنى، ويمكن أن يكون من غيره. والحديث حَسنُ .
2- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت يسير في بعض الألفاظ. رجل صَرِد أي قوي على البرد، أو ضعيف عن ،احتماله، فهو من الأضداد - كذا في القاموس - والقرظ : ورق شجر يدبغ به هذا، وقد أجمع أصحابنا على عدم جواز الصلاة في جلد الميتة وإن دبغ حتى عند من يقول بأن الدباغ يطهره. والحديث ضعيف.
3- في التهذيب : وما لا يؤكل لحمه . . . ، وهو أظهر .
4- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ...، ح ... وفيه أو مخلب والمخلب : - كما في القاموس - ظفر كل سَبع من الماشي والطائر وهو لا يصيد هذا، والحديث ضعيف على المشهور.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تُكره الصّلاة في الفراء، إلّا ما صنع في أرض الحجاز، أو [م-] ما علمت منه ذكاة .

5 - عليُّ بن محمّد، عن عبد الله بن إسحاق العلويّ، عن الحسن بن عليّ، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّي أدخل سوق المسلمين - أعني هذا الخلق الّذين يدَّعون الإسلام - فأشتري منهم الفراء للتجارة، فأقول لصاحبها : أليس هي ذكيّة؟ فيقول : بلى، فهل يصلح لي أن أبيعها على أنّها ذكيّة؟ فقال: لا، ولكن لا بأس أن تبيعها وتقول : قد شرط لي الّذي أشتريتها منه أنها ذكيّة ، قلت : وما أفسد ذلك؟ قال : استحلال أهل العراق للميتة، وزعموا أنَّ دباغ جلد الميتة ذكاته ، ثمَّ لم يرضَوا أن يكذبوا في ذلك إلّا على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)(1).

6 - محمّد بن يحيى ،وغيره عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عاصم بن حميد، عن عليِّ بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): جُعِلْت فِداك، الميتة يُنتَفَع بشيء منها؟ قال : لا ، قلت : بلغنا أنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)مرَّ بشباة ميتة ، فقال(2): ما كان على أهل هذه الشّاة إذ لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها، قال(3)تلك شاة لسَوْدَةَ بنت زمعة زوج النّبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، وكانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها، فتركوها حتّى ماتت، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها أن تُذَكَّى»(4).

7- عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزيار، عن محمّد بن الحسين الأشعريّ قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني صلوات الله عليه : ما تقول في الفرو يشترى من السّوق؟ فقال: إذا كان مضموناً فلا بأس(5)).

8 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن عليِّ بن مهزيار، عن رجل سأل الماضي(عليه السلام)(6)عن الصّلاة في الثّعالب، فنهى عن الصّلاة فيها، وفي الثّوب الّذي يليها؟ فلم

ص: 387


1- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 6. والحديث مجهول.
2- الضمير يعود إليه(صلی الله علیه وآله وسلم).
3- يمكن أن يكون القائل الراوي نفسه كما يمكن أن يكون الصادق(عليه السلام).
4- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 7 وفي ذيله : أي تذكى والإهاب الجلد. وقد دل على أن جلد الميتة مما لا ينتفع به أيضاً لأنه محكوم بحكمها .
5- قوله(عليه السلام): إذا كان مضموناً، أي كان مأخوذاً ممن لا يستحل الميتة بالدباغ أو كان مسلماً مأموناً وقد أخبر بتذكيته.
6- في التهذيب : سأل الرضا (عليه السلام) ..

أدر أيَّ الثّوبين الّذي يلصق بالوبر، أو الّذي يلصق بالجلد؟ فوقّع(عليه السلام)بخطّه : الّذي يلصق بالجلد، قال : وذكر أبو الحسن [(عليه السلام)] أنه سأله عن هذه المسألة؟ فقال: لا تصلِّ في الثّوب الّذي فوقه، ولا في الّذي تحته(1).

9 - عليُّ بن مهزیار، قال : كتب إليه إبراهيم بن عُقْبَة : عندنا جوارب وتكك تُعْمَلُ من وبر الأرانب، فهل تجوز الصّلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقيّة؟ فكتب(عليه السلام): لا تجوز الصلاة فيها (2).

10 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار قال : كتبت إلى أبي محمّد(عليه السلام)أسأله : هل يصلّى في قلنسوة حرير محض، أو قلنسوة ديباج؟(3)فكتب(عليه السلام): لا تحلّ الصّلاة في حرير مَحْض(4).

11 - عليُّ بن محمّد، عن عبد الله بن إسحاق العلويِّ، عن الحسن بن عليّ، عن محمّد بن سليمان الدِّيلمي، عن فريت(5)، عن ابن أبي يعفور قال : كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام)، إذ دخل عليه رجلٌ من الحزّازين فقال له : جُعِلْتُ فِداك ، ما تقول في الصّلاة في الخزّ؟(6)فقال : لا بأس بالصّلاة فيه، فقال له الرَّجل : جُعِلْتُ فِداك ، إنّه ميّت، وهو علاجي (7)

ص: 388


1- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 16 . الاستبصار ،1، 223 - باب الصلاة في جلود الثعالب والأرانب ، ح 4. وفي عبارات الحديث تشويش واضطراب أشار إليه المجلسي في المرآة 15 / 311 - 312 وحاول توجيهه فراجع هذا، ومما لا إشكال فيه ولا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم اشتراط أن لا يكون لباس المصلي من أجزاء ما لا يؤكل لحمه بل نقل الإجماع كثيراً على ذلك، ولا فرق بين أن يكون ملبوساً أو مخلوطاً به أو محمولاً ، بل نسب إلى الأكثر، وظاهر الفقهاء ، والمشهور - على اختلاف التعبيرات - ألا يكون حتى شعرة واقعة على لباسه .
2- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 14 . الاستبصار 1 ، نفس الباب ح .9 والحديث صحيح.
3- قال في النهاية : الديباج : هو الثياب المتخذة من الإبريسم فارسي معرب وعليه فهو هنا في الحديث من قبيل عطف الخاص على العام .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 20 . الاستبصار 1 ، 225 - باب كراهية الصلاة في الإبريسم المحض ، ح 2 . هذا وقد أجمع علماؤنا رضوان الله عليهم كما في المنتهى والتذكرة والخلاف والانتصار وغيرها على بطلان الصلاة للرجل في الحرير المحض، بل إن كثيراً منهم صرّح ببطلان الصلاة بلا فرق بين أن يكون الحرير ساتراً للعورة أو كان الساتر غيره ، بل ظاهر الروض وغيره أنه إجماعي عندهم، بل في المختلف والفقيه أنه لا فرق في هذا الحكم بین أن يكون الحرير مما تتم فيه الصلاة أو لا كالقلنسوة وشبهها بل يحرم لبسه للرجال في غير حال الصلاة إجماعاً، وقيل: إنه من ضروريات الدين. اللهم الا أن تكون ضرورة كما في حال الحرب أو البرد أو المرض.
5- في بعض النسخ : قريب. والحديث ضعيف .
6- الخزّ: من الثياب ما نسج من الصوف والحرير، أو من الحرير فقط، يجمع على خُزوز. وقال في المغرب: الخزّ: اسم دابة، ثم سمي الثوب المتخذ من وبرها خزاً، وقيل : هو ثوب يعمل من وبر حيوان بحري .
7- أي هو عملي وحرفتي ومحل ابتلائي .

وأنا أعرفه ؟ فقال أبو عبد الله(عليه السلام): أنا أعْرَفُ به منك ، فقال له الرَّجل: إنّه علاجي وليس أحد أَعْرَفُ به منّي ، فتبسم أبو عبدالله(عليه السلام) ثمَّ قال له : أتقول : إنه دابّة تخرج من الماء ، أو تُصاد من الماء فتخرج، فإذا فقد الماء مات ؟ فقال الرَّجل : صَدَقْتَ ،جُعِلْتُ فِداك ، هكذا هو، فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): فإنّك تقول : إنّه دابّة تمشي على أربع وليس هو على حدِّ الحيتان، فيكون ذكاته خروجه من الماء؟ فقال الرَّجل : إي والله ، هكذا أقول، فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): فإنَّ الله تبارك وتعالى أحلّه وجعل ذكاته موته، كما أحلَّ الحيتان وجعل ذكاتها موتَها(1).

12 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن سعد الأحوص قال : سألت أبا الحسن الرضا(عليه السلام)عن الصلاة في جلود السباع ؟ فقال : لا تصل فيها، قال: وسألته هل يصلّي الرَّجل في ثوب إبريسم ؟ فقال : لا (2).

13 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن عليِّ بن عقبة، عن موسى بن أُكيل النّميريّ عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الرَّجل يكون في السّفر ومعه السّكّين في خُفّه لا يستغني عنها، أو في سراويله مشدوداً ، والمفتاح يخاف عليه الضَّيْعَة ، أو في وسطه المِنْطَعَةُ فيها حديد؟ قال : لا بأس بالسّكّين والمِنْطَقَة للمسافر في وقت ضرورة، وكذلك المفتاح يخاف عليه، أو في النّسيان، ولا بأس بالسّيف، وكذلك آلة السّلاح في الحرب، وفي غير ذلك لا تجوز الصلاة في شيء من الحديد، فإنّه نجس ممسوخ(3).

14 - عليُّ بن محمّد، ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزيار، عن أبي عليِّ بن راشد قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): ما تقول في الفراء، أي شيء يصلّى فيه ؟ فقال :

ص: 389


1- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 36 . والمحقق في المعتبر، توقف في رواية ابن أبي يعفور (هذه) من حيث السند والمتن، أما السند فلأن في طريقها محمد بن سليمان، وأما المتن فلتضمنها جل الخزّ، وهو مخالف لما اتفق الأصحاب عليه من أنه لا يحل من حيوان البحر إلا السمك ولا من السمك إلا ذو الفلس، والشهيد رحمه الله ذبّ عنه في الذكرى بأن مضمونها مشهور بين الأصحاب فلا يضر ضعف طريقها، والحكم بحله جاز أن يستند إلى حِلّ استعماله في الصلاة وإن لم يُذَكَّ، كما أحل الحيتان بخروجها من الماء حية، فهو تشبيه للحلّ بالحلّ لا في جنس الحلال مرآة المجلسي 314/15 .
2- التهذيب 2 نفس الباب، ح 9 وفي سنده : إسماعيل بن سعد بن الأحوص .
3- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 102 بزيادة في أوله وتفاوت . والمشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم استصحاب الحديد البارز في الصلاة، وهو المعتمد عند الشيخ رحمه الله كما نص عليه في النهاية مستدلاً على الجواز بالأصل، وبإطلاق الأمر بالصلاة، ولا يتقيد إلا بدليل، ومستدلاً على الكراهة بهذه الرواية وغيرها وحمل النجاسة هنا على الاستخباث لأن الحديد ليس بنجس بإجماع الطوائف، وترتفع كراهة استصحابه عند المحقق بستره وعدم إظهاره أثناء الصلاة، بل ذهب صاحب المدارك إلى إمكان القول بانتفاء الكراهة حتى مع إبرازه لضعف المستند.

أيُّ الفراء؟ قلت : الفَنَك والسّنجاب والسَّمور ؟ قال : فصلّ في الفنك والسّنجاب فأَما السَّمُّور فلا تُصَلّ فيه ، قلت : فالثعالب، نصلّي فيها؟ قال : لا ، ولكن تلبس بعد الصّلاة، قلت: أُصلّي في الثّوب الّذي يليه؟ قال : لا(1).

15 -عليُّ بن إبراهيم، عن أحمد بن عبديل، عن ابن سنان، عن عبد الله بن جندب، عن سفيان بن السّمط، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الرَّجل إذا اتّزر بثوب واحد إلى تَنْدَوَته صلّى فيه ؛ قال : وقرأت في كتاب محمّد بن إبراهيم إلى أبي الحسن(عليه السلام)يسأله عن الفَنَك يصلّي فيه؟ فكتب : لا بأس به ؛ وكتب يسأله عن جلود الأرانب ؟ فكتب(عليه السلام): مكروه؛ وكتب يسأله عن ثوب حشوه قزّ يُصَلّى فيه؟ فكتب لا بأس به(2).

16 -عليُّ بن محمّد، عن عبد الله بن إسحاق، عمّن ذكره ،عن مقاتل بن مقاتل قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن الصّلاة في السّمور والسنجاب والثعلب؟ فقال: لا خير في ذلك كلّه، ما خلا السنجاب، فإنّه دابّة لا تأكل اللّحم(3).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن

ص: 390


1- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 30 . الاستبصار 1، 224 - باب الصلاة في الفنك والسمور والسنجاب ، ح .4 . والسَّمور حيوان بري يشبه السنور، يتخذ من جلده فراء ثمينة للينها وخفتها : وإدفائها وحُسنها، وزعم بعضهم أنه النمس، وليس كذلك، وربما أطلق السمور على جلده. هذا، وقد ذهب جمع من كبراء الأصحاب - كما في جامع المقاصد - بل نسب تارة إلى الأكثر ولا سيما بين المتأخرين، وأخرى إلى المشهور جواز الصلاة في السنجاب وإن لم يكن مأكول اللحم . ولكن حكي المنع عن الشيخ في الخلاف، والصدوق في الفقيه، والحلي في السرائر وغيرها وأما الصلاة في السمور والفنك والحواصل الخوارزمية فالمشهور بين أصحابنا عدم جوازه، بل عن المفاتيح الإجماع عليه وعن الصدوق في المقنع وغيره من كتبه الجواز استناداً إلى بعض الروايات التي اطرح الأصحاب العمل بها لمخالفتها للإجماع. وأما بالنسبة للصلاة في الحواصل الخوارزمية فعن صريح النهاية والمبسوط والجامع جواز الصلاة فيها اعتماداً على بعض الروايات المخدوشة المخالفة لما دل بإطلاقه على المنع عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه ، اللهم ألا أن يقال بأن الحواصل مما يؤكل والله العالم.
2- روى الصدوق في الفقيه 1 ، 39 - باب ما يصلى فيه وما لا ... ، ح 58 فقال : وكتب (يعني إبراهيم بن مهزيار) إليه( يعني إلى أبي محمد الحسن (عليه السلام))في الرجل يجعل في جبته بدل القطن قزأ هل يصلي فيه؟ فكتب : نعم لا بأس به. ثم قال رحمه الله : يعني قز المعز لا قز الإبريسم . كما روى الشيخ في التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 41 عن الحسين بن سعيد قال : قرأت كتاب محمد بن إبراهيم إلى أبي الحسن الرضا(عليه السلام)يسأله عن الصلاة في ثوب حشوه قز؟ فكتب إليه : قرأته، لا بأس بالصلاة فيه . ثم قال الشيخ بعد إيراده هذا الحديث : ذكر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه أن المعنى في هذا الخبر قز الماعز دون قز الإبريسم أقول : فتأمل .
3- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 29 . الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 3 . ويدل على عدم جواز الصلاة في أجزاء السباع آكلة اللحم مطلقاً، والحديث مرسل وضعية ..

أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه كره أن يصلّي وعليه ثوبٌ فيه تماثيل(1).

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قلت له : الطَّيْلَسَان يعمله المجوس، أُصلّي فيه؟ قال : أليس يُغسل بالماء؟ قلت بلى قال : لا بأس، قلت: الثّوب الجديد يعمله الحائك، أُصلّي فيه ؟ قال: نعم (2).

19 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يصلّي في ثوب المرأة وفي إزارها، ويعتمّ بخمارها؟ قال : نعم، إذا كانت مأمونة(3).

20 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر ، عن عليّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الدَّراهم السّود الّتي فيها التماثيل ، أيصلّي الرَّجل وهي معه؟ فقال : لا بأس، إذا كانت مواراة(4).

21 - وفي رواية عبد الرَّحمن بن الحجّاج عنه قال : قال : لا بدَّ للنّاس من حفظ بصايعهم، فإن صلّى وهي معه فلتكن من خلفه، ولا يجعل شيئاً منها بينه وبين القبلة .

22 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تكره الصّلاة في الثّوب المصبوغ المشبّع المُقْدَم (5)

23 - محمّد بن يحيى رفعه ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: صلِّ في منديلك الّذي تتمندل به، ولا تصلّ في منديل يَتَمَنْدَلُ به غيرك.

ص: 391


1- «والمراد بالتماثيل ، صور الحيوانات كما هو ظاهر الأخبار أو كل ما له مثل في الخارج كما ذكره جماعة»، مرآة المجلسي 317/15
2- «الغسل، إما على الاستحباب، أو مع العلم بالملاقاة، فآخر الخبر إما محمول على عدم العلم، أو المسلم، أو الجواز »ن . م .
3- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ...، ج 43 الفقيه ،1، 39 - باب ما يصلّى فيه وما . . . . ، ح 32 بتفاوت يسير جداً. ويدل على كراهة الصلاة في ثوب غير المأمونة .
4- التهذيب 2 نفس الباب، ح40
5- التهذيب ،2، نفس الباب ح 81 والمُقْدَم الثوب المشبع حمرة - كما في القاموس - وفسره في المعتبر والمنتهى بأنه الشديد الحمرة. ويستفاد من كلمات الأصحاب رضوان الله عليهم قولهم بكراهة الصلاة في مطلق الثوب الشديد اللون. وهو ما يظهر من كلام الشيخ في المبسوط . كما نقل عن العلامة القول بعدم كراهة شيء من الألوان سوى السواد والمعصفر والمزعفر والمشبع بالحمرة .

24 - محمّد بن يحيى رفعه قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): لا تصلّ فيما شَفٌ أو سَفٌ. يعني الثوب المصيقل(1).

وروي : لا تصلِّ في ثوب أسود، فأمّا الخُفّ أو الكساء أو العمامة فلا بأس(2).

25 -أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن السيّاريِّ، عن أبي يزيد القَسَمي،- وقسم حيُّ من اليمن بالبصرة -، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) أنّه سأله عن جلود الدّراش الّتي يتّخذ منها الخفاف؟ قال: فقال : لا تصل فيها، فإنّها تدبغ بخُرْء الكلاب(3).

26 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الخزّ الخالص أنّه لا بأس به، فأمّا الّذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك ممّا يشبه هذا فلا تصلَّ فيه(4).

27 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيِّ، عن أبيه، عن النّضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدائني ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه كان يكره أن يلبس القميص المكفوف بالدِّيباج، ويكره لباس الحرير، ولباس الوَشْي، ويكره الميثرة الحمراء، فإنها ميثرة إبليس(5).

28 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسکان عن الحلبيِّ قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الخفاف عندنا في السّوق نشتريها، فما

ص: 392


1- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ...، ح 46 . وفيه : صَفٌ، بدل: سف. وفيه : المصقل بدل المصيقل. واستظهر المجلسي في المرآة أنه بالسين (سف) ليس له معنى يناسب المقام ولا التفسير :أقول وربما :أصله أو شَفْ ،فصحف وشفّ : أي حكى عما تحته. كما استقرب بعضهم أن يكون (أو) (وصف) بدلاً من (صف) ومعناه : حكى الحجم . قوله (عليه السلام): يعني الثوب المصيقل : قال الجوهري : صقل السيف صقلاً وصقالاً أي جلده إلى أن قال المصقلة ما يصقل به السيف ونحوه ، انتهى . وكأن المراد ما يصقل من الثياب بحيث يكون له جلاء وصوت لذلك مرآة المجلسي 319/15 .
2- هذا وقد نص أصحابنا على كراهة لبس الأسود في الصلاة وإن كان السواد ضعيفاً لإطلاق الأخبار الواردة فيه، واستنوا منه الخفّ والكساء والعمامة.
3- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 84. والدارش - كما في القاموس - جلد معروف أسود، كأنه فارسي معرب. هذا، والحديث ضعيف.
4- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ...، ح 39 وح 40 بسند آخر. الاستبصار 1، 226 - باب الصلاة في الخز المغشوش، ح 1 و 2 بسند آخر.
5- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ...، ح 42 . والميثرة : المركبة تتخذ من الحرير والديباج ، أو هي شيء يكون كهيئة المرفقة تتخذ للسرج كالضَّفَة والوَشْي : - كما في القاموس - نقش الثوب، ويكون من كل لون هذا وقد قطع متأخر و أصحابنا بجواز الصلاة في الثوب المكفوف بالحرير، والظاهر أن الكراهة في قوله : ويكره لباس الحرير، قد استعملت في الحرمة .

ترى في الصّلاة فيها؟ فقال : صلِّ فيها حتّى يقال لك : إنّها ميتة بعينها(1).

29 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ،رفعه عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يكره الصلاة إلّا فى ثلاثة : الخُفّ والعمامة والكِساء(2).

30 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محسن بن أحمد، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : قلت له : أصلّي في القلنسوة السّوداء؟ فقال: لا تصل فيها، فإنّها لباس أهل النّار(3).

31 - عليُّ ، عن سهل، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن الجهم قال : قلت لأبي الحسن(عليه السلام): أعْتَرِضُ السوق فأشتري خُفّاً لا أدري أذكيُّ هو أم لا؟ قال: صلّ فيه، قلت: فالنعل ؟ قال : مثل ذلك، قلت: إنّي أضيق من هذا، قال : أَتَرْغَبُ عمّا كان أبو الحسن(عليه السلام)يفعله ! ؟(4).

32 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن مهزیار قال: سألته عن الصّلاة في جُرموق ، وأتيته بجُرْموق فبعثت به إليه ؟ فقال : يُصَلّى فيه(5).

33 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن(عليه السلام)قال : سألته عن رجل صلّى وفي كمّه طير؟ قال: إن خاف الذِّهاب عليه فلا بأس، قال : وسألته عن الخلاخل هل يصلح للنّساء والصّبيان لبسها ؟(6) فقال : إذا كانت صمّاء فلا بأس، وإن كانت لها صوت فلا .

34 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي الفضل المدائني، عمّن

ص: 393


1- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 128 بتفاوت. ويشمل بإطلاقه ما إذا كان البائع مستحلاً للميتة بالدباغ مرآة المجلسي 321/15 .
2- التهذيب 2، نفس الباب، ح43 وفيه : يكره السواد بدل يكره ،الصلاة وما في التهذيب أنسب، ولعله تصحيف وقع في الفروع بفعل النسّاخ . الفقيه 1 ، 39 - باب ما يصلّى فيه وما لا ...، ح 18 وفيه : وكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يكره ... الخ .
3- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح44. الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 16. ويحتمل أن المقصود بأهل النار، بنو العباس، لأنهم هم الذين اتخذوا السواد لباساً لهم وشعاراً ويحتمل أنها شعار لليهود والنصارى فهم يلبسونها وهم من أهل النار والحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ...، ج 129 بتفاوت في الذيل يسير
5- التهذيب 2 نفس الباب، ح 130 وفيه : بعثت به.... بدل: فبعثت به .. والجُرموق : خفٌ يلبس فوق الخف ويكون أوسع منه وأقصر. وكأنه معرب : سرموزه .
6- أي مطلقاً وليس مختصاً بحال الصلاة. وقد نص الأصحاب على كراهته إذا كان لها صوت .

حدَّثه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا يصلّ الرّجل وفي تكّته مفتاح حديد .

35 - عليُّ، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «لا يصلّ الرّجل وفي يده خاتم حديد»(1).

وروي : إذا كان المفتاح في غلاف فلا بأس(2)

277- باب الرجل يصلّي في الثوب وهو غير طاهر عالماً أو جاهلاً
اشارة

1 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن صفوان، عن العيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل صلّى في ثوب رجل أيّاماً، ثمَّ إِنَّ صاحب الثّوب أخبره أنّه لا يصلّي فيه؟ قال: لا يعيد شيئاً صلاته(3).

2 - وبهذا الإسناد، عن عليِّ بن مهزيار، عن فَضاله بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرّجل يصلّي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنّور أو كلب ، أيعيد صلاته؟ إن كان لم يعلم . فلا يعيد(4).

3 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن النّضر بن سويد، عن أبي سعيد المكاريّ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله(5)أو أبي جعفر صلوات الله عليهما قال : لا تعاد الصّلاة من دم لم تُبْصِرْهُ غير دم الحيض، فإنَّ قليله وكثيره في الثّوب إن رآه أو لَمْ يَرَهُ سُواء(6).

ص: 394


1- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 103 . الفقيه 1 ، 39 - باب ما يصلّى فيه وما لا ... ، ح 22
2- روى الشيخ في التهذيب 2 ، عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله(عليه السلام)أن الحديد إذا كان في غلاف لا بأس بالصلاة فيه .
3- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 22 . الاستبصار 1 ، 109 - باب الرجل يصلي في ثوب فيه نجاسة قبل أن يعلم .. والحديث صحيح، ويدل على عدم وجوب إعادة الجاهل بموضوع النجاسة وعلى حجية قول صاحب اليد في النجاسة .
4- الحديث صحيح، ويدل على عدم وجوب الإعادة على الجاهل بالموضوع.
5- الترديد من الراوي .
6- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، ح 32 . وفيه عن أبي بصير ، قال : ... ، قوله : لم تبصره : أي لم تعلمه وكنت جاهلاً بوجوده ثم علمت بعد هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه يعفى في الصلاه عن دم الجروح والقروح مع السيلان دائماً أو في وقت لا يسع زمن فواته الصلاة، وأما الدماء الثلاثة فلا يعفى عن شيء منها، وقد دل الحديث على أنه لو كان شيء منها على الثوب أو البدن وجهل المصلي بوجوده فعليه اعادة الصلاة وهذا فرق آخر بينها وبين بقية النجاسات في هذه الحالة .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بعض من رواه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا أصاب ثوبَك خمرْ أو نبيذ مسكر ، فاغسله إن عرفت موضعه، فإن لم تعرف موضعه فاغسله كلّه، وإن صلّيت فيه فأَعِدْ صلاتك(1).

5 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن خيران الخادم قال : كتبت إلى الرَّجل(2)صلوات الله عليه أسأله عن الثّوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير، أيصلّى فيه أم لا؟ فإنَّ أصحابنا قد اختلفوا فيه، فقال بعضهم : صل فيه، فإنَّ الله إنّما حرَّم شربها، وقال بعضهم : لا تصلّ فيه؟ فكتب(عليه السلام): لا تصلّ فيه فإنّه رجسٌ . قال : وسألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الّذي يعير ثوبه لمن يعلم أنّه يأكل الجرِّيِّ ، أو يشرب الخمر فيردُّه، أيصلّي فيه قبل أن يغسله ؟ قال : لا يصلِّ فيه حتّى يغسلَه (3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في رجل صلّى في ثوب فيه جنابة ركعتين، ثمَّ علم به؟ قال : عليه أن يبتدىء الصّلاة ، قال : وسألته عن رجل صلّى وفي ثوبه جنابة أودم حتّى فرغ من صلاته ثمَّ علم ؟ قال : قد مضت صلاته ولا شيء عليه(4).

7 - محمّد بن يحيى، عن الحسن بن عليِّ بن عبد الله، عن عبد الله بن جبلة، عن سيف، عن منصور الصّيقل، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: قلت له : رجل أصابته جنابة باللّيل فاغتسل، فلمّا أصبح نظر فإذا في ثوبه جنابة؟ فقال : الحمد لله الّذي لم يدع شيئاً إلّا وله حدُّ ، إن كان حين قام نظر فلم ير شيئاً فلا إعادة عليه، وإن كان حين قام لم ينظر، فعليه الإعادة(5).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء، عن

ص: 395


1- التهذيب 1 ، نفس الباب، ح 105 الاستبصار 1 ، 112 - باب الخمر يصيب الثوب أو . . . . الثوب أو ...، ح 2
2- المقصود به الإمام أبو الحسن الثالث(عليه السلام)لأن خيران كان من أصحابه(عليهم السلام).
3- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 106 . الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 3 وروبا صدره بنقيصة في بعض عبارته. 1 والرخس : النجس بلا خلاف. وقد حمل الشيخ ما تضمنه ذيل هذا الخبر من النهي عن الصلاة فيه حتى يغسله على الكراهة لأن الأشياء كلها على الطهارة حتى يعلم نجاستها يقيناً . والحديث ضعيف على المشهور. كما كرر الشيخ ذكر هذا الخبر بصدره برقم 17من الباب 17من الجزء 2 من التهذيب وروی ذیله بتفاوت وسند آخر في الاستبصار 1 ، 231 - باب الصلاة في الثوب الذي يعار لمن يشرب الخمر أو . . . ، ح 2 .
4- التهذيب 1 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 21 . الاستبصار ،1 ، 109 باب الرجل يصلي في ثوب فيه نجاسة قبل أن يعلم ح 6 بتفاوت يسير.
5- التهذيب 1 ، 22 - باب تطهير البدن والثياب من النجاسات . ح 19 وفي سنده : عن ميمون بدل : عن منصور الصيقل الاستبصار 1 ، 109 - باب الرجل يصلي في ثوب فيه نجاسة قبل أن يعلم ، ح 12 وفي سنده : الحسن بن علي بن عبيد الله.

محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال : سألته عن الرَّجل يرى في ثوب أخيه دماً وهو يصلّي؟ قال : لا يُؤْذِنُهُ حتّى ينصرف(1).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة ،عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم؟ قال : إن كان علم أنّه أصاب ثوبه جنابة قبل أن يصلّي، ثمَّ صلّى فيه ولم يغسله فعليه أن يعيد ما صلّى ، وإن كان لم يعلم به فليس عليه إعادة ؛ وإن كان يرى أنّه أصابه شيء فنظر فلم ير شيئاً، أجزأه أن ينضحه بالماء(2).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان قال: بعثتُ بمسألة إلى أبي عبد الله(عليه السلام)مع إبراهيم بن ميمون قلت: سَلْهُ عن الرَّجل يبول فيصيب فخذه قدر نكتة من بوله، فيصلّي ، ويذكر بعد ذلك أنّه لم يغسلها؟ قال : يغسلها، ويعيد صلاته(3).

11 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة، عن أبَان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الرجل يصلّي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنّور أو كلب، أيعيد صلاته؟ فقال: إن كان لم يعلم فلا يعيد(4).

12 - عليُّ بن محمّد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : اغسل ثوبك من بول كلِّ ما لا يؤكل لحمه(5).

13 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يتقياًّ

ص: 396


1- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 25 وفيه : لا يؤذيه ، بدل: لا يؤذنه. ويدل على عدم وجوب الإعلام بالنجاسة لمن يجهل أنها عليه .
2- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 20 . هذا وقد اجمع فقهاؤنا رضوان الله عليهم على بطلان الصلاة مع النجاسة فيما إذا كان عالماً عامداً، وكذا المشهور بينهم بطلان الصلاة معها إذا كان يجهل حكم النجاسة ومبطليتها للصلاة وذلك لأن المأتي به مع النجاسة ليس مأموراً به ولا فرداً للواجب الشرعي، كما اجمعوا على صحة صلاة الجاهل بالموضوع رأساً ولذا فليس عليه إعادة ولا ،قضاء وإن كان الشيخ في النهاية وابن زهرة في الغنية والمحقق في مختصره النافع والعلامة في قواعده وحكي عن غيرهم أيضاً ايجاب الإعادة عليه لو انكشفت له النجاسة في الوقت وحملوا بقية الروايات المتضمنة للحكم بصحة الصلاة أو النافية للإعادة أو الأمرة بالاعتداد بها على نفي وجوب القضاء جمعاً.
3- التهذيب ،2 نفس الباب، خ 18 الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 5 .
4- التهذيب ، نفس الباب، ح 19 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ح 2 وفي ذيله : فلا يُعده .
5- يشمل بإطلاقه بدل الطير أيضاً مما لا يؤكل لحمه .

في ثوبه، يجوز أن يصلّي فيه ولا يغسله؟ قال: لا بأس به(1).

14 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ ؛ وعليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزيار قال: قرأت في كتاب عبد الله بن محمّد إلى أبي الحسن(عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك ، روى زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله صلوات الله عليهما في الخمر يصيب ثوب الرَّجل أنّهما قالا : لا بأس بأن يصلّى فيه، إنّما حُرِّم شُرِّبُها . وروى غير زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه قال : إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ - يعني المسكر - فاغسله إن عرفت موضعه، وإن لم تعرف موضعه فاغسله كلّه، وإن صلّيت فيه فأَعِد صلاتك. فأَعلِمْني ما آخذ به؟ فوقّع بخطّه(عليه السلام): خذ بقول أبي عبد الله(عليه السلام)(2).

15 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن أبي جميل(3)البصريِّ قال : كنت مع يونس ببغداد وأنا أمشي معه في السوق، ففتح صاحب الفقّاع فقّاعه فقفز(4)فأصاب ثوبَ يونس، فرأيته قد اغتمَّ بذلك، حتّى زالت الشمس فقلت له : يا أبا محمّد، ألا تصلّي؟ قال: فقال : ليس أُريد أن أُصلّي حتّى أرجع إلى البيت وأغسل هذا الخمر من ثوبي ، فقلت له : هذا رأيٌ رأيتَه أو شيء ترويه؟ فقال : أخبرني هشام بن الحكم أنّه سأل أبا عبد الله(عليه السلام)عن الفقّاع؟ فقال لا تشربه، فإنّه خمر مجهول، فإذا أصاب ثوبك فاغسله(5).

16 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن عبد الله الواسطيِّ، عن قاسم الصيقل قال : كتبت إلى الرِّضا(عليه السلام): إنّي أعمل أغماد السيوف من جلود الحُمُر الميّتة، فيصيب ثيابي، فأُصلّي فيها؟ فكتب(عليه السلام)إلىَّ اتّخذ ثوباً لصلاتك، فكتبتُ إلى أبي جعفر الثاني(عليه السلام): كنت كتبت إلى أبيك(عليه السلام)بكذا وكذا ، فصعب عليِّ ذلك، فصرت أعملها(6)من

ص: 397


1- التهذيب ،2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 16
2- التهذيب 1 ، 12 - باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، ح 113 بتفاوت يسير جداً الاستبصار 1 ، 112 - باب الخمر يصيب الثوب و ... ، ح 10 بتفاوت يسير أيضاً. وقد حمل الشيخ رحمه الله بقرينة قوله(عليه السلام): خذ بقول أبي عبد الله(عليه السلام)، على أن ما تضمنه قوله(عليه السلام)مع قول أبي جعفر(عليه السلام)في صدر الحديث : لا بأس .. الخ . على التقية.
3- في التهذيب : عن أبي جميلة البصري.
4- أي وثب وتطاير، والضمير يعود إلى الفقاع .
5- التهذيب 1، نفس الباب، ح 115 وقد دل على أن حكم الفقاع حكم الخمر وهو ما أجمع عليه أصحابنا رضوان الله عليهم.
6- يعني أغماد السيوف

جلود الحمر الوحشيّة الذّكيّة؟ فكتب(عليه السلام)إليَّ : كل أعمال البر بالصبر يرحمك الله ، فإن كان ما تعمل وحشيّاً ذكيّاً فلا بأس(1) .

225- باب الصلاة في ثوب واحد والمرأة في كم تصلّي وصلاة العراة والتوشُّح

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً

ص: 398


1- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ...، ح 15 . وفيه مما تعمل ..... 15 : . بدل ما تعمل . . . ، والحديث ضعيف على المشهور.

عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال: سألته عن الرَّجل يصلّي في قميص واحد، أو في قباء طاق(1)، أو في قباء محشوّ، وليس عليه إزار؟ فقال: إذا كان عليه قميصٌ سفيق(2)، أو قباء ليس بطويل الفرج(3)، فلا بأس به، والثوب الواحد يتوشّح به(4)،وسراويل كلُّ ذلك لا بأس به، وقال: إذا لبس السراويل فليجعل على عاتقه شيئاً ولو حَبْلاً(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: رأيت أبا جعفر(عليه السلام)صلّى في إزار واحد ليس بواسع، قد عقده على عنقه، فقلت له : ما ترى للرّجل يصلّي في قميص واحد ؟ فقال : إذا كان كثيفاً فلا بأس به، والمرأة تصلّي في الدِّرع والمقنعة إذا كان الدِّرع كثيفاً - يعني إذا كان ستيراً - قلت : رحمك الله ، الأُمَة تغطّي رأسها إذا صلّت؟ فقال : ليس على الأمة قناع(6).

3 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل أمَّ قوماً في قميص ليس عليه رداء؟ فقال : لا ينبغي، إلّا أن يكون عليه رداء ، أو عمامة يرتدي بها (7).

4 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)أنّه قال : إيّاك والتحافَ الصمّاء ، قلت : وما التحافُ الصّمّاء؟ قال : أن تُدخل الثوب من تحت جَناحك فتجعله على منكب واحد(8).

ص: 399


1- قباء طاق : - بمقتضى المقابلة مع ما بعده - هو غير المحشو بالقطن .
2- سفيق : لغة في الصفيق - كما في القاموس - وهو كثير الغزل . لأنه - كما في المغرب - خلاف سخيف، وثوب سخيف : إذا كان قليل الغزل.
3- الفرج: الجيب .
4- «فسّر التوشح بعض اللغويين وشرّاح كتب العامة بأن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى ويأخذ طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى ثم يعقدهما على صدره، وظاهر اللفظ، جعل أحد الكتفين مكشوفاً والآخر مستوراً »مرآة المجلسي 15 / 300 - 301 .
5- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و... ،ح60 .
6- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 63 . وأخرج ذيله من قوله : المرأة تصلي في الدرع ... 1، - إلى قوله : ستيرا. في الفقيه 1 ، 54 - باب آداب المرأة في الصلاة ، ح 1 . هذا، ولا خلاف بين الأصحاب في جواز صلاة الصبية والأمة بغير خمار بلا فرق في الأمة بين أن تكون قناً أو مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة مطلقة أو مشروطة .
7- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 53 . ويدل على كراهة الإمامة في الصلاة من . غير رداء .
8- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 49. الاستبصار 1 ، 227 - باب كراهية الميزر :فوق القميدس في الصلاة ، ح 3 الفقيه 1 ، 39 - باب ما يصلّي فيه وما لا يصلى فيه . . . ، ح 43. واشتمال الصماء - كما في الصحاح - أن تجلل جسدك بثوبك نحو شملة الأعراب بأكسيتهم، وهو أن يرد الكساء من قبل يمينه على يده اليسرى وعاتقه الأيسر ثم يرده ثانية من خلفه على يده اليمنى وعاتقه الأيمن فيغطيهما جميعاً . ... الخ». وفي القاموس فسره بمعنيين أحدهما هذا المعنى الذي ذكره في الصحاح. وإنما سمي بذلك لأنه إذا اشتمل به سدّ على يديه ورجليه المنافذ كلها كالصخرة الصمّاء.

5 - علي بن محمّد رفعه ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في رجل يصلّي في سراويل ليس مع غيره قال : يجعل التكّة على عاتقه(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن حديد، عن جميل قال: سأل مرازم أبا عبد الله(عليه السلام)- وأنا (عليه السلام)- وأنا معه حاضر - عن الرَّجل الحاضر يصلّي في إزار مرتدياً به؟ قال : يجعل على رقبته منديلاً أو عمامة يتردَّى به(2)

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا ينبغي أن تتوشّح بإزار فوق القميص وأنت تصلّي ، ولا تتّزر بإزار فوق القميص إذا أنت صلّيت، فإنّه من زيِّ الجاهليّة(3).

8 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زیاد بن سوقة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: لا بأس أن يصلّي أحدكم في الثوب الواحد وإزاره محلّلة، إنَّ دين محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)حنيف(4).

9 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن رفاعة قال : حدَّثني من سمع أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يصلّي في ثوب واحد متّزراً به ؟ قال : لا بأس

ص: 400


1- قريب منه بسند مختلف في التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، صدرح 51. وكذلك هو في الفقيه 1 ، 39 - باب ما يصلّى فيه وما لا ... ، صدرح .33 والعائق : موضع الرداء من المنكب وموضع نجاد السيف من الكتف، أو ما بين المنكب والعنق، جمعه : عوائق وعتق والتكة : رباط السراويل ، جمعها : تكك ، والعامة تقول : دكة. ويدل الحديث على استحباب الرداء في الصلاة إماماً كان أو مأموماً أو منفرداً ، كما يدل على كفاية مثل التكة عند الضرورة.
2- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 50 بتفاوت قليل.
3- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ...، ح 48 بتفاوت. الاستبصار 1 ، 227 - باب كراهية الميزر فوق القميص في الصلاة، ح 2 بتفاوت، حيث لم يوجد فيهما من قوله : وأنت تصلي ... إلى قوله : فوق القميص . . . ، وقال المجلسي رحمه الله : وكأنه سقط من قلمه رحمه الله أو قلم الناسخين فصار ذلك منشأ لاعتراض صاحب المدارك وحكم بعدم الكراهة .
4- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و . . . ، ح 9 . الاستبصار 1 ، 230 - باب الإنسان يصلي محلول الأزرار و ...، ح 2 . الفقيه 1 ، 39 - باب ما يصلى فيه وما لا .... ح 74. وفي الجميع وأزراره .... بدل وإزاره .... والحنيف المنحرف عن كل ما هو باطل وقبيح .

به إذا رفعه إلى الثُندَوَتين(1).

10 - وعنه ، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار الساباطيِّ، عن أبي عبد الله

(عليه السلام) في الرَّجل يصلّي فيدخل يديه تحت ثوبه، قال : إذا كان عليه ثوب آخر، إزار أو سراويل فلا بأس، وإن لم يكن، فلا يجوز له ذلك، وإن أدخل يداً واحدة ولم يُدخل الأُخرى فلا بأس(2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن ، عن ابن مسكان، عن ابن أبي يعفور قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): تصلّي المرأة في ثلاثة أثواب: إزار ودِرع وخمار، ولا يضرُّها بأن تَقَنَّع بالخمار، فإن لم تجد، فثوبين، تتّزر بأحدهما وتَقَنَّع بالآخر، قلت: فإن كان درع وملحفة ليس عليها مقنعة؟ فقال: لا بأس إذا تقنّعت بالملحفة، فإن لم تَكْفِها فلتلبسها طولاً(3).

12 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى ، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : لا بأس بأن يصلّي الرَّجل وثوبه على ظهره ومنكبيه فيسبله(4)إلى الأرض ولا يلتحف به، وأخبرني من رآه(5)يفعل ذلك.

13 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين ،عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن الرجل يشتمل في صلاته بثوب واحد؟ قال : لا يشتمل بثوب واحد فأمّا أن يتوشّح فيغطّي منكبَيْه فلا بأس(6).

ص: 401


1- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 57 ، وفي ذيله : إلى الثديين. والتندوتان : هما في الرجل كالثديين للمرأة والحديث مرسل .
2- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من . 00 ، ح 7 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ح 4 . هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب إبراز اليدين في الصلاة أو جعلهما في الكمين، وكراهة جعلهما تحت الثياب .
3- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و.... ، ح 64. الاستبصار 1 ، 228 - باب أن المرأة الحرة لا تصلي بغير خمار ، ح 3 قال في القاموس : الملحفة والملحف اللباس فوق سائر اللباس من دثار البرد ونحوه . والمقنع والمقنعة ما تقنع به المرأة رأسها . هذا، وقد أجمع أصحابنا على أن جسد المرأة كله عورة يجب ستره في الصلاة واستثنى الأكثر الوجه والكفين وظاهر القدمين. والسيد المرتضى في الانتصار استثنى الوجه فقط حيث جوز لها كشفه دون غيره . نعم حكي عن ابن الجنيد أن ما يجب ستره على المرأة في الصلاة هو عورتها فقط إذا لم يكن يراها غير ذي محرم لها وجوز لها أن تصلي مكشوفة الرأس حرّة كانت أو أمة، وهو شاذ .
4- أي يسدله ويرسله .
5- الضمير يعود إلى أبي عبد الله(عليه السلام).
6- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 53 . والمراد بالاشتمال، إما التلفف فيه، فالنهي لمنافاته لبعض أفعال الصلاة، أو مطلق اللبس فلكراهة الصلاة في ثوب واحد لا يستر المنكبين مرآة المجلسي 306/15.

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا يصلح للمرأة المسلمة أن تلبس من الخُمُرِ والدُّروع ما لا يواري شيئاً(1).

15 - جماعة، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال : سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض ليس عليه إلّا ثوبٌ واحدٌ، وأجنب فيه، وليس عنده ماءٌ ، كيف يصنع ؟ قال : يتيمّم، ويصلّي عرياناً قاعداً يؤمي إيماءً(2).

16 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): رجل خرج من سفينة عرياناً ، أو سُلب ثيابَهُ ولم يجد شيئاً يصلّي فيه؟ فقال : يصلّي إيماءٌ ، فإن كانت امرأة جَعَلت يدها على فَرْجها، وإن كان رجلاً وضع يده على سَوْءته(3)، ثمَّ يجلسان فيؤميان إيماءٌ ولا يسجدان ولا يركعان فيبدو ما خلفهما تكون صلاتهما إيماءٌ برؤوسهما ، قال : وإن كانا في ماء أو بحر لُجَي لم يسجدا عليه، وموضوع عنهما التوجّه فيه، يؤميان في ذلك إيماءٌ ، رَفْعُهُما توجّه ووَضْعُهُما(4).

228- باب الرجل يصلّي وهو مُتَلَتّم أو مُخْتَضِب أو لا يخرج يديه من تحت الثوب في صلاته

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعی ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : قلت له : أيصلّي الرَّجل وهو مُتَلَثِّم؟ فقال : أمّا على الأرض فلا، وأمّا على الدابّة فلا بأس(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن أبي بكر الحضرميِّ قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرجل يصلّي وعليه خضابه؟ قال : لا يصلّي وهو عليه، ولكن ينزعه إذا أراد أن يصلّي ، قلت : إن حنّاه وخرقته نظيفة ؟ فقال : لا يصلّي وهو عليه، والمرأة أيضاً لا تصلّي وعليها خضابها(6).

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام)، فدخل عليه عبد الملك القميّ فقال : أصلحك الله ، أسْجُدُ ويدي في ثوبي ؟ فقال : إن شئتَ، قال: ثمّ؟ قال: إنّي والله ما من هذا وشِبْهِهِ أخاف عليكم(7).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن النعمان، عمّن رواه، عن أبي

ص: 402


1- التهذيب 2 نفس الباب ح 69. الاستبصار 1 ، 228 - باب المرأة الحرة لا تصلي بغير خمار، ح 8. قوله(عليه السلام): ما لا يواري شيئاً : أي يحكي لون البشرة أو الشعر أو هما معاً. أو أن اللباس يكون مشدوداً على البدن بحيث يحكي حجم أعضائه حتى العورة، وقد احتاط بعض فقهائنا بالترك إلا للضرورة.
2- التهذيب 1 ، 20 - باب التيمم وأحكامه ، ح . الاستبصار 1 ، 101 - باب الرجل تصيب ثوبه الجنابة ولا يجد . الماء لغسله و... ، ح 1 بتفاوت. وفيهما : قائماً ... ، بدل : قاعداً .... هذا ، والصلاة عارياً فيما إذا كان ثوبه نجساً ولا يمكن تطهيره هو ما عليه المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم، وقد خالف في ذلك بعضهم كالشهيدين رضوان الله عليهما يقولان وهما بصدد الحديث عن شرائط الساتر في الصلاة: وكذا عفي عما يتعذر إزالته فيصلى فيه للضرورة ولا يتعين عليه الصلاة عارياً خلافاً للمشهور، والأقرب تخيير المختار وهو الذي لا يضطر إلى لبسه لبرد وغيره بينه أي بين أن يصلّي فيه صلاة تامة الأفعال وبين الصلاة عارياً فيومي للركوع والسجود كغيره من العراة قائماً مع أمن المطلع وجالساً مع عدمه والأفضل الصلاة فيه مراعاة للتمامية وتقديماً لفوات الوصف على فوات أهل الستر ولولا الإجماع على جواز الصلاة فيه عارياً بل الشهرة بتعينه ، لكان القول بتعين الصلاة فيه ،متوجها ، أما المضطر إلى لبسه فلا شبهة في وجوب صلاته فيه »ويقول المحقق في الشرائع 1 / 54 - 55 : «ويجب عليه أن يلقي الثوب النجس ويصلي عرياناً إذا لم يكن هناك غيره، وإن لم يمكنه صلى فيه ،وأعاد وقيل : لا يعيد، وهو الأشبه».
3- أي عورته .
4- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 44 بتفاوت يسير في الذيل : وقال ابن إدريس : يصلي الفاقد للساتر قائماً مومياً سواء أمن المطلع أم لا . وقال المرتضى : يصلي جالساً مطلقاً، وأكثر الأصحاب على أنه إن أمن من المطلع صلى قائماً وإلا جالسا مومياً في الحالين .
5- الاستبصار 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 108 الفقيه 1، 39 - باب ما يصلى فيه وما ، لا ... ، ح 29. الاستبصار 1 ، 239 - باب المصلّي يصلي وعليه لثام ، ح 1. «قوله(عليه السلام): وأما على الدابة . . . ، كأنه من خوف العدو لأن الفائدة دفعه بأن لا يعرفه، وأما على الأرض فضرره نادر مرآة المجلسي 329/15 . أقول : وفي هذا التوجيه نظر. والحديث مجهول كالصحيح .
6- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ...، ح 1 . الاستبصار 1 ، 229 - باب كراهية الصلاة . في خرقة الخضاب ، ح 1 . وقد حمله الشيخ في التهذيب على الاستحباب دون الوجوب . وقد نص الشهيد في الدروس ، كغيره من أصحابنا على كراهة الصلاة في خرقة الخضاب .
7- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 192 بتفاوت. وفيه : ... رأيت أبا عبد الملك القمي يسأل ... الخ .

عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل يصلّي وهو يؤمي على دابتّه؟ قال : يكشف موضع السجود(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مصادف، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في رجل صلّى فريضة وهو معقص الشعر؟ قال: يعيد صلاته(2).

229- باب صلاة الصبيان ومتى يؤخذون بها

1 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله عن أبيه(عليه السلام)قال : إنّا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا بني خمس سنين، فَمُرُوا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين ، ونحن نأمر صبياننا بالصّوم إذا كانوا بني سبع سنين، بما أطاقوا من صيام اليوم ، إن كان إلى نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقلّ، فإذا غلبهم العطش والغَرَتْ أفطِروا حتّى يتعوَّدوا الصّوم ويطيقوه ، فَمُرُوا صبيانكم إذا كانوا بني تسع سنين بالصوم ما استطاعوا من صيام اليوم، فإذا غلبهم العطش أفطروا(3).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبْعَي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار قال كان عليُّ بن الحسين صلوات الله عليهما ، يأمر الصبيان يجمعون بين المغرب والعشاء، ويقول : هو خيرٌ من أن يناموا عنها(4).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن المفضّل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: سألته عن الصّبيان إذا صفّوا في الصلاة المكتوبة؟ قال : لا تؤخّروهم عن الصلاة المكتوبة ، وفَرِّقوا بينهم(5).

ص: 403


1- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و ... ، ح 107 وفيه : ... على دابته متعمماً أقول : وهو أنسب بالمقام بملاحظة جوابه(عليه السلام).
2- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 122 بتفاوت. وفيه : معقوص الشعر. وعقص شعره : جمعه في وسط رأسه وظَفَرَه . وقد قال الشيخ وجماعة بتحريمه في الصلاة، بل بطلان الصلاة معه مستدلين بالاجماع (وهو كما ترى)، وبهذه الرواية، (وهي ضعيفة وأكثر الأصحاب على الكراهة، وعلى القولين فالحكم مختص بالرجال ورخص بعقص الشعر للنساء كما ذكره المفيد رحمه الله
3- التهذيب 2، 18 - باب الصبيان متى يؤمرون بالصلاة ، ح 1 . الاستبصار 1 ، 247 - باب الصبيان متى يؤمرون بالصلاة ، ع 6 . الفقيه 1، 43 - باب الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصلاة ، ح 1 بتفاوت. والغَرَتْ : - كما في الصحاح - الجوع . في المقنعة .
4- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 2 . وفيه والعشاء الآخرة .
5- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 3 بدون كلمة المكتوبة في ذيل الحديث قوله : لا تؤخر وهم : لا تمنعوهم . :قوله وفرّقوا بينهم ؛ أي في صلاة الجماعة إذا صلوا معكم والحكمة من تفريقهم منعهم من اللعب مع بعضهم البعض أثناء الصلاة كما هو شأن الأطفال إذا تراصوا وتقاربوا والحديث ضعيف على المشهور.
230- باب صلاة الشيخ الكبير والمريض

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): أتصلّي النّوافل وأنت قاعد؟ فقال: ما أُصلّيها إلّا وأنا قاعدٌ منذ حملت هذا اللّحم(1)وبلغت هذا السنِّ(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ،عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قلت له : إنّا نتحدَّث نقول : من صلّى وهو جالسٌ من غير علّة كانت صلاته ركعتين بركعة، وسجدتين بسجدة؟ فقال : ليس هو هكذا ،

هي تامّة لكم(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دَّراج أنّه سأل أبا عبد الله(عليه السلام): ما حدُّ المريض الّذي يصلّي قاعداً؟ فقال : إنَّ الرَّجل ليوعَكُ ويخرج، ولكنّه هو أعلم بنفسه، ولكن إذا قوي فليقم(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل والمرأة يذهب بصره فيأتيه الأطباء فيقولون : نداويك شهراً أو أربعين ليلة مستلقياً، كذلك يصلّي؟ فرخص في ذلك وقال: «فمن

ص: 404


1- كان الإمام الباقر(عليه السلام)سميناً، كما يُروى.
2- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من ، ح 132 . هذا وقد ادعى بعض أصحابنا الاجماع على جواز الإتيان بالنوافل من جلوس وابن إدريس منع من القعود فيها اختيارا
3- التهذيب 2 نفس ،الباب ، ح 135 . الاستبصار 1 ، 159 - باب كيفية قضاء صلاة النوافل والوتر، ح 13 . ، الفقيه 1، 50 - باب صلاة المريض و ... ، ح 16 . وقوله(عليه السلام): هي نامة لكم، يحتمل أن ثوابها مع كونها من جلوس هو تام للشيعى بحكم ولايته لأهل البيت(عليهم السلام)، كما يحتمل أنها تامة لكم، أي لأمثالكم ممن كان مريضاً أو هماً أو ضعيفاً عن القيام والله العالم.
4- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 131 . وكرره برقم 13 من الباب 14 من الجزء 3 من التهذيب. وفيه : ولكنه أعلم بنفسه. وفيه أيضاً ويُحْرَج، بدل ريخرج والوعك أدنى الحمى، ووجعها - كما في القاموس .. والحديث حسن . قال المحقق في الشرائع 81080/1: القيام وهو ركن مع القدرة 81080: «القيام وهو ركن مع القدرة ..... ولو قدر على القيام في بعض أن يقوم بقدر مكنته وإلا صلّى قاعداً ، وقيل : حد ذلك أن لا يتمكن من المشي بقدر زمان صلاته والأول أظهر، والقاعد إذا تمكن من القيام إلى الركوع وجب، وإلا ركع جالساً. وإذا عجز عن القعود صلى مضطجعاً« على جانبه الأيمن، فإن عجز فعلى الأيسر، ويستقبل بمقاديم بدنه القبلة كالملحود»، فإن عجز صلى مستلقياً، والأخيران (المضطجع والمستلقي) يوميان لركوعهما وسجودهما ومن عجز عن حالة في أثناء الصلاة انتقل إلى ما دونها مستمراً كالقائم يعجز فيقعد، والقاعد يعجز فيضطجع، والمضطجع يعجز فيستلقي، وكذا بالعكس، ومن لا يقدر على السجود يرفع ما يسجد عليه، فإن لم يقدر أومأ» .

اضطّر غير باغِولا عادٍ فلا إثم عليه»(1).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن المريض إذا لم يستطع القيام والسجود ؟ قال : يؤمي برأسه إيماءً ، إن يضع جبهته(2)على الأرض أجبُّ إليَّ .

6 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر رفعه، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : المريض يؤمي إيماءً .

7- عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن ابن بكير، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن المبطون ، فقال : يبني علي صلاته (3).

8 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فَضالة، عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قلت : الرَّجل يصلّي وهو قاعدٌ فيقرأ السورة، فإذا أراد أن يختمها قام فركع بآخرها؟ قال : صلاته صلاة القائم (4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن معاوية بن ميسرة أنَّ سناناً سأل أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يمدُّ [ في الصلاة] إحدى رجليه بين يديه وهو جالسٌ؟ قال : لا بأس، ولا أراه إلّا قال: في المعتلّ والمريض(5).

وفي حديث آخر: يصلّي مترّبعاً ومادٌ رِجْلَيه، كلُّ ذلك واسع .

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة: عن سماعة قال : سئل عن

ص: 405


1- سورة البقرة 173 . وقد دل الحديث على جواز إيقاع النفس عند الضرورة فيما يوجب العمل بالأحكام الاضطرارية والحديث صحيح .
2- المقصود - بمقتضى مناسبات الحكم والموضوع - أن يرفع إلى جبهته ما يصح السجود عليه فيسجد عليه .
3- التهذيب 3 ، 30 - باب صلاة المضطر ، ح .19 والمبطون : من به داء البطن بحيث لا يمكنه أن يستمسك من خروج الغائط، في مقابل المسلوس، وهو من به داء السلس بحيث لا يمكنه أن يستمسك من البول . والمشهور، أن المبطون إذا تجدد حدثه في الصلاة يتطهر ويبني ، وذهب العلامة في المختلف إلى وجب استئناف الطهارة والصلاة مع إمكان التحفظ بقدر زمانهما وإلا بنى بغير طهارة، ومحل الخلاف ما إذا شرع في الصلاة متطهراً ثم طرأ الحدث أما لو كان مستمراً فقد صرّح المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى بأنه كالسلس في وجوب تجديد الوضوء لكل صلاة والعفو عما يقع من ذلك في الاثناء مرآة المجلسي 334/15 .
4- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من . . . ، ح 133 . وقد دل على أنه لو ركع عن قيام كتب له ثواب صلاة القائم.
5- التهذيب 3، 30 - باب صلاة المضطرّ، ح 26 . وفيه : ولا أراه إلا في... الخ. بدون : قال والحديث مجهول. ومد الرجلين : بَسْطُهُما .

الأسير يأسره المشركون فتحضر الصلاة، ويمنعه الذي أسره منها ؟ قال : يؤمي إيماءً(1).

11 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(عليه السلام)في قول الله عزَّ وجلَّ :﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾(2)، قال: الصحيح يصلّي قائماً، ﴿وَقُعُودًا﴾ المريض يصلّي جالساً، ﴿وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾، الّذي يكون أضعف من المريض الّذي يصلّي جالساً(3).

12 - عليُّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن إبراهيم، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : يصلّي المريض قاعداً ، فإن لم يقدر صلّى مستلقياً ، يكبّر ثمَّ يقرأ، فإذا أراد الركوع غمّض عينيه ثمَّ سبّح، ثمَّ يفتح عينيه، فيكون فَتْحُ عينيه رَفْعَ رأسه من الرُّكوع، فإذا أراد أن يسجد غمّض ثمَّ سبّح، فإذا سبّح فتح عينيه، فيكون فَتْحُ عينيه رَفْعَ رأسه من السجود ثمَّ يتشهّد وينصرف(4)

13 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدَّق بن صدقة(5)، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته، عن المريض، أيحلُّ له أن يقوم على فراشه ويسجد على الأرض؟ قال : فقال : إذا كان الفراش غليظاً قدر آجرة أو أقلّ، استقام له أن يقوم عليه ويسجد على الأرض، وإن كان أكثر من ذلك فلا (6).

231- باب صلاة المغمى عليه والمريض الذي تفوته الصلاة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن حديد، عن مرازم قال: سألت

ص: 406


1- التهذيب ،3، 14 - باب صلاة الغريق والمتوحل و ...، ح4 بتفاوت يسير وفيه : عن سماعة قال: سألته . وفيه تصريح بذكر أبي عبد الله(عليه السلام)برقم 1 من الباب 19 من الجزء 2 من التهذيب. الفقيه 1، 63 - باب صلاة الخوف والمطاردة و...، ح 5 بتفاوت وفيه : سأل سماعة بن مهران أبا عبد الله(عليه السلام) وسوف يكرر الكليني رحمه الله هذا الحديث برقم 4 من الباب 252 من هذا المجلد .
2- سورة آل عمران / 191
3- التهذيب 2 90 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة و ...، ح 130 وكرره برقم 9 من الباب 14 من الجزء 3 من التهذيب أيضاً.
4- التهذيب ،2 ، نفس الباب، ح 129 الفقيه 1 ، 50 - باب صلاة المريض والمغمى عليه و... ، ح 1 . هذا وقد كرر الشيخ في التهذيب 3 هذا الحديث برقم 6 من الباب 14 فراجع .
5- وكأنه سقط عمار من النسّاخ مرآة المجلسي 336/15 .
6- لتهذيب 3 ، 30 - باب صلاة المضطر ، ج 27 . ويدل على عدم جواز ارتفاع الموقف عن المسجد أزيد من ثخن الأجرة وهو قريب من أربع أصابع كما هو المشهورة مرآة المجلسي 236/15 .

أبا عبد الله(عليه السلام)عن المريض لا يقدر على الصلاة؟ قال: فقال : كلُّ ما غَلَبَ اللهُ عليه فالله أَوْلى بالعُذر(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد،عن الحجُّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن عمر قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن المريض، يقضي الصّلاة إذا أُغمي عليه ؟ فقال : لا(2).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس عن إبراهيم الخزّاز أبي أيّوب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن رجل أُغمي عليه أيّاماً لم يُصَلِّ ، ثمَّ أفاق، أيصلّي ما فاته؟ قال : لا شيء عليه(3).

4 - عليُّ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير، عن أحدهما(عليهم السلام)قال: سألته عن المريض يُغمى عليه ثمَّ يفيق، كيف يقضي صلاته؟ قال : يقضي الصلاة الّتي أدرك وقتها(4).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : قلت له : رجل مرض فترك النافلة ؟ فقال : يا محمّد، ليست بفريضة، إنَّ قضاها فهو خيرٌ يفعله، وإن لم يفعل فلا شيء عليه(5).

6 - جماعة، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل اجتمع عليه صلاة السّنّة من مرض؟ قال : لا يقضي(6).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً

ص: 407


1- الاستبصار 1، 286 - باب صلاة المغمى عليه ، ح .. التهذيب 3 30 - باب صلاة المضطر ، ح 3 .
2- التهذيب ، نفس الباب ، ح 4. الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح4. هذا والمشهور بين أصحابنا عدم وجوب قضاء المغمى عليه لما فاته من الصلاة إذا استوعب الإغماء تمام الوقت وقد حملوا الروايات الناصة على أنه يقضي على الاستحباب جمعاً وأن كان ظاهر محكي المقنع العمل بها. وهنالك قول بالتفصيل بين الإغماء ثلاثة أيام فيقضيها وما زاد عنها فلا يقضي مستنداً في ذلك إلى بعض الروايات، وقد حمله المشهور على اختلاف مراتب الفضل والاستحباب .
3- التهذيب ، نفس الباب ، ح 2 الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 2 .
4- التهذيب ،3 نفس الباب، ح 10 . الاستبصار ،1، نفس الباب، ح 10
5- التهذيب ،3 نفس الباب، ح 25 . الفقيه 1، 76 - باب قضاء صلاة الليل، ح 8 .
6- التهذيب ، 30 - باب صلاة المضطر ، ح 24 . وقد حمله الشيخ في التهذيب على النوافل.

عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سمعته يقول في المغمى عليه قال : ما غلب الله عليه فالله أُوْلى بالعُذر (1).

232- باب فضل يوم الجمعة وليلته

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : ما طلعت الشمس بيوم أفضل من يوم الجمعة(2).

2 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ،عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان ، عن حفص بن البختريّ ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا كان يوم الجمعة، نزل الملائكة المقرَّبون، معهم قراطيس من فضّة وأقلام من ذهب، فيجلسون على أبواب المسجد، على كراسيِّ من نور، فيكتبون النّاس على منازلهم : الأوَّل والثّاني، حتّى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام ، طوَوا صُحُفَهُم، ولا يهبطون في شيء من الأيّام إلّا في يوم الجمعة - يعني الملائكة المقرَّبين(3).

3 - أحمد عن الحسين، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) يستحبّ إذا دخل وإذا خرج في الشتاء أن يكون ذلك في ليلة الجمعة، وقال أبو عبد الله(عليه السلام): إنَّ الله اختار من كلِّ شيء شيئاً، فاختار من الأيّام يوم الجمعة(4).

4 - وعنه، عن النضر، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: الساعة الّتي يُستجاب فيها الدُّعاء يوم الجمعة ،ما بين فراغ الإمام من الخطبة، إلى أن يستوي الناس في

ص: 408


1- التهذيب ،3 نفس ،الباب ح 1 ، الاستبصار 1، 286 - باب صلاة المغمى عليه ح 1
2- التهذيب 3 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ح .1 . والباء في (بيوم) بمعنى (في). والمقصود أن يوم الجمعة هو أفضل أيام الأسبوع ، ويؤيده ما ورد من أن يوم الجمعة سيد الأيام كما سوف يأتي .
3- الفقيه 1 ، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها و ...، ح 42 ورواه بتفاوت إلى قوله : طووا صحفهم . قوله(عليه السلام)على منازلهم، أي بحسب السبق إلى المسجد. أو بحسب نياتهم، أو بحسب بعد منازلهم عن المسجد. قوله(عليه السلام) حتى يخرج الإمام أي من بيته إلى المسجد. والحديث صحيح .
4- التهذيب 3 نفس ،الباب ح 10 بتفاوت يسير. وقوله(عليه السلام): في الشتاء، وافراده بالذكر دون أن يذكر الصيف، ملفت للنظر، إذا لا خصوصية للشتاء في ذلك، ولعل لفظ الصيف قد سقط بفعل النساخ، والله العالم . والحديث صحيح .

الصّفوف، وساعة أُخرى؛ من آخر النهار إلى غروب الشمس(1).

5 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرِّضا(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): إنَّ يوم الجمعة سيّد الأيام، يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحوفيه السيِّئات، ويرفع فيه الدَرَجات، ويستجيب فيه الدّعوات، ويكشف فيه الكُرُبات، ويقضي فيه الحوائج العِظام، وهو يوم المزيد، لله فيه عتقاء وطلقاء من النار، ما دعا به أحدٌ من الناس وقد عرف حقّه وحُرْمَتَه ، إلّا كان حقّاً على الله عزَّ وجلَّ أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النار، فإن مات في يومه وليلته مات شهيداً، وبُعث آمناً، وما استخفَّ أحدٌ بحُرمته، وضيّع حقه، إلّا كان حقّاً على الله عزّ وجلَّ أن يصليه نار جهنّم ، إلّا أن يتوب(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبَان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إنَّ للجمعة حقّاً وحرمة، فإياك أن تضيّع أو تقصّر في شيء من عبادة الله، والتقرّب إليه بالعمل الصّالح ، وترك المحارم كلّها، فإنَّ الله يضاعف فيه الحسنات، ويمحو فيه السيّئات، ويرفع فيه الدَّرجات، قال: وذكر أنّ يومه مثل ليلته(3)فإن استطعت أن تحييها بالصلاة والدُّعاء فافعل، فإنَّ ربّك ينزل في أوّل ليلة الجمعة(4)إلى سماء الدُّنيا، فيضاعف فيه ، الحسنات، ويمحو فيه السيئات، وإنَّ الله واسعٌ كريم(5).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى عن العبّاس بن معروف ،عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال له رجل: كيف سُمِيتَ الجمعة ؟ قال : إن الله عزَّ وجلّ جمع فيها خلقه لولاية محمّد ووصيّه في الميثاق، فسمّاه يوم الجمعة ، لجَمْعِهِ فيه خَلْقَهُ (6).

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن النعمان، عن عمر بن يزيد، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : سئل عن يوم الجمعة وليلتها؟ فقال: ليلتها غرَّاء،

ص: 409


1- التهذيب ،3، 24 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، ح 1
2- التهذيب 3 ، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ح 2 . قوله (عليه السلام): عرف حقه وحرمته : أي بأداء ما افترض الله عليه فيه من صلاة الجمعة أو الأعم، وكذا ما بعده من قوله : وما استخف أحد ... الخ . والمثلية فيما ذكره من الحق والحرمة بني يومه وليلته .
3- الأنسب أن يقال : إن ليلته مثل يومه، ولعله من تصحيف النسّاخ .
4- المقصود بنزوله تعالى نزول ،رحمته أو نزول ملائكة الرحمة، فالإسنادٌ مجازي.
5- التهذيب ،3 ، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، ح 3 .
6- التهذيب 3 نفس الباب، ح 4. وفيه : كيف سمّيت الجمعة بالجمعة ؟ والحديث - كما يقول المجلسي في مرآته - مجهول .

ويومها یوم زاهر ،وليس على الأرض يوم تغرب فيه الشمس أكثر معافاً من النار، مَن مات يوم الجمعة عارفاً بحقِّ أهل هذا البيت، كتب الله له براءة من النّار، وبراءة من العذاب، ومَن مات ليلة الجمعة أُعتِقَ من النّار(1).

9 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام) : فَضّل الله الجمعة على غيرها من الأيّام، وإنّ الجنان لتَزَّخْرَفُ وتَزَيَّنُ يوم الجمعة لمن أتاها ، وإنّكم تتسابقون إلى الجنّة على قدر سبقكم إلى الجمعة، وإنَّ أبواب السماء لتُفْتَحُ لصعود أعمال العباد(2).

10 - علي بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد،عن المفضّل بن صالح ، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قلت له : قول الله عزَّ وجلَّ ﴿ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾(3)قال : اعملوا وعجّلوا فإنّه يوم مُضَيَّق على المسلمين فيه، وثواب أعمال المسلمين فيه على قدر ما ضُيّق عليهم، والحسنة والسيّئة تضاعف فيه . قال : وقال أبو جعفر(عليه السلام): والله لقد بلغني أنَّ أصحاب النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)كانوا يتجهّزون للجمعة يوم الخميس، يوم مُضَيّق على المسلمين(4).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر أوا(5)أبي عبد الله (عليه السلام)قال : ما طلعت الشمس بيوم أفضل من يوم الجمعة، وإن كلام الطّير فيه إذ التقى بعضها بعضاً : سلامٌ سلامٌ ، يومٌ صالح(6).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن معاوية بن عمّار

ص: 410


1- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 5 بتفاوت يسير . ورواه المفيد في المقنعة ص 25 بتفاوت . وروى بعض فقراته في الالفقيه 1 ، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها ومن ... ، ح 28 بتفاوت وأخرجه عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين(عليه السلام).
2- التهذيب ،3 ، نفس الباب ، ح 6 . قوله : على قدر سبقكم ... : أي السبق بحضور شعائر الجمعة من أولها، وهي أول الخطبة الأولى ،للإمام، فإن الخطبة من الصلاة ويمكن أن يستدل به على استحباب التبكير بالحضور إلى المسجد يوم الجمعة .
3- سورة الجمعة / 9 .
4- التهذيب ،3، 24 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ح 2 .
5- الترديد من الراوي .
6- التهذيب 3 ، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ح 7 ، وفيه : ويوم صالح وروى صدره عن الباقر(عليه السلام)الشيخ المفيد في المقنعة ص/ 25

قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الساعة الّتي في يوم الجمعة التّي لا يدعو فيها مؤمن إلّا استجيب له؟ قال: نعم، إذا خرج الإمام(1)، قلت : إن الإمام يعجّل ويؤخر؟ قال: إذا زاغت الشمس(2).

13 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): يا عمر، إنّه إذا كان ليلة الجمعة نزل من السماء ملائكة بعدد الذر، في أيديهم أقلام الذَّهب وقراطيس الفضّة، لا يكتبون إلى ليلة السّبت إلّا الصّلاة على محمّد وآل محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)، فأكثِر منها . وقال : يا عمر، إنَّ من السُنّة أن تصلّي على محمّد وعلى أهل بيته في كلِّ يوم جمعة ألف مرّة، وفي سائر الأيّام مائة مرَّة(3).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أخيه إسحاق بن إبراهيم، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ،عن الرّضا(عليه السلام)قال : قلت له : بلغني أنَّ أنَّ يوم الجمعة أقصر الأيام؟ قال: كذلك هو، قلت :جُعِلْتُ فِداك، كيف ذاك؟ قال : إن الله تبارك وتعالى يجمع أرواح المشركين تحت عين الشمس، فإذا ركدت الشمس عذَّب الله أرواح المشركين بركود الشمس ساعة، فإذا كان يوم الجمعة لا يكون للشمس ركود ،رفع الله عنهم العذاب لفضل يوم الجمعة، فلا يكون للشمس ركود(4).

233- باب التزيُّن يوم الجمعة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن هشام بن الحكم قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام)ليتزيّن أحدكم يوم الجمعة؛ يغتسل(5)ويتطّيب ويسرّح لحيته، ويلبس أنظف ثيابه، وليتَهَيّا للجمعة، وليكن عليه في ذلك اليوم السكينة والوقارا(6)،

ص: 411


1- أي خرج من بيته إلى المسجد للخطبة والصلاة .
2- التهذيب ،3 نفس الباب ، ح 8 وزاغت الشمس : أي زالت ويؤيده ما ورد من الروايات الدالة على أن وقت زول الشمس من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء.
3- التهذيب 1 نفس ،الباب ح 9 الفقيه 1 ، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها ومن . . . ، ح 34 بتفاوت إلى قوله(عليه السلام): إلا الصلاة على النبي(صلی الله علیه وآله وسلم). وقوله : إلى ليلة السبت أي إلى أول دخولها، وهو غروب الشمس من يوم الجمعة كما صرّح به في بعض الروايات .
4- يقول المجلسي في المرآة 344/15 عن هذا الحديث : «مجهول، وهذا من الأحاديث الغامضة التي يشكل فهمها، وأمرنا في مثلها أن نردّها ونردّ علمها إليهم(عليهم السلام).....»
5- هذ وما بعده بيان للتزين المطلوب يوم الجمعة.
6- السكينة والوقار مع أنهما ومتقاربان بحسب اللغة، قيل : الفرق بينهما أن السكينة مخصوصة بالأعضاء في حين أن الوقار من أفعال النفس ومختص بها

وليُحْسن عبادة ربّه، وليفعل الخير ما استطاع، فإنَّ الله يطلع على [أهل] الأرض ليضاعف الحسنات (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الحصين، عن عمر الجرجانيِّ، عن محمّد بن العلاء، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : سمعته يقول : من أخذ من(2)شاربه، وقلّم [من] أظفاره يوم الجمعة ، ثمَّ قال : بسم الله على سنّة محمّد وآل محمّد كتب الله له بكلِّ شعرة وكلِّ قُلامَةٍ(3)عتق رقبة ، ولم يمرض مرضاً يصيبه إلا مرض الموت(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: الغسل يوم الجمعة على الرِّجال والنساء في الحَضَر، وعلى الرِّجال في السفر.

4 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز عن زرارة قال: قال أبو جعفر(عليه السلام): لا تَدَع الغسل يوم الجمعة فإنّه سنّة، وشمَّ الطيب، وألبس صالح ثيابك، وليكن فراغك من الغسل قبل الزَّوال(5)، فإذا زالت (6)فقم وعليك السكينة والوقار وقال : الغسل واجب يوم الجمعة .

5- عليُّ ، عن أخيه، عن إسماعيل بن عبد الخالق، عن محمّد بن طلحة، عن عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : أخذُ الشارب والأظفار، وغَسْل الرأس بالخِطَميِّ يوم الجمعة، ينفي الفقر، ويزيد في الرِّزق(7).

6 - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من أَخْذُ من شاربه وقلّم من أظفاره وغسل رأسه بالخِطَميِّ يوم الجمعة، كان كمن أعتق نسمة(8).

ص: 412


1- التهذيب ،3، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ، ويومها ، ح 32 .
2- من هنا تبعيضية، ويدل على استحباب الإبقاء على بعض الشارب وعدم مطلوبية حقه من رأس .
3- القلامة : ما سقط من الظفر بالقصّ.
4- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 33
5- نصّ أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الغسل يوم الجمعة كلما قرب من الزوال كان أفضل ليصلّي بذلك الغسل.
6- أي الشمس .
7- الحديث مجهول
8- التهذيب 3، 24 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ح .5 والخطمي : نبات كبير الزهر جداً، أحمر، وقد يكون أبيض الزهر، وكلاهما ملين شديد التغرية للزوجته واحده خطمية والحديث ضعيف.

7- محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : أخذ الشارب والأظفار من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام(1).

8 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة والفضيل قالا : قلنا له: أيجزىء إذا اغتسلت بعد الفجر للجمعة ؟ قال : نعم(2).

9 - حمّاد ،عن حريز ،عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : لابدَّ من غسل يوم الغدا(3). الجمعة في الحضر والسفر، فمن نسي فليعد من وروي فيه رخصة للعليل.

10 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : غسل الرأس بالخِطَميِّ في كلِّ جمعة أمان من البَرَص والجنون(4).

234- باب وجوب الجمعة وعلى كم تجب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير ؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إنّ الله عزّ وجلَّ فرض في كلِّ سبعة أيّام خمساً وثلاثين صلاة ، منها صلاة واجبة على كلِّ مسلم أن يشهدها، إلّا خمسة : المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبيّ(5).

ص: 413


1- التهذيب ،3 نفس ،الباب ح 4. الفقيه 1 ، 22 - باب غسل يوم الجمعة ودخول . . . ، ح 82 من دون ذكر للأظفار.
2- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 3 .
3- يدل على استحباب قضاء غسل الجمعة لمن فاته يومها لعذر يوم السبت، وقد نص عليه أصحابنا .
4- التهذيب ، نفس ،الباب ح 6 الفقيه ،1 نفس الباب، ح 66 مرسلا . ورواه في الفروع 4 ، كتاب الزي والتجمل، باب غسل الرأس ، ح 2
5- التهذيب ،3 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ح 69 . هذا، ويقول المحقق في الشرائع 96/1 وهو بصدد بيان من تجب عليه الجمعة : ويراعي فيه شروط سبعة ؛ التكليف والذكورة والحرية والحضر والسلامة من العمى والمرض والعرج، وأن لا يكون همّاً ، ولا بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخين ...». وقال الشهيدان : وتسقط الجمعة عن المرأة والخنثي للشك في ذكوريته التي هي شرط الوجوب، والعبد وإن كان مبعضاً واتفقت في نوبته مهاياً كان أو مُدَبَّراً أو مكاتباً لم يؤد جميع مال الكتابة، والمسافر الذي يلزمه القصر في سفره، فالعاصي به وكثيره وناوي إقامة عشرة كالمقيم، والهم وهو الشيخ الكبير الذي يعجز عن حضورها أو يشق عليه مشقة لا تتحمّل عادة والأعمى وأن وجد قائداً أو كان قريباً من المسجد والأعرج البالغ عرجه حَد الإقعاد أو الموجب لمشقة الحضور كالهِم، ومن بَعُدَ منزله عن موضع يقام فيه الجمعة كالمسجد بأزيد من فرسخين، والحال أنه يتعذر عليه أقامتها عنده أو فيما دون فرسخ . . . .».

2 - عليَّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن محمّد بن مسلم ؛ وزرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : تجب الجمعة على من كان منها على فَرْسَخَين(1).

3 - عليُّ ، عن أبيه ، عن حمّاد ،عن حريز، عن ابن مسلم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الجمعة ؟ فقال : تجب على من كان منها على رأس فرسخين، فإذا زاد على ذلك فليس عليه شيء(2).

4- عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبن أُذينة، عن زرارة قال : كان أبو جعفر(عليه السلام)يقول : لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقلّ من خمسة رَهْط ؛ الإمام وأربعة (3).

5 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فَضالة، عن أبَان بن عثمان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : أدنى ما يجزىء في الجمعة، سبعة أو خمسة أدناه(4).

6 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : فرض الله على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمساً وثلاثين صلاة، منها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة، وهي الجمعة ، ووضعها عن تسعة :عن الصغير، والكبير، والمجنون، والمسافر، والعبد، والمرأة، والمريض، والأعمى، ومن كان على رأس فرسَخَيْن(5).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن جميل، عن محمّد بن

ص: 414


1- التهذيب 3، 24 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ح 25 . الاستبصار 1، 254 - باب سقوط الجمعة عمن كان على رأس أكثر من فرسخين، ح 2 .
2- التهذيب 3 ، نفس الباب ، ح 23 . الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 1
3- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 22 . الاستبصار ،1، 252 - باب العدد الذين يجب عليهم الجمعة ، ح 6 .
4- التهذيب 3 ، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ،ويومها ح 76 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب، ح 3. هذا، وقد اشترط أصحابنا في وجوب الجمعة أموراً منها العدد والمشهور عندهم أنه خمسة أحدهم الإمام، وهو الأصح عند الشهيدين ومن تابعهما، والأشبه عند المحقق وغيره، وهنالك من اختار السبعة .
5- التهذيب ،3 ، نفس الباب ، ح 77. الفقيه 1، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها و ... ، ح 1 . والمقصود بالكبير ،3، في الحديث : الشيخ الهم العاجز.

مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال - يعني لا يكون جمعة إلّا فيما بينه وبين ثلاثة أميال - وليس تكون جمعة إلّا بخطبة، قال : فإذا كان بين الجماعتين في الجمعة ثلاثة أميال، فلا بأس بأن يُجَمّع هؤلاء ويُجمّع هؤلاء(1).

235- باب وقت صلاة الجمعة ووقت صلاة العصر يوم الجمعة

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعيّ ؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة ، جميعاً عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : وقت الظّهر يوم الجمعة حين تزول الشّمس(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا زالت الشّمس يوم الجمعة فابدأ بالمكتوبة.

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن محمّد بن أبي حمزة، عن سفيان بن السّمط قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن وقت صلاة العصر يوم الجمعة ؟ فقال : في مثل وقت الظّهر في غير يوم الجمعة(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن محمّد بن أبي عمير(4)قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الصّلاة يوم الجمعة فقال : نزل بها جبرائيل(عليه السلام) مضيّقة، إذا زالت الشَّمس فصلّها، قال قلت : إذا زالت الشمس صلّيتُ ركعتين ثمَّ صلّيتها، فقال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): أمّا أنا إذا زالت الشّمس لم أبدأ بشيء قبل

ص: 415


1- التهذيب ،3، نفس الباب ح 79 وقوله: يجمع أي يصلي الجمعة يوم الجمعة جماعة. هذا، وقد نقل : : صاحب المدارك اجماع أصحابنا على اشتراط صلاة الجمعة جماعة وجوباً بأن لا يكون هنالك جمعة أخرى وبينهما دون ثلاثة أميال، والمراد بالميل هنا الميل الشرعي وهو أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، ولو تزامنتا وليس بينهما هذه المسافة بطلنا جميعاً، وأن سبقت إحداهما ولو بتكبيرة الإحرام بطلت المتأخرة، ولو لم تتحقق السابقة منهما أعادت كلتا الجماعتين ظهراً أربع ركعات .
2- التهذيب 3 ، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها . ح .41 والحديث فيه مضمر. وسنده الأول مجهول كالصحيح. وسنده الثاني موثق . والمشهور بين الأصحاب أن زوال الشمس هو أول وقت صلاة الجمعة، ويجب الشروع بمجرد دخول الوقت بناء على التضييق كما دلت عليه بعض الروايات .
3- الحديث مجهول.
4- بملاحظة قوله في ذيل الرواية : وكان ابن بكير ... الخ ، يظهر أن ذكر ابن أبي عمير في السند هو سهو وتصحيف، فالأصح أن يكون مكانه، عن ابن بكير، وخاصة أن القاسم بن عروة عن من يروي عنه .

المكتوبة ، قال القاسم : وكان ابن بكير يصلّي الرَّكعتين وهو شاكّ في الزَّوال، فإذا استيقن الزَّوال بدأ بالمكتوبة في يوم الجمعة(1).

236- باب تهيئة الإمام للجمعة وخطبته والإنْصَات
اشارة

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): ينبغي للإمام الّذي يخطب النّاس يوم الجمعة أن يلبس عمامة في الشّتاء والصّيف، ويتردَّى ببرد يمنيّ أو عَدَنيّ، ويخطب وهو قائم ، يَحْمَدُ الله ويثني عليه، ثمَّ يوصي بتقوى الله ، ويقرأ سورة من القرآن صغيرة، ثمَّ يجلس، ثمَّ يقوم فيحمد الله ويثني عليه، ويصلّي على محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)وعلى أئمّة المسلمين، ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإذا فرغ من هذا أقام المؤذِّن، فصلّى بالنّاس ركعتين، يقرأ في الأولى بسورة الجمعة، وفي الثّانية بسورة المنافقين(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا خطب الإمام يوم الجمعة، فلا ينبغي لأحد أن يتكلّم حتّى يفرغ الإمام من خطبته، وإذا فرغ الإمام من الخطبتين، تكلّم ما بينه وبين أن تقامَ الصَّلاة، فإن سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه(3).

3 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر ،عن عليِّ بن مهزيار، عن عثمان بن عيسى، عن أبي مريم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: سألته عن خطبة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أَقَبْلَ الصَّلاة أو بعد ؟ فقال : قبل الصّلاة، يخطب ثمَّ يصلّي(4).

ص: 416


1- «قال الشيخ في الخلاف وفي أصحابنا من أجاز الفرض عند قيام الشمس ، قال : واختاره علم الهدى، والمشهور أنه يخرج وقتها بصيرورة ظل كل شيء مثله ، بل قال في المنتهى إنه مذهب علمائنا أجمع . وقال أبو الصلاح: إذا مضى مقدار الأذان والخطبة وركعتي الجمعة فقد فاتت ولزم أداؤها ظهراً. وقال ابن إدريس : يمتد وقتها بامتداد وقت الظهر واختاره الشهيد في الدروس والبيان. وقال الجعفي : وقتها ساعة من النهار» مرآة المجلسي 353/15 .
2- التهذيب 3، 24 - باب العمل في ليلة الجمعة ،ويومها ، ح 37 بتفاوت يسير .
3- التهذيب 3 ، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ،ويومها ، ح 71 . الفقيه 1 ، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها ومن ...، ح 13 بتفاوت في صياغته يقول المحقق في الشرائع 97/1:« الإصغاء إلى الخطبة هل هو واجب؟ فيه ،تردد وكذا تحريم الكلام في أثنائها، لكن ليس بمبطل للجمعة». ووجوب الانصات إلى الخطبة هو مذهب أكثر أصحابنا، كما أن أكثرهم يذهب إلى تحريم الكلام خلال الخطبة للخطيب .
4- التهذيب 3 ، نفس الباب، ح 72. وفي ذيله : ... قبل الصلاة، ثم يصلّي .

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الصلاة يوم الجمعة ؟ فقال : أمّا مع الإمام فركعتان، وأمّا من يصلّي وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظّهر. يعني إذا كان إمام يخطب، فأمّا إذا لم يكن إمام يخطب، فهي أربع ركعات، وإن صلّوا جماعة(1).

5- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن يحيى الخزَّاز، عن حفص بن غياث، عن جعفر عن أبيه(عليه السلام)قال : الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن يحيى الحلبيِّ، عن بريد بن معاوية ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)في خطبة يوم الجمعة .

الخطبة الأولى :

الحمد لله ، نَحْمَدُهُ ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له.

وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله، انتَجَبَهُ لولايته(3)، واختصّه برسالته، وأكرمه بالنبوّة، أميناً على غيبه ، ورحمة للعالمين، وصلّى الله على محمّد وآله وعليهم السلام.

أُوصيكم عبادَ الله بتقوى الله، وأُخوِّفكم من عقابه، فإنَّ الله ينجي من اتّقاه بمفازتهم(4)لا يمسّهم السّوء ولا هم يحزنون ، ويكرم من خافه، يقيهم شرِّ ما خافوا ، ويُلقّيهم نضرة وسروراً، وأَرَغْبكم في كرامة الله الدَّائمة ، وأُخوِّفكم عقابه الّذي لا انقطاع له، ولا نجاة لمن استوجبه، فلا نغرَّنكم الدُّنيا، ولا تركنوا إليها، فإنّها دار غرور، كتب الله عليها وعلى أهلها الفناء، فتزوّدوا منها الّذي أكرمكم الله به من التّقوى والعمل الصّالح، فإنّه لا يصل إلى الله من أعمال العباد إلّا ما خلص منها، ولا يتقبّل الله إلّا من المتّقين، وقد أخبركم الله عن منازل من آمن وعمل صالحاً،

ص: 417


1- التهذيب 3 نفس الباب، ح 70
2- التهذيب ،3 ، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، ح 67 .«وكأن المراد أذان العصر باعتبار الإقامة تغليباً، أو تكرار أذان الجمعة كما ابتدعه عثمان، أو مع أذان الفجر . ...» مرآة المجلسي 355/15
3- أي لمحبته، أو ليكون والياً على الخلق من قبله سبحانه .
4- من الفوز، أي الفلاح، والباء للسبية.

وعن منازل من كفر وعمل في غير سبيله، وقال:﴿ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ *يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * «فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ *خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾(1) نسأل الله الّذي جمعنا لهذا الجمع أن يبارك لنا في يومنا هذا ، وأن يرحمنا جميعاً إنّه على كلِّ شيء قدير، إنَّ كتاب الله أصدق الحديث وأحسن القصص، وقال الله عزّ وجلَّ: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾(2)، فاسمعوا طاعة [أ] الله وأنصتوا ابتغاء رحمته .

ثمَّ اقرأ سورة من القرآن وادعُ ربّك، وصلّ على النّبيِّ(صلی الله علیه وآله وسلم)، وادع للمؤمنين والمؤمنات . ثمَّ تجلس قدر ما تَمَكِّن هنيهة ثمَّ تقوم فتقول:

الحمد الله نَحْمَدُهُ ونستعينه، ونستغفره ونستهديه ،ونؤمن به ونتوكّل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقِّ لِيُظْهِرَه على الدّين كلّه ولو كره المشركون، وجعله رحمة للعالمين، بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى .

أوصيكم عبادَ الله بتقوى الله الّذي ينفع بطاعته من أطاعه، والّذي يضرُّ بمعصيته من عصاه، الّذي إليه معادكم وعليه حسابكم، فإنَّ التقوى وصيّة الله فيكم وفي الّذين من قبلكم، قال الله عزّ وجلَّ: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴾(3)، انتفعوا بموعظة الله ، وألزموا كتابه، فإنّه أبلغ الموعظة وخير الأُمور في المعاد عاقبةً، ولقد اتّخذ الله الحجّة فلا يهلك من هلك إلّا عن بيّنة، ولا يحيى من حَّي إلّا عن بينة، وقد بلّغ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الّذي أرسل به، فألزموا وصيّته وما ترك فيكم من بعده من الثِقْلَين كتاب الله وأهل بيته، اللّذين لا يضلُّ من تمسّك بهما، ولا يهتدي من تركهما ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد عبدك ورسولك، سيّد المرسلين وإمام

ص: 418


1- سورة هود من الآية : 103 إلى آخر الآية 108 . وغير مجذود غير منقطع. والشقي : من وجبت له النار بمقتضى : وعيده سبحانه . والسعيد: من وجبت له الجنة بمقتضى وعده سبحانه ما دامت السماوات والأرض : قيل : المراد ما دام عالم البرزخ قائما وانقطاعه يكون بيوم القيامة والنشور . وقيل غير ذلك .
2- سورة الأعراف/ 204
3- سورة النساء / 131 .

المتقين ورسول ربِّ العالمين ، - ثمَّ تقول - : اللّهمَّ صلِّ على أمير المؤمنين ووصيِّ رسول ربِّ العالمين، ثمَّ تسمّي الأئمة حتّى تنتهي إلى صاحبك(1)، ثمَّ تقول : افتح له فتحاً يسيراً وانصره نصراً عزيزاً ، اللّهمّ أُظهِرْ به دينك وسنّة نبيّك ، حتّى لا يستخفيٌ بشيء من الحقِّ مخافةَ أحدٍ من الخلق ، اللّهمَّ إنّا نرغب إليك في دولة كريمة تعزُّبها الإسلام وأهله، وتذلُّ بها النّفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدُّعاة إلى طاعتك والقادة في سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدُّنيا والآخرة اللّهمَّ ما حمّلتنا من الحقِّ فعرفناه، وما قصرنا عنه فعلّمناه.

ثمَّ يدعو الله على عدوه، ويسأل لنفسه وأصحابه، ثمَّ يرفعون أيديهم فيسألون الله حوائجهم كلّها، حتّى إذا فرغ من ذلك قال : اللّهمَّ استجب لنا - ويكون آخر كلامه أن يقول -. إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبَغي، يَعِظُكُم لعلّكم تذكّرون ثمَّ يقول : اللّهمَّ اجعلنا ممّن تذكر فتنفعه الذِّكرى ثمَّ ينزل.

7 - علي ُّبن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن الجمعة ؟ فقال : بأذان وإقامة ، يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر ويخطب، لا يصلّي النّاس ما دام الإمام على المنبر ، ثمَّ يقعد الإمام على المنبر قدر ما يقرأ قل هو الله أحد، ثمَّ يقوم فيفتتح خطبته، ثمَّ ينزل فيصلي بالناس ، ثمَّ يقرأ بهم في الرَّكعة الأُولى بالجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين(2).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قوله عزّ وجلّ :﴿ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾(3)، قال: في العيدَين والجمعة(4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): كلُّ واعظ قبلة(5). يعني(6)إذا خطب الإمام النّاس يوم الجمعة، الجمعة، ينبغي للناس أن يستقبلوه .

ص: 419


1- أي إلى إمام عصرك المعصوم الذي هو حجة الله على خلقه
2- التهذيب 3، 24 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ح 30 هذا والمشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم ان يكون الأذان يوم الجمعة بين يدي الإمام وبحضوره، ولذا فما تضمنه صدر هذا الحديث مخالف لذلك.
3- سورة الأعراف/ 31 .
4- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 29 . وقد فسرت في بعض الأحاديث بما يعم جميع الصلوات، ويمكن أن يكون تخصيص العيدين والجمعة بالذكر لبيان أكدية استحباب الزينة التي هي الثياب والطيب فيهما، فلا تنافي . وربما فسّرت الزينة هنا في بعض الأقوال بالسلاح.
5- الفقيه 1 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها و...، صدرح 45 .
6- يحتمل أن يكون التفسير من المؤلف، أو من الراوي، كما يحتمل أنه من المعصوم (عليهم السلام). والحديث ضعيف على المشهور
237- باب القراءة يوم الجمعة وليلتها في الصلوات

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ليس في القراءة شيء موقّت إلّا الجمعة، تقرأ بالجمعة والمنافقين(1).

2 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام) : اقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبّح اسم ربّك الأعلى وفي الفجر(2) بسورة الجمعة وقل هو الله أحد، وفي الجمعة بالجمعة والمنافقين(3).

3 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فَضالة بن أيّوب، عن الحسين بن أبي حمزة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): بما أقرأ في صلاة الفجر في يوم الجمعة؟ فقال: اقرأ في الأُولى بسورة الجمعة وفي الثّانية بقل هو الله أحد، ثمَّ أقْنُتْ حتّى تكونا سواء(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن جميل، عن محمّد بن مسلم ،عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إنَّ الله أكرم بالجمعة المؤمنين، فسنّها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) بشارة لهم، والمنافقين توبيخاً للمنافقين، ولا ينبغي تركها، فمن تركها متعمّداً فلا صلاة له(5).

ص: 420


1- روی مضمونة بتفاوت وسند مختلف في التهذيب 3 ، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، ح 15 . الاستبصار 1، 249 - باب القراءة في الجمعة ، ح 1 .
2- أي من يوم الجمعة .
3- التهذيب ،3، نفس ،الباب ، ح 14 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح .2. وفي الذيل فيهما: وفي الجمعة سورة الجمعة والمنافقين . ويقول المحقق في الشرائع وهو بصدد بيان المسنون في القراءة: وفي المغرب والعشاء ليلة الجمعة بالجمعة ،والأعلى، وفي صبحها بها (أي بالجمعة) وبقل هو الله أحد، وفي الظهرين بها وبالمنافقين، ومنهم من يرى وجوب السورتين في الظهرين، وليس بمعتمد». وقد نسب صاحب المدارك القول بالوجوب الذي أشار إليه المحقق هنا إلى ابن بابویه و لكن صریح كلامه رحمه الله اختصاص وجوبهما عنده بالظهر، ونقل عن السيد المرتضى رحمه الله القول بوجوب قراءتهما في صلاة الجمعة .
4- حتى تكون سواء يعني أطل في القنوت بمقدار يتعادل الوقت فيه إضافة إلى وقت قل هو مع ما يستغرقه قراءة سورة الجمعة في الركعة الأولى.
5- التهذيب 3 ، نفس الباب ، ح 16 . وفيه : فلا ينبغي تركهما ، فمن تركهما ... والمقصود بضمير التثنية : سورتا الجمعة والمنافقين . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح .. وقد حمل الشيخ رحمه الله في التهذيب قوله(عليه السلام): فلا صلاة له ،على أنه لا صلاة كاملة فاضلة ،له دون أن يكون المراد رفع جوازها .

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن القراءة في الجمعة إذا صلّيت وحدي أربعاً، أجهر بالقراءة؟ فقال: نعم وقال : إقرأ بسورة الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء ،عن محمّد بن مسلم ،عن أحدهما(عليهم السلام)في الرّجل يريد أن يقرأ بسورة الجمعة في الجمعة، فيقرأ: قل هو الله أحد، قال: يرجع إلى سورة الجمعة(2).

وروي أيضاً : يتمّها ركعتين ثمَّ يستأنف(3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن عمر بن يزيد قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حَضَر(4).

وروي : لا بأس في السفر أن يقرأ بقل هو الله أحدا(5).

238- باب القنوت في صلاة الجمعة والدعاء فيه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن سماعة عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : القنوت - قنوت يوم الجمعة - في الركعة الأولى بعد القراءة، تقول في القنوت : لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله

ص: 421


1- التهذيب ،3 نفس ،الباب ح 49 وفي ذيله يوم الجمعة، بدون (في). الاستبصار 1، 250 - باب الجهر بالقراءة لمن صلى منفرداً أو . . . ، ح 1 بدون الذيل .
2- التهذيب ،3، 24 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ح 31 و 34 . هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب العدول عن آية سورة في يوم الجمعة عدا سورتي الإخلاص والجحد ما لم يتجاوز نصفها ، والظاهر أنه محل وفاق بينهم. كما أن عدم العدول في السورتين المذكورتين مطلقاً هو محل وفاق بينهم أيضاً .
3- التهذيب ، نفس الباب ، ح 22 . الاستبصار 1 ، 249 - باب القراءة في الجمعة ، ح 9 . وأخرجاه عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن يونس عن صباح بن صبيح عن أبي عبد الله(عليه السلام)...
4- التهذيب ، نفس الباب، ح 21 . الاستبصار 1 ، نفس ،الباب ، ح . وقال الشيخ رحمه الله في التهذيبين بعد ذكر الحديث : فالمراد بهذا الخبر الترغيب لمن صلى بغير الجمعة والمنافقين من جملة النّوافل ويستأنف الصلاة ليلحق فضل هاتين السورتين .
5- التهذيب ، نفس الباب ، ح 23 . الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 10 . الفقيه 1، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها و ...، ح 8 وأخرجه في التهذيبين مسنداً إلى أبي الحسن(عليه السلام)بطريق محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن أبي الفضل عن صفوان بن يحيى عن جميل، عن علي بن يقطين...

إلا الله العليُّ العظيم، لا إله إلّا الله ربِّ السماوات السبع و [ ربُّ ] الأرضين السبع وما فيهنَّ وما بينهنّ وربُّ العرش العظيم، والحمد لله ربِّ العالمين اللّهمَّ صلّ على محمّد كما هَدَيْتَنا به، اللّهمَّ صلّ على محمّد كما أكْرَمْتَنا به، اللّهمَّ اجعلنا ممّن اختَرتّه لدينك، وخلقته لجنَّتك، اللّهمَّ لا تُزغْ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وَهَبْ لنا من لَدُنْكَ رحمةً إنّك أنت الوهّاب(1).

2 -الحسين بن محمّد، عن عبد الله عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فَضالة بن بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : في قنوت الجمعة - إذا كان إماماً - قنت في الركعة الأولى، وإن كان يصلّي أربعاً ، ففي الركعة الثانية قبل الركوع(2).

3 -عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبَان، عن إسماعيل الجعفي، عن عمر بن حنظلة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) : القنوت يوم الجمعة؟ فقال : أنت رسولي إليهم في هذا، إذا صليتم في جماعة ففي الركعة الأولى، وإذا صليتم وحداناً ففي الركعة الثانية [قبل الركوع ](3).

239- باب من فاتته الجمعة مع الإمام

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عمّن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة؟ قال : يصلّي ركعتين فإن فاتته الصلاة فلم يدركها فليصلُّ أربعاً ، وقال : إذا أدركتَ الإمام قبل أن يركع الرَّكعة الأخيرة، فقد أدركت الصلاة، وإن كنت أدركته بعدما ركع، فهي الظهر أربع(4).

ص: 422


1- التهذيب 3 ، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ح 64 .
2- التهذيب 3، نفس الباب، ح59 الاستبصار 1 ، 251 - باب القنوت في صلاة الجمعة، ح 4 .
3- التهذيب ، نفس الباب ، ح 57 . الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 2 . بدون الزيادة في الذيل : قبل الركوع . هذا 3، والمشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم أن في الجمعة قنوتين في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعده . ولم يخالف في ذلك - حدود اطلاعي - إلا ابن إدريس حيث قال في سرائره والذي يقوى عندي أن الصلاة لا يكون فيها إلا قنوت ،واحد، أية صلاة كانت هذا الذي يقتضه مذهبنا وإجماعنا ، فلا يرجع عن ذلك بأخبار الأحاد التي لا تثمر علماً ولا عملاً، ولعله يقصد ما ذكره الصدوق في الفقيه 1، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها بعد إيراده الحديث 9 ما نصه :« والذي استعمله وافتي به ومضى عليه مشايخي رحمة الله عليهم هو أن القنوت في جميع الصلوات في الجمعة وغيرها في الركعة الثانية بعد القراءة وقبل الركوع» .
4- التهذيب 3 10 - باب أحكام فوائد الصلاة ، ح 4. وكرره برقم 78 من الباب 24 - من نفس الجزء . الاستبصار 1 ، 255 - باب من لم يدرك الخطبتين، ح .. هذا وقد نقل صاحب الجواهر رحمه الله اجماع الأصحاب بقسميه على أن من أدرك الإمام بركعة من صلاة الجمعة بإدراكه قبل شروع الإمام في لركوعه الثانية بأن دخل في الصلاة قبل تكبير الإمام لركوع فقد صحت صلاته جمعة ولم تجب عليه الإعادة، ولذا فقدا طرحوا ما دل من الأحاديث التي نصت على أن الجمعة لا تكون إلا لمن أدرك الخطبتين لأنها لا تقوى على معارضة النصوص الدالة على الحكم الأول من وجوه عديدة خصوصاً بعد موافقتها لمذهب عمر بن الخطاب وعطاء وطاووس و مجاهد . ثم يقول الشيخ صاحب الجواهر ما مضمونه : لا بأس بحمل هذه الأحاديث الموافقة لمذهب هؤلاء المذكورين على نفي الكمال، أو على نفي حقيقتها التي هي الركعتان مع ما ناب عن الأخيرتين، فمن لم يدرك الخطبتين لم يدرك الجمعة حقيقة وإن أجزأه ما أدركه .
240- باب التطوع يوم الجمعة

1 - عليُّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي محمّد بن أبي نصر قال : قال أبو الحسن(عليه السلام): الصلاة النافلة يوم الجمعة ستّ ركعات بكرةً، وستّ ركعات صدر النهار، وركعتان إذا زالت الشّمس، ثمَّ َصلِّ ،الفريضة، وصلِّ بعدها ستَّ ركعات(1).

2 - جماعة ، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن علي بن عبد العزيز عن مراد بن خارجة قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام)أما أنا فإذا كان يوم الجمعة، وكانت الشمس من المشرق بمقدارها من المغرب في وقت صلاة العصر، صليت ست ركعات، فإذا انتفخ النهار صليت ستاً، فإذا زاغت الشمس أو(2)زالت صليت ركعتين، ثمَّ صليت الظهر، ثمَّ صلّيت بعدها ستّاً(3).

3 - جماعة، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة(4)أو عن ، محمّد بن سنان، عن ابن مسكان ،عن عبد الله بن عجلان قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): إذا كنت شاكّاً في الزّوال فصلّ ركعتين، فإذا استيقنت فابدأ بالفريضة(5).

ص: 423


1- التهذيب 3 ، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ،ويومها ح 34 . الاستبصار 1 ، 248 - باب تقديم النوافل يوم الجمعة قبل الزوال، ح .1. بتفاوت فيهما .
2- الترديد من الرواي .
3- التهذيب ، نفس ،الباب ، ح 35 الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 2 بتفاوت قليل في الجميع. قال المحقق في الشرائع 98/1 وهو بصدد الحديث عن آداب الجمعة :«والتنقل بعشرين ركعة : ست عند انبساط الشمس وست عند ارتفاعها وست قبل الزوال، وركعتان عند الزوال، ولو أخر النافلة إلى بعد الزوال جاز، وأفضل من ذلك تقديمها، وإذا صلى بين الفريضتين ست ركعات من النافلة جاز . . .» .
4- الترديد من الراوي .
5- التهذيب ، نفس الباب ، ح 39 الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 10. بتفاوت يسير فيهما، وفي سندهما: عبد الرحمن بن عجلان بدل عبد الله بن عجلان.
241- باب نوادر الجمعة

1 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر ؛ عن عليِّ بن مهزيار، عن النّضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تقول في آخر سجدة من النوافل بعد المغرب ليلة الجمعة : اللّهمَّ إنّي أسألك بوجهك الكريم ، واسمك العظيم، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تغفر لي ذنبي العظيم - سبعاً(1).

2 - عليُّ بن محمد ؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن القدّاح(2)، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): أكثروا من الصّلاة عَلَيَّ في اللّيلة الغرَّاء واليوم الأزهر، ليلة الجمعة ويوم الجمعة، فسئل إلى كم الكثير ؟ قال : إلى مائة ، وما زادت فهو أفضل.

3 - محمّد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن حسّان، عن الحسن بن الحسين، عن عليِّ بن عبد الله، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن خارجة، عن المفضل، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : ما من شيء يُعبَدُ الله به يوم الجمعة، أحبُّ إليَّ من الصلاة على محمّد وآل محمّد.

4 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد رفعه قال : قال : إذا صلّيت يوم الجمعة فقل: اللّهمَّ صل على محمّد وآل محمّد، الأوصياء المرضيّين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته، فإنّه مَن قالها في دبر العصر، كتب الله له مائة ألف حسنة، ومحى عنه مائة ألف سيّئة ، وقضى له بها مائة ألف حاجة، ورفع له بها مائة ألف درجة(3).

5 - وروي : أنَّ من قالها سبع مرَّات ردَّ الله عليه من كلِّ عبد حسنة، وكان عمله في ذلك

ص: 424


1- التهذيب 3 نفس الباب ، ح 24 . الفقيه 1 ، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها . . . . ، ح 33 بتفاوت يسير وزيادة في آخره. وأخرج نفس الدعاء بسند آخر في التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و . . . ، ح 199 وبتفاوت يسير في بعض الفاظ الحديث ومن دون قوله سبعاً، فى ذيله . والمقصود بوجه الله : ذاته المقدسه والحديث صحيح.
2- هو عبد الله بن ميمون .
3- التهذيب 3 ، 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها . ح 68 وأخرجه عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن زكريا المؤمن عن ابن ناجية عن داود بن النعمان عن عبد الله بن سيابة، عن ناجية قال : قال أبو جعفر(عليه السلام).

اليوم مقبولاً، وجاء يوم القيامة وبين عينيه نور.

6 -الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول : يستحب أن تقرأ في دبر الغداة يوم الجمعة : الرحمن كلّها ثم تقول كلما قلت :﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ لا بشيء من آلائِك ربِّ أُكذِّب(1).

7 - وبهذا الإسناد، عن عليِّ بن مهزيار، عن أيّوب بن نوح ، عن محمّد بن أبي حمزة قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام)من قرأ الكهف في كلِّ ليلة جمعة، كانت كفارة ما بين الجمعة إلى الجمعة(2).

قال : وروي غيره أيضاً، فيمن قرأها يوم الجمعة بعد الظهر والعصر مثل ذلك.

8 - أبو علي الأشعريُّ ، عن محمّد بن سالم، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر قال : كان أبو جعفر(عليه السلام)يبكّر إلى المسجد يوم الجمعة حين تكون الشمس قدر رُمْح ، فإذا كان شهر رمضان، يكون قبل ذلك، وكان يقول : إنّ لجُمَع شهر رمضان على جُمَع سائر الشهور فضلاً كفضل شهر رمضان على سائر الشهور(3).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليُّ بن محمّد القاسانيِّ، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقريّ، عن حفص بن غياث قال؟ سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول في رجل أدرك الجمعة وقد ازْدَحَم النّاس، فكبّر مع الإمام وركع ولم يقدر على السجود، وقام الإمام والناس في الركعة الثانية، وقام هذا معهم، فركع الإمام ولم يقدر هذا على الرُّكوع في الرُّكعة الثانية من الزّحام، وقدر على السجود، كيف يصنع ؟ فقال : أبو عبد الله

(عليه السلام): أمّا الرَّكعة الأولى فهي إلى عند الرُّكوع تامّة ، فلمّا لم يسجد لها حتّى دخل في الثانية، لم يكن له ذلك ، فلمّا سجد في الثانية، إن كان نوى هذه السجدة الّتي هي الرّكعة الأُولى فقد تمّت له الأُولى، وإذا سلّم الإمام قام فصلّى ركعة، ثمَّ يسجد فيها ، ثمَّ يتشهّد ويسلّم، وإن كان لم ينو أن تكون تلك السجدة للرَّكعة الأُولى، لم تُجْزِ عنه الأُولى ولا الثّانية(4).

ص: 425


1- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 25 - وليس فيه كلمة كلّها بعد كلمة : الرحمن. والحديث ضعيف.
2- التهذيب ، نفس الباب، ح 26 بتفاوت يسير .
3- التهذيب 3 24 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ح 42 . والحديث ضعيف .
4- التهذيب 3 1 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها صدر ح 78 والزيادة في التهذيب طويلة فراجع والحديث صحيح . الفقيه 1، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها و ...، صدر ح 19

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أحمد بن أبي عبد الله رفعه قال : قيل لأبي عبد الله(عليه السلام): يزعم بعض الناس أنَّ النُّورة يوم الجمعة مكروهة ؟ فقال : ليس حيث ذهب أيُّ طهور أطهر من النّورة يوم الجمعة.

أبواب السفر

242- باب وقت الصلاة في السفر والجمع بين الصلاتين

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن صفوان الجمّال، قال : صليت(1)خلف أبي عبد الله(عليه السلام)عند الزَّوال فقلت: بأبي وأمّي(2)، وقت العصر ؟ فقال : وقت ما تستقيل إبلك فقلت: إذا كنت في غير سفر ؟ فقال : على أقل من قدم ثُلُثَي قدم(3)وقتُ العصر.

2 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن القاسم، عن مسمع أبي سيّار قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن وقت الظهر في يوم الجمعة في السفر؟ فقال : عند زوال الشمس(4)، وذلك وقتها يوم الجمعة في غير السّفر .

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ؛ عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) إذا كان في سفر، أو عجّلت به حاجة، يجمع بين الظّهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، قال : وقال أبو عبد الله(عليه السلام): لا بأس بأن تعجّل العشاء الآخرة في السفر قبل أن يغيب الشفق (5).

ص: 426


1- أي في السفر، كما يومي إليه مضمون الحديث.
2- أي متى يكون وقت العصر.
3- فسّر(عليه السلام)أقل من قدم بثلثيه، وهو مقدار نافلة العصر لمن يأتي بها مقتصداً. وهذا مناسب لكون الضابط في وقت كل من الظهر والعصر الفضيلي هو الفراغ من نافلة كل منهما. والحديث صحيح
4- أي أول زوال الشمس لأن نوافل الرباعية المقصورة تسقط في السفر كما هو المشهور أو المجمع عليه عند أصحابنا، وفيما يتعلق بالوتيرة وهى نافلة العشاء فسقوطها في السفر هو المشهور عندنا أيضاً بل نقل ابن إدريس في سرائره الإجماع عليه ولكن عن النهاية جواز الإتيان بها، ونسب القول بأنه قوي إلى ظاهر الفقيه والعلل والروضة، وذهب الشهيد في الذكرى إلى القول بأنه قوي إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه .
5- التهذيب 3 ، 23 - باب الصلاة في السفر ، ح 118 . الاستبصار 1 ، 149 - باب وقت المغرب والعشاء الآخرة، ح 44 . وروى ذيله فقط في التهذيب 2 4 - باب أوقات الصلاة وعلامة ... ، ح 58 هذا، وقد نقل عن الشيخ حمه الله في الخلاف وابن البراج أن آخر وقت المغرب غيبوبة الشفق بلا فرق في ذلك بين الحاضر والمسافر والمختار والمعذور، وعن المفيد وابن بابويه امتداد وقتها إلى ربع الليل في حق المسافر، وعن أبي الصلاح وابن حمزة القول بذلك مع الاضطرار والمشهور عندنا امتداد وقت المغرب إلى نصف الليل. ومن ذهب إلى هذا حمل الروايات الدالة على أن آخر وقت المغرب إلى ذهاب الشفق أو غيره من التحديدات على بيان الوقت الفضيلي، عيناً كما قلنا في الروايات المحددة لوقت الظهرين بمقدار القدم والقدمين، أو بصيرورة ظل كل شاخص مثله أو مِثلَيه.

4- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ،عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال : كنت أنا ونفر من أصحابنا مترافقين - فيهم ميّسر - ، فيما بين مكّة والمدينة، فارتحلنا ونحن نشكُّ في الزَّوال، فقال بعضنا البعض : فامشوا بنا قليلاً حتّى نتيقّن الزَّوال ثمَّ نصلّي، ففعلنا، فما مشينا إلّا قليلاً حتّى عرض لنا قطار(1)أبي عبد الله(عليه السلام)فقلت: أتى القطار، فرأيت محمد بن إسماعيل فقلت له : صليتم ؟ فقال لي : أمرنا جدّي(2) فصلينا الظهر والعصر جميعاً، ثم ارتحلنا، فذهبت إلى أصحابي فأعلمتهم ذلك .

5 -الحسين بن محمد عن عبد الله بن عامر، عن علي بن مهزيار، عن فَضالة بن أيّوب ، عن أبان، عن عمر بن يزيد قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام) : وقت المغرب في السفر إلى ثُلُث اللّيل .

وروي أيضاً إلى نصف اللّيل.

243- باب حد المسير الذي تقصر فيه الصلاة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : التقصير في بريد، والبريد أربعة فراسخ(3).

2 - وعنه ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب(4)قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أدنى ما يقصّر فيه المسافر ؟ فقال : بريد(5).

ص: 427


1- أي قافلة
2- يقصد محمد بن إسماعيل بجده الإمام الصادق (عليه السلام)، فهو محمد بن إسماعيل بن الإمام(عليه السلام). ويدل على رجحان الجمع بين الصلاتين أول الوقت في السفر.
3- التهذيب ،3، 23 - باب الصلاة في السفر ، ح .. وكرره برقم 28 من الباب 56 من الجزء الرابع من التهذيب أيضاً الاستبصار 1 ، 133 - باب مقدار المسافة التي يجب فيها التقصير، ح5 .
4- في الاستبصار: عن أيوب، ولعل (أبي) سقطت بفعل النسّاخ .
5- التهذيب ،3 نفس الباب ، ح 4 . وكرره برقم 29 من الباب 56 من الجزء 4 من التهذيب . الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 6 .

3- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن يحيى الخزَّاز، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: بينا نحن جلوس وأبي عند وال لبني أُميّة على المدينة، إذ جاء أبي ، فجلس فقال : كنت عند هذا قُبَيل ، فسألهم عن التقصير فقال قائل منهم : في ثلاث(1)وقال قائل منهم يوم وليلة، وقال قائل منهم : رَوْحَة فسألني(2)، فقلت له : إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لما نزل عليه جبرائيل(عليه السلام)بالتقصير ، قال له النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم): في كم ذاك؟ فقال : في بريد قال : وأيُّ شيء البريد؟ قال : ما بين ظلّ عير إلى فيي وَعِير(3)، قال: ثمَّ عبرنا زماناً ثمَّ رأي بنو أُميّة يعملون أعلاماً على الطريق، وأنّهم ذكروا ما تكلّم به أبو جعفر(عليه السلام)، فذرعوا ما بين ظلّ، عِير إلى فييء وَعِير، ثمَّ جزّاوه إلى اثني عشر ميلاً ، فكان ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع كلُّ ميل، فوضعوا الأعلام فلمّا ظهر بنو هاشم غيّروا أمر بني أُميّة غِيرةً ، لأنَّ الحديث هاشميُّ ، فوضعوا إلى جنب كلِّ عَلَم عَلَماً(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سئل عن حدِّ الأميال الّتي يجب فيها التقصير؟ فقال أبو عبد الله(عليه السلام): إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)جعل حدَّ الأميال من ظل عِير إلى ظلٍّ وَعِير، وهما جبلان بالمدينة، فإذا طلعت الشمس، وقع ظلّ عير إلى ظلٍّ وَعِير، وهو الميل الّذي وضع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عليه التقصير.

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيِّ، عن محمّد بن أسلم الجبليِّ، عن صباح الحذَّاء، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن قوم خرجوا في سفر، فلمّا انتهوا إلى الموضع الّذي يجب عليهم فيه التقصير، قصِّروا من الصلاة، فلمّا صاروا على فرسخين أو على ثلاثة فراسخ أو أربعة، تخلّف عنهم رجل لا يستقيم لهم سفرهم إلّا به(5)، فأقاموا ينتظرون مجيئه إليهم وهم لا يستقيم لهم السفر إلّا بمجيئه إليهم، فأقاموا على ذلك أيّاماً ، لا يدرون هل يمضون في سفرهم أو ينصرفون ، هل ينبغي لهم أن يتمّوا الصّلاة، أو يقيموا على تقصيرهم؟ قال : إن كانوا بلغوا مسيرة أربعة فراسخ فليقيموا على تقصيرهم، أقاموا أم

ص: 428


1- أي ثلاث ليال
2- أي سأل الوالي أبا عبد الله(عليه السلام).
3- عِير ووَعِير: جبلان بالمدينة والظاهر أن عيراً كان في جهة المشرق، ووعيراً كان إلى جهة المغرب.
4- وقد أشار إلى ما تضمنه هذا الحديث من قصة جبرائيل مع النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وما فعله بنو أمية في الفقيه 1، 59 - باب الصلاة في السفر، ح 38 والمراد ببني هاشم بنو العباس. وقوله : لأن الحديث هاشمي : أي صدر عن أبي جعفر(عليه السلام).
5- كان يكون دليلهم أو حملدارهم أو من أَمَر عليهم.

انصرفوا ، وإن كانوا ساروا أقلَّ من أربعة فراسخ، فليتمّوا الصّلاة أقاموا أو انصرفوا ، فإذا مضَوا فليقصّروا(1).

244- باب من يريد السفر أو يقدم من سفر متى يجب عليه التقصير أو التمام

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرَّجل يريد السفر، متى يقصّر؟ قال : إذا توارى من البيوت قال قلت : الرَّجل يريد السّفر فيخرج حين تزول الشّمس؟ قال: إذا خَرَجْتَ فصلِّ ركعتين(2).

وروى الحسين بن سعيد ،عن صفوان وفَضالة، عن العلاء مثله .

2 -الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال : سمعت الرّضا(عليه السلام)يقول : إذا زالت الشّمس وأنت في المصر وأنت تريد السّفر فأتِمَّ، فإذا خرجت بعد الزَّوال قَصِّر العصر(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ،عن ابن فضال، عن داود بن فَرْقَد، عن

ص: 429


1- والحديث ضعيف أو مجهول، وأورده البرقي في محاسنه ص / 312. هذا وقد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على ما ورد في هذه الأحاديث من تحديد لمسافة السفر الذي يجب معه قصر الصلاة والإفطار وهي وأن تعدّدت السنتها إلا أنه يمكن القول بأنها مفسّرة بعضها للبعض الآخر. فإن كانت المسافة امتدادية فهى ثمانية فراسخ أو تلفيقية من الذهاب والإياب فهي أربعة فراسخ لمن أراد الرجوع ليومه، وكل فرسخ ثلاثة أميال فالمجموع أربعة وعشرون ميلاً، وقد قر مسير يوم بريد به، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد. وهذه المسافة المحدودة شرعاً لو نقصت ولو شيئاً قليلاً لم يترتب عليها الحكم وهو وجوب القصر والافطار فراجع شرائع الإسلام للمحقق 132/1 ، واللمعة وشرحها للشهيدين 92/1 من الطبعة الحجرية .
2- التهذيب 2 ، 2 - باب فرض الصلاة في السفر، ج 1. والتهذيب 3، 23 - باب الصلاة في السفر، الفقيه 1 ، 59 - باب الصلاة في السفر، ح 2 .
3- التهذيب ،3، نفس ،الباب ، ح 71. وذكره أيضاً برقم 9 من الباب 10 من نفس الجزء . الاستبصار 1 ، 141 - باب المسافر يدخل عليه الوقت فلا يصلي حتى ..، ج 2. هذا والمشهور بين أصحابنا، بل عن السرائر الإجماع ح عليه أن العبرة بحال الأداء لا حال الوجوب ،والتعلق ويدل عليه مضافاً إلى الروايات إطلاق ما دل على وجوب القصر على المسافر دون الحاضر. يقول المحقق في الشرائع 135/1 : (وإذا دخل الوقت وهو حاضر ثم سافر والوقت باق، قيل : يتم بناءً على وقت الوجوب وقيل يقصر اعتباراً بحال الأداء، وقيل يتخير ، وقيل : يتم مع السعة ويقصر مع الضيق، والتقصير أشبه. وكذا الخلاف لو دخل الوقت وهو مسافر فحضر والوقت باق، والإتمام هنا أشبه .

بشير النبّال قال : خرجت مع أبي عبد الله(عليه السلام)حتّى أتينا الشّجرة، فقال لي أبو عبد الله(عليه السلام): يا نبّال : قلت : لبّيك ، قال : إنّه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلّي أربعاً غيري وغيرك، وذلك أنّه دخل وقت الصّلاة قبل أن نخرج (1).

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل يدخل من سفره وقد دخل وقت الصّلاة؟ قال : يصلي ركعتين، فإذا خرج إلى سفر وقد دخل وقت الصّلاة فليصلّ أربعاً(2).

5 ه - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم(عليه السلام)قال : سألته عن الرَّجل يكون مسافراً، ثمَّ يقدم فيدخل بيوت الكوفة، أيتمُّ الصّلاة أم يكون مقصّراً حتّى يدخل أهله ؟ قال : بل يكون مقصّراً حتّى يدخل أهله(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل صلّى وهو مسافر فأتمَّ الصّلاة؟ قال : إن كان في وقت فليُعِد، وإن كان الوقت قد مضى فلا(4).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال : قل-ت ل--ه : رجل فاتته صلاة من صلاة السّفر، فذكرها في الحضر؟ قال : يقضي ما فاته كما فاته، إن كانت صلاة

ص: 430


1- الاستبصار ،1 نفس الباب .. التهذيب 3 ، 23 - باب الصلاة فی السفر، ح 72 .
2- التهذيب 3، نفس الباب، ح 66 وفي سنده : عن أبي جعفر متوسطاً ابن مسلم وحريز. الاستبصار 1، نفس الباب ، ح 1 الفقيه ،1 ، نفس الباب ، ح 24 . وفيها زيادة وهو في الطريق بعد قوله : وقد دخل وقت الصلاة في صدر الحديث .
3- التهذيب 3 ، 23 - باب الصلاة في السفر ، ح 64 . الاستبصار 1 ، 143 - باب من يقدم من السفر إلى متى يجوز له التقصير ، ح 2 . الفقيه 1 ، 59 - باب الصلاة في السفر ، ح 26 بتفاوت في الجميع . قال المحقق في الشرائع 134/1 : «لا يجوز للمسافر التقصير حتي تتوارى جدران البلد الذي يخرج منه أو يخفى عليه الأذان ولا يجوز له الترخص قبل ذلك حتى ولو نوى السفر ليلا، وكذا في عوده يقصر حتى يبلغ سماع الأذان من مصره ، وقيل : يقصر عند الخروج من منزله ويتم عند دخوله، والأول أظهر» . والمقصود بخفاء الجدران عدم تمييزه الجدار من غيره كما أن المقصود بخفاء الأذان عدم تميز فصوله والمعيار في الكل على المتوسط مؤذناً ومستمعاً .
4- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 78 . الاستبصار 1 ، 142 - باب من تمم في السفر، ح 1. هذا، وقد أجمع أصحابنا على وجوب التقصير في السفر، فيصلي الرباعية اثنتين وأنه لا قصر في صلاتي الصبح والمغرب، وأن التقصير عزيمة لا ،رخصة إلا في أحد المواطن الأربعة مكة والمدينة والمسجد الجامع بالكوفة والحاير الحسيني، فإنه مخير والإتمام أفضل، وإذا تعين القصر فأتم عامداً أعاد على كل حال وإن كان جاهلا بالتقصير فلا إعادة ولو كان الوقت باقياً، وإن كان ناسياً أعاد في الوقت ولا قضاء عليه لو تذكر خارج الوقت.

السفر أدَّاها في الحضر مثلها، وإن كانت صلاة الحضر فليقضِ في السّفر صلاة الحضر كما فاتته(1).

8 - عليُّ ، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن يقطين، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال : سألته عن رجل خرج في سفر ثمَّ تبدو له الإقامة وهو في صلاته؟ قال : يتمّ إذا بَدَتْ له الإقامة(2).

245- باب المسافر يقدم البلدة كم يقصر الصلاة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ،جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: قلت له : أرأيتَ من قدم بلدة إلى متى ينبغي له أن يكون مقصّراً ، ومتى ينبغي له أن يتمَّ ؟ قال : إذا دخلت أرضاً فأيقنت أنَّ لك بها مقاماً عشرة أيّام، فأتمَّ الصلاة، وإن لم تدر ما مقامك بها ، تقول غداً أخرج أو بعد غد فقصّر ما بينك وبين أن يمضي شهر، فإذا تمَّ لك شهر، فأتمَّ الصلاة وإن أردت أن تخرج من ساعتك(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن بكير قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يكون بالبصرة وهو من أهل الكوفة، له بها دار ومنزل، فيمرُّ بالكوفة، وإنّما هو مجتاز لا يريد المقام إلّا بقدر ما يتجهّز يوماً أو يومين؟ قال : يقيم في جانب المصر ويقصّر ، قلت : فإن دخل أهله ؟ قال : عليه التّمام(4)

ص: 431


1- التهذيب 3 ، 10 - باب أحكام فوائت الصلاة ، ح 11 بدون كما فاتته في الذيل. هذا، وقد أجمع أصحابنا على أن الإنسان يجب عليه أن يقضي صلاة السفر قصراً ولو في الحضر وصلاة الحضر تماماً ولو في السفر.
2- التهذيب ،3، 23 - باب الصلاة في السفر، ح 73 الفقيه 1 ، 59 - باب الصلاة في السفر، صدرح 34 . قال المحقق في الشرائع 136/1 : من دخل في صلاته بنية القَصْر ثم عن له الإقامة، أتم». وما ذكره رحمه الله إجماعي عندنا .
3- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 55 الاستبصار ،1 ، 139 - باب المسافر يدخل بلداً لا يدري كم مقامه فيه ، ح 1 . هذا ، والمشهور بين فقهائنا رضوان الله عليهم بل ربما حكي الإجماع عليه هو أن من قواطع السفر التردد في البقاء في محل حلّ فيه وعدمه ثلاثين يوماً إذا كان بعد بلوغ المسافة وإن حكمه هو التقصير إلى ثلاثين يوماً ثم بعده يتم ما دام في ذلك المحل . يقول المحقق في الشرائع 134/1 : «وإن تردد عزمه قصر ما بينه وبين شهر ثم يتم ولو صلاة واحدة، ولو نوى الإقامة ثم بدا له رجع إلى التقصير، ولو صلى صلاة واحدة بنية الإتمام لم يرجع» .
4- التهذيب 3 ، 23 - باب الصلاة في السفر، ح 59 .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب قال: سأل محمّد بن مسلم أبا عبد الله(عليه السلام) - وأنا أسمع - عن المسافر إن حدَّث نفسه بإقامة عشرة أيّام؟ قال : فليتمَّ الصلاة، وإن لم يدر ما يقيم يوماً أو أكثر، فليعد ثلاثين يوماً ثمَّ ليتمَّ، وإن كان أقام يوماً أو صلاة واحدة. فقال له محمّد بن مسلم : بلغني أنّك قلت خمساً ؟ فقال : قد قلت ذاك، قال أبو أيوب : فقلت أنا: جُعِلْتُ فداك، يكون أقلَّ من خمس ؟ فقال : لا(1).

246- باب صلاة الملّاحين والمُكَاريين وأصحاب الصَّيدْ والرجل يخرج إلى ضَيعَته

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): أربعة قد يجب عليهم التمام في السفر كانوا أو الحضر: المكاري، والكَري(2)، والرَّاعي ، والاشتقان(3)لأنّه عملهم(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال : ليس على الملّاحين في سفينتهم تقصير، ولا على المكاري والجمّال(5).

ص: 432


1- التهذيب 3 ، نفس الباب ، ح 57 وفي ذيله : ... يكون أقل من خمسة أيام. الاستبصار 1 ، 139 - باب المسافر يدخل بلداً لا يدري كم مقامه فيه ، ح .. وقد حمل الشيخ ما تضمنه هذا الخبر من الأمر بالاتمام إذا أراد مقام خمسة أيام على ما لو كان بمكة أو المدينة، واستبعده في المنتهى . وقد عمل بمضمونه ابن الجنيد فيما حكي عنه، وقد حكى صاحب المنتهى اجماع علمائنا على وجوب القصر في أقامة ما دون عشرة أيام. والحديث حسن.
2- الكرِيّ: - كما في القاموس - المكاري . وقد نقل المجلسي عن والده رحمه الله قوله : المكاري : هو من يكري دابته والكري من يكري نفسه أو المراد بالمكاري : الجمال.
3- قوله(عليه السلام): والاشتقان، قال الفاضل التستري : فسّره في المنتهى بأمين البيدر، ونسبه إلى تفسير أهل اللغة، ونقل قولا بأنه البريد مرآة المجلسي 385/15 . والصدوق رحمه الله ذكر أنه يطلق على البريد
4- التهذيب ،3، نفس الباب ، خ 35 . الاستبصار 1 ، 137 - باب من يجب عليهم التمام في السفر، ح 3 بتفاوت فيهما الفقيه 1 ، 59 - باب الصلاة في السفر ح 11
5- التهذيب 3 ، 23 - باب الصلاة في السفر ، ح 34 الاستبصار 1 ، 37 - باب من يجب عليه التمام في السفر، ح 2 . الفقيه 1 ، 59 - باب الصلاة في السفر، ح 12 بتفاوت في الجميع قليل. هذا وقد اشترط أصحابنا رضوان الله عليهم لجواز التقصير للمسافر عدة شروط ومنها ألا يكون السفر حراماً أو كان الإنسان كثير السفر أو كان ممن بيته معه كناية عن تنقله المستمر من مكان إلى مكان وقد عبروا عن هذا الأخير بتعابير مختلفة كقولهم إلا أن يكون : السفر عملاً له، أو أن سفره أكثر من حضره ، الخ . وبعضهم اقتصر على ذكر العناوين الواردة في الأخبار مع المكاري والجمال والملاح الخ. يقول المحقق بصدد شرطية أن يكون السفر سائغاً :« .... ولو كان معصية لم يقصر كاتباع الجائر وصيد اللهو ....»وقال بصدد بيان شرطية إلا يكون سفره أكثر من حضره :« كالبدوي الذي يطلب القطر والمكاري والملاح والتاجر الذي يطلب الأسواق، والبريد وضابطه أن لا يقيم ببلدة عشرة أيام، فلو أقام أحدهم عشرة ثم أنشأ سفرا قصر ، وقيل : ذلك مختص بالمكاري فيدخل في جملته الملاح والأجير والأول أظهر ..».

وفي رواية أخرى: المكاري إذا جدَّ به السيّر فليقصّر(1).

قال(2): ومعنى جدَّ به السيّر يجعل منزلين منزلاً .

3 - محمّد بن الحسن وغيره، عن سهل بن زياد ،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت الرّضا(عليه السلام)عن الرّجل يخرج إلى ضيعته ويقيم اليوم واليومين والثلاثة ، أيقصّر أم يتمَّ؟ قال : يتمَّ الصلاة كلّما أتى ضيعة من ضياعه(3).

4 -محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن ابن بكير قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرجل يتصيّد اليوم واليومين والثلاثة، أيقصّر الصلاة؟ قال : لا ، إلّا أن يشيّع الرَّجل أخاه في الدِّين، وإنَّ التصيّد مسير باطل لا تقصّر الصلاة فيه، وقال : يُقَصّر إذا شيّع أخاه(4).

عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيّ، عن بعض أصحابه، عن عليِّ بن أسباط مثله .

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، عمّن ذكره عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الأعراب لا يقصّرون، وذلك أنَّ منازلهم معهم .

6 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرَّجل يكون له الضياع بعضها قريب

ص: 433


1- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 37 الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 5 وفيهما زيادة والجمال وبتفاوت في الجميع قليل.
2- هذا التفسير هو للكليني رحمه الله كما صرح به الشيخ في التهذيب .
3- التهذيب 30 ، نفس الباب ، ح 32 . الاستبصار 1 ، 135 - باب الرجل الذي يسافر إلى ضيعته أو . . . ، ح 14 . وقد حمله الشيخ في التهذيب على ما إذا كانت الضيعة قريبة إليه فلا يجب عليه حينئذ التقصير.
4- التهذيب 3 ، نفس الباب ، ح 45. الاستبصار 1 ، 138 - باب المتصيد يجب عليه التمام أم التفصير ؟ ح 1 ولا بد من حمله على ما لو كان الصيد لِلّهو.

من بعض، يخرج فيقيم فيها، يتمَّ أو يقصّر ؟ قال : يتمُّ(1).

7 - الحسين بن محمّد ،عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عزّ وجلَّ :﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ ﴾(2)قال : الباغيّ باغي الصيد، والعادي: السّارق، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرَّ إليها ، هي حرام عليهما، ليس هي عليهما كما هي على المسلمين، وليس لهما أن يقصّرا في الصلاة(3).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يخرج إلى الصيد، أيقّصر أم يتمَّ؟ قال: يتمُّ، لأنّه ليس بمسير حقّ(4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار قال: سألته عن الملاحين والأعراب، هل عليهم تقصير ؟ قال : لا ، بيوتهم معهم(5) .

10 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد محمّد بن ، عن عمران بن محمّد، عن عمران القميّ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : الرَّجل يخرج إلى الصيّد مسيرة يوم أو يومين، يقصّر أو يتمّ ؟ فقال : إن خرج لقوته وقوت عياله فليفطر وليقصّر ، وإن خرج لطلب الفُصُول فلا، ولا كرامة(6).

11 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر(7)، عن محمّد بن جزك قال : كتبت

ص: 434


1- التهذيب 3 23 - باب الصلاة في السفر ، ح 31 الاستبصار 1 ، 135 - باب الرجل الذي يسافر إلى ضيعته أو . ح 13 وفيهما فيطوف فيها . . ، بدل فيقيم فيها وكذا في الفقيه 1 ، 59 - باب الصلاة في السفر، : ح 16 . وقد حمله الشيخ في التهذيب على ما إذا كانت الضيعة قريبة دون مسافة القصر.
2- سورة البقرة / 173 .
3- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 48 .
4- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 46 . الاستبصار 1 ، 138 - باب المتصيد يجب عليه التمام أم التقصير؟ ، ح 2 .
5- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 36 . الاستبصار 1 ، 137 - باب من يجب عليهم التمام في السفر ، ح 4 والحديث مضمر في الجميع .
6- التهذيب 3 نفس الباب، ح 47 . الاستبصار 1 ، 138 - باب المتصيد يجب عليه ... ح 6 بتفاوت يسير .الفقيه 1، 59 - باب الصلاة في السفر ، ح 47 بتفاوت يسير أيضاً. هذا، ومن المتفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الصيد إذا كان للقوت قصر المتصيد فيه . وإن كان للهو أتم ، وأما لو كان الصنيد للتجارة فأكثر المتأخرين الحقوه بصيد القوت والشيخ وجماعة قالوا : يفطر فيه ولكنه يتم الصلاة ونسب الشهيد هذا القول في الدروس إلى الشهرة والفُصُولى : - كما في القاموس - المشتغل بما لا يعنيه .
7- في سند الاستبصار عبد الله بن المغيرة .

إليه :(1)جُعِلْتُ فِداك ، إنَّ لي جِمَالاً ولي قوّام عليها ، وقد أخرج فيها إلى طرق مكّة لرغبة في الحجّ ، أو في الندرة إلى بعض المواضع، فهل يجب عليَّ التقصير في الصلاة والصيام؟ فوقّع(عليه السلام): إن كنت لا تلزمها ولا تخرج معها في كلّ سفر إلّا إلى مكّة، فعليك تقصير وفطور(2).

247- باب المسافر يدخل في صلاة المقيم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماّد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في المسافر يصلّي خلف المقيم، قال يصلّي ركعتين ويمضي حيث شاء(3).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبَان بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن المسافر يصلّي مع الإمام ، فيدرك من الصلاة ركعتين، أيجزىء ذلك عنه ؟ فقال : نعم(4)

248 - باب التطوع في السفر

1 - الحسين بن محمّد ،عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزیار، عن الحسين بن سعيد، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة قال : سألته عن الصلاة في السّفر؟ قال: ركعتين ليس قبلهما ولا بعدهما شيءٌ، إلا أنّه ينبغي للمسافر أن يصلّي بعد المغرب أربع ركعات(5)، وليتطوّع باللّيل ما شاء إن كان نازلاً ، وإن كان راكباً فليصلّ على دابّته وهو راكبٌ، ولتكن صلاته

ص: 435


1- في التهذيبين والفقيه : كتبت إلى أبي الحسن الثالث(عليه السلام).
2- التهذيب 3 نفس الباب ، ح 43 بتفاوت يسير الاستبصار 1 ، 137 - باب من يجب عليه التمام في السفرح 10 بتفاوت يسير ،1 الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 15 بتفاوت يسير أيضاً. ومحمد بن جزك، هو الجمال وكان من أصحاب الهادي(عليه السلام)كما قيل. وبمضمون الحديث عمل أصحابنا رضوان الله عليهم .
3- التهذيب 3 ، 10 - باب أحكام فوائت الصلاة ، ح 18 . الاستبصار 1، 26 - باب المسافر يصلي خلف المقيم، ح 2 . وكرره الشيخ برقم 85 من الباب 23 من الجزء 3 من التهذيب. هذا وما عليه مذهب الأصحاب كراهة أن يأتم حاضر بمسافر، وأن ذهب البعض إلى كراهة العكس أيضاً ، ونسب إلى علي بن بابويه القول بعدم الجواز في الحالتين معا. وصرح في المعتبر على أن الكراهة إنما تتم مع اختلاف ،فرضيهما، فلا كراهة مع التساوي فيهما .
4- التهذيب 3 نفس الباب، ح 19
5- هي نافلة المغرب ولا خلاف عندنا في سقوط رواتب الرباعية المقصورة في السفر دون غيرها.

إيماءً، وليكن رأسه حيث يريد السجود أخفضَ من ركوعه.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي، عن الحارث بن المغيرة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)أربع ركعات بعد المغرب لا تدعهنَّ في حَضَر ولا سفر(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الصلاة في السفر ركعتان ، ليس قبلهما ولا بعدهما شيء إلا المغرب، فإن بعدها أربع ركعات لا تدعهنَّ في حَضَر ولا سفر، وليس عليك قضاء صلاة النّهار(2)، وصل صلاة الليل واقضه(3).

4 - محمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): فاتتني صلاة اللّيل في السفر، فأقضيها في النهار؟ فقال: نعم، إن أطَقْتَ ذلك (4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحلبيّ أنّه سأل أبا عبد الله(عليه السلام)عن صلاة النافلة على البعير والدَّابّة؟ فقال: نعم، حيثما كنت متوجّها، قال: فقلت على البعير والدَّابّة؟ قال: نعم حيثما كنت متوجّهاً ، قلت : أستقبل القبلة إذا أردتُ التكبير ؟ قال : لا ، ولكن تكبّر حيثما كنت متوجّهاً ، وكذلك فعل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)(5).

6 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبَان بن تغلب قال : خرجت مع أبي عبد الله (عليه السلام)فيما بين مكّة والمدينة فكان يقول : أمّا أنتم فشباب تؤخّرون، وأمّا أنا فشيخ أَعَجِل فكان يصلّي صلاة اللّيل أوّل اللّيل(6).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يصلّي على راحلته؟ قال : يؤمي إيماءٌ يجعل السجود أخفضَ من الرُّكوع ، قلت : يصلّي وهو يمشي ؟ قال : نعم، يؤمي إيماءً وليجعل السجود

ص: 436


1- التهذيب 2 ، 3 - باب نوافل الصلاة في السفر، ح 1 .
2- يعني نوافل صلاة النهار .
3- التهذيب 2 ، 3 - باب نوافل الصلاة في السفر، ح 2 .
4- التهذيب 3 23 - باب الصلاة في السفر، ح 99
5- التهذيب ،3، نفس ،الباب ح 90 بتفاوت ونقيضة ضمن الحديث والحديث ضعيف على المشهور ويشمل بإطلاقه السفر والحَضر.
6- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 88 . ويدل على جواز الإتيان بصلاة الليل قبل وقتها ممن يشق عليه القيام في وقتها .

أخفض من الرُّكوع(1).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل يصلّي النوافل في الأمصار وهو على دابّته حيث توجّهت به؟ فقال : نعم، لا بأس(2).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد، عن حريز، عمّن ذكره، عن أبي جعفر(عليه السلام)أنّه لم يكن يرى بأساً أن يصلّي الماشي وهو يمشي ، ولكن لا يسوق الإبل(3).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن صلاة اللّيل، والوتر في أوَّل اللّيل في السفر، إذا تخوّفتُ البرد وكانت علّة ؟ فقال : لا بأس، أنا أفعل ذلك(4).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن سليمان(5)، عن سعد بن سعد، عن مقاتل بن مقاتل، عن أبي الحارث قال : سألته - يعني الرِّضا(عليه السلام)- عن الأربع ركعات بعد المغرب في السفر يعجلني الجمّال ولا يمكنّي(6)الصلاة على الأرض ، هل أُصلّيها في المحمل؟ فقال : نعم، صلّها في المَحْمل(7).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن صفوان، عن أبي الحسن الرِّضا(عليه السلام)قال: صلِّ ركعتي الفجر في المحمل (8).

ص: 437


1- التهذيب ،3 نفس الباب ، ح 97 وروى ذيله بتفاوت .
2- التهذيب ، نفس الباب ، ح 100 وأخرجه عن أبي الحسن الأول(عليه السلام). الفقيه 1 ، 59 - باب الصلاة في السفر، ح 33 . هذا واتفق أصحابنا على جواز الصلاة نافلة على الدابة اختياراً حاضراً كان أو مسافراً، طال سفره أو قصر ، ومنع منه ابن أبي عقيل من قدامى الأصحاب.
3- التهذيب ،3، 23 - باب الصلاة في السفر، ح 101 . الفقيه 1 ، 59 - باب الصلاة في السفر، ح 53 . قوله(عليه السلام): . لا يسوق الإبل : أي لا يحدو لها أثناء الصلاة ولا يزجرها لما في ذلك من التكلم بكلام الآدميين وهو مبطل للصلاة .
4- الاستبصار 1، 152 - باب أول وقت نوافل الليل ، ح 6 وفي ذيله زيادة: إذا تخوفت. التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من ... ، ح 122 وكرره برقم 89 من الباب 23 من الجزء الثالث من التهذيب. وفي التهذيبين أو كانت علة بدل : وكانت . . .
5- في التهذيب : حماد بن سليمان .
6- في التهذيب : فلا يمكننى.
7- التهذيب 2 ، 3 - باب نوافل الصلاة في السفر، ح 3 .
8- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 4. ودل هذا الحديث كالذي قلبه على شدة تأكيد هذه النوافل ، حيث أمر بالإتيان بها ولو في المحمل والإنسان في حالة ،سفر، فمطلوبيتها في الحال الاعتيادية للإنسان في الحضر أشد تأكداً كما هو واضح .
249- باب الصلاة في السفينة

1- عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يسأل عن الصلاة في السفينة؟ فيقول : إن استطعتم أن تخرجوا إلى الجدد فاخرجوا فإن لم تقدروا فصلّوا قياماً، فإن لم تستطيعوا فصلّوا قعوداً، وَتَحَرِّوا القبلة(1).

2 - عليُّ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه سئل عن الصلاة في السفينة ؟ فقال : يستقبل القبلة، فإذا دارت واستطاع أن يتوجّه إلى القبلة فليفعل، وإلّا فليصلِّ حيث توجّهت به، قال : فإن أمكنه القيام فليصلِّ قائماً، وإلّا فليقعد، ثمِّ ليصلّ(2).

3 - عليُّ ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، في الرَّجل يكون في السفينة فلا يدري أين القبلة قال يتحرِّى، فإن لم يَدْرِ صلّى نحو رأسها(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن حمزة الغنويِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الصلاة في السفينة؟ فقال: إذا كانت محملة ثقيلة إذا قمت فيها لم تَحَرَّك، فصلِّ قائماً وإن كانت خفيفة تَكَفَّا فصلّ قاعداً(4).

5- عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أبي هاشم الجعفريِّ قال: كنت مع أبي الحسن(عليه السلام)في السفينة في دجلة، فحضرت الصلاة، فقلت: جُعَلْتُ فِداك، نصلّي في جماعة؟ قال : فقال : لا تصلِّ في بطن وادٍ جماعةً(5).

ص: 438


1- الاستبصار 1 ، 284 - باب الصلاة في السفينة ، ح 1 . التهذيب 3، 11 - باب صلاة السفينة ، ح 1 . الجَدَد: اليابسة . أو الأرض الصلبة الصلاة وتحرّي القلبة: الفحص عن جهتها وبذل الجهد في طلبها.
2- التهذيب 3، 28 - باب الصلاة في السفينة ح 11 . الفقيه 1 62 - باب الصلاة في السفينة ، ح 1 بتفاوت ، وأخرجه عن عبيد الله بن علي الحلبي عن الصادق(عليه السلام).
3- والحديث مرسل ويدل على عدم وجوب الصلاة إلى الجهات الأربع في هذه الحال.
4- التهذيب 3 ، 11 - باب صلاة السفينة ، ح .5 الاستبصار 1 ، 284 - باب الصلاة في السفينة ، ح 3 الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 8 قوله(عليه السلام): تَكَفَّاً : أي تتمايل. هذا، وقد نقل في جامع المقاصد اتفاق الأصحاب على جواز الصلاة في السفينة الواقفة بشرط عدم الحركات الفاحشة كما أن الأقوى جوازها مع كون السفينة سائرة إذا أمكن مراعاة الشروط في الصلاة ولو بالسكوت عن القراءة والذكر عند اضطرابها ويدور إلى القبلة عند انحرافها عنها ، ولا تضر الحركة التبعية بتحركها لأنها لا تنافي الاطمئنان المعتبر في النص والإجماع.
5- التهذيب 3 ، 28 باب الصلاة في السفينة ، ح .9. الاستبصار 1 ، 271 - باب صلاة الجماعة في السفينة ، ح 3 .هذا، ومما لا خلاف فيه بين أصحابنا استحباب الصلاة جماعة للرجال والنساء في السفينة الواحدة بل في السفن المتعددة بشرط أن لا يكون موجباً للتباعد الذي يقدح في وحدة الجماعة كما لا خلاف بينهم في كراهة الصلاة جماعة في بطون الأودية. يقول المحقق في الشرائع:« الجماعة جائزة في السفينة الواحدة وفي سفن عدّة سواء اتصلت السفن أو انفصلت» .
250- باب صلاة النوافل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال : دخلت على أبي جعفر(عليه السلام)وأنا شابٌ، فوصف لي التطوّع والصوم، فرأى ثقل ذلك في وجهي ، فقال لي : إن هذا ليس كالفريضة من تركها هلك، إنّما هو التطوّع ، إن شُغِلْتَ عنه أو تركته قَضَيْتَه، إنّهم كانوا يكرهون أن تُرفع أعمالهم يوماً تاماً ويوماً ناقصاً، إن الله عزّ وجلَّ يقول : ﴿ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾(1)، وكانوا يكرهون أن يصلّوا حتى يزول النّهار، إنَّ أبواب السماء تفتح إذا زال النهار .

2-عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال الفريضة والنّافلة أحدٌ وخمسون ركعة، منها ركعتان بعد العَتَمَة جالساً تَعَدَّان بركعة وهو قائمٌ ، الفريضة منها سبعة عشر ركعة، والنافلة أربع وثلاثون ركعة(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن الفضيل بن يسار؛ والفضل بن عبد الملك ؛ وبكير قالوا سمعنا أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يصلّي من التطوُّع مِثْلَي الفريضة ويصوم من التطوُّع مِثْلَي الفريضة(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، محمّد عن بن سنان ، عن ابن مسكان، عن محمّد بن أبي عمير قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن أفضل ما جَرت به السنّة من الصلاة؟ فقال : تمام الخمسين(4).

وروى الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان مثله .

ص: 439


1- سورة المعارج / 23
2- التهذيب 2 ، 1 - باب المسنون من الصلوات ح.2. الاستبصار 1 ، 130 - باب المستون من الصلاة في ح 2 . والعتمة : صلاة العشاء الآخرة، ونافلتها تسمّى الوُثَيرَة وهي ركعتان من جلوس على المشهور.
3- التهذيب 2 نفس الباب .. الاستبصار 1 ، نفس الباب ، ح 3 .
4- التهذيب ،2 نفس الباب ، ح 6. قوله(عليه السلام): تمام الخمسين، وذلك ( لأن) النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)كان يقتصر على ذلك ولا يأتي بالركعتين اللتين بعد العشاء اللتين تعدّان ركعة والركعتان إنما زيدتا على الخمسين تطوعاً ليتم بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع كما هو المذكور في علل ابن شاذان مرآة المجلسي 397/15 .

5 - محمّد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن يزيع، عن حنان قال : سأل عمرو بن حريث أبا عبد الله(عليه السلام)- وأنا جالسٌ - فقال له : جُعَلْتُ فِداك ، أخبرني عن صلاة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)؟ فقال : كان النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)يصلّي ثماني ركعات الزَّوال(1)، وأربعاً الأُولى(2)، وثماني بعدها(3)، وأربعاً العصر، وثلاثاً المغرب، وأربعاً بعد المغرب، والعشاء الآخرة أربعاً، وثماني صلاة اللّيل، وثلاثاً الوتر وركعتي الفجر، وصلاة الغداة ركعتين قلت : جُعِلْتُ فِداك، وإن كنت أقوى على أكثر من هذا، يعذِّبني الله على كثرة الصلاة؟ فقال : لا ، ولكن يعذِّب على ترك السنّة(4).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام) : هل قَبْلَ العشاء الآخرة وبَعْدَها شيء؟ قال: لا، غير أنّي أصلّي بعدها ركعتين، ولست أحْسِبُهُما من صلاة اللّيل(5).

7 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن الحسين بن سيف، عن محمّد بن يحيى، عن حجّاج الخشّاب، عن أبي الفوارس قال : نهاني أبو عبد الله(عليه السلام)أن أتكلّم بين الأربع ركعات الّتي بعد المغرب(6).

8 - محمّد بن الحسن، عن سهل ،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن(عليه السلام): إنَّ أصحابنا يختلفون في صلاة التطوّع، بعضهم يصلّي أربعاً وأربعين، وبعضهم يصلّي خمسين، فأخبرني بالّذي تعمل به أنت كيف هو حتّى أعمل بمثله؟ فقال: أصلّي واحدة وخمسين، ثمَّ قال : أمْسِكْ - وعقد بيده - : الزَّوال ثمانية وأربعاً بعد الظهر، وأربعاً قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين قبل العشاء الآخرة، وركعتين بعد العشاء من قعود تُعَدَّان بركعة من قيام ، وثماني صلاة اللّيل والوتر ثلاثاً، وركعتي الفجر، والفرائض سبع عشرة فذلك أحد وخمسون(7).

ص: 440


1- أي ناقلة الظهر قبلها
2- يعني صلاة الظهر.
3- أي نافلة العصر.
4- الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 4. التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 4 قوله(عليه السلام): يعذَّب على ترك السنّة : أي لو اعتبر أن الزيادة التي جاء بها هي شيء شرعه الله ودان الله بذلك يكون مبدعاً في الدين مفرطاً بالسنة الثابتة، فيعذبه الله على بدعته تلك وتفريطه ذاك .
5- التهذيب ،2 ، نفس الباب، ح 19 .
6- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 193 . والحديث ضعيف.
7- التهذيب 2 ، 1 - باب المسنون من الصلاة ، ح 14 . بزيادة لفظ ركعة في الذيل والمقصود بالثماني ركعات الزوال : نافلة الظهر قبلها . والمقصود بالأربع بعد الظهر والأربع قبل العصر : الثماني ركعات نافلة العصر قبلها والمقصود بالركعتين بعد المغرب زائداً الركعتين قبل العشاء الآخرة : نافلة المغرب بعدها وهي أربع ركعات والحديث ضعيف على المشهور.

9 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فَضالة بن أيّوب، عن حمّاد بن عثمان قال : سألته عن التطوّع بالنّهار؟ فذكر أنّه يصلّي ثمان ركعات قبل الظهر وثمان بعدها(1) .

10 - عنه ، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبَان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : صلاة الزوال صلاة الأوّابين(2).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قلت له :﴿ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾(3)قال : يعني صلاة الليل، قال : قلت له :﴿ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾(4)قال : يعني تطوّع بالنّهار، قال : قلت له : ﴿ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾(5)قال : ركعتان قبل الصبح ، قلت : ﴿وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾(6)، قال : ركعتان بعد المغرب.

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا قمت باللّيل من منامك فقل : الحمد لله الّذي ردَّ عليَّ روحي لأحمده وأعبده، فإذا سمعت صوت الدُّيوك فقل : سُبّوح قُدُّوس ربُّ الملائكة والرُّوح ، سبقت رحمتك غَضَبَك ، لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، عملتُ سوءاً وظلمتُ نفسي فاغفر لي وارحمني إنّه لا يغفر الذُّنوب إلّا أنت، فإذا قمت فانظر في آفاق السماء وقل : اللّهمَّ إنّه لا يواري عنك ليل ساج، ولا سماء ذات أبراج، ولا أرض ذات مهاد ولا ظلمات بعضها فوق بعض، ولا بحر لُجّي ، تدلج

ص: 441


1- التهذيب ،2 نفس الباب، ح 18 ورواه مضمراً أيضاً .
2- الأواب من الإياب وهو الرجوع، والمقصود به التواب وهو كثير التوبة .
3- سورة الزمر / 9 ومطلع الآية أمن هو قانت . . . ، وآخرها : قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب. وآناء الليل ساعاته .
4- سورة طه / 130 ومطلع الآية : فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها . والمقصود بالتسبيح قبل طلوع الشمس صلاة الصبح وقبل غروبها صلاة العصر وأطراف النهار : قيل المقصود صلاة الظهر وصلاة المغرب. إذ إن صلاة الظهر في آخر طرف النهار الأول وفي أول طرف النهار الآخر ، والطرف الثالث غروب الشمس .
5- سورة الطور 49 . ومطلع الآية : ومن الليل فسبحه ... وإدبار النجوم : أقولها .
6- سورة ق / 40 .

بين يدي المدلج من خلقك، تعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، غارت النجوم ونامت العيون وأنت الحيُّ القيّوم ، لا تأخذك سِنَةٌ ولا نوم ، سبحان ربِّ العالمين وإله المرسلين والحمد لله ربِّ العالمين(1). ثمَّ اقرأ الخمس الآيات من آخر آل عمران(2): ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - إلى قوله - إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾، ثمَّ اسْتَك وتوضّأ، فإذا وضعت يدك في الماء الله فقل : بسم وبالله، اللّهمَّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين، فإذا فرغت فقل: الحمد لله رب العالمين، فإذا قمت إلى صلاتك فقل : بسم الله وبالله وإلى الله ومن الله وما شاء الله ولا حول ولا قوَّة إلّا بالله، اللّهمَّ اجعلني من زوّار بيتك، وعُمّار مساجدك ، وافتح لي باب توبتك، وأَغْلق عنّي باب معصيتك وكلِّ معصية، الحمد الله الّذي جعلني ممّن يناجيه، اللّهمَّ أَقبِل عليّ بوجهك جلَّ ثناؤك، ثمَّ افتتح الصلاة بالتكبير(3).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كان إذا صلّى العشاء الآخرة، أمر بوَضوئه(4)وسواكه يوضع عند رأسه مخمّراً(5)، فيرقد ما شاء الله ، ثمَّ يقوم فيستاك ويتوضّأ، ويصلّي أربع ركعات، ثمَّ يرقد، ثمَّ يقوم فيستاك ويتوضّأ ويصلّي أربع ركعات، ثمَّ يرقد حتّى إذا كان في وجه الصّبح(6)، قام فأوتر ، ثمَّ صلّى الرَّكعتين، ثمَّ قال :﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾(7)قلت متى كان يقوم ؟ قال : بعد ثلث اللّيل وقال في حديث آخر: بعد نصف اللّيل.

وفي رواية أخرى : يكون قيامة وركوعه وسجوده سواء(8)، ويستاك في كلّ مرَّة قام من نومه ويقرأ الآيات من آل عمران(9): ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - إلى قوله - إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾.

ص: 442


1- إلى هنا مروي في أصول الكافي ، كتاب الدعاء، باب الدعاء عند النوم والانتباه ، ح 12 .
2- سورة آل عمران/ 190 - 194 .
3- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 235 بتفاوت قليل الفقيه ،1، 67 - باب ما يقول الرجل إذا استيقظ من النوم ، ح 4 وروى صدره فقط بتفاوت. وكنا قد علقنا عليه في محله من أصول الكافي فراجع.
4- الوضوء : الماء الذي يتوضأ به.
5- أي مغطى حذراً من وقوع شيء من النجاسات وغيرها فيه لو كان مكشوفاً.
6- أي جهته، وهو كناية عن قرب ظهوره.
7- الاسوة القدوة والآية في سورة الأحزاب / 21 .
8- أي بنفس الطول، أو ما يستغرقه كل واحد من الزمان مساو لما يستغرقه الآخران.
9- في خمس آيات من أول الآية 190 إلى آخر الآية 194 .

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : كان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)يصلّي من الليل ثلاث عشرة ركعة ، منها الوتر، وركعتا الفجر فى السفر والحضر.

15 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن حديد عن عليِّ بن النّعمان، عن الحارث بن المغيرة النّصريِّ قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : صلاة النّهار ستَّ عشرة ركعة، ثمان إذا زالت الشّمس، وثمان بعد الظّهر ، وأربع ركعات بعد المغرب، يا حارث : لا تدعهنّ في سفر ولا حَضَر، وركعتان بعد العشاء الآخرة، كان أبي يصلّيهما وهو قاعدٌ وأنا أُصلّيهما وأنا ،قائم ، وكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يصلّي ثلاث عشرة ركعة من اللّيل (1).

16 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس قال : حدَّثني إسماعيل بن سعد الأحوص قال : قلت للرّضا(عليه السلام) : كم الصّلاة من ركعة ؟ فقال : إحدى وخمسون ركعة(2)

محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى مثله.

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عزَّ وجلَّ :﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾ (3)

ص: 443


1- التهذيب 2 ، 1 - باب المسنون من الصلوات، ح .5 . وكرره برقم 16 من نفس الباب أيضاً. هذا، وقد استُدِلَّ بهذه الرواية من قبل جماعة من الأصحاب على أن نافلة العشاء وهي ما يعبر عنها بالوتيرة، حالها حال سائر النوافل، فيجوز الإتيان بها من جلوس كما يجوز من قيام، بل القيام فيها أفضل، ويقول استأذنا السيد الخوئي في التنقيح 63/1: «والصحيح عدم مشروعية القيام في الوثيرة وأن الجلوس معتبر في حقيقتها وذلك لعدم تمامية ما استدل به على جواز القيام أو أفضليته في الوتيرة. حيث قالوا إن الباقر(عليه السلام)إنما صلّى الوتيرة جالساً لصعوبة القيام في حقه لكبر سنه الشريف وعظم جثته المقدسة على ما صرّح به في بعض الروايات، وحيث لم يكن أبو عبد الله(عليه السلام)بديناً كأبيه(عليه السلام)صلاها قائماً . . ، وهذا لا يمكن المساعدة عليه، لأن في روايات الوتيرة ورد التقييد بكونها عن جلوس، بل ورد في بعضها أن الرضا(عليه السلام)كان يصليها جالساً ولم يكن سلام الله عليه بديناً حتى يتوهم أن جلوسه في الوتيرة تستند إلى صعوبة القيام في حقه، فلو كان القيام فيها أفضل كما ادعي لم يكن لما فعله وجه صحيح » .
2- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 1 . الاستبصار 1 ، 130 - باب المسنون من الصلاة في .. . ، ح 1 . يقول المحقق رحمه الله في الشرائع وهو بصدد الحديث عن الصلوات المفروضة وأعدادها :«وصلاة اليوم والليلة خمس، وهي سبع عشرة ركعة في الحصر الصبح ركعتان والمغرب ثلاث وكل واحدة من البواقي أربع، وسقط من كل رباعية في السفر ركعتان ونوافلها في الحضر أربع وثلاثون ركعة على الأشهر أمام الظهر ثمان، وقبل العصر مثلها، وبعد المغرب أربع، وعقيب العشاء ربعتان من جلوس تعدان بركعة وإحدى عشرة صلاة الليل، مع ركعتي الشَّفع والوتر، وركعتان للفجر. ويقط في السفر نوافل الظهر والعصر والوتيرة على الأظهر، والنوافل كلها ركعتان بتشهد وتسليم بعدهما إلا الوتر وصلاة الإعرابي . . . » .
3- سورة المزّمل / 6. وناشئة الليل ساعات الليل، وكل ساعة من ساعات الليل ناشئة هي أشد وطأ: أي أشد ثباتاً من النهار وأثبت في القلب وأقوم قيلا : أي وأصوب قراءة .

قال: يعني بقوله: ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ قيام الرَّجل عن فراشه يريد به الله لا يريد به غيره(1).

18 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزَّاز، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إن العبد يوقظ ثلاث مرات من اللّيل، فإن لم يَقُم ، أتاه الشَّيطان فَبَال في أُذُنه ؛ قال : وسألته عن قول الله عزَّ وجلَّ:﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾(2)؟ قال : كانوا أقلَّ اللّيالي تفوتهم لا يقومون فيها(3).

19 - عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن عمر بن يزيد أنّه سمع أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إنَّ في اللّيل لساعة ما يوافقها عبدٌ مسلم يصلّي ويدعو الله فيها إلّا استجيب له في كلِّ ليلة، قلت: أصلحك الله ، فأيُّ ساعة هي من اللّيل؟ قال : إذا مضى نصف اللّيل في السّدس الأوّل من النّصف الباقي(4).

20 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : إنَّ رجلا من مواليك من صلحائهم شكى إليَّ ما يلقى من النّوم ، وقال : إنّي أُريد القيام إلى الصّلاة باللّيل فيغلبني النّوم حتّى أصبح ، وربّما قضيتُ صلاتي الشّهر متتابعاً والشّهرين أصبر على ثقله؟ فقال : قرَّة عين له والله ، قال : ولم يرخص له في الصّلاة في أول اللّيل، وقال: القضاء بالنّهار أفضل . قلت: فإنَّ من نسائنا أبكاراً ،الجارية تحبُّ الخير وأهله وتحرص على الصّلاة فيغلبها النّوم حتّى ربّما قضت ،وربّما ضعفت عن قضائه، وهي تقوى عليه أوّل اللّيل؟ فرخص لهنَّ في الصلاة أوَّل اللّيل إذا ضعفن وضيّعن القضاء(5).

21 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن بكير قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): ما كان يحمد الرَّجل أن يقوم من آخر اللّيل فيصلّى صلاته ضربة واحدة(6)ثمَّ ينام ويذهب .

ص: 444


1- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة، وصنعتها و ...، ح 218 . وكرره برقم 241 من الباب 15 من نفس الجزء، بتفاوت في الذيل الفقيه 1، 65 - باب ثواب صلاة الليل، ح 5 بتفاوت يسير .
2- سورة الذاريات / 17
3- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصنعتها و ...، ح 242 . قوله(عليه السلام): بال في أذنه : إما كناية عن إفساد الشيطان ،له أو استخفافه ،به، أو عن وسوسته وتزيينه النوم له وخص الأذن بالذكر لأن النائم أغلب ما ينبه بالسماع .
4- التهذيب 2، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 209 بتفاوت في الذيل .
5- التهذيب 2، نفس الباب، ح 215 الفقيه 1، 66 - باب وقت صلاة الليل ح.4 وروى صدره فقط. الاستبصار 1 ، 152 - باب أول وقت نوافل الليل ، ح 4. هذا، والذي عليه أكثر الأصحاب رضوان الله عليهم عدم جواز تقديم صلاة الليل على منتصفه إلا لعلة، وذهب ابن إدريس إلى المنع من تقديمها مطلقاً، كما نص أصحابنا على أن القضاء في النهار أفضل من التقديم .
6- أي جملة واحدة من دون تفريق بينها .

22 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن الحسن الصّيقل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قلت له : الرَّجل يصلّي الركعتين من الوتر ثمَّ يقوم فينسى التشهّد حتّى يركع، ويذكر وهو راكع ؟ قال : يجلس من ركوعه فيتشهّد، ثمَّ يقوم فيتمّ، قال: قلت :أليس قلتَ في الفريضة إذا ذكره بعد ما ركع، مضى ثمَّ سجد سجدتي السهو بعد ما ينصرف، ويتشهّد فيهما؟ قال: ليس النّافلة مثل الفريضة(1).

23 - الحسين بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن عامر، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب وحمّاد بن عيسى، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن أفضل ساعات الوتر، فقال : الفجر أوَّل ذلك(2).

24 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عمير : عن إسماعيل بن أبي سارة قال: أخبرني أبَان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أيَة ساعة كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يُوتِر؟ فقال : على مثل مغيب الشمس إلى صلاة المغرب(3).

25 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): الرَّكعتان اللّتان قبل الغداة، أين موضعهما؟ فقال: قبل طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة(4).

26 - عليُّ بن محمّد ؛ عن سهل بن زياد، عن ابن أسباط، عن إبراهيم بن أبي البلاد

ص: 445


1- التهذيب 2 ، 10 - باب أحكام السهو في الصلاة وما . . . ، ح 52 . وكرره برقم 243 من الباب 15 من نفس الجزء. والحديث مجهول. ويفهم منه أن زيادة الركن سهواً لا تفسد النافلة . . . . مرآة المجلسي 15 / 409 .
2- التهذيب 2 ، 15 - باب كيفية الصلاة وصنعتها و ...، ح 244. والمعنى : أن أول طلوع الفجر هو أول فضيلة الوتر .
3- وقوله(عليه السلام): على مثل مغيب الشمس ... الخ ، أي كان(صلی الله علیه وآله وسلم)يوقع الوتر في زمان متصل بالفجر يكون مقداره مقدار ما بين مغيب الشمس إلى ابتداء الغروب أي ذهاب الحمرة المشرقية .... مرآة المجلسي 411/15 . هذا والحديث مجهول.
4- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ... ، ح 277 . وكرره برقم 245 من الباب 15 من نفس الجزء. الاستبصار 1 ، 155 - باب وقت ركعتي الفجر، ح 1 وليس في سنده : عن ابن أذينة. هذا، وقد اختلف الأصحاب في أول وقت ركعتي نافلة الفجر ، فمن ذاهب إلى أن وقتها عند الفراغ من صلاة الليل ولو كان قبل طلوع الفجر الكاذب، وهو مذهب الشيخ وابن إدريس وجمهور المتأخرين من فقهائنا . ومن ذاهب إلى أن وقتها طلوع الفجر الكاذب وهو أفضل عند صاحب المعتبر، والمعتمد عند السيد المرتضى، والأفضل عند الشيخ في المبسوط، وظاهر ابن الجنيد انتهاء وقتها بطلوع الفجر الصادق، في حين عند المشهور امتداد وقتها إلى طلوع الحمرة المشرقية .

قال : صلّيت خلف الرِّضا(عليه السلام)في المسجد الحرام صلاة اللّيل ، فلمّا فرغ جعل مكان الضجعة سجدة(1).

27 - وعنه ، عن محمّد بن الحسين، عن الحجّال، عن عبد الله بن الوليد الكنديّ، عن إسماعيل بن جابر(2)أو عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّي أقوم آخر اللّيل وأخاف الصّبح(3)؟ قال : إقرأ الحمد وأعْجِلْ وأعْجِلْ(4).

28 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر ،عن عليِّ بن مهزيار، عن فَضالة بن أيّوب، عن القاسم بن يزيد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : سألته عن الرّجل يقوم من آخر اللّيل وهو يخشى أن يفجأه الصّبح، أيبدأ بالوتر، أو يصلّي الصلاة على وجهها حتّى يكون الوتر آخر ذلك ؟ قال : بل يبدأ بالوتر ؛ وقال : أنا كنت فاعلاً ذلك(5).

29- أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد حفص بن سالم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن التسليم في ركعتي الوتر؟ فقال: نعم، وإن كانت لك حاجة فاخرج واقضها، ثمَّ عُد واركع ركعة(6).

30 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن ابن سنان قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الوتر، ما يقرأ فيهنَّ جميعاً؟ قال : بقل هو الله أحد، قلت: في ثلاثهنَّ ؟ قال : نعم .

31 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ؛ عن حمّاد عن الحلبيِّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)

ص: 446


1- التهذيب ،2، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 299 قوله : صليت خلف . . ، ح 299 قوله : صليت خلف ... صلاة الليل : أي صليت منفرداً خلفه(عليه السلام)صلاة الليل . إذ لا تجوز صلاة النوافل عندنا جماعة إجماعاً. هذا، وقد دل الحديث على جواز استبدال الضجعة - كما هو المشهور عندنا - على الجانب الأيمن مستقبل القبلة ووضع الخد الأيمن على اليد اليمنى بعد ركعتي الفجر بسجدة .
2- الترديد من الراوى .
3- أي أخاف أن يطلع الفجر فلا استطيع اكمال صلاة الليل.
4- التهذيب ،2 ، نفس ،الباب ، ح 241 . الاستبصار 1 ، 153 - باب آخر وقت صلاة الليل، ح 1. قوله(عليه السلام): إقرأ الحمد؛ يعني وحدها من دون سورة. أعجل أعجل : التكرار للمبالغة في مطلوبية تخفيف الصلاة في هذا الحال وذلك بالاقتصار على أدنى المجزي.
5- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 242 الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 2 . وفي سندهما: القاسم بن بريد، ، بدل : القاسم بن يزيد والمراد بالوتر الثلاث ركعات آخر صلاة الليل كما هو الأغلب من إطلاق الوتر عليها في الروايات .
6- التهذيب ،2 ، نفس الباب ، ح 255 . الاستبصار 1 ، 201 - باب وجوب الفصل بين ركعتي الشفع والوتر ، ح 4 بتفاوت يسير فيهما. الفقيه 1 ، 72 - باب دعاء قنوت الوتر ، ح 16 بتفاوت.

[ أنّه سئل] عن القنوت في الوتر ، هل فيه شيء مُوَقت يُتبع ويقال؟ فقال: لا، اثن على الله عزّ وجلَّ، وصلّ على النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)، واستغفر لذنبك العظيم، ثمَّ قال : كلُّ ذنب عظيم(1).

32 - الحسين بن محمّد، ، عن معلّى بن محمّد، عن أبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): القنوت في الوتر الاستغفار، وفي الفريضة الدعاء(2).

33 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عنمنصور بن حازم، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : استغفر الله في الوتر سبعينَ مرَّة(3).

34 - محمّد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن عليِّ بن النّعمان، عن أبيه، عن بعض رجاله قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فقال : يا أمير المؤمنين، إنّي قد حُرمتُ الصَّلاةَ بالليل؟ فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): أنت رجل قد قيدتك ذنوبك(4).

35 - عليّ بن محمّد، سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزيار قال : قرأت في كتاب رجل إلى أبي عبد الله(عليه السلام)(5): الرَّكعتان اللّتان قبل صلاة الفجر، من صلاة اللّيل هي أم من صلاة النّهار، وفي أيِّ وقت أصلّيها؟ فكتب بخطه : أَحْشُها(6)في صلاة اللّيل حشواً(7).

251- باب تقديم النوافل وتأخيرها وقضائها وصلاة الضُّحى

1 - الحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى ، عن بريد بن ضمرة اللّيثيِّ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الرَّجل يشتغل عن الزَّوال، أيعجّل من أوَّل النهار؟ فقال : نعم إذا علم أنّه يشتغل

ص: 447


1- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و.... ح 270.
2- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 271 . الفقيه 1 ، 72 - باب دعاء قنوت الوتر ، ح 10
3- التهذيب 2 نفس الباب، ح 267
4- التهذيب 2 ، نفس الباب، ح 227 .
5- في التهذيبين : إلى أبي جعفر (عليه السلام).
6- في التهذيبين : إحشوهما . . .
7- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 278 . الاستبصار 1، 155 - باب وقت ركعتي الفجرح 2 . إحشها : يعني أدخلها فيها وصلها معها.

فيعجلها في صدر النّهار كلها(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن معاوية بن وهب قال : لمّا كان يوم فتح مكّة ، ضُرِبَت على رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)خيمة سوداء من شعر بالأبطح ، ثمَّ أفاض عليه الماء من جفنة يرى فيها أثر العجين ثمَّ تحرّى القبلة ضحى فركع ثماني ركعات لم يركعها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قبل ذلك ولا بعد(2).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): اقض ما فاتك من صلاة النّهار بالنّهار، وما فاتك من صلاة اللّيل باللّيل قلت : أقضي وترَيْن في ليلة؟ فقال: نعم، اقض وتراً أبداً(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم قال : سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله(عليه السلام)فقال : أَصْلَحَكَ الله ، إِنَّ عَلَيَّ نوافل كثيرة، فكيف أصنع ؟ فقال : اقضها، فقال له : إنّها أكثر من ذلك، قال اقضها قلت لا أحصيها قال : تَوَخَّ، قال مرازم : وكنت مرضت أربعة أشهر لم أتنفّل فيها ، قلت : أصحلك الله(4)وجعلت فداك، مرضت أربعة أشهر لم أصلِّ نافلة ؟ فقال : ليس عليك قضاء، إنَّ المريض ليس كالصّحيح ، كلّما غلب الله عليه فالله أوْلى بالعذر فيه(5).

5 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد ،عن عليٍّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): أفضل قضاء النّوافل قضاء صلاة اللّيل باللّيل، وصلاة النّهار بالنّهار . قلت : فيكون وتران في ليلة ؟ قال : لا ، قلت : وَلِمَ تأمرني أن أُوتِرَ وترين في ليلة؟ فقال(عليه السلام): أحدهما قضاء(6).

ص: 448


1- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ح 104 . الاستبصار 1 ، 151 - باب وقت نوافل النهار ، ح 8 . وقد حمل الشيخ في التهذيب هذا الحديث وأشباهه على الرخصة في تقديم نوافل النهار عن أوقاتها المحددة لها لمن علم من حاله أنه إن لم يقدّمها اشتغل عنها ولم يتمكن من قضائها فأما مع ارتفاع الأعذار فلا يجوز تقديمها .
2- الحديث صحيح : «والغرض نفي مشروعية صلاة الضحى ، وإن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)إنما فعل ذلك بسبب خاص في وقت مخصوص ، وجَعْلُها سنةً مقرّرة ،بِدْعَةٌ، ولا خلاف عندنا في كونها بدعة محرمة ... ) مرآة المجلسي 415/15 .
3- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من ... ، ح 95
4- في التهذيب : أو جُعلت ...
5- التهذيب ،2 ، 1 - باب المسنون من الصلوات ح.26 . وكرره برقم 80 من الباب 10 من نفس الجزء من التهذيب. الفقيه 1 ، 50 - باب صلاة المريض والمغمى عليه و . . . ، ح 12 . و 17 - باب قضاء صلاة الليل ،ح 7 وروى في الموردين ذيل الحديث فقط. وتوخى رضان - كما في القاموس - تَحَرّاه .
6- التهذيب ،2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من ... ، ح 96 و 97 و 98 وفي ذيل الأخير يقضيها إن .... بدل : يصلّيها إن .....

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال : سئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن رجل فاتته صلاة النّهار، متى يقضيها؟ قال: متى ما شاء، إن شاء بعد المغرب، وإن شاء بعد العشاء(1).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال: سألته عن الرّجل تفوته صلاة النّهار ؟ قال : يصلّيها إن شاء بعد المغرب، وإن شاء بعد العشاء(2).

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن إسماعيل القمي، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيَف بن عميرة رفعه قال : مرّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه برجل يصلّي الضحّي في مسجد الكوفة، فغمز جنبه بالدُرّة وقال : نَحَرْتَ صلاة الأوابين(3)، نَحَرَكَ الله ، قال : فَأَتْرُكُها؟ قال: فقال(4)﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى*عَبْدًا إِذَا صَلَّى ﴾، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): وكفى(5)بإنكار عليّ(عليه السلام) نهياً(6).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة ،والفضيل ،عن أبي جعفر ،وأبي عبد الله صلوات الله عليهما أنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال : صلاة الضّحى بِدْعَةٌ .

10 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسين بن عليِّ الوشّاء، عن أبَان، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن قضاء الوتر بعد الظهر ؟ فقال : أقضه وتراً أبداً كما فاتك. قلت: وتران في ليلة؟ قال: نعم، أليس إنّما أحدهما قضاء(7).

11 - عليُّ، عن أبيه عن ابن المغيرة عن أبي جرير القميّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)

ص: 449


1- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من ... ، ح 96 و 97 و 98 وفي ذيل الأخير : يقضيها إن . بدل : يصليها إن...
2- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من ... ، ح 96 و 97 و 98 وفي ذيل الأخير : يقضيها إن . بدل : يصليها إن...
3- قوله (عليه السلام): نحرت صلاة الأوابين ... : أي ضيعت نافلة الزوال فقدّمتها على وقتها كأنك نحرتها وقتلتها ، فإن العامة نقصوا نافلة الزوال وأبدعوا صلاة الضحى مرآة المجلسي 417/15
4- قال أمير المؤمنين(عليه السلام)ذلك، إما تقية، أو المعنى : إن نهيتك تقول هذا ولا تعلم أن الله تعالى أراد بالصلاة ما لم تكن بدعة، أو المعنى : إن صليت لا بقصد التوظيف لم تكن بدعة مرآة المجلسي 417/15 .
5- أي لم يكن للسائل أن يسأل بعد هذا الإنكار البليغ منه(عليه السلام)حتى يلزمه التقية، فيجيب بما أجاب ن.م
6- روى بمعناه في الفقيه 1 ، 88 - باب نوادر الصلاة ، ح 2 .
7- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة . . . . ، ح 105 ، الفقيه 1، 76 - باب قصاء صلاة الليل، ح 9 إلى قوله : كما فاتك الاستبصار 1 ، 159 - باب كيفية قضاء صلاة النوافل والوتر، ح 1

قال : كان أبو جعفر(عليه السلام)يقضي عشرين وتراً في ليلة(1).

12 - عنه، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : إذا اجتمع عليك وتران أو ثلاثة أو أكثر من ذلك، فاقض ذلك كما فاتك، تفصل بين كلِّ وترين بصلاة، لأنَّ الوتر الآخر، لا تقدمنَّ شيئاً قبل أوَّله الأوَّل فالأول، تبدأ إذا أنت قضيت صلاة ليلتك ثمَّ الوتر، قال : وقال أبو جعفر(عليه السلام): لا يكون وتران في ليلة إلّا وأحدهما قضاء. وقال : إن أوتَرْتَ من أوَّل اللّيل وقمت في آخر اللّيل فوترك الأوَّل قضاء، وما صلّيت من صلاة في ليلتك كلّها فليكن قضاء إلى آخر صلاتك، فإنّها لليلتك، وليكن آخر صلاتك الوتر، وتر ليلتك(2).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن عليِّ بن عبد الله، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): رجلٌ عليه من صلاة النّوافل ما لا يدري ما هو من كثرته ، كيف يصنع ؟ قال : فليصلِّ حتّى لا يدري كم صلّى من كثرته، فيكون قد قضى بقدر علمه، قلت: فإنّه لا يقدر على القضاء من كثرة شغله ؟ فقال : إن كان شغله في طلب معيشة لا بدَّ منها ، أو حاجة لأخ مؤمن، فلا شيء عليه، وإن كان شغله لدنيا تشاغل بها عن الصّلاة، فعليه القضاء، وإلّا لقى الله مستخفّاً متهاوناً مضيّعاً لسنّة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، قلت: فإنّه لا يقدر على القضاء، فهل يصلح له أن يتصدّق؟ فسكتَ مَلِيّاً ثمَّ قال : نعم، فليتصدَّق بصدقة، قلت : وما يتصدَّق ؟ فقال : بقدر طَوْلِهِ ، وأدنى ذلك مُدَّ لكلِّ مسكين مكان كلِّ صلاة قلت وكم الصّلاة الّتي تجب عليه فيها مدَّ لكلِّ مسكين؟ فقال: لكلّ ركعتين من صلاة اللّيل، وكلُّ ركعتين من صلاة النّهار . فقلت : لا يقدر ، فقال مدَّ لكلِّ أربع ركعات، فقلت: لا يقدر، فقال : مدَّ لكلِّ صلاة اللّيل ومدَّ لصلاة النّهار، والصّلاة أفضل، والصّلاة أفضل(3).

14 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : إعلم أنَّ النّافلة بمنزلة الهديّة، متى ما أُتي بها قُبِلَتْ (4).

ص: 450


1- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ، ح 126 . الفقيه ،1، نفس الباب، ح 11 .
2- التهذيب ،2 ، نفس الباب، ح 124 بتفاوت .
3- التهذيب 2 ، 1 - باب المسنون من الصلوات ، ح 25 بتفاوت يسير الفقيه 1 ، 88 - باب نوادر الصلاة ، ح 13 بتفاوت يسير أيضا. وكرر الشيخ هذا الحديث برقم 79 من الباب 10 من الجزء 2. من التهذيب. ولعل سكوته(عليه السلام)[ملياً: أي طويلاً] لعدم جرأة السائل علي ترك الصلاة من غير عذر، ويعلم أن هذا الأمر يشكل المبادرة على تجويزه . مرآة المجلسي 420/15. والطول: الغناء والسعة، والقدرة. هذا، والحديث مجهول.
4- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ، ح 103 بتفاوت وزيادة في آخره . وكذلك هو في الاستبصار 1 ، 151 - باب وقت نوافل النهار ، ح . وقد حمل الشيخ هذا الحديث وأمثاله في التهذيبين على ضرب من الرخصة لمن علم أنه إن لم يقدمها اشتغل عنها ولم يتمكن من قضائها .

15 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عليِّ بن أسباط ، عن عدَّة من أصحابنا أنَّ أبا الحسن الأوَّل(عليه السلام)كان إذا اهتَمَّ ترك النّافلة (1).

16 - وعنه ، عن عليِّ بن معبد(2)أو غيره ، عن أحدهما(عليهم السلام)قال : قال النبيُّ صلّى الله عليه وآله : إنَّ للقلوب إقبالاً وإدباراً (3)، فإذا أقبلت فتنفّلوا ، وإذا أَدبَرَت فعليكم بالفريضة.

17 - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن يحيى بن حبيب قال : كتبت إلى أبي الحسن الرِّضا(عليه السلام)يكون عليَّ الصّلاة النّافلة، متّى أقضيها؟ فكتب(عليه السلام): أيّة ساعة شئت من ليل أو نهار(4).

18 - وبهذا الإسناد ؛ عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن عبد الله بن عليّ السَّراد قال : سأل أبو كهمس أبا عبد الله(عليه السلام) فقال : يصلّي الرَّجل نوافله في موضع أو يفرّقها ؟ فقال : لا بل يفرّقها ههنا وههنا، فإنّها تشهد له يوم القيامة(5).

19 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الرَّيان قال: كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام): رجل يقضي شئياً من صلاته الخمسين في المسجد الحرام أو مسجد الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم)أو في في مسجد الكوفة أتُحسب له الرَّكعة على تضاعف ما جاء عن آبائك(عليه السلام)في هذه المساجد حتّى يجزيه إذا كانت عليه عشرة آلاف ركعة إن يصلّي مائة ركعة أو أقلّ أو أكثر وكيف يكون حاله؟ فوقّع(عليه السلام) : يحسب له بالضّعف فأمّا أن يكون تقصيراً من الصّلاة بحالها(6)فلا يفعل ،هو(7)إلى الزَّيادة أقرب منه إلى النقصان .

20 - أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل النّوفليِّ ، عن عليِّ بن أبي حمزة قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن الرَّجل المستعجل ما الّذي

ص: 451


1- التهذيب 2 ، 1 - باب المنون من الصلوات، ح 24 . قوله(عليه السلام): اهم : أي أصابه هم وحزن. ويؤيد هذا المعنى مضمون الحديث التالي . والحديث ضعيف على المشهور
2- الشك من الراوي .
3- أي على العبادة وعنها .
4- التهذيب 2 ، 13 - باب المواقيت ح 120 . والحديث مجهول. وكرره الشيخ برقم 31 من الباب 10 من الجزء 3 من التهذيب.
5- وقد نصّ بعض الأصحاب على استحباب تفريق النوافل على الأمكنة والحديث مجهول.
6- أي بفعلها في تلك المساجد.
7- أي المصلّي . ويحتمل رجوع الضمير إلى الثواب. والحديث ضعيف على المشهور.

يجزيه في النّافلة؟ قال : ثلاث تسبيحات في القراءة(1)، وتسبيحة في الرُّكوع، وتسبيحة في السّجود.

252- باب صلاة الخَوْف

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن صلاة الخوف؟ قال: يقوم الإمام، وتجيء طائفة من أصحابه فيقومون خلفه، وطائفة بإزاء العدوِّ، فيصلّي بهم الإمام ركعة، ثمَّ يقوم ويقومون معه، فَيَمْثْلُ قائماً ويصلّون هم الرَّكعة الثانية، ثمَّ يسلّم بعضهم على بعض ، ثمَّ ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم ويجيء الآخرون فيقومون خلف الإمام فيصلّي بهم الركعة الثّانية ، ثمَّ يجلس الإمام فيقومون هم فيصلّون ركعة أُخرى، ثمَّ يسلّم عليهم فينصرفون بتسليمه، قال: وفي المغرب مثل ذلك، يقوم الإمام وتجيىء طائفة فيقومون خلفه، ثمَّ يصلّي بهم ركعة، ثمَّ يقوم ويقومون ، فَيَمْتُلُ الإمام قائماً ويصلّون الركعتين، فيتشهّدون ويسلّم بعضهم على بعض، ثمَّ ينصرفون فيقومون في موقف أصحابهم، ويجيىء الآخرون ويقومون خلف الإمام ، فيصلّي بهم ركعة يقرأ فيها ، ثمَّ يجلس فيتشهّد ، ثمَّ يقوم ويقومون معه ويصلّي بهم ركعة أُخرى، ثمَّ يجلس، ويقومون هم فيتمون ركعة أُخرى، ثمَّ يسلّم عليهم(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن أبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: صلّى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بأصحابه في غزوة ذات الرِّقاع صلاة الخوف، ففرَّق أصحابه فرقتين، أقام فرقة بإزاء العدِّو، وفرقة خلفه، فكبّر وكبّروا، فقرأ وأنصتوا، وركع فركعوا وسجد فسجدوا، ثمَّ استمّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)قائماً، وصلّوا لأنفسهم ركعة، ثمَّ سلّم بعضهم على بعض، ثمَّ خرجوا إلى أصحابهم فقاموا بإزاء العدوّ، وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) فصلّى بهم ركعة،

ص: 452


1- المشهور بين أصحابنا وجوب قراءة الفاتحة في النافلة كوجوب قراءتها في الفريضة، نعم نسب إلى الفاضل القول بعدم الوجوب، وهو ممنوع . والحديث مجهول.
2- التهذيب 3 ، 12 - باب صلاة الخوف، ح .. الاستبصار 1 ، 285 - باب صلاة الخوف ، ح 1. وقد ذكر أصحابنا في كتبهم صلاة الخوف من حيث الكيفية والشروط والأحكام، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 129/1 وما بعدها. وتفترق صلاة الخوف جماعة عن صلاة الجماعة العادية في ثلاثة أمور: الأول : انفراد المؤتم. الثاني : توقع الإمام للمأموم حتى يجيء في الركعة الثانية وفي التشهد الثالث: إمامة القاعد بالقائم.

ثمَّ تشهّد وسلّم عليهم، فقاموا فصلّوا لأنفسهم ركعة، ثمَّ سلّم بعضهم على بعض(1).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليِّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : إن كنت في أرض مخافة فخشيت لصّاً أو سَبُعاً فصلِّ على دابّتك(2).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد ،عن أبيه، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الأسير يأسره المشركون، فتحضره الصّلاة، فيمنعه الّذي أسره منها ؟ قال : يُؤْمي إيماءٌ(3).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل قال : سألته قلت : أكون في طريق مكّة فننزل للصّلاة في مواضع فيها الأعراب أنصلّي المكتوبة على الأرض فتقرأ أُمَّ الكتاب وحدها، أم نصلّي على الرَّاحلة فنقرأ فاتحة الكتاب والسّورة؟ فقال: إذا خِفْتَ فصلِّ على الرَّاحلة، المكتوبة وغَيرها، وإذا قرأت الحمد وسورة أحبُّ إليَّ، ولا أرى بالّذي فعلت بأساً(4).

6 - أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبَان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن قول الله عزَّ وجلَّ:﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ﴾(5)، كيف يصلّي، وما يقول إذا خاف من سَبُع أو لصّ، كيف يصلّي ؟ قال : يكبّر ويؤمي إيماءُ برأسه (6).

253- باب صلاة المطارَدَة والمواقفة والمُسَايَفَة

1 - عليُّ بن إبراهيم بن هاشم القميّ، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن

ص: 453


1- التهذيب ، نفس ،الباب ح 2 . الفقيه 1 ، 63 - باب صلاة الخوف والمطاردة و ...، ح 1 بتفاوت . وذات الرقاع : موضع في نجد سميت الغزوة به وقيل غير ذلك. وكانت سنة خمس للهجرة.
2- التهذيب ، نفس الباب، ح .. الفقيه ،1 ، نفس ،الباب ، ح 9 بتفاوت يسير في الجميع . وظاهر الحديث عدم التقصير في العدد.
3- مر هذا الحديث برقم 10 من الباب 230 من هذا الجزء وخرجناه وعلقنا عليه هناك فراجع
4- التهذيب 3 ، 29 - باب صلاة الخوف، ح 2 . قوله(عليه السلام): بأي شيء فعلت، أي بعد أن تصلي راكياً لمكان خوفك لا بأس في أن تقرأ السورة مع الحمد أو تأتي بالحمد وحدها فكل ذلك مجز. وقوله(عليه السلام): إذا خفت فصل . . يدل على أنه مع عدم الخوف لا بد من الصلاة على الأرض في المكتوبة، وأما النافلة فقد مر جواز الإتيان بها على الراحلة ولو اختياراً .
5- سورة البقرة / 239 .
6- التهذيب 3 نفس الباب، ح 3 بتفاوت يسير وروى ذيله بتفاوت يسير برقم 4 من الباب 12 من نفس الجزء من التهذيب .

عذافر عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا جالت الخيل تضطرب السّيوف، أجزأه تكبيرتان، فهذا تقصیر آخر(1).

2 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن زرارة؛ وفضيل؛ ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : في صلاة الخوف عند المطاردة والمناوشة(2)يصلّي كلُّ إنسان منهم بالإيماء حيث كان وجهه، وإن كانت المسايفة(3)والمعانقة وتلاحم القتال، فإنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه صلّى ليلة صفّين(4) وهي ليلة الهَرير لم تكن صلاتهم الظّهر والعصر والمغرب والعشاء عند وقت كلِّ صلاة إلّا التكبير والتّهليل والتسبيح والتّحميد والدُّعاء، فكانت تلك صلاتهم، لم يأمرهم بإعادة الصّلاة(5).

3 - عنه ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة قال: سمعت بعض أصحابنا يذكر أنَّ أقلَّ ما يجزىء في حدِّ المسايفة من التكبير ؛ تكبيرتان لكلِّ صلاة ، إلّا المغرب، فإنَّ لها ثلاثاً(6).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ وأحمد بن إدريس؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)في قول الله عزّ وجلَّ ﴿ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾(7)، قال : في الرَّكعتين تنقص منهما واحدة(8).

ص: 454


1- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 4 . وقد حملت التكبيرتان عند بعض أصحابنا على التسبيحات الأربع . وقوله(عليه السلام): تقصير آخر؛ يعني هو تقصير في الكيف بعد التقصير بالكم والعدد.
2- المناوشة : تداني الفريقين في الحرب والتحامهم في القتال.
3- المسايفة : التجالد بالسيوف .
4- يعني في معركة صفين بينه(عليه السلام)وبين معاوية، وصفّين موضع قرب الرقة على شاطىء الفرات .
5- التهذيب 3 ، 13 - باب صلاة المطاردة والمسايفة ، ح 1. وقد روى جزءاً منه بتفاوت في الفقيه 1، 63 - باب صلاة الخوف والمطاردة و ...، ح 14 . والمراد بالدعاء في الحديث ؛ إما الاستغفار، أو الصلاة على محمد وأهل بيته(عليه السلام). هذا، ويقول المحقق في الشرائع 131/1 : (وأما صلاة المطاردة ، وتسمى صلاة شدة الخوف مثل أن ينتهي الحال إلى المعانقة والمسايفة، فيصلي على حسب إمكانه واقفاً أو ماشياً أو راكباً، ويستقبل القبلة بتكبيرة الإحرام ثم يستمر ما أمكنه ، وإلا استقبل بما أمكن، وصلى مع التعذر إلى أي الجهات أمكن. وإذا لا يتمكن من النزول صلّى راكباً، ويسجد على قربوس سرجه، وإذا لم يتمكن أوما إيماءً، فإن خشي صلّى بالتسبيح، ويسقط الركوع والسجود ويقول بدل كل ركعة، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر .
6- التهذيب ،3 نفس الباب ، ح 4 الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 15 .
7- سورة النساء / 101 .
8- التهذيب ،3، 29 - باب صلاة الخوف، ح 5. وفيه : ينقص ...، وروى قريباً منه في الفقيه 1، نفس الباب، 7. هذا، ومعنى قصر الصلاة أن تنقص من كل ركعتين ركعة واحدة فينقص من كل أربع اثنتان . وقد نقل عن ابن الجنيد أنه فهم أن الركعتين في صلاة الخوف تردّان إلى ركعة واحدة، مستنداً إلى هذه الرواية. وقد ناقشه ابن بابويه فيما نقل عنه صاحب المدارك بأن حمل الرواية على التقية، أو على أن كل طائفة إنما تصلي مع الإمام ركعة فكأن صلاتها ردّت إليها .

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن صلاة القتال(1)؟ فقال : إذا التّقوا ،فاقتتلوا، فإنّ الصّلاة حينئذ التكبير، وإن كانوا وقوفاً(2)لا يقدرون على الجماعة فالصّلاة إيماء(3).

6 - محمّد، عن أحمد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: قلت له : أرأيتَ إن لم يكن المُوَاقِفُ على وضوء ، كيف يصنع ولا يقدر على النّزول؟ قال : يتيمّم من لَبَدِهِ أو سرجه أو مَعْرَفة دابته فإنَّ فيها غباراً، ويصلّي، ويجعل السّجود أخفضّ من الرّكوع، ولا يدور إلى القبلة، ولكن أينما دارت دابّته، غير أنّه يستقبل القبلة بأوّل تكبيرة حين يتوجّه(4).

7 - محمّد بن يحيى، عن العمركيِّ بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن(عليه السلام)قال : سألته عن الرَّجل يلقى السَّبُعَ وقد حضرت الصّلاة، ولا يستطيع المشي مخافة السّبُع ، فإن قام يصلّي خاف في ركوعه وسجوده السّبع، والسّبع أمامه على غير القبلة، فإن توجّه إلى القبلة خاف أن يثب عليه الأسد ، كيف يصنع ؟ قال : فقال : يستقبل الأسد ويصلّي، ويؤمي برأسه إيماءً وهو قائمٌ ، وإن كان الأسد على غير القبلة(5).

254- باب صلاة العيدين والخطبة فيهما

1 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر(عليه السلام) : ليس في يوم الفطر والأضحى أذان ولا إقامة، أذانهما طلوع الشمس، إذا طلعت خرجوا ، وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ، ومن لم يُصَلّ مع إمام في جماعة فلا صلاة له، ولا قضاء عليه(6).

ص: 455


1- أي الصلاة أثناء القتال.
2- أي مصطفّين للقتال ولم يشرعوا فيه بعد .
3- التهذيب ،3 13 - باب صلاة المطاردة والمسايفة ، ح 2 بتفاوت يسير الفقيه ،1 ، نفس الباب، ح 16 .
4- التهذيب 3، 12 - باب صلاة الخوف، ح 5 بزيادة في الصدر وتفاوت . الفقيه 1، 63 - باب صلاة الخوف والمطاردة و . . . ، ح 12 بزيادة في الصدر أيضاً وتفاوت. ومعرفة الدابة شعر عنقها، أو الشعر النابت في محدب رقبتها . وواقفه مواقفة ووقافا وقف كل منهما للآخر في الحرب أو الخصومة.
5- تهذيب 3 ، 29 - باب صلاة الخوف ، ح .6 . الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 4 ورواه مختصراً .
6- تهذيب 3، 6 - باب صلاة العيدين، ح 8 وروى ذيله برقم 5 من نفس الباب أيضاً. وروى ذيله في الاستبصار 1 ، 275 - باب لا تجب صلاة العيدين إلا مع الإمام . 2.

2- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن معمر بن يحيى، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : لا صلاة يوم الفطر والأضحى إلّا مع إمام(1).

3 - عليُّ بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن(2)معاوية قال: سألته عن صلاة العيدين ؟ فقال : ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء، وليس فيهما أذان ولا إقامة يكبّر فيهما اثنتي عشر تكبيرة، يبدأ فيكبّر فيكبّر ويفتتح الصلاة، ثمَّ يقرأ فاتحة الكتاب، ثمَّ يقرأ : والشمسِ وضحاها، ثمَّ يكبّر خمس تكبيرات، ثمَّ يكبّر ويركع، فيكون يركع بالسّابعة، ثمَّ يسجد سجدتين، ثمَّ يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وهل أتاك حديث الغاشية، ثمَّ يكبّر أربع تكبيرات، ويسجد سجدتين، ويتشهّد ويسلّم ، قال : وكذلك صنع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، والخطبة بعد الصلاة، وإنّما أحدث الخطبة قبل الصّلاة عثمان ، وإذا خطب الإمام فليقعد بين الخطبتين قليلاً، وينبغي للإمام أن يلبس يوم العيدين بُرْداً ويعتمّ شاتياً كان أو قايظاً، ويخرج إلى البرِّ حيث ينظر إلى آفاق السّماء، ولا يصلّي على حصير، ولا يسجد عليه، وقد كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يخرج إلى البقيع فيصلّي بالنّاس(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن المفضّل بن صالح، عن ليث المراديِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قيل لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يوم فطر أو يوم أضحى : لو صلَّيتَ في مسجدك ؟ فقال : إنّي لأحِبُّ أن أبرز إلى آفاق السماء(4).

5 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عليِّ بن أبي حمزة عن أبي

ص: 456


1- التهذيب 3 نفس ،الباب ، ح 4. الاستبصار ،1 ، نفس الباب ، ح 1 . الفقيه 1 ، 79 - باب صلاة العيدين ، ح 4 : وأخرجه عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام). هذا وعند أصحابنا أن صلاة العيدين واجبة مع وجود الإمام وجوباً عينياً بالشروط المعتبرة في الجمعة، يقول المحقق في الشرائع :« في صلاة العيدين: وهي واجبة مع وجود الإمام(عليه السلام)بالشروط المعتبرة في الجمعة وتجب جماعة ولا يجوز التخلف إلا مع العذر فيجوز حينئذ أن يصلي منفردا ندبا، اختلت الشرائط سقط الوجوب، واستحب الإتيان بها جماعة ،وفرادى ووقتها ما بين طلوع الشمس إلى الزوال، ولو فاتت لم تُقْضَ».
2- في سند التهذيب : عن يونس بن معاوية ..
3- التهذيب ،3، 6 - باب صلاة العيدين ، ج 10 . الاستبصار 1 ، 279 - باب كيفية التكبير في صلاة العيدين، ح 1 وفيه إلى قوله ويتشهد قال وكذلك صنع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم). هذا ويقول المحقق في الشرائع 1 / 100 عن كيفية صلاة العيدين: «وكيفيتها أن يكبر للإحرام ، ثمَّ يقرأ الحمد وسورة والأفضل أن يقرأ الأعلى ثم يكبر بعد القراءة على الأظهر ويقنت بالمرسوم حتى يتم خمساً ثم يكبر ويركع . فإذا سجد السجدتين قام بغير تكبير، فيقرأ الحمد وسورة، والأفضل أن يقرأ الغاشية، ثم يكبر أربعاً يقنت بينها أربعاً ثم يكبر خامسة للركوع ويركع ، فيكون الزائد على المعتاد تسعاً خمس في الأولى وأربع في الثانية غير تكبيرة الإحرام وتكبيرتي الركوعين».
4- الحديث ضعيف .

عبد الله(عليه السلام)في صلاة العيدين قال : يكبّر ثمَّ يقرأ ، ثمَّ يكبر خمساً ويقنت بين كلِّ تكبيرتين ، ثمَّ يكبر السّابعة ويركع بها، ثمَّ يسجد ، ثمَّ يقوم في الثانية فيقرأ ثمَّ يكبّر أربعاً، فيقنت بين كلُّ تكبيرتين، ثمَّ يكبر ويركع بها(1).

6 -عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن جعفر، عن أبيه(عليهم السلام)قال : نهى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) أن يخرج السّلاح في العيدين إلّا أن يكون عدوّ حاضر [أ](2).

7 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبْعيِّ بن عبد الله، عن الفُضَيل بن يسار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : أتي أبي بالخُمْرة يوم الفطر، فأمر بردَّها ، ثمَّ قال : هذا يوم كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يحبُّ أن ينظر إلى آفاق السماء ويضع وجهه على الأرض(3).

8 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبَان بن عثمان، عن سَلَمة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : اجتمع عيدان على عهد أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فخطب النّاس ثمّ قال: هذا يوم اجتمع فيه عيدان، فمن أحبّ أن يُجَمّع معنا فليفعل ومن لم يفعل فإنَّ له رخصة - يعني من كان متنحيّاً -(4).

9 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألته عن رجل فاتته ركعة مع الإمام من الصّلاة أيام التشريق؟ قال : يُتمُّ الصّلاة ويكبّر(5).

10 - محمّد بن يحيى رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : السنّة على أهل الأمصار أن

ص: 457


1- التهذيب ، نفس الباب، ح .11 الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 2 .
2- التهذيب 3، 6 - باب صلاة العيدين ، ح 37 . وفي ذيله : ... عدو ظاهر. هذا وقد صرح أصحابنا رضوان الله عليهم بكراهة الخروج بالسلاح في العيدين إلا لضرورة كعدو وما شابه مستدلين بهذه الرواية، ولأن الخروج بالسلاح - كما يقول صاحب المدارك رحمه الله 217/1 - ينافي الخضوع والإستكانة.
3- التهذيب 3 ، 26 - باب صلاة العيدين، ح 2 . وفي ذيله جبهته . . . ، بدل وجهه .... وروى بمعناه وبسند : آخر الفقيه 1 ، 79 - باب صلاة العيدين، ح 16 . والحُمْرَة : سجّادة للصلاة .
4- التهذيب 3، 6 - باب صلاة العيدين، ح 38. قوله : يعني ... الخ : يحتمل أنه من كلام الإمام(عليه السلام)، وإن كان الظاهر أنه من كلام الراوي وتفسيره .
5- التهذيب 3، 26 - باب صلاة العيدين، ح 13 . وقد دل الحديث على عدم وجوب متابعة المأموم للإمام في التكبيرات المستحبة إذا كان مسبوقاً . والحديث صحيح .

يبرزوا من أمصارهم في العيدين، إلّا أهل مكّة، فإنّهم يُصَلُّون في المسجِدِ الحرام(1).

11 - محمّد، عن الحسن بن عليِّ بن عبد الله، عن العباس بن عامر، عن أبَان، عن محمّد بن الفضل الهاشميِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: ركعتان من السنّة ليس تصلّيان في موضع إلّا بالمدينة، قال: يُصلّى في مسجد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في العيد قبل أن يُخْرَجَ إلى المصلّى، ليس ذلك إلّا بالمدينة، لأنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فعله(2).

255- باب صلاة الإِستسْقاء

(3).

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن مسلم؛ والحسين بن محمّد، عن عبد الله بن عامر، عن عليِّ بن مهزيار، عن فَضالة بن أيّوب، عن أحمد بن سليمان، جميعاً عن مُرَّة مولى محمّد بن خالد(4)قال : صاح أهل المدينة إلى محمّد بن خالد في الإستسقاء، فقال لي: انطلق إلى أبي عبد الله(عليه السلام)فَسَلْهُ ما رأيك ، فإِنَّ هؤلاء قد صاحوا إليَّ ، فأتيته فقلت له ، فقال لي : قل له : فليخرج، قلت له : متى يخرج جُعِلْتُ فِداك، قال: يوم الإثنين(5)، قلت : كيف يصنع ؟ قال يُخرج المنبر ثِمَّ يخرج يمشي كما يمشي يوم العيدين وبين يديه المؤذنون، في أيديهم عَنَزهم(6)حتّى إذا انتهى إلى المصلّي يصلّي بالنّاس ركعتين بغير أذان ولا إقامة ، ثمَّ يصعد المنبر ، فَيَقْلِب رداءه فيجعل الّذي على يمينه على يساره والّذي على يساره على يمينه ، ثمَّ يستقبل القبلة فيكبر الله مائة تكبيرة رافعاً بها صوته، ثمَّ يلتفت إلى الناس عن يمينه فيسبّح الله مائة تسبيحة رافعاً بها صوته، ثمَّ يلتفت إلى الناس عن

ص: 458


1- التهذيب ،3، 6 - باب صلاة العيدين ح 39 الفقيه ،1 ، نفس الباب ، ح 14 . هذا ، وقد صرح أصحابنا رضوان الله عليهم بأن من سنن صلاة العيدين الإصحار بها إلا بمكة فإنه يصلي في مسجدها الحرام.
2- التهذيب ،3 نفس الباب ، ح 40 . الفقيه ،1 ، نفس الباب ، ح 19 . بتفاوت يسير جداً.
3- الإستسقاء : - هنا - طلب إنزال المطر من الله على وجه مخصوص عند القحط والجفاف واحتباس القطر مع شدة الحاجة إليه، وهو مصدر. وقال المحقق في الشرائع 109/1 عن صلاة الإستسقاء «وهي مستحبة عند غور الأنهار وفتور الأمطار، وكيفيتها مثل كيفية صلاة العيد، غير أنه يجعل مواضع القنوت في العيد استعطاف الله سبحانه وسؤال الرحمة بإرسال الغيث، ويتخير من الأدعية ما تيسر له ... الخ ».
4- في التهذيب : عن مرّة مولى خالد ... والظاهر أن ما في الفروع هو الصحيح لورود اسم محمد بن خالد بعيد ذلك بقليل في الرواية .
5- يحتمل أن يكون(عليه السلام)قد خصص يوم الإثنين مع أن يوم الجمعة هو سيد الأمام وأبركها تقية لكون بني أمية يتبركون فيه .
6- العَنَز: جمع العَنَزَة، وهي شبيه العكازة أطول من العصا وأقصر من الرمح ولها زجُّ في أسفلها.

يساره فيهلّل الله مائة تهليلة رافعاً بها صوته، ثمَّ يستقبل الناس فيحمد الله مائة تحميدة، ثمَّ يرفع يديه فيدعو، ثمَّ يدعون، فإنّي لأرْجُو أن لا يخيبوا . قال : ففعل، فلمّا رجعنا [جاء المطر] ، قالوا :هذا من تعليم جعفر(1).

وفي رواية يونس : فما رجعنا حتّى أهمّتنا أنفسنا(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : سألته عن صلاة الاستسقاء، فقال : مثل صلاة العيدين يقرأ فيها ويكبّر فيها(3)كما يقرأ ويكبّر فيها(4)، يخرج الإمام ويبرز إلى مكان نظيف في سكينة ووَقار وخشوع ومسكنة، ويبرز معه الناس، فيحمد الله ويمجّده ويثني عليه، ويجتهد في الدّعاء، ويكثر من التسبيح والتهليل والتكبير، ويصلّي مثل صلاة العيدين ركعتين في دعاء ومسألة واجتهاد، فإذا سلّم الإمام قَلَبَ ثوبه، وجعل الجانب الّذي على المنكب الأيمن على الأيسر والّذي على الأيسر على الأيمن، فإنَّ النبيَّ(صلی الله علیه وآله وسلم) كذلك صنع(5).

2 - محمّد بن يحيى، رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن تحويل النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)، رداءه إذا استسقى ؟ فقال : علامة بينه وبين أصحابه، يحوّل الجدب خِصْباً (6).

3- وفي رواية ابن المغيرة قال : يكبّر في صلاة الاستسقاء كما يكبّر في العيدين، في الأولى سبعاً، وفي الثانية خمساً، ويصلّي قبل الخطبة، ويجهر بالقراءة، ويستقي وهو قاعدٌ(7).

ص: 459


1- التهذيب 3 ، 8 - باب صلاة الاستسقاء ، ح .5 . وروى مضمونه بتفاوت مع حذف السند في الفقيه 1 ، 80 - باب صلاة الاستسقاء، بعد إيراده الحديث رقم .12. قوله : أهمتنا أنفسنا : لعله كناية عن غزارة المطر الذي هطل فابتلت الثياب وجرت الأرض. فشغلتهم أنفسهم كيف يتلاقون ذلك .
2- التهذيب 3 ، 8 - باب صلاة الاستسقاء ، ح .5 . وروى مضمونه بتفاوت مع حذف السند في الفقيه 1 ، 80 - باب صلاة الاستسقاء، بعد إيراده الحديث رقم .12. قوله : أهمتنا أنفسنا : لعله كناية عن غزارة المطر الذي هطل فابتلت الثياب وجرت الأرض. فشغلتهم أنفسهم كيف يتلاقون ذلك .
3- الضمير وكذا ما قبله يعود إلى صلاة الاستسقاء .
4- الضمير يعود إلى صلاة العيدين .
5- التهذيب 3 ، 8 - باب صلاة الاستسقاء، ح.6 وروى صدر الحديث إلى قوله : مثل صلاة العيدين، في الاستبصار 1 ، 281 - باب صلاة الاستسقاء هل تقدّم الخطبة فيها أو . . . ، ح 3 .
6- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 7 وأخرجه عن محمد بن علي بن محبوب، عن علي بن السندي عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن سفيان عن رجل عن أبي عبد الله(عليه السلام). الفقيه 1 ، 80 - باب صلاة الاستسقاء، ح 16 بتفاوت يسير .«قوله(عليه السلام): علامة : أي تفألا، بتفاوت يسير قوله(عليه السلام)علامة : أي تفألا ويحتمل أن يكون (صلی الله علیه وآله وسلم) عرف ذلك اليوم الاستجابة ففعل ذلك ليعرف أصحابه فجرت السنة بذلك مرآة المجلسي 438/15 .
7- روى بمعناه في التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 9. كذا في الاستبصار 1 ، نفس الباب، ح 1 . وروى قريباً منه في الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 15 .
256- باب صلاة الكسوف

1 - عليُّ بن أبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن عليِّ بن عبد الله قال : سمعت أبا الحسن موسى(عليه السلام)يقول : إنّه لمّا قُبِضَ إبراهيم ابن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، جرت فيه ثلاث سُنَن أمّا واحدة فإنّه لمّا مات انكسفت الشمس ،فقال النّاس : انكسفت الشمس لِفَقْد ابن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فصعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال: يا أيّها النّاس، إنَّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، تجريان بأَمره مطيعان له لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا انكسفتا أو واحدة منهما ، فَصَلُّوا ، ثمَّ نزل فصلّى بالنّاس صلاة الكسوف(1).

2 - عليُّ ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن زرارة ؛ ومحمّد بن مسلم قالا : سألنا أبا جعفر(عليه السلام)عن صلاة الكسوف، كم هي ركعة، وكيف نُصَلِّيها؟ فقال : عشر ركعات وأربع سجدات، تفتتح الصلاة بتكبيرة . وتركع بتكبيرة، وترفع رأسك بتكبيرة، إلّا في الخامسة الّتي تسجد فيها وتقول : سمع الله لمن حمده، وتقنت في كلِّ ركعتين قبل الركوع، وتطيل القنوت والركوع على قدر القراءة والرُّكوع والسجود(2)، فإن فرغت قبل أن ينجلي فاقَعُد وادعُ الله عزّ وجلَّ حتّى ينجلي ، وإن انجلى قبل أن تفرغ من صلاتك، فاتمَّ ما بقي،ِّ وتجهر بالقراءة قال : قلت : كيف القراءة فيها؟ فقال : إن قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب، وإن نقصت من السورة شيئاً فاقرأ من حيث نقصت، ولا تقرأ فاتحة الكتاب، قال : وكان يستحب أن يقرأ فيها بالكهف والحِجْر، إلّا أن يكون إماماً يشقُ على من خَلْفَهُ، وإن استطعت أن تكون صلاتك بارزاً لا يجنّك بيت فافعل، وصلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر، وهما سواء في القراءة والرُّكوع والسجود(3).

ص: 460


1- التهذيب ،3 ، 9 باب صلاة الكسوف ، ح .1 . وروى صدر الحديث بتفاوت في الفقيه 1 ، 81 - باب صلاة الكسوف والزلازل و . . . ، ح 2 . هذا وقد روى الكليني رحمه الله هذا الحديث بزيادة في باب غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم من كتاب الجنائز من هذا الجزء من الفروع فراجع
2- «الظاهر زيادة الركوع في أحدهما من النسّاخ ، ويمكن أن يقدّر خبر في الآخر ، أي : والركوع والسجود سواء» مرآة المجلسي 439/15 .
3- التهذيب 3 ، 9 - باب صلاة الكسوف، ح 7 بتفاوت يسير جداً. يقول المحقق في الشرائع 103/1 وهو بصدد الحديث عن كيفية صلاة الكسوف : «وأما كيفيتها فهي أن يُحرم ثم يقرأ الحمد وسورة ثم يركع ثم يرفع رأسه، فإن كان لم يتم السورة قرأ من حيث قطع ، وإن كان أتم قرأ الحمد ثانياً ثم قرأ سورة حتى يتم خمساً على هذا الترتيب ثم يركع ويسجد اثنتين، ثم يقوم ويقرأ الحمد وسورة معتمداً ترتيبه الأول ويتشهد ويسلّم».

3 - حمّاد عن حريز، عن زرارة؛ ومحمّد بن مسلم قالا : قلنا لأبي جعفر(عليه السلام): هذه الرياح والظُّلَمُ الّتي تكون ، هل يُصَلّى لها ؟ فقال : كلُّ أخاويف السماء من ظُلْمَة أو ريح أو فَزَع فصلُّ له صلاة الكسوف حتّى يَسْكُنَ(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : وقت صلاة الكسوف في الساعة الّتي تنكسف عند طلوع الشمس وعند غروبها ، قال : وقال أبو عبد الله(عليه السلام): هي فريضة(2).

5 - عنه ، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)قال: سألته صلاة الكسوف في وقت الفريضة ؟ فقال : ابدء بالفريضة، فقيل له : في وقت صلاة اللّيل؟ فقال: صلِّ صلاة الكسوف قبل صلاة اللّيل(3).

6 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد، عن حريز عن زرارة؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إذا انكسفت الشمس كلّها واحترقت، ولم تعلم، ثم علمت بعد ذلك، فعليك القضاء، وإن لم تحترق كلها، فليس عليك قضاء(4).

وفي رواية أخرى : إذا علم بالكسوف ونسي أن يصلّي فعليه القضاء، وإن لم يعلم به فلا قضاء عليه. هذا إذا لم يحترق كلّه .

7 - محمّد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن محمّد بن عبد الحميد، عن عليِّ بن

ص: 461


1- التهذيب ،3، نفس الباب ، ح 2 . الفقيه 1 ، 81 - باب صلاة الكسوف والزلازل و . . . ، ح 21 بتفاوت يسير . قال المحقق في الشرائع 102/1 عن سبب صلاة الكسوف: «فتجب عند كسوف الشمس وخسوف القمر والزلزلة وهل تجب لما عدا ذلك من ريح مظلمة وغير ذلك من أخاويف السماء؟ قبل : نعم ، وهو المروي . وقيل : لا بل يستحب وقيل : تجب للريح المخوفة والظلمة الشديدة حسْب »
2- التهذيب 3 ، 27 - باب صلاة الكسوف ، ح 13 . ورواه بسند آخر برقم 3 من الباب 9 من نفس الجزء .
3- يقول المحقق في الشرائع104/1 :إذا حصل الكسوف في وقت فريضة حاضرة كان مخيراً في الإتيان بأيهما شاء ما لم تتضيّق إلى الحاضرة فتكون أولى، وقيل :الحاضرة أولى مطلقاً، والأول أشبه . [و] إذا اتفق الكوف في وقت نافلة الليل، فالكسوف أولى - ولو خرج وقت النافلة - ثم يقضي النافلة .
4- التهذيب ،3، 9 - باب صلاة الكسوف، ح.11 الاستبصار 1 ، 283 - باب من فاتته صلاة الكسوف هل عليه قضاء أم لا؟ ح 5. هذا وقال المحقق في الشرائع 103/1 : ومن لم يعلم بالكسوف حتى خرج الوقت لم يجب القضاء، إلا أن يكون القرص قد احترق كله، وفي غير الكسوف لا يجب القضاء، ومع العلم والتفريط والنسيان يجب القضاء في الجميع.

الفضل الواسطيِّ قال : كتبت إليه(1): إذا انكسفت الشمس أو القمر وأنا راكب لا أقدر على النّزول؟ قال : فكتب إليَّ : َصلِّ على مركبك الّذي أنت عليه(2).

257- باب صلاة التسبيح

(3)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يحيى الحلبيِّ، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لجعفر : يا جعفر، ألا أمنحك ألا أعطيك ألا أحْبُوكَ ؟ فقال له جعفر : بلى يا رسول الله ، قال : فظَنَّ الناس أنّه يعطيه ذهباً أو فضّة ، فتشرَّف الناس(4)لذلك، فقال له : إنّي أُعطيك شيئاً إن أنت صنعته في كلِّ يومٍ كان خيراً لك من الدُّنيا وما فيها، وإن صنعته بين يومين غفر لك ما بينهما ، أو كلِّ جمعة أو كلِّ شهر أو كلِّ سنة غفر لك ما بينهما، تصلّي أربع ركعات تبتدىء فتقرأ، وتقول إذا فرغت : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلّا الله والله أكبر تقول ذلك خمس عشرة مرَّة بعد القراءة، فإذا ركعت قُلْتَه عشر مرَّات ، فإذا رفعت رأسك من الرُّكوع قلته عشر مرَّات ، فإذا سجدت قلته عشر مرَّات ، فإذا رفعت رأسك من السجود فقل بين السّجدتين عشر مرَّات ، فإذا سجدت الثانية فقل عشر مرَّات، فإذا رفعت رأسك من السجدة الثانية قلت عشر مرَّات وأنت قاعد قبل أن تقوم، فذلك خمس وسبعون تسبيحة، في كلّ ركعة ثلاثمائة تسبيحة، في أربع ركعات ألف ومائتا تسبيحة وتهليلة وتكبيرة وتحميدة ،إن شئت صلّيتها بالنّهار، وإن شئتَ صلّيتها باللّيل .

وفي(5)رواية إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن(عليه السلام): تقرا في الأُولى : إذا

ص: 462


1- في التهذيب : كتبت إلى الرضا(عليه السلام)... وكذا رواه عن الرضا(عليه السلام)في الفقيه .
2- التهذيب 3 ، 27 - باب صلاة الكسوف ح .5 الفقيه 1 ، 81 - باب صلاة الكسوف والزلازل و. ، ح 23 وإنما صحت الصلاة للراكب هنا لمكان الضرورة وهو المشهور عندنا، وذهب ابن الجنيد فيما حكي عنه إلى جوازه مطلقاً
3- اختلفت الكتب في إيراد هذه الصلاة من جهتي المتن والسند ومن حيث الإجمال والتفصيل، إلا أنها اتفقت كلها في المعنى بشكل عام فراجع لتهذيب 3 ، 20 - باب صلاة التسبيح و ... ، ح 1 . والفقيه 1 ، 82 - باب صلاة الحبوة والتسبيح وهي صلاة جعفر بن أبي طالب(عليه السلام)، ج 1. وقد أشار إليها وعرض كيفيتها المحقق الحلي في شرائع الإسلام 111/1 فراجع .
4- في التهذيب: فتشوف الناس. أي تطلعوا وتطاولوا لينظروا .
5- التهذيب 3 ، 20 - باب صلاة التسبيح و ... ، ح 4. وعالج : موضع في جزيرة العرب كثير الرمل حتى ضرب به المثل .

زُلْزِلَت، وفي الثانية: والعاديات، وفي الثالثة : إذا جاء نصر الله ، وفي الرابعة: بقل هو الله أحد .

قلت : فما ثوابها ؟ قال : لو كان عليه مثل رمل عالج ذنوباً غفر [الله] له ، ثمَّ نظر إليَّ فقال : إنّما ذلك لك ولأصحابك .

2 - وروي عن ابن أبي عمير، عن يحيى بن عمران الحلبيّ، عن ذريح، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تصلّيها باللّيل وتصلّيها في السّفر باللّيل والنّهار، وإن شئت فاجعلها من نوافلك(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محسن بن أحمد، عن أبَان قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : من كان مستعجلاً، يصلّي صلاة جعفر مجردَّة، ثمَّ يقضي التسبيح وهو ذاهبٌ في حوائجه(2).

4 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن عليِّ بن سليمان قال : كتبت إلى الرجل(عليه السلام): ما تقول في صلاة التّسبيح في المحمل ؟ فكتب(عليه السلام): إذا كنت مسافراً فصلِّ (3).

5 - علي بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب رفعه قال : قال : تقول في آخر ركعة من صلاة جعفر(عليه السلام): يا من لبس العزَّ والوقار ، يا من تعطّف(4)بالمجد وتكرَّم به ، يا من لا ينبغي التسبيح إلّا له يا من أحصى كلِّ شيء علمُه ، يا ذا النعمة والطَّوْل، يا ذا المنِّ والفضل، يا ذا القدرة والكرم ، أسألك بمعاقد العزِّ من عرشك(5)وبمنتهى الرّحمة من كتابك(6)وباسمك

ص: 463


1- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 3 بتفاوت وروى قريباً منه في الفقيه 1 ، 82 - باب صلاة الحبوة والتسبيح وهي ... ، ح 7 وأخرجه عن أبي بصير. هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على جواز إيقاع هذه الصلاة في أي وقت شاء، وعلى جواز احتسابها من النوافل الليلية والنهارية.
2- التهذيب ، نفس الباب ، ح 5 . وروى في الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 8 عن أبي بصير عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كنت مستعجلا فصل صلاة جعفر مجردة ثم اقض التسبيح هذا، وجواز تأخير التسبيح في هذه الصلاة مشروط عند أصحابنا بصورة وجود العذر لا مطلقاً والحديث مجهول
3- التهذيب 3 ، 31 - باب من الصلوات المرغب فيها، ح .1. وقد علق جواز الإتيان بها راكباً على حالة السفر . والحديث مجهول.
4- أي تردّى والعطاف والمعطف نوع من الرداء سمي به لوقوعه على عطفي الإنسان وهما ناحيتا عنقه، والتعبير هنا بالنسبة الله سبحانه مجازي .
5- قال في النهاية : في حديث الدعاء : أسألك بمعاقد العز من عرشك، أي بالخصال التي استحق بها العرش العز، وبمواضع انعقادها منه، وحقيقة معناه : بعز عرشك .
6- أي أسألك بحق نهاية رحمتك التي أثبتها في كتابك اللوح أو القرآن ويحتمل أن يكون (مِن) بيانية، مرآة المجلسي 446/15 .

الأعظم الأعلى ، وكلماتك(1) التّامّة، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الله بن أبي القاسم، ذكره، عمّن حدَّثه عن أبي سعيد المدائنيِّ قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): ألا أُعلّمك شيئاً تقوله في صلاة جعفر؟ فقلت: بلى، فقال : إذا كنت في آخر سجدة من الأربع ركعات، فقل إذا فرغت من تسبيحك : سبحانَ من لبس العزَّ والوقار، سبحانَ من تعطّف بالمجد وتكرَّم به، سبحانَ من لا ينبغي التسبيح إلّا له ، سبحان من أحصى كلِّ شيء علمُهُ ، سبحانَ ذي المنِّ والنعم، سبحانَ ذي القدرة والكرم ، اللّهمَّ إنّي أسألك بمعاقد العزِّ من عرشك، ومنتهى الرَّحمة من كتابك، واسمك الأعظم ، وكلماتك التّامّة الّتي تمّت صدقاً وعدلاً، صلِّ على محمّد وأهل بيته وافعل بي كذا وكذا(3).

7- محمّد بن الحسن(4)، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط ، عن الحكم بن مسكين، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): من صلّى صلاة جعفر كتب الله عزّ وجلَّ له من الأجر مثل ما قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لجعفر ؟ قال : إي واللهِ(5).

258- باب صلاة فاطمة سلام الله عليها وغيرها من صلاة الترغيب

1 - عليُّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن الحكم، عن مُثّنى الحنّاط، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : من صلّى أربع ركعات بمائتي مرَّة قل هو الله أحد في كلِّ ركعة خمسون مرَّة، لم ينفتل وبينه وبين الله ذنبٌ إلّا غُفِرَ له(6).

2 - عدُّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن البرقيِّ، عن سعدان، عن عبد الله بن

ص: 464


1- كلمات الله : صفاته أو اراداتك، أو مواعيدك، أو أنبياؤك ، أو أوصياؤك، أو علماؤك، أو القرآن كل هذا ذكره المجلسي رحمه الله في مرآته ن. .م.
2- الفقيه 1 ، 82 - باب صلاة الحبوة والتسبيح وهي ...، ح 9 ورواه عن الحسن بن محبوب قال : .... هكذا موقوفاً مقطوعاً .
3- التهذيب 3 ، 20 - باب صلاة التسبيح و ...، ح 6 بتفاوت الفقيه ،1 نفس الباب، والحديث بتفاوت .
4- في التهذيب : عن محمد بن الحسين.
5- التهذيب 3 ، نفس الباب ، ح 7. الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 5 ورواه مرسلاً .
6- التهذيب 3، 31 - باب الصلوات المرغب فيها ، ح7. الفقيه 1 ، 85 - باب ثواب الصلاة التي يسميها الناس صلاة فاطمة(عليها السلام)و...ح 4 .

سنان عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: من صلّى أربع ركعات، يقرأ في كلِّ ركعة قل هو الله أحد خمسين مرَّة، لم ينفتل وبينه وبين الله ذَنْبٌ(1).

3 - محمّد بن يحيى ، بإسناده رفعه ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: من صلّى ركعتين بقل هو الله أحد، في كلِّ ركعة ستين مرة، انفتل وليس بينه وبين الله ذَنْبٌ(2).

4 - علي بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام)قال: من صلّى المغرب وبعدها أربع ركعات، ولم يتكلّم حتّى يصلّي عشر ركعات، يقرأ في كلِّ ركعة بالحمد وقل هو الله أحد، كانت عدل عشر رقاب(3).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا ،عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن كردوس، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من تطهّر ثمَّ أوى إلى فراشه، بات وفراشه كمسجده، فإن قام من اللّيل فذكر الله تناثرت عنه خطاياه، فإن قام من آخر اللّيل فتطهّر، وصلّى ركعتين، وحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيِّ صلّى الله عليه وآله لم يسأل الله شيئاً إلّا أعطاه ، إمّا أن يعطيه الّذي يسأله بعينه، وإمّا أن يدَّخر له ما هو خيرٌ له منه (4).

6 - عليّ بن محمّد بإسناده ؛عن بعضهم(عليه السلام)في قول الله عزّ وجلَّ : «إِنَّ ناشِئَةَ اللّيل هي أشدُّ وَطْأَ وأقْوَمُ قِيلاً(5)»قال : هي ركعتان بعد المغرب، تقرأ في أوَّل ركعة بفاتحة الكتاب، وعشر من أوّل البقرة وآية السُّخْرَة(6)، ومن قوله : ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (7)- إلى قوله :لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾(8)، وخمس عشرة مرَّة قل هو الله أحد، وفي الركعة الثّانية فاتحة الكتاب وآية الكرسي، وآخر البقرة من قوله : ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ - إلى أن تختم السورة -(9)وخمس عشرة مرَّة قل هو الله أحد ، ثمَّ ادْعُ بعد هذا بما شئت، قال : ومن واظب عليه كتب له بكلِّ صلاة ستمائة ألف حجة(10).

ص: 465


1- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 8 الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 1 بتفاوت .
2- التهذيب 3 31 باب من الصلوات المرغب فيها ، ح .8 الفقيه 1 ، 86 - باب ثواب صلاة ركعتين بمائة وعشرين مرة قل هو . . . ، ح 1 بتفاوت . وأخرجه عن ابن أبي بتفاوت وأخرجه عن ابن أبي عمير عن الصادق(عليه السلام).
3- التهذيب ،3 نفس ،الباب ح 9 .
4- الحديث مجهول. ولا يخفى أن كل ما تقدم من هذه الأحاديث في هذا الفصل فهو بين مجهول وضعيف على المشهور ومرفوع ومرسل.
5- سورة المزّمِل / 6. وقد مر تفسير هذه الآية فراجع .
6- قيل هي الآيات 53 و 54 و 55 من سورة الأعراف.
7- سورة البقرة 163 - 164 .
8- سورة البقرة 163 - 164 .
9- سورة البقرة / 284 و 285 و 286 .
10- التهذيب 3 ، 20 - باب صلاة التسبيح و . . . ، 00، ح 9.

7 - عليُّ بن محمّد رفعه ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كان النّصف من شعبان ، فَصَلَّ أربع ركعات، تقرأ في كلِّ ركعة الحمد وقل هو الله أحد مائة مرَّة، فإذا فرغت فقل: اللّهمَّ إنّي إليك فقير، وإنّي عائذ بك، ومنك خائف وبك مستجير، ربِّ لا تبدّل اسمي، ربِّ لا تغيّر جسمي، ربِّ لا تجهد بلائي، أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ برحمتك من عذابك ، وأعوذ بك منك ، جل ثناؤك ، أنت كما أثنيت على نفسك وفوق ما يقول القائلون ، قال : وقال أبو عبد الله(عليه السلام): يوم سبعة وعشرين من رجب نُبّيء فيه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، من صلّى فيه أي وقت شاء اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كلِّ ركعة بأُمِّ القرآن وسورة ما تيسّر، فإذا فرغ وسلّم، جلس مكانه ثمَّ قرأ أُمَّ القرآن أربع مرَّات، والمعوَّذات الثلاث، كلُّ واحدة أربع مرَّات، فإذا فرغ وهو في مكانه قال : لا إله إلّا الله والله أكبر، والحمد الله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ، أربع مرَّات ثمَّ يقول: الله الله ربّي لا أُشرك به شيئاً أربع مرَّات ، ثمَّ يدعو، فلا يدعو بشيء إلّا استجيب له في كلِّ حاجة، إلّا أن يدعو في جايحة قوم (1)أو قطيعة رحم(2).

259- باب صلاة الاستخارة

(3)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيِّ، عن عمرو بن حريث قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام): صلّ ركعتين واستخر الله ، فوالله ما استخار الله مسلم إلّا خار له البتّة(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : كان عليُّ بن الحسين صلوات الله عليهما إذا همَّ بأمر : حجِّ أو عمرة ٍأو شراء أو عتق تطهّر ثمَّ صلّى ركعتي الاستخارة، فقرأ فيهما بسورة الحشر، وبسورة الرَّحمن، ثمَّ يقرأ المعوذَّتين وقل هو الله أحد إذا فرغ وهو جالس في دبر الرَّكعتين، ثمَّ يقول : اللّهمَّ إن كان كذا وكذا خيراً لي في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجِلِه، فصلّ على محمّد وآله، ويسّره لي

ص: 466


1- جايحة قوم : أي هلاك قوم واستئصالهم. والجايحة : - أيضاً - الداهية والنازلة العظيمة.
2- التهذيب 3 ، 19 - باب صلاة يوم المبعث وليلة النصف من شعبان ح .1 بتفاوت قليل.
3- « قال في النهاية الخير ضد الشرّ ، تقول : منه خرت يا رجل، فأنت خائر وخير وخار الله لك، أي أعطاك ما هو خير لك، والخيرة - بسكون الياء - اسم منه ويقال : بالفتح والسكون والاستخارة طلب الخيرة في الشيء، وهو استفعال ومنه تقول : استخر الله يخر لك، ومنه دعاء الاستخارة : اللّهمَّ خِرْ لي . أي اختر لي أصلح الأمرين واجعل لي الخيرة فيه».
4- التهذيب 3، 16 - باب صلاة الاستخارة ، ح 1 .

على أحسن الوجوه وأجملها ، اللّهمَّ وإن كان كذا وكذا شرّاً لي في ديني ودنياي وآخرتي وعاجِلِ أمري وآجِلِه ، فصلِّ على محمّد وآله واصرفه عنّي ، ربِّ صلِّ على محمّد وآله وأعزم لي على رشدي، وإن كرهتُ ذلك أو اَبَتهُ نفسي(1).

3- غير واحد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد البصريِّ، عن القاسم بن عبدِ الرَّحمن الهاشميِّ ، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا أردت أمراً فخذ ستَّ رقاع، فاكتب في ثلاث منها : بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة، إفْعَله، وفي ثلاث منها : بسم الله الرّحمن الرّحيم، خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة ، لا تفعل، ثمَّ ضعها تحت مصلّاك، ثمَّ صلّ ركعتين ، فإذا فرغت فاسجد سجدة وقل فيها مائة مرَّة : أستخير الله برحمته خيرة في عافية، ثمَّ استَوِ جالساً وقل: اللّهمَّ خِرْلي واختَرْلي في جميع أُموري في يُسْرٍ منك وعافية، ثمَّ اضرب بيدك إلى الرِّقاع فَشَوّشها، وأخرج واحدة، فإن خرج ثلاث متواليات : إفعل، فافعل الأمر الّذي تريده وإن خرج ثلاث متواليات : لا تفعل، فلا تفعله، وإن خرجت واحدة: إفعل، والأخرى : لا تفعل، فأخْرِجُ من الرّقاع إلى خمس، فانظر أكثرها فاعمل به ودع السّادسة لا تحتاج إليها (2).

4 - محمّد بن يحيى . عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال قال : سأل الحسن بن الجهم أبا الحسن(عليه السلام)لابن أسباط فقال : ما ترى له - وابن أسباط حاضر ونحن جميعاً - يركب البرّ أو البحر إلى مصر، فأخبره بخير طريق البرّ ، فقال : البرُّ ، وأت المسجد في غير وقت صلاة الفريضة فصلِّ ركعتين، واستخر الله مائة مرَّة ثمَّ انظر أيّ شيء يقع في قلبك فاعمل به. وقال له الحسن: البرّ أحبُّ إلي له ، قال : وإليّ(3).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أسباط ؛ ومحمّد بن أحمد، عن موسى بن القاسم البجليِّ ، عن عليِّ بن أسباط قال : قلت لأبي الحسن الرِّضا (عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك، ما تری، آخذ برّاً أو بحراً ، فإنَّ طريقنا مخوف شديد الخطر؟ فقال : اخرج برّاً ولا عليك أن تأتي مسجد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وتصلّي ركعتين في غير وقت فريضة، ثمَّ تَسْتَخير الله مائة مرَّة ومرَّة، ثمَّ ننظر، فإن عزم الله لك(4)على البحر، فقل الّذي قال الله عزَّ وجلَّ : ﴿«وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ

ص: 467


1- التهذيب ،3 نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير .
2- التهذيب 3، 16 - باب صلاة الاستخارة ، ح 6 . هذا ، والاستخارة بذات الرقاع هي أشهر أنواع الاستخارة عندنا ،وأحسنها، واختارها السيد ابن طاوس رحمه الله ، ولم يعمل بها بعض الأصحاب هذا والحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 3 بتفاوت قليل.
4- أي إن يسر الله لك وأوقع في قلبك.

مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾(1)، فإن اضطرب بك البحر فاتَّكِ على جانبك الأيمن وقل بسم الله، اسكن بسكينة الله وقرِّ بوقار الله واهدأ بإذن الله ، ولا حول ولا قوَّة إلّا بالله .

قلنا: أصلحك الله، ما السكينة ريح تخرج من الجنّة، لها صورة كصورة الإنسان، ورائحة طيّبة وهي الّتي نزلت على إبراهيم فأقبلت تدور حول أركان البيت وهو يضع الأساطين، قيل له : هي من الّتي قال الله عزّ وجلّ : ﴿ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ ﴾(2)، قال : تلك السكينة في التابوت، وكانت فيه طشت تغسل فيها قلوب الأنبياء، وكان التّابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء، ثمَّ أقبل علينا فقال : ما تابوتكم؟ قلنا : السّلاح، قال: صدقتم، هو تابوتكم، وإن خرجت برّاً فقل الّذي قال الله عزّ وجلَّ :﴿ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ﴾(3)، فإنّه ليس من عبد يقولها عند ركوبه ، فيقع من بعير أو دابّة فيصيبه شيء بإذن الله ، ثمَّ قال : فإذا خرجت من منزلك فقل : بسم الله ، آمنت بالله ، توكّلت على الله ، لا حول ولا قوَّة إلّا بالله فإنّ الملائكة تضرب وجوه الشياطين ويقولون : قد سمّى الله وآمن بالله وتوكّل على الله وقال : لا حول ولا قوَّة إلّا بالله .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن حديد، عن مرازم قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): إذا أراد أحدكم شيئاً فليصلّ ركعتين، ثمَّ ليحمد الله وليثن عليه، وليصلِّ على محمّد وأهل بيته ويقول: اللّهمَّ إن كان هذا الأمر خيراً لي في ديني ودنياي فَيَسِّرْهُ لي وأَقْدِرْهُ(4)، وإن كان غير ذلك فاصرفه عنّي ، فسألته : أيُّ شيء أقرأ فيهما؟ فقال: إقرأ فيهما ما شئت، وإن شئت فرأتَ فيهما قل هو الله أحد وقل يا أيّها الكافرون(5).

7 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن عمرو بن إبراهيم، عن خَلَف بن حمّاد، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: قلت له : ربّما أردتُ الأمر يفرق منّي فريقان أحدهما يأمرني ، والآخر ينهاني ؟ قال: فقال : إذا كنت كذلك، فصلّ ركعتين، واستخر الله مائة مرَّة ومرَّة ، ثمَّ انظر أحْزَمَ الأمرين لك فافعله، فإنَّ الخيرة فيه إن شاء

ص: 468


1- سورة هود/ 41 .
2- سورة البقرة / 248
3- سورة الزخرف/ 13 و 14 . مقرنين : مطيقين ضابطين .
4- من التقدير، أو من الإقدار. وفي التهذيب: وقدّره . وكذلك هو في الفقيه .
5- التهذيب ،3، 16 - باب صلاة الاستخارة، ح4 الفقيه 1، 84 - باب صلاة الاستخارة، ح 2 بتفاوت قليل وزيادة في آخره .

الله ، ولتكن استخارتك في عافية، فإنّه ربّما خير للرجل في قطع يده وموت ولده وذهاب ماله(1).

8 - عليُّ بن محمّد رفعه عنهم(عليه السلام)أنّه قال : لبعض أصحابه - وقد سأله عن الأمر يمضي فيه ولا يجد أحداً يشاوره - فكيف يصنع ؟ قال : شاور ربّك ، قال : فقال له: كيف؟ قال له : إِنْوِ الحاجة في نفسكِ ثمَّ اكتب رقعتين في واحدة ،لا، وفي واحدة: نعم، واجعلهما(2)في بُنْدُقَتَيْن من طين، ثمَّ صلّ ركعتين، واجعلهما(3)تحت ذيلك، وقل: يا الله ، إنّي أُشاورك في أمري هذا وأنت خير مستشار ومشير ، فأَشِر عليِّ بما فيه صلاح وحسن عاقبة عاقبة، ثمَّ أَدْخِلْ يدك، فإن كان فيها :نعم، فافعل، وإن كان فيها : لا لا تفعل، هكذا شاور ربّك(4).

260- باب الصلاة في طلب الرزق

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان ، عن محمّد بن عليّ الحلبيِّ قال : شكى رجل إلى أبي عبد الله(عليه السلام) الفاقة والحرفة في التّجارة بعد يسار قد كان فيه، ما يتوجّه في حاجة إلّا ضاقت عليه المعيشة، فأمره أب-و عبد الله(عليه السلام) أن يأتي مقام رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بين القبر والمنبر، فيصلّي ركعتين، ويقول مائة مرَّة : اللّهمَّ إنّي أسألك بقوَّتك وقدرتك، وبعزَّتك ، وما أحاط به عِلْمُكَ، أن تُيَسِّر لي من التجارة أوسَعَها رزقاً ، وأَعَمَّها فضلاً، وخيرَها عاقبةً قال الرَّجل : ففعلت ما أمرني به، فما توجّهت بعد ذلك في وجه إلّا رزقني الله(5).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن أبي داود، عن أبي حمزة(6)، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ(صلی الله علیه وآله وسلم)(7)فقال : يا رسول الله ، إنّي ذو عيال

ص: 469


1- التهذيب ، نفس الباب، ح5 . والمراد بالفريقين في الحديث الرأيان والحزم : ضبط الأمور والأخذ فيها بالنفقة. هذا ولا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في مشروعية صلاة الاستخارة نصاً وفتوى . كما لا خلاف بينهم في مشروعية طلب الخيرة من الله تعالى .
2- يعني الرقعتين .
3- يعني البندقيتين .
4- التهذيب ،3، 16 - باب صلاة الإستخارة ، ح 7 بتفاوت يسير .
5- التهذيب 3 31 - باب من الصلوات المرغب فيها ، ح 11 . قال في النهاية :المحارف: هو المحروم المحدود، الذي إذا طلب لا يرزق، أو يكون لا يسعى في الكسب، وقد حورف كسب فلان : إذا شدّد عليه في معاشه وضيّق .
6- في التهذيب : ابن أبي حمزة .
7- في التهذيب جاء رجل إلى الرضا(عليه السلام)..

وعَلَيَّ دَيْن ، وقد اشتدَّت حالي، فعلّمني دعاءً إذا دعوتُ رزقني الله ما أقضي به ديني ، وأستعين به على عيالي؟ فقال: يا عبد الله توضّأ وأَسْبِغْ وضوءَ ك (1)، ثمَّ صلِّ ركعتين تتمَّ الرَّكوع والسّجود فيهما، ثمَّ قل: يا ماجد يا واحد يا كريم، أتوجّه إليك بمحمّد نبيّك نبيِّ الرَّحمة، يا محمّد يا رسول الله ، إنّي أتوجّه بك إلى الله ربّك وربِّ كلِّ شيء، أن تصلّي على محمّد وعلى أهل بيته ،وأسألك نفحةً من نفحاتك، وفتحاً يسيراً، ورزقاً واسعاً، ألُمّ به شعثي، وأقضي به ديني، وأستعين به على عيالي(2).

3 - عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن صباح الحذَّاء، عن ابن الطيّار(3)قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّه كان في يدي شيء تفرَّق وضقت ضيقاً شديداً، فقال لي : أَلَكَ حانوت(4)في السّوق؟ قلت : نعم، وقد تركته ، فقال : إذا رجعت إلى الكوفة فاقعد في حانوتك واكنسه ، فإذا أردت أن تخرج إلى سوقك فصلِّ ركعتين أو أربع ركعات، ثمَّ قل في دبر صلاتك : توجّهت بلا حول منّي ولا قوّة ولكن بحولك وقوَّتك، أبرء إليك من الحَول والقوَّة إلّا بك، فأنت حَولي ومنك قوَّتي ، اللّهمَّ فارزقني من فضلك الواسع رزقاً كثيراً وطيّباً، وأنا خافض(5)في عافيتك، فإنّه لا يملكها أحدٌ غيرك ، قال : ففعلت ذلك، وكنت أخرج إلى دكّاني حتّى خفت أن يأخذني الجابي بأجرة دكّاني وما عندي شيءٌ ، قال : فجاء جالبٌ(6)بمتاع فقال لي : تكريني نصف بيتك(7)فأكريته نصف بيتي بكرى البيت كلّه، قال : وعرض متاعه فاعطی به شيئاً لم يبعه، فقلت له : هل لك إلي خيرٌ (8)، تبيعني عدلاً من متاعك هذا، أبيعه وآخذ فضله، وأدفع إليك ثمنه ، قال : وكيف لي بذلك؟ قال : قلت : ولك الله علي بذلك، قال: فخذ عِدلاً منها ، فأخذته وَرَقَمْتُه(9)وجاء بردٌ شديد، فبعت المتاع من يومي ودفعت إليه الثّمن، . وأخذت الفضل، فما زلت أخذ عدلاً عدلاً فأبيعه وآخذ فضله وأردُّ عليه من رأس المال، حتّى

ص: 470


1- إسباغ الوضوء: الإتيان بالوضوء مع مستحباته من الأفعال والأدعية المخصوصة به.
2- التهذيب 3 31 - باب من الصلوات المرغب فيها ، ح 12 . ونفح الطيب : إذا فاح، ونفح الريح هبوبها . والشعث: تفرّق الأمر.
3- في التهذيب عن أبي الطيار. وابن الطيار - كما يقول المجلسي - هو ابن حمزة وفيه مدح عظيم .
4- أي دكان .
5- الخَفض : - كما في الصحاح - سعة العيش .
6- الجالب : الذي يجلب البضائع من بلد إلى بلد للتجارة والكسب.
7- الظاهر أن المراد بالبيت هنا: الحانوت.
8- إلى خير يحتمل أن تكون معترضة، أي مصيرك إلى خير دعاء له، ويحتمل أنه يكون المراد : تبيعني إلى خير أي تؤخرني الثمن إلى حصول المال. ويمكن أن يقرأ مشدد الياء، أي هل لك أن توصل إلي خيراً، أو هل لك أن تصير أو تميل إلى خير أو سبيل إلى خير مرآة المجلسي 457/15 .
9- ورقمته: أي أحصيت عدده وقيمته وأثبته في دفتر حسابي .

ركبتُ الدَّواب واشتريتُ الرَّقيق وبَنَيتُ الدُّور(1)

4 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن ابن الوليد بن صبيح، عن أبيه قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): يا وليد أين حانوتك من المسجد؟ فقلت: على بابه ، فقال : إذا أردت أن تأتي حانوتك، فابدأ بالمسجد، فصلّ فيه ركعتين أو أربعاً، ثمَّ قل: غَدَوْتُ بحَوْل الله وقوّته ، وغَدَوْتُ بلا حَوْل مني ولا قوَّة ، بل بحولك وقوّتك يا ربِّ، اللّهمَّ إنّي عبدك ألتمس من فضلك كما أمرتني ، فيسّر لي ذلك، وأنا خافض في عافيتك.

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن البرقيِّ، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن محمّد بن الحسن العطّار، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : قال لي : يا فلان، أما تَغْدُو في الحاجة، أما تمرُّ بالمسجد الأعظم عندكم بالكوفة؟ قلت: بلى، قال: فصلِّ فيه أربع ركعات ، قل فيهنَّ : غَدَوْتُ بحول الله وقوَّته ، غَدَوْتُ بغير حول منّي ولا قوَّة ولكن بحولك يا ربِّ وقوِّتك، أسألك بركة هذا اليوم، وبركة أهله، وأسألك أن ترزقني من فضلك حلالاً طيّباً تسوقه إليَّ بحولك وقوَّتك، وأنا خافضٌ في عافيتك .

6 - عليُّ بن محمّد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن أحمد، عن الحسن بن عروة - ابن أُخت شعيب العقرقوفيِّ - ، عن خاله شعيب قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): من جاع فليتوضّأ وليصل ركعتين، ثمَّ يقول : يا ربِّ إنّي جائع فأطْعِمْني فإنّه يطعم من ساعته(2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة ،عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا غَدَوْتَ في حاجتك بعد أن تجب الصّلاة(3)، فصلِّ ركعتين، فإذا فرغت من التشهّد(4)قلت : اللّهمَّ إنّي غدوت ألتمس من فضلك كما أمرتني ، فارزقني رزقاً حلالاً طيّباً، وأعطني فيما رزقتني العافية، تعيدها ثلاث مرّات، ثمَّ تصلّي ركعتين أخراوين، فإذا فرغت من التشهّد قلت: بحول الله وقوَّته غدوتُ بغير حول منّي ولا قوَّة، ولكن بحولك يا ربِّ وقوَّتك ، وأبرء إليك من الحول والقوَّة ، اللّهمَّ إني أسألك بركة هذا اليوم، وبركة أهله، وأسألك أن ترزقني من فضلك رزقاً واسعاً طيّباً حلالاً تسوقه إليَّ بحولك وقوَّتك وأنا خافضٌ في عافيتك . تقولها ثلاثاً.

ص: 471


1- التهذيب ، نفس الباب، ح 13 .
2- التهذيب 3 ، 31 - باب من الصلوات المرغب فيها، ح 14. والحديث ضعيف.
3- أي بعد أن تثبت بأن ترتفع الشمس قليلا لترتفع الكراهة .
4- « إما مبني على عدم جزئية السلام أو المراد بالتشهد ما يشمل السلام أو يقرأ الدعاء بينهما . . .» مرأة المجلسي 459/15
261- باب صلاة الحوائج

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن زياد القنديِّ، عن عبد الرحيم القصير قال : دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)فقلت : جُعِلْتُ فِداك ، إنّي اخترعت دعاءً قال : دعني من اختراعك(1)، إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وصلِّ ركعتين تهديهما(2)إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قلت كيف أصنع ؟ قال : تغتسل، وتصلّي ركعتين، تستفتح بهما افتتاح الفريضة، وتشهّد تشهّد الفريضة، فإذا فرغت من التشهّد وسلّمت قلت : اللّهمَّ أنت السّلام ومنك السّلام وإليك يرجع السّلام اللّهمَّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وبلغ روح محمّد منّي السّلام، وأرواح الأئمة الصّادقين سلامي ، وأردُدْ عليّ منهم السّلام، والسّلام عليهم ورحمة الله وبركاته، اللّهمَّ إنَّ هاتين الرّكعتين هديّةٌ منّي إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فأَثبِني عليهما ما أمّلتُ ورجوتُ فيك وفي رسولك يا وليّ المؤمنين، ثمَّ تخرّ ساجداً وتقول : يا حيُّ يا قيّوم، يا حيُّ لا يموت، يا حيُّ لا إله إلّا أنت، يا ذا الجلال والإكرام، يا أرحم الرّاحمين، أربعين مرَّة، ثمَّ ضع خدّك الأيمن، فتقولها أربعين مرَّة، ثمَّ ضع خدَّك الأيسر، فتقولها أربعين مرَّة، ثمَّ ترفع رأسك، وتمدّ يدك وتقول أربعين مرَّة، ثمَّ تردّ يدك إلى رقبتك وتلوذ بسبّابتك(3)وتقول ذلك أربعين مرَّة ، ثمَّ خذ لحيتك بيدك اليسرى وابكِ أو تَبَاكَ وقل: يا محمد يا رسول الله ، أشكو إلى الله وإليك حاجتي وإلى أهل بيتك الرّاشدين حاجتي ، وبكم أتوجّه إلى الله في حاجتي ، ثمَّ تسجد وتقول : يا الله يا الله - حتّى ينقطع نَفَسُك - ، صلّ على محمّد وآل محمّد وافعل بي كذا وكذا قال أبو عبد الله(عليه السلام): فأنا الضّامن على الله عزّ وجلَّ أن لا يبرح حتّى تُقضى حاجَتُهُ(4).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله(عليه السلام)قال: في الرَّجل يَحْزُنُه الأمر أو يريد الحاجة ، قال : يصلّي ركعتين، يقرأ في إحداها قل هو الله أحد ألف مرَّة، وفي الأخرى مرَّة (5)، ثمَّ يسأل حاجته(6).

ص: 472


1- يشعر بكراهة أن ينشىء الإنسان دعاءاً من عند نفسه مع تمكنه من الإتيان بالدعاء المجعول من المعصوم(عليهم السلام).
2- يدل على مشروعية الإهداء إلى الميت ووصول الثواب إليه .
3- أي يجعل سبّابته أمام وجهه ويستغيث بتحريكها.
4- التهذيب 1، 5 - باب الأغسال المفترضات والمسنونات ح 37 الفقيه 1 ، 83 - باب صلاة الحاجة، تحت عنوان (صلاة أخرى للحاجة)، ح 7 بتفاوت يسير جداً.
5- أي يقرأ قل هو الله أحد بعد الفاتحة مرة واحدة.
6- الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح .8 وأخرجه عن كتاب محمد بن أحمد بن يحيى، عن عمران الأشعري، عن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن سنان يرفعه إلى أبي عبد الله(عليه السلام).

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن دويل، عن مقاتل بن مقاتل قال : قلت للرّضا(عليه السلام): جُعِلْتَ فِداك ، علّمني دعاء لقضاء الحوائج فقال : إذا كانت لك حاجة إلى الله عزّ وجلَّ مهمّة، فاغتسل، والبس أنظف ثيابك، وشمَّ شيئاً من الطيب، ثمَّ أبرز تحت السّماء، فصلّ ركعتين تفتتح الصّلاة فتقرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد خمس عشرة مرَّة ، ثمَّ تركع فتقرأ خمس عشرة مرَّة ، ثمَّ تتمّها على مثال صلاة التّسبيح، غير أنَّ القراءة خمس عشرة مرَّة ، فإذا سلّمت فاقرأها خمس عشرة مرَّة ، ثمَّ تسجد فتقول في سجودك : اللّهمَّ إنّ كلَّ معبود من لَدُن عرشك إلى قرار أرضك فهو باطل سواك، فإنّك [أنت] الله الحقُّ المبين، اقضِ لي حاجة كذا وكذا السّاعة السّاعة وتلحّ فيما أردت(1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ،عن الحسين بن سعيد، عن أبي عليّ الخزّاز قال : حضرتُ ابا عبد الله(عليه السلام)، فأتاه رجلٌ فقال له : جُعِلْتُ فِداك ، أخي به بليّة أستحيي أن أذكرها؟ فقال له : استر ذلك، وقل له يصوم يوم الأربعاء والخميس والجمعة ويخرج إذا زالت الشّمس، ويلبس ثوبين إمّا جديدين وإمّا غسيلين، حيث لا يراه أحد(2)، فيصلّي ويكشف عن ركبتيه ، ويتمطّى(3)براحتيه الأرض وجنبَيْه، ويقرأ في صلاته فاتحة الكتاب عشر مرَّات، وقل هو الله أحد عشر مرَّة، فإذا ركع قرأ خمس عشرة مرّة قل هو الله أحد، فإذا سجد قرأها عشراً، فإذا رفع رأسه قبل أن يسجد قرأها عشرين مرة، يصلّي أربع ركعات على مثل هذا، فإذا فرغ من التشهّد قال: يا معروفاً بالمعروف، يا أوّل الأوّلين، يا آخر الآخرين، يا ذا القوّة المتين، يا رازق المساكين يا أرحم الرّاحمين، إنّي اشتريت نفسي منك بثلث ما أملك فاصْرِف عنّي شرّ ما ابتُليتُ به إنّك على كلِّ شيء قدير.

5- وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : من توضّأ فأحسن الوضوء، وصلّى ركعتين فأتمَّ ركوعهما وسجودهما، ثمَّ جلس فأثنى على الله عزّ وجلَّ، وصلّى على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، ثمَّ سأل الله حاجته، فقد طلب الخير في مظانّه ، ومن طلب الخير في مظانّه لم يَخِبْ(4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن عبد الله بن

ص: 473


1- التهذيب 3 ، 17 - باب صلاة الحوائج (تحت عنوان صلاة أخرى للحاجة) . ح 3 . وذكره أيضاً برقم 38 من الباب 5 من الجزء الأول من التهذيب .
2- أي يخرج إلى مكان خال بعيداً عن أعين الناس.
3- التمطي : التمدد.
4- التهذيب 3 31 - باب من الصلوات المرغّب منها ، ح 15 و 16 .

عثمان عن أبي إسماعيل السرَّاج، عن عبد الله بن وضّاح؛ وعليّ بن أبي حمزة، عن إسماعيل بن الأرقط - وأمّه أمّ سلمة أخت أبي عبد الله(عليه السلام)- قال : مرضت في شهر رمضان مرضاً شديداً حتّى ثقلت، واجتمعت بنو هاشم ليلاً للجنازة، وهم يرون أنّي ميّت، فجزعَتْ أُمّي عليَّ ، فقال لها أبو عبد الله (عليه السلام) خالي : اصعدي إلى فوق البيت، فابرزي إلى السّماء وصلّي ركعتين، فإذا سلّمتِ فقولي : اللّهمّ إنّك وهبته لي ولم يكُ شيئاً، اللّهمَّ وإنّي أستوهبكه مبتدئاً فأعِرْنيه، قال: فَفَعَلَتْ فأفَقْتُ وقعدتُ، ودعوا بسحور لهم هريسة فتسحْروا بها، وتسحّرت معهم(1).

7 - وبهذا الإسناد، عن أبي إسماعيل السرَّاج، عن ابن مسكان، عن شرحبيل الكنديِّ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا أردت أمراً تسأله ربّك فتوضّأ وأحسِن الوضوء، ثمَّ صلِّ ركعتين، وعظّم الله ، وصل على النّبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، وقل بعد التسليم : اللّهمَّ إنّي أسألك بأنّك(2)ملك، وأنّك على كلّ شيء قدير مقتدر، وبأنّك ما تشاء من أمر يكون ، اللّهمَّ إنّي أتوجّه إليك بنبيّك محّمد نبیِّ الرّحمة(صلی الله علیه وآله وسلم)، يا محمّد يا رسول الله إنّي أتوجّه بك إلى الله ربّك وربّي لينجح لي طَلِبَتي، اللّهمَّ بنبيك أنْجِحْ لي طَلِبَتي بمحمّد، ثمَّ سل حاجتك(3).

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وأبو داود عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن وهب، عن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الأمر يطلبه الطّالب من ربّه قال : تصدّق في يومك على ستّين مسكيناً على كلِّ مسكين صاع بصاع النّبيِّ(صلی الله علیه وآله وسلم)، فإذا كان اللّيل اغتسلت في الثّلث الباقي، ولبست أدنى ما يلبس من تَعُولُ من الثياب، إلّا أنَّ عليك في تلك الثياب إزاراً، ثمَّ تصلّي ركعتين، فإذا وضعت جبهتك في الرَّكعة الأخيرة للسّجود هلّلت الله وعظّمته وقدّسته ومجّدته، وذكرت ذنوبك فأقررت بما تعرف منها مسمّى ، ثمَّ رفعت رأسك، ثمّ إذا وضعت رأسك للسّجدة الثانية استخرت الله مائة مرّة : اللّهمّ إنِّي أستخيرك، ثمّ تدعو الله بما شئت وتسأله إيّاه، وكلّما سجدت فأَفضِ بركبتيك إلى الأرض، ثمّ ترفع الإزار حتّى تكشفهما، واجعل الإزار من خلفك بين إليتيك وباطن ساقيك(4).

9 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبَان، عن الحارث بن

ص: 474


1- التهذيب3 ، 31 - باب من الصلوات المرغّب فيها ، ح 15 و 16 .
2- الباء للسببية، أو للقسم .
3- التهذيب ،3، نفس الباب، ح 17 . وفي ذيله : ثم تسأل حاجتك .
4- التهذيب 3 ، 31 - باب من الصلوات المرغب فيها ، ح 18 بتفاوت يسير . وذكره أيضاً برقم 39 من الباب 5 من الجزء 1 من التهذيب بتفاوت .

المغيرة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا كانت لك حاجة، فتوضّأ، وصلِّ ركعتين، ثمَّ أحمد الله واثن عليه، واذكر من الآية، ثمَّ ادع تُجَبْ.

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا أردت حاجة فصلِّ ركعتين وصلّ على محمّد وآل محّمد، وسل تُعطَه .

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل قال : كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام)، فدخلت عليه امرأة وذكرت أنّها تركت ابنها، وقد قالت بالملحفة(1)على وجهه ميّتاً، فقال لها : لعلّه لم يمت، فقومي فاذهبي إلى بيتك فاغتسلي وصلّي ركعتين وادعي وقولي : يا من وهبه لي ولم يك شيئاً ، جدِّد هبته لي ، ثمِّ حرِّكيه ولا تخبري بذلك أحداً، قالت: ففعلت، فحرَّكته فإذا هو قد بكى .

262- باب صلاة من خاف مكروهاً

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن شعيب العقرقوفيِّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان عليِّ (عليه السلام)إذا هاله شيءٌ فزع إلى الصَّلاة، ثمَّ تلا هذه الآية :﴿ واستعينوا بالصبر والصّلاة﴾ (2).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبَان، عن حريز، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: اتَّخِذْ مسجداً في بيتك، فإذا خفتَ شيئاً فألبس ثوبين غليظين من أغلظ ثيابك وصلِّ فيهما ، ثمَّ اجثُ (3)على ركبتيك، فاصرخ إلى الله وسَلْه الجنّة، وتعوّذ بالله من شرِّ الّذي تخافه، وإيّاك أن يسمع الله منك كلمة بَغْيِ وإن أعجبتك نفسك وعشيرتك(4).

263- باب صلاة من أراد سفراً

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال:

ص: 475


1- قال في النهاية : العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال فتقول : قال بيده أي أخذ، وقال برجله، أي مشى، وكل ذلك على المجاز والإتساع. هذا وأكثر أحاديث هذا الباب بين مجهول وضعيف، فتأمل .
2- سورة البقرة / 45 .
3- جثى: - كما في القاموس - كدعى ورمي، جلس على ركبتيه .
4- التهذيب 3، 31 - باب من الصلوات المرغب فيها، ح 19

قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): ما استخلف عبد على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد سفراً يقول: اللّهمَّ إنّي أستودعك نفسي وأهلي ومالي وديني ودنياي وآخرتي وأمانتي وخواتيم عملي، إلّا أعطاه الله ما سأل(1).

264- باب صلاة الشُّكْر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرَّاج، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال في صلاة الشكر : إذا أنعم الله عليك بنعمة فصلِّ ركعتين، تقرأ في الأُولى بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد، وتقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب وقل يا أيّها الكافرون، وتقول في الرَّكعة الأُولى في ركوعك وسجودك : الحمد الله شكراً شكراً وحمداً، وتقول في الرَّكعة الثّانية في ركوعك وسجودك : الحمد لله الّذي دعائي استجاب وأعطاني مسألتي(2).

265- باب صلاة من أراد أن يدخل بأهله ومن أراد أن يَتَزَوَّج

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي بصير قال: سمعت رجلاً وهو يقول لأبي جعفر(عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك ، إنّي رجلٌ قد أَسْنَنْتُ، وقد تزوَّجت امرأة بكراً صغيرة ولم أدخل بها، وأنا أخاف إذا أدخل بها على فراشي أن تكرهني لخضابي وكِبَري ، فقال أبو جعفر(عليه السلام): إذا دخلت فمُرهُمْ قبل أن تَصِلَ إليك أن تكون متوضئة ، ثمَّ أنت لا تَصِل إليها حتّى تتوضّأ وتصلي ركعتين ، ثمَّ مجّد الله وصلّ على محمّد وآل محمّد ، ثمَّ ادْعُ الله ومُرْمَن معها أن يؤمّنوا على دعائك وقل : اللّهمَّ ارزقني أَلفها وودّها ورضاها ورّضني بها ، ثمَّ اجمع بيننا بأحسن اجتماع وأسرِّ ائتلاف، فإنّك تحبُّ الحلال وتكره الحرام، ثمَّ قال: واعلم أنَّ الألْفَ من الله والفِرك(3)من الشيطان ليكره ما أحلّ الله .

ص: 476


1- التهذيب ،3 نفس الباب، ح ه . وكرره برقم 15 من الباب 5 من الجزء الخامس من التهذيب. الفقيه 2 ، 71 - باب ما يستحب للمسافر من الصلاة إذا أراد الخروج، ح 1 بتفاوت يسير.
2- التهذيب ،3، 18 - باب صلاة الشكر ، ح 1 . ولا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم ولا إشكال عندهم نصاً وفتوى في مشروعية صلاة الشكر.
3- الفِرك : البغض .

2 - وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): إذا تزوَّج أحدكم كيف يصنع ؟ قلت: لا أدري ، قال : إذا همَّ بذلك، فليصلّ ركعتين ويحمد الله ، ثمَّ يقول: اللّهمَّ إني أريد أن أتزوَّج، فقدِّر لي من النّساء أعفّهنَّ فرجاً، وأحفظهنَّ لي في نفسها وفي مالي، وأوسعهنَّ رزقاً، وأعظمهنَّ بَرَكَة، وقدِّر لي ولداً طيّباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد مماتي .

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن رجل، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: من أراد أن يحبل له، فليصلِّ ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الرُّكوع والسّجود ، ثمَّ يقول : اللَّهمَّ إنّي أسألك بما سألك به زكريّا إذ قال: ﴿ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾(1)اللّهمَّ هب لي ذريَّة طيّبة إنّك سميع الدّعاء اللّهمَّ باسمك(2)استحلَلْتُها، وفي أمانتك أخذتها(3)، فإن قضيت في رحمها ولداً فاجعله غلاماً ولا تجعل للشّيطان فيه نصيباً ولا شركاً (4).

266- باب النوادر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : ما تروي هذه الناصبة؟ فقلت : جُعِلْتُ فِداك ، فيما ذا ؟ فقال : في أذانهم وركوعهم وسجودهم، فقلت : إنّهم يقولون : إنَّ أبيَّ بن كعب رآه في النّوم ، فقال : كذبوا فإنَّ دين الله عزَّ وجلَّ أعزُّ من أن يُرى في النّوم ، قال : فقال له سدير الصّيرفيِّ : جُعِلْتُ فِداك، فأَحدِث لنا من ذلك ذكراً، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): إنَّ الله عزَّ وجلَّ لمّا عرج بنبيّه (صلی الله علیه وآله وسلم)إلى سماواته السّبع، أمّا أولاهنَّ فبارك عليه، الثّانية علّمه فرضه فأنزل(5)الله محملاً من نور، فيه أربعون نوعاً من أنواع النّور كانت محدقة بعرش الله تغشي أبصار النّاظرين، أمّا واحد منها فأصفر، فمن أجل ذلك اصفرَّت الصّفرة، وواحد منها أحمر ، فمن أجل ذلك احمرَّت الحمرة، وواحد منها أبيضُّ، فمن أجل ذلك أبيضُّ البياض، والباقي على سائر عدد الخلق من النّور والألوان ، في ذلك المحمل

ص: 477


1- سورة الأنبياء/ 89
2- أي متبركاً باسمك أو مستعيناً به.
3- يعني أمانك، أو عهدك
4- التهذيب 3 31 - باب من الصلوات المرغب فيها، ح بتفاوت يسير جداً.
5- الفاء هنا للتفصيل، والمراد تفصيل ما كان أجمله في مطلع الحديث من مباركة الله له(صلی الله علیه وآله وسلم)

حلَقٌ وسلاسل من فضّة ، ثمَّ عرج به إلى السّماء، فنفرت الملائكة(1)إلى أطراف السّماء وخرَّت سجّداً وقالت : سُبّوح قدُّوس ، ما أشبه هذا النّور بنور ربّنا، فقال(2)جبرائيل(عليه السلام): الله أكبر، الله أكبر، ثمَّ فتحت أبواب السّماء واجتمعت الملائكة فسلّمت على النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)أفواجاً وقالت : يا محمّد ، كيف أخوك(3)، إذا نزلت فأَقْرِءُهُ السّلام، قال النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم): أفتعرفونه؟ قالوا : وكيف لا نعرفه وقد أُخذ ميثاقك وميثاقه منّا وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا، وإنّا لنتصفّح وجوه شيعته في كلِّ يوم وليلة خمساً - يعنون في كلِّ وقت صلاة ، وإنّا لنصلّي عليك وعليه، [قال : ] ثمَّ زادني ربّي أربعين نوعاً من أنواع النّور، لا يشبه النور الأوَّل، وزادني حلقاً وسلاسل، وعرج بي إلى السّماء الثّانية، فلمّا قربت من باب السّماء الثّانية، نفرت الملائكة إلى أطراف السّماء وخرَّت سجّداً وقالت : سُبّوح قدوس ربُّ الملائكة والرُّوح، ما أشبه هذا النّور بنور ربّنا، فقال جبرائيل(عليه السلام): أشهد أن لا إله إلّا الله أشهد أن لا إله إلّا الله . فاجتمعت الملائكة وقالت : يا جبرائيل من هذا معك؟ قال: هذا محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)، قالوا: وقد بُعِثَ؟ قال: نعم، قال النّبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم): فخرجوا إلي شبه المعانيق(4)فسلّموا عليَّ وقالوا : أَقْرِءْ أخاك السّلام، قلت: أتعرفونه؟ قالوا : وكيف لا نعرفه وقد أُخذ ميثاقك وميثاقه وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا، وإنّا لنتصفْح وجوه شيعته في كلِّ يوم وليلة خمساً - يعنون في كلِّ وقت صلاة ، قال : ثمَّ زادني ربّي أربعين نوعاً من أنواع النّور لا تشبه الأنوار الأُولى، ثمَّ عُرِج بي إلى السّماء الثّالثة، فنفرت الملائكة وخرَّت سُجّداً وقالت: سُبّوح قُدُّوس، ربُّ الملائكة والروح، ما هذا النّور الّذي يشبه نور ربنّا؟ فقال جبرائيل(عليه السلام): أشهد أنَّ محمّداً رسول الله ، أشهد أنَّ محمّداً رسول الله . فاجتمعت الملائكة وقالت : مرحباً بالأوَّل(5)ومرحباً بالآخر(6)ومرحباً بالحاشر ومرحباً بالنّاشر(7)محمّد خير النّبيّين وعليّ خير الوصيّين.

ص: 478


1- لعل نفرتهم لغلبة نوره(صلی الله علیه وآله وسلم)على أنوارهم وحيرتهم في ذلك إذ لا نور - في حد علمهم - يغلب نورهم إلا نوره سبحانه.
2- إنما قال(عليه السلام)الله أكبر تنزيهاً عما قاله الملائكة من تشبيه نوره(صلی الله علیه وآله وسلم)بنور الله . وقيل : إن قوله(عليهم السلام): الله أكبر، الثانية لنفي الإدراك. وسبّوح قدوس: من أبنية المبالغة والمراد بهما التنزيه.
3- يعني عليا(عليه السلام).
4- المعناق - كما في القاموس - الفرس الجيد العنق ، والجمع المعانيق، والعنق: ضرب من سير الدابة . ووجه التشبيه - هنا - هو الإسراع . أي مسارعين
5- كونه(صلی الله علیه وآله وسلم)الأول : رتبة وخلقاً
6- كونه(صلی الله علیه وآله وسلم)الآخر: أي خاتم النبيين .
7- «مرحباً بالحاشر، أي بمن يتصل زمان أمته بالحشر، ومرحباً بالناشر، أي بمن ينشر قبل الخلق وإليه الجمع والحساب . . .» مرآة المجلسي 472/15 .

قال النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم): ثمَّ سلّموا عليَّ وسألوني عن أخي، قلت: هو في الأرض، أفتعرفونه؟ قالوا : وكيف لا نعرفه وقد نحجَّ البيت المعمور كلَّ سنة وعليه رقّ أبيض(1)لغيه اسم محمّد واسم عليّ والحسن والحسين [والأئمة ](عليهم السلام)وشيعتهم إلى يوم القيامة ، وإنّا لنبارك عليهم كلَّ يوم وليلة خمساً - يعنون في وقت كلِّ صلاة ، ويمسحون رؤوسهم بأيديهم، قال: ثمَّ زادني ربّي أربعين نوعاً من أنواع النّور لا تشبه تلك الأنوار الأُولى، ثمَّ عُرِج بي حتّى انتهيت إلى السّماء الرابعة، فلم تقل الملائكة شيئاً، وسمعت دويّاً كأنّه في الصّدور، فاجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السّماء، وخرجت إليَّ شبه المعانيق، فقال جبرائيل(عليه السلام): حيَّ على الصّلاة، حيَّ على الصّلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح. فقالت الملائكة : صوتان مقرونان(2)معروفان، فقال جبرائیل(عليه السلام): قد قامت الصّلاة، قد قامت الصّلاة، فقالت الملائكة : هي لشيعته إلى يوم القيامة، ثمّ اجتمعت الملائكة وقال : كيف تركت أخاك ؟ فقلت لهم : وتعرفونه؟ قالوا: نعرفه وشيعته، وهم نور حول عرش الله وإنَّ في البيت المعمور لرقّاً من نور، [فيه كتابٌ من نور] فيه اسم محمّد وعليِّ والحسن والحسين والأئمّة وشيعتهم إلى يوم القيامة، لا يزيد فيهم رجلٌ، ولا ينقص منهم رجلٌ، وإنَّه لميثاقنا وإنّه ليُقْرَأ علينا كلِّ يوم جمعة، ثمَّ قيل لي : ارفع رأسك يا محمّد، فرفعتُ رأسي فإذا أطباق السّماء قد خُرِقَت والحُجُب قد رُفعت، ثمَّ قال لي : طأطأ رأسك انظر ما ترى، فطأطأت رأسي فنظرت إلى بيت مثل بيتكم هذا، وحرم مثل حرم هذا البيت، لو ألقيت شيئاً من يدي لم يقع إلّا عليه، فقيل لي : يا محمّد، إنَّ هذا الحرم، وأنت الحرام(3)، ولكلِّ مثل مثال، ثمَّ أوحى الله إليَّ : يا محمّد ادن من صاد، فاغسل مساجدك وطهّرها وصلِّ لربّك، فدنى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)من صاد - وهو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن - فتلقّى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الماء بيده اليمنى، فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمين، ثمَّ أوحى الله عزَّ وجلَّ إليه أن اغسل وجهك فإنّك تنظر إلى عَظَمتي ، ثمّ اغسل ذراعيك اليمنى واليسرى، فإنّك تلقّى بيدك كلامي ، ثمَّ امسح رأسك بفضل ما بقي في يديك من الماء ورِجْلَيك إلى كعبيك، فإنّي أُبارك عليك وأُوطيك موطئاً لم يَطَأْه أحدٌ غيرك، فهذا علّة الأذان والوضوء ثمَّ أوحى الله عزَّ وجلَّ إليه : يا محمّد استقبل الحجر الأسود وكبّرني على عدد حُجُبي، فمن أجل ذلك صار التكبير سبعاً، لأنَّ الحجب سبع ، فافتتح عند انقطاع الحجب، فمن أجل ذلك صار الافتتاح سنّة والحجب متطابقة بينهنَّ بحار النّور، وذلك النّور الّذي أنزله الله على محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم)،

ص: 479


1- «الرقّ : بالفتح - ويكسر - جلد رقيق يكتب فيه، والصحيفة البيضاء» ن . م .
2- كونهما مقرونين لأن الصلاة مستلزمة الفلاح وسبب له .
3- أي المحترم المعظم .

فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلاث مرَّات، لافتتاح الحُجُب ثلاث مرَّات فصار التكبير سبعاً والافتتاح ثلاثاً، فلمّا فرغ من التكبير والافتتاح، أوحى الله إليه : سَمّ باسمي، فمن أجل ذلك جعل بسم الله الرّحمن الرّحيم في أوّل السّورة ، ثمَّ أوحى الله إليه أن احمدني، فلمّا قال : الحمد لله ربِّ العالمين، قال النبيُّ في نفسه : شكراً ، فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليه : قطعت حمدي ، فسَمٌ باسمي ، فمن أجل ذلك جعل في الحمد الرَّحمن الرَّحيم مرَّتين، فلمّا بلغ : ولا الضّالين قال النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم): الحمد لله ربِّ العالمين شكراً ، فأوحى الله إليه : قطعت ذكري فسَمّ باسمي ، فمن أجل ذلك جعل بسم الله الرّحمن الرّحيم في أوَّل السّورة ، ثمَّ أوحى الله عزّ وجلَّ إليه : اقرأ يا محمد نسبة ربّك تبارك وتعالى : ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ ، ثمَّ أمسك عنه الوحي ، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): الواحد الأحد الصّمد، فأوحى الله إليه:﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾، ثمَّ أمسك عنه الوحي، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): كذلك الله كذلك [الله] ربّنا ، فلمّا قال ذلك، أوحى الله إليه : اركع لرّبك يا محمّد، فركع ، فأوحى الله إليه وهو راكع قل : سبحان ربّي العظيم ، ففعل ذلك ثلاثاً، ثمَّ أوحى الله إليه أن ارفع رأسك يا محمّد، ففعل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فقام منتصباً، فأوحي الله عزَّ وجلَّ إليه أن اسجد لربّك يا محمّد، فخرّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ساجداً ، فأوحى الله عزَّ وجلّ إليه قل : سبحان ربّي الأعلى، ففعل ذلك ثلاثاً، ثمَّ أوحى الله إليه : استوِ جالساً يا محمّد، ففعل فلمّا رفع رأسه من سجوده واستوى جالساً نظر إلى عظمته تجلّت له فخرَّ ساجداً من تلقاء نفسه لا لأمر أمر به، فسبّح أيضاً ثلاثاً، فأوحى الله إليه : انتصب قائماً، ففعل، فلم ير ما كان رأى من العظمة، فمن أجل ذلك صارت الصّلاة ركعة وسجدتين، ثمَّ أوحى الله عزَّ وجلّ إليه : اقرأ بالحمد لله ، فقرأها مثل ما قرأ أوّلاً ، ثمّ أوحى الله عزَّ وجلَّ إليه اقرأ إنّا أنزلناه فإنّها نسبتك ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة، وفعل في الرُّكوع مثل ما فعل في المرّة الأولى، ثمَّ سجد سجدة واحدة فلمّا رفع رأسه تجلّت له العظمة، فخرَّ ساجداً من تلقاء نفسه لا لأمر أُمر به، فسبّح أيضاً ، ثمَّ أوحى الله إليه : ارفع رأسك يا محمّد ثَبَّتك ربّك ، فلمّا ذهب ليقوم قيل : يا محمّد، اجلس ، فأوحى الله إليه : يا محمّد إذا ما أنعمت عليك فَسَمٌ باسمي ، فألهم أن قال: أن قال: بسم الله وبالله ولا إله إلّا الله والأسماء الحسنى كلّها الله، ثمَّ أوحى الله إليه : يا محمّد صلِّ على نفسك وعلى أهل بيتك، فقال: صلّى الله عليَّ وعلىِّ أهل بيتي، وقد فعل، ثمَّ التفت فإذا بصفوف من الملائكة والمرسلين والنبيّين، فقيل : يا محمّد، سلّم عليهم ، فقال : السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فأوحى الله إليه أنَّ السّلام والتحيّة والرّحمة والبركات أنت وذرّيّتك ، ثمّ أوحى الله إليه أن لا يلتفت يساراً، وأوّل آية سمعها بعد قل هو الله أحد وإنّا أنزلناه آية أصحابنا اليمين وأصحاب الّشمال، فمن

ص: 480

أجل ذلك كان السلام واحدة تجاه القبلة، ومن أجل ذلك كان التكبير في السّجود شكراً، وقوله: سمع الله لمن حمده، لأنَّ النبيَّ(صلی الله علیه وآله وسلم) سمع ضجّة الملائكة بالتّسبيح والتحميد والتّهليل، فمن أجل ذلك قال : سمع الله لمن حمده، ومن أجل ذلك صارت الركعتان الأُوليان كلّما أُحدث فيهما حدثاً كان على صاحبهما إعادتهما، فهذا الفرض الأوّل في صلاة الزّوال يعني صلاة الظّهر(1).

2 - عليُّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن عليِّ بن الحكم عن ربيع بن محمّد المُسلي، عن عبد الله بن سليمان العامريِّ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال لمّا عُرِج برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، نزل بالصلاة عشر ركعات ركعتين ركعتين فلما ولد الحسن والحسين، زاد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)سبع ركعات شكراً لله ، فأجاز الله له ذلك، وترك الفجر لم يزد فيها لضيق وقتها ، لأنّه تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار، فلما أمره الله بالتقصير في السفر، وضع عن أمته ست ركعات، وترك المغرب لم ينقص منها شيئاً، وإنما يجب السهو فيما زاد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فمن شكّ في أصل الفرض في الركعتين الأوّلتين استقبل صلاته(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن عائذ الأحمسيِّ قال : دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)وأنا أُريد أن أسأله عن صلاة اللّيل، فقلت: السلام عليك يا ابن رسول الله ، فقال : وعليك السلام إي واللهِ إِنَّا لِولدُهُ وما نحن بذوي قرابته ثلاث مرَّات قالها ، ثمَّ قال من غير أن أسأله : إذا لقيتَ الله بالصلوات الخمس المفروضات ، لم يسألك عمّا سوی ذلك(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرِّاج، عن هارون بن خارجة قال : ذكرت لأبي عبد الله(عليه السلام) رجلا من أصحابنا فأَحْسَنْتُ عليه الثناء، فقال لي : كيف صلاته(4).

5 - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد، عن السيّاري، عن الفضل بن أبي قرَّة رفعه

ص: 481


1- الحديث حسن ، ولا خلاف بين اصحابنا رضوان الله عليهم في أن شرعية الأذان ورسمه إنما كانا بالوحي ، لا بما ادّعاه المخالفون من أنه كان برؤيا رآها أبي بن كعب أو غيره.
2- ظاهره أن المغرب نزلت ركعتين فزاد(صلی الله علیه وآله وسلم)فيها الثالثة، وأن السهو فيها لا يوجب البطلان وهو خلاف ما عليه الأصحاب. والحديث مجهول مرسل.
3- روی ذيله بتفاوت في الفقيه ،1 ، 29 - باب فرض الصلاة ، ح 16 . ويدل على أن ولد البنت ولد حقيقة .
4- يدل على أن الصلاة مقياس التقوى والإيمان لأنها قربان كل تقي، وإن الثناء على شخص لا بد وأن يلحظ فيه حرصه عليها وإقامته لها بشرائطها .

عن أبي عبد الله(عليه السلام): قال : سئل عن الخمسين والواحد ركعة ؟ فقال : إنّ ساعات النّهار اثنتا عشرة ساعة، وساعات اللّيل اثنتا عشرة ساعة ، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة، ومن غروب الشمس إلى غروب الشَّفَقِ غَسَقٌ، ولكلِّ ساعة ركعتان، وللغَسَق ركعة(1).

6 - عليُّ بن محمّد رفعه قال : قيل لأبي عبد الله(عليه السلام): لِمَ صار الرَّجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار ؟ فقال : لأنَّ للكعبة ستّة حدود أربعة منها عن يسارك، واثنان منها على يمينك، فمن أجل ذلك وقع التحريف إلى اليسار(2).

7 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النّوفليّ ، عن السكونيِّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من تنفّل ما بين الجمعة إلى الجمعة خمسمائة ركعة، فله عند الله ما شاء إلّا أن يتمنّى محرَّماً(3).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إنَّ العبد يقوم فيقضي النافلة، فيعجب الرَّب ملائكته منه، فيقول: يا ملائكتي، عبدي يقضي ما لم أفترض عليه(4).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : شرف المؤمن صلاته باللّيل، وعزُّ المؤمن كَفُّه عن أعراض الناس(5).

10 - أبو عليّ الأشعريِّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الصلاة وكلّ بها ملك ليس له عمل غيرها، فإذا فرغ منها قبضها ثمَّ صعد بها ، فإن كانت ممّا تُقْبَل قُبلت، وإن كانت ممّا لا تُقبل ، قيل له : ردِّها

ص: 482


1- «الحديث ضعيف، وهذا الاصطلاح لليل والنهار غير الإصطلاح الشرعي والعرفي معاً، ولعله من مصطلحات أهل الكتاب ، ذكر موافقاً لما تقرر عندهم، كما ورد في جواب أهل الكتاب كثيراً عدم كون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس داخلا في الليل ولا في النهار ، والمراد بغروب الشفق إما ذهاب الحمرة المغربية كما هو ظاهر الغروب، أو ذهاب الحمرة المشرقية، فيكون أول صلاة المغرب على المشهور أول الليل، وهو أظهر معنى »مرآة المجلسي 481/15 .
2- التهذيب 2 ، 5 - باب القبلة ، ح 9 بتفاوت يسير وظاهر عبارة الشيخ في كتبه الثلاثة المبسوط والخلاف والنهاية وجوب التياسر ولكن المشهور عند أصحابنا هو استحبابه
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 2 ، 9 - باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة و ... ، ح 104 . وأخرجه عنه ، عن الحسن، عن فضالة، عن ابن سنان عن أبي عبد الله(عليه السلام)
5- التهذيب 2 ، نفس الباب ، ح 219 . والمقصود بعزّه رفعته في الدنيا والآخرة. وكفّه عن أعراض الناس : أي ترك الغمز في أعراضهم وسبهم وغيبتهم .

على عبدي، فينزل بها حتّى يضرب بها وجهه(1)، ثمَّ يقول: أفّ لك ما يزال لك عمل يعنيني(2).

11 - محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريِّ، عن القدَّاح ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : يا رسول الله ، أُوْصِني ،فقال : لا تدع الصلاة متعمّداً، فإنَّ من تركها متعمداً فقد برئت منه مِلّة الإسلام(3).

12 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن أسباط، عن محمّد بن علي بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن(عليه السلام)في قول الله عزّ وجلَّ :﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ ﴾(4)قال : صلاة اللّيل(5).

13 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسين، عن بعض الطالبيّين يلقب برأس المدرى قال : سمعت الرّضا(عليه السلام)يقول : أفضل موضع القدمين للصلاة النعلان(6).

14 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) لجبرائيل(عليه السلام): يا جبرائيل، أيُّ البقاع أحبُّ إلى الله عزّ وجلَّ؟ قال: المساجد، وأحبُّ أهلها إلى الله أوّلهم دخولاً وآخرهم خروجاً منها .

عبد الله

15 - عليُّ بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن بن عبد الرَّحمن، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ما من يوم سحاب يخفى فيه على النّاس وقت الزَّوال ، إلّا كان من الإمام للشمس زَجْرَةً حتّى تبدو(7)، فيحتجّ على أهل كلِّ قرية ، من اهتمَّ بصلاته ومن ضيّعها.

267- باب مساجد الكوفة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عذافر، عن أبي

ص: 483


1- بدل على تجسم الأعمال.
2- يُعَنّيني : من العناء وهو التعب.
3- لا بد من حمله على من تركها متعمداً لاعتقاده بعدم وجوبها. والحديث ضعيف على المشهور.
4- سورة الحديد / 27 .
5- التهذيب 2 ، 8 - باب كيفية الصلاة وصفتها و ...، ح 220 . الفقيه 1 ، 65 - باب ثواب صلاة الليل، ح 3 . قوله تعالى : ألا ابتغاء رضوان الله : أي لكنهم ابتدعوها طلباً لمرضاة الله، فالاستثناء منقطع.
6- لمقصود بالنعلين العربيين وقد نص الأصحاب على استحباب الصلاة فيهما.
7- ضمير يرجع إلى الشمس والزجرة إنما تكون للغيم حتى ينكشف والملاحظ أن الشمس غالباً ما تظهر يوم الغيم عند الزوال. والحديث ضعيف على المشهور.

حمزة(1)أو عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إنَّ بالكوفة مساجد ملعونة ومساجد مباركة، فأمّا المباركة فمسجد غِنى ، واللهِ إنَّ قبلته لَقَاسِطة، وإنَّ طينته لطّيبة، ولقد وضعه رجلٌ مؤمن، ولا تذهب الدُّنيا حتّى تفجر منه عينان، وتكون عنده جنّتان، وأهله ملعونون، وهو مسلوب منهم، ومسجد بني ظفر، وهو مسجد السّهلة، ومسجد بالخمراء(2)، ومسجد جعفيّ، وليس هو اليوم مسجدهم ، - قال : دَرَس(3)- ، فأمّا المساجد الملعونة : فمسجد ثقيف، ومسجد الأشعث، ومسجد جرير، ومسجد سماك، ومسجد بالخمراء(4)، بُنَي على قبر فرعون من الفراعنة(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن عبيس بن هشام، عن سالم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : جُدّدت أربعة مساجد بالكوفة فرحاً لقتل الحسين(عليه السلام): مسجد الأشعث، ومسجد جرير، ومسجد سِماك، ومسجد شبث بن رِبعيّ(6).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه نهى بالكوفة عن الصلاة في خمسة مساجد: مسجد الأشعث بن قيس، ومسجد جرير بن عبد الله البجليِّ، ومسجد سماك بن مخرمة، ومسجد شبث بن ربعيّ، ومسجد التيم(7).

وفي رواية أبي بصير : مسجد بني السيد، ومسجد بني عبد الله بن دارم، ومسجد غِنى ، ومسجد سِماك ، ومسجد ثقيف، ومسجد الأشعث.

268- باب فضل المسجد الأعظم بالكوفة وفضل الصلاة فيه والمواضع المحبوبة فيه

1 - محمّد بن الحسن ؛ وعليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن

ص: 484


1- الشك من الراوي، ولا يوجد الترديد في التهذيب وإنما المذكور فيه : عن محمد بن مسلم .
2- في التهذيب : ومسجد الحمراء. ولعله باخمرا وهو موضع بين الكوفة وواسط .
3- دَرَس : أمَّحَت آثاره .
4- في التهذيب : ومسجد الحمراء. ويظهر أن بالحمراء مسجدين أحدهما مبارك وهذا ملعون .
5- التهذيب ،3 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و ...، ح ه . وغنى : - كما في القاموس - حي من عَطَفان. وقاسطة : أي مستقيمة لا انحراف فيها.
6- التهذيب 3، نفس الباب، ح 7. والأشعث هو ابن قيس. وجرير: هو ابن عبد الله البجلي، وسماك : هو ابن مخرمة، كما سوف يصرح به في الرواية التالية.
7- يعني عمرو بن عثمان الذي روى عنه سهل بن زياد .

محمّد بن عبد الله الخزَّاز، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال لي: يا هارون بن خارجة كم بينك وبين مسجد الكوفة ، يكون ميلاً؟ قلت : لا ، قال : فتصلّي فيه الصلوات كلّها؟ قلت : لا ، فقال : أَمَا لو كنتُ بحضرته ، لَرَجَوْتُ الّا تفوتني فيه صلاة، وتدري ما فضل ذلك الموضع ؟ ما من عبد صالح ولا نبيّ إلّا وقد صلّى في مسجد كوفان، حتّى أنَّ رسول الله (ص) لمّا أسرى الله به ، قال له جبرائيل(عليه السلام)تدري أين أنت يا رسول الله الساعة أنت مقابل مسجد كوفان ، قال : فاستأذِنْ لي ربّي حتّى آتيه فأُصلّي فيه ركعتين، فاستأذن الله عزّ وجلَّ، فأذِنَ له، وإنَّ ميمنته لروضة من رياض الجنّة، وإنَّ وسطه لروضة من رياض الجنّة، وإنَّ مؤخّره لروضة من رياض الجنّة، وإنَّ الصلاة المكتوبة فيه لتعدل ألف صلاة ، وإنَّ النّافلة فيه لتعدل خمسمائة صلاة ، وإنَّ الجلوس فيه بغير تلاوة ولا ذكر لَعِبَادَةٌ، ولو علم الناس ما فيه لأتَوْه ولو حَبْواً .

قال سهل : وروى لي غيرُ عمرو أنَّ الصَّلاة فيه لتعدل بحجّة، وأنَّ النافلة [فيه] لتعدل بِعُمْرَة (1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أبي يوسف يعقوب بن عبد الله من ولد أبي فاطمة، عن إسماعيل بن زيد مولى عبد الله بن يحيى الكاهليِّ(2) عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو في مسجد الكوفة فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فردَّ عليه فقال : جُعِلْتَ فِداك، إنّي أردت المسجد الأقصى(3)، فأردت أن أُسلّم عليك وأودِّعك، فقال له : وأيّ شيء أردت بذلك؟ فقال الفضل، جُعِلْتُ فداك، قال: فَبع راحلتك، وكُلْ زادك ، وصلِّ في هذا المسجد(4)، فإنَّ الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة، والنافلة عمرة مبرورة، والبركة فيه على اثني عشر ميلاً، يمينه يُمْن، ويساره مکراً(5)، وفي وسطه عين من دُهْن، وعين من لبن، وعين من ماء شراب للمؤمنين، وعين من ماء طهر للمؤمنين، منه سارت سفينة نوح ، وكان فيه نسر ويغوث ويعوق(6)، وصلّى فيه سبعون نبيّاً

ص: 485


1- التهذيب 3 ، 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و ... ، ح 8 إلى قوله : ولو حبوا. وكرره بدون الصدر إلى هذا المكان برقم 6 من الباب 10 من الجزء 6 من التهذيب .. والحديث ضعيف على المشهور، «ويمكن أن يكون المراد بميمنة الغري وبمؤخره مشهد الحسين(عليه السلام)»مرآة المجلسي 15 / 486 - 487 . أقول : والظاهر - بقرينة ذكر وسطه - أن المراد بالميمنة والمؤخرة نفس الجهة اليمنى من المسجد والجهة الخلفية منه أيضاً .
2- في التهذيب : ... عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله(عليه السلام).
3- أي زيارة المسجد الأقصى، أولى القبلتين.
4- يعني مسجد الكوفة .
5- فسر في بعض الروايات عن الصادق(عليه السلام)بأنه يعني منازل السلطان، وسوف يأتي .
6- أسماء أصنام كانت في الجاهلية، ويظهر أنها كانت أيضاً في زمن نوح(عليه السلام)، وقد ذكر بعض المفسرين أن الطوفان عفى عليها وأغرقها فأخرجها الشيطان لمشركي العرب فعبودها .

وسبعون وصيّاً أنا أحدهم، وقال بيده في صدره : ما دعا فيه مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج إلّا أجابه الله وفرَّج عنه كُرْبَتَهُ(1).

3- محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سمعنه يقول : نِعْمَ المسجدُ مسجد الكوفة، صلّى فيه ألف نبيّ وألف وصيّ(2)، ومنه فار التنّور، وفيه نجرت السفينة ،ميمنته رضوان الله ، وسطه روضة من رياض الجنّة، وميسرته مَكْرُ، فقلت لأبي بصير: ما يعني بقوله مكر؟ قال: يعني منازل السلطان، وكان أمير المؤمنين(عليه السلام)يقوم على باب المسجد ثمَّ يرمي بسهمة فيقع في موضع التمّارين فيقول : ذاك من المسجد، وكان يقول : قد نقص من أساس المسجد مثل ما نقص في تربیعه.

4 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن عليِّ بن شجرة، عن بعض ولد ميثم قال : كان أمير المؤمنين(عليه السلام)يصلّي إلى الأُسطوانة السابعة ممّا يلي أبواب كندة ، وبينه وبين السابعة مقدار ممرّ عَنْزٍ(3).

5 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن أسباط قال : وحدِّثني غيره أنّه كان ينزل في كلِّ ليلة ستون ألف ملك يصلّون عند السابعة، ثمَّ لا يعود منهم ملك إلى يوم القيامة(4).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن إسماعيل ؛ وأحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم ، عن سفيان بن السمّط قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إذا دخلت من الباب الثاني في ميمنة المسجد، فعدَّ خمس أساطين، ثنتين منها في الظَّلال، وثلاثة في الصحن، فعند الثالثة مصلّى

إبراهيم(عليه السلام)، وهي الخامسة من الحائط ، قال : فلمّا كان أيّام أبي العباس(5)، دخل أبو عبد الله(عليه السلام)من باب الفيل، فتياسر حين دخل من الباب فصلّى عند الأُسطوانة الرّابعة وهي بحذاء الخامسة ، فقلت : أفتلك أُسطوانة إبراهيم(عليه السلام)؟ فقال لي : نعم(6):

ص: 486


1- التهذيب ، 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و ...، ح .9 والحديث مجهول
2- يمكن الجمع بين ما ورد هنا من ذكر الألف نبي والألف وصي وبين ما ورد في الحديث السابق من ذكر السبعين فيهما بحمل ما ورد في ذاك الخبر على الأشهر والأبرز من بين الأنبياء والأوصياء، أو لمن اطلع الناس على صلاته فيه منهم . والحديث ضعيف.
3- ممر عَنْز: كناية عن مقدار سجود الرجل، وقد قدر بممر عَنْز أو مريض عير. والحديث ضعيف.
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- يعني السفاح من ملوك العباسيين .
6- التهذيب 3 ،25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و . . . ، ح 10. والحديث مجهول.

7 - عليُّ بن محمّد، عن سهل، عن ابن أسباط رفعه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: الأُسطوانة السابعة ممّا يلي أبواب كندة في الصحن مقام إبراهيم (عليه السلام)، والخامسة مقام جبرائيل(عليه السلام)(1) .

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السرَّاج قال : قال معاوية بن وهب وأخذ بيدي ، وقال : قال لي أبو حمزة وأخذ بيدي قال : وقال لي الأصبغ بن نباتة وأخذ بيدي فأراني الاسطوانة السابعة فقال : هذا مقام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، قال: وكان الحسن بن عليّ(عليه السلام)يصلّي عند الخامسة، فإذا غاب أمير المؤمنين(عليه السلام)صلّى فيها الحسن(عليه السلام)، وهي من باب كندة(2)

9 -عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن أبي عبد الرحمن الحذَّاء، عن أبي أسامة، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر(عليه السلام): قال : مسجد كوفان روضة من رياض الجنّة، صلّى فيه ألف نبيّ وسبعون نبيّاً، وميمنته رحمة، وميسرته مكر، فيه عصا موسى، وشجرة يقطين(3)، وخاتم سليمان، ومنه فار التنّور، ونجرت السفينة، وهي صرّة بابل (4)ومجمع الأنبياء(عليهم السلام)(5).

269- باب مسجد السَّهْلَة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن أبي داود، عن عبد الله بن أبان قال : دخلنا على أبي عبد الله(عليه السلام)فَسَأَلْنَا : أفيكم أحدٌ عنده عِلْمٌ عمّي زيد بن عليّ ؟ فقال رجل من القوم : أنا عندي علمٌ من عِلم عمّك، كنّا عنده ذات ليلة في دار معاوية بن إسحاق

ص: 487


1- التهذيب 6 ، 10 - باب فضل الكوفة والمواضع التي ...، ح 9.
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح .10 . واسم أبي إسماعيل السراج : عبد الله بن عثمان بن عمرو الفزاري .« قوله(عليه السلام): صلّي فيها : أي في الخامسة، إذ عند حضور والده(عليها السلام)كان يصلي خلفه، ويحتمل رجوع الضمير إلى السابعة أيضا» مرآة المجلسي 489/15.
3- أي شجرة يونس(عليه السلام)والتي تحدث عنها القرآن الكريم، بمعنى أن يكون منبتها هناك.
4- «قوله(عليهم السلام): وهي صرّة بابل: أي أشرف موضع منه ومجمع فوايده وخيرانه كما أن الصرة محل نفائس الس-ال ، وقيل : أي وسطه ولعله لأن الصرة تشدّ في الوسط ... وقيل : أي ارفع موضع منه . قال الجوهري : الصرار : الأماكن المرتفعة . . .» مرآة المجلسي 490/15 .
5- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و ... ، ح 11 وفيه : وجرت السفينة . . . ، بدل : ونجرت السفينة. والحديث مجهول.

الأنصاري إذ قال : انطلقوا بنا نصلي في مسجد السِّهلة، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): وفعل؟ فقال : لا، جاءه أمر فشغله عن الذِّهاب فقال : أما والله لو أعاذ الله به حَوْلاً لأعاذه، أما علمتَ أنّه موضع بيت إدريس النبيِّ(عليه السلام)، والّذي كان يخيط فيه، ومنه سار إبراهيم(عليه السلام)إلى اليمن بالعمالقة، ومنه سار داود إلى جالوت، وإنَّ فيه لصخرةً خضراء فيها مثال كلِّ نبيّ، ومن تحت تلك الصخرة أُخذت طينة كلِّ نبيّ، وإنّه لَمُناخُ الراكب، قيل: ومَن الراكب؟ قال: الخضر(عليه السلام)(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن عليِّ بن الحسن بن عليّ، عن عثمان، عن صالح بن أبي الأسود قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام)- وذكر مسجد السهلة - فقال : أما إنّه منزل صاحبنا إذا قام بأهله(2).

3 - عنه ، عن عمرو بن عثمان، عن حسين بن بكر ، عن عبد الرَّحمن بن سعيد الخزَّاز، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : بالكوفة مسجد يقال له : مسجد السهلة، لو أنَّ عمّي زيداً أتاه فصلّى فيه واستجار الله لأجاره عشرين سنة ، فيه مناخ الراكب(3)، وبيت إدريس النبيِّ(عليه السلام)، وما أتاه مكروبٌ قطّ فصلّى فيه بين العشائين، ودعا الله ، إلّا فرَّج الله كُرْبَتَهُ(4).

وروي : أنَّ مسجد السّهلة حدُّه إلى الرُّوحاء .

هذا آخر كتاب الصلاة من كتاب فروع الكافي للشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ - رحمة الله عليه - ويتلوه كتاب الزكاة .

ص: 488


1- الحديث مجهول. والعمالقة : - كما في القاموس - قوم تفرقوا في البلاد من ولد عمليق بن لاوذ بن آدم بن سام .
2- التهذيب 3 25 - باب فضل المساجد والصلاة فيها و . . . ، ح 12 . وفي سنده : علي بن الحسن بن فضال عن الحسين بن سيف عن ... الخ . والحديث مجهول .
3- قد مر في بعض الروايات المتقدمة أنه(عليه السلام)فسّر الراكب بالخضر(عليه السلام).
4- التهذيب ،3 ، نفس الباب ، ح 13 . وفيه بعد قوله(عليه السلام): مناخ الراكب قيل : ومن الراكب؟ ، قال : الخضر(عليه السلام). والحديث مجهول .

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

كتاب الزَّكاة

اشارة

(1)

270 - باب فَرْض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، ومحمّد بن مسلم أنّهما قالا لأبي عبد الله(عليه السلام): أرأيت قول الله عزّ وجلَّ : ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ﴾(2)أكُلُّ هؤلاء يُعْطى وإن كان لا يعرف(3)؟ فقال : إنَّ الإمام يعطي هؤلاء جميعاً لأنّهم يُقرُّون له بالطّاعة ، قال : قلت : فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال: يا زرارة، لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع، وإنّما يعطي من لا يعرف ليرغب في الدّين فيثبت عليه، فأمّا اليوم، فلا تعطِها أنت أصحابُك إلّا من يعرف، من وجدت من هؤلاء المسلمين عارفاً فأعطه دون النّاس، ثمَّ قال : ﴿سهم المؤلّفة قلوبهم ،وسهم الرِّقاب﴾ ، عامُّ ، والباقي خاصُّ، قال : قلت : فإن لم يوجدوا؟ قال : لا تكون فريضة فرضها الله عزَّ وجلَّ لا يوجد لها أهلٌ . قال: قلت : فإن لم تَسَعْهُم الصّدقات؟ فقال : إنَّ الله فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يَسَعُهُم ، ولو علم أنَّ ذلك لا يَسَعُهُم لزادَهُم، إنّهم لم يؤتَوا من قبل فريضة الله ، ولكن أُتوا من مَنْع من منعهم حقّهم، لا ممّا فرض الله لهم، ولو أنَّ النّاس أدُّوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير(4).

ص: 489


1- الزكاة لغة بمعنى النمو والطهارة، ووجه المناسبة للمعنى الشرعي ظاهر، سواء كانت زكاة مال أو زكاة فطرة .
2- صورة التوبة/ 60 . والعاملون على الزكاة هم السعاة في تحصيلها والجباة لها ولا فرق بين كونهم أغنياء أو : فقراء والمؤلفة قلوبهم : كانوا من قريش، وقيل: من أشرافهم وغيرهم من العرب، أسلموا ولم تصدق نياتهم، كان يتألفهم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بالعطية من الزكاة والغارمون المستدينون في غير سرف ولا حرام ويعجزون عن الوفاء. وفي الرقاب : قيل هم المكاتبون .
3- أي لا يعرف الإمام الحق من أهل بيت النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)ولا يواليه.
4- التهذيب 4 ، 12 - باب أصناف الزكاة ، ح 2 بتفاوت يسير الفقيه 2 ، 1 - باب علة وجوب الزكاة ، ح 4 بزيادة في آخره وتفاوت قليل.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب ،عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): لمّا أنزلت آية الزكاة ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾(1)، وأُنزلت في شهر رمضان، فأمر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)مناديه فنادى في النّاس : إنَّ الله فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصّلاة، ففرض الله عزَّ وجلَّ عليهم من الذَّهب والفضّة، وفرض الصّدقة من الإبل والبقر والغنم ، ومن الحنطة والشعير والتّمر والزّبيب فنادى فيهم بذلك في شهر رمضان، وعفَا لَهُمْ عمّا سوى ذلك ، قال : ثمَّ لم يفرض لشي من أموالهم حتّى حال عليهم الحول من قابل ، فصاموا وأفطروا ، فأمر مناديه فنادى في المسلمين : أيّها المسلمون زكّوا أموالكم تُقْبَلُ صلاتُكم ، قال : ثمَّ وجّه عمّال الصّدقة وعمّال الطسوق(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان ، عن رفاعة بن موسى أنّه سمع أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : ما فرض الله على هذه الأمّة شيئاً أشدُّ عليهم من الزّكاة، وفيها تهلك عامّتهم .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان وغير واحد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إِنَّ الله جلَّ وعزَّ جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم، ولولا ذلك لزادهم، وإنّما يؤتَوْنَ من مَنْع من مَنَعَهُمْ(3).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم؛ وأبي بصير وبريد وفُضَيل عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام)قالا : فَرَضَ الله الزّكاة مع الصّلاة.

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن مبارك العقرقوفيِّ قال، قال أبو الحسن(عليه السلام): إنَّ الله عزّ وجلّ وضع الزكاة قوتاً للفقرأ وتوفيراً لأموالكم(4).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ فرض الزكاة كما

ص: 490


1- سورة التوبة / 103 . وتتمة الآية: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ . ومعنى:﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ : أي أدْعُ لهم واستغفر، والخطاب للنبي(صلی الله علیه وآله وسلم)..
2- الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ، ح ا بتفاوت قليل وزيادة في آخره يحتمل أنها من الصدوق رحمه الله . والطسُوق - معرب عن الفارسية - جمع طشق : ما يوضع من الضريبة على الأرض، وهو من جملة الخراج .
3- الفقيه 1 ، 1 - باب علة وجوب الزكاة، ضمن ح 1 بتفاوت قليل. وأخرجه عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام).
4- الفقيه 2 ، 1 - باب علّة وجوب الزكاة، ح 2 . وأبو الحسن عمو الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام).

فرض الصّلاة، ولو أنّ رجلاً حمل الزكاة فأعطاها علانيةً لم يكن عليه في ذلك عيب، وذلك أنَّ الله عزَّ وجلَّ فرض في أموال الأغنياء للفقراء ما يكتفون به، ولو علم أنَّ الّذي فرض لهم لا يكفيهم لزادهم، وإنّما يؤتى الفقراء فيما أُتوا من منع من منعهم حقوقهم لا من الفريضة(1).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يُحْمَدون إلّا بأدائها، وهي الزكاة، بها حَقَنوا دمائهم وبها سُمُّوا مسلمين، ولكن الله عزَّ وجلَّ فرض في أموال الأغنياء حقوقاً غير الزكاة، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ﴾(2)، فالحقُّ المعلوم من غير الزكاة، وهو شيء يفرضه الرّجل على نفسه في ماله يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته وسعة مالِهِ، فيؤدّي الّذي فرض على نفسه إن شاء في كلّ يوم، وإن شاء في كلّ جمعة، وإن شاء في كلِّ شهر، وقد قال الله عزَّ وجلَّ أيضاً : ﴿وَأَقَرْضوا الله قَرْضاً حَسَناً﴾(3)، وهذا غير الزكاة، وقد قال الله عزّ وجلّ أيضاً: ﴿وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ﴾(4)، والماعون أيضاً، وهو القرض يقرضه، والمتاع يُعيره، والمعروف يصنعه وممّا فرض الله عزّ وجلّ أيضاً في المال من غير الزكاة قوله عزّ وجلّ :﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾(5)، ومن أدَّى ما فرض الله عليه، فقد قضى ما عليه، وأدَّى شكر ما أنعم الله عليه في ما له إذا هو حَمَدَه على ما أنعم الله عليه فيه، ممّا فضّله به من السعة على غيره، ولِمَا وفّقه لأداء ما فرض الله عزّ وجلّ عليه، وأعانه عليه.

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب عن أبي المغرا، عن أبي بصير قال : كنّا عند أبي عبد الله(عليه السلام)ومعنا بعض أصحاب الأموال، فذكروا الزكاة فقال أبو عبد الله(عليه السلام): إنّ الزكاة ليس يُحْمَدُ بها صاحبها، وإنّما هو شيء ظاهر، إنّما حقن بها دمه وسُمّي بها مسلماً، ولو لم يؤدّها لم تُقْبَلْ له صلاة، وإنّ عليكم في أموالكم غير الزكاة ، فقلت : أصلحك الله ، وما علينا في أموالنا غير الزكاة؟ فقال: سبحان الله، أما تسمع الله

ص: 491


1- الفقيه ،2 نفس الباب ، ح .1. والحديث صحيح. قوله(عليه السلام): وإنما يؤتي الفقراء ... الخ ، أي إن ما يبتلى به الفقراء من العوز والحاجة والمسكنة ليس سببه قصور الفريضة عن سد خلتهم وعوزهم وحاجتهم وإنما سببه منع أرباب الأموال عنهم ما فرضه الله للفقراء في أموالهم من الحقوق. وأشار إلى هذا المعنى في ذيل الحديث 2 من التهذيب 4 ، الزكاة ، 12 - باب أصناف أهل الزكاة كما تضمنه الحديث 4 من نفس الباب في الفروع 1.
2- سورة المعارج / 24 .
3- سورة الحديد / 18
4- سورة إبراهيم / 31 ومطلع الآية : قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة و... .
5- سورة الرعد / 21 .

عزّ وجلَّ يقول في كتابه : ﴿«وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ *لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾(1)قال : قلت : ماذا الحقُّ المعلوم الّذي علينا ؟ قال : هو الشيء يعلمه الرّجل في ماله يعطيه في اليوم، أو في الجمعة، أو في الشهر، قل أو كَثُر ، غير أنه يدوم عليه، وقوله عزّ وجلّ: ﴿ويمنعون الماعون﴾ (2)قال : هو القرض يُقرضه، والمعروف يصطنعه، ومتاع البيت يُعيره، ومنه الزكاة، فقلت له : إنَّ لنا جيراناً إذا أعرناهم متاعاً كسروه وأفسدوه، فعلينا جناح إن نمنعهم؟ فقال : لا ، ليس عليكم جناحٌ إن تمنعوهم إذا كانوا كذلك، قال: قلت له :﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾(3)؟ قال: ليس من الزكاة، قلت: قوله عزّ وجلّ:﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ﴾(4)؟ قال : ليس من الزكاة، قال: فقلت: قوله عزّ وجلّ : ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾(5)؟ قال : ليس من الزكاة، وصِلَتُك قرابَتَك ليس من الزّكاة .

10 - عليُّ بن محمّد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عن عثمان بن عيسى، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عزّ وجلّ :﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾، أهو سوى الزكاة ؟ فقال : هو الرّجل يؤتيه الله الثروة من المال، فَيُخْرِجُ منه الألف والألفين والثلاثة آلاف، والأقّل والأكثر ، فَيَصِل به رحمة ويحمل به الكَلَّ(6)عن قومه .

11 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن القاسم بن عبد الرحمن الأنصاريِّ قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : إنَّ رجلاً جاء إلى أبي عليِّ بن الحسين(عليه السلام)فقال له : أخبرني فقال له : أخْبِرْني عن قول الله عزَّ وجلّ : ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾، ما هذا الحقّ المعلوم؟ فقال له عليُّ بن الحسين(عليه السلام): الحقّ المعلوم : الشيء يُخْرِجُهُ الرَّجل من ماله ليس من الزّكاة ولا من الصدقة المفروضتين، قال: فإذا لم يكن من الزكاة ولا من الصدقة، فما هو؟ فقال : هو الشيء يُخرجه الرَّجل من ماله إن شاء أكثر وإن شاء أقلَّ على قدر ما يملك ؛ فقال له الرَّجل : فما يصنع به؟

ص: 492


1- سورة المعارج / 24 و 25
2- سورة الماعون / 7. قيل : ويمنعون الناس منافع ما عندهم . وهنالك قول بأنه الزكاة الواجبة .
3- سورة الدهر / 8
4- سورة البقرة / 274
5- سورة البقرة / 271
6- الكَلّ : الثقل والشدّة. والحديث مجهول.

قال : يَصِلُ به رحماً ويقري به ضيفاً(1)، ويحمل به كَلَّا أو يصل به أخاً له في الله ، أو لنائبة تنوبه ، فقال الرَّجل : الله يعلم حيث يجعل رسالاته .

12 - وعنه ، عن ابن فضّال، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قوله عزّ وجلَّ :﴿لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ قال : المحروم المُحارَف الّذي قد حُرِمَ كدَّيده في الشراء والبيع(2).

وفي رواية أُخرى(3)، عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام)أنّهما قالا : المحروم : الرَّجل الّذي ليس بعقله بأس، ولم يُبْسَط له في الرِّزق، وهو محارَف.

13 - عليّ بن محمّد، عمّن ذكره عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل قال : كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام)، فسأله رجل: في كم تجب الزكاة من المال؟ فقال له : الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ فقال : أُريدهما جميعاً ، فقال : أمّا الظاهرة؛ ففي كلِّ ألف خمسةٌ وعشرون وأمّا الباطنة ؛ فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك(4).

14 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن عامر بن جذاعة قال: جاء رجلٌ إلى أبي عبد الله

(عليه السلام)فقال له : يا أبا عبد الله ؛ فَرْضٌ إلى ميسرة ؛ فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): إلى غَلّة تدرك(5)، فقال الرَّجل : لا والله ، قال : فإلى تجارة تؤوبُّ(6)، قال : لا والله ، قال : فإلى عقدة(7)تباع، فقال: لا والله ، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): فأنت ممّن جعل الله له في أموالنا حقّاً ، ثمَّ دعا بكيس فيه دراهم فأدخل يده فيه فناوله منه ،قبضة، ثمَّ قال له : اتّق الله ولا تُسْرف ولا تقتر، ولكن بين ذلك قواماً(8)، إنّ التبذير من الإسراف قال الله عزّ وجلَّ :﴿ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾(9).

ص: 493


1- أي يكرمه ويطعمه. والحديث مجهول.
2- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 46 و 47 . والحديث الأول مجهول. والثاني ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 46 و 47 . والحديث الأول مجهول. والثاني ضعيف على المشهور.
4- الإيثار: تقديم الغير على النفس في كل شيء، والإستئثار: عكسه.
5- الغلة: الدخل من أي شيء كان . وكأن الرجل جاء وطلب قرضاً منه(عليه السلام)ولما كان لا بد للقرض من وفاء ، راح(عليه السلام)يستنطقه ليرى كيف سيفي مال القرض لو أخذه، وما هي الميسرة التي يعني . ولما وجد(عليه السلام)أنه لا يملك شيئاً لا فعلاً ولا قوة من غلة دار أو بستان أو بضاعة أو متاع عرف أنه فقير شرعي فأعطاه من حق الفقراء.
6- تؤوب : أي تجارة يرجع ريعها بعد نفاقها .
7- الأرض.
8- إشارة إلى قوله تعالى : والذين إذا أنفقوا لم يُشرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً .
9- سورة الإسراء / 26 .

الحسن بن محبوب، عن سعدان بن مسلم عن أبي عبد الله(عليه السلام)مثل ذلك.

15 - أحمد بن محمّد بن عبد الله وغيره، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه عن عبد الله بن القاسم، عن رجل من أهل ساباط قال : قال أبو عبد الله

(عليه السلام) لعمّار الساباطي : يا عمّار، أنت ربُّ مال كثير؟ قال: نعم، جُعِلْتُ فِداك ، قال : فتؤدي ما افترض الله عليك من الزكاة؟ فقال : نعم ، قال : فتُخْرج الحقَّ المعلوم من مالك؟ قال : نعم ، قال : فَتَصِلُ قرابتك؟ قال: نعم، قال: وتَصِلُ إخوانك ؟ قال : نعم ، فقال : يا عمّار، إنَّ المال يفنى، والبدن يبلى، والعمل يبقى، والدَّيّان حي لا يموت يا عمّار، إنه ما قدَّمْتَ فلن يسبقك، وما أخرتَ فلن يلحقك(1).

16 - عليِّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد ،عن محمّد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير قال : قلت لأبي قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): قول الله عزّ وجلّ : ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾(2)؟ قال : الفقير: الّذي لا يسأل النّاس، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم ، فكلُّ ما فرض الله عزّ وجلَّ عليك فإعلانه أفضل من إسراره، وكلُّ ما كان تطوّعاً فإسراره أفضل من إعلانه، ولو أنَّ رجلاً يحمل زكاة ماله على عاتقه فقسّمها علانية كان ذلك حسناً جميلاً (3).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ،عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾(4)فقال : هي سوى الزكاة إنَّ الزكاة علانية غير سرّ(5).

18 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن ،عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهم السلام)أنّه سأله عن الفقير والمسكين ؟ فقال : الفقير الّذي لا يسأل، والمسكين الّذي هو أجهد منه ، الّذي يسأل(6).

ص: 494


1- الفقيه 1 ، 1 - علة وجوب الزكاة ، ح .5 . وكرر الشيخ الكليني رحمه الله هذا الحديث برقم 7 من باب فضل المعروف من الجزء 3 من الفروع . قوله (عليه السلام): فلن يسبقك : أي سوف يكون ملازماً لك في البرزخ إلى أن تبعث يوم القيامة . وقوله(عليه السلام): فلن يلحقك : لأن المال بالموت يخرج عن ملك صاحبه ويدخل في ملك الورثة بعد موته ولن يأخذ منه الميت شيء معه والديّان: هو الله سبحان.
2- سورة التوبة / 60 .
3- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 31 .
4- سورة البقرة / 271 .
5- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 32 .
6- «واختلف الأصحاب وغيرهم في أن الفقراء والمساكين هل هما مترادفان أو متغايران؟ فذهب جماعة منهم المحقق إلى الأول ، وبهذا الاعتبار جعل الأصناف سبعة، وذهب الأكثر إلى تغايرهما، ثم اختلف هؤلاء فيما يتحقق به التغاير ، فقيل إن الفقير هو المتعفف الذي لا يسأل والمسكين هو الذي يسأل، وقيل بالعكس ، وقيل : الفقير هو المزمن المحتاج، والمسكين هو الصحيح المحتاج ، وهو اختيار ابن بابويه ، وقيل بالعكس . وقيل : إن الفقير الذي لا شيء له، والمسكين الذي له بلغة من العيش، وهو اختيار الشيخ في المبسوط والجمل وابن البراج وابن حمزة وقيل بالعكس» مرآة المجلسي 12/16 .

19 - عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : ذكرت للرّضا(عليه السلام)شيئاً(1)، فقال : اصبر فإنّي أرجو أن يصنع الله ل--ك إن شاء الله ، ثُمَّ قال : فوالله ما أخّر الله عن المؤمن من هذه الدُّنيا خيرٌ له ممّا عجّل له فيها ؛ ثمَّ صغّر الدُّنيا وقال : أيُّ شيء هي ؟ ثمَّ قال : إِنَّ صاحب النعمة على خَطَر، إنّه يجب عليه حقوق الله فيها، والله إنّه لتكون علي النعم من الله عزَّ وجلَّ فما أزال منها على وَجَل - وحرِّك يده - حتّى أخرجَ من الحقوق الّتي تجب الله عليَّ فيها، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، أنت في قدرك تخاف هذا؟ قال : نعم ، فأَحْمَد ربّي على ما منَّ به عليُّ .

271- باب مَنْعِ الزكاة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾(2)فقال : يا محمّد، ما من أحد يمنع من زكاة ماله شيئاً، إلّا جعل الله عزَّ وجلَّ ذلك يوم القيامة ثعباناً من نار مطوِّقاً في عنقه ينهش من لحمه حتّى يفرغ من الحساب، ثمَّ قال : هو قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يعني ما بخلوا به من الزكاة.

2 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن ابن مسكان يرفعه، عن رجل، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: بينا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) في المسجد إذ قال : قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان، حتّى أخرج خمسة نفر فقال : اخْرُجوا من مسجدنا، لا تصلّوا فيه وأنتم لا تُزَكّون(3).

3 - يونس ، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: من منع

ص: 495


1- الظاهر أنه شكى له(عليه السلام)ضيق عيشه وقلة ذات يده .
2- سورة آل عمران/ 180 ويدل الحديث على تجسّم الأعمال يوم القيامة. والحديث صحيح . .
3- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 61 . الفقيه 2 ، 2 - باب ما جاء في مانع الزكاة ح 11 وأخرجه عن ابن مسكان عن أبي جعفر(عليه السلام). والحديث مجهول مرفوع .

قيراطاً من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم، وهو قوله عزَّ وجلَّ(1): ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ *لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾(2).

وفي رواية أُخرى : ولا تقبل له صلاة(3)

4 - يونس ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): ما من ذي زكاة مال نخل أو زرع أو كَرْم يمنع زكاة ماله ، إلّا قلّده الله تربة أرضه يُطَوّق بها من سبع أرضين إلى يَوم القيامة(4).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن مالك بن عطيّة، عن أبان بن تغلب قال: قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): دَمَان في الإسلام حلال من الله ، لا يقضي فيهما أحد حتّى يبعث الله قائمنا أهل البيت، فإذا بعث الله عزَّ وجلَّ قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله لا يريد عليهما بيّنة : الزَّاني المحصن يرجمه، ومانع الزكاة يضرب عنقه(5)

عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن موسى بن سعدان ،عن عبد الله بن القاسم، عن مالك بن عطيّة، عن أبَان بن تغلب، عن أبي عبد الله(عليه السلام) نحوه(6).

6 - حميد بن زياد، عن الخشّاب، عن ابن بقاح، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: ما من رجل أدّى الزكاة فنقصت من ماله، ولا مَنَعها أحد

ص: 496


1- سورة المؤمنون/ 99 - 100 .
2- التهذيب 4 ، نفس ،الباب ، ح 59 الفقيه ،2 نفس الباب ح 7 ولا بد من حمله على ما لو كان منعه لها عن . ، انکار لوجوبها .
3- التهذيب 4 ، نفس الباب، ح 60 . الفقيه ،2، نفس الباب، ح 10
4- الفقيه 2 نفس الباب، ذيل ح 1 بتفاوت وأخرجه عن حريز عن أبي عبد الله(عليه السلام) والمقصود بالكرم : شجر العنب ويقصد به في الحديث الزبيب لأنه أحد موضوعات الزكاة والواجبة.
5- الفقيه 2 ، نفس الباب ، ح 7 بدون قوله فيه : لا يريد عليهما بنية والحديث ضعيف على المشهور. ولا بد من تقييد الحكم بضرب عنق مانع الزكاة بما إذا كان منعه لها لإنكاره وجوبها من غير شبهة لأنها من ضروريات الدين فمانعها بهذا الشكل يحكم بردته إذا كان مسلماً فطرياً، دون ما إذا كان جاهلاً بالرجوب، أو كان مرتداً ملياً فإن الأول يعرف وجوبها فإن أنكارها مع ذلك ومنعها جرى عليه الحكم، كما أن الثاني بستتاب على قواعد الاستابة في المرتد الملي فإن تاب ودفعها فيه، وإلا نفّذ فيه حكم الله . اللهم إلا إذا قيل بأنه(صلی الله علیه وآله وسلم)يأتي بقواعد وأحكام جديدة في هذا المقام هي غير ما هو مقرر عندنا وفق قواعدنا واجتهادات أصحابنا رضوان الله عليهم.
6- الحديث مرسل .

فزادت في ماله(1).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن عُبَيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : ما من عبد يمنع درهماً في حقّه، إلّا أنفق اثنين في غير حقّه، وما رجل يمنع حقّاً من ماله، إلّا طوَّقه الله عزَّ وجلَّ به حيّة من نار يوم القيامة(2).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): ملعون ملعون مال لا يُزَكّى(3).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقبة، عن أبي الحسن(عليه السلام) - يعني الأول - قال : سمعته يقول : من أخرج زكاة ماله تامّة فوضعها في موضعها لم يسأل من أين اكتسب ماله(4).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن مهران، عن ابن مسکان، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾(5)؟ قال : ما من عبد منع من زكاة ماله شيئاً، إلّا جعل الله له ذلك يوم القيامة ثعباناً من نار يُطَوّق في عنقه، ينهش من لحمه حتّى يفرغ من الحساب، وهو قول الله عزّ وجلَّ : سَيُطَوقون ما بخلوا به يوم القيامة ، قال : ما بخِلوا به من الزّكاة، (6).

11 - أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحسين ،عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : من منع الزكاة سأل الرَّجعة عند الموت، وهو قول الله عزّ وجلَّ : ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ *لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾(7)

ص: 497


1- الفقيه ،2 ، 2 - باب ما جاء في مانع الزكاة ، ح 8 بتفاوت وروى في التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة، ح 63 عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)عن أبيه(عليه السلام)قال: قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): ما حبس عبد الزكاة فزادت في ماله .
2- التهذيب 4 ، نفس الباب، ح 62 بتفاوت يسير الفقيه ،2 نفس الباب ، ح 6 بتفاوت قليل، كما رواه صدر حديث في التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 24 . وسوف يأتي صدر حديث برقم 2 من الباب 297 من هذا الجزء من الفروع أيضاً.
3- الفقيه 2 ، نفس الباب ، ح 4 وأخرجه عن مسعدة عن الصادق(عليه السلام). هذا وسوف يكرر الكليني رحمه الله نفس هذا الحديث بنفس سند الفقيه برقم 13 من هذا الباب فانتظر وكون المال ملعوناً كناية عن عدم نموه وطهارته، أو كناية عن لعن صاحبه وبعده من رحمة الله سبحانه وتزكيته .
4- الفقيه 2 ، 1 - باب علة وجوب الزكاة، ح 8 مرسلاً . وأبو الحسن الأول هو الإمام موسى (عليه السلام).
5- سورة آل عمران / 180 .
6- الفقيه 2 ، 2 - باب ما جاء في مانع الزكاة ، ح 5 بتفاوت قليل. وقد مر هذا الحديث برقم 1 من هذا الباب بتفاوت يسير أيضاً.
7- راجع تخريجنا للحديث رقم 3 من هذا الباب وتعليقنا عليه.

12 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن حسّان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : صلاة مكتوبة خيرٌ من عشرين حجّة ، وحجّة خيرٌ من بيت مملوء ذهباً ينفقه في برّ حتّى ينفد ، قال : ثمَّ قال : ولا أفلح من ضيّع عشرين بيتاً من ذهب بخمسة وعشرين درهماً، فقلت : وما معنى خمسة وعشرين درهماً؟ قال : من منع الزكاة وُقفَتْ صلاتُهُ حتى يُزَكِّي(1) .

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال ملعونٌ ملعون مال لا يزكّى(2).

14 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عمّن ذكره، عن حفص بن عمر، عن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: من منع قيراطاً من الزكاة فليَمُتْ إن شاء يهوديّاً أو نصرانيّاً(3).

15 - أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحسن، عن عليِّ بن النعمان، عن إسحاق قال: حدَّثني من سمع أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : ما ضاع مال في برّ ولا بحر إلّا بتضييع الزكاة، ولا يُصاد من الطيّر إلّا ما ضَيّع تسبيحه(4)

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عُقْبة، عن أيّوب بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : مانع الزّكاة، يطوّق بحيّة قرعاء تأكل من دماغه، وذلك قوله عزَّ وجلَّ : ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾(5)

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي حمزة ، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : وجدنا في كتاب عليّ(عليه السلام): قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): إذا مُنِعَت الزكاةُ مَنَعَتِ الأرضُ بركاتِها .

18 - أبو عبد الله العاصميّ ، عن عليِّ بن الحسن الميثميِّ، عن عليِّ بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم ، عن سالم مولى أبَان قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول : ما من طير يُصاد

ص: 498


1- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 64. وفيه : وما معنى خمسة وعشرين، بدون كلمة درهماً. الفقيه 2 ، 2 - باب ما جاء في مانع الزكاة ، ح 13 . قوله(عليه السلام): وقِفَت صلاته : أي لم تقبل وإن أتى بها تامة الأجزاء والشرائط لأن مرتبة القبول غير مرتبة الإجزاء .
2- راجع رقم 8 من هذا الباب وتعليقنا عليه
3- لا بد من حمله على من منعه إنكاراً لوجوب الزكاة من غير شبهة .
4- الفقيه 2 ، نفس الباب ، ح .14 . مرسلا والحديث هنا أيضاً مرسل .
5- الفقيه 2 ، نفس ،الباب ، ح .. والقرعاء والأقرع من الحيّات هو ما سقط شعر رأسه لطول عمره أو كثر سمّه .

إلّا بتركه التسبيح ، وما من مال يُصاب إلّا بترك الزكاة(1).

19 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد، عن خلف بن حمّاد، عن حريز قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): ما من ذي مال ذهب أو فضّة يمنع زكاة ماله ، إلّا حبسه الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة بقاع قَرْقَر(2)، وسلّط عليه شِجاعاً(3)أقرع يريده وهو يحيد عنه ، فإذا رأى أنّه لا مخلص له منه ، أمكنه من يده ، فقضمها(4)كما يقضم الفجل(5)، ثمَّ يصير طوقاً في عنقه، وذلك قول الله عزّ وجلّ :﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ وما من ذي مال إبل أو أو بقر يمنع زكاة ماله ، إلّا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر يطأه كلّ ذات ظلف بظلفها، وينهشه كلِّ ذات ناب بنابها، وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاتها إلّا طوّقه الله ربعة(6)أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة (7).

20 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله، عن أبيه(عليه السلام)قال: قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): ما حَبَسَ عبد زكاة فزادت في ماله(8).

21 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من منع حقّاً الله عزَّ وجلَّ، أنفق في باطل مِثْلَيه.

22 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أيّوب بن نوح، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إنَّ الله تبارك وتعالى يبعث يوم القيامة ناساً من قبورهم ، مشدودة أيديهم إلى أعناقهم لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيس أنْمُلَة(9)،معهم ملائكة يعبّرونهم تعبيراً شديداً ،يقولون: هؤلاء الّذين منعوا خيراً قليلاً من خير كثير، هؤلاء الّذين أعطاهم الله فمنعوا حقٌّ في أموالهم.

23 - عليُّ بن محمّد، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن عليِّ بن حديد، عن عثمان بن

ص: 499


1- رواه بالمعنى في الفقيه 2 ، 1 - باب علة وجوب الزكاة ضمن ح 6 . والحديث مجهول.
2- القاع القرقر : الأرض المطمئنة اللينة، والقاع الأملس. وفي بعض النسخ : قفر، بدل: قرقر .
3- الشجاع الحية، أو الذكر منها ، أو الخبيث منها، أو ضرب منها صغير.
4- القضم الأكل أو الكسر بأطراف الأسنان . أو أكل يابساً .
5- في بعض النسخ : الفحل بدل: الفجل
6- الربعة مفرد الرّيع والرياع، وهو المرتفع من الأرض، أو كل فج أو كل طريق أو الطريق المنفرج في الجبل، وقيل غير ذلك . والمقصود بها هنا تربة أرضه التي كان قد منع زكاة غلتها مما يجب فيه الزكاة .
7- الفقيه 2 ، 2 - باب ما جاء في مانع الزكاة ، ح 1 بتفاوت يسير والحديث حَسَنٌ .
8- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 63 وفيه الزكاة، بدل: زكاة .
9- أي قدر أنملة والأنملة : عقد الأصبع.

رشید، عن معروف بن خرَّبوذ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إنَّ الله عزّ وجلَّ قَرَنَ الزَّكاة بالصّلاة فقال:﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ و﴾(1)، فمن أقام الصّلاة ولم يؤتِ الزكاة لم يُقِم الصّلاة(2).

272- باب العّلة في وضع الزكاة على ما هي لم تزد ولم تنقص

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أبي الحسن الرِّضا(عليه السلام)قال : قيل لأبي عبد الله(عليه السلام): لأيِّ شيء جعل الله الزكاة خمسة وعشرين في كلِّ ألف ولم يجعلها ثلاثين ؟ فقال : إنَّ الله عزَّ وجلَّ جعلها خمسة وعشرين، أخرج من أموال الأغنياء بقدر ما يكتفي به الفقراء، ولو أخرج النّاس زكاة أموالهم ما احتاج أحدا(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن سملة بن الخطاب، عن الحسن بن راشد عن عليِّ بن إسماعيل الميثميِّ، عن حبيب الخثعميِّ قال : كتب أبو جعفر المنصور إلى محمّد بن خالد -وكان عامله على المدينة - أن يسأل أهل المدينة عن الخمسة في الزّكاة من المائتين، كيف صارت وزن سبعة، ولم يكن هذا على عهد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وأمره أن يسأل - فيمن يسأل - عبد الله بن الحسن، وجعفر بن محمّد(عليه السلام) قال : فسأل أهل المدينة، فقالوا : أدركنا مَن كان قَبلَنا على هذا ،فبعث إلى عبد الله بن الحسن وجعفر بن محمّد(عليه السلام)، فسأل عبد الله بن الحسن، فقال : كما قال المستفتَوْنَ من أهل المدينة قال: فقال : ما تقول يا أبا عبد الله؟ فقال : إنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)جعل في كلِّ أربعين أُوقية أُوقيةٌ، فإذا حَسَبْتَ ذلك كان على وزن سبعة، وقد كانت وزن ستّة ، وكانت الدَّراهم خمسة دوانيق، قال حبيب : فحسبناه فوجدناه كما قال، فأقبل عليه عبد الله بن الحسن فقال : من أين أخذت هذا؟ قال: قرأت في كتاب أُمّك فاطمة، قال : ثمَّ انصرف، فبعث إليه محمّد بن خالد : إبعَثْ إليَّ بكتاب فاطمة(عليه السلام)، فأرسل إليه أبو عبد الله(عليه السلام): إنّي إنّما أخبرتك أنّي قرأته، ولم أخبرك أنّه عندي، قال حبيب : فجعل محمّد بن خالد يقول لي : ما رأيتُ مثلَ هذا قطا(4).

ص: 500


1- سورة البقرة 43 وفي كثير من الآيات .
2- الفقيه ،2 ، نفس الباب ، ح 2 بتفاوت يسير في آخره
3- الحديث صحيح. وقد دل الحديث على أن التقدير الشرعي في كل شيء إنما هو منبعث عن علم الله وحكمته فيما يصلح شأن الخلق وما هو أوفق بهم، وأن هذا المقدار من الزكاة في المال إنما هو مطابق لما سيكون من فقير ومنسجم مع ما سوف يكون عليه الأغنياء من نسبة إلى المجتمع ، كما سوف يصرّح به في رواية آتية في هذا الباب وهو أن نسبة الفقراء والمساكين هي خمسة وعشرون من كل ألف.
4- الحديث ضعيف. والأوقية أربعون درهماً. وإنما صارت في عهده(عليه السلام)على وزن سبعة وقد كانت وزن ستة دراهم لتغير وزن الدرهم المضروب، وهذا هو سبب استفسار أبي جعفر المنصور ولم يكن يعلمه .

3 - أحمد بن إدريس وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن محمّد، عن محمّد بن حفص، عن صباح الحذّاء، عن قثم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : جُعِلْتُ فداك أخْبِرْني عن الزكاة كيف صارت من كلِّ ألف خمسة وعشرين لم تكن أقل أو أكثر، ما وجهها؟ فقال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ خلق الخلق كلّهم ، فعلم صغيرهم وكبيرهم وغنيّهم وفقيرهم، فجعل من كلِّ ألف إنسان خمسة وعشرين مسكيناً، ولو علم أنَّ ذلك لا يَسَعُهُمْ لزادهم، لأنّه خالقُهُم وهو أعْلَمُ بهم(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد، عن يونس، عن جعفر الأحول قال : سألني رجلٌ من الزَّنادقة فقال : كيف صارت الزّكاة من كلِّ ألف خمسةً وعشرين درهماً؟ فقلت له: إنّما ذلك مثل الصّلاة، ثلاث وثنتان وأربع، قال : فقبل منّي ، ثمَّ لقيتُ بعد ذلك أبا عبد الله(عليه السلام)فسألته عن ذلك؟ فقال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ حسب الأموال والمساكين فوجد ما يكفيهم من كلِّ ألف خمسة وعشرين، ولو لم يكفهم لزادهم ، قال : فرجعت إليه فأخبرته ، فقال : جاءت هذه المسألة على الإبل من الحجاز، ثمَّ قال : لو أنّي أعطيتُ أحداً طاعةٌ لأعطيت صاحب هذا الكلام(2).

273- باب ما وضع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وعلى أهل بيته الزكاة عليه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة ؛ ومحمّد بن مسلم وأبي بصير ؛ ويريد بن معاوية العجليّ ؛ وفضيل بن يسار عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام)قالا : فرض الله الزكاة مع الصّلاة في الأموال، وسنّها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في تسعة أشياء ، - وعفا رسول الله عمّا سواهنّ- : في الذَّهب والفضّة والإبل والبقر والغنم والحنطة والشّعير والتّمر والزّبيب، وعفا عمّا سوى ذلك(3).

ص: 501


1- الفقيه 2 ، 1 - باب علة وجوب الزكاة، ح 9 وروى ذيله بتفاوت مرسلاً والحديث مجهول .
2- الحديث صحيح. وأبو جعفر الأحول هو ابن النعمان وكان من متكلمي الشيعة ووجوههم وكان كثير الجدال الزنادقة في عصره وكانوا كثراً، ويظهر أن الزنديق عرف بأن صاحب هذا الجواب هو الإمام الصادق(عليه السلام)وكان يعلم بأنه حجة الله في أرضه وأن عليه أن ينقاد له ولكنه آثر العمى على الهدى فجحده مع استيقان نفسه به .
3- التهذيب 4 ، 1 - باب ما تجب فيه الزكاة ، ح.5 الاستبصار 2 ، 1 - باب ما تجب فيه الزكاة، ح ه . ووجوب الزكاة في هذه الأصناف التسعة مجمع عليه بين المسلمين كما ذكر في التذكرة والمنتهى وغيرهما. بل في الجواهر أنه لا خلاف فيه بين المسلمين فضلا عن المؤمنين بل هو من ضروريات الفقه إن لم يكن من ضروريات الدين، وحكى الشيخان والسيدان والفاضلان عدم وجوبها في غير هذه الأصناف وأن استحبت الزكاة في ذلك الغير في الجملة. هذا وقد ذهب ابن الجنيد من قدماء الأصحاب إلى وجوبها في كل ما يدخل القفيز من الحبوب في أرض العشر، وهذا ما ذهب إليه يونس بن عبد الرحمن أيضاً مضافاً إلى وجوبها في الزيت والزيتون والعسل من أرض العشر. بل ذهب البعض إلى وجوبها في كل ما تنبت الأرض من المكيل والموزون وذلك استناداً إلى روایات حملت على التقية أو الاستحباب والله العالم .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بكر الحضرميِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : وضع رسول الله (ص) الزكاة على تسعة أشياء : الحنطة والشّعير والتّمر والزبيب والذّهب والفضّة والإبل والبقر والغنم . وعفا عمّا سوى ذلك(1)

قال يونس : معنى قوله : إنَّ الزّكاة في تسعة أشياء وعفا عمّا سوى ذلك : إنّما كان ذلك في أوَّل النبوَّة، كما كانت الصّلاة ركعتين، ثمَّ زاد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فيها سبع ركعات، وكذلك الزكاة، وضعها وسنّها في أوَّل نبوَّته على تسعة أشياء ، ثمَّ وضعها على جميع الحبوب.

274- باب ما يُزَكّى من الحبوب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألته(عليه السلام)عن الحبوب ما يُزَكّى منها؟ قال : البُرُّ والشّعير والذرّة والدّخن والأَرُز والسُّلت والعدس والسِمْسِم ، كلُّ هذا يُزَكّى وأشباهه(2).

2 - حريز عن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)مثله ، وقال : كلّ ما كيل بالصّاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة ، وقال : جعل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الصدقة في كلّ شيء أنبتت الأرض، إلّا ما كان في الخضر والبقول، وكلُّ شيء يفسد من يومه(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العبّاس بن معروف، عن

ص: 502


1- التهذيب 4 نفس الباب، ح .6 . الاستبصار 2 ، نفس الباب، ح6. والحديث مجهول. وقال الشهيد في الدروس : قول يونس وابن الجنيد بوجوبها في جميع الحبوب، شاذ... الخ .
2- التهذيب 4 ، 1 - باب ما تجب فيه الزكاة ، ح .. وكرره برقم 1 من الباب 17 من نفس الجزء الاستبصار 12 - باب ما تجب فيه الزكاة، ح 7 والحديث مضمر في الجميع والدّخن هو الجاورس - كما في الصحاح .. والسُّلْت : ضرب من الشعير ليس له قشر كالحنطة، يكون بالحجاز - كما في المغرب .
3- التهذيب 4 ، 17 - باب حكم الحبوب بأسرها في الزكاة، ح 2 . الأوساق : جمع الوَسْق، ستون صاعاً، وهو ثلاثمائة وعشرون رطلاً عند أهل الحجاز، وأربعمائة وثمانون رطلاً عند أهل العراق على اختلافهم في مقدار الصاع والمدّ - هكذا في النهاية لابن الأثير 185/5 . وأما على ما هو المشهور عندنا من أن الصاع تسعة أرطال بالعراقي فمقداره خمسمائة وأربعون رطلاً .

علي بن مهزيار قال: قرأت في كتاب عبد الله بن محمّد إلى أبي الحسن(عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك ، وروي عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه قال : وضع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الزّكاة على تسعة أشياء : الحنطة والشعير والتّمر والزبيب والذهب والفضة والغنم والبقر والإبل. وعفا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عما سوى ذلك ؛ فقال له القائل : عندنا شيء كثير يكون أضعاف ذلك، فقال وما هو ؟ فقال له : الأرز فقال أبو عبد الله(عليه السلام): أقول لك : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وضع الزكاة على تسعة أشياء وعفا عمّا سوى ذلك وتقول : عندنا أرز، وعندنا ذرّة، وقد كانت الذرة على عهد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ فوقع(عليه السلام): كذلك هو، والزكاة على كلِّ ماكيل بالصاع(1).

وكتب عبد الله: وروى غير هذا الرجل عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنه سأله عن الحبوب؟ فقال: وما هي ؟ فقال : السّمسم والأرز والدّخن، وكل: هذا غلّة كالحنطة والشعير، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): في الحبوب كلّها زكاة .

4 - وروى أيضاً عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه قال : كلّ ما دخل القفيز فهو يجري مجرى الحنطة والشّعير والتّمر والزَّبيب ، قال : فأَخْبِرْني جُعِلْتُ فِداك هل على هذا الأرز وما أشبهه من الحبوب الحمّص والعدس زكاة؟ فوقّع(عليه السلام): صَدَقوا، الزّكاة في كلِّ شيء، كِيلَ.

5 - وعنه ، عن أحمد بن محمّد، ، عن محمّد بن إسماعيل قال : قلت لأبي الحسن(عليه السلام): إنَّ لنا رطبة ،وأرزاً، فما الّذي علينا فيها؟ فقال(عليه السلام): أمّا الرّطبة فليس عليك فيها شيء، وأمّا الأرز، فما سَقَتْ السّماء بالعُشْر ، وما سُقي بالدَّلو فنصف العُشْر من كلِّ ما كِلْتَ بالصّاع(2)، أو

قال : وكيل بالمكيال .

6 - حميد بن زياد، عن أحمد بن سماعة، عمّن ذكره، عن أبَان، عن أبي مريم(3)، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الحَرْث، ما يزكّى منه ؟ فقال : البُرُّ والشّعير والذُّرَة والأرز والسّلت والعدس، كلُّ هذا ممّا يزكّى ، وقال : كلُّ ماكيل بالصّاع فبلغ الأَوساق فعليه الزَّكاة(4).

275- باب ما لا يجب فيه الزكاة مما تنبت الأرض من الخُضَر وغيرها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن

ص: 503


1- التهذيب 4، 1 - باب ما تجب فيه الزكاة ، ح 11 . الاستبصار 2 ، نفس الباب، ح 11
2- الشك من الراوي .
3- هذا هو الأنصاريّ، واسمه عبد الغفّار بن القاسم .
4- التهذيب 4 ، 1 - باب ما تجب فيه الزكاة ، ح 8 الاستبصار ،2 ، 1 - باب ما تجب فيه الزكاة، ح 8 .

أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ليس على البُقول، ولا على البطّيخ وأشباهه زكاة، إلّا ما اجتمع عندك من غلّته فبقى عندك سَنَةٌ(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)أنّه سئل عن الخُضَر، فيها زكاة وإن بيعت بالمال العظيم ؟ فقال : لا ، حتّى يحول عليه الحَوْل(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): ما في الخُضَر؟ قال : وما هي ؟ قلت القَضْبا (3)والبطّيخ ومثله من الخضر ؟ قال : ليس عليه شيء، إلّا أن يباع مثله بمال، ويحولَ عليه الحَوِّل ففيه الصّدقة، وعن الغَضَا(4)من الفُرسُك(5)وأشباهه فيه الزكاة؟ قال : لا ، قلت : فثمنه؟ قال : ما حال عليه الحَوْل من ثمنه فَزَكّه(6).

4- عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار وغيره، عن يونس قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن الأشنان(7)، فيه زكاة، فقال: لا.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن مهزيار، عن عبد العزيز بن المهتديِّ قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن القطن والزعفران، عليهما زكاة؟ قال : لا.

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام)؛ في البستان تكون فيه من الثّمار ما لو بيع كان مالاً ، هل فيه صدقة ؟ قال : لا .

ص: 504


1- التهذيب 4 ، 18 - باب حكم الخضر في الزكاة، ح .. وأخرجه عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد عن الحسين عن القاسم عن علي ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله(عليه السلام).
2- التهذيب 4 ، نفس الباب، ح .. هذا وقد ذهب أصحابنا رضوان الله عليهم إلى القول باستحباب الزكاة في كل ما تنبت الأرض مما يكال أو يوزن عدا الخضر كالقت والباذنجان والخيار وما شاكله. طبعاً مع وجوبها في المعروفة .
3- في التهذيب : القصب والقضب : كل ما اقتضب وأكل طرياً - قاله في المجمع -
4- الغضاة: جمع غض، وشيء غضيض : أي طريّ.
5- الفُرسّك : : هو الخوخ، أو ضرب منه أحمر. أو ما ينفلق عن النواة - قاله الفيروزآبادي-.
6- التهذيب 4، 18 - باب حكم الخضر في الزكاة، ح 4 بتفاوت .
7- الأشنان : الحُرْض . نبات معروف .
276- باب أقلّ ما يجب فيه الزكاة من الحَرْث

1 - أبو عليّ الأشعريُّ(1) عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن الزّكاة في الزبيب والتّمر؟ فقال : في كلّ خمسة أوساق وسَق، والوَسْق ستّون صاعاً، والزّكاة فيهما سواء، فأمّا الطّعام فالعُشْر فيما سَقَت السماء، وأمّا ما سقي بالغَرَب والدَّوالي فإنّما عليه نصف العُشْر(2).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن أحمد بن أَشْيَم، عن صفوان بن يحيى ؛ وأحمد بن محمّد بن أبي نصر قالا : ذكرنا له الكوفة وما وضع عليها من الخراج، وما سار فيها أهلُ بيته فقال: من أسلم طوعاً تُرِكَت أرضه في يده وأُخذ منه العشر ممّا سَقَت السّماء والأنهار ، ونصفُ العشر ممّا كان بالرَّشا فيما عمروه منها ، وما لم يَعْمُرُوه منها أخذه الإمام فقبّله ممّن يَعْمُرُه ، وكان للمسلمين؛ وعلى المتقبّلين في حصصهم العُشْرُ ونصف العُشْر، وليس في أقلّ من خمسة أوساق شيء من الزّكاة وما أُخذ بالسّيف فذلك إلى الإمام يقبّله بالّذي يرى، كما صنع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بخيبر، قَبّل سوادها وبياضها، يعني أرضها ونخلها، والنّاس(3)يقولون : لا يصلح قبالة الأرض والنخل، وقد قبل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)خيبر، وعلى المتقبلين سوى قبالة الأرض العشر ونصفُ العُشر في حصصهم ، وقال : إنَّ أهل الطائف أسلموا وجعلوا عليهم العُشر ونصفُ العُشر، وإنَّ أهل مكّة دخلها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عنْوَةً فكانوا أُسراء في يده فأعتقهم وقال : اذهبوا فأنتم الطّلقَاء(4).

ص: 505


1- هو شيخ الكليني رحمهما الله ، واسمه أحمد بن إدريس بن أحمد
2- التهذيب 4، 4 - باب زكاة الحنطة والشعير والتمرو . . . ، ح ه . الاستبصار 2 ، 7 - باب المقدار الذي يجب فيه الزكاة من الحنطة و ...، ح 8 والغرب - كما في المجمع - الماء السائل بين البئر والحوض يقطر من الدلاء، والدلو العظيمة. هذا، ومما لا خلاف فيه بين أصحابنا، بل ادعي نفي الخلاف فيه بين المسلمين هو أن مقدار الزكاة الواجب إخراجه في الغلات هو العشر فيما سقي بالماء الجاري أو بماء السماء أو بمص عروقه من الأرض، ونصف العشر فيما سقي بواسطة الدوالي والنواضح والدلو والرَّشا وشبهها ولو سقي بالأمرين فمع صدق الاشتراك بنحو المناصفة فزكاته العشر في نصف وفي نصفه الآخر نصف العشر ومع غلبة الصدق لإحدى الكيفيتين فالحكم تابع للغالب. وأما فيما يتعلق بمقدار النصاب في الغلات فهو عند أصحابنا كما ورد في بعض الروايات المتقدمة خمسة أوسق فلا تجب الزكاة فيما نقص ولو يسيراً كما تجب فيما زاد عنه ولو يسيراً أيضاً، يقول الشهيدان ونصابها الذي لا تجب فيها بدون بلوغه ... الفان وسبعمائة رطل بالعراقي أصله خمسة أوسق ومقدار الوسق ستون صاعاً والصاع تسعة أرطال بالعراقي ومضروب ستين في خمسة ثم في تسعة تبلغ ذلك، وتجب الزكاة في الزايد عن النصاب مطلقاً وأن قل بمعنى أنه ليس له إلا نصاب واحد ولا عفر فيه .
3- يعني بالناس فقهاء المخالفين.
4- التهذيب 4 ، 34 - باب الخراج وعمارة الأرضين ح 1 . وذكره برقم 8 من الباب 10 من نفس الجزء بتفاوت الاستبصار 2 ، 11 - باب أن الزكاة إنما تجب بعد إخراج ... ، ح 4 والرشا: جمع أرشية، وهو الحبل.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ،جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال : قال أبو عبد الله

(عليه السلام) في الصّدقة فيما سقت السّماء والأنهار إذا كان سَيْحاً(1)، أو كان بعلا العُشْرُ ، وما سقت السّواني(2)والدوالي أو سُقي بالغَرَب فنصفُ العشر.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي بصير؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)أنّهما قالا له هذه الأرض التّي يزارع أهلها، ما ترى فيها ؟ فقال : كلُّ أرض دفعها إليك السّلطان، فما حرثته فيها فعليك فيما أخرج الله منها الّذي قاطَعَكَ عليه ، وليس على جميع ما أخرج الله منها العُشْر، إنّما عليك العُشْر فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك(3).

5- عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن البرقيِّ، عن سعد بن سعد الأشعريِّ قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن أقلِّ ما يجب فيه الزكاة من البُرِّ والشعير والتمر والزبيب؟ فقال : خمسة أوساق بوَسق النبيِّ(صلی الله علیه وآله وسلم)فقلت: كم الوسق ؟ قال : ستّون صاعاً، قلت : فهل على العنب زكاة، أو إنّما تجب عليه إذا صيّره زبيباً؟ قال: نعم، إذا خَرَصَهُ أخرج زكاته(4).

6 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن شريح ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: فيما سقت السماء والأنهار ، أو كان بَعْلاً العُشْرُ، وأمّاما سقت السواني والدَّوالي فنصفُ العُشْر ، فقلت له : فالأرض تكون عندنا تُسقى بالدَّوالي ثمَّ يزيد الماء فتُسقى سَيْحاً؟ فقال : وإنَّ ذا ليكون عندكم كذلك؟ قلت : نعم ، قال : النّصف والنّصف، نصفٌ بنصف

ص: 506


1- السَّيح : هو الماء الجاري على وجه الأرض.
2- السواني : كما في الصحاح - جمع سانية، وهي الناقة الناضحة .
3- التهذيب 4 ، 10 - باب وقت الزكاة، ح5 الاستبصار ،1 نفس الباب، ح 1. والمقاسمة : ما يأخذه هي السلطان من حصه من حاصل الأرض. هذا ومما لا خلاف فيه ولا أشكال بين أصحابنا على أن الزكاة إنما تجب بعد ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة قال في المعتبر خراج الأرض يخرج وسطاً ويؤدي زكاة ما بقي إذا بلغ نصاباً إذا كان المسلم وعليه فقهاؤنا وأكثر علماء الإسلام .. ...». ومثله ما في المنتهى أيضاً. بل في كلمات كثير من أصحابنا أن الزكاة إنما تجب بعد إخراج ما يأخذه السلطان باسم الخراج أيضاً، ولذا قال صاحب جامع المقاصد: «المراد بحصة السلطان خراج الأرض وقسمتها». وفي الحدائق : «المراد بخراج السلطان وحصته هو ما يؤخذ من الأرض الخراجية من نقد أو حصة من الحاصل، وأن سمي الأخير مقاسمة» .
4- هذا والذي عليه بعض الأصحاب هو أن الزكاة إنما تتعلق بالغلات والثمار وقت صدق الاسم عليها حنطة أو شعيراً أو تمراً أو زبياً، وهو الذي اختاره المحقق في كتبه الثلاثة، وهو ما حكاه العلامة في المنتهى عن والده رحمه الله ، وحكاه الشهيد في الذكرى عن ابن الجنيد ولكن الأكثر ومنهم الشيخ على أن الوجوب إنما يتعلق بالحبوب إذا اشتدت، وبالثمار إذا بدا صلاحها.

العُشْر ، ونصف بالعُشْر ، فقلت : الأرض تُسقى بالدَّوالي ثمَّ يزيد الماء فتسقى السقية والسقيتين سَيْحاً؟ قال : وفي كم تسقى السقية والسقيتين سَيْحاً؟ قلت : في ثلاثين ليلة أو أربعين ليلة، وقد مضت قبل ذلك في الأرض ستّة أشهر، سبعة أشهر ، قال : نصفُ العُشْر(1).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن التمر والزَّبيب ما أقلُّ ما تجب فيه الزكاة؟ فقال: خمسة أوساق، ويترك معافارة وأمّ جعرور لا يزكّيان وأن كثرا، ويترك للحارس العذق والعذقان، والحارس يكون في النخل يَنْظُرُه فيترك ذلك لعياله(2).

277- باب أن الصدقة في التمر مرة واحدة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة ؛ وعُبيد بن زرارة عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: أيّما رجل كان له حرث أو ثمرة فصدَّقها، فليس عليه فيه شيء وإن حال عليه الحول عنده، إلّا أن يُحَوِّله مالاً ، فإن فعل ذلك فحال عليه الحَوْلُ عنده فعليه أن يزكّيه، وإلّا فلا شيء عليه، وإن ثبت ذلك ألف عام إذا كان بعينه ، فإنّما عليه فيه صدقة العُشْر، فإذا أداها مرَّة واحدة فلا شيء عليه فيها حتّى يحوِّله مالاً ويَحُولَ عليه الحَوْلُ وهو عنده(3).

278- باب زكاة الذهب والفضة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : في كلِّ مائتي درهم خمسة دراهم من الفضّة، وإن نقص فليس

ص: 507


1- التهذيب 4 ، 4 - باب زكاة الحنطة والشعير و ...، ح .8. الاستبصار 2 ، 7 - باب المقدار الذي يجب فيه الزكاة من الحنطة و . . . ، ح ه وفيهما وقد مكث ...، بدل: وقد مضت.
2- التهذيب 4 ، نفس الباب، خ 14. الاستبصار 2 ، نفس الباب، ح 14 وفيه إلى قوله، خمسة أوساق . وفيهما : ينظره، بدل : ينظره. والمعافارة وأم جعرور صنفان من رديء التمر.
3- التهذيب 4 ، 10 - باب وقت الزكاة، ح 14 . وما تضمنه هذا الحديث من حكم وهو وجوب الزكاة مرة واحدة في الحرث متفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم ، وقد استندوا إلى هذا الحديث، قال ذلك صاحب المدارك رضوان الله عليه .

عليك زكاة، ومن الذَّهب من كلِّ عشرين ديناراً نصف دينار، وإن نقص فليس عليك شيء(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة النخّاس قال: سأل رجلٌ أبا عبد الله(عليه السلام)فقال : إنّي رجل صايغ أعمل بيدي، وإنّه يجتمع عندي الخمسة والعشرة ففيها زكاة؟ فقال : إذا اجتمع مائتا درهم فحال عليها الحَوْلُ فإنَّ عليها الزكاة(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عليِّ ابن عقبة ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام) قالا : ليس فيما دون العشرين مثقالاً من الذَّهب شيء، فإذا كملت عشرين مثقالاً ففيها نصف مثقال، إلى أربعة وعشرين، فإذا كملت أربعةً وعشرين ففيها ثلاثة أخماس دينار، إلى ثمانية وعشرين، فعلى هذا الحساب كلّما زاد أربعة(3).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ابن عُيَيْنَة ، ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا جازت الزكاة العشرين ديناراً ، ففي كلِّ أربعة دنانير عُشْرُ دينار.

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الذَّهب كم فيه من الزكاة؟ فقال : إذا بلغ قيمته مائتي درهم فعليه الزكاة(4).

ص: 508


1- التهذيب 4 ، 3 - باب زكاة الفضة، ح2
2- واعتبار الحول في وجوب الزكاة في النقدين مجمع عليه عند أصحابنا رضوان الله عليهم .
3- التهذيب4 ، 2 - باب زكاة الذهب ، ح .. الاستبصار ،2، 6 - باب المقدار الذي تجب فيه الزكاة من الذهب والفضة،ح 1 هذا، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه مما يشترط وجوب الزكاة به في النقدين الذهب والفضة بلوغهما النصاب، وفي الذهب نصابان الأول: عشرون دينارا، فلا تجب فيما دونها بلا خلاف بينهم والمشهور شهرة عظيمة بل عن التذكرة والسرائر والمنتهى الإجماع على وجوب الزكاة فيها إذا بلغها ومقدارها نصف دينار والدينار مثقال شرعي. وإن كان قد نسب إلى جماعة من أهل الحديث عندنا كابني بابويه في الرسالة والمقنع أن النصاب الأول أربعون دنياراً وفيها دينار استناداً إلى بعض النصوص التي أعرض عنها جمهور الأصحاب والنصاب الثاني : هو أربعة دنانير إجماعاً - إلا ما عن المختلف من نسبة الخلاف فيه إلى علي بن بابويه - وزكاته ربع العشر أي من كل أربعين واحد وليس فيما زاد عن العشرين شيء حتى يزيد أربعة دنانير، كما أنه ليس شيء بعد هذه الأربعة إلا إذا بلغ أربعة أخرى وهكذا دواليك. هذا كله في الذهب. وأما الفضة ففيها أيضاً نصابان. الأول : مائتا درهم وفيه خمسة دراهم بلا خلاف ولا إشكال بل ادعي الإجماع عليه من أصحابنا . الثاني : أربعون درهماً وفيها درهم بلا خلاف أيضاً ولا إشكال بل ادعي الإجماع صريحاً وظاهراً عليه كسابقه . وكلما زاد أربعون ففيها درهم بلغ ما بلغ .
4- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 16 . الاستبصار 2 ، نفس الباب ، ح 4. وقد حمل على زمان كانت قيمة الدينار فيه عشرة دراهم فيتحقق النصاب الأول للذهب وهو عشرون ديناراً. والحديث حَسَنٌ.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن بشار قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام): في كم وضع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الزكاة ؟ فقال : كل مائتي درهم خمسة دراهم، فإن نقصت فلا زكاة فيها ؛ وفي الذَّهب، ففي كلِّ عشرين ديناراً نصف دينار، فإن نقصت فلا زكاة فيها .

7 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام)عن الذَّهب والفضّة، ما أقل ما يكون فيه الزكاة؟ قال : مائتا درهم، وعِدْلُها من الذَّهب، قال : وسألته عن النُيِّف، والخمسة والعشرة؟ قال : ليس عليه شيء، حتّى يبلغ أربعين، فيعطى من كلِّ أربعين درهماً درهم.

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم(عليه السلام)قال : قلت :له تسعون ومائة درهم وتسعة عشر ديناراً أعليها في الزكاة شيء؟ فقال: إذا اجتمع الذَّهب والفضّة فبلغ ذلك مائتي درهم ففيها الزكاة، لإنَّ عين المال الدَّراهم، وكلّما خلا الدَّراهم من ذهب أو متاع فهو عَرَضَ مردود [ذلك] إلى الدَّراهم في الزكاة والدِّيات(1).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن العلاء بن رزين، عن زيد الصّايغ قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّي كنت في قرية من قرى خراسان يقال لها : بخاری، فرأيت فيها دراهم تُعمَل، ثلث فضة، وثلث مس، وثلث رصاص، وكانت تجوز عندهم، وكنت أعملها وأنْفِقُها؟ قال: فقال أبو عبد الله(عليه السلام): لا بأس بذلك إذا كانت تجوز عندهم ، فقلت : أرأيتَ إن حال عليها الحَوْلُ وهي عندي ، وفيها(2) ما يجب عليّ فيه الزكاة، أزكّيها؟ قال: نعم، إنّما هو مالك، قلت: فإن أخرجتها إلى بلدة لا يُنْفَق فيها مثلُها فبقيت عندي حتّى يحولَ عليها الحول أُزكّيها؟ قال: إن كنتَ تعرف أنَّ فيها من الفضّة الخالصة ما يجب عليك فيها الزكاة، فزكّ ما كان لك فيها من الفضّة الخالصة، ودع ما سوى

ص: 509


1- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح .. الاستبصار 2 ، 20 - باب الجنسين إذا اجتمعا فنقص كل واحد منهما عن ... ، ح 3 . وحمله الشيخ في التهذيب تارة على ارجاع الضمير في (فبلغ) إلى الفضة دون الذهب واخرى على أنه(عليه السلام)أراد : كل واحد من الذهب والفضة إذا بلغ مائتي درهم. أقول: وهذا خلاف المشهور وأما في الاستبصار فحمله تارة على التقية وأخرى على ما إذا كان قصده الفرار من الزكاة. وأما المجلسي في مرآته 33/16 ، فحمله إما على الاستحباب، أو على زكاة التجارة بقرينة ذكر المتاع في الحديث. هذا، والحديث مجهول.
2- أي فيها من الفضة الخالصة مقدار النصاب .

ذلك من الخبيث، قلت : وإن كنت لا أعلم ما فيها من الفضّة الخالصة، إلّا أنّي أعلم أنَّ فيها ما يجب فيه الزكاة؟ قال : فاسبكها حتّى تخلص الفضّة ويحترق الخبيث، ثمَّ يزكّى ما خلص من الفضة لسنة واحدة(1).

279- باب أنه ليس على الحُلى وسبائك الذهب ونقر الفضة والجوهر زكاة

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمّد الحلبيّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الحليِّ ، فيه زكاة؟ قال : لا.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسکان، عن محمّد بن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الحلي ، فيه زكاة؟ قال :لا(2) .

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الحليِّ ، أيُزَكّى ؟ فقال : إذاً لا يبقى منه شيء(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رِفاعة قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)- وسأله بعضهم عن الحليِّ فيه زكاة - ؟ فقال: لا، ولو بلغ مائة ألف(4).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين. عن أخيه الحسين، عن عليِّ بن يقطين قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن المال الّذي لا يعمل به

ص: 510


1- الحديث مجهول. هذا، والدراهم المغشوشة، نص أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم وجوب الزكاة فيها إلا إذا بلغت فضتها نصاباً وكذلك ذَهَبُها ، ولكن إذا جهل مقدار ما فيها من الذهب أو الفضة، فهل يجب سبكها - أي إذابتها وصهرها لعزل الفضة عن غيرها - أم لا؟ نص العلامة في التذكرة على عدم الوجوب، وذلك لأنه لم يؤمر بسبكها ولا بالاخراج منها ولا من غيرها لأن بلوغ النصاب شرط ولم يعلم حصوله، فأصالة البراءة لم يعارضها شيء، وقريب من هذا قاله في المعتبر.
2- التهذيب 4 ، 2 - باب زكاة الذهب ، ح 9 . الاستبصار 2 ، 3 - باب زكاة الحليّ ، ح 2 .
3- لاحظ التخريج السابق. هذا، ومما أجمع عليه أصحابنا، وحكى هذا الإجماع كثيرون، على عدم وجوب الزكاة في الحلي، اللهم إلا إذا كسرها وصاغها حلياً ليفر بذلك من الزكاة فتجب الزكاة فيها على مذهب الشيخ وجماعة، والمشهور عدم وجوبها فيها أيضاً نعم نصوا على استحباب إخراج زكاتها بعد مضي الحول
4- التهذيب 4 ، 2 - باب زكاة الذهب ، ح .8 وكرره برقم 11 من الباب 29 من نفس الجزء . الاستبصار 2 ، 3 - باب زكاة الحلي ، ح 1. وفيهما وأن بلغ ..

ولا يقلّب؟ قال: يلزمه الزكاة في كلِّ سنة ، إلّا أن يُسْبَكَ(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : زكاة الحليِّ عاريته(2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : إنَّ أخي يوسف وَلِيَ لهؤلاء القوم أعمالاً أصاب فيها أموالاً كثيرة، وإنّه جعل تلك الأموال حُليّاً أراد أن يفرّ بها من الزكاة أعليه الزكاة؟ قال: ليس على الحليِّ زكاة، وما أدخل على نفسه من النقصان في وضعه ومنعه نفسه فضله ، أكثر ممّا يخاف من الزكاة(3).

8- حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن عليِّ بن يقطين، عن أبي إبراهيم،(عليه السلام)قال : قلت له : إنّه يجتمع عندي الشيء فيبقي نحواً من سنة، أنزكّيه؟ قال : لا ، كلُّ ما لم يَحُلْ عليه عندك الحَوْلُ فليس عليه فيه زكاة، وكلُّ ما لم يكن رِكازاً فليس عليك فيه شيء، قال: قلت: وما الرِكاز؟ قال : الصّامت المنقوش، ثمَّ قال : إذا أردت ذلك فاسبكه ، فإنّه ليس في سبائك الذهب ونُقار الفضّة شيء من الزكاة(4).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن حديد، عن جميل، عن بعض أصحابنا أنّه قال : ليس في التِبْر زكاة، إنّما هي على الدَّنانير والدَّراهم (5).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن ابن أُذينة ، عن زرارة ؛ وبكير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : ليس في الجوهر وأشباهه زكاة وإن كَثُر (6).

ص: 511


1- التهذيب 4 ، نفس ،الباب ح 5 ولا ذكر لعلي بن يقطين في السند الاستبصار 2 ، 2 - باب الزكاة في سبائك ه الذهب والفضة ، ح 3 بتفاوت يسير هذا، وقد اجمع أصحابنا على اشتراط وجوب الزكاة في النقدين أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة فلا زكاة في التبر ولا في سبائك الذهب والفضة ولا في نقارها وقوله في الحديث : ولا يقلب: أي ولا يُتّجرَ به.
2- التهذيب 4 ، نفس الباب، ح 10 . وفي ذيله : أن يُعار الاستبصار 2 ، 3 - باب زكاة الحلي ، ح 3 وفي ذيله :إعارته .
3- التهذيب ،4 ، نفس الباب، ح 14 . الاستبصار 2 ، نفس الباب ، ح 7 وقوله : وَليَ لهؤلاء : يقصد بهم سلاطين الجور.
4- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح ل . الاستبصار 22 - باب الزكاة في سبائك الذهب والفضة ، ح 1 . والذيل فيهما : ... ونقار الفضة زكاة والنقار : جمع نقرة وهي القطعة المذابة من الفضة .
5- التهذيب 4 ، 2 - باب زكاة الذهب، ح 4 . الاستبصار 2 ، 2 - باب الزكاة في سبائك الذهب والفضة ، ح 2 . والتّبْر: فتات أو برادة الذهب والفضة قبل صياغته أو سبكه .
6- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 12 . الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة، ح2.
280- باب زكاة المال الغائب والدين والوديعة

1 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين ،عن سدير الصيرفيّ قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام) : ما تقول في رجل كان له مالٌ فانطلق به فدفنه في موضع ، فلمّا حال عليه الحَوْلُ ذهب ليُخرجه من موضعه، فاحتفر الموضع الّذي ظنَّ أنَّ المال فيه مدفونٌ فلم يُصِبْهُ، فمكث بعد ذلك ثلاث سنين، ثمَّ إنّه احتفر الموضع الّذي(1)من جوانبه كلّه فوقع على المال ،بعينه، كيف يُزَكّيه؟ قال: يزكّيه لسنة واحدة، لأنّه كان غائباً عنه وإن كان احتبسه(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة بن موسى بن موسى قال سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الرَّجل يغيب عنه ماله خمسَ سنين ثمَّ يأتيه ، فلا يرد رأس المال، كم يزكّيه؟ قال : سنة واحدة(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن دُرُسْت، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ليس في الدَّين زكاة، إلّا أن يكون صاحب الدِّين هو الّذي يؤخّره، فإذا كان لا يقدر على أخْذِهِ فليس عليه زكاة حتّى يقبضه(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد [بن عيسى]، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن الرَّجل يكون له الدَّين على النّاس يحتبس فيه الزكاة؟ قال : ليس عليه فيه زكاة حتّى يقبضه، فإذا قبضه فعليه الزّكاة وإن هو طال حبسه على النّاس حتّى يتمّ لذلك سنون، فليس عليه زكاة حتّى يخرج، فإذا هو خرج زكّاه لعامه ذلك، وإن هو كان يأخذ منه قليلاً قليلاً فليزكّ ما خرج منه أوّلاً فأولاً، فإن كان متاعه ودَينه وماله في تجارته الّتي يتقلّب فيها يوماً بيوم يأخذ ويعطي ويبيع ويشتري، فهو يشبه العين في يده، فعليه الزكاة، ولا ينبغي له أن يغيّر ذلك إذا كان حال متاعه وماله على ما وصفت لك، فيؤخّر الزكاة .

ص: 512


1- الظاهر وقوع سقط من العبارة هنا ولعله كان : ... الذي ظن أن المال فيه مدفون . ... والله العالم
2- «ولا خلاف في أنه إذا مضى على المال الضال والمفقود سنون، زكاه لسنة استحباباً، وأقله ثلاث سنين» مرآة المجلسي 37/16
3- التهذيب 4 ، 9 - باب زكاة المال الغائب والدين والقرض ، ح 3 . الاستبصار 2 ، 12 - باب المال الغائب والدين إذا رجع إلى .... ح .4. وقد حملت هذه الرواية على الاستحباب
4- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 5 ولا وجود لعمر بن يزيد في سنده . والحديث ضعيف

5 - محمّد بن إسماعيل ،عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في رجل استقرض مالاً فحال عليه الحول وهو عنده؟ قال: إن كان الّذي أقرضه يؤدِّي زكاته فلا زكاة عليه، وإن كان لا يؤدِّي أدَّى المستقرض(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): رجل دفع إلى رجل مالاً ،قرضاً على مَن زكاته، على المقرض أو على المقترض ؟ قال : لا بل زكاتها إن كانت موضوعة عنده حولاً على المقترض، قال قلت : فليس على المقرض زكاتها ؟ قال : لا يزكّى المال من وجهين في عام واحد ، وليس على الدَّافع شيء لأنّه ليس في يده شيء إنّما المال في يد الآخذ فمن كان المال في يده زكّاه، قال: قلت: أفيزكّي مال غيره من ماله ؟ فقال : إنّه ماله ما دام في يده ، وليس ذلك المال لأحد غيره ثمَّ قال : يا زرارة، أرأيتَ وضيعةَ ذلك المال وربحَه لمن هو وعلى من ؟ قلت : للمقترض ، قال : فله الفضل وعليه النقصان وله أن ينكح ويلبس منه ويأكل منه ولا ينبغي له أن يزكّيه؟! بل يزكّيه فإنّه عليه(2).

7 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان ، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : سألته عن رجل عليه دَينْ وفي يده مالٌ لغيره، هل عليه زكاة ؟ فقال : إذا كان قرضاً فحال عليه الحول فزكّاه .

8 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الحميد بن سعد قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن رجل باع بيعاً إلى ثلاث سنين من رجل مَلِيءٌ بحقّه وماله في ثقة، يزكّي ذلك المال في كلِّ سنة تمرُّ به، أو يزكّيه إذا أخذه؟ فقال: لا، بل يزكّيه إذا أخذه قلت له : لكُم يُزَكّيه ؟ قال : قال : لثلاث سنين(3).

9 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن أبَان بن عثمان، عمّن أخبره قال: سألت أحدهما(عليهم السلام)عن رجل عليه دَين وفي يده

ص: 513


1- التهذيب 4 9 - باب زكاة المال الغائب والدين و . . . ، ح 7 .
2- التهذيب ،4 ، نفس الباب ح .9 وفي ذيله ولا ينبغي له أن لا يزكيه. وكلا التعبيرين صحيح، لأن ما هو موجود في الفروع هنا محمول على الاستفهام الإنكاري . هذا، ويقول المحقق في الشرائع 141/1: «ولا تجب الزكاة في المال المغصوب ولا الغائب إذا لم يكن في يد وكيله أو وليه ولا الرهن على الأشبه، ولا الوقف، ولا الضّالّ، ولا المال المفقود، فإن مضى عليه سنون وعاد زكاه لسنته استحباباً ، ولا القرض حتى يرجع إلى صاحبه، ولا الدين حتى يقبضه، فإن كان تأخيره من جهة صاحبه، قيل : تجب الزكاة على مالكه ، وقيل : لا ، والأول أحوط».
3- الحديث مجهول.

مالٌ وفى بدَينه والمال لغيره، هل عليه زكاة ؟ فقال : إذا استقرض فحال عليه الحَول، فزكاته عليه إذا كان فيه فَضْلُ .

10 -محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إن كان عندك وديعة تُحرّكها فعليك الزّكاة، فإن لم تحرَّكها فليس عليك شيء(1).

11 - غير واحد من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزيار قال : كتبت إليه أسأله عن رجل عليه مهر امرأته، لا تطلبه منه إمّا لرِفْق بزوجها، وإمّا حياءٌ، فمكث بذلك على الرَّجل عمرَه وعمرَها، يجب عليه زكاة ذلك المهر أم لا؟ فكتب : لا يجب عليه الزّكاة إلّا في ماله .

12 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ بن النعمان، عن أبي الصباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل يُنْسىء(2)أو يعين(3)فلا يزال ماله ديناً ، كيف يصنع في زكاته؟ قال: يزكّيه ولا يزكي ما عليه من الدِّين، إنّما الزكاة على صاحب المال(4).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)؛ وضريس، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّهما قالا : أيّما رجل كان له مال موضوع حتّى يحول عليه الحول، فإنّه يزكّيه، وإن كان عليه من الدِّين مثله وأكثر منه ، فليزكِّ ما في يده.

281- باب أوقات الزكاة

1 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن صفوان بن يحيى، عن محمّد بن حكيم، عن خالد بن الحجّاج الكرخيِّ

ص: 514


1- الحديث ضعيف على المشهور، وقوله تحركها تَتّجر بها.
2- أي يبيع نسيئة أو يشتري كذلك.
3- أي يبيع عينة أو يشتري كذلك. وقد اضطربت كلمات الفقهاء في معنى العينة، وسوف يأتي في كتاب المعيشة إنشاء الله . وفي القاموس : أخذ بالعِينَة : أي السلف أو أعطى بها.
4- الحديث صحيح وما تضمنه هذا الخبر من تزكية الدين محمول على الاستحباب، أو التقية، فإن جمهور أهل الخلاف على إيجاب الزكاة في الدين. . وأما نفي الزكاة فيما عليه من الدين فمحمول أيضاً على عدم بقاء المال حولاً عنده كما تدل عليه أخبار القرض مرآة المجلسي 41/16 .

قال : سألت ابا عبد الله(عليه السلام)عن الزّكاة؟ فقال : انظر شهراً من السنة فأنو أن تؤدي زكاتك فيه ، فإذا دخل ذلك الشهر فانظر ما نص - يعني ما حصل - في يدك من مالك فزكه ، فإذا حال الحَوْلُ من الشهر الذي زكّيت فيه فاستقبل بمثل ما صنعت، ليس عليك أكثر منه .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد رفعه، عن أبي بصير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : قلت له : هل للزّكاة وقتٌ معلومٌ تعطى فيه ؟ فقال : إنَّ ذلك ليختلف في إصابة الرَّجل المال(1)، وأمّا الفطرة فإنّها معلومة .

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن يونس بن يعقوب قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): زكاتي تحلُّ عليُّ في شهر أيصلح لي أن أحبس منها شيئاً مخافة ان يجيئني من يسألني ؟ فقال : إذا حال الحَول فأَخْرجها من مالك، لا تخلطها بشيء، ثمَّ أَعْطها كيف شئت، قال: قلت: فإن أنا كتبتها وأَنْبَتَّها ،يستقيم لي؟ قال: لا يضرُّك(2).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد البرقيِّ، عن سعد بن سعد الأشعريِّ، عن أبي الحسن الرِّضا(عليه السلام)قال: سألت عن الرَّجل تحلُّ عليه الزّكاة في السّنة في ثلاث أوقات أيؤخّرها حتّى يدفعها في وقت واحد؟ فقال : متى حلّت أخرجها وعن الزّكاة في الحنطة والشّعير والتّمر والزّبيب، متى تجب على صاحبها؟ قال : إذا [ما] صرم(3)وإذا [ما] خرصَ.

5- وعنه ، عن محمّد بن حمزة، عن الإصفهانيِّ قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): يكون لي على الرّجل مالٌ فأقبضه منه ، متى أزكّيه؟ قال : إذا قبضته فزكّه، قلت: فإنّي أقبض بعضه في صدر السنّة، وبعضه بعد ذلك؟ قال: فتبسّم ثمَّ قال : ما أحسن ما دخلت فيها، ثمَّ قال : ما قبضته منه في السّتة الأشهر الأُولى فزكّه لسنته، وما قبضته بعد في السّتة الأشهر الأخيرة فاستقبل به في السّنة المستقبلة، وكذلك إذا استفدت مالاً منقطعاً في السّنة كلّها، فما استفدت منه في

ص: 515


1- ظاهر أن وقت الزكاة تحقق الكسب، وهو يختلف باختلاف أنواع الكسب وظروف المكان والزمان، والحديث مرفوع .
2- هل يجوز تأخير الزكاة عن وقت تسليمها ؟ . أكثر أصحابنا رضوان الله عليهم على العدم، إلا لمانع، نص عليه المحقق في الشرائع 167/1 . والشيخ في النهاية قال بوجوب الفور في الإخراج، ولكن إذا عزلها فهو موسع إلى شهر أو شهرين ليوزعها لا أكثر من ذلك . وابن إدريس في سرائره قال بالفور أيضاً إذا حضر المستحق، وله أن يؤخره لانتظار الأفضل من المستحقين، وبه قال الشهيد في الدروس وزاد في البيان تأخيرها لمعتاد الطلب منه بما لا يؤدي إلى الإهمال. وفي الصورة الأخيرة، إذا أخر فهلك المال حكم بضمانه له . وظاهر الحديث أن الكتابة تقوم مقام العزل والحديث موثق .
3- الصَّرْم : القَطْع.

أوَّل السّنة إلى ستّة أشهر فزكّه في عامك ذلك كلّه، وما استفدت بعد ذلك فاستقبل به السّنة المستقبلة(1).

6 - أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن محمّد بن يحيى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن رجل يكون نصف ماله عيناً، ونصفُه دَيناً، فتحلّ عليه الزّكاة؟ قال : يزكّيه العين وَيَدَعُ الدَّين، قلت: فإنّه اقتضاه بعد ستّة أشهر؟ قال: يزكّي حين اقتضاه ، قلت: فإن هو حال عليه الحَوْلُ وحلِّ الشَّهر الّذي كان يزكّي فيه، وقد أتى لنصف ماله سنة، ولنصفه الآخر ستّة أشهر؟ يزكّي الّذي مرَّت عليه سنة ، ويدع الآخر حتّى تمرَّ عليه سنته ، قلت: فإن اشتهى أن يزكّي ذلك ؟ قال : ما أحسن ذلك(2).

7 - عليّ بن إبراهيم ،عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه قال قال في الرَّجل يخرج زكاته فيقسم بعضها ويبقى بعضها يلتمس بها الموضع فيكون من أوَّله إلى آخره ثلاثة أشهر؟ قال : لا بأس(3).

8 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرَّجل يكون عنده المال، أيُزَكّيه إذا مضى نصف السّنة؟ قال : لا ، ولكن حتّى يحولَ عليه الحَول ويحلُّ عليه، إنّه ليس لأحد أن يصلّي صلاة إلّا لوقتها، وكذلك الزَّكاة، ولا يصوم أحد شهر رمضان إلّا في شهره إلا قضاء وكلُّ فريضة إنّما تُؤَدّى إذا حَلّت(4).

9 - حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): أيزكّي الرَّجل ماله إذا مضى ثُلُثُ السنة؟ قال : لا ، أيصلّي الأُولى قبل الزَّوال(5).

وقد روى أيضاً، أنّه يجوز إذا أتاه من يصلح له الزّكاة أن يعجل له قبل وقت الزّكاة، إلّا أنّه يضمنها إذا جاء وقت الزّكاة وقد أيسر المعطى أو ارتدَّ، أعاد الزّكاة.

ص: 516


1- الحديث مجهول .
2- الحديث مجهول .
3- التهذيب 4 11 - باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما ...، ح 9 بتفاوت يسير وقوله : يلتمس بها الموضع : أي ، يؤخرها طلباً للأفضل من المستحقين والحديث حسن .
4- التهذيب 4، 11 - باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما . . ، ح 1 . الاستبصار ،2 ، 15 - باب تعجيل الزكاة عن وقتها ، ح 1.
5- التهذيب 4 ، نفس ،الباب ، ح 2 وفيه : أَتُصَلِّي ... الاستبصار ،2 ، نفس الباب، ح 2. هذا والمشهور بين أصحابنا شهرة عظيمة عدم جواز تقديم الزكاة قبل وقت الوجوب، وذلك لما دلّ على اعتبار الحول، وعدم حق في المال قبل ذلك . ولم يخالف في هذا الحكم إلا سلار وابن أبي عقيل، حيث قالا بالجواز مستندين إلى بعض الروايات التي حملها أصحابنا على التقية، لأن جواز التعجيل هو مذهب كثير من مذاهب العامة أو حملوها - أو بعضها - على أن الإعطاء كذلك لم يكن بعنوان الزكاة بل بعنوان القرض.
282- باب

1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: باع أبي أرضاً من سليمان بن عبد الملك بمال، فاشترط في بيعه أن يزكّي هذا المال من عنده لِسِتّ سنين .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : باع أبي من هشام بن عبد الملك أرضاً له بكذا وكذا ألف دينار، واشترط عليه زكاة ذلك المال عشر سنين، وإنّما فعل ذلك لأنَّ هشاماً كان هو الوالي .

283 - باب المال الذي لا يحول عليه الحَوِّل في يد صاحبه

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم(عليه السلام)عن الرَّجل يكون له الولد فيغيب بعض ولده فلا يدري أين هو، ومات الرَّجل، فكيف يُصْنَعُ بميراث الغائب من أبيه؟ قال : يُعْزَلُ حتّى يجىء، قلت: فعلى مالِهِ زكاة؟ فقال : لا ، حتّى يجىء، قلت: فإذا هو جاء، أيُزَكيه ؟ فقال : لا حتّى يحول عليه الحول في يده .

2 - وبهذا الإسناد، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان، عن محمّد الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرَّجل يفيد المال؟ قال : لا(1)يزكّيه حتّى يحولَ عليه الحَوْل(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل كان له مالٌ موضوع، حتّى إذا كان قريباً من رأس الحول أنفقه قبل أن يحول عليه، أعَلَيْه صدقة؟ قال : لا .

4 - عنه ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): رجلٌ كان عنده مائتا درهم غير درهم أحد عشر شهراً، ثمَّ أصاب درهماً بعد ذلك في الشهر الثاني عشر ، فكملت عنده مائتا درهم أعليه زكاتها؟ قال : لا ، حتّى يحول عليه

ص: 517


1- في التهذيب : فلا يزكّيه .
2- التهذيب 4 ، 10 - باب وقت الزكاة ، ح 3 .

الحَول وهي مائتا درهم، فإن كانت مائة وخمسين درهماً فأصاب خمسين بعد أن يمضي شهر،َّ فلا زكاة عليه حتى يحول على المائتين الحَوْل، قلت: فإن كانت عنده مائتا درهم غير درهم، فمضى عليها أيام قبل أن ينقضي الشهر ، ثمَّ أصاب درهماً فأتى على الدَّراهم مع الدَّرهم حَوْلُ، أعليه زكاة؟ قال: نعم، وإن لم يمض عليها جميعاً الحَوْل، فلا شيء عليه فيها .

قال : وقال زرارة ؛ ومحمّد بن مسلم : قال أبو عبد الله(عليه السلام): أيّما رجل كان له مال وحال عليه الحول، فإنّه يزكّيه، قلت له : فإن هو وَهَبَهُ قبل حِلّه بشهر أو بيوم ؟ قال : ليس عليه شيء أبداً .

قال : وقال زرارة عنه(عليه السلام)أنه قال : إنّما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوماً في إقامته، ثمَّ خرج في آخر النّهار في سفر، فأراد بسفره ذلك إبطال الكفّارة الّتي وجبت عليه، وقال: إنّه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة، ولكنّه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز، ولم يكن عليه شيء، بمنزلة من خرج ثمَّ أفطر، إنّما لا يمنع ما حال عليه، فأمّا ما لم يحل فله منعه ولا يحلُّ له منع مال غيره فيما قد حلُّ عليه .

قال زرارة وقلت له : رجل كانت له مائتا درهم فوهبها لبعض إخوانه أو ولده أو أهله فراراً بها من الزكاة، فعل ذلك قبل حِلّها بشهر ؟ فقال : إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليها الحول ووجبت عليه فيها الزكاة قلت له : فإن أَحْدَثَ فيها قبل الحول؟ قال: جائز ذلك له، قلت: إنّه فرَّ بها من الزّكاة؟ قال : ما أدخل على نفسه أعظم ممّا منع من زكاتها، فقلت له : إنّه يقدر عليها(1)؟ قال: فقال : وما علمة أنّه يقدر عليها وقد خرجت من ملكه؟ قلت : فإنّه دفعها إليه علی شرط ؟ فقال : إنّه إذا سمّاها هبةً جازت الهبة وسقط الشرط وضمن الزكاة، قلت له : وكيف يسقط الشرط وتمضي الهبة ويضمن الزكاة؟ فقال : هذا شرط فاسد والهبة المضمونة ماضية.

والزكاة له لازمة عقوبةً له، ثمَّ قال : إنّما ذلك له إذا اشترى بها داراً أو أرضاً أو متاعاً .

ثمَّ قال زرارة : قلت له : إنَّ أباك قال لي : من فرَّ بها من الزكاة فعليه أن يؤدِّيها؟ قال: صدق أبي، عليه أن يؤدي ما وجب عليه، وما لم يجب عليه فلا شيء عليه فيه، ثمَّ قال : أرأيتَ لو أنَّ رجلاً أغمي عليه يوماً ثمَّ مات فذهبت صلاته، أكان عليه - وقد مات - أن يؤدِّيها؟ قلت : لا ، إلّا أن يكون أفاق من يومه ، ثمَّ قال : لو أنَّ رجلاً مرض في شهر رمضان ثم مات فيه، أكان يُصام عنه؟ قلت: لا، قال: فكذلك الرَّجل لا يؤدي عن ماله إلّا ما حال عليه الحَوْلَّ (2).

ص: 518


1- أي يقدر على انتزاعها ممن أعطاها واسترجاعها منه
2- روى هذا الحديث بطوله في التهذيب 4 ، 10 - باب وقت الزكاة ، ح 4 . وكان الشيخ رحمه الله قد أورد أيضاً ذيله برقم 15 من الباب 2 من نفس الجزء من التهذيب. وروى الصدوق رحمه الله جزءاً منه من قوله : أيما رجل كان له مال وحال عليه ... إلى قوله : إبطال الكفارة التي وجبت عليه في الفقيه ،2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ، ح 29 . هذا واشتراط وجوب الزكاة بحولان الحول على الموضوع الزكوى مستجمعاً لبقية الشرائط هو مما لا خلاف فيه بين أهل العلم - كما صرح به صاحب الجواهر ، وعند أهل العلم كافة إلا ما حكي عن ابن عباس وابن مسعود - كما في المنتهى ، وضابطه الدخول في الشهر الثاني عشر بلا خلاف، بل ادعى الإجماع عليه في الجواهر والمنتهى والمسالك وغيرها، وبلا خلاف ولا إشكال كما في الحدائق ، وإن كان بعض أصحابنا كالشهيدين والمحققين الميسي والكركي قد ذهبوا إلى أن الوجوب بدخول الثاني عشر يبقى متزلزلا ويستقر بانتهائه مع توفر بقية شرائط الوجوب كافة .

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم(عليه السلام)قال: سألته عن رجل ورث مالاً ، والرَّجل غائبٌ، هل عليه زكاة؟ قال : لا ، حتّى يَقْدُمَ؟ قلت : أيزكّيه حين يَقْدُم؟ قال : لا ، حتّى يحول عليه الحول وهو عنده(1).

284- باب ما يستفيد الرجل من المال بعد أن يُزَكِّي ما عنده من المال

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ والحسين بن محمد ،عن معلّی بن محمّد، جميعاً عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن أبَان، عن شعيب قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام): كلِّ شيء جرَّ عليك المال فزكّه، وكلُّ شيء ورثته أو وُهِبَ لك فاستقبل به(2).

2 - عليُّ بن محمّد، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن يونس، عن عبد الحميد بن عوّاض، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: في الرجل يكون عنده المال فيحول عليه الحول، ثمَّ مالاً آخر قبل أن يحول على المال الحول، قال : إذا حال على المال الأوّل الحول يصيب زكّاهما جميعاً(3).

285- باب الرجل يشتري المتاع فَيَكْسَدُ عليه والمُضَارَبَة

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن

ص: 519


1- التهذيب 4 ، 10 - باب وقت الزكاة ، ح .1. بدون قوله(عليه السلام)وهو عنده في الذيل.
2- الحديث موثق على الظاهر ونص الشهيد في الدروس على أنه لا زكاة في الفرش والآنية والأقمشة للقنية، ثم ذكر هذه الرواية وما بعدها وقال بعد ذلك : وفيهما دلالة على أن حول الأول يستتبع الزايد في التجارة وغيرها إلا الشيخان .
3- الحديث ضعيف.

حازم، عن أبي الربيع الشاميّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في رجل اشترى متاعاً فَكَسَدَ عليه متاعه ، وقد كان زكّى ماله قبل أن يشتري به هل عليه زكاة أو حتّى يبيعه ؟ فقال : إن كان أمسكه ليلتمس الفَضْلَ على رأس المال، فعليه الزكاة(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل اشترى متاعاً وكسد عليه، وقد [كان] زكّى ماله قبل أن يشتري المتاع، متى يزكّيه ؟ فقال : إن كان أمسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة، وإن كان حبسه بعدما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال ؛ قال : وسألته عن الرجل يوضع عند الأموال يعمل بها؟ فقال : إذا حال الحَوْلُ فليزكّها(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألته عن الرجل يكون عنده المتاع موضوعاً، فيمكث عنده السّنة والسنتين أو أكثر من ذلك؟ قال: ليس عليه زكاة حتّى يبيعه، إلّا أن يكون أعْطِيَ به رأسُ ماله فيمنعه من ذلك التماس الفَضْل، فإذا هو فعل ذلك وجبت فيه الزكاة، وإن لم يكن أعْطِي به رأس ماله فليس عليه زكاة حتّی يبيعه وإن حبسه بما حبسه، فإذا هو باعه فإنّما عليه زكاة سنة واحدة .

4 - سماعة قال : وسألته عن الرجل يكون معه المال مضاربة، هل عليه في ذلك المال زكاة إذا كان يتّجر به ؟ فقال : ينبغي له أن يقول لأصحاب المال زكّوه، فإن قالوا : إنّا نزكّيه، فليس عليه غير ذلك، وإن هم أمروه أن يزكّيه فليفعل ، قلت : أرأيتَ لو قالوا : إنّا نزكّيه والرجل يعلم أنّهم لا يزكّونه؟ فقال : إذا هم أقروا بأنهم يزكّونه فليس عليه غير ذلك، وإن هم قالوا : إنّا ،لا نزكّيه، فلا ينبغي له أن يقبل ذلك المال ولا يعمل به حتّى يزكّوه .

وفي رواية أُخرى عنه : إلّا أن تطيب نفسك أن تزكّيه من ربحك ، قال : وسألته عن الرجل

ص: 520


1- التهذيب 4 ، 20 - باب حكم أمتعة التجارت في الزكاة ، ح .1. الاستبصار 2 ، 4 - باب الزكاة في أموال التجارات والأمتعة، ح4. وفيهما ... التماس الفضل ... هذا، ويقول المحقق في الشرائع 142/1: وفي مال : التجارة قولان: أحدهما الوجوب، والاستحباب أصح». وعلى القول باستحباب إخراج زكاة أموال التجارات وهي تلك التي تملكها الشخص وأعدّها للاكتساب والاتجار بها، فإنما حكم من حكم من أصحابنا به بشروط : الأول : بلوغها حد النصاب في أحد النقدين الثاني : مضيّ الحول عليها من حين قصده التكسب الثالث: بقاء قصد التكسب طول الحول، فلو عدل في أثنائه لم يلحقه الحكم اتفاقاً . الرابع: بقاء رأس المال بعينه (أي عين السلعة طول الحول الخامس : أن يطلب برأس المال أو بزيادة طول الحول، والمقصود برأس المال، الثمن المقابل للمتاع، فلو طلب بنقيصة ولو بسيطة يوما من الحول لم يترتب الحكم .
2- التهذيب 4 ، 20 - باب حكم أمتعة التجارات في الزكاة ، ح 2 . الاستبصار ،2، 4 - باب الزكاة في أموال التجارات و . . . ، ح ه قوله : فليزكها ، يحمل على صورة اشتراط ذلك على أربابه في أصل العقد وإن كان ظاهره الأعم.

يربح في السنة خمسمائة درهم وستّمائة وسبعمائة هي نفقته، وأصل المال مضاربة؟ قال : ليس عليه في الربح زكاة .

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن العلاء بن رزین، عن محمّد بن مسلم أنه قال : كلُّ مال عملت به فعليك فيه الزكاة إذا حال عليه الحول.

قال يونس : تفسير ذلك :أنّه كلّما عمل للتّجارة من حيوان وغيره فعليه فيه الزكاة.

6 - عدَّةٌ من أصحابنا ،عن سهل بن زياد ،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عيسى ، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي إبراهيم(عليه السلام): الرجل يشتري الوصيفة يثبتها عنده لتزيد وهو يريد بيعها، أعَلَى ثمنها زكاة؟ قال : لا ، حتى يبيعها، قلت: فإذا باعها، يزكي ثمنها؟ قال : لا ، حتّى يحول عليه الحول وهو في يده(1).

7- أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى، عن محمّد بن حكيم، عن خالد بن الحجّاج الكرخيِّ قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن الزكاة؟ فقال: ما كان من تجارة في يدك فيها ،فضل ليس يمنعك من بيعها إلّا لتزداد فضلا على فضلك، فزكّه، وما كانت من تجارة في يدك فيها نقصان، فذلك شيء آخر.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليِّ بن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا تأخذنَّ مالاً مضاربة إلّا مالاً تزكّيه أو يزكّيه صاحبه ، وقال : إن كان عندك متاع في البيت موضوع فأُعْطِتَ به رأسَ مالك فرغبت عنه، فعليك زكاته .

9 - عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : سأله سعيد الأعرج - وأنا أسمع - فقال : إنّا نكبس الزيت والسمن نطلب به التجارة، فربّما مكث عندنا السنة والسنتين، هل عليه زكاة؟ قال: فقال : إن كنت تربح فيه شيئاً، أو تجد رأس مالك، فعليك زكاته، وإن كنت إنما تَرَبَّصُ به لأنّك لا تجد إلّا وضيعةً، فليس عليك زكاته حتّى يصير ذهباً أو فضّة ، فإذا صار ذهباً أو فضة فزكّه للسنة الّتي اتَّجَرْتَ فيها(2).

ص: 521


1- التهذيب 4 ، 20 - باب حكم أمتعة التجارات في الزكاة، ح4. الاستبصار 2، 4 - باب الزكاة في أموال التجارات و ...، ح 7. وفي ذيله : وهو في يديه والوصيفة : الجارية والأمة، مؤنث الوصيف : وهو العبد . والجمع : وصائف ووصفاء .
2- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت يسير الاستبصار ،2 نفس الباب ، ح 6 بتفاوت يسير. والوضيعة : البيع بأقل من رأس المال، أو البيع بالخسارة وتربص به : - كما في القاموس - انتظر به خيراً أو شراً يحل به. والحديث صحيح. وظاهره أن الوضيعة السابقة لا تمنع من إخراج الزكاة بعد أن نض المال وأصبح ذهباً أو فضة.
286- باب ما يجب عليه الصدقة من الحيوان وما لا يجب

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن محمّد بن مسلم ؛ وزرارة ، عنهما جميعاً(عليه السلام)قالا : وضع أمير المؤمنين صلوات الله عليه على الخيل العِتاق الراعية في كلّ فرس في كلّ عام دينارين، وجعل على البّراذين ديناراً(1).

2 - حمّاد بن عيسى ، عن حريز عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): هل في البغال شيء ؟ فقال : لا ، فقلت : فكيف صار على الخيل ولم يصر على البغال؟ فقال : لإنَّ البغال لا تلقح ، والخيل الاناث ينتجن، وليس على الخيل الذُّكور شيء، قال: [فقلت]: فما في الحمير ؟ فقال : ليس فيها شيء ، قال : قلت : هل على الفرس أو البعير، يكون للرجل يركبهما، شيء؟ فقال: لا، ليس على ما يُعْلَف شيء، إنّما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامها الّذي يقتنيها فيه الرجل، فأمّا ما سوى ذلك فليس فيه شيء(2) .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة ،عن أبی عبد الله(عليه السلام)قال : ليس على الرَّقيق زكاة، إلّا رقيق يبتغى به التجارة، فإنّه من المال الّذي یزکّی(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام)أنهما سئلا عمّا في الرقيق؟ فقالا : ليس في الرأس شيء أكثر من صاع من تمر إذا حال عليه الحول، وليس في ثمنه شيء حتّى يحول عليه الحول.

5- حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): رجل لم يُزَكّ إبله أو شاته عامين، فباعها على من اشتراها أن يزكّيها لما مضى؟ قال : نعم، تؤخذ منه زكاتها ويتبع بها البائع ، أو يؤدّي زكاتها البائع .

ص: 522


1- التهذيب 4 ، 19 - باب حكم الخيل في الزكاة، ح 1 ، الاستبصار 2 ، 5 - باب زكاة الخيل، ح 2 . والعتاق من الخيل : النجائب مفرده عتيق والبردون والبرذون الدابة، أو دابة الحمل الثقيلة البطيئة، أو الفرس الغير الأصيل. وفي المغرب البرذون التركي من الخيل، وخلافها العِراب، والأنثي : بِرْذَونة .
2- التهذيب 4 ، نفس الباب، ح2. هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب الزكاة في الخيل الإناث، ولا زكاة في البغال والحمير فراجع شرائع الإسلام للمحقق 142/1 .
3- الحديث موثق، وعليه عمل الأصحاب.

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل يكون له إبل أو بقر أو غنم أو متاع فيحول عليها الحول، فيموت الإبل والبقر والغنم ويحترق المتاع ؟ قال : ليس عليه شيء.

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير قال : كان عليُّ(عليه السلام)لا يأخذ من صغار الإبل شيئاً حتّى يحول عليه الحول، ولا يأخذ من جمال العمل صدقةً ، وكأنّه لم يجب أن يأخذ من الذكور شيء لأنه ظهر يحمل عليها (1).

287- باب صدقة الإبل

1 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة؛ ومحمّد بن مسلم ؛ وأبي بصير؛ وبريد العجليِّ ؛ والفُضَيل عن أبي جعفر وأبي عبد الله صلوات الله عليهما قالا : في صدقة الإبل؛ في كلَّ خمس شاةٌ إلى أن تبلغ خمساً وعشرين، فإذا بلغت ذلك ففيها ابنة مخاض، ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ خمساً وثلاثين، فإذا بلغت خمساً وثلاثين ففيها ابنة لبون، ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ خمساً وأربعين فإذا بلغت خمساً وأربعين ففيها حقّه طَرُوقَةُ الفَحْل ، ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ ستّين، فإذا بلغت ستّين ففيها جذَعَة، ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ خمساً وسبعين، فإذا بلغت خمساً وسبعين ففيها ابنتا لَبُون، ثمَّ ليس فيها شيءَ حتّى تبلغ تسعين، فإذا بلغت تسعين ففيها حقّتان طَروقتا الفَحْل ، ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ عشرين ومائة، فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها حقّتان طَروُقَتا الفَحْل، فإذا زادت واحدة على عشرين ومائة ، ففي كلِّ خمسين حقّة، وفي كل أربعين ابنة ليون، ثمَّ ترجع الإبل على أسنانها، وليس على النَّيفِ شيء، ولا على الكسور شيء، وليس على العوامل شيء، إنّما ذلك على السائمة الراعية ؛ قال قلت ما في البُخْت السائمة شيء؟ قال : مثل ما في الإبل العربيّة(2).

ص: 523


1- أي أنها كانت ،عوامل، ويشترط في وجوب الزكاة في الأنعام الثلاثة الا تكون كذلك . وهو مجمع عليه بين الأصحاب .
2- التهذيب 4 ، 5 - باب زكاة الإبل ، ح 4 . الاستبصار 2، 8 - باب زكاة الإبل ، ح 4 . والنيف : - كما في القاموس المحيط - يقال : عشر ونيف، وكل ما زاد العقد فنيف إلى أن يبلغ العقد الثاني، ولا يقال نيف إلا بعد عقد، والمقصود به هنا ما يكون بين النصابين. والبخت جمع بُختي، وهي الإبل الخراسانية، أو غير العربية. والعوامل : هي التي تستخدم في السقي أو الحرث أو الحمل. هذا وقد أجمع أصحابنا على أن للإبل اثني عشر نصاباً الأول خمس وفيها شاة، الثاني عشر وفيها شاتان الثالث: خمسة عشر وفيها ثلاث شياه الرابع : عشرون وفيها أربع شياه . الخامس : خمس وعشرون وفيها خمس شياه. وعن ابن أبي عقيل أنه أوجب هنا بنت مخاض بعد أن أسقط النصاب السادس : وهو ست وعشرون وزكاتها عند أصحابنا بنت مخاض، وقريب منه ما عن ابن الجنيد حيث أوجب بنت مخاض في الخمس وعشرين فإن لم تكن فابن لبون فإن لم توجد فخمس شياه ، وعنده إن زادت على الخمس والعشرين ففيها بنت مخاض، ولكن الإجماع - كما يقول السيد المرتضى في الانتصار - تقدم على ابن الجنيد وتأخر عنه . السابع : ست وثلاثون وفيها بنت لبون . الثامن : ست وأربعون وفيها حقة . التاسع : إحدى وستون وفيها جَذَعة. العاشر : ست وسبعون على المشهور بين أصحابنا وإن زكاتها بنتا لبون ، إلا أن الصدوقين ذهبا إلى أنها إذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة إلى ثمانين، فإن زادت واحدة ففيها ثني ولم يتضح مستندهما في هذا الحادي عشر : إحدى وتسعون وفيها حقتان الثاني عشر : فعلى المشهور عندنا أنه مائة وإحدى وعشرون وفيها في كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون، ولكن السيد المرتضى في الانتصار ذهب إلى عدم تغير الفرض عن إحدى وتسعين إلا ببلوغ مائة وثلاثين وادعى هناك أنه من متفردات الإمامية، ولكن الشهيد في الدروس قال عما ذهب إليه إنه متروك ، وما ذلك إلا لأن النص على خلافه، بل عن السرائر والخلاف وغيرهما دعوى الإجماع على خلافه. هذا كله في الإبل، وأما في البقر فمما لا خلاف فيه بين أصحابنا أن فيها نصابين، الأول: ثلاثون وفيها على المشهور، بل ادعي الإجماع عليه ، تبيع أو تبيعة، ونسب إلى الأصحاب أنه ما دخل في السنة الثانية . وقد ذهب الصدوقان والمفيد وابن أبي عقيل إلى حصر الزكاة هنا بالتبيع ولعله اقتصارا منهم على ظاهر النص الثاني : أربعون ومما لا خلاف فيه أن فيها مسنة وهي - كما نسب إلى العلماء - الداخلة في السنة الثالثة. وهكذا - كما يقول الشهيد الثاني في الروضة - أبداً يعتبر بالمطابق من العددين وبهما مع مطابقتهما كالسنين بالثلاثين والسبعين بهما الثمانين بالأربعين ويتخير في المائة وعشرين». والبقر والجاموس عندنا جنس واحد .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله

(عليه السلام)قال: في خمس(1)شاة، وليس فيما دون الخمس قلايص شيء، وفي عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع، وفي خمس وعشرين خمس، وفي ستة وعشرين بنت مخاض، إلى خمس وثلاثين، وقال عبد الرحمن: هذا فرق بيننا وبين النّاس فإذا زادت واحدة ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين فإذا زادت واحدة ففيها حقة، إلى ستين، فإذا زادت واحدة ففيها جَذَعة(2)، إلى خمس وسبعين ، فإذا زادت واحدة ففيها بنتالبون ،إلى تسعين ، فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حِقّة(3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: ليس في صغار الإبل شيءٌ حتّى يحولَ عليها الحول من يوم تنتج(4).

ص: 524


1- في التهذيب : قلاص بدل قلايص، وهي جمع قُلوص وهي من الإبل الطويلة القوائم الشابة، أو ما يركب من إنائها .
2- الجَذَعة: سنها أربع سنين إلى خمس سميت بذلك لأنها تسقط مقدم أسنانها .
3- التهذيب 4، 5 - باب زكاة الإبل، ح 2 و 5 . الاستبصار 2 ، 8 - باب زكاة الإبل ، ح 2 و 5 . وفيهما زيادة بعد قوله : ففيها ابتتالبون إلى تسعين قال : فإذا زادت واحدة ففيها حقتان إلى عشرين ومائة .
4- وهذا الخبر يدل على مذهب الشيخ رحمه الله ومن تابعه من أن حول السخال من حين النتاج. والحديث حسن .
288- باب

(1)

أسنان الإبل من أوَّل يوم تطرحه أُمّة إلى تمام السنة حِوَّار، فإذا دخل في الثانية سمّى ابن مخاض لأنّ أُمّة قد حملت، فإذا دَخَلَ في السنة الثالثة يسمّى ابن لبون ، وذلك أنَّ أُمّة قد وضعت وصار لها لبن، فإذا دخل في السنة الرابعة يسمّى الذكر حقّاً والأُنثى حِقّه، لأنّه قد استحق أن يُحْمَلَ عليه ، فإذا دخل في السنة الخامسة يسمّى جَدَعاً ، فإذا دخل في السادسة يسمّى ثَنِياً لأنّه قد ألقى ، ثَنِيَّتَهُ ، فإذا دخل في السابعة ألقى رُباعيته ويسمّى رُباعياً، فإذا دخل في الثامنة ألقى السنَّ الّذي بعد الرباعيّة وسمّي سديساً، فإذا دخل في التاسعة وطرح نابه سمّي بازلاً ، فإذا دخل في العاشرة فهو مُخلِف، وليس له بعد هذا اسم والأسنان الّتي تؤخذ منها في الصدقة من بنت مخاض إلى الجَذَع.

289- باب صدقة البقر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة؛ ومحمّد بن مسلم ؛ وأبي بصير؛ وبريد العجليِّ ؛ والفضيل عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام)قالا : في البقر في كلِّ ثلاثين بقرة تبيع حوليّ ، وليس في أقلّ من ذلك شيء، وفي أربعين بقرة بقرة مُسِنة، وليس فيما بين الثلاثين إلى الأربعين شيءٌ حتّى تبلغ أربعين، فإذا بلغت أربعين ففيها مُسِنة، وليس فيما بين الأربعين إلى الستين شيء، فإذا بلغت الستين ففيها تبيعان إلى سبعين، فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع ومسنّة، إلى ثمانين فإذا بلغت ثمانين ففي كل أربعين مسنة إلى تسعين، فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع حوليّات، فإذا بلغت عشرين ومائة ففي كل أربعين مسنّة ، ثمَّ ترجع البقر على أسنانها، وليس على النيّف شيءٌ، ولا على الكسور شيء، ولا على العوامل شيء، إنّما الصدقة على السائمة الراعية، وكلُّ ما لم يَحُلْ عليه الحَوْل عند رَبِّه(2)فلا شيء عليه حتّى يحول عليه الحَوْل، فإذا حال عليه الحَوْلُ وجب عليه(3).

2 - زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قلت له : في الجواميس شيء؟ قال مثل ما في البقر.

ص: 525


1- هذا الباب كله من كلام الشيخ الكليني رحمه الله أخذه عن أهل اللغة.
2- عند ربه : أي مالكه .
3- التهذيب 4 ، 6 - باب زكاة البقر، ح .1. وفي ذيله : .... وجبت فيه. والتبيع : ولد البقر في سنته الأولى، ويقال لأمه : بقرة مُتبع. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم أن في البقر نصابين ثلاثون وأربعون دائماً .ويسمى ما بين النصابين وقص. كما اتفقوا على أن في كل ثلاثين من البقر تبيعاً أو تبيعة ، وفي كل أربعين مُسِنَّة ،وهي الثنية التي كملت لها سنتان ودخلت في الثالثة .
290- باب صدقة الغَنَم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، ومحمّد بن مسلم ؛ وأبي بصير ؛ وبريد ؛ والفُضَيل عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام)؛ في الشاة في كلِّ أربعين شاةٌ شاةٌ وليس فيما دون الأربعين شيءٌ، ثمَّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ عشرين ومائة ، فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها مثل ذلك شاة واحدة، فإذا زادت على مائة وعشرين ففيها شاتان ، وليس فيها أكثر من شاتين حتّى تبلغ مائتين، فإذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك، فإذا زادت على المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه، ثمَّ ليس فيها شيء أكثر من ذلك حتّى تبلغ ثلاثمائة ، فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه، فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياه حتّى تبلغ أربعمائة، فإذا تمت أربعمائة كان على كل مائة شاة. وسقط الأمر الأوّل، وليس على ما دون المائة بعد ذلك شيء، وليس في النّيف شيء ؛ وقالا : كلُّ ما لم يَحُلّ عليه الحَوْلُ عند ربّه(1)فلا شيء عليه، فإذا حال عليه الحَوْلُ وجب عليه(2).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال : ليس في الأَكِيلة ولا في الرُّبّى - والرُّبّى : الّتي تربّى اثنين - ولا شاةِ لبن، ولا فَحْل الغنم صدقة(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد عبد الله (عليه السلام)قال : لا تؤخذ أكولة - والأكولة : الكبيرة من الشاة تكون في الغنم- ، ولا والدةٌ، ولا الكبش الفحل(4).

ص: 526


1- الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة، ح.11. ومعنى الحديث: أن الأنصبة هي الأنصبة والمخرج في كل نصاب في البقر هو عينه المخرج في الجاموس وعليه الأصحاب .
2- التهذيب 4 ، 7 - باب زكاة الغنم ، ح 1 الاستبصار 2 9 - باب زكاة الغنم، ج 1. هذا، والمشهور بين أصحابنا، بل ادعى في الخلاف الإجماع عليه أن في الغنم خمسة نَصُب الأول : أربعون وفيها - على المشهور بل حكي الإجماع عليه - شاة : الثاني : مائة وإحدى وعشرون وفيها شاتان الثالث : مائتان وواحدة وفيها ثلاث شياه الرابع ثلاثمائة وواحدة وفيها أربع شياه. وعن الحلي والصدوق وبعض كتب العلامة هنا أنها إذا بلغت ثلاثمائة وواحدة أنهم قالوا بأن على كل مائة شاة استناداً إلى بعض الروايات الخامس : أربعمائة فما زاد، ففي كل مائة شاة . وما بين النصابين معفو عنه كما صرحت به النصوص. ولا بد من التنبيه على أن الغنم والماعز في هذا الموضع جنس واحد يضم بعضه إلى بعض. لأن الماعز تطلق على كل من الشاة والضأن ذكراً أو أنثى .
3- الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ، ح 12 و 13 . والأكيلة : والأكولة : قيل : هي تسمن لتذبح من أجل لحمها . وقيل : هي الخصي. وقيل هي الهرمة من الغنم والربى : قيل : هي تقتطع عن القطيع وتربى في البيت لينتفع بلبنها . وقيل هي التي تلد من الأنعام عن وقت قريب حدّد بخمسة عشر يوماً وقيل بعشرين وهذه لا تؤخذ زكاة وإن دفعها المالك لأنها نفساء فيكون في أخذها إضرار بولدها.
4- الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ، ح 12 و 13 . والأكيلة : والأكولة : قيل : هي التي تسمن لتذبح من أجل لحمها . وقيل : هي الخصي. وقيل هي الهرمة من الغنم والربى : قيل : هي تقتطع عن القطيع وتربى في البيت لينتفع بلبنها . وقيل هي التي تلد من الأنعام عن وقت قريب حدّد بخمسة عشر يوماً وقيل بعشرين وهذه لا تؤخذ زكاة وإن دفعها المالك لأنها نفساء فيكون في أخذها إضرار بولدها.

4 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): السَخْلُ، متى تجب في الصدقة؟ قال: إذا أجْذَع(1).

291- باب أَدَب المُصَّدِّق

1 - عليُّ بن أبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن بريد بن معاوية قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : بعث أميرُ المؤمنين صلوات الله عليه مُصَّدَّقاً من الكوفة إلى باديتها فقال له يا عبد الله انطلق، وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له، ولا تَؤْثِرَن دنياك على آخرتك، وكن حافظاً لما ائتمنْتُك عليه، راعياً لحقِّ الله فيه، حتّى تأتي نادي بني فلان، فإذا قدمتَ فأنزل بمائهم من غير أن تُخَالِطَ أبياتهم، ثمَّ امض إليهم بسكينة ووقار حتّى تقوم بينهم، وتسلّم عليهم ، ثمَّ قل لهم : يا عباد الله ، أرسلني إليكم وليُّ الله لأخذ منكم حقٌّ الله في أموالكم، فهل الله في أموالكم من حقّ فتؤدُّون إلى وليّه؟ فإن قال لك قائلٌ : لا ، فلا تراجعه وإن أنعم لك منهمٌ منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تَعِدَه إلّا خيراً، فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلّا بإذنه فإنّ أكثره له، فقل: يا عبد الله، أتأذن لي في دخول مالك؟ فإن أذن لك ، فلا تدخله دخول متسلّط عليه فيه، ولا عَنفٍ به ، فاصْدَع(2)المال صَدعين، ثمَّ خيّره أيّ الصدعين شاء ، فأيّهما اختار فلا تَعَرَّض له ، ثمَّ اصدع الباقي صّدعين، ثمَّ خيّره ، فأيّهما اختار فلا تَعرّض له ، ولا تزال كذلك حتّى يبقى ما فيه وفاء لحقّ الله تبارك وتعالى من ماله، فإذا بقي ذلك، فاقبض حقَّ الله منه، وإن استقالك فأقله، ثمَّ اخلطها واصنع مثل الّذي صنعت أوَّلاً حتّى تأخذ حقَّ الله في ماله، فإذا قبضته فلا توكّل به إلّا ناصحاً شفيقاً أميناً حفيظاً غير معنف لشيء منها ، ثمَّ احدر كلَّ ما اجتمع عندك من كلّ ناد إلينا نصيّره حيث أمر الله عزّ وجلَّ، فإذا انحدر بها رسولك فأوعِز إليه أن لا يحول بين ناقة وبين فصيلها، ولا يفرَّق بينهما، ولا يمصرنَّ لبنها(3)فيضرُّ ذلك بفصيلها، ولا يجهد بها ركوباً، وليعدل بينهنَّ في ذلك وليوردهنَّ كلِّ ماء يمر به، ولا يعدل بهنَّ

ص: 527


1- الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ، ح 39 . وقوله : إذا أجْذَعَ : أي إذا صار جَذَعاً، وهو يختلف باختلاف صنف الحيوان والسخال : جمع سَجل، وهو ولد الغنم في الأصل ويمكن أن يكون السؤال في الحديث عن السن التي يمكن أن تقبل السخال فيها زكاة إذا أراد المالك أن يدفعها عما عليه؟ كما يحتمل الحديث معنى آخر، وهو أنها لا تعد ولا يكمل بها نصاب إلا إذا بلغت سن الجَذَع .
2- أي شُقُ والصَّدْع : الشق .
3- في التهذيب : فلا يصرّنّ لبنها . وصَر الناقة وبالناقة يَصُرُها صَرًا شد ضرعها بالصرار لئلا يرضعها ولدها .

عن نبت الأرض إلى جوادِّ الطريق في الساعة الّتي فيها تريح وتغبق(1)، وليرفق بهنَّ جهده حتّى يأتينا بإذن الله سحاحاً(2)سماناً غير متَعبات ولا مجهَدات فَيُقَسَمْنَ بإذان الله على كتاب الله وسنّة نبيّه(صلی الله علیه وآله وسلم)على أولياء الله ، فإنَّ ذلك أعظمُ لأجرك ، وأقرُب لرشدك، ينظر الله إليها وإليك وإلى جهدك ونصيحتك لمن بعثك وبُعِثْتَ في حاجته، فإنَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال: ما ينظر الله إلى وليِّ له يجهد نفسه بالطاعة والنصيحة له ولإمامه، إلّا كان معنا في الرَّفيق الأعلى ؛ قال : ثمَّ بكى أبو عبد الله(عليه السلام)، ثمَّ قال : يا بريد لا والله ما بقيَت الله حرمة إلّا انتُهكت، ولا عُمل بكتاب الله ولا سنّة نبيّة في هذا العالم، ولا أُقيم في هذا الخلق حدُّ منذ قبض الله أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، ولا عُمل بشيء من الحقِّ إلى يوم الناس هذا ، ثمَّ قال: أما والله ، لا تذهب الأيّام واللّيالي، حتّى يحيي الله الموتى ويميت الأحياء، ويردَّ الله الحقَّ إلى أهله، ويقيم دينه الّذي ارتضاه لنفسه ونبيّه، فأبشروا ثمَّ أبشروا ثمَّ أبشروا ، فوالله ما الحقُّ إلا في أيديكم(3).

2 - حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام): أنّه سئل : أيجمع الناسَ المصدِّقُ أم يأتيهم على مناهلهم؟ قال : لا ، بل يأتيهم على مناهلهم فيصدِّقهم .

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه عن عليّ(عليه السلام)أنّه قال : لا تُباع الصّدقةُ حتّى تُعْقَلَ(4).

4 - عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ،عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه(عليه السلام)قال : كان عليُّ صلوات الله عليه إذا بعث مصدِّقه قال له : إذا أتيت على ربِّ المال فقل له : تصدّق رحمك الله ممّا أعطاك الله ، فإن ولّى عنك فلا تراجعه(5).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجاج، عن محمّد بن خالد(6)أنّه سأل أبا عبد الله(عليه السلام)عن الصدقة ؟ فقال : إِنَّ ذلك لا يُقبَل منك، فقال:

ص: 528


1- الإراحة النزول في آخر النهار والغبوق شرب آخر النهار. وقال ابن إدريس في السرائر : سمعت من يقول : وتغبق، بالغين المعجمة ،والباء، ويعتقد أنه من الغبوق وهو الشرب بالعشي، وهذا تصحيف فاحش وخطأ قبيح وإنما هو تعنق، بالعين غير المعجمة والنون من العنق وهو ضرب من سير الإبل، وهو سير شديد ... الخ .
2- قال في الصحاح : سحت الشاة تسيح - بالكسر - سحوحاً أو مسحوحة أي سمنت، وغنم سحاح : أي سمان . وفي التهذيب : صحاحاً.
3- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 8 . والحديث حَسَن.
4- تُعقل : أي تقبض من قبل عامل الزكاة.
5- الحديث موثق، وعليه فتوى الأصحاب . وإن قول رب المال يقبل بلا يمين ولا بينة إلا إذا اتَّهِم
6- كان والي المدينة في زمنه(عليه السلام).

إنِّي أُحمّل ذلك في مالي؟ فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): مُرْ مصدِّقك أن لا يَحْشُر(1)من ماء إلى ماء، ولا يَجْمَع بين المتفرِّق، ولا يفرِّق بين المجتمع ، وإذا دخل المال فليقسّم الغنم نصفين، ثمَّ يخيّر صاحبها أيّ القسمين شاء، فإذا اختار فليدفعه إليه، فإن تَتَبَّعَتْ نفس صاحب الغنم من النّصف الآخر منها شاةً أو شاتين أو ثلاثاً فليدفعها إليه ، ثمَّ ليأخذ صدقته، فإذا أخرجها فليقسّمها فيمن يريد، فإذا قامت على ثمن، فإن أرادها صاحبها فهو أحقُّ بها، وإن لم يُرِدّها فليبعها (2).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن عليِّ بن يقطين قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام) عمّن يلي صدقة العُشْر على من لا بأس به ؟ فقال : إن كان ثقة فَمُرْهُ يضعها في مواضعها ، وإن لم يكن ثقة فخذها [منه] وضعها في مواضعها .

7- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن مقرن بن عبد الله بن زمعة بن سبيع، عن أبيه، عن جدِّه عن جدِّ أبيه، أنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه كتب له في كتابه الّذي كتب له بخطّه حين بعثه على الصدقات : من بَلَغَتْ عنده من الإبل صدقة الجَذَعة وليست عنده جَذَعَةً وعنده حقة فإنّه تُقبل منه الحقّة، ويجعل معها شاتين، أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة الحقّة وليست عنده حقّة وعنده جَذَعَة، فأنّه تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته حقة وليست عنده حقّة وعنده ابنة لبون، فإنّه يقبل منه ابنة لبون ويعطى معها شاتين أو عشرين درهماً، بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده ابنة لبون وعنده حقّة، فإنّه تقبل منه الحقة ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهماً، ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده ابنة لبون وعنده ابنة مخاض، فإنّه تقبل منه ابنة مخاض ويعطى معها شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته ابنةً مخاض وليست عنده مخاض وعنده ابنة لبون، فإنّه تقبل منه ابنة لبون ويعطيه المصدِّق شاتين أو عشرين درهماً، ومن لم يكن عنده ابنة مخاض على وجهها وعنده ابن لبون ذكر، فإنّه تقبل منه ابن لبون

ص: 529


1- الحشر : الجمع . أي لا يجمع المصدّق أرباب الزكاة إليه من كل طرف بل يذهب إلى كل منهم في موطنه ومكانه فيقبض منه زكاة ماله .
2- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 10 بتفاوت يسير . (قوله(عليه السلام): إني أحمل ذلك ... ؛ كأن . : ...؛ المراد : لا يقبل منك جمع الصدقة ونقلها من موضع إلى آخر إما لأجل الكرابة لأنه ليس بأهل له، لكن فهم محمد بن خالد أنه لأجل الكراية ، فقال : احمل ذلك في مالي، أي أعطي كراه من مالي أو في جملة أموالي أو المراد أنه لا يقبل الله منك غداً أن تلف فقال أحمله في جملة أموالي واحفظه كحفظ أموالي ، فلما رأى(عليه السلام)تصلّبه في ذلك - وكان والي المدينة - ذكر(عليه السلام) له الشرائط مرآة المجلسي 69/16. والمقصود بالمتفرق والمجتمع : يعني في الملك. والحديث مجهول.

وليس معه شيء، ومن لم يكن معه شيء إلّا أربعة من الإبل وليس له مال غيرها فليس فيها شيء إلّا أن يشاء ربّها، فإذا بلغ ماله خمساً من الإبل ففيها شاة(1).

8 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن أحمد بن معمر قال :أخبرني أبو الحسن العَرَني قال : حدِّثني إسماعيل بن إبراهيم، عن مهاجر، عن رجل من ثقيف قال : استعملني عليِّ بن أبي طالب(عليه السلام)على بانقيا(2)، وسواد من سواد الكوفة، فقال لي والناس حضور: انظر خراجك فَجِدَّ فيه ولا تترك منه درهماً ، فإذا أردت أن تتوجّه إلى عملك فَمُرّبي ، قال : فأتيته ، فقال لي : إنَّ الّذي سمعت منّي خِدْعَة، إيّاك أن تضرب مسلماً أو يهوديّاً أو نصرانيّاً في درهم خَراج، أو تبيع دابّة عملٍ في درهم، فإنّما أُمِرْنا أن نأخذ منهم العفو(3).

292- باب زكاة مال اليتيم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في مال اليتيم عليه زكاة؟ فقال : إذا كان موضوعاً فليس عليه زكاة، وإذا عملتَ به فأنت له ضامن والربح لليتيم(4).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وأحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار ، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي العطارد الخيّاط قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): مال اليتيم يكون عندي، فأتّجر به؟ فقال : إذا حرَّكته فعليك زكاته، قال : قلت: فإنّي أُحرِّكه ثمانية أشهر، وأدَعُهُ أربعة أشهر؟ قال : عليك زكاته(5).

ص: 530


1- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 7 بتفاوت يسير .
2- بانقيا: هي القادسية وما والاها من أعمالها، وإنما سميت القادسية ..... وإنما سميت بناقيا لأن إبراهيم(عليه السلام)اشتراها بمائة نعجة من غنمه، لأن (با) معناه : مائة و (نقيا) : شاة بلغة النبط كذا في السرائر نقلا عن علماء اللغة الوافي للفيض المجلد الثاني ، ج 23/6 .
3- التهذيب 4 ، نفس ،الباب ح 9 الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي يجب عليها الزكاة، ح 9 بتفاوت يسير . وقوله(عليه السلام): خدعة : أي لم يكن مراده(عليه السلام)من كلامه جدّياً وإنما كان استعمالياً لمصلحة يدركها خاصة بحضور الناس. والمقصود بقوله(عليه السلام): أن نأخذ العفو: إما ما زاد عن النفقة، أو السهل المتيسر، ولازمه عدم التضييق عليهم، أو أن يراد بالعفو القصد والوسط، وهو ما كان بين الجيد والرديء.
4- التهذيب 4 ، 8 - باب زكاة أموال الأطفال والمجانين ، ح 1 وفي ذيله : فأنت ضامن و
5- التهذيب 4 ، 8 - باب زكاة أموال الأطفال والمجانين، ح 9 الاستبصار 2 ، 13 - باب الزكاة في مال اليتيم . الصامت إذا ... ، ح 4 .هذا والمشهور ، بل الأشهر والأكثر - كما في بعض التعبيرات، بل عن المنتهى وغيره إجماع أصحابنا على أنه يستحب إخراج زكاة مال الطفل إذا أتجربه الولي نعم نقل القول بالوجوب عن الشيخ المفيد في المقنعة وحمله الشيخ على الاستحباب كما نقل عن ابن إدريس في السرائر وصاحب المدارك نفي أصل مشروعية إخراج الزكاة وبذلك لم يقولا حتى بالاستحباب في هذا المورد وما ذهبا إليه غير ظاهر الوجه

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): هل على مال اليتيم زكاة؟ قال : لا ، إلا أن يتّجربه، أو يعمل به .

4 - حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : ليس على مال اليتيم زكاة، وإن بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة، ولا عليه فيما بقي حتّى يُدْرِكَ ، فإذا أدرك فإنّما عليه زكاة واحدة، ثمَّ كان عليه مثل ما على غيره من النّاس(1).

5 - حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن زرارة ؛ ومحمّد بن مسلم أنّهما قالا : ليس على مال اليتيم في الدِّين والمال الصامت شيءٌ، فأمّا الغلّات فعليها الصدقة واجبة(2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن سعيد السمان قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : ليس في مال اليتيم زكاة إلّا أن يتجربه، فإن اتّجر به فالرِّبح لليتيم، فإن وَضَعَ فعلى الّذي يتّجر به(3).

7 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى، عن يونس بن يعقوب قال : أرسلت إلى أبي عبد الله(عليه السلام)أنَّ لي إخوة صغاراً، فمتى تجب على أموالهم الزكاة؟ قال : إذا وجبت عليهم الصلاة وجبت الزكاة ، قلت : فما لم تجب عليهم الصّلاة؟ قال : إذا اتّجِر به فَزَكّه(4).

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن القاسم بن الفضيل قال :

ص: 531


1- التهذيب 4 ، نفس الباب، ح 14 . الاستبصار ،2 ، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير فيهما. هذا، ويقول المحقق في الشرائع 140/1:« ويستحب الزكاة في غلات الطفل ومواشيه ، وقيل : تجب ، وكيف قلنا فالتكليف يتناول الوالي عليه» .
2- التهذيب 4 ، نفس ،الباب ، ح 13 الاستبصار 2 نفس الباب، ح 1 بتفاوت قليل فيهما . والمقصود بالمال الصامت النقدان وما يقوم مقامهما .
3- التهذيب 4 نفس الباب ، ح .6 . الاستبصار ،2 ، نفس الباب ، ح .1. قوله(عليه السلام): فإذا وضع، يعني بيع بوضيعة وهي الخسارة، فيضمنها المتجر بمال اليتيم. ويقول المحقق في الشرائع 140/1 وهو بصدد بيان أن البلوغ شرط في وجوب الزكاة، قال: «نعم إذا اتجر له من إليه النظر استحب له إخراج الزكاة من مال الطفل، وإن ضمنه واتجر لنفسه وكان مليا كان الربح له، ويستحب له الزكاة، أما لو لم يكن ملياً، أو لم يكن ولياً كان ضامناً ولليتيم الربح ولا زكاة ها هنا» .
4- التهذيب 4 ، نفس الباب، ح7. الاستبصار 2 ، نفس الباب، ح 2 بتفاوت في الجميع.

كتبت إلى أبي الحسن الرِّضا(عليه السلام)أسأله عن الوصيِّ ، أيُزَكّي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال؟ قال: فكتب(عليه السلام): لا زكاة على يتيم(1)

293- باب زكاة مال المملوك والمكاتَب والمجنون

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ليس في مال المملوك شيء ولو كان له ألف ألف، ولو احتاج لم يُعْطَ من الزكاة شيء(2).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام)امرأة من أهلنا مختلطة، أعليها زكاة؟ فقال : إن كان عُمِلَ به فعليها زكاة، وإن لم يُعْمَلْ به فلا(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن معروف، عن عليِّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضل، عن موسى بن بكر قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن امرأة مُصابة ولها مال في يد أخيها ، هل عليه زكاة؟ فقال : إن كان أخوها يتّجر ب-ه فعليه زكاة(4).

عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن سماعة ،عن موسى بن بكر عن عبد صالح(عليه السلام)مثله .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن أبي البخترّي(5)، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ليس في مال المكاتب زكاة(6).

ص: 532


1- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 15 بتفاوت قليل الفقيه 2 ، 59 - باب الفطرة ، ح 5 بتفاوت . وقد كرر المصنف رحمه الله هذا الحديث بنفس السند في الفروع 2 باب الفطرة، صدر 13 . هذا ، ولا خلاف بين أصحابنا في عدم وجوب إخراج زكاة الفطرة على الصغير ومن بحكمه ، نعم يجب أن يخرجها عنه وليه أو من يعوله وسوف يأتي إن شاء الله .
2- الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة، ح 37 بتفاوت يسير .
3- التهذيب 4 ، 8 - باب زكاة أموال الأطفال والمجانين، ح 16 . وقوله : مختلة : أي مختلفة العقل .
4- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 17 . وقال المحقق في الشرائع 1 / 140 :« حكم المجنون حكم الظفل، والأصح أنه لا زكاة في ماله إلا في الصامت إذا اتجر له الولي استحباباً» .
5- واسمه وهب بن وهب .
6- الفقيه ،2 ، نفس الباب ، ح 39 .

5 - محمّد بن يحيى بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد، عن الخشّاب، عن عليِّ بن الحسين، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): مملوكٌ في يده مال، أعليه زكاةٌ؟ قال: لا قلت ولا على سيّده؟ قال : لا ، إنّه لم يَصِلّ إلى سيّده وليس هو للمملوك(1).

294- باب فيما يأخذ السلطان من الخراج

1 - عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن سلیمان بن خالد قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إن أصحاب أبي أَتُوهُ فسألوه عمّا يأخذ السلطان، فرقّ لهم، وإنّه ليعلم أنَّ الزَّكاة لا تحلّ إلّا لأهلها، فأمرهم أن يحتسبوا به، فجال فكري والله لهم، فقلت له : يا أبه، إنّهم إن سمعوا ، إذاً لم يزکِّ أحدٌ؟ فقال : يا بنيُ ، حقُّ أحبَّ الله أن يُظْهِرَها(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعیب قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن العُشور الّتي تؤخذ من الرَّجل، أيحتسب بها من زكاته؟ قال: نعم، إن شاء(3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن رفاعة بن موسى ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن الرَّجل يرث الأرض أو يشتريها، فيؤدِّي خراجها إلى السلطان هل عليه عُشْرٌ؟ قال : لا (4)

4 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان،عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الزكاة ، فقال : ما أخذ منكم بنو أُميّة فاحتسبوا به ولا تعطوهم

ص: 533


1- الفقيه 2 ، نفس الباب ، ح 38 بتفاوت يسير. وقد دلت الرواية على أن المملوك لا يملك، بل هو وما في يده ملك لسيده وإنما لم تجب الزكاة على سيده لأنه - كما صرحت الرواية - لم يقبض من قبل السيد .
2- التهذيب 4 ، 10 - باب وقت الزكاة ، ح 10 الاستبصار 2 ، 11 - باب الزكاة إنما تجب بعد إخراج مؤنة ،السلطان ح 6 بتفاوت فيهما . وقد جزم الشهيد رحمه الله في الدروس بأنه لا يجزي الخراج عن الزكاة حيث ذكر أن في المسألة قولين أحوطهما الإعادة . ومن الأصحاب من حمل هذا الحديث على التقية . ومنهم من حمله على أن هذا المقدار المأخوذ من قبل السلطان الجائر فقط لا تحتسب زكاته. والحديث حسن فراجع مرآة العقول للمجلسي 77/16
3- الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة، ح 16 . ورواه مضمراً.
4- وقد أشار الشهيد في الدروس إلى هذا الحديث، والحديث ضعيف على المشهور.

شيئاً ما استطعتم فإنَّ المال لا يبقى على هذا إن تُزَكّيه مرَّتين(1).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الله بن مالك، عن أبي قتادة، عن سهل بن اليسع، أنّه حيث أنشأ سهل آباد وسأل أبا الحسن موسى(عليه السلام)عمّا يخرج منها، ما عليه؟ فقال : إن كان السلطان يأخذ خراجها فليس عليك شيء، وإن لم يأخذ السلطان منها شيئاً فعليك إخراج عُشْرِ ما يكون فيها(2).

6 - عليُّ بن إبراهيم عن النوفليِّ ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن آبائه(عليهم السلام)قال: ما أخذه منك العاشر فَطَرَحَهُ في كوزه فهو من زكاتك، وما لم يطرح في الكوز فلا تحتسبه من زكاتك(3).

295- باب الرجل يُخَلّف عند أهله من النفقة ما يكون في مثلها الزكاة

1 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن الماضي(عليه السلام)قال : قلت له : رجلٌ خلّف عند أهله نفقة ألفين لسنتين عليها زكاة؟ قال : إن كان شاهداً فعليه زكاة وإن كان غائباً فليس عليه زكاة(4).

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في رجلٌ وضع لعياله ألف درهم نفقة، فحال عليها الحَوْلُ؟ قال : إن كان مقيماً زكّاه وإن كان غائباً لم يزكّه .

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار ، عن يونس، عن سماعة ، عن أبي

ص: 534


1- التهذيب ،4 نفس الباب ، ح 11 . الاستبصار ،2 ، نفس الباب ، ح 7 بتفاوت يسير .
2- الحديث مجهول.
3- الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ، ح 17 :وفيه فلا تحسبه . . . بدل : فلا تحتسبه ...وكاز الرجل الشيء يكوزه كوزاً : جمعه، والكوز، هو مكان جمع العشور والضرائب، ولعل «العاشر يومئذ كان يصرف ما يطرحه من ذلك في الكوز إلى السلطان، وما لم يطرحه فيه ينفقه على نفسه الوافي للفيض، المجلد الثاني 21/6 . ومن هنا نفهم الوجه في احتساب ما كان يطرحه العاشر في الكوز زكاة دون غيره. والحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 13 وفيه لسنين بدل لسنتين . هذا، وقد ذهب بعض أصحابنا كابن إدريس وغيره إلى إيجاب الزكاة في هذه الحالة سواء كان حاضراً أو غائباً إذا كان متمكناً من التصرف، والمشهور هو التفصيل الذي تضمنه الحديث.

بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : الرجل يخلّف لأهله ثلاثة الآف درهم نفقة سنتين ،عليه زكاة؟ قال : إن كان شاهداً فعليها زكاة، وإن كان غائباً فليس فيها شيء(1) .

296- باب الرجل يعطي من زكاة من يظن أنه مُعِسرٌ ثم يجده موسراً

1-عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عمّن ذكره عن أبي عبد الله(عليه السلام)؛ في رجل يعطي زكاة ماله رجلاً وهو يرى أنه معسر، فوجده موسراً؟ قال : لا يجزىء عنه(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن الأحول(3)، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في رجل عجّل زكاة ماله ثمَّ أيسر المعطى قبل رأس السنة؟ قال: يعيد المعطى الزكاة(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي المغرا، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إنّ الله تبارك وتعالى أشرك بين الأغنياء والفقراء في الأموال، فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم .

297- باب الزكاة [لا] تعطى غير أهل الولاية

1 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة،

ص: 535


1- التهذيب 4 نفس ،الباب ح 14 وفيه لسنين بدل لسنتين الفقيه ،2 نفس الباب، ح 18 . والحديث مجهول.
2- التهذيب 4 ، 13 - باب مستحق الزكاة للفقر والمسكنة من ... ، ح 3 . الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ، ح 20 مرسلاً. ولو دفعها إليه على أنه فقير فبان غنيا، فلا ريب في جواز ارتجاعها إذا كان القابض عالماً بالحال ومع تلفها يلزم القابض مثلها أو قيمتها واختلف مع انتفاء العلم فذهب جماعة إلى جواز الاسترجاع، ومع تعذر الاسترجاع، فلو كان الدافع هو الإمام أو نائبه، فادعى في المنتهى الإجماع علي أنه لا يلزم الدافع ضمانها ، ولو كان الدافع هو المالك فقال الشيخ في المبسوط وجماعة أنه لا ضمان عليه أيضاً، وقال المفيد وأبو الصلاح يجب عليه الإعادة، واستقرب المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى سقوط الضمان مع الاجتهاد وثبوته بدونه مرآة المجلسي 79/16 - 80
3- هو محمد بن النعمان.
4- التهذيب 4، 11 - باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من الأوقات ، ح 7 . الاستبصار 2 ، 15 - باب تعجيل الزكاة عن وقتها، ح.. الفقيه 2 ، نفس الباب، ح 19 .

وبكير؛ والفُضَيل ؛ ومحمّد بن مسلم، وبريد العجليِّ ، عن أبي جعفر وابي عبد الله(عليه السلام)أنّهما قالا : : في الرّجل يكون في بعض هذه الأهواء الحروريّة والمرجئة والعثمانيّة والقدريّة، ثمَّ يتوب ويعرف هذا الأمر، ويَحْسُنُ رأيه، أيعيد كلِّ صلاة صلّاها أو صوم أو زكاة أو حجّ ، أو ليس عليه إعادة شيء من ذلك ؟ قال : ليس عليه إعادة شيء من ذلك غير الزكاة، لا بد أن يؤدّيها، لأنّه وضع الزكاة في غير موضعها، وإنّما موضعها أهلُ الولاية (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن عُبَيْد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : ما من رجل يمنع درهماً من حقّ إلّا أنفق اثنين في غير حقّه، وما من رجل منع حقّاً في ماله إلّا طوّقه الله به حيّة من نار يوم القيامة، قال: قلت له : رجل عارف أدَّى زكاته إلى غير أهلها زماناً ، هل عليه أن يؤدِّيها ثانياً إلى أهلها إذا علمهم؟ قال : نعم ، قال : قلت: فإن لم يعرف لها أهلاً فلم يؤدِّها ، أو لم يعلم أنهّا عليه فعلم بعد ذلك؟ قال : يؤدِّيها إلى أهلها لما مضى ، قال : قلت له : فإنّه لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل، وقد كان طلب واجتهد ثمَّ علم بعد ذلك سوء ما صنع ؟ قال : ليس عليه أن يؤدِّيها مرَّة أُخرى(2).

وعن زرارة مثله، غير أنّه قال: إن اجتهد فقد برىء، وإن قصّر في الاجتهاد في الطلب فلا(3).

2 - حمّاد بن عيسى، عن حريز عن زرارة ؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إنَّ الصدقة والزَّكاة لا يحابى بها قريب ولم يمنعها بعيد.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن الوليد بن صبيح قال : قال لي شهاب بن عبد ربّه : أقرىء أبا عبد الله (عليه السلام)عنّي السلام وأَعْلِمْهُ أنّه يصيبني فزع في منامي، قال فقلت له: إنَّ شهاباً يقرؤك السلام ويقول لك : إنّه يصيبني فزع في منامي ؟ قال: قل له فليزكّ ماله ، قال : فأبلغت شهاباً ذلك ، فقال لي : فتبلغه عنّي ؟ فقلت : نعم، فقال : قل له : إنَّ الصبيان فضلا عن الرِّجال ليعلمون أنّي أزكّي مالي ، قال : فأبلغته ، فقال أبو

ص: 536


1- التهذيب 4 ، 13 - باب مستحق الزكاة للفقر والمسكنة من جملة الأصناف، ح 14 . والحرورية : - نسبة إلى حروراء، مضع قريب من الكوفة - فرقة من فرق الخوارج ممن قاتلها أمير المؤمنين(عليه السلام).
2- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 24 . وكان صدر هذا الحديث قد مر برقم 7 من الباب 271 من هذا الجزء من الفروع فراجع .
3- التهذيب 4 ، نفس الباب ح 25 . هذا، ومما لا خلاف فيه بين أصحابنا، بل الإجماع بقسميه عليه، بل المحكي منه متواتر منصوص هو عدم جواز إعطاء الزكاة للكافر بجميع أقسامه ولا لمن يعتقد خلاف الحق من فرق المسلمين، خصوصاً فى المخالفين - كما يقول صاحب الجواهر ..

عبد الله(عليه السلام): إنّك تخرجها ولا تَضَعُها في مواضعها(1).

5 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، من ابن أذينة قال : كتب إليَّ أبو عبد الله(عليه السلام): أنَّ كلَّ عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه ، ثمَّ منَّ الله عليه وعرَّفه هذا الأمر، فإنّه يؤجر عليه، ويكتب له إلا الزكاة فإنّه يعيدها ، لأنه وضعها في غير موضعها، وإنّما موضعها أهل الولاية، وأمّا الصلاة والصّوم فليس عليه قضاؤهما .

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن إسماعيل بن سعد الأشعريِّ، عن الرِّضا(عليه السلام)قال: سألته عن الزكاة، هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال: لا، ولا زكاة الفطرة(2).

298- باب قضاء الزكاة عن الميت

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبّاد بن صهيب عن أبي عبد الله(عليه السلام)في رجل فرَّط في إخراج زكاته في حياته، فلمّا حضرته الوفاة، حسب جميع ما كان فرّط فيه ممّا لزمه من الزكاة، ثمَّ أوصى به أن يخرج ذلك فيدفع إلى من يجب له، قال : جائز، يخرج ذلك من جميع المال، إنّما هو بمنزلة دين لو كان عليه، ليس للورثة شيء حتّى يؤدُّوا ما أوصى به من الزّكاة(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): رجلٌ لم يُزَكّ ماله، فأخرج زكاته عند موته، فأدَّاها، كان ذلك يجزىء عنه؟ قال: نعم، قلت: فإن أوصى بوصيّة من ثلثه ولم يكن زكّى ، أيجزىء عنه من زكاته؟ قال : نعم ، يحسب له زكاة ،ولا تكون له نافلة وعليه فريضة .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن شعيب قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنَّ على أخي زكاة كثيرة، فأقضيها أو أؤدِّيها عنه ؟ فقال لي : وكيف لك بذلك؟ قلت: أحتاط، قال: نعم، إذا تفرِّج عنه .

ص: 537


1- التهذيب 4 ، 13 - باب مستحق الزكاة للفقر والمسكنة من ...، ح 7 .
2- التهذيب 4 ، 13 - باب مستحق الزكاة للفقر والمسكنة من ...، ح 8.
3- التهذيب 9 5 - باب الإقرار في المرض، ح 39 بزيادة في آخره. وهذا الحكم متفق عليه عندنا، إذ أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الدين مقدم على الوصية سواء كان ديناً الله أو للناس كما أن الوصية مقدمة على الميراث .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال قلت له : رجل يموت وعليه خمس مائة درهم من الزكاة وعليه حجّة الإسلام، وترك ثلاثمائة درهم، فأوصى بحجّة الإسلام ، وأن يقضي عنه دَين الزكاة ؟ قال : يحجّ عنه من أقرب ما يكون، ويخرج البقيّة في الزكاة .

5- عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن يقطين قال : قلت لأبي الحسن الأوَّل(عليه السلام): رجلٌ مات وعليه زكاة، وأوصى أن تقضى عنه الزكاة، وولده محاويج ، إن دفعوها أضرَّ ذلك بهم ضرراً شديداً؟ فقال : يخرجونها فيعودون بها على أنفسهم، ويخرجون منها شيئاً فيُدْفَع إلى غيرهم(1).

299- باب أقل ما يعطى من الزكاة وأكثر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سمعته يقول: لا يُعْطى أحدٌ من الزكاة أقلّ من خمسة دراهم، وهو أقلٌ ما فرض الله عزَّ وجلَّ من الزكاة في أموال المسلمين، فلا يُعْطُوا أحداً من الزكاة أقلٌ من خمسة دراهم فصاعداً(2).

2 - وعنه عن أحمد، عن عبد الملك بن عُتبة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)قال: قلت له : أعطي الرّجل من الزكاة ثمانين درهماً؟ قال: نعم، وزِدْهُ، قلت: أعطيه مائة؟ قال: نعم، وأغْنِهِ إن قدرت أن تُغْنِيَهُ(3).

3 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة ،من عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله ،(عليه السلام)أنّه

ص: 538


1- الفقيه 2 ، 6 - باب نوادر الزكاة ، ح 1 .
2- التهذيب 4 ، 16 - باب ما يجب أن يخرج من الصدقة وأقل ما يعطى ، ح .. الاستبصار 2 ، 19 - باب أقل ما يعطى الفقير من الصدقة الصدقة ، ح 1 1 هذا، ولا حد لأكثر ما يدفع إلى الفقير من الزكاة إذا كان دفعة وأما لو أعطاه تدريجاً فبلغت مؤنة سنته حرم عليه الزائد وأما في طرف القلة فعن الانتصار والمقنعة والصدوقين والشيخ في التهذيب والمبسوط والنهاية، والمحقق في النافع والشرائع وغيرهم، بل في المعتبر والشرائع أنه قول الأكثر وهو عدم جواز إعطاء الفقير أقل مما يجب في النصاب الأول وهو خمسة دراهم، هذا وقد حكى في المعتبر عن سلّار وابن الجنيد قولهما أن أقل ما يجوز إعطاؤه للفقير هو ما يجب في النصاب الثاني وهو درهم.
3- التهذيب ،4 ، نفس الباب ح .7. وفي ذيله ... إن قدرت على أن تغنيه .

سئل؛ كم يعطى الرَّجل من الزكاة؟ قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): إذا أعطيتَ فأغْنِه(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : تعطيه قال : تعطيه من الزكاة حتّى تغنيه (2).

300 - باب أنّه يُعطى عيال المؤمن من الزكاة إذا كانوا صغاراً ويُقْضى عن المؤمنين الديون من الزكاة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرّجل يموت ويترك العيال أيُعْطُون من الزكاة؟ قال: نعم : حتّى ينشأوا ويبلغوا ويسألوا من أين كانوا يعيشون إذا قطع ذلك عنهم ، فقلت : إنّهم لا يعرفون؟ قال: يحفظ فيهم ميّتهم ويُحبّبُ إليهم دين أبيهم فلا يلبثوا أن يهتمّوا بدين أبيهم، فإذا بلغوا وعدلوا إلى غيركم فلا تعطوهم(3).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن رجل عارف فاضل توفّي وترك عليه دَيناً قد ابتلي به، لم يكن بمُفسد ولا بمُشرف ولا معروف بالمسألة، هل يقضى عنه من الزَّكاة الألف والألفان؟ قال : نعم(4).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ ،عن أبي خديجة ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ذريّة الرَّجل المسلم إذا مات يُعْطَوْنَ من الزكاة والفطرة كما كان يُعطى أبوهم حتّى يبلغوا ، فإذا بلغوا وعَرَفوا ما كان أبوهم يعرف أُعطوا ، وإن نَصَبوا لم يَعْطُوا .

ص: 539


1- التهذيب 4 ، نفس الباب،ح8.
2- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح .4 بزيادة في أوله هي : قال : سألته : كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة؟ وفيه : أعطه . . . ، بدل تعطيه .
3- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 21 بتفاوت وقوله : لا يعرفون أي لا يعرفون المذهب الحق والإمام الحق . والمقصود بدين ، أبيهم، هو عقيدة التشيع، وإنما لا يعطون إذا اختاروا بعض مذاهب المخالفين دينا لهم للإجماع على أن الزكاة لا تعطى غير المؤمن. وقد مرّ .
4- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 22 . والتهذيب 9 5 - باب الإقرار في المرض ، ح 38 أيضاً. هذا، وقد نقل صاحب المدارك رضوان الله عليه اتفاق علمائنا وأكثر العامة على جواز قضاء الدين عن الغارم من الزكاة حياً كان أو ميتاً بأن يدفعه إلى الدائن ويحتبه عن نفسه زكاة، ومما استدلوا به على ذلك هو صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج هذه نعم، صرّح الشيخ في المبسوط اشتراط ذلك بقصور تركة الميت عن الدين كالحيّ .
301- باب تفضيل أهل الزكاة بعضهم على بعض

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عُتَيبة بن عبد الله بن عجلان السكونيِّ قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): إنّي ربّما قسّمت الشيء بين أصحابي أصِلُهُم به، فكيف أعطيهم ؟ فقال : أَعطِهِم على الهجرة في الدِّين، والعقل والفقه(1)

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى ؛ وابن أبي عمیر،جميعاً عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن الزكاة، أيُفَضّل بعض من يُعطى ممّن لا يسأل على غيره ؟ قال : نعم ، يفضّل الّذي لا يسأل على الّذي يسأل(2).

3 - علي بن محمّد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمّد بن سليمان، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إِنَّ صدقة الخُفّ والظلف تُدفع إلى المتجمّلين من المسلمين فأمّا صدقة الذَّهب والفضة، وما كيل بالقفيز ممّا أخرجت الأرض فللفقراء المدقعين . قال ابن سنان : قلت : وكيف صار هذا كذا؟ فقال: لأنَّ هؤلاء متجمّلون يستحيون من الناس، فيدفع إليهم أجمل الأمرين عند الناس، وكُلّ صدقة(3).

4 - علي بن إبراهيم عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار عن يونس، عن ابن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم(عليه السلام)قال : قلت له : الرَّجل يُعطى الألف الدرهم من الزكاة، فيقسمها، فيحدث نفسه أن يعطي الرجل منها ثمَّ يبدو له ويَعْزِلُهُ ويعطي غيره؟ قال : لا بأس به(4).

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن عنبسة بن مصعب، عن أبي

ص: 540


1- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 19 وفي سنده : عن عتبة، عن عبد الله بن عجلان السكوني . الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي نجب عليها الزكاة ، ح 34 . وأخرجه عن عبد الله بن عجلان السكوني عن أبي جعفر(عليه السلام). وفي الذيل فيهما : ... والفقه والعقل. هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب التفضيل بالعقل والفقه والهجرة في الدين وترك السؤال، وشدّة ،الحاجة، والقرابة وإعطاء زكاة الخف والظلف للمتجمل، وباقي الزكوات المدقع .
2- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة، ح 18 ، وفيه : على غيرهم بدل على غيره
3- التهذيب 4 ، نفس ،الباب ح 20 . والمتجمّل : المتكلف للجميل، وتحسّن وتزين في مظهره، وتلطف في الكلام وتجمّل الفقير لم يظهر المسكنة والذل على نفسه. والمُدْقِع الراضي بالدون من المعيشة وسوء احتمال الفقر . قيل : مأخوذ من الدقعاء وهو التراب .
4- قال الشهيد في الدروس: «وإذا نوى بما أخرجه من ماله إعطاء رجل معيّن، فالأفضل إيصاله إليه، ولو عدل إلى غيره جاز» والحديث مجهول .

عبد الله(عليه السلام)قال : سمعته يقول : أتي النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)بشيء فقسّمه فلم يسع أهل الصُّفَّة جميعاً، فخصّ به أناساً منهم، فخاف رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أن يكون قد دخل قلوب الآخرين شيءٌ، فخرج إليهم فقال : معذرةٌ إلى الله عزَّ وجلَّ وإليكم يا أهل الصُّفَّة، إنّا أُوتينا بشيء فأردنا أن نقسّمه بينكم فلم يَسَعُكُم، فخصصت به أُناساً منكم خشِينا جَزَعَهُمْ وهلعهم(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عمير، عن الحسين بن عثمان ، عمّن ذكره عن أبي عبد الله(عليه السلام)أو(2) عن أبي الحسن(عليه السلام)في الرَّجل يأخذ الشيء للرجل، ثمَّ يبدو له فيجعله لغيره ، قال : لا بأس .

302- باب تفضيل القرابة في الزكاة ومن لا يجوز منهم أن يُعطوا من الزكاة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا ،عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الملك بن عتبة(3)عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)قال : قلت له : لي قرابة أنفق على بعضهم وأُفضّل بعضهم[على بعض]فيأتيني إبّانُ الزكاة، أفأُعطيهم منها؟ قال: مستحقّون لها؟ قلت : نعم قال: هم أفضل من غيرهم، أَعطِهِم، قال: قلت: فمن ذا الّذي يلزمني من ذوي قرابتي حتّى لا أحسب الزكاة عليهم ؟ فقال : أبوك وأُمّك، قلت: أبي وأمّي؟ قال : الوالدان والولد (4).

2 - أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن مثنّى، عن أبي بصير قال: سأله رجل- وأنا أسمع - قال : أُعطي قرابتي زكاة مالي وهم لا يَعرِفون؟ (5) قال : فقال : لا تعطِ الزكاة إلّا

ص: 541


1- الحديث ضعيف . والصُّفة : دكّة كانت أمام مسجد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يجلس عليها فقراء المسلمين.
2- الترديد من الراوي .
3- في التهذيبين : عبد الله بن عتبة، والظاهر أن ما هنا في الفروع هو الصحيح ، لأن عبد الله بن عتبة من عتبة من أصحاب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كما ذكره الشيخ رحمه الله في رجاله برقم 14.
4- التهذيب 4 ، 14 - باب من تحل نه من الأهل وتحرم له من الزكاة ، ح 6 . الاستبصار ،2 ، 16 - باب إعطاء الزكاة للمولد والقرابة ، ح 1 . والإبان : الوقت . هذا، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم جواز إعطاء الزكاة من قبل المالك لمن تجب نفقته عليه كالأبوين وإن علوا والأولاد وإن سفلوا ذكورا وإناثا ، والزوجة الدائمة الواجبة النفقة والمملوك مطلقاً سواء كان الإعطاء من قبله لهم للإنفاق عليهم، أو للتوسعة على خلاف في هذا الأخير حيث ذهب الشهيد الثاني والمحقق الثاني وغيرهما إلى القول بالجواز فيه .
5- في التهذيب : ... لا يعرفونك؟ والمقصود أبو عبد الله(عليه السلام)وهو من يرجع الضمير في سأله إليه(عليه السلام). كما صرح به في ضمن الرواية.

مسلماً، وأعطهم من غير ذلك ، ثمَّ قال أبو عبد الله(عليه السلام): أَتَرون إنّما في المال الزكاة وحدها، ما فرض الله في المال من غير الزكاة أكثر تعطي(1)منه القرابة والمعترض لك ممّن يسألك، فتعطيه، ما لم تعرفه بالنّصب، فإذا عرفته بالنصب فلا تعطه، إلّا أن تخاف لسانه فتشتري دينك وعرضك منه(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : سألت الرّضا(عليه السلام)عن الرَّجل له قرابة وموالي وأتباع يحبّون أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وليس يعرفون صاحب هذا الأمر، أيُعطَون من الزّكاة؟ قال : لا(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن زرعة بن محمّد، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يكون له الزكاة وله قرابة محتاجون غير عارفين، أيعطيهم من الزكاة؟ فقال: لا، ولا كرامة، لا يجعل الزكاة وقاية لماله، يعطيهم من غير الزكاة إن أراد(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : خمسة لا يُعْطَوْنَ من الزكاة شيئاً : الأبُ والأُمُّ والولد والمملوك والمرأة، وذلك أنّهم عِيالُه لازِمون له(5).

6 - أحمد بن إدريس وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال في الزكاة، يعطى منها الأخ والأخت والعمّ والعمّة والخال والخالة، ولا يعطى الجدّ ولا الجدَّة(6).

7 - محمّد بن يحيى ؛ ومحمّد بن عبد الله، عن عبد الله بن جعفر، عن أحمد بن حمزة قال : قلت لأبي الحسن(عليه السلام): رجلٌ من مواليك له قرابة، كلّهم يقول بك، وله زكاة، أيجوز له

ص: 542


1- في التهذيب : أكثر مما تعطي..
2- التهذيب 4 ، نفس الباب، ح 3 .
3- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 4 و 5 وجاء في سند الثاني : ... عن زرعة، عن سماعة ومحمّد بن أبي نصر، عن أبي بصير قال: قلت ..
4- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 4 و 5 وجاء في سند الثاني : ... عن زرعة، عن سماعة ومحمّد بن أبي نصر، عن أبي بصير قال: قلت ..
5- التهذيب 4 ، 14 - باب من تحل له من الأهل وتحرم له من الزكاة ، ح .. الاستبصار 2 ، 16 - باب إعطاء الزكاة للولد والقرابة ، ح 2 .
6- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح . وقد ذهب بعض أبناء العامة إلى القول بعدم جواز الدفع إلى الوارث مع فقد الولد كالأخ والعم باعتبار بنائهم على أن الوارث نفقة المورث فدفع الزكاة إليه يعود نفعها على الدافع، وما ذهبوا إليه واضح البطلان .

أن يعطيهم جميع زكاته؟ قال : نعم(1).

8 - محمّد بن أبي عبد الله ،عن سهل بن زياد ،عن عليِّ بن مهزيار، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال : سألته عن الرَّجل يضع زكاته كلّها في أهل بيته وهم يتولَّوْنَكَ؟ فقال : نعم(2).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عمران بن إسماعيل بن عمران القميِّ قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث(عليه السلام): إنَّ لي ولداً رجالاً ونساءً، أفيجوز [لي] أن أُعطيهم من الزكاة شيئاً؟ فكتب(عليه السلام): إنَّ ذلك جائز لكم(3).

10 - أحمد بن إدريس وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن جزك قال: سألت الصادق(عليه السلام): أدفع عُشْرَ مالي إلى ولد ابنتي؟ قال: نعم، لا بأس .

303- باب نادر

1 -عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سأله بعض أصحابنا عن رجل اشترى أباه من الزكاة - زكاة ماله- ؟ قال : اشترى خير رقبة ، لا بأس بذلك(4).

2 - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل على أبيه دَين، ولأبيه مؤونة، أيعطي أباه من زكاته يقضي دينه؟ قال: نعم، ومن أحقُّ من أبيه(5).

ص: 543


1- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 1 الاستبصار 2 ، نفس الباب ، ح ه . والحديث مجهول باشتراك أحمد، والظاهر أنه ابن اليسع الثقة فهو صحيح مرآة المجلسي 93/16 .
2- التهذيب ،4 ، نفس الباب ، ح 2 . الاستبصار ،2، نفس الباب ، ح 6 . والحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح .9. الاستبصار 2 ، نفس الباب، ح .. وفي ذيله فيهما : ... جائز لك . وليس فيه :كلمة شيئاً. والحديث مجهول وحمله العلامة في المنتهى على أنه يجوز أن يكون النساء والرجال من الأقارب، وأطلق عليهم اسم الولد مجازاً بسبب مخالطتهم للأولاد، وباحتمال أن يكون إنما أراد الزكاة المندوبة دون المفروضة .
4- والعلامة في قواعده جوز شراء الأب من الزكاة، وقوّى ولده في شرح القواعد هذا القول ونقله عن المفيد وابن إدريس وكذا جواز الأعتاق من الزكاة مطلقاً بل نسبه في المعتبر إلى فقهاء الأصحاب. هذا، والحديث مجهول.
5- هذا، وقد نصي الأصحاب على مضمونه وقال في الشرائع : وكذا لو كان الدين على من تجب نفقته جاز أن يقضى عنه حياً وميتاً وأن يُقاص». وذكر سيد المدارك أن هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب . بل ظاهر العلامة في المنتهى والتذكره أنه موضع اتفاق علمائنا رضوان الله عليهم ، ولعلهم استندوا إلى موثقة اسحاق بن عمار هذه، وحسنة زرارة التالية.

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): رجل حلّت عليه الزكاة، ومات أبوه وعليه دين، أيؤدِّي زكاته في دَين أبيه وللإبن مال كثير ؟ فقال : إن كان أبوه أورثه مالاً ثمَّ ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه قضاه من جميع الميراث ولم يقضه من زكاته ، وإن لم يكن أورثه مالاً ، لم يكن أحدٌ أحقُّ بزكاته من دين أبيه، فإذا أدّاها في دَين أبيه على هذه الحال أجزأت عنه.

304- باب الزكاة تُبْعَثُ من بلد إلى بلد أو تُدفَع إلى من يقسمها فتضيع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز [عن زرارة ](1)، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): رجلٌ بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت هل عليه ضمانها حتّى تقسم ؟ فقال : إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها فهو لها ضامنٌ حتّى يدفعها ، وإن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها، فليس عليه ضمان، لأنّها قد خرجت من يده، وكذلك الوصيُّ الّذي يوصى إليه، يكون ضامناً لما دفع إليه إذا وجد ربّه الّذي أمر بدفعه إليه، فإن لم يجد فليس عليه ضمان(2).

2 - حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا أخرج الرجل الزكاة من ماله، ثمَّ سمّاها لقوم فضاعت، أو أرسل بها إليهم فضاعت، فلا شيء علیه(3).

3 - حريز، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه قال : إذا أخرجها من ماله(4)

ص: 544


1- لا ذكر لزرارة في سند التهذيب.
2- التهذيب 4 ، 11 - باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما . . . ، ح 16 . الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة، ح 21 بتفاوت يسير وهل يجوز نقل الزكاة من بلد المستحق إلى غيره؟. قال الشيخ في الخلاف بالتحريم، وكذا العلامة في التذكره، ناسباً إياه إلى علمائنا أجمع. مع أنه نسبه في المنتهى إلى البعض!؟ وقد اطلق الشيخ المفيد في المقنعة الجواز حتى مع وجود المستحق وإن ضمّنه لو تلفت في هذه الحال، وهو ما ذكره الشيخ في بعض كتبه، بل قوّى في المبسوط الجواز مطلقاً أيضاً. وقال الشهيد في الدروس : ولا يجوز نقلها مع وجود المستحق فيضمن وقيل : يكره ويضمن .
3- التهذيب ،4 ، نفس ،الباب ، ح 14 الفقيه ،2 نفس الباب ، ح 22 . ولا بد من حمله على ما لو عدم المستحق في بلد المالك، قال المحقق في الشرائع 165/1 : «ولو لم يجد المستحق ، جاز نقلها إلى بلد آخر، ولا ضمان عليه التلف إلا أن يكون هنالك تفريط» .
4- أي عزلها، والمراد بالعزل تعيينها في مال خاص، فإذا فعل صارت أمانة في يده لا يضمنها إلا بالتعدي أو التفريط .

فذهبت، ولم يسمّها لأحد، فقد برىء منها.

4 - حريز، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل بعث إليه أخٌ له زكاته ليقسّمها فضاعت؟ فقال : ليس على الرَّسول ولا على المؤدّي ضمان؟ قلت : فإنّه لم يَجِدْ لها أهلاً ففسدت وتغيّرت، أيضمنها؟ قال : لا ، ولكن إن عرف لها أهلاً فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حتّى يخرجّها (1).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بكير بن أعين قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الرَّجل يبعث بزكاته فتُسْرَق أو تضيع؟ قال : ليس عليه شيء(2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن أخبره، عن دُرُسْت، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنّه قال : في الزكاة يبعث بها الرَّجل إلى بلد غير بلده؟ قال: لا بأس أن يبعث الثلث أو الرُّبع ، - شكٍّ أبو أحمد(3).

7 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في الرَّجل يعطى الزكاة يقسّمها، أله أن يخرج الشيء منها من البلدة الّتي هو فيها إلى غيرها؟ قال: لا بأس(4).

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن عبد الكريم بن عتبة الهاشميِّ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي وصدقة أهل الحَضَر في أهل الحَضَر، ولا يقسّمها بينهم بالسوية، إنّما يقسّمها على قدر ما يحضره منهم، وما يرى، ليس في ذلك شيء موقّت(5).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن وهيب بن حفص قال : كنّا مع أبي بصير، فأتاه عمر و بن إلياس فقال له : يا أبا محمد، إنَّ أخي بحَلّب بعث إليَّ بمال من الزكاة أقسّمه بالكوفة، فقُطِع عليه الطريق، فهل عندك فيه رواية؟ فقال: نعم. سألت

ص: 545


1- التهذيب 4 ، 11 - باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما ...، ح 17 وفي ذيله : من حين أخّرها، بدل: حتى يخرجها .
2- التهذيب ،4 ، نفس الباب، ح 15
3- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 11 . وفي ذيله : الشك من أبى أحمد وأبو أحمد هو ابن أبي عمير. الفقيه 2 ، 5- باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة، ح 24 .
4- الفقيه ،2 ، نفس الباب، ح 25 .
5- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة، ح 26 . الفقيه ،2 ، نفس الباب، ح 23 بتفاوت.

أبا جعفر(عليه السلام)عن هذه المسألة، ولم أظنَّ أنَّ أحداً يسألني عنها أبداً فقلت لأبي جعفر(عليه السلام): جُعِلْتُ فِداك ، الرجل يبعث بزكاته من أرض إلى أرض فيُقْطَع عليه الطريق؟ فقال: قد أجزأت عنه، ولو كنتُ أنا لأعَدْتُها .

10 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا تحلّ صدقة المهاجرين للأعراب، ولا صدقة الأعراب للمهاجرين(1).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران، عن ابن مسكان، عن ضَريس قال : سأل المدائنيُّ أبا جعفر(عليه السلام)قال : إنّ لنا زكاة نخرجها من أموالنا، ففيمن نضعها؟ فقال : في أهل ولايتك فقال : إنّي في بلاد ليس فيها أحدٌ من أوليائك؟ فقال : ابعث بها إلى بلدهم تُدْفَع إليهم ولا تدفعها إلى قوم إن دعوتهم غداً إلى أمرك لم يجيبوك، وكان والله الذبح(2).

305- باب الرجل يُدْفَعُ إليه الشيء يُفَرّقه وهو محتاج إليه يأخذ لنفسه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم ، عن أبَان بن عثمان ، عن سعيد بن يَسار قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): الرجل يعطى الزكاة يقسمها في أصحابه، أ يأخذ منها شيئاً؟ قال : نعم .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن أبي إبراهيم(عليه السلام)في رجل أُعطي مالاً يفرِّقه فيمن يحلُّ له أَلَهُ أن يأخذ منه شيئاً لنفسه وإن لم يُسَمَّ له؟ قال : يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطي غيره(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن الرَّجل يعطي الرَّجل الدَّراهم يقسّمها ويضعها في مواضها، وهو(4)ممّن يحلّ له الصدقة؟ قال : لا بأس لنفسه كما يعطي غيره ، قال : ولا يجوز له أن يأخذ إذا أمره أن يضعها في مواضع مسمّاة إلّا بإذنه(5).

ص: 546


1- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 43 وفي ذيله في المهاجرين.
2- أي أن أعطيتهم وانكشف أمر تشيعك فدعوتهم إليه لقتلوك والحديث صحيح .
3- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 29 . وفي آخره ... لغيره. والحديث حسن.
4- أي المعطى .
5- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 30 . والحديث صحيح. ولما كان الظاهر من إعطائه له هو الدفع إلى الغير، قيل بعدم جواز أخذ المعطى منه اللّهمَّ ألا أن تدل قرينة حال أو مقال على شمول الإذن له إذا كان ممن تنطبق عليه بأي عنوان من عناوينها فله أن يأخذ كواحد منهم .
306- باب الرجل إذا وصلت إليه الزكاة فهي كسبيل ماله يفعل بها ما يشاء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ،عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا أخذ الرجل الزكاة فهي كماله يصنع بها ما يشاء ، قال : وقال : إنَّ الله عزَّ وجلَّ فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يُحْمَدون إلّا بأدائها، وهي الزكاة، فإذا هي وصلت إلى الفقير فهي بمنزلة مَالِهِ يصنع بها ما يشاء، فقلت: يتزوج بها ويحجّ منها؟ قال: نعم، هي مالُهُ ، قلت : فهل يؤجر الفقير إذا حجَّ من الزَّكاة كما يؤجر الغني صاحب المال؟ قال : نعم .

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إِنَّ شيخاً من أصحابنا يقال له : عمر، سأل عيسى بن أعين وهو محتاج، فقال له عيسى بن أعين : أَمَا إِنَّ عندي من الزكاة، ولكن لا أُعطيك منها، فقال له : ولِمَ ؟ فقال : لأنّي رأيتك اشتريت لحماً وتمراً، فقال : إنّما ربحت درهماً فاشتريت بدانقين لحماً وبدانقين تمراً ورجعت بدانفين لحاجة ، قال : فوضع أبو عبد الله(عليه السلام)يده على جبهته ساعة، ثمَّ رفع رأسه ثمَّ قال : إِنَّ الله تبارك وتعالى نظر في أموال الأغنياء، ثمَّ نظر في الفقراء فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفون به ، ولولم يكفهم لزادهم، بل يعطيه ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوَّج ويتصدَّق ويحجّ .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين ،عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد أبي عبد الله(عليه السلام) قال: سألت رجل أبا عبد الله(عليه السلام)- وأنا جالسٌ فقال : إنّي أُعطى من الزكاة فأجمعه حتّى أحجَّ به؟ قال: نعم، يأجر الله من يعطيك .

307- باب الرجل يحجّ من الزكاة أو يُعتِق

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن إسماعيل الشعيريِّ، عن الحكم بن عُتَيبة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): رجل يعطي الرَّجل من زكاة ماله يحجّ بها؟ قال: مال الزكاة يُحَجّ به فقلت له : إنّه رجل مسلم أعطى رجلاً

ص: 547

مسلماً؟ فقال : إن كان محتاجاً فليعطه لحاجته وفقره، ولا يقول له : حجّ بها، يصنع بها بَعْدُ ما يشاء .

2 - أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم ،عن عمرو، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الرَّجل يجتمع عنده من الزكاة الخمسمائة والستّمائة، يشتري بها نَسَمَة(1) ويعتقها فقال : إذاً يظلم قوماً آخرين حقوقَهم، ثمَّ مكث مليّاً، ثمَّ قال : إلّا أن يكون عبداً مسلماً في ضرورة(2)، فيشتريه ويعتقه(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن مروان بن مسلم، عن ابن بكير، عن عُبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم، فلم يجد موضعاً يدفع ذلك إليه، فنظر إلى مملوك يُباع فيمن يريده، فاشتراه بتلك الألف الدَّرهم الّتي أخرجها من زكاته فأعتقه، هل يجوز له ذلك ؟ قال : نعم لا بأس بذلك، قلت: فإنّه لمّا إن أُعتق وصار حرًّا ، اتّجر واحترف وأصاب مالاً ، ثمَّ مات ليس له وارث، فمن يرثه إذا لم يكن له وارث؟ قال : يرثه الفقراء المؤمنون الّذين يستحقّون الزكاة، لأنّه إنّما اشتري بمالهم(4).

308- باب القرض أنه حِمى الزكاة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال؛ والحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن إبراهيم بن السنديِّ، عن يونس بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول: قرض المؤمن غنيمة، وتعجيلُ أجر، إن أيْسَرَ ،قضاك وإن مات قبل ذلك احتَسَبْتَ به من لزكاة(5).

ص: 548


1- أي عبداً أو أمة .
2- أي في شدة وضنك. والحديث صحيح. وأخرجه في التهذيب 4 ، 29 - باب الزيادات في الزكاة ، ح 16 . وفيه : فليشتره . . . . ويقول سيد المدارك : جواز الدفع من سهم الرقاب إلى المكاتبين والعبيد إذا كانوا في ضر وشدّة، فهو قول علمائنا وأكثر العامة .
3- يقول المحقق في الشرائع 166/1: المملوك الذي يشترى من الزكاة إذا مات ولا وارث له ورثه أرباب الزكاة، وقيل: بلى يرثه الإمام والأول أظهر.
4- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 15 .
5- روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ، ح ه عن الصادق(عليه السلام)مرسلاً أنه قال : نِعمَ الشيء القرض إن أيسر قضاك وإن أعسر حسبته من الزكاة وكرره الكليني رحمه الله برقم 5 من باب القرض من الجزء الثاني من الفروع ومسألة جواز احتساب مال الدين من الزكاة على الغارم حياً وميتاً مما نقل صاحب المدارك اتفاق علمائنا وأكثر العامة عليه، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك.

2 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن فضيل، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: كان علي صلوات الله عليه يقول: قرض المال حمى الزكاة(1).

3- أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: من أقرض رجلاً قرضاً إلى مَيْسَرَة كان ماله في زكاة، وكان هو في الصلاة مع الملائكة حتّى يقضيّه(2).

309- باب قصاص الزكاة بالدَّين

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين ؛ ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن الأوّل(عليه السلام)عن دَين لي على قوم قد طال حَبْسَهَ عندهم ، لا يقدرون على قضائه ، وهم مستوجبون للزكاة، هل لي أن أدعه واحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال : نعم .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة بن محمّد ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الرَّجل يكون له الِّدين على رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة؟ فقال : إن كان الفقير عنده وفاءٌ بما كان عليه من دَين، من عَرَض من دار أو متاع من متاع البيت، أو يعالج عملاً يتقلّب فيها بوجهه، فهو يرجو أن يأخذ منه ماله عنده من دَينه فلا بأس أن يقاصّه بما أراد أن يعطيه من الزكاة، أو يحتسب بها، فإن لم يكن عند الفقير وفاء، ولا يرجو أن يأخذ منه شيئاً، فليعطه من زكاته ولا يقاصّه بشيء من الزكاة.

310- باب من فّرَّ بماله من الزكاة

1 - عليُ بن إبراهيم عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): رجلٌ فرَّ بماله من الزكاة، فاشترى(3)به أرضاً أو داراً، أعليه فيه شيء؟ فقال:

ص: 549


1- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 39 الفقيه 2 نفس الباب ، ح 6 مرسلاً وبتفاوت .
2- الفقيه 3، 60 - باب الدين والفروض ، ح 30 مرسلا . وفي ذيله : حتى يقبضه . قوله(عليه السلام): حتى يقضيه : أي حتى يقضيه الغريم ما له عليه من الدين .
3- أي قبل حلول الحَوْل .

لا ، ولو جعله حليّاً أو نقرأ(1)فلا شيء عليه فيه، وما منع نفسه من فضله أكثر ممّا منع من حقَّ الله بأن يكون فيه(2).

311- باب الرجل يعطي عن زكاته العوض

1 - 1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد البرقيِّ قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني(عليه السلام): هل يجوز أن يخرج عمّا يجب في الحَرْث من الحنطة والشعير وما يجب على الذَهب دراهم بقيمة ما يسوى أم لا يجوز إلّا أن يخرج من كلِّ شيء ما فيه؟ فأجاب(عليه السلام): أيّما تيسّر يُخرج(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن العمركيِّ بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر قال: سأل أبا الحسن موسى(عليه السلام)عن الرَّجل يعطي عن زكاته من الدراهم دنانير، وعن الدنانير دراهم بالقيمة، أيُحِلّ ذلك؟ قال : لا بأس به(4).

3 - محمّد بن أبي عبد الله، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن سعيد بن عمرو، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : يشتري الرجل من الزكاة الثياب والسويق والدَّقيق والبطّيخ والعنب فيقسّمه؟ قال : لا يعطيهم إلّا الدَّراهم كما أمر الله تبارك وتعالى(5).

312 - باب من يحلّ له أن يأخذ الزكاة ومن لا يحل له ومن له المال القليل

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة إذا لم يجد غيره، قلت: فإنَّ

ص: 550


1- النقار : القطعة المذابة من الذهب والفضة والنُّقرة :- كما في الصحاح - السبيكة
2- قال الشهيد في الدروس وفي سقوطها (الزكاة) بأسباب الفرار قولان أشبههما السقوط. وأخرجه في الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ، ح 28 بتفاوت يسير .
3- الفقيه ،2 نفس الباب، ح 27 . التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة، ح 5 .
4- التهذيب 4 ، نفس الباب، ح .6 . وفي ذيله : أيحلّ ذلك له. الفقيه 2، نفس الباب، ح 26 . هذا، ومن المتفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم هو جواز إعطاء القيمة في زكاة النقدين وإن وقع الخلاف بينهم في جوازه في غيرهما كالأنعام فراجع كلا من الخلاف للشيخ والمقنعة للمفيد والمعتبر ايضا للمحقق رحمهم الله.
5- الحديث ضعيف على المشهور.

صاحب السّبعمائة تجب عليه الزكاة؟ قال : زكاته صدقة على عياله، ولا يأخذها إلّا أن يكون إذا اعتمد على السّبعمائة أنفدها في أقلّ من سنة، فهذا يأخذها، ولا تحلّ الزكاة لمن كان محترف(1)وعنده ما يجب فيه الزكاة .

2 - حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: سمعته يقول : إن الصّدقة لا تحلُّ ،لمحترِف، ولا لذي مِرَّة سوي(2)قويّ فتنزَّهوا عنها.

3 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن عليّ، عن إسماعيل بن عبد العزيز، عن أبيه، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن رجل من أصحابنا له ثمانمائة درهم ، وهو رجلٌّ خفاف، وله عيال كثيرة، ألَه أن يأخذ من الزكاة؟ فقال : يا أبا محمّد، أيربح في دراهمه ما يقوت عياله ويفضل؟ قال: قلت نعم قال : كم يفضل؟ قلت : لا أدري ، قال : إن كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزكاة، وإن كان أقلّ من نصف القوت أخذ الزكاة، قلت: فعليه في ماله زكاة تلزمه؟ قال: بلى، قلت: كيف يصنع ؟ قال : يوسّع بها على عياله في طعامهم [وشرابهم] وكسوتهم، وإن بقي منها شيء يناوله غيرهم، وما أخذ من الزكاة فَضَّه(3)على عياله حتّى يلحقهم بالناس .

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الزكاة، هل تصلح لصاحب الدار والخادم؟ فقال: نعم، إلّا أن تكون داره دار غلّة فيخرج له من غلّتها دراهم ما يكفيه لنفسه وعياله، فإن لم تكن الغلّة تكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم من غير إسراف، فقد حلّت له الزكاة، فإن كانت غلّتها تكفيهم فلا(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن الأوَّل(عليه السلام)قال : سألته عن الرجل يكون أبوه أو عمّه أو أخوه يكفيه مؤنته ، أيأخذ من الزكاة فيتوسّع به إن كانوا لا يوسّعون عليه في كلّ ما يحتاج إليه؟

ص: 551


1- أي كان ذا حرفة تكفيه لمؤونته مع عياله فإنه كالغنيّ لا تحل له الزكاة نعم ، لو قصرت حرفته عن كفايته جاز له تناول الزكاة بمقدار ما يتمم به كفايته .
2- المرّة: - كما في النهاية - القوة والشدة، والسوي: الصحيح الأعضاء.
3- فَضْهُ : أي وزّعة. والحديث ضعيف. هذا، والغني الشرعي عندنا من ملك مؤونة سنته له ولعياله فعلاً أو قوة. وقال الشيخ في الخلاف الغني من ملك نصاباً يجب فيه الزكاة أو قيمته.
4- التهذيب 4 ، 12 - باب أصناف أهل الزكاة، ذيل ح .. الفقيه 2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ، ح 32 .

فقال : لا بأس(1).

6 - صفوان بن يحيى، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الرجل يكون له ثلاثمائة درهم أربعمائة درهم وله عيال، وهو يحترف فلا يصيب نفقته فيها، أيكبُّ فيأكلها ولا يأخذ الزكاة، أو يأخذ الزكاة؟ قال : لا ، بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه ومن وسعه ذلك من عياله، ويأخذ البقيّة من الزكاة ويتصرّف بهذه لا ينفقها.

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن غير واحد، عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام)أنّهما سُئلا عن الرجل له دار وخادم أو عبد، أيقبل الزكاة؟ قال: نعم، إنَّ الدار والخادم ليستا بمال(2).

8- أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): رجلٌ له ثمانمائة درهم، ولا بن له مائتا درهم، وله عشر من العيال،ّ وهو يقوتهم فيها قوتاً شديداً، وليس له حرفة بيده وإنما يستبضعها فتغيب عنه الأشهر، ثمَّ يأكل من فضلها ،أترى له إذا حضرت الزكاة أن يخرجها من ماله فيعود بها على عياله يسبغ عليهم بها النفقة؟ قال: نعم، ولكن يخرج منها الشيء؛ الدّرهم .

9 - عدَّةٌ من أصحابنا،ّ عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قد تحلّ الزكاة لصاحب السّبعمائة، وتحرم على صاحب الخمسين درهماً ، فقلت له : وكيف يكون هذا؟ فقال : إذا كان صاحب السّبعمائة له عيال كثير، فلو قسّمها بينهم لم تكفه ، فليعفّ عنها نفسه وليأخذها لعياله، وأمّا صاحب الخمسين، فإنّه يحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها، وهو يصيب منها ما يكفيه إن شاء الله(3).

10 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن إسماعيل بن عبد العزيز، عن أبيه قال : دخلت أنا وأبو بصير على أبي عبد الله(عليه السلام)، فقال له أبو بصير : إنَّ لنا صديقاً وهو رجلٌ صدوق يدين الله

ص: 552


1- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 44 .
2- التهذيب 4 ، 13 - باب مستحق الزكاة الفقر والمسكنة من ... ، ح 4 . وفي ذيله : ليسا بملك . الفقيه 2 ، نفس الباب ، ح 31. ويدل الحديث على أن المستحق يعطى من الزكاة بمقدار يتناسب مع العيش الكريم لأمثاله، ولذا فإذا احتاج إلى فرس للركوب أو ثياب للتجمل أو دار أوسع من داره أو ما شاكل فإنه يحل له أن يتناول من الزكاة المقدار الذي يؤمن له كل هذه الاحتياجات .
3- التهذيب 4 ، 12 - باب أصناف أهل الزكاة، ضمن ح 1 بتفاوت يسير . وذكر مضمونه مع حذف الإسناد الصدوق رحمه الله في الفقيه ،2 ، 5 - باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة قبل إيراده الحديث رقم 32.

بما نَدِينُ به(1)، فقال : من هذا يا أبا محمّد الّذي تزكّيه ؟ فقال : العبّاس بن الوليد بن صبيح، فقال: رحم الله الوليد بن صبيح ، ما لَهُ يا أبا محمّد؟ قال: جُعِلْتُ فِداك له دار تسوى أربعة آلاف درهم، وله جارية وله غلام يستقي على الجمل كلُّ يوم ما بين الدَّرهمين إلى الأربعة سوى علف الجمل، وله عيال أله أن يأخذ من الزكاة؟ قال : نعم ، قال : وله هذه العروض ؟ فقال : يا أبا محمد، فتأمرني أن أمره أن يبيع داره وهي عزه ومسقط رأسه، أو يبيع جاريته التي تقيه الحرّ والبرد، وتصون وجهه ووجه عياله، أو أمره أن يبيع غلامه وجَمَلَه وهو معيشته وقوته، بل يأخذ الزكاة، وهي له حلالٌ، ولايبيع داره ولا غلامه ولا جَمَلَه(2).

11 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن الرجل يكون له الدَّراهم يعمل بها وقد وجب عليه فيها الزكاة، ويكون فضله الّذي يكسب بماله كفاف عياله لطعامهم وكسوتهم لا يسعه لأُدمهم ، وإنّما هو ما يقوتهم في الطعام والكسوة؟ قال : فلينظر إلى زكاة ماله ذلك فليخرج منها شيئاً قلَّ أو كثر فيعطيه بعض من تحلُّ له الزكاة، وليَعُدْ بما بقي من الزكاة على عياله وليشتر بذلك أدامهم وما يصلحهم من طعامهم من غير إسراف، ولا يأكل هو منه، فإنّه رُبّ فقير أسْرَفُ من غنيّ ، فقلت : كيف يكون الفقير أسرف من الغنيِّ ؟ فقال : إِنَّ الغنيَّ ينفق ممّا أُوتي، والفقير ينفق من غير ما أُوتي(3).

12 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام)يروون عن النبيِّ (صلی الله علیه وآله وسلم)أنَّ الصّدقة لا تحلُّ لغنيّ ولا لذي مرَّة سويّ ؟ فقال أبو عبد الله(عليه السلام): لا تصلح لغنيّ(4).

13-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قلت له : ما يعطى المصدّق؟ قال : ما يرى الإمام، ولا يقدّر له شيء(5).

ص: 553


1- أي بعقيدة التشيع لأهل البيت(عليهم السلام).
2- الحديث موثق .
3- الحديث مجهول.
4- لا تصلح لغنيّ : أي أن ذا المرة السوي إذا كان قادراً على تحصيل كفايته فهو غنيّ .
5- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 45. ويقول المحقق في الشرائع وهو بصدد الحديث عن العاملين على الزكاة الإمام مخير بين أن يقرر لهم جعالة مقدّرة، أو أجرة عن مدة مقررة ويقول الشهيد رحمه الله في الدروس: ويتخير الإمام بين الأجرة للعامل، والجعل المعين، فلو قصر النصيب أتم الإمام من بيت المال أو من سهم آخر إذا كان موصوفاً بسبب ذلك السهم. وأما صاحب المدارك فقد ذكر أمراً ثالثاً وهو عدم التعيين وإعطاؤهم ما يراه الإمام(عليه السلام)كباقي الأصناف مستدلاً بحسنة الحلبي هذه عن أبي عبد الله(عليه السلام).

14 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : قلت لأبي الحسن(عليه السلام): رجل مسلم مملوك، ومولاه رجل مسلم ، وله مال يزكيه وللمملوك ولد صغير حرّ، أيجزىء مولاه أن يعطي ابن عبده من الزكاة؟ فقال : لا بأس به.

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن داود الصرميِّ قال: سألته عن شارب الخمر، يُعطى من الزكاة شيئاً؟ قال : لا(1).

313- باب من تحلّ له الزكاة فيمتنع من أخذها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن الحسن بن عليّ، عن مروان بن مسلم، عن عبد الله بن هلال بن خاقان قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : تارك الزكاة وقد وَجَبَتْ له، مثل مانِعِهَا وقد وَجَبَتْ عليه(2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبد العظيم بن عبد الله العلويِّ، عن الحسين بن عليّ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : تارك الزكاة وقد وجبت له ،كمانعها وقد وجبت عليه .

3 - عدُّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام) : الرَّجل من أصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة، فأعطيه من الزكاة ولا أسمّي له أنّها من الزكاة؟ فقال : أَعْطِهِ ولا تُسَمّ له، ولا تُذِلّ المؤمن(3).

ص: 554


1- التهذيب 4 ، 13 - باب مستحق الزكاة للفقر والمسكنة من .... ، ح .9 وذكره الصدوق رحمه الله مع حذف الإسناد في ذيل كلام له بعد الحديث 31 من الباب 5 من الجزء 2 من الفقيه. هذا، وقد اعتبر كثير من الأصحاب في مستحق الزكاة العدالة، كما اعتبر آخرون مجانبة الكبائر كالخمر والزنا دون الصغائر وإن دخل بها في جملة الفساق، وقد اعتبر بعضهم - كالمحقق في الشرائع - أن اشتراط العدالة فيه هو الأحوط فراجع شرائع الإسلام 163/1 . وقد نقل عن ابني بابويه وسلار عدم اعتبار أكثر من الإيمان ولم يشترطوا زائداً عليه .
2- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 27 . الفقيه 2 ، 3 - باب ما جاء في تارك الزكاة وقد وجبت له ، ح .! . قوله(عليه السلام): وقد وجبت له : أي من استحق الزكاة بأي عنوان من العناوين المنطبقة عليه ثم امتنع عن قبضها. واخذها . . . . قال الشهيد في الدروس : ولو تعفف المستحق، ففي رواية : هو كمن يمنع من إداء ما وجب عليه ، وتحمل على الكراهة، إلا أن يخاف التلف فيحرم الامتناع .
3- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 28 . الفقيه ،2، 4 - باب الرجل يستحي من أخذ الزكاة فيعطى . . . ، ح . وقد ذكر الشهيد الأول رحمه الله في كتابه الدروس أنه يستحب التوصل بالزكاة إلى من يستحقها على وجه الهدية ولا بد من تقييد ذلك بأن يكون دفعه لها إليه فيما بينه وبين نفسه تقرباً بها إلى الله سبحانه وحينئذ لا يضر اظهارها بأي مظهر كان وخاصة إذا كان المستحق من أهل التعفف والإباء.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): الرجل يكون محتاجاً فيبعث إليه بالصدقة فلا يقبلها على وجه الصدقة، يأخذه من ذلك ذمام واستحياء وانقباض، أفيعطيها إيّاه على غير ذلك الوجه وهي منّا صدقة ؟ فقال : لا ، إذا كانت زكاة فله أن يقبلها، فإن لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إيّاه، وما ينبغي له أن يستحي مما فرض الله عزّ وجلَّ، إنّما هي فريضة الله له، فلا يستحيي منها .

314- باب الحصاد والجداد

(1)

علي ُّبن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن شريح قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : في الزرع حقّان: حقُّ تؤخذ به وحقُّ ،تعطيه ، قلت : وما الّذي أوخذ به وما الّذي أُعطيه؟ قال: أمّا الّذي تؤخذ به فالعُشْر ونصفُ العُشْر، وأمّا الّذي تعطيه فقول الله عزّ وجلَّ :﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾(2)يعني من حصدك الشيء بعد الشيء - ولا أعلمه إلّا قال : الضّغث(3)ثمَّ الضَّغْث حتّى يفرغ .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، ومحمّد بن مسلم ؛ وأبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)في قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾، فقالوا جميعاً قال أبو جعفر(عليه السلام): هذا من الصدقة ، يعطى المسكين القبضة بعد القبضة، ومن الجَداد الحفنة بعد الحفنة حتى يفرغ ويعطى الحارس أجراً معلوماً، ويترك من النخل معافارة وأمّ جعرور(4)، ويترك للحارس يكون في الحائط العذق والعذقان والثلاثة لحفظه إيّاه(5).

3 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن

ص: 555


1- الجداد، أو الجذاد قطع ثمرة النخل. ويقال: صرم النخل .
2- سورة الأنعام / 141 .
3- الضُّغت :- كما في القاموس - قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس . وقد حمل ما تضمنته الرواية مما زاد عن الزكاة المفروضة على الاستحباب . والحديث مجهول .
4- هما صنفان رديئان من التمر، وقد مرّ .
5- التهذيب 4 ، 29 - باب من الزيادات في الزكاة ، ح 37 . وفي ذيله لحفظه له. والحفنة ملء الكف. أو الكفين. والعِذْق النخلة بحملها، أو القنو منها والعنقود من العنب .

عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا تصرم باللّيل، ولا تحصد باللّيل، ولا تُضَحّ باللّيل، ولا تبذر باللّيل، فإنّك إن تفعل لم يأتك القانع والمُعْتَر، فقلت: ما القانع والمعترّ؟ قال : القانع : الّذي يقنع بما أعطيته، والمُعترّ الّذي يمرُّ بك فيسألك، وإن حصدت باللّيل لم يأتك السّؤال، وهو قول الله تعالى : ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ عند الحصاد،يعني القبضة بعد القبضة إذا حصدته، وإذا خرج فالحَفْنَة بعد الحفنة، وكذلك عند الصرام، وكذلك عند البذر، ولا تبذر باللّيل لأنّك تعطي من البذر كما تعطي من الحصاد(1).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبَان، عن أبي مريم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ قال : تعطي المسكين يوم حصادك الضَّغْثَ، ثمَّ إذا وقع في البيدر ، ثمَّ إذا وقع في الصاع العُشْر ونصف العُشْر.

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن مرازم(2)،عن مصادف(3)قال: كنت مع أبي عبد الله(عليه السلام)في أرض له وهم يصرمون، فجاء سائل يسأل، فقلت : الله يرزقك ، فقال(عليه السلام): مَهْ ، ليس ذلك لكم حتّى تعطوا ثلاثة، فإذا أعطيتم ثلاثة، فإن أعطيتم فلكم ، وإن أمسكتم فلكم(4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: سألته عن قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ولا تُسْرِفوا﴾؟ قال: كان أبي(عليه السلام)يقول : من الإسراف في الحصاد والجداد أن يُصدَّق الرجل بكفّيه جميعاً، وكان أبي إذا حضر شيئاً من هذا فرأي أحداً من غلمانه يتصدَّق بكفّيه، صاح به أعْطِ بيد واحدة القبضة بعد القبضة والضَّعْثَ بعد الصِّغْث من السنبل(5).

ص: 556


1- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 38 بتفاوت يسير . وروى بمعناه في الفقيه 2، 8 - باب حق الحصاد والجذاذ، ح 1 .
2- هو ابن حكيم.
3- مشترك بين ثلاثة هم أبو اسماعيل المدني من أصحاب الصادق(عليه السلام). وعقبة الجرزي أو الجوزي . ومصادف مولى الصادق(عليه السلام).
4- الفقيه 2 ، 8 - باب الحصاد والجذاذ، ح 2 بتفاوت قليل .
5- الحديث صحيح .
315- باب صدقة أهل الجِزْيَة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): ما حدُّ الجزية على أهل الكتاب وهل عليهم في ذلك شيء مُوَظّف(1)لا بنبغي أن يجوزوا إلى غيره ؟ فقال : ذاك إلى الإمام أن يأخذ من كلّ إنسان منهم ما شاء على قدر ماله بما يطيق، إنّما هم قومٌ فَدَوا أنفسهم من أن يُسْتَعْبُدوا(2)أو يُقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم به حتّى يُسْلموا، فإنَّ الله تبارك وتعالى قال : ﴿ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾(3)، وكيف يكون صاغراً وهو لا يكترث لما يؤخذ منه ، حتّى يجد ذلاً لما أُخذ منه ، فيألم لذلك فيُسْلِم ؛ قال : وقال ابن مسلم : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): أرأيتَ ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس من أرض الجزية، ويأخذون من الدَّهاقين جزية رؤوسهم، أَمَا عليهم في ذلك شيء مُوَظَّف ؟ فقال : كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم ، وليس للإمام أكثر من الجزية، إن شاء الإمام وضع ذلك على رؤوسهم، وليس على أموالهم شيء، وإن شاء فعلى أموالهم وليس على رؤوسهم شيء، فقلت: فهذا الخمس؟ فقال: إنّما هذا شيء كان صالحهم عليه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)(4).

2 - حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألته عن أهل الذَّمّة، ماذا عليهم ممّا يحقنون به دمائهم وأموالهم ؟ قال : الخراج فإن أخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على أرضهم، وإن أُخذ من أرضهم فلا سبيل على رؤوسهم(5).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن

ص: 557


1- أي مقرّر محدّد من قبل الشارع .
2- في الفقيه: ... أن لا يُستَعبَدوا ... ، وكلاهما صحيح . وما هنا مبني على حذف المضاف أي كراهة أن...
3- سورة التوبة / 29 . عن يد . . . : يعني من يده إلى يد المدفوع إليه، وهم صاغرون: أي يأخذها المسلم وهو جالس من الذمى وهو قائم وقيل : وهم أذلّاء مقهورون . ولعل ذاك من مصاديقه .
4- التهذيب 4 ، 32 - باب مقدار الجزية ، ح : بتفاوت يسير. الفقيه 2 ، 10 - باب الخراج والجزية ، ح 4 بتفاوت . الاستبصار 2 ، 29 - باب مقدار الجزية ، ج 1 . :قوله وهذا الخمس. ؟ إشارة إلى ما كان صنعه عمر مع نصارى تغلب عندما طالبوه برفع الجزية عنهم فرفعها وزاد الضريبة عليهم فَرَضَوا وخالف بذلك حكما من أحكام الله إذ لا يجوز رفع الجزية بحال ما لم يُسلموا . وقوله : قدر ما يطيقون : أي أقصى ما يمكن أن يتحملوه ولو مع المشقة وتقدير ذلك راجع إلى نظر الإمام(عليه السلام)
5- التهذيب 4 ، نفس الباب ، ح 2 . الاستبصار ،2 ، نفس الباب ح 2 . وفيهما على أراضيهم. في الموضعين معا. والمشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم عدم جواز الجميع في الضريبة بين الرؤوس والأراضي ، وهنالك قول بالجواز، وذلك راجع إلى الإمام(عليه السلام)واعتبره المحقق في شرائعه 328/1 بأنه الأشبه.

يحيى ؛ جميعاً عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: جرت السُّنّة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه، ولا من المغلوب على عقله(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي يحيى الواسطيِّ، عن بعض أصحابنا قال: سئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن المجوس ، أكان لهم نبيُّ ؟ فقال : نعم أما بلغك كتاب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) إلى أهل مكّة أن أسلموا وإلّا نابذتُكُم بحَرب ، فكتبوا إلى رسول الله

(صلی الله علیه وآله وسلم): أنْ خُذ منّا الجزية ودَعْنا على عبادة الأوثان، فكتب إليهم النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم): «إنّي لست أخُذُ الجزية إلّا من أهل الكتاب» فكتبوا إليه - يريدون بذلك تكذيبه - : زعمت أنّك لا تأخذ الجزية إلّا من أهل الكتاب، ثمَّ أخذت الجزية من مجوس هَجَر(2) ، فكتب إليهم النَّبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم): «إنَّ المجوس كان لهم نبيُّ فقتلوه ، وكتاب أحرقوه ، أتاهم نبيّهم بكتابهم في إثني عشر ألف جلد ثَوْر»(3).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن صدقات أهل الجزية، وما يؤخذ منهم من ثمن خمورهم، ولحم خنازيرهم، وميّتهم؟ قال عليهم الجزية في أموالهم ، يؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو خمر، وكلِّ ما أخذوا منهم من ذلك فَوِزْرُ ذلك عليهم، وثمنه للمسلمين حلال يأخذونه في جِزْيَتهم(4).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إِنَّ أرض الجزية لا تُرْفَعُ عنها الجزية، وإنّما الجزية عطاء المهاجرين ، والصدقة لأهلها الذين سمّى الله في كتابه، وليس لهم من الجزية شيء، ثمَّ قال : ما أوسع العدل، ثمَّ قال : إنَّ الناس يستغنون إذا عُدِلَ بينهم، وتنزل السماء رزقها، وتُخْرج الأرض بَرَكَتَها بإذن الله تعالى(5).

ص: 558


1- التهذيب 4 ، 30 - باب الجزية ، ح 3 الفقيه ،2 ، نفس الباب ، ح 7 . والمعتوه : ناقص العقل أو ضعيفه وليس بمجنون .
2- هَجَر: موضع قريب من المدينة.
3- التهذيب 4 ، 30 - باب الجزية ، ح 1 . وأشار إلى نبي المجوس وكتابهم في الفقيه 2 ، 10 - باب الخراج والجزية ، ح 11 . والجزية فِعْلَة من جزى فلان ما عليه أي قضاه. والحديث مجهول مرسل .
4- التهذيب ،4 ، نفس الباب ، ح 2 . الفقيه ،2 ، نفس الباب ، ح .6 . ويدل الحديث على أن أهل الكتاب يؤخذون بما الزموا به أنفسهم مما يرونه حلالاً وإن كان حراماً في شريعة الإسلام، فيجوز للمسلمين أخذ ثمنه منهم في جزيتهم، وإن كان يحرم التعامل به بين المسلمين حيث عُد ثمنه سحتاً وحراماً .
5- التهذيب 4 39 - باب الزيادات ، ح 2 . الفقيه ،2 ، نفس الباب ، ح 10 وأخرجه عن محمد بن مسلم عن أبي ، جعفر(عليه السلام)بتفاوت يسير وزيادة في أوله وبنفس نص الفقيه وسنده أخرجه في التهذيب 4 ، 33 - باب مستحق عطاء الجزية من ...، ح 1 .

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)في أهل الجزية، يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شيء سوى الجزية؟ قال : لا(1).

316- باب نادر

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا بأس بالرَّجل يمرُّ على الثّمرة ويأكل منها ولا يُفْسِد، قد نهى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أن تُبْنى الحيطان بالمدينة لمكان المارَّة ، قال : وكان إذا بلغ نَخْلُهُ أمر بالحيطان فَخُرِّقَتْ لمكان المارَّة(2) .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الرَّبيع الشّاميّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)نحوه، إلّا أنّه قال: ولا يُفْسِد ولا يَحْمِل(3).

3 -أحمد بن إدريس؛ وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن عليِّ بن الريّان، عن أبيه، عن يونس أو(4)غيره، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : قلت له : جُعِلْتُ فِداك ، بلغني أنّك كنت تفعل في غلّة عين زياد شيئاً، وأنا أُحبُّ أن أسمعه منك ، قال : فقال لي : نعم ، كنت آمر إذا أدركت الثمرةُ أن يُثْلَمَ في حيطانها الثلم ليدخل الناس ويأكلوا، وكنت آمر في كلِّ يوم أن يوضع عشر بَنيّات(5)يقعد على كلِّ بنية عشرة، كلّما أكل عشرة جاء عشرة أُخرى، يلقى لكلِّ نفس منهم مُدُّ من رطب، وكنت آمر لجيران الضيعة كلّهم :الشيخ والعجوز والصبي والمريض والمرأة ومن لا يقدر أن يجيء فيأكل منها ، لكلّ إنسان منهم مُدَّ ، فإذا كان الجذاذ، أوفيتُ القُوّام والوكلاء والرجال أجرتَهم وأحمل الباقي إلى المدينة، ففرّقت في أهل البيوتات والمستحقّين

ص: 559


1- التهذيب 4 ، 32 - باب مقدار الجزية ، ح 3 ، الفقيه ،2 نفس الباب ، ح 5 .
2- الحديثان مجهولان. وقد روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 3 59 - باب الأب يأخذ من مال ابته، ح 10 عن الصادق(عليه السلام)مرسلا قال : من مر ببساتين فلا بأس بأن يأكل من ثمارها ولا يحمل معه منها شيئاً . أقول: وهذا ما يعبر عنه فقهاؤنا بحق المارّة. وهو مذهب أكثر أصحابنا كما ذكر الشهيد في الدروس، بل نقل في الخلاف الإجماع عليه .
3- الحديثان مجهولان. وقد روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 3 59 - باب الأب يأخذ من مال ابته، ح 10 عن الصادق(عليه السلام)مرسلا قال : من مر ببساتين فلا بأس بأن يأكل من ثمارها ولا يحمل معه منها شيئاً . أقول: وهذا ما يعبر عنه فقهاؤنا بحق المارّة. وهو مذهب أكثر أصحابنا كما ذكر الشهيد في الدروس، بل نقل في الخلاف الإجماع عليه .
4- الشك من الراوي .
5- بنيّات: جمع بنا، وهو - هنا - النُطْع .

الراحِلَتين والثلاثة والأقلّ والأكثر على قدر استحقاقهم، وحصل لي بعد ذلك أربعمائة دينار، وكان غلّتها أربعة آلاف دينار(1).

4 - عليُّ بن محمّد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عليِّ بن محمّد بن القاسانيّ، عمّن حدَّثه، عن عبد الله القاسم الجعفريِّ، عن أبيه قال: كان النبيُّ(صلی الله علیه وآله وسلم)إذا بلغت الثمار أمَرَ بالحيطان فثُلِمَت(2).

ص: 560


1- الحديث مرسل .
2- الحديث ضعيف. وأمره(صلی الله علیه وآله وسلم)بثلم الحيطان ليدخل الناس ويأكلوا كما مر في حديث يونس عن أبي عبد الله(عليه السلام).

فهرس الکتاب

كتاب الطهارة

1 - باب طهور الماء...5

2 - باب الماء الذي لا ينجسه شيء...6

3 - باب الماء الذي تكون فيه قلة والماء الذي فيه الجيف والرجل يأتي الماء ويده قذرة ...7

4 - باب البئر وما يقع فيها ...9

5- باب البئر تكون إلى جنب البالوعة ...12

6 - باب الوضوء من سؤر الدواب والسباع والطير ....13

7 - باب الوضوء من سؤر الحائض والجنب واليهودي والنصراني والناصب...14

8 - باب الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها والحد في غسل اليدين من الجنابة والبول والغائظ والنوم ....16

9- باب اختلاط ماء المطر بالبول وما يرجع في الإناء من غسالة الجنب والرجل يقع ثوبه على الماء الذي يستنجي به...17

10 - باب ماء الحمام والماء الذي تسخنه الشمس ....19

11 - باب الموضع الذي يكره أن يتغوط فيه أو يبال...20

12 - باب القول عند دخول الخلاء وعند الخروج والاستنجاء ومن نسيه والتسمية عند الدخول وعند الوضوء ...21

13 - باب الاستبراء من البول وغسله ومن لم يجد الماء ...24

14 - باب مقدار الماء الذي يجزىء للوضوء والغسل ومن تعدى في الوضوء ...26

15 - باب السواك ...28

16 - باب المضمضة والاستنشاق ....29

17 - باب صفة الوضوء ...30

18 - باب حد الوجه الذي يغسل والذراعين وكيف يغسل ...33

ص: 561

19 - باب مسح الرأس والقدمين...35

20 - باب مسح الخُفّ ...38

21 - باب الجبائر والقروح والجراحات ...39

22 - باب الشك في الوضوء ومن نسيه أو قدّم أو أخّر...40

23 - باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه ...42

24 - باب الرجل يطأ على العذرة أو غيرها من القَذَر ......45

25 - باب المذي والودي ...46

26 - باب أنواع الغسل ...47

27 - باب ما يجزىء الغسل منه إذا اجتمع ...48

28 - باب وجوب الغسل يوم الجمعة ...49

29 - باب صفة الغسل والوضوء قبله وبعده والرجل يغتسل في مكان غير طيب وما يقال عند الغسل وتحويل الخاتم عند الغسل ...50

30 - باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة...54

31 - باب احتلام الرجل والمرأة ....55

32 - باب الرجل والمرأة يغتسلان من الجنابة ثم يخرج منهما شيء بعد الغسل...57

33 - باب الجنب يأكل ويشرب ويقرأ ويدخل المسجد ويختضب ويدَّهِنُ ويطلي ويحتجم.... 58

34 - باب الجنب يعرق في الثوب أو يصيب جسده ثوبه وهو رطب....60

35 - باب المني والمذي يصيبان الثوب والجسد ...61

36 - باب البول يصيب الثوب أو الجسد ...62

37 - بار ، أبوال الدواب وأرواثها . ...64

38 - باب الثوب يصيبه الدم والمدة ...66

39 - باب الكلب يصيب الثوب والجسد وغيره مما يكره أن يمس شيء منه...68

4 - باب صفة التيمم...69

41 - باب الوقت الذي يوجب التيمم ومن تيمم ثم وجد الماء...71

42 - باب الرجل يكون معه الماء القليل في السفر ويخاف العطش...73

43 - باب الرجل يصيبه الجنابة فلا يجد إلا الثلج أو الماء الجامد...75

44 - باب التيمم بالطين...75

45 - باب الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة ...76

ص: 562

46 - باب النوادر . . .77

كتاب الحيض

47 - أبواب الحيض ...83

48 - باب أدنى الحيض وأقصاه وأَدنى الطهر ....83

49 - باب المرأة ترى الدم قبل أيامها أو بعد طُهْرها ...85

50 - باب المرأة ترى الصفرة قبل الحيض أو بعده ...86

51 - باب أول ما تحيض المرأة ...87

52 - باب استبراء الحائض ...87

53 - باب غسل الحائض وما يجزئها من الماء الماء ... 89

54 - باب المرأة ترى الدم وهي جُنُب ...90

55 - باب جامع في الحائض والمستخاضة .....91

56 - باب معرفة دم الحيض من دم الاستحاضة ...96

57 - باب معرفة دم الحيض والعذرة والقرحة .....97

58 - باب الحبلى ترى الدم...99

59 - باب النفساء ...101

60 - باب النفساء تطهر ثم ترى الدم أو رأت الدم قبل أن تَلِدَ...101

61 - باب ما يجب على الحائض في أوقات الصلاة ...104

62 - باب المرأة تحيض بعد دخول وقت الصلاة قبل أن تصليها أو تطهر قبل دخول وقتها فتتوانى في الغسل ...105

63 - باب المرأة تكون في الصلاة فتحسُّ بالحيض ...106

64- باب الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة...107

65 - باب الحائض والنفساء تقرءآن القرآن...108

66 - باب الحائض تأخذ من المسجد ولا تضع فيه شيئاً...109

67 - باب المرأة يرتفع طَمْتُها ثم يعود؛ وحد اليأس من المحيض...109

68 - المرأة يرتفع طمثها من علة فتسقى الدواء ليعود طمئها ...110

69 - باب الحائض تختضب ...111

70 - باب غسل ثياب الحائض ....111

71 - باب الحائض تتناول الخُمْرَة أو الماء ...112

ص: 563

كتاب الجنائز

72 - باب علل الموت وأن المؤمن يموت بكل ميتة ...113

73 - باب ثواب المرض ....115

74 - باب آخر منه ...117

75 - باب حد الشكاية ......118

76 - باب المريض يُؤْذَنُ به الناس ...118

77- باب في كم يعاد المريض، وقدر ما يجلس عنده وتمام العيادة ...119

78 - باب حد موت الفجأة ...120

79 - باب ثواب عيادة المريض...121

80 - باب تلقين الميت ...122

81 - باب إذا عسر على الميت الموت واشتد عليه النزع...126

82 - باب توجيه الميت إلى القبلة...127

83 - باب أنَّ المؤمن لا يُكْرَهُ على قُبض روحه ...127

84 - باب ما يعاين المؤمن والكافر ...128

85 - باب إخراج روح المؤمن والكافر ...135

86 - باب تعجيل الدفن ...136

87 - باب نادر ....137

88 - باب الحائض تمرض المريض ...137

89 - باب غسل الميت ...138

90 - باب تحنيط الميت وتكفينه ....... 141

91 - باب تكفين المرأة...145

92 - باب كراهية تمير الكفن وتسخين الماء ...146

93 - باب ما تستحب من الثياب للكفن وما يكره ....... 146

94 - باب حدّ الماء الذي يغسل به الميت والكافور ...149

95 - باب الجريدة.... 149

96 - باب الميت يموت وهو جُنب أو حائض أو نفساء .....150

97 - باب المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك ... 153

98 - باب كراهية أن يقص من الميت ظفر أو شعر...154

ص: 564

99 - باب ما يخرج من الميت بعد أن يغسل...155

100 - باب الرجل يغسل المرأة والمرأة تغسل الرجل...156

101- باب حد الصبي الذي يجوز للنساء أن يغسّله ...159

102 - باب غسل من غسّل الميّت ومن مسّه وهو حار ومن مسّه وهو بارد...160

103 - باب العلّة في غسل الميت مؤمناً ....161

104 - باب ثواب من غسل مؤمناً ....163

105 - باب ثواب من كفّن مؤمناً ...163

106- باب ثواب من حفر لمؤمن قبراً ....164

107 - باب حد حفر القر واللحد والشق وأن رسوله الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لحدله.... 164

108 - باب أن الميت يُؤْذَنُ به الناس ...165

109 - باب القول عند رؤية الجنازة ...165

110 - باب السنة في حمل الجنازة ...166

111 - باب المشي مع الجنازة. الجنازة ...167

112 - باب كراهية الركوب مع الجنازة ...168

113 - باب من يتبع جنازة ثم يرجع ...169

114 - باب ثواب من مشى مع جنازة ...170

115 - باب ثواب من حمل الجنازة ....171

116 - باب جنائز الرجال والنساء والصبيان والأحرار والعبيد...172

117 - باب نادر ...174

118 - باب الموضع الذي يقوم الإمام إذا صلى على الجنازة...174.

119 - باب من أولى الناس بالصلاة على الميت....175

120 - باب من يصلي على الجنازة وهو على وضوء...175

121 - باب صلاة النساء على الجنازة ...176

122 - وقت الصلاة على الجنائز ....177

123 - باب علة تكبير الخمس على الجنائز .........178

124 - باب الصلاة على الجنائز في المساجد ......179

125 - باب الصلاة على المؤمن والتكبير والدعاء...179

126 - باب إنه ليس في الصلاة دعاء موقت وانه ليس فيها تسليم ...181

ص: 565

127 - باب من زاد غلى خمس تكبيرات .......182

128 - باب الصلاة على المستضعف وعلى من لا يعرف...183

129 - باب الصلاة على الناصب ...184

130 - باب في الجنازة توضع وقد كبر على الأولة...186

131 - باب في وضع الجنازة دون القبر ...186

132 - باب نادر ...187

133 - باب دخول القبر والخروج منه ....187

134 - باب من يدخل القبر ومن لا يدخل...189

135 - باب سل الميت وما يقال عند دخول القبر....190

136 - باب ما يبسط في اللحد ووضع اللبن والأجر والساج...192

137 - باب من حثا على الميت وكيف يُحْشى ...193

138 - باب تربيع القبر ورشه بالماء وما يقال عند ذلك وقدر ما يرفع من الأرض ...194

139 - باب تطيين القبر وتجصيصه ...197

140 - باب التربة التي يدفن فيها الميت...197

141 - باب التعزية وما يجب على صاحب المصيبة ...198

142 - باب ثواب من عزى حزيناً ...199

143 - باب المرأة تموت وفي بطنها صبي يتحرك ...200

144 - باب غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم .....200

145 - باب الغريق والمصعوق ...203

146 - باب القتلى ... 204

147 - باب أكيل السبع والطير والقتيل يوجد بعض جسده والحريق ...206

148 - باب من يموت في السفينة ولا يقدر على الشط أو يصاب وهو عربان...207

149 - باب الصلاة على المصلوب والمرجوم والمقتصُّ منه ...208

150 - باب ما يجب على الجيران لأهل المصيبة واتخاذ المأتم ...209

151 - باب المصيبة بالولد ...211

152 - باب التعزّي ....212

153 - باب الصبر والجزع والاسترجاع ...214

154 - باب ثواب التعزية ...217

ص: 566

155 - باب في السلوة ....217

156 - باب زيارة القبور....218

157 - باب أن الميت يزور أهله...220

108 - باب أن الميت يمثل له ماله وولده وعمله قبل موته ...221

159 - باب المسألة في القبر ومن يُسْأل ومن لا يُسأل ......224

160 - باب ما ينطق به موضع القبر....229

161 - باب في أرواح المؤمنين....230

162 - باب آخر في أرواح المؤمنين....231

163 - باب في أرواح الكفار ....232

164 - باب جنة الدنيا ....233

165 - باب الأطفال ...234

166 - باب النوادر ...236

كتاب الصلاة

167 - باب فضل الصلاة ....251

168 - باب من حافظ على صلاته أوضيعها ...254

169 - باب فرض الصلاة ....257

170 - باب المواقيت أولها وآخرها وأفضلهاف ...258

171 - باب وقت الظهر والعصر ...261

172 - باب وقت المغرب والعشاء الآخرة...264

173 - باب وقت الفجر ....268

174 - باب وقت الصلاة في يوم الغيم والريح ومن صلى لغير القبلة ....270

175 - باب الجمع بين الصلاتين....273

176 - باب الصلاة التي تصلّى في كل وقت ....274

177 - باب التصوع في وقت الفريضة والساعات التي لا يصلى فيها ...274

178 - باب من نام عن الصلاة أو سهى عنها ...277

179 - باب بناء مسجد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) ...280

180 - باب ما يستر به المصلي ممن يمر بين يديه ...281

181 - باب المرأة تصلي بحيال الرجل والرجل يصلي والمرأة بحياله....283

ص: 567

182 - باب الخشوع في الصلاة وكراهية العَبَث .......284

183 - باب البكاء والدعاء في الصلاة ...287

184 - باب بدء الأذان والإقامة وفضلهما وثوابهما...288

185 - باب القول عند دخول المسجد والخروج منه ....295

186 - باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير وما يقال عند ذلك .... 296

187 - باب قراءة القرآن...299

188 - باب عزائم السجود ....304

189 - باب القراءة في الركعتين الأخيرتين والتسبيح فيهما ...305

190 - باب الركوع وما يقال فيه من التسبيح والدعاء فيه وإذا رفع الرأس منه...306

191 - باب السجود والتسبيح والدعاء فيه في الفرائض والنوافل وما يقال بين السجدتين ...308

192 - باب أدنى ما يجزىء من التسبيح في الركوع والسجود وأكثره ....316

193 - باب ما يسجد عليه وما يكره ...317

194 - باب وضع الجبهة على الأرض ...320

195 - باب القيام والقعود في الصلاة ...322

196 - باب التشهد في الركعتين الأولتين والرابعة والتسليم...324

197 - باب القنوت في الفريضة والنافلة ومتى هو وما يجزىء فيه...326

198 - باب التعقيب بعد الصلاة والدعاء ......329

199 - باب من أحدث قبل التسليم...334

200 - باب السهو في افتتاح الصلاة ...335

201 - باب السهو في القراءة...336

202 - باب السهو في الركوع ...336

203 - باب السهو في السجود ....337

204 - باب السهو في الركعتين الأولتين

205 - باب السهو في الفجر والمغرب والجمعة...339

206 - باب السهو في الثلاث والأربع ...340

207 - باب من سها في الأربع والخمس ولم يدر زاد أو نقص، أو استيقن أنه زاد ...343

ص: 568

208 - من تكلم في صلاته أو انصرف قبل أن يتمها أو يقوم في موضع الجلوس ...344

209 - باب من شك في صلاته كلها ولم يدر زاد أو نقص ومن كثر عليه السهور والسهو في النافلة وسهو الإمام ومن خلفه ...348

السهو في التشهد ....351

السهو في اثنتين وأربع...351

السهو في اثنتين وثلاث ....351

السهو في ثلاث وأربع ...352

السهو في أربع وخمس ...353

210 - باب ما يقبل من صلاة الساهي ...352

211 - باب ما يقطع الصلاة من الضحك والحَدَث والإشارة والنسيان وغير ذلك...353

212 - باب التسليم على المصلي والعطاس في الصلاة ...356

213 - باب المصلي يعرض له شيء من الهوام فيقتله ...357

214 - باب بناء المساجد وما يؤخذ منها والحدث فيها من النوم...358

215 - باب فضل الصلاة في الجماعة ...362

216 - باب الصلاة خلف من لا يقتدى به...364

217 - باب من تكره الصلاة خلفه والعبد يؤم القوم ومن أحقُّ أن يُؤمَّ...366

218 - باب الرجل يوم النساء والمرأة تؤمُّ النساء ....367

219 - باب الصلاة خلف من يقتدى به والقراءة خلفه وضمانه الصلاة...368

220 - باب الرجل يصلي بالقوم وهو على غير طهر أو لغير القبلة...369

221 - باب الرّجل يصلي وحده ثم يعيد في الجماعة أو يصلى بقوم وقد كان صلى قبل ذلك....370

222 - باب الرجل يدرك مع الإمام بعض صلاته ويحدث الإمام فيقدمه .... 372

223 - باب الرجل يخطو إلى الصف أو يقوم خلف الصف وحده أو يكون بينه وبين الإمام ما لا يتخطى ....376

224 - باب الصلاة في الكعبة وفوقها وفي البيع والكنائس والمواضع التي تكره الصلاة فيها ....379

225 - باب الصلاة في ثوب واحد والمرأة في كلم تصلي وصلاة العراة والتوشح ....385

ص: 569

226 - باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه وما لا تكره...389

227 - باب الرجل يصلي في الثوب وهو غير طاهر عالماً أو جاهلاً...398

228 - باب الرجل يصلي وهو متلثم أو مختضب أو لا يخرج يديه من تحت الثوب في صلاته...402

229 - باب صلاة الصبيان ومتى يؤخذون بها ....403

230 - باب الصلاة الشيخ الكبير والمريض ....404

231 - باب صلاة المغمى عليه والمريض الذي تفوته الصلاة...406

232 - باب فضل يوم الجمعة وليلته ....408

233 - باب التزين يوم الجمعة ...411

234 - باب وجوب الجمعة وعلى كم تجب ...413

235 - باب وقت صلاة الجمعة ووقت صلاة العصر يوم الجمعة...415

236 - باب تهيئة الإمام للجمعة وخطبته والإنصات ....416

237 - باب القراءة يوم الجمعة وليلتها في الصلوات...420

238 - باب القنوت في صلاة الجمعة والدعاء فيه...421

239 - باب من فاتته الجمعة مع الإمام...422

240 - باب التطوع يوم الجمعة ...423

241 - باب نوادر الجمعة .....424

أبواب السفر

242 - باب وقت الصلاة في السفر والجمع بين الصلاتين...426

243 - باب حد المسير الذي تقصر فيه الصلاة ....427

244 - باب من يريد السفر أو يقدم من سفر متى يجب عليه التقصير أو التمام....429

245 - باب المسافر يقدم البلدة كم يقصر الصلاة ....431

246 - باب صلاة الملاحين والمكاريين وأصحاب الصيد والرجل يخرج إلى ضيعته ...432

247 - باب المسافر يدخل في صلاة المقيم ....435

249 - باب الصلاة في السفينة ...438

250 - باب صلاة النوافل .... 439

251 - باب تقديم النوافل وتأخيرها وقضائها وصلاة الضحى...447

252 - باب صلاة الخوف ...452

ص: 570

253 - باب صلاة المطاردة والمواقفة والمسايفة...453

254 - باب صلاة العيدين والخطبة فيهما ...455

255 - باب صلاة الإستسقاء ...458

256 - باب صلاة الكسوف ...460

257 - باب صلاة التسبيح ....462

258 - صلاة فاطمة سلام الله عليها وغيرها من صلاة الترغيب...464

259 - باب صلاة الاستخارة ...466

260 - باب الصلاة في طلب الرزق...469

261 - صلاة الحوائج ...472

262 - صلاة من خاف مكورهاً ...475

263 - باب صلاة من أراد سفراً ...475

264 - باب صلاة الشكر ...476

265 - باب صلاة من أراد أن يدخل بأهله ومن أراد أن يتزوج ...... 476

266 - باب النوادر...477

267 - باب مساجد الكوفة ...483

268 - باب فضل المسجد الأعظم بالكوفة وفضل الصلاة فيه والمواضع المحبوبة فيه ...484

269 - باب مسجد السهلة ...487

كتاب الزكاة

270 - باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق...489

271 - باب منع الزكاة...495

272 - باب العلة في وضع الزكاة على ما هي لم تزد ولم تنقص...500

273 - باب ما وضع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وعلى أهل بيته الزكاة عليه...501

274 - ما يزكي من الحبوب ...502

275 - ما لا يجب فيه الزكاة مما تنبت الأرض من الخضر وغيرها...503

276 - باب أقل ما يجب فيه الزكاة من الحرث...505

277 - باب أن الصدقة في التمر مرة واحدة .....507

278 - باب زكاة الذهب والفضة ...807

279 - باب أنه ليس على الحلى وسبائك الذهب ونقر الفضة والجوهر زكاة ...510

ص: 571

280 - باب زكاة المال الغائب والدين والوديعة .......512

2811 - باب أوقات الزكاة ...514

282 - باب ...517

283 - باب المال الذي لا يحول عليه الحول في يد صاحبه ...517

284 - باب ما يستفيد الرجل من المال بعد أن يزكي ما عنده من المال .....519

285 - باب الرجل يشتري المتاع فيكسد عليه والمضاربة ....519

286 - باب ما يجب عليه الصدقة من الحيوان وما لا يجب ...522

287 - باب صدقة الإبل ...523

288 - باب ..525

289 - باب صدقة البقر ...525

290 - باب صدقة الغنم ....526

291 - باب أدب المصدق ......527

292 - باب زكاة مال اليتيم ...530

393 - باب زكاة مال المملوك والمكاتب والمجنون ...532

294 - باب فيما يأخذ السلطان من الخراج ...533

295 - باب الرجل يخلف عند أهله من النفقة ما يكون في مثلها الزكاة .... 534

296 - باب الرجل يعطي من زكاة من يظن أنه معسر ثم يجده موسراً ..... 535

297 - باب الزوكاة [ا] تعطى غير أهل الولاية ...535

298 - باب قضاء الزكاة عن الميت ...537

299 - باب أقل ما يعطى من الزكاة وأكثر...538

300 - باب أنه يعطى عيال المؤمن من الزكاة إذا كانوا صغارًا ويقضى عن المؤمنين الديون في الزكاة .... 539

301 - تفضيل أهل الزكاة بعضهم على بعض ...540

302- باب تفضيل القرابة في الزوكاة ومن لا يجوز منهم أن يعطوا من الزكاة ....... 541

303 - باب نادر... 543

304 - باب الزكاة تبعث من بلد أو تدفع إلى من يقسمها فتضيع...544

305 - باب الرجل يدفع إليه الشيء يفرقه وهو محتاج إليه يأخذ لنفسه....546

306 - باب الرجل إذا وصلت إليه الزكاة فهي كسبيل ماله يفعل بها ما شاء ...... 547

ص: 572

307 - باب الرجل يحج من الزكاة أو يعتق .......547

308 - باب القرض أنه حمى الزكاة ....548

309 - باب قصاص الزكاة بالدين ...549

310 - باب من فر بماله من الزكاة ....549

311 - باب الرجل يعطي عن زكاته العوض...550

312 - باب من يحل له أن يأخذ الزوكاة ومن لا يحل له ومن له المال القليل ...... 550

313 - باب من تحل له الزكاة فيمتنع من أخذها ...554

314 - باب الحصاد والجداد ...555

315 - باب صدقة أهل الجزية...557

316 - باب نادر ...559

ص: 573

فُروعُ الكافي المجلد 4

هویة الکتاب

سرشناسه : کلیني، محمّد بن یعقوب، - 329ق.

عنوان قراردادی : الكافي

عنوان و نام پدیدآور : فُروعُ الكافي/ محمّد بن یعقوب الکلیني؛ ضبطه و صححه و علق علیه محمّدجعفر شمس الدین.

مشخصات نشر :بیروت : دارالتعارف للمطبوعات، 1411ق. = 1990م.= 1369.

مشخصات ظاهری : 4ج.

فروست : موسوعة الکتب الاربعه فی احادیث النبی (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و العتره؛1،2.

یادداشت : عربی.

یادداشت : کتاب حاضر در سالهای مختلف توسط ناشران مختلف منتشر شده است.

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : احادیث شیعه -- قرن 4ق.

شناسه افزوده : شمس الدین، محمّدجعفر

رده بندی کنگره : BP129/ک 8ک 22 1369

رده بندی دیویی : 297/212

شماره کتابشناسی ملی : م 81-8050

محرر الرقمي: میلاد احمدي

ص: 1

اشارة

ص: 2

مَوْسُوعَة الكُتُبْ الأربَعَة

في أحَاديث النَّبي «صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ» و العِتْرة «عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ»

-4-

فُروعُ الكافي

لِثقَةِ الاِسْلام

محمَّد بنْ يَعقوُبْ الكُلَيْنى «رحمة الله علیه»

المتوفى سنة 329/328ه

الجزء الثاني

ضَبَطَه وَ صَححَّه وَ خَرَّجَ أَحَادِيثَهُ وَ عَلّق عَليه

محمَّد جَعفر شمسْ الدّين

دار التعارف للمطبوعات

بيروت لبنان

ص: 3

حُقُوق الطَّبع مَحفُوظَة

1413 ه-1992م

مكتبة مؤمن قريش

لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان و إيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه.

الإمام الصّادق(عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

moamenquraish.blogspot.com

دار التعارف للمطبوعات

المكتب: شارع سوريا- بناية درويش- الطابق الثالث

الادارة و المعرض: حارة حريك- المنشية- شارع دکاش- بناية الحسنين

تلفون: 837857- 823685

صندوق البريد 8601 -11-643-11

ص: 4

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

کتاب الزكاة

أبواب الصَّدَقَة

*أبواب الصَّدَقَة(1)

1- باب فضل الصَّدَقَة

1- عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿الصَّدَقَةَ تَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ﴾.

2- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ و أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجِبّار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن غالب، عمّن حدَّثه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: البِرُّ وَ الصَّدَقَهُ یَنفِیانِ الفَقرَ، و یَزیدانِ فِی العُمُر، و یَدفَعانِ تِسعینَ میتَهَ السّوءٍ.(2)

و في خبر آخر و يدفعان عن شيعتي ميتة السوء.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن [محمد بن] أبي عبد الله، عن أبيه، عن خَلَف بن حمّاد، عن إسماعيل الجوهري، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لِأَنْ أحُجّ حجّة أحبُّ إليَّ من أن أعتق رقبة و رقبة- حتّى انتهى إلى عشرة- و مثلها و مثلها- حتّى انتهى إلى سبعين. و لأَنَ أعول أهل بيت من المسلمين، أشبع جَوْعَتَهم، و أكسو عَوْرَتهم، و أكفُّ وجوههم عن النّاس، أحبُّ إليَّ من أن أحجَّ حجّة و حجّة و حجّة- حتّى انتهى إلى عشر و عشر و عشر- [و مثلها] حتى انتهى إلى سبعين- (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَنْ صَدَّقَ بِالْخَلَفِ، جادَ بِالْعَطِيَّةِ﴾(4)

ص: 5


1- قال الشهيد في الدروس: الصدقة: هي العطية المتبرع بها من غير نِصاب للقربة.
2- الفقيه 1، 19- باب فضل الصدقة، ح 2 بتفاوت مرسلاً، و فيه: سبعين ...، بدل: سعين ... و الخبر مرسل.
3- الحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و الخُلف: ما يخلفه الله على المتصدّق من الخير المادي في الدنيا أضعاف ما أعطى، و ما يذخره له من الثواب بعد موته إلى يوم القيامة.

5- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): دَاووُا مَرْضَاکُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَ اِدْفَعُوا اَلْبَلاَءَ بِالدُّعَاءِ، وَ اِسْتَنْزِلُوا اَلرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّهَا تُفَکُّ مِنْ بَیْنِ لُحِیِّ سَبْعِمِائَةِ شَیْطَانٍ وَ لَیْسَ شَیْءٌ أَثْقَلَ عَلَی اَلشَّیْطَانِ مِنَ اَلصَّدَقَهِ عَلَی اَلْمُؤْمِنِ وَ هِیَ تَقَعُ فِی یَدِ اَلرَّبِّ تَبَارَکَ وَ تَعَالَی قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِی یَدِ اَلْعَبْدِ(1)

6- أحمد بن عبد الله عن جدِّه، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن الفضيل، عن عبد الرحمن بن زيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿أَرْضُ اَلْقِیَامَةِ نَارٌ، مَا خَلاَ ظِلَّ اَلْمُؤْمِنِ، فَإِنَّ صَدَقَتَهُ تُظِلُّهُ﴾ (2)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: اَلصَّدَقَهُ بِالْیَدِ تَقِی مِیتَهَ اَلسَّوْءِ وَ تَدْفَعُ سَبْعِینَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ اَلْبَلاَءِ وَ تُفَکُّ عَنْ لُحِیِّ سَبْعِینَ شَیْطَاناً کُلُّهُمْ یَأْمُرُهُ أَنْ لاَ یَفْعَلَ(3)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن النّعمان، عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: كان في وصيّة النَّبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لأمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه: و أمّا الصّدقة فجُهَدك جُهْدَك (4)حتّى يقال: قد أَسْرَفْتَ و لم تُسْرِفْ.

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: يُسْتَحبّ للمريض أن يعطي السّائل بيده، و يأمَر السّائل أن يَدْعُوَ له(5)

ص: 6


1- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 65. الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 3. و قال ابن الأثير في النهاية: أصل الفك: الفصل بين شيئين و تخليص بعضهما من بعض، انتهى. و المعنى: أن الصدقة تمنع صاحبها من شر سبعمائة شيطان من شياطين الجن و الإنس. و اللَّحْي: عظم الحنك و هو الذي عليه الأسنان، و منبت اللحية، و هما لَحيان و الجمع: ألْح و لُحِيّ. و وقوع الصدقة في يد الرب كناية عن قبوله سبحانه لها.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. بتفاوت يسير. و لعل الاختلاف بين ما ورد هنا من أن الصدقة تفكّ من بين لُحِيّ سبعين شيطاناً، و ما ورد في رواية عبد الله بن سنان من أنها تفك من «الفقيه 2، نفس الباب، ح 1» لُحِيّ سبعمائة شيطان ناشيء من اختلاف المتصدّقين من حيث النية و مراتب التقوى و الخلوص و ظروف المتصدّق عليهم من حيث مراتب الإيمان و الحاجة و التعفّف، و من حيث أوقاتها و كونها صدقة سر أو صدقة علانية و هكذا ...
4- أي أجهد أو أبذل جهدَك، و هو الطَّوق و الوُسْع. و الحديث صحيح.
5- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 5. و الحديث حسن. و قد أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم بمضونه .يقول الشهيد في الدروس: يستحب للمريض أن يعطي السائل بيده و يأمر بالدعاء له.

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن عمر بن يزيد قال: أخبرت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّي أصبت بابنَين، و بقي لي بُنَيٌ صغير، فقال: تصدَّق عنه، ثمَّ قال حين حضر قيامي(1): مُرْ الصّبي فليتصدقَّ بيده بالكسرة و القبضة و الشيء و إن قَلَّ، فإنَّ كلَّ شيء يراد به الله و إن قلّ بعد أن تَصْدُقَ النّية فيه، عظيمٌ(2)، إِنَّ الله عزّ و جل يقول : ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَ مَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾(3)، و قال: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، و مَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ، فَكُّ رَقَبَةٍ، أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ، أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ (4)، علم الله عزَّ و جلّ أن كلَّ أحد لا يقدر على فكِّ رقبة، فجعل إطعام اليتيم و المسكين مثل ذلك تصدَّق عنه.

11- غير واحد من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن غير واحد، عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿تَصَدَّقُوا وَ لَوْ بِصَاعِ مِنْ تَمرِ، وَ لَوْ بِبَعْضٍ صَاعِ، وَ لَوْ بِقَبْضَةٍ، وَ لَوْ بِبَعْضٍ قَبْضَةٍ، وَ لَوْ بِتَمْرَةٍ، وَ لَوْ بشقِّ تَمرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ لَيّْنَةٍ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَاقِ اللَّهَ فَقَائِلُ لَهُ: أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟ أَلَمْ أَجْعَلْكَ سَمِيعاً بَصِيراً؟ أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالاً وَ وَلَداً؟﴾ فيقول: بلى، فيقول الله تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: فَانْظُرْ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ، قَالَ: فَيَنْظُرُ قُدَّامَهُ وَ خَلْفَهُ وَ عَنْ يَمِينِهِ

وَ عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَجِدُ شَيْئاً يَقِي بِهِ وَجْهَهُ مِنَ النَّارِ(5)

2- باب إن الصدقة تدفع البلاء

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: بكّروا بالصّدقة(6)، و ارغبوا فيها، فما من مؤمن يتصدَّق بصدقة

ص: 7


1- أي تأهبت للقيام و الانصراف. و قد نص في الدروس على استحباب كون الصدقة بيد الولد نفسه.
2- خبر فإن . . .
3- الزلزلة/ 7و 6.
4- البلد/ 11 و 12 و 13 و 14 و 15 و 16. قيل: العَقَبة: جبل في جهنم. و المسغَبَة: المجاعة. يتيماً ذا مقربة: أي صغيراً لا أب له من قرابته. مسكيناً ذا مَتْرَبة: هو الذي لصق في التراب من الحاجة و الفقر.
5- الحديث ضعيف.
6- يقول الشهيد في الدروس: يستحب التبكير بالصدقة لدفع شر يومه، و كذا في أول الليل، للحاضر و المسافر.

يريد بها ما عند الله ليدفع الله بها عن شرَّ ما ينزل من السَماء إلى الأرض في ذلك اليوم، إلّا وقاه الله شرَّ ما ينزل من السماء إلى الأرض في ذلك اليوم.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنَّ اللّهَ لا إلهَ إلّا هُوَ، لَیَدفَعُ بِالصَّدَقَةِ الدّاءَ الدُّبَیلَةَ وَ الحَرَقَ، وَ الغَرَقَ وَ الهَدمَ وَ الجُنونَ، وعَدَّ (صلّی اللّه علیه و آله و سلّم) سَبعینَ بابا مِنَ السّوءِ﴾ (1)

3- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عليّ، عن عبد الرحمن بن محمد الأسديّ عن سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ يهوديُّ بالنّبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: السّامُ عليك، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): عليك، فقال أصحابه: إنّما سلّم عليك بالموت، قال: الموتُ عليك، قال النّبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): و كذلك رددتُ، ثمَّ قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنَّ هذا اليهوديُّ يعضّه أسود في قفاه فيقتله، قال: فذهب اليهوديُّ فاحتطب حطباً كثيراً، فاحتمله ثمَّ لم يلبث أن انصرف، فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ضَعْهُ، فوضع الحطب فإذا أسود في جوف الحطب عاضّ على عود، فقال: يا يهوديُّ ما عملتَ اليوم؟ قال: ما عملت عملاً إلّا حطبي هذا احتملته فجئت به، و كان معي كَعْكَتَان، فأكلت واحدة و تصدَّقت بواحدة على مسكين، فقال رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿بِها دَفَعَ اللّهُ عَنهُ. و قالَ: إنَّ الصَّدَقَهَ تَدفَعُ میتَهَ السَّوءِ عَنِ الإِنسانِ﴾(2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) : کَانُوا یَرَوْنَ أَنَّ اَلصَّدَقَهَ تُدْفَعُ بِهَا عَنْ اَلرَّجُلِ اَلظَّلُومِ.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سليمان بن عمرو النّخعي قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿بَکِّرُوا بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ اَلْبَلاَءَ لاَ یَتَخَطَّاهَا﴾ (3)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبد الرَّحمن بن حمّاد، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الصَّدَقَةَ لَتَدْفَعُ سَبعِینَ بَلِیَّةٍ مِن بَلایا الدُّنیا، مَع مِیتَهِ السُّوءِ، إنَّ صاحِبَها لا یمُوتُ مِیتَة السُّوءِ أبَداً، مَع ما یُدَّخَرُ لِصاحِبِها في الآخِرَةِ(4)

ص: 8


1- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 7 و في آخره: ... من الشَّر. والدُّبَيلَة: -قال في القاموس-: داهية، وداء في الجوف. والدَّبل: الطاعون. والدِّبل: النكل و الداهية. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث ضعيف.
3- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، صدر ح 6 بتفاوت و رواه عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مرسلاً.
4- الحديث مجهول. و ما يدّخر في الآخرة هو الأجر و الثواب و الرضوان.

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بشر بن سلمة، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من تصدَّق بصدقة حين يُصْبح، أذهب الله عنه نَحْسَ ذلك اليوم.

8- عليٌ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن غير واحد، عن عليٌ بن أسباط ، عن الحسن بن الجهم قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لإسماعيل بن محمد- و ذكر له أن ابنه تصدَّق عنه، قال: إنّه رجلٌ(1)، قال: فَمُرْهُ أن يتصدَّق و لو بالكسرة من الخبز، ثمَّ قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ رجلاً من بني إسرائيل كان له ابن وكان له محبّاً، فأُتي في منامه فقيل له: إنَّ ابنك ليلة يدخل بأهله يموت، قال: فلمّا كان تلك الليلة، و بنى عليه أبوه، توقّع أبوه ذلك، فأصبحٍ ابنه سليماً، فأتاه أبوه فقال له: يا بنيِّ، هل عملت البارحة شيئاً من الخير؟ قال: لا، إلَّا أنَّ سائلاً أتى الباب، و قد كانوا ادَّخروا لي طعاماً فأعطيته السائل، فقال: بهذا دفع [الله] عنك.

9- و بهذا الإسناد، عن عليِّ بن أسباط، عمّن رواه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَ رَجُلٍ قِسْمَةُ أَرْضٍ، وَ كَانَ الرَّجُلُ صَاحِبَ نُجُومٍ(2) وَ كَانَ يَتَوَخّى(3) سَاعَةَ السُّعُودِ فَيَخْرُجُ فِيهَا، وَ أَخْرُجُ أَنَا فِي سَاعَةِ النُّحُوسِ، فَاقْتَسَمْنَا فَخَرَجَ لِي خَيْرُ الْقِسْمَيْنِ، فَضَرَبَ الرَّجُلُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى ثُمَّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، قُلْتُ: وَيْلَ الْآخَر(4) ِ وَ مَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنِّي صَاحِبُ نُجُومٍ، أَخْرَجْتُكَ فِي سَاعَةِ النُّحُوسِ، وَ خَرَجْتُ أَنَا فِي سَاعَةِ السُّعُودِ، ثُمَّ قَسَمْنَا فَخَرَجَ لَكَ خَيْرُ الْقِسْمَيْنِ، فَقُلْتُ: أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ حَدَّثَنِي بِهِ أَبِي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَدْفَعَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْسَ يَوْمِهِ فَلْيَفْتَتِحْ يَوْمَهُ بِصَدَقَةٍ يُذْهِبِ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ نَحْسَ يَوْمِهِ، وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُذْهِبَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْسَ لَيْلَتِهِ فَلْيَفْتَتِحْ لَيْلَتَهُ بِصَدَقَةٍ يَدْفَعْ عَنْهُ نَحْسَ لَيْلَتِهِ، فَقُلْتُ: وَ إِنِّي افْتَتَحْتُ خُرُوجِي بِصَدَقَةٍ، فَهَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ﴾ (5)

10- الحسين بن محمد: عن معلّي بن محمد، عن الحسن بن عليِّ الوشّاء، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: كان رجلٌ من بني إسرائيل و لم يكن له ولدُ، فولد له غلامٌ،

ص: 9


1- «أي الراوي، (إنه رجل): أي بالغ تجوز تصرفاته، أو قال الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على المدح: إنه رجل، و كثيراً ما يقال في المدح: إنه رجل و فحل» مرأة المجلسي 16/ 129- 130.
2- أي عنده شيء من علم النجوم.
3- أي يتحرّى و يترقّب.
4- ويل الآخر . .: يجري على ما كان عليه عرف التخاطب عند العرب، إذا أرادوا تعظيم المخاطب، لا يخاطبونه بوَيْلك، بل يقولون له هذا القول: ويل الآخر، أي الويل لغيرك، وعداك الويل.
5- الحديث مرسل.

و قيل له: إنّه يموت ليلة عُرْسِهِ، فمكث الغلام، فلمّا كان ليلة عُرْسِهِ نظر إلى شيخ كبير ضعيف فرحمه الغلام فدعاه فأطعمه، فقال له السائل: أحْيَيْتَني أحياك الله، قال: فأتاه آت في النّوم فقال له: سَلْ ابنك ما صنع، فسأله، فخيّره بصنيعه، قال: فأتاه الآتي مرَّة أُخرى في النّوم فقال له: إِنَّ اَللَّهَ أَحْیَا لَکَ اِبْنَکَ بِمَا صَنَعَ بِالشَّیْخِ (1)

11- علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فَضالة بن أيّوب، عمّن ذكره عن محمد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في مسجد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فسقطت شُرْفَةٌ من شُرَف المسجد فوقعت على رجل فلم تضرَّه، و أصابت رِجْلَه، فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) سلوه، أيُّ شيء عمل اليوم، فسألوه، فقال: خرجت و في كمّي تمر، فمررت بسائل فتصدَّقت عليه بتمرة، فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): بها دفع الله عنك(2)

3- باب فضل صدقة السِّر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعريِّ، عن ابن القدَّاح، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿صَدَقَهَ السِّرّ تُطْفي غَضَبَ الرَّبّ﴾(3)

2 - الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن عليِّ بن مرداس، عن صفوان بن يحيى؛ و الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار السّاباطيِّ قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا عمّار، الصدقة و الله في السرِّ أفضلُ من الصّدقة في العلانية، و كذلك و اللهِ العبادةُ في السرِّ أفضلُ منها في العلانية(4)

ص: 10


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مرسل.
3- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 33، و ليس في سنده: عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و في آخره: تبارك وتعالى. الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 8 مرسلاً و في ذيله: جلّ جلاله. هذا الاختلاف في الذيل يكشف عن أنه من الرواة أو النّساخ، و الله العالم . و يقول الشهيد في الدروس: الصدقة سراً أفضل، إلا أن يتّهم بترك المواساة، أو بقصد اقتداء غيره به، أما الواجبة فإظهارها أفضل مطلقاً.
4- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ج 9. يقول الشهيدان رحمها الله في اللمعة و الروضة: و صدقة السر أفضل إذا كانت مندوبة للنص عليها في الكتاب و السنّة، إلّا أن يُتّهمَ بالترك فالإظهار أفضل دفعاً لجعل عرضه عُرضةً للتهم، فإن ذلك أمر مطلوب شرعاً حتى للمعصوم، و كذا الأفضل إظهارها لو قصد به متابعة الناس له فيها لما فيه من التحريض على نفع الفقراء.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن الوليد الوصّافي، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿صَدَقَهَ السِّرّ تُطْفي غَضَبَ الرَّبّ تبارک و تعالی﴾.

4- باب صَدَقَة اللَّيل

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: كان أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا اعْتَم(1) و ذهب من اللّيل،شطره، أخذ جراباً فيه خبز و لحم و الدراهم، فحمله على عنقه، ثمَّ ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة، فقسّمه فيهم، و لا يعرفونه، فلمّا مضى أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقدوا ذلك، فعلموا أنّه كان أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ عن السكونيّ، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إِذَا طَرَقَکُمْ سَائِلٌ ذَکَرٌ بِلَیْلٍ، فَلاَ تَرُدُّوهُ﴾ (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سعدان بن مسلم، عن معلّى بن خُنَيس قال: خرج أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في ليلة قد رشّت و هو يريد ظُلّة بنی ساعدة، فأتبعته فإذا هو قد سقط منه شيءٌ فقال: بسم الله، اللَّهمَّ رُدَّ علينا، قال: فأتيته فسلّمت عليه، قال: فقال: مُعَلّى؟ قلت: نعم، جُعِلْتُ فِداك، فقال لي: التمس بيدك، فما وجدت من شيء فادفعه إليَّ، فإذا أنا بخبز منتشر كثير، فجعلت أدفع إليه ما وجدت، فإذا أنا بجرابٍ أعجز عن حمله من خبز، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، أحمِلُهُ على رأسي؟ فقال: لا، أنا أُوْلى به منك، و لكن امض معي، قال: فأتينا ظُلّة بني ساعدة، فإذا نحن بقوم نيام، فجعل يدسُّ الرَّغيف و الرَّغيفين، حتّى أتى على آخرهم، ثمَّ انصرفنا، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، يعرف هؤلاء الحقَّ(3)؟ فقال: لو عَرَفوه لو اسيناهم بالدُّقة(4) -و الدُّقة هي الملح-، إنّ الله تبارك و تعالى لم يخلق شيئاً

ص: 11


1- في نهاية ابن الأثير 180/3: حتى يُعتّموا: أي يدخلوا في عَتمة الليل و هي ظُلمته. و قال في القاموس: عتّم الليل، مر منه ،قطعة، كأَعْتَمَ. و المراد هنا، أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان إذا صلى العتمة، و هي العشاء الآخرة. و الحديث صحيح.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 10. و تخصيص الذَكَر يدل على عدم كراهة رد السائل إذا كان أنثى، و كان سؤالهابالليل. و يقول الشهيد في الدروس: يكره رد السائل و لو كان على فرس و خصوصاً ليلاً. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- يعني مذهب الحق و هو التشيع، أو الإمام الحق.
4- الدُقَّة: -كما في النهاية- الملح المدقوق، و هي أيضاً ما تسفيه الريح و تسحقه من التراب.

إلّا و له خازن يخزنه، إلّا الصّدقة، فإنَّ الربَّ يليها بنفسه، و كان أبي إذا تصدَّق بشيء وضعه في يد السّائل، ثمَّ ارتدَّه منه فَقَبّله و شَمّه ثمَّ ردَّه في يد السّائل، إنَّ صدقة اللّيل تُطفي غضب الرِّب، و تمحو الذَّنب العظيم ، و تهوِّن الحساب، و صدقة النّهار تُثْمِرُ المال و تزيد في العمر، إنَّ عيسى بن مريم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لما أن مرَّ على شاطيء البحر، رمى بقرص من قوته في الماء، فقال له بعض الحواريّين: يا رُوحَ الله و كلمته، لم فعلت هذا، و إنّما هو من قُوتُك؟ قال: فقال: فعلت هذا لدابّة تأكله من دوابِّ الماء، و ثوابه عند الله عظيم.(1)

5- باب في أن الصدقة تزيد في المال

1- محمد بن يحيى: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ الصدقة تَقْضي الدَّين، و تخلف بالبَرَكة(2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، قال: حدَّثني الجهم بن الحكم(3) المدائنيّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿تَصَدَّقوا، فَإِنَّ الصَّدَقَهَ تَزیدُ فِی المالِ کَثرَةً. و تَصَدَّقوا رَحِمَکُمُ اللّهُ﴾.

3- أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عليِّ بن وهبان، عن عمّه هارون بن عيسى قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمحمد ابنه يا بُنَيَّ، كم فضل معك من تلك النّفقة؟ قال: أربعون ديناراً، قال: أخْرُج فتصدَّق بها، قال: إنّه لم يبقَ معي غيرُها، قال: تصدَّق بها، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يُخْلِفُها، أما علمتَ أنَّ لكلِّ شيء مفتاحاً، و مفتاح الرِّزق الصّدقة، فتصدَّق بها، ففعل، فما لبث أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عشرة أيّام حتّى جاءه من موضع أربعة آلاف دينار، فقال: يا بنيَّ، أَعْطَينا لِلَّهِ أربعين ديناراً، فأعطانا الله أربعة آلاف دينار.

4- قال: و حدّثني عليُّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: استَنْزِلو(4) الرّزق بالصّدقة.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:

ص: 12


1- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة ، ح 34. و الحديث مجهول. ورشّت: أي أمطرت. و قال الشهيد في الدروس: ثواب إطعام الهوامّ و الحيتان عظيم.
2- الحديث موثق. و قال الشهيد في الدروس: الصدقة تقضي الدَّين، و تخلف بالبركة، و تزيد المال.
3- في بعض كتب الرجال: حكيم ...
4- أي ابتغوا أو اطلبوا نزوله و كذا كل ما كان على استفعل.

ما أَحْسَنَ عبدٌ الصّدقةَ في الدُّنيا، إلّا أحْسَنَ الله الخلافة على ولده من بعده، و قال: حُسْنُ الصّدقة يقضي الدّين، و يُخلِف على البركة.

6- باب الصدقة على القرابة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): من وصل قريباً بحجّة أو عُمْرَة، كتب الله له حجّتين و عُمْرَتَين، و كذلك من حمل عن حميم (1)يضاعف الله له الأجر ضِعْفَين.

2- عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:سئل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): أيُّ الصّدقة أفضل؟ قال: على ذي الرَّحم الكاشح(2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ):﴿ اَلصَّدَقَهُ بِعَشْرة وَ اَلْقَرْضُ بِثَمَانِیَة عَشْرَ وَ صِلَةُ اَلْإِخْوَانِ بِعِشْرِینَ، وَ صِلَةُ اَلرَّحِمِ بِأَرْبَعٍة وَ عِشْرِینَ﴾(3)

7- باب كفاية العيال و التوسع عليهم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي حمزة الثّماليِّ، عن عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أَرْضَاکُمْ عِنْدَ اَللَّهِ أَسْبَغُکُمْ عَلَی عِیَالِهِ(4)

ص: 13


1- الحميم: هو القريب المشفق، و حمل عنه: أي تحمل نفقته أو دينه.
2- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 35، الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 12. والكاشح: -كما في النهاية- العدو الذي يضمر عداوته و يطوي عليها كشحه، أي باطنه، و الكشح: الخصر، أو هو الذي يطوي عنك كشحه و لا يألفك.
3- لتهذيب 4، نفس الباب، ح 36. الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. و لعل السر في أن ثواب القرض أعظم من ثواب الصدقة أن الصدقة قد تقع في يد المحتاج و غير المحتاج، و القرض لا يقع إلا في يد المحتاج غالباً.
4- الحديث صحيح. و أسبغكم على عياله: أي أكثركم توسعة عليهم في الإنفاق. قال الشهيد في الدروس: التوسعة على العيال من أعظم الصدقات، و يستحب زيادة الوَقود لهم في الشتاء أقول: و الوقود: ما تتقد النار به كالحطَب.

2- و عن هما، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: قال رجل لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ لي ضَيْعَةً بالجبل استغلّها في كلِّ سنة ثلاث آلاف درهم، فأنفق على عيالي منها ألفي درهم، و أتصدَّق منها بألف درهم في كلِّ سنة، فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إن كانت الألفان تكفيهم في جميع ما يحتاجون إليه لسنتهم، فقد نَظَرْتَ لنفسك، و وُفِّقْتَ لرُشْدِك، و أجريتَ نفسك في حياتك بمنزلة ما يوصي به الحيُّ عند موته.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلّاد، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)(1)قَالَ: یَنْبَغِی لِلرَّجُلِ أَنْ یُوَسِّعَ عَلَی عِیَالِهِ کیلاَّ یَتَمَنَّوْا مَوْتَهُ(2)، وَ تَلاَ هَذِهِ اَلْآیَةَ: ﴿وَ یُطْعِمُونَ اَلطَّعامَ عَلی حُبِّهِ مِسْکِیناً وَ یَتِیماً وَ أَسِیراً﴾ (3) قالَ: اَلْأَسِیرُ: عِیَالُ اَلرَّجُلِ، یَنْبَغِی لِلرَّجُلِ إِذَا زِیدَ فِی اَلنِّعْمَةِ أَنْ یَزِیدَ أُسَرَاءَهُ فِی اَلسَّعَهِ عَلَیْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ فُلاَناً أَنْعَمَ اَللَّهُ عَلَیْهِ بِنِعْمَةٍ فَمَنَعَهَا أُسَرَاءَهُ وَ جَعَلَهَا عِنْدَ فُلاَنٍ فَذَهَبَ اَللَّهُ بِهَا، قَالَ مُعَمَّرٌ: وَ کَانَ فُلاَنٌ حَاضِراً.(4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الرَّبيع بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَ ابْدَءْ بِمَنْ تَعُولُ(5)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: صاحب النّعمة، يجب عليه التوسعة عن عياله(6)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ المُؤمِنُ یَأکُلُ بِشَهوَةِ أهلِهِ، وَ المُنافِقُ یَأکُلُ أهلُهُ بَشَهوَتِهِ﴾(7)

7- سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط ، عن أبيه، أنَّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) سئل: أكان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يقوتُ عياله قُوتاً معروفاً؟ قالَ: نَعَم إنَّ النَّفسَ إذا عَرَفت قُوتَها قَنِعَتْ بِهِ، و نَبَتَ عَلَیهِ الَّلحمُ.

ص: 14


1- يعني الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، كما صرح به (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه.
2- إلى هنا بتفاوت يسير في الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 15. مرسلاً.
3- الدهر/ 8. على حُبّه: أي علي حبهم إياه و شهوتهم له.
4- الحديث صحيح. و المقصود بأسراء الرجل بمقتضى سياق الحديث: عياله و من تجب عليه نفقتهم.
5- الحديث مجهول. و قال في النهاية: العليا: المعطية، وقيل: المتعففة، و السفلى: السائلة، وقيل: المانعة.
6- الحديث ضعيف على المشهور، و الوجوب هنا بمعنى الاستحباب المؤكد.
7- الحديث ضعيف على المشهور.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: کَفَی بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ یُضِیّعَ مَنْ يَعُولُهُ(1)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الخزرج الأنصاريّ، عن عليِّ بن غراب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أَلْقَی کَلَّهُ عَلَی اَلنَّاسِ، مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ ضَیَّعَ مَنْ یَعُولُ﴾(2)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي حمزة قال: قال عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لَأَن أدخُلَ السّوقَ و مَعِی دَراهِمُ أبتاعُ بِها لِعِیالی لَحماً و قَد قَرِموا (3)، أحَبُّ إلَیَّ مِن أن اُعتِقَ نَسَمَة.

11- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا أصبح خرج غادياً في طلب الرِّزق، فقيل له: یا ابن رسول الله، أين تذهب؟ فقال: أتصدَّق لعيالي، قيل له: أتتصدَّق؟ قال: من طلب الحلال فهو من الله عزَّ و جلَّ صدقة عليه.

12- عليُّ بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن أبي محمد الأنصاريّ، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنّ المؤمن يأخذ بأدب الله عزّ و جلَّ، إذا وسّع عليه اتّسع(4)، و إذا أمسك عليه أمسك﴾.

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: مِنْ سَعَادَهِ اَلرَّجُلِ أَنْ یَکُونَ اَلْقَیِّمَ عَلَی عِیَالِهِ(5)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ياسر الخادم قال: سمعت الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یَقُولُ: یَنْبَغِی لِلْمُؤْمِنِ أَنْ یَنْقُصَ مِنْ قُوتِ عِیَالِهِ فِی اَلشِّتَاءِ وَ یَزِیدَ فِی وَقُودِهِمْ(6)

ص: 15


1- الفقيه 3، 58- باب المعايش و المكاسب و...، ح 64 و في ذيله: من يعول.
2- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 14. و روى ذيله برقم 65 من الباب 58 من الجزء الثالث من الفقيه، و فيه: يضيّع، بدل: ضيّع. و أخرج صدر الحديث في التهذيب: 6، 93- باب المكاسب، ح 23 و فيه: ملعون ... مرةً واحدة. و الكُلّ:- كما في القاموس- الثقل، و المقصود به هنا نفقته و نفقة من يعول. و الحديث مجهول. كما روى الصدوق رحمه الله ذيل الحديث برقم 9 من الباب 178 من الجزء 3 من الفقيه أيضاً.
3- القَرَم: -كما في القاموس- شدة شهوة اللحم.
4- أي توسّع في الإنفاق.
5- الفقيه 3. 58- باب المعايش و المكاسب و...، ح 63.
6- الحديث مجهول على المشهور.

8- باب من يلزم نفقته

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَنِ اَلَّذِی أَحْتَنُّ عَلَیْهِ وَ تَلْزَمُنِی نَفَقَتُهُ؟ قَالَ: اَلْوَالِدَانِ وَ اَلْوَلَدُ وَ اَلزَّوْجَةُ(1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أتي أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بِیَتِیمٍ، فَقَالَ: خُذُوا بِنَفَقَتِهِ أَقْرَبَ اَلنَّاسِ مِنْهُ مِنَ اَلْعَشِیرَةِ، کَمَا یَأْکُلُ مِیرَاثَهُ(2)

3- سهل بن زياد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَنْ یَلْزَمُ اَلرَّجُلَ مِنْ قَرَابَتِهِ مِمَّنْ یُنْفِقُ عَلَیْهِ؟ قَالَ اَلْوَالِدَانِ وَ اَلْوَلَدُ وَ اَلزَّوْجَةُ.

9- باب الصدقة على من لا تعرفه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن سدير الصيرفيّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أطعم سائلاً لا أعرفه مسلماً؟ فقال: نعم، أعْط مَن لا تعرفه بولاية و لا عداوة للحقِّ، إِنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾(3) و لا تُطْعم من نَصَبَ لشيء من الحقِّ، أو دعى إلى شيء من الباطل(4)

ص: 16


1- التهذيب 6، 92- باب من الزيادات في القضايا و الأحكام، ح 19 بتفاوت. الاستبصار 3، 23- باب من يجبر الرجل على نفقته، ح 1 بتفاوت. الفقيه 3، 45- باب الحكم بإجبار الرجل على نفقة أقربائه، ح 1 و أخرجه بزيادة في آخره عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و بتفاوت. هذا و المعروف بين أصحابنا رضوان الله عليهم وجوب نفقة الزوجة على الزوج بشرطين، الأول: أن تكون دائمة. الثاني: التمكين للزوج من نفسها. و ضابط قدر النفقة للزوجة القيام بما تحتاج إليه من طعام و إدام و كسوة و إسكان و الخدام و آلة الإدّهان تبعاً لعادة أمثالها من أهل البلد. كما أنهم أجمعوا على وجوب النفقة على الرجل للأبوين و الأولاد دون غيرهم من الأقارب كالأعمام و الأخوال. و تردد بعضهم كالمحقق في وجوب الإنفاق على آباء الأبوين و أمهاتهم ثم استظهر الوجوب، كما أنه لا خلاف بينهم في أن نفقة الزوجة مقدمة على نفقة الأقارب لأنها نفقة معاوضة و تثبت في الذمة.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 21 بتفاوت قليل. الاستبصار3، نفس الباب، ح 4 بتفاوت.
3- البقرة/ 83.
4- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 40. الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 16 بتفاوت يسير .. و نصب لشيء: أي عاداه.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل النوفليّ، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن السائل يسأل و لا يدرى ما هو؟ قال: أَعْطِ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ اَلرَّحْمَةُ فِی قَلْبِکَ، وَ قَالَ: أَعْطِ دُونَ اَلدِّرْهَمِ، قُلْتُ: أَکْثَرُ مَا یُعْطَی؟ قَالَ: أَرْبَعَةُ دَوَانِیقَ(1)

10- باب الصدقة على أهل البوادي و أهل السَّوَاد

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع(2) أو غيره، عن محمد بن عذافر، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصدقة على أهل البواي و السواد؟ فقال : تصدَّق على الصبيان و النساء و الزُّمَناء(3) و الضعفاء و الشيوخ، و كان ينهى عن أولئك الجُمّانين(4) يعني أصحاب الشعور.

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الصّلت، عن زرعة، عن منهال القصّاب قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أعط الكبير و الكبيرة، و الصغير و الصغيرة، و من وقعت له في قلبك رحمة، و إيّاك و كلّ(5)، و قال بيده و هزّها.

3- أحمد بن محمد، عن محمد بن عليّ، عن الحكم بن مسكين، عن عمرو بن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنَّ أَهْلَ اَلسَّوَادِ یَقْتَحِمُونَ عَلَیْنَا وَ فِیهِمُ اَلْیَهُودُ وَ اَلنَّصَارَی وَ اَلْمَجُوسُ، فَنَتَصَدَّقُ عَلَیْهِمْ؟ فَقَالَ: نَعَمْ(6)

11- باب كراهية ردّ السائل

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد النوفليّ، عن إسماعيل بن أبي زياد

ص: 17


1- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 41. الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 16 بتفاوت يسير. يقول الشهيد رحمه الله في الدروس: و في رواية: في المجهول حاله: اعطِ من وقعت له الرحمة في قلبك، و أكثر ما يعطى ثلثا درهم. و الحديث مجهول.
2- الشك من الراوي.
3- أي من بهم زمانة و هي العاهة الدائمة أو المزمنة.
4- من الجُمّة: مجتمع شعر الرأس. و جُمّاني: على غير قياس. و الحديث مرسل.
5- المضاف إليه (كلّ) محذوف، و يمكن أن يكون: المخالفين. و قال بيده: الضمير يرجع إلى الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أي أشار بيده. و الحديث مجهول.
6- قال الشهيد في الدروس: و يجوز (التصدق) على الذمي و إن كان أجنبياً، و على المخالف إلا الناصب، و منع الحسن من الصدقة على غير الذمي و لو كانت ندباً.

السكونيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لاَ تَقْطَعُوا عَلَی اَلسَّائِلِ مَسْأَلَتَهُ، فَلَوْ لاَ أَنَّ اَلْمَسَاکِینَ یَکْذِبُونَ، مَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُمْ.﴾(1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أعْطِ السائل و لو كان على ظهر فَرَس(2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمّار، عن الوصافيِّ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان فيما ناجى الله عزَّ و جلَّ به موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يا موسى أكرم السائل ببَذْلٍ يسير أو بِرَدّ جميل، لأنّه يأتيك مَن ليس بأنس و لا جانّ ملائكة من ملائكة الرَّحمن، يبلونك فيما خوَّلتك، و يسألونك عمّا نوّلتك، فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران(3)

4- عدَّةٌ من أصحابناّ عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب الأسديِّ، عن أبيه، عن سعيد بن المسيّب قال: حضرت عليَّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوماً حين صلّى الغداة، فإذا سائل بالباب، فقال علي بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أَعْطُوا اَلسَّائِلَ، وَ لاَ تَرُدُّوا سَائِلاً.

5- علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران، عن أيمن بن محرز؛ عن أبي أُسامة زيد الشحّام، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: [قال]. منع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) سائلاً قطّ، إن كان عنده أعطى، و إلا قال: ﴿یَأْتِی اَللَّهُ بِهِ﴾.

6- أحمد بن محمد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن حفص بن عمر، عن أبي

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لا تَرُدّوا السَّائل و لو بظِلْفٍ مُحْتَرقٍ﴾(4)

12- باب قدر ما يُعْطى السائل

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن

ص: 18


1- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 54. الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 19.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 55. الفقيه 2، نفس الباب، ح 18 بدون كلمة: كان. و الضمير في كان يعود إلى السائل. أي لا يكون ركوبه الفرس مانعاً لك من إعطائه.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 17. و خوّلتك و نوّلتك: أي أعطيتك من النعم.
4- الحديث مجهول و الظِلف للبقر و الغنم، كالحافر للفرس و البغل، و الخُفّ للبعير، قاله في النهاية 159/3.

عبد الله بن سنان، عن الوليد بن صبيح قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ)، فجاءه سائل فأعطاه، ثمَّ جاءه آخر فأعطاه ، ثم جاءه آخر فأعطاه، ثمَّ جاءه آخر فقال: يَسَعُ الله عليك، ثمَّ قال: إنَّ رجلاً لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم، ثمَّ شاء أن لا يبقى منها إلّا وضعها في حقّ لفعل، فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الّذين يُرَدُّ دعاؤهم، قلت: من هم؟ قال: أحدهم؛ رجل كان له مال فأنفقه في غير وجهه، ثمَّ قال: يا ربِّ ارزقني، فقال له: ألم أجعل لك سبيلاً إلى طلب الرِّزق(1)

2- و عنه، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول في السُّوَّال، أطعموا ثلاثة و إن شئتم أن تزدادوا فازدادوا، و إلّا فقد أدَّيتم حقَّ يومكم(2)

13- باب دُعاء السائل

1- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يعقوب بن يزيد؛ و غيره، عن زياد القنديِّ، عمّن ذكره قال: إذا أعطيتموهم فلقّنوهم الدُّعاء، فإنّه يستجاب الدُّعاء لهم فيكم، و لا يُسْتَجابُ لهم فى أنفسهم(3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تُحَقّروا دعوة أحد، فإنّه يستجاب لليهوديِّ و النّصرانيِّ فيكم، و لا يستجاب لهم في أنفسهم.

ص: 19


1- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 20. بتفاوت و زيادات. وفيه: بعد قوله: (يا رب ارزقني): فيقول الرب عز و جل: الم أرزقك؟ و رجل جلس في بيته و لا يسعى في طلب الرزق و يقول: يا رب ارزقني، فيقول الرب عز و جل : ألم أجعل لك سبيلا إلى الرزق؟ ... الخ. و لعل ما تقدم في الفقيه على ذيل ما هو مذكور في الحديث هنا في الفروع قد سقط من النّساخ، و ما في الفقيه هو الصحيح. و كان الشيخ الكليني رحمه الله قد روى هذا الحديث في أصول الكافي 2، كتاب الدعاء، باب من لا تستجاب دعوته، فراجع.
2- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 21 مرسلاً.
3- الحديث مرسل. و أخرجه مرسلاً بدون كلمة (الدعاء) بعد قوله: ... يستجاب، في الفقيه 2، نفس الباب، ح 22.

14- باب إن الذي يقسم الصدقة شريك صاحبها في الأجر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن رزين قال: دفع إليَّ شهاب بن عبدربّه دراهم من الزكاة أقسّمها، فأتيته يوماً فسألني: هل قسّمتها؟ فقلت: لا فأسمعني كلاماً فيه بعض الغِلْظَة، فطرحت ما كان بقي معي من الدَّراهم و قمت مُغْضِباً، فقال لي: ارجع حتّى أُحدِّثك بشيء سمعته من جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فرجعت، فقال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنيّ إذا وجدت زكاتي أخرجتها، فأدفع منها إلى من أثق به يقسّمها؟ قال: نعم، لا بأس بذلك، أمَا إنّه أحد المُعْطِينَ، قال صالح: فأخذت الدَّراهم حيث سمعت الحديث فقسّمتها.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي نهشل، عمّن

ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: لَوْ جَرَی اَلْمَعْرُوفُ عَلَی ثَمَانِینَ کَفّاً لَأُجِرُوا کُلُّهُمْ فِیهِ، مِنْ غَیْرِ أَنْ یُنْقَصَ صَاحِبُهُ مِنْ أَجْرِهِ شَیْئاً (1)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يعطي الدَّراهم يقسّمها، قال: يجري له ما يجري للمعطي، و لا ينقص المعطي من أجره شيئاً(2)

15- باب الإيثار

*باب الإيثار(3)

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل ليس عنده إلّا قوت يومه، أيعطف مَن عندَه قوتُ يومه على من ليس عنده شيء، و يعطف مَن عنده قوتُ شهر على من دونه، و السنة على نحو ذلك، أم ذلك كلِّه الكفاف الّذي لا يُلام عليه؟ فقال: هو أمر إن أفضلكم فيه أحرصُكم على الرَّغبة و الأَثَرة على نفسه، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ یُؤْثِرُونَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ƒ(4)

ص: 20


1- رواه بتفاوت في الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ذيل ح 13. و فيه: على سبعين يد.
2- الفقيه 2، نفس البب، صدر ح 13 بتفاوت. و رواه مرسلا.
3- آثره يؤثره إيثاراً: اختاره و فضّله حتى على نفسه.
4- الحشر/ 9. و الخصاصة: الحاجة و الفاقة و الفقر.

و الأمر الآخر لا يُلام على الكَفاف، و اليد العليا خير من اليد السفلى، و ابدأ بمن تعول(1)

2- قال: و حدَّثنا بكر بن صالح، عن بندار بن محمد الطبريّ، عن عليِّ بن سويد السائيّ، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: أُوْصِني فقال: آمرك بتقوى الله، ثمَّ سكت، فشكوت إليه قلّة ذات يدي و قلت: و اللهِ لقد عَرِيتُ حتّى بلغ من عُريتي أنَّ أبا فلان نزع ثوبين كانا عليه و كسانيهما، فقال: صُمْ و تصدَّق، قلت: أتصدَّق ممّا وصلني به إخواني و إن كان قليلاً؟ قال: تصدَّق بما رزقك الله و لو آثَرْتَ على نفسك(2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن سماعة، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: أيُّ الصّدقة أفضل؟ قال: جُهْدُ المُقِلّ(3) أمَا سمعت قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ƒوَ یُؤْثِرُونَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ کَانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ﴾؟ ترى ههنا فضلاً(4)

16- باب من سأل من غير حاجة

1- عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ضَمِنْتُ عَلَی رَبِّی، أَنَّهُ لاَ یَسْأَلُ أَحَدٌ مِنْ غَیْرِ حَاجَةٍ، إِلاَّ اِضْطُرَّتْهُ اَلْمَسْأَلَةُ یَوْماً إِلَی أَنْ یَسْأَلَ مِنْ حَاجَةٍ(5)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): اتّبعوا قول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فَإِنَّهُ قَالَ: مَنْ فَتَحَ عَلَی نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ فَتَحَ اَللَّهُ عَلَیْهِ بَابَ فَقْرٍ(6)

3- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن

ص: 21


1- الحديث موثق.
2- الحديث ضعيف.
3- المُقِلّ: -خلاف المُكثِر- و المُقِلّ: القليل المال. و الجهد: الوسع و الطاقة.
4- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 24 و في ذيله: هل ترى ... و يقول الشهيد في الدروس: أفضل الصدقة جهد المُقِلّ و هو الإيثار، و روي: أفضل الصدقة عن ظهر غنى، و الجمع بينهما: إن الإيثار على نفسه مستحب بخلافه على عياله.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 25 و الحديث ضعيف على المشهور.
6- الفقيه 2، نفس الباب، ح 26. و الحديث ضعيف.

محمد ابن سنان، عن مالك بن حصين السكونيِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ):مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْأَلُ عَنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَيَمُوتُ، حَتَّي يُحْوِجُهُ اللَّهُ إِلَيْهَا، وَ يُثَبِّتَ اللَّهُ لَهُ بِهَا النَّارَ(1)

17- باب كراهية المسألة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن حمّاد، عمّن سمع أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إيّاكم و سؤالَ النّاس، فإنّه ذلُّ في الدُّنيا، و فقر تَعَجَّلونه، و حساب طويل يوم القيامة(2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): یَا مُحَمَّدُ، لَوْ یَعْلَمُ السَّائِلُ مَا فِی الْمَسْأَلَةِ(3)، مَا سَأَلَ أَحَدٌ أَحَداً و لَوْ یَعْلَمُ الْمُعْطِی مَا فِی الْعَطِیَّةِ(4)، مَا رَدَّ أَحَدٌ أَحَداً(5)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر رفعه قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿الأَیْدِی ثَلَاثٌ: یَدُ اللَّه الْعُلْیَا، و یَدُ الْمُعْطِی الَّتِی تَلِیهَا، و یَدُ الْمُعْطَی أَسْفَلُ الأَیْدِی، فَاسْتَعِفُّوا عَنِ السُّؤَالِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، إِنَّ الأَرْزَاقَ دُونَهَا حُجُبٌ فَمَنْ شَاءَ قَنَی حَیَاءَه(6)، و أَخَذَ رِزْقَه، و مَنْ شَاءَ هَتَکَ الْحِجَابَ، و أَخَذَ رِزْقَه، و الَّذِی نَفْسِی بِیَدِه، لأَنْ یَأْخُذَ أَحَدُکُمْ حَبّلاً ثُمَّ یَدْخُلَ عَرْضَ هَذَا الْوَادِی فَیَحْتَطِبَ حَتَّی لَا یَلْتَقِیَ طَرَفَاه(7)، ثُمَّ یَدْخُلَ بِه السُّوقَ فَیَبِیعَه بِمُدٍّ مِنْ تَمْرٍ، و یَأْخُذَ ثُلُثَه، و یَتَصَدَّقَ بِثُلُثَیْه، خَیْرٌ لَه مِنْ أَنْ یَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْه أَوْ حَرَمُوه﴾.ƒ

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن داود بن النّعمان، عن إبراهيم بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنَّ اللّهَ تَبارَکَ و تَعالی أحَبَّ شَیئاً لِنَفسِهِ و أبغَضَهُ لِخَلقِهِ، أبغَضَ لِخَلقِهِ المَسأَلَةَ ، و أحَبَّ لِنَفسِهِ أن

ص: 22


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 27. بتفاوت في آخره. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 29 بتفاوت يسير.
3- أي من الذل و الفقر، و كونها مدعاة للوقوف طويلاً للتفتيش و الحساب يوم القيامة.
4- أي من الثواب و الأجر و دفع البلاء و زيادة الرزق.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 30، بدون قوله: يا محمد. و الحديث فيه مرسل. و هنا حسن.
6- أي التزمه و وفّره.
7- الضمير في (طرفاه) إما إلى المحتطب فهو كناية عما يلاقيه من المشقة و ما يصيبه من الشدة و التعب. و أما إلى الحبل فيكون كناية عن كثرة الحطب.

يُسْأَلَ، و لَیسَ شَیءٌ أحَبَّ إلَی اللّهِ عزَّ و جلَّ مِن أن یُسْأَلَ، فَلا یَستَحیی أحَدُکُم أن یَسأَلَ اللّهَ و لَو [بِ] شِسْعِ نَعْلٍ﴾(1)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاءت فخذُ من الأنصار(2) إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فسلّموا عليه، فردَّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقالوا: يا رسول الله: لنا إليك حاجة، فقال: هاتوا حاجتكم، قالوا: إنّها حاجة عظيمة، فقال: هاتوها، ما هي؟ قالوا: تضمن لنا على ربّك الجنّة، قال: ﴿فَنَكَسَ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) رأسه، ثمَّ نَكَتَ في الأرض ثمَّ رفع رأسه فقال: أفعل ذلك بكم، على أن لا تسألوا أحداً شيئاً، قال: فكان الرَّجل منهم يكون في السّفر، فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان: ناوِلْنِيه، فراراً من المسألة، فينزل فيأخذه، و يكون على المائدة فيكون بعض الجُلَسَاء أقرب إلى الماء منه، فلا يقول: ناوِلْني، حتّى يقومَ فيشرب﴾ (3)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عمّن ذكره، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رحم الله عبداً عفَّ و تعفّف، و كفَّ عن المسألة، فإنّه يتعجّل الدَّنيّة في الدّنيا، و لا يغني النّاسُ عنه شيئاً، قال: ثمَّ تمثّل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ببيت حاتم:

إذا ما عرفت اليأس ألفيتُهُ الغنى *** إذا عَرَفَتْهُ النّفسُ و الطَّمَعُ الفَقْرُ(4)

7- عليُّ بن محمد؛ و أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسن، عن العبّاس بن عامر، عن محمد بن إبراهيم الصيّرفيِّ، عن مفضّل بن قيس بن رمّانة قال: دخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فذكرت له بعض حالي، فقال: يا جارية، هاتِ ذلك الكيس، هذه أربع مائة دينار وَصَلني بها أبو

ص: 23


1- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 28. بتفاوت يسير جداً، و رواه مرسلاً. قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): أبغض لخلقه المسألة: أي أبغض لهم أن يمدوا أيديهم إلى الناس يتسولون منهم أو یطلبون حاجاتهم، و ذلك لأنه سبحانه أراد للمؤمن أن يكون عزيزاً و لم يرتضِ منه أن يذلّ نفسه، و المسألة ذلّ. و لذا ورد في الروايات النهي عنها و إنها ذل في الدنيا و فقر تَعَجُّلونه، و حساب طويل يوم القيامة كما مرّ، و وجَّههم إلى الانقطاع إليه و التوكل عليه على ألا يكون ذلك مانعاً لهم عن السعي في أرض الله و التسبب في الرزق. هذا، و الحديث حَسَنٌ.
2- الفخذ: -هنا -الجماعة من الناس يلتقون في نسب واحد، أو حيّ من الأنصار. و الحديث حَسَنٌ. و قد دلّ على أن المسألة أعم من سؤال المال.
3- أخرجه مرسلا في الفقيه 2، نفس الباب، ح 31. و نكت الأرض: أي ضربها بقضيب في يده، أو بإصبعه و هو مطرق يتفكر.
4- الحديث مرسل.

جعفر(1)، فخذها و تفرَّج(2) بها، قال: فقلت: لا و اللهِ جُعِلْتُ فِداك، ما هذا دهري(3)، و لكن أحببت أن تدعو الله عزَّ و جلَّ لي، قال: فقال: إنّي سأفعل، و لكن إيّاك أن تخبر النّاس بكلّ حالك فتهونَ عليهم(4)

8- و روي عن لقمان أنّه قال لابنه: يا بنيَّ، ذُقْتُ الصّبر، و أكلت لحاء الشّجر(5) فلم أجد شيئاً هو أمرُّ من الفقر، فإن بُليتَ به يوماً فلا تظهر النّاس عليه فيستَهينوك، و لا ينفعوك بشيء، ارجع إلى الّذي ابتلاك به، فهو أقدر على فَرَجِك، و سَلّه، من ذا الّذي سأله فلم يعطه، أَوْ وَثِقَ به فلم يُنجِه.

18- باب المَنِّ

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن موسى، عن غياث(6)، عن إسحاق بنِ عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إِنَّ اَللَّهَ تَبَارَکَ وَ تَعَالَی کَرِهَ لِی سِتَّ خِصَالٍ وَ کَرِهْتُهَا لِلْأَوْصِیَاءِ مِنْ وُلْدِی، وَ أَتْبَاعِهِمْ مِنْ بَعْدِی، مِنْهَا: اَلْمَنُّ بَعْدَ اَلصَّدَقَةِ﴾ (7)

2- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المنُّ يهدم الصّنيعة(8)

ص: 24


1- أي المنصور العباسي.
2- أي اطلب الفرج بها مما أنت فيه من الضيق، و توسّع بها.
3- أي ديدني و عادتي. أو همّتي.
4- الحديث مجهول
5- اللحاء: قشر الشجر.
6- هو ابن إبراهيم.
7- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 34 و ذكر جميع الخصال الست و هي: العبث في الصلاة و الرفث في الصوم، و المن بعد الصدقة، و إتيان المساجد جنباً، و التطلّع في الدور، و الضحك بين القبور، و رواه مع ذكر خصلة واحدة هي الرفث في الصوم، في التهذيب 4، 48- باب سنن الصيام، ح 7. و كذلك في الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ... ، ح 4. كما روى الصدوق الحديث بتمامه بنفس السند في الخصال، باب الستة، ص 327 ح 19. و الرَفَث: الجماع، و الفحش من القول. و بالنظر لكون بعض هذه الخصال- على رواية الفقيه و الخصال- التي اشتمل عليها الحديث، و منها الضحك بين القبور و غيرها مما ليس من المحرمات فلا بد من حمل الكراهة هنا على الأعم من التحريم.
8- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 33.و هدمها عبارة عن حبط ثوابها. بل الإثم في المن إن كان فيه أذية للمؤمن.

19- باب من أعطى بعد المسألة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعث إلى رجل بخمسة أو ساق من تمر البغيبغة(1)، و كان الرّجل ممّن يرجو نوافله و يؤمّل نائله و رِفْدَه ، و كان لا يسأل عليّا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و لا غيره شيئاً، فقال رجل لأمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و اللهِ ما سألك فلانٌ، و لقد كان يجزيه من الخمسة الأوساق وَسْقً واحد، فقال له أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) : لا كثّر الله في المؤمنين ضَرْبَك(2)، أُعطي أنا و تبخلُ أنت، الله أنت(3)، إذا أنا لم أُعطِ الّذي يرجوني إلّا من بعد المسألة، ثمَّ أُعطيه بعد المسألة، فلم أُعطه إلّا ثمن ما أخذت منه، و ذلك لأنّي عَرَّضَتُهُ أن يبذل لي وجهه الّذي يُعَفِّره في التّراب لربّي و ربّه عند تعبّده له، و طلب حوائجه إليه، فمن فعل هذا بأخيه المسلم، و قد عرف أنّه موضع لصِلَته و معروفِهِ، فلم يصدِّق الله عزَّ و جلَّ في دعائه له، حيث يتمنّى له الجنّة بلسانه، و يبخل عليه بالحُطام من ماله، و ذلك أنّ العبد قد يقول في دعائه : اللّهمَّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات، فإذا دعا لهم بالمغفرة، فقد طلب لهم الجنّة، فما أنْصَفَ من فعل هذا بالقول، و لم يحقّقه بالفعل(4)

2- أحمد بن إدريس، و غيره. عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن نوح بن عبد الله، عن الذّهليِّ رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعروف ابتداء ، و أما من أعطيته بعد المسألة فإنّما كافيته بما بذل لك من وجهه، يبيت ليلته أرِقاً متململاً، يَمْثُلُ بين الرَّجاء و اليأس، لا يدري أين يتوجّه لحاجته، ثمَّ يعزم بالقصد لها، فيأتيك و قلبه يرجف، و فرائصه ترعد، قد ترى دمه في وجهه لا يدري أيرجع بكآبة أم بفرح.

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن صندل، عن ياسر، عن اليسع بن حمزة قال: كنت في مجلس أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أحدَّثه، و قد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال و الحرام، إذ دخل عليه رجلٌ طوال آدَم(5)، فقال: السّلام عليك يا ابن رسول الله، رجل من محبّيك و محبّي آبائك و أجدادك (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، مصدري من الحجّ، و قد افتقدت نفقتي، و ما معي ما أبلغ مرحلة، فإن رأيت أن تُنْهِضَني إلى بلدي و الله علىَّ نعمة، فإذا بلغت بلدي تصدَّقت بالّذي

ص: 25


1- اسم مكان أو ضيعة من الضياع.
2- أي صنفك و شاكِلَتَك.
3- أي كن الله انت، و انصِفني القول.
4- الفقيه 2، 19- باب فضل الصدقة، ح 35 بتفاوت يسير. و الحديث ضعيف.
5- الآدَم: الأسمر البشرة، و الأدمة: السمرة.

تولّيني عنك، فلست موضع صدقة، فقال له: اجلس رحمك الله، و أقْبَلَ على النّاس يحدِّثهم حتّى تفرّقوا، و بقي هو و سليمان الجعفريُّ و خيثمة و أنا فقال: أتأذنون لي في الدُّخول؟ فقال له سلیمان: قدَّم الله أمرك، فقام فدخل الحجرة، و بقي ساعة ثمَّ خرج وردَّ الباب، و أخرج يده من أعلى الباب و قال: أين الخراسانيُّ؟ فقال: ها أناذا، فقال: خذ هذه المائتي دينار، واستعِنْ بها في مؤونتك و نفقتك، و تبرَّك بها، و لا تَصَّدَّق بها عنّي، و أخرج فلا أراك و لا تراني، ثمَّ خرج، فقال له سليمان: جُعِلْتُ فِداك، لقد أجزلت و رحمتَ فلِماذَا سترت وجهك عنه؟ فقال: مخافة أن أرى ذلَّ السّؤال في وجهه لقضائي حاجته، أمَا سمعت حديث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): المستتر بالحَسَنَة يعدل سبعين حجّة، و المذيع بالسّيئة مخذول، و المستتر با مغفورٌ له، أما سمعت قول الأوَل(1):

متى أته يوماً لأطلب حاجة *** رجعت إلى أهلي و وجهي بمائه

4- عليُّ بن إبراهيم بإسناد ذكره عن الحارث الهمدانيِّ قال: سامَرْتُ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت: يا أمير المؤمنين، عَرَضَتْ لي حاجة، قال: فرأيتني لها أهلا؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: جزاك الله عنّي خيراً، ثمَّ قام إلى السّراج فأغشاها و جلس، ثمَّ قال: إنّما أغشيتُ السّراج لئلّا أرى ذلَّ حاجتك في وجهك، فتكلّم، فإنّي سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يقول: الحوائج أمانة من الله في صدور العباد، فمن كتمها كُتِبَتْ له عبادة، و من أفشاها كان حقاً على من سمعها أن يعنيه(2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أبي الأصبغ، عن بندار بن عاصم رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: ما توسّل إليَّ أحد بوسيلة، و لا تذرَّع بذريعة أقرب له إلى ما يريده منّي، من رجل سلف إليه منّي يدٌ أتبعتها أختها، و أحسنت ربّها، فإنّي رأيت مَنْعَ الأواخر يقطع لسانَ شكرِ الأوائل ، و لا سَخَتْ نفسي بردِّ بكر الحوائج، و قد قال الشّاعر.

و إذا بُلِيتَ ببذل وجهك سائلاً *** فأبذلْهُ للمتكرِّم المِفضال

إنَّ الجواد إذا حباك بموعد *** أعطاكَهُ سَلِساً بغير مطال(3)

و إذا السّؤال النّوال قَرَنْتَه *** رَجح السّؤال و خَفٌ كُلُّ نَوال

ص: 26


1- أي الأوائل من العرب، و القُدامى. و الحديث مجهول.
2- لعل قوله يعنيه، تصحيف: يعينه، و الله العالم.
3- السَّلْس اللَين السهل. و المطال: المماطلة و المراوغة. و الحديث ضعيف على المشهور.

20- باب المعروف

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن إسماعيل بن عبد الخالق الجعفيِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ من بقاء المسلمين و بقاء الإسلام، أن تصير الأموال عند من يعرف فيها الحقّ، و يصنع [فيها] المعروف ، فإنَّ من فناء الإسلام و فناء المسلمين، أن تصير الأموال في أيدي من لا يعرف فيها الحقِّ، و لا يصنع فيها المعروف.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن داود الرّقيِّ، عن أبي حمزة الثّماليِّ قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ الله عزَّ و جلَّ جعل للمعروف أهلاً من خَلْقه، حبّب إليهم فعاله، و وجّه لطلّاب المعروف الطلب إليهم، و يسرّ لهم قضاءه، كما يسرّ الغيث للأرض المجدبة ليحييها و يحيي به أهلها، و إنَّ الله جعل للمعروف أعداءً من خلقه، بغّض إليهم المعروف، و بغّض إليهم فعاله، وَ حَظَرَ على طلّاب المعروف الطّلب إليهم، وَ حَظَرَ عليهم قضاءه، كما يحرم الغيث على الأرض المجدبة ليهلكها و يهلك أهلها، و ما يعفو الله أكثر.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن محمد بن سنان، عن داود الرِّقي، عن أبي حمزة الثّماليِّ قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول : إنَّ من أحبِّ عباد الله إلى الله لَمَن حبّب إليه المعروف و حبّب إليه فعاله.

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن داود الرّقي عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)مثله.

21- باب فضل المعروف

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿كلُّ معروف صدقة، و أفضل الصّدقة صدقة عن ظهر غِنى، و ابدء بمن تَعُول ، واليد العليا خير من اليد السّفلى، و لا يلوم الله على الكَفاف﴾(1)

ص: 27


1- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 9 مرسلاً بتفاوت من قوله: افضل الصدقة . . و فيه: على ظهر غنيّ. و معنى: عن ظهر غنى: يعني إن أفضل الصدقات ﴿ما يكون بعد الغنى و المؤونة لئلا يكون القلب متعلقاً بما يعطي﴾ الوافي، المجلد الثاني، ج 6 ص/ 61. و المقصود باليد العليا: اليد المعطية، و بالسفلى: اليد الآخذة. و معنى: لا يلوم الله على الكفاف: أي لا يلوم الله إنساناً عندما يكفيه و يكفي عياله فقط أن يحوطه و لا يتصدق به لأن الإنفاق على العيال أولى من الإنفاق على غيرهم، إذ لو أنفقه على الغير و تصدّق به فسوف يصبح آخذاً و سائلاً.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿کُلُّ مَعروفٍ صَدَقةٌ﴾.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و أحمد بن أبي عبد الله، جميعاً عن محمد بن خالد، عن سعدان بن مسلم، عن أبي يقظان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: رأيت المعروف كاسمه، و ليس شيء أفضل من المعروف إلّا ثوابه، و ذلك يراد منه، و ليس كلُّ من يحبُّ أن يصنع المعروف من الناس يصنعه، و ليس كلُّ من يرغب فيه يقدر عليه، و لا كلُّ من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا اجتمعت الرَّغبة و القدرة و الإذن، فهنالك تمّت السعادة للطّالب و المطلوب إليه(1)

و رواه أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)مثله.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعريِّ، عن ابن القدَّاح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿كلُّ معروف صدقة، والدَّالَّ على الخير كفاعِلِه، و الله عزَّ و جلَّ يحبُّ إغاثة اللَّهْفَان﴾(2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المعروف شيءٌ سوى الزّكاة، فتقرَّبوا إلى الله عزَّ و جلّ بالبرِّ و صلة الرَّحم(3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اصنع المعروف إلى من هو أهله و إلى من ليس من أهله، فإن لم يكن هو من أهله فكن أنت من أهله(4)

ص: 28


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. مرسلاً و سنده الأول هنا مجهول، و سنده الثاني ضعيف.
2- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 3.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. و قوله: سوى الزكاة، أي غير الزكاة المفروضة في المال أو البدن.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4 بتفاوت. و هنالك روايات ناهية عن وضع المعروف في غير أهله فتأمل.

7- عليُّ بن محمد بن بندار، و غيره، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله ابن القاسم، عن رجل من أهل ساباط قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لعمّار: يا عمّار، أنت ربُّ مال كثير؟ قال: نعم، جُعِلْتُ فِداك، قال: فتؤدّي ما افترض الله عليك من الزّكاة؟ قال: نعم، قال: فتُخرج المعلوم من مالك؟ قال: نعم، قال: فتصِلُ قرابتك؟ قال: نعم، قال: فتصِلُ إخوانك؟ قال: نعم، فقال: يا عمّار، إنَّ المال يفنى، و البدن يبلى، و العمل يبقى و الدَّيان حيُّ لا يموت، يا عمّار، إنّه ما قدّمت فلن يسبقَك و ما أخرّت فلن يلحقك(1)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن درَّاج، عن حديد بن حكيم أو(2) مرازم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيّما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفاً، فقد أوصل ذلك إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)(3)

9- عليُ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): اصنعوا المعروف إلى كلِّ أحد، فإن كان أهله و إلاّ فأنت أهله(4)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بصير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ أعرابيّاً من بني تميم أتى النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: أوصني، فكان فيما أوصاه به أن قال: يا فلان، لا تزهدنَّ في المعروف عند أهله.

أبي

11- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن الوليد، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿أوَّل من يدخل الجنّة المعروف و أهله، و أوَّل من يَرِدُ عليَّ الحوض﴾(5)

12- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أجيزوا لأهل المعروف عَثَراتِهم، و اغفروها لهم، فإنَّ كفَّ الله تعالى عليهم هكذا- و أو ما بعده كأنّه يظلّ بها شيئاً-(6)

ص: 29


1- مر برقم 15 من الباب 270 من المجلد الأول من الفروع و خرّجناه هناك.
2- الترديد من الراوي.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. و إنما يكون قد أوصل ذلك المعروف الى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لأنه يكون قد أمتثل وصيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و نفّذ أمره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بأن يصِل المؤمن أخاه المؤمن و لا يقطعه و لا يخذله و... الخ.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و ظاهر الإطلاق جواز صنع المعروف حتى لمن لم يكن اهلاً له، و لكن هناك روايات ذامة لمن يضع المعروف في غير أهله، و حينئذلا بد من حمل المطلق على المقيد.
5- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف ح 1. و الحديث مجهول.
6- الحديث صحيح. و العثرة: -هنا- الخطأ و الزلّة و إقالتها بعدم مؤاخذتهم بها و سترها عليهم.

22- باب منه

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الله بن الدِّهقان، عن دُرُسْت بن أبي منصور، عن عمر بن أُذَينة، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : ﴿من صنع بمثل ما صُنع إليه فإنّما كافاه، و من أضعفه (1) كان شكوراً، و من شكر كان كريماً، و من علم أنَّ ما صنع إنّما صنع إلى نفسه لم يَسْتَبْطِ النّاس في شكرهم(2)، و لم يستزدهم في مودَّتهم، فلا تلتمس من غيرك شكر ما أتيت إلى نفسك، و وقيت به عِرْضَك، و اعلم أنَّ الطّالب، إليك الحاجة لم يكرم وجهه عن وجهك، فأكرم وجهك عن ردِّه﴾.

23- باب أن صنائع المعروف تدفع مصارع السوء

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعريِّ، عن عبد الله بن ميمون القدَّاح، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صنائع المعروف تَقِي مصارع السّوء(3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنَّ البركة أسرع إلى البيت الّذي يُمْتار منه المعروف من الشّفرة في سنام البعير، أو من السّيل إلى منتهاه﴾(4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن عبد الله بن سلیمان قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : إنَّ صنائع المعروف تدفع مصارع السّوء.

24- باب إن أهل المعروف في الدنيا هُمْ أَهلُ المعروف في الآخرة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن زكريّا المؤمن، عن داود بن

ص: 30


1- أي قابله بصنع ضِعْفِه.
2- أي لم ينتظر شكرهم، إذ لا يشكر الإنسان على ما يصنعه لنفسه من خير. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 8.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 10. و مَارَ الرجل عياله يَميرُهُم: جلب لهم المِيرَة و هي الطعام. و الأصل أن يستعمل المَيْر فيه، و قد استعملها هنا و أراد بها جلب المعروف و صنعه.

فرقد (1) أو قتيبة الأعشى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا رسول الله، فداك آباؤنا و أُمّهاتنا، إنَّ أصحاب المعروف في الدُّنيا عُرِفوا بمعروفهم، فيِمَ يُعْرَفون في الآخرة؟ فقال: ﴿إنَّ الله تبارك و تعالى إذا أدخل أهل الجنّة الجنّة، أمر ريحاً عيفة طيّبة، فلزقت بأهل المعروف، فلا يمرُّ أحد منهم بِمَلأٍ من أهل الجنّة إلّا وجدوا ريحه، فقالوا: هذا من أهل المعروف﴾ (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقيِّ، عن بعض أصحابنا رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أهل المعروف في الدُّنيا هم أهل المعروف في الآخرة، يقال لهم: إنَّ ذنوبكم قد غُفرت لكم، فَهَبُوا حسناتكم لمن شئتم(3)

3- أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن الوليد الوصّافيِّ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿أَهْلُ اَلْمَعْرُوفِ فِی اَلدُّنْیَا هُمْ أَهْلُ اَلْمَعْرُوفِ فِی اَلْآخِرَةِ وَ أَهْلُ اَلْمُنْکَرِ فِی اَلدُّنْیَا هُمْ أَهْلُ اَلْمُنْکَرِ فِی اَلْآخِرَةِ (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ للجنة باباً يقال له: المعروف، لا يدخله إلّا أهل المعروف، و أهل المعروف في الدُّنيا، هم أهلُ المعروف في الآخرة.

25- باب تمام المعروف

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن سعدان، عن حاتم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رأيت المعروف لا يصلح إلّا بثلاث خصال: تصغيره، و تستيره، و تعجيله، فإنّك إذا صغّرته عظّمته عند من تصنعه إليه، و إذا سترته تمّمته، و إذا عجّلته هنّأته، و إن كان غير ذلك سخّفته و نكّدته(5)

2- أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن خلف بن حمّاد، عن موسى بن بكر،

ص: 31


1- الترديد من الراوي.
2- الحديث ضعيف.
3- روى صدره مرسلاً في الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت بسير . و روى ذيله بتفاوت بعد ذلك على أنه تفسير مر المؤلف رحمه الله.
4- راجع التخريج السابق. و الحديث مجهول.
5- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 12 بتفاوت قليل. و الحديث مجهول.

عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: لكلِّ شيء ثمرة، و ثمرة المعروف تعجيلُ السراح(1)

26- باب وضع المعروف موضعه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سَيف بن عَمِيرة، قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمُفَضّل بن عمر: يا مُفَضّل، إذا أردت أن تعلم أشقيٌّ الرَّجلُ أم سعيدٌ، فانظر سَيْبَه(2) و معروفه إلى من يصنعه، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله فاعلم أنّه إلى خير، و إن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنّه ليس له عند الله خير(3)

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن مفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا مُفَضّل، إذا أردت أن تعلم إلى خير يصير الرَّجل أم إلى شرّ، انظر أين يضع معروفه، فإن كان يضع معروفه عند أهله(4)، فاعلم أنّه يصير إلى خير، و إن كان يضع معروفه عند غير أهله، فاعلم أنّه ليس له في الآخرة من خَلاق(5)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن أحمد بن عمر و بن سليمان البجليِّ، عن إسماعيل بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار، عن إبراهيم بن إسحاق المدائنيِّ، عن رجل، عن أبي مخنف الأزديِّ قال: أتى أميرَ المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) رهطُ من الشيعة فقالوا: يا أمير المؤمنين، لو أخرجت هذه الأموال ففرّقتها في هؤلاء الرُّؤساء و الأشراف، و فضّلتهم علينا، حتّى إذا استوسَقَت الأمور، عدتَ إلى أفضل ما عوّدك الله من القسم بالسوّية، و العدل في الرّعية؟ فقال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿أتأمروني و يحكم أن أطلب النّصر بالظلم و الجوز فيمن وُلّيتُ عليه من أهل الإسلام، لا و الله، لا يكون ذلك ما سمر السمير(6)، و ما رأيتُ في السّماء نجماً، و الله لو كانت أموالهم مالي لساوَيْتُ بينهم، فكيف

ص: 32


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 11 و في ذيله تعجيله. و تعجيل السراح: يراد به يسر الصنيع للمعروف إن كان إيجاباً فبتسليمه لصاحبه، و إن كان سلباً فبتأييسه منه بإحسان. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- السَّيْب: العطاء و المعروف.
3- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 13 بتفاوت يسير . و لا بد من حمله على ما إذا صنعه إلى غير أهله مع علمه بأنه كذلك. و الحديث حسن.
4- أي عند من هم أهل لوضع المعروف فيهم و صنعه معهم.
5- الخلاق: الحظ و النصيب من الخير. و الحديث ضعيف على المشهور.
6- كناية عن تطاول المدة و اختلاف الليل و النهار، و كذا ما بعده.

و إنما هي اموالهم، قال: ثمّ أزم (1) ساكتاً طويلاً، ثم رفع رأسه فقال: من كان فيكم له مال فإيّا و الفساد، فإنّ إعطاءه في غير حقّه تبذير و إسرافٌ، و هو يرفع ذكر صاحبه في الناس، و يضعه عند الله، و لم يضع امرءٌ ماله في غير حقّه و عند غير أهله، إلّا حرمه الله شكرهم، و كان لغيره وُدُّهم، فإن بقي معه منهم بقيّة ممّن يظهر الشكر له و يريه النصح، فإنّما ذلك مَلَقٌ منه(2) و كذب فإن زلّت بصاحبهم النَّعْلُ (3) ثم احتاج إلى معونتهم و مكافاتهم فألأَمْ خليل و شرُّ خدين (4)، و لم يضع امرءُ ماله في غير حقّه و عند غير أهله، إلّا لم يكن له من الحظّ فيما أُتي، إلّا محمدةُ اللّئام و ثناء الأشرار ما دام عليه منعماً مفضلاً، وَ مَقَالَةُ الجاهل: ما أجوده، و هو عند الله بخيل، فأيُّ حظٍّ أَبْوَرُ و أخسر من هذا الحظّ، وأيّ فائدة معروف أقلّ من هذا المعروف، فمن كان منكم له مال فليصِلْ به القرابة، و ليُحْسِن منه الضيافة، و ليفكّ به العاني و الأسير و ابن السّبيل، فإنّ الفوز بهذه الخصال مكارم الدُّنيا و شرف الآخرة(5)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لو أنَّ الناس أخذوا ما أمرهم الله عزَّ و جلَّ به، فأنفقوه فيما نهاهم الله عنه، ما قَبِلَه منهم، و لو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله به، ما قَبِلَه منهم حتّى يأخذوه من حقّ و ينفقوه في حقّ(6)

5- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن موسى بن القاسم، عن أبي جميلة، عن ضريس قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّما أعطاكم الله هذه الفضول من الأموال لِتُوجِّهوها حيث وجَهَّها الله، و لم يُعْطِكُمُوها لتَكْنُزُوها(7)

ص: 33


1- أي أمْسَكَ.
2- المَلَق و التملّق: المداهنة و المسايرة من دون تشدّد.
3- كناية عن حطّ الدهر به، و إدبار عزّه و وقوعه في الفقر و الشّدة.
4- الخِدْن: الصديق الذي يكون معك ظاهراً و باطناً في كل أمر. و يطلق على المذكر و المؤنث، و الجمع أخدان
5- الحديث ضعيف.
6- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف،ح 15. و قوله: حتى يأخذوه من حق ... الخ: أي يكسبوه من حِلّه و ينفقوه في حِلّه.
7- الفقيه 2، نفس الباب، ح 14. وما وجّه الله إليه في الأموال صَرْفُها فيما يؤدي إلى مغفرته و رضوانه سبحانه بعد إخراج ما أوجبه فيها من حق، و عدم إنفاقها فيما يغضبه مما نهى عنه.

27- باب في آداب المعروف

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حُذَيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تدخل لأخيك في أمر، مَضَرَّتُهُ عليك أعظمُ من منفعته له، قال ابن سنان: يكون على الرَّجل دَين كثير، و لك مال، فتؤدِّي عنه، فيذهب مالك و لا تكون قضيتَ عنه(1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمد الأشعريِّ، عمّن سمع أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لاَ تَبْذُلْ لِإِخْوَانِکَ مِنْ نَفْسِکَ مَا ضَرُّهُ عَلَیْکَ أَکْثَرُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ لَهُمْ.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن الحسن بن عليّ الجرجانيِّ، عمّن حدَّثه، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا توجب على نفسك الحقوقَ، و اصبر على النّوائب، و لا تدخل في شيء مَضَرَّتُهُ عليك أعْظَمُ من منفعته لأخيك.

28- باب مَنْ كَفَرَ المعروف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي جعفر البغداديِّ، عمّن رواه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: لَعَنَ الله قاطِعي سُبُلِ المعروف، قيل: و ما قاطعوا سُبُل المعروف؟ قال: الرَّجل يُصْنَعُ إليه المعروف فيكفره، فيمتنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره(2)

2- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن محبوب، عن سَيف بن عَمِيرة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما أقلّ من شَكَرَ المعروف.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:

ص: 34


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الفقيه 2، 11- باب فضل المعروف، ح 17. بتفاوت يسير. و هو صريح في لَعْن الله سبحانه لكافر المعروف، و هو يدل على إن كفران المعروف و النعمة حرام، و إن شكر المنعم واجب عقلاً و شرعاً.

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَنْ أُتِيَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَلْيُكَافِ بِهِ ، فَإِنْ عَجَزَ فَلْيُثْنِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ كَفَرَ النِّعْمَة﴾(1)

29- باب القَرْض

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مكتوب على باب الجنّة : الصّدقَةُ بعشَرَة، و القرضُ بثمانية عشر(2)

و في رواية أخرى بخمسة عشر.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن رِبعيِّ بن عبد الله، عن فُضَيل بن يسار قال: قال أبو الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ما من مؤمن أقرض مؤمناً يلتمس به وجه الله، إلّا حسب الله له أجره بحساب الصّدقة، حتّى يرجع إليه ماله(3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قوله تعالى: ﴿لا خَیْرَ فِی کَثِیرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ﴾ (4) قال: يعني بالمعروف: القَرْضَ(5)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن

ص: 35


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 16 بتفاوت يسير. قوله: فلیکافِ به: أي يقابل من صنع إليه المعروف بالمعروف. و قوله: فَلْيُثنِ ..، أي ليظهر المدح و الثناء لصاحب المعروف. و في ذلك ما فيه من تشجيعه على تكراره، و تشجيع غيره على ابتدائه و استمراره.
2- الفقيه 2، 12- باب ثواب القرض، ح 1. و الحديث حسن أو موثق. قال في شرح اللمعة: ﴿و السر فيه ﴿أي في كون ثواب القرض أعظم من ثواب الصدقة﴾ إن الصدقة تقع في يد المحتاج و غيره و القرض لا يقع إلا في يد المحتاج غالبا و إن درهم القرض يعود فيقرض و درهم الصدقة لا يعود . . . فإطلاق كون درهم القرض بثمانية عشر إما مشروط بقصد القربة أو تفضّل من الله تعالى من غير اعتبار الثواب . . .﴾.
3- الفقيه 2، 12- باب ثواب القرض، ح 3 مرسلاً بتفاوت.
4- النساء/ 114. و النجوى: -هنا- الحديث يتسارّون به فيما بينهم و من تتمة الآية: أو إصلاح بين الناس ...
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير. و كرره برقم 28 من الباب 60 من الجزء 3 من الفقيه ايضاً.

عقبة بن خالد قال: دخلت أنا و المعلّى و عثمان بن عمران على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فلمّا رآنا قال: مرحباً مرحباً بكم، وجوه تُحبّنا و نُحبّها، جعلكم الله معنا في الدُّنيا و الآخرة، فقال له عثمان: جُعِلْتُ فداك! فقال له أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نَعَم مَهْ(1)، قال: إنّي رجلٌ موسر، فقال له: بارك الله لك في يَسارك، قال: و يجيىء الرَّجل فيسألني الشيء و ليس هو إبّان (2)زكاتي؟ فقال له أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): القرض عندنا بثمانية عشر، والصّدقة بعشرة، و ماذا عليك إذا كنتَ كما تقول موسراً ،أعطيتَه، فإذا كان إبّان زكاتك احْتَسَبْتَ بها من الزّكاة، يا عثمان، لا تردَّه، فإنَّ ردَّه عند الله عظيم، يا عثمان، إنّك لو علمت ما منزلة المؤمن من ربّه ما توانيتَ في حاجته، و من أدخل على مؤمن سروراً فقد أدخل على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قضاء حاجة المؤمن يدفع الجنون و الجذام و البرص.

5- سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد، عن إبراهيم بن السنديِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قَرْضُ المؤمن غنيمةٌ و تعجيلُ خير، إنّ أيسر أدّاه، و إن مات احتسب من الزّكاة(3)

30- باب إنْظار المُغْسِر

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أراد أن يُظلّه الله يومَ لَا ظِلَّ إلّا ظِلُّه(4) -قالها ثلاثاً- فَهَابَه النّاس أن يسألوه، فقال: فليُنْظِرْ مُعْسِراً، أو ليدَعْ له من حقّه(5)

2- محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أَبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال

ص: 36


1- أي: ما مطلبك، و الهاء للسَّكْت، و أصله: فما، -هكذا في هامش المطبوع-.
2- الإبّان: الوقت.
3- الفقيه 2، 12- باب ثواب القرض، ح 4 و في ذيله: ... من زكاته. و روى قريباً منه في الفقيه 2، 5- باب الأصناف التّي تجب عليها الزكاة، ح 5، و كان الكليني قد أورد هذا الحديث بتفاوت و سند آخر عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) برقم 1 من الباب 308 من الجزء الأول من الفروع فراجع.
4- أي رحمته.
5- الفقيه 2، 13- باب ثواب إنظار المعسر، ح 3 بتفاوت يسير. و (من) في قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من حقه، تبعيضية، أي ليترك بعض ماله عليه من دين حتى يتمكن من أداء الباقي. و الحديث صحيح.

في يوم حارّ- و حنا كفّه-(1) من أحبَّ أن يستظلَّ من فَوْر جهنّم(2) ؟ -قالها ثلاث مرّات، فقال الناس في كلِّ مرَّة: نحن يا رسول الله، فقال: من أنظر غريماً أو ترك المعسر، ثمَّ قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال لي عبد الله بن كعب بن مالك: إنَّ أبي أخبرني أنّه لزم غريماً له في المسجد، فأقبل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فدخل بيته و نحن جالسان، ثمَّ خرج في الهاجرة(3)، فكشف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ستره و قال يا كعب، ما زلتما جالسَين؟ قال: نعم بأبي و أمي، قال: فأشار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بكفّه؛ خذ النّصفَ، قال: فقلت: بأبي و أُمّي، ثمَّ قال: اتْبِعْهُ ببقيّة حقّك، قال: فأخذت النّصفَ، و وضعت له النّصف(4)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خلّوا سبيل المعسر كما خلّاه الله عزَّ و جلَّ(5)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) المنبر ذاتَ یوم، فحمد الله و أثنى عليه، و صلّى على أنبيائه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ثمَّ قال: أيّها النّاس، لِيُبَلّغ الشّاهدُ منكم الغائبَ، ألَا و من أنظر معسراً كان له على الله عزَّ و جلَّ في كلِّ يوم صدقة بمثل ماله حتّى يستوفيه، ثمَّ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿و إن كان ذو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسرة و أنْ تَصَدَّقوا خير لكم إن كنتم تعلمون﴾ أنّه معسر، فتصدَّقوا عليه بمالكم [عليه] فهو خير لكم(6)

31- باب تحليل الميت

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الحسن بن خنيس(7)، قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ لعبد الرّحمن بن سيّابة دَيناً على رجل قد مات، و قد كلّمناه أن يحلّ له فأبى؟

ص: 37


1- أي أمال كفّهُ، و الظاهر أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إنما فعل ذلك تمثيلاً منه لهم لكيفية الاستظلال.
2- أي فوحها و وهجها.
3- الهاجرة: شدة الحر وسط النهار.
4- الحديث مجهول.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و في الحديث اشارة الى قوله تعالى: ﴿و إن كان ذو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسرة ...﴾ الآية 280/ البقرة.
6- الفقيه 2، 13- باب ثواب إنظار المعسر، ح 1.
7- لا يوجد في سند التهذيب.

فقال :وَيْحَه، أما يعلم أنَّ له بكلِّ درهم عشرة إذا حلّله، فإذا لم يُحَلّله فإنّما له درهم بدل درهم(1)

2- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عمّن ذكره، عن الوليد بن أبي العلاء، عن معتّب قال: دخل محمد بن بشر الوشّاء على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يسأله أن يكلّم شهاباً أن يخفّف عنه حتّى ينقضي الموسم، و كان له عليه ألف دينار، فأرسل إليه، فأتاه، فقال له: قد عرفتَ حال محمد و انقطاعه إلينا، و قد ذكر أنَّ لك عليه ألف دينار لم تذهب في بَطْن و لا فَرْج، و إنّما ذهبت دَيناً على الرّجال، و وضايعَ وضعها، و أنا أُحبُّ أن تجعله في حِلّ، فقال: لعلّك ممّن يزعم أنّه يُقْبَض من حسناته فتُعطاها، فقال: كذلك في أيدينا(2)، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) : الله أكرم و أعدل من أن يتقرّب إليه عبده، فيقوم في اللّيلة القرّة(3) أو يصوم في اليوم الحارّ، أو يطوف بهذا البيت، ثمَّ يسلبه ذلك فيعطاه، و لكن الله فضلٌ كثير يكافي المؤمن، فقال: فهو في حِلّ(4)

32- باب مؤونة النعم

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن سليمان الفرَّاء مولى طربال، عن حديد بن حكيم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من عَظُمَت نعمة الله عليه اشتدَّت مؤونة الناس عليه، فاستديموا النّعمة باحتمال المؤونة، و لا تُعَرِّضوها للزَّوال، فقلَّ من زالت عنه النّعمة فكادت أن تعود إليه(5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن عليِّ بن محمد القاسانيِّ، عن أبي أيّوب المدنيِّ مولى بني هاشم، عن داود بن عبد الله بن محمد الجعفريِّ، عن إبراهيم بن محمد قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما من عبد تظاهرت عليه من الله نعمة إلّا اشتدَّت مؤونة النّاس عليه، فمن لم يقم

ص: 38


1- التهذيب 6، 81- باب الديون و أحكامها، ح52. الفقيه 2، 14- باب ثواب تحليل الميت، ح1. و كرره برقم 34 من الباب 60 من الجزء الثالث من الفقيه، بتفاوت في الذيل في الجميع. و تحليل الميت: عبارة عن جعله في حِلّ مما للحي عليه من مال أو غيره من الحقوق الأخرى.
2- أي في ما علمناه. و الكلام لشهاب.
3- القرّ: شدة البرد.
4- الحديث مجهول.
5- الفقيه 2، 15- باب استدامة النعمة باحتمال المؤونة، ح 1 بتفاوت يسير. و كأنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)جعل إشراك المؤمنين في هذه النعم و قضاء حوائجهم منها سبباً في بقائها و نمائها. و الحديث صحيح.

للنّاس بحوائجهم، فقد عرَّض النّعمة للزَّوال، قال: فقلت: جُعِلْتُ فِداك، و من يقدر أن يقوم لهذا الخلق بحوائجهم؟ فقال: إنّما النّاس في هذا الموضع- والله- المؤمنون.

3- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن أبَان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ لسَّلاَمُ) لحسين الصحّاف: يا حسين، ما ظاهر الله على عبد النّعم، حتّى ظاهر عليه مؤونة النّاس، فمن صبر لهم و قام بشأنهم، زاده الله في نِعَمه عليه عندهم، و من لم يصبر لهم و لم يقم بشأنهم، أزال الله عزّ و جلَّ عنه تلك النّعمة(1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من عظُمت عليه النّعمة، اشتدَّت مؤونة النّاس عليه، فإن هو قام بمؤونتهم اجتلب زيادة النّعمة عليه من الله، و إن لم يفعل، فقد عرَّض النّعمة لزوالها(2)

33- باب حُسْن جِوارِ النعم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عُبَيد، عن محمد بن عرفة قال: قال أبو الحسن الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا ابن عرفة، إنَّ النّعم كالإبل المعتَقَلة في عطنها على القوم ما أحسنوا جوارَها، فإذا أساؤوا معاملتها و إنالتها نَفَرَت عنهم(3)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: أحْسِنوا جِوار النّعم، قلت: و ما حُسْنُ جِوار النّعم؟ قال: الشكر لمن أنعم بها، و أداءُ حقوقها(4)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن زيد الشحّام قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: أحسِنوا جِوارَ نِعَم الله، و احذروا أن تنتقل عنكم إلى غيركم، أما إنّها لم تنتقل عن أحد قطّ فكادت أن ترجع إليه، قال: و كان عليٌّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: قلَّ ما أَدْبَرَ شيء فأَقْبَلَ(5)

ص: 39


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث مجهول. عَطَن و معطن: و جمعه أعطان و معاطن: مبارك الابل حول الماء للشرب.
4- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 49.
5- الفقيه 2، 15- باب استدامة النعمة باحتمال المؤونة، ح 2. و الحديث صحيح. و قد روى الكليني رحمه الله في أصول الكافي 2، باب الشكر: إن للنعم أو ابد كأو ابد الطير فقيّدوها بالشكر

34- باب معرفة الجود و السخاء

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي الجهم، عن موسى بن بكر، عن أحمد بن سليمان قال: سأل رجلٌ أبا الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) وهو في الطواف، فقال له: أخْبِرني عن الجواد، فقال: إنَّ لكلامك وجهين، فإن كنتَ تسأل عن المخلوق، فإنَّ الجواد: الّذي يؤدِّي ما افترض الله عليه(1)، و إن كنتَ تسأل عن الخالق، فهو الجواد إن أعطى، و هو الجواد إن مَنَع(2)، لأنّه إن أعطاك أعطاك ما ليس لك، و إن منعك مَنَعَكَ ما ليس لك.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: ما حدُّ السخاء؟ فقال: تُخْرِج من مالك الحقَّ الّذي أوجبه الله عليك فتضعه في موضعه(3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: السخيُّ مُحَبَّبٌ في السّماوات، مُحَبَّبٌ في الأرض، خُلق من طينة عذبة، و خُلق ماءُ عينيه من ماء الكوثر، و البخيل مُبَغّض في السّماوات، مُبَغّض في الأرض، خُلق من طينة سبخة(4) و خلق ماء عينيه من ماء العوسج(5)

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقبة، عن مهديّ، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: السِّحْيُّ، الحَسَنُ الخُلُق، في كنف الله لا يُسْتَخْلى الله منه(6) حتّی يُدْخِلَه الجنّة، و ما بعث الله عزّ و جلَّ نبيّاً و لا وصيّاً إلّا سخيّاً، و ما كان أحد من الصّالحين إلّا سخيّاً، و ما زال أبي يوصيني بالسّخاء حتّى مضى، و قال: من أخرج من ماله الزكاة تامّة فوضعها في موضعها لم يُسْأل من أين اكتَسَبْتَ مالك(7)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي

ص: 40


1- أي من الحقوق في ماله.
2- في حين أن المخلوق إذا منع، يقال له البخيل، لأنه يمنع ما للغير عليه و ما ليس له. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الأرض السبخة: التي تنزّ ملحاً.
5- العوسج: ضرب من الشوك. و الحديث ضعيف.
6- أي لا يتركه.
7- الحديث مجهول.

سعيد المكاريِّ، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أتى رسولَ الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وفدٌ من اليمن، و فيهم رجلٌ كان أعظمَهم كلاماً و أشدَّهم استقصاءً في محاجّة النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فغضب النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حتّی التوى عرق الغضب بين عينيه، و تربّد وجهه(1) و أطرق إلى الأرض، فأتاه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: ربّك يقرئك السلام و يقول لك: هذا رجلٌ سخيّ يطعم الطّعام، فسكن عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) الغضب، و رفع رأسه و قال له: لو لا أنَّ جبرئيل أخبرني عن الله عزَّ و جلَّ أنّك سخيُّ تطعم الطعام، لشرّدْتُ بك(2) و جعلتك حديثاً لمن خَلْفَك، فقال له الرَّجل: و إِنَّ رَبِّكَ لَيُحِبُّ السخاء؟ فقال: نعم فقال: إني أشهد أن لا إله إلّا الله و أنّك رسول الله، و الّذي بعثك بالحقِّ لا رَدَدْتُ من مالي أحداً (3)

6- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن أبان، عن معاوية بن عمّار، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان أبا أضياف (4)، فكان إذا لم يكونوا عنده خرج يطلبهم، و أغلق بابه و أخذ المفاتيح يطلب الأضياف، و إنّه رجع إلى داره، فإذا هو برجل أو شبه رجل في الدَّار، فقال: يا عبد الله، بإذن من دخلَت هذه الدَّار؟ قال: دخلتها بإذن ربّها- يردّد ذلك ثلاث مرَّات، فعرف إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه جبرئيل، فحمد الله، ثمَّ قال: أرسلني ربّك إلى عبد من عبيده يَتّخذه خليلاً، قال إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فأَعْلِمُني من هو أخدِمُهُ حتّى أموت؟ قال: فأنت هو، قال: وممَّ ذلك؟ قال: لأنّك لم تَسْأل أحداً شيئاً قطٌّ، و لم تُسْأَل شيئاً قطُّ فقلتَ: لا(5)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي عبد الرَّحمن، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أتى رجلٌ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: يا رسول الله، أيُّ الناس أفضلُهُم إيماناً؟ قال: أبْسَطهم كفّاً (6)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن أبي الحسن عليِّ بن يحيى، عن أيّوب بن أعين، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿یُؤْتَی یَوْمَ اَلْقِیَامَةِ بِرَجُلٍ فَیُقَالُ: اِحْتَجَّ فَیَقُولُ یَا رَبِّ، خَلَقْتَنِی وَ هَدَیْتَنِی فَأَوْسَعْتَ عَلَیَّ ،فَلَمْ أَزَلْ أُوَسِّعُ

ص: 41


1- أربَدً وجهه و تربُد تغيّرٍ، و أكثر ما يقال عند الغضب.
2- شرد يشرد شرداً و شروداً: نفر، و شرّد به غيره تشريداً: فعل به فعلة تجعل غيره ينفر إن يفعل فعله.
3- الحديث مرسل.
4- أي كان مضيافا، يحب الضيوف.
5- الحديث مرسل.
6- أي أكرمهم، و الحديث ضعيف على المشهور.

عَلَی خَلْقِکَ وَ أُیَسِّرُ عَلَیْهِمْ لِکَیْ تَنْشُرَ عَلَیَّ هَذَا اَلْیَوْمَ رَحْمَتَکَ وَ تُیَسِّرَهُ، فَیَقُولُ اَلرَّبُّ جلّ ثناوءه و تَعَالَی ذِکْرُهُ: صَدَقَ عَبْدِی، أَدْخِلُوهُ اَلْجَنَّةَ﴾(1)

9- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال : سمعت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: السخيُّ قريب من الله، قريبٌ من الجنّة، قريب من الناس، و سمعته يقول: السّخاء شجرةٌ في الجنّة، من تعلّق بغُصْنٍ من أغصانها دخل الجنّة(2)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن ياسر الخادم، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، قال: اَلسَّخِیُّ یَأْکُلُ مِنْ طَعَامِ اَلنَّاسِ لِیَأْکُلَ اَلنَّاسُ مِنْ طَعَامِهِ، وَ اَلْبَخِیلُ لاَ یَأْکُلُ مِنْ طَعَامِ اَلنَّاسِ لِئَلاَّ یَأْکُلُوا مِنْ طَعَامِهِ.

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأبنه الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا بنيَّ، ما السّماحة؟ قال: البذل في اليسر و العُسر.

12- عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة قال. قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)لبعض جلسائه: ألا أُخبرك بشيء يُقَرِّب من الله و يُقَرّب من الجنّة، و يُباعد من النار؟ فقال: بلى، فقال: عليك بالسخاء، فإنّ الله خلق خلقاً برحمته لرحمته، فجعلهم للمعروف أهلاً ، و للخير ،موضعاً، و للناس وجهاً، يسعى إليهم لكي يحيوهم كما الأرض المجدبة، أولئك هم المؤمنون الآمِنونَ يوم القيامة(3)

13- عليُّ بن إبراهيم رفعه قال: أوحى الله عزَّ و جلَّ إلى موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أن لا تَقْتُل السّامِريَّ فإنّه سخيُّ(4)

14- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن شعيب، عن أبي جعفر المدائنيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: شابٌّ سخيٌّ مُرْهقٌ في الذُّنوب(5)، أحبُّ إلى الله من شيخ عابد بخيل(6)

15- سهل بن زياد، عمّن حدَّثه، عن جميل بن درَّاج قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

: 43


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف.
4- الحديث مرفوع. و السامريّ: هو الذي كان سبباً في إضلال بني اسرائيل بإخراجه العجل الجسد الذي له خُوار لهم عندما تركهم موسى (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) للقاء ربّه و وردت قصته في سورة طه الآية 83 و ما بعدها. و أخرج الحديث في الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 3.
5- أي كثير المعاصي، المثقل بها.
6- الحديث ضعيف على المشهور. و أخرجه في الفقيه 2، نفس الباب، ح 2.

يقول: خِيارُكم سُمَحاؤكم، و شراركم بُخَلاؤكم، و من خالص الإيمان البرُّ بالإخوان، و السعيُ في حوائجهم، و إنَّ البارَّ بالإخوان ليحبّه الرَّحمن، و في ذلك مَرْغَمَة للشيطان، و تَزَحْزُحٌ (1) عن النّيران، و دخول الجنان، يا جميل، أخبر بهذا غُرَرَ أصحابك (2)، قلت: جُعِلْت فِداك، مَن غُوَرُ أصحابي؟ قال: هم البارُّون بالإخوان في العُسر و اليُسْر، ثمَّ قال: يا جميل، أَمَا إِنَّ صاحب الكثير يهون عليه ذلك، و قد مدح الله عزَّ و جلَّ في ذلك صاحب القليل فقال في كتابه(3): ﴿یُؤْثِرُونَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾‚(4)

35- باب الإنفاق

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى؛ و أحمد بن محمد بن خالد، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم، عن رجل، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الشمس لتطلع و معها أربع أملاك : مَلَك ينادي: يا صاحب الخير أتِمَّ و أبْشِرِ؛ و مَلَك ينادي: يا صاحب الشرِّ أَنزَعْ و أقصُرْ؛ و مَلَك ينادي: أعطِ منفِقاً خَلَفاً و آتِ ممسِكاً تَلَفاً؛ و مَلَك ينضحها(5) بالماء، و لولا ذلك اشتعلت الأرض(6)

2- أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ﴾(7)، قال: هو الرَّجل يَدَعُ ماله لا ينفقه في طاعة الله بُخْلاً، ثمَّ يموت، فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله، أو في معصية الله، فإن عمل به في طاعة الله، رآه في ميزان غيره فرآه حسرة، و قد كان المال له، و إن كان عمل به في معصية الله، قوَّاه بذلك المال حتّى عمل به في معصية الله عزّ و جلَّ(8)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن

ص: 42


1- مَرْغَمة: من الرَّغام، و هو التراب، و هو كناية عن دحر الشيطان و إذلاله بعدم إطاعة ما يسوّل به للإنسان. و الزحزحة: التباعد.
2- أي نجباءهم.
3- الحشر/ 9. و الخصاصة: الفاقة و الحاجة إلى ما آثروا غيرهم به على أنفسهم.
4- الفقيه 2، 16- فضل السخاء و الجود، ح 1 بتفاوت يسير.
5- الضمير يعود إلى الشمس.
6- الحديث مرسل.
7- البقرة/ 167. و الحَسْرة: الندامة الشديدة.
8- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 7 بتفاوت يسير. و الحديث مرسل.

موسى بن راشد، عن سماعة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَنْ أَیْقَنَ بِالْخُلْفِ سَخَتْ نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ﴾(1)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن بعض من حدَّثه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في كلام له: ﴿وَ مَنْ یَبْسُطْ یَدَهُ بِالْمَعْرُوفِ إِذَا وَجَدَهُ، یُخْلِفِ اَللَّهُ لَهُ مَا أَنْفَقَ فِی دُنْیَاهُ، وَ یُضَاعِفْ لَهُ(2) فِی آخِرَتِهِ﴾.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، جميعاً عن ابن أبي نصر قال: قرأت في كتاب أبي الحسن [الرّضا] إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا أبا جعفر، بلغني أنَّ الموالي إذا ركبتَ أخرجوك من الباب الصغير، فإنّما ذلك من بُخْل منهم لئلّا ينال منك أحدٌ خيراً، و أسألك بحقّي عليك ، لا يكن مدخلُك و مخرجك إلّا من الباب الكبير، فإذا ركبتَ فليكن معك ذهبٌ و فضّةٌ، ثمَّ لا يسألك أحدٌ شيئاً إلّا أعطيته؛ و من سألك من عمومتك أن تبرّه فلا تعطه أقلَّ من خمسين ديناراً، و الكثير إليك(3)، و من سألك من عمّاتك فلا تعطها أقلَّ من خمسة و عشرين ديناراً، و الكثير إليك، إنّي إنّما أُريد بذلك أن يرفعك الله، فأَنْفِقْ و لا تخشَ من ذي العرش إقتاراً (4)

6- أحمد بن محمد بن خالد، عن جهم بن الحكم المدائنيِّ، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿الأيدي ثلاث سائلة و مُنْفِقَةٌ و مُمْسِكة، و خيرُ الأيدي المُنْفِقَة﴾ (5)

7- أحمد بن محمد، عن أبيه ، عن سعدان، عن الحسين بن أيمن، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: يا حسين، أنفق و أيقِن بالخُلْف من الله، فإنّه لم يبخل عبدٌ و لا أمَةٌ بنفقة فيما يرضي الله عزَّ و جلَّ إلّا أنفق أضعافها فيما يُسْخط الله [عزّ وجلَّ](6)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عمر بن أذينة رفعه إلى أبي

ص: 43


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 و في ذيله زيادة: قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿مَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾. 39/ سبأ. و يُخلِفُه: أي يعوّضه.
2- أي الأجر و الثواب.
3- أي إعطاء أكثر من خمسين ديناراً له يرجع إلى اختيارك.
4- الحديث صحيح. و المراد بالباب الصغير، الباب الخلفيّ للدار و الفرعي، و الباب الكبير هو الباب الرئيسي.
5- الحديث ضعيف. و لا بد من حمل الإمساك فيه: على الإمساك عن المعروف، و الإنفاق: على الإنفاق على المعروف و بالمعروف.
6- الحديث مجهول. و قد مرّ من الروايات ما يدل على ذلك.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)(1) أو أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : يُنزل الله المعونةَ من السماء إلى العبد بقدر المؤونة، فمن أيقن بالخُلْفَ سَخَتْ نَفْسُهُ بالنفقة.

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دخل عليه مولى له، فقال له(2): هل أنفقت اليوم شيئاً؟ قال: لا، و الله، فقال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فمن أين يُخْلِفُ الله علينا، أنْفِقْ و لو درهماً واحداً(3)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مَن یَضمَنُ أَربَعَةً(4) بِأَربَعَةِ أَبیاتٍ فِی الجَنَّةِ؟ أَنْفِق وَ لا تَخَفْ فَقْراً، وَ أَنْصِفِ النّاسَ مِن نَفسِکَ، وَ أَفشِ السَّلامَ فِی العالَمِ، وَ اترُکِ المِراءَ وَ إن کُنتَ مُحِقّا(5)

36- باب البخل و الشحّ

1- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) سمع رجلاً يقول: إنَّ الشحيح أغدرُ من الظالم(6)، فقال: له كَذَبْتَ، إِنَّ الظالم قد يتوب و يستغفر و يردُّ الظُّلامة على أهلها، و الشحيحُ إذا شحّ منع الزّكاة، و الصدقة و صلة الرَّحم، و قَرْيَ الضيف، و النفقةَ في سبيل الله، و أبواب البرِّ؛ و حرام على الجنّة أن يدخلها شحيحٌ(7)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿إذا لم يكن لله في عَبْدٍ حاجةٌ ابتلاه بالبخل﴾ (8)

ص: 44


1- الشك من الراوي.
2- أي فقال الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)للمولى.
3- الحديث صحيح.
4- أي أربعة أمور إن فعل واحدة منها فله بيت في الجنة.
5- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 5 و فيه: من يضمن لي ... و كان الشيخ الكليني رحمه الله قد أورده في أصول الكافي 2. كتاب الإيمان و الكفر، باب الإنصاف و العدل، ح 2 مع اختلاف في ترتيب فقراته. قوله: أنفِق . . . ، جملة مستأنفة. و قوله: انصِفْ الناس ...: أي عاملهم بِالعدل و أعطهم النَّصَفَة من نفسك.
6- أي اكثر غدراً، و المراد بيان انه احطّ من الظالم عند الله و عند الناس و في الفقيه: أَعْذَرُ ... و هو أصح، و إلا لما استقام المعنى. و في الوافي كما في الفقيه.
7- الفقيه 2، نفس الباب، ح 12 بتفاوت يسير. و الحديث ضعيف.
8- الفقيه 2، نفس الباب، ح 11 مرسلا بتفاوت يسير.

3- أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لِبَني سَلَمة: ﴿يا بَني سَلَمة، مَن سيّدُكُم؟ قالوا: يا رسول الله، سيّدنا رجلٌ فيه بُخْلٌ، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): و أيُّ داء أدوى من البُخل، ثمَّ قال: بل سيّدكُم الأبيضُ الجسد؛ البراء بن معرور﴾(1)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي الجهم، عن موسى بن بكر، عن أحمد بن سليمان، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: البخيل؛ من بَخل بما افترض الله عليه.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر عن أبيه، (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ ما مَحَقَ الإسلامَ محقُ الشحِّ شيء، ثمَّ قال: إِنَّ لهذا الشحِّ دبيباً كدبيب النّمل ، و شُعَباً كشُعَب الشَّرَك﴾(2)

و في نسخة أخرى: الشوك.

6- أحمد بن محمد، عن محمد بن عليّ، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ليس بالبخيل الّذي يؤدِّي الزّكاة المفروضة في ماله، و يعطي البائنة في قومه﴾(3)

7- أحمد بن محمد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرَّة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تدري ما الشحيح؟ قلت: هو البخيل، قال: الشحّ أشدُّ من البخل، إنَّ البخيل يبخل بما في يده، و الشحيح يشحُّ على ما في أيدي الناس و على ما في يديه، حتّى لا يرى ممّا في أيدي الناس شيئاً إلّا تمنّى أن يكون له بالحل و الحرام، و لا يقنع بما رزقه الله(4)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن المفضّل بن صالح، عن جابر،

ص: 45


1- الحديث مجهول و البَراء هو من الأنصار من بني الخزرج ممن بايعوا بيعة العقبة الأولى.
2- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 10. والدبيب: المشي الهُوَيى كمشي الطفل و النملة و الضعيف، و الشُّرَك: حبائل الصيد، و ما ينصب للطير، جمع أشراك و شُرُك.
3- الحديث ضعيف. و البائنة: العطية، سمّيت بذلك لأنها ابينَت: أي اقتُطِعَتْ من المال.
4- الفقيه 2 نفس الباب، ح 9 بتفاوت يسير. و الفضل بن ابي قرّة، هو السمنديّ، نسبة الى بلد في آذربيجان، و قد ذكر البرقي أنه كوفي أنتقل إلى أرمينية، كما ذكر النجاشي أنه تميمي انتقل إلى أرمينية، و قال ابن الغضائري أنه التميمي السمندي، أبو محمد، آذربيجاني أصله كوفي (وسكنها) و هو من أصحاب الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ليس البخيل من أدَّى الزكاة المفروضة من ماله، و أعطى البائنة(1) في قومه، إنّما البخيل حقّ البخيل من لم يؤدِّ الزكاة المفروضة من ماله، و لم يُعْطِ البائنة في قومه، و هو يُبَذّر فيما سوى ذلك﴾(2)

37- باب النوادر

1- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن سليمان بن سفيان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يأتي على الناس زمانٌ من سأل الناس عاش، و من سكت مات(3)، قلت: فما أصنع إن أدركتُ ذلك الزِّمان؟ قال: تُعِينُهُم بما عندك، فإن لم تجد فتجاهد.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿أَفْضَلُ اَلصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ عَنْ ظَهْرِ غِنًی﴾(4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): أَفْضَلُ اَلصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ تَكون عَنْ فَضْل الكَفّ(5)

4- عليُّ بن إبراهيم: عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ﴾ (6) قال: هو الزَّمِنُ الّذي لا يستطيع أن يخرجَ لِزَمَانَتِهِ(7)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مهران بن محمد، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَأَمَّا مَن أَعْطَی وَ اتَّقَی وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنَی﴾ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحُسْنى)(8)، بأنَّ الله تعالى يعطي بالواحدة عشرة إلى مائة ألف فما زاد، ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ

ص: 46


1- في الفقيه: ... النائبة ... في الموضعين: و هي النازلة و المصيبة.
2- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 8 مرسلا.
3- أي من العَوَز و الجوع. و الحديث ضعيف على المشهور.
4- مر مضمونه، و الحديث مجهول.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- الحج/ 28. و البائس: الذي يبسط إليك يده للعطية.
7- الحديث ضعيف على المشهور، و الزمانة: المرض العضال الذي يدوم زماناً طويلاً.
8- الليل/ 5 و 6 و 7.

لليُسْرى﴾(1) قال: لا يريد شيئاً من الخير إلّا يسّره الله له، ﴿و أمّا مَن بَخِلَ وَ اسْتَغْنى﴾ (2)، قال: بخل بما آتاه الله عزَّ و جلَّ، ﴿و كذَّب بِالحُسْنى﴾ (3)، بأنَّ الله يعطي بالواحدة عشرة إلى مائة ألف فما زاد، ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلعُسْرى﴾ (4)، قال: لا يريد شيئاً من الشرِّ إلّا يسّره له، ﴿و ما يُغْنيِ عنه مالُهُ اِذا تَرَدَّى﴾ (5)، قال أَمَا و الله، ما هو تردَّى في بئر، و لا من جبل، و لا من حائط، و لكن تردَّى في نار جهنّم(6)

6- و عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن سالم بن أبي حفصة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ﴿إنَّ الله تبارك و تعالى يقول: ما من شيء إلّا و قد وكّلت به من يقبضه غيري، إلّا الصدقة، فإنّي أتلقّفها بيدي تَلَقّفاً﴾ (7)، حتّى أنَّ الرَّجل ليتصدّق بالتمرة أو بشقّ تمرة فأُربّيها [له] كما يربّي الرَّجل فَلْوَهُ و فصيله(8) فيأتي يوم القيامة و هو مثل أُحُدٍ و أعظم من أُحُدا(9)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمّن حدَّثه، عن عبد الرَّحمن العزرميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاء رجل إلى الحسن و الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هما جالسان على الصَّفا، فسألهما(10)، فقالا: إنَّ الصدقة لا تحلّ إلّا في دَيْن مُوجِعٍ ، أو غُرْمٍ مُفْظِع أو فَقْر مُدْقِع، ففيك شيء من هذا؟ قال: نعم، فأعطياه، و قد كان الرَّجل سأل عبد الله بن عمر، و عبد الرَّحمن بن أبي بكر فأعطياه و لم يسألاه عن شيء، فرجع إليهما فقال لهما: ما لكما لم تسألاني عمّا سألني عنه الحسن و الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ و أخبرهما بما قالا، فقالا: إنّهما غُذِّيا بالعلم

غذاء(11)

ص: 47


1- الليل/ 5 و 6 و 7.
2- الليل/ 8 و 9 و 10 و 11.
3- الليل/ 8 و 9 و 10 و 11.
4- الليل/ 8 و 9 و 10 و 11.
5- الليل/ 8 و 9 و 10 و 11.
6- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 50. و في ذيله: تَرَدٍّ، في الموضعين، بدل: تردّى. قوله: و ما يغني ... الخ: نفي أو استفهام انكاري. و الحسنى: -على ما في بعض التفاسير- المثوبة الحسني، أو الكلمة الحسنى و هي ما دلت على حق كلمة التوحيد. و استغنى: أي بشهوات الدنيا عن نعيم العقبي. و الحديث مجهول.
7- قال في الصحاح: لَقِفْتُ الشيء: القفه لقفاً و تلقفته: أي تناولته بسرعة.
8- قال في النهاية 474/3: الفلو: المهر الصغير، و قيل: هو العظيم من أولاد ذوات الحوافر.
9- الحديث ضعيف. و رواه في التهذيب 4، نفس الباب، ح 51.
10- أي استجداهما و طلب الصدقة.
11- غرم مفظع: أي غرامة ثقيلة. و الفقر المدقع: الفقر الشديد حتى إن صاحبه من شدته يلزق بالتراب. و الحديث مرسل.

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عمّن حدّثه، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لاَ تَسْأَلُوا أُمَّتِی فِی مَجَالِسِهَا فَتُبَخِّلُوهَا﴾ (1)

9- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ لسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَیِّبَاتِ مَا کَسَبْتُمْ وَ مِمَّا أَخْرَجْنَا لَکُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لَا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ (2)، قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا أمر بالنخل أن يُزَكّى، يجيىء قوم بألوان من تمر، و هو من أردى التمر يؤدّونه من زكاتهم تمراً يقال: له الجعرور و المعافارة، قليلة اللّحا، عظيمة النوى، و كان بعضهم يجيىء بها من التمر الجيّد ، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لاَ تَخْرُصُوا هَاتَیْنِ اَلتَّمْرَتَیْنِ، وَ لاَ تَجِیئُوا مِنْهَا بِشَیْءٍ﴾، وَ فِی ذَلِکَ نَزَلَ ﴿وَ لا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِیهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِیهِ﴾(3)، و الإغماض: أن تأخُذَ هَاتَیْنِ اَلتَّمْرَتَیْنِ(4)

10- و في رواية أخرى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ﴾؟ فقال: كان القوم قد كسبوا مكاسب سوء في الجاهليّة، فلمّا أسلموا أرادوا أن يخرجوها من أموالهم ليتصدّقوا بها، فأبى الله تبارك و تعالى إلّا أن يُخْرِجوا من أطيب ما كَسَبوا.

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: إنّي شيخٌ كثير العيال، ضعيف الرُّكن، قليل الشيء، فهل من معونة على زماني؟ فنظر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلى أصحابه، و نظر إليه أصحابه، و قال: قد أسْمَعَنا القول و أسمعكم، فقام إليه رجلٌ فقال: كنتُ مثلَك بالأمس، فذهب به إلى منزله فأعطاه مِرْوَداً من تِبر (5)، و كانوا يتبايعون بالتبر و هو الذهب و الفضّة، فقال الشيخ: هذا كلّه، قال: نعم، فقال الشيخ: أَقْبَلُ تِبْرَك، فإنّي لست بِجِنّيٍّ و لا إنْسيٍّ، و لكنّي رسول من الله لَأبْلُوك (6)، فوجدتك شاكراً، فجزاك الله خيراً.

ص: 48


1- الحديث مرسل.
2- البقرة/ 267.
3- البقرة/ 267.
4- قال الشهيد في الدروس: يستحب الصدقة بالمحبوب و تكره بالخبيث.
5- المِروَد: ميل المكحلة، و محور البكرة، و حديدة تدور في اللجام. و التِبْر: تراب الذهب و الفضة. و الحديث مرسل.
6- أي لأختبرك.

12- أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن مسمع بن عبد الملك قال: كنّا عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمنى و بين أيدينا عنب ،نأكله، فجاء سائل، فسأله، فأمر بعنقود فأعطاه، فقال السائل: لا حاجة لي في هذا إن كان درهم (1) قال: يسع الله عليك، فذهب ثمّ رجع فقال: ردُّوا العنقود، فقال: يسع الله لك، و لم يعطه شيئاً، ثمَّ جاء سائل آخر، فأخذ أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ثلاث حبّات عنب فناولها إيّاه، فأخذ السائل من يده ثمّ قال: الحمد الله ربِّ العالمين الّذي رزقني؛ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): مكانَك(2)، فَحَشَا ملء كفّيه عنباً فناولها إيّاه، فأخذها السّائل من يده ثمَّ قال: الحمد لله ربَّ العالمين، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ ): مكانَك يا غلام، أيُّ شيء معك من الدَّراهم؟ فإذا معه نَحْوٌ من عشرين درهماً فيما حزرناه(3)، أو نحوها، فناولها إيّاه، فأخذها ثمَّ قال: الحمد الله، هذا منك وحدك لا شريك لك، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): مكانَك، فخلع قميصاً كان عليه فقال: البس هذا، فلبسه ، ثمَّ قال: الحمد لله الّذي كساني و سترني يا أبا عبد الله- أو (4) قال جزاك الله خيراً، لم يَدْعُ لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إلّا بذا- ثمَّ انصرف فذهب، قال: فظنّنا أنّه لو لم يَدْعُ له لم يزل يعطيه، لأنّه كلّما كان يعطيه، حمد الله، أعطاه(5)

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا ضاق(6) أَحَدُكم، فليُعْلِمْ أخاه، و لا يعينُ على نفسه(7)

14- محمد بن عليّ، عن معمر رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في بعض خطبه: إِنَّ أفضلَ الفِعال صيانةُ العْرِضِ بالمال.

15- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : ثلاث إنْ يَعْلَمُهُنَّ المؤمن كانت زيادةً في عمره و بقاء النّعمة عليه، فقلت و ما هنَّ؟ قال: تطويله في ركوعه و سجوده في صلاته، و تطويله لجلوسه على طعامه إذا [أ] طعم على مائدته، و اصطناعه المعروف إلى أهله(8)

ص: 49


1- أي إن كان عندكم درهم فاعطونيه فهو حاجتي.
2- أي قف مكانك.
3- حزرناه: أي خرصناه.
4- الترديد من الراوي.
5- الحديث موثق.
6- أي افتقر، أو قدر عليه رزقه.
7- التهذيب 6، 93- باب المكاسب، ح 31، و فيه: و لا يُعِنْ ... و الحديث حَسَنٌ.
8- الحديث حَسَنٌ.

16- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قلت: قوم عندهم فضول، و بإخوانهم حاجةٌ شديدةٌ، و ليس تسعهم الزّكاة، أيسعهم أن يَشْبَعوا و يجوع إخوانهم، فإنّ الزمان شديد؟ فقال: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه و لا يخذله و لا يَحْرِمُهُ فيحقّ على المسلمين الاجتهادُ فيه، و التواصل و التّعاون عليه، و المواساة لأهل الحاجة، و العطفُ منكم، يكونون على ما أمر الله فيهم: ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾(1): متراحمين(2)

38- باب فضل إطعام الطعام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عُبَيد، عن عليُّ بن الحكم، و غيره، عن موسی بن بكر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: مِنْ مُوجِبَاتِ مَغْفِرَةِ اَللَّهِ تَبَارَکَ وَ تَعَالَی إِطْعَامُ اَلطَّعَامِ.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من الإيمان حُسْنُ الخُلُق، و إطعامُ الطّعام.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن عليّ بن محمد القاسانيِّ، عمّن حدَّثه، عن عبد الله القاسم الجعفريّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿خبرُكم من أطعم الطعام، و أفشى السّلام، و صلّى و النّاس نِيام﴾(3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن الحسن بن عليّ، عن سَيف بن عَمِيرة، عن عمر بن شُمرّ، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : إنّا أهلُ بيت أمِرْنا أن نُطْعِمَ الطّعام، و نؤدّي في النّاس البائنة، و نصلّي إذا نام النّاس(4)

5- أحمد بن محمد، عن محمد بن عليّ، عن الحسن بن عليِّ بن يوسف، عن سَيف بن عَمِيرة، عن فيض بن المختار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المُنْجِيات: إطعام الطّعام، و إفشاءُ السّلام، و الصّلاة باللّيل و النّاس نيام(5)

ص: 50


1- الفتح/ 29. و مطلع الآية: محمد رسول الله و الذين معه أشدّاء على الكفّار ...
2- الحديث موثق.
3- الحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف، و البائنة: العطية، سمّيت بذلك لأنها اقتطعت من أصل المال و انفصلت عنه. و قد مر.
5- الحديث ضعيف. و أخرجه في الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود ، ح 13. و المنجيات: أي المخلّصات للإنسان من مكاره ما بعد الموت و أهوال يوم القيامة.

6- محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله تبارك و تعالى يحبُّ إهراق الدِّماء(1) و إطعام الطعام(2)

7- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أحبِّ الأعمال إلى الله عزَّ و جلَّ إشباعُ جَوْعَةِ المؤمن، أو تنفيس كُرْبته، أو قضاء دَيْنه (3)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عُبيد، عن أحمد بن محمد؛ و ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ الله عزّ و جلَّ يحبُّ إطعام الطعام و إراقة الدِّماء(4)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن سعيد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أتي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بأسارى، فقدّم رجلٌ منهم ليضرب عنقه، فقال له جبرئيل: أخّر هذا اليوم يا محمد، فردَّه، و أخرج غيره حتّى كان هو ،آخرهم، فدعا به ليضرب عنقه، فقال له جبرئيل: يا محمد، ربّك يقرئك السلام و يقول لك: إنَّ أسيرك هذا يُطعمِ الطعام، و يقري الضيف، و يصبر على النائبة، و يحمل الحُمالات(5)، فقال له النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنَّ جبرئيل أخبرني فيك من الله عزَّ و جلَّ بكذا و كذا، و قد أعتقتك، فَقَالَ لَهُ: إنَّ رَبَّکَ لَیُحِبُّ هَذَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: أشْهَدُ أنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَ أنَّکَ رَسُولُ اللهِ، وَ الَّذِی بَعَثَکَ بِالْحَقِّ نَبِیّاً لَا رَدَدْتُ عَنْ مَالِی أحَداً أبَداً (6)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسي، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: ﴿اَلرِّزْقُ أَسْرَعُ إِلَی مَنْ یُطْعِمُ اَلطَّعَامَ مِنَ اَلسِّکِّینِ فِی اَلسَّنَامِ﴾

11- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)

ص: 51


1- أي ذبح الذبائح لإطعام لحومها للفقراء.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 52. و فيه العطف بالواو بدل أو في جميع المواضع.
4- هو عين معنى إهراق الدماء المتقدم فراجع.
5- أي يحمل أثقال المحتاجين، فيرفع بماله عنهم الحاجة و الشدّة، و بوجاهته يصلح فيما بينهم، و فيما بين الناس.
6- الحديث مرسل.

يقول: ﴿مِن موجِباتِ مَغفِرَةِ الرَّبِّ تَبارَکَ و تَعالی إطعامُ الطَّعامِ﴾(1)

12- أحمد بن محمد، عن أبيه، عن معمر بن خلّاد قال: كان أبو الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا أكل، بصَحْفَة فتوضع بقرب مائدته، فيعمد إلى أطيب الطعام ممّا يؤتى به، فيأخذ من كلِّ شيء شيئاً فيضع في تلك الصّحفة، ثمَّ يأمر بها للمساكين، ثمَّ يتلو هذه الآية: ﴿فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾(2) ثمَّ يقول: علم الله عزَّ و جلَّ أنّه ليس كلُّ إنسان يقدر على عتق رقبة، فجعل لهم السّبيل إلى الجنّة(3)

39- باب فضل القَصْد(4)

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لينفق الرَّجل بالقصد و بُلْغَةِ الكفاف، و يقدم منه فضلاً لآخرته، فإنّ ذلك أبقى للنّعمة، و أقربُ إلى المزيد من الله عزَّ و جلَّ، و أنفع في العافية.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السّنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن داود الرّقيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ القصد أمر يحبّه الله عزَّ و جلَّ، و إنَّ السّرَفَ أمرٌ يُبغضه الله، حتّى طرحك النواة، فإنّها تصلح للّشيء، و حتّى صبّك فَضْلَ شرابك.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ یسْأَلُونَکَ مَاذَا ینفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ (5) قال: العفو الوسط (6)

4- عليُّ بن محمد رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): القصد مثراة،(7) و السّرف متواة(8)

ص: 52


1- مر هذا الحديث برقم(1) من هذا الباب فراجع. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- البلد/ 11. و العَقَبة: -في الاصل- الطريق الوعر في الجبل، و قال بعض المفسّرين إنها عقبة من عقبات جهنم.
3- الحديث صحيح.
4- القصد: الوسط في كل شيء، و في الإنفاق الوسط بين الإسراف و التقتير.
5- البقرة/ 219.
6- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ضمن ح 15.
7- من الثراء و هو الغنى.
8- التّوى: الهلاك. و يقصد به هنا الفقر بسبب هلاك المال للسرِّف.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ثَلاَثٌ مُنْجِیَاتٌ، فَذَکَرَ اَلثَّالِثَ: اَلْقَصْدُ فِی اَلْغِنَی وَ اَلْفَقْرِ﴾.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن أبَان، عن مدرك بن أبي الهزهاز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: ضمنت لمن أقتصد أن لا يفتقر(1)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب عن حمّاد [بن واقد] اللّحام، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو أنَّ رجلاً أنفق ما في يديه في سبيل من سبيل الله، ما كان أحْسَنَ و لا وُفّق، أليس يقول الله تعالى: ﴿و لا تُلْقُوا بأيديكم إلى التَهْلُكَة و أحسِنوا إنَّ الله يحبُّ المحسنين﴾ (2)، يعني المقتصدين(3)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد، عن أبيه عبيد قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا عُبَيد، إنَّ السَرَفَ يورث الفقر، و إنَّ القصد يورث الغنى(4)

9- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن الفضيل، عن موسى بن بكر قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما عَالَ أمرؤُ في اقتصاد(5)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال له: إنّا نكون في طريق مكة فنريد الإحرام، فنطّلي، و لا تكون معنا نخالة نتدلّك بها من النورة، فنتدلّك بالدَّقيق، و قد دخلني من ذلك ما الله أعلم به، فقال: أمخافةَ الإسراف؟ قلت: نعم، فقال: ليس فيما أصلح البدن إسراف، إنّي ربّما أمرت بالنقي فَيُلَتُّ بالزَّيت، فأتدلّك

ص: 53


1- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، صدر ح 15. و كرره ايضاً عن العالم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) برقم 57 من الباب 58 من الجزء الثالث من الفقيه. و الحديث مجهول.
2- البقرة/ 195.
3- الحديث مجهول.
4- الفقيه 2، 16- باب فضل السخاء و الجود، ح 14. و أبو الحسن: هو الإمام موسى بن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كما صرّح به الصدوق رحمه الله. و قوله: ما عالَ: أي ما افتقر، و الاسم: العَيْلة، و منه قوله تعالى في سورة التوبة/ 28: ﴿و إن خِفتم عَيْلَةً فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء﴾.
5- النقيّ: -هنا- الدقيق المنخول، الذي لا نخالة فيه، و يُكتّ أي يمزج و يخلط.

به، إنّما الإسراف فيما أفسد المال و أضرَّ بالبدن، قلت: فما الإقتار؟ قال: أكل الخبز و الملح و أنت تقدر على غيره، قلت: فما القصد؟ قال: الخبز و اللّحم و اللّبن و الخلّ و السّمن، مرَّة هذا و مرَّة هذا.

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عُبيد، عن رِفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا جاد الله تبارك و تعالى عليكم، فجُودوا، و إذا أمسك عنكم فأمسِكوا، و لا تَجَاوَدوا الله فهو الأجْوَد(1)

12- أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليِّ [الصيرفيِّ]، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿من اقتصد في معيشته رزقه الله، و من بَذَّر حَرَمَهُ الله﴾(2)

13- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن حسّان، عن موسى بن بكر قال: سمعت أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الرِّفق نصف العيش، و ما عال امرءُ في اقتصاده(3)

40- باب كراهية السَّرَف و التقتير

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهريِّ، عن جميل بن صالح، عن عبد الملك بن عمرو الأحول قال: تلا أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) هذه الآية: ﴿و الّذين إذا أنفقوا و لم يُسْرفوا لم يَقْتُروا و كان بين ذلك قواماً﴾(4) قال : فأخذ قبضة من حصى و قبضها بيده، فقال: هذا الإقتار الّذي ذكره الله في كتابه، ثمَّ قبض قبضة أخرى فأرخى كفّه كلّها، ثمَّ قال: هذا الإسراف، ثمَّ أخذ قبضة أخرى، فأرخى بعضها و أمسك بعضها، و قال: هذا القَوام(5)

2- و عنه، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن عبد الله بن أَبَان قال: سألت أبا الحسن

ص: 54


1- لا تجاودوا-: ﴿يعني لا تتكلفوا الجود على الله فإنه أعلم بكم و بما يصلحكم فمنعه عنكم جود منه فوق جودكم﴾ الفيض في الوافي، المجلد الثاني، م 6، ص 70. و الحديث صحيح.
2- الحديث ضعيف على الظاهر.
3- الحديث ضعيف على المشهور. و الرِّفق: -هنا- القصد في الإنفاق.
4- الفرقان/ 67.
5- الحديث ضعيف.

الأول (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن النفقة على العيال؟ فقال: ما بين المكروهَين: الإسراف و الإقتار.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن ابن أبي يعفور؛ و يوسف بن عمار [ة] قالا: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ مع الإسراف قلّةَ البَرَكة.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رُبَّ فَقِیرٍ هُوَ أَسْرَفُ مِنَ اَلْغَنِیِّ، إِنَّ اَلْغَنِیَّ یُنْفِقُ مِمَّا أُوتِیَ، وَ اَلْفَقِیرَ یُنْفِقُ مِنْ غَیْرِ مَا أُوتِیَ.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنّى قال: سأل رجل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزّ و جلَّ: ﴿وَ آتُوا حَقَّهُ یَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا یُحِبُّ اَلْمُسْرِفِینَ ﴾ (1)، فقال: كان فلان بن فلان الأنصاريّ- سمّاه- و كان له حرث، و كان إذا أُخِذَ يتصدَّق به، و يبقى هو و عياله بغير شيء، فجعل الله عزَّ و جلَّ ذلك سَرَفاً (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلي عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾ (3)، قال: الإحسار: الفاقة.

7- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن موسى بن بكر، عن عجلان قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فجاء سائلٌ، فقام إلى مِكْتَل (4) فيه تمر، فملأ يده فناوله، ثمَّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده فناوله، ثمَّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بیده فناوله، ثمَّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده فناوله، ثمَّ جاء آخر فقال: الله رازقنا و إيّاك، ثمَّ قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان لا يسأله أحد من الدُّنيا شيئاً إلّا أعطاه، فأرسلت إليه امرأة ابناً لها فقالت: انطلق إليه فاسأله، فإن قال لك: ليس عندنا شيء، فقل: أعطني قميصك، قال: فأخذ قميصه فرمى به إليه؛ و في نسخة أُخرى: فأعطاه، فأدَّ به الله تبارك و تعالى على القصد، فقال: ﴿وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلي عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْط فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾ (5)

ص: 55


1- الأنعام/ 141.
2- الحديث مجهول.
3- الإسراء/ 29.
4- المِكتل: وعاء يصنع من سعف النخل. و يسمى: الزنبيل.
5- الحديث ضعيف على المشهور.

8- أحمد بن محمد، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ قال : القوام: هو المعروف، ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ (1)، على قدر عياله و مؤونتهم الّتي هي صلاح له و لهم، و ﴿لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها﴾(2)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان في قوله تعالى: ﴿وَ الَّذِينَ إِذا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾، فبسط كفّه و فرَّق أصابعه و حناها شيئاً (3)، و عن قوله تعالى: ﴿وَ لاَ تَبْسُطْهَا کُلَّ الْبَسْطِ﴾ (4)؟ فبسط راحته و قال: هكذا؛ و قال: القوام؛ ما يخرج من بين الأصابع و يبقى في الراحة منه شيءٌ.

10- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح ابن عقبة، عن سليمان بن صالح قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أدنى ما يجيىء من حدِّ الإسراف؟ فقال: إبذالك ثوبَ صَوْنك، و إهراقك فَضْل إنائك، و أكلك التمر و رميك النوى ههنا و ههنا (5)

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عمّار أبي عاصم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أربعة لا يُستحاب لهم، أحدهم: كان له مال فأفسده، فيقول: يا ربِّ ارزقني، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ. ﴿أَلَمْ آمُرُكَ بِالِاقْتِصَادِ﴾(6)

41- باب سَقْي الماء

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أوَّل ما يُبْدَءُ به في

ص: 56


1- البقرة/ 236.
2- الطلاق/7. و معنى الآية: لا يوجب الله على أحد أن ينفق أكثر مما يستطيع في حدود رزقه الذي منحه الله سبحان إياه.
3- أي قليلاً.
4- الإسراء/29. و التعبير كناية عن البذل و الإعطاء.
5- روى بمعناه و قريباً من الفاظه في الفقيه 3، 58- باب المعايش و المكاسب و ...، ح 61. و أخرجه عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
6- الحديث مجهول.

الآخرة صدقة الماء- يعني في الأجر-(1)

2- محمد، عن عبد الله بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أَفْضَلُ اَلصَّدَقَةِ إِبْرَادُ اَلْکَبِدِ حَرَّی(2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:مَنْ سَقَى اَلَمَاءَ فِي مَوْضِعِ يُوجَدُ فِيهِ الَمَاءُ، كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً، وَ مَنْ سَقَى أَلَمَاءَ فِي مَوْضِعِ لَا يُوجَدُ فِيهِ اَلَمَاءُ، كَانَ كَمَنْ أَحْيَا نَفْساً، وَ مَنْ أَحْيَا نَفْساً فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً(3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن مرازم، عن مصادف قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بين مكّة و المدينة ، فمررنا على رجل في أصل شجرة و قد ألقى بنفسه، فقال: مِلْ بنا إلى هذا الرَّجل، فإنّي أخاف أن يكون قد أصابه عطش، فمِلْنا، فإذا رجل من الفراسين (4) طويل الشعر، فسأله أعطشان أنت؟ فقال: نعم. فقال لي: إنْزل يا مصادف فاسقه، فنزلت و سقيته، ثمَّ ركبت و سرنا فقلت: هذا نصرانيُّ، فتتصدَّق على نصرانيّ؟ فقال: نعم، إذا كانوا في مثل هذا الحال.

5- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن جدِّه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: علّمني عملاً أدخل به الجنّة، فقال: أطعم الطّعام، و أفْشِ السلام، قال: فقال: لا أطيق ذلك، قال: فهل لك إبل؟ قال: نعم، قال: فانظر بعيراً واسق عليه(5) أهل بيت لا يشربون الماء إلّا غبّاً (6) فلعلّه لا ينفق بعيرك (7)، و لا ينخرق سقاؤك حتّى تجب لك الجنّة.

6- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن ضريس بن عبد الملك، عن

ص: 57


1- الفقيه 2، 17- باب فضل سقي الماء، ح 1.
2- الحرّى: العطشى. فَعلى: من الحر، مؤنث: حرّان. و هما للمبالغة. و أخرجه في التهذيب 4، 29- باب من الزيادات في الزكاة، ح 53.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3.
4- الظاهر، و بقرينة أنه نصراني، إن الفراسين طائفة من النصارى كانوا معروفين في جزيرة العرب. و الحديث ضعيف.
5- أي أحمل عليه الماء لسقيهم.
6- غبّاً: أي في بعض الأيام دون بعضها الآخر.
7- أي لا يموت بعيرك. و الحديث مجهول.

أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله تبارك و تعالى يحبُّ إبْرادَ الكبد الحرَّى، و من سقى كبداً حرَّى من بهيمة أو غيرها، أظلّه الله يوم لا ظلَّ إلّا ظلّه(1)

42- باب الصدقة لبني هاشم و مواليهم و صِلَتهم

1- أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبّار؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ أُناساً من بني هاشم أتوا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي و قالوا: يكون لنا هذا السّهم الّذي جعله الله للعاملين عليها، فنحن أوْلى به، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿یا بني عبد المطلب إنَّ الصدقة لا تحلُّ لي و لا لكم، ولكنّي قد وُعِدْتُ الشفاعة، -ثم قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و الله لقد وُعِدَها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)-، فما ظنّكم يا بني عبد المطّلب إذا أخذت بحلقة باب

الجنّة، أترَوْني مؤثراً عليكم غيرَكم!؟﴾ (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمد بن مسلم؛ و أبي بصير؛ و زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ) قالا: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إِنَّ الصَّدَقَةَ أَوْ سَاخُ أَيْدِي النَّاسِ، وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيَّ مِنْهَا وَ مِنْ غَيْرِهَا مَا قَدْ حَرَّمَهُ، وَ إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثمَّ قال: أما و الله لو قد قمتُ على باب الجنّة، ثمَّ أخذت بحلقته، لقد علمتم أنّي لا أُوثر عليكم، فارضوا لأنفسكم بما رضي الله و رسوله لكم، قالوا: قد رضينا (3)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن ابن الحجّاج، عن جعفر بن إبراهيم الهاشميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: أتحلُّ الصّدقة لبَني هاشم؟ فقال: إنّما تلك الصّدقة الواجبة على النّاس لا تحلُّ لنا، فأمّا

ص: 58


1- الفقيه 2، 17- باب فضل سقي الماء، ح 2، بتفاوت يسير. و الحديث موثق.
2- التهذيب 4، 15- باب ما يحل لبني هاشم و يحرم من الزكاة، ح 1. و الحديث صحيح.
3- التهذيب4،نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، 17 -باب ما يحلّ لبني هاشم من الزكاة، ح 1. و في الذيل منهما: قالوا: رضينا. و الحديث حسن. هذا، و مما لا خلاف فيه بين المؤمنين، بل و بين المسلمين بل الإجماع بقسميه عليه- كما عبّر في الجواهر- هو عدم جواز إعطاء الزكاة للهاشمي و عدم جواز أخذه لها من غير الهاشمي مع عدم الضرورة، و كذلك أجمعوا على جواز أخذ الهاشمي لزكاة مثله. كما أجمعوا على جواز أخذها من غير الهاشمي عند اضطراره إليها، و قد فسّر الإضطرار هنا بعدم كفاية الخمس الذي هو حق لآل الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الذي جعل لهم عوضاً من الزكاة.

غير ذلك فليس به بأس، و لو كان كذلك ما استطاعوا أن يخرجوا إلى مكّة، هذه المياه عامّتها صدقة (1)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ ابن النّعمان، عن سعيد بن عبد الله الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أتحلُّ الصّدقة لموالي بني هاشم؟ قال: نعم(2)

5- حميد بن زياد، عن [ابن] سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان (3)، عن إسماعيل بن الفضل الهاشميِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصّدقة الّتي حُرِّمت على بني هاشم، ما هي؟ قال: هي الزَّكاة قلت: فتحلُّ صدقة بعضهم على بعض؟ قال: نعم(4)

6- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة(5)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أعطوا الزّكاة من أرادها من بني هاشم، فإنّها تحلُّ لهم، و إنّما تحرم على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الإمام الّذي من بعده، و الأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين (6)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن يزيد، عن أبي الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصِلَنَا فَلْيَصِلْ فُقَرَاءَ شِيعَتِنَا، وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَزُورَ قُبُورَنَا، فَلْيَزُرْ قُبُورَ صُلَحَاءِ إِخْوَانِنَا (7)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن النّوقليِّ، عن عيسى بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿مَنْ صَنَعَ إِلَی أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی

ص: 59


1- التهذيب 4، 15- باب ما يحلّ لبني هاشم و يحرم من الزكاة، ح 13. و يقصد بالصدقة الواجبة: زكاة المال و زكاة الفطرة. و لا بد من تقييده بما إذا كانت من غير هاشمي، كما تقدم.
2- الحديث صحيح.
3- في التهذيب: حمّاد بن عثمان.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، 17 -باب لبني هاشم من الزكاة، ح 2.
5- هو سالم بن مكرم.
6- التهذيب4، نفس الباب، ح 8. الاستبصار 2، نفس الباب، ح5 بتفاوت فيهما. الفقيه 2، 5 -باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة، ح 40 و في ذيله: و على الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث مختلف فيه. هذا، و قد حمل الشيخ رحمه الله هذا الخبر في التهذيب على حال الضرورة و قال: و يكون وجه إختصاص الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالذكر في الخبر إن الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لا يضطروّن إلى أكل الزكوات و التقوّت بها.
7- التهذيب 4، 29 -باب من الزيادات في الزكاة، ح 58. و في ذيله: فليزر صلحاء إخواننا. الفقيه 2، 20 -باب ثواب صلة الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 3 بتفاوت و أخرجه عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

یَداً کَافَیْتُهُ یَوْمَ اَلْقِیَامَةِ﴾(1)

9- و عنه، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنّی شافِعٌ یَومَ القِیامَةِ لِأرْبَعِة اَصْنافٍ وَ لَوْ جاؤُوا بِذُنُوبِ أَهْلِ الدُّنْیا: رَجُلٌ نَصَرَ ذُریَّتی، وَ رَجُلٌ بَذَلَ مالَهُ لِذُرّیَّتی عِنْدَ الضیْقِ، وَ رَجُلٌ اَحَبَّ ذُرّیَّتی باللِسّانِ و بالقَلْبِ، وَ رَجُلٌ یسَعی في حَوائِجِ ذُرّیَّتی اِذا طُردُوا أَوْ شُرِّدُوا (2)

10- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن ثعلبة بن ميمون قال: كان أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يسأل شِهاباً (3) من زكاته لمواليه، و إنّما حرِّمت الزَّكاة عليهم دون مواليهم(4)

43- باب [ال]-نوادر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قوله عزَّ و جلَّ: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ﴾(5)؟ قال :يعني الزَّكاة المفروضة، قال: قلت: ﴿وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ﴾ (6)؟ قال: يعني النّافلة، إنّهم كانوا يستحبّون إظهار الفرائض و كتمان النّوافل.

2- عليُّ بن محمد، عمّن حدَّثه، عن معلّى بن عبيد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الزَّكاة، تجب عليَّ في موضع لا يمكنني أن أؤدّيها؟ قال: اِعْزِلْها، فإن اتّجرت بها فأنت ضامن لها، و لها الرِّبح، و إن تَوِيَت (7) في حال ما عزلتها من غير أن تشغلها في تجارة، فليس عليك، و إن لم تعزلها و اتّجرت بها في جملة مالك، فلها بقسطها

ص: 60


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 56. الفقيه 2، 18 -باب ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية، ح 1. واليد: -هنا- النعمة و الإحسان.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 57. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 و فيهما: و شُرّدوا. و التشريد: الطرد و التفريق في الأقطار. و الحديث مرسل.
3- هو ابن عبد ربّه.
4- التهذيب 4، 15 -باب ما يحلّ لبني هاشم و ما يحرم من الزكاة، ح 10. الاستبصار 2، 17 -باب ما يحلّ لبني هاشم من الزكاة، ح 8.
5- و
6- البقرة/271. تُبدو: أي تُظهروا. و تتمة الآية: ... فهو خير لكم و يكفرّ عنكم من سيئاتكم و الله بما تعلمون خبير.
7- تَوى المال: هلك و تلف.

من الرِّبح، و لا و ضيعة عليها(1)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن شعيب، عن الحسين بن الحسن، عن عاصم، عن يونس، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كان يتصدّق بالسّكّر، فقيل له: أتتصدَّق بالسّكّر؟ فقال: نعم، إنّه ليس شيءٌ أحبَّ إليَّ منه، فأنا أُحِبُّ أن أتصدَّق بأحبَّ الأشياء إليَّ (2)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن معاذ بن كثير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: مُوَسّع على شيعتنا أن ينفقوا ممّا في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا حرّم على كلِّ ذي كنز كَنْزَه حتّى يأتيه به فيستعين به على عدوِّه، و هو قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (3)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حَصِنّوا أموالكم بالزَّكاة (4)

ص: 61


1- الحديث مرسل.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- التوبة/ 34. و الحديث ضعيف على المشهور.
4- الفقيه 2 ، 1 -باب علّة وجوب الزكاة، ح 3. و فيه: محمد بن بكر، بدل: موسى بن بكر.

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

كتاب الصيام

44- باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم

1- عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز ، عن زرارة، أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: بُني الإسلام على خمسة أشياء: على الصّلاة و الزّكاة و الحجِّ و الصّوم و الولاية، و قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿الصّوم جُنَّةٌ من النّار﴾ (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد،

عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال لأصحابه: ألا أُخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشّيطان منكم كما تَباعد المشرق عن المغرب؟ قالوا: بلى، قال: الصّوم يُسَوِّد وجهه، و الصّدقة تكسر ظهره، و الحُبُّ في الله و المؤازرة على العمل الصّالح يقطع دايِره، و الاستغفار يقطع و تينه، و لكلِّ شيء زكاة، و زكاة الأبدان الصّيام (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ثعلبة،

عن عليِّ بن عبد العزيز قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ألا أُخبرك بأصل الإسلام و فرعه و ذروته و سنامه؟ قلت: بلى قال: أصله الصّلاة، و فرعه الزّكاة، و ذروته و سنامه الجهاد في سبيل الله، ألا أُخبرك بأبواب الخير؟ إِنَّ الصّوم جُنَّة(3)

ص: 62


1- التهذيب 4، 40 -باب فرض الصيام، ح 1. الفقيه 2، 22 -باب فضل الصيام، ح 1. و روى صدر هذا الحديث في أصول الكافي 2، كتاب الإيمان و الكفر، باب دعائم الإسلام، ح 1 و3 و 5. و الولاية: تولّي علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أولاده (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بلا فصل و الاعتقاد بأنهم خلفاؤه حقاً و صدقاً. و الجُنَّة: الستر و الوقاية. و الحديث حسن.
2- التهذيب: 4، 46 -باب ثواب الصيام، ح 6. و فيه: و زكاة الأجسام ... ، بدل: و زكاة الأبدان. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و الوتين: عرِق في القلب إذا انقطع مات صاحبه، -ذكره الجوهري- و المؤازرة: المساعدة و المعاونة. و قطع دابره: كناية عن إهلاكه. و دابر الإنسان: عرقوبه. والدابر التابع.
3- التهذيب 4، 40 -باب فرض الصيام، ج 2، الفقيه 2، 22 -باب فضل الصيام، ح 5 و في الذيل منهما زيادة: من النار. و ذروة الشيء: أعلاه. و إنما جعل الجهاد ذروة الإسلام لأنه سبب لعزّه و منعته و علوّه و رفعته.

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن موسى بن بكر

قال: لِکُلِّ شَیْءٍ زَکَاةٌ، وَ زَکَاةُ اَلْأَجْسَادِ اَلصَّوْمُ(1)

5- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عثمان، عن إسماعيل بن يسار، قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال أبي: إنَّ الرَّجل ليصوم يوماً تطوُّعاً يريد ما عند الله عزَّ و جلَّ، فيُدخله الله به الجنّة (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن سَلَمَة صاحب السّابريِّ، عن أبي الصّباح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:إنَّ اللَّهَ تبارَکَ و تعالی یقولُ: الصَّومُ لِی و أنا أجزِی علَیهِ(3)

7- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليمان، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ اسْتَعِینُواْ بِالصَّبْرِ﴾ (4)، قال: الصبر الصيام، و قال: إذا نزلت بالرجل النازلة و الشديدة فليَصُمْ، فإن الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ اسْتَعِینُواْ بِالصَّبْرِ﴾، يعني الصيّام(5)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان، عن منذر بن يزيد، عن يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من صام الله عزّ و جلَّ يوماً في شدَّة الحرِّ فأصابه ظَمأ، وكّل الله به ألف ملك يمسحون وجهه و يبشّرونه ، حتّى إذا أفطر قال الله عزَّ و جلَّ له: ما أطيبَ ريحك و رَوْحَك، ملائكتي اشهدوا أنّي قد غفرت له (6)

9- أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسّان، عن محمد بن عليّ، عن عليِّ بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿الصّائِمُ

ص: 63


1- التهذيب 4، 46 -باب ثواب الصوم، ح 1، و فيه الأجسام، بدل: الأجساد.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ذيل ح 7 بتفاوت.
3- التهذيب 4، 40 -باب فرض الصيام، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، صدر ح 3 مرسلاً. و فيهما في الذيل: و أنا أجزي به، بدل: و أنا أجزي عليه. و الحديث مجهول.
4- البقرة/ 45.
5- الفقيه 2، 22 -باب فضل الصيام، ح 6 بتفاوت. و النازلة: المصيبة و الداهية وقيل: بأن الصوم إنما سنّي صبراً، لما فيه من حبس النفس عن مشتهياتها، و الصبر: هو الحبس. و الحديث مرسل.
6- الفقيه 2، نفس الباب، ح 10. و الروح: نسيم الروح، و المقصود به هنا: نَفَس الصائم. و الحديث ضعيف. و سوف يكرره الكليني رحمه الله برقم 17 من هذا الباب بزيادة بكر بن صالح في سنده سهل بن زياد و محمد بن سنان.

في عِبادَةٍ و إن کانَ عَلی فِراشِهِ ما لَم یَغْتَبْ مُسلِماً﴾(1)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من كتم صومه، قال الله عزَّ و جلَّ لملائكته: عبدي استجار من عذابي فأجيروه، و وكّل الله تعالى ملائكته بالدعاء للصّائمين، و لم يأمرهم بالدُّعاء لأحد إلّا استجاب لهم فيه (2)

11- عليُّ، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة، عن أبي عبد الله، عن أبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أنَّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: ﴿إنَّ الله عزَّ و جلَّ و كلّ ملائكته بالدعاء للصّائمين، وَ قَالَ: أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عَنْ رَبِّهِ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَمَرْتُ مَلاَئِکَتِی بِالدُّعَاءِ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِی إِلاَّ اِسْتَجَبْتُ لَهُمْ فِیهِ﴾ (3)

12- و بهذا الإسناد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: نَومُ الصّائِمِ عِبادَةٌ، و نَفَسُهُ تَسبیحٌ (4)

13- عليُّ، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أوحى الله عزَّ و جلَّ إلى موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يمنعك من مناجاتي؟ فقال: يا ربِّ أْجِلُّك عن المناجاة لِخُلُوف (5) فم الصائم، فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليه: يا موسى لَخُلُوف فم الصائم أطيبُ عندي من ريح المسك (6)

14- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صدقة قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قيلوا (7) فإنَّ الله يطعم الصائم و يسقيه في منامه(8)

ص: 64


1- التهذيب 4، 46 -باب ثواب الصيام، ح 2. الفقية 2، نفس الباب، ح 2 و فيه: و إن كان نائماً على فراشه ...
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3، و فيه: من كثر صومه .. ، بدل: من كتم ... و تخصيص كتمان الصوم بالذكر المناسبته غالباً لخلوص النية عن أي قصد آخر سوى الاستجارة من عذاب الله بالصوم. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7 و الحديث ضعيف.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، صدر ح 12 و فيه: و صمته تسبيح. و الحديث ضعيف.
5- الخُلوف: رائحة الفم. و تكون عند الصائم غالباً كريهة.
6- الفقيه 2، 22 -باب فضل الصيام، ح 8. ﴿و قال بعض المحققين: لا يقال: استطابة الروائح من الصفات التي لا تليق بذاته تعالى، إذ هو منزّه عن أمثاله. لأنا نقول: المراد بالأطيب: الأَقْبَل، لأن الطيب مستلزم للقبول عادة، أي خلوفه أقبل عند الله من قبول ريح المسك عندهم. أو هذا الكلام جرى على سبيل الفرض، أي لو تصوّر الطيب عند الله لكان الخلوف أطيب. وقيل: المراد من: (عند الله): عند ملائكة الله، على أنهم يتنفرون من الروائح الكريهة﴾ مرآة المجلسي 203/16.
7- أمر بالقيلولة، و هي النوم نصف النهار، و القائلة: نصف النهار.
8- الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. و الحديث ضعيف.

15- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سلمة صاحب السابريِّ، عن أبي الصباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: للصّائم فَرْحتان : فرحةٌ عند إفطاره، و فَرْحَةٌ عند لقاء ربّه(1)

16- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن السمّان الأرمني، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: إِذَا رَأَی اَلصَّائِمُ قَوْماً یَأْکُلُونَ أَوْ رَجُلاً یَأْکُلُ، سَجَّتْ کُلُّ شَعْرَهٍ مِنْهُ(2)

17- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن محمد بن سنان، عن منذر بن يزيد، عن يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): مَن صامَ اللَّه يَوماً فِي شِدَّةِ اَلْحَرِّ، فَاصَابَهُ ظَمّاً، وَكَّلَ اَللَّهُ عزَّ و جلَّ بِهِ الفَ مَلَكٍ يَمْسَحُونَ وَجْهَهُ وَ يُبَشِّرُونَه، حَتَّى إذا أَفْطَرَ قالَ اللَّهُ عزَّ و جلَّ: مَا أَطْيَبَ ريحَكَ و رَوْحَكَ، ملائكَتي، اُشهَدُوا أنّي قَد غَفَرْتُ لَهُ (3)

45- باب فضل شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو الشّاميّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ [عدَّة] الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يومَ خلق السماوات و الأرض، فَغُرّة الشهور شهرُ الله عزَّ ذِكْرُه، و هو شهر رمضان، و قلب شهر رمضان ليلة القدر، و نزل القرآن في أوَّل ليلة من شهر رمضان، فاستقبِلْ الشهرَ بالقرآن(4)

2- أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن المسمعي أنّه سمع أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوصي ولده إذا دخل شهر رمضان: فاجهدوا أنفسكم،

ص: 65


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. و صدر ح 3 بتفاوت. ﴿لعل ضم الفرحتين مع أن بينهما بوناً بعيداً لئلّا يغفل العبد عن إدراك هذه اللذة القليلة عن تلك اللذة الجليلة فيدرك شيئا منها في الدنيا أيضا﴾ مرآة المجلسي 204/16 .
2- الحديث مجهول.
3- مر برقم 8 من هذا الباب بدون بكر بن صالح في السند.
4- التهذيب 4، 47 -باب فضل شهر رمضان، ح 1. الفقيه 2، 28 -باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه، ح 13. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فغرّة الشهور ...؛ أي المنوّر من بينها، أو المقدّم عليها و أفضلها. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و نزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان؛ لا يتنافى مع ما دل على أن نزوله كان في ليلة القدر منه، لإمكان حمله على ابتداء نزوله في أول ليلة أو غيره من الوجوه. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): استقبل الشهر بالقرآن؛ أي بتلاوته سواء في أول ليلة منه أو قبلها بحيث يدخل الشهر و هو متشاغل بتلاوة القرآن. هذا، و الحديث مجهول.

فإنَّ فيه تُقسم الأرزاق، و تُكتب الآجال، و فيه يُكتب وفد الله الّذين يفدون إليه، و فيه ليلةٌ، العمل فيها خير من العمل في ألف شهر(1)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن

الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مَنْ لَمْ یُغْفَرْ لَهُ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ، لَمْ یُغْفَرْ لَهُ إِلَی قَابِلٍ، إِلاَّ أَنْ یَشْهَدَ عَرَفَةَ (2)

4- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خطب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) النّاس في آخر جمعة من شعبان، فحمد الله و أثنى عليه ثمَّ قال:

﴿أيّها النّاس، إنّه قد أظَلّكم (3) شهرٌ فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، و هو شهر رمضان، فرض الله صيامه، و جعل قيام ليلة فيه بتطوُّع صلاة كتطوُّع صلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور، و جعل لمن تطوَّع فيه بخصلة من خصال الخير و البرِّ، كأجر من أدّى فريضة من فرائض الله عزَّ و جلَّ، و من أدَّى فيه فريضة من فرائض الله كان كمن أدَّى سبعين فريضة من فرائض الله فيما سواه من الشهور، و هو شهر الصبر، و إنَّ الصبر ثوابه الجنّة، و شهر المواساة، و هو شهر يزيد الله في رزق المؤمن فيه، و من فطّر فيه مؤمناً صائماً كان له بذلك عند الله عتق رقبة و مغفرة لذنوبه فيما مضى؛ قيل: يا رسول الله، ليس كلّنا يقدر على أن يفطّر صائماً، فقال: إنَّ الله كريم يعطي هذا الثواب لمن لم يقدر إلّا على مَذْقَةٍ من لبن (4) يفطّر بها صائماً، أو شربة من ماء عَذْب، أو تمرات لا يقدر على أكثر من ذلك، و من خفّف فيه عن مملوكه خفّف الله عنه حسابه، و هو شهر أوَّله رحمة، و أوسطه مغفرة و آخره الإجابة و العتق من النّار، و لا غِنى بكم عن أربع خصال؛ خصلتين ترضون الله بهما، و خصلتين لا غِنى بكم عنهما، فأمّا اللّتان ترضون الله عزَّ و جلَّ بهما: فشهادة أن لا إله إلّا الله و أنَّ محمداً رسول الله، و أمّا اللّتان لا غِنى بكم عنهما: فتسألون الله فيه حوائجكم و الجنّةَ، و تسألون العافية، و تَعَوَّذُونَ به من النار﴾(5)

ص: 66


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 12. و المقصود بوفد الله؛ الحجيج إلى بيته الحرام يفدون لنيل رضوانه و طلب مغفرته، فهم ضيوف الرحمن، و هو سبحانه أعظم و أكرم من يكرم ضيفه.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 11.
3- قال الجزري: قد أظلّكم: ي أقبل عليكم و دنا منكم كأنه ألقى عليكم ظلّه.
4- المَذْقَة: الشربة من اللبن الممذوق.
5- التهذيب 4، 40 -باب فرض الصيام، ح 6. الفقيه 2، 28 -باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه، ح 1 بتفاوت يسير. كما روي جزء منه برقم 5 من الباب 53 من الجزء 4 من التهذيب. و برقم 5 من الباب 42 من الجزء الثاني من الفقيه أيضاً.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن سيف بن عَميرة، عن عبد الله بن عبد الله (1) عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لمّا حضر شهر رمضان، و ذلك في ثلاث بَقِينَ من شعبان، قال لبلال: ناد في النّاس، فجمع النّاس، ثمَّ صعد المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، ثمَّ قال: أيّها الناس، إنَّ هذا الشهر قد خصّكم الله به، و حضركم، و هو سيّد الشهور، ليلة فيه خير من ألف شهر، تُغلق فيه أبواب النّار، و تُفتح فيه أبواب الجنان ، فمن أدركه و لم يُغْفَرْ له فأبْعَدَهُ الله، و من أدرك والديه و لم يُغْفَرْ له فَأَبْعَدَهُ الله، و من ذُكرت عنده فلم يُصلِّ عليَّ فلم يغفر الله له فأَبْعَدَهُ الله(2)

6- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن شمّر، عن جابر ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يقبل بوجهه إلى الناس فيقول: يا معشرَ الناس، إذا طلع هلال شهر رمضان غُلّت مَرَدَةُ الشياطين، و فُتحت أبواب السماء، و أبوابُ الجِنان، و أبواب الرَّحمة، و غُلّقت أبواب النار، و استجيب الدُّعاء، و كان الله فيه عند كلِّ فطر عتقاءُ يعتقهم الله من النار، و ينادي مناد كلَّ ليلة: هل من سائل، هل من مستغفر، اللّهمَّ أعط كلَّ منفق خَلَفاً، و أَعط كلَّ ممسك تَلَفاً، حتّى إذا طلع هلال شوَّال نودي المؤمنون: أن اغدوا إلى جوائزكم فهو يوم الجائزة، ثمَّ قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أمَا و الّذي نفسي بيده، ما هی بجائزة الدَّنانير و لا الدَّراهم (3)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ الله عزَّ و جلَّ في كلِّ ليلة من شهر رمضان عتقاءَ و طلقاءَ من النار، إلّا من أفطر على مسكر، فإذا كان في آخر ليلة منه، أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه(4)

ص: 67


1- في التهذيب: عن عبد الله بن عبيد الله.
2- التهذيب 4، 47 -باب فضل شهر رمضان، ح 4. الفقيه 2، 28 -باب فضل شهر رمضان و ... ، ح 2 بتفاوت یسیر. و لعل الحديث دال على وجوب الصلاة عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كلما ذكر، لمكان التهديد. و قوله: فيه ليلة: يعني ليلة القدر، و قوله: فابْعَدَهُ الله: هذه الجملة إما إخبار عن أن من لم يغفر له في هذا الشهر فقد أبعده الله من ساحة رحمته، أو إنشاء، بمعنى الدعاء عليه ليبعده الله عن تلك الساحة.
3- التهذيب 4، 47 -باب فضل شهر رمضان، ح 5. الفقيه 2، 28 -باب فضل شهر رمضان و ... ذیل ح 2. و المرَدَة: جمع مارد و هو المتمرد عن الانقياد و المتجاوز لحدوده. و لا يخفى أن ما نطق به الحديث هو تقييد مردة الشياطين في شهر رمضان مع بقاء سائرهم على إطلاقه و إليهم يعزى ما يعتري الإنسان في شهر رمضان من هنات و معصية في هذا الشهر فلا تنافي. و قوله: خَلَفاً: أي عِوَضاً. و قوله: اغدوا: أي بكّروا.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 6. الفقيه 2، نفس الباب، ح 8.

46- باب من فطّر صائماً

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سَلَمَة صاحب السابريّ، عن أبي الصّباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من فطر صائماً فله، مثل أَجْرِه(1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: فِطْرُك أخاك الصائم أفضل من صيامك(2)

3- أحمد بن محمد بن عليّ، عن عليِّ بن أسباط، عن سيّابة، عن ضريس، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا كان اليوم الّذي يصوم فيه، أمر بشاة فتُذبح، و تُقَطع أعضاءً، و تُطبخ، فإذا كان عند المساء، أكبَّ على القدور حتّى يجد ريح المرق و هو صائمٌ، ثمَّ يقول: هاتوا القصاع، أغرفوا لآل فلان، و أغرفوا لآل فلان، ثمَّ يؤتى، بخبز و تمر فيكون ذلك عشاءه صلّى الله عليه و على آبائه(3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة، عن أبي عبد الله عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دخل سدير على أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في شهر رمضان فقال: يا سدير، هل تدري أي اللّيالي هذه؟ فقال: نعم، فِداك أبي، هذه ليالي شهر رمضان، فما ذاك؟ فقال له: أتقدر على أن تعتق في كلِّ ليلة من هذه اللّيالي عشر رقبات من ولد إسماعيل؟ فقال له سدير: بأبي أنت و أُمّي، لا يبلغ مالي ذاك، فما زال ينقص حتّى بلغ به رقبة واحدة، في كلِّ ذلك يقول: لا أقدر عليه، فقال له: فما تقدر أن تفطّر في كل ليلة رجلاً مسلماً؟ فقال له: بلى، و عشرة، فقال له أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فذاك الّذي أردت، يا سدير، إنَّ إفطارك أخاك المسلم ، بَعْدِلُ رقبة من ولد إسماعيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (4)

47- باب في النهي عن قول رمضان، بلا شهر

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد؛ و محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى الخثعمیِّ، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير

ص: 68


1- التهذيب 4، 53 -باب فضل التطوع بالخيرات، ح 1. الفقيه 2، 42 -باب ثواب من فطّر صائماً، ح 1.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 3.
3- الفقيه 2، 42 -باب ثواب من فطّر صائماً، ح 4 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 4، 53 -باب فضل التطوع بالخيرات، ح 3. الفقيه 2، 42 -باب ثواب من فطّر صائماً، ح 2.

المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿لا تقولوا: رمضان (1)، و لكن قولوا: شهر رمضان، فإنّكم لا تدرون ما رمضان﴾.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام ابن سالم، عن سعد (2)، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنّا عنده ثمانية رجال، فذكرنا رمضان، فقال: لا تقولوا: هذا رمضان، و لا ذهب رمضان، و لا جاء رمضان، فإنَّ رمضان اسم من اسماء الله عزَّ و جلَّ، لا يجيىء و لا يذهب، و إنّما يجيىء و يذهب الزائل، و لكن قولوا: شهر رمضان، فإنَّ الشهر مضاف إلى الاسم، و الاسم اسم الله عزَّ ذكره، و هو الشهر الّذي أُنزل فيه القرآن، جعله مثلاً وعَيِداً(3)

48- باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا أُهِلْ هلالُ شهر رمضان، استقبل القبلة و رفع يديه فقال: ﴿اللّهُمَّ اَهَلَّهُ عَلَیْنا بِالاَمْنِ وَ الاِیمانِ، و السَّلامَةِ وَ الاِسْلامِ، وَ الْعافِیَةِ الْمُجَلِّلَةِ (4)، وَ الرِّزْقِ الْواسِعِ، وَ دَفْعِ الاَسْقامِ، اَللّهُمَّ ارْزُقْنا صِیامَهُ وَ قِیامَهُ وَ تِلاوَةَ الْقُرْانِ فيهِ، اَللّهُمَّ سَلِّمْهُ لَنا (5)، وَ تَسَلَّمْهُ مِنّا (6)، وَ سَلِّمْنا فيهِ﴾(7)

ص: 69


1- ﴿لا تقولوا رمضان؛ لعله على الفضل و الأولوية، فإن الذي يقول: رمضان، ظاهراً أنه يريد الشهر إما بحذف المضاف، أو بأنه صار بكثرة الاستعمال اسماً للشهر و إن لم يكن في الأصل كذلك ...﴾ مرآة المجلسي 213/16.
2- الظاهر أنه ابن طريف (ظريف) الخفّاف
3- الفقيه 2، 58 -باب النوادر، ح 11. قوله: جعله مثلاً وعيداً: الضمير في جعله يرجع إلى الشهر، و المَثَل: هو الحجة و البرهان، هذا أنسب بالقرآن لا بالشهر. و العيد؛ -كما يقول الفيروز آبادي-ما اعتادك من هم أو مرض أو حزن و نحوه. و المقصود به هنا ما يشعر به المؤمنون في ذلك اليوم من الفرح و السرور بتوفيقهم لأداء حق شهر رمضان بقيام ليله و صيام نهاره. و هذا بالشهر أنسب. و جمع رمضان: رمضانات و رمضانون و أرمضة و أرمُض وأرمضاء و رماضين قيل: سمّي به لأنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة و هي لغة العرب البائدة سمّوها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق فائق و هو اسم هذا الشهر (عندهم) زمان الحر و الرَّمَض. أو من قولهم: رمِضَ الصائم أي اشتد حرُّ جَوْفه، أو لأنه يحرق الذنوب. و رمضان -على القول بأنه اسم من أسمائه سبحانه فهو غير مشتق، أو راجعٌ إلى معنى الغافر، أي يمحو الذنوب و يمحقها .
4- المجلّلة: بمعنى الشاملة العامة.
5- أي من اشتباه أمر الهلال علينا.
6- أي تقبّل منا صيامه و ما تعبّدنا لك فيه ليله و نهاره.
7- التهذيب 4، 50 -باب الدعاء عند طلوع الهلال، ح 1. الفقيه 2 28 -باب فضل شهر رمضان و ...، صدر= ح 3 بتفاوت يسير. هذا، و قد دل الحديث على استحباب الدعاء عند رؤية الهلال، و هو المشهور بين الأصحاب، نعم ذهب ابن أبي عقيل إلى القول بوجوبه كما دل الحديث على استحباب استقبال القبلة أثناء الدعاء و عدم استقبال الهلال. كما دل على استحباب رفع اليدين أثناءه.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى الساباطي قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا كان أوَّل ليلة من شهر رمضان فقل: اللّهمَّ ربَّ شهر رمضان، و منزلَ القرآن، هذا شهر رمضان الّذي أنزلت فيه القرآن، و أنزلت فيه آيات بيّنات من الهدى و الفرقان، اللّهمَّ ارزقنا صيامه، و أعنّا على قيامه، اللّهمَّ سلّمه لنا، و سلّمنا فيه، و تسلّمه منّا في يُسْر منك و معافاة، و اجعل فيما تقضي و تقدِّر من الأمر المحتوم فيما يَفْرُقُ من الأمر الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الّذي لا يُردّ و لا يُبدَّل أن تكتبني من حجّاج بيتك الحرام، المبرور حجّهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنبهم، المكفّر عنهم سيّئاتهم، و اجعل فيما تقضي و تقدِّر، أن تطيل لي في عمري، و توسّع عليَّ من الرِّزق الحلال.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن [ال]-عبد[ ال]-صالح (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ادع بهذا الدُّعاء في شهر رمضان مستقبل دخول السنّة(1)، و ذكر أنّه من دعا به محتسباً (2) مخلصاً لم تُصِبْه في تلك السنّة فتنة و لا آفة يضرُّ بها دينه و بدنه(3)، و وقاه الله عزَّ ذكره شرَّ ما يأتي به تلك السنة.

﴿اللّهمَّ إنّي أسألك باسمك الّذي دان له كلُّ شيء (4)، و برحمتك الّتي وسعت كلَّ شيء و بعزّتك الّتي قهرت بها كلَّ شيء و بعظمتك الّتي تواضع لها كلُّ شيء، و بقوَّتك الّتي خضع لها كلُّ شيء، و بجبروتك الّتي غَلَبَت كلَّ شيء، و بعلمك الّذي أحاط بكلِّ شيء، يا نور يا قُدُّوس (5)، يا أوَّل قبل كلِّ شيء، و يا باقي بعد كلِّ شيء، يا الله يا رحمن [یا الله]، صلِّ على محمد و آل محمد، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تُغَيّر النعم، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تُنْزل النِقَم (6)، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تَقْطَعُ الرَّجاء (7)، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تديل الأعداء(8)، و اغفر لي

ص: 70


1- يدل على أن أول السنة الشرعية هو شهر رمضان.
2- أي متقرباً طالباً للثواب.
3- هذا من اللف و النشر المرتب، أي فتنة في دينة و آفة في دنياه و بدنه.
4- دان، أي خضع و ذلّ.
5- قُدوّس: من أسماء الله الحسنى و معناه: الطاهر المنزّه عن العيوب و النقائص، و هو من أبنية المبالغة.
6- النقم: جمع النقمة، و هي المكافأة بالعقوبة، و قيل: بأن المسبب إليها الظلم.
7- أي توجب اليأس من رَوْح الله، أو تكون مظنة له.
8- أي تكون موجبة لغلبتهم على المؤمنين و قهرهم لهم.

الذُّنوب الّتي تردُّ الدُّعاء، و اغفر لي الذُّنوب الّتي يستحقّ بها نزول البلاء، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تحبس غيث السماء(1)، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تكشف الغطاء، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تُعَجِّل الفناء، و اغفر لي الذُّنوب الّتي تورث الندم، و اغفر لي الذّنوب الّتي تهتك العِصَم (2) و البسني درعك الحصينة الّتي لا تُرام (3)، و عافني من شرِّ ما أحاذر باللّيل و النهار في مستقبل سنتي هذه.

اللّهمَّ ربَّ السماوات السبع و الأرضين السبع و ما فيهن و ما بينهنَّ، و ربَّ العرش العظيم، و ربَّ السبع المثاني و القرآن العظيم، و ربَّ إسرافيل و ميكائيل و جبرئيل، و ربَّ محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أهل بيته سيّد المرسلين و خاتم النبيّين، أسألك بك و بما سمّيتُ يا عظيم أنت الّذي تمنُّ بالعظيم و تدفع كلَّ محذور، و تعطي كلَّ جزيل و تضاعف من الحسنات بالقليل و الكثير، و تفعل ما تشاء یا قدیر، یا الله یا رحمن یا رحيم، صلِّ على محمد و أهل بيته، و ألبسني في مستقبل هذه السنّة سترك و نضّر وجهي بنورك، و أحبّني بمحبّتك، و بلّغني رضوانك و شريف كرامتك و جزيل عطائك من خير ما عندك و من خير ما أنت معط أحداً من خلقك، و ألْبِسْني مع ذلك عافيتك، يا موضع كلِّ شكوى و يا شاهد كلِّ نجوى، و يا عالم كلِّ خفيّة و يا دافع [كلِّ] ما تشاء من بليّة، يا كريم العفو، يا حَسَنَ التجاوز، توفّني على ملّة إبراهيم و فطرته، و على دين محمد و سنّته، و على خير وفاة فتوفّنى موالياً لأوليائك معادياً لأعدائك.

اللّهمَّ و جنّبني في هذه السنة كلَّ عمل أو قول أو فعل يباعدني منك، و اجلبني إلى كلِّ عمل أو قول أو فعل يقرِّبني منك في هذه السنة يا أرحم الرّاحمين، و امنعني من كلِّ عمل أو فعل قول يكون منّي، أخاف ضرر عاقبته و أخاف مَقْتَكَ إيَّاي عليه، حذراً أن تصرف وجهك الكريم عنّي فأَسْتَوجِب به نقصاً من حظّ لي عندك يا رؤوف يا رحيم.

اللّهمَّ اجعلني في مستقبل هذه السنة في حفظك و جوارك و كَنَفِك(4)، و جلّلني ستر عافيتك، وهب لي كرامتك، عَزَّ جارك و جلَّ ثناء وجهك و لا إله غيرك.

اللّهمَّ اجعلني تابعاً لصالح من مضى من أوليائك، و ألْحِقْني بهم، و اجعلني مسلّماً لمن قال بالصّدق عليك منهم، و أعوذ بك [يا] إلهي أن تحيط به خطيئتي و ظلمي و إسرافي على

ص: 71


1- صرحت بعض الروايات بأنها جور الحكّام و حكمهم بغير ما أنزل الله تعالى.
2- ﴿تهتك العِصَم: المراد به: إما رفع حفظ الله و عصمته عن الذنوب، أو رفع ستره الذي ستره به عن الملائكة و الثقلين كما ورد في الأخبار الكثيرة﴾.مرآة المجلسي 221/16.
3- أي لا يقصد الأعادي لابسها بالسوء.
4- الكنف: الجانب و الصِّوْن و الحفظ.

نفسي، و اتّباعي لهواي، و اشتغالي بشهواتي، فيحول ذلك بيني و بين رحمتك و رضوانك، فأكون مَنْسِيّاً عندك، متعرّضاً لسخطك و نقمتك.

اللّهمَّ وفّقني لكلِّ عمل صالح ترضى به عنّي، و قرِّبني به إليك زُلْفى(1)

اللّهمَّ كما كفيتَ نبيّك محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) هول عدوِّه، و فرّجت همّه، و كشفت غمّه، و صدَّقته وَعْدَك (2) و أنجزت له موعدك بعهدك، اللّهمَّ بذلك فاكفني هول هذه السّنة و آفاتها و أسقامها و فتنتها و شرورها و أحزانها و ضيقَ المعاش فيها، و بلغني برحمتك كمال العافية بتمام دوام [العافية و"] النّعمة عندي إلى منتهى أجَلي ، أسألك سؤال من أساء و ظلم و اعترف و أسألك أن تغفر لي ما مضى من الذُّنوب الّتي حَصَرَتْها حَفَظَتُك، و أحصتها كِرام ملائكتك عليَّ، و أن تعصمني إلهي من الذُّنوب فيما بقي من عمري إلى منتهى أجَلي، يا الله يا رحمن، صلِّ على محمد و [على] أهل بيت محمد، و آتني كلَّ ما سألتك و رغبت إليك فيه، فإنّك أمرتني بالدّعاء و تكفّلت(3) [لي] بالإجابة﴾ (4)

4- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن عليِّ بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، قال حدَّثنا عمرو بن شمّر قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) يقول: كان أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا أُهِلَّ هلالُ شهر رمضان، أقبل إلى القبلة ثمَّ قال: اللّهمَّ أهلّه علينا بالأمن و الإيمان، و السّلامة و الإسلام، و العافية المجلّلة، اللّهمَّ ارزقنا صيامه و قيامه و تلاوة القرآن فيه، اللّهمَّ سلّمه لنا، و تسلّمه منّا، و سلّمنا فيه(5)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كان إذا أهلَّ هلال شهر رمضان قال: اللّهمَّ أدخله علينا بالسّلامة و الإسلام، و اليقين و الإيمان، و البرِّ و التّوفيق لما تحبُّ و ترضى.

6- يونس، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ فَقُل: اللّهُمَّ قَد حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ و قَدِ افتَرَضتَ عَلَینا صِیامَهُ، و أنزَلتَ فيهِ القُرآنَ

ص: 72


1- الزُلفى: القرب و المنزلة.
2- أي وفيت له بما وعدته به.
3- إشارة إلى قوله تعالى في الآية 60 من سورة غافر: ﴿وَ قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾. أي اسألوني، و غيرها من الآيات.
4- التهذيب 3، 5 -باب الدعاء بين الركعات، (عنوان / دعاء أول يوم من شهر رمضان، ح 38 بتفاوت . الفقيه 2، 30 -باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان، ح 1 بتفاوت.
5- التهذيب 4، 50 -باب الدعاء عند طلوع الهلال، ح 2.

هُدیً لِلنّاسِ و بَیِّناتٍ مِنَ الهُدی وَ الفُرقانِ. اللّهُمَّ أعِنّا عَلی صِیامِهِ، اللّهُمَّ تَقَبَّلهُ مِنّا، و سَلِّمنا فيهِ و تَسَلَّمهُ مِنّا في یُسرٍ مِنکَ و عافِیَةٍ، إنَّکَ عَلی کُلِّ شَیءٍ قَدیرٌ، یا أرحَمَ الرّاحِمینَ.

7- عليُّ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن إبراهيم، عن محمد بن مسلم؛ و الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير قال: كان أبو الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يدعو بهذا الدُّعاء في شهر رمضان اللّهمَّ إنّي بك (1) [أتوسّل]، و منك أطلب حاجتي مَن طلب حاجة إلى الناس فإنّي لا أطلب حاجتي إلّا منك وحدك لا شريك لك ، و أسألك بفضلك و رضوانك (2)، أن تصلّي على محمد و [على] أهل بيته، و أن تجعل لي في عامي هذا إلى بيتك الحرام سبيلاً، حِجّة مبرورةً مُتَقَبّلة زاكية (3) خالصة لك، تقرُّ بها عيني، و ترفع بها درجتي، و ترزقني أن أغضَّ بصري، و أن أحفظ فَرْجي، و أن أكفَّ بها عن جمیع محارمك، حتّى لا يكون شيء أثرَ عندي من طاعتك و خشيتك و العمل بما أحببت و التّرك لما كرهت و نهيتَ عنه، و اجعل ذلك في يسر و يسار (4) و عافية [و أَوْزِعني (5) شكر ما أنعمت به عليَّ]، و أسألك أن تجعل وفاتي قتلاً في سبيلك (6) تحت راية نبيّك مع أوليائك، و أسألك أن تقتل بي أعدائك و أعداء رسولك، و أسألك، أن تكرمني بَهوان من شئت من خلقك، و لا تُهِنّي بكرامة أحد من أوليائك (7) اللّهمَّ اجعل لي مع الرّسول سبيلا، حسبي الله ما شاء الله (8)

8- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن جعفر بن محمد، عن عليِّ بن أسباط، عن عبد الرَّحمن بن بشير، عن بعض رجاله، أن عليَّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يدعو بهذا الدُّعاء [في كل يوم من شهر رمضان]: اللّهمَّ إنَّ هذا شهر رمضان، و هذا شهر الصّيام، و هذا شهر الإنابة (9)، و هذا شهر التوبة (10)، و هذا شهر المغفرة و الرَّحمة، و هذا شهر العتق من النّار و الفوز

ص: 73


1- أي بعونك و توفيقك.
2- أي بسببهما، و يحتمل القَسَم.بهما.
3- زاكية: أي طاهرة من آفات الأعمال، أو نامية في درجات الكمال.
4- ضد الإعسار و الفقر، أو هو تأكيد لليسر.
5- أي الهمني و وفقني.
6- ﴿فإن قلت: مع علمه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعدم وقوع ذلك كيف يطلبه؟. قلتُ: لا ينافي العلم بالوقوع و اللاّوقوع الدعاء فإنها عبادة أُمروا بها، و لو كانوا مأمورين بالعمل بمقتضى هذا العلم لزم أن يسقط عنهم أكثر التكاليف الشرعية كالتقية و الاحتراس من الأعداء و غير ذلك، مع أنه على القول بالبداء كان ذلك محتملاً﴾ مرآة المجلسي 225/16.
7- الإكرام و الإهانة: ﴿إما في الدنيا، أو في الآخرة، أو الأعم منهما أظهر، أي تجعلني ضداً لأعدائك و تكرمني في الدنيا و الآخرة بإهانتهم، و لا تجعلني ضداً لأوليائك فتكون كرامتهم سبباً لإهانتي﴾ مرآة المجلسي 225/16.
8- و الحديث بسنديه مجهول.
9- الإنابة: العودة إلى الله.
10- إنما كان شهر رمضان شهر التوبة، لأنه شهر من المفروض في الإنسان أن يكون أقرب إلى الله و أكثر إخلاصاً و توجهاً و صفاءاً، أو إن أبواب السماء فيه مفتَّحة فيكون قبول التوبة فيه أسهل منه في غيره من الشهور.

بالجنّة، اللّهمَّ فسلّمه لي و تسلّمه منّي و أعِنِّي عليه بأفضل عَوْنك، و وفّقني فيه لطاعتك، و فرِّغني فيه لعبادتك و دعائك و تلاوة كتابك، و أَعْظِمْ لي فيه البَرَكة و أحسن لي فيه العاقبة، و أصحَّ لي فيه بدني، و أوسِعْ فيه رزقي و اكفني فيه ما أهمّني، و استجب لي فيه دعائي، و بلّغني فيه رجائي.

اللّهمَّ اذهب عنّي فيه النّعاس و الكسل و السّامة (1) و الفترة (2) و القسوة و الغفلة و الغرَّة (3)، اللّهمَّ جنّبني فيه العلل و الأسقام و الهموم و الأحزان، و الأعراض و الأمراض، و الخطايا و الذُّنوب، و اصرف عنّي فيه السّوء و الفحشاء، و الجهد(4) و البلاء، و التّعب و العناء، إنّك سميع

الدُّعاء.

اللّهمَّ أعذني فيه من الشّيطان الرّجيم، و هَمَّزه (5) و لَمّزِه (6) و نَفثه (7) و نَفْخه (8) و وسواسه و كيده و مكره و حِيَلَه و أمانيّه (9) و خدعه و غروره و فتنته و رَجِلِه (10) و شَركه و أعوانه و أتباعه و أخدانه (11) و أشياعه و أوليائه و شركائه و جميع كيدهم.

اللّهمَّ ارزقني فيه تمام صيامه، و بلوغ الأمل في قيامه، و استكمال ما يرضيك فيه صبراً و إيماناً و يقيناً و احتساباً، ثمَّ تقبّل ذلك منّا بالأضعاف الكثيرة و الأجر العظيم.

اللّهمَّ ارزقني فيه الجدَّ و الاجتهاد، و القوَّة و النّشاط و الإنابة و التّوبة و الرَّغبة و الرَّهبة و الجزع و الرِّقة، و صدق اللّسان، و الوجلَ منك و الرَّجاءَ لك و التوكّلَ عليك و الثقةَ بك و الورعَ عن محارمك، بصالح القول و مقبول السّعي و مرفوع العمل و مستجاب الدُّعاء، و لا تَحُل بيني و بين شيء من ذلك بعَرَض و لا مرض و لا هم [و لا غمّ] برحمتك يا أرحم الرَّاحمين(12)

ص: 74


1- السامّة: السامة و الملل و الضجر.
2- الفترة: الفتور و الضعف و الاستكانة.
3- الغرّة: الغفلة، أو الاغترار بالدنيا، أو العجب بالعمل.
4- الجهد: -بالضم -الطاقة، و بالفتح: المشقة.
5- الهمز النخس و الدفع.
6- اللمز: الغمز و العيب.
7- النفْث: قيل بأنه الشِعر.
8- النفخ: الكِبْر، لأن النفخ من شؤون المتعاظم المتكبر، حيث ديدنه أن يجمع نَفَسَه ثم ينفخه.
9- الأمانيّ: جمع أمنيّة، و هي الكذبة و اختلاق ما لا أساس له.
10- الرَّجِل الراجل، مقابل الفارس.
11- اخدان جمع خِذْن: و هو الصديق يكون معك ظاهراً أو باطناً في كل أمر.
12- الفقيه 2، 30 -باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان، ح 2 بتفاوت. التهذيب 3 ، 5 -باب الدعاء بين الركعات، من توابع الحديث رقم 38، و أدرجه من دون ذكر صاحبه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) تحت عنوان: وادْعُ في كل يوم من شهر رمضان بهذا الدعاء، و فيه تفاوت.

9- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن إبراهيم النّوفليِّ، عن الحسين بن المختار رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿إذَا رَأيْتَ الهِلَالَ فَلَا تَبْرحْ و قِلِ: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ خَيْر هَذَا الشَّهْرِ، و فَتْحَهُ، و نُورَهُ، و نَصْره و بَرَكَتَهُ، و طَهُورَهُ و رِزْقَهُ، و أسألُكَ خَيْر مَا فِيهِ و خَيْر مَا بَعْدَهُ و أعُوذُ بِكَ مِنْ شَّرِ مَا فِيهِ و شَّر مَا بَعدَهُ، اللَّهمَّ أدْخِلْهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ و الإيمَان، و السَّلَامَةِ و الإسْلَامِ، و البَركَةِ و التَّوفِيقِ لِما تُحبُّ و تَرْضَی﴾ (1)

49- باب الأهِلّة و الشهادة عليها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: إِنَّهُ سُئِلَ عَنِ اَلْأَهِلَّةِ؟ فَقَالَ: هِیَ أَهِلَّةُ اَلشُّهُورِ، فَإِذَا رَأَیْتَ اَلْهِلاَلِ فَصُمْ، وَ إِذَا رَأَیْتَهُ فَأَفْطِرْ.

2- حمّاد (2)، عن الحلبيّ (3)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليٌّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا أُجيز في الهلال إلّا شهادة رَجُلَين عَدْلَيْن (4)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: لا تجوز شهادة النّساء في الهلال.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن ابی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿لا تجوز شهادة النّساء في الهلال، و لا تجوز إلّا

ص: 75


1- التهذيب 4، 50 -باب الدعاء عند طلوع الهلال، ح 3. الفقيه 2، 29 -باب القول عند رؤية هلال شهر رمضان، ح 1. و قوله: فلا تبرح: أي فلا تترك مكانك و لا تزايله، و قوله: إذا رأيت الهلال ... مطلق ينطبق على من رآه لأول مرة حتى و لو كان في الليلة الثانية و خاصة إن كثيراً من الناس قد لا يوفقون لرؤيته في الليلة الأولى، و عليه فيمكن القول بأن هذا الدعاء مسنون حتى لليلة الثانية أو بعدها ممن لم تَتَسَنَّ له رؤيته عند تولّده و طلوعه.
2- هو ابن عثمان.
3- هو عبيد الله بن علي الحلبيّ.
4- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول شهر رمضان و آخره و ... ، ح 71. و لا ذكر فيه لأمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 35 -باب الصوم للرؤية و ... ، ح 5. هذا، و قبول شهادة شاهدين عادلين برؤية الهلال هو القول الأظهر عند فقهائنا: قال المحقق في الشرائع 199/1-200 ﴿و من لم يره لا يجب عليه الصوم إلا أن يمضي من شعبان ثلاثون يوماً، أو يرى رؤية شائعة فإن لم يتفق ذلك و شهد شاهدان قيل: لا تقبل، وقيل: تقبل مع العلة وقيل تقبل مطلقاً و هو الأظهر سواء كانا من البلد أو خارجه﴾ و المراد بقوله مطلقاً، أي سواء كانت في السماء علة أم لا بأن كان الأفق صحواً و صافياً.

شهادة رجلين عدلين﴾(1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن الفضل بن عثمان (2) قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لَیْسَ عَلَی أَهْلِ اَلْقِبْلَةِ إِلاَّ اَلرُّؤْیَةُ، لَیْسَ عَلَی اَلْمُسْلِمِینَ إِلاَّ اَلرُّؤْیَةُ (3)

6- أحمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزَّاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا رأيتم الهلال فصوموا، و إذا رأيتموه فأفطروا، و ليس بالرَّأي و لا بالتظَنّي، و ليس الرُّؤية أن يقوم عشرة نفر فيقول واحد: هوذا، و ينظر تسعة فلا يرونه، لكن إذا رآه واحد رآه ألف(4)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد؛ و محمد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن عبد الله بن الحسين، عن الصّلت الخزّاز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:إِذَا غَابَ اَلْهِلاَلُ قَبْلَ اَلشَّفَقِ فَهُوَ لِلَیْلَتِهِ وَ إِذَا غَابَ بَعْدَ اَلشَّفَقِ فَهُوَ لِلَیْلَتَیْنِ(5)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حمزة أبي يَعلى (6)، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد، رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا صحَّ هلال شهر رجب، فعُدّ تسعة و خمسين يوماً، و صُمْ يوم الستّين (7)

9- أحمد بن محمد، عن بكر؛ و محمد بن أبي صهبان، عن حفص، عن عمر [و] بن سالم؛ و محمد بن زياد بن عيسى، عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): عدَّ شعبان تسعة و عشرين يوماً، فإن كانت مُتَغَيّمة فأَصْبحْ صائماً، فإن كانت صاحية و تبصّرتَهُ و لم تر

ص: 76


1- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول شهر رمضان و آخره و ... ، ح 70 بتفاوت. الفقيه 2، 35 -باب الصوم للرؤية و ...، ح 7 بتفاوت . و جاء في سند التهذيب زيادة عبيد الله بن علي الحلبي بعد حماد بن عثمان.
2- في سند التهذيب: عن الفضل بن عثمان.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 14، الاستبصار 2، 33 -باب علامة أول يوم من شهر رمضان، ح 11. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. بزيادة في آخره. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5 بزيادة في آخره، الفقيه 2، نفس الباب، ح ا بتفاوت. و التظني: التعويل على الظن.
5- انظر رقم 12 من هذا الباب.
6- في التهذيب و غيره حمزة بن يعلى.
7- التهذيب 4، 42 -باب فضل صيام يوم الشك و ...، ح 1. الاستبصار 2، 36 -باب ذكر جمل من الأخبار يتعلق بها أصحاب العدد، ح 3 . الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. و قد حمل الشيخ في التهذيب قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) صم يوم الستين، على أنه يصومه من شعبان احتياطاً.

شيئاً فأَصْبحْ مُفطراً (1)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِذَا رَأَوُا اَلْهِلاَلَ قَبْلَ اَلزَّوَالِ، فَهُوَ لِلَیْلَتِهِ اَلْمَاضِیَةِ، وَ إِذَا رَأَوْهُ بَعْدَ اَلزَّوَالِ، فَهُوَ لِلَیْلَتِهِ اَلْمُسْتَقْبَلَةِ.(2)

11- أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن مرازم، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِذَا تَطَوَّقَ اَلْهِلاَلُ فَهُوَ لِلَیْلَتَیْنِ، وَ إِذَا رَأَیْتَ ظِلَّ رَأْسِکَ [فِیهِ] فَهُوَ لِثَلاَثِ لَیَالٍ. (3)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إسماعيل بن الحرِّ، عن أبي

ص: 77


1- التهذيب 4، 41 -باب علامة اول شهر رمضان و ... ، ح 19، و كرره برقم 2 من الباب 42 من نفس الجزء و في سنده في الموضعين، محمد بن بكر، بدل: بكر. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و في سنده: عن حفص بن عمر بن سالم، و كذا عن محمد بن بكر. هذا و يثبت هلال شهري رمضان و شوال عندنا بعدة أمور يرجع بعضها إلى العلم الذي هو حجة في نفسه و هي الرؤية، التواتر، الشياع المفيد للعلم، -و يثبت أيضاً بالبيئة الشرعية و هي شهادة رجلين عادلين برؤيته بشرط تطابق شهادتهما، و لا يثبت بشهادة النساء إجماعاً عندنا و لا بشهادة عدل واحد في المشهور، و إن ذهب سلّار إلى كفايته في الصوم دون الإفطار اعتماداً على رواية مطرّحة لمخالفتها الإجماع المذكور آنفاً. و هنالك قولِ لم يعرف قائله ذكره صاحب الشرائع و هو عدم قبول شهادة الشاهدين، و قول ذكره أيضاً و لم يعرف قائله و هو اشتراط قبول شهادتهما بوجود علة ثم قال: ﴿وقيل: تقبل مطلقاً و هو الأظهر، سواء كانا من البلد أو خارجه، و إذا رؤي في البلاد المتقاربة كالكوفة و بغداد وجب الصوم على ساكنيهما أجمع دون المتباعدة كالعراق و خراسان بل يلزم حيث رؤي﴾ و معنى ذلك هو اشتراط وحدة الأفق بين القطرين ليحكم بوجوب الصوم و الإفطار إذا رؤي في قطر من الأقطار بالنسبة لأهل الأقطار الأخرى. و لا بأس بالتنبيه أخيراً أن صاحب الحدائق رحمه الله نسب إلى ظاهر الأصحاب ثبوت الهلال بحكم الحاكم أيضاً.
2- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول يوم من شهر رمضان و ... ، ح 60. الاستبصار 2، 34 -باب حكم الهلال إذا رؤي قبل الزوال أو بعده، ح 5. و فيهما: فهو لليلة ... ، في الموضعين. هذا و المشهور عندنا شهرة عظيمة يمكن تحصيل الإجماع عليها كما يقول صاحب الجواهر، بل نسبه العلامة في التذكرة إلى علمائنا أجمع عدم العبرة برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال للحكم بكون ذلك اليوم أول الشهر. و قد أعرض المشهور عن هذه النصوص المتضمنة لمثل ذلك، و لم يعمل بمضمونها -على ما حكي -إلا السيد المرتضى في شرح المسائل الناصرية من بين كتبه كلها، و كذلك بعض متأخري المتأخرين كالفيض الكاشني في الوافي و المفاتيح و غيره.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 67 بدون كلمة: ليال، في ذيله. الاستبصار 2، 35 -باب حكم الهلال إذا غاب قبل الشفق أو بعده، ح 2. الفقيه 2، 35 -باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية، ح 11. و المشهور عند أصحابنا عدم الاعتبار بذلك أبداً إلا ابن بابويه حيث ذهب إلى العمل به حيث في محكي المقنع: ﴿و اعلم أن الهلال إذا غاب قبل الشفق فهو لليلة و إن غاب بعد الشفق فهو لليلتين و إن رئي فيه ظل الرأس فهو لثلاث ليال﴾ و لعله الرواية إسماعيل بن الحر التالية التي هجرها الأصحاب و كذلك لرواية ابن مرازم هذه عن أبيه.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:إِذَا غَابَ اَلْهِلاَلُ قَبْلَ اَلشَّفَقِ فَهُوَ لِلَیْلَتِهِ، وَ إِذَا غَابَ بَعْدَ اَلشَّفَقِ فَهُوَ لِلَیْلَتَیْنِ (1)

50- باب نادر

1- عليُّ بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن ابن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: شهر رمضان ثلاثون يوماً لا ينقص أبداً (2)

و عنه عن الحسن بن الحسين، عن ابن سنان، عن حذيفة مثله.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن الله تبارك و تعالى خلق الدُّنيا في ستّة أيّام، ثمَّ اختزلها (3) عن أيّام السّنة، و السّنة ثلاث مائة و أربع و خمسون يوماً، شعبان لا يتمُّ أبداً و رمضان لا ينقص و الله أبداً، و لا تكون فريضة ناقصة، إن الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ لِتُکْمِلُوا الْعِدَّةَ﴾ (4)، و شوَّال تسعة و عشرون یوماً ، و ذو القعدة ثلاثون يوماً لقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ وَاعَدْنَا مُوسَی ثَلاَثِینَ لَیْلَةً وَ أتْمَمْنَاهَا بِعَشْر فَتَمَّ مِیقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً﴾ (5)، و ذو الحجّة تسعة و عشرون يوماً، و المحرَّم ثلاثون يوماً، ثمَّ الشهور بعد ذلك شهرٌ تامٌ و شهرٌ ناقص (6)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: شهر رمضان ثلاثون يوماً لا ينقص و اللهِ أبداً(7)

ص: 78


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 66. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1 و فيه: لليلة. الفقيه 2، نفس الباب، ح 10.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 51. الاستبصار 2، 33 -باب علامة أول يوم من شهر رمضان، ح 15. الفقيه 2، 58 -باب النوادر، ح 2. و الحديث بسنديه ضعيف. و مع ذلك، فقد صرح الشيخ الصدوق عليه الرحمة بلزوم العمل بهذه الأخبار و ما شابهها قائلاً: ومن خالف هذه الأخبار و ذهب إلى الأخبار الموافقة للعامة في ضدها اتُّقي كما يُتقى العامة، و لا يُكَلَّم إلا بالتقية كائناً من كان ... الخ؟!.
3- الاختزال: الاقتطاع.
4- البقرة/ 185.
5- الأعراف/ 142.
6- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول شهر رمضان و آخره و ... ، ح 57. الاستبصار 2، 33 -باب علامة أول يوم من شهر رمضان، ح 20.
7- التهذيب 4. نفس الباب، ح 51. الاستبصار 2، نفس الباب، 15. الفقيه 2، 58 -باب النوادر، ح 2. هذا، و كل أحاديث هذا الباب ضعيفة على المشهور فتأمل.

51- باب

1- عليُّ بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن عيسى [بن عبيد]، عن إبراهيم بن محمد المدنيّ، عن عمران الزَّعفرانيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ السَّمَاءَ تُطْبِقُ عَلَيْنَا (1) بِالْعِرَاقِ [الْيَوْمَ] وَ الْيَوْمَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ، فَأَيَّ يَوْمٍ نَصُومُ؟ قَالَ: اُنْظُرِ الْيَوْمَ الَّذِي صُمْتَ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَ صُمْ يَوْمَ الْخَامِسِ.(2)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن عثمان الخدريّ، عن بعض مشايخه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صُمْ فِی اَلْعَامِ اَلْمُسْتَقْبِلِ یَوْمَ اَلْخَامِسَ مِنْ یَوْمٍ صُمْتَ فِیهِ عَامَ أَوَّلَ (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن السيّاريِّ قال: كتب محمد بن الفرج إلى العسكريِّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يسأله عمّا روي من الحساب في الصوم عن آبائك في عدِّ خمسة أيّام بين أوَّل السنّة الماضية و السنّة الثانية الّتي تأتي؟ فكتب: صحيح، و لكن عُدَّ في كلِّ أربع سنين خمساً، و في السنة الخامسة ستّاً فيما بين الأولى و الحادث، و ما سوى ذلك فإنّما هو خمسة خمسة؛ قال السيّاريِّ: و هذه من جهة الكبيسة (4)، قال: و قد حسبه أصحابنا فوجدوه صحيحاً،

ص: 79


1- التطبيق- هنا-: تغطية السحاب للجو.
2- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول يوم من شهر رمضان و آخره و ...، ح 68 و في سنده: المزني، بدل: المدني. الاستبصار 2، 33 -باب ذكر جمل من الأخبار يتعلق بها أصحاب العدد، ح 1 و ليس فيه كلمة: اليوم. و الحديث مرسل مجهول. هذا، و لا يخفى أن كل ما تقدم في هذا الموضوع من الروايات و ما سيأتي بَعْدُ يندرج تحت عنوان العدد الذي يتمسك به العَدَدِيّون في هذا المجال، فما هو العدد؟ العَدَد: فسّره الشهيد الأول في الدروس بعدّ شعبان ناقصاً دائماً و رمضان تاماً أبداً. و يطلق العدد علي عدّ خمسة من هلال الماضي و جعل الخامس أول الحاضر، و يطلق أيضاً على عدّ شهر تاماً و آخر ناقصاً مطلقاً ، و على عد تسعة و خمسين يوماً من هلال رجب، كما يطلق على عدّ كل شهر ثلاثين. قال الشهيد الثاني رحمه الله: ﴿و الكل لا عبرة به، نعم اعتبره بالمعنى الثاني جماعة منهم المصنف في الدروس مع غمّة الشهور كلها مقيّداً بعدّ ستّة في الكبيسة و هو موافق للعادة و به روايات و لا بأس به، أما لوغمّ شهر و شهران خاصة فعدّ هما ثلاثين أقوى، و فيما زاد نظر: من تعارض الأصل و الظاهر، (و هو النقصان)، و ظاهر الأصول ترجيح الأصل﴾ و الأصل هو عدم النقصان بلحاظ استصحاب الشهر، أو عدم ظهور الهلال، و استصحاب خفائه في آخر الشهر.
3- الحديث مرسل مجهول. و قد حمله الشيخ في التهذيبين على ما إذا كانت السماء متغيّمة، و حينئذ يصوم الإنسان اليوم الخامس من صيام يوم السنة الماضية على أنه من شعبان إن لم يكن صح عنده نقصانه احتياطاً، فإن اتفق أنه يكون من شهر رمضان أجزأ عنه و إلا يكون تطوعاً، و يجري هذا مجرى صيام يوم الشك، إذ ليس في ظاهر الخبر أنه يصوم الخامس على أنه من شهر رمضان.
4- أي السنة الكبيسة، و هي التي تزيد يوماً، هو عبارة عن الآنات المجتمعة من الكسور قيل: بأنه هذا يكون أحد عشر يوماً في كل ثلاثين سنة.

قال: و كتب إليه محمد بن الفرج في سنة ثمان و ثلاثين و مائتين: هذا الحساب لا يتهيأ لكلِّ إنسان [أن] يعمل عليه، إنّما هذا لمن يعرف السنين، و من يعلم متى كانت السنة الكبيسة، ثمَّ يصحّ له هلال شهر رمضان أوَّل ليلة، فإذا صحَّ الهلال لليلته و عرف السنين صحَّ له ذلك إن شاء الله (1)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن إبراهيم الاحول، عن عمران الزَّعفراني قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا نمكث في الشتاء اليوم و اليومين لا تُرى شمسٌ و لا نجمٌ، فأيٌ يوم نصوم؟ قال: انظر اليوم الّذي صمتَ من السنة الماضية و عدَّ خمسة أيّام، و صم اليوم الخامس(2)

52- باب اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان هو أوْ مِنْ شعبان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن حمزة بن يعلى ، عن زكريّا بن آدم، عن الكاهليِّ (3) قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن اليوم الّذي يشكُّ فيه من شعبان؟ قال: لأَنْ أصوم يوماً من شعبان، أحبُّ إليَّ من أن أفطر يوماً من شهر رمضان (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سماعة قال: سألته عن اليوم الّذي يَشُكٌ فيه من شهر رمضان، لا يُدْرى أهو من شعبان أو من رمضان، فصامه فكان من شهر رمضان؟ قال: هو يومُ وفّق له و لا قضاء عليه(5)

ص: 80


1- الحديث ضعيف. و يقول الشهيد في الدروس: و لا عبرة بعدّ خمسة أيام من الماضية و ستة في الكبيسة، إلا أن يغمّ الشهور كلها.
2- التهذيب 4، 41 -باب علامة أول شهر رمضان و آخره و ...، ح 69 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، 36- باب ذكر جمل من الأخبار يتعلق بها أصحاب العدد، ح 2 بتفاوت يسير. و روى بمعناه في الفقيه 2، 35- باب الصوم للرؤية و ...، ح 12 و رواه مرسلاً. هذا و الحديث ضعيف.
3- و اسمه عبد الله بن يحيى، و قد يقال لأخيه إسحاق أيضاً.
4- التهذيب 4، 42- باب فضل صيام يوم الشك و ...، ح 6. الاستبصار 2، 37- باب صيام يوم الشك، ح 4. الفقيه 2، 36- باب صوم يوم الشك، ح 1 و فيه: سئل أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أفطر يوماً من شهر رمضان: أي يوماً يكون في الواقع و نفس الأمر من شهر رمضان، و إن كان جهلنا به معذّراً لنا و لم يكن منجزاً في حقنا صومه.
5- التهذيب 4، 42- باب فضل صيام يوم الشك و ...، ح 4. الاستبصار 2، 37- باب يوم صيام الشك، ح 2. و فيهما: فصامه من شهر رمضان. هذا، و مما لا خلاف فيه بين أصحابنا رضوان الله عليهم عدم جواز صوم يوم الشك على أنه من شهر رمضان، بل هو من المحظورات. يقول المحقق في الشرائع و هو بصدد بيان الصوم المحظور: ﴿و المحظورات تسعة: صوم العيدين، و أيام التشريق لمن كان بمنى على الأشهر، و صوم يوم الثلاثين من شعبان بنية الفرض ...﴾.

3- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يصوم اليوم الّذي يشكُّ فيه من شهر رمضان، فيكون كذلك؟ فقال: هو شيء وُفّق له (1)

4- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي الصهبان (2)، عن عليِّ بن الحسين بن رباط، عن سعيد الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي صمت اليوم الّذي يُشكّ فيه، فكان من شهر رمضان أَفَأَقضيه؟ قال: لا، هو يوم وُفّقت له (3)

5- أحمد بن محمد، عن ابن أبي الصهبان، عن محمد بن بكر بن جناح، عن عليِّ بن شجرة، عن بشير النّبال، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن صوم يوم الشكّ؟ فقال: صُمْه، فإن يَكُ من شعبان كان تطوُّعاً، و إن يكُ من شهر رمضان، فيوم وُفّقت له(4)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ صام يوماً و لا يدري أمِنْ شهر رمضان هو أوْ مِن غيره، فجاء قوم فشهدوا أنّه كان من شهر رمضان، فقال بعض الناس عندنا: لا يعتدُّ به؟ فقال: بلى، فقلت: إنّهم قالوا صمتَ و أنت لا تدري أمِنْ شهر رمضان هذا أم من غيره؟ فقال: بلى، فاعتدَّ به، فإنّما هو شيء وفّقك الله له، إنّما يصام يوم الشكِّ من شعبان، و لا يصومه من شهر رمضان، لأنّه قد نهى أن ينفرد الإنسان بالصّيام (5) في يوم الشكِّ، و إنّما ينوي من اللّيلة أنّه يصوم من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزء عنه بتفضّل الله تعالى، و بما قد وسّع على عباده، و لو لا ذلك لهلَكَ الناس (6)

7- سهل بن زياد (7) عن عليِّ بن الحكم، عن رفاعة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 81


1- هذا الخبر موافق لسابقه، و هو حسن.
2- أبو الصهبان؛ كنية عبد الجبّار.
3- الحديث صحيح. و ما تضمنه هذا الحديث كسوا بقه من أنه يوم وفّق لصيامه إذا بان أنه من شهر رمضان فهو مجزٍ بالإجماع إذا صامه لا بنية شهر رمضان بل بنية القضاء أو القربة المطلقة، و أنه لا قضاء عليه.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، 36- باب صوم يوم الشك، ح 3.
5- معنى إنفراد الإنسان بصيام يوم الشك صيامه له بنية شهر رمضان من دون أن يثبت بطريق شرعي أنه منه و من الواضح أن الناس لا يصومون مثل هذا اليوم على أنه من شهر رمضان فإذا صامه كذلك يكون منفرداً بصيامه بهذه الصفة.
6- الاستبصار 2، نفس الباب، ح7. التهذيب 4، نفس الباب، ح 9.
7- رواية الكليني بقون العدة عن سهل بن زيد و غير معهود، و لعلها (أي عن عدة من أصحابنا) سقطت منب النساخ أو سهواً من قلمه الشريف.

قال: دخلت على أبي العبّاس (1)بالحيرة فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في الصيّام اليوم؟ فقلت: ذاك إلى الإمام، إن صمتَ صُمنا، و إن أفطرتَ أفطرنا، فقال: يا غلام، عليَّ بالمائدة، فأكلت معه و أنا أعلم و الله إنّه يوم من شهر رمضان، فكان إفطاري يوماً، و قضاؤه أيسر عليَّ من أن يُضْرَبَ عُنُقي و لا يُعبد الله (2)

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبيس بن هشام، عن الخضر بن عبد الملك، عن محمد بن حكيم قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن اليوم الّذي يُشَكُّ فيه، فإن الناس يزعمون أنَّ من صامه بمنزلة من أفطر يوماً في شهر رمضان؟ فقال: كَذَّبوا، إن كان من شهر رمضان فهو يوم وُفّق له، و إن كان من غيره فهو بمنزلة ما مضى من الأيّام(3)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أيّوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر، عن داود بن الحصين، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال- و هو بالحيرة في زمان أبي العباس-: إنّي دخلت عليه- و قد شكٍّ الناس في الصوم- و هو و الله من شهر رمضان، فسلّمت عليه، فقال: يا أبا عبد الله، أصمتَ اليوم؟ فقلت: لا، و المائدة بين يديه، قال: فادْنُ فكُلْ، قال: فدنوتُ فأكلت، قال: و قلت: الصومُ معك و الفطرُ معك، فقال الرجل لأبي عبد الله: (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) تفطر يوماً من شهر رمضان؟ فقال: إي و الله إن أفطر يوماً من شهر رمضان أحبُّ إليَّ من أن يُضْرَبَ عُنُقي (4)

53- باب وجوه الصوم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهريّ، عن سليمان بن داوود، عن سفيان بن عُيَيْنة، عن الزهريِّ (5)، عن عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال لي يوماً: يا

ص: 82


1- هو السفاح أول ملوك العباسيّين.
2- الحديث ضعيف. و إنما فعل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ذلك تقية، لأنه كان سيقتله. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و لا يُعبد الله: ﴿أي يكون قتلي سبباً لأن يترك الناس عبادة الله، فإن العبادة إنما تكون بالإمام و ولايته و متابعته﴾ مرآة المجلسي 16 / 240.
3- التهذيب 4، 42- باب فضل صيام يوم الشك و ...، ح 3، الاستبصار 2، 37- باب صيام يوم الشك، ح 1. و في سنده: عيسى بن هشام، بدل: عبيس و الظاهر صحة ما في التهذيب و الفروع، لأن الوارد فيهما موافق لما في الوافي للفيض، حيث ورد فيه عن التهذيب و الاستبصار: عبيس بن هشام. لا عيسى.
4- الحديث مرسل. و الظاهر أن الحادثة هي نفسها التي مرت قبل قليل في الحديث رقم 7 من الباب.
5- الزُّهري: -كما في الكنى و الألقاب للقمي 301/2: هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن الحرث بن شهاب بن زهرة بن كلاب، الفقيه المدني التابعي المعروف، و قد ذكره علماء الجمهور و أثنوا عليه ثناءٌ بليغاً، قيل إنه قد حفظ علم الفقهاء السبعة و لقى عشرة من الصحابة ... الخ.

زهريّ، من أين جئتَ؟ فقلت: من المسجد، قال: فيم كنتم؟ قلت: تَذاكَرْنا أمر الصوم، فاجتمع رأيي و رأي أصحابي على أنّه ليس من الصوم شيء واجب إلّا صوم شهر رمضان، فقال: يا زُهريّ، ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجهاً، فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، و عشرة أوجه منها صيامهنَّ حَرام، و أربعة عشر منها صاحبها بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الإباحة، وصوم السفر، و المرض.

قلت: جُعِلْتُ فِداك، فَسِّرهنَّ لي.

قال:

أمّا الواجبة: فصيام شهر رمضان، و صيام شهرين متتابعين في كفّارة الظهار، لقول الله تعالى: ﴿وَ اَلَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا﴾ -إلى قوله-: ﴿فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیامُ شَهْرَیْنِ مُتَتابِعَیْنِ﴾ (1)، وصيام شهرين متتابعين فيمن أفطر يوماً من شهر رمضان وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق، واجب لقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِیرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة وَ دِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَی أهْلِهِ﴾ (2) -إلى قوله عزَّ و جلَّ-: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَ كَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (3)، وصوم ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين واجب، قال الله عزُّ و جلَّ: ﴿فَصِیَامُ ثَلاثَةِ أیَّام ذَلِکَ کَفَّارَةُ أیْمَانِکُمْ إذَا حَلَفْتُمْ﴾ (4)، هذا لمن لا يجد الاطعام،كلُّ ذلك متتابع و ليس بمتفرق؛ وصيام أذى حلق الرَّأس

ص: 83


1- المجادلة/3 و 4. و الظّهار: قال الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة: ﴿و هو فعال، من الظهر، اختص به الاشتقاق لأنه محل الركوب في المركوب، و المراد به هنا تشبيه المكلف من يملك نكاحها بظهر محرّمة عليه أبداً بنسب أو رضاع، قيل: أو مصاهرة، و هو محرم و إن ترتبت عليه الأحكام لقوله تعالى: و إنهم ليقولون منكراً من القول و زوراً، لكن قيل إنه لا عقاب عليه فيه لتعقبه بالعفو، و يضعّف ... الخ. و قال الشهيد الأول في اللمعة: و صيغته: هي عليَّ كظهر أمي أو أختي أو ابنتي و لو من الرضاع ... الخ.
2- النساء/92. و القتل على ثلاثة أقسام: عمد و يتحقق بقصد البالغ العاقل إلى القتل بما يقتل غالباً. و هو قد يحصل بالمباشرة و قد يحصل بالتسبيب. و شبيه العمد: -كما في الشرائع- مثل أن يُضربَ للتأديب فيموت. و خطأ محض: مثل أن يرمي طائراً فيصيب إنساناً. و ضابط العمد أن يكون عامداً في فعله و قصده. و شبيه العمد: أن يكون عامداً في فعله مخطئاً في قصده. و الخطأ المحض أن يكون مخطئاً فيهما. و دية العمد مائة بعير من مسانّ الإبل أو مائتا ،بقرة، أو مائتا حُلّة كل حلة ثوبان من برود اليمن أو ألف دينار أو ألف شاة أو عشرة آلاف درهم و تستأدى في سنة واحدة من مال الجاني مع التراضي بالدية ... و دية شبيه العمد: ثلاث و ثلاثون بنت لبون، و ثلاث و ثلاثون حقّة و أربعة و ثلاثون ثنية طروقة الفحل ... و يضمن هذه الدّية الجاني دون العاقلة. و قال المفيد (ره) تستأدى في سنتين ... و دية الخطأ المحض: عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون، و ثلاثون بنت لبون، و ثلاثون حقة ... و تستأدى في ثلاث سنين ... و هي على العاقلة، لا يضمن الجاني منها شيئاً ... الخ فراجع شرائع الإسلام للمحقق 245/4- 246، ط 1 مطبعة الآداب في النجف الأشرف 1389 ه.
3- النساء/92. و القتل على ثلاثة أقسام: عمد و يتحقق بقصد البالغ العاقل إلى القتل بما يقتل غالباً. و هو قد يحصل بالمباشرة و قد يحصل بالتسبيب. و شبيه العمد: -كما في الشرائع- مثل أن يُضربَ للتأديب فيموت. و خطأ محض: مثل أن يرمي طائراً فيصيب إنساناً. و ضابط العمد أن يكون عامداً في فعله و قصده. و شبيه العمد: أن يكون عامداً في فعله مخطئاً في قصده. و الخطأ المحض أن يكون مخطئاً فيهما. و دية العمد مائة بعير من مسانّ الإبل أو مائتا ،بقرة، أو مائتا حُلّة كل حلة ثوبان من برود اليمن أو ألف دينار أو ألف شاة أو عشرة آلاف درهم و تستأدى في سنة واحدة من مال الجاني مع التراضي بالدية ... و دية شبيه العمد: ثلاث و ثلاثون بنت لبون، و ثلاث و ثلاثون حقّة و أربعة و ثلاثون ثنية طروقة الفحل ... و يضمن هذه الدّية الجاني دون العاقلة. و قال المفيد (ره) تستأدى في سنتين ... و دية الخطأ المحض: عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون، و ثلاثون بنت لبون، و ثلاثون حقة ... و تستأدى في ثلاث سنين ... و هي على العاقلة، لا يضمن الجاني منها شيئاً ... الخ فراجع شرائع الإسلام للمحقق 245/4- 246، ط 1 مطبعة الآداب في النجف الأشرف 1389 ه.
4- المائدة/ 89.

واجب، قال الله عزّ وجلَّ: ﴿فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فيدية مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ حَالَّةً أَوْ نُسُكٍ﴾ (1)، فصاحبها فيها بالخيار، فإن صام، صام ثلاثة أيّام؛ وصوم المتعة واجبٌ لمن لم، يجد الهَدْي، قال الله عزّ وجلَّ : ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ (2)، وصوم جزاء الصيد واجب، قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً﴾ (3) أو تَدْري كيف يكون عَدْلُ ذلك صياماً يا زُهْرِيّ؟ قال: قلت: لا أدري، قال: يُقَوَّمُ الصيدُ قيمةَ [قيمة عدل]، ثمَّ تفضّ تلك القيمة على البُرِّ، ثمَّ يُكال ذلك البُرَّ أصواعاً، فيصوم لكلّ نصف صاع يوماً؛ وصوم النذر واجب، وصوم الاعتكاف واجبٌ.

و أمّا الصوم الحرام: فصوم يوم الفطر، و يوم الأضحى؛ و ثلاثة أيّام من أيّام التشريق (4)ل وصوم يوم الشكِّ، أُمرنا به و نهينا عنه، أُمرنا به أن نصومه مع صيام شعبان، و نهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الّذي يشكُّ فيه الناس.

فقلت له: جُعِلْتُ فِداك، فإن لم يكن صام من شعبان شيئاً، كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشك أنّه صائم من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزء عنه، و إن كان من شعبان لم يضرَّه، فقلت: و كيف يجزىء صوم تطوُّع عن فريضة؟ فقال: لو أنَّ رجلاً صام يوماً من شهر رمضان تطوُّعاً و هو لا يعلم أنّه من شهر رمضان، ثم علم [بعد] بذلك لأجزء عنه، لأنَّ الفرض إنما وقع علي اليوم بعَيْنه، وصوم الوصال (5) حرامٌ. وصوم الصمت (6) حرامٌ. وصوم نذر المعصية حرامٌ (7) وصوم الدَّهر حرام.

و أمّا الصوم الّذي صاحبه فيه بالخيار: فصوم يوم الجمعة و الخميس، وصوم البِيْض (8)

ص: 84


1- البقرة/ 196. و النُسُك و المناسك من نسك الرجل ينسك نسكاً إذا ذبح نسكه، و هو -هنا -إهراق الدماء.
2- البقرة/ 196. و النُسُك و المناسك من نسك الرجل ينسك نسكاً إذا ذبح نسكه، و هو -هنا -إهراق الدماء.
3- المائدة/ 95.
4- أيام التشريق: هي الثلاثة بعد العيد، يحرم صومها لمن كان بمنى ناسكاً أو غير ناسك، أو ناسكاً فقط.
5- صوم الوصال: اختلف في المراد منه بين فقهائنا، فمنهم من ذهب إلى أنه عبارة عن نية صيام يوم و ليلة إلى السحر. و منهم من قال أن معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما.
6- هو أن ينوي الصوم ساكتاً.
7- نذر المعصية: هو أن ينذر الصوم عند فعله المحرم أو تركه الواجب شكراً على ذلكُ.
8- أي صوم أيام الليالي البِيض و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر من كل شهر سمّيت بذلك لبياض لياليها أجمع بضوء القمر، هذا بحسب اللغة- كما يقول الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة - قال: و روي عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لما أُصابته الخطيئة اسودّ لونه، فالِهمَ صوم هذه الأيام فابيضّ بكل يوم ثلثه فسمّيت بِيضاً لذلك.

وصوم ستّة أيّام من شوَّال بعد شهر رمضان، وصوم يوم عرفة؟ وصوم يوم عاشوراء، فكِلُّ ذلك صاحبه فيه بالخيار، إن شاء صام و إن شاء أفطر.

و أمّا صوم الإذْن: فالمرأة لا تصوم تطوُّعاً إلّا بإذن زوجها، و العبد لا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذن مولاه، و الضيف لا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذن صاحبه، قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿من نزل على قوم فلا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذنهم﴾.

و أمّا صوم التأديب: فإن يؤخذ الصبيِّ إذا راهق (1) بالصوم تأديباً، و ليس بفَرْض، و كذلك المسافر إذا أكل من أوَّل النّهار ثمَّ قدم أهله، أُمِر بالإمساك بقيّة يومه، و ليس بفَرْض.

و أمّا صوم الإباحة: لمن أكل أو شرب ناسياً، أَوْ قاءَ من غير تعمّد، فقد أباح الله له ذلك، و أجزء عنه صومه.

و أمّا صوم السفر و المرض، فإنَّ العامّة قد اختلفت في ذلك، فقال قوم: يصوم، و قال آخرون: لا يصوم، و قال قوم: إن شاء صام و إن شاء أفطر، و أمّا نحن فنقول: يفطر في الحالين جميعاً، فإن صام في السفر، أو في حال المرض، فعليه القضاء، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول:

﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (2)، فهذا تفسير الصيام (3)

54- باب أَدَبِ الصائم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا صُمْتَ فَلَيَصُمْ سَمْعُكَ و بَصَرُك و شَعْرُك و جِلْدُكَ، و عدَّد أشياء غير هذا، و قال: لا يكون يومُ صومك كيوم فِطْرِك (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخزَّاز، عن عمرو بن شمّر، عن

ص: 85


1- أي قارب الاحتلام.
2- البقرة/ 184. فعِدّة من أيام أُخَر: أي يصوم عدد ما كان أفطر من شهر رمضان من أيام شهر آخر غير شهر رمضان.
3- روى هذا الحديث بطوله في التهذيب 4، 67- باب وجوه الصيام و شرح جميعها على البيان، ح 1. الفقيه 2، 23- باب وجوه الصوم، ح 1 بتفاوت في الجميع. و أشار إليه إشارة مع إيراد فقرة من صدره في الاستبصار 2، 74- باب تحريم صوم يوم العيدين ح 1.
4- التهذيب 4، 48- باب سنن الصيام، ح 2 و فيه: ولا يكون ... الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض صومه، ما ... ، ح 3. و يشير هذا الحديث و أمثاله إلى أن الصوم ليس هو مجرد الكف عن المفطرات المعروفة، بل الكف عن كل ما حرّم الله سبحانه، بل الكف حتى عن المكروهات في الشريعة المقدسة.

جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لجابر بن عبد الله: يا جابر، هذا شهر رمضان، من صام نهاره و قام وِرْداً (1) من ليله، وعفَّ بطنه و فَرْجَه (2)، و كفَّ لسانه (3)، خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر، فقال جابر: یا رسول الله ، ما أحسن هذا الحديث، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا جابر، و ما أشدَّ هذه الشروط (4)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائنيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده، ثمَّ قال: قالت مريم: ﴿إنّي نذرت للرحمن صوماً﴾ (5) أي صوماً صمتاً، -و في نسخة أخرى: أي صمتاً- فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم، و غضّوا أبصاركم، و لا تَنَازَعوا، و لا تَحَاسَدوا، قال: وسمع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) امرأة تسبُّ جارية لها و هي صائمة، فدعا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بطعام، فقال لها: كلي، فقالت: إنّي صائمة، فقال: كيف تكونين صائمة و قد سبّيْتِ جاريتَك، إنَّ الصوم ليس من الطعام و الشراب، قال: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا صمتَ فليَصُمْ سَمْعُك و بَصَرُك من الحرام و القبيح، ودَعْ المِراء و أذى الخادم، و ليكن عليك وقار الصيام، و لا تجعل يومَ صومك كيوم فِطْرك(6)

4- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا صام أحدكم الثلاثة الأيام من الشهر، فلا يُجَادِلُنَّ أحداً، و لا يجهلْ، و لا يسرع إلى الحلف و الأيْمان بالله، فإن جَهِلَ عليه أحد فليتحمّل (7)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿ما من عبد صالح يُشْتَم فيقول: إنّي صائم، سلام

ص: 86


1- الوِرْد: ما يواظب عليه الإنسان من عبادة أو تلاوة أو غيرهما. جمعه: أوراد.
2- أي عمّا حرم الله عليه.
3- أي منعه و حبسه عن أذى الناس و غيبتهم و الوقوع في أعراضهم.
4- التهذيب 4، 49- باب سنن شهر رمضان، ح 1. الفقيه 2، 28- باب فضل شهر رمضان و ... ، ح 6 بتفاوت.
5- مريم/ 26.
6- الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ...، ح 5 و روى صدر الحديث. و روى ذيله برقم 9 و 10 من نفس الباب بتفاوت يسير في الموضعين. و روى صدره بتفاوت يسير إلى قوله: إن الصوم ليس من الطعام و الشراب، في التهذيب 4، 48- باب سنن الصيام، ح 1. و روی ذیله برقم 3 من نفس الباب أيضاً. و المراء: الجدال بالباطل، أو مطلقاً. و الحديث مجهول.
7- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 3 و في ذيله: فليحتمل. و تحمَّله أو احتماله. كناية عن سكوته و عدم جوابه على جهل الجاهل.

عليك، لا أشتمك كما شتمتني، إلّا قال الرَّبَّ تبارك و تعالى: استجار عبدي بالصوم من شرِّ عبدي، [ف] قد أَجَرْتُهُ من النّار﴾ (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان؛ و غيره، عن ابي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يُنشَد الشِعْر بِلَيْل، و لا يُنشَدُ في شهر رمضان بِلَيْل، و لا نهار، فقال له إسماعيل: يا أبتاه، فإنّه فينا (2)؟ قال: و إن كان فينا (3)

7- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن عُبيد، عن عُبَيد بن هارون قال: حدِّثنا أبو يزيد، عن حصين، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار و الدُّعاء، فأمّا الدُّعاء فيدفع به عنكم البلاء، و أمّا الاستغفار فتمحی به ذنوبكم (4)

8- و بهذا الإسناد قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا كان شهر رمضان، لم يتكلّم إلّا بالدُّعاء و التسبيح و الاستغفار و التكبير، فإذا أفطر قال: اللّهمَّ إن شئت أن تَفْعَلَ فَعَلْتَ(5)

9- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الوشّاء، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنّ الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده، إنَّ مريم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قالت: ﴿إنّي نذرت للرحمن صوماً﴾، أي صمتاً، فاحفظوا ألسنتكم، و غُضّوا أبصاركم، و لا تحاسَدوا و لا تَنَازَعوا فإنَّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النّار الحطب(6)

ص: 87


1- الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ...، ح 8 و فيه: صائم، بدل: صالح. و المستجير بالصوم هو المشتوم من شر الشاتم له، و ذلك عندما لم يقابله بالمثل، و ما يترتب على ذلك من ضرر ديني و دنيوي.
2- أي في مدح أهل البيت و بيان فضائلهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. هذا، و إنشاد الشعر: قراءته بصوت، و قد دل الحديث على كراهة إنشاده بالليل سواء كان في شهر رمضان أو غيره مدحاً لهم و حقاً كان أو غيره. و الحديث حسن.
4- الفقيه 2، ناس الباب، ح 6. رواه مرسلاً. و الظاهر أن البلاء المدفوع إنما هو لتمام السنة، و يحتمل أنه للبلاء المقدّر في شهر رمضان، في حين أن المراد بالذنوب التي يكون الاستغفار سببا في محوها إنما هي تلك التي تكون قد تقدمت من العبد، فتكون ثابتة حتى يصدق المحو.
5- الحديث مجهول. وقوله: إن شئتَ أن تفعل فعلت: أي إن شئت أن تغفر ذنوبي، أو تتقبل عملي، أو تستجيب دعائي، أو الجميع، فَعَلْت بي جميع ذلك لأنه المناسب لسعة كرمك و رحمتك.
6- الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ...، ح 5. و رواه بسند آخر و بتفاوت في التهذيب 4، 48- باب سنن الصيام، صدر ح 1. و قد مر.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الكِذَّبِةَ تَنقُضُ الوضوء و تُفَطْر الصائم، قال: قلتُ: هَلَكْنا، قال: ليس حيث تذهب، إنّما ذلك الكَذِب على الله عزَّ و جلَّ، و على رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): و على الأئمّة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (1)

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن موسي ، عن غياث (2) عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنَّ الله كره لي ستَّ خصال، ثمَّ كرهتهنَّ للأوصياء من ولدي و أتباعهم من بعدي: الرِّفَثُ في الصوم(3)

55- باب صوم رسول الله صلى الله عليه و آله

1- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: صام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حتّى قيل: ما يفطر، ثمَّ أفطر حتّى قيل: ما يصوم، ثمَّ صام صوم داوود (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوماً و يوماً لا، ثمَّ قبض على صيام ثلاثة أيّام في الشهر، قال: إنّهنَّ يعدِلْنَ صوم الشّهر و يَذْهَبْنَ بوَحَر الصّدر و الوحر: الوسوسة- ، قال حمّاد: فقلت: و أيُّ الأيّام هي؟ قال: أوَّل خميس في الشَّهر، و أوَّل أربعاء بعد العشر منه، و آخر خميس

ص: 88


1- التهذيب 4، 54- باب ما يفسد الصيام و ما يخلّ بشرائط فرضه و ...، ح 2 و فيه: و تفطر الصيام. الفقيه 2. نفس الباب، ح 2 بتفاوت. قال في الشرائع 189/1 و هو بصدد بيان ما يجب الإمساك عنه: و عن الكذب على الله و على رسوله و على الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و هل يفسد الصوم بذلك؟ قيل: نعم، وقيل: لا، و هو الأشبه. انتهى. أقول: و كلام المحقق (رحمة الله علیه) هذا يشعر بأن مسألة وجوب الإمساك عن الكذب عليهم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مسألة مفروغ عنها، و إن فيه جهتين للتحريم، فمن جهة هو محرم في حد ذاته، و حرمة أخرى تخصه من حيث الصوم من جهة أخرى، و قد ذكر الشيخ محمد حسن في جواهره 16/ 226 إن الأولى الحاق الزهراء (عَلَیْها السَّلاَمُ) و باقي الأنبياء و الأوصياء (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لرجوع الكذب عليهم إلى الكذب على الله ....
2- هو ابن إبراهيم.
3- التهذيب 4، 48- باب سنن الصيام، ح 7، الفقيه 2،نفس الباب، ح 4 و في ذيله: منها الرفث في الصوم و الرَّفَث: الجماع و الفحش من القول، و المراد به هنا الثاني. أقول: و قد روى الشيخ الصدوق رحمه الله في الحصال، باب الستة، ص 327، ح 19 هذا الحديث بتمامه و بنفس هذا السند، و ذكر الخصال و هي: ﴿العبث في الصلاة، و الرفث في الصوم، و المنّ بعد الصدقة، و إتيان المسجد جُنُباً، و التطلّع في الدور، و الضحك بين القبور﴾ و بالنظر لكون بعض هذه الخصال التي اشتمل عليها الحديث و منها الضحك بين القبور و غيرها مما ليس من المحرمات، فلا بد من حمل الكراهة هنا على الأعم من التحريم. هذا و كان المصنف قد أورد هذا الحديث برقم 1 من الباب 18 من هذا الجزء و ذكر فيه خصلة المنّ فقط باعتبار الباب.

فيه، فقلت: كيف صارت هذه الأيّام الّتي تُصام؟ فقال: إنَّ من قَبْلَنا من الأمم، كان إذا نزل على أحدهم العذاب، نزل في هذه الأيام. فصام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) هذه الأيّام المخوفة(1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أوَّل ما بعث يصوم حتّى يقال: ما يفطر، و يفطر حتّى يقال: ما يصوم، ثمَّ ترك ذلك، وصام يوماً و أفطر يوماً، و هو صوم داوود (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ ترك ذلك وصام الثلاثة الأيّام الغرّ (2)، ثمَّ ترك ذلك و فرّقها في كلِّ عشرة أيّام يوماً، خميسين بينهما أربعاء، فقُبض عليه و آله السلام و هو يعمل ذلك.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح ، عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يصوم حتّى يقال: لا يفطر، ثمَّ صام يوماً و أفطر يوماً، ثمَّ صام الاثنين و الخميس، ثمَّ آل من ذلك إلى صيام ثلاثة أيّام في الشّهر: الخميس في أوَّل الشّهر، و أربعاء في وسط الشّهر، و خميس في آخر الشهر، و كان يقول: ذلك صوم الدَّهر، و قد كان أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: ما من أحد أبغض إليَّ من رجل يقال له: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يفعل كذا و كذا، فيقول: لا يعذِّبني الله على أن أجتهد في الصّلاة، كأنّه يرى أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ترك شيئاً من الفضل عَجْزاً عنه (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنَّ نساء النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا كان عليهنَّ صيام، أخّرن ذلك إلى شعبان، كراهة أن يمنَعْنَ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حاجته، فإذا كان شعبان، صُمْنَ، و كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يقول: شعبان شهري (4)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال:

ص: 89


1- التهذيب 4، 68- باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر و ما ...، ح 1 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 2 بتفاوت أيضاً. الاستبصار 2، 79- باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر، ح 1 بتفاوت قليل. و الحديث ضعيف على المشهور. الوَحَر: قيل معناه كما في المتن. وقيل: هو الحقد و الغيظ، وقيل: العداوة، وقيل: أشدّ الغضب. -قاله في النهاية 160/5.
2- الأيام الغُرْ: -كما في نهاية ابن الأثير- أي البيض الليالي بالقمر و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر.
3- الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 1.
4- التهذيب 4، 71- باب صيام شعبان، ح 8. و كرره برقم 28 من الباب 72 من نفس الجزء بتفاوت يسير. الفقيه 2، 27- باب ثواب صوم شعبان، ح 6 بزيادة في صدره و تفاوت يسير. و لعله رحمه الله أورده مع حذف السند و لم يخرجه مخرج الحديث بل على أنه منه قدس الله ثراه.

قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل صام أحدٌ من آبائك شعبان؟ قال: خير آبائي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) صَامَهُ(1)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل صام أحدٌ من آبائك شعبان قطّ ؟ قال: صامه خير آبائي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (2)

عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله.

فأمّا الّذي (3) جاء في صوم شعبان، أنّه سئل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عنه، فقال: ما صامه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و لا أحدٌ من آبائي. قال ذلك، لأنَّ قوماً قالوا: إنَّ صيامه فرضٌ مثل صيام شهر رمضان، و وجوبه مثل وجوب شهر رمضان، و إنَّ من أفطر يوماً منه فعليه من الكفّارة مثل ما على من أفطر يوماً من شهر رمضان. و إنّما قول العالم: (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما صامه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و لا أحد من آبائي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أي ما صاموه فرضاً واجباً، تكذيباً لقول من زعم (4) أنّه فرض، و إنّما كانوا يصومونه سُنّة، فيها فضل، و ليس على من لم يَصُمْه شيء.

7- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسن، عن أحمد بن صبيح، عن عنبسة العابد قال: قُبض النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على صوم شعبان، و رمضان، و ثلاثة أيّام في كلِّ شهر، أوَّل خميس و أوسط أربعاء(5)، و آخر خميس، و كان أبو جعفر و أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يصومان ذلك.

56- باب فضل صوم شعبان و صلته برمضان و صيام ثلاثة أيام في كل شهر

1- عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً عن ابن أبي عمير، عن سَلَمَة صاحب السابريِّ، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سمعت عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: صوم شعبان و شهر رمضان متتابعين توبةٌ من الله، و الله (6)

ص: 90


1- التهذيب 4، 71- باب صيام شعبان، ح 6.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 7.
3- هذا من كلام شيخنا الكليني طيّب الله ثراه.
4- من زعم ذلك هو أبو الخطّاب و أصحابه، كما أوضح ذلك الشيخ في التهذيب 4، في نهاية الباب 71 منه فراجع.
5- أي أول أربعاء من العشرة الثانية من الشهر.
6- التهذيب 4، 71- باب صيام شعبان، ح 1. الاستبصار 2، 80- باب صوم شعبان، ح ا بدون: و الله، في الذيل منهما الفقيه 2، 27- باب ثواب صوم شعبان، ح 3.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن عمر بن أبان، عن المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: صوم شعبان و شهر رمضان متتابعين، توبة من الله.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ بن الصلت، عن زرعة بن محمد، [عن سماعة]، و عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یَصِلُ مَا بَیْنَ شَعْبَانَ وَ رَمَضَانَ، وَ یَقُولُ: صَوْمُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ تَوْبَهٌ مِنَ اللَّهِ (1)

4- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يَصُومُ شَعْبَانَ وَ رَمَضَانَ، يَصِلُهُمَا وَ يَنْهَي النَّاسَ أَنْ يَصِلُوهُمَا، وَ كَانَ يَقُولُ: هُمَا شَهْرَا اللَّهِ، وَ هُمَا كَفَّارَةٌ لِمَا قَبْلَهُمَا وَ لِمَا بَعْدَهُمَا مِنَ الذُّنُوبِ.(2)

5- عليُّ بن محمد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في الرَّجل يصوم شعبان و شهر رمضان؟ فقال: هما الشهران اللّذان قال الله تبارك و تعالى: ﴿ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ﴾ (3)، قلت: فلا يفصل بينهما؟ قال: إذا أفطر من اللّيل فهو فَصْلٌ، و إنّما قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لا وِصال في صيام، يعني: لا يصوم الرَّجل يومين متواليين من غير إفطار، و قد يستحبُّ للعبد أن لا يدَعَ السّحور (4)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سُئل عن الصّوم في الحَضَر؟ فقال: ثلاثة أيّام في كلِّ شهر: الخميس من جمعة (5)، و الأربعاء من جمعة، و الخميس من جمعة أخرى، و قال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ):

ص: 91


1- الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 5 بتفاوت.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. بدون: من الذنوب، في ذيلهما. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و قال الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث: قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و ينهى الناس أن يصلوهما، هو على الإنكار و الحكاية لا على الإخبار كأنه يقول: كان يصِلهما و ينهى الناس أن يصْلوهما ممن شاء وصل و من شاء فصل. و قال صاحب الوافي: ﴿و الأَوْلى أن يجعل الوصل هنا بمعنى ترك الإفطار إلى السحر حتى يصير صوم وصال﴾.
3- النساء/92. و قد وردت الآية في سياق بيان كفّارة القتل الخطأ و أنها دية مسلّمة إلى أهل القتيل و تحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين ... الآية.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.
5- الجمعة: الأسبوع، من باب إطلاق الجزء و إرادة الكل.

صيام شهر الصبر، و ثلاثة أيّام من كلِّ شهر، يَذْهَبْن ببلابل (1) الصّدور، و صيام ثلاثة أيّام من كلِّ شهر صيامُ الدَّهر، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول (2): ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثالِها﴾ (3)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصيّام في الشّهر، كيف هو؟ قال: ثلاثة في الشّهر، في كلِّ عشرة يوم، إِنَّ الله تبارك و تعالى يقول: ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثالِها﴾. [ثلاثة أيّام في الشهر صوم الدهر](4)

8- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عليّ، عن الحسين ابن مخارق أبي جنادة السّلوليِّ، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): من صام شعبان، كان له طُهْراً من كلّ زلّة، وَ وَصْمَةً و بادرةً، قال أبو حمزة: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما الوَصْمَة؟ قال: اليمين في المعصية، و النّذر في المعصية، قلت: فما البادرة؟ قال: اليمين عند الغضب ، و التوبة منها عند النّدم(5)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أفضل ما جَرَتْ به السُنَّة في التطوُّع من الصّوم؟ فقال: ثلاثة أيّام في كلِّ شهر: الخميس في أوَّل الشهر، و الأربعاء في وسط الشهر، و الخميس في آخر الشّهر، قال: قلت له: هذا جميع ما جَرَت به السُّنة في الصّوم؟ فقال: نعم (6)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز قال: قيل لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما جاء في الصوم في يوم الأربعاء؟ فقال: قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنَّ الله عزَّ و جلَّ خلق النّار يوم الأربعاء، فأوجب (7) صَوْمَه ليتعوَّذ به من النّار.

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن هشام بن سالم،

ص: 92


1- في القاموس : البليلة: شدة الهم، و الوساوس، كالبليال و البلابل.
2- الأنعام/ 160.
3- روى ذيله من قول أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 5 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 4، 68- باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر و ... ، ح 2. و الحديث ضعيف على المشهور.
5- التهذيب 4، 71- باب صيام شعبان، ح4. بتفاوت يسير. الفقيه 2، 27- باب ثواب صيام شعبان، ح 1. و الحديث ضعيف.
6- الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 12 بتفاوت.
7- أي أكدّ. و قد يطلق الوجوب على الاستحباب المؤكد.

عن الأحول (1)، عن ابن سنان(2)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) سئل عن صوم خميسين بينهما أربعاء؟ فقال: أمّا الخميس، فيوم تُعرض فيه الأعمال (3)، و أمّا الأربعاء فيوم خُلقت فيه النّار، و أمّا الصوم فجُنَّة [من النّار] (4)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال : إنّما يُصام يوم الأربعاء، لأنّه لم تُعذَّب أُمّه فيما مضى إلّا في يوم الأربعاء وسط الشهر، فيُسْتَحَبُّ أن يُصام ذلك اليوم (5)

13- الحسين بن محمد، عن محمد بن عمران، عن زياد القنديِّ، عن عبد الله بن سنان قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا كان في أوَّل الشهر خميسان، فصُمْ أوَّلهما فإنّه أفضل، و إذا كان في آخر الشهر خَمِيسان، فَصُمْ آخِرَهما فإنّه أفضل (6)

57- باب أنه يُسْتَحَبّ السّحور

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن السحور لمن أراد الصوم، أو اجب هو عليه؟ فقال: لا بأس بأن لا يتسحّر إن شاء، و أمّا في شهر رمضان، فإنّه أفضل أن يتسحّر، نُحِبُّ أن لا يُتْرَكَ في شهر رمضان (7)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال: سألته عن السحور لمن أراد الصوم؟ فقال: أمّا في شهر رمضان، فإنَّ الفضل في السحور و لو بشربة من ماء، و أمّا في التطوُّع، فمن أحبَّ أن يتسحّر فليفعل، و من لم يفعل فلا بأس (8)

ص: 93


1- هو مؤمن الطاق، محمد بن النعمان.
2- هو عبد الله، كما صرح به في الفقيه.
3- أي على المعصومين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كما وردت بذلك الأخبار.
4- الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 6. بدون: من النار، في ذيله.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. و فيه: إلا يوم الأربعاء، بدون: في ...
6- التهذيب 4، 68- باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر و ما ... ، ح 4. الاستبصار 2، 79- باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 8. و المراد بأول الشهر الثلث الأول منه، و بآخره: الثلث الثالث و الأخير منه. و الحديث ضعيف على المشهور.
7- الفقيه 2، 43- باب ثواب السحور، ح 3 بتفاوت يسير جداً.
8- التهذيب 4، 51- باب فضل السحور و ما يستحب أن ... ، ح 1.الفقيه 2 ، نفس الباب، ح 2. و بملاحظة باقي الروايات الواردة في هذا الباب، يبدو ان الظاهر استحباب السحور لمن أراد الصوم مطلقاً تطوعاً كان أو واجباً بقضاء أو نذر أو كفارة أو اعتكاف أو غيره و إن كان في شهر رمضان آكد، ربما لخصوصية في الشهر المبارك.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ): السُّحور بركة، قال: و قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لَا تَدَعُ أُمَّتِی السَّحُورَ وَ لَوْ عَلَی حَشَفَةٍ﴾ (1)

58- باب ما يقول الصائم إذا أفطر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيِّ، عن [أبي] جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان إذا أفطر قال: اللّهم لك صُمْنا، و على رزقك أفْطَرْنا فتقبّله منّا، ذهب الظمأ و ابتلّت العروق و بقي الأجر(2)

2- الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقول في كلِّ ليلة من شهر رمضان عند الإفطار إلى آخره (3): ﴿الحمد الله الّذي أعاننا فصُمنا، و رَزَقَنا فأفطرنا، اللّهمَّ تقبّل منّا، و أعنّا عليه، و سلّمنا فيه و تسلّمه منّا في يُسْر منك و عافية، الحمد الله الّذي قضى عنّا يوماً من شهر رمضان﴾ (4)

59- باب [صوم] الوِصال وصوم الدهر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عَمِيرة، عن حسّان بن مختار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): [ما] الوصال في الصّيام (5)؟ قال: فقال:

ص: 94


1- التهذيب 4، 5- باب فضل السحور و ما ... ، ح 4، الفقيه 2 ، 43- باب ثواب السحور، ح 1 و في ذيله: ... حَشَفة تمر. و الحَشَفَة: واحدة الحَشَف، و هو أردأ التمر، أو الضعيف لا نَوى له أو اليابس الفاسد، و في المثل: أَحَشَفاً و سوء كَيْل، يُضرب لمن يجمع بين خصلتين مكروهتين.
2- التهذيب 4، 52- باب القول و الدعاء عند الإفطار، ح 1. الفقيه 2، 31- باب القول عند الإفطار كل ليلة من ... ، ح 1. و الظاهر أن قول: ذهب الظمأ و... الخ، هو من تتمة الدعاء، و إن كان يحتمل أنه حكاية عن واقع الإنسان المؤمن بعد إفطاره.
3- أي إلى آخر شهر رمضان.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. قوله: قضى عنا ... : أي أقدرنا على صومه و أعاننا عليه.
5- لا أي ما حكم الوصال، لا حقيقته، لينطبق الجواب عليه، مع أنه يحتمل أن يكون (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أعرض عن الجواب تقيةً» مرآة المجلسي 261/16 . و الحديث مجهول.

إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: لا وصالَ في صيام، و لا صَمْتَ يوم إلى اللّيل، و لا عتق قبل مِلْك.

2- أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الوصال في الصّيام أن يجعل عَشَاءَه سُحُورَه (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المواصل في الصّيام، يصوم يوماً و ليلة، و يفطر في السّحر.

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن أبان، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن صوم الدَّهر؟ فقال: لم نَزَلْ نَكْرَهُ (2)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن صوم الدَّهر؟ فكرهه، و قال لا بأس أن يصوم يوماً و يفطر يوماً.

60- باب من أكل أو شرب و هو شاك في الفجر أو بعد طلوعه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل تَسَحّر ثمَّ خرج من بيته ، و قد طلع الفجر، و تَبَيّن؟ قال: يتمُّ صومه ذلك، ثمَّ ليقضِه، فإن تسحّر في غير شهر رمضان بعد الفجر، أفطر، ثمَّ قال: إِنَّ أبي كان ليلة يصلّي و أنا آكل، فانصرف فقال: أمّا جعفر، فقد أكل و شرب بعد الفجر، فأمرني فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان(3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل أكل و شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان؟ فقال: إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل، ثمَّ عاد فرأى الفجر، فليتمَّ صومه و لا إعادة عليه، و إن كان قام فأكل

ص: 95


1- التهذيب 4، 67- باب وجوه الصيام و شرح ...، ح 4. الفقيه 2، 58- باب النوادر ح 9 بتفاوت. أقول: و لابد من حمل الحديث على ما إذا لم يتناول المفطّر عند الغروب و أجّل تناول طعامه إلى وقت السحر معتقداً مشروعيته، و هذا حرام لأنه تشريع، و إلّا فلا حرمة.
2- ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لم نزل نكرهه إن كان المراد بالدهر ما يشمل الأيام المحرّمة فالكراهة بمعنى الحرمة، و إن كان بمعنى سائر الأيام فهي بمعناه كما هو المشهور بين الأصحاب﴾ مرآة المجلسي 262/16.
3- التهذيب 4، 64- باب حكم الساهي و الغالط في الصيام، ح 5. الاستبصار 2، 62- باب من أكل أو شرب أو جامع قبل أن يرصد الفجر ثم ... ، ح 2.

و شرب، ثمَّ نظر إلى الفجر فرأى أنّه قد طلع الفجر، فليتمَّ صومه و يقضي يوماً آخر، لأنّه بدء بالأكل قبل النظر، فعليه الإعادة (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ: آمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم لا، فتقول: لم يطلع. فاكل، ثمَّ أنظره فأجده قد طلع حين نظرت؟ قال: تتمُّ يومك، ثمَّ تقضيه، أَمَا إنّك لو كنت أنت الّذي نظرت ما كان عليك قضاؤه (2)

4- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل خرج في شهر رمضان و أصحابه يتسحّرون في بيت، فنظر إلى الفجر و ناداهم، فكفَّ بعضهم، و ظنَّ بعضهم أنّه يسخر، فأكل؟ فقال: يتمُّ صومه و يقضي(3)

5- صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يكون عليَّ اليومُ و اليومان من شهر رمضان فأتسحّر مصبحاً، أفطر ذلك اليوم و أقضي مكان ذلك اليوم يوماً آخر، أو أتمُّ على صوم ذلك اليوم و أقضي يوماً آخر؟ فقال: لا، بل تفطر ذلك اليوم، لأنّك أكلت مصبحاً، و تقضي يوماً آخر.

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل شرب بعد ما طلع الفجر و هو لا يعلم- في شهر رمضان-؟ قال: يصوم يومه ذلك، و يقضي يوماً آخر و إن كان قضاء.

ص: 96


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 4. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2 ، 39- باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و الشرب على الصائم، ح 6. هذا، و قد ادعى السيد المرتضى في الانتصار، و الشيخ في الخلاف، و غير هما الإجماع على أن من فعل المفطّر قبل مراعاة الفجر، وجب عليه القضاء لو تبين طلوعه بعد ذلك، و ادعى في الجواهر عدم الخلاف في هذا الحكم بين أصحابنا رضوان الله عليهم، كما أجمعوا على عدم وجوب الكفارة عليه في هذه الصورة للأصل إذ إن عموم وجوبها مختص بحالة الإفطار العمدي و هذا خارج عنه
2- التهذيب 4، 64- باب حكم الساهي و الغالط في الصيام، ح 6. و فيه: و تقضيه، بدل: ثم تقضيه. الفقيه 2، 39- باب الوقت الذي يحرم فيه ...، ح 8 بتفاوت. و قد دل الحديث على أنه لا ينفع إخبار المخبر بعدم الطلوع مع التقصير في المراعاة.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 7. الفقيه 2، نفس الباب، ح 7 و في ذيله: يتم و يقضي. ﴿و يدلّ على وجوب القضاء على من ترك العمل لقول المخبر بطلوع الفجر فأفطر فيه لظنه كذبه كما هو المقطوع به في كلام الأصحاب، لكن مورد الرواية إخبار الواحد، و من ثم استقرب العلّامة في المنتهى و الشهيدان وجوب القضاء و الكفارة لو كان المخبر عدلين للحكم بقولهما شرعاً، لكن المفروض في الرواية أن بعضهم ظن أنه يسخر، و مع هذا الظن لا يثبت الحكم عنده شرعاً و إن كانا عدلين﴾ مرآة المجلسي 264/16.

لرمضان في شوَّال، أو [في] غيره، فشرب بعد الفجر، فليفطر يومه ذلك و يقضي.

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر، فقال أحدهما: هوذا، و قال الآخر: ما أرى شيئاً؟ قال: فليأكل الّذي لم يستبِنْ له الفجر، و قد حُرّم على الّذي زعم أنّه رأى الفجر، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول (1): ﴿و كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ أَلابْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ (2)

61- باب الفجر ما هو و متى يحلّ و متى يحرم الأكل

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن العلاء بن رزين، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أذَّن ابن أُمِّ مكتوم لصلاة الغداة و مرَّ رجلٌ برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و هو يتسحّر، فدعاه أن يأكل معه، فقال: يا رسول الله، قد أذَّن المؤذِّن للفجر، فقال: إنَّ هذا ابن أمِّ مكتوم و هو يؤذِّن بليل، فإذا أذَّن بلال فعند ذلك فأَمْسِك (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن عطيّة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الفجر، هو الّذي إذا رأيتَه معترضاً كأنّه بياض سورى (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟ فقال: بياض النهار من سواد اللّيل، قال: و كان بلال يؤذِّن للنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و ابن أُمِّ مكتوم -و كان أعمى- يؤذِّن بليل، و يؤذن بلال حين يطلع الفجر، فقال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إذا سمعتم صوت

ص: 97


1- البقرة/ 187.
2- الفقيه 2،نفس الباب، ح 5 بتفاوت. التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 35 و فيهما: لم يتبيّن له ... ، بدل: لم يَسْتَبِنْ. و الحديث موثق، و ما تضمنه من حكم مقطوع به عند أصحابن رضوان الله عليهم، و الآية بظاهرها منطبقة عليه.
3- الحديث ضعيف على المشهور. و ما ذكره المجلسي رحمه الله من دلالة الحديث على جواز الأذان قبل طلوع الفجر، في غير محله، إذ لا دلالة في قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و هو يؤذن بليل على جواز ذلك، و إنما هو إخبار منه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عن فعل ابن أم مكتوم في تلك الليلة بالخصوص، أو في كل ليلة، و عذره في ذلك أنه كان أعمى لا يستطيع أن يتبيز الفجر، أو أن مخبراً أخبره بطلوعه اشتباهاً فعوّل عليه. و على ما ذكرنا لا داعي لتأول الفيض رحمه الله في الوافي من أنه كان يؤذن للتهيئة لصلاة الفجر قبل وقتها. و يؤيد ما ذكرناه الرواية الثالثة من هذا الباب فانتظر.
4- التهذيب 4، 43- باب علامة وقت فرض الصيام و أيام الشهر و ... ، ح 4. و في ذيله: سوراء. و سورى أو سوراء؛ اسم موضع أو موضعين من أرض العراق أحدهما قرب بغداد، و يحتمل أن يكون أراد بنهر سورى إما دجلة أو الفرات.

بلال فدعوا الطعام و الشراب، فقد أصبحتم(1)

4- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ و أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبّار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ الآية(2)؟ فقال: نزلت في خوَّات بن جُبَيْر الأنصاريِّ(3) و كان مع النبيِّ ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في الخندق و هو صائم، فأمسى و هو على تلك الحال، و كانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حَرُم عليه الطعام و الشراب، فجاء خوَّات إلى أهله حين أمسى فقال: هل عندكم طعام، فقالوا: لا، لا تنم حتّى نصلح لك طعاماً، فاتّكأ فنام، فقالوا له: قد فعلت، قال: نعم، فبات على تلك الحال فأصبح، ثمَّ غدا إلى الخندق، فجعل يُغْشى عليه، فمرَّ به رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فلمّا رأى الّذي به أخبره كيف كان أمْرُهُ، فأنزل الله عزَّ و جلَّ فيه الآية(4) ﴿و كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ(5)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت: متى يحرم الطعام و الشراب علي الصائم، و تحلّ الصلاة: صلاة الفجر؟ فقال: إذا اعترض الفجر و كان كالقبطيّة البيضاء، فَثَمَّ يحرم الطعام، و يحلُّ الصيام، و تحلُّ الصلاة؛ صلاة الفجر، قلت: فلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟ فقال: هيهات، أين تذهب؟ تلك صلاة الصبيان (6)

62- باب من ظن أنه ليل فأفطر قبل الليل

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال:

ص: 98


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 39- باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و ... ،ح 3 و روى صدر الحديث فقط. و الحديث صحيح.
2- البقرة/ 187.
3- قال الشيخ في رجاله عنه إنه بَدْريّ.
4- البقرة/ 187.
5- التهذيب 4، 43- باب علامة وقت فرض الصيام و أيام ... ، ح 1. الفقيه 2، 39- باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و ...، ح 2 بتفاوت يسير. و الحديث صحيح.
6- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 بتفاوت قليل. و القُبطية: مفرد القباطي، نسبة إلى القِبط من نصارى مصر، و هي صنف من ثياب رقيقة بيضاء.

سألته عن قوم صاموا شهر رمضان، فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس، فظنّوا أنّه ليل فأفطروا، ثمَّ إنّ السحاب انجلى، فإذا الشمس؟ فقال: على الّذي أفطر صيام ذلك اليوم، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿ثُمّ أَتِمّوا الصّيامَ إِلَي اللّيلِ﴾ (1)، فمن أكل قبل أن يدخل اللّيل فعليه قضاؤه، لأنّه أكل متعمّداً .

2- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد (2)، عن يونس، عن أبي بصير؛ و سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قوم صاموا شهر رمضان، فغشیهم سحاب أسود عند غروب الشمس، فرأوا أنّه اللّيل، فأفطر بعضهم، ثمَّ إِنَّ السحاب انجلي، فإذا الشمس؟ قال: على الّذي أفطر صيام ذلك اليوم، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿ثُمّ أَتِمّوا الصّيامَ إِلَي اللّيلِ﴾ فمن أكل قبل أن يدخل اللّيل فعليه قضاؤه لأنّه أكل متعمّداً (3)

63- باب وقت الإفطار

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى بن عُبيد، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: وقت سقوط القرص و وجوب الإفطار من الصيام، أن يقوم بحذاء القبلة، و يتفقّد الحُمْرة الّتي ترتفع من المشرق، فإذا جازت قِمَة الرأس إلى ناحية المغرب، فقد وجب الإفطار، و سقط القُرص (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إذا

ص: 99


1- البقرة/ 187.
2- في التهذيب: عن محمد بن عيسى، عن عُبَيد ... و الظاهر أنه تصحيف.
3- التهذيب 4، 64- باب حكم الساهي و الغالط في الصيام، ح 8. الاستبصار 2، 61- باب من أفطر قبل دخول الليل لعارض في ... ، ح 4. هذا، و مما لا خلاف فيه بين أصحابنا في كفاية الظن بالغروب في جواز الإفطار لمن لا طريق له إلى العلم بحصوله. و لكن لو انكشف عدم الدخول بعد الإفطار فهل عليه القضاء؟ أكثر محققي أصحابنا رضوان الله عليهم و منهم الشيخ، و الصدوق على عدم الوجوب و ذلك للأصل و الأخبار المستفيضة. و المفيد و أبو الصلاح قالا بوجوب القضاء، و اختاره المحقق في المعتبر محتجين ببعض الأخبار و منها هذان الخبران في هذا الباب، و يظهر أنه مختار الكليني رحمه الله لأنه اقتصر على إيراد الأخبار الدالة عليه، و الله العالم.
4- التهذيب 4، 43- باب علامة وقت فرض الصيام و أيام ... ، ح 5 . و قد تقدم منا في كتاب الصلاة تحقيق معنى الغروب عندنا فراجع.

غابت الحُمْرَة من هذا الجانب- يعني ناحية المشرق- فقد غابت الشمس في شرق الأرض و غربها (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن الإفطار، قبل الصلاة أو بعدها؟ قال: إن كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم، فليفطر معهم، و إن كان غير ذلك، فليُصَلّ و ليفطر(2)

64- باب من أكل أو شرب ناسياً في شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل نسي فأكل و شرب ثمَّ ذكر؟ قال: لا يفطر، إنّما هو شيء رزقه الله عزَّ و جلَّ فليُتِمَّ صومه (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن رجل صام في شهر رمضان فأكل و شرب ناسياً، قال: يتمُّ صومه و ليس عليه قضاؤه(4)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل ينسى فبأكل في شهر رمضان؟ قال: يتمُّ صومه، فإنّما هو شيء أطعمه الله [إيَّاه] (5)

ص: 100


1- قوله: في شرق الأرض: أي غاب أثر الشمس من المشرق و لا بد من تقييد غرب الأرض بالبلاد القريبة من طرف الغرب و الحديث مجهول.
2- التهذيب 4، 43- باب علامة وقت فرض الصيام و أيام ... ، ح 6. الفقيه 2، 38- باب الوقت الذي يحلّ فيه الإفطار و ...، ح 3.وفي ذيله: ثم ليفطر. و ما تضمنه الحديث هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
3- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من أفطر فيه على ... ، ح 11. الفقيه 2، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في .... ح 11. و ما تضمنه الحديث من الحكم بعدم فساد الصوم بذلك يشمل كل صوم واجب و مندوب في شهر رمضان أو غيره، و هو ما عليه إجماع الأصحاب.
4- روى مضمونه بتفاوت يسير و بسند مختلف عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في التهذيب 4، 64- باب حكم الساهي و الغالط في الصيام، ح 1.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3 و في ذيله: أطعمه الله عَزَّ وَ جَلَّ. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن المفطرات إنما يوجب تناولها فساد الصوم فيما لو وقع عمداً سواء كان عالماً أو جاهلا، و لو كان سهوا لم يفسد، سواء كان الصوم واجباً أو ندباً، و كذا لو أكره على الإفطار أو وُجِرَ في حلقه. و لكن لا بد في الإكراه المعذّر أن يكون مما يرتفع معه الإختيار.

65- باب من أفطر متعمداً من غير عذر أو جامع متعمداً في شهر رمضان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أفطر من شهر رمضان متعمّداً يوماً واحداً من غير عذر؟ قال: يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستّين مسكيناً، فإن لم يقدر تصدَّق بما يُطيق (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً؟ فقال: إنَّ رجلاً أتى النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: هلكت يا رسول الله، فقال: مالَكَ؟ فقال: النارَ (2) يا رسول الله، قال : و مالَكَ؟ قال: وقعت على أهلي، قال: تصدّق و استغفر فقال الرجل: فوالّذي عظّم حقّك، ما تركت في البيت شيئاً لا قليلاً و لا كثيراً، قال: فدخل رجل من الناس بمِكْتَل من تمر فيه عشرون صاعاً، يكون عشرة أصوع بِصاعنا (3)، فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): خذ هذا التمر فتصدّق به، فقال: يا رسول الله، على من أتصدَّق به وقد أخبرتك أنّه ليس في بيتي قليلٌ و لا كثيرٌ؟ قال: فخذه و أطْعِمْهُ عيالَك، و استغفر الله، قال: فلمّا خرجنا، قال أصحابنا: إنّه بدأ بالعتق، فقال: أعتق أو صُمْ أو تصدّق (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل وقع على أهله في شهر رمضان فلم يجد ما يتصدَّق به على ستّين مسكيناً، قال: يتصدَّق بقدر ما يطيق (5)

ص: 101


1- التهذيب 4، 55- باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم من ... ، ح 1.الاستبصار 2، 50- باب كفارة من أفطر يوماً من شهر رمضان، ح 1. الفقيه 2 ، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في ...،ح 1. هذا، و يقول السيد المرتضى في الانتصار 69/1- 70: ﴿مسألة: و مما ظن انفراد الإمامية به القول بأن كفارة الإفطار في شهر رمضان على سبيل التعمد: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، و إنها على التخيير لا الترتيب، و قد روي عن مالك التخيير بين هذه الثلاث كما تقول الإمامية ...﴾
2- أي استحقُ النار.
3- يدل على أن الصالح في زمنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قد تغير عما كان في عصره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، 38- باب حكم الجماع، ح 2. و قد أورد الصدوق رحمه الله حديثاً يتضمن نفس الحادثة بسند آخر و ألفاظ مختلفة في الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و المكتل: زقبيل من الخوص يحمل فيه التمر و غيره يسع خمسة عشر صاعاً أو أكثر، جمع مكاتِل.
5- التهذيب 4،نفس الباب، ح 3 و في ذيله: يتصدق بما يطيق. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و كرر في التهذيب 8، برقم 21 من الباب 15 فراجع. كما كرره في الاستبصار 2، برقم 4 من الباب 50 فراح-

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن

عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يَعْبَثُ بأهله في شهر رمضان حتّى يُمْني؟ قال: عليه من الكفّارة مثل ما على الّذي يُجامع (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجليِّ قال: سئل أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل شهد عليه شهود أنّه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيّام، قال: يُسأل: هل عليك في إفطارك في شهر رمضان إثم؟ فإن قال: لا، فإنَّ على الإمام أن يقتله، و إن قال: نعم، فإنَّ على الإمام أن يُنْهِكَه ضرباً (2)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن رجل وُجد في شهر رمضان و قد أفطر ثلاث مرَّات، و قد رُفع إلى الإمام ثلاث مرَّات؟ قال: يُقْتَل في الثالثة (3)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن سوقة، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرّجل بلاعب أهله أو جاريته و هو في قضاء شهر رمضان، فيسبقه الماء فيُنْزل؟ قال: عليه من الكفّارة مثل ما على الّذي يجامع في شهر رمضان.

8- حمید بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن عبد الرّحمن بن أبي عبد الله قال: سألته عن رجل أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً؟ قال: يتصدّق بعشرين صاعاً، و يقضي مكانه.

9- عليُّ بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد،

ص: 102


1- التهذيب 4، 55- باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم من ...، ح 4.الاستبصار2، 38- باب حكم الجماع، ح 4. هذا، و قد أجمع أصحابنا على أن إجناب النفس متعمداً سواء كان بالجماع و إن لم يُنْزِل و بالإنزال و إن لم يُدْخل موجب لفساد الصوم و يترتب عليه وجوب القضاء و الكفارة. هذا و لو جامع في دبر المرأة و لم ينزل فالمحكي عن الخلاف و المبسوط الإجماع على أنه مفسد للصوم و موجب للكفارة كذلك كما حكى صاحب الغنية الإجماع على حصول الجنابة بذلك. و كذلك لو أدخل في دبر الغلام و فرْج البهيمة بناء على أنهما يوجبان الغسل.
2- التهذيب 4، 56- باب حكم من أفطر يوماً من شهر رمضان متعمداً و ...، ح 1. الفقيه 2، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في ... ، ح 7. قوله : ينهكه ضرباً: أي يبالغ في ضربه عقوبة له. هذا، و قال المحقق في الشرائع 194/1: ﴿من أفطر في شهر رمضان عالماً عامداً، عزّر مرة، فإن عاد كذلك عزّر ثانياً، فإن عاد قتِل﴾. و سوف يكرر الشيخ هذا الحديث برقم 19 من الباب 9 من الجزء 10 من التهذيب.
3- التهذيب 4، 55- باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم من ... ، ح 5 و في ذيله: فَلْيُقتل ... ، الفقيه 2، نفس الباب، ح 8 و في ذيله فيقتل ... و روى قريباً منه و بسند آخر فِي التهذيب 10، نفس الباب، ح 18.

عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أتى امرأته و هو صائم و هي صائمة، فقال: إن كان استكرهها فعليه كفّارتان، و إن كانت طاوعته فعليه كفّارة و عليها كفّارة، و إن كان أكرهها فعليه ضَرْبُ خمسين سوطاً: نصفَ الحدِّ، و إن كانت طاوعته ضُرب خمسة و عشرين سوطاً، و ضُربَتْ خمسة و عشرين سوطاً (1)

66- باب الصائم يُقَبِّل أو يُبَاشر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل يمسُّ من المرأة شيئاً، أيُفْسِدُ ذلك صومَه أو يَنقُضُه؟ فقال: إنَّ ذلك يكره للرَّجل الشابِّ مخافةَ أن يسبقه المنيُّ (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تَنْقُضُ القُبْلَةُ الصومَ(3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داوود بن النعمان، عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في الصائم يقبّل الجارية

ص: 103


1- التهذيب 4، 56- باب حكم من أفطر يوماً من شهر رمضان متعمداً و ما ... ، ح 2. الفقيه 2، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في ... ، ح 6. و سوف يكرر الشيخ هذا الحديث برقم 5 من الباب 10 من الجزء 10 من التهذيب. كما أن الكليني سوف يكرره في الجزء الخامس من الفروع أيضاً. برقم 12 من الباب ما يجب فيه التعزير في جميع الحدود من كتاب الحدود. و قال الشيخ الصدوق رحمه الله بعد إيراده هذا الخبر: ﴿لم أجد ذلك في شيء من الأصول و إنما تفرّد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم﴾. هذا و قال المحقق في الشرائع 1/ 194- 195: ﴿من وطأ زوجته في شهر رمضان و هما صائمان مُكرهاً لها كان عليه كفارتان و لا كفارة عليها، فإن طاوعته فسُد صومها و على كل واحد منهما كفارة عن نفسه و يُعزّر بخمسة و عشرين سوطاً، و كذا لو كان الإكراه لأجنبية، و قيل: لا يتحمل هنا، و لو الأشبه﴾. أقول: و لعل وجه الأشبهية فيما لو كان الإكراه لأجنبية فلا يتحمل كفارتين هو كون النص في الزوجة دونها و الله العالم.
2- المشهور عندنا كراهة اللمس و التقبيل للصائم مطلقاً، و إن خصه بعضهم بمن يتأتى فيه تحريك الشهوة كالشات أو الشبق مثلاً. و الحديث صحيح.
3- التهذيب 4، 64- باب حكم الساهي و الغالط في الصيام، ح 12 و في سنده زيادة فضالة بعد ابن أبي عمير. الاستبصار 2، 39- باب حكم القبلة للصائم، ح 1 و في سنده: عن زرارة عن أبي بصير ... هذا، و قد أجمع أصحابنا على أن مباشرة النساء تقبيلاً و لمساً و ملاعبة لا توجب فساد الصوم و إن كانت مكروهة للصائم. و إن خصّه جماعة بمن تحرك المباشرة شهوته كما تقدم.

و المرأة؟ فقال: أمّا الشيخ الكبير مثلي و مثلك فلا بأس، و أما الشابُّ الشَّبق فلا، لأنّه لا يؤمَن (1)، و القبلة إحدى الشهوتين، قلت: فما ترى في مثلي تكون له الجارية في لاعبها؟ فقال لي: إنّك لشبق يا أبا حازم، كيف طُعْمُك (2)؟ قلت: إن شبعتُ اضرَّني، و إن جعْتُ أضعفني، قال: كذلك أنا، فكيف أنت و النساء؟ قلت: و لا شيء، قال: و لكنّي يا أبا حازم، ما أشاء شيئاً أن يكون ذلك منّي إلّا فعلت.

67- باب فى مَنْ أَجْنَبَ بالليل في شهر رمضان و غيره فترك الغسل إلى أن يصبح أو احتلم بالليل أو النهار

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: في رجل احتلم أوَّل اللّيل، أو أصاب من أهله، ثمَّ نام متعمّداً في شهر رمضان حتّى أصبح، قال: يتمُّ صومه ذلك ثمَّ يقضيه إذا أفطر [من] من شهر رمضان، و يستغفر ربّه. (3)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن (4)العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يصيب الجارية في شهر رمضان، ثمَّ ينام قبل أن يغتسل؟ قال: يتمُّ صومه و يقضي ذلك اليوم، إلّا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر، فإن انتظر ماء يُسَخَّن أو يُسْتَقى، فطلع الفجر، فلا يقضي يومه (5)

ص: 104


1- أي من أن يُنزل.
2- الطعم الأكل، أو الشهوة إلى الطعام.
3- هذا وقد فصّل أصحابنا بين من أصبح جنباً عن عمد و من أجنب ليلاً و نام ناوياً الغسل فأصبح جنباً لأنه لم يستيقظ حيث أجمعوا في الأول على بطلان الصوم كما حكاه في الخلاف و السرائر و ظاهر التذكرة و المنتهى و الغنية و غيرها بل في محكي الانتصار للسيد المرتضى حكاية الإجماع المتكرر على ذلك. و حيث قيد الأصحاب الحكم بالإفطار بصورة العمد، كان ظاهرهم الحكم بعدم بطلان صوم غير العامد، بل ادعى في الخلاف الإجماع عليه و قال صاحب المدارك أن الحكم بعدم الإفطار فيمن لم يتعمد البقاء على الجنابة هو مذهب الأصحاب و قال: لا أعلم فيه مخالفاً.
4- نقل المجلسي عن كتاب المنتقى قوله: في الطريق نقصان لأن محمد بن الحسين إنما يروي عن العلاء بالواسطة، و هي تكون تارة صفوان بن يحيى، و أخرى علي بن الحكم فيتردد بين الصحتين. ثم قال رضوان الله عليه: و المراد بالصحتين: الصحيح عنده و الصحيح عند الجمهور، فإنه إن كانت الواسطة صفوان فالخبر من القسم الأول، و إن كانت علي بن الحكم فهو من القسم الثاني. 279/16.
5- التهذيب 4، 55- باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم من ... ، ح 20. الاستبصار 2، 43- باب حكم من أصبح جنباً في شهر رمضان، ح 7 بتفاوت فيهما.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال عن ابن بكير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يُجْنب ثمَّ ينام حتّى يصبح، أيصوم ذلك اليوم تطوُّعاً؟ فقال: أليس هو بالخيار (1) ما بينه و بين نصف النهار؟ قال: و سألته عن الرَّجل يحتلم بالنهار في شهر رمضان، يتمُّ صومه كما هو؟ فقال: لا بأس (2)

4- أحمد بن محمد، عن الحجّال، عن ابن سنان قال: كتب أبي إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و كان يقضي شهر رمضان- و قال: إنّي أصبحتُ بالغسل، و أصابتني جنابة فلم أغتسل حتّى طلع الفجر؟ فأجابه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا تصُم هذا اليوم وصُم غداً (3)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليٍّ بن رئاب، عن إبراهيم بن ميمون قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يجنب باللّيل في شهر رمضان، فنسي أن يغتسل حتّى يمضي بذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان، قال: عليه قضاء الصلاة و الصوم (4)

68- باب كراهية الارتماس في الماء للصائم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصائم يستنقع في الماء، و لا يرتمس رأسه (5)

ص: 105


1- يدل على أن تعمد النوم للجنب حتى يطلع الفجر لا ينافي صوم التطوع، و هو ما عليه بعض الأصحاب.
2- عليه إجماع أصحابنا رضوان الله عليهم.
3- أخرجه بصيغة السؤال لا المكاتبة و بتفاوت في الفقيه 2، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في ...، ح 7. هذا و ظاهر ما عليه الأصحاب هو بطلان صوم قضاء شهر رمضان بالخصوص بالإصباح جنباً مستندين في ذلك إلى بعض النصوص، مضافاً إلى ما تقتضيه قاعدة اتحاد القضاء مع الأداء، و لكن صاحب المنتهى تردد في هذا الحكم، كما مال صاحب المعتبر إلى عدم بطلان الصوم بذلك، و قد عُلل هذا و ذاك باختصاص النصوص بشهر رمضان دون غيره من أنواع الصوم.
4- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 11 بتفاوت، و روى بمعناه و يسند آخر برقم 119 من الباب 6 من الجزء الأول من التهذيب أيضاً. الفقيه 2، 33- باب ما يجب على من أفطر أو جامع في ... ، ح 13 بتفاوت قليل. أقول: الظاهر أن وجوب قضاء الصلاة إجماعي بين فقهائنا، و أما قضاء الصوم فقد خالف فيه بعضهم و منهم ابن إدريس، و قال المحقق في الشرائع 204/1 ﴿الخامسة: إذا نسي غسل الجنابة و مرّ عليه أيام أو الشهر كله، قيل: يقضي الصلاة و الصوم، وقيل: يقضي الصلاة حسب، و هو الأشبه﴾ أي هو الأوفق بقواعد المذهب، و لعل وجه الأشبهية عدم اعتبار شرط الطهارة في الصوم في حال النسيان بعكس الصلاة.
5- التهذيب 4، 54- باب ما يفسد الصيام و ما يخل بشرائط ... ، ح 4. الاستبصار 2، 42- باب حكم الارتماس في الماء، ح 1، و في الذيل فيهما: و لا يرمس .. و الاستنقاع في الماء: الجلوس فيه بقصد التبرّد أو غيره مع بقاء رأسه خارجا. و هو عند أصحابنا مكروه للمرأة دون الرجل. هذا و المشهور شهرة عظيمة بين أصحابنا، بل ادعي الإجماع عليه أن الارتماس بتمام البدن في الماء أو رمس تمام الرأس فيه موجب لفساد الصوم، و إن نقل عن السيد المرتضى في أحد قولين و كذلك عن ابن إدريس في أحد قوليه أيضاً حمل النهي عن الارتماس بالماء للصائم على الكراهة. كما نقل عن محكي الدروس القول بالتوقف بالحكم بإفطار الصائم عند رمس رأسه في الماء. في حين نجد المحقق في الشرائع بعد أن جزم بحرمة رمس الصائم رأسه في الماء، اختار أن الأشبه عنده عدم فساد الصوم به.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يرتمس الصائم و لا المُحْرِمُ رأسَه في الماء (1)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصائم يستنقع في الماء، و يصبُّ على رأسه و يتبرَّد بالثوب، و ينضح بالمروحة، و ينضح البوريا تحته، و لا يغمس رأسه في الماء (2)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن الهيثم، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا تلزق ثوبك إلى جسدك و هو رطب و أنت صائم حتّى تعصره (3)

5- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد، عن السيّاري، عن محمد بن عليّ الهمدانيِّ، عن حنان بن سدير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصائم يستنقع في الماء؟ قال: لا بأس، و لكن لا ينغمس فيه، و المرأة لا تستنقع في الماء، لأنّها تحمل الماء بفَرْجها (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن مثنّي الحنّاط؛ و الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصائم يرتمس في الماء؟ قال: لا، و لا المُحرم. قال: و سألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول؟ قال: لا (5)

ص: 106


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 8. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.
3- النهي فيه محمول على الكراهة، و لم يذهب أحد من الأصحاب إلى التحريم، لأن الحديث ضعيف مع وجود المعارض له
4- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ... ، ح 27، الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ... ، ح 32 بتفاوت. هذا، و يقول الشهيدان رحمهما الله و هما بصدد الحديث عن الأمور المكروهة للصائم: ﴿و جلوس المرأة و الخنثى في الماء، وقيل: يجب القضاء عليهما به و هو نادر، و الظاهر أن الخصيّ الممسوح كذلك المساواته لهما في قرب المنفذ إلى الجوف﴾.
5- الحديث ضعيف.

69- باب المَضْمَضَة و الاستنشاق للصائم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الصائم يتوضّأ للصلاة فيدخل الماء حلقه؟ فقال: إن كان و ضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء، و إن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن أبي جميلة، عن زيدا (2)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الصائم يتمضمض؟ قال: لا يبلع ريقه حتّى يَبْزُقَ ثلاثَ مرَّات(3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الصائم يتمضمض و يستنشق؟ قال: نعم، و لكن لا يُبالغ.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الرِّيان بن الصلت، عن يونس قال: الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء، و إن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شيء، و قد تمَّ،صومه، و إن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه، فعليه الإعادة، و الأفضل للصّائم أن لا يتمضمض (4)

70- باب الصائم يَتَقَيَّأُ أو يَذْرَعُهُ القيء أو يقلس (5)

1- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ و أبو علي الأشعريِّ، عن محمد بن

ص: 107


1- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 67. و في سنده: عن حماد . عن الحلبي عن ..
2- هو الشحّام.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 65 بتفاوت يسير. و ذكره برقم 35 من الباب 63 من التهذيب 4 أيضاً. الاستبصار 2، 48- باب حكم المضمضة و الاستنشاق ح 1. و حمله المشهور على الاستحباب و نص عليه الشهيد في الدروس ملحقاً به ذائق الطعام و شبهه. و قال المجلسي: و الأحوط عدم ترك العمل به. و الحديث ضعيف.
4- التهذيب 4، 54- باب ما يفسد الصيام ما يخلّ بشرائط ... ، ح 10 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و الحديث في الجميع موقوف على يونس. هذا و لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم، بل نقل الإجماع على أنه لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء، لم يجب عليه القضاء بلا فرق بين صلاة الفريضة و النافلة بل لمطلق الطهارة و إن كانت لغاية غير الصلاة، كما ادعى الإجماع على الحكم المذكور في هذه الحالة أيضاً ابن إدريس في السرائر. و يحمل قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و الأفضل للصائم أن لا يتمضمض: على ما لو كانت المضمضة لغير الوضوء كالتَبرد أو التنظيف.
5- القَلَس: -كما في النهاية- ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه، و ليس بتيء، فإن عاد فهو القيء.

عبد الجبّار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ، عن أبي الله: (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا تقيّأ الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم، و إن ذَرَعَه (1) من غير أن يتقيّاً، فليتمَّ صومه (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا تقياً الصائم فقد أفطر، و إن ذَرَعَهُ من غير أن يتقيّا فليتمَّ صومه (3)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الذي يَذْرَعُهُ القيء و هو صائم؟ قال: يتمُّ صومه و لا يقضي.

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يخرج من جوفه القَلَس حتّى يبلغ الحلق، ثمَّ يرجع إلى جوفه (4)، و هو صائم؟ قال: ليس بشيء.

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سئل أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن القَلَس، يُفَطّر الصائم؟ قال: لا (5)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن القلس- و هي الجُشَأَة- يرتفع الطّعام من جوف الرَّجل من غير أن يكون تقيّاً، و هو قائمٌ في الصّلاة؟ قال: لا ينقض ذلك وضوءه، و لا يقطع صلاته، و لا يفطّر صيامه (6)

71- باب في الصائم يحتجم و يدخل الحمّام

1- عليَّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن

ص: 108


1- ذرعه القيء: أي سبقه و غلبه.
2- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ... ، ح 28.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 29.
4- أي يرجع بلا اختيار منه بل قهراً.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 33 و فيه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ...، ح 14.
6- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ...، ج 32. و الجُشَأَة: التَّجَشُو، هواء يخرج من المعدة عن طريق الفم بعد الشبع غالباً.

أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الصّائم أيحتجم؟ فقال: إنّي أتخوَّف عليه، أما يتخوَّف على نفسه؟ قلت: ماذا تتخوَّف عليه؟ قال: الغشيان، أو تثور به مِرَّة، قلت: أرأيتَ إن قوِي على ذلك و لم یخشَ شيئاً؟ قال: نعم، إن شاء (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحُجامة للصّائم؟ قال: نعم، إذا لم يَخَفْ ضَعْفاً (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزین، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الرَّجل يدخل الحمّام و هو صائم؟ فقال: لا بأس، ما لم يَخْشَ ضَعْفاً (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يدخل الحمّام و هو صائمٌ، قال: لا بأس (4)

72- باب في الصائم يسعّط و يصب في إذنه الدهن أو يحتقن

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: سألته عن الصّائم يشتكي أُذنه، يصبُّ فيها الدواء؟ قال: لا

باس به (5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد قال: سألت أبا

ص: 109


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 15. الاستبصار 2، 45- باب الحجامة للصائم، ح 5. الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ... ، ح 12 بتفاوت و المِرّة: تطلق على المادة الصفراء التي تكون في المرارة و هي العضو الملتصق بالكبد، و قد تطلق المِرّة على السوداء و هي عبارة عن نوع من الأخلاط مقرّه في الطحال، و هو من أخبث الأخلاط و أعصاها على العلاج. و من التعليل الوارد في هذه الرواية يظهر عموم الحكم للحجامة و غيرها. و قد أجمع أصحابنا على كراهة إخراج الدم المضعف للصائم و دخول الحمّام أيضاً إذا خشي منه الضعف.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 11. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 17. الفقيه 2، نفس الباب، ح 21.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16. و في ذيله: ليس به بأس. و الحديث مطلق في نفي البأس عن دخول الحمام للصائم، و لا بد بملاحظة ساير الروايات من تقييده بما إذا لم يكن مضعفاً.
5- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ...، ح 2 و 1.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصائم، يصبُّ في أُذنه الدُّهن؟ قال: لا بأس به(1)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد أنّه سأله (2) عن الرَّجل يحتقن تكون به العلّة في شهر رمضان؟ فقال: الصّائم لا يجوز له أن يحتقن (3)

4 - أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن عليِّ بن رباط، عن ابن مسكان، عن ليث المراديّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصّائم يحتجم و يصبّ في أُذنه الدُّهن؟ قال: لا بأس، إلّا السَّعوط فإنّه يُكْره (4)

5- محمد بن يحيى، عن العمركيِّ بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل و المرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء. و هما صائمان؟ قال: لا بأس (5)

6- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن الحسين، عن أبيه قال: كتبت إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في التَّلَطُّف يستدخله الإنسان و هو صائم؟ فكتب: لا بأس بالجامد (6)

ص: 110


1- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ...، ح 2 و 1.
2- في بقية الكتب: عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
3- التهذيب 4، 54- باب ما يفسد الصيام و ما يخلّ ... ، ح 6. الاستبصار 2، 41- باب حكم الاحتقان، ح : . الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ... ، ح 17. هذا، و لا بد من حمل الإحتقان هنا على ما لو كان بالمائع لأنه الظاهر منه عرفاً. هذا، و قد ذهب بعض أصحابنا إلى حمل النهي عن الإحتقان هنا على الحرمة التكليفية و ذلك على خلاف الظاهر من أمثاله و قد حكي مفطرية الإحتقان بالمائع- كما ذكر صاحب المختلف و اختاره- عن الشيخ في المبسوط، و عن القاضي، و الحلبي، كما حكي التحرير و الدروس و الإرشاد و غيرها، بل عن الناصريات: لم يختلف في أنها تفطر. و إن تردد بعضهم في مفسديتها للصوم كصاحب الشرائع رحمه الله بعد جزمه بحرمتها. و أما الاحتقان بالجامد فلا خلاف بين أصحابنا في جوازه و عدم مفطريته.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 9. و قد نقل عن الصدوق رحمه الله في الفقيه أنه قال: لا يجوز للصائم أن يتسعّط. و المشهور عندنا كراهة ما لا يتعدى من السَّعوط إلى الحلق. و الشيخ المفيد صرح في المقنعة بأنه يفسد الصوم و تجب معه القضاء و الكفارة. و نقل ذلك ايضاً عن سلّار.
5- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 73.
6- التهذيب 4، 54- باب ما يفسد الصيام و ما يخلّ ...، ح 7 و فيه: بالأشياف ، بعد قوله: التلطف. الاستبصار 2، 41- باب حكم الاحتقان، ح 2. و فى سندهما: عن أحمد بن محمد عن علي بن الحسن عن أبيه قال: كتبت ... و الطَفَ الرجل البعير: -كما في الصحاح- أدخل قضيب البعير في الحياء بعد أن لم يهتد البعير لموضع الضراب، و المقصود به هنا التحمل بإدخال شيء في دُبُره.

73- باب الكحل و الذرور للصائم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سليمان (1) الفرَّاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الصائم، يكتحل؟ قال: لا بأس به، ليس بطعام و لا شراب (2)

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن سليمان الفرَّاء، عن غير واحد، عن ابي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سعد بن سعد الأشعريِّ، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عمّن يصيبه الرَّمَدُ في شهر رمضان، هل يذرُّ (3) عينه بالنّهار و هو صائم؟ قال: يذرّها إذا أفطر، و لا يذرُّها و هو صائم.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الكحل للصّائم؟ فقال: إذا كان كحلاً ليس فيه مسك، و ليس له طعم في الحلق، فلا بأس به (4)

74- باب السواك للصائم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن السّواك للصّائم؟ فقال: نعم، يَسْتَاك أيّ النّهار شاء.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي

ص: 111


1- في التهذيبين: سليم ... ، بدل: سليمان.
2- التهذيب 4، 62- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ...، ح 3. الاستبصار 2، 44- باب حكم الكحل للصائم، ح 1. أقول: و مما لا خلاف فيه بين أصحابنا- كما في كتاب الجواهر- هو كراهة الإكتحال بما فيه صبر أو مسك أو نحوه مما يصل طعمه أو رائحته الى الحلق، و كذلك ذرّ مثل الكحل في العين لأن مثل هذا الذرّ يدخل في عنوان الإكتحال. هذا و الحديث صحيح.
3- يذرّ عينه: أي يطرح فيها الذرور. و الحديث صحيح.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 8. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 6، و في ذيلهما: فليس به بأس. و الحديث موثق.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الصّائم، يستاك بالماء؟ قال: لا بأس به؛ و قال: لا يستاك بسِواك رطب (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كره للصّائم أن يستاك بسواك رطب، و قال: لا يضرُّ أن يبلَّ سواكه بالماء، ثمَّ ینفضه حتّى لا يبقى فيه شيءٌ (2)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في الصّائم ينزع ضرسه؟ قال: لا، و لا يُدْمي فاه و لا يستاك بعود رطب (3)

75- باب الطِّيب و الرَّيْحْان للصائم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه كره المسك أن يتطّيب به الصّائم (4)

2- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد خالد، عن داود بن إسحاق الحذّاء، عن محمد بن الفيض قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) ينهى عن النرجس، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، لم ذلك؟ فقال: لأنّه ريحان الأعاجم (5)

ص: 112


1- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 60.
2- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ... ، ح 25. الاستبصار 2، 46- باب السواك للصائم بالرطب و اليابس، ح 4. هذا، و قد حمل أصحابنا النهي الوارد عن الاستياك بعود رطب للصائم على الكراهة.
3- الفقيه 2 ، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ..، ح 19 و فيه الى قوله : و لا يدمي فمه. يقول الشهيد في الدروس: و يكره نزع الضرس لمكان الدم، رواه عمّار.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 39. و ظاهر أكثر الأصحاب تخصيصهم الكراهة بشم الصائم للرياحين خصوصاً النرجس، و الحق العلامة في المنتهى بالنرجس المسك لشدة رائحته، و لهذه الرواية.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح42. الاستبصار 2، 47- باب شم الريحان للصائم، ح7. الفقيه 2، نفس الباب، ح 26. و في سند الاستبصار: محمد بن العيص، بدل: محمد بن الفيض، و الظاهر -بقرينة رواية داوود بن إسحاق الحذّاء عنه في جميع الروايات- إن ما هنا و في التهذيب هو الصحيح. و أما الصدوق فقد أخرج الحديث عن محمد بن الفيض عن ابن رئاب، و قد علّق على ذلك الإمام الخوئي في معجم رجال الحديث 151/17 بقوله: ﴿و ما ذكره في الفقيه محرّف و لعل العبارة كانت هكذا: محمد بن الفيض التيمي من الرباب فصَّحِّفّ﴾.

و أخبرني (1)بعض أصحابنا أنَّ الأعاجم كانت تشمّه إذا صاموا وقالوا : إنّه يمسك الجوع .

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل النّوفليّ، عن الحسن بن راشد قال: كان أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا صام تطّيب بالطيب، و يقول: الطيب تُحْفَةٌ الصائم (2)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزین، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الصّائم يشمُّ الرَّيحان و الطيب؟ قال: لا بأس به (3)

و روي: أنّه لا يشمُّ الرَّيحان، لأنّه يكره له أن يتلذذ به.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحائض، تقضي الصّلاة؟ قال: لا، قلت: تقضي الصوم؟ قال: نعم، قلت: من أين جاء ذا؟ قال: إِنَّ أوَّل من قاس إبليس، قلت: و الصائم يستنقع في الماء؟ قال: نعم، قلت: فيبلُّ ثوباً على جسده؟ قال: لا، قلت: من أين جاء ذا؟ قال: من ذاك، قلت: الصّائم يشمُّ الرّيحان؟ قال: لا، لأنّه لذَّة و يكره له أن يتلذّذ (4)

76- باب مَضْغ العلك للصائم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي

ص: 113


1- الظاهر إن هذا من كلام الكليني رحمه الله.
2- التهذيب 4، 63- باب حكم العلاج للصائم و الكحل و ... ، ح 37. الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ...، 20. و قوله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ ): تحفة الصائم: ﴿أي يستحب أن يؤتى به للصائم و يتحف به لأنه ينتفع به في حالة الصوم و لا ينتفع بغيره من المأكول و المشروب، أو أتحف الله الصائم به: أي أحلّ له التلذذ به في الصوم ..﴾ مرآة المجلسي 295/16. و قد دل الخبر بإطلاقه على استحباب التطيّب للصائم بجميع أنواع الطيب.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 38. الاستبصار 2، 47- باب شم الريحان للصائم، ح 1. و في ذيلهما: لا بأس، بدون: به.
4- التهذيب: 4، نفس الباب، ح 45. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 6. بتفاوت يسير فيهما. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من ذلك، أي من القياس، و هو ليس من الشريعة في شيء إذ أول من قاس إبليس. هذا و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم- كما حكي عن جماعة منهم- على كراهية شم الرياحين للصائم و بخاصة النرجس للنهي عنه بالخصوص في بعض الروايات، و المراد بالرياحين- كما في المجمع- كل نبت طيب، و في القاموس إن النبت الطيب الريح هو أحد معاني الرياحين.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: الصّائم يمضغ العلك؟ قال: لا (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن

العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا محمد، إيّاك أن تمضغ علكاً، فإنّي مضغت اليوم عِلكاً و أنا صائم، فوجدت في نفسي منه شيئاً.

77- باب في الصائم يذوق القِدْرَ و يَزقّ الفرخ

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن المرأة الصّائمة تطبخ القدر فتذوق المرقة تنظر إليه؟ فقال: لا بأس. قال: و سئل عن المرأة يكون لها الصبيُّ و هي صائمة، فتمضغ الخبز و تطعمه؟ فقال: لا بأس، و الطير إن كان لها (2)

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أَبَان بن عثمان، عن الحسين بن زياد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس للطبّاخ و الطبّاخة أن يذوق المرق و هو صائمٌ.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقَة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ فاطمة صلّى الله عليها كانت تمضغ للحسن ثمَّ للحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هي صائمة في شهر رمضان.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ بن النّعمان، عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ ) عن الصّائم يذوق الشيء و لا يبلعه؟ قال: لا (3)

ص: 114


1- الحديث حسن، و قد حمل النهي فيه على الكراهة كما اختاره الشيخ في المبسوط و ابن إدريس و جماعة، لصحيحة محمد بن مسلم التالية. و إن ذهب البعض الى القول بأن مضغ العلك إذا تغيّر الريق بطعمه فابتلعه الصائم موجب للإفطار، مستدلاً بهذا الخبر، و بأن وجود الطعم في الريق دليل على تحلل شيء من اجزاء العلك فيه لاستحالة انتقال الأعراض. و رُدّ بأنه قد يكون وجود الطعم في الريق للمجاورة لا لتحلل الأجزاء، فتأمل.
2- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 10. الاستبصار 2، 49- باب ما يجوز للطباخ أن يذوق من الطعام، ح 3. هذا، و لم يقيد أصحابنا جواز مضغ الطعام للصبي، أو زَقّ الطائر بكون الولد للماضع، و كذا يكون الفرخ للزّاقّ. اللهم إلا ما صرّح به الشيخ في التهذيب من التقييد، مما لا دلالة في الأخبار عليه، بل هي مطلقة.
3- التهذيب 4، 72- من الزيادات، ح 11. الاستبصار 2، 49- باب ما يجوز للطباخ أن يذوق من الطعام، ح 4. و قد حمل الشيخ هذا الخبر على ما إذا لم يكن له حاجة إلى ذوق الطعام و هو مستغن عن ذلك. و بذلك جمع بينه و بين الأخبار المتقدمة المجوزة لذوق المرق أو مضغ الطعام للصبي و الطائر. و قد أشرنا إلى رأيه قبل قليل، و قلنا بأن لا دلالة في الأخبار المتقدمة على التقييد بل هي مطلقة، و يحمل النهي هنا على الكراهة.

78- باب في الصائم يزدرد نخامته وَ يَدْخُلُ حَلْقَهُ الذُّباب

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يَزْدَرِدَ الصائم نُخَامَتَهُ (1)

2- عليُّ بن إبراهيم؛ عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أنَّ عليّاً صلوات الله عليه سئل عن الذّباب يدخل حَلْقَ الصائم؟ قال: ليس عليه قضاء، لأنّه ليس بطعام (2)

79- باب في الرجل يمصّ الخاتم و الحصاة و النواة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) في الرَّجل يعطش في شهر رمضان؟ قال: لا بأس بأن يمصَّ الخاتم (3)

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسن، عن محسن بن احمد، عن يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الخاتم في فم الصائم ليس به بأس، فأمّا النواة فلا (4)

80- باب الشيخ و العجوز يضعفان عن الصوم

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن

ص: 115


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 63 و 62. و النخامة: أخلاط تصعد من الصدر أو تنزل من الرأس. و الإزدراد: الإبتلاع.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 63 و 62. و النخامة: أخلاط تصعد من الصدر أو تنزل من الرأس. و الإزدراد: الإبتلاع.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 69.
4- روى الصدوق في الفقيه 2، 32- باب آداب الصائم و ما ينقض ... ، ح 18 عن منصور بن حازم أنه قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرجل يحمل النواة في فيه و هو صائم؟ قال: لا. قلت: فيجعل الخاتم؟ قال: نعم. و المقصود بالنواة، نواة التمر. و لعل النهي عن وضعها أو جعلها في فم الصائم للعلم بانفصال بعض أجزاء مما يكون عالقاً بها من التمر أو القطمير و حينئذ يحمل النهي على الحرمة كما عليه المشهور. و إلا فعلى الكراهة. و الحديث مجهول.

رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ﴾ (1)؟ قال: الشيخ الكبير، و الّذي يأخذه العطاش؛ و عن قوله عزَّ و جلَّ: ﴿فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّینَ مِسْکِیناً﴾ (2)؟ قال: مِن مرض أو عُطاش (3)

2- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الملك بن عُتْبة الهاشميِّ قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الشيخ الكبير، و العجوز الكبيرة الّتي تضعف عن الصوم في شهر رمضان؟ قال: تَصَدَّقُ في كلِّ يوم بمدّ حنطة (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال: سألته عن رجل كبير ضعف عن صوم شهر رمضان؟ قال: يتصدَّق كل يوم بما يجزىء من طعام مسكين (5)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزین، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الشيخ الكبير، و الّذي به العُطاش، لا حرج عليهما أن يُفْطرا في شهر رمضان، و يتصدَّق كلُّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام، و لا قضاء عليهما، فإنْ لم يقدرا فلا شيء عليهما (6)

ص: 116


1- البقرة/ 184.
2- المجادلة/ 4
3- التهذيب 4، 58- باب العاجز عن الصيام، 2. و روى ذيله في التهذيب 8، 15- باب الكفارات، ح 22.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، 54- باب ما يجب على الشيخ الكبير و الذي به... ، ح 2. و في ذيلهما: بمد من حنطة. الفقيه 2، 41- باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو ... ، ح 5. و تخصيص المد بالحنطة في الرواية ليس إلا على وجه التمثيل، أو لبيان الأفضيلة.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 1. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. و فيهما بسند آخر و تفاوت يسير.
6- التهذيب 4، نفس الباب، ح4. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. هذا، و قد حكى صاحب الجواهر أجماع أصحابنا على جواز إفطار الشيخ و الشيخة فيما إذا تعذّر عليهما الصوم، و كذا يجوز الإفطار لهما فيما لو كان الصوم حرجاً عليهما و مشقة، و لكن يجب عليهما- على المشهور شهرة عظيمة بين أصحابنا- التكفير عن كل يوم بمد من طعام. و حكي عن أبي الصلاح الاستحباب لا الوجوب. بينما أختار الشيخ المفيد و ابن إدريس و ابن زهرة و غيرهم عدم الوجوب في صورة التعذر، و بالوجوب في صورة المشقة. كما أن المشهور عندنا وجوب القضاء عليهما فيما لو تمكنا من ذلك، و اختار علي بن بابويه و غيره عدم وجوب القضاء. قال الشهيدان رحمهما الله: ﴿الشيخان ذكراً و أنثى إذا عجزا عن الصوم اصلاً أو مع مشقة شديدة فَدَيا بمُدّ عن كل يوم و لا قضاء عليهما لتعذره و هذا مبني على الغالب من أن عجزهما عنه لا يرجى زواله لأنهما في نقصان و إلا فلو فرض قدرتهما على القضاء وجب، و هل يجب حينئذ الفدية معه؟ قطع به في الدروس و الأقوى أنهما إن عجزا عن الصوم أصلاً فلا فدية و لا قضاء، و إن اطاقاه بمشقة شديدة لا يتحمّل مثلها عادة فعليهما الفدية ثم إن قدرا على القضاء وجب. و الأجود حينئذ ما اختاره في الدروس من وجوبها معه لأنها وجبت بالإفطار أولاً بالنص الصحيح، و القضاء وجب بتجدد القدرة، و الأصل بقاء الفدية لإمكان الجمع ، و لجواز أن تكون عوضاً عن الإفطار لا بدلاً من القضاء﴾.

5- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزّ وجلَّ: ﴿وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ﴾، قال: الّذين كانوا يطيقون الصّوم فأصابهم كبر أو عُطاش أو شبه ذلك، فعليهم لكلِّ يوم مدُّ.

6- أحمد بن إدريس، و غيره، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يصيبه العُطاش حتّى يَخاف على نفسه؟ قال: يشرب بقدر ما يمسك به رمقه، و لا يشرب حتّى یروی (1)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ لنا فتيات و شبّاناً لا يقدرون على الصيام من شدَّة ما يصيبهم من العطش؟ قال : فليشربوا بقدر ما تُروى به نفوسهم و ما يحذرون (2)

81- باب الحامل و المرضع يَضْعُفَانِ عن الصوم

1- محمد بن يحيى. عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) يقول: الحامل المُقْرب، و المرضع القليلة اللّبن، لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان، لأنهما لا تُطيقان الصوم، و عليهما أن يتصدَّق كلُّ واحد منهما في كلِّ يوم يفطر فيه بمُدّ من طعام، و عليهما قضاء كلِّ يوم أفطرتا فيه تقضيانه بَعْدُ (3)

محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله.

ص: 117


1- التهذيب 4، 58- باب العاجز عن الصيام، ح 9. الفقيه 2، 41- باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو... ، ح 2.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 10. و الظاهر أن هذا الحديث كسابقه، سيقا لبيان حكم من أصابه العطش إتفاقاً من غير أن يكون فيه داء العطاش، و لذا قيد إباحة الشرب له بما يرفع به خوف الهلاك عن نفسه، و مثل هذا يجب عليه القضاء، و ذو العطاش: هو من أصابه داء العطاش، و هو داء لا يروى صاحبه و لا يتمكن من ترك شرب الماء طول النهار و لا الليل.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 8. الفقيه 2، نفس الباب ، ح 4 بتفاوت قليل. ﴿و ما اشتمل عليه (الحديث) مشهور بين الأصحاب، سواء خافتا على نفسيهما أو على ولدهما. وقيل: إذا خافتا على نفسيهما أفطرتا و قضيتا و لا كفارة، و قال الشهيد في الدروس: ظاهر علي بن بابويه وجوب الفدية و سقوط القضاء على الحامل يُخاف على ولدها، و رواية محمد بن مسلم بخلافه﴾. مرآة المجلسي 305/16.

82- باب حدّ المرض الذي يجوز للرجل أن يفطر فيه

1- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن الوليد بن صبيح قال: حُمِمْتُ بالمدينة يوماً في شهر رمضان، فبعث إليَّ أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بقصعة فيها خلُّ وزيتٌ و قال: أفطِر، وصلِّ و أنت قاعد (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة قال: كتبت إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أسأله؛ ما حدُّ المرض الّذي يفطر فيه صاحبه، و المرض الّذي يدع صاحبه الصلاة قائماً؟ قال: ﴿بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ (2) و قال: ذاك إليه، هو أعلم بنفسه (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس (4)، عن سماعة قال: سألته ما حدُّ المرض الّذي يجب على صاحبه فيه الإفطار، كما يجب عليه في السفر، من کان مريضاً أو على سفر؟ قال: هو مؤتمن عليه، مفوّض إليه، فإن وجد ضعفاً فليفطر، و إن وجد قوَّة فليصمه، كان المرض ما كان (5)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصائم إذا خاف على عينيه من الرَّمد أفطر (6)

5- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يجد في رأسه وجعاً من صداع شديد، هل يجوز له الإفطار؟ قال: إذا صدع صداعاً شديداً، و إذا حُمَّ حمّى شديدة، و إذا رمدت عيناه رَمَداً شديداً، فقد حلَّ له الإفطار (7)

ص: 118


1- الفقيه 2، 40- باب حد المرض الذي يفطر صاحبه، ح 2 بتفاوت يسير.
2- القيامة/14. و بصيرة: أي شاهد عليها بما عملت.
3- الاستبصار 2، 60- باب حد المرض الذي يبيح لصاحبه الإفطار،ح 1. التهذيب 4، 62- باب حد المرض الذي يجب فيه الإفطار، ح 1 و فيه: من قيام، بدل: قائماً. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 بسند آخر و تفاوت. و كان الشيخ قد أورد هذا الحديث و إن بتفاوت يسير برقم 12 من الباب 14 من الجزء 3 من التهذيب. هذا، و ظاهر قوله تعالى: فمن كان منكم مريضاً ... ﴿وجوب الإفطار لكل مرض، و لكن خص بالإجماع و الأخبار بمن يخاف زيادة مرضه أو بطؤ برئه بسبب الصوم أو يشق عليه مشقة لا يتحمّل مثلها عادة أو يخاف حدوث مرض آخر، و المرجع في ذلك كله الى الظن ... ﴾مرآة المجلسي 306/16.
4- في التهذيبين: عن رجل، بدل: عن يونس.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و الحديث مضمر في الجميع.
6- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. و الرَّمَدُ: هيجان العين.
7- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3.

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن بكر بن أبي بكر الحضرميِّ قال: سأله أبي- يعني أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا أسمع-: ما حدُّ المرض الّذي يترك منه الصوم؟ قال: إذا لم يستطع أن يَتَسَحَّر (1)

7- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن عثمان، عن سليمان بن عمرو، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اشتكت أُمُّ سلمة رحمة الله عليها عينها في شهر رمضان، فأمرها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن تفطر، و قال: عشاء اللّيل لعينك رَدِيّ (2)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن شعيب، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما حدُّ المريض إذا نقه (3) في الصيّام؟ قال: ذلك إليه، هو أعلم بنفسه، إذا قَوِيَ فَلْيَصُمْ.

83- باب من تَوَالى عليه رمضانان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز. محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتّى أدركه رمضان آخر؟ فقالا: إن كان برء ثمَّ توانى قبل أن يدركه رمضان الآخر، صام الّذي أدركه، و تصدَّق عن كلِّ يوم بمدّ من طعام على مسكين، و عليه قضاؤه، و إن كان لم يزل مريضاً حتّى أدركه رمضان آخر، صام الّذي أدركه، و تصدَّق عن الأوَّل لكلِّ يوم مدٍّا على مسكين، و ليس عليه قضاؤه (4)

ص: 119


1- الفقيه 2، 40- باب حد المرض الذي يفطر صاحبه، ح 3 و فيه: بكر بن محمد الأزدي، و هذا غير من هو موجود هنا، لأن أبا بكر الحضرمي هو عبد الله بن محمد. في حين أن من يروي عنه الصدوق هو بكر بن محمد بن عبد الرحمن بن نعيم الأزدي الغامدي، أبو محمد، ذكره النجاشي، و كلاهما روى عنهما سيف بن عميرة و كلاهما، رويا عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و رواه في التهذيب 3، 14- باب صلاة الغريق و ...، ح 14 و في سنده بكار، و هو عينه بكر بن أبي بكر هنا. و كرره برقم 77 من الباب 72 من الجزء الرابع من التهذيب و في سنده: عن أبي بكر. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا لم يستطع ان يتسحّر: كناية عن بلوغ المرض منه حداً لا يمكنه تناول طعامه معه و لا يستطيع أن يصوم بلا سحور.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و الحديث ضعيف.
3- نَقَهَ من مرضه- كما يقول الفيروز آبادي-: صح و فيه، ضعف أو أفاق.
4- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من ... ، ح 17 و في ذيله: قضاء، بدل: قضاؤه. الاستبصار 2، 58- باب من أفطر شهر رمضان فلم يقضه حتى...، ح 1. قال المحقق في الشرائع 203/1: ﴿من فاته شهر رمضان أو بعضه لمرض، فإن مات في مرضه لم يُقضَ عنه: وجوباً، و يستحب، و إن استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط عنه قضاؤه على الأظهر، و كفّر عن كل يوم من السلف بمدّ من الطعام، و إن برىء بينهما و آخره عازماً على القضاء، قضاه و لا كفارة، و إن تركه تهاوناً قضاه وكفّر عن كل يوم من السالف بمدّ من الطعام﴾. هذا و سقوط القضاء عمّن استمر به المرض إلى رمضان التالي هوا المشهور عند أصحابنا. و لكن ذهب ابن بابويه، و الشيخ في الخلاف، و ابن إدريس في السرائر و غيرهم وجوب القضاء في هذه الحالة دون الكفارة، كما ذهب ابن الجنيد- فيما حكي عنه- إلى وجوب القضاء و الكفارة معا، و القولان كما ترى.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يمرض فيدركه شهرا رمضان، و يخرج عنه و هو مريض، و لا يصحُّ حتّى يدركه شهر رمضان آخر؟ قال: يتصدَّق عن الأوَّل، و يصوم الثاني، فإن كان صحَّ فيما بينهما و لم يَصُم حتّى أدركه شهر رمضان آخر، صامهما جميعاً، و يتصدَّق عن الأوَّل(1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن فضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل عليه من شهر رمضان طائفة، ثمَّ أدركه شهر رمضان قابل؟ قال: عليه أن يصوم، و أن يطعم كلَّ يوم مسكيناً، فإن كان مريضاً فيما بين ذلك حتّى أدركه شهر رمضان قابل، فليس عليه إلّا الصيام إن صحَّ، و إن تتابع المرض عليه فلم يصحَّ، فعليه أن يطعم لكلِّ يوم مسكيناً(2)

84- باب قضاء شهر رمضان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أحمد بن أشْيَم، عن سليمان بن جعفر الجعفريِّ قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان، أيقضيها متفرِّقة ؟ قال: لا بأس بتفريق قضاء شهر رمضان، إنّما الصيام الّذي لا يُفَرِّق: كفّارة الظهار، و كفّارة الدَّم (3)، و كفّارة اليمين (4)

ص: 120


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 18. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 و في ذيلهما: و تصدّق عن الأول. الفقيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 5. و ذيله كما في التهذيبين. و المراد بالتصدّق: دفع صدقة عن كل يوم بمدّ.
2- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من ... ، ح 19. الاستبصار 2، 58- باب من أفطر شهر رمضان فلم يقضه حتى...، ح 3 بتفاوت فيهما.
3- يعني صوم كفارة القتل الخطأ في قتل المؤمن و هي شهران متتابعان إذا لم يمكنه تحرير رقبة مؤمنة، و هذا الحكم تضمنته الآية 92 من سورة النساء.
4- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ... ، ح 3. الاستبصار 2، 63- باب كيفية قضاء ما فات من شهر رمضان، ح 3. الففيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 4. و يقول المحقق في الشرائع 202/1: ﴿و يستحب الموالاة في القضاء احتياطاً للبراءة، و قيل: بل يستحب التفريق للفرق (أي بين شهر رمضان و قضائه)، وقيل: يتابع في ستة و يفرّق في الباقي للرواية، و الأول أشبه﴾. و ما ذكره رحمه الله من استحباب الموالاة هو الأشهر عندنا. و ما ذكره من القول بالتتابع في ستة و التفريق في الباقي منقول عن الشيخ المفيد رحمه الله. و أما استحباب التفريق فمنقول عن ابن إدريس.

2- أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عمّن يقضي شهر رمضان منقطعاً، قال: إذا حفظ أيّامه فلا بأس.

3- عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ (1)، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أفطر شيئاً من شهر رمضان في عذر فإن قضاه متتابعاً أفضل و إن قضاه متفرِّقاً فحسن لا بأس (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان على الرَّجل شيء من صوم شهر رمضان، فليقضه في أيِّ شهر شاء أيّاماً متتابعة ، فإن لم يستطع، فليقضه كيف شاء، و ليمحّص الأيام، فإن فرّق فَحَسَنٌ، و إن تابع فَحَسَنٌ (3)

5- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قضاء شهر رمضان في ذي الحجّة [أ] و [أ] قطعه؟ قال: اقضه في ذي الحجّة، و اقطَعْهُ إن شئتَ (4)

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل مرض في شهر رمضان، فلمّا برء أراد الحجّ، كيف يصنع بقضاء الصوم؟ قال: إذا رجع فليصُمْه (5)

ص: 121


1- لا وجود للحلبي في سند التهذيبين. و لعله سقط سهواً.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 ، و لا يوجد قوله في الذيل: لا بأس. و يدل الحديث على ما عليه المشهور.
3- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ...، ح 1. و الاستبصار 2، 63- باب كيفية قضاء ما فات: من شهر رمضان، ح 1. و فيهما: في أي الشهور شاء و زيادة في الآخر. الفقيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 3. و في الكتب الثلاثة: و ليُحصِ ...، بدل: و ليُمَحِّص.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الاستبصار 2، 65- باب قضاء ما فات من شهر رمضان في ذي الحجة، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و المراد بقطعه: إفطار يوم العيد في العاشر من ذي الحجة لحرمة الصوم فيه.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 7. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و في الذيل فيهما: فليقضه، بدل: فليصمه. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 .

85- باب الرجل يصبح و هو يريد الصيام فيفطر، و يصبح و هو لا يريد الصوم فيصوم في قضاء شهر رمضان و غيره

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يصبح و هو يريد الصيام، ثمَّ يبدو له فيفطر، قال: هو بالخيار ما بينه و بين نصف النهار، قلت: هل يقضيه إذا أفطر؟ قال: نعم، لأنّها حسنة أراد أن يعملها فليتمّها، قلت: فإنَّ رجلاً أراد أن يصوم ارتفاع النّهار، أيصوم؟ قال: نعم (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن حسين بن عثمان، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصائم المتطوِّع، تعرض له الحاجة؟ قال: هو بالخيار ما بينه و بين العصر، و إن مكث حتّى العصر، ثمّ بدا له أن يصوم، فإن لم يكن نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء (2)

3- أحمد بن محمد، عن العبّاس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن ابن سنان، عن عمّار بن مروان، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قوله: ﴿الصائم بالخيار إلى زوال الشمس﴾ ؟ قال: ذلك في الفريضة، فأمّا النّافلة فله أن يفطر أيَّ ساعة شاء إلى غروب الشمس (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن (4) أبي الحسن صلوات الله عليه في الرَّجل يبدو له بعد ما يصبح و يرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر

ص: 122


1- الظاهر منه أن السؤال عن صوم التطوع. و قد ذكر الأصحاب كراهة الإفطار فيه بعد الزوال. و دل الحديث على استحباب القضاء لمن أفطر يوماً نوى صومه استحباباً.
2- التهذيب 4، 44- باب نية الصيام، ح 4. الفقيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 11، و كرره في الباب 25 برقم 19 أيضاً.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 10. و كرره برقم 16 من الباب 65 من نفس الجزء. الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. و قوله: أن ذلك في الفريضة: أي في قضائها دون أصلها. و مما لا خلاف فيه بين أصحابنا رضوان الله عليهم، بل قال في المدارك أنه مما قطع به الأصحاب أنه في الواجب الغير المعيّن قضاءً كان أو غيره يمتد وقت النية اختياراً من أول الليل الى الزوال دون ما بعده، و لم ينقل خلاف ذلك إلّا عن ابن الجنيد حيث ذهب الى جواز تجديد النية بعد الزوال استناداً إلى بعض الروايات التي أعرض المشهور عنها.
4- في التهذيب: الحديث مضمر.

رمضان و لم يكن نوى ذلك من اللّيل؟ قال: نعم ليصمه، و ليعتدّ به إذا لم يكن أحدث شيئاً (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الحارث بن محمد، عن بريد العجليِّ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان؟ قال: إن كان أتى أهله قبل زوال الشمس فلا شيء عليه، إلّا يوم مكان يوم، و إن كان أتى أهله بعد زوال الشمس، فإنَّ عليه أن يتصدَّق على عشرة مساكين، فإن لم يقدر، صام يوماً مكان يوم ، و صام ثلاثة أيّام كفّارةً لما صنع (2)

6- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة تقضي شهر رمضان، فيُكرهها زوجها على الإفطار؟ فقال: لا ينبغي له أن يكرهها بعد الزوال (3)

7- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن صالح بن عبد الله الخثعميِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل ينوي الصوم، فيلقاه أخوه الّذي هو على أمره (4) أيفطر؟ قال: إن كان تطوُّعاً أجْزَاهُ و حُسِبَ له، و إن كان قضاء فريضةٍ قضاه (5)

86- باب الرجل يتطوع بالصيام و عليه من قضاء شهر رمضان

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن

ص: 123


1- التهذيب 4، نفس الباب، ذيل ح 5 بتفاوت.
2- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ... ، ح 17. الاستبصار 2، 66- باب ما يجب على من أفطر يوماً يقضيه من ... ، ح 3. بدون الذيل فيهما. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. هذا و المشهور بين أصحابنا، بل أدي في الخلاف و في الانتصار الإجماع عليه، و في الجواهر نفي الخلاف فيه -مما عدا العماني- و هو وجوب الكفارة على من أفطر بعد الزوال في قضاء شهر رمضان، مع هجرهم لما دلّ على خلاف ذلك و هو رواية عمّار الساباطي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و التي نصت على أن لا شيء إلّا القضاء لما كان يريد أن يقضيه، و رواها برقم 20 من الباب 65 من الجزء 4 من التهذيب. و برقم 6 من الباب 66 من الجزء 2 من الاستبصار.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 15. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا ينبغي، و إن كان ظاهره الكراهة، إلا أنه محمول على الحرمة. و الحديث موثق.
4- أي عقيدة التشيّع. و توجد هنا زيادة في الفقيه- و الظاهر أنها سقطت من الكافي نتيجة السهو من قلم المؤلف الشريف أو بفعل النسّاخ- و هي: فيسأله أن يفطر، أيفطر؟.
5- الفقيه، 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 10. و قد دل الحديث على أن ثواب إجابة دعوة الأخ المؤمن توازي صوم يوم تطوعاً، بل قضاءً. و الحديث مجهول.

الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) عن رجل عليه من شهر رمضان أيّام، أيتطوَّع؟ فقال: لا، حتّى يقضي ما عليه من شهر رمضان (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل عليه من شهر رمضان طائفة، أيتطوَّع؟ فقال: لا، حتّى يقضي ما عليه من شهر رمضان (2)

87- باب الرجل يموت و عليه من صيام شهر رمضان أو غيره

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يموت و عليه صلاة أو صيام؟ قال: يقضي عنه أوْلى الناس بميراثه، قلت: فإن كان أوْلى الناس به امرأة؟ فقال: لا، إلّا الرِّجال.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : سألته (3) عن رجل أدركه شهر رمضان و هو مريض فتوفّي قبل أن يبرء؟ قال: ليس عليه شيء و لكن يُقضى عن الّذي يبرء ثمَّ يموت قبل أن يقضيَ (4)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي مريم (5) الأنصاريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا صام الرَّجل شيئاً من شهر رمضان ثمَّ لم يزل مريضاً حتّى مات، فليس عليه شيء، و إن صحَّ ثمَّ مرض، ثمَّ مات و كان له

ص: 124


1- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ... ، ح 9. الفقيه 2، 44- باب الرجل بتطوع بالصيام و عليه ...، ح 2.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 8. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. هذا، و أكثر أصحابنا رضوان الله عليهم على المنع من التطوع بالصوم لمن عليه و في ذمته صوم واجب مطلقاً، و خصه بعضهم بمن كان عليه قضاء شهر رمضان فقط، و منهم- على الظاهر- المصنف رحمه الله و هو ما تضمنته هذه الرواية كالتي قبلها. و التي قبلها مجهولة و هذه حسنة.
3- في التهذيبين: عن احدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من ...، ح 12. الاستبصار 2، 57- باب حكم من مات في شهر رمضان، ح 8.
5- اسمه عبد الغفار بن القاسم بن قيس بن فهد...

مال، تصدَّق عنه مكان كلِّ يوم بمدّ، و إن لم يكن له مال، صام عنه وليّه (1)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرجل يموت و عليه دَيْن من شهر رمضان، من يقضي عنه؟ قال: أوْلى الناس به، قلت: و إن كان أوْلى النّاس به امرأة؟ قال: لا إلّا الرِّجال (2)

5- محمد بن يحيى، عن محمد قال: كتبت إلى الأخير (عَلَیْهِ السَّلاَمُ ) (3): رجل مات و عليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيّام، و له وليّان، هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعاً، خمسة أيّام أحدُ الوليّين، و خمسة أيّام الآخر؟ فوقّع (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يقضي عنه أكبر وليّیه عشرة أيّام ولاءً إن شاء الله (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: إذا مات رجلٌ و عليه صيام شهرين متتابعين من علّة، فعليه أن يتصدَّق عن الشهر الأوَّل، و يقضي الشهر الثاني (5)

ص: 125


1- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من ...، ح 10. الاستبصار 2، 57- باب حكم من مات في شهر رمضان، ح 6.الفقيه 2، 50- باب قضاء الصوم عن الميت، ح 1 بتفاوت في الجميع. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و إن صحّ: أي بحيث تمكن من القضاء و لكنه مع ذلك سوّف و لم يقض. و قوله: و كان له مال.. الخ: فيه دلالة على أن التصدق مقدّم على صوم الولي، و يقول المحقق في الشرائع: ﴿و لو كان له وليّان أو أولياء متساوون في السن تساووا في القضاء و فيه تردد و لو تبرع بالقضاء بعض سقط (أي عن البعض الآخر)، و هل يقضى عن المرأة ما فاتها؟ فيه تردد ...﴾. و قال في صورة ما إذا لم يكن له ولد أكبر و سقوط القضاء. وقيل: يتصدق عنه عن كل يوم بمدّ من تركته.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5.الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. هذا و قد قطع أصحابنا رضوان الله عليهم بعدم وجوب القضاء عمن فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض أو حيض أو نفاس و مات فيه و ذلك- إضافة إلى ما دل على ذلك من روايات- للأصل و قال بعضهم: ﴿و لعدم وجوبه على الميت فأوْلى لا يجب على الحي لأنه إن وجب عليه كان عن ميته الذي لا يجب عليه﴾. و قال المحقق في الشرائع/ 203: ﴿يجب على الولي أن يقضي ما فات من الميت من صيام واجب، رمضان كان أو غيره، سواء قات لمرض أو غيره، و لا يقضي الولي إلّا ما تمكن الميت من قضائه و أهمله، إلا ما يفوت في السفر فإنه يقضي و لو مات مسافراً على رواية، و الولي هو أكبر أولاده الذكور، و لو كان الأكبر أنثى لم يجب عليها القضاء ...﴾.
3- هو الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الكاتب إليه هو محمد بن الحسن الصفّار رحمه الله كما صرح به في الفقيه.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 6. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 3. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ولاءً: حمله الأصحاب على الاستحباب دون الفرض و الإيجاب.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16. و في ذيله: و يقضي عن الثاني. الحديث ضعيف على المشهور. ﴿و عمل الأكثر بمضمون هذا الخبر، و أوجب ابن إدريس قضاء الشهرين إلّا أن يكونا من كفارة مخيّرة فيتخيّر بينه و بين العتق أو الإطعام من مال الميت، و اختاره العلامة في المختلف و جماعة﴾ مرآة المجلسي 321/16.

88- باب صوم الصبيان و متى يؤخذون به

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه [عن ابن أبي عمير]، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّا نأمر صبياننا بالصّيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم، فإن كان إلى نصف النّهار و أكثر من ذلك أو أقلّ، فإذا غلبهم العطش و الغَرَث، أفطروا ، حتّى يتعوَّدوا الصّوم و يطيقوه، فَمُروا صبيانكم إذا كانوا أبناء تسع سنين بما أطاقوا من صيام، فإذا غلبهم العطش أفطروا (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في كم يؤخذ الصبيُّ بالصّيام؟ قال: ما بينه و بين خمس عشرة سنة، و أربع عشرة سنة، فإن هو صام قبل ذلك فَدَعْهُ، و لقد صام ابني فلان قبل ذلك فتركته (2)

3- أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن الصبيِّ متى يصوم؟ قال: إذا قويَ على الصّيام.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ (3)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيّام متتابعة، فقد وجب عليه صيام شهر رمضان (4)

ص: 126


1- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ... ، ح 26. و ذكره برقم 1 من الباب 18 من الجزء 2 من التهذيب أيضاً. الاستبصار 2 ، 68- باب أنه متى يجب على الصبي الصيام، ح 3. و ذكره برقم 1565 من التسلسل العام من الجزء 1 من الاستبصار. الفقيه 1، 43- باب...، ح 1. هذا و كان الشيخ الكليني رحمه الله قد ذكر هذا الحديث برقم 1 من الباب 229 من الجزء الأول من الفروع: و فيه: إذا كانوا بني خمس سنين ...، بدل قوله هنا: إذا كانوا بني سبع سنين. و ذلك في صدر الحديث. و قد علّقنا عليه هناك فراجع. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 198/1: ﴿مسألتان: الأولى: البلوغ الذي يجب معه العبادات: الاحتلام، أو الإنبات، أو بلوغ خمس عشرة سنة في الرجال على الأظهر، و تسع في النساء. الثانية: يُمرَّن الصبي و الصبيّة على الصوم قبل البلوغ، و يشدّد عليهما لسبع مع الطاقة﴾.
2- الفقيه 2 ، 34- باب الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم، ح 4. و فيه: أو أربع عشرة، و لعل الترديد من الراوي. و إن كان الأظهر ما في الفروع و التهذيب لأَنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في مقام بيان إن البلوغ قد يحصل بغير السن من بقية علاماته الاحتلام و الانبات. و رواه بدون الذيل في التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 80.
3- و اسمه اسماعيل بن أبي زياد.
4- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ...، ح 25 بتفاوت، و كرره برقم 81 من الباب 72 من نفس الجزء أيضاً. الاستبصار 2، 68- باب متى يجب على الصبي الصيام، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و الحديث ضعيف على المشهور، و حمل الوجوب فيه على الاستحباب المؤكد.

89- باب من أَسْلَمَ في شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان، ما عليه من صيامه؟ قال: ليس عليه إلّا ما أَسْلَمَ فيه (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه كان يقول: في رجل أسلم في نصف شهر رمضان أنّه ليس عليه إلّا ما يستقبل (2)

3- أبو علىّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) عن قوم أسلموا في شهر رمضان و قد مضى منه أيّام؟ هل عليهم أن يصوموا ما مضى منه، أو يومهم الّذي أسلموا فيه؟ فقال: ليس عليهم قضاء، و لا يومهم الّذي أسلموا فيه، إلّا أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر (3)

أبواب السفر

90- باب کراهية السفر في شهر رمضان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الخروج إذا دخل شهر رمضان؟ قال: لا، إلّا فيما أخبرك به: خروجٌ إلى مكّة، أو غزو في سبيل الله، أو مال تخاف هلاكه، أو أخ تريد وداعه، و إنّه ليس أخاً من الأب و الأمّ (4)

ص: 127


1- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من ...، ح ح 1. الاستبصار 2، 56- باب حكم من أسلم في شهر رمضان، ح 1.الفقيه 2، 37- باب الرجل يسلم و قد مضى بعض شهر رمضان، ح 1 بزيادة في آخره و تفاوت يسير جذا.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2،نفس الباب، ح 2.الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. اقول: و الوجه في هذا الخبر و ما تقدمه و ما شابهها واضح، لأن الإسلام شرط في صحة الصوم اداءً و قضاءً، و إن كان الكافر مكلفاً بالفروع عندنا، فلا يصح من غير المسلم و لو في جزء من النهار.
4- التهذيب 4، 73- باب من الزيادات، ح 86. الفقيه 2، 46- باب ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان، ح 1.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرّجل يدخل شهر رمضان و هو مقيم لا يريد بَراحاً (1)، ثمَّ يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر؟ فسكت، فسألته غير مرَّة، فقال: يقيم أفضل، إلا أن يكون [له] حاجة لا بدَّ من الخروج فيها، أو يتخوَّف على ماله (2)

91- باب كراهية الصوم في السفر

1- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز العبديِّ، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (3)؟ قال: ما أبْيَنَها، من شهد فليَصُمْه، و من سافر فلا يَصُمْه (4)

2- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه (5) عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إنَّ الله عزَّ و جلَّ تصدَّق على مَرْضى أُمّتي و مُسافِرِيها بالتقصير و الإفطار. أيَسُرُّ أحدَكم إذا تصدَّق بصدقة أن تُرَدَّ عليه﴾ (6)

3- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الملك بن عُتبة، عن إسحاق بن

ص: 128


1- أي لا يريد زوالاً من مكانه، كناية عدم قصده عدم الخروج و السفر.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و المشهور عند فقهاء الإمامية جواز السفر في شهر رمضان- إلا في سفر المعصية فهو حرام في شهر رمضان و غيره- و إن قالوا بكراهته فيه قبل مضي ثلاثة و عشرين يوماً كما ذكره في المختلف و قد حكي عن أبي الصلاح أنه إذا دخل الشهر على حاضر لم يحل له السفر مختاراً لظاهر قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ و قوله تعالى: ﴿ثُمّ أَتِمّوا الصّيامَ إِلَي اللّيلِ﴾ و استناداً إلى هذه الرواية المبينة أعلاه، و لإطلاق ما دل على وجوبه. (إلا أن الجميع قاصر عن معارضة الأصل و ظاهر [الآيات و الروايات الواردة] و فحوى ما دل على استحباب زيارة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في شهر رمضان المتوقف امتثاله للنائي على السفر و غير ذلك مما يظهر منه أن السفر كالموانع الاضطرارية، و إن الصوم لا يجب إلا على الحاضر و أنّه لا يجب عليه أن يحضر حتى يكون مكلفاً بل هو باق على إباحة السفر له،...) راجع جواهر الكلام 17/ 155- 157.
3- البقرة/185. و الشهود في الآية: الحضور، من الحضر مقابل السفر.
4- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 2. الفقيه 2، 47- باب وجوب التقصير في الصوم في السفر، ح 1. هذا، و لا خلاف بين أصحابنا في عدم جواز الصوم في السفر و حرمته إذا كان عالماً بعدم الجواز. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما أبيَنها: أي ما أوضحها دلالةً.
5- في التهذيب عن ابن أبي نجران عن بعض أصحابنا، بدل عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه.
6- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر المريض في الصيام، ح 3. الفقيه 2، 47- باب وجوب تقصير الصوم في السفر، ذيل ح 1 و أخرجه عن يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث صحيح.

عمّار، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: الصّائم في السّفر في شهر رمضان، كالمفطر فيه في الحضر، ثمَّ قال : إنَّ رجلاً أتى النّبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: يا رسول الله، أصوم شهر رمضان في السفر؟ فقال: لا، فقال: يا رسول الله، إنّه علىَّ يسير؟ فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إِنَّ الله عزَّ و جلَّ تصدَّق على مرضى أُمّتي و مُسافِرِيها بالإفطار في شهر رمضان، أيعجب أحدكم لو تصدَّق بصدقة أن تُرَدَّ عليه﴾ (1)

4- أحمد بن محمد، عن صالح بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) : خيار أُمتّى الّذين إذا سافروا أفطروا و قصّروا، و إذا أحسنوا استبشروا، و إذا أساؤوا استغفروا؛ و شرار أُمتّي الّذين ولدوا في النعيم و غذّو (2) به يأكلون طيب الطعام، و يلبسون ليّن الثّباب، و إذا تكلّموا لم يَصْدْقوا (3)

5- أبو عليُّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا خرج الرّجل في شهر رمضان مسافراً أفطر؛ و قال: إنَّ رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خرج من المدينة إلى مكّة في شهر رمضان، و معه الناس، و فيهم المشاة، فلمّا انتهى إلى كُرَاع الغَميم، دعا بقدح من ماء فيما بين الظّهر و العصر فشرب و أفطر، ثمّ أفطر الناس معه، و ثَمَّ أُناس على صومهم، فسمّاهم: العُصاة، و إنّما يؤخذ بآخر أمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (4)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمّى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قوماً صاموا حين أفطر و قصّر: عصاةً، و قال: هم العصاة إلى يوم القيامة، و إنّا لنعرف أبناءَهم و أبناء أبنائهم إلى يومنا هذا (5)

7- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن سليمان بن سماعة، عن عليِّ بن إسماعيل، عن محمد بن حكيم قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لو أنَّ رجلاً مات صائماً في السّفر ما صلّيتُ عليه (6)

ص: 129


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1.
2- في الفقيه: و غدوا به.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. و الحديث مجهول.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. و كُراع الغميم: مكان بين مكة و المدينة. و الغَميم: واد بالحجاز. و الحديث صحيح.
5- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 6. الفقيه 2، 47- باب وجوب تقصير الصوم في السفر، ح 4 بتفاوت يسير جداً. و كان الصدوق رحمه الله قد أورد مضمون هذا الحديث في ذيل الحديث (1) من الباب 59 من أبواب الصلاة في السفر من الجزء الأول من الفقيه و علّقنا عليه هناك. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و إنا لنعرف ... الخ: أي يُعْرفون من صيامهم في السفر أيضاً فهم عصاة كآبائهم، و هذا يدل على أن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة و حرامه حرام إلى يوم القيامة.
6- التهذيب 4، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 3. و لا بد من حمل الحديث على ما إذا كان ناصبياً فلا يصلّى عليه للحكم بكفره، أو ما صليت عليه لو وجد من يصلي عليه غيري. و الحديث ضعيف.

92- باب من صام في السفر بجهالة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: رجلٌ صام في السّفر؟ فقال: إن كان بلغه أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) نهى عن ذلك فعليه القضاء و إن لم يكن بَلَغَهُ فلا شيء عليه (1)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من صام في السّفر بجهالة لم يقضِه.

3- صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن ليث المراديِّ، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا سافر الرَّجل في شهر رمضان أفطر، و إن صامه بجهالة لم يقضه.

93- باب من لا يجب له الإفطار و التقصير في السفر و من يجب له ذلك

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المُكاريّ و الجَمّال الّذي يختلف و ليس له مقام، يتمُّ الصلاة، و يصوم شهر رمضان (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: لا يفطر الرَّجل في شهر رمضان إلّا في سبيل حقّ.

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مروان (3)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: من سافر قصّر و أفطر، إلّا أن يكون رجلاً سفره إلى صيد، أو في معصية الله، أو رسولاً لمن يعصي الله، أو في طلب شحناء،

ص: 130


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 18. الفقيه 2، نفس الباب، ح 15. قال الشهيدان في اللمعة و الروضة: ﴿و لو صام المسافر حيث يجب عليه القصر عالماً أعاد قضاءً للنهي المفسد للعبادة و لو كان جاهلاً بوجوب القصر فلا إعادة و هذا أحد المواضع التي يعذر فيها جاهل الحكم..﴾ و ما ذكراه أجماعي عندنا. و في إلحاق الناسي بالجاهل خلاف أظهره العدم. و المريض لا يعذر مطلقاً.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 9.
3- في التهذيب و الفقيه: عن عمار بن مروان.

أو سعايه ضرر على قوم مسلمين (1)

4- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عمر بن حفص، عن سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرجل يشيّع أخاه في شهر رمضان فيبلغ مسيرة يوم، أو مع رجل من إخوانه، أيفطر أو يصوم؟ قال: يفطر.

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) في الرّجل يشيّع أخاه مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة؟ قال: إن كان في شهر رمضان فليفطر، قلت: أيّما (2) أفضل، يصوم أو يشيّعه؟ قال: بشيّعه، إنّ الله عزَّ و جلَّ قد وضعه عنه (3)

6- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان قال: قلت لابي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) رجلٌ من أصحابي قد جاءني خبره من الأعوص (4) و ذلك في شهر رمضان، أَتَلَقّاه و أُفْطِر؟ قال: نعم، قلت: أتلقّاه و أفطر، أو أقيم و أصوم؟ قال: تَلَقّاه و أَفْطِرْ (5)

7- حمید بن زیاد، عن ابن سماعة ، عن عدّة، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: الرَّجل يُشَيّع أخاه في شهر رمضان اليومَ و اليومين؟ قال: يفطر و يقضي، قيل له: فذلك أفضل، أو يقيم و لا يُشَيِّعه؟ قال: يشيّعه و يفطر، فإنَّ ذلك حقٌّ عليه.

ص: 131


1- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 15 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 47- باب وجوب التقصير في الصوم في السفر، ح 7 بتفاوت أيضاً. قوله: إلى صيد، لا بد من تقييده بصيد اللهو، و الشّحناء: العداوة و الخصومة. و لا بد من الإشارة هنا، إلى أن الظاهر أن محمد بن مروان في سند هذه الرواية في الفروع هو الكلبي، ﴿و الظاهر- بملاحظة ما ذكره الصدوق في المشيخة أن المراد بعمار بن مروان فيها هو الكلبي، ... و بذلك يظن أن المذكور في المشيخة فيه تحريف من سهو القلم أو من غلط النسّاخ، و الصحيح محمد بن مروان الكلبي و هو الذي ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أما عمار بن مروان الكلبي فلا وجود له في كتب الرجال. و يؤكد ذلك أن الصدوق روى عن محمد بن مروان و ابتدأ به في السند: ﴿الفقيه، ج 2 باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه، ح 262. وج 3 باب العتق و أحكامه، ح 241، مع أنه لم يذكر إليه طريقاً في المشيخة فمن المظنون أن الطريق المزبور هو طريقه إلى محمد بن مروان الذي روى الحسن بن محبوب عن أبي أيوب عنه كما في الكافي و الله العالم﴾ راجع معجم رجال الحديث، للإمام الخوئي، 12 ص/ 259.
2- يعني أيّهما.
3- الفقيه 2، 46- باب ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان ،ح 4 بتفاوت يسير. و الحديث صحيح
4- الأعوص: -كما يقول الفيروز آبادي- هو موضع قرب المدينة، و وادٍ بديار باهِلَة.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. و الحديث ضعيف على المشهور. و تلقاه: أصله: تتلقاه، فحذفت أحدى التائين.

94- باب صوم التطوّع في السفر و تقديمه و قضاؤه

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن محمد بن عبد الله بن واسع (1)، عن إسماعيل بن سهل، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خرج أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من المدينة في أيّام بَقِينَ من شعبان، فكان يصوم، ثمَّ دخل عليه شهر رمضان و هو في السّفر، فأفطر، فقيل له: تصوم شعبان و تفطر شهر رمضان؟ فقال: نعم شعبان إليَّ، إن شئتُ صمتُ و إن شئتُ لا، و شهر رمضان عَزْمٌ من الله عزَّ و جلَّ عليَّ الإفطار (2)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن عمرو بن عثمان، عن عذافر قال: قلت لأبي عبد الله عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ: أصوم هذه الثلاثة الأيّام في الشهر، فربّما سافرت، و ربّما أصابتني علّة، فيجب عليَّ قضاؤها؟ قال: فقال لي: إنّما يجب الفرض، فأمّا غير الفرض فأنت فيه بالخيار، قلت: بالخيار فى السّفر و المرض؟ قال: فقال: المرض قد وضعه الله عزَّ و جلَّ عنك، و السّفر إن شئت فاقضه، و إن لم تقضه فلا جناح عليك.

3- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سعد بن سعد الأشعريّ، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن صوم ثلاثة أيّام في الشهر، هل فيه قضاء على المسافر؟ قال: لا.

4 - أحمد بن محمد، عن المرزبان بن عمران قال: قلت للرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أُريد السفر، فأصوم لشهري الّذي أُسافر فيه؟ قال: لا، قلت: فإذا قَدِمْتُ أقضيه؟ قال: لا، كما لا تصوم، كذلك لا تقضي.

5- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن بلال، عن الحسن بن بسّام الجمّال عن رجل قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فيما بین مكّة و المدينة في شعبان و هو

ص: 132


1- في سند التهذيب: محمد بن عبد الله بن رافع، بدل: ... واسع.
2- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 67. الاستبصار 2، 53- باب صوم التطوع في السفر، ح 2. و الحديث ضعيف، و قد دل على جواز صوم التطوع في السفر. و قد ذهب جماعة من أصحابنا رضوان الله عليهم إلى القول بعدم جواز الصوم المندوب في السفر منهم الصدوقان، و الحلبي الذي نسبه إلى الفقهاء المحصلين من أصحابنا، و المفيد الذي نسبه إلى المشهور عند القدماء، و غيرهم، و ذهب ابن حمزة إلى القول بالجواز من دون كراهة و ذلك استناداً إلى رواية اسماعيل بن سهل و الحسن بن بسّام الجمّال الآتية، بينما ذهب جماعة من أصحابنا إلى القول بالجواز مع الكراهة، بل نسب هذا القول إلى أكثرهم. و قد اتفقوا على استثناء صيام ثلاثة أيام للحاجة في المدينة كما ذكر صاحب الجواهر رحمه الله.

صائم، ثمَّ رأينا هلال شهر رمضان فأفطر، فقلت له: جُعِلْتُ فِداك، أمسِ كان من شعبان و أنت صائم، و اليوم من شهر رمضان و أنت مفطر؟ فقال : إنَّ ذاك تطوُّع، و لنا أن نفعل ما شئنا، و هذا فرض، فليس لنا أن نفعل إلّا ما أُمِرْنا (1)

95- باب الرجل يريد السفر أو يَقْدِمُ من سفر في شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الرَّجل يخرج من بيته يريد السّفر و هو صائم؟ قال: فقال: إن خرج من قبل أن ينتصف النّهار فليفطر، و ليقضِ ذلك اليوم، و إن خرج بعد الزَّوال فَلْيِتُمَّ يومه (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عُبَيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا خرج الرَّجل في شهر رمضان بعد الزَّوال أتمَّ الصيام، فإذا خرج قبل الزَّوال أفطر.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن عُبَيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يسافر في شهر رمضان، يصوم أو يفطر؟ قال: إن خرج قبل الزَّوال فليفطر، و إن خرج بعد الزَّوال فليصُمْ؛ و قال: يعرف ذلك بق

ول عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿أصوم و أفطر حتّى إذا زالت الشمس عزم عليَّ﴾، يعني الصيام.

ص: 133


1- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 68. الاستبصار 2، 53- باب صوم التطوع في السفر، ح 4. و الحديث ضعيف.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 46. الاستبصار 2، 51- باب حكم من خرج إلى السفر بعد طلوع الفجر و لم ... ، ح 5. الفقيه 2، 47- باب وجوب التقصير في الصوم في السفر، ح 10. و قد جعل المقياس في هذا الحديث للصوم و الفطر الخروج قبل الزوال أو بعده من دون تقييد تبييت النية للسفر و عدمه و الحديث حسن. هذا و عن المفيد، و الكليني و الصدوق، و أكثر كتب العلّامة، و الشهيدين في اللمعة و الروضة و غيرهم كثير القول بصحة الصوم إذا سافر من بلده بعد الزوال. في حين ذهب الشيخ في كل من النهاية و المبسوط، و كذلك عن القاضي، و المعتبر و ابن حمزة، و المحقق في الشرائع و النافع، التفصيل بين ما إذا بيّت نية السفر ليلاً أفطر و لو خرج بعد الزوال، و إن لم ينوِ السفر من الليل صام و إن خرج قبل الزوال. و لكن الشيخ- كما يبدو من كلامه في كل من التهذيب و الاستبصار- اختياره أنه إذا لم يبيّت نية السفر صام مطلقاً، و أما إذا بيّتها فذهب إلى أنه لو خرج حينئذٍ قبل الزوال وجب عليه الإفطار، و إن خرج بعد الزوال فهو مخيّر بين الصوم و الإفطار مع استحباب الصوم له هذه الحال. و عن رسالة ابن بابويه عدم اشتراط شيء من الأمرين حيث حكم بكفاية مطلق السفر في لزوم الإفطار حتى و إن كان لم يبيّت النية و خرج بعد الزوال.

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا سافر الرَّجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النّهار، فعليه صيام ذلك اليوم و يعتدُّ به من شهر رمضان، فإذا دخل أرضاً قبل طلوع الفجر و هو يريد الإقامة بها، فعليه صوم ذلك اليوم، فإن دخل بعد طلوع الفجر، فلا صيام عليه، و إن شاء صام (1)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رِفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يَقْدُمُ في شهر رمضان من سفر، حتّى يرى أنّه سيدخل أهله ضحوةً، أو ارتفاع النّهار؟ فقال: إذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل أهله، فهو بالخيار، إن شاء صام و إن

شاء أفطر (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يَقْدُمُ من سفر في شهر رمضان، فيدخل أهله حين يصبح، أو ارتفاع النهار؟ قال: إذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل أهله، فهو بالخيار: إن شاء صام و إن شاء أفطر (3)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل قَدِمَ من سفر في شهر رمضان و لم يَطْعَمْ شيئاً قبل الزَّوال؟ قال: يصوم (4)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس، و قد أكل؟ قال: لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئاً، و لا يواقع في شهر رمضان إن كان له أهل (5)

ص: 134


1- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 47. الاستبصار 2، 51- باب حكم من خرج إلى السفر بعد طلوع الفجر و لم... ، ح 6. الفقيه 2، 47- باب وجوب التقصير في الصوم في السفر، ح 11. هذا، و لا خلاف بين أصحابنا ظاهراً في أنه إذا دخل المسافر وطنه قبل الزوال و لم يتناول المفطر قبل وجب علیه و الصوم، و أما إذا كان قد تناول المفطر أو دخله بعد الزوال فلا.
2- التهذيب 4،نفس الباب، ح 43، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت فيهما. الفقيه 2، نفس الباب، ح 12. و حمل التخيير في الحديث على ما قبل الدخول.
3- التهذيب 4، 61- باب حكم المريض يفطر ثم يصحّ في ...، ح 8. و يحمل التخيير فيه على نفس ما حمل عليه في الحديث الآنف.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 6.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، 59- باب حكم القادم من سفره، ح 1. و الوقاع: -هنا- الجماع. و لسان الحديث يدل على استحباب الإمساك لمن هذا حاله بقية النهار و هو ما عليه الأصحاب.

9- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس قال: قال في المسافر الّذي يدخل أهله في شهر رمضان و قد أكل قبل دخوله ؟ قال: يكفُّ عن الأكل بقيّة يومه، و عليه القضاء؛ و قال: في المسافر يدخل أهله و هو جنب قبل الزَّوال و لم يكن أكل، فعليه أن يتمِّ صومه، و لا قضاء عليه (1)

- يعني كانت جنابته من احتلام-.

96- باب من دخل بلدة فأراد المقام بها أو لم يَرِدْ

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد؛ عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: إذا قدمت أرضاً و أنت تريد أن تقيم بها عشرة أيّام، فصُم و أتمَّ، و إن كنت تريد أن تقيم أقلَّ من عشرة أيّام، فأَفْطر ما بينك و بين شهر، فإذا بلغ الشهر فأتمَّ الصَّلاة و الصيام، و إن قلت: أرتحلُ غدوة.

2- محمد بن يحيى، عن العمركيِّ بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يدركه شهر رمضان في السفر فيقيم الأيّام في المكان، عليه صوم؟ قال: لا، حتّى يُجْمِعَ على مقام عشرة أيّام، و إذا أجمع على مقام عشرة أيّام صام و أتمَّ الصلاة، قال: و سألته عن الرجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان و هو مسافر، يقضي إذا أقام في المكان؟ قال: لا، حتّى يُجْمِعَ على مقام عشرة أيّام (2)

97- باب الرجل يجامع أهله في السفر أو يقدم من سفر في شهر رمضان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يسافر في شهر رمضان، أَلَهُ أن یصیب

ص: 135


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 13 و أخرج ذيله فقط عن الإمام الكاظم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الظاهر أنه قوله: يعني .. الخ هو من كلام الراوي. و لا بد من حمل الحديث على ما إذا كان احتلامه قد حصل نهاراً أو ليلاً و كان لديه معذّر عن الغسل.
2- الحديث صحيح، و ما أشتمل عليه من حكم مجمع عليه بين الأصحاب، و كذلك ما تضمنه الحديث السابق عليه، و إن كان ضعيفاً. و أجمع على الأمر: -كما في القاموس- عزم عليه.

من النساء؟ قال: نعم (1)

2- أحمد بن محمد، عن محمد بن سهل، [عن أبيه] قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أتى أهله في شهر رمضان و هو مسافر؟ قال: لا بأس (2)

3- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الملك بن عتبة الهاشميّ قال: سألت أبا الحسن يعني موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يجامع أهله في السفر و هو في شهر رمضان؟ قال: لا بأس به (3)

4- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرجل يسافر و معه جارية في شهر رمضان، هل يقع عليها؟ قال: نعم (4)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يسافر في شهر رمضان و معه جارية له، فله أن يصيب منها بالنهار؟ فقال: سبحان الله، أما يعرف حرمة شهر رمضان، إنَّ له في اللّيل سَبْحاً (5) طويلا، قلت: أليس له أن يأكل و يشرب و يقصّر؟ فقال : إنَّ الله تبارك و تعالى قد رخّص للمسافر في الإفطار و التقصير رحمة و تخفيفاً لموضع التعب و النَّصَب وَ وَعث السفر، و لم يرخّص له في مجامعة النساء في السّفر بالنّهار في شهر رمضان و أوجب عليه قضاء الصيام و لم يوجب عليه قضاء تمام الصلاة إذا آب من سفره، ثمَّ قال: و السنَّة لا تُقاس، و إنّي إذا سافرت في شهر

ص: 136


1- التهذيب 4، 58- باب العاجز عن الصيام، ح 15. الاستبصار 2، 55- باب المسافر إذا أفطر هل يجوز له أن يجامع نهاراً أم ... ، ح 5.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 14. الاستبصار 2، نفس الباب، ح4. هذا، و المشهور بين أصحابنا، بل حكى 4 في المدارك أنه مما قطع به الأصحاب و هو كراهة التملي من الطعام و الشراب للمسافر في شهر رمضان و كذلك الجماع و إن حكي عن أبي الصلاح و عن الشيخ ايضاً القول بالحرمة. و قال المحقق في الشرائع 211/1: ﴿من يسوغ له الإفطار في شهر رمضان يكره له التملّي من الطعام و الشراب، و كذا الجماع. وقيل: يحرم، و الأول أشبه﴾.
3- التهذيب 4، 58- باب العاجز عن الصيام، ح 16. الاستبصار 2، 55- باب المسافر إذا أفطر هل يجوز له أن يجامع نهاراً أم ...، ح 6. و ليس في سنده ذكر لعبد الملك بن عتبة الهاشميّ. و قد حمله الشيخ رحمه الله و أمثاله على الجماع ليلاً، أو على من كان مسافراً فغلبته شهوته و لم يتمكن من الصبر عليها و خاف على نفسه الدخول في محظور. و يظهر من مذهب الشيخ في التهذبيين، بل في غيرهما من كتبه أنه يحظر على المسافر أن يجامع في نهار شهر رمضان. و هو مردود بهذه الأخبار التي كثير منها صحيح أو حسن. و الله العالم.
4- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 92. بتفاوت يسير و سند مختلف.
5- سَبْحاً: أي فراغاً و فسحة.

رمضان ما آكل إلّا القوت، و ما أشرب كلَّ الرَّيِّ (1)

6- عليُّ بن محمد، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد، عن عبد الله ابن سنان قال: سألته عن الرَّجل يأتي جاريته في شهر رمضان بالنهار في السفر؟ فقال: ما عرف هذا حقٌّ شهر رمضان، إنَّ له في اللّيل سبحاً طويلاً (2)

قال الكلينيِّ: الفضل عندي أن يوفّر الرَّجل شهر رمضان، و يمسك عن النساء في السفر النهار، إلّا أن يكون تغلبه الشهوة و يخاف على نفسه، فقد رخّص له أن يأتي الحَلال، كما رخّص للمسافر الّذي لا يجد الماء إذا غلبه الشبق أن يأتي الحلال، قال: و يؤجر في ذلك، كما أنّه إذا أتى الحرام أثِمَ.

98- باب صوم الحائض و المستحاضة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) الحائض تقضي الصوم؟ قال: نعم، قلت: تقضي الصلاة؟ قال: لا، قلت: من أين جاء هذا؟ قال: أوَّل من قاس إبليس (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن امرأة أصبحت صائمة، فلمّا ارتفع النهار أو كان العَشِيِّ حاضتِ أَتُفْطر؟ قال: نعم، و إن كان وقت المغرب فلتفطر، قال: و سألته عن امرأة رأت الطهر في أوَّل النهار من شهر رمضان فتغتسل، و لم تَطْعَم، فما تصنع في ذلك اليوم؟ قال: تفطر ذلك اليوم، فإنّما فطرها من الدَّم (4)

ص: 137


1- التهذيب 4، 58- باب العاجز عن الصيام، ح 12. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 47- باب وجوب التقصير في الصوم في السفر، ح 14 بتفاوت. و القوت: ما يقيم الأَوَدَ من الطعام، و هو الضروري منه. و في الفقيه: ما أكل كل القوت: و هو أظهر، و يدل على كراهة التمليّ من الطعام و الشراب للمسافر في نهار شهر رمضان كما نص عليه الأصحاب.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 13. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. بتفاوت يسير فيهما. الفقيه 2، نفس الباب، صدرح 14.
3- التهذيب 1، 7- باب حكم الحيض و الاستحاضة و...، ح 30. و فيه: إن أول... الخ. و كذلك هو في الفروع 1، 64- باب الحائض تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة، ح 2.
4- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 7. بتفاوت يسير. الفقيه 2، 48- باب صوم الحائض و المستحاضة، ح 1 بتفاوت و فيه: ولم تغتسل ... و قد عمل الأصحاب بما تضمنه من الأحكام.

3- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة تطمث في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس؟ قال: تفطر حين تطمث (1)

4- صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة تلد بعد العصر، أتتمّ ذلك اليوم أم تفطر؟ قال: تفطر، و تقضي ذلك اليوم (2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المستحاضة؟ قال: فقال: تصوم شهر رمضان، إلّا الأيام الّتي كانت تحيض فيهن، ثمَّ تقضيها بعدَهُ (3)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن عليِّ بن مهزيار قال : كتبتُ إليه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أوَّل يوم من شهر رمضان، ثمَّ استحاضت، فصلّت و صامت شهر رمضان كلّه من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكلِّ صلاتين، فهل يجوز صومها و صلاتها أم لا ؟ فكتب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تقضي صومها و لا تقضي صلاتها، إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يأمر فاطمة صلوات الله عليها و المؤمناتِ من نسائه بذلك (4)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في امرأة أصبحت صائمة، فلمّا ارتفع النهار أو كان العشيّ حاضت، أتفطر؟ قال: نعم، و إن كان قبل المغرب فلتفطر؛ و عن امرأة ترى الطهر من أوَّل النهار في شهر رمضان، لم تغتسل و لم تطعم، كيف تصنع بذلك اليوم؟ قال: إنّما فطرها من الدَّم (5)

ص: 138


1- التهذيب 1، 7- باب حكم الحيض و الاستحاضة و... ، ح 5 بتفاوت يسير، و كرره برقم 38 من الباب 19 من نفس الجزء. الاستبصار 1، 86- باب المرأة تحيض في يوم من أيام شهر رمضان، ح 2 بدون؛ حين تطمث، في الذيل الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. أقول: و إنما تفطر، لأن فطرها من الدم كما ورد في الرواية السابقة، و يجب عليها القضاء.
2- التهذيب 1، نفس الباب، ح 70 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4.
3- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 4. و ذكره برقم 27 من الباب 65 من نفس الجزء. و كان قد ذكره برقم 77 من الباب 19 من الجزء الأول من التهذيب و في كل موضع في ذيله: بعدُ، بدل: بعدَه. الفقيه 2، 48- باب صوم الحائض و المستحاضة، ح 3.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و هذا و قد ذكر الفيض في الوافي إن هذا الخبر متروك بالإتفاق لأن مما ثبت عندنا أن فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لم ترحيضاً في حياتها فهي طاهرة مطهّرة إلا أن يكون المراد بفاطمة، فاطمة بنت أبي حبيش فإنها كانت مشهورة بكثرة الاستحاضة....
5- مر هذا بسند آخر برقم 2 من هذا الباب فراجع. و هو هنا مجهول.

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن محمد بن يحيى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان، و ماتت في شوَّال، فأوصتني أن أقضي عنها؟ قال: هل برئت من مرضها؟ قلت: لا، ماتت فيه، فقال: لا تقضِ عنها، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ لم يجعله عليها، قلت: فإنّي أشتهي أن أقضي عنها، و قد أوصتني بذلك؟ قال: كيف تقضي عنها شيئاً لم يجعله الله عليها!؟ فإن اشتهيتَ أن تصومَ لنفسك فَصُم (1)

9- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت، أو سافرت، فماتت قبل خروج شهر رمضان، هل يقضى عنها؟ قال: أمّا الطمث و المرض فلا، و أمّا السفر فنعم (2)

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن رفاعة بن موسی قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة تنذر عليها صوم شهرين متتابعين؟ قال: تصوم، و تستأنف أيّامها الّتي قعدت، حتّى تتمَّ شهرين، قلت: أرأيتَ إن هي يئست من المحيض، أتقضيه؟ قال: لا تقضي، يجزيها الأوَّل (3)

11- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن محمد بن جعفر قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ امرأتي جعلت على نفسها صوم شهرين، فوضعت ولدها و أدركها الحبل، فلم تَقْوَ على الصوم؟ قال: فلتتصدَّق مكان كلِّ يوم بمُدّ على مسكين (4)

ص: 139


1- التهذيب 4، 60- باب من أسلم في شهر رمضان و حكم من... ، ح 11. الاستبصار 2، 57- باب حكم من مات في شهر رمضان، ح 7.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 15. و أخرجه عنه، عن علي بن أسباط ، عن علا، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 48- باب صوم الحائض و المستحاضة، ح 6. الحديث صحيح، ﴿و ما دل عليه هذه الرواية من الفرق بين السفر و غيره مذهب جماعة من الأصحاب، و اختاره بعض المحققين من المتأخرين. و ذهب جماعة إلى عدم الفرق بين السفر و غيره من الأعذار في اشتراط التمكن من القضاء، و أجابوا عن هذه الروايات تارة بحملها على الاستحباب، و أخرى بكون السفر معصية، و لا يخفى بُعْدُهما﴾ مرآة المجلسي 344/16.
3- التهذيب 8، 14- باب النذور، ح 49 بزيادة في أوله و تفاوت قليل. و كذا هو في الاستبصار 2، 69- باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فمرض قبل أن ...، ح 2. و عليه فتوى الأصحاب.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. و يقول المجلسي في مرآته: و لا يخفى عدم مناسبته لهذا الباب، و بالباب التالي أنسب. 344/16. و يحتمل أن الأمر بالتصدق عن كل يوم من الشهرين بعد إنما هو لعلة التأخير و ليس لسقوط المنذور، بل تتربص تجدد القدرة عندها لتفي به، و إن كان المشهور بين الأصحاب هو سقوط الصوم عند العجز عن الوفاء بالصوم المنذور من دون إيجاب شيء آخر. و الله العالم.

99- باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فَعَرَضَ له أمر يمنعه عن اتمامه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل؛ و محمد بن حمران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل الحرِّ يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظِهار، فيصوم شهراً ثمَّ يمرض؟ قال: يستقبل، و إن زاد على الشهر الآخر يوماً أو يومين بنى على ما بقي (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ ، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صيام كفّارة اليمين في الظهار شهران متتابعان، و التتابع أن يصوم شهراً و يصوم من الشهر الآخر أيّاماً، أو شيئاً منه، فإن عرض له شيءٌ يفطر فيه، أفطر ثمَّ قضى ما بقي عليه، و إن صام شهراً ثمَّ عرض له شيء فأفطر قبل أن يصوم من الآخر شيئاً فلم يتابع، أعاد الصيام كلّه (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته (3) عن الرَّجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين، أيفرِّق بين الأيّام؟ فقال: إذا صام أكثر من شهر فَوَصَلَهُ ثُمَّ عرض له أمرٌ فأفطر، فلا بأس، فإن كان أقلَّ من شهر، أو شهراً، فعليه أن يعيد الصيام (4)

4- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن

ص: 140


1- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من أفطر فيه على... ، ح 34. الاستبصار 2، 69- باب من وجب عليه صوم شهرين متابعين فمرض قبل ...، ح 4. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من وجب عليه صوم شهرين متابعين فأفطر في الأثناء لعذر كالحيض و المرض و ما شابه لم يجب عليه الاستئناف بعد ارتفاع العذر بل يبني على ما مضى. و كذلك هو المشهور في غير الشهرين مما وجب فيه التابع في الصوم أيضاً. و أما إذا أفطر لغير عذر فإنه يستأنف إلا في ثلاثة مواضع- على حد تعبير المحقق في الشرائع- و هي: من وجب عليه صوم شهرين متابعين فصام شهراً و من الثاني شيئا و لو يوماً بني. و من وجب عليه صوم شهر متتابع بنذر فصام خمسة عشر يوماً ثم أفطر. و في صوم ثلاثة أيام عن الهدي، إن صام يوم التروية و عرفة ثم أفطر يوم النحر... و لو كان أقل من ذلك استأنف، و كذا لو فصل بين اليومين و الثالث بإفطار غير العيد استأنف أيضاً.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 29 بتفاوت يسير و زيادة في آخره.
3- في التهذيب: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 28.

أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل كان عليه صوم شهرين متتابعين في ظِهار، فصام ذا القعدة ثمَّ دخل عليه ذو الحجّة؟ قال: يصوم ذا الحجّة كلّه إلّا أيّام التشريق، يقضيها في أوَّل يوم من المحرَّم، حتّى يتمَّ ثلاثة أيّام، فيكون قد صام شهرين متتابعين، قال: و لا ينبغي له أن يقرب أهله حتّى يقضي ثلاثة أيّام التشريق الّتي لم يَصُمْها، و لا بأس إن صام شهراً ثمَّ صام من الشهر الآخر الّذي يليه أيّاماً، ثمَّ عرض له علّة أن يقطعها، ثمَّ يقضي من بعد تمام الشهرين (1)

5- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: في رجل صام في ظِهارٍ شعبان، ثمَّ أدركه شهر رمضان؟ قال: يصوم رمضان، و يستأنف الصوم، فإن هو صام في الظِهار فزاد في النصف يوماً قضى بقيّته (2)

6- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال في رجل جعل عليه صوم شهر، فصام منه خمسة عشر يوماً، ثمَّ عرض له أمر؟ فقال: إن كان صام خمسة عشر يوماً فله أن يقضي ما بقي، و إن كان أقلَّ من خمسة عشر يوماً، لم يجزِهِ حتّى يصوم شهراً تامّاً (3)

7- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قطع صوم كفّارة اليمين، و كفّارة الظهار، و كفّارة القتل؟ فقال: إن كان على رجل صيام شهرین متتابعین، فأفطر أو مرض في الشهر الأوَّل، فإنَّ عليه أن يعيد الصيّام، و إن صام الشهر الأوَّل و صام من الشهر الثاني شيئاً، ثمّ عرض له ما لَهُ فيه عذر، فإنَّ عليه أن يقضى (4)

ص: 141


1- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 95 بتفاوت قليل، و في ذيله: ثم يقضي بعد تمام الشهر. الفقيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 14. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ثم يقضي... ، أي ثم يصوم عدد الأيام التي أفطر فيها لعذر بدلاً منها حتى يكمل عدّة كفارة الظهار.
2- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من ... ، ح 30. و في ذيله: بنى و قضى بقيته الفقيه 2، 49- باب قضاء صوم شهر رمضان، ح 13 بتفاوت يسير. و قوله: في ظهار: أي في كفارة ظِهار.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 36. و 37 و في الأخير عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، نفس الباب، ح 12.
4- التهذيب 4،نفس الباب، ح 35. الاستبصار 2، 69- باب مْن وجب عليه صيام شهرين متتابعين فمرضَ قبل ...، ح 5. و قد حمل الشيخ في التهذيب هذا الحديث و أمثاله على ما إذا كان مرضه مرضاً لا يمنعه من الصيام و إن كان يشق عليه بعض المشقة، و لذا حكم فيها بوجوب الاستئناف عليه.

8- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل قتل رجلاً خطاً في الشهر الحرام؟ قال: تُغَلّظ عليه الدية، و عليه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم، قلت: فإنّه يدخل في هذا شيء؟ فقال: ما هو؟ قلت: يوم العيد و أيّام التشريق؟ قال: يصومه، فإنّه حقٌ يلزمه (1)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أَبَان بن تغلب، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجل قتل رجلاً في الحرم؟ قال: عليه دية و ثلث، و يصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم، و يعتق رقبة، و يطعم ستّين مسكيناً، قال: قلت: يدخل في هذا شيء؟ قال: و ما يدخل؟ قلت: العيدان و أيّام التشريق، قال: يصومه، فإنّه حقٌّ لزمه (2)

100- باب صوم كفّارة اليمين

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال:کُلُّ صَوْمٍ یُفَرَّقُ، إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَیَّامٍ فِی کَفَّارَةِ الْیَمِینِ.

2- و عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صيام ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين متتابعات لا يفصل بينهنَّ (3)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أَبَان، عن الحسين بن زيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: اَلسَّبْعَةُ اَلْأَیَّامِ، وَ اَلثَّلاَثَهُ اَلْأَیَّامِ فِی اَلْحَجِّ، لاَ یُفَرَّقُ، إِنَّمَا هِیَ بِمَنْزِلَةِ اَلثَّلاَثَهِ اَلْأَیَّامِ فِی اَلْیَمِینِ (4)

ص: 142


1- التهذيب 4، 67- باب وجوه الصيام و شرح ...، ح 2. الاستبصار 2، 47- باب تحريم صوم يوم العيدين، ح 2. بتفاوت يسير فيهما. هذا و يقول المحقق في الشرائع 207/1: ﴿وقيل: القاتل في أشهر الحُرُم يصوم شهرين منها و لو دخل فيهما العيد و أيام التشريق، لرواية زرارة، و الأول أشبه﴾. و يقصد بالأول القول بعدم جواز أن يبتدىء من وجب عليه صوم متتابع زماناً لا يسلم فيه، و لا يسلم التتابع في مثل هذه الصورة التي وردت في رواية زرارة هذه.
2- هذا، و قد جزم صاحب المنتقى- فيما ينقل عنه المجلسي في المرآة 349/16 بوجود غلط في متن الحديث باعتبار ذكر العيدين فيه، مع أن الداخل في مثله العيد و هو الأضحى فقط، و بوجود تصحيف في سنده و الصواب ابان بن عثمان بدل ابان بن تغلب.
3- ما تضمنه هذا الحديث كسابقه مما أجمع عليه أصحابنا رضوان الله عليهم.
4- الأكثر منّا على عدم وجوب التتابع في صوم السبعة الأيام، و لذا حملوا هذا الخبر على الاستحباب، في حين استدل به ابن أبي عقيل و أبو الصلاح على وجوب التابع فيها.

101- باب من جعل على نفسه صوماً معلوماً و من نذر أن يصوم في شكر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن كرَّام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنِّي جَعَلْتُ على نفسي أن أصوم حتّى يقوم القائم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ فقال: صم و لا تصم في السّفر، و لا العيدين، و لا أيّام التشريق، و لا اليوم الّذي يُشَكُّ فيه من شهر رمضان (1)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أحمد بن أشيم قال: كتب الحسين إلى الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلتُ فِداك، رجل نذر أن يصوم أياماً معلومة، فصام بعضها ثم اعتلّ فأفطر، أيبتدىء في صومه، أم يحتسب بما مضى؟ فكتب إليه: يحتسب ما مضى (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن عبد الله، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: قلت له: جُعِلْتُ فِداك، عليَّ صيام شهر إن خرج عمّي من الحبس، فخرج، فأُصبح و أنا أُريد الصيام، فيجيئني بعض أصحابنا فأدعو بالغداء و أتغدَّى معه؟ قال: لا بأس (3)

4- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل جعل على نفسه صوم شهر بالكوفة و شهر بالمدينة و شهر بمكة من بلاء ابتلي به، فقضى أنّه صام بالكوفة شهراً و دخل المدينة فصام بها ثمانية عشر يوماً و لم يقم (4) عليه الجمّال، قال: يصوم ما بقي عليه إذا انتهى إلى بلده (5)

ص: 143


1- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 58.الاستبصار 2، 52- باب صوم النذر في السفر، ح 1. هذا، و الأشهر عند أصحابنا رضوان الله عليهم حرمة صوم أيام التشريق لمن كان بمنى.
2- التهذيب 4، 65- باب قضاء شهر رمضان و حكم من أفطر فيه على ...، ح 41 و في ذيله: بما مضى.
3- روى الشيخ في التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 98 عن هارون بن مسلم، عن ابن أبي عمير، عن صالح بن عبد الله قال: قلت لأبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إن أخي حُبِس، فجعلت على نفسي صوم شهر، فصمت، فربما أتاني بعض إخراني لأفطر فأفطرت أياماً، أفأقضيه؟ قال: لا بأس. ثم قال الشيخ بعد إيراده الحديث: هذا الخبر يدل على أنه متى لم يشترط التتابع جاز له أن يفرّق.
4- أي لم يمهله و لم ينتظره.
5- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 59.الاستبصار 2، 52- باب صوم النذر في السفر، ح 2 بزيادة في الذيل هي: و لا يصومه في سفر. هذا و قد أجمع أصحابنا على اشتراط عدم السفر في صحة الصوم، كما حكاه بقسميه صاحب الجواهر رحمه الله، إلا ما استثني و هو صوم ثلاثة أيام بدل هدي التمتع. وصوم بدل البدنة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب عامداً، وصوم النذر المقيد بالسفر، و هذا الأخير هو مما لا خلاف فيه أيضاً بينهم رضوان الله عليهم كما نص عليه في الجواهر و المنتهى، و حكى صاحب الحدائق الإتفاق عليه. و لكن صاحب الشرائع نسبه إلى المشهور، و لعله ليس لعدم وجود خلاف فيه، بل لضعف رواية علي بن مهزيار المتضمنة لحكم من نذر أن يصوم كل سبت (الوسائل، باب 10 من أبواب من يصح منه الصوم، ح 1). كما صرح بذلك صاحب المعتبر فراجع. هذا، و قد روى الشيخ في التهذيب رواية علي بن مهزيار برقم 64 من الباب 57 من الجزء 4.

5- عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه قال في رجل نذر أن يصوم زماناً، قال: الزّمان خمسة أشهر، و الحين ستّة أشهر، لأنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول (1): ﴿تُؤْتِی أُکُلَها کُلَّ حِینٍ بِإِذْنِ رَبِّها(2)﴾.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الرَّبيع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل، عن رجل قال: لله عليَّ أن أصوم حيناً، و ذلك في ،شکر، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد أتي عليٌّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في مثل هذا فقال: صم ستّة أشهر، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿تُؤْتِی أُکُلَها کُلَّ حِینٍ بِإِذْنِ رَبِّها﴾، يعني ستّة أشهر (3)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرّجل يجعل على نفسه أيّاماً معدودة مسمّاةً في كلِّ شهر، ثمَّ يسافر، فتمرُّ به الشهور، أنّه لا يصوم في السّفر، و لا يقضيها إذا شَهِد (4)

8- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرّجل يصوم صوماً قد وقّته على نفسه، أو بصوم من أشهر الحُرُم، فيمرُّ به الشهر و الشهران لا يقضيه؟ فقال: لا يصوم في السفر، و لا يقضي شيئاً من صوم التطوُّع، إلّا الثلاثة الأيّام الّتي كان يصومها من كلِّ شهر، و لا يجعلها بمنزلة الواجب، إلّا أنّي أُحبُّ لك أن تدوم على العمل الصالح؛ قال: و صاحب الحُرُم الّذي كان يصومها يجزيه أن يصوم مكان كلِّ شهر من أشهر الحرم ثلاثة أيّام (5)

9- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن الرّضا صلوات الله عليه قال: سألته عن الرَّجل يجعل لله عزَّ و جلَّ

ص: 144


1- إبراهيم/ 25. كل حين: قيل شتاءً و صيفاً.
2- التهذيب 4، 72- باب الزيادات ح 1. قال المحقق في الشرائع 189/3: ﴿و من نذر أن يصوم زماناً، كان خمسة أشهر، و لو نذر حيناً، كان ستة أشهر، و لو نوى غير ذلك عند النذر لزمه ما نوى﴾.
3- التهذيب 4،نفس الباب، ح 2. و فيه: قد أتي أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 96 بتفاوت قليل.
5- التهذيب 4، 57- باب حكم المسافر و المريض في الصيام، ح 60. الاستبصار 2، 52- باب صوم النذر في السفر، ح 3. الحديث ضعيف على المشهور، و قد حمله البعض على ما إذا وقّت على نفسه صوماً من دون نذر.

عليه صوم يوم مُسَمّى؟ قال: يصومه أبداً في السفر و الحَضَر (1)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: إنَّ أُمّي كانت جعلت على نفسها الله عليها نذراً إن كان الله ردّ عليها بعض ولدها من شيء كانت تخاف عليه، أن تصوم ذلك اليوم الّذي يقدم فيه ما بقيت، فخرجت معنا مسافرة إلى مكّة، فأشكل علينا، لم نْدَر أتصوم أم تفطر، فسألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن ذلك و أخبرته بما جعلت على نفسها؟ فقال: لا تصوم في السفر، قد وضع الله عنها حقّه، و تصوم هي ما جعلت على نفسها (2)، قال: قلت: ما ترى إذا هي قَدِمَت و تركت ذلك؟ فقال: إنّي أخاف أن ترى في الّذي نَذَرَتْ ما تكره (3)

102- باب كفّارة الصوم و فِدْيَته

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سهل، عن إدريس بن زيد؛ و عليِّ بن إدريس قالا: سألنا الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نذر نذراً إن هو تخلّص من الحبس أن يصوم ذلك اليوم الّذي تخلّص فيه، فيعجز عن الصّوم لعلّةٍ أصابته، أو غير ذلك، فَمُدَّ للرَّجل في عمره، و قد أجتمع عليه صوم كثير، ما كفّارة ذلك الصّوم؟ قال: يكفّر عن كلِّ يوم بمدّ حنطة أو شعير (4)

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أحمد، عن موسى بن بكر، عن محمد بن منصور قال: سألت الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نذر نذراً في صيام فعجز؟ فقال: كان أبي يقول: عليه مكان کلِّ يوم مدُّ (5)

ص: 145


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 63، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 6 و في الذيل فيهما: في الحضر و السفر.﴿يدل على أنه إذا نذر صوم يوم و أطلق، يجب إيقاعه في السفر، و المشهور بين الأصحاب أنه إنما يجب الصوم في السفر إذا شرط في النذر إيقاعه سفراً و حضراً. و يظهر من المحقق في النافع التوقف في هذا الحكم حيث قال: على قول مشهور﴾ مرآة المجلسي 354/16.
2- أي كيف تصوم ما جعلت على نفسها مع أنه أولى بالسقوط مما جعله الله عليها فأسقطه عنها.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 62. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5. و الحديث موثق في قوة الصحيح.
4- الفقيه 2، 51- باب فدية صوم النذر، ح 2. و هنالك قول لبعض فقهاء الإمامية في صورة عجز الناذر عن صوم النذر في وقته و هو وجوب القضاء عليه دون الكفارة. و هذا الخبر يدل- كالذي بعده- على الاكتفاء بالكفارة و إنها مُد. في حين ذهب الشيخ و بعض الأصحاب إلى أنها مُدّان.
5- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 14.

3- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل نذر على نفسه إن هو سَلِمَ من مرض، أو تخلّص من حَبْس، أن يصوم كلَّ يوم أربعاء، و هو اليوم الّذي تخلّص فيه، فعجز عن الصوم لعلّةٍ أصابته أو غير ذلك (1)، فمدَّ للرَّجل في عمره و اجتمع عليه صوم كثير، ما كفّارة ذلك؟ قال: تصدَّق لكلِّ يوم بمدّ من حنطة، أو ثمن مدّ (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألته عمّن لم يصم الثلاثة الأيّام من كلِّ شهر، و هو يشتدّ عليه الصيّام، هل فيه فداء؟ قال: مدُّ من طعام في كلِّ يوم (3)

5- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنَّ الصوم يشتدُّ عليَّ؟ فقال لي: لَدِرْهَمٌ تصدَّق به أفضل من صيام يوم، ثمَّ قال: و ما أُحبُّ أن تَدَعَهُ.

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن يزيد بن خليفة قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت: إنّي أُصْدَع (4) إذا صمت هذه الثلاثة الأيّام و يشقُّ عليَّ؟ قال: فاصنع كما أصنع إذا سافرت، فإنّي إذا سافرت تصدَّقت عن كلِّ يوم بمدّ من قوت أهلي (5) الّذي أقوتهم به.

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح ابن عقبة، عن عقبة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، إنّي قد كبرت و ضعفت عن الصيام، فكيف أصنع بهذه الثلاثة الأيّام في كلّ شهر؟ فقال: يا عقبة، تصدَّق بدرهم عن كلِّ يوم، قال: قلت: درهم واحد؟ قال: لعلّها كبرت عندك (6) و أنت تستقلّ الدِّرهم؟ قال: قلت: إِنَّ نِعم الله عزَّ و جلَّ عليَّ لسابِغَة، فقال: يا عقبة لإَطْعامُ مسلِمٍ خيرٌ من صيام شهر (7)

ص: 146


1- العلّة المرض. و غير ذلك: أي من سائر الأعذار الشرعية غير المرض.
2- الفقيه 2، 51- باب فدية صوم النذر، ح 1 بتفاوت، و في آخره: أو بمُدّ تمر. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 15. الفقيه 2، 24- باب صوم السنة، ح 9. و المقصود بالثلاثة من كل شهر، الثلاثة أيام المسنون صومها منه.
4- قال الفيروز آبادي: الصُداع: وجع الرأس.
5- بدل على استحباب كون المُدّ مما يقوت به أهله. و الحديث ضعيف.
6- في التهذيب: لعلها كَثُرَت ... ، و المقصود الدراهم.
7- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16. و الحديث ضعيف.

103- باب تأخير صيام الثلاثة الأيام من الشهر إلى الشتاء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله (1) أو لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرّجل يتعمّد الشهر في الأيّام القصار يصومه لسنة؟ قال: لا باس (2)

2- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد (3)، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم ، عن حسين بن أبي حمزة (4)، عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ):صَوْمُ ثَلاَثَةِ أَیَّامٍ مِنْ کُلِّ شَهْرٍ، أُؤَخِّرُهُ إِلَی اَلشِّتَاءِ ثُمَّ أَصُومُهَا؟ قَالَ: لاَ بَأْسَ بِذَلِکَ (5)

3- أحمد بن إدريس؛ و محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يكون عليه من الثلاثة أيّام الشهر، هل يصلح له أن يؤخّرها أو يصومها في آخر الشهر؟ قال: لا بأس، قلت: يصومها متوالية أو يفرِّق بينها؟ قال: ما أحَبَّ، إن شاء متوالية و إن شاء فرَّق بينها (6)

104- باب صوم عرفة و عاشوراء

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى؛ و عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن صوم يوم عرفة؟ فقال: [أ] ما (7) أصومه اليوم، و هو يوم دعاء و مسألة.

ص: 147


1- الترديد من الراوي.
2- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 17. و فيه: للسنة. و الحديث ضعيف. هذا، و المشهور بين الأصحاب استحباب قضاء صوم الأيام الثلاثة من كل شهر- إذا فاتته في الصيف- في الشتاء، و قد دل الحديث على جواز التقديم دون القضاء.
3- في التهذيب: عن سهل بن زياد، بدل: عن أحمد بن محمد.
4- في الفقيه: عن الحسن بن أبي حمزة ...
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 18. و في ذيله: لا بأس. الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 11 بتفاوت. قوله: ثم أصومها: فهم الأكثر منه صيامها قضاءً.
6- التهذيب 4، نفس الباب، ح 19.
7- في بعض النسخ: أنا ... ، بدل: أما ...

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن محمد بن مسلم (1) قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : إنَّ رَسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لَمْ یَصُمْ یَوْمَ عَرَفَةَ مُنْذُ نَزَلَ صِیَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ. (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن نوح بن شعيب النيسابوريّ، عن ياسين الضرير، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ) قالا: لا تَصُمْ في یَوْمِ عاشُورا، وَ لا عَرَفَةَ بِمَکَّةَ، وَ لا في الْمَدینَةِ، وَ لا في وَطَنِکَ، وَ لا في مِصْرٍ مِنَ الأَمْصار (3)

4- الحسن بن عليِّ الهاشميِّ، عن محمد بن موسى، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن عليِّ الوشّاء قال: حدَّثني نجبة (4) بن الحارث العطّار قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن صوم يوم عاشورا؟ فقال: صوم متروك بنزول شهر رمضان، و المتروك بِدْعَة، قال نجبة: فسألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من بعد أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن ذلك؟ فأجابني بمثل جواب أبيه، ثمَّ قال: أما إنّه صوم يوم ما نزل به كتاب، ولا جَرَت به سُنّة إلّا سنّة آل زياد بقتل الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما (5)

5- عنه، عن محمد بن عيسى بن عبيد قال: حدَّثني جعفر بن عيسى أخوه قال: سألت الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن صوم عاشورا و ما يقول الناس فيه؟ فقال: عن صوم ابن مرجانة تسألني، ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و هو يوم يَتَشأَّمُ به آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و يَتَشَأَّمُ به أهل الإسلام، و اليوم الّذي يتشأم به أهل الإسلام لا يُصام و لا يُتَبَرَّك به، و يوم الإثنين يوم نحس، قبض الله عزَّ و جلَّ فيه نبيّه، و ما أُصيب آل محمد إلّا في يوم الإثنين، فتشأّمْنا به و تَبَرَّك به عدوُّنا، و يوم عاشورا قتل الحسين صلوات الله عليه و تبرَّك به ابن مرجانة، و تشأَّم به آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فمن صامهما أو تبرَّك بهما لقي الله تبارك و تعالى ممسوخ القلب، و كان حَشْرُهُ مع الّذين سنّوا

ص: 148


1- في التهذيبين: محمد بن قيس، بدل محمد بن مسلم.
2- التهذيب 4، 67- باب وجوه الصيام و شرح ... ح 8. الاستبصار 2، 77- باب صوم يوم عرفة، ح 3. و بدل الحديث على عدم كون صومه من السنن ، و لا ينافي ذلك استحباب صومه تطوعاً. قال المحقق في الشرائع، و هو بصدد ذكر الصوم المندوب مما اختص بوقت: ﴿وصوم يوم عَرَفة لمن لم يضعفه عن الدعاء، و تحقّقَ الهلال﴾ و علّق صاحب المدارك على ذلك 396/1 فقال: ﴿يريد بذلك، أن استحباب صوم هذا اليوم مشروط بشرطين، أحدهما: أن لا يضعفه عن الدعاء، أى عما هو عازم عليه منه، في الكمية و الكيفية، و يستفاد من ذلك أن الدعاء في ذلك اليوم أفضل من الصوم. و الثاني: أن يتحقق الهلال، بمعنى أن يرى في أول الشهر رؤية لا يحصل فيها التباس و احتمال كونه لليّلة الماضية حذراً من صوم العيد ...﴾.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 15. الاستبصار 2، 78- باب صوم يوم عاشوراء، ح 4. و قد حمل النهي على الكراهة، و الحديث مجهول.
4- في التهذيبين: نجيّة، و نجبة- كما في الوافي- شيخ صادق كان صديقاً لعلي بن يقطين.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.

صومهما و التبرُّك بهما (1)

6- و عنه، عن محمد بن عيسى قال: حدَّثنا محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي قال: سمعت عُبَيد بن زرارة يسأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن صوم يوم عاشورا؟ فقال: من صامه كان حظّه من صيام ذلك اليوم حظُّ ابن مرجانة و آل زياد، قال: قلت: و ما كان حظّهم من ذلك اليوم؟ قال النّار، أعاذنا الله من النّار و من عمل يقرِّب من النّار (2)

7- و عنه، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن أبان، عن عبد الملك قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن صوم تاسوعا و عاشورا من شهر المحرَّم؟ فقال: تاسوعا: يوم حوصر فيه الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أصحابه رضي الله عنهم بكربلا، و اجتمع عليه خيل أهل الشّام ، و أناخوا عليه، و فرح ابن مرجانة و عمر بن سعد بتوافر الخيل و كثرتها و استضعفوا فيه الحسين صلوات الله عليه و أصحابه رضي الله عنهم، و أيقنوا أن لا يأتي الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ناصر و لا يمدُّه أهل العراق، -بأبي المستضعف الغريب-، ثمَّ قال: و أمّا يوم عاشورا: فيومٌ أصيب فيه الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) صريعاً بين أصحابه، و أصحابه صرعى حوله [عراة ]، أفَصَوْمٌ يكون في ذلك اليوم؟! كلّا و ربِّ البيت الحرام، ما هو يوم صوم، و ما هو إلّا يوم حزن و مصيبة دخلت على أهل السماء و أهل الأرض و جميع المؤمنين، و يوم فرح و سرور لابن مرجانة و آل زياد و أهل الشام غضب الله عليهم و على ذريّاتهم، و ذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صامه أو تبرَّك به حشره الله مع آل زياد ممسوخَ القلب مسخوطُاً عليه، و من أدَّخر إلى منزله ذخيرة أعقبه الله تعالى نفاقاً في قلبه إلى يوم يلقاه، و انتزع البركة عنه و عن أهل بيته و ولده، و شاركه الشيطان في جميع ذلك (3)

105- باب صوم العيدين و أيام التشريق

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال:

ص: 149


1- التهذيب 4، 67- باب وجوه الصيام و شرح ...، ح 17. الاستبصار 2، 78 -باب صوم يوم عاشوراء، ح 6 بتفاوت فيهما. و الحديث مجهول و الأدعياء: المتهمون في أنسابهم.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 18، الاستبصار 2، نفس الباب، 7. و في سندهما: ... عن زيد الترسي قال: حدثنا عبيد بن زرارة قال: سمعت زرارة يسأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... الخ. و ليس في ذيلهما: أعاذنا الله .... الخ. و لعل هذه الزيادة هنا من قلم الكليني رحمه الله. و الله العالم. و قد قال الشيخ في التهذيب بعد سرده لأحاديث صوم يوم عاشوراء: فالوجه في هذه الأحاديث: إن من صام يوم عاشوراء على طريق الحزن بمصاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الجزع لما حلّ بعترته فقد أصاب، و من صامه على ما یعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه و التبرك به و الاعتقاد لبركته و سعادته فقد أَثِمَ و أخطأَ.
3- الحديث ضعيف على المشهور.

سألته عن صيام يوم الفطر؟ فقال: لا ينبغي صيامه، و لا صيام أيّام التشريق (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبي سعيد المكاريِّ، عن زياد بن أبي الحلال قال: قال لنا أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا صيام بعد الأضحى ثلاثة أيّام، و لا بعد الفطر ثَلاثة أيّام، إنّها أيّام أكل و شرب (2)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن اليومين اللّذين بعد الفطر، أيُصامان أم لا؟ فقال: أكره لك أن تصومهما (3)

106- باب صيام الترغيب

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: جُعِلْتُ فِداك، للمسلمين عيد غيرَ العيدين (4)؟ قال: نعم يا حسن، أعظمهما و أشرفهما، قلت: و أيُّ يوم هو؟ قال: هو يوم نُصِبَ أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه فيه عَلَماً للناس (5)، قلت: جُعِلْتُ فِداك، و ما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟ قال: تصومه يا حسن، و تكثر الصلاة على محمد و آله و تَبَرَأَ إلى الله ممن ظلمهم، فإنَّ الأنبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الأوصياء باليوم الّذي كان يقام فيه الوصيُّ أن يتّخذ عيداً، قال: قلت: فما لمن صامه؟ قال: صيام ستّين شهراً، و لا تدع صيام يوم سبع و عشرين من رجب، فإنّه هو اليوم الّذي نزلت فيه النبوَّة على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و ثوابه مثل ستّين شهراً لكم (6)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الأول (7) (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: بعث الله عزَّ و جلَّ محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) رحمة للعالمين في سبع و عشرين من

ص: 150


1- مع ان لسانه لنسان كراهة، فإنه محمول على الحرمة إجماعاً. و الحديث موثق.
2- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 99. و الحديث ضعيف.
3- الحديث مجهول كالصحيح. و قد حمل كغيره من الأخبار الدالة على استحباب صوم الستة أيام بعد العيدين على التقية.
4- يعني الفطر و الأضحى.
5- يعني يوم غدير خُمّ.
6- التهذيب 4، 69- باب صوم الأربعة الأيام في السنة، ح 3 بتفاوت. الفقيه 2، 25- باب صوم التطوع و ثوابه من ...، ح 17 بتفاوت كذلك.
7- يعني الرضا عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ.

رجب، فمن صام ذلك اليوم، كتب الله له صيام ستّين شهراً؛ و في خمسة و عشرين من ذي القعدة وضع البيت، و هو أوَّل رحمة وُضعت على وجه الأرض، فجعله الله عزَّ و جلَّ مثابةً للنّاس و أمْناً (1)، فمن صام ذلك اليوم، كتب الله له صيام ستّين شهراً؛ و في أوَّل يوم من ذي الحجّة ولد إبراهيم خليل الرَّحمن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستّين شهر (2)

3- سهل بن زياد، عن عبد الرَّحمن بن سالم، عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة و الأضحى و الفطر؟ قال: نعم، أعظمها حرمةً، قلت: و أيُّ عيد هو، جُعِلْتُ فِداك؟ قال: اليوم الّذي نصب فيه رسولُ الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أميرَ المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و قال: من كنت مولاه فعليُّ مولاه، قلت: و أيُّ يوم هو؟ قال: و ما تصنع باليوم، إنَّ السّنة تدور، و لكنّه يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة، فقلت: و ما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم؟ قال: تذكرون الله- عزَّ ذِكْرُهُ- فيه بالصيام و العبادة و الذّكر لمحمّد و آل محمد، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أوصى أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يتّخذ ذلك اليوم عيداً، و كذلك كانت الأنبياء (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) تفعل، كانوا يصومون أوصيائهم بذلك فيتّخذونه عيداً.

4- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يوسف بن السُخت، عن حمدان بن النضر، عن محمد بن عبد الله الصيقل قال: خرج علينا أبو الحسن- يعني الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- في يوم خمسة و عشرين من ذي القعدة، فقال: صوموا، فإنّي أصبحت صائماً، قلنا: جُعِلْنا فداك، أيُّ وم هو؟ فقال: يوم نُشِرَت فيه الرحمة، ودُحِيَت فيه الأرض، و نُصِبَت فيه الكعبة، وهبط فيه آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3)

107- باب فضل إفطار الرجل عند أخيه إذا سأله

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إفطارك لأخيك (4) المؤمن أفضلُ من صيامك تَطَوّعاً.

ص: 151


1- مأخوذ من قوله تعالى في سورة البقرة/ 125: ﴿وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَیْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً...﴾ أي مرجعاً يرجع إليه الزوّار أفواجاً بعد أفواج. وقيل: المثابة من الثواب، أي موضع ثواب يثابون بحجّه و اعتماره.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 1. و روى بعض أجزائه بتفاوت في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و فضل الحرم، ح 3. و في 25 - باب صوم التطوع و ثواب من ...، صدر ح 9.
3- التهذيب 4، 69- باب صوم الأربعة الأيام في السنة، ح 2 بتفاوت يسير. و قد أشار إلى بعض هذه الأمور الواردة في أحاديث هذا الباب في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و فضل الحرم. فراجع.
4- يعني إفطارك صوم نفسك تلبية لدعوة أخيك المؤمن.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن البرقيِّ، عن القاسم بن محمد، عن العيص، عن نجم بن حطيم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من نوى الصوم ثمَّ دخل على أخيه، فسأله أن يفطر عنده، فليفطر، و ليُدْخل عليه السّرور، فإنّه يحتسب له بذلك اليوم عشرة أيّام، و هو قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمثالِها﴾ (1)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن جميل بن درَّاج قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من دخل على أخيه و هو صائم، فأفطر عنده و لم يُعْلِمُهُ بصومه فَيَمُنُّ عليه، كتب الله له صوم سنة (2)

4- محمد بن يحيى، عن الحسن بن عليِّ الدينوريِّ، عن محمد بن عيسى، عن صالح بن عقبة قال: دخلت على جميل بن درَّاج و بين يديه خوان عليه غسّانية (3) يأكل منها، فقال: أَدْنُ فكُلْ؛ فقلت؛ إنّي صائم، فتركني، حتّى إذا أكلها فلم يبق منها إلّا اليسير، عزم عليَّ إلّا أفطرت، فقلت له: ألَا كان هذا قبل السّاعة؟ فقال: أردت بذلك أدَبَكَ، ثمَّ قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: أيّما رجل مؤمن دخل على أخيه و هو صائم، فسأله الأكل فلم يخبره بصيامه ليمنَّ عليه بإفطاره، كتب الله جلَّ ثناؤه له بذلك اليوم صيام سنة.

5- عليُّ بن محمد، عن ابن جمهور، عن بعض أصحابه، عن عليِّ بن حديد قال: قلت لأبي الحسن الماضي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أدخل على القوم و هم يأكلون، و قد صلّيتُ العصر و أنا صائمٌ، فيقولون: أَفْطِر؟ فقال: أَفْطِر فإنّه أفضل (4)

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن إبراهيم بن سفيان، عن داود الرّقي قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لإِفْطَارُكَ في منزل أخيك المسلم، أفضلُ من صيامك سبعين ضعفاً، أو (5) تسعين ضعفاً (6)

ص: 152


1- الأنعام/ 160.
2- الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 14. و الحديث، و إن كان وارداً ضمن سياق أحاديث يظهر منها استحباب نقض صوم التطوع نهاراً استجابة لدعوة الأخ المؤمن للإفطار، إلا أن هذا الحديث يحتمله كما يحتمل إفطاره بعد الغروب و تمامية صومه تطوّعاً أو فرضاً من دون إخبار صاحبه بأنه صائم، و يمكن أن نتصوّر المنّة بالتسبيب للمُطْعِم بثواب من فطّر مؤمناً، أو بإبداء تفضّله عليه بإفطاره عنده لا بقصد إيصال الثواب إليه.
3- قال في القاموس: الغساني: الجميل جداً. و لعلها اسم أكلة خاصة كانت معروفة آنذاك.
4- ويدل على أن أفضلية الإفطار بدعوة الأخ المؤمن على صوم التطوع تتأتى مطلقاً قبل الزوال و بعده. و الحديث ضعيف.
5- الترديد من الراوي.
6- الفقيه 2، 24- باب صوم السنّة، ح 13. و الحديث مجهول مختلف فيه.

108- باب من لا يجوز له صيام التطوع إلّا بإذن غيره

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : قال: لا يصلح للمرأة أن تصوم تطوُّعاً إلا بإذْن زوجها (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن مروك بن عبيد، عن نشيط بن صالح، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿من فِقْهِ الضّيف أن لا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذن صاحبه، و من طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوُّعاً إلّا بإذنه و أمْرِه، و من صلاح العبد و طاعته و نُصْحِهِ لمولاه أن لا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذن مولاه و أمرِه، و من برَّ الولد أن لا يصوم تطوُّعاً إلّا بإذن أبويه و أمْرِهما، و إلّا كان الضّيف جاهلاً، و كانت المرأة عاصية و كان العبد فاسقاً عاصياً، و كان الولد عاقّاً﴾ (2)

3- عليُّ بن محمد بن بندار [و غيره] عن إبراهيم بن إسحاق بإسناد ذكره ، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿إِذَا دَخَلَ رَّجُلُ بَلْدَةً فَهُوَ ضَیْفٌ عَلَی مَنْ بِهَا مِنْ أَهْلِ دِینِهِ حَتَّی یَرْحَلَ عَنْهُمْ، وَ لَا یَنْبَغِی لِلضَّیْفِ أَنْ یَصُومَ إِلَّا. بِإِذْنِهِمْ، لِئَلَّا یَعْمَلُوا الشَّیْ ءَ فَیَفْسُدَ عَلَیْهِمْ، وَ لَا یَنْبَغِی لَهُمْ أَنْ یَصُومُوا إِلَّا بِإِذْنِ الضَّیْفِ لِئَلَّا یَحْتَشِمَهُمْ (3) فَیَشْتَهِیَ الطَّعَامَ فَیَتْرُكَهُ لَهُم﴾ (4)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن

ص: 153


1- هذا هو المشهور بين أصحابنا، و أما مع النهي فالإجماع قائم على حرمة صوم التطوع لها.
2- الفقيه 2، 52- باب صوم الإذن، ح 2. قال المحقق في الشرائع 209/1، و هو بصدد الحديث عن الصوم المكروه: وصوم الضيف نافلة من غير إذن مضيفه و الأظهر أنه لا ينعقد مع النهي. و كذا الشهيدان (رحمة الله علیه) مع إشارتهما إلى عدم صوم المضيف أيضاً بدون إذن ضيفه. و قوله في الحديث: و لا ينبغي للضيف ... الخ يمكن أن يدل بإطلاقه على مرجوحية صومه سواء نزل عليهم نهاراً أو ليلا قبل الزوال أو بعده و لم يكن قد تناول مفطراً. هذا، و أطلق العلامة و جماعة كراهة صوم الضيف. و أما العبد فالمشهور عدم جواز صومه ندباً بدون إذن مولاه، كما أن المشهور عندنا كراهة صوم الولد ندباً من دون إذن والديه كما دل عليه الخبر و إن لم يذكر الأكثر إذن الوالدة في هذا المجال. نعم إذا نهاه الأب أو الأبوان عن الصوم تطوعاً أمكن أن يقال بحرمة صومه حينئذٍ إذا كان نهيهما له إشفاقياً، أو كان عدم إطاعتهما يُوجب أذية لهما فيكون عاماً كما صرح به في الخبر.
3- الإحتشام: الإستحياء.
4- الفقيه 2، 52- باب صوم الإذن، ح 1. و الحديث ضعيف. ويدل على كراهة صوم المضيف أيضاً بدون إذن الضيف.

عطيّة، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿لَیْسَ لِلْمَرْأَهِ أَنْ تَصُومَ تَطَوُّعاً إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا﴾.

5- عليُّ بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الجامورانيِّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن عمرو بن جبير العزرميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاءت امرأة إلى النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقالت: يا رسول الله، ما حقُّ الزَّوج على المرأة؟ فقال: هو أكثر من ذلك، فقالت: أخبِرْني بشي من ذلك، فقال: ليس لها أن تصوم إلّا بإذنه.

109- باب ما يستحب أن يفطر عليه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السّكونيِّ، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) إذا صام فلم يجد الحلواء أفطر على الماء (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أفطر الرَّجل على الماء الفاتر نقي كبده، و غسل الذُّنوب من القلب، و قوَّى البصر و الحدق (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن صالح بن سنديِّ، عن ابن سنان، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الإفطار على الماء يغسل الذُّنوب من القلب (3)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عمّن ذكره، عن منصور بن العبّاس، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا أفطر، بَدَأ بحلواء يفطر عليها، فإن لم يجد فسكّره أو تمرات، فإذا أعوز ذلك كلّه، فماء فاتر، و كان يقول: يُنَقي المعدة و الكبد و يُطَيّب النّكهة و الفم، و يقوّي الأضراس، و يقوّي الحدق و يجلو النّاظر، و يغسل الذُّنوب غسلاً، و يُسَكِّن العروق الهائجة، و المِرَّة الغالبة، و يقطع البلغم و يطفي الحرارة عن المعدة، و يُذْهب بالصّداع (4)

ص: 154


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- غسل ذنوب القلب: أي يمحو آثارها منه، و هو كناية عن تصفيته من أمراضه المعنوية.
3- التهذيب 4، 51- باب فضل السحور و ما يستحب أن ... ، ح 8. بتفاوت في الذيل. و الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن مهزم، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يفطر على التّمر في زمن التمر، و على الرُّطب في زمن الرُّطب (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن جعفر بن الله الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أوّل ما يفطر عليه في زمن الرُّطب الرُّطب، و في زمن التّمر التّمر (2)

110- باب الغسل في شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة؛ و فضيل، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس؛ قُبَيْلَه، ثمَّ يصلّي، ثمّ یفطر (3)

2- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ): كم أغتسل في شهر رمضان ليلة؟ قال: ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين (4)، قال: قلت: فإن شقَّ عليَّ؟ قال: في إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين، قلت: فإن شقَّ عليَّ قال: حَسْبُكَ الآن.

3- صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن اللّيلة الّتي يطلب فيها ما يطلب (5)، متى الغسل؟ فقال: من أوَّل اللّيل، و إن شئت حيث تقوم من آخره. و سألته عن القيام؟ فقال : تقوم في أوَّله و آخره (6)

ص: 155


1- ضعيف على المشهور.
2- مجهول.
3- الفقيه 2، 53 - باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ... ، ح. و وجوب الشمس: سقوطها و غروبها، و قُبَيلَهُ: أي قُبَيْلَ الغروب. و يدل على جواز الغسل في الليالي المخصوصة قبل دخول الليل. و الحديث حسن.
4- و هي الليالي الثلاث التي فيها ليلة القدر. و من هنا كرر السائل على الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ليعيّن له ليلة واحدة يغتسل فيها فيعلم أنها هي، و لكن الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال له: حَسْبُك: أي يكفيك الليلتان، و ذلك لحكمة يعلمها هو (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- أي ليلة القدر و ظاهره التخيير فى الإتيان بالغسل بين أول الليل و آخره.
6- ظاهره قيام الليل كله من الغروب إلى الفجر. و يحتمل القيام من أوله بمقدار و من آخره كذلك، و ينام ما بين الوقتين. و الأول أنسب بساير الأخبار.

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين؛ و صفوان بن يحيى؛ و عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الغسل في ليال من شهر رمضان؛ في تسع عشرة، و إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين، و أُصيب أمير المؤمنين صلوات الله عليه في ليلة تسع عشرة، و قُبض في ليلة إحدى و عشرين صلوات الله عليه، قال: و الغسل في أوَّل الليل و هو يجزىء إلى آخره (1)

111- باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: دخلنا على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال له أبو بصير: ما تقول في الصّلاة في شهر رمضان؟ فقال: لشهر رمضان حرمةٌ و حقٌّ لا يشبهه شيء من الشهور، صلِّ ما استطعت في شهر رمضان تطوُّعاً باللّيل و النّهار، فإن استطعت أن تصلّي في كلِّ یوم و ليلة ألف ركعة [فافعل]، إنَّ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في آخر عمره كان يصلّي في كلِّ يوم و ليلة ألف ركعة. فصلِّ يا أبا محمد زيادة [في] رمضان، فقلت: كم، جُعِلْتُ فِداك؟ فقال: في عشرين ليلة، تصلّي في كلِّ ليلة عشرين ركعة، ثماني ركعات قبل العَتَمة، و اثنتي عشرة ركعة بعدها سوى ما كنت تصلّي قبل ذلك، فإذا دخل العشر الأواخر، فصلّ ثلاثين ركعة، في كلِّ ليلة ثماني ركعات قبل العَتَمة، و اثنتين و عشرين ركعة بعدها، سوى ما كنت تفعل قبل ذلك (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن أبي العبّاس البقباق؛ و عُبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يزيد في صلاته في شهر رمضان، إذا صلّى العَتَمة صلّى بعدها، فيقوم الناس خلفه، فيدخل و يدعهم، ثمَّ يخرج أيضاً، فيجيئون و يقومون خلفه، فيدعهم و يدخل مراراً، قال: و قال: لا تُصَلِّ بعد العَتَمة في غير

ص: 156


1- الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ...، ح 1. و روى قريبا منه في التهذيب 1، 17- باب الاغسال و كيفية ... ، ح 35 و أخرجه عن بكير بن أعين عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث هنا صحيح. و يدل على أن تقديم الغسل أول الليل أفضل. هذا و قد وردت روايات في التهذيب و غيره تتضمن استحباب الغسل في بعض الليالي غير ما ذكر هنا من شهر رمضان، كالليلة الأولى، و ليلة النصف منه، و في العشر الأواخر منه ... الخ.
2- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه ...، ح 18.الاستبصار 1، 287- باب الزيادات في شهر رمضان، ج 11.

شهر رمضان (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا دخل العشر الأواخر، شدَّ المئزر و اجتنب النساء و أَحْيا اللّيل، و تفرَّغ للعبادة (2)

4- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن، عن سليمان الجعفريِّ قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3): صلِّ ليلة إحدى و عشرين و ليلة ثلاث و عشرين مائة ركعة، تقرأ في كلِّ ركعة قل هو الله أحد عشر مرَّات (4)

5- عليُّ بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسن بن عليّ، عن ابن سنان، عن أبي شعيب المحامليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن الفضيل بن يسار قال: كان أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا كانت ليلة إحدى و عشرين و ليلة ثلاث و عشرين، أخذ في الدُّعاء حتّى يزول اللّيل (5)، فإذا زال اللّيل صلّى.

6- عليُّ بن محمد، عن محمد بن أحمد بن مطهّر، أنّه كتب إلى أبي محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يخبره بما جاءت به الرِّواية، أنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يصلّي في شهر رمضان و غيره من اللّيل ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر، و ركعتا الفجر؟ فكتب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فضَّ الله فاه (6)، صلّى من شهر رمضان في عشرين ليلة، كلّ ليلة عشرين ركعة، ثماني بعد المغرب، و اثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة، و اغتسل ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين، و ليلة ثلاث و عشرين، و صلّى فيهما ثلاثين ركعة، اثنتي عشرة بعد المغرب، و ثماني عشرة بعد عشاء الآخرة، و صلّى فيهما مائة ركعة، يقرأ في كلِّ ركعة فاتحة الكتاب و قل هو الله أحد عشر مرَّات، و صلّى إلى آخر الشّهر كلِّ ليلة ثلاثين ركعة كما فسّرت لك (7)

ص: 157


1- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه و ...، ح 11. الاستبصار 1 ، 287- باب الزيادات في شهر رمضان، ح 5 بتفاوت فيهما.
2- الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ... ، ح 4. و شدّ المئزر: كناية عن الجد في العبادة و الاستعداد و التهيؤ لها.
3- في التهذيبين: عن الجعفري أنه سمع العبد الصالح (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)....
4- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه و ...، ح 13 بتفاوت يسير الاستبصار 1، نفس الباب، ح 4 بتفاوت يسير. الفقيه 2، نفس الباب، ح 5.
5- أي ينتصف.
6- فضّ الله فاه: أي نثر أسنانه، و منه قولهم في الدعاء: لا فُضَّ فوك، أي لا نُثِرَت أسنانك و لا فُرّقت، و إنما يريدون بالفم الأسنان تسمية للشيء باسم محله من باب المجاز. و هو هنا دعاء عليه.
7- التهذيب 3، نفس الباب، ح 25. الاستبصار 1، نفس الباب، ح 12. بتفاوت يسير فيهما. قال المحقق في الشرائع 110/1: ﴿نافلة شهر رمضان، و الأشهر في الروايات استحباب ألف ركعة في شهر رمضان زيادة على النوافل المرتّبة، يصلي في كل ليلة عشرين ركعة: ثمان بعد المغرب، و اثنتي عشرة ركعة بعد العشاء، على الأظهر، و في كل ليلة من العشر الأواخر ثلاثين على الترتيب المذكور، و في ليالي الإفراد الثلاث (التاسعة عشرة، و الحادية و العشرين و الثالثة و العشرين) في كل ليلة مائة ركعة، و روي أنه يقتصر في ليالي الإفراد على المائة حسب، فيبقى عليه ثمانون، يصلي في كل ليلة جمعة عشر ركعات بصلاة علي و فاطمة و جعفر (عَلَیْهِم اَلسَّلاَمُ). و في آخر جمعة عشرين ركعة بصلاة علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و في عشية تلك الجمعة عشرين ركعة بصلاة فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

112- باب في ليلة القدر (1)

1- عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن حسّان بن مهران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن ليلة القدر؟ فقال: التمسها [في] ليلة إحدى و عشرين، أو ليلة ثلاث و عشرين.

2- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهريِّ، عن عليّ بن أبي حمزة الثماليّ قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال له أبو بصير: جُعِلْتُ فِداك، اللّيلة الّتي يُرْجى فيها ما يرجى؟ فقال: في إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين، قال: فإن لم أقْوَ على كِلْتَيْهِما؟ فقال: ما أيسر ليلتين فيما تطلب، قلت: فربّما رأينا الهلال عندنا و جاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك من أرض أُخرى؟ فقال: ما أيسر أربع ليال تطلبها فيها، قلت: جُعِلْتُ فِداك، ليلة ثلاث و عشرين، ليلة الجهنيّ؟ فقال: إنَّ ذلك ليقال، قلت: جُعِلْتُ فِداك، إنَّ سلیمان بن خالد روى: في تسع عشرة يُكتب وفد الحاج؟ فقال لي: يا أبا محمد وفد الحاج يُكتب في ليلة القدر، و المنايا،، و البلايا، و الأرزاق، و ما يكون إلى مثلها في قابل، فاطلبها في ليلة إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين، وصلِّ في كلِّ واحدة منهما مائة ركعة، و أحيِهِما إن استطعت إلى النور (2)، و اغتسل فيهما، قال: قلت: فإن لم أقدر على ذلك و أنا قائم؟ قال: فَصَلِّ و أنت جالسٌ، قلت : فإن لم أستطع؟ قال: فعلى فراشك، لا عليك أن تكتحل أوّل اللّيل بشيء من النوم، إنَّ أبواب السماء تُفَتّح في رمضان، و تُصَفّد الشياطين، و تُقْبَل أعمال

ص: 158


1- في وجه تسمية الليلة بليلة القدر وجوه: منها: أن القدر بمعنى التقدير، فهي ليلة يقدّر الله فيها على العبد ما يكون طيلة العام. و منها: أن القدر بمعنى الشأن و المنزلة، إما بلحاظ من أحياها بالعبادة، أو بلحاظ نفس العبادة فيها. و منها: أنها ذات قدر بلحاظ القرآن المنزل فيها و بلحاظ المنزل عليه و بلحاظ أمته التي هي خير أمة أخرجت للناس. و قيل غير ذلك.
2- كناية عن طلوع الفجر و تبلّجه.

المؤمنين؛ نِعْمَ الشهرُ رمضان، كان يسمّى على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): المرزوق (1)

3- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن علامة ليلة القدر؟ فقال: علامتها أن تطيب ريحُها، و إن كانت في برد دفئت، و إن كانت في حرّ بردت، فطابت، قال: و سئل عن ليلة القدر؟ فقال: تنزل فيها الملائكة و الكَتَبَةُ إلى السماء الدُّنيا فيكتبون ما يكون في أمر السنة و ما يصيب العباد، و أمره عنده موقوف له، و فيه المشيئة، فيقدّم منه ما يشاء، و يؤخّر منه ما يشاء، و يمحو ويُثِّبتُ و عنده أمُّ الكتاب.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قالوا: قال له بعض أصحابنا- قال: و لا أعلمه إلّا سعيد السمّان-: كيف تكون ليلة القدر خيراً من ألف شهر؟ قال: العمل فيها خيرٌ من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر (2)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير؛ عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: نَزَلَتِ التَّوراةُ في سِتٍّ مَضَت مِن شَهرِ رَمَضانَ، و نَزَلَ الإِنجیلُ فِی اثنَتَی عَشرَةَ لَیلَةً مَضَت مِن شَهرِ رَمَضانَ، و نَزَلَ الزَّبورُ في لَیلَةِ ثَمانِیَ عَشرَةَ مَضَت مَن شَهرِ رَمَضانَ، و نَزَلَ القُرآنُ في لَیلَةِ القَدرِ (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن الفضل؛ و زرارة، و محمد بن مسلم، عن حمران أنّه سأل أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ﴾ (4)؟ قال: نعم، ليلة القدر، و هي في كلِّ سنة في شهر رمضان في العشر

ص: 159


1- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه و ... ، ح 4. و روى قصة الجهنيّ في التهذيب 4، 72- باب من الزيادات، ح 100 فراجع. و برقم 2 من الباب 49 من نفس الجزء أيضاً و كذلك برقم 16 من الباب المذكور أدناه من الفقيه 2. و قد ذكر الصدوق أن اسم الجهني عبد الله بن أنيس الأنصاري. و قد ذكر الشيخ عبد الله بن أنيس هذا في رجاله تحت رقم (51) وعده من أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). و عدّه الميرزا في رجاله من أصحاب علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، وسائر الكتب خالية من ذكره، و لعله لم تكن له إلا هذه الحادثة معه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فاشتهر بها. الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ... ، ح 14. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأبي بصير: ما أيسر ليلتين ...، و ما أيسر أربع ليال ...، يشير إلى رجحان العمل بالاحتياط حتى فيما كان من المندوبات فضلاً عن الواجبات. و الاكتحال بالنوم: كناية عن القليل منه.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. و ورد ذلك بتفاوت قليل في التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و...، ضمن ح 2 رواه مضمرا عن سماعة.
3- التهذيب 4، 47- باب فضل شهر رمضان، ح 7. الفقيه 2، نفس الباب، ح 12 بتفاوت يسير في الجميع.
4- الدخان/ 3. و الضمير في (أنزلناه) يرجع إلى القرآن.

الأواخر، فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر، قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أمر حكيم﴾ (1) قال: يقدَّر في ليلة القدر كلُّ شيء يكون في تلك السنّة إلى مثلها من قابِل؛ خير و شرّ، و طاعة و معصية، و مولود و أَجَل أو رزق، فما قدَّر في تلك السنّة و قضى فهو المحتوم، و لله عزَّ و جلَّ فيه المشيئة (2)؛ قال: قلت : ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر﴾، أيُّ شيء عَنى بذلك؟ فقال: العمل الصالح فيها من الصلاة و الزكاة و أنواع الخير، خيرٌ من العمل في ألف شهر ليس (3) فيها ليلة القدر؛ و لو لا ما يضاعف الله تبارك و تعالى للمؤمنين، ما بلغوا، و لكنّ الله يضاعف لهم الحسنات

[بحبّنا] (4)

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السيّاريّ، عن بعض أصحابنا، عن داود بن فَرْقَد قال: حدَّثني يعقوب قال: سمعت رجلاً يسأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن ليلة القدر فقال: أَخْبِرْني عن ليلة القدر، كانت أو تكون في كلِّ عام؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لو رفعت ليلة القدر لرَفِع القرآن (5)

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعته يقول: -و ناس يسألونه يقولون: الأرزاق تقسّم ليلة النصف من شعبان- قال: فقال: لا و الله، ما ذاك إلّا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين، فإنَّ في ليلة تسع عشرة يلتقي الجمعان، و في لیلة إحدى و عشرين يُفْرَق كلُّ أمر حكيم، و في ليلة ثلاث و عشرين يُمْضى ما أراد الله عزَّ و جلَّ من ذلك، و هي ليلة القدر الّتي قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، قال: قلت: ما معنى قوله: يلتقي الجَمْعان؟ قال: يجمع الله فيها ما أراد [من] تقديمه و تأخيره و إرادته و قضائه، قال: قلت: فما معنى يمضيه في ثلاث و عشرين؟ قال: إنّه يفرقه في ليلة إحدى و عشرين [إمضاؤه]، و يكون له فيه البداء، فإذا كانت ليلة ثلاث و عشرين أمضاه، فيكون من المحتوم الّذي لا يبدو له فيه تبارك و تعالى (6)

ص: 160


1- الدخان/ 4.
2- فيه إشارة إلى مسألة البداء.
3- ليس فيها ليلة القدر: أي مع قطع النظر عن ليلة القدر، لا إن الله قد سلبها في تلك المدة.
4- الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ... ، ح 10. بتفاوت یسیر.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لو رفعت لرُفع القرآن: ﴿و ذلك لأن في ليلة القدر ينزل كل سنة من تبيين القرآن و تفسيره ما يتعلق بأمور تلك السنة إلى صاحب الأمر فلو لم تكن ليلة القدر لم ينزل من أحكام القرآن ما لا بد منه في القضايا المتجددة، و إنما لم ينزل ذلك إذا لم يكن من ينزل عليه و إذا لم يكن من ينزل عليه لم يكن قرآن لأنهما متصاحبان لن يفترقا حتى يردا على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كما ورد في الحديث ...﴾ الوافي للفيض، المجلد الثاني، ج 7 ص 56.
6- الحديث ضعيف.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن ابن بكير، عن زرارة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): التقدير في ليلة تسع عشرة، و الإبرام في ليلة إحدى و عشرين، و الإمضاء في ليلة ثلاث و عشرين.

10- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن الوليد؛ و محمد بن أحمد، عن يونس بن يعقوب، عن عليِّ بن عيسى القمّاط، عن عمّه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رأى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في منامه بني أُميّة يصعدون على منبره من بَعده، و يُضلّون الناس عن الصراط القهقرى، فأصبح كئيباً حزيناً، قال: فهبط عليه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: يا رسول الله، مالي أراك كئيباً حزيناً؟ قال: يا جبرئيل، إنّي رأيت بني أُميّة في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي و يُضلّون النّاس عن الصّراط القهقرى، فقال: و الّذي بعثك بالحق نبيّاً، إنَّ هذا شيء ما اطْلَعْتُ عليه، فَعَرَجَ إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بأي من القرآن يؤنسه بها قال: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ (1)، و أنزل عليه ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ * وَ مَا أَدْرَاکَ مَا لَیْلَهُ الْقَدْرِ* لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، جعل الله

عزَّ و جلَّ ليلة القدر لنبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خيراً من ألف شهر، مُلْكُ بني أُميّة (2)

11- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليلة القدر: هي أول السنة، و هي آخرها (3)

12- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن الحكم، عن ربيع المسلي؛ و زياد بن أبي الحلال، ذكراه عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، و في ليلة إحدى و عشرين القضاء، و في ليلة ثلاث و عشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها، لله جلَّ ثناؤه يفعل ما يشاء في خلقه (4)

113- باب الدعاء في العشر الأواخر من شهر رمضان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي

ص: 161


1- الشعراء/ 205 و 206 و 207.
2- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه و ... ، ح 5 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ...، ح 8 بتفاوت. و الحديث مجهول.
3- الفقيه 2، 53- باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما ...، ح 7. و إنما صح القول بأن ليلة القدر هي أول السنة و هي آخرها بلحاظ أن ﴿بإقبال تلك الليلة يتحقق الأمران﴾. أو لأن العمل فيها يكتب في صحيفة السنة المنصرمة و في صحيفة السنة المقبلة.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح6. بتفاوت يسير جداً. و لعل في ذيل الحديث إشارة إلى مسألة البداء.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقول في العشر الأواخر من شهر رمضان في كلّ ليلة: أعوذ بجلال وجهك الكريم، أن ينقضي عنّي شهر رمضان، أو يطلع الفجر من ليلتي هذه، و لك قِبَلي ذنب أو تَبِعَةٌ تعذِّبني عليه (1)

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن عيسى، عن أيّوب بن يقطين أو (2) غيره عنهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) دعاء العشر الأواخر (3)

تقول في اللّيلة الأولى: ﴿يا مُولِجَ اللَّيْلِ فِي النَّهارِ، وَ مُولِجَ (4) النَّهارِ في اللَّيْلِ، وَ مُخْرِجَ الْحَيَّ (5) مِنَ الْمَيِّتِ، وَ مُخْرِجَ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ، يا رازِقَ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (6) يا الله، يا رَحْمنُ، یا اللهُ یا رَحِیمُ، یا اللهُ يا الله يا اللهُ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنَى (7)، وَ الْأَمْثالُ (8) الْعُلْيا، وَ الْكِبْرِياءُ وَ الآلاءُ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدِ وَ [علی] أهل بیته، وَ أَنْ تَجْعَلَ اسْمِي في هذِهِ اللَّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَ رُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ، وَ إِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ (9)، وَ إِساءَتِي مَغْفُورَةً، وَ أَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَ إِيْمَاناً يُذْهِبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَ تُرْضِينِي بِما قَسَمْتَ لِي، وَ آتِنَا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَ فِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَ قِنا عَذابَ الْحَرِيقِ، وَ ارْزُقْنِي فِيها ذِكْرَكَ، وَ شُكْرَكَ، وَ الرَّغْبَةَ إِلَيْكَ، وَ الْإِنابَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَيْهِمُ السَّلامُ)﴾.

و تقول في اللّيلة الثانية: ﴿یَا سَالِخَ النَّهَارِ مِنَ اللَّیْلِ (10)، فَإِذَا نَحْنُ مُظْلِمُونَ، وَ مُجْرِیَ الشَّمْسِ لِمُسْتَقَرِّهَا (11) بِتَقْدِیرِکَ، یَا عَزِیزُ یَا عَلِیمُ، وَ مُقَدِّرَ الْقَمَرِ مَنَازِلَ (12) حَتّی عَادَ کَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ، یَا نُورَ کُلِّ نُورٍ، وَ مُنْتَهی کُلِّ رَغْبَةٍ، وَ وَلِیَّ کُلِّ نِعْمَةٍ، یَا اَللّهُ یَا رَحْمَانُ، یَا اَللّهُ یَا قُدُّوسُ يَا

ص: 162


1- الفقيه 2، 54- باب الدعاء في كل ليلة من العشر الأواخر من ... ، ح 1.
2- الترديد من الراوي.
3- أخرج هذه الأدعية في العشر الأواخر من شهر رمضان كل من الشيخ في التهذيب 3، 5- باب الدعاء بين الركعات، ح 35 تحت عنوان: الدعاء في العشر الأواخر. و الشيخ الصدوق في الفقيه 2، 54- باب الدعاء في كل ليلة من العشر الأواخر من شهر رمضان، و ذلك بتفاوت في الجميع.
4- أي مدخل الليل في النهار بزيادة النهار و إنقاص الليل و بالعكس.
5- كإخراج النبات من الحبة الميتة. وقيل: كالمؤمن من الكافر.
6- أي من الجهة التي لا يتوقعون منها الرزق، أو الشخص الذي لا يتوقعون نواله أو الوقت الذي لا يتوقعون الكسب فيه. أو أن المراد أنه كثير يعسر عدّه.
7- أي العظمي.
8- جمع: المثل: و هو بالتحريك- كما يقول الفيروز آبادي- الحجّة.
9- عِلَيُّون: اسم للسماء السابعة. وقيل: هو اسم ديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال العباد الصالحين.
10- كان الليل هو الأصل لأنه العدم، فإذا سلخ لباس النور عن الكون بقي ذلك الأصل و هو الظلمة.
11- أي لمقرها في كبد السماء عند وسط النهار، أو إلى نهاية و حدّ مقدّر في علمه تعالى.
12- و هي ثمانية و عشرون ينزل في كل ليلة واحدة منها.

أَحَدُ یَا وَاحِدُ یَا فَرْدُ، یَا اَللّهُ یَا اَللّهُ یَا اَللّهُ، لَکَ الاْءَسْمَاءُ الْحُسْنی وَ الاْءَمْثَالُ الْعُلْیَا﴾ ثمَّ تعود إلى الدعاء الأوَّل (1)إلى قوله-: أسألك أن تصلّي على محمد و أهل بيته- إلى آخر الدُّعاء-.

و تقول في اللّيلة الثالثة (2): ﴿یا رَبَّ لَیْلَهِ الْقَدْر وَ جاعِلَها خَیْراً مِنْ اَلْفِ شَهْر، وَ رَبَّ اللَّیْلِ و النَّهارِ، وَ الْجِبالِ وَ الْبِحارِ، و الظُّلَمِ و الاَنْوارِ، وَ الاَرْضِ وَ السَّماءِ، یا بارِئُ یا مُصَوِّرُ یا حَنّانُ (3) یا مَنّانُ، یا اَللهُ یا رَحْمنُ، یا اَللهُ یا قیّوم (4) یا اَللهُ بَدیعُ، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ، لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی، وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا، وَ الْکِبْرِیاءُ وَ الالاءُ، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد وَ آلِ مُحَمَّد، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ (5) وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ تُرْضِیَنی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً، وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَهَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

3- ابن أبي عمير، عن محمد بن عطيّة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، في الدُّعاء في شهر رمضان في كلّ ليلة تقول: ﴿اللّهم إنّي أسألك فيما تقضي و تقدِّر من الأمر المحتوم في الأمر الحكيم، من القضاء الّذي لا يُردُّ و لا يُبدَّل أن تكتبني من حجّاج بيتك الحرام، المبرور حجّهم، المكفّر عنهم سيّئاتهم، المغفور ذنوبهم، المشكور سعيهم، و أن تجعل فيما تقضي و تقدِّر من الأمر المحتوم في الأمر الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الّذي لا يردُّ و لا يبدَّل، أن تطيل عمري، و أن توسّع عليَّ في رزقي، و أن تجعلني ممّن تنتصر به [لدينك] و لا تستبدل بي غيري﴾ (6)

4- محمد بن عيسى بإسناده عن الصّالحين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تكرَّر في ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان هذا الدُّعاء ساجداً و قائماً و قاعداً، و على كلِّ حال، و في الشهر كلّه، و كيف أمكنك، و متى حضرك من دهرك، تقول بعد تحميد الله تبارك و تعالى، و الصلاة على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿اللّهم كن لوليّك فلان بن فلان في هذه السّاعة، و في كلِّ ساعة، وليّاً و حافظاً و ناصراً و دليلاً و قائداً و عَوناً [و عيناً]، حتّى تسكنه أرضك طوعاً و تمتّعه فيها طويلاً﴾ (7)

ص: 163


1- أي الدعاء الوارد في الليلة الأولى.
2- في الفقيه- هنا- قال: الليلة الثالثة و هي ليلة القدر. أقول: و لعله تصحيف نشأ من الاشتباه بما ورد في أول الدعاء هذه الليلة و هو قوله: يا رب ليلة القدر.
3- الحنّان- بالتشديد- معناه الرحيم و هو اسم من أسماء الله. أو هو الذي يقبل على من أعرض عنه.
4- القيوم: هو الذي قيامه ذاتي له، فهو القائم بذاته لذاته، مع أن غيره لا قيام له إلا به سبحانه حدوثاً و بقاءاً.
5- أي المستشهدين المقتولين تحت راية الحق.
6- التهذيب 3، 5- باب الدعاء بين الركعات، ح 36 و ح 37 بتفاوت يسير. و في الثاني: عن الصادقين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بدل: عن الصالحين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
7- التهذيب 3، 5- باب الدعاء بين الركعات، ح 36 و ح 37 بتفاوت يسير. و في الثاني: عن الصادقين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بدل: عن الصالحين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...

و تقول في اللّيلة الرّابعة: ﴿يا فالق الإصباح (1) و جاعل اللّيل سَكَناً و الشمسَ و القمر حُسباناً (2)، يا عزيز يا عليم، يا ذا المنِّ و الطَّوْل، و القوَّة و الحَوْل، و الفضل و الإنعام، و الملك و الإكرام [يا ذا الجلال و الإكرام]، يا الله يا رحمن يا الله يا فرد يا وتر، یا الله یا ظاهر یا باطن یا حيُّ يا لا إله إلّا أنت لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ [ب]الشَّکَّ عَنّی، وَ رَضیَّ بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

و تقول في اللّيلة الخامسة: ﴿يا جاعل اللّيل لباساً، و النّهار معاشاً، و الأرض مهاداً، و الجبال أوتاداً، يا الله يا قاهر، يا الله يا جبّار، يا الله يا سميع، یا الله یا قریب، یا الله یا مجیب، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ، لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ رَضیَّ بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

وتقول في اللّيلة السادسة: ﴿يا جاعل اللّيل و النهار آيتين (3)، يا من محا آية اللّيل و جعل آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً منه و رضواناً، يا مفصّل كلِّ شيء تفصيلاً، يا ماجد يا وهّاب، يا الله يا جواد، يا الله يا الله يا الله، لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ، والآلاء، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ، وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ تَرضینی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا

ص: 164


1- أي شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل، أو عن بياض النهار.
2- أي تحسب بها الأوقات حسب أدوارها و حالاتها المختلفة.
3- و وجه كونهما آيتين لدلاتهما على القادر الحكيم بتعاقبهما على نَسَق واحد. وقيل: يقصد بالآيتين: القمر و الشمس. و عليه فيكون في الكلام حذف تقدير، أي آية الليل و هو القمر، و آية النهار و هي الشمس. أو جعلنا الليل والنهار ذوَي آيتين.

عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَهَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾

و تقول في الليلة السّابعة: ﴿يا مادّ الظِّل (1) و لو شئت لجعلته ساكناً، و جعلت الشمس عليه دليلاً، ثمَّ قبضته إليك قبضاً، يسيراً، ياذا الجود و الطَوْل، و الكبرياء و الآلاء، لا إله إلّا أنت عالم الغيب و الشهادة الرَّحمن الرّحيم، لا إله إلّا أنت يا قُدّوس يا سلام یا مؤمن یا مهیمن یا عزیز یا جبّار يا متكبّر، يا الله يا خالق یا باری یا مصوّر، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ و الآلاء، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ ترضینی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

و تقول في اللّيلة الثّامنة: ﴿يا خازن اللّيل في الهواء (2) و خازن النّور في السماء، و مانع السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، و حابسهما أن تزولا، يا عليم يا غفور یا دائم یا الله، یا وارث، یا باعث من في القبور، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ و الآلاء، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی (3)، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی وَ ترضینی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

و تقول في اللّيلة التّاسعة: ﴿يا مكوّر اللّيل على النّهار و مكوِّر (4)النّهار على اللّيل، يا عليم يا حكيم، يا الله، يا ربَّ الأرباب و سيّد السادات، لا إله إلّا أنت، يا أقرب إليَّ من حبل

ص: 165


1- مأخوذ من قوله تعالى في سورة الفرقان/ 45: ﴿ألم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكناً و جعلنا الشمس عليه دليلاً﴾. قيل بأن الظل من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، قال البيضاوي: و هو أطيب الأحوال و لذلك وصف به الجنة فقال تعالى: و ظل ممدود/ الواقعة/ 30.
2- قد يراد به ظلمة الليل بحيث جعل أسبابها في الهواء كما جعل أسباب النور في السماء.
3- أي تجعله في قلبي كأنه وصل إليك. أو هو كناية عن طلب الكون دائماً ذاكراً لله غير ناس له و لا غافلاً عنه.
4- مأخوذ من قوله تعالى في سورة الزمر/5: ﴿...يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ، وَ يُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ ...﴾ و المعنى: يغشي هذا على هذا و هذا على هذا، فيجعله كاراً عليه متتابعاً كتتابع أكوار العمامة بعضها على بعض

الوريد (1)، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ و الآلاء، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ، وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ ترضینی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ، وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ، وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

و تقول في اللّيلة العاشرة: ﴿الحمد لله لا شريك له، الحمد الله كما ينبغي لكرم وجهه و عزَّ جلاله، و كما هو أهله، يا قدُّوس یا نور القدس، يا سبّوح يا منتهى التسبيح، يا رحمن يا فاعلَ الرَّحمة، يا عليم يا كبير، يا الله يا لطیف یا جليل، يا الله يا سميع يا بصير، یا اَللهُ یا اَللهُ یا اَللهُ لَکَ الاَسْماءُ الْحُسْنی وَ الاَمْثالُ الْعُلْیا وَ الْکِبْرِیاءُ و الآلاء، اَسْاَلُکَ اَنْ تُصَلِّیَ عَلی مُحَمَّد و [على] أهل بيته، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمی في هذِهِ اللَّیْلَةِ فِی السُّعَداءِ، وَ رُوحی مَعَ الشُّهَداءِ، وَ اِحْسانی في عِلِّیّینَ، وَ اِساءَتی مَغْفُورَةً، وَ اَنْ تَهَبَ لی یَقیناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبی، وَ ایماناً یُذهِبُ الشَّکَّ عَنّی، وَ ترضینی بِما قَسَمْتَ لی، وَ آتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَ فِی الاخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ الْحَریقِ، وَ ارْزُقْنی فيها ذِکْرَکَ وَ شُکْرَکَ وَ الرَّغْبَةَ اِلَیْکَ وَ الانابَةَ و التَّوبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾.

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كانت آخر ليلة من شهر رمضان فقل: ﴿اَللَّهُمَّ هَذَا شَهْرُ رَمَضَانَ اَلَّذِی أَنْزَلْتَ فِیهِ اَلْقُرْآنَ، وَ قَدْ تَصَرَّمَ (2)، وَ أَعُوذُ بِوَجْهِکَ اَلْکَرِیمِ یَا رَبِّ أَنْ یَطْلُعَ اَلْفَجْرُ مِنْ لَیْلَتِی هَذِهِ أَوْ یَتَصَرَّمَ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَ لَکَ قِبَلِی تَبِعَةٌ (3) أَوْ ذَنْبٌ تُرِیدُ أَنْ تُعَذِّبَنِی بِهِ یَوْمَ أَلْقَاکَ﴾.

6- الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في وداع شهر رمضان: ﴿اَللَّهمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ اَلمُنْزَلِ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانِ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ اَلقُرْآنُ﴾ (4)، وَ هَذَا شَهْرُ رَمَضَانِ وَ قَدْ تَصَرَّمَ، فَاَسْألُكَ بِوَجْهِكَ اَلكَرِيمِ وَ كَلِمَاتُكَ

ص: 166


1- مأخوذ من قوله تعالى في سورة ق/ 16: ﴿وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ﴾ و حبل الوريد: عرق في الحلق بين الحلقوم و العلياوين و هما عَصَبا العنق. وقيل: سمّي وريداً لأن الروح تَرِدُهُ.
2- التصرّم: الإنقطاع.
3- التَبِعَة: ما تطلبه من ظلامة و غيرها.
4- البقرة/185.

اَلتَّامَّةِ(1)،إِنْ كَاَنَ بَقِيَ عَلَّيَ ذَنْبٌ لَمْ تَغْفِرُهُ لِي، أَوْ تُرِيدُ أَنْ تُعَذِّبَنِي عَلَيهِ أَوْ تُقَاسِينِي (2) بِهِ أَنْ يَطْلَعُ فَجْرُ هَذِهِ اَللَّيلَةِ، أْوْ يَتَصَرَّمَ هَذَا اَلشَّهْرُ، إِلاَّ وَ قَدْ غَفَرْتَهُ لِي، يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ.

اللّهمَّ لك الحمد بمحامدك كلّها أوَّلها و آخرها، ما قلتَ لنفسك منها و ما قال الخلائق الحامدون المجتهدون المعدودون الموقِّرون ذِكْرَك و الشكرَ لك، الّذين أعنتهم على أداء حقك من (3) أصناف خلقك من (4) الملائكة المقرَّبين و النبيّين و المرسلين، و أصناف الناطقين و المسبّحين لك من (5) جميع العالَمين، على أنّك بلّغتنا شهر رمضان، و علينا من نعمك و عندنا من قِسَمِك و إحسانك و تظاهر امتنانك، فبذلك لك منتهى الحمد الخالد الدائم الراكد المخلّد السرمد الّذي لا ينفد طول الأبد، جلَّ ثناؤك، أعنتنا عليه حتّى قضينا صيامه، و قيامه من صلاة، و ما كان منّا فيه من برّ أو شكر أو ذكر.

اللّهمَّ فتقبّله منّا بأحسن قبولك، وتجاوزك، وعفوك، و صفحك، و غفرانك، و حقيقة رضوانك، حتّى تظفرَنا فيه بكلِّ خير مطلوب، و جزيل عطاء موهوب و تُوَقِّينا فيه من كلِّ مرهوب، أو بلاء مجلوب (6)، أو ذنب مكسوب.

اللّهمَّ إنّي أسألك بعظيم ما سألك به أحدٌ من خلقك، من كريم أسمائك، و جميل ثنائك، و خاصّة دعائك، أن تصلّي على محمد و آل محمد، و أن تجعل شهرنا هذا أعظم شهر رمضان مرَّ علينا منذ أنزلتنا إلى الدُّنيا بركةً في عصمة ديني، و خلاص نفسي، و قضاء حوائجي، و تشفعني في مسائلي، و تمام النّعمة عليَّ، و صرف السوء عنّي ، و لباس العافية لي فيه، و أن تجعلني برحمتك ممّن خِرْتَ له ليلة القدر و جعلتها له خيراً من ألف شهر، في أعظم الأجر، و كرائم ،الذّخر، و حسن الشكر، و طول العمر و دوام اليسر.

اللّهمَّ و أسألك برحمتك و طَوْلِك، و عفوك و نعمائك، و جلالك و قديم إحسانك، و امتنانك، أن لا تجعله آخر العهد منّا لشهر رمضان، حتّى تبلّغناه من قابِل (7) على أحسن حال، و تعرّفني هلاله مع النّاظرين إليه، و المعترفين له، في أعفى عافيتك و أنعم نعمتك، و أوسع

ص: 167


1- يعني بأسمائك الكاملة، أو بتمام ما أنزلته على رسلك و أنبيائك.
2- أي تجعله سببا في إحباط عملي.
3- من هنا تبعيضية.
4- من هنا بيانية.
5- الأظهر أنها للتبعيض. مع احتمال كونها بيانية.
6- أي جلبته المعاصي.
7- أي السنة القادمة.

رحمتك، و أجزل قسمك، يا ربّي الّذي ليس لي ربُّ غيره، لا يكون هذا الوداع منّي له وداع فناء، و لا آخر العهد منّي للّقاء، حتّى ترينيه من قابل في أوسع النّعم و أفضل الرّجاء، و أنا لك على أحسن الوفاء إنّك سميع

الدُّعاء.

اللّهمَّ اسمع دعائي، و ارحم تضرُّعي و تذلّلي لك، و استكانتي، و توكّلي عليك، و أنا لك مسلّم لا أرجو نجاحاً و لا معافاةً و لا تشريفاً و لا تبليغاً إلّا بك و منك، فامنن عليَّ جلَّ ثناؤك و تقدَّست أسماؤك بتبليغي شهر رمضان و أنا معافى من كلّ مكروه و محذور، و من جميع البوائق (1)، الحمد لله الّذي أعاننا على صيام هذا الشّهر و قيامه حتّى بلّغني آخر ليلة منه﴾ (2)

114- باب التكبير ليلة الفطر و يومه

1- عليُّ بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن سعيد النقّاش قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لي: أَمَا إنَّ في الفطر تكبيراً و لكنّه مستور(3)، قال: قلت: و أين هو؟ قال: في ليلة الفطر، في المغرب و العشاء الآخرة، و في صلاة الفجر، و في صلاة العيد، ثمَّ بقطع، قال: قلت: كيف أقول؟ قال: تقول: ﴿الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله و الله أكبر، الله أكبر و لله الحمد، الله أكبر على ما هدانا﴾، و هو قول الله عزَّ و جلَّ(4): ﴿وَ لِتُکْمِلُوا اَلْعِدَّةَ (یَعْنِی اَلصِّیَامَ) وَ لِتُکَبِّرُوا اَللّهَ عَلی ما هَداکُمْ﴾ (5)

عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط ، عن خَلَف بن حمّاد مثله.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تكبّر ليلة الفطر و صبيحة الفطر، كما تكبّر في العشر (6)

ص: 168


1- جمع البائقة: و هي المصيبة و الداهية و النازلة العظيمة.
2- التهذيب 3، 5- باب الدعاء بين الركعات، ح 39 تحت عنوان وداع شهر رمضان: الفقيه 2، 55- باب وداع شهر رمضان، ح 1 بتفاوت في الجميع.
3- في التهذيب: مسنون، بدل: مستور .
4- البقرة/185.
5- التهذيب 3، 6- باب صلاة العيدين، ح 43 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 56- باب التكبير ليلة الفطر و يومه و ما ...، ح 1.
6- التشبيه إما في أصل التكبير أو في كيفيته. و الحديث حسن.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ الناس يقولون: إنَّ المغفرة تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر، فقال: يا حسن إنَّ القار يجار (1) إنّما يُعطى أُجرته عند فراعه، ذلك ليلة العيد (2)، قلت: جُعِلْتُ فِداك، فما ينبغي لنا أن نعمل فيها؟ فقال: إذا غربت الشمس فاغتسل، و إذا صلّيت الثلاث المغرب فارفع يديك و قل: ﴿يَا ذَا الْمَنِّ، يَا ذَا الطَّوْلِ، يَا ذَا الْجُودِ، يَا مُصْطَفِياً مُحَمَّداً وَ نَاصِرَهُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، أَحْصَيْتَهُ عَلَيَّ وَ نَسِيتُهُ، وَ هُوَ عِنْدَكَ فِي كِتَابِكَ﴾، و تَخِرُّ ساجداً و تقول مائة مرَّة: ﴿أَتُوبُ إِلَی اَللَّهِ﴾، و أنت ساجد، و تسأل حوائجك (3)

4- و روي (4) أنَّ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يصلّي فيها ركعتين، يقرأ في الأولى الحمد و قل

هو الله أحد ألف مرَّة، و في الثانية الحمد و قل هو الله أحد مرَّة واحدة.

115- باب يوم الفطر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إطْعَمْ يوم الفطر قبل أن تخرج إلى المصلّى (5)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن جرَّاح المدائنيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليطعم يوم الفطر قبل أن يصلّي، و لا

ص: 169


1- في الفقيه: إن القائل لحّان. و القاريجار: معرّب: كاريكَر، بالفارسية و في بعض النسخ: الفاريجان، و هو الحصّاد الذي يحصد بالفرجَون و هو المنجل: آلة حادة من حديد. و في بعضها: الناريجان، و هو الحصّاد أيضاً.
2- في التهذيب: و كذلك العبد. أقول: و هو أظهر و أنسب بالمعنى.
3- الفقيه 2، 56- باب التكبير ليلة الفطر و يومه و ما يقال في ...، ح 3 بتفاوت. التهذيب 1، 5- باب الأغسال ...، ح 35 و لكنه لم يذكر الدعاء بل أشار إليه.
4- التهذيب 3، 4- باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه و ... ، ح 31 بتفاوت و أخرجه عن علي بن حاتم عن محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن أحمد بن محمد السياري رفعه إلى أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... كما رواه السيد ابن طاوس في الإقبال بإسناده إلى التلعكبري بإسناده عن الحارث الأعور عن أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- التهذيب 3، 6- باب صلاة العيدين، ح 41. و اطْعَم: أي تناول الطعام. و هذا و ظاهر أصحابنا أجماعهم على استحباب الأكل قبل الخروج إلى الصلاة في الفطر و بعد عودة منها في الأضحى مما يضحيّ به، أو مطلقاً.

يطعم يوم أضحى حتّى ينصرف الإمام (1)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عمر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إذا كان أوَّل يوم من شوَّال نادى منادٍ: أيّها المؤمنون، اغدوا (2) إلى جوائزكم، ثمَّ قال: يا جابر، جوائز الله ليست بجوائز هؤلاء الملوك، ثمَّ قال: هو يوم الجوائز (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان صبيحة يوم الفطر، نادى منادٍ: اغدوا إلى جوائزكم (4)

116- باب ما يجب على الناس إذا صَحّ عندهم الرؤية يوم الفطر بعد ما أصْبحوا صائمين

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا شهد عند الإمام شاهدان أنّهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوماً، أمر الإمام بالإفطار، و صلّى في ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس، فإن شهدا بعد زوال الشمس، أمر الإمام بإفطار ذلك اليوم، و أخّر الصلاة إلى الغد فصلّى بهم (5)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد رفعه قال: إذا أصبح الناس صياماً و لم يروا الهلال، و جاء قوم عدول يشهدون على الرُّؤية، فليفطروا ، و ليخرجوا من الغد أوَّل النهار إلى عیدهم (6)

ص: 170


1- التهذيب 3، نفس الباب، ح 42 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 58- باب النوادر، (قبل باب الفطرة)، ح 15
2- أي بكّروا. أو اخرجوا غدوة.
3- الفقيه 2 ، 58- باب النوادر، ح 22 بتفاوت قليل. و كان رحمه الله قد أخرجه برقم 26 من الباب 79 من الجزء الأول من الفقيه، كما كرره بتفاوت ذيل الحديث رقم 3 من الباب 28 من الجزء الثاني من الفقيه. و الحديث ضعيف.
4- الحديث ضعيف.
5- الفقيه 2، 57- باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم بالرؤية ...، ح 1 و 2 بتفاوت. و الأول صحيح، و الثاني مرفوع. قال العلامة في المختلف: لو لم يثبت هلال العيد إلا بعد الزوال أفطر، و سقطت الصلاة فرضاً و نفلاً. هذا، و نقل عن ابن الجنيد أنه ذهب إلى وجوب الإفطار، مع بنائه على عدم سقوط الصلاة في هذه الحال. و هو مردود بفوات وقت الصلاة و إن القضاء يحتاج إلى أمر جديد.
6- الفقيه 2، 57- باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم بالرؤية ...، ح 1 و 2 بتفاوت. و الأول صحيح، و الثاني مرفوع. قال العلامة في المختلف: لو لم يثبت هلال العيد إلا بعد الزوال أفطر، و سقطت الصلاة فرضاً و نفلاً. هذا، و نقل عن ابن الجنيد أنه ذهب إلى وجوب الإفطار، مع بنائه على عدم سقوط الصلاة في هذه الحال. و هو مردود بفوات وقت الصلاة و إن القضاء يحتاج إلى أمر جديد.

117- باب النوادر

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السيّاريِّ، عن محمد بن إسماعيل الرَّازي عن أبي جعفر الثّاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: جُعِلْتُ فِداك، ما تقول في الصوم، فإنّه قد روي أنّهم لا يوفّقون لصوم؟ فقال: أما إنّه قد أُجيبت دعوة الملك فيهم، قال: فقلت: و كيف ذلك، جُعِلْتُ فِداك؟ قال: إنَّ الناس لمّا قتلوا الحسين صلوات الله عليه، أمر الله تبارك و تعالى ملكاً ينادي: أيّتها الأُمّة الظّالمة القاتلة عترة نبيّها، لا وفّقكم الله لصوم و لا لفطر (1)

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن حنان بن سدير، عن عبد الله بن دينار، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: يا عبد الله، ما من عيد للمسلمين أضحى و لا فطر، إلّا و هو يجدِّد لآل محمد فيه حُزْناً، قلت: و لم ذاك؟ قال: لأَنّهم يَروْنَ حقّهم في يد غيرهم (2)

3- علىُّ بن محمد، عمّن ذكره، عن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن لطيف التفليسيِّ، عن رزين قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لما ضُربَ الحسين بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالسيف، فسقط رأسه، ثمَّ ابتدر ليقطع رأسه، نادى مناد من بطنان العرش: ألا أيّتها الأمّة المتحيّرة الضالّة بعد نبيّها، لا وفّقكم الله لأضحى و لا لفطر، قال: ثمَّ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فلا جَرَمَ و الله، ما وُفّقوا و لا يوفّقون حتّى يثأر ثائر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3)

4- الحسين بن محمد، عن الحرَّانيِّ، عن عليِّ بن محمد النّوفليِّ قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي أفطرت يوم الفطر على تين و تمر [ة]؟ فقال لي: جمعت بَرَكَةً و سُنّة (4)

ص: 171


1- روى ذيله في الفقيه 2، 25- باب صوم التطوّع و ثوابه من ...، ح 3 مرسلاً عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعیف.
2- التهذيب 3، 26- باب صلاة العيدين، ح 26 بتفاوت يسير. و فيه: عبد الله بن ذبيان بدل: عبد الله بن دينار. الفقيه 1، 79- باب صلاة العيدين، ح 28 و أورده مرسلاً. و أورده عن حنان بن سدير عن عبد الله بن سنان عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) برقم 19 من الباب 58 من الجزء الثاني من الفقيه. و الحديث مجهول.
3- الفقيه 2، 58- باب النوادر، ح 20 بتفاوت و بدون الذيل. و الحديث ضعيف. و المقصود بثائر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الإمام الحجة عجّل الله فَرَجَه فهو الذي بثورته على الظالمين و استئصالهم يحقق هدف الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من ثورته المباركة فيكون قد أخذ بثأره.
4- الفقيه 2 ، نفس الباب، ح17. بتفاوت. و الحديث مجهول. و تعليق الشيخ المجلسي رحمه الله على هذا الحديث في مرأته يشعر بأن ما هنا من كلمة: تين: هو تصحيف كلمة: طين، كما وردت في الفقيه: طين القبر. لأنه ذكر في تعليقته استحباب الإفطار يوم الفطر بالتربة و التمر، و لا بد من حمل أكل الطين على ما إذا تناول منه بمقدار الحمصة بقصد الاستشفاء بتربة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأن المقصود به طين قبره (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

5- سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار أو (1)غيره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا أُتي بطيب يوم الفطر بدء بنسائه (2)

118- باب الفِطْرَة(3)

1- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عُبَيد، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كلُّ من ضممت إلى عيالك من حرّ أو مملوك فعليك أن تؤدِّي الفطرة عنه، قال: و إعطاء الفطرة قبل الصّلاة أفضل، و بعد الصّلاة صدقة (4)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران؛ و عليِّ بن الحكم، عن صفوان الجمّال قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الفطرة؟ فقال: على الصّغير و الكبير و الحرّ و العبد، عن كلِّ إنسان صاع من حنطة، أو صاع من تمر، أو صاع من زبيب (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: التّمر في الفطرة أفضل من غيره، لأنّه أسرع منفعة، و ذلك أنّه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه، قال: و قال: نزلت الزَّكاة و ليس للنّاس أموال، و إنّما كانت الفطرة (6)

ص: 172


1- الترديد من الراوي.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 16 و فيه: بلسانه. أي أخذ من ذلك الطيب بلسانه ليكون أول ما يتناوله المفطر يوم الفطر. و على ما هنا: بنسائه: أي بإعطائهن من ذلك الطيب أولاً. و الحديث ضعيف أو مجهول.
3- يقول الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة: ﴿زكاة الفطرة، و نطلق على الخلقة و على الإسلام، و المراد بها على الأول زكاة الأبدان مقابل المال، و على الثاني زكاة الدين و الإسلام و من ثَمّ وجبت على من أسلم قبل الهلال﴾.
4- التهذيب 4، 21- باب زكاة الفطرة، ح 1.
5- التهذيب 4، 21- باب زكاة الفطرة، ح 2. و كرره برقم 2 من الباب 25 من نفس الجزء من التهذيب. الفقيه 2، 59- باب الفطرة، ح 1. الاستبصار 2، 24- باب كمية زكاة الفطرة، ح 2. و معنى (على) في الحديث (عن). و لا خلاف في عدم وجوب إخراج زكاة الفطرة على الصغير و العبد و المجنون، بل على من يعولهم إن كان من أهله، قال الشهيد الثاني في الروضة: ﴿و لا فرق في العبد بين القِنّ و المُدَبِّر و المكاتب إلا إذا تحرر بعض المطلق فيجب عليه بحسابه، و في جزئه الرق و المشروط قولان: أحدهما وجوبها على المولى ما لم يعله غيره﴾.
6- التهذيب 4، 26- باب أفضل الفطرة و مقدار القيمة، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 15. هذا و يقول الشهيدان رحمهما الله: ﴿و أفضلها (يعني الزكاة) التمر، لأنه أسرع منفعة و أقل كلفة، و لاشتماله على القوت و الأدام، ثمَّ الزبيب لقربه من التمر في أوصافه، ثم ما يغلب على قوته من الأجناس و غيرها﴾. و هذا المعنى ذكره المحقق رحمه الله في الشرائع 174/1.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن إبراهيم بن ميمون قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الفطرة، إن أعطيت قبل أن تخرج إلى العيد فهي فطرة، و إن كانت بعدما تخرج إلى العيد فهي صدقة (1)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سعد بن سعد الأشعريِّ، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الفطرة، كم تدفع عن كلِّ رأس من الحنطة و الشّعير و التّمر و الزَّبيب؟ قال: صاع بصاع النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (2)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن تعجيل الفطرة بيوم؟ فقال: لا بأس به، قلت: فما ترى بأن نجمعها و نجعل قيمتها وَرِقاً (3) و نعطيها رجلاً واحداً مسلماً؟ قال: لا بأس به.

7- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يعطي الرَّجل عن عياله و هم غُيّبٌ عنه، و يأمرهم فيعطون عنه و هو غائب عنهم(4)

8- عدَّةٌ من أصحابنا (5)، عن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن بلال قال: كتبت إلى

ص: 173


1- التهذيب 4، 22- باب وقت زكاة الفطرة، ح 3. الاستبصار 2، 23- باب وقت الفطرة، ح 3. هذا، و عن جماعة كثيرة من المتأخرين، و عن الشيخ وابن إدريس و ابن حمزة أن وقت وجوب زكاة الفطرة هو دخول ليلة العبد. و عن الشيخ في النهاية و المبسوط و الخلاف و ابن البرّاج و غيرهم أن وقت وجوبها هو طلوع الفجر من يوم العيد، و قد استدل له برواية العيص بن القاسم المتقدمة برقم (1) من هذا الباب، و التي عند التأمل فيها يبدو أنها ظاهرة في وقت الإخراج لا وقت الوجوب. و كما اختلفوا في أول وقت وجوب زكاة الفطرة اختلفوا أيضاً في آخر وقتها، فالمحكي عن الشيخين و الصدوقين و الحلبي و غيرهم أنه صلاة العيد، و لذا نجد العلامة في التذكرة يقول: لو أخّرها عن صلاة العيد اختياراً إثمُ عند علمائنا أجمع، و كذلك ما هو موجود في المنتهى. و أما الإسكافي فقد نقل عنه- و وافقه عليه جملة من أصحابنا- كما عن المختلف و البيان و الدروس و الإرشاد، من أن آخر وقت الوجوب هو زوال يوم العيد، بل ادعى في المنتهى الإجماع على أنه لو أخّرها عن العيد مختاراً عامداً فهو مأثوم ثم قال: و الأقرب عندي جواز تأخيرها عن الصلاة و يحرم تأخيرها عن يوم العيد. و قوّى المجلسي هذا القول في مرآته.
2- التهذيب 4، 25- باب كمية الفطرة، ح 1. الاستبصار 2، 24- باب كمية الفطرة، ح 1. الفقيه 2، 59- باب الفطرة، ح 2.
3- الورق: الدراهم المضروبة. و يدل على جواز إخراج القيمة في زكاة الفطرة، و هو إجماعي عندنا على أن تكون القيمة السوقية. و لا بد من حمل جواز تعجيلها عن هلال شوال بأن يكون على نحو القرض و أن ذهب كثير من الأصحاب إلى جواز إخراجها في شهر رمضان و منهم الشيخ في بعض كتبه و ابنا بابويه و المحقق في المعتبر.
4- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 106 بتفاوت يسير.
5- في التهذيبين: عن بعض أصحابنا.

الرَّجل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أسأله عن الفطرة، و كم تُدفع، قال: فكتب: ستّة أرطال من تمر بالمدنيِّ، و ذلك تسعة أرطال بالبغداديِّ (1)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن جعفر بن إبراهيم بن محمد الهمدانيِّ،- و كان معنا حاجّاً- قال: كتبت إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على يدَي أبي: جُعِلْتُ فِداك، إِنَّ أصحابنا اختلفوا في الصّاع ،بعضهم يقول: الفطرة بصاع المدنيِّ، و بعضهم يقول: بصاع العراقيّ؟ فكتب إليَّ: الصّاع ستّة أرطال بالمدنيّ، و تسعة أرطال بالعراقيّ؟ قال: و أخبرني أنّه يكون بالوزن ألفاً و مائة و سبعين وِزْنَة (2)

10- محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داود بن النّعمان، و سَيف بن عَمِيرة، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل لا يكون عنده شيء من الفطرة إلّا ما يؤدّي عن نفسه وحدها، يعطيه غريباً، أو يأكل هو و عياله؟ قال: يعطي بعض عياله، ثمَّ يعطي الآخر عن نفسه، يُرَدِّدونَها، فيكون عنهم جميعاً فطرةً واحدةً (3)

11- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة

ص: 174


1- التهذيب 4، 25- باب كمية الفطرة، ح 16 و ليس فيه كلمة أرطال في الذيل. الاستبصار 2، 25- باب مقدار الصاع، ح 1. هذا، و مما لا خلاف يُعْتَدُّ به- كما يقول صاحب الجواهر-، كما أن ظاهر المدارك عدم الخلاف فيه، بل ادعى السيد المرتضى في الانتصار الإجماع عليه هو أن الصاع الشرعي و هو مقدار زكاة الفطرة تسعة أرطال بالعراقي، كما أنه مما لا خلاف يعتد به- على حد تعبير صاحب الجواهر- و هو ظاهر المدارك أيضاً أن الصاع ستة أرطال بالمدني. كما نسب في محكي المنتهى إلى العلماء كافة، بل نقل الإجماع عن التذكرة و الخلاف و غيرهما أن الصاع أربعة أمداد بالمد الشرعي، بل قال العلامة المجلسي في رسالته أنه مما اتفق عليه بين العامة و الخاصة.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 17. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، 59- باب الفطرة، ح 3. هذا و الوِزْنَة: هي الدرهم الشرعي على رأي الشيخ المجلسي حيث ذكره في مرآته، في قبال من ذهب إلى أنها المثقال، متابعة للفيروز آبادي، و قد بيّن فساد هذا القول فراجع الجزء 418/16- 419.
3- التهذيب 4، 21- باب زكاة الفطرة، ح 17. الاستبصار 2، 21- باب سقوط الفطرة عن الفقير و...، ح 11. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يرددونها بينهم: أي يتناقلونها من يد إلى يد، ثم يتصدق صاحب العيال به على فقير كما هو ظاهر الشهيد في البيان. و قال صاحب المدارك: إن الظاهر من الترديد الردّ إلى المتصَدِّق الأول. و قد استظهر بعض فقهائنا المعاصرين من الرواية الرد إلى بعضهم سواء أكان الأول أم غيره فلا تخرج الفطرة عنهم. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن القدر الواجب في الفطرة صاع عن كل رأس، و الصاع أربعة أمداد و هي تسعة أرطال بالعراقي. و قال المحقق رحمه الله في الشرائع 171/1: ﴿و يستحب للفقير إخراجها، و أقلّ ذلك أن يدير صاعاً على عياله ثم يتصدق به، و مع الشروط يخرجها عن نفسه و عن جميع من يحوله فرضاً أو نفلاً من زوجة و ولد و ما شاكلهما، وضيف و ما شابهه صغيراً كان أو كبيراً، حراً أو عبداً، مسلماً أو كافرا﴾.

قال: قلت: الفقير الّذي يتصدِّق عليه، هل عليه صدقة الفطرة؟ فقال: نعم، يعطي ممّا يُتَصَدَّق به علیه (1)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن مولود وُلِدَ ليلةَ الفِطر ، عليه فطرة؟ قال: لا، قد خرج الشهر، قال: و سألته عن يهوديّ أسلم ليلة الفطر، عليه فطرة؟ قال: لا (2)

13- محمد بن الحسين، عن محمد بن القاسم بن الفضيل البصريِّ، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كتبت إليه: الوصيُّ يزكّي عن اليتامى زكاة الفطرة إذا كان لهم مال؟ فكتب: لا زكاة على يتيم. و عن مملوك يموت مولاه و هو عنه غائب في بلد آخر، و في يده مال لمولاه ، و يحضر الفِطر، أيزكّي عن نفسه من مال مولاه و قد صار لليتامى؟ قال: نعم (3)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: جُعْلِتُ فِداك، هل على أهل البوادي الفطرة؟ قال: فقال: الفطرة على كلِّ من اقتات قوتاً فعليه أن يؤدِّي من ذلك القوت (4)

15- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة؟ قال: يتصدَّق بأربعة أرطال من لبن (5)

16- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يكون عنده الضّيف من إخوانه فيحضر يوم الفطر، يؤدِّي

ص: 175


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 10. و الحديث في الجميع مضمر.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 5، الفقيه 2، نفس الباب، ح 10 بتفاوت و زيادة في ضمنه و في آخره.
3- التهذيب 4، 8- باب زكاة أموال الأطفال و المجانين، ح 15 بتفاوت يسير و روى صدره فقط، و كرر روايته برقم 117 من الباب 72 من نفس الجزء. الفقيه 2، 59- باب الفطرة، ح 5 و روى صدره فقط. و روى ذيله برقم 13 من الباب 59 من الفقيه 2 أيضا. و كان الشيخ الكليني عليه الرحمة قد روى صدر هذا الحديث برقم 8 من الباب 292 من الجزء الأول من الفروع.
4- التهذيب 4، 23- باب ماهية زكاة الفطرة، ح 1. الاستبصار 2، 22- باب ماهية زكاة الفطرة، ح 1.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. بتفاوت يسير فيهما و أخرجاه عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي الحسن علي بن سليمان، عن الحسن بن علي، عن القاسم بن الحسن عمن حدثه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و لا بأس أن ننبه هنا إلى إجماع أصحابنا على أن مقدار زكاة الفطرة هو صاع عن كل رأس، و قد اطّرحوا من الروايات ما تضمن نصف الصاع و حملوه على التقية. نعم ذهب جماعة من أصحابنا كالشيخ في التهذيب و الاستبصار و المبسوط و المحقق في الشرائع و النافع و العلامة في التذكرة و غيرها و غيرهم بل نسب إلى كثير إلى أن الفطرة إن كانت من اللبن فهي أربعة أرطال.

عنه الفطرة؟ قال: نعم، الفطرة واجبة على كلِّ من يعول، من ذكر أو أُنثى، صغير أو كبير، حرّ أو مملوك(1)

17- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس أن يعطي الرَّجلُ الرَّجلَ عن رأسين و ثلاثة و أربعة- يعني الفطرة- (2)

18- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن القاسم بن بريد، عن مالك الجهنيِّ قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن زكاة الفطرة؟ قال: تعطيها المسلمين، فإن لم تجد مسلماً فمستضعفاً، و أعْطِ ذا قرابتك منها إن شئت (3)

19- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن صدقة الفطرة، أُعطيها غير أهل ولايتي من فقراء جيراني؟ قال: نعم، الجيران أحقُّ بها لمكان الشُّهْرَة (4)

20- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يؤدِّي الرَّجل زكاة الفطرة عن مكاتَبِهِ، و رقيق امرأته، و عبده النّصرانيِّ، و المجوسيِّ، و ما أغلق عليه بابه (5)

ص: 176


1- التهذيب 4، 21- باب زكاة الفطرة، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. و كرره في التهذيب 4 برقم 109 من الباب 72 بزيادة في آخره.
2- التهذيب 4، 27- باب مستحق الفطرة و أقلّ ما يعطى الفقير منها ، ح 11 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 8. و ما تضمن هذا الخبر من جواز إعطاء الواحد فطرة أكثر من رأس متفق عليه بين أصحابنا، و إن اختلفوا في جواز تفريق الصاع الواحد على أكثر من فقير.
3- التهذيب 4، 27- باب مستحق الفطرة و أقلّ ما ...، ح 3. هذا و مما لا خلاف فيه بين أصحابنا رضوان الله عليهم بل الإجماع بقسميه عليه كما في الجواهر، عدم جواز إعطاء زكاة الفطرة للمخالفين فضلاً عن الكافرين، إلا في صورة عدم وجود فقراء المؤمنين فيجوز إعطاء زكاة الفطرة للمستضعف من أهل الخلاف كما نسب ذلك إلى الشيخ و من تابعه و بهذا تفترق زكاة الفطرة عن زكاة المال من حيث المصرف حيث لا يجوز إعطاء زكاة المال إلى المستضعف من أهل الخلاف حتى مع عدم وجود فقراء المؤمنين إلا من سهم المؤلفة أو سبيل الله إذا كان في الصرف على المخالف مصلحة للمؤمن و هذا يعود في الواقع إلى كونه صرفاً على المؤمن لا المخالف. كما لا بد من تقييد القرائة في الحديث بمن لا يكون منهم واجب النفقة على المالك.
4- التهذيب 4، 27- باب مستحق الفطرة و أقلّ ما ...، ح 7. الاستبصار 2، 27- باب مستحق الفطرة من أهل الولاية، ح 3. و قد حمله في التهذيبين على ما إذا لم يعرف منه النصب و يكون مستضعفاً و زاد في التهذيب وجهاً آخر و هو أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) سوّغ له ذلك لضرب من التقية، مؤيداً هذا الوجه بقوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في ذيل الحديث: لمكان الشهرة.
5- التهذيب 4، 21- باب زكاة الفطرة، ح 3 و فيه: زكاته، بدل: زكاة الفطرة. و كرره بسبد آخر برقم 107 من الباب 72 من نفس الجزء من التهذيب.

21- أبو عليّ الأشعريُّ عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن معتِّب (1)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: اذهب فأَعْط عن عیالنا الفطرة، و أَعْط عن الرَّقيق، و اجمعهم و لا تدع منهم أحداً، فإنّك إن تركت منهم إنساناً تخوَّفتُ عليه الفوت، قلت: و ما الفوت؟ قال: الموت (2)

22- محمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن أخيه عبد الرَّحمن بن محمد، عن محمد ابن إسماعيل قال: بعثت إلى أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بدارهم لي و لغيري و كتبت إليه أُخْبِرُهُ أنّها من فطرة العيال فكتب بخطّه: قَبَضْتُ و قبِلْتُ (3)

23- أبو العبّاس الكوفيُّ، عن محمد بن عيسي، عن أبي عليِّ بن راشد قال: سألته عن الفطرة، لمن هي؟ قال: للإمام، قال: قلت له: فأُخْبِرُ أصحابي؟ قال: نعم، من أردت أن تطهّره، منهم، و قال: لا بأس بأن تعطي و تحمل ثمن ذلك وَرِقاً (4)

24- محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الله بن جعفر، عن أيّوب بن نوح قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ قوماً سألوني عن الفطرة، و يسألوني أن يحملوا قيمتها إليك، و قد بعث إليك هذا الرَّجل عام أوَّل، و سألني أن أسألك فنسيت ذلك، و قد بعثت إليك العام عن كلِّ رأس من عيالي بدرهم على قيمة تسعة أرطال بدرهم، فَرَأْيَكَ، جَعَلَني اللهُ فِداك، في ذلك؟ فكتب (عَلَیْهِ السَّلاَمُ): الفطرة قد كثر السّؤال عنها، و أنا أكره كلِّ ما أدَّى إلى الشّهرة، فاقطعوا ذكر ذلك، و اقبض ممّن دفع لها، و أَمْسِكْ عمّن لم يدفع (5)

119- باب الاعتكاف

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي

ص: 177


1- مُعَتِّب: هو مولى الإمام أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ذكره الشيخ في رجاله برقم (654) كما ذكره الكشي برقم (126) فراجع.
2- الفقيه 2، 59- باب الفطرة، ح 18.
3- التهذيب 4، 15- باب ما يحل لبني هاشم و يحرم من الزكاة، ذيل ح 9 بتفاوت. و كرره برقم 3 من الباب 28 من نفس الجزء بنفس نص الفروع هنا. الاستبصار 2، 17- باب ما يحل لبني هاشم من الزكاة، ذيل ح 7 بتفاوت. الفقيه 2، 5- باب الاصناف التي تجب عليها الزكاة، ح ذيل ح 43 بتفاوت ايضاً.
4- التهذيب 4، 28- باب وجوب اخراج الزكاة الى الامام، ح 1. و الوَرِق : الدراهم المضروبة. و قد نقل صاحب الجواهر الاجماع على جواز اعطاء قيمة الزكاة من الدراهم و الدنانير بالقيمة السوقية و قد مرّ منا التنبيه على ذلك.
5- التهذيب 4، 28- باب وجوب اخراج الزكاة الى الامام، ح 2. و قوله: بدرهم. يظهر أن الدرهم كان آنذاك القيمة السوقية للأرطال التسعة، و يدل على جواز دفع القيمة في الزكاة. و لا يدل على تعيّن الدرهم فيها، لاختلاف القيمة السوقية باختلاف الزمان و المكان.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا كان العشرُ الأواخر (1)، اعتكف في المسجد، و ضُربت له قبّة من شعر، و شمّر المئزر و طوى فراشه، و قال بعضهم: و اعتزل النساء، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أمّا اعتزال النّساء فلا (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كانت بدر في شهر رمضان، فلم يعتكف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فلما أن كان من قابِل، اعتكف عِشرين (3): عشراً لعامه، و عشراً قضاء لما فاته (4)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن داوود بن الحصين، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: اعتكف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في شهر رمضان في العشر الأولى، ثمَّ اعتكف في الثّانية في العشر الوسطى ، ثمَّ اعتكف في الثّالثة في العشر الأواخر، ثمَّ لم يزل يعتكف في العشر الأواخر (5)

120- باب إنه لا يكون الاعتكاف إلّا بصوم

الثالثة في في العشر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن داوود بن الحصين، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا اعتكاف إلّا بصوم (6)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا اعتكاف إلّا بصوم (7)

ص: 178


1- يعني من شهر رمضان.
2- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 1. الاستبصار 2، 73- باب ما يجب على من وطأ امرأته في حال الاعتكاف ، ح 5. الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 2. و قد فسّر الصدوق رحمه الله في الفقيه قوله: و طوى فراشه، بترك الجُماع، و هو غير دقيق، اذ قد يكون كناية عن قيامه الليل للعبادة فلا حاجة به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) الى فراش ابداً.
3- أي عشرين يوماً. و يحتمل عَشْرَين (بفتح العين) بصيغة التثنية كما قرأه الشيخ المجلسي رحمه الله.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 20.
6- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 5 و 6. و في ذيل الثاني: إلا بصيام. هذا و قد اجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من شرائط الاعتكاف الصوم، فلا يصح- كما يقول المحقق في الشرائع 1/ 215- إلا في زمان يصحّ فيه الصوم ممن يصح منه، فإن اعتكف في العيدين لم يصحّ و كذا لو اعتكفت الحائض و النفساء، أو المسافر الذي لا ينوي الاقامة عشرة أيام.
7- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 5 و 6. و في ذيل الثاني: إلا بصيام. هذا و قد اجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من شرائط الاعتكاف الصوم، فلا يصح- كما يقول المحقق في الشرائع 1/ 215- إلا في زمان يصحّ فيه الصوم ممن يصح منه، فإن اعتكف في العيدين لم يصحّ و كذا لو اعتكفت الحائض و النفساء، أو المسافر الذي لا ينوي الاقامة عشرة أيام.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا اعتكاف إلّا بصوم في [ال] مسجد الجامع (1)

121- باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في الاعتكاف ببغداد، في بعض مساجدها؟ فقال: لا اعتكاف إلّا في مسجد جماعة قد صلّى فيه إمام عدل بصلاة جماعة، و لا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة، و البصرة، و مسجد المدينة، و مسجد مكّة (2)

2- سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا اعتكاف إلّا في العشرين من شهر رمضان، و قال: إنَّ علياً صلوات الله عليه كان يقول: لا أرى الاعتكاف إلّا في المسجد الحرام، أو مسجد الرَّسول، أو مسجد جامع، و لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلّا لحاجة لا بدَّ منها، ثمَّ لا يجلس حتّى يرجع، و المرأة مثل ذلك (3)

ص: 179


1- يدل على عدم جواز الاعتكاف إلا في مسجد جامع . و سيأتي الحديث فيه.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 14 و 15. الاستبصار 2، 71- باب المواضع التي يجوز فيها الاعتكاف، ح 1و 2. الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 4. هذا و قد حصر الحديث صحة الاعتكاف و جوازه في مسجد قد صلىّ فيه إمام عدل جماعة و نفى البأس عن الاعتكاف في المساجد الأربعة المذكورة و هو مذهب الاكثر من فقهائنا، و لكن الشهيدين رحمهما الله قالا بصدد ذلك: ﴿و الحصر في الأربعة: الحرمين و جامع الكوفة و البصرة- أو المدائن بدله- أو الخمسة المذكورة بناء على اشتراط صلاة نبي أو إمام فيه، ضعيف، لعدم ما يدل على الحصر و إن ذهب إليه الأكثر﴾. أقول: و إذا عرفنا أن مستند هذا الأكثر فيما ذهب إليه من الحصر في الأربعة أو الخمسة هو هذه الرواية التي وردت في الكتب الأربعة، و عليها حملوا ما ورد من الروايات المطلقة عرفنا أن ما عدا الأكثر لم يفهموا من الإمام العدل: المعصوم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، بل مطلق العادل، و بذلك ضعّفوا دلالة الرواية على الحصر كما هو واضح، إضافة الى تمسكهم بالروايات المطلقة في هذا الباب.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 16. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 بدون صدر الحديث. و في التهذيبين: إلّا في العشر الأواخر ...، بدل: إلّا في العشرين. أي أن بداية الاعتكاف يكون يوم العشرين و هو أول العشر الأواخر من شهر رمضان، فيستقيم مع بقية الروايات المصرّحة بذلك. و قوله: و لا ينبغي ...، و إن كان ظاهره الكراهة إلا انه حمل على التحريم، قال المحقق في الشرائع 217/1: ﴿فلو خرج لغير الأسباب المبيحة بطل اعتكافه طوعاً خرج أو كرهاً ... و يجوز الخ روج للأمور الضرورية كقضاء الحاجة و الاغتسال و شهادة الجنازة و عيادة المريض و تشييع المؤمن و إقامة الشهادة، و إذا خرج لشيء من ذلك لم يجز له الجلوس و لا المشي تحت الظلال و لا الصلاة خارج المسجد إلا بمكة فإنه يصلي بها أين شاء﴾. و بنفس هذا المضمون ورد في اللمعة و الروضة للشهيدين، و إليه ذهب العلامة في التذكرة و خالف في صورة خروجه كرهاً إذا كان لوقت قصير فإذا طال بطل.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن الاعتكاف، قال: لا يصلح الاعتكاف إلّا في المسجد الحرام، أو مسجد الرَّسول ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، أو مسجد الكوفة أو (1) مسجدِ جماعة، و تصوم ما دمت معتكفاً.

4- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان قال: المعتكف بمكّة، يصلّي في أيِّ بيوتها شاء، سواء عليه في المسجد صلّى أو في بيوتها (2)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتكف بمكّة يصلّي في أيِّ بيوتها شاء، و المعتكف في غيره لا يصلّي إلّا في المسجد الّذي سمّاه (3)

122- باب أقلّ ما يكون الاعتكاف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة كان زوجها غائباً، فَقَدِمَ و هي معتكفة بإذن زوجها، فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد إلى بيتها، فتهيّأت لزوجها حتّى واقعها؟ فقال: إن كانت خرجت من المسجد قبل أن تنقضي ثلاثة أيّام، و لم تكن اشترطت (4) في اعتكافها، فإنَّ عليها ما على المظاهِر (5)

ص: 180


1- ظاهره التعميم بعد التخصيص. و الحديث حَسَنٌ.
2- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 22 . الاستبصار 2، 71- باب المواضع التي يجوز فيها الاعتكاف، ح 7. الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 7. و قد تضمن الحديث خصوصية لمكة زادها الله شرفا دون غيرها، و هي أنه يجوز للمعتكف في مسجدها أن يصلي إذا خرج منه في أي من بيوتها لأنها- كما ورد في بعض الروايات- كلها حرم، و أما بقية شرائط الاعتكاف و أحكامه من كون خروجه لضرورة و غير ذلك فهي عامة للمعتكف فيها و للمعتكف في غيرها.
3- التهذيب 4، نفس الباب، ح 24. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 9.الفقيه 2، نفس الباب، ح 8. و الحديث صحيح كالذي سبقه. انظر التعليقة السابقة.
4- أي اشترطت على ربها عند عقد نية الاعتكاف أن تخرج منه إن عرض لها عارض، و مشروعية الاشتراط مقطوع به في كلمات أصحابنا رضوان الله عليهم، بل قطع الشهيد في الدروس جواز الرجوع في الاعتكاف عند الاشتراط مطلقاً من دون تقيد بالعارض.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 9. الاستبصار 2، 73- باب ما يجب على من وطأ امرأته في حال الاعتكاف، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. هذا و مما أجمع عليه الأصحاب- كما ذكره صاحب الجواهر- أنه يحرم على المعتكف مباشرة النساء بالجماع قبلاً و دُبُراً، بل المشهور حرمة اللمس و التقبيل بشهوة عليه، و ذكر صاحب المدارك أنه مما قطع به الأصحاب أيضاً، كما لا خلاف بين أصحابنا و لا إشكال عندهم في أنه إذا أفسد اعتكافه بالجماع فإن عليه كفارة مخيّرة ككفارة شهر رمضان في أقوى القولين و أشهرهما، و نسبه في التذكرة إلى علمائنا و ادعى في الغنية إجماعهم عليه، و القول الآخر هو ما عليه صاحبا المسالك و المدارك و غيرهما أنها كفارة ظهار، و نسبه فى المبسوط إلى بعض أصحابنا، و معنى كونها كفارة ظهار أنها مرتّبة فيجب فيها عتق رقبة، فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن عجز أطعم ستين مسكيناً.

2- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يكون الاعتكاف أقلُّ من ثلاثة أيّام، و من اعتكف صام، و ينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الّذي يُحْرم (1)

3- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اعتكف يوماً و لم يكن اشترط، فله أن يخرج و يفسخ الاعتكاف، و إن أقام يومين و لم يكن اشترط، فليس له أن يفسخ اعتكافه حتّى يمضي ثلاثة أيّام (2)

4- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتكف لا يشمُّ الطيب، و لا يتلذَّذ بالرَّيحان، و لا يماري، و لا يشتري، و لا يبيع، قال: و من اعتكف ثلاثة أيّام، فهو يوم الرَّابع بالخيار إن شاء زاد ثلاثة أيّام أُخر، و إن شاء

خرج من المسجد، فإن أقام يومين بعد الثّلاثة، فلا يخرج من المسجد حتّى يتمَّ ثلاثة أيّام اُخَر (3)

ص: 181


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 8. الاستبصار 2، 72- باب الاشتراط في الاعتكاف، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 10. و قد دل الحديث على أن أقلّ ما يصح معه الاعتكاف هو الثلاثة، و إن الصوم شرط فيه، و هذان الحكمان اجماعيان عند أصحابنا رضوان الله عليهم
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 11. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. بتفاوت يسير فيهما. الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. و الحكم الذي تضمنه هذا الحديث مختص بالاعتكاف المندورب دون الواجب بنذر و شبهه. و قد اختلف أصحابنا في هذا الحكم على أقوال ثلاثة، الأول: أنه بالخيار في أن يبطل اعتكافه في أي يوم شاء، الثاني : أنه لا يجوز له أن يبطله بل يجب عليه إتمامه بمجرد انعقاده، الثالث: هو ما تضمنه هذا الحديث من التفصيل بين اليوم الأول فله أن يبطله، وبين ما إذا كان قد مضى يومان على اعتكافه فليزمه إتمام الثالث، و هذا القول هو الأقوى عندهم، كل ذلك في صورة عدم اشتراطه عند عقده نية الاعتكاف، و إلّا جاز له نقضه، قال المحقق في الشرائع 216/1: ﴿و من ابتدأ اعتكافاً مندوباً كان بالخيار في المضي فيه و في الرجوع، فإن اعتكف يومين وجب الثالث﴾.
3- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 4. الاستبصار 2، 72- باب الاشتراط في الاعتكاف، ح 3 بتفاوت فيهما. الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 11. و الظاهر من مجموع كلمات أصحابنا رضوان الله عليهم أن ما تضمنه هذا الحديث من النهي عن البيع و الشراء و المماراة على المعتكف أنه إجماعي. و المماراة: المجادلة سواء كانت في أمر ديني أو دنيوي لمجرد إظهار الغلبة- كما في المسالك- و أما حرمة شم الطيب و ما شابه فهو القول الأظهر كما يبدو من المحقق في الشرائع 219/1، و قد نقل المجلسي في مرآته عن الشيخ في المبسوط أنه لا يقول بذلك، و لكني راجعت الخلاف 409/1 فتبين أنه رحمه الله ممن يجزم بالحرمة قال: لا يجوز للمعتكف استعمال شيء من الطيب، و قال الشافعي: يجوز ذلك، دليلنا: إجماع الفرقة، و أيضاً إذا لم يستعمل الطيب صحّ اعتكافه بلا خلاف، و إذا استعمل ففي صحته خلاف. و أما ما ورد في الحديث فيما يتعلق بوجوب إكمال اليوم السادس فيما إذا صام خمسة أيام، فقد قال المحقق في الشرائع 216/1: ﴿و كذا لو اعتكف ثلاثاً ثم اعتكف يومين بعدها وجب السادس﴾. و هذا هو الأشهر بين أصحابنا كما يقول الشهيد الثاني في الروضة، بل يتعدّى إلى كل ثالث على الأقوى كالسادس و التاسع لو اعتكف خمسة و ثمانية ... الخ.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن داود بن سرحان قال: بدأني أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من غير أن أسأله فقال: الاعتكاف ثلاثة أيّام؛ يعني (1) السُنَّة إن شاء الله.

123- باب المعتكف لا يخرج من المسجد إلّا لحاجة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضَالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على المعتكف أن يخرج [من المسجد] إلّا إلى الجمعة، أو جنازة، أو غائط.

2- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن داود بن سرحان قال: كنت بالمدينة في شهر رمضان، فقلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي أُريد أن أعتكف، فماذا أقول، و ماذا أفرض على نفسي؟ فقال: لا تخرج من المسجد إلّا لحاجة لا بدّ منها، و لا تقعد تحت ظلال حتّى تعود إلى مجلسك (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلّا لحاجة لا بدَّ منها، ثمَّ لا يجلس حتّى يرجع، و لا يخرج في شيء إلّا لجنازة، أو يعود مريضاً ، و لا يجلس حتّى يرجع، و اعتكاف المرأة مثل ذلك (3)

ص: 182


1- هذا التفسير من كلام الراوي. و الحديث ضعيف.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، ح 13.
3- التهذيب 4، 66- باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام، ح 3. الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 14.

124- باب المعتكف يمرض و المعتكفة تطمت

1- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا مرض المعتكف، و طمئت المرأة المعتكفة، فإنّه يأتي بيته، ثمَّ يعيد إذا برء و يصوم (1)

و في رواية أخرى عنه ليس على المريض ذلك (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المعتكفة إذا طمثت، قال: ترجع إلى بيتها، و إذا طهرت رجعت فقضت ما عليها (3)

125- باب المعتكف يجامع أهله

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب ، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المعتكف يجامع أهله؟ قال: إذا فعل، فعليه ما على المظاهِر (4)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن المغيرة، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن معتكف واقع أهله؟ قال: هو بمنزلة من أفطر يوماً من شهر رمضان (5)

ص: 183


1- التهذيب 4، نفس الباب، ح 25. الفقيه 2، نفس الباب، ح 15. هذا، و الإعادة على المريض إنما هي على نحو الاستحباب في الاعتكاف المندوب، و على الوجوب في الاعتكاف الواجب بنذر و نحوه على المشهور، و في مقابله أنه لا إعادة عليه.
2- التهذيب 4، نفس الباب، ح 26.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 21. أقول: راجع التعليقة على الحديث السابق.
4- التهذيب 4، نفس الباب، ح 19. الاستبصار 2، 73- باب ما يجب على من وطأ امرأته في حال الاعتكاف، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 17. و في ذيله: يجامع، بدل: يجامع أهله. هذا، و الرواية مطلقة في وجوب الكفارة من حيث كون الاعتكاف واجباً أو مندوباً، و من حيث كون الجماع ليلاً أو نهاراً، و من حيث كونه في أول يوم أو آخره، ثالثاً كان أو سادساً كما تقدم.
5- التهذيب 4، نفس الباب، ح 18. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.الفقيه 2، نفس الباب، ح 19. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هو بمنزلة ... ، ظاهره التخيير في خصال الكفارة و هو ما عليه الأكثر من أصحابنا، و قد يكون التشبيه في أصل الخصال لا في كونها على نحو التخيير، فتأمل.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المعتكف يأتي أهله، فقال: لا يأتي امرأته ليلاً و لا نهاراً و هو معتكف (1)

126- باب النوادر

1- أحمد بن إدريس، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن عبيس بن هشام، عن أَبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: رجل أسرته الرُّوم و لم يصم شهر رمضان، و لم يدر أيَّ شهر هو؟ قال: يصوم شهراً [و] يتوخّاه و يحسب، فإن كان الشهر الّذي صامه قبل شهر رمضان لم يُجْزِهُ، و إن كان بعد رمضان أجزأه (2)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يحيى بن عمرو بن خليفة الزَّيّات، عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا معشر الشباب عليكم بالباه (3) فإن لم تستطيعوه فعليكم بالصيّام فإنّه و جاؤه (4)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جدَّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )قال: حدَّثني أبي عن جدِّي، عن أبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه قال: يستحبَّ ِللرَّجل أن يأتي أهله أوَّل ليلة من شهر رمضان ، لقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ﴾ (5)، و الرَّفَث: المجامعة (6)

4- محمد بن يحيى، عن عليِّ بن إبراهيم الجعفريِّ، عن محمد بن الفضل، عن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال لبعض مواليه يوم الفطر و هو يدعو له: يا فلان، تقبّل الله منك و منّا، ثمَّ أقام حتّى كان يوم الأضحى، فقال له: يا فلان تقبّل الله منّا و منك، قال: فقلت له: يا ابن رسول الله، قلت في الفطر شيئاً، و تقول في الأضحى غيره؟ قال: فقال: نعم إنّي قلت له في الفطر: تقبّل

ص: 184


1- الفقيه 2، 60- باب الاعتكاف، ح 22.
2- التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 3. الفقيه 2، 35- باب الصوم للرؤية و ... ، ح 13. و قوله: ينوخّي: أي يتحرّى، و هذا الحكم إجماعي عند أصحابنا رضوان الله عليهم.
3- الباه، و الباءة: أصله الجماع. وقيل: من المباءة: و هي من تبوا بمعنى تمكن، و كأن الرجل يتمكن من زوجته كما يتمكن من منزله.
4- الوجاء: الخصاء. أي أن الصوم للنكاح كالوجاء له، حيث يقطعه و يمنعه.
5- البقرة/187.
6- الفقيه 2، 58- باب النوادر، 13. بدون قوله: و الرّفث: المجامعة.

الله منك و منّا، لأنّه فعل مثل فعلي، و تأسّيت أنا و هو في الفعل، و قلت له في الأضحى: تقبّل الله منّا و منك، لأنّه يمكننا أن نضحّي و لا يمكنه أن يضحّي، فقد فعلنا نحن غير فعله (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الصّخر أحمد بن عبد الرحيم رفعه إلى أبي الحسن صلوات الله عليه قال: نظر إلى النّاس في يوم فطر يلعبون و يضحكون، فقال لأصحابه، و التفت إليهم: إنَّ الله عزَّ و جلَّ خلق شهر رمضان مضماراً لخلقه ليستبقوا فيه بطاعته إلى رضوانه، فسبق فيه قوم ففازوا و تخلّف آخرون فخابوا، فالعجب [كلّ العجب] من الضاحك اللّاعب في اليوم الّذي يثاب فيه المحسنون، و يخيب فيه المُقَصِّرون، و أَيْمَ الله لو كُشِفَ الغطاء، لشُغِل محسنٌ بإحسانه، و مسيىء بإساءته (2)

6- عليُّ بن محمد؛ و محمد بن أبي عبد الله، عن إسحاق بن محمد، عن حمزة بن محمد قال: كتبت إلى أبي محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لِمَ فرض الله الصوم؟ فورد الجواب: ليجد الغنيُ مَضَضَ (3) الجوع فيحنُّ (4) على الفقير (5)

7- عليُّ بن محمد، عن عبد الله بن إسحاق، عن الحسن بن عليِّ بن سليمان، عن محمد بن عمران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أُتي أمير المؤمنين صلوات الله عليه و هو جالس في المسجد بالكوفة، بقوم وجدوهم يأكلون بالنهار في شهر رمضان، فقال لهم أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أكلتم و أنتم مفطرون؟ قالوا: نعم، قال: يهودٌ أنتم؟ قالوا: لا، قال : فنصاری؟ :قالوا: لا، قال: فعلى أيِّ شيء من هذه الأديان مخالفين للإسلام؟ قالوا: بل مسلمون، قال: فسَفْرٌ أنتم (6)؟ قالوا: لا، قال: فيكم علّة استوجبتم الإفطار لا نشعر بها، فإنّكم أبصر بأنفسكم. لأنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ (7) قالوا: بل أصبحنا ما بنا علّة، قال: فضحك (8) أمير المؤمنين صلوات الله عليه ثمَّ قال: تشهدون أن لا إله إلّا الله، و أنَّ محمداً

ص: 185


1- الفقيه 2، 58- باب النوادر، ح 14. بتفاوت. و الحديث مجهول.
2- الفقيه 1، 79- باب صلاة العيدين، ح 27 و نسبه إلى الحسن مرسلا بتفاوت. و كرره برقم 18 من الباب 58 من الجزء 2 من الفقيه منسوباً إلى الحسين بن علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مرسلاً بتفاوت أيضاً.
3- في الفقيه: مسَّ... و هو الألم القليل. و المضض: وجع المصيبة.
4- في الفقيه: فيمُنَ
5- الفقيه 2، 21- باب علّة فرض الصيام، ح 3.
6- سَفْر: جمع مسافر.
7- القيامة/ 14.
8- إنما ضحك (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)تعجباً من قصدهم إيقاع أنفسهم في الضرر العظيم في الدنيا بإقامة الحد عليهم و في الآخرة بما بريد الله أن يعذبهم به على إصرارهم على المعصية.

رسول الله؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلّا الله و لا نعرف محمداً، قال: فإنه رسول الله قالوا: لا نعرفه بذلك، إنّما هو أعرابيُّ دعا إلى نفسه، فقال: إن أقررتم و إلّا لأقتلنّكم، قالوا: و إن فعلتَ. فوكّل بهم شرطة الخميس ، و خرج بهم إلى الظَهر: ظَهر الكوفة و أمر أن يُحفر حفيرتان و حفر إحداهما إلى جنب الأُخرى، ثمَّ خرق فيما بينهما كوّة ضخمة شبه الخوخة (1)، فقال لهم: إنّي و اضعكم في إحدى هذين القليبين، و أُوقد في الأخرى النار فأقتلكم بالدُّخان؛ قالوا: و إن فعلت، فإنّما تقضي هذه الحياة الدُّنيا، فوضعهم في أحد الجُبّين (2) وضعاً رفيقاً، ثمَّ أمر بالنار فأُوقِدَت في الجبِّ الآخر، ثمَّ جعل يناديهم مرَّة بعد مرَّة: ما تقولون (3)؟ فيجيبونه: اقضِ ما أنت قاضٍ، حتّى ماتوا ، قال: ثمَّ انصرف فسار بفعله الرُّكبان (4) و تَحدّث به الناس، فبينما هو ذات يوم في المسجد، إذ قدم عليه يهوديُّ من أهل يثرب، قد أقرْ له من في يثرب من اليهود أنّه، أعلمهم، و كذلك كان آباؤه من قَبل، قال: و قدم على أمير المؤمنين صلوات الله عليه في عدَّة من أهل بيته فلمّا انتهوا إلى المسجد الأعظم بالكوفة، أناخوا رواحلهم، ثمَّ وقفوا على باب المسجد، و أرسلوا إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إنّا قوم من اليهود، قَدِمنا من الحجاز و لنا إليك حاجة، فهل تخرج إلينا أم ندخل إليك؟ قال: فخرج إليهم و هو يقول: سيدخلون و يستأنفون باليمين (5)، فما حاجتكم؟ فقال [له] عظيمهم: يا ابن أبي طالب، ما هذه البدعة الّتي أحدثتَ في دين محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ فقال له: و أيّة بدعة؟ فقال له اليهوديُّ: زعم قوم من أهل الحجاز أنّك أنَّ عمدت إلى قوم شهدوا أن لا إله إلّا الله و لم يقرّوا أن محمداً رسوله، فقتلتهم بالدُّخان؟ فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: فنشدتك بالتسع الآيات الّتي أُنزلت على موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بطور سيناء، و بحقّ الكنايس الخمس القُدس، و بحقِّ السَّمت (6) الدَّيان (7)، هل تعلم أن يوشع بن نون أُتي بقوم بعد وفاة موسى شهدوا أن لا إله إلّا الله، و لم يقرُّوا أَنَّ موسى رسول الله، فقتلهم بمثل هذه القتلة؟ فقال له اليهوديُّ: نعم، أشهد أنّك ناموس موسى (8) قال: ثمَّ أخرج من قبائه كتاباً فدفعه إلى أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ففضه و نظر فيه و بكى، فقال له اليهوديّ: ما يبكيك يا ابن أبي طالب، إنّما نظرت في هذا الكتاب و هو كتاب سربانيُّ، و أنت

ص: 186


1- الخوخة: كوة في الجدار تفتح لإضاءة البيت.
2- الجُبّان: مثنى الجُب، و هو البئر التي لم تّبْنَ بالحجارة و نحوها.
3- أي محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و إقراركم بنبوته.
4- أي تناقله الناس و المسافرون من بلد إلى بلد.
5- أي يبتدون البيعة بإيمانهم.
6- لا يناسب أي من معاني السمت المقام. و لعله: الصمد عند اليهود.
7- الديّان: القهّار، فعّال، من دان الناس أي قهرهم على الطاعة.
8- ﴿ناموس موسى: أن صاحب سره المطلّع على باطن أمره و علومه و أسراره﴾ مرآة المجلسي 442/16.

رجل عربيُّ، فهل تدري ما هو؟ فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: نعم، هذا اسمي مثبت، فقال له اليهوديُّ: فارِني اسمك في هذا الكتاب، و أخبرني ما اسمك بالسريانيّة، قال: فأراه أمير المؤمنين سلام الله عليه اسمه في الصحيفة، فقال: اسمي إليا، فقال اليهوديُّ : أشهد أن لا إله إلّا الله، و أشهد أنَّ محمداً رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و أشهد أنّك وصيُّ محمد، و أشهد أنّك أَوْلى الناس بالناس من بعد محمد، و بايعوا أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و دخل المسجد فقال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحَمدُ للّهِ الَّذی لَم أکُن عِندَهُ مَنسِیّاً، الحَمدُ للّهِ الَّذی أثبَتَنی عِندَهُ في صَحیفَةِ الأَبرارِ، [وَ الحَمدُ للّهِ ذِی الجَلالِ وَ الإِکرامِ] (1)

تَمَّ كِتَابُ الصَّوْمِ، وَ يَتْلُوهُ كِتَابُ الْحَجِّ

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَ صَلَّي اللَّهُ عَلَي مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ

وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ص: 187


1- الحديث مجهول. و هو و إن تضمن نوعاً خاصاً من قتل المرتد بخنقه بدخان النار، و هو مخالف لما هو المشهور بين أصحابنا من قتله بالسيف إلا أنه قد يكون الإمام مخيراً بين أنواع قتله و الله العالم.

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

كتاب الحَجّ

127- باب بدء الحَجَر و العّلة في استلامه

1- حدَّثني عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ اللّهَ تَبارَکَ و تَعالی لَمّا أخَذَ مَواثیقَ العِبادِ، أمَرَ الحَجَرَ فَالتَقَمَها (1)، و لِذلِکَ یُقالُ: أمانَتی أدَّیتُها، و میثاقی تَعاهَدتُهُ، لِتَشْهَدَ لی بِالمُوافاةِ.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن بكير، عن الحلبيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لم جُعل استلام الحجر؟ فقال: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَيْثُ أَخَذَ مِيثَاقَ بَنِي آدَمَ، دَعَا الْحَجَرَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَمَرَهُ فَالْتَقَمَ الْمِيثَاقَ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ بِالْمُوَافَاةِ (2)

3- محمد بن يحيى؛ و غيره عن محمد بن أحمد، عن موسى بن عمر، عن ابن سنان، عن أبي سعيد القمّاط، عن بكير بن أعين قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأیِّ علّة وضع الله الحجر في الرُّكن الّذي هو فيه، و لم يوضع في غيره، و لأيِّ علّة يُقبّل، و لأيِّ علّة أخرج من الجنّة؟ و لايِّ علّة وُضع ميثاق العباد و العهد فيه و لم يوضع في غيره؟ و كيف السّبب في ذلك؟ تخبرني جَعَلني الله فِداك، فإنَّ تفكّري فيه لَعَجب، قال: فقال: سألت و أعضَلْتَ (3) في المسألة، و استقصَيت، فافهم الجواب، و فرِّغ قلبك، و أَصْغِ سمعك، أُخبرك إن شاء الله. إن الله تبارك و تعالى وضع الحجر الأسود- و هي جوهرة أُخرجت من الجنّة إلى آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- فوُضعت في ذلك الرُّكن، لعلّة

ص: 188


1- ﴿فالتقمها: لعل التقامه كناية عن ضبطه و حفظه لها، إذ يدل كثير من الأخبار على أنه ملك صار بهذه الصورة، و يعرف الناس و كلامهم و يشهد يوم القيامة لهم، و لا استحالة في شيء من ذلك بناء على أصول المسلمين﴾ مرآة المجلسي 3/17.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- أي طرحت مسألة معضلة: أي شديدة مشكلة.

الميثاق، و ذلك أنّه لمّا أُخذ من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان، و في ذلك المكان ترائى لهم، و من ذلك المكان يهبط الطير على القائم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأوّل من يبايعه ذلك الطائر، و هو و الله جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و إلى ذلك المقام يسند القائم ظهره، و هو الحجّة و الدليل على القائم، و هو الشاهد لمن وفا [ه] في ذلك المكان، و الشاهد على من أدّى إليه الميثاق و العهد الّذي أخذ الله عزَّ و جلَّ على العباد.

و أمّا القُبْلة و الاستلام، فلعلّة العهد تجديداً لذلك العهد و الميثاق، و تجديداً للبيعة، ليؤدُّوا إليه العهد الّذي أخذ الله عليهم في الميثاق، فيأتوه في كلِّ سَنَة و يؤدُّوا إليه ذلك العهد و الأمانة اللّذين أُخذا عليهم، ألا ترى أنّك تقول: أمانتي أدَّيتها و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، و الله ما يؤدّي ذلك أحد غير شعيتنا، و لا حفظ ذلك العهد و الميثاق أحدٌ غير شيعتنا، و إنّهم ليأتوه فيعرفهم و یصدِّقهم، و يأتيه غيرهم فينكرهم و يكذِّبهم، و ذلك أنّه لم يحفظ ذلك غيركم، فلكم و الله يشهد، و عليهم و الله يشهد بالخَفْر (1) و الجحود و الكفر، و هو الحجّة البالغة من الله عليهم يوم القيامة، يجيىء و له لسان ناطق، و عينان في صورته الأولى، يعرفه الخلق و لا ينكره، يشهد لمن وافاه و جدَّد العهد و الميثاق عنده بحفظ العهد و الميثاق و أداء الأمانة، و يشهد على كلِّ من أنكر و جحد و نسي الميثاق بالكفر و الإنكار.

فأمّا علّة ما أخرجه الله من الجنّة، فهل تدري ما كان الحجر؟ قلت: لا، قال: كان مَلَكاً من عظماء الملائكة عند الله، فلمّا أخذ الله من الملائكة الميثاق، كان أوَّل من آمن به و أقرَّ ذلک الملک،فاتّخذه الله أمیناً علی جمیع خلقه، فألقمه المیثاق و أو دعه عنده، و استعبد الخلق أن يجدّدوا عنده في كلِّ سنة الإقرار بالميثاق و العهد الّذي أخذ الله عزَّ و جلَّ عليهم، ثمَّ جعله الله مع آدم في الجنّة، يذكّره الميثاق، و يجدِّد عنده الإقرار في كلِّ سنة، فلمّا عصى آدم و أُخرج من الجنّة، أنساه الله العهد و الميثاق الّذي أخذ الله عليه و على ولده لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و لوصيّه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و جعله تائهاً حيراناً، فلمّا تاب الله على آدم، حوَّل ذلك الملك في صورة درَّة بيضاء، فرماه من الجنّة إلى آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو بأرض الهند ، فلمّا نظر إليه أنِس إليه و هو لا يعرفه بأكثر من أنّه جوهرة، و أنطقه الله عزَّ و جلَّ فقال له: يا آدم، أتعرفني؟ قال: لا، قال: أجل، استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكْر ربِّك، ثمَّ تحوَّل إلى صورته الّتي كان مع آدم في الجنّة، فقال لآدم: أين العهد و الميثاق، فوثب إليه آدم ،و ذكر الميثاق و بكي، و خضع له و قبّله، و جدَّد الإقرار بالعهد و الميثاق، ثمَّ حوَّله الله عزَّ و جلَّ إلى جوهرة الحجر، درَّة بيضاء صافية، تضيىء، فحمله

ص: 189


1- خفر عهده: أي غدر به و نقضه.

آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على عاتقه إجلالاً له و تعظيماً، فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حتّى وافا به مكّة، فما زال يأنس به بمكّة و يجدِّد الإقرار له كلَّ يوم و ليلة، ثمَّ إنَّ الله عزَّ و جلَّ لمّا بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان، لأنّه تبارك و تعالى حين أخذ الميثاق من ولد آدم، أخذه في ذلك المكان، و في ذلك المكان ألقم الملك الميثاق، و لذلك وضع في ذلك الرُّكن، و نحّى آدم من مكان البيت إلى الصّفا و حوَّا إلى المروة، و وضع الحجر في ذلك الرُّكن، فلمّا نظر آدم من الصّفا و قد وضع الحجر في الرُّكن، كبّر الله و هلّله و مجّده، فلذلك جرت السّنة بالتّكبير و استقبال الرُّكن الّذي فيه الحجر من الصّفا، فإنَّ الله أو دعه الميثاق و العهد دون غيره من الملائكة، لإنَّ الله عزَّ و جلَّ لمّا أخذ الميثاق له بالرُّبوبيّة، و لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بالنبوَّة، و لعليّ (عَلَیْه اَلسَّلاَمُ) بالوصيّة، اصطكّت فرائص الملائكة فأوَّل من أسرع إلى الإقرار ذلك الملك، لم يكن فيهم أشدُّ حبّاً لمحمد و آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) منه، و لذلك اختاره الله من بينهم، و ألقمه الميثاق، و هو يجيىء يوم القيامة و له لسان ناطق و عين ناظرة، يشهد لكلِّ من وافاه إلى ذلك المكان و حفظ الميثاق (1)

128- باب بدء البيت و الطواف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي عبّاد عمران بن عطيّة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: بينا أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنا في الطواف، إذا أقبل رجل شَرجب (2) من الرِّجال، فقلت: و ما الشرجب أصلحك الله؟ قال: الطويل، فقال: السّلام علیک [م]، و أدخل رأسه بيني و بين أبي، قال فالتفَت إليه أبي و أنا فردَدْنا عليه السّلام، ثمَّ قال: أسألُك رحِمَكَ الله؟ فقال له أبي: نقضي طوافنا، ثمَّ تسألني، فلمّا قضى أبي الطواف، دخلنا الحِجْر فصلّينا الرَّكعتين، ثمَّ التفت فقال: أين الرَّجل يا بنيَّ، فإذا هو وراءه قد صلّى، فقال: ممّن الرَّجل؟ قال: من أهل الشّام؟ فقال: و من أيِّ أهل الشّام؟ فقال: ممّن يسكن بيت المقدس، فقال: قرأت الكتابَين (3)؟ قال: نعم، قال: سل عمّا بدا لك، فقال: أسألك عن بدء هذا البيت و عن قوله: ﴿ن، وَ الْقَلَمِ وَ مَا يَسْطُرُونَ﴾ (4) و عن قوله: ﴿وَ الَّذِینَ فِی أَمْوالِهِمْ حَقٌّ

ص: 190


1- وردت بعض معاني هذا الحديث و تعابيره في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ضمن ح 3. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- في الصحاح: الشرجب: الطويل. و في القاموس: شرحب: بنفس المعنى أيضاً. و قد أثبته المجلسي رحمه الله في شرحه بالحاء بالسين و الحاء المهملتين (سَرحب)، و قال: قال الجوهري: ضرس سرحوب أي طويلة على وجه الأرض و يوصف به الإناث دون الذكور.
3- يعني الإنجيل و القرآن. و يحتمل بعيداً: التوارة.
4- القلم/ 1.

مَعْلُومٌ * لِلسّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ﴾ (1)؟ فقال: يا أخا أهل الشّام، اسمع حديثنا و لا تكذب علينا، فإنّ من كذَبَ علينا في شيء فقد كذب على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و من كذَب على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقد كذَب على الله، و من كذَب على الله عذّبه الله عزَّ و جلَّ. أمّا بدء هذا البيت، فإنَّ الله تبارك و تعالى قال للملائكة: ﴿إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً﴾ (2)، فردَّت الملائكة على الله عزَّ و جلَّ فقالت: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ الدِّمَآءَ﴾ (3)، فأعرض عنها، فرأت أنَّ ذلك من سخطه، فلاذَت (4) بعرشه، فأمر الله مَلَكاً من الملائكة أن يجعل له بيتاً في السّماء السّادسة يُسَمّى الضُّراح (5) بإزاء عرشه، فصيّره لأهل السّماء يطوف به سبعون ألف مَلَك في كلِّ يوم لا يعودون، و يستغفرون، فلمّا أن هبط آدم إلى السّماء الدُّنيا، أمره بمرمّة هذا البيت، و هو بإزاء ذلك، فصيّره لآدم و ذرّيّته، كما صيّر ذلك لأهل السّماء. قال: صدقت يا ابن رسول الله (6)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر؛ و ابن محبوب، جميعاً عن المفضّل بن صالح، عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: كنت مع أبي في الحجْر، فبينما هو قائمٌ يصلّي، إذ أتاه رجلٌ فجلس إليه، فلمّا انصرف سلّم عليه ثمَّ قال: إنّي أسألك عن ثلاثة أشياء لا يعلمها إلّا أنت و رجلٌ آخر، قال: ما هي؟ قال: أَخْبرني أي شيء كان سبب الطواف بهذا البيت؟ فقال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ لمّا أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)،ردُّوا عليه فقالوا: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ﴾، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَاتَعْلَمُونَ﴾، فغضب عليهم، ثمَّ سألوه التّوبة، فأمرهم أن يطوفوا بالضُّراح، و هو البيت المعمور، و مكثوا يطوفون به سبع سنين [و] يستغفرون الله عزَّ و جلَّ ممّا قالوا، ثمَّ تاب عليهم من بعد ذلك، و رضي عنهم، فهذا كان أصل الطواف، ثمَّ جعل الله البيت الحرام حذو الضّراح توبة لمن أذنب من بني آدم و طهوراً لهم، فقال: صدقتَ (7)

ص: 191


1- المعارج/ 24 و 25.
2- البقرة/30.
3- البقرة/30.
4- أي عادت و لجات.
5- قال في النهاية 81/3: ﴿الضُراح: بيت في السماء حيال الكعبة، و يروى: الضريح، و هو البيت المعمور، من المضارحة و هي المقابلة و المضارعة... و من رواه بالصاد فقد صحّف﴾.
6- الحديث ضعيف على المشهور.
7- الحديث ضعيف. و قوله: إلا أنت و رجل آخر: المراد بالرجل الآخر الإمام الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و يحتمل أنه السائل نفسه.

129- باب أن أولّ ما خلق الله من الأَرضين موضع البيت و كيف كان أول ما خلق

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن محمد بن عمران العجليّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيُّ شيء كان موضع البيت حيث كان الماء، في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ﴾ (1)؟ قال: كان مَهَاةً بيضاء- يعني درَّة- (2)

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة (3)، قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ أنزل الحجر لآدم (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) من الجنّة، و كان البيت درَّة بيضاء، فرفعه الله عزَّ و جلَّ إلى السماء و بقي أُسّه و هو بحيال هذا البيت، يدخله كلِّ يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون إليه أبداً، فأمر الله عزَّ و جلَّ إبراهيم و إسماعيل (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ)ببنيان البيت على القواعد (4)

3- عليُّ بن محمد، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن صالح اللّفائفي، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال: إِنَّ اللَّهَ عزَّ و جلَّ دَحَی الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِ الْکَعْبَةِ إِلَی مِنًی، ثُمَّ دَحَاهَا مِنْ مِنًی إِلَی عَرَفَاتٍ، ثُمَّ دَحَاهَا مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَی مِنًی، فَالْأَرْضُ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَ عَرَفَاتٌ مِنْ مِنًی، وَ مِنًی مِنَ الْکَعْبَةِ (5)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن عيسى بن عبد الله الهاشميِّ، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان موضع الكعبة ربوة من الأرض بيضاء، تضيء كضوء الشّمس و القمر، حتّى قتل ابنا آدم أحدُهما صاحبَه، فاسوَّدت، فلمّا نزل آدم، رفع الله له الأرض كلّها حتّى رآها، ثمَّ قال: هذه لك كلّها، قال: يا ربِّ، ما هذه الأرض

ص: 192


1- هود/7.
2- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 5. و الحديث ضعيف على المشهور. و المَهَاة: -كما في القاموس- البلّور.
3- في الفقيه: عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و...، ح 6. و الحديث ضعيف على المشهور.
5- الفقيه 2، نفس الباب، صدر ح 2. قوله: ثم دحاها من عرفات إلى منى: ﴿أي دحا السطح الظاهر من الأرض من عرفات إلى منتهاها، ثم ردّها من تحت الأرض لحصول الكروية إلى منى، و لم يذكر كيفية إتمامه لظهوره﴾ مرآة المجلسي 11/17. و الحديث ضعيف.

البيضاء المنيرة؟ قال: هي [في] أرضي (1)، و قد جعلت عليك أن تطوف بها كلَّ يوم سبعمائة طواف (2)

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن الحسين بن عليِّ بن مروان ، عن عدَّة من أصحابنا، عن أبي حمزة الثماليِّ قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المسجد الحرام: لأيِّ شيء سمّاه الله العتيق؟ فقال: إنّه ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض، إلّا له ربُّ و سكّان يسكنونه، غير هذا البيت، فإنّه لا ربَّ له إلّا الله عزَّ و جلَّ، و هو الحرُّ، ثمّ قال: إن الله عزَّ و جلَّ خلقه قبل الأرض، ثمَّ خلق الأرض من بعده، فدحاها تحته (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن أَبَان بن عثمان، عمّن أخبره، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: لم سمّي البيت العتيق؟ قال: هو بيت حرُّ عتيق من النّاس لم یملكه أحد (4)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عَميرة، عن أبي زرارة التميميِّ، عن أبي حسّان، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا أراد الله عزَّ و جلَّ أن يخلق الأرض، أمر الرِّياح فضربْنَ وجه الماء حتّى صار موجاً، ثمَّ أَزْبَدَ فصار زَبَداً واحداً، فجمعه في موضع البيت، ثمَّ جعله جبلاً من زَبَد، ثمَّ دحى الأرض من تحته، و هو قول الله عزَّ و جلَّ (5): ﴿انَّ اوَّلَ بَیتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذی بِبَکَّةَ مُبارَکًا﴾ (6)

و رواه أيضاً عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميِّ عن أبي عبد الله

(عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله (7)

130- باب في حج آدم عليه السلام

1- عليُّ بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن

ص: 193


1- هي من جملة أجزاء أرضي اختصصتها و اجتبيتها لعبادتي. و نسبتها إلى نفسي، و ميزتها بفريضة هي من أعظم الفرائض، و هي فريضة الحج. و لا عجب فإن الله خواصّ في الأزمنة و الأمكنة و الأشخاص.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7 بتفاوت قليل. و الحديث ضعيف.
3- الحديث مجهول. و قال الفيروز آبادي: البيت العتيق: الكعبة، قيل لأنه أول بيت وضع بالأرض، أو أعتق من الغرق، أو من الجبابرة، أو من الحبشة، أو لأنه حرم لم يملكه أحد.
4- ورد ذلك بتفاوت بسير في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، صدرح 3.
5- آل عمران/ 96. وبكّة: هي مكة.
6- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 1 بزيادة في آخره و تفاوت. و الحديث مجهول.
7- هذا السند حَسَن.

عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ، لمّا أصاب آدم و زوجته الخطيئة، أخرجهما من الجنّة ، و أهبطهما إلى الأرض، فأهبط آدم على الصّفا، و أهبطت حوَّاء على المَرْوَة، و إنّما سمّى صَفا: لأنّه شقّ له من اسم أدم المصطفى، و ذلك لقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءَادَمَ وَ نُوحًا﴾ (1)، و سمّيت المروة مَرْوَةً: لأنه شقّ لها من اسم المرأة، فقال آدم: ما فرِّق بيني و بينها إلّا أنّها لا تحلّ لي، و لو كانت تحلُّ لي هبطت معي على الصّفا، و لكنّها حرِّمت عليَّ من أجل ذلك، و فرِّق بيني و بينها، فمكث آدم معتزلاً حوَّاء، فكان يأتيها نهاراً فيتحدَّث عندها على المروة، فإذا كان اللّيل و خاف أن تغلبه نفسه يرجع إلى الصّفا فيبيت عليه، و لم يكن لآدم أُنْسٌ غيرها، و لذلك سُمِّين النّساءُ من أجل أنَّ حوّاء كانت أُنساً لآدم ، لا يكلّمه الله و لا يرسل إليه رسولاً، ثمَّ إنَّ الله عزَّ و جلَّ منَّ عليه بالتّوبة، و تلقّاه بكلمات، فلمّا تكلّم بها تاب الله عليه، و بعث إليه جبرئيل (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) فقال: السّلام عليك يا آدم التّائب من خطيئته، الصّابر لبليّته، إنَّ الله عزَّ و جلَّ أرسلني إليك لأُعلّمك المناسك الّتي تَطْهُرُ بها، فأخذ بيده فانطلق به إلى مكان البيت، و أنزل الله عليه غمامة فأظلّت مكان البيت، و كانت الغمامة بحيال البيت المعمور، فقال: يا آدم، خطّ برجلك حيث أظلّت عليك هذه الغمامة، فإنّه سيخرج لك بيتاً من مَهَاة يكون قبلتك و قبلةَ عَقِبِكَ من بعدك، ففعل آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و أخرج الله له تحت الغمامة بيتاً من مَهَاة، و أنزل الله الحجر الأسود، و كان أشدّ بياضاً من اللّبن (2) و أضوءَ من الشَّمس، و إنّما اسودَّ (3) لأنَّ المشركين تمسّحوا به، فمن نَجَس المشركين اسودَّ الحجر، و أمره جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يستغفر الله من ذنبه عند جميع المشاعر، و يخبره أنَّ الله عزَّ و جلَّ قد غفر له؛ و أمره أن يحمل حَصَيات الجِمَار من المزدلفة فلمّا بلغ موضع الجمار، تعرَّض له إبليس فقال له: يا آدم، أين تريد؟ فقال له جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا تكلّمه، و ارمه بسبع حَصَيات و كَبِّرْ مع كلِّ حصاة، ففعل آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حتّى فرغ من رمي الجمار، و أمره أن يقرِّب القربان و هو الهَدْي قبل رمي الجمار، و أمره أن يحلق رأسه تواضعاً الله عزَّ و جلَّ، ففعل آدم ذلك، ثمَّ أمره بزيارة البيت و أن يطوف به سبعاً، و يسعى بين الصّفا و المروة أُسبوعاً (4)، يبدء بالصّفا و يختم بالمروة، ثمَّ يطوف بعد ذلك أُسبوعاً بالبيت، و هو طواف النّساء، لا يحلّ للمحرم أن يباضع (5) حتّى يطوف طواف النساء، ففعل آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال له جبرئيل: إِنَّ اللّه عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ غَفَرَ ذَنْبَکَ، وَ قَبِلَ تَوْبَتَکَ، وَ أَحَلَّ لَکَ زَوْجَتَکَ، فَانْطَلَقَ آدَمُ،

ص: 194


1- آل عمران/33.
2- ورد ذلك في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ضمن ح 3.
3- في الفقيه: فاسوّدَ من خطايا بني آدم، و لو لا ما مسّه من أرجاس الجاهلية ما مسّه ذو عاهة إلا برء.
4- اسبوعاً: أي سبعة أشواط.
5- أي يجامع و بواقع.

وَ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ، وَ قُبِلَتْ مِنْهُ تَوْبَتُهُ، وَ حَلَّتْ لَهُ زَوْجَتُهُ (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد القلانسيِّ، عن عليِّ بن عمّه عبد الرَّحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمّا أُهبط إلى الأرض، أُهبط على الصّفا، و لذلك سمّى الصّفا، لأنَّا (2) المصطفى هبط عليه، فقطع للجبل اسم من اسم آدم، يقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿إنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَ نوحاً وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾، و أُهبطت حوَّاء على المروة، و إنّما سمّيت المروة مَرْوَةً: لأنَّ المرأة هبطت عليها، فقطع للجبل اسم من اسم المرأة (3)، و هما جبلان عن يمين الكعبة و شمالها، فقال آدم حين فرِّق بينه و بين حوَّاء: ما فرِّق بيني و بين زوجتي إلّا و قد حُرِّمَتْ عليَّ، فاعتَزَلَها، و كان يأتيها بالنّهار فيتحدّث إليها، فإذا كان اللّيل خشي أن تغلبه نفسه عليها، رجع فبات على الصّفا، و لذلك سميت النّساء، لأنّه لم يكن لآدم أُنس غيرها، فمكث آدم بذلك ما شاء الله أن يمكث، لا يكلّمه الله و لا يرسل إليه رسولاً، و الرَّب سبحانه يُباهي بصبره الملائكة، فلمّا بلغ الوقت الّذي يريد الله عزَّ و جلَّ أن يتوب على آدم فيه، أرسل إليه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) فقال: السّلام عليك يا آدم الصّابر لبليّته، التّائب عن خطيئته، إنَّ الله عزَّ و جلَّ بعثني إليك لأُعَلّمك المناسك الّتي يريد يتوب عليك بها، فأخذ جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بيد آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حتّى أتى به مكان البيت، فنزل غمام مر السّماء فأظلّ مكان البيت، فقال جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا آدم، خُطّ برجلك حيث أظلّ الغمام، فإنّه قبلة لك و لآخر عَقِبِكَ من ولدك، فَخَطّ آدم برجله حيث أظلَّ الغمام، ثمَّ انطلق به إلى منى، فأراه مسجد منى، فَخَطّ برجله، و مدَّ خُطّة المسجد الحرام بعد ما خَطّ مكان البيت، ثمَّ انطلق به من منى إلى عرفات، فأقامه على المعرَّفا (4)، فقال: إذا غربت الشّمس فاعترف بذنبك مرَّات، و سل الله المغفرة و التّوبة سبع مرَّات، ففعل ذلك آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و لذلك سمّى المعرَّف، لأنَّ آدم اعترف فيه بذنبه، و جعل سنّة لولده يعترفون بذنوبهم كما اعترف آدم و يسألون التّوبة كما سألها آدم، ثمَّ أمره جبرئيل فأفاض من عرفات فمرَّ على الجبال السّبعة، فأمره أن يكبّر عند كلِّ جبل أربع تكبيرات، ففعل ذلك آدم حتّى انتهى إلى جمع فلمّا انتهى إلى جُمَع (5) ثلث اللّيل، فجمع فيها المغرب و العشاء الآخرة تلك اللّيلة ثلث اللّيل في ذلك الموضع، ثمَّ أمره أن ينبطح في بطحاء (6)جُمَع، فانبطح في بطحاء و جمع حتّى انفجر الصّبح، فأمره أن يصعد على الجبل

ص: 195


1- الحديث ضعيف.
2- وردا ضمن كلام للشيخ الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث رقم 7 من الباب 61 من الفقيه 2 فراجع.
3- وردا ضمن كلام للشيخ الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث رقم 7 من الباب 61 من الفقيه 2 فراجع.
4- التعريف: الوقوف بعرفات. و المعرّف: الموقف منه.
5- جمع: من أسماء المُزْدَلِفَة.
6- الانبطاح- في الأصل- الاستلقاء على الوجه. و المراد به هنا، مطلق التمدد للنوم. وقيل: هو كناية عن: الاستقرار على الأرض للدعاء لا للنوم. وقيل: كناية عن طول الركوع و السجود. و البطحاء: المسيل الواسع فيه دقيق الحصى. و قد ورد هذا المعنى في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، بعد الحديث 10.

-جبل جُمَع-، و أمره إذا طلعت الشّمس أن يعترف بذنبه سبع مرَّات و يسأل الله التّوبة و المغفرة سبع مرَّات، ففعل ذلك آدم كما أمره جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و إنّما جعله اعترافين ليكون سُنّةً في ولده، فمن لم يدرك منهم عرفات و أدرك جُمَعاً فقد وافى حجّه (1) [إلى منى]، ثمَّ أفاض من جُمَع إلى منى، فبلغ منى ضحى، فأمره فصلّى ركعتين في مسجد منى، ثمَّ أمره أن يقرِّب لله قرباناً ليقبل منه و يعرف أنَّ الله عزَّ و جلَّ قد تاب عليه، و يكون سنّة في ولده القربان، فقرَّب آدم قرباناً فقبل الله منه، فأرسل ناراً من السّماء فقبلت قربان آدم، فقال له جبرئيل: يا آدم ، إنَّ الله قد أحسن إليك إذ علّمك المناسك الّتي يتوب بها عليك و قبل قربانك، فاحلق رأسك تواضعاً لله عزَّ و جلَّ إذ قبل قربانك، فحلق آدم رأسه تواضعاً لله عزَّ و جلَّ، ثمَّ أخذ جبرئيل بيد آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فانطلق به إلى البيت، فعرض له إبليس عند الجمرة، فقال له إبليس لعنه الله: يا آدم، أين تريد؟ فقال له جبرئیل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا آدم ارمه بسبع حَصَيات و كبّر مع كلِّ حصاة تكبيرة، ففعل ذلك آدم، فذهب إبليس، ثمَّ عرض له عند الجمرة الثّانية، فقال له: يا آدم، أين تريد؟ فقال له جبرئیل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ارمه بسبع حَصَيات و كبّر مع كلِّ حصاة تكبيرة، ففعل ذلك ،آدم ، فذهب إبليس، ثمَّ عرض له عند الجمرة الثالثة (2) فقال له: يا آدم أين تريد؟ فقال له جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ارمه بسبع حَصَيات و كبّر مع كلِّ حصاة تكبيرة، ففعل ذلك آدم، فذهب إبليس، فقال له جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّك لن تراه بعد مقامك هذا أبداً، ثمَّ انطلق به إلى البيت فأمره أن يطوف بالبيت سبع مرَّات، ففعل ذلك آدم ، فقال له جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَکَ ذَنْبَکَ، وَ قَبِلَ تَوْبَتَکَ، وَ أَحَلَّ لَکَ زَوْجَتَکَ. (3)

محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عبد الكريم بن عمرو؛ و إسماعيل بن حازم، عن عبد الحميد بن أبي الدَّيلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار؛ و جميل بن صالح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا طاف آدم بالبيت و انتهى إلى الملتَزَم، قال له جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا آدم أقرِّ لربّك بذنوبك في هذا المكان، قال: فوقف آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: يا ربِّ، إِنَّ

ص: 196


1- مفعول لأجله.
2- سوف يأتي أن المشهور عند الأصحاب أن ما يُرّمى يوم العيد من الجمرات هو خصوص جمرة العقبة.
3- الحديث ضعيف.
4- هذا السند ضعيف أيضاً.

لكلِّ عامل أجراً، و قد عملتُ، فما أَجْري؟ فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليه: يا آدم قد غفرت ذنبك، قال: يا ربِّ و لولدي [أ] و لذرّيّتي؟ فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليه: یا آدَمُ، مَن جاءَ مِن ذُرِّیَّتِکَ إلی هذَا المَکانِ، و أقَرَّ بِذُنوبِهِ، و تابَ کَما تُبتَ، ثُمَّ استَغفَرَ، غَفَرتُ لَهُ (1)

4- علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا أفاض آدم من منى، تلقّته الملائكة فقالوا: يا آدم بَرَّ حجُّك، أما إنّه قد حججنا هذا البيت قبل أن تحجّه بألفي عام (2)

5- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن أحمد بن محمد، عن العبّاس بن معروف، عن عليِّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: حدَّثني أبو بلال المكّي قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) طاف بالبيت، ثمَّ صلّى فيما بين الباب و الحجر الأسود ركعتين، فقلت له: ما رأيتُ أحداً منكم في هذا الموضع؟ فقال: هذا المكان الذي تيب على آدم فيه (3)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن محمد العلويِّ قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن آدم حيث حجّ: بما حلق رأسه؟ فقال: نزل عليه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بياقوته من الجنّة، فأَمَرَّها على رأسه فتناثر شعره (4)

131- باب علّة الحرم و كيف صار هذا المقدار

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحرم و أعلامه، كيف صار بعضها أقربَ من بعض، و بعضها أبعدَ من بعض؟ فقال: إن الله عزَّ و جلَّ لمّا أهبط آدم من الجنّة، هبط على أبي قبيس، فشكا إلى ربّه الوحشة، و أنّه لا یسمع ما كان يسمعه في الجنّة، فأهبط الله عزَّ و جلَّ عليه ياقوتة حمراء، فوضعها في

ص: 197


1- الحديث حسن، ويدل على استحباب التوبة و الدعاء و الاعتراف بالذنب عند الملتزم من البيت، و هو المستجار.
2- الفقيه 2، 63- باب نُكَثٌ في حج الأنبياء و المرسلين (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 2 مرسلاً و فيه: تلقته الملائكة بالأبطح ... و بَرَّ حجك: أي كان مقبولاً تثاب عليه. وقيل: الحج المبرور: الخالص من أية شائبة.
3- الحديث مجهول.
4- قال الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ... ، ح 3: و نزل جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمهاة من الجنة، و روي بياقوتة حمراء فأدارها على رأس آدم و حلق رأسه بها. أقول: و الحديث مجهول.

موضع البيت، فكان يطوف بها ،آدم فكان ضوؤها يبلغ موضع الأعلام، فيعلم الأعلام على ضوئها، و جعله الله حَرَماً (1)

عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي همام إسماعيل بن همام الكنديِّ عن أبي الحسن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، نحو هذا (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ الله تبارك و تعالى أوحى إلى جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أنا الله الرَّحمن الرَّحيم، و إنّي قد رحمت آدم و حوَّاء لمّا شكيا إليَّ ما شَكَيا، فأهبط عليهما بخيمة من خيم الجنّة، و عَزِّهما عنّي بفراق الجنّة، و أجْمَعْ بينهما في الخيمة، فإنّي قد رحمتهما لبكائهما و وحشتهما في وحدتهما، و أنْصب الخيمة على التُّرعة (3) الّتي بين جبال مكّة، قال: و التّرعة: مكان البيت و قواعده الّتي رفعتها الملائكة قبل آدم، فهبط جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على آدم بالخيمة على مقدار أركان البيت و قواعده، فنصبها.

قال: و أنزل جبرئيل آدم من الصّفا، و أنزل حوَّاء من المَرْوَة، و جمع بينهما في الخيمة.

قال: و كان عمود الخيمة قضيبَ ياقوت أحمر، فأضاء نوره و ضَوْؤه جبال مكّة و ما حولها، قال: و امتدَّ ضوء العمود قال: فهو مواضع الحرم اليوم من كلِّ ناحية من حيث بلغ ضوء العمود، قال: فجعله الله حَرَماً لحُرْمة الخيمة و العمود لأنّهما من الجنّة.

قال: و لذلك (4) جعل الله عزَّ و جلَّ الحَسَنات في الحرم مضاعفةً و السيِّئاتِ مضاعفةً، قال: ومدَّت أطناب الخيمة حولها، فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام، قال: و كانت أوتادها من عقيان (5) الجنّة و أطنابها من ضفائر (6) الأُرْجُوان (7)

ص: 198


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 208 بتفاوت. و الحديث حسن. و قوله: أقرب: أي من الكعبة، و أبعد: أي عنها.
2- هذا السند صحيح.
3- التُرعة: الروضة في مكان مرتفع. و الباب، و الدرجة. قيل: و في أكثر نسخ علل الشرائع- حيث روي الحديث-: النَزعة و لعلها كناية عن المكان الخالي من الشجر و النبات، تشبيها بنزعة الرأس التي لا ينبت فيها شعر. و لكن فسّرت في الحديث بأنها مكان البيت و قواعده.
4- أي لتلك الحُرْمة.
5- قال الجوهري: العقيان، من الذهب، الخالص. و يقال: هو مما ينبت نباتاً و ليس مما يحصل من الحجارة.
6- جمع ضفيرة و هي نسع الشعر و غيره.
7- الأرجوان: فارسي معرّب، و هو ارغوان. و كل لون يشبهه فهو أُرجُوان.

قال: و أوحى الله عزَّ و جلَّ إلى جبرئيل أهبط على الخيمة [ب] سبعين ألف ملك یحرسونها من مَرَدَة ،الشياطين، و يؤنسون آدم، و يطوفون حول الخيمة تعظيماً للبيت و الخيمة، قال: فهبط بالملائكة فكانوا بحضرة الخيمة يحرسونها من مَرَدَة الشياطين العتاة، و يطوفون حول أركان البيت و الخيمة كلَّ يوم و ليلة كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور. قال: و أركان البيت الحرام في الأرض، حيال البيت المعمور الّذي في السماء، ثمَّ قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك أن أَهْبِط إلى آدم و حوَّاء فَنَحِّهما عن مواضع قواعد بيتي، و ارفع قواعد بيتي لملائكتي، ثمَّ وَلَدَ آدم، فهبط جبرئيل على آدم و حوَّاء فأخرجهما من الخيمة و نحّاهما عن تُرْعَة البيت، و نحّى الخيمة عن موضع التُّرعة.

قال: و وضع آدم على الصّفا و حوَّاء على المَرْوَة فقال آدم: يا جبرئيل أَبِسَخَط (1) من الله عزَّ و جلَّ حوَّلتنا و فرَّقت بيننا، أم برضى و تقدير علينا؟ فقال لهما: لم يكن ذلك بسَخَط من عليكما، و لكنَّ الله لا يُسأل عمّا يفعل، يا آدم، إنَّ السّبعين ألف ملك الّذين أنزلهم الله إلى الأرض ليؤنسوك و يطوفوا حول أركان البيت [المعمور] و الخيمة، سألوا الله أن يبني لهم مكان الخيمة بيتاً على موضع التُرْعة المباركة، حيال البيت المعمور، فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور ، فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليَّ أن أُنحيّك و أرفعَ الخيمة، فقال آدم: قد رضينا بتقدير الله و نافذ أمره فينا، فرفع قواعد البيت الحرام بحجر من الصفا، و حجر من المروة، و حجر من طور سيناء، و حجر من جبل السّلام: و هو ظهر الكوفة، و أوحى الله عزَّ و جلَّ إلى جبرئيل أن ابنه و أَتمّه، فاقتلع جبرئيل الأحجار الأربعة بأمر الله عزَّ و جلَّ من مواضعهنَّ بجناحه، فوضعها حيث أمر الله عزَّ و جلَّ في أركان البيت على قواعده الّتي قدّرها الجبّار و نصب أعلامها، ثمَّ أوحى الله عزَّ و جلَّ إلى جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن ابنِهِ و أَتمّه بحجارة من أبي قبيس، و اجعل بابين: باباً شرقيّاً و باباً ،غربيّاً، قال: فأتمّه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فلمّا أن فرغ، طافت حوله الملائكة، فلمّا نظر آدم و حوَّاء إلى الملائكة يطوفون حول البيت، انطلقا فطافا سبعة أشواط، ثمَّ خرجا يطلبان ما يأكلان (2)

132- باب ابتلاء الخلق و اختبارهم بالكعبة

1- محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن أبي يسر، عن داود بن عبد الله، عن

ص: 199


1- أَسْخَطَهُ: أَغْضَبَهُ.
2- الحديث مجهول.

[محمد بن] عمرو بن محمد، عن عيسى بن يونس قال: كان ابن أبي العوجاء (1) من تلامذة الحسن البصريِّ ، فانحرف عن التوحيد، فقيل له؛ ترکت مذهب صاحبك و دخلت فيما لا أصل له و لا حقيقة؟ فقال: إنَّ صاحبي كان مخلّطاً، كان يقول طوراً بالقدر، و طوراً بالجبر، و ما أعلمه اعتقَدَ مذهباً دام عليه. و قَدِم مكّة متمرّداً و إنكاراً على من يحجُّ، و كان يكره العلماء مجالسته و مساءلته لخبث لسانه و فساد ضميره، فأتى أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فجلس إليه في جماعة من نظرائه فقال: يا أبا عبد الله، إنَّ المجالس أمانات، و لا بدَّ لكلّ من به سعال أن يسعل، أفتأذن في الكلام؟ فقال: تكلّم فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر، و تلوذون بهذا الحجر، و تعبدون هذا البيت المعمور بالطُّوب و المَدَر (2)، و تهرولون حوله هرولة البعير إِذا نَفَرَ، إنَّ من فكر في هذا و قدّر، علم أنَّ هذا فعل أسّسه غير حكيم، و لا ذي نظر، فقل فإنّك رأس هذا الأمر و سنامه و أبوك أُسّهُ و تمامه؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ من أضلّه الله و أعمى قلبه، استوخم الحقَّ (3) و لم يستعِذْ به، و صار الشيطان وليّه و ربّه و قرينه يورده مَنَاهِل (4) الهلكة ثمَّ لا يُصْدِرُه (5)، و هذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم على تعظيمه و زيارته و جعله محل أنبيائه، و قِبلةً للمصلّين إليه، فهو شعبة من رضوانه، و طريق يؤدّي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال العظمة و الجلال، خلقه الله قبل دَحْوِ الأرض بألفي عام، فأحقُّ (6) من أُطيع فيما أمر، و انتهى عمّا نهى عنه و زجر، الله المنشىءُ للأرواح و الصُّوَر (7)

2- و روي انَّ امير المؤمنين صلوات الله عليه قال في خطبة له: و لو أراد الله جلَّ ثناؤه بأنبيائه حيث بعثهم، أن يفتح لهم كنوز الذُّهبان (8)، و معادن العقيان، و مغارس الجنان، و أن يحشر طير السّماء و وحش الأرض معهم لفَعَلَ، و لو فعل لسقط البلاء، و بطل الجزاء، و اضمحلّت الأنباء، و لما وجب للقائلين (9) أُجور المبتلين، و لا لَحِقَ المؤمنين ثوابُ المحسنين،

ص: 200


1- هو عبد الكريم بن أبي العوجاء أحد زنادقة عصر الإمام الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، قتله أبو جعفر محمد بن سليمان عامل الكوفة من جهة المنصور العباسي، و كان خال معن بن زائدة.
2- الطوب: الآجُرّ، و المَدَر: قطع الطين اليابس. و الدُّوْس: الوطء بالرِجْل.
3- استَوْخَمَ الحق: أي استثقله، كناية عن رفضه و عدم قبوله له.
4- المناهل: جمع مَنْهَل، و هو موضع الشرب.
5- الصَّدَر: الرجوع.
6- أَحَقُّ: مرفوع بالابتداء، و خبره قوله: اللهُ المنشىءُ ... الخ.
7- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 32 بتفاوت. و رواه في البحار صدر حديث طويل عن كنز العمال، عن جعفر بن قولويه، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن العباس بن عمر الفقيمي. هذا، و الحديث مجهول.
8- الذُّهْبان: جمع الذهب. و قد مر تفسير العقيان.
9- أي للحقِّ: وقيل: من القيلولة، كناية عن العيش في الرخاء باسترخاء.

و لا لزمت الأسماء (1) أهاليها على معنى مُبين، و لذلك لو أنزل الله من السماء آيةً فَظَلّت أعناقُهم لها خاضعين، و لو فعل لسقط البلوى عن النّاس أجمعين، و لكن الله جلَّ ثناؤه، جعل رسله أُولي قوَّة في عزائم نيّاتهم، و ضَعَفَةً فيما ترى الأعين من حالاتهم من قناعة تملأ القلوب و العيون غناؤه (2) و خصاصة تملأ الأسماع و الأبصار أذاؤه (3)، و لو كانت الأنبياء أهل قوَّة لا تُرام (4) و عزَّة لا تُضام (5)، و مُلْك يمدّ نحوه أعناقُ الرّجال (6)، و يشدُّ إليه عقد الرِّحال، لكان أهون على الخلق في الاختبار، و أبعد لهم في الاستكبار، و لآمنوا عن رهبة قاهرة لهم، أو رغبة مائلة بهم، فكانت النّيات مشتركة (7)،

و الحسنات مُقْتَسَمة، و لكن الله أراد أن يكون الإتّباع لرسله، و التصديق بكُتُبه، و الخشوع لوجهه، و الاستكانة لأمره و الاستسلام لطاعته، أُموراً له خاصّة، لا تشوبها من غيرها شائبة، و كلّما كانت البلوى و الاختبار أعظمَ، كانت المثوبة و الجزاء أَجْزَلَ (8)، الا ترَوْنَ أَنَّ الله جلَّ ثناؤه اختبر الأوّلين من لَدُنْ آدم إلى الآخرين من هذا العالم، بأحجار لا تضرُّ و لا تنفع، و لا تبصر و لا تسمع ، فجعلها بيته الحرام الّذي جعله للنّاس قياماً (9)، ثمَّ وضعه بأوْعَرِ بقاع الأرض حجراً و أقلَّ نتائق (10) الدُّنيا مَدَراً، و أضيق بطون الأودية معاشاً، و أُغلظ محالِّ

ص: 201


1- كالمؤمن و الكافر و الورع و المتقي و المنافق ... الخ.
2- في النهج: غِنى.
3- في النهج: أذى.
4- أي يُقصد و يطلب.
5- ضامه حقه: نقصه إياه، و الضيم: الظلم.
6- يُمَدِّ نحوه أعناق ...: كناية عن الطموح إلى الملك و تأميله.
7- أي لم تكن النيات خالصة لله، بل تشترك فيها الرغبة و الرهبة و غيرهما بغيره و لغيره. و سوف يتوضح هذا المعنى بعد قليل.
8- أجزل: أعظم.
9- إشارة إلى قوله تعالى في سورة المائدة/97. و يقول الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان 1 - 247/2: ﴿القيام، مصدر كالصيام، أي جعل الله حج الكعبة، أو نصب الكعبة قياماً للناس، أي لمعايش الناس و مكاسبهم لما يحصل لهم في زيارتها من التجارة و أنواع البركة ... وقيل: معناه أنهم لو تركوه عاماً لم يحجّوه لما. نوظروا أن يهلكوا ...﴾. أقول: إن المناسك التي يؤديها الإنسان المؤمن حول البيت العتيق كلها تستبطن حكماً عظيمة و مرامي خطيرة تصب في بوتقة صهر الأمة و توحيدها من خلال ربطها بجذورها الحضارية من جهة و ربطها بالله سبحانه من جهة ثانية، و استشعارها من الجهة الأولى أنها أمة و ريثة لكل الأمم المؤمنة عبر التاريخ البشري و أنها خاتمتها على هذه الأرض بلحاظ كون رسولها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خاتم الأنبياء و الرسل و دينها هو المهيمن على كل الأديان و استشعارها من الجهة الثانية أنها مستندة في حركتها إلى ركن شديد و قوة لا تعلوها قوة، و في ذلك كله ما فيه من نهوض لها لتأخذ دورها القيادي للبشرية جمعاء فلا تستكين لظالم و لا تنالها و صمة التبعية، و أنعِمْ بذلك من قيام نهضوي رائع لا يجعل لغير الإسلام طريقاً إلى عزة الإنسانية و لا يكون معبود غير الله سبحانه.
10- النتائق: جمع النتيقة، و هي فعلية بمعنى المفعولة من النتق، و هو أن تقلع الشيء فترفعه من مكانه لترمي به. هذ هو الأصل، و أراد بها هنا البلاد لرفع بنائها و شهرتها في موضعها. هكذا قاله ابن الأثير في نهايته- بتصرف- 13/5

المسلمين مياهاً، بين جبال خشنة، و رمال دَمِثة (1)، و عيون و شلة (2)، و قرى منقطعة، و أثر من مواضع قطر السماء داثر، ليس يزكو به خُفٌ و لا ظلف و لا حافر، ثمَّ أمر آدم و ولده أن يثنوا أعطافهم نحوه، فصار مثابةً لمنتجع أسفارهم، و غايةً لملقى رحالهم، تهوي إليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار متّصلة، و جزائر بحار منقطعة، و مهاوي فجاج عميقة، حتّى يهزُّوا مناكبهم ذللاً، يهلّلون الله حوله و يرملون (3) على أقدامهم شُعْثاً غُبراً له، قد نبذوا القنع و السّرابيل وراء ظهورهم، و حسروا بالشعور حلقاً عن رؤوسهم ابتلاءً عظيماً، و اختباراً كبيراً، و امتحاناً شديداً، و تمحيصاً بليغاً، و قنوتاً مبيناً، جعله الله سبباً لرحمته، و وُصْلَةً و وسيلة إلى جنّته، و علّةً لمغفرته، و ابتلاءً للخلق برحمته، و لو كان الله تبارك و تعالى وضع بيته الحرام، و مشاعره العظام، بين جنّات و أنهار،و سهل و قرار، جمِّ الأشجار، داني الثّمار، ملتفّ النبات، متّصل القرى، من برَّة سمراء، و روضة خضراء، و أرياف محدقة، و عراص مغدقة، و زروع ناضرة، و طرق عامرة، و حدائق كثيرة، لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعف البلاء (4)، ثمَّ لو كانت الأساس المحمول عليها، و الأحجار المرفوع بها، بين زمرُّدة خضراء، و ياقوتة حمراء، و نور و ضياء، لخفّف ذلك مصارعة الشكِّ في الصدور، و لوضع مجاهدة إبليس عن القلوب، و لنفى معتلج الرَّيب من النّاس، و لكن الله عزَّ و جلَّ، يختبر عبيده بأنواع الشدائد و يتعبّدهم بألوان المَجَاهد، و يبتليهم بضروب المكاره، إخراجاً للتكبّر من قلوبهم، و إسكاناً للتّذلّل في أنفسهم، و ليجعل ذلك أبواباً [فُتَّحاً] إلى فضله، و أسباباً ذُللاً لعفوه و فتنته، كما قال (5): ﴿ألم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (6)

133- باب حجّ إبراهيم و إسماعيل و بنائهما البيت و من وَلِيَ البيت بعدهما (عَلَیْهِم اَلسَّلاَمُ)

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و الحسين بن محمد، عن عبدويه بن عامر؛ و غيره، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن

ص: 202


1- قال في النهاية: الدمث: الأرض السهلة الرخوة، و الرمل الذي ليس بمتلبّد.
2- الوَشَل: الماء القليل.
3- الرِّمَل: المشي السريع.
4- فيه دلالة على أن أفضل الأعمال أحمزها و أشدّها.
5- العنكبوت/ 1 و 2 و 3.
6- وردت هذه في نهج البلاغة لسيد البُلغاء (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في جملة الخطبة التي تسمى القاصعة، و إن بتفاوت في بعض الألفاظ، فتأمل.

عثمان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا وُلِدَ إسماعيل، حمله إبراهيم و أُمّه على حمار، و أقبل معه جبرئيل حتّى وضعه في موضع الحِجر، و معه شيء من زاد، و سقاءٌ فيه شيء من ماء، و البيت يومئذ ربوة حمراء من مَدَر، فقال إبراهيم لجبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ههنا أُمِرْتَ؟ قال: نعم. قال: و مكّة يومئذ سَلَمٌ و سمُر (1)، و حول مكّة يومئذ ناس من العماليق (2)

و في حديث آخر عنه أيضاً قال: فلمّا ولّى إبراهيم، قالت هاجر: يا إبراهيم، إلى من تَدَعُنا؟ قال: أَدَعُكُما إلى ربِّ هذه البِنْيَة ، قال: فلمّا نفد الماء و عطش الغلام، خرجت حتّى صعدت على الصفا فنادت: هل بالبوادي من أنيس، ثمَّ انحدرت حتّى أتت المروة فنادت مثل ذلك، ثمَّ أقبلت راجعة إلى ابنها، فإذا عَقِبُهُ يفحص في ماء، فجمعته فساخ (3)، و لو تركته لساح.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال: إنَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمّا خلف إسماعيل بمكّة عطش الصّبيُّ، فكان فيما بين الصّفا و المروة شجر، فخرجت أُمّه حتّى قامت على الصّفا، فقالت: هل بالبوادي من أنيس، فلم يُجِبْها أحد، فمضت حتّى انتهت إلى المروة، فقالت: هل بالبوادي من أنيس، فلم تُجَب، ثمَّ رجعت إلى الصّفا و قالت ذلك، حتّى صنعت ذلك سبعاً، فأجرى الله ذلك سُنّةً، و أتاها جبرئيل فقال لها: من أنت؟ فقالت: أنا أُمّ ولد إبراهيم، قال لها: إلى من ترككم؟ فقالت: أما لئن قلتَ ذاك، لقد قلتُ له حيث أراد الذّهاب: يا إبراهيم، إلى من تركتنا ؟ فقال: إلى الله عزَّ و جلَّ، فقال جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لقد وَكَلكُمْ إلى كاف، قال: و كان النّاس يجتنبون الممرّ إلى مكّة لمكان الماء، ففحص الصّبيُّ برجله، فنبعت زمزم، قال: فرجعت من المروة إلى الصّبيِّ و قد نبع الماء، فأقبلت تجمع التّراب حوله مخافة أن يسيح الماء ، و لو تركته لكان سَيْحاً، قال: فلمّا رأت الطير الماء حلقت عليه، فمرَّ ركب من اليمن يريد السفر، فلما رأوا الطير قالوا: ما حلقت الطير إلّا على ماء، فأتوهم فسقوهم من الماء فأطعمهم الركبُ من الطعام، و أجرى الله عزَّ و جلَّ لهم بذلك رزقاً، و كان النّاس يمرُّون بمكّة فيطعمونهم من الطعام و يسقونهم من الماء.

3- محمد بن يحيى، و أحمد بن إدريس، عن عيسى بن محمد بن أبي أيّوب؛ عن

ص: 203


1- السَلَم و السمُر: نوعان من الشجر.
2- العماليق: -كما يقول الجوهري -و العمالقة، قوم من ولد عمليق بن لاوذ بن ارم بن سام بن نوح، و هم أمم تفرقوا في البلاد.
3- ساخ يسيخ سيخاً و سَيَخَاناً: إذا رسخ و ثبت. و ساح الماء؛ جرى على وجه الأرض .

عليِّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ بن منصور، عن كلثوم بن عبد المؤمن الحرَّانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أمر الله عزَّ و جلَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يحجّ، و يُحِجّ (1) إسماعيل معه و يُسْكنه الحرم، فحجّا على جمل أحمر، و ما معهما إلّا جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فلمّا بلغا الحرم، قال له جبرئيل: يا إبراهيم، انزلا فاغتسلا قبل أن تدخلا الحرم، فنزلا فاغتسلا، و أراهما كيف يتهيّئان للإحرام، ففعلا، ثمَّ أمرهما فأهلّا (2) بالحجِّ، و أمرهما بالتلبيات الأربع الّتي لبّى بها المرسلون، ثمَّ صار بهما إلى الصفا، فَنَزَلا، وقام جبرئيل بينهما، و استقبل البيت، فكبّر الله، و كبّرا، و هلّل الله، و هلّلا، و حمد الله، و حمدا، و مجّد الله، و مجّدا، و أثنى عليه، و فعلا مثل ذلك، و تقدَّم جبرئيل، و تقدَّما يثنيان على الله عزَّ و جلَّ و يمجّدانه حتّى انتهى بهما إلى موضع الحَجَر، فاستلم جبرئيل [ الحجر] (3)، و أمرهما أن يستلما، و طاف بهما أُسبوعاً، ثمَّ قام بهما في موضع مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فصلّى ركعتين وَ صَلّيا، ثمَّ أراهما المناسك و ما يعملان به، فلمّا قضيا مناسكهما أمر الله إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالانصراف، و أقام إسماعيل وحده ما معه أحدٌ غير أمّه، فلمّا كان من قابل، أذن الله لإبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الحجّ و بناء الكعبة، و كانت العرب تحجّ إليه، و إنّما كان رَدْماً (4)، إلّا أنَّ قواعده معروفة، فلمّا صَدَر الناس (5)، جمع إسماعيل الحجارة و طرحها في جوف الكعبة، فلمّا أذن الله له في البناء، قدم إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: يا بُنَيَّ، قد أمرنا الله ببناء الكعبة، و كَشَفا عنها، فإذا هو حجر واحد أحمر، فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليه: ضع بناءها عليه، و أنزل الله عزَّ و جلَّ أربعة أملاك يجمعون إليه الحجارة، فكان إبراهيم و إسماعيل (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ) يضعان الحجارة و الملائكة تناولهما، حتّى تمّت اثني عشر ذراعاً، و هيّئا له بابين: باباً يُدْخَل و باباً يُخْرَج منه، و وضعا عليه عَتَباً و شرجاً (6) من حديد على أبوابه، و كانت الكعبة عريانة، فصدر إبراهيم و قد سوَّى البيت، و أقام إسماعيل، فلمّا ورد عليه النّاس، نظر إلى امرأة من حِمْيَر أعجبه جمالُها، فسأل الله عزَّ و جلَّ أن يزوّجها إيّاه، و كان لها بعل، فقضى الله على بعلها بالموت، و أقامت بمكّة حزناً على بعلها، فأسلى الله ذلك عنها، و زوّجها إسماعيل، و قدم

ص: 204


1- ﴿قوله: و يحجّ إسماعيل. الظاهر أن هذا كان بعد أن كبر إسماعيل و ترك أمه هناك و ذهب إلى أبيه بالشام﴾ مرآة المجلسي 34/17.
2- الإهلال بالحج: رفع الصوت بالتلبية.
3- يعني موضعه، لأنه لم يكن البيت بعدُ قد بني على قواعد، و إنما بني في العام التالي كما تصرّح الرواية بذلك بعد قليل و إن الحجر كان وديعة عند جبل أبي قيس.
4- الردم ما يسقط من الجدار إذا انهدم.
5- أي رجعوا ...
6- في الفقيه: ... و شريجاً. و الشريج: -كما في المصباح -ما يضم من القصب و يجعل على الحوانيت کالأبواب. و الشرج: الحَلَقُ و العُرى.

إبراهيم الحجّ، و كانت امرأة موفّقة، و خرج إسماعيل إلى الطائف يمتار (1) لأهله طعاماً، فنظرت إلى شيخ شعث فسألها عن حالهم فأخبرته بحُسْن حال، فسألها عنه خاصّة، فأخبرته بحُسْن الدِّين، و سألها ممّن أنت؟ فقالت: امرأة من حِمْيَر، فسار إبراهيم و لم يلْقَ إسماعيل ، و قد كتب إبراهيم كتاباً فقال: ادفعي هذا إلى بعلك إذا أتى إن شاء الله، فقَدِمَ عليها إسماعيل، فدفعت إليه الكتاب فقرأه فقال: أتدرين من هذا الشيخ؟ فقالت: لقد رأيته جميلاً فيه مشابهة منك، قال: ذاك إبراهيم، فقالت: واسَوْءتاه منه، فقال: و لِمَ، نظر إلى شيء من محاسنك؟ فقالت: لا، و لكن خِفْتُ أن أكون قد قصّرت، و قالت له المرأة و كانت عاقلة: فهلاً تعلّق على هذين البابين سترين، ستراً من ههنا و ستراً من ههنا؟ فقال لها: نعم، فعملا لهما سترين طولهما اثني عشر ذراعاً، فعلّقاهما على البابين فأعجبهما ذلك، فقالت: فهلّا أحوك للكعبة ثياباً فتسترها كلّها، فإنّ هذه الحجارة سمجة (2)؟ فقال لها إسماعيل: بلى، فأسرعت في ذلك، و بعثت إلى قومها بصوف كثير تَسْتَغْزِلُهُمْ.

قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و إنّما وقع استغزال النّساء من ذلك بعضهنَّ لبعض لذلك، قال: فأسرعت و استعانت في ذلك، فكلّما فرغت من شقّة علّقتها، فجاء الموسم و قد بقي وجه من وجوه الكعبة، فقالت لإسماعيل: كيف نصنع بهذا الوجه الّذي لم تدركه الكسوة، فكسوه خَصَفاً (3)، فجاء الموسم و جاءته العرب على حال ما كانت تأتيه، فنظروا إلى أمر أعجبهم، فقالوا: ينبغي لعامل هذا البيت أن يهدى إليه، فمن ثَمَّ وقع الهدي، فأتى كلّ فخذ من العرب بشيء يحمله من وَرِق و من أشياء غير ذلك، حتّى اجتمع شيء كثير، فنزعوا ذلك الخَصَف و أتمّوا كسوة البيت و علّقوا عليها بابين (4)، و كانت الكعبة ليست بمسقّفة، فوضع إسماعيل فيها أعمدة مثل هذه الأعمدة الّتي ترون من خشب، و سقّفها إسماعيل بالجرائد، و سوَّاها بالطين ، فجاءت العرب من الحَوِل، فدخلوا الكعبة و رأوا ،عمارتها، فقالوا: ينبغي لعامل هذا البيت أن يُزاد، فلمّا كان من قابِل، جاءه الهَدْيُ فلم يَدْر إسماعيل كيف يصنع، فأوحى الله عزَّ و جلَّ إليه أن انحَرْهُ و أَطْعِمْه الحاجّ، قال: وشكا إسماعيل إلى إبراهيم قلّة الماء، فأوحى الله عزَّ و جلَّ إلى إبراهيم أن احتفر بئراً يكون منها شراب الحاجِّ، فنزل جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فاحتفر قليبَهم- يعني زمزم- حتّى ظهر ماؤها، ثمَّ قال جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) انزل يا إبراهيم، فنزل بعد جبرئيل، فقال: يا إبراهيم،

ص: 205


1- الإمتيار: جلب المِيرَة، و هي الطعام من الحب و القوت.
2- أي قبيحة.
3- الخَصَف: شيء للستر يعمل من الخوص.
4- أي سترين لهما.

اضرب في أربع زوايا البئر و قل: بسم الله، قال: فضرب إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الزَّاوية الّتي تلي البيت و قال: بسم الله، فانفجرت عين، ثمَّ ضرب في الزاَّوية الثانية و قال: بسم الله، فانفجرت عين، ثمَّ ضرب في الثالثة و قال: بسم الله، فانفجرت عين، ثمَّ ضرب في الرابعة و قال: بسم الله، فانفجرت عين، و قال له جبرئيل: اشرب يا إبراهيم و ادْعُ لولدك فيها بالبركة، و خرج إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و جبرئيل جميعاً من البئر، فقال له: افِضْ عليك يا إبراهيم، وطُفْ حول البيت، فهذه سُقياً سقاها الله ولد إسماعيل، فسار إبراهيم و شيّعه إسماعيل حتّى خرج من الحَرَم، فذهب إبراهيم و رجع إسماعيل إلى الحَرَم (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و الحسين بن محمد، عن عبدويه بن عامر، و محمد بن یحیی، عن احمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن عثمان، عن عقبة بن بشير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ أمر إبراهيم ببناء الكعبة، و أن يرفع قواعدها، و يُري النّاس مناسكهم، فبنى إبراهيم و إسماعيل البيت كلَّ يوم سافاً (2)، حتّ انتهى إلى موضع الحجر الأسود. قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فنادى أبو قبيس إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ لك عندي وديعة، فأعطاه الحجر، فوضعه موضعه، ثمَّ إِنَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أذَّن في النّاس بالحجِّ فقال: أيّها الناس، إنّي إبراهيم خليل الله، إنَّ الله يأمركم أن تحجّوا هذا البيت، فحُجّوه، فأجابه من يحجُّ إلى يوم القيامة، و كان أوَّل من أجابه من أهل اليمن ، قال: و حجَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) هو و أهله و ولده، فمن زعم أنَّ الذَّبيح هو إسحاق فمن ههنا كان ذَبَحَهُ (3)

ص: 206


1- روى أجزاء من هذا الحديث في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ...، بعد إيراده رحمه الله الحديث رقم 8. بتفاوت. هذا، و الحديث مجهول.
2- الساف: كل مدماك من الحائط بطوله.
3- قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فمن ها هنا كان ذَبَحه: يعني أن الذي كان عند حج إبراهيم هو أهله و ولده إسماعيل، و إسحاق كان بالشام، فكيف يمكن أن يكون هو الذبيح. و العامّة، الأشهر عندهم هو أن الذبيح إسحاق، و من الخاصة من ذهب إليه مستندا إلى بعض روايات محمولة على التقية. هذا و الحديث مجهول. و قد روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و... ، ح 5 فقال: وسئل الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الذبيح من كان؟ فقال: إسماعيل، لأن الله عزَّ و جلَّ ذكر قصته في كتابه، ثم قال: ﴿وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ﴾/الصافات/ 112. ثم قال رحمه الله بعد ذلك: ﴿و قد اختلفت الروايات في الذبيح، فمنها ما ورد بأنه إسماعيل، و منها ما ورد بأنه إسحاق، و لا سبيل إلى رد الأخبار متى صح طرقها، و كان الذبيح إسماعيل، لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك، تمنى أن يكون هو الذي أُمِرَ أبوه بذبحه، و كان يصبر لأمر الله عزَّ و جلَّ، و يسلّم له كصبر أخيه و تسليمه فينال بذلك درجته في الثواب، فعلم الله عزَّ و جلَّ ذلك من قلبه فسّماه الله بين ملائكته ذبيحاً لتمنّيه لذلك. و قد ذكرت أسناد ذلك في كتاب النبوة متصلاً بالصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾. أقول: و قد ذكر رحمه الله في كتاب الخصال من أسناده إلى ما ذكره هنا فقال: حدثنا بذلك محمد بن علي بن بشار عن المظفر بن أحمد ... الخ.

و ذكر عن أبي بصير أنّه سمع أبا جعفر و أبا عبد الله (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ ) يزعمان أنّه إسحاق، فأمّا زرارة فزعم أنّه إسماعيل.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- يعني الرّضا- للحسن بن الجهم: أيُّ شيء السّكينة عندكم؟ فقال: لا أدري، جُعِلْتُ فِداك، و أيُّ شيء هي؟ قال: ريح تخرج من الجنّة طيّبة، لها صورة كصورة وجه الإنسان، فتكون مع الأنبياء، و هي الّتي نزلت على إبراهيم (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) حيث بنى الكعبة، فجعلت تأخذ كذا و كذا، فبنى الأساس عليها (1)

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن أسباط قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن السّكينة فذكر مثله (2)

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا أُمِرَ إبراهيم و إسماعيل (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ) ببناء البيت و تمَّ بناؤه، قعد إبراهيم على ركن ثمَّ نادي، هلّم الحجَّ هَلُمَّ الحجَّ، فلو نادى هَلُمّوا إلى الحجّ، لم يحجّ إلّا من كان يومئذ إنسياً مخلوقاً، و لكنّه نادى: هلّم الحجَّ، فلبّى النّاس في أصلاب الرِّجال: لبّيك داعِيَ الله، لبّيك داعِيَ الله عزَّ و جلَّ، فمن لبّى عشراً يحجُّ عشراً، و من لبّي خمساً، يحجّ خمساً، و من لبّي أكثر من ذلك فبعدد ذلك، و من لبّى واحداً حجَّ واحداً، و من لم يُلَبِّ لم يَحُجّ (3)

7- عنه، عن سعيد بن جناح، عن عدَّة من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كانت الكعبة على عهد إبراهيم (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) تسعة أذرع (4)، و كان لها بابان، فبناها عبد الله بن الزّبير فرفعها ثمانية عشر ذراعاً، فهدمها الحجّاج فبناها سبعة و عشرين ذراعاً.

8- و روي عن ابن أبي نصر، عن أَبَان بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان طول الكعبة يومئذ تسعة أذرع، و لم يكن لها سقف، فسقّفها قريش ثمانية عشر ذراعاً، فلم تزل، ثمَّ

ص: 207


1- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ح 22 و أخرجه عن أبي همّام إسماعيل بن همّام عن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... و الحديث موثق كالصحيح. أقول: و كون هذه الريح الطيبة لها صورة كصورة وجه الإنسان ليس بالأمر المستحيل المستبعد إذ أن الله قادر على ما يشاء متى شاء و كيف شاء.
2- هذا الطريق أيضاً حسن أو موثق.
3- ذكر بعضه بتفاوت الشيخ الصدوق رحمه الله في كلام أورده مع حذف إسناده في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ... ، بعد الحديث رقم 8.
4- ﴿كونه تسعة أذرع إما بأذرع ذلك الزمان، أو بدون الرخامة الحمراء التي هي الأساس لئلا ينافي ما مرّ﴾ مرآة المجلسي 41/17.

كسرها الحجّاج على ابن الزّبير، فبناها و جعلها سبعة و عشرين ذراعاً (1)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و الحسين بن محمد، عن عبدَوَيْه بن عامر، جمعياً عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن عثمان، عن أبي بصير أنّه سمع أبا جعفر و أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يذكران أنّه لمّا كان يوم التروية قال جبرئيل لإبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تَرَوَّه من الماء، فسُمِّيت التّروية ، ثمَّ أتى منى فأباته بها، ثمَّ غدا به إلى عرفات فضرب خِباه بِنَمِرَة دون عرفة، فبنى مسجداً بأحجار بِيض، و كان يعرف أثر مسجد إبراهيم حتّى أدخل في هذا المسجد الّذي بنَمرة، حيث يصلّى الإمام يوم عرفة، فصلّى بها الظهر و العصر، ثمَّ عمد به إلى عرفات فقال: هذه عرفات، فاعرف بها مناسكك، و اعترف بذنبك، فسمّي عرفات، ثمّ أفاض إلى المزدلفة، فسمّيت المزدلفة لأنّه ازدَلَف إليها، ثمَّ قام على المشعر الحرام فأمره الله أن يذبح ابنه و قد رأى فيه شمائله و خلائقه و أنس ما كان إليه، فلمّا أصبح أفاض من المشعر إلى منى، فقال لأُمّه: زوري البيت أنت، و احتَبَسَ الغلامَ؛ فقال: يا بنيَّ، هات الحمار و السكّين حتّى أُقرِّب القربان، فقال أَبَان: فقلت لأبي بصير: ما أراد بالحمار و السكّين؟ قال: أراد أن يذبحه ثمَّ يحمله فيجهّزه و يدفنه، قال: فجاء الغلام بالحمار و السكّين فقال: يا أبتِ أين القربان؟ قال: ربِّك يعلم أين هو، يا بنيَّ أنت و الله هو، إنَّ الله قد أمرني بذَبْحك. فانظر ماذا ترى قال: ﴿يا أَبَتِ افعل ما تُؤْمَر سَتَجِدُني إن شاء الله من الصابرين﴾ (2) قال: فلمّا عزم على الذَّبح قال: يا أبت خَمِّر (3) وجهي وشُدَّ وَ ثاقي، قال: يا بنيَّ، الوثاق مع الذَّبح، و الله لا أجمعهما عليك اليوم؛ قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فطرح له قُرْطان الحمار (4) ثمَّ أضْجَعَه عليه، و أخذ المِدْيَة فوضعها على حلقه، قال: فأقبل شيخ فقال: ما تريد من هذا الغلام؟ قال: أُريد أن أذبحه، فقال: سبحان الله، غلام لم يَعْص الله طَرْفَةَ عين تَذْبَحُه؟ فقال: نعم، إنَّ الله قد أمرني بذَبْحه، فقال: بل ربك نهاك عن ذبحه، و إنّما أمرك بهذا الشّيطان في منامك، قال: وَيْلَكَ، الكلام الّذي سمعت هو الّذي بلغ بي ما ترى، لا و الله لا أُكلّمك، ثمَّ عزم على الذَّبح، فقال الشّيخ: يا إبراهيم، إنّك إمام يُقْتَدى بك فإن ذبحت ولدك ذبح النّاس أولادهم، فمهلاً، فأبى أن يكلّمه. قال أبو بصير: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: فأضجعه عند الجمرة الوسطى (5)، ثمَّ أخذ

ص: 208


1- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 23. قوله: فسقّفها قريش: المراد ابن الزبير من قريش، بملاحظة ما ورد في الحديث السابق عليه.
2- الصافّات/ 102.
3- خمّر وجهي: أي غطّه و استُره.
4- قرطان الحمار: يعني البُرْذعة، و يقال: القُرطاط، أيضاً.
5- روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ...، ح 6 فقال: و سُئِل الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أين أراد إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يذبح ابنه؟ فقال: على الجمرة الوسطى.

المدية فوضعها على حلقه، ثمَّ رفع رأسه إلى السّماء، ثمَّ انتحى (1) عليه فَقَلَبها جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن حلقه، فنظر إبراهيم فإذا هي مقلوبة، فَقَلَبها إبراهيم على خدِّها، و قَلَبها جبرئيل على قفاها، ففعل ذلك مراراً، ثم نودي من ميسرة مسجد الخيف: يا إبراهيم، قد صدَّقت الرّؤيا، و اجترّ الغلام من تحته، و تناول جبرئيل الكبش من قُلّة ثبير (2) فوضعه تحته، و خرج الشّيخ الخبيث حتّى لحق بالعجوز حين نظرت إلى البيت و البيت في وسط الوادي فقال: ما شيخ رأيته بمنى؟ فنَعَتَ نَعْتَ إبراهيم، قالت: ذاك بعلي، قال: فما وصيف (3) رأيته معه؟ و نَعَتَ نَعْتَه ، قالت: ذاك ابني، قال: فإنّي رأيته أضجعه و أخذ المدية ليذبحه، قالت: كلّا، ما رأيت إبراهيم إلّا أرحمَ النّاس، و كيف رأيته يذبح ابنه؟ قال: و ربِّ السّماء و الأرض، و ربِّ هذه البِنْيَةِ، لقد رأيته أضجعه و أخذ المِدْيَةَ ليذبحه، قالت: لِمَ؟ قال: زعم أنَّ ربّه أمره بذبحه، قالت: فحقٌّ له أن يطيع ربَّه، قال: فلمّا قضت مناسكها، فرقّت أن يكون قد نزل في ابنها شيء، فكأنّي أنظر إليها مسرعة في الوادي واضعة يدها على رأسها و هي تقول: ربِّ لا تؤاخذني بما عملت بأمّ إسماعيل (4)، قال: فلمّا جاءت سارةُ فأُخْبِرَت الخبر، قامت إلى ابنها تنظر، فإذا أثر السكّين خدوشاً في حلقه، ففزعت و اشتكت، و كان بدء مرضها الّذي هلكت فيه.

و ذكر أَبَان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أراد أن يذبحه في الموضع الّذي حملت أُمُّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عند الجمرة الوسطى، فلم يزل مضربهم يتوارثون به كابِرٌ عن کابِر (5)، حتّى كان آخر من ارتحل منه عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في شيء كان بين بني هاشم و بين بني أُميّة، فارتحل فضرب بالعَرِين (6)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد؛ و الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أين أراد إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يذبح ابنه؟ قال: على الجمرة الوسطى؛ و سألته عن كبش إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)ما كان لونه و أين نزل؟ فقال: أَمْلَحَ، و كان أَقْرَنَ، و نزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى، و كان يمشي في سواد،

ص: 209


1- الانتحاء: -كما يقول الجوهري -الاعتماد و الميل في كل وجه.
2- ثبير: جبل بمكة يوازي حراء -قاله الجوهري- و قلّة الجبل: قمته. و قد ذكر هذا المعنى في الفقيه 2، نفس الباب، بعد الحديث رقم 6.
3- الوصيف: العبد مذكر الوصيفة و هي الأمة.
4- استفاد الفيض رحمه الله في الوافي من هذا أن الذبيح كان إسحاق لأنه ابن إبراهيم من سارة.
5- أي كبير في الشرف و العزّ عن كبير.
6- عرين مكة- كما في النهاية- 223/3: أي فناؤها.

و يأكل في سواد، و ينظر و يبعر و يبول في سواد (1)

11- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن الحسن بن نعمان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عمّا زادوا في المسجد الحرام؟ فقال: إنَّ إبراهيم و إسماعيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حَدَّا المسجد الحرام بين الصّفا و المروة (2)

12- و في رواية أُخرى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خطّ إبراهيم بمكّة ما بين الحِزْوَرَة إلى المسعى، فذلك الّذي خطّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- يعني المسجد- (3)

13- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النعمان، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ إسماعيل دفن أُمّه في الحِجر، و حَجَر عليها لئلّا يوطأ قبر أُمِّ إسماعيل في الحِجْر(4)

14- بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجر بيت إسماعيل، و فيه قبر هاجر، و قبر إسماعيل (5)

15- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحجر أمن البيت هو أو فيه شيء من البيت؟ فقال: لا، و لا قلامة ظفر، و لكن إسماعيل دفن أُمّه فيه، فكره أن توطأ، فحجر عليه حجراً، و فيه قبور أنبياء (6)

ص: 210


1- الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ... ،ح 6. و روى صدره مرسلاً. ثم ذكر بصيغة كلام له رحمه الله بقية الحديث حول أوصاف الكبش بعد الحديث المذكور أعلاه. و الأملح: هو ما كان بياضه أكثر من سواده. وقيل: هو النقي البياض. و كلمة (من) في قوله: من مسجد منى، هي للنسبة.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 230 بتفاوت و زيادة في آخره. و في سنده؛ الحسين بن نعيم، بدل: الحسن بن نعمان. و روى مضمون هذا الحديث الصدوق بصيغة كلام له رحمه الله بعد إيراده الحديث 6 من الباب 63 من الجزء الثاني من الفقيه. و قوله: حدّا المسجد الحرام بين الصفا و المروة: «لعل المعنى أن المسجد في زمانه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان محاذياً لما بين الصفا و المروة متوسطاً بينهما و إن لم يكن مستوعباً لما بينهما فيكون الغرض بيان أن ما زيد من جانب الصفا حتى جازه كثيراً ليس من البيت. أو المعنى: إن عرض المسجد في ذلك الزمان كان أكثر حتى كان ما بين الصفا و المروة داخلاً في المسجد ...» مرآة المجلسي 45/17.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 231. و روى صدره مرسلاً في الفقيه 2، 63- باب نكت من حج الأنبياء و ... ، ح 7. و الحِزْوَرَة: موضع بمكة على باب الحنّاطين.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 8 بتفاوت.
5- الحديث ضعيف.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 289 و روى صدر الحديث بتفاوت و سند آخر. ويدل الحديث- و هو صحيح- على عدم دخول الحجر في البيت و عدم دخول شيء من البيت فيه، و هو خلاف المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم. يقول الشهيد الأول في الدروس: المشهور أنه داخل في البيت، و لم نقف على رواية تدل عليه، و كونه داخلاً في الطواف لا يستلزم كونه من البيت كما دلت عليه الرواية.

16- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفيِّ، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): دُفنَ في الحِجر ممّا يلي الركن الثالث عذارى بنات إسماعيل (1)

17- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لم يزل بنو إسماعيل ولاة البيت [و] يقيمون للنّاس حجّهم و أمر دينهم يتوارثونه كابر عن كابر حتّى كان زمن أُدَد، فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم و أفسدوا و أحدثوا في دينهم، و أخرج بعضُهم بعضاً، فمنهم من خرج في طلب المعيشة، و منهم من خرج كراهية القتال، و في أيديهم أشياء كثيرة من الحنيفيّة: من تحريم الأُمّهات و البنات، و ما حرَّم الله في النكاح، إلّا أنهم كانوا يستحلّون امرأة الأب، و ابنة الأُخت، و الجمع بين الأُختين، و كان في أيديهم الحجُّ، و التلبية، و الغسل من الجنابة، إلّا ما أحدثوا في تلبيتهم و في حجّهم من الشرك، و كان فيما بين إسماعيل و عدنان بن اُدد موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

18- و روي أنَّ معد بن عدنان خاف أن يدرس (2)الحرم، فوضع أنصابه، و كان أوّل من وضعها ثمَّ غلبت جُرْهُم على ولاية البيت، فكان يلي منهم كابر عن كابر، حتّى بغت جرهم بمكّة، و استحلّوا حرمتها، و أكلوا مال الكعبة، و ظلموا من دخل مكّة، و عتوا و بغوا ، و كانت مكّة في الجاهليّة لا يُظلم و لا يبغي فيها، و لا يستحلّ حُرْمَتَها مَلِكٌ إلّا هلك مكانه، و كانت تسمّى بكّة لأنّها تبكّ أعناق الباغين إذا بغوا، و تسمّى بسّاسة، كانوا إذا ظلموا فيها بَسّتْهُم و أهلكتهم، و تسمّى أُمُّ رُحم، كانوا إذا لزموها رحموا، فلمّا بغت جرهم و استحلّوا فيها، بعث الله عزَّ و جلَّ عليهم الرعاف و النمل، و أفناهم، فغلبت خزاعة و اجتمعت ليجلوا من بقي من جُرْهُم عن الحرم، و رئيس خزاعة عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو، و رئيس جرهم عمرو بن الحارث بن مصاص الجرهميِّ، فهزمت خزاعة جرهم و خرج من بقي من جرهم إلى أرض من أرض جُهَينة، فجاءهم سيل أتيُ (3) فذهب بهم، و وليت خزاعة البيت فلم يزل في إيديهم حتّى جاء

ص: 211


1- الحديث ضعيف.
2- أي تنمحي آثاره.
3- السيل الأتيّ: السيل الذي جاءك و لم يصبك مطره. و هو كناية عن السيل المفاجيء.

قصيّ بن كلاب، و أخرج خزاعة من الحرم، وَ وَليَ البيت و غلب عليه (1)

19- أبو علّي الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار قال: أخبرني محمد بن إسماعيل، عن عليِّ بن النّعمان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ العرب لم يزالوا على شيء من الحنيفيّة يصلون الرَّحم، و يُقرُونَ الضّيف، و يحجّون البيت، و يقولون: اتّقوا مال اليتيم فإنَّ مال اليتيم عقال (2)، و يكفّون عن أشياء من المحارم مخافة العقوبة، و كانوا لا يُمْلى (3) لهم إذا انتهكوا المحارم، و كانوا يأخذون من لحاء شجر الحرم فيعلّقونه في أعناق الإبل، فلا يجترىء أحد أن يأخذ من تلك الإبل حيثما ذهبت، و لا يجترى أحد أن يعلّق من غير لحاء شجر الحرم، أيّهم فعل ذلك عوقب، و أمّا اليوم، فأُمْليَ لهم، و لقد جاء أهل الشام فنصبوا المنجنيق على أبي قبيس، فبعث الله عليهم سحابة كجناح الطير، فأمطرت عليهم صاعقة فأحرقت سبعين رجلاً حول المنجنيق (4)

134- باب حجّ الأنبياء عليهم السلام

1- محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن الوشّاء، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: قال لي أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ سفينة نوح كانت مأمورة، طافت بالبيت حيث غرقت الأرض، ثمَّ أتت منى في أيّامها، ثمَّ رجعت السفينة و كانت مأمورة، و طافت بالبيت طواف النساء (5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يحدِّث عطاء قال: كان طول سفينة نوح ألف ذراع و مائتي ذراع، و عرضها ثمان مائة ذراع، و طولها في السماء (6) مائتين ذراعاً، و طافت بالبيت، وسعت بین الصفا و المروة سبعة أشواط، ثمَّ اسْتَوَت على الجودِيّ (7)

ص: 212


1- الحديث مرسل. و قد روى ما يتعلق بأسماء مكة مرسلاً بتفاوت يسير في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 56.
2- أي يمنع الرزق و يسد أبوابه.
3- أي لا يُمهَلون و لا يُنظرون.
4- الحديث صحيح، و أصحاب الشام هم الحجّاج و جيشه. و المِنجنيق: آلة حربية ترمى بها الحجارة، فارسي معرّب.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- طولها في السماء: يعني عمقها من قعرها إلى أطراف جوانبها العليا.
7- الحديث مجهول. و رواه مرسلا بتفاوت و اختلاف في مقدار عرض السفينة و عمقها في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ...، ح 4.

3- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: مرَّ موسى بن عمران في سبعين نبيّاً على فجاج الرَّوحاء (1)، عليهم العباء القَطَوانيّة ، يقول: لبيك عبدك ابن عبدک (2)

4- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ موسى النبيُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بصفاح (3) الرّوحاء على جمل أحمر، خِطامه (4) من ليف، عليه عباءتان قَطَوا نيّتان و هو يقول: لبّيك كشّاف الكُرَب العظام لبيك يا كريم لبّيك؛ قال: و مرَّ يونس بن متى بصفاح الروحاء و هو يقول: لبّيك يا كريم لبّيك ؛ قال: و مرَّ عيسى بن مريم بصفاح الروحاء و هو يقول: لبّيك عبدك ابن أمتك [لبّيك]، و مرَّ محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بصفاح الروحاء، و هو يقول: لبّيك ذا المعارج لبّيك (5)

5- محمد بن يحيى، عن عليِّ بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أحرم موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من رملة مصر (6) قال: و مرَّ بصفاح الرَّوحاء مُحرِماً يقود ناقته بخِطام من ليف، عليه عباءتان قَطَوا نيّتان، يلبّي و تجيبه الجبال (7)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقبة، عن أبيه، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ سليمان بن داوود حجَّ البيت في الجنِّ و الأنس و الطير و الرِّياح، و كسا البيت القباطيَّ (8)

7- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن المفضّل، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صلّى في مسجد الخيف سبعمائة نبيّ، و إنَّ ما بين الرُّكن (9)

ص: 213


1- الفجاج: جمع الفج و هو الطريق الواسع بين جبلين. و الرَّوْحاء: موضع بين الحرمين. و قطواني: نسبة إلى قطوان: موضع بالكوفة تصنع فيه هذه الثياب.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 9 بتفاوت و رواه مرسلاً.
3- صفاح؛ جمع صَفْح، و هو سفح الجبل و مضطجعه. و لعل صفائح الروحاء مكان في الطريق ما بين مصر و الحجاز کان مشهوراً بتلك الصفائح فسمّي بها.
4- خِطام البعير، ما يوضع في أنفه لتسهل قيادته.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 10.
6- لعلها مدينة الرملة بفلسطين، أو الرملة بأرض الشام، و قد يكون في مصر رملة أيضاً.
7- الفقيه 2، نفس الباب، صدر ح 11. و روى ذيل الحديث فيه مرسلا. و روى صدره بتفاوت مرسلاً برقم 9 من نفس الباب.
8- و القباطّي: جمع قبطية، ثياب تنسب إلى أقباط مصر.
9- الفقيه 2، نفس الباب، ح 12.

و المقام لمشحون من قبور الأنبياء، و إن آدم لفي حرم الله عزَّ و جلَّ (1)

8- أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن عثمان، عن زيد الشّحام، عمّن رواه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: حجَّ موسى بن عمران (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و معه سبعون نبيّاً من بني إسرائيل، خُطُم إبلهم من ليف، يُلبّون و تجيبهم الجبال، و على موسى عباءتان قَطَوانيّتان يقول: لبّيك عبدك ابن عبدك (2)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم ابن أبي البلاد، عن أبي بلال المكّيِّ قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) دخل الحِجر من ناحية الباب، فقام يصلّي على قدر ذراعين من البيت، فقلت له: ما رأيت أحداً من أهل بيتك يصلّي بحيال الميزاب؟ فقال: هذا مصلّى شُبَّر و شَبِير ابني هارون (3)

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفيِّ، عن معاوية بن عمّار الدُّهني، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دفن ما بين الرُّكن اليمانيِّ و الحجر الأسود سبعون نبيّاً، أماتهم الله جوعاً و ضرًّا (4)

11- أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن عليِّ بن مهزيار، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عمّن رواه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّ داوود لمّا وقف الموقف بعرفة، نظر إلى الناس و كثرتهم، فصعد الجبل فأقبل يدعو، فلمّا قضى نسكه أتاه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال له: يا داوود يقول لك ربّك: لِمَ صعدت الجبل، ظننتَ أنّه يخفى عليَّ صوتُ من صَوَّت، ثمَّ مضى به إلى البحر، إلى جدَّة، فرسب به (5) في الماء مسيرة أربعين صباحاً في البرِّ، فإذا صخرة ففلقها، فإذا فيها دودة، فقال له: يا داوود، يقول لك ربّك: أنا أسمع صوت هذه في بطن هذه الصخرة في قعر هذا البحر، فظننت أنّه يخفى عليَّ صَوْتُ من صوَّت (6)

ص: 214


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مرسل. و الخُطُم: جمع الخِطام، و قد مر.
3- الحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف.
5- قال الجوهري: رسب الشيء في الماء رسوباً: سفل فيه.
6- الحديث مرسل.

135- باب ورود تُبَّع و أصحاب الفيل البيت، و حفر عبد المطلب زمزم، وهدم قريش الكعبة و بنائهم إياها، وهدم الحجاج لها و بنائه إياها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار قال: حدَّثني إسماعيل بن جابر قال: كنت فيما بين مكّة و المدينة أنا و صاحب لي، فتذاكرنا الأنصار، فقال أحدنا: هم نُزّاع (1) من قبائل، و قال أحدنا: هم من أهل اليمن، قال: فانتهينا إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو جالس في ظلِّ شجرة، فابتدء الحديث و لم نسأله فقال: إِنَّ تُبّعاً لمّا أن جاء من قِبَل العراق، و جاء معه العلماء و أبناء الأنبياء، فلمّا انتهى إلى هذا الوادي لهُذَيل، أتاه أناسٌ من بعض القبائل فقالوا: إنّك تأتي أهل بلدة قد لعبوا بالناس زماناً طويلاً حتّى اتّخذوا بلادهم حَرَماً، و بِنْيَتَهم ربّاً أو ربّة (2)، فقال: إن كان كما تقولون، قتلت مقاتليهم، و سبَيْتُ ذرِّيّتهم، و هدمت بِنْيَتَهم (3) ؛ قال: فسالت عيناه حتّى وقعتا على خدَّيه، قال: فدعى العلماء و أبناء الأنبياء فقال: انظروني و أخبروني لما أصابني هذا؟ قال: فأبَوا أن يخبروه حتّى عزم عليهم، قالوا: حدِّثنا بأيّ شيء حدَّثْتَ نفسك؟ قال : حدّثت نفسي أن أقتل مقاتليهم و أسبي ذرّيّتهم و أهدم بِنْيَتَهمِ، فقالوا: إنّا لا نرى الّذي أصابك إلّا لذلك، قال: وَ لِمَ هذا؟ قالوا: لأنَّ البلد حَرَمُ الله، و البيتَ بيتُ الله، و سكّانه ذرّيّة إبراهيم خليل الرّحمن ، فقال: صدقتم، فما مخرجي ممّا وقعت فيه؟ قالوا: تحدِّث نفسك بغير ذلك، فعسى الله أن يردّ عليك، قال: فحدَّث نفسه بخير، فرجعت حدقتاه حتّى ثبتتا مكانهما، قال: فدعي بالقوم الّذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم، ثمَّ أتى البيت و كساه، و أطعم الطعام ثلاثين يوماً كلُّ يوم مائة ،جَزور، حتّى حُمِلَت الجِفان (4) إلى السباع في رؤوس الجبال و نُثِرَت الأعلاف في الأودية للوحوش، ثمَّ انصرف من مكّة إلى المدينة، فأنزل بها قوماً من أهل اليمن من غسّان، و هم الأنصار.

في رواية أُخرى: كساه النطاع و طيّبه.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران؛ و هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا أقبل صاحب الحبشة بالفيل يريد هدم الكعبة، مرُّوا بإبل لعبد المطّلب، فاستاقوها، فتوجّه عبد المطّلب إلى صاحبهم يسأله ردَّ إبله عليه،

ص: 215


1- نُزِّاع: جمع نازع أو نزيع، و هو الغريب.
2- الترديد من الراوي.
3- يعني الكعبة.
4- الجِفان: جمع الجفنة، و هي القصعة. و تجمع على جَفَنات أيضاً.

فاستأذن عليه، فأذن له، وقيل له: إنَّ هذا شريف قريش أو (1) عظيم قريش، و هو رجلٌ له عقلٌ و مروّة، فأكرمه و أدناه، ثمَّ قال لترجمانه: سَلْهُ ما حاجتك؟ فقال له: إنَّ أصحابك مرُّوا بإبل لي فاستاقوها فأحببت أن تردَّها عليَّ، قال: فتعجّب من سؤاله إياه ردَّ الإبل و قال: هذا الّذي زعمتم أنّه عظيم قريش، و ذكرتم عقله، يدع أن يسألني أن أنصرف عن بيته الّذي يعبده، أما لو سألني أن أنصرف عن هَدِّهِ لانصرفت له عنه، فأخبره التّرجمان بمقالة الملك، فقال له عبد المطّلب: إنَّ لذلك البيت ربّاً يمنعه، و إنّما سألتك ردَّ إبلي لحاجتي إليها، فأمر بردِّها عليه، و مضى عبد المطلب حتّى لقي الفيل على طرف الحرم، فقال له: محمود! فحرَّك رأسه، فقال له : أتدري لما جیيء بك؟ فقال برأسه (2): لا، فقال: جاؤوا بك لتهدم بيت ربّك، أفتفعل؟ فقال برأسه: لا، قال: فانصرف عنه عبد المطّلب، و جاؤوا بالفيل ليدخل الحرم، فلمّا انتهى إلى طرف الحرم امتنع من الدُّخول، فضربوه فامتنع، فأداروا به نواحي الحرم كلّها، كلُّ ذلك يمتنع عليهم، فلم يدخل، و بعث الله عليهم الطير كالخطاطيف في مناقيرها حجر كالعدسة أو نحوها، فكانت تحاذي برأس الرَّجل ثمَّ ترسلها على رأسه فتخرج من دبره، حتّى لم يبق منهم أحدٌ، إلّا رجل هرب فجعل يحدِّث النّاس بما رأى، إذا طلع عليه طائر منها فرفع رأسه فقال: هذا الطير منها، و جاء الطّير حتّى حاذى برأسه ثمَّ ألقاها عليه، فخرجت من دبره فمات (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النّعمان، عن سعيد بن عبد الله الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ قريشاً في الجاهليّة هدموا البيت، فلمّا أرادوا بناءه، حيل بينهم و بينه ، و ألقي في رُوعِهِم (4) الرُّعب حتّى قال قائل منهم: ليأتي كلُّ رجل منكم بأطيب ماله، و لا تأتوا بمال اكتسبتموه من قطيعة رحم أو حرام، ففعلوا، فَخُلّي بينهم و بين بنائه، فبنوه حتّى انتهوا إلى موضع الحجر الأسود، فتشاجروا فيه، أيّهم يضع الحجر الأسود في موضعه، حتّى كاد أن يكون بينهم شرُّ، فحكّموا أَوَّل من يدخل من باب المسجد، فدخل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فلمّا أتاهم، أمر بثوب فبُسط، ثمَّ وَضَعَ الحجر في وسطه، ثمَّ أخذت القبائل بجوانب الثّوب فرفعوه، ثمَّ تناوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فوضعه في موضعه، فخصّه الله به (5)

4- عليُّ بن إبراهيم؛ و غيره بأسانيد مختلفة رفعوه قالوا: إنّما هدمت قريش الكعبة لأنّ

ص: 216


1- الترديد من الراوي.
2- أي أشار به.
3- الحديث صحيح.
4- الرُّوع: القلب، وقيل: العقل و الذهن.
5- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 24. و الحديث صحيح.

السيل كان يأتيهم من مكّة فيدخلها، فانصدعت(1)، و سرق من الكعبة غزال من ذهب رجلاه من جوهر، و كان حائطها قصيراً، أو كان ذلك قبل مبعث النّبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بثلاثين سنه (2)، فأرادت قريش أن يهدموا الكعبة و يبنوها و يزيدوا في عرصتها، ثمَّ أشفقوا من ذلك و خافوا إنْ وضعوا فيها المعاول أن تنزل عليهم عقوبة، فقال الوليد بن المغيرة: دعوني أُبدء، فإن كان الله رِضىَّ لم يصبني شيء، و إن كان غير ذلك كَفَفْنا، فصعد على الكعبة و حرَّك منه حجراً، فخرجت عليه حيّة، و انكسفت الشّمس، فلمّا رأوا ذلك بكَوا و تضرَّعوا و قالوا: إنّا لا نريد إلّا الإصلاح، فغابت عنهم الحيّة، فهدموه، و نحّوا حجارته حوله حتّى بلغوا القواعد الّتي وضعها إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فلمّا أرادوا أن يزيدوا في عرصته، و حرَّكوا القواعد الّتي وضعها إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أصابتهم زلزلة شديدة، و ظُلْمة، فكفّوا عنه، و كان بنيان إبراهيم: الطّولُ ثلاثون ذراعاً، و العرضُ اثنان و عشرون ذراعاً، و السّمْكُ تسعةُ أذرع، فقالت قريش: نزيد في سمكها، فبنَوها، فلمّا بلغ البناء إلى موضع الحجر الأسود، تشاجرت قريش في وضعه، فقالت كلُّ قبيلة: نحن أوْلى به، نحن نضعه، فلمّا كثر بينهم، تراضَوا بقضاء من يدخل من باب بني شَيبة، فطلع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقالوا: هذا الأمين قد جاء، فحكّموه، فبسط رداءه، و قال بعضهم: كساء طارونيُّ (3) كان له، و وضع الحجر فيه ثمَّ قال: يأتي من كلِّ رَبْع (4) من قريش رجل، فكانوا: عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، و الأسود بن المطّلب من بني أسد بن عبد العُزَّى. و أبو حذيفة بن المغيرة من بني مخزوم. و قيس بن عديّ من بني سهم، فرفعوه، و وضعه النّبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في موضعه، و قد كان بعث مَلِكُ الرُّوم بسفينة فيها سقوف و آلات و خشب و قوم من الفعلة إلى الحبشة، ليبني له هناك بِيعة، فطرحتها الرِّيح إلى ساحل الشّريعة، فبُطِحت (5)، فبلغ قريشاً خبرُها، فخرجوا إلى السّاحل فوجدوا ما يصلح للكعبة من خشب و زينة و غير ذلك، فابتاعوه، و صاروا به إلى مكّة، فوافق ذرع ذلك الخشب البناء ما خلا الحِجْر، فلمّا بنوها كسوها الوصائد: و هي الأردية (6)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داوود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّی اَللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) سَاهَمَ قُرَیْشاً فِی بِنَاءِ اَلْبَیْتِ، فَصَارَ

ص: 217


1- إلى هنا مرسلاً في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ذيل ح 6.
2- المشهور في كتب التاريخ هو أن بناء قريش للكعبة كان قبل البعثة بخمس سنين.
3- الطاروني: ضرب من الخَزّ.
4- أي حي و منزل.
5- بُطِحَت: أي جنحت و استقرت في الطين. و قرىء: فنطحت: أي انكسرت.
6- روى منه ما يتعلق بمواصفات بناء إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و كذا ذيله في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 26. و أخرجه مرسلاً. و الحديث مرفوع.

لِرَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مِنْ بَابِ اَلْکَعْبَهِ إِلَی اَلنِّصْفِ مَا بَیْنَ اَلرُّکْنِ اَلْیَمَانِیِّ إِلَی اَلْحَجَرِ اَلْأَسْوَدِ (1)

وَ فِی رِوَایَهٍ أُخْرَی: کَانَ لِبَنِی هَاشِمٍ مِنَ اَلْحَجَرِ اَلْأَسْوَدِ إِلَی اَلرُّکْنِ اَلشَّامِیِّ (2)

6- عليُّ بن إبراهيم؛ و غيره رفعوه قال: كان في الكعبة غزالان من ذهب، و خمسة أسياف، فلمّا غلبت خزاعةُ جُرْهُم على الحرم، ألقت جُرْهُمُ الأسياف و الغزالين في بئر زمزم، و ألقَوا فيها الحجارة، و طمّوها، و عَمّوا أثرها (3)، فلمّا غلب قُصيّ على خزاعة، لم يعرفوا موضع زمزم، و عُمّي عليهم موضعها، فلمّا غلب عبد المطّلب، و كان يُفرش له في فناء الكعبة، و لم يكن يُفرش لأحد هناك غيره، فبينما هو نائمٌ في ظلِّ الكعبة فرأى في منامه أتاه آت فقال له: احفر بَرّة (4)، قال: و ما برَّة؟ ثمَّ أتاه في اليوم الثّاني فقال: احفر طِيبَة ، ثمَّ أتاه في اليوم الثّالث فقال: حفر المَصُونَة، قال: و ما المصونة؟ ثمَّ أتاه في اليوم الرَّابع فقال: احفر زمزم لا تُنزح (5) و لا تُذَم (6)، تسقي الحجيج الأعظم عند الغراب الأعصم (7)، عند قرية النّمل، و كان عند زمزم حجر يخرج منه النّمل فيقع عليه الغراب الأعصم في كلِّ يوم، يلتقط النّمل، فلمّا رأى عبد المطّلب هذا، عرف موضع زمزم، فقال لقريش: إنّي أُمرت في أربع ليال في حفر زمزم ، هي مَأْثَرَتُنا و عزُّنا فهلمّوا نحفرها، فلم يجيبوه إلى ذلك، فأقبل يحفرها هو بنفسه ، و كان له ابن واحد و هو الحارث، و كان يعينه على الحفر، فلمّا صعب ذلك عليه، تقدّم إلى باب الكعبة ثمَّ رفع يديه و دعا الله عزَّ و جلّ، و نذر له إن رزقه عشر بنين أن ينحر أحبّهم إليه تقرّباً إلى الله عزَّ و جلّ، فلمّا حفر و بلغ الطّوي (8): طوي إسماعيل، و علم أنّه قد وقع على الماء كبّر، و كبّرت قريش و قالوا: يا أبا الحارث، هذه مأثرتنا و لنا فيها نصيب، قال لهم: لم تعينوني على حفرها، هي لي و لولدي إلى آخر الأبد(9)

ص: 218


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 27. و المقصود بالنصف: نصف الضلع ما بين الركن اليماني و الحجر.
2- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 28. و من الواضح أنه لا منافاة بين هذا الحديث و ما تقدم، لأن ما تقدم تضمن أن ما بين الحجر الأسود و الركن اليماني هو له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خاصة، و هو شريك- هنا- مع بني هاشم فيما اختصوا به من الحجر الأسود و الركن الشامي.
3- أي طمسوا عليه و أخفوه.
4- سماها برّة- كما يقول الجزري- لكثرة منافعها و سعة مائها. و هي من أسماء زمزم، كما أن من أسمائها: طيبة،و المصونة.
5- أي لا ينضب ماؤها على كثرة الاستقاء منها.
6- أي لا تُعاب، أو لا تكون مذمومة .
7- قال الجزري: الغراب الأعصم؛ الأبيض الجناحين، وقيل: الأبيض الرجلين.
8- ﴿الطوي: على وزن فعيل، البئر المطوية بالحجارة﴾ الوافي و مرآة المجلسي.
9- الحديث مرفوع.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد قال: سمعت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یقول : لمّا احتفر عيد المطّلب زمزم و انتهى إلى قعرها، خرجت عليه من إحدى جوانب البئر رائحة منتنة أفظعته، فأبى أن ينثني، و خرج ابنه الحارث عنه، ثمَّ حفر حتّى امعن (1)، فوجد في قعرها عيناً تخرج عليه برائحة المسك، ثمَّ احتفر فلم يحفر إلّا ذراعاً حتّى تجلّاه النّوم، فرأى رجلاً طويل الباع، حسن الشّعر، جميل الوجه ، جيّد الثّوب طيّب الرّائحة، و هو يقول: أُحفر تَغْنَم، وجِدْ تَسْلَم، و لا تدّخرها للمقسم (2)، الأسياف لغيرك، و البئر لك، أنت أعظم العرب قدراً، و منك يخرج نبيّها و وليّها و الأسباط النّجباء الحكماء العلماء البصراء، و السيوف لهم، و ليسوا اليوم منك و لا لك، و لكن في القرن الثّاني منك، بهم ينير الله الأرض، و يخرج الشّياطين من أقطارها، و يذلّها في عزّها، و يهلكها بعد قوّتها، و يذلُّ الأوثان، و يقتل عبّادها حيث كانوا، ثمّ يبقى بعده نسل من نسلك، هو أخوه و وزيره و دونه في السنِّ، و قد كان القادر على الأوثان، لا يعصيه حرفاً، و لا يكتمه شيئاً، و يشاوره في كلِّ أمر، هجم عليه و استعيى (3) عنها عبد المطّلب، فوجد ثلاثة عشر سيفاً مسندة إلى جنبه فأخذها ، و أراد أن يبثَّ (4)، فقال: و كيف و لم أبلغ الماء، ثمَّ حفر، فلم يحفر شبراً حتّى بدا له قرن الغزال و رأسه، فاستخرجه و فيه طبع: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، عليُّ وليُّ الله، فلان خليفة الله (5)، فسألته فقلت: فلان متى كان، قبله أو بعده؟ قال : لم يجيء بعد و لا جاء شيء من أشراطه، فخرج عبد المطّلب و قد استخرج الماء و أدرك و هو يصعد، فإذا أسود له ذنب طويل يسبقه بداراً إلى فوق، فضربه فقطع أكثر ذنبه، ثمّ طلبه فقاته، و فلان قاتله إن شاء الله، و من رأى عبد المطّلب أن يبطل الرّؤيا الّتي رآها في البئر، و يضرب السّيوف صفائح البيت، فأتاه الله بالنّوم، فغشيه و هو في حِجْر الكعبة، فرأى ذلك الرَّجل بعينه و هو يقول: يا شيبة الحمد، احمد ربّك، فإنّه سيجعلك لسان الأرض و يتبعك قريش خوفاً و رهبة و طمعاً، ضع السّيوف في مواضعها، و استيقظ عبد المطّلب فأجابه، أنّه يأتيني في النّوم، فإن يكن من ربِّي فهو أحبُّ إليَّ ، و إن يكن من شيطان فأظنّه مقطوع الذّنب، فلم ير شيئاً، و لم يسمع كلاماً، فلمّا أن كان اللّيل، أتاه في منامه بعدّة من رجال وصبيان فقالوا له: نحن أتباع ولدك، و نحن من سكّان السّماء السّادسة، السّيوف ليست لك تزوّج في مخزوم تقو [ی]، و اضرب بعد في بطون العرب، فإن

ص: 219


1- أي بالغ في الحفر.
2- من القسمة، أي لا تجعلها ذخيرة لتقسم بعدك.
3- أي تحيّر و لم يهتد إلى وجه الرؤيا تلك و تأويلها. أو من الإعياء و هو الضعف، أي ضعف عن حفرها.
4- أي ينشر خبر ما رأى. أو يقسّم السيوف الذي وجد.
5- يعني القائم عجل الله فَرَجه الشريف.

لم يكن معك مال فلك حَسَب، فادفع هذه الثّلاثة عشر سيفاً إلى ولد المخزوميّة، و لا يبان لك أكثر من هذا، و سيف لك منها واحد سيقع من يدك فلا تجد له أثر، إلّا أن يستجنّه (1) جبل كذا و كذا فيكون من أشراط قائم آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فانتبه عبد المطّلب و انطلق و السّيوف على رقبته، فأتى ناحية من نواحي مكّة ففقد منها سيفاً كان أرقّها عنده فيظهر من ثَمَّ (2)، ثمَّ دخل معتمراً، و طاف بها على رقبته و الغزالين أحداً و عشرين طوافاً، و قريش تنظر إليه و هو يقول: اللّهمّ صدّق وعدك فأثبت لي قولي، و انشر ذكري، وشدّ عضدي، و كان هذا ترداد كلامه و ما طاف حول البيت بعد رؤياه في البئر ببيت شعر حتى مات، و لكن قد ارتجز على بنيه يوم أراد نحر عبد الله، فدفع الأسياف جميعها إلى بني المخزوميّة، إلى الزُّبير و إلى أبي طالب و إلى عبد الله، فصار لأبي طالب من ذلك أربعة أسياف، سيف لأبي طالب، و سيف لعليّ، و سيف لجعفر، و سيف لطالب، و كان للزّبير سيفان و كان لعبد الله سيفان، ثمّ عاد [ت] فصارت لعلّي (3) الأربعة الباقية اثنين من فاطمة و اثنين من أولادها، فطاح سيف جعفر يوم أُصيب فلم يُدْرَ في يد من وقع حتّى السّاعة؛ و نحن نقول: لا يقع سيف من أسيافنا في يد غيرنا، إلّا رجل يعين به معنا، إلّا صار فَحْماً (4)، قال: و إنّ منها لواحد [اً] في ناحية يخرج كما تخرج الحيّة، فيبين منه ذراع و ما يشبهه، فتبرق له الأرض مراراً، ثمّ يغيب، فإذا كان اللّيل، فعل مثل ذلك، فهذا دأبه حتّى يجيیء صاحبه (5)، و لو شئت أن أُسمِّي مكانه لسمّيته، و لكن أخاف عليكم من أن أُسمّيه فتسمّوه فينسب (6) إلى غير ما هو عليه (7)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن أبي عليّ صاحب الأنماط، عن أَبَان بن تغلب قال: لمّا هدم الحجّاج الكعبة، فرَّق الناسُ ترابَها، فلمّا صاروا إلى بنائها فأرادوا أن يبنوها، خرجت عليهم حيّة فمنعت النّاس البناء، حتّى هربوا فأتوا الحجّاج

ص: 220


1- يستجُنّه: أي يستره و يخفيه.
2- أي باعتبار ما حدثته النبوءة فهذا السيف من أشراط خروج القائم (عج) و لذا سوف يظهر بظهوره (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- ﴿يحتمل أن يكون المراد بالأربعة الباقية تتمة الثمانية المذكورة إلى اثني عشر، و يكون المراد بفاطمة أمه (عَلَیْهِا اَلسَّلاَمُ)، أي صارت الأربعة الباقية أيضاً إلى علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من قِبَل أمه و إخوته حيث وصل إليهم من جهة أبي طالب زايدا على ما تقدم. أو يكون المراد بفاطمة: بنت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بأن يكون النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أعطاها سيفين غير الثمانية، و أعطى الحسنين (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ)سَيْفين و يحتمل أن يراد بالأربعة: سيوف الزبير و عبد الله فتكون الأربعة الأخرى مسكوتاً عنها﴾. مرأة المجلسي 64/17.
4- كناية عن بطلان أثره و انعدام فاعليته.
5- و هو الحجّة عجل الله فَرَجَه الشريف.
6- ﴿أي يتغير مكانه أو يأخذه غير القائم عليه السلام﴾ مرآة المجلسي 65/17.
7- الحديث ضعيف.

فأخبروه، فخاف أن يكون قد مُنعَ بناءَها، فصعد المنبر ثمَّ نشد الناس و قال: أنشد الله عبداً عنده ممّا ابتُلينا به عِلْم لَمَا أخبرنا به، قال: فقام إليه شيخ فقال: إن يكن عند أحد عِلْمٌ فعند رجل رأيته جاء إلى الكعبة، فأخذ مقدارها ثمَّ مضى، فقال الحجّاج: من هو؟ قال: عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال: معدن ذلك، فبعث إلي عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأتاه، فأخبره ما كان من مَنْع الله إيّاه البناء، فقال له عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا حجّاج، عمدت إلى بناء إبراهيم و إسماعيل فألقيته في الطريق و انتهبته كأنّك ترى أنّه تراث لك، اصعد المنبر، و أنشد الناس أن لا یبقی أحدٌ منهم أخذ منه شيئاً إلّا ردَّه، قال: ففعل، فأنشد الناس أن لا يبقى منهم أحدٌ عنده شيء إلّا ردَّه، قال: فردّوه، فلمّا رأى جَمْعَ التراب، أتى عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فوضع الأساس، و أمرهم أن يحفروا، قال: فتغيّبت عنهم الحيّة، و حفروا حتّى انتهوا إلى موضع القواعد، قال لهم عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تنحّوا، فتنحّوا، فدنا منها فغطّاها بثوبه، ثمَّ بكى، ثمَّ غطّاها بالتراب بيد نفسه، ثمَّ دعا الفَعَلَة فقال: ضعوا بناءكم، فوضعوا البناء، فلمّا ارتفعت حيطانها أمر بالتراب فقُلِبَ فأُلقي في جوفه، فلذلك صار البيت مرتفعاً يُصْعَدُ إليه بالدّرج (1)

136- باب في قوله تعالى ﴿فِیهِ آیَاتٌ بَیِّنَاتٌ﴾

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَکَّةَ مُبَارَکًا وَ هُدًی لِلْعَالَمِینَ * فِیهِ آیَاتٌ بَیِّنَاتٌ﴾ (2)، ما هذه الآيات البيِّنات؟ قال: مقامُ إبراهيم، حيث قام على الحجر فأثّرت فيه قدماه، و الحجر الأسود، و منزل إسماعيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد أدركتَ الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ قال: نعم، أذكر و أنا معه في المسجد الحرام، و قد دخل فيه السيل، و الناس يقومون على المقام، يخرج الخارج يقول: قد ذهب به السيل، و يخرج (4) منه الخارج فيقول: هو مكانه، قال: فقال لي: يا فلان ما صنع هؤلاء؟

ص: 221


1- الحديث مجهول.
2- آل عمران/ 96 و 97.
3- ورد مضمون هذا الحديث في الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ...، ضمن ح 8.
4- في الفقيه: و يدخل الداخل ..

فقلت: أصلحك الله، يخافون أن يكون السيل قد ذهب بالمقَام، فقال: نادِ أَنَّ الله تعالى قد جعله عَلَماً لم يكن ليُذْهَبَ به، فاستقِرُّوا، و كان وضع المقام الّذي وضعه إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عند جدار البيت، فلم يزل هناك حتّى حوَّله أهل الجاهليّة إلى المكان الّذي هو فيه اليوم، فلمّا فتح النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مكّة، ردَّه إلى الموضع الّذي وضعه إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فلم يزل هناك إلى أن وَلِيَ عمر بن الخطاب، فسأل الناس: من منكم يعرف المكان الّذي كان فيه المقام ؟ فقال رجل: أنا قد كنت أخذت مقداره بنِسْع (1) فهو عندي، فقال: ائتني به، فأتاه به، فقاسه، ثمَّ ردَّه إلى ذلك المكان (2)

137- باب نادر

1- محمد بن عقيل، عن الحسن بن الحسين، عن عليِّ بن عيسى، عن عليِّ بن الحسن، عن محمد بن يزيد الرفاعيِّ رفعه، أنَّ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) سئل عن الوقوف بالجبل، لمَ لم يكن في الحرم؟ فقال: لأنّ الكعبة بيته، و الحرم بابه، فلمّا قصدوه وافدين، وقفهم بالباب يتضرَّعون قيل له: فالمشعر الحرام لِمَ صار في الحرم؟ قال: لأنّه لمّا أذِن لهم بالدُّخول، وقفهم بالحجاب الثاني، فلمّا طال تضرُّعهم بها، أذن لهم لتقريب قربانهم ، فلمّا قضوا تَفَثَهُم (3) تطهّروا بها من الذُّنوب الّتي كانت حجاباً بينهم و بينه، أذن لهم بالزِّيارة على الطهارة، قيل له: فلِمَ حرّم الصيام أيّام التشريق؟ قال: لأنَّ القوم زوَّار الله، و هم في ضيافته، و لا يجمل بمضيف أن يصوم أضيافه، قيل له: فالتعلّق بأستار الكعبة، لأيّ معنى هو؟ قال: مَثَلُ رجل له عند آخر جناية و ذنب، فهو يتعلّق بثوبه يتضرَّع إليه، و يخضع له أن يتجافى عن ذنبه (4)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن صفوان- أو (5) رجل- عن صفوان، عن

ص: 222


1- النَّسْع: -كما يقول الفيروز آبادي- سِيرٌ ينسج عريضاً على هيئة أُعنة النعال تشد به الرحال، و القطعة منه: نسْعة، و سمّي نِسعاً لطوله.
2- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 12. و الحديث موثق كالصحيح.
3- التفث: يكون في مناسك الحج، و هو ما كان من نحو قص الأظفار و حلق الرأس و رمي الجمار و الذبح و النحر و إذهاب الشعث و الوسخ.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 211 بتفاوت يسير. و ذكر بمعناه و قريباً من ألفاظه مع حذف الاسناد الصدوق في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، قبل الحديث رقم 10 فراجع. و الحديث مجهول مرفوع.
5- الترديد من الراوي.

ابن بكير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ المزدلفة أكثر بلاد الله هوامّاً، فإذا كانت ليلة التروية، نادى مناد من عند الله: يا معشر الهوامِّ ارحلَنَّ عن وفد الله، قال: فتخرج في الجبال فتسعها حيث لا تُرى، فإذا انصرف الحاجُّ عادت (1)

138- باب إن الله عزَّ و جلَّ حرّم مكة حين خلق السماوات و الأرض

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ قريشاً لمّا هدموا الكعبة، و جدوا في قواعده حجراً فيه كتاب لم يُحْسنوا قراءته حتّى دعوا رجلاً فقرأه، فإذا فيه: أنا الله ذو بكّة، حرَّمتها يوم خلقتُ السّماوات و الأرض، و وضعتها بين هذين الجبلين، و حففتها بسبعة أملاك حفّاً (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: حرَّم الله حرمه أن يُختلى خلاه، أو يُعْضَدَ شَجَرُهُ إِلَّا الإذخر، أو يُصاد طيره (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لمّا قدم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مكّة يوم افتتحها، فتح باب الكعبة، فأمر بصُوَر في الكعبة فطُمِسَت (4)، فأخذ بعُضَادَتَي (5) الباب، فقال: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، و نصر عبده، و هزم الأحزاب وحده، ماذا تقولون و ماذا تظنّون؟ قالوا: نظنُّ خيراً و نقول خيراً، أخٌ كريم و ابن أخ كريم و قد قدرتَ، قال: فإنّي أقول كما قال أخي يوسف: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (6). ألا إنَّ الله قد حرَّم مكّة يوم خلق السّماوات و الأرض، فهي حرام بحرامِ الله إلى يوم القيامة، لا يُنَفَّر صيدها، و لا يُعْضَدُ شجرها و لا يُخْتَلى خَلاها، و لا

ص: 223


1- الحديث ضعيف.
2- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 15 بتفاوت و زيادة في آخره و أخرجه عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و حفّوا حوده: -كما في الصحاح- استداروا و تحلّقوا. هذا، و الحديث صحيح.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، صدر ح 245 قوله: أن يختلي خلاه: الخلا- مقصوراً کما في النهاية- النبات الرطب الرقيق ما دام كذلك، و اختلاه: قطعه. و قوله: يُعضد شجره: أي يقطعه بالمعضد.
4- أي مُحِيَت.
5- عضادتا الباب: خشبتاه من الجانبين.
6- يوسف/92. لا تثريب: أي لا تأنيب و لا أذكركم بذنبكم.

تحلُّ لُقَطَتُها إلّا لمنشد (1)، فقال العبّاس: يا رسول الله، إلّا الإِذْخِر فإنّه للقبر و البيوت؟ فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إلّا الإِذْخِر (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يوم فتح مكّة: إنّ الله حرَّم مكّة يوم خلق السّماوات و الأرض، و هي حرام إلى أن تقوم السّاعة ، لم تحلَّ (3) لأحد قبلي، و لا تحلُّ لأحد بعدي، و لم تحلَّ لي إلّا ساعةً من نهار (4)

139- باب في قوله تعالى: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ (5) البيت عَنى أُم الحرم؟ قال: من دخل الحرم من النّاس مستجيراً به فهو آمنٌ من سخط الله، و من دخله من الوحش و الطّير كان آمناً من أن يُهاج أو يؤذى حتّى يخرج من الحرم (6)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾؟ قال: إذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثمّ فرَّ إلى الحرم لم يَسَعْ لأحد أن يأخذه في الحرم، و لكن يمنع من السوق، و لا يبايع و لا يطعم و لا يُسقى، و لا يكلّم، فإنّه إذا فعل ذلك به، يوشِكُ أن يخرج فيؤخذ، و إذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحدُّ في الحرم، لأنّه لم يَدَعْ للحرم حُرْمَتَه (7)

ص: 224


1- المنشد: هو الذي يعرّف باللقطة و الضالّة.
2- الفقيه 2، 64 - باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 20 بتفاوت في الذيل و بدون الصدر. و رواه مرسلاً. و الإذخِر: نبات عريض الأوراق طيب الرائحة. و الحديث حسن.
3- أي من حيث الدخول إليها للحرب و القتال و بغير إحرام.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 18 بتفاوت يسير جداً و رواه مرسلاً.
5- آل عمران/97.
6- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 212. الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 34 بتفاوت.
7- التهذيب 10، 16- باب القاتل في الشهر الحرام و الحرم، ح 6 بتفاوت و أخرجه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و كذلك هو في الفقيه 4، 25- باب فيمن أتى حداً التجأ إلى الحرم، ح 1. هذا و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على كلا الحكمين المتضمَنَين في الحديث و إن عبّروا عن الأول منهما بوجوب التضييق عليه لإلجائه إلى الخروج.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾؟ قال: إن سرق سارق بغير مكّة، أو جنى جناية على نفسه ففرَّ إلى مكّة، لم يؤخذ مادام في الحرم حتّى يخرج منه، و لكن يُمْنَع من السوق، و لا يبايع و لا يُجَالَس حتّى يخرج منه فيؤخذ، و إن أحدث في الحرم ذلك الحدث أُخِذَ فيه.

140- باب الإلحاد بمكة و الجنايات

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: أُتِيَ أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المسجد فقيل له: إنّ سَبُعاً من سباع الطير على الكعبة، ليس يمرُّ به شيء من حمام الحرم إلّا ضربه؟ فقال: انصبوا له و اقتلوه، فإنّه قد أَلْحَدَ (1)

2- ابن أبي عمير، عن معاوية قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ، عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ﴾ (2)؟ قال: كلُّ ظلم إلحاد، و ضرب الخادم في غير ذَنْب من ذلك الإلحاد (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ، قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾؟ فقال: كلُّ ظلم يظلمه الرَّجل نفسه بمكّة، من سرقة، أو ظلم أحد، أو شيء من الظلم، فإنّي أراه إلحاداً، و لذلك كان يتّقى أن يسكن الحرم (4)

ص: 225


1- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و...، ح 35. و أَلْحَدَ: أي مال و عَدَل عن الحق. هذا، و قد دل الحديث على جواز قتل سباع الطير، و قد ذهب كثير من أصحابنا إلى القول بجواز قتل السباع مطلقاً في الحرم و لا كفارة في قتلها، يقول المحقق في الشرائع 283/1: ﴿و لا كفارة في قتل السباع ماشية كانت أو طائرة إلا الأسد فإن على قاتله كبشاً إذا لم يُرده على رواية فيها ضعف﴾.
2- الحج/25. و المعنى: و من يُرد الحاداً، و هو أن يميل في البيت الحرام بظلم، و أُدخلت الباء في إلحاد، كما اُدخلت في قوله تعالى في 20/المؤمنون من قوله تعالى: تنبت بالدهن.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 103 بتفاوت و زيادة في آخره و أخرجه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، نفس الباب، ح 36.
4- انظر المصدر السابق و في آخره في التهذيب: فلذلك كان الفقهاء يكرهون سكنى مكة. و في آخره في الفقيه 2، نفس الباب، ح 37: و لذلك كان يتقي الفقهاء أن يسكنوا مكة. و يفهم من الحديث أن من كان واثقاً من نفسه الّا تقع في شيء من الظلم فلا يكره له مجاورة الحرم.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل قتل رجلاً في الحلِّ ثمَّ دخل الحرم؟ فقال: لا يُقتل، و لا يُطعم، و لا يُسقى، و لا يُبايع، و لا يُؤوى حتّى يخرج من الحرم فيقام عليه الحدُّ قلت: فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال: يقام عليه الحدُّ في الحرم صاغراً، إنّه لم ير للحرم حرمة، و قد قال الله تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ﴾ (1)، فقال: هذا هو في الحرم؟ فقال (2): ﴿لَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ (3)

141- باب إظهار السلاح بمكة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا ينبغي أن يدخل الحرم بسلاح، إلّا أن يُدْخِلَه في جُوالِق (4) أو يغيّبه- يعني يلفّ على الحديد شيئاً- (5)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن صفوان، عن شعيب العقر قوفيِّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يريد مكّة أو المدينة يكره أن يخرج معه بالسلاح؟ فقال: لا بأس بأن يخرج بالسلاح من بلده، و لكن إذا دخل مكّة لم يُظْهِرْهُ (6)

ص: 226


1- البقرة/194.
2- البقرة/ 193. و ذكره هذا الجزء من الآية فقط إنما هو اكتفاء منه و اختصار و تنبيه على ما هو أخفى في استنباط الحكم، مع أن غرضه هو الاستدلال بمجموع الآيات المتقدمة على هذه الآية و أولها قوله تعالى: ﴿وَ لاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ ...﴾ الخ.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 102 بتفاوت. و كرره برقم 260 من نفس الباب أيضاً.
4- الجُوالق: الوعاء من صوف أو شعر.
5- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و .... ، ح 39. و قد دل الحديث على كراهية حمل السلاح ظاهراً للعيان. و أما تقلّد السلاح و لبسه فإن كان لخوف عدو و نحوه فهو جائز و إلا فهو حرام في المشهور، قال الشهيدان و هما بصدد تعداد محرمات الإحرام: ﴿و لبسُ السلاح اختياراً في المشهور و إن ضعف دليله و مع حاجته إليه يباح قطعاً و لا فدية فيه مطلقاً﴾. و نقل عن أبي الصلاح حرمة شهره و إظهاره و إن من غير لبس له.
6- الفقيه 2، نفس الباب، ح 38. و الحديث صحيح.

142- باب لبس ثياب الكعبة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عليّ، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الملك بن عتبة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عمّا يصل إلينا من ثياب الكعبة، هل يصلح لنا أن نلبس شيئاً منها؟ قال: يصلح للصّبيان و المصاحف و المخدَّة، تبتغي بذلك البركة إن شاء الله (1)

143- باب کراهة أن يؤخذ من تراب البيت وَ حَصَاه

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داوود بن النعمان، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا ينبغي لأحد أن يأخذ من تربة ما حول الكعبة، و إن أخذ ذلك شيئاً ردَّه (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المفضّل بن صالح، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أخذت سُكّاً من سُكّ (3) المقام، و تراباً من تراب البيت، و سَبْعَ حَصَيات؟ فقال: بئس ما صنعت، أمّا التراب و الحصا فَرُدِّه (4)

3- أحمد بن مهران، عمّن حدَّثه، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال:

ص: 227


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 213 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 40 و فيه: يبتغي ...، بدل: تبتغي ...
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 106. و كرره برقم 228 من نفس الباب بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 42 ... يقول الشهيد الأول في الدروس: لا يجوز أخذ شيء من تربة المسجد و حصاه فلو فعل وجب ردّه إلى موضعه في رواية محمد بن مسلم، و إلى مسجد في رواية زيد الشحّام، و هو أشبه، و الأَوْلى الحمل على الأفضلية. أقول: و سوف يأتي رواية الشحّام هذه برقم 4 من هذا الباب.
3- السُّك: -کما في المغرب- ضرب من الطيب.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 41. و الحديث ضعيف. و إنما لم يأمره بردّ الطيب و أمره بردّ الحصى، لأن الطيب إنما كان يحمله الحجّاج معهم في ذلك الوقت بقصد انتفاع الحجيج به. و قد ذهب الشيخ في الخلاف 485/1 إلى جواز أخذ حصى الحرم و ترابه و أحجاره، و استدل بأصالة الإباحة مع عدم وجود الدليل.

قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ عمّي كَنَسَ الكعبة و أخذ من ترابها، فنحن نتداوى به؟ فقال: ردَّه اليها (1)

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أخرج من المسجد و في ثوبي حصاة؟ قال: فردّها أو اطرحها في مسجد (2)

144- باب کراهية المقام بمكة

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم؛ و صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا ينبغي للرَّجل أن يقيم بمكّة سنة، قلت: كيف يصنع ؟ قال: يتحوّل عنها، و لا ينبغي لأحد أن يرفع بناءً فوق الكعبة (3)

و روي أنَّ المُقام بمكّة يقسي القلوب (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن ذريح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) [قال:] إذا فرغت من نُسُكِكَ فارجع، فإنّه أشوق لك إلى الرُّجوع (5)

ص: 228


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 43. و الحديث ضعيف.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 44 بتفاوت. التهذيب 5، نفس الباب، ح 214 و فيه: تردّها ... هذا، و الحديث مطلق من حيث التمكن من إرجاعها إلى مسجدها و عدمه و هو خلاف المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم، و قد تقدم.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 209. الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، 45. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 278/1: ﴿و يكره المجاورة بمكة﴾. و يقول الشهيد الثاني في المسالك 102/1 معلقاً على ذلك: ﴿يعني الإقامة بها بعد قضاء المناسك و إن لم يكن سنة﴾. و يقول المحقق في الشرائع 277/1: ﴿يحرم أن يرفع أحد بناءاً فوق الكعبة، وقيل: يكره، و هو الأشبه﴾.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 46.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 47 و أخرجه عن داوود الرقي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الخبر في الفروع حسن، و في الفقيه مختلف فيه. يقول صاحب المدارك رضوان الله عليه: ﴿المعروف من مذهب الأصحاب كراهة المجاورة بمكة، و علّل بخوف الملالة و قلة الاحترام، أو الخوف من ملابسة الذنب فإنه فيها أعظم، أو بأن المقام فيها يقسي القلب، أو بأن من سارع إلى الخروج منها يدوم شوقه إليها و ذلك مراد الله عزَّ و جلَّ، و هذه التوجيهات كلها مروية لكن أكثرها غير واضحة الإسناد ... الخ﴾.

145- باب شجر الحَرَم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تنزع من شجر مكّة إلّا النّخل و شجر الفاكهة (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كلُّ شيء ينبت في الحرم، فهو حرام على الناس أجمعين (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن إسحاق بن يزيد قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يدخل مكّة فيقطع من شجرها؟ قال: اقطع ما كان داخلاً عليك، و لا تقطع ما لم يدخل منزلك عليك (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): شجرة أصلها في الحلّ و فرعها في الحرم؟ فقال : حُرِّم أصلها لمكان فَرْعها، قلت: فإنَّ أصلها في الحرم و فرعها في الحلّ؟ فقال: حُرِّم فرعها لمكان أصلها (4)

ص: 229


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ذيل ح 237 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 51 بتفاوت. و السند فيهما مختلف أيضاً.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 238 بزيادة في آخره. و كذلك هو في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ...، ح 49. هذا، و قد دل الحديث على حرمة اقتلاع أي شيء ينبت في الحرم سواء كان شجراً أو غيره، يابساً أو رطباً. و لكن هذا العموم في دلالة الحديث مخصوصة عند أصحابنا حيث استثني منه عدة أمور كشَجر الفاكهة و الإذخِر و ما ينبت في ملك الإنسان و عودي المحالة. قال الشيخ الطوسي رحمه الله في الخلاف 485/1: ﴿الشجر الذي ينبته الآدميون في العادة إذا أنبته الأدميون أو أنبته الله تعالى فلا ضمان في قطعه، و أما ما أنبته الله تعالى في الحرم فيجب الضمان بقطعه ...﴾. و يقول الشهيدان رحمهما الله و هما بصدد تعداد محرمات الإحرام: ﴿و قطع شجر الحرم و حشيشه الأخضرين إلا الإذخِر و ما ينبت في ملكه ... الخ﴾. كما راجع شرائع المحقق 251/1. حيث نص على شجر الفواكه، و الإذخِر و النخل و عودي المحالة.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 53. و قد تضمن هذا الحديث حكماً مخالفاً لما عليه المشهور من أصحابنا و هو عدم جواز قطع الإنسان ما دخل من أغصان شجر داخل منزله إذا كان أصله خارجه. اللهم إلا إذا حملناه على ما نبت بعد إنشاء المنزل لا قبله.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 48. التهذيب 5، نفس الباب، ح234. و قد استدل الشهيد في الدروس على حرمة قطع الشجرة أصلاً و فرعاً إذا كان شيء منهما في الحرم بهذه الرواية. و هو موافق للمشهور عند أصحابنا.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يخلّى عن البعير في الحرم يأكل ما شاء (1)

6- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الشجرة يقلعها الرَّجل من منزله في الحرم، قال: إن بنى المنزل و الشجرة فيه فليس له أن يقلعها، و إن كانت نبتت في منزله و هو له فليقلعها (2)

146- باب ما يُذْبَحُ في الحرم و ما يُخْرَجُ به منه.

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يذبح بمكّة إلّا الإبل و البقر و الغنم و الدُّجاج (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما كان يصفّ من الطير فليس لك أن تخرجه، و ما كان لا يصفُّ فلك أن تخرجه؛ قال: و سألته عن دجاج الحبش، قال: ليس من الصيد، إنّما الصيد ما طار بين السماء و الأرض (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دَّراج، عن محمد بن مسلم قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا حاضرٌ- عن الدُّجاج الحبشي يخرج به من الحرم؟ فقال: إنها لا تستقل بالطيران (5)

ص: 230


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 50. التهذيب 5، نفس الباب، ح 242. و فيه: تخلّي ... بدل: يخلّى.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 240.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن المحرم و ... ، ح 192 و فيه: يذبح في الحرم الإبل و ... الخ، الفقيه 2، 66- باب ما يجوز أن يذبح في الحرم و ... ، ح 1. و فيه: لا يذبح في الحرم إلا ... الخ. أقول: و استثناء هذه الأربعة موضع وفاقٍ بين أصحابنا رضوان الله عليهم. و قد فسّر الشيخ في التهذيب الدجاج بالحبشي لأنها ليست من الصيد مستدلاً برواية معاوية بن عمار عن أبي عبد عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) التالية.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 193 و جاء فيه الصدر ذيلاً و بالعكس مع تفاوت يسير. الفقيه 2 ، 66- باب ما يجوز أن يذبح في ...، ح 2 و روى ذيل الحديث بزيادة كلمة: وَ صَفٌ. صَفَّ الطائر: إذا أمكنه الطيران باستقلاله.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3 بتفاوت و في سنده: جميل بن دراج و محمد بن مسلم. و فيه: الدجاج السندي ... ، بدل: الدجاج الحبشي.

147- باب صيد الحرم و ما تجب فيه الكفّارة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كنتَ حلالاً، فقتلت الصّيد في الحلِّ ما بين البريد إلى الحرم، فعليك جزاؤه، فإن فقأت عينه، أو كسرت قرنه، أو جرحته، تصدقت بصدقة (1)

2- عليُّ، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل أُهدي له حمام أهليُّ و هو في الحرم ؟ فقال: إن هو أصاب منه شيئاً (2) فليتصدَّق بثمنه نحواً ممّا كان يسوى في القيمة (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنّى بن عبد السلام، عن محمد بن أبي الحكم قال: قلت لغلام لنا: هیّيء لنا غداءٌ، فأخذ أطياراً من الحرم فذبحها و طبخها، فأخبرت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: ادفنها، و أَفِدْ كلَّ طائر منها (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ، جميعاً عن ابن أبي عمیر، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الصيد يصاد في الحلّ

ص: 231


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 168. الاستبصار 2، 132- باب من رمى صيداً يؤم الحرم، ح 5 بتفاوت فيهما. و البريد: أربعة فراسخ، ﴿و البريد: -كما في المسالك- خارج الحرم يحيط به من كل جانب، و يسمى: حرم الحرم، و الحرم في داخله بريد في بريد ...﴾. هذا و يقول المحقق في الشرائع 291/1: ﴿... و يكره الاصطياد بين البريد و الحرم على الأشبه، فلو أصاب صيداً فيه ففقأ عينه أو كسر قرنه كان عليه صدقة استحباباً...﴾ .
2- أي ذبحه أو قتله.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 118. بتفاوت و أخرجه بطريقه عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و كذلك هو في الفقيه 2، 65- باب تحريم صيد الحرم و ...، ج 11. و يدل على وجوب القيمة لقتل الحمام في الحرم- للمُحِلّ طبعاً- حتى و لو كانت القيمة أكثر من درهم، و هو الكفارة التي وردت بها الروايات وحدّدت قيمة كل طير درهماً.
4- الفقيه 2، 65- باب تحريم صيد الحرم و حكمه، ح 25 بتفاوت. و قد دل الحديث على عدم جواز الأكل و لا الطرح، بل لا بد من الدفن و إلا تضاعفت الكفارة كما نص عليه الشهيد في الدروس. و إن حمل البعض الأمر بالدفن هنا على الاستحباب. و هل على العبد دم لو جنى في إحرامه ما بلزمه؟ ذهب الشيخ بإلزامه به لو جنى بدون إذن مولاه، و يسقط الدم إلى بدله و هو الصوم . و ذهب المفيد إلى أنه في الصيد على السيد، و المحقق في المعتبر نص على أن الجنايات كلها على السيد و ليس على العبد شي.

ثمَّ يجاء به إلى الحرم و هو حيُّ؟ فقال: إذا أدخله إلى الحرم حرم عليه أكله و إمساكه، فلا تشتريَنَّ في الحرم إلّا مذبوحاً ذُبح في الحلِّ ثمَّ جيىء به إلى الحرم مذبوحاً، فلا بأس للحلال (1)

5- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة: أنَّ الحكم (2) سأل أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أُهدي له حمامة في الحرم مقصوصة؟ فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) انتفها و أحسن إليها،و أعلفها، حتّى إذا استوى ريشها فَخَلِّ سبيلها (3)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن مثنّى بن عبد السلام، عن كرب الصيرفيّ قال: كنّا جماعة فاشترينا طيراً، فقصصناه و دخلنا به مكّة، فغاب ذلك علينا أهل مكّة، فأرسل كرب إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فسأله، فقال: استودِعوه رجلاً من أهل مكّة مسلماً أو امرأة مسلمة، فإذا استوى خلّوا سبيله (4)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أصاب طيراً في الحرم و هو مُحِلّ فعليه القيمة، و القيمة درهم، يشتري به عَلَفاً لحمام الحرم (5)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن خلّاد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في رجل ذبح حمامة من حمام الحرم؟ قال: عليه الفداء، قلت: فيأكله؟ قال: لا، قلت: فيطرحه؟ قال: إذاً يكون عليه فداء آخر، قلت: فما يصنع به؟ قال: يدفنه (6)

ص: 232


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 226 بتفاوت. الاستبصار 2، 138- باب ما ذبح من الصيد في الحل هل ... ، ح 5 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 27 و قد روى ذيل الحديث فقط. و مضمونه مما لا خلاف فيه بين الأصحاب. يقول المحقق في الشرائع 292/1: ﴿و لو ذبح المحلّ في الحرم صيداً كان ميتة، و لو ذبحه في الحل و أدخله الحرم لم يحرم على المُجلّ و يحرم على المحرم﴾.
2- هو ابن عُتيبة كما صرح به في التهذيب.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 10 بتفاوت. التهذيب 5، نفس الباب، ح 120 بتفاوت أيضاً. و أخرجه عنه عن صفوان عن معاوية بن عمار قال: قال الحكم بن عتيبة: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 13 بتفاوت قليل. التهذيب 5، نفس الباب، ح 121 بتفاوت قليل.
5- ويدل على ما عليه المشهور عندنا من أن قيمة الطائر الشرعية درهم و على ما ذكر الأصحاب من وجوب شراء علف لحمام الحرم به. و الحديث صحيح
6- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 232. الاستبصار 2، 139- باب تحريم ما يذبحه المحرم من الصيد، ح 7. الفقيه 2، 65- باب تحريم صيد الحرم وحكمه، ح 7. و إنما نهى عن أكل ما يذبحه المحرم لأنه في حكم الميتة كما دلّت عليه الروايات، كما دل الحديث على عدم جواز الأكل منه و عدم جواز طرحه أيضاً و وجوب دفنه. و قد استدل الشهيد في الدروس بهذه الرواية على وجوب دفن المحرم لما صاده، و على تضاعف الجزاء لو فعل غير ذلك كما عمل بمضمونه كثير من الأصحاب، و إن حمل البعض الأمر بالدفن في بعض الروايات على الاستحباب. و قد تقدم.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل خرج بطير من مكّة إلى الكوفة؟ قال: يردُّه إلى مكّة (1)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في الحمامة درهم، و في الفرخ نصف درهم، و في البيضة ربع درهم (2)

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ابن بكير قال: سألت أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أصاب طيراً في الحلِّ، فاشتراه فأدخله الحرم فمات؟ فقال: إن كان حين أدخله الحرم خلّى سبيله فمات، فلا شيء عليه، و إن كان أمسكه حتّى مات عنده في الحرم، فعليه الفداء (3)

12- أبو عليّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (4) عن رجل رمى صيداً في الحلِّ فمضى برميته حتّى دخل الحرم فمات، أعليه جزاؤه؟ قال: لا، ليس عليه جزاؤه، لأنّه رمى حيث رمى

ص: 233


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 24. التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 266 بتفاوت و زيادة في آخره و أخرجه عن علي بن جعفر عن موسى بن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و مما لا خلاف بين الأصحاب ظاهراً على أن كل من أخرج صيداً من الحرم يجب عليه ردّه إليه، و حكموا بضمانه له لو تلف قبل ذلك، بلا فرق بين الطير و غيره. و الحديث حسن.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و ...، ح 109. الاستبصار 2، 127- باب من قتل حمامة أو فرخها أو ... ، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 29 بتفاوت و أخرجه عن عبد الرحمن بن الحجّاج. هذا، و قد ذهب أصحابنا رضوان الله عليهم، إلى أن من قتل حمامة - و هي اسم لكل طائر يهدل و يعبّ الماء، وقيل: كل مطوّق- فعليه شاة إذا كان محرماً، و أما إذا كان محلاً فقتلها في الحرم فعليه درهم، و في فرخها للمحرم حَمَل، و للمحلّ في الحرم نصف درهم، و لو كان محرماً في الحرم اجتمع عليه الأمران الشاة و الدرهم، الأول لكونه محرماً و الثاني لكونه في الحرم. و في بيضها إذا تحرك الفرخ حَمَل، و قبل التحرك على المحرم درهم، و على المحلّ ربع درهم، و لو كان محرماً في الحرم لزمه درهم و ربع، و يستوي الأهلي و حمام الحرم في القيمة إذا قتل في الحرم، لكن يشترى بقيمة الحرمي علف لحمامه. فراجع الشرائع للمحقق 286/1. و اللمعة و شرحها 172/1 من الطبعة الحجرية.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 172 بتفاوت و السؤال فيه عن الظبي لا الطير. و في سنده بكير بن أعين، بدل: ابن بكير. و الحديث ضعيف على المشهور، و عليه فتوى الأصحاب
4- في كل من التهذيب و الفقيه: عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

و هو له حلال، إنّما مَثَل ذلك مَثَل رجل نصب شَرَكاً في الحلِّ إلى جانب الحرم، فوقع فيه صيد، فاضطرب الصيد حتّى دخل الحرم، فليس عليه جزاؤه، لأنّه كان بعد ذلك شيء، فقلت: هذا القياس عند الناس؟ فقال: إنّما شبّهت لك شيئاً بشيء (1)

13- صفوان بن يحيى، عن زياد أبي الحسن الواسطيِّ، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته، عن قوم قفلوا على طائر من حمام الحرم الباب، فمات؟ قال: عليهم بقيمة كلِّ طير درهم [نصف] يعلف به حمام الحرم (2)

14- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجلٍ حِلٌّ في الحرم رمى صيداً خارجاً من الحرم فقتله؟ قال عليه الجزاء، لأنَّ الآفة جاءته من قِبَل الحرم؛ قال: و سألته عن رجل رمى صيداً خارجاً من الحرم في الحلِّ فتحامل الصيد حتّى دخل الحرم؟ فقال: لحمه حرامٌ مثلُ الميتة (3)

15- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول في حمام مكّة الطير الأهليّ غير حمام الحرم: من ذبح طيراً منه و هو غير محرم فعليه أن يتصدَّق بصدقة أفضل من ثمنه، فإن كان محرماً فشاة عن كلِّ طير (4)

16- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: أرسلت إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ أخاً لي اشترى حماماً من المدينة، فذهبنا بها إلى مكّة، فاعتمرنا و أقمنا إلى

ص: 234


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 12 بتفاوت. التهذيب 5، نفس الباب، ح 165 بتفاوت. و هل يجوز قتل صيد يؤم الحرم؟ قال الشيخ و جماعة إلى القول بالحرمة و ابن إدريس و أكثر المتأخرين على الكراهة. و الأشهر عند أصحابنا عدم الضمان لو أصابه في الحل فمات في الحرم كما نص عليه في هذا الخبر، و هو صحيح.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و ... ، ح 130 بتفاوت. و أخرجه بسنده عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 169 و رواه إلى قوله: من ناحية الحرم. و روى بقية الحديث برقم 163 من نفس الباب بتفاوت يسير، و كذلك روى الذيل في الاستبصار 2، 132- باب من رمی صيداً يؤم الحرم، ح 2. يقول المحقق في الشرائع 291/1: ﴿و هل يحرم (الصيد على المُحِلّ) و هو (أي الصيد) يؤم الحرم؟ قيل: نعم، وقيل: يكره، و هو الأشبه، لكن لو أصابه و دخل الحرم فمات، ضمنه، و فيه تردد﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 117 بتفاوت. الفقيه 2، 65 - باب تحريم صيد الحرم و حكمه، ح 17 بتفاوت أيضاً. و قوله: بصدقة أفضل من ثمنه: لعل المراد به ما فوق الدرهم نظراً إلى الروايات التي حددت قيمة كل طير درهماً، أو نفس الدرهم بناءً على أنه أكثر من قيمة الحمامة في زمانهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

الحجِّ، ثمَّ أخرجنا الحمام معنا من مكّة إلى الكوفة، فعلينا في ذلك شيء؟ قال للرسول: إنّي أظنّهنَّ كُنَّ فَرْهَة (1)، قال له: يذبح مكان كلِّ طير شاة (2)

17- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن إبراهيم بن ميمون قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) رجل نتف حمامة من حمام الحرم؟ قال: يتصدَّق بصدقة على مسكين، و يعطي باليد الّتي نتف بها، فإنّه قد أوجعه (3)

18- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) : أُهدي لنا طائر مذبوح بمكّة، فأكله أهلنا؟ فقال: لا يرى به أهل مكّة بأساً، قلت: فأيُّ شيء تقول أنت؟ قال: عليهم ثمند (4)

19- بعض أصحابنا، عن أبي جرير القميّ قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نشتري الصّقور فندخلها الحرم، فلنا ذلك؟ فقال: كلُّ ما أُدخل الحرم من الطير ممّا يصفّ جناحه فقد دخل مأمنه، فخلِّ سبيله.

20- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن يزيد بن خليفة قال: كان في جانب بيتي مكتل فيه بيضتان من حمام الحرم، فذهب الغلام يكبّ المكتل و هو لا يعلم أنَّ فيه بيضتين، فكسرهما، فخرجت، فلقيتُ عبد الله بن الحسن، فذكرت ذلك له، فقال: تصدَّق بكفّين من دقيق، قال: ثمَّ لقيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعد فأخبرته، فقال: ثمن طيرين تعلف به حمام الحرم، فلقيت عبد الله بن الحسن فأخبرته، فقال: صَدَقَكَ، حدِّث به، فإنّما أخذه عن آبائه (5)

ص: 235


1- أي حسنة نفيسة، وقيل: حاذقة في إيصال الرسائل لأنهن من الحمام الزاجل.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 127 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 8 بتفاوت يسير. و إنما وجب عليه في كل طير دم لأنه لا يجوز له إخراجه بعد إدخاله الحرم بل يجب عليه إرساله.
3- الفقيه 2، 65- باب تحريم صيد الحرم و حكمه، ح 14. التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و ... ، ح 123 بتفاوت. و قد أوجب في الحديث أن تكون الصدقة بنفس اليد الجانية، و لم يحدد مقدار الصدقة و لا نوعها، و يقول المحقق في الشرائع 292/1 : ﴿و من نتف ريشة من حمام الحرم كان عليه صدقة، و يجب أن يسلمها بتلك اليد﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 224. الاستبصار 2، 138- باب ما ذبح من الصيد في الحل هل ...، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 15.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 155 بتفاوت. الاستبصار 2، 13- باب المحرم يكسر بيض الحمام، ح 2 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب. ح 20. يقول المحقق في الشرائع 286/1: ﴿و في بيضها- أي الحمامة- إذا تحرك الفرخ حَمَل، و قبل التحرك على المحرم درهم وعلى المحل ربع درهم و لو كان محرماً في الحرم لزمه درهم و ربع ، و يستوي الأهلي و حمام الحرم في القيمة إذا قتل في الحرم، لكن يشترى بقيمة الحرمي علف لحمامه﴾.

21- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و أبو عليّ الأشعريّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن فرخَين مُسَرْوَلَين ذبحتهما و أنا بمكّة؟ فقال لي: لِمَ ذبحتَهُما؟ فقلت: جاءتني بهما جارية من أهل مكّة، فسألتني أن أذبحهما، فظننت أنّي بالكوفة، و لم أذكر الحرم، فقال: عليك قيمتهما، قلت: كم قيمتهما؟ قال: درهم، و هو خير منهما (1)

22- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة، عن داود بن فَرْقَد قال: كنا عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمكّة و داوود بن عليّ بها، فقال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال لي داوود بن عليِّ: ما تقول يا أبا عبد الله في قماري اصطدناها و قصّيناها؟ فقلت: تُنْتَف و تُعلف، فإذا استوت خُلّيَ سبيلها.

23- أحمد، عن الحسن، عن عليِّ بن النعمان، عن سعد بن عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن بيضة نعامة أُكلت في الحرم؟ قال: تصدَّق بثمنها (2)

24- الحسين بن محمد، عن معلّي بن محمد، عن الوشّاء، عن مثنّى قال: خرجنا إلى مكّة، فاصطادت النساء قمريّة من قماري أَمَج (3) حيث بلغنا البريد، فنتفت النساء جناحيه، ثمَّ دخلوا بها مكّة، فدخل أبو بصير على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فأخبره، فقال: تنظرون امرأة لا بأس بها فتعطونها الطير تعلفه و تمسكه، حتّى إذا استوى جناحاه خلّته (4)

25- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى، عن عمران الحلبيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ): ما يكره (5) من الطير؟ فقال: ما صَفٌ على رأسك.

ص: 236


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و ... ، ح 113. الاستبصار 2، 127- باب من قتل حمامة أو فرخها أو ... ، ح 5. و في ذيلهما: درهم خير من ثمنهما. الفقيه 2، 65- باب تحريم صيد الحرم و حكمه، ح 23. و قوله: مُسَرِولين: أي في أرجلهما ريش كأنه السروال. و قد دل الحديث على أن النسيان غير مسقط للكفارة في الصيد، و كذلك الجهل. يقول الشهيدان: ﴿و لا كفارة على الجاهل و الناسي في غير الصيد و أما فيه فتجب مطلقاً حتى على غير المكلف، بمعنى اللزوم في ماله أو على الولي﴾. و قال المحقق في الشرائع 298/1: ﴿تسقط الكفارة عن الجاهل و الناسي و المجنون إلا في الصيد فإن الكفارة تلزم و لو كان سهوا﴾.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 28.
3- أَمَج: ذكر الجزري أنه موضع بين مكة و المدينة.
4- هذا، و قد اتفق أصحابنا على عدم جواز قتل القماري و الدباسي و لا أكلهما للمحرم و اختار الشيخ في النهاية حواز شرائهما و إخراجهما من الحرم و هو خلاف ما عليه أكثر المتأخرين.
5- المقصود بالكراهة هنا الحرمة.

26- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن البرقيّ، عن داوود بن أبي يزيد العطّار، عن أبي سعيد المكاريِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجل قتل أسداً في الحرم؟ قال: عليه كبش يذبحه (1)

27- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن بكير ابن أعين، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أصاب ظَبياً في الحِلّ فاشتراه فأدخله الحرم، فمات الظبي في الحرم فقال: إن كان حين أدخله الحرم خلّى سبيله فمات، فلا شيء عليه، و إن كان أمسكه حتّى مات عنده في الحرم، فعليه الفداء (2)

28- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي نصر قال: أخبرني حمزة بن اليسع قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الفهد يُشترى بمنى و يُخْرَج به من الحرم؟ فقال: كلّ ما أُدخل الحرم من السبع مأسوراً فعليك إخراجه (3)

29- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنه سئل عن شجرة أصلها في الحرم و أغصانها في الحلّ، على غصن منها طائر رماه رجل فصرعه؟ قال: عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم (4)

30- عليُّ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن عبد الأعلى بن أعين قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أصاب صيداً في الحلِّ، فربطه إلى جانب الحرم، فمشى الصيد برباطه حتّى دخل الحرم و الرّباط في عنقه، فأجَرَّه الرَّجل بحبله حتّى أخرجه من الحرم، و الرَّجل في الحلّ؟ فقال: ثمنه و لحمه حرام مثل الميتة (5)

ص: 237


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و ... ، ح 188. الاستبصار 2، 134- باب من قتل سَبُعاً، ح 5. و يقول المحقق في الشرائع 283/1: ﴿و لا كفارة في قتل السباع ماشية كانت أو طائرة إلا الأسد، فإن على قاتله كبشاً إذا لم يُرده على رواية فيها ضعف﴾. و قال في صفحة 284: ﴿و لا بأس بقتل الأفعى و العقرب و الفأرة، و برمي الحدأة و الغراب رميا، و لا بأس بقتل البرغوث ...﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 172 بتفاوت.
3- الفقيه 2، 66- باب ما يجوز أن يذبح في الحرم و ... ، ح 6 بتفاوت مرسلاً. التهذيب 5، نفس الباب، ح 194 بتفاوت و سند مختلف.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 260.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 167. و إنما حرم لحمه و ثمنه لحرمة إخراجه من الحرم بعد أن دخل فيه، و إذا تلف في هذه الحال ضمنه بل يجب عليه رده إلى الحرم بعد اجتراره منه، و هذا هو المشهور بين أصحابنا، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 291/1 و غيره.

148- باب لقطة الحرم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): اللّقطة لقطتان: لقطة الحرم، تُعرف سنة، فإن وجدت صاحبها و إلّا تصدَّقت بها، و لُقَطة غيرها تعرِّف سنة، فإن جاء صاحبها و إلّا فهي كسبيل مالك (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يجد اللّقطة في الحرم؟ قال: لا يمسّها، و أمّا أنت فلا بأس لأنّك تُعَرِّفها.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن فضيل بن غزوان قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال له الطيّار: إنّي وجدت ديناراً في الطواف قد انسحق كتابته؟ فقال هو له (2)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن رجاء الأرجانيّ قال: كتبت إلى الطيّب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3): إني كنت في المسجد الحرام، فرأيت ديناراً، فأهويت إليه لآخذه، فإذا أنا بآخر، ثمَّ بحثت الحصا فإذا أنا بثالث، فأخذتها فعرَّفتها فلم يعرفها أحد، فما ترى في ذلك؟ فكتب: فهمت ما ذكرت من أمر الدَّنانير، فإن كنت محتاجاً فتصدَّق بثلثها، و إن كنتَ غنيّاً فتصدّق بالكلِّ (4)

ص: 238


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 110 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 55. و قد تضمن هذا الحديث حكم لقطة الحرم و غيره، و إنهما مشتركان في وجوب التعريف سنة، و لكنهما تفترقان في النتيجة حيث لا يجوز تملّك لقطة الحرم أبداً من قبل الملتقط بعد انتهاء مدة التعريف عكس لقطة غير الحرم. يقول الشهيدان (رحمة الله علیه) عند كلامهما على لقطة الحرم: ﴿و ليس له (أي للملتقط) تملكه قبل التعريف و لا بعده بل يتصدق به بعد التعريف حولاً عن مالكه سواء قَلَّ أم أكثر ...﴾.
2- التهذيب 6، 94- باب اللقطة و الضّالة، ح 27 و فيه: فقال له الطيار: إن ابني حمزة وجد ... الخ، فقال: هو له. و الحديث مجهول.
3- في التهذيب: كتبت إليه. و الظاهر- بقرينة كون الكاتب هو محمد بن رجاء- أن المقصود بالطيب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) الإمام الهادي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأنه من أصحابه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 28 بتفاوت. الفقيه 3، 90- باب اللقطة و الضالة،ح 5. ﴿احتج الشيخ بهذا الخبر على أنه إن كان له حاجة إليها يجوز تملّك ثلثيها و التصدق بالباقي، و أنكره العلّامة، و يمكن أن يقال: مع احتياجه يكون من مصارف الصدقة فيكون التصدق بالثلث محمولاً على الاستحباب، لكن الظاهر من كلامهم وجوب التصدق على غيره، إلا أن يقال: في تلك الواقعة لما رفع أمرها إلى الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فيجوز أن يتصدق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) به عليه و على غيره فيكون مخصوصاً بتلك الواقعة﴾ مرآة المجلسي، 17/ 99- 100. و قد دل الحديث على جواز أخذ لقطة الحرم، و هو ما ذهب إليه كثير من فقهائنا (رحمة الله علیه) و إن مع الكراهة و منهم الشهيد الأول في الدروس و الشهيد الثاني في الروضة و قوّاه و المحقق (رحمة الله علیه) في الشرائع و غيرهم.

149- باب فضل النظر إلى الكعبة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة قال: كنت قاعداً إلى جنب أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو محتبٍ (1) مستقبلَ الكعبة، فقال: أما إنَّ النظر إليها عبادة، فجاءه رجلٌ من بجيلة يقال له عاصم بن عمر، فقال لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ كعب الأحبار كان يقول: إنَّ الكعبة تسجد لبيت المقدس في كلِّ غداة؟ فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فما تقول فيما قال كعب؟ فقال: صَدَق، القول ما قال كعب، فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كذبتَ و كذب كعب الأحبار معك، و غضب؛ قال زرارة: ما رأيته استقبل أحداً بقول: كذبتَ، غيره ، ثمَّ قال: ما خلق الله عزَّ و جلَّ بقعة في الأرض أحبُّ إليه منها- ثمَّ أو مأ بيده نحو الكعبة-، و لا أكرم على الله عزَّ و جلَّ منها، لها حرَّم الله الأشهر الحُرُم في كتابه يوم خلق السماوات و الأرض، ثلاثة متوالية للحجِّ: شوَّال و ذو القعدة و ذو الحجّة، و شهر مفرد للعمرة [و هو] رجب (2)

2- و بهذا الإسناد، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله تبارك و تعالى حَوْلَ الكعبة عشرين و مائة رحمة، منها ستّون للطائفين، و أربعون للمصلّين، و عشرون للناظرين (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله الخزّاز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّ للكعبة للحظة في كلِّ يوم، يغفر لمن طاف بها، أو حَنَّ قلبه إليها، أو حَبَسَهُ عنها عذر (4)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن عليّ، عن ابن رباط، عن سيف التمار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من نظر إلى الكعبة، لم يزل تكتب له

ص: 239


1- يقول ابن الأثير في نهايته 335/1: الإحتباء: هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره و يشدّه عليهما، و قد يكون الإحتباء باليدين عوض الثوب.
2- روى جزءاً منه من قوله: ما خلق الله ... إلى قوله: يوم خلق السماوات و الأرض، في الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 9.
3- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 15 و رواه مرسلاً.
4- الحديث مجهول.

حسنة و تُمحى عنه سيّئة حتّى ينصرف ببصره عنها (1)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: النظر إلى الكعبة عبادة، و النظر إلى الوالدين عبادة، و النظر إلى الإمام عبادة؛ و قال: من نظر إلى الكعبة كُتبت له حسنة و مُحيت عنه عشر سيّئات.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من نظر إلى الكعبة بمعرفة، فعرف من حقّنا و حرمتنا مثل الّذي عرف من حقّها و حرمتها، غفر الله له ذنوبه، و كفاه همَّ الدُّنيا و الآخرة (2)

150- باب في من رأى غريمه في الحرم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن شاذان بن الخليل أبي الفضل، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل لي عليه مال، فغاب عنّي زماناً، فرأيته يطوف حول الكعبة، أَفَأَتَقَاضاه مالي؟ قال: لا، لا تسلّمْ عليه و لا تروِّعْه حتّى يخرج من الحرم (3)

151- باب ما يُهْدى إلى الكعبة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز قال : أخبرني ياسين قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ قوماً أقبلوا من مصر، فمات منهم رجلٌ، فأوصى بألف للكعبة، فلمّا قدم الوصيُّ مكّة، سأل، فدلّوه على بني شيبة، فأتاهم فأخبرهم الخبر، فقالوا: قد برءت ذمّتك ادفعها إلينا، فقام الرَّجل فسأل الناس ، فدلّوه على أبي جعفر محمد بن علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فأتاني فسألني، فقلت له: إنَّ الكعبة غنيّة عن هذا انظر، إلى من أَمَّ هذا البيت فقُطِعَ به، أو ذهبت نفقته، أو ضلّت راحلته، أو عجز أن يرجع إلى أهله، فادفعها

ص: 240


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5 بتفاوت يسير. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 4 و فيه: ... ذنوبه كلها. و الحديث مجهول.
3- الحديث مجهول. و قد فصّل علي بن بابويه، رحمه الله- فيما حكي عنه- بين ما إذا كان قد أدائه في الحرم فتجوز المطالبة و بين غير الحرم فلا تجوز. و قال في المختلف بكراهة المطالبة لمن أدائه في الحرم و إلا فلا.

إلى هؤلاء الّذين سمّيتُ لك، فأتى الرَّجل بني شيبة، فأخبرهم بقول أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقالوا: هذا ضالٌّ مبتدع، ليس يؤخذ عنه، و لا علمَ له، و نحن نسألك بحقِّ هذا، و بحقِّ كذا و كذا لَمَا أبلغته عنّا هذا الكلام، قال: فأتيتُ أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت له: لقيت بني شيبة فأخبرتهم، فزعموا أنك كذا و كذا، و أنّك لا علمَ لك، ثمَّ سألوني بالعظيم إلّا بلّغتك ما قالوا، قال: و أنا أسألك بما سألوك لَمَا أتيتهم فقلتَ لهم: إنَّ من علمي أن لو وُلّيتُ شيئاً من أمر المسلمين لقطّعت أيديهم ثمَّ علّقتها في أستار الكعبة، ثُمَّ أقمتهم على المِصْطبّة (1)، ثمَّ أمرت منادياً ينادي: أَلَا إِنَّ هؤلاء سرَّاق الله فاعرفوهم (2)

2- محمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه ابن الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل جعل جاريته هَدْياً للكعبة، كيف يصنع؟ قال: إنَّ أبي أتاه رجل قد جعل جاريته هدياً للكعبة، فقال له: قوِّم الجارية أو بعها ، ثمَّ مُر منادياً يقوم على الحِجر فينادي: الا من قصرت به نفقته أو قطع به طريقه أو نقد به طعامه فليأت فلان بن فلان، و مُرْه أن يعطي أوَّلاً فأوَّلاً حتّى ينفد ثمن الجارية (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن أَبَان، عن أبي الحرِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: إِنِّي أَهْدَيْتُ جارية إلى الكعبة، فأُعطِيتُ بها خمس مائة دينار، فما ترى؟ قال: بِعها، ثمَّ خذ ثمنها، ثمَّ قم على حائط الحجر، ثمَّ ناد، و أعْط كلَّ منقَطَع به و كلَّ محتاج من الحاجّ (4)

4- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحسن الميثميّ، عن أخو به محمد و أحمد؛ عن عليِّ بن يعقوب الهاشميِّ، عن مروان بن مسلم، عن سعيد بن عمرو الجعفيِّ، عن رجل من أهل مصر قال: أوصى إليَّ أخي بجارية كانت له مغنّية فارهة (5)، و جعلها هدياً لبيت الله الحرام، فقدمت مكّة فسألت، فقيل: ادفعها إلى بني شيبة، وقيل لي غير ذلك من القول، فاختلف عليَّ فيه، فقال لي رجل من أهل المسجد: ألا أُرشدك إلى من يرشدك في هذا إلى الحقِّ؟ قلت: بلى، قال: فأشار إلى شيخ جالس في المسجد فقال: هذا جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فسَلْه، قال: فأتيته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فسألته، و قصصت عليه القصّة، فقال: إنَّ الكعبة لا تأكل و لا تشرب،

ص: 241


1- المِصْطَبَة: دكّة تجعل للجلوس عليها.
2- التهذيب 9، 16- باب الوصية المبهمة، ح 18.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 364 بتفاوت.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 380 و في سنده: عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، بدل: عن أبي الحر. و الحديث مجهول.
5- فارهة أي نشطة، أو حاذقة.

و ما أُهدي لها فهو لزوَّارها، بع الجارية و قم على الحجر فنادِ: هل من منقطع به، و هل من محتاج من زوَّارها، فإذا أتوك فسل عنهم و أعطهم، و أقسم فيهم ثمنها، قال: فقلت له: إنَّ بعض من سألته أمرني بدفعها إلى بني شيبة؟ فقال: أما إنَّ قائمنا لو قد قام، لقد أخذهم و قطع أيديهم و طاف بهم، و قال: هؤلاء سُرَّاق الله (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبي عبد الله البرقي ، عن بعض أصحابنا قال: دَفَعَتْ إلىَّ امرأة غَزْلاً فقالت: ادفعه بمكّة ليخاط به كسوة الكعبة، فكرهت أن أدفعه إلى الحَجَبة- و أنا أعرفهم-، فلمّا صرت بالمدينة، دخلت على أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)فقلت له: جُعِلْتُ فِداك: إِنَّ امرأة أعطتني غزلاً و أمرتني أن أدفعه بمكّة ليخاط به كسوة الكعبة، فكرهت أن أدفعه إلى الحَجَبة ؟ فقال: اشترِ به عَسَلاً و زعفراناً، و خذ طين قبر أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أعجنه بماء السماء، و اجعل فيه شيئاً من العسل و الزَّعفران، و فرِّقه على الشيعة ليداووا به مَرْضاهم (2)

152- باب في قوله عزَّ و جلَّ: ﴿سَوَاءً الْعَاکِفُ فِیهِ وَ الْبَادِ﴾

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ معاوية أوَّل من علّق على بابه مصراعين بمكّة، فمنع حاجَّ بيت الله ما قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿سَوَاءً الْعَاکِفُ فِیهِ وَ الْبَادِ﴾ (3) و كان الناس إذا قدموا مكّة، نزل البادي على الحاضر حتّى يقضي حجّه، و كان معاوية صاحب السلسلة الّتي قَالَ اَللَّهُ تعالی: ﴿فِی سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُکُوهُ * إِنَّهُ کانَ لا یُؤْمِنُ بِاللّهِ اَلْعَظِیمِ﴾ (4)، و كان فرعونَ هذه الأُمّة (5)

ص: 242


1- التهذيب 9، 16- باب الوصية المبهمة، ح 19. و الحديث مجهول. هذا، و يظهر من مجمل أخبار هذا الباب، وجوب صرف ما يوصى به للكعبة في معونة الحاج و الزائرين، و ما يظهر من كلمات الأصحاب في المقام وجوب صرفه في مصالح الكعبة و عند الاستغناء يصار إلى صرف المال الموصى به في معونة الزائرين و الحجّاج و المجاورين فيها، و عليه فيمكن الجمع بين ظاهر الخبرين و ظاهر ما عليه الأصحاب و قد الحق الأصحاب بالكعبة جميع المقامات الشريفة من حيث الحكم الذي ذكرناه.
2- الحديث مرسل. و قد روى بمضمون هذه الأحاديث الصدوق في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ح 5 و صدر ح 6.
3- الحج/25. و الباد: أصلها: البادي، من بدا، أي خرج إلى البادية أو أقام بها، و أريد بالعاكف و الباد: المقيم و الطارىء.
4- الحافّة/32 و 33.
5- روى بمعناه في الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ح 7. و كذا في التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 104 و 261.

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لم يكن لدور مكّة أبواب، و كان أهل البلدان يأتون بقُطُراتهم (1)، فيدخلون فيضربون بها (2)، و كان أوَّل من بوَّبها معاوية.

153- باب حجّ النبي صلى الله عليه و آله

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لم يحجَّ النّبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بعد قدومه المدينة إلّا واحدةً، و قد حجَّ بمكّة مع قومه حجّات (3)

2- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن عيسى الفرَّاء، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حجّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عشر حجّات مُسْتَسِرٌّا في كلّها، يمرُّ بالمأزِمَين فينزل و يبول (4)

3- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن يونس بن يعقوب، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حجَّ رسول

الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عشرين حجّة (5)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أقام بالمدينة عشر سنين لم يحجَّ، ثمَّ أنزل الله عزَّ و جلَّ عليه: ﴿وَ أَذِّنْ فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ یَأْتُوکَ رِجَالًا وَ عَلَی کُلِّ ضَامِرٍ یَأْتِینَ مِنْ کُلِّ فَجٍّ عَمِیقٍ﴾ (6) فأمر المؤِّذنين أن يؤذِّنوا بأعلى أصواتهم بأنَّ

ص: 243


1- قال في مصباح اللغة: القطار من الإبل: عدد على نسق واحد، و الجمع: قُطُر، و القُطُرات: جمع الجمع.
2- أي خيمهم.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 189 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 188 بتفاوت يسير، و كرره برقم 236 من نفس الباب. الفقيه 2، 63- باب نكت من حج الأنبياء و ... ، ح 17. و فيهما: عشرين حجةً و المأزِم: كل طريق ضيق بين جبلين، و منه سمّي الموضع الذي بين المشعر و عرفة بالمأزمين. و قوله: مستسراً؛ أي مستتراً عن الناس لله. و الوجه في إسراره بالحج كما قيل إما للنسيء حيث كانوا يأتون به غالباً في غير شهره و موعده. أو للاختلاف في بعض أعماله كالموقف. و الحديث مجهول.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 186. و كرره برقم 238 من نفس الباب. و يمكن الجمع بين هذا و ما تضمن العشر حجّات بحمل العشر على ما فعله مستسراً و العشرين على الأعم. و الله العالم.
6- الحج/27.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يحجُّ في عامه هذا، فعلم به من حضر المدينة، و أهلُ العوالي، و الأعراب، و اجتمعوا لحجِّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و إنّما كانوا تابعين، ينظرون ما يؤمرون و يتبعونه، أو يصنع شيئاً فيصنعونه، فخرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في أربع بقين من ذي القعدة، فلمّا انتهى إلى ذي الحُلَيفة زالت الشَّمس، فاغتسل ثمَّ خرج حتّى أتى المسجد الّذي عند الشجرة فصلّى فيه الظّهر، و عزم بالحجِّ مُفْرِداً، و خرج حتّى انتهى إلى البيداء عند الميل الأوَّل فصفٌ له سماطان (1) فلبّى بالحجِّ مفرِداً، و ساق الهدي ستّاً و ستّين أو (2) أربعاً و ستّين، حتّى انتهى إلى مكّة في سَلْخِ أربع من ذي الحجّة، فطاف بالبيت سبعة أشواط، ثمَّ صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ عاد إلى الحجر فاستلمه و قد كان استلمه في أوَّل طوافه، ثمَّ قال : إنَّ الصّفا و المروة من شعائر الله، فأبدء بما بدء الله تعالى به، و إنَّ المسلمين كانوا يظنّون أنَّ السّعي بين الصّفا و المروة شيء صنعه المشركون، فأنزل الله عزَّ و جلَّ: ﴿إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَیْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَیْهِ أَنْ یَطَّوَّفَ بِهِما﴾ (3) ثمَّ أتى الصّفا فصعد عليه، و استقبل الرُّكن اليمانيٌ فحمد الله و أثنى عليه، و دعا مقدار ما يقرء سورة البقرة مترسّلاً، ثمَّ انحدر إلى المروة فوقف عليها كما وقف على الصّفا، ثمَّ انحدر و عاد إلى الصّفا فوقف عليها، ثمَّ انحدر إلى المروة حتّى فرغ من سعيه، فلمّا فرغ من سعيه و هو على المروة، أقبل على النّاس بوجهه فحمد الله و أثنى عليه، ثمَّ قال: إِنَّ هذا جبرئيل- و أو مأ بيده إلى خلفه- يأمرني أن آمر من لم يَسُقُ هدياً أن يُحِلَّ، و لو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم و لكنّي سقت الهدي، و لا ينبغي لسائق الهدي أن يحلّ حتّى يبلغ الهدي محِلّه؛ قال: فقال له رجل من القوم: لنخرجنَّ حجّاجاً و رؤوسنا و شعورنا تقطر، فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): أما إنّك لن تؤمن بهذا أبداً؛ فقال له سراقه بن مالك بن جعشم الكنانيّ: يا رسول الله، عَلّمنا ديننا كأنّا خُلقنا اليوم، فهذا الّذي أمرتنا به لعامنا هذا أم لما يستقبل؟ فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): بل هو للأبد إلى يوم القيامة، ثمَّ شبّك أصابعه و قال: دخلت العمرة في الحجِّ إلى يوم القيامة، قال: و قدم عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من اليمن على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و هو بمكّة، فدخل على فاطمة سلام الله عليها و هي قد أحلّت، فوجد ريحاً طيّبةً و وجد عليها ثياباً مصبوغة، فقال: ما هذا يا فاطمة؟ فقالت: أمرنا بهذا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ، فخرج عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مستفتياً، فقال: يا رسول الله، إنّي رأيت فاطمة قد أحلّت و عليها ثياب مصبوغة؟ فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): أنا أمرت النّاس بذلك، فأنت يا علي بما أهلَلْتَ؟ قال: يا

ص: 244


1- أي صَفّان من الناس.
2- الترديد من الراوي.
3- البقرة/158.

رسول الله، إهلالاً كإهلال النبيِّ، فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): قرّ على إحرامك مثلي و أنت شريكي في هَدْيِي، قال : و نزل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بمكّة بالبطحاء هو و أصحابه، و لم ينزل الدُّور، فلمّا كان يوم التّروية عند زوال الشّمس، أمر النّاس أن يغتسلوا و يُهلّوا بالحجّ، و هو قول الله عزَّ و جلَّ الّذي أنزل على نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ﴿فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ﴾ (1)، فخرج النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أصحابه مُهِلّين بالحجّ حتّى أتى منى، فصلّى الظّهر و العصر، و المغرب و العشاء الآخرة، و الفجر، ثمَّ غدا و النّاس معه، و كانت قريش تفيض من المزدلفة، و هي جُمَع، و يمنعون النّاس أن يفيضوا منها، فأقبل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و قريش ترجو أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون، فأنزل الله تعالى عليه ﴿ثُمَّ أَفِیضُواْ مِنْ حَیْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَ اسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ﴾ (2) يعني إبراهيم و إسماعيل و إسحاق في إفاضتهم منها و من کان بعدهم، فلمّا رأت قريش أنَّ قبّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قد مضت، كأنّه دخل في أنفسهم شيء للّذي كانوا يرجون من الإفاضة من مكانهم، حتّى انتهى إلى نَمِرَة، و هي بطن عُرَنَة بحيال الأراك، فضُربت قبّته و ضرب النّاس أخبيتهم عندها، فلمّا زالت الشمس، خرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و معه قريش و قد اغتسل، و قطع التّلبية حتّى وقف بالمسجد، فوعظ النّاس و أمرهم و نهاهم، ثمَّ صلّى الظهر و العصر بأذان و إقامتين، ثمَّ مضى إلى الموقف فوقف به، فجعل النّاس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جانبها، فنحّاها، ففعلوا مثل ذلك، فقال: أيّها الناس، ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف، و لكن هذا كلّه- و أو مأ بيده إلى الموقف-، فتفرَّق النّاس، و فعل مثل ذلك بالمزدلفة، فوقف النّاس حتّى وقع القرص- قرص الشَّمس-، ثمَّ أفاض و أمر النّاس بالدَّعَة، حتى انتهى إلى المزدلفة، و هو المشعر الحرام، فصلّى المغرب و العشاء الآخرة بأذان واحد و إقامتين، ثمَّ أقام حتّى صلّى فيها الفجر، و عجّل ضعفاء بني هاشم بليل، و أمرهم أن لا يرموا الجمرة- جمرة العقبة- حتّى تطلع الشّمس، فلمّا أضاء له النّهار، أفاض حتّى انتهى إلى منى، فرمي جمرة العقبة، و كان الهدي الّذي جاء به رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أربعة و ستّين أو (3) ستّة و ستّين، و جاء عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بأربعة و ثلاثين أو (4) ستّة و ثلاثين، فنحر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ستّة و ستّين و نحر عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أربعة و ثلاثين بدنة، و أمر، رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن يؤخذ من كلِّ بدنة منها جُذْوَة (5) من لحم، ثمَّ تطرح في برمة (6)، ثمّ تطبخ،

ص: 245


1- آل عمران/95.
2- البقرة/199.
3- الترديد في كلا الموضعين من الراوي.
4- الترديد في كلا الموضعين من الراوي.
5- الجذوة: القطعة.
6- البُرمة: القدر من الحجارة.

فأكل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و عليّ و حَسَيا (1) من مرقها، و لم يعطيا الجزَّارين جلودها و لا جلالها و لا قلائدها و تصدَّق به، و حلق و زار البيت، و رجع إلى منى و أقام بها حتّى كان اليوم الثّالث من آخر أيّام التّشريق، ثمَّ رمي الجمار، و نفر حتّى انتهى إلى الأبطح ، فقالت له عائشة: يا رسول الله، ترجع نساؤك بحجّة و عمرة معاً و أرجع بحجّة (2)؟ فأقام بالأبطح، و بعث معها عبد الرَّحمن بن أبي بكر إلى التّنعيم (3)، فأهلّت بعمرة، ثمَّ جاءت و طافت بالبيت، و صلّت ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، وسعت بين الصّفا و المروة، ثمّ أتت النّبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فارتحل من يومه و لم يدخل المسجد الحرام، و لم يطف بالبيت، و دخل من أعلى مكّة من عقبة المدنيّين، و خرج من أسفل مكّة من ذي طُوى (4)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن همّام، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أخذ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين غدا من منى في طريق ضَبّ، و رجع ما بین المأزمين، و كان إذا سلك طريقاً لم يرجع فيه (5)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين حجَّ حجّة الإسلام، خرج في أربع بقين من ذي القعدة، حتّى أتى الشّجرة، فصلّى بها، ثمَّ قاد راحلته حتّى أتى البيداء، فأحرم منها، و أهل بالحجِّ ، و ساق مائة بدنة و أحرم النّاس كلّهم بالحجِّ لا ينوون عمرة، و لا يدرون ما المتعة، حتّى إذا قدم رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مكّة، طاف بالبيت و طاف النّاس معه، ثمَّ صلّى ركعتين عند المقام، و استلم الحجر، ثمَّ قال: أبدء بما بدء الله عزَّ و جلَّ به، فأتى الصّفا فبدء بها، ثمَّ طاف بين الصّفا و المروة سبعاً، فلمّا قضى طوافه عند المروة، قام خطيباً، فأمرهم أن يحلّوا و يجعلوها عمرة، و هو شيء أمر الله عزَّ و جلَّ به، فأحلَّ النّاس، و قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم، و لم يكن يستطيع أن يحلّ من أجل الهدي الّذي كان معه، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ

ص: 246


1- حَسَيا حسواً: أي أخذ كل منهما منها جرعة ملء الفم.
2- إنما فاتتها العمرة لأنها كانت قد اعتلّت بالحيض.
3- التنعيم: موضع على أربعة أميال من مكة.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 234 بتفاوت. كما روى بعضه تحت رقم 3 من الباب 4 من نفس الجزء من التهذيب. و أخرج أجزاءاً منه في الفقيه 2، 63- باب نكت من حج الأنبياء و ... ، ضمن ح 15. و في 110- باب وجوه الحج، ح 9.
5- الفقيه 2، نفس الباب ، ح 16. وضَبٌ: جبل قرب مسجد الخيف بمنى.

حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ (1) فقال سراقة بن مالك بن جعشم الكنانيّ: يا رسول الله عَلّمنا كأنّا خُلقنا اليوم، أرأيت هذا الّذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لكلِّ عام؟ فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لا، بل للأبد الأبد. و إنّ رجلاً (2) قام فقال: يا رسول الله، نخرج حجّاجاً و رؤوسنا تقطر (3)؟! فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنّك لن تؤمن بهذا أبداً، قال: و أقبل عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من اليمن حتّى وافى الحجّ، فوجد فاطمة سلام الله عليها قد أحلّت، و وجد ريح الطّيب، فانطلق إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مستفتياً، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا عليُّ بأيِّ شيء أهللتَ؟ فقال: أهللتُ بما أهلَّ النّبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: لا تحلّ أنت فأَشْرَكَهُ في الهدي و جعل له سبعاً و ثلاثين و نحر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ثلاثاً و ستّين، فنحرها بيده، ثمَّ أخذ من كلِّ بدنة بَضْعَةً فجعلها في قدر واحد، ثمَّ أمر به فطبخ، فأكل منه و حسا من المرق و قال: قد أكلنا منها الآن جميعاً؛ و المتعة خير من القارن السّائق، و خير من الحاجِّ المفرِد . قال: و سألته (4): أليلاً أحرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أم نهاراً؟ فقال: نهاراً: قلت: أيّة ساعة؟ قال: صلاة الظهر (5)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ذكر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) الحجَّ، فكتب إلي من بلغه كتابه ممّن دخل في الإسلام: أنَّ رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يريد الحجَّ يُؤْذِنُهُم بذلك ليحجَّ من أطاق الحجَّ، فأقبل النّاس، فلمّا نزل الشَّجرة، أمر النّاس بنتف الإبط و حلق العانة و الغسل و التجرُّد في إزار و رداء، أو إزار و عمامة يضعها على عاتقه، لمن لم يكن له رداء، و ذكر أنّه حيث لبّي قال: ﴿لَبَّیْکَ (6) اللَّهُمَّ لَبَّیْکَ، لَبَّیْکَ لَا شَرِیکَ لَکَ لَبَّیْکَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَ النِّعْمَةَ لَکَ وَ الْمُلْکَ، لَا شَرِیکَ لَکَ﴾، و كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يكثر من ذي المعارج (7) و كان يلبّي كلّما لقي راكباً، أو علا أكَمَة أو هبط وادياً، و من آخر اللّيل، و في إدبار الصلوات، فلمّا دخل مكة، دخل من أعلاها من العقبة، و خرج حين خرج من ذي طوى، فلمّا انتهى إلى باب المسجد استقبل الكعبة- و ذكر ابن سنان أنّه باب بني شيبة- فحمد الله و أثنى عليه، و صلّى على أبيه إبراهيم، ثمَّ أتى الحجر فاستلمه، فلمّا طاف بالبيت صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و دخل زمزم فشرب منها ، ثمَّ

ص: 247


1- البقرة/196.
2- هو عمر بن الخطّاب باتفاق الفريقين.
3- أي من ماء غسل الجنابة.
4- أي من ماء غسل الجنابة
5- الحديث صحيح.
6- لبّيكَ ... : أي أنا مقيم على طاعتك، إلباباً بعد الباب و إجابة بعد إجابة. أو معناه: إتجاهي و قصدي لك من داري ... قاله في القاموس.
7- أي يكثر من قول: لبيك ذا المعارج.

قال: ﴿اَللّهُمَّ اِنّی اَسْاَلُکَ عِلْماً نافِعاً، وَ رِزْقاً واسِعاً، وَ شِفاءً مِنْ کُلِّ داءٍ وَ سُقْمٍ﴾، فجعل يقول ذلك و هو مستقبل الكعبة، ثمَّ قال لأصحابه: ليكن أخر عهدكم بالكعبة استلامَ الحجر، فاستلمه ثمَّ خرج إلى الصّفا ، ثمَّ قال: أبدء بما بدء الله به، ثمَّ صعد على الصّفا فقام عليه مقدار ما يقرء الإنسان سورة البقرة (1)

8- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: نحر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بيده ثلاثاً و ستّين، و نحر عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ما غَبَر،(2) قلت: سبعة و ثلاثين؟ قال: نعم.

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الّذي كان على بُدن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ناجية بن جندب الخزاعيُّ الأسلميُّ، و الّذي حلق رأس النّبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في حجته معمر بن عبد الله بن حراثة بن نصر بن عوف بن عويج بن عدي بن كعب؛ قال: و لمّا كان في حجّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و هو يحلقه، قالت قريش: أيْ معمر! أُذُنُ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في يدك و في يدك الموسى، فقال معمر: و الله إنّي لأعدّه من الله فضلاً عظيماً عليَّ، قال: و كان معمر هو الّذي يُرَحّل (3) لرسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فقال رسول الله: يا معمر إنَّ الرَّحْلَ اللّيلة لمُسْتَرْخِي، فقال معمر: بأبي أنت و أُمّي، لقد شددته كما كنتُ أشدُّه، و لكن بعض من حسدني مكاني منك يا رسول الله، أراد أن تستبدل بي، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما كنتُ لأَفْعَل (4)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اعتمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ثلاث عمر مفترقات: عمرة في ذي القعدة، أهلَّ من عُسْفان، و هي عمرة الحديبية، و عمرة أهَلَّ من الجحفة، و هي عمرة القضاء، و عمرة أهل من الجُعرانة بعد ما رجع من الطّائف من غزوة حُنَين (5)

ص: 248


1- الحديث صحيح.
2- أي ما بقي من تمام المائة.
3- في الفقيه: يرجّل، و لكن ما هنا و ما في التهذيب من قوله: یرحّل، هو الصحيح، لأن ما بعده من كلام يدل على أن عمله كان تسوية رحله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 235 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 65- باب نكت من حج الأنبياء و ... ، صدر ح 19 بتفاوت.
5- الفقيه 2، 171- باب العمرة في أشهر الحج، ح 7 بتفاوت، و فيه: كلها في ذي القعدة. و أخرجه مرسلاً. و عُسفان: موضع على مرحلتين من مكة لقاصد المدينة. و الحديبية: بئر قرب مكة، أو شجرة حدباء كانت هنالك. و الجُحْفَة: ميقات أهل الشام، سميت بذلك لأن السيل اجتحف قوماً من بني عبيد و هم أخوة عاد كانوا يسكنونها. الجِعِرّانة: موضع بين مكة و الطائف. قاله كله- بتصرف- الفيروز آبادي.

11- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن العلاء بن رزین، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): َأحَجَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) غير حجّة الوداع؟ قال: نعم، عشرين حجّة.

12- سهلٌ، عن ابن فضّال، عن عيسى الفرَّاء، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حجَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عشرين حجّة مستسرَّة، كلّها يمرُّ بالمَأْزِمَين فينزل

فيبول (1)

13- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة؛ و محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، جميعاً عن أَبَان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اعتمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عمرة الحُدَيبية، و قضى الحُدَيْبية من قابل، و من الجعرانة حين أقبل من الطائف ثلاث عمر، كلّهنَّ في ذي القعدة (2)

14- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ذكر أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) اعتمر في ذي القعدة ثلاث عمر كلُّ ذلك يوافق عمرته ذا القعدة.

154- باب فضل الحجّ و العمرة و ثوابهما

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان الخزَّاز، عن عليِّ بن عبد الله البجليِّ، عن خالد القلانسيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حجّوا و اعتمروا تصحُّ أبدانكم، و تتّسع أرزاقكم، و تُكْفَوْن مؤوناتِ عيالكم؛ و قال: الحاجُّ مغفورٍ له، و موجوبٌ له الجنّة، و مستأنف له العمل، و محفوظ في أهله و ماله.

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن عبد الأعلى قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كان أبي يقول: من أمَّ هذا البيت حاجّاً أو معتمراً

ص: 249


1- مر هذا برقم 2 من هذا الباب فراجع.
2- روى الصدوق رحمه الله أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) اعتمر ثلاث عمر كلها في ذي القعدة في الفقيه 2، 171- باب العمرة في أشهر الحج، ح 7.

مُبَرَّءاً من الكِبْر، من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أُمّه، ثمَّ قرأ: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ لِمَنِ اتَّقَى﴾ (1)، قلت: ما الكِبْر؟ قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إِنَّ أَعْظَمَ الْكِبْرِ غَمْصُ الْخَلْقِ، وَ سَفَهُ الْحَقِّ، قُلْتُ: مَا غَمْصُ الْخَلْقِ وَ سَفَهُ الْحَقِّ؟ قَالَ: يَجْهَلُ الْحَقَّ وَ يَطْعُنُ عَلَى أَهْلِهِ، وَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَهُ (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصیر قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: ضمان الحاجّ و المعتمر على الله، إن أبقاه بلّغه أهله، و إن أماته أدخله الجنّة.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): الحَجَّةُ ثَوابُها الجَنَّةُ، وَ العُمرَةُ کَفّارَةٌ لِکُلِّ ذَنبٍ (3)

5- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن يحيى بن عمرو بن كليع، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي قد وطَّنْتُ نفسي على لزوم الحجِّ كلِّ عام، بنفسي أو برجل من أهل بيتي، بمالي؟ فقال: و قد عزمت على ذلك؟ قال: قلت: نعم، قال: إن فعلت فأَبْشِرْ بكَثْرَة المال (4)

6- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحجّاج يصدرون على ثلاثة أصناف: صنف يُعْتَق من النّار، و صنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أُمّه، و صنف يُحفظ في أهله و ماله، فذاك أدنى ما يرجع به الحاجُّ (5)

7- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن يحيى الكاهليِّ (6) قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول و يذكر الحجَّ فقال: قال

ص: 250


1- البقرة /203.
2- التهذيب 5، 3- باب ثواب الحج، ح 15. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج ، ح 9 مرسلاً بتفاوت و اختلاف.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 70 و فيه: ... كفارة كل ذنب.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 58 و في ذيله: ... فأيقن بكثرة المال أو أبشِر بكثرة المال. و الترديد فيه من الراوي. و الحديث مجهول.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5 و فيه: يعتقون ... ، بدل: يُعتق و سوف يكرر المصنف رحمه الله هذا الحديث بسند آخر برقم 40 من نفس هذا الباب. و الظاهر من هذا التصنيف إن الفرق بين الصنفين الأول و الثاني إن الأول مغفور له ذنبه ما تقدم منه و ما تأخر فيكون ممن وجبت له الجنة في حين أن الثاني مغفور له ما تقدم من ذنبه فقط، و أما الصنف الثالث فعوضه دنيوي فقط و هو أن يحفظ في أهله و ماله. و قد وردت في ذلك بعض الروايات.
6- في سند التهذيب: عن الكناني، و هو إبراهيم بن نعيم، بدل: الكاهليّ.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): هو أحد الجهادين هو جهاد الضّعفاء و نحن الضعفاء (1)، أما إنّه ليس شيء أفضل من الحجِّ إلّا الصّلاة، و في الحجِّ لَهُهُنا صلاة، و ليس في الصّلاة قبلكم حجُّ، لا تدع الحجَّ و أنت تقدر عليه، أَمَا ترى أنّه يشعث رأسك و يقشف فيه جلدك، و يمتنع فيه من النّظر إلى النّساء، و إنّا نحن لَهُهُنا و نحن قريب، و لنا مياه متّصلة ما نبلغ الحجَّ حتّى يشقَّ علينا، فكيف أنتم في بُعد البلاد، و ما من ملك و لا سُوْقَة يصل إلى الحجِّ إلّا بمشقّة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردَّها، و ذلك قوله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ تَحْمِلُ اَثْقالَکُمْ اِلی بَلَدٍ لَمْ تَکُونُوا بالِغیهِ اِلاّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ اِنَّ رَبَّکُمْ لَرَؤُفٌ رَحیمٌ﴾ (2)

8- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى ، عن عن رِبعيِّ بن عبد الله، عن الفُضَيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یقول: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لا يحالف (3) الفقر و الحُمّى مُدْمِنَ (4) الحجّ و العمرة.

9- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي أيّوب، عن سعد الأسكاف قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ الحاجَّ إذا أخذ في جَهازه (5) لم يَخْطُ خطوة في شيء من جهازه إلّا كتب الله عزَّ و جلَّ له عشر حسنات، و محى عنه عشر سيّئات، و رفع له عشر درجات، حتّى يفرغ من جهازه متي ما فرغ، فإذا استقبلت به راحلته، لم تضع خُفّاً و لم ترفعه إلّا كتب الله عزَّ و جلَّ له مثل ذلك حتّى يقضي نُسُكَه، فإذا قضى نُسُكَه غفر الله له ذنوبه، و كان ذا الحجّة و المحرَّم و صفر و شهر ربيع الأوَّل أربعة أشهر، تُكتب له الحسنات و لا تكتب عليه السّيئات، إلّا أن يأتي بموجبة (6)، فإذا مضت الأربعة الأشهر خُلِطَ بالنّاس (7)

10- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حسين بن خالد قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ): لأيِّ شيء صار الحاجّ لا يُكتب عليه الذَّنب أربعةَ

ص: 251


1- إلى هنا رواه في التهذيب 5، نفس الباب، ح 10، و روى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مرسلاً: الحج جهاد و الضعفاء، و نحن الضعفاء، في الفقيه 2، نفس الباب، ح 93. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و نحن الضعفاء، إشارة إلى قوله تعالى في الآية 5 من سورة القصص: ﴿وَ نُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَی الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الْأَرْضِ ...﴾ الآية
2- النحل/7. و الحديث حسن. و قَشف قشفاً: إذا لوّحته الشمس أو الفقر فتغيّر. و السُّوقة: الرعيّة.
3- أي لا يلازمه و يعاهده.
4- أدمن الشيء: داوم عليه و لم يفارقه.
5- أي ما يحتاجه في سفره من زاد و متاع و راحلة و غير ذلك.
6- أي المعصية الكبيرة التي توجب العذاب بالنار.
7- التهذيب 5، 3- باب ثواب الحج، ح 1 بتفاوت في الذيل.

أشهر؟ قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ أباح المشركين الحَرَم في أربعة أشهر، إذ يقول: ﴿فَسِیحُواْ فِی الاَرْضِ اَرْبَعَةَ اَشْهُرٍ﴾ (1) ثمَّ وهب لمن يحجُّ من المؤمنين البيتَ الذُّنوبَ أربعة أشهر (2)

11- أحمد، عن أبي محمد الحجّال، عن داود بن أبي يزيد، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحاجّ لا يزال عليه نور الحجّ ما لم يُلِمَّ بِذنْب (3)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي محمد الفرَّاء قال: سمعت - جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): تابعوا بين الحجِّ و العمرة فإنّهما ينفيان الفقر و الذُّنوب كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد (4)

13- محمد بن يحيى، عن عليِّ بن إسماعيل، عن عليِّ بن الحكم، عن جعفر بن عمران، عن أبي بصیر، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ و العمرة سوقان من أسواق الآخرة، اللّازم لهما في ضمان الله، إن أبقاه أدَّاه إلى عياله، و إن أماته أدخله الجنّة (5)

14- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن زكريّا المؤمن، عن إبراهيم بن صالح، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحاجّ و المعتمر وفد الله، إن سألوه أعطاهم، و إن دَعَوْهُ أجابهم، و إن شفعوا شفّعهم، و إن سكتوا إبتدأهم، و يُعَوَّضون بالدِّرهم ألف [ألف] درهم (6)

ص: 252


1- التوبة/2. وقيل: بأن الله سبحانه جعل أجلاً لمن كان له عهد من النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فنقضه و ظاهر عليه أربعة أشهر أولها عشر ذي الحجة إلى عشر من ربيع الآخر. و قوله: فَسِيحوا: أي فسيروا مقبلين و مدبرين آمنين غير خائفين من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أصحابه.
2- الحديث مجهول.
3- ذكر مضمونه بتفاوت يسير في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد الحديث رقم 89 و كأنه من كلامه رحمه الله. و اللَّمَم: الذنب الصغير. و يقال: هو مقاربة المعصية. و الحديث مرسل .
4- الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 78 بتفاوت و رواه مرسلاً. التهذيب 5، نفس الباب ، ح 11 بتفاوت. و كبر الحدّاد: آلة من جلد أو حديد يستعملها لنفخ النار، و المقصود بقوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تابعوا: أي اثنوا بهما مراراً و تكراراً.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. الفقيه 2، نفس الباب، ح 72 و أورده مرسلاً و بتفاوت يسير عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و تشبيه الحج و العمرة بسوقين من أسواق الآخرة للتنبيه على أمرين: الأول: إن أداء الحج و العمرة لهما ثمن هو مغفرة الله و ثوابه في الآخرة مع الحفظ و الرزق في الدنيا، الثاني: إن سوق الدنيا معرضة للخسارة و الغبن و الغش و غيرها من عيوب الثمن و المثمن، و سوق الآخرة مضمونة الربح و السلامة من العيوب، لأن الطرف الآخر فيها هو الله سبحانه و هو منزّه عن كل ذلك.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17.

15- و عنه، عن عبد المؤمن، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: درهم تنفقه في الحجّ، أفضلُ من عشرين ألف درهم تنفقها في حقّ (1)

16- و عنه، عن عبد المؤمن (2)، عن داود بن أبي سليمان الجصّاص، عن عذافر قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما يمنعك من الحجِّ في كلِّ سنة؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك، العيال (3)، قال: فقال: إذا متَّ فمن لعيالك؟ أطعم عيالك الخلّ و الزَّيت و حُجّ بهم كلَّ سنة.

17- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن عليِّ بن أسباط، عن سليمان الجعفريِّ، عمّن رواه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: بادروا بالسّلام على الحاجِّ و المعتمِر و مصافحتِهم من قَبل أن تُخالطهم الذُّنوبُ (4)

18- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن زكريّا المؤمن، عن شعيب العقر قوفيِّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحاجُّ و المعتمر في ضمان الله، فإن مات متوجّهاً (5) غفر الله له ذنوبه، و إن مات مُحْرِماً بعثه الله ملبّياً، و إن مات بأحد الحَرَمين بعثه الله من الآمنين، و إن مات منصرفاً غفر الله له جميع ذنوبه (6)

19- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: ما وقف أحد في تلك الجبال إلّا استجيب له، فأمّا المؤمنون فيُستجاب لهم في آخرتهم، و أمّا الكفّار فيُستجاب لهم في دنياهم (7)

20- و عنه، عن أبيه، عن عليِّ بن أسباط، عن بعض أصحابنا قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا أخذ النّاس منازلهم بمنى نادى منادٍ: یا منی، قد جاء أهلُك، فاتّسعي في

ص: 253


1- روى بمعناه و قريباً منه في الفقيه 22 نفن الباب، ح 87. و بمعناه بسند آخر في التهذيب 5، نفس الباب، ح 8.
2- و لعل المقصود بعبد المؤمن هنا و في الحديث السابق عليه هو نفس زكريا المؤمن بقرينه رجوع الضمير في عنه إلى محمد بن عيسى الوارد في سند الحديث الرابع عشر من هذا الباب. و الله العالم.
3- أي مؤونتهم و كثرتهم.
4- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 98 وفيه: ... و المعتمرين ... و لعل المراد بالقبليّة هنا الأربعة أشهر التي ورد في الروايات أن الحاج يوهب له ذنوبه بعد رجوعه من الحج تلك المدة. و الحديث ضعيف علی المشهور.
5- أي مات في الطريق متوجهاً إلى الميقات بقرينة ما بعده.
6- الحديث ضعيف.
7- روى بمعناه و قريباً منه في الفقيه 2، نفس الباب، ح 33 مرسلاً عن الباقر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا و سوف يورد المصنف قريباً منه عن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بسند آخر برقم 38 من هذا الباب.

فجاجك، واترعي في مثابك (1)، و مناد ينادي: لو تدرون بمن حللتم لأقنتم بالخُلْف بعد المغفرة (2)

21- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ﴿فَفِرُّوا إِلَي اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ (3) قال : حُجّوا إلى الله عزَّ و جلَّ.

22- عليُّ، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أخذ النّاس منازلهم بمنى، نادى منادٍ: لو تعلمون بفناء من حللتم، لأيقنتم بالخُلْف بعد المغفرة (4)

23- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن خاله عبد الله بن عبد الرحمن، عن سعيد السمّان قال: كنت أحجُّ في كلِّ سنة، فلمّا كان في سنة شديدة أصاب الناس فيها جَهد، فقال لي أصحابي: لو نظرت إلى ما تريد أن تحجَّ العام به، فتصدَّقتَ به كان أفضل، قال: فقلت لهم: و تَرَوْنَ ذلك؟ قالوا: نعم، قال: فتصدَّقت تلك السنة بما أُريد أن أحجَّ به، و أقمتُ، قال: فرأيت رؤيا ليلة عرفة و قلت: و الله لا أعود و لا أَدَع الحجَّ، قال: فلمّا كان من قابل، حججت، فلمّا أتيت منى رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و عنده النّاس مجتمعون، فأتيته فقلت له: أخبِرْني عن الرجل، و قصصت عليه قصّتي، و قلت: أيّهما أفضل: الحجُّ أو الصدقة؟ فقال: ما أحسن الصدقة- ثلاث مرَّات، قال: قلت: أجَلْ، فأيّهما أفضل؟ قال: ما يمنع أحدكم من أن يحجَّ و يتصدَّق؟ قال: قلت: ما يبلغ ماله ذلك و لا يتّسع، قال: إذا أراد أن ينفق عشرة دراهم في شيء من سبب الحجّ، أنفق خمسة و تصدَّق بخمسة، أو قصّر في شيء من نفقته في الحجِّ، فيجعل ما يحبس في الصدقة، فإنَّ له في ذلك أجراً ، قال: قلت: هذا لو فعلناه استقام، قال: ثمَّ قال: و أنّى له مثل الحجِّ - فقالها ثلاث مرات- إنَّ العبد ليخرج من بيته فيُعطى قِسماً (5)، حتّى إذا أتى المسجد الحرام طاف طواف الفريضة، ثمَّ عدل إلى مقام إبراهيم فصلّى ركعتين، فيأتيه مَلَك فيقوم عن يساره، فإذا انصرف ضرب بيده على كتفيه فيقول: يا هذا، أمّا ما مضى فقد غُفِرَ لك، و أما ما يستقبل فجِدَّ (6)

ص: 254


1- أي وسطك.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 30 و روى ذيله مرسلاً.
3- الذاريات/50.
4- راجع تخريج الحديث رقم 20 المتقدم. و سوف يكرر المصنف هذا الحديث برقم 43 من هذا الباب فانتظر.
5- أي نصيباً من الثواب المقسوم له.
6- أي اجتهد فيما تستقبله من أيام عمرك. و الحديث مجهول.

24- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال رجل لعليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تركت الجهاد و خشونته ولزمت الحجّ ولِينَه؟ قال: -و كان متّكئاً فجلس- و قال: وَيْحَك، أما بلغك ما قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في حجّة الوداع؟ إنّه لمّا وقف بعرفة و همّت الشمس أن تغيب، قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا بلال، قل للناس فليُنْصِتوا، فلمّا نصتوا، قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنَّ ربّكم تَطَوَّل عليكم في هذا اليوم فغفر المحسِنكم، و شفّع محسنكم في مسيئكم، فأفيضوا مغفوراً لكم؛ قال: -وزاد غير الثمالي أنّه قال: إلّا أهل التَبِعات (1) -فإنَّ الله عدل يأخذ للضعيف من القويّ، فلمّا كانت ليلة جُمَع، لم يزل يناجي ربّه و يسأله لأهل التَبعاتِ، فلمّا وقف بجُمَع قال لبلال: قل للنّاس فلينصتوا، فلمّا نصتوا قال: إنَّ ربّكم تطوَّل عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم، و شفّع محسنكم في مسيئكم، فأفيضوا مغفوراً لكم، و ضمن لأهل التبعاتِ من عنده الرِّضا (2)

25- عليُّ، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: لمّا أفاض رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، تلقّاه أعرابيُّ بالأبطح فقال: يا رسول الله، إنّي خرجت أريد الحجّ فعاقني (3)، و أنا رجل ميّل (4) -يعني كثير المال- فَمُرّني أصنع في مالي ما أبلغ به ما يبلغ به الحاجُّ، قال: فالتفت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلى أبي قبيس (5) فقال: لو أنَّ أبا قبيس لك زِنَتُهُ ذهبةٌ حمراء، أنفقته في سبيل الله، ما بلغتَ ما بلغ الحاجُّ (6)

26- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرَّاج، عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: من دُفِنَ في الحرم أمن من الفزع الأكبر، فقلت له: مِن بَرِّ الناس و فاجِرِهم؟ قال: من بَرِّ الناس و فاجِرِهم (7)

27- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن العلاء، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ أدنى ما يرجع به الحاجُّ الّذي لا

ص: 255


1- التبعات: حقوق الناس و مظالمهم .
2- الحديث حسن.
3- في التهذيب: ففاتني. و هو أنسب إذ لا يحتاج إلى ما يحتاجه اللفظ الآخر من التقدير.
4- في التهذيب: مميل.
5- يعني جبل أبي قبيس بمكة.
6- التهذيب 5، 3- باب ثواب الحج، صدرح 2 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 86 بتفاوت.
7- ذكر مضمونه بتفاوت الشيخ الصدوق رحمه الله ضمن كلام له بعد الحديث رقم 100 من الباب 62 من الحج الثاني من الفقيه.

يُقْبَل منه، أن يحفظ في أهله و ماله؛ قال: فقلت: بأيِّ شيء يحفظ فيهم؟ قال: لا يَحْدُثُ فيهم إلّا ما كان يَحْدُثُ فيهم و هو مقيم معهم (1)

28- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جندب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): الحجُّ جهاد الضعيف، ثمَّ وضع أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يده في صدر نفسه و قال: نحن الضعفاء ونحن [ال]-ضعفاء (2)

29- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن إبراهيم بن ميمون قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي أحجُّ سنةً، و شريكي سنةً؟ قال: ما يمنعك من الحجِّ يا إبراهيم؟ قلت: لا أتفرّغ لذلك، جُعِلتُ فِداك، أتصدَّق بخمس مائة مكان ذلك؟ قال: الحجُّ أفضل، قلت: ألف؟ قال: الحجُّ أفضل، قلت: فألف و خمس مائة؟ قال: الحجُّ أفضل، قلت: ألفين؟ قال: أَفي أَلْفَيْكَ طوافُ البيت؟ قلت: لا، قال: أفي ألْفَيْكَ سعيٌ بين الصفا و المروة؟ قلت: لا، قال: أفي ألْفَيْكَ وقوف بعرفة؟ قلت: لا، قال: أفي أَلْفَيْكَ رَميُ الجمار؟ قلت: لا، قال: أفي أَلْفَيْكَ المناسك؟ قلت: لا، قال: الحجُّ أفضل (3)

30- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال لي أبو عبد الله: قال لي إبراهيم بن ميمون: كنت جالساً عند أبي حنيفة، فجاءه رجلٌ فسأله فقال: ما ترى في رجل قد حجَّ حجّة الإسلام، الحجِّ أفضل أم يعتق رقبة؟ فقال: لا، بل عتق رقبة، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كَذَبَ و الله و أَثِم، لَحِجَّةٌ أفضل من عتق رقبة و رقبة و رقبة، حتّى عدَّ عشراً، ثمَّ قال: ويحَه في أيِّ رقبة طواف بالبيت، و سعي بين الصفا و المروة، و الوقوف بعرفة، و حلق الرأس، و رمي الجمار، لو كان كما قال لعطّل الناس الحجَّ، و لو فعلوا، كان ينبغي للإمام أن يجبرهم (4) على الحجِّ إن شاؤوا و إن أَبَوا، فإنَّ هذا البيت إنّما وُضِعَ للحجِّ (5)

ص: 256


1- الحديث مرسل.
2- الحديث مجهول. و قد مر حديث بمعناه بسند آخر برقم 7 من هذا الباب. و يفهم من قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و نحن الضعفاء، أن المقصود بجهاد الضعيف في صدر الحديث أن الحج هو جهاد من لم يقدر على جهاد الأعداء لقلة الناصر أو غير ذلك.
3- الحديث ضعيف.
4- أي يجبر من كان منهم مستطيعاً للحج و قد وجب عليه.
5- الحديث صحيح. و أخرجه في التهذيب 5، 3-باب ثواب الحج، ح 12.

31- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه ، عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: حجّة أفضل من [عتق] سبعين رقبة (1)، فقلت: ما يعدل الحجَّ شيء؟ قال: ما يعدله شيءٌ، وَ لَدِرْهَمْ واحدٌ في الحجِّ أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من سبيل الله، ثمَّ قال له: خرجت على نيّف و سبعين بعيراً و بِضْعَ عشرة دابّة، و لقد اشتريت سوداً (2) أكثر بها العدد (3)، و لقد آذاني أكْلُ الخلِّ و الزيت، حتّى أنَّ حميدة أمرت بدجاجة فشُوِيَت فرجَعَتْ إليّ نَفْسي.

32- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين الأحمسيّ، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حجّة خير من بيت مملوءٍ ذهباً يتصدَّق به حتّى يفنى (4)

33- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ربعيِّ بن عبد الله، عن الفضيل قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا وَ رَبِّ هذه البِنْية، لا يحالف مُدْمِنُ الحجّ بهذا البيت حمّى و لا فقر أبداً (5)

34- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد جميعاً، عن احمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبد الله قال: قلت للرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، إِنَّ أبي حدَّثني عن آبائك (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قيل لبعضهم: إنَّ في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين، و عدوًّا يقال له الدّيلم، فهل من جهاد، أو هل من رباط؟ فقال: عليكم بهذا البيت فحجّوه، ثمَّ قال: فأعاد عليه الحديث ثلاث مرَّات، كلُّ ذلك يقول: عليكم بهذا البيت فحجّوه، ثمَّ قال: في الثالثة: أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله ينتظر أمرنا، فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بدراً، و إن لم يدركه كان كمن كان مع قائمنا في فسطاطه هكذا و هكذا- و جمع بين سبّابتيه-، فقال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صَدَقَ، هو على ما ذكر (6)

35- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحجّال، عن غالب، عمّن ذكره عن

ص: 257


1- الى هنا مروي في التهذيب، نفس الباب، ح 9. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 85 بتفاوت قليل. و الحديث حسن.
2- يعني عبيداً.
3- أي عدد الحجيج.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ذيل ح 7 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 77 بتفاوت.
5- مر بتفاوت برقم 8 من هذا الباب. و قوله: لا يخالف: يعني لا يأتيه الفقر و الحمى بعد الحج، من قولهم: هو يخالف إلى امرأة فلان، أي يأتيها إذا غاب عنها زوجها. و حالفه: إذا لازمه و عاهده.
6- الحديث مجهول.

أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ و العمرة سوقان من أسواق الآخرة، و العامل بهما في جوار الله، إن أدرك ما يأمل غفر الله له، و إن قصر به أجَلُهُ وقع أجره على الله (1)

36- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن زعلان، عن عبد الله ابن المغيرة، عن ابن الطيّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حِجَجٌ تترى (2)، و عُمَرٌ تَسْعی (3)، يدفعن عيلة الفقر و ميتة السوء (4)

37- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أتى النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) رجلان: رجلٌ من الأنصار و رجلٌ من ثقيف، فقال الثقيفيُّ: يا رسول الله، حاجتي؟ فقال: سبقك أخوك الأنصاريُّ، فقال: يا رسول الله، إنّي على ظهر سفر، و إنِّي عَجْلان، و قال الأنصاريُّ: إنّي قد أذنت له، فقال: إن شئتَ سألتني، و إن شئتَ نبّأتك، فقال: نبّئني يا رسول الله، فقال: جئت تسألني عن الصلاة، و عن الوضوء، و عن السجود، فقال الرّجل: إي و الّذي بعثك بالحقِّ، فقال: أسْبغ الوضوء، و املأ يديك من رُكبتيك (5)، و عفّر جبينك في التراب، وصلّ صلاة مودّع ، و قال الأنصاريُّ: يا رسول الله حاجتي؟ فقال: إن شئت سألتني و إن شئتَ نبّأتك، فقال: يا رسول الله، نبّئني، قال: جئت تسألني عن الحجِّ، و عن الطواف بالبيت، و السعي بن الصفا و المروة، و رمي الجمار، و حلق الرّأس، و يوم عرفة، فقال الرجل: إي و الّذي بعثك بالحقّ، قال: لا تَرْفَعُ ناقَتُكَ خُفّاً إلّا كتب الله به لك حسنة، و لا تضع خُفّاً إلّا حطّ به عنك سيئة، و طواف بالبيت، و سعي بين الصفا و المروة، تنفتل كما ولدتك أُمّك من الذُّنوب، و رمي الجمار ذخر يوم القيامة، و حلق الرأس ، لك بكلِّ شعرة نور يوم القيامة، و يوم عرفة، يوم يباهي الله عزَّ و جلَّ به

ص: 258


1- روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 72 عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحج و العمرة سوقان من أسواق الآخرة و اللازم لهما من أضياف الله عزَّ و جلَّ إن أبقاه أبقاه و لا ذنب له و إن أماته أدخله الجنة. أقول: و تشبيه الحج و العمرة بسوقين من أسواق الآخرة للتنبيه على أمرين: الأول: إن أداء الحج و العمرة لهما ثمن هو المغفرة من الله و الثواب في الآخرة مع الحفظ و الرزق في الدنيا. الثاني: إن سوق الدنيا معرّضة للخسارة و الغبن و الغش، و سوق الآخرة مضمونة الربح و السلامة من العيوب، لأن الطرف الآخر فيها هو الله سبحانه و هو منزّه عن كل ذلك.
2- أي يتبع بعضها بعضاً.
3- لعل المراد: تسعى فيهن.
4- الحديث مجهول.
5- أي اجعل كفيك بمجموعها تتضامّان على ركبتيك و تقبضان عليهما.

الملائكة، فلو حضرت ذلك اليوم برمل عالج و قطر السماء و أيّام العالم ذنوباً، فإنّه تُبْتَ (1) ذلك اليوم (2)

و في حديث آخر: بكلِّ خطوة يخطو إليها يكتب له حسنة، و يمحى عنه سيئة، و يرفع له بها درجة.

38- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما يقف أحدٌ على تلك الجبال بَرٌّ و لا فاجر، إلّا استجاب الله له، فأمّا البَرُّ فيُستجاب له في آخرته و دنياه، و أمّا الفاجر فيُستجاب له في دنياه (3)

39- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): الحاجُّ ثلاثة: فأفضلهم نصيباً؛ رجلٌ غُفر له ذنبه ما تقدَّم منه و ما تأخر، و وقاه الله عذاب القبر، و أمّا الّذي يليه؛ فرجلٌ غُفر له ذنبه ما تقدّم منه و يستأنف العمل فيما بقي من عمره، و أمّا الّذي يليه؛ فرجل حُفِظَ في أهله و ماله (4)

40- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ و عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحاجُّ على ثلاثة أصناف: صنف يُعتق من النّار، و صنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أُمّه، و صنف يُحفظ في أهله و ماله، و هو أدنى ما يرجع به الحاجُّ (5)

41- ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما من سفر أبلغُ في لحم و لا دم و لا جلد و لا شعر، من سفر مكّة، و ما أحد يبلغه حتّی تناله المشقة (6)

ص: 259


1- الأظهر أنها من التوبة، و بالتوبة يكون قد خرج من إثم ذنوبه. و يحتمل أنها من البتّ، بمعنى الهلاك، أي هلكت الذنوب بما فعل من مناسك الحج و يوم عرفة.
2- الحديث حسن.
3- مر هذا الحديث برقم 19 بتفاوت من هذا الباب، و لا ذكر فيه لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد الحديث رقم 91 بتفاوت و أورد مضمونه مع حذف الاسناد. و الحديث ضعيف.
5- مر هذا الحديث بسند آخر برقم 6 من هذا الباب بسند آخر.
6- أورد مضمونه ضمن كلام له الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، نفس الباب، بعد الحديث 100فراجع. قوله: يعتق من النار: هذا هو الذي عبر عنه في الحديث السابق بأنه يغفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر. و مثل هذا يكون بلا ريب ممن يعتقون من النار.

42- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محد، عن الحجّال، عن داود بن أبي يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أخذ الناس مواطنهم بمنى، نادى منادٍ من قبل الله عزَّ و جلَّ: إن أردتم أن أرْضى فقد رَضِيتُ (1)

43- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: إذا أخذ الناس منازلهم بمنى، نادى منادٍ: لو تعلمون بفناء من حللتم،لأَيقنتم بالخُلْف بعد المغفرة (2)

44- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عمر بن حفص، عن سعيد بن يسار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عشيّة من العشيّات- و نحن بمنى و هو يحثّني على الحجّ و يُرَغّبني فيه-: يا سعيد، أيّما عبد رزقه الله رزقاً من رزقه، فأخذ ذلك الرِّزق فأنفقه على نفسه و على عياله، ثمَّ أخرجهم قد ضحّاهم بالشَّمس حتّى يقدم بهم عشيّةَ عرفة إلى الموقف فيقيل (3)، ألم تَرَ فُرَجاً تكون هناك فيها خلل و ليس فيها أحدٌ؟ فقلت : بلى جُعِلْتُ فِداك؟ فقال: يجيىء بهم قد ضحّاهم حتّى يشعب بهم تلك الفرج (4)، فيقول الله تبارك و تعالى لا شريك له: عبدي رزقته من رزقي، فأخذ ذلك الرِّزق فأنفقه فضحّى به نفسه و عياله، ثمَّ جاء بهم حتّى شَعَبَ بهم هذه الفرجة التماس مغفرتي، أغفر له ذنبه، و أكفيه ما أهمّه، و أَرْزُقُه. قال سعيد مع أشياء قالها نحواً من عشرة (5)

45 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من مات في طريق مكّة ذاهباً أو جائياً، أمِنَ من الفزع الأكبر يوم القيامة (6)

46- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن أبي المغرا، عن سَلَمَة بن مُحْرِز قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذ جاءه رجلٌ يقال له: أبو الورد، فقال لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رحمك الله، إنّك لو كنت أرحت بدنك من المحمل، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا

ص: 260


1- أورده مع حذف الإسناد الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، نفس الباب، بعد الحديث رقم 29.
2- مر برقم 22 من هذا الباب فراجع.
3- من القيلولة.
4- أي يسدّ بهم تلك الفُرَج بين جموع الحجيج.
5- الحديث صحيح.
6- التهذيب 5، 3- باب ثواب الحج، ح 14. و أورد مضمونه مع حذف الإسناد الصدوق، رحمه الله في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد إيراده الحديث رقم 100.

أبا الورد، إنّي أُحبُّ أن أشهد المنافع الّتي قال الله تبارك و تعالى: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾ (1)، إنّه لا يشهدها أحدٌ إلّا نفعه الله، أمّا أنتم فترجعون مغفوراً لكم، و أمّا غيركم فَيُحْفَظون في أهاليهم و أموالهم.

47- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عبد الحميد، عن عبد الله بن جندب، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان الرَّجل من شأنه الحجّ كلَّ سنة، ثمَّ تخلّف سنة فلم يخرج، قالت الملائكة الّذين على الأرض للّذين على الجبال: لقد فقدنا صوتَ فلان، فيقولون: اطلبوه، فيطلبونه فلا يصيبونه ، فيقولون: اللّهم إن كان حبسه دَيْنٌ فأدِّ عنه، أو مرضٌ،فاشفه، أو فقرٌ فأَغْنِه، أو حَبْسٌ ففرِّج عنه، أو فعلٌ فافعل به، و النّاس يدعون لأنفسهم و هُم يدعون لمن تخلّف (2)

48- أحمد، عن عمرو بن عثمان، عن عليِّ بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:کان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: يا معشر من لم يحجَّ، استبشروا بالحاجِّ و صافحوهم و عظّموهم، فإنَّ ذلك يجب عليكم، تشاركوهم في الأجر (3)

155- باب فرض الحج و العمرة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة قال: كتبت إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمسائل بعضها مع ابن بكير، و بعضها مع أبي العبّاس، فجاء الجواب بإملائه: سألت عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ (4) يعني به الحجَّ و العمرة جميعاً (5)، لأنّهما مفروضان، و سألته عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ (6) قال: يعني بتمامهما و اتّقاء ما يتّقي المحرم فيهما. و سألته عن قوله تعالى: ﴿الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ (7) ما يعني بالحجِّ الأكبر؟ فقال: الحجُّ الأكبر: الوقوف بعرفة و رميُ الجمار،

ص: 261


1- الحج/28. و المنافع جمع منفعة، و هي أعم من المنفعة الدنيوية و الأخروية. و كلها- بالنظر الدقيق- ترجع في الحقيقة إلى الأخروي من المنافع. و الحديث مجهول.
2- الحديث مرسل. و روى بمعناه و قريباً منه في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 38.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 97 بتفاوت مرسلاً. و الحديث هنا مجهول.
4- آل عمران/97.
5- أي حج التمتع، فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة.
6- البقرة/ 196.
7- التوبة/3. و صدر الآية: و أذان من الله و رسوله إلى الناس يوم الحجّ الأكبر ... و الآذان الإعلام. و في المقصود بالحج الأكبر ثلاثة أقوال: أحدها ما ذكر في المتن. الثاني: أنه يوم النحر. و الثالث: أنه جميع أيام الحج، كما يقال: يوم الجمل، و يوم صفين، أراد به الحين و الزمان، ذكرها الطبري في مجمع البيان 5 - 6/ص 5.

وَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ: الْعُمْرَةُ.

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن الفضل أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ﴿وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾؟ قال: هما مفروضان (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرّحمن بن الحجّاجِ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحجُّ على الغنيِّ و الفقير؟ فقال : الحجّ على النّاس جميعاً كبارهم و صغارهم، فمن كان له عذر عَذَرَهُ

الله (2)

4- ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجِّ على من استطاع، لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾، و إنّما نزلت العمرة بالمدينة، قال: قلت له: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَی الْحَجِّ﴾، أيجزىء ذلك عنه؟ قال:نعم (3)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجليِّ؛ و محمد بن يحيى، عن العمركيِّ بن عليّ، جميعاً عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ فرض الحجَّ على أهل الجِدَةِ في كلِّ عام، و ذلك قوله عزَّ و جلَّ : ﴿وَ لله عَلَى النَّاسِ حجّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً * و مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾، قال: قلت: فمن لم يحجّ منّا فقد كفر؟ قال: لا، و لكن من قال: ليس هذا هكذا فقد كفر (4)

ص: 262


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 229. و في ذيله: مفروضتان. و المعنى: أنه حيث ورد الأمر بالاتيان بهما تامين فيدل على كونهما مفروضين.
2- بحمل على الأعم من الوجوب و الاستحباب كما هو الظاهر.
3- ويدل على إجزاء عمرة التمتع عن العمرة المفردة، و هو متفق عليه عندنا.
4- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 48. الاستبصار 2، 88- باب أن فرض الحج مرة واحدة أم هو ... ، ح 3. والجِدَة: وجود المال، و هو كناية عن الاستطاعة. و قال الفيض في الوافي: ﴿إنما لم يكفر تارك الحج، لأن الكفر راجع إلى الأعتقاد دون العمل، فقوله تعالى: و من كفر ... ، أي و من لم يعتقد فرضه، أو لم يبالِ بتركه، فإن عدم المبالاة يرجع الاعتقاد﴾.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ فرض الحجَّ على أهل الجِدَة في كلِّ عام (1)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن الفضل بن يونس، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على المملوك حجُّ و لا عمرة حتّى يُعْتَقَ (2)

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي جرير القميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) قال: الحجُّ فرض على أهل الجِدَة في كلِّ عام (3)

9- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ فرض الحجَّ على أهل الجِدَة في كلِّ عام (4)

156- باب استطاعة الحج

1- علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ لِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾، قال: ما السّبيل؟ قال: أن يكون له ما يحجّ به، قال: قلت: من عرض عليه ما يحجُّ به فاستحيا من ذلك، أهو ممّن يستطيع إليه سبيلاً؟ قال: نعم، ما شأنه أن يستحيي، و لو يحجّ على

ص: 263


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 46. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6. الفقيه 2، 153- باب حج المملوك و المملوكة، ذيل ح 2. و سوف يكرره المصنف برقم 5 من الباب 184 من هذا الجزء. هذا و شرط الحرية إجماعي في وجوب الحج عند أصحابنا رضوان الله عليهم، يقول المحقق في الشرائع 1/ 225:﴿فلا يجب على المملوك و لو أذن له مولاه، و لو تكلّفه بإذنه صح حجّه لكن لا يجزيه عن حجة الإسلام، فإن أدرك الوقوف بالمشعر معتقاً أجزأه .... و إن أعتق بعد فوات الموقفين وجب عليه القضاء و لم يُجْزِه عن حجة الاسلام﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 47. الاستبصار 2، ح 2.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 46. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. و قد مر برقم 6 من هذا الباب. و قد حمل الشيخ في التهذيب هذا الحديث و أمثاله على أنه إنما وجب عليهم الحج في كل عام على طريق البدل، و لم يعنوا عليهم السلام وجوب ذلك عليهم في كل عام على طريق الجمع، و قال: و نظير هذا ما نقوله في وجوب الكفارات الثلاث من أنه متى لم يفعل واحدة منها فإنا نقول: إن كل واحدة منها لها صفة الوجوب فإذا فعل واحد. منها خرج الباقي عن ان يكون واجباً.

حمار أجدع أبتر، فإن كان يطيق أن يمشي بعضاً و يركب بعضاً فليحجّ (1)

2- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعميِّ قال: سأل حفص الكناسيُّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا عنده- عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿و لله عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾، ما يعني بذلك؟ قال: من كان صحيحاً في بدنه، مُخَلّى سِرْبُهُ، له زاد و راحلة، فهو ممّن يستطيع الحجَّ- أو (2) قال: ممّن كان له مال-، فقال له حفص الكناسيّ: فإذا كان صحيحاً في بدنه، مخلّى سِرْبُهُ، له زاد و راحلة، فلم يحجّ، فهو ممّن يستطيع الحجَّ؟ قال: نعم (3)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عنِ خالد بن جرير، عن أبي الرَّبيع الشامي (4)، قال : سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾؟ فقال: ما يقول النّاس؟ قال: فقيل له: الزَّاد و الرَّاحلة، قال: فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد سئل أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن هذا فقال: هَلَكَ النّاس إذاً، لئن كان من كان له زادٌ و راحلة قدر ما يقوت عياله و يستغني به عن النّاس، ينطلق إليه، فيسلبهم إيّاه، لقد هلكوا، فقيل له: فما السّبيل؟ قال: فقال: السّعة في المال، إذا كان يحجُّ ببعض و يبقي بعضاً يقوت به عياله، أليس قد فرض الله الزّكاة فلم يجعلها إلّا على من يملك مائتي درهم؟! (5)

4- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي شيّعت أصحابي إلى القادسيّة، فقالوا لي: انطلق معنا و نقيم عليك ثلاثاً، فرجعت و ليس عندي نفقة، فيسّر الله و لحقتهم؟ قال:

ص: 264


1- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 3. الاستبصار 2، 81- باب ماهية الاستطاعة و أنها شرط في وجوب الحج، ح 3. بدون: أجدع، فيهما. و الأجدع: مقطوع الأنف و الشفة و الأذن و الأبتر: مقطوع الذنب، و لا بد من حمل الحديث على ما إذا لم يكن ركوب الحمار الأجدع الأبتر منافياً لمروّته و موجباً لهتك حرمته، إضافة إلى توفّر جميع ما يلزمه في حجّه مما لا يستطيعه هو و ألّا يكون في قبوله منّة عليه و إلّا لم يجب.
2- الترديد من الراوي.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. و الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. بتفاوت يسير فيهما. و السِرْب: الطريق، و تخليته عبارة عن كونه آمنا سالكاً.
4- هو خليد (خالد) بن أوفى.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 1. الاستبصار 1، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2، 144- باب استطاعة السبيل إلى الحج، ح 1. و قوله: فما السبيل؟ استفهام عن قوله تعالى: من استطاع إليه سبيلا. وجواب الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أن السبيل هو ذلك إنما اقتصر عليه لعله لوضوح باقي الشرائط في الاستطاعة، و هي العقل ، و تخلية السرب و الصحة و غير ذلك من الشرائط العقلية و الشرعية.

إنّه من كتب عليه في الوفد لم يستطع أن لا يحجَّ و إن كان فقيراً، و من لم يُكتب لم يستطع أن يحجَّ و إن كان غنيّاً صحيحاً.

5- محمد بن أبي عبد الله، عن موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد النّوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سأله رجل من أهل القدر فقال: يا ابن رسول الله، أخبرني عن قول الله عزَّ و جلَّ : ﴿و لله عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ ، أليس قد جعل الله لهم الاستطاعة؟ فقال: ويحَك، إنّما يعني بالاستطاعة الزَّاد و الرَّاحلة، ليس استطاعة البدن، فقال الرجل: أفليس إذا كان الزَّاد و الرَّاحلة، فهو مستطيع للحجَّ؟ فقال: ويحَك، ليس كما تظنُّ، قد ترى الرَّجل عنده المال الكثير، أكثر من الزَّاد و الرَّاحلة، فهو لا يحجُّ حتّى يأذن الله تعالى في ذلك (1)

157- باب من سَوَّفَ الحج و هو مستطيع

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح المحاربيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من مات و لم يحجَّ حجّة الإسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تُجْحِف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَن کَانَ فِی هَذِهِ أَعْمَی فَهُوَ فِی الآخِرَةِ أَعْمَی وَ أَضَلُّ سَبِیلاً﴾ (3)؟ فقال: ذلك الّذي يسّوف (4) نفسه الحجّ- يعني حجّة الإسلام- حتّى يأتيه الموت (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران، عن أبي جميلة، عن

ص: 265


1- الحديث ضعيف على المشهور. و أهل القدر: هم المفوضة، و عقيدتهم- عكس المجبّرة- هي أن لا دخالة لإرادة الله و مشيئته في أفعال العباد و إنما هي مفوّضة إليهم مقصورة على مشيئتهم و إرادتهم هم.
2- التهذيب 5، 2- باب كيفية لزوم فرض الحج من الزمان، ح 1. و كرره برقم 256 بزيادة في آخره و تفاوت يسير من الباب 26 من نفس الجزء. الفقيه 2، 170- باب تسويف الحج، ح 3. و سوف يكرر المصنف هذا الحديث برقم 5 من هذا الباب أيضاً. و تجحف به: أي تفقره.
3- الإسراء/72.
4- التسويف: التأخير.
5- روى بمعناه عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 170- باب تسويف الحج، ح 1.

زيد الشّحام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): التاجر يسوِّف نفسه الحجَّ؟ قال: ليس له عذر، و إن مات فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام (1)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: أرأيت الرَّجل التّاجر ذا المال، حين يسوِّف الحجَّ كلَّ عام، و ليس يشغله عنه إلّا التّجارة أو الدَّين؟ فقال: لا عذر له يسوِّف الحجَّ، إن مات و قد ترك الحجَّ، فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام.

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيِّ ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله (2)

5- أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد النّهديِّ، عن محمد بن الوليد ، عن أبان بن عثمان، عن ذريح المحاربيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من مات و لم يحجَّ حجَّة الإسلام، لم تمنعه من ذلك حاجة تُجْحِف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً (3)

6- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميِّ، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: من مات و هو صحيح موسر لم يحجَّ، فهو ممّن قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ نَحْشُرُهُ یَوْمَ اَلْقِیامَةِ أَعْمی﴾ (4)؟ قال: قلت: سبحان الله، أعمى! قال: نعم، إنَّ الله عزَّ وَ جلَّ أعماه عن طريق الحقِّ (5)

158- باب من يخرج من مكة لا يريد العَوْدَ إليها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين الأحمسيِّ، عن أبي

ص: 266


1- التهذيب 5، 2- باب كيفية لزوم فرض الحج من الزمان، ح 2. و روى بمعناه مع بعض الفاظه في الفقيه 2، نفس الباب، ح 4 و أخرجه عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6 بتفاوت.
3- مر برقم (1) من هذا الباب.
4- طه/124.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت و سند آخر.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من خرج من مكّة و هو لا يريد العود إليها، فقد اقترب أجَلُهُ و دنا عذابه (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن حسين بن عثمان عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من خرج من مكّة و هو لا يريد العود إليها، فقد اقترب أَجَلُهُ و دنا عذابه (2)

3- أحمد بن محمد، عن الحجّال، عن حمّاد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ صلوات الله عليه يقول لولده: يا بنيَّ انظروا بيت ربّكم، فلا يَخْلُوَنَّ منكم فلا تناظروا (3)

159- باب أنه ليس في ترك الحج خيرة و أن من حبس عنه فَبِذَنْبِ

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن يونس بن عمران ابن ميثم، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال لي: مالك لا تحجُّ في العام؟ فقلت: معاملة كانت بيني و بين قوم، و أشغال، و عسى أن يكون ذلك خيرة، فقال: لا و الله، ما فعل الله لك في ذلك من خيرة، ثمّ قال: ما حُبِسَ عبد عن هذا البيت إلا بذنب، و ما يعفو أكثر (4)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ليس في ترك الحجِّ خیرة.

160- باب أنه لو ترك الناس الحج لجاءهم العذاب

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين الأحمسيِّ، عن أبي الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو ترك الناس الحجّ لما نوظروا العذاب، -أوا (5) قال: أنزل عليهم العذاب- (6)

ص: 267


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 191 و أخرجه عنه عن الحسن بن علي، عن محمد بن أبي حمزة، رفعه قال ... أي أخرجه مضمراً. و أشار إلى مضمونهما في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد إيراده الحديث رقم 64
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 191 و أخرجه عنه عن الحسن بن علي، عن محمد بن أبي حمزة، رفعه قال ... أي أخرجه مضمراً. و أشار إلى مضمونهما في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد إيراده الحديث رقم 64
3- فلا تناظروا: من الإنظار، و هو الإمهال. و الحديث صحيح.
4- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 67 و أخرج ذيله مرسلاً بتفاوت يسير.
5- الترديد من الراوي.
6- الفقيه 2، 145- باب ترك الحج، ح 2 و روى ذيله بتفاوت مرسلاً.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: ذكرت لأبي جعفر (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) البيت، فقال: لو عطّلوه سنة واحدة لم يُنَاظروا (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجّال، عن حمّاد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليٌّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول لولده: يا بنيَّ، انظروا بيت ربّكم فلا يخلونَّ منكم فلا تَنَاظروا (2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يزال الدِّين قائماً ما قامت الكعبة (3)

161- باب نادر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ رجلاً استشارني في الحجِّ و كان ضعيف الحال، فأَشَرْتُ إليه أن لا يحجَّ، فقال: ما أخْلَقَكَ أن تمرض سنة، قال: فمرضتُ سنة (4)

162- باب الإِجْبار على الحج

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ؛ و هشام بن سالم؛ و معاوية بن عمّار؛ و غيرهم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو أنَّ الناس تركوا الحجَّ، لكان

ص: 268


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. قوله: لم يناظروا، كناية عن إهلاكهم أو نزول العذاب بهم، أو لم يمهلوا.
2- مر برقم 3 من الباب 158 من هذا الجزء.
3- الفقيه 2، 64- باب ابتداء الكعبة و فضلها و ... ، ح 11. و معنى الحديث: إن ما دامت الكعبة قائمة فإن من الناس من يؤمها ليؤدي فريضة الحج و هو من أركان الإسلام الكبرى، و هو عبادة مالية و بدنية معاً، و بقاء هذه الفريضة يستبطن بقاء الإسلام و يضمن بقاء المسلمين كتلة واحدة يتمحورون حول بيت الله في الأرض. و في الحديث إشارة إلى قوله تعالى: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ ...﴾ المائدة/97. أي سبباً لإصلاح أمورهم الدينية و الدنيوية.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 215. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 74. قوله: ما أخْلَقَكَ: أي ما أجدر بك.

على الوالي أن يجبرهم على ذلك، و على المقام عنده، و لو تركوا زيارة النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك، و على المقام عنده، فإن لم يكن لهم أموال، أنفق عليهم من بيت مال المسلمين (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو عطّل الناس الحجَّ لوجب على الإمام أن يجبرهم على الحجِّ إن شاؤوا و إن أبوا، فإنَّ هذا البيت إنّما وُضِع للحجِّ.

163- باب إن من لم يُطِق الحج بِبَدَنِهِ جَهّزَ غيره

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعريِّ، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؛ أنّ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال لرجل كبير لم يحجَّ قطّ: إن شئتَ أن تجهّز رجلاً ثمَّ ابعثه أن يحجّ عنك (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أمر شيخاً كبيراً لم يحجَّ قطّ، و لم يطق الحجّ لكِبَره، أن يجهّز رجلاً [أن] يحجَّ عنه (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألته عن رجل مسلم حال بينه و بين الحجِّ مرض، أو أمر

ص: 269


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 178 بتفاوت قليل. الفقيه 2، 146- باب الإجبار على الحج و على ...، ح 1. و في موضوع الإجبار هذا يوجد خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم، حيث جاء في مختلف العلامة: قال الشيخ: ﴿إذا ترك الناس الحج وجب على الإمام أن يجبرهم على ذلك، و كذلك إذا تركوا زيارة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان عليه إجبارهم عليها أيضاً. و قال ابن إدريس: لا يجب الإجبار لأنها غير واجبة، واحتج الشيخ بأنه يستلزم الجفاء و هو محرّم﴾. هذا و قال المحقق في الشرائع 1/ 277: ﴿إذا ترك الناس زيارة النبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أجبروا عليها لما يتضمن من الجفاء المحرّم﴾.
2- روى الشيخ في التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 38 عن موسى بن القاسم عن صفوان عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن علياً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) رأى شيخاً لم يحجّ قط و لم يطِق الحج من كِبَره فأمره أن يجهّز رجلاً فيحج عنه. و روى هذا أيضاً عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من یخرج فيها، ح 2.
3- انظر التخريج السابق.

يعذره الله فيه؟ فقال: عليه أن يُحِجَّ عنه من ماله صرورةً لا مال له (1)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن القاسم بن بريد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لو أنَّ رجلاً أراد الحجَّ، فعرض له مرض، أو خالطه سقم فلم يستطع الخروج، فليجهّز رجلاً من ماله ثمَّ ليبعثه مكانه (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن كان رجلٌ موسر حال بينه و بين الحجِّ مرض أو أمر يعذره الله عزَّ و جلَّ فيه، فإنَّ عليه أن يُحِجَّ عنه صرورةً لا مال له (3)

164- باب ما يجزىء من حجة الإسلام و ما لا يجزىء

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد جميعاً، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو أنَّ رجلاً معسراً أحجّه رجلٌ، كانت له حجّة، فإن أيسر بعد كان عليه الحجُّ، و كذلك النّاصب إذا عَرَف فعليه الحجُّ و إن كان قد حجَّ (4)

ص: 270


1- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 39. و ظاهره كون الحج الممنوع منه حجة الإسلام. ويدل على الوجوب مطلقاً سواء كان الاستقرار قبل طروء المانع أو بعده و مهما كان المانع. و الحديث ضعيف.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 40. هذا و قد اشترط أصحابنا رضوان الله عليهم في وجوب الحج إمكان المسير إلى مكة و القيام بوظائفه فيها، و هو -كما يقول المحقق في الشرائع 227/1: ﴿يشتمل على الصحة و تخلية السرب، و الاستمساك على الراحلة، وسعة الوقت لقطع المسافة. فلو كان مريضاً بحيث يتضرر بالركوب لم يجب، و لا يسقط باعتبار المرض مع إمكان الركوب، و لو منعه عدو، أو كان معضوباً لا يستمسك على الراحلة، أو عُدِم المرافق مع اضطراره إليه، سقط الفرض. و هل يجب الاستنابة مع المانع من مرض أو عدّو؟ قيل: نعم، و هو المروي، وقيل : لا، فإن أحجّ نائباً و استمر المانع فلا قضاء، و إن زال و تمكن وجب عليه بِبَدَنِهِ، و لو مات بعد الاستقرار و لم يؤَدِّ قضي عنه. و لو كان لا يستمسك خلقةً، قيل: يسقط الفرض عن نفسه و ماله، وقيل: يلزمه الإستنابة، و الأول أشبه ...﴾.
3- الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 1 بتفاوت قليل. التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج. ضمن ح 51.
4- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 22. و روى صدره في الاستبصار 2، 84- باب المعسر يحج عن غيره ثم أيسر هل ... ، ح 2. و روى ذيله في الاستبصار 2، 85- باب المخالف يحج ثم يستبصر هل ...، ح 3. الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 4. هذا، و لأصحابنا رضوان الله عليهم قولان في حج المخالف إذا استبصر، قول بإجزائه و عدم وجوب الإعادة عليه بشرط أن لا يكون قد أخلّ بركن من أركانه على وفق مذهبنا لا مذهبه الذي كان عليه، و ذلك لصحة العبادة في نفسها بناءٌ على عدم اشتراط الإيمان بالمعنى الخاص فيها، أو لأن ما فعله يسقط ما في ذمته من واجب كإسلام الكافر. و قول بعدم الإجزاء، لاشتراط الإيمان المقتضي لفساد المشروط بدونه، و لوجود أخبار بهذا المعنى، و وجه الجمع بين القولين نظراً إلى الروايات الواردة هو حمل الروايات التي تنص على الإعادة في حال الاستبصار على الاستحباب دون الفرض و الإيجاب.

2- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عدَّة من أصحابنا، عن أَبَان بن عثمان، عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل لم يكن له مال، فحجَّ به أُناس من أصحابه، أقضى حجّة الإسلام؟ قال: نعم، فإذا أَيسر بعد ذلك فعليه أن يحجَّ، قلت: و هل تكون حجّته تلك تامّة أو ناقصة إذا لم يكن حجّ من ماله؟ قال: نعم، يقضي عنه حجّة الإسلام، و تكون تامّة و ليست بناقصة، و إن أيسر فليحجّ، قال: و سئل عن الرَّجل يكون له الإبل یكريها فيصيب عليها فيحجُّ و هو كريّ، تغني عنه حجّته، أو يكون يحمل التجارة إلى مكّة، فيحجُّ فيصيب المال في تجارته أو يضع (1)، أ تكون حجّته تامّة أو ناقصة، أو لا تكون حتّى يذهب به إلى الحجّ و لا ينوي غيره، أو يكون ينويهما جميعاً أ يقضي ذلك حجّته؟ قال: نعم، حجّته تامّة (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل حجِّ عن غيره، أيُجْزِيه ذلك من حجّة الإسلام؟ قال: نعم، قلت: حجّة الجمّال، تامّة أو ناقصة؟ قال: تامّة: قلت: حجّة الأجير تامّة أم ناقصة؟ قال: تامّة (3)

4- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة قال: كتبت إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أسأله عن رجل حجَّ و لا يدري و لا يعرف هذا الأمر (4) ثمَّ منَّ الله عليه بمعرفته

ص: 271


1- من الوضيعة؛ أي يخسر في تجارته.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 18. الاستبصار 2، 83- باب المعسر يحج به بعض إخوانه ثم أيسر هل ...، ح 1 و رویا صدر الحديث إلى قوله: و إن أيسر فليحج. هذا و المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم شهرة عظيمة كادت تكون إجماعاً لو لا مخالفة الشيخ رحمه الله هنا، هو إجزاء الحج البذلي عن حجة الإسلام بحيث لو استطاع بعد ذلك لم يجب عليه أن يحجّ. و قد استند الشيخ فيما ذهب إليه إلى هذا الحديث و غيره في إيجاب الحج عليه ثانية لو استطاع.
3- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 19، الاستبصار 2، 84- باب المعسر يحج عن غيره ثم أيسر هل ... ح 3. الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 3 إلى قوله: نعم. و روى ذيله في الفقيه 2، 149- باب حج الجمّال و الأجير، ح 1. و كرر صدره في التهذيب 5 برقم 242 من الباب 26 أيضاً قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نعم، محمول على ما إذا بقي من حج عن غيره على إعساره، و أما لو أيسر فيما بعد و استطاع و جبت عليه حجة الإسلام. قال المحقق في الشرائع 226/1: ﴿و لو كان عاجزاً عن الحج فحج عن غيره لم يُجْزِه عن فرضه و كان عليه الحج إن وجد الاستطاعة﴾. و قد علق صاحب الجواهر على هذا الكلام بقوله في كتابه 0271/17: لا خلاف أجده في شيء من ذلك، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه مضافاً إلى وضوح وجهه﴾.
4- أي التشيّع.

و الدُّينونة به، أعليه حجّة الإسلام، أم قد قضى؟ قال: قد قضى فريضة الله، و الحجُّ أحبُّ إليَّ؛ و عن رجل هو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة، ناصب متديّن، ثمّ منَّ الله عليه فعرف هذا الأمر، أ يقضي عنه حجّة الإسلام أو عليه أن يحجَّ من قابل؟ قال: الحجُّ أحبُّ إليَّ (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزيار: قال: كتب إبراهيم بن محمد بن عمران الهمدانيِّ إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي حججت و أنا مخالف و كنت صرورة، فدخلت متمتّعاً بالعمرة إلى الحجِّ؟ قال: فكتب إليه: أَعِدْ حجْك (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يمرُّ مجتازاً يريد اليمن أو غيرها من البلدان، و طريقه بمكّة، فيدرك الناس و هم يخرجون إلى الحجِّ، فيخرج معهم إلى المشاهد، أيجزيه ذلك من حجّة الإسلام؟ قال: نعم(3)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يخرج في تجارة إلى مكّة، أو يكون له إبل فيكريها، حجّته ناقصة أم تامّة؟ قال: لا، بل حجّته تامّة (4)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن شهاب ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أعْتَقَ عشيّة عرفة عبداً له، أيجزىء عن العبد حجّة الإسلام؟ قال: نعم، قلت: فأُمُّ وَلَد أَحَجّها مولاها، أيجزىء عنها؟ قال: لا، قلت: أَلَهُ أجرٌ في حجّتها؟ قال: نعم؛ قال: و سألته عن ابن عشر سنين يحجُّ؟ قال عليه حجّة الإسلام إذا احتلم، و كذلك الجارية عليها الحجّ إذا طمثت (5)

ص: 272


1- رواه بنفس السند هنا بزيادة بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... بتفاوت و زيادة في آخره في التهذيب 5 ،نفس الباب، ح 23. و رواه بعنوان المكاتبة كما هنا بتفاوت يسير برقم 25 من نفس الباب من التهذيب ايضاً. الاستبصار 2، 85- باب المخالف يحج ثم يستبصر هل ...، ح 4 بتفاوت، الفقيه 2، 151 -باب ما جاء في الحج قبل المعرفة، ح 1.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 24. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و الصرورة هو الذي يحج لأول مرة.
3- الفقيه 2، 152- باب ما جاء في حج المجتاز، ح 1. و الرواية مطلقة من حيث كونه مستطيعاً من بلده أو لا.
4- الفقيه 2، 148- باب دفع الحج الى من يخرج فيها، ح 17.
5- روی صدره إلى قوله : نعم، في التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 12. و كذلك فعل في الاستبصار 2، 87 -باب المملوك يحج بإذن مولاه هل ...، ح 6 و فيهما: لها أجر ... ، و روى ذيله في التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. و كذلك هو في الاستبصار 2، 86- باب الصبي يحج ثم يبلغ هل تجب عليه حجة ... ، ح ا بتفاوت في الترتيب في الذيل. و روى صدره بتفاوت في الفقيه 2، 154- باب ما يجزىء عن المعتق عشية عرفة من ... ، ح 1. و روى ذيله عن صفوان عن اسحاق بن عمار عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 155- باب حج الصبيان، ح 6 بتفاوت. هذا و مما اتفق عليه الأصحاب رضوان الله عليهم على أن من شرائط وجوب حجة الإسلام البلوغ و كمال العقل فلا يجب على الصبي و لا على المجنون، و لو حجّ الصبي او حُجّ عنه أو عن المجنون لم يُجز عن حجة الإسلام، و لو دخل الصبي المميز و المجنون في الحج ندباً ثم كمل كل واحد منهما و أدرك المشعر اجزأ عن حجة الإسلام. و إن تردد بعض أصحابنا في ذلك نظراً إلى وقوع أفعال الحج على غير جهة الوجوب و ذلك لا يجزىء عن الواجب.

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد؛ و عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن عليِّ بن مهزيار، عن محمد بن الفضيل قال: سألت أبا جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصبيّ، متى يُحْرَمُ به؟ قال: إذا اثْغَرَ (1)

10- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في رجل خرج حاجّاً حجّة الإسلام، فمات في الطريق؟ فقال: إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجّة الإسلام، و إن [كان] مات دون الحرم، فليقضِ عنه وليّه حجّة الإسلام (2)

11- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن بريد العجليِّ قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل خرج حاجّاً، و معه جمل له و نفقة و زاد فمات في الطريق؟ قال: إن كان صرورة ثمَّ مات في الحرم، فقد أجزأ عنه حجّة الإسلام، و إن كان مات و هو صرورة قبل أن يُحرم، جعل جمله و زاده و نفقته و ما معه في حجّة الإسلام ، فإن فضل من ذلك شيء فهو للورثة إن لم يكن عليه دَيْن؛ قلت: أرأيتَ إن كانت الحجّة تطوّعاً ثمَّ مات في الطريق قبل أن يُحرم، لمن يكون جَمَلُهُ و نفقته و ما معه؟ قال: يكون جميع ما معه و ما ترك للورثة، إلّا أن يكون عليه دَيْن فيقضي عنه، أو يكون أوصى بوصيّة فينفذ ذلك لمن أوصى له، و يجعل ذلك من ثُلُثِهِ (3)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام، أيجزيه ذلك عن حجة الإسلام؟ قال: نعم، قلت و إن حجَّ عن غيره، و لم يكن له مالٌ، و قد نذر أن يحجَّ ماشياً، أيجزىء ذلك

ص: 273


1- الفقيه 2، 155- باب حج الصبيان، ح 7. و أثْغَرَ الصبي: إذا ألقى أسنانه، فهو مثغور.
2- الفقيه 2، 160- باب الحاج يموت في الطريق، ح 1.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 62 و أسنده الى الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 160- باب الحاج يموت في الطريق، ح 2 بتفاوت.

عنه؟ قال: نعم (1)

13- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابنِ مسکان، عن عامر بن عميرة (2) قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): بلغني عنك أنّك قلت: لو أنَّ رجلاً مات و لم يحجَّ حجّة الإسلام، فَحَجَّ عنه بعض أهله، أجزء ذلك عنه؟ فقال: نعم، أشهد بها عن أبي أنّه حدَّثني أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أتاه رجل فقال: يا رسول الله، إنَّ أبي مات و لم يحجَّ؟ فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): حجِّ عنه، فإنَّ ذلك يجزىء عنه (3)

14- عنه، عن صفوان، عن حكم بن حكيم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنسان هلك و لم يحجَّ و لم يوصِ بالحجِّ، فأحجَّ عنه بعضُ أهله رجلاً أو امرأة، هل يجزىء ذلك و يكون قضاء عنه، و يكون الحجّ لمن حجّ، و يؤجر من أحَجّ عنه؟ فقال: إن كان الحاجُّ غير صرورة أجزء عنهما جميعاً، و أُجِرَ الّذي أحَجَّه (4)

15- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل يموت و لم يحجّ حجّة الإسلام، و لم يوصِ بها، أيُقْضى عنه؟ قال: نعم (5)

16- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن رِفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل و المرأة يموتان و لم يحجّا، أيُقضى عنهما حجّة الإسلام؟ قال: نعم.

17- محمد بن يحيى رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن رجل مات و له ابن، لم یَدْر أحجَّ أبوه أم لا؟ قال: يحجُّ عنه، فإنْ كان أبوه قد حجَّ كُتب لأبيه نافلة و للابن فريضة، و إن كان أبوه لم يحجَّ، كُتب لأبيه فريضة و للابن نافلة (6)

ص: 274


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 61 بتفاوت یسير. و كان قد روى صدره الى قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نعم، (الأولى) برقم 35 من الباب (1) من التهذيب 5، و كرره برقم 1173 (تسلسل عام) من الجزء 8 من التهذيب. و كذلك كرر رواية صدره بسند آخر برقم 241 من الباب 26 من الجزء 5 من التهذيب و بتفاوت يسير.
2- في سند التهذيب: عمار بن عمير.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 53.
4- الحديث حسن، ويدل كسابقه على ان كل من حج عن ميت تبرأْ ذمة الميت لو كان قد تعلق بها وجوب الحج، بلا فرق بين ان يكون من حج عنه ولياً أو غيره، و لا بين من كان له مال و من لم يكن له، و هذا كله متفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
5- الحديث صحيح، و مضمونه متفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
6- الفقيه 2، 168- باب الرجل يموت و ما يدري ابنه هل حج أو لا، ح 1 بتفاوت قليل. ﴿قوله: فإن كان أبوه قد حج: لعله محمول على أنه لم يترك سوى ما يحج به و ليس للولد مال غيره، فلو كان الأب قد حج يكون الابن مستطيعاً بهذا المال، و لو لم يكن قد حج كان يلزمه صرف هذا المال في حج أبيه فيجب على الولد أن بحج بهذا المال ويردّد النية بين والده و نفسه، فإن لم يكن أبوه حج كان لأبيه مكان الفريضة و الّا فللابن فلا ينافي هذا وجوب الحج على الإبن مع الاستطاعة بمال آخر لتيقن البراءة﴾. مرآة المجلسي، 166/17.

18- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن الأصمّ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو أنَّ عبداً حجَّ عَشْرَ حِجَجٍ، كانت عليه حجّة الإسلام أيضاً إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً، و لو أنّ غلاماً حجَّ عَشْرَ حِجَج ثم احتلم، كانت عليه فريضة الإسلام، و لو أنَّ مملوكاً حجَّ عَشْرَ حِجَج ثمّ أُعتق، كانت عليه فريضة الإسلام إذا استطاع إليه سبيلاً (1)

165- باب من لم يحجّ بين خمس سنين

1- أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد النهديِّ، عن محمد بن الوليد، عن أَبَان، عن ذريح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من مضت له خمس سنين فلم يَفِدْ إلى ربّه و هو موسر، إنّه لمحروم (2)

2- عليُّ بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حمّاد، عن عبد الله بن سنان، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ الله منادياً ينادي: أيُّ عبد أحسن الله إليه، و أوْسَعَ عليه في رزقه، فلم يَفِدْ إليه في كلِّ خمسة أعوام مرَّة ليطلب نوافله إنَّ ذلك لمحروم (3)

166- باب الرجل يستدين و يحجّ

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي طالب، عن

ص: 275


1- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 15.و روى ذيله بتفاوت برقم 9 من نفس الباب، و رواه في الاستبصار 2، 86- باب الصبي يحج به ثم يبلغ هل تجب عليه حجة ... ، ضمن ح 2. و روى ذيله في الاستبصار 2، 87- باب المملوك يحج بإذن مولاه هل ... ، 3. و روى ذيله ايضاً في الفقيه 2، 153- باب حج المملوك و المملوكة، ح 3. والحديث ضعيف. و الظاهر أن العشر حجج للعبد إنما هي المندوبة بدون الاستطاعة.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 216. و الحديث موثق، ويدل على تأكد استحباب الحج كل خمس سنين للمستطيع.
3- روى بمعناه في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 31. و المقصود بنوافله سبحانه: زوائد رحمته تعالى. فالنافلة: الزائدة على الفريضة.

يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل يحجُّ بدَيْن و قد حجَّ حجّة الإسلام، قال: نعم، إن الله سيقضي عنه إن شاء الله (1)

2- أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن الفضيل، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: هل يستقرض الرَّجل و يحجُّ إذا كان خلف ظهره ما يؤدِّي عنه إذا حدث به حَدَث؟ قال: نعم (2)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الملك ابن عتبة قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل عليه دَيْنُ، يستقرض و يحجُّ؟ قال: إن كان له وجه في مال فلا بأس (3)

4- أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي همّام قال: قلت للرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يكون عليه الدَّين و يحضره الشيء، أيقضي دَيْنه أو يحجُّ؟ قال: يقضي ببعض و يحجُّ ببعض، قلت: فإنّه لا يكون إلّا بقدر نفقة الحجُّ؟ فقال: يقضي سنةً و يحجُّ سنةً، فقلت: أُعْطِيَ المالَ من ناحية السلطان؟ قال: لا بأس عليكم (4)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن غير واحد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يكون عليَّ الدَّين، فيقع في يدي الدَّراهم، فإن وزّعتها بينهم لم يبق شيء، أفأحجُّ بها، أو أُوزّعها بين الغُرّام؟ فقال: تحجّ بها، و ادْعُ الله أن عنك دَيْنَكَ (5)

6- أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقيِّ، عن جعفر بن بشير، عن موسى بن بكر الواسطيِّ قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن الرَّجل يستقرض و يحجُّ؟ فقال: إن كان خلف ظهره مال إِن حَدَثَ به حَدَثُ أَدَّى عنه فلا بأس (6)

ص: 276


1- الفقيه 2، 156- باب الرجل يستدين للحج، و وجوب ... ، ح .1. و من الواضح أن الخبر وارد في الحج المندوب بالدَّين، و الّا إذا لم يكن له مال يستطيع أن يقضي منه دين الحج فيما بعد فلا وجوب عليه.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج ح 182 بتفاوت. و كذا هو في الاستبصار 2، 227- باب هل يجوز أن يستدين الإنسان و ... ، ح 4. و كذلك هو في الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. يقول المحقق في الشرائع 226/1: ﴿و لا يجب الإقتراض للحج، إلّا أن يكون له مال بقدر ما يحتاج إليه زيادة عما استثناه﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 181. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.الفقيه 2، نفس الباب، ح 2.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و أبو همّام: هو إسماعيل بن همّام البصريّ.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 بتفاوت و سند آخر. و المقصود بالضمير في قوله: بينهم، الغرماء أو الغُرّام. إن استغرب ابن الأثير في نهايته 366/4 هذا الجمع الأخير للغريم.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 182. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 3 بتفاوت.

167- باب الفضل (1) في نفقة الحج

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : لو أنَّ أحدكم إذا ربح الرِّبح أخذر منه الشيء فعزله فقال: هذا للحجِّ، و إذا ربح أخذ منه و قال: هذا للحجِّ، جاء إبّان الحجِّ و قد اجتمعت له نفقة، عزم الله فخرج (2) ، و لكن أحدكم يربح الرِّح فينفقه، فإذا جاء إبّان الحجِّ أراد أن يخرج ذلك من رأس ماله فيشقّ عليه.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن البرقيِّ، عن شيخ رفع الحديث إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال له: يا فلان أقلِلْ النّفقة في الحجّ تَنْشَط للحجِّ، و لا تكثر النفقة في الحجّ فتملّ الحجَّ (3)

3- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن ربعيّ بن عبد الله قال : سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: كان عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لَيَنْقَطِعُ ركابه في طريق مكّة، فيشدُّه بخوصَة (4) ليهوِّن الحجَّ على نفسه.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الهديّة من نفقة الحجِّ (5)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: هديّة الحجِّ من الحجِّ (6)

ص: 277


1- في مرآة العقول: عنونه المجلسي في الشرح بعنوان (القصد في نفقة الحج) و قال: القصد: رعاية الوسط بين الإسراف و التقتير.
2- ﴿قوله: عزم الله، إما برفع الجلالة، أي عزم الله له و وفقه للحج، أو بالنصب، أي قصد الله و التوجه إلى بيته﴾ مرآة المجلسي 170/17
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 184.
4- الخوصة: مفرد الخوص و هو سعف النخل.
5- الحديث ضعيف، ﴿و لعل المعنى أن ما يهدي إلى أهله و إخوانه بعد الرجوع من الحج له ثواب نفقة الحج، أو أنه ينبغى أن يحسب أولاً عند نفقة الحج الهدية أيضاً، أو لا يزيد في شراء الهدية على ما معه من النفقة، و لعل الكليني حمله على هذا المعنى، و الأول أظهر﴾. مرآة المجلسي 170/7.
6- الحديث مجهول.

168- باب أنه يستحب للرجل أن يكون متهيئاً للحج في كل وقت

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن زعلان عن عبد الله ابن المغيرة، عن حمّاد بن طلحة، عن عيسى بن أبي منصور قال: قال لي جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا عيسى، إني أُحبُّ أن يراك الله عزَّ و جلَّ فيما بين الحجِّ إلى الحجِّ و أنت تتهيّا

للحجِّ (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عثمان؛ و محمد بن أبي حمزة، و غيرهما، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من اتّخذ محملاً للحجِّ كان كمن ربط فرساً في سبيل الله عزَّ و جلَّ (2)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن حمزة بن يعلى، عن بعض الكوفيّين، عن أحمد بن عائذ، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: من رجع من مكّة و هو ينوي الحجَّ من قابل زِيدَ في عُمُره (3)

169- باب الرجل يُسْلِمُ فيحجّ قبل أن يَخْتَتِن

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إبراهيم بن ميمون، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يُسْلم فيريد أن يحجَّ و قد حضر الحجُّ، أيحجُّ أو يختتن؟ قال: لا يحجّ حتّى يختتن (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 278


1- الحديث مجهول.
2- أورد مضمونه مع حذف الإسناد الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، أول الباب.
3- ذكر نصّه مع حذف الإسناد في الفقيه 2، نفس الباب، بعد الحديث رقم 64.
4- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 84. و كرره برقم 292 من الباب 26 من نفس الجزء من التهذيب. الفقيه 2، 134- باب ما جاء في طواف الأغلف، ح 2 بتفاوت يسير. هذا و اشتراط الطواف بالإختتان للرجل إجماعي لدى أصحابنا رضوان الله عليهم و ذلك مع إمكانه طبعاً، فلو تعذّر و ضاق الوقت سقط، و ما يقابل الختان في الرجل هو الخفض في الأنثى، و هو غير معتبر هنا فيها. و أما الخنثى فقد قيل باشتراطه فيه، كما قيل بعدمه من وجهين. و الختان في الأصل هو موضع القطع من آلة كل من الذكر و الأنثى و إن اختلفت التسمية بلحاظ كل منهما كما أشرنا إليه.

قال: لا بأس أن تطوف المرأة غير المخفوضة، فأمّا الرَّجل فلا يطوف إلّا و هو مختتن (1)

170- باب المرأة يمنعها زوجها من حجة الإسلام

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن امرأة لها زوج أبى أن يأذن لها أن تحجَّ، و لم تحجَّ حجّة الإسلام، فغاب زوجها عنها و قد نهاها أن تحجَّ؟ قال: لا طاعة له عليها في حجّة الإسلام، فلتحجَّ إن شاءت (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المرأة، تخرج مع غير وليّ؟ قال: لا بأس، فإن كان لها زوج أو ابن [أو] أخ قادرين على أن يخرجا معها و ليس لها سعة، فلا ينبغي لها أن تقعد، و لا ينبغي لهم أن يمنعوها (3)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن أَبَان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن امرأة لها زوج، و هي صرورة، لا يأذن لها في الحجِّ؟ قال: تحجُّ و إن لم يأذن لها (4)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المرأة تريد الحجَّ ليس معها مَحْرَمٌ، هل يصلح لها الحجّ؟ فقال: نعم، إذا كانت مأمونة (5)

ص: 279


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 86 بتفاوت يسير. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 بتفاوت يسير أيضاً.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 37 بتفاوت و سند آخر عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و كرره برقم 317 من نفس الباب بتفاوت يسير و سند آخر أيضا و أخرجه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). بتفاوت متناً و سنداً. هذا و يقول المحقق في الشرائع 229/1: ﴿و لا يصح حجها تطوعاً إلا بإذن زوجها، و لها ذلك في الواجب كيف كان، و كذا لو كانت في عدّة رجعية (في عدم صحة حجها المندوب إلا بإذنه دون الواجب)، و في البائنة لها المبادرة من دون إذنه﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 42 بتفاوت و زيادة في آخره. و قوله: ليس لها سعة: أي لا تقدر على الإنفاق عليهم. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و ليس لهم أن يمنعوها: أي عن الخروج إلى الحج وحدها.
4- الفقيه 2، 157- باب ما جاء في المرأة يمنعها زوجها من حجة... ، ح 1.
5- الفقيه 2، 158- باب حج المرأة مع غير محرم أو ولي، ح 2. قوله: إذا كانت مأمونة: أي موثوقاً من أنها لن تقع في حرام او انها هي تكون واثقة من نفسها و أنها لن تقع فيه، و الظاهر أن هذا الحكم إجماعي بين أصحابنا، قال الشهيدان رحمهما الله: ﴿لا يشترط في المرأة مصاحبة المحرم و هو هنا الزوج أو من يحرم نكاحه عليها مؤبداً بنسب أو رضاع أو مصاهرة و إن لم يكن مسلماً إن لم يستحل المحارم كالمجوسي و يكفي ظن السلامة بل عدم الخوف على البضع أو العرض بتركه و إن لم يحصل الظن بها عملاً بظاهر النص ...﴾.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة الحرَّة، تحجُّ إلى مكّة بغير وليّ؟ فقال: لا بأس، تخرج مع قوم ثقات (1)

171- باب القول عند الخروج من بيته و فضل الصدقة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما استخلف رجلٌ على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفر يقول: اللّهمَّ إنّي أستودعك نفسي، و أهلي، و مالي، و ذُرِّيَّتي، و دنياي و آخرتي، و أمانتي، و خاتمة عملي، إلّا أعطاه الله ما سأل (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الحارث بن محمد الأحول، عن بريد بن معاوية العجليِّ قال: كان أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا أراد سفراً، جمع عياله في بيت ثمَّ قال: اللّهمَّ إني أستودعك الغداةَ نفسي و مالي و أهلي و ولدي الشاهدَ منّا و الغائبَ، اللّهمَّ احفظنا و احفظ علينا، اللّهمَّ اجعلنا في جوارك، اللّهمَّ لا تسلبنا نعمتك و لا تغيّر ما بنا من عافيتك و فضلك.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيُكره السفر في شيء من الأيّام المكروهة؛ الأربعاء و غيره؟ فقال: افتتح سفرك بالصدقة و اقرأ آية الكرسي إذا بدا لك (3)

ص: 280


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 بتفاوت قليل.
2- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 15 تفاوت يسير. الفقيه 2، 71- باب ما يستحب للمسافر من الصلاة إذا أراد الخروج، ح 1 بتفاوت يسير، و نبّه على أن ذلك سيأتي في أول باب سياق المناسك من كتابه. و كان شيخنا الكليني رضوان الله عليه قد ذكر هذا الحديث برقم (1) من الباب 263 من الجزء الأول من الفروع. كما كان الشيخ رحمه الله قد أورده برقم(5) من الباب (31) من الجزء 3 من التهذيب. و السكوني هو إسماعيل بن أبي زياد.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 13. الفقيه 2، 69- باب إفتتاح السفر بالصدقة، ح 2 بزيادة في آخره.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تصدَّق و اخرج أيَّ يوم شئت (1)

172- باب القول إذا خرج الرجل من بيته

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن القاسم قال: حدَّثنا صباح الحذَّاء قال: سمعت موسى بن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لو كان الرَّجل منكم إذا أراد السفر، قام على باب داره تلقاء وجهه الّذي يتوجّه له، فقرأ فاتحة الكتاب أَمامه و عن يمينه و عن شماله، و آية الكرسيّ أمامه و عن يمينه و عن شماله، ثمَّ قال: اللّهمَّ احفظني و احفظ ما معي، و سلّمني و سلّم ما معي ، و بلّغني و بلّغ ما معي ببلاغك الحسن، لحفظه الله و حفظ ما معه ، و سلّمه و سلّم ما معه، و بلّغه و بلّغ ما معه، قال: ثمَّ قال: يا صباح، أَمَا رأيت الرَّجل يُحفظ و لا يُحفظ ما معه، و يَسْلَم و لا يَسْلَم ما معه، و يَبْلُغُ و لا يبلغ ما معه؟ قلت: بلى جُعِلْتُ فِداك (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا خرجت من بيتك تريد الحجَّ و العمرة إن شاء الله، فادعُ دعاء الفرج و هو: لا إله إلّا الله الحليم الكريم، لا إله إلّا الله العليُّ العظيم، سبحان الله ربِّ السماوات السبع و ربِّ الأرضين السبع و ربِّ العرش العظيم، و الحمد الله ربِّ العالمين، ثمَّ قل: اللّهمَّ كن لي جاراً (3) من كلِّ جبّار عنيد، و من كلِّ شيطان مريد، ثمَّ قل: بسم الله دخلتُ، و بسم الله خرجتُ، و في سبيل الله، اللّهمَّ إنّي أُقدِّم بين يدي نسياني و عجلتي بسم الله و ما شاء الله في سفري هذا ذكرته أو نسيته، اللّهمَّ أنت المستعان على الأُمور كلّها، و أنت الصاحب في السفر و الخليفة في الأهل، اللّهمَّ هوِّن علينا سفرنا، واطْوِ (4) لنا الأرض، و سيّرنا فيها بطاعتك و طاعة

ص: 281


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. ويدل الحديث- و هو صحيح- على استحباب الصدقة عند الخروج إلى السفر و أنها تدفع نحوسة الأيام و الساعات.
2- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 16. الفقيه 2، 72- باب ما يستحب للمسافرين من الدعاء عند خروجه في السفر، ح 1. و كان شيخنا الكليني رحمه الله قد أورد هذا الحديث في أصول الكافي 2، كتاب الدعاء، باب الدعاء إذا خرج الإنسان من منزله، ح 9 و 11.
3- أي مجيراً.
4- إما أن الطيّ على نحو الحقيقة، أو أنه كناية عن سرعة السير و يسره.

رسولك، اللّهم أصلح لنا ظَهْرَنا (1)، و بارك لنا فيما رزقتنا، و قنا عذاب النار، اللّهمَّ إني أعوذ بك من وَعْثاء (2) السفر، و كآبة (3) المنقلَب، و سوء المنظر في الأهل و المال و الولد، اللّهمَّ أنت عَضُدي و ناصري، بك أحِلُّ و بك أسير، اللّهمَّ إنّي أسألك في سفري هذا السرور و العمل بما يرضيك عنّي، اللّهمَّ اقطع عنّي بُعْدَه، و مشقّته و أصحبني فيه، و اخلفني في أهلي بخير، و لا حول و لا قوَّة إلّا بالله، اللّهمَّ إني عبدك و هذا حُملانك (4)، و الوجه وجهك (5)، و السفر إليك، و قد اطّلعتَ على ما لم يطّلع عليه أحدٌ، فاجعل سفري هذا كفّارة لما قبله من ذنوبي، و كن عوناً لي عليه، و اكفني و عثه و مشقّته، و لقّنّي من القول و العمل رضاك، فإنّما أنا عبدك و بك و لك، فإذا جعلت رجلك في الرِّكاب فقل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، بسم الله و الله أكبر، فإذا استويت على راحلتك و استوى بك محملك فقل: الحمد لله الّذي هدانا للإسلام، و علّمنا القرآن، و منَّ علينا بمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، سبحان الله، سبحان الّذي سخّر لنا هذا و ما كنّا له مُقْرِنِينَ (6)، و إنّا إلى ربّنا لمنقلبون و الحمد لله ربِّ العالمين، اللّهمَّ أنت الحامل على الظهر، و المستعان على الأمر، اللّهمَّ بلّغنا بلاغاً يبلغ إلى خير، بلاغاً يبلغ إلى مغفرتك و رضوانك، اللّهمَّ لا طَيْرَ إلّا طيرك (7)، و لا خير إلّا خيرك ، و لا حافظ غيرك (8)

173- باب الوصيّة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يقول: ما يُعْبَاُ من يومُّ هذا البيت إذا لم يكن فيه

ص: 282


1- استعارة للدابة أو الراحلة.
2- الوعثاء: المشقة.
3- الكآبة: الغم، و سوء الحال، و الإنكسار من حزن. و كآبة المنقلب: أي الرجوع من السفر بأمر يحزنه إما حصل له في سفره، أو وجده بعد رجوعه من فقد عزيز أو مرض قريب أو فقدان مال ... الخ.
4- الحُملان: مصدر حمل يحمل، و المقصود بها الدواب التي تحمله و وفّق لركوبها .
5- أي جهة أمرت بالتوجه إليها و قضيته.
6- أي مطيقين.
7- ﴿أي لا تأثير للطيرة إلا طيرتك، أي ما قدّرت لكل أحد، فأطلق عليه الطيرة على المشاكلة، أو لا شريعتدّ به إلّا شر ينشأ منك، أي عذابك، على سياق الفقرة اللاحقة، أو ما ينبغي أن يحترز عنه هو ما نهيت عنه مما يتطير به الناس﴾ مرآة المجلسي 178/17- 179.
8- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 17 بتفاوت قليل.

ثلاث خصال: خُلُق يخالق به من صحبه، أو حِلْمٌ يملك به من غضبه، أو ورع يحجزه عن محارم الله (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزّاز. عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما يعباُ من يسلك هذا الطريق إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، و حِلْم يملك به غضبه، و حسن الصحبة لمن صحبه.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): وطّن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت في حُسْن خُلُقك، و كفَّ لسانك،و اكظم غيظك، و أقلَّ لَغْوَك، و تفرش عفوك، و تسخو نفسك.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن حفص، عن أبي الرّبيع الشاميّ قال: كنّا عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و البيت غاصّ بأهله، فقال: ليس منّا من لم يُحْسِنْ صحبة من صَحِبَه، و مرافقة من رافقه، و ممالحة من مالحه، و مخالفة من خالقه (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): الرَّفيق ثمَّ السفر. و قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ): لا تصحبنَّ في سفرك من لا يرى لك من الفضل عليه، كما ترى له عليك (3)

6- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عثمان (4)، عن حريز، عمّن ذكره، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 283


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 195 بتفاوت يسير و اختلاف في بَعض السند ما قبل الجمّال. الفقيه 2، 75- باب ما يجب على المسافر في الطريق من حسن الصحابة و ... ، ح 2 بتفاوت. و قوله: ما يُعْبَاُ ... : أي لا يبالي الله به و لا يلطف، أو لا يعتنى بشأنه.
2- الفقيه 2، 75- باب ما يجب على المسافر في الطريق من حسن الصحابة و... ، ح 1 و الممالحة: كناية عن المؤاكلة. و المخالفة: المعاشرة بخلق حسن.
3- روى صدر الحديث في الفقيه 2، 79- باب الرفقاء في السفر و وجوب حق ... ، ح 1. و أخرجه عن السكوني بإسناده قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). و أورد ذيله مرسلاً برقم 3 من نفس الباب. و الحديث هنا ضعيف على المشهور. و معنى الحديث: لا تصحب من الناس من كان مصاباً بالغطرسة و الغرور و التكبّر بحيث يدفعه ذلك إلى اعتقاده الفضل عليك بمصاحبته لك و إن ذلك إحساناً منه إليك. بل أصحب من الناس المماثل لك و الذي لا يرى لنفسه ميزة بل يبادلك الإحترام بالاحترام و يواسيك في نفسه و ماله.
4- المشهور هو رواية حماد بن عيسى عن حريز . و الله العالم.

قال: إذا صحبت فاصحب نَحْوَك، و لا تصحبنّ من يكفيك، فإنَّ ذلك مذلّة للمؤمن (1)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن شهاب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد عرفتَ حالي وسعة بدي و توسّعي على إخواني، فأَصحبُ [ا] لنفر منهم في طريق مكّة فأتوسّع عليهم؟ قال: لا تفعل يا شهاب، إن بسطت و بسطوا أجحفت بهم، و إن أمسكوا أذللتهم، فأصحب نظراءَك (2)

8- أحمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يخرج الرَّجل مع قوم مياسير و هو أقلّهم شيئاً، فيُخرج القوم النفقة و لا يقدر هو أن يُخرج مثل ما أخرجوا؟ فقال: ما أحبُّ أن يذلَّ نفسه، ليخرج مع من هو مثله (3)

174- باب الدعاء في الطريق

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: صحبت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو متوجّه إلى مكّة، فلمّا صلّى قال: اللّهمَّ خلِّ سبيلنا، و أحسن تسييرنا، و أحسن عافيتنا، و كلّما صعد أكَمَةً (4)قال: اللّهمَّ لك الشرف على کلِّ شرف (5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في سفره إذا هبط سبّح، و إذا صعد كبّر (6)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن قاسم الصيرفيِّ، عن حفص بن

ص: 284


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نحوَك: أي نظيرك و مثلك و من في مستواك المادي أو مطلقاً.
2- الفقيه 2، 79- باب الرفقاء في السفر و وجوب...، ح 6. بتفاوت يسير. وسعة اليد: كناية عن الثراء و كثرة المال. و النُظَراء: المماثلون المساوون مادياً و معنوياً، أو في أحدهما. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الأكمة: المرتفع من الأرض.
5- الحديث ضعيف على المشهور. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لك الشرف ... الخ: أي لك العلوّ و الرفعة فوق كل ذي رفعة و علوّ.
6- الفقيه 2، 74- باب ذكر الله عزَّ و جلَّ و الدعاء في المسير، ح 1.

القاسم (1) قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ على ذروة كلِّ جسر شيطاناً، فإذا انتهيت إليه فقل: بسم الله، يرحل عنك (2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أَبَان بن عثمان، عن عيسى بن عبد الله القميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قل: اللّهمَّ إنّي أسألك لنفسي اليقين و العفو و العافية في الدُّنيا و الآخرة، اللّهمَّ أنت ثقتي و أنت رجائي، و أنت عُضَدي، و أنت ناصري، بك أحِلُّ و بك أسير. قال: و من يخرج في سفر وحده فليقل: ما شاء الله لا قوَّة إلّا بالله، اللّهمَّ آنِسْ وحشتي، و أعِنِّي على وحدتي، وأدِّ غيبتي (3)

5- أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عليّ، عن عليِّ بن حمّاد، عن رجل، عن أبي سعيد المكاريّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا خرجت في سفر فقل: اللّهمَّ إنّي خرجت في وجهی هذا بلا ثقة منّي بغيرك، و لا رجاء آوي إليه إلّا إليك، و لا قوَّة أتّكل عليها، و لا حيلة ألجأ إليها إلّا طلب فضلك، و ابتغاء رزقك، و تعرُّضاً لرحمتك، و سكوناً إلى حسن عادتك (4)، و أنت أعلم بما سبق لي في علمك في سفري هذا ممّا أُحبُّ أو أكره، فإنّما أوقعت عليه يا ربِّ من قدرك، فمحمود فيه بلاؤك، و مُنتَصَح (5) عندي فيه قضاؤك، و أنت تمحو ما تشاء و تُثبت و عندك أُمُّ الكتاب، اللّهمَّ فاصرف عنّي مقادير كلِّ بلاء، و مَقْضيَّ كلِّ لأْوَاء (6)، وابسط عليَّ كَنَفَاً (7) من رحمتك، و لطفاً من عفوك، وسعةً من رزقك، و تماماً من نعمتك، و جَماعاً من معافاتك، و أوقع عليَّ فيه جميع قضائك على موافقة جميع هواي في حقيقة أحسن أملي، و ادفع ما أحذر فيه و ما لا أحذر على نفسي و ديني و مالي ممّا أنت أعلم به منّي، و اجعل ذلك خيراً لآخرتي و دنياي، مع ما أسألك يا ربِّ أن تحفظني فيمن خلّفت ورائي من ولدي و أهلي و مالي و معيشتي و حزانتي (8)، و قرابتي، و إخواني، بأحسن ما خلّفت به غائباً من المؤمنين، في تحصين كلِّ عورة، و حفظ من

ص: 285


1- في الفقيه: جعفر بن القاسم.
2- الفقيه 2، 106- باب النوادر، ح 5. و الحديث مجهول.
3- الفقيه 2، 77- باب ما يقوله من خرج وحده في سفره، ح 1. و أخرج ذيله فقط بتفاوت عن بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث حسن أو موثق.
4- أي ما عودتني إياه من فضلك و رحمتك و إحسانك. و في مصباح الزائر- كما ينقل المجلسي- :عائدتك، بدل: عادتك، و العائدة الصلة و المعروف و اللطف.
5- مُنْتَصَح: أي خالص عن الغش، و هو مبالغة في النصح.
6- اللأواء: الشدّة.
7- الكَنَف: الجانب و الحرز و الستر و الناحية.
8- في القاموس: حزانتك: عيالك الذين تَتَحَزَّن لأمرهم.

كلِّ مضيعة (1)، و تمام كلِّ نعمة، و كفاية كلِّ مكروه، و ستر كلِّ سيّئة، و صرف كلِّ محذور، و كمال كلِّ ما يجمع لي الرّضا و السرور في جميع أُموري، و افعل ذلك بي بحقِّ محمد و آل محمد، و صلّ على محمد و آل محمد، و السلام عليه و عليهم و رحمة الله وبرکاته (2)

175- باب أَشْهُرِ الحَجّ

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ أشهرٌ معلومات، شوَّال و ذو القعدة و ذو الحجّة ليس لأحد أن يحجَّ فيما سواهنَّ (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿الْحَجُّ أَشْهرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِیهنَّ الْحَجَّ﴾ (4)، و الفرض: التلبية و الإشعار و التقليد، فأيّ ذلك فعل فقد فرض الحجّ، و لا يفرض الحجُّ إلّا في هذه الشهور الّتي قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿الْحَجُّ أَشْهرٌ مَّعْلُومَاتٌ﴾، و هن شوَّال و ذو القعدة و ذو الحجة (5)

3- عليُّ بن إبراهيم بإسناده قال: أشهر الحجِّ: شوَّال و ذو القعدة و عَشْرٌ (6) من ذي

ص: 286


1- المضيعة: الضياع.
2- الحديث ضعيف.
3- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 1 بتفاوت في الذيل يسير و زيادة في آخره. الاستبصار 2، 93- باب من أحرم قبل الميقات، ح 1 و هو كما في التهذيب. الفقيه 2، 175- باب أشهر الحج و ... ، ح 1 بتفاوت في الذيل و أخرجه عن أبان عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- البقرة/197.
5- رواه بتفاوت في التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج ، ح 196. هذا و يقول العلامة في التحرير: للشيخ أقوال في أشهر الحج، ففي النهاية: شوال و ذو القعدة و ذو الحجة. و في المبسوط: شوال و ذو القعدة إلى قبل الفجر من عاشر ذي الحجة. و في الخلاف: إلى طلوع الفجر، و في الجمل: و تسعة من ذي الحجة ... الخ. أقول: و ظاهر الخبر هنا- كسابقه- على أن تمام ذي الحجة داخل في أشهر الحج، فهذه الأشهر هي التي يمكن إيقاع أفعال الحج فيها دون غيرها.
6- هذا محمول على وقت إدراك الحج، حيث يمكن أن يدرك بإدراك الوقوف الإختياري في المشعر الحرام يوم العاشر من ذي الحجة أو اضطراريّه على قول، و عليه فيكون إطلاق الأشهر هنا مجازي من باب إطلاق الكل و إرادة الجزء.

الحجّة، و أشهر السياحة (1): عشرون من ذي الحجّة، و المحرَّم و صفر و شهر ربيع الأوَّل و عشر من شهر ربيع الآخر.

176- باب الحج الأكبر و الأصغر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن يوم الحجِّ الأكبر؟ فقال: هو يوم النّحر، و الحجُّ الأصغر: العُمْرَة (2)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ذريح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ الأكبر يوم النّحر.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و عليُّ بن محمد القاسانيُّ، جميعاً عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقريّ، عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحجّ الأكبر (3)، فإنَّ ابن عبّاس كان يقول: يوم عرفة؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قال أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحجُّ الأكبر يوم النحر، و يحتجُّ بقوله عزَّ و جلَّ: ﴿فَسِیحُواْ فِی الاَرْضِ اَرْبَعَةَ اَشْهُرٍ﴾، و هي عشرون من ذي الحجّة، و المحرّم و صفر، و شهر ربيع الأوّل، و عَشْرٌ من ربيع الآخر، و لو كان الحجُّ الأكبر يوم عرفة، لكان أربعة أشهر و يوماً.

177- باب أصناف الحجّ

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: الحجُّ ثلاثة أصناف، حجُّ مفرد، و قِران و تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، و بها أمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و الفضل فيها، و لا نأمر الناس إلّا بها (4)

ص: 287


1- أشهر السياحة: هي الأشهر الأربعة التي ورد ذكرها في أول سورة براءة و التي أمر الله المشركين أن يترددوا فيها في الأرض غادين ورائحين آمنين من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أصحابه، بعد أن أمر نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن ينبذ إليهم عهودهم و أبلغ ذلك إليهم بواسطة أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوم النحر
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 217. الفقيه 2، 198- باب الحج الأكبر و الحج الأصغر، ح 1. و المقصود بالحج الأكبر يومه، و قد ذكر في الآية 3 من سورة التوبة.
3- أي يومه.
4- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 1. الاستبصار 2، 90- باب إن التمتع فرض من نأى عن الحرم. و لا ... ، ح 12. و حصر ضروب الحج في هذه الثلاثة مما أجمع على تشريعه المسلمون كافة، و إنكار عمر للضرب الثالث منه لا یقدح في ذلك.

2- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن منصور الصيّقل قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الحجُّ عندنا على ثلاثة أوْجُه: حاجٌّ متمتّع، و حاجُّ مفرِدٌ سائقٌ للهدي و حاجٌّ مفرِدٌ للحجِّ (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيُّ أنواع الحجِّ أفضل؟ فقال: التّمتّع، و كيف يكون شيء أفضلَ منه و رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يقول: لو استقبلتُ من أمري ما استدبَرْتُ لفعلتُ مثلَ ما فعل النّاس (2)؟!.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما نعلم حجّاً لله غيرَ المتعة، إنّا إذا لَقِينا ربّنا قلنا: ربّنا عملنا بكتابك و سنّة نبيّك، و يقول القوم: عملنا برأينا، فيجلعنا الله و إيّاهم حيث يشاء (3)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي جعفر الثّاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: المتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ أفضل من المفرِد السّائقِ للهَدْي، و كان يقول: ليس يدخل الحاجّ بشيء أفضل من المتعة.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن معاوية، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من حجّ فليتمتّع، إنّا لا نعدِلُ بكتاب الله عزَّ و جلَّ و سُنّة نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (4)

ص: 288


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 13. الفقيه 2، 110- باب وجوه الحج، ح 1 بتفاوت. هذا و التمتع: أصله التلذذ سمّي حج التمتع به ﴿لما يتخلل بين عمرته و حجّه من التحلل الموجب لجواز الإنتفاع و التلذذ بما كان قد حرّمه الإحرام مع ارتباط عمرته بحجّه حتى أنهما كالشيء الواحد شرعاً، فإذا حصل بينهما ذلك فكأنه حصل بالحج ...﴾ و هو -أي حج التمتع- فرض من بَعُدَ عن مكة ثمانية و أربعين ميلاً من كل جانب. و أما حج القرآن و حج الإفراد فهما فرض من نقص بُعْدُه عن تلك المسافة، و يشترك كل من حج القِران و الإفراد بتأخير العمرة عن أفعال الحج، كما له أن يوقع عمرته في غير أشهر الحج، و يتميز القارن عن المفرد بسياق الهدي عند إحرامه، و إلا فهما في الشروط و الأفعال سواء.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 18 بتفاوت يسير في الذيل. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 17، و أورده برقم 15 من نفس الباب أيضاً. الفقيه 2 ، نفس الباب، ح 10 بتفاوت يسير. و أبو أيوب، هو إبراهيم بن عيسى، و في الفقيه: إبراهيم بن عثمان.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 8، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5. و أخرجاه عنه، عن علي، عن فضالة، عن أبی المعزا، عن ليث المراديّ ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)....
4- التهذيب 5، 4 - باب ضروب الحج، ح 11. الاستبصار 2، 90- باب أن التمتع فرض من نأى عن الحرم و ...، ح 8. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا نعدل بكتاب الله و ...، يعني: لا نجعل لهما عِدلاً فنخالفهما إليه، أو لا نرى لهما مساوياً و معادلاً.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم؛ و ابن أبي نجران، عن صفوان الجمّال قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ بعض الناس يقول: جرِّد الحجَّ، و بعض الناس يقول: أَقْرِن و سُقّ، و بعض الناس يقول: تمتّع بالعمرة إلى الحجِّ؟ فقال: لو حججتُ ألف عام لم أقرنها إلّا متمتّعاً (1)

8 - أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد قال: كتب إليه عليُّ بن ميسّر يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان، ثمَّ حضر له الموسم، أيحجُّ مفرِداً للحجِّ أو يتمتّع، أيّهما أفضل؟ فكتب إليه: يتمتّع أفضل (2)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحجِّ؟ فقال: تمتّع، ثمَّ قال: إنّا إذا وقفنا بين يدي الله عزَّ و جلَّ قلنا: يا ربِّ أخذنا بكتابك و سُنّة نبّيك، و قال الناس: رَأَيْنا برَأْيِنا (3)

10- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المتعة - والله- أفضل، و بها نزل القرآن، و جَرَت السُنّة (4)

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في السنة الّتي حجَّ فيها، و ذلك في سنة اثنتي عشرة و مائتين،فقلت : جُعِلْتُ فِداك، بأيِّ شيء دخلتَ مكّة، مفرِداً أو متمتِّعاً؟ فقال: متمتّعاً، فقلت له: أيّما أفضل، المتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ أو من أفرد و ساق الهَدْي؟ فقال: كان أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (5) يقول: المتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ أفضل من المفرِد السائق للهدي، و كان يقول: ليس يدخل الحاجُّ بشيء أفضل من المتعة. (6)

ص: 289


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16 بتفاوت، و فيه: ألفي عام ... ، بدل : ألف عام ... ، وفيه: ما قدمتها ... ، و هو أدقّ و أصح.
2- الفقيه 2، 110- باب وجوه الحاج، ح 7 بتفاوت يسير، و صرّح فيه بأن المكتوب إليه هو أبو جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5 بزيادة في آخره و تفاوت في الذيل يسير. و قوله: رأينا برأينا: أي اجتهدنا من دون الرجوع إلى أهل العلم، أو عملنا بالرأي و الاستحسان و الهوى. و أخرجه بنفس رواية التهذيب في الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 14 . الفقيه 2، نفس الباب، ح 8 بتفاوت.
5- يعني الإمام الباقر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و عليه فأبو جعفر المذكور أولاً هو الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 21. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 18. و قوله: أيّما: أي أيّهما.

12- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن عبد الملك بن عمرو أنّه سأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن التمتّع بالعمرة إلى الحجِّ؟ فقال: تمتّع، قال: فقضی أنّه (1) أفرد الحجِّ في ذلك العام أو بعده فقلت: أصلحك الله ، سألتك فأمرتني بالتمتّع، و أراك قد أفردتَ الحجَّ العامَ؟ فقال: أما و الله إنَّ الفضل لفي الّذي أمرتك به، و لكنّي ضعيف فَشَقَّ عليَّ طوافان بين الصفا و المروة، فلذلك أفردتُ الحجَّ (2)

13- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيِّ، عن عمّه عبيد الله [أنّه] قال: سأل رجل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا حاضر- فقال: إنّي اعتمرت في الحُرُم، و قدِمْتُ الآن متمتّعاً، فسمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یقول: نِعْمَ ما صنعت، إنّا لا نعدل بكتاب الله عزَّ و جلَّ و سنّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فإذا بعثنا ربّنا أو (3) وردنا على ربّنا قلنا: يا ربِّ، أخذنا بكتابك و سنّة نبيّك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قال الناس: رَأَيْنا رَأْيَنا، فصنع الله عزَّ و جلَّ بنا و بهم ما شاء (4)

14- أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن دُرُست، عن محمد بن الفضل الهاشميِّ قال: دخلت مع إخوتي على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلنا: إنّا نريد الحجِّ، و بعضنا صَرورة؟ فقال: عليكم بالتمتّع فإنّا لا نتّقي في التمتّع بالعمرة إلى الحجَّ سلطاناً، و اجتنابِ المسكر، و المسحِ على الخُفّين (5)

15- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي اعتمرت في رجب، و أنا أُريد الحجَّ، أفأسوق الهدي و أُفرِدُ الحجَّ، أو أتمتّع؟ فقال : في كلِّ فضلٌ، و كلُ حسن، قلت: فأيُّ ذلك أفضل؟ فقال: تمتّع، هو و اللهِ أفضل، ثمَّ قال: إنَّ أهل مكّة يقولون: إنَّ عمرته عراقيّة و حجّته مكّيّة، كذبوا ، أَوَ لَيس هو مرتبطاً بحجَّهِ لا يخرج حتّى يقضيه؟!، ثمَّ قال: إنّي كنت أخرج لليلة أو لليلتين تبقيان من رجب

ص: 290


1- الضمير يرجع إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 13. الاستبصار 2، 90- باب أن التمتع فرض من نأى عن الحرم و ... ، ح 10 و في الذيل فيهما زيادة كلمة: العامَ.
3- الترديد من الراوي.
4- الحديث صحيح. و قوله: في الحُرُم: أي في الأشهر الحُرُم.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، 110- باب وجوه الحاجّ، ح 11 و في سنده: محمد بن الفضيل الهاشميّ. و في التهذيبين: فبعضنا، بدل و بعضنا و الصرورة؛ هو الذي يحجّ لأول مرّة.

فتقول أُمُّ فروة (1): أي أَبَه! إنَّ عمرتنا شعبانيّة، و أقول لها: أي بُنَيّة، إنّها فيما أهللت و ليست فيما أحللت (2)

16- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من لم يكن معه هَدْيٌ و أَفْرَدَ رغبةً عن المتعة، فقد رغب عن دين الله عزَّ و جلَّ (3)

17- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّهم يقولون في حجة المتمتّع: حجّته مكيّة و عمرته عراقيّة، فقال: كذبوا، أو ليس هو مرتبطاً بحجتّه لا يخرج منها حتّى يقضي حجّته.

18- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن عبد الملك أَعْيَن قال: حجَّ جماعة من أصحابنا، فلمّا قدموا المدينة، دخلوا على أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقالوا: إنَّ زرارة أمرنا أن نُهِلَّ بالحجِّ إذا أحرمنا، فقال لهم: تمتّعوا، فلمّا خرجوا من عنده، دخلتُ (4) عليه فقلت: جُعِلْتُ فِداك، لئن لم تخبرهم بما أخبرت زرارة ليَأتينَّ الكوفة و ليُصبحنَّ بها كذّاباً، فقال: ردَّهم، فدخلوا عليه فقال: صدق زرارة، ثمَّ قال: أَمَا و الله لا يسمع هذا بعد هذا اليوم أحدٌ منّي (5)

ص: 291


1- أم فروة كنية لأم الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هي بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر. و لكن الظاهر أنها هنا كانت ابنته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و كانت أيضاً تكنى بهذه الكنية.
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 23. الاستبصار 2، 90- باب أن التمتع فرض من نأى عن الحرم و ... ، ح 20. و فيهما بتفاوت بزيادة إلى قوله: حتى يقضيه. و قد دل ذيل الحديث على أن المدار على الإهلال لا على الإحلال، و لما أهل بعمرته من الميقات و كانت العمرة داخلة في الحج و مرتبطة به حيث ذكره معها عند إهلاله بها، كان كأنه أحرم بالحج من الميقات أيضاً فيكون حجه عراقياً و إن أحرم له بشكل منفصل في مكة.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 12. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 9.و الحديث ضعيف على المشهور.
4- الضمير يرجع لعبد الملك بن أعين.
5- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح97. الاستبصار 2، 102- باب كيفية التلفظ بالتلبية، ح 8. قال المجلسي في مرآته 913/17: ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صدق زرارة . لعله إنما أراد بما أخبر به زرارة الإهلال بالحج مع تلبية العمرة و لم يفهم عبد الملك. أو كان مراده (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) الإهلال بالحج ظاهراً تقية مع نية العمرة باطناً، و لمّا لم تكن التقية في هذا الوقت شديدة لم يأمرهم بذلك، فلمّا علم أنه يصير سبباً لتكذيب زرارة أخبرهم و بيّن أنه لا حاجة إلى ذلك بعد اليوم﴾. و قال في المنتقى: كأنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أراد للجماعة تحصيل فضيلة التمتع، فلما علم أنهم يذيعون و ينكرون على زرارة فيما أخبر به على سبيل التقية، عدل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن كلامه وردّهم إلى حكم التقية.

178- باب ما على المتمتع من الطواف و السَّعْي

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، و صفوان، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: على المتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ ثلاثة أطواف بالبيت، و سعيان بين الصّفا و المروة، و عليه (1) إذا قدم مكّة طواف بالبيت، و ركعتان عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و سَعْيٌ بين الصّفا و المروة، ثم يقصّر، و قد أحلَّ، هذا للعمرة، و عليه للحجِّ طوافان، و سعي بين الصّفا و المروة، و يصلّي عند كلّ طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (2)

2- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المتمتّع عليه ثلاثة أطواف بالبيت، و طوافان بين الصّفا و المروة، و قطع التلبية من متعته إذا نظر إلى بيوت مكّة، و يحرم بالحجِّ يوم التروية، و يقطع التلبية يوم عَرَفَة حين تزول الشمس (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: على المتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ ثلاثة أطواف بالبيت، و يصلّي لكلّ طواف ركعتين، و سَعيان بين الصفا و المروة (4)

179- باب صفة الإِقْران و ما يجب على القارِن

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن

ص: 292


1- في التهذيب: فعليه، بدل: و عليه، و الظاهر أن ما في التهذيب أنسب لمكان التفصيل لما سبق ذكره أول الحديث. و الله العالم.
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 33. و الحديث حسن كالصحيح.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 34. و فيه: و يقطع ...، بدل: و قطع .. ، الأول. هذا، و تدل أخبار هذا الباب على ما هو المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم طواف النساء في عمرة التمتع.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 35. هذا و يقول المحقق في الشرائع 236/1: ﴿أما التمتع فصورته أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتع بها ثم يدخل بها مكة، فيطوف سبعاً بالبيت، و يصلّي ركعتيه بالمقام، ثم يسعى بين الصفا و المروة سبعاً، و يقصُر. ثم ينشيء إحراماً آخر للحج من مكة يوم التروية على الأفضل، و إلا بقدر ما يعلم أنه يدرك الوقوف، ثم يأتي عرفات فيقف بها إلى الغروب، ثم يفيض إلى المشعر فيقف به بعد طلوع الفجر، ثم يفيض إلى منى فيحلق بها يوم النحر و يذبح هديه و يرمي جمرة العقبة. ثم إن شاء أتى مكة ليومه أو لغده فطاف طواف الحج و صلى ركعتيه و سعى سعيه، و طاف طواف النساء و صلى ركعتيه ثم عاد إلى منى ليرمي ما تخلّف عليه من الجمار ... الخ﴾.

أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يكون القارن إلّا بسياق الهدي، و عليه طوافان بالبيت، و سعي بين الصّفا و المروة كما يفعل المفرِد، ليس بأفضل من المفرد إلّا بسياق الهَدْي (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: القارن لا يكون إلّا بسياق الهدي، و عليه طواف بالبيت، و ركعتان عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و سَعْيٌ بين الصّفا و المروة، و طواف بعد الحجِّ، و هو طواف النساء (2)

3- عليُّ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: إنّي سُقْتُ الهدي و قَرَنْتُ؟ قال: و لِمَ فعلتَ ذلك، التمتّع أفضل؟ ثمَّ قال: يجزيك فيه طواف بالبيت (3)، و سعي بين الصّفا و المروة واحد. و قال: طُفْ بالكعبة يوم النحر.

180- باب صفة الإِشْعار (4) و التقليد (5)

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي قد اشتريت بدنةً، فكيف أصنع بها؟ فقال: انطلق حتّى تأتي مسجد الشجرة، فأفِضْ عليك من الماء، و البس ثوبيك، ثمَّ أنِخْها مستقبلَ القبلة، ثمَّ أدخل المسجد فصلِّ، ثمّ افرض (6) بعد صلاتك، ثمَّ اخرج إليها فأَشْعِرْها من الجانب الأيمن من سنامها، ثمَّ قال: بسم الله، اللّهمَّ منك و لك، اللّهمَّ تقبّل منّي، ثمّ انطلق حتّى تأتي البيداء فَلَبّه (7)

ص: 293


1- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 52 بتفاوت يسير. و ما دل عليه الحديث من أن الفرق بين المفرد و القارن إنما هو سياق الهدي هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم
2- التهذيب 5، نفس الباب، صدر ح 51.
3- ﴿لعله محمول على التقية، أو المراد به جنس الطواف بقرينة عدم التقييد بالوحدة كما قيد في مقابله ...﴾ مرآة المجلسي 196/17. و الحديث حسن.
4- الإشعار: شقّ سنام الهدي من الجانب الأيمن و يلطخ ذلك الجانب بدمه الخارج منه، و ذلك إذا كان الهدي بدنة.
5- التقليد: -إن كان الهدي غير بدنة- هو عبارة عن تعليق نعل قد صلّى السايق للهدي فيه و لو نافلة في رقبته. و منهم من اكتفى بالصلاة فيه و لو من غير المقلّد. و لا مانع من تقليد البدن دون إشعارها.
6- ظاهره الإهلال بالتلبية.
7- الفقيه 2، 114- باب الإشعار و التقليد، ح 8 بتفاوت. و الحسن بن علي، هو ابن فضال.

2- الحسين بن محمد الأشعريُّ، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان، عن محمد الحلبيَّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن تجليل الهدي (1) و تقليدها ؟ فقال: لا تبالي أيّ ذلك فعلتَ، و سألته عن إشعار الهدي؟ فقال: نعم، من الشقّ الأيمن، فقلت: متى نُشْعِرها؟ قال: حين تريد أن تُحرم.

3- أَبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله؛ و زرارة قالا: سألنا أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن البُدْن، كيف تُشْعر، و متى يُحرم صاحبها، و من أيِّ جانب تُشْعر، و معقولة تُنحر أو باركة؟ فقال: تنحر معقولة، و تُشْعَر من الجانب الأيمن.

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن البُدن، كيف تشعر؟ قال: تُشعر و هي معقولة، و تُنحر و هي قائمة، تُشعر من جانبها الأيمن، و يُحرِمُ صاحبها إذا قُلّدت و أُشعرت (2)

5- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كانت البُدْنُ كثيرة، قام فيما بين ثنتين، ثمَّ أشعر اليمنى ثمَّ اليسرى، و لا يشعر أبداً حتّى يتهيّا للإحرام ، لأنّه إذا أشعر و قلّد و جلّل، وجب عليه الإحرام، و هي بمنزلة التلبية (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: البُدْن تُشعر من الجانب الأيمن، و يقوم الرَّجل في جانب الأيسر، ثمَّ يقلّدها بنعل خَلِقٍ (4) قد صلّى فيها.

181- باب الإفْراد

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي

ص: 294


1- تجليل الهدي: إلباسها الجُلّ.
2- روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 114- باب الإشعار و التقليد ، ح7، في رواية عبد الله بن سنان عنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (یعنی أبا عبد الله عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)): إنها تُشعر و هي معقولة.
3- المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم أن عقد الإحرام للمتمتع و المفرد لا يتم إلا بالتلبية، و أما القارن فهو مخيّر في عقد إحرامه بين التلبية و بين الإشعار أو التقليد ، و بأيهما بدأ أجزأ و كان الثاني مستحباً. نعم، نقل عن السيد المرتضى و ابن إدريس القول بعدم عقد الإحرام بغير التلبية في الجميع.
4- أي بالٍ، عتيق.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المفرِدُ بالحجِّ عليه طواف بالبيت، و ركعتان عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و سَعْيٌ بین الصّفا و المروة، و طواف الزيارة، و هو طواف النساء (1)، و ليس عليه هَدْيٌ و لا أضحية. قال: و سألته عن المفرِدِ للحجِّ، هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟ قال: نعم، ما شاء، و يجدّد التلبية بعد الرَّكعتين و القارن بتلك المنزلة، يعقدان ما أحلّا من الطّواف بالتلبية (2)

182- باب في مَن لم يَنْو المتعة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل لبّى بالحجِّ مفرداً، فقَدِمَ مكّة و طاف بالبيت، و صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و سعى بين الصّفا و المروة؟ قال: فليحلَّ و ليجعلها متعة، إلّا أن يكون ساق الهدي (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: من طاف بالبيت، و بالصّفا و المروة، أحلَّ، أحبَّ أو كره (4)

3- أحمد، عن الحسن بن عليّ، عن يونس بن يعقوب، عمّن أخبره، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما طاف بين هذين الحَجَرَيْن الصّفا و المروة أحد إلّا أحلَّ، إلّا سائق الهدي (5)

ص: 295


1- تسمية طواف النساء بطواف الزيارة خلاف المشهور بين الأصحاب.
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 60. و قال الشيخ رحمه الله بعد إيراده هذا الحديث: فقه هذا الحديث؛ أنه قد رخَصٍ للقارن و المُفْرِد أن يقدِّما طواف الزيارة قبل الوقوف بالموقفين، فمتى فعلا ذلك، فإن لم يجدّدا التلبية يصيرا مُحِلّين، و لا يجوز ذلك، فلاجله أمر المفرد و السائق بتجديد التلبية عند الطواف، مع أن السائق لا يُحِلّ و إن كان قد طاف لسياقه الهدي.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام ح 101 بتفاوت و زيادة في آخره. و كذلك هو في الاستبصار 2، 102- باب كيفية التلفظ بالتلبية، ح 12. هذا، و يجوز للمفرد عندنا أن يعدل إلى التمتع إذا دخل مكة دون القارن، و قد نص على ذلك المحقق في الشرائع 201/1، وادعى عليه في المعتبر الإجماع.
4- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 61. الفقيه 2، 110- باب وجوه الحج، ح 2 بزيادة في آخره. و قد استدل به الشيخ على ما إذا لم يجدّد كل من السائق و المفرد التلبية، و كذلك استدل بالحديث الذي يله
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 62.

183- باب حَجّ المُجَاوِرِينَ وَ قُطَّان مكّة

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس لأهل سَرِف، و لا لأهل مَرّ، و لا لأهل مكّة متعة، يقول الله عزَّ و جلَّ (1): ﴿ذَلِکَ لِمَنْ لَمْ یَکُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: لأهل مكّة متعة؟ قال: لا، و لا لأهل بستان (3)، و لا لأهل ذات عِرْق (4)، و لا لأهل عسفان و نحوها (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ذَلِکَ لِمَنْ لَمْ یَکُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، قال: من کان منزله على ثمانية عشر ميلاً من بين يديها، و ثمانية عشر ميلاً من خلفها، و ثمانية عشر ميلاً عن يمينها، و ثمانية عشر ميلاً عن يسارها، فلا متعة له مثل مَرّ و أشباهها.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن داود، عن حمّاد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أهل مكة، أيتمتّعون ؟ قال: ليس لهم متعةٌ، قلت: فالقاطن بها؟ قال: إذا أقام بها سنة (6) أو سنتين صَنَعَ صُنْعَ أهل مكة، قلت: فإن مكث الشهر؟ قال: يتمتّع، قلت: من أين؟ قال: يخرج من الحرم (7)، قلت: أين يُهِلَّ بالحجِّ؟ قال: من مكّة نحواً ممّا يقول الناس.

ص: 296


1- البقرة/196.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 25 بتفاوت في الترتيب. و كذلك هو في الاستبصار 2، 91- باب فرض من كان ساكن الحرم من أنواع الحج ، ح 1. و مَرّ: اسم موضع: بينه و بين مكة خمسة أميال. و سَرِف: اسم موضع على بعد بضعة أميال عن مكة و هو قريب للتنعيم، و قال في النهاية: إنه على بعد عشرة أميال من مكة، وقيل: أقل، وقيل: أكثر.
3- قال في المغرب: بستان بني عامر، موضع قرب مكة.
4- ذات عِرق: منتهى ميقات أهل العراق.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- هذا خلاف ما عليه المشهور عندنا من اشتراط إقامة السنتين.
7- ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يخرج من الحرم: أعلم أن الأصحاب قد قطعوا بأن من كان بمكة و كان فرضه التمتع إذا أراد حجة الإسلام يخرج إلى الميقات مع الإمكان فيحرم منه، فإن تعذّر خرج إلى أدني الحِلّ، فإن تعذّر أحرم من مكة، ويدل على هذا التفصيل روايات، و ظاهر هذا الخبر جواز الإحرام إختياراً من أدنى الحِلّ﴾ مرآة المجلسي 203/17.

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي أُريد الجوار فكيف أصنع؟ قال: إذا رأيت الهلال؛ هلالَ ذي الحجّة، فاخرج إلى الجعِرانة فأحرم منها بالحجِّ، فقلت له: كيف أصنع إذا دخلت مكّة، أُقيم إلى يوم التّروية، لا أطوف بالبيت؟ قال: تقيم عشراً لا تأتي الكعبة، إنَّ عشراً لكثير، إنَّ البيت ليس بمهجور ، و لكن إذا دخلت فطف بالبيت واسع بين الصّفا و المروة، فقلت له: أليس كلُّ من طاف بالبيت و سعى بين الصّفا و المروة فقد أحلَّ؟ قال: إنّك تعقد بالتلبية، ثمَّ قال: كلّما طفت طوافاً و صلّيت ركعتين فاعقد بالتلبية (1)، ثمَّ قال: إنَّ سفيان فقيهكم أتاني فقال: ما يحملك على أن تأمر أصحابك يأتون الجَعِرانة فيحرمون منها؟ فقلت له: هو وقت من مواقیت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: و أيُّ وقت من مواقيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) هو؟ فقلت له: أحرم منها حين قسّم غنائم حنين و مرجعه من الطائف، فقال: إنّما هذا شيء أخذته من عبد الله بن عمر، كان إذا رأى الهلال صاح بالحجِّ ، فقلت: أليس قد كان عندكم مَرْضِيّاً؟ قال: بلى، و لكن أَمَا علمت أنَّ أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إنّما أحرموا من المسجد، فقلت: إنَّ أولئك كانوا متمتّعين في أعناقهم الدِّماء، و إنَّ هؤلاء قطنوا بمكّة فصاروا كأنّهم من أهل مكّة، و أهل مكّة لا متعة لهم، فأحببت أن يخرجوا من مكّة إلى بعض المواقيت، و أن يَسْتَغِبّوا (2) به أيّاماً ، فقال لي -و أنا أُخبره أنّها وقت من مواقيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)-: يا أبا عبد الله، فإنّي أرى لك أن لا تفعل، فضحكتُ و قلت: و لكنّي أرى لهم أن يفعلوا، فسأل عبد الرّحمن عمّن معنا من النساء كيف يصنعن؟ فقال: لو لا أنَّ خروج النساء شهرة لأمرت الصّرورة منهنَّ أن تخرج، و لكن مُرْ من كان منهنَّ صرورةً أن تُهِلَّ بالحجِّ في هلال ذي الحجة، فأمّا اللّواتي قد حججن، فإن شئن ففي خمس من الشهر، و إن شئن فيوم التّروية، فخرج و أقمنا، فاعتلَّ بعض من كان معنا الصرورة منهنَّ، فقدم في خمس من ذي الحجّة، فأرسلت إليه أنَّ بعض من معنا من صرورة النساء قد اعتللن (3)، فكيف تصنع؟ فقال: فلتنظر ما بينها و بين التروية، فإن طَهُرُت فلتهلّ

ص: 297


1- إلى هنا رواه في التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 66 بتفاوت يسير جداً. و الجَعِرانة: اسم موضع بين مكة و الطائف و هو أحد حدود الحرم، و قال صاحب الحدائق 456/14: ﴿و قال بعض الفضلاء بعد ذكر الجعرانة ما صورته: بفتح الجيم و كسر العين و فتح الراء المشدّدة، هكذا سمعنا من بعض مشايخنا، و الصحيح ما قاله نفطويه في تاريخه: قال: كان الشافعي يقول: الحديبية بالتخفيف، و يقول أيضا: الجعرانة، بكسر الجيم و سكون العين، و هو أعلم بهذين الموضعين. و قال ابن إدريس: وجدتهما كذلك بخط من أثق به، و قال ابن دريد في الجمهرة: الجعرانة بكسر الجيم و العين و فتح الراء و تشديدها. انتهى ...﴾
2- قال في النهاية 336/3: الغبّ: من أوراد الإبل، أن ترد الماء يوماً و تدعه يوماً ثم تعود، فنقله إلى الزيارة و إن جاء بعد أيام، يقال: غبّ الرجل إذا جاء زائراً بعد أيام، و قال الحسن: في كل أسبوع.
3- أي أصابهن الحيض.

بالحجِّ، و إلّا فلا يدخل عليها يوم التروية إلّا و هي مُحْرمة، و أمّا الأواخر فيوم التروية، فقلت (1): إنَّ معنا صبيّاً مولوداً فكيف نصنع به؟ فقال: مُرْ أُمّه تلقى حميدة فتسألها كيف تصنع بصبيانها، فأتتها فسألتها كيف تصنع؟ فقالت: إذا كان يوم التروية، فأَحرموا عنه، و جرِّدوه، و غسّلوه كما يُجرّد المحرم، وقفوا به المواقف، فإذا كان يوم النّحر، فارموا عنه و أحلقوا عنه رأسه، و مُري الجارية أن تطوف به بين الصفا و المروة، قال: و سألته عن رجل من أهل مكّة يخرج إلى بعض الأمصار، ثمَّ يرجع إلى مكّة فيمرُّ ببعض المواقيت، أَلَه أن يتمتّع؟ قال: ما أزعم (2) أنَّ ذلك ليس له لو فعل، و كان الإهلال أحبَّ إليّ.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: سمعته يقول: المجاور بمكّة سنة، يعمل عمل أهل مكّة، -يعني يُفْرد الحجَّ مع أهل مكّة- و ما كان دون السّنة فله أن يتمتّع (3)

7- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أبان بن عثمان، عن سماعة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المجاور، أَلَه أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال: نعم، يخرج إلى مَهلّ أرضه فَيُلَبّي إن شاء (4)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من دخل مكّة بحجّة عن غيره، ثمَّ أقام سنة فهو مكّيُّ، فإذا أراد أن يحجَّ عن نفسه، أو أراد أن يعتمر بعد ما انصرف من عرفة، فليس له أن يحرم بمكّة، و لكن يخرج إلى الوقت، و كلّما حوَّل رجع إلى الوقت (5)

ص: 298


1- من هنا إلى قوله: و مري الجارية أن تطوف به بين الصفا و المروة ، بتفاوت في التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 71.
2- ما دلت عليه هذه الرواية من وجوب إحرام المكي من الميقات إذا خرج من مكة فمر على أحد المواقيت هو مما اتفق عليه الأصحاب رضوان الله عليهم، كما استدل أكثر أصحابنا بهذه الرواية أيضاً على جواز التمتع لمثل هذا الشخص، و خالف في ذلك ابن أبي عقيل مستنداً إلى ما هو المعروف من أنه لا متعة لأهل مكة. هذا، و الحديث صحیح.
3- الحديث مجهول، و ما تضمنه من كفاية السنة ليعمل عمل أهل مكة في نوع الحج هو خلاف المشهور عندنا و قد نبهنا عليه سابقاً.
4- التهذيب 5، 6 -باب المواقيت، ح 34. و الحديث محمول على مضي سنتين على جواره أو على غير حجة الإسلام. و المراد بمهلّ أرضه أي ميقات بلده الأصلي. و الحديث ضعيف على المشهور.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 35. و قوله: و كلما حوّل: أي مضى عليه حَوْلٌ. و ما تضمنه من كون حكمه حكم أهل مكة بمضي سنة مخالف لما عليه المشهور. و قد تقدم.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن أبي الفضل قال: كنت مجاوراً بمكّة، فسألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أين أُحرم بالحجِّ؟ فقال: من حيث أحرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من الجَعِرانة، أتاه في ذلك المكان فتوح: فتح الطائف، و فتح خيبر، و الفتح، فقلت: متى أخرج؟ قال: إن كنت صرورةً فإذا مضى من ذي الحجّة يوم، و إن كنت قد حججت قبل ذلك، فإذا مضى من الشهر خمس.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المجاور بمكّة إذا دخلها بعمرة في غير أشهر الحجِّ، في رجب، أو شعبان، أو شهر رمضان، أو غير ذلك من الشهور، إلّا أشهر الحجّ، فإنَّ أشهر الحجّ: شوَّال، و ذو القعدة، و ذو الحجّة، من دخلها بعمرة في غير أشهر الحجِّ، ثمَّ أراد أن يُحرم، فليخرج إلى الجَعِرانة فيحرم منها، ثمَّ يأتي مكّة، و لا يقطع التّلبية حتّى ينظر إلى البيت، ثمَّ يطوف بالبيت، و يصلّي الركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ يخرج إلى الصّفا و المروة فَيَطَّوَّفَ بينهما، ثمَّ يقصّر و يحلّ، ثمَّ يعقد التلبية يوم التروية (1)

184- باب حجّ الصّبيان و المماليك

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا حجَّ الرَّجل بابنه و هو صغير، فإنّه يأمره أن يلبّي و يفرض الحجَّ، فإن لم يحسن أن يلبّي لبّى عنه، و يُطاف به، و يصلّى عنه، قلت: ليس لهم ما يذبحون؟ قال: يذبح عن الصّغار و يصوم الكبار و يُتّقى عليهم ما يُتّقى على المحرم من الثّياب و الطّيب، فإن قتل صيداً فعلى أبيه (2)

2- أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أيّوب أخي أديم (3) قال: سئل

ص: 299


1- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 36 بتفاوت في الصدر هو عبارة عن زيادة توضيحية معترضة، و الحديث مجهول. و سوف يأتي الكلام حول متى يقطع المتمتع أو غيره التلبية إنشاء الله.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 70. الفقيه 2، 155- باب حج الصبيان، ح 1 بتفاوت یسیر. هذا و الحديث ضعيف على المشهور، و ما تضمنه من أحكام مشهورة بين أصحابنا، و إن كانوا قد حكموا بلزوم الولي كل كفارة يتسبب بها الصبي الذي يحج به وليّه من دون اختصاص بكفارة الصيد فقط.
3- يعني ابن الحر.

أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أين يجرِّد الصّبيان؟ فقال: كان أبي يجرّدهم من فَخّ (1)

3- محمد بن يحيى، عن الحسن بن عليّ، عن يونس بن يعقوب، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ معي صبيةً صغاراً، و أنا أخاف عليهم البرد، فمن أين يُحْرمون؟ قال: ائت بهم العَرْج (2) فيحرموا منها فإنّك إذا أتيت العَرْج وقعت في تهامة، ثمَّ قال: فإن خفت عليهم فأتِ بهم الجُحْفَة (3)

4- عليَّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: انظروا من كان معكم من الصّبيان فقدّموه إلى الجحفة، أو إلى بطن مَرّ، و يصنع بهم ما يصنع بالمحرم، و يطاف بهم، و يُرمى عنهم، و من لا يجد منهم هدياً فليصم وليّه، و كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يضع السكّين في يد الصّبيّ، ثمَّ يقبض على يديه الرَّجل فيذبح (4)

عنه

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الفضل بن يونس، عن أبي الحسن (5) (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على المملوك حجُّ و لا عمرة حتّى يُعتق (6)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن غلمان لنا دخلوا معنا مكّة بعُمْرة، و خرجوا معنا إلى عرفات بغير إحرام؟ قال : قل لهم يغتسلون ثمَّ يُحرمون، و اذبحوا عنهم كما تذبحون عن أنفسكم (7)

ص: 300


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 67 و فيه: عن أيوب بن الحر قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و بتفاوت قليل. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. وفخّ: موضع على بعد فرسخ من مكة. و يقول المحقق في الشرائع 247/1: ﴿إذا أحرم الولي بالصبي جرّده من فخ، و فعل به ما يجب على المحرم و جنّبه ما يجتنبه ...﴾.
2- العرج: قرية من أعمال الطائف، على بعد أيام من المدينة.
3- الفقيه 2، 155- باب حج الصبيان، ح 3 بتفاوت يسير جداً. و الحديث مجهول.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 69 و رواه إلى قوله: فليصم عنه وليّه. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و بطن مَرّ: موضع على نحو مرحلة من مكة. هذا و يقول المحقق في الشرائع 247/1: ﴿... و لو فعل الصبي ما يجب به الكفارة لزم ذلك الولي في ماله، و كل ما يعجز عنه الصبي يتولاه الولي من تلبية و طواف و سعي و غير ذلك، و يجب على الولي الهدي من ماله أيضاً، و روي: إذا كان الصبي مميزاً جاز أمره بالصيام عن الهدي، و لو لم يقدر على الصيام صام الولي عنه مع العجز عن الهدي﴾.
5- هو الإمام الكاظم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) .
6- مر هذا الحديث برقم 7 من الباب 155 من هذا الجزء.
7- الحديث موثق، ويدل على جواز الإحرام بالأطفال للحج من عرفات.

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: كلُّ ما أصاب العبد و هو مُحرم في إحرامه، فهو على السيّد، إذا أذن له في الإحرام (1)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن غلام لنا خرجتُ به معى، و أمرته فتمتّع و أهلَّ بالحجِّ يوم التروية، و لم أذبح عنه، أَلَه أن يصوم بعد النفر و قد ذَهَبَتْ الأيّام الّتي قال الله عزَّ و جلَّ؟ فقال: ألّا كنت أمرتَه أن يفرد الحجَّ؟ قلت: طلبت الخير، فقال: كما طلبت الخير فاذبح شاة سمينة، و كان ذلك يوم النّفر الأخير (2)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن سماعة أنّه سئل عن رجل أمر غلمانه أن يتمتّعوا؟ قال: عليه أن يضحي عنهم، قلت: فإنّه أعطاهم دراهم، فبعضهم ضَحّى و بعضهم أمسك الدَّراهم و صام؟ قال: قد أجزاً عنهم، و هو بالخيار إن شاء تركها، قال: و لو أنّه أمرهم و صاموا كان قد أجزأَ عنهم (3)

185- باب الرجل يموت صَرُورَةِّ أو يوصي بالحج

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل توفّي و أوصى أن يحجَّ عنه، قال: إن كان صَرورةً فمن جميع المال، إِنّه بمنزلة الدَّين الواجب، و إن كان قد حجَّ فمن ثُلُثِهِ، و من مات و لم يحجَّ حجّة الإسلام، و لم يترك إلّا قدر نفقة الحَمولة، و له ورثة، فهم أحقُّ بما ترك، فإن شاؤوا أكلوا، و إن شاؤوا [أ] حَجّوا عنه (4)

ص: 301


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 247. الاستبصار 2، 140- باب المملوك يحرم بإذن مولاه ثم ...، ح 2 بتفاوت. الفقيه 2، 153- باب حج المملوك و المملوكة، ح 1.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 8. الاستبصار 2، 178- باب المملوك يتمتع بإذن مولاه هل ... ، ح 5. ﴿قوله: فاذبح ... ، محمول على الاستحباب، إذ على المشهور ، لا يخرج وقت الصوم إلا بخروج ذي الحجة، فكان يمكنه أن يأمره بالصوم قبل ذلك، و يمكن حمله على التقية، لأنه حكى في التذكرة عن بعض العامة قولاً بخروج وقت صوم الثلاثة الأيام بمضي يوم عرفة﴾، مرآة المجلسي 212/17.
3- الفقيه 2، 155- باب حج الصبيان، ح 5. الحديث ضعيف على المشهور، ويدل على ما هو المشهور عندنا.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 58. و كرره بتفاوت برقم 44 من الباب 18 من الجزء 9 من التهذيب. الاستبصار 2، 217- باب من مات و لم يخلّف إلا مقدار نفقة الحج و لم ... ، ح 1. الفقيه 2، 161- باب ما يقضى عن الميت من حجة الإسلام أوصى أو ... ح 1. بتفاوت و أخرجه عن هارون بن حمزة الغنوي عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و رووا جميعاً ذيل الحديث فقط. و الحَمولة: الدابة تحمل عليها الأثقال و الناس. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و إن شاؤوا أكلوا: أي أنفقوا المال الذي تركه الميت على أنفسهم. و قد دل الحديث على أن الحج من ثلث المال بمنزلة الدين أوصى به أو لم يوصِ و هو مما أجمع عليه أصحابنا.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن سعد بن أبي خَلَف قال: سألت أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل الصّرورة يحجُّ عن الميّت؟ قال: نعم، إذا لم يجد الصرورة ما يحجُّ به عن نفسه، فإن كان له ما يحجُّ به عن نفسه، فليس يجزىء عنه حتّى يحجَّ من ماله، و هي تجزى عن الميّت إن كان للصّرورة مال و إن لم يكن له مال (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل صرورة مات و لم يحجّ حجّة الإسلام، و له مال؟ قال: يحجّ عنه صرورةٌ لا مال له (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألته عن الرَّجل يموت و يوصي بحجّة، فيعطى رجلٌ دراهم يحجّ بها عنه، فيموت قبل أن يحجَّ، ثمَّ أعطى الدّراهم غيره؟ قال: إن مات في الطريق أو بمكّة قبل أن یقضی مناسكه فإنّه يجزىء عن الأوّل؟ قلت: فإن ابتلى بشيء يفسد عليه حجّه حتّى يصير عليه الحجّ من قابل، أيجزىء عن الأوّل؟ قال: نعم، قلت: لأنَّ الأجير ضامن للحجِّ؟ قال: نعم (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أعطى رجلاً ما يحجّه، فحدَثَ بالرَّجل حَدَثُ؟ فقال: إن كان

ص: 302


1- الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 2 و أخرجه عن سعيد بن عبد الله الأعرج عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). التهذيب 5، نفس الباب، ح 73. الاستبصار 2، 219- باب جواز أن يحج الضرورة عن ... ، ح 1. و قد دل الحديث على أن من استكمل شرائط الاستطاعة فوجب عليه الحج و استقر لا تصح نيابته، بل لو حج عن غيره لم تُجِز عن أحدهما، و أما من لم يستكمل الشرائط تصح نيابته و لو كان حجّه صرورة. هذا هو المعروف و المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم، و عليه فلا بد من حمل قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في ذيل الحديث: و هي تجزىء عن الميت إن كان للصرورة مال، على الميت الصرورة دون النائب الصرورة. و الذي يؤيد هذا ما ورد في ذيل الحديث على رواية الفقيه: و هو يجزي عن الميت كان له مال أو لم يكن له مال.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 74. الاستبصار 2، 219- باب جواز أن يحج الصرورة عن الصرورة إذا ... ، ح 2 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 96. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 232/1: ﴿و من استؤجر فمات في الطريق فإن أحرم و دخل الحرم فقد أجزأت عمن حج عنه، و لو مات قبل ذلك لم يُجزِ، و عليه أن يعيد من الأجرة ما قابل المتخلف من الطريق ذاهباً و عائداً، و من الفقهاء من اجتزأ بالإحرام و الأول أظهر﴾. أقول: و من اجتزأ بالإحرام من فقهائنا الشيخ في الخلاف، و ابن إدريس.

خرج فأصابه في بعض الطريق فقد أجزءت عن الأوّل، و إلّا فلا (1)

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليّ بن النعمان، عن سويد القلّاء، عن أيّوب (2)، عن بريد العجليِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل استَوْدَعَني مالاً فهلك، و ليس لولده شيءٌ، و لم يحجَّ حجّة الإسلام؟ قال: حجّ عنه، و ما فضل فأَعطهم (3)

186- باب المرأة تحجّ عن الرجل

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب، عن مصادف، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المرأة تحجُّ عن الرَّجل الصّرورة؟ فقال: إن كانت قد حجّت، و كانت مسلمة فقيهة، فَرُبَّ امرأة أفقهُ من رجل (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يحجُّ عن المرأة، و المرأة تحجُّ عن الرَّجل؟ قال: لا بأس (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): امرأة امرأة من أهلنا مات أخوها، فأوصى بحجّة، و قد حجّت المرأة، فقالت: إن صلح حَجَجْتُ أنا عن أخي، و كنت أنا أحقَّ بها من غيري؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) : لا بأس بأن تحجَّ عن أخيها، و إن كان لها مال، فلتحجَّ من مالها، فإنّه أعظم لأجرها.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن

ص: 303


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 97.
2- هو ابن الحرّ.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 94. الفقيه 2، 167- باب الحج من الوديعة، ح 1. هذا و يقول المحقق في الشرائع 234/1: ﴿لو كان عند إنسان وديعة و مات صاحبها و عليه حجة الإسلام و علم أن الورثة لا يؤدون ذلك جاز أن يقتطع قدر أجرة الحج فيستأجر به لأنه خارج عن ملك الورثة﴾.
4- التهذيب،، نفس الباب، ح 82 بتفاوت في الترتيب ، و كذلك هو في الاستبصار 2، 220- باب جواز أن تحج المرأة عن الرجل، ح 3. و أخرجاه عن موسى بن القاسم، عن الحسن اللؤلؤي، عن الحسن بن محبوب، عن مصادف قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... و ما تضمنه الحديث- و هو ضعيف على المشهور- من المنع عن نيابة المرأة الصرورة هو خلاف المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم. و منع منه الشيخ في صريح الاستبصار و ظاهر التهذيب.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 83. الاستبصار 2، 220- باب جواز أن تحج المرأة عن الرجل، ح 2. و الحديث حسن. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فلتحج من مالها: يعني نيابة عن الميت و إن كان له مال، لا تأخذ من مال الميت شيئاً فيكون ثوابها أعظم.

أيّوب، عن رِفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: تحجّ المرأة عن أخيها و عن أُختها. و قال: تحجّ المرأة عن ابنها (1)

187- باب من يُعْطى حجة مفردة فيتمتع، أو يخرج من غير الموضع الذي يشترط

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أعطى رجلاً دراهم يحجُّ بها عنه حجّة مفردة، أيجوز له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ فقال: نعم، إنّما خالفه إلى الفَضْل (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن حريز قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أعطى رجلاً حجّة يحجُّ بها عنه من الكوفة، فحجَّ عنه من البصرة؟ قال : لا بأس، إذا قضى جميع مناسكه فقد تمَّ حجّه (3)

ص: 304


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 84. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. و في ذيلهما: عن أبیها، بدل: عن ابنها. هذا، و جواز أن تحج المرأة عن الرجل و عن المرأة أمر متفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم، و إن قالوا بكراهة نيابتها إذا كانت صرورة كما نص عليه المحقق في الشرائع 234/1. نعم صريح الشيخ في الاستبصار كظاهره في التهذيب المنع منه كما سبق.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 92. الاستبصار 2، 221- باب من أعطى غيره حجة مفردة فحج عنه متمتعاً، ح 1 و في ذيله زيادة: و الخير. الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 11. هذا، و قد اختلف أصحابنا رضوان الله عليهم في جواز العدول و عدمه في هذه الحالة، و الظاهر أن من جوّز منهم العدول إنما جوزه استناداً إلى هذه الرواية بشرط أن يكون العدول إلى الأفضل كالعدول من الإفراد إلى القِران و منهما إلى التمتع لا منه إليهما، و لا من القِران إلى الإفراد، و قد استشكل بعضهم حتى في هذا، خاصة مع اختلاف ميقات المعيّن مع ميقات المعدول إليه. قال المحقق في الشرائع 232/1: ﴿و يجب أن يأتي بما شُرط عليه (أي النائب) من تمتع أو قِران أو إفراد، و روي: إذا أمِرَ أن يحج مفرداً أو قارناً فحج متمتعاً جاز، لعدوله إلى الأفضل، و هذا يصح إذا كان الحج مندوباً، أو قصد المستأجر الإتيان بالأفضل، لا مع تعلق الفرض بالقِران أو الإفراد﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 91 و فيه: ... جميع المناسك، الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 10. هذا، و لا إشكال عند فقهائنا في صحة الحج و اجزائه من حيث أنه حج لو خالف الأجير فسلك غير الطريق التي عينها المستأجر له ليسلكها. و إن كانوا قد اختلفوا في جواز عدول المستأجر عنها و عدمه. فقد جوّز الشيخ (رحمة الله علیه) له العدول مطلقاً ربما استناداً إلى هذه الرواية. كذلك جوّز العدول ابن إدريس في سرائره، و في الجامع نفي البأس عنه، و لكن المحقق في الشرائع و الشهيد الأول في اللمعة و كذلك ذهب صاحب المدارك (رحمة الله علیه) إلى التفصيل بين ما إذا كان قد تعلق غرض معين للمستأجر في الطريق المعيّنة فلم يجوّزوا في هذه الحال للمستأجر العدول عنها بل يجب عليه الوفاء بما اشترط عليها في سلوكها استناداً إلى أوفوا بالعقود و المؤمنون عند شروطهم، و خاصة مع اختلاف الميقاتين إذا استلزمه مخالفة الطريق المعينة. و قد ناقش بعض فقهائنا في فقه الرواية المذكورة من حيث الظهور، فذكر صاحب الجواهر (رحمة الله علیه) أنه لا ظهور لها في جواز المخالفة حتى مع الفرض، و غاية ما تدل عليه صحة الحج و إن هذه المخالفة لا تفسده و هو المراد بنفي البأس و ذلك غير محل البحث. بل في كشف اللثام إن ظاهر الرواية عدم تعلق الغرض بالطريق، بل فيه و في المدارك احتمال أن الكوفة في الرواية صفة لرجل لا صلة ليَحُجّ.

188- باب من يوصي بحجة فَيُحَجّ عنه من غير موضعه أو يوصي بشيء قليل في الحج

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن زكريّا بن آدم قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل مات و أوصى بحجّة، أيجوز أن يحجَّ عنه من غير البلد الّذي مات فيه؟ فقال: ما كان دون الميقات فلا بأس (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن أَبَان بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أوصى بحجّة فلم تَكْفِهِ من الكوفة: إنّها تجزىء حجّته من دون الوقت (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبد الله (3) قال: سألت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يموت فيوصي بالحجّ، من أين يُحَجُّ عنه؟ قال: على قدر ماله، إن وسعه ماله فمن منزله، و إن لم يسعه ماله من منزله فمن الكوفة، فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة (4)

4- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أوصى أن يحجَّ عنه حجّة الإسلام، فلم يبلغ جميع ما ترك إلّا خمسين درهماً؟ قال: يحجُّ عنه من بعض الأوقات الّتي وقّتها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من قُرْب (5)

ص: 305


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مجهول. و الوقت: هو الميقات.
3- ﴿توسطه بين ابن أبي نصر و بينه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) غير معهود﴾ مرآة المجلسي 17/ 220.
4- الحديث مجهول.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 57. و كرره برقم 43، من الباب 18 من الجزء 9 من التهذيب. الاستبصار 2، 217- باب من مات و لم يخلف إلا مقدار نفقة الحج و لم ... ، ح 2. هذا و المشهور بین أصحابنا الاستئجار للحج النيابي من أقرب المواقيت إلى مكة إن أمكن و إلا فمن الأقرب إليه فالأقرب، و قد نسبه صاحب المدارك إلى أكثر الأصحاب، و نسبه في كشف اللثام إلى المبسوط و الخلاف، و نسبه في المستند إلى الفاضلين في كتبهما، و هو ما تقتضيه كتب المحقق و الروضة و المسالك و غيرها. و قال المحقق في الشرائع 229/1: ﴿يُقضى الحج من أقرب الأماكن، وقيل: يستأجر من بلد الميت، وقيل: إن اتسع المال فمن بلده و إلا فمن حيث يمكن ، و الأول أشبه﴾.

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان- أو (1) عن رجل- عن

محمد بن سنان- عن ابن مسكان، عن أبي سعيد (2)، عمّن سأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أوصى بعشرين درهماً في حجّة؟ قال: يحجُّ بها رجل من موضعِ بَلَغَه (3)

189- باب الرجل يأخذ الحجة فلا تكفيه أو يأخذها فيدفعها إلى غيره

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل قال: أمرت رجلاً يسأل أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يأخذ من رجل حجّة فلا تكفيه، أَلَه أن يأخذ من رجل أُخرى، و یتّسع بها، و يجزىء عنهما جميعاً، أو يشركهما جميعاً، إن لم تكفه إحداهما؟ فذكر أنّه قال: أَحَبُّ إليّ أن تكون خالصة لواحد، فإن كانت لا تكفيه فلا يأخذها (4)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن جعفر الأحول، عن عثمان بن عيسى قال: قلت لأبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في الرَّجل يُعْطى الحجّة فيدفعها إلى غيره؟ قال: لا بأس به (5)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن أحمد بن محمد، عن محسن بن أحمد، عن أبان، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ أوصى بحجّة فلم تَكْفِهِ؟ قال: فيقدّمها حتّى يحجَّ دون الوقت (6)

ص: 306


1- الترديد من الراوي. و لا يوجد في سند التهذيب.
2- في سند الفقيه : عن أبي بصير.
3- الفقيه 2، 166- باب من أوصى في الحج بدون الكفاية، ح 1 و فيه: بعشرين ديناراً ... التهذيب 9، 18- باب وصية الإنسان لعبده و عتقه له، ح 47 و بتفاوت يسير في الجميع.
4- الفقيه 2، 165- باب من يأخذ حجة و لا تكفيه ح 1 بتفاوت، و فيه أو يتركهما ... ، بدل: أو يشركهما ... و قد أجمع علماؤنا على عدم جواز أن ينوب نائب واحد عن اثنين في حج واجب لعام واحد، لعدم ثبوت مشروعية ذلك بل الثابت خلافه، فلو وقع الحج كذلك بطل لامتناعه لهما لعدم قابليته للتوزيع و لا لواحد بخصوصه لعدم الترجيح نعم، الظاهر صحة التشريك في الحج المندوب بمعنى نيابته عنهما مثلاً فضلاً عن إهداء الثواب لهما ...
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 95. بدون: به، في الذيل. و كرره برقم 255 من نفس الباب. و قال المجلسي في المرآة 221/17 بعد أن رمى هذا الحديث بالضعيف على المشهور: ﴿و قال الشهيد و المقصود بالأب هنا الأعم من الأب المباشر فيشمل الأب و إن علا و لكن للأب دون الأم
6- ﴿مجهول ، و هو بالباب السابق أنسب، و قد مر القول في مثله﴾ مرآة المجلسي 222/17.

190 - باب الحج عن المُخَالف

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن وهب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيحجُّ الرَّجل عن النّاصب ؟ فقال: لا، فقلت: فإن كان أبي؟ قال: [ف]ان كان أباك فنعم (1)

2- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزيار قال: كتبت إليه (2): الرَّجل يحجُّ عن الناصب، هل عليه إثمٌ إذا حجَّ عن الناصب، و هل ينفع ذلك الناصب أم لا؟ فكتب: لا يَحجّ عن الناصب ولا يَحَجّ به.

191- باب

1- محمد بن يحيى، عمّن حدَّثه، عن إبراهيم بن مهزيار قال: كتبت إلى أبي محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ مولاك عليَّ بن مهزيار أوصى أن يحجَّ عنه من ضيعة صيّر ربعها لك، في كلِّ سنة حجةً إلى عشرين ديتاراً، و أنّه قد انقطع طريق البصرة، فتضاعف المؤونة على الناس، فليس يكتفون بعشرين ديناراً، و كذلك أوصى عدَّة من مواليك في حججهم؟ فكتب: يجعل ثلاث حِجَجٍ حجّتين إن شاء الله (3)

2- إبراهيم قال: و كتب إليه عليُّ بن محمد الحصيني (4): إنَّ ابن عمّي أوصى أن يحجَّ عنه بخمسة عشر ديناراً في كلِّ سنة، فليس يكفي، فما تأمر في ذلك؟ فكتب: يجعل حجّتين في حجّة، إنَّ الله عالم بذلك (5)

ص: 307


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 87. الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 12 بتفاوت يسير في الذيل. و المقصود بالأب هنا الأعم من الأب المباشر فيشمل الأب و إن علا و لكن للأب دون الأم. و ﴿المشهور عدم جواز الحج عن المخالف إلا إذا كان أباً، و تردد في المعتبر في عدم الجواز، و أنكر ابن إدريس النيابة عن الأب أيضاً وادعى عليه الإجماع﴾. مرآة المجلسي 222/17.
2- قال المجلسي في المرآة: يعني الهادي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 9، 18- باب وصية الإنسان لعبده، و عنقه له، صدر ح 40. الفقيه 2، 166- باب من أوصى في الحج بدون الكفاية، ح 2.
4- في كل من الفقيه و التهذيب الحضيني...
5- التهذيب 5، 26 -باب من الزيادات في فقه الحج، ح 64، و كرره كذيل حديث برقم 40 من الباب 18 من الجزء 9 من التهذيب أيضاً. الفقيه 2، نفس الباب،ح 3. و معنى جعل حجتين في حجة، أن تضم المال الموصى به لحجة إلى المال الموصى به لحجة ثانية فتحج بمجموع المالين حجة واحدة كل سنتين. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 243/1: ﴿إذا أوصى الميت أن يحج عنه كل سنة بقدر معيّن فقصر، جمع نصیب سنتين و استؤجر به لسنة، و كذا لو قصر ذلك أضيف به من نصيب الثالثة﴾.

192- باب ما ينبغي للرجل أن يقول إذا حج عن غيره

1- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: الرَّجل يحجُّ عن أخيه، أو عن أبيه، أو عن رجل من الناس، هل ينبغي له أن يتكلّم بشيء؟ قال: نعم، يقول بعد ما يحرم : اللّهمَّ ما أصابني في سفري هذا من تَعَب أو شدَّة أو بلاء أو شَعَث ، فأْجُرْ فلاناً فيه، و أْجُرْني في قضائي عنه (1)

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ مثله (2)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: ما يجب على الّذي يحجُّ عن الرَّجل؟ قال: يسمّيه في المواطن و المواقف (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قيل له: أرأيتَ الّذي يقضي عن أبيه أو أُمّه أو أخيه أو غيرهم، أيتكلّم بشيء؟ قال: نعم، يقول عند إحرامه: اللّهمَّ ما أصابني من نَصَب أو شعث أو شدَّة فأجُرْ فلاناً فيه و اْجُرْني في قضائي عنه (4)

ص: 308


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 98 و رواه مضمراً و فيه: سَغَب ... بدل : شعث .. ، الفقيه 2، 177- باب ما يقول الرجل إذا حج عن ... ، ح 1 . الاستبصار 2، 222- باب من يحج عن غيره هل يلزمه أن يذكره عند .... ، ح 1. هذا و لا إشكال عند أصحابنا رضوان الله عليهم في أن التلفظ بهذا أو غيره ليس شرطاً، فيحمل التلفظ به على الفضل و الاستحباب، و الشَّعَث: تشتت الأمر، و المقصود به هنا ما يصيب الشعر من التشوش و الفوضى نتيجة ترك دهنه و تسريحه. و المشهور استعمال السَّغَب في الجوع مطلقاً. وقيل: و لا يكون إلا مع تعب و مشقة.
2- ورد ذلك في الفقيه، فراجع السند أعلاه فيه.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 99. الاستبصار 2، 222- باب من يحج عن غيره هل يلزمه أن ... ، ح 2. و يحمل الخبر على وجوب عقد النية عنه، و استحباب التلفظ بما سبق.
4- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 83 بزيادة في أوله. و كذا في الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. و يقول المحقق في الشرائع 234/1: ﴿و يستحب أن يذكر النائب من ينوب عنه باسمه في المواطن كلها، و عند كل فعل من أفعال الحج و العمرة﴾.

193- باب الرجل يحج عن غيره فحج عن غير ذلك أو يطوف عن غيره

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن يحيى الأزرق قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يحجُّ عن الرَّجل، يصلح له أن يطوف عن أقاربه؟ فقال: إذا قضى مناسك الحجِّ فليصنع ما شاء (1)

2- محمد بن يحيى رفعه قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أعطى رجلاً مالاً يحجُّ عنه، فحجَّ عن فحج عن نفسه؟ فقال: هي عن صاحب المال (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أخذ من رجل مالاً و لم يحجَّ عنه، و مات لم يخلّف شيئاً؟ قال: إن كان حجَّ الأجير أُخذت حجّته و دفعت إلى صاحب المال، و إن لم يكن حجَّ كتب لصاحب المال ثواب الحجِّ (3)

194- باب من حج عن غيره إن له فيها شركة

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن عليِّ بن أسباط، عن رجل من أصحابنا يقال له: عبد الرحمن بن سنان قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، إذا

ص: 309


1- الفقيه 2، 138- باب الرجل يطوف عن الرجل و هو ...، ح 2 بتفاوت و أخرجه عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 251. الفقيه 2، 148- باب من دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 15 بتفاوت یسير. و الرواية مطلقة من حيث أجزاء الحج سواء نقل النية إلى نفسه بعد عقد الإحرام عن المنوب عنه أو عقد الإحرام ابتداءً عن نفسه هو. و لكن فقهاءنا اختلفوا في أجزاء الجج فيما لو عقد الإحرام عن المنوب عنه ثم نقل النية إلى نفسه بعد ذلك، فقد ذهب صاحب الشرائع و الفاضل في قواعده و غيرهما إلى الحكم. بعدم إجزاء الحج في هذه الصورة، لا عن النائب بعد فرض كون الإحرام لغيره لعدم صحة النقل و لا عن المنوب عنه، لأن الأعمال بالنيّات، و النية منتفية عنه في باقي الأفعال. بينما ذهب كثير من الفقهاء و منهم الشيخ (رحمة الله علیه) و العلامة (رحمة الله علیه) إلى القول بأن الأجير إذا أتم أفعال الحج وقعت عن المستأجر عنه و يستحق الأجير الأجرة أيضاً، و ذلك لاستحقاق المنوب عنه أفعالها بالإحرام عنه فلا يؤثر العدول بعد أن صار كالأجير الخاص الذي استحقت منفعته الخاصة. و لما ذكره الشهيد الأول (رحمة الله علیه) في الدروس من أنه ﴿بناء على أن نية الإحرام كافية عن نية باقي الأفعال و إن الإحرام يستتبع باقي الأفعال، و إن النقل فاسد لمكان النهي ..﴾.
3- روى مضمونه بتفاوت مع حذف السند في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد إيراده الحديث رقم 81.

دخل عليه رجلٌ فأعطاه ثلاثين ديناراً يحجُّ بها عن إسماعيل، و لم يترك شيئاً من العمرة إلى الحجِّ إلّا اشترطه عليه، حتّى اشترط عليه أن يسعى عن وادي مُحَسِّر، ثمَّ قال: يا هذا، إذا أنت فعلت

هذا، كان لإسماعيل حجّة بما أنفق من ماله، و كان لك تِسْعٌ بما أتعبتَ من بدنك (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن عليِّ بن يوسف، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: الرَّجل يحجُّ عن آخر، مالَهُ من الأجر و الثواب؟ قال: للّذي يحجُّ عن رجل، أجرُ و ثوابُ عَشْر حجج (2)

195- باب نادر

1- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عمّن ذكره، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجل دفع إلى خمسة نفر حجّة واحدة فقال: يحجُّ بها بعضهم، فسوَّغها رجل منهم؟ فقال لي: كلّهم شركاء في الأجر، فقلت: لمن الحجُّ؟ قال: لمن صلّى في الحرِّ و البرد (3)

196- باب ما الرجل يُعطى الحج فيصرف ما أخَذَ في غير الحج أو تفضل الفضلة مما اُعطْي

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، جميعاً عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبد الله القميِّ قال: سألت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يعطى الحجّة يحجُّ بها، و يوسّع على نفسه، فيفضل منها، أيردُّها عليه؟ قال: لا، هي له (4)

ص: 310


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 219. و الحديث ضعيف. الفقيه 2، 148- باب دفع الحج إلى من يخرج فيها، ح 13 و رواه مختصراً و مرسلاً.
2- الحديث ضعيف.
3- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 81 بتفاوت. و قوله: إلى خمسة نفر حجة واحدة: ﴿أي أعطاهم جميعاً ليذهب واحد منهم و يكون سايرهم شركاء في ثواب الحج، فالثواب الكامل لمن حج منهم و لكل منهم حظ من الثواب﴾. مرآة المجلسي 227/17. و قوله: صَلى في الحر و البرد أي قاسي منهما
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 89. و ما تضمن الحديث من عدم وجوب إرجاع الفضل مجمع عليه بين الأصحاب لأنه ملك له بسبب شرعي ، و إن كان المشهور استحباب إرجاع الفاضل، و الحديث مجهول.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن السّاباطيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يأخذ الدَّراهم ليحجَّ بها عن رجل، هل يجوز له أن ينفق منها في غير الحجِّ؟ قال: إذا ضمن الحجَّ فالدَّراهم له يصنع بها ما أحبَّ، و عليه حجّة (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان قال: بعثني عمر بن يزيد إلى أبي جعفر الأحول بدراهم و قال : قل له: إن أراد أن يحجَّ بها فليحجَّ، و إن أراد أن ينفقها فلينفقها؛ قال: فأنفقها و لم يحجَّ، قال حمّاد: فذكر ذلك أصحابنا لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال: وَجَدْتُم الشيخَ فقيهاً (2)

197- باب الطواف و الحج عن الأئمة عليهم السلام

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن القاسم البجليِّ قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا سيّدي إنّي أرجو أن أصوم في المدينة شهر رمضان؟ فقال: تصوم بها إن شاء الله، قلت: و أرجو أن يكون خروجنا في عشر من شوَّال، و قد عوّد الله (3) زيارة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أهل بيته و زيارتك، فربّما حججت عن أبيك، و ربّما حججت عن أبي، و ربّما حججت عن الرَّجل من إخواني، و ربّما حججت عن نفسي، فكيف أصنع؟ فقال: تمتّع، فقلت: إنّي مقيم بمكّة منذ عشر سنين؟ فقال: تمتّع (4)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن عليِّ بن مهزيار، عن موسى بن القاسم قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد أردت أن أطوف عنك و عن أبيك، فقيل لي: إنَّ الأوصياء لا يُطاف عنهم، فقال لي: بل طف ما أمكنك فإنّه جائز. ثمَّ قلت له بعد ذلك بثلاث سنين: إنّي كنت استأذنتك في الطواف عنك و عن أبيك فأذنت لي في ذلك، فطفت عنكما ما شاء الله، ثمَّ وقع في قلبي شيء فعملت به؟ قال: و ما هو؟ قلت: طفت يوماً عن

ص: 311


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 90.
2- الحديث حسن. و معنى جواب الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿أي كان هذا من فقهه حيث كان الرجل جوز له ذلك﴾ مرآة المجلسي 229/17.
3- أي تفضل الله عليّ فجعل من عادتي ذلك.
4- الحديث صحيح، ويدل على أن لا مانع من التمتع حتى للمجاور بمكة أكثر من سنتين إذ أناب عن رجل وظيفته التمتع بل هو أفضل.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال ثلاث مرّات: صلّى الله على رسول الله، ثمَّ اليومَ الثاني عن أمير المؤمنين، ثم طفتُ اليوم الثالث عن الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و الرابع عن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و الخامس عن عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و السادس عن أبي جعفر محمد بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و اليوم السابع عن جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و اليوم الثامن عن أبيك موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و اليوم التاسع عن أبيك عليّ (عَلَیْهِ السَّلاَمُ)، و اليوم العاشر عنك يا سيّدي، و هؤلاء الّذين أدين الله بولايتهم؟ فقال: إذن و الله تدين الله بالدِّين الّذي لا يُقْبَلُ من العباد غيره، قلت: و ربّما طفت عن أمّك فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ربّما لم أطف؟ فقال: استكثر من هذا، فإنّه أفضلُ ما أنت عاملُهُ إن شاء الله (1)

198- باب من يشرك قرابته و إخوته في حجته أو يصلهم بحجة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: أُشرك أبويَّ في حجّتي؟ قال: نعم، قلت: أُشرك (2) إخوتي في حجّتي؟ قال: نعم، إنَّ الله عزَّ و جلَّ جاعلٌ لك حجّاً و لهم حجّاً، و لك أجر لصلتك إيّاهم، قلت: فأطوف عن الرَّجل و المرأة و هم بالكوفة؟ فقال: نعم، تقول حين تفتتح الطواف: اللّهمَّ تقبّل من فلان الّذي تطوف عنه (3)

2- عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن عمرو بن إلياس قال: حججت مع أبي و أنا صرورة فقلت : إنّي أُحبُ أن أجعل حجّتي عن أُمّي فإنّها قد ماتت؟ قال: فقال لي : حتّى أسأل لك أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال إلياس لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) -و أنا أسمع-: جُعِلْتُ فِداك، إنَّ ابني هذا صرورةٌ، و قد ماتت أُمّه، فأحبَّ أن يجعل حجّته لها، أفيجوز ذلك له؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يُكتب له و لها، و يُكتب له أَجْرُ البرّ(4)

ص: 312


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 218 بتفاوت يسير. و الحديث صحيح. و يدل على استحباب الطواف عن المعصومين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كما دل الحديث السابق على استحباب الحج عنهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بل أنه من أفضل الأعمال عند الله سبحانه. كما نص عليه أصحابنا رضوان الله عليهم.
2- لا بد من حمله على الحج المندوب، أو على إشراكهم في بعض الثواب بإهدائه إليهم بعد الانتهاء من الفعل.
3- رواه بالمعنى في الفقيه 2 ، 62- باب فضائل الحج، صدر 83. و الحديث حسن.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 80. الاستبصار 2، 219- باب جواز أن يحج الصرورة عن الصرورة، ح 8 بتفاوت يسير فيهما. و قد حمله في مرآة العقول 17/ 230-231 على ما إذا لم يكن مستطيعاً للحج فيكون حجه مندوباً فحج عن أمه فيجب عليه بعد الاستطاعة الحج عن نفسه، أو على أنه حج عن نفسه و أهدى ثوابها لأمه. و الحديث مرسل.

3- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن صفوان الجمّال قال: دخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فدخل عليه الحارث بن المغيرة فقال: بأبي أنت و أُمّي، لي ابنة قيّمة لي على كلّ شيء، و هي عاتق (1)، أفأجعل لها حجّتي؟ قال: أما إنّه يكون لها أجرها و يكون لك مثل ذلك، و لا ينقص من أجرها شيء (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يحجُّ، فيجعل حجّته و عمرته أو بعض طوافه لبعض أهله و هو عنه غائب ببلد آخر، قال: قلت: فينقص ذلك من أجره؟ قال: لا، هي له و لصاحبه، و له أجر سوى ذلك بما وَصَل (3)، قلت: و هو ميّت، هل يدخل ذلك عليه؟ قال: نعم، حتّى يكون مسخوطاً عليه فيغفر له، أو يكون مُضَيَّقاً عليه فيوسّع عليه، قلت: فيعلم هو في مكانه إن عمل ذلك لحقّه؟ قال: نعم، قلت: و إن كان ناصباً ينفعه ذلك؟ قال: نعم، يُخفّف عنه (4)

5- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنا بالمدينة بعد ما رجعت من مكّة: إنّي أردت أن أحجَّ عن ابنتي؟ قال: فاجعل ذلك لها الآن (5)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يشرك أباه و أخاه و قرابته في حجّه؟ فقال : إذا يكتب لك حجُّ مثل حجّتهم، و تزداد أجراً بما وَصَلْتَ (6)

7- عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ابن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من وصل أباه أوذا قرابة له فطاف عنه، كان له أجره كاملاً، و للّذي طاف عنه مثل أجره، و يفضل هو بصلته إيّاه بطواف آخر. و قال: من حجَّ فجعل حجّته عن ذي قرابته يصله بها كانت حجّته كاملة و كان للّذي حجّ عنه مثل أجره، إنَّ الله عزَّ و جلَّ واسعٌ لذلك.

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن عليِّ بن محمد

ص: 313


1- العائق الجارية أول بلوغها.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- أي بسبب صلة رحمه.
4- الحديث موثق، ويدل على جواز الإهداء إلى الميت و أنه يصل إليه و ينفعه.
5- أي إهدِ ثواب حجك إليها. و الحديث ضعيف على المشهور.
6- أي له زيادة أجر بما وصل من قرابته و رحمه.

الأشعث، عن عليِّ بن إبراهيم الحضرميِّ، عن أبيه قال: رجعت من مكّة، فلقيت أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المسجد و هو قاعد فيما بين القبر و المنبر، فقلت: يا ابن رسول الله إنّي إذا خرجت إلى مكّة ربّما قال لي الرَّجل: طف عنّي أُسبوعاً، وصلِّ ركعتين، فاشتغل عن ذلك، فإذا رجعت لم أدر ما أقول له؟ قال: إذا أتيت مكّة فقضيت نُسُكك، فطف أُسبوعاً وصلِّ ركعتين ثمَّ قل: اللّهمَّ إنَّ هذا الطواف و هاتين الرّكعتين عن أبي أُميّ، و عن زوجتي، و عن ولدي، و عن حَامّتي (1)، و عن جميع أهل بلدي؛ حرِّهم و عبدهم، و أبيضهم و أسودهم، فلا تشاء أن قلت للرَّجل: إنّي قد طفت عنك وصلّيت عنك ركعتين، إلّا كنت صادقاً، فإذا أتيتَ قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقضيت ما يجب عليك، فصلِّ ركعتين، ثمَّ قف عند رأس النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ثمَّ قل: السلام عليك يا نبيِّ الله من أبي و أُمّي و زوجتي و ولدي و جميع حامّتي، و من جميع أهل بلدي، حُرِّهم و عبدهم، و أبيضهم و أسودهم، فلا تشاء أن تقول للرَّجل: إنّي أقرءت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عنك السلام: إلّا كنت صادقاً (2)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كم أُشْرِك في حجّتي؟ قال : كم شِئْت.

10- أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي عمران الأرمنيِّ، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لو أشركتَ ألفاً في حجّتك، لكان لكلِّ واحد حجّة، من غير أن تنقص حجّتك شيئاً (3)

199- باب توفير الشعر لمن أراد الحج و العمرة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ أشهر معلومات: شوّال و ذو القعدة و ذو الحجّة، فمن أراد الحجَّ وَفّر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة، و من أراد العمرة وفّر شعره شهراً (4)

ص: 314


1- الحامّة: الخاصة، و حامّة الرجل: أقرباؤه.
2- التهذيب 6، 52- باب من الزيادات، ح 9. و الحديث مجهول.
3- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 32 بتفاوت مرسلاً. . و لا بد من حمل هذه الأحاديث على الحج المندوب كما سبق و بيّنا أو على إشراكهم في الثواب بإهداء جزء منه إليهم بعد الإنتهاء من الحج الواجب، لا في ابتدائه لأنه محل إشكال. و الحديث ضعيف.
4- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 2، الاستبصار 2، 92- باب توفير شعر الرأس و اللحية من أول ذي ...، ح 1. الفقيه 2، 107- باب توفير الشعر للحج و العمرة، ح 1. و استحباب توفير الشعر بهذا الشكل هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم، و قد خالف الشيخ المفيد في ذلك و قال بوجوبه، فإن أخلّ فعليه كفارة دم شاة. و قال الشهيدان: ﴿يستحب توفير شعر الرأس لمن أراد الحج تمتعاً و غيره من أول ذي القعدة و آكد منه توفيره عند هلال ذي الحجة. وقيل: يجب التوفير و بالإخلال به دم شاة، و لمن أراد العمرة توفيره شهراً﴾.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يريد الحجَّ، أيأخذ من رأسه في شوال كلّه ما لم ير الهلال؟ قال: لا بأس، ما لم ير الهلال (1)

3- أحمد، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تأخذ من شعرك و أنت تريد الحجَّ في ذي القعدة، و لا في الشهر الّذي تريد فيه الخروج إلى العمرة (2)

4- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن بعض أصحابنا، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يأخذ الرَّجل- إذا رأى هلال ذي القعدة و أراد الخروج- من رأسه و لا من لحيته (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أعف شعرك (4) للحجِّ إذا رأيت هلال ذي القعدة، و للعمرة شهراً.

200- باب مواقيت الإحرام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من تمام الحجِّ و العمرة أن تُحرم من المواقيت الّتي وقّتها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و لا تَجَاوَزُها إلّا و أنت محرمٌ، فإنّه وَقّت لأهل العراق- و لم يكن يومئذ عراق- بَطْنَ العقيق من قِبَل أهل العراق، و وقّت لأهل اليمن يَلَمْلَم، و وقت لأهل الطائف قَرْنَ المنازل، و وقّت لأهل المغرب الجُحْفَةَ مهيعة، و وقّت

ص: 315


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3 و 9 بتفاوت. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 بتفاوت. قوله: (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)ما لم يرَ الهلال: أي هلال ذي القعدة.
2- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 1 و أخرجه عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن صفوان، عن ابن سنان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح7. الاستبصار 2، 92- باب توفير شعر الرأس و اللحية من أول ... ، ح 2.
4- أي وفره.

لأهل المدينة ذا الحُلَيفة، و من كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكّة، فَوَقْتُهُ منزله (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الإحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، لا ينبغي لحاجّ و لا لمعتمر أن يُحرم قبلها و لا بَعدها، وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة، و هو مسجد الشجرة، يصلّى فيه و يفرض فيه الحجّ (2) ، و وقت لأهل الشام الجُحفة، و وقّت لأهل نجد العقيق، و وقّت لأهل الطائف قَرْنَ المنازل، و وقّت لأهل اليمن يَلَمْلَم، و لا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن أبي أيّوب الخزّاز قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حدِّثني عن العقيق، أَوَقْتٌ وقّته رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، أو شيء صنعه الناس؟ فقال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وقّت لأهل المدينة ذا الحُليفة، و وقّت لأهل المغرب الجُحْفة، و هي عندنا مكتوبة مهيعة، و وقّت لأهل اليمن يَلَمْلَم، و وقّت لأهل الطائف قَرْنَ المنازل، و وقّت لأهل نجد العقيق و ما أَنْجَدَت (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: آخر العقيق بريد أَوْطَاس. و قال: بريد البَعْث دون غَمْرَةَ بِبَرِيدَيْن (5)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : حدُّ العقيق ما بين المَسْلَخَ إلى عقبة غَمْرَة.

ص: 316


1- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 12 و كرره برقم (1) من الباب 23 من نفس الجزء من التهذيب. و العقيق: هو واد طويل يزيد على بريدين من أودية المدينة المنوّرة. و يَلْمْلَم: جبل على مرحلتين من مكة، و فيه لغة: اَلَمْلَم، و يَرَمْرَم. و قَرْن المنازل: جبل صغير على مسيرة يوم و ليلة من مكة. الجُحْفَة: هي في الأصل مدينة سمّيت بذلك لأن السيل أجِحف بها، تقع على ثلاث مراحل من مكة المكرمة. مَهْيَعة: أي طريق واسع بيّن. ذو الحُلَيْفَة: ماء على ستة أميال من المدينة، و المراد الموضع الذي فيه الماء، و به مسجد الشجرة، قال الشهيدان رحمهما الله: ﴿و الإحرام منه أفضل و أحوط للتأسيّ، وقيل: بل يتعّين منه لتفسيره ذي الحليفة به في بعض الأخبار، و هو جامع بينها﴾.
2- أي يهلّ بالتلبية بعد لبس ثوبي الإحرام و بذلك يدخل في عمرة التمتع إلى الحج.
3- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 13. الفقيه 2، 108- باب مواقيت الإحرام، ح 1.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. قوله: و ما أنجدت: أي كل أرض ينتهي طريقها إلى نجد، و في القاموس: أَنْجَدَ: أتى نجداً و خرج إليه.
5- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 19. و أوطاس: -كما في المغرب- موضع على ثلاث مراحل من مكة.

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: أَوْطاس ليس من العقيق (1)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن یونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الإحرام؛ من أيّ العقيق أفضل أن أُحْرم؟

فقال: من أوَّله أفضل (2)

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن جعفر، عن يونس بن عبد الرَّحمن قال: كتبت إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا نحرم من طريق البصرة، و لسنا نعرف حدَّ عرض العقيق؟ فكتب: أحرم من وَجْرَة (3)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أقام بالمدينة شهراً و هو يريد الحجَّ، ثمَّ بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الّذي يأخذونه، فليكن إحرامه من مسيرة ستّة أميال، فيكون حذاء الشجرة (4) من البيداء (5)

و في رواية أخرى: يحرم من الشجرة (6)، ثمَّ يأخذ أيَّ طريق شاء.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أوَّل العقيق بريد البَعْث، و هو دون المسلخ بستّة أميال ممّا يلي العراق، و بينه و بين غَمْرَة أربعة و عشرون ميلاً؛ بَرِيدان (7)

ص: 317


1- التهذيب،5 نفس الباب، ح 20.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 18 بتفاوت.
3- الحديث مجهول. و وَجْرَة: -كما ينقل الجوهري عن الأَصْمعيّ- بين مكة و البصرة، و هي أربعون ميلاً ليس فيها منزل فهي رَبُّ للوحش.
4- يعني مسجد الشجرة.
5- التهذيب 5، 60- باب المواقيت، ح 24 و فيه إلى قوله: ستة أميال. الفقيه 2، 108- باب مواقيت الإحرام، ح 11 و في آخره: ... مسيرة ستة أميال فليحرم منها.
6- ظاهرة عدم الإكتفاء بالمحاذاة للميقات.
7- التهذيب 5، نفس الباب، ح 21. و البَعْث: لغةً: الجيش، و هو اسم مكان ربما كان موضع بعث جيش بعينه، أو جيوش متعددة، و هو على طريق المسلخ (المسلح) مما يلي العراق بستة أميال كما ورد في بعض الروايات. و غَمْرَة: مؤنث: غَمْر، و كثرة الماء و معظمه. و المسلخ: المكان الذي تسلخ فيه الثياب عن البدن، أي تنزع مقدمة للبس ثوبي الإحرام. و هو أصح مما ورد فيه: المسلخ: و هو في اللغة المكان الذي يترتب فيه السلاح. و ذات عِرق: مكان يبعد عن مكة نحواً من مرحلتين إلى جهة العراق.

بعض أصحابنا قال: إذا خرجت من المسلخ، فأًحْرِم عند عند أوَّل بريد يستقبلك.

201- باب من أحرم دون الوقت

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم الكرخيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل أحرم بحجّة في غير أشهر الحجِّ دون الوقت الّذي وقّته رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: ليس إحرامه بشيء، إن أحبَّ أن يرجع إلى منزله فليرجع، و لا أرى عليه شيئاً، و إن أحبَّ أن يمضي فليمض، فإذا انتهى إلى الوقت فليحرم منه و يجعلها عمرة، فإنَّ ذلك أفضل من رجوعه، لأنّه أعلن الإحرام بالحجِّ (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنّى، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحجُّ أشهر معلومات؛ شوّال و ذو القعدة و ذو الحجّة، ليس لأحد أن يحرم بالحجِّ في سواهنَّ، و ليس لأحد أن يحرم دون الوقت الّذي وقّته

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فإنّما مثل ذلك مثل من صلّى في السفر أربعاً و ترك الثِّنْتَيْن (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل اشترى بدنة قبل أن ينتهي إلى الوقت الّذي يحرم فيه، فأَشْعَرَها و قَلَّدها، أيجب عليه حين فعل ذلك ما يجب على المحرم؟ قال: لا، و لكن إذا انتهى إلى الوقت فليحرم، ثمَّ ليُشْعِرها و يقلّدها، فإنَّ تقليده الأوَّل ليس بشيء.

ص: 318


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5. الاستبصار 2، 93- باب من أحرم قبل الميقات، ح 4. هذا و لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم جواز الإحرام و عدم انعقاده فيما لو أتى به قبل المواقيت التي حددها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قد ذكر صاحب المدارك أنه قول علمائنا أجمع. و قد استثنوا من ذلك موضعين : الأول: إذا نذر الإحرام قبل الميقات، فإنه حينئذ يجوز و يصح و إن ذهب جماعة إلى المنع لبطلان النذر باعتباره غير مشروع كمن نذر أن يصلي صلاة قبل وقتها. الثاني: ما لو أراد إدراك عمرة رجب فخشي انسلاخ الشهر فيما لو أخّر الإحرام إلى الميقات، جاز له الإحرام قبله. و قد نقل صاحب المنتهى أن على ذلك فتوى علمائنا، كما ذكر صاحب المسالك أنه موضع نص و وفاق، و نقل صاحب الجواهر عدم وجود خلاف فيه بين علمائنا.
2- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 1. الاستبصار 2، 93- باب من أحرم قبل الميقات، ح 1. الفقيه 2، 175- باب أشهر الحج و أشهر السياحة و ... ، ح 1. و أخرجه عن أبان عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بتفاوت إلى قوله: سواهن. و كان الكليني رحمه الله قد روى صدر هذا الحديث بنفس السند برقم (1) من الباب 175 من هذا الجزء.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أحرم بالحجِّ في غير أشهر الحجِّ فلا حجَّ له، و من أحرم دون الميقات فلا إحرام له (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مهران بن أبي نصر، عن أخيه رباح قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنا نُروّى بالكوفة أنَّ عليّاً صلوات الله عليه قال: إنَّ من تمام الحجِّ و العمرة أن يحرم الرَّجل من دويرة أهله، فهل قال هذا عليٌّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ فقال: قد قال ذلك أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) لمن كان منزله خلف المواقيت، و لو كان كما يقولون، ما كان يمنع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن لا يخرج بثيابه إلى الشجرة (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النعمان، عن عليِّ بن عقبة عن ميسرة قال: دخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنا متغيّر اللّون، فقال لي: من أين أحرمت؟ قلت: من موضع كذا و كذا، فقال: رُبَّ طالبِ خير تَزِلُّ قدمه، ثمَّ قال: يَسُرُّك إن صلّيتَ الظّهر في السفر أربعاً؟ قلت: لا، قال: فهو و الله ذاك (3)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أحرم دون الوقت و أصاب من النساء و الصيد فلا شيء عليه.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: ليس ينبغي لأحد أن يحرم دون المواقيت الّتي وقّتها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، إلّا أن يخاف فَوْتَ الشهر في العمرة (4)

9- أبو عليّ الأشعريِّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يجيىء معتمراً عمرة رجب، فيدخل عليه هلال شعبان قبل أن يبلغ الوقت، أيُحْرم قبل الوقت و يجعلها لرجب، أو يؤخّر الإحرام إلى العقيق و يجعلها لشعبان؟ قال: يُحرم قبل الوقت فيكون لرجب، لأنَّ لرجب فضله، و هو الّذي نوي (5)

ص: 319


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.
2- الفقيه 2، 108- باب مواقيت الإحرام، ح 7 بتفاوت و أخرجه عن أبي بصير عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث مجهول. ويدل كلام الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على أن ميسرة كان قد أحرم قبل الميقات.
4- الحديث حسن، و مضمونه متفق عليه بين الأصحاب.
5- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 6 بتفاوت، الاستبصار 2 ، 93- باب من أحرم قبل الميقات، ح 6 بتفاوت و أخرجاه عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

202- باب من جاوز ميقات أرضه بغير إحرام أو دخل مكة بغير إحرام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نسي أن يحرم حتّى دخل الحرم؟ قال: قال أبي (1): يخرج إلى ميقات أهل أرضه، فإن خشي أن يفوته الحجُّ أحرم من مكانه، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثمَّ ليحرم (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كتبت إليه: إنَّ بعض مواليك بالبصرة يُخْرمون ببطن العقيق، و ليس بذلك الموضع ماء و لا منزل، و عليهم في ذلك مؤونة شديدة و يعجّلهم أصحابهم و جَمّالهم، و من وراء بطن العقيق بخمسة عشر ميلاً منزل فيه ماء، و هو منزلهم الّذي ينزلون فيه، فترى أن يُحرموا من موضع الماء لِرِفْقِهِ بهم و خفّته عليهم؟ فكتب: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وقّت المواقيت لأهلها، و لمن أتى عليها من غير أهلها، و فيها رخصة لمن كانت به علّة، فلا يجاوز الميقات إلّا من علّة.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرميِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي خرجت بأهلي ماشياً فلم أُهلَّ حتّى أتيت الجُحْفة، و قد كنت شاكياً، فجعل أهل المدينة يسألون عنّي فيقولون: لقيناه و عليه ثيابه و هم لا يعلمون، و قد رخّص رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لمن كان مريضاً أو ضعيفاً أن يحرم من الجحفة.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن رِفاعة بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يَعْرض له المرض الشديد قبل أن يدخل مكّة؟ قال: لا يدخلها إلّا بإحرام.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير ، عن زرارة، عن أُناس من أصحابنا حجّوا بإمرأة معهم، فقدموا إلى الوقت و هي لا تصلّي (3)، فجهلوا أنَّ

ص: 320


1- هذا غير موجود في التهذيب.
2- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 2. بتفاوت. هذا و يقول المحقق في الشرائع 242/1: ﴿... و لو أخّره (الإحرام) عن الميقات لمانع ثم زال المانع عاد إلى الميقات، فإن تعذر جدّد الإحرام حيث زال، و لو دخل مكة خرج إلى الميقات، فإن تعذر خرج إلى خارج م، و لو تعذر أحرم من مكة، و كذا لو ترك الإحرام ناسياً، أو لم يرد النسك﴾.
3- علّة الحيض.

مثلها ينبغي أن يُحرم، فمضوا بها كما هي حتّى قدموا مكّة و هي طامت حلال، فسألوا النّاس، فقالوا: تخرج إلى بعض المواقيت فتحرم منه، و كانت إذا فعلت لم تدرك الحجَّ، فسألوا أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ، فقال: تحرم من مكانها، قد علم الله نيّتها.

6- أبو عليّ الأشعريِّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل مرَّ على الوقت الّذي يحرم الناس منه فنسي أو جهل فلم يحرم حتّى أتى مكّة، فخاف إن رجع إلى الوقت أن يفوته الحجُّ؟ فقال: يخرج من الحرم، و يحرم و يجزئه ذلك (1)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل جهل أن يحرم حتّى دخل الحرم، كيف يصنع؟ قال: يخرج من الحرم، ثمَّ يُهِلَّ بالحجِّ (2)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل نسي أن يُحرم أو جهل، و قد شهد المناسك كلّها، و طاف وسعى؟ قال: تجزيه نيّته، إذا كان قد نوى ذلك فقد تمَّ حجّه و إن لم يهلّ؛ و قال في مريض أُغمي عليه حتّى أتى الوقت؟ فقال: يُحرم منه (3)

9- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الإحرام من غَمْرة؟ قال: ليس به بأس [أن يحرم منها]، و كان بريد العقيق (4) أحبُّ إليَّ.

10- صفوان، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة كانت مع قوم فطمثت، فأرسلت إليهم فسألتهم؛ فقالوا: ما ندري أعليك إحرام أم لا، و أنت حائض، فتركوها حتّى دخلت الحرم؟ قال: إن كان عليها مهلة فلترجع إلى الوقت فلتحرم منه، و إن لم يكن عليها

ص: 321


1- التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 27 بتفاوت يسير. و الحديث صحيح. و ما تضمنه هذا الحديث كالذي قبله هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
2- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 3.
3- روی صدره بتفاوت يسير في التهذيب 5، 6- باب المواقيت، ح 38. و روى ذيله بتفاوت برقم 37 من نفس الباب، وفي آخره: يحرم عنه رجل. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 242/1: ﴿لو نسي الإحرام و لم يذكر حتى أكمل مناسكه، قيل: يقضي إن كان واجباً، وقيل: يجزيه، و هو المرويّ﴾.
4- بريد العقيق: لعله المسلخ، و هو البريد الأول. وقيل هو البَعث.

وقت فلترجع إلى ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها (1)

11- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أحمد

بن عمرو بن سعيد، عن وردان، عن أبي الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من كان من مكّة على مسيرة عشرة أميال لم يدخلها إلاّ بإحرام (2)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن سورة بن كليب قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): خَرَجَتْ معنا امرأة من أهلنا فجهلت الإحرام، فلم تحرم حتّى دخلنا مكّة، و نسينا أن نأمرها بذلك؟ قال: فَمُرُوها فلتُحْرم من مكانها من مكّة، أو من المسجد.

203- باب ما يجب لعقد الإحرام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا انتهيت إلى العقيق من قِبَل العراق، أو إلى الوقت من هذه المواقيت، و أنت تريد الإحرام إن شاء الله، فانتف إبطَيْك، و قلّم أظفارك، واطْلِ عانَتَك وخذ من شاربك ، و لا يضرُّك بأيِّ ذلك بدأت، ثمَّ اسْتَك، و اغتسل، و البس ثوبيك، و ليكن فراغك من ذلك إن شاء الله عند زوال الشمس، و إن لم يكن عند زوال الشمس فلا يضرُّك، غير أنّي أحب أن يكون ذاك مع الاختيار عند زوال الشمس (3)

2- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: السُنَّةُ في الإحرام؛ تقليم الأظفار، و أخذ الشارب، و حَلْق العانة (4)

ص: 322


1- التهذيب 5، 26- باب الزيادات في فقه الحج، ح 8 بتفاوت. قوله: بقدر ما لا يفوتها: يعني الحج. و الحديث صحيح، و ظاهره وجوب التدارك عند تعذر العود إلى الميقات بالرجوع ما أمكن بحيث تصل من الميقات إلى مسافة تخشى لو تقدمتها بعدُ أن يفوتها الحج، و هو مخالف لما عليه أكثر أصحابنا من كفاية الإحرام من أدنى الحلّ.
2- الحديث مجهول.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 1 و روى صدره بتفاوت. الفقيه 2، 109- باب التهيؤ للإحرام، ح 1. و لا بد من التنبيه على أن ما تناوله هذا الحديث من الغسل و الأخذ من الشارب أو قصّه و إزالة شعر العانة و غير ذلك إنما هو على نحو الاستحباب و الندب، مع عدم جواز مسّ شيء من شعر رأسه، اللهم إلا ابن أبي عقيل من قدامى الأصحاب حيث ذهب إلى القول بوجوب الغسل هنا.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. و فيه: ... عن حماد بن عيسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن التهيؤ للإحرام فقال ... الخ.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سأل أبو بصير أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا حاضرٌ- فقال: إذا طَلَيْتُ للإحرام الأوَّل كيف أصنع في الطلية الأخيرة، و كم بينهما؟ قال: إذا كان بينهما جُمُعَتان؛ خمسة عشر يوماً فاطَّلِ. (1)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد، عن صفوان، عن أبي سعيد المكاريِّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن تطّلي قبل الإحرام بخمسة عشر يوماً (2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزیار قال: كتب الحسن بن سعيد إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ أحرم بغير غسل، أو بغير صلاة، عالم أو جاهل، ما عليه في ذلك، و كيف ينبغي أن يصنع؟ فكتب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يعيد (3)

6- بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن محمد بن القاسم، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: كنّا بالمدينة، فَلَاحآني (4) زرارة في نتف الإبط و حلقه، فقلت: حَلْقُهُ أفضل؛ و قال زرارة: نَتْفُهُ أفضل، فاستأذَنّا على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فأذن لنا و هو في الحمّام يطّلي، و قد طلى إبطيه، فقلت لزرارة: يكفيك؟ قال: لا، لعلّه فعل هذا لما لا يجوز لي أن أفعله، فقال: فيما أنتما؟ فقلت: إنَّ زرارة لأحاني في نتف الإبط و حلقه، قلت: حلقه أفضل، و قال زرارة: نتفه أفضل؟ فقال: أصبتَ السنّة و أخطأها زرارة، حلقه أفضل من نتفه، و طليه أفضل من حلقه، ثمَّ قال لنا: اطّليا، فقلنا: فعلنا منذ ثلاث، فقال: أعيدا، فإنّ الإطّلاء طَهور (5)

ص: 323


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 6. الفقيه 2، 109- التهيؤ للإحرام، ح 4 بتفاوت يسير. أقول: و المقصود بالإحرام الأول إحرام عمرة التمتع، و الظاهر من قوله: و الطلية الأخيرة، هي الإطلاء لإحرام حج التمتع، و هذا لا ينافي إجزاء الإطلاء و غيره من الأمور التي وردت في أصل السنّة كمقدمات للإحرام إذا وقعت قبل الإحرام من الميقات بخمسة عشر يوماً و إلا أعادها، و إن كان الفضل في إعادتها حتى قبل مضيّ هذه المدة.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5 و فيه: ... يطّلي ... ، بدل: ... تطّلي ...
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 68 بتفاوت. و أخرجه عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن قال: كتبت ... يقول المحقق في الشرائع 1/ 244: ﴿و لو أحرم بغير غسل أو صلاة، ثم ذكر، تدارك ما تركه و أعاد الإحرام﴾. و لا بد من التنبيه على أن تلك الإعادة إنما هي على نحو الفضل و الاستحباب دون الفرض و الإيجاب، لأن كل مقدمات الإحرام إنما هي من المندوبات.
4- أي خاصمني و جادلني.
5- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 7. و الحديث ضعيف. و قول عبد الله الزرارة: يكفيك؟ يعني ما رأيت من فعل الإمام (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... حيث طلى إبطيه، و يدل على أن إزالة الشعر من أصله أفضل من النتف بحلق كان أو بالإطّلاء بالنورة.

204 - باب ما يُجْزىء من غسل الإحرام و ما لا يُجْزىء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: غسل يومك ليومك، و غسل ليلتك لليلتك.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألته (1) عن الرَّجل يغتسل بالمدينة لإحرامه أيجزيه ذلك من غسل ذي الحليفة؟ قال: نعم (2) فأتاه رجلٌ- و أنا عنده- فقال: اغتسل بعض أصحابنا فعرضت له حاجة حتّى أمسى؟ قال يعيد الغسل، يغتسل نهاراً ليومه ذلك، و ليلاً لليلته.

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يغتسل للإحرام ثمَّ ينام قبل أن يُحرم؟ قال: عليه إعادة الغسل (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل اغتسل للإحرام، ثمَّ لبس قميصاً قبل أن يُحرم؟ قال: قد انْتَقَضَ غسله (4)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة

ص: 324


1- في كل من التهذيب و الفقيه: عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- إلى هنا رواه في التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 8. و كرره بسند آخر برقم 9 من نفس الباب، و روى صدره بتفاوت عن الحلبي عنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 109- باب التهيؤ للإحرام، ذيل ح 6. قال المحقق في الشرائع 244/1: ﴿و يجوز له تقديمه (الغسل) على الميقات إذا خاف عوز الماء فيه، و لو وجده استحب له الإعادة...﴾
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. الاستبصار 2، 94- باب من اغتسل للإحرام ثم نام قبل أن ...، ح 1. هذا، و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب الغسل كمقدمة من مقدمات الإحرام، يقول المحقق في الشرائع 244/1: ﴿و الغسل للإحرام وقيل: إن لم يجد ماءً يتيمم له، و لو اغتسل و أكل أو لبس ما لا يجوز للمحرم أكله و لا لبسه أعاد الغسل استحباباً و يجوز له تقديمه على الميقات إذا خاف عوز الماء فيه و لو وجده استحب له الإعادة، و يجزي الغسل في أول النهار ليومه و في أول الليل لليلته ما لم ينم، و لو أحرم بغير غسل أو صلاة ثم ذكر تدارك ما تركه و أعاد الإحرام...﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17.

قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل اغتسل للإحرام ثمَّ نام قبل أن يحرم؟ قال: عليه إعادة الغسل (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل اغتسل الإحرامه ثمَّ قلّم أظفاره؟ قال: يمسحها بالماء، و لا يعيد الغسل (2)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: أرسلنا إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و نحن جماعة و نحن بالمدينة: إنّا نريد أن نودِّعك، فأرسل إلينا: أن اغتسلوا بالمدينة، فإنّي أخاف أن يَعْسُرَ عليكم الماء بذي الحُلَيفة، فاغتِسلوا بالمدينة، و البسوا ثيابكم الّتي تحرمون فيها، ثمَّ تعالى فُرادى أو مثاني (3)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن علاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اغتسل الرَّجل و هو يريد أن يحرم، فلبس قميصاً قبل أن يْلبّي، فعليه الغسل (4)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن درَّاج، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يغتسل للإحرام ثمَّ يمسح رأسه بمنديل؟ قال: لا بأس به.

205- باب ما يجوز للمحرم بعد اغتساله من الطِّيب و الصيد و غير ذلك قبل أن يُلَبّي

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألته عن الرَّجل یدّهن بدُهُن فيه طيب و هو يريد أن يُحرم؟ قال: لا تدَّهن حين تريد أن تحرم بدُهن فيه مسك و لا عنبر تبقى رائحته في رأسك بعد ما تحرم،

ص: 325


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 15. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 19. الفقيه 2، نفس الباب، ح 11. أقول: و لعل الأمر بالمسح بالماء لإزالة حزازة استعمال الحديد، لما ورد في بعض الروايات من أن الحديد نجس، أو أنه لباس أهل النار، و الذهب لباس أهل الجنة، و لذا فهو محمول على الاستحباب .
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 10. الفقيه 2، نفس الباب، صدر ح 5. و الحديث صحيح.
4- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 18.

و ادّهن بما شئت من الدُّهن حين تريد أن تحرم قبل الغسل و بعده، فإذا أحرمت فقد حَرُمَ عليك الدّهن حتّى تُحِلَّ (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تدَّهن حين تريد أن تحرم بدُهن فيه مسك و لا عنبر، من أجل رائحة تبقى في رأسك بعد ما تُحرم، و ادَّهن بما شئت من الدُّهن حين تريد أن تحرم، فإذا أحرمتَ فقد حَرُمَ عليك الدُّهن حتّى تُحِلّ (2)

3- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان، عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله؛ و فضيل؛ و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الطّيب عند الإحرام، و الدُّهن؟ فقال: كان عليُّ صلوات الله عليه لا يزيد على السليخة (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن أبي أيّوب، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا بأس بأن يدَّهن الرَّجل قبل أن يغتسل للإحرام أو بعده، و كان يكره الدُّهن الخاثر (4)الّذي يبقى.

5- أحمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل المحرِم يدَّهن بعد الغسل؟ قال: نعم، فادّ هنّا عنده بسليخة بان؛ و ذكر أنَّ أباه كان يدَّهن بعد ما يغتسل للإحرام، و أنّه يدّهن بالدُّهن ما لم يكن غاليةً (5) ، أو دهناً فيه مسك أو عنبر.

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الله بن

ص: 326


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 29. الاستبصار 2، 108- باب كراهية استعمال الأدهان الطيبة عند عقد الإحرام، ح 1. الفقيه 2، 109- باب التهيؤ للإحرام، ح 8 و قد ورد في الجميع مضمراً.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 30. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. هذا و يقول المحقق في الشرائع 1/ 250: ﴿و استعمال دهن فيه طيب محرّم بعد الإحرام (أي بعد أن يحرم) و قبله إن كان ريحه يبقى إلى الإحرام، و كذا ما ليس بطيب اختياراً بعد الإحرام، و يجوز اضطراراً﴾
3- قال في القاموس: السليخة: عطر، كأنه قشر منسلخ. أقول: و قد ورد في بعض الروايات: بأن سليخة: و هو دهن ثمر البان قبل أن يربّب. و البان زهر فيه حب يؤخذ منه دهن ذو رائحة طيبة. و الحديث هنا ضعيف على المشهور. و قد حمل فعله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على أن السليخة مما لا تبقى رائحتها بعد الإحرام.
4- قال الجوهري: الخثورة: نقيض الرقّة.
5- قال ابن الأثير في النهاية: الغالية: نوع من الطيب مركّب من مسك و عنبر و عود و دهن، و هي معروفة. 383/3.

مسكان، عن عليِّ بن عبد العزيز قال: اغتسل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) للإحرام، ثمَّ دخل مسجد الشجرة فصلّى، ثمَّ خرج إلى الغلمان فقال: هاتوا ما عندكم من لحوم الصيد حتّى نأكله (1)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل إذا تهيّاً للإحرام، فله أن يأتي النساء، ما لم يعقد التلبية أو يُلَبِّ (2)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل صلّى الظهر في مسجد الشجرة، و عقد الإحرام، ثمَّ مسّ طيباً، أو صاد صيداً، أو واقع أهله؟ قال: ليس عليه شيء ما لم يُلَبِّ (3)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن بعض أصحابه قال: كتبت إلى أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجل دخل مسجد الشجرة فصلّى و أحرم، و خرج من المسجد فبدا له قبل أن يلبّي أن ينقض ذلك بمواقعة النساء، أَلَه ذلك؟ فكتب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نعم- أو (4) لا بأس به- (5)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار (6)، عن يونس، عن زياد بن مروان قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في رجل تهيّاً للإحرام و فرغ من كلّ شيء؛ الصلاة و جميع الشروط، إلّا أنّه لم يُلَبِّ، أَلَه أن ينقض ذلك و يواقع النساء؟ فقال: نعم (7)

ص: 327


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 84 بتفاوت و زيادة في آخره. الفقيه 2، 113- باب عقد الإحرام و شرطه و نقضه و ...، ح 9 بتفاوت و زيادة في آخره أيضاً. أقول: و إنما فعل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ذلك لأنه لم يكن قد لبّى للإحرام بَعْدُ فهو لم يكن محرماً حتى يقال: كيف أكل لحوم الصيد؟.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ج 3.الاستبصار 2، 116- باب من جامع قبل عقد الإحرام أو ... ح 7. و يحتمل أن يكون الترديد في ذيل الحديث من الراوي.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 1. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.
4- الترديد من الراوي.
5- الفقيه 2، 113- باب عقد الإحرام و شرطه و نقضه و ... ، ح 12 بتفاوت يسير. و يدل على أن لا انعقاد للإحرام بدون التلبية، و هو مجمع عليه بين الأصحاب رضوان الله عليهم- كما حكاه في المنتهى و التذكرة و الانتصار و الجواهر و غيرها- على أنه لا ينعقد إحرام حج التمتع و لا إحرام عمرته و لا إحرام حج الإفراد و لا إحرام العمرة المفردة إلا بالتلبية، بمعنى أن من لم يأت بها لا يحرم عليه ارتكاب أي من محرمات الإحرام و لا كفارة عليه. كما أن المشهور عندنا في حج القرآن هو انعقاد إحرامه بالتلبية أو الإشعار و التقليد على نحو التخيير، و خالف في ذلك ابن إدريس و غيره حيث أعطوه حكم بقية أنواع الحج في عدم انعقاده إلا بالتلبية خاصة.
6- في سند التهذيب: اسماعيل بن مهران.
7- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم ...، ح 2. الاستبصار 2، 116- باب من جامع قبل عقد الإحرام بالتلبية، ح 6.

206- باب صلاة الإحرام و عقده و الاشتراط فيه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ؛ و معاوية بن عمّار، جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) قال: لا يضرُّك بليل أحرمتَ أم نهارٍ، إلّا أنَّ أفضل ذلك عند زوال الشمس (1)

2- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن ابن أبي عمير، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: لا يكون إحرام إلّا في دُبُر صلاة مكتوبة (2) أحرمت في دبرها بعد التسليم، و إن كانت نافلة، صلّيت ركعتين و أحرمت في دبرهما، فإذا انفتلت من صلاتك فأحمد الله واثنِ عليه، و صلِّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و قل: اللّهمَّ إنّي أسألك أن تجعلني ممّن استجاب لك و آمن بوعدك، و اتّبع أمرك، فإنّي عبدك و في قبضتك، لا أُوقى إلّا ما وَقَيْتَ، و لا آخذ إلّا ما أعطيتَ، و قد ذكرت الحجّ، فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك و سنّة نبيّك، و تقوّيني على ما ضعفت عنه، و تَسَلَّم منّي مناسكي في يُسْر منك و عافية، و اجعلني من وفدك الّذين رضيتَ و ارتضيتَ و سمّيت و كتبت، اللّهمَّ فتمّم لي حجّي و عمرتي، اللّهمَّ إنّي أُريد التمتّع بالعمرة إلى الحجِّ على كتابك و سنّة نبيّك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فإن عرض لي شيء يحبسني فخلّني حيث حبستني، لقَدَرك الّذي قدّرْتَ عليَّ، اللّهمَّ إن لم تكن حجّة فعُمرة، أحرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخّي و عصبي من النساء و الثياب و الطيب، أبتغي بذلك وجهك و الدَّار الآخرة. قال: و يجزيك أن تقول هذا مرَّة واحدة حين تحرم، ثمَّ قم فامش هنيئة، فإذا استوت بك الأرض- ماشياً كنت أو راكباً-

فلبِّ (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي

ص: 328


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 64. و وجه الأفضلية التأسيّ بفعل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كما دلّت بعض الروايات، و فعله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) سنّة.
2- يقول المحقق في الشرائع 1/ 250 و هو بصدد بيان المقدمات المستحبة للإحرام: ﴿... و إن يحرم عقيب فريضة الظهر أو فريضة غيرها، و إن لم يتفق صلّى للإحرام ستُ ركعات، و أقلّه ركعتان يقرأ في الأولى: الحمد، و: قل يا أيها الكافرون ، و في الثانية: الحمد، و : قل هو الله أحد، و فيه رواية أخرى﴾.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 61. الاستبصار ،2، 98- باب أنه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة، ح 2 و روى صدر الحديث إلى قوله: بعد التسليم. الفقيه 2، 113- باب عقد الإحرام و شرطه و...، ح 1 بتفاوت یسیر. و قد أورد الصدوق رحمه الله الدعاء المذكور هنا إلى آخره في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج و التسَلْم من الله: هو القبول.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: إنّي أُريد أن أتمتّع بالعمرة إلى الحجّ، فكيف أقول؟ قال: تقول: اللّهمَّ إنّي أُريد أن أتمتّع بالعمرة إلى الحجّ على (1) كتابك و سنّة نبيّك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و إن شئتَ أضمرت الّذي تريد (2)

4- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته أليلاً أحرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أم نهاراً؟ فقال: نهاراً، قلت: أيُّ ساعة؟ قال: صلاة الظهر (3)، فسألته: متى ترى أن نُحرم؟ فقال: سواء عليكم، إنّما أحرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) صلاة الظهر، لأنّ الماء كان قليلاً، كأن يكون في رؤوس الجبال فيهجر (4)الرَّجل إلى مثل ذلك من الغد، و لا يكاد يقدرون على الماء، و إنّما أُحْدِثَت هذه المياه حديثاً (5)

5- أبو عليَّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ أصحابنا يختلفون في وجهين من الحجِّ، يقول بعض: أَحْرِم بالحجِّ مفرداً، فإذا طفت بالبيت، و سعيتَ بين الصفا و المروة فأحلَّ و أجعلها عمرة، و بعضهم يقول: أحرم وانوِ المتعة بالعمرة إلى الحجِّ. أيُّ هذين أحبُّ إليك؟ قال: إنْوِ المتعة (6)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الّذي يقول: حُلَّني حيثُ حَبَسْتَني ؟ قال: هو حِلّ حيث حَبَسَه؛ قال أو لم يَقُلْ (7)

ص: 329


1- أي حال كونه موافقاً لكتابك و سنّة نبيّك.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 69. الاستبصار 2، 99- باب كيفية عقد الإحرام و القول بذلك، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 3.
3- إلى هنا رواه في التهذيب 5، نفس الباب، ح 63. و الاستبصار 2، 98- باب أنه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة، ح 3.
4- أي يسير في الهاجرة ، و هي نصف النهار في القيظ خاصة.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2.
6- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 73، الاستبصار 2، 99- باب كيفية عقد الإحرام و ...، ح 4. قال المحقق صاحب الشرائع و هو بصدد الحديث عن واجبات الإحرام: ﴿الأول: النية، و هو أن يقصد بقلبه إلى أمور أربعة: ما يحرم به من حج أو عمرة متقرباً، و نوعه من تمتع أو قِران أو إفراد، و صفته من وجوب أو ندب، و ما يحرم له من حجة الإسلام أو غيرها. و لو نوى نوعاً و نطق بغيره عمل على نيته، و لو أخلّ بالنية عمداً أو سهواً لم يصح إحرامه﴾.
7- التهذيب 5، نفس الباب، ح 74. و فيه: حيث حبسه الله ... ، الفقيه 2، 113- باب عقد الإحرام و شرطه و ...، ح 4 و أخرجه عن حمران بن أعين و لكنه عاد فأخرجه بزيادة في آخره عن حمزة بن حمران عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) برقم 5 من الباب 210 من نفس الجزء فراجع. هذا و قد دل الحديث على جواز الاشتراط في عقد الإحرام، و دلّ أيضاً على أنه لو أحصِرَ فله أن يحلّ من إحرامه حيث أحصِر حتى و لو لم يكن اشترط ذلك في عقد الإحرام، و حكم مثل هذا فيما إذا كانت الحجة حجة الإسلام أن يعود من قابل إلى أداء فريضة الحج.

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: هو حلّ إذا حُبس، اشترط أو لم يشترط (1)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرميِّ، و زيد الشحّام؛ و منصور بن حازم قالوا: أَمَرَنا أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن نلبّي و لا نسمّي شيئاً، و قال: أصحاب الإضمار أحبُّ إليَّ (2)

9- أحمد، عن عليّ، عن سيف، عن إسحاق بن عمّار أنّه سأل أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ قال: الإضمار أحبُّ إليَّ، فلبِّ و لا تُسَمِّ (3)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أرأيتَ لو أنَّ رجلاً أحرم في دُبُر صلاة مكتوبة، أكان يجزيه ذلك؟ قال: نعم (4)

11- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ؛ و عبد الرّحمن بن الحجّاج؛ و حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا صلّيتَ في مسجد الشجرة، فقل و أنت قاعدٌ في دبر الصلاة قبل أن تقوم، ما يقول المحرم، ثمَّ قم فامش حتّى تبلغ الميل، و تستوي بك البيداء، فإذا استوت بك فلبّه (5)

12- عليُّ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عبد الله بن سنان أنّه سأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل يجوز للمتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ أن يُظْهر التلبية في مسجد الشجرة؟ فقال: نعم، إنّما لبّى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على البيداء، لأنَّ الناس لم يكونوا يعرفون التلبية، فأحبَّ أن

ص: 330


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 75. و فيه: إذا حبسه ... ، بدل: إذا حُبس. هذا و يقول المحقق في الشرائع 247/1: ﴿الرابعة: إذا اشترط في إحرامه أن يحلّه حيث حبسه ثم أُحصر، تحلّل، و هل يسقط الهَدْي؟ قيل: نعم، و قيل: لا ، و هو الأشبه. و فائدة الاشتراط جواز التحلل عند الإحصار، و قيل: يجوز التحلل من غير شرط، و الأول أظهر. الخامسة: إذا تحلّل المحصور لا يسقط الحج عنه في القابل إن كان واجباً، و يسقط إن كان ندباً﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 95. و فيه: الأَصحاب ... ، بدل: أصحاب ... الاستبصار 2، 102- باب كيفية التلفظ بالتلبية، ح 6. و قد حمل هذا الحديث و أمثاله على التقية.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6 بزيادة: شيئاً، في ذيله. الاستبصار 2، نفس الباب، ح7.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 62. الاستبصار 2، 98- باب أنه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة، ح 1. و لا بد من حمل الإحرام بعد المكتوبة- بملاحظة بعض الروايات- على الفضل و الاستجاب تأسياً بفعل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حيث ذكر فيها أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قد أحرم نهاراً بعد الظهر.
5- الفقيه 2، 113- باب عقد الإحرام و شرطه و ...، ح 5 و في ذيله: فلبِّ و الهاء هنا في: فَلَبِّهْ: للسِّكت.

يعلّمهم كيف التلبية (1)

13- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: إذا أحرم الرَّجل في دبر المكتوبة، أيلبّي حين ينهض به بعيره، أو جالساً في دبر الصلاة؟ قال: أيّ ذلك شاء صنع.

قال الكلينيُّ: و هذا عندي من الأمر المتوسّع، إلّا أن الفضل فيه أن يُظهر التلبية حيث أظهر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على طرف البيداء، و لا يجوز لأحد أن يجوز ميل البيداء إلّا و قد أظهر التلبية، و أوَّل البيداء أوَّل ميل يلقاك عن يسار الطريق.

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صلّ المكتوبة، ثمَّ أحرم بالحجِّ أو بالمتعة، و أخرج بغير تلبية حتّى تصعد إلى أوَّل البيداء إلى أوّل ميل عن يسارك، فإذا استوت بك الأرض، راكباً كنت أو ماشياً فلبّ، فلا يضرّك ليلاً أحرمتَ أو نهاراً، و مسجد ذي الحُليفة الّذي كان خارجاً عن السقائف (2) عن صحن المسجد، ثمَّ اليوم ليس شيء من السقائف منه.

15- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتمر عُمرة مفردة، يشترط على ربّه أن يحلّه حيث حَبَسَه، و مفرِدُ الحجّ يشترط على ربِّه: إن لم تكن حجّة فعُمْرة (3)

ص: 331


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 88 بتفاوت قليل. الاستبصار 2، 101- باب الموضع الذي يجهر فيه بالتلبية على...،ح 4. هذا و الذي يظهر من كلمات الأصحاب رضوان الله عليهم أنهم مختلفون في صورة التلبية على أقوال: الأول: لبَّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك. و ذكره هذه الصورة المحقق في كل من الشرائع و المختصر النافع، كما اختارها السيد في المدارك، و صاحب المنتهى و غيره الثاني: أن يضيف إلى الصورة الأولى قوله: إن الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك. و هو الذي يظهر من الفقيه بإضافة: لبيك ذا المعارج لبيك. و كذلك هو ما اختاره صاحب المراسم و غيره. الثالث : لبيك اللهم لبيك، لبّيك إن الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك لبيك. كما عن السرائر و المبسوط و الكافي و الغنية و غيرهم. الرابع : نفس صيغة القول الثالث بفارق واحد و هو تقديم لفظ: و الملك لفظ : لك، فيصبح هكذا: ... إن الحمد و النعمة و الملك لك ... الخ. و قد اختار هذا صاحب القواعد. الخامس: نفس صيغة الثالث و الرابع إلا أنه يكرر لفظ: لك، قبل لفظ: و الملك، و بعدها أيضاً، و هو ما يظهر من النهاية. هذا و قد ذهب بعض أصحابنا إلى أن الأقوال الثلاثة الأخيرة مما لم يعرف لها فشاهد. و قد قال الشيخ بعد إيراده هذا الحديث. و الوجه في هذه الرواية أن من كان ماشياً يستحب له أن يلبي من المسجد، و إن كان راكباً فلا يلبي إلّا من البيداء في المسجد الذي كان في زمن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
2- السقاف: جمع سقيفة، و هي الصفة، و الغرض بيان أن ما هو مسقّف الآن لم يكن داخلاً.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 79.

16- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي المغرا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كانت بنو إسرائيل إذا قَرّبت القُربان، تخرج نارٌ تأكل قربان من قُبل منه، و إنَّ الله جعل الإحرام مكان القُربان (1)

207- باب التَّلْبِيَة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألته، لم جُعِلَت التلبية؟ فقال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ أوحى إلى إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن ﴿أَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَ عَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ (2)، فنادى، فأُجيب من كلِّ وجه يلبّون.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر ، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه قال: تلبية الأخرس و تشهّده و قراءته القرآن في الصلاة؛ تحريكُ لسانه و إشارتُهُ بإصبعه (3)

3- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: التلبية: ﴿لَبَّیْکَ اللّهُمَّ لَبَّیْکَ، لَبَّیْکَ لا شَریکَ لَکَ لَبَّیْکَ، إنَّ الحَمْدَ وَ النِّعْمَهَ لَکَ وَ المُلْکَ، لا شَریکَ لَکَ، لَبَّیْکَ ذَا المَعارِجِ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ داعِیاً إلی دارِ السَّلامِ لَبَّیْکَ، لَبَّیْکَ غَفّارَ الذُّنُوبِ لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ أهْلَ التَّلْبِیَة، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ ذَا الجَلالِ وَ الإکرامِ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ مَرْهُوباً وَ مَرْغوباً إلَیْکَ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ تُبْدِئ وَ المَعادُ إلَیْکَ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ کَشّافَ الکُرَبِ العِظامِ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ عَبْدُکَ وَ ابْنُ عَبْدَیْکَ، لَبَّیْکَ لَبَّیْکَ یا کَریمُ لَبَّیْکَ﴾. تقول ذلك في دُبُر كلِّ صلاة مكتوبة أو نافلة، و حين ينهض بك بعيرك، و إذا عَلَوْتَ شُرُفاً، أو هبطت وادياً، أو لقيت راكباً، أو استيقظت من منامك، و بالأسحار، و أكثِرْ ما استطعت منها، و اجهر بها، و إن تركت بعض التلبية فلا يضرُّك، غير أنَّ تمامها أفضل.

ص: 332


1- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 2 مرسلاً تفاوت يسير. و القربان: ما تقرب به إلى الله سبحانه. ﴿الحديث موثق، و يحتمل أن يكون المراد أن الإحرام بمنزلة تقريب القربان و ذبح الهدي بمنزلة قبوله، أو المراد أن الإحرام مع سياق الهدي بمنزلة القربان﴾ مرآة المجلسي 265/17.
2- الحج/27. و أَذِّن: أي نادِ. رجالاً: أي مشاةً على أرجلهم. ضامر: أي مهزول من الإبل. و الفجّ: الطريق و المسلك. عميق: أي بعيد.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 113. يقول المحقق في الشرائع 245/1: ﴿... فلا ينعقد الإحرام لمتمتع و لا لمفرِدٍ إلا بها (التلبية)، و بالإشارة للأخرس مع عقد قلبه بها﴾.

و اعلم أنّه لا بدَّ من التلبيات الأربع في أوَّل الكلام، و هي الفريضة، و هي التوحيد، و بها لبّى المرسلون، و أكثر من ذي المعارج (1) فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يكثر منها، و أَوَّل من لبّي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِنَّ الله عزَّ و جلَّ يدعوكم إلى أن تحجّوا بيته، فأجابوه بالتلبية، فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل و لا بطن امرأة إلّا أجاب بالتلبية (2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن أسد بن أبي العلاء، عن محمد بن الفضيل، عمّن رأى أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو محرم، قد كشف عن ظهره حتّى أبداه للشمس، و هو يقول: لبّيكَ في المذنِبينَ (3)لبّيك.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز رفعه قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لمّ أحرم أتاه جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال له: مر أصحابك بالعَجّ و الثَّج، و العجّ: رفع الصوت بالتلبية، و الثج: نَحْرُ البُدن، و قال: قال جابر بن عبد الله: ما بَلَغْنا الرَّوحاء حتّى بُحَّت أصواتنا (4)

6- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن تلبيّ و أنت على غير طهر و على كلِّ حال.

7- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي سعيد المكاريّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على النساء جهر بالتلبية (5)

8- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضّال، عن رجال شتّى، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): من لبّى في إحرامه سبعين مرَّة إيماناً و احتساباً، أشهد الله له ألف ألف ملك ببراءة من النّار و براءةٍ من النفاق.

ص: 333


1- أي من قولك: لبّيك ذا المعارج. و هو مأخوذ من قوله تعالى في الآية 3 من سورة المَعارج. و ذو المعارج: ذو العلوّ و الفواضل و النعم.
2- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 108 بتفاوت. و كرره برقم 4 من الباب 23 من نفس الجزء من التهذيب، و فيه هناك: التي في أول الخبر، بدل: ... في أول الكلام... الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج: (التلبية)، و فيه بتفاوت إلى قوله: و أكثر من ذي المعارج.
3- أي شافعاً في المذنبين، أو كافياً فيهم و إن لم يكن منهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعيف.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 110. و أخرجه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بتفاوت في الذيل. الفقيه 2، 115- باب التلبية، ح 2 بدون الذيل . و الرَّوْحاء: -كما في القاموس- موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلاً من المدينة.
5- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 112. هذا، و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب الجهر بالتلبية للرجال خاصة، و روى الصدوق رحمه الله عن أبي سعيد المكاري عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن الله عزَّ و جلَّ وضع عن النساء أربعاً: الإجهار بالتلبية ... الخ. فراجع الفقيه 2، 115- باب التلبية، ح3.

208- باب ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال و غيره

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ :﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَ لاَ فُسُوقَ وَ لاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ (1)؟ فقال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ اشترط على النّاس شرطاً و شرط لهم شرطاً، قلت: فما الّذي اشترط عليهم و ما الّذي اشترط لهم؟ فقال: أمّا الّذي اشترط عليهم، فإنّه قال:﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَ لاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ وأمّا ما شرط لهم فإنّه قال: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ لِمَنِ اتَّقَی﴾ (2)، قال: يرجع لا ذنب له. قال: قلت: أرأيت من ابتلي بالفسوق، ما عليه؟ قال: لم يجعل الله له حدَّا، يستغفر الله و يلبّي. قلت: فمن ابتلي بالجدال، ما عليه؟ قال: إذا جادل فوق مرَّتين، فعلى المصيب دم يهريقه، و على المخطىء بقرة (3)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان في قوله الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ قال: إتمامها؛ أن لا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحجِّ.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، جميعاً عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) : إذا أحرمتَ فعليك بتقوى الله، و ذكر الله كثيراً، و قلّة الكلام إلّا بخير، فإنَّ من تمام الحجِّ و العمرة أن يحفظ المرء لسانه إلّا من خير، كما قال الله عزَّ و جلَّ، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول :﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جدالَ فِي الْحَجِّ﴾، والرَّفث: الجماع،

ص: 334


1- البقرة/197
2- البقرة /203.
3- الفقيه 2، 116- باب ما يجب على المحرم اجتنابه من الرَفث و ...، ح 1. و أخرجه عن محمد بن مسلم و الحلبي جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الرَّفث: هو الجماع: و الفُسُوق: هو الكذب مطلقاً. قال الشهيد الثاني في الروضة: ﴿و لا كفارة فيه سوى الاستغفار﴾. و قال الشهيدان و هما في مقام بيان موارد وجوب ذبح شاة كفارة على المحرم: ﴿أو جادل بأن حلف بإحدى الصيغتين أو مطلقاً ثلاثاً صادقاً من غير ضرورة إليه كإثبات حق أو دفع باطل يتوقف عليه و لو زاد الصادق عن ثلاث و لم يتخلل التكفير فواحدة عن الجميع و مع تخلله فلكل ثلاث شاة. أو واحدة كاذباً، و في اثنين كاذباً بقرة، و في الثلاث فصاعداً بدنة، إن لم يكفَّر عن السابق، فلو كفّر، على كل واحدة فالشاة، أو اثنتين فالبقرة، و الضابط اعتبار العدد السابق ابتداءً أو بعد التكفير، فللواحدة شاة، و للاثنتين بقرة و للثلاث بدنة...﴾. و المقصود بإحدى الصيغتين: لا و الله، و بلى و الله. و قد نص الشهيد الأول في الدروس إلى أن الجدال هو مطلق اليمين.

و الفسوق: الكذب و السباب، و الجدال: قول الرَّجل لا و الله، و بلى و الله (1)

و اعلم أنَّ الرَّجل إذا حلف بثلاث أيمان و لاءً في مقام واحد و هو محرم، فقد جادل، فعليه دم يهريقه و يتصدَّق به، و إذا حلف يميناً واحدة كاذبة فقد جادل، و عليه دم يهريقه و يتصدَّق به، و قال (2): اتّق المفاخرة، و عليك بورع يحجزك عن معاصي الله، فإِنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْیَطَّوَّفُوا بِالْبَیْتِ الْعَتِیقِ ﴾، قال أبو عبد الله: من التفث أن تتكلّم في إحرامك بكلام قبيح، فإذا دخلت مكّة و طفت بالبيت و تكلّمت بكلام طيّب، فكان ذلك كفّارة، قال: و سألته عن الرَّجل يقول: لا لَعَمْري و بلى لَعَمْري؟ قال: ليس هذا من الجدال، إنّما الجدال: لا و اللهِ و بلى و اللهِ.

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا حلف ثلاث أيمان متتابعات صادقاً فقد جادل، و عليه دم، و إذا حلف بيمين واحدة كاذباً فقد جادل، و عليه دم.

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير قال: سألته (3) عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له صاحبه: و الله: لا تعمله، فيقول: و الله لأَعْمَلَنّه، فيخالفه مراراً ، أيلزمه ما يلزم [صاحب] الجدال؟ قال: لا، إنّما أراد بهذا إكرام أخيه، إنّما ذلك ما كان [لله] فيه معصية (4)

6- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا، عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: في الجدال شاةٌ، و في السباب و الفسوق بقرةٌ، و الرّفث فسادُ الحجّ (5)

ص: 335


1- إلى هنا مرويُّ في التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 1.
2- من هنا إلى قوله: و كان ذلك كفارة، مروي في الفقيه 2، 116- باب ما يجب على المحرم اجتنابه من الرفث و ... ،ح 7. و المراد بالكلام الطيب ما يدعو الحاجُّ الله به، و ما يقوم به من تضرّع و استغفار و غير ذلك.
3- في الفقيه: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 بتفاوت. و الحديث صحيح. و قوله: أن يعمل العمل: أي يقوم بخدمة أصحابه وفق آداب السفر و تقرباً إلى الله سبحانه.
5- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 2. هذا، و قد اختلف أصحابنا في معنى الفسوق- بعد إجماعهم على تحريمه في الحج و غيره- فذهب الشيخ و الصدوقان و الشهيدان إلى أنه الكذب. و ذهب ابن أبي عقيل إلى أنه كل لفظ قبيح، و قال السيد المرتضي الكذب و السباب، و قال ابن البرّاج بأنه خصوص الكذب على الله و رسوله و الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

209- باب ما يلبس المحرم من الثياب و ما يكره له لباسه

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن بعض أصحابنا، عن بعضهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أحرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في ثوبَي كُرْسُف (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان ثوبا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) اللَّذان أحرم فيهما يمانيين؛ عِبري و ظَفار، و فيهما

كُفّن (2)

3- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كلّ ثوب يصلّى فيه فلا بأس أن يحرم فيه (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي بصير قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الخميصة، سداها أبريسم، و لُحْمَتُها من غَزْل؟ قال: لا بأس بأن يحرم فيها، إنّما يكره الخالص منه (4)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن شعيب أبي صالح، عن خالد أبي (5) العلاء الخفاف قال: رأيت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و عليه بُرْدٌ أخضر و هو مُحْرِمٌ (6)

6- محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنت عنده جالساً، فسئل عن رجل يُحرم في ثوب فيه حرير، فدعا بإزار

ص: 336


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 21. الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و ...، ضمن ح 18. و الكرسُف: القطن.
2- الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 1 بتفاوت و فيه و أظفار. و ما هنا في الفروع هو الصحيح. و ظفار: اسم مدينتين في اليمن، إحداهما قرب صنعاء ينسب إليها الجزع الظفاري .. . . و قيل: ظفار: هي مدينة صنعاء نفسها كما في مراصد الإطّلاع.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 20. و فيه: يصلي. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 و جاء بصيغة المخاطب. هذا، و قد دل الحديث على أن كل ما تصح الصلاة فيه من أنواع الساتر يصح فيه الإحرام.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 23. الفقيه 2، نفس الباب، ح 18 و أخرجه عن أبي الحسن النهدي قال: سأل سعيد الأعرج أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... ، و الخميصة: -كما في الصحاح- الكساء الأسود المعلم.
5- في الفقيه: عن خالد بن أبي العلاء الخفّاف...
6- الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 4.

قُرْقُبيّ فقال: أنا أُحرِم في هذا، و فيه حرير (1)

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعیب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يلبس الطيلسان المزرور؟ فقال: نعم، و في کتاب عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا يلبس طليلسان حتى ينزع أزراره، فحدَّثني أبي، إنّما كره ذلك مخافة أن يزرّه الجاهل عليه.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثل ذلك، و قال: إنّما كره ذلك مخافة أن يزرّه الجاهل، فأمّا الفقيه فلا بأس أن يلبسه(2)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تلبس ثوباً له أزرار و أنت محرم، إلّا أن تنكّسه، و لا ثوباً تَدَّرِعُه، و لا سراويل إلّا أن لا يكون لك إزار، و لا خفّين إلّا أن لا يكون لك نعلان (3)؛ قال: و سألته عن المحرم يقارن بين ثيابه الّتي أحرم فيها و غيرها؟ قال: لا بأس بذلك إذا كانت طاهرة.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يتردِّى بالثوبين؟ قال: نعم، و الثلاثة إن شاء، يتّقي بها البرد و الحرَّ (4)

ص: 337


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 24. الفقيه 2، نفس الباب، ح 10. و قُرْقُبيّ: نسبة إلى قُرْقُوب، حذف منه الواو كما حذف من السابريّ نسبة إلى سابور، و قرقوب: -كما في مراصد الإطلاع- بلدة بين واسط البصرة و الأهواز. هذا، و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم جواز الإحرام فيما لا يجوز لبسه في الصلاة، و الحرير مما يحرم لبسه مطلقاً للرجال إلا في حالة الاضطرار فلا يجوز الإحرام فيه، و أما بالنسبة لإحرام النساء بالحرير فهنا لك قول بجواز إحرامهن فيه لجواز لبسهنّ له في الصلاة، و قول آخر و هو عدم الجواز، اختاره المحقق في الشرائع لأنه الأحوط فراجع 246/1.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 21 بتفاوت.
3- إلی هنا مروي في التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 35 بتفاوت بسير. الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا ...، ح 24 بتفاوت و في ذيله: نعل. بدل: نعلان. والإدّراع: إدخال اليدين في كمّي الثوب عند لبسه. هذا، و قد نقل السيد صاحب المدارك عدم الخلاف بين أصحابنا في تحريم لبس المخيط للرجال حال الإحرام. و نقل عن ابن الجنيد من قدامى الأصحاب أنه قيد المخيط بما كان منه ضامَّا للبدن، و مقتضى ذلك جواز التوشح به.
4- لتهذيب 5 نفس الباب، صدر ح 38 بتفاوت. و أخرجه عن موسى بن القاسم عن محمد بن سنان عن ابن سكان عن الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

11- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا بأس بأن يغيّر المحرم ثيابه، و لكن إذا دخل مكّة لبس ثوبي إحرامه اللّذين أحرم فيهما، و كره أن یبيعهما (1)

12- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (2) عن المحرم يلبس الخَزَّ؟ قال: لا بأس (3)

13- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أحمد بن عائذ، عن الحسين بن مختار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يُحرِم الرَّجل في الثوب الأسود؟ قال: لا يحرم في الثوب الأسود، و لا يكفّن به الميّت (4)

14- أحمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يحرم في ثوب وسخ؟ قال: لا، و لا أقول إنّه حرام، و لكن أُحبُّ أن يطهّره، و طهوره غَسْلُهُ، و لا يغسل الرَّجل ثوبه الّذي يحرم فيه حتّى يُحِلَّ و إن توسّخ إلّا أن یصيبه جنابة أو شيء فيغسله (5)

15- أحمد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن خَلُوق الكعبة للمحرم، أيغسل منه الثّوب ؟ قال: لا، هو طهور. ثمَّ قال: إنَّ بثوبي منه لطخاً (6)

ص: 338


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 41. الفقيه 2، نفس الباب، ح 26.
2- في الفقيه: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 29 و في ذيله: لا بأس به. و لا بد من حمل الحديث على الخز المغشوش، أو على ما عفي عن لبسه منه، و ليس المراد به هنا ثوبي الإحرام.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 22. و ذكره أيضاً برقم 1394 (تسلسل عام) من الجزء الأول من التهذيب. الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. و قد حمل أصحابنا النهي هنا على الكراهية دون الحرمة.
5- روی صدره في التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 30. و روى ذيله برقم 42 من نفس الباب و في سنده: ... عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم ... الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا ... ، ح 6 و أخرجه عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و يقول الشهيدان و هما في مقام تعداد مكروهات ثياب الإحرام: ﴿و الوسخة، إذا كان الوسخ ابتداءاً، أما لو عرض في أثناء الإحرام كره غسلها إلا لنجاسة﴾.
6- التهذيب 5،نفس الباب، ح 33 بتفاوت و بدون الذيل. و أخرجه عن موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).... الفقيه 2، نفس الباب، ح 19 و أخرجه عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الخَلُوق: -كما في النهاية- هو طيب معروف مركّب يتخذ من الزعفران و غيره من أنواع الطيب، و يغلب عليه الحمرة و الصفرة. قوله: فإنه طهور: كناية عن عدم البأس به لأنه يستعمل لتطيب الكعبة.

16- أحمد، عن ابن فضّال، عن المفضّل بن صالح، عن ليث المراديِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الثّوب المعلم، هل يُحرم فيه الرَّجل؟ قال: نعم، إنّما يكره الملحم (1)

17- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن هلال قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الثّوب يكون مصبوغاً بالعُصْفُر، ثمَّ يُغْسَل، البسه و أنا مُحرم؟ قال: نعم، ليس العُصْفُر من الطيب، و لكن أكره أن تلبس ما يشهرك به النّاس (2)

18- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الثّوب يصيبه الزَّعفران ثمَّ يُغسل فلا يذهب، أيحرم فيه؟ قال: لا بأس به إذا ذهب ريحه، و لو كان مصبوغاً كلّه إذا ضَرَبَ إلى البياض و غُسل، فلا بأس به (3)

19- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن أَبَان، إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يلبس الثّوب قد أصابه الطيب؟ قال: إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه (4)

20- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يحرم الرَّجل في ثوب مصبوغ بمِشْق، و لا بأس بأن يحوِّل

ص: 339


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 13. و الملحم: ما كانت لُحمته من الإبرسيم و سَداه من القطن. و الظاهر من كلمات فقهائنا إرسالهم القول بكراهة الإحرام بالثوب الذي فيه لون يخالف لونه إرسال المسلّمات سواء كانت مخالطة اللون المخالف في أصل الصنع أو بواسطة الصبغ بعد حياكته. و في بعض النسخ: إنما يحرم الملحم، و على تقدير صحته فلا بد من حمله على ما إذا كان الحرير المحض غالباً فيه.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 32. الاستبصار 2، 95- باب جواز لبس الثوب المصبوغ بالعُصْفُر للمحرم، ح 2. و رواه فيهما عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبي الفرج عن أبان بن تغلب قال سأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أخي... الخ. الفقيه 2، نفس الباب، ح 16 و رواه مضمراً عن الكاهلي، و هو بحسب الظاهر عبد الله بن يحيى أبي محمد الكاهلي بقرينة ورود ابن محبوب و عبد الله بن هلال هنا في سند الفروع و الأول ممن يروي عن الكاهلي و الثاني ممن يروي عنه الكاهلي. والعُصْفُر: -كما في القاموس المحيط- صبغ و نبت يهرّىء اللحم، غليظ، يسمى البهرمان، و بزره القرطم، الواحدة عصفرة. و عَصْفَرَ الثوب؛ صبغه بالعُصْفُر فهو مُعَصْفَرٌ.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 28. الفقيه 2، نفس الباب، ح 14. بتفاوت فيهما. و لعل نفي البأس عن الإحرام فيه إذا ضرب إلى البياض بعد غسله بلحاظ أنه في نظر العرف لا يُعَدّ من المصبوغ فترتفع الكراهة عن الإحرام فيه.
4- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 31، الفقيه 2، 117- باب ما يجور الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 17.

المحرم ثيابه، قلت: إذا أصابها شيءٌ يغسلها؟ قال: نعم، و إن احتلم فيها (1)

21- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليِّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يلبس لحافاً ظهارته حمراء و بطانته صفراء، قد أتى له سنة و سنتان؟ قال: ما لم يكن له ريحٌ فلا بأس، و كلُّ ثوب يصبغ و يغسل يجوز الإحرام فيه، فإن لم يغسل فلا (2)

22- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن نجيح ، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بلبس الخاتم للمحرم (3)

وفي رواية أُخرى: لا يلبسه للزّينة (4)

210- باب المحرم يشدّ على وسطه الهميان و المنطقة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ معي أهلي، و أنا أُريد أن أشدَّ نفقتي في حَقْوي؟ فقال: نعم، فإنَّ أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يقول: من قوّة المسافر حِفْظُ نَفَقَته (5)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يشدُّ على بطنه العمامة، قال: لا، ثمَّ قال: كان أبي يقول: يشدّ على بطنه المنطقة الّتي فيها نفقته يستوثق منها، فإنّها من تمام حجّه (6)

ص: 340


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 7 و فيه: ممشق. و المِشق: طين أحمر ، و هو ما يسمى بالطين الأرمني. و روى ذيله في التهذيب 5، نفس الباب، ذيل ح 38.
2- الحديث موثق، قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿فإن لم يغسل فلا، محمول على ما إذا صبغ بالطيب و بقيت ريحه﴾ مرآة المجلسي 286/17.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 48. الاستبصار 2، 96- باب لبس الخاتم للمحرم، ح 1.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ذيل ح 50 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، نفس الباب، ذيل ح 3. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 250/1: ﴿و يحرم لبس الخاتم للزينة و يجوز للسنة﴾. و يقول الشهيد الثاني في المسالك 89/1: ﴿المرجع في كونه للزينة أو السنة إلى قصد اللابس﴾.
5- الفقيه 2، 81- باب حفظ النفقة في السفر، ح 1. و الحقوان: مثنّى الحَقْو، و هو الكشح و الإزار لاشتماله عليه أو معقده ، جمع أَحْقٍ و أحقاء و حُقِيّ و حِقاء. و روى البرقي الحديث في محاسنه ص /358.
6- الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 54 و روى ذيل الحديث فقط.

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يصرُّ الدَّراهم في ثوبه؟ قال: نعم، و يلبس المنطقة و الهميان (1)

211- باب ما يجوز للمُحْرِمَة أن تلبسه من الثياب و الحلى و ما يكره لها من ذلك

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عيص بن القاسم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المرأة المحرِمة تلبس ما شاءت من الثياب، غير الحرير و القُفّازين و كره النّقاب و قال: تسدل الثّوب على وجهها. قلت: حدُّ ذلك إلى أين؟ قال: إلى طرف الأنف قدر ما تُبْصِر (2)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن إسماعيل بن مهران، عن النّضر بن سويد، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المرأة المُحْرمة، أيُّ شيء تلبس من الثياب؟ قال: تلبس الثياب كلّها إلا المصبوغة بالزَّعفران و الورس، و لا تلبس القفّازين، و لا حُليّاً تتزيّن به لزوجها، و لا تكتحل إلّا من علّة، و لا تمسُّ طيباً، و لا تلبس حليّاً و لا فِرِنْداً (3)، و لا بأس بالعلم في الثوب (4)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بامرأة متنقّبة و هي مُحرمة، فقال: أحرِمي و أَسْفِري و أرخي

ص: 341


1- الحديث صحيح. و الهميان: كيس توضع فيه الفلوس يشدّه الإنسان على وسطه.
2- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 51. و في سنده: ... عن صفوان، عن الحلبي، عن عيص... الخ. و الظاهر أن ما في الفروع هو الصحيح بقرينة ساير الروايات و موافقته للوافي و الوسائل. الاستبصار 2، 212- باب أن المرأة المحرمة لا ينبغي أن تلبس الحرير المحض، ح 1 و فيه إلى قوله و القفازين. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 246/1: ﴿و هل يجوز الإحرام في الحرير للنساء؟، قيل: نعم، لجواز لبسهن له في الصلاة، و قيل: لا، و هو أحوط﴾ و قال الشهيدان: ﴿و يجوز الإحرام في الحرير و المخيط للنساء في أصح القولين على كراهة دون الرجال و الخنائي﴾.
3- قال الفيروز آبادي في القاموس :323/1: الفِرِند: -بكسر الفاء و الراء- السيف، وثوب معروف. معرّب.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 52 و ليس فيه: و لا فِرِنداً. الاستبصار 2، 213- باب كراهة لبس الحليّ للمرأة في حال الإحرام، ح 1 و روى ذيله فقط. و الورس: نوع من الصبغ. و من الطيب أيضاً. و العلم في الثوب: أن يخطط بخطوط تخالف لونه الأصلي. و يقول المحقق في الشرائع 250/1: ﴿و يحرم ... لبس المرأة الحليّ للزينة، و ما لم يُعْتَد لبسه منه على الأولى، و لا بأس بما كان معتاداً لها لكن يحرم عليها إظهاره لزوجها﴾.

ثوبك من فوق رأسك، فإنّك إن تنقبّت لم يتغيّر لونك، فقال رجل: إلى أين ترخيه؟ فقال: تغطّي عينيها، قال: قلت: يبلغ فمها؟ قال: نعم، و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المحرمة لا تلبس الحليِّ، و لا الثياب المُصَبَّغات إلّا صبغاً لا يردع (1)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة يكون عليها الحليِّ و الخلخال و المَسَكَةُ و القُرطان من الذَّهب و الوَرِق، تحرم فيه و هو عليها، و قد كانت تلبسه في بيتها قبل حجّها، أتنزعه إذا أحرمت، أو تتركه على حاله؟ قال: تحرم فيه، و تلبسه من غير أن تظهره للرِّجال في مركبها و مسيرها (2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي الحسن الأحمسيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن العمامة السّابريّة فيها عَلَمُ حرير، تُحرم فيها المرأة؟ قال: نعم، إنّما كره ذلك إذا كان سَداه و لُحْمَتُهُ جميعاً حريراً، ثمَّ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): قد سألني أبو سعيد عن الخميصة سَداها أبريسم أن ألبسها، و كان وجد البرد، فأمرته أن يلبسها (3)

6- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، أو (4) غيره، عن داود بن الحصين، عن أبي عُيَيْنة (5) قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما يحلُّ للمرأة أن تلبس و هي مُحرمة؟ قال: الثّياب كلّها ما خلا القُفّازين و البرقع و الحرير، قلت: تلبس الخزَّ؟ قال: نعم، قلت: فإنَّ سَداه [ال-] أبريسم و هو حرير؟ قال: ما لم يكن حريراً خالصاً فلا بأس (6)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون، عن

ص: 342


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 53. و قوله: لا يردع: من الردع، و هو الزعفران، أو لطخ منه، -كما في القاموس المحيط 29/3-. وقيل: هو نبات كالسمسم أصفر يزرع باليمن يصبغ به و يتخذ منه الغمرة للوجه. و قيل: هو صبغ أحمر، و نبت طيب الرائحة.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 56. الاستبصار 2، 213- باب كراهية لبس الحلي للمرأة في حال الإحرام، ح 3 بتفاوت يسير فيهما. و المَسَك: الأسورة و الخلاخيل من القرون و العاج واحدة: المَسَكة. هكذا قاله الفيروز آبادي في القاموس المحيط 318/3.
3- الحديث مجهول. و عليه عمل الأصحاب.
4- الشك من الراوي.
5- لا يوجد في سند التهذيبين.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح55. الاستبصار 2، 212- باب أن المرأة المحرمة لا ينبغي أن تلبس الحرير المحض، ح3.

جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرمة لا تنتقّب، لأنَّ إحرام المرأة في وجهها، و إحرام الرَّجل في رأسه (1)

8- حميد بن زياد، عن الحسن بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة هل يصلح لها أن تلبس ثوباً حريراً و هي محرمة؟ قال: لا، و لها أن تلبسه في غير إحرامها

9- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بامرأة محرمة قد استترت بمروحة، فأماط المروحة بنفسه

عن وجهها (2)

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن حريز، عن عامر بن جذاعة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): مصبّغات الثياب تلبسها المحرمة؟ فقال: لا بأس به إلّا المُفْدَم المشهور، و القلادة المشهورة (3)

11- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن محمد الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة إذا أحرمت، أتلبس السّراويل؟ قال: نعم، إنّما تريد بذلك السُتْرَة (4)

212- باب المحرم يضطّر إلى ما لا يجوز له لبسه

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل هلكت نعلاه و لم يقدر على نعلين؟ قال:

ص: 343


1- الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز ، ح 35. و المشهور بين فقهائنا أنه و إن جاز للمرأة المحرمة أن تسدل القناع على وجهها إلا أنه يشترط عدم أصابته الوجه بل لا بد و أن يكون مرتفعاً عنه قليلا باليد أو بغيرها. و أما التنقب فلا يجوز لها إجماعاً، و هو عبارة عن ستر النصف الأسفل من الوجه، أو يصدق بستر الذقن أو الأنف معه و إن لم يستر شيئا مما يسمى وجهاً عرفاً.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و أماط المروحة: أي نحّاها و أبعدها. و قد أخرجه مرسلاً و بتفاوت الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، نفس الباب، ح 36.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 41 و ليس في ذيله: و القلادة المشهورة. و المُفُدَم: المصبوغ بحمرة مشبعة بحيث لا يقبل المزيد. و الصبغ المغدم- كما في الصحاح- أي الخاثر المشبع.
4- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 60. الفقيه 2، نفس الباب، ح 39. و في ذيله: ... الستر

له أن يلبس الخفّين إذا اضطرَّ إلى ذلك، و ليشقّه من ظهر القدم، و إن لبس الطيلسان فلا يزرّه عليه، فإن اضطرَّ إلى قباء من برد و لا يجد ثوباً غيره فليلبسه مقلوباً، و لا يدخل يديه في يدي القباء (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يلبس الخفّين و الجوربين؟ قال: إذا اضطرَّ إليهما (2)

3- سهل، عن جعفر بن محمد الأشعريِّ، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان لا يرى بأساً بعقد الثّوب إذا قصر، ثمَّ يصلّى [فيه] و إن كان محرماً.

4- سهل، عن أحمد بن محمد، عن مثنّى، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يحرم الرَّجل و عليه سلاحه إذا خاف العدوَّ.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من اضطرّ إلى ثوب و هو محرم و ليس معه إلا قباء فلينكّسه و ليجعل (3) أعلاه أسفله و يلبسه.

و في رواية أُخرى يقلب ظهره بطنه إذا لم يجد غيره.

6- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن عبد الرحمن، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )قال: المحرم يلبس السّراويل (4) إذا لم يكن معه إزار، و يلبس الخفّين إذا لم يكن معه نعل.

213- باب ما يجب فيه الفداء من لبس الثياب

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن

ص: 344


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 36 و روى ذيل الحديث عن موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). كما روى ذيل الحديث في الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 15 بتفاوت و أخرجه عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعيف على المشهور.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 22 بتفاوت. و الحديث ضعيف على المشهور. و مضمونه مؤيد لمذهب ابن إدريس و جماعة بعدم وجوب شق ظهر الجوربين.
3- هذا تفسير للنكس. و يدل على مذهب ابن إدريس فيه. و يظهر من الشيخ الكليني رحمه الله بإيراده الرواية الأخرى و أنها تضمنت المعنى الآخر للنكس هو أنه رحمه الله يقول بالتخيير في النكس بين معنييه.
4- لا خلاف في جواز لبسها عندنا إذا لم يجد الإزار. و لا فدية في ذلك بلا خلاف أيضاً.

عليِّ بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من لبس ثوباً لا ينبغي له لبسه و هو محرم، ففعل ذلك ناسياً أو ساهياً أو جاهلاً فلا شيء عليه، و من فعله متعمّداً فعليه دم (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أحدها (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن ضروب من الثّياب مختلفة يلبسها المحرم إذا احتاج، ما عليه؟ قال: لكلِّ صنف منها فداء (2)

214- باب الرجل يحرم في قميص أو يلبسه بعد ما يحرم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار؛ و غير واحد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أحرم و عليه قميص؟ قال: ينزعه و لا يشقّه. و إن كان لبسه بعد ما أحرم، شقّه و أخرجه ممّا يلي رِجْلَيه (3)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن خالد بن محمد الأصمّ قال: دخل رجلٌ المسجد الحرام و هو محرم، فدخل في الطواف و عليه قميص و كساء، فأقبل النّاس عليه يشقّون قميصه- و كان صلباً- فرآه أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هم يعالجون قميصه يشقّونه، فقال له: كيف صنعت؟ فقال: أحرمت هكذا في قميصي و كسائي، فقال: انزعه من رأسك، ليس ينزع هذا من رجليه، إنّما جهل؛ فأتاه غير ذلك فسأله فقال: ما تقول في رجل أحرم في قميصه؟ قال: ينزعه من رأسه (4)

ص: 345


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 200 بزيادة في أوله و وسطه و بتفاوت. و ما تضمنه ذيل الحديث من كون الكفارة دم شاة فهو موضع إجماع العلماء عامة كما نقله في كتاب المنتهى.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 253 بتفاوت و أخرجه مسنداً إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ...، ح 31 بتفاوت. ﴿و يدل على أنه يجب على المضطر أيضاً الكفارة كما هو المقطوع به في كلام الأصحاب، و يدل على تكرار الكفارة باختلاف نوع المخيط و إن اتحد الوقت كما اختاره جماعة من الأصحاب، و به جزم في المنتهى. و ربما ظهر في موضع آخر من المنتهى تكرر الكفارة بتكرر اللبس مطلقاً. و اعتبر الشيخ و جماعة من الأصحاب إلى التكرار اختلاف الوقت، بمعنى آخر زمان الفعل عادة، و ذهب المحقق و جماعة إلى عدم التكرر المجلس و التكرر مع اختلافه، و لا ريب في أنه إذا لبس بعد أداء الكفارة يلزمه كفارة أخرى في جميع الصور﴾ مرآة المجلسي 298/17.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 46. و الحديث حسن، و ما تضمنه من تفصيل هو المشهور بين الأصحاب .
4- الحديث مجهول.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: إن لبست ثواباً في إحرامك لا يصلح لك لبسه، فلبِّ و أَعِدْ غسلك، و إن لبست قميصاً فشقّه و أخْرِجْه من تحت قدميك (1)

215- باب المحرم يغطي رأسه أو وجهه متعمداً أو ناسياً

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: المحرم يؤذيه الذُّباب حين يريد النوم، يغطّي وجهه؟ قال: نعم، و لا يُخَمّر رأسه؛ و المرأة عند النوم لا بأس بأن تغطّي وجهها كلّه عند النوم (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن عبد الملك القمّيّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المحرم يتوضّأ، ثمَّ يجلّل وجهه بالمنديل يُخَمّره كلّه؟ قال: لا بأس.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم ينام على وجهه على زاملته؟ قال: لا بأس [به] (3)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرَّحمن (4) قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يجد البرد في أُذنيه، يغطّيهما؟ قال: لا (5)

ص: 346


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 46 و قد روى الذيل بتفاوت. ﴿و ما تضمنه من الأمر بالتلبية لم أر به قائلاً و الأحوط العمل به لقوة مستنده﴾ مرآة المجلسي 299/17.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 49 بتفاوت و روى صدره بتفاوت برقم 51 من نفس الباب أيضاً. الاستبصار 2، 112- باب تغطية الرأس، ح 2 بتفاوت في الذيل يسير. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و استعماله و ما لا ... ، ح 45 و روى صدره بتفاوت. و تخمير الوجه: ستره و تغطيته. هذا و يقول الشهيدان و هما بصدد بيان محرمات الإحرام: ﴿و تغطية الرأس للرجل بثوب و غيره حتى بالطين و الحنّاء و الارتماس و حمل متاع يستره أو بعضه، نعم يستثنى عصام القربة و عصابة الصداع و ما يستر منه بالوسادة، و في صدقه باليد و جهان و قطع في التذكرة بجوازه، و في الدروس جعل تركه أوْلى و الأقوى الجواز لصحيحة معاوية بن عمّار، و المراد بالرأس هنا منابت الشعر حقيقة أو حكماً فالأوثان ليستا منه خلافاً للتحرير، و تغطية الوجه أو بعضه للمرأة و لا يصدق باليد كالرأس و لا بالنوم عليه و يستثنى من الوجه ما يتم به ستر الرأس لأن مراعاة الستر أقوى و حق الصلاة أسبق و يجوز لها سدل القناع إلى طرف أنفها بغير إصابة وجهها على المشهور...﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ذیل ح 52 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب ، ح 44 بتفاوت. و فيهما: على راحلته، بدل: زاملته.
4- الظاهر أنه ابن الحجّاج.
5- الحديث صحيح. و استوجه العلامة في التحرير تحريم ستر الأذنين، و لعله لهذه الصحيحة.

216- باب الظِلال للمحرم

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن جعفر بن المثنّى الخطيب، عن محمد بن الفضيل؛ و بشر (1) بن إسماعيل قال: قال لي محمد [بن إسماعيل]: (2) ألا أَسُرُّك يا ابن مثنّى؟ قال: قلت: بلى، و قمت إليه، قال: دخل هذا الفاسق (3) آنفاً فجلس قبالة أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ أقبل عليه فقال له: يا أبا الحسن، ما تقول في المحرم، أيستظلّ في المحمل؟ فقال له: لا، قال فيستظلّ في الخباء؟ فقال له: نعم، فأعاد عليه القول شبه المستهزىء يضحك، فقال يا أبا الحسن، فما فرق بين هذا و هذا؟ فقال: يا أبا يوسف، إنَّ الدِّين ليس بقياس كقياسكم أنتم تلعبون بالدِّين، إنّا صنعنا كما صنع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قلنا كما قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يركب راحلته فلا يستظلّ عليها، و تؤذيه الشمس فيستر جسده بعضه ببعض، و ربّما ستر وجهه بيده، و إذا نزل استظلّ بالخباء و فييء البيت و فييء الجدار (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الظلال للمحرم؟ فقال: أَضْحِ (5) لمن أحرمت له، قلت: إنّي محرور، و إنَّ الحرَّ يشتدّ عليَّ؟ قال: أما علمت أنَّ الشمس تغرب بذنوب المحرِمين.

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن عليّ بن الرَّيَّان، عن قاسم الصيقل:قال: ما رأيت أحداً كان أشدُّ تشديداً في الظلّ من أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، كان يأمر بقلع القبّة و الحاجبين (6) إذا أحرم.

ص: 347


1- في التهذيب: بشير.
2- في التهذيب: قال لي محمد: ... الخ. و جزم المجلسي أنه هو الصواب.
3- الظاهر- بقرينة تصريحه بكنيته أثناء الحديث و هي أبو يوسف أن المراد به أبو يوسف القاضي تلميذ أبي حنيفة، خاصة و أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) خاطبه بقوله: إن الدين ليس بقياس كقياسكم ... الخ.
4- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 59 بتفاوت يسير و قد نقل العلامة في التذكرة إجماع علمائنا على عدم جواز الاستظلال للمحرم خالة السير، و عدم جواز ركوبه في المحمل و ما في معناه كالهودج و الكنيسة و العمارية و أشباه ذلك. و نقل عن ابن الجنيد استحباب ترك الاستظلال، و هو مختص بحالة السير فيجوز حالة النزول الاستظلال بالسقف و الشجرة و الخباء و الخيمة باتفاق علمائنا. و ذلك كله مختص بالرجل.
5- أي أبرز و أظهر و لا تستتر.
6- الحاجب من كل شيء حرفه. و المقصود بهما هنا عمودا القبة. و لعله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يأمر بذلك لئلا يقع عليه ظل الخشب.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألته عن المرأة، يضرب عليها الظلال و هي محرمة، قال: نعم، قلت: فالرَّجل يضرب عليه الظلال و هو محرم، قال: نعم، إذا كانت به شقيقة (1)، و يتصدَّق بمدّ لكلِّ يوم (2)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: كتبت إلى الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظلِّ المحمل؟ فكتب: نعم، قال: و سأله رجلٌ عن الظلال للمحرم من أذى مطر أو شمس؟ -و أنا أسمع- فأمره أن یفدي شان و يذبحها بمنى (3)

6- أحمد، عن عليِّ بن أحمد بن أشيم، عن موسى بن عمر، عن محمد بن منصور، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الظلال للمحرم؟ قال: لا يظلّل إلّا من علّة مرض (4)

7- أحمد، عن عثمان بن عيسى الكلابيِّ قال: قلت لأبي الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ عليَّ بن شهاب يشكو رأسه، و البرد شديد ، و يريد أن يُحرم؟ فقال: إن كان كما زعم فليظلّل. و أمّا أنت فاضحَ لمن أحرمت له.

8- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل يستتر المحرم من الشمس؟ فقال: لا، إلّا أن يكون شيخاً كبيراً-أو (5) قال ذا علّة (6)

9- أحمد بن محمد، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المحرم يظلّل

ص: 348


1- الشقيقة: صداع يصيب أحد جانبي الرأس، و قد يصيب مقدمه.
2- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و استعماله و ما لا ...، ح 34 بتفاوت.
3- روى ذيله بتفاوت يسير في التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه و ...، ح 63. و كذلك فعل في الاستبصار 2، 114- باب المريض يظلل على نفسه، ح 8. و روى ذيله بزيادة في آخره في الفقيه 2. نفس الباب، ح 35. و فيه أن ابن بزيع سأل أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )- و أنا أسمع- يعني أحمد بن محمد، و يقول الشهيدان و هما بصدد بيان التروك المحرّمة للمحرم: ﴿و التظليل للرجل الصحيح سايراً، فلا يحرم نازلاً إجماعاً و لا ماشياً إذا مرّ تحت المحمل أو نحوه، و المعتبر فيه ما كان فوق رأسه فلا يحرم الكون في ظل المحمل عند ميل الشمس إلى أحد جانبيه، و احترز بالرجل عن المرأة و الصبي فيجوز لهما الظل اتفاقاً، و بالصحيح عن العليل و من لا يحتمل الحر و البرد بحيث يشق عليه بما لا یتحّمل عادة فيجوز له الظل لكن تجب الفدية﴾.
4- التهذيب 5 نفس الباب، ح 58. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و فيهما: ... من علّة أو مرض.
5- الشك من الراوي.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 60. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.

على محمله و يفتدي إذا كانت الشمس و المطر يضرَّان به؟ قال: نعم، قلت: كم الفداء؟ قال: شاة (1)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الكاهليِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بالقبّة على النساء و الصبيان و هم مُحْرِمونَ (2)

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيِّ، عن المعلّى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يستتر المحرم من الشمس بثوب، و لا بأس أن يستتر بعضه ببعض (3)

12- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح قال: كتبت إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أنَّ عمّتي معي و هي زميلتي (4)، و الحرُّ يشتدُّ عليها إذا أحرمت، فترى لي أن أُظلل عليَّ و عليها؟ فكتب (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ظلّل عليها وحدها (5)

13- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان، عن زرارة قال: سألته عن المحرم، أَيَتَغَطّى؟ قال: أمّا من الحرّ و البرد فلا (6)

14- محمد بن يحيى، عمّن ذكره، عن أبي عليِّ بن راشد قال: سألته عن محرم ظلّل في عمرته؟ قال: يجب عليه دم، قال: و إن خرج إلى مكّة و ظلّل وجب عليه أيضاً دم لعمرته و دم لحجّته (7)

15- عليُّ بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن الفضيل قال: كنّا في دهليز يحيى بن خالد بمكّة، و كان هناك أبو الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أبو يوسف (8)،

ص: 349


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 64 بتفاوت يسير. و كذا هو في الاستبصار 2، نفس الباب، ح 9.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، صدر ح 69. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و...، صدر ح 36 و أخرجاه عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- بعضه ببعض: أي يستر رأسه بيده أو ببعض أعضائه. و قد استظهر في المنتهى جواز ذلك و استشكل فيه في التحرير، و اختار أولوية تركه الشهيد الأول في الدروس.
4- أي رفيقتي في المحمل.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 66. الاستبصار 2، 113- باب من له زميل عليل يظلل عليه هل ... ، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 33 بتفاوت يسير. يقول المحقق في الشرائع 251/1: ﴿و لو زامل عليلاً أو امرأة أختص العليل و المرأة بجواز التظليل﴾.
6- الحديث ضعيف على المشهور.
7- الحديث مرسل. و يدل على تعدد الكفارة إذا ظلل في العمرة المتمتع بها وحجها ماً كما ذكره الأصحاب.
8- هو القاضي تلميذ أبي حنيفة.

فقام إليه أبو يوسف و تربّع بين يديه فقال: يا أبا الحسن، جُعلت فِداك، المحرم يظلّل؟ قال: لا، قال: فيستظلّ بالجدار و المحمل و يدخل البيت و الخباء؟ قال: نعم، قال: فضحك أبو يوسف شبه المستهزىء، فقال له أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا أبا يوسف إنَّ الدِّين ليس بالقياس كقياسك و قياس أصحابك، إنَّ الله عزَّ و جلَّ أمر في كتابه بالطلاق و أكّد فيه بشاهدين، و لم يرضَ بهما إلّا عَدْلَين، و أمر في كتابه بالتزويج و أهمله بلا شهود، فأتيتم بشاهدين فيما أبطل الله، و أبطلتم شاهدين فيما أكّد الله عزَّ و جلَّ، و أجزتم طلاق المجنون و السكران، حجَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فأحرم و لم يظلّل، و دخل البيت و الخِباء، و استظلّ بالمحمل و الجدار، فعلنا كما فعل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). فَسَكَت.

217- باب إن المحرم لا يرتمس في الماء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يرتمس المحرم في الماء (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يرتمس المحرم في الماء و لا الصائم (2)

218- باب الطِّيب للمحرم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تمسّ شيئاً من الطيب، و لا من الدُّهن في إحرامك، واتّق الطيب في طعامك و أمسك على أنفك من الرّائحة الطيّبة، و لا تمسك عنه من الرِّيح المنتنة، فإنّه لا ينبغي للمحرم أن يتلذَّذ بريح طيّبة (3)

ص: 350


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 47 و فيه: عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و قد جعل أصحابنا الإرتماس بمعنى تغطية الرأس للمحرم و هو من محرمات الإحرام إجماعاً.
2- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و استعماله و... ، ذيل ح 36 و أخرجه عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 4. الاستبصار 2، 106- باب الطيب، ح 1، بتفاوت و بزيادة في الأول و الآخر فيهما. هذا، و تحريم الطيب بالنسبة للمحرم إجماعي عند أصحابنا، و يقول المحقق في الشرائع 249/1 و هو بصدد الحديث عن محرمات الإحرام: ﴿و الطيب على العموم، ما خلا خلوق الكعبة، و لو في الطعام، و لو اضطر إلى أكل ما فيه الطيب، أو لمس الطيب قبض على أنفه. وقيل: إنما يحرم المسك و العنبر و الزعفران و العود و الكافور و الوَرْس، و قد يقتصر بعض على أربع: المسك و العنبر و الزعفران و الورس و الأول أظهر﴾. و يقول الشهيدان و هما بصدد بيان التروك المحرّمة للمحرم: ﴿و مطلق الطيب و هو الجسم ذو الريح الطيبة المتخذ للشم غالباً غير الرياحين كالمسك و العنبر و الزعفران و ماء الورد ... و نبّه بالإطلاق (و هو قول الشهيد الأول: و مطلق الطيب) على خلاف الشيخ حيث خصّه بأربعة المسك و العنبر و الزعفران و الورس، و في قول آخر له بستة بإضافة العود و الكافور إليها، و يستثنى من الطيب خلوق الكعبة و العطر في المسعى..﴾.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يمسّ المحرم شيئاً من الطيب و لا الرَّيحان و لا يتلذّذ به، و لا بريح طیّبة، فمن ابتلي بشيء من ذلك فليتصدَّق بقدر ما صنع قدر سعته (1)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبان بن عثمان عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال : من أكل زعفراناً متعمداً، أو طعاماً فيه طيب، فعليه دم ، فإن كان ناسياً فلا شيء عليه، ويستغفر الله عزّ وجلَّ (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم يمسك على أنفه من الرِّيح الطّيبة و لا يمسك على أنفه من الرِّيح المنتنة (3)

5- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم مثله، و قال: لا بأس بالرِّيح الطيّبة فيما بين الصّفا و المروة من ريح العطّارين، و لا يمسك على أنفه (4)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل قال : رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)كُشِفَ بين يديه طيب لينظر إليه و هو محرم، فأمسك على أنفه بثوبه من ريحه.

7- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: الأشنان فيه الطيب، أغسل

ص: 351


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 5 بتفاوت و كذلك هو بتفاوت في الاستبصار 2، 106- باب الطيب، ح 2. و فيهما: عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
2- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و... ، ح 18 بتفاوت يسير في الذيل.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 27 و رواه عن الحلبي و محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و في آخره: الخبيثة، بدل: المنتنة.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 10. الفقيه 2، نفس الباب، ح 28.

به يديَّ و أنا محرمٌ؟ قال: إذا أردتم الإحرام فانظروا مَزَاوِدَكم (1)، فاعزلوا الّذي لا تحتاجون إليه، و قال: تصدَّق بشيء كفارة للأشنان الّذي غسلت به يدك.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المحرم يصيب ثوبه الطيب، قال: لا بأس بأن يغسله بيد نفسه.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم، عن الحسن بن هارون قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ السَّلاَمُ) :إنّي أكلت خبيصاً حتّى شبعت و أنا محرمٌ؟ فقال: إذا فرغت من مناسكك، و أردت الخروج من مكّة، فابتَعْ بدرهم تمراً فتصدَّق به، فيكون كفّارة لذلك، و لما دخل في إحرامك ممّا لا تعلم (2)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في الملح فيه زعفران للمحرِم؟ قال: لا ينبغي للمحرم أن يأكل شيئاً فيه زعفران، و لا شيئاً من الطيب.

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبيِّ، عن المعلّى أبي عثمان، عن معلّى بن خنيس، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كره أن ينام المحرم على فراش أصفر، أو على مِرْفَقَة (3) صفراء (4)

12- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تمسّ ريحاناً و أنت محرمٌ، و لا شيئاً فيه زعفران، و لا تَطْعَم طعاماً فيه زعفران (5)

13- صفوان، عن أبي المغرا قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يغسل يده

ص: 352


1- جمع: المزود: و هو وعاء الزاد- كما في القاموس المحيط 298/1. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 6 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، 106- باب الطيب، ح 3 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و...، ح 17 بتفاوت يسير. و الخبيص: حلوى قوامها التمر و الزبيب الملتوتان بالسمن.
3- المرفقة: المخدّة و شبهها.
4- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 29 بتفاوت قليل و أخرجه عن موسى بن القاسم عن عاصم عن أبي بصير عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... الفقيه 2، 117- باب ما يجوز الإحرام فيه و ما لا يجوز، ح 28. و الكراهة، إما لكون المرفقة أو الفراش مصبوغين بالعُصْفُر أو الزعفران مع عدم وجود رائحة طيبة فيهما، أو لكون ذلك موجباً للشهرة بين الناس
5- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 46 بتفاوت و زيادة في آخره.

بالأشنان؟ قال: كان أبي يغسل يده بالحُرُض الأبيض (1)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية بن عمّار قال: لا بأس بأن تشمَّ الإذخِر و القَيْصُوم و الخزامى و الشيح و أشباهه و أنت محرم (2)

15- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يمسّ الطيب و هو نائم لا يعلم؟ قال: يغسله و ليس عليه شيء؛ و عن المحرم يدهَنُهُ الحَلال بالدُّهن الطيّب، و المحرم لا يعلم، ما عليه؟ قال: يغسله أيضاً وَ لْيَحْذَر (3)

16- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العبّاس بن معروف، عن عليِّ بن مهزیار قال: سألت ابن أبي عمير، عن التفاح و الأُتْرُجّ و النبق، و ما طاب ريحه؟ قال: تُمْسكُ عن شمّه و تأكله (4)

17- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المُحرم، يأكل الأُتْرُجّ؟ قال: نعم، قلت: له رائحة طيّبة، قال: الأُترجّ طعام، ليس هو من الطيب (5)

18- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الحنّاء؟ فقال: إنَّ المحرم ليمسّه و يداوي به بعيره، و ما هو بطيب، و ما به بأس (6)

ص: 353


1- الحُرْض: هو الأشنان. و فيه استدلال بفعله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على الجواز. و الحديث صحيح.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 39. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ...، ح 29. و الإذخِر: نبات طيب الرائحة عريض الأوراق و إذا جف ابيضَّ. القَيصوم: نبات يكثر بالبوادي. الخزامى: -قال الأزهري- بقلة طيبة الرائحة له نَوَر كنَوَر البنفسح. الشّيخ: نبت ذكي الرائحة. و قال الجوهري: الشيح: نبت.
3- الحديث مجهول. و عليه فتوى الأصحاب.
4- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في ...، ح 40. الاستبصار 2، 109- باب جواز أكل ما له رائحة طيبة من الفواكه، ح 1 و أخرجاه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و...، ح 16. و الأُتْرُجّ: ثمر شجرة من جنس الليمون، و يقال له: الترنج. وقيل: هي لغة ضعيفة فيه. و النبق: ثمر السِدْر.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 41. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير فيهما.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17. الاستبصار 2، 107- باب الحنّاء، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 24

19- أبو عليّ الأشعري، عن الحسن بن عليِّ الكوفيِّ، عن العبّاس بن عامر، عن حمّاد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي جعلت ثوبَي إحرامي مع أثواب قد جُمّرت (1) فأجِدُ من ريحها؟ قال: فانشرها في الرِّيح حتّى يذهب ريحها.

219- باب ما يكره من الزِّينَة للمحرم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تنظر في المرآة و أنت محرم لأنّه من الزِّينة و لا تكتحلُ المرأة المحرمة بالسواد، إنّ السواد زينة (2)

2- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا ينظر المحرم في المرآة لزينة، فإن نظر فَلْيُلَبِّ.

3- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الكحل للمحرم؟ قال: أمّا بالسواد فلا، و لكن بالصَّبر و الحُضَض (3)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اشتكى المحرم عينيه، فليكتحل بكحل ليس فيه مِسك و لا طيب.

5- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم لا يكتحل إلّا من وَجَع، و قال: لا بأس بأن تكتحل و أنت محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه، فأمّا للزِّينة فلا (4)

ص: 354


1- تجمير الثوب: تدخينه و تبخيره.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في ... ، ح 27 و روى صدره بتفاوت يسير و روى ذيله برقم 23 من نفس الباب، و روى صدره في الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ...، ح 3. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 250/1 و هو بصدد بيان تروك الإحرام ﴿و الاكتحال بالسواد على قول، و بما فيه طيب، و يستوي في ذلك الرجل والمرأة﴾.و يقصد بالسواد الكحل المستعمل للزينة عادة. و أما حرمة النظر في المرأة للمحرم فهو الأشهر بين أصحابنا كما نص عليه المحقق في الشرائع 1/ 250.
3- الحُضَض: -قال في القاموس- منه عربي و هو عصارة الخولان، و يقال له المكي أيضاً. و قيل: عصارة شجرة شائكة لها أغصان طويلة و ثمر شبيه بالفلفل. و منه هندي، و هو عصارة الفِيْلَزَهْرَج. و الحُضَض أيضاً نبات و دواء یتخذ من أبوال الإبل.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 26. بدون الصدر.

220- باب العلاج للمحرم إذا مرض أو أصابه جرح أو خرّاج أو علّة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اشتكى المحرم فَلْيَتَدَا وَ بما يأكل و هو مُحرم (1)

2- عليُّ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) على كعب بن عجرة و القُمّل يتناثر من رأسه و هو محرم، فقال له: أتؤذيك هَوامُّك؟ فقال: نعم، فأنزلت هذه الآية: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ (2)، فأمره رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن يحلق، و جعل الصيام ثلاثة أيّام، و الصدقة على ستّة مساكين لكلِّ مسكين مُدّين و النُسُك شاة؛ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و كلُّ شيء في القرآن «أو»، فصاحبه بالخيار يختار ما شاء، و كلُّ شيء في القرآن: ﴿فَمَنْ لَمْ یَجِدْ کَذَا فَعَلَیْهِ کَذَا﴾، فَالْأَوْلَی اَلْخِیَارُ (3)

3- عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الله بن الكاهليِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سأله رجلٌ ضرير البصر- و أنا حاضر- فقال: أكتحل إذا أحرمت؟ قال: لا، و لمَ تكتحل؟ قال: إنّي ضرير البصر، فإذا أنا اكتحلت نفعني، و إذا لم أكتحل ضرَّني، قال: فاكتحِل، قال: فإنّي أجعل مع الكحل غيره؟ قال : ما هو؟ قال: أخذ خرقتين فأُربّعهما، فأجعل على كلِّ عين خرقة، و أعصبهما بعصابة إلى قفاي، فإذا فعلت ذلك نفعني، و إذا تركته ضرَّني، قال: فاصنعه.

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن أَبَان، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن رجل تشقّقت يداه و رجلاه و هو محرم، أيتداوى؟

ص: 355


1- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ... ، ح 11 بتفاوت يسير. و فيه دلالة على عدم جواز التداوي بما يكون طيباً أو فيه رائحة الطيب كالبنفسج و الزعفران و السمن و الزيت و غيرها مما هو محرم على المحرم.
2- البقرة/196.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 60 بتفاوت يسير. و كذا في الاستبصار 2، 122- باب ما يجب على من حلق رأسه من الأذى من الكفارة، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 55 و 56 بتفاوت. و بدون الذيل. و القول بأن الكفارة منا مُدّان هو أحد القولين في المسألة عند أصحابنا رضوان الله عليهم، و الكفارة الواردة في الحديث كفارة تخيير كما صرّح بذلك في ذيله. و قد قال المحقق في الشرائع 296/1: ﴿الخامس: حاتي الشعر، و فيه شاة أو إطعام عشرة مساكين لكل منهم مد وقيل: ستة، لكل منهم مدّان، أو صيام ثلاثة أيام﴾

قال: نعم، بالسّمن و الزَّيت، و قال: إذا اشتكى المحرم فليتداوَ بما يحلُّ له أن يأكله و هو محرم.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم، يعصر الدُّمَّلَ، و يربط على القرحة، قال: لا بأس (1)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن خرج بالرَّجل منكم الخرّاج أو الدُّمل، فليربطه، و ليَتَدَاوَ بزيت أو سمن (2)

7- أحمد، عن عليِّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يكون به شَجّة، أيداويها، أو يعصبها بخرقة؟ قال: نعم، و كذلك القرحة تكون في الجسد.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عمران الحلبيِّ قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يكون به الجرح فيتداوى بدواء فيه زعفران؟ قال: إن كان الغالب على الدَّواء فلا، و إن كانت الأدوية الغللبة عليه فلا بأس (3)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن ناجية، عن محمد بن عليّ، عن مروان بن مسلم، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يصيب أُذنه الرِّيح فيخاف أن يمرض، هل يصلح له أن يسدَّ أُذنيه بالقطن؟ قال: نعم، لا بأس بذلك إذا خاف ذلك، و إلّا فلا (4)

10- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: لا بأس بأن يعصب المحرم رأسه من الصُّداع. (5)

ص: 356


1- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ...، ح 10 و فيه: و يربط عليه الخرقة، بدل: و يربط على القرحة.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 34 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 12. بتفاوت أيضا.
3- الفقيه 2، نفس الباب ، ح 9. هذا، و ما تضمنه الحديث من نفي البأس عن التداوي بدواء فيه طيب مستهلك هو المشهور عندنا. و معنى استهلاكه في الدواء أن لا يبقى له ريح و لا لون و لا طعم.
4- الحديث مجهول.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 54. و الحديث صحيح.

221- باب المحرم يَحْتَجِمُ أو يقصّ ظفراً أو شعراً أو شيئاً منه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يحتجم؟ قال: لا، إلّا أن لا يجد بدًّا، فليحتجم، و لا يحلق مكان المحاجم (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن مثنّى بن عبد السّلام، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يحتجم المحرم، إلّا أن يخاف على نفسه أن لا يستطيع الصلاة.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم تطول أظفاره أو ينكسر بعضها، فيؤذيه ذلك؟ قال: لا يقصّ منها شيئاً إن استطاع، فإن كانت تؤذيه، فليقصّها، و ليطعم مكان كلِّ ظفر قبضةً من طعام (2)

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم قلّم ظفراً؟ قال: يتصدّق بكفّ من طعام قال: ظفرين؟ قال: كفّين، قلت: ثلاثة؟ قال: ثلاثة أكفّ، قلت: أربعة؟ قال: أربعة أكفّ، قلت: خمسة قال: عليه دم يهريقه، فإن قصّ عشرة أو أكثر من ذلك، فليس عليه إلّا دم يهريقه.

5- حميد بن زياد، عن حسن بن محمد بن سماعة، عن عليِّ بن الحسن بن رباط، عن هاشم بن المثنّى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا قلّم المحرم أظفار يديه و رجليه في مكان واحد، فعليه دم واحد، و إن كانتا متفرِّقتين، فعليه دَمَان (3)

ص: 357


1- الحديث حسن. هذا و إخراج الدم للمحرم اختياراً من محرمات الإحرام، قال المحقق في الشرائع 251/1 و هو بصدد الحديث عن تروك الإحرام الواجبة: ﴿و إخراج الدم إلا عند الضرورة و قيل: يكره، و كذا قيل في حك الجلد المفضي إلى إدمائه، و كذا في السواك، و الكراهية أظهر﴾.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم إجتنابه في إحرامه، ح 81 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و...، ح 49. هذا و قد أجمع أصحابنا على أن تقليم الأظفار حال الإحرام من المحرمات فراجع شرائع المحقق 251/1. و يقول رحمه الله في صفحة 296: ﴿و في كل ظفر مدّ من طعام، و في أظفار يديه و رجليه في مجلس واحد دم، و لو كان كل واحد منهما في مجلس لزمه دمان، و لو اُفْتِيَ بتقليم ظفره فأدماه لزم المفتي شاة.﴾
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ذيل ح 54بتفاوت الاستبصار 2، 121- باب من قلّم أظفاره، ذيل ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 47. و أخرجوه جميعاً عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بتفاوت. و يقول الشهيدان: ﴿وقصّ الأظفار، أي أظفار يديه و رجليه جميعاً في مجلس أو يديه خاصة في مجلس أو رجليه كذلك (أي في مجلس فكفارته شاة) و إلا فعن كل ظفر مد، و لو كفّر لما لا يبلغ الشاة ثم أكمل الیدين أو الرجلين لم تجب الشاة، كما أنه لو كفّر بشاة لأحدهما ثم أكمل الباقي في المجلس تعدّدت، و الظاهر أن بعض الظفر كالكل إلا أن يقصّه في دفعات مع اتحاد الوقت عرفاً فلا يتعدد فديته﴾.

6- أبو عليّ الأشعريِّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نسي أن يقلّم أظفاره عند إحرامه؟ قال: يَدَعُها، قلت: فإنَّ رجلاً من أصحابنا أفتاه بأن يقلّم أظفاره و يعيد إحرامه ففعل؟ قال: عليه دم يهريقه (1)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يأخذ المُحرم من شعر الحَلَال (2)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من حلق رأسه، أو نتف إبطه ناسياً أو ساهياً او جاهلاً فلا شيء عليه، و من فعله متعمّداً فعليه دم (3)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن نتف المحرم من شعر لحيته و غيرها شيئاً، فعليه أن يطعم مسكيناً في يده (4)

ص: 358


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 80 بتفاوت. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ...، ح 50 بدون: يهريقه، في الذيل. و قد تقدم منا نقل نص المحقق في الشرائع بأنه لو أفتُيَ بتقليم ظفره فأدماه لزم المفتي شاة. و عليه فالضمير في (عليه) هنا يرجع إلى المفتي و هو ما عليه أكثر الأصحاب، و يقول الشهيدان و هما بصدد تعداد کفارات محرمات الإحرام: ﴿أو أفتى بتقلم الظفر فأدمى المستفتي ، و الظاهر أنه لا يشترط كون المفتي محرماً لإطلاق النص و لا كونه مجتهداً، نعم يشترط صلاحيته للإفتاء بزعم المستفتي لتحقق الوصف ظاهراً، و لو تعمد المستفتي الإدماء فلا شيء على المفتي...﴾.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 92. الفقيه 2، نفس الباب، ح 54 و فيه: الحرام، بدل: المحرم.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 87. الاستبصار 2، 125- باب من مس لحيته فسقط منها شعر، ح 6. الفقيه 2، نفس الباب، ح 52 بدون الذيل و إن رواه بتفاوت برقم (51) من نفس الباب. و يمكن الفرق هنا بين النسيان و السهو بحمل أحدهما على نسيان الموضوع و الآخر على نسيان الحكم. هذا و قد أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم بترتب الدم على نتف الإبطين أو حلقهما معاً، و أما إذا نتف أو حلق أحدهما فقط فقد أفتوا- تبعاً لبعض الروايات- بترتب إطعام ثلاثة مساكين على الفاعل، و أما لو نتف بعض كل منهما، فقد ذهب الشهيد الثاني إلى عدم وجوب شيء عليه مستنداً إلى أصالة البراءة، قال: و هو مستثنى من عموم إزالة الشعر الموجب للشاة لعدم وجوبها لمجموعه فالبعض أوْلى.
4- ما يظهر من هذا الحديث عن لزوم كون الإطعام باليد الجانية لم يذكره أكثر الأصحاب، و لا ورد في غيره من الأخبار.

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن المفضّل بن صالح، عن ليث المراديِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يتناول لحيته و هو محرم، فيعبث بها، فينتف منها الطّاقات يبقين في يده خطأ أو عمداً؟ قال: لا يضرُّه (1)

11- أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا وضع أحدكم يده على رأسه أو لحيته و هو محرم، فسقط شيء من الشعر، فليتصدَّق بكفّين من كعك، أو سويق (2)

222- باب المحرم يلقي الدوابَّ عن نفسه

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن أبان، عن أبي الجارود قال: سأل رجل أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل قتل قمّلة و هو محرم؟ قال: بئس ما صنع، قال: فما فداؤها؟ قال: لا فداء لها (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في محرم قتل قمّلة؟ قال: لا شيء عليه في القمّل، و لا ينبغي أن يتعمّد قتلها (4)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا يرمي المحرم القمّلة من ثوبه و لا من جسده متعمّداً، فإن فعل شيئاً من ذلك فليطعم، مكانها طعاماً، قلت : كم؟ قال: كفّاً واحداً.

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان

ص: 359


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 88. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 7 بدون كلمة: يبقين...
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 84. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. بتفاوت فيهما في الذيل. الفقيه 2، نفس الباب، ح 61.
3- الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و استعماله و...، ح 62. هذا، و قد نص أصحابنا على أن في قتل القملة من قبل المحرم أو إلقائها عن ثوبه أو بدنه أو ما أشبه كفاً من الطعام، و ربما يحمل هذا الحديث على حال الضرورة، أو يحمل ذلك الحكم على الاستحباب دون الفرض و الإيجاب
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، 79. الاستبصار 2، 123- باب من القى القمّل -جسده، ح 6.

قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أرأيتَ إن وجدتُ عَلَيَّ قُراداً أو حَلَمَة، اطرحهما؟ قال: نعم، و صغارٌ لهما، إنّهما رَقَيا في غير مَرْقا هما (1)

223- باب ما يجوز للمحرم قتله و ما يجب عليه فيه الكفّارة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كلُّ ما خاف المحرم على نفسه من السّباع و الحيّات و غيرها فليقتله، فإن لم يُرِدْكَ فلا تُرِدْه (2)

2- عليُّ، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير؛ و صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أحرمت فاتّق قتل الدَّواب كلّها إلّا الأفعى و العقرب و الفارة، فإنّها تُوهي السِّقاء (3) و تحرق على أهل البيت، و أمّا العقرب فإنَّ نبيَّ الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مدَّ يده إلى الحجر فلسعته عقربٌ فقال: لعنك الله، لا بَرِّا تَدَعين و لا فاجراً، و الحيّة إذا أرادتك فاقتلها، فإن لم تُرِدْك فلا تُرِدْها و الكلب العقور و السَّبُع إذا أراداك [فاقتلهما]، فإن لم يريداك فلا تُرِدْهُما، و الأسود الغَدِر (4) فاقتله على كلِّ حال، وارم الغراب رمياً، و الحَدَأَة على ظهر بعيرك (5)

3- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يقتل في الحرم و الإحرام الأفعى و الأسود الغَدِر، و كلُّ حيّةٍ سوء، و العقرب، و الفارة و هي الفويسقة، و يرجم الغراب و الحدأة رجماً، فإن عرض لك لصوص امتنعتَ منهم.

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يقتل المحرم الزنبور، و النسر، و الأسود الغَدِر،

ص: 360


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 75. الفقيه 2، نفس الباب، ح 7 بتفاوت. و القراد: دويبة تلصق بجسم البعير و الحَلَمَة، الصغير أو الكبير من القراد و قوله: صغار لهما: أي إذلال و تصغير لأنهما أخذا مكاناً ليس مكانهما الذي هو الإبل
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 185. و كرره برقم 271 من الباب 26 من نفس الجزء. الاستبصار 2، 134- باب من قتل سَبُعاً، ح 1.
3- توهي السقاء: أي تشقه أو تخرقه، أو تفك رباطه فينكفىء.
4- أي الحية العظيمة التي تأخذ الإنسان على حين غرَّة، و خِلسَةٌ.
5- التهذیب 5، نفس الباب، ح 186 بتفاوت و نقيصة في بعض المواضع.

و الذئب، و ما خاف أن يعدوا عليه، و قال: الكلب العقور هو الذِّئب (1)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن محرم قتل زنبوراً؟ قال: إن كان خطأ فليس عليه شيء، قلت: لا، بل متعمّداً؟ قال: يطعم شيئاً من طعام، قلت: إنّه أرادني؟ قال: كلُّ شيء أرادك فاقتله (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنّى بن عبد السلام، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم، يقتل البقّة و البرغوث إذا أراده؟ قال : نعم.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اليُربوع و القُنْفُذ و الضَّبُ إذا أماته المحرم، فيه جدي، و الجدي خير منه، و إنّما قلت هذا، كي يَنْكُل عن صيد غيرها (3)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ القُرَاد ليس من البعير، و الحَلَمَة من البعير (4)، بمنزلة القمّلة من جسدك (5)، فلا تُلْقِها، و أَلْقِ القُراد.

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يقرّد البعير (6)؟ قال: نعم، و لا ينزع الحَلَمَة (7)

ص: 361


1- الأشهر تحريم قتل الزنبور للمحرم، و قال المحقق في الشرائع 1 /284: ﴿و في الزنبور تردد، و الوجه المنع، و لا كفارة في قتله خطاً، خطأ، و في قتله عمداً صدقة و لو بكف من طعام﴾. و قد نص في الدروس على أن فداءه كف من طعام أو تمر، و لم يتعرض أحد من الأصحاب للنسر. و الحديث مجهول.
2- إلى قوله: يطعم شيئاً من طعام، رواه بتفاوت عن موسى بن القاسم، عن صفوان، عن يحيى الأزرق قال سألت أبا عبد الله و أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... الخ. في التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و...، ح 108.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 105 بتفاوت قليل. هذا و سوف يكرره المصنف بتفاوت برقم 9 من الباب 235 من هذا الجزء. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 286/1: ﴿الثالث: القنفذ و الضبّ و اليربوع؛ في قتل كل واحد من القنفذ و الضَبّ و اليربوع جَدْيٌ﴾.
4- إلى هنا رواه في الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ...، ح 79.
5- هذه الفقرة رواها بسند آخر في الفقيه 2، نفس الباب، ح 80.
6- أي ينتزع القراد عنه.
7- انظر رقم (5) أعلاه.

10- أحمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الرَّحمن بن العرزميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أبيه، عن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يقتل المحرم كلَّ ما خَشِيَه على نفسه(1)

11- أحمد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بقتل البرغوث و القمّلة و البَقّة في الحرم (2)

12- أحمد بن محمد، عن أحمد القلانسيِّ، عن أحمد بن الوليد، عن أَبَان، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حَكَكْتُ رأسي و أنا محرم، فوقعت قمّلة؟ قال: لا بأس، قلت: أيُّ شيء تجعل عَلَيَّ فيها؟ قال: و ما أجعل عليك في قمّلة؟! ليس عليك فيها شيء.

224- باب المُحْرِم يذبح وَ يَحْتَشُّ لدابّته

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم يذبح البقر و الإبل و الغنم، و كلّما لم يصفّ من الطير (3)، و ما أحلّ للحلال أن يذبحه في الحرم و هو محرم، في الحلِّ و الحرم.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المحرم ينحر بعيره، أو يذبح شاته؟ قال: نعم، قلت له: يحتشّ لدابّته و بعيره؟ قال: نعم، و يقطع ما شاء من الشجر حتّى يدخل الحرم، فإذا دخل الحرم فلا (4)

225- باب أدَبِ المُحْرم

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي

ص: 362


1- الحديث صحيح.
2- قال الشهيد الأول في الدروس: منع في النهاية من قتل المحرم البقَّ و البرغوث و شبههما في الحرم، و إن محلاً في الحرم فلا بأس.
3- صَفِّ الطير؛ إذا استقلّ بالطيران. فما لم يكن له صفيف أصلاً كالدجاج لا يكون مستقلاً بالطيران فلا يكون ممتنعاً في ذاته فلا يحرم قتله على المحرم.
4- و قد تقدم القول في أن المشهور حرمة قطع الشجر و الحشيش النابتين في الحرم على المحلّ و المحرم إلا ما نبت في ملك الإنسان و ما استثني كالإذخِر و غيره فراجع. و الحديث ضعيف.

حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا حَكَكْتَ رأسك، فحكّه حكّاً رفيقاً، و لا تَحُكّنَّ بالأظفار، و لكن بأطراف الأصابع.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اغتسل المحرم من الجنابة، يصبُّ على رأسه ، و يميز الشعر بأنامله بعضَه من بعض (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يدخل المحرم الحمّام، و لكن لا يتدلّك (2)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل ، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس للمحرم أن يُلَبّي (3) من دعاه حتّى يقضي إحرامه، قلت: كيف يقول ؟ قال: يقول: يا سعد (4)

5- محمد بن يحيى؛ و أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم، يتخلّل (5)؟ قال: لا بأس.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المحرمِ يَسْتاك؟ قال: نعم، قلت: فإن أدمى يستاك؟ قال: نعم، و هو من السنّة (6) و روي أيضاً: لا يستدمي.

ص: 363


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 8، بتفاوت يسير. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ... ، ح 66 بتفاوت يسير.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 79. الاستبصار 2، 111- باب دخول الحمّام، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 53. هذا، و قد نص أصحابنا على كراهة دخول الحمّام للمحرم أثناء إحرامه و تدليك الجسد فيه، و قد حملوا كل ما ورد من النهي عن ذلك على الكراهة.
3- أي يقول له: لبّيك، و إنما كره ذلك كما يقول الشهيد الثاني في المسالك 90/1: ﴿لأنه في مقام التلبية لله، فلا يشرك غيره فيها﴾.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ؛ ح 261. الفقيه 2، 115- باب التلبية، ح 7 بتفاوت.
5- تخليل الأسنان: استخراج ما علق خلالها من الطعام بعود و نحوه.
6- إلی هنا مروی في الفقیه 2، 118- باب ما یجوز للمحرم إتیانه و استعماله و ...، ح 4. و یحمل علی ما إذا کانت هنا لک ضرورة للاستیاک، علی القول بحرمة إخراج الدم علی المحرم، و أما علی القول بجوازه له علی کراهیة فالروایة تکون عاضدة لهذا القول،و قد استظهر بعض أصحابنا الکراهة من الأدلة دون الحرمه، فراجع شرائع الاسلام للمحقق 1 /251، بینما ذهب الشهیدان إلی أن إخراج الدم إختیاراً و لو بمثل السواک و حک الجسد من محرمات الإحرام مع القول بعدم الفدیة علی الأقوی.

7- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل يحكّ المحرم رأسه، و يغتسل بالماء؟ قال: يحكّ رأسه ما لم يتعمّد قتل دابّة، و لا بأس بأن يغتسل بالماء، و يصبُّ على رأسه، ما لم يكن ملبّداً، فإن كان ملبّداً فلا يفيض على رأسه الماء إلّا من الاحتلام (1)

8- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يكره الإحتباء للمحرم، و يكره في المسجد الحرام (2)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن حفص بن البختريّ، عن أبي حلال (3) الرازيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته، عن رجلين اقتتلا و هما محرمان؟ قال: سبحان الله، بئس ما صنعا، قلت: قد فعلا، فما الّذي يلزمهما؟ قال: على كلِّ واحد منهما دم (4)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العمر كيِّ بن عليّ، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يصارع، هل يصلح له؟ قال: لا يصلح له مخافة أن يصيبه جراحٌ، أو يقع بعضُ شعره (5)

11- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن العبّاس بن عامر، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن سعيد قال: سأل أبو عبد الرَّحمن أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يعالج دَبَر الجمل (6)؟ قال: فقال: يلقي عنه الدوَابّ و لا يدميه.

12- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يكون به الجرب فيؤذيه؟ قال: يحكّه فإن سال منه الدَّم فلا بأس (7)

ص: 364


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 64 بتفاوت يسير. و تلبيد الشعر: عبارة عن جعل صمغ فيه لئلا يتشعث و يصاب بالقمل.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و قد دل على كراهة الاحتباء في المسجد الحرام مطلقاً للمحل و المحرم.
3- في التهذيب: هلال، بدل: حلال.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 256. و الحديث مجهول. و لم يذكره الأكثر و إن عمل به الشيخ رحمه الله.
5- الحديث صحيح، ويدل على جواز المصارعة و عدم حرمتها، و قد نص الشهيد الأول في الدروس على كراهتها للمحرم. و قيل بتحريمها إذا كان فيها رهان.
6- جمل أدْبَر:- كما في النهاية- لما في ظهره من قروح.
7- الحديث موثق، و محمول على المشهور على حال الضرورة.

226- باب المُحْرم يموت

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ابن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المحرم يموت؟ قال: يغسّل، و يكفّن، و يغطّى وجهه، و لا يُحنّط، و لا يمسّ شيئاً من الطيب (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن المحرم يموت؟ قال: يغسّل و يكفّن بالثّياب كلّها، يصنع به كما يصنع بالمحلّ، غير أنّه لا يمسُّ الطيب (2)

3- محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: توفّي عبد الرحمن بن الحسن بن علي بالأبواء، و هو محرم، و معه الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر و عبد الله و عبيد الله ابنا العبّاس، فكفّنوه، و خمّروا وجهه و رأسه، و لم يحنّطوه، و قال: هكذا في كتاب عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (3)

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المرأة المحرمة تموت و هي طامت؟ قال: لا تمسُّ الطيب، و إن كنَّ معها نسوة حلال (4)

227- باب المحصور و المصدود و ما عليهما من الكفّارة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن عبد الله بن فَرْقَد، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين صُدَّ بالحديبية قصّر و أحلّ و نحر ثمَّ انصرف منها، و لم يجب عليه الحلق حتّى يقضي النّسُك، فأمّا

ص: 365


1- و بما ذكر فيه من عدم مسّ شيء من الكافور أو الطيب للميت التزم أصحابنا رضوان الله عليهم، و فيما عدا ذلك فالمحرم الميت في حكم الحلال.
2- التهذيب 1، 13- باب تلقين المحتضرين و توجيههم عند ... ، ح 132. و فيه: و يغطى وجهه، بعد قوله: ... بالثياب كلها ... قال المحقق في الشرائع 39/1: ﴿و يجب أن يمسح مساجده بما تيسّر من الكافور إلا أن يكون محرماً فلا يقر به الكافور ...﴾.
3- رواه بنفس السند مع تفاوت في التهذيب 1، نفس الباب، ح 134.كما أورده بتفاوت و سند آخر برقم 131 من نفس الباب. و الأبواء: منزل بين مكة و المدينة.
4- الحديث مجهول.

المحصور فإنّما يكون عليه التقصير(1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن محرم انكسرت ساقه، أيُّ شيء يكون حاله و أيُّ شيء عليه؟ قال: هو حلال من كلِّ شيء، قلت: من النساء و الثياب و الطيب؟ فقال: نعم، من جميع ما يحرم على المحرم؛ و قال: أما بَلَغَكَ قول أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حُلّني حيث حبستني لقدرك الّذي قدَّرت عليَّ، قلت: أصلحك الله، ما تقول في الحجِّ؟ قال: لا بدَّ أن يحجَّ من قابل، قلت: أخبرني عن المحصور و المصدود، هما سواء؟ فقال: لا، قلت: فأخبرني عن النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين صدَّه المشركون، قضى عمرته؟ قال: لا، و لكنّه اعتمر بعد ذلك (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: المحصور غير المصدود، المحصور المريض، و المصدود الّذي يصدُّه المشركون، كما ردُّوا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و أصحابه ليس من مرض، و المصدود تحلُّ له النساء و المحصور لا تحلُّ له النساء (3) قال: و (4) سألته عن رجل أُُحصر فبعث بالهدي؟ قال: يواعد

ص: 366


1- ﴿الحديث ضعيف على المشهور. و اعلم أن مصطلح الفقهاء في الحصرو الصدّ، أن الحصر هو المنع عن تتمة أفعال الحج لِمَرَض، و الصد بالعدوّ، و هما مشتركان في ثبوت أصل التحلل بهما في الجملة و يفترقان في عموم التحلّل، فإن المصدود يحل له بالمحلل كلما حرمه الإحرام، و المحصور ما عدا النساء، و في مكان ذبح الهدي، فالمصدود يذبحه حيث يحصل له المانع و المحصر يبعثه إلى منى إن كان حاجاً و إلى مكة إن كان معتمراً على المشهور ... الخ﴾ مرآة المجلسي 334/17.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 268. و قوله: هما سواء: يعني في وجوب الحج من قابل. و لا بد من حمله إما على كون الحج قد استقر في ذمته، و إلا فيحمل- على المشهور عندنا- على الاستحباب. قوله: و لكنه اعتمر بعد ذلك: يعني عمرة أخرى مستأنفة، و هي ما سمّيت بعمرة القضاء. و الحديث صحیح.
3- إلى هنا مروي في التهذيب 5، نفس الباب، ح 267. و برقم 113 من نفس الباب أيضاً. الفقيه 2، 210- باب المحصور و المصدود، ح 1 بتفاوت. قال الشهيد الثاني (رحمة الله علیه) في الروضة: ﴿و أصل الحصر المنع، و المراد به هنا منع الناسك بالمرض عن نسك يفوت الحج أو العمرة بفواته مطلقاً كالموقفين أو عن النسك المحلّل على تفصيل . و الصدّ بالعدو و ما في معناه مع قدرة الناسك بحسب ذاته على الإكمال. و هما مشتركان في ثبوت أصل التحلل بهما في الجملة و يفترقان في عموم التحلل، فإن المصدود يحل له بالمحلّل كلما حرمه الإحرام، و المحصر ما عدا النساء، و في مكان ذبح هدي التحلل، فالمصدود يذبحه أو ينحره حيث وجد المانع، و المحصر يبعثه إلى محله بمكة و منى ... و قد يجتمعان على المكلف بأن يمرض و يصده العدو فيتخيَّر في أخذ حكم ما شاء منهما و أخذ الأخف من إحكامهما لصدق الوصفين الموجب للأخذ بالحكم سواء عرضا دفعة أو متعاقبين﴾.
4- من هنا مروي بتفاوت في التهذيب 5، نفس الباب، ح 111.

أصحابه ميعاداً، إن كان في الحجِِِِّ فمحلُّ الهدي يوم النحر، فإذا كان يوم النحر، فليقص من رأسه، و لا يجب عليه الحلق حتّى يقضي المناسك، و إن كان في عمرة فلينظر مقدار دخول أصحابه مكّة، و الساعة الّتي يعِدُهُم فيها، فإذا كان تلك الساعة قصّر و أحلَّ، و إن كان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرُّجوع، رجع إلى أهله، و نحر بدنة، أو أقام مكانه حتّى يبرأ إذا كان في عمرة، و إذا برء فعليه العمرة واجبة، و إن كان عليه الحجُّ رجع، أو أقام ففاته الحجُّ، فإنَّ عليه الحجُّ من قابل؛ فإنّ الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما خرج معتمراً فمرض في الطريق، فبلغ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ذلك و هو في المدينة، فخرج في طلبه فأدركه بالسُّقيا (1) و هو مريض بها، فقال: يا بنيّ، ما تشتكي؟ فقال: أشتكي رأسي، فدعا عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بُبْدنة فنحرها،و حلق رأسه، و ردَّه إلى المدينة، فلمّا برء من وجعه اعتمر، قلت: أرأيتَ حين برء من وجعه قبل أن يخرج إلى العمرة، حلّت له النساء؟ قال: لا تحلّ له النساء حتّى يطوف بالبيت و بالصّفا و المروة، قلت: فما بال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين رجع من الحديبية حلّت له النساء، و لم يطف بالبيت؟ قال: ليسا سواء، كان النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) مصدوداً،و الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) محصوراً.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أُُحْصِرَ الرَّجل، بعث بهديه، فإذا أفاق و وجد من نفسه خِفَّةً فليمض إن ظنَّ أنّه يدرك الناس، فإن قدم مكّة قبل أن ينحر الهدي، فليقم على إحرامه حتّى يفرغ من جميع المناسك و [ل] سينحر هديه، و لا شيء عليه، و إن قدم مكّة و قد

نحر هديه، فإنَّ عليه الحجَّ من قابل، أو العمرة . قلت: فإن مات و هو مُحرم قبل أن ينتهي إلى مكّة؟ قال: يُحَجُّ عنه إن كانت حجّة الإسلام، و يُعْتَمَر، إنّما هو شيء عليه (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في المحصور و لم يَسُق الهَدْي، قال: ينسك و يرجع، فإن لم فإن لم يجد ثمن هَدْي صام (3)

ص: 367


1- يقول الفيروز آبادي في القاموس 343/4: السُّقيا: موضع بالمدينة و وادي الصفراء.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 112 بتفاوت يسير. و الحديث صحيح. ﴿و ما تضمنه من الإحكام موافق للمشهور، غير أنهم قالوا: إن فاته الحج، فإن واجباً يحج في القابل وجوباً و إلا استحباباً، وقالوا أيضاً: يتحلل بعمرة﴾. مرآة المجلسي 338/17- 339.
3- الفقيه 2، 210 - باب المحصور و المصدود، ح 3 بتفاوت. و معنى قوله: ينسك: أي ينحر بدنة. و ما تضمنه من بدلية الصوم في المحصور عن الهدي هو خلاف المشهور عندنا، إذ المشهور أنه لا بدل لهدی التحلل، بل يبقى على إحرامه لو عجز عنه أو عن ثمنه.

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن مثنّى، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : إذا أُحصر الرَّجل فبعث بهديه فأذاه رأسه قبل أن ينحر هَدْيَه، فإنّه يذبح شاة في المكان الّذي أحصر فيه، أو يصوم، أو يتصدّق، و الصوم ثلاثة أيّام، و الصدقة على ستّة مساكين؛ نصف صاع لكلِِّ مسكين (1)

7- سهل، عن ابن أبي نصر، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يشترط و هو ينوي المتعة فيحصر، هل يجزئه أن لا يحجَّ من قابل؟ قال: يحجُّ من قابل، و الحاجُّ مثل ذلك إذا أحصر، قلت: رجلٌ ساق الهدي ثمَّ أحصر؟ قال: يبعث بهديه، قلت: هل يستمتع من قابل؟ فقال: لا، و لكن يدخل في مثل ما خرج منه (2)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الفضل بن يونس، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل عرض له سلطان، فأخذه ظالماً له يوم عرفة قبل أن يعرِّف (3)، فبعث به إلى مكّة فحبسه، فلمّا كان يوم النحر خلّى سبيله، كيف يصنع ؟ قال: يلحق فيقف بجُمع (4)، ثمَّ ينصرف إلى منى، فيرمي و يذبح و يحلق و لا شيء عليه، قلت: فإن خلّى عنه يوم النفر، كيف يصنع؟ قال: هذا مصدود عن الحجِّ، إن كان دخل مكّة متمتّعاً بالعمرة إلى الحجّ، فليطف بالبيت أسبوعاً، ثمَّ يسعى أسبوعاً، و يحلق رأسه، ويذبح شاة (5)، فإن كان مفرِداً للحجِّ، فليس عليه ذبح و لا شيء عليه (6)

9- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المصدود يذبح حيث صُدَّ، و يرجع صاحبه فيأتي النساء، و المحصور يبعث بهَدْيهِ و يعِدُهُم يوماً، فإذا بلغ الهَدي أحلَّ هذا في مكانه، قلت له: أرأيتَ إن ردُّوا عليه دراهمه و لم يذبحوا عنه، و قد أحلّ فأتى النساء؟ قال: فليعد، و ليس عليه شيء، و ليمسك الآن عن النساء إذا بَعَث (7)

ص: 368


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 62. الاستبصار 2 ، 122-باب ما يجب على من حلق رأسه من الأذى من ...، ح 3. بتفاوت يسير فيهما.
2- أي من حج القِران، و هو المشهور بين الأصحاب. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التعريف: الوقوف بعرفات.
4- يعني المشعر الحرام و هو مزدلفة. و ظاهره إدراك الحج بإدراكه الوقوف الإضطراري في مزدلفة.
5- هذا خلاف المشهور في المصدود.
6- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 269 بتفاوت و في ذيله: و لا حَلْق، بدل: و لا شيء عليه. و الحديث موثق.
7- و قد دَلت على عدم بطلان تحلله إذا تبيّن عدم ذبح هديه من قِبل من كلّفه بذلك، و هو مما لا خلاف فيه عندنا، و معنى قوله في ذيل الرواية: و ليمسك الآن عن النساء إذا بعث: أي يجب عليه الإمساك عن النساء إذا بعث الهدي من قابل،و لعل المراد أنه يمسك من حين إحرام المبعوث معه الهدي. و الله العالم.

228- باب المحرم يتزوّج أو يزوّج و يطلّق و يشتري الجواري

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم لا يُنكح، و لا يَنكح، و لا يخطب، و لا يشهد النكاح، و إن نكح فنكاحه باطلٌ (1)

2- أحمد، عن صفوان بن يحيى، عن حريز، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّ رجلاً من الأنصار تزوَّج و هو محرمٌ، فأبطل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) نکاحه (2)

3- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن ابن بكير، عن إبراهيم بن الحسن، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ المحرم إذا تزوَّج و هو محرم، فُرِّق بينهما، ثمَّ لا يتعاودان أبداً (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن صفوان، عن معاوية بن عمّار قال: المحرم لا يتزوَّج، فإن فعل فنكاحه باطلٌ (4)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: لا ينبغي للرَّجل الحلال أن يزوِّج محرماً و هو يعلم أنّه لا يحلُّ له، قلت: فإن فعل فدخل بها المحرم؟ قال: إن كانا عالمين، فإنَّ على كلِّ واحد منهما يُدْنَة، و على المرأة إن كانت مُحْرِِمة ،بُدْنة، و إن لم تكن مُحْرِمة فلا شيء عليها، إلّا أن تكون قد علمت أنَّ الّذي تزوَّجها محرم، فإن كانت علمت ثمَّ تزوَّجته فعليها بدنة (5)

ص: 369


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 49. و فيه: و لا يشهد. من دون كلمة: النكاح. هذا، و يقول الشهيدان و هما بصدد بيان محرمات الإحرام: ﴿... و النساء، بكل استمتاع من الجماع و مقدماته حتى العقد و الشهادة عليه و إقامتها، و إن تحملها مجِلَّا، أو كان العقد بين مُحِلّيْن﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 43. الاستبصار 2، 120- باب أنه لا يجوز للمحرم أن يتزوج، ح 3. الفقيه 2، 118- باب ما يجوز للمحرم إتيانه و ... ، ح 69.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 46. الفقيه 2، نفس الباب، ح 70 بتفاوت.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 48 بزيادة: و لا يزوّج...
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 51. ﴿وقال سيد المحققين في المدارك: لم أقف على رواية تتضمن لزوم الكفارة للعاقد المحرم، لكن ظاهر الأصحاب الإتفاق عليه، و مقتضى الرواية الواردة في المحل لزوم الكفارة للمرأة المحلّة أيضاً إذا كانت عالمة:بإحرام الزوج، و به أفتى الشيخ و جماعة و هو أولى من العمل بأحد الحكمين و إطراح الآخر كما فعل في الدروس، و إن كان المطابق للأصول إطراحها مطلقاً لأن سماعة واقفي. و أقول: خبر سماعة معتبر لتوثيقه و اعتماد الأصحاب على خبره، و لو سلّم ضعفها فهو منجبر للشهرة بين الأصحاب و تكرّرها في الأصول﴾ مرآة المجلسي 345/17. و يقول المحقق في الشرائع 295/1: ﴿و إذا عقد المحرم لمحرم على امرأة و دخل بها المحرم فعلى كل منهما كفارة، و كذا لو كان العاقد مُحِلِّا على رواية سماعة﴾.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: المحرم يطلّق و لا يتزوَّج (1)

7- أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم، يطلّق؟ قال: نعم.

8- أحمد بن محمد، عن البرقيِّ، عن سعد بن سعد، عن أبي الحسن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم، يشتري الجواري و يبيع؟ قال: نعم (2)

229- باب المحرم يواقع امرأته قبل أن يقضي مناسكه أو محلّ يقع على مُحْرِِمَة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: سألته عن محرم غَشِيَ امرأته و هي محرمة؟ قال: جاهلَين أو عالَمِين؟ قلت: أجِبْني في الوجهين جميعاً، قال: إن كانا جاهلين، استغفرا ربّهما و مضيا على حجّهما و ليس عليهما شيء، و إن كانا عالَمِين، فرّق بينهما من المكان الّذي أحدثا فيه، و عليهما بدنة، و عليهما الحجُّ من قابل، فإذا بلغا المكان الّذي أحدثا فيه، فرِّق بينهما حتّى يقضيا نسكهما، و يرجعا إلى المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا، قلت: فأيُّ الحجّتين لهما؟ قال: الأولى الّتي أحدثا فيها ما أحدثا، و الأخرى عليهما عقوبة (3)

ص: 370


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 249 و فيه: للمحرم أن .. إلخ. الفقيه 2، نفس الباب، ح 72.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 52. الفقيه 2، 112- باب نوادر الحج، ح 11 و في ذيله: أو يبيع. و تجویز شراء الجواري و بيعهن لا يتنافى مع تحريم لمسهن عليه فضلاً عن وطئهنَّ. و هو ما عليه فتوى الأصحاب. و الحديث صحيح.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5. هذا و يقول المحقق في الشرائع 293/1: ﴿فمن جامع زوجته في الفرج قبلاً او دبراً، عامداً عالماً بالتحريم فسد حجّه و عليه إتمامه و بدنة و الحج من قابل، سواء كانت حجته التي أفسدها فرضاً أو نفلاً. و كذا لو جامع أمته و هو محرم. و لو كانت امرأته محرمة مطاوعة لزمها مثل ذلك و عليهما أن يفترقا إذا بلغا ذلك المكان حتى يقضيا المناسك إذا حجّا على تلك الطريق، و معنى الإفتراق ألّا يخلوا إلا و معهما ثالث. و لو أكرهها كان حجها ماضياً و كان عليه كفارتان، و لا يتحمل عنها شيئاً سوى الكفارة...﴾. و ما ذكره رحمه الله مجمع عليه بين العلماء إجمالاً. و لا فرق في الزوجة بين الدائم و المنقطع.

2- علىُّ، عن أبيه، عن حمّاد، عن أَبَان بن عثمان رفعه إلى أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: معنى يفرّق بينهما: أي لا يَخْلُوَان و أن يكون معهما ثالث (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المحرم يقع على أهله؟ قال: إن كان أفضى إليها، فعليه بدنة و الحجُّ من قابل، و إن لم يكن أفضى إليها، فعليه بدنة و ليس عليه الحجُّ من قابل (2)، قال: و سألته عن رجل وقع على امرأته و هو محرم؟ قال: إن كان جاهلاً فليس عليه شيءٌ، و إن لم يكن جاهلاً فعليه سَوْقُ بدنة، و عليه الحجُّ من قابل، فإذا انتهى إلى المكان الّذي وقع بها، فرِّق محملهما فلم يجتمعا في خباءٍ واحد، إلّا أن يكون معهما غيرهما، حتّى يبلغ الهَدْيُ مَحِلّه.

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان بن عثمان، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلامُ): رجلٌ وقع على أهله و هو محرم؟ قال: أجَاهل أو عالم؟ قال: قلت: جاهل؟ قال: يستغفر الله، و لا يعود، و لا شيء عليه (3)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن محرم واقع أهله؟ فقال: قد أتى عظيماً، قلت: أفتِني، فقال: اَسْتَكْرَهَها؟ أو لم يستكرهها؟ قلت: أفتِني فيهما جميعاً فقال: إن كان استكرهها فعليه ،بدنتان، و إن لم يكن استكرهها فعليه بدنة، و عليها بدنة، و يفترقان من المكان الّذي كان فيه ما كان، حتّى ينتهيا إلى مكّة، و عليهما الحجُّ من قابل لا بدَّ منه، قال: قلت: فإذا انتهيا إلى مكّة فهي امرأته كما كانت؟ فقال: نعم، هي امرأته كما هي، فإذا انتهيا إلى المكان الّذي كان منهما ما كان، افترقا حتّى يحلّا ، فإذا أحلّا فقد انقضى عنهما، فإنَّ أبي كان يقول ذلك (4)

ص: 371


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14 بتفاوت.
2- التهذيب 5 ،25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 11. الاستبصار 2، 119- باب من جامع فيما دون الفرج، ح 2. و فيهما إلى قوله: و ليس عليه الحج من قابل.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6 بتفاوت قليل.

و في رواية أُخرى: فإن لم يقدر على بدنة فإطعام ستّين مسكيناً (1) لكلِّ مسكين مدُّ، فإن لم يقدر فصيام ثمانية عشر يوماً، و عليها أيضاً كمثله إن لم يكن استكرهها (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن صباح الحذّاء، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أخبرني عن رجل مُحِلٍٍِّ وقع على أُمَةٍ له محرمة؟ قال: موسرٌ أو معسرٌ؟ قلت: أجِبْني فيهما، قال: هو أمرها بالإحرام أو لم يأمرها، أو أحرمت من قِبَل نفسها؟ قلت: أجبني فيهما، فقال: إن كان موسراً، و كان عالماً أنّه لا ينبغي له ، و كان هو الّذي أمرها بالإحرام، فعليه بدنة، و إن شاء بقرة، و إن شاء شاة، و إن لم يكن أمرها بالإحرام فلا شيء عليه، موسراً كان أو معسراً، و إن كان أمرها و هو معسر، فعليه دم شاة أو صيام (3)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل باشر امرأته و هما محرمان، ما عليهما؟ فقال: إن كانت المرأة أعانت بشهوة مع شهوة الرَّجل، فعليهما الهَدْيُ جميعاً، و يفرَّق بينهما حتّى يفرغا من المناسك، و حتّى يرجعا إلي المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا، و إن كانت المرأة لم تُعِنْ بشهوة و استكرهها صاحبها، فليس عليها شيء (4)

230- باب المُحرم يُقَبّل امرأته و ينظر إليها بشهوة أو غير شهوة أو ينظر إلى غيرها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن

ص: 372


1- قال الشهيد في الدروس: لو عجز عن البدنة الواجبة بالإفساد فعليه بقرة، فإن عجز فسبع شياه، فإن عجز فقيمة البدنة دراهم تصرف في الطعام و يتصدق به، فإن عجز صام عن كل مُدّ يوماً، قاله الشيخ.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح7.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 10. الاستبصار 2، 117- باب من أمر جاريته بالإحرام ثم واقعها بعد أن... ، ح 1. و يقول المحقق في الشرائع 294/1: ﴿و لو جامع أمته مُحِلُّا و هي محرمة بإذنه تحمّّل عنها الكفارة؛ بدنة أو بقرة أو شاة، و إن كان معسراً فشاة أو صيام ثلاثة أيام﴾.
4- الحديث صحيح.

محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى و هو محرم؟ قال: لا شيء عليه (1)، و لكن ليغتسل و يستغفر ربّه، و إن حملها من غير شهوة فأمنى أو أمذى، فلا شيء عليه ، و إن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو أمذى، فعليه دم، و قال في المحرم ينظر إلى امرأته و ينزلها بشهوة حتّى يُنزِِْل، قال: عليه بدنة.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته؟ قال: نعم، يُصلح عليها خمارها، وَ يُصلح عليها ثوبها و محملها، قلت: أفيمسّها و هي محرمة؟ قال: نعم، قلت: المحرم يضع يده بشهوة؟ قال: يهريق دم شاة، قلت: فإن قَبَّل؟ قال: هذا أشدُّ، ينحر بدنة (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل قبّل امرأته و هو محرم؟ قال: عليه بدنةٌ و إن لم يُنْزل، و ليس له أن يأكل منها (3)

4- سهل بن زياد؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن مسمع أبي سيّار قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا أبا سيّار، إنَّ حال المحرم ضيّقه، فمن قبّل امرأته على غير شهوة و هو محرم، فعليه دم شاة، و من قبّل امرأته على شهوة فأمني، فعليه جزور و يستغفر ربّه، و من مسَّ امرأته بيده و هو محرمٌ على شهوة فعليه دمُ شاة، و من نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى، فعليه جزور، و من مسَّ امرأته أو لازمها (4) من غير شهوة فلا شيء عليه (5)

ص: 373


1- إلى هنا مروي في التهذيب 5، نفس الباب، ح 30. الاستبصار 2، 118- باب من نظر إلى امرأته فأمنى، ح 2.
2- الحدیث حسن ﴿و یشتمل علی حکمین: الأول: إن في المس بشهوة شاة ... الثانی: إنه إذا قبّلها بشهوة کان علیه بدنة، سواء اُنزل أم لم ینزل، و هذا قول الصدوق في المقنع، و ذهب جماعة من المتأخرین إلی أنه إذا قبّلها بغیر شهوة کان علیه شاة، و لو کان بشهوة، کان علیه جزور، و قال الصدوق في الفقیه بوجوب الشاة مطلقاً. و قال ابن إدریس: إذا قبّلها بشهوة، فإن أنزل فعلیه جزور، و إن لم یُنزل فعلیه شاة کما لو قبّلها بغیر شهوة. و ما دل علیه هذا الخبر المعتبر، و اختاره الصدوق في المقنع لا یخلو من قوة﴾ مرآة المجلسی 352/17.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 36. و في ذيله منه، بدل: منها. و يؤيد هذا ما اختاره الصدوق في المقنع و ذكرناه في التعليقة السابقة. و ما ذكر في الحديث من عدم جواز الأكل منها هو ما أفتى به أصحابنا بل في جميع الكفارات.
4- أي احتضنها.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 34. الاستبصار ،2، 118- باب من نظر إلى امرأته فأمنى، ح 1. هذا و يقول المحقق في الشرائع 295/1: ﴿و لو نظر المحرم إلى امرأته لم يكن عليه شيء و لو أمنى، و لو كان بشهوة فأمنى كان عليه بدنة، و لو مسّها بغير شهوة لم يكن عليه شيء، و لو مسّها بشهوة كان عليه شاة و لو لم يُمْنِ، و لو قبّل امرأته كان عليه شاة، و لو كان بشهوة كان عليه جزور و كذا لو أمنى عن ملاعبة ..﴾.

5- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم يعبث بأهله حتّى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان، ماذا عليهما (1)؟ قال: عليهما جميعاً الكفّارة مثل ما على الّذي یجامع (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان الخزّاز، عن صباح الحذّاء، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: ما تقول في محرم عَبَثَ بِِذَكَره فأمنى؟ قال: أرى عليه مثل ما على من أتى أهله و هو محرم: بدنة، و الحجُّ من قابل (3)

7- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نظر إلى ساق امرأة فأمنى؟ قال: إن كان موسراً فعليه بدنة، و إن كان بين ذلك فبقرة، و إن كان فقيراً فشاة، أمَا إنّي لم أجعل ذلك عليه من أجل الماء، و لكن من أجل أنّه نظر إلى ما لا يحلُّ له (4)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار في محرم نظر إلى غير أهله فأنزل؟ قال: عليه دم،لأنّه نظر إلى غير ما يحلّ له، و إن لم يكن أنزل فليتّق الله و لا یَعُدْ، و ليس عليه شيء.

9- أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد النهديِّ، عن محمد بن الوليد، عن أبَان بن عثمان، عن الحسين بن حمّاد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المحرم، يقبل أُمّه؟ قال: لا

ص: 374


1- الأظهر رجوع الضمير هنا إلى الرجل و المرأة و هو ما يظهر من المصنف رحمه الله.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 27.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح26. الاستبصار 2، 119- باب من جامع فيما دون الفرج، ح 3. هذا، و يقول الشهيدان: ﴿و لو أمنى بالاستمناء أو بغيره من الأسباب التي تصدر عنه، فبدنة، و هل يفسد به الحج مع تعمده و العلم بتحريمه؟ قيل: نعم، و هو المروي من غير معارض، و ينبغي تقييده بموضع يفسده الجماع، و يستثنى من الأسباب التي عممها ما تقدم من المواضع التي لا توجب البدنة بالإمناء، و هي كثيرة﴾.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 28 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 116- باب ما يجب على المحرم اجتنابه من الرَّفَث و ... ، ح 4 بتفاوت يسير و ظاهر الحديث، أنه لا فرق بين أن تكون المنظور إليها زوجته أو أجنبية عنه، و المرجع في الفقر و الیسار و توسط الحال إلى العرف، و قال الشهيد الثاني (رحمة الله): ﴿و قيل: ينزّل ذلك على الترتيب فيجب البدنة على القادر عليها فإن عجز عنها فالبقرة فإن عجز عنها فالشاة، و به قطع (أي الشهيد الأول (رحمة الله)) في الدروس، و الرواية تدل على الأول﴾. و هذا الحكم مختص بما إذا لم يكن من عادته الإمناء بالنظر أو لم يكن قاصداً له و إلا فالكفارة كفارة المستمني بيده و هي بدنة، إضافة إلى فساد حجه على قول فيجب عليه الحج من قابل.

بأس، هذه قُبلة رحمة، إنّما تكره قبلة الشهوة (1)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن وهيب بن حفص (2)، عن أبي بصير قال: سألت أب عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل يسمع كلام امرأة من خلف حائط و هو مُحرم، فَتَشَهّى حتّى أنزل؟ قال: ليس عليه شيء (3)

11- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى؟ قال: ليس عليه شي (4)

12- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المحرم تُنْعَتُ له المرأة الجميلة الخِلْقة فيمني؟ قال: ليس عليه شيء.

231- باب المحرم يأتي أهله و قد قضى بعض مناسكه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن سَلَمة بن محرز قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل وقع على أهله قبل أن يطوف طواف النساء؟ قال: ليس عليه شيء، فخرجت إلى أصحابنا فأخبرتهم، فقالوا: اتّقاك، هذا ميسّر قد سأله عن مثل ما سألت فقال له: عليك بُدْنة، قال: فدخلت عليه فقلت: جُعِلْتُ فِداك، إنّي أخبرت أصحابنا بما أجبتني فقالوا: اتّقاك، هذا ميسّر قد سأله عمّا سألت فقال له: عليك بدنة؟ فقال: إنَّ ذلك كان بلغه، فهل بلغك؟ قلت: لا، قال: ليس عليك شيء (5)

ص: 375


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 40. قال الشهيد في الدروس: يجوز تقبيل أمه رحمة لا شهوة.
2- في سند التهذيب: وهب بن حفص.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 38 بتفاوت يسير. و قد قيد الشهيد الثاني رحمه الله ذلك بما إذا لم يكن الإنزال في مثل هذه الحال من عادته و لم يقصده و إلا فأوجب عليه الكفارة.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 39. هذا و يقول المحقق في الشرائع 295/1: ﴿و لو استمع على من يجامع فأمنى من غير نظر لم يلزمه شيء﴾. هذا و لا بأس بالتنبيه على أنه رحمه الله بصدد بيان لزوم الكفارة في هذه الحالة و عدمه من دون نظر إلى قبح أصل العمل أو غير ذلك. كما لا بد من تقييده بما إذا لم يكن من عادته ذلك أو قصده.
5- التهذيب 5، 25 -باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 21. هذا و قال المجلسي في مرآته 357/17: ﴿... و ما تضمنه من عدم الكفارة على الجاهل و لزوم البدنة إذا كان بعد وقوف المشعر و قبل طواف النساء و عدم فساد الحج بذلك مقطوع به في كلام الأصحاب، و كذا الحكم لو كان قبل تجاوز النصف في طواف النساء﴾.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد القمّاط :قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل وقع على امرأته يوم النحر، قبل أن يزور؟ قال: إن كان وقع عليها بشهوة فعليه بدنة، و إن كان غير ذلك فبقرة، قلت: أو شاة؟ قال: أو شاة (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن متمتّع وقع على أهله و لم يَزُر؟ قال: ينحر جزوراً، و قد خشيتُ أن يكون قد تُلِمَ حجّه إن كان عالماً، و إن كان جاهلاً فلا شيء عليه. و سألته عن رجل وقع على امرأته قبل أن يطوف طواف النساء؟ قال: عليه جزور سمينة، و إن كان جاهلاً فليس عليه شيء، قال: و سألته عن رجل قبّل امرأته و قد طاف طواف النساء، و لم تطف هي؟ قال: عليه دم يهريقه من عنده (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل واقع أهله حين ضَحّى، قبل أن يزور البيت؟ قال: يهريق دماً (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا واقع المحرم امرأته قبل أن يأتي المزدلفة، فعليه الحجُّ من قابل.

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده، فطاف منه خمسة أشواط، ثمَّ غمزه بطنه فخاف أن يبدره، فخرج إلى منزله فَنَفَضَ (4)، ثمَّ غشي جاريته (5)؟ قال: يغتسل، ثمَّ يرجع فيطوف بالبيت طوافين، تمام ما كان قد بقي عليه من طوافه، و يستغفر الله و لا يعود، و إن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ، ثمَّ خرج فغشي، فقد أفسد حجّه، و عليه بدنة، و يغتسل، ثمَّ يعود فيطوف أسبوعاً (6)

ص: 376


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 19. و الحديث ضعيف على المشهور، و ما تضمنه مخالف لما هو المشهور عند الأصحاب.
2- روى صدره إلى قوله: فلا بأس عليه، بدل: فلا شيء عليه، في التهذيب 5، نفس الباب، ح 17. و روى بقيته برقم 22 من نفس الباب. و الثُلْمَة: فُرجة المكسور و المهدوم.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 18.
4- نقض: أي بَرَءَ.
5- أي جامعها.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 23. الفقيه 2، 127- باب حكم من نسي طواف النساء، ح 3 و فيه إلى قوله: و يستغفر ربه و لا يعود. هذا و يقول المحقق في الشرائع 294/1: ﴿و إذا طاف المحرم من طواف النساء خمسة أشواط ثم واقع، لم يلزمه الكفارة و بنى على طوافه. و قيل: يكفي في ذلك مجاوزة النصف، و الأول مروى﴾.

7- ابن محبوب، عن عبد العزيز العبديِّ، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف بالبيت أُسبوعاً طواف الفريضة، ثمَّ سعى بين الصّفا و المروة أربعة،أشواط، ثمَّ غَمَزَه بطنه، فخرج فقضى حاجته، ثمَّ غشي أهله ؟ قال: يغتسل، ثمَّ يعود فيطوف ثلاثة أشواط، و يستغفر ربّه، و لا شيء عليه؛ قلت: فإن كان طاف بالبيت طواف الفريضة ، فطاف أربعة أشواط ثمَّ غمزه بطنه، فخرج فقضى حاجته، فغشي أهله؟ فقال: أفسد حجّه، و عليه ،بدنة، و يغتسل، ثمَّ يرجع فيطوف أسبوعاً، ثمَّ يسعى، و يستغفر ربّه، قلت: كيف لم تجعل عليه حين غَشِيَ أهله قبل أن يفرغ من سعيه ، كما جعلت عليه هدياً حين غشي أهله قبل أن يفرغ من طوافه؟ قال: إنَّ الطواف فريضة و فيه صلاة، و السعي سنّة من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، قلت: أليس الله يقول: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ (1)؟ قال: بلى، و لكن قد قال فيهما: ﴿وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَیْراً فَإِنَّ اللّهَ شاکِرٌ عَلِیمٌ﴾ (2)، فلو كان السعي فريضة لم يقل: فمن تطوِِّع خيراً (3)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن يقطين، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل قال لامرأته أو لجاريته- بعد ما حلق فلم يطف و لم يَسْع بين الصفا و المروة- : اطرحي ثوبك، و نظر إلى فرجها؟ قال: لا شيء عليه، إذا لم يكن غيرُ النظر (4)

ص: 377


1- البقرة/158.
2- البقرة/158.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة في خطأ المحرم و... ، ح 20. و قال الشيخ رحمه الله في التهذيب بعد إيراد هذا الخبر: ﴿المراد بهذا الخبر هو أنه إذا كان قد قطع السعي على أنه تام، فطاف طواف النساء، ثم ذكر، فحينئذ لا تلزمه الكفارة. و متى لم يكن طاف طواف النساء فإنه تلزمه الكفارة. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ﴿إن السعي سنّة﴾ معناه: أن وجوبه و فرضه عُرف من جهة السنّة دون ظاهر القرآن، و لم يُرد أنه سنّة كسائر النوافل، لأنا قد بينا أن السعي فريضة﴾ و قد علّق المجلسي في المرآة 360/17 على ذلك فقال: أقول: مراده أن السعي و إن ذكر في القرآن، لكن لم يأمر به فيه، بخلاف الطواف، فإنه مأمور به في القرآن. و يمكن حمل الخبر على التقية لموافقته لقول أكثر العامة، و يمكن حمل طواف الزيارة على طواف النساء و إن كان بعيداً.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 344. و الحديث حسن. و مراده بغير النظر الإمناء أو الجماع أو التقبيل و ما شابه.

أبواب الصَّيْد

232- باب النهي عن الصيد و ما يصنع به إذا أصابه المُحْرم و المُحِلُّ في الحِلّ و الحَرَم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِِّ ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تستحلّنَّ شيئاً من الصّيد و أنت حرام، و لا و أنت حلال في الحرم، و لا تَدُلَّنَّ عليه مُحِلًّا و لا محرماً فيصطادوه، و لا تُشِرْ إليه فَيُسْتَحَلَّ من أجلك، فإنَّ فيه فداءً لمن تعمّده.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المُحرم لا يدلُّ على الصّيد، فإن دلَّ عليه فقُتِل فعليه الفداء (1)

3- ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى جميعاً، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تأكل من الصّيد و أنت حرام و إن كان [الّذي] أصابه محلُّ، و ليس عليك فداءُ ما أتيته ،بجهالة، إلّا الصّيد، فإنَّ عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد (2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر(3)، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يصيد الصّيد بجهالة؟ قال: عليه كفّارة، قلت: فإنّه أصابه خطاً؟ قال: و أيُّ شيء الخطأ عندك؟ قلت: يرمي هذه النخلة فيصيب نخلة أُخرى، قال: نعم، هذا الخطأ، و عليه الكفّارة، قلت: فإنّه أخذ طائراً متعمّداً فذبحه و هو مُحرمٌ؟ قال: عليه الكفّارة، قلت: الستَ قلت: إنَّ الخطأ و الجهالة و العمد ليسوا بسواء، فلأيِّ شيء يفضل

ص: 378


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و... ، ح 131. الاستبصار 2، 115- باب أنه لا يجوز الإشارة إلى الصيد لمن يريد الصيد، ح 1 بتفاوت في الذيل. كما أورده بتفاوت في الذيل برقم 84 من الباب 24 من الجزء 5 من التهذيب أيضاً. هذا، و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على حرمة صيد البر على المحرم و كذا الدلالة عليه أو الإشارة إليه و لو كان المدلول محلًا، بل حتى و لو كانت الإشارة خفية، و أنه لو فعل ذلك فعليه الكفارة، و هي تختلف باختلاف نوع المقتول من الحيوان.
2- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 83 بتفاوت يسير جداً. و الضمير في: أتيته؛ يرجع إلى محرمات الإحرام و تروكه الواجبة.
3- لا يوجد في سند التهذيب.

المتعمّد الجاهل و الخاطيء؟ قال: إنّه أثِمَ و لعب بِِدِِينه (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا رمى المحرم صيداً فأصاب اثنين، فإنَّ عليه كفّارتين جزاؤهما (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم و هو محرم، فإنّه ينبغي له أن يدفنه، و لا يأكله أحدٌ، و إذا أصابه في الحلِّ، فإنّ الحلال يأكله، و عليه هو الفداء(3)

7- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجل أصاب من صيد أصابه محرم و هو حلال؟ قال: فليأكل منه الحلال، و ليس عليه شيء، إنّما الفِداء على المحرم.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن لحوم الوحش تُهدى إلى الرَّجل و لم يعلم صيدها، و لم يأمر به، أيأكله؟ قال: لا، قال: و سألته : أيأكل قَدِيدَ الوحش مُحرمُ؟ قال: لا(4)

9- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن جميل قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الصيد يكون عند الرَّجل من الوحش في أهله أو من الطّير، يحرم و هو في منزله؟ قال: لا بأس، لا يضرُّه.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما وَطَأْتَه أو وطأه بعيرك و أنت محرمٌ، فعليك ،فداؤه، و قال: إعلم أنّه ليس عليك فداء شيء أتيته و أنت جاهلٌ به و أنت محرم في حجّك و لا في عمرتك، إلّا الصيد، فإنَّ عليك

ص: 379


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 166 بزيادة في أوله و تفاوت يسير. و الحديث صحيح، و لا خلاف فيه بين الأصحاب.
2- الحديث صحيح، و مضمونه متفق عليه بين الأصحاب.
3- التهذيب 5، 25 - باب الكفارة عن خطأ المحرم و...، ح 231. و الأمر بالدفن يدل على أنه يعامل معه معاملة الميتة. الاستبصار 2، 139- باب تحريم ما يذبحه المحرم من الصيد، ح 4.
4- رواه بتفاوت و سند آخر إلى قوله: لا، الأولى، في التهذيب 5، 24 - باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 82.

فيه الفداء، بجهالة كان أو بعمد (1)

11- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفّليِِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه في المحرم يصيب الصّيد فيدميه ثمَّ يرسله، قال: عليه جزاؤه (2)

233- باب المحرم يَضْطَرُّ إلى الصَّيْد و المِيتَة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المحرم يضطرُّ فيجد الميتة و الصّيد، أيّهما يأكل؟ قال: بأكل من الصّيد، ما يحبُّ أن يأكل من ماله؟ قلت: بلى، قال إنّما عليه الفداء، فليأكل و ليَفْدِه (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المضطرّ إلى الميتة و هو يجد الصيد؟ قال: يأكل الصيد، قلت: إنَّ الله قد أحلَّ له الميتة إذا اضطرّ إليها، و لم يحلَّ له الصّيد؟ قال: تأكل من مالك أحبُّ إليك أو من ميتة؟ قلت: من مالي، قال: هو مالك (4) لأنَّ عليك فداه، قلت: فإن لم يكن عندي مال؟ قال: تقتضيه إذا رجعت إلى مالك.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن شهاب، عن ابن بكير؛ و زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)في رجل اضطرَّ إلى ميتة و صيد و هو محرم، قال: يأكل الصيد و يفدي.

234- باب المحرم يصيد الصيد من أين يقديه و أين يذبحه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ [و محمد بن إسماعيل، عن

ص: 380


1- يدل هذا الحديث على ضمان صاحب البعير ما يطأه بعيره مطلقاً باعتباره سائقاً لها و هو المشهور عندنا. و أما القائد و الراكب فيضمنان ما تجنيه الدابة حال وقوفها، و حال سيرها يضمنان ما تجنيه بيديها و رأسها.
2- الحديث ضعيف على المشهور. ﴿و المشهور بين الأصحاب أنه لو جرح الصيد فغاب عن عينه و لم يعلم حاله ضمنه أجمع، و لو رأه سويا بعد ذلك وجب الأرش﴾ مرآة المجلسي 366/17.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم، ح 196 بتفاوت يسير. و كذلك هو في الاستبصار 2، 135- باب من اضطر إلى أكل الميتة و الصيد، ح 2. هذا و يقول المحقق في الشرائع 293/1: ﴿و لو اضطر المحرم إلى أكل الصيد أكله و فداه، و لو كان عنده مينه أكل الصيد إن أمكنه فداؤه و إلا أكل الميتة، و إذا كان الصيد مملوكاً فقداؤه لصاحبه، و إن لم يكن مملوكاً تصدق به﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 198. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4.

الفضل شاذان، عن ابن أبي عمير] و صفوان، عن معاوية بن عمّار، قال: يفدي المحرم فداء الصيد من حيث أصابه (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من وجب عليه هدي في إحرامه، فله أن ينحره حيث شاء، إلّا فداء الصيد، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول (2): ﴿هَدْیاً بالِغَ الْکَعْبَةِ﴾ (3)

3- أبو عليُّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من وجب عليه فداء صيداً أصابه و هو محرم، فإن كان حاجّاً نحر هديه الّذي يجب عليه بمنى، و إن كان معتمراً نحر بمكّة قُبَالةَ الكعبة(4)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن أبَان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في المحرم إذا أصاب صيداً فوجب عليه الفداء، فعليه أن ينحره إن كان في الحجِّ بمنى حيث ينحر الناس، فإن كان في عُمرةٍ نحره بمكّة ، و إن شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه، فإنّه يجزىء عنه (5)

235- باب كفّارات ما أصاب المحرم من الوحش

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي

ص: 381


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم... ، ح 214. الاستبصار 2، 137- باب من وجب عليه شيء من الكفارة في إحرام... ، ح 3. و روي مقطوعاً في الجميع. و الضمير في (أصابه) يعود إلى الصيد.
2- المائدة/95.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 217. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5. هذا و يقول الشيخ في الخلاف 498/1: ﴿مسألة 335: الدماء المتعلقة بالإحرام كدم التمتع و القران و جزاء الصيد، و ما وجب بارتكاب محظورات الإحرام كاللباس و الطيب و غير ذلك إن أُحصر جاز له أن ينحر مكانه في جِلّ أو حرم إذا لم يتمكن من إنفاذه بلا خلاف، و إن لم يحصر فعندنا ما يجب بإحرام الحج على اختلاف أنواعه لا يجوز ذبحه إلا بمنى، و ما يجب بإحرام العمرة المفردة لا يجوز ذبحه إلا بمكة قبالة الكعبة بالحزورة﴾. و يقول المحقق في الشرائع: ﴿و كل ما يلزم المحرم من فداء يذبحه أو ينحره بمكة إن كان معتمراً، و بمنى إن كان حاجاً﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 212 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 213. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و الحديث ضعيف على المشهور. و الشيخ رحمه الله بعد إيراده هذا الحديث في التهذيب قال: قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و إذ شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه؛ رخصة لتأخير شراء الفداء إلى مكة أو منى، لأن من وجب عليه كفارة الصيد فإن الأفضل أن يفديه من حيث أصابه. ثم استدل على ذلك برواية معاوية بن عمار الواردة في أول هذا الباب.

حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن محرم أصاب نعامة، أو حمار وحش؟ قال: عليه بُدنة، قلت: فإن لم يقدر على بدنة؟ قال: فليطعم ستّين مسكيناً، قلت: فإن لم يقدر على أن يتصدَّق؟ قال: فليصم ثمانية عشر يوماً، و الصدقة مدُّ على كلِّ مسكين. قال: و سألته عن محرم أصاب بقرة؟ قال: عليه بقرة، قلت: فإن لم يقدر على بقرة؟ قال: فليطعم ثلاثين مسكيناً، قلت: فإن لم يقدر على أن يتصدَّق؟ قال: فليصم تسعة أيّام، قلت: فإن أصاب ظبياً؟ قال: عليه شاة، قلت: فإن لم يقدر؟ قال: فإطعام عشرة مساكين، فإن لم يقدر على ما يتصدَّق به فعليه صيام ثلاثة أيّام (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن محمد، عن داود الرقّي، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرّجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء؟ قال: إذا لم يجد بدنة، فسيع شياه، فإن لم يقدر، صام ثمانية عشر يوماً (2)

3- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض

ص: 382


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و... ، ح 99 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 119- باب كفارات ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد، ح 3 و أخرجاه عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). يقول المحقق في الشرائع 1 / 284- 285: ﴿ما لكفارته بدل على الخصوص و هو كل ما له مثل من النعم و أقسامه خمسة: الأول: النعامة: و في قتلها بدنة، و مع العجز تقوّم البدنة و يفضّ ثمنها على البر و يتصدق به لكل مسكين مدآن و لا يلزم ما زاد عن ستين، و لو عجز صام عن مدين يوماً، و لو عجز صام ثمانية عشر يوماً، و في فراخ النعام روايتان: إحداهما مثل ما في النعام، و الأخرى من صغار الإبل و هو الأشبه. الثاني: بقرة الوحش و حمار الوحش: و في قتل كل واحدة منهما بقرة أهلية، و مع العجز يقوَّم البقرة الأهلية و يفضّ ثمنها على البُر و يتصدق به لکل مسکین مدآن، و لا يلزم ما زاد على الثلاثين، و مع العجز يصوم عن كل مدّين يوماً و إن عجز صام تسعة أيام. الثالث: في قتل الظبي شاة، و مع العجز يقوّم الشاة و يفضّ ثمنها على البُرّ و يتصدق به لكل مسكين مدّان و لا يلزم ما زاد عن عشرة، فإن عجز صام عن كل مدين يوماً فإن عجز صام ثلاثة أيام﴾.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 و أخرجه عن الحسن بن محبوب عن داوود الرقي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بتفاوت يسير. و لم أجد في حدود اطلاعي من عمل بمضمون هذا الحديث من وجوب سبع شياه عليه عند عدم وجود البدنة و لا بوجوب صيام ثمانية عشر يوماً ابتداءً بل أوجبوا عليه صيام ستين يوماً فإن عجز صام ثمانية عشر يوماً عندئذٍ، قال الشهيدان: ﴿ثم صيام ستين يوماً إن لم يقدر على الفض لعدمه أو فقره ... ثم صيام ثمانية عشر يوماً لو عجز عن صوم الستين و ما في معناها و إن قدر على صوم أزيد من الثمانية عشر نعم لو عجز عن صومها وجب المقدور...﴾. و قال المحقق في الشرائع 284/1: ﴿النعامة: و في قتلها بدنة، و مع العجز تقوّم البدنة و يفضّ ثمنها على البُرّ، و يتصدق به لکل مسکین مدان، و لا يلزم ما زاد عن ستين، و لو عجز صام عن كل مدين يوماً، و لو عجز صام ثمانية عشر يوماً﴾.

أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿أَو عَدْلُ ذلِكَ صِياماً﴾ (1) قال: يثمّن قيمة الهدي طعاماً، ثمَّ يصوم لكلِِّ مدّ يوماً، فإذا زادت الأمداد على شهرين، فليس عليه أكثر منه.

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، و محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: المحرم يقتل نعامة؟ قال: عليه بدنة من الإبل، قلت يقتل حمار وحش؟ قال: عليه بدنة، قلت: فالبقرة، قال: بقرة.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم قتل نعامة ؟ قال: عليه بدنة، فإن لم يجد فإطعام ستّين مسكيناً، و قال: إن كان قيمة البدنة أكثر من إطعام ستّين مسكيناً، لم يزِِد على إطعام ستّين مسكيناً، و إن كان قيمة البدنة أقلَّ من إطعام ستّين مسكيناً، لم يكن عليه إلّا قيمة البدنة (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم رمى ظَبياً فأصابه في يده، فعرج منها؟ قال: إن كان الظبي مشى عليها و رعى، فعليه ربع قيمته، و إن كان ذهب على وجهه فلم يدرِِ ما صنع، فعليه الفداء، لأنّه لا يدري لعلّه قد هَلَك (3)

7- سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل قتل ثعلباً؟ قال: عليه دم، قلت: فأرنباً؟ قال: مثل ما على الثعلب (4)

ص: 383


1- المائدة/95. و أشار ب(ذلك) إلى الصيد المقتول.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 98. الفقيه 2، 119- باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد، ح 1 بتفاوت، و أخرجه عن جميل عن محمد بن مسلم و زرارة عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا و الظاهر أنه لا فرق في النعامة بين الصغير و الكبير و الذكر و الأنثى، و المراد بالبدنة أنثى الإبل التي كمل لها خمس سنين، و قد ذهب أصحابنا رضوان الله عليهم إلى الإفتاء بما تضمنه الحديث، قال الشهيدان رحمهما الله بعد أن ذكرا أن عليه بدنة: ﴿ثم الفضّ، أي فضّ ثمن البدنة- لو تعذَرت- على البر، و إطعام ستين مسكيناً، و الفاضل من قيمتها عن ذلك له، و لا يلزمه الإتمام لو أَعْوَز...﴾ كما راجع الشرائع للمحقق 284/1.
3- الحديث ضعيف على المشهور. هذا و يقول المحقق في الشرائع 288/1: ﴿و لو رمى صيداً فأصابه و لم يؤثر فيه فلا فدية، و لو جرحه ثم رآه سوياً ضمن أرشه، و قيل: ربع قيمته، و إن لم يعلم حاله لزمه الفداء، و كذا لو لم يعلم أثّر فيه أم لا؟﴾. و قد أسند في المنتهى لزوم الفداء كاملا فيما إذا جهل حاله إلى علمائنا مشعراً بدعوى الإجماع عليه.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن المحرم و ...، ح 101 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 119- باب ما يجب عنى المحرم في أنواع ما ...، ح 7. قوله: عليه دم: أي دم يهريقه، و هو ذبح شاة. و يقول المحقق في الشرائع 285/1: ﴿في الثعلب و الأرنب شاة، و هو المروي، و قيل: فيه ما في الظبي﴾.

8- أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن محرم أصاب أرنباً أو ثعلباً؟ قال: في الأرنب شاة (1)

9- سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن أحمد بن أحمد بن عليّ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: اليربوع و القنفذ و الضبُّ إذا أصابه المحرم، فعليه جدي، و الجدي خير منه، و إنّما جعل عليه هذا كي يَنْكُلَ عن صيد غيره (2)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب ؛ و عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِِّ بن رئاب ، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أصاب المحرم الصيد، و لم يجد ما يكفّر من موضعه الّذي أصاب فيه الصيد، قوِّم جزاؤه من النعم دراهم، ثمَّ قوّمت الدِّراهم طعاماً، لكلِّ مسكين نصف صاع، فإن لم يقدر على الطعام، صام لكلِّ نصف صاع يوماً (3)

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل أصاب بيض نعامة و هو محرم؟ قال: يرسل الفحل في الإبل على عدد البيض؛ قلت: فإنَّ البيض يفسد كلّه و يصلح كلّه؟ قال: ما ينتج من الهدي ، فهو هَدْيٌ بالغ الكعبة، و إن لم ينتج فليس عليه شيء، فمن لم يجد إبلاً فعليه لكلِّ بيضة شاة، فإن لم يجد، فالصدقة على عشرة مساكين لكلّ مسكين مدُّ، فإن لم يقدر، فصيام ثلاثة أيّام (4)

ص: 384


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 102. الفقيه 2، نفس الباب، ح 5 بتفاوت يسير. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في الأرنب شاة، يفهم منه أن في قتل الثعلب أيضا شاة.
2- مر برقم 7 من الباب 223 من هذا الجزء بتفاوت فراجع.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 96. هذا و المشهور عندنا ثبوت الأبدال عند تعذّر الأصل والعجز عنه و الأبدال عند أصحابنا رضوان الله عليهم في النعامة و بقرة الوحش و حماره و في الظبي على التخيير، و هنالك قول أنها على الترتيب و استظهر هذا الأخير بعضهم و منهم المحقق في الشرائع 285/1 فراجع.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 142. الاستبصار 2، 128- باب المحرم يكسر بيضة النعام ، ح ا بتفاوت يسير في الجميع. هذا و يقول صاحب الشرائع 285/1: ﴿في كسر بيض النعام إذا تحرك فيها الفرخ بكارة من الإبل لكل واحدة واحد، وقبل التحرك إرسال فحولة الإبل في إناث منها بعدد البيض، فما نتج فهو هَدْي، و مع العجز عن كل بيضة شاة، ومع العجز إطعام عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام﴾.

12- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل اشترى لرجل محرم بيض نعامة، فأكله المحرم؟ قال: على الّذي اشتراه للمحرم ،فداء، و على المحرم فداء، قلت: و ما عليهما؟ قال: على المحلِّ جزاء قيمة البيض، لكلِِّ بيضة درهم، و على المحرم الجزاء لكلِّ بيضة شاة (1)

عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن أبي عبيدة مثله.

13- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عُقْبة ، عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل مرَّ و هو محرم، فأخذ ظبية فاحتلبها و شرب لبنها؟ قال: عليه دم، و جزاء في الحرم (2)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن محرم كسر قَرْنَ ظبي؟ قال: یجب عليه الفداء، قال: قلت : فإن كسر يده؟ قال: إن كسر يده و لم يَرْعَ، فعليه دم شاة (3)

236- باب کفّارة ما أصاب المحرم من الطير و البَيْض

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة، و إن قتل فِراخَه ففيه حمل، و إن وَطَأ

ص: 385


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 148. و كرره برقم 274 من الباب 26 من نفس الجزء. و في الموضعين بتفاوت يسير و أخرجه في كلا الموضعين بالطريق الثاني المذكور هنا.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 273 بزيادة في آخره هي: ثمن اللبن. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 288/1 : ﴿و من شرب لبن ظبية في الحرم لزمه دم، و قيمة اللبن﴾. و هل يعمم الحكم لغير الظبية، استظهر بعض أصحابنا العدم. و الحديث ضعيف.
3- الحديث مجهول. ﴿و ذهب الشيخ و بعض الأصحاب إلى أن في كسر قرنيه نصف القيمة و في كل منهما ربع القيمة، و في كسر إحدى يديه أو إحدى رجليه نصف القيمة، و في عينيه كمال القيمة لرواية أخرى لأبي بصير (الوسائل/9/ص 223/ ح 3) و في سندها ضعف، و ذهب الأكثر إلى الأرش في الجميع﴾ مرآة المجلسي 377/17.

البيض فعليه درهم (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في الحمامة و أشباهها إذا قتلها المحرم شاة، و إن كان فراخاً فعدلها من الحملان. و قال في رجل وَطَأَ بيض نعامة ففدغها (2) و هو محرم؟ فقال: قضى فيه عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يرسل الفحل على مثل عدد البيض من الإبل، فما لقح و سَلِمَ حتّى ينتج، كان النّتاج هَدْياً بالغَ الكعبة (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، جميعاً عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المفضّل بن صالح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا قتل المحرم قطاة فعليه حمل قد فُطم من اللّبن، و رعى من الشجر (4)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن منصور بن حازم، عن سليمان خالد قال: سألته عن محرم وَطَأ بيض قطاة فَشَدَخَه؟ قال: يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم، كما يرسل الفحل في عدد البيض من النعام في الإبل (5)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في كتاب عليّ صلوات الله عليه: في بيض القطاة بَكارة من الغنم إذا أصابه المحرم، مثل ما في بيض النعام بَكارة من الإبل (6)

ص: 386


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 110. الاستبصار 2 ، 127- باب من قتل حمامة أو فرخها أو كسر بيضها، ح 2. و الحديث حسن، و بمضونه أفتى الأصحاب رضوان الله عليهم.
2- ففدغها: أی کسرها أی شدخها. و یقال للشیء المجوّف.
3- من قوله: و قال في رجل وَطَأ ... الخ، رواه بتفاوت في التهذيب 5، نفس الباب، صدر ح 145. الاستبصار 2، 128- باب المحرم يكسر بيضة النعام، صدر ح 3.
4- الحديث ضعيف. و ما تضمنه من حكم فيمن قتل قطاةً هو المشهور بين الأصحاب. و يقول المحقق في الشرائع 286/1: ﴿القطا و الحجل و الدرّاج في كل واحد من القطا و الحجل و الدراج حَمَل قد فُطم و رعى﴾.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 150. الاستبصار 2، 129- باب المحرم يكسر بيض القطاة، ح ا بتفاوت يسير في الجميع.
6- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 146. الاستبصار 2، 129- باب المحرم يكسر بيض القطاة، ح 3. و رواه بعينه برقم 4 من الباب 128 أيضاً. و البكارة من الإبل: هي الفتية منها بنت المخاص فصاعداً مع صدق اسم الفتي. و هو جمع: البكر أو البكرة. و قال الشهيدان: ﴿و في كسر كل بيضة من القطا و القَبْح و هو الحَجَل و الدرّاج، من صغار الغنم أن تحرك الفرخ في البيضة كذا أطلق المصنف (أي الشهيد الأول) هنا (أي في اللمعة) و جماعة، و في الدروس جعل في الأوّلَين مخاضاً من الغنم، أي من شأنها الفحل، و لم يذكر الثالث، و النصوص خالية عن ذكر الصغير، و الموجود في الصحيح منها إن من بيض القطاة بكارة عن الغنم، و أما المخاض فمذكور في (رواية) مقطوعة، و العمل على الصحيح ... و إلا يتحرك الفرخ ارسل في الغنم بالعدو كما تقدم في النعام، فإن عجز عن الإرسال فكبيض النعام، كذا أطلق الشيخ تبعاً لظاهر الرواية و تبعه الجماعة و ظاهره إن في كل بيضة شاة، فإن عجز أطعم عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام...﴾. و يقول المحقق في الشرائع: ﴿في كسر بيض القطا و القَبْح: إذا تحرك الفرخ من صغار الغنم، و قيل: عن البيضة مخاض من الغنم، و قبل التحرك إرسال فحولة الغنم في إناث منها بعدد البيض، فما نتج فهو هَدي، فإن عجز كان كمن كسر بيض النعام﴾

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن رجل قتل فرخاً و هو محرم في غير الحرم؟ فقال: عليه حَملٌ، و ليس عليه قيمة، لأنّه ليس في الحرم.

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ياسين الضّرير، عن حريز، عمّن حدَّثه، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قيمة ما في القمري، و الدُّبسي و السُّمانى،و العصفور، و البلبل؟ فقال: قيمته، فإن أصابه و هو محرم بالحرم، فقیمتان، ليس عليه فيه دمٌ (1)

8- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في القبّرة و العصفور و الصعوة يقتلها المحرم؟ قال: عليه مدُّ من طعام لكلِّ واحد (2)

9- محمد بن جعفر، عن محمد بن عبد الحميد، عن سَيف بن عَمِيرة، عن منصور بن حازم، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في كتاب أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أصاب قَطَاةً، أو حَجَلة أو درَّاجة، أو نَظِيرَهُنَّ، فعليه دم (3)

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن

ص: 387


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 206 بتفاوت قليل و كرره بتفاوت برقم 276 من الباب 26 من نفس الجزء من التهذيب. و الحديث مجهول. والدُبسي: طائر أدكن يقرقر. و السُمات دني- أو السّمّان- طائر من الطيور القواطع، و يقال هو السلوى.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 275 بتفاوت يسير و ذكره أيضاً بتفاوت برقم 106 من الباب 25 من نفس الجزء. و الصّعْوَة: عصفور صغير له ذيل طويل.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 104. و فيه: في كتاب علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... هذا و قد نص بعض أصحابنا رضوان الله عليهم على هذا الحكم في كتبهم تحت عنوان ما لا بدل له على الخصوص و هو خمسة أقسام فراجع شرائع المحقق 286/1.

حمّاد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ أصاب طَيْرَيْن، واحد من حَمَامِ الحَرَم، و الآخر من حمام غير الحرم؟ قال: يشتري بقيمة الّذي من حمام الحرم قَمْحاً، فيُطْعِمه حمام الحرم، و يتصدَّق بجزاء الآخر (1)

237- باب القوم يجتمعون على الصيد و هم مُحْرِِِمُونَ

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، جميعاً عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجلين أصابا صيداً و هما محرمان، الجزاءُ بينهما، أو على كلّ واحد منهما جزاءٌ؟ فقال: لا، بل عليهما أن يجزي كلُّ واحد منهما الصّيد قلت: إنَّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه؟ فقال: إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا، فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه فتعلموا (2)

عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الرحمن بن الحجّاج مثله.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اجتمع قومٌ على صيد- و هم محرمون- في صيده، أو أكلوا منه، فعلى كلِّ واحد منهم قيمته (3)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن الحكم بن أيمن (4)، عن يوسف الطاطريِّ قال : قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صيد أكله قوم

ص: 388


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و...، ح 141. و حمام غير الحرم هو ما أُدخل إليه و لم يكن فيه. و المراد بقيمة حمامة الحرم الدرهم الوارد في بعض الروايات. و قد التزم الشهيد في الدروس بتعين القمح دون غيره من أنواع علف الطيور.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 277. هذا و ما عليه أصحابنا رضوان الله عليهم هو القول بضمان كل من المشتركين في قتل الصيد الفداء إذا كانوا محرمین. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فعليكم بالاحتياط؛ الظاهر أن المراد بالاحتياط في الفتوى بترك الجواب بدون العلم، و يحتمل أن يكون المراد الأعم منه و من الاحتياط في العمل أيضاً﴾، مرآة المجلسي 383/17.
3- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 132. و أخرجه عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و قد ذهب الشيخ في الخلاف، و المحقق و العلامة و جماعة إلى وجوب القيمة على من أكل من الصيد و هو محرم. بينما ذهب الشيخ في المبسوط و النهاية و بعض الأصحاب إلى وجوب الفداء عليه بالأكل أيضاً.
4- في سند التهذيب: عن الحكم بن أعين.

مُحرمون؟ قال: عليهم شاة، و ليس على الّذي ذبحه إلّا شاة (1)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قوم اشتروا صيداً، فقالت رفيقة لهم: اجعلوا لي فيه بدرهم، فجعلوا لها؟ فقال: على كلِّ إنسان منهم فداء (2)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال: خرجنا ستّة نفر من أصحابنا إلى مكّة، فأوقدنا ناراً عظيمة في بعض المنازل أردنا نطرح عليها لحماً ذكيّاً، و كنّا محرمين، فمرَّ بنا طائرٌ صافٌّ- قال: حمامة أو شبهها-، فأحرقت جناحه، فسقط في النار فمات، فاغتممنا لذلك، فدخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)بمكّة فأخبرته و سألته؟ فقال: عليكم فداء واحد؛ دم شاة تشتركون فيه جميعاً، لأنَّ ذلك كان منكم على غير تعمّد، و لو كان ذلك منكم تعمّداً ليقع فيها الصيد فوقع، ألزمتُ كل رجل منكم دم شاة؛ قال أبو ولّاد و كان ذلك منّا قبل أن ندخل الحرم (3)

6- أحمد بن محمد، عن الحسن بن محيوب، عن شهاب، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرِمَيْن أصابا صيداً؟فقال: على كلّ واحد منهما الفداء (4)

238- باب فصل ما بين صيد البر و البحر و ما يحل للمحرم من ذلك

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : لا بأس بأن يصيد المحرم السمك و يأكل مالِحُهُ و طريّه و يتزوَّد. و قال: ﴿أُحِلَّ

ص: 389


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 138. الفقيه 2 ، 119- باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد، ح 13. و فيهما: عليهم شاة شاة... و المعنى: على كل واحد منهم شاة لأن فعل كل واحد منهم سبب للكفارة.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 113. الفقيه 2، 119- باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد، ح 16 بتفاوت في الجميع. و لا بد من حمل الحديث على ما لو اشتروه فذبحوه أو حبسوه فمات. إذا لا قائل أن بمجرد الشراء يترتب الفداء. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 139 بتفاوت قليل. الحديث صحيح، و بمضمونه أفتى الأصحاب. يقول المحقق في الشرائع 290/1: ﴿إذا أوقد جماعة ناراً فوقع فيها صيد، لزم كل واحد منهم فداء إذا قصدوا الاصطياد، و إلّا، ففداء واحد﴾.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 15. و أخرجه عن زرارة و بكير عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...

لَکُمْ صَیْدُ الْبَحْرِ وَ طَعَامُهُ مَتَاعًا لَکُمْ﴾ (1) قال: مالِحُهُ الّذي يأكلون، و فصل ما بينهما؛ كلّ طير يكون في الآجام يبيض في البرِّ و يفرخ في البرّ فهو من صيد البرِّ، و ما كان من صيد البرِّ، يكون في البرِّ، و يبيض في البحر، و يفرخ في البحر، فهو من صيد البحر (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كلُّ شيء يكون أصله في البحر، و يكون في البرِّ و البحر، فلا ينبغي للمحرم أن يقتله، فإن قتله فعليه الجزاء كما قال الله عزَّ و جلَّ (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن محرم قتل جراد؟ قال: كفُّ من طعام، و إن كان كثيراً فعليه دم شاة (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم قتل جرادة؟ قال: يطعم تمرة، و التمرة خيرٌ من جرادة (5)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي

ص: 390


1- المائدة/ 96. قال الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان عن تفسير هذه الآية 245/3: ﴿عنى یالبحر جميع المياه، و العرب تسمي النهر بحراً و فيه قوله: ظهر الفساد في البر و البحر﴾. و قال: ﴿أحل لكم صيد البحر، أي أبيح لكم صيد الماء، و إنما أحل بهذه الآية الطري من صيد البحر لأن العتيق لا خلاف في كونه حلالاً ... ، و صعامه: يعني طعام البحر، ثم اختلف فيه، فقيل يريد به ما قذفه البحر ميتاً... و قيل: يريد به المملوح في رواية أخرى ... و هو الذي يليق بمذهبنا ... الخ﴾.
2- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 183. بتفاوت. الفقيه 2، 119- باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب ... ، ح 17 بدون الصدر و بزيادة أخرى هي: و قال الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هو مليحة الذي يأكلون. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فصل ما بينهما، يستفاد منه أن ما كان من الطيور يعيش في البر و البحر يعتبر بالبيض، فإن كان يبيض في البر فهو صيد البر، و إن كان ملازماً للماء كالبط و نحوه، و إن كان مما يبيض في البحر فهو صيد البحر، و قال في المنتهى: لا نعلم في ذلك خلافاً إلا من عطا﴾ مرآة المجلسي 17/ 385- 386.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ذيل ح 177 بتفاوت. و كرره بتفاوت أيضاً في الباب 26 من نفس الجزء من التهذيب، ذيل الحديث رقم 282.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 180، الاستبصار 2، 133- باب من قتل جرادة، ح 1 بتفاوت یسیر في الجمیع. هذا و یقول المحقق في الشرائع 287/1: ﴿في قتل الجرادة تمرة، و الأظهر کف من طعام ... و في قتل الکثیر من الجراد دم شاة و ان لم یمکنه التحرز من قتله بأن کان علی طریقه فلا إثم و لا کفارة﴾. هذا و قد اختار الشیخ في المبسوط و جماعة من المتأخرین التخییر بین التمرة و الکف من الطعام. کما أن المرجع في الکثرة إلی العرف.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 178. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1 و فيهما: و تمرة...

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنه قال: أعلم أنَّ ما وَ طَأتَ من الدَّبَا (1) أو و طأه بعيرك فعليك فداؤه.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزین، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مرَّ علىُّ صلوات الله عليه على قوم يأكلون جراداً فقال: سبحان الله، و أنتم محرمون؟! فقالوا: إنّما هو من صيد البحر؟ فقال لهم: ارموه في الماء إذاً (2)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المحرم يتنكّب الجراد (3) إذا كان على الطريق، فإن لم يجد بُدًّا فقتل فلا شيء عليه.

8- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير قال: سألته عن الجراد يدخل متاع القوم فيدوسونه من غير تعمّد لقتله، أو يمرُّون به في الطريق فيطأونه؟ قال: إن وجدت معدلاً فاعدل عنه، فإن قتلته غير متعمّد فلا بأس.

9- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن الطيّار، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : لا يأكل المحرم طير الماء.

239- باب المحرم يصيب الصيد مراراً

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المحرم يصيد الطّير؟ قال: عليه الكفّارة في كلّ ما أصاب (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم أصاب صيداً؟ قال: عليه الكفّارة، قلت: فإن أصاب آخر؟ قال: إذا

ص: 391


1- الدُّبا: -كما يقول الجوهري- الجراد قبل أن يطير، الواحدة: دَباة. و محمول على إمكان التحرز عن وطئه.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 176. الفقيه 2، نفس الباب، ح 10 بتفاوت يسير فيهما و فيهما أن المارُ و القائل هو أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) نفسه. و قولهم: من صيد البحر: يشعر بأنهم كانوا ممن يأخذ أحكامه عن فقهاء العامة لأن البناء على أن الجراد هو من صيد البحر منسوب إلى أحمد في أحد قوليه كما نسب إلى عروة بن الزبير و غيره.
3- أي يتجنبه.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 208. الاستبصار 2، 136- باب من تكرر منه الصيد، ح 1.

أصاب آخر فليس عليه كفّارة، و هو ممّن قال الله عزَّ و جلَّ (1): ﴿وَ مَنْ عادَ فَیَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ﴾.

3- قال ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه (2): إذا أصاب المحرم الصّيد خطاً فعليه أبداً في كلِِّ ما أصاب الكفّارة، و إذا أصابه متعمّداً فإن عليه الكفّارة، فإن عاد فأصاب ثانياً متعمّداً فليس عليه الكفّارة، و هو ممّن قال الله عزَّ و جلَّ : ﴿وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ﴾ (3)

240- باب المحرم يصيب الصيد في الحرم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن قتل المحرم حمامة في الحرم، فعليه شاة، و ثمن الحمامة درهم أو شبهه، يتصدَّق به أو يطعمه حمام مكّة، فإن قتلها في الحرم و ليس بمحرم، فعليه ثَمَنُها (4)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن رجل أكل بيض حمام الحرم و هو محرم؟ قال: عليه لكلّ بيضة دم، و عليه ثمنها: سُدُس أو رُبع الدِّرهم- الوهم (5) من صالح-، ثمّ قال: إنَّ الدّماء لزمته لأكله و هو محرم، و إنَّ الجزاء لزمه لأخذه بيض حمام الحرم.

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): عن رجل محرم مرَّ و هو في الحرم، فأخذ عنق ظبية فاحتلبها و شرب من لبنها؟ قال: عليه دم، و جزاؤه في الحرم ثمن اللّبن (6)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن

ص: 392


1- المائدة/95.
2- في التهذيبين: عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- لتهذيب 5، نفس الباب، ح 211. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 بتفاوت فيهما. هذا و يقول المحقق في الشرائع 292/1: ﴿و كلما يتكرر الصيد من المحرم نسياناً وجب عليه ضمانه، و لو تعمد وجبت الكفارة أولاً ثم لا تتكرر، و هو ممن ينتقم الله منه، و قيل: تتكرر، و الأول أشبه﴾.
4- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ...، ح 202. هذا و يقول المحقق في الشرائع 286/1: ﴿و في قتلها (أي الحمامة) شاة على المحرم، و على المحل في الحرم درهم. و لو كان محرماً في الحرم اجتمع عليه الأمران﴾ يعني الشاة و الدرهم، الأول لكونه محرماً، و الثاني لكونه في الحرم.
5- أي الشك بين الربع و السدس. و الربع هو الموافق لكلام الأصحاب، و الحديث ضعيف.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 205 بتفاوت. و قد مر بتفاوت برقم 13 من الباب 235 من هذا الجزء فراجع.

الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن أصبت الصيد و أنت حرام في الحرم، فالفداء مضاعَف عليك، و إن أصبته و أنت حلال في الحرم فقيمة واحدة و إن أصبته و أنت حرام في الحلِّ فإنّما عليك فداء واحد (1)

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّما يكون الجزاء مضاعفاً فيما دون البدنة حتّى يبلغ البدنة، فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف لأنّه أعظم ما يكون، قال الله عزَّ و جلَّ (2): ﴿وَ مَنْ یُعَظِّمْ شَعائِرَ اللّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَی الْقُلُوب (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: محرم قتل طيراً فيما بين الصفا و المروة عمداً؟ قال: عليه الفداء، و الجزاء، و يُعَزَّر، قال : قلت: فإن فعله في الكعبة عمداً؟ قال: عليه الفداء، و الجزاء، و يُضرب دون الحدِّ، و يُقامُ للناس كي يَنْكُلَ غيره (4)

241- باب نوادر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللَّهُ بِشَیْءٍ مِّنَ الصَّیْدِ تَنَالُهُ أَیْدِیکُمْ وَرِمَاحُکُمْ﴾ (5)، قال: حُشِرت رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في عمرة الحديبية الوحوشُ حتّى نالتها أيديهم ورماحُهُم.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا

ص: 393


1- ورد بتفاوت في الترتيب و بعض الألفاظ ضمن الحديث رقم 201 من نفس الباب من نفس الجزء من التهذيب.
2- الحج/32.
3- و ما دل عليه هذا الخبر من التضاعف إذا لم يبلغ الفداء البدنة و إلا فلا تضاعف هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم. و إن نص ابن إدريس كما نقل عنه على التضاعف مع بلوغ الفداء البدنة أيضاً.
4- التهذيب 5 ،25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 204 بتفاوت قليل. ويدل الحديث على لزوم التعزير في صورة العلم و أنه يشدد فيه إذا قتل المحرم الطير في الكعبة. و معنى يقام للناس: أي يكون تعزيزه بمشهد منهم. أو يطاف به على الناس بعد تعزيره ليتعظوا. و في التهذيب: و يقلب للناس.
5- المائدة/94. ليبلُوَنْكم: لَيَختبرنّكم. و ما ينال بالأيدي صغار الوحش و الطير. و ما ينال بالرماح الكبار منها مما يستعصي و يستعصم.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿یَا أیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللّهُ بِشَیْء مِنَ الصَّیْدِ تَنَالُهُ أیْدِیکُمْ وَرِمَاحُکُمْ؟﴾ قال: حُشِرَ عليهم الصيد في كلِّ مكان، حتّى دنا منهم، لِيَبْلُوَهم الله به (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيُّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ (2)؟ قال: العدل: رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الإمام من بعده، ثمَّ قال: هذا ممّا أخطأت به الكُتّاب (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، رفعه في قوله تعالى: ﴿تَنَالُهُ أیْدِیکُمْ وَرِمَاحُکُمْ﴾، قال: ما تناله الأيدي: البيض و الفراخ، و ما تناله الرِّماح، فهو ما لا تصل إليه الأيدي.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾؟ قال: العدل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و الإمام من بعده، ثمَّ قال: هذا ممّا أخطأت به الكُتّاب.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن أبي جميلة، عن زيد الشحّام عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ عادَ فَیَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ﴾ (4)، قال: إنَّ رجلاً انطلق و هو محرمٌ فأخذ ثعلباً فجعل يقرِّب النّار إلى وجهه، و جعل الثعلب يصيح و يحدث من آسْته، و جعل أصحابه ينهونه عمّا يصنع، ثمَّ أرسله بعد ذلك، فبينما الرَّجل نائمٌ، إذ جاءته حيّة فدخلت في فيه، فلم تدعه حتّى جعل يحدث كما أحدث الثعلب، ثمَّ خلّت عنه (5)

7- محمد بن يحيى رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أكل من لحم صيد لا يدري ما هو و هو محرم؟ قال: عليه دم شاة (6)

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن عقبة، عن أبيه عقبة بن

ص: 394


1- التهذيب 5، 24- باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه، ح 20 بتفاوت في الذيل.
2- المائدة/95.
3- المراد بالكتّاب: إما المفسرون، أو بمعنى العلماء.
4- المائدة/95.
5- خلّت عنه: أي أرسلته.
6- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و... ، ح 255.

خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل قضى حجّه، ثمَّ أقبل حتّى إذا خرج من الحرم استقبله صيدٌ قريب من الحرم، و الصيد متوجّه نحو الحرم، فرماه فقتله، ما عليه في ذلك؟ قال: يفديه على نحوه (1)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِِّ بن مهزیار قال: سألت الرَّجل (2) عن المحرم يشرب الماء من قربة أو سقاء اُتُّخذ من جلود الصيد، هل يجوز ذلك أم لا؟ فقال: يشرب من جلودها (3)

242- باب دخول الحَرَم

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن القاسم بن إبراهيم، عن أبَان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مزامِلَهُ فيما بين مكّة و المدينة، فلمّا انتهى إلى الحرم، نزل و اغتسل، و أخذ نعليه بيديه، ثمَّ دخل الحرم حافياً، فصنعت مثل ما صنع، فقال : يا أبَان، من صنع مثل ما رأيتني صنعتُ تواضعاً لله، محى الله عنه مائة ألف سيئة، و كتب له مائة ألف حسنة، و بنى الله عزَّ و جلَّ له مائة ألف درجة، و قضى له مائة ألف حاجة (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديّ، عن حمّاد بن عيسى، عن حسين بن المختار، عن أبي عبيدة قال: زاملت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فيما بين مكّة و المدينة، فلمّا انتهى إلى الحرم، اغتسل، و أخذ نعليه بيديه، ثمَّ مشى في الحرم ساعة.

محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن المختار مثله.

ص: 395


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 164. الاستبصار 2، 132- باب من رمى صيداً يؤم الحرم، ح 3. و في ذيله: یفديه، من دون قوله: على نحوه. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 291/1: ﴿و هل يحرم [الصيد على المجلّ] و هو [الصيد] يؤم الحرم؟ قيل: نعم، وقيل: يكره، و هو الأشبه، لكن لو أصابه و دخل الحرم فمات ضمنه، و فيه تردد﴾. و قوله: على نحوه: أي على نحو الفداء الذي يلزمه في نوعه عند اصطياده في الحرم.
2- جزم المجلسي بأن المراد بالرجل الجواد أو الهادي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و استبعد أن يكون الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- الحديث صحيح. ويدل على عدم المنع من استعمال المحرم جلود الصيد.
4- التهذيب 5، 8- باب دخول مكة، ح 1. و الحديث مجهول. و ما تضمنه من الغسل و من كيفية دخول الحرم و هيئته مذكور في كلمات أصحابنا رضوان الله عليهم.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا دخلت الحرم، فتناول من الإِذْخِر فامضغه، و كان يأمر اُمَّ فروة بذلك (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت الحرم فخذ من الإذخر فامضغه.

قال الكلينيُّ: سألت بعض أصحابنا عن هذا، فقال: يستحبُّ ذلك ليطيب بها الفم لتقبيل الحجر.

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ذريح قال: سألته عن الغسل في الحرم، قبل دخوله أو بعد دخوله؟ قال: لا يضرُّك أيُّ ذلك فعلتَ، و إن اغتسلت بمكّة فلا بأس، و إن اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكّة فلا بأس (2)

243- باب. قَطْع تلبية المُتَمَتِّع

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير؛ و صفوان، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا دخلت مكّة و أنت متمتّع، فنظرت إلى بيوت مكّة، فاقطع التلبية، و حدّ بيوت مكّة الّتي كانت قبل اليوم عَقَبَةُ المدنيٌين، و إنَّ الناس قد أحدثوا بمكّة ما لم يكن، فاقطع التلبية، و عليك بالتكبير و التهليل و التحميد و الثناء على الله عزَّ و جلَّ بما استطعت (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قال أبو جعفر و أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا رأيت أبيات مكّة فاقطع التلبية (4)

ص: 396


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 4. و الإذْخر: ورق شجر طيب الرائحة. و قد ورد في كلمات أصحابنا استحباب مضغه عند دخول الحرم. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2 و رواه مضمراً ايضاً. و الحديث صحيح. و قد دلت بعض الأخبار على استحباب غسل واحد إما قبل دخول الحرم أو بعده من بئر ميمون أو من فخ و سوف يأتي ذلك في باب دخول مكة فانتظر.
3- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 117، الاستبصار 2، 104- باب المتمتع متى يقطع التلبية، ح 3 بتفاوت فيهما و زيادة في آخرهما.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 116. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المتمتّع إذا نظر إلى بيوت مكّة، قطع التلبية (1)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن المتمتّع، متى يقطع التلبية، قال: إذا نظر إلى أعراش مكّة، عقبة ذي طُوى، قلت: بيوت مكّة؟ قال: نعم (2)

244- باب دخول مكة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِِّ بن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أين أدخل مكّة و قد جئت من المدينة؟ فقال: أُدخل من أعلى مكّة، و إذا خرجت تريد المدينة فاخرج من أسفل مكّة (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كان إذا قدم مكّة، بدء بمنزله قبل أن يطوف.

ص: 397


1- التهديب 5، نفس الباب، ح 115. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2، 174- باب مواقيت العمرة من مكة و قطع تلبية المعتمر، ح 7.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 118. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و فيه: عراش مكة و أعراش مكة : بيوتها. هذا و قد ذكر أصحابنا رضوان الله عليهم، بل قيل إنه إجماعي إن المعتمر عمرة التمتع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة بلحاظ الزمن الأول، وحد بيوت مكة لمن جاء عن طريق المدينة عقبة المدنيين، كما أن المشهور بينهم أن المعتمر عمرة مفردة يقطع التلبية عند دخول الحرم إذا جاء من خارجه و عند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من مكة لإحرامها، كما أن الحاج بأي نوع من أنواعه يقطع التلبية عند الزوال من يوم عرفة بلا خلاف ظاهر بين أصحابنا في ذلك. هذا و قد ادعى في الخلاف الإجماع على أن القطع في كل هذه الموارد هو على سبيل الوجوب و استحسنه السيد صاحب المدارك رضوان الله عليه. و الظاهر أن المراد من وجوب القطع هنا نفي المشروعية كما يقتضيه ظاهر النهي بعد الأمر في العبادة، لا الوجوب التكليفي فتأمل. و قد ذكر الشيخ توجيها جمع فيه بين الروايات الواردة في هذا الباب و ذلك في نهاية الباب السابع من الجزء الخامس من تهذيب الأحكام و قال: و ليس بين هذه الأخبار تناف حسب ما ظنه بعض الناس و حمل ذلك على التخيير. و الظاهر أنه يقصد بذلك الشيخ الصدوق رحمه الله حيث نجده يقول بعد إيراده لهذه الروايات على اختلاف مضامينها: ﴿هذه الأخبار كلها صحيحة متفقة ليست بمختلفة، و المعتمر عمرة مفردة في ذلك بالخيار يُحرم من أي ميقات من هذه المواقيت شاء، و يقطع التلبية في أي موضع من هذه المواضع شاء، و هو موسَع عليه و لا قوة إلا بالله العلي العظيم﴾.
3- التهذيب 5، 8- باب دخول مكة، ح 5.

3- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن محمد الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إن الله عزَّ و جلَّ يقول في كتابه: ﴿وَ طَهِّرْ بَیْتِیَ لِلطّائِفِینَ وَ الْقائِمِینَ وَ الرُّکَّعِ السُّجُودِ﴾ (1) فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا و هو طاهر قد غسل عرقه و الأذى و تطهّر (2)

4- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا انتهيت إلى الحرم إن شاء الله، فاغتسل حين تدخله، و إن تقدَّمتَ، فاغتسل من بئر ميمون، أو من فخّ، أو من منزلك بمكّة (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيِّ قال: أمَرنا أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)أن نغتسل من فخّ قبل أن ندخل مكّة (4)

6- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد؛ و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن عجلان أبي صالح قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا انتهيت إلى بئر ميمون، أو بئر عبد الصمد، فاغتسل، و اخلع نعليك، و امش حافياً و عليك السكينة و الوَقار (5)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال لي: إن اغتسلت بمكّة ثمَّ

ص: 398


1- الحج/26.
2- التهذيب 5، 8- باب دخول مكة، ح 6. و قد استشهد بآية قريبة من هذه هي الآية 125 من سورة البقرة: ﴿...أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ و لعله من اشتباه النسّاخ. أو سهو من قلمه الشريف. و أشار إلى مضمون الحديث الصدوق فى الباب 213 من الجزء 2 من الفقيه.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج. و بئر ميمون و فخّ: بئران على مسافة قليلة من مكة، و الثاني اشتهرت به الوقعة بين بعض العلويين و بين العباسيين أيام الهادي. و الأول منسوب إلى ميمون بن خالد بن عامر الحضرمي.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 7. الفقيه 2، نفس الباب.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 8 و في سنده: عجلان بن صالح. و قد صحح السيد الخوئي ما في الفروع فراجع معجم رجال الحديث 11/ 133- رقم 7643. الفقيه 2، نفس الباب. هذا و يقول المحقق في الشرائع: 266/1 و هو بصدد الحديث عن المقدمات المندوبة للطواف: ﴿و المندوبات ثمانية: الغسل لدخول مكة، فلو حصل عذر اغتسل بعد دخوله، و الأفضل أن يغتسل من بئر ميمون أو من فخّ و إلا ففي منزله، و مَضْغ الإذخر، و أن يدخل مكة من أعلاها و أن يكون حافياً على سكينة و وقار، و يغتسل لدخول المسجد الحرام، و يدخل من باب بني شيبة بعد أن يقف عندها و يسلم على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و يدعو بالمأثور﴾ قيل: إنما استحب الدخول من باب بني شيبة و هو الآن داخل المسجد بسبب توسعته بآزاء باب السلام، و ذلك ليطأ هُبَل.

نمت قبل أن تطوف، فأَعِدْ غسلك (1)

8- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرجل يغتسل لدخول مكّة ثمَّ ينام، فيتوضّأ قبل أن يدخل، أيُجْزِِيه ذلك أو يعيد؟ قال: لا يجزيه، لأنّه إنّما دخل بوضوء (2)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: من دخلها (3) بسكينة، غفر له ذنبه، قلت: كيف يدخلها بسكينة؟ قال: يدخل غير متكبّر و لا متجبّر.

10- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليِّ، عن أبَان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يدخل مكّة رجل بسكينة إلّا غفر له، قلت: ما السكينة؟ قال: يتواضع (4)

245- باب دخول المسجد الحرام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت المسجد الحرام، فادخله حافياً على السكينة و الوقار و الخشوع، و قال: و من دخله بخشوع غفر الله له إن شاء الله، قلت: ما الخشوع؟ قال: السكينة، لا تدخله بتكبّر ، فإذا انتهيت إلى باب المسجد فقم و قل: السلام عليك أيّها النبيُّ و رحمة الله و بركاته، بسم الله و بالله و من الله و ما شاء الله، و السلام على أنبياء الله و رسله، و السلام على رسول الله، و السلام على إبراهيم، و الحمد لله ربِّ العالمين.

فإذا دخلت المسجد فارفع يديك و استقبل البيت و قل: اللّهمَّ إنّي أسألك في مقامي هذا في أوَّل مناسكي أن تقبل توبتي، وأن تَجَاوَزَ عن خطيئتي، و تضعَ عنّي وِِزْرِي، الحمد الله الّذي بلّغني بيته الحرام، اللّهمَّ إنّي أشهد أنَّ هذا بيتك الحرام الّذي جعلته مثابةً للناس و أمناً، مباركاً

ص: 399


1- التهذيب 5،نفس الباب، ح 10، و أشار الصدوق إلى مضمونه كسابقه في الفقيه 2، نفس الباب.
2- التهذيب 5، نفس الباب ، ح 10 بتفاوت يسير جداً.
3- يعني مكة. و الحديث حسن.
4- الحديث ضعيف على المشهور.

و هدى للعالمين، اللّهمَّ إنّي عبدك، و البلد بلدك، و البيت بيتك، جئت أطلب رحمتك، و أومُّ طاعتك، مطيعاً لأمرك، راضياً بقَدَرك ، أسألك مسألة المضطرّ إليك، الخائف لعقوبتك، اللّهمَّ افتح لي أبواب رحمتك، و استعملني بطاعتك و مرضاتك (1)

2- و روى أبو بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقول و أنت على باب المسجد: بسم الله و بالله و من الله و ما شاء الله و على ملّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و خير الأسماء الله، و الحمد الله، و السلام على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، السلام على محمد بن عبد الله، السلام عليك أيّها النبيُّ و رحمة الله و بركاته، السلام على أنبياء الله و رسله، السلام على إبراهيم خليل الرّحمن، السلام على المرسلين، و الحمد لله ربِّ العالمين، السلام علينا و على عباد الله الصالحين، اللّهمَّ صلّ على محمد و آل محمد، و بارك على محمد و آل محمد، و ارحم محمداً و آل محمد، كما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد، اللّهمَّ صلِّ على محمد [و آل محمد] عبدك و رسولك، و على إبراهيم خليلك، و على أنبيائك و رسلك، و سلّم عليهم، و سلام على المرسلين و الحمد الله ربِّ العالمين، اللّهمَّ افتح لي أبواب رحمتك، و استعملني في طاعتك و مرضاتك، و احفظني بحفظ (2) الإيمان أبداً ما أبقيتني، جلَّ ثناء وجهك، الحمد الله الّذي جعلني من وفده و زوَّاره، و جعلني ممّن يَعْمُرُ مساجده، و جعلني ممّن يناجيه، اللّهمَّ إنّي عبدك و زائرك في بيتك، و على كلِّ ماتيِِّ حقّ لمن آتاه وزاره و أنت خير ماتيّ، و أكرم مزور، فأسألك يا الله يا رحمن بأنّك (3) أنت الله الّذي لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، و بأنّك (4) واحد أحدٌ صمدٌ لم تلد و لم تولد و لم يكن له كفواً أحد، و أنَّ محمداً عبدك و رسولك صلّى الله عليه و على أهل بيته، يا جواد يا كريم، يا ماجد يا جبّار يا كريم، أسألك أن تجعل تحفتك إيّايَّ بزيارتي إيّاك أوَّل شيء تعطيني فكاك رقبتي من النّار، اللّهم فكَّ رقبتي من النّار- تقولها ثلاثاً-، و أوسع عليَّ من رزقك الحلال الطيّب، وادرء عنّي شرَّ شياطين الإنس و الجنِّ، و شرَّ فَسَقة العرب و العجم (5)

ص: 400


1- التهذيب 5، 8- باب دخول مكة. ح 11. و روى صدره بحذف السند في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان (دخول المسجد الحرام).
2- أي مع حفظ إيماني. و قلى الباء هنا للسبية المجازية، و المعنى: احفظني حفظ الإيمان، أي حفظاً شديداً. و قد استبعد بعضهم هذا الولجه.
3- الباء هنا للسببية.
4- الباء هنا للسببية.
5- التهذيب 5، 8- باب دخول مكة، ح 12 و أخرجه عن علي بن مهزیار، عن الحسن، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بتفاوت يسير. و الحديث في الفروع مرسل، و في التهذيب موثق.

246- باب الدعاء عند استقبال الحَجَر و استلامه (1)

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دنوت من الحجر الأسود، فارفع يديك، و احمد الله واثْن عليه، و صلِّ على النبيِِّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و اسأل الله أن يتقبّل منك، ثمَّ استلم الحَجر و قبّله، فإن لم تستطع أن تقبّله فاستلمه بيدك، فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشِر إليه و قل: اللّهمَّ أمانتي أدَّيتها، و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، اللّهمَّ تصديقاً بكتابك، و على سنّة نبيّك، أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، و أنَّ محمداً عبده و رسوله، آمنت بالله و كفرت بالجِبْت و الطاعوت و باللّات و العزّى و عبادة الشيطان و عبادة كلِِّ ندّ يُدعى من دون الله فإن لم تستطع أن تقول هذا كلّه فبعضه و قل: اللّهمَّ إليك بسطت يدي، و فيما عندك عَظُمَت رغبتي، فاقبل سَيْحَتي (2)، و اغفر لي و ارحمني، اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من الكفر، و الفقر، و مواقف الخزي في الدُّنيا و الآخرة (3)

2- و في رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت المسجد الحرام فامش حتّى تدنو من الحجر الأسود فتستقبله و تقول: الحمد لله الّذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله، سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلّا الله و الله أكبر، أكبر من خلقه و أكبر ممّن أخشى و أحذر، و لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيي و يميت و يميت و يحيي بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير.

و تصلّي على النبيِّ و آل النبيِّ [صلّى الله عليه و عليهم]، و تسلّم على المرسلين كما فعلت حين دخلت المسجد، ثمَّ تقول: اللّهمَّ إنّي أُؤمن بوعدك و أُوفي بعهدك، ثمَّ ذكر كما ذكر معاوية (4)

ص: 401


1- المشهور عندنا استحباب استلام الحجر في الطواف، نعم، ذهب سلّار إلى القول بوجوب استلامه، بل وجوب تقبيله أيضاً.
2- السياحة: -كما في القاموس- الذهاب في الأرض للعبادة. و في بعض النسخ: سبحتي: أي دعائي و ذكري و نافلتي.
3- التهذيب 5 ،9 -باب المواف، ح 1. و فيه: سبحتي. و روى صدره بتفاوت يسير في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان (استلام الحجر).
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، عنوان (النظر إلى الحجر الأسود). و في ذيله إشارة إلى الحديث السابق عليه.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت المسجد الحرام وحاذيت الحجر الأسود فقل: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنَّ محمداً عبده و رسوله، آمنت بالله و كفرت بالطاغوت، و باللّات و العزّى، و بعبادة الشيطان، و بعبادة كلِّ ندّ يدعى من دون الله، ثمَّ ادْنُ من الحجر و استلمه بيمينك ثمَّ تقول: بسم الله و الله أكبر، اللّهمَّ أمانتي أدَّيتها، و ميثاقي تعاهدته لتشهد عندك لي بالموافاة.

247- باب الاستلام (1) و المسح

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن استلام الرُّكن؟ قال: استلامه: أن تلصق بطنك به، و المسح: أن تمسحه بيدك.

248- باب المزاحمة على الحجر الأسود

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كنّا نقول: لا بدَّ أن نستفتح بالحجر (2) و نختم به، فأمّا اليوم فقد كثُر النّاس.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنت أطوف- و سفيان الثوريُّ قريب منّي- فقال: يا أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، كيف كان رسول الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يصنع بالحجر إذا انتهى إليه ؟ فقلت: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يستلمه في كلِّ طواف فريضة و نافلة، قال: فتخلّف عني قليلاً، فلمّا انتهيت إلى الحجر جزت و مشيت فلم أستلمه، فلحقني فقال: يا أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ألم تخبرني أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يستلم الحجر في كلِِّ طواف فريضة و نافلة؟ قلت: بلی، قال: فقد مررتَ به فلم تستلم؟ فقلت: إنَّ الناس كانوا يرون لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ما لا يرون لي، و كان إذا انتهى إلى الحجر أفرجوا له (3) حتّى

ص: 402


1- استلم الحجر: افتعل من السلام و هو التحية.
2- أی باستلامه، و ظاهره الاستحباب.
3- أي انكشفوا أمامه، و أخلوا له الطريق.

یستلمه، و إنّي أكره الزّحام.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن سيف التمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أتيت الحجر الأسود فوجدت عليه زحاماً، فلم ألق إلّا رجلاً من أصحابنا فسألته، فقال: لا بدّ من استلامه؟ فقال: إن وجدته خالياً، و إلّا فسلّم من بعيد (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل حجَّ و لم يستلم الحجر؟ فقال: هو من السنّة، فإن لم يقدر، فالله أَوْلى بالعُذْر (2)

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّي لا أخلص (3) إلى الحجر الأسود؟ فقال: إذا طفت طواف الفريضة فلا يضرُّك (4)

6- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن محمد الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحجر إذا لم أستطع مسّه و كثر الزّحام؟ فقال: أمّا الشيخ الكبير والضعيف و المريض فمرخّص، و ما أُحبُّ أن تدع (5) مسّه إلّا أن لا تجد بدَّا.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبيد الله قال: سئل الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحجر الأسود، و هل يقاتل عليه النّاس إذا كثروا؟ قال: إذا كان كذلك، فأوْمِ إليه إيماءً بيدك (6)

ص: 403


1- التهذيب 5 ،9- باب الطواف، ح 5. و الحديث صحيح. و السلام من بعيد، كناية عن كفاية الإشارة إليه باليد.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6.
3- أي لا أصل.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 7.
5- يدل على تأكد استحباب مسّ الحجر.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 8 بتفاوت يسير. يقول المحقق في الشرائع 268/1- 269 و هو بصدد الحديث عن مندوبات الطواف: ﴿و الندب خمسة عشر، الوقوف عند الحجر، و حمد الله و الثناء عليه، و الصلاة على النبي و آله عليهم السلام، و رفع اليدين بالدعاء، و استلام الحجر على الأصح، و تقبيله، فإن لم يقدر فبيده، و لو كانت مقطوعة استلم بموضع القطع، و إن لم يكن له يد اقتصر على الإشارة، و إن يقول: هذه أمانتي أديتها، و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة اللهم تصديقاً بكتابك ... إلى آخر الدعاء .... و إن يلتزم الأركان كلها، و آکدها الذي فيه الحجر و اليماني...﴾.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: ليس على النساء جهر بالتلبية، و لا استلام الحجر، و لا دخول البيت، و لا سعي بين الصّفا و المروة- يعني الهَرْوَلَةَ- (1)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أحمد بن موسى، عن عليّ بن جعفر، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): استلموا الرُّکن، فإنّه يمين الله في خلقه،يصافح بها خلقه مصافحة العبد- أو الرَّجل-، يشهد لمن استلمه بالموافاة (2)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : سألته عن استلام الحجر من قِبَل الباب؟ فقال: أليس إنّما تريد أن تستلم الرُّكن؟ قلت: نعم، قال يجزيك حيث ما نالت يدك (3)

249- باب الطواف و استلام الأركان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: طف بالبيت سبعة أشواط، و تقول في الطواف: اللّهمَّ إنّي أسألك باسمك الّذي يُمْشى به على طَلَل الماء (4) كما يُمشى به على جَدَد الأرض (5)، و أسألك باسمك الّذي يهتزُّ له عرشك و أسألك باسمك الّذي تهتزُّ له أقدام ملائكتك، و أسألك باسمك الّذي دعاك به

ص: 404


1- روي قريباً منه عن أبي سعيد المكاري عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 115- باب التلبية، ح 3. كما روى قريباً منه عن سعد بن عبد الله بن موسى بن الحسن عن العباس بن معروف عن فضالة بن أيوب عمن حدثه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في التهذيب 5 ،7- باب صفة الإحرام، ح 111.
2- التهذيب 5 ،9- باب الطواف، ح 3 و فيه أو الدخيل، بدل: أو الرجل. و الترديد من الراوي . و الحديث مجهول. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فإنه يمين الله: قال في النهاية 300/5: ﴿هذا الكلام تمثيل و تخييل، و أصله أن الملك إذا صافح رجلاً ، قبّل الرجلُ يده، فكان الحجر الأسود بمنزلة اليمين للملك حيث يستلم و يلثم﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 4. قوله: من قِبَل الباب: الظاهر أن السائل كان قد تجاوز الحجر إلى جهة الباب غفلة أو نسياناً أو لغيرهما فأراد أن يستلمه من حيث وصل فلم تصل إليه يده. و الحديث صحيح.
4- طلل الماء: أي ظهره و سطحه.
5- جَدَد الأرض: وجه الأرض، و الأرض الغليظة.

موسى من جانب الطور فاستجبت له و ألقيت عليه محبّةً منك، و أسألك باسمك الّذي غفرت به لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، و أتممت عليه نعمتك، أن تفعل (1) بي كذا و كذا- ما أحببت من الدُّعاء-.

و كلّما انتهيت إلى باب الكعبة، فصلّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و تقول (2) فيما بين الركن اليماني و الحجر الأسود: ربّنا آتنا في الدُّنيا حسنة و في الآخرة حسنةً و قنا عذاب النّار.

و قل في الطّواف: اللّهمَّ إنّي إليك فقير، و إنّي خائف مستجير، فلا تغيّر جسمي و لا تبدِّل اسمي (3)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان قال: حدِّثني أيّوب أخو أُديم (4)، عن الشيخ قال: قال لي أبي: كان أبي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا استقبل الميزاب قال: اللّهمَّ اعتق رقبتي من النّار، و أوْسِعْ عليَّ من رزقك الحلال، وادرَءْ: عني شرَّ فَسَقَة الجنِّ و الإنس، و أدخلني الجنّة برحمتك.

3- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عبد السلام بن عبد الرَّحمن بن نعيم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): دخلت طواف الفريضة فلم يفتح لي شيءٌ من الدُّعاء إلّا الصلاة على محمد و آل محمد، و سعيت فكان كذلك؟ فقال: ما أُعطي أحدٌ ممّن سأل أفضل ممّا أعطيت.

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعیب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما أقول إذا استقبلت الحجر؟ فقال: كبّر، و صلِّ على محمد و آله، قال: و سمعته إذا أتى الحجر يقول: الله أكبر، السلام على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن عاصم (5)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب، يرفع رأسه ثمَّ يقول: اللّهمَّ أدخلني الجنّة برحمتك- و هو ينظر إلى الميزاب-، و أجرني برحمتك من النار،

ص: 405


1- في التهذيب: أن تفعل لي...
2- من هنا إلى قوله: ... عذاب النار. ساقط من التهذيب.
3- التهذيب 5، 9- باب الطواف، صدر ح 11 و في الذيل: فلا تبدّل اسمي و لا تغيّر جسمي. و أخرجه عن موسى بن القاسم عن إبراهيم بن أبي سمال، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- يعني ابن الحر.
5- في سند التهذيب: عن عاصم بن حميد.

و عافني من السقم، و أوسع عليَّ من الرِّزق الحلال، و ادرَء عنّي شَرَّ فَسَقَة الجنِّ و الإنس، و شرَّ فَسَقَة العرب و العجم (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول لمّا انتهى إلى ظهر الكعبة حين يجوز الحجر: يا ذا المنِّ و الطَوْل، و الجود و الكرم، إنَّ عملي ضعيفٌ فضاعفه لي، و تقبّله منّي، إنّك أنت السميع العليم.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يستحبُّ أن تقول بين الرُّكن (2) و الحجر: اللّهمَّ آتنا في الدُّنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار. و قال: إِنَّ مَلَكاً مُوَكّلاً يقول: آمين (3)

8- أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لا يستلم إلّا الرُّكن الأسود و اليماني، ثمَّ يقبّلهما و يضع خدَّه عليهما، و رأيت أبي يفعلُهُ (4)

9- أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنت أطوف بالبيت، فإذا رجل يقول: ما بال هذين الركنين يُسْتَلمان و لا يُستلم هذان (5)؟ فقلت: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) استلم هذين و لم يعرض لهذين، فلا تَعَرَّض لهما إذا لم يعرض لهما رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؛ قال جميل: و رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يستلم الأركان كلّها (6)

10- أحمد بن محمد، عن البرقيِّ، رفعه، عن زيد الشحّام أبي أسامة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنت أطوف مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و كان إذا انتهى إلى الحَجَر مسحه بيده و قبّله، و إذا انتهى إلى الرُّكن اليماني التَزَمه (7)، فقلت: جُعِلْتُ فِِداك، تمسح الحجر بيدك،

ص: 406


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 12 بتفاوت يسير.
2- أي الركن اليماني.
3- الحديث صحيح.
4- التهذيب 5، 9- باب الطواف ، ح 13. الاستبصار 2، 141- باب استلام الأركان كلها، ح 2.
5- المراد بالركنين الأولين اليماني و العراقي و بالأخيرين الشامي و المغربي.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. هذا و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من مستحبات الطواف استلام الأركان كلها كلما مر بها- خصوصاً اليماني و العراقي منها- و تقبيلها للتأسي برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
7- أي اعتنقه و احتضنه. و الحديث صحيح.

و تلتزم اليماني؟ فقال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما أتيتُ الرُّكن اليمانيِّ إلّا وجدت جبرئيل قد مسبقني إليه يلتَزِمه.

11- أحمد بن محمد، عن الحسين بن عليّ، عن ربعيِّ، عن العلاء بن المقعد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: إنَّ الله عزَّ و جلَّ وكّل بالرُّكن اليماني ملكاً هجّيراً (1) يؤمّن على دعائكم.

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن العلاء بن المقعد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ ملكاً موكّلاً بالرُّكن اليمانيِّ منذ خلق الله السماوات و الأرضين، ليس له هِجّير إلّا التأمين على دعائكم، فلينظر عبد بما يدعو ،فقلت له: ما الهجّير؟ فقال: كلام من كلام العرب، أي ليس له عمل. و في رواية أُخرى ليس له عمل غير ذلك.

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية [بن عمّار]، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الرُّكن اليمانيُّ باب من أبواب الجنّة، لم يغلقه الله منذ فتحه (2)

و في رواية أُخرى: بابنا إلى الجنّة الّذي منه ندخل (3)

14- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليِّ بن النعمان، عن إبراهيم بن سنان، عن أبي مريم قال: كنت مع أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أطوف، فكان لا يمرُّ في طوافه من طواف بالرُّكن اليمانيِّ إلّا استلمه، ثمَّ يقول: اللّهمَّ تب عليَّ حتّى أتوب، و اعصمني حتّى لا أعود (4)

15- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي الفرج السنديِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: كنت أطوف معه بالبيت فقال: أيُّ هذا أعظم حرمة؟ فقلت: جُعِلْتُ فِداك، أنت أعلم بهذا منّي، فأعاد عليَّ، فقلت له : داخل البيت، فقال: الرُّكن اليمانيُّ على باب من أبواب الجنّة، مفتوح لشيعة آل محمد، مسدود عن غيرهم، و ما من مؤمن

ص: 407


1- ﴿لعله كان هجيراه، فسقطت الهاء من النسّاخ، أو هجيرة، فصحف الهاء بالألف، يقال: هذا هجّيراة و هِجّيرة: أي دأب و ديدنه و عادته﴾ مراة المجلسي 24/18.. و يؤيد ما ذكره رحمه الله في معنى الهجيّر ما سوف يفسره (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) به في الحديث التالي و هو حديث حسن. و الحديث موثق.
2- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، صدر ح 21 مرسلا بتفاوت. و روى قريبا من مضمونه في التهذيب 5، 9-باب الطواف، ضمن ح 16.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 20 بتفاوت. و لعل تشبيه الركن اليماني بالباب بلحاظ أنه باستلامه و التزامه و الدعاء عنده يستحقون دخول الجنة.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و التوبة من الله تعدّى بعلى و من العبد بإلى.

يدعو بدعاء عنده، إلّا صعد دعاؤه حتّى يلصق بالعرش، ما بينه و بين الله حجابٌ (1)

16- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ في هذا الموضع- يعني حين يجوز الرُّكن اليمانيّ- مَلَكاً أُعطي سماع أهل الأرض، فمن صلّى على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين (2) يبلغه أبلغه إيّاه.

17- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ- أو (3) غيره-، عن حمّاد بن عثمان قال: كان بمكّة رجل مولى لبني أُميّة يقال له: ابن أبي عوانة، له عنادة (4)، و كان إذا دخل إلى مكّة أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أو أحدٌ من أشياخ آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يعبث به، و إنّه أتى أبا الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو في الطواف فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في استلام الحجر؟ فقال: استلمه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال له: ما أراك استلمتَه، قال: أكره أن أُوذي ضعيفاً أو أتأذّى، قال: فقال: قد زعمت أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) استلمه؟قال: نعم، و لكن كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إذا رأوه عرفوا له حقّه، وأنا (5) فلا يعرفون لي حقّي.

18- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه سئل: كيف يَستلم الأقطَعُ الحجر؟ قال: يستلم الحجر من حيث القَطع، فإن كانت مقطوعة من المِرْفَق، استلم الحجر بشِماله (6)

19- محمد بن يحيى، عمّن ذكره، عن محمد بن جعفر النوفليِّ، عن إبراهيم بن عيسى، عن أبيه، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) طاف بالكعبة، حتّى إذا بلغ الرُّكن اليمانيِّ رفع رأسه إلى الكعبة ثمَّ قال: الحمد لله الّذي شرَّفك و عظّمكِ، و الحمد لله الّذي بعثني نبيّاً، و جعل عليّاً إماماً، اللّهمَّ اهدِ له خيارَ خلقك، و جنّبه شرار خلقك (7)

ص: 408


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- حين- هنا- بمعنى حيث، كما يقول المجلسي رحمه الله. و قوله: سماع أهل الأرض: أي قوة سماع كلامهم.
3- الشك من الراوي.
4- أي معاند لأهل البيت (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ينصب العداوة لهم.
5- أي: و أما أنا، بقرينة فاء التفريع بعدها. و الحديث ضعيف.
6- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 17 و فيه: كيف يستلم الأقطع؟ بلا كلمة: الحجر. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 1/ 268- 269 و هو بصدد الحديث عن استحباب استلام الحجر في الطواف و تقبيله: ﴿فإن لم يقدر فبيده، و لو كانت مقطوعة استلم بموضع القطع، و لو لم يكن له يد اقتصر على الإشارة..﴾.
7- التهذيب 5، نفس الباب، ح 18. و الحديث مرسل. الفقيه 2، 63- باب نكت في حج الأنبياء و المرسلين (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ذيل ح 19 و أخرجه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الضمير في (إليه): يرجع إلى الركن اليماني على الأظهر، و إن كان الظاهر رجوعه إلى علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

250- باب المُلْتَزَم و الدعاء عنده

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: من أين أستلم الكعبة إذا فرغت من طوافي؟ قال: من دُبُرها (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصبّاح الكنانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن استلام الكعبة؟ فقال: من دُبُرها (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا كنت في الطواف السابع فاْتِ المُتَعَوَّذ (3)، و هو إذا قمت في دُبُر الكعبة حذاء الباب، فقل: اللّهمَّ البيت بيتك، و العبد عبدك، و هذا مقام العائذ بك من النّار، اللّهمَّ من قِبَلك الرَّوح و الفَرَج. ثمَّ استلم الرُّكن اليمانيِِّ، ثمَّ ائتِ الحجر فاختِمْ به (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كان إذا انتهى إلى الملتَزَم قال لمواليه: أميطوا عنّي حتّى أقرَّ لربّي بذنوبي في هذا المكان، فإنّ هذا مكان لم يقرَّ عبد لربّه بذنوبه ثمَّ استغفر الله، إلّا غفر الله له (5)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل ابن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو

ص: 409


1- المراد بدير الكعبة- على الأظهر- المستجار.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 20.
3- المتعوّذ: هو المستجار و الملتَزَم.
4- ورد مضمونه ضمن الحديث 11 من الباب 9 من الجزء 5 من التهذيب بتفاوت. و قال المحقق في الشرائع 1/ 269 و هو بصدد بيان مستحبات الطواف: ﴿و إن يلتزم المستجار في الشوط السابع، و یبسط يديه على حايطه، و يلصق به بطنه و خدّه، و يدعو بالدعاء المأثور، و لو جاوز المستجار إلى الركن اليماني لم يرجع﴾.
5- ورد مضمونه في التهذيب 5، فراجع التعليقة السابقة.

عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا فرغت من طوافك و بلغت مؤخّر الكعبة- و هو بحذاء المستجار دون الرُّكن الیمانیِّ بقليل- فابسط يديك على البيت، و ألْصِق بطنك و خدَّك بالبيت و قل: اللّهمَّ البيت بيتك، و العبد عبدك، و هذا مكان العائذ بك من النّار، ثمَّ أقرَّ لربّك بما عملت، فإنّه ليس من عبد مؤمن يقرُّ لربّه بذنوبه في هذا المكان، إلّا غفر الله له إن شاء الله. و تقول: اللّهمَّ من قِبَلك الرَّوح و الفَرَج و العافية، اللّهمَّ إنَّ عملي ضعيف فضاعفه لي، و اغفر لي ما اطَّلَعت عليه منّي و خفي على خلقك. ثمَّ تستجير بالله من النّار، و تَخَيّر لنفسك من الدُّعاء، ثمَّ استلم الرُّكن اليماني، ثمَّ ائتِ الحجر الأسود (1)

251- باب فضل الطواف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن يوسف، عن زكريّا المؤمن، عن عليِّ بن ميمون الصائغ قال: قدم رجل على عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال (2): قدِمْتَ حاجّاً؟ فقال: نعم، فقال: أتدري ما للحاجِّ؟ قال: لا، قال: من قَدِمَ حاجّاً، و طاف بالبيت، و صلّى ركعتين، كتب الله له سبعين ألف حسنة، و محى عنه سبعين ألف سيّئة، و رفع له سبعين ألف درجة، و شفّعه في سبعين ألف حاجة، و كتب له عتق سبعين ألف رقبة ، قيمة كلِِّ رقبة عشرة آلاف درهم (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيِّ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يقول: من طاف بهذا البيت أُسبوعاً (4)، و صلّى ركعتين في أيِّ جوانب المسجد شاء، كتب الله له ستّة آلاف حسنة، و محى عنه ستّة آلاف سيّئة، و رفع له ستّة آلاف درجة، و قضى له ستّة آلاف حاجة، فما عُجِّل منها فبرحمة الله، و ما أُخُرّ منها فشوقاً إلى دعائه. (5)

ص: 410


1- التهذيب 5 ،9- باب الطواف، ضمن ح 11 بتفاوت قليل. كما كرره بتفاوت يسير برقم 21 من نفس الباب فراجع.
2- أي الإمام السجّاد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- رواه بتفاوت مرسلاً مع زيادة في أوله في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 13. و الحديث ضعيف.
4- يعني سبعة أشواط.
5- و قد يكون لاختلاف الطائفين و المصلّين من حيث التقوى و مراعاة الآداب و الأحكام و الشرائط، و صفاء النيات دخالة في اختلاف الثواب و بذلك يجمع بين ما ورد هنا منه و ما ورد في الرواية السابقة و ما يأتي في اللاحقة، و الله العالم.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عمّن أخبره، عن العبد الصالح (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دخلت عليه و أنا أريد أن أسأله عن مسائل كثيرة، فلمّا رأيته عَظُمَ عليَّ كلامه (1) فقلت له: ناولني يدك أو رجلك أُقبّلها، فناولني يده فقبّلتها، فذكرت [قول] رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (2) فدمعت عيناي، فلمّا رآني مطأطِئاً رأسي قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما من طائف يطوف بهذا البيت حين تزول الشمس حاسراً عن رأسه، حافياً، يقارب بين خطاه، و يغضّ بصره، و يستلم الحجر في كلِِّ طواف من غير أن يؤذي أحداً، و لا يقطع ذكر الله عزَّ و جلَّ عن لسانه، إلّا كتب الله عزَّ و جلَّ له بكلِّ خطوة سبعين ألف حسنة، و محى عنه سبعين ألف سيّئة، و رفع له سبعين ألف درجة، و أعتق عنه سبعين ألف رقبة، ثمن كلِّ رقبة عشرة آلاف درهم، و شُفّع في سبعين من أهل بيته، و قُضيت له سبعون ألف حاجة، إن شاء (3) فعاجِلة و إن شاء فأجِلة (4)

252- باب إن الصلاة و الطواف أيهما أفضل

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أقام بمكّة سنة فالطواف أفضل له من الصلاة، و من أقام سنتين خلط من ذا و من ذا، و من أقام ثلاث سنين، كانت الصلاة أفضل [له من الطواف] (5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الطواف لغير أهل مكّة أفضل من الصلاة، و الصلاة لأهل مكّة أفضل (6)

ص: 411


1- أي أخذتني هيبته فلم أجرؤ على سؤاله و التحدث إليه.
2- ﴿فالمعنى أنه ذكر ما ذكره النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من فضائلهم أو من مظلوميتهم أو من شهادته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) خصوصاً كما روي عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). وقيل: المراد بقول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) نهيه عن كثرة السؤال، و فيه ما ترى﴾ مرأة المجلسي 30/18.
3- الضمير يرجع إليه سبحانه.
4- رواه مرسلاً بتفاوت في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 14. و الحديث هنا أيضاً مرسل.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 202 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، و أورده الصدوق رحمه الله مع حذف الإسناد بعد إيراده الحديث رقم 17. هذا و يقول المحقق في الشرائع 278/1: ﴿... و الطواف أفضل للمجاور من الصلاة و للمقيم بالعكس ..﴾. و يستفاد من هذا الحديث أن المجاور في السنة الثالثة يصير كواحد من أهل مكة.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 201. الفقيه 2، نفس الباب، ح 18 مرسلاً.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن ابن القدَّاح، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: طواف قبل الحجِّ، أفضل من سبعين طواف بعد الحجِّ (1)

253- باب حدّ موضع الطواف

1- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن ياسين الضرير عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم قال: سألته عن حدِّ الطواف بالبيت الّذي مَن خرج منه لم يكن طائفاً بالبيت؟ قال: كان الناس على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يطوفون بالبيت و المقام (2)، و أنتم اليوم تطوفون ما بين المقام و بين البيت، فكان الحدُّ موضع المقام اليوم، فمن جازه فليس بطائف، و الحدُّ قبل اليوم و اليوم واحد قدر ما بين المقام و بين البيت من نواحي البيت كلّها، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعدَ من مقدار ذلك، كان طائفاً بغير البيت، بمنزلة من طاف بالمسجد، لأنّه طاف في غير حدّ، و لا طواف له (3)

254- باب حد المشي في الطواف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن البرقيّ، عن عبد الرَّحمن بن سيّابه قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الطواف، فقلت: أُسْرِِعُ و أُكْثِر، أو أبطىء؟ قال: مَشْيٌ بين المَشْيَيْن (4)

ص: 412


1- أورد مضمونه مع حذف الإسناد في الفقيه 2، نفس الباب، بعد الحديث رقم 17.
2- المقام: -لغةً- كما يقول صاحب الجواهر 295/19: موضع قدم القائم، و المراد به هنا مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )، أي الحجر الذي وقف عليه لبناء البيت كما عن ابن أجير، أو للأذان بالحج كما عن غيره ... أو لما عن ابن عباس من أنه لما جاء بطلب ابنه إسماعيل فلم يجده قالت له زوجته: انزل، فأبى، فقالت: دعني أغسل رأسك، فأتته بحجر فوضع رجله عليه و هو راكب فغسلت شقه ثم رفعته و قد غابت رجله فيه فوضعته تحت الشق الآخر و غسلته فغابت رجله الثانية فيه فجعله الله من الشعائر، و عن الأزرقي أنه لما فرغ من الأذان عليه جعله قبلة فكان يصلي إليه مستقبل الباب ... الخ. ثم قال قدس سرّه: و على كل حال، فلا خلاف معتدّ به أجده في وجوب كون الطواف بينه و بين البيت، بل عن الغنية الإجماع عليه، ثم أورد هذا الحديث.
3- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 23. و أخرجه عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن غير واحد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ياسين الضرير ... الخ. و الحديث مجهول.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 24 بتفاوت يسير. يقول المحقق في الشرائع 269/1 و هو بصدد بيان مندوبات الطواف: ﴿و أن يكون في طوافه ... مقتصداً في مشيه، و قيل : يَرْمَلُ ثلاثاً و يمشي أربعاً﴾ و قد علق الشهيد الثاني في مسالكه 99/1 فقال: الاقتصاد في المشي: التوسط فيه بين الإسراع و البطء. أقول: و الرَّمَل: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى.

255- باب الرجل يطوف فتعرض له الحاجة أو العلّة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبَان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل طاف شوطاً أو شوطين، ثمَّ خرج مع رجل في حاجة؟ فقال: إن كان طواف نافلة بنى عليه، و إن كان طواف فريضة لم یَبْنِِ عليه (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يُحْدِثُ في طواف الفريضة و قد طاف بعضه؟ قال: يخرج فيتوضّأ، فإن كان جاز النصف بني على طوافه، و إن كان أقلَّ من النصف أعاد الطواف (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن فضّال، عن حمّاد بن عيسى، عن عمران الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط من الفريضة، ثمَّ وجد خلوة من البيت فدخله، كيف يصنع؟ فقال: يقضي طوافه، و قد خالف السنّة، فليُعِدْ طوافه (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا طاف الرَّجل بالبيت أشواطاً، ثمَّ اشتكى، أعاد الطواف- يعني الفريضة-.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب،

ص: 413


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 60 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، 146- باب من قطع طوافه لعذر قبل أن يكمله سبعة أشواط، ح 3. هذا، و يقول الشهيدان رحمهما الله و هما بصدد بيان شرائط الطواف: ﴿و تواصل أربعة أشواط فلو قطع الطواف لدونها بطل مطلقاً، و إن كان لضرورة أو دخول البيت أو صلاة فريضة ضاق وقتها، و بعد الأربعة يباح القطع الضرورة و صلاة فريضة و نافلة يخاف فوتها و قضاء حاجة مؤمن لا مطلقاً، و حيث يقطعه يجب أن يحفظ موضعه ليكمل منه بعد العود حذراً من الزيادة أو النقصان، و لو شك أخذ بالاحتياط، هذا في طواف الفريضة، أما النافلة فيبني فيها لعذر مطلقاً، و يستأنف قبل بلوغ الأربعة لا له مطلقاً، و في الدروس (للشهيد الأول) أطلق البناء فيها مطلقاً.﴾.
2- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 56. و يقول المحقق في الشرائع 268/1: ﴿من نقص من طوافه، فإن جاوز النصف رجع فأتمُ ... و إن كان دون ذلك استأنف، و كذا من قطع طواف الفريضة لدخول البيت، أو بالسعي في حاجة، و كذا لو مرض في أثناء طوافه... و كذا لو أحدث في طواف الفريضة...﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح58. الاستبصار 2، 146- باب من قطع طوافه لعذر قبل أن ...، ح ا بتفاوت يسير في الذيل فيهما.

عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل طاف طواف الفريضة، ثمَّ اعتلَّ علّة لا يقدر معها على تمام الطواف؟ فقال: إن كان طاف أربعة أشواط أمَرَ من يطوف عنه ثلاثة أشواط ، فقد تمَّ طوافه، وإن كان طاف ثلاثة أشواط و لا يقدر على الطواف، فإنَّ هذا ممّا غلب الله عليه، فلا بأس بأن يؤخّر الطواف يوماً و يومين، فإن خلّته العلّة عاد فطاف أُسبوعاً، و إن طالت علّته، أمَرَ من يطوف عنه أُسبوعاً، و يصلّي هو ركعتين، و يسعى عنه، و قد خرج من إحرامه، و كذلك يفعل في السعي و في رمي الجمار (1).

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن عبد العزيز، عن أبي عزَّة قال: مرَّ بي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنا في الشوط الخامس من الطواف، فقال لي: انطلق حتّى نعود ههنا رجلاً. فقلت له: إنّما أنا في خمسة أشواط، فأتمُّ أُُسبوعي؟ قال: اقطعه و احفظه من حيث تقطع حتّى تعود إلى الموضع الّذي قطعت منه، فتبني عليه (2)

7- أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السرَّاج (3)، عن سكين بن عمّار، عن رجل من أصحابنا يكنّى أبا أحمد قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الطواف، يده في يدي، إذ عرض لي رجل له إلىَّ حاجة، فأوْمَاتُ إليه بيدي فقلت له: كما أنت (4) حتّى أفرغ من طوافي، فقال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما هذا؟ قلت: أصلحك الله، رجل جاءني في حاجة، فقال لي: مسلم هو؟ قلت: نعم، فقال لي: اذهب معه في حاجته، فقلت له : أصلحك الله ، فأَقْطَعُ الطواف؟ فقال : نعم ، قلت : وإن كنتُ في المفروض (5)؟ قال: نعم، وإن كنتَ في المفروض ؛ قال: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من مشى مع أخيه المسلم في حاجته، كتب الله له ألف ألف حسنة، و محى عنه ألف ألف سيّئة، و رفع له ألف ألف درجة (6)

ص: 414


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 79. الاستبصار 2، 147- باب المريض يطاف به أو يطاف عنه، ح 9 بتفاوت في الذيل فيهما. و فيهما: و يصلي عنه، بدل: و يصلي هو ركعتين. و المقصود بهما صلاة الطواف. و لا واسطة في السند فيهما بين ابن محبوب و إسحاق بن عمار و الحديث ضعيف على المشهور
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 61. الاستبصار 2، 146- باب من قطع طوافه لعذر قبل أن ...، ح 4.
3- و اسمه عبد الله بن عثمان بن عمرو الفزاريّ.
4- أى ابق مكانك. أو كما أنت عليه. و هو كناية عن طلب الانتظار.
5- أي في طواف الفريضة.
6- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 63. الاستبصار 2، 146- باب من قطع طوافه لعذر قبل أن ... ، ح بتفاوت فيهما. و الحديث مجهول.

256- باب الرجل يطوف فَيَعْيَا أو تقام الصلاة أو يدخل عليه وقت الصلاة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن شهاب (1)، عن هشام (2) عن أبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في رجل كان في طواف فريضة، فأدركته صلاة فريضة؟ قال: يقطع طوافه و يصلّي الفريضة، ثمَّ يعود و يتمُّ ما بقي عليه من طوافه (3)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يكون في الطواف قد طاف بعضه و يقي عليه بعضه، فيطلع الفجر، فيخرج من الطوف إلى الحجر، أو إلى بعض المسجد، إذا كان لم يوتر فيوتر، ثمَّ يرجع إلى مكانه فيتمُّ طوافه، أفَتَرَى ذلك أفضل أم يتمُّ الطواف ثمَّ يوتر، و إن أسفر (4) بعض الإسفار؟ قال: ابدء بالوتر، و اقطع الطواف إذا خفت ذلك، ثمَّ أَتِمَّ الطواف بعدُ (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل كان في طواف الفريضة فأُقيمت الصلاة؟ قال: يصلّي معهم الفريضة، فإذا فرغ من حيث قطع (6)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يعيا (7) في الطواف، أَلَه أن يستريح؟ قال: نعم، يستريح ثمَّ يقوم فيبني على طوافه في فريضة أو غيرها، و يفعل ذلك في سعيه و جميع مناسکه (8)

ص: 415


1- هو ابن عبد ربه.
2- هو ابن سالم.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 67.
4- اسفر الفجر: تبلّج و ظهر نوره.
5- التهذيب 5،نفس الباب، ح 69 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 129- باب حكم من قطع عليه الطواف بصلاة أو غيرها، ح 4. و الوجه في تقديم الوتر على الطواف كون وقته (الوتر) مضيقاً و وقت الطواف موسعاً، و القاعدة الحاكمة في صورة التزاحم تقديم الأول على الثاني.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 68. بدون كلمة: معهم. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. و فيهما: في طواف النساء، بدل : في طواف الفريضة.
7- من الإعياء: و هو الكلال و التعب.
8- الحديث صحيح. ويدل على جواز الاستراحة في كل من الطواف و السعي و يبني بعدها على طوافه و سعيه.

5- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الرَّجل يستريح في طوافه؟ فقال: نعم، أنا قد كانت توضع لي مِرْفَقة (1) فأجلُسُ عليها.

257- باب السهو في الطواف

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستّة طاف أم سبعة؟ قال: فليُعِدْ طوافه، قلت: ففاته (2)؟ قال: ما أرى عليه شيئاً، و إلاعادة أحبُّ إليَّ و أفضل.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل لم يدر سنّة طاف أو سبعة؟ قال: يستقبل (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: سألته عمّن طاف بالبيت طواف الفريضة، فلم يدرستّة طاف أو سبعة؟ قال: يستقبل، قلت: ففاته ذلك؟ قال: ليس عليه شيء (4)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل شكَّ في طواف الفريضة؟ قال: كلّما شكُّ، قلت: جُعِلْتُ فداك، شكٍّ في طواف نافلة؟ قال: يبني على الأقلّ (5)

ص: 416


1- المِرْفقة: المخدة يرتفق عليها.
2- أي رجع إلى أهله وغادر مكة.
3- التهذيب 5 ،9- باب الطراف، ح 28 و 29 بتفاوت و سند آخر.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 28 بتفاوت.
5- التهذيب 5،نفس الباب، ح 41. الاستبصار 2، 143- باب من شك فلم يدر سبعة طاف أم ثمانية ، ح 2. يقول المحقق في الشرائع 270/1: ﴿و من شك في عدده (الطواف) بعد انطرافه لم يلتفت، و إن كان في أثنائه و كان شاكاً في الزيادة، قطع و لا شيء عليه، و إن كان في النقصان استأنف في الفريضة، و بنى على الأقلّ في النافلة ﴾. و يقول الشهيدان: ﴿و لو شك في العدد، أي عدد الأشواط بعده، أي بعد فراغه منه لم يلتفت مطلقاً،و في الأثناء يبطل إن شك في النقيصة، كأن شك بين كونه تاماً أو ناقصاً أو في عدد الأشواط مع تحققه عدم الإكمال، و يبني على الأقل إن شك في الزيادة على السبع إذا تحقق إكمالها إن كان على الركن، و لو كان قبله بطل أيضاً مطلقاً كالنقصان لتردده بين محذورين: الإكمال المحتمل للزيادة عمداً، و القطع المحتمل للنقيصة ... و أما نفل الطواف فيبني فيه على الأقل مطلقاً ...﴾

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيِّ، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض؟ قال: يعيد حتّى يُثْبِِتَه (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير قال: قلت: رجلٌ طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستّة طاف أم سبعة أم ثمانية؟ قال: يعيد طوافه حتّى يحفظ، قلت: فإنّه طاف و هو متطوِّع ثماني مرَّات و هو ناسٍ؟ قال: فليتمّه طوافين، ثمَّ يصلّی أربع ركعات، فأمّا الفريضة، فليُعِدْ حتّى يتّم سبعة

أشواط (2)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في رجل طاف فأُوهِمَ- فقال: طفت أربعة أو طفت ثلاثة-؟ فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيُّ الطوافين كان، طواف نافلة أم طواف فريضة؟ قال: إن كان طواف فريضة فليُلْقِِ ما في يده و ليستأنف، و إن كان طواف نافلة فاستيقن ثلاثةً و هو في شكٍّ من الرَّابع أنّه طاف، فَلْيَيْنِِ على الثلاثة، فإنّه يجوز له (3)

8- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ طاف بالبيت، ثمَّ خرج إلى الصّفا فطاف بين الصفا و المروة، فبينا هو يطوف، إذ ذكر أنّه قد ترك بعض طوافه بالبيت؟ قال: یرجع إلى البيت فيتمّ طوافه، ثمَّ يرجع إلى الصفا و المروة فيتمُّ ما بقي (4)

ص: 417


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 33. الاستبصار 2، 142- باب من طاف ثمانية أشواط، ح 1 و في الذيل فيهما: ... حتى يستمه، و هو على ما في التهذيبين موافق للمشهور من أنه إذا زاد شوطاً سهواً أو أكثر أكمل اسبوعين على نحو الاستحباب و إن ذهب كل من علي بن بابويه و ابن الجنيد إلى أنه على نحو الوجوب. هذا و يقول المحقق في الشرائع 270/1: ﴿من زاد على السبع ناسياً و ذكر قبل بلوغه الركن، قطع و لا شيء عليه، [و إلا استحبّ إكماله في اسبوعين]. أقول: يعني يضيف إليها ستة أشواط أخرى إن كان طاف ثمانية.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 43.
3- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 32.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 27. الفقيه 2، 130- باب السهو في الطواف، ح 1. قال المحقق في الشرائع 268/1: ﴿من نقص من طوافه، فإن جاوز النصف رجع فأتَمّ، و لو عاد إلى أهله أمر من يطوف عنه، و إن كان دون ذلك استأنف﴾... ﴿و لو دخل في السعي فذكر أنه لم يتمّ طوافه، رجع فأتَمّ طوافه إن كان تجاوز النصف ثم تمَّمَ السعي﴾ و يفهم من عبارة المحقق هنا، أنه إذا لم يكن قد تجاوز النصف استأنف الطواف و السعي معاً، و لا يجوز له عند تذكّره إتمام السعي قبل تدارك ما فات من الطواف و إلا بطل سعيه أيضاً لوجوب الترتيب بين الطواف و السعي.

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن الحسن بن عطيّة قال: سأله سليمان بن خالد- و أنا معه- عن رجل طاف بالبيت ستّة أشواط؟ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و كيف يطوف ستّة أشواط؟ قال: استقبل الحجر و قال: الله أكبر، وعقد واحداً، فقال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يطوف شوطاً، قال سليمان: فإنّه فاته ذلك حتّى أتى أهله؟ قال: يأمر من يطوف عنه (1)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقية، عن أبی کهمس (2) قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط، قال: إن ذكر قبل أن يبلغ الرُّكن فليقطعه (3)

258- باب الإقران بين الأسابيع

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسکان، بن عن زرارة قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّما يكره أن یجمع الرَّجل بين الأُسبوعين و الطوافين في الفريضة، فأمّا في النافلة فَلا بأس (4)

ص: 418


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 26. الفقيه 2، نفس الباب، ح 5.
2- أبو كهمس (كهمش) اسمه هيثم بن عبيد، أو عبيد الله.
3- التهذيب 5، نفس الباب، صدر ح 39 بتفاوت يسير جداً. الاستبصار 2، 142- باب من طاف ثمانية أشواط، صدر ح 8. و أخرجاه عن محمد بن يعقوب عن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ابن فضال ... الخ. و قوله: فليقطعه: محمول على الوجوب، و إلا كان كمن تعمد الزيادة في الطواف فيبطل. هذا و يقول الشهيدان و هما بصدد ذكر واجبات الطواف: ﴿و إكمال السبع من الحجر إليه شوط و عدم الزيادة عليها فيبطل إن تعمّده و لو خطوة، و لو زاد سهواً، فإن لم يكمل الشوط الثامن تعيّن القطع، فإن زاد فكالمتعمد، و إن بلغه تخيّر بين القطع و إكمال اسبوعين فيكون الثاني مستحباً﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 44. الاستبصار 2، 144- باب القِران بين الأسابيع في الطواف، ح 1. الفقيه 2، 135- باب القِران بين الأسابيع، ح 1. هذا و يقول الشهيدان رضوان الله عليهما: ﴿القران بين أسبوعين بحيث لا يجعل بينهما تراخياً، و قد يطلق على الزيادة عن العدد مطلقاً، مبطل في طواف الفريضة، و لا بأس به في النافلة، و إن كان تركه أفضل، ... و هل تتعلق الكراهة بمجموع الطواف أم بالزيادة؟ الأجود الثاني، إن عرض قصدها بعد الإكمال، و إلا فالأول...﴾.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يطوف، يُقْرِِنُ بين أُسبوعين؟ فقال: إن شئتَ رَوَیْتٌ أهل مكّة؟ قال: فقلت: لا و الله، ما لي في ذلك من حاجة، جُعِلْتُ فِداك، و لكن إرْوِِ لي ما أدينُ الله عزَّ و جلَّ به، فقال: لا تقرن بين أُسبوعين، كلّما طفت أُسبوعاً فصلِّ ركعتين، و أمّا أنا فربما قرنت الثلاثة و الأربعة، فنظرت إليه! فقال: إنّي مع هؤلاء (1)

3- أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد النهديِّ، عن محمد بن وليد، عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : إنّما يكره القِرانُ في الفريضة، فأمّا النّافلة فلا و اللهِ ما به بأس (2)

259- باب من طاف و اختصر في الحِجْر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يطوف بالبيت [فاختصر] قال: يقضي ما اختصر من طوافه (3)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من اختصر في الحجر في الطواف، فليُعِدْ طوافه من الحَجَر الأسود إلى الحَجَر الأسود (4)

260- باب من طاف على غير وضوء

1- عدَّةٌ أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن مثنّى، عن

ص: 419


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح46 بتفاوت. الاستبصار 2، 144- باب القِران بين الأسابيع في الطواف، ح 3 بتفاوت. و فيهما: عن أهل المدينة، بدل: عن أهل مكة. و يقصد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بقوله: هؤلاء، المخالفين، فيكون فعله بإقرانه بين الأسابيع تقية.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 45. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2.
3- الحديث حسن. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يطوف بالبيت، أي بالبيت وحده بدون إدخال الحجر، و في بعض النسخ: فاختصر في الحِجر، و هو الأظهر، لكنه بعيد ليس في أكثر النسخ، و لا خلاف في أنه لا يُعْبَاُ بالشوط الذي اختصر فيه و إنما الخلاف في أنه يستأنف الطواف رأساً أو يكتفي باستئناف ذلك الشوط، و هذا الخبر يحتملها، و الأخير أقوى للروايات الأخر﴾ مرآة المجلسي 43/18.
4- الفقيه 2، 131- باب ما يجب على من اختصر شوطاً في الحجر، ح 2 بدون قوله: إلى الحجر الأسود. و قوله: فليعد طوافه: أي يعيد الشوط الذي اختصره. و قوله: من الحجر الأسود إلى ... الخ، أي لا يكفي أن يبدأ به من حيث اختصره من حِجر إسماعيل.

زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يطوف على غير وضوء، أيعتدُّ بذلك الطواف؟ قال: لا (1)

2- سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل: أَيَنْسِكُ المناسك و هو على غير وضوء؟ فقال: نعم، إلّا الطواف بالبيت، فإنَّ فيه صلاة (2)

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله (3)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن علاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف طواف الفريضة و هو على غير طهور؟ قال: يتوضّأ، و يعيد طوافه، و إن كان تطوُّعاً توضّأ و صلّى ركعتين (4)

4- محمد بن يحيى، عن العمركيِّ بن عليّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل طاف بالبيت و هو جُنُب، فذكر و هو في الطواف؟ قال:

ص: 420


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 50 الاستبصار 2، 145- باب من طاف على غير طهر، ح 1 و في سندهما: عن حنان بن سدير، بدل: عن مثنّى. هذا، و القول الأقوى و المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم هو اشتراط طواف الفريضة بالطهارة دون طواف النافلة و إن كان معها أكمل، و نقل عن أبي الصلاح اشتراط الطهارة حتى في الطواف المندوب. و المقصود بالطهارة الأعم من الحدثية و الخبثية. يقول المحقق (ره) : ﴿الطهارة شرط في الواجب دون الندب، حتى أنه يجوز ابتداء المندوب مع عدم الطهارة و إن كانت الطهارة أفضل﴾ و قال: ﴿من طاف و ذكر أنه لم يتظهّر أعاد في الفريضة دون النافلة، و يعيد صلاة الطواف، الواجب واجباً، و الندب ندباً﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 51. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 و فيه: إلا الطواف، بدون كلمة: بالبيت. و الحديث ضعيف على المشهور. یقول المجلسي رحمه الله في مرآته 44/18: ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فإن فيه صلاة، ظاهر التعليل إن الوضوء إنما هو لأجل الصلاة. إلا أن يقال: أريد به أن الصلاة بمنزل الجزء في الواجب فيشترط في الطواف أيضاً الطهارة، و لذا قال (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فإن فيه صلاة، و لم يقل: فإن معه صلاة، و يمكن أن يراد به، بأنه لما كان مشروطاً بالصلاة، فالصلاة مشروطة بالطهارة، و لا يمكن الفصل بينهما بالطهارة، فلذا اشترطت في الطواف أيضاً﴾.
3- هذا السند حسن.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 52. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، 133- باب ما يجب على من طاف أو قضى شيئاً من المناسك على غير وضوء، ح 2 بتفاوت يسير. هذا، و قد دل الحديث على أن طواف النافلة لا يعاد، و إنما يكتفى فيه استحباباً بالطهارة وضوءاً أو غسلاً، و الصلاة ركعتين.

يقطع طوافه، و لا يعتدُّ بشيء ممّا طاف؛ و سألته عن رجل طاف ثمَّ ذكر أنّه على غير وضوء؟ قال: يقطع طوافه، و لا يعتدُّ به (1)

261- باب من بدأ بالسعي قبل الطواف أو طاف و أَخّر السَّعْي

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ طاف بالکعبة، ثمَّ خرج فطاف بین الصّفا و المروة، فبینما هو یطوف إذ ذکر أنّه قد ترک طوافه بالبیت؟ قال: يرجع إلى البيت فيتمُّ طوافه، ثصم يرجع إلى الصفا و المروة فيتمُّ ما بقي، قلت: فإنّه بدء بالصفا و المروة قبل أن يبدأ بالبيت؟ فقال: يأتي البيت فيطوف به، ثمَّ يستأنف طوافه بين الصفا و المروة، قلت: فما فرق بين هذين؟ قال: لأنَّ هذا قد دخل في شيء منه (2)

2- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف بين الصفا و المروة قبل أن يطوف بالبيت؟ فقال: يطوف بالبيت، ثمَّ يعود إلى الصفا و المروة فيطوف بينهما (3)

ص: 421


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 53. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و روى ذيله فقط.
2- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 100 بتفاوت و أخرجه بسند مختلف إلا في إسحاق بن عمّار. الفقيه 2، 137- باب ما يجب على من بدأ بالسعي قبل الطواف أو ... ، ح 14. و قد دل الحديث على أن من كان قد نسي بعض طوافه و دخل في السعي ثم تذكر وجب عليه أن يعود فيتم طوافه ثم يبني على سعيه و أما إذا لم يكن قد تلبّس بشيء من الطواف و تذكر في أثناء السعي فيبطل سعيه و يذهب للطواف ثم يستأنف سعياً جديداً. و الظاهر أن المشهور بين فقهائنا هو التفصيل بين ما إذا كان قد تجاوز النصف من الطواف فيتمه و بين ما إذا كان قد طاف أقل من النصف فيستأنف الطواف مع اختلافهم حول ما إذا كان يجب عليه إتمام السعي أو استئنافه. قال الشيخ محمد حسن في جواهره 335/19: ﴿و إن لم يكن قد تجاوز النصف (أي من طوافه) استأنف الطواف كما عن المبسوط و السرائر و الجامع، ثم استأنف السعي كما في القواعد و يحكي المبسوط، و عن النهاية و التذكرة و التحرير و المنتهى إتمام السعي على التقديرين ...﴾. و أقول: إن ما ورد في الحديث أعلاه من قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لأنه دخل في شيء من الطواف، مطلق من حيث كونه قد تجاوز النصف، أو طاف أقل منه. حيث حكم بإتمامه الطواف مع اتمامه السعي بعد البناء على ما تقدم منه، و لذا لا بد لمن ذهب من الفقهاء إلى التفصيل بين ما إذا تجاوز النصف من طوافه و بين غيره، لا بد و أنهم قيدوا هذا الإطلاق بما ثبت عندهم من نصوص مفصّلة.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 98. هذا و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على وجوب الترتيب بين الطواف و السعي فلا يجوز تقديم السعي على الطواف عمداً، و كذا لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي إلا ما استثني و سوف تأتي الإشارة إلى ذلك.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرّجل يَقْدِمُ حاجّاً و قد اشتدَّ عليه الحرُّ، فيطوف بالكعبة، و يؤخّر السعي إلى أن يبرد؟ فقال: لا بأس به، و ربّما فعلته (1)

4- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يطوف بالبيت فيدخل وقت العصر، أيسعى قبل أن يصلّي، أو يصلّي قبل أن يسعى؟ قال: لا، بل يصلّي ثمَّ يسعى يسعى (2)

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزین قال: سألته عن رجل طاف بالبيت فأَعْيا، أيؤخّر الطواف بين الصفا و المروة إلى غد؟ قال: لا (3)

262- باب طواف المريض و من يطاف به محمولاً من غير علّة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن الرَّبيع بن حُثَيم قال: شهدت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو يطاف به حول الكعبة في محمل و هو شديد المرض، فكان كلّما بلغ الرُّكن اليمانيِّ، أمرهم فوضعوه بالأرض، فأخرج يده من كوَّة المحمل حتّى يجرُّها على الأرض، ثمَّ يقول: ارفعوني، فلمّا فعل ذلك مراراً في كلِِّ شوط، قلت له: جُعِلْتُ فِداك يا ابن رسول الله، إنَّ هذا يشقُّ عليك، فقال: إِنِّي سمعت الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿لِيَشْهَدوا منافع لهم﴾ (4)، فقلت: منافع الدُّنيا أو منافع الآخرة؟ فقال: الكلُّ (5)

ص: 422


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 95. الاستبصار 2، 150- باب من يطوف بالبيت أيجوز له أن يؤخر السعي إلى وقت آخر؟، ح 1. و روياه بتفاوت يسير و بسند مختلف إلا في ابن سنان و زيادة في الذيل هي: و ربما رأيته يؤخر السعي إلى الليل. الفقيه 2، 137- باب ما يجب على من بدأ بالسعي قبل الطواف أو... ، ح 2.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5 و في ذيله: لا بأس أن يصلي ... الخ.
3- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 97. الاستبصار 2، 150- باب من يطوف بالبيت أيجوز له أن يؤخر السعي إلى وقت آخر؟، ح 3. الفقيه 2، 137- باب ما يجب على من بدأ بالسعي قبل ... ح 4 و في سنده: عن العلا عن محمد بن مسلم عن أحد هما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و ما تضمنه الحديث هو المشهور عندنا. و يقول المحقق في الشرائع 270/1: ﴿من طاف كان بالخيار في تأخير السعي إلى الغد، ثم لا يجوز (أي تأخيره عن الغد) مع القدرة﴾.
4- الحج/28.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 70. الفقيه 2، 136- باب طواف المريض و من يطاف به محمولاً من غير علّة، ح 4 و أشار فيه إلى فعله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كلما بلغ الركن اليماني بتفاوت. هذا و مما لا خلاف فيه بين الأصحاب هو أن من يعجز عن الطواف بنفسه يطاف به محمولاً فإن لم يمكن الطواف به كذلك لسبب من الأسباب يستنيب من يطوف عنه.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج (1) و معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المبطون و الكسير يُطاف عنهما و يُرمى عنهما الجمار (2)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن المريض المغلوب، يطاف عنه بالكعبة؟ قال: لا، و لكن يطاف به (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصبيان يُطاف بهم و يرمى عنهم، قال: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا كانت المرأة مريضة لا تعقل، يطاف بها أو يطاف عنها.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيِّ، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: كنت إلى جنب أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و عنده ابنه عبد الله، و ابنه الّذي يليه، فقال له رجلٌ: أصلحك الله، يطوف الرَجل عن الرَّجل و هو مقيم بمكّة، لیس به علّة؟ فقال: لا، لو كان ذلك يجوز، لأمرت ابني فلاناً فطاف عنّي- سمّى الأصغر- و هما يسمعان (4)

263- باب ركعتي الطواف و وقتهما و القراءة فيهما و الدعاء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن

ص: 423


1- في التهذيبين: عن معاوية بن عمار.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 76. الاستبصار 2، 147- باب المريض يطاف به أو يطاف عنه، ح 6. الفقيه 2، نفس الباب، ح 8 بتفاوت. هذا، و يقول الشهيدان: ﴿و مع التعذّر، و الظاهر أن المراد به المشقة الكثيرة وفاقاً للدروس، و يحتمل إرادة العجز عنه مطلقاً، يستنيب فيه ...﴾. و قال المحقق في الشرائع 268/1: ﴿و لو استمر مرضه بحيث لا يمكن أن يطاف به، طيف عنه ...﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 71.الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1.و ليس فيهما لفظ: المغلوب. الفقيه 2، نفس الباب،ح 5. و قد حمل المغلوب على من اشتد مرضه فغلبه عليه.
4- ضمير التثنية يرجع إلى ابني أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث حسن. و قد دل على عدم جواز الإستنابة في الطواف من غير عذر.

الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيي؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ): إذا فرغت من طوافك فأْتِ مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فصلّ ركعتين، و اجعله أماماً، و اقرء في الأُولى منهما سورة التوحيد ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، و في الثانية ﴿قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾، ثمَ تشهّد، و احمد الله، واثن عليه، و صلِّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و اسأله أن يتقبّل منك، و هاتان الركعتان هما الفريضة، ليس يكره لك أن تصلّيهما في أيِّ الساعات شئت، عند طلوع الشمس و عند غروبها، و لا تؤخّر هما، ساعة تطوف و تفرغ فصلّهما (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان قال: رأيت أبا الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يصلّي ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام، قريباً من ظلال المسجد (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف طواف الفريضة و فرغ من طوافه حين غربت الشمس؟ قال: وجبت عليه تلك الساعة الرَّكعتان، فليصلّهما قبل المغرب (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أَُصلّي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة، أو حيث كان على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: حيث هو الساعة (4)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن و الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 424


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 122 بتفاوت يسير. و روى صدره برقم 120 من نفس الباب أيضاً. و كرره تاماً برقم 10 من الباب 23 من نفس الجزء. و يقول المحقق في الشرائع 269/1 و هو بصدد تغداد مستحبات الطواف: ﴿و إن يقرء في ركعتي الطواف، في الأولى مع (الحمد) قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، و في الثانية معه: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ...﴾
2- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 136 بتفاوت و زيادة في الذيل هي: لكثرة الناس. و أخرجه عن سعد بن عبد الله عن موسى بن الحسن عن الحسن بن علي عن أحمد بن هلال عن أمية بن علي عن الحسين بن عثمان عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- الحديث حسن، و يستفاد منه عدم الكراهة في فعل صلاة الطواف في الأوقات المكروهة بالنسبة للمبتدأ من النوافل. و سوف يأتي.
4- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 125. هذا و يقول المحقق في الشرائع 268/1: ﴿يجب أن يصلّي ركعتي الطواف في المقام حيث هو الآن و لا يجوز في غيره، فإن منعه زحام صلّى و راءه أو إلى أحد جانبيه﴾. هذا و قد نقل صاحب الجواهر عن الشيخ في كتاب الخلاف نفي الخلاف عن جواز فعل ركعتي الطواف في غير مقام إبراهيم و عدم وجوب الإعادة.

إلّا الصلاة بعد العصر و بعد الغداة في طواف الفريضة (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابنا قال: قال أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) (2): يصلّي الرَّجل ركعتي الطواف طواف الفريضة و النافلة بقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (3)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رِِفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرّجل يطوف الطواف الواجب بعد العصر ، أيصلّي الركعتين حين يفرغ من طوافه؟ قال: نعم، أما بلغك قول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا بَني عبد المطلب، لا تمنعوا الناس من الصلاة بعد العصر فتمنعوهم من الطواف.

8- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن أَبَان بن عثمان، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) قال: لا ينبغي أن تصلّي ركعتي طواف الفريضة إلّا عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأمّا التطوُّع، فحيث شئت من المسجد (4)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن يحيى الأزرق، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: إنّي طفت أربعة أسابيع فأعييتُ، أفأصلّي ركعاتها و أنا جالس؟ قال: لا، قلت: فكيف يصلّي الرَّجل إذا اعتلَّ و وجد فترةً (5) صلاة اللّيل جالساً و هذا لا يصلّي؟ قال: فقال: يستقيم أن تطوف و أنت جالسٌ؟ قلت: لا، قال: فصلِّ و أنت قائمٌ (6)

264- باب السهو في ركعتي الطواف

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن

ص: 425


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 144. الاستبصار 2، 157- باب وقت ركعتي الطواف، ح 3. يقول المحقق في الشرائع 268/1: ﴿يجوز أن يصلي ركعتي طواف الفريضة و لو في الأوقات التي تكره لابتداء النوافل﴾.
2- في التهذيب: عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)
3- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 5 و فيه زيادة النافلة.
4- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 124 و في ذيله فحيثما... ، بدل: فحيث. و الحديث ضعيف.
5- من الفتور و هو نقص القوة و ثقل الهمّة.
6- الفقيه 2، 140- باب نوادر الطواف، ح 9 بتفاوت. و الحديث ضعيف على المشهور. و قد أشار ابن إدريس في السرائر إلى مضمون هذه الرواية. و قال الشهيد الأول في الدروس: ﴿روي عدم صلاة الركعتين جالساً لمن أَعْيا كما لا يطوف جالساً.

الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نسي أن يصلّي الرَّكعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في طواف الحجِِّ و العمرة؟ فقال: إن كان بالبلد صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى﴾ (1) و إن كان قد ارتحل، فلا آمره أن يرجع (2)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ نسي الركعتين خلف مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فلم يذكر حتّى ارتحل من مكّة؟ قال: فليصلّهما حيث ذكر، و إذ ذكرهما و هو في البلد فلا يبرح حتّى يقضيَهما (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل طاف طواف الفريضة و لم يصلّ الركعتين حتّى طاف بين الصفا و المروة، ثمَّ طاف طواف النساء و لم يصلِّ الرَّكعتين حتّى ذكر بالأبطح، فصلّى أربع ركعات؟ قال: يرجع فيصلّي عند المقام أربعاً (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام (5) بن المثنّى قال: نسيت ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)حتّى انتهيت إلى منى، فرجعت إلى مكّة فصلّيتهما، فذكرنا ذلك لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال: الّا صلّاهما حيث ذكر (6)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى ، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: في رجل طاف طواف الفريضة و نسي الركعتين حتّى طاف بين الصفا و المروة؟ قال : يُعَلّم ذلك الموضع، ثمَّ يعود فيصلّي الركعتين، ثمَّ يعود إلى مكانه (7)

ص: 426


1- البقرة/ 125.
2- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 130، الاستبصار 2، 156- باب من نسي ركعتي الطواف حتى خرج، ح 6. و يقول المحقق في الشرائع 267/1: ﴿و من لوازمه (أي الطواف) ركعتا الطواف، و هما بعده في الطواف الواجب، و لو نسيهما وجب عليه الرجوع، و لو شق قضاهما حيث ذكر، و لومات قضاهما الولي﴾. و ما ذكره رحمه الله هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم، و إن اعتبر بعضهم تعذّر الرجوع.
3- الفقيه 2، 139- باب السهو في ركعتي الطواف، ح 3.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 128 بتفاوت. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت.
5- في التهذيب: هاشم ...
6- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 132. الاستبصار 2، 156- باب من نسي ركعتي الطواف حتى خرج، ح 8 بتفاوت في الذيل فيهما يسير و قد استقرب بعض معاصري أصحابنا حمله على ما إذا لم يرد الرجوع إلى مكة. و حمله في التهذيب على ما إذا كان يشقّ عليه الرجوع. و الحديث مجهول.
7- الفقيه 2، 139- باب السهو في ركعتي الطواف، ح 1 بتفاوت و أخرجه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن رجل طاف طواف الفريضة و لم يصلِّ الرَّكعتين حتّى طاف بين الصفا و المروة، و طاف بعد ذلك طواف النساء و لم يصلّ أيضاً لذلك الطواف حتّى ذكر بالأبطح؟ قال : يرجع إلى مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فيصلّي (1)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل دخل مكّة بعد العصر، فطاف بالبيت، و قد علّمناه كيف يصلّي فنسي، فقعد حتّى غابت الشمس، ثمَّ رأى النّاس يطوفون، فقام فطاف طوافاً آخر قبل أن يصلّي الرَّكعتين لطواف الفريضة؟ فقال: جاهل؟ قلت: نعم، قال: ليس عليه شيء (2)

8- أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين زعلان، عن الحسين بن بشّار، عن هشام بن المثنّى و حنان قالا: طفنا بالبيت طواف النساء، و نسينا الركَّعتين، فلمّا صرنا بمنى ذكرنا هما، فأتينا أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فسألناه؟ فقال: صَلّياهما بمنى (3)

265- باب نوادر الطواف

1- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن أحمد بن [محمد بن] هلال، عن أحمد بن محمد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أوَّل ما يظهر القائم من العدل أن ينادي مناديه: أن يسلّم صاحب النافلة لصاحب الفريضة الحَجَرَ الأسود و الطواف (4)

ص: 427


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 127 بتفاوت. الاستبصار 2، نفس الباب ح 1 بتفاوت، و زيادة في الذيل هي: ركعتين. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. بتفاوت. و قد ذكر الصدوق رحمه الله في الفقيه بعد إيراده الخبر أن المكلف مخيّر بين إتمام سعيه و بين قطعه و تأدية ركعتي الطواف في مكانهما ثم البناء عليه. و ذكر أن الإتمام رخصة و استدل عليه برواية عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- الحديث ضعيف على المشهور. و قد دل الحديث على معاملة الجاهل معاملة الناسي في وجوب ركعتي الطواف عليه على كل حال بفعلهما بنفسه أداءً أو قضاءاً أو بواسطة وليه في نفس مكانهما أو حيث ذكرهما أو بمنى بناء على الرخصة في ذلك كما سوف يأتي في الرواية التالية.
3- الحديث مجهول. و قد روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 رخصة بالإتيان بركعتي الطواف للناسي بمنى عن ابن مسكان عن عمر بن البراء عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). بينما حمل الشيخ أمثال هذا الحديث على صورة المشقة في الرجوع و لا يتمكن منه.
4- الحديث ضعيف. و المراد بالطواف مكان الطواف، أو سائر أحكامه و ما يتعلق به.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الطّواف، أيكتفي الرَّجل بإحصاء صاحبه؟ فقال: نعم (1)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أيّوب أخي أُديم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): القراءة (2) و أنا أطوف أفضل أو أذكر الله تبارك و تعالى؟ قال: القراءة، قلت: فإن مرَّ بسجدة (3) و هو يطوف؟ قال: يؤمي برأسه إلى الكعبة (4)

4- سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن مثنّى، عن زياد بن يحيى الحنظليِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تطوفنَّ بالبيت و عليك بُرْطُلّة (5)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي الفرج قال: سأل أبان أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أكان لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) طواف يُعْرَفُ به؟ فقال: كان رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يطوف باللّيل و النّهار عشرة أسابيع، ثلاثةً أوَّلَ اللّيل، و ثلاثةً آخرَ اللّيل، و اثنين إذا أصبح، و اثنين بعد الظهر، و كان فيما بين ذلك راحته (6)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عليِّ بن النعمان، عن داود بن فَرْقَد، عن عبد الأعلى قال: رأيت أُمَّ فروة (7) تطوف بالكعبة عليها كساء متنكّرة، فاستلمت الحجر بيدها اليسرى، فقال لها رجل ممّن يطوف يا أُمَةَ الله، أخطأتِ

ص: 428


1- التهذيب 5 ،9- باب الطواف، ح 112. الفقيه 2، 39- باب السهو في ركعتي الطواف، ح 4. قال المحقق في الشرائع 271/1: ﴿لا بأس أن يعوّل الرجل على غيره في تعداد الطواف لأنه كالإمارة﴾. و ما ذكره رحمه الله هو المشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم.
2- أي قراءة القرآن.
3- لا بد من حمله على السجود المندوب في بعض آيات القرآن.
4- الحديث ضعيف على المشهور، و قد أشار إليه الشهيد الأول في الدروس، و أنه مما رواه الكليني رحمه الله عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 114. و البُرْطُلّة: القلنسوة الطويلة، قال المحقق في الشرائع 271/1: ﴿قيل: لا يجوز الطواف و على الطائف بُرطلّة، و منهم من خص ذلك بطواف العمرة، نظراً إلى تحريم تغطية الرأس﴾ أقول: و قد علل النهي عن لبس البرطلّة في الطواف في بعض الروايات بأنها من زي اليهود. و لذا حكم بعض أصحابنا بكراهة اللبس دون الحرمة نظراً لهذا التعليل.
6- الفقيه 2، 140- باب نوادر الطواف، ح 7.
7- ﴿أم فروة هي أم الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر﴾ مرآة المجلسي 58/18. و قد مر في بعض الروايات أن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان عنده جارية تكنى بذلك فراجع.

السنّة؟ فقالت: إنّا لأَغْنِياء عن علمك (1)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أتدري لم سُمّيّت الطائف؟ قلت: لا، قال: إنَّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمّا دعا ربّه أن يرزق أهله من الثمرات، قطع لهم قطعة من الأُردنّ، فأقبلت حتّى طافت بالبيت سبعاً، ثمَّ اقرَّها الله في موضعها، و إنّما سميّت الطّائف للطواف بالبيت (2)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن زياد القنديِّ قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، إنّي أكون في المسجد الحرام و أنظر إلى النّاس يطوفون بالبيت و أنا قاعدٌ، فأغتمُّ لذلك؟ فقال: یا زیاد، لا عليك، فإنَّ المؤمن إذا خرج من بيته يؤُّم الحج، لا يزال في طواف و سعي حتّى يرجع.

9- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن هيثم التميميِّ، قال: قلت لأبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ كانت معه صاحبة لا تسطيع القيام على رجلها، فحملها زوجها في محمل فطاف بها طواف الفريضة بالبيت، و بالصفا و المروة، أيجزيه ذلك الطواف عن نفسه طوافه بها؟ فقال: إيهاً الله إذاً (3)

10- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دَعْ الطواف و أنت تشتهيه (4)

11- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد، عن العبّاس بن معروف، عن موسى بن عيسى اليعقوبيِّ، عن محمد بن ميسّر، عن أبي الجهم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عن

ص: 429


1- و إنما عبّرت بذلك لأنها تأخذ أحكامها عن الراسخين في العلم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و ربما كان استلامها للحجر باليسرى لعلة في اليمنى و الله يعلم. و الحديث حسن على الظاهر.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 و في ذيله: إيهاً و الله إذاً. قال الجوهري في الصحاح 2557/6: و (ها) للتنبيه و قد يقسم بها يقال: لاه الله ما فعلت، أي: لا و الله، أبدلت الهاء من الواو. و إن شئت حذفت الألف التي بعد الهاء، و إن شئت أثبتّ. و قولهم: لاها الله ذا، أصله: لا و الله هذا، ففرقت بين (ها) و (ذا) و جعلت الاسم بينهما و جررته بحرف التنبيه، و التقدير: لا و الله ما فعلت هذا، فحذف و اختصر لكثرة استعمالها هذا في كلامهم. و قدم (ها) كما قدم في قولهم «ها هوذا، وها أنا ذا...» و قد قال المجلسي بعد هذا: و من هذا الكلام يتضح معنى الحديث، بجعل كلمة (إي) فيه مكسورة بمعنى (نعم) أي: نعم و الله يجزيه هذا.
4- الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 15، مرسلاً. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنت تشتهيه: كناية عن عدم المبالغة في فعله، لأن ذلك قد يوجب الملل منه.

آبائه، عن عليِّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في امرأة نذرت أن تطوف على أربع؟ قال: تطوف أُسبوعاً ليَدَيْها، و أُسبوعاً لرِِِجْلَيها (1)

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان قال: سألته عن ثلاثة دخلوا في الطواف، فقال واحد منهم لصاحبه: تحفظوا (2) الطواف، فلما ظنّوا أنّهم قد فرغوا، قال واحد: معي ستّة أشواط ؟ قال: إن شكّوا كلّهم فليستأنفوا، و إن لم يشكّوا و علم كلُّ واحد منهم ما في يده، فليبَنْوا (3)

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المرأة تطوف بالصبيّ و تسعى به، هل يجزىء ذلك عنها و عن الصبيّ؟ فقال: نعم (4)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يستحبّ أن تطوف ثلاث مائة و ستّين أُسبوعاً عدد أيّام السنة، فإن لم تستطع فثلاث مائة و ستّين شوطاً، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف (5)

15- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل نشرب و نحن في الطواف؟ قال: نعم (6)

16- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهليِّ قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: طاف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على ناقته

ص: 430


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 119. الفقيه 2، نفس الباب، ح 13. و أخرجه عن السكوني بإسناده قال: قال علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و هو ما سوف يورده الكليني رحمه الله برقم 18 من هذاالباب.
2- فى التهذيب: احفظوا ...
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 113 بتفاوت يسير. و رواه مضمراً أيضاً. و في بعض الكتب صرّح بأن المسؤول من قبل صفوان هو أبو الحسن الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 83. و الحديث حسن. و قال العلامة في التحرير: لو حمل محرم محرماً و طاف به و نوى كل منهما الطواف عن نفسه أجزاً عنهما إجماعاً.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 117. الفقيه 2، 140- باب نوادر الطواف، ح 6. و هذا و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب ما تضمنه الحديث من عدد الطواف أو الأشواط، و على الأخير تلحق الزيادة بالطواف الأخير و تسقط الكراهية هنا بزيادة ما زاد على سبعة أشواط في الطواف المندوب نظراً لما دل هنا على استحبابها و إن كره في غيره. فراجع شرائع المحقق 269/1.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 116. الحديث موثق، و بمضمونه أفتى الأصحاب.

العَضباء (1) و جعل يستلم الأركان بمِحْجَنه و يقبّل المحجن(2)

17- أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: طواف في العشر، أفضلُ من سبعين طوافاً في الحجِِّ (3)

18- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه في امرأة نذرت أن تطوف على أربع؟ فقال: تطوف أُسبوعاً ليديها و أُسبوعاً لرِِِِجْلَيها (4)

266- باب استلام الحَجَر بعد الركعتين و شرب ماء زمزم قبل الخروج الى الصَّفا و المَرْوَة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن یحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا فرغت من الرَّكعتين فأْتِ الحجر الأسود، و قبّله، و استلمه، أو أشر إليه، فإنّه لا بدَّ من ذلك، و قال: إن قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج إلى الصفا فافعل، و تقول حين تشرب: اللّهمَّ اجعله عِلْماً نافعاً، و رِزقاً واسعاً، و شفاءً من كلِّ داء و سقم. قال: وَ بَلَغَنا أَنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال حين نظر إلى زمزم: لو لا أنّي أشقّ على أُمّتي لأخذت منه ذَنُوباً أو ذَنُوبَيْن (5)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا فرغ الرَّجل من طوافه و صلّى ركعتين، فليأت زمزم و ليستَقِِ منه ذُنُوباً أو

ص: 431


1- الناقة العضباء: المشقوقة الأذن. -ذكره الجوهري في الصحاح- و ذكر أيضاً أن ناقته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) سمّيت بذلك و لم تكن كذلك. 184/1. هذا و قطع الشهيد الأول في الدروس بجواز الطواف راكباً للمختار.
2- المِحجن: عصا معوجة الرأس.
3- الحديث صحيح. و قد ذكر المجلسي رحمه الله في مرآته 62/18- 63 عدة وجوه لقوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في العشر ، ثم قال بعد الوحه الرابع: و الحاصل، أن طوافاً واجباً في العشر في غير الحج أفضل من سبعين في الحج، و لا يكون ذلك إلا في التمتع، و هذا الكلام ليس ببعيد في مقام التقية.
4- مر بسند آخر برقم 11 من هذا الباب فراجع.
5- التهذيب 5، 10 - باب الخروج إلى الصفا، ج 1. و الحديث حسن كالصحيح. و الذُّنوب: -كما في القاموس- الدلو التي لها ذَنَب، أو العظيمة، أو التي فيها ماء، أو الملأى، أو دون الملء، تؤنّث و تُذَكّر جمع أذْنِبَة و ذنائب و ذِناب. و روى بعضه في الفقيه 2، 2:3- باب سياق مناسك الحج عنوان (الشرب من ماء زمزم).

ذَنُوبين، و ليشرب منه، و ليصبَّ على رأسه و ظهره و بطنه، و يقول: اللّهمَّ اجعله عِلْماً نافعاً، و رزقاً واسعاً، و شفاءً من كلِّ داء و سقم، ثمَّ يعود إلى الحجر الأسود (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن مهزیار قال: رأيت أبا جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ليلة الزِّيارة، طاف طواف النّساء، و صلّى خلف المقام، ثمَّ دخل زمزم فاستقى منها بيده بالدَّلو الّذي يلي الحجر، و شرب منه، و صبَّ على بعض جسده، ثمَّ اطلع (2) في زمزم مرَّتين. و أخبرني بعض أصحابنا أنّه رآه بعد ذلك بسنة فعل مثل ذلك.

267- باب الوقوف على الصفا و الدعاء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين فرغ من طوافه و ركعتيه قال: أبدء بما بدء الله عزَّ و جلَّ به من إتيان الصفا، إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿إِنَّ اَلصَّفَا وَ اَلْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اَللّهِ﴾ (3) قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ثمَّ اخْرُجْ إلى الصفا من الباب الّذي خرج منه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و هو الباب الّذي يقابل الحجر الأسود، حتّى تقطع الوادي و عليك السكينة و الوقار، فاصعد على الصفا حتّى تنظر إلى البيت، و تستقبل الرُّكن الّذي فيه الحجر الأسود، و احمد الله واثن عليه، ثمَّ اذكر من آلائه و بلائه و حسن ما صنع إليك ما قدرت على ذكره، ثمَّ كبّر الله سَبْعاً، و احمده سَبْعاً، و هلّله سَبْعاً و قل: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيى و يميت و هو حيُّ لا يموت، و هو على كلِّ شيء قدير. -ثلاث مرَّات-، ثمَّ صلِّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و قل: الله أكبر على ما هدانا، و الحمد لله على ما أولانا، و الحمد الله الحيِّ القيوم، و الحمد الله الحيِّ الدَّائم، -ثلاث مرَّات-، و قل: أشهد أن لا إله إلّا الله، و أشهد أنَّ محمداً عبده و رسوله، لا نعبد إلّا إيّاه مخلصين له الدِّين و لو كره المشركون، -ثلاث مرَّات-، اللّهمَّ إنّي أسألك العفو و العافية و اليقين في الدّنيا و الآخرة -ثلاث مرَّات- اللّهُمَّ آتِنا فِی الدُّنیا حَسَنَةً، و فِی الآخِرَِة حَسَنَةً،و قِنا

ص: 432


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، نفس الباب، و نفس العنوان بتفاوت. و الحديث صحيح. و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب الشرب من زمزم و الصب على الجسد من مائها من الدلو المقابل للحجر. فراجع شرائع الإسلام للمحقق 272/1.
2- أي تطلع و نظر.
3- البقرة/158.

عَذابَ النّار، -ثلاث مرَّات -ثمَّ كبّر الله مائة مرَّة، و هلّل مائة مرَّة، و احمد مائة مرَّة، و سبّح مائة مرَّة، و تقول : لا إله إلّا الله وحده أنجز وعده و نصر عبده و غلب الأحزاب وحده فله الملك و له الحمد وحده وحده، اللّهمَّ بارك لي في الموت في ما بعد الموت، اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من ظُلْمَة القبر و وحشته، اللّهم أظِلّني في ظلّ عرشك يوم لا ظلَّ إلاّ ظلّك، و أكثر من أن تستودع ربّك دينك و نفسك و أهلك، ثمَّ تقول: أستودع الله الرَّحمن الرَّحيم الّذي لا يُضَيع و دائعه، نفسي و ديني و أهلي، اللّهمَّ استعملني على كتابك و سنّة نبيّك، و توفّني على ملّته، و أعِذْني من الفتنة، ثمَّ تكبّر ثلاثاً، ثمَّ تعيدها مرَّتين، ثمَّ تكبّر واحدة ثمَّ تعيدها، فإن لم تستطع هذا فبعضه.

و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يقف على الصفا بقدر ما يقرء سورة البقرة مترتّلاً (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعیب قال: حدَّثني جميل قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل من دعاء موقّت أقوله على الصفا و المروة؟ فقال: تقول إذا وقفت على الصفا: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيى و يميت، و هو على كلّ شيء قدير. -ثلاث مرَّات-.

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كيف يقول الرَّجل على الصفا و المروة؟ قال: يقول: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و هو على كلِّ شيء قدير. -ثلاث مرَّات-.

4- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الحميد بن سعيد قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن باب الصفا قلت: إنَّ أصحابنا قد اختلفوا فيه، بعضهم يقول: الّذي يلي السقاية، و بعضهم يقول: الّذي يلي الحَجَر؟ فقال: هو الّذي يلي السقاية، مُحْدث صنعه داود، و فتحه داود (2)

ص: 433


1- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 6 بتفاوت. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان (الخروج إلى الصفا) بتفاوت.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5 بتفاوت عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 140- باب نوادر الطواف، ح 13بتفاوت و فيه عبد الحميد بن سعد، بدل عبد الحميد بن سعيد. و الرواية كما وردت في الفقيه هكذا: و روى صفوان عن عبد الحميد بن سعد قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن باب الصفا فقلت: إن أصحابنا قد اختلفوا فيه، فبعضهم يقول: الذي يلي السقاية، و بعضهم يقول: الذي يستقبل الحجر الأسود؟ فقال: هو الذي يستقبل الحجر، و الذي يلي السقاية محدث، صنعه داوود و فتحه داوود. انتهى. و المقصود بداوود: داوود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عم أبي العباس السفّاح.

5- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن عليِّ بن النعمان يرفعه قال: كان أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا صعد الصفا، استقبل الكعبة ثمَّ رفع يديه ثمَّ يقول: اللّهمَّ اغفر لي كلِّ ذنب أذنبته قطّ، فإن عُدْتُ فعُدْ عليَّ بالمغفرة فإنّك أنت الغفور الرَّحيم، اللّهمَّ افعل بي ما أنت أهله، فإنّك إن تفعل بي ما أنت أهله ترحمني، و إن تعذِّبني فأنت غنيُّ عن عذابي، و أنا محتاجٌ إلى رحمتك، فيا من أنا محتاجٌ إلى رحمته، إرحمني، اللّهمَّ لا تفعل بي ما أنا أهله، فإنّك إن تفعل بی ما أنا أهله تعذِّبني و لم تظلمني، أصبحت أتّقي عدلك، و لا أخاف جَوْرَك ، فيامن هو عدل لا يَجُور، إرحمني (1)

6- محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن الحسن بن عليِّ بن الوليد رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أراد أن يكثر ماله، فليُطِلْ الوقوف على الصفا و المَرْوَة (2)

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن أبي الحسن، عن صالح ابن أبي الأسود، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على الصفا شيء موقّت (3)

8- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن مولى لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من أهل المدينة قال: رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) صعد المروة، فألقى نفسه على الحجر الّذي في أعلاها في ميسرتها، و استقبل الكعبة (4)

9- عليُّ بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد (5)، عن أحمد بن الجهم الخزّاز، عن محمد بن عمر بن يزيد، عن بعض أصحابه قال: كنت وراء (6) أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على الصفا- أو (7) على المروة-، و هو لا يزيد على حرفين (8): اللّهمَّ إنّي أسألك حسن الظنِّ بك في

ص: 434


1- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 7 بتفاوت و نقيصة عما هنا في الفروع.
2- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 28 مرسلاً. و قد روى في التهذيب 5، نفس الباب ، ح 8 عن موسى بن القاسم، عن النخعي أبو الحسين قال: حدثني عبيد بن الحارث عن حمّاد المنقريّ قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إن أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا. و كذلك رواه في الاستبصار 2، 158- باب أنه يستحب الإطالة عند الصفا و المروة، ح 1.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 10. و الحديث ضعيف. و موقّت: أي موظّف معيّن من قِبَلهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 9. و الحديث ضعيف.
5- في الاستبصار: عن صالح بن أبي حمزة.
6- في التهذيبين: في قفا...
7- الشك من الراوي.
8- ﴿لعل الإكتفاء بذاك كان لعذر، أو لبيان جواز ترك ما زاد، و تَأَدّي السنة بهذا المقدار، و لا يبعد الحمل على تكرار هذا الدعاء بقدر سورة البقرة، و يحتمل أن يكون ذلك في غير الابتداء﴾ مرآة المجلسي 70/18.

كلِِّ حال، و صِدْقَ النيّة في التوكّل عليك (1)

268- باب السعي بين الصفا و المروة و ما يُقَال فيه

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن، عن رزعة، عن سماعة قال: سألته عن السعي بين الصفا و المروة؟ قال: إذا انتهيت إلى الدَّار الّتي على يمنيك عند أوَّل الوادي، فاسْعَ حتّى تنتهي إلى أوَّل زُقاق عن يمينك بعدما تجاوز الوادي إلى المروة، فإذا انتهيت إليه، فكُفَّ عن السعي، وامش مشياً، و إذا جئت من عند المروة، فابدء من عند الزُّقاق الّذي و صفت لك، فإذا انتهيت إلى الباب الّذي من قِبَل الصفا بعد ما تَجَاوَز الوادي، فاكفف عن السعي، وامش مشياً، فإنّما السعي على الرِّجال، و ليس على النساء سَعْيٌ (2)

2- أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يسعى بين الصفا و المروة ما بين باب ابن عبّاد إلى أن يرفع قدميه من المسيل، لا يبلغ زقاق آل أبي حسين (3)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم، عن يونس، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: ما من بقعة أحبُّ إلى الله من المسعى، لأنّه يذلّ فيها كلُّ جبّار (4)

و روي أنّه سئل؛ لِمَ جُعل السعي؟ فقال: مذلّة للجبّارين.

4- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه قال: ليس الله منسك أحبُّ إليه من السعي، و ذلك أنّه يُذلُّ فيه الجبّارين (5)

ص: 435


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 11. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير فيهما.
2- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 13. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و ليس على النساء سعي يقصد أنه ليس عليهن هرولة، لا أنه ينفي أصل وجوب قطع سبعة أشواط عليهن بين الصفا و المروة كالرجال، حيث تستحب لهم الهرولة ما بين المنارة و زقان العطّارين، و قال أبو الصلاح بوجوبها عليهم.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14 و فيه: من المسيل، بدل: من الميل.
4- الحديث ضعيف.
5- الحديث ضعيف.

5- أحمد بن محمد، عن التيمليِِِّ، عن الحسين بن أحمد الحلبيِّ، عن أبيه، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )قال: جعل السعي بين الصفا و المروة مذلّة للجبارين (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: انحدر من الصفا ماشياً إلى المروة و عليك السكينة و الوقار، حتّى تأتي المنارة، و هي على طرف المسعى، فاسع ملأ فُرُوجك (2) و قل: بسم الله و الله أكبر، و صلّى الله على محمد و على أهل بيته، اللّهمَّ اغفر و ارحم و تجاوز عمّا تعلم و أنت الأعزُّ الأكرم حتّى تبلغ المنارة الأُخرى، فإذا جاوزتها فقل: يا ذا المنِّ و الفضل و الكرم و النعماء و الجود، اغفر لي ذنوبي إنّه لا يغفر الذُّنوب إلّا أنت، ثمَّ امش و عليك السكينة و الوقار حتّى تأتي المروة، فاصعد عليها حتّى يبدو لك البيت، و اصنع عليها كما صنعت على الصفا، وطف بينهما سبعة أشواط، تبدء بالصفا و تختم بالمروة (3)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن مولى لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من أهل المدينة قال: رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يبتدىء بالسعي من دار القاضي المخزوميِّ، قال: و يمضي كما هو إلى زقاق العطّارين (4)

8- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن معاوية بن حكيم، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسن بن عليّ الصيرفيِّ، عن بعض أصحابنا قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن السعي بين الصفا و المروة، فريضة أم سنّة؟ فقال: فريضة، قلت: أو ليس قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ (5)؟ قال: كان ذلك في عمرة القضاء، إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام من الصفا و المروة، فتشاغل رجل و ترك السعي حتّى انقضت الأيّام و أعيدت الأصنام، فجاؤوا إليه فقالوا: يا رسول الله، إنَّ فلاناً لم يَسْعَ بين الصفا و المروة، و قد أُعيدت الأصنام، فأنزل الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾، -أي و عليهما الأصنام- (6)

ص: 436


1- الحديث مرسل.
2- الفروج: جمع الفرج، و هو ما بين الرجلين، و منه سمي فرج المرأة و الرجل و هو هنا كناية عن الإسراع في المشي، و هو الهرونة.
3- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 12 بتفاوت و زيادة في آخره و ضمنه.
4- الحديث ضعيف.
5- البقرة/158.
6- التهذيب 5،نفس الباب، ح 15 بتفاوت يسير. و الحديث مرسل. و قد أجمع أصحابنا على وجوب السعي بين الصفا و المروة، و أكثر فقهاء العامة على الوجوب أيضاً

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطیّة، عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل ترك شيئاً من الرَّمَل في سعيه بين الصفا و المروة؟ قال: لا شيء عليه (1)

و روي أنَّ المسعى كان أوسع ممّا هو اليوم، و لكنَّ الناس ضيّقوه (2)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل ترك السعي متعمّداً؟ قال: عليه الحجُّ من قابل (3)

269- باب من بدء بالمروة قبل الصفا أو سهى في السعي بينهما

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل بدء بالمروة قبل الصفا؟ قال: يعيد، ألا ترى أنّه لو بدء بشماله قبل يمينه في الوضوء؟. -أراد أن يعيد الوضوء- (4)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل سعى بين الصفا و المروة ثمانية أشواط، ما عليه؟ فقال: إن كان خطأًً أطّرح واحداً و اعتدَّ بسبعة (5)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن أبي نصر، عن جميل بن درَّاج قال: حججنا و نحن صَرورة، فسعَيْنا بين الصفا و المروة أربعة عشر شوطاً، فسألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 437


1- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، 1 ح 19 و الرَّمَل: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، و هو الهرولة.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ضمن ح 12. و قوله: أوسع: أي أكثر عَرْضاً.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. و كرره بتفاوت برقم 297 من الباب 26 من نفس الجزء.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 21. هذا، و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من واجبات السعي هو البداءة بالصفا و الختم بالمروة، فلو عكس بطل سعيه بلا فرق في هذا الحكم بين الجاهل و الناسي فضلاً عن العامد حيث يجب عليه الإعادة.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 24. الاستبصار 2، 160- باب حكم من سعى أكثر من سبعة أشواط، ح 2. الفقيه 2، 141- باب السهو في السعي بين الصفا و المروة، ح 3 و في الجميع: طرح ..، بدل: اطّرح... هذا و قد أجمع الأصحاب على عدم جواز الزيادة في السعي- كما الطواف- على سبعة أشواط يحتسب ذهابه شوطاً و عوده آخر، و لو زاد عامداً بطل، و لا تبطل بالزيادة سهواً. فراجع الشرائع للمحقق 273/1.

عن ذلك؟ فقال: لا بأس، سبعة لك و سبعة تطرح (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عليّ الصائغ قال: سئل أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و أنا حاضر- عن رجل بدء بالمروة قبل الصفا؟ قال: يعيد، ألا ترى أنّه لو بدء بشماله قبل يمينه، كان عليه أن يبدء بيمينه ثمَّ يعيد على شماله (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: من طاف بین الصفا و المروة خمسة عشر شوطاً، طرح ثمانية، و اعتدَّ بسبعة، و إن بدء بالمروة، فليطرح، و ليبدء بالصفا (3)

270- باب الاستراحة في السعي و الركوب فيه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن السعي بين الصفا و المروة على الدَّابة؟ قال: نعم، و على المحمل. (4)

2- معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل يسعى بين الصفا و المروة راكباً؟ قال: لا بأس، و المشي أفضل (5)

3- ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يطوف بين الصفا و المروة أيستريح؟ قال: نعم، إن شاء جلس على الصفا، و المروة، و بينهما، فيجلس (6)

ص: 438


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 25. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 22.
3- الحديث حسن. و يشمل العامل و الجاهل و الناسي، و يبقى تحته الجاهل و الناسي، بعد خروج العامد بالنص.
4- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 36. هذا، و لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في جواز السعي راكباً، و إن كان المشي أفضل. يقول المحقق في الشرائع 273/1 و هو بصدد بيان المندوب في السعي: ﴿... أن يكون ماشياً، و لو كان راكباً جاز...﴾.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 37. الفقيه 2، 142- باب السعي راكباً و الجلوس بين الصفا و المروة، ذيل ح 1 بتفاوت.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 41. و ما تضمنه من جواز الجلوس في السعي هو المشهور عندنا- و يقول المحقق في الشرائع 273/1: ﴿و لا بأس أن يجلس في خلال السعي للراحة﴾-.

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن أَبَان، عن عبد الرحمن (1)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يجلس بين الصفا و المروة إلّا من جهد (2)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج: قال سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن النساء، يطفن على الإبل و الدَّوابِّ أيجزيهنَّ أن يقفن تحت الصفا و المروة؟ قال: نعم، بحيث يَرَيْنَ البيت (3)

6- و عنه، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس على الراكب سعي (4)، و لكن ليسرع شيئاً (5)

271- باب من قطع السعي للصلاة أو غيرها و السعي بغير وضوء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يدخل في السعي بين الصفا و المروة، فيدخل وقت الصلاة، أيخفّف، أو يقطع و يصلّي، و يعود، أو يثبت كما هو على حاله حتّى يفرغ؟ قال: أو ليس عليهما مسجد (6)، لا، بل يصلّي ثمَّ يعود، قلت: يجلس عليهما؟ قال: أو ليس هو ذا يسعى على الدَّواب (7)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن يحيى الأزرق، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: الرَّجل يسعى بين الصفا و المروة ثلاثة

ص: 439


1- هو ابن أبي عبد الله كما صرّح به في الفقيه.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 42. و فيه: حيث. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت و فيه: سأل أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
4- أي إسراع في المشي، و هو الهرولة.
5- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3. التهذيب 5، نفس الباب، ح 40. و قوله: ليسرع شيئاً: أي ليسرع الراكب بدابته قليلاً زيادة على المعتاد و لعله لمكان الهرولة في الساعي ماشياً فيكون مستحباً مثله.
6- مسجد: يعني موضع صلاة.
7- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 44 بتفاوت في الذيل. الفقيه 2، 143- باب من قطع عليه السعي ...، ح 1 بتفاوت يسير. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يسعى على الدواب: تشبيه و تنظير، أي كما جاز له السعي راكباً و الركوب متضمن للحلوس أو سبباً للراحة فكذلك الجلوس للماشي. و الحديث حسن.

أشواط أو أربعة، ثمَّ يبول، أيتمُّ سعيه بغير وضوء؟ قال: لا بأس، و لو أتمَّ نسكه بوضوء كان أحبَّ إلىَّ (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا تطوف و لا تسعى إلّا على وضوء (2)

272- باب تقصير المتمتِّع و إحْلاله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن یحيى؛ و ابن أبي عمير؛ و عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب؛ و حمّاد بن عيسى، جميعاً عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا فرغت من سعيك و أنت متمتّع، فقصّر من شعرك من جوانبه، و لحيتك، و خذ من شاربك، و قلّم أظفارك، و أَبْق منها لحجّك، و إذا فعلت ذلك فقد أحللتَ من كلِِّ شيء يحلُّ منه المحرم، و أحرمت منه، فطف بالبيت تطوُّعاً ما شئت (3)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل قال: رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)أحلَّ من عمرته، و أخذ من أطراف شعره كلّه على المشط، ثمَّ أشار إلى شار به فأخذ منه الحجّام، ثمَّ أشار إلى أطراف لحيته فأخذ منه، ثمَّ قام (4)

ص: 440


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 31. الاستبصار 2، 161- باب السعي بغير وضوء، ح 4. الفقيه 2، 133- باب ما يجب على من طاف أو قضى شيئاً من المناسك على غير وضوء، ح 4. و الحديث ضعيف على المشهور. و قد دل و أمثاله على أن السعي ليس مشروطاً بالطهارة و إن كان معها أفضل و أكمل، و قد اتفق أصحابنا على أن الطهارة من المقدمات المندوبة للسعي، و لم يخالف في ذلك إلا ابن أبي عقيل فيما نقل عنه، و المقصود بالطهارة الأعم من الخبثية و الحدثية.
2- التهذيب 5،نفس الباب، ح 33. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3 بتفاوت يسير في الجميع. و قال الشيخ في التهذيبين بعد ذكر الحديث: إنما نفى بقوله: لا تطوف و لا تسعى إلا بوضوء، الجمع بينهما، و لم ينف إنفراد السعي عن الطواف بغير وضوء و أنه لا يجزيه. و الحديث محمول عند أصحابنا على الاستحباب.
3- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 46. الفقيه 2، 120- باب تقصير المتمتع و حلقه و إحلاله و من نسي ...، ح 1. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و أَبْقِِِ منها لحجّك؛ أي أبْقِِ على شيء من أظفارك للتقصير في منى بعد انتهائك من الرمي و الذبح، كما يدل على عدم جواز الحلق بعد السعي، و إنما المتعيّن هو التقصير.
4- الحديث صحيح.

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يطوف بالبيت و يسعى، أيتطوَّع بالطواف قبل أن يقصّر؟ قال: ما يعجبني (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج؛ و حفص بن البختريِِّ؛ و غيرهما، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في محرم يقصّر من بعض و لا يقصّر من بعض؟ قال: يجزيه (2)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن أسلم قال: لمّا أراد أبو جعفر- يعني ابن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- أن يقصّر من شعره للعمرة، أراد الحجّام أن يأخذ من جوانب الرَّأس، فقال له: ابدء بالنّاصية، فبدأ بها (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن متمتّع قَرَضَ أظفاره و أخذ من شعر رأسه بمِشْقَص؟ قال: لا بأس، ليس كلُّ أحد يجد جَلَماً (4)

273- باب المتمتع ينسى أن يقصّر حتى يهلّ بالحج أو يحلق رأسه أو يواقع أهله قبل أن یقصّر

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل متمتّع نسي أن يقصّر حتى أحرم بالحجِِّ؟ قال: يستغفر الله (5)

ص: 441


1- الفقيه 2، 140- باب نوادر الطواف، ح 1 بتفاوت يسير و أخرجه عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... و الحديث ضعيف على المشهور، و فيه دلالة على كراهة الطواف المستحب قبل أن يقصّر وجوباً للسعي.
2- الفقيه 2، 120- باب تقصير المتمتع و حلقه و ...، ح 10. ويدل على إجزاء مسمى التقصير من أظفاره أو شعره من غير تحديد.
3- الحديث مجهول.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 49. الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 6 بتفاوت. و الجَلَم: المقصّ، أو ما يقطع به، و المِشقَص: النصل العريض. و الحديث حسن.
5- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 105. الاستبصار 2، 103- باب المتمتع يحرم بالحج و يلبيّ قبل أن يقصّر هل ...، ح 4. و في آخر هما زيادة: و لا شيء عليه. الفقيه 2 ، 120- باب تقصير المتمتع و حلقه و....،ح 3.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل أهلَّ بالعمرة و نسي أن يقصّر حتّى دخل في الحجِِّ؟ قال: يستغفر الله، و لا شيء عليه، و تمّت عمرته (1)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجِّ، فدخل مكّة، و طاف و سعى، و لبس ثيابه، و أحلَّ، و نسي أن يقصّر حتّى خرج إلى عرفات؟ قال: لا بأس به، يبني على العمرة، و طوافها، و طواف الحجِّ على أثره (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل طاف بالبيت، ثمَّ بالصفا و المروة، و قد تمتّع، ثمَّ عجّل فقبّل امرأته قبل أن يقصّر من رأسه؟ فقال: عليه دم يهريقه، و إن جامع فعليه جزورٌ أو بقرة (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن متمتّع وقع على امرأته و لم يقصر؟ فقال: ينحر جزوراً و قد خفت أن يكون قد ثُلِمَ حجّه إن كان عالماً، و إن كان جاهلاً فلا شيء عليه (4)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، إنّي لما قَضَيتُ نسكي للعمرة، أتيت أهلي و لم أقصّر؟ قال: عليك بدنة، قال: قلت: إنّي لمّا أردت ذلك منها و لم تكن قصّرت، امتنعت، فلمّا غلبتها قَرَضَت بعض شعرها بأسنانها؟ فقال: رحمها الله، كانت أفقهَ منك، عليك بدنة، و ليس عليها شيء (5)

ص: 442


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح107. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و كرره في نفس الجزء من التهذيب برقم 53 من الباب 10.
2- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 106. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و كرره في التهذيب/نفس الجزء/ برقم 55 من الباب (10)، و كذا برقم (4) من الباب 163 من الجزء الثاني من الاستبصار أيضاً. و قد دل الحديث على صحة عمرته في هذه الحال و عدم انقلابها حجاً، بل يطوف طوافاً للحج أيضاً.
3- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 60 بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4.
4- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 64. و أورده إلى قوله: قد ثلم حجه، برقم 62 من نفس الباب. الفقيه 2، 120- باب تقصير المتمتع و حلقه و ... ، ح 6 بزيادة في آخره. هذا و يقول الشهيدان: ﴿و لو جامع قبل التقصير عمداً، فبدنة للموسر، و بقرة للمتوسط، و شاة للمعسر، و المرجع في الثلاثة إلى العرف بحسب حالهم و محلهم، و لو كان جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه﴾.
5- التهذیب 5، نفس الباب، ح 68. الاستبصار 2، 164- باب من أحلّ من إحرام المتعة هل يجوز له ...، ح 4. الفقيه 2، 123- باب الوقت الذي إذا أدركه الإنسان يكون مدركاً للتمتع، ح 12.

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن متمتّع حلق رأسه بمكّة؟ قال: إن كان جاهلاً فليس عليه شيءٌ، و إن تعمّد ذلك في أوَّل أشهر الحجِِّ بثلاثين يوماً منها، فليس عليه شيءٌ، و إن تعمّد بعد الثلاثين الّتي يوفّر فيها الشّعر للحجِّ، فإنَّ عليه دماً يهريقه (1)

و في رواية أخرى (2): [ف] اذا كان يوم النحر أَمَرَّ الموسى على رأسه.

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: ينبغي للمتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ إذا أحلَّ، أن لا يلبس ،قميصاً، و ليتشبّه بالمُحْرمين (3)

274- باب المتمتع تعرض له الحاجة خارجاً من مكة بعد إحلاله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: دخل مكّة متمتعاً في أشهر الحجِِّ ، لم يكن له أن يخرج حتّى يقضي الحجَّ، فإن عرضت له حاجة إلى عسفان أو إلى الطائف أو إلى ذات عِرق، خرج محرماً و دخل ملبّياً بالحجِّ، فلا يزال على إحرامه، فإن رجع إلى مكّة رجع محرماً و لم يقرب البيت حتّى يخرج مع الناس إلى منى على إحرامه، و إن شاء كان وجهه ذلك إلى منى، قلت: فإن جهل و خرج إلى المدينة أو إلى نحوها بغير إحرام ثمَّ رجع في إبّان الحجِّ في أشهر الحجِّ يريد الحجَّ، أيدخلها محرماً أو بغير إحرام؟ فقال: إن رجع في شهره دخل بغير إحرام ، و إن دخل في غير الشهر دخل محرماً، قلت: فأيُّ الإحرامين و المتعتين، متعة الأولى أو الأخيرة؟ قال: الأخيرة، و هي عمرته، و هي المحتبس بها

ص: 443


1- التهذيب 5، 5- باب العمل و القول عند الخروج، ح 12. و كرره برقم 51 من الباب 10 من نفس الجزء. الاستبصار 2، 162- باب من أراد التقصير فحلق ناسياً أو متعمداً، ح 2. الفقيه 2 ، 120- باب تقصير المتمتع وحلقه و ...، ح 11. هذا، و يقول الشهيدان: ﴿و لو حلق جميع رأسه عامداً عالماً فشاة، و لا يجزي عن التقصير للنهي، و قيل: يجزي لحصوله بالشروع و المحرّم متأخر، و هو متجه مع تجدد القصد، و ناسياً و جاهلاً لا شيء عليه. و يحرم الحلق و لو بعد التقصير﴾و إنما حرم الحلق بعده لوجوب توفير شعر الرأس حتى يتم أفعال الحج.
2- ذكر مضمونه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، نفس الباب، ذيل ح 7.
3- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 57. الفقيه 2، نفس الباب، ح 9 مرسلاً. وليتشبّه بالمحرمين: أي في عدم لبس المخيط، كما نص عليه الشهيد الأول في الدروس، أو مطلقاً كما هو مختار الشهيد الثاني. و الرواية مطلقة.

الى وصلت بحجّه؛ قلت: فما فرق بين المفردة و بين عمرة المتعة إذا دخل في أشهر الحجِّ؟ قال: أحرم بالعمرة و هو ينوي العمرة، ثمَّ أحلَّ منها و لم يكن عليه دم، و لم يكن محتبساً بها. لأنّه لا يكون ينوي الحجَّ (1)

2- أبو عليُّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتمتّع يجيىء فيقضي متعته، ثمَّ تبدو له الحاجة فيخرج إلى المدينة، أو إلى ذات عرق، أو إلى بعض المعادن، قال: يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الّذي يتمتّع فيه، لأنَّ لكلِِّ شهر عمرة، و هو مرتهن بالحجِّ، قلت: فإن دخل في الشهر الّذي خرج فيه؟ قال: كان أبي مجاوراً ههنا، فخرج متلقياً بعض هؤلاء، فلمّا رجع بلغ ذات عرق، أحرم من ذات عرق بالحجِّ، و دخل و هو محرم بالحجِّ (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجِّ، يريد الخروج إلى الطائف؟ قال: يهلُّ بالحجِّ من مكّة، و ما أُحبُّ له أن يخرج منها إلّا محرماً، و لا يتجاوز الطائف (3)، إنّها قريبة من مكّة (4)

4- ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل قضى متعتة ثمَّ عرضت له حاجة أراد أن يخرج إليها؟ قال: فقال: فليغتسل للأحرام، وليهلّ بالحجِّ، وليَمْض في حاجته، و إن لم يقدر على الرجوع إلى مكّة، مضى إلى عرفات(5)

5- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عمّن ذكره، عن أبَان، عمّن أخبره عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المتمتّع [هو] محتبس لا يخرج من مكّة حتّى يخرج إلى الحجِّ، إلّا أن يأبق غلامه، أو تضلَّ راحلته، فيخرج محرماً، و لا يجاوز إلّا على قدر ما لا تفوته عرفة (6)

ص: 444


1- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 71.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 74. و الحديث موثق. و قوله: بعض هؤلاء: أي بعض سلاطين العامة أو ولاتهم. هذا و يقول المحقق في الشرائع 252/1: ﴿كل من دخل مكة وجب أن يكون محرماً، إلا أن يكون دخوله بعد إحرامه قبل مضي شهر، أو يتكرّر كالحطّاب و الحشّاش، و قيل: من دخلها لقتال جاز أن يدخل مُجِلاًّ كما دخل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عام الفتح و عليه المِغْفَر﴾.
3- ظاهر جواز الخروج إليها و عدم تجاوزها.
4- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 72.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 73.
6- الحديث ضعيف.

275- باب الوقت الذي تفوت فيه المتعة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم؛ و مرازم، و شعيب عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرّجل المتمتّع يدخل ليلة عرفة، فيطوف، و يسعى، ثمَّ يحلُّ، ثمَّ يحرم و يأتي منى؟ قال: لا بأس (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى ، عن محمد بن ميمون قال: قَدِمَ أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) متمتّعاً ليلة عرفة، فطاف، و أحلَّ، و أتى بعض جواريه، ثمَّ أهلَّ بالحجِّ، و خرج (2)

3- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا أنّه سأل أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتعة، متى تكون؟قال: يتمتّع ما ظنَّ أنّه يدرك النّاس بمنى (3)

4- علیُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن يعقوب بن شعيب الميثميِّ قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا بأس للمتمتّع إن لم يحرم من ليلة التروية متى ما تيسّر له، ما لم يَخَفْ فَوْتَ الموقفين (4)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في متمتّع دخل يوم عرفة؟ فقال: متعته تامّة إلى أن تُقْطَعَ التلبية (5)

ص: 445


1- التهذيب 5، 11- باب الإحرام للحج، ح 17. الاستبصار 2، 166- باب الوقت الذي يلحق الإنسان فيه المتعة، ح 7، الفقيه 2، 123- باب الوقت الذي إذا أدركه الإنسان يكون ...، ح 1. هذا و قد دل الحديث على أن المتمتع بالعمرة إلى الحج، تكون عمرته تامة ما أدرك الموقفين سواء حتى لو كان ذلك ليلة عرفة ، و إن كان ثوابه أقل من ثواب من أدرك عرفة يوم التروية. و هكذا يكون ثواب من أدرك عرفة قبل زوال اليوم التاسع أقل منه.
2- التهذيب 5، 10- باب الخروج إلى الصفا، ح 65. الاستبصار 2، 164- باب من أحلّ من إحرام المتعة هل يجوز له...، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 5، 11- باب الإحرام للحج، ح 12. الاستبصار 2، 166- باب الوقت الذي يلحق الإنسان فيه المتعة، ح 2.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و فيهما: ما لم يخشَ. و قوله: متى ما تيسّر له: أي يحرم متى ما تيسّر له ...
5- الحديث ضعيف. هذا و قطع التلبية من قبل الحجيج إنما تكون عند زوال الشمس من يوم عرفة.

276- باب إحرام الحائض و المستحاضة

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحائض تريد الإحرام؟ قال: تغتسل، و تَسْتَثْفِر، و تحتشي بالكرسف، و تلبس ثوباً دون ثياب إحرامها، و تستقبل القبلة، و لا تدخل المسجد و تهلَّ بالحجِّ بغير صلاة (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبَان الكلبيِّ قال: ذكرت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) المستحاضة، فذكر أسماء بنت عمیس فقال: إنَّ أسماء ولدت محمد بن أبي بكر بالبَيداء، و كان في ولادتها البركة للنساء لمن ولدت منهنَّ أو طمثت، فأمرها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فاستثفرت و تَمَنْطَقَتَ بمنطقة و أحرمت (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: قلت لابي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المرأة الحائض تحرم و هي لا تصلّي؟ قال: نعم، إذا بلغت الوقْتَ فلتحرم (3)

4- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليِّ بن الحكم، عن محمد بن زياد، عن محمد بن مروان، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن امرأة حاضت و هي تريد الإحرام فتطمث؟ قال: تغتسل، و تحتشي بكرسف، و تلبس ثياب الإحرام، و تُحرم، فإذا كان اللّيل خلعتها، و لبست ثيابها الأُخَر حتّى تطهر (4)

ص: 446


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 1 بتفاوت يسير.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 7 بتفاوت قليل و اختلاف سندي إلا في الحسين بن سعيد. و تمنطقت بمنطقة: أي شد وسطها بالمنطقة، و هي خرقة تلبسها المرأة و تشد وسطها فترسل الأعلى على الأسفل إلى الأرض.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 2. و كرره برقم 5 من نفس الباب.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3. هذا و يقول المحقق في الشرائع 252/1: ﴿و لو حضرت الميقات جاز لها أن تحرم و لو كانت حائضاً لكن لا تصلّي صلاة الإحرام، و لو تركت الإحرام ظناً أنه لا يجوز رجعت إلى الميقات و أنشأت الإحرام منه، و لو منعها مانع أحرمت من موضعها، و لو دخلت مكة خرجت إلى أدنى الحِلّ، و لو منعها مانع أحرمت من مكة﴾.

227- باب ما يجب على الحائض في أداء المناسك

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن العلاء بن صبيح؛ و عبد الرحمن بن الحجّاج؛ و علي بن رئاب، و عبد الله بن صالح، كلّهم يروونه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المرأة المتمتّعة إذا قدمت مكّة ثمَّ حاضت، تقيم ما بينها و بين التروية، فإن طهرت، طافت بالبيت، وسعت بين الصفا و المروة، و إن لم تطهر إلى يوم التروية، اغتسلت و احتشَت، ثمَّ سعت بين الصفا و المروة، ثمَّ خرجت إلى منى، فإذا قضت المناسك وزارت البيت، طافت بالبيت طوافاً لعمرتها، ثمَّ طافت طوافاً للحجِّ، ثمَّ خرجت فسعت، فإذا فعلت ذلك فقد أحلّت من كلِّ شيء يُحِلُّ منه المحرم إلّا فراش زوجها، فإذا طافت أُسبوعاً آخر، حلَّ لها فراش زوجها (1)

2- أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن دُرُسْت الواسطيِّ، عن عجلان أبي صالح قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة متمتّعة قدمت مكّة، فرأت الدَّم؟ قال: تطوف الصفا و المروة، ثمَّ تجلس في بيتها، فإن طهرت، طافت بالبيت، و إن لم تطهر فإذا كان يوم التروية، أفاضت عليها الماء، و أهلّت بالحجِِّ من بيتها، و خرجت إلى منى و قضت المناسك كلّها، فإذا قدمت مكّة، طافت بالبيت طوافين (2)، ثمَّ سعت بين الصفا و المروة، فإذا فعلت ذلك فقد حلَّ لها كلُّ شيء ما خَلا فراش زوجها (3)

3- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن ابن رباط، عن دُرُسْت بن أبي منصور، عن عجلان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): متمتّعة قَدِمَت فرأت الدَّم، كيف تصنع؟ قال تسعى بين الصفا و المروة و تجلس في بيتها، فإن ظهرت طافت بالبيت، و إن لم تطهر، التّروية أفاضت عليها الماء، و أهلّت بالحجِّ، و خرجت إلى منى، فقضت المناسك كلّها، فإذا فعلت ذلك فقد حلّ لها كلُّ شيء ما عدا فراش زوجها، قال: و كنت أنا و عبيد الله (4) بن صالح سمعنا هذا الحديث في المسجد، فدخل عبيد الله على أبي

ص: 447


1- الحديث ضعيف، ويدل على خلاف ما هو المشهور- بل ادعى عليه العلامة في التذكرة الإجماع و كذلك السيد صاحب المدارك- من أن الحائض و النفساء إذا لم تطهرا حيث لا يمكنها الطواف عدلتا إلى الإفراد.
2- أي طوافاً للعمرة تقضيه و طواف الحج. و الحديث ضعيف كسابقه، و الكلام فيه هو الكلام.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 14. الاستبصار 2، 215- باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها، ح 2.
4- في الاستبصار و عبد الله بن صالح.

الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فخرج إليَّ فقال: قد سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رواية عجلان، فحدَّثني بنحو ما سمعنا من عجلان (1)

4- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليِّ بن الحسن، عن عليِّ بن رباط، عن عبيد الله بن صالح، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: امرأة متمتّعة تطوف ثمَّ طمثت؟ قال: تسعى بين الصفا و المروة، و تقضي متعتها (2)

5- محمد بن يحيى، عمّن حدَّثه، عن ابن أبي نجران، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي بصیر قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: في المرأة المتمتّعة إذا أحرمت و هي طاهر ثمَّ حاضت قبل أن تقضي متعتها، سعت، و لم تطف حتّى تطهر، ثمَّ تقضي طوافها، و قد قضت عمرتها، و إن هي أحرمت و هي حائض، لم تَسْعَ و لم تَطُفْ حتّى تطهر (3)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عليِّ بن أسباط، عن دُرُسْت، عن عجلان أبي صالح أنّه سمع أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إذا اعتمرت المرأة ثمّ اعتلّت قبل أن تطوف، قَدمت السعي، و شهدت المناسك، فإذا طهرت و انصرفت من الحجِّ، قضت طواف العمرة و طواف الحجِّ و طواف النساء، ثمَّ أحلّت من كلِِّ شيء (4)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن رجل أنّه أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول- و سئل عن امرأة متمتّعة طمثت قبل أن تطوف فخرجت مع الناس إلى منى- [فقال]: أو ليس هي على عمرتها و حجّتها، فلتطف طوافاً للعمرة و طوافاً للحجِّ (5)

ص: 448


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 15، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و الحديث ضعيف كسابقيه. هذا و قد نص أصحابنا و منهم المحقق في الشرائع 238/1 على أن الحائض و النفساء إذا دخلا بعمرتهما مكة و خشيا ضيق الوقت عن إدراك الركن من وقوف عرفات و عدم إمكان التربص بأن منعهما عذرهما عن التحلل و إنشاء الإحرام بالحج نقلا نيتهما إلى الإفراد و كان عليهما عمرة مفردة. و مما قال: ﴿و لو تجدد العذر و قد طافت أربعاً صحت متعتها و أتت بالسعي و بقية المناسك و قضت بعد طهرها ما بقي من طوافها، و إذا صح التمتع سقطت العمرة المفردة﴾.
2- الحديث ضعيف.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 21. الاستبصار 2، 215- باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها، ح 9. بسند مختلف إلا في أبي بصير.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 20 الاستبصار 2، نفس الباب، ح 8. و الحديث ضعيف. و اعتلّت: أي حاضت.
5- الحديث مرسل. و لا بد من حمله على لزوم قضاء السعي عليها أيضاً بعد الطواف، لفواته عليها بسبب خروجها إلى منى. و الحديث فيه هو الحديث فيما تقدمه من أخبار ناصّة على وجوب نقل حجها إلى الإفراد.

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابه، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المرأة تجییء متمتّعة فطمثت قبل أن تطوف بالبيت ، فيكون طهرها يوم عرفة؟ فقال: إن كانت تعلم أنّها تطهر، و تطوف بالبيت، و تحلّ من إحرامها، و تلحق بالناس، فلتفعل (1)

9- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة طافت بالبيت، ثمَّ حاضت قبل أن تسعى؟ قال: تسعى، قال: و سألته عن امرأة سَعَتْ بین الصفا و المروة فحاضت بينهما؟ قال: تتمُّ سَعْيَها (2)

10- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول في المرأة المتمتّعة إذا أحرمت و هي طاهر، ثمَّ حاضت قبل أن تقضي متعتها، سعت، و لم تطف حتّى تطهر، ثمَّ تقضي طوافها، و قد تمّت متعتها، و إن هي أحرمت و هي حائض، لم تَسْع و لم تَطُفْ حتّى تطهر (3)

278- باب المرأة تحيض بعد ما دخلت في الطواف

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن امرأة طافت بالبيت في حجّ أو عمرة، ثمَّ حاضت قبل أن تصلّي الرَّكعتين؟ قال: إذا طهرت فلتصلِّ ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و قد قضت طوافها (4)

ص: 449


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 13. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2، 123- باب الوقت الذي إذا أدركه الإنسان يكون مدركاً للتمتع، ح 3 بتفاوت. الحديث مرسل. قوله :(عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و تلحق بالناس: أي في منى، كما صرّح به في حديث الفقيه، لا كما فهمه الشيخ في التهذيبين من أنها تلحق الناس بعرفات. و لا بد من إلحاق غلبة الظن باللحوق بالناس هناك بالعلم و اليقين أيضاً، مراعاة لما تضمنه بعض الروايات من غلبة الظن.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 22. الاستبصار 2، 215- باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها، ح 10. الفقيه 2، 122- باب إحرام الحائض و المستحاضة، ح 3 بتفاوت في الترتيب.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 27. هذا، و المشهور بين أصحابنا على أن المرأة إذا كانت قد تجاوزت النصف من طواف الفريضة ثم حاضت قطعته و بَنَتْ على ما تقدم بعد طهرها فتكمله من حيث قطعته ثم تصلي ركعتيه و صحت متعتها، بينما ذهب ابن إدريس إلى بطلان متعتها في هذه الصورة، و اكتفى الصدوق في الفقيه بما دون الأربع أيضاً مستدلاً عليه برواية حريز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و برواية العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و صرح بعدهما بأنه بمضمونه يفتي دون غيره مما اشترط فيه تجاوز النصف فراجع آخر الباب 122 من الجزء 2 من الفقيه.

2- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليِّ بن الحسن، عن عليِّ بن أبي حمزة؛ و محمد بن زياد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا حاضت المرأة و هي في الطّواف بالبيت، أو بين الصفا و المروة، فجازت النصف، فعلَمت ذلك الموضع، فإذا طهرت رجعت فأتمّت بقيّة طوافها من الموضع الّذي علَمته، فإن هي قطعت طوافها في أقلّ من النصف، فعليها أن تستأنف الطّواف من أوَّله (1)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عمّن ذكره، عن أحمد بن عمر بن عمر الحلّال، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثمَّ اعتلّت؟ قال: إذا حاضت المرأة و هي في الطّواف بالبيت، أو بالصفا و المروة، و جاوزت النصف، علَمت ذلك الموضع الّذي بلغت، فإذا هي قطعت طوافها في أقلّ من النّصف فعليها أن تستأنف الطّواف من أوَّله (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن إسحاق بيّاع اللّؤلؤ قال: أخبرني من سمع أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: المرأة المتمتّعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط، ثمَّ رأت الدَّم، فمتعتها تامّة (3)

279- باب أن المستحاضة تطوف بالبيت

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ أسماء بنت عميس نَفَسَت بمحمّد بن أبي بكر، فأمرها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين أرادت الإحرام من ذي الحُلَيفة أن تحتشي بالكرسف و الخِرَق، و تُهلَّ بالحجِّ، فلمّا قَدِموا مكّة و قد

ص: 450


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 23. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 11. و الحديث ضعيف على المشهور. و قد حمل الشيخ في التهذيب ما تضمنه الحديث من حكم على اختصاصه بالطواف دون السعي و إن ذكر معه لعدم اشتراط السعي بالطهارة إجماعاً.
2- الحديث مرسل. و الكلام فيه كسابقه.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، صدر ح 16. الاستبصار 2، 215- باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها، صدر ح 4. و في سندهما: عن أبي إسحاق صاحب اللؤلؤ. هذا و الحديث مجهول.

نسكوا المناسك، و قد أتي لها ثمانية عشر يوماً، فأمرها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن تطوف بالبيت، و تصلّي، و لم ينقطع عنها الدَّم، ففعلت ذلك (1).

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم، عن يونس بن يعقوب، عمّن حدَّثه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المستحاضة تطوف بالبيت، وتصلّي، و لا تدخل الكعبة (2)

280- باب نادر

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن جارية لم تحض، خرجت مع زوجها و أهلها فحاضت، فاستحيَت أن تُعلم أهلها و زوجها حتّى قضت المناسك و هي على تلك الحال، فواقعها زوجها، ثمَّ رجعت إلى الكوفة، فقالت لأهلها: كان من الأمر كذا و كذا؟ قال: عليها سَوْقُ بدنة، و عليها الحجُّ من قابل، و ليس على زوجها شي (3)

2- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليِّ بن الحسين، عن محمد بن زياد، عن حمّاد، عن رجل قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إذا طافت المرأة الحائض ثمَّ أرادت أن تودَّع البيت، فلتقف على أدنى باب من أبواب المسجد، و لتودِّع البيت (4)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: أرسلت إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ بعض من معنا من صرورة

ص: 451


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 34. الفقيه 2، 122- باب إحرام الحائض و المستحاضة، ح 1 بتفاوت و زيادات. ﴿ويدل على أنه يجوز للمستحاضة بعد الغسل دخول المسجد و يصح طوافها و لا خلاف فيه بين الأصحاب، و استدل به على أن أكثر النفاس ثمانية عشر يوماً، و فيه نظر﴾. مرآة المجلسي 99/18
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 35. ﴿ويدل على أنه يكره للمستحاضة دخول البيت كما نص عليه في التحرير﴾ مرآة المجلسي 18/ 100.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 322. الفقيه 2، 122- باب إحرام الحائض و المستحاضة، ح 10. أقول: أما وجوب البدنة عليها فمحمول على أنها كانت عالمة بالحكم، و أما وجوب الحج من قابل عليها فلأنها أفسدت حجها بعلمها و عمدها.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 29 و في ذيله: فلتودّع البيت. و الحديث ضعيف. هذا و قد نقل إجماع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه يستحب للحائض و النفساء أن تودّعا البيت من أدنى باب من أبواب المسجد من دون أن تدخله.

النساء قد اعتلَلْن (1)، فكيف تصنع؟ فقال: تنتظر ما بينها و بين التروية، فإن طهرت فلتهلّ (2) و إلّا فلا تدخلنَّ عليها التروية إلّا و هي مُحرمة.

4- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن - فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا طافت المرأة طواف النساء، و طافت أكثر من،النصف، فحاضت، نَفَرَت إن شاءت (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز (4) قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فدخل عليه رجلٌ ليلاً فقال: أصلحك الله، امرأة معنا حاضت و لم تطف طواف النساء؟ فقال: لقد سُئِلْتُ عن هذه المسألة اليوم، فقال: أصلحك الله، أنا زوجها، و قد أحببت أن أسمع ذلك منك، فأطرق كأنّه يناجي نفسه و هو يقول: لا يقيم عليها جمّالها، و لا تستطيع أن تتخلّف عن أصحابها، تمضي، و قد تمَّ حجّها (5)

281- باب علاج الحائض

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد- أو غيره- عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن أخيه الحسين قال: حججت مع أبي و مع [ي] أُخت لي، فلمّا قَدِمنا مكّة حاضت، فجزِِعَتْ جَزَعاً شديداً خوفاً أن يفوتها الحجُّ، فقال لي أبي: ائت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و قل له: إنَّ أبي يقرؤك السلام و يقول لك: إنَّ فتاة لي قد حججتُ بها، و قد حاضت و جزعَتْ جَزَعاً شديداً مخافة أن يفوتها الحجُّ، فما تأمرها؟ قال: فأتيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و كان في المسجد الحرام- فوقفت بحذاه، فلمّا نظر إليَّ أشار إليَّ، فأتيته، و قلت له: إنَّ أبي يقرؤك السلام- و أدَّيت إليه ما أمرني به أبي- فقال: أبلغه السلام، و قل له فليأمرها أن تأخذ قطنة بماء اللّبن فلتستدخلها، فإنَّ الدَّم سينقطع عنها، و تقضي مناسكها كلّها،قال: فانصرفت إلى أبي فأدَّيت

ص: 452


1- اي حضْنَ.
2- أي تهلّ بالحج بعد أن تحرم له و هذا الخبر موافق لما تقدم من أخبار من أنها تقضي الطواف بعد رجوعها من منى.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 28. الفقيه 2، نفس الباب، ح 9. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): نَفَرَت: أي خرجت إلى منى بعد أن تهلّ بالحج، و عليها أن تتم طوافها بعد طهرها و رجوعها من منى و تصلي ركعتيه كما تقدم.
4- و اسمه إبراهيم بن عثمان.
5- الفقيه 2، 127- باب حكم من نسي طواف النساء، ح 2. و الحديث حسن، و قد حمل على أنها تمضي بعد استنابة من يطوف عنها لمكان الضرورة.

إليه، قال: فأمرها بذلك، ففعلته، فانقطع عنها الدَّم، و شهدت المناسك كلّها، فلمّا أن ارتحلت من مکّة بعد الحجِّ، و صارت في المحمل، عاد إليها الدَّم (1)

282- باب دعاء الدم

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أشرفت المرأة على مناسكها و هي حائض، فلتغتسل، و لتَحْتَش بالكُرسُف، و لتقف هي و نسوة خلفها فيؤمِّنَّ على دعائها و تقول: اللّهمَّ إنّي أسألك بكلِِّ اسم هو لك، أو تسمّيت به لأحد من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، و أسألك باسمك الأعظم الأعظم، و بكلِّ حرف أنزلته على موسى، و بكلِّ حرف أنزلته على عيسى، و بكلِّ حرف أنزلته على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، إلّا أذهبت عنّي هذا الدَّم.

و إذا أرادت أن تدخل المسجد الحرام أو مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فعلت مثل ذلك، قال: و تأتي مقام جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو تحت الميزاب، فإنّه كان مكانه إذا استأذن على نبيِّ الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: فذلك مقام لا تدعو الله فيه حائض تستقبل القبلة و تدعو بدعاء الدَّم إلّا رأت الطّهر إن شاء الله (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عمّن ذكره، عن ابن بكير، عن عمر بن يزيد قال: حاضت صاحبتي و أنا بالمدينة، و كان ميعاد جمّالنا و إبّان مقامنا و خروجنا قبل أن تطهر، و لم تقرب المسجد و لا القبر و لا المنبر، فذكرت ذلك لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال: مُرْها فلتغتسل و لتأتِ مقام جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فإنَّ جبرئيل كان يجیيء فيستأذن على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و إن كان على حال لا ينبغي أن يأذن له قام في مكانه حتّى يخرج إليه، و إن أذن له دخل عليه، فقلت: و أين المكان؟ فقال: حيال الميزاب الّذي إذا خرجت من الباب الّذي يقال له: باب فاطمة، بحذاء القبر إذا رفعت رأسك بحذاء الميزاب، و الميزاب فوق رأسك، و الباب من وراء ظهرك، و تجلس في ذلك الموضع، و تجلس معها نساء، و لتَدْعُ ربّها و يؤمّنَّ على

ص: 453


1- الحديث مرسل. و ﴿يحتمل أن يكون الخوف لفوات حج التمتع و لزوم العدول إلى الإفراد، و يحتمل أن يكون بعد العود من منى لطواف الزيارة﴾ مرآة المجلسي 102/18.
2- الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، تحت عنوان: إتيان المنبر. بتفاوت في الترتيب و بعض الألفاظ. و الضمير في: مكانه. و في: استأذن، يعود إلى جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

دعائها، قال: فقلت: و أيُّ شيء تقول؟ قال: تقول: اللّهمَّ إنّي أسألك بأنّك أنت الله ليس كمثلك شيء أن تفعل لي كذا و كذا.

قال: فصنعت صاحبتي الّذي أمرني فطهرت و دخلت المسجد. قال: و كان لنا خادمٌ أيضاً فحاضت، فقالت: يا سيّدي، ألّا أذهب أنا زادة (1) فأصْنَعُ كما صنعت سيّدتي؟ فقلت: بلی، فذهَبَتْ فصنَعَتْ مثل ما صنعت مولاتها، فطَهُرت و دخلت المسجد (2)

3- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليِّ بن الحسن، عن عبد الله بن عثمان، عن عبد الله بن مسكان، عن بكر بن عبد الله الأزديِّ شريك أبي حمزة الثمالیِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك إنَّ امرأة مسلمة صحبتني حتّى انتهيت إلى بستان بني عامر، فحَرُمَت عليها الصلاة (3)، فدخلها من ذاك أمر عظيم، فخافت أن تذهب متعتها، فأمرتني أن أذكر ذلك لك و أسألك كيف تصنع؟ فقال: قل لها فلتغتسل نصف النهار، وتلبس ثياباً نظافاً، و تجلس في مكان نظيف، و تُجلس حولَها نساء يُؤَمِّنَّ إذا دعت، و تعاهد لها زوال الشمس، فإذا زالت، فمُرْها فلتَدْعُ بهذا الدُّعاء و ليؤمّنْ النساء على دعائها حولَها كلّما دعت، تقول: اللّهمَّ إنّي أسألك بكلِّ اسم هو لك، و بكلِّ اسم تسمّيت به لأحد من خلقك و هو مرفوعٌ مخزونٌ في علم الغيب عندك، و أسألك باسمك الأعظم الأعظم، الّذي إذا سئلت به كان حقّاً عليك أن تجيب، أن تقطع عنّي هذا الدَّم.

فإن انقطع الدَّم، و إلّا دعت بهذا الدُّعاء الثاني، فقل لها فلتقل: اللّهمَّ إنّي أسألك بكلِِِّ حرف أنزلته على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و بكلِِِّ حرف أنزلته على موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و بكلِِّ حرف أنزلته على عيسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و بكلِِّ حرف أنزلته في كتاب من كتبك، و بكلِِّ دعوة دعاك بها مَلَك من ملائكتك، أن تقطع عنّي هذا الدَّم.

فإن انقطع فلم تر يومها ذلك شيئاً، و إلّا فلتغتسل من الغد في مثل تلك الساعة الّتي اغتسلت فيها بالأمس، فإذا زالت الشمس فلتُصَلِِّ و لتدع بالدُّعاء، و ليؤمّن النسوة إذا دعت، ففعلت ذلك المرأة فارتفع عنها الدَّم حتّى قضت متعتها و حجّها، و انصرفنا راجعين، فلمّا انتهينا

ص: 454


1- ﴿أنا زادة: أي أيضاً، و هو من اللغات المولدة، و اليوم شايع بين العرب سيّما أهل العراق، و يقولون: أنا زاد أفعل كذا، و أنا عاد أفعل كذا، فالتاء للتأنيث، أو زيد من النسّاخ، و منهم من صحح (زائدة) أي متفرعة مرعوبة، على أن تكون حالاً من الضمير في (قالت) تأخرت في الكلام﴾ مرآة المجلسي 104/18.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 199 بتفاوت قليل.
3- يعني بسبب حيضها.

إلى بستان بني عامر، عاودها الدَّم، فقلت له: أدعو بهذين الدُّعائين في دُبُر صلاتي؟ فقال: ادع الأوَّل إن أحببت، و أمّا الآخر فلا تدع به إلّا في الأمر الفظيع ينزل بك (1)

283- باب الإحرام يوم التروية.

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان يوم التروية إن شاء الله، فاغتسل، و ألبس ثوبيك، و ادخل المسجد حافياً و عليك السكينة و الوقار، ثمَّ صلِّ ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أو في الحِجْر، ثمَّ اقعد حتّى تزول الشمس، فصلّ المكتوبة، ثمَّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، و أحْرمُ بالحجِّ، ثمَّ امض و عليك السّكينة و الوقار، فإذا انتهيت إلى الرفضاء (2) دون الرّدم (3)، فلبّ، فإذا انتهيت إلى الرّدم و أشرفت على الأبطح (4)، فارفع صوتك بالتلبية حتّى تأتي منى (5)

2- و في رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أردت أن تحرم يوم التروية، فاصنع كما صنعت حين أردت أن تحرم (6)، و خذ من شاربك و من أظفارك، و أطْل عانتك إن كان لك شعرٌ، و انتف إبطيك، و اغتسل، و ألبس ثوبيك، ثمَّ ائت المسجد الحرام، فصلّ فيه ستّ ركعات قبل أن تحرم، و تدعو الله و تسأله العون و تقول: اللّهمَّ إنّي أُريد الحجَّ فيسّره لي، و حلّني حيث حبستني لقدرك الّذي قدَّرت عليَّ. و تقول: أحرم لك شعري و بَشَري و لحمي و دمي من النساء و الطّيب و الثياب، أُريد بذلك وجهك و الدَّار الآخرة، و حلّني حيث حبستني لقدرك الّذي قدَّرت عليَّ.

ص: 455


1- الحديث ضعيف.
2- في التهذيب: الرقطاء. و في الاستبصار: الروحاء. و قال الفاضل الاسترابادي: قد فتشنا تواريخ مكة فلم نجد فيها أن يكون رقطاء اسم موضع بمكة. و في بعض النسخ: الرمضاء، بدل: الرفضاء. و لعله مصحف الرمضاء، إذ لا يوجد في أي من كتب اللغة. و الرقطة؛ سواد تشوبه نقطة بياض أو العكس.
3- الرّدم: موضع بمكة، و هو المَدْعَا، ﴿و العلة في التعبير عن المُدْعَا بالردم أن الجائي من الأبطح إلى المسجد الحرام كان يشرف على الكعبة من موضع مخصوص و كان يدعو هناك، و كانت هناك عمارة ثم طاحت و صار موضعها تلاُّ...﴾
4- الأبطح: هو المحصّب بين منى و مكة و هو إلى منى أقرب.
5- التهذيب 5، 11- باب الإحرام للحج، ح 3 بتفاوت. الاستبصار 2، 168- باب متى يلبيّ المحرم بالحج، ح 1 أو روى ذيله فقط.
6- أي لعمرة التمتع إلى الحج.

ثمَّ تلبي من المسجد الحرام كما لبّيت حين أحرمت، و تقول: لبّيك بحجّة تمامها و بلاغها عليك. و إن قدرت أن يكون [في] رواحك إلى منى زوال الشمس، و إلاّ فمتى ما تيسّر لك من یوم التروية (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألته عن رجل أتى المسجد الحرام و قد أزمع بالحجّ، يطوف بالبيت؟ قال: نعم، ما لم يُحرم (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أحمد عمرو بن حريث الصيرفيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أين أهلُّ بالحجِّ؟ فقال: إن شئت من رَحْلك، و إن شئت من الكعبة، و إن شئت من الطريق(3)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) : من أيّ المسجد أحرم يوم التروية؟ فقال: من أيِّ المسجد شئت (4)

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن سليمان بن محمد، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) متى أُلبّي بالحجِّ؟ فقال: إذا خرجت إلى منى، ثمَّ قال : إذا جعلت شِعْبَ دبّ (5) على يمينك، و العقبة عن يسارك، فلبِّ بالحجِّ (6)

284- باب الحج ماشياً و انقطاع مَشْي الماشي

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن فضّال، عن ابن بكير قال:

ص: 456


1- التهذيب 5، 11- باب الإحرام للحج، ح 5. الاستبصار 2، 167- باب ما ينبغي أن يعمل من يريد الإحرام لحج، ح 1 بتفاوت يسير فيهما.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 9.و ازمع: عقد العزم و صمّم.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 1. قال المحقق في الشرائع 237/1 و هو بصدد بيان شروط حج التمتع: ﴿.... و إن يُحرِم بالحج له من بطن مكة، و أفضلها المسجد، و أفضله المقام، ثم تحت الميزاب﴾. و قد علق الشهيد الثاني رحمه الله في المسالك 81/1 على قوله هذا بقوله: ﴿المراد ببطن مكة ما دخل عن شيء من بنائها، و أقلّه سورها، فيجوز الإحرام من داخل سورها مطلقاً، لكن الأفضل كونه من مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2.
5- في التهذيبين: شِعْب الدبّ. و لعله- كما في مراصد الإطلاع- شعب أبي دبّ، مكان بمكة.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 4. الاستبصار 2، 168- باب متى يلبي المحرم بالحج، ح 2. هذا، و قال المجلسي في مرآته 108/18: ﴿و ظاهره تأخير التلبية عن الإحرام، و حمل في المشهور على الإجهار بها.﴾.

قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا نريد أن نخرج إلى مكّة مشاةً؟ فقال لنا: لا تمشوا و اخْرُجُوا رُكْباناً. قلت: أصلحك الله، إنّه بلغنا عن الحسن بن عليِّ صلوات الله عليهما أنّه كان يحجُّ ماشياً؟ فقال: كان الحسن بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يحجُّ ماشياً، و تُساق معه المحامل و الرِِِّحال (1)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن سيف التّمار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا كنّا نحجُّ مشاةً، فَبَلَغَنا عنك شيء، فما ترى؟ قال: إِنَّ النّاس ليحجّون مشاة و يركبون قلت: ليس عن ذلك أسألك، قال: فعن أيِّ شيء سألت؟ قلت: إيّهما أحبُّ إليك أن نصنع؟ قال: تركبون أحبُّ إليَّ، فإنَّ ذلك أقوى لكم على الدُّعاء و العبادة (2)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المشي أفضلُ أو الرُّكوب؟ فقال: إذا كان الرَّجل موسراً فمشى ليكون أقلَّ لنفقته، فالرُّكوب أفضل (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رِِفاعة؛ و ابن بكير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الحجِّ، ماشياً أفضل أو راكباً؟ قال: بل راكباً، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حجَّ راكباً (4)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن رِفاعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) عن مشي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، من مکّة (5) أو من المدينة (6)؟ قال: من مكّة. و سألته: إذا زرتُ البيت، أركب أو أمشي (7)؟ فقال: كان

ص: 457


1- التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 33. الاستبصار 2، 82- باب أن المشي أفضل من الركوب، ح 6. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 61 و روى ذيله فقط، و بتفاوت في الجميع. و يقول المحقق في الشرائع 229/1: ﴿و من وجب عليه الحج فالمشي أفضل له من الركوب إذا لم يضعفه، و مع الضعف الركوب أفضل﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 32. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5 بتفاوت فيهما. و كرره في التهذيب 5، برقم 326 من الباب 26.
3- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 60.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 337. و ذكر بمعناه في الفقيه 2، نفس الباب، بعد ذكره الحديث رقم 59. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 بتفاوت.
5- أي إلى عرفات و منى.
6- أي إلى مكة.
7- أي من منى إلى مكة لطواف الزيارة و غيره.

الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يزور راكباً. و سألته عن الرُّكوب أفضل أو المشي؟ فقال: الركوب، قلت: الرُّكوب أفضل من المشي؟ فقال: نعم، لأنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ركب (1)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته: متى ينقطع مشي الماشي؟ قال: إذا رمى جمرة العقبة و حلق رأسه فقد انقطع مشيه، فليَزُرْ راكباً (2)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن همّام، عن أبي الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الّذي عليه المشي في الحجِّ: إذا رمي الجمار، زار البيت راكباً و ليس عليه شيء (3)

285- باب تقديم طواف الحج للمتمتع قبل الخروج إلى منى

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتمتّع إذا كان شيخاً كبيراً أو امرأة تخاف الحيض، تعجّل طواف الحجِّ قبل أن تأتي منى؟ فقال: نعم، من كان هكذا يعجّل. قال: و سألته عن الرَّجل يحرم بالحجِّ من مكّة، ثمَّ يرى البيت خالياً فيطوف به قبل أن يخرج، عليه شيء؟ فقال: لا، قلت: المفرد بالحجِِّ إذا طاف باليت و بالصفا و المروة، يعجّل طواف النساء فقال: لا، إنّما طواف النساء بعد ما يأتي منی (4)

ص: 458


1- روى ذيله بتفاوت في التهذيب 5، 1- باب وجوب الحج، ح 31، و كذلك هو في الاستبصار 2، نفس الباب. ح 4.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و هو خلاف ما هو المشهور.
3- الفقيه 2، 128- باب إنقضاء مشي الماشي، ح 1 بتفاوت. و لأصحابنا رضوان الله عليهم قولان في آخر الأعمال لمن نذر الحج ماشياً، يقول الشهيد الثاني في الروضة: ﴿و آخره منتهى الأفعال الواجبة و هي رمي الجمار لأن المشي وصف في الحج المركب من الأفعال الواجبة فلا يتم إلا بآخرها. و المشهور و هو الذي قطع به المصنف (أي الشهيد الأول (رحمة الله)) في الدروس أن آخره طواف النساء﴾. و هذه الرواية تدل على القول الأول. إلا أن يراد بقوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): زار البيت، على المعنى اللغوي، أو على طواف الوداع بشرط ألا يفسّر طواف الوداع بأنه طواف النساء المفروض.
4- روی صدره بتفاوت يسير في التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 104. و كذلك فعل في الاستبصار 2، 151- باب تقديم المتمتع طواف الحج قبل ... ، ح 4. و روى ذيله من قوله: المفرِد بالحج ... ، في التهذيب 5، نفس الباب، ح 107 . و روى ذيله ذاك في الاستبصار 2، 152- باب تقديم طواف النساء قبل أن يأتي منى، ح 1. الفقيه 2، 125- باب تقدم طواف الحج و طواف النساء قيل ...، ح 4. هذا و يقول الشهيدان رضوان الله عليهما: ﴿و طواف النساء لا يقدّم لهما (أي المتمتع و المفرد) و لا للقارن إلا لضرورة﴾. و يقول المحقق في الشرائع 1/ 270- 271: ﴿يجب على المتمتع تأخير الطواف و السعي حتى يقف بالموقفين، و يقضي مناسكه يوم النحر، و لا يجوز التعجيل إلا للمريض و المرأة التي تخاف الحيض، و الشيخ العاجز، و يجوز التقديم للقارن و المفرِد على كراهية﴾.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل يدخل مكّة و معه نساء قد أمرهنَّ فتمتّعن قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة، فخشي على بعضهنَّ الحيض؟ فقال: إذا فرغن من متعتهنَّ و أَحْلَلْنَ، فلينظر إلى الّتي يخاف عليها الحيض، فيأمرها تغتسل، و تهلّ بالحجِّ من مكانها، ثمَّ تطوف بالبيت و بالصّفا و المروة، فإن حدث بها شيء قضت بقيّة المناسك و هي طامث. فقلت: أليس قد بقي طواف النساء؟ قال: بلى، قلت: فهي مرتَهَنَةٌ حتّى تفرغ منه؟ قال: نعم، قلت: فلم لا تتركها حتّى تقضي مناسكها؟ قال: يبقي عليها منسك واحد، أهونُ عليها من أن تبقى عليها المناسك كلّها مخافة الحدثان، قلت أبى الجمّال أن يقيم عليها و الرفقة؟ قال: ليس لهم ذلك، تستعدي عليهم حتّى يقيم عليها حتّى تطهر و تقضي مناسكها (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ؛ و معاوية بن عمّار، و حمّاد، عن الحلبيِّ، جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بتعجيل الطواف للشيخ الكبير، و المرأة تخاف الحيض قبل أن تخرج إلى منى (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير [عن أبي عبد الله عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ] قال: قلت: رجل كان متمتّعاً و أهلَّ بالحجِّ؟ قال: لا يطوف بالبيت حتّى يأتي عرفات، فإذا هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علّة، فلا يعتدّ بذلك الطواف (3)

ص: 459


1- التهذيب 5، 9- باب الطواف، ح 108 بتفاوت يسير.
2- قال الشهيدان: ﴿و هو (أي طواف النساء) متأخر عن السعي، فلو قدّمه عليه عامداً أعاده بعده، و ناسياً يجزي، و الجاهل عامد﴾. و قال المحقق في الشرائع 271/1: ﴿لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي لمتمتع و لا لغيره اختياراً، و تجوز مع الضرورة و الخوف من الحيض﴾ و قال: ﴿من قدّم طواف النساء على السعي ساهياً أجزَأه و لو كان عامداً لم يُجْز﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 101. الاستبصار 2، 151- باب تقديم المتمتع طواف الحج قبل أن يأتي منى، ح 1. و قال المحقق في الشرائع 270/1: ﴿يجب على المتمتع تأخير الطواف و السعي حتى يقف بالموقفين و يقضي مناسكه يوم النحر، و لا يجوز التعجيل إلا للمريض و المرأة التي تخاف الحيض، و الشيخ العاجز، و يجوز التقديم للقارن و المفرد على كراهية﴾.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا بأس أن يعجّل الشيخ الكبير و المريض و المرأة و المعلول طواف الحجِِّ قبل أن يخرج إلى منى (1)

286- باب تقديم الطواف للمُفْرِد

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المفرِد للحجِّ يدخل مكّة، يقدِّم طوافه أو يؤخّره؟ فقال: سواء (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن مفرِد الحجِّ، يقدِّم طوافه أو يؤخّره؟ فقال: هو و الله سواء، عجّله أو أخّره (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن مفرِِد الحجِّ، يقدِّم طوافه أو يؤخّره؟ قال: يقدِّمه، فقال رجل إلى جنبه: لكنَّ شيخي لم يفعل ذلك، كان إذا قدم، أقام بفخّ حتّى إذا رجع النّاس إلى منى راح معهم، فقلت له: مَن شيخك؟ قال: عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فسألت عن الرَّجل، فإذا هو أخو عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لامّه (4)

287- باب الخروج إلى منى

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 460


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 103. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و في الذيل فيهما: قبل أن يخرجوا...
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 63 و كرره برقم 105 من الباب 9 من نفس الجزء.
3- التهذيب 5 ،4- باب ضروب الحج، ح 64 و فيه: أيعجّل طوافه ...، بدل: يقدّم طوافه... و قد تقدم في نص للمحقق أو ردناه أنه يجوز تقديم الطواف و السعي للقارن و المفرد على كراهية فراجع.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 65. و كرره برقم 334 من الباب 26 من نفس الجزء و قوله: أخو علي بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لأمه: أي هو أخوه من الرضاعة، و ذلك لثبوت أن أمه النسبية و هي شهر بانويه قد توفيت في نفاسها فأرضعته أم ولد للحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و اشتهرت بأنها أمه. و قيل بأن هذا الرجل هو عبد الله بن زيد و هو ابن تلك المرأة (أم ولد) تزوجت بعد الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). وفَخ: اسم بئر على بعد فرسخ من مكة.

إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرّجل يكون شيخاً كبيراً أو مريضاً يخاف ضِغاط النّاس و زحامهم، يُحرم بالحجِّ و يخرج إلى منى قبل يوم التروية؟ قال: نعم، قلت: يخرج الرُّجل الصحيح يلتمس مكاناً و يتروَّح بذلك المكان؟ قال: لا، قلت: يعجّل بيوم؟ قال: نعم، قلت بيومين؟ قال: نعم، قلت: ثلاثة؟ قال: نعم، قلت: أكثر من ذلك؟ قال: لا (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: على الإمام أن يصلّي الظهر بمنى، ثمَّ يبيت بها و يصبح حتّی تطلع الشمس، ثمَّ يخرج إلى عرفات (2)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن رِفاعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته: هل يخرج النّاس إلى منى غدوة؟ قال: نعم، إلى غروب الشمس (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا توجّهت إلى منى فقل: اللّهمَّ إيّاك أرجو، و إيّاك أدعو، فبلّغني أملي، و أصْلِح لي عملي (4)

288- باب نزول منى و حدودها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن

ص: 461


1- التهذيب 5، 12- باب نزول مني، ح 3. الاستبصار 2، 169- باب وقت الخروج إلى منى، ح 3. و أخرجه بتفاوت عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الفقيه 2، 179- باب التعجيل قبل التروية إلى منى، ح 1 و روی صدره و روى ذيله في الحديث رقم 2 من نفس الباب. و الحديث هنا موثق، ﴿ويدل على عدم جواز التعجيل للمعذور أكثر من ثلاثة أيام، و لعله محمول على ما إذا لم يكن العذر شديداً بحيث يضطره إلى ذلك﴾ مرآة المجلسي 115/18.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 6. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 6 بدون قوله: (إلى عرفات) في الذيل منهما. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أن يصلي الظهر بمنى: المشهور بين المتأخرين أنه يستحب للمتمتع أن يخرج إلى عرفات يوم التروية بعد أن يصلي الظهرين إلا المضطر كالشيخ الهِمّ أو المريض و من يخشى الزحام، و ذهب المفيد و المرتضى إلى استحباب الخروج قبل الفريضتين و إيقاعهما بمنى﴾ مرآة العقول 115/18.
3- التهذيب 5، نفس الباب،. ح 2. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و قد حمله الشيخ في التهذيب على صاحب العذر من المريض و غيره.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 9.

صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا انتهيت إلى منى فقل: اللّهمَّ هذه منى، و هي ممّا مننت بها علينا من المناسك، فأسألك أن تمنَّ علينا بما مننتَ به على أنبيائك، فإنّما أنا عبدك و في قبضتك. ثمَّ تصليّ بها الظّهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر، و الإمام يصلّي بها الظّهر، لا يسعه إلّا ذلك، و موسّع عليك أن تصلّي بغيرها إن لم تقدر، ثمَّ تدركهم بعرفات، قال: وحدٌّ منى من العقبة إلى وادي مُحَسِّر (1)

289- باب الغُدُوِّ إلى عرفات و حدودها

1- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عمّن ذكره، عن أَبَان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من السنّة ألّا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتّى تطلع الشمس (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبيِّ، عن عبد الحميد الطائيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا مشاة، فكيف نصنع؟ قال: أمّا أصحاب الرحال فكانوا يصلّون الغداة بمنى، و أمّا أنتم فامضوا حتّى تصلوا في الطريق (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا غدوت إلى عرفة فقل و أنت متوجّه إليها: اللّهمَّ إليك صَمَدْتُ و إيّاك اعتمدت و وجهك أردت، فأسألك أن تبارك لي في راحلتي، و أن تقضي لي حاجتي، و أن تجعلني اليوم ممّن تباهي به من هو أفضل منّي.

ثمَّ تُلَبيّ و أنت غاد إلى عرفات، فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباك بنَمِرَة- و نمرة هي بطن عُرَنة دون الموقف و دون عرفة-، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصلِّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين، و إنّما تعجّل العصر و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدُّعاء، فإنّه يوم دعاء

ص: 462


1- التهذيب 5، 12- باب نزول منی، ح 10. و روى ذيله في الفقيه 2، 180- باب حدود منى و عرفات و جُمَع، صدر ح 1. و وادي محسِّر حد من حدود الحرم و ليس داخلاً فيه.
2- التهذيب 5، 13- باب الغُدُوِّ إلى عرفات، ح 2. يقول المحقق في الشرائع 253/1: ﴿و الإمام يستحب له الإقامة فيها (منى) إلى طلوع الشمس...﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3 بتفاوت يسير في الذيل.

و مسألة؛ قال: وحدُّ عرفة من بطن عُرَنة و ثَوِِيَّة و نَمِرَة إلى ذي المجاز، و خلف الجبل موقف (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الغسل يوم عرفة إذا زالت الشمس، و تجمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ؛ و هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قيل له: أيّما (3) أفضل، الحرم أو عرفة؟ فقال: الحرم، فقيل: و كيف لم تكن عرفات في الحرم؟ فقال: هكذا جعلها الله عزَّ و جلَّ (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن عليِّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حدُّ عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف (5)

290- باب قَطْع تَلْبِِِيَة الحاج

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزین، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: الحاجُّ يقطع التلبية يوم عرفة زوال الشمس.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قطع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) التلبية حين زاغت الشمس يوم عرفة، و كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقطع التلبية إذا زاغت الشمس يوم عرفة؛ قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فإذا قطعت

ص: 463


1- التهذيب 5، 13- باب الغدوّ إلى عرفات، ح 4. ونُمِرَة: -كما في القاموس- ناحية بعرفات، أو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك خارجاً من المأزمين تريد الموقف،و مسجدها، و عُرَنَة كَهُمَزَة: بطن عُرَنَة بعرفات و ليس من الموقف. يقول المحقق في الشرائع 253/1: ﴿... فلو وقف بنمِرَة أو عُرَنَة أو ثَويَّةَ أو ذي المجاز أو تحت الأراك لم يُجْزِِه﴾. و قال في المسالك 90/1 تعليقاً على كلام المحقق: ﴿هذه الأماكن الخمسة حدود عرفة و هي راجعة إلى أربعة كما هو المعروف من الحدود لأن نمرة بطن عرفة كما ورد في الحديث عن معاوية بن عمار عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).﴾
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 11.
3- يعني: أيهما.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 340.
5- التهذيب 5، 13- باب الغدو إلى عرفات، ح 5. الفقيه 2، 180- باب حدود منى و عرفات و جُمع، ذيل ح ! و فيه: عرفة، بدل: عرفات.

التلبية، فعليك بالتهليل و التحميد و التمجيد و الثناء على الله عزَّ و جلَّ (1)

291- باب الوقوف بعرفة وحد الموقف

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: عرفات كلّها موقف، و أفضل الموقف سفح الجبل.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا وقفت بعرفات، فادْنُ عن الهضاب- و الهضاب هي الجبال-، فإنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) قال: إنَّ أصحاب الأراك لا حجَّ لهم- يعني الّذين يقفون عند الأراك- (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في الموقف: ارتفعوا عن بطن عُرَنَة؛ و قال: أصحاب الأراك لا حجَّ لهم (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قف في ميسرة الجبل، فإن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وقف بعرفات في ميسرة الجبل، فلمّا وقف، جعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته فيقفون إلى جانبه، فنحّاها، ففعلوا مثل ذلك، فقال: أيّها الناس؛ إنّه ليس موضع

ص: 464


1- قال المحقق في الشرائع 247/1- 248 و هو بصدد بيان مندوبات الإحرام: ﴿... رفع الصوت بالتلبية للرجال، و تكرارها عند نومه و استيقاظه و عند علوّ الآكام و نزول الأهضام، فإن كان حاجاً فإلى يوم عرفة عند الزوال و إن كان معتمراً بمتعة فإذا شاهد بيوت مكة، و إن كان بعمرة مفردة قيل: كان مخيّراً في قطع التلبية عند دخول الحرم أو مشاهدة الكعبة، و قيل: إن كان ممن خرج من مكة للإحرام فإذا شاهد الكعبة، و إن كان ممن أحرم من خارج فإذا دخل الحرم، و الكل جائز...﴾.
2- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 12. الاستبصار 2، 208- باب وجوب الوقوف بعرفات، ح 3 و فيهما فادن من الهضاب. الفقيه 2، 180- باب حدود منى و عرفات و ...، ح 4 و ذكر فقط قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بتفاوت. و الأراك: موضع بعرفة، و هو بلا خلاف بين أصحابنا من حدودها و ليس داخلاً فيها.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 13. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. هذا و قال المحقق في الشرائع 253/1: ﴿فلو وقف بنَمِرَة أو عُرْنَة، أو ثَويّة، أو ذي المجاز، أو تحت الأراك لم يُجزِه﴾. و قد علّق الشهيد الثاني في المسالك 90/1 على قول المحقق فقال: ﴿هذه الأماكن الخمسة حدود عرفة، و هي راجعة إلى أربعة كما هو المعروف من الحدود لأن نَمِرَة بطن عرفة ...﴾.

أخفاف ناقتي الموقف، و لكن هذا كلّه موقف، [و أشار بيده إلى الموقف]، و فعل مثل ذلك في المزدلفة؛ فإذا رأيت خللاً فَسُدَّه بنفسك و راحلتك، فإن الله عزَّ و جلَّ يحبُّ أن تُسَدَّ تلك الخلال، و انتقل عن الهضاب، واتّق الأراك، فإذا وقفت بعرفات فاحمد الله، و هلّله، و مجّده، واثن عليه، و كبّره مائة تكبيرة، و اقرء قل هو الله أحد مائة مرَّة و تخيّر لنفسك من الدُّعاء ما أحببتَ، و اجتهد فإنّه يوم دعاء و مسألة، و تعوَّذ بالله من الشيطان، فإنَّ الشيطان لن يذهلك في موضع أحبّ إليه من أن يذهلك في ذلك الموضع، و إيّاك أن تشتغل بالنظر إلى النّاس، و أقْبِِل قِبَلَ نفسك، و ليكن فيما تقول: اللّهمَّ ربَّ المشاعر كلّها، فُكّ رقبتي من النّار، و أوْسع عليَّ من الرِِّزق الحلال، وادرء عنّي شرَِّ فَسَقَة الجنِِّ و الإنس، اللّهمَّ لا تمكُرْبي، و لا تخدعني، و لا تستدرجني يا أسمع السامعين و يا أبصر النّاظرين و يا أسرع الحاسبين و يا أرحم الرَّاحمين، أسألك أن تصلّي على محمد و آل محمد، و أن تفعل بي كذا و كذا. و ليكن فيما تقول و أنت رافع يديك إلى السّماء: اللّهمَّ حاجتي الّتي إن أعطيتها لم يضرَّني ما مَنَعْتَني، و إن منعتنيها لم ينفعي ما أعطيتني، أسألك خلاص رقبتي من النّار، اللّهمَّ إنّي عبدك و ملك يدك، و ناصيتي بيدك و أجلي بعلمك، أسألك أن توفّقني لما يرضيك عنّي، و أن تَسَلَّمَ منّي مناسكي الّتي أريتها إبراهيم خليلك، و دللت عليها حبيبك محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).

و ليكن فيما تقول: اللّهمَّ اجعلني ممّن رضيت عمله، و أَطَلْتَ عمره، و أحييته بعد الموت حياة طيّبة (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وقف بعرفات، فلمّا همّت الشمس أن تغيب قبل أن تندفع (2) قال: اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من الفقر، و من تشتّت الأمر، و من شرِِّ ما يحدث باللّيل و النّهار، أمسى ظلمي مستجيراً بعفوك، و أمسى خوفي مستجيراً بأمانك، و أمسى ذلّي مستجيراً بعزِِّك، و أمسى وجهي الفاني مستجيراً بوجهك الباقي، يا خير من سُئل، و يا أجودَ من أعطى، جَلّلني برحمتك و اَلْبسني عافيتك، و اصرف عنّي شَرَّ جميع خلقك.

قال عبد الله بن ميمون: و سمعت أبي يقول: يا خير من سُئل، و يا أوسع من أعطى، و يا

ص: 465


1- التهذيب 5، 13- باب الغدوّ إلى عرفات، و روى صدره بتفاوت يسير ضمن ح. و رواه أيضاً بطوله و بتفاوت مع زيادة في أوله برقم 15 من نفس الباب، و روى بعضه في الفقيه 2، 180- باب حدود منى و عرفات و ...، ح 3 بتفاوت.
2- اندفع الفرس: أي أسرع في سيره. قاله الجوهري في الصحاح 1208/3.

أرحم من استُرحم، ثمَّ سل حاجتك.

6- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن عليّ، عن صالح بن أبي الأسود، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ليس في شيء من الدُّعاء عشيّة عرفة شيءٌ موقّت (1)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه قال: رأيت عبد الله بن جُنْدُب بالموقف، فلم أر موقفاً كان أحسن من موقفه، ما زال مادَِّا يديه إلى السّماء، و دموعه تسيل على خدَّيه، حتّى تبلغ الأرض، فلمّا انصرف النّاس قلت له: يا أبا محمد، ما رأيتُ موقفاً قطّ أحسن من موقفك، قال: و اللهِ ما دعوت إلّا لإخواني، و ذلك أنّ أبا الحسن موسى بن جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أخبرني أنّه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش: و لك مائة ألفِ ضِعْفٍ مثله، فكرهت أن أدع مائةَ ألفِ ضِعْفٍ مضمونة لواحد لا أدري يستجاب أم لا (2)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن ابن أبي عمير قال: كان عيسى بن أعين إذا حجَّ فصار إلى الموقف، أقبل على الدُّعاء لإخوانه حتّى يفيض النّاس. قال: فقلت له: تُنفق مالك و تُتْعِبُ بدنك، حتّى إذا صرت إلى الموضع الّذي تُبَثُّ فيه الحوائج إلى الله عزَّ و جلَّ، أقبلت على الدُّعاء لإخوانك و تركت نفسك؟ قال: إنّي على

ثقة من دعوة المَلَك لي، و في شكّ من الدُّعاء لنفسي (3)

9- أحمد بن محمد العاصميُّ، عن عليِّ بن الحسين السّلميِّ (4)، عن عليّ بن أسباط، عن إبراهيم بن أبي البلاد- أو (5) عبد الله بن جندب- قال. كنت في الموقف، فلمّا أفَضْتُ لقيت إبراهيم بن شعيب، فسلّمت عليه، و كان مصاباً بإحدى عينيه، و إذا عينه الصّحيحة حمراء كأنّها علقة دم، فقلت له: قد أُصِبْتَ بإحدى عينيك، و أنا و الله مُشْفِقٌ على الأُخرى، فلو قصرت من البكاء قليلاً؟ فقال: و الله يا أبا محمد، ما دعوتُ لنفسي اليوم بدعوة، فقلت: فلمن دعوتَ؟

ص: 466


1- شيء موقت: أي معيّن لا تَتَأدى السنّة إلا به. نعم ما ورد من الأدعية المأثورة عشية عرفة هو الأفضل. و الحديث ضعيف.
2- التهذيب 5، 13- باب الغدوّ إلى عرفات، ح 19 بتفاوت يسير في الذيل. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج،ح 39 مرسلاً بتفاوت. كما رواه الشيخ الكليني رضوان الله عليه بتفاوت في أصول الكافي 2، كتاب الدعاء، باب الدعاء للإخوان بظهر الغيب، ح 6.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ج 20.
4- في التهذيب: علي بن الحسن التيمليّ.
5- في التهذيب: عن إبراهيم بن أبي البلاد: أن عبد الله بن... الخ.

قال: دعوتُ لإخواني، لأنّي سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: من دعا لأخيه بظهر الغيب، وكلّ الله به مَلَكاً يقول: و لك مثلاه، فأردت أن أكون إنّما أدعو لإخواني و يكون المَلَك يدعو لي، لأنّي في شكّ من دعائي لنفسي، و لست في شكّ من دعاء المَلَك لي (1)

10- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن سويد، عن عمرو بن أبی المقدام قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوم عرفة بالموقف و هو ينادي بأعلى صوته: أيّها النّاس، إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان الإمام،، ثمَّ كان عليُّ بن أبي طالب، ثمَّ الحسن، ثمَّ الحسين، ثمَّ عليُّ بن الحسين، ثمَّ محمد بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ثمَّ هه، فينادي ثلاث مرَّات لمن بين يديه، و عن يمينه، و عن يساره، و من خلفه اثني عشر صوتاً، و قال عمرو: فلمّا أتيت منى سألت أصحاب العربيّة عن تفسير «هه»، فقالوا : هه: لغة بني فلان: أنا فاسْأَلوني. قال: ثمَّ سألت غيرهم أيضاً من أصحاب العربيّة، فقالوا مثل ذلك (2)

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا ضاقت عرفة، كيف يصنعون؟ قال: يرتفعون إلى الجبل (3)

292- باب الإفاضة من عرفات

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): متى الإفاضة من عرفات؟ قال: إذا ذهبت الحمرة- يعني من الجانب الشرقيّ- (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ المشركين كانوا يفيضون من قبل أن تغيب الشمس، فحالفهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فأفاض بعد غروب الشّمس . قال: و قال

ص: 467


1- التهذيب 5، 13- باب الغدوّ إلى عرفات، ح 21.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث ضعيف على المشهور. هذا ، و المشهور عندنا كراهة الصعود إلى الجبل، و نقل عن ابن إدريس و ابن البرّاج القول بتحريم الوقوف على الجبل إلا لضرورة، و مع الضرورة تنتفي الكراهة على المشهور أيضاً.
4- التهذيب 5، 14- باب الإفاضة من عرفات، ح 1 بتفاوت و بسند مختلف إلا في يونس بن يعقوب. هذا، و قد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الواجب في الوقوف بعرفة هو الكون بها من زوال شمس اليوم التاسع إلى الغروب، و يتحقق بزوال الحمرة المشرقية.

أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا غربت الشمس فأفِضْ مع الناس و عليك السّكينة و الوقار، و أفِضْ بالإستغفار فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿ثُمَّ أَفِیضُواْ مِنْ حَیْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَ اسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِیمٌ﴾ (1) فإذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق فقل: اللّهمَّ ارحم موقفي، وزد في علمي، و سلّم لي ديني، و تقبّل مناسكي. و إيّاك و الوجيف (2) الّذي يصنعه الناس، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: أيّها الناس، إنَّ الحجَّ ليس بوجيف الخيل و لا إيضاع الإبل (3)، و لكن اتّقوا الله و سيروا سيراً جميلاً، لا توطئوا ضعيفاً و لا توطئوا مسلماً، وتوءَّدوا (4) و اقتصدوا في السير، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يكفُّ ناقته حتّى يصيب رأسها مقدَّم الرّجل و يقول: أيّها الناس عليكم بالدَّعة، فسنّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) تُتَّبَع، قال معاوية: و سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: اللّهمَّ أعتقني من النار، و كرَّرها حتّى أفاض، فقلت: ألا تُفيض، فقد أفاض النّاس؟ فقال: إنّي أخاف الزِِّحام ، و أخاف أن أَشْرَكَ في عَنَت إنسان (5)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول في آخر كلامه حين أفاض: اللّهمَّ إنّي أعوذ بك أن أظْلم أو أُظْلَم، أو أقطع رحماً، أو أُوذي جاراً.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن ضريس الكناسيِّ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس؟ قال: عليه بدنة ينحرها يوم النحر، فإن لم يقدر، صام ثمانية عشر يوماً بمكّة، أو في الطريق، أو في أهله (6)

5- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن

ص: 468


1- البقرة/199.
2- في التهذيب: الوضيف؛ و هو الإسراع في السير للإبل، و الوجيف: ضرب من سير الإبل و الخيل.
3- إيضاع الإبل: سيرها السهل السريع.
4- من التَؤَدة: و هي التأني.
5- رواه بتفاوت في التهذيب 5، 14- باب الإفاضة من عرفات، ح 2 و 6. و روى أجزاءاً منه في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان الإفاضة من عرفات، ح 4 و 5. و العَنَت: الوقوع في المشقة.
6- التهذيب 5، 14- باب الإفاضة من عرفات، ح 3. هذا و قد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الواجب في الوقوف بعرفات هو الكون بها إلى الغروب. و يقول المحقق في الشرائع 253/1: ﴿و لو أفاض قبل الغروب جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه، و إن كان عامداً جَبَره ببُدْنة، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً، و من عاد قبل الغروب لم يلزمه شيء﴾.

سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يوكّل الله عزَّ و جلَّ مَلَكين بمأزَمي عرفة فيقولان: سلّم سلّم (1)

6- و عنه، عن عليّ بن النّعمان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مَلَكان يفرِّجان للناس ليلة مزدلفة عند المأزمين الضيّقين (2)

293- باب ليلة المزدلفة و الوقوف بالمشعر و الإفاضة منه و حدوده

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية؛ و حمّاد، عن الحلبيِِّ، من أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: لا تصلِّ المغرب حتّى تأتي جُمَعاً فتصلّي بها المغرب و العشاء الآخرة بأذان واحد و إقامتين، و أنزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريباً من المشعر، و يستحبّ للصرورة أن يقف على المشعر الحرام، و يطأه برجله، و لا يجاوز الحياض (3) ليلة المزدلفة، و يقول: اللّهمَّ هذه جُمَع (4)، اللّهمَّ إنّي أسألك أن تجمع لي فيها جوامع الخير، اللّهمَّ لا تؤيسني من الخير الّذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي، و أطلب إليك أن تعرِّفني ما عرَّفت أولياءك في منزلي هذا، و أن تقيني جوامع الشرِّ. و إن استطعت أن تحيي تلك اللّيلة فافعل، فإنّه بَلَغَنا أنَّ أبواب السماء لا تُغلق تلك اللّيلة لأصوات المؤمنين، لهم دويُّ كدويِّ النّحل، يقول الله جلّ ثناؤه: أنا ربّكم و أنتم عبادي، أدَّيتم حقّي، و حقُّ عليَّ أن أستجيب لكم، فيحطُّ الله تلك اللّيلة عمّن أراد أن يحطّ عنه ذنوبه، و يغفر لمن أراد أن يغفر له (5)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن عنبسة بن مصعب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّكعات الّتي بعد المغرب ليلة المزدلفة؟

ص: 469


1- الحديث صحيح. و المأزم- و يقال له المأزمان- كما في القاموس 274/4: مضيق بين جُمَع و عرفة و آخر بين مكةو منى.
2- الحديث صحيح.
3- یعني حياض وادي محسّر التي هي حد عرفة من جهة منى.
4- جُمَع: هي المزدلفة، سميت به لاجتماع الناس فيها.
5- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 3 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان (الإفاضة من عرفات) بعد ذكر الحديث 5. و روى من أول الدعاء إلى آخر الحديث بتفاوت قليل. هذا و يقول المحقق في الشرائع 255/1 و هو بصدد بيان مقدمة الوقوف في المشعر الحرام و مندوباته: ﴿و إن يؤخر المغرب و العشاء إلى المزدلفة و لو صار إلى ربع الليل، و لو منعه مانع صلّى في الطريق، و إن يجمع بين المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين من غير نوافل بينهما و يؤخر نوافل المغرب إلى بعد العشاء﴾.

فقال: صلّها بعد العشاء أربع ركعات (1)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يستحبُّ للصرورة أن يَطَأَ المشعر الحرام، و أن يدخل البيت (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أَصْبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر، فقف إن شئت قريباً من الجبل، و إن شئت حيث شئت، فإذا وقفت فاحمد الله و اَثْنِ عليه، و اذكر من آلائه و بلائه ما قدرت عليه،

و صلِِّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و ليكن من قولك: اللّهمَّ ربَّ المشعر الحرام، فكَّ ن رقبتي من النّار، و أوسع عليَّ من رزقك الحلال، وادرء عنّي شرَّ فسقة الجنِّ و الإنس، اللّهمَّ أنت خير مطلوب إليه، و خير مدعوّ، و خير مسؤول، و لكلِّ وافد جائزة فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تُقيلَني عثرتي، و تقبل معذرتي، و أن تَجَاوَزَ عن خطيئتي،ثمَّ اجعل التقوى من الدُّنيا زادي.

ثمَّ أفض حين يشرق لك ثبير (3)، و ترى الإبل موضع إخفافها (4)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيُّ ساعة أحبُّ إليك أن أفيض من جُمَع؟ فقال: قبل أن تطلع الشّمس بقليل، فهي أحبُّ الساعات إليَّ، قلت: فإن مكثنا حتّى تطلع الشمس؟ قال: ليس به بأس (5)

ص: 470


1- الحديث ضعيف. و ما تضمنه من تأخير النوافل عن العشاء ليلة المزدلفة هو المشهور بين الأصحاب.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 13. و مضمونه ورد في كلام للصدوق رحمه الله في الفقيه 2، 180- باب حدود منى و عرفات و ...، بعد الحديث 6. قال المحقق في الشرائع 256/1: ﴿و يستحب الوقوف بعد أن يصلي الفجر، و أن يدعو بالدعاء المرسوم، أو ما يتضمن الحمد و الثناء على الله و الصلاة على النبي و آله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أن يطأ الصرورة المشعر برجله، و قيل: يستحب الصعود على قزح و ذكر الله عليه﴾.
3- ثبير: جبل بمنى. هكذا في نهاية ابن الأثير. و في المصباح: جبل بين مكة و منى.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 12. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، تحت عنوان (الوقوف بالمشعر الحرام).
5- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 16. و فيه: مكثت، بدل: مكثنا. الاستبصار 2، 173- باب الوقت الذي يستحب فيه الإفاضة من جُمع، ح 2. هذا و قال المحقق في الشرائع 258/1: ﴿و يستحب لمن عدا الإمام الإفاضة قبل طلوع الشمس بقليل، لكن لا يجوز وادي محسِّر إلا بعد طلوعها، و الإمام يتأخر حتى تطلع، و السعي بوادي محسِّر و هو ان يقول: اللهم سلّم عهدتي و اقبل توبتي و أجب دعوتي، و اخلفني فيمن تركت بعدي، و لو ترك السعي فيه رجع فسعى استحباباً.﴾

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تجاوز وادي محسّر حتّى تطلع الشّمس (1)

294- باب السعي في وادي مُحَسّر

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِِّ؛ و غيره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال لبعض ولده: هل سعيتَ في وادي محسّر؟ فقال: لا، قال: فأمره أن يرجع حتّى يسعى، قال: فقال له ابنه: لا أعرفه، فقال له: سَلْ الناس.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحجّال، عن بعض أصحابنا قال: مرَّ رجلٌ بوادي محسّر، فأمره أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعد الإنصراف إلى مكّة أن يرجع فيسعى (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا مررت بوادي محسّر- و هو واد عظيم بين جُمَع و منى، و هو إلى منى أقرب- فاسْعَ فيه حتّى تَجَاوَزه، فإِنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حرَّك ناقته و قال: اللّهمَّ سلّم لي عهدي، و اقبل توبتي، و أجِبْ دعوتي، و اخلُفْني فيمن تركت بعدي (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الحركة في وادي محسّر مائة خطوة (4)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 471


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17. و سمّي الوادي بواد محسّر- كما قيل- لأن أصحاب الفيل وقعوا في الحَسْرة و الحزن و الهم بعد أن خذلهم الفيل حيث تعب و أعيا في ذلك الموضع.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 26. بدون قوله: إلى مكة. الفقيه 2، 184- باب السعي في وادي محسّر، ح 4. و في ذيله: و يسعى، بدل: فيسعى. و الأمر هنا للاستحباب، و المراد بالسعي الهرولة، أو الرَّمَل كما في بعض الروايات، وحدّه مائة خطوة أو مائة ذراع، و ذلك منفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
3- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ذيل ح 14. الفقيه 2، 184- باب السعي في وادي محسّر، ح 1. و روی فعل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و قوله برقم 6 من الباب 223 من الفقيه 2. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حرّك ناقته: أي زاد من سرعتها لتكون بذلك بمستوى هرولة الراجل.
4- الفقيه 2، 184- باب السعي في وادي محسّر، ح 2.

إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن حدِّ جُمَع؟ قال: ما بين المأزمين إلى وادي محسّر.

6- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن أحمد بن محمد؛ و محمد بن إسماعيل، عن عليِّ بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حدُّ المزدلفة؛ من محسّر إلى المأزمين.

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين؛ و عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن أبي نصر، عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا كَثُر النّاس بجُمَع و ضاقت عليهم، كيف يصنعون؟ قال: يرتفعون إلى المأزمين.

8- أحمد بن محمد العاصميُّ، عن عليِّ بن الحسن التيملي، عن عمرو بن عثمان الأزديّ، عن محمد بن عذافر، عن عمر بن يزيد قال: الرَّمَل في وادي محسّر قدر مائة ذراع (1)

295- باب من جهل أن يقف بالمشعر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن محمد بن حكيم قال: قلت: لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل الأعجميُّ و المرأة الضّعيفة يكونان مع الجمّال الأعرابيِّ، فإذا أفاض بهم من عرفات، مرَّ بهم كما مرَّ بهم إلى منى و لم ينزل بهم جُمَعاً؟ فقال: أليس قد صلّوا بها، فقد أجزأهم، قلت: و إن لم يصلّوا بها؟ قال: ذكروا الله فيها، فإن كانوا ذكروا الله فيها فقد أجزأهم (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، إنَّ صاحبَيَّ هذين جهلا أن يقفا بالمزدلفة؟ فقال: يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة، قلت: فإنّه لم يخبر هما أحدٌ حتّى كان اليوم، و قد نفر الناس؟ قال: فنكس رأسه ساعة، ثمَّ قال: أليسا قد صلّيا الغداة بالمزدلفة؟

ص: 472


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3 و الحديث مجهول. و الرَّمَل: المشي السريع.
2- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 32. الاستبصار 2، 210- باب من فاته الوقوف بالمشعر الحرام، ح 5. الفقيه 2، 185- باب ما جاء فيمن جهل الوقوف بالمشعر، ح 3. و الحديث ضعيف على المشهور.

قلت: بلى، فقال: اليسا قد قننا في صلاتهما؟ قلت: بلى، فقال تمَّ حجّهما، ثمَّ قال: المشعر من المزدلفة، و المزدلفة من المشعر، و إنّما يكفيهما اليسير من الدُّعاء (1)

3- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في رجل أفاض من عرفات فأتى منى؟ قال: فليرجع فيأتي جُمَعاً فيقف بها، و إن كان النّاس قد أفاضوا من جُمَع (2)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ أفاض من عرفات فمرَّ بالمشعر فلم يقف حتّى انتهى إلى منى، و رمى الجمرة، و لم يعلم حتّى ارتفع النّهار؟ قال: يرجع إلى المشعر فيقف به، ثمَّ يرجع فيرمي الجمرة (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: في رجل لم يقف بالمزدلفة و لم يبت بها حتّى أتى منى؟ فقال: ألم ير النّاس [و] لم ينكر (4) منى حين دخلها؟ قلت: فإن جهل ذلك؟ قال: يرجع، قلت: إنَّ ذلك قد فاته؟ فقال: لا بأس (5)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: من أفاض من عرفات مع النّاس، و لم يلبث معهم

ص: 473


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 31. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4 و روى ذيل الحديث مرسلاً بتفاوت. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 15 بتفاوت.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. ويدل الحديث على إجزاء الوقوف الاضطراري في المشعر. قال المحقق في الشرائع 257/1: ﴿من لم يقف بالمشعر ليلاً و لا بعد الفجر عامداً بطل حجه، و لو ترك ذلك ناسياً لم يبطل إن كان وقف بعرفات، و لو تركهما جميعاً بطل حجه عمداً أو نسياناً﴾ و قال: ﴿من لم يقف بعرفات و أدرك المشعر قبل طلوع الشمس صح حجه، و لو فاته بطل، و لو وقف بعرفات جاز له تدارك المشعر إلى قبل الزوال.﴾ و قال: ﴿من فاته الحج تحلل بعمرة مفردة (أي أنه ينقل إحرامه بالنية من الحج إلى العمرة المفردة) ثم يقضيه إن. كان واجباً على الصفة التي وجبت تمتعاً أو قِراناً أو إفراداً.﴾
4- في التهذيب: ألم ير الناس لم تبكر... ، و في الاستبصار: ألم ير الناس لم يكونوا بمنى ... و كذا هو في الوافي.
5- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 30. الاستبصار 2 ، 210- باب من فاته الوقوف بالمشعر الحرام ، ح 3. و قد حمله الشيخ في التهذيب- بعد طعنه في محمد بن يحيى الخثعمي راوي الحديث- على من وقف اضطراري المزدلفة.

بجُمَع، و مضى إلى منى متعمّداً أو مستخفّاً، فعليه بدنة (1)

296- باب من تعجّل من المزدلفة قبل الفجر

1- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل وقف مع الناس بجُمَع، ثمَّ أفاض قبل أن يفيض الناس؟ قال: إن كان جاهلاً فلا شيء عليه، و إن كان أفاض قبل طلوع الفجر، فعليه دم شاة (2)

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أَبَان بن عثمان، عن سعيد السّمان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عجّل النساء ليلاً من المزدلفة إلى مني،و أمر من كان منهنّ عليها هَدْيٌّ أن ترمي و لا تبرح حتّى تذبح، و من لم يكن عليها منهنَّ هَدْيُّ أن تمضي إلى مكّة حتّى تزور.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بأن يفيض الرّجل بليل إذا كان خائفاً (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أيّما امرأة أو رجل خائف أفاض من المشعر الحرام ليلاً فلا بأس، فليرم

ص: 474


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 33. الفقيه 2، 185- باب ما جاء فيمن جهل الوقوف بالمشعر، ح 1. هذا، و قد نقل عن ابن الجنيد من أصحابنا أنه ذهب إلى القول بوجوب البَدْنَة على من ترك الوقوف بالمشعر متعمداً، و لكن سبق و نقلنا نصاً للمحقق على أن من فعل ذلك عامداً حكم ببطلان حجّه، دون ما إذا فعله نسياناً بشرط أن يكون قد وقف بعرفات، و إلا بطل حجّه أيضاً سواء فعل عن عمد أو نسيان. و أوجب أصحابنا الشاة على من أفاض من المشعر قبل طلوع الفجر عامداً بعد أن وقف به ليلاً قليلاً إن كان وقف بعرفات.
2- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 19. الاستبصار 2، 172- باب الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الفجر، ح 1. الفقيه 2، 186- باب من رخص له التعجيل من المزدلفة قبل الفجر، ح 2 و أسنده إلى أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و يقول المحقق في الشرائع 1 /256 و هو بصدد بيان الوقوف الواجب في المشعر: ﴿و أن يكون الوقوف بعد طلوع الفجر، فلو أفاض قبله عامداً بعد أن كان به ليلاً و لو قليلاً لم يبطل حجه إذا كان وقف بعرفات، و جبره بشاة﴾. و ما تضمنه هذا الخبر من أن الجاهل لا شيء عليه هو أحد قولين عند أصحابنا رضوان الله عليهم حيث الحقوه بالناسي، و القول الآخر هو أنه يلحق بالعامد كما في نظائره.
3- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 22، الاستبصار 2، 172- باب الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الفجر، ح 4. قال المحقق في الشرائع 256/1: ﴿و يجوز الإفاضة قبل الفجر للمرأة و من يخاف على نفسه من غير جبر (أي بدم شاة، فلو أفاض ناسياً لم يكن عليه شيء﴾.

الجمرة، ثمَّ ليمض، و ليأمر من يذبح عنه ،و تقصّر المرأة و يحلق الرجل، ثمَّ ليطف بالبيت، و بالصّفا و المروة، ثمَّ ليرجع إلى منى، فإن أتى منى و لم يذبح عنه فلا بأس أن يذبح هو، و ليحمل الشعر إذا حلق بمكّة إلى منى، و إن شاء قصّر إن كان قد حجَّ قبل ذلك (1)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رخّص رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) للنّساء و الصّبيان أن يفيضوا بليل، و يرموا الجمار بليل، و أن يصلّوا الغداة في منازلهم، فإن خِفْنَ الحيض مَضَيْنَ إلى مكّة و وكّلن من يضحّي عنهنَّ (2)

6- أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : لا بأس بأن تقدم النّساء إذا زال اللّيل، فيقفن عند المشعر الحرام ساعة، ثمَّ ينطلق بهنَّ إلى منى فيرمينَ الجمرة، ثمَّ يصبرن ساعة، ثمَّ يقصّرن و ينطلقن إلى مكّة فيطفن، إلا أن يكنَّ يُرِِدْنَ أن يذبح عنهنَّ، فإنهنَّ يوكّلن من يذبح عنهنَّ (3)

7- و عنه، عن عليّ بن النّعمان، عن سعيد الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، معنا نساء، فأفيض بهنَّ بليل؟ قال: نعم، تريد أن تصنع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: قلت: نعم، فقال: أفِضْ بهنَّ بليل، و لا تُفِض بهنَّ حتّى تقف بهنَّ بجُمَع، ثمَّ أفض بهنَّ حتّى تأتي بهنَّ الجمرة العظمى، فيرمين الجمرة، فإن لم يكن عليهنَّ ذبح فليأخذنَ من شعورهنَّ و يُقَصِّرن من أظفارهنَّ و يمضين إلى مكّة في وجوههنَّ، و يطفن بالبيت، و يسعين بين الصفا و المروة، ثمَّ يرجعن إلى البيت و يطفن أُسبوعاً، ثمَّ يرجعن إلى منى و قد فرغْنَ من حجّهنَّ، و قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أرسل معهنَّ أُسامة (4)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، و غيره، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رخّص رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) للنساء و الضعفاء أن يفيضوا من جمع بلَيْل، و أن يرموا الجمرة بلَيل، فإن أرادوا أن يزوروا البيت، وكّلوا من يذبح عنهنَّ.

ص: 475


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 21. الاستبضار 2، نفس الباب، ح 3. بتفاوت يسير فيهما. ﴿ويدل على أنه يجوز للمعذور الإستنابة في الذبح، و أنه لو بان عدمه لا يبطل طوافه و سعيه، و على أنه لو حلق بغير منى يستحب أن يحمل شعره إليها، و على أنه لا بد للصرورة من الحلق إما وجوباً أو استحباباً على الخلاف﴾ مرآة المجلسي 136/18.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 23. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.
3- الفقيه 3، 186- باب من رخص له التعجيل من المزدلفة قبل الفجر، ح 1.
4- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 24. و الحديث صحيح.

297- باب من فاته الحج

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن داود الرقيِّ قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمنى، إذ جاء رجلٌ فقال: إنَّ قوماً قدموا يوم النحر، و قد فاتهم الحجّ؟ فقال: نسأل الله العافية، و أرى أن يهريق كلُّ واحد منهم دم شاة، و يُحِلّون، و عليهم الحجُّ من قابل إن انصرفوا إلى بلادهم، و إن أقاموا حتّى تمضي أيّام التشريق بمكة، ثمَّ خرجوا إلى وقت أهل مكّة و أحرموا منه و اعتمروا، فليس عليهم الحجُّ من قابل (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أدرك جُمَعاً فقد أدرك الحجَّ. و قال: أيّما قارِن أو مُفْرِد أو متمتّع قدم و قد فاته الحجُّ، فليجِلَّ بعمرة، و عليه الحجُّ من قابل؛ قال: و قال في رجل أدرك الإمام و هو بجُمَع فقال: إِن ظَنَّ أَنّه يأتي عرفات فيقف بها قليلاً ثم يدرك جُمَعاً قبل طلوع الشمس، فليأتها، و إن ظنّ أنه لا يأتيها حتّى يفيضوا، فلا يأتها، و ليُقِمُ بجُمَع فقد تمَّ حجّه (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أدرك المشعر الحرام يوم النّحر من قبل زوال الشّمس، فقد أدرك الحجّ (3)

ص: 476


1- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 37. الاستبصار 2، 211- باب ما يجب على من فاته الحج، ح 4. الفقيه 2، 187- باب ما جاء فيمن فاته الحج، ح 2. هذا و لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في أن من فاته الحج تسقط عنه بقية أفعاله و يتحلل بعمرة مفردة بمعنى أنه ينقل إحرامه من الحج إلى العمرة المفردة، و إن كانوا قد اختلفوا في وجوب الدم عليه أوْ لا، فبعضهم ذهب إلى وجوبه مستندين إلى هذه الرواية، و لكن المشهور على عدمه، و لذا خلت كلماتهم هنا عن ذكر الهدي، ربما لأنهم لم يعملوا بمضمون هذه الرواية لضعفها عندهم.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 35 الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و رویا صدره بتفاوت. الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. قال المحقق في الشرائع 257/1: ﴿.. من فاته الحج، تحلل بعمرة مفردة ثم يقضيه إن كان واجباً على الصفة التي وجبت تمتعاً أو قِراناً أو إفراداً (و) من فاته الحج سقطت عنه أفعاله و يستحب له الإقامة بمنى إلى إنقضاء أيام التشريق ثم يأتي بأفعال العمرة التي يتحلل بها﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 25. الاستبصار 2، 209- باب من أدرك المشعر الحرام بعد طلوع الشمس، ح 6. الفقيه 2، 124- باب الوقت الذي متى أدركه الإنسان كان... ، ح 2 بتفاوت. ويدل الحديث على الاجتزاء باضطراري المشعر و هو ما بين طلوع الشمس إلى الزوال من يوم النحر.

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أدرك المشعر الحرام و عليه خمسة من الناس قبل أن تزول الشّمس، فقد أدرك الحجَّ (1)

5- أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أدرك المشعر الحرام و عليه خمسة من الناس فقد أدرك الحجَّ (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال: تدري لم جعل ثلاث هنا (3)؟ قال: قلت: لا، قال: فمن أدرك شيئاً منها فقد أدرك الحجَّ.

298- باب حَصَى الجمار من أين تؤخذ و مقدارها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: خذ حصى الجمار من جُمَع ، و إن أخذته من رَحْلِكَ بمنى أجزاك (4)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن مثنى الحنّاط، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال : سألته عن الحصى الّتي يرمى بها الجمار؟ فقال: تؤخذ من جُمَع، و تؤخذ بعد ذلك من منى.

3- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن رِبعيّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خذ حصی الجمار من جُمَع، و إن أخذته من رَحْلِك بمنى أجزاك (5)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي

ص: 477


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3 بتفاوت.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. و لعل ذكر الخمسة من الناس في هذا الحديث و الذي قبله لبيان عدم الخوف أو القرب من الزوال.
3- أي إقامة ثلاث ليال في منى.
4- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 27. هذا و يقول المحقق في الشرائع 257/1: ﴿خاتمة: إذا ورد المشعر استحب له التقاط الحصى منه، و هو سبعون حصاة، و لو أخذه من غيره جاز، لكن من الحرم عدا المساجد، و قيل: عدا المسجد الحرام و مسجد الخَيْف. و يجب فيه شروط ثلاثة: أن يكون مما يسمى حجراً، و من الحرم، و أبكاراً..﴾
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 28.

حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: التقط الحصى، و لا تكسرنَّ منهنَّ شيئاً (1)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حصى الجمار، إن أخذته من الحرم أجزاك، و إن أخذته من غير الحرم لم يُجْزِك، قال: و قال: لا ترمِ الجمار إلّا بالحصى (2)

6- ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في حصى الجمار، قال: كره الصمُّ منها، و قال: خذ البُرش (3)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حصى الجمار تكون مثل الأنملة، و لا تأخذها سوداء و لا بيضاء و لا حمراء، خذها كحلية منقطة، تخذفهنَّ خَذْفاً، و تضعها على الإبهام و تدفعها بظفر السبّابة، وارْمِها من بطن الوادي، و اجعلهنَّ عن يمينك كلّهنَّ، و لا ترم على الجمرة، و تقف عند الجمرتين الأُوليين و لا تقف عند جمرة العقبة (4)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم، إلّا من المسجد الحرام، و مسجد الخَيْف (5)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن ياسين الضّرير، عن حريز، عمّن أخبره؛ عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته من أين ينبغي أخذ حصى الجمار؟

ص: 478


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 34 يتفاوت قليل.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 31.
3- التهذيب 5،نفس الباب، ح 32. هذا و يقول المحقق في الشرائع 258/1: ﴿و يستحب أن يكون (الحصى) بُرشاً رخوةً بقدر الأَنملة، كحيلة منقّطعة ملتقطة، و يكره أن تكون صلبة أو مكسّرة﴾. و يقول الفيض في الوافي: البُرْش جمع الأبرش و هو ما فيه نكت صغار تخالف سائر لونه.
4- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 33 بتفاوت. و الحذف: -كما يقول الجوهري -رمي الحجر بأطراف الأصابع. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و لا ترمِ على الجمرة: أي لا يكون رميك عليها من فوق الجبل، بل إليها من على الأرض. و في التهذيب: و لا ترم أعلى الجمرة ... و الحديث ضعيف على المشهور.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 29. الفقيه 2، 188- باب أخذ حصى الجمار من الحرم و غيره، ح 1.

قال: لا تأخذه من موضعين: من خارج الحرم، و من حصى الجمار، و لا بأس بأخذه من سائر الحرم (1)

299- باب يوم النحر و مبتدء الرَّمْي و فضله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: خذ حصى الجمار، ثمَّ ائت الجمرة القصوى الّتي عند العقبة، فارمها من قِبَل وجهها و لا ترمها من أعلاها، و تقول و الحصى في يدك: اللّهمَّ هؤلاء حَصَيَاتِي فاحصهنَّ لي و ارفعهنَّ في عملي.

ثمَّ ترمي و تقول مع كل حصاة: الله أكبر، اللّهمَّ ادخر عنّي الشيطان، اللّهمَّ تصديقاً بكتابك، و على سنّة نبيّك ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، اللّهمَّ اجعله حجّاً مبروراً، و عملاً مقبولاً، و سعياً مشكوراً، و ذنباً مغفوراً.

و ليكن فيما بينك و بين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعاً.

فإذا أتيت رحلك و رجعت من الرَّمي فقل: ﴿اللّهُمَّ بِکَ وَثِقْتُ، وَ عَلَیْکَ تَوَکَّلْتُ، فَنِعْمَ الرَّبُّ وَ نِعْمَ الْمَوْلی وَ نِعْمَ النَّصیر﴾. قال: و يستحبُّ أن يرمي الجمار على طهر (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رمي الجمرة يوم النحر، ما لها تُرْمى وحدها و لا تُرمى من الجمار غيرها يوم النحر؟ فقال: قد كنَّ يُرْمَيْنَ كلّهن، و لكنّهم تركوا ذلك، فقلت له: جُعِلْتُ فِداك، فارميهنَّ؟ قال: لا تَرْمِهِنَّ، أما ترضى أن تصنع مثل ما نصنع (3)

ص: 479


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 30. قوله: و من حصى الجمار، أي مما رمي به سابقاً، و هذا شرط أن تكون الحصى إبكاراً.
2- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 38. هذا و المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم استحباب الكون على طهارة أثناء الرمي جمعاً بين الروايات، و إن ناقش الشهيد الثاني في الروضة في صحة مثل هذا الجمع، و ذهب جماعة منهم إلى اشتراط الطهارة أثناء الرمي منهم الشيخ المفيد و السيد المرتضى.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 353 بتفاوت يسير. و قد رمى المجلسي في مرآته 144/18 هذا الحديث بالضعف و قال قوله :(عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كن يرمَين: روى في الدروس بعض تلك الروايات و لم ينسب القول بها إلى أحد، و بالجملة الظاهر عدم تكليفنا بذلك حتى يظهر الحق.

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن حمران قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رمي الجمار فقال: كنَّ يُرْمَيْنَ جميعاً يوم النحر، فرميتها جميعاً بعد ذلك، ثمَّ حدَّثته فقال لي: أما ترضى أن تصنع كما كان عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يصنع؟ فتركته.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؛ و عن ابن أُذينة، عن ابن بكير قال: كانت الجمار ترمی جمیعاً، قلت فأرميها؟ فقال: لا، أما ترضى أن تصنع كما أصنع.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن سعيد الرُّوميِّ قال: رمى أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) الجمرة العظمى، فرأى النّاس وقوفاً، فقام وسطهم ثمَّ نادى بأعلى صوته: أيّها النّاس، إنَّ هذا ليس بموقف- ثلاث مرَّات- ففعلت (1)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لرجل من الأنصار: إذا رميتَ الجمار،كان لك بكلِّ حصاة عشر حسنات تُكتب لك لما تستقبل من عمرك (2)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رمي الجمار قال: له بكلِّ حصاة يرمي بها تحطُّ عنه كبيرة مويقة (3)

300- باب رمی الجمار في أيام التشريق

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن

ص: 480


1- الحديث ضعيف على المشهور. و قوله: ففعلتُ: أي فعل الراوي مثل فعله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). ﴿و في بعض النسخ: ﴿قال: قف في وسطهم ثم نادهم بأعلى صوتك﴾، و هو أظهر، لكن أكثر النسخ كما في الأصل﴾ مرأة المجلسي 145/18.
2- الحديث صحيح. و لعل المعنى ﴿إن فعل الحسنات لما كان من ثمراتها تكفير السيئات و قد ذهبت سيئاته لما قد مضى من الأفعال، فهذا يدخر له لما يستقبل من عمره إن أتى فيه سيئة فهذا يكفّرها، و قيل: أي يكتب له ذلك في كل سنة ما دام حياً﴾ مرآة المجلسي 146/18.
3- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 45 بتفاوت مرسلاً. و الكبيرة الموبقة: المعصية العظيمة المهلكة.

الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إرّمِ في كلِّ يوم عند زوال الشمس، و قل كما قلتَ حين رميتَ جمرة العقبة، فابدء بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها في بطن المسيل، و قل كما قلت يوم النّحر، قم عن يسار الطريق، فاستقبل القبلة، فاحمد الله واثن عليه، و صلِّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ثمَّ تقدَّم قليلاً فتدعو و تسأله أن يتقبّل منك، ثمَّ تقدَّم أيضاً، ثمَّ افعل ذلك عند الثانية، و اصنع كما صنعت بالأُولى، و تقف و تدعو الله كما دعوتَ ثمَّ تمضي إلى الثّالثة و عليك السّكينة و الوقار،فارم، و لا تقف عندها (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعیب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الجمار؟ فقا : قم عند الجمرتين و لا تقم عند جمرة العقبة، قلت: هذا من السنَّة؟ قال: نعم، قلت: ما أقول إذا رميتُ؟ فقال: كبّر مع كلِِّ حصاة (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): خذ حصى الجمار بيدك اليسرى، وارم باليمني.

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير؛ و صفوان، عن منصور بن حازم، جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها (3)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال للحكم بن عتيبة: ما حدُّ رمي الجمار؟ فقال الحكم: عند زوال الشمس، فقال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أرأيتَ لو أنّهما كانا رجلين، فقال أحدهما لصاحبه: احفظ علينا متاعنا

ص: 481


1- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 1. الاستبصار 2، أبواب رمي الجمار، 203- باب وقت رمي الجمار أيام التشريق، ح4/ إلى قوله: و قل، ثم قال: و ذكر الدعاء. هذا و يقول المحقق في الشرائع 275/1: ﴿و وقت الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها، و لا يجوز أن يرمي ليلاً إلا لعذر كالخائف و المريض و الرعاة و العبيد .. ﴿.و قال: ﴿و يستحب ... أن يرمي الجمرة الأولى عن يمينه، و يقف و يدعو، و كذا الثانية، و يرمي الثالثة مستدبر القبلة مقابلاً لها و لا يقف عندها.﴾
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3 و 4 بتفاوت. و كذا هو في الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان رمي الجمار، ح 7. و قد قال الصدوق فيه: و قد رويت رخصة من أول النهار إلى آخره.

حتّى أرجع، أكان يفوته الرَّمي!؟ هو و الله ما بين طلوع الشمس إلى غروبها (1)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رخّص رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لرعاة الإبل إذا جاؤوا باللّيل أن يرموا (2)

7- أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن همّام قال: سمعت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: لا ترمِ الجمرة يوم النحر حتّى تطلع الشمس؛ و قال: ترمى الجمار من بطن الوادي، و تجعل كلَّ جمرة عن يمينك، ثمَّ تنفتل في الشقِِِّ الآخر إذا رميتَ جمرة العقبة (3)

8- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبَان، عن محمد الحلبيِِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الغسل إذا أراد أن يرمي؟ فقال: ربّما اغتسلت، فأمّا من السنّة فلا.

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الغسل إذا رمى الجمار؟ فقال: ربّما فعلت، و أمّا [من] السنّة فلا، و لكن من الحرِّ و العَرَق (4)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الجمار؟ فقال: لا ترمِ الجمار إلّا و أنت على طهر (5)

301- باب من خالف الرمي أو زاد أو نقص

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل نسي رمي الجمار يوم الثاني، فبدء

ص: 482


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5 بتفاوت قليل، و كذا هو في الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و ما تضمنته هذه الأحاديث من تحديد لوقت رمي الجمار هو المشهور بين الأصحاب.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث صحيح، و المراد بالشق الآخر: الجانب الآخر من الجمرة أو الطريق.
4- التهذيب 5، 15- باب نزول المزدلفة، ح 35. الاستبصار 2، 174- باب رمي الجمار على غير طهر، ح 1.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 36. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 و الحديث محمول في المشهور عندنا على الاستحباب.

بجمرة العقبة، ثمَّ الوسطى، ثمَّ الأُولى قال: يؤخّر ما رمى بما رمى، و يرمي الجمرة الوسطى، ثمَّ جمرة العقبة (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار؛ و حمّاد، عن الحلبيِّ، جميعاً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل يرمي الجمار منكوسة؟ قال: يعيد على الوسطى، و جمرة العقبة (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم بن عمرو؛ عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: رجل رمى الجمرة بستّ حَصَيات، و وقعت واحدة في الحصى قال: يعيدها إن شاء من ساعته، و إن شاء من الغد إذا أراد الرَّمي، و لا يأخذ من حصى الجمار؛ قال: و سألته عن رجل رمى جمرة العقبة بستّ حَصَيات، و وقعت واحدة في المحمل؟ قال: يعيدها (3)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ذهبت أرمي فإذا في يدي ستُّ حَصَيات؟ فقال: خذ واحدة من تحت رجلك (4)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: في رجل أخذ إحدى و عشرين حصاة فرمى بها، فزاد واحدة، فلم يدر من أيّتهنَّ نقصت، قال: فليرجع فليرم كلَّ واحدة بحصاة، فإن سقطت من رجل حصاة فلم يدر أيتهنَّ هي؟ قال: يأخذ من تحت قدميه حصاة فيرمي بها، قال: و إن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعِد مكانها، فإن هي أصابت إنساناً أو جملاً ثمَّ وقعت على الجمار، أجزاك؛ و قال في رجل رمى [الجمار فرمى] الأُولى بأربع و الأخيرتين بسبع سبع، قال: يعود فيرمي الأُولى بثلاث، و قد فرغ، و إن كان رمى الأُولى بثلاث و رمى الأخيرتين بسَبْع سبع فليُعد، وليرمهنَّ جميعاً بسَبْع سبع، وإن كان رمى الوسطى بثلاث ثمَّ الأُخرى فليرم الوسطى بسَبْع، و إن كان رمى الوسطى بأربع رجع فرمى بثلاث؛ قال:

ص: 483


1- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 15 بتفاوت.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. الفقيه 2، 189- باب ما جاء فيمن خالف الرمي أو...، ذيل ح 3 بتفاوت. هذا و يقول المحقق في الشرائع 275/1: ﴿و يجب هنا- زيادة على ما تضمنه شروط لرمي- الترتيبُ، يبدأ بالأولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، و لو رماها منكوسة أعاد على الوسطى و جمرة العقبة﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 19.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 و في ذيله: رِِِجلَيْك. و الحديث ضعيف على المشهور.

قلت: الرَّجل ينكس في رمي الجمار فيبدء بجمرة العقبة ثمَّ الوسطى ثمَّ العظمى؟ قال: يعود فيرمي الوسطى، ثمَّ يرمي جمرة العقبة، و إن كان من الغد (1)

302- باب من نسي رَمْيَ الجمار أو جهل

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له : رجلٌ نسي أن يرمي الجمار حتّى أتى مكّة؟ قال: يرجع فيرميها، يفصل بين كلِِّ رميتين بساعة، قلت: فاته ذلك و خرج؟ قال: ليس عليه شيءٌ؛ قال: قلت: فرجلٌ نسي السّعي بين الصّفا و المروة؟ فقال: يعيد السعي، قلت: فاته ذلك حتّى خرج؟ قال: يرجع فيعيد السعي، إنَّ هذا ليس كَرَميِ الجمار، إنَّ الرَّمي سنّة، و السعي بين الصفا و المروة

فريضة (2)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد؛ و غيره، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أفاض من جُمَع حتّى انتهى إلى منى، فعرض له عارضٌ، فلم يرمِ الجمرة حتّى غابت الشمس؟ قال: يرمي إذا أصبح مرَّتين إحداهما بُكْرةً و هي للأمس، و الأخرى عند زوال الشّمس، و هي ليومه (3)

3- و عنه، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما تقول في امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتّى نفرت إلى مكّة؟ قال: فلترجع ولترمِ الجمار كما كانت ترمي، و الرَّجل كذلك (4)

ص: 484


1- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 20 و روى صدره بتفاوت إلى قوله: أجزاك. الفقيه 2، 189 -باب ما جاء فيمن خالف الرمي أو زاد أو نقص، ح 3. و إنما أمره أن يرمي كل واحدة بحصاة في الصورة الأولى لأن الاشتغال، اليقيني يستدعي البراءة اليقينية.
2- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 11. و قوله: إن الرمي سنّة: أي أن وجوبه ثبت عن طريق السنّة الشريفة. و قال المحقق في الشرائع 273/1: ﴿السعي ركن من تركه عامداً بطل حجه، و لو كان ناسياً وجب عليه الإتيان به، فإن خرج عاد ليأتي به، فإن تعذّر عليه استناب فيه﴾. و قال ص 276: ﴿و لو نسي رمي الجمار حتى دخل مكة رجع و رمى، فإن خرج من مكة لم يكن عليه شيء إذا انقضى زمان الرمي، فإن عاد في القابل رمى، و إن استناب فيه جاز...﴾.
3- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 6 بتفاوت و ليس في ذيله: و هي ليومه. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 275/1: ﴿و لو نسي رمي يوم قضاه من الغد مرتّباً، يبدأ بالفائت، و يعقب بالحاضر﴾.
4- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 11 بتفاوت قليل: و كذلك هو في الاستبصار 2، 204- باب من نسي رمي الجمار حتى يأتي مكة، ح 1 و فيه: قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول في امرأة ... الخ. الفقيه 2، 189- باب ما جاء فيمن خالف الرمي أو ... ، ح 5. يقول المحقق في الشرائع 276/1 : ﴿و لو نسي رمي الجمار حتى دخل مكة رجع و رمى، فإن خرج من مكة لم يكن عليه شيء إذا انقضى زمان الرمي، فإن عاد في القابل رمى و إن استناب فيه جاز، و من ترك رمي الجمار متعمداً وجب قضاؤه و يجوز أن يُرْمى عن المعذور كالمريض.﴾

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة؛ و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في الخائف: لا بأس بأن يرمي الجمار باللّيل يضحّي باللّيل، و يفيض باللّيل (1)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه كره رمي الجمار باللّيل، و رخّص للعبد و الرّاعي في رمي الجمار ليلاً (2)

303- باب الرمي عن العليل و الصبيان و الرمي راكباً

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار؛ و عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الكسير و المبطون يُرْمى عنهما. قال: و الصبيان يُرْمى عنهم (3)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المريض، يُرمى عنه الجمار؟ قال: نعم، يُحْمَل إلى الجمرة و يُرمى عنه (4)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن

ص: 485


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 8. الفقيه 2، نفس الباب، ح 4. و أخرجه في التهذيب عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و في الفقيه عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 9 و روى ذيل الحديث بتفاوت، و فيه بزيادة: و الخائف، قبل قوله: و الراعي.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 27. الفقيه 2، 191- باب الرمي عن العليل و الصبيان، ح 1. يقول المحقق في الشرائع 276/1: ﴿و يجوز أن يرمى عن المعذور كالمريض﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 28. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2 و أخرجه عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بزيادة في آخره. هذا، و قد دل الحديث علي أن المريض لا يرمى عنه و هو غائب إذا كان من الممكن نقله إلى مكان الجمار، كما لا يرمى عنه إذا كان قادرا على الرمي.

سويد، عن عاصم بن حميد، عن عنبسة بن مصعب قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمنى يمشي و يركب، فحدَّثت نفسي أن أسأله حين أدخل عليه، فابتدأني هو بالحديث فقال: إنَّ عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يخرج من منزله ماشياً إذا رمى الجمار، و منزلي اليوم أَنْفَسُ (6) من منزله فأركب حتى آتي منزله فإذا انتهيت إلى منزله مشيت حتّى أرمي الجمرة (1)

4- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن مثنّى، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يرمي الجمار ماشياً (2)

5- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن مهزيار قال: رأيت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يمشي بعد يوم النحر حتّى يرمي الجمرة، ثمَّ ينصرف راكباً، و كنت أراه ماشياً بعد ما يحاذي المسجد بمنى (3)

قال: و حدَّثني (4) عليُّ بن محمد بن سليمان النوفليِّ، عن الحسن بن صالح، عن بعض أصحابه قال: نزل أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فوق المسجد بمنى قليلاً عن دابّته حتّى توجّه ليرمي الجمرة عند مضرب عليِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقلت له: جُعِلْتُ فداك، لِمَ نزلت ههنا؟ فقال: إِنَّ ههنا مضرب عليِِّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و مضرب بني هاشم، و أنا أُّحبُّ أن أمشي في منازل بني هاشم.

304- باب أيام النحر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن كليب الأسديِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن النحر؟ فقال: أمّا بمنى فثلاثة أيّام، و أمّا في البلدان فيوم واحد (5)

ص: 486


1- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 26 بتفاوت. الاستبصار 2، 205- باب جواز الرمي راكباً، ح 6 بتفاوت. هذا و يقول المحقق في الشرائع 259/1 و هو بصدد الحديث عن مستحبات رمي الجمار: ﴿... و أن يكون ماشياً، و لو رمى راكباً جاز﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 25. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5 بتفاوت و سند مختلف فيهما.
3- هذا السند صحيح. و دل على أن المشي يوم النحر إلى الرمي أفضل، و هذا ما نص عليه الشهيد الأول في الدروس. و أما الشيخ في الخلاف فقد نص على أن الركوب للرمي في جمرة العقبة يومها أفضل.
4- هذا السند ضعيف.
5- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 15. الاستبصار 2 ،180- باب أيام النحر و الذبح، ح 4. الفقيه 2، 197 -باب أيام النحر، ح 2. و الحديث ناظر إلى حرمة الصوم، و هو حرام لمن كان بمنى أيام التشريق الثلاثة. في حين أنه حرام لأهل الأمصار يوم العيد فقط و هو العاشر من ذي الحجة.

2- علیُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الأضحى يومان بعد يوم النحر، و يوم واحد بالأمصار (1)

305- باب أدنى ما يجزىء من الهَدْي

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَی الْحَجِّ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِ﴾ (2)؟ قال: شاة.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يجزىء في المتعة شاة (3)

306- باب من يجب عليه الهَدْيُ و أين يذبحه

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان ، عن سعيد الأعرج قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من تمتّع في أشهر الحجِّ ثمَّ أقام بمكّة حتّى يحضر الحجّ من قابِل فعليه شاة، و من تمتّع في غير أشهر الحجِِّ، ثمَّ جاور حتّى يحضر الحجّ، فليس علیه دم، إنّما هي حجّة مفردة، و إنّما الأضحى على أهل الأمصار (4)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل عن الأضحى؛ أواجب على من وجد لنفسه و عياله؟ فقال: أمّا

ص: 487


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 16. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.
2- البقرة/196.
3- الحديث حسن كان صحيح، و الذي قبله صحيح. و ذكر الشاة فيهما إنما هو لبيان أدنى ما يجزىء في الهدي لا لبيان تعيّنه و توقيته.
4- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 1. الاستبصار 2، 175- باب الحاج الغير المتمتع هل يجب عليه الهدي أم لا؟، ح 1. ﴿قوله: و إنما الأضحى على أهل الأمصار، لعل الحصر إضافي بالنسبة إلى المتمتع، و ربما يحمل الأضحى على الهدي فيستأنس له لقول من قال: إن الهدي لا يجب على من تمتع من أهل مكة، و لا يخفى بُعْدُهُ﴾ مرآة المجلسي 158/18.

لنفسه فلا يدعه (1)، و أمّا،لعياله، إن شاء تركه.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم الكرخيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل قدم بهَدْيه مكّة في العَشْرِ؟ فقال: إن كان هدياً واجباً فلا ينحره إلّا بمنى، و إن كان ليس بواجب فلينحره بمكّة إن شاء، و إن كان قد أشْعَرَه و قلّده، فلا ينحره إلّا يوم الأضحى (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: الرّجل يخرج (3) من حجّته شيئاً يلزمه منه دم ،يجزيه أن يذبحه إذا رجع إلى أهله؟ فقال: نعم، و قال- فيما أعلم-: يتصدَّق به، قال إسحاق: و قلت لأبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الرَّجل يخرج (4) من حجّته ما يجب عليه الدَّم و لا يهريقه حتّى يرجع إلى أهله؟ فقال: يهريقه في أهله، و يأكل منه الشيء (5)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن شعيب العقرقوفيّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): سُقْتُ في العمرة بدنة، أين أنحرها؟ قال: بمكّة، قلت: أيُّ شيء أُعطي منها؟ قال: كُلْ ثُلُثاً، و اَهْدِ ثلثاً، و تصدَّق بثلث (6)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ أهل مكّة أنكروا عليك أنّك ذبحت هَدْيَكَ في منزلك بمكّة؟ فقال: إنَّ مكّة كلّها منحر (7)

ص: 488


1- محمول على المشهور عندنا على الاستحباب. و الحديث حسن.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 9 و فيه: أشعره أو قلّده. الاستبصار 2، 119- باب الموضع الذي يذبح فيه الهدي الواجب، ح 1. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): فلا ينحره إلا بمنى، حُمل على ما إذا كان في الحج، فإن الأصحاب أجمعوا على أنه يجب نحر الهدي بمنى إن كان قرنه بالحج، و بمكة إن كان قرنْه بالعمرة﴾ مرآة المجلسي 159/18.
3- الأظهر أنه (يجرح) من اجترح، بمعنى: اكتسب. و في التهذيب: ... يخرج من حجه و عليه شيء و يلزمه فيه دم ...
4- هذا كسابقه. و
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 358 و روى صدره إلى قوله: و قال- فيما أعلم- يتصدق به.
6- التهذيب 5، 16 - باب الذبح، ح 11. و كرره برقم 363 من الباب 26 من نفس الجزء. هذا و يقول المحقق في الشرائع 261/1: ﴿و يستحب أن يقسمه (أي الهدي) أثلاثاً، يأكل ثلثه، و يتصدق بثلثه، و يهدي ثلثه، و قيل: يجب الأكل منه، و هو الأظهر﴾. و المشهور عندنا استحباب القسمة.
7- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 10، الاستبصار 2، 119- باب الموضع الذي يذبح فيه الهدي الواجب، ح 2. و قد حمله في التهذيب على احتمال أن يكون الهدي هنا تطوعاً و ليس هديه الواجب، و الذي لا يجوز ذبحه أو نحره إلا بمنى للمتمتع.

307- باب ما يستحب من الهَدْي و ما يجوز منه و ما لا يجوز

1- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عمّن حدَّثه، عن حمّاد بن عثمان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن أدنى ما يجزىء من أسنان الغنم في الهدي؟ فقال: الجَذَع من الضانِّ، قلت: فالمعز؟ قال: لا يجزىء الجَذَع من المعز، قلت: و لِمَ؟ قال: لأنَّ الجذع من الضّانِّ يُلَقّح، و الجذع من المعز لا يُلَقّح (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الإبل و البقر، أيّهما أفضل أن يضحّى بها؟ قال: ذوات الأرحام، فسألته عن أسنانها؟ فقال: أمّا البقر فلا يضرُّك بأيِّ أسنانها ضحّيت، و أمّا الإبل فلا يصلح إلّا الثني فما فوق (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن حمران، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أسنان البقر تَبِيعها و مُسِنّها في الذَّبح سواء (3)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: حدَّثني من سمعه يقول: ضحِِّ بكبش أسود أقرن (4) فحل، فإن لم تجد أسود، فأقرن فحل، يأكل في سواد و يشرب في سواد و ينظر في سواد (5)

ص: 489


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 29.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 20. هذا و يقول المحقق في الشرائع 260/1 و هو بصدد الحديث عن صفات الهدي: ﴿... و الواجب ثلاثة، الأول: الجنس، و يجب أن يكون من النعم: الإبل أو البقر أو الغنم. الثاني: السن، فلا يجزي من الإبل إلا الثني و هو الذي له خمس و دخل في السادسة، و من البقر و المعز ماله سنة و دخل في الثانية، و يجزي من الضأن الجذع لسنته. الثالث: أن يكون تاماً، فلا يجزي العوراء، و لا العرجاء البيّن عرجها، و لا التي انكسر قرنها الداخل، و لا المقطوعة الأذن، و لا الخصيّ من الفحول، و لا المهزولة و هي التي ليس على كليتيها شحم﴾.
3- التبيع: ما دخل في الثانية، و المسنّ: ما دخل في الثالثة.
4- الأقرن: ما كان له قرنان.
5- ﴿اختلف الأصحاب في تفسير هذه الألفاظ، و قال بعضهم: المراد بذلك كون هذه المواضع سوداً، و اختاره ابن إدريس. و قيل: معناه أن يكون من عِظَمه ينظر في شحمه و يمشي في فيئه و يبرك في ظل شحمه. و قيل: السواد كناية عن المرعى و النبت فإنه يطلق عليه ذلك لغة، و المعنى حينئذ أن يكون الهدي رعى و مشى و نظر و برك في الخضرة و المرعى فسمن لذلك. و نقل عن القطب الراوندي أنه قال: التفسيرات الثلاث مروية عن أهل البيت (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾. مرآة المجلسي 162/18.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن النعجة، أحبُّ إليك أم الماعز؟ قال: إن كان الماعز ذكراً فهو أحبُّ إليَّ، و إن كان الماعز أُنثى فالنعجة أحبُّ إليَّ، قال: قلت: فالخصيُّ، يضحّى به؟ قال: لا، إلّا أن لا يكون غيره؛ و قال: يصلح الجذع من الضّان،فأمّا الماعز فلا يصلح، قلت: الخصيُّ أحبُّ إليك أم النعجة؟ قال: المرضوض (1) أحبُّ إليَّ من النعجة، و إن كان خصيّاً فالنعجة (2)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اشترى الرَّجل البدنة مهزولة فوجدها سمينة فقد أجزأت عنه، و إن اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة، فإنّها لا تجزىء عنه.

7- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن سَلَمة أبي حفص، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عن أبيه قال: كان عليُّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يكره التشريم (3) في الآذان و الخَرْم، و لا يرى به بأساً إن كان ثقب في موضع الوسم، و كان يقول: يجزىء من البُدْن الثنيّ، و من المعز الثنيُّ، و من الضانِّ الجذع.

8- أَبَان، عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: الكبش في أرضكم أفضل من الجَزور (4)

9- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل يشتري هدياً و كان به عيب- عور أو غيره-؟ فقال: إن كان نَقَدَ ثمنه فقد أجزء عنه، و إن لم يكن نَقَدَ ثمنه ردَّه و اشترى غيره؛ قال: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): اشترِِ فحلاً سميناً للمتعة، فإن لم تجد فموجوءً، فإن لم تجد فمن فحولة المعز، فإن لم تجد فنعجة، فإن لم تجد فما استيسر من الهدي، قال: و يجزىء في المتعة الجذع من الضأنِّ، و لا يجزىء جذع المعز، قال: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل اشترى شاة ثمَّ أراد أن يشتري أسمن منها؟ قال: يشتريها، فإذا اشتراها باع الأُولى. قال: و لا أدري (5): شاة قال أو بقرة (6)

ص: 490


1- ﴿الرضّ: الدقّ، و المراد مرضوض الخصيتين، و هو قريب من الموجود﴾ مرآة المجلسي 163/18.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و أكثر الأصحاب على عدم إجزاء الخصيّ في الهدي، بل نقل العلامة في التذكرة أنه إجماعي.
3- التشريم: التشقيق.
4- لعل الأفضلية لعدم إعتيادهم أكل لحم الجزور.
5- الشك من الراوي.
6- روى صدره إلى قوله: و اشترى غيره، في التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 60. و في الاستبصار 2، 183 باب من اشترى هدياً فوجد به عيباً، ح 1 بزيادة في ذيله: فإنه لا يجزىء ناقصاً. و في الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 19 بتفاوت. و روى ذيله من قوله: و قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل اشترى شاة ثم أراد ... الخ، في التهذيب 5، نفس الباب، ح 52. هذا و عدم إجزاء ناقص الخلقة من الهدي مجمع عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم، قال الشهيدان: ﴿... بخلاف ما لو ظهر ناقصاً- أي الهدي- فإنه لا يجزي، لأن تمام الخلقة أمر ظاهر، فتبيُّنُ خلافه مستند إلى تقصيره﴾. و قال المحقق في الشرائع 260/1: ﴿و لو اشتراها على أنها تامة فبانت ناقصة لم يُجْزِِهِ﴾.

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): صدقةُ رغيفٍ خيرٌ من نُسُك مهزولة (1)

11- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الضحيّة، تكون الأُذن مشقوقة؟ فقال: إن كان شقّها وَسْماً فلا بأس، و إن كان شقّاً فلا يصلح.

12- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لا يُضحّى بالعرجاء بيّنٌ عرَجُها، و لا بالعَجْفاء(2)، و لا بالجرباء، و لا بالخَرقاء (3)، و لا بالجذَّاء (4)، و لا بالعضباء (5)

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الأُضحيّة يكسر قرنها؟ قال: إذا كان القَرْن الدَّاخلُ صحيحاً فهو يجزى (6)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا رميتَ الجمرة فاشتر هديك إن كان من البُدْن أو من البقر، و إلّا فاجعل كبشاً سميناً فحلاً، فإن لم تجد فموجوءً من الضأنِّ، فإن لم تجد فتَيْساً فحلاً، فإن لم تجد فما [اس]تيسر عليك، و عَظّم شعائر الله عزَّ و جلَّ، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ذبح عن أُمهّات المؤمنين

ص: 491


1- التهذيب 5،نفس الباب، ح 50 و في ذيله: مهزول.
2- العجفاء: المهزولة.
3- الخرقاء: التي في أذنها ثقب مستدير.
4- الجذّاء: مقطوعة الأذن.
5- العضباء: المشقوقة الأذن. و قد أورد الحديث بتفاوت في التهذيب 5، نفس الباب، ح55. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6 بتفاوت.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 56 بتفاوت و زيادة في آخره. الفقيه 2، نفس الباب، ح 22 بتفاوت يسير. قال المحقق في الشرائع 260/1 و هو بصدد الحديث عن صفات الهدي: ﴿الثالث: أن يكون تاماً، فلا يجزىء العوراء و لا العرجاء البيّن عرجها، و لا التي إنكسر قرنها الداخل، و لا المقطوعة الأُذُن، و لا الخصيّ من الفحول، و لا المهزولة و هي التي ليس على كليتيها شحم﴾.

بقرةً بقرةً، و نحر بَدَنَة (1)

15- أبو عليُّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الهَرِِم الّذي وقعت ثناياه، أنّه لا بأس به في الأضاحيِّ، و إن اشتريتَه مهزولاً فوجدته سميناً أجزاك، و إن اشتريتَ مهزولاً فوجدته مهزولاً، فلا يجزىء.

و في رواية أُخرى: إنَّ حدَّ الهزال إذا لم يكن على كليتيه شيء من الشحم.

16- رواه محمد بن عيسى، عن ياسين الضرير، عن حريز، عن الفضيل قال: حَجَجْتُ بأهلي سنةً، فعزَّت الأضاحيُّ، فانطلقتُ فاشتريت شاتين بغلاء، فلمّا ألقيت أهابهما ندمت ندامة شديدة لما رأيت بهما من الهزال، فأتيته فأخبرته ذلك، فقال: إن كان على كليتيهما شيء من الشحم أجزأتا (2)

17- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمد، عن السلميِِّ عن داود الرّقيِّ قال: سألني بعض الخوارج عن هذه الآية: ﴿مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ أآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ﴾(3)؟ ﴿وَ مِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ﴾(4) ما الّذي أحلَّ الله من ذلك و ما الّذي حرَّم؟ فلم يكن عندي شيء، فدخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أنا حاجٌ فأخبرته بما كان، فقال: إنَّ الله عزَّ و جلَّ أحلَّ في الأُضحيّة بمنى الضأنَّ و المعز الأهليّة، و حرَّم أن يُضحّى بالجبليّة، و أمّا قوله: ﴿وَ مِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ﴾، فإنَّ الله تبارك و تعالى أحلَّ في الاُضحية الإبل العراب و حرّم فيها البخاتي، و أحلَّ البقر الأهليّة أن يضحّى بها و حرَّم الجبليّة، فانصرفتُ إلى الرَّجل فأخبرته بهذا الجواب، فقال: هذا شيء حَمَلَتْهُ الإبل من الحجاز (5)

ص: 492


1- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 18 و رواه بتفاوت يسير إلى قوله: و عظّم شعائر الله. و ذكر مضمونه مع حذف السند في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، صدر عنوان (الذبح). كما روى رحمه الله مرسلاً إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ذبح عن نسائه البقر، و ذلك برقم 18 من الباب 199 من نفس الجزء. و الموجوء: المرضوض الخصيتين، أو ما انفضختّا منه. و التيس: الذكر من الظباء و المعز و الوعول إذا مر عليها سنة.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 53.
3- الأنعام/ 143- 144.
4- الأنعام/ 143- 144.
5- الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 7. و الإبل العراب: العربية. و البُخْت: مفرد بخاتى، و هي الإبل الخراسانية. و قوله: هذا شيء حملته الإبل من الحجاز: يقصد به أن هذا العلم لا يوجد عندنا و إنما جئت به من الراسخين فيه بالحجاز و مقصوده أهل البيت (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و بالتحديد إمامنا الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

308- باب الهَدْي يُنْتِج أو يُحلب أو يُركب

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيِِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ (1)؟ قال: إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها، و إن كان لها لبنٌ حلبها حلاباً لا ينهكها (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إِن نَتَجَت بَدَنَتُك فاحلبها ما لا يضرُّ بولدها، ثمَّ انحرهما جميعاً، قلت: أشرب من لبنها و أسقي؟ قال: نعم، و قال: إنَّ عليّاً أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان إذا رأى [أُ] ناساً يمشون قد جهدهم المشي، حملهم على بُدْنِهِ؛ و قال: إن ضلّت راحلة الرَّجل أو هلكت و معه هدي فليركب على هَدْيه (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِِّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن البَدَنَة تنتج، أَنَحْلبها؟ قال: احلبها حلباً غير مضّر بالولد، ثمَّ انحرهما جميعاً، قلت: يَشْرب من لبنها؟ قال: نعم، و يَسقي إن شاء (4)

309- باب الهدي يَعْطَبُ أو يهلك قبل أن يبلغ محِلّه و الأكْل منه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ):قال كل من ساق هدياً تطوُّعاً فعطب هديه فلا شيء عليه، ينحره و يأخذ نعل التقليد فيغمسها في الدَّم و يضرب به صفحة سنامه و لا بَدَلَ عليه، و ما كان من جزاء صيد أو نذر

ص: 493


1- الحج/33.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 81. الفقيه 2، 202- باب نتاج البدنة و حلايها و ركوبها، ح 4. و أخرجه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث مجهول. ويدل على جواز الإنتفاع بالهدي ركوباً و غيره بشرط عدم الإضرار. و هو في المتبرع به موضع وفاق عندنا، و أما الواجب فقد ذهب ابن الجنيد و العلامة إلى عدم الجواز. هذا و يقول المحقق في الشرائع 263/1: ﴿و يجوز ركوب الهدي ما لم يَضُرّ به، و شرب لبنه ما لم يضرّ بولده﴾.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 80 و فيه إلى قوله: نعم. و روى بقيته بتفاوت في الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 و أخرجه عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)... و الحديث هنا صحيح.
4- الحديث صحيح.

فعطب فعل مثل ذلك، و عليه البَدَل، و كلُّ شيء إذا دخل الحرم فعطب فلا بَدَلَ على صاحبه؛ تطوُّعاً أو غيره (1)

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، جميعاً عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل اشترى أُضحيّة فماتت أو سُرقت قبل أن يذبحها؟ فقال: لا بأس، و إن أبدلها فهو أفضل، و إن لم يشتر فليس عليه شيء (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن رجل قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن البدنة يهديها الرَّجل فتكسر أو تهلك؟ فقال: إن كان هدياً مضموناً فإنَّ عليه مكانه، و إن لم يكن مضموناً فليس عليه شيء؛ قلت: أَوَ يَأْكُلُ منه؟ قال: نعم.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب، أيبيعه صاحبه و يستعين بثمنه على هَدْي آخر؟ قال: يبيعه، و يتصدَّق بثمنه، و يهدي هدياً آخر (3)

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا وجد الرَّجل هدياً ضالاًّ فليعرِّفه يوم النحر، و اليوم الثاني، و اليوم الثالث، ثمَّ يذبحه عن صاحبه عشيّة يوم الثالث؛ و قال في الرَّجل

ص: 494


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 66. الاستبصار 2، 184- باب من اشترى هدياً فهلك قبل أن ...، ح 4 و في ذيله: تطوعاً كان أو غيره. هذا و قال المحقق في الشرائع 263/1: ﴿و لو هلك- أي الهدي- لم يجب إقامة بدله لأنه ليس بمضمون، و لو كان مضموناً كالكفارات وجب إقامة بدله﴾. و ما ذكره رحمه الله هو المشهور بين الأصحاب. و قال المحقق في الشرائع 263/1: ﴿و لو عجز هدي السياق عن الوصول، جاز أن ينحر أو يذبح و يعلم بما يدل على أنه هدي﴾ و المراد بقوله: يعلم،- كما يقول الشهيد الثاني في المسالك 95/1: ﴿بأن يغمس نعله في دمه و يضرب بها صفحة سنامه...﴾.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 72.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 69. الفقيه 2، 200- باب الهدي يعطب أو يهلك قبل أن...، ح 9 بتفاوت و سند آخر. هذا، و يقول المحقق في الشرائع 263/1: ﴿و لو أصابه (الهدي) كسر، جاز بيعه، و الأفضل ان يتصدق بثمنه أو يقيم بدله﴾. هذا و يقول الشهيدان رحمهما الله: ﴿و يجوز بيعه لو انكسر كسراً يمنع وصوله، و الصدقة بثمنه، و وجوب ذبحه في محله مشروط بإمكانه، و قد تعذّر فيسقط، و الفارق بين عجزه و كسره في وجوب ذبحه (أي في الأول) و بيعه (أي في الثاني) النص..﴾. هذا و تدل كلمات أصحابنا هنا على تخيير صاحب الهدي الذي كسر أو عطب بين أحد الأمرين المذكورين.

یبعث بالهدي الواجب فيهلك الهدي في الطّريق قبل أن يبلغ، و ليس له سعة أن يُهْدي؟ فقال: الله سبحانه أوْلى بالعُذر، إلّا أن يكون يعلم أنّه إذا سأل أُعطي (1)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل اشترى هدياً لمتعته، فأتى به أهله و ربطه، ثمَّ انحلَّ و هلك، هل يجزيه أو يعيد؟ قال: لا يجزيه، إلّا أن يكون لا قوَّة به عليه (2)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن ابي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل اشترى كبشاً فهلك منه؟ قال: يشتري مکانه آخر، قلت: فإن اشتر مكانه آخر ثمَّ وجد الأوَّل؟ قال: إن كانا جميعاً قائمين، فليذبح الأوَّل و ليبع الآخر، و إن شاء ذبحه، و إن كان قد ذبح الآخر، فليذبح الأوَّل معها (3)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يضلُّ هديه، فيجده رجلٌ آخر فينحره؟ فقال: إن كان نحره بمنى، فقد أجزأ عن صاحبه الّذي ضلَّ منه، و إن كان نحره في غير منى، لم يُجْزِِ عن صاحبه (4)

ص: 495


1- التهذیب 5، نفس الباب، ذیل ح 70 بتفاوت قلیل. و قوله: إذا سأل أعطی: یعنی إذا سأل الناس یعطونه هدیاً أو ثمنه، و قد قال بعض أصحابنا: ویدلّ علی تقدم السوءال علی الصوم و هو أحوط.
2- التهذيب 5،نفس الباب، ح 68. الاستبصار 2، 184- باب من اشترى هدياً فهلك قبل أن ... ، ح 6. الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا قوة به عليه: أي لا قدرة مالية عنده لشراء بدل عنه. و قال المجلسي في مرآته 173/18: ﴿و ظاهره الإجزاء مع تعذر البدل و هو مخالف للمشهور، و يمكن حمله على الانتقال إلى الصوم.﴾
3- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 76. الاستبصار 2، 185- باب من ضل هديه فاشترى بدله ثم...، ح 1بتفاوت يسير فيهما. الفقيه 2، 200- باب الهدي يعطب أو يهلك قبل أن ...، ح 7. و يقول المحقق رحمه الله في الشرائع 263/1: ﴿و لو ضاع (الهدي) فأقام بدله ثم وجد الأول ذبحه و لم يجب ذبح الأخير، و لو ذبح الأخير ذبح الأول ندباً إلا أن يكون منذوراً﴾.
4- التهذيب 5، تفس الباب، ح 78. الاستبصار 2، 186- باب من ضل هديه فوجدها غيره فذبحها، ح 1. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. هذا و قد حمل أصحابنا هذا الحديث على ما إذا كان قد ضحّى به في منى بنية مالكه، و إلا فلا يجزي، و لو ضحّى به الواجد في غير منى، أو بنية نفسه، أو بلا نية لم يُجْزِ عن أحدهما. يقول الشهيدان رحمهما الله: ﴿و لو ضلّ (أي الهدي) فذَبحه الواجد عن صاحبه في محلّه أجزأ عنه للنص، أما لو ذبحه في غيره أو عن غيره أو لا بنية لم یُجْزِِِ...﴾.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)في رجل اشترى هدياً فنحره، فمرَّ به رجلٌ فعرفه فقال: هذه بَدَنَتي صلّت منّي بالأمس، و شهد له رجلان بذلك؟ فقال: له لحمها، و لا يجزىء عن واحد منهما، ثمَّ قال: و لذلك جرت السنّة بإشعارها و تقليدها، إذا عُرِِفَت (1)

310- باب البدنة و البقرة عن كم تجزىء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يذبح يوم الأضحى كبشين، أحدهما عن نفسه، و الآخر عمن لم يجد من أمتّه، و كان أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) يذبح كبشين، أحدهما عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الآخر عن نفسه (2)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قوم غَلَتْ عليهم الأضاحيُّ، و هم متمتّعون و هم مترافقون، و ليسوا بأهل بيت واحد، و قد اجتمعوا في مسيرهم، و مضربُهُم واحد، أَلَهُم أن يذبحوا بقرة؟ فقال: لا أُحبُّ ذلك إلّا من ضرورة (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن رجل يسمّى سوادة قال: كنّا جماعة بمنى، فعزَّت الأضاحيُّ، فنظرنا، فإذا أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) واقف على قطيع يساوم بغنم و يماكسهم (4) مكاساً شديداً، فوقفنا ننتظر، فلمّا فرغ أقبل علينا فقال: أظنّكم قد تعجّبتم من مكاسي؟ فقلنا: نعم، فقال: إنَّ المغبُون لا محمودٌ و لا مأجور، ألكم حاجة؟ فقلنا: نعم، أصلحك الله، إنَّ الأضاحي قد عزَّت علينا؟ قال: فاجتمعوا فاشتروا جزوراً فيما بينكم،

ص: 496


1- لتهذيب 5، نفس الباب، ح 79. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذن عُرِفَت: أي من أجل أن تعرف أنها هديٌ جرت السنّة بإشعارها أو تقليدها.
2- روى بمعناه في الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 4.
3- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 45. الاستبصار 2، 182- باب العدد الذي تجزي عنهم البدنة أو البقرة يمنى، ح 12. قال الشهيدان: ﴿و لا يجزي الهدي الواحد إلا عن واحد و لو عند الضرورة على أصح الأقوال، و قيل: يجزي عن سبعة و عن سبعين أولي خوان واحد، و قيل: مطلقاً و به روايات محمولة على المندوب جمعاً كهدي القِران قبل تعيّنه، و الأضحية، فإنه يطلق عليها الهدي، أما الواجب و لو بالشروع في الحج المندوب فلا يجزي إلا عن واحد فينتقل مع العجز و لو بتعذره إلى الصوم﴾. كما يراجع شرائع الإسلام للمحقق 59/1.
4- المماكسة: المناقصة في الثمن. و في التهذيب: ويماكسه...

قلنا: و لا تبلغ نفقتنا؟ قال: فاجتمعوا و اشتروا بقرة فيما بينكم، فاذبحوها، قلنا: و لا تبلغ نفقتنا؟ قال: فاجتمعوا فاشتروا فيما بينكم شاة فاذبحوها فيما بينكم، قلنا: تجزىء عن سبعة؟ قال: نعم، و عن سبعين (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة. عن حمران قال: عزّت البُدْنَ سَنَةً بمنى، حتّى بلغت البَدَنَةُ مائةَ دينار، فسئل أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن ذلك، فقال: اشتركوا فيها، قال: قلت: كم؟ قال: ما خفٌ، هو أفضل،قلت: عن كم تجزىء؟ قال: عن سبعين (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن قرعة، عن زيد بن جهم قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): متمتّع لم يجد هَدْياً؟ فقال: أَمَا كان معه درهم يأتي به قومه فيقول: أشركوني بهذا الدِّرهم(3)

311- باب الذَّبْح

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَاذْکُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا صَوَافََّ﴾ (4)؟ قال: ذلك حين تُصَفّ للنّحر، تُرْبط يديها ما بين الخفِّ إلى الركبة، و وجوب جنوبها؛ إذا وقعت على الأرض (5)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كيف تُنْحَر البَدَنَة؟ فقال: تُنْحَر

ص: 497


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح41. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و ذكر بمعناه في الفقيه 2، 199- باب الأضاحي ذيل ح 11. و الحديث مجهول. و يمكن أن يكون مكاسه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لبيان الجواز و عدم الحرمة فلا ينافي في ما ورد من النهي عن ذلك.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 42. الاستبصار 2، 182- باب العدد الذي تجزي عنهم البدنة أو البقرة بمنى، ح 9. و قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما خفّ ..: يريد بالتخفيف قلّة عدد الشركاء.
3- الحديث مجهول.
4- الحج/36.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 82. الفقيه 2، 201- باب الذبح و النحر و ما يقال عند الذبيحة، ح 4.

و هي قائمة من قِبَل اليمين (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): النحر في اللَّبة، و الذَّبح في الحَلْق (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: لا يذبح لك اليهوديُّ و لا النصرانيُّ أُضحيّتك، فإن كانت امرأة فلتذبح لنفسها، و تستقبل القبلة و تقول: ﴿وَجَّهتُ وَجهِیَ لِلَّذی فَطَرَ السَّماواتِ وَ الأَرضَ حَنیفاً، اللّهُمَّ مِنکَ و لَکَ﴾ (3)

5- و عنه، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) یجعل السكّين في يد الصبيِّ، ثمَّ يقبض الرَّجل (4) على يد الصبيِّ فيذبح.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، و ابن أبي عمير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا اشتريت هديك، فاستقبل به القبلة و انحره أو اذبحه و قل: ﴿وجّهت وجهي للّذي فطر السماوات و الأرض حنيفاً و ما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي و نُسُكي و محيايَ و مماتي لله ربِّ العالمين، لا شريك له، و بذلك أُُمِرْتُ و أنا من المسلمين، اللّهمَّ منك و لك، بسم الله و الله أكبر، اللّهمَّ تقبّل منّي﴾، ثمَّ أمِّرّ السكّين، و لا تَنْخَعْها حتّى تموت (5)

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغداديِّ، عن جميل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: تبدء بمنى بالذَّبح قبل الحلق، و في العقيقة بالحلق قبل الذَّبح (6)

ص: 498


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 83 بتفاوت يسير. الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. هذا و يقول المحقق رحمه الله في الشرائع 261/1 و هو بصدد بيان مستحبات الهدي: ﴿... و أن ينحر الإبل قائمة قد رُبطت بين الخف و الركبة، و يطعنها من الجانب الأيمن و أن يدعو الله تعالى عند الذبح و يترك يده مع يد الذابح، و أفضل منه أن يتولى الذبح بنفسه إذا أحسن﴾.
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 1. و اللَّبَّة: موضع النحر، و موضع القلادة.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3. و أخرجه عن الحلبي عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
4- الحديث حسن. و هذا محمول على الاستحباب على المشهور عندنا.
5- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 85. الفقيه 2، 201- باب الذبح و النحر و ما يقال عند الذبيحة، ح 6، و أخرجه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و لعله سقط سهواً من سندي التهذيب و الفروع، و ذلك بملاحظة باقي الروايات. و نَخَعَ الذبيحة: جاوز بالسكين منتهى الذبح فأصاب نخاعها. و قيل: نخع الذبيحة، هو قطع رقبتها.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 88. و قال المحقق في الشرائع 1/ 265: ﴿و ترتيب هذه المناسك واجب يوم النحر، الرمي، ثم الذبح، ثم الحلق، فلو قدّم بعضها على بعض أثِمَ و لا إعادة﴾.

8- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرّحمن بن أبي هاشم البجليّ، عن أبي خديجة قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو ينحر بدنته (1) معقولة يدها اليسرى، ثمَّ يقوم من جانب يدها اليمنى و يقول: ﴿بِسمِ اللهِ واللهُ أکبَرُ، اللّهُمَّ هذا مِنکَ ولکَ، اللهُمَّ تَقبَّلهُ مِنّی﴾، ثُمَّ یطعُنُ في لَبَّتها، ثُمَّ یخرِجُ السِّکّینَ بِیدِهِ، فاذا وَجَبَتْ قَطَعَ مَوضِعَ الذَّبحِ بِیدِهِ.(2)

312- باب الأكل من الهَدْي الواجب و الصدقة منها و إخراجه من منى

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حين نحر، أن تؤخذ من كلِّ بدنة جِذوة (3)من لحمها، ثمَّ تطرح في بُرْمة (4) ثمّ تطبخ، و أكل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و عليُّ منها، و حَسَيه (5) من مرقها (6)

2- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله تعالى: ﴿فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها (قال: إذا وقعت على الأرض)،فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ﴾ (7)؟ قال: القانع : الّذي يرضى بما أعطيته، و لا يسخط، و لا يكلح (8)، و لا يلوي شدقه (9) غضباً، و المعترُّ: المارُّ بك لتطعمه (10)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن لحوم الأضاحيّ؟ فقال: كان عليُّ بن الحسين و أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يتصدَّقان بثلث على جيرانهم، و ثلث على السّؤّال، و ثلث

ص: 499


1- في التهذيب: بدنة...
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 84.
3- أي قطعة أو بضعة.
4- البُرمة: القدر من الحجارة.
5- حسى المرق: شربه شيئا بعد شيء.
6- روى بمعناه في التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 91.
7- الحج/36.
8- الكلوح: العبوس. يقال: ما أقبح كلحته: يراد به الفم و ما حواليه.
9- الشدق: جانب الفم.
10- الحديث مرسل. و الأمر في: فكلوا: إما للوجوب أو للاستحباب على الخلاف بين الأصحاب.

ينسحله لأهل البيت (1)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ؛ و حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، جميعاً عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الهدي، ما يأكل منه الّذي يهديه في متعته و غير ذلك؟ فقال: كما يأكل من هديه (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن فداء الصيد، يأكل صاحبه من لحمه؟ فقال: يأكل من أُضحيّته، و يتصدَّق بالفداء (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَکُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ﴾، قال: القانع: الّذي يقنع بما أعطيته، و المُعْتَرّ؛ الّذي يعتريك، و السائل؛ الّذي يسألك في يديه، و البائس؛ هو الفقير (4)

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: سألته عن إخراج لحوم الأضاحيِّ من منى؟ فقال: كنّا نقول: لا يخرج منها شيء لحاجة النّاس إليه، فأمّا اليوم، فقد كَثُرَ النّاس، فلا بأس بإخراجه (5)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن ابن مسكان ،عن أبي بصير قال: سألته عن رجل أهدى هدياً فانكسر؟ فقال: إن كان مضموناً- و المضمون ما كان في يمين؛ يعني نذراً أو جزاءً-، فعليه فداؤه، قلت: أيأكل منه؟

ص: 500


1- الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 13 مرسلاً. و السؤال: جمع السائل، و هو الذي يسأل الناس ليعطوه.
2- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 93 و في ذيله: في هديه.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 96. الاستبصار 2، 187- باب الهدي المضمون هل يجوز أن يؤكل منه أم لا؟،ح 2، الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 16. و ما تضمنه من جواز الأكل من الأضحية و عدم جوازه من الفداء هو المشهور الأصحاب.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 90 بتفاوت يسير. الفقيه 2، نفس الباب، ح 12 و فيه إلى قوله:... الذي يعتريك.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 107. الاستبصار 2، 189- باب كراهية إخراج لحوم الأضاحي من منى، ح 4. الفقيه 2، نفس الباب، ح 15 بتفاوت.

فقال: لا، إنّما هو للمساكين، فإن لم يكن مضموناً فليس عليه شيء، قلت: أيأكل منه؟ قال: يأكل منه (1)

و روي أيضاً: أنّه يأكل منه، مضموناً كان أو غير مضمون (2)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن مولى لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: رأيت أبا الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) دعا ببَدَنة فنحرها، فلمّا ضرب الجزّارون عراقيبها فوقعت إلى الأرض، و كشفوا شيئاً عن سنامها قال: اقطعوا و كلوا منها [و أطعِموا]، فإنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول: ﴿فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَکُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا﴾ (3)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؛ و عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قالا: نهانا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عن لحوم الأضاحيِّ بعد ثلاث، ثمَّ أذن فيها و قال: كلوا من لحوم الأضاحيِّ بعد ثلاث، وادّخروا (4)

313- باب جلود الهَدْي

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: نهى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أن يُعطى الجزَّار من جلود الهدي و أجلالها (5) شيئاً.

2- و في رواية معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ينتفع بجلد الأُضحيّة،

ص: 501


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 95. الاستبصار 2، 187- باب الهدي المضمون هل يجوز أن يؤكل منه أم لا؟،ح 1. و قوله: أيأكل منه،- في الشقّ الأول- أي من المضمون.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 98، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. و أخرجه فيهما عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و حمله الشيخ على حال الضرورة فيما يكون مضمونا من الهدي.
3- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 94 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 5،نفس الباب، ح 102. الاستبصار 2، 188- باب جواز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام، ح 2. بتفاوت في الذيل فيهما. و قال الشهيد رحمه الله في الدروس: يجوز ادّخار لحمها بعد ثلاث و كان محرماً فنسخ. هذا و يقول المحقق في الشرائع 264/1: ﴿و يستحب الأكل من الأضحية و لا بأس بادّخار لحمها، و يكره أن يخرج به من مني، و لا بأس بإخراج ما يضحّيه غيره﴾.
5- أجلال: جمع جلّ.

و يشترى به المتاع، و إن تصدَّق به فهو أفضل، و قال نحر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بَدَنَة و لم يعط الجزّارين جلودها و لا قلائدها (1)و لا جلالها، و لكن تصدَّق به، و لا تعط السلّاخ منها شيئاً، و لكن أعطه من غير ذلك.

314- باب الحلق و التقصير

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن إبراهيم بن مسلم، عن أبي شبل، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ المؤمن إذا حلق رأسه بمنى ثمَّ دفنه، جاء یوم القيامة وكلُّ شعرة لها لسان طلق تلبّي باسم صاحبها (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مفضّل بن صالح، عن أبَان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): للرَّجل أن يغسل رأسه بالخطميِّ قبل أن يحلقه؟ قال: يقصّر و يغسله (3)

3- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يوم النّحر يحلق رأسه و يقلّم أظفاره و يأخذ من شاربه و من أطراف لحيته (4)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا اشتريت أُضحيّتك، و وزنت ثمنها، و صارت في رحلك، فقد بلغ الهدي مَحِلّه، فإن أحببت أن تحلق فاحلق (5)

ص: 502


1- القلائد: ما يعلّق في عنق البدنة من جلد و نحوه ليعلم أنها هدي فيكفّ الناس عنها. و قال المحقق في الشرائع 263/1: ﴿وكل هدي واجب كالكفارات [و الفداء و النذور، و ليس بهدي سياق و لا تمتع] لا يجوز أن يعطى الجزار منها شيئاً و لا أخذ شيء من جلودها و لا أكل شيء منها، فإن أكل تصدّق بثمن ما أكل﴾.
2- الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 46 و الحديث مجهول.
3- الحديث ضعيف على المشهور. و قال الشهيد في الدروس: لو أراد غسل رأسه بالخطمي أو غيره أخّر عن التقصير.
4- الفقيه 2، 206- باب في من نسي أو جهل أن يقصر أو... ، ح 3.
5- التهذيب 5 ، 16- باب الذبح، ح 133. الاستبصار 2، 195- باب أنه لا يجوز الحلق قبل الذبح، ح 2. و أخرجه فيهما عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن وهيب بن حفص عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... و يظهر أن الشيخ في التهذيب قد عمل بمضمونه حيث قال: و لا يجوز أن يحلق الرجل رأسه و لا يزور البيت إلا بعد الذبح أو أن يبلغ الهدي محلّه و هو أن يشتريه فيَجعله في رحله. و ما التزم به رحمه الله هو خلاف المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم إذ لا يجوز الحلق أو التقصير إلا بعد الذبح أو النحر.

5- و بإسناده، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألته عن رجل جهل أن يقصّر من رأسه أو يحلق حتّى ارتحل من منى؟ قال: فليرجع إلى منى حتّى يحلق بها شعره، أو يقصّر، و على الصّرورة أن يحلق (1)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ينبغي للصّرورة أن يحلق، و إن كان قد حجّ، فإن شاء قصّر، و إن شاء حلق، قال: و إذا لبّد شعره أو عقصه فإنَّ عليه الحلق، و ليس له التقصير (2)

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: على الصرورة أن يحلق رأسه و لا يقصّر، و إنّما التقصير لمن حجَّ حجّة الإسلام (3)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل نسي أن يقصّر من شعره و هو حاجُّ حتّى ارتحل من منى؟ قال: ما يعجبني أن يلقي شعره إلّا بمنى. و قال: في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ (4)، قال: هو الحلق، و ما في جلد الإنسان (5)

ص: 503


1- التهذيب 5، 17- باب الحلق، ح 6. الاستبصار 2، 196- باب من رحل من منى قبل أن يحلق، ح 2. الفقيه 2، 206- باب من نسي أو جهل أن ... ، ح 1 بتفاوت و أسنده إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث ضعيف على المشهور. و قد دل الحديث على أن المتعيّن على الصرورة الحلق دون التقصير، و على أن الجاهل بوجوب الحلق أو التقصير بمنى يجب عليه أن يحلق أو يقصّر في المكان الذي يرتفع جهله فيه إذا تعذر عليه الرجوع و أن يبعث بشعره ليدفن في منى و إلا فلا شيء عليه، و الذي يظهر من كلمات أكثر فقهائنا أن الصرورة مخيّر بين الحلق و التقصير، و حملوا الروايات الدالة على الحلق على الأفضلية و الاستحباب، قال الشهيدان: ﴿و أما الحلق فيتخيّر بينه و بين التقصير و الحلق أفضل الفردين الواجبين تخييراً خصوصاً للملبدّ شعره و الصرورة، و قيل: لا يجزيهما إلا الحلق للأخبار الدالة عليه و حملت على الندب جمعاً﴾. و نفس الموقف أورده المحقق في الشرائع 264/1 فراجع.
2- التهذيب 5، 17- باب الحلق، ح 14 و كرره برقم 372 من الباب 26 من نفس الجزء. و عقص الشعر: عبارة عن جمعه في وسط الرأس. و تلبيده: عبارة عن جعل الصمغ و شبهه فيه.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 19. و كرره برقم 371 من الباب 26 من نفس الجزء. و الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحج/29.
5- روی ذيله في الفقيه 2، 196- باب قضاء التفث، ح 5 و أخرجه عن النضر عن عبد الله بن سنان عن أبی عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و روى ذيله بتفاوت يسير في التهذيب 5، نفس الباب، ذيل ح 16 و أخرجه عنه عن ابن أبي عمیر عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل يحلق رأسه بمكّة؟ قال: يردّ الشعر إلى منى (1)

10- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن آبائه، عن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: السنّة في الحلق أن يبلغ العَظمَيْن (2)

11- أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقصّر المرأة من شعرها لعمرتها قدر أنملة (3)

12- أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا حين نَفَرْنا من منى أقمنا أيّاماً، ثمَّ حلقتُ رأسي طلب التلذُّذ، فدخلني من ذلك شيءٌ؟ فقال: كان أبو الحسن صلوات الله عليه إذا خرج من مكّة فأُتي بثيابه، حلق رأسه؛ قال: و قال في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُم﴾، قال: التَفَث؛ تقليم الأظفار، و طرح الوسخ، و طرح الإحرام (4)

13- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن ياسين الضرير، عن حريز، عن زرارة أنَّ رجلاً من أهل خراسان قَدِمَ حاجاً، و كان أقرعّ الرأس، لا يحسن أن يلبّي، فاستُفْتِيَ له أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأمر أن يُلَبّى عنه و يُمِرُّ الموسى على راسه، فإنَّ ذلك يجزىء عنه (5)

ص: 504


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 9. الاستبصار 2، 196- باب من رجل من منى قبل أن يحلق، ح 5. الفقيه 2، 206- باب من نسي أو جهل أن يقصّر أو ...، ح 2 و رواه مرسلاً. هذا و يقول المحقق في الشرائع 265/1: ﴿و يجب أن يحلق بمنى، فلو رحل رجع فحلق بها، فإن لم يتمكن حلق أو قصر مكانه و بعث بشعره ليدفن بها، و لو لم يمكنه لم يكن عليه شيء.﴾
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 20. و المقصود بالعظمين: هما اللذان يكونان عند الصدغين منتهى قبالة وتد الأذنين.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17 و في آخره: مقدار الأنملة. يقول المحقق في الشرائع 264/1: ﴿و ليس على النساء حلق، و يتعيّن في حقهن التقصير، و يحززن منه و لو مثل الأنملة﴾.
4- روى ذيله في الفقيه 2، 196- باب قضاء التفث، ح 7 بزيادة (عنه) في الذيل.
5- التهذيب 5، 17- باب الحلق، ح 21. هذا و قد مر أن الأخرس يجب عليه أن يعقد قلبه بالتلبية و يشير بإصبعه، و هذا ليس أسوأ حالاً منه، و لعل الاكتفاء بأن يلبىّ عنه كان مذهب بعض قدماء الأصحاب كابن الجنيد، و هو خلاف المشهور. و أما بالنسبة لمن لم يكن على رأسه شعر فيقول المحقق في الشرائع 265/1: ﴿و من ليس على رأسه شعر أجزاء إمرار الموسى عليه﴾.

315- باب من قدَّم شيئاً أو أخَّره من مناسكه

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج قال: سألت أبا الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يزور البيت قبل أن يحلق؟ قال: لا ينبغي، إلّا أن يكون ناسياً ثمَّ قال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أتاه أُناس يوم النّحر، فقال بعضهم: يا رسول الله، إنّي حلقت قبل أن أذبح، و قال بعضهم: حلقت قبل أن أرمي، فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي لهم أن يؤخّروه إلّا قدَّموه، فقال: لا حَرَج (1)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فداك، إنَّ رجلاً من أصحابنا رمي الجمرة يوم النَّحر و حلق قبل أن يذبح؟ فقال: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لمّا كان يوم النّحر، أتاه طوائف من المسلمين فقالوا: يا رسول الله، ذبحنا من قبل أن نرمي، و حلقنا من قبل أن نذبح، و لم يبق شيء ممّا ينبغي لهم أن يقدِّموه إلّا أخّروه، و لا شيء ممّا ينبغي لهم أن يؤخّروه إلّا قدَّموه، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): لا حَرَج لا حَرَج (2)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل زار البيت قبل أن يحلق؟ فقال: إن كان زار البيت قبل أن يحلق و هو عالم أنَّ ذلك لا ينبغي له، فإنَّ عليه دم شاة (3)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن

ص: 505


1- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 136. الاستبصار 2، 195- باب أنه لا يجوز الحلق قبل الذبح، ح 4. الفقيه 2، 205- باب تقديم المناسك و تأخيرها، ح 1.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 135. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. هذا و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على وجوب الترتيب في أفعال منى و ذلك بأن يرمي أولاً، ثم يذبح، ثم يحلق أو يقصّر، و لكنهم أفتوا بأنه إذا عكس عمداً أثِمَ و أجزأ و لا إعادة عليه، و إن استشكل صاحب المدارك في الحكم بعدم الإعادة و الإجزاء في صورة العمد.
3- التهذيب 5، 17- باب الحلق، ح 2. هذا و قد نبهنا سابقاً على أن الأصحاب رضوان الله عليهم قد أوجبوا الترتيب بين مناسك منى و هي الرمي ثم النحر أو الذبح ثم الحلق أو التقصير، و قدّمنا نصاً للمحقق حول ذلك، و يقول الشهيدان رحمهما الله: ﴿و هي- أي مناسك منى- رمي جمرة العقبة، ثم الذبح، ثم الحلق مرتباً كما ذكر، فلو عكس عمداً أثِمَ و أَجْزَاً﴾. كما ذكرنا سابقاً استشكال صاحب المدارك رحمه الله في الحكم بالإجزاء في صورة العمد.

عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل نسي أن يذبح بمنى حتّى زار البيت، فاشترى بمكّة ثمَّ ذبح؟ قال: لا بأس، قد أجزأ عنه (1)

316- باب ما يحلّ للرجل من اللباس و الطيب إذا حَلَقَ قبل أن يزور

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتمتّع إذا حلق رأسه قبل أن يزور البيت، يطلبه بالحنّاء؟ قال: نعم، الحنّاء و الثياب و الطيب، و كلُّ شيء، إلّا النّساء- ردّدها عليَّ مرّتين أو ثلاثاً- قال: و سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عنها؟ نعم، فقال: الحنّاء و الثياب و الطيب و كلُّ شيء، إلّا النساء (2)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)فقلت: المتمتّع يغطّي رأسه إذا حلق؟ فقال: يا بُنَيَّ، حَلْقُ رأسه أعظم من تغطيته إيّاه (3)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن يونس مولى عليّ، عن أبي أيّوب الخزَّاز قال: رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بعد ما ذبح، حَلَقَ، ثمَّ ضمّد رأسه بمسك (4)، و زار البيت و عليه قميص، و كان متمتّعاً.

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن أبي أيّوب نحوه (5)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 506


1- الفقيه 2، 205- باب تقديم المناسك و تأخيرها، ح 2. بتفاوت.
2- التهذيب 5، نفس الباب، الاستبصار 2، 197- باب أن من حلق رأسه قبل أن يطوف طواف الزيارة حلّ له ... ،ح 4 بتفاوت فيهما. هذا و يقول المحقق في الشرائع 265/1: ﴿مواطن التحليل ثلاثة: الأول: عقيب الحلق أو التقصير، يحلّ من كل شيء إلا الطيب و النساء و الصيد. الثاني: إذا أطاف طواف الزيارة، حلّ له الطيب. الثالث: إذا طاف طواف النساء حلّ له النساء﴾.
3- روى ذيله في الفقيه 2، 207- باب ما يحل للمتمتع و المفرد إذا ذبح و حلق قبل أن ... ، ذيل حديث 3، مرسلاً بتفاوت.
4- يدل على جواز استعمال الطيب بعد الحلق. و لم يستبعد جوازه صاحب المدارك بشرط عدم انعقاد إجماع على خلافه. أقول: و هو خلاف المشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم.
5- هذا السند مجهول.

عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: ولد لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مولود بمنى، فأرسل إلينا يوم النحر بخبيص فيه زعفران، و كنّا قد حلقنا، قال عبد الرَّحمن: فأكلتُ أنا، و أبى الكاهليُّ و مرازم أن يأكلا، و قالا: لم نَزُر البيت، فسمع أبو الحسن ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كلامنا ، فقال لمصادف- و كان هو الرسول الّذي جاءنا به-: في أيِّ شيء كانوا يتكلّمون؟ قال: أكل عبد الرَّحمن و أَبى الآخران و قالا: لم نَزُر بَعْدُ، فقال: أصاب عبد الرَّحمن، ثمَّ قال: أما يذكر حين أُوتينا به في مثل هذا اليوم، فأكلت أنا منه، و أبى عبد الله أخي أن يأكل منه، فلمّا جاء أبي حرَّشه عليَّ فقال: يا أَبَه، إنَّ موسى أكل خبيصاً فيه زعفران و لم يزر بعد، فقال أبي: هو أفقه منك، أليس قد حلقتم رؤوسكم (1)

5- صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتمتّع إذا حلق رأسه، ما يحلُّ له؟ فقال: كلُّ شيء، إلّا النّساء.

317- باب صوم المتمتع إذا لم يجد الهَدْيَ

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد جميعاً، عن رِفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المتمتّع لا يجد الهدي؟ قال: يصوم قبل التروية بيوم، و يومَ التّروية، و يومَ عرفة، قلت: فإنّه قَدِمَ يومَ التروية؟ قال: يصوم ثلاثة أيّام بعد التشريق، قلت: لم يقم عليه جمّاله؟ قال: يصوم يوم الحصبة، و بعده يومين، قال: قلت: و ما الحصبة؟ قال: نَفْرِِهِ، قلت: يصوم و هو مسافر؟ قال نعم، أليس هو يومَ عرفة مسافراً، إنّا أهل بيت نقول ذلك لقول الله عزَّ و جلَّ: ﴿فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الحَجّ﴾ (2) يقول: في ذي الحجّة (3)

ص: 507


1- التهذيب 5، 17- باب الحلق، ح 26. الاستبصار 2، 197- باب أن من حلق رأسه قبل أن يطوف طواف الزيارة حلّ ... ، ح 5. و حرّش بين القوم أو الكلاب: أغرى بعضهم ببعض. و الخبيص: حلوى تصنع من التمر الملتوت بالسمن. و قد حمل الشيخ في التهذيب هذا الخبر و أمثاله على الحاج غير المتمتع. و ظاهر الكليني رحمه الله أنه يقول بالجواز مطلقاً.
2- البقرة/196.
3- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 124 بتفاوت في الذيل. و كذا هو في الاستبصار 2، 192- باب من صام يوم التروية و يوم عرفة هل ..، ح 5. و أخرجاه عن الحسين بن سعيد عن صفوان و فضالة عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و قد ذكر الشيخ هذا الحديث بنفس سند الفروع هنا برقم 43 من الباب 4 من نفس الجزء من التهذيب. و قال السيد الخوئي معلقاً على السند فيهما في معجم رجال الحديث 199/7: ﴿و الظاهر وقوع السقط فيهما، فإن أحمد بن محمد و هو ابن عيسى و سهل بن زياد لا يمكن أن يروبا عن رفاعة بن موسى بلا واسطة، و إنما يروبان عنه بواسطة أو بواسطتين ...﴾

2- أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم بن عمرو، عن زرارة، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: من لم يجد هدياً، و أحبَّ أن يقدِّم الثلاثة الأيّام في أوَّل العشر، فلا بأس (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن متمتّع لم يجد هدياً؟ قال: يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ، يوماً قبل التروية، و يومَ التروية و يومَ عرفة، قال: قلت: فإن فاته ذلك؟ قال: يتسحّر ليلة الحَصَبة، و يصوم ذلك اليوم، و يومين بعده، قلت: فإن لم يقم عليه جمّاله، أيصومها في الطريق؟ قال: إن شاء صامها في الطريق، و إن شاء إذا رجع إلى أهله (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن متمتّع يدخل يوم التروية و ليس معه هديٌ؟ قال: فلا يصوم ذلك اليوم، و لا يوم عرفة، و يتسحّر ليلة الحَصَبة فيصبح صائماً، و هو يوم النفر، و يصوم يومين بعده.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: رجلٌ تمتّع بالعمرة إلى الحجِّ، في عيبته ثياب له، يبيع من ثيابه و يشتري هديه؟ قال: لا، هذا يتزيّن به المؤمن، يصوم، و لا يأخذ شيئاً من ثيابه (3)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في متمتّع يجد الثمن و لا يجد الغنم؟ قال: يخلّف الثمن عند بعض أهل مكّة، و يأمر من يشتري له و يذبح عنه، و هو يجزىء عنه، فإن مضى ذو الحجّة، أخّر ذلك إلى قابل من ذي الحجّة (4)

ص: 508


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 132. الاستبصار 2، 194- باب جواز صيام الثلاثة الأيام في السفر، ح 6 بتفاوت فيهما و أخرجاه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان و محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان قال: حدثني أبَان الأزرق عن زرارة عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 208- باب ما يجب من الصوم على المتمتع إذا... ، ح 5. و فيه عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و المقصود بالعشر: العشر الأواخر من ذي الحجة.
2- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 44 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 141 بتفاوت يسير جداً. و يقول المحقق في الشرائع 260/1: ﴿و لا يجب بيع ثياب التجمّل في الهدي، بل يقتصر على الصوم﴾.
4- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 38. الاستبصار 2، 176- باب من لم يجد الهدي و وجد الثمن، ح 38. قال المحقق في الشرائع 261/1: ﴿من فقد الهدي و وجد ثمنه، قيل: يخلّفه عند من يشتريه طول ذي الحجة، و قيل: ينتقل فرضه إلى الصوم، و هو الأشبه﴾. و القول الأول هو المشهور بين الأصحاب. و اختار ابن إدريس ما اعتبره المحقق الأشبه.

7- أبو عليُّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن يحيى الأزرق قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن متمتّع كان معه ثمن هدي و هو يجد بمثل ذلك الّذي معه هدياً، فلم يزل يتوانى و يؤخّر، حتّى إذا كان آخر النهار غَلَت الغنم، فلم يقدر أن يشتري بالّذي معه هدياً؟ قال: يصوم ثلاثة أيّام بعد أيّام التشريق (1)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير قال: سألته عن رجل تمتّع فلم يجد هدياً، فصام الثلاثة الأيّام، فلمّا قضى نسكه، بدا له أن يقيم بمكّة؟ قال: ينتظر مقدم أهل بلاده، فإذا ظنَّ أنّهم قد دخلوا، فليَصُمْ السبعة الأيّام (2)

9- أحمد بن محمد بن أبي بصير، عن عبد الكريم، عن أبي نصر، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي [به]، حتّى إذا كان يوم النفر، وجد ثمن شاة، أيذبح أو يصوم؟ قال: بل يصوم، فإنَّ أيّام الذَّبح قد مضت (3)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن منصور، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من لم يصم في ذي الحجّة حتّى يهلّ هلال المحرَّم، فعليه دم شاة، و ليس له صوم، و يذبحه بمنى (4)

ص: 509


1- الفقيه 2، 208- باب ما يجب من الصوم على المتمتع إذا لم يجد ثمن الهدي، ذيل ح 6 بتفاوت و أخرجه عن یحیی الأزرق على أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3 يتفاوت. التهذيب 4، 72- باب الزيادات، ح 22 بتفاوت.
3- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 40. الاستبصار 2، 176- باب من لم يجد الهدي و وجد الثمن، ح 3. ونص الصدوق رحمه الله على ما تضمنه هذا الخبر من حكم في الفقيه 2، بعد إيراده الحديث 4 من الباب 208 فراجع. هذا و قال المحقق في الشرائع 262/1: ﴿و لو صامها (أي الثلاثة أيام في الحج) ثم وجد الهدي و لو قبل التلبّس بالسبعة لم يجب عليه الهدي، و كان له المضي على الصوم، و لو رجع إلى الهدي كان أفضل﴾.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 45. الاستبصار 2، 191- باب من لم يجد الهدي و أراد الصوم، ح 7. هذا و قال المحقق في الشرائع 261/1: ﴿من فقد الهدي و وجد بدله، قيل: يخلّفه عند من يشتريه طول ذي الحجة، و قيل: فينتقل فرضه إلى الصوم، و هو الأشبه. و إذا فقدهما صام عشرة أيام، ثلاثة في الحج متابعات، يوماً قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة، و لو لم يتفق اقتصر على التروية و عرفة ثم صام الثالث بعد النفر، و لو فاته يوم التروية أخّره إلى بعد النفر ... و لا يصح صوم هذه الثلاثة إلا في ذي الحجة بعد التلبس بالمتعة، و لو خرج ذو الحجة و لم يصمها تعيّن الهدي في القابل، و لو صامها ثم وجد الهدي و لو قبل التلبس بالسبعة لم يجب عليه الهدي و كان له المضي على الصوم، و لو رجع إلى الهدي كان أفضل، و صوم السبعة بعد وصوله إلى أهله و لا يشترط فيها الموالاة على الأصح، فإن أقام بمكة، انتظر قدر وصوله إلى أهله ما لم يزد على شهر﴾.

11- عدةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن حمّاد بن عثمان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن متمتّع صام ثلاثة أيّام في الحجِّ، ثمَّ أصاب هدياً يوم خرج من منى؟ قال: أجزأه صيامه (1)

12- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: من مات و لم يكن له هدي لمتعته فليصم عنه وليّها (2)

13- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل يتمتّع بالعمرة إلى الحجِِّ و لم يكن له هدي، فصام ثلاثة أيّام في الحجّ، ثمَّ مات بعد ما رجع إلى أهله قبل أن يصوم السبعة الأيّام، أَعَلى وليّه أن يقضي عنه؟ قال: ما أرى عليه قضاء (3)

14- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل تمتّع و ليس معه ما يشتري به هدياً، فلمّا أن صام ثلاثة أيّام في الحجِّ، أيسر، أيشتري هدياً فينحره، أو يدع ذلك و يصوم سبعة أيّام إذا رجع إلى أهله؟ قال: يشتري هدياً فينحره، و يكون صيامه الّذي صامه نافلة له (4)

15- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه رفعه في قوله عزَّ و جلَّ: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِى الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ (5)؟كمالها (6) كمال الأُضحيّة.

ص: 510


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 41. الاستبصار 2، 176- باب من لم يجد الهدي و وجد الثمن، ح 4.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 46. الاستبصار 2، 177- باب من مات و لم يكن له هدي لمتعته هل يجب على ... ، ح 1. الفقيه 2، 208- باب ما يجب من الصوم على ...، ح 2 و أخرجه عن صفوان عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و قد حمل أصحابنا هذا الحديث على أن وليه يصوم عنه الأيام الثلاثة التي كان عليه أن يصومها في الحج، دون الأيام السبعة التي كان عليه صيامها بعد رجوعه إلى أهله، إذ ليس على أحد وجوب قضائها. و إن ذهب البعض إلى القول بوجوب قضاء الجميع، يقول المحقق في الشرائع 262/1: ﴿و لو مات من وجب عليه الصوم و لم يصم، وجب أن يصوم عن وليّه الثلاثة دون السبعة، و قيل: بوجوب قضاء الجميع، و هو الأشبه﴾.
3- التهذيب 5، 4- باب ضروب الحج، ح 47. الاستبصار 2، 177- باب من مات و لم يكن له هدي هل يجب على ... ، ح 2 بتفاوت يسير فيهما.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 42. الاستبصار 2، 176- باب من لم يجد الهدي و وجد الثمن، ح 5.
5- البقرة/196.
6- ﴿كما لها كمال الأضحية، أي ليس الغرض بيان أن الثلاثة و السبعة عشرة تامة فإن هذا لا يحتاج إلى البيان، بل الغرض أن تلك العشرة كاملة في بدلية الهدي و لا ينقص ثوابها عن ثواب الهدي ... الخ﴾ مرآة المجلسي 199/18. هذا و الحديث مرفوع.

16- يعض أصحابنا، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن عبد الله الكرخيِّ، قال: قلت للرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المتمتّع يقدم و ليس معه هديٌ، أيصوم ما لم يجب عليه؟ قال: يصبر إلى يوم النحر، فإن لم يُصِبْ فهو ممّن لم يجد (1)

318- باب الزيارة و الغسل فيها

1- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الغسل- إذا زار البيت- من منى؟ فقال: أنا أغتسل من منى، ثمَّ أزور البيت (2)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن غسل الزّيارة، يغتسل الرَّجل باللّيل و يزور في اللّيل بغسل واحد، أيجزيه ذلك؟ قال: يجزيه ما لم يحدث [ما يوجب] وضوءاً، فإن أحدث فليُعِدْ غسله باللّيل (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ينبغي للمتمتّع أن يزور البيت يوم النحر، أو من ليلته، و لا يؤخّر ذلك (4)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في زيارة البيت يوم النحر، قال: زره، فإن شُغِلْتَ فلا يضرُّك أن تزور البيت من الغد، و لا تؤخّره أن تزور من يومك، فإنّه يكره للمتمتّع أن يؤخّره، و موسّع للمفرد أن يؤخّره، فإذا أتيتَ البيت يوم النحر فقمت على

ص: 511


1- الحديث مجهول. و لم يستبعد بعض علمائنا حمله على التقية.
2- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 9 و 10 بتفاوت في الأخير.
3- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 9 و 10 بتفاوت في الأخير.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 3. الاستبصار 2، 200- باب وقت طواف الزيارة للمتمتع، ح 3 و في ذيله زيادة: اليوم. هذا و قد حكم أصحابنا رضوان الله عليهم باستحباب تعجيل العود من يوم النحر متى فرغ من مناسك منى ليومه إلى مكة، و ذلك للطوافين و السعي، و يجوز التأخير إلى الغد، و إن كان المشهور أنه يأثم لو أخّره بعد الغد و ذهب ابن إدريس، و العلامة في المختلف إلى عدم الإثم على المتمتع في هذا التأخير، و قواه الشهيد الثاني رحمهم الله.

باب المسجد قلت: ﴿اللّهمَّ أعِنِّي على نسكك، و سلّمني له و سلّمه لي، أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه، أن تغفر لي ذنوبي، و أن ترجعني بحاجتي، اللّهمَّ انّي عبدك، و البلد بلدك، و البيت بيتك، جئت أطلب رحمتك و أوءمُّ طاعتك، متّبعاً لأمرك، راضياً بقَدَرك، أسألك مسألة المضطرِِّ إليك، المطيع لأمْرك، المشفق من عذابك، الخائف لعقوبتك، أن تبلّغني عفوك، و تجيرني من النّار برحمتك﴾.

ثمَّ تأتي الحجر الأسود فتستلمه و تقبّله، فإن لم تستطع فاستلمه بيدك و قبّل يدك، فإن لم تستطع فاستقبله و كبرّ و قل كما قلت حين طفت بالبيت يوم قَدِمْتَ مكّة، ثمَّ طف بالبيت سبعة أشواط كما و صفت لك يوم قدمت مكّة، ثمَّ صلِّ عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ركعتين، تقرء فيهما بقل هو الله أحد، و قل يا أيّها الكافرون، ثمَّ ارجع إلى الحجر الأسود فقبّله إن استطعت، و استقبله و كبّر، ثمَّ اخرج إلى الصّفا فاصعد عليه و اصنع كما صنعت يوم دخلت مكّة، ثمَّ ائت المروة فاصعد عليها وطف بينهما سبعة أشواط، تبدء بالصّفا و تختم بالمروة، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كلِّ شيء أحرمت منه إلّا النساء، ثمَّ ارجع إلى البيت وطف به أُسبوعاً آخر، ثمَّ صلِّ ركعتين عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ أحللت من كلِّ شيء، و فرغت من حجّك كلّه، و كلِّ شيء أحرمتَ منه (1)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عمّن ذكره قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، متمتّع زار البيت، فطاف طواف الحج، ثمَّ طاف طواف النساء، ثمَّ سعى؟ فقال: لا يكون السعي إلّا قبل طواف النساء، فقلت: عليه شيءٌ؟ فقال: لا يكون السعي إلّا قبل طواف النساء (2)

319- باب طواف النساء

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 512


1- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 13. الاستبصار 2، 200- باب وقت طواف الزيارة للمتمتع، ح 8 و روى صدره إلى قوله: ... أن يؤخره. كما روى جزءاً من أوله و جزءاً من الدعاء في الفقيه 2، 213- باب سباق مناسك الحج، عنوان (زيارة البيت).
2- الحديث مرسل. و لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في إجزاء السعي إذا قدّمه على طواف النساء نسياناً، و عدم إجزائه مع العمد.

في قول الله عزّ و جلَّ: ﴿وَ لْیَطَّوَّفُوا بِالْبَیْتِ الْعَتِیقِ﴾ (1) قال: طواف الفريضة طواف النّساء (2)

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن بعض أصحابه، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْیَطَّوَّفُوا بِالْبَیْتِ الْعَتِیقِ﴾؟ قال: طواف النساء (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد الله بن سنان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لو لا ما منَّ الله عزَّ و جلَّ على النّاس من طواف النّساء لرجع الرَّجل إلى أهله و ليس يحلُّ له أهله (4)

4- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن أخيه الحسين بن عليِّ بن يقطين قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الخصيان و المرأة الكبيرة، أعَلَيهم طواف النساء؟ قال: نعم، عليهم الطواف كلّهم (5)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): رجلٌ نسي طواف النساء حتّى دخل أهله؟ قال: لا تحلُّ له النّساء حتّى يزور البيت؛ و قال: يأمر أن يقضى عنه إن لم يحجَّ، فإن توفّي قبل أن يُطاف عنه، فليقضِ عنه وليّه أو غيره (6)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن المرأة المتمتّعة تطوف بالبيت و بالصفا و المروة

ص: 513


1- الحج/29.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. و كرره برقم 8 من الباب 23 من نفس الجزء. الفقيه 2، 196- باب قضاء التفث، ح 9.
3- التهذيب 5، 23- باب تفصيل فرائض الحج، ح 9 و فيه: عن بعض أصحابنا.
4- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 16 بتفاوت.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 24. هذا و يقول المحقق في الشرائع 271/1: ﴿طواف النساء واجب في الحج و العمرة المفردة دون المتمتع بها، و هو لازم للرجال و النساء و الصبيان و الخنائي﴾.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17 بتفاوت و زيادة في آخره. و كرره كذلك برقم 25 من نفس الباب. هذا و يقول الشهيدان رحمهما الله: ﴿و لو نسي طواف النساء حتى خرج من مكة، جازت الإستنابة فيه اختياراً و إن أمكن العود، لكن لو اتفق عَوده لم تجز الإستنابة﴾. و قال المحقق في شرائعه: ﴿و لو نسي طواف النساء جاز أن يستنيب، و لو مات قضاه وليّه وجوباً﴾.

للحجِِّ، ثمَّ ترجع إلى منى قبل أن تطوف بالبيت (1)؟ فقال: أليس تزور البيت (2)؟ قلت: بلى، قال: فلتَطُف

7- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن سماعة، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل طاف طواف الحجِّ و طواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا و المروة؟ فقال: لا يضرُّه، يطوف بين الصفا و المروة، و قد فرغ من حجّه (3)

320- باب من بات عن منى في لياليها

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا تبت ليالي التشريق إلاّ بمنى، فإن بتَّ في غيرها فعليك دمٌ، و إن خرجت أوَّل اللّيل فلا ينتصف لك اللّيل إلّا و أنت بمنى، إلّا أن يكون شُغْلُك بنُسُكك، [أ] و قد خرجت من مكّة، و إن خرجت نصف اللّيل فلا يضرُّك أن تصبح بغيرها؛ قال: و سألته عن رجل زار عشاء، فلم يزل في طوافه و دعائه و في السعي بين الصفا و المروة حتّى يطلع الفجر؟ قال: ليس عليه شيء، كان في طاعة الله (4)

2- أبو علي ّالأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الزِّيارة من منى؟ قال: إن زار بالنّهار أو عشاء فلا ينفجر الفجر إلّا و هو بمنى، و إن زار بعد نصف اللّيل و أسحر، فلا بأس أن ينفجر الفجر و هو بمكّة (5)

ص: 514


1- يعني طواف النساء.
2- أي للوداع كما يفعل المخالفون حيث لم يوجبوا طواف النساء، فيكون بالنسبة لها للوداع ظاهراً و واقعاً للنساء. و الله العالم. و الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 395. و ذكره برقم 111 من الباب 9 من نفس الجزء و أسنده هناك إلى أبي الحسن الماضي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و لا بد من حمل الحديث صورة الضرورة أو السهو.
4- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 38 و فيه تفاوت. إلى قوله: ... أن تصبح بغيرها. و روى تتمته برقم 36 من نفس الباب بتفاوت يسير. الاستبصار 2، 201- باب من بات ليالي منى بمكة، ح 8 و فيه إلى قوله: ... أن تصبح بغيرها. و روى تتمته بتفاوت يسير برقم 6 من نفس الباب. و روى ذيله في الفقيه 2، 192- باب ما جاء فيمن بات ليالي منى بمكة، ح 2.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 30 بتفاوت. قال المحقق في الشرائع 275/1: ﴿و إذا قضى الحاج مناسكه بمكة من طواف الزيارة و السعي و طواف النساء فالواجب العود إلى منى للمبيت بها، فيجب عليه أن يبيت بها ليلتي الحادي عشر و الثاني عشر، فلو بات بغيرها كان عليه عن كل ليلة شاه إلا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة، أو يخرج من منى بعد نصف الليل، و قيل: بشرط أن لا يدخل مكة إلا بعد طلوع الفجر، و قيل: لو بات الليالي الثلاث بغير منى لزمه ثلاث شياة، و هو محمول على من غربت الشمس في الليلة الثالثة و هو بمنى، أو من لم يتّق الصيد و النساء﴾.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن بعض أصحابنا، في رجل زار البيت فنام في الطريق قال : إن بات بمكّة فعليه دمٌ، و إن كان قد خرج منها فليس عليه شيءٌ، و لو أصبح دون منى (1)

و في رواية أُخرى عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في الرَّجل يزور فينام دون منى؟ قال: إذا جاز عقبة المدنيّين فلا بأس أن ينام (2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا زار الحاجُّ من منى، فخرج من مكّة فجاوز بيوت مكّة، فنام، ثمَّ أصبح قبل أن يأتي منى، فلا شيء عليه (3)

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن ابن بكير، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: لا تدخلوا منازلكم بمكّة إذا زرتم،- يعني أهل مكّة (4)

321- باب إتيان مكة بعد الزيارة للطواف

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن المفضّل بن صالح، عن ليث المراديِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرَّجل يأتي مكّة أيّام منى بعد فراغه من زيارة البيت، فيطوف بالبيت تطوُّعاً؟ فقال: المقام بمنى أفضلُ وأحبُّ إليَّ (5)

ص: 515


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 41. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 11 بتفاوت فيهما. و ليس فيهما. عن بعض أصحابنا. و هو موقوف فيهما أيضاً.
2- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 40. الاستبصار 2، 201- باب من باب ليالي منى بمكة، ح 10. و أخرجاه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- الفقيه 2، 192- باب ما جاء فيمن بات ليالي منى بمكة، ح 6.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 5. و هذا الحديث محمول على الكراهة، إلا أن يكون دخولهم منازلهم بمكة من أجل المبيت فيها و عدم مبيتهم بمنى.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 47. الاستبصار 2، 202- باب إتيان مكة أيام التشريق لطواف الزيارة، ح 4. الفقيه 2، 193- باب إتيان مكة بعد الزيارة للطواف، ح 2.

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الزِّيارة بعد زيارة الحجِّ في أيّام التشريق؟ فقال: لا (1)

322- باب التكبير أيام التشريق

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ اذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ﴾ (2) قال: التكبير في أيام التشريق، من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من يوم الثالث، و في الأمصار عشر صلوات، فإذا نفر بعد الأُولى أمسك أهل الأمصار، و من أقام بمنى فصلّى بها الظهر و العصر، فليكبّر (3)

2- حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): التكبير في أيّام التشريق في دبر الصلوات؟ فقال: التكبير بمنى في دبر خمسة عشر صلاة، و في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات، و أوَّل التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر، يقول فيه: ﴿اللهُ اکْبَرُ، اللهُ اکْبَرُ، لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَ اللهُ أَکْبَرُ، اللهُ أَکْبَرُ و للهِ الْحَمْدُ، اللهُ أَکْبَرُ عَلی ما هَدانا، اللهُ اکْبَرُ عَلی ما رَزَقَنا مِنْ بَهیمَهِ الأنْعامِ﴾. و إنما جعل في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات، لأنّه إذا نفر الناس في النفر الأوَّل (4)، أمسك أهل الأمصار عن التكبير، و كبّر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر الأخير (5)

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 516


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 46. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و حمل النفي لذلك على جهة الأفضل و الأولى. و الحديث صحيح.
2- البقرة/203.
3- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 33. الاستبصار 2. 206- باب أن التكبير أيام التشريق عقيب الصلوات المفروضات فرض واجب، ح 1. بتفاوت قليل بينهما.
4- النفر الأول: هو مغادرة منى يوم الثاني عشر من ذي الحجة بشرط أن يكون بعد الزوال بشرط أن يكون اجتنب. الصيد و النساء في إحرامه. في مقابل النفر الأخير و هو مغادرتها يوم الثالث عشر من ذي الحجة قبل الزوال أو بعده.
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 34. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2. و قد أورد مضمونه في الفقيه 2، 213. باب سياق مناسك الحج، بعنوان (التكبير أيام التشريق) مع حذف السند فراجع. هذا و يقول المحقق في الشرائع 276/1 : ﴿و التكبير بمنى مستحب، و قيل: واجب، و صورته: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله و الله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، و الحمد لله على ما أوْلانا و رزقنا من بهيمة الأنعام﴾.

منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ اذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ﴾؟ قال: هي أيّام التشريق، كانوا إذا أقاموا بمني بعد النحر تفاخروا، فقال الرجل منهم: کان أبي يفعل كذا و كذا، فقال الله جلَّ ثناؤه: ﴿فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْکُرُوا اللَّهَ ...(إلى قوله تعالى) کَذِکْرِکُمْ آبَاءَکُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِکْرًا﴾ (1) قال: و التكبير ﴿اللهُ اکْبَرُ، اللهُ اکْبَرُ، لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَ اللهُ أَکْبَرُ، اللهُ أَکْبَرُ و للهِ الْحَمْدُ، اللهُ أَکْبَرُ عَلی ما هَدانا، اللهُ اکْبَرُ عَلی ما رَزَقَنا مِنْ بَهیمَهِ الأنْعامِ﴾.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: التكبير أيّام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيّام التشريق، إن أنت أقمت بمنى، و إن أنت خرجت فليس عليك التكبير، و التكبير أن تقول: ﴿اللهُ اکْبَرُ، اللهُ اکْبَرُ، لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَ اللهُ أَکْبَرُ، اللهُ أَکْبَرُ و للهِ الْحَمْدُ، اللهُ أَکْبَرُ عَلی ما هَدانا، اللهُ اکْبَرُ عَلی ما رَزَقَنا مِنْ بَهیمَهِ الأنْعامِ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا أَبْلاَنَا﴾ (2)

5- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحد هما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل فاتته ركعة مع الإمام من الصلاة أيّام التشريق؟ قال: يتمُّ صلاته ثمَّ يكبّر؛ قال: و سألته عن التكبير بعد كلِّ صلاة؟ فقال: كم شئتَ، إنّه ليس شيءٌ موقّت- يعني في الكلام- (3)

323- باب الصلاة في مسجد منى و من يجب عليه التقصير و التمام بمنى

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: [إنّ] أهل مكّة إذا زاروا البيت و دخلوا منازلهم أتمّوا، و إذا لم يدخلوا منازلهم قصّروا (4)

ص: 517


1- البقرة/198- 199- 200.
2- التهذيب 5، 19- باب الرجوع إلى منى و رمي الجمار، ح 35 بتفاوت. و أخرجه عن موسى بن القاسم عن إبراهيم عن ... الخ. و فيه: إلى صلاة الفجر، بدل: إلى صلاة العصر.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 383. و يقول المحقق في الشرائع 276/1: ﴿و التكبير بمنى مستحب و قيل: واجب، و صورته: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله و الله أكبر، الله أكبر على ما هدانا و الحمد لله على ما أوْلانا و رزقنا من بهيمة الأنعام﴾.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج ، ح 389 بتفاوت

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ أهل مكّة إذا خرجوا حجّاجاً قصروا، و إذا زاروا و رجعوا إلى منازلهم أتمّوا.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: حجّ النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فأقام بمنى ثلاثاً يصلّي ركعتين، ثمَّ صنع ذلك أبو بكر، و صنع ذلك عمر، ثمَّ صنع ذلك عثمان ستّة سنين، ثمّ أكملها عثمان أربعاً فصلّى الظهر أربعاً، ثمَّ تمارض ليشدَّ بذلك بدعته، فقال للمؤذِّن: اذهب إلى عليّ فقل له فليصلِّ بالناس العصر، فأتى المؤذِّن عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال له: إنَّ أمير المؤمنين عثمان يأمرك أن تصلّي بالناس العصر، فقال: إذن لا أُصلّي إلّا ركعتين كما صلّى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فذهب المؤذِّن فأخبر عثمان بما قال عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقال: اذهب إليه فقل له: إنّك لست من هذا في شيء، اذهب فصلّ كما تؤمر، قال عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا و الله لا أفعل، فخرج عثمان فصلّى بهم أربعاً، فلمّا كان في خلافة معاوية و اجتمع الناس عليه، و قتل أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، حجّ معاوية فصلّى بالناس بمنى ركعتين الظهر، ثمّ سلّم، فنظرت بنو أميّة بعضهم إلى بعض، و ثقيف، و من كان من شيعة عثمان، ثمَّ قالوا: قد قضى على صاحبكم (1) و خالف، و أشمتَّ به عدوُّه، فقاموا فدخلوا عليه فقالوا: أتدري ما صنعت، ما زدتَ على أن قضيت على صاحبنا و أشمت به عدوُّه، و رغبت عن صنيعه و سنّته، فقال: ويلكم، أما تعلمون أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) صلّى في هذا المكان ركعتين، و أبو بكر، و عمر، و صلّى صاحبكم ستَّ سنين كذلك، فتأمروني أن أدع سنّة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ما صنع أبو بكر و عمر و عثمان قبل أن يحدث؟! فقالوا: لا و الله ما نرضى عنك إلّا بذلك، قال: فأقيلوا، فإنّي مشفّعكم و راجع إلى سنّة صاحبكم، فصلّى العصر أربعاً، فلم يزل الخلفاء و الأمراء على ذلك إلى اليوم.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صلّ في مسجد الخَيْف، و هو مسجد منى، و كان مسجد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على عهده عند المنارة الّتي في وسط المسجد، و فوقها إلى القبلة نحواً من ثلاثين ذراعاً، و عن يمينها، و عن يسارها، و خلفها نحواً من ذلك، فقال: فَتَحَرَّ ذلك، فإن استطعت أن يكون مصلّاك فيه فافعل، فإنّه قد صلّى فيه ألف نبيّ، و إنّما سمّي الخَيف، لأنّه مرتفع عن الوادي، و ما ارتفع عنه يسمّى خَيْفاً (2)

ص: 518


1- قضى على صاحبكم: أي حكم عليه بالخطأ و الإبتداع في الدین.
2- التهذيب 5، 20- باب النفر من منى، ح 14 بتفاوت و فيه إلى قوله: ألف نبي. الفقيه 1، 37- باب فضل المساجد و حرمتها و ثواب ...، ح 13 بتفاوت. و روى تحت رقم 11 من نفس الباب عن جابر عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنه قال: صلى في مسجد الخيف سبعمائة نبي. كما روى جزءاً من من هذا الحديث في الفقيه 2، 62 -باب فضائل الحج، ح 32. و بذيل رقم 31 من نفس الباب ذكر أنه قد صلى في مسجد الخيف سبعمائة نبی

5- معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ أهل مكّة يتمّون الصلاة بعرفات؟ فقال: ويلهم- أو (1) ويحهم- و أيُّ سفر أشدُّ منه، لا، لا يتمّ (2)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: صلِِّ ستَّ ركعات في مسجد منى في أصل الصومعة (3)

324- باب النفر من منى الأول و الآخر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن أبي أيّوب قال : قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا نريد أن نتعجّل السير- و كانت ليلة النفر حين سألته-، فأيُّ ساعة ننفر؟ فقال لي: أمّا اليوم الثاني فلا تنفر حتّى تزول الشمس، و كانت ليلة النفر و أمّا اليوم الثالث، فإذا ابيضّت الشمس فانفر على بركة الله، فإنّ الله جلَّ ثناؤه يقول: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾(4)، فلو سكت لم يبق أحدٌ إلّا تعجّل، و لكنّه قال: ﴿وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ (5)

ص: 519


1- الترديد من الراوي.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 147 و في ذيله: ... لا يتمّوا. الفقيه 2، 181 -باب التقصير في الطريق إلى عرفات، ح 1 و في آخره: ... لا تتم. و كان قد ذكره الشيخ في التهذيب 3، الحديث رقم 507 من التسلسل العام، و كذا الصدوق برقم 1301 من الجزء الأول من الفقيه في التسلسل العام.
3- التهذيب 5، 20- باب النفر من منى، ح 15 و في سنده توسط أبو بصير بين علي بن أبي حمزة و أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و قوله: أصل الصومعة: أي العمارة التي عند المنارة و هو داخل في التحديد الوارد في الحديث المتقدم برقم 4 من هذا الباب. هذا و يقول المحقق في الشرائع 277/1: ﴿و يستحب أمام ذلك- أي أمام العود إلى مكة لوداع البيت- صلاة ست ركعات بمسجد الخَيْف و آكده استحباباً عند المنارة التي في وسطه، و فوقها إلى جهة القبلة بنحو من ثلاثين ذراعاً، و عن يمينها و يسارها كذلك.﴾
4- البقرة/203.
5- التهذيب 5، 20- باب النفر من منى، ح 2. الاستبصار 2، 207- باب وقت النفر الأول،ح 2 و فيه إلى قوله: فانفر على كتاب الله. و بتفاوت قليل فيهما.

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي الفرج، عن أبَان بن تغلب قال: سأَلته: أيقدِِّم الرَّجل رحله و ثقله قبل النفر؟ فقال: لا، أما يخاف الّذي يقدِّم ثقله أن يحبسه الله تعالى؟ قال: و لكن يخلّف منه ما شاء لا يدخل مكّة، قلت: أفَا تَعَجِّل من (1) النسيان أقضي سناسكي و أنا أبادر به إهلالاً و إحلالاً؟ قال: فقال: لا بأس.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أردت أن تنفر في يومين، فليس لك أن تنفر حتّى تزول الشمس، و إن تأخّرت إلى آخر أيّام التشريق- و هو يوم النفر الأخير- فلا عليك أيَّ ساعة نفرتَ و رميتَ، قبل الزَّوال أو بعده، فإذا نفرت و انتهيت إلى الحَصَبة- و هي البطحاء- فشئت أن تنزل قليلاً، فإنَّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي ينزلها، ثمَّ يحمل فيدخل مكّة من غير أن ينام بها(2)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، و عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من تعجّل في يومين، فلا ينفر حتّى تزول الشمس، فإن أدركه المساء، بات و لم ينفر (3)

5- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يصلّي الإمام الظهر يوم النفر بمكّة (4)

ص: 520


1- أي مخافة النسيان. أو أني لو نسيت فقدمت بعض مناسكي أو أخّرت، فأتي بها بعد الذكر.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 1 بتفاوت يسير. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1. الفقيه 2، 194- باب النقر الأول و الأخير، ح 1. و فيهما إلى قوله: قبل الزوال أو بعده. و مضمونه متفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم. و قد سبق منا بيان المراد بالنفر الأول و بالنفر الأخير فراجع. و الحَصَبة و الحصباء: هي الشِعب الذي مخرجه إلى الأبطح.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 4. هذا و قد دل الحديث على عدم جواز النفر ليلة الثالث عشر إذا قضى اليوم الثاني عشر بمنى حتى غربت الشمس، و إنما ينفر بعد طلوع شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. هذا و يقول الشهيدان : ﴿و إذا بات بمنى ليلتين، جاز له النفر في الثاني عشر بعد الزوال لا قبله إن كان قد اتقى الصيد و النساء في إحرام الحج قطعاً و إحرام العمرة أيضاً إن كان الحج تمتعاً على الأقوى ... و لم تغرب عليه الشمس ليلة الثالث عشر بمنى، و إلا ... وجب المبيت ليلة الثالث عشر بمنى، و لا فرق مع غروبها عليه بين من تأهب للخروج قبله فغربت عليه قبل أن يخرج و غيره، و لا بين من خرج و لم يتجاوز حدودها حتى غربت و غيره ... و حيث وجب المبيت ليلة الثالث عشر وجب رمي الجمرات الثلاث فيه ثم ينفر في الثالث عشر، و يجوز قبل الزوال﴾.
4- التهذيب 5، 20- باب النفر من منى، ح 9. و أخرجه عن محمد بن يعقوب على علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و المقصود بالإمام أمير الحاج. و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على تأكد استحباب أن يصلي الظهر بمكة.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: لا بأس أن ينفر الرَّجل في النفر الأوَّل، ثمَّ يقيم بمكّة (1)

7- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا نفرت في النفر الأوَّل فإن شئت أن تقيم بمكّة و تبيت بها فلا بأس بذلك؛ قال: و قال: إذا جاء اللّيل بعد النفر الأوَّل فَبِِتّ بمنى، فليس لك أن تخرج منها حتّى تُصبح (2)

8- محمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عن أيّوب بن نوح قال: كتبت إليه: أنَّ أصحابنا قد اختلفوا علينا، فقال بعضهم: إنَّ النفر يوم الأخير بعد الزَّوال أفضل، و قال بعضهم: قبل الزَّوال؟ فكتب: أَمَا علمت أنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) صلّى الظهر و العصر بمكّة، و لا يكون ذلك إلّا و قد نفر قبل الزَّوال (3)

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن عليّ بن أسباط، عن سليمان بن أبي زينبة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يقول: لو كان لي طريق إلى منزلي من منى، ما دخلت مكّة (4)

10- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و عليِّ بن محمد القاساني، جميعاً عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داوود المنقريِّ، عن سفيان بن عُيَيْنة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سأل رجلٌ أبي بعد منصرفه من الموقف فقال: أترى يخيّب الله هذا الخلق كلّه؟ فقال أبي: ما وقف بهذا الموقف أحدٌ إلّا غفر الله له مؤمناً كان أو كافراً، إلّا أنّهم في مغفرتهم على ثلاث منازل: مؤمن غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه و ما تأخّر و أعتقه من النار، و ذلك قوله عزَّ وجلَّ ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَ فِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنَا عَذَابَ الْنَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَ اللّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ﴾ (5). و منهم من غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه، و قيل له: أحسن فيما بقي من عمرك،

ص: 521


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 13. الفقيه 2، 194- باب النفر الأول و الأخير، ح 12.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5. و فيه: تبيت بها ... ، بدون (الواو).
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 10. و الحديث صحيح. هذا و قد نص أصحابنا على استحباب أن يكون النفر في الأخير قبل الزوال.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 12. هذا و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب العود إلى مكة لمن قضى مناسكه لوداع البيت ، فراجع شرائع المحقق 277/1، و ظاهر هذا الخبر ينافيه، و لذا حمل على صورة وجود عذر من عدم العود.
5- البقرة/201- 202.

و ذلك قوله عزَّ و جلَّ: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾، يعني: من مات قبل أن يمضي فلا إثم عليه، و من تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى الكبائر (1)

و أمّا العامّة فيقولون: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾ يعني في النفر الأوَّل ﴿وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾ يعني لمن اتّقى الصيد، أَفَتَرى أنَّ الصيد يحرِّمه الله بعدما أحلّه في قوله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ إذا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ (2). و في تفسير العامّة معناه: و إذا حللتم فاتّقوا الصيد.

و كافرٌ وقف هذا الموقف زينة الحياة الدُّنيا، غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه إن تاب من الشرك فيما بقي من عمره، و إن لم يتب وفّاه أجره و لم يحرمه أجر هذا الموقف، و ذلك قوله عزَّ و جلَّ (3):﴿مَن کَانَ یُرِیدُ الْحَیَاةَ الدُّنْیَا وَ زِینَتَهَا نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِیهَا وَ هُمْ فِیهَا لاَ یُبْخَسُونَ * أُوْلَئِکَ الَّذِینَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَ حَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِیهَا وَ بَاطِلٌ مَّا کَانُواْ یَعْمَلُونَ﴾ (4)

11- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن المستنير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أتى النساء في إحرامه، لم يكن له أن ينفر في النفر الأوَّل (5). و في رواية أُخرى: الصيد (6)، أيضاً.

12- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميِّ، عن معاوية بن وهب، عن إسماعيل بن نجيح الرماح قال: كنّا عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمنى ليلة من اللّيالي فقال: ما يقول هؤلاء (7) في: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾؟ قلنا ما ندري، قال: بلى، يقولون (8): من تعجّل من أهل البادية فلا إثم عليه و من تأخر من أهل الحضر فلا إثم عليه، و ليس كما يقولون، قال الله جلَّ ثناؤه: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِی یَوْمَیْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَیْهِ﴾ ألا لا إثم عليه ﴿وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَیْه﴾ ألا لا إثم عليه ﴿لِمَنِ اتَّقَي﴾ إنّما هي لكم (9)، و الناس سواد (10) و أنتم الحاجّ (11)

ص: 522


1- إلى هنا رواه بتفاوت في الفقيه 2، 194- باب النفر الأول و الأخير، ح 7.
2- المائدة/2.
3- هود/15- 16.
4- الحديث ضعيف.
5- التهذيب 5، 20- باب النفر من منى، ح 7.
6- و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على الصيد إضافة إلى النساء من حيث اشتراط جواز النفرالأول باتقائهما في إحرامه، و قد تقدم، و راجع شرائع الإسلام للمحقق 276/1.
7- أي بعض فقهاء العامّة.
8- نقل هذا القول عن أحمد بن حنبل منهم. و إلى مالك بن أنس أيضاً.
9- يعني الشيعة. أو لمن استقام على الدين الحق بعد أن اعتنقه.
10- أي عوامَ. و قيل: يقال سواد الناس: لكل عدد كثير.
11- الحديث مجهول.

325- باب نزول الحصبة

1- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أََبَان، عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن الحَصَبة؟ فقال: كان أبي ينزل الأبطح قليلاً، ثمَّ يجيىء و يدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح؛ فقلت له: أرأيتَ إن تعجّل في يومين إن كان من أهل اليمن، عليه أن يحصّب؟ قال: لا (1)

326- باب إتمام الصلاة في الحَرَمَيْن

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن إبراهيم بن شيبة قال: كتبت إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أسأله عن إتمام الصلاة في الحرمين؟ فكتب إليَّ: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يحبُّ إكثار الصلاة في الحرمين، فأكثِرْ فيهما

و أتِمَّ(2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )عن إتمام الصلاة و الصيام في الحرمين؟ فقال: أتمّها، و لو صلاةً واحدةً (3)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عليِّ بن يقطين قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن التقصير بمكّة؟ فقال: أتمَّ، و ليس بواجب، إلّا أنّي أحبُّ لك ما أحبُّ لنفسي (4)

ص: 523


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 17. الفقيه 2، 195- باب نزول الحصبة، ح 1 من دون قوله: إن كان من أهل اليمن. و الحصبة و الحصباء و المحصّب: بطحاء مكة. و المقصود النزول في مسجد الحصبة تأسياً بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). هذا و يقول المحقق في الشرائع 277/1: ﴿و يستحب التحصيب لمن نفر في الأخير، و أن يستلقي فيه﴾. أي في مسجد الحصباء في الأبطح تأسياً به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ) كما قلنا.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 122، الاستبصار 2، 228- باب إتمام الصلاة في الحرمين، ح 1. هذا و إن كان ظاهر قوله: و أَتِمَّ، وجوب الإتمام فيهما و قد عمل به السيد المرتضى- فيما حكي عنه-، إلا أن المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم أنهما من أمكان التخيير، و إن كان الإتمام فيهما أفضل.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 123. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 2 و فيه: أتمهما.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح134. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 13 بتفاوت يسير فيهما في الذيل.

4- يونس، عن زياد بن مروان قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن إتمام الصلاة في الحرمين؟ فقال: أحبُّ لك ما أُحبُّ لنفسي، أَتِمَّ الصلاة (1)

5- يونس، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إنَّ من المذخور الإتمامَ في الحرمين(2)

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الحسين بن المختار، عن أبي إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: إنّا إذا دخلنا مكّة و المدينة، نتمُّ أو نقصّر؟ قال: إن قصّرت فذاك، و إن أتممتَ فهو خير يزداد (3)

7- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان بن عثمان، عن مسمع، عن أبي إبراهيم ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يرى لهذين الحرمين ما لا يراه لغيرهما، و يقول: إنَّ الإتمام فيهما من الأمر المذخور (4)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن عليِّ بن مهزيار قال: كتبت إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنَّ الرِّواية قد اختلفت عن آبائك (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الإتمام و التقصير في الحرمين، فمنها: بأن يتمَّ الصلاة و لو صلاة واحدة، و منها: أن يقصّر ما لم ينوِ مقام عشرة أيّام، و لم أزل على الإتمام فيها إلى أن صدرنا في حجّنا في عامنا هذا، فإنَّ فقهاء أصحابنا أشاروا عليَّ بالتقصير إذ كنت لا أنوي مقام عشرة أيّام، فصرت إلى التقصير، و قد ضقت بذلك حتّى أعرف رأيك؟ فكتب إليَّ بخطّه: قد علمت- یرحمك الله- فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فإنّي أُحبُّ لك إذا دخلتهما أن لا تقصّر، و تكثر فيهما الصلاة. فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهةً: إنّي كتبت إليك بكذا و أجبتني بكذا؟ فقال: نعم، فقلت: أيُّ شيء تعني بالحَرَمين؟ فقال: مكّة و المدينة (5)

ص: 524


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 135، الاستبصار 2، نفس الباب، ح 15.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 136. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 16.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح137. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 17. و في ذيلهما: تزداد.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 124. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 133 بزيادة في آخره و بتفاوت يسير. و كذا هو في الاستبصار 2، 228- باب إتمام الصلاة في الحرمين، ح.12 و أخرجه فيهما عن علي بن مهزيار قال: کتبت . .. الخ. هذا، و قد دل الحديث على أفضلية إتمام الصلاة في خصوص مكة و المدينة بلا استثناء دون الحرمين بمفهومهما و حدودهما الواسعة.

327- باب فضل الصلاة في المسجد الحرام و أفضل بُقْعَةٍ فيه

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم قال: سألت أبا الحسن الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أفضل موضع في المسجد يصلّى فيه، قال: الحطيم، ما بين الحَجَر و باب البيت، قلت: و الّذي يلي ذلك في الفضل؟ فذكر أنّه عند مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )، قلت: ثمَّ الّذي يليه في الفضل؟ قال: في الحِجر، قلت: ثمَّ الّذي يلي ذلك؟ قال: كلّما دنى من البيت (1).

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب الخزَّاز، عن أبي عبيدة قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الصلاة في الحرم كلّه سواء؟ فقال: يا أبا عبيدة، ما الصلاة في المسجد الحرام كلّه سواء، فكيف يكون في الحرم كلّه سواء؟! قلت: فأيُّ بقاعه أفضل؟ قال: ما بين الباب إلى الحَجَر الأسود (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الملتَزَم، لأيِّ شيء يُلْتَزَم، و أيُّ شيء يُذْكَر فيه؟ فقال: عنده نهر من أنهار الجنّة تُلقى فيه أعمال العباد عند كلِّ خميس.

4- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن الكاهليِّ قال: كنّا عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)فقال: أكثروا من الصلاة و الدُّعاء فى هذا المسجد، أَمَا إنَّ لكلِِّ عبد رزقاً يجاز إليه جوزاً (3)

5- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن أبي سلمة، عن هارون بن خارجة، عن صامت، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة.

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عن

آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: الصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة.

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أقوم أصلّي بمكّة و المرأة بين يديَّ جالسةً أو مارَّةً؟ فقال: لا بأس، إنّما سُمّيت

ص: 525


1- ورد هذا المضمون في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 29 مرسلاً عن الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و فيه أن الحطيم هو الموضع الذي تاب الله فيه على آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)
2- الحديث صحيح.
3- يجاز إليه: أي يجمع إليه جمعاً و يساق إليه سَوْقاً.

بكّة، لأنّها تبكّ فيها الرِّجال و النساء (1)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج قال: قال له الطيّار- و أنا حاضر-: هذا الّذي زِِيدَ، هو من المسجد؟ فقال: نعم، إنّهم لم يبلغوا بعد مسجد إبراهيم و إسماعيل صلّى الله عليهما.

9- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن أَبَان، عن زرارة قال: سألته عن الرَّجل يصلّي بمكّة يجعل المقام خلف ظهره و هو مستقبل القبلة؟ فقال : لا بأس، يصلّي حيث شاء من المسجد، بين يَدَي المقام أو خلفه، و أفضله الحطيم، و الحِجر، و عند المقام، و الحطيم حذاء الباب (2)

10- فضالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان حقُّ إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بمكّة، ما بين الحزْورَة إلى المسعى، فذلك الّذي كان خطّه إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- يعني المسجد (3)-.

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن الرَّجل، يصلّي في جماعة في منزله بمكّة أفضل، أو وحده في المسجد الحرام؟ فقال: وحده (4)

12- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن معاوية قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الحطيم؟ فقال: هو ما بين الحجر الأسود و بين الباب؛ و سألته: لم سُمّي الحطيم؟ فقال: لأنَّ الناس يَحْطِمُ بعضهم بعضاً هناك (5)

ص: 526


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 220. الفقيه 2، 61- باب علل الحج، ذيل ح 4 مرسلاً بتفاوت. و بكّه: خرّقه و مزّقه. و بكَّ فلاناً: زاحمه، و بكّ عنقه: دقّها. و سميت مكة بكّة لدقها أعناق الجبابرة أو لازدحام الناس بها.
2- و قد مر أن الحطيم هو ما بين الحجَر الأسود و الباب.
3- الحديث صحيح. ﴿و لعل المراد بالمسعى مبدؤه إلى الصفا، و فيه إشكال لأنه يلزم خروج بعض المسجد القديم، إلا أن يقال: كون هذا المقدار داخلاً فيه لا ينافي الزايد. و يحتمل أن يكون المراد أن طوله كان بهذا المقدار، أو أن هذا المقدار من المسعى كان داخلاً في المسجد كما يظهر من غيره أيضاً﴾. مرآة المجلسي 224/18.
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 221. بدون كلمة: هناك في الذيل. الفقيه 2 ،61- باب علل الحج، ضمن ح 3.

328- باب دخول الكعبة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عمرو بن عثمان، عن عليِّ بن خالد، عمّن حدَّثه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي يقول: الدّاخل الكعبة، يدخل و الله راض عنه، و يخرج عَطَلاً من الذُُّنوب (1)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن فضّال، عن ابن القدَّاح، عن جعفر، عن أبيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن دخول الكعبة؟ قال: الدُّخول فيها دخول في رحمة الله، و الخروج منها خروج من الذُّنوب، معصوم فيما بقي من عمره، مغفورٌ له ما سلف من ذنوبه (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أردت دخول الكعبة، فاغتسل قبل أن تدخلها، و لا تدخلها بحِذاء، و تقول إذا دخلت: ﴿اَللَّهُمَّ إِنَّکَ قُلْتَ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً﴾ فَآمِنِّی مِنْ عَذَابِ النّار، ثمَّ تصلّي ركعتين بين الأُسطوانتين على الرُّخامة الحمراء، تقرأ في الركعة الأولى حم السجدة، و في الثانية عدد آياتها من القرآن، و تصلّي في زواياه و تقول: ﴿اللّهمَّ من تهيّا أو تعّبأ (3)، أو أعدّ أو استعدَّ لوفادة (4) إلى مخلوق رجاءَ رِِفْدِه و جائزته و نوافله و فواضله، فإليك يا سيّدي تهيئتي و تعبئتي و إعدادي و استعدادي رجاءَ رِِفدك و نوافلك و جائزتك فلا تخيّب اليوم رجائي، يا من لا يخيب عليه سائل و لا ينقصه نائل، فإنّي لم آتك اليوم بعمل صالح قدَّمته، و لا شفاعة مخلوق رجوته، و لكنّي أتيتك مقرَّا بالظلم و الإساءة على نفسي، فإنّه لا حجّة لي و لا عذر، فأسألك يا من هو كذلك، أن تعطيني مسألتي، و تقيلني عثرتي، و تقبلني برغبتي و لا تردَّني مجبوهاً (5) ممنوعاً و لا خائباً، يا

ص: 527


1- التهذيب 5، 21- باب دخول الكعبة، ح 1. و الحديث مرسل. هذا، و يقول المحقق فى الشرائع 277/1: ﴿و إذا عاد إلى مكة فمن السنّة أن يدخل الكعبة، و يتأكد في حق الصرورة﴾. و قوله: عَطَلاً من الذنوب: أي خالياً عنها، و هو كناية عن غفرانها بدخوله.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 12.
3- تعباً: تجهّز و تهيأ.
4- الوفادة: النزول على من يُرجى إنعامه و إحسانه.
5- المجبوه: المضروب على جبهته، كناية عن الردّ و الصدّ.

عظيم يا عظيم يا عظيم، أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذَّنب العظيم، لا إله إلّا أنت ﴾.

قال: و لا تدخلها بحذاء و لا تبزق فيها و لا تمتخط فيها، و لم يدخلها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلّا يوم فتح مكّة (1)

4- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِِّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ذكرت الصلاة في الكعبة؟ قال: بين العمودين، تقوم على البَلاطة الحمراء (2) فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) صلّى عليها، ثمَّ أقبل على أركان البيت و كبّر (3) إلى كلِّ ركن منه.

5- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: رأيت العبد الصالح (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) دخل الكعبة فصلّى ركعتين على الرُّخامة الحمراء، ثمَّ قام فاستقبل الحائط بين الرُّكن اليمانيِّ و الغربيِّ، فوقع (4) يده عليه، ولزق به، و دعا، ثمَّ تحوَّل إلى الرُّكن اليمانيِّ فلصق به و دعا، ثمَّ أتى الرُّكن الغربيِّ، ثمَّ خرج (5)

6- و عنه، عن عليِّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بدَّ للصرورة أن يدخل البيت قبل أن يرجع، فإذا دخلتَه فادخله بسكينة و وقار، ثمَّ انت كلَّ زاوية من زواياه، ثمَّ قل: ﴿اَللَّهُمَّ إِنَّکَ قُلْتَ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً﴾ ﴿فَآمِنِّی مِنْ عَذَابِ یَوْمِ اَلْقِیَامَةِ﴾، وصلّ بين العمودين اللّذين يليان على الرُّخامة الحمراء، و إن كَثُرَ الناس فاستقبل كلَّ زاوية في مقامك حيث صلّيت، وادعُ الله و اسأله (6)

7- و عنه، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو خارجٌ من الكعبة و هو يقول: ﴿الله أكبر الله أكبر﴾، حتّى قالها ثلاثاً، ثمَّ قال: ﴿اللّهُمَّ لا تُجْهِدْ بَلاءَنا، رَبَّنا وَلا تُشْمِتْ بِنا أعْداءَنا، فَإنَّکَ أنْتَ الضارُّ النَّافِعُ﴾، ثمَّ هبط فصلّى إلى جانب الدُّرجة جعل الدُّرجة عن يساره مستقبل الكعبة، ليس بينها و بينه أحدٌ، ثمَّ

ص: 528


1- التهذيب 5، 21- باب دخول الكعبة، ح 3. الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، تحت عنوان (دخول الكعبة).
2- هي نفس الرخامة الحمراء التي ورد ذكرها في خبر معاوية بن عمار قبل قليل.
3- الظاهر أنه كناية عن الصلاة. و يحتمل التكبير بحدّه.
4- في التهذيب: فرفع ...
5- التهذيب 5، 21- باب دخول الكعبة، ح 9.
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 5.

خرج إلى منزله. (1)

8- و عنه، عن إسماعيل بن همّام قال: قال أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): دخل النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) الكعبة فصلّى في زواياها الأربع، صلّى في كلِّ زاوية ركعتين (2)

9- و عنه، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قد دخل الكعبة، ثمَّ أراد بين العمودين فلم يقدر عليه، فصلّى دونه ثمَّ خرج فمضى حتّى خرج من المسجد.

10- و عنه، عن ابن فضّال، عن يونس قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا دخلتُ الكعبة كيف أصنع؟ قال: خذ بحلَقَتَي الباب إذا دخلت، ثمّ امض حتّى تأتي العمودين، فصلِّ على الرُّخامة الحمراء، ثمَّ إذا خرجت من البيت فنزلت من الدّرجة فصلِِّ عن يمينك ركعتين (3)

11- و عنه، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار في دعاء الولد قال: أَفِضْ عليك دلواً من ماء زمزم، ثمَّ ادخل البيت، فإذا قمت على باب البيت فخذ بحَلَقَة الباب ثمَّ قل: ﴿اللّهمَّ إنَّ البيت بيتُك، و العبدَ عبدُك، و قد قلتَ: ﴿و مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً﴾، ﴿فَآمِنِّي مِنْ عَذَابِكَ، وَ اجِرْنِي مِنْ سَخَطِكَ﴾. ثمَّ ادخل البيت فصلِِّ على الرُّخامة الحمراء ركعتين، ثمَّ قم إلى الأُسطوانة الّتي بحذاء الحجر، و ألصق بها صدرك ثمَّ قل: ﴿يا واحد يا أحد يا ماجد، یا قریب یا بعید، یا عزیز یا حكيم، لا تذرني فرداً و أنت خير الوارثين، هب لي من لدنك ذرّيّة طيّبة إنّك سميع الدُّعاء﴾. ثمَّ در بالاسطوانة فألْصِق بها ظهرك و بطنك، و تدعو بهذا الدُّعاء، فإن يُرِدِ الله شيئاً كان (4)

329- باب وَدَاع البيت

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى ؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أردت أن تخرج من مكّة و تأتي أهلك، فودِّع البيت، وطف بالبيت أُسبوعاً (5)، و إن استطعت أن تستلم

ص: 529


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 14. هذا و قد جوّز أصحابنا الصلاة في جوف الكعبة على كراهية في الفريضة، يقول المحقق في الشرائع 65/1: ﴿و إن صلّى في جوفها استقبل أي جدرانها شاء على كراهية في الفريضة﴾.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 7. و الحديث صحيح.
3- التهذيب 5، 21- باب دخول الكعبة، ح 8 بتفاوت يسير جداً.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 10 و رواه موقوفاً، و الحديث صحيح.
5- يعني سبعة أشواط.

الحجر الأسود و الرُّكن اليمانيِّ في كلّ شوط فافعل، و إلّا فافتتح به و اختم به، فإن لم تستطع ذلك فموسّع عليك، ثمَّ تأتي المستجار، فتصنع عنده كما صنعتَ يوم قَدِمْتَ مكّة، و تَخَيّر لنفسک من الدُّعاء، ثمَّ استلم الحجر الأسود، ثمَّ ألصق بطنك بالبيت تضع يدك على الحجر و الأُخرى ممّا يلي الباب، و احمد الله و أثن عليه، و صلّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ثمَّ قل: ﴿ اللّهمَّ صلِِّ على محمد عبدك و رسولك و نبيّك و أمينك و حبيبك و نجيّك وخيرتك من خلقك، اللهم كما بلغ رسالاتك، وجاهد في سبيلك، وصَدَعَ بأمرك، وأوذي في جَنْبِك و عَبَدَك حتّى أتان اليقين، اللّهمَّ اقلبني مفلحاً منجحاً مستجاباً لي بأفضل ما يرجع به أحدٌ من وفدك من المغفرة و البركة و الرّحمة و الرِِّضوان و العافية، اللّهمَّ إن أمتّني فاغفر لي، و إن أحييتني فارزقنيه من قابل، اللّهمَّ لا تجعله آخر العهد من بيتك، اللّهمَّ إنّي عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك، حملتني على دوابّك و سيّرتني في بلادك حتّى أقدمتني حَرَمَك و أمْنَك، و قد كان في حسن ظنّي بك أن تغفر لي ذنوبي، فإن كنت قد غفرت لي ذنوبي فازدد عنّي رضا، و قرّبني إليك زُلفى، و لا تباعدني، و إن كنتَ لم تغفر لي فمن الآن فاغفر لي قبل أن تنأى عن بيتك داري (1)، فهذا أو ان انصرافي إن كنتَ أذِنْتَ لي، غير راغب عنك و لا عن بيتك و لا مستبدل بذلك و لا به، اللّهمَّ احفظني من بين يديَّ و من خلفي و عن يميني و عن شمالي حتّى تبلّغني أهلي، فإذا بلغتني أهلي فاكفني مؤونة عبادك و عيالك، فإنّك وليُّ ذلك من خلقك و منّي﴾ (2)

ثمّ انت زمزم فاشرب من مائها، ثمّ اخرج وقل: ﴿آئِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ لِرَبِّنا، حامِدُونَ إِلی رَبِّنا، راغِبُونَ إِلی اللَّه،ِ راجِعُونَ إِنْ شاءَ اللَّهُ﴾.

قال: و إنّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمّا ودَّعها و أراد أن يخرج من المسجد الحرام، خرَّ ساجداً عند باب المسجد طويلاً، ثمَّ قام فخرج.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: رأيت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ودَّع البيت، فلمّا أراد أن يخرج من باب المسجد، خرَّ ساجداً، ثمّ قام فاستقبل الكعبة فقال: ﴿اَللَّهُمَّ إِنِّی أَنْقَلِبُ عَلَی أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ﴾ (3)

3- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ و أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ

ص: 530


1- فاعل تنأى: أي تبعُد.
2- إلى هنا في التهذيب 5، 22- باب الوداع، ح 1. و روى ذيله من قوله: اللهم إني عبدك ... و إلى قوله: من خلقك و منيّ، في الفقيه 2، 213- باب سياق مناسك الحج، عنوان (وداع البيت).
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 2.

الكوفيِِّ، عن عليِّ بن مهزيار قال: رأيت أبا جعفر الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في سنة خمس و عشرين و مائتين ودَّع البيت بعد ارتفاع الشمس، و طاف بالبيت، يستلم الرُّكن اليمانيِّ في كلِّ شوط، فلمّا كان في الشوط السابع استلمه، و استلم الحجر، و مسح بيده ثمَّ مسح وجهه بيده، ثمَّ أتى المقام فصلّى خلفه ركعتين، ثمَّ خرج إلى دبر الكعبة إلى الملتَزَم، فالتزم البيت، و كشف الثوب عن بطنه، ثمَّ وقف عليه طويلاً يدعو، ثمَّ خرج من باب الحنّاطين و توجّه؛ قال: فرأيته في سنة سبع عشرة و مائتين ودَّع البيت ليلاً يستلم الرُّكن اليمانيِّ و الحجر الأسود في كلِّ شوط، فلمّا كان في الشوط السابع، التزم البيت في دبر الكعبة قريباً من الرُّكن اليمانيِّ و فوق الحجر المستطيل، و كشف الثوب عن بطنه، ثمَّ أتى الحجر فقبّله و مسحه، و خرج إلى المقام فصلّى خلفه، ثمّ مضى و لم يعد إلى البيت، و كان وقوفه على الملتَزَم بقدر ما طاف بعض أصحابنا سبعة أشواط، و بعضهم ثمانية (1)

4- الحسين بن محمد، عن معلّی بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان، عن أبي إسماعيل قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هوذا أخرج، جُعِلْتُ فداك، فمن أين أُودِّع البيت؟ قال: تأتي المستجار بين الحجر و الباب، فتودعه من ثَمَّ. ثمَ تخرج، فتشرب من زمزم، ثمّ نمضي، فقلت: أصُبُّ على رأسي؟ فقال: لا تقرب الصَّبَ (2)

5- الحسین بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدیّ، عن یعقوب بن یزید، عن عبد الله بن جبلة، عن قثم بن کعب قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّک لتُدْمِنُ الحجَّ؟ قلت: أجَل، قال: فلیکن آخر عهدک بالبیت أن تضع یدک علی الباب و تقول: ﴿اَلْمِسْکِینُ عَلَی بَابِکَ فَتَصَدَّقْ عَلَیْهِ بِالْجَنَِّة﴾ (3)

330- باب ما يستحب من الصدقة عند الخروج من مكة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن معاوية بن عمّار، و حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال: ينبغي للحاجِّ إذا قضى

ص: 531


1- التهذيب 5، 22- باب وداع البيت، ح 3. و فيه: سنة خمس عشرة و مائتين بدل: خمسة و عشرين و مائتين. و فيه: سنة تسع عشرة و مائتين، بدل: سنة سبع عشرة و مائتين، و لعل ما في التهذيب أوفق، لأن الكليني ذكر في أصول الكافي، كتاب الحجة، باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قبض سنة عشرين و مائتين في آخر ذي القعدة و هو ابن خمس و عشرين سنة و شهرين و ثمانية عشر يوماً، فتأمل.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 5، 22- باب الوداع، ح 6.

نُسُكه و أراد أن يخرج، أن يبتاع بدرهم تمراً يتصدّق به، فيكون كفّارة لما لعلّه دخل عليه في حجّه من حكّ، أو قمّلة سقطت، أو نحو ذلك (1)

2- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عمّن ذكره، عن أبَان، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا أردت أن تخرج من مكّة، فاشتر بدرهم تمراً فتصدّق به قبضةً قبضةً، فيكون لكلِِّ ما كان منك في إحرامك، و ما كان منك بمكّة.

331- باب ما يجزىء من العمرة المفروضة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا استمتع الرّجل بالعُمْرة (2)، فقد قضى ما عليه من فريضة العُمْرة (3)

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن العمرة، أوَاجبة هي؟ قال: نعم، قلت: فمن تمتّع، يجزىء عنه؟ قال: نعم (4)

332- باب العمرة المبتولة(5)

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يقول: في كلِِّ شهر عمرة (6)

ص: 532


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 7. الفقيه 2، 196- باب قضاء التفث، ح 1 بتفاوت.
2- أي بالعمرة إلى الحج.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 1490. الاستبصار 2، 223- باب أن من تمتع بالعمرة إلى الحج سقط ... ح 1و فيهما: إذا تمتع. هذا و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من تمتع بالعمرة إلى الحج فقد سقط وجوب العمرة المفردة عنه، و التي نصّوا على أن شرائط وجوبها هي نفس شرائط وجوب الحج، و مع توفر الشرائط تجب في العمر مرة واحدة.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح152. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4 و فيه: تجزي ...
5- المراد بالعمرة المبتولة: العمرة المفردة، و المبتولة: المقطوعة، سميت بذلك لأنها أفردت عن الحج و قطعت عنه.
6- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 153. هذا و يقول المحقق في الشرائع 303/1: ﴿و يستحب المفردة في كل شهر، و أقله عشرة أيام، و يكره أن يأتي بعمرتين بينهما أقل من عشرة أيام، و قيل: يحرم، و الأول أشبه﴾.

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج؛ عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: في كتاب عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في كلِّ شهر عمرة.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عليِّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل يدخل مكّة في السنة المرَّة أو المرَّتين أو الأربع، كيف يصنع؟ قال: إذا دخل فليدخل ملبيّاً، و إذا خرج فليخرج مُحِلًّا؛ قال: و لكلِّ شهر عمرة، فقلت: يكون أقلَّ؟ قال: لكلِِّ عشرة أيّام عمرة، ثمَّ قال: و حقِّكَ، لقد كان في عامي هذا السنة ستُّ عُمَر، قلت: لم ذاك؟ فقال: كنت مع محمد بن إبراهيم بالطائف، فكان كلّما دخل دخلتُ معه (1)

333- باب العمرة المبتولة في أشْهُرِِِ الحج

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ، ثمَّ يرجع إلى أهله (2)

2- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحجِِّ، ثمَّ يرجع إلى أهله إن شاء.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه سئل عن رجل خرج أشهر الحجِِّ معتمراً، ثمَّ رجع إلى بلاده؟ قال: لا بأس، و إن حجَّ في عامه ذلك و أفرد الحجَّ،

ص: 533


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 154. الاستبصار 2، 224- باب أنه يجوز في كل شهر عمرة بل... ، ح 5 و في سنده: عن رجل، عن علي، عن أبيه ... الخ. و فيه أيضاً: المرة و المرتين و الأربع. الفقيه 2، 176- باب العمرة في كل شهر و في كل ... ، ح 2 و روى جزءاً من الحديث.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 161. الاستبصار 2، 225- باب جواز العمرة المبتولة في أشهر الحج، ح 1. هذا و قد عمل الأصحاب رضوان الله عليهم بمضمون هذا الحديث، إذ لا خلاف بينهم في جواز إيقاع العمرة المفردة في جميع أيام السنة في أشهر الحج أو غيرها في حين أن عمرة التمتع لا نصح إلا في أشهر الحج.

فليس عليه دم، فإنَّ الحسين بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)خرج قبل التروية بيوم إلى العراق، و قد كان دخل معتمراً (1)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أين افتَرَقَ المتمتّع و المعتمر؟ فقال: إنَّ المتمتّع مرتبط بالحجّ و المعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء، و قد اعتمر الحسين بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في ذي الحجّة، ثمَّ راح يومَ التروية إلى العراق و الناس يروحون إلى منى ، و لا بأس بالعمرة في ذي الحجّة لمن لا يريد الحجَّ (2)

334- باب الشهور التي تستحب فيها العمرة و من أحرم في شهر و أحلَّ في آخر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن الوليد بن صبيح قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): بَلَغَنا أنَّ عمرة في شهر رمضان تعدل حجّة؟ فقال: إنّما كان ذلك في امرأة وعدها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال لها : اعتمري في شهر رمضان فهي لك حجّة (3)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، جميعاً عن عليِّ بن مهزيار، عن عليِّ بن حديد قال: كنت مقيماً بالمدينة في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة و مائتين، فلمّا قرب الفطر، كتبت إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)أسأله؛ عن الخروج في عمرة شهر رمضان أفضل، أو أقيم حتّى ينقضي الشهر و أُتمُّ صومي؟ فكتب إليَّ كتاباً قرأته بخطّه: سألت- رحمك الله- عن أيِّ العمرة أفضل؟ عمرةُ شهر رمضان أفضل يرحمك الله (4)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عيسى الفرَّاء، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أهلَّ بالعمرة في رجب، و أحلَّ في غيره، كانت عمرته

ص: 534


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 162. الاستبصار 2، 225- باب جواز العمرة المبتولة في أشهر الحج، ح 2 بتفاوت يسير في الجميع.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 165. الاسبتصار 2، نفس الباب، ح 5. هذا و يقول المحقق في الشرائع 303/1: ﴿و لو دخل مكة متمتعاً لم يجز له الخروج حتى يأتي بالحج لأنه مرتبط به﴾. أقول: و إنما لم يجز له الخروج لأن عمرة التمتع داخلة في حجه و كالجزء منه كما دلت عليه النصوص.
3- الحديث ضعيف على المشهور. و الظاهر أنها حادثة في واقعة لا تتعدّاها و الله العالم.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و يمكن حمله على التقية و الله العالم.

لرجب، و إذا أهلّ في غير رجب، و طاف في رجب، فعمرته لرجب (1)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان قال: كان أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا أراد العمرة، انتظر إلى صبيحة ثلاث و عشرين من شهر رمضان، ثمَّ يخرج مُهِلًّا في ذلك اليوم (2)

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل أحرم في شهر و أحلَّ في آخر؟ فقال: يُكتب له في الّذي قد نوى، أو يكتب له في أفضلهما (3)

6- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتمر يعتمر في أيِّ شهور السنة شاء، و أفضل العمرة عمرة رجب (4)

7- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت له: العمرة بعد الحجِّ؟ قال: إذا أَمْكَنَ الموسى من الرأس (5)

335- باب قطع تلبية المحرم و ما عليه من العمل

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)

ص: 535


1- الحديث مجهول، و بمضمونه قال أصحابنا رضوان الله عليهم.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و قد دلّت روايات على كراهة السفر في شهر رمضان قبل مضي ثلاثة و عشرين يوماً منه.
3- الفقيه 2، 173- باب العمرة في شهر رمضان و رجب و غيرهما، ح 2 بتفاوت يسير جداً في الصدر. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): في الذي نوى: أي في الشهر الذي عقد فيه الإحرام للعمرة. و قوله: في أفضلهما: -طبعاً مع وجود فاضل و أفضل و إلا يرجع إلى المقياس الأول و هو زمان النية و عقد الإحرام.
4- روي في الفقيه 2، نفس الباب، ح 1 عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنه سئل: أيّ العمرة أفضل، عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال: لا، بل عمرة في شهر رجب أفضل.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 167 و في ذيله: ... من رأسه فَحَسَنُ. الفقيه 2، 171- باب العمرة في أشهر الحج، ح 4 و أخرجه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و في آخره: ... من رأسه فَحَسَنٌ له. هذا و يقول الشهيدان فيما يتعلق بالعمرة المفردة: ﴿و يؤخرهما القارن و المفرد عن الحج مبادراً بها على الفور وجوباً كالحج، و في الدروس يجوز تأخيرها إلى استقبال المحرم و ليس منافياً للفور، و هي مستحبة مع قضاء الفريضة في كل شهر على أصح الروايات ... الخ﴾.

قال: يقطع صاحب العمرة المفردة التلبية، إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم (1)

2- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يقطع تلبية المعتمر إذا دخل الحرم (2)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من اعتمر من التنعيم، فلا يقطع التّلبية حتّى ينظر إلى المسجد (3)

4- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان بن عثمان، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إذا قدم المعتمر مكّة، و طاف و سعى، فإن شاء فليمضِ على راحلته و ليلحق بأهله.

5- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبی بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: العمرة المبتولة: يطوف بالبيت، و بالصفا و المروة، ثمَّ يحلُّ، فإن شاء أن يرتحل من ساعته ارتحل (4)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يجيى، معتمراً عمرة مبتولة، قال: يجزيه إذا طاف بالبيت، و سعى بين الصفا و المروة، و حلق، أن يطوف طوافاً واحداً بالبيت، و من شاء أن يقصّر قصّر.

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن

ص: 536


1- التهذيب 5، 7- باب صفة الإحرام، ح 121. الاستبصار 2، 105- باب المفرد للعمرة متى يقطع التلبية، ح 1 بتفاوت فيهما و أخرجه فيهما عن موسى بن القاسم عن محمد بن عمر بن يزيد عن محمد بن عذافر عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 174- باب مواقيت العمرة من مكة و قطع تلبية المعتمر، ح 6.
2- قال الصدوق رحمه الله في الفقيه 2، نفس الباب، ح 3: و روي أنه يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم. و روى الشيخ في التهذيب 5، نفس الباب، ح 120 عن سعد بن عبد الله عن موسى بن الحسن عن محمد بن عبد الحميد عن أبي جميلة المفضل بن صالح عن زيد الشحّام عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن تلبية المتعة متى تقطع؟ قال: حين يدخل الحرم. و رواه برقم 5 من الباب 104 من الجزء 2 من الاستبصار.
3- قال الشيخ الصدوق رحمه الله: و روي أنه يقطع التلبية إذا نظر إلى المسجد الحرام الفقيه 2، نفس الباب، ح 2.و التنعيم: موضع على طريق المدينة. هو أدنى الحل إلى مكة. أقول: و قد تقدم منا رأي الشيخ رحمه الله في الجمع بين السنة هذه الرويات و رأي الصدوق رحمه الله في ذلك أيضاً فيما تقدم فلا نعيد.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و مخالف للمشهور عندنا من وجوب طواف النساء في العمرة المفردة، و يمكن حمله على التقية.

عبد الحميد، عن عمر أو غيره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتمر يطوف و يسعى و يحلق، قال: و لا بدَّ له بعد الحلق من طواف آخر (1)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن إسماعيل بن رياح (2)، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال: نعم (3)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى قال: كتب أبو القاسم مخلّد بن موسى الرَّازيِّ إلى الرَّجل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يسأله عن العمرة المبتولة؛ هل على صاحبها طواف النساء، و العمرة الّتي يتمتّع بها إلى الحجِّ؟ فكتب: أمّا العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء، و أمّا الّتي يتمتّع بها إلى الحجّ، فليس على صاحبها طواف النساء (4)

336- باب المعتمر يطأ أهله و هو محرم و الكفّارة في ذلك

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أحمد بن أبي عليّ ، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في رجل اعتمر عمرة مفردة فَوَطَأَ أهله و هو محرمٌ قبل أن يفرغ من طوافه و سعيه؟ قال: عليه بَدَنَة لفساد ،عمرته، و عليه أن يقيم بمكّة حتّى يدخل شهر آخر، فيخرج إلى بعض المواقيت، فيحرم منه، ثمَّ يعتمر (5)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يعتمر عمرة مفردة، و يطوف بالبيت طواف الفريضة، ثمَّ يغشي أهله قبل أن يسعى بين الصفا و المروة؟ قال: قد أفسد عمرته، و عليه بَدَنَة، و يقيم بمكّة مُحِلاًّ حتّى يخرج الشهر الّذي اعتمر فيه، ثمَّ يخرج إلى الوقت الّذي وقّته

ص: 537


1- التهذيب 5، 18- باب زيارة البيت، ح 19. الاستبصار 2، 154- باب أن طواف النساء واجب في العمرة المبتولة، ح 2. و في ذيله: ... من بعد الحلق ... الخ. يقول الشهيدان: ﴿و هو- أي طواف النساء- واجب في كل نسك حجاَ كان أو عمرة على كل فاعل للنسك إلا عمرة التمتع فلا يجب فيها و أوجبه فيها بعض، و هو ضعيف...﴾.
2- في التهذيب: ... ریاح ...
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 18. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 1.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح 21. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 4. و الحديث صحيح.
5- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 25 بتفاوت و سند آخر. الفقيه 2، 172- باب إهلال العمرة المبتولة و ... ، ح 4 بتفاوت و سند آخر.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لأهل بلاده، فيحرم منه و يعتمر (1).

3- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن زرارة قال: قال: من جاء بهَدْي في عمرة في غير حجّ، فلينحره قبل أن يحلق رأسه (2)

4- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: المعتمر إذا ساق الهدي يحلق قبل أن يذبح (3)

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن عليِّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من ساق هدياً في عمرة فلينحره قبل أن يحلق، و من ساق هدياً و هو معتمر نحر هديه بالمنحر و هو بين الصفا و المروة و هي الحَزْوَرَة (4)، قال: و سألته عن كفّارة العمرة أين تكون؟ فقال: بمكّة، إلّا أن يؤخّرها إلى الحجِّ فيكون بمنى، و تعجيلها أفضل و أحبُّ إليَّ.

337- باب الرجل يبعث بالهَدْي تطوعاً و يقيم في أهله

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل بعث بهدي مع قوم و واعدهم يوم يقلّدون فيه هديهم و يحرمون فيه؟ فقال: يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الّذي واعدهم حتّى يبلغ الهدي مَحِلّه؛ فقلت: أرأيتَ إن أخلفوا في ميعادهم و أبطأوا في

ص: 538


1- التهذيب 5، 25- باب الكفارة عن خطأ المحرم و ... ، ح 24. الفقيه 2، 172- باب إهلال العمرة المبتولة و...، ح 3 بتفاوت يسير. و الحكم الذي تضمنته هذه الرواية و هو بطلان العمرة المفردة بالجماع أثناءها قبل إكمال مناسكها بطواف النساء، و وجوب قضائها مما أجمع عليها فقهاؤنا، و إن اختلفوا في الزمان الذي يجب عليه القضاء فيه، و منشأ اختلافهم بحسب الظاهر منشاؤه اختلافهم في مقدار الزمان الذي يجب أن يفصل بين العمرتين فمن قال بأنه شهر اعتبر مرور تلك المدة على إفساده عمرته، و من قال بأنه عشرة أيام اعتبر القضاء بعد إنقضائها، و على الأقوي عند الشهيد الثاني بل الأول أيضاً (رحمة الله علیه) و بعض الفقهاء هو عدم تحديد وقت بين العمرتين يجوز قضاؤها معجلاً بعد إتمامها و إن كان الأفضل التأخير
2- أشار إليهما الشهيد الأول في الدروس و قال بأنهما مما رواهما الكليني. والحديث الأول مرسل، و الثاني مجهول كالصحيح. و احتمل وقوع السهو هنا بفعل النسّاخ. و قد تقدم الكلام في وجوب ترتيب المناسك في كل من الحج و العمرة المفردة أيضاً و إن الذبح أو النحر مقدم على الحلق أو التقصير.
3- أشار إليهما الشهيد الأول في الدروس و قال بأنهما مما رواهما الكليني. والحديث الأول مرسل، و الثاني مجهول كالصحيح. و احتمل وقوع السهو هنا بفعل النسّاخ. و قد تقدم الكلام في وجوب ترتيب المناسك في كل من الحج و العمرة المفردة أيضاً و إن الذبح أو النحر مقدم على الحلق أو التقصير.
4- الخرورة: -كما في النهاية- موضع بمكة عند باب الحنّاطين. و ذكر في الفقيه أنها المنحر بين الصفا و المروة. و إلى هنا رواه بتفاوت في الفقيه 2، 172- باب إهلال العمرة المبتولة و إحلالها و نكها، ح 2.

السير، عليه جُناح في اليوم الّذي واعدهم؟ قال: لا، و يحلُّ في اليوم الّذي واعدهم (1)

2- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أَبَان، عن سلمة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كان يبعث بهديه ثمّ يمسك عمّا يمسك عنه المحرم، غير أنّه لا يلبّي، و يواعدهم يوم ينحر فيه بَدَنَةً فَيُحِلّ.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الرّجل يبعث بالهدي تطوُعاً ليس بواجب؟ قال: يواعد أصحابه يوماً، فيقلّدونه، فإذا كانت تلك الساعة اجتنب ما يجتنب المحرم إلى يوم النحر، فإذا كان یوم النحر أجزء عنه (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن هارون بن خارجة قال: إنَّ مُراداً (3) بعث ببَدَنَة و أمر أن تُقلّد و تُشْعَر في يوم كذا و كذا، فقلت له: إنّما ينبغي أن لا يلبس الثياب، فبعثني إلى أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالحيرة فقلت له: إنَّ مراداً صنع كذا و كذا و إنّه لا يستطيع أن يترك الثياب لمكان زياد (4)؟ فقال: مُرْهُ أن يلبس الثياب، و ليذبح بقرة يوم الأضحى عن نفسه (5)

338- باب النوادر

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أصرم بن حَوْشَب، عن عيسى بن عبد الله، عن جعفر بن محمد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: أودية الحرم تسيل في الحِلِِّ، و أودية الحِلّ لا تسيل في الحرم (6)

ص: 539


1- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 117 بتفاوت و سند مختلف.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 118 بتفاوت و زيادة في آخره. الفقيه 2، 211- باب الرجل يبعث بالهدي و يقيم في أهله، ح 1. هذا و يقول المحقق في الشرائع 282/1: ﴿و روي أن باعث الهدي تطوعاً يواعد أصحابه وقتاً لذبحه أو نحره،ثم يجتنب جميع ما يجتنبه المحرم فإذا كان وقت المواعدة أحلّ و لكن هذا لا يلبيّ، و لو أتى بما يحرم على المحرم كفّرا استحباباً﴾.
3- في التهذيب: إن أبا مراد...
4- في التهذيب: لمكان أبي جعفر...
5- التهذيب 5، نفس الباب، ح 120 بتفاوت. و في ذيله: ... عن لبسه الثياب، بدل: عن نفسه.
6- التهذيب 5،نفس الباب، ح 190. و كرره برقم 233 من نفس الباب. الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 2.

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أَبَان بن تغلب قال: كنت مع أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في ناحية من المسجد الحرام، و قوم يُلبّون حول الكعبة، فقال: أترى هؤلاء الّذين يلبّون، و الله لأصْواتُهُم أبغضُ إلى الله من أصوات الحمير (1)

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل لبّي بحجّة أو عمرة و ليس (2) يريد الحجَّ؟ قال: ليس بشيء، و لا ينبغي له أن يفعل.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّه قال في هؤلاء الّذين يُفْرِِدون الحجَّ، إذا قدموا مكّة، و طافوا بالبيت أحلّوا، و إذا لبّوا أحرموا ، فلا يزال يحلّ و يعقد حتّى يخرج إلى منى بلا حجّ و لا عمرة (3)

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن الحسن بن عليِّ بن يقطين، عن حفص المؤذّن قال: حجَّ إسماعيل بن عليّ بالناس سنة أربعين و مائة، فسقط أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن بغلته، فوقف عليه إسماعيل، فقال له أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): سِرْ، فإنَّ الإمام لا يقف (4)

6- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسکان، عن الحسن بن سريّ قال: قلت له: ما تقول في المقام بمنى بعدما ينفر الناس؟ قال: إذا قضى نسكه فليقم ما شاء، و ليذهب حيث شاء.

7- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سأله رجلٌ في المسجد الحرام: من أعظم الناس وزراً؟ فقال: من

ص: 540


1- المقصود بهؤلاء الذين يلبّون، من لم يتعبّد الله بعقيدة الحق التي ارتضاها لعباده و أكمل بها دينهم و أتم عليهم نعمته، و إنما شبههم بما شبههم به لفساد عقيدتهم و عدم أخذهم بأحكام مناسكهم عمن نصبهم الله حججاً على الخلق بعد رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). و الحديث حسن.
2- أي من دون أن ينوي الإحرام للحج، و عليه فلا إحرام له. و الحديث حسن.
3- الحديث حسن. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): بلا حج و لا عمرة: ... المشهور جواز تقديم القارن و المفرد الطواف، و منع ابن إدريس منه مطلقاً، و ذهب الشيخ و جماعة إلى أنه لا بد مع التقديم من تجديد التلبية بعد الطواف فإن لم يفعل ينقلب حجّه عمرة، و يمكن حمل هذا الخبر على ما إذا لم تجدد التلبية بعد الطواف الأخير فإنه حينئذ ينقلب حجّه عمرة فلما لم يتم العمرة و لم يحرم للحج فذهابه إلى عرفات و ساير أفعاله لا يكون لحج و لا عمرة﴾ مرآة المجلسي18/ 244.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و المقصود باللإمام هنا أمير الحج.

يقف بهذين الموقفين عرفة و المزدلفة، و سعى بين هذين الجبلين (1)، ثمَّ طاف بهذا البيت و صلىّ خلف مقام إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ قال في نفسه، أو ظنَّ ، أنَّ الله لم يغفر له، فهو من أعظم الناس وزراً (2)

8- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديِّ، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنّا عنده، فذكروا الماء في طريق مكّة و ثقله، فقال: الماء لا يثقل، إلّا أن ينفرد به الجمل فلا يكون عليه إلّا الماء (3)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السنديِّ بن الربيع، عن محمد بن القاسم بن الفضيل، عن فضيل بن يسار، عن أحدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال:(4) من حجَّ ثلاث سنين متوالية، ثمَّ حجَّ أو لم يحجَّ، فهو بمنزلة مُدْمِنِِِ الحجِِّ.

و روي أنَّ مدمن الحجِّ الّذي إذا وجد الحجَّ حجَّ، كما أنَّ مدمن الخمر الّذي إذا وجده شربه.

10- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من ركب راحلة فليوص (5)

11- محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغشانيِّ، عن عبد الرَّحمن بن الأشل (6) بيّاع الأنماط، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كانت قريش تلطّخ الأصنام الّتي كانت حول الكعبة بالمسك و العنبر، و كان يغوث قُبال الباب، و كان يعوق

ص: 541


1- يعني الصفا والمروة.
2- قال الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث رقم 37 من الباب 62 من الجزء 2 من الفقيه: و أعظم الناس جرماً من أهل عرفات الذي ينصرف من عرفات و هو يظن أنه لم يغفر له، يعني الذي يقنط من رحمة الله عزَّ و جلَّ.
3- الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 4 بتفاوت. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا يثقل ... ، لعله محمول على المياه القليلة التي تشرب في الطريق، و ما يعلّق على الأحمال منها﴾ مرآة المجلسي 246/18. و الحديث مجهول.
4- الحديث مجهول.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 177. الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 20 :و فيهما : زاملة ..، بدل: راحلة.. هذا و يقول الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث: ﴿فليس بنهي عن ركوب الزاملة، و إنما هو أمر بالاحتراز عن السقوط، و هذا مثل قول القائل: من خرج إلى الحج أو الجهاد و في سبيل الله فليوصِِ ...﴾. و قال الشيخ رحمه الله في التهذيب و هذا الخبر أكثر ما فيه الحث على الوصية، و إنما خص هذا الموضع لأن فيه بعض الخطر لما يلحق الإنسان من النوم و السهر فلا يأمن من أن يقع منه فيؤدي ذلك إلى هلاكه.
6- هو ابن سالم على الظاهر و هو ضعيف. و إن كان غيره فهو مجهول.

عن يمين الكعبة، و كان نسر (1) عن يسارها، و كانوا إذا دخلوا خرُّوا سجّداً ليغوث، و لا ينحنون، ثمَّ يستديرون بحيالهم إلى يعوق، ثمَّ يستديرون بحيالهم إلى نسر، ثمَّ يلبّون فيقولون: ﴿لَبَّیْک اللَّهُمَّ لَبَّیْک، لَبَّیْک لا شَریکَ لَکَ إِلاَّ شَرِیکٌ هُوَ لَکَ، تَمْلِکُهُ وَ مَا مَلَکَ﴾ قال: فبعث الله ذباباً أخضر له أربعة أجنحة، فلم يبق من ذلك المسك و العنبر شيئاً إلّا أكله، و أنزل الله تعالى: ﴿یَا أَیُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ یَخْلُقُوا ذُبَابًا وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإ ِنْ یَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَیْئًا لا یَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ﴾(2)

12- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يلي الموسم مكّيُّ (3)

13- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن الحسن بن موسى، عن غياث بن کلوب، عن إسحاق بن عمّار، عن جعفر، عن آبائه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه كان يكره الحجَّ و العمرة على الإبل الجلّالات (4)

14- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن محمد بن شيرة، عن عليِّ بن سليمان قال: كتبت إليه (5) أسأله عن الميّت یموت بعرفات، يُدفن بعرفات، أو ينقل إلى الحرم، فأيّهما أفضل؟ فكتب: يُحمل إلى الحرم و يُدفن فهو أفضل (6)

15- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في قول الله جلَّ ثناؤه: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾؟ قال: هو ما يكون من الرَّجل في إحرامه، فإذا دخل مكّة فتكلّم بكلام طيّب، كان ذلك كفّارة لذلك الّذي كان منه (7).

ص: 542


1- يغوث و يعوق و نسر من أشهر الأصنام في الجاهلية و قيل بأنها مع وَدّ و سُواع كانت أصنام تُعبد أيضاً في زمن نوح (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و قد ورد ذكرها جميعاً في الآية 23 من سورة نوح.
2- الحج/73.
3- الحديث ضعيف على المشهور،﴿لعل المراد أن إمارة الحاج أيام الموسم متعلقة بأميرهم لا بأمير مكة، و يحتمل إمارة الحاج أيضاً، لكنه بعيد﴾ مرآة المجلسي 247/18.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 171. الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 5. هذا و قد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على كراهة الحج على الإبل الجلّالة. و هي تلك التي تغتذي على عذرة الإنسان.
5- في التهذيب: كتبت إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
6- التهذيب 5، نفس الباب، ح 270 بتفاوت يسير.
7- الفقيه 2، 196- باب قضاء التفث، ح 2 بتفاوت يسير . و ذكره أيضاً برقم 7 من الباب 116 من نفس الجزء بتفاوت و زيادة و أخرجه هنا عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و كان المصنف رحمه الله قد أورد هذا المضمون بتفاوت في ذيل الحديث 3 من الباب 208 من هذا الجزء و علقنا عليه هناك

16- أحمد بن محمد، عمّن حدَّثه، عن محمد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ القائم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إذا قام ردَّ البيت الحرام إلى أساسه، و مسجد الرَّسول إلى أساسه، و مسجد الكوفة إلى أساسه، و مسجد الكوفة إلى أساسه. و قال أبو بصير: إلى موضع التّمارين من المسجد (1)

17- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: سمعته يقول : من خرج من الحرمين بعد ارتفاع النهار قبل أن يصلّي الظهر و العصر، نودي من خله: لا صَحِبَكَ الله (2)

18- محمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن رجل جعل جاريته هدياً للكعبة، كيف يصنع؟ فقال: إنَّ أبي أتاه رجلٌ قد جعل جاريته هدياً للكعبة، فقال له: قوِِّم الجارية أو بعها، ثمَّ مُرْ منادياً يقوم على الحجر فينادي: ألَا مَنْ قصرت به نفقته، أو قطع به، أو نفد طعامه، فليأت فلان بن فلان، و مُرْهُ أن يعطي أوَّلاً فاوّلاً حتّى ينفد ثمن الجارية (3)

19- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في المرأة تلد يوم عرفة، كيف تصنع بولدها، أيُطاف عنه، أم كيف يصنع به؟ قال: ليس عليه شيءٌ.

20- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: جُعِلْتُ فِداك، كان عندي كبش سمين لأُضحّي به، فلمّا أخذته و أضجعته، نظر إليَّ، فرحمته و رققت عليه، ثمَّ إنّي ذبحته؟ قال: فقال لي: ما كنت أُحبُّ لك أن تفعل، لا تربيّنَّ شَيئاً من هذا ثمَّ تذبحه (4)

21- محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن الحسن بن محمد بن سلام، عن أحمد بن بكر بن عصام، عن داود الرقيِّ قال: دخلت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ولي على رجل مال

ص: 543


1- التهذيب 5، نفس الباب، ح 222.
2- التهذيب 5، نفس الباب، ح 223.
3- التهذيب 5، نفس الباب، ح 175 بتفاوت. و كرره برقم 20 من الباب 16 من الجزء 4 من التهذيب.
4- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 224. و كرره برقم 87 من الباب 2 من الجزء 9.التهذيب.

قد خفت تواه (1)، فشكوت إليه ذلك، فقال لي: إذا صرت بمكّة، فطف عن عبد المطّلب طوافاً، وصلِّ ركعتين عنه، وطف عن أبي طالب طوافاً، وصلّ عنه ركعتين، وطف عن عبد الله (2) طوافاً، وصلِّ عنه ركعتين، وطف عن آمنه (3) طوافاً، وصلّ عنها ركعتين، وطف عن فاطمة (4) بنت أسد طوافاً، وصلّ عنها ركعتين، ثمَّ ادع أن يردَّ عليك مالك، قال: ففعلت ذلك، ثمَّ خرجت من باب الصفا، و إذا غريمي واقفٌ يقول: يا داوود، حبستني، تعال أقبض مالك (5)

22- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر قال: كنّا بمكّة، فأصابنا غلاء من الأضاحي، فاشترينا بدينار، ثمَّ بدينارين، ثمَّ لم نجد بقليل و لا كثير، فرقّع هشام المكاريّ رقعة إلى أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و أخبره بما اشترينا ثمَّ لم نجد بقليل و لا كثير؟ فوقّع: انظروا الثمن الأوَّل و الثاني و الثالث، ثمَّ تصدَّقوا بمثل ثلثه (6)

23- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان؛ و محمد بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في الرَّجل يحجُّ عن آخر، فاجترح في حجّه شيئاً يلزمه فيه الحجّ من قابل، أو كفّارة؟ قال: هي للأوَّل تامّة، و على هذا مااجترح (7)

24- عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن أبَان، عن أبي الحسن، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: جاء رجلٌ إلى أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: إنّي أهديت جارية إلى

ص: 544


1- توى المال: هلك.
2- هو والد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
3- هي أم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
4- هي أم أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 9.
6- التهذيب 5، 16- باب الذبح، ح 144. الفقيه 2، 199- باب الأضاحي، ح 23 بتفاوت فيهما. و الحديث مجهول. و عليه عمل الأصحاب.
7- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 252. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هي للأول تامة: المشهور بين الأصحاب أن ما يلزم النايب من كفارة يكون في ماله و لو أفسَدَ حج من قابل، و هل يعيد الأجرة؟ قالوا: إن قلنا إن الأولى فرضه و الثانية عقوبة فقد برئت ذمة المستأجر بإتمامها و استحق الأجير الأجرة، و إن قلنا إن الأول فاسدة و الثانية فرضه كان الجميع لازماً للنائب و يستعاد منه الأجرة إن كانت الإجارة متعلقة بزمان معين و قد فات، و إن كانت مطلقة لم تنفسخ الإجارة و كان على الأجير الحج عن المستأجر بعد ذلك، و اختلف في أن قضاء الفاسدة في المطلقة على هذا التقدير هل يكون مجزيا عن حج النيابة أو يجب إيقاع حج النيابة بعد القضاء، لأنه قد أذن له في حج صحيح فأتى بفاسد، و هذا الخبر يدل على الأول و هو أقوى و الله أعلم﴾. مرآة المجلسي 251/18.

الكعبة، فأُعْطِيتُ خمسمائة دينار (1)، فما ترى؟ قال: بعها، ثمَّ خذ ثمنها، ثمَّ قم على هذا الحائط- حائط الحجر، ثمَّ ناد، و أَعْط كلَّ منقَطَع به، وكلَّ محتاج من الحاجِّ.

25- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، و الحجّال، عن ثعلبة، عن أبي خالد القمّاط، عن عبد الخالق الصيقل قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً﴾؟ فقال: لقد سألتني عن شيء ما سألني أحدٌ إلّا من شاء الله، قال: من أمَّ هذا البيت و هو يعلم أنّه البيت الّذي أمره الله عزَّ و جلَّ به، و عَرَفَنا أهلَ البيت حقَّ معرفتنا، كان آمناً في الدُّنيا و الآخرة (2)

26- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل الخثعميِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا إذا قدمنا مكّة، ذهب أصحابنا يطوفون و يتركوني أحفظ متاعهم؟ قال: أنت أعظمُهُم أجراً.

27- بإسناده عن ابن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم قال: زامَلْتُ (3) محمد بن مصادف، فلمّا دخلنا المدينة، اعتللتُ، فكان يمضي إلى المسجد و يدعني وحدي، فشكوت ذلك إلى مصادف، فأخبر به أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأرسل إليه: قعودك عنده، أفضل من صلاتك في المسجد.

28- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن سفيان بن إبراهيم الجريريِّ، عن الحارث بن الحصيرة الأسدي، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كنت دخلت مع أبي الكعبة، فصلّى على الرُّخامة الحمراء بين العمودين، فقال: في هذا الموضع تعاقد القوم: إن مات رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أو قُتل ألّا يَرُدُّوا هذا الأمر في أحد من أهل بيته أبداً، قال: قلت: و من كان؟ قال: كان الأوَّل و الثانيُّ، و أبو عبيدة بن الجرَّاح، و سالم ابن الحبيبة (4)

29- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن إساف و نائلة و عبادة قريش لهما؟

ص: 545


1- أي دُفع لي هذا المبلغ كثمن لها.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 225. الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، ح 10 و أخرجه مرسلاً. و في الحديث تنصيص على أن شرط قبول الأعمال و الأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة، و تحصيل السعادة في الدارين هو موالاتهم و معرفة حقهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- أي رافقته و صاحبته.
4- الحديث ضعيف على المشهور، و في بعض الكتب ذكر مع هؤلاء غيرهم.

فقال: نعم كانا شابّين صبيحين، و كان بأحدهما تأنيث، و كانا يطوفان بالبيت، فصادفا من البيت خلوة، فأراد أحدهما صاحبه ففعل، فمسخهما الله فقالت قريش: لو لا أَنَّ الله رضي أن يُعبد هذان معه، ما حوَّلهما ما حولهما عن حالهما (1)

30- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن عليِّ بن أبي عبد الله، عن الحسين بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول- و قد قال له أبو حنيفة-: عجب الناس منك أمس و أنت بعرفة تماكس ببُدْنِك أشدَّ مكاساً يكون ، قال: فقال له أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): و ما لله من الرِّضا أن أُغبن في مالي!؟ قال: فقال أبو حنيفة: لا، و الله، ما لله في هذا من الرّضا قليل و لا كثير، و ما نجيئك بشيء إلّا جئتنا بما لا مخرج لنا منه (2)

31- سهل، عن عليِّ بن أسباط ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا ينبغي لأحد أن يحتبي قبالة الكعبة (3)

32- سهل، عن منصور بن العبّاس، عن ابن أبي نجران- أو (4) غيره- عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: شكت الكعبة إلى الله عزَّ و جلَّ ما تلقى من أنفاس من المشركين، فأوحى الله إليها: قرّي،كعبة فإنّي مبدِّلك بهم قوماً ينتظفون بقضبان الشجر، فلمّا بعث الله محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أوحى إليه مع جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالسواك و الخلال (5)

33- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قلت: نكون بمكّة أو بالمدينة أو الحيرة أو المواضع الّتي يرجى فيها الفضل، فربّما خرج الرّجل يتوضّأ، فيجيىء آخر فيصير مكانه؟ قال: من سبق إلى موضع فهو أحقُّ به يومَه و ليلتَه (6)

ص: 546


1- قال الجوهري 4/ 1331: اساف و نائلة صنمان كانا للقريش وضعهما عمرو بن لحي على الصفا و المروة فكان يذبح عليهما تجاه الكعبة، و زعم بعضهم أنهما كانا من جرهم أساف بن عمرو و نائلة بنت سهل، فَجَرا في الكعبة فمُسِخا حجرين ثم عبدتهما قريش. و الحديث ضعيف.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و قد مر ما يدل على أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فعل ذلك.
3- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 276 و فيه: ... البيت، بدل: ... الكعبة. واحتبى: -كما في القاموس- بالثوب، اشتمل به، أو جمع بين ظهره و ساقيه. هذا و قد نص الشهيد الأول في الدروس و كذا غيره من أصحابنا على كراهة الإحتباء قبالة الكعبة، و كذا استدبارها.
4- الترديد من الراوي.
5- الحديث ضعيف. و لعل شكاية الكعبة كانت بلسان الحال. أو شكاية الملائكة الموكلين بها.
6- يدل على الأحقية بالوقف لمن سبق إليه. وقد نص الشهيد في الذكرى على أنه بعد مضي اليوم و الليلة يزول حقه بالمكان و إن كان رحله فيه إذا غاب عنه تلك المدة.

34- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أماط (1) أذى عن طريق مكّة، كتب الله له حسنة، و من كتب له حسنة لم يعذِّبه (2)

35- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: لا يزال العبد في حدِّ الطواف بالكعبة مادام حلق الرأس عليها (3)

36- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن إبراهيم التيمليِّ (4)، عن عليِّ بن أسباط، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان أيّام الموسم، بعث الله عزَّ و جلَّ ملائكة في صُوَر الآدميّين، يشترون متاع الحاجِّ و التجّار، قلت: فما يصنعون به؟ قال: يُلقونه في البحر (5)

37- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن مسلم، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يوم الأضحى في اليوم الّذي يصام فيه، و يوم العاشوراء في اليوم الّذي يفطر فيه (6)

أبواب الزيارات

339- باب زيارة النبي صلى الله عليه و آله

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، ما لمن زار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) متعمّداً؟ فقال: له الجنّة (7)

2- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن حريز، عن فضيل بن يسار قال: إنَّ

ص: 547


1- أي كشف و رفع و نحّى.
2- روی صدره مع حذف السند في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، قبيل الحديث 100ثم ذكر ذيله مرسلاً بتفاوت في الحديث المذكور.
3- الفقيه 2، نفس الباب، ح 51 بتفاوت مرسلاً.
4- لعله تصحيف علي بن الحسن التيملي، لأن هذا هو الراوي عن علي بن أسباط .و الحديث مجهول.
5- الفقيه 2، 212- باب نوادر الحج، ح 6.
6- الحديث مجهول.
7- التهذيب 6، 2- باب فضل زيارته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 3 بتفاوت. و قوله: متعمداً: أي قاصداً زيارته بلا غرض آخر أو ضميمة في نيته.

زيارة قبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و زيارة قبور الشهداء، و زيارة قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، تعدل حجّة مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).

3- أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبان، عن السدُّوسيِّ (1)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): من أتاني زائراً كنت شفيعه یوم القيامة (2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن المعلّى أبي (3) شهاب قال: قال الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أيا أبتاه، ما لمن زارك؟ فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا بنيَّ، من زارني حيّاً أو ميّتاً، أو زار أباك، أو زار أخاك، أو زارك، كان حقّاً عليَّ أن أزوره يوم القيامة، و أخلّصه من ذنوبه (4)

5- عليُّ بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الدَّيلميِّ، عن أبي حجر الأسلميِِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): من أتى مكّة حاجّاً و لم يزرني إلى المدينة، جَفَوْتَه يوم القيامة، و من أتاني زائراً وَجَبَتْ له شفاعتي، و من وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة، و من مات في أحد الحرمين مكّة و المدينة لم يعرض و لم يحاسَب، و مات مهاجراً إلى الله عزَّ و جلَّ، حُشر يوم القيامة مع أصحاب بدر (5)

340- باب إتْباع الحج بالزيارة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنّما أُمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثمَّ يأتونا فيخبرونا بولايتهم، و يعرضوا علينا نَصْرَهُم (6)

ص: 548


1- في التهذيب: عن السندي.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 4.
3- في التهذيب: عن المعلّى بن شهاب.
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 7. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1. و الحديث مجهول.
5- التهذيب 6، نفس الباب، ح 5 و فيه إلى قوله: وجبت له الجنة. و في سنده عن أبي يحيى الأسلمي. و الظاهر أن في سند الرواية تحريفاً كما يقول السيد الخوئي في معجم رجال الحديث 106/21. الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 1. و في سنده: عن إبراهيم بن أبي حجر الأسلمي. و الحديث ضعيف.
6- الفقيه 2، 214- باب الابتداء بمكة و الختم بالمدينة، ح 2. و الرواية، و إن كان المفهوم منها ظاهراً أن عرض النصرة عليهم إنما هو حال حياتهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إلا أنه يمكن تعميمه إلى يشمل حال وفاتهم لأنهم أحياء في عقيدتنا لا يموتون إلا ظاهراً، كما أن وجودهم متحقق بوجود بقية الله في الأرض عجل الله فَرَجه فعرض النصرة و بذلها يكون حقيقيا لا اعتبارياً.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمّار بن مروان، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: تمام الحجِِّ لقاء الإمام (1)

3- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن عليِّ بن أسباط، عن يحيى بن يسار قال: حججنا ، فمررنا بأبي عبد الله ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: حاجّ بيت الله، و زوَّار قبر نبيّه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و شيعة آل محمد! هنيئاً لكم(2)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن سليمان، عن زياد القنديِّ، عن عبد الله بن سنان، عن ذريح المحاربيِّ قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ الله أمرني في كتابه بأمر فأُحبُّ أن أعمله؟ قال: و ما ذاك؟ قلت: قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾؟ قال: ليقضوا تفثهم: لقاء الإمام، و ليوفوا نذورهم: تلك المناسك، قال عبد الله بن سنان: فأتيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت: جُعِلْتُ فداك، قول الله عزَّ و جلَّ: ﴿ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾؟ قال: أخْذُ الشارب ، وقصُّ الأظفار، و ما أشبه ذلك، قال: قلت: جُعِلْتُ فِداك، إنّ ذريح المحاربيِّ حدَّثني عنك بأنّك قلت له: ﴿لیَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾: لقاء الإمام، و ليوفوا نذورهم: تلك المناسك؟ فقال: صدق ذريح، و صدقتَ، إنَّ للقرآن ظاهراً و باطناً، و من يحتمل ما يحتمل ذريح؟!(3)

341- باب فضل الرجوع إلى المدينة

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنّى، عن سدير، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ابدؤوا بمكّة و اختموا بنا (4)

2- عليُّ بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أبدء بالمدينة أو بمكّة ؟ قال: ابدء بمكّة و اختم بالمدينة، فإنّه أفضل (5)

ص: 549


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث ضعيف على المشهور .
3- الحديث ضعيف على المشهور. ويدل على رفعة شأن ذريح.
4- الفقيه 2، 214- باب الابتداء بمكة و الختم بالمدينة، ح 1.
5- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 173. الاستبصار 2، 221- باب أن البدأة بالمدينة أفضل لمن...، ح 2 و أخرجاه عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي جعفر عن أبيه عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). الفقيه 2، 214- باب الإبتداء بمكة و الختم بالمدينة، ح 3 و أخرجه عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

342- باب دخول المدينة و زيارة النبي صلى الله عليه و الدعاء عند قبره

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها، أو حين تدخلها، ثمَّ تأتي قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ثمَّ تقوم فتسلّم على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ثمَّ تقوم عند الأُسطوانة المقدّمة من جانب القبر الأيمن عند رأس القبر عند زاوية القبر، و أنت مستقبل القبلة، و منكبك الأيسر إلى جانب القبر، و منكبك الأيمن ممّا يلي المنبر، فإنّه موضع رأس رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و تقول:

﴿أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنَّ محمداً عبده و رسوله، و أشهد أنّك رسول الله، و أشهد أنّك محمد بن عبد الله، و أشهد أنّك قد بلّغت رسالاتِ ربّك، و نصحت لأُمّتك، و جاهدت في سبيل الله، و عبدت الله [مخلصاً] حتّى أتاك اليقين،بالحكمة والموعظة الحسنة، و أدَّيت الّذي عليك من الحقِِّ، و أنّك قد رَأََفْتَ (1) بالمؤمنين، و غلظت على الكافرين، فبلغ الله بك أفضل شرف محلّ المكرَّمين، الحمد لله الّذي استنقذنا بك من الشرك و الضّلالة، اللّهمَّ فاجعل صلواتك، و صلوات ملائكتك المقرَّبين، و عبادك الصالحين، و أنبيائك المرسلين، و أهل السماوات و الأرضين، و من سبّح لك يا ربَّ العالمين من الأوَّلين و الآخرين على محمد عبدك و رسولك و نبيّك و أمينك و نجيّك و حبيبك و صفيّك و خاصّتك و صفوتك و خيرتك من خلقك، اللّهمَّ أعطه الدَّرجة و الوسيلة من الجنّة، وابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأوَّلون و الآخرون، اللّهمَّ إنّك قلت: ﴿وَ لَو اَنَّهُم اِذ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم جاؤُوکَ فَاستَغفِرُوا اللهَ وَ استَغفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدوُا اللهَ تَوَّاباً رَحِیماً﴾ (2) و إنّي أتيت نبيّك مستغفراً تائباً من ذنوبي، و إنّي أتوجّه بك إلى الله ربّي و ربّك ليغفر لي ذنوبي﴾.

و إن كانت لك حاجة فاجعل قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خلف كتفيك، و استقبل القبلة، و ارفع يديك و اسأل حاجتك، فإنّك أحرى أن تُقضى إن شاء الله (3)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسين بن عليّ الكوفيّ، عن عليِّ بن مهزيار، عن

ص: 550


1- الرأفة: أشدّ الرحمة.
2- النساء/64.
3- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 1 بتفاوت قليل. الفقيه 2، عنوان (إتيان المدينة). بتفاوت.

الحسن بن عليِّ بن عثمان بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسى، عن أبيه، عن جدّه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: كان أبي عليُّ بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقف على قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فيسلّم عليه، و يشهد له بالبلاغ، و يدعو بما حضره، ثمَّ يسند ظهره إلى المروة الخضراء الدَّقيقة العرض ممّا يلي القبر، و يلتزق بالقبر، و يسند ظهره إلى القبر، و يستقبل القبلة فيقول: ﴿اللّهمَّ إليك ألجأت ظهري، و إلى قبر محمد عبدك و رسولك أسندت ظهري، و القبلة الّتي رضيت لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) استقبلت، اللّهمَّ إنّي أصبحت لا أملك لنفسي خير ما أرجو، و لا أدفع عنها شرَّ ما أحذر عليها، و أصبحت الأُمور بيدك، فلا فقير أفقر منّي، إنّي لِمَا أنزلتَ إليَّ من خير فقير، اللّهمَّ اردُدْني منك بخير فإنّه لا رادَّ لفضلك، اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من أن تبدّل اسمي، أو تغيّر جسمي، أو تزيل نعمتك عنّي، اللّهمَّ كرِّمني بالتقوى، و جمّلني بالنعم، و اغمرني بالعافية، و ارزقني شكر العافية (1)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كيف السلام على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عند قبره؟ فقال: قل: ﴿السلام على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا أمين الله، أشهد أنّك قد نصحت لأُمّتك، و جاهدت في سبيل الله، و عبدته حتّى أتاك اليقين، فجزاك الله أفضل ما جزى نبيّاً عن أُمّته، اللّهمَّ صلِّ على محمد و آل محمد أفضل ما صلّيت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ﴾ (2)

4- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليِّ الكوفيُ، عن عليِّ بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن محمد بن مسعود قال: رأيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) انتهى إلى قبر النبيِِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فوضع يده عليه و قال: ﴿أسألُ اللّه الّذی اجتباکَ وَ اخْتارَکَ وَ هَداکَ وَ هَدی بِکَ، اَنْ یُصَلّیَ عَلَیْکَ﴾، ثمَّ قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار أنَّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال لهم: مُرُّوا بالمدينة فسلّموا على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من قريب و إن كانت الصلاة تبلغه من بعيد.

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن صفوان بن يحيى قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الممرِّ في مؤخّر مسجد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و لا أسلّم على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ فقال: لم

ص: 551


1- الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ... ، عنوان (إتيان المدينة).
2- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 2.

یكن أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يصنع ذلك، قلت: فيدخل المسجد فيسلّم من بعيد، لا يدنو من القبر؟ فقال: لا، قال: سلّم عليه حين تدخل، و حين تخرج، و من بعيد.

7- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صلّوا إلى جانب قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و إن كانت صلاة المؤمنين تبلغه أينما كانوا (1)

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن حسّان، عن بعض أصحابنا قال: حضرت أبا الحسن الأوَّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و هارون الخليفة، و عيسى بن جعفر، و جعفر بن يحيى بالمدينة، قد جاؤوا إلى قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال هارون لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تقدَّم، فأبى، فتقدَّم هارون فسلّم و قام ناحية، و قال عيسى بن جعفر لأبي الحسن ( عَلَیْهِاَلسَّلاَمُ): تقدَّم، فأبى، فتقدَّم عيسى فسلّم و وقف مع هارون، فقال جعفر لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): تقدم، فأبى، فتقدَّم جعفر فسلّم و وقف مع هارون، و تقدَّم أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: السلام عليك يا أبَه، أسأل الله الّذي اصطفاك و اجتباك و هداك و هدى بك أن يصلّي عليك، فقال هارون لعيسى: سمعتَ ما قال؟ قال: نعم، فقال هارون: أشهد أنّه أبوه حقّاً (2)

343- باب المنبر و الروضة و مقام النبي صلى الله عليه و آله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا فرغت من الدُّعاء عند قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فأْت المنبر فامسحه بيدك، و خذ برمّانتيه و هما السفلاوان، و امسح عينيك و وجهك به، فإنّه يقال: إنّه شفاء العين، و قم عنده فاحمد الله و أثن عليه، وسل حاجتك، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قال: ما بين منبري و بيتي روضة من رياض الجنّة، و منبري على ترعة من ترع الجنّة- و الترعة هي الباب الصغير، ثمَّ تأتي مقام النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فتصلّي فيه ما بدا لك، فإذا دخلت المسجد، فصلّ على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و إذا خرجت فاصنع مثل ذلك، و أكْثر من الصلاة في

ص: 552


1- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 4 و 3. و قوله في الحديث الأول: صلّوا...؛ (في الموضعين) المراد بالصلاة فيهما إما الأركان و الأفعال المخصوصة كما هو الظاهر فيدل على استحباب الصلاة عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في جميع الأماكن. أو بمعنى الدعاء إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و احتمال كونها في الأول الأركان و في الموضع الثاني الدعاء بعيد جداً و الله يعلم. مرآة المجلسي 264/18.
2- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 4 و 3. و قوله في الحديث الأول: صلّوا...؛ (في الموضعين) المراد بالصلاة فيهما إما الأركان و الأفعال المخصوصة كما هو الظاهر فيدل على استحباب الصلاة عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في جميع الأماكن. أو بمعنى الدعاء إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و احتمال كونها في الأول الأركان و في الموضع الثاني الدعاء بعيد جداً و الله يعلم. مرآة المجلسي 264/18.

مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِِّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)يقول: لما كان سنة إحدى و أربعين، أراد معاوية الحجَّ، فأرسل نجاراً و أرسل بالآلة، و كتب إلى صاحب المدينة أن يقلع منبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و يجعلوه على قدر منبره بالشام، فلمّا نهضوا ليقلعوه، انكسفت الشمس، و زُلْزِلَت الأرض، فكفّوا، و كتبوا بذلك إلى معاوية، فكتب إليهم يعزم عليهم لمّا فعلوه، ففعلوا ذلك، فمنبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) المدخل الّذي رأيت (2)

3- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن جميل، عن أبي بكر الحضرميِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنّة، و منبري على ترعة من ترع الجنّة، و قوائم منبري رُبّت (3) في الجنّة قال: قلت: هي روضة اليوم؟ قال: نعم، إنّه لو كشف الغطاء لرأيتم.

4- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألته عن حدِّ مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ فقال: الأُسطوانة الّتي عند رأس القبر إلى الأُسطوانتين من وراء المنبر عن يمين القبلة، و كان من وراء المنبر طريق تمرُّ فيه الشاة، و يمرُّ الرَّجل منحرفاً، و كان ساحة المسجد من البلاط إلى الصحن.

5- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن مرازم قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عمّا يقول الناس في الرَّوضة؟ فقال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): فيما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنّة، و منبري على ترعة من ترع الجنّة ، فقلت له: جُعِلْتُ فداك، فما حدُّ الرَّوضة؟ فقال: بَعْدَ أربع أساطين من المنبر إلى الظَّلال، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، مِن الصحن فيها شيءٌ؟ قال: لا (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن عليِّ بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حدُّ الروضة في

ص: 553


1- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 5. الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ...، ح 2 و روى بعض الحديث. و الترعة: هي الحديقة بربوة عالية، فإذا لم تكن على مرتفع فهي روضة. و من معانيها: الباب، كما ورد في هذه الرواية.
2- الحديث صحيح. ﴿و لعل المراد به (المدخل) المدخل تحت المنبر﴾ مرآة المجلسي 266/18.
3- من التربية و التنشئة.
4- الحديث ضعيف.

مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلى طرف الظلال، وحدُّ المسجد إلى الأُسطوانتين عن يمين المنبر إلى الطريق ممّا يلي سوق اللّيل (1)

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن موسى بن بكر، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كم كان مسجد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: كان ثلاثة آلاف وستّمائة ذراع مكسّراً (2)

8- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنّة؟ فقال: نعم، و قال: بيت عليّ و فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ما بين البيت الّذي فيه النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلى الباب الّذي يحاذي الزُّقاق إلى البقيع، قال: فلو دخلتَ من ذلك الباب، و الحائطُ مكانه، أصاب منكبك الأيسر، ثمَّ سمّى سائر البيوت و قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): الصلاة في مسجدي ألف صلاة في غيره، إلّا المسجد الحرام فهو أفضل (3)

9- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن علىّ الوشّاء؛ و عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن حمّاد بن عثمان، عن القاسم بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إذا دخلت من باب البقيع، فبيت عليّ صلوات الله عليه على يسارك قدر ممرَّ عنز من الباب، و هو إلى جانب بيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وباباهما جميعاً مقرونان (4)

10- سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن حمّاد بن عثمان، عن جميل بن درَّاج قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول : قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): ما بين منبري و بيوتي روضة من رياض الجنّة، و منبري على ترعة من ترع الجنّة، و صلاة في مسجدي تعدل ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلّا المسجد الحرام؛ قال جميل: قلت له: بيوت النبيّ ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و بيت عليّ

ص: 554


1- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 7.
2- الحديث ضعيف على المشهور. و قوله: مكسّراً: أي ما يحصل من ضرب الطول بالعرض للشكل المستطيل، أو الضلع بالضلع للشكل المربع و هكذا. وقيل: إن المراد الذراع المكسرة و هي ست قبضات سميت بذلك لأنها نقصت عن ذراع أحد الأكاسرة قبضة- قاله في المغرب-.
3- الحديث صحيح. و أخرجه في التهذيب 6، نفس الباب، ح 8. و روى ذيله أيضاً في التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و...، ح 11. و في ذيله: فإنه أفضل منه.
4- الحديث مجهول.

منها؟ قال: نعم و أفضل (1)

11- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي سَلَمة، عن هارون بن خارجة قال: الصلاة في مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) تعدل عشرة آلاف صلاة (2)

12- أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرَّاج، عن ابن مسكان، عن أبي الصامت قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صلاة في مسجد النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) تعدل بعشرة آلاف صلاة (3)

13- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الصلاة في بيت فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أفضل أو في الرَّوضة؟ قال: في بيت فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (4)

14- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان؛ و ابن أبي عمير، و غير واحد، عن جميل بن درَّاج قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): الصلاة في بيت فاطمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثل الصلاة في الرَّوضة؟ قال: و أفضل (5)

344- باب مقام جبرئيل عليه السلام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، جميعاً قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ائت مقام جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو تحت الميزاب، فإنّه كان مقامه إذا استأذن على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قل: ﴿أَیْ جَوَادُ، أَیْ کَرِیمُ، أَیْ قَرِیبُ، أَیْ بَعِیدُ، أَسْأَلُکَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ، وَ أَسْأَلُکَ أَنْ تَرُدَّ عَلَیَّ نِعْمَتَکَ﴾ قال: و ذلك مقام لا تدعو فيه حائض تستقبل القبلة ثمَّ تدعو بدعاء الدَّم، إلّا رأت الطهر إن شاء الله (6)

ص: 555


1- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 6. و قوله: منها: الضمير يرجع إلى رياض الجنة. و الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مجهول.
3- الحديث مجهول.
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 9. و الحديث موثق.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- التهذيب 6، 3- باب زيارة سيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 10. الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ...، تحت عنوان (إتيان المدينة) بعد الحديث رقم 2، و قد ذكر رحمه الله دعاء الدم هناك.

345- باب فضل المقام بالمدينة و الصوم و الاعتكاف عند الأساطين

1- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن جهم قال: سألت أبا الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أيّما (1) أفضل؛ المقام بمكّة أو بالمدينة؟ فقال: أيُّ شيء تقول أنت؟ قال: فقلت: و ما قولي مع قولك؟ قال: إنَّ قولك يردُّك إلى قولي، قال: فقلت له: أمّا أنا فأزعم أنَّ المقام بالمدينة أفضل من المقام بمكّة، قال: فقال: أمَا لئن قلت ذلك، لقد قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ذاك يوم فطر و جاء إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فسلّم عليه في المسجد ثمَّ قال: قد فضلنا الناس اليوم بسلامنا على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (2)

2- أحمد بن محمد، عن عليِّ بن حديد، عن مرازم قال: دخلت أنا و عمّار و جماعة على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بالمدينة، فقال: ما مقامكم؟ فقال عمّار: قد سرَّحنا ظهرنا (3) و أَمَرْنا أن نؤتى به (4) إلى خمسة عشر يوماً، فقال: أصبتم المقام في بلد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و الصلاة في مسجده، و اعملوا لآخرتكم، و أكثروا لأنفسكم، إنَّ الرجل قد يكون كيّساً في الدنيا فيقال: ما أكيسَ فلاناً، و إنّما الكَيْس كيس الآخرة (5)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عمرو الزَّيات (6)، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من مات في المدينة بعثه الله في الآمنين يوم القيامة،- منهم (7) يحيى بن حبيب و أبو عبيدة الحذَّاء و عبد الرحمن بن الحجّاج- (8)

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن الحلبيِّ؛ عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا دخلت المسجد، فإن استطعت أن تقيم ثلاثة أيّام: الأربعاء و الخميس و الجمعة فصلِّ ما بين القبر و المنبر يوم الأربعاء عند الأُسطوانة الّتي تلي القبر، فتدعو الله عندها و تسأله كلَّ حاجة تريدها في آخرة أو دنيا، و اليوم الثاني عند أُسطوانه التوبة، و يوم الجمعة عند مقام النبيِِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)

ص: 556


1- أي أيهما ...
2- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و ... ، ح 9.
3- المقصود بالظهر ما يركب من الدواب.
4- الضمير يرجع إلى الظهر.
5- الحديث ضعيف. و الكِياسَة: الظَرَف و الفطنة، و ضد الحمق.
6- هذا من أصحاب الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و لم يلق أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
7- من هنا- على الظاهر- إلى آخره من كلام الزيّات، كما نص عليه الشيخ في التهذيب في ذيل الحديث.
8- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و ...، ح 8. و ذكر الصدوق في الفقيه 2، 62- باب فضائل الحج، بعد الحديث 100 فقال: و من مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين. و الحديث ضعيف.

مقابل الأُُسطوانة الكثيرة الخَلوق، فتدعو الله عندهنَّ لكلِّ حاجة، و تصوم تلك الثلاثة الأيّام (1)

5- ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): صم الأربعاء و الخميس و الجمعة، وصلّ ليلة الأربعاء و يوم الأربعاء عند الأُسطوانة الّتي تلي رأس النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و ليلة الخميس و يوم الخميس عند الأُسطوانة أبي لبابة، و ليلة الجمعة و يوم الجمعة عند الأُسطوانة الّتي تلي مقام النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، وادعُ بهذا الدُّعاء لحاجتك و هو: ﴿اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ بِعِزَّتِکَ وَ قُوَّتِکَ وَ قُدْرَتِکَ، وَ جَمِیعِ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُکَ، أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّد وَ آلِ مُحَمَّد وَ أَنْ تَفْعَلَ بِی کَذَا وَ کَذَا﴾ (2)

346- باب زيارة مَن بالبقيع

إذا أتيت القبر الّذي بالبقيع (3) فاجعله بين يديك ثمَّ تقول: ﴿السلام عليكم أئمّة (4) الهدى، السلام عليكم أهل التقوى، السلام عليكم الحجّة على أهل الدُّنيا، السلام عليكم القُوّام في البريّة بالقسط ، السلام عليكم أهل الصفوة، السلام عليكم أهل النجوى (5)، أشهد أنّكم قد بلّغتم و نصحتم و صبرتم في ذات الله، و كُذِّبْتُم و أُسيء إليكم فعفوتم، و أشهد أنّكم الأئمّة الرَّاشدون المهديّون و أنَّ طاعتكم مفروضة، و أنَّ قولكم الصدق، و أنّكم دعوتم فلم تُجابوا، و أمرتم فلم تُطاعوا، و أنّكم دعائم الدِّين، و أركان الأرض، و لم تزالوا بعين الله (6)، ينسخكم (7) في أصلاب كلِِِّ مطهّر، و ينقلكم في أرحام المطهّرات، لم تدنّسكم الجاهليّة

ص: 557


1- روى قريباً منه بل متطابقاً مع كثير من الفاظه في التهذيب 6، نفس الباب، ح 15. و كذلك فعل في الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ... ، عنوان الصوم في المدينة و الاعتكاف عند الأساطين. مع حذف الإسناد، و أخرجه في التهذيب عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الظاهر أن ابن أبي عمير سقط بفعل النسّاخ من سند الحديث بقرينة بقية الروايات الواردة في كتاب الكافي و التي يتوسط ابن أبي عمير عادة و بين إبراهيم بن هاشم و حماد و الله العالم. و قد دل الحديث على جواز هذه الأيام الثلاثة في السفر كما نص عليه أصحابنا رضوان الله عليهم.
2- راجع التخريج السابق.
3- الحدیث ﴿موقوف مرسل، و لا يبعد كونه من تتمة خبر معاوية بن عمار، بل هو الظاهر من سياق الكتاب، رواه ابن قولويه رحمه الله في كامل الزيارات عن حكيم بن داوود عن سلمة بن الخطّاب، عن عبد الله بن أحمد عن بكر بن صالح عن عمرو بن هاشم عن رجل من أصحابنا عن أحدهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾ مرآة المجلسي 272/18.
4- أي أئمة في الهدى.
5- أي يا من عندكم الأسرار التي بها ناجى الله أنبياءه و خاتمهم خاصة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
6- أي بحفظه و رعايته.
7- نسخه: -كما في القاموس- أزاله و غيّره، و المراد هنا تقلبهم من صلب إلى صلب في الساجدين.

الجهلاء (1)، و لم تشرك فيكم فتن الأهواء، طبتم و طاب منبتكم، منَّ بكم علينا ديّان (2) الدِّينِ فجعلكم في بيوت أذن الله أن تُرفع و يُذكر فيها اسمه، و جعل صلواتنا عليكم رحمةً لنا، و كفّارةً لذبوبنا، إذ اختاركم لنا و طيّب خلقنا (3) بما منَّ به علينا من ولايتكم، و كنّا عنده مسمّين بفضلكم، معترفين (4) بتصديقنا إيّاكم، و هذا مقام من أسرف و أخطأ و استكان و أقرَّ بماجنى ، و رجا بمقامه الخلاص، و أن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من الرَّدى، فكونوا لي شفعاء، فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدُّنيا، و اتّخذوا آيات الله هُزُواً و استكبروا عنها، يا من هو قائم لا يسهو و دائمٌ لا يلهو، و محيط بكلِِّ شيء، لك المنُّ بما وفّقتني و عرَّفتني ممّا ائتمنتني عليه، إذ صدَّ عنهم عبادك، و جهلوا معرفتهم، و استخفّوا بحقّهم، و مالوا إلى سواهم، فكانت المنّة منك عليِّ مع أقوام خصصتهم بما خصصتني به (5)، فلك الحمد إذ كنتُ عندك في مقامي [هذا] مذكوراً مكتوباً، و لا تحرمني ما رجوت، و لا تخّيبني فيما دعوت﴾ وادع لنفسك بما أحببت (6)

347- باب اتيان المشاهد و قبور الشهداء

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، جميعاً عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا تدع إتيان المشاهد كلّها؛ مسجد قباء، فإنّه المسجد الّذي أُسّس على التقوى من أوَّل يوم، و مشربة أمِّ إبراهيم، و مسجد الفضيخ، و قبور الشهداء، و مسجد الأحزاب؛ و هو مسجد الفتح، قال: و بلغنا أنَّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان إذا أتى قبور الشهداء قال: ﴿اَلسَّلاَمُ عَلَیْکُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَی اَلدَّارِ﴾، و ليكن فيما تقول عند مسجد الفتح: ﴿يا صريخ المكروبين و يا مجيب [دعوة] المضطرِّين، اكشف همّي و غمّي و كربي كما كشفت عن نبيّك همّه و غمّه و كربه، و كفيته هَوْلَ عدوِّه فى هذا المكان (7)

ص: 558


1- في التعبير تأكيد كقوله : ليل ألْيَل.
2- الديّان: القهّار و القاضي و الحاكم و السائس. و المراد ديّان يوم الدين.
3- فيه إشارة إلى ما ورد في بعض الروايات من أن حبّهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من إمارات طهارة المولد و إن بعضهم من إمارات خبث الطينة و نجاسة المولد.
4- في الزيارة الجامعة: معروفين. و هو الأصوب.
5- أي من معرفتهم و التصديق بهم و موالاتهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
6- التهذيب 6، 27- باب زيارتهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، الفقيه 2، باب زيارة قبور الأئمة: الحسن بن علي بن أبي طالب و علي بن الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ... بتفاوت يسير في الجميع.
7- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و...، ح 18. الفقيه 2، تحت عنوان (إتيان المشاهد و قبور الشهداء) مع حذف الإسناد. هذا، و قد قطع العلامة في بعض كتبه و الشهيد في الدروس أن مسجد الأحزاب هو مسجد الفتح. و إنما سمي مسجد الأحزاب لأن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قد دعا فيه يوم معركة الأحزاب فنزل النصر و كفى الله المؤمنين بانهزام الأحزاب بعد أن صرع علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عمرو بن عبدودّ. و سمي مسجد الفضيخ بذلك- كما قيل- لأنهم كانوا يفضحون فيه التمر قبل الإسلام، أي يشدخونه. و ذكر الشهيد في الدروس أن هذا المسجد هو الذي ردّت فيه الشمس لعلي ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و سوف تأتي رواية برقم، من هذا الباب تنص على أنه سمي بمسجد الفضيخ من النخل الفضيخ و لذلك سمي بهذا الاسم. و الحديث حسن كالصحيح.

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عقبة بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنّا نأتي المساجد الّتي حول المدينة، فبأيّها أبدء؟ فقال: ابدء بقباء، فصلِّ فيه، و أكثر ، فإنّه أوَّل مسجد صلّى فيه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) في هذه العرصة، ثمَّ ائت مشربة (1) أمِّ إبراهيم فصلِِّ فيها، و هي مسكن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و مصلّاه، ثمَّ نأتي مسجد الفضيخ فتصلّي فيه، فقد صلّى فيه نبيّك، فإذا قضيت هذا الجانب، أتيت جانب أُحُد فبدأتَ بالمسجد الّذي دون الحرَّة فصلّيت فيه، ثمَّ مررت بقبر حمزة بن عبد المطّلب فسلّمت عليه، ثمَّ مررت بقبور الشهداء فقمت عندهم فقلت: ﴿اَلسَّلامُ عَلَیْکُمْ یَا اَهْلَ الدِیّار، أنْتُمْ لَنا فَرَطّ وَ اِنّا بِکُمْ لاحِقُونَ﴾، ثمَّ تأتي المسجد الّذي كان في المكان الواسع إلى جنب الجبل عن يمنيك حين تدخل أُحُداً فتصلّي فيه، فعنده خرج النبيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إلى أُحُد حين لقي المشركين، فلم يبرحوا حتّى حضرت الصلّاة، فصلّى فيه، ثمَّ مُرَّ أيضاً حتّى ترجع فتصلّي عند قبور الشهداء ما كتب الله لك، ثمَّ امض على وجهك حتّى تأتي مسجد الأحزاب فتصلّي فيه، و تدعو الله فيه، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) دعا فيه يوم الأحزاب و قال: ﴿یا صَریخَ (2) الْمَکْرُوبینَ، وَ یا مُجیبَ [دَعَوَةِ] الْمُضْطَرّینَ ، وَ یا مُغیثَ الْمَهْمُومینَ، اکْشِفْ هَمّی وَ کَرْبی وَ غَمّی، فَقَدْ تَری حالی وَ حالَ اَصْحابی﴾ (3)

4- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: عاشت فاطمة سلام الله عليها بعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) خمسة و سبعين يوماً لم تُرَ كاشرة (4) و لا ضاحكة تأتي قبور الشهداء في كلِِّ جمعة مرَّتين: الإثنين و الخميس، فتقول: ههنا كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و ههنا كان المشركون (5)

ص: 559


1- المشربة: الصفّة و الغرفة.
2- الصريخ: المستغيث و المغيث أيضاً، فهو من الأضداد.
3- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و...، ح 19.
4- ﴿كاشرة: أي متبسمة، و لعله قدم على الضحك لأنها من مقدماته كما في قوله تعالى: ﴿لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لاَ نَوْمٌ﴾ البقرة/ 255﴾ مرآة المجلسي 276/18.
5- في بعض الروايات اختلاف في تحديد أيام زيارتها (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لهذه المواضع

5- و في رواية أُخرى أبَان، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أنّها كانت تصلّي هناك و تدعو حتّى ماتت (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

6- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن المفضّل بن صالح، عن ليث المراديِّ قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن مسجد الفضيخ، لِمَ سمّي مسجد الفضيخ؟ فقال: لنخل يسمّى الفضيخ فلذلك سُمّي مسجد الفضيخ (1)

7- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): هل أتيتم مسجد قباء، أو مسجد الفضيخ، أو مشربة أُمِّ إبراهيم؟ قلت: نعم، قال: أَمَا إنّه لم يبق من آثار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) شيءٌ إلّا و قد غُيّر غير هذا.

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن جعفر، عن عمر بن سعيد، عن الحسن بن صدقة، عن عمّار بن موسى قال: دخلت أنا و أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مسجد الفضيخ فقال: يا عمّار، ترى هذه الوَهْدَة (2)؟ قلت: نعم، قال : كانت امرأة جعفر الّتي خلّف (3) عليها أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قاعدة في هذا الموضع، و معها ابناها من جعفر، فبكت، فقال لها ابناها: ما يبكيك يا أُمّهْ؟ قالت: بكيت لأمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقالا لها: تبكين لأمير المؤمنين و لا تبكين لأبينا؟ قالت: ليس هذا هكذا، و لكن ذكرت حديثاً حدَّثني به أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في هذا الموضع فأبكاني، قالا: و ما هو؟ قالت: كنت أنا و أمير المؤمنين في هذا المسجد، فقال لي: تَرَيْنَ هذه الوهدة؟ قلت: نعم، قال: كنت أنا و رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قاعدَين فيها، إذ وضع رأسه في حجري ثمَّ خفق حتّى غطّ (4) وحضرت صلاة العصر، فكرهت أن أُحرِِّك رأسه عن فخذي فأكون قد آذیت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، حتّى ذهب الوقت (5)، وفاتت، فانتبه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فقال: يا عليّ، صلّيتَ؟ قلت: لا، قال: و لم ذلك؟ قلت: كرهت أن أُوذيك، قال: فقام و استقبل القبلة، ومدَّ يديه كلتيهما و قال: اللّهمَّ ردَّ الشمس إلى وقتها حتّى يصلّي عليُّ، فرجَعَتْ الشمس إلى وقت الصلاة حتّى صلّيتُ العصر، ثمَّ انقضّت (6) انقضاض الكوكب (7)

ص: 560


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 20 و فيه: النخل ...، بدل: لنخل ... و الحديث صحيح.
2- الوهدة: ما انخفض من الأرض عن مستوى ما حوله.
3- هي أسماء بنت عميس.
4- غطيط النائم: نخيره و شخيره.
5- يحتمل ذهاب الوقت الفضيلي. و بفوتها فوت ذلك الوقت. و قيل: بأنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إنما ترك الصلاة لعلمه بردّ الشمس له، أو أنه صلّى إيماءاً.
6- أي هوت و سقطت.
7- الحديث ضعيف على المشهور.

348- باب وداع قبر النبي صلى الله عليه و آله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا أردت أن تخرج من المدينة فاغتسل، ثمَّ ائت قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بعد ما تفرغ من حوائجك، و اصنع مثل ما صنعت عند دخولك و قل: ﴿أَللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ، فَإِنْ تَوَفَّيْتَنِي قَبْلَ ذلِكَ، فَإِنِّي أَشْهَدُ فِي مَماتِي عَلى ما شَهِدْتُ عَلَيْهِ فِي حَياتِي أَنْ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ﴾.(1)

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن وداع قبر النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: تقول: ﴿صلّى الله عليك، السلام عليك، لا جعله الله آخر تسليمي عليك﴾ (2)

349- باب تحريم المدينة

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن سيف بن عَمِيرة، عن حسّان بن مهران قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: مكّة حرم الله، و المدينة حرم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و الكوفة حرمي، لا يريدها جبّار بحادثة إلّا قصمه الله(3)

2- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن أبي العبّاس قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): حرَّم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) المدينة؟ قال: نعم، حرَّم بريداً في بريد ،غضاها، قال: قلت : صَيْدُها؟ قال: لا يكذب النّاس (4)

ص: 561


1- التهذيب 6، 4- باب وداع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ج 1. الفقيه 2، 216- باب ما جاء فيمن حج و لم يزر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ... ، تحت عنوان (توديع قبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)).
2- ورد ذلك في الفقيه 2، تحت عنوان (توديع قبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و منبره). مرسلاً.
3- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و...، ح 1.
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 4 و فيه: عضاها (بالعين المهملة). و إن كان صاحب المنتقی قد ضبطها بالغين في التهذيب أيضاً و الله العالم. و الغضا: شجر. و العضاة- كما في الصحاح- كل شجر يعظم و له شوك. و أخرجه في الفقيه 2، 215- باب تحريم المدينة و فضلها، ح 7 بتفاوت قليل. و المقصود بأبي العباس في سند الحديث: الفضل بن عبد الملك البقباق. و قد دل الحديث على أن المحرم من صيد المدينة هو ما يحصل في هذه الحدود فقط و بذلك يفترق عن الصيد المحرم في الحرم المكي إذ هو حرام في الحرم كله.

3- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحسن الصيقل قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): كنت عند زياد بن عبد الله و عنده ربيعة الرأي، فقال له زياد: ما الّذي حرَّم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من المدينة؟ فقال له (1): بريد في برید، فقال لربيعة: و كان على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أميال؟ فسكت و لم يُجِبهُ، فأقبل عليَّ زياد فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول أنت؟ فقلت: حرَّم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من المدينة ما بين لابَتَيْها، قال: و ما بين لابَتَيْها؟ قلت: ما أحاطت به الحرار (2)، قال: و ما حرَّم من الشجر؟ قلت: من عير إلى وَ عِير (3)

قال صفوان: قال ابن مسكان: قال الحسن: فسأله إنسان و أنا جالسٌ فقال له: و ما بين لابَتَيها؟ [ف] قال: ما بين الصوريَن إلى الثنيّة (4)

4- و في رواية ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: حدُُّ ما حرَّم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من المدينة؛ من ذباب (5)، إلى واقِم، و العُرَيْض (6) و النَّقْب (7) من قِبَل مكّة (8).

5- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن عليِّ بن مهزيار، عن فَضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): إنَّ مكّة حَرَمُ الله، حرَّمها إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و إنَّ المدينة حَرَمي، ما بين لابَتَيْها حَرَمٌ، لا يُعْضَدُ شجرها و هو ما بين ظلِّ عائر إلى ظلِّ و عير، و ليس صيدها كصيد مكّة، يؤكل هذا و لا يؤكل ذلك، و هو برید (9)

6- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن

ص: 562


1- أي قال ربيعة لزياد.
2- في التهذيب: الحَرِّتان. و هما -كما قيل- حرّة ليلى و حَرّة واقِم.
3- إلى هنا التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل ...، ح 6 بتفاوت يسير و روى جزءاً منه مرسلاً في الفقيه 2، 215- باب تحريم المدينة و فضلها، ح 2 بتفاوت. و وعير و عير جبلان بالمدينة. و في التهذيب: عاير، بدل: عير.
4- الفقيه 2، نفس الباب، ح 3.
5- ذباب: جبل بالمدينة. و في الفقيه: رباب.
6- العُريَض: اسم واد بالمدينة.
7- النَّقْب: الطريق في الجبل.
8- الفقيه 2، نفس الباب، ح 4 بتفاوت. و الحديث صحيحَ
9- التهذيب 6، 5-باب تحريم المدينة و فضلها و فضل المسجد و...، ح 3 بتفاوت. و الحديث صحيح. و العَضْد: القطع.

أبي عمير، عن جميل بن درَّاج قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ): من أحدث بالمدينة حَدَثاً، أو آوى مُحْدِثاً (1)، فعليه لعنة الله، قلت: و ما الحَدَث؟ قال: القتل.

350- باب مُعَرَّس النبي صلى الله عليه و آله

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا انصرفت من مكّة إلى المدينة، و انتهيتَ إلى ذي الحُلَيفة و أنت راجع إلى المدينة من مكّة، فأْْتِ معرَّس النبيِِِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، فإن كنت في وقت صلاة مكتوبة أو نافلة فصلِِّ فيه، و إن كان في غير وقت صلاة مكتوبة فانزل فيه قليلاً، فإنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) قد كان يعرِِّس فيه و يصلّي (2)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحجّال؛ و الحسن بن عليّ، عن عليِّ بن أسباط، عن بعض أصحابنا، أنّه لم يعرّس، فأمره الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن ينصرف فيعرِّس (3)

3-أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عليِّ بن أسباط، عن محمد بن القاسم بن الفضيل قال: قلت لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جعلت فداك، إنَّ جمّالنا مرَّ بنا و لم ينزل المعرَّس؟ فقال: لا بدَّ أن ترجعوا إليه، فرجعت إليه (4)

4- و عنه، عن ابن فضّال قال: قال عليُّ بن أسباط لأبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- و نحن نسمع-: إنّا لم نكن عرَّسنا، فأخبرنا ابن القاسم بن الفضيل أنّه لم يكن عرَّس، و أنّه سألك فأمرته بالعود إلى المعرَّس فيعرِّس فيه؟ فقال: نعم، فقال له: فإنّا انصرفنا فعرّسنا، فأيُّ شيء نصنع؟ قال: تصلّي فيه و تضطجع، و كان أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (5) يصلّي بعد العتمة فيه، فقال له محمد: فإن مرَّ به في غير وقت صلاة مكتوبة؟ قال: بعد العصر قال: سئل أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)عن ذا فقال: ما رخّص

ص: 563


1- أي نصر جانياً و آواه و أجاره من خصمه و حال بينه و بين الاقتصاص منه. و الحديث حسن كالصحيح.
2- الفقيه 2، 214- باب الإبتداء بمكة و الختم بالمدينة، (عنوان نزول معرّس النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 8. و التعريس: النزول آخر الليل للاستراحة، و لكن المراد به هنا النزول في مسجد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)الكائن قرب مسجد الشجرة على بعد فرسخ من المدينة في ليل أو نهار. و قد دلت على ذلك-و هو كون التعريس في هذا المكان المبارك أعم من الليل- عدة روايات. و من الواضح أن النزول هناك إنما هو للصلاة فيه مطلقاً و الاضطجاع.
3- التهذيب 6، نفس الباب، صدر ح 17 و أشار إليه إشارة.
4- الفقيه 2، 214- باب البدء بمكة و الختم بالمدينة، ح 9. و في ذيله: فرجعنا إليه.
5- يعني الکاظم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و كذا ما بعده.

في هذا إلّا في ركعتي الطواف، فإن الحسن بن علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فعله، و قال: يقيم حتّى يدخل وقت الصلاة، قال: فقلت له: جُعِلْتُ فِداك، فمن مرَّ به بليل أو نهار يعرِّس فيه، أو إنّما التعريس باللّيل؟ فقال: إن مرَّ به بليل أو نهار فليعرِّس فيه (1)

351- باب مسجد غدیرخُمّ

1- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن الصلاة في مسجد غدير خمّ بالنهار و أنا مسافر؟ فقال: صلِّ فيه، فإنَّ فيه فضلاً، و قد كان أبي يأمر بذلك (2)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحجّال، عن عبد الصمد بن بشير ،عن حسّان الجمّال قال: حملت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من المدينة إلى مكّة، فلمّا انتهينا إلى مسجد الغدير، نظر إلى ميسرة المسجد فقال: ذلك موضع قدم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) حيث قال: من کنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، ثمَّ نظر إلى الجانب الآخر فقال: ذلك موضع فسطاط أبي فلان و فلان و سالم مولى أبي حذيفة، و أبي عبيدة الجرَّاح، فلمّا أن رأوه رافعاً يديه قال بعضهم لبعض: انظروا إلى عينيه تدوران كأنّهما عينا مجنون، فنزل جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بهذه الآية (3): ﴿وَ إنْ یَکَادُ الَّذِینَ کَفَرُوا لَیُزْ لِقُونَکَ بِأبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّکْرَ (4) وَ یَقُولُونَ إنَّهُ لَمَجْنُونٌ (5) * وَ مَا هُوَ إلّا ذِکْرٌ لِلْعَالَمِینَ﴾ (6)

ص: 564


1- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و فضل ...، ح 17 بتفاوت يسير. قال الجوهري في الصحاح 948/3: ﴿التعريس: نزول القوم من آخر الليل يقفون فيه وقفة للاستراحة ثم يرتحلون، و أعرسوا فيه، لغةً قليلة، و الموضع معرّس و معرس﴾. ﴿و إنما سمي معرساً لنزول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) فيه في آخر الليل، و فيه وقع ما اشتهر به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) نام عن صلاة الغداة، و أجمع الأصحاب على استحباب النزول و الصلاة فيه تأسياً بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و يستفاد من الأخبار أن التعريس إنما يستحب في العود من مكة إلى المدينة﴾ مرآة المجلسي 281/18.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 21. الفقيه 2، 214- باب الابتداء بمكة و الختم بالمدينة، تحت عنوان (الصلاة في مسجد غدير خم)، ح 6.
3- القلم/51. ليُزلقونك: أي أن الذين كفروا ينظرون إليك نظراً شديداً يكاد يزيلك عن مكانك.
4- أي ولاية علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- أي في محبة علي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
6- التهذيب 3، 25- باب فضل المساجد و الصلاة فيها و...، ح 66 بتفاوت و زيادة في آخره. الفقيه 2، 214- باب البدء بمكة و الختم بالمدينة، عنوان (الصلاة في مسجد غدير خم) ح 7. و أشار إليه الصدوق رحمه الله في الفقيه 1، 37 -باب فضل المساجد و حرمتها و ...، بعد إيراده الحديث رقم 9.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبَان، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يستحبّ الصلاة في مسجد الغدير، لأنّ النبيَّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أقام فيه أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و هو موضعٌ أظهر الله عزَّ و جلَّ فيه الحقَِّ (1)

352- باب

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ عن عليِّ بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: ما من نبيّ و لا وصيِّ نبيّ يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيّام، حتّى تُرفع روحه و عَظْمُهُ و لَحْمُهُ إلى السماء، و إنّما تؤتى مواضع آثارهم، و يبلّغونهم من بعيد السلامَ، و يسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب (2)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال: سمعت الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: إنَّ لكلِِّ إمام عهداً في عنق أوليائه و شيعته، و إن من تمام الوفاء بالعهد و حُسْنِِ الأداء، زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم، و تصديقاً بما رغبوا فيه، كان أئمّتُهُم شفعاءَهم يومَ القيامة (3)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أبي هاشم الجعفريِّ قال: بعث إليَّ أبو الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في مرضه و إلى محمد بن حمزة، فسبقني إليه محمد بن حمزة و أخبرني محمد؛ ما زال يقول: ابعثوا إلى الحَيْر، ابعثوا إلى الحَيْر (4)، فقلت لمحمد: أَلَا قلتَ له: أنا أذهب إلى

ص: 565


1- التهذيب 6، 5- باب تحريم المدينة و فضلها و...، ح 22. الفقيه 2، 214- باب البدء بمكة و الختم بالمدينة ، ح 5.
2- التهذيب 6، 52- باب من الزيادات، ح 2. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 3 بتفاوت يسير فيهما. ﴿قال الكراجكي في كنز الفوائد بمضمون هذا الخبر، و يظهر أنه مذهب الإمامية، و به قال المفيد أيضاً في بعض رسائله. و فيه إشكال من جهة منافاته لكثير من الأخبار الدالة على بقاء أبدانهم في الأرض كأخبار نقل عظام آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و نوح و يوسف (عَلَیْهِما اَلسَّلاَمُ)، و بعض الآثار الواردة بأنهم نبشوا قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فوجدوه في قبره و غيرها. فمنهم من حمل أخبار الرفع على أنهم يرفعون بعد الثلاثة ثم يرجعون إلى قبورهم﴾ مرآة المجلسي 284/18.
3- التهذيب 6، 26- باب فضل زيارة علي بن الحسين و محمد بن علي و... ، ح 3. و كرره برقم 2 من الباب 43 من نفس الجزء. الفقيه 2، نفس الباب، ح 2. ﴿و ربما يستدل به على وجوب زيارة كل إمام في العمر مرّة، و فيه نظر، و إن كان الأَوْلى قصد القربة في الزيارة الأولى﴾ مرأة المجلسي 18 /285.
4- قال الجوهري في الصحاح 641/2: الحَيْر: شبه الحظيرة أو الحمى، و منه الحَيْر بكربلاء. و المقصود: ابعثوا إلى الحاير الحسيني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) بكربلاء من يدعو لي بالشفاء- و الله العالم-.

الحير، ثمَّ دخلت عليه و قلت له: جُعِلْتُ فِداك: أنا أذهب إلى الحَير؟ فقال: انظروا (1) في ذاك، ثمَّ قال لي: إنَّ محمداً ليس له سرُّ من زيد بن عليّ (2)، و أنا أكره أن يسمع ذلك، قال: فذكرت ذلك لعليِّ بن بلال فقال: ما كان يصنع [ب] الحَير و هو الحَير، فقدمت العسكر، فدخلت عليه، فقال لي: اجلس- حين أردت القيام- فلمّا رأيته أنِسَ بي ذكرت له قول عليِّ بن بلال، فقال لى: أَلَا قلتَ له: إنَّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كان يطوف بالبيت، و يقبّل الحجر، و حرمة النبيِّ و المؤمن أعظم من حرمة البيت، و أمره الله عزَّ و جلَّ أن يقف بعرفة، و إنّما هي مواطن يحبُّ الله أن يُذكر فيها، فأنا أُحبُّ أن يُدعى [الله] لي حيث يحبُّ الله أن يدعى فيها، و ذكر عنه أنّه قال-و لم احفظ عنه- قال: إنّما هذه مواضع يحبُّ الله أن يتعبّد [له] فيها، فأنا أُحبُّ أن يدعى لي حيث يحبُّ الله أن يعبد. هلّا قلت له كذا و [كذا]؟قال: قلت جُعِلْتُ فِداك، لو كنت أحسن مثل هذا لم أردُّ الأمر عليك- هذه ألفاظ أبي هاشم، ليست ألفاظه (3)-.

353- باب ما يقال عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أُورمة، عمّن حدَّثه، عن الصادق أبي الحسن الثالث (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: يقول: ﴿السلام عليك يا وليَّ الله، أنت أوَّل مظلوم و أوَّل من غُصِبَ حقّه، صبرتَ و احتسبتَ حتّى أتاك اليقين، فأشهد أنّك لقيتَ الله و أنت شهيد، عذَّب الله قاتلك بأنواع العذاب، و جدَّد عليه العذاب، جئتك عارفاً بحقّك، مستبصراً بشأنك، معادياً لأعدائك و من ظلمك، ألقى على ذلك ربّي إن شاء الله، يا وليَّ الله؛ إنَّ لي ذنوباً كثيرة فاشفع لي إلى ربّك، فإنَّ لك عند الله مقاماً [محموداً] معلوماً، و إنَّ لك عند الله جاهاً و شفاعة، و قد قال تعالى (4): ﴿وَ لا یَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضی﴾ (5)

ص: 566


1- أي تَدَبّروا و تفكّروا.
2- أي لا يكتمه سراً.
3- قوله: هذه ألفاظ أبي هاشم ...: ﴿إشارة إلى هذه التتمة، أي هذه الفاظه التي سمعتها منه مشافهة و حفظتها عنه و ليست ألفاظ الواسطة. أو هو كلام أبي هاشم أي ذكر لي غيري ممن حضر المجلس أنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال بتلك العبارة إلى قوله: قال: قلت له: و التتمة كما سبق. و قيل: قوله: لم أحفظ عنه: يعني ألفاظه و عباراته بعينها إلا أن مضمونها هذا و هو ما ذكر ليست ألفاظه، يعني ألفاظ الهادي (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و لا يخفى ما فيه﴾ مرآة المجلسي 286/18.
4- الأنبياء/28.
5- التهذيب 6، 8- باب زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عنوان (زيارة أخرى) ح 2. الفقيه 2، 218- باب موضع قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) تحت عنوان (زيارة قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)).

محمد بن جعفر الرازيُّ (1)، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الثالث (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ )مثله (2)

دعاء آخر عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام

تقول (3): ﴿السلام عليك يا وليَّ الله، السلام عليك يا حجّة الله، السلام عليك يا خليفة الله، السلام عليك يا عمود الدِّين، السلام عليك يا وارث النبيّين، السلام عليك يا قسيم الجنة و النّار، و صاحب العصا و المِيسَم (4)، السلام عليك يا أمير المؤمنين، أشهد أنّك كلمة التقوى (5)، و باب الهدى، و العروة الوثقى، و الحبل المتين، و الصراط المستقيم، و أشهد أنّك حجة الله على خلقه، و شاهده على عباده و أمينه على علمه، و خازن سرِِّه، و موضع حكمته، و أخو رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و أشهد أنَّ دعوتك حقٌّ، و كلُّ داع منصوب دونَك باطل مدحوض (6)، أنت أوَّل مظلوم، و أوَّل مغصوب حقّه، فصبرتَ و احتسبتَ، لعن الله من ظلمك و اعتدى عليك و صدَّ عنك لعناً كثيراً، يلعنهم به كلُّ مَلَك ،مقرَّب، و كلُّ نبي ،مُرْسل، و كلُّ عبد مؤمن ممتحَن، صلّى الله عليك يا أمير المؤمنين و صلّى الله على روحك و بدنك، أشهد أنّك عبد الله و أمينه، بلّغت ناصحاً، و أدَّيت أميناً، و قُتلت صِدِّيقاً، و مضيتَ على يقين، لم تؤثر عمى على هدى، و لم تمِلْ من حقّ إلى باطل، أشهد أنّك قد أقمت الصلاة و آتيت الزّكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر، و اتّبعت الرَّسول، و نصحت للأُمّة، و تلوتَ الكتاب حقَّ تلاوته، و جاهدت في الله حقَّ جهاده، و دعوت إلى سبيله بالحكمة و الموعظة الحسنة حتى أتاك اليقين (7)، أشهد أنّك كنت على بيّنة من ربّك و دعوت إليه على بصيرة، و بلّغتَ ما أُمِرْتَ به، و قمت بحقِّ الله غير واهن و لا

ص: 567


1- في الفقيه: الرزّاز..
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 3. الفقيه 2، نفس الباب و العنوان أعلاه. ﴿الحديث ضعيف، و السند الثاني مرسل، [و] يمكن أن يكون المراد بالشفاعة أولاً: الدعاء، و ثانياً: شفاعة القيامة، أي ادع و استغفر لي لأصير قابلاً لشفاعتك، أو المعنى: اشفع لي فإن كل من تشفعون له هو المرتضى، و يحتمل أن يكون الغرض مجرد الاستشهاد للشفاعة و الله يعلم﴾ مرآة المجلسي 287/18.
3- هكذا في التهذيب أيضا
4- المِيسم: الالة التي يوسم بها و يكوى بها. و جمعه :مياسم و مواسم.
5- ﴿كلمة التقوى: إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ و فسّرها الأكثر بكلمة الشهادة، و أضافتها إلى لتقوى لأنها سببها أو كلمة أهلها أو بها يتقى من النار. و إطلاق الكلمة عليهم لانتفاع الناس بهم و بكلامهم﴾ مرآة المجلسي 288/18.
6- دحضت الحجة دحوضاً: بطلت.
7- اليقين: الموت المتيقن.

موهن، فصلّى الله عليك صلاة متّبعة متواصلة مترادفة يتبع بعضها بعضاً لا إنقطاع لها و لا أمد و لا أجل، و السلام عليك و رحمة الله و بركاته، و جزاك الله من صِدِّيق خيراً عن رعيّته، أشهد أنَّ الجهاد معك جهاد و أنَّ الحقِّ معك و إليك، و أنت أهله و معدنه، و ميراث النبوَّة عندك، فصلّى الله عليك و سلّم تسليماً، و عذَّب الله قاتلك بأنواع العذاب، أتيتك يا أمير المؤمنين عارفاً بحقّك، مستبصراً بشأنك، معادياً لأعدائك، موالياً لأوليائك، بأبي أنت و أُمّي، أتيتك عائذاً بك من نار استحقَّها مثلي بما جنيتُ على نفسي، أتيتك زائراً أبتغي بزيارتك فَكَاك رقبتي (1). من النّار، أتيتك هارباً من ذنوبي الّتي احتطبتها على ظهري، أتيتك وافداً لعظيم حالك و منزلتك عند ربّي، فاشفع لي عند ربّك، فإنَّ لي ذنوباً كثيرة، و إنَّ لك عند الله مقاماً معلوماً، و جاهاً عظيماً، و شأناً كبيراً و شفاعة مقبولة، و قد قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ لا یَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضی﴾، اللّهمَّ ربَّ الأرباب، صريخ الأحباب (2)، إنّي عذت بأخي رسولك معاذاً، ففكَّ رقبتي من النّار ، آمنت بالله و ما أُنزل إليكم، و أتولّى آخركم بما تولّيت [به] أوَّلكم، و كفرت بالجِبْتِ و الطاغوت و اللّاتِ و العزّى (3)

354- باب موضع رأس الحسين عليه السلام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن زكريا، عن يزيد بن عمر بن طلحة قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ ) و هو بالحِيرة: أما تريد ما وعدتك؟ قلت: بلى- يعني الذّهاب إلى قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه-، قال: فركب، و ركب إسماعيل (4)، و ركبت معهما، حتّى إذا جاز الثويّة، و كان بين الحيرة و النجف عند ذكوات بيض(5)، نزل، و نزل إسماعيل، و نزلت معهما، فصلّى، و صلّى إسماعيل، و صلّيت، فقال لإسماعيل: قم فسلّم على جدِّك الحسين ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، أليس الحسين بكربلا؟ فقال: نعم، و لكن لمّا حُمل رأسه إلى الشام، سرقه مولّى لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)(6)

ص: 568


1- الفَكاك: التخليص
2- في التهذيب: صريخ الأخيار.
3- التهذيب 6، 8- باب زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عنوان (زيارة أخرى). ح 4 بتفاوت.
4- هو ابن الإمام الصادق (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- ﴿في بعض النسخ بالراء المهملة، أي بين حياض كبيرة. في القاموس: الركوة: الحوض الكبير (القاموس 336/4). و في بعضها بالزاي المعجمة و لا معنى له يناسب المقام، و في بعضها بالذال المعجمة، و الذكاة : الجمرة الملتهبة، فالمراد بها الحَصَبات البيض التي توجد هناك، و يتختم بها، أو التلال المشتملة عليها مجازاً لتوقدها عند إشراق الشمس عليها﴾. مرآة المجلسي 290/18.
6- الحديث مجهول.

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عقبة، عن الحسن الخزَّاز، عن الوشّاء أبي الفرج، عن أبَان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فمرَّ بظهر الكوفة، فنزل فصلّى ركعتين، ثمَّ تقدَّم قليلاً فصلّى ركعتين، ثمَّ سار قليلاً فنزل فصلّى ركعتين، ثمَّ قال: هذا موضع قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، قلت: جُعِلْتُ فداك، و الموضعين اللّذين صلّيت فيهما ؟ قال: موضع رأس الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و موضع منزل القائم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (1)

355- باب زيارة قبر أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة بن أيّوب، عن نعيم بن الوليد، عن يونس الكناسيِّ ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أتيت قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فاتِ الفرات و اغتسل بحيال قبره، و توجّه إليه و عليك السّكينة و الوقار، حتّى تدخل إلى القبر من الجانب الشرقيِّ، و قل حين تدخله: ﴿السلام على ملائكة الله المنزلين، السلام على ملائكة الله المردفين (2)، السلام على ملائكة الله المسوِِّمين (3)، السلام على ملائكة الله الّذين هم في هذا الحرم مقيمون﴾، فإذا استقبلت قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقل: ﴿السلام على رسول الله، السلام على أمين الله على رُسُله، و عزائم أمره، و الخاتم لما سبق (4) و الفاتح لما استقبل (5) و المهيمن على ذلك كلّه و السّلام عليه و رحمة الله و بركاته﴾ ثمّ تقول: ﴿اللّهمَّ صلِّ على أمير المؤمنين عبدك و أخي رسولك، الّذي انتجبته بعلمك و جعلته هادياً لمن شئت من خلقك، و الدّليل على من بعثته برسالاتك و ديّانَ الدِّين بعدلك و فصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك كلّه و السلام عليه و رحمة الله و بركاته، [اللّهمَّ صلِِّ على الحسن بن عليّ عبدك و ابن عبدك الّذي انتجبته بعلمك، و جعلته هادياً لمن شئت من خلقك و الدَّليل على من بعثته برسالاتك و ديّانَ الدِّين بعدلك و فصل قضائك بين خلقك و المهيمن على ذلك كلّه، و السلام عليه و رحمة الله و بركاته]﴾. ثمّ تصلّي على الحسين و سائر الأئمّة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) كما صلّيت و سلّمت على الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمّ تأتي قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فتقول: ﴿السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك

ص: 569


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- من أردفته إذا جئت بعده، أي متبعين بعضهم بعضاً، أو متبعين المؤمنين. و فيه إشارة إلى الآية 9 من سورة الأنفال.
3- أي معلّمينّ و فيه إشارة إلى الآية 125 من آل عمران.
4- أي من الأنبياء أو مللهم أو الأسرار و المعارف .
5- أي لمن بعده من الحجج أو المعارف و الحكم و الأسرار.

يا ابن أمير المؤمنين، صلّى الله عليك يا أبا عبد الله، أشهد أنّك قد بلّغت عن الله عزَّ و جلَّ ما أُمِرت به، و لم تخشَ أحداً غيره، و جاهدت في سبيله، و عبدته صادقاً حتّى أتاك اليقين، أشهد أنّك كلمة التقوى، و باب الهدى، و العروة الوثقى، و الحجّة على من يبقى و من تحت الثّرى، أشهد أنَّ ذلك سابقٌ فيما مضى، و ذلك لكم فاتح فيما بقي، أشهد أنَّ أرواحكم و طينتكم طيّبة طابت و طَهُرَت، هي بعضها من بعض مُنّا من الله و رحمة، و أُشهد الله و أُشهدكم أنّي بكم مؤمن، و لكم تابع في ذات نفسي، و شرائع ديني، وخاتمة عملي، و منقلبي و مثواي، و أسأل الله البَرَّ الرَّحيم، أن يتمَّ ذلك لي، أشهد أنّكم قد بلّغتم عن الله ما أمركم به و لم تخشوا أحداً غيره، و جاهدتم في سبيله و عبدتموه حتّى أتاكم اليقين، لعن الله من قتلكم، و لعن الله من أمر به ، و لعن الله من بلغه ذلك منهم فرضي به، أشهد أنَّ الّذين انتهكوا حرمتكم وسفكوا دمكم ملعونون على لسان النبيِِّ الأُمّي ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)﴾.

ثمّ تقول: ﴿اللّهمَّ العن الّذين بدَّلوا نعمتك (1)، و خالفوا ملّتك، و رغبوا عن أمرك، و اتّهموا رسولك (2)، و صدُّوا عن سبيلك، اللّهمَّ احش قبورهم ناراً و أجوافهم ناراً و احشرهم و أشياعهم إلى جهنّم زُرْقاً (3)، اللّهمَّ العنهم لعناً يلعنهم به كلُّ مَلَك مقرَّب،و كلُّ نبيّ مُرْسَل، و كلُّ عبد مؤمن امتحنتَ قلبه للإيمان، اللّهمَّ العنهم في مستسِرِِّ السرِِّ و في ظاهر العلانية، اللّهمَّ العن جوابيت هذه الأُمّة و العن طواغيتها، و العن فراعنتها و العن قتلة أمير المؤمنين، و العن قتله الحسين، و عذّبهم عذاباً لا تعذِّب به أحداً من العالمين، اللّهمَّ اجعلنا ممّن ينصره و تنتصر به، و تمنُّ عليه بنصرك لدينك في الدُّنيا و الآخرة﴾.

ثمَّ اجلس عند رأسه فقل: ﴿صلّى الله عليك، أشهد أنّك عبد الله و أمينه، بلّغت ناصحاً، و أديت أميناً، و قُتِلتَ صِدِّيقاً، و مضيت على يقين، لم تؤثر عمى على هدى، و لم تمِلْ من حقّ إلى باطل، أشهد أنّك قد أقمت الصّلاة و آتيت الزّكاة و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر، و اتّبعت الرَّسول، و تلوتَ الكتاب حقَّ تلاوته، و دعوت إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة، صلّى الله عليك و سلّم تسليماً، و جزاك الله من صِدِّيق خيراً عن رعيّتك، و أشهد أنَّ الجهاد معك جهادٌ، و أنَّ الحقَِّ معك و إليك، و أنت أهله و معدنه، و ميراث النبوَّة عندك و عند أهل بيتك صلّى الله عليك و سلّم تسليماً، أشهد أنّك صِدِّيق الله، و حجّته على خلقه، و أشهد أنَّ دعوتك حقٌّ، و كلُّ داع منصوب غيرك فهو باطل مدحوض، و أشهد أنَّ الله هو الحقُّ المبين﴾. ثمَّ تحوّل عند رجليه، و تخيّر من الدُّعاء، و تدعو لنفسك.

ص: 570


1- يعني الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- أي فيما بلّغهم إياه من وجوب موالاة أهل بيته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و محبتهم و اتخاذهم حججاً الله بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
3- الزرقة: أسوأ ألوان العين عند العرب و أبغضها إليهم.

ثم تحوّل عند رأس علي بن الحسين عليهما السلام

و تقول: ﴿سلام الله و سلام ملائكته المقرَّبين و أنبيائه المرسلين يا مولاي و ابن مولاي و رحمة الله و بركاته عليك، صلّى الله عليك و على أهل بيتك و عترة آبائك الأخيار الأبرار الّذين أذهب الله عنهم الرِّجس و طهّرهم تطهيراً﴾.

ثم تأتى قبور الشهداء: و تسلّم عليهم و تقول: ﴿السّلام عليكم أيّها الرّبانيّون، أنتم لنا فَرَط (1) و نحن لكم تَبَع و نحن لكم خلف و أنصار، أشهد أنكم أنصار الله و سادة الشّهداء في الدُّنيا و الآخرة، فإنّكم أنصار الله كما قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿وَ کَأیِّنْ مِنْ نَبِیٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّیُّونَ کَثِیرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أصَابَهُمْ فِی سَبِیلِ اللّهِ وَ مَا ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَکَانُوا﴾ (2) و ما ضعفتم و ما استكنتم حتّى لقيتم الله على سبيل الحقِِِّ و نصرة كلمة الله التامّة، صلّى الله على أرواحكم و أبدانكم و سلّم تسليماً. أبشروا بموعد الله الّذي لا خُلْفَ له إنّه لا يُخلف الميعاد،- و الله مدرك لكم بثار ما وعدكم، أنتم سادة الشّهداء في الدُّنيا و الآخرة، أنتم السابقون و المهاجرون و الأنصار، أشهد أنكم قد جاهدتم في سبيل الله، و قُتِلْتُم على منهاج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و ابن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم تسليماً. الحمد لله الّذي صدقكم وعده و أراكم ما تُحِبّون﴾.

ثمّ ترجع إلى القبر و تقول: ﴿أتيتك يا حبيب [رسول] الله و ابن رسوله، و إنّي بك عارفٌ و بحقّك، مقرُّ بفضلك، مستبصر بضلالة من خالفك، عارفٌ بالهدى الّذي أنتم عليه، بأبي أنت و أُمّي و نفسي، اللّهمَّ إنّي أُصلّي عليه كما صلّيتَ عليه أنت و رسولك و أمير المؤمنين صلاةً متتابعة متواصلة مترادفة، تتبع بعضها بعضاً، لا انقطاع لها و لا أمد و لا أجَلَ في محضرنا هذا و إذا غبنا و شهدنا، و السلام عليك و رحمة الله و بركاته﴾.

و إذا (3) أردت أن تودعه فقل: ﴿السّلام عليك و رحمة الله و بركاته، أستودعك الله و أقرء عليك السلام، آمنّا بالله و بالرسول و بما جئت به و دللت عليه، و اتّبعنا الرّسول فاكتبنا مع الشّاهدين، اللّهمَّ لا تجعله آخر العهد منّا و منه، اللّهمَّ إنّي أسألك أن تنفعنا بحبّه، اللّهمَّ ابعثه مقاماً محموداً تنصر به دينك، و تقتل به عدوِّك، و تبير به من نصب حرباً لآل محمد، فإنّك وعدت ذلك و أنت لا تُخلف الميعاد، السلام عليك و رحمة الله و بركاته، أشهد أنّكم شهداء نجباء،

ص: 571


1- في النهاية 434/3 فيه: ﴿أَنَا فَرَطُکُمْ عَلَی اَلْحَوْضِ﴾: أي متقدمكم إليه، و فرط: إذا تقدم و سبق القوم ليرتاد لهم الماء و يهيء لهم الدلاء و الأرشية، و منه الدعاء للطفل الميت: ﴿اللهُمَّ اجْعَلُْ لَنَا فَرَطاً﴾ أي أجراً يتقدمنا.
2- آل عمران/146. و كأين من نبي: و كم من نبيّ. رِبّيُّون: جماعات كثيرة، و قيل: الرِّبيّون: الأتباع، و الربّانيّون: القادة و الولاة. وهَنَوا تخشّعوا لعدوهم و عجزوا.
3- من هذا إلى قوله: و سلّم كثيراً في الفقيه 2، 218- باب موضع قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، عنوان (الوداع) . ح 4.

جاهدتم في سبيل الله و قتلتم على منهاج رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم تسليماً كثيراً]﴾.

2- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن الحسين بن ثوير قال: كنت أنا و يونس بن ظبيان و المفضّل بن عمر و أبو سَلَمة السراج جلوساً عند أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و كان المتكلّم منّا يونس،و كان أكبرنا سنّاً فقال له: جُعِلْتُ فِداك، إنّي أحضر مجلس هؤلاء القوم- يعني ولد العبّاس- فما أقول؟ فقال: إذا حضرت فذكرتنا فقل: ﴿اللّهمَّ أرِنا الرَّخاء و السرور، فإنّك تأتي على ما تريد، فقلت: جُعِلْتُ فداك، إنّي كثيراً ما أذكر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فأيُّ شيء أقول؟ فقال: قل: ﴿صلّى الله عليك يا أبا عبد الله﴾، تعيد ذلك ثلاثاً، فإنَّ السلام يصل إليه من قريب و من بعيد، ثمَّ قال: إنَّ أبا عبد الله الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لمّا قضى، بكت عليه السماوات السبع و الأرضون السبع و ما فيهنَّ و ما بينهنَّ، و من ينقلب في الجنّة و النّار من خلق ربنّا، و ما يُرى و ما لا يُرى، بكى على أبي عبد الله الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) إلّا ثلاثة أشياء لم تبك عليه، قلت: جُعِلْتُ فِداك، و ما هذه الثلاثة الأشياء؟ قال: لم تبك عليه البصرة و لا دمشق و لا آل عثمان عليهم لعنة الله، قلت: جُعِلْتُ فِداك، إنّي أُريد أن أزوره فكيف أقول و كيف أصنع؟ قال: إذا أتيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فاغتسل على شاطىء الفرات، ثمَّ ألبس ثيابك الطاهرة، ثمَّ امش حافياً، فإنّك في حرم من حرم الله و حرم رسوله (1)، و عليك بالتكبير و التهليل و التسبيح و التحميد و التعظيم لله عزَّ و جلَّ كثيراً و الصلاة على محمد و أهل بيته حتّى تصير إلى باب الحَيْر، ثمَّ تقول: ﴿السلام عليك يا حجّة الله و ابن حجّته، السلام عليكم يا ملائكة الله و زوَّار قبر ابن نبيِّ الله﴾، ثمَّ اخْطُ عشر خطوات، ثمَّ قف و كبّر ثلاثين تكبيرة، ثمَّ امش إليه حتّى تأتيه من قِبَل وجهه، فاستقبل وجهك بوجهه، و تجعل القبلة بين كتفيك، ثمَّ قل: ﴿السلام عليك يا حجّة الله و ابن حجّته، السلام عليك يا قتيل الله (2) و ابن قتيله، السلام عليك يا ثار الله و ابن ثاره (3)، السلام عليك يا وتر الله الموتور (4) في السماوات و الأرض، أشهد أنَّ دمك سكن في الخلد و اقشعرَّت له أظلّة العرش (5)، و بكى له جميع الخلائق، و بكت له السماوات السبع و الأرضون السبع و ما فيهنَّ و ما بينهنَّ، و من يتقلّب في الجنّة و النّار من خلق ربّنا و ما يُرى و ما لا يُرى، أشهد أنّك حجّة الله و ابن حجّته، و أشهد أنّك قتيل الله و ابن قتيله،و أشهد أنّك ثائر

ص: 572


1- أي أمر الله و رسوله باحترامه، أو أنه مما يجب احترامه لكونه مدفن حجة الله و وصي رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ).
2- أي المقتول في سبيله.
3- أي أنك أهل ثار الله و الذي يطلب الله دمه من أعدائه، و الثأر: -مهموزاً- الدم.
4- قال الجوهري في الصحاح 843/2: ﴿الوتر: الفرد، و الموتور: الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه. وَ وَتره حقه نقصه﴾.
5- الأظلّة: جمع ظلال و هو ما أظلك مطلقاً، و المراد به هنا أطباق العرش أو بطونه أو أجزازه...

الله و ابن ثائره، و أشهد أنّك وتر الله الموتور في السماوات و الأرض، و أشهد أنّك قد بلّغت ونصحت و وفيت و أوفيت، و جاهدت في سبيل الله و مضيتَ للّذي كنت عليه شهيداً و مستشهداً و شاهداً و مشهوداً، أنا عبد الله و مولاك و في طاعتك، و الوافد إليك، ألتمس كمال المنزلة عند الله و ثباتَ القدم في الهجرة إليك و السبيل الّذي لا يختلج (1) دونك، من الدُّخول في كفالتك الّتي أُمِرْتُ بها، من أراد الله بدء بكم، بكم يبين الله الكذب، و بكم يباعد الله الزّمان الكَلِب (2)، و بكم فتح الله و بكم يختم (3) [الله]، و بكم يمحو ما يشاء و بكم يُثبت، و بكم يفكُّ الذُّلَّ من رقابنا، و بكم يدرك الله تِرَةَ كلِّ مؤمن (4) يطلب بها، و بكم تنبت الأرض أشجارها، و بكم تخرج الأشجار أثمارها، و بكم تنزل السماء قطرها و رزقها، و بكم يكشف الله الكرب، و بكم ينزِّل الله الغيث و بكم تسيخ الأرض (5) الّتي تحمل أبدانكم ، و تستقرّ جبالها عن مراسيها، إرادة الرَّبِّ فِي مقادير أموره تهبط إليكم، و تصدر من بيوتكم، و الصادر عمّا فصل من أحكام العباد، لُعِنَتْ أُمّة قتلتكم، و أُمّةٌ خالفتكم، و أمّة جحدت ولايتكم و أُمّةٌ ظاهَرَت عليكم، و أُُمّةٌ شهدت و لم تُسْتَشْهَد، الحمد لله الّذي جعل النّار مثواهم و بئس ورد الواردين و بئس الورد المورود و الحمد الله ربِّ العالمين و صلّى الله عليك يا أبا عبد الله، أنا إلى الله ممّن خالفك برييء- ثلاثاً-﴾.

ثمَّ تقوم فتأتي ابنه عليّاً (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو عند رجليه فتقول: ﴿السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن عليّ أمير المؤمنين، السلام عليك يا ابن الحسن و الحسين، السلام عليك یا ابن خديجة و فاطمة صلّى الله عليك، لعن الله من قتلك- تقولها ثلاثاً-، أنا إلى الله منهم برييء- ثلاثاً-﴾.

ثمَّ تقوم فتؤمي بيدك إلى الشهداء و تقول: ﴿السلام عليكم- ثلاثاً- فزتم و الله فزتم و الله، فليت أنّي معكم فأفوز فوزاً عظيماً﴾.

ثمَّ تدور فتجعل قبر أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بين يديك، فصلِِّ ستَّ ركعات، و قد تمّت زيارتك،

ص: 573


1- الاختلاج: الاضطراب.
2- كناية عن شدته و صعوبته و كثرة البلاء فيه.
3- أي بجدكم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و بما جاء به من عند ربه افتتح الله أبواب رحمته و هدايته و ببقية الله في الأرض يختتم الله ليملأ الأرض قسطاً و عدلاً بعد ما ملئت ظلماً و جوراً.
4- أي أن الحجة عجل الله فَرَجه يقتص للمظلوم من الظالم و يطلب بثأره منه و إن كان دمه قد مطل و ذهب هدراً قبل ذلك بحيث لم يعد له طالب.
5- و بكم تسيخ الأرض، أي تثبت و تستقر لكونها حاملة لأجسادكم الطاهرة أحياءً و أمواتاً. و على ما في التهذيب: تسبّح، أي تقدّس و تنزّه و تذكر فضائلكم و عظيم منزلتكم عند الله.

فإن شئت فانصرف (1)

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أُورمة، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن صاحب العسكر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقول: عند [رأس] الحسين عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ: ﴿السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا حجّة الله في أرضه و شاهِدَه على خلقه، السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن عليّ المرتضى، السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء، أشهد أنّك قد أقمتَ الصلاة، و آتيتَ الزكاة، و أمرتَ بالمعروف، و نهيتَ عن المنكر، و جاهدتَ في سبيل الله حتّى أتاك اليقين، فصلّى الله عليك حيّاً و ميّتاً﴾. ثمَّ تضع خدَّك الأيمن على القبر و قل: ﴿أشهد أنّك على بيّنة من ربِّك، جئتُ مقرًّا بالذُّنوب تتشفع لي عند ربّك يا ابن رسول الله﴾، ثمَّ اذكر الأئمة بأسمائهم واحداً واحداً و قل: ﴿أشهد أنّكم حجة الله﴾ ثمَّ قل: اكتب لي عندك ميثاقاً و عهداً أنّي أتيتك أُجدِّد الميثاق، فاشهد لي عند ربّك إنّك أنت الشاهد﴾ (2)

محمد بن جعفر الرزَّاز الكوفيُّ، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عمّن ذكره، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) مثله.

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن زيد بن إسحاق، عن الحسن بن عطيّة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)قال: إذا فرغت من السلام على الشهداء فأت قبر أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فاجعله بین يديك، ثمَّ تصلّي ما بدا لك (3)

356- باب القول عند قبر أبي الحسن موسى عليه السلام و أبي جعفر الثاني و ما يجزىء من القول عند كلهم عليهم السلام

1- محمد بن جعفر الرزّاز الكوفيُّ، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عمّن ذكره، عن أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تقول ببغداد: ﴿السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حجّة الله، السلام عليك يا نور الله في ظلمات الأرض، السلام عليك يا من بدا (4) لله في شأنه أتيتك عارفاً بحقّك،

ص: 574


1- التهذيب 6، 18- باب زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1 بزيادة في أوله و تفاوت يسير. الفقيه 2، 218- باب موضع قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 3 تحت عنوان (زيارة قبر أبي عبد الله الحسين بن ...، مع بعض التفاوت. كما روى جزءا يسيرا منه برقم 2 من الباب 47 من الجزء 6 من التهذيب.
2- التهذيب 6، 52- باب من الزيادات، ح 18 تحت عنوان (زيارة أخرى للحسين عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)).
3- الحديث مجهول.
4- ﴿لعله إشارة إلى ما ورد في بعض الأخبار أنه كان قدر له (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يكون قائماً بالسيف ثم جرى فيه البداء، أو إلى البداء الذي وقع في إسماعيل، فإن البداء في إسماعيل يستلزم البداء فيه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)﴾. مرآة المجلسي 304/18.

معادياً لأعدائك، فاشفع لي عند ربّك﴾. وادع الله وسل حاجتك، و قال: و تسلّم بهذا على أبي جعفر (1) (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (2)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن هارون بن مسلم، عن عليِّ بن حسّان، عن (3) الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سئل أبي، عن إتيان قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: صلّوا في المساجد حوله، و يجزىء في المواضع كلّها أن تقول: ﴿السلام على أولياء الله و أصفيائه، السلام على أُمناء الله و أحبّائه، السلام على أنصار الله و خلفائه، السلام على محالِّ معرفة الله، السلام على مساكن ذكر الله، السلام على مظاهري أمر الله و نهيه، السلام على الدُّعاة إلى الله، السلام على المستقرِّين في مرضاة الله، السلام على الممحّصين في طاعة الله، السلام على الادلّاء على الله، السلام على الّذين من والاهم فقد والى الله و من عاداهم فقد عادى الله، و من عرفهم فقد عرف الله و من جهلهم فقد جهل الله، و من اعتصم بهم فقد اعتصم بالله، و من تخلّى منهم تخلّى من الله، اشهد الله أنّي سلم لمن سالمتم و حرب لمن حاربتم، مؤمنٌ بسرِّكم و علانيتكم، مفوِّض في ذلك كلّه إليكم، لعن الله عدوَّ آل محمد من الجنِّ و الأنس و أبرء إلى الله منهم و صلّى الله على محمد و آله﴾. هذا يجزىء في الزِّيارات كلّها، و تكثر من الصلاة على محمد و آله، و تسمّي واحداً واحداً بأسمائهم، و تبرء إلى الله من أعدائهم و تختَرْ لنفسك من الدُّعاء ما أحببتَ و للمؤمنين و المؤمنات (4)

357- باب فضل الزيارات و ثوابها

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما لمن زار أحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (5)

ص: 575


1- أي الثاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و هو الإمام الجواد (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
2- التهذيب 6، 31- باب زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1. و كرره برقم 1 من الباب 39 من نفس الجزء. الفقيه 2، 222- باب زيارة الإمامين أبي الحسن موسى بن جعفر و أبي جعفر محمد بن علي ... ، و ذكر مضمونه مع حذف الإسناد في مقدمة كلام طويل في زيارتهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
3- في التهذيب: ... عن علي بن حسّان، قال: سُئِل الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن أتيان قبر أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقال: ... الخ.
4- التهذيب 6، 46- باب زيارة جامعة لساير المشاهد على أصحابها السلام، ح 2 بعنوان (زيارة أخرى جامعة). الفقيه 2، 225- باب ما يجزي من القول عند زيارة جميع الأئمة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1.
5- التهذيب 6، 26- باب فضل زيارة علي بن الحسين و ... ، ح 5. و كرره برقم 1 من الباب 43 من نفس الجزء. الفقيه 2، 217-باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... ، ح 5 و كرره برقم 17 من نفس الباب. هذا، و سوف يكرر الكليني رحمه الله هذا الحديث في ذيل الحديث الخامس من الباب 360 من هذا الجزء.

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن محمد بن سنان، عن محمد بن عليّ رفعه قال: قال رسول الله ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): يا عليُّ، من زارني في حياتي أو بعد موتي، أو زارك في حياتك أو بعد موتك، أو زار إبنيك في حياتهما أو بعد موتهما، ضمنتُ له يوم القيامة أن أُخلّصه من أهوالها و شدائدها حتّى أُصيّره معي في درجتي (1)

3- محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليمانيّ، عن منيع بن الحجّاج، عن يونس بن (2) أبي وهب القصريِّ قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت: جُعِلْتُ فداك، أتيتك و لم أزر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ قال: بئس ما صنعت، لو لا أنّك من شيعتنا ما نظرت إليك، ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة و يزوره الأنبياء و يزوره المؤمنون؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك ما علمت ذلك؟ قال: إعلم أنَّ أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أفضل عند الله من الأئمّة كلّهم، و له ثواب أعمالهم، و على قدر أعمالهم فضّلوا (3)

358- باب فضل زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدَّهّان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ربّما فاتني الحجّ فأعرِّف (4) عند قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ فقال: أحسنت يا بشير، أيّما مؤمن أتى قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عارفاً بحقّه في غير يوم عيد، كتب الله له عشرين حجّة، و عشرين عمرة مبرورات مقبولات، و عشرين حجّة و عمرة مع نبيّ مرسل أو إمام عدل، و من أتاه في يوم عيد، كتب الله له مائة حجّة و مائة عمرة و مائة غزوة مع نبيّ مرسل أو إمام عدل، قال: قلت له: كيف لي بمثل الموقف؟! قال: فنظر إليَّ شِبْهَ المغضِب ثمَّ قال لي: يا بشير، إنَّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يوم عرفة، و اغتسل من الفرات، ثمَّ توجّه إليه، كتب الله له بكلِّ خطوة حجّةً بمناسكها- و لا أعلمه إلّا قال: و غزوة (5)-.

ص: 576


1- الفقيه 2، نفس الباب، ح 6. و الحديث ضعيف كسابقه.
2- في التهذيب: عن يونس، عن أبي وهب القصري. و الحديث مجهول.
3- يدل على أفضلية أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) على سائر الأئمة.
4- التعريف: الوقوف بعرفات. و المقصود هنا قضاء يوم التاسع من ذي الحجة و هو يوم الموقف هناك عند قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).
5- التهذيب 6، 16- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ، ح 16. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 11 بتفاوت يسير فيهما، و في الذيل فيهما: و عمرة، بدل: و غزوة. و روى ذيله برقم 30 من نفس الباب و الجزء من التهذيب أيضاً. أقول: و ليس ذلك بعزيز على الله تعالى، أن يعطي مثل هذا الثواب لزائر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ذلك لأنه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قد افتدى بدمه الطاهر الإسلام و كتب له به الخلود و البقاء فشهادته هي الأساس في بقاء هذا الدين بعقيدته و شريعته، و زائره إنما يعظم بذلك شعائر الله و يحيي ذكر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و يجسّد مبادئه و يجدّد عهده فيستحق مثل هذا الأجر و الله يضاعف لمن يشاء. و المقصود بالتعريف في الحديث قضاء يوم عرفة و هو يوم التاسع من ذي الحجة عند قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ).

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن الحسين بن المختار، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: زيارة قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) تَعْدِلُ عشرين حجّة، و أفضل من عشرين عمرة و حجّة (1)

3- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك قال: كنت مع أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فمرَّ قوم على حمير فقال: أين يريد هؤلاء؟ قلت: قبور الشهداء قال: فما يمنعهم من زيارة الشهيد الغريب؟ فقال رجل من أهل العراق و زيارته و اجبة؟ قال: زيارته خيرٌ من حجّة وعمرة و عمرة و حجّة حتّى عدَّ عشرين حجّة و عمرة، ثمَّ قال: مقبولات مبرورات، قال: فو الله ما قمت حتّى أتاه رجلٌ فقال له: إِنِّي قد حججت تسع عشرة حجّة، فادع الله أن يرزقني تمام العشرين حجّة، قال: هل زرتَ قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ قال: لا قال: لَزِيارَتُهُ خيرٌ من عشرين حجّة (2)

4- محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي سعيد المدائنيِّ قال: دخلت علي أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فقلت له: جُعِلْتُ فِداك آتي قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، قال: نعم يا أبا سعيد، فأُت قبر ابن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، أطيب الطيّبين و أطهر الطاهرين و أبرّ الأبرار، فإذا زرتَه، كتب الله لك به خمسة و عشرين حجّة (3)

5- محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن محمد بن صدقة، عن صالح النيليِِّ قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من أتى قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عارفاً بحقّه، كتب الله له أجر من أعتق ألف نسمة، و كمن حمل على ألف فرس مُسْرَجَة مُلْجَمَة في سبيل الله (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: وكّل الله بقبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أربعة آلاف ملك شُعْث غُبْر، یبکونه إلی یوم القیامة، فمن زاره عارفاً

ص: 577


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 17.
2- الحديث ضعيف. و المقصود بقبور الشهداء: قبور شهداء أُحُد.
3- الحديث ضعيف.
4- الحديث ضعيف على المشهور. و أخرجه في التهذيب 6، 16- باب فضل زيارته علیه السلام، ح 9.

بحقّه، شیّعوه حتی یبلغوه مأمنه، و إن مرض عادوه غدوة و عشيّة، و إن مات شهدوا جنازته، و استغفروا له إلى يوم القيامة (1)

7- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أَبَان الكلبيِّ، عن أَبَان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إنَّ أربعة آلاف مَلَك عند قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) شُعْثٌ غُبْرٌ يبكونه إلى يوم القيامة، رئيسهم مَلَك يقال له: منصور، فلا يزوره زائر إلّا استقبلوه، و لا يودِّعه مودِّع إلّا شيّعوه، و لا مرض إلّا عادوه، و لا يموت إلا صلّوا على جنازته، و استغفروا له بعد موته (2)

8- الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن أبي داود المسترق، عن بعض أصحابنا، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي الحسن الأوّل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: من أتى الحسين عارفاً بحقّه، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر (3)

9- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن الخيبريِّ، عن الحسين بن محمد قال : قال أبو الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) بشطّ الفرات، إذا عرف حقّه و حرمته و ولايته، أن يُغْفَرَ له ما تقدَّم من ذنبه و ما تأخّر (4)

10- أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن غسّان البصريّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من أتى قبر أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عارفاً بحقّه، غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه و ما تأخّر (5)

11- محمد بن يحيى؛ و غيره، عن محمد بن أحمد؛ و محمد بن الحسين، جميعاً عن موسى بن عمر، عن غسّان البصريِّ، عن معاوية بن وهب؛ و عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن إبراهيم بن عقبة، عن معاوية بن وهب قال: استأذنت على أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فقيل لي: أُدخل، فدخلت، فوجدته في مصلّاه في بيته، فجلست حتى قضى صلاته، فسمعته و هو يناجي ربّه و يقول: ﴿يا من خصّنا بالكرامة، و خصّنا بالوصيّة، و وعدنا الشّفاعة، و أعطانا عِلْمَ ما مضى و ما بقي، و جعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، اغفر لي و لإخواني

ص: 578


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث ضعيف.
4- الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 18 و رواه مرسلاً و الحديث مجهول.
5- الحديث مجهول.

و لزوَّار قبر أبي [عبد الله] الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، الّذين أنفقوا أموالهم و أشخصوا أبدانهم رغبةً في برِِّنا و رجاءً لما عندك في صِلَتنا، و سروراً أدخلوه على نبيّك صلواتك عليه و آله، و إجابةً منهم لأمرنا، و غيظاً أدخلوه على عدوِّنا، أرادوا بذلك رضاك، فكافِهِم عنّا بالرضوان، و اكْلْأهُم باللّيل و النهار، و اخلُف على أهاليهم و أولادهم الّذين خلّفوا بأحسن الخلف، و أصحبهم و اكفهم شرَّ كلِِّ جبّار عنيد، و كلِِّ ضعيف من خلقك أو شديد، و شرَّ شياطين الإنس و الجنِّ، و أعطهم أفضل ما أمّلوا منك في غربتهم عن أوطانهم و ما آثرونا به على أبنائهم و أهاليهم و قراباتهم، اللّهمَّ إنَّ أعدائنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن الشّخوص إلينا، و خلافاً منهم على من خالفنا، فارحم تلك الوجوه الّتي قد غيّرتها الشمس، و ارحم تلك الخدود الّتي تقلّبت على حفرة أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و ارحم تلك الأعين الّتي جرت دموعها رحمة لنا، و ارحم تلك القلوب الّتي جزعت و احترقت ،لنا و ارحم الصّرخة الّتي كانت لنا، اللّهمَّ إنّي أستودعك تلك الأنفس و تلك الأبدان حتّى نوافيهم على الحوض يوم العطش﴾

فما زال و هو ساجدٌ يدعو بهذا الدُّعاء، فلمّا انصرفت قلت: جُعِلْتُ فِداك، لو أنَّ هذا الّذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله، لظننت أنَّ النّار لا تطعم منه شيئاً، و الله لقد تمنّيت أن كنت زرته و لم أحجّ؛ فقال لي: ما أقربك منه، فما الّذي يمنعك من إتيانه، ثمَّ قال: يا معاوية، لِمَ تَدَعُ ذلك؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك، لم أدر أنَّ الأمر يبلغ هذا كلّه؟ قال: يا معاوية، من يدعو لزوَّاره في السّماء، أكثر ممّن يدعو لهم في الأرض (1)

359- باب فضل زيارة أبي الحسن موسى عليه السلام

1- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل. عن الحميريِّ (2)، عن الحسين (3) بن محمد القميِّ قال: قال (4) الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من زار قبر أبي ببغداد، كمن زار قبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه، إلّا أنَّ لرسول الله و لأمير المؤمنين صلوات الله عليهما فضلهما (5)

ص: 579


1- الحديث بسنديه مجهول.
2- في التهذيب: عن الخيبريّ.
3- في التهذيب: عن الحسن ...
4- في التهذيب: قال لی الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
5- التهذيب 6، 30- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 2. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة ( صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 21. و الحديث مجهول.

2- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن الرّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سألته عن زيارة قبر أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، مثل قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ قال: نعم (1).

3- محمد بن يحيى، عن حمدان القلانسيّ، عن عليِّ بن محمد الحضيني، عن عليِّ بن عبد الله بن مروان، عن إبراهيم بن عقبة قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أسأله عن زيارة أبي عبد الله الحسين، و عن زيارة أبي الحسن و أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أجمعين؟ فكتب إليَّ أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): المقدَّم، و هذا أجمع و أعظم أجراً (2)

360- باب فضل زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلام

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن مهزيار قال: قلت لأبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): جُعِلْتُ فِداك، زيارة الرِّضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أفضل أم زيارة أبي عبد الله الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)؟ فقال: زيارة أبي أفضل، و ذلك أنَّ أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يزوره كلُّ الناس، و أبي لا يزوره إلّا الخواصّ من الشّيعة (3)

2- أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيِّ، عن الحسين بن سيف، عن محمد بن أسلم، عن محمد بن سليمان قال: سألت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) عن رجل حجّ حجّة الإسلام، فدخل متمتّعاً بالعمرة إلى الحجِّ، فأعانه الله على عمرته و حجّه، ثمّ أتى المدينة فسلّم على النبيِّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ثمَّ أتاك عارفاً بحقّك، يعلم أنّك حجّة الله على خلقه و بابه الّذي يؤتى منه، فسلََّمَ عليك، ثمَّ أتى أبا عبد الله الحسين صلوات الله عليه فسلّم عليه، ثمّ أتى بغداد و سلّم على أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثمَّ انصرف إلى بلاده، فلمّا كان في وقت الحجّ، رزقه الله

ص: 580


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 1 بتفاوت يسير. الفقيه 2، نفس الباب، ح 22 بتفاوت يسير أيضاً. و الحديث صحيح
2- التهذيب 6، 38- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1. ﴿قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) المقدّم، أي الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أقدم و أفضل، أو المعنى: أن زيارته فقط أفضل من زيارة كل من المعصومين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، و مجموع زيارتيهما أجمع و أفضل. أو المعنى أن زيارة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أوْلى بالتقديم، ثم أن أضفت إلى زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) زيارتهما (عَلَیْهِم اَلسَّلاَمُ) كان أجمع و أعظم أجراً ... الخ﴾. مرآة المجلسي 311/18.
3- التهذيب 6، 34- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 1. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 23. قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): لا يزوره إلا الخواصّ ...، قد يكون ناظراً إلى زمانه (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، حيث كان عامة الشيعة منصرفين أو مصروفين عن زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، إما لبُعد الشقة و فقر المال أو للخوف من الظالمين، و كانت زيارته تقتصر على الميسورين أو الأبدال من الشيعة الذين كانوا لا يَعبأون بالموت في سبيل زيارة أئمتهم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و المقصود بقوله: كل الناس؛ قد يراد به كل الطبقات من الشيعة، و يحتمل شموله للمخالفين، فإن بعضهم قد يزوره للتبرك و إن لم يؤمن بإمامته و عصمته.

الحجّ (1)، فأيّهما أفضل؛ هذا الّذي قد حجَّ حجّة الإسلام يرجع أيضاً فيحجُّ، أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك عليِّ بن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فيسلّم عليه؟ قال: [لا] بل يأتي خراسان فيسلّم علي أبي الحسن (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)أفضل، و ليكن ذلك في رجب، و لا ينبغي أن تفعلوا [في] هذا اليوم، فإنّ علينا و عليكم من السلطان شنعة (2)

3- محمد بن يحيى، عن عليِّ بن إبراهيم الجعفريِّ، عن حمدان بن إسحاق قال: سمعت أبا جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- أو (3) حكي لي عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)- الشكُّ من عليّ بن إبراهيم- قال: قال أبو جعفر (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من زار قبر أبي بطوس، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، قال: فحججت بعد الزّيارة، فلقيت أيّوب بن نوح فقال لي: قال أبو جعفر الثّاني (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من زار قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، و بنى الله له منبراً في حذاء منبر محمد و عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حتّى يفرغ الله من حساب الخلائق. فرأيته و قد زار (4)، فقال: جئت أطلب المنبر (5)

4- محمد بن يحيى، عن عليِّ بن الحسين النيسابوريّ، عن إبراهيم بن أحمد، عن عبد الرحمن بن سعيد المكّيِّ، عن يحيى بن سليمان المازنيِّ، عن أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: من زار قبر ولدي عليّ كان له عند الله كسبعين حجّة مبرورة، قال: قلت: سبعين حجّة؟ قال: نعم، و سبعين ألف حجّة، قال: قلت: سبعين ألف حجّة؟ قال: رُبَّ حجّة لا تُقبل، من زاره و بات عنده ليلة، كان كمن زار الله في عرشه؟ قال: نعم، إذا كان يوم القيامة كان على عرش الرّحمن أربعة من الأوّلين و أربعة من الآخرين، فأمّا الأربعة الّذين هم من الأوّلين : فنوح و إبراهيم و موسى و عيسى (عَلَیْهِم اَلسَّلاَمُ)، و أمّا الأربعة من الآخرين: فمحمّد و علي و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم، ثمّ يُمَدُّ المضمار (6) فيقعد معنا من زار قبور الأئمة عليهم السلام، إلا أنّ أعلاهم درجة و أقربهم حبوة (7) زوّار قبر ولدي عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (8)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن

ص: 581


1- أي رزقه الاستطاعة إليه.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 2 بتفاوت قليل. و الحديث ضعيف.
3- الشك من الراوي، و هو علي بن إبراهيم الجعفري.
4- أي رأيته بعد ذلك في مشهد الرضا (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أو بعد رجوعه من زيارته.
5- الحديث مجهول.
6- في عيون الأخبار: ثم يمد المطمار: و هو خيط للبناء يقدر و يقاس به، و يحتمل أن مدّه لفصل المؤمنين عن المجرمين، أو لفصل المقربين عن غيرهم.
7- الحبوة: العطية.
8- التهذيب 6، 34- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 3. و الحديث مجهول.

إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن زيد الشّحام قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): ما لمن زار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)؟ قال: كمن زار الله عزَّ و جلَّ فوق عرشه (1)؛ قال: قلت (2): فما لمن زار أحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (3)

361- باب

1- عليُّ بن إبراهيم؛ و غيره، عن أبيه، عن خلّاد (4) القلانسيِّ، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: مكّة حرم الله و حرم رسوله و حرم أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، الصلاة فيها (5) بمائة ألف صلاة، و الدِّرهم فيها بمائة ألف درهم، و المدينة حرم الله و حرم رسوله و حرم أمير المؤمنين صلوات الله عليهما، الصلاة فيها بعشرة آلاف صلاة، و الدّرهم فيها بعشرة آلاف درهم، و الكوفة حرم الله و حرم رسوله و حرم أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، الصّلاة فيها بألف صلاة، و الدِّرهم فيها بألف درهم (6)

2- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن جرير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: سمعته يقول: تتمُّ الصّلاة في أربعة مواطن: في المسجد الحرام و مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و مسجد الكوفة، و حرم الحسين صلوات الله عليه (7)

3- عليُّ، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: حدَّثني من سمع أبا عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) يقول: تتمُّ الصلاة في المسجد الحرام، و مسجد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و مسجد الكوفة، و حرم الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (8)

ص: 582


1- إلى هنا مروي في التهذيب 6، 2- باب فضل زيارته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 6.
2- من هنا مروي في الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 5. و كان قد تقدم برقم 1 من الباب 357 من هذا الجزء. و الحديث ضعيف.
3- ورد في التهذيب بعد ذكر هذا الحديث في معنى قوله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): من زار رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) كمن زار الله فوق عرشه: هو أن لزائره (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من المثوبة و الأجر العظيم و التبجيل في يوم القيامة كمن رفعه الله إلى سمائه و أدناه من عرشه الذي تحمله الملائكة و أراه من خاصة ملائكته ما يكون به توكيد كرامته و ليس على ما تظنه العامة من مقتضى التشبيه.
4- في التهذيب: عن خالد...
5- فيها -في جميع المواضع من الحديث- يعود إلى مسجدها كما تدل عليه أخبار أُخر مع احتمال إرادة جميعها.
6- التهذيب 6، 10- باب فضل الكوفة و المواضع التي ...، ح 2 بتفاوت قليل. و الحديث مجهول. و المراد الصدقة بالدرهم تعدل كذا ... من الصدقة في غيرها من البلدان به.
7- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 146. الاستبصار 2، 229- باب أنه يستحب إتمام الصلاة في حرم الكوفة و ...، ح 6. هذا و يقول المحقق في الشرائع 1/ 135: ﴿و أما القصر فإنه عزيمة إلا أن ... أو في أحد المواطن الأربعة: مكة و المدينة و المسجد الجامع بالكوفة و الحاير فإنه مخيّر و الإتمام أفضل﴾.
8- التهذيب 5، نفس الباب، ح144. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 5.

4- أبو عليُّ الأشعري، عن الحسن بن عليِّ، عن عليِِّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن رجل من أصحابنا يقال له: حسين، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تتمّ الصلاة في ثلاثة مواطن ، في المسجد الحرام، و مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و عند قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (1)

5- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الملك القميّ، عن إسماعيل بن جابر، عن عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: تتمُّ الصّلاة في أربعة مواطن: المسجد الحرام، و مسجد الرَّسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، و مسجد الكوفة، و حرم الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) (2)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الله، عن صالح بن عقبة، عن أبي شبل (3) قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): أزور قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ))؟ قال: نعم، زرِ الطيّب و أتَّم الصلاة فيه، قلت: فإنَّ بعض أصحابنا يَروْنَ التّقصير؟ قال: إنّما يفعل ذلك الضَّعَفَة (4)

362- باب النوادر

1- عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عمّن رواه قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): إذا بَعُدَت بأحدكم الشّقّة، و نَأَت به الدَّار، فليعْلُ أعلى منزله و لْيُصَلّ ركعتين، و ليؤمِ بالسّلام إلى قبورنا، فإنَّ ذلك يصل إلينا (5)

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا أردت زيارة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، فزُرْه و أنت حزين مكروبٌ، شَعث مُغْبَرّ، جائع عطشان،وسله الحوائج، و انصرف عنه، و لا تتّخذه وطناً (6)

ص: 583


1- الحديث مجهول.
2- التهذيب 5، 26- باب من الزيادات في فقه الحج، ح 143. الاستبصار 2، 229- باب أنه يستحب إتمام الصلاة في حرم الكوية و ...، ح 4.
3- و اسمه عبد الله بن سعيد.
4- التهذيب 5، نفس الباب، ح142. الاستبصار 2، نفس الباب، ح 3. و المقصود إما ضعيفو الإيمان الجاهلون بالأحكام، أو من يشقّ عليه فيختار القصر على الإتمام لأنه الأسهل بالنسبة إليه.
5- التهذيب 6، 47- باب من بعُدَت شقّته و...، ح 1. الفقيه 2، 220- باب ما يقوم مقام زيارة الحسن و زيارة ...، ح 1 و أخرجه عن ابن أبي عمير عن هشام قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)...
6- التهذيب 6، 22- باب حد حرم الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و فضل كربلاء و فضل ...، ح 20 بتفاوت يسير.

3- أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن كرّام، عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) فينتفع به، و يأخذ غيره و لا ينتفع به؟ فقال: لا و الله الّذي لا إله إلّا هو، ما يأخذه أحدٌ و هو يرى أنَّ الله ينفعه به، إلّا نفعه به (1)

4- أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن يونس بن الرَّبيع، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إنَّ عند رأس الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) لتربة حمراء فيها شفاء من كلِِّ داء إلّا السّام (2)، قال: فأتينا القبر بعد ما سمعنا هذا الحديث، فاحتفرنا عند رأس القبر، فلمّا حفرنا قدر ذراع، ابتدرت علينا من رأس القبر مثل السّهلة حمراء قدر الدِّرهم، فحملناها إلى الكوفة فمزَّجناه و أقبلنا نعطي النّاس يتداوَوْنَ بها.

5- أحمد بن محمد، عن رزق الله بن أبي العلاء (3)، عن سليمان بن عمر السرَّاج، عن بعض أصحابنا قال: يؤخذ طين قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) من عند القبر على سبعين ذراعاً (4)

6- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعته يقول: لموضع قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) حُرْمة معلومة من عرفها و استجار بها أُجير قلت: صف لي موضعها؟ قال: امسح من موضع قبره اليوم خمسة وعشرين ذراعاً من قدَّامه، و خمسة و عشرين ذراعاً عند رأسه، و خمسة و عشرين ذراعاً من ناحية رجله، و خمسة و عشرين ذراعاً من خلفه، و موضع قبره من يوم دفن روضة من رياض الجنّة، و منه معراج يعرج منه بأعمال زوَّاره إلى السماء، و ليس من مَلَك و لا نبيّ في السماوات إلّا و هم يسألون الله أن (5) يأذن لهم في زيارة قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ففوج ينزل و فوج يعرج (6)

7- علي بن محمد رفعه قال: قال: الختم على طين قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) أن يقرء عليه: إِنّا

ص: 584


1- يدل على أن لشدة اليقين و الاعتقاد بنفعها دخالة في ترتب الأثر و المنفعة في الاستشفاء بها.
2- السّام: الموت.
3- في التهذيب: عن رزق الله بن العلا.
4- التهذيب 6، 22- باب حد حرم الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و فضل كربلاء و ...، ح 13. و أخرجه مسنداً عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). هذا، و قد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على حرمة أكل الطين، إلا اليسير من تربة الإمام الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) للإستشفاء.
5- ليس في التهذيب: أن يأذن لهم...
6- التهذيب 6، نفس الباب، ح 3. و روى جزءاً منه و هو من قوله: و موضع قبره من يوم دفن ... إلى قوله: الجنة، في الفقيه 2، 221- باب فضل تربة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ... ح 4. و أخرجه عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ). و الحديث موثق. و قد حمل الشيخ في التهذيب اختلاف الأخبار في مقدار المسافة التي يؤخذ منها طين قبره (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في القرب و البعد على اختلاف مراتب الفضل فكلما كان أقرب إلى القبر كان أفضل.

أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)

و روي إذا أخذته فقل: ﴿بِسمِ اللّهِ، اللّهُمَّ بِحَقِّ هذِهِ التُّربَهِ الطّاهِرَةِ، و بِحَقِّ البُقعَهِ الطَّیِّبَةِ، و بِحَقِّ الوَصِیِّ الَّذی تُواریهِ، و بِحَقِّ جَدِّهِ و أبیهِ، و اُمِّهِ و أخیهِ، وَ المَلائِکَةِ الَّذینَ یَحُفّونَ بِهِ، وَ المَلائِکَةِ العُکُوفِ عَلی قَبرِ وَلِیِّکَ، یَنتَظِرونَ نَصرَهُ صَلَّی اللّهُ عَلَیهِم أجمَعینَ، اجعَل لی فيهِ شِفاءً مِن کُلِّ داءٍ، و أمانا مِن کُلِّ خَوفٍ (2)، و عِزّا مِن کُلِّ ذُلٍّ، و أوْسِعْ بِهِ عَلَیَّ في رِزقی، و أصِحَّ بِهِ جِسمی﴾.

8- محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد الله بن الخطاب، عن عبدالله بن محمد بن سنان، عن مسمع، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حنان، عن أبيه قال: قال أبو عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ): يا سدير؛ تزور قبر الحسين ( عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في كلِِّ يوم؟ قلت: جُعِلْتُ فداك، لا، قال: فما أجفاكم!، قال: فتزورونه في كلِّ جمعة؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلِّ شهر؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلِّ سنة؟ قلت: قد يكون ذلك، قال: يا سدير، ما أجفاكم للحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، أما علمت أنّ لله عزَّ و جلَّ ألفي ألف ملك شعتٌ غبرٌ يبكون و يزورون لا يفترون، و ما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) في كلِّ جمعة خمس مرَّات، و في كلِّ يوم مرَّة؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك، إنّ بيننا و بينه فراسخ كثيرة، فقال لي: اصعد فوق سطحك، ثمَّ تلتفت يمنة و يسرة، ثمّ ترفع رأسك إلى السماء ثمَّ أنْحُ نحو القبر و تقول: ﴿السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبا عَبْدِ اللّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللّهِ وَ بَرَكاتُهُ﴾ تُكْتَبُ لك زَوْرَة و الزورة حجّة و عمرة، قال سدير: فربّما فعلت في الشهر أكثر من عشرين مرَّة (3)

9- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) قال: إذا كان النصف من شعبان، نادى مناد من الأُفق الأعلى: ألا زائري قبر الحسين ارجعوا مغفوراً لكم، و ثوابكم على ربّكم، و محمدٍ نبيِّكم (4)

تمَّ كتاب الحجِّ من الكافي و يتلوه كتاب الجهاد و الحمد لله

ص: 585


1- الحديث مرفوع و المراد بقوله: أن يقرأ ... الخ ﴿القراءة مكملة لذلك العمل كالختم للكتاب، أو ينبغي أن يقرأ السورة عند الختم، أو قراءة السورة بمنزلة الختم تمنع الشياطين عن التمتع بها و هو أظهر﴾. مرآة المجلسي 318/18.
2- في كامل الزيارات هنا: و غنى من كل فقر، و عزاً ... الخ.
3- التهذيب 6، 52- باب من الزيادات، ح 21 و في سنده: عن منيع ... ، بدل: عن مسمع.. و يقول المجلسي في المرآة 318/18: ﴿و لا يبعد أن يكون الإلتفات للتقية حذراً من إطلاع المخالفين، و الأولى متابعة النص﴾. الفقيه 2، 220- باب ما يقوم مقام زيارة الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و ... ح 2 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 6، 16- باب فضل زيارته (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ)، ح 25 بتفاوت يسير. الفقيه 2، 217- باب ثواب زيارة النبي و الأئمة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، ح 20 و فيه: يا زائري ...

الفهرس

أبواب الصدقة

باب فضل الصدقة ... 1

باب أنَّ الصدقة تدفع البلاء ... 2

باب فضل صدقة السرّ ... 3

باب صدقة اللّيل ... 4

باب في أنَّ الصدقة تزيد في المال ... 5

باب الصدقة على القرابة ... 6

باب كفاية العيال و التوسّع عليهم ... 7

باب من يلزم نفقته ... 8

باب الصدقة على من لا تعرفه ... 9

باب الصدقة على أهل البَوَادي و أهل السواد ... 10

باب كراهية ردِّ السائل ... 11

باب قدر ما يعطى السائل ...12

باب دعاء السائل ... 13

باب أنَّ الّذي يقسّم الصدقة شريك صاحبها في الأجر ... 14

باب الإيثار... 15

باب من سأل من غير حاجة ... 16

باب كراهية المسألة ...17

باب المنِّ ... 18

باب من أعطى بعد المسألة ...19

باب المعروف ... 20

باب فضل المعروف ... 21

ص: 586

باب منه ... 22

باب أنَّ صنائع المعروف تدفع مصارع السوء .. 23

باب أنَّ أهل المعروف في الدُّنيا هم أهل المعروف في الآخرة ... 24

باب تمام المعروف ... 25

باب وضع المعروف موضعه ... 26

باب في آداب المعروف ... 27

باب من كَفَرَ المعروف ... 28

باب القرض ... 29

باب إنظار المعسر ... 30

باب تحليل الميّت ... 31

باب مؤونة النعم ... 32

باب حسن جواز النعم ... 33

باب معرفة الجود و السخاء ... 34

باب الإنفاق ... 35

باب البخل و الشحِّ ... 36

باب النوادر ...37

باب فضل إطعام الطعام ... 38

باب فضل القصد ... 39

باب كراهية السَّرَف و التقتير ... 40

باب سقي الماء ... 41

باب الصدقة لبني هاشم و مواليهم وصلتهم ... 42

باب النوادر ... 43

كتاب الصيام

باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم ... 44

باب فضل شهر رمضان ... 45

باب من فطّر صائماً ... 46

باب في النهي عن قول: «رمضان» بلا شهر ... 47

ص: 587

باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان ... 48

باب الأهلّة و الشهادة عليها ... 49

باب نادر ... 50

باب ... 51

باب اليوم الّذي يشكُّ فيه من شهر رمضان هو أو من شعبان؟ ... 52

باب وجوه الصوم ... 53

باب أدب الصائم ... 54

باب صوم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 55

باب فضل صوم شعبان وصلته برمضان و صيام ثلاثة أيّام في كلِِّ شهر ... 56

باب أنّه يستحبُّ السحور ... 57

باب ما يقول الصائم إذا أفطر ... 58

باب صوم الوِصَال و صوم الدَّهر ... 59

باب من أكل أو شرب و هو شاكّ في الفجر أو بعد طلوعه ... 60

باب الفجر ما هو و متى يحلُّ و متى يحرم الأكل؟ ... 61

باب من ظنَّ أنه ليلٌ فأفطر قبل اللّيل ... 62

باب وقت الإفطار ... 63

باب من أكل أو شرب ناسياً في شهر رمضان ... 64

باب من أفطر متعمداً من غير عذر أو جامع متعمداً في شهر رمضان ... 65

باب الصائم يقبّل أو يباشر ... 66

باب في من أجنب باللّيل في شهر رمضان و غيره فترك الغسل إلى أن يصبح أو احتلم باللّيل أو النهار ... 67

باب كراهية الارتماس في الماء للصائم .. 68

باب المضمضة و الاستنشاق للصائم ... 69

باب الصائم يتقيّاً أو يذرعه القيء أو يقلس .. 70

باب في الصائم يحتجم و يدخل الحمّام ... 71

باب في الصائم يسعّط و يصبُّ في أُذنه الدُّهن أو يحتقن ...72

باب الكحل و الذرور للصائم ... 73

ص: 588

باب السواك للصائم ... 74

باب الطيب و الريحان للصائم ... 75

باب مضغ العلك للصائم ... 76

باب في الصائم يذوق القدر و يزقّ الفرخ ... 77

باب في الصائم يزدرد نخامته و يدخل حلقه الذباب ... 78

باب في الرَّجل يمصُّ الخاتم و الحصاة و النواة ... 79

باب الشيخ و العجوز يضعفان عن الصوم ... 80

باب الحامل و المرضع يضعفان عن الصوم ... 81

باب حدِّ المرض الّذي يجوز للرَّجل أن يفطر فيه ... 82

باب من توالى عليه رمضانان ... 83

باب قضاء شهر رمضان ... 84

باب الرجل يصبح و هو يريد الصيام فيفطر و يصبح و هو لا يريد الصوم فيصوم في قضاء شهر رمضان و غيره ... 85

باب الرجل يتطوَّع بالصيام و عليه من قضاء شهر رمضان ... 86

باب الرجل يموت و عليه من صيام شهر أو غيره ...87

باب صوم الصبيان و متى يؤخذون به ... 88

باب من أسلم في شهر رمضان ... 89

أبواب السفر

باب كراهية السفر في شهر رمضان ...90

باب كراهية الصوم في السفر ... 91

باب من صام في السفر بجهالة ... 92

باب من لا يجب له الإفطار و التقصير في السفر و من يجب له ذلك ...93

باب صوم التطوُّع في السفر و تقديمه و قضاؤه ...94

باب الرَّجل يريد السفر أو يقدم من سفر في شهر رمضان ... 95

باب من دخل بلدة فأراد المقام بها أو لم يرد ... 96

باب الرَّجل يجامع أهله في السفر أو يقدم من سفر في شهر رمضان ... 97

ص: 589

باب صوم الحائض و المستحاضة ... 98

باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعرض له أمر يمنعه عن إتمامه ... 99

باب صوم كفّارة اليمين ... 100

باب من جعل على نفسه صوماً معلوماً و من نذر أن يصوم في شكر ... 101

باب كفّارة الصوم و فديته ... 102

باب تأخير صيام الثلاثة الأيام من الشهر إلى الشتاء ... 103

باب صوم عرفة و عاشوراء ... 104

باب صوم العيدين و أيام التشريق ... 105

باب صيام الترغيب ... 106

باب فضل إفطار الرجل عند أخيه إذا سأله ... 107

باب من لا يجوز له صيام التطوّع إلّا بإذن غيره ... 108

باب ما يستحبّ أن يفطر عليه ... 109

باب الغسل في شهر رمضان ... 110

باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان ... 111

باب في ليلة القدر ... 112

باب الدعاء في العشر الأواخر من شهر رمضان ... 113

باب التكبير ليلة الفطر و يومه ... 114

باب يوم الفطر ... 115

باب ما يجب على الناس إذا صحَّ عندهم الرؤية يوم الفطر بعد ما أصبحوا صائمي ... 116

باب النوادر ... 117

باب الفطرة ... 118

باب الاعتكاف ... 119

باب أنه لا يكون الاعتكاف إلّا بصوم ... 120

باب المساجد الّتي يصلح الاعتكاف فيها ... 121

باب أقلِّ ما يكون الاعتكاف ... 122

باب المعتكف لا يخرج من المسجد إلّا لحاجة ... 123

باب المعتكف يمرض و المعتكفة تطمث ... 124

ص: 590

باب المعتكف يجامع أهله ... 125

باب النوادر ... 126

كتاب الحَجّ

باب بدء الحجر و العلّة في استلامه ... 127

باب بدء البيت و الطواف ... 128

باب إن أول ما خلق الله من الأرضين مواضع البي و كيف كان أول خلق ... 129

باب في حجِّ آدم (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 130

باب علّة الحرم و كيف صار هذا المقدار ... 131

باب ابتلاء الخلق و اختبارهم بالكعبة ... 132

باب حجِّ إبراهيم و إسماعيل و بنائهما البيت و من وَلِيَ البيت بعدهما (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 133

باب حجِّّ الأنبياء (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 134

باب ورود تُبّع و أصحاب الفيل البيت و حفر عبد المطلب زمزم وهدم قريش الكعبة و بنائهم إيّاها وهدم الحجّاج لها و بنائه إيّاها ... 135

باب في قوله تعالى: ﴿فيه آياتٌ بَيّنات﴾ ... 136

باب نادر ... 137

باب أن الله عزَّ و جلَّ حرَّم مكّة حين خلق السماوات و الأرض ... 138

باب في قوله تعالى: ﴿و من دخله كان آمِناً﴾ ... 139

باب الإلحاد بمكّة و الجنايات ... 140

باب إظهار السلاح بمكّة ... 141

باب لبس ثياب الكعبة ... 142

باب كراهة أن يؤخذ من تراب البيت و حصاه ... 143

باب كراهية المقام بمكّة ... 144

باب شجر الحرم ... 145

باب ما يذبح في الحرم و ما يخرج به منه ... 146

باب صيد الحرم و ما تجب فيه الكفّارة ... 147

باب لقطة الحرم ... 148

ص: 591

باب فضل النظر إلى الكعبة ... 149

باب في من رأى غريمه في الحرم ... 150

باب ما يهدى إلى الكعبة ... 151

باب في قوله عزَّ و جلَّ: ﴿سواءٌ العاكِفُ فيه و البَادِ﴾ ... 152

باب حجّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 153

باب فضل الحجِّ و العمرة و ثوابهما ... 154

باب فرض الحجِّ و العمرة ... 155

باب استطاعة الحجِّ ... 156

باب من سَوَّف الحجَِّ و هو مستطيع ... 157

باب من يخرج من مكّة لا يريد العود إليها ... 158

باب أنّه ليس في ترك الحجِّ خيرة و إنِّ من حبس عنه فَبِِذَنْبٍ ... 159

باب أنّه لو ترك الناس الحجِّ لجاءهم العذاب ... 160

باب نادر ... 161

باب الإجبار على الحجِّ ... 162

باب أنَّ من لم يُطِق الحجَّ بِبَدَنِهِ جَهَّز غيره ... 163

باب ما يجزىء من حجّة الإسلام و ما لا يجزىء ... 164

باب من لم يحجَّ بين خمس سنين ... 165

باب الرجل يستدين و يحجُّ ... 166

بال الفضل أو القصد في نفقة الحجِّ ... 167

باب أنّه يستحب للرجل أن يكون متهيّاً للحجّ في كلِّ وقت ... 168

باب الرجل يسلم فيحجّ قبل أن يَخْتَتِن ... 169

باب المرأة يمنعها زوجها من حجّة الإسلام ... 170

باب القول عند الخروج من بيته و فضل الصدقة ... 171

باب القول إذا خرج الرَّجل من بيته ... 172

باب الوصيّة ... 173

باب الدُّعاء في الطريق ... 174

باب أشهر الحجِّ ... 175

باب الحجِّ الأكبر و الأصغر ... 176

ص: 592

باب أصناف الحجِّ ... 177

باب ما على المتمتّع من الطواف و السعي ... 178

باب صفة الإقران و ما يجب على القارِن ... 179

باب صفة الإشعار و التقليد ... 180

باب الإفراد ... 181

باب في من لم ينو المتعة ... 182

باب حجِِّ المجاورين و قطّان مكّة ... 183

باب حجِّ الصبيان و المماليك ... 184

باب الرَّجل يموت صَرُورَةً أو يوصي بالحجِّ ... 185

باب المرأة تحجُّ عن الرَّجل .... 186

باب من يعطي حجّة مفردة فيتمتّع أو يخرج من غير الموضع الّذي يشترط ... 187

باب من يوصي بحجّة فيحجُّ عنه من غير موضعه أو يوصي بشيء قليل في الحجِّ ... 188

باب الرَّجل يأخذ الحجّة فلا يكفيه أو يأخذها فيدفعها إلى غيره ... 189

باب الحجِّ عن المخالف ... 190

باب ... 191

باب ما ينبغي للرجل أن يقول إذا حجَّ عن غره ... 192

باب الرَّجل يحجُّ عن غيره فحجَّ عن غير ذلك أو يطوف عن غيره ... 193

باب من حجَّ عن غيره أنَّ له فيها شركة ... 194

باب نادر ... 195

باب الرَّجل يعطى الحجَّ فيصرف ما أخذ في غير الحجِّ أو تفضل الفضلة مما أعطى ... 196

باب الطواف و الحجِّ عن الأئمّة (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 197

باب من يشرك قرابته و إخوته في حجّته أو يصلهم بحجّة ... 198

باب توفير الشعر لمن أراد الحجِّ و العمرة ... 199

ص: 593

باب مواقيت الإحرام ... 200

باب من أحرم دون الوقت ... 201

باب من جاوز ميقات أرضه بغير إحرام أو دخل مكّة بغير إحرام ... 202

باب ما يجب لعقد الإحرام ... 203

باب ما يجزىء من غسل الإحرام و ما لا يجزىء ... 204

باب ما يجوز للمحرم بعد اغتساله من الطِّيب و الصيد و غير ذلك قبل أن يلبّی ... 205

باب صلاة الإحرام و عقده و الاشتراط فيه ... 206

باب التلبية ... 207

باب ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال و غيره ... 208

باب ما يلبس المحرم من الثياب و ما يكره له لباسه ... 209

باب المحرم يشدُّ على وسطه الهميان و المنطقة ... 210

باب ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب و الحليّ و ما يكره لها من ذلك ... 211

باب المحرم يضطرُّ إلى ما لا يجوز له لبسه ... 212

باب ما يجب فيه الفداء من لبس الثياب ... 213

باب الرجل يحرم في قميص أو يلبسه بعد ما يحرم ... 214

باب المحرم يغطّي رأسه أو وجهه متعمداً أو ناسياً ... 215

باب الظلال للمحرم ... 216

باب أنَّ المحرم لا يرتمس في الماء ...217

باب الطِّيب للمحرم ... 218

باب ما يكره من الزينة للمحرم ... 219

باب العلاج للمحرم إذا مرض أو أصابه جرح أو خرّاج أو علّة ... 220

باب المحرم يحتجم أو يقصّ ظفراً أو شعراً أو شيئاً منه ... 221

باب المحرم يلقي الدوابّ عن نفسه ... 222

باب ما يجوز للمحرم قتله و ما يجب عليه فيه الكفّارة ... 223

باب المحرم يذبح و يحتشُّ لدابّته ... 224

باب أدب المحرم ... 225

باب المحرم يموت ... 226

باب المحصور و المصدود و ما عليهما من الكفّارة ... 227

ص: 594

باب المحرم يتزوَّج أو يزوّج و يطلّق و يشتري الجواري ... 228

باب المحرم يواقع امرأته قبل أن يقضي مناسكه أو مُحِلُّ يقع على مُحْرِِمَة ... 229

باب المحرم يقبّل امرأته و ينظر إليها بشهوة أو غير شهو أو ينظر إلى غيرها ... 230

باب المحرم يأتي أهله و قد قضى بعض مناسكه ... 231

أبواب الصَّيْد

باب النهي عن الصيد و ما يصنع به إذا أصابه المحرم و المُحِلّ في الحِلّ و الحرم ... 232

باب المحرم يضطرّ إلى الصيد و الميتة ... 233

باب المحرم يصيد الصيد من أين يفديه و أين يذبحه ... 234

باب كفارات ما أصاب المحرم من الوحش ... 235

باب كفارة ما أصاب المحرم من الطير و البيض ... 236

باب القوم يجتمعون على الصيد و هم محرمون ... 237

باب فصل ما بين صيد البرِّ و البحر و ما يحلّ للمحرم من ذلك ... 238

باب المحرم يصيب الصيد مراراً ... 239

باب المحرم يصيب الصيد في الحرم ... 240

باب نوادر ... 241

باب دخول الحرم ... 242

باب قطع تلبية المتمتع ... 243

باب دخول مكّة ... 244

باب دخول المسجد الحرام ... 245

باب الدُّعاء عند استقبال الحجر و استلامه ... 246

باب الاستلام و المَسْح ... 247

باب المزاحمة على الحجر الأسود ...248

باب الطواف و استلام الأركان ... 249

باب الملتزم و الدُّعاء عنده ... 250

باب فضل الطواف ... 251

باب [أنَّ الصلاة و الطواف أيهما أفضل] ... 252

باب حدّ موضع الطواف ... 253

باب حدّ المشي في الطواف ... 254

ص: 595

باب الرَّجل يطوف فتعرض له الحاجة أو العلّة ... 255

باب الرَّجل يطوف فَيَعْيا أو تقام الصلاة أو يدخل عليه وقت الصلاة ... 256

باب السهو في الطواف ... 257

باب الإقران بين الأسابيع ... 258

باب من طاف و اختصر في الحِجْر ... 259

باب من طاف على غير وضوء ... 260

باب من بدء بالسعي قبل الطواف أو طاف و أخّر السعي ... 261

باب طواف المريض و من يطاف به محمولاً من غير علّة ... 262

باب ركعتي الطواف و وقتهما و القراءة فيهما و الدُّعاء ... 263

باب السهو في ركعتي الطواف ... 264

باب نوادر الطواف ... 265

باب استلام الحَجَر بعد الرّكعتين و شُرْب ماء زمزم قبل الخروج إلى الصفا و المَرْوَة ... 266

باب الوقوف على الصفا و الدُّعاء ... 267

باب السَّعْي بين الصفا و المروة و ما يقال فيه ... 268

باب من بدء بالمروة قبل الصفا أو سهى في السعي بينهما ... 269

باب الاستراحة في السعي و الركوب فيه ... 270

باب من قطع السعي للصلاة أو غيرها و السعي بغير وضوء ... 271

باب تقصير المتمتّع و إحلاله ... 272

باب المتمتّع ينسى أن يقصّر حتى يُهِلَّ بالحجّ أو يحلق رأسه أو يواقع أهله قبل أن يقصّر ... 273

باب المتمتّع تعرض له الحاجة خارجاً من مكّة بعد إحلاله ... 274

باب الوقت الّذي يفوت فيه المتعة ... 275

باب إحرام الحائض و المستحاضة ... 276

باب ما يجب على الحائض في أداء المناسك ... 277

باب المرأة تحيض بعد ما دخلت في الطواف ... 278

باب أنَّ المستحاضة تطوف بالبيت ... 279

باب نادر ... 280

ص: 596

باب علاج الحائض ... 281

باب دعاء الدَّم ... 282

باب الإحرام يوم التّروية ... 283

باب الحجّ ماشياً و انقطاع مَشْي الماشي ... 284

باب تقديم طواف الحجّ للمتمتّع قبل الخروج إلى منى ... 285

باب تقديم الطواف للمفرد ... 286

باب الخروج إلى منى ... 287

باب نزول مني و حدوها ... 288

باب الغدوّ إلى عرفات و حدودها ... 289

باب قطع تلبية الحاجّ ... 290

باب الوقوف بعرفة و حدّ الموقف ... 291

باب الإفاضة من عرفات ... 292

باب ليلة المزدلفة و الوقوف بالمشعر و الإفاضة منه و حدوده ... 293

باب السّعي في وادي محسّر ... 294

باب من جهل أن يقف بالمشعر ... 295

باب من تعجّل من المزدلفة قبل الفجر ... 296

باب من فاته الحجُّ ....297

باب حصى الجِمَار من أين تؤخذ و مقدارها ... 298

باب يوم النّحر و مبتدء الرّمي و فضله ... 299

باب رمي الجمار في أيام التشريق ... 300

باب من خالف الرّمي أو زاد أو نقص ... 301

باب من نسي رمي الجمار أو جهل ... 302

باب الرمي عن العليل و الصبيان و الرَّمي راكباً ... 303

باب أيام النحر ... 304

باب أدنى ما يجزىء من الهدي ... 305

باب من يجب عليه الهدي و أين يذبحه ... 306

باب ما يستحب من الهدي و ما يجوز منه و ما لا يجوز ... 307

باب الهدي ينتج أو يُحْلب أو يُرْكب ... 308

ص: 597

باب الهدي يعطب أو يهلك قبل أن يبلغ محلّه و الأكل منه ... 309

باب البدنة و البقرة عن كم تجزىء ... 310

باب الذَّبح ... 311

باب الأكل من الهدي الواجب و الصدقة منها و إخراجه من منى ... 312

باب جلود الهدي ... 313

باب الحلق و التقصير ... 314

باب من قدَّم شيئاً أو أخّره من مناسكه ... 315

باب ما يحلّ الرّجل من اللّباس و الطِّيب إذا حلق قبل أن يزور ... 316

باب صوم المتمتّع إذا لم يجد الهَدْي ... 317

باب الزّيارة و الغسل فيها ... 318

باب طواف النّساء ... 319

باب من بات عن منى في لياليها ... 320

باب إتيان مكّة بعد الزيارة للّطواف ... 321

باب التكبير أيام التّشريق ... 322

باب الصلاة في مسجد منى و من يجب عليه التقصير و التمام بمنى ... 323

باب النَّفْرِ من منى الأوَّل و الآخر ... 324

باب نزول الحصبة ... 325

باب إتمام الصلاة في الحرمين ... 326

باب فضل الصلاة في المسجد الحرام و أفضل بقعة فيه ... 327

باب دخول الكعبة ... 328

باب وداع البيت ... 329

باب ما يستحب من الصدقة عند الخروج من مكّة ... 330

باب ما يجزىء من العمرة المفروضة ... 331

باب العمرة المبتولة ... 332

باب العمرة المبتولة في شهر الحجّ ... 333

باب الشهور الّتي تستحب فيها العمرة و من أحرم في شهر و أحل في آخر ... 334

باب قطع تلبية المحرم و ما عليه من العمل ... 335

باب المعتمر يطأ أهله و هو محرم و الكفّارة في ذلك ... 336

ص: 598

باب الرجل يبعث بالهدي تطوعاً و يقيم في أهله ... 337

باب النوادر ... 338

أبواب الزيارات

باب زيارة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 339

باب إتباع الحجّ بالزّيارة ... 340

باب فضل الرُّجوع إلى المدينة ... 341

باب دخول المدينة و زيارة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و الدّعاء عند قبره ... 342

باب المنبر و الروضة و مقام النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 343

باب مقام جبرئيل (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 344

باب فضل المقام بالمدينة و الصوم و الاعتكاف عند الأساطين ... 345

باب زيارة من بالبقيع ... 346

باب إتيان المشاهد و قبور الشهداء ... 347

باب وداع قبر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 348

باب تحريم المدينة ... 349

باب معرّس النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) ... 350

باب مسجد غدیر خُمّ ... 351

باب ... 352

باب ما يقال عند قبر أمير المؤمنين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) و دعاء آخر ... 353

باب موضع رأس الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 354

باب زيارة قبر أبي عبد الله الحسين بن عليّ (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 355

باب القول عند قبر أبي الحسن موسى و أبي جعفر الثاني و ما یجزىء من القول عند كلّهم (عَلَیْهِم اَلسَّلاَمُ) ... 356

باب فضل الزّيارات و ثوابها ... 357

باب فضل زيارة أبي عبد الله الحسين (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 358

باب فضل زيارة أبي الحسن موسى (عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ) ... 359

باب زيارة أبي الحسن الرّضا ... 360

باب ... 361

باب النوادر ... 362

ص: 599

فُروعُ الكافي المجلد 5

هوية الکتاب

سرشناسه : کلیني، محمّد بن یعقوب، - 329ق.

عنوان قراردادی : الكافي

عنوان و نام پدیدآور : فُروعُ الكافي/ محمّد بن یعقوب الکلیني؛ ضبطه و صححه و علق علیه محمّدجعفر شمس الدین.

مشخصات نشر :بیروت : دارالتعارف للمطبوعات، 1411ق. = 1990م.= 1369.

مشخصات ظاهری : 5ج.

فروست : موسوعة الکتب الاربعه فی احادیث النبی (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و العتره؛1،2.

یادداشت : عربی.

یادداشت : کتاب حاضر در سالهای مختلف توسط ناشران مختلف منتشر شده است.

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : احادیث شیعه -- قرن 4ق.

شناسه افزوده : شمس الدین، محمّدجعفر

رده بندی کنگره : BP129/ک 8ک 22 1369

رده بندی دیویی : 297/212

شماره کتابشناسی ملی : م 81-8050

محرر الرقمي: السید محمد الرضوي

ص: 1

اشارة

ص: 2

مَوْسُوعَة الكتب الأربعة

في أحاديث النَّبي والعِتْرة "عليهم السلام"

- 5 -

فرُوعُ الكَافى

لِثقَةِ الاِسلَام

مُحمَّد بن يَعقوب الكُلينى

المتوفى سنة 329/328ه

الجزء الثالث

ضَبَطَه وَصَحَه وَخَرجَ أَحَادِيثه وَعَلَى عَليه

محمَّد جَعفر شَمس الدّين

دار التعافُ لِلمطبوعات

ص: 3

حُقُوق الطَبع مَحفُوظَة

1413ه - 1993م

مكتبة مؤمن قريش

لو وضع ايمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق

في الكفة الأخرى لرجح إيمانه

الإمام الصادق (عليه السلام)

moamenquraish.blogspot.com

دار التعارف للمطبوعات

-------------------

المكتب : شارع سوريا - بناية درويش - الطابق الثالث

الادارة والمعرض : حارة حريك - المنشية - شارع دكاش - بناية الحسنين .

تلفون : 837857 - 823685

صندوق البريد 8601 - 11 - 643 - 11

ص: 4

كتاب الجهاد

1 - باب فَضْل الجهاد

1 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن أبان (1). عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «الخير كلّه في السيف، وتحت ظلّ السيف ولا يقيم النّاسَ إلا السيفُ، والسيوفُ مقاليد الجنّة والنّار»(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «للجنّة باب يقال له : باب المجاهدين يمضون إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلّدون بسيوفهم، والجمع في الموقف(3)، والملائكة ترحّب بهم»، ثمّ قال: «فمن ترك الجهاد، ألبسه الله عزَّ وجلَّ ذلاً وفقراً في معيشته ، ومَحْقاً في دينه(4)، إِنَّ الله عزّ وجلَّ أغنى أُمِّتي بسنابك خيلها ومراكز رماحها»(5).

3 - وبإسناده قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «خيول الغزاة في الدُّنيا خيولهم في الجنّة، وإنّ أردية الغزاة لَسُيُوفُهُم»(6).

ص: 5


1- في سند التهذيب : عن أبان أبان . . .
2- التهذيب 6، 54 - باب فضل الجهاد وفروضه، ح6 . والحديث صحيح. وإنما تكون السيوف مقاليد الجنة : أي مفاتيحها، فيما إذا شهرت بأمر الله على يد رسوله أو وصي رسوله أو نائب الوصي الخاص أو العام، بعكس ما إذا يوم القيامة . لم تكن كذلك فإنها تكون مفاتيح النار.
3- أي الناس مجموعون للحساب بين يدي الله سبحانه یوم القیامه
4- المحق في كل شيء : المحو والإبطال
5- التهذيب ،6 نفس الباب ، ح 8 وفيه : أعزّ أمتي بدل : أغنى أمتي . وأخرجه عن محمد بن يحيى عن أبي جعفر عن أبيه عن وهب عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) . . . ، والحديث ضعيف على المشهور
6- الحديث ضعيف على المشهور

وقال النبيُّ (1)(صلی الله علیه و آله و سلّم) : «أخبرني جبرائيل (علیه السّلام) بأمر قرّت به عيني وفرح به قلبي قال: يا محمّد، من غزا من أمّتك في سبيل الله ، فأصابه قطرة من السّماء، أو صُداع، كتب الله عزَّ وجلَّ له شهادة .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن بعض أصحابه قال : كتب أبو جعفر (علیه السّلام) في رسالة إلى بعض خلفاءِ بني أميّة : ومن ذلك ما ضيع الجهاد الّذي فضّله الله عزّ وجلّ على الأعمال، وفضّل عامله على العمّال تفضيلاً في الدّرجات والمغفرة والرَّحمة، لأنّه ظهر به الدّين، وبه يدفع عن الدّين، و به اشترى الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنّة بيعاً مفلحاً منجحاً، اشترط عليهم فيه حفظ الحدود، وأوّل ذلك الدُّعاء إلى طاعة الله عزّ وجلّ من طاعة العباد، وإلى عبادة الله من عبادة العباد، وإلى ولاية الله من ولاية العباد ، فمن دعي إلى الجزية فأبى قُتِل وسُبي أهله، وليس الدُّعاء من طاعة عبد إلى طاعة عبد مثله، ومن أقرَّ بالجزية لم يُتَعَدَّ عليه ولم تُخفَر ذمّته (2)وكلّف دون طاقته، وكان الفيء (3)للمسلمين عامّة غير خاصّة، وإن كان قتال وسُبِي سِير في ذلك بسيرته(4)، وعمل في ذلك بسنّته من الدّين، ثمَّ كلّف (5)الأعمى والأعرج الّذين لا يجدون ما ينفقون على الجهاد بعد عذر الله عزّ وجلَّ إيّاهم، ويكلّف الّذين يطيقون ما لا يطيقون، وإنّما كانوا أهل مصر يقاتلون من يليه يعدل بينهم في البعوث ، فذهب ذلك كلّه، حتّى عاد النّاس رجلين : أجير مؤتجر(6)بعد الله بيع ومستأجر صاحبه غارم وبعد عذر الله(7)، وذهب الحجُّ (8)فضيّع، وافتقر النّاس، فمن أعوج

ص: 6


1- التهذيب 6 ، 54 - باب فضل الجهاد وفروضه، ح 1. بتفاوت وأخرجه عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن وهب عن جعفر عن أبيه (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ... هذا وسوف يذكره بتفاوت في ذيل الحديث رقم 8 من هذا الباب هنا في الفروع .
2- الخفر والإخفار : نقض العهد
3- الفيء : الخراج والغنيمة
4- الضمير يرجع إلى القتال والسبي. ويحتمل إرجاعه إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم)
5- هذا وما بعده بيان لتعدّي الناس لحدود ما رسم الله سبحانه في أمر الجهاد وإلزامهم به من أعفاه الله منه وإعفائهم منه من الزمه الله به.
6- أي يأخذ الأجرة على ما فرضه الله عليه وبعد أن باع نفسه الله بثمن هو الجنة، فاستبدل الذي هو أدنى وهو حطام الدنيا بالذي هو خير .
7- بنصب المصاحب بالمفعولية، أو بجره ،بالإضافة أي مستأجر يكلف الجهاد مع عجزه عنه لزمانة وعمى ونحوهما وقد عذره الله تعالى فيضطر إلى أن يستأجر غيره فيبعثه، وفي أكثر النسخ ؛ وبعد عذر الله، ولعل الواو زيدت من النسّاخ مرآة المجلسي 322/18
8- أي ذهب الحج وضيع بعد أن صرف الناس أموالهم فيما ذكر مما هو مخالف لما شرع الله بفعل تعدّي الظالمين وتشريعهم المحرّم وحينها لم يعودوا يملكون الاستطاعة إلى الحج.

ممّن عوج هذا، ومن أقوم ممّن أقام هذا، فردّ الجهاد على العباد، وزاد الجهاد على العباد، إنَّ ذلك خطأ عظيم(1).

5 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن الأصمّ، عن حيدرة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الجهاد أفضل الأشياءِ بعد الفرائض(2).

6 - أحمد بن محمّد بن سعيد، عن جعفر بن عبد الله العلويّ؛ وأحمد بن محمّد الكوفيّ عن عليّ بن العبّاس، عن إسماعيل بن إسحاق، جميعاً عن أبي رَوح فَرَج بن قرة(3)، عن مسعدة بن صدقة قال : حدَّثني ابن أبي ليلى، عن أبي عبد الرَّحمن السّلميّ قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : أمّا بعد فإنَّ الجهاد بابُ من أبواب الجنّة، فتحه الله لخاصّة أوليائه وسوَّغهم (4)كرامة منه لهم، ونعمة ذخرها، والجهاد هو لباس التّقوى(5)، ودرع الله الحصينة، وجُنَّتَهُ الوثيقة (6)، فمن تركه رغبةً عنه ألبسه الله ثوب الذُّلّ وشمله (7)البلاءَ وفَارَقَ الرّضا، ودُيّث (8)بالصّغار والقماءة(9)، وضرب على قلبه بالأسداد (10)، وأديل (11)الحقُّ منه بتضييع الجهاد وَسِيمَ الخسف، ومُنِعَ النّصف، ألا وإنّي قد دعوتكم إلى قتال هؤلاءِ القوم ليلاً ونهاراً وسرَّا وإعلاناً، وقلت لكم : اغزوهم قبل أن يغزوكم، فواللهِ ما غُزِيَ قومٌ قطّ في عُقر دارهم (12)إلّا ذلّوا، فتواكلتم وتخاذلتم حتّى شُنت عليكم الغارات، ومُلِكَت عليكم الأوطان، هذا أخو غامد(13)، قد وردت خيله الأنبار (14)وقَتَلَ حسّان بن حسّان البكري (15)وأزال خيلكم عن

ص: 7


1- الحديث مرسل.
2- التهذيب 6، 54 - باب فضل الجهاد وفروضه، ح 2 . والحديث ضعيف . والظاهر أن المقصود بالفرائض الصلوات الخمس المفروضات.
3- في سند التهذيب : عن أبي روح فَرَج بن أبي فروة ...
4- ساغ الشراب : إذا سهل مدخله في الحلق .
5- أي بالجهاد يتقي الإنسان من غلبة عدوه في الدنيا ومن عذاب النار في الآخرة .
6- الجنة : الستر.
7- في التهذيب : وشَمْلَة البلاء...، والشملة : كساء يتغطى به وما في الفروع هو ما في النهج
8- أي ذُلّل .
9- القماء والقماءة : الذل والصغار.
10- الأسداد : جمع سد.
11- الإدالة : النصر والغلبة. والمعنى: بتضييع الجهاد أصبح الحق مغلوباً لخصمه وهو الباطل.
12- عقر الدار وسطها وأصلها.
13- أخو غامد : هو سفيان بن عوف بن المغفل الغامدي. وغامد: قبيلة من اليمن.
14- الأنبار كورة في العراق.
15- كان عامله (عليه السلام) على الأنبار آنذاك.

مسالحها(1)، وقد بلغني أنَّ الرَّجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة (2)فينتزع حِجْلَها وقُلبها (3)وقلائدها ورِعائها (4)ما تمنع منه إلّا بالاسترجاع والاسترحام، ثمَّ انصرفوا وافرين، ما نال رجلاً منهم كَلم (5)ولا أريق له دمٌ ، فلو أنَّ امرءاً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً، بل كان عندي به جديراً فيا عجباً، عجباً والله يميث القلب، ويجلب الهمّ من اجتماع هؤلاءِ على باطلهم، وتفرُّقكم عن حقّكم، فقبحاً لكم وترحاً، حين صرتم غرضاً يُرمى، يُغار عليكم ولا تغيرون، وتُغْزَوْنَ ولا تَغْزُونَ، ويُعصى الله وترضون، فإذا أمرتكم، بالسيّر إليهم في أيّام الحرّ قلتم : هذه حمارَّة القيظ (6)، أمهلنا حتّى يسبّخ (7)عنّا الحرُّ، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاءِ قلتم : هذه صبارَّة القر(8)، أمهلنا حتّى ينسلخ (9)عنّا البرد، كلُّ هذا فراراً من الحرّ والقرّ، فإذا كنتم من الحرّ والقرّ تفرُّون، فأنتم والله من السّيف أفرّ.

يا أشباه الرّجال ولا رجال، حُلوم الأطفال وعقول ربّات الحجال (10)، لودِدْتُ أنّي لم أركم ولم أعرفكم، معرفة والله جرت نَدَماً وأعقبت ذمّاً، قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً، وجرَّعْتُمُونِي نُعْب التَّهمام (11)أنفاساً ، وأفسدتم عليَّ رأيي بالعصيان والخذلان، حتّى لقد قالت قريش : إنَّ ابن أبي طالب رجل شجاعٌ ولكن لا علم له بالحرب، الله أبوهم، وهل أحدٌ منهم أشدُّ لها مِراساً(12)، وأقدم فيها مقاماً منّي، لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، وها أنا قد ذرّفتُ (13)على الستّين، ولكن، لا رأي لمن لا يُطاع (14).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبي

ص: 8


1- جمع مسلحة، وهي الحدود التي يرتب فيها الجنود لدفع العدو كالثغر
2- ای الذمية الداخلة في عهد المسلمين وذمنهم.
3- القلب : سوار ،المرأة، وقيل: المصمت منه
4- أي قرطها، وهو ما تضعه المرأة في أذنها.
5- الكَلم: الجرح.
6- حمارة القيظ : شدّة الحر. والقيظ : الصيف
7- أي حتى يسكن ويخفّ
8- أي شدة البرد.
9- أي ينقضي
10- الحجال : جمع حَجَلَة؛ وهي بيت مزيّن بالثياب والستور للعروس. والمقصود تشبيه عقولهم في نقصها وقلة إدراكها بعقول النساء.
11- النغب: جمع نخبة، وهي كجرعة لفظاً ومعنى . والتهمام: الهمّ.
12- الممارسة والمراس: المزاولة والمعالجة.
13- اي زدت
14- التهذيب 6، 54 - باب فضل الجهاد وفروضه ، ح 11 وروي صدره بتفاوت.

حفص الكلبيّ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ بعث رسوله بالإسلام إلى النّاس عشر سنين، فأبَوا أن يقبلوا حتّى أمره بالقتال فالخير في السّيف وتحت السّيف، والأمر يعود

كما بدء(1).

8 - عدّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبي البختريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلیالله علیه و آله و سلّم): «إنَّ جبرئيل أخبرني بأمر قرَّت به عيني، وفرح به قلبي قال: يا محمّد، من غزا غَزَاةً في سبيل الله من أمّتك، فما أصابه قطرة من السّماءِ أو صُداع، إلّا كانت له شهادة يوم القيامة»(2).

9 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من بلّغ رسالة غازٍ، كان كمن أعتق رقبة، وهو شريكه في ثواب غزوته»(3).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من اغتاب مؤمناً غازياً أو آذاه، أو خلّفه في أهله بسوء، نصب له يوم القيامة فيستغرق حسناته، ثمَّ يركس (4)في النّار، إذا كان الغازي في طاعة الله عزّ وجلَّ».

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب رفعه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : إنَّ الله عزَّ وجلَّ فرض الجهاد وعظّمه، وجعله نصره وناصره. والله ما صلحت دُنيا ولا دين إلّا به.

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «اغزوا تورّثوا أبناءكم مجداً»(5).

13 - وبهذا الإسناد أنّ أبا دجانة الأنصاريّ اعتمّ يوم أحُد بعمامة له، وأرخى عَذَبَةَ (6)العمامة بین كتفيه حتّى جعل يتبختر، فقال رسول الله العمامة (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إِنَّ هذه لمِشْيَةٌ يُبغضها الله عزّ وجلَّ إلّا عند القتال عند القتال في سبيل الله»(7).

ص: 9


1- أي يعود في زمن الحجّة عجل الله فرجه بالسيف كما بدأ في زمن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بعد أن يدعوهم إلى الحق فلا يقبلون. والحديث صحيح
2- مر بتفاوت مرسلا في ذيل الحديث رقم 3 من هذا الباب
3- الحديث ضعيف. وأخرجه في التهذيب مرسلا برقم 9 من الباب 54 من الجزء السادس.
4- أركسه: ردّه
5- الحديث ضعيف
6- العَذَب : - كما في القاموس - طرف كل شيء.
7- الحديث ضعيف والتبختر مشية الفخور المختال

14 - عليُّ، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «جاهدوا تغنموا»(1).

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال، عن ثعلبة، عن معمر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : الخير كلّه في السّيف وتحت السّيف وفي ظلّ السيف ؛ قال : وسمعته يقول : إنَّ الخير كلَّ الخير معقود في نواصي الخيل إلى القيامة(2).

2 - باب جهاد الرجل والمرأة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) كتب الله الجهاد على الرّجال والنّساء، فجهاد الرّجل بَذْلُ ماله ونَفْسِهِ حتّى يُقتل في سبيل الله ، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته(3).

وفي حديث آخر جهاد المرأة حسن التبعّل(4).

3 - اب وجوه الجهاد

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ وعليُّ بن محمّد القاسانيّ، جميعاً عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقريّ، عن فضيل بن عياض (5)قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الجهاد، سنّة أم فريضة؟ فقال : الجهاد على أربعة أوجه : فجهادان فرض وجهاد سنّة لا يقام الّا مع الفرض، وجهاد سنّة، فأمّا أحد الفرضين فمجاهدة الرَّجل نفسه عن معاصي الله عزّ وجلّ، وهو من أعظم الجهاد (6). ومجاهدة الّذين يلونكم من الكفّار فرض. وأمّا الجهاد الّذي

ص: 10


1- الحديث ضعيف على المشهور
2- الحديث صحيح. والنواصي : جمع : الناصية : وهو ما يبرز من الشعر في مقدم الرأس، يكون حذاء الجبهة
3- التهذيب 6 ، 57 - باب من يجب عليه الجهاد ، ح .. الفقيه 3 ، 130 - باب حق الزوج على المرأة ، ح 4 بتفاوت وأخرجه عن محمد بن الفضيل عن شريس الوابشي عن أبي جعفر (علیه السّلام) ، وشريس الوابشي هذا هو أبو عمارة الكوفي العبدي من أصحاب الصادق (علیه السّلام)، وروى عنه وعن الباقر (علیه السّلام) كما في رجال الشيخ : (22)
4- حسن التبعّل : أي تأدية حقوق بعلها - أي زوجها - فيما جعل الله له من حقوق عليها على أتم ما يكون
5- في التهذيب : عن حفص بن غياث
6- ولذا سمّاه رسول الله (صلی الله عليه وآله) بالجهاد الأكبر

هو سنّة لا يقام إلّا مع فرض، فإنَّ مجاهدة العدوّ فرض على جميع الأمّة، ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب، وهذا هو من عذاب الأمّة، وهو سنّة على الإمام وحده أن يأتي العدوَّ مع الأمّة فيجاهدهم. وأمّا الجهاد الّذي هو سنّة، فكلُّ سنّة أقامها الرّجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسّعي فيها من أفضل الأعمال، لأنّها إحياء سنّة، وقد قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): «من سنَّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ»(1).

2 - وبإسناده عن المنقريّ، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سأل رجلُ أبي صلوات الله عليه عن حروب أمير المؤمنين (علیه السّلام) - وكان السّائل من محبّينا - فقال له أبو جعفر (علیه السّلام) : بعث الله محمّداً (صلی الله علیه و آله و سلّم) بخمسة أسياف؛ ثلاثة منها شاهرة فلا تُغمَد حتّى تضع الحرب أوزارها، ولن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشّمس من مغربها(2). فإذا طلعت الشّمس من مغربها آمن الناس كلّهم في ذلك اليوم، فيومئذ «لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا»(3)، وسيف منها مكفوفٌ، وسيفٌ منها مغمود، سلُّه إلى غيرنا وحُكْمُهُ ألينا .

وأمّا السّيوف الثلاثة الشاهرة:

فسيف على مشركي العرب قال الله عزّ وجلّ : «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ»(4) «فإخوانكم في الدّين» (5)، فهؤلاء لا يقبل منهم إلّا القتل أو الدُّخول في الإسلام، وأموالهم وذراريهم سبي على ما سنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فإنّه سبى وعفى وقبل الفداء.

والسّيف الثّاني : على أهل الذمّة، قال الله تعالى : «وقولوا للناس حُسناً» نزلت هذه

ص: 11


1- التهذيب 6 ، 55 - باب أقسام الجهاد، ح .. ويحتمل أن يكون المراد بالجهاد الذي هو سنة بشقيه، مجاهدة العدو إذا كان مما يؤمن ضرره فإن كان هذا العدو مما لا يؤمن ضرره فهو واجب على الإمام وفرض عليه، أما إذا كان مما يؤمن ضرره فليس بفرض على الإمام أن يقوم به، وإنما هو سنة بالنسبة إليه، فإذا اختاره وقام به أصبح واجباً على الأمة حينئذ، فاختيار الإمام للجهاد سنة وبعد اختياره يصير واجباً على الأمة وهو حينئذ سنة لا يقام إلا مع الفرض.
2- طلوع الشمس من المغرب من علامات قيام قائم آل محمد (صلی الله عليه وآله) عجّل الله فَرَجه
3- الأنعام / 158
4- التوبة 5. وتتمة الآية : «فَخَلُوا سبيلهم إن الله غفور رحيم». والآية 11 ونصّها : «فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون»
5- التوبة 5. وتتمة الآية : «فَخَلُوا سبيلهم إن الله غفور رحيم». والآية 11 ونصّها : «فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون»

الآية في أهل الذمة ثمّ نسخها قوله عزّ وجلَّ: «قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ»(1)، فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منهم إلّا الجزية أو القتل، وَمَالُهُم فىءِ، وذراريهم سَبي، وإذا قبلّوا الجزية على أنفسهم حَرُمَ علينا سَبْيُهُم وحَرُمَت، أموالهم، وحلّت لنا مناكحهتم، ومن كان منهم في دار الحرب، حلّ لناسبيهم وأموالهم، ولم تحلّ لنا مناكحتهم، ولم يقبل منهم إلّا الدُّخول في دار الإسلام، أو الجزية، أو القتل. والسّيف الثالث : سيفٌ على مشركي العجم - يعني التّرك والدَّيلَم والخزر -، قال الله عز وجلَّ في أول السورة الّتي يذكر فيها «الّذين كفروا» فقص قصتهم ثم قال : «فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا»(2)فأمّا قوله : «فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ» يعني بعد السّبي منهم، « وَإِمَّا فِدَاءً» يعني المفاداة بينهم وبين أهل الإسلام، فهؤلاء لن يقبل منهم إلّا القتل أو الدُّخول في الإسلام، ولا يحلُّ لنا مناكحتهم ما داموا في دار الحرب.

وأمّا السّيف المكفوف: فسيفٌ على أهل البغي والتّأويل، قال الله عزّ وجلَّ: «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ»(3)، فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إنَّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل»، فسئل النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم): من هو؟ فقال : خاصف النّعل يعني أمير المؤمنين (علیه السّلام)، فقال عمّار بن ياسر : قاتلت بهذه الرَّاية مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ثلاثاً وهذه الرَّابعة، والله لو ضربونا حتّى يبلغوا بنا السّعفات من هَجَر (4)لعلمنا أنّا على الحقِّ وأنّهم على الباطل. وكانت السّيرة فيهم من أمير المؤمنين (علیه السّلام) ما كان من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في أهل مكّة يوم فتح مكّة، فإنّه لم يَسْبِ لهم ذرّيّة، وقال : من أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمِن، وكذلك قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوم البصرة، نادى فيهم : لا تَسْبُوا لهم ذرّيّة، ولا تُجهزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبراً، ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن.

وأمّا السّيف المغمود: فالسّيف الّذي يقوم به القصاص قال الله عزّ وجلَّ: «النفس

ص: 12


1- التوبة / 29.
2- محمد / 4.
3- الحجرات/ 9. والآية نص في وجوب قتال أهل البغي ودليل عليه
4- هَجَر بلدة باليمن وقيل : هي مدينة البحرين، ويحتمل أنه خصها بالذكر لبعدها أو لكثرة النخل فيها.

«بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ»(1)، فسلّه إلى أولياء المقتول وحكمه إلينا.

فهذه السّيوف الّتي بعث الله بها محمّداً (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فمن جحدها، أو جحد واحداً منها، أو شيئاً من سيرها وأحكامها، فقد كفر بما أنزل الله على محمّد (صلی الله علیه و آله و سلّم)(2).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، أنَّ النّبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) بعث بسريّة، فلمّا رجعوا قال : مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي الجهاد الأكبر، قيل : يا رسول الله، وما الجهاد الأكبر؟ قال : جهاد النفس (3).

4 - باب من يجب عليه الجهاد ومن

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزّبيريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : أخبرني عن الدُّعاءِ إلى الله والجهاد في سبيله، أهو لقوم لا يحلُّ إلّا لهم، ولا يقوم به إلّا من كان منهم، أم هو مباحٌ لكلّ من وحّد الله عزَّ وجلَّ، وآمن برسوله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله عز وجلَّ وإلى طاعته، وأن يجاهد في سبيله؟ فقال : ذلك لقوم، لا يحلُّ إلّا لهم، ولا يقوم بذلك إلّا من كان منهم ، قلت : مَن أولئك؟ قال : من قام بشرائط الله عزَّ وجلَّ في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدُّعاءِ إلى الله عزَّ وجلَّ ومن لم يكن قائماً بشرائط الله عزَّ وجلّ في الجهاد على المجاهدين، فليس بمأذون له في الجهاد، ولا الدُّعاءِ إلى الله حتّى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرط الجهاد. قلت: فَبيِّن لي يرحمك الله، قال : إنَّ الله تبارك وتعالى أخبرٍ [نبيّه] في الدُّعاء إليه، ووصف الدُّعاة إليه فجعل ذلك لهم درجات(4) يعرّف بعضها بعضاً، ويستدلُّ ببعضها على بعض، فأخبر أنّه تبارك وتعالى أوَّل من دعا إلى نفسه، ودعا إلى طاعته واتّباع أمره، فبدأ بنفسه فقال: «وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)»(5)، ثم ثنى برسوله

ص: 13


1- المائدة/ 45
2- التهذيب 6 ، 59 - باب أصناف من يجب جهاده ، ح 1 بتفاوت . وأورده أيضاً برقم 1 من الباب 31 من الجزء 4 من التهذيب فراجع .
3- الحديث ضعيف على المشهور والسرية - كما في نهاية ابن الأثير 363/2 - : طائفة من الجيش.
4- أشار بذلك إلى ابتدائه تعالى بنفسه ثم برسوله ثم بكتابه، فيظهر من هذا التدريج أنه يلزم أن يكون الداعي بعدهم مثلهم ودعوتهم موافقة لدعوتهم ويكون عالماً بما دعوا إليه فلذا قال يعرف بعضها بعضاً مرآة المجلسي 337/18 .
5- يونس / 25

فقال : «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»(1)، يعني بالقرآن ولم يكن داعياً إلى الله عزَّ وجلَّ من خالف أمر الله، ويدعو إليه بغير ما أمر [به] في كتابه، والّذي أمر أن لا يدعى إلّا به .

وقال في نبيّه (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (2)يقول : تدعو؛ ثمَّ ثلّث بالدُّعاءِ إليه بكتابه أيضاً فقال تبارك وتعالى : «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ»(3)، ثمَّ ذكر من أذن له في الدُّعاءِ إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال : «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»(4).

ثمَّ أخبر عن هذه الأمّة وممّن هي، وأنّها من ذرّيّة إبراهيم، ومن ذرّيّة إسماعيل من سكّان الحرم، ممّن لم يعبدوا غير الله قطّ، الّذين وجبت لهم الدَّعوة، دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الّذين أخبر عنهم في كتابه أنّه أذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً، الّذين وصفناهم قبل هذا في صفة أمّة إبراهيم (علیه السّلام)(5)الّذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله: «أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي»(6)، يعني أوّل من اتّبعه على الإيمان به، والتّصديق له بما جاء به من عند الله عزَّ وجلَّ، من الأمّة التي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق، ممّن لم يشرك بالله قطّ ولم يلبس إيمانه بظلم، وهو الشّرك.

ثمَّ ذكر أتباع نبيّه (صلی الله علیه و آله و سلّم) وأتباع هذه الأمّة الّتي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وجعلها داعية إليه وأذِن لها في الدُّعاء إليه فقال : «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»(7)

ثمَّ وصف أتباع نبيّه (صلی الله علیه و آله و سلّم) من المؤمنين فقال عزَّ وجلَّ: «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي

ص: 14


1- النحل/ 125
2- الشورى/ 52
3- سورة الإسراء / 9
4- آل عمران/ 104
5- في التهذيب : أمة محمد (صلی الله علیه و آله و سلّم)
6- يوسف / 108
7- الأنفال/ 64

وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ»(1)، وقال: «يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ»(2)، يعني أولئك المؤمنين ؛ وقال : «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ»(3)، ثمَّ حلّاهم ووصفهم، كيلا يطمع في اللّحاق بهم إلّا من كان منهم : فقال فيما حلّاهم به ووصفهم «الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * «وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ»- إلى قوله - : «أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * «الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»(4)، وقال في صفتهم وحليتهم أيضاً : «وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا»(5).

ثمَّ أخبر أنّه اشترى من هؤلاء المؤمنين ومن كان على مثل صفتهم «أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ»(6)ثمَّ ذكرنا وفاءهم له بعهده ومبايعته فقال :«وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»، فلما نزلت هذه الآية : «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ»(7) قام رجلٌ إلى النبيّ فقال : يا نبيَّ الله، أرأيتك الرَّجل يأخذ سيفه فيقاتل حتّى يُقتل، إلّا أنّه يقترف من هذه المحارم أشهيدً هو؟ فأنزل الله عزّ وجلَّ على رسوله «التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ»(8)ففسّر النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) المجاهدين من المؤمنين الّذين هذه صفتهم وحليتهم بالشّهادة والجنّة، وقال: التّائبون الذُّنوب العابدون الّذين لا يعبدون إلّا الله ولا يشركون به شيئاً، الحامدون الّذين يحمدون الله على كلّ حال في الشدّة والرَّخاءِ السّائحون وهم الصّائمون الرَّاكعون السّاجدون الّذين يواظبون على الصّلوات الخمس والحافظون لها والمحافظون عليها بركوعها وسجودها، وفي الخشوع فيها، وفي أوقاتها، الأمرون بالمعروف بعد ذلك، والعاملون به، والنّاهون عن المنكر، والمنتهون عنه ، قال : فبشّر من قُتِلَ وهو قائمٌ بهذه الشروط بالشّهادة والجنّة.

ص: 15


1- الفتح / 29
2- التحريم / 8.
3- المؤمنون/ 1 إلى 11
4- المؤمنون/ 1 إلى 11
5- الفرقان / 68 و 69 .
6- التوبة/ 111 .
7- التوبة/ 112
8- التوبة/ 111 .

ثمَّ أخبر تبارك وتعالى أنّه لم يأمر بالقتال إلّا أصحاب هذه الشّروط، فقال عز وجل(1): «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ».

وذلك أنَّ جميع ما بين السماء والأرض الله عزّ وجلَّ ولرسوله ولأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة، فما كان من الدُّنيا في أيدي المشركين والكفّار والظلمة والفجّار، من أهل الخلاف لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) والمولّي عن طاعتهما ممّا كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات، وغلبوهم عليه، ممّا أفاء الله على رسوله فهو حقّهم أفاء الله عليهم، وردَّه، إليهم، وإنّما معنى الفيءِ : كلُّ ما صار إلى المشركين ثمَّ رجع ممّا كان قد غلب عليه أو فيه . فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عزَّ وجل : «لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»(2)أي رجعوا، ثمَّ قال: «وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»(3).

وقال: «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ (أي ترجع) فَإِنْ فَاءَتْ (أي رجعت) فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»(4)يعني بقوله : «تفيء» ترجع، فذلك الدَّليل على أنَّ الفيىء : كلُّ راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه. ويقال للشمس إذا زالت: قد فاءت الشمس، حين يفييء الفييء عند رجوع الشمس إلى زوالها، وكذلك ما أفاء الله على الكفّار، فإنّما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفّار إيّاهم، فذلك قوله : «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا»، ما كان المؤمنون أحقَّ به منهم، وإنّما أذن للمؤمنين الّذين قاموا بشرائط الإيمان الّتي وصفناها، وذلك أنّه لا يكون مأذوناً له في القتال حتّى يكون مظلوماً، ولا يكون مظلوماً حتّى يكون مؤمناً، ولا يكون مؤمناً حتّى يكون قائماً بشرائط الإيمان الّتي اشترط الله عزَّ وجلَّ على المؤمنين والمجاهدين، فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزَّ وجلَّ كان مؤمناً، وإذا كان مؤمناً كان مظلوماً ، وإذا كان مظلوماً كان مأذوناً له في الجهاد لقوله عزّ وجلَّ «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير»، وإن لم يكن مستكملاً لشرائط الإيمان، فهو ظالم، ممّن يبغي ويجب جهاده حتّى يتوب، وليس مثله مأذوناً له في الجهاد والدُّعاءِ إلى الله عزّ وجلَّ، لأنّه ليس من المؤمنين المظلومين الّذين أذن لهم في القرآن في

ص: 16


1- الحج / 39 و 40
2- البقرة/ 226 - 227. يُؤلونَ : أي يُقسمون الأليَّة : اليمين
3- البقرة/ 226 - 227. يُؤلونَ : أي يُقسمون الأليَّة : اليمين
4- الحجرات 9

القتال، فلمّا نزلت هذه الآية :«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا» في المهاجرين الّذين أخرجهم أهل مكّة من ديارهم وأموالهم، أحلَّ لهم جهادهم بظلمهم إيّاهم، وأذن لهم في

القتال.

فقلت: فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكّة لهم، فما بالهم في قتالهم کسرى وقيصر ومَن دونهم من مشركي قبائل العرب؟ فقال : لو كان إنّما أذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكّة فقط، لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى وقيصر وغير أهل مكّة من قبائل العرب سبيل، لأنَّ الّذين ظلموهم غيرهم، وإنّما أذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكّة، لإخراجهم إيّاهم من ديارهم وأموالهم بغير حقّ، ولو كانت الآية إنّما عنت المهاجرين الّذين ظلمهم أهل مكّة، كانت الآية مرتفعة الفرض عمّن بعدهم إذ[ا] لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد، وكان فرضها مرفوعاً عن الناس بعدهم [إذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد]، وليس كما ظننتَ ولا كما ذكرت ولكن المهاجرين ظلموا من جهتين : ظلمهم أهل مكّة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم، فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك، وظلمهم كسرى وقيصر ومَن كان دونهم من قبائل العرب والعجم، بما كان في أيديهم ممّا كان المؤمنون أحقَّ به منهم، فقد قاتلوهم بإذن الله عزّ وجلَّ لهم في ذلك، وبحجّة هذه الآية يقاتل مؤمنوا كلّ زمان.

وإنّما أذن الله عزَّ وجلَّ للمؤمنين الّذين قاموا بما وَصَفَ الله عزَّ وجلَّ من الشرائط الّتي شرطها الله على المؤمنين في الإيمان والجهاد، ومن كان قائماً بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى، ومن كان على خلاف ذلك، فهو ظالم وليس من المظلومين، وليس بمأذون له في القتال، ولا بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف، لأنّه ليس من أهل ذلك، ولا مأذون له في الدعاء إلى الله عزّ وجلَّ، لأنّه ليس يجاهد مثله وأمِرَ بدعائه إلى الله ولا يكون مجاهداً من قد أمر المؤمنون بجهاده وحظر الجهاد عليه ومنعه منه، ولا يكون داعياً إلى الله عزّ وجلَّ من أمر بدعاء مثله إلى التوبة والحقّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به، ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه، فمن كانت قد تمت فيه شرائط الله عزّ وجلَّ التي وصف بها أهلها من أصحاب النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم)

، وهو مظلوم، فهو مأذون له في الجهاد، كما أذن لهم في الجهاد، لأنَّ حكم الله عزَّ وجلَّ في الأوّلين والآخرين وفرائضه عليهم سواء، إلّا من علّة أو حادث يكون، والأوّلون والآخرون أيضاً في منع الحوادث شركاء، والفرائض عليهم واحدة، يُسأل الآخرون عن أداء الفرائض عمّا يُسأل عنه الأوّلون، ويحاسبون عمّا به يحاسبون، ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين، فليس من أهل الجهاد وليس بمأذون له فيه حتّى يفييء بما شرط الله عزّ وجلّ عليه، فإذا

ص: 17

تكاملت فيه شرائط الله عزَّ وجلَّ على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد، فليتّق الله عزّ وجلَّ عبد ولا يغترّ بالأمانيّ الّتي نهى الله عزَّ وجلَّ عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله، الّتي يكذّبها القرآن، ويتبرَّأ منها ومن حَمَلَتِها ورواتها ولا يقدم على الله عزَّ وجلَّ بشبهة لا يُعْذَر بها فإنّه ليس وراء المتعرّض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها، وهي غاية الأعمال في عِظَم قدرها، فليحكم امرءُ لنفسه، وليُرِهَا كتاب الله عزَّ وجلَّ ويعرضها عليه، فإنّه لا أحد أعرف بالمرءِ من نفسه، فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد، فليُقدِم على الجهاد، وإن علم تقصيراً فليصلحها وليُقِمها على ما فرض الله عليها من الجهاد، ثمَّ ليقدم بها وهي طاهرة مطهرة من كلّ دَنَس يحول بينها وبين جهادها، ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عزّ وجلَّ على المؤمنين والمجاهدين: لا تجاهدوا، ولكن نقول : قد علّمناكم ما شرط الله عزَّ وجلَّ على أهل الجهاد الّذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان، فليصلح أمروٌ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك، وليعرضها على شرائط الله، فإن رأى أنّه قد وفى بها وتكاملت فيه، فإنّه ممّن أذن الله عزَّ وجلَّ له في الجهاد، فإن أبى أن لا يكون مجاهداً على ما فيه من الإصرار على المعاصي والمحارم، والإقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى، والقدوم على الله عزَّ وجلَّ بالجهل والروايات الكاذبة، فلقد لَعَمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل: «أَنَّ الله عزّ وجل ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاقَ لهم»، فليتّق الله عزَّ وجلَّ أمرؤٌ، وليحذر أن يكون منهم، فقد بيّن لكم، ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل، ولا قوَّة إلّا بالله، وحَسْبُنا الله عليه توكّلنا وإليه المصير(1).

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن مسكين، عن عبدالملک بن عمرو قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا عبد الملك، مالي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع الّتي يخرج إليها أهل بلادك؟ قال: قلت وأين؟ فقال: جدَّة وعبّادان والمِصَيْصَة (2)وقزوين ، فقلت : انتظاراً لأمركم والاقتداء بكم؛ فقال : أي والله ؛ «لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ»(3)؟ قال : قلت له : فإنَّ الزَّيدية يقولون : ليس بيننا وبين جعفر خلاف، إلّا أنّه لا برى الجهاد؟ فقال: أنا لا أراه؟ بلى والله إنّي لأرَاه، ولكن أكره أن أدع عِلْمي إلى جهلهم(4).

ص: 18


1- التهذيب 6 ، 57 - باب من يجب عليه الجهاد، ح 3 بتفاوت
2- المِصَّيْصَة : ثغر من ثغور الشام، ومنهم من ذهب إلى فتح أوله لا كسره . ومنهم من ذهب إلى تخفيف الصاد الأول منه كالثاني .
3- الأحقاف / 11
4- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 2 . والحديث مجهول قوله :(علیه السلام): علمي إلى جهلهم : أي علمي بشرائط الجهاد وجهلهم بهذه الشرائط .

5 - باب الغزو مع الناس إذا خِيفَ على الإسلام

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبي - عمرة السلميّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سأله رجلٌ فقال : إنّي كنت أكْثِرُ الغزو وابْعُدُ في طلب الأجر، وأطيل الغيبة، فحجر ذلك عليَّ، فقالوا: لا غزو إلّا مع إمام عادل، فما ترى أصلحك الله ؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إن شئت أن أجمِل لك أجملتُ، وإن شئتَ أن الخَص لك لخّصت(1)؟ فقال : بل أجْمِل ، قال : إنَّ الله عزَّ وجلَّ يحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة، قال: فكأنّه اشتهى أن يلخّص له قال : فلخِّص لي أصلحك الله، فقال: هات، فقال الرجل : غزوتُ فواقعتُ المشركين، فينبغي قتالهم قبل أن أدعوهم؟ فقال : إن كانوا غزوا وقوتلوا وقاتلوا فإنّك تجترىء(2)بذلك، وإن كانوا قوماً لم يغزوا ولم يقاتلوا فلا يسعك قتالهم حتّى تدعوهم، قال الرَّجل : فدعوتهم فأجابني مجيبٌ وأقرَّ بالإسلام في قلبه ، وكان في الإسلام، فجير عليه (3)في الحكم، وانتُهكت حرمته، وأخذ ماله، واعتدي عليه، فكيف بالمخرج وأنا دعوته؟ فقال : إنّكما مأجوران على ما كان من ذلك، وهو معك يحوطك من وراء حرمتك، ويمنع قِبلَتَک، ويدفع عن كتابك، ويحقن دمك خير من أن يكون عليك، يهدم قبلتك، وينتهك حرمتك، ويسفك دمك، ويُحرق كتابك(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) قال : قلت له(5): جُعِلْتُ فداك إنّ رجلاً من مواليك بلغه أنَّ رجلاً يعطي السيف والفرس في سبيل الله، فأتاه فأخذهما وهو جاهلٌ بوجه السّبيل، ثمَّ لقيه أصحابه فأخبروه أنَّ السبيل مع هؤلاءِ لا يجوز، وأمره بردّهما ؟ فقال : فليفعل قال : قد طلب الرجل فلم يجده وقيل له: قد شَخَص (6)الرَّجل؟ قال : فليرابط ولا يقاتل. قال : ففي مثل قزوين والدّيلم وعسقلان(7)وما أشبه هذه الثغور؟ فقال: نعم، فقال له : يجاهد(8)؟ قال: لا، إلّا أن يخاف على ذراري

ص: 19


1- التلخيص التبيان والشرح والمقصود هنا الإسهاب والتطويل
2- في التهذيب تجتزىء ... ، - والظاهر أنه الصحيح
3- أي كان في دار الإسلام فجار عليه حكامها الظلمة في الحكم.
4- التهذيب 6 ، 58 - باب من يجب معه الجهاد، ح 4 بتفاوت . والحديث مجهول.
5- في التهذيب : .. عن يونس قال: سأل أبا الحسن الرضا (علیه السلام) رجل - وأنا حاضر - فقال : جُعِلت ... الخ .
6- أي سافر وارتحل .
7- عسقلان - كما في مراصد الاطلاع - مدينة بالشام من أعمال فلسطين على ساحل البحر.
8- أي يبتدىء بالجهاد من غير أن يهجموا عليهم مرآة المجلسي 346/18

المسلمين [فقال] أرأيتَكَ لو أنَّ الروم دخلوا على المسلمين لم ينبع لهم أن يمنعوهم(1)؟! قال: يرابط ولا يقاتل، وإن خاف على بيضة الإسلام والمسلمين ،قاتل، فيكون قتاله لنفسه وليسر. للسلطان ؛ قال : قلت : فإن جاء العدوُّ إلى الموضع الّذي هو فيه مرابط، كيف يصنع؟ قال : يقاتل عن بيضة الإسلام لا عن هؤلاءِ، لأنَّ في دروس (2)الإسلام دروسَ دین محمّد (صلی الله علیه و آله و سلّم)(3).

عليٌّ، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن الرضا (علیه السّلام) نحوه(4)

6 - باب الجهاد الواجب مع من يكون

الله

1 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لقي عباد البصري عليَّ بن الحسين صلوات الله عليهما في طريق مكّة، فقال له : يا عليَّ بن الحسين، تركت الجهاد وصعوبته، وأقبلت على الحجّ وَلينَتَه، إنَّ الله عزّ وجلَّ يقول : «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» (5)فقال له عليٌّ بن الحسين (علیه السّلام) : أتمّ الآية، فقال: «التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ»(6)، فقال عليٌّ بن الحسين (علیه السّلام) : إذا رأينا هؤلاءِ الّذين هذه صفتهم، فالجهاد معهم أفضل من أفضل من الحجّ(7).

ص: 20


1- الاستفهام إنكاري .
2- الدروس والاندراس الإمحاء ، يقال : درس الرسم: امحى وعفى
3- التهذيب ،6 56 - باب المرابطة في سبيل الله عزّ وجل، ح 2 بتفاوت يسير وفي ذيله : محمد (صلی الله علیه و آله و سلّم) والحديث صحيح .
4- هذا السند مجهول
5- التوبة/ 111 و 112
6- التوبة/ 111 و 112
7- التهذيب 6 ، 58 - باب من يجب معه الجهاد، ح 1 بتفاوت وأخرجه عن محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب عن أبي طاهر الوراق عن ربيع بن سليمان الخزاز عن رجل عن أبي حمزة الثمالي قال : قال رجل لعلي بن الحسين (علیه السّلام) ... الخ . الفقيه 2 ، 62 - باب فضائل الحج ، ح 62 بتفاوت وأخرجه مرسلاً، قوله (علیه السّلام) : إذا ظهر هؤلاء ... : أي الحافظون الحدود الله ، وقد دل الحديث على أن فرض الجهاد يسقط مع عدم وجود الناصر بشروطه كما حصل للنبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) بمكة في بداية الإسلام ولأمير المؤمنين (علیه السّلام) بعد ذلك، وبعده لباقي المعصومين سلام الله عليهم أجمعين

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن عبد الله ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن العبّاس بن معروف عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن المغيرة قال : قال محمّد بن عبد الله للرضا صلوات الله عليه - وأنا أسمع - : حدّثني أبي عن أهل بيته عن آبائه (علیه السّلام) أنّه قال لبعضهم : إِنَّ في بلادنا موضع رباط يقال له : قزوين، وعدوّاً يقال له: الدّيلم، فهل من جهاد أو هل من رباط(1) فقال: عليكم بهذا البيت فحجّوه، فأعاد عليه الحديث، فقال : عليكم بهذا البيت فحجّوه، أمّا يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله من طَولِه ينتظر أمرنا، فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بدراً، وإن مات منتظراً لأمرنا، كان كمن كان مع قائمنا (علیه السّلام) هكذا في فسطاطه وجمع بين السبّابتين - ولا أقول: هكذا - وجمع بين السبّابة والوسطى، فإنّ هذه أطول من

- هذه، فقال أبو الحسن (علیه السّلام): صَدَقَ .

3- محمّد بن الحسن الطاطريّ، عمن ذكره، عن عليّ بن النعمان، عن سويد القلانسيّ، عن بشير الدَّهّان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قلت له : إنّي رأيت في المنام أنّي قلت لك : إنَّ القتال مع غير الإمام المفروض طاعته حرام مثل الميتة والدَّم ولحم الخنزير، فقلت لي : هو كذلك؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : هو كذلك، هو كذلك(2).

7 - باب دخول عمرو بن عُبيد والمعتزلة على أبي عبد الله (علیه السّلام)

1 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن عبد الكريم بن عتبة الهاشميّ قال : كنت قاعداً عند أبي عبد الله (علیه السّلام) بمكّة، إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عُبَيد، وواصل بن عطاء، وحفص بن سالم مولى ابن هبيرة (3)وناس من رؤسائهم وذلك حِدثان قتل الوليد(4)، واختلاف أهل الشام بينهم فتكلّموا وأكثروا وخطبوا (5)فأطالوا، فقال لهم أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنّكم قد أكثرتم عليّ، فأسندوا أمركم إلى رجل

ص: 21


1- الرباط والمرابطة : ربط الفارس دابته في ثغر من الثغور الإسلامية للدفاع عن حدود دولة الإسلام ضد أعداء الله
2- التهذيب ،6 58 - باب من يجب معه الجهاد، ح 2 وأخرجه عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين عن علي بن النعمان عن سويد القلا عن بشير عن أبي عبد الله (علیه السلام)، بتفاوت يسير جدا، والحديث مجهول مرسل.
3- في التهذيب : مولى ابن أبي هبيرة
4- أي على إثر قتل الوليد بن عبد الملك أحد ملوك بني أمية. وحدثان الأمر : بداياته وأوائله .
5- في التهذيب وخبطوا أي خلطوا في حديثهم واضطربوا .

منكم وليتكلّم بحججكم ويوجز، فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عُبَيد؛ فتكلّم فأبلغ وأطال، فكان فيما قال أن قال : قد قتل أهل الشام خليفتهم، وضرب الله عزّ وجل بعضهم ببعض، وشتّت الله أمرهم، فنظرنا فوجدنا رجلاً له دين وعقل ومروَّة وموضع ومعدن للخلافة، وهو محمّد بن عبد بن الحسن، فأردنا أن نجتمع عليه فنبايعه ثمَّ نظهر معه، فمن كان بايعنا هو منّا وكنّا منه، ومن اعتزلنا كففنا عنه، ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه وردّه إلى الحقّ وأهله، وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فتدخل معنا، فإنّه لا غنى بنا عن مثلك لموضعك وكثرة شيعتك، فلمّا فرغ قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : أكلّكم على مثل ما قال عمرو؟ قالوا: نعم، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) ثمَّ قال : إنّما نَسْخَطُ إذا عُصي الله، فأمّا إذا أطيع رضينا، أخبرني يا عمرو؛ لو أنَّ الأمّة قلّدتك أمرها وولّتك بغير قتال ولا مؤونة وقيل لك : ولها من شئت، من كنت تولّيها؟ قال : كنت أجعلها شوری بین المسلمين، قال بين المسلمين كلّهم؟ قال: نعم، قال : بين فقهائهم وخيارهم؟ قال : نعم ، قال : قريش وغيرهم؟ قال : نعم ، قال : والعرب والعجم؟ قال : نعم قال: أخبرني يا عمرو أتتولّى أبا بكر وعمر أو تتبرَّء منهما؟ قال: أتولّاهما، فقال : فقد خالفتهما، ما تقولون أنتم، تتولّونهما أو تتبرَّأون منهما ، قالوا : نتولّاهما .

قال يا عمرو، إن كنت رجلاً تتبرَّءُ منهما، فإنّه يجوز لك الخلاف عليهما، وإن كنت تتولّاهما، فقد خالفتهما، قد عهد عمر إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور فيه أحداً، ثمَّ ردَّها أبو بكر عليه ولم يشاور فيه أحداً، ثمَّ جعلها عمر شورى بين ستّة وأخرج منها جميع المهاجرين والأنصار غير أولئك الستّة من قريش، وأوصى فيهم شيئاً لا أراك ترضى به أنت ولا أصحابك، إذ جعلتها شورى بين جميع المسلمين، قال : وما صنع؟ قال : أمر صُهَيباً أن يصلّي بالناس ثلاثة أيّام وأن يشاور أولئك الستّة ليس معهم أحد إلّا ابن عمر يشاورونه، وليس له من الأمر شيءُ، وأوصى من بحضرته من المهاجرين والأنصار : إن مضت ثلاثة أيّام قبل أن يفرغوا أو يبايعوا رجلاً، أن يضربوا أعناق أولئك الستّة جميعاً، فإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيّام وخالف اثنان، أن يضربوا عنقي ذينك الاثنين، أفترضون بهذا أنتم فيما تجعلون من الشورى في جماعة من المسلمين ؟ قالوا : لا.

ثمّ قال : يا عمرو دع ذا أرأيتَ لو بايعت صاحبك الّذي تدعوني إلى بيعته، ثمَّ اجتمعت لكم الأمّة فلم يختلف عليكم رجلان فيها، فأفضتم إلى المشركين الّذين لا يسلمون ولا يؤدُّون الجزية، أكان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون بسيرة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في المشركين في حروبه؟ قال: نعم، قال: فتصنع ماذا؟ قال : ندعوهم إلى الإسلام، فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية.

ص: 22

قال : وإن كانوا مجوساً ليسوا بأهل الكتاب؟ قال : سواءٌ، قال : وإن كانوا مشركي العرب وعَبَدة الأوثان؟ قال : سواء قال أخبرني عن القرآن تقرؤه؟ قال: نعم قال: اقرأ: «قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ»(1)فاستثناء الله عزَّ وجلَّ واشتراطه من الّذين أُوتوا الكتاب فهم والّذين لم يؤتوا الكتاب سواء؟ قال: نعم، قال عمّن أخذت ذا؟ قال: سمعت الناس يقولون، قال : فدع ذا، فإن هم أبَوا الجزية فقاتلتهم فَظَهَرْتَ عليهم، كيف تصنع بالغنيمة؟ قال : أُخرج الخمس، وأُقسم أربعة أخماس بين من قاتل عليه .

قال : أخبرني عن الخمس، من تعطيه؟ قال : حيثما سمّى الله، قال : فقرأ : «وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» (2)قال : الّذي للرسول من تعطيه؟ ومن ذو القربي؟ قال : قد اختلف فيه الفقهاء، فقال بعضهم : قرابة النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) وأهل بيته، وقال بعضهم : الخليفة، وقال بعضهم : قرابة الّذين قاتلوا عليه من المسلمين، قال: فأيُّ ذلك تقول أنت؟ قال : لا أدري قال : فأراك لا تدري، فَدَع ذا.

ثمَّ قال : أرأيت الأربعة أخماس تقسّمها بين جميع من قاتل عليها؟ قال : نعم ، قال : فقد خالفت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في سيرته، بيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم، فاسألهم، فإنّهم لا يختلفون ولا يتنازعون في أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إنّما صالح الأعراب على أن يَدَعَهُمْ في ديارهم ولا يهاجروا على إن دهمه(3)من عدوّه دَهمٌ أن يستنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب، وأنت تقول: بين جميعهم، فقد خالفت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في كلّ ما قلت في سيرته في المشركين، ومع هذا ما تقول في الصَدَقة؟ فقرأ عليه الآية : «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»(4)، قال : نعم، فكيف تقسّمها؟ قال : أقسّمها على ثمانية أجزاءٍ، فأعطي كلِّ جزءٍ من الثمانية جزءاً ، قال : وإن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف منهم رجلاً واحداً أو رجلين أو ثلاثة، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟ قال: نعم قال وتجمع صدقات أهل الحضر وأهل البوادي فتجعلهم فيها سواء؟ قال: نعم، قال : فقد خالفت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في كلّ ما قلت في سيرته، كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يقسّم صدقة

ص: 23


1- التوبة / 39
2- الأنفال/ 41
3- دهمه أي غشيه وبَغَتَه، والدهم: الجماعة، والعدو الكثير
4- التوبة / 60 . وتتمة الآية: «وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»

أهل البوادي في أهل البوادي، وصدقة أهل الحَضَر في أهل الحَضَر، ولا يقسّمه بينهم بالسّويّة وإنّما يقسّمه على قدر ما يحضره منهم، وما يرى، وليس عليه في ذلك شيءٌ مؤقّت موظّف، وإنّما يصنع ذلك بما يرى على قدر من يحضره منهم، فإن كان في نفسك ممّا قلت شيء، فَالْقَ فقهاءَ أهل المدينة فإنّهم لا يختلفون في أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) كذا كان يصنع .

ثمَّ أقبل على عمرو بن عبيد فقال له : اتَّقِ الله، وأنتم أيّها الرَّهط فاتّقوا الله، فإنَّ حدثني - وكان خير أهل الأرض وأعلمَهُمْ بكتاب الله عزَّ وجلَّ وسنة نبيه (صلی الله علیه و آله و سلّم) - : أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال : «من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلّف»(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن عليّ بن النعمان، عن سويد القلانسيّ، عن بشير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قلت له : إنّي رأيت في المنام أنّي قلت لك : إنّ القتال غير الإمام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدَّم ولحم الخنزير، فقلت لي : نعم، هو كذلك، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : هو كذلك، هو كذلك(2).

8- باب وصيّة رسول الله (صلی الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) في السرايا

1 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار - قال : أظنّه (3)عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه، ثمَّ يقول : سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله ، لا تَغِلّوا ولا تُمَثَلوا(4)، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبيّاً ولا امرأة، ولا تقطعوا شجراً إلّا أن تضطرُّوا إليها؛ وأيّما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم، نظر إلى رجل من المشركين فهو جارٌ حتّى يسمع كلام الله، فإن تبعكم فأخوكم في الدين، وإن أبى فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله عليه(5).

ص: 24


1- التهذيب 6 ، 66 - باب كيفية قسمة الغنائم، ح 7 بتفاوت قليل. والحديث حَسَنٌ.
2- مر برقم 3 من الباب 6 من هذا الجزء باختلاف في بعض السند فراجع
3- هذا التطني من الراوي
4- الغلول الخيانة، وأكثر ما يستعمل في السرقة من المغنم، ومثله : أغل. وفي الحديث نهي عن التمثيل والمُثْلَة وهي عبارة عن قطع أطراف الإنسان أو الحيوان وتشويهه، أو قطع أذن القتيل أو أنفه أو مذاكيره.
5- التهذيب 6 ، 60 - باب ما ينبغي لوالي الإمام أن يفعله إذا سرى ... ، ح 1 بتفاوت يسير .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن يلقى السمّ في بلاد المشركين(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبّاد بن صهيب قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : ما بيت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عدوّاً قطّ(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: بعثني رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إلى اليمن وقال لي: يا عليُّ، لا تقاتلنَّ أحداً حتّى تدعوه، وأَيْمَ الله لأَن يهدي الله على يديك رجلا، خيرٌ لك ممّا طلعت عليه الشَّمس وغربت، ولك ولاؤه يا عليُّ(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبَان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه لا يقاتل حتّى تزول الشّمس، ويقول : تُفتح أبواب السّماءِ، وتُقبِلُ الرَّحمة وينزل النّصر؛ ويقول: هو أقرب إلى اللّيل، وأجدر أن يقلَّ القتل ويرجع الطالب، ويفلت المنهزم(4).

6 - عليُّ، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقريّ، عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن مدينة من مدائن أهل الحرب، هل يجوز أن يرسل عليهم الماء، وتحرق بالنّار، أو ترمى بالمجانيق، حتّى يقتلوا، وفيهم النّساء، والصّبيان، والشّيخ الكبير، والأسارى من المسلمين والتّجار؟ فقال : يفعل ذلك بهم ولا يمسك عنهم لهؤلاءِ، ولا دية عليهم للمسلمين ولا كفّارة، وسألته عن النّساءِ : كيف سقطت الجزية عنهنَّ ورُفعت عنهنَّ؟ فقال : لأنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : نهى عن قتال النّساءِ والولدان في دار الحرب، إلّا أن يقاتلوا، فإن قاتَلَتْ أيضاً فأمسك عنها ما أمكنك ولم تخف خَلَلا(5)، فلمّا نهى عن قتلهنَّ في دار الحرب، كان في

ص: 25


1- التهذيب 6 ، 63 - باب كيفية قتال المشركين ومن ... ، ح 4 بتفاوت وفيه ... عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (علیه السّلام) أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم)
2- التهذيب 6 ، 79 - باب النوادر ، ح 21 بزيادة كلمة ليلا في الذيل. هذا، والمشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم كراهة الإغارة على العدو ليلاً.
3- الحديث ضعيف على المشهور والمقصود بالولاء هنا ولاء الإمامة وهو سبب في التوريث.
4- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 19 بتفاوت يسير. هذا ويقول المحقق في الشرائع 312/1: ويستحب أن يكون القتال بعد الزوال، وتكره الإغارة عليهم ليلا والقتال قبل الزوال إلا لحاجة ويقول الشهيدان في كتابهما : وينبغي أن يكون (القتال) بعد صلاة الظهرين اللمعة وشرحها 2 / 394 . وهذا هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
5- أي لم تخف أن يؤدي قتالها إلى اختلال صفوف المسلمين أو يُحدث الارتباك فيها.

دار الإسلام ،أولى، ولو امتنعت أن تؤدّي الجزية لم يمكن قتلها، فلمّا لم يمكن قتلها رُفعت الجزية عنها، ولو امتنع الرّجال أن يؤدّوا الجزية كانوا ناقضين للعهد، وحلّت دماؤهم وقتلهم، لأنّ قتل الرّجال مباح في دار الشّرك، وكذلك المُقْعَدُ من أهل الذّمّة، والأعمى، والشّيخ الفاني، والمرأة والولدان في أرض الحرب، فمن أجل ذل رُفِعَت عنهم الجزية(1).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)؛ أنّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) كان إذا بعث بسريّة، دَعَا لها .

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي (علیه السّلام) قال: إنّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) كان إذا بعث أميراً له على سريّة، أمره بتقوى الله عزّ وجلَّ في خاصّة نفسه، ثم في أصحابه عامّة، ثمَّ يقول : أغْرُ بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، ولا تغدروا، ولا تَغلوا ولا تُمَثلوا، ولا تقتلوا وليداً(2)، ولا متبتّلاً في شاهق(3)، ولا تحرقوا النّخل، ولا تغرقوه بالماءِ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تحرقوا زرعاً، لأنّكم لا تدورن لعلّكم تحتاجون إليه، ولا تعقروا(4) من البهائم ممّا يؤكل لحمه إلّا ما لا بدَّ لكم من أكّله، وإذا لقيتم عدوّاً للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث (5)، فإن هم أجابوكم إليها فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم : ادعوهم إلى الإسلام، فإن دخلوا فيه، فاقبلوه منهم وكفّوا عنهم، وادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام، فإن فعلوا فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم، وإن أبَوا أن يهاجروا واختاروا ديارهم وأبوا أن يدخلوا في دار الهجرة كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على أعراب

ص: 26


1- التهذيب 6، 63 - باب كيفية قتال المشركين ومن ... ، ح 1 وروي صدره إلى قوله : ولا كفارة . وروي ذيله برقم ا من الباب 71 من نفس الجزء. وكذا في الفقيه ،2 ، 10 - باب الخراج والجزية، ح 8 بتفاوت يسير . هذا ويقول المحقق في الشرائع 311/1 - 312 : ويجوز محاربة العدو بالحصار ومنع السابلة دخولاً وخروجاً، وبالمجانيق وهدم الحصون والبيوت وكل ما يُرجى به الفتح. ويكره قطع الأشجار ورمي النار وتسليط المياه إلا مع الضرورة. ويحرم بإلقاء السم، وقيل يكره وهو أشبه فإن لم يمكن الفتح إلا به جاز. ولو تترسوا بالنساء أو الصبيان منهم، کفَّ عنهم إلا في حال التحام الحرب وكذا لو تترسوا بالأسارى من المسلمين وإن قتل الأسير إذا لم يمكن جهادهم إلا كذلك، ولا يلزم القاتل دية ويلزمه كفارة، وفي الأخبار ولا الكفارة، كما يراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 392/2.
2- الوليد: المولود، والصبي والعبد
3- المتبتل : المنقطع عن الدنيا للعبادة، والشاهق المرتفع من الجبال والأبنية، وفيه نهي عن قتل المنقطع للعبادة من الرهبان وأمثالهم إذا لم يقاتلوا مع الكفار أو يعينوهم على القتال.
4- العقر: ضرب قوائم الدابة بالسيف وهي قائمة وتوسع في استعماله لمطلق القتل والهلاك.
5- قوله (علیه السّلام) : إلى إحدى ثلاث لعل فيه تجوزاً، فإن قبول الهجرة فقط بدون الإسلام والجزية لا ينفع مرآة المجلسي 356/18

المؤمنين، ولا يجري لهم في الفيء ولا في القسمة شيءٌ إلّا أن يهاجروا (1)في سبيل الله، فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاءِ الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، فإن أعطوا الجزية فاقبل منهم وكفّ عنهم، وإن أبوا فاستعن الله عزّ وجلَّ عليهم، وجاهدهم في الله حقَّ جهاده، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك على أن ينزلوا على حكم الله عزَّ وجلَّ فلا تنزل لهم، ولكن أُنْزِلْهُم على حكمكم، ثمَّ اقض فيهم بَعْدُ ما شئتم، فإنّكم إن تركتموهم على حكم الله لم تدروا تصيبوا حكم الله فيهم أم لا، وإذا حاصرتم أهل حصن، فإن آذنوك على أن تُنْزَلَهم على ذمّة الله وذمّة رسوله فلا تنزلهم، ولكن أنْزِلْهم على ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم، فإنّكم إن تخفر وا ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم، كان أيسر عليكم يوم القيامة من أن تخفروا ذمّة الله وذمّة رسوله (صلی الله علیه و آله و سلّم)(2).

9 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشاءِ، عن محمّد بن حمران؛ وجميل بن درّاج كليهما، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إذا بعث سريّة دعا بأميرها فأجلسه إلى جنبه، وأجلس أصحابه بين يديه، ثمَّ قال: «سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، لا تغدروا، ولا تغلّوا، ولا تمثلوا، ولا تقطعوا شجرة إلّا أن تضطرُّوا إليها، ولا تقتلوا شيخاً فانياً(3)، ولا صبيّاً، ولا امرأةً وأيّما رجل من أدنى المسلمين وأفضلهم نظر إلى أحد المشركين فهو جار(4)حتّى يسمع كلام الله ، فإذا سمع كلام الله عزَّ وجلَّ، فإن تبعكم فأخوكم في دينكم، وإن أبى فاستعينوا بالله عليه وأَبْلِغُوهُ مَأْمَنَه(5).

عليُّ بن إبراهيم(6)، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) مثله، إلّا أنّه قال: وأيّما رجل من المسلمين نظر إلى رجل من المشركين في أقصى العسكر وأدناه، فهو جار.

9 - باب إعطاءِ الأمَان

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال :

ص: 27


1- في التهذيب إلا أن يجاهدوا في ... الخ .
2- التهذيب 6 ، 60 - باب ما ينبغي لوالي الإمام أن يفعله إذا...، ح 2 بتفاوت.
3- الشيخ الفاني : الكبير الهم، وعدم قتله مقيد بما إذا لم يكن عيناً للعدو أو مشتركاً في القتال معه ضد المسلمين
4- الجار: - كما يقول الجوهري في الصحاح - هو الذي أجرته من أن يظلمه ظالم.
5- التهذيب 6، نفس الباب، ح 3. والحديثَ صحيح
6- هذا السند حَسَن.

قلت له : ما معنى قول النّبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «يسعى بذمّتهم أدناهم»(1)؟ قال: لو أن جيشاً من المسلمين حاصروا قوماً من المشركين، فأشرف رجلٌ فقال : أعطوني الأمان حتّى ألقى صاحبكم وأناظره، فأعطاه أدناهم الأمان، وجب على أفضلهم الوفاء به(2).

2 - عليٌّ، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّ عليّاً (علیه السّلام) أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن من الحصون، وقال: هو من المؤمنين(3).

3 - عليٌّ، عن أبيه، عن يحيى بن عمران (4)، عن يونس، عن عبد الله بن سليمان (5)قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : ما من رجل آمَنَ رجلاً على ذمّة، ثمَّ قتله، إلّا جاء يوم القيامة يحمل لواء الغدر(6).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن الحكم (7)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أو(8)عن أبي الحسن (علیه السّلام) - قال : لو أنَّ قوماً حاصروا مدينة فسألوهم الأمان، فقالوا : لا ، فظنّوا أنّهم قالوا نعم فنزلوا إليهم، كانوا آمنين(9).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زید، عن أبي عبد الله، عن أبيه (علیه السّلام) قال : قرأت في كتاب لعليّ (علیه السّلام) : أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) كتب كتاباً بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب : أنّ كلّ غازية غزت بما يعقّب بعضها بعضاً بالمعروف والقسط بين المسلمين، فإنّه لا يجوز حرب إلّا بإذن أهلها، وإنَّ الجار كالنّفس

ص: 28


1- هو ذيل حديث أوله المؤمنون أخوة تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم . . .. الخ.
2- التهذيب 6، 61 - باب إعطاء الأمان، ح 1 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 6، نفس الباب، ح 2.
4- في التهذيب : عن يحيى بن أبي عمران
5- في التهذيب : عن أبي عبد الله بن سليمان
6- التهذيب 6، نفس الباب ، ح 3
7- في التهذيب : عن محمد بن حكيم
8- الشك من الراوي
9- التهذيب 6، نفس الباب، ح4 والضمير في قوله فظنوا يرجع إلى أهل المدينة المحاصرين. هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه يشترط في العاقد للأمان البلوغ والعقل والاختيار ويستوي في ذلك الحر والمملوك والذكر والأنثى، ولو دخل الحربي في دار الإسلام بشبهة الأمان كان يسمع لفظاً فيعتقده أماناً أو يصحب رفقة فيتوهمها أماناً لم ينعقد الأمان ولكن يعاد إلى مأمنه ثم هو حرب. كما نصوا على أنه يجوز أن يذم الواحد من المسلمين عدداً يسيراً من أهل الحرب، وهو يطلق على العشرة فما دون فلا يذم عاماً ولا لأهل إقليم، والإمام يُنمّ لأهل الحرب عموماً وخصوصاً وكذا نائب الإمام الخاص ينظر في جهة يذم لأهلها، ويجب الوفاء بالدمام ما لم يكن متضمناً لما يخالف الشرع وعبارة الأمان أن يقول : أمنتك أو أجرتك، أو أنت في ذمة الإسلام، وكذلك كل لفظ دال على هذا المعنى صريحاً. ووقت الأمان قبل الأسر.

غير مُضارٌ ولا آثم، وحرمة الجار على الجار كحرمة أمّه وأبيه، لا يسالم مؤمن دون مؤمن (1)في قتال في سبيل الله إلا على عدل وسواء(2).

10- باب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زید قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : كان أبي (علیه السّلام) يقول : إنَّ للحرب حُكْمَين إذا كانت الحرب قائمة لم تضع أوزارها، ولم يثخن أهلها، فكلّ أسير أُخذ في تلك الحال فإنَّ الإمام فيه بالخيار، إن شاء ضرب عنقه، وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير حَسْمٍ وتركه يتشحّط في دمه حتى يموت، وهو قول الله عزّ وجل : «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ»(3)، ألا ترى أن المخيّر (4)الّذي خيّر الله الإمام على شيء واحد وهو الكفر(5)، وليس هو على أشياء مختلفة، فقلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): قول الله عزّ وجلَّ: «أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ»؟ قال : ذلك الطّلب، أن تطلبه الخيل حتّى يهرب، فإن أخذته الخيل حُكم عليه ببعض الأحكام الّتي وصفت لك، والحكم الآخر إذا وضعت الحرب أوزارها وأثخن أهلها، فكلّ أسير أخذ في تلك الحال فكان في أيديهم ، فالإمام فيه بالخيار؛ إن شاء من عليهم فأرسلهم، وإن شاء فاداهم أنفسهم، وإن شاء استعبدهم فصاروا عبيداً(6).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان المنقريّ، عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الطّائفتين من المؤمنين، إحداهما باغية (7)

ص: 29


1- يعني لا يصالح واحد من المؤمنين دون أصحابه، وإنما يقع الصلح بينهم مجتمعين وبين عدوهم كذلك.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 5 بتفاوت
3- المائدة/ 33.
4- في التهذب : ... أن التخيير
5- في التهذيب : وهو الكلّ.
6- التهذيب 6، 63 - باب كيفية قتال المشركين ومن ...، ح 5 بتفاوت هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الإناث إذا أسرن من الكفار يملكن بالسبي ، ولو كانت الحرب قائمة، وكذا الذراري. وأما الذكور البالغون فيتعين عليهم القتل إن كانت الحرب قائمة ما لم يسلموا، والإمام مخيّر بين أن يقتلهم بضرب أعناقهم، أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركهم ينزفون حتى الموت، وأما إذا أسروا بعد أن تضع الحرب أوزارها، لم يقتلوا، وكان الإمام مخيراً بين المن والفداء والاسترقاق
7- يقول الشهيد الثاني في المسالك 128/1 : «البغي - لغة - يطلق على مجاوزة الحد، وعلى الظلم، وعلى الاستعلاء والاستطالة، وعلى طلب الشيء يقال : بغي الشيء؛ إذا طلبه. وفي عرف الفقهاء : الخروج على طاعة الإمام...»

والأخرى عادلة، فَهَزَمَت العادلةُ الباغيةَ؟ فقال : ليس لأهل العدل أن يتبعوا مدبراً، ولا يقتلوا أسيراً، ولا يجهزوا على جريح، وهذا إذا لم يبق من أهل البغي أحدٌ، ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها، فإذا كان لهم فئة يرجعون إليها، فإن أسيرهم يُقتَل ومدبرَهُم يتبع، وجريحهم يُجهَز عليه(1).

3 - الحسين بن محمّد الأشعريُّ، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبَان بن عثمان، عن أبي حمزة الثّمالي، قال : قلت لعليّ بن الحسين صلوات الله عليهما : إنَّ عليَّاً (علیه السّلام) سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في أهل الشّرك؟ قال: فغضب، ثمَّ جلس، ثم قال : سار والله فيهم بسيرة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يوم الفتح، إنَّ عليّاً (علیه السّلام) كتب إلى مالك وهو على مقدَّمته يوم البصرة، بأن لا يطعن في غير مُقبل، ولا يقتل مدبراً ، ولا يجيز (2)على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن. فأخذ الكتاب فوضعه بين يديه على القَرَبوس من قبل أن يقرأه ثمَّ قال : اقتلوا فقتلهم حتّى أدخلهم سكك البصرة ثمَّ فتح الكتاب فقرأه، ثمَّ أمر منادياً فنادى بما في الكتاب(3).

4 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن أبي بكر الحضرميّ قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لَسِيرَةُ علي (علیه السّلام) في أهل البصرة كانت خيراً لشيعته ممّا طلعت عليه الشمس، إنّه علم أنَّ للقوم دولةً، فلو سباهم لسُبِيَت شيعته. قلت: فأخبرني عن القائم (علیه السّلام)، يسير بسيرته؟ قال : لا، إنَّ عليّاً صلوات الله عليه سار فيهم بالمنّ للعلم من دولتهم، وإن القائم عجّل الله فَرَجَه، يسير فيهم بخلاف تلك السيرة، لأنَّه لا دولة لهم(4).

ص: 30


1- التهذيب 6، 64 - باب قتال أهل البغي من أهل الصلاة، ح 1 بتفاوت . هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم في كتبهم على أن محاربة من خرج على إمام عادل واجبة إذا أمر بها الإمام أو نائبه الخاص، وحكموا بأن التخلف عنها كبيرة من الكبائر، وإن الفرار من مواجهتهم كالفرار من الزحف في حرب المشركين، وإنه تجب مقاتلتهم حتى يرجعوا إلى طاعة الإمام أو يقتلوا وإذا كان لأهل البغي قوة يرجعون إليها - كما كان الحال في أهل الجمل - جاز الإجهاز على جريحهم وقتل أسيرهم واتباع مدبرهم . وأما إذا لم تكن لهم فئة - كما كان الحال في الخوارج ، فلا يتبع لهم مدبر ولا يقتل لهم أسير ، لأن الغرض من حربهم وهو تفريق كلمتهم وكسر شوكتهم ليس إلا. فراجع شرائع الإسلام للمحقق 336/1 - 337 - واللمعة وشرحها للشهيدين 407/2 - 408.
2- أي ولا يجهز
3- التهذيب 6 ، 70 - باب سيرة الإمام ، ح 5 بتفاوت . والحديث ضعيف على المشهور والقربوس : - ولا تسكن راؤه إلا في ضرورة الشعر - : وهو جنو الفرس، وهما قَرَبوسان والجمع قرابيس. وسككك البصرة: أزقتها.
4- التهذيب ،6 نفس الباب، ح 6. والحديث مجهول. وإعراضه (عليه السلام) عن سبيهم كان لمصلحة فهو قضية في واقعة، ويدل على جواز السبي مع عدمها .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عذافر، عن عقبة بن بشير، عن عبد الله بن شريك، عن أبيه قال : لمّا هزم النّاس الجمل، قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : لا تتبعوا مولّياً، ولا تجيزوا على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن، فلمّا كان يوم صِفّين، قتل المقبل والمدبر، وأجاز على الجريح، فقال أبَان بن تغلب لعبد الله بن شريك؛ هذه سيرتان مختلفتان؟ فقال: إنَّ أهل الجمل قتل طلحة والزُّبير، وإنَّ معاوية كان قائماً بعینه وكان قائدهم(1).

11- باب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: كان يقول : من فرّ من رجلين في القتال من الزَّحف فقد فَرّ، ومن فرّ من ثلاثة في القتال من الزَّحف، فلم يَفِرًا(2).

2 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرّحمن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لمّا بعث رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلّم) ببراءة (3)مع علىّ (علیه السّلام)، بعث معه أناساً وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : من استأسر من غير جراحة مثقلة فليس منّا(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)أنَّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) قال : من استأسر من غير جراحة مثقلة فلا يُفْدى من بيت المال، ولكن يُفْدى من ماله إن أحب أهله(5).

12 - باب طلب المبارزة

1 - حميد بن زياد، عن الخشّاب، عن ابن بقّاح، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن

ص: 31


1- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 7. والحديث مجهول.
2- التهذيب 6 ، 79 - باب النوادر ، ح 20 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 311/1 : ولا يجوز الفرار إذا كان العدو على الضعف من المسلمين أو أقل إلا ... الخ، وقال: ولو انفرد اثنان بواحد من المسلمين لم يجب الثبات ، وقيل : يجب، وهو المروي».
3- يعني سورة براءة
4- الحديث ضعيف. واستأسر الرجل للعدو - كما في المغرب - إذا أعطى يده بيده وانقاد، وهو لازم كما ترى، ولم نسمعه متعديا إلا في حديث عبد الرحمن وصفوان أنهما استأسرا المرأتين اللتين كانتا عندهما من هوازن
5- الحديث ضعيف على المشهور.

جميع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل عن المبارزة بين الصفّين بعد إذن الإمام (علیه السّلام)؟ قال : لا بأس، ولكن لا يطلب إلّا بإذن الإمام(1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح(2)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : دعا رجلٌ بعض بني هاشم إلى البراز، فأبى أن يبارزه فقال له أمير المؤمنين (علیه السّلام) : ما منعك أن تبارزه؟ قال : كان فارس العرب، وخشيتُ أن يغلبني، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه : فإنّه بغى عليك، ولو بارزته لغلبته ولو بغى جبل على جبل لَهُدَّ الباغي. وقال أبو عبد الله (علیه السّلام): إنَّ الحسين بن علي (علیه السّلام) دعا رجلاً إلى المبارزة، فعلم به أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقال : لئِنْ عدتَ إلى مثل هذا لأعاقبنّك، ولئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تُجِبْهُ لأعاقبنك ، أما علمت أنّه بغى(3)؟!

13 - باب الرِّفق بالأسير وإطعامه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقريّ، عن عيسى بن يونس الأوزاعي(4)، عن الزهريّ، عن عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما قال : إذا أخذت أسيراً فعجز عن المشي وليس معك محملٌ، فأرسله ولا تقتله، فإنّك لا تدري ما حُكْمُ الإمام فيه، قال : وقال : الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار فَيْئاً(5).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إطعام الأسير حقٌّ على من أسره، وإن كان يراد من الغد قتله، فإنّه ينبغي أن يُطْعَمَ ويُسقى و [يظلّ] ويرفق به كافراً كان أو غيره(6).

ص: 32


1- التهذيب 6 نفس الباب، ح 1 بتفاوت. هذا، وعند أصحابنا في المبارزة بدون إذن الإمام قولان قول بالكراهة وقول بالحرمة، حكاهما المحقق في الشرائع .312/1 نعم تستحب إذا ندب إليها الإمام، وتجب إذا لزم بها شخصاً بعينه.
2- واسمه عبد الله بن ميمون
3- التهذيب 6، 79 - باب النوادر ، ح 2 بتفاوت في بعض الألفاظ. وفي دعوة الحسن (علیه السّلام) للمبارزة ترك للأولى، وكلام أمير المؤمنين (علیه السّلام) معه (علیه السّلام) إنما قصد بها تعليم المسلمين والمؤمنين وتأديبهم من قبيل : إياك أعني و ...
4- في التهذيب : عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي والظاهر أن التصحيف وقع هنا في الفروع وما في التهذيب هو الصحيح ، بقرينة رواية الأوزاعي عن الزهري وهما من فقهاء العامة
5- التهذيب 6 69 - باب أحكام الأسارى، ذيل ويقول الشهيد الأول في الدروس: لو عجز الأسير عن المشي احتمل فإن أعوز لم يحل مثله وأمر بإطلاقه.
6- يقول المحقق في الشرائع 318/1 وهو بصدد الحديث عن أحكام الأسارى ويجب أن يطعم الأسير ويسقى وإن أريد قتله. وقوله : ويظل ؛ أي يظلّل عليه من الحر والبرد.

3 - أحمد بن محمّد الكوفيّ، عن حمدان القلانسيّ، عن محمّد بن الوليد، عن أبان بن عثمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الأسير طعامه على من أسره حقٌّ عليه وإن كان كافراً يقتل من الغد فإنّه ينبغي له أن يرؤفه ويطعمه ويسقيه.

4 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدائنيّ، قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) في طعام الأسير فقال : إطعامه حقٌّ على من أسره وإن كان يريد قتله من الغد، فإنّه ينبغي أن يطعم ويسقى ويظلّ ويرفق به، كافراً كان أو غيره(1).

14- باب الدعاء إلى الإسلام قبل القتال

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقريّ، عن سفيان بن عُيِّينَة، عن الزُّهريّ قال: دخل رجال من قريش على عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما فَسأله : كيف الدعوة إلى الدّين؟ قال: تقول: «بسم الله الرّحمن الرحيم، أدعوكم إلى الله عزَّ وجلَّ وإلى دينه»، وجماعُهُ أمران؛ أحدهما: معرفة الله عزّ وجلّ، والآخر : العمل برضوانه، وإنَّ معرفة الله عزَّ وجلَّ أن يُعْرَفَ بالوحدانيّة والرأفة والرحمة والعزَّة والعلم والقدرة والعلوّ على كلّ شيء، وأنه النافع الضارّ، القاهر لكلّ شيء، الّذي لا تُدركه الأبصار وهو يُدرك الأبصار وهو اللّطيف الخبير، وأنَّ محمّداً عبده ورسوله، وأنَّ ما جاء به هو الحقُّ من عند الله عزّ وجلَّ وما سواه هو الباطل، فإذا أجابوا إلى ذلك فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين(2).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن الله بن عبد الرّحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : لما وجهني رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إلى اليمن قال : يا عليُّ، لا تقاتل أحداً حتّى ندعوه إلى الإسلام، وأيْمَ الله، لأن يهدي الله عزّ وجلّ على يديك رجلاً، خيرٌ لك ممّا طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولاؤه(3).

ص: 33


1- التهذيب ،6 نفس الباب ، ح 2 بتفاوت يسير وسند مختلف.
2- التهذيب 6 : 62 - باب الدعوة إلى الإسلام ، ح 1 وفي ذيله ... ما للمؤمنين وعليهم ما على المؤمنين . هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الكفار لا يبدأون بالقتال إلا بعد دعوتهم إلى الإسلام، يقول المحقق في الشرائع 311/1 : ولا يبدأون بالقتال) إلا بعد الدعاء إلى محاسن الإسلام (بإظهار الشهادتين والتزام جميع أحكام الإسلام ويكون الداعي الإمام أو من نصبه كما راجع اللمحة وشرحها للشهيدين 387/2
3- التهذيب 6، نفس الباب، ح 2 بتفاوت وسند آخر. والمقصود بالولاء وراثته بولاء الإمامة.

15- باب ما كان يوصي أمير المؤمنين عليه السلام به عند القتال

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن عقيل الخزاعي، أنَّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) كان إذا حضر الحرب، يوصي للمسلمين بكلمات فيقول : تعاهدوا الصلاة، وحافظوا عليها، واستكثروا منها، وتقرَّبوا بها، فإنّها كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً (1)، وقد علم ذلك الكفّار حين سُئلوا «ما سلككم في سَقَر(2)؟ قالوا : لم نَكُ من المصلّين»(3). وقد عرف حقّها من طرقها(4)، وأكرم بها من المؤمنين الّذين لا يشغلهم عنها زَينُ متاع، ولا قرَّة عين من مال ولا ولد ، يقول الله عزّ وجلَّ: «رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ»(5)، وكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) مُنصِباً(6)لنفسه بعد البشرى له بالجنّة من ربّه، فقال عزَّ وجلَّ : «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ... الآیة»(7)، فكان يأمر بها أهله، ويصبّر عليها نفسه.

ثمَّ إِنَّ الزكاة جُعِلت مع الصلاة قرباناً لأهل الإسلام على أهل الإسلام (8)، ومن لم يعطها طيب النفس بها يرجو بها من الثمن ما هو أفضل منها، فإنّه جاهل بالسنّة مغبون الأجر، ضالُّ العمر طويل الندم بترك أمر الله عزّ وجلّ والرَّغبة عمّا عليه صَالِحُوا عباد الله، يقول الله عزّ وجلّ : «وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى»(9)من الأمانة(10)، فقد خسر من ليس من أهلها وضلّ عمله عرضت على السماوات المبنيّة والأرض والمهاد والجبال المنصوبة، لا أطول ولا

ص: 34


1- أي مفروضاً موقتاً
2- سقر: من أسماء جهنم
3- المدّثر / 42 و 43 .
4- الظاهر أنه من الطروق؛ وهو الإتيان بالليل، والمقصود المداومة على الإتيان بها ليلاً
5- النور/ 37
6- أي متعباً، من النَّصَب
7- طه / 132
8- في نهج البلاغة هنا زيادة : فمن أعطاها طيب النفس بها فإنها تجعل له كفارة ومن النار حجاباً ووقاية، فلا يتبعنها أحد نفسه ولا يكثرن عليها لهفه فإن من أعطاها من غير طيب النفس يرجو بها ما هو أفضل فهو جاهل ... الخ.
9- النساء / 15. وصدر الآية: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ...) وتتمتها «ونصله جهنم وساءت مصيراً».
10- في النهج هنا ثم أداء الأمانة فقد خاب من ليس من أهلها إنها عرضت على السموات المبنية والأرضين المدحوة والجبال ذات الطول المنصوبة فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم منها ، ولو امتنع شيء منها بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة ... الخ . أقول والظاهر أن ما في النهج أصح وأوفق . والله العالم

أعرض ولا أعلى ولا أعظم، ولو امتنعن من طول أو عرض أو عِظَم أو قوة أو عزَّة امتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة.

ثمَّ إِنَّ الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام، وهو قوام الدّين، والأجر فيه عظيم مع العزَّة والمنفعة، وهو الكرَّة، فيه الحسنات والبشرى بالجنّة بعد الشهادة، وبالرزق غداً عند الرَّبِّ والكرامة، يقول الله عزّ وجلَّ: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآیة»(1)، ثمَّ إِنَّ الرعب والخوف من جهاد المستحقّ للجهاد، والمتوازرين على الضلال، ضلال في الدّين، وسلب للدُّنيا مع الذُّل والصغار، وفيه استيجاب النار بالفرار من الزَّحف عند حضرة القتال، يقول الله عزّ وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ»(2). فحافظوا على أمر الله عزَّ وجلَّ في هذه المواطن الّتي الصبر عليها كرم وسعادة ونجاة في الدُّنيا والآخرة من فظيع الهول والمخافة، فإنَّ الله عز وجل لا يَعبَأ بما العباد مقترفون ليلهم ونهارهم، لطف به علماً، وكلّ ذلك في كتاب لا يضلُّ ربّي ولا ينسى، فاصبروا وصابروا واسألوا النصر ووطّنوا أنفسكم على القتال، واتقوا الله عزّ وجلَّ، فإنَّ الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون.

2 - وفي حديث يزيد بن إسحاق، عن أبي صادق قال : سمعت علياً (علیه السّلام) يحرّض النّاس في ثلاثة مواطن : الجمل وصفّين ويوم النهر(3)يقول : عبادَ الله اتقوا الله، وغضّوا الأبصار، واخفضوا الأصوات، وأقلّوا الكلام، ووطّنوا أنفسكم على المنازلة والمجادلة، والمبارزة والمناضلة، والمنابذة، والمعانقة، والمكادمة (4)، وأثبُتُوا، واذكروا الله كثيراً لعلّكم تفلحون، ولا تنازعوا فتفشلوا (5)وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين .

3 - وفي حديث عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه أنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يأمر في كلّ موطن لقينا فيه عدوَّنا فيقول : لا تقاتلوا القوم حتّى يبدأوكم، فإنّكم بحمد الله على حجّة، وترككم إيّاهم حتّى يبدأوكم حجّة لكم أخرى، فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبراً، ولا تجهزوا على جريح، ولا تكشفوا عورة، ولا تُمَثَّلوا بقتيل(6).

ص: 35


1- آل عمران 169 وتتمتها: أمواتا «بل أحياء عند ربهم يرزقون»
2- الأنفال/ 15
3- يعني النهروان في قتاله قتاله مع الخوارج.
4- كدم :الصيد - كما في القاموس - طرده
5- الفشل الجبن.
6- الكلام موجود في النهج بتفاوت. وقد ذكر ابن ميثم توجيهاً لقوله (علیه السّلام) على حجة من وجهين: أحدهما: دخولهم في حرب الله وحرب رسوله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لقوله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : يا علي ، حربك حربي ..، وتحقق سعيهم في الأرض بالفساد بقتلهم النفس التي حرم الله فتحقق دخولهم في قوله تعالى : «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ ... » الآية 33 / المائدة . وثانيهما: دخولهم في قوله تعالى : «فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ»الآية 194 / البقرة.

4 - وفي حديث مالك بن أعين قال : حرّض أمير المؤمنين صلوات الله عليه الناس بصفّين فقال : إنَّ الله عزّ وجلَّ دلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، وتشفي (1)بكم على الخير، الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله، وجعل ثوابه مغفرة للذِّنب، ومساكن طيّبة في جنّات عدن، وقال عزّ وجلَّ : «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ» (2)فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص، فقدّموا الدارع وأخّروا الحاسر (3)، وعضّوا على النواجذ (4)فإنّه أنبا للّسيوف (5)على الهام، والتووا على أطراف الرّماح فإنّه أمورُ (6)للأسنّة، وغضّوا الأبصار فإنّه أربط للجاش، وأسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل، وأولى بالوقار، ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلّا مع شجعانكم، فإنَّ المانع للذمّار، والصابر عند نزول الحقائق، هم أهل الحفاظ، ولا تمثلوا بقتيل، وإذا وصلتم إلى رجال القوم فلا تهتكوا ستراً، ولا ندخلوا داراً، ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلّا ما وجدتم في عسكرهم، ولا تهيجوا امرأة بأذى، وإن شتمن أعراضكم وسبين أمراءكم وصلحاءكم فإنهنَّ ضعاف القوى والأنفس والعقول؛ وقد كنّا نؤمر بالكفّ عنهنَّ وهنَّ مشركات، وإن كان الرَّجل ليتناول المرأة فَيُعَيّر بها وعقبه من بعده؛ واعلموا أنَّ أهل الحفاظ (7)هم الّذين يحفّون براياتهم ويكتنفونها، ويصيرون حفافيها وورائها وأمامها، ولا يضيعونها، ولا يتأخّرون عنها فيسلّموها، ولا يتقدَّمون عليها فيُفردوها، رحم امرءاً واسى أخاه بنفسه، ولم يكِلْ قرنه إلى أخيه فيجتمع قرنه وقرن أخيه، فيكتسب بذلك اللائمة، ويأتي بدناءة، وكيف لا يكون كذلك، وهو يقاتل الاثنين، وهذا ممسكٌ يده قد خلّى قرنه على أخيه هارباً منه ينظر إليه، وهذا فمن يفعله يمقته الله، فلا تَعَرَّضوا لمقت الله عزّ وجلَّ، فإنّما مَمَرُّكم إلى الله وقد قال الله عزّ وجلَّ : «قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا» (8)وأَيْمَ الله (9)، لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيوف الآجلة،

ص: 36


1- أشفى على الشيء: أشرف عليه
2- الصف / 4
3- الدارع: لبس الدرع والحاسر من لا درع عليه ولا مغفر.
4- النواجذ : أقصى الأضراس
5- نبا السيف : إذا رجع في الضربة ولم يعمل.
6- المَوْر الاضطراب والتحرک
7- الحفاظ : الذب عن المحارم
8- الأحزاب / 16
9- أيم الله : اسم للقسم

فاستعينوا بالصبر والصدق، فإنما ينزل النصر بعد الصبر، فجاهدوا في الله حقَّ جهاده ولا قوَّة إلّا بالله.

وقال (علیه السّلام) حين مرَّ براية لأهل الشام أصحابها لا يزولون عن مواضعهم فقال (علیه السّلام) : إنّهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن درّاك (1)ايخرج منه النسيم، وضرب يفلق الهام ويطيح العظام، ويسقط منه المعاصم والأكفّ، حتّى تصدع جباههم بعمد الحديد، وتنثر حواجبهم على الصدور والأذقان، أين أهل الصبر وطلّاب الأجر؟! فسارت إليه عصابة من المسلمين، فعادت ميمنته إلى موقفها ومصافّها، وكشفت من بإزائها، فأقبل حتّى انتهى إليهم.

وقال(علیه السّلام) : إنّي قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم، تحوزكم الجفاة والطغاة وأعراب أهل الشام، وأنتم لهاميم العرب (2)والسنام الأعظم، وعمّار اللّيل بتلاوة القرآن، ودعوة أهل الحقّ إذضلّ الخاطئون، فلولا إقبالكم بعد إدباركم، وكرُّكم بعد انحيازكم، لوجب عليكم ما يجب على المولّي يوم الزَحف دُبُرَه، وكنتم فيما أرى من الهالكين، ولقد هوَّن عليَّ بعض وجدي، وشفى بعض حاج صدري(3)، إذ رأيتكم حزتموهم كما حازوكم فأزلتموهم عن مصافّهم كما أزالوكم، وأنتم تضربونهم بالسيوف حتّى ركب أوَّلهم آخرهم، كالإبل المطرودة إليهم الآن، فاصبروا، نزلت عليكم السكينة، وتبّتكم الله باليقين، وليعلم المنهزم بأنّه مسخط ربّه وموبق نفسه، إنَّ في الفرار مَوجَدة (4)الله، والذلّ اللازم، والعار الباقي(5)، وفساد العيش عليه، وإنَّ الفارَّ لَغَيْرُ مَزيد في عمره، ولا محجوز بينه وبين يومه، ولا يرضي ربِّه، وَلَمْوْتُ الرَّجل مُحِقاً قبل إتيان هذه الخصال خيرٌ من الرّضا بالتلبيس بها والإقرار عليها.

وفي كلام له آخر: وإذا لقيتم هؤلاءِ القوم غداً فلا تقاتلوهم حتّى يقاتلوكم، فإذا بدأو بكم فأنْهَدُوا إليهم(6)، وعليكم السّكينة والوقار، وعضّوا على الأضراس، فإنّه أَنبَا للسّيوف عن الهام، وغضّوا الأبصار، ومدُّوا جباه الخيول ووجوه الرّجال، وأقلّوا الكلام فإنّه أطرد للفشل وأذهب بالوهل(7)، ووطّنوا أنفسكم على المبارزة والمنازلة والمجادلة، وأثبتوا، واذكروا الله عزّ

ص: 37


1- درّاك: أي متتابع بعضه وراء بعض
2- لهاميم العرب أي أجوادهم
3- حاج :الصدر أي خلجانه.
4- المَوْجَدة : الغضب
5- يعني في الأعقاب
6- نهد الرجل نهض، ولعدوّه صمد له
7- الوَهَل : الفزع والضعف

وجلَّ كثيراً، فإنَّ المانع للذّمار عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الّذين يحفّون براياتهم، ويضربون حافّتيها وأمامها، وإذا حملتم فافعلوا فعل رجل واحد، وعليكم بالتّحامي، فإنَّ الحرب سِجال(1)، لا يشّدون عليكم كرَّة بعد فرَّة، ولا حملة بعد جولة، ومن ألقى إليكم السَلَم فاقبلوا منه، واستعينوا بالصبر، فإنَّ بعد الصبر النصر من الله عزَّ وجلَّ «إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»(2).

5 - أحمد بن محمّد الكوفيّ، عن ابن جمهور عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن مفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ؛ وعن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه لأصحابه : إذا لقيتم عدوّكم في الحرب فأقِلّوا الكلام واذكروا الله عزّ وجلَّ، ولا تولّوهم الأدبار فتُسخِطوا الله تبارك وتعالى، وتستوجبوا غضبه؛ وإذا رأيتم من إخوانكم المجروحَ، ومن قد نكل به، أو من قد طمع عدوّكم فيه، فقَوُهُ بأنفسكم.

16- باب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بعض أصحاب أبي عبد الله (علیه السّلام)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في السبي يأخذ [ه] العدوّ من المسلمين في القتال من أولاد المسلمين، أو من ممالكيهم، فيحوزونه- [م]، ثمَّ إِنَّ المسلمين بَعْدُ قاتلوهم فظفروا بهم وسَبَوْهُم، وأخذوا منهم ما أخذوا من مماليك المسلمين وأولادهم الّذين كانوا أخذوه من المسلمين، كيف يصنع بما كانوا أخذوه من أولاد المسلمين، وممالكيهم؟ قال: فقال: أمّا أولاد المسلمين، فلا يُقامون في سهام المسلمين، ولكن يردُّون إلى أبيهم أو أخيهم أو إلى وليّهم بشهود، وأمّا المماليك، فإنّهم يُقامون في سهام المسلمين، فيُباعون ويعطى مواليهم قيمة أثمانهم من بيت مال المسلمين(3).

ص: 38


1- أي مرة لك ومرة عليك . والسجل : الدلو المملوءة ماءً . ومنه أخذ لأن المستقين بدلو واحدة يأخذها كل منهم مرة .
2- الأعراف 128 . والعاقبة : خاتمة الشيء، والمصير الأخير فيه .
3- التهذيب 6 74 - باب المشركون يأسرون أولاد المسلمين و ...، ح 1 بتفاوت الاستبصار 3 ، 3 - باب أن المشركين يأخذون من مال المسلمين شيئاً ثم ... ، ح 2 . قال المحقق في الشرائع 326/1: الحربي لا يملك مال المسلم ،بالاستغنام ولو غنم المشركون أموال المسلمين وذراريهم ثم ارتجعوها فالأحرار لا سبيل عليهم ، أما الأموال والعبيد فلأربابها قبل القسمة، ولو عرفت بعد القسمة فلأربابها القيمة في بيت المال وفي رواية تعاد على أربابها بالقيمة والوجه إعادتها على المالك، ويرجع الغانم بقيمتها على الإمام مع تفرق الغانمين».

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل لقيه العدوُّ وأصاب منه مالاً أو متاعاً، ثمَّ إنَّ المسلمين أصابوا ذلك، كيف يصنع بمتاع الرَّجل؟ فقال : إذا كان أصابوه قبل أن يحوزوا متاع الرَّجل، رُدَّ عليه، وإن كان أصابوه بعدما حازوه، فهو فيء للمسلمين، وهو أحقُّ بالشفعة (1).

17 - باب أنه لا يحلّ للمسلم أن ينزل دار الحرب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : بعث رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : جيشاً إلى خَثْعَم(2)، فلما غشيهم استعصموا بالسجود، فقتل بعضم، فبلغ ذلك النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال : اعطوا الورثة نصف العقل (3)بصلاتهم؛ وقال النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «ألَا إنّي بريءٌ من كلّ مسلم نزل مع مشرك في دار الحرب»(4).

18 - باب قسمة الغنيمة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : السريّة يبعثها الإمام فيصيبون غنائم، كيف تقسّم؟ قال : إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإمام عليهم، أخرج منها الخمس الله وللرسول، وقسّم بينهم أربعة أخماس وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين، كان كلّ ما غنموا للإمام، يجعله حيث أحبَّ.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ وعليّ بن محمّد جميعاً، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود عن حفص بن غياث قال : كتب إليَّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد الله (علیه السّلام) عن مسائل من السُّنَن، فسألته [أ] وكتبت بها إليه، فكان فيما سألته : أخبِرني عن الجيش إذا غزا أرض الحرب، فغنموا غنيمة، ثمَّ لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا إلى دار السلام، ولم يلقوا

ص: 39


1- التهذيب 6 نفس ،الباب ، ح ، الاستبصار ، نفس الباب ، ح 4 بتفاوت يسير .
2- خَثْعَم : قيل : هو جبل في السراة، من نزله فهو خثعمي . وقيل : هو اسم جمل نحروه وغمسوا أيديهم في دمه حيث تحالفوا فسموا : خثعم.
3- أي نصف الدية . قيل : وإنما أمر لهم بنصف الدية مع كونهم مسلمين لأنهم بنزولهم في دار الحرب فكأنهم أعانوا على أنفسهم فكانوا كمن هلك بجناية نفسه، وجناية غيره، فتسقط حصة جنايته من الدية.
4- التهذيب 6، 67 - باب المشرك يسلم في دار الحرب والمسلم يقتل فيها، ح 2

عدوًّاً حتّى خرجوا إلى دار السلام، هل يشاركونهم ؟ فقال : نعم ؛ وعن سريّة كانوا في سفينة ولم يركب صاحب الفرس فرسه، كيف تقسّم الغنيمة بينهم؟ فقال : للفارس سهمان وللرَّاجل سهم، فقلت : وإن لم يركبوا ولم يقاتلوا على أفراسهم؟ فقال : أرأيتَ لو كانوا في عسكر، فتقدَّم الرِّجّال فقاتلوا وغنموا، كيف كان يقسّم بينهم، ألم أجعل للفارس سهمين وللرِّاجل سهماً وهم الّذين غنموا دون الفرسان (1).

3 - أبو عليّ الأشعريُّ عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن حسين بن الله، عن أبيه، عن جدَّه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : إذا كان مع الرَّجل أفراس في الغزو،

لم يُسهَم له إلّا لفرسين منها (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : يؤخذ الخمس من الغنائم فيجعل لمن جعله الله عزّ وجلَّ، ويقسّم أربعة أخماس بين من قاتل عليه وَوَليَ ذلك ، قال : وللإمام صفو المال(3)؛ أن يأخذ الجارية الفارهة، والدابّة الفارهة، والثوب والمتاع ممّا يحبُّ ويشتهي، فذلك له قبل (4)قسمة المال وقبل إخراج الخمس، قال : وليس لمن قاتل شيء من الأرضين، ولا ما غلبوا عليه إلّا ما احتوى عليه العسكر، وليس للأعراب (5)من الغنيمة شيء وإن قاتلوا مع الإمام، لأنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) صالح الأعراب أن يَدَعَهُم في ديارهم، ولا يهاجروا على أنّه إن دَهَمَ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) من عدوّه دَهمٌ أن يستفزَّهم فيقاتل بهم، وليس لهم في الغنيمة نصيب، وسنّة جارية فيهم وفي غيرهم. والأرض الّتي أخذت عَنوَةً بخيل أو ركاب، فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها ويحييها ويقوم عليها على

ص: 40


1- روى صدره إلى قوله : فقال نعم ، بتفاوت في الاستبصار ، الجهاد، 1 - باب من يستحق أن يقسم الغنائم فيهم ، ح 1 . وروى بقية الحديث برقم (1) من الباب (2) - باب كيفية قسمة الغنيمة بين الفرسان والرجالة، التهذيب 6 ، 66 - باب كيفية قسمة الغنائم ، ح 1 بتفاوت . هذا والمشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم هو ما تضمنه الحديث من أن الفارس يعطى سهمين والراجل سهماً واحداً. يقول الشهيدان عن كيفية قسمة الغنيمة : .... للفارس سهمان في المشهور ، وقيل : ثلاثة وللراجل وهو من ليس له فرس سواء كان راجلاً أم راكباً غير الفرس سهم، ولذي الأفراس وإن كثرت ثلاثة أسهم ، ولو قاتلوا في السفن ولم يحتاجوا إلى أفراسهم لصدق الإسم وحصول الكلفة عليهم بها . . . . . وكذا راجع الشرائع للمحقق 324/1
2- التهذيب ،6 نفس الباب ، ح 2 . الاستبصار ،3، 2 - باب كيفية قسمة الغنيمة بين الفرسان والرجالة ، ح 4
3- هذا مما لا خلاف فيه بين أصحابنا رضوان الله عليهم
4- هذا أحد القولين عندنا
5- هذا هو المشهور بين الأصحاب، وخالف فيه ابن إدريس

ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم(1)من الحقّ؛ النصف، والثلث والثلثين، على قدر ما يكون لهم صالحاً ولا يضرهم.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى، عن منصور، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن الأعراب، عليهم جهادٌ؟ قال : لا ، إلّا أن يُخَاف على الإسلام فيُستعان بهم قلت: فلهم من الجزية شيء؟ قال : لا(2).

6 - عنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبدالله، عن آبائه (علیه السّلام) عن عليّ (علیه السّلام) في الرّجل يأتي القوم وقد غنموا، ولم يكن شهد القتال؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : هؤلاءِ المحرومون(3)، وأمر أن يقسم لهم(4).

7 - محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن منصور بن حازم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الغنيمة (5)؟ فقال : يخرج منها خمس الله، وخمس للرّسول، وما بقي قسّم بين من قاتل عليه وَوَلي ذلك (5) .

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، جميعاً عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أحدهما (علیه السّلام) قال : إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) خرج بالنساءِ في الحرب حتّى يُدَاوِينَ الجرحى، ولم يقسم لهنَّ من الفيء شيئاً، ولكنّه نَفَلَهُنَّ(6).

19 - باب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن مهران بن محمّد، عن

ص: 41


1- أي على أقصى ما يمكن أن يتحملوا ولو مع المشقة . وبالآخِرة الأمر راجع إلى الإمام حسب ما يراه
2- الفقيه 2 ، 10 - باب الخراج والجزية ، ح 9 وأخرجه عن ابن مسكان عن الحلبي قال: سأل رجل أبا عبد الله (علیه السّلام)
3- يعني من ثواب الجهاد والقتال
4- التهذيب 6 ، 65 - باب السرية تغزو فتغنم فيلحقها ... ، ح 2 . الاستبصار ،3، 1 - باب من يستحق أن يقسم الغنائم فيهم، ح 2
5- الحديث صحيح
6- التهذيب 6، 66 - باب كيفية قسمة الغنائم ، ح .6 . وفي ذيله ولكن ... والظاهر من كلمات أصحابنا أنه لا خلاف بينهم في عدم استحقاق النساء لشيء من الغنيمة بالمعنى المعروف، وإنما يرضخ لهن الإمام إذا حضرن بحسب ما يراه من المصلحة بحسب حالهن والرّضخ : المراد به العطاء الذي لا يبلغ سهم من يعطاه لو كان، مستحقاً للسهم، ويشارك المرأة في هذا الحكم عندنا الخنثى والعبد والكافر إذا عاونوا، أو إذا قاتلوا بإذن الإمام ،فإنه لا سهم للثلاثة كما يعبر المحقق في الشرائع 324/1 .

عمرو بن أبي نصر قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : خير الرُّفقاءِ أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير العساكر أربعة آلاف، ولا يُغلَب عشرة آلاف من قِلّة(1).

2 - محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن فضيل بن خيثم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «لا يهزم جيش عشرة آلاف من قِلّة»(2).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعليُّ بن محمّد، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقريّ قال : أخبرني النضر بن إسماعيل البلخيّ، عن أبي حمزة الثماليّ، عن شهر بن حَوشَب قال: قال لي الحجّاج، وسألني عن خروج النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) إلى مشاهده؟ فقلت : شهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بدراً في ثلاثمائة وثلاثة عشر(3)، وشهد أحُداً في ستّمائة، وشهد الخندق في تسعمائة، فقال عمّن؟ قلت: عن جعفر بن محمّد (علیه السّلام)، فقال: ضلّ والله من سلك غير سبيله(4).

20 - باب

1 - عدّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القدَّاح(5)، عن أبيه ميمون، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) كان إذا أراد القتال قال هذه الدَّعوات : اللّهمَّ إنّك أعْلَمْتَ سبيلاً من سبلك، جعلت فيه رضاك، وندبت إليه أولياءك، وجعلته أشرف سبلك عندك ثواباً، وأكرمها لديك مآباً، وأحبّها إليك مسلكاً، ثمَّ اشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنَّ لهم الجنّة يقاتِلون في سبيل الله فيَقْتُلُون ويُقتلون وعداً عليك حقّاً، فاجعلني ممّن اشترى فيه منك نفسه، ثمَّ وفى لك ببيعه الّذي بايعك عليه غير ناكث ولا ناقض عهداً، ولا مبدّلاً تبديلاً، بل استيجاباً لمحبّتك، وتقرُّباً به إليك، فاجعله خاتمة عملي، وصيّر فيه فناء عمري، وارزقني فيه لك وبه مشهداً توجب لي به منك الرّضا، وتحطّ به عنى الخطايا، وتجعلني في الأحياءِ المرزوقين (6)بأيدي العداة والعصاة تحت لواءِ الحقّ وراية الهدى ماضياً

ص: 42


1- التهذيب 6 79 - باب النوادر، ح 24. والحديث مجهول.
2- الحديث مجهول
3- يعني كان عدد جيثه هذا المقدار، وكذلك ما بعده.
4- الحديث ضعيف. ومن المعروف أن وفاة شهر بن حوشب كانت قبل إمامة الصادق (علیه السّلام) . اللهم إلا أن يكون قد سمع منه قبل انتقال الإمامة إليه في زمن الباقر (علیه السّلام)، وليس ببعيد. كما يحتمل أنه وقع تصحيف في اسم المعصوم (علیه السّلام) في هذه الرواية وهو أقرب.
5- هو عبد الله بن ميمون
6- يعني الشهداء

على نصرتهم : قُدُماً(1)غير مُوَلّ دُبُراً، ولا محدث شكاً، اللّهمَّ وأعوذ بك عند ذلك من الجبن عند موارد الأهوال، ومن الضعف عند مساورة الأبطال (2)، ومن الذَّنب المحبط للأَعمال، فأَحْجَمَ (3)من شكٍّ، أو مضى بغير يقين، فيكون سعيي في تَباب(4)، وعملي غير مقبول».

21- باب الشُّعار

21- باب الشِّعار(5)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : شعارنا : «يا محمّد يا محمّد»، وشعارنا يوم بدر: «يا نصر الله اقترب اقترب»، وشعار المسلمين يوم أحُد: «يا نصر الله اقترب» ويوم بني النضير: «يا روح القدس اَرِح»، وي- ويوم بني قَيْنُقَاع(6): «يا ربّنا لا يغلبُنّك»، ويوم الطائف: «يا رضوان»، وشعار يوم حنين : «يا بني عبد الله [يا بني عبد الله]»، ويوم الأحزاب: «حم لا يُبصرون»(7)ويوم بني قريظة: «يا سلام أسلمهم»، ويوم المريسيع(8)، وهو يوم بني المصطلق : «ألا إلى الله الأمر»، ويوم الحديبية: «ألا لعنة الله على الظالمين» ويوم خيبر ؛ يوم القموص(9): يا عليّ إءتهم من عَل»، ويوم الفتح : «نحن عباد الله حقّاً حقّاً»، ويوم تبوك: «يا أحد يا صمد»، ويوم بني الملوح: «أمت أمِت»، ويوم صفّين: «يا نصر الله»، وشعار الحسين (علیه السّلام): «يا محمّد»، وشعارنا : «يا محمّد».

2 - عليٌّ، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قدم أناس من مُزَيَّنَة على النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال : ما شعاركم؟ قالوا حرام، قال: بل شعاركم : حلال(10).

ص: 43


1- قُدُماً : أي من غير انثناء أو انعطاف.
2- أي مواثبتهم - كما في الصحاح للجوهري 690/2
3- أي كفَّ
4- التباب : الهلاك والخسران
5- المقصود بالشعار - هنا - : العلامة التي كان أصحاب النبي (صلی الله عليه وآله) والمسلمون من بعده يتعارفون بها في الحرب
6- بنو قينقاع حي من اليهود، وكذلك بنو النضير.
7- في شرح المجلسي في المرآة ورد لا ينصرون وكذلك في النهاية لابن الأثير وقيل : معناه : اللهم لا ينصرون، وأريد به الخبر لا الدعاء.
8- قال الفيروزآبادي المريسيع : مصغر ،مرسوع، بئر أو ماء الخزاعة على يوم من الفرع وإليه تضاف غزوة بني المصطلق . 28/3
9- يقول الفيروزآبادي :310/2 القموص: جبل بخيبر عليه حصن أبي الحقيق اليهودي
10- الحديث ضعيف على المشهور

وروي أيضاً: أنَّ شعار المسلمين يوم بدر: «يا منصور أمِت(1)، وشعار يوم اُحُد للمهاجرين : «يا بني عبد الله، يا بني عبد الرَّحمن»، وللأوس: «يا بني عبد الله».

22 - باب فضل ارتباط الخيل وإجرائها والرمي

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن غير واحد، عن أبَاَن، عن زرارة، عن - أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الخيل كانت وحوشاً في بلاد العرب، فصعد إبراهيم واسماعيل (علیه السّلام) على جبل جياد(2)، ثمَّ صاحا: الَا هلا ألَا هل(3)، قال : فما بقي فرس إلّا أعطاهما بيده، وأمكن من ناصيته(4).

2 - عنه، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن أبان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة(5).

3 - عنه، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن معمر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : الخير كلّه معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة (6).

4 - عنه، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم الجعفريّ قال : سمعت أبا الحسن (علیه السّلام) يقول : من ربط فرساً عتيقاً، مُحِيت عنه ثلاث سيّئات في كلّ يوم، وكُتب له إحدى عشرة حسنة؛ ومن ارتبط هجيناً، مُحيت عنه في كلّ يوم سيئتان، وكُتب له سبع حسنات؛ ومن ارتبط برذوناً يريد به جَمالاً، أو قضاء حوائج، أو دَفْعَ عدوّ

ص: 44


1- إذا كان الشعار: أمت أمت قيل : المخاطب هو الله تعالى. وأما ما ورد هنا: يا منصور أمت، قيل: المخاطب والمأمور كل من المقاتلين.
2- المعروف : الأجياد، وهو أحد جبال مكة ، سمّي بذلك - كما يقول الجوهري في الصحاح 461/2 - لموضع خيل تبع. وقال في مراصد الاطلاع : هما أجيادان صغير وكبير .
3- هلا وهال - كما يقول في القاموس 71/4 - رجزان للخيل، أي أقربي
4- الفقيه 2 ، 86 - باب الخيل وارتباطها وأول من ركبها ، ح 6 بتفاوت قليل.
5- الفقيه ،2، 86 - باب الخيل وارتباطها و ... ، صدرح ... مرسلاً عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) وفيه : بنواصيها، وذكر ذلك الشريف رحمه الله في المجازات النبوية ص 46 . وقوله (صلی الله عليه وآله) هذا ، إنما هو على نحو المجاز ، ولأن الخير في الحقيقة ليس يصح أن تعقد به نواصي الخيل، وإنما المراد أن الخير كثيراً ما يدرك بها ويوصل إليه عليها فهي كالوسائل إلى بلوغه، فكأنه معقود بنواصيها لشدة ملازمته ،لها وكثرة انتهاز فرصه بها...».
6- الفقيه ،2، 86 - باب الخيل وارتباطها و ... ، صدرح ... مرسلاً عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) وفيه : بنواصيها، وذكر ذلك الشريف رحمه الله في المجازات النبوية ص 46 . وقوله (صلی الله عليه وآله) هذا ، إنما هو على نحو المجاز ، ولأن الخير في الحقيقة ليس يصح أن تعقد به نواصي الخيل، وإنما المراد أن الخير كثيراً ما يدرك بها ويوصل إليه عليها فهي كالوسائل إلى بلوغه، فكأنه معقود بنواصيها لشدة ملازمته ،لها وكثرة انتهاز فرصه بها...».

عنه، محيت عنه كلِّ يوم سيّئة واحدة وكُتب له ستّ حسنات(1)

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عن أبيه (علیه السّلام) أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أجرى الخيل الّتي أضمرت(2)من الحفياء(3)إلى مسجد بني زُرَيق، وسبقها من ثلاث نخلات فأعطى السابق عذقاً، وأعطى المصلّي (4)عذقاً، وأعطى الثالث عذقاً .

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، مثله سواء.

6 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى محمّد، عن الوشّاءِ، عن عبد الله سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : لا سبق إلّا في خفّ أو حافر أو نصل.- يعني النّضال -(5).

7 - محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين (علیه السّلام) أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أجرى الخيل، وجعل سَبْقَها أواقي(6)من فضّة .

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إذا حرنت(7)على أحدكم دابّة - يعني - أقامت في أرض العدوّ أو في سبيل الله فليذبحها ولا يُعَرْقِبها»(8)

ص: 45


1- الفقيه 2، نفس الباب ، ج 3 مرسلا ويتفاوت وزيادة . فرس عتيق : أي سابق ناجٍ. والهجين من الخيل : الذي ولدته برذونة من حصان عربي جمع هُجن وهواجن . والبِرذَون : التركي من الخيل، وخلافها العراب وقيل : دابة الحمل الثقيلة البطيئة.
2- تضمير الفرس - كما يقول الجوهري في الصحاح 722/2: أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده إلى القوت
3- موضع بالمدينة على أميال وبعضهم يقدم الياء على الفاء كما في نهاية ابن الأثير 411/1
4- المصلي : - هنا - هو الذي يلي السابق أي من يأتي في الدرجة الثانية .
5- الحديث ضعيف . و قوله (علیه السّلام) : لا سبق ... إن قرىء بسكون الباء فهو بمعنى المسابقة ، وإن قرىء بفتحها - وهو بمعنى الخطر الذي يوضع بين أهل السباق ويتفرع على الوجهين ما إذا سوبق في غير ما ذكر بغير عوض، مرآة المجلسي 389/18 والنضال المساواة في الرمي .
6- جمع الأوقية
7- حَرَن الفرس يحرن حروناً - كما في الصحاح : الذي لا ينقاد، أو إذا اشتد به الجري وقف
8- التهذيب 6، 79 - باب النوادر ح 15 يتفاوت وكرره برقم 351 من التسلسل العام في الجزء 4 من التهذيب بتفاوت أيضاً. وعرقبت الدابة : - كما في الصحاح - قطعت عرقوبها ، وهو في رجلها بمنزلة الركبة في يدها.

9 - وبإسناده قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : لمّا كان يوم مؤتة، كان جعفر بن أبي طالب على فرس، فلمّا التقوا، نزل عن فرسه فعرقبها بالسيف، فكان أوَّلَ من عَرْقَبَ في الإسلام(1).

10 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ليس شيء (2)تحضره الملائكة إلّا الرّهان (3)، وملاعبة الرجل أهله (4)

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عن آبائه (علیه السّلام) قال : الرَّمي ؛ سهم من سهام الإسلام .

12 - محمّد بن يحيى، عن عمران بن موسى ، عن الحسن بن طريف، عن عبد الله بن المغيرة رفعه قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في قول الله عزَّ وجلَّ: «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ»(5)؟ قال : الرَّمي.

13 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن عليّ بن إسماعيل رفعه قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «اركبوا وارموا، وإن ترموا أحبُّ إليَّ من أن تركبوا»، ثمَّ قال: «كلُّ لهو المؤمن باطل إلّا في ثلاث : في تأديبه الفرس، ورميه عن قوسه، وملاعبته امرأته، فإنّهنّ حقٌّ، إلّا أنَّ الله عزَّ وجلَّ لَيُدْخِلُ في السهم الواحد الثلاثة الجنّة : عامل الخشبة، والمقوّي، به في سبيل الله، والرَّامي به في سبيل الله»(6).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا سبق إلّا في خفّ أو حافر أو نصل - يعني النضال - (7).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي

ص: 46


1- الحديث ضعيف على المشهور. وقد يكون فعل ذلك لعدم تيسر ذبحه لها
2- أي من المداعبات والملاعبات المباحة مما فيه التذاذ الإنسان.
3- يعني فيما ذكر سابقاً من النضال في الخف أو الحافر أو النصل
4- الحديث مجهول
5- الأنفال/ 60. وقوله من قوة أي من كل ما يكون موجباً للتقوّي على الأعداء في الحرب، ولذا فتخصيص الرمي في مقام الجواب إنما هو على وجه التمثيل لا الحصر.
6- التهذيب ،6 79 - باب النوادر ، ح 26 بتفاوت يسير. وأخرجه عنه ، عن علي بن إسماعيل، عن عبد الله بن الصلت عن أبي ضمرة أنس بن عياض الليثي عن ابن عجلان (محمد)، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبى الحسن أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)وقوله :(علیه السّلام) : المقوّي به أي من يشتريه فيعطيه من يرمي به في سبيل الله.
7- مر مضمونه بسند آخر برقم 6 من هذا الباب وعلقنا عليه هناك .

عبد الله (علیه السّلام) أنّه كان يحضر الرِّمي والرّهان .

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : أغار المشركون على سرح (1)المدينة، فنادى فيها مناد: يا سوء صباحاه، فسمعها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في الخيل، فركب فرسه في طلب العدوّ، وكان أوّل أصحابه لحقه أبو قتادة على فرس له، وكان تحت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) سرج دفّتاه ليف، ليس فيه أشر (2)ولا بطر فطلب العدوّ فلم يلقَوا أحداً، وتتابعت الخيل، فقال أبو قتادة : يا رسول الله، إنَّ العدوَّ قد انصرف، فإن رأيتَ أن نستَبِقَ؟ فقال : نعم، فاستبقوا، فخرج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) سابقاً عليهم، ثمَّ أقبل عليهم فقال : أنا ابن العواتك ((3) من قريش، إنّه لهو الجواد البحر . - يعني فرسه(4).

23 - باب الرجل يدفع عن نفسه اللص

1 - أحمد بن محمّد الكوفيّ، عن محمّد بن أحمد القلانسيّ، عن أحمد بن الفضل، عن عبد الله بن جبلة، عن فزارة، عن أنس - أو (5)هيثم بن البراء - قال : قلت لأبي جعفر (علیه السّلام) : اللّص يدخل في بيتي يريد نفسي ومالي؟ قال: اقتل، فأشهِد الله ومن سمع أنَّ دمه في عنقي(6)

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إنَّ الله عزّ وجلَّ ليمقت الرّجل يدخل عليه اللّص في بيته فلا يحارب(7).

ص: 47


1- السرح - كما يقول الجوهري 1 / 374 -: المال السايم
2- الأشر البطر، والمتسرع ذو الحدّة
3- قال ابن الأثير في نهايته : ... العواتك جمع العائكة وأصل العاتكة المتضمخة بالطيب ... والعواتك : ثلاث نسوة كن من أمهات النبي (صلی الله عليه وآله)، إحداهن عاتكة بنت هلال ... وهي أم عبد مناف من قصي . والثانية : عاتكة بنت مرة ... وهي أم هاشم بن عبد مناف والثالثة : عاتكة بنت الأوقص ... وهي أم وهب أبي آمنة أم النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم)
4- الحديث ضعيف كالموثق
5- الشك من الراوي
6- التهذيب 6 ، 72 - باب قتال المحارب واللص ، ح 6 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 4 / 189 - 190 : اللإنسان أن يدفع عن نفسه وحريمه وماله ما استطاع، ويجب اعتماد الأسهل .... ويذهب دم المدفوع مدراً جرحاً كان أو قتلا، ويستوي في ذلك الحر والعبد، ولو قُتِلَ الدافع كان كالشهيد
7- بمعناه وقريب منه في التهذيب ،6 نفس الباب، ح 3 وأخرجه بطريقه عن السكوني عن جعفر عن أبيه (علیه السّلام) قال ... والمقت أشد البغض .

3 - وبإسناده أن أمير المؤمنين (علیه السّلام) أتاه رجلٌ فقال : يا أمير المؤمنين، إنّ لصّاً دخل على امرأتي فسرق حُليّها؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : أما إنّه لو دخل على ابن صفيّة (1)لما رضي بذلك حتّى يعمّه (2)بالسيف(3).

4 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبّان بن عثمان، عن رجل، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : إذا دخل عليك اللّص المحارب فاقتله، فما أصابك فدمه في عنقي(4).

24- باب من قُتِلَ دون مَظْلَمَتِهِ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الرَّحمن، ابن ابی نجران، عن عبد الله بن سنان، بعن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من قُتِل دون مَظْلَمَتِهِ فهو شهيد»(5).

2 - وبهذا الإسناد، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : من قُتل دون مَظْلَمِتِه فهو شهيدٌ، ثمَّ قال: يا أبا مريم، هل تدري ما دون مَظلمته؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك، الرّجل يُقتل دون أهله ودون ماله وأشباه ذلك، فقال: يا أبا مريم، إنَّ من الفقه عرفانَ الحق (6).

3 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاءِ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل، يقاتل دون ماله؟ فقال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): من قُتل دون

ص: 48


1- الظاهر أن المراد به الزبير
2- في التهذيب يعممه ... أي حتى يعم جميع أعضائه بالسيف.
3- التهذيب 6 نفس ،الباب ح 1 بتفاوت والحديث ضعيف على المشهور
4- الحديث مرسل وقوله : فما أصابك ... الخ ، كناية عن أن دمه هدر فلا قود ولا دية .
5- التهذيب 6 ، 78 - باب الشهداء وأحكامهم ، ح 2 . والمظلمة - كما في صحاح الجوهري - ما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما أخذ منك .
6- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 3 . قوله (علیه السّلام): أن من الفقه عرفان الحق؛ لعل المراد به أنه ليس الفقه منحصراً في عرفان مسائل الصلاة والصوم مثلاً ، بل عرفان الحق في أي شيء كان هو من الفقه، وأريد به طلب عرفان الحق تأديباً له أي كان لك أن تسأل عن ذلك حتى تعرفه ولا تدعي العلم وعلى الأول، الظاهر أنه تصديق وتحسين مرآة المجلسي 18/ 394

ماله فهو بمنزلة الشهيد، قلت: أيقاتل أفضل، أو لم يقاتل؟ قال: أمَا أنا لو كنت لم أقاتل، وتركته(1).

4 - عنه، عن أحمد، عن الوشّاءِ(2)، عن صفوان بن يحيى، عن أرطأة بن حبيب الأسديّ، عن رجل عن عليّ بن الحسين (علیه السّلام) قال : من اعتُدِيَ عليه في صدقة ،ماله فقاتل فقُتِل، فهو شهيدٌ(3).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عمّن ذكره عن، الرضا (علیه السّلام) : عن الرَّجل يكون في السفر ومعه جارية له فيجيىء قوم يريدون أخذ جاريته، أيمنع جاريته من أن تؤخذ وإن خاف على نفسه القتل؟ قال: نعم، قلت : وكذلك إن كانت معه امرأة؟ قال : نعم . قلت : وكذلك الأمُّ والبنت وابنة العمّ والقرابة، يمنعهنَّ وإن خاف على نفسه القتل؟ قال : نعم [قلت :] وكذلك المال يريدون أخذه في سفر، فيمنعه وإن خاف القتل؟ قال : نعم(4).

25- باب فَضلِ الشهادة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد(5)، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السّلام) قال: سألته عن قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه : والله لألفُ ضربة بالسيف أهونُ من موت على فراش؟ قال: في سبيل الله(6).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): «فوق كلّ ذي بِرّ بِرٌّ حتّى يُقْتَلَ في سبيل الله ، فإذا قُتِل في سبيل الله، فليس فوقه بِرٌّه .

ص: 49


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 5
2- واسمه الحسن بن علي
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 1 قوله (علیه السّلام) : في صدقة ماله : يعني في زكاة ماله عندما يريد شخص أخذها منه من دون استحقاق منه لها فيدفعه عنها ليحفظها لمستحقها
4- الحديث مرسل
5- هو الأشعري.
6- التهذيب 6، 54 - باب فضل الجهاد وفروضه ح 10 وليس فيه كلمة : والله. وفي ذيله: قال: فقال : ... والحديث صحيح

3- - عدةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عنبسة، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : إنَّ عليِّ بن الحسين (علیه السّلام) كان يقول : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «ما من قطرة أحبُّ إلى الله عزّ وجلَّ من قطرة دم في سبيل الله»

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب رفعه أنَّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) خطب يوم الجمل فحمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال: أيّها الناس، إنّي أتيت هؤلاءِ القوم ودعوتهم واحتججت عليهم، فدعوني إلى أن أصبر للجلاد وأبرز للطعان فَلامِهِم الهبل(1)، وقد كنت وما أهدّد بالحرب، ولا أرهب بالضرب، أنصف القارة (2)امن راماها ، فلغيري فليُبرِقوا وليُرْ عِدوا(3)، فأنا أبو الحسن الّذي فَلَلْتُ حَدَّهم، وفرَّقت جماعتهم، وبذلك القلب ألقى عدوّي وأنا على ما وعدني ربّي من النصر والتأييد والظفر، وإنّي لعلى يقين من ربّي، وغير شبهة من أمري، أيّها الناس؛ إنَّ الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص(4)، ومن لم يمت يُقتل، وإن أفضل الموت القتل، والّذي نفسي بيده لألْفُ ضربة بالسيف أهونُ علي من ميتة على فراش؛ واعَجَباً لطلحة، ألّب (5)الناس على ابن عفّان، حتّى إذا قُتِل، أعطاني صفقته بیمینه طائعاً، ثم نكث ثم نكث بيعتي؛ اللَّهمَّ خذه ولا تمهله، وإنَّ الزبير نكث بيعتي، وقطع رحمي، وظاهَرَ عَلَيَّ عدوّي، فاكفنيه اليوم بما شئت.

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قيل للنبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم): ما بال الشهيد لا يُفْتَن في قبره؟ فقال [النبيّ] (صلی الله علیه و آله و سلّم) : كفى بالبارقة (6)فوق رأسه فتنة(7).

6 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : من قُتل في سبيل الله، لم يعرّفه الله شيئاً من سيئاته(8).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن النعمان، عن سويد

ص: 50


1- الهبل : الشكل والفقدان .
2- القارة : قبيلة من قبائل العرب كانت مشهورة بحسن الرمي ودقة التصويب.
3- استعارة أريد بها التهديد والوعيد
4- المحيص: المهرب والمحيد
5- أي جمع
6- البارقة - كما في الصحاح 194/4 - : السيوف.
7- الحديث ضعيف على المشهور، وفتنة القبر ضغطته وسؤال منكر ونكير فيه.
8- الحديث مجهول

القلانسيّ، عن سماعة، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أيُّ الجهاد أفضل؟ قال: من عُقِر جوادُهُ وأهريق دمه في سبيل الله.

26- باب

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : يضحك (1)الله عزّ وجلّ إلى رجل في كتيبة يعرض لهم سَبُعٌ أو لصٌّ، فحماهم أن يجوزوا(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): «عَوْنُكَ الضعيف من أفضل الصدقة».

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن مثنّى، عن فطر بن خليفة، عن محمّد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه صلوات الله عليهم قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من ردَّ عن قوم من المسلمين عادِيةَ»(3)ماءٍ أو نار، وجبت له الجنة».

27 - باب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يحيى الطويل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ما جعل الله عزّ وجلَّ بَسْطَ اللّسان وكفّ اليد، ولكن جعلهما يُبسَطان معاً

ويُكَفِّان معاً(4).

28 - باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن بشر (5)بن عبد الله، عن أبي عصمة قاضي مرو، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : يكون في

ص: 51


1- الضحك مضافاً إليه سبحانه كناية عن الإثابة واللطف منه تعالى
2- الحديث ضعيف. «والغرض مدح من دفع ضرر سبع أو لص عن جماعة من المسلمين حتى يجوزوا عنهما سالمين» مرآة المجلسي 398/18
3- العادية : الظلم والشر. والحديث مجهول.
4- التهذيب 6 79 - باب النوادر ، ح 3 . والحديث مجهول.
5- في التهذيب : عن بشير

آخر الزمان قومٌ يتبع فيهم قوم مراؤون، يتقرَّؤون(1)، ويتنسّكون، حدثاء سفهاء، لا يوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر إلّا إذا أمنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرُّخص والمعاذير، يتبعون زلّات العلماءِ وفساد عملهم، يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يَكلِمُهُم (2)في نفس ولا مال، ولو أضرِّت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها (3)؛ إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة، بها تقام الفرائض، هنالك يتمُّ غضب الله عزّوجلَّ عليهم فيعمّهم بعقابه، فيهلك الأبرار في دار الفجّار، والصغار في دار الكبار؛ إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء، ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة، بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحلّ المكاسب، وتُردُّ المظالم، وتَعْمُرُ الأرض، ويُنتصف من الأعداءِ، ويستقيم الأمر، فأنكِروا بقلوبكم، والفظوا بالسنتكم وصكّوا (4)بها جباههم، ولا تخافوا في الله لومة لائم، فإن اتّعظوا وإلى الحقّ رجعوا، فلا سبيل عليهم «إنّما السبيل على الّذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحقّ أُولئك لهم عذاب أليم»(5)، هنالك (6)فجاهدوهم بأبدانكم، وأبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطاناً، ولا باغين مالاً، ولا مريدين بظلم ظفراً، حتّى يفيئوا إلى أمر الله ويمضوا على طاعته. قال : وأوحى الله عزَّ وجلّ إلى شعيب النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم): إنّي معذّب من قومك مائة ألف؛ أربعين ألفاً من شرارهم، وستّين ألفاً من خيارهم، فقال (علیه السّلام): يا ربّ هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : داهَنوا أهل المعاصي (7)ولم يغضبوا لغضبي(8).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جماعة من أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ما قُدّست أُمّة لم يؤخذ لضعيفها من قويّها بحقه غير مُتَعْتع(9).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عمر بن عرفة قال: سمعت أبا الحسن (علیه السّلام) يقول : لتَأْمُرُنَّ بالمعروف ولَتَنْهُنَّ عن

ص: 52


1- أي يتعبدون ويتزهدون .
2- الكَلم : الجرح. والمقصود هنا : لا يضرّهم في نفس ولا مال
3- المقصود رفضهم للجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4- الصَّلِّ : الضرب.
5- الشورى 42 . ويبغون : أي ويطلبون
6- إشارة إلى ما ذكر (علیه السلام) من عدم اتعاظهم ورجوعهم إلى الصواب والعدل.
7- ذَهَنَ في الأمر وأدهن فيه : لان وتَسَمّح ولم يتشدّد .
8- التهذيب 6 ، 80 - باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ج 21 .
9- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 20 . وفي ذيله : غير متضع. ومتعتع : أي يصيبه أذى يقلقه ويزعجه.

المنكر، أو ليستعملنَّ عليكم شراركم ، فيدعو خياركم فلا يُستجاب لهم(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن داود بن فَرْقَد، عن أبي سعيد الزّهريّ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیه السّلام) قال: ويلٌ لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(2).

5 - وبإسناده قال : قال أبو جعفر (علیه السّلام) : بئس القوم قوم يعيبون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(3).

6 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن يحيى بن عقيل، عن حسن قال: خطب أمير المؤمنين (علیه السّلام)، فحمد الله وأثنى عليه، وقال أمّا بَعْدُ، فإنّه إنّما هلك من كان قبلكم حيث ما عملوا من المعاصي، ولم ينههم الرّبانيّون والأحبار عن ذلك، وإنّهم لمّا تمادَوا في المعاصي، ولم ينههم الرّبانيّون والأحبار عن ذلك، نزلت بهم العقوبات فآمُرُوا بالمعروف وانهُوا عن المنكر، واعلموا أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقرّبا أجلا ولم يقطعا رزقاً، إنّ الأمر ينزل من السماءِ إلى الأرض كقطر المطر إلى كلّ نفس بما قدّر الله لها من زيادة أو نقصان، فإن أصاب أحدكم مصيبةً في أهل أو مال أو نفس، ورأى عند أخيه غفيرة (4)في أهل أو مال أو نفس، فلا تكونّن عليه فتنة، فإنَّ المرء المسلم البريءٌ من الخيانة ما لم يغش دناءة تظهر، فيخشع لها إذا ذكرت ويغري بها لثام الناس كان كالفالج الياسر (5)الّذي ينتظر أوّل فوزة من قداحه توجب له المغنم، ويدفع بها عنه المغرم، وكذلك المرء المسلم البريء من الخيانة، ينتظر من الله تعالى إحدى الحسنيين؛ إمّا داعي الله، فما عند الله خيرٌ له، وإمّا رزق الله فإذا هو ذو أهل ومال ومعه دينه وحَسَبُهُ، إنَّ المال والبنين حرث الدنيا، والعمل الصالح حَرْثُ الآخرة، وقد يجمعها الله

ص: 53


1- التهذيب ،6 نفس ،الباب ح .. والحديث مجهول
2- التهذيب 6، 80 - باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ح 2.
3- التهذيب 6، نفس الباب، ح 3. والمعروف هو كل فعل حسن اختص بوصف زائد على حسنه إذا عرف فاعله ذلك أو دلّ عليه . والمنكر: كل فعل قبيح عرف فاعله قبحه أو دلّ عليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان إجماعاً ووجوبهما على الكفاية يسقط بقيام من فيه كفاية، وقيل: بل على الأعيان وهو الأشبه شرائع المحقق 341/1 ، كما يراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 413/2.
4- يعني : كثرة ووفرة.
5- من الميسر وهو القمار.

الأقوام، فاحذروا من الله ما حذَّركم من نفسه، واخشوه خشية ليست بتعذير (1)وأعملوا في غير رياء ولا سمعة، فإنّه من يعمل لغير الله يَكِلُهُ الله إلى من عمل له؛ نسأل الله منازل الشهداءِ، ومعايشة السعداءِ، ومرافقة الأنبياءِ.

7 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن أسباط، عن أبي إسحاق الخراسانيّ، عن بعض رجاله قال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ أوحى إلى داوود (علیه السّلام) : إنّي قد غفرت ذنبك، وجعلت عار ذنبك على بني إسرائيل، فقال: كيف يا ربّ، وأنت لا تظلم؟ قال: إنّهم لم يعاجلوك بالنكرة(2).

8 - محمّد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن عليّ بن مهزيار. عن النضر بن سويد، عن دُرُست، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إن الله عزّ وجلّ بعث مَلَكين إلى أهل مدينة ليقلباها على أهلها، فلمّا انتهيا إلى المدينة، وجدا رجلا يدعو الله ويتضرّع، فقال أحد المَلَكين لصاحبه: أما ترى هذا الداعي؟ فقال : قد رأيته، ولكن أمضي لما أمر به ربّي، فقال : لا ، ولكن لا أُحْدِثُ شيئاً حتى أراجع ربّي، فعاد إلى الله تبارك وتعالى فقال : يا ربّ إنّي انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلاناً يدعوك ويتضرَّع إليك؟ فقال : امض لما أمرتك به، فإنّ ذا رجل لم يتمعّر (3)وجهه غيظاً لي قط(4).

9 - حميد بن زياد، عن الحسين بن محمّد، عن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الله محمّد(5).

بن عن أبي عبد الله (علیه السّلام) : أَنَّ رجلاً من خثعم جاء إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال : يا رسول الله ، أخبرني ، ما أفضل الإسلام، قال: الإيمان بالله، قال : ثمَّ ماذا؟ قال : ثمَّ صلة الرَّحم ، قال : ثمَّ ماذا؟ قال : الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، قال: فقال الرَّجل : فأيُّ الأعمال أبغض إلى الله؟ قال : الشرك بالله، قال : ثمَّ ماذا؟ قال : قطيعة الرحم، قال: ثمَّ ماذا؟ قال : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف(6).

ص: 54


1- التعذير: التقصير والمعذر من يبدي العذر وليس بمعذور.
2- النكرة الإنكار والحديث مرسل.
3- أي لم يتغير.
4- الحديث ضعيف
5- هو ابن طلحة
6- التهذيب 6، 80 - باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ح 4 . وأخرجه عن محمد بن يعقوب، عن حميد بن: ،زياد عن الحسن بن سماعة عن غير واحد عن أبان بن عثمان عن عبد الله بن محمد بن طلحة عن أبي عبد الله (علیه السلّام) ... والحديث مجهول.

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : أمَرَنا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مُكْفَهِرة(1).

11 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يعقوب بن يزيد رفعه قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، خلقان من خلق الله، فمن نصرهما أعزّه الله، ومن خذلهما خَذَلَهُ الله(2).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم قال : كان أبو عبد الله (علیه السّلام) إذا مرَّ بجماعة يختصمون، لا يجوزهم حتّى يقول ثلاثاً : اتّقوا الله، يرفع بها صوته(3).

13 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عرفة قال : سمعت أبا الحسن الرضا (علیه السّلام) يقول : كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يقول: «إذا أمّتي تواكلت الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من الله تعالى»(4).

14 - علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «كيف بكم إذا فسدت نسائكم، وفَسَقَ شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهَوا عن المنكر»؛ فقيل له : ويكون ذلك يا رسول الله ؟ فقال : نعم، وشرٌّ من ذلك، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؛ فقيل له : يا رسول الله، ويكون ذلك؟ قال: «نعم، وشرّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً(5).

15 - وبهذا الإسناد قال : قال النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إن الله عز وجلَّ لَيُبْغِضُ المؤمن الضعيف الذّي لا دين

له فقيل له : وما المؤمن الذّي لا دين له؟ قال: «الّذي لا ينهي عن المنكر».

ص: 55


1- التهذيب 6 ، 80 - باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حه ونصه : أدنى الإنكار أن يلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة. والوجه المكفهر العابس، في مقابل المنبسط. هذا ويقول المحقق في الشرائع 343/1: ويجب دفع المنكر بالقلب أولاً كما إذا عرف أن فاعله ينزجر بإظهار الكراهة، وكذا إن عرف أن ذلك لا يكفي وعرف الاكتفاء بضرب من الإعراض والهجر وجب واقتصر عليه.
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 6. ويحتمل في قوله : خلقان : فتح الخاء، وضمها مع اللام أيضاً.
3- التهذيب 6 ، نفس الباب ح .19 . وكرر الكليني هذا الحديث بعينه برقم 4 من الباب التالي فانتظر
4- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 7 وفيه : فلتأذن بدل فليأذنوا . . . والوقاع الحرب ، وواقعه : حاربه . والواقعة : النازلة الشديدة.
5- التهذيب 6، نفس الباب، ح 8

16 - وبهذا الإسناد قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول - وسئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب هو على الأمّة جميعاً -؟ فقال : لا ، فقيل له : ولِمَ؟ قال : إنّما هو على القويّ المُطَاع، العالمِ بالمعروف من المنكر، لا على الضّعيف الّذي لا يهتدي سبيلاً إلى أيٍّ. من أي، يقول من الحقِّ إلى الباطل (1)والدَّليل على ذلك كتاب الله عزّ وجلَّ قوله : «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ»(2)، فهذا خاصٌ غير عامّ، كما قال الله عزّ وجلَّ : «وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ»(3)، ولم يقل: على أمّة موسى، ولا على كلّ قومه، وهم يومئذ أمم ،مختلفة، والأمّة واحدة فصاعداً كما قال الله عزّ وجلَّ : «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ»(4)يقول : مطيعاً الله عزَّ وجلَّ، وليس على من يعلم ذلك في هذه الهُدنة(5)من حَرَج إذا كان لا قوَّة له ولا عذر ولا طاعة .

قال مسعدة: وسمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : - وسُئل عن الحديث الّذي جاء عن النّبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) أنّ أفضل الجهاد كلمةُ عدلٍ عند إمام جائر - ما معناه؟ قال : هذا على أن يأمره بعد معرفته، وهو مع ذلك يقبل منه وإلّا فلا(6).

29 - باب إنكار المُنْكَر بالقلب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يحيى الطّويل صاحب المنقريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : حَسْبُ المؤمن عزًا إذا رأى منكراً أن يَعْلَمَ الله عزّ وجلّ من

قلبه إنكاره(7).

2 - وبهذا الإسناد قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنّما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر

ص: 56


1- وقوله (علیه السّلام) : يقول من الحق . يحتمل أن يكون : يقول كلام الإمام (علیه السّلام) ، بمعنى : يدعو، أو مضمنا معناه ، أي يدعو هذا الضعيف الناس من الحق إلى الباطل بحيث لا يعلم، والأظهر أنه كلام الراوي، فكان الأظهر: إلى حق من باطل، ولعله لبيان حاصل المعنى، أي من لا يهتدي سبيلاً إلى الحق والباطل يمكن أن يهدي من الحق إلى الباطل».
2- آل عمران/ 104
3- الأعراف/ 159
4- النحل/ 120
5- الهدنة : الصلح .
6- التهذيب 6 ، 80 - باب الأمر بالمعروف و. ح 9 بتفاوت قليل
7- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 10 وفي ذيله ... أن يعلم الله من نيته أنه له كاره .

مؤمن فيتّعظ، أو جاهل فيتعلّم، وأمّا صاحب سَوْطٍ أو (1)سيف فلا(2).

3 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مفضّل بن يزيد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال لي : يا مُفَضَّل من تعرّض لسطان جائر فأصابته بليّة لم يُؤجَر عليها، ولم يُرْزَق الصبر عليها(3).

4 - عليٌّ، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن غياث بن إبراهيم قال: كان أبو عبد الله (علیه السّلام) إذا مرَّ بجماعة يختصمون، لم يَجُزْهُم حتّى يقول ثلاثاً : اتّقوا الله اتّقوا الله. يرفع بها صوته(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن محفوظ الإسكاف قال : رأيت أبا عبد الله (علیه السّلام) رمى جمرة العقبة وانصرف، فمشيت بين يديه كالمطرق (5)له، فإذا رجل أصفر عمركيّ قد أدخل عودة في الأرض شبه السابح، وربطه إلى فسطاطه، والناس وقوف لا يقدرون على أن يمرُّوا، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا هذا، اتّق الله، فإنَّ هذا الّذي تصنعه ليس لك، قال : فقال له العمركيّ : أما تستطيع أن تذهب إلى عملك، لا يزال المكلّف(6)الّذي لا يدرى من هو يجيئني، فيقول: يا هذا اتَّقِ الله، قال: فرفع أبو عبد الله (علیه السّلام) بخطام بعير له مقطوراً فطأطأ(7)رأسه فمضى، وتركه العمركيّ الأسود.

30- باب

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن عذافر عن إسحاق بن عمّار، عن عبد الأعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لمّا نزلت هذه الآية: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا»(8)، جلس رجلٌ من المسلمين يبكي وقال : أنا عجزت عن نفسي، كُلِفْتُ أهلي؟! فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «حَسْبُك

ص: 57


1- في التهذيب : ... وسيف.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 11
3- التهذيب 6 ، 80 - باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ح 12
4- مر هذا الحديث قبل قليل برقم 12 من الباب السابق فراجع
5- المطرق الذي يمشي بين يدي الإنسان ليفتح الطريق له
6- الظاهر أنه تصحيف المتكلّف، فهو أنسب بالمعنى وأوفق بالكلام
7- أي خفض رأسه ليمر من تحت الحبل الذي وضعه العمركي ولم يتعرض له . والحديث ضعيف على المشهور
8- التحريم / 6

أن تأمرهم بما تأمر به نفسك، وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك»(1).

2 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير في قول الله عز وجل : «قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا» قلت : كيف أقيهم؟ قال : «تأمرهم بما أمر الله، وتنهاهم عمّا نهاهم الله فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم، وإن عَصَوْكَ كنت قد قَضَيْتَ ما عليك»(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن حفص بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول الله عزّ وجلَّ: «قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا»، كيف نقي أهلنا؟ قال : تأمرونهم وَتَنهَونَهُم.

31 - باب من أسخط الخالق في مرضاة المخلوق

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سَيف بن عَمِيرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله عليه وآله) (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله عزّ وجلَّ، كان حامدُهُ من الناس ذامّاً؛ ومن آثر طاعة الله عزَّ وجلَّ بما يُغْضِبُ الناس، كفاه الله عزَّ وجلَّ عداوة كلّ عدوّ، وحَسَدَ كلِّ حاسد، وَبَغْيَ كلّ باغ، وكان الله له ناصراً وظهيراً»(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من أرضى سلطاناً بسخط الله، خرج عن دين الإسلام»(4).

3 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله عزَّ وجلَّ، كان حامدُهُ من الناس ذاماً»(5).

32 - باب كراهة التعرض لما لا يطيق

1 - محمّد بن الحسين(6)، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد

ص: 58


1- التهذيب 6 ، 80 - باب الأمر بالمعروف و ...، ح 13 و 14
2- التهذيب 6 ، 80 - باب الأمر بالمعروف و ...، ح 13 و 14
3- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 15 . والحديث ضعيف.
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- الحديث ضعيف
6- في التهذيب : محمد بن الحسن.

الأنصاريّ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي الحسن الأحمسيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى المؤمن أموره كلها، ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً، أما تسمع قول الله عزّ وجلّ يقول : «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ »(1)، فالمؤمن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلاً، ثمَّ قال : إنَّ المؤمن أعزُّ من الجبل، إنَّ الجبل يُسْتَقَلّ منه (2)بالمعاول، والمؤمن لا يُسْتَقَل من دينه شيءٌ(3).

2 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عیسی، عن سماعة قال : فال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ الله عزَّ وجلَّ فوِّض إلى المؤمن أموره كلّها، ولم يفوّض إليه أن يذلُّ نفسه، ألم تسمع لقول الله عزّ وجل : «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ »، فالمؤمن ينبغي أن يكون عزيزاً، ولا يكون ذليلاً، يغرُّه الله بالإيمان والإسلام.

3 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الله تبارك وتعالى فوِّض إلى المؤمن كلُّ شيء، إلّا إذلال نفسه.

4 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن داود الرقيّ، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا ينبغي للمؤمن أن يذلَّ نفسه، قيل له: وكيف يذلّ نفسه؟ قال: يتعرض لما لا يطيق(4).

5 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن مفضّل بن عمر قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه، قلت : بما(5) يذلُّ نفسه؟ قال : يدخل فيما يتعذِّر(6) منه(7).

ص: 59


1- المنافقون / 8
2- من طلب القلّة
3- التهذيب 6 ، 80 - باب الأمر بالمعروف و. . . ، ح 16 وفي الحديث دلالة على عدم جواز أن يذلّ الإنسان المؤمن نفسه باختياره وسعيه وإن أذله الظالم أو غيره قهراً عنه لأنه يبقى عزيزاً في دينه . وبمعناه الحديث الذي يليه.
4- التهذيب 6 ، 80 - باب الأمر بالمعروف و ...، ح 17
5- في التهذيب : ما يذلّ.
6- في التهذيب يعتذر
7- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 18 وقوله : فيما يعتذر منه : أي يدخل فيما يلزمه الاعتذار عن الدخول فيه عند الناس . أو كان يملك المعذرية من عدم الدخول فيه أمام الله أو أمام الله والناس

6 - محمّد بن أحمد، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ فوَّض إلى المؤمن أموره كلّها، ولم يفوّض إليه أن يذلّ نفسه، أَلَمْ يَرَ قول الله عزّ وجلَّ ههنا : «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ». والمؤمن ينبغي له أن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلاً.

تمّ كتاب الجهاد من الكافي ويتلوه كتاب التجارة

ص: 60

كتاب المعيشة

33 - باب دخول الصُّوفيَّة على أبي عبد الله (عليه السلام) واحتجاجهم عليه فيما يَنْهَوْنَ الناس عنه من طلب الرزق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله (علیه السّلام) ، فرأى عليه ثياباً بِيضاً كأنها غِرقيءُ البيض(1)، فقال له : إنّ هذا اللّباس ليس من لباسك، فقال له : اسمع منّي وعِ ما أقول لك، فإنّه خيرٌ لك عاجلاً وآجلاً إن أنت مِتَّ على السنّة والحقّ، ولم تمت على بِدعة، أخبرك أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) كان في زمان مُقْفِرٍ جَدْبٍ، فأمّا إذا أقبلت الدُّنيا فأحقّ أهلها بها أبرارُها لا فجّارها، ومؤمنوها لا منافقوها، ومسلموها لا كفّارها، فما أنكرتَ يا ثوريّ، فوالله إنّني لمع ما ترى ما أتى عليَّ مذ عقلت صباحُ ولا مساء والله في مالي حقٌّ أمرني أن أضعه موضعاً إلّا وضعته .

قال : فأتاه قوم ممّن يُظهرون الزُّهد ويَدْعُونَ الناس أن يكونوا معهم على مثل الّذي هم عليه من التقشّف، فقالوا له : إنَّ صاحبنا حصر (2)عن كلامك ولم تحضره حُجَجُهُ، فقال لهم :

نهاتوا حججكم، فقالوا له : إنَّ حججنا من كتاب الله، فقال لهم : فأدلوا بها فإنّها أحقُّ ما أتَّبِع وعُمِل به، فقالوا : يقول الله تبارك وتعالى مخبراً عن قوم من أصحاب النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»(3)فمدح فِعلَهم، وقال في موضع آخر : «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا»(4)فنحن نكتفي بهذا.

ص: 61


1- الغِرقىء: - كما في القاموس - القشرة الملتصقة ببياض البيض.
2- الحصر: - هنا - العيّ عن الجواب والكلام. ويقصدون بصاحبهم الثوريّ
3- الحشر .9 والإيثار تقديم الغير على النفس والخصاصة الفاقة والحاجة إلى ما آثروا به غيرهم. والشُّحّ : - في كلام العرب - البخل، ومنع الفضل .
4- الدهر / 8 على حُبّه: أي على حبهم إياه وشهرتهم له

فقال رجل من الجلساءِ: إنّا رأينا كم تزهدون في الأطعمة الطيّبة، ومع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتّى تَمَتَّعوا أنتم منها؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : دعوا عنكم ما لا تنتفعون به، أخبروني أيّها النفر : ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه، ومُحكمه من متشابهه الّذي في مثله ضلَّ من ضلَّ وهلك هلك هذه الأمّة؟ فقالوا له : أو (1)بعضه، فأمّا كلّه من فلا، فقال لهم: فمن هنا أوتيتم. وكذلك أحاديث رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم).

فأمّا ما ذكرتم من إخبار الله عزّ وجلَّ إيّانا في كتابه عن القوم الّذين أخبر عنهم بحسنِ فعاله فعالهم، فقد كان مباحاً جائزاً ، ولم يكونوا نُهوا عنه، وثوابهم منه على الله عزَّ وجلَّ، وذلك أنَّ الله جلَّ وتقدَّس، أمر بخلاف ما عملوا به فصار أمره ناسخاً لفعلهم، وكان نهي الله تبارك وتعالى رحمة منه للمؤمنين ونظراً، لكيلا يضرُّوا بأنفسهم وعيالاتهم؛ منهم الضعفة الصغار والولدان والشيخ الفاني والعجوز الكبيرة الّذين لا يصبرون على الجوع، فإن تصدَّقتُ برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعاً، فمن ثَمَّ قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها الإنسان وهو يريد أن يمضيها، فأفضلها ما أنفقه الإنسان على والديه، ثمَّ الثانية على نفسه وعياله، ثمَّ الثالثة على قرابته الفقراء، ثمَّ الرابعة على جيرانه الفقراء، ثمَّ الخامسة في سبيل الله ، وهو أخسّها أجراً».

وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) للأنصاريّ حين أعتق عند موته خمسة أو ستّة من الرَّقيق، ولم يكن يملك غيرهم، وله أولاد صغار : لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنونه مع المسلمين، يترك صبية صغاراً يتكفّفون (2)الناس .

ثمَّ قال : حدَّثني أبي أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): قال : ابدأ بمن تعول، الأدنى فالأدنى، ثمّ هذا ما نطق به الكتاب ردًّا لقولكم، ونهياً عنه مفروضاً من الله العزيز الحكيم، قال: «وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا»(3)أفلا ترون أنَّ الله تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس إليه من الأثَرة (4)على أنفسهم، وسمّى من فعل ما تدعون النّاس إليه مسرفاً، وفي غير آية من كتاب الله يقول «انَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»(5)فنهاهم عن الإسراف

ص: 62


1- أي بل بعضه.
2- استكف وتكفّف : إذا أخذ يبطن كفّه، أو سأل كفاً من الطعام، أو ما يكفّ به الجوع.
3- الفرقان/ 67 . والإسراف: تجاوز الحد إلى ما فوقه مما أباحه الله. والإقتار : ما قصر عن الحد والقوام: الوسط ما بين ذاك وهذا وفيه اختلاف في الجميع .
4- أي الإيثار
5- الأنعام 141. الأعراف/ 31

ونهاهم عن التقتير، ولكن أمرٌ بين أمرين، لا يعطي جميع ما عنده، ثمَّ يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له، للحديث الّذي جاء عن النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إنَّ أصنافاً من أمّتي لا يُستجاب لهم دعاؤهم : رجلٌ يدعو على والديه، ورجلٌ يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يَكتب عليه ولم يشهد عليه، ورجلٌ يدعو على امرأته وقد جعل الله عزَّ وجلَّ تخلية سبيلها بيده ورجلٌ يقعد في بيته ويقول : ربّ ارزقني، ولا يخرج، ولا يطلب الرزق، فيقول الله عزّ وجلَّ له : عبدي ألَم أجعل لك السّبيل إلى الطلب والضرب في الأرض بجوارح صحيحة فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتّباع أمري، ولكيلا تكون كَلُّا(1)على أهلك، فإن شئتُ رزقتك، وإن شئت قتّرت عليك، وأنت غير معذور عندي.

ورجل رزقه الله مالاً كثيراً فأنفقه، ثمَّ أقبل يدعو: يا ربّ ارزقني، فيقول الله عزّ وجلَّ : ألم أرزقك رزقاً واسعاً، فهلّا اقتصدت فيه كما أمرتك ولم تسرف، وقد نهيتك عن الإسراف، ورجلُ يدعو في قطيعة رحم.

ثمَّ علم الله عزّ وجلَّ نبيه (صلی الله علیه و آله و سلّم) كيف ينفق، وذلك أنّه كانت عنده أوقيّة من الذَّهب، فكره يبيت عنده، فتصدَّق بها، فأصبح وليس عنده شيءٌ، وجاءه من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه، فلامه السائل واغتمَّ هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه، وكان رحيماً رقيقاً، فأدَّب الله تعالى نبيه (صلی الله علیه و آله و سلّم) بأمره فقال : «وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا» (2)يقول : إنَّ الناس قد يسألونك ولا يعذرونك، فإذا أعطيت ما عندك من المال، كنت قد حسرت من المال.

فهذه أحاديث رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يصدَّقها الكاتب، والكتاب يصدّقه أهله من المؤمنين. وقال أبو بكر عند موته حيث قيل له : أوصِ، فقال : أوصي بالخمس، والخمس كثيرٌ، فإنّ الله تعالى قد رضي بالخمس، فأوصى بالخمس، وقد جعل الله عزّ وجلَّ له الثلث عند موته، ولو علم أنَّ الثلث خيرٌ له أوصى به، ثمَّ من قد علمتم بعده في فضله وزهده؛ سلمان وأبو ذرّ رضي الله عنهما، فأمّا سلمان، فكان إذا أخذ عطاءه رفع منه قوته لسنته حتّى يحضر عطاؤه من قابل، فقيل له : يا أبا عبد الله، أنت في زهدك تصنع هذا وأنت لا تدري لعلّك تموت اليوم أو غداً؟! فكان جوابه أن قال: ما لكم لا ترجون لي البقاء كما خفتم عليَّ الفناء، أما علمتم يا جهلة، أنَّ

ص: 63


1- الكُلِّ : العيال والثقيل لا خير فيه
2- الإسراء/ 29. وهذا مثل ضربه الله تعالى للممتنع من الإنفاق في الحقوق التي أوجبها سبحانه فجعله كالمشدودة يده إلى عنقه والمحسور: المعيب، المنقطع به لا شيء عنده لينفقه فيتحسّر.

النفس قد تلتاث(1)على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما يعتمد عليه، فإذا هي احرزت معيشتها اطمأنَت، وأمّا أبو ذرّ فكانت له نويقات وشويهات يحلبها ويذبح منها إذا اشتهى أهله اللّحم، أو نزل به ضيف، أو رأى بأهل الماءِ الّذين هم معه خصاصة، نحر لهم الجزور أو من الشياه على قدر ما يذهب عنهم بقَرَم اللّحم(2)فيقسّمه بينهم ويأخذ هو كنصيب واحد منهم لا يتفضّل عليهم، ومن أزهد من هؤلاء، وقد قال فيهم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ما قال، ولم يبلغ من أمرهما أن صارا لا يملكان شيئاً البتة، كما تأمرون الناس بإلقاء أمتعتهم وشيئهم ويؤثرون به على أنفسهم وعيالاتهم.

واعلموا أيّها النفر، أنّي سمعت أبي يروي عن آبائه (علیه السّلام): أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال يوماً : ما عجبت من شيء كَعَجَبي من المؤمن، إنّه إن قُرض جسده في دار الدُّنيا بالمقاريض كان خيراً له، وإن ملك ما بين مشارق الأرض ومغاربها كان خيراً له، وكل ما يصنع الله عزّ وجلّ به فهو خيرٌ له، فليت شِعري، هل يحيق فيكم (3)ما قد شرحت لكم منذ اليوم أم أزيدكم.

أما علمتم أنَّ الله عزّ وجلَّ قد فرض على المؤمنين في أوَّل الأمر أن يقاتل الرَّجل منهمن عشرة من المشركين، ليس له أن يولّي وجهه عنهم، ومن ولّاهم يومئذ دبره فقد تبوّأ مقعده من النّار، ثمَّ حوّلهم عن الهم رحمة منه لهم، فصار الرّجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفاً من الله عزّ وجلَّ للمؤمنين، فنسخ الرَّجلان العشرة، وأخبروني أيضاً عن القضاة أجَوَرَةٌ هم حيث يقضون على الرَّجل منكم نفقة امرأته إذا قال : إنّي زاهدٌ، وإنّي لا شيء لي،: فإن قلتم : جَوَرَة، ظلّمكم أهل الإسلام، وإن قلتم : بل عدول، خَصَمْتُم أنفسَكم، وحيث

تردُّون صدقة من تصدَّق على المساكين عند الموت بأكثر من الثّلث.

أخبروني لو كان النّاس كلّهم كالّذين تريدون زهّاداً لا حاجة لهم في متاع غيرهم، فعلى من كان يُتَصَدَّق بكفارات الأَيمان والنّذور والصّدقات من فرض الزّكاة من الذَّهب والفضّة والتمر والزبيب، وسائر ما وجب فيه الزكاة من الإبل والبقر والغنم وغير ذلك، إذا كان الأمر كما تقولون، لا ينبغي لأحد أن يحبس شيئاً من عرض الدُّنيا إلّا قدَّمه وإن كان به خصاصة، فبئسما ذهبتم إليه وحملتم النّاس عليه من الجهل بكتاب الله عزَّ وجلَّ وسنة نبيّه (صلی الله علیه و آله و سلّم) وأحاديثه الّتي يصدّقها الكتاب المنزل، وردّكم إيّاها بجهالتكم، وترككم النظر في غرائب القرآن من (4)

ص: 64


1- يعني : تبطىء، أو تسترخي وتضعف
2- القرم : شهوة اللحم
3- حاق بهم الأمر: لزمهم ووجب عليهم. وفي بعض النسخ : يحقّ فيكم.
4- هذا بيان لغرائب القرآن .

التفسير بالنّاسخ من المنسوخ والمحكم والمتشابه والأمر والنّهي.

وأخبروني، أين أنتم عن سليمان بن داود (علیه السّلام) حيث سأل الله مُلكاً لا ينبغي لأحد من فأعطاه الله جلَّ اسمه ذلك، وكان يقول الحقَّ ويعمل به، ثمّ لم نجد الله عزّ وجلّ عاب عليه ذلك ولا أحداً من المؤمنين، وداوود النبي (علیه السّلام) قبله في ملكه وشدَّة سلطانه، ثمَّ يوسف النبيّ (علیه السّلام) حيث قال لمَلِكِ مصر «اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ»(1)فكان من أمره الّذي كان، أن اختار مملكة الملك وما حولها إلى اليمن، وكانوا يمتارون (2)الطّعام من عنده لمجاعة أصابتهم، وكان يقول الحقِّ ويعمل به، فلم نجد أحداً عاب ذلك عليه .

ثمَّ ذو القرنين، عبد أحبَّ الله فأحبّه الله، وطوى له الأسباب (3))، وملّكه مشارق الأرض ومغاربها وكان يقول الحقَّ ويعمل به. ثمَّ لم نجد أحداً عاب ذلك عليه. فتأدّبوا أيّها النفر بآداب الله عزَّ وجلَّ للمؤمنين، واقتصروا على أمر الله ونهيه، ودعوا عنكم ما اشتبه عليكم ممّا لا علم لكم به، وردُّوا العلم إلى أهله تؤجروا وتُعذروا عند الله تبارك وتعالى، وكونوا في طلب ناسخ القرآن من منسوخه، ومحكمه من متشابهه، وما أحلَّ الله فيه ممّا حرَّم، فإنّه أقرب لكم من الله وأبعد لكم من الجهل؛ ودعوا الجهالة لأهلها، فإنَّ أهل الجهل كثيرٌ وأهل العلم قليلُ، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: «وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم»(4).

34 - باب معنى الزهد

1 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له: ما الزُّهد فى الدُّنيا؟ قال : ويحَكَ، حرامها فتنكّبه(5).

2 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الجهم بن الحكم، عن إسماعيل بن مسلم قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : ليس الزُّهد في الدُّنيا بإضاعة المال، ولا تحريم الحلال، بل الزُّهد في الدُّنيا ؛ أن لا تكون بما في يدك أوْثَقَ منك بما عند الله عزَّ وجلَّ(6).

ص: 65


1- يوسف / 55
2- أي يجلبون الطعام من بلد إلى بلد
3- أي جمع له أسباب الملك والسلطان
4- يوسف / 76 . أقول : والحديث ضعيف
5- أي تجنبه وحاد عنه والحديث ضعيف على المشهور
6- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب، ح 20 والحديث ضعيف على المشهور.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن بن عطيّة، عن معروف بن خرَّبوذ، عن أبي الطّفيل قال : سمعت أمير المؤمنين (علیه السّلام) يقول : الزُّهد في الدُّنيا : قصر الأمل، وشكر كل نعمة، والورع عن كلِّ ما حرَّم الله عزَّ وجلَّ(1).

35 - باب الاستعانة بالدنيا على الآخرة

1 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله، عن ، آبائه (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : نِعْمَ العون على تقوى الله الغِنى(2).

2 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول الله عزّ وجلّ : «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»(3)رضوان الله والجنة في الآخرة، والمعاش وحسن الخلق في الدُّنيا(4).

3 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفيّ، عن عليّ بن المعلّى، عن القاسم بن محمّد رفعه إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قيل له : ما بال أصحاب عيسى (علیه السّلام) كانوا يمشون على الماء، وليس ذلك في أصحاب محمّد (صلی الله علیه و آله و سلّم)؟ قال : إنَّ أصحاب عيسى (علیه السّلام) كُفُوا المعاش، وإنَّ هؤلاء ابتلُوا بالمعاش(5).

4 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سلوا الله الغِنى في الدُّنيا والعافية، وفي الآخرة

المغفرة والجنّة.

5 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد الله، عن عبد الرحمن بن محمّد عن الحارث بن ،بهرام، عن عمرو بن جميع قال : سمعت أبا

ص: 66


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الفقيه 3، 58 - باب المعائش والمكاسب و...، ح 5 مرسلاً
3- البقرة/ 201 . وتتمة الآية: «وَقِنا عذاب النار».
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 22 ، الفقيه 3، نفس الباب، ح 1 بتفاوت.
5- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 22 وفي ذيله : وهؤلاء ابتلوا بالمعاش. قوله (علیه السّلام) : ابتلوا بالمعاش ؛ لعل المعنى أن الابتلاء بالمعاش وطلبه يصير بالخاصية سبباً لعدم تيسر هذا الأمر، وإن كان أفضل في الآخرة، أو أن الابتلاء بالمعاش يصير سبباً لارتكاب المحرمات والشبهات والبعد عن الله تعالى، فلذا حرموا ذلك، والأول أوفق بما ورد في فضل هذه الأمة على سائر الأمم، مرآة المجلسي 13/19

عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا خَيْرَ في من لا يحبُّ جمع المال من حلال، يَكُفُّ به وجهه، ويقضي به دَينَه، ويَصِل به رحِمَه(1).

6 - الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن الرَّبيع في وصيّته للمفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : استعينوا ببعض هذه(2)على هذه(3)، ولا تكونوا كلولاً على النّاس(4).

7 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الخزرج(5)الأنصاريّ، عن عليِّ بن غراب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «ملعونٌ من ألقى كلّه على النّاس»(6).

8 - عنه، عن أحمد، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح بن يزيد المحاربيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : نِعْمَ العونُ الدُّنيا على الآخرة(7).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوانن بن يحيى، عن ذريح المحاربيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : نِعْمَ العون على الآخرة الدُّنيا.

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن عبد الله بن أي يعفور قال: قال رجل لأبي عبد الله (علیه السّلام) : والله إنّا لنطلب الدُّنيا ونحبُّ أن نؤتاها ؛ فقال : تحبُّ أن تصنع بها ماذا؟ قال : أعود بها على نفسي وعيالي، وأَصِلُ بها، وأتصدَّق بها، وأحجُّ وأعتمر؟ فقال (علیه السّلام): ليس هذا طلب الدُّنيا، هذا طلب الآخرة(8).

11 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد رفعه قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : غِنى يحجزك عن الظلم، خيرٌ من فقر يحملك على الإثم(9).

ص: 67


1- الفقيه 3 ، 58 - باب المعائش والمكاسب و...، ح 50 . التهذيب 7، 1 - باب فضل التجارة و...، ح 10 بتفاوت في بعض السند.
2- إشارة إلى الدنيا.
3- إشارة إلى الآخرة
4- الحديث ضعيف
5- أبو الخزرج : كنية للحسين بن الزبرقان، وطلحة بن زيد.
6- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 23. والكُلّ: العيال أو الثِقَل.
7- الفقيه 3 ، نفس الباب، ح .2. هذا وسوف يكرره الكليني رحمه الله برقم 15 من هذا الباب أيضاً. والحديث صحيح.
8- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 24.
9- التهذيب ،6 نفس الباب ، ح 25 الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 49 ورواه مرسلاً.

12 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن عدَّة من أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله ((صلی الله علیه و آله و سلّم): «يصبح المؤمن أو على ثُكل، خيرٌ له من أن يصبح أو يمسي على حَرَب(1)، فنعوذ بالله من الحرب».

13 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي البختريّ رفعه قال : قال رسول الله (صلی الله عليه وآله) : «بارِك لنا في الخبز(2)، ولا تفرّق بيننا وبينه، فلولا الخبز ما صلّينا ولا صمنا ولا أدّينا فرائض ربّنا»(3).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ الأحمسيّ، عن رجل، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : نِعْمَ العونُ الدُّنيا على طلب الآخرة.

15 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن ذريح المحاربيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : نعم العون الدُّنيا على الآخرة(4).

36- باب ما يجب من الاقتداء بالأئمة (علیه السّلام) في التعرض للرزق

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن أبن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إنَّ محمّد بن المنكدر كان يقول : ما كنت أرى أنَّ عليَّ بن الحسين (علیه السّلام) يَدَعُ خلفاً أفضل منه، حتّى رأيت ابنه محمّد بن عليّ (علیه السّلام)، فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له أصحابه : بأيّ شيء وعظك؟ قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارَّة، فلقيني أبو جعفر محمّد بن عليّ - وكان رجلاً بادناً(5) ثقيلاً، وهو متّكىءٌ على غلامين أسودين أو (6)موليين، فقلت في نفسي : سبحان الله، شيخٌ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدُّنيا، أمَا لأعِظَنّه ، فدنوت منه فسلّمت عليه، فردَّ عليَّ السلام بنهر وهو يَتَصَابُ عَرَقاً، فقلت : أصلحك الله، شيخُ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدُّنيا، أرأيت لو جاء أَجَلُكَ وأنت على هذه

ص: 68


1- الحريب والمحروب - كما في المغرب - إذا أخذ ماله كله
2- في بعض النسخ ... الخير.
3- الحديث ضعيف
4- مر برقم 8 من هذا الباب
5- أي ضخم البدن أي سميناً
6- الترديد من الراوي

الحال، ما كنت تصنع؟ فقال : لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال، جاءني وأنا في [طاعة من] طاعة الله عزَّ وجلَّ، أكفُّ بها نفسي وعيالي عنك وعن النّاس، وإنّما كنت أخاف أن لو جاءني الموت وأنا على معصية من معاصي الله، فقلت : صَدَقْتَ يرحمك الله، أردتُ أن أعِظَك فوعظتني(1).

2 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرَّة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يضرب بالمرّ(2)، ويستخرج الأرَضين، وكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يمصُّ النّوى بفيه ويغرسه، فيطلع من ساعته، وإنَّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) أعتق ألف مملوك من ماله وَكَدِ يدِه.

3 - عدّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الله الدّهقان، عن دُرست، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : استقبلت أبا عبد الله (علیه السّلام) في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحرّ، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، حالك عند الله عزّ وجلَّ وقرابتك من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، وأنت تجهد لنفسك في مثل هذا اليوم؟ فقال : يا عبد الأعلى، خرجت في طلب الرّزق لأسْتَغْنِيَ عن مثلك(3).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سَيف بن عَمِيرة؛ وسَلَمة صاحب السابريِّ، عن أبي أسامة زيد الشّحّام، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أن أمير المؤمنين (علیه السّلام) أعتق ألف مملوك من كلّ يده(4).

5 - أحمد بن أبي عبد الله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرَّة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) قال : أوحى الله عزَّ وجلَّ إلى داوود (علیه السّلام) : إنّك نعم العبد لولا أنّك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئاً، قال فبكى داوود(علیه السّلام) أربعين صباحاً، فأوحي الله عزّ وجلّ إلى الحديد: إنْ لِن لعبدي داوود، فالآن الله عزّ وجلَّ له الحديد، فكان يعمل كلَّ يوم درعاً فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة وستّين درعاً، فباعها بثلاثمائة وستّين ألفاً،

ص: 69


1- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ح 15 . والحديث حسن كالصحيح. وقوله : بنهر : قيل: هو بالباء (أي) ببهى بمعنى تتابع النفس، وفي النسخ بالنون، أي بزجر وانتهار، إما للإعياء والنصب أو لما علم من سوء حال السائل وسوء إرادته، قال في القاموس نهر الرجل زجره فانتهره مرآة المجلسي 17/19.
2- المَرْ - كما في القاموس - كالمسحاة
3- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 14 . وفي ذيله : لأستغني به ... ، وفيه : تجهد نفسك، بدل . . . . لنفسك.
4- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 16

واستغنی عن بیت المال(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : لقي رجل أمير المؤمنين (علیه السّلام) وتحته وَسق(2)من نوى فقال له : ما هذا يا أبا الحسن تحتك؟ فقال : مائة ألف عَذق إن شاء الله، قال : فغرسه فلم يغادر(3)لمنه نواة واحدة.

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن عمّار السجستانيّ، عن أبي عبد الله، عن أبيه (علیه السّلام) أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وضع حجراً على الطريق يردُّ الماء عن أرضه، فوالله ما نكب(4)بعيراً ولا إنساناً حتّى الساعة .

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أسباط بن سالم قال: دخلت على أبي عبد الله (علیه السّلام) فسألَنا عن عمر بن مسلم، ما فعل؟ فقلت : صالح، ولكنّه ما قد ترك التجارة، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : عمل الشيطان - ثلاثاً(5)أما علم أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) اشترى عيراً أتت من الشام فاستفضل فيها ما قضى دينه، وقسّم في قرابته، يقول الله عزّ وجلَّ : «رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ»(6)يقول القصاص : إنَّ القوم لم يكونوا يتّجرون. كذبوا، ولكنّهم لم يكونوا يَدَعون الصلاة في ميقاتها، وهو أفضل ممّن حضر الصلاة ولم يتّجر(7).

9 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أبن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) كان يخرج ومعه أحمال النوى، فيقال له : يا أبا الحسن، ما هذا معك؟ فيقول : نخل إن شاء الله فيغرسه فلم يغادر منه واحدة .

ص: 70


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 17 . وفيه عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أوحى ... الخ . الفقيه 3، 58 - باب المعائش والمكاسب و...، ح 29 . والحديث ضعيف.
2- الوسق ستون صاعاً، أو حمل بعير - كذا في القاموس
3- أي لم يترك والمعنى: أن الله سبحانه لم يترك من الوسق نواة واحدة لم يجعلها نخلة. والحديث موثق كالصحيح.
4- النكب الطرح والمقصود هنا أن الحجر الذي وضعه (صلی الله علیه و آله و سلّم) لم يصب ولم يلثم ولم يتعثر به إنسان . والحديث مجهول.
5- أي قالها ثلاث مرات
6- النور/ 37
7- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 18 والقصاص: جمع قاصّ، وهو راوي القصص، ويقصد (علیه السّلام) بهم مفسري أهل الخلاف وعلماءهم لاعتمادهم في التفسير والأحكام على الرأي والاستحسان والتظني .

10 - سهل بن زياد عن الجامورانيّ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه قال: رأيت أبا الحسن (علیه السّلام) يعمل في أرض له قد استنقعت قدماه في العَرَق، فقلت له : جُعِلْتُ فِداك، أين الرجال؟ فقال : يا عليٌّ، قد عمل باليد من هو خير منّي في أرضه، ومن أبي(1)، فقلت له : ومن هو؟ فقال : رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ، وأمير المؤمنين وآبائي (علیهم السّلام) كلّهم كانوا قد عملوا بأيديهم، وهو من عمل النبيّين والمرسَلين والأوصياء والصالحين(2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال : أتيت أبا عبد الله (علیه السّلام) وإذا هو في حائط له، بيده مسحاة وهو يفتح بها الماء، وعليه قميص شبه الكرابيس كأنّه مخيط عليه من ضيقه.

12 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن أسباط، عن محمّد بن عذافر، عن أبيه قال : أعطى أبو عبد الله (علیه السّلام) أبي ألفاً وسبعمائة دينار فقال له : اتّجر بها، ثمَّ قال : أما إنّه ليس لي رغبة في ربحها، وإن كان الرّبح مرغوباً فيه، ولكنّي أحببت أن يراني الله جل وعزّ متعرّضاً لفوائده . قال : فربحت له فيها مائة دينار، ثمَّ لقيته فقلت له : قد ربحت لك فيها مائة دينار. قال : ففرح أبو عبد الله (علیه السّلام) بذلك فرحاً شديداً، فقال لي : أثبتها في رأس مالي، قال : فمات أبي والمال عنده، فأرسل إلىَّ أبو عبد الله (علیه السّلام) فكتب: عافانا الله وإيّاك، إنَّ لي عند أبي محمّد ألفاً وثمانمائة دينار أعطيته يتّجر بها، فأدفعها إلى عمر بن يزيد، قال : فنظرت في كتاب أبي فإذا فيه : لأبي موسى(3)عندي ألف وسبعمائة دينار، واتُّجِر له فيها مائة دينار، عبد الله بن سنان وعمر بن يزيد يعرفانه(4).

13 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان قال : حدَّثني جميل بن صالح، عن أبي عمرو الشيبانيِّ قال: رأيت أبا عبد الله (علیه السّلام) وبيده مسحاة، وعليه إزار غليظ، يعمل في حائط له والعرق يتصابُّ عن ظهره،

ص: 71


1- أي وخير من أبي
2- الفقيه ،3 58 - باب المعائش والمكاسب و...، ح 28
3- يقصد أبا عبد الله (عليه السلام) فإن ابنه الإمام موسى الكاظم (علیه السلام)
4- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 19 وفيه إلى قوله : أثبتها لي في رأس مالي . وكذا رواه كرواية التهذيب إلا أن فيه سبعمائة دينار بدل الألف والسبعمائة في الفقيه 3 نفس الباب ، ح .16 . وسوف يكرر الكليني رحمه الله نفس صدر الحديث بنفس السند مع ذكر سبعمائة دينار فقط فيه برقم 16 من هذا الباب وبتفاوت يسير . وقوله في ذيل الحديث : اتجر له : أي حصل له (علیه السّلام) الربح فيها مائة دينار. والضمير في يعرفانه يرجع إلى أبي موسى (علیه السّلام) وهو الصادق (علیه السّلام). والحديث ضعيف على المشهور.

فقلت : جُعِلْتُ فِداك، أعطني أكْفِكَ، فقال لي : إنّي أحبُّ أن يتأذّى الرجل بحرّ الشمس في طلب المعيشة(1).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال : إنَّ رجلا أتى أبا عبد الله (علیه السّلام) فقال : إنّى لا أحسن أن أعمل عملاً بيدي، ولا أحسن أن أتّجر وأنا مُحَارَف(2)محتاج، فقال : إعمل، فاحمل على رأسك(3)، واستغن عن الناس، فإنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قد حمل حجراً على عاتقه فوضعه في حائط له من حيطانه، وإنَّ الحجر لفي مكانه ولا يدرى كم عمقه، إلّا أنّه ثَمَّ(4)[بمعجزته] .

15 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: إنّي لأعمل في بعض ضياعي حتّى أعرق، وإنَّ لي من يكفيني، ليعلم الله عزّ وجلَّ أَنِّي أطلب الرزق الحلال.

16 - عليُّ بن محمّد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن عذافر عن أبيه قال: دفع إليَّ أبو عبد الله (علیه السّلام) سبعمائة دينار وقال : يا عذافر اصرفها في شيء، أمّا على ذاك ما بي شَرَه، ولكن أحببت أن يراني الله عزّ وجلَّ متعرّضاً لفوائده، قال عذافر: فربحت فيها مائة دينار فقلت له في الطواف : جُعِلْتُ فداك، قد رزق الله عزَّ وجلَّ فيها مائة دينار، فقال: أثبِتها في رأس مالي(5).

37- باب الحثّ علی الطلب والتعرض للرزق

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عمر بن بزيد قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : رجل قال : لأقعدنَّ في بيتي ولاصليّنَّ ولأصومنَّ ولأعبدنَّ ربّی، فأمّا رزقي فسيأتيني؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : هذا أحد الثلاثة الّذين لا يُستَجابُ لهم(6).

ص: 72


1- الحديث مجهول.
2- المحارَف: المحدود المحروم
3- أي صِر حمّالاً
4- أي ما يزال هناك إلى الآن وهذا دليل على كثرة عمقه مع ما يستلزم ذلك من ضخامته وعظم وزنه
5- راجع التعليق على الحديث رقم 12 من هذا الباب. والتخريج أيضاً.
6- التهذيب ،6 ، 93 - باب المكاسب، ح 8 . أقول : والاثنان الآخران اللذان لا يستجاب لهم ؛ رجل يدعو على امرأته أن يريحه منها وقد جعل الله عز وجل أمرها إليه، ورجل يدعو على جاره وقد جعل الله عز وجل له السبيل إلى أن يتحوّل عن جواره ويبيع داره، وقد وردت فيمن لا تستجاب دعوته عدة روايات فراجع أصول الكافي 2 ، كتاب الدعاء، باب من لا تستجاب دعوته.

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطيّة، عن عمر بن يزيد قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : أرأيتَ لو أن رجلاً دخل بيته وأغلق بابه، أكان يسقط عليه شيء من السماء.

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أيّوب أخي أديم بيّاع الهرويّ قال : كنا جلوساً عند أبي عبد الله (علیه السّلام)، إذ أقبل العلاء بن كامل فجلس قدّام أبي عبد الله (علیه السّلام) فقال : أدعُ الله أن يرزقني في دَعَة، فقال : لا أدعو لك، اطلب كما أمرك الله عزَّ وجلّ(1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أبي طالب الشعرانيّ، عن سليمان بن معلّى بن خنيس، عن أبيه قال: سأل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن رجل - وأنا عنده - فقيل له : أصابته الحاجة، قال : فما يصنع اليوم؟ قيل : في البيت يعبد ربّه، قال : فمن أين قوته : قيل من عند بعض إخوانه ، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : والله لَلّذي يقوته أشدُّ

عبادة منه(2).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن بن المغيرة، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : من طلب [الرزق في] الدّنيا استعفافاً عن الناس وتوسيعاً على أهله، وتعطفاً على جاره، لقي الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر(3).

6 - عدَّةً من من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي خالد الكوفيّ رفعه إلى أبي جعفر (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «العبادة سبعون جزءاً، أفضلها طلب الحلال»(4)..

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن محمّد المنقريّ، عن هشام الصيدلانيّ قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا هشام إن رأيت الصفّين قد التقيا، فلا تدع طلب الرزق في ذلك اليوم(5)..

ص: 73


1- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 9 . والدُّعَة : - كما في الصحاح ، الخفض، والهاء عوض من الواو، تقول : وَدَع الرجل وهو وديع : أي ساكن .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 10 و 11 و 12 و 13 وفي سند الأخير: الصيدناني، بدل: الصيدلاني. والحديث الأول ،ضعيف، والثاني مجهول، والثالث ضعيف على المشهور، والرابع مجهول.
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 10 و 11 و 12 و 13 وفي سند الأخير: الصيدناني، بدل : الصيدلاني. والحديث الأول ،ضعيف، والثاني مجهول، والثالث ضعيف على المشهور، والرابع مجهول.
4- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 10 و 11 و 12 و 13 وفي سند الأخير: الصيدناني، بدل : الصيدلاني. والحديث الأول ،ضعيف، والثاني مجهول، والثالث ضعيف على المشهور، والرابع مجهول.
5- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 10 و 11 و 12 و 13 وفي سند الأخير: الصيدناني، بدل : الصيدلاني. والحديث الأول ،ضعيف، والثاني مجهول، والثالث ضعيف على المشهور، والرابع مجهول.

8 - أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن صفوان، عن خالد نجيح قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : اقرأوا من لقيتم من أصحابكم السلام، وقولوا لهم : إنَّ فلان بن فلان يقرؤكم السلام، وقولوا لهم : عليكم بتقوى الله عزَّ وجلَّ، وما ينال به ما عند الله، إنّي والله ما آمركم إلّا بما نأمر به أنفسنا، فعليكم بالجدّ والاجتهاد، وإذا صلّيتم الصبح وانصرفتم فبكّرِوا في طلب الرزق، واطلبوا الحلال، فإنَّ الله عزّ وجلّ سيرزقكم ويعينكم عليه(1).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد، عن شهاب بن عبد ربّه قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : إن ظننت أو بلغك أنَّ هذا الأمر (2)كائن في غد فلا تدعنَّ طلب الرزق، وإن استطعت أن لا تكون كَلَّا فافعل .

10 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة عمّن ذكره عن أَبَان، عن العلاءِ قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : أيعجز أحدكم أن يكون مثل النملة، فإنَّ النملة تجرَّ إلى جُحرها(3).

11 - سهل بن زياد، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن محمّد بن عمر بن بزيع، عن أحمد بن عائذ، عن كليب الصيداويّ قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): أدْعُ الله عزَّ وجل لي في الرّزق، فقد التأثَت(4)عليَّ أموري، فأجابني مسرعاً : لا، أخرج فاطلب.

38- باب الإبلاء في طلب الرزق

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عبد الرّحمن بن حمّاد، عن زياد القنديّ، عن الحسين الصحّاف، عن سدير قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أيُّ شيء على الرَّجل في طلب الرزق؟ فقال : إذا فتحت بابك وبسطت بساطك فقد قضيت ما عليك(5).

ص: 74


1- الحديث مجهول.
2- أي خروج الحجّة عجل الله فرجه. أو القيامة. والحديث مجهول.
3- الحديث مرسل.
4- أي أبطأت واختلطت.
5- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 7 . الفقيه ،3 ، 58 - باب المعائش والمكاسب و. . . ، ح 42. والحديث مجهول. والإبلاء في عنوان (الباب الاختبار والإحسان والإنعام

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عمّن ذكره عن الطيار قال : قال لي أبو جعفر (علیه السّلام) : أيُّ شيء تعالج؟ أيُّ شيء تصنع؟ فقلت : ما أنا في شيء، قال : فخذ بيتاً واكنس فناه، ورشّه وابسط فيه بساطاً، فإذا فعلت ذلك فقد قضيت ما وجب عليك، قال : فقدِمْتُ ففعلت فرُزِقْتُ.

39 - باب الإجمال في الطلب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في حجّة الوداع: ألا إِنَّ الرُّوح الأمين نفث في رُوْعِي (1)أنّه لا تموت نفس حتّى تستكمل رزقها، فاتّقوا الله عزّ وجلَّ، وأجملوا في الطلب(2)، ولا يحملنّكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه بشيء من معصية الله، فإنَّ الله تبارك وتعالى قسّم الأرزاق، بين خلقه حلالاً، ولم يقسّمها حراماً، فمن اتّقى الله عزّ وجلَّ وصبر أتاه الله برزقه من حلّه، ومن هتك حجاب الستر وعجّل فأخذه من غير حلّه قصَّ به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة(3).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: ليس من نفس إلّا وقد فرض الله عزَّ وجلَّ لها رزقها حلالاً، يأتيها في عافية، وعرض لها بالحرام من وجه آخر، فإن هي تناولت شيئاً من الحرام قاصّها به من الحلال الّذي فرض لها، وعند الله سواهما فضل كثير، وهو قوله عزّ وجلّ «وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِه»(4).

3 - إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه عن أحدهما (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : يا أيّها الناس، إنّه قد نَفَثَ فِي رُوعي روح القدس، أنّه لن تموت نفس حتّى تستوفي رزقها وإن أبطأ عليها ، فاتّقوا الله عزَّ وجلَّ وأجمِلوا في الطلب، ولا يحملنّكم استبطاء شيء ممّا عند الله عزّ وجلَّ أن تصيبوه بمعصية الله، فإنَّ الله عزّ وجلَّ لا يُنَال ما عنده إلا بالطاعة.

ص: 75


1- أي نفخ في قلبي وعقلي وهو كناية عن الإخطار في القلب والإلقاء فيه والروح الأمين جبرئيل (علیه السّلام).
2- أي اقتصدوا فيه فلا تكدّوا في طلب الرزق كدا فاحشاً.
3- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 1
4- النساء/ 32

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرّحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة قال : قال أبو عبد الله (علیه الاسّلام) : لو كان العبد في حَجَر، لأتاه الله برزقه، فأَجْمِلُوا في

الطلب.

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن عمر بن أبي زياد، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ خلق الخلق وخلق حلالاً طيّباً، فمن تناول شيئاً منها حراماً قُص(1)أرزاقهم معهم ذلك الحلال .

6 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد رفعه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : كم من مُتعِبٍ نفسه مقتر عليه، ومقتصدٍ في الطلب قد ساعدته المقادير.

7 - عليُّ بن محمّد بن عبد الله القّمّي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن إسماعيل القصير، عمّن ذكره، عن أبي حمزة الثماليّ قال : ذكر عند عليّ بن الحسين (علیه السّلام) غلاء السعر، فقال : وما عليَّ من غلائه، إن غلا فهو عليه، وإن رخص فهو عليه(2).

8 - عنه، عن ابن فضال، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيّع، ودون طلب الحريص الراضي بدنياه، المطمئنُّ إليها، ولكن أُنْزِل نفسك من ذلك بمنزلة المنصف المتعفّف، ترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف، وتكتسب ما لا بدَّ منه، إنَّ الّذين أعطوا المال ثمَّ لم يشكروا ، لا مال لهم(3).

9 - عليُّ بن محمّد، عن ابن جمهور، عن أبيه رفعه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (علیه السّلام) كثيراً ما يقول : اعلموا علماً يقيناً، أنَّ الله عزّ وجلَّ لم يجعل للعبد - وإن اشتدَّ جهده وعظمت حيلته وكثرت مكابَدَتُه(4)- أن يسبق ما سمّي له في الذكر الحكيم، ولم يحُلْ من(5)العبد في ضعفه وقلّة حيلته أن يبلغ ما سمّي له في الذكر الحكيم، أيّها الناس، إنّه لن يزداد امرءُ نقيراً(6)بحذقه، ولم ينتقص امرؤُ نقيراً لحمقه، فالعالم لهذا العامل به، أعظم الناس

ص: 76


1- من التقاصّ
2- التهذيب،6 93 - باب المكاسب ، ح 2 . الفقيه ،3، 78 - باب الحكرة والأسعار ، ح 13 . والضمير في (عليه) في الموردين يرجع إلى الله سبحانه والحديث مرسل.
3- التهذيب ،6 نفس الباب، ح4 بتفاوت يسير . قوله : لا مال لهم : أي نزع المال عنهم لأنهم كفروا النعمة كما ورد إن للنعم أوابد كأوابد الطير فقيدوها بالشكر، ولقوله تعالى : ... «وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد»
4- المكابدة : تحمل المشاق في فعل من الأفعال وما يقاسيه الإنسان في سبيل تحصيله .
5- في التهذيب : بين ...، بدل: من
6- النقير: النكتة في ظهر النواة - قاله الفيروزآبادي

راحة في منفعته، والعالم لهذا التارك له، أعظم الناس شغلاً في مضرَّته، وربّ منعَم عليه مستدرَج بالإحسان إليه، وربُّ مغرور في الناس مصنوع له، فأفِق أيّها الساعي من سعیک، وقصّر من عجلتك، وانتبه من سِنَةِ غفلتك، وتفكّر فيما جاء عن الله عزّ وجلَّ على لسان نبيه (صلی الله علیه و آله و سلّم)(1)، واحتفظوا بهذه الحروف السبعة، فإنّها من قول أهل الحِجى، ومن عزائم الله في الذكر الحكيم، إنّه ليس لأحد أن يلقى الله عزَّ وجلَّ بخلّة من هذه الخلال: الشرك بالله فيما افترض الله عليه، أو إشفاء غيظ بهلاك نفسه، أو إقرار بأمر يفعل غيره، أو يستنجح إلى مخلوق بإظهار بِدْعَة في دينه، أو يسرّه أن يحمده النّاس بما لم يفعل، والمتجبّر المختال، وصاحب الأبّهة والزّهو، أيّها الناس؛ إنَّ السباع هِمّتها التعدّي وإنَّ البهائم همّتها بطونها، وإن النساء همتهنَّ الرّجال، وإنَّ المؤمنين مشفقون خائفون وَجِلون، جعلنا الله وإيّاكم منهم(2).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن ربيع بن محمّد المسلّي، عن عبد الله بن سليمان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إنَّ الله تعالى وسّع في أرزاق الحَمْقى، ليعتبر العقلاء، ويعلموا أنَّ الدُّنيا ليس يُنال ما فيها بعمل ولا حيلة(3).

11 - أحمد بن محمّد، عليّ بن النعمان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): أيّها الناس: إنّي لم أدَعْ شيئاً يُقَرِّبُكُم إلى الجنة. ويباعدكم من النار إلّا وقد نبّأتكم به، ألَا وإنَّ روح القدس [قد] نفث في رُوعِي وأخبرني أن لا تموت نفسٌ حتّى تستكمل رزقها، فاتّقوا الله عزّ وجلَّ وأجمِلوا في الطلب، ولا يحملنّكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه بمعصية الله عزّ وجلَّ، فإنّه لا يُنال ما عند الله جلَّ اسمه إلّا بطاعته(4).

40- باب الرزق من حيث لا يحتسب

1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمّد

ص: 77


1- أي في ذم الدنيا والتزهيد فيها والحث على طلب الآخرة والترغيب فيها
2- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 4 يتفاوت وروى إلى قوله : أبهة .
3- التهذيب 6 93 - باب المكاسب ح .5 والحديث مجهول
4- الحديث ضعيف

مسلم عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : أبى الله عزَّ وجلَّ إلّا أن يجعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يَحْتَسبون(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن أبي جميلة قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى (علیه السّلام) ذهب ليقتبس لأهله ناراً، فانصرف إليهم وهو نبيٌّ مرسَل.

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عليّ بن محمّد القاساني، عمّن ذكره، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جدَّه (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران (علیه السّلام) خرج يقتبس لأهله ناراً، فكلّمه الله عزَّ وجلَّ، ورجع نبيّاً مرسَلاً، وخرجت ملكة سبأ فاسلَمَت مع سليمان (علیه السّلام)، وخرجت سَحَرَةُ فرعون يطلبون العزَّ لفرعون، فرجعوا مؤمنين(2).

4 - عنه، عن أبيه، عن صفوان، عن محمّد بن أبي الهزهاز، عن عليّ بن السري قال : ، سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إِنَّ الله عزّ وجلَّ جعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون، وذلك أنَّ العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كَثُرَ دعاؤه(3).

5 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن هارون بن حمزة عن عليّ بن عبد العزيز قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : ما فعل عمر بن مسلم؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك، أقبل على العبادة وترك التجارة. فقال : ويحَه، أمَا علم أنَّ تارك الطلب لا يُستجاب له، إنَّ قوماً من أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لمّا نزلت :«وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَ یَرزُقُهُ من حیث لا یحتسب»(4)، أغلقوا الأبواب، وأقبلوا على العبادة، وقالوا : قد كُفِينا، فبلغ ذلك النبي(صلی الله علیه و آله و سلّم، فأرسل إليهم، فقال: ما حملكم على ما صنعتم؟ قالوا : يا رسول الله، تكفّل لنا بأرزاقنا فأقبَلنا على العبادة، فقال : إنّه من فعل ذلك لم يُسْتَجَبْ له، عليكم بالطلب(5).

ص: 78


1- الحديث حسن ، ولعله سبحانه أبى إلا هذا لأنه يجب أن يسمع دعاء عبده المؤمن وطلبه الرزق منه، كما سوف يأتي .
2- الفقيه ،3 ، 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح 44
3- التهذيب ،6 93 - باب المكاسب ، ح 26 وفيه من حيث لم يحتسبوا الفقيه 3، نفس الباب، ح43
4- الطلاق/ 2 و 3
5- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 6 . وفيه: عن علي بن عبد العزيز قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) . . . ، الفقيه 3، 61 - باب التجارة وآدابها وفضلها و ...، ح 5 بزيادة بسيرة في آخره. والحديث ضعيف.

41- باب كراهية النوم والفراغ

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كثرة النوم مَذْهَبَةٌ للدين والدُّنيا(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عمّن ذكره، عن بشير الدهّان قال: سمعت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) يقول : إنَّ الله جل وعزَّ يُبْغِضُ العبد النوَّام الفارغ(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن ابن سنان، عن عبد الله بن مسكان؛ وصالح النيليّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إِنَّ الله عزّ وجلّ يبغض كثرة النوم وكثرة الفراغ(3).

42- باب كراهية الكَسَل

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : عدوُّ العمل الكسل.

2 - سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسی (علیه السّلام) قال : قال أبي (علیه السّلام) لبعض ولده: إيّاك والكسل والضجر، فإنّهما يمنعانك من حظّك من الدُّنيا والآخرة.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذَينة، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : من كسل عن ظهوره وصلاته، فليس فيه خيرٌ لأمر آخرته، ومن كسل عمّا يصلح به أمر معيشته، فليس فيه خيرٌ لأمر دنياه.

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن

ص: 79


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث مرسل . والنّوام : الكثير النوم والفارغ: العاطل عن العمل باختياره. وقد أخرجه في الفقيه 3. 58 - باب المعايش والمكاسب و...، 70 بتفاوت .
3- الحديث ضعيف على المشهور.

مسلم ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : إنّي لأبغِضُ الرَّجل - أو(1)أبغض للرّجل - أن يكون كسلاناً عن أمر دنياه ومن كسل عن أمر دنياه، فهو عن أمر آخرته أكسل(2).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن سماعة بن مهران، عن أبي الحسن موسى (علیه السّلام) قال: إيّاك والكسل والضجر، فإنّك إن كسلت لم تعمل، وإن ضجرتَ لم تعط الحقّ.

6 - أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن صالح بن عمر، عن الحسن بن عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا تستَعِنْ بكَسلان، ولا تستشيرنَ عاجزاً(3).

7 - أحمد بن محمّد، عن الهيثم النهديّ عن عبد العزيز بن عمرو الواسطيّ، عن أحمد بن عمر الحلبيّ، عن زيد القتّات عن أبَان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : تجنّبوا المُنى(4)، فإنّها تُذهِب بهجة ما خُوَّلتم، وتستصغرون بها مواهب الله تعالى عندكم، وتعقبكم الحسرات فيما وهّمتم به أنفسكم(5).

8 - عليّ بن محمّد رفعه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : إنَّ الأشياء لمّا ازدوجت، ازدوج الكسل والعجز، فنتجا بينهما الفقر.

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: كتب أبو عبد الله (علیه السّلام) إلى رجل من أصحابه: أمّا بَعْدُ فلا تجادل العلماء، ولا تمارِ السفهاء فيبغضك

: العلماء ويشتمك السفهاء، ولا تكسل عن معيشتك فتكون كَلاً على غيرك - أو(6) قال : على أهلك - .

43- باب عمل الرجل في بیته

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي

ص: 80


1- الشك والترديد من الراوي
2- الحديث صحيح.
3- الحديث مجهول. والمراد بالعاجز هنا الذي لا رأي له. ويحتمل أنه الكسول المعجز نفسه عن الحركة في طلب الرزق لأن الكسل والعجز متلازمان كما سيأتي.
4- المُنى : جمع المنية، وهي ما يتمناه الإنسان.
5- الحديث مجهول. وقوله : وهمتم به أنفسكم أي ما أوقعتم فيه أنفسكم من الأوهام التي لا حقيقة لها
6- الترديد من الراوي . والحديث ضعيف

عبد الله (علیه السّلام) قال : كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يحتطب ويستقي، ويكنس، وكانت فاطمة سلام الله عليها تطحن وتعجن وتخبز(1).

2 - أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبدل بن مالك، عن هارون بن الجهم، عن الكاهليّ، عن معاذ بيّاع الأكيسة قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يحلب عنز أهله(2).

44- باب إصلاح المال وتقدير المعيشة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن محمّد بن سماعة، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد بن مروان عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إنَّ في حكمة آل داوود: ينبغي للمسلم العاقل أن لا يُرى ظاعناً إلّا في ثلاث : مَرَمَّة لمعاش، أو تزوُّد لمعاد، أو لذَّة في غير ذات محرم، وينبغي للمسلم العاقل أن يكون له ساعة يفضي لها إلى عمله فيما بينه وبين الله عزّ وجلَّ، وساعة يلاقي إخوانه الّذين يفاوضهم ويفاوضونه في أمر آخرته، وساعة يخلّي بين ولذّاتها في غير مُحَرِّم، فإنّها عون على تلك الساعتين(3).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن ربعيّ، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الكمال كلُّ الكمال في ثلاثة : وذكر في الثلاثة : التقدير في

المعيشة(4).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، وغيره عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إصلاح المال من الإيمان(5).

ص: 81


1- الفقيه 3 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح .75 والحديث حسن.
2- الحديث مجهول.
3- الفقيه 2 ، 67 - باب ما جاء في السفر إلى الحج وغيره من الطاعات، ح 1 بتفاوت يسير وروى صدره فقط عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله (علیه السّلام). وروي صدره أيضاً البرقي في محاسنه ص/345، بسنده عن محمد بن إسماعيل عن موسى عن منصور بن يونس بزرج عن عمرو بن أبي المقدام وقوله (علیه السّلام) : مَرَمّة لمعاش : من رَمَّم معاشه وغيره يَرمَهُ ويَرِمهُ رمّاً ومَرَمَةٌ أصلحه. والمفاوضة : المذاكرة والمداولة والمحاورة والظاعن المسافر والمرتحل.
4- مر هذا الحديث بنفس السند مع زيادة ابن أبي عمير فيه عن أبي جعفر (علیه السّلام) وبتفاوت . وورد فيه : التفقه في الدين والصبر على النائبة
5- الفقيه 3 ، 58 - باب المعايش والمكاسب و. ح 52 ورواه مرسلاً عن الصادق (علیه السّلام).

4 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن داوود بن سرحان قال : رأيت أبا عبد الله (علیه السّلام) يكيل تمراً بيده، فقلت : جُعلت فداك لو أمرت بعض ولدك أو بعض مواليك فيكفيك؟ فقال : يا داوود إنّه لا يصلح المرء المسم إلّا ثلاثة : التفّقّه في الدّين، والصبر على النائبة، وحسن التقدير في المعيشة(1).

5 - عليُّ بن محمّد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عليّ، عن جبلة، عن ذريح المحاربيُّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا أراد الله عزَّ وجلَّ بأهل بيت خيراً، رزقهم الرّفق في المعيشة(2).

6 - عنه، عن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن صالح بن حمزة، عن بعض أصحابنا قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : عليك بإصلاح المال، فإنَّ فيه منبهةً للكريم، واستغناء عن اللّئيم(3).

45- باب من كدّ على عياله

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الكادُّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله(4).

2 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، عن زكريّا بن آدم، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السّلام) قال : الّذي يطلب من فضل الله عزّ وجلَّ ما يكفُّ به عياله أعظم أجراً من المجاهد في سبيل الله عزّ وجلَّ(5).

3 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن ربعيّ بن عبد الله عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا كان الرَّجل معسراً، فيعمل بقدر ما يقوت به نفسه وأهله، ولا يطلب حراماً ، فهو كالمجاهد في سبيل الله.

ص: 82


1- الفقيه 3، نفس الباب ، ح 53 بتفاوت قليل ورد ذيله مرسلاً . والتفقه في الدين : هو تحصيل البصيرة في العلوم الدينية عقيدة وشريعة قرآنا ،وسنة وتقدير المعيشة سلوك الحد الوسط في الإنفاق بين الإسراف والتقتير.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث مرسل : ومنبهة مشرفة ومعلاة. من نَبَه يَنْبُهُ إذا صار نبيهاً شريفاً .
4- الفقيه ،3، 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح 66 وفيه : ... على عياله من حلال . ..، والحديث حسن .
5- الحديث صحيح.

46- باب الكسب الحلال

1 - عدَّةً من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن (علیه السّلام): جُعِلْتُ فِداك، أدعو الله عز وجل أن يرزقني الحلال؟ فقال : أتدري ما الحلال؟ فقلت: جُعِلْتُ فِداك أمّا الّذي عندنا فالكسب الطيّب، فقال: كان عليُّ بن الحسين (علیه السّلام) يقول : الحلال قوت المصطفَين، ولكن قل : أسألك من رزقك الواسع(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلّاد؛ وعليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عيسى، جميعاً عن معمر بن خلّاد عن أبي الحسن الثاني (علیه السّلام) قال : نظر أبو جعفر (علیه السّلام) إلى رجل وهو يقول: اللّهم إنّي أسألك من رزقك الحلال، فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : سألت قوت النبيّين، قل: اللّهم إنّي أسألك رزقاً واسعاً طيباً من رزقك(2).

47- باب إحراز القوت

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم قال : سمعت الرضا (علیه السّلام) يقول : إنَّ الإنسان إذا أدخل طعام سنته خفّ ظهره واستراح، وكان أبو جعفر وأبو عبد الله (علیه السّلام) لا يشتريان عُقْدَة (3)حتى يُحْرِزا طعام سنتهما .

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن أبي محمّد الذهلي، عن أبي أيّوب المدائنيّ، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن ابن بكير، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إنَّ النفس إذا أحرزت قُوتَها استقرَّت»(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر (علیه السّلام) قال: قال سلمان - رضي الله عنه - : إنَّ النفس قد تلتاث على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه، فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنّت(5).

ص: 83


1- الحديث صحيح
2- الحديث صحيح
3- العُقْدَة: - كما في القاموس - الضيعة والعقار الذي اعتقده صاحبه ملكاً. أي اقتناه
4- الفقيه 3 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح 54 . والحديث مجهول
5- الحديث ضعيف، والإلتياث : الاختلاط والالتفاف والحبس والإبطاء

48- باب كراهية إجارة الرجل نفسه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : من آجر نفسه فقد حظر على نفسه الرزق. وفي رواية أخرى، وكيف لا يحظره وما أصاب فيه فهو لربّه الّذي آجره(1).

2 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن ابن سنان، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال: سألته عن الإجارة؟ فقال : صالح، لا بأس به، إذا نصح قدر طاقته، قد آجر موسى (علیه السّلام) نفسه، واشترط فقال : إن شئت ثماني وإن شئت عشراً، فأنزل الله عزَّ وجلَّ فيه(2): «أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ»(3).

3 - أحمد، عن أبيه، عن محمّد بن عمرو، عن عمّار الساباطيّ قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل ينَجر، فإن هو آجر نفسه أُعطي ما يصيب في تجارته؟ فقال : لا يؤاجر نفسه، ولكن يسترزق الله عزَّ وجلَّ، ويتّجر، فإنّه إذا آجر نفسه حَظَرَ على نفسه الرّزق(4).

49- باب مباشرة الأشياء بنفسه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد، عن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : باشِرٌ كبار أمورك بنفسك، وكِل ما شفّ (5)إلى غيرك ، قلت : ضَرْبُ أي شيء (6)؟ قال : ضَرْبُ أَشْرِيةِ (7)العقار وما أشبهها .

ص: 84


1- الفقيه 3 ، 58 - باب المعايس والمكاسب و. ح 92 بتفاوت في الرواية الأخرى وأخرجه عن عبد الله بن محمد الجعفي عن أبي جعفر علیه السّلام.
2- القصص / 27 ، والحِجَج : جمع الحجّة وهي السنة
3- الفقيه ،3، نفس الباب، ح 90 . التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 124 . الاستبصار 3، 29 - باب كراهية أن يؤاجر الإنسان نفسه، ح 2. وقد دل الحديث على كراهية أن يؤاجر الإنسان نفسه إذا كان واثقاً من أنه يبذل وسعه في النصح لمن استأجره والقيام بما استؤجر عليه على وجهه، وبهذا يرتفع التنافي بين هذا الحديث وبين الذي يليه .
4- التهذيب 1 ، نفس الباب ، ح 123 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 1 الفقيه 3، نفس الباب، ح 91.
5- أي ما صَغُر وقلّ وحَفْر .
6- أي مثل أي شيء.
7- أشرية : جمع شِرى .

2 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حمّاد، عن هارون بن الجهم، عن الأرقط قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا تكوننَّ دوّاراً في الأسواق، ولا تلي دقائق الأشياء بنفسك، فإنّه لا ينبغي للمرء المسلم ذي الحسب والدين أن يلي شراء دقائق الأشياء بنفسه، ما خلا ثلاثة أشياء، فإنه ينبغي لذي الدّين والحسب أن يليها بنفسه : العقار والرقيق والابل(1).

50- باب شراء العقارات وبيعها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن معمر بن خلّاد قال : سمعت أبا الحسن (علیه السّلام) :يقول : إنَّ رجلاً أتى جعفراً صلوات الله عليه شبيهاً بالمستنصح له، فقال له : يا أبا عبد الله، كيف صرتَ اتّخذت الأموال قطعاً متفرّقة، ولو كانت في موضع [واحد] كانت أيسر لمؤونتها وأعظم لمنفعتها؟ ! فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : اتّخذتها متفرّقة، فإن أصاب هذا المال شيء سلم هذا المال، والصرّة تجمع بهذا كلّه.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : ما يخلف الرَّجل شيئاً أشدُّ عليه من المال الصّامت(2)، قلت: كيف يصنع به؟ قال : يجعله في الحائط - يعني في البستان أو الدّار(3).

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان قال : دعاني جعفر (علیه السّلام) فقال : باع فلان أرضه؟ فقلت نعم، قال : مكتوب في التوراة: أنّه من باع أرضاً أو ماءً ولم يضعه في أرض أو ماء، ذهب ثمنه محقاً(4).

ص: 85


1- الحديث مجهول.
2- المال الصامت : يقال للذهب والفضة.
3- الفقيه 3 ، 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح 77 بتفاوت قليل وفي ذيله قال يضعه في : الحائط والبستان والدار وما في الفروع هو الصحيح، لأن الحائط هو نفسه البستان.
4- التهذيب 6 ، 93 - باب بالمكاسب، ح 276 . وفيه : في أرض وماء ... ورواه بدون الصدر بتفاوت يسير في الفقيه ، نفس الباب، ح 79 . ومحق الله الشيء : - كما في القاموس - ذهب ببركته . وذلك واضح، لأن الصامت من المال ذهباً كان أو فضة يكون عرضة للزوال إما بتكرر الزكاة فيه كل عام أو بصرفه فيما لا يبقى أثره من المنافع الآنية والحاجات اليومية، أما إذا اشترى بثمنه عقاراً أو حائطاً فإنه تبقى عينه ويتكسب بنتاجه وثمرته .

4 - عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسن بن عليّ، عن وهب الحريريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : مشتري العُقْدَة مرزوق، وبائعها ممحوق(1).

5 - الحسن بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهديّ، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن مرازم، عن أبيه قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) لمصادف مولاه : اتّخذ عُقْدَةً أو ضيعة، فإِنَّ الرجل إذا نزلت به النازلة أو المصيبة، فذكر أنَّ وراء ظهره ما يقيم عياله، كان أسخى لنفسه(2).

6 - عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عليّ بن يوسف، عن عبد السلام، عن هشام بن أحمر، عن أبي إبراهيم (علیه السّلام) قال : ثمن العقار ممحوق، إلّا أن يجعل في عقار مثله(3).

7 - أبو علي الأشعريُّ، عن محمّد بن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عبيس بن هشام، عن عبد الصّمد بن بشير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لما دخل النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) المدينة، خط دورها برجله، ثمَّ قال : اللّهمّ من باع رِبَاعه فلا تبارك له(4).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن الأصمّ، عن مسمع قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ لي أرضاً تُطلب مني ويُرغبوني(5)، فقال لي: يا أبا سيّار، أمَا علمت أنَّ من باع الماء والطّين ذهب ماله هباءً؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك، إنِّي أبيع بالثمن الكثير، وأشتري ما هو أوسع رقعة ممّا بعت؟ قال: فلا بأس(6).

51- باب الدَّين

1 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : تعوّذوا بالله من غَلَبَة الدَّين، وغَلَبَة الرّجال وبوار الأَيِّم(7).

ص: 86


1- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 277 . الفقيه ،3 58 - باب المعايش والمكاسب و . ...، ح 76.
2- الحديث ضعيف
3- الحديث مجهول
4- الفقيه ،، نفس الباب ح 78 بتفاوت في الذيل . والحديث مجهول. والرباع - كما في القاموس - : الدُّور، جمع الرِّبع .
5- أي يبيعها ويدفعون ثمناً عالياً لها
6- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 278 بتفاوت يسير. والحديث ضعيف.
7- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها ح 2 :وفيه : نعوذ بالله من ... الخ . الفقيه 3، 60 - باب الدين 81 والقروض، ح 1.والبوار الكساد والهلاك والأيم : المرأة التي لا زوج لها.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّه ذُكِرَ لنا أنَّ رجلاً من الأنصار مات وعليه ديناران ديناً. فلم يُصَلِّ عليه النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) : وقال : صلّوا على صاحبكم، حتّى ضمنهما [عنه] بعض قرابته؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : ذلك الحقُّ(1)، ثمَّ قال : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إنّما فعل ذلك ليتّعظوا(2)، وليردَّ بعضهم على بعض، ولئلّا يستخفّوا بالدِّين، وقد مات رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وعليه دَين، ومات الحسن (علیه السّلام) وعليه دَين، وقُتِل الحسين (علیه السّلام) وعليه دَين(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر قال : قال لي أبو الحسن (علیه السّلام) من طلب هذا الرّزق من جلّه ليعودَ به على نفسه وعياله، كان كالمجاهد في سبيل الله عزَّ وجلّ، فإن غُلب عليه فليستدنِ على الله وعلى رسوله ما يقوت به عياله، فإن مات ولم يقضه، كان على الإمام قضاؤه ، فإن لم يقضه كان عليه(4)وِزْرُهُ، إِنَّ الله عزّ وجل يقول: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا - الی قوله -: وَالْغَارِمِينَ» (5) ، فهو فقير مسكين مُغْرَم(5).

4 - أحمد بن محمّد، عن حمدان بن إبراهيم الهمدانيّ رفعه إلى بعض الصّادقين (علیه السّلام) قال : إنّي لأحِبُّ للرَّجل أن يكون عليه دَين ينويِ قَضَاءَهُ.

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سليمان، عن رجل من أهل الجزيرة يكنّى أبا محمّد قال : سأل الرضا (علیه السّلام) رجلٌ - وأنا أسمع - فقال له : جُعِلْتُ فِداك، إنَّ الله عزّ وجلَّ يقول : «وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ»(6)أخبرني عن هذه النَظِرَة الّتي ذكرها الله عزّ وجلّ في كتابه، لها حدٌّ يُعرَف إذا صار هذا المُعْسِر إليه لا بدَّ له من أن ينتظر، وقد أخذ مال هذا الرَّجل وأنفقه على عياله وليس له غلّة ينتظر إدراكها، ولا دَين ينتظر محلّه، ولا

ص: 87


1- محمول على أن ذلك الميت مات ولم يكن من نيته وفاء الدين
2- في الفقيه : ليتعاطوا
3- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها ، ح .. الفقيه 3، 60 - باب الدين والقروض ، ح 5 . وفيه : صلّوا على أخيكم، بدل صلّوا على صاحبكم. والحديث صحيح.
4- الضمير يرجع إلى الإمام . (5) التوبة / 60
5- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 6. والحديث ضعيف على المشهور
6- البقرة/ 280

مال غائب ينتظر قدومه؟ قال : نعم، ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام، فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله عزَّ وجلَّ، فإن كان قد أنفقه في معصية الله فلا شيء له على الإمام، قلت : فما لهذا الرَّجل الّذي ائتمنه وهو لا يعلم فيما أنفقه، في طاعة الله أم في معصيته؟ قال : يسعى له في ماله فيردَّه عليه وهو صاغِر(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، [عن ابن أبي عمير]، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : كلُّ ذنب يكفّره القتل في سبيل الله عزّ وجلَّ إلّا الّدين، لا كفّارة له إلا أداؤه، أو يقضي صاحبه، أو يعفو الّذي له الحق(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العبّاس عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الإمام يقضي عن المؤمنين الدُّيون، ما خلا النساءِ(3).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد ابن عثمان، عن الولید بن صبیح قال : جاء رجل إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) يدَّعي على المعلّى بن خنيس ديناً عليه، فقال: ذهب بحقّي، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : ذهب بحقّك الّذي قتله؛ ثمَّ قال للوليد : قم إلى الرَّجل فاقضه من حقّه، فإنّي أريد أن أبرِّد عليه جلده الّذي كان بارداً(4).

9 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عيسى، عن عثمان بن سعيد، عن عبد الكريم من أهل همدان، عن أبي تمامة قال : قلت لأبي جعفر الثاني (علیه السّلام) : إنّي أريد أن ألزم مكّة أو(5)المدينة وعليَّ دَين، فما تقول؟ فقال : ارجع فأدِّه إلى مؤدّي دينك، وانظر أن تلقى الله تعالى وليس عليك دين، إنَّ المؤمن لا يخون(6).

ص: 88


1- التهذيب 6 ، 81 - باب الديون وأحكامها ح قوله (علیه السّلام) : يسعى له : قال السيد في المدارك، هذه الرواية ضعيفة جداً لا يمكن التعويل عليها في إثبات حكم مخالف للأصل، وإلا صح جواز إعطاء الزكاة من سهم الغارمين لمن لا يعلم فيما أنفقه كما اختاره ابن إدريس والمحقق وجماعة . مرآة المجلسي 45/19 . ويقول المحقق في الشرائع 161/1 وهو بصدد بيان من تصرف إليه الزكاة: «والغارمون وهم الذين علتهم الديون في غير معصية، فلو كان في معصية لم يُقضَ عنه، نعم لو تاب صُرِفَ إليه من سهم الفقراء وجاز أن يقضي هو، ولو جهل في ماذا أنفقه، قيل : يُمنع ، وقيل : لا ، وهو الأشبه».
2- التهذيب ،6 نفس الباب ح5 الفقيه ،3، 98 - باب الأيمان والنذور والكفارات، ح 61 بتفاوت قليل
3- التهذيب 6 نفس الباب، ح 4
4- التهذيب ،6 نفس الباب، ح 11 . بتفاوت قليل في الذيل
5- في التهذيب والفقيه: والمدينة.
6- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 7 . الفقيه 3، 60 - باب الدين والقروض، ح .. وفيه : عن أبي ثمامة (بالثاء) بدل (التاء) وبتفاوت يسير فيهما . والحديث مجهول.

10 - عليُّ بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد النخعيّ، عن محمّد بن جمهور، عن فضالة عن موسى بن بكر قال : ما أُحصي ما سمعت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) ينشد:

فإن يك يا أُميم(1) عليَّ دين *** فعمران بن موسی(2) يستدين

11 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح، عن أبي عبد الله، عن آبائه عن علي (علیه السّلام) قال: إيّاكم والدِّين، فإنّه مذلّة بالنّهار، ومَهمّة (3)باللّيل، وقضاء في الدّنيا، وقضاء في الآخرة(4).

52- باب قضاء الدِّين

1 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران، عن الحسن بن عليّ بن رباط قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : من كان عليه دين فينوي قضاءه، كان معه من الله عزّ وجلَّ حافظان يعينانه على الأداء عن أمانته، فإن قصرت نيّته عن الاداء، فصّرا عنه من المعونة بقدر ما قصّر من نيّته(5).

2 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد، عن ابن(6)محبوب، عن أبي أيّوب، عن سماعة(7)قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرّجل منّا يكون عنده الشيء يتبلّغ(8)به، وعليه دين أيُطعمه عياله (9)حتّى يأتي الله عزّ وجلَّ بميسرة فيقضي دينه، أو يستقرض على ظهره في خبث الزَّمان وشدّة المكاسب، أو يقبل الصّدقة؟ قال : يقضي بما عنده دينه ، ولا يأكل أموال النّاس إلّا وعنده ما يؤدّي إليهم حقوقهم، إنَّ الله عزّ وجلَّ يقول : «لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ»(10)، ولا يستقرض على ظهره إلّا وعنده

ص: 89


1- أميم: اسم امرأة، ومصغّرام.
2- قيل : بأنه موسى بن عمران النبي (عليه السلام) قلب لضرورة الوزن. ولا دليل عليه. ولعله كان شخصاً معروفاً في عصره (علیه السّلام) باليسر ومع ذلك كان يقترض لكرم منه وسخاء أو لغير ذلك . والحديث ضعيف.
3- اسم للهم والغم. والمقصود هنا أنه مجلبة للهمّ
4- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها ، ح 1 . الفقيه 3، 60 - باب الدين والقروض، ح 4
5- التهذيب 6 نفس الباب، ح 9 بتفاوت يسير الفقيه ،3 نفس الباب، ح .9 والحديث مجهول
6- واسمه الحسن.
7- في التهذيب : عن سَلَمَة
8- أي يتوصل به إلى العيش ويكتفي به
9- أي يصرفه على عياله ويؤخر أداء الدين
10- النساء/ 29

وفاء، ولو طاف على أبواب الناس فردُّوه باللّقمة واللّقمتين والتّمرة والتمرتين، إلّا أن يكون له وليّ يقضي دينه من بعده، ليس منّا من ميّت، إلّا جعل الله عزّ وجلَّ له وليّاً يقوم في عِدَته ودينه فيقضي عِدَتَه ودينه(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّضر بن سويد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لا تُباع الدَّار ولا الجارية في الدِّين، وذلك لأنّه لا بدَّ للرِّجل من ظلِّ يسكنه، وخادِمٍ يخدمه (2)

4 - عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن بريد العجليِّ قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ عليَّ ديناً - وأظنّه(3)قال : لأيتام - وأخاف إن بعتُ ضَيعتي بقين وما لي شيء؟ فقال: لا تبع ضيعتك، ولكن أعطِه بعضاً وأمسِك بعضاً(4).

5 - عليّ بن محمّد، عن إبراهيم (5)بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله (6)بن حمّاد، عن عمر بن يزيد قال : أتى رجل أبا عبد الله (علیه السّلام) يقتضيه - وأنا حاضرُ - فقال له : ليس عندنا اليوم شيءُ، ولكنّه يأتينا خِطْرٌ وَوَسْمة (7)فتباع، ونعطيك إن شاء الله، فقال له الرَّجل: عِدني، فقال: كيف أعِدُكَ وأنا لما لا أرجو أرجى مني لما أرجو(8)؟!

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يوسف بن السّخت، عن عليّ بن محمّد بن سليمان، عن الفضل بن سليمان، عن العباس بن عيسى قال : ضاق على عليّ بن الحسين (علیه السّلام) ضيقة، فأتي مولى له فقال له : أقرِضني عشرة آلاف درهم إلى مَيسَرة، فقال : لا، لأنّه ليس عندي، ولكن أريد وثيقة، قال : فشقَ له من ردائه هُدبة (9)فقال له : هذه الوثيقة قال :

ص: 90


1- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها . الفقيه 3، 60 - باب الدين والقروض، ح 12 بتفاوت، وفيه إلى آخر المذكور من الآية
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 12 . الاستبصار 3 4 - باب أنه لا تباع الدار ولا الجارية في الدين، ح 1
3- هذا التظني من الراوي
4- التهذيب 6 نفس ،الباب ح 13 الفقيه ،3 نفس ،الباب ، ح 15 وفيهما ولكن اعط بعضاً. بدل : أعطه
5- في التهذيب : عن علي عن أبيه عن إسحاق الأحمر
6- في التهذيب: عن عبد الرحمن بن حمّاد
7- الخطر والوَسْمَة : نباتان يختضب بهما
8- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 14 والحديث ضعيف
9- الهُدية : القطعة.

فكأن مولاه كره ذلك، فغضب(1)، وقال : أنا أولى بالوفاءِ أم حاجب بن زرارة(2)؟! فقال : أنت أولى بذلك منه، فقال : فكيف صار حاجب يرهن قوساً وإنّما هي خشبة على مائة حَمالة (3)وهو كافرُ فَيَفِي وأنا لا أُفِي بُهدبة ردائي؟! قال : فأخذها الرَّجل منه وأعطاه الدَّراهم وجعل الهدبة في حُقِّ(4)، فسهّل الله عزّ وجلَّ له المال فحمله إلى الرَّجل، ثمَّ قال له : قد أحضرتُ مالك فهات وثيقتي، فقال له : جُعِلْتُ فِداك، ضيّعتها، فقال : إذن لا تأخذ مالك منّي، ليس مثلي من يُسْتَخَفْ بذمته، قال : فأخرج الرّجل الحُقَّ فإذا فيه الهدبة، فأعطاه علي بن الحسن (علیه السّلام) الدَّراهمَ وأخذ الهُدبة فرمى بها، وانصرف(5).

7 - عنه، عن يوسف بن السخت، عن عليّ بن محمد بن سليمان(6)، عن أبيه، عن عيسى بن عبد الله - قال احتضر عبد الله(7)، فاجتمع عليه غرماؤه، فطالبوه بدين لهم، فقال : لا مال عندي فأعطيكم، ولكن أرضوا بما شئتم من ابني عمّي عليّ بن الحسين (علیه السّلام)، وعبدالله بن جعفر، فقال الغرماء: عبد الله بن جعفر مليّ مَطول(8)، وعليُّ بن الحسين (علیه السّلام) [رجلٌ] لا مال له صدوق، وهو أحبّهما إلينا، فأَرْسَلَ إليه فأَخْبَرَه الخبر، فقال : أضمن لكم المال إلى غلّة، ولم تكن له غلّة، تجمّلًا(9) فقال القوم : قد رضينا، وضمنه، فلمّا أتت الغلّة، أتاح (10)الله عزّوجلَّ له المال فأدَّاه (11).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن ،شاذان جميعاً عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عثمان بن زياد قال: قلت لأبي الله (علیه السّلام) : إنَّ لي على رجل ديناً، وقد أراد أن يبيع داره فيقضيني؟ قال : فقال أبو

ص: 91


1- الضمير يرجع إلى الإمام (علیه السلام)
2- قصة حاجب بن زرارة مع كسرى أوردها العلامة المجلسي في المرآة 48/19 - 49 نقلا عن القاموس للفيروزآبادي فراجع
3- الحمالة ما يتحمل عن شخص أو جماعة من غرامة
4- الحُق : وعاء يختلف بحسب ما يحفظ فيه من رسالة أو مسك أو غيرهما
5- الحديث ضعيف
6- في التهذيب هنا عن النوفلي، عن أبيه ... الخ.
7- هو ابن الحسن (علیه السّلام) كما صرح بذلك في التهذيب والفقيه
8- المطول: المماطل بالدين والمسوف
9- حال من قوله (علیه السّلام) ، والتجمل إظهار الجمال والغنى.
10- أي هيا ويسر.

عبد الله (علیه السّلام) : أعيذك بالله أن تُخْرِجَه من ظلّ رأسه(1).

9 - عدَّهُ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن محرز، عن أبي بصير، عن أبي عبد عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «الدّين ثلاثة : رجل كان له فاَنظَر، وإذا كان عليه فأعطى ولم يمطل، فذاك له ولا عليه ورجل إذا كان له استوفى، وإذا كان عليه أوفى، فذاك لا له ولا عليه، ورجل إذا كان له استوفى ، وإذا كان عليه مَطَلَ، فذاك عليه ولا له.

53- باب قصاص الدَّين

1 - عدَّةُ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن خالد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل وقع لي عنده مالٌ، فكابرني عليه وحلف، ثمَّ وقع له عندي مالٌ، فآخذه مكان مالي الّذي أخذه، وأجحدُهُ، وأحلفُ عليه كما صنع؟ فقال : إن خانك فلا تَخنُهُ، ولا تدخل فيما عِبْتَهُ عليه(2).

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يكون لي عليه الحَقُّ فَيَجْحَدُنِيه، ثمَّ يستودعني مالاً، ألي أن آخذ ما لِيَ عنده؟ قال : لا ، هذه خيانة(3).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن

ص: 92


1- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها ، ح 15 . الاستبصار 3، 4 - باب أنه لا تباع الدار ولا وفيهما : فيعطيني بدل : فيقضيني وقد كرر قوله (علیه السّلام) : أعيذك ... الخ ، مرتين في ذيل الحديث هذا ويقول الشهيدان رضوان الله عليهما : ولا تباع داره ولا خادمه ولا ثياب تجمّله ويعتبر في الأول والأخير ما يليق بحاله كماً ،وكيفاً، وفي الوسط ذلك لشرف أو عجز وكذا دابة ركوبه ، ولو احتاج إلى متعدد استثني كالمتحد، ولو زادت عن ذلك في أحد الوصفين وجب الاستبدل أو الاقتصار على ما يليق بحاله وظاهر ابن الجنيد بيعها في الدين واستحب للغريم تركه والروايات متضافرة بالأول وعليه العمل ...»
2- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها ، 62 . الاستبصار 3 ، 27 - باب من له على غيره مال فيجحده ثم يقع ح للجاهد عنده ... ، ح 5 بتفاوت يسير بينهما . الفقيه ،3، 60 - باب الدين والقروض، ح 18 وكرر الشيخ في التهذيب هذا الحديث برقم 101 من الباب 93 من نفس الجزء، هذا، وقد دل قوله (علیه السّلام) : فلا ،تخنه على حرمة المقاصة بعد إحلاف غريمه، وإن كان له المقاصّة قبله.
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 63 . الفقيه ،3، نفس ،الباب ، ح 19 وفي آخره: هذه الخيانة.

سَيف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرميّ قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : رجلٌ كان له على رجل مالٌ، فجحده إيّاه، وذهب به، ثمَّ صار بعد ذلك للرَّجل الّذي ذهب بماله مال قبِلَه، أيأخذه منه مكان ماله الّذي ذهب به منه ذلك الرَّجل؟ قال : نعم، ولكن لهذا كلام ، يقول : «اللّهم إنّي آخذ هذا المال مكان مالي الّذي أخذه منّي، وإنّي لم آخذ ما أخذت منه خيانة ولا ظلماً»(1).

54- باب أنه إذا مات الرجل حَلَّ دينه

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمَّد بن عبد الجبّار، عن بعض أصحابه، عن خلف بن حماد، عن إسماعيل بن أبي قرَّة(2)، عن أبي بصير قال : قال لي (3)أبو عبد الله (علیه السّلام) : إذا مات الرجل حلّ ماله وما عليه من الدِّين(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يموت وعليه دَين فيضمنه ضامن للغرماء؟ فقال: إذا رضي به الغرماء فقد برئت ذمّة الميّت(5).

55- باب الرجل يأخذ الدَّينَ وهو لا ينوي قضاءه

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن النّضر بن شعيب، عن عبد الغفّار

ص: 93


1- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 64 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 3 و 2 بتفاوت الفقيه 3، نفس الباب، ح 21 . كما كرر الشيخ هذا الحديث برقم 104 من الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب. وقد ذهب بعض أصحابنا كالشهيد الثاني إلى جواز المقاصّة في الدين بشرط أن يقول المقتصّ ما ذكره (علیه السّلام) في هذا الحديث وإن بتفاوت فيما بينهم في بعض الفاظه.
2- في سند التهذيب : عن إسماعيل بن أبي فروة
3- كلمة (لي) غير موجودة في التهذيب.
4- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها ، ح 32 . الفقيه 3، 60 - باب الدين والقروض ، ح 32 مرسلاً وبدون (من الدين) في الذيل .
5- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 17 . الفقيه ،3، نفس الباب، ح 33 وأخرجه عن ابن محبوب عن الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله (علیه السّلام). هذا وقد ذهب أصحابنا رضوان الله عليهم إلى القول بحلول الدين بموت المدين دون الدائن. قال الشهيدان : «وتحلّ الديون المؤجلة إذا مات المديون سواء في ذلك مال السَّلَم والجناية المؤجلة وغيرهما للعموم ولا تحل بموت المالك دون المديون للأصل خرج منه موت المديون فيبقى الباقي ، وقيل تحل استناداً إلى رواية مرسلة وبالقياس على موت المديون وهو باطل».

الجازي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن رجل مات وعليه دين؟ قال: إن كان أُتي على يديه(1)من غير فساد لم يؤاخذه الله [عليه] إذا علم بنيّته [الأداء]، إلّا من كان لا يريد أن يؤدّي عن أمانته، فهو بمنزلة السارق، وكذلك الزّكاة أيضاً، وكذلك من استحلَّ أن يذهب بمهور النِّساءِ(2).

2 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : من استدان دَيناً فلم ينوِ قضاه، كان بمنزلة السّارق(3).

56- باب بيع الدِّين بالدِّين

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم، طلحة بن يزيد(4)، عن عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): «لا يباع الدَّين بالدَّين»(5).

2 - أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال : سألت (6)أبا جعفر (علیه السّلام) عن رجل كان له على رجل دَين، فجاءه رجلٌ فاشتراه منه [بعرض]، ثمَّ انطلق إلى الّذي عليه الدّين، فاقل له : أعطني ما لفلان عليك، فإنّي قد اشتريته منه، كيف يكون القضاء في ذلك؟ فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : يردُّ عليه الرَّجل الّذي عليه الدِّين ماله الّذي اشتراه به من الرَّجل الّذي له الدّين(7).

3 - محمّد بن يحيى؛ وغيره عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن

ص: 94


1- في التهذيب : ... إن كان على بدنه أنفقه من ... الخ
2- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 36. والحديث مجهول.
3- الحديث ضعيف
4- في التهذيب : عن طلحة بن زيد
5- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها، ح 25
6- في التهذيب : قال : سُئل أبو جعفر (علیه السلّام)
7- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 26 قوله (علیه السّلام) : لا يباع الدين بالدين المشهور بين الأصحاب جواز بيع الدين بعد حلوله على الذي عليه وعلى غيره، ومنع ابن إدريس من بيعه على غير الغريم، وهو ضعيف، وجوز في التذكرة بيعه قبل الحلول أيضاً، ثم إنه لا خلاف مع الجواز أنه يجوز بيعه بالعين وكذا بالمضمون ،الحال وإن اشترط تأجيله، قيل : يبطل، لأنه دين بدين وقيل يكره ، وهو اشهر مرآة المجلسي 52/19 - 53 . وهذا الأخير وهو القول بالكراهة وهو الأشبه عند المحقق فراجع شرائع الإسلام أيضاً 66/2 .

محمّد بن الفضيل قال : قلت للرّضا (علیه السّلام) : رجل اشترى ديناً على رجل، ثمَّ ذهب إلى صاحب الدّين فقال له : ادفع إليَّ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه ؟ قال : يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين، وبرىء الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه.(1)

57- باب في آداب اقتضاء الدِّين

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّی بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، قال: دخل رجلٌ على أبي عبد الله (علیه السّلام) ، فشكا إليه رجلا من أصحابه، فلم يلبث أن جاء المشكوّ، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : ما لِفلان يشكوك؟ فقال له : يشكوني أنّي استقضيت منه حقّي، قال : فجلس أبو عبد الله (علیه السّلام) مغضباً، ثمَّ قال : كأنّك إذا استقضيت حقّك لم تسيء؟! أرأيت ما حكى الله عزَّ وجلَّ في كتابه : «يَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ»(2)، أترى أنّهم خافوا الله أن يجور عليهم، لا والله ما خافوا إلّا الاستقضاء، فسمّاه الله عزّ وجلَّ سوء الحساب، فمن استقضى به فقد أساء(3).

2 - محمّد بن يحيى، رفعه إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال له رجلٌ : إنَّ لي على بعض الحَسَنيِّين مالاً ، وقد أعياني أخذُه ، وقد جرى بيني وبينه كلامٌ، ولا آمن أن يجري بيني وبينه في ذلك ما أغتمُّ له؟ فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : ليس هذا طريق التّقاضي، ولكن إذا أتيته أطل الجلوس وألزم السّكوت، قال الرَّجل : فما فعلت ذلك إلّا يسيراً حتّى أخذت مالي(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن خضر بن عمرو النّخعي قال : قال أحدهما (علیه السّلام) في الرّجل يكون له على رجل مال فيجحده، قال: إن استحلفه فليس له أن يأخذ منه بعد اليمين شيئاً، وإن تركه ولم يستحلفه فهو على حقّه.

4 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة،

ص: 95


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 35، والعمل بمضمون هذا الخبر في نظر الشهيد الثاني رحمه الله مخالف للأصول وضعيف المستند، واحتمل حمله على الضمان مجازاً، أو على فساد البيع.
2- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها ، ح 50 . والحديث ضعيف.
3- الحديث مرفوع.
4- الحديث مجهول. وقد نبهنا سابقاً على أن حق المطالبة يسقط بعد الاستحلاف ولو كان في الواقع محقاً .

عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : لا وجع إلّا وجع العين، ولا همّ إلّا همّ الدَّين(1).

5 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «الدِّين ربقة الله في الأرض، فإذا أراد الله أن يُذلَّ عبداً وضعه في عنقه»(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن حمّاد بن أبي طلحة بيّاع السّابريّ؛ ومحمّد بن الفضيل؛ وحكم الحنّاط جميعاً عن أبي حمزة (3)قال : ، سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : من حبس مال امریءٍ مسلم وهو قادر على أن يعطيه إيّاه مخافة إن خرج ذلك الحقُّ من يده أن يفتقر كان الله عزّ وجل أقدر على أن يُفقره منه على أن يفني نفسه بحبسه ذلك الحقّ(4).

58- باب إذا التوى الذي عليه الدِّينُ على الغرماء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يحبس الرَّجل إذا التوى على غرمائه، ثمَّ يأمر فيقسّم ماله بينهم بالحصص، فإن أبى باعه فيقسّم - يعني ماله -(5).

2 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن، عن جعفر بن محمّد بن حكيم، عن جميل بن درَّاج، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : الغائب يقضى عنه إذا قامت البيّنة عليه، ويباع ماله ويقضى عنه وهو غائب، ويكون الغائب على حجّته إذا قدم، ولا يدفع المال إلى الّذي أقام البيّنة إلّا بكفلاء إذا لم يكن مليّاً(6).

ص: 96


1- الحديث ضعيف
2- الحديث ضعيف والربقة الغلّ والقيد
3- هو الثمالي .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 24 . وفيه بحبس بدل بحبسه وليس في سنده الحكم الحنّاط. الفقيه 3، 60 - باب الدين والقروض، ح 13 . والحديث ضعيف على المشهور.
5- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها، ح 37 . الاستبصار ،3، 4 - باب أنه لا تباع الدار ولا ... ، ح 4 بتفاوت يسير فيهما . الفقيه ،3 13 - باب الحجر والإفلاس، ذيل ح 1 .
6- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 38 . وكرره برقم 34 من الباب 92 من نفس الجزء وأخرجه عنهما (علیه السّلام)، وبدون قوله في الذيل : إذا لم يكن مَلِيًا

59- باب النزول على الغريم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سوید(1)عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائنيّ ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه كره أن ينزل الرجل على الرجل وله عليه دين - وإن كان قد صرّها(2)اله - إلّا ثلاثة أيّام(3).

2 - عدّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل ينزل على الرّجل وله عليه دين، أيأكل من طعامه؟ قال : نعم، يأكل من طعامه ثلاثة أيّام، ثمَّ لا يأكل بعد ذلك شيئاً(4).

60- باب هدية الغريم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ رجلا أتى عليّاً (علیه السّلام) فقال له : إنَّ لي على رجل ديناً، فأهدى إليّ هديّة؟ قال (علیه السّلام): أحسِبهُ من دَينك عليه(5).

2 - عدةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زیاد، عن ابن محبوب، عن هذيل بن حيّان (6)أخي جعفر بن حيّان الصيرفيّ قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي دفعت إلى أخي جعفر مالاً، فهو يعطيني ما أنفقه وأحجُّ منه وأتصدَّق، وقد سألت مَن قِبَلَنا فذكروا أنَّ ذلك، فاسد لا يحلُّ، وأنا أحبُّ أن أنتهي إلى قولك؟ فقال لي : أكان يَصِلك قبل أن تدفع إليه مالك؟

ص: 97


1- لا يوجد في سند التهذيب. ولعله سقط اشتباهاً وسهواً
2- في التهذيب : وإن كان وزنها
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 18، والحديث صريح في الكراهة، وهو المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 19. الفقيه 3، 60 - باب الدين والقروض، ح 27، وكرر الشيخ هذا الحديث برقم 17 من الباب 82 من نفس الجزء من التهذيب.
5- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها .29 الاستبصار ،3 ، 7 - باب القرض لجر المنفعة ، ح 3 . وليس ح فيها كلمة (عليه) في الذيل هذا، وقد نص الشهيد الثاني رضوان الله عليه في كتاب الدروس على استحباب احتساب هدية الغريم من الدين الذي في ذمته استناداً إلى هذه الرواية حسب الظاهر والله العالم.
6- في التهذيبين حنان بدل حيان

قلت : نعم، قال: فخذ منه ما يعطيك، فكل منه، واشرب، وحجّ، وتصدّق، فإذا قدمت العراق فقل : جعفر بن محمّد أفتاني بهذا(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن الحسين بن العلاء، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال: سألته عن الرجل يكون له على رجل مال قرضاً، فيعطيه الشيء من ربحه مخافة أن يقطع ذلك عنه، فيأخذ ماله من غير أن يكون شَرَط عليه؟ قال : لا بأس بذلك، ما لم يكن شرطاً(2).

61 - باب الكفالة والحوالة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضيل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، قال أبطأتُ عن الحجّ، فقال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : ما أبطَأ بك عن الحجّ؟ فقلت : جُعِلْتُ فداك، تكفّلت برجل فَخَفَربي(3)، فقال : ما لَكَ والكفالات أما علمت أنّها أهلكت القرون الأولى، ثمَّ قال : إِنَّ قوماً أذنبوا ذنوباً كثيرة فأشفقوا منها وخافوا خوفاً شديداً، وجاء آخرون فقالوا : ذنوبكم علينا، فأنزل الله عزّ وجلَّ عليهم العذاب، ثمَّ قال تبارك وتعالى : (خافُونِي واجترأتُم عليَّ) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أحدهما (علیه السّلام) في الرّجل يحيل الرّجل بمال كان له على رجل آخر، فيقول له الّذي احتال : برئتَ ممّا لي عليك؟ قال : إذا أبرأه فليس له أن يرجع عليه، وإن لم يُبرِئه فله أن يرجع على الّذي أحاله(4).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن جميل، عن زرارة، عن أحدهما (علیه السّلام) مثله(5).

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكنديّ، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن

ص: 98


1- التهذيب 6 ، 82 - باب الفرض وأحكامه ح . الاستبصار، نفس الباب، ح .. الفقيه 3، 60 - باب الدين، والقروض، ح 26
2- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها ، ح .39 الاستبصار ، نفس الباب، ح4. بتفاوت يسير .
3- خفر أي غدر ونقض العهد.
4- التهذيب 6 85 - باب الحوالات، ح 1.
5- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 2 .

أبَان بن عثمان، عن أبي العبّاس قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : رجلّ كفل لرجل بنفس رجل فقال : إن جئت به وإلّا عليك خمسمائة درهم؟ قال : عليه نفسه، ولا شيء عليه من الدَّراهم، فإن قال : عليَّ خمسمائة درهم إن لم أدفعه إليك، قال: تلزمه الدَّراهم إن لم يدفعه إليه(1).

4 - حميد، عن الحسن بن محمّد، عن جعفر بن سماعة أبَان، عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يحيل على الرّجل بالدِّراهم، أيرجع عليه؟ قال: لا يرجع عليه أبداً ، إلّا أن يكون قد أفلس قبل ذلك(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن الحسين بن خالد قال : قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : جُعِلْتُ فِداك، قول النّاس : الصّامِنُ غارِم؟ قال : فقال : ليس على الضّامن غُرم، الغُرم على من أكل المال(3).

6 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : أتي أمير المؤمنين صلوات الله عليه برجل تكفّل بنفس رجل فحبسه، فقال: أطلب صاحبك(4).

62- باب عمل السلطان وجوائزهم

1 - عدةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن عذافر، عن أبيه قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا عذافر إنّك تعامل أبا أيّوب والربيع، فما حالك إذا نودي بك في أعوان الظلمة؟ قال : فَوَجَمَ أبي(5)، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) - لمّا رأى ما

ص: 99


1- التهذيب 6 84 - باب الكفالات والضمانات، ح 10 . هذا ويقول المحقق في الشرائع :115/2 : وللمكفول له مطابقة الكفيل بالمكفول عنه عاجلاً إن كانت مطلقة أو معجلة، وبعد الأجل إن كانت مؤجّلة، فإن سلمه تسليماً تاماً فقد برىء وإن امتنع كان له حبسه حتى يحضره أو يؤدي ما عليه، ولو قال : إن لم أحضره كان علي كذا ، لم يلزمه، إلا إحضاره دون المال، ولو قال : علي كذا إلى كذا إن لم أحضره وجب عليه ما شرط من المال».
2- التهذيب 6 ، 85 - باب الحوالات ، ح 3 الفقيه 3، 40 - باب الحوالة ، ح 3 وأخرجه عن أبي أيوب عن عبد الله (علیه السّلام).
3- التهذيب 6، 84 - باب الكفالات والضمانات ، ح 2 الفقيه 3 39 - باب الكفالة ، ح 3 . وحمل الحديث على ما إذا ضمن الضامن بإذن الغريم فله أن يرجع عليه دون ما إذا ضمنه تبرعاً.
4- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح4. الفقيه ،3، نفس الباب، ح 1 بسند آخر وزيادة في آخره وتفاوت.
5- الواجم : الذي أسكته الفمّ وعلت وجهه الكآبة.

أصابه - : أي عذافر، إنّما خوَّفتك بما خوِّفني الله عزَّ وجلَّ به، قال محمّد : فقدم أبي فلم يزل مغموماً مكروباً حتّى مات .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم؛ ومحمّد بن حمران، عن الوليد بن صبيح قال : دخلت على أبي عبد الله (علیه السّلام)، فاستقبلني زرارة خارجاً من عنده، فقال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا وليد، أما تعجب من زرارة، سألني عن أعمال هؤلاء(1)، أيُّ شيء كان يريد أيريد أن أقول له: لا فيروي ذلك عنّي، ثمَّ قال : يا وليد، متى الشيعة تسأل عن أعمالهم إنّما كانت الشيعة تقول : يؤكل من طعامهم ويُشرب من شرابهم، ويُستظلُّ بظلّهم، متى كانت الشيعة تسأل هذا؟(2).

3 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن حديد(3)قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : اتّقوا الله، وصونوا دينكم بالورع ، وقَوُّه بالتقيّة، والاستغناء بالله عزّ وجلَّ، إنّه من خضع لصاحب سلطان(4)ولمن يخالفه على دينه طلباً (5)لما في يديه من دنياه، أخمله الله عزّ وجلَّ، ومَقَتَهُ عليه، وَوَكَلَه إليه، فإن هو غلب على شيء من دنياه فصار إليه منه شيء، نزع الله جلَّ وعزَّ اسمه البركة منه، ولم يأجره على شيء ينفقه في حجّ ولا عتق [رقبة] ولا بِرّ(6).

4 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حمّاد، عليّ بن أبي حمزة قال : كان لي صديق من كُتاب بني أميّة فقال لي: استأذن لي على أبي عبد الله (علیه السّلام)، فاستأذنت له عليه، فأذن له، فلمّا أن دخل سلّم وجلس، ثمَّ قال : جُعِلْتُ فِداك، إنّي كنت في ديوان هؤلاءِ القوم، فأصبت من دنياهم مالاً كثيراً، وأغمضت في مطالبه؟ فقال أبو عبدالله (علیه السّلام): لولا أنَّ بني أمية وجدوا من يكتب لهم، ويجبي لهم الفيء، ويقاتل عنهم،

ص: 100


1- أي الظَلَمَة
2- التهذيب ،6 93 - باب المكاسب ، ح 38 . أقول : وقد يستدل بهذه الرواية على ذم زرارة بن أعين، وعدم وثاقته ، ولكن يمكن حملها - على تقدير أن يكون محمد بن حمران هو الثقة لاشتراكه بينه وبين غيره - على التقية والتستر على زرارة.
3- في التهذيب : عن حريز
4- في التهذيب : أولمن
5- في التهذيب : طالباً
6- التهذيب 6 93 - باب المكاسب، ح 35، وقوله : أخمله الله: أي أسقطه وأخفى ذكره والضمير في(إليه) من قوله ( ووكله إليه) يرجع إلى السلطان، أو إلى نفس الشخص. والمقت: البغض، أو أشد البغض.

ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقّنا، ولو تركهم النّاس وما في أيديهم ما وجدوا شيئاً إلّا ما وقع في أيديهم؛ قال : فقال الفتى : جُعِلْتُ فِداك، فهل لي مخرج منه؟ قال : إن قلتُ لك تفعل؟ قال : أفعل قال له : فاخرُج من جميع ما اكتسبت في ديوانهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدَّقت به وأنا أضمن لك على الله عزّ وجلَّ الجنَّة، قال: فأطرق الفتى رأسه طويلاً ثمَّ قال : قد فعلت جُعِلْتُ فداك، قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة، فما ترك شيئاً على وجه الأرض إلّا خرج منه حتّى ثيابه الّتي كانت على بدنه، قال: فقسَمت له قسمة، واشترينا له ثياباً وبعثنا إليه بنفقة ، قال : فما أتى عليه إلّا أشهر قلائل حتّى مرض، فكنّا نَعُوده، قال : فدخلت عليه يوماً وهو في السَّوق(1)، قال : ففتح عينيه ثمَّ قال لي : يا عليُّ، وفى لي والله صاحبك، قال ثمَّ مات، فتولّينا أمره، فخرجت حتّى دخلت على أبي عبد الله (علیه السّلام)، فلمّا نظر إليّ قال: يا عليُّ، وفينا والله لصاحبك، قال: فقلت : صدقت جُعِلْتُ فِداك، هكذا والله قال لي عند موته(2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن أعمالهم(3)؟ فقال لي : يا أبا محمّد، لا، ولا مُدّة قلم، إنَّ أحدهم لا يصيب من دنياهم شيئاً إلّا أصابوا من دينه مثله، أو قال : حتّى يصيبوا من دينه مثله - الوهم من ابن أبي عمير - (4).

6 - ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال : كنت قاعداً عند أبي جعفر (علیه السّلام) على باب داره بالمدينة، فنظر إلى النّاس يمرُّون أفواجاً، فقال لبعض من عنده : حَدَثَ بالمدينة أمر؟ فقال : جُعِلْتُ فِداك، ولّى المدينة وال فغدا النّاس يهنّئونه، فقال : إنَّ الرَّجل ليُغدى عليه بالأمر تهنأ به، وإنّه لباب من أبواب النّار.

7 - ابن أبي عمير، عن بشير، عن ابن أبي يعفور قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام)، إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له أصلحك الله، إنّه ربما أصاب الرّجل منّا الضّيق أو

ص: 101


1- السوق: النزع والاحتضار.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 41 وإنما قال عند السوق لعلي بن أبي حمزة ما قال من أن الصادق (عليه السلام) قد وفى له من ضمانه الجنة لو فعل ما فعل إما لأنه عاين مكانه في الجنة في تلك الساعة أو أنه رأى عليا (علیه السلام) فبشره بذلك.
3- أي عن حكم تولي أعمال سلاطين الجور
4- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب ح 39، والمُدّة : - بالضم - اسم لما استمددت به من المداد - وهو الحبر - على القلم . - وبالفتح - المرة من غمس القلم في الدواة للكتابة

الشدّة، فَيُدعى إلى البناء يبنيه ، أو النّهر يكريه(1)، أو المُسَنّاة(2)يصلحها، فما تقول في ذلك؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : ما أحبُّ أنّي عقدت لهم عُقْدَة أو وَكَيْتُ لهم وِكاء(3)وإنَّ لي ما بين لَا بتَيْها لا ولا مُدَّة بقلم، إِنَّ أعوان الظّلمة يوم القيامة في سُرادق من نار، حتّى يحكم الله بين العباد(4).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن يحيى بن إبراهيم بن مهاجر قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) فلان يقرئك السلام وفلان وفلان، فقال: وعليهم السلام ، قلت : يسألونك الدُّعاء، فقال : وما لهم؟ قلت: حبسهم أبو جعفر (5)، فقال: وما لهم وما له؟ قلت: استعملهم فحبسهم، فقال : وما لهم وما له؟ ألم أنههم، ألم أنههم، ألم أنههم، هم النّار، هم النّار، هم النّار، قال : ثمَّ قال : اللّهمَّ اخدع عنهم سلطانهم(6)، قال : فانصرفت من مكّة، فسألت عنهم، فإذا هم أخرجوا بعد هذا الكلام بثلاثة أيّام(7).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن داود بن زربيّ قال : أخبرني مولى لعلي بن الحسين (علیه السّلام) قال: كنت بالكوفة، فقدم أبو عبد الله (علیه السّلام) الحيرة، فأتيته فقلت له : جُعِلْتُ فِداك، لو كلّمت داوود بن عليّ أو بعض هؤلاء فأدْخُل في بعض هذه الولايات؟ فقال : ما كنتُ لأفعل، قال: فانصرفت إلى منزلي فتفكّرت، فقلت: ما أحسبه منعني إلّا مخافة أن أظلم أو أجور، والله لآتينه ولأعطينّه الطّلاق والعتاق والأَيمان المغلّظة ألّا أظلم أحداً ولا أجور، ولأعْدِلَنَّ، قال : فأتيته فقلت : جُعِلْتُ فِداك، إنّي فكّرت في إبائك عليَّ، فظننت أنّك إنّما منعتني وكرهت ذلك مخافة أن أجور أو أظلم، وإنَّ كلَّ امرأة لي طالق، وكلّ مملوك لي حرٍّ، عليَّ وعليَّ، إن ظلمت أحداً أو جُرْتُ عليه، وإن لم أعدل؟ قال : كيف قلت : قال : فأعدتُ عليه الأيمان، فرفع رأسه إلى السّماء فقال : تناولُ السماء أيسر(8)عليك من ذلك .

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن

ص: 102


1- كري النهر : استحداث حفره .
2- المُسَنَاة : ما يبني للسيل ليردّ الماء.
3- الوكاء - كما في القاموس المحيط - رباط القربة وغيرها ، وكل ما شُدّ رأسه من وعاء ونحوه
4- التهذيب ،6 نفس الباب ح 40 . والحديث مجهول.
5- يعني المنصور الدوانيقيّ.
6- دعاء عليه ليشتغل بما أهمّه عنهم
7- الحديث ضعيف على المشهور.
8- كناية عن عدم تمكنه من العدل في ظل ولايتهم، أو عدم الجور فيها. والحديث حسن.

جهم بن حميد قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : أما تغشى سلطان هؤلاء؟ قال: قلت: لا، قال: ولِمَ؟ قلت: فراراً بديني، قال: فعزمت على ذلك؟ قلت : نعم، فقال لي: الآن سَلِمَ لك دينك(1).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ وعليُّ بن محمّد القاسانيّ، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان المنقريّ، عن فضيل بن عياض قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن أشياء من المكاسب، فنهاني عنها ، فقال : يا فُضَيل، والله لضرر هؤلاء على هذه الأمّة، أشدُّ من ضرر الترك والدِّيلم. قال : وسألته عن الوَرعِ من النّاس؟ قال : الّذي يتورَّع عن محارم الله عزّ وجلَّ، ويجتنب هؤلاء وإذا لم يتّق الشبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه، وإذا رأى المنكر فلم يُنكره وهو يقدر عليه، فقد أحبَّ أن يُعصى الله عزّ وجلَّ، ومن أحبَّ أن يُعصى الله فقد بارز الله عزَّ وجلَّ بالعداوة، ومن أحبَّ بقاء الظالمين فقد أحبَّ أن يُعصى الله، إنَّ الله تعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين فقال : «فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(2).

12 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه، عن أبي عبد الله (عه السّلام) في قول الله عزّ وجلَّ : «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ»(3)، قال: هو الرَّجل يأتي السّلطان فيحبُّ بقاءه إلى أن يُدْخِلَ يده إلى كيسه فيعطيه.

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمّد بن هشام، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إِنَّ قوماً ممّن آمن بموسى (علیه السّلام) قالوا : لو أتينا عسكر فرعون وكنّا فيه، ونلنا من دنياه، فإذا كان الّذي نرجوه من ظهور موسى (علیه السّلام) صرنا إليه، ففعلوا، فلمّا توجه موسى (علیه السّلام) ومن معه إلى البحر هاربين من فرعون، ركبوا دوابّهم وأسرعوا في السير ليلحقوا بموسى (علیه السّلام) وعسكره فيكونوا معهم، فبعث الله عزّ وجل مَلَكاً فضرب وجوه دوابهم فردَّهم إلى عسكر فرعون فكانوا فيمن غرق مع فرعون.

ورواه عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: حقٌّ على الله عزّ وجلَّ أن تصيروا مع من عشتم معه في دنياه(4).

ص: 103


1- التهذيب 6 93 - باب المكاسب، ح 42 . والحديث مجهول
2- الأنعام / 45. فقطع ... أي استؤصلوا ودابر القوم : الذي يسايرهم ويأتي في آخرهم. والحديث ضعيف.
3- هود/ 113.
4- الحديث مجهول، وآخره مرسل

14 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد البرقيّ، عن عليّ بن أبي راشد عن إبراهيم [بن] السنديّ، عن يونس بن حمّاد(1)قال : وصفت لأبي عبد الله (علیه السّلام) من يقول بهذا الأمر(2)، ممّن يعمل عمل السّلطان؟ فقال : إذا وَلُوكُمْ يُدخلون عليكم الرّفق وينفعونكم في حوائجكم(3)؟ قال : قلت : منهم من يفعل ذلك ومنهم من لا يفعل؟ قال: من لم يفعل ذلك منهم فابرؤوا منه، برىء الله منه(4).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حمّاد، عن حميد قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إيّ وُلّيت عملاً(5)، فهل لي من ذلك مخرج ؟ فقال : ما أكثر مَن طلب المخرج من ذلك فَعَسُرَ عليه قلت : فما ترى؟ قال : أرى أن تتّقي الله عزَّ وجلَّ ولا تعده(6).

63- باب شرط من أُذِنَ له في أعمالهم

1 - الحسين بن الحسن الهاشميّ، عن صالح بن أي حمّاد، عن محمّد بن خالد، عن زياد بن أبي سلمة(7)قال : دخلت على أبي الحسن موسى (علیه السّلام) فقال لي : يا زياد، إنّكَ لَتَعْمَلُ عمل السلطان؟ قال : قلت : أجل قال لي : ولم؟ قلت : أنا رجلٌ لي مروَّة(8)، وعليَّ عيال، وليس وراء ظهري شيء، فقال لي: يا زياد لئن أسقُط من جالق(9)فأتقطّع قطعة قطعة، أحبُّ إليَّ من أن أتولّى لأحد عملاً، أو أطأ بساط أحدهم، إلّا لماذا؟ قلت: لا أدري جُعِلْتُ فِداك، فقال : إلّا لتفريج كربةٍ عن مؤمن، أو فكّ أسره، أو قضاء دَينه، يا زياد، إنَّ أهون ما يصنع الله بمن تولّى لهم عملاً، أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله من حساب الخلائق ؛ يا

ص: 104


1- في التهذيب : يونس بن عمار
2- أي يعتقد التشيع
3- السؤال عن هؤلاء الشيعة الذين يتولون بعض أعمال الظلمة بالنسبة لإخوانهم من المؤمنين.
4- التهذيب ،6 ، 93 - باب المكاسب . ح 44 . وفيه المرفق بدل الرفق والمرفق : - كما في الصحاح - هو ما ارتفقت به وانتفعت به وقد دل الحديث على أن كفارة العمل معهم هو نفع إخوانهم من المؤمنين وقضاء حوائجهم.
5- يعني لسلاطين الجور.
6- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 43 . وفي ذيله : ولا تعود.
7- في التهذيب : عن زياد بن سَلَمة.
8- «قوله : لي مروّة ... ؛ أي إحسان وفضل عوّدت الناس من نفسي، أو جاه وزي لا يمكنني تركه . مرآة المجلسي 66/19 - 67.
9- الجالق: الجبل المرتفع. وفي التهذيب : من حالق

زياد؛ فإن ولّيت شيئاً من أعمالهم، فأحسِن إلى إخوانك، فواحدة بواحدة، والله من وراء ذلك. يا زياد أيّما رجل منكم تولّى لأحد منهم عملاً، ثمَّ ساوى بينكم وبينهم، فقولوا له : أنت منتحل كذَّاب، يا زياد، إذا ذكرت مقدرتك على النّاس فاذكر مقدرة الله عليك غداً، ونفاد ما أتيت إليهم عنهم، وبقاء ما أتيت إليهم عليك(1).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن أبي نجران، عن ابن سنان، عن حبيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ذُكر عنده رجلٌ من هذه العصابة قد وُلْيَ ولاية ، فقال : كيف صنيعته إلى إخوانه؟ قال قلت ليس عنده خیر، فقال : أفّ، يدخلون فيما لا ينبغي لهم، ولا يصنعون إلى إخوانهم خيراً(2)؟!!

3 - محمّد بن يحيى، عمّن ذكره، عن عليّ بن أسباط، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن عليّ بن يقطين قال : قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : ما تقول في أعمال هؤلاء؟ قال : إن كنت لا بدَّ فاعلاً، فاتّقِ أموال الشيعة؛ قال : فأخبرني عَليٌّ أنّه كان يجبيها من الشيعة علانيةً، ويردُّها عليهم في السرّ(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن الحكم، عن الحسن بن الحسين الأنباريّ عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) قال: كتبت إليه أربعةَ عشر سنة استأذنه في عمل السلطان، فلمّا كان في آخر كتاب كتبته إليه أذكر أنّي أخاف على خبط عنقي(4)، وأنَّ السلطان يقول لي : إنّك رافضيٌّ، ولسنا نشكُّ في أنّك تركتَ العمل للسلطان للرّفض، فكتب إليَّ أبو الحسن (علیه السّلام) : قد فهمت كتابك وما ذكرت من الخوف على نفسك، فإن كنت تعلم أنّك إذا وُلّيتَ عملت فی عملك بما أمر به رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، ثمَّ تُصَيّر أعوانك وكتّابك أهل ملّتك، فإذا صار إليك شيء

ص: 105


1- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 45 . وقوله : ونفاذ ما أتيت إليهم ... الخ : أي تذكر أن ما قصدته من وراء العمل لهم وهو حطام الدنيا وزينتها سوف يزول عنهم وبالتالي يزول عنك ويبقى إثمه وعناؤه يوم القيامة عليك.
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 37 ح، وهذا الحديث وغيره مما تقدم ويأتي إنما يحمل على الولاية من قبل سلاطين الجور دون ما إذا كان السلطان العادل، يقول المحقق في الشرائع 12/2: «الولاية من قبل السلطان العادل جائزة، وربما وجبت، كما إذا عينه إمام الأصل، أو لم يمكن دفع المنكر أو الأمر بالمعروف إلا بها، وتحرم من قبل الجائر إذا لم يأمن اعتماد ما يحرم ، ولو أمن ذلك وقدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استحبّت ، ولو أكره جاز له الدخول دفعاً للضرر اليسير على كراهية وتزول الكراهة لدفع الضرر الكثير كالنفس أو المال أو الخوف على بعض المؤمنين...».
3- التهذيب 6، نفس الباب، ح 48
4- أي ضرب عنقي. وفي بعض النسخ : خيط عنقي، وهو نخاع الرقبة وهو ما أثبته المجلسي في مرآته.

واسیت به فقراء المومنین حتی تکون واحداً منهم، کان ذا بذا، و الّا فلا(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن مهران بن محمّد(2)بن أبي نصر، عن أبي عبد أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : ما من جبّار إلّا ومعه مؤمنٌ يدفع الله به عن المؤمنين، وهو أقلّهم حظّاً في الآخرة - يعني أقلّ المؤمنين حظّاً لصُحبة الجبّار -(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن السيّاريّ، عن أحمد بن زكريّا الصيّدلانيّ، عن رجل من بني حنيفة من أهل بست وسجستان قال : رافقت أبا جعفر (4)(علیه السّلام) في السنة الّتي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم، فقلت له - وأنا معه على المائدة، وهناك جماعة من أولياء السلطان - : إنَّ والينا جُعِلْتُ فِداك، رجل يتولّاكم أهل البيت، ويحبّكم، وعَلَيّ في دوانه خراج، فإن رأيت جعلني الله فِداك أن تكتب إليه كتاباً بالإحسان إليَّ، فقال لي : لا أعرفه، فقلت : جُعِلْتُ فِداك إنّه على ما قلت من محبّيكم أهل البيت، وكتابك ينفعني عنده، فأخذ القرطاس وكتب : بسم الله الرحمن الرَّحيم، أمّا بعدُ فإنَّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً، وإنَّ مالك من عملك ما أحسنت فيه، فأحسِن إلى إخوانك ؛ واعلم أنَّ الله عزّ وجلَّ سائلك عن مثاقيل الذرّ والخردل، قال : فلمّا وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبد الله النيسابوريّ - وهو الوالي - فاستقبلني على فرسخين من المدينة، فدفعت إليه الكتاب فقبّله ووضعه على عينيه ثمَّ قال لي : ما حاجتك؟ فقلت : خراج عليَّ في ديوانك، قال: فأمر بطرحه عنّي وقال لي : لا تؤدّ خراجاً ما دام لي عمل، ثمَّ سألني عن عيالي، فأخبرته بمبلغهم فأمر لي ولهم بما يقوتنا وفضلاً، فما أدَّيت في عمله خراجاً ما دام حيّاً، ولا قطع عنّي صلته حتّى مات(5).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن عليّ بن يقطين قال : قال لي أبو الحسن (علیه السّلام) : إِنَّ لِلَّه عزّ وجلَّ مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه(6).

ص: 106


1- التهذب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 49. والحديث مجهول
2- في التهذيب عن مهران بن محمد، عن أبي بصير
3- التهذيب 6 نفس الباب، ح 50 . والحديث مجهول.
4- هو الإمام الجواد (علیه السلام) كما صرح بذلك الشيخ في التهذيب.
5- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 47 والحديث ضعيف
6- الفقيه 3، 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح 99 والحديث حسن.

64- باب بيع السلاح منهم

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرميّ قال : دخلنا على أبي عبد الله (علیه السّلام) ، فقال له حكم السرّاج : ما ترى فيمن يحمل السّروج إلى الشام وأداتها؟ فقال : لا بأس أنتم اليوم بمنزلة أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، إنّكم في هدنة، فإذا كانت المباينة حَرُمَ عليكم أن تحملوا إليهم السروج والسّلاح(1).

2 - أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن أبي سارة، عن هند السرّاج قال : قلت لأبي جعفر (علیه السّلام) : أصلحك الله إنّي كنت أحمل السّلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم، فلمّا أن عرفني الله هذا الأمر(2)ضقت بذلك وقلت : لا أحمل إلى أعداء الله؟ فقال : إحمل إليهم، فإنَّ الله يدفع بهم عدوَّنا وعدوَّكم - يعني الرُّوم - وبعهم ، فإذا كانت الحرب بيننا فلا تحملوا، فمن حمل إلى عدوَّنا سلاحاً يستعينون به علينا فهو مشركٌ(3).

3 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن قيس قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الفئتين تلتقيان من أهل الباطل، أنبيعهما السلاح؟ قال : بعهما ما يُكِنّهما كالدّرع والحُفّين ونحو هذا(4).

4 - أحمد بن محمّد، عن أبي عبد الله البرقيّ، عن السرّاد عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : إنّي أبيع السلاح؟ قال: لا تبِعهُ في فتنة(5).

ص: 107


1- التهذيب 6، نفس الباب ح 126 . الاستبصار ،3، 33 - باب حمل السلاح إلى أهل البغي ، ح 2 . وفي الآخر : السلاح والسروج.يقول الشهيدان وهما بصدد بيان موضوع التجارة المحرمة : وبيع السلاح بكسر السين من السيف والرمح والقوس والسهام ونحوها لأعداء الدين مسلمين كانوا أم كفاراً ومنه قطاع الطريق في حال الحرب أو التهيؤ له لا مطلقاً، ولو أرادوا الاستعانة به على قتال الكفار لم يحرم ، ولا يلحق بالسلاح ما يعد جُنَّة للقتال كالدرع والبيضة وإن كره.
2- أي التشيع
3- الفقيه .3. نفس الباب ، ح 96 . والحديث مجهول.
4- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 127 الاستبصار 3 33 - باب كراهية حمل السلاح إلى أهل البغي. ح، وكنه : ستره.
5- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 128 ، الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح 1 وفي سنده : عن رجل، (بعد ذكر السراد). ويقول السيد الخوئي عند تعرضه لرواية الاستبصار ولعله هو الصحيح لعدم ثبوت رواية الحسن بن محبوب (وهو) السرّاد) عن أبي عبد الله بلا واسطة أقول : وفي الوسائل: السرّاج، بدل: السرّاد.

65- باب الصّناعات

1 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : إنَّ الله عزّ وجلَّ يحبُّ المحترف الأمين(1).

وفي رواية أُخرى : إنَّ الله تعالى يحبُّ المؤمن المحترف.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن خالد بن عمارة، عن سدير الصيرفيّ قال : قلت لأبي جعفر (علیه السّلام) : حديث بلغني عن الحسن البصريّ، فإن كان حقاً فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، قال وما هو؟ قلت: بلغني أنّ الحسن البصري كان يقول : لو غلى دماغه من حرّ الشَّمس، ما استظلِّ بحائط صيرفيّ، ولو تَفَرَّث كبده (2)عطشاً، لم يَسْتَسْقِ من دار صيرفيّ ماءً، وهو عملي وتجارتي، وفيه نبت لحمي ودمي، ومنه حجّي وعمرتي؟ فجلس ثمَّ قال: كذب الحسن خذ سواءً وأعط سواء(3)، فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك وانهض إلى الصلاة، أمَا علمت أنَّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة(4)!.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال قال : سمعت رجلا يسأل أبا الحسن الرّضا (علیه السّلام) فقال : إنّي أعالج الدَّقيق وأبيعه، والناس يقولون : لا ينبغي؟ فقال له الرضا (علیه السّلام) : وما بأسه، كلّ شيء ممّا يباع إذا اتّقى الله فيه العبدُ فلا بأس(5).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن جعفر بن يحيى الخزاعيّ، عن أبيه يحيى بن أبي العلاء، عن إسحاق بن عمّار قال: دخلت على أبي عبد الله (علیه السّلام) فخبّرته أنّه ولد لي غلامٌ، فقال: ألاَ سمّيته محمّداً؟ قال : قلت : قد فعلت قال : فلا تضرب محمّداً، ولا تسبّه، جعله الله قرَّة عين لك في حياتك، وخَلَفَ صِدْقٍ من بعدك، فقلت: جُعِلْتُ فداك، في

ص: 108


1- الفقيه 3 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح 15 ورواه مرسلاً.
2- في الفقيه تفرّئت. وفي التهذيب: تبقّرت وفي الاستبصار: تنفّرت وتفرّت: انتشر.
3- أي خذ حقك بلا زيادة واعط حق الناس بلا بخس
4- التهذيب 6 93 - باب المكاسب ، ح 161 . الاستبصار 3 37 - باب ما كره من أنواع المعائش والأعمال ح 4 . الفقيه ،3 ، 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح 18 . وفي ذيل الحديث قال: يعني صيارفة الكلام ولم يَعْنِ صيارفة الدراهم . والحديث مجهول.
5- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 160 . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح .. وفيهما : أعالج الرقيق . أي كان نخاساً.

أيّ الأعمال أضعه؟ قال : إذا عدلته (1)عن خمسة أشياء فضعه حيث شئت؛ لا تسلّمه صيرفيّاً، فإنَّ الصيرفي لا يسلم من الرّبا، ولا تسلمه بيّاع الأكفان، فإنَّ صاحب الأكفان يسرُّه الوباء إذا كان، ولا تسلمه بيّاع الطعام، فإنّه لا يسلم من الاحتكار، ولا تسلمه جزّاراً، فإنَّ الجزّار تُسلب منه الرَّحمة، ولا تسلمه نخّاساً، فإنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال : شرّ الناس من باع الناس(2).

5 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (علیه السّلام) قال : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال : «إنّي أعطيتُ خالتي غلاماً ونهيتها أن تجعله قصّاباً أو حجّاماً أو صائغاً(3).

6 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله(4)، عن القاسم بن إسحاق بن إبراهيم، عن موسى بن رنجويه التفليسيّ (5)، عن أبي عمر الحنّاط(6)، عن إسماعيل(7)الصيقل الرّازيّ، قال: دخلت على أبي عبد الله (علیه السّلام) ومعي ثوبان، فقال لي : يا أبا إسماعيل، يجيئني من قِبَلِكم أثواب كثيرة، وليس يجيئني مثل هذين الثوبين اللّذين تحملها أنت، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، تغزلهما أمّ إسماعيل وأنسجهما أنا فقال لي : حائك؟ قلت : نعم، فقال : لا تكن حائكاً، قلت : فما أكون؟ قال : كن صَيقلاً(8)، وكانت معي مائتا درهم فاشترت بها سيوفاً ومرايا عتقا(9)، وقدِمْتُ بها الريّ فبعتها بربح كثير(10).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه قال: حدَّثني شيخ من أصحابنا الكوفيّين قال: دخل عيسى بن شفقي(11)على أبي عبد الله (علیه السّلام) - وكان ساحراً يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الأجر -

ص: 109


1- في الاستبصار : إذا عزلته
2- التهذيب6، نفس الباب، ح 158. الاستبصار ،3 نفس الباب، ح 1.
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح162 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 5. وما تضمنته هذه الروايات من النهي عن الدخول في هذه الحرف محمول على الكراهة كما هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
4- في الاستبصار أحمد بن محمد بن أبي عبد الله (علیه السّلام).
5- في التهذيبين : عن القاسم بن إبراهيم بن موسى بن رنجويه التفليسي ... وقد استقرب المحقق الأردبيلي صحة ما في الفروع إلى الصواب والله العالم.
6- في التهذيب: عن أبي عمرو الخياط
7- في التهذيب عن أبي إسماعيل الصيقل الرازي
8- الصيقل : صانع السيوف
9- جمع عتيق وهو المستعمل والقديم
10- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 163 . الاستبصار 3 37 - باب ما كره من أنواع المعائش والأعمال ح 6.
11- في الفقيه والتهذيب : ... شقفي.

فقال له : جُعِلْتُ فِداك، أنا رجل كانت صناعتي السحر، وكنت آخذ على ذلك الأجر، وكان معاشي، وقد حججت منه، ومنَّ الله عليِّ بلقائك، وقد تُبْتُ إلى الله عزَّ وجلَّ، فهل لي في شيء من ذلك مخرج؟ قال : فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : حُلّ ولا تعقِد(1).

66- باب كسب الحَجّام

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : سألته عن كسب الحجّام؟ فقال : لا بأس به إذا لم يُشارِط(2).

2 - سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حنان بن سدير قال : دخلنا على أبي عبد الله (علیه السّلام) - ومعنا فَرْقَدُ الحجّام - فقال له : جُعِلْتُ فداك، إنّي أعمل عملاً، وقد سألت عنه غيرَ واحد ولا اثنين، فزعموا أنّه عمل مكروه، وأنا أحُبُّ أن أسألك عنه، فإن كان مكروهاً انتهيت عنه وعملت غيره من الأعمال، فإنّي منتهٍ في ذلك إلى قولك؟ قال : وما هو؟ قال حجّام، قال: كُل من كسبك يا ابن أخ، وتصدّق، وحجّ منه، وتزوَّج، فإنَّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) قد احتجم وأعطى الأجر، ولو كان حراماً ما أعطاه؛ قال جعلني الله فداك إنَّ لي تيساً أكريه(3)، فما تقول في كسبه؟ فقال : كل كسبه، فإنّه لك حلال، والناس يكرهونه، قال حنان : قلت : لأيّ شيء يكرهونه وهو حلالٌ؟ قال : لتعيير الناس بعضهم بعضاً(4).

3 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : احتجم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، حجمه مولى لبني بياضة

ص: 110


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 164 . الفقيه 3 59 - باب الأب يأخذ من مال ابنه ، ح 9 بتفاوت يسير. هذا وقد استدل بعض أصحابنا رضوان الله عليهم على جواز دفع ضرر السحر بالآيات القرآنية والأدعية وحرمة دفع ضرره بالسحر بهذا الحديث . وقد ناقش بعضهم في ذلك واستبعدوا مثل هذا الحمل، قال الشيخ الأنصاري في مكاسبه ص/34: وظاهر المقابلة بين الحل والعقد في الجواز والعدم كون كل منهما بالسحر فحمل الحل على ما كان بغير السحر من الدعاء والآيات ونحوهما كما عن بعض لا يخلو من بُعده.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 129 . الاستبصار،3، 34 - باب كسب الحجّام، ح 1
3- يعني أؤاجره للضِّراب
4- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب، ح 130 . الاستبصار 3، 34 - باب كسب الحجّام، ح 2 هذا ويقول الشهيدان وهما بصدد بيان موضوع التجارة المكروهة : والحجامة مع شرط الأجرة لا بدونها كما قيده المصنف (أي الشهيد (الأول) في غيره (أي في غير اللمعة) وغيرُهُ، ودلّ عليه الخبر، وظاهره هنا الإطلاق، وضراب الفحل بأن بأجره لذلك مع ضبطه بالمرة والمرّات المعينة، أو بالمدة ولا كراهة فيما يدفع إليه على جهة الكرامة لأجله».

وأعطاه، ولو كان حراماً ما أعطاه، فلمّا فرغ قال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «أين الدم؟» قال : شربته يا رسول الله، فقال : «ما كان ينبغي لك أن تفعل، وقد جعله الله عزَّ وجلَّ لك حجاباً من النّار، فلا تَعُده»(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن كسب الحجّام؟ فقال : مكروه له أن يشارط، ولا بأس عليك أن تشارطه ،وتماكسه وإنّما يكره له، ولا بأس عليك(2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن كسب الحجّام؟ فقال : لا بأس به قلت: أجر التّيوس؟ قال : إن كان العرب لَتَعَايَرُ به ولا بأس(3).

67- باب كسب النائحة

1 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال لي أبي يا جعفر، أوقِف لي من مالي كذا وكذا لنوادب تَندبنَني عشر سنين بمنى أيّامَ منى(4).

2 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن مالك بن عطيّة، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : مات الوليد(5)بن المغيرة ، فقالت أمّ سَلَمَة للنبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إنَّ آل المغيرة قد

ص: 111


1- التهذيب 6 نفس الباب ح 131 . الاستبصار ، نفس ،الباب ح 3. الفقيه 3، 58 - باب المعايش والمكاسب و. . . ، ح 20 وليس في ذيله : فلا تَعُدْ. ولعل عدم زجره وتقريعه من قبله (صلی الله عليه وآله) لشربه الدم ، لأنه كان قبل نزول تحريمه، وصيرورة ذلك الدم حجاباً له من النار كما ورد في الحديث، وهو ما يشعر بترتب الثواب على شربه لعله كان لجهالته بحرمة شربه وتأتي نية التقرب إلى الله بذلك، أو لكونه أصبح جزءاً من جسده وهو جزء من المعصوم الذي حرمت النار عليه (صلی الله علیه و آله و سلّم).
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 132 ، الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 4. وفي سنده : عن ابن أبي عمير، بدل: عن ابن بكير، وقد دل الحديث على أن كراهة المشارطة من طرف الحاجم لا من طرف المحجوم.
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 133. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 5. بتفاوت يسير في الذيل فيهما. الفقيه 3، نفس الباب، ح 80 وروى صدر الحديث وقوله: أجر التيوس : أي في الضراب.
4- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب، ح 146 . وقد استظهر بعض أصحابنا اختصاص رجحان ذلك بهم (علیه السّلام)، والحديث موثق.
5- في التهذيب : مات ابن الوليد بن المغيرة.

أقاموا مناحة، فأَذْهَبُ إليهم؟ فأذن لها ، فلبست ثيابها، وتهيّات، وكانت من حسنها كأنّها جانٌّ، وكانت إذا قامت فأرخَتْ شعرها جَلّل جسدها، وعقدت بطرفيه خلخالها، فندبت ابن عمّها بين يدَي رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقالت :

أنعي الوليد بن الوليد *** أبا الوليد فتى العشيرة

حامي الحقيقة ماجد *** يسمو إلى طلب الوتيرة

قد كان غيثاً في السّنين *** وج-ع-ف-راً غَدَقاً وم-ي-رة

قال : فما عاب ذلك عليها النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) ولا قال شيئاً(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن إسماعيل، جميعاً عن حنان بن سدير قال : كانت امرأة معنا في الحيّ، ولها جارية نائحة، فجاءت إلى أبي فقالت : يا عمّ، أنت تعلم أنَّ معيشتي من الله عزَّ وجلَّ ثمَّ من هذه الجارية النائحة، وقد أحببت أن تسأل أبا عبد الله (علیه السّلام) عن ذلك، فإن كان حلالاً، وإلّا بعتها وأكلتُ من ثمنها حتّى يأتي الله بالفَرَج، فقال لها أبي: والله إنّي لأعظم أبا عبد الله (علیه السّلام) أن أساله عن هذه المسألة، قال : فلمّا قدِمنا عليه أخبرته أنا بذلك، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : أتُشارط؟ قلت : والله ما أدري تشارط أم لا فقال: قل لها : لا تُشارِط وتقبل ما أعطِيَت(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطيّة، عن عذافر قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) - وقد سئل عن كسب النائحة - قال : تستحلّه بضرب إحدى يديها على الأخرى(3).

ص: 112


1- التهذيب ،6 نفس الباب ، ح 148 والحديث صحيح . قال المجلسي في مرآته 76/19: وقال الجوهري : أرْخَيتُ الستر وغيره : أرسلته، وقال الفيروزآبادي : الحقيقة: ما يحقّ عليك أن تحميه وقال الجوهري: الوتر: الدخل والموتور: الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه. وفي القاموس: الجعفر: النهر الصغير، والكبير الواسع منه وقال الجزري: الماء الغذق: الكثير. وقال الجوهري : الميرة : الطعام يمتاره الإنسان».
2- التهذيب 6 93 - باب المكاسب، ح 147 . الاستبصار 3 35 - باب أجر النائحة، ح 3. هذا، وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على حرمة التكسّب بالنوح بالباطل، بأن تصف الميت بما ليس فيه ، كما جوزوا النوح بالحق مقيدين له بما إذا لم يسمع الأجانب صوتها
3- الفقيه 3، 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح 27 . والحديث مجهول. ،3، 58 قوله (علیه السّلام) تستحله لعل المراد بها (أنها) تعمل أعمالاً شاقة فيها تستحق الأجرة، أو هو إشارة إلى أنه لا ينبغي أن تأخذ الأجر على النياحة بل على ما يضم إليها من الأعمال . وقيل : هو كناية عن عدم اشتراط الأجرة، ولا يخفى ما فيه مرآة المجلسي 77/19.

68- باب كسب الماشِطة والخافِضة

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لمّا هاجَرَت النساء إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، هاجرت فيهنَّ امرأة يقال لها : أمّ حبيب، وكانت خافضة تخفض الجواريّ، فلما رآها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال لها : يا أمّ حبيب، العمل الّذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ قالت : نعم يا رسول الله، إلّا أن يكون حراماً فتنهاني عنه، فقال: لا، بل حلال، فادني منّي حتّى أعلّمك، قالت : فدنوتُ منه، فقال : يا أمَّ حبيب، إذا أنت فعلت فلا تنهكي - أي لا تستأصلي-، وأشِمّي فإنه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج، قال: وكان لأمّ حبيب أخت يقال لها : أم عطيّة وكانت مقيّنة - يعني ماشطة ، فلمّا انصرفت أمُّ حبيب إلى أُختها أخبرتها بما قال لها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فأقبلت أم عطية إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فأخبرته بما قالت لها أختها، فقال لها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ادني منّي يا أمّ عطيّة، إذا أنت قيّنت الجارية فلا تغسلي وجهها بالخرقة، فإن الخرقة تشرب ماء الوجه»(1).

2 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن أحمد بن أشيم، عن ابن أبي عمير، عن رجل عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : دخلت ماشطة على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فقال لها: «هل تركت عملك أو أقمت عليه؟» فقالت: يا رسول الله، أنا أعمله، إلّا أن تنهاني عنه فأنتهي عنه، فقال لها: «افعلي، فإذا مشطت فلا تجلي الوجه بالخرق(2)، فإنّها تذهب بماء الوجه، ولا تَصِلي الشعر بالشعر»(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن

ص: 113


1- التهذيب ،6 نفس الباب ح .156. بتفاوت بسير. وخفض الجواري : هو في مقابل الختان للذكور ، وهو مستحب فيهن وواجب فيهم. والنَّهك - هنا - : المبالغة في القطع. والإشمام - هنا: - القطع اليسير والحِّظوة: السعادة والقرب من قلبه. والتقيين التزيين، والحديث صحيح، ويدل على جواز فعل الماشطة وحلّية أجرها. ولا بد من تقييده بعدم الغش كوصل الشعر بالشعر وتحمير الوجه وغيرهما مما فيه تدليس.
2- في التهذيب : فلا تحكي الوجه بالخَزَف
3- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب، ح 152 . والحديث مجهول. ولعل النهي عن وصل الشعر بالشعر - وهو ما يعبّر عنه بالقرامل - لمكان التدليس، وهو حرام.

سالم بن مكرم، عن سعد الإسكاف قال : سئل أبو جعفر (علیه السّلام) عن القرامل الّتي تضعها(1) 1 النساء في رؤوسهنَّ، يَصِلْنَهُ بشعورهنَّ، فقال : لا بأس على المائة بما تزيّنت به لزوجها، قال: فقلت له : بلغنا أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لَعَنَ الواصلة والموصولة؟ فقال : ليس هناك، إنّما لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) الواصلة الّتي تزني في شبابها، فلمّا كَبُرَت قادت النساء إلى الرجال، فتلك الواصلة والموصولة(2).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن خلف بن حمّاد، عن عمرو بن ثابت، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كانت امرأة يقال لها : أمُّ طيّبة تخفض الجواري، فدعاها النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال لها : يا أُمَّ طيّبة، إذا خفضتِ الجواري فأشِمّي ولا تُجْحِفي، فإنّه أصفى لِلَونِ الوجه وأحظى عند البعل»(3).

69- باب كسب المغنّية وشرائها

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن كسب المغنيّات؟ فقال : التي يدخل عليها الرجال حرام، والّتي تُدعى إلى الأعراس ليس به بأس، وهو قول الله عزّ وجلَّ: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ»(4).

2 - عنه، عن حكم الحنّاط، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : المغنية الّتي تزفّ العرائس، لا بأس بكسبها(5).

3 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ،

ص: 114


1- في التهذيب : تصنعها.
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 153. وروى الصدوق رحمه الله في الفقيه 4 ، 9 - باب حد القوّاد، ح 2 ، قال : وفي خبر آخر : لعن رسول الله (صلی الله عليه وآله) الواصلة والمؤتصلة، هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على حرمة تدليس الماشطة في نفسه.
3- التهذيب 6، نفس الباب، ح 155
4- لقمان/ 6.
5- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 145. الاستبصار 3، 36 - باب أجر المغنية ، ح 7 . وأكثر المفسرين ذهب إلى أن المراد بلهو الحديث الغناء، تبعاً لتفسير الروايات له بذلك

عن أيّوب بن الحرّ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : أجر المغنّية الّتي تزقُ العرائس ليس به بأس، ليست بالّتي يدخل عليها الرجال(1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، قال : سئل أبو الحسن الرضا (علیه السّلام) عن شراءِ المغنّية ؟ فقال : قد تكون للرَّجل الجارية تُلهيه، وما ثمنها إلّا ثمن كلب، وثمنُ الكلب سُحْتُ، والسُّحْتُ في النّار(2).

5 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن فضّال، عن سعيد(3)بن محمّد الطاهريّ(4)، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سأله رجلٌ عن بيع الجواري المغنّيات؟ فقال: شراؤهنّ وبيعهنَّ حرام، وتعليمهنَّ كفر، واستماعهنَّ نِقاق(5).

6 - أبو علىّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ، عن إسحاق بن إبراهيم، عن نصر بن قابوس قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : المغنّية ملعونة، ملعون من أكل كَسبَها(6).

7 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن محمّد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال : أوصى إسحاق بن عمر عند وفاته بجوارٍ له مغنيّات أن نبيعهنّ ونحمل ثمنهنَّ إلى أبي الحسن (علیه السّلام) ، قال إبراهيم : فبعت الجواري بثلاثمائة ألف درهم وحملت الثمن إليه ، فقلت له : إنَّ مولى لك يقال له إسحاق بن عمر قد أوصى عند موته ببيع جوار له مغنّيات وحَملِ الثمن

ص: 115


1- الفقيه 3 ، 58 - باب المعايش والمكاسب و. ، ذيل ح24 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 5 . وقد دل الحديث على الرخصة في أخذ الأجرة على زف العرائس بما هو مباح شرعاً من أهازيج الأعراس التي لا يرافقها استعمال المحرم من الآلات أو الأقوال الباطلة، كما دل على عدم جواز اختلاط النساء بالرجال في الأعراس كما هو المتعارف عند كثير من أهل مجتمعاتنا الفاسدة في هذه الأعصار حيث تكثر المنكرات وتكون الأعراس مصدراً كبيراً لها. وأخرجه في التهذيب ،6، نفس الباب، ح 143.
2- التهذيب 6 نفس الباب، ح 140 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 2
3- في الاستبصار : سعد.
4- في التهذيب : الطاطري
5- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 139 ، الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح 1 وحمل على ما إذا كانت تلك التصرفات من البيع والشراء وغيرهما للغناء، هذا وقد استثنى أصحابنا رضوان الله عليهم ومنهم الشهيد الأول في الدروس فعل الغناء للمرأة في الأعراس إذا لم تتكلم بباطل ولم تعمل بالملاهي ولو بدي فيه صنع لا بدونه ولم يسمع صوتها أجانب الرجال.
6- التهذيب ،6 ، نفس الباب ح 141 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 3

إليك، وقد بعتهنّ، وهذا الثمن ثلاثمائة ألف، درهم فقال : لا حاجة لي فيه إنَّ هذا سحت، وتعليمهنَّ كفر، والاستماع منهنُ نفاق، وثمنهنَّ سُحتٌ(1).

70- باب کسب المعلّم

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن الفضل بن كثير، عن حسّان المعلّم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن التعليم؟ فقال: لا تأخذ على التعليم أجراً، قلت الشعر والرسائل وما أشبه ذلك، أشارط عليه؟ قال: نعم، بعد أن يكون الصبيان عندك سواء في التعليم، لا تفضّل بعضهم على بعض(2).

2 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرَّة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : هؤلاء يقولون : إنَّ كسب المعلّم سُحت؟ فقال : كذبوا أعداء الله، إنّما أرادوا أن لا يعلّموا القرآن، ولو أن المعلّم أعطاه رجلٌ ديةَ ولده لكان للمعلّم مباحاً(3).

71- باب بيع المصاحف

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان، عن عبد الرحمن بن سليمان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سمعته يقول : إنَّ المصاحف لن تشترى. فإذا اسْتَرَيْتَ فقل : إنّما اشتري منك الورق وما فيه من الأدم، وحليته، وما فيه من عمل يدك بكذا وكذا(4).

ص: 116


1- التهذيب 6 نفس الباب، ح 142 الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 4 . والحديث صحيح
2- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 166 . الاستبصار ،3، 38 - باب الأجر على تعليم القرآن، ح 1 . هذا ويقول الشهيدان وهما بصدد شرح موضوع التكسب الحرام والأجرة على تعليم الواجب من التكليف سواء وجب علينا كالفاتحة والسورة وأحكام العبادات العينية، أو كفاية كالتفقه في الدين وما يتوقف عليه من المقدمات علماً وعملاً وتعليم المكلفين صيغ العقود والإيقاعات ونحو ذلك . هذا وقد نقل بعض أصحابنا الإجماع على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن ونسخه ولا بد من تقييده بما ذكر الشهيدان
3- التهذيب ،6 نفس الباب، ح 167 . الاستبصار ، نفس الباب ح .4 الفقيه 3، 58 - باب المعايش والمكاسب و. . . . ، ح 32
4- الحديث مجهول. ويدل على ما هو المشهور عند الأصحاب من حرمة بيع كتابة المصحف وجواز المعاوضة على الورق والجلد والحلية ... الخ . والأدم : الجلد، أو أحمره، أو مدبوغه وهو جمع الأديم.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن عدَّةً أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن بيع المصاحف وشرائها؟ فقال : لا تشتر كتاب الله عزّ وجلّ، ولكن اشتر الحديد والورق والدّفّتين وقل أشتري منك هذا بكذا وكذا»(1).

3 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن غالب بن عثمان، عن رَوح بن عبد الرحيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن شراء المصاحف وبيعها؟ فقال : إنّما كان يوضع الورق عند المنبر، وكان ما بين المنبر والحائط قدر ما تمرُّ الشّاة، أو رجل منحرف، قال: فكان الرجل يأتي ويكتب من ذلك، ثمَّ إنّهم اشتروا بعد [ذلك ]. قلت : فما ترى في ذلك؟ قال لي : أشتري أحبَّ إليِّ من أن أبيعه، قلت : فما ترى أن أعطي على كتابته أجراً؟ قال : لا بأس، ولكن هكذا كانوا يصنعون(2).

4 - عليّ بن محمّد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عليّ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن سابق السنديّ، عن عنبسة الورَّاق قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) فقلت : أنا رجلٍ أبيع المصاحف، فإن نهيتني لم أبِعها؟ فقال : ألستَ تشتري ورقاً وتكتب فيه؟ قلت: بلى وأعالجها، قال: لا بأس بها.

72- باب القمار والنُّهبة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن زياد بن عيسى - وهو أبو عبيدة الحذّاءِ - قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلَّ : «وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ»(3)؟ فقال : كانت قريش تقامر الرجل بأهله وماله، فنهاهم الله عزّ وجلَّ عن ذلك.

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : لمّا أنزل الله عزّ وجلَّ على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»(4). قيل: يا

ص: 117


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 170 بتفاوت مضمراً ورواه عن الحسين بن سعيد بن عثمان بن عيسى عمن سمعه قال سألته عن، والمقصود بالحديد: الغَلَق وما شابهه مما يغلق به جلد المصحف
2- التهذيب 6 93 - باب المكاسب . ورواه ضمن حديثين بتفاوت وهما 173 و 174
3- البقرة/ 188
4- المائدة/ 90، والميسر ما يتياسرونه أي يقتسمونه، وهو القمار والأنصاب التي كانوا يذبحون عندها، والأزلام التي كانوا يستقسمون بها، أي يطلبون بها معرفة ما قسم لهم في الرزق والحاجات ورجس : إثم.

رسول الله، ما الميسر؟ فقال : «كلّ ما تقومر به حتّى الكعاب والجَوز» . قيل : فما الأنصاب؟ قال: «ما ذبحوه لآلهتهم»، قيل : فما الأزلام؟ قال : «قِداحهم الّتي يستقسمون بها»(1).

3 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الحميد بن سعيد قال : بعث أبو الحسن (علیه السّلام) غلاماً يشتري له بيضاً، فأخذ الغلام بيضة أو بيضتين فقامر بهما فلمّا أتى به أكله، فقال له مولى له : إنَّ فيه من القمار :قال فدعا بطشت فتقيّاه(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينهب نُهْبَةً ذات شرف(3)حين ينهبها وهو مؤمن» ، قال ابن سنان : قلت لأبي الجارود: وما نهبة ذات شَرَف؟ قال: نحو ما صنع حاتم حين قال : من أخذ شيئاً فهو له(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (علیه السّلام) قال: لا تصلح المقامرة ولا النّهبة.

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان ينهى عن الجوز يجيىء به الصبيان من القمار أن يؤكل، وقال : هو سُختُ(5).

7 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السّلام) قال : سألته عن النِثار من السكّر واللوز وأشباهه أيحلُّ أكْلُهُ؟ قال : يُكره أكل ما انتُهِب(6)

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عليّ، عن عبد الله جبلة، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الإملاكُ يكون والعرسُ، فيُنشر على

ص: 118


1- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 196 . الفقيه ،3، 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح 22
2- الحديث مجهول
3- في التهذيب : ذات سَرَف
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 195
5- التهذيب 6، نفس الباب، ح 191 . الفقيه، نفس الباب، ح 23 . والسحت : هو الحرام.
6- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 193 . الاستبصار 3، 39 - باب كراهية أخذ ما ينثر في الاملاكات والأعراس، ح 2. الفقيه ،3 نفس الباب ، ح 7 . والنثار : ما ينثر في الأعراس.

القوم؟ فقال : حرام، ولكن ما أعطَوْكَ منه فخُذْهُ(1).

9 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الوشّاء، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : الميسر هو القمار.

10 - الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهديِّ، عن يعقوب بن يزيد، عن بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الصبيان يلعبون بالجوز والبيض ويقامرون؟ فقال: لا تأكل منه ، فإنه حرام(2).

73- باب المكاسب الحرام

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إنَّ أخوف ما أخاف على أُمّتي من بعدي هذه المكاسب الحرام، والشهوة الخفيّة(3)، والرّبا».

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السّندي، عن جعفر بن بشير، عن عيسى الفرّاءِ، عن أبَان بن عثمان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: أربعة لا يَجُزن في أربع : الخيانة والغلول والسرقة والرّبا، لا يجزن في حجّ ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة(4).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عمّن ذكره، -

ص: 119


1- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب، ح192. الاستبصار 3، 39 - باب كراهية أخذ ما ينثر في الاملاكات والأعراس . ح 1 وفي ذيلهما ولكن كل ما أعطوك منه . والإملاك: مصدر أملك وهو بمعنى التزويج أو العقد للنكاح، ويقول المحقق في الشرائع 268/2 : «وأكل ما ينشر في الأعراس جائز ، ولا يجوز أخذه إلا بإذن أربابه نطقاً أو بشاهد الحال، وهل يملك بالأخذ؟ الأظهر، نعم». وفي مقابل الأظهر وهو التملك لنثار العرس بالأخذ بشرطه قول بأنه مجرد إباحة ولا يفيد الملك، وهو ما اختاره بعض أصحابنا ومنهم الشهيد الثاني في الروضة وتظهر الفائدة بين القولين في جواز الرجوع به على القول بالإباحة ما دامت العين باقية».
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ح 190
3- «والشهوة الخفية : قيل هي كل شيء من المعاصي يضمره صاحبه ويصرّ عليه، وقيل : هي أن يرى جارية حسناء فيغضّ طرفه ثم ينظر بقلبه ويمثّلها لنفسه فيفتنها ... الخ مرآة المجلسي 88/19
4- التهذيب 6 نفس الباب، ح 184 . وفيه : لا تجوز بدل : لا يجزن في الموردين. الفقيه 3 ، 58 - باب المعايش والمكاسب و....، ح 25، والمعنى - على الجميع - لا يصرفن وبالتالي لا يترتب أي ثواب أو براءة للذمة عليهن.

عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا اكتسب الرَّجل مالاً من غير حلّه، ثمَّ حج فلبّى، نودي لا لبّيك ولا سعدَيك، وإن كان من حلّه فلبّى، نودي : لبّيك وسعدَيك(1).

4 - أحمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كسب الحرام يَبين في الذرّيّة(2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : أتى رجلٌ أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال : إنّي كسبت مالاً أَغْمَضْتُ في مطالبه حلالاً وحراماً، وقد أردت التّوبة، ولا أدري الحلال منه والحرام، وقد اختلط عليَّ؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : تصدَّق بخُمس مالك، فإنَّ الله جلَّ اسمه رضي من الأشياء بالخمس، وسائر الأموال لك حلال(3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد القاسانيّ، عن رجل سمّاه، عن القاسم الجعفري، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: تشوَّفت(4) الدُّنيا لقوم حلالاً محضاً، فلم يريدوها، فَدَرَجوا(5)، ثمَّ تشوفت لقوم حلالاً وشبهة، فقالوا : لا حاجة لنا في الشبهة، وتوسّعوا من الحلال، ثمَّ تشوَّفت لقوم آخرين حراماً وشبهة فقالوا : لا حاجة لنا في الحرام وتوسّعوا في الشّبهة، ثمَّ تشَّوفت لقوم حراماً محضاً، فيطلبونها فلا يجدونها، والمؤمن فی الدُّنيا يأكل بمنزلة المضطرّ(6).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عمّن ذكره، عن داوود الصّرميّ قال : قال أبو الحسن (علیه السّلام) : يا داوود إنَّ الحرام لا يَنمى، وإن نمى لا يبارَك له فيه، وما أنفقه لم يؤجر عليه، وما خلّفه كان زادَه إلى النّار.

8 - محمّد بن يحيى قال : كتب محمّد بن الحسن إلى أبي محمّد (علیه السّلام) : رجل اشترى من

ص: 120


1- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 185 . وروي بمعناه في الفقيه 2، 112 - باب ما جاء فيمن حج بمال حرام، ح 1
2- الحديث موثق كالصحيح. والمقصود أن أثره السيء من الفقر وسوء الخلق وقلة التدّين يظهر في ذرية الشخص الذي كسبه فأطعمهم منه وغذّاهم به.
3- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب، ح 186. الفقيه 3، 60 - باب الدين والقروض ، ح 35 بتفاوت في الجميع. ولا بد من حمل هذا الحديث على ما إذا جهل الحرام من ماله ولم يعلم مقداره ولا صاحبه فلو علم مقداره زائداً أو ناقصا عن مقدار الخمس وعلم صاحبه وجب دفعه إليه، ولو جهل صاحبه تصدق به عنه ولو لم يعلم مقداره وعلم صاحبه وجب عليه أن يصالحه عماله في ذمته بما يتوافقان عليه
4- تشرّفت : أي تطلعت وتزينت، وفي التهذيب: تشوّقت.
5- أي مضوا لسبيلهم، كناية عن انقراضهم.
6- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 187

رجل ضيعة أو خادماً بمال أخذه من قطع الطريق، أو من سرقة، هل يحلُّ له ما يدخل عليه من ثمرة هذه الضّيعة، أو يحلُّ له أن يَطَأ هذا الفرج الّذي اشتراه من السّرقة، أو من قطع الطريق؟ فوقّع (علیه السّلام) : لا خير في شيء أصله حرام، ولا يحلّ استعماله(1).

9 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل أصاب مالاً من عمل بني أميَّة، وهو يتصدِّق منه، ويصِلُ منه قرابته، ويحجُّ ليغفر له ما اكتسب وهو يقول : «إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ»(2)؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنّ الخطيئة لا تكفّر الخطيئة، ولكنَّ الحسنة تحطُّ الخطيئة، ثمّ قال : إن كان خَلَط الحلال بالحرام فاختلطا جميعاً فلا يعرف الحلال من الحرام، فلا بأس(3).

10 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، أبي عبد الله (علیه السّلام) في قوله عزّ وجلّ : «وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا»(4) فقال : إن كانت أعمالهم لأشَدَّ بياضاً من القُباطيّ(5)، فيقول الله عزّ وجلَّ لها: (كوني هباءً)، وذلك أنّهم كانوا إذا شَرَع لهم الحرام أخذوه(6).

74- باب السُّحت

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن عمّار بن مروان قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن الغُلول؟ قال : كلُّ شيء غلّ من الإمام فهو سُحت، وأكل مال اليتيم وشبهه سحت والسّحت أنواع كثيرة : منها أجور الفواجر، وثمن

ص: 121


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 188 بتفاوت يسير، الاستبصار 3، 40 - باب من سرق مالا فاشترى به جارية هل ...، ح 2 بتفاوت یسیر أيضاً. وكرره بتفاوت يسير أيضاً برقم 614 من التسلسل العام من الجزء 7 من التهذيب والحديث صحيح، ويحتمل أن يكون عدم الحل في الحديث أعم من الكراهة والحرمة . وقوله في صدر الرواية (بمال) قرينة على أنه قد اشترى ما اشترى بالعين.
2- هود /114.
3- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 189.«قوله (علیه السّلام) : فلا بأس؛ لعله محمول على ما إذا لم يعلم قدر المال ولا المالك ويكون ما يصرف في وجوه الخير بقدر الخمس، ولعل فيه دلالة على عدم وجوب إخراج هذا الخمس إلى بني هاشم مرآة المجلسي 91/19.
4- الفرقان/ 23
5- نسبة إلى أقباط مصر
6- الحديث ضعيف

الخمر والنّبيذ المسكر، والرّبا بعد البيّنة، فأمّا الرُّشا في الحكم، فإنَّ ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله (صلی الله علیه و آله و سلّم)(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد عبد الله (علیه السّلام) قال السّحت ثمن الميتة، وثمن الكلب، وثمن الخمر، ومهر البَغِيّ، والرُّشوة في الحكم، وأجر الكاهن(2).

3 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الجامورانيّ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن زرعة، عن سماعة قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام): السّحت أنواع كثيرة، منها كسب الحجّام إذا شارط، وأجر الزَّانية وثمن الخمر، فأمّا الرُّشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان عن يزيد بن فَرْقَد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن السّحت؟ فقال: الرُّشا في الحكم.

5 - عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عليّ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن القاسم بن الوليد العمّاريّ، عن عبد الرَّحمن الأصمّ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله العامري قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن ثمن الكلب الّذي لا يصيد؟ فقال سحت، فأمّا الصّعُودُ فلا بأس(4).

6 - علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن غير واحد، عن الشعيري، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: من بات ساهراً في كسب ولم يعطِ العين حظّها من النّوم، فكسبه ذلك

حرام(5).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن

ص: 122


1- التهذيب ،6 نفس الباب ح 183. والحديث صحيح .
2- التهذيب 6 93 - باب المكاسب، ح182 . :وفيه واجرة الكاهن. ولا بد من تخصيص ثمن الكلب بما عدا الكلاب الأربعة وهي : كلب الصيد وكلب الحائط وكلب الماشية وكلب الزرع وكلب الدار يلحق بكلب الحائط
3- روي صدره بتفاوت في التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 134 . وكذا في الاستبصار ،3، 34 - باب كسب الحجام، ح 6. والحديث ضعيف . وأورداه مضمراً .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 181 . وأخرجه عن أحمد بن أبي عبد الله عن محمد بن علي عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن الوليد العامري قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام).
5- التهذيب 6 نفس الباب ، ح 180 . والحديث ضعيف.

عبدالله بن عبد الرَّحمن الأصمّ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الصّناع إذا سهروا اللّيل كلّه فهو سُحت(1).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عن كسب الإماء، فإنّها إن لم تجد زَنَتْ، إلّا أمة قد عُرِفَت بصنعة يد، ونهى عن كسب الغلام الّذي لا يحسن صناعة بيده، فإنّه أن لم يجِد سرق(2).

75- باب أكل مالِ اليتيم

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : قال - أبو عبد الله (علیه السّلام): أوْعَدَ الله عزَّ وجلَّ في مال اليتيم بعقوبتين : إحداهما عقوبة الآخرة؛ النّار، وأما عقوبة الدُّنيا؛ فقوله عزَّ وجلَّ : «وليخشَ الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم الآية»(3)، يعني : ليخشَ إن أخلفه في ذرّيّته كما صنع بهؤلاء اليتامي.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن عجلان صالح قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن أكل مال اليتيم؟ فقال : هو كما قال الله عزّ وجلَّ : «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا»(4)، ثمَّ قال (علیه السّلام) من غير أن أسأله : من عَالَ يتيماً حتّى ينقطع يُتمُه، أو يستغني بنفسه، أوجب الله وجلَّ له الجنّة، كما أوجب النّار لمن أكل مال اليتيم .

ص: 123


1- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 179 . والحديث ضعيف .
2- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 178 بتفاوت يسير والحديث ضعيف على المشهور ويقول الشهيد الثاني في المسالك : يكره كسب الصبيان، أي الكسب المجهول أصله، فإنه يكره لوليّهم التصرف فيه على الوجه السائغ، وكذا يكره لغير شراؤه من الولي لما يدخله من الشبهة الناشئة من اجتراء الصبي على ما لا يحلّ لجهله أو لعلمه بارتفاع القلم عنه، ولو علم يقيناً اكتسابه له من المباح فلا كراهة ، كما أنه لو علم تحصيله - أو بعضه بحيث لا يتميز - من الحرام وجب اجتنابه، وفي حكمهم من لا يتورع عن المحارم كالإماء»
3- النساء/ 9 وتتمة الآية: «فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا» وضعافاً : يعني صغاراً . ويحتمل كون المخاطبين أولياء اليتامى والمقصود تحذيرهم من التصرف فيهم وفي أموالهم بغير ما فيه الغبطة لهم، ويحتمل كون الخطاب للحاضرين حين إيصاء الموصي فلا يدعوه يوصي بشكل يجحف بأولاده فلا يرضون لهم ما لا يرضون لأولادهم هم.
4- النساء/ 10. سعيراً: بمعنى مسعور من سُعّرت النار: إذا أشعِلت وأوقِدت. وقوله: في بطونهم، كناية عن دخول النار، أو بتقدير أنه إنما يأكل ما يوجب الاصطلاء بالنار.

3 - عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن الرَّجل يكون في يده مالٌ لأيتام، فيحتاج إليه فيمدّ يده فيأخذه، وينوي أن يردِّه؟ فقال : لا ينبغي له أن يأكل إلّا القصد، لا يسرف، فإن كان من نيّته أن لا يردَّه عليهم، فهو بالمنزل الّذي قال الله عزّ وجلّ : «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا»(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهليّ، قال : قيل لأبي عبد الله (علیه السّلام): إنّما ندخل على أخ لنا في بيت أيتام، ومعهم خادمٌ لهم، فنقعد على بساطهم، ونشرب من مائهم، ويخدمنا خادمهم وربّما طعمنا فيه الطّعام من عند صاحبنا وفيه من طعامهم، فما ترى في ذلك؟ فقال : إن كان في دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس، وإن كان فيه ضرر ،فلا، وقال (علیه السّلام): «بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ»(2)فأنتم لا يخفى عليكم وقد قال الله عزّ وجلَّ(3). «وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ»(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ذبيان بن حكيم الأوديِّ، عن عليِّ بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): إنَّ لي ابنة أخ يتيمة، فربّما أهدي لها الشّيء فاكل منه، ثمَّ أطعمها بعد ذلك الشّيءَ من مالي فأقول يا ربّ: هذا بهذا ؟ فقال (علیه السّلام) : لا بأس(5).

76- باب ما يحلّ لِقَيم مال اليتيم منه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن

ص: 124


1- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 67، هذا والمنصوص عليه عند أصحابنا رضوان الله عليهم أن القيّم على مال اليتيم إذا كان فقيراً يجوز له أن يأكل منه قدر كفايته على قول، وأقلّ الأمرين من قدر الكفاية وأجرة المثل على قول آخر. ويقول المحقق في الشرائع 258/2 : «يجوز لمن يتولى أموال اليتيم أن يأخذ أجرة المثل عن نظره في ماله ، وقيل : يأخذ قدر كفايته ، وقيل : أقل الأمرين، والأول أظهر».
2- القيامة 14 - أي شاهد عليها بما عملت
3- البقرة/ 220
4- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب، ح 76
5- الحديث مجهول، ويقول في التحرير: «يجوز أن يفرد اليتيم بالمأكول والملبوس والسكني، وأن يخلطه بعياله ويحسبه كأحدهم من ماله بإزاء ما يقابل مؤنته ولا يفضله على نفسه، بل يستحب أن يفضل نفسه عليه، ولو كان إفراده أرفق به أفرده، الخ».

أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول الله عزّ وجلّ : «وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ»(1)؟ فقال: من كان يلي شيئاً لليتامى وهو محتاج ليس له ما يقيمه، فهو يتقاضى أموالهم، ويقوم في ضيعتهم، فليأكل بقدَرٍ ولا يسرف، وإن كان ضيعتهم لا تشغله عمّا يعالج لنفسه، فلا يَرْزَان من أموالهم شيئاً(2).

2 - عثمان، عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلّ: «وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ»(3)؟ قال : يعني اليتامى، إذا كان الرّجل يلي لأيتام في حِجره، فليخرج من ماله على قدر ما يخرج لكلّ إنسان منهم، فيخالطهم ويأكلون جميعاً، ولا يَرْزَانُ من أموالهم شيئاً، إنّما هي النّارا(4).

3 - عدَّةً من من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول الله عزّ وجلَّ : «فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» قال : المعروف : هو القوت، وإنّما عنى الوصيَّ أو القيّم في أموالهم وما يُصلحهم(5).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : سألني عيسى بن موسى عن القيّم لليتامى في الإبل، وما يحلُّ له منها؟ قلت: إذا لاط حوضها، وطلب ضالتها، وهَنا جرباها فله أن يصيب من لبنها من غير نَهْكَ بِضِرعٍ ولا فسادٍ لنَسل(6).

5 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ، عن أبي

ص: 125


1- النساء / 6
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 69، وقد دلّت الآية على أن القيّم على مال اليتيم إذا كان فقيراً جاز له أن يتناول منه بالمعروف من غير إسراف، ويتفرع على هذان القيّم أو الوليّ لو أيسر بعد فقره لم يجب عليه ردّ ما أخذه من مال الطفل حال فقره بالشرط الذي ذكرناه، وبشرط ألا يكون متبرعا في عمله، ورزا ماله رزءاً : أصاب منه شيئاً - كما في القاموس -.
3- البقرة/ 220
4- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ح 70
5- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 71. وفي ذيله : .... وما يصلحهم
6- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 72 . قال المجلسي في المرآة 98/19 وقال في النهاية في حديث ابن عباس: إن كنت تلوط حوضها ؛ أي تطينه وتصلحه، وأصله من اللصوق وقال هنأت البعير ،هنؤه إذا طليته بالهناء وهو القطران . . . وقال : غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب: أي غير مبالغ فيه ، يقال : نهكت الناقة حلباً، أنهكها إذا لم تبق في ضرعها لبناه».

عبد الله (علیه السّلام) في قول الله عزّ وجلَّ : «وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوف» ؟ فقال : ذلك رجل یحبس نفسه عن المعيشة، فلا بأس أن يأكل بالمعروف، إذا كان يصلح لهم أموالهم، فإن كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئاً، قال : قلت : أرأيتَ قول الله عزّ وجلَّ: «وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ» ؟ قال : تخرج من أموالهم بقدر ما يكفيهم، وتخرج من مالك قدر ما يكفيك، ثمّ تنفقه. قلت : أرأيتَ إن كانوا يتامى صغاراً وكباراً وبعضهم أعلا كسوة من بعض، وبعضهم أكلُ من بعض، ومالهم جميعاً؟ فقال: أمّا الكسوة فعلى كلّ إنسان منهم ثمن كسوته، وأمّا [أكل] الطعام فاجعلوه جميعاً، فإنّ الصغير يوشك أن يأكل مثل الكبير(1).

6 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن بعض أصحابنا، عن عيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن اليتيم يكون علّته في الشّهر عشرين درهماً، كيف ينفق عليه منها؟ قال قوته من الطّعام والتّمر ؛ وسألته : أَنْفِقُ عليه ثُلُثَها؟ قال : نعم، ونصفَها.

77- باب التجارة في مال اليتيم والقَرْض منه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أسباط بن سالم قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : كان لي أخُ هلك، فأوصى إلى أخ أكبر منّي وأدخلني معه في الوصيّة، وترك ابنا له صغيراً وله مالٌ، فيضرب به أخي، فما كان من فضل سلّمه لليتيم وضمن له ماله؟ فقال : إن كان لأخيك مالُ يحيط بمال اليتيم إن تلف، فلا بأس به، وإن لم يكن له مال، فلا يعرض لمال اليتيم(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في مال اليتيم قال : العامل به ضامن ولليتيم الرّبح إذا لم يكن للعامل به مال ؛ وقال : إن أعطب أدَّاه(3).

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن ربعيِّ بن

ص: 126


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 73
2- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح ،78 ، وفي ذيله فلا يتعرض ... وظاهره اشتراط جواز اقتراض الولي من مال اليتيم بأن يكون ملياً، وإن ذهب بعض المتأخرين من الأصحاب إلى استثناء الأب والجد من هذا الشرط، واستشكل بعضهم في مثل هذا الاستثناء . وقال في التحرير: لا يجوز لغير الولي التصرف في مال اليتيم ويجوز للولي مع اعتبار المصلحة من غير قيد...».
3- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 77 :وفيه عطب ... والعطب : الهلاك.

عبد الله عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : في رجل عنده مال اليتيم؟ فقال : إن كان محتاجاً وليس له مالٌ فلا يمسَّ ماله وإن [هو] اتجر به فالرّبح لليتيم، وهو ضامنُ(1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن أسباط بن سالم قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) فقلت : أمرني أخي أن أسألك عن مال يتيم في حجره يتّجر به؟ فقال : ان كان لأخيك مال يحيط بمال اليتيم إن تلف أو أصابه شيءٌ، غرمه له، وإلّا فلا يتعرض لمال اليتيم(2).

5 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل ولي مال يتيم، أيستقرض منه؟ فقال: إنَّ عليَّ بن الحسين (علیه السّلام) قد كان يستقرض من مال أيتام كانوا في حجره، فلا بأس بذلك.

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان بن عثمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : رجل ولي مال يتيم، أيستقرض منه؟ قال : كان علي بن الحسين (علیه السّلام) يستقرض من كان في حِجره.

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، وصفوان، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن (علیه السّلام) في الرَّجل يكون عند بعض أهل بيته مال لأيتام، فيدفعه إليه، فيأخذ منه دراهم يحتاج إليها، ولا يعلم الّذي كان عنده المال للأيتام أنّه أخذ من أموالهم شيئاً، ثمَّ تيسّر بعد ذلك، أيُّ ذلك خيرٌ له، أيعطيه الّذي كان في يده، أم يدفعه إلى اليتيم وقد بلغ، وهل يجزيه أن يدفعه إلى صاحبه على وجه الصلة ولا يُعْلِمُه أنّه أخذ له مالاً؟ فقال : يجزيه أيُّ ذلك فعل إذا أوصله إلى صاحبه، فإنَّ هذا من السرائر إذا كان من نيّته، إن شاء ردَّه إلى اليتيم إن كان قد بلغ على أيِّ وجه شاء، وإن لم يعلمه، إن كان قبض له شيئاً، وإن شاءَ ردَّه إلى الّذي كان في يده، وقال : إن كان صاحب المال غائباً فليدفعه إلى الّذي كان المال في يده(3).

ص: 127


1- التهذيب 6 ، نفس ،الباب ، ح 76 . قال في التحرير : ولو اتّجَرَ الولي بالمال لنفسه، قال الشيخ : إن كان متمكناً من ضمان المال كان الربح له والخسارة عليه، ومنع ابن إدريس ذلك وحرّم اقتراض مال اليتيم على الوليّ، قال الشيخ: ولو لم يكن متمكناً من ضمانه كان عليه ما يخسر والربح لليتيم».
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 75 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 79، قوله (علیه السّلام) : إلى الذي كان في يده؛ يمكن حمله على ما إذا كان ثقة يعلم أنه يوصله إليه، أو كان وكيلاً، وإلّا فيشكل الاكتفاء بإعطائه إلى الوصي بعد البلوغ مرآة المجلسي 101/19

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الرَّبيع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل عن رجل ولي مال يتيم فاستقرض منه شيئاً؟ فقال : إنَّ عليّ بن الحسين (علیه السّلام) كان استقرض مالاً لأيتام في حِجْره(1).

78- پاب أداء الأمانة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن مصعب الهمدانيّ قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : ثلاثة لا عذر لأحد فيها : أداء الأمانة إلى البَرّ والفاجر، والوفاء بالعهد إلى البَرِّ والفاجر، وبِرٌّ الوالدين بَرَّين كانا أو فاجِرَين(2).

2 - عدّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن ابن بكير، عن الحسين الشيبانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : رجل من مواليك يستحلّ مال بني أميّة ودماءَهم، وإنّه وقع لهم عنده وديعة؟ فقال : أدُّوا الأمانات إلى أهلها وإن كانوا مجوسيّاً، فإنَّ ذلك لا يكون حتّى يقوم قائمنا أهل البيت (علیه السّلام)، فيُحِلُّ ويُحَرِّم(3).

3 - عدّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : أدُّوا الأمانة ولو إلى قاتل ولد الأنبياء(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار عن يونس، عن عمر بن أبي حفص قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : اتّقوا الله، وعليكم بأداء الأمانة إلى من ائتمنكم، ولو أنَّ قاتل علي بن أبي طالب (علیه السّلام) ائتمنني على أمانة لأدَّيتها إليه(5).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) في وصيّة له : إعلم أنَّ ضارب عليّ (علیه السّلام) بالسيف وقاتله، لو ائتمنني

ص: 128


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 74 بتفاوت قليل. وزيادة في الذيل هي : فلا بأس بذلك
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 109 بتفاوت في ترتيب فقراته والحديث مجهول.
3- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 114 . والحديث مجهول، ويقول المحقق في الشرائع 164/2 : وتجب إعادة الوديعة على المودع مع المطالبة ولو كان كافراً، إلا أن يكون المودع غاصباً لها فيمنع منها ...».
4- الحديث ضعيف
5- التهذيب 6، نفس الباب، ح 116 . والحديث مجهول.

واستنصحني واستشارني ثمَّ قبلت ذلك منه، لأدَّيت إليه الأمانة(1).

6 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوانَ بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن حفص بن قرط قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : امرأة بالمدينة كان الناس يضعون عندها الجواري فتصلحهنَّ وقلنا : ما رأينا مثل ما صُبَّ عليها من الرّزق؟ فقال : إنّها صدقت الحديث وأدَّت الأمانة، وذلك يجلب الرّزق ؛ قال صفوان : وسمعته من حفص بعد ذلک.

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «ليس منّا من أخلف بالأمانة»، وقال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «الأمانة تجلب الرّزق، والخيانة تجلب الفقر».

8- محمّد بن يحيى، عن احمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، عن القاسم بن محمّد، عن محمّد بن القاسم قال : سألت أبا الحسن - يعني موسى (علیه السّلام) - عن رجل استودع رجلًا مالاً له قيمةً، والرَّجل الّذي عليه المال رجلٌ من العرب، يقدر على أن لا يعطيه شيئاً، ولا يقدر له على شيء، والرَّجل الّذي استودعه خبيث خارجيٌّ، فلم أدع شيئا(2)؟ فقال لي : قل له ردَّه، عليه، فإنّه ائتمنه عليه بأمانة الله عزّ وجلَّ، قلت: فرجل اشترى من امرأة من العباسيّين بعض قطايعهم، فكتب عليها كتاباً أنّها قد قبضت المال، ولم تقبضه، فيعطيها المال أم يمنعها؟ قال لي : قل له يمنعها أشدَّ المنع، فإنّها باعته ما لم تملكه(3).

9 - الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النّهديّ، عن كثير بن يونس، عن عبد الرَّحمن بن سيّابة قال : لمّا هلك أبي سيّابة، جاء رجلٌ من إخوانه إليَّ فضرب الباب عليَّ، فخرجت إليه فعزّاني وقال لي : هل ترك أبوك شيئاً؟ فقلت له : لا، فدفع إلىَّ كيساً فيه ألف درهم وقال لي : أحسن حفظها وكُل فضلها، فدخلت إلى أمّي وأنا فرح، فأخبرتها، فلمّا كان بالعشيّ، أتيت صديقاً كان لأبي فاشترى لي بضائع سابريّ، وجلت في حانوت فرزق الله جلَّ وعزّ فيها خيراً كثيراً، وحضر الحجُّ، فوقع في قلبي ، فجئت إلى أمّي وقلت لها : إنّه قد وقع في

ص: 129


1- التهذيب ،6 نفس الباب، ح 115 . والحديث ضعيف على المشهور.
2- أي من صفات القدح والذم ألا وقد ألصقتها به.
3- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 117 . وكرره برقم 8 من الباب 16 من الجزء السابع من التهذيب. وروى إلى قوله : بأمانة الله عز وجل في الاستبصار 3 ، 82 - باب وجوب رد الوديعة إلى كل أحد ، ح ا وفي سنده : عن القاسم بن محمد، عن فضيل، قال سألت أبا الحسن (علیه السّلام) ... والحديث موثق على الظاهر.

قلبي أن أخرج إلى مكّة؟ فقالت لي : فردَّ دراهم فلان عليه فهاتها، وجئت بها إليه فدفعتها إليه فكأنّي وهبتها له، فقال : لعلّك استقللتها فأزيدك؟ قلت: لا، ولكن قد وقع في قلبي الحجُّ فأحببت أن يكون شيئك عندك، ثمَّ خرجت فقضيت نسكي، ثمَّ رجعت إلى المدينة فدخلت مع النّاس على أبي عبد الله (علیه السّلام) - وكان يأذن إذناً عامّاً - فجلست في مواخير النّاس وكنت حَدَثاً، فأخذ النّاس يسألونه ويجيبهم، فلمّا خفّ النّاس عنه، أشار إليَّ فدنوت إليه فقال لي : ألك حاجة؟ فقلت: جُعِلْتُ فِداك أنا عبد الرَّحمن بن سيّابة، فقال لي : ما فعل أبوك؟ فقلت : هلك، قال: فتوجّع وترحّم؛ قال : ثمَّ قال لي : أفَتَرَكَ شيئاً؟ قلت: لا، قال: فمن أين حججت؟ قال: فابتدأت فحدَّثته بقصّة الرَّجل، قال: فما تركني أفرغ منها حتّى قال لي. فما فعلت في الألف؟ قال: قلت: رددتها على صاحبها ، قال : فقال لي : قد أحسنت، وقال لي : ألَا أوصيك؟ قلت: بلى جُعِلْتُ فِداك، فقال : عليك بصدق الحديث، وأداء الأمانة تشرك النّاس في أموالهم هكذا - وجمع بين أصابعه- ، قال : فحفظت ذلك عنه، فزكيت ثلاثمائة ألف درهم(1).

79- باب الرجل يأخذ من مال ولده والولد يأخذ من مال أبيه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن رجل لابنه مالٌ فيحتاج إليه الأب؟ قال : يأكل منه، فأمّا الأمُّ فلا تأكل منه إلا قَرْضاً على نفسها(2).

2 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن جعفر، عن أبي إبراهيم (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل، يأكل من مال ولده؟ قال : لا، إلّا أن يضطرَّ إليه، فيأكل منه بالمعروف، ولا يصلح للولد أن يأخذ من مال والده شيئاً، إلّا أن يأذن والده(3).

3 - سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال :

ص: 130


1- الحديث ضعيف.
2- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ح 85 الاستبصار ،3، 26 - باب ما يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده ح 4. الفقيه 3، 59 - باب الأب يأخذ من مال ابنه، ح 1. هذا وقد أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم بأن من تجب عليه النفقة إذا دافع بها وامتنع عنها أجبره الحاكم، فإن امتنع حبسه ، كما أفتوا بأن من تجب نفقته على رجل عند امتناعه عنها له أن يأخذ من ماله ما يصرف في النفقة، ولو كان له ،عروض، وعقار أو متاع جاز بيعه لأن النفقة حق كالدين.
3- التهذيب6، نفس الباب ح 84 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 3.

قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لرجل : أنت ومالُكَ لأبيك، ثمَّ قال أبو جعفر (علیه السّلام) : وما أحبُّ له أن يأخذ من مال ابنه إلّا ما احتاج إليه ممّا لا بدَّ منه، إنَّ الله عزّ وجلَّ لا يحبُّ الفساد(1).

4 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عبيس بن هشام، عن عبد الكريم، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يكون لولده مالٌ، فأحبَّ أن يأخذ منه؟ قال: فليأخذ، فإن كانت أُمّه حَيّةً، فما أحبُّ أن تأخذ منه شيئاً إلّا قرضاً على نفسها(2).

5 - سهل بن زياد، عن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن الرّجل يحتاج إلى مال ابنه؟ قال : يأكل منه ما شاء من غير سَرَف، وقال : في كتاب عليّ (علیه السّلام) : إنَّ الولد لا يأخذ من مال والده شيئاً إلّا بإذنه، والوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء، وله أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها، وذكر أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال لرجل : «أنت ومالُكَ لأَبيك»(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاءِ قال : قلت لأبي عبد الله (علیه) : ما يحلُّ للرَّجل من مال ولده؟ قال : قُوتُهُ بغير سَرَف إذا اضطَّر إليه، قال : فقلت له : فقول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) للرجل الذي أتاه فَقَدَّم أباه فقال له : أنت ومالك لأبيك؟ فقال : إنّما جاء بأبيه إلى النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال : يا رسول الله، هذا أبي وقد ظلمني ميراثي من أمّي ، فأخبره الأب أنّه قد أنفقه عليه وعلى نفسه، فقال: أنت ومالك لأبيك، ولم يكن عند الرَّجل شيء، أفكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يحبس الأب للابن(4)؟!

80- باب الرجل يأخذ من مال امرأته والمرأة تأخذ من مال زوجها

1 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن

ص: 131


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 83 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 2.
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح86. الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح .. وفيهما وإن كانت الأم ... ، وفي سند التهذيب : الحسين بن علي الكوفي...، بدل : الحسن .
3- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 82 واسنده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) . الاستبصار 3، 26 - باب ما يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده ، ح 1 . الفقيه ،3، 141 - باب أحكام المماليك والإماء، ح 6 وفيه من قوله : في كتاب علي (علیه السّلام) ... إلى قوله : وقع عليها . والحديث ضعيف على المشهور
4- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح87 الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح 6 . الفقيه 3 59 - باب الأب يأخذ من مال، ابنه ح 2 بتفاوت، ويقول المحقق في الشرائع 352/2 : «ويشترط في وجوب الإنفاق الفقر وهل يشترط العجز عن الاكتساب؟ الأظهر اشتراطه، لأن النفقة معونة على سدّ الخلّة والمكتسب قادر فهو كالغني...».

عيسى، عن سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): جُعِلْتُ فِداك، امرأة دفعت إلى زوجها مالاً. من مالها ليعمل به، وقالت له حين دفعت إليه : أنفِقُ منه، فإن حدث بك حَدَثٌ فما أنفقت منه حلالا طيّباً، فإن حدث حَدَثٌ فما أنفقت فهو حلالٌ طيّب؟ فقال : أعد عليَّ يا المسألة، فلمّا ذهبت أعيد المسألة عليه، اعترض فيها صاحبها - وكان حاضراً ۔ فأعاد عليه مثل ذلك، فلمّا فرغ، أشار بإصبعه إلى صاحب المسألة فقال : يا هذا، إن كنت تعلم أنّها قد أفضت بذلك إليك فيما بينك وبينها وبين الله عزّ وجلّ، فحلالٌ طيّب - ثلاث مرَّات (1)۔ ثمَّ قال : يقول الله جلّ اسمه في كتابه(2): «فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا»(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير قال : سالت أبا عبد الله (علیه السّلام) عمّا يحلّ للمرأة أن تتصدِّق به من بيت زوجها بغير إذنه؟ قال : المأدوم(4).

81- باب اللقطة والضّالة

81- باب اللقطة والضّالة (5)

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد؛ وعليّ بن محمّد القاشانيّ، عن صالح بن أبي حمّاد جميعاً عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان النّاس في الزِّمن الأوَّل إذا وجدوا شيئاً فأخذوه، احتبس فلم يستطع أن يخطو حتّى يرمي به، فيجييء طالبه من بعده فيأخذه، وإنَّ الناس قد اجترأوا على ما هو أكثر من ذلك،

وسيعود كما كان.

2 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال في اللّقطة، يعرّفها سنة ثمّ هي كسائر ماله(6).

ص: 132


1- أي ردد (علیه السّلام) ذلك ثلاث مرات.
2- النساء/ 4
3- التهذيب 6، نفس الباب، ح 92 .
4- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب ح 94. وفيه: من مال زوجها ... والمأدوم: ما يؤتدم به، وهو الطعام الذي يجعل مع الخبز فيطيبه ويصلحه فيلتذ به الأكل، وهو عام في المائع وغيره. قال في التحرير : «لا يجوز للمرأة أن تأخذ شيئاً من مال زوجها وإن قل إلّا بإذنه، ويجوز لها أخذ المأدوم إذا كان يسيرا وتتصدق به مع عدم الإضرار بالزوج، ولو منعها لفظاً حرم...».
5- اللقطة: كل مال ضائع أخذ ولا يد عليه، فإن كان حيواناً سمّي ضالة. وأما إذا كان الملتَقَط صبياً ضائعاً لا كافل له سمّي لقيطاً.
6- التهذيب 6، 94 - باب اللفطة والضالة ، ح 1 ، الاستبصار 3، 41 - باب اللقطة، ح 1، ولا بد من حمل الخبر فيما يتعلق بالتعريف سنة على ما لو كانت اللقطة درهماً فما فوق لإجماع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن ما كان دون الدرهم جاز أخذه والانتفاع به من دون تعريف كما نص أصحابنا على أنه لو التقطها في غير الحرم - وكانت مما يبقى كالأمتعة والثياب وما شابه فهو مخيّر بعد التعريف سنة بين تملكها وعليه ضمانها وبين الصدقة بها عن مالكها، ولو حضر المالك بعد الحول فكره الصدقة لزم الملتقط ضمانها إما مثلا وإما قيمة، وبين إبقائها في يد المالك أمانة لمالكها من غير ضمان ولو كانت مما لا يبقى كالطعام قومه على نفسه وانتفع به، وإن شاء دفعه إلى الحاكم ولا ضمان.

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) رجلٌ وجد في منزله ديناراً؟ قال : يدخل منزلّه غيرُهُ؟ قلت نعم كثيرٌ، قال هذا لقطة، قلت: فرجل وجد في صندوقه ديناراً؟ قال: يُدخل احدٌ يده في صندوقه غيره، أو يضع غيره فيه شيئاً؟ قلت : لا ، قال : فهو له(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن اللّقطة؟ قال : تُعرّف سنة، قليلاً كان أو كثيراً، قال : وما كان دون الدِّرهم فلا يعرِّف(2).

5 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته الدَّار يوجد فيها الوَرِق؟ فقال : إن كانت معمورة فيها أهلها فهو لهم، وإن كانت خربة قد جلا عنها أهلها، فالّذي وجد المال فهو أحقُّ بما به(3).

6 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الله بن محمّد الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن سعيد بن عمرو الجعفيّ قال: خرجت إلى مكّة وأنا من اشدِّ الناس حالاً(4)، فشكوت إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) ، فلمّا خرجت من عنده وجدت على بابه كيساً فيه سبعمائة دينار، فرجعت إليه من فوري ذلك فأخبرته، فقال يا سعيد، اتّق الله عزّ وجلّ وعرّفه المشاهد، وكنت رجوت أن يرخّص لي فيه، فخرجت وأنا مغتمّ ، فأتيت منى، وتنحيت عن

ص: 133


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 8 بتفاوت يسير الفقيه 3، 90 - باب اللقطة والضالة، ح 4. يقول المحقق في الشرائع 293/3 : من وجد في داره أو في صندوقه مالاً ولا يعرفه، فإن كان يدخل الدار غيره أو يتصرف في الصندوق سواه فهو لقطة وإلا فهو له».
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح .2. الاستبصار ،3، 41 - باب اللقطة ، ح 2 . وورد ضمن الحديث 18 من الباب 90 من الجزء الثالث في الفقيه : وإن كانت اللقطة دون الدرهم فهي لك لا تعرّفها...
3- التهذيب 6، 94 - باب اللقطة والضالة، ح 9 بتفاوت يسير جدا. الفقيه 3، 90 - باب اللقطة والضالة، ذيل ح 8 بتفاوت، قال المحقق في الشرائع 293/3 : ما يوجد في المفاوز أو في خربة قد هلك أهلها فهو لواجده ينتفع به بلا تعریف، وكذا ما يجده مدفوناً في أرض لا مالك لها...».
4- أي كان في ضيق ماديّ شديد.

الناس وتقصّيت حتّى أتيت الموقوفة(1)، فنزلت في بيت متنحياً عن الناس ثمَّ قلت : من يعرف الكيس؟ قال : فأوَّل صوت صوَّتُّه فإذا رجل على رأسي يقول : أنا صاحب الكيس، قال: فقلت في نفسي: أنت فلا كنتَ، قلت: ما علامة الكيس، فأخبرني بعلامته فدفعته إليه، قال: فتنحّى ناحية فعدَّها فإذا الدَّنانير على حالها، ثمَّ عدَّ منها سبعين ديناراً، فقال: خذها حلالاً خير من سبعمائة حراماً، فأخذتها، ثمَّ دخلت على أبي عبد الله (علیه السّلام) فأخبرته كيف تنحّيت وكيف صنعت، فقال: أما أنّك حين شكوت إلىَّ أَمَرنا لك بثلاثين ديناراً، يا جارية، هاتيها، فأخذتها وأنا من أحسن قومي حالاً(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن موسى بن عمر، عن الحجّال، عن داوود بن أبي يزيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رجل : إنّي قد أصبت مالاً، وإنّي قد خفت فيه على نفسي، فلو أصبت صاحبه دفعته إليه، وتخلّصت منه؟ فقال : له أبو عبد الله (علیه السّلام) : والله إن لو أصبته، كنتُ تدفعه إليه؟ قال : أي والله، قال: فأنا، والله ماله صاحبُ غيري، قال: فاستحلفه أن يدفعه إلى من يأمره، قال : فحلف قال : فاذهب فاقسمه في إخوانك، ولك الأمن ممّا خفت منه، قال : فقسّمته بين إخواني(3).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن أبي العلاءِ قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السّلام) : رجل وجد مالًا فعرَّفه، حتى إذا مضت السنة اشترى به خادماً، فجاء طالب المال فوجد الجارية الّتي اشتُريت بالدَّراهم هي ابنته؟ قال ليس له أن يأخذ إلّا دراهمه، وليس له الابنة، إنّما له رأس ماله، وإنّما كانت ابنته مملوكةً قوم(4).

9 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفرر(5)قال : كتبت إلى الرَّجل أسأله عن رجل اشترى جزوراً أو بقرة للأضاحيّ، فلمّا ذبحها وجد في جوفها صرَّة فيها دراهم أو دنانير أو

ص: 134


1- في التهذيب : الماقوفة والضاهر أنه اسم موضع هناك غير معروف في عصرنا .
2- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 10
3- الفقيه 3، 90 - باب اللقطة والضالة ، ح 17 بتفاوت، وقال الصدوق رحمه الله بعد إيراد هذا الحديث : كان ذلك بعد تعريفه سنة . هذا وقد ذكر المجلسي رحمه الله وجوهاً وتخريجات لهذا الحديث بعد أن قال عنه بأنه مجهول فراجع مرآة العقول 111/19 وما بعدها.
4- التهذيب 6، 94 - باب اللقطة والضالة، ح 13. الفقيه 3، نفس الباب، ح 7 وفي سنده : عن ابن أبي العلاء . وإنما لا يستحق صاحب المال ابنته، لأن الملتقط بعد أن صنع باللقطة ما هو المطلوب منه شرعاً، كان كأنه قد تملكها مع ضمانها لمالكها لو وُجد بعد فانتقلت إلى ذمته، وعلى كل حال، فلا يحق للمالك أن يطالب بغير ماله ، والمفروض أن عينه قد خرج عن ملك الملتقط فيصار إلى المثل أو القيمة.
5- حيث إن عبد الله بن جعفر الحميري فهو من أصحاب الحسن العسكري (علیه السّلام) وليكون المراد بالرجل هو (علیه السّلام).

جوهرة، لمن يكون ذلك؟ فوقّع (علیه السّلام) : عَرِّفها البائع، فإن لم يكن يعرفها فالشيء لك رزقك الله إيّاه(1).

10 - عليُّ بن محمّد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حمّاد، عن أبي بصير، أبي جعفر (علیه السّلام) قال : من وجد شيئاً فهو له، فليتمتّع به حتّى يأتيه طالبه، فإذا جاء طالبه ردَّه

إليه (2).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن اللّقطة؟ فقال : لا ترفعها فإن ابتُلِيتَ بها فعرّفها سنة، فإن جاء طالبها، وإلّا فاجعلها في عرض مالك، تُجري عليها ما تُجري على مالك حتّى يجيیء لها طالب، فإن لم يجيء لها طالب، فأوصِ بها في وصيّتك(3).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي - عبد الله (علیه السّلام) قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال له : يا رسول الله، إنّي وجدت شاة؟ فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «هي لك أو لأخيك أو للذئب»، فقال: يا رسول الله، إنّي وجدت بعيراً؟ فقال: «معه حذاؤه وسقاءه، حذاؤه خفّه وسقاءه کرشه، فلا تُهِجهُ»(4).

13 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: من أصاب مالاً أو بعيراً في فلاة من الأرض قد كَلّت وقامت وسيّبها صاحبها لمّا لم تتبعه، فأخذها غيره، فأقام عليها، وأنفق نفقة حتّى أحياها الكلال ومن الموت، فهي له، ولا سبيل له عليها، وإنّما هي مثل الشيء المباح(5).

14 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه قضى في رجل ترك دابّته من

ص: 135


1- التهذيب ،6 نفس الباب ، ح 14 . الفقيه ،3، نفس الباب، ح 16 بتفاوت قليل.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 15.
3- الحديث حسن، وظاهره وجوب حفظها أمانة
4- التهذيب 6، 94 - باب اللقطة والضالة، ح 16 الفقيه 3 90 - باب اللقطة والضالة ، ح 11 بتفاوت. قوله (علیه السّلام) : هي لك أو لأخيك أو للذئب : كأنه حث له على أخذه لأنه سوف يؤخذ على كل حال إما من قبل شخص آخر، مع احتمال أن يفترسه الذئب فلا ينتفع به حينئذٍ.
5- التهذيب ،6 ، نفس الباب ح 17. وسيبها أي أهملها وأعرض عنها، وقد فهم المجلسي رحمه الله من قوله : قد كلّت إنها من الدواب التي تستعمل للحمل، وهو غير سديد، إذ الكلال كما يقع على هذه يقع على غيرها من الدواب حتى ما يراد لحمه أيضاً. والحديث صحيح.

جهد، قال : إن تركها في كلاً وماء وأمن فهي له يأخذها حيث أصابها، وإن كان تركها في خوف وعلى غير ماءٍ ولا كلاءٍ فهي لمن أصابها(1).

15 - عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لا بأس بلقطة العصى والشظاظ والوتد والحبل والعقال وأشباهه ، قال : وقال أبو جعفر (علیه السّلام) : ليس لهذا طالب(2).

16 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن الأصمّ، عن مسمع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يقول في الدَّابة إذا سرّحها أهلها، أو عجزوا عن علفها أو نفقتها، فهي للّذي أحياها، قال : وقَضَى أمير المؤمنين (علیه السّلام) في رجل ترك دابّته في مَضيَعَة، فقال : إن تركها في كلاءٍ وماءٍ وأمْنٍ له، يأخذها متى شاء، وإن تركها في غير كلاء ولا ماء فهي لمن أحياها(3).

17 - سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن صفوان الجمّال أنّه سمع أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : من وجد ضالّة فلم يعرّفها، ثمّ وُجِدَت عنده فإنّها لربّها(4)، ومثلها من مال الّذي كتمها(5).

ص: 136


1- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 18 . الفقيه ،3 ، نفس الباب، ح 13 . قوله : من جهد؛ أي أنه إنما ترك دابته لأجل تعبه من مرض أو عطب أو كسر ... الخ . وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على التفصيل بين صورة ترك الحيوان في أمن وكلاء وماء وصورة تركه في فلاة مع عدم توفر هذه الأمور، كما فصلوا بين صغار الحيوان مما لا يستطيع الامتناع من السباع والوحوش وبين كبيرها مما يستطيع ذلك، كما حكموا بعدم جواز أخذ الحيوان إذا وجد في العمران مطلقاً صغيراً كان أو كبيراً ممتنعاً أم غير ممتنع . فراجع شرائع الإسلام للمحقق (رحمه الله) 289/3 - 290 واللمعة والروضة المجلد 2 ، الفصل الثاني من كتاب اللقطة من الطبعة الحجرية ص 241 - 242 .
2- التهذيب 6، 94 - باب اللقطة والضالة، ح 19 . الفقيه3، 90 - باب اللقطة والضالة، ح 10 وفيه إلى قوله : وأشباهه، وقد ورد هذا المضمون في اللمعة والروضة للشهيدين حيث حكما بكراهة التقاط مثل هذه الأمور مع تفسير للمراد منها، قالا : ويكره التقاط ما تكثر منفعته وتقل قيمته مثل الإداوة بالكسر وهي المطهرة به أيضاً والنعل غير الجلد لأن المطروح منه مجهولاً ميتة أو يحمل على ظهور امارات تدل على ذكاته ... والمِحْصَرَة بالكسر وهي كل اختصره الإنسان بيده فأمسكه من عصا ونحوها قاله الجوهري، والكلام فيها إذا كانت جلداً كما هو الغالب كما سبق والعصا وهي على ما ذكره الجوهري أخص من المخصرة وعلى المتعارف غيرها والشظاظ بالكسر خشبة محدّدة الطرف تدخل في عروة الجوالقين ليجمع بينهما عند حملهما على البعير والجمع اشطة بكسر وسطه والعِقال بالكسر وهو حبل يشد به قائمة البعير وقيل يحرم بعض هذه للنهي عن مسه». ويقصد (رحمه الله) بالبعض ما تضمنه بعض - الروايات - من النهي عن مس الإدارة والسوط والنعلين.
3- التهذيب ،6 نفس الباب، ح 21 بتفاوت .
4- في التهذيب أو مثلها ، يعني : يضمن مثلها في حال القلف إن كان لها مثل أو قيمتها إن لم يكن لها مثل وإنما ضمنها مثلاً أو قيمة لأنه تعدّى عندما لم يعرفها المدة المحددة شرعاً .
5- الفقيه 3 نفس الباب، ح 6 بتفاوت.

82- باب الهَدِيَّة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «الهدية على ثلاثة أوجه: هديّة مكافأة، وهديّة مصانعة، وهديّة الله عزّ وجلَّ»(1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد، جميعاً عن ابن محبوب، ؛ عن إبراهيم الكرخيِّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل تكون له الضيعة الكبيرة، فإذا كان يوم المهرجان أو النوروز، أهدَوا إليه الشيء ليس هو عليهم، يتقرَّبون بذلك إليه؟ فقال : أليس هم مصلّين؟ قلت: بلى، قال: فليقبل هديّتهم وليُكَافِهم، فإنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال : «لو أهدي إليَّ كراع لقبلت، وكان ذلك من الدِّين، ولو أنّ كافراً أو منافقاً أهدى إليَّ وَسْقاً ما قبلت، وكان

ذلک من الدِّين، أبى الله عزَّ وجلَّ لي زَبَدَ المشركين والمنافقين وطعامهم»(2).

3 - ابن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كانت العرب في الجاهليّة على فرقتين؛ الحلّ والحَمس، فكانت الحمس(3)قريشاً، وكانت الحلّ سائر العرب، فلم يكن أحد من الحلّ إلّا وله حرميٌّ من الحمس، ومن لم يكن له حرميّ من الحمس، لم يترك أن يطوف بالبيت إلّا عرياناً وكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) حرميّاً لعياض بن حمار المجاشعيِّ، وكان عياض رجلاً عظيم الخطر، وكان قاضياً لأهل عكاظ في الجاهليّة، فكان عياض إذا دخل مكّة، ألقى عنه ثياب الذُّنوب والرجاسة، وأخذ ثياب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لطهرها فلبسها وطاف بالبيت، ثم يردُّها عليه إذا فرغ من طوافه، فلمّا أن ظهر

ص: 137


1- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ج 228. الفقيه 3، 92 - باب الهدية، ح 12 . ورواه مرسلا قال : وقال الصادق (علیه السّلام) والمصانعة : تكلف الود والمحبة أو إظهار خلاف ما يبطن والحديث ضعيف على المشهور
2- التهذيب 6 93 - باب المكاسب، ح 229 بتفاوت قليل الفقيه 3 ، 92 - باب الهدية ، ح 13 وفيه إلى قوله : وليكا فهم. بتفاوت قليل أيضاً . والحديث مجهول. وروي في الفقيه 3، نفس الباب، ذيل ح ه قوله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «ولو اهدي إليّ كراع لقبلت».والكراع : هو ما دون الركبة من ساق البقر والغنم وغيرهما. والزبد : ما يستخرج من اللبن بالمخض، والمقصود به هنا عطايا المشركين والمنافقين ورفدهم. ويظهر من هذا الخبر كالذي يليه أن عدم جواز قبول هدية المشركين كان من مختصاته (صلی الله علیه و آله و سلّم) كما عده ابن شهراشوب منها.
3- قال الزمخشري في الفائق : الحمس قريش ومن دان بدينهم في الجاهلية، واحدهم أحمس، سموا لتحمسهم أي لتشددهم - في دينهم والحمسة الحرمة، مشتقة من اسم الحمس لحرمتهم ونزولهم ... الخ.

رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، أتاه عياض بهدية ، فأبى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن يقبلها، وقال: «يا عياض، لو أسلمتَ لقبلت هديّتك، إن الله عزَّ وجلَّ أبى لي زَبَدَ المشركين»، ثمَّ إن عياضاً بعد ذلك أسلم وَحَسُنَ إسلامه، فأهدى إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) هديّة فقبلها منه.

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي جرير القمي، عن أبي الحسن (علیه السّلام) في الرَّجل يهدي بالهديّة إلى ذي قرابته يريد الثواب، وهو سلطان؟ فقال : ما كان الله عزّ وجلَّ ولصلة الرَّحم فهو جائز، وله أن يقبضها إذا كان للثواب(1).

5- سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : قال له محمّد بن عبد الله القمّي: إنَّ لنا ضياعاً فيها بيوت النيران، تهدي إليها المجوس البقر والغنم والدَّراهم، فهل لأرباب القرى أن يأخذوا ذلك، ولبيوت نيرانهم قُوَّام يقومون عليها؟ قال : ليأخذه صاحب القرى، ليس به بأس(2).

6 - محمّد بن يحيى، عمّن حدَّثه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت له : الرَّجل الفقير يهدي إليّ الهديّة يتعرَّض لما عندي، فأخذها ولا أعطيه شيئاً، أيحلّ لي؟ قال : نعم هي لك حلالٌ، ولكن لا تَدع أن تعطيه(3).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سَيف بن عَمِيرة، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يأكل الهديّة ولا يأكل الصدقة، ويقول: «تهادَوا، فإنَّ الهدية تسلّ السخائم، وتجلي ضغائن العداوة والأحقاد»(4).

ص: 138


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 232. والحديث ضعيف على المشهور. والظاهر أن المراد بالثواب - بقرينة كون المهدى إليه سلطاناً - هو العوض الماديّ.
2- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 230 ، الفقيه 3 ، 92 - باب الهدية ، ح 17 بتفاوت وأخرجه عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا (علیه السّلام)
3- التهذيب ،6 نفس الباب ح 233 . الفقيه ،3، نفس الباب، ح 16. وإنما كانت حلالاً مع عدم وجوب إعطاء العوض لأن المعطي لم يشترطه حتى تكون هبة معوّضة. وقول السائل : يتعرّض لما عندي؛ إن هو إلا حكاية لواقع الحال من توقع المهدي الانتفاع مقابل هديته بشيء، ولذا كان قوله : (علیه السّلام) : لا تدع ... الخ ، إنما هو تعليم وتوجيه له إلى قوله تعالى : «هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ»، وأن يكون عند حسن ظن أخيه المؤمن به فلا يخيبه وهذا المهدي، إن كان من نيته - إضافة إلى تعرضه لنوال المهدى إليه - التقرب إلى الله في هديته لأخيه المؤمن استحق الثواب من الله وإلا فلا.
4- روى الصدوق رحمه الله في الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 3 قال : وقال (علیه السّلام) : (يقصد الصادق (علیه السّلام) الهدية تسلّ السخائم، والسِّلّ: نزع الشوكة والسيف ونحوهما وإخراجهما برفق والسخائم جمع سخيمة، وهي الحقد وأشد البغضاء.

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : من تَكْرُمة الرّجل لأخيه المسلم، أن يقبل تُحْفَته، ويتحفه بما عنده، ولا يتكلّف له شيئاً.

9 - وبإسناده قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «لو أهدي إليّ كراع لقبلته»(1).

10 - عليُّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه عن أَيَان، عن إبراهيم بن عمر، عن محمّد بن مسلم قال : جلساءُ الرَّجل شركاؤه في الهديّة(2).

11 - أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى رفعه قال : إذا أهدي إلى الرّجل هديَّةُ طعامٍ وعنده قوم، فهم شركاؤه فيها، الفاكهة وغيرها(3).

12 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليِّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): لأن أهدي لأخي المسلم هديّة تنفعه، أحبُّ إليَّ من أن أتصدَّق بمثلها(4).

13 - الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن عبد الرّحمن بن محمّد، عن محمّد بن إبراهيم الكوفيّ، عن الحسين بن زيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : تهادَوا بالنّبق تحيي المودَّة والموالاة(5).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «تهادَوا تحابّوا، تهادَوا فإنّها تذهب بالضغائن(6).

83- باب الرِّبا

1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن

ص: 139


1- انظر تعليقنا على الحديث رقم 2 من هذا الباب
2- التهذيب ،6 نفس الباب، ح 234 . والظاهر أن المشاركة في الهدية هي إطعامهم منها إذا كانت من المأكول كما سوف ينص عليه في الحديث التالي، وقد نص بعض أصحابنا على استحبابه
3- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 235 . الفقيه ،3، 92 - باب الهدية ، ح 14 . وفي ذيله : يعني الفاكهة وغيرها.
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 236
5- الحديث مجهول والنبق ثمر السدر
6- روى الصدوق رحمه الله في الفقيه 3، نفس الباب، ح 2 عن الصادق (علیه السّلام) قال: تهادوا تحابوا

سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : درهم ربا أشد من سبعين زنية، كلّها بذات محرم(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهده فيه سواء(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن منصور، عن 2 هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن الرّجل يأكل الرّبا وهو يرى أنّه له حلال؟ قال : لا يضرُّه حتّى يصيبه متعمّداً، فإذا أصابه متعمّداً، فهو بالمنزلة الّتي قال الله عز وجل(3).

4 - أحمد بن محمّد، عن الوشّاءِ، عن أبي المغرا، عن الحلبيّ قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : كلٌّ رباً أكله الناس بحهالة ثمّ تابوا فإنّه يقبل منهم إذا عرف منهم التوبة، وقال : لو أنَّ رجلاً ورث من أبيه مالاً، وقد عرف أنَّ في ذلك المال رباً، ولكن قد اختلط في التجارة بغيره حلال كان حلالاً طيّباً، فليأكله، وإن عرف منه شيئاً أنّه رباً، فليأخذ رأس ماله وليردَّ الرّبا، وأيّما رجل أفاد مالاً كثيراً قد أكثر فيه من الرّبا، فجهل ذلك، ثمّ عرفه بَعْدُ فأراد أن ينزعه فيما مضى، فله، ويدعه فيما يستأنف(4).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : أتى رجلٌ أبي فقال: إنّي ورثت مالاً وقد علمت أنَّ صاحبه الّذي ورثته منذ قد كان يربو، وقد أعرف أنَّ فيه رباً، وأستيقن ذلك، وليس يطيب لي حلاله لحال علمي فيه، وقد سألت فقهاءَ أهل العراق وأهل الحجاز فقالوا : لا يحلُّ أكله؟ فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : إن كنت تعلم بأنَّ فيه مالاً معروفاً رباً، وتعرف أهله فخذ رأس مالك وردَّ ما سوى ذلك، وإن كان مختلطاً فكله هنيئاً مريئاً، فإن المال مالك واجتنب ما كان يصنع صاحبه، فإنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قد وضع ما مضى من الرِّبا وحرَّم عليهم ما بقي، فمن جهله وسع له جهله حتّى يعرفه، فإذا عرف تحريمه حرم عليه، ووجبت عليه فيه العقوبة إذا ركبه، كما يجب على من يأكل الرّبا(5).

ص: 140


1- التهذيب 17 - باب فضل التجارة و ...، ح 61 الفقيه 3، 87 - باب الربا، ح 2 .
2- الفقيه 3، نفس الباب ح 3 بتفاوت وأخرجه مرسلاً عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)
3- والحديث صحيح، ويدل على معذورية الجاهل في الربا.
4- الفقيه 3 87 باب الربا، ح 7 و 8 بتفاوت. التهذيب 7، 1 - باب فضل التجارة ، ح 6 بتفاوت . والحديث صحيح، وقوله : أفاد مالاً كثيراً : أي استفاده ووصل إليه بهدية أو عطية أو ميراث أو غير ذلك من الأسباب المشروعة.
5- الفقيه ،3، نفس الباب ح .9 ورواه مرسلا بتفاوت. التهذيب 7 نفس الباب، ح 70 . والحديث حسن، قوله (علیه السّلام) : كما يجب ... ؛ أي على قدر يجب على آكل الربا، وهذا بيان لقدر العقوبة لا تشبيه للوجوب بالوجوب، والأظهر أنه من باب تشبيه حكم بحكم تفهيماً للسائل، كما هو الشائع في الأخبار، أي كما أن الجهل بالحكم يحلّل كذلك الجهل بالعين أيضاً، وما فهمه بعض من أن هذا مؤيد للحمل على جهل المورث فلا يخفى وهنه مرآة المجلسي 124/19

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الرِّبا رباء ان؛ وربا لا يؤكل، فأمّا الّذي يؤكل : فهديّتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها، فذلك الرّبا الّذي يؤكل، وهو قوله عزَّ وجلَّ : «وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ»(1)وأمّا الّذي لا يؤكل ؛ فهو الرّبا الّذي نهى الله عز وجل عنه ، وأوْعَدَ عليه النار(2).

7 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي رأيت الله تعالى قد ذكر الرّبا في غير آية وكرره(3)؟ فقال : أوَ تَدْرِي لم ذاك؟ قلت : لا ، قال : لئلّا يمتنع الناس من اصطناع المعروف(4).

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنّما حرَّم الله عزَّ وجلَّ الرّبا لكيلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف(5).

9 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد جميعاً عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الرَّبيع الشاميِّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل أربى بجهالة، ثمَّ أراد أن يتركه؟ فقال: أمّا ما مضى فله، وليتركه فيما يستقبل، ثمَّ قال : إنَّ رجلّا أتى أبا جعفر (علیه السّلام) فقال : إنّي قد ورثت مالاً، ود علمت أنَّ صاحبه كان يربو، وقد سألت فقهاء أهل العراق وفقهاء أهل الحجاز فذكروا أنّه لا يحلُّ أكله؟ فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : إن كنت تعرف منه شيئاً معزولاً تعرف أهله وتعرف أنه رباً، فخذ رأس مالك ودع ما سواه، وإن كان المال مختلطاً

ص: 141


1- الروم / 39
2- الفقيه ،3 ، 87 - باب الربا، ح 5 وروى صدره بتفاوت. وكذلك هو في التهذيب 7، 1 - باب فضل التجارة، ح 67، وقد دل الحديث، وهو حسن، على أن من الربا ما يؤكل وهو أن يهب الرجل للرجل ويهدي إليه ليعوضه أكثر مما وهب له أو أهدى إليه. ومنه ما لا يؤكل وهو حرام وهو الذي نهى الله عزّ وجلّ عنه. وقد التزم أصحابنا رضوان الله عليهم بتحريم الربا في المعاملة، كتحريمه في القرض واعتبروا حرمته من ضرورات الدين، وتحريمه مؤكد بل هو من أعظم الكبائر.
3- في التهذيب : وكبره.
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 65. والحديث موثق . والمراد باصطناع المعروف، القرض الحسن
5- الفقيه ،3، 179 - باب معرفة الكبائر التي أوعد الله ... ، ح 5 بتفاوت في الذيل، التهذيب 7 ، نفس الباب ح 66.

فكله هنيئاً مريئاً، فإنَّ المال مالك، واجتنب ما كان يصنع صاحبك، فإنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قد وضع ما مضى من الرّبا، فمن جهله وسعه أكله، فإذا عرفه حرم عليه أكله، فإن أكله بعد المعرفة وجب عليه ما وجب على أكل الرّبا(1).

10 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عُبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا يكون الرّبا إلّا فيما يكال أو يوزن(2).

11 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير [عن عبيد بن زرارة] قال : بلغ أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل أنّه كان يأكل الرّبا ويسمّيه اللبّاء، فقال : لئن أمكنني الله عزَّ وجلَّ [منه] لأضرِبَنَّ عنقه(3).

12 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : أخبث المكاسب كَسْبُ الرّبا(4).

84- باب أنه ليس بين الرجل وبين ولده وما يملكه ربا

1 - حميد بن زياد، عن الخشّاب، عن ابن بقّاح(5)، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : ليس بين الرَّجل وولده رباً، وليس بين السيّد وعبده رباً.

ص: 142


1- الحديث مجهول، وقد مر مضمونه وإن بتفاوت وسند آخر برقم 5 من هذا الباب وكان من قسم الحسن
2- الفقيه ، ، 87 - باب الربا، ح 6 . التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 74 وكرره برقم 121 من الباب 8 من نفس 121 الجزء. الاستبصار ،3، 66 - باب بيع ما لا يكال ولا يوزن مثلين بمثل يدا بيد ، ح 5 . وقد دل الحديث على أنه لا ربا في المعدود كالجوز ونحوه . وإن كان مكروها وهذا هو أشهر قولين عند فقهائنا (رحمه الله) والقول الآخر هو التحريم وقد اختاره المفيد ومن تابعه . قال المحقق (رحمه الله) في الشرائع 45/2 : «فلا ربا إلا في مكيل أو موزون وبالمساواة فيهما يزول تحريم الربويات، فلو باع ماكيل فيه ولا وزن متفاضلا جاز ولو كان معدوداً، كالثوب بالثوبين وبالثياب والبيضة بالبيضتين والبيض نقدا ، وفي النسيئة تردد والمنع أحوط . والاعتبار بعادة الشرع ، فما ثبت أنه مكيل أو موزون في عصر النبي (صلی الله عليه وآله) بني عليه وما جهل الحال فيه رجع إلى عادة البلد، ولو اختلف البلدان فيه كان لكل بلد حكم نفسه . وقيل : يغلب جانب التقدير ويثبت التحريم عموماً .
3- الحديث موثق كالصحيح واللباء: أول لبن الأم ، وكان لعنه الله يبالغ في حلّيته بالتشبيه بأول لبن الأم كما هو الشائع بين العرب والعجم، ويدل على أن تحريم الربا من ضروريات الدين، وإن منكر الضروري يجب قتله» مرأة المجلسي 126/19.
4- الفقيه ، نفس الباب ح 1
5- في التهذيب : عن ابن رباح واسمه أحمد. وقد يأتي لإسماعيل أيضاً.

2 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «ليس بيننا وبين أهل حربنا رباً، نأخذ ألف درهم بدرهم، ونأخذ منهم ولا نعطيهم»(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن ياسين الضرير، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : ليس بين الرَّجل وولده، وبينه وبين عبده، ولا بينه وبين أهله رباً ، إنّما الرّبا فيما بينك وبين ما لا تملك، قلت : فالمشركون، بيني وبينهم رباً؟ قال: نعم قلت: فإنّهم مماليك؟ فقال : إنّك لست تملكهم، إنّما تملكهم مع غيرك، أنت وغيرك فيهم سواء فالّذي بينك وبينهم ليس من ذلك، لأنَّ عبدك ليس مثل عبدك وعبد غيرك(2).

85- باب فضل التجارة والمواظبة عليها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الله (علیه السّلام) قال : تَرْكُ التجارة يُنقِصُ العقل(3).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عمّن حدَّثه، أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : التجارة تزيد في العقل(4).

ص: 143


1- التهذيب 7 1 - باب فضل التجارة و...، ح 76 الفقيه 3، 87 - باب الربا، ح 11 بتفاوت يسير جداً
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 77 الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 10 بتفاوت. الاستبصار 3 43 - باب أنه لا ربا بين المسلم وبين أهل الحرب، ح 1، يقول الشهيدان وهما في مقام تعداد موارد نفي حكم الربا ولا بين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم الفضل، وإلا ثبت ولا فرق في الحربي بين المعاهد وغيره ولا بين كونه في دار الحرب والإسلام، ويثبت بين المسلم وبين الذمي على الأشهر ، وقيل لا يثبت كالحربي للرواية المخصصة له كما خصصت غيره، وموضع الخلاف ما إذا أخذ المسلم الفضل أما إعطاؤه إياه فحرام قطعاً».
3- التهذيب 7 نفس ،الباب ، ج 75 . الاستبصار ،3 نفس الباب ، ح 2 . قال الشهيدان ولا (ربا) بين الوالد وولده فيجوز لكل منهما أخذ الفضل على الأصح ، والأجود اختصاص الحكم بالنسبي مع الأب فلا يتعدى إليه مع الأم ولا مع الجد ولو للأب ولا إلى ولد الرضاع اقتصاراً بالرخصة على مورد اليقين مع احتمال التعدي في الأخيرين لإطلاق اسم الولد عليهما شرعاً. ولا بين الزوج وزوجته دواماً ومتعة على الأظهر، ولا بين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم الفضل وإلا ثبت الفرق ولا فرق في الحربي بين المعاهد وغيره ولا بين كونه في دار الحرب والإسلام . . .) وقوله (علیه السّلام) وبين ما لا تملك أي أمره ولا حكم لك عليه. وقد استظهر بعض أصحابنا من : ذلك عدم جواز أخذ الولد الفضل من الوالد ونسب هذا القول إلى ابن الجنيد مشترطاً في جواز أخذ الوالد الفضل أن لا يكون للولد وارث وليس عليه دين وهو محجوج بإطلاق النص.
4- التهذيب 7 1 - باب فضل التجارة وآدابها و ... ، ح 1، وقد روى في الفقيه 3، 61 - باب التجارة وآدابها و ... ، ح 2 قال : قال الصادق (عليه السلام) ترك التجارة مذهبة للعقل

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد الزَّعفرانيّ(1)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: من طلب التجارة استغنى عن الناس، قلت: وإن كان معيلاً؟ قال : وإن كان معيلاً، إنَّ تسعة أعشار الرزق في التجارة(2).

4 - أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي الجهم، عن فضيل الأعور قال : شهدت معاذ بن كثير - وقال لأبي عبد الله (علیه السّلام) - : إنّي قد أيسرتُ فأدَعُ التجارة ؟ فقال : إنّك إن فعلت، قلَّ عقلك - أو نحوه -(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي إسماعيل، عن فضيل بن يسار قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : أيُّ شيء تعالج ؟ قال : ما أعالج اليوم شيئاً، فقال: كذلك تذهب أموالكم، واشتدَّ(4)عليه.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي الفرج(5)القّميّ، عن معاذ بيّاع الأكسية قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا معاذ، أضَعُفْتَ عن التجارة أو زهدت فيها؟ قلت : ما ضعفت عنها وما زهدتُ فيها، قال : فما لَك؟ قلت: كنّا ننتظر أمراً(6)- وذلك حين قتل الوليد - وعندي مال كثير، وهو في يدي، وليس لأحد عليَّ شيءٌ، ولا أراني أكله حتّى أموت، فقال : تتركها، فإنَّ تركها مذهبة للعقل، إسْعَ على عيالك، وإيّاك أن يكونوا هم السعاة عليك(7).

7 - محمّد؛ وغيره، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن عطيّة، عن هشام بن أحمر قال كان أبو الحسن (علیه السّلام) يقول لمصادف: اغد إلى عزّك - يعني السوق-(8).

8 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن شريف بن سابق، عن

ص: 144


1- في التهذيب : عن محمد بن الزعفرانيّ .
2- التهذيب 7 نفس الباب .. وروى ذيله بسند آخر في الفقيه 3 ، 70 - باب المضاربة ، ح 17 وأخرجه عن روح عن أبي عبد الله (علیه السّلام).
3- التهذيب ،7 نفس الباب ح 2. والترديد في ذيل الحديث من الراوي.
4- أي قسى عليه في الكلام.
5- واسمه علي بن الحسين الكاتب وكان زيدي المذهب - كما في الخلاصة والفهرست
6- في التهذيب : أمرك .
7- التهذيب، 1 - باب فضل التجارة و ...، ح 3 بتفاوت قليل
8- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 4 . الفقيه 3، 61 - باب التجارة وآدابها و...، ح 3 ، وفيه : وروى المعلّى بن خنيس أنه قال : رآني أبو عبد الله (علیه السّلام) وقد تأخرت عن السوق فقال لي : أعْدُ إلى عزّك.

الفضيل(1)بن أبي قرَّة قال : سأل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن رجل - وأنا حاضر - فقال : ما حبسه عن الحجّ؟ فقيل : ترك التجارة وقلَّ شيئه(2)، قال : وكان متّكئاً فاستوى جالساً، ثمَّ قال لهم : لا تدعوا التجارة فتهونوا، اتّجروا بارك الله لكم(3).

9 - أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : تعرَّضوا للتجارة، فإنّ فيها غنى لكم عمّا في أيدي الناس(4).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن معاذ بن كثير بيّاع الأكسية قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي قد هممت أن أدع السوق وفي يدي شيء؟ قال : إذاً يسقط رأيك، ولا يُستعان بك على شي(5).

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن فضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي قد كففت عن التجارة وأمسكت عنها؟ قال : ولِمَ ذلك، أَعَجْز بك؟ كذلك تذهب أموالكم، لا تكفّوا عن التجارة، والتمسوا من فضل الله عزَّ وجلَّ.

12 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الله الحجّال، عن عليّ بن عقبة، عن محمّد بن مسلم وكان خَتن(6)بريد العجليّ قال بريد لمحمّد: سل لي أبا عبد الله (علیه السّلام) عن شيء أريد أن أصنعه؛ إنَّ للناس في يدي ودائعَ وأموالاً، وأنا أتقلّب فيها، وقد أردت أن أتخلّى من الدُّنيا، وأدفع إلى كلّ ذي حقّ حقّه؟ قال : فسأل محمّد بن عبد الله (علیه السّلام) عن ذلك، وخبّره بالقصّة وقال : ما ترى له؟ فقال: يا محمّد أيبدأ نفسه بالحَرَب(7)؟لا، ولكن يأخذ ويعطي على الله جل اسمه(8).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن

ص: 145


1- في التهذيب : الفضل ... ، وكذلك هو في الفقيه.
2- في التهذيب : وقلّ سعيه.
3- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 6. وفي ذيله : يبارك ...، بدل : بارك ... وروى ذيله في الفقيه 3، نفس الباب، ح.
4- الفقيه 3، نفس الباب ، ح 7 وفيه : فإن فيها لكم غنىّ ... الخ
5- التهذيب 7 نفس ،الباب ح . وذكره أيضاً برقم 29 من الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب.
6- خَيْتَهُ خُتُونا وخُتُونهً: صاهره قيلٍ : سميت المصاهرة مخاتنة لالتقاء الختانين بسببها.
7- قال الجوهري : حَرَبه يحربه حَرَباً أخذ ماله وتركه بلا شيء والمراد هنا : يبدأ بنهب مال نفسه
8- التهذيب 17- باب فضل التجارة و ...، ح 8.

عليّ بن عقبة قال : كان أبو الخطّاب(1)قبل أن يفسد وهو يحمل المسائل لأصحابنا ويجيء بجواباتها، روى عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : اشتروا وإن كان غالباً، فإنَّ الرزق ينزل مع الشراء(2).

86- باب آداب التجارة

عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي الجارود(3)، عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين (علیه السّلام) يقول على المنبر: يا معشر التّجار، الفقه ثُمَّ المتجر، الفقهَ ثمَّ المتجر، الفقهَ ثمَّ المتجر ، والله لَلرّبا في هذه الأمة أخفى من دبيب النّمل على الصفا، شوبوا أيمَانكم بالصدق، التاجر فاجر، والفاجر في النار، إلّا من أخذ الحقَّ وأعطى الحقَّ(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : من باع واشترى فليحفظ خمس خصال، وإلا فلا يشترينَّ ولا يبيعنَّ الرّبا ،والحلف، وكتمان العيب والحمد إذا باع، والذمّ إذا اشترى(5).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السّلام) بالكوفة عِندَكُم يغتدي كلّ يوم بكرة من القصر، فيطوف في أسواق الكوفة سوقاً سوقاً ومعه الدّرّة على عاتقه، وكان لها طرفان ، وكانت تسمّى السبيبة، فيقف على أهل كلّ

ص: 146


1- أبو الخطاب واسمه محمد بن مقلاص أو محمد بن أبي زينب وقد ورد لعنه عنهم (علیه السّلام) بعد أن انحرفت عقيدته وفسدت
2- التهذيب 7 ، نفس الاب، ح 9. الفقيه 3، 78 - باب الحكرة والأسعار ، ح 14 وروى ذيله مرسلاً عن الصادق (علیه السلام)
3- في التهذيب : عن أبي جرير
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 16 . الفقيه 3 61 - باب التجارة وآدابها و ... ، ح 15، والدبيب المشي الخفي . والصفا الحجر الصلد والشوب : المزج والخلط، وأيمانكم : يحتمل فتح الهمزة وكسرها. هذا وروى ذيل الحديث عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) الصدوق برقم 13 من نفس الباب أعلاه من الفقيه 3.
5- التهذيب 7 1 - باب فضل التجارة و ...، ح 18 :وفيه ... فلا يشتر ولا يبع . الفقيه 3، 61 - باب التجارة وآدابها و . . . ، ح 11 وفيه وكتمان العيوب، ويقول المحقق في الشرائع 2/ 20 : ويكره مدح البائع لما يبيعه، وذم المشتري لما يشتريه، واليمين على البيع والبيع في موضع يستتر فيه العيب...».

سوق فينادي : يا معشر التّجار، اتّقوا الله عزّوجلَّ، فإذا سمعوا صوته (علیه السّلام) ألقوا ما بأيديهم وأرعوا إليه بقلوبهم، وسمعوا بآذانهم، فيقول (علیه السّلام) : قدَّموا الاستخارة، وتبرَّكوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين، وتزيّنوا بالحِلم، وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الكذب، وتجافوا عن الظلم وانصفوا المظلومين، ولا تقربوا الرّبا، وأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثَوا في الأرض مفسدين، فيطوف (علیه السّلام) في جميع أسواق الكوفة، ثمَّ يرجع فيقعد للناس(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن عليّ بن محمّد القاسانيّ، عن عليّ بن أسباط، عن عبد الله بن القاسم الجعفريّ، عن بعض أهل بيته قال : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لم يأذن لحكيم بن حزام بالتجارة حتّى ضمن له: إقالة النادم، وإنظار المعسر وأخذ الحقّ وافياً وغيرَ واف(2).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن الحسين بن زيد الهاشميّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: جاءت زينب العطّارة الحولاء إلى نساء النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فجاء النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فإذا هي عندهم فقال النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إذا أتيتنا طابت بيوتنا»، فقالت : بيوتك بريحك أطيبُ يا رسول الله، فقال لها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إذا بعتِ فأحسِني ولا تغشّي، فإنّه أتقى الله وأبقى للمال»(3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا قال لك الرَّجل : اشترلي، فلا تُعْطِه من عندك، وإن كان الّذي عندك خيراً منه(4).

ص: 147


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 17. والحديث ضعيف، والدّرّة : السوط الذي يضرب به، ولعل تسميتها السبيبة بلحاظ كونها مأخوذة من السبت وهو - كما في النهاية 330/2 : جلد البقر المدبوغ بالقرظ يتخذ منها النعال وبخسه الحق : نقصه والعثوّ: الفساد.
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 15 . وفي ذيله : أو غير واف. قوله (علیه السّلام) : وغير وافٍ، أي يقنع بأخذ حقه ولا يطلب الزيادة سواء أخذ وافياً أو أنقص، ويؤيده أن في التهذيب أو غير واف . وقيل : أي لا يكون بحيث لا يستوفيه البتة بل قد وقد على حسب حال المبتاع وقيل : أي يكون وسطاً بين الوفاء وعدم الوفاء والأول أظهره مرآة المجلسي 134/19
3- الفقيه 3 ، 85 - باب الإحسان وترك الغش في البيع، ح.1 وروى ذيله وفيه : فإنه أتقى وأبقى للمال.
4- التهذيب 7، 1 - باب فضل التجارة و . . . ، ح 19. وذكره برقم 119 من الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب أيضاً، «ويدل على عدم جواز شراء الوكيل من نفسه، واختلف الأصحاب ،فيه قال الشهيد الثاني رحمه الله : الخلاف فی المسألة في موضعين وينحل إلى ثلاثة : أحدها: أن الوكيل هل يدخل في إطلاق الإذن أم لا؟ الثاني: - مع التصريح بالإذن - هو له أن يتولاه لنفسه، وإن وكّل بالقبول أم لا؟ الثالث : - على القبول بالجواز مع التوكيل - هل يصح تولّي الطرفين أم لا؟ الشيخ على المنع من الثلاثة، والعلّامة في المختلف على الجواز في الثلاثة، وغيره في الأخيرين والمحقق يجوز الأخير ويمنع الأول، وقد تردد في الوسط» مرآة المجلسي 135/19 .

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : السماحة(1)من الرّباح، قال ذلك لرجل يوصيه ومعه سلعة يبيعها(2).

8 - وبإسناده قال : مرّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) على جارية قد اشترت لحماً من قصّاب وهي تقول : زِدني، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه : زِدْها، فإنّه أعظم للبركة(3).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الرّحمن بن أبي نجران، عن عليّ بن عبد الرّحيم، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : إذا قال الرجل للرجل هَلمّ أَحْسِنُ بيعَك، أحْسِنُ بيعَك ، يحرم عليه الربح(4).

10 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن أبَان، عن عامر بن جذاعة عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال في رجل عنده بيع فسعّره سعراً معلوماً، فمن سكت عنه ممّن يشتري منه باعه بذلك السعر، ومن ماكسه وأبى أن يبتاع منه زاده؟ قال : لو كان يزيد الرّجلين والثلاثة لم يكن بذلك بأس، فأمّا أن يفعله بمن أبى عليه وكايسه ويمنعه ممّن لم يفعل ذلك، فلا يعجبني، إلّا أن يبيعه بيعاً واحداً(5).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «صاحب السلعة أحقُّ بالسوم»(6).

ص: 148


1- أي المسامحة، وهي المساهلة فهي تربح صاحبها . والرباح: اسم لما یربحه.
2- وروى الصدوق رحمه الله في الفقيه 3 61 - باب التجارة وآدابها و ...، ح 19 فقال : وقال علي (علیه السّلام) سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يقول : السماح وجه من الرباح قال (علیه السّلام) ذلك لرجل يوصيه ومعه سلعة يبيعها
3- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 20 . الفقيه، نفس الباب، ح 20
4- التهذيب ،7 ، نفس الباب، ح 21 . الفقيه 3، 84 - باب غبن المسترسل، ح 2 بتفاوت يسير وقد حمله الأصحاب الكراهة المؤكدة، وذكروه في آداب التجارة تحت عنوان : ترك الربح على الموعود بالإحسان، «بأن يقول: هلُم أحسِن إليك، فيجعل إحسانه الموعود به ترك الربح عليه.
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 25، قوله: زاده: أي السعر، قوله (علیه السّلام) : بيعاً واحداً: أي بلا تفرقة بين المبتاعين، أو أن المقصود من يأخذ جميع البضاعة صفقة واحدة فيكون السعر أقل ممن يأخذ جزءاً قليلاً منها
6- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 27 . الفقيه 3، 61 - باب التجارة وآدابها و . . . ، ح 24. أحقّ بالسُّوم : أي أحق في الابتداء بتحديد السعر لسلعته لأنه أعرف بما تكلف عليها من ثمن قد دفعه ونفقه نقل أو توضيب ... الخ.

12 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن أسباط رفعه قال: نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عن السَّوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس(1).

13 - أحمد بن محمّد، عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن محمّد بن سنان قال : نبّتت عن أبي جعفر (علیه السّلام) أنّه كره بيعين : اطرح وخذ على غير تقليب وشراء ما لم ير.

14 - أحمد، عن محمّد بن عليّ، عن أبي جميلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: غبن المسترسِلِ سُحت(2).

15 - عنه ، عن عثمان بن عيسى، عن ميسّر، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : غبن المؤمن حرام(3).

16 - أحمد، عن محمّد بن عليّ، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن حمزة، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : أيّما عبد أقَالَ مسلماً في بيع، أقالَهُ الله تعالى عثرته يوم القيامة(4).

17 - أحمد عن عليّ بن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعريّ، عن عبد الله بن سعيد الدَّغشي قال : كنت على باب شهاب بن عبد ربّه، فخرج غلام شهاب فقال : إنّي أريد أن أسأل

ص: 149


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 28 . الفقيه 3، نفس الباب، ح 25.والسّوم : هو الاشتغال بالتجارة، وقد حمل أصحابنا هذا النهي على الكراهة دون التحريم . وقيل : منشأ النهي أن هذا الوقت هو وقت دعاء ومسألة لا وقت تجارة
2- الفقيه ،3، 84 - باب غبن المسترسل صدر ح 1
3- الفقيه ،3، نفس الباب، ذيل ح 1 التهذيب 7 ، 1 - باب فضل التجارة و . . . ، ح 15. والغبن في الأصل هو . الخديعة، والمراد به هنا البيع أو الشراء بغير القيمة بما لا يتسامح به غالباً والمرجع في تعيين ذلك إلى العادة والعرف لعدم تقديره شرعاً. والمسترسل : قيل : هو الذي يثق بكلام البائع في الثمن والسلعة ويعتمد عليه فيخون البائع تلك الثقة فيه فيغشه في نوع البضاعة أو يخدعه في الثمن
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 26 . وفيه : أيما عبد مسلم أقال ... الخ . الفقيه ،3، 61 - باب التجارة وآدابها و ...ح 22 بتفاوت، والإقالة : «هي فسخ في حق المتعاقدين وغيرهما، ولا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن ولا نقصان وتبطل بذلك لفوات الشرط وتصح الأقالة في العقد وفي بعضه عند فقهائنا سلما كان أو غيره. شرائع الإسلام للمحقق (بتصرف) 66/2- 67

هاشم الصيدنانيِّ(1)عن حديث السلعة والبضاعة قال : فأتيت هاشماً فسألته عن الحديث فقال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن البضاعة والسلعة، فقال: نعم، ما من أحد يكون عنده سلعة أو بضاعة إلّا قيّض الله عزّ وجلَّ من يربحه فإن قبل وإلّا صرفه إلى غيره، وذلك أنه ردَّ على الله عزَّ وجلَّ(2).

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى رفع الحديث قال : كان أبو أمامة صاحب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يقول : سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يقول : أربع من كنَّ فيه فقد طاب مكسبه : إذا اشترى لم يعِب، وإذا باع لم يحمد ، ولا يدلّس وفيما بين ذلك لا يحلف .

19 - أحمد بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن محمّد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن ميّسر(3)قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ عامّة من يأتيني من إخواني، فحدَّ لي من معاملتهم ما لا أجوزه إلى غيره، فقال : إن وليّت أخاك فحسنٌ، وإلّا فبع بَيعَ البصير المُدَاقّ(4).

20 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن سنان، عن يونس بن بعقوب، عن عبد الأعلى بن أعين قال : قال : نُبّئت عن أبي جعفر (علیه السّلام) أنّه كره بَيعَين : اطرح وخذ على غير تقليب، وشراء ما لم يُرَ(5).

21 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن بشّار، عن رجل رفعه في قول الله عزَّ وجلَّ : «رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ»(6)؟ قال : التجار الّذين لا

ص: 150


1- في التهذيب الصيدلانيّ.
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 29 بتفاوت وقيض له : أي سبب وقدر من حيث لا يحتسب.
3- في التهذيب: عن قيس
4- التهذيب 7 ، 1 - باب فضل التجارة و . . . ، ح 24 . الاستبصار 3 ، 42 - باب ربح المؤمن على أخيه المؤمن، ح 3، هذا وقال الشهيدان في الأدب الحادي عشر من آداب التجارة : ترك الربح على المؤمنين، قال الصادق (علیه السّلام) : ربح المؤمن على المؤمن ... الخ (وذكر حديث أبي شبل الآتي) إلا مع الحاجة فيأخذ منهم نفقة يوم له ولعياله موزعة على المعاملين في ذلك اليوم مع انضباطهم وإلّا ترك الربح على المعاملين بعد تحصيل قوت يومه، كل ذلک مع شرائهم للقون أما للتجارة فلا بأس مع الرفق كما دل عليه الخير». وقوله : إن ولّيت ... ، من التولية وهي البيع برأس المال من غير زيادة في مقابل المواضعة والمرابحة، والأول هو البيع بأقل من رأس المال والثاني هو البيع بأعلى منه.
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 30 ونصه : نبت عن أبي جعفر (علیه السّلام) أنه يكره شراء ما لم ير. وقد مر هذا الحديث بسند آخر برقم 13 من هذا الباب وعلقنا عليه هناك فراجع .
6- النور/ 37

تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله عزّ وجلَّ، إذا دخل مواقيت الصلاة أدُّوا إلى الله حقّه فيها.

22 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن صالح؛ وأبي شبل(1)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : رِبح المؤمن على المؤمن، رباً إلّا أن يشتري بأكثر من مائة درهم، فاربح عليه قُوتَ يومك، أو يشتريه للتجارة، فاربحوا عليهم وأرفقوا لهم(2).

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زید، أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : من اتّجر بغير علم ارتطم في الرّبا ثمّ ارتطم، قال : وكان أمير المؤمنين (علیه السّلام) يقول : لا يقعدنَّ في السوق إلّا من يَعْقِلُ الشراء والبيع(3).

87- باب فضل الحساب والكتابة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن رجل، عن جميل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : مَنَّ الله عزّ وجلَّ على الناس بَرِّهم وفاجِرهم بالكتاب والحساب، ولولا ذلك لتَغالَطوا.

88- باب السبق إلى السوق

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : سوق المسلمين كمسجدهم، فمن سبق

إلى مكان فهو أحقُّ به إلى اللّيل، وكان لا يأخذ على بيوت السوق [ال-] كراء(4).

ص: 151


1- واسمه عبد الله بن سعيد على الأشهر، وقد يكنّى به أحمد بن عبد العزيز ويحيى بن محمد بن سعيد. وفي الاستبصار، صرح بأنه سليمان بن صالح
2- التهذيب ،7 نفس ،الباب ح 23 ، الاستبصار ، نفس الباب، ح 1
3- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 14 . الفقيه 3، 61 - باب التجارة وآدابها و ... ، ح 4 مرسلاً . ، والارتطام في الربا الوقوع فيه من غير أن يدري وذلك لشدة تداخل مسائله وتلاصق مساربه مع البيع بحيث تخفى على غير الفقيه أو المتفقه . ولذا نص أصحابنا رضوان الله عليهم على استحباب أن يتفقه الإنسان فيما يتولاه فراجع شرائع الإسلام للمحقق ،20/2 ، واللمعة والروضة للشهيدين.
4- التهذيب 7 ، 1 - باب فضل التجارة و ...، ح 31 . وفي ذيله كرى الفقيه 3 ، 62 - باب السوق ، ح 2 بدون الذيل وقد دل الحديث على عدم جواز مزاحمة من وضع رحله في مكان ما من السوق أو الطريق ليتكسب فيه إلى الليل فلو دخل الليل سقط حقه. وقد استشكل الشهيد الثاني رحمه الله بربط هذا الحق بوجود الرحل وسقوطه مع عدم وجوده وذلك لأن الرواية المذكورة تدل بإطلاقها على بقاء الحق إلى الليل سواء كان له رحل أم لا، ثم قال رحمه الله : والوجه بقاء حقه مع بقاء رحله ما لم يطل الزمان أو يضر بالمارة ... الخ.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سوق المسلمين كمسجدهم - يعني إذا سبق إلى السوق، كان له مثل المسجد-.

89- باب من ذكر الله تعالى في السوق

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان، عن أبيه قال : قال لي أبو جعفر (علیه السّلام) : يا أبا الفضل، أمَا لَكَ مكان تقعد فيه فتعامل الناس؟ قال: قلت: بلى قال : ما من رجل مؤمن يروح أو يغدو إلى مجلسه أو سوقه، فيقول حين يضع رجله في السوق : اللهم إنّي أسألك من خيرها وخير أهلها»، إلّا وكلّ الله عزّ وجلَّ به من يحفظه ويحفظ عليه حتّى يرجع إلى منزله، فيقول له : قد أجِرْتَ من شرّها وشرّ أهلها يومَكَ هذا بإذن الله عزّ وجلَّ، وقد رُزِقْتَ خيرها وخير أهلها في يومك هذا، فإذا جلس مجلسه قال حين يجلس : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك، له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله، اللّهمَّ إنّي أسألك من فضلك حلالا طيّباً، وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم، وأعوذ بك من صفقة خاسرة ويمين كاذبة»، فإذا قال ذلك، قال له الملك الموكّل به : أبشِر، فما في سوقك اليومَ أحدٌ أَوْفَرَ منك حظّاً، قد تعجّلت الحسناتِ ومُحيت عنك السّيئاتُ، وسيأتيك ما قسّم الله لك موفّراً، حلالاً، طيّباً مباركاً فيه(1).

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن معاوية، بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا دخلت سُوقَكَ فقل : «اللّهمّ إنِّي أسألك من خيرها وخير أهلها، وأعوذ بك من شرِّها وشرِّ أهلها، اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من أن أظلم أو أظلم، أو أبغي أو يُبغى عليَّ، أو أعتدي أو يُعْتَدَى عليَّ، اللّهمَّ إنّي أعوذ بك من شرَّ إبليس وجنوده، وشرِّ فَسَقَة العرب والعجم، وحسبي الله لا إله إلّا هو، عليه توكّلت وهو ربُّ العرش العظيم»(2).

ص: 152


1- الفقيه 3، 63 - باب ثواب الدعاء في الأسواق، ح 2
2- التهذيب 17- باب فضل التجارة و ...، ح 32 . والحديث حسن كسابقه

90- باب القول عند ما يشتري للتجارة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إذا اشتريت شيئاً من متاع أو غيره فكبّر، ثمَّ قل: «اللَّهمَّ إنّي اشتريته ألتمس فيه من فضلك، فصلّ على محمّد وآل محمّد، اللّهمَّ فاجعل لي فيه فضلاً، اللّهمَّ إنّي اشتريته ألتمس فيه من رزقك، [اللّهمَّ] فاجعل لي فيه رزقاً»، ثمَّ أعِدْ كلَّ واحدة ثلاث مرَّات(1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن هذيل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا اشتريت جاريةً فقل: «اللّهمَّ إنّي أستشيرك وأستخيرك»(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا أردت أن تشتري شيئاً فقل: يا حيُّ يا قيّوم يا دائم یا رؤوف يا رحيم، أسألك بعزَّتك وقدرتك، وما أحاط به علمك، أن تقسم لي من التجارة اليوم أعظمها رزقاً وأوسعها فضلاً وخيرها عاقبة - فإنّه لا خير فيما لا عاقبة له»، قال : وقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إذا اشتريت دابّة أو رأساً فقل : «اللّهمَّ أقدر لي أطولها حياة وأكثرها منفعة وخيرها عاقبة»(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا اشتريت دابّة فقل : اللّهمَّ إن كانت عظيمة البركة، فاضلة المنفعة، ميمونة الناصية، فيّسر لي شراها، وإن كانت غير ذلك، فاصرفني عنها إلى الّذي هو خير لي منها، فإنّك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علّام الغيوب»، تقول ذلك ثلاث مرَّات(4).

ص: 153


1- التهذيب ،7 نفس ،الباب ح 33 . الفقيه ،3، 64 - باب الدعاء عند شراء المتاع للتجارة، ح 1 بتفاوت وسند آخر.
2- الفقيه 3 65 - باب الدعاء عند شراء الحيوان صدرح 2 وأخرجه عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ... والحديث مجهول هنا وقوله : إذا اشتريت ... ، أي إذا قصدت شراء الجارية.
3- التهذيب ،7 ، 1 - باب فضل التجارة و . . . ، ح 34 الفقيه ، نفس الباب، ذیل ح 2 ، وروي ذيل هذا الحديث بتفاوت وسند آخر وليس في التهذيب : فإنه لا خير فيما لا عاقبة له. ومن هنا احتمل المجلسي أنه ليس من الدعاء. والحديث صحيح. والمقصود بقوله : أو رأساً : العبد أو الأمَة.
4- الحديث حسن

91- باب من تُكْرَهُ معاملته ومخالطته

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العبّاس بن الوليد بن صبيح، عن أبيه قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا تشتر من مُحارَف، فإِنَّ صفقته(1)لا بَرَكَة فيها(2).

2 - محمّد بن يحيى؛ وغيره، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عمّن حدّثه، عن أبي الربيع الشاميّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) فقلت : إنّ عندنا قوماً من الأكراد، وإنّهم لا يزالون يجيئون بالبيع، فنخالطهم ونبايعهم؟ فقال : يا أبا الربيع، لا تخالطوهم، فإنّ الأكراد حيَّ من أحياء الجنّ، كشف الله عنهم الغطاء، فلا تخالطوهم(3).

3 - أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن غير واحد من أصحابه، عن عليّ بن أسباط، عن حسين بن خارجة، عن ميسّر بن عبد العزيز قال: قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا تعامل ذا عاهة، فإنّهم أظلم شيء(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ قال : استقرض قهرمان لأبي عبد الله (علیه السّلام) من رجل طعاماً لأبي عبد الله (علیه السّلام)، فالحَّ في التقاضي، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : ألم أنهك أن تستقرض لي ممّن لم يكن له فكان(5)؟

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ظريف بن ناصح، عن

ص: 154


1- في التهذيب : فإن حرفته وفي الفقيه : فإن خلطته
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 41. الفقيه 3، 58 - باب المعايش والمكاسب و. . . ، ح 35 بتفاوت . والمحارف: هو المنقوص الحظ، أو المحروم أو المنحوس والذي إذا طلب لم يرزق.
3- التهذيب 7 1 - باب فضل التجارة و . . . ، ح 42 . الفقيه 3 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح 38 وروي ذيله بتفاوت والحديث مرسل. «وربما يؤوّل كونهم من الجن بأنهم لسوء أخلاقهم وكثرة حيلهم أشباه الجن فكأنهم منهم كشف عنهم الغطاء» مرأة المجلسي 145/19 . وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على كراهة معاملة الأكراد.
4- التهذيب 7 نفس الباب، ح 35. وكرره برقم 40 من نفس الباب. الفقيه 3، نفس الباب، ح 37 بتفاوت . وربما يكون النهي عن معاملة ذوي العاهات وتعليله بأنهم أظلم الناس باعتبار عقدة الإتضاع التي يشعرون بها اتجاه التامي الخلقة أو السليمي الأبدان فيحاولون تعويض عقدة النقص فيهم بتعاليهم على الآخرين وظلمهم لهم.
5- التهذيب 7 نفس الباب، ح.39. وفي ذيله أن تستقرض ممن لم ... الخ . وقوله (علیه السّلام) : ممن لم يكن له فكان أي ممن كان فقيراً فاغتنى وهو من يعبر عنه بجديد الكيس. والقهرمان : - كما في القاموس المحيط - لفظة أعجمية استعملتها العرب بمعنى الوكيل أو أمين الدخل والخرج جمع قهارمة.

أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا تخالطوا ولا تعاملوا إلّا من نشأ في الخير(1).

6 - أحمد بن محمّد رفعه قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : احذروا معاملة أصحاب العاهات، فإنهم أظلم شيء(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن الحسين بن ميّاح، عن عيسى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : إيّاك ومخالطة السفلة، فإنّ السفلة لا يؤول إلى خير(3).

8 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن فضل التّوفليّ، عن ابن أبي يحيى الرازيّ قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا تخالطوا ولا تعاملوا إلّا من نشأ في الخير(4).

9 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عدَّة من أصحابنا، عن عليّ بن أسباط. عن حسين بن خارجة، عن ميسّر بن عبد العزيز قال: قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا تعامل ذا عاهة فإنّهم أظلم شيء(5).

92- باب الوفاء والبَخس

عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، بن خالد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن

ص: 155


1- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 37 . الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 36 مرسلاً. والمقصود بالخير: المال. ويحتمل الفضيلة والوجاهة وبحبوحة العيش
2- الفقيه ، نفس الباب، ح 37
3- التهذيب 7 نفس ،الباب ، ح 38 بتفاوت يسير. وفي سنده الحسن بن صباح بدل: الحسين بن مياح. الفقيه 3، نفس الباب، ح 40 بتفاوت. وسَفلة الناس - كما يقول الفيروزآبادي - أسافلهم وغوغاؤهم. وقال الشيخ الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث: «وجاءت الأخبار في معنى السفلة على وجوه فمنها: أن السفلة هو الذي لا يبالي ما قال وما قيل له، ومنها : أن السفلة من يضرب بالطنبور ومنها : أن السفلة من لم يسره الإحسان ولا تؤوه الإساءة، والسفلة من ادعى الأمانة وليس لها بأهل وهذه كلها أوصاف السفلة من اجتمع فيه بعضها أو جميعها وجب اجتناب مخالطته»
4- راجع الحديث رقم 8 من هذا الباب
5- راجع الحديث رقم 9 من هذا الباب

حمّاد بن بشير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لا يكون الوفاء حتّى يميل الميزان(1).

2 - عنه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن مرازم، عن رجل، عن إسحاق بن عمّار قال : قال : من أخذ الميزان بيده فنوى أن يأخذ لنفسه وافياً، لم يأخذ إلّا راجحاً، ومن أعطى فنوى أن يعطي سواءً، لم يُعط إلّا ناقصاً(2).

3 - عنه، عن الحجّال، عن عبيد بن إسحاق قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي صاحب نخل فخبّرني بحدٍ أنتهي إليه، فيه من الوفاء؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : انو الوفاء، فإن أتى على يدك وقد نويت الوفاء نقصانٌ كنت من أهل الوفاء وإن نويتَ النقصان ثمَّ أوفيتَ كنت من أهل النقصان(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن مثّنى الحنّاط، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : رجل من نيّته الوفاء، وهو إذا كال لم يحسن أن يكيل؟ قال : فما يقول الّذين حوله ؟ قال : قلت : يقولون : لا يوفي، قال: هذا لا ينبغي له أن يكيل(4).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لا يكون الوفاء حتّى يَرجح(5).

ص: 156


1- التهذيب 7 ، 1 - باب فضل التجارة و ...، ح 44. الفقيه ،3، 61 - باب التجارة وآدابها و...، ح 31 وفي ذيله حتى يميل اللسان بدل: ... الميزان، والظاهر منه وجوب ميل كفة الميزان أو لسانه من باب وجوب المقدمة العلمية، ولأن الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية .
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 46 . الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 30 بتفاوت وإنما كان الأمر كذلك، انسجاماً مع طبع الإنسان وهوى نفسه ولأنه عندما ينوي أن يأخذ وافياً أو يعطي بمقدار الحق فقط لا يؤمن أن يقع في الأعلى أو الأدنى . ولذا ذكر فقهاؤنا تبعاً لبعض الروايات في ضمن آداب التجارة أن يقبض ناقصاً ويدفع راجحاً نقصاناً ورجحاناً لا يؤدّي إلى الجهالة بأن يزيد كثيراً بحيث يجهل مقداره تقريباً ولو تنازعا في تحصل الفضيلة قدم من بيده الميزان والمكيال لأنه الفاعل المأمور بذلك زيادة على كونه معطياً وأخذاً هكذا في اللمعة وشرحها للشهيدين
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 45
4- التهذيب 7، 1. باب فضل التجارة و ...، ح 47. الفقيه 3، 61 - باب التجارة وآدابها و . . . ، ح 29 ورواه عن ميسّر بن حفص عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، والحديث وإن كان لسانه لسان الكراهة إلا أنه حيث يحتمل أن يبخس الناس اشياءهم عندما يكون عارفاً بأصول الكيل والوزن فيحتمل الحرمة عندئذٍ، هذا وقد نص أصحابنا على كراهة التعرض للكيل والوزن إذا لم يحسنه ، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 2 / 20
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 43 . وكرره برقم 81 من الباب 8 من نفس الجزء الفقيه ،3، نفس الباب، ح 32 . وقوله :(علیه السّلام): حتى يرجح : يعني حتى تميل كفة الميزان التي فيها السلعة الموزونة على الكفة التي فيها الوزن.

93- باب الغشّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: ليس منا من غشنا(1).

2 - وبهذا الإسناد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لرجل يبيع التمر : «یا فلان، امَا علمت أنّه ليس من المسلمين من غشّهم»(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن سجّادة، عن موسى بن بكر قال : كنّا أبي الحسن (علیه السّلام)، فإذا دنانير مصبوبة بين يديه، فنظر إلى دينار فأخذه بيده ثمَّ قطعه بنصفين، ثمَّ قال لي : ألقِه في البالوعة، حتّى لا يباع شيء فيه غشُ(3).

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ بن عبد الله، عن عبيس بن هشام، عن رجل من أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : دخل عليه رجل يبيع الدقيق، فقال: إيّاك والغشّ، فإنَّ من غشَّ في ماله، فإن لم يكن له مالٌ، غُشَّ في أهله(4).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عن أن يُشَاب اللّبن بالماء للبيع(5).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال : كنت أبيع السابري في الظلال، فمرّ بي أبو الحسن موسى (علیه السّلام) فقال لي: يا هشام إنَّ البيع في الظلِّ غشٌّ، وإنَّ الغشّ لا يحلٌّ(6).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن محبوب، عن أبي جميلة، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : مرَّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) في سوق المدينة بطعام، فقال

ص: 157


1- التهذيب 7، 1 - باب فضل التجارة و...، ح 48 و 49 و 50 و 51 والحديثان الأولان صحيحان والثالث ،ضعيف ويدل على استحباب تضييع المغشوش لئلا يغش به مسلم، والرابع مرسل.
2- التهذيب 7، 1 - باب فضل التجارة و...، ح 48 و 49 و 50 و 51 والحديثان الأولان صحيحان والثالث ،ضعيف ويدل على استحباب تضييع المغشوش لئلا يغش به مسلم، والرابع مرسل.
3- التهذيب 7، 1 - باب فضل التجارة و...، ح 48 و 49 و 50 و 51 والحديثان الأولان صحيحان والثالث ،ضعيف ويدل على استحباب تضييع المغشوش لئلا يغش به مسلم، والرابع مرسل.
4- التهذيب 7، 1 - باب فضل التجارة و...، ح 48 و 49 و 50 و 51 والحديثان الأولان صحيحان والثالث ،ضعيف ويدل على استحباب تضييع المغشوش لئلا يغش به مسلم، والرابع مرسل.
5- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 52 وفيه ... أن يشاب ... بدون عن الفقيه 3، 83 - باب بيع اللبن المشاب بالماء ، ح 1. وشَوْب اللبن بالماء: خلطه به ليزيد وزنه . وهو غش محرم
6- التهذيب 7 ،1 - باب فضل التجارة و ...، ح54 :وفيه والغش لا يحل الفقيه 3 ، 82 - باب البيع في الظلال، ح 1 . وفيه راكباً . بعد ذكره (علیه السّلام). هذا، والمشهور عند أصحابنا كراهة البيع في الظل، ولا بد من حمل الحديث على ما إذا كان البيع في الظل بقصد تغطية عيب السلعة فيكون غشا وهو محرم.

لصاحبه: ما أرى طعامك إلّا طيّباً، وسأله عن سعره، فأوحى الله عزّ وجلَّ إليه أن يدسَّ يديه الطعام، ففعل، فأخرج طعاماً رديّاً، فقال لصاحبه: ما أراك إلّا وقد جمعت خيانة وغشّاً للمسلمين(1).

94- باب الحلف في الشراء والبيع

1 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن أحمد بن النضر، عن أبي جعفر الفزاريّ قال : دعا أبو عبد الله (علیه السّلام) مولى له يقال له : مصادف، فأعطاه ألف دينار، وقال له : تجهّز حتّى تخرج إلى مصر، فإنَّ عيالي قد كَثُرُوا ، قال : فتجهّز بمتاع وخرج مع التجار إلى مصر، فلمّا دنوا من مصر، استقبلتهم قافلة خارجة من مصر، فسألوهم عن المتاع الّذي معهم ما حاله في المدينة - وكان متاع العامّة(2)- فأخبروهم أنّه ليس بمصر منه شيء، فتحالفوا وتعاقدوا على أن لا ينقصوا متاعهم من ربح الدينار ديناراً، فلمّا قبضوا أموالهم وانصرفوا إلى المدينة، فدخل مصادف على أبي عبد الله (علیه السّلام) ومعه كيسان في كلّ واحد ألف دينار، فقال : جُعِلْتُ فداك، هذا رأس المال، وهذا الآخر ربح، فقال: إنّ هذا ال ربح كثير، ولكن، ما صنعته في المتاع؟ فحدَّثه كيف صنعوا وكيف تحالفوا فقال : سبحان الله ، تحلفون على قوم مسلمين ألّا تبيعوهم إلّا ربح الدّينار ديناراً، ثمّ أخذ أحد الكيسين فقال : هذا رأس مالي، ولا حاجة لنا في هذا الربح، ثمَّ قال : يا مصادف مجادلة السيوف أَهْوَنُ من طلب الحلال(3).

2 - وعنه، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عبيس بن هشام، عن أبَان بن تغلب، عن أبي حمزة رفعه قال : قام أمير المؤمنين (علیه السّلام) على دار ابن أبي معيط، وكان يقام فيها الإبل. فقال : يا معاشر السماسرة(4)، أقِلّوا الأيمان فإنّها منفقة(5)للسلعة، ممحقةٌ للربح.

3 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى، عن

ص: 158


1- التهذيب ،7 نفس ،الباب ح 55. والحديث ضعيف. ويقول الشهيد الأول رحمه الله في الدروس : «يكره إظهار جيّد المتاع وإخفاء رديّه، إذا كان يظهر للتحسن، والبيع في موضع يخفى فيه العيب».
2- أي مما يحتاجه ويستهلكه عامة الناس.
3- التهذيب 7 1 - باب فضل التجارة و ...، ح 58
4- قال الفيروزآبادي: السِمسار: المتوسط بين البائع والمشتري الجمع سماسرة، ومالك الشيء وقيّمه، والسفير بين المحبّين وسمسار الأرض: العالم بها والمصدر: السمسرة.
5- وقال : نفق البيع نفاقاً : راج. وقال ابن الأثير في النهاية : ... منفقة للسلعة : أي مظنة لنفاقها وموضع له.

عبيد الله الدهقان، عن دُرُست بن أبي منصور، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى (علیه السّلام) قال : ثلاثة لا ينظر الله تعالى إليهم يوم القيامة؛ أحدهم؛ رجل اتّخذ الله بضاعةً، لا يشتري إلا بيمين ولا يبيع إلّا بيمين(1).

4 - محمّد ين يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الحسن زعلان، عن أبي إسماعيل رفعه عن أمير المؤمنين (علیه السّلام) أنّه كان يقول : إيّاكم والحَلف، فإنّه ينفق السلعة ويمحق البركة(2).

95- باب الأَسعار

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن الغفاريِّ، عن القاسم بن إسحاق، عن أبيه، عن جدّه قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «علامة رضا الله تعالى فی خَلْقه : عدلُ سلطانهم، ورُخصُ أسعارهم، وعلامة غضب الله تبارك وتعالى على خلقه ؛ جَوْرُ سلطانهم وغلاء أسعارهم»(3).

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أسلم، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إِنَّ الله جلَّ وعزَّ وكل بالسعر مَلَكاً، فلن يَعْلُو من قلّة، ولا يرخص من كثرة(4).

3- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن العبّاس بن معروف، عن الحجّال، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة الثماليّ، عن عليّ بن الحسين (علیه السّلام) قال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ وكّل بالسعر مَلَكاً يدبّره بأمره(5).

4 - سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الله

ص: 159


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 56
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 57، وفي آخره: ... يمحق البركة وينفق السلعة هذا، وقد نص أصحابنا على كراهة اليمين على البيع، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 20/2 وغيره .
3- التهذيب 7 13 - باب التلقي ،والحكرة، ح 5 . الفقيه 3، 78 - باب الحكرة والأسعار، ح 21 . والحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف
5- الفقيه 78 - باب الحكرة والأسعار، ح 17. والحديث مرسل

عزَّ وجلَّ وكل بالأسعار مَلَكاً يدبّرها(1).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن يونس بن يعقوب، عن سعد، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لمّا صارت الأشياء ليوسف بن يعقوب (علیه السّلام)، جعل الطعام في بيوت، وأمر بعض وكلائه فكان يقول : بع بکذا وكذا، والسعر قائمٌ، فلمّا علم أنّه يزيد في ذلك اليوم، كره أن يجري الغلاء على لسانه، فقال له : اذهب فيع، ولم يسمِّ له سعراً، فذهب الوكيل غير بعيد ثمَّ رجع إليه، فقال له : اذهب فبع، وكره أن يجري الغلاء على لسانه، فذهب الوكيل، فجاء أوَّل من اكتال، فلمّا بلغ دون ما كان بالأمس بمكيال، قال المشتري : حَسْبُكَ، إنّما أردت بكذا وكذا، فعلم الوكيل أنّه قد غلا بمكيال، ثمَّ جاءه آخر فقال له: كل لي، فكال فلمّا بلغ دون الّذي كال للأوَّل بمكيال، قال له المشتريّ : حَسْبُكَ، إنّما أردت بكذا وكذا، فعلم الوكيل أنّه قد غلا بمكيال، حتّى صار [إلى واحد] [ب] واحد(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرَّاج، عن حفص بن عمر، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: غلاء السعر يسيء الخلق، ويذهب الأمانة، ويضجّر المرء المسلم(3).

7 - أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه رفعه في قول الله عزَّ وجلَّ: «إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ»(4)، قال : كان سعرهم رخيصاً(5).

96- باب الحُكْرة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن

ص: 160


1- الحديث ضعيف
2- الحديث مرسل، والسعر - كما يقول بعض الفلاسفة - : هو العوض الذي يباع به الشيء وليس هو الثمن ولا المثمن، وينقسم إلى رخص وغلاء والأول : هو السعر المنحط عما جرت به العادة مع اتحاد الوقت والمكان، والثاني : زيادة السعر عما جرت به العادة مع اتحادهما أيضاً. وكل من الرخص والغلاء قد يكونان منه تعالى كما لو زاد في إنعامه فيكثر العرض، أو قَدَرَها فيقل فيحصل الرخص في الأول والغلاء في الثاني. وقد يحصل من قبل الإنسان كما لو احتكر السلعة فيحصل الغلاء أو لا فيحصل الرخص أو زاد طلبه عليها أو قلّ.
3- الحديث مجهول
4- هود (84. وهذا القول حكاية عن شعيب لأهل مدين.
5- الفقيه ،3، 78 - باب الحكرة والأسعار، ح 15 ورواه مرسلاً

إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ليس الحكرة إلّا في الحنطة والشعير، والتمر والزبيب والسمن(1).

2 - محمّد عن أحمد، عن محمّد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : نفد الطعام على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فأتاه المسلمون فقالوا: يا رسول الله، قد نفدد الطعام ولم يبق منه شيء إلّا عند فلان، فَمُرْهُ يبيعه الناس، قال: فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : يا فلان إنَّ المسلمين ذكروا أنَّ الطعام قد نفد إلّا شيئاً عندك، فأخرِجهُ وبِعهُ كيف شئتَ، ولا تحبسه(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: الحكرة: أن يشتري طعاماً ليس في المصر غيره فيحتكره، فإن كان في المصر طعام، أو يباع غيره، فلا بأس بأن يلتمس بسلعته الفضل ؛ قال: وسألته عن الزيت؟ فقال : إن كان عند غيرك، فلا بأس بإمساكه(3).

4 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن أبي الفضل سالم

ص: 161


1- التهذيب 7 ، 13 - باب التلقّي والحكرة ، ح 9 الاستبصار 3 ، 77 - باب النهي عن الاحتكار، ح 4 . الفقيه 3، 78 - باب الحكرة والأسعار ح 1 وفي آخره زيادة والزيت، هذا والأقوى عند أصحابنا رضوان الله عليهم تحريم الاحتكار وهنالك قول بالكراهة دون الحرمة ذهب إليه جماعة منهم الشيخ في المبسوط والمحقق في الشرائع، كما اختلفوا في موضع الاحتكار بين موسع ومضيق . يقول الشهيدان في آداب التجارة: ترك الحكرة بالضم وهو جمع الطعام وحبسه يتربص به الغلاء، والأقوى تحريمه مع حاجة الناس إليه لصحة الخبر بالنهي عنه عن النبي (صلی الله عليه وآله) وإنه لا يحتكر الطعام إلا خاطىء وأنه ملعون وإنما يثبت الحكرة في سبعة أشياء الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت والملح ، وإنما يكره إذا وجد باذل غيره يكتفي به الناس ولو لم يوجد غيره وجب البيع مع الحاجة ولا تقييد بثلاثة أيام في الغلاء وأربعين في الرخص وما روي من التحديد بذلك محمول على حصول الحاجة في ذلك الوقت لأنه مظنتها...وراجع أيضاً شرائع المحقق 21/2 .
2- التهذيب 7 نفس ،الباب ، ح 10 . الاستبصار ، نفس الباب، حه وفي سنده: عبد الله بن منصور بدل: حذيفة بن منصور، هذا وقد اختلف أصحابنا في وجوب التسعير عليه، يقول الشهيدان ويُسَعر عليه حيث يجب عليه البيع إن أجحف بالثمن لما فيه من الإضرار المنفي وإلا ،فلا ولا يجوز التسعير في الرخص مع عدم الحاجة قطعاً، والأقوى أنه مع الإجحاف حيث يؤمر به لا يسعر عليه أيضاً ، بل يؤمر بالنزول عن المجحف وإن كان في معنى التسعير إلا أنه لا يحصر في قدر خاص.
3- التهذيب 7، 13 - باب التلقي والحكرة، ح 11، الاستبصار 3 ، 77 - باب النهي عن الاحتكار، ح 7. الفقيه 3، 78 - باب الحكرة والأسعار، ح 3 وفيه إلى قوله : الفضل، والفضل : يعني الزيادة والربح.

الحنّاط قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام): ما عملك؟ قلت : حنّاط، وربّما قدمت على نَفَاق(1)، وربّما قدمت على كساد فحبَسْتُ(2)، فقال : فما يقول مَن قِبَلَك فيه؟ قلت : يقولون : محتكر. فقال: یبیعة أحد غيرك؟ قلت : ما أبيع أنا من ألف جزء جزءاً قال : لا بأس، إنّما كان ذلك رجل من قريش يقال له حكيم بن حزام، وكان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كلّه، فمرَّ عليه النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال : يا حكيم بن حزام، إيّاك أن تحتكر(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل يحتكر الطعام ويتربّص به، هل يجوز ذلك؟ فقال : إن كان الطعام كثيراً يَسَعُ الناس فلا بأس به، وإن كان الطعام قليلاً لا يسع الناس، فإنه يُكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام(4).

6 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح(5)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : الجالب مرزوق والمحتكر ملعون(6).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الحكرة في الخصب أربعون يوماً، وفي الشدَّة والبلاء ثلاثة أيّام، فما زاد على الأربعين يوماً في الخصب، فصاحبه ملعونٌ، وما زاد على ثلاثة أيّام في العُسْرة، فصاحبه ملعون(7).

ص: 162


1- أي رواج البضاعة.
2- أي منعت البضاعة وأخفيتها. وهو الاحتكار
3- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 12 . الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 8 الفقيه 3، نفس الباب ، ح 4. والحناط - هنا - بائع الحنطة
4- التهذيب 7 نفس ،الباب ح 13 . الاستبصار ،3 نفس ،الباب ح 9.
5- في التهذيب عن أبي العلاء.
6- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح7. الاستبصار ، نفس الباب، ح 2 الفقيه 3 نفس الباب، ح 8 . والجالب : هو الذي ينقل الطعام من مكان إلى مكان ومن بلد إلى بلد بقصد بيعه وتصريفه. والحديث ضعيف، ويدل على حرمة الاحتكار.
7- التهذيب 7 نفس ،الباب ، ح 8 الاستبصار ، نفس الباب، ح. بتفاوت فيهما . الفقيه 3، نفس الباب، ح 10 بتفاوت، والحديث ضعيف على المشهور. وعمل بمضمونه جماعة من أصحابنا . ويقول الشهيدان: ولا يتقيد بثلاثة أيام في الغلاء وأربعين في الرخص وما روي من التحديد بذلك محمول على حصول الحاجة في ذلك الوقت لأنه مظنتها . وما ذكراه قدس سرهما هو المشهور عندنا.

97- باب

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن حمّاد بن عثمان قال : أصاب أهل المدينة غلاء وقحط، حتّى أقبل الرجل الموسر يخلط الحنطة بالشعير ويأكله، ويشتري ببعض الطعام، وكان عند أبي عبد الله (علیه السّلام) طعام جيّد قد اشتراه أوَّل السنة، فقال لبعض مواليه : اشترِ لنا شعيراً فاخلط بهذا الطعام، أو بعه، فإنّا نكره أن نأكل جيّداً ويأكل الناس ردّيّا(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن إسماعيل، عن عليِّ بن الحكم، عن جهم بن أبي جهمة، عن معتّب قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) - وقد تزيّد(2)السعر بالمدينة - : كم عندنا من طعام؟ قال : قلت عندنا ما يكفينا أشهراً كثيرة، قال : أخرجه وبعه، قال: قلت له: وليس بالمدينة طعام؟! قال: بعه، فلمّا بعته، قال : اشتر مع الناس يوماً بيوم، وقال : يا معتّب، اجعل قوت عيالي نصفاً شعيراً ونصفاً حنطة، فإنَّ الله يعلم أنّي واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها، ولكنّي أحبُّ أن يراني الله قد أحسنتُ الله قد أحسنت تقدير المعيشة(3).

3 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محسن بن أحمد، عن يونس بن يعقوب، عن معتّب قال : كان أبو الحسن (علیه السّلام) يأمرنا إذا أدركت الثمرة، أن نخرجها فنبيعها، ونشتري مع المسلمين يوماً بيوم(4).

98- باب فضل شراء الحنطة والطعام

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن نصر(5)بن إسحاق الكوفيِّ، عن عباد بن حبيب(6)قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : شراء الحنطة ينفي الفقر، وشراء الدقيق ينشىء الفقر، وشراء الخبز مَحْقُ، قال : قلت له : أبقاك الله، فمن لم يقدر على شراءِ الحنطة؟ قال : ذاك لمن يقدر ولا يفعل(7).

ص: 163


1- التهذيب ، 13 - باب التلقّي والحكرة ، ح 14. والحديث صحيح.
2- في التهذيب : وقد يزيد
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 15
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 16
5- في التهذيب : عن النضر.
6- في التهذيب عن عائذ بن جندب
7- التهذيب ،7 13 - باب التلقي ،والحكرة ، ح 19 والحديث مجهول

2 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليِّ بن المنذر الزّبّال، عن محمّد بن الفضيل عن عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا كان عندك درهم فاشتر به الحنطة، فإنّ المحق في الدَّقيق(1).

- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن الله بن جبلة، عن أبي الصباح الكنانيّ قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا أبا الصباح، شراء الدقيق ذلّ، وشراء الحنطة عزّ، وشراء الخبز فقر، فنعوذ بالله من الفقر (2)

99- باب كراهة الجزاف وفضل المكايلة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : شكا قوم إلى النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) سرعة نفاد طعامهم، فقال : تكيلون أو تهيلون؟ قالوا : نهيل يا رسول الله - يعني الجزاف-، قال كيلوا ولا تهيلوا، فإنّه أعظم للبركة(3).

2 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله (علیه السّلام) عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن حفص بن عمر، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «كيلوا طعامكم فإنَّ البركة في الطعام المكيل»(4).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله بن عبد الرَّحمن، عن مسمع قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا أبا سيّار، إذا أرادت

الخادمة أن تعمل الطعام، فَمُرها فلتكله، فإنَّ البركة فيما كِيلَ.

100- باب لزوم ما ينفع من المعاملات

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عمرو بن عثمان ، عن محمّد بن

ص: 164


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 22 . والحديث ضعيف .
2- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 25 . الفقيه ،3، 78 - باب الحكرة والأسعار ، ح 18 بتفاوت يسير في الذيل في الجميع. والحديث ضعيف. ويقول الشهيد الأول في الدروس: يستحب شراء الحنطة للقوت، ويكره شراء الدقيق وأشد كراهة الخبز
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 27 وأخرجه عنه عن محمد بن عيسى عن الدهقان عن درست عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن (علیه السّلام). وهال الحنطة أو الدقيق صبه من غير كيل ولا وزن
4- الفقيه 3، 78 - باب الحكرة والأسعار، ح 12. وفي ذيله الكيل بدل المكيل.

عذافر عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : شكا رجلٌ إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) الحِرْفَة(1)فقال : انظر بيوعاً فاشترها ثمَّ بعها، فما ربحت فيه فالزَمه(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إذا نظر الرَّجل في تجارة فلم ير فيها شيئاً(3)، فليتحوَّل إلى غيرها(4).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن شجرة، عن بشير النبّال، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا رزقت في شيء فالزمه(5).

101- باب التَّلَقَّي

1 - أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمّر عن عروة بن عبد الله عن أبي جعفر (علیه الاسّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «لا يتلقّى أحدكم نجارة خارجاً من المصر، ولا يبيع حاضِرٌ لِبَاد، والمسلمون يرزق الله بعضهم من بعض»(6).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مثنّى الحنّاط، عن منهال القصّاب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال : لا تَلَقَّ، ولا تشتر ما تُلقّي ولا تأكل منه(7).

3 - ابن محبوب، عن عبد الله بن يحيى الكاهليّ، عن منهال القصّاب قال : قلت له :

ص: 165


1- الحرفة اسم من المحارف وهو المحروم من الرزق مع طلبه له
2- الفقيه ، 58 - باب المعايش والمكاسب و....، ح 72.
3- أي من الربح والخير
4- التهذيب 7 1 - باب فضل التجارة و . ... . ح 59، ومعنى الحديث أنه إذا اشتغل بصنف معين فرأس الكساد فيه أو عدم الربح فليتجر بغيره.
5- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 60 . وفيه من شيء. الفقيه، نفس الباب، ح 71
6- التهذيب 7 13 - باب التلقي والحكرة ح 2 الفقيه ،3، 86 - باب التلقي ، ح 1 بتفاوت في الذلیل.
7- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 1 وفيه : ولا تشتر ما يُتلقى الفقيه ،، نفس الباب ، ح 2 بتفاوت . والتلقي : - كما في النهاية - هو أن يستقبل الحضري البدوي قبل وصوله إلى البلد ويخبره بكساد ما معه كذباً ليشتري منه سلعته بالوكس وأقل من ثمن المثل. انتهى . والحديث مطلق في النهي عن التلقي بدون تفاصيل . وقد حمله الأصحاب على الكراهة إلا أن يستلزم محرماً من المحرمات كالكذب وأشباهه ويقول الشهيدان : وكذا ينبغي ترك شراء ما يُتلقى ممن اشتراه من الركب بالشرائط ومن ترتب يده على يده وإن ترامى لقوله (صلی الله عليه وآله) : لا تلق و... إلى آخر الحديث، وذهب جماعة إلى التحريم لظاهر النهي في هذه الأخبار».

ما حدّ التلقّي؟ قال : روحة(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن منهال القصّاب قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا تَلقَّ، فإنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) نهى عن التلقّي، قلت : وما حدُّ التلفّي؟ قال : ما دون غدوَة أو رَوْحَة، قلت: وكم الغدوة والرَّوحة؟ قال: أربع فراسخ، قال ابن أبي عمير: وما فوق ذلك فليس بتلقّ(2).

102- باب الشرط والخيار في البيع

1 - عدةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب الله، فلا يجوز له، ولا يجوز على الّذي اشترط عليه، والمسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب الله عزّ وجلَّ(3).

2 - ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: الشرط في الحيوان ثلاثة أيّام للمشتري، اشترط أم لم يشترط، فإن أحدث المشتري فيما اشترى حَدَثاً قبل الثلاثة الأيّام، فذلك رضىّ منه، فلا شرط، قيل له : وما الحَدَث؟ قال: إن لامَسَ أو قبّل أو نظر منها إلى ما كان عليه قبل الشراء(4).

3 - ابن محبوب، عن ابن سنان قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يشتري الدابّة أو

ص: 166


1- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 3 الفقيه ، نفس الباب، صدرح . وقد فسرت الروحة بأربعة فراسخ فما دون ولو زادت انتفت الكراهة أو التحريم على الخلاف لأنه عندئذٍ يكون سفر تجارة. يقول الشهيدان في الأدب العشرين من آداب التجارة في كتابهما ترك التلقي للركبان وهو الخروج إلى الركب القاصد إلى بلد للبيع عليهم أو الشراء منهم وحده أربعة فراسخ فما دون فلا يكره ما زاد لأنه سفر للتجارة، وإنما يكره إذا قصد الخروج لأجله فلو اتفق مصادفته الركب في خروجه لغرض لم يكن به بأس ...».
2- التهذيب 7، 13 - باب التلقي والحكرة ، ح 4
3- التهذيب 7، 2 - باب عقود البيع ، ح 11 بتفاوت يسير جداً.
4- التهذيب ،7 نفس ،الباب ح 19 وفيه : أو ينظر منها...، بدل أو نظر منها ... وخيار الحيوان ثلاثة أيام ، ، للمشتري دون البائع هو المشهور عند فقهائنا قال الشهيدان : الثاني : خيار الحيوان وهو ثابت للمشتري خاصة على المشهور ، وقيل لهما، و به رواية صحيحة، ولو كان حيواناً بحيوان قوي ثبوته لهما، كما يقوى ثبوته للبائع وحده لو كان الثمن خاصة - وهو ما قرن بالباء - حيواناً ، ومدة هذا الخيار ثلاثة أيام مبدؤها من حين العقد على الأقوى ... وقيل من حين التفرق بناء على حصول الملك به، ويسقط باشتراط سقوطه في العقد، أو إسقاطه بعد العقد أو تصرفه - أي تصرف ذي الخيار - واء كان لازماً كالبيع أم لم يكن كالهبة قبل القبض ... الخ

العبد ويشترط إلى يوم أو يومين، فيموت العبد أو الدابّة، أو يحدث فيه حَدَثُ، على من ضمان ذلك؟ فقال : على البائع، حتّى ينقضي الشرط ثلاثة أيّام، ويصير المبيع للمشتري(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل؛ وابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سمعته يقول : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «البيّعان بالخيار حتّى يفترقا؛ وصاحب الحيوان ثلاثة أيّام» قلت : الرجل يشتري من الرَّجل المتاع ثمَّ يدعه عنده ويقول : حتّى نأتيك بثمنه؟ قال: «إن جاء فيما بينه وبين ثلاثة أيّام، وإلّا فلا

بيع له»(2).

5 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «البيّعان بالخيار حتّى يفترقا، وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيّام».

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن جميل، عن فضيل، عن أبي أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : ما الشرط في الحيوان؟ فقال : إلى ثلاثة أيّام للمشتري، قلت : فما الشرط في غير الحيوان؟ قال : البيّعان بالخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا، فلا خيار بعد الرضا منهما(3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال : أيما رجل اشترى من رجل بيعاً ، فهما بالخيار حتى يفترقا ، فإذا افترقا وَجَبَ البيع ؛ قال : وقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ أبي اشترى أرضاً يقال لها : العُرَيض(4)، فابتاعها من صاحبها بدنانير، فقال له : أعطيك وَرِقاً بكلِّ دينار عشرة دراهم، فباعه بها، فقام أبي، فأتبعته فقلت : يا أبتِ، لمَ قمت سريعاً؟ قال : أردت أن يَجِبَ البيع(5).

ص: 167


1- التهذيب 7 ، 2 - باب عقود البيع، ح 20 بزيادة في آخره. الفقيه 3، 66 - باب الشرط والخيار في البيع ، ح 3 بتفاوت في الذيل.
2- الفقيه 3، 66 - باب الشرط و ... ، ح 6 وروي الشق الثاني منه بتفاوت يسير الاستبصار 3 ، 49 - باب الرجل يشتري المتاع ثم يدعه عند...، ح 1 وأخرجه عن علي بن حديد عن زرارة وروى الشق الثاني منه أيضاً. وكذلك هو في التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 5 . يقول المحقق في الشرائع 23/2 : «من باع ولم يقبض الثمن ولا سلّم المبيع ولا اشترط تأخير الثمن فالبيع لازم ثلاثة أيام فإن جاء المشتري بالثمن وإلا كان البائع أولَى بالمبيع»
3- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 2 . الاستبصار 3، 45 - باب أن الافتراق بالأبدان شرط في صحة العقد، ح 2
4- العَريض : اسم واد بالمدينة
5- التهذيب 7 ، 2 - باب عقود البيع ، ح .. الاستبصار ،3 45 - باب أن الافتراق بالأبدان شرط في ... ، ح 3. الفقيه ،3، 66 - باب الشرط والخيار في البيع ، ح 2 وقد روي صدر الحديث. وروي ذيله برقم (1) من الباب هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه إذا حصل الإيجاب والقبول انعقد البيع ولكل من المتبايعين خيار الفسخ ما داما في المجلس ولو ضُرِبَ بينهما حائل لم يبطل الخيار وكذا إذا أكرها على التفرق ولم يتمكنا من التخاير ويسقط باشتراط سقوطه في العقد، وبمفارقة كل واحد منهما صاحبه ولو بخطوة . . . كما نصوا على أن الخيار في بيع الحيوان إنما يكون ثلاثة أيام للمشتري خاصة دون البائع على الأظهر عند بعضهم .

8- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال: ، سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : بايعت رجلاً، فلمّا بايعته قمت فمشيت خُطىّ ثمَّ رجعت إلى مجلسي ليجب البيع حتى افترقنا(1).

9 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن ابَان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل اشترى آمَة بشرط من رجل يوماً أو يومين، فماتت عنده، وقد قطع الثمن، على من يكون الضمان؟ فقال : ليس على الّذي اشترى ضمان حتى يمضي بشرطه(2).

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال : أخبرني من سمع أبا عبد الله (علیه السّلام) قال: سأله رجلٌ - وأنا عنده - فقال له : رجل مسلم احتاج إلى بيع داره، فمشى إلى أخيه فقال له : أبيعك داري هذه وتكون لك ، أحبُّ إليَّ من أن تكون لغيرك، على أن تشترط لي : إن أنا جئتك بثمنها إلى سنة أن تردَّ عليَّ ؟ فقال : لا بأس بهذا، إن جاء بثمنها إلى سنة ردّها عليه قلت: فإنّها كانت فيها غلّة كثيرة، فأخذ الغلّة، لمن تكون؟ فقال : الغلّة للمشتري، ألّا ترى أنّه لو احترقت لكانت من ماله(3).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علىّ بن حديد، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قلت : الرجل يشتري من الرَّجل المتاع ثمَّ يدعه عنده يقول : حتى آتيك بثمنه؟ قال : إن جاء بثمنه فيما بينه وبين ثلاثة أيّام، وألّا فلا بيع له(4).

12 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل اشترى متاعاً من رجل وأوجبه، غير أنّه ترك

ص: 168


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 1 الاستبصار 3، نفس الباب، ح 1 بتفاوت فيهما . الفقيه 3 ، 67 - باب الافتراق الذي يجب به البيع أهو . .. ، ح 2 بتفاوت . وقوله : ليجب البيع : أي ليلزم وثبت بحيث لا يعود قابلاً للفسخ بالخيار .
2- التهذيب ،7 ، نفس الباب ، ح 21 وفي ذيله حتى يمضي شرطه
3- التهذيب ،7 نفس ،الباب ح 13 . الفقيه 3 ، 68 - باب حكم القبالة المعدلة بين الرجلين بشرط معروف إلى ...، ح 2.
4- راجع تخريج الحديث رقم 4 من هذا الباب.

المتاع عنده ولم يقبضه، قال : آتيك غداً إن شاء الله، فسُرِق المتاع، من مال من يكون؟ قال : من مال صاحب المتاع الّذي هو في بيته، حتّى يقبض المتاع ويخرجه من بيته، فإذا أخرجه من بيته، فالمبتاع ضامن لحقّه حتّى يردَّ ماله إليه(1).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاءِ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : عُهْدَةُ البيع في الرقيق ثلاثة أيّام إن كان بها خَبَل أو برص أو نحو هذا، وعُهْدَتُه السنَةُ من الجنون، فما بعد السنة فليس بشيء(2).

14 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن عليّ بن النعمان، عن سعيد بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّا نخالط أناساً من أهل السواد وغيرهم، فنبيعهم ونربح عليهم العشرة باثني عشر والعشرة ثلاثة عشر، ونؤخّر ذلك فيما بيننا وبينهم السنة ونحوها، ويكتب لنا الرَّجل على داره أو أرضه بذلك المال الّذي فيه الفضل الذي أخذ منا شراء، وقد باع وقبض الثمن منه ، فنعِدُه إن هو جاء بالمال إلى وقت بيننا وبينه أن نردَّ عليه الشراء، فإن جاء الوقت ولم يأتنا بالدِّراهم، فهو لنا، فما ترى في ذلك الشراء؟ قال : أرى أنّه لك إن لم يفعل، وإن جاء بالمال للوقت فردِّ عليه(3).

15 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي حمزة أو(4)غيره، عمّن ذكره عن أبي عبد الله [آ] (5)و أبي الحسن (علیه السّلام) في الرجل يشتري الشيء الّذي يفسد في يومه ويتركه حتّى يأتيه بالثمن؟ قال : إن جاء فيما بينه وبين اللّيل بالثمن، وإلّا فلا بیع له(6).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: اشتريت محملاً فأعطيت بعض ثمنه، وتركته عند صاحبه، ثمَّ احتبست أيّاماً، ثمَّ جئت إلى بائع المحمل لأخذه، فقال : قد بعته، فضحكتُ ثمَّ قلت : لا

ص: 169


1- التهذيب 7 ، 2 - باب عقود البيع ، ح 6 بتفاوت يسير ، وكرره . كذلك برقم 23 من الباب 21 من نفس الجزء من التهذيب.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 22 . والخيل: فساد الأعضاء، والفالج
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 12 . الفقيه 3 ، 68 - باب حكم القبالة المعدلة بين الرجلين بشرط معروف إلى ... ، ح 1 بتفاوت قليل.
4- الشك من الراوي .
5- الشك من الراوي
6- التهذيب ،7 نفس ،الباب ، ح 25 . الاستبصار ،3 49 - باب الرجل يشتري المتاع ويدعه عند . . . ، ح 5 . قال المحقق في الشرائع 23/2 : وإن اشترى ما يفسد من يومه، فإن جاء بالثمن قبل الليل، وإلا فلابيع له».

والله، لا أدعك أو أقاضيك، فقال لي : ترضى بأبي بكر بن عيّاش؟ قلت: نعم، فأتيناه فقصصنا عليه قصّتنا، فقال أبو بكر: بقول من تحبُّ أن أقضي بينكما، أبقول صاحبك أو غيره؟ قال : قلت : بقول صاحبي ، قال : سمعته يقول : من اشترى شيئاً فجاء بالثمن في ما بينه وبين ثلاثة أيّام، وإلّا فلا بیع له(1).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه قضى في رجل اشترى ثوباً بشرط إلى نصف النهار، فعرض له ربح فأراد بيعه؟ قال: ليشهد أنّه قد رضيه فاستوجبه، ثمَّ ليبعه إن شاء، فإن أقامه في السوق ولم يبع، فقد وجب عليه(2).

103- باب من يشتري الحيوان وله لبن يشربه ثم يردّه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عمّن ذكره، عن أبي المغرا، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل اشترى شاة فأمسكها ثلاثة أيّام ثمَّ ردّها؟ قال : إن كان في تلك الثلاثة الأيّام يشرب لبنها، ردَّ معها ثلاثة أمداد، وإن لم يكن لها لبنُ، فليس عليه شيءُ(3).

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) مثله(4).

104- باب إذا اختلف البائع والمشتري

1 - عدَّةٌ ممن أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل يبيع الشيء، فيقول المشتري : هو بكذا وكذا . بأقلّ

ص: 170


1- التهذيب 7 2 - باب عقود البيع ، ح 7.
2- التهذيب ،7 نفس الباب، ح .15 . وقد دل الحديث على أن عرض المتاع أو الشيء المبتاع للبيع من جملة مسقطات الخيار.
3- التهذيب 7 نفس الباب، ذيل ح .24 . والحديث مرسل بهذا السند . وقد حمل الأصحاب الثلاثة أمداد الواردة في الحديث على الطعام، وإن كان ظاهر الخبر أنها من اللبن . ولا يخفى أن الثلاثة الأمداد التي يجب ردّها إنما هي بالنسبة إلى الشاة بالخصوص، لأن غير الشاة تختلف عنها في كمية اللبن كما هو الواضح
4- هذا السند حسن.

ما قال البائع؟ قال : القول قول البائع مع يمينه، إذا كان الشيء قائماً بعينه(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن الحسين بن عمر بن يزيد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إذا التاجران صَدَقا، بورك لهما، فإذا كذبا وخانا لم يبارك لهما، وهما بالخيار ما لم يفترقا، فإن اختلفا فالقول قول ربّ السلعة أو يتاركا(2).

105- باب بيع الثمار وشرائها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال(3)، عن ثعلبة، عن بريد (4)قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن الرطبة تباع قطعة أو قطعتين أو ثلاث قطعات؟ فقال: لا بأس، قال وأكثرت السؤال عن أشباه هذه، فجعل يقول : لا بأس به، فقلت له : أصلحك الله استحياءُ من كثرة ما سألته وقوله لا بأس به - : إنَّ من يلينا يفسدون علينا هذا كلّه؟ فقال : أظنّهم سمعوا حديث رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في النخل، ثمَّ حال بيني وبينه رجلٌ، فسكت، فأمرت محمّد بن مسلم أن يسأل أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في النخل، فقال أب-و جعفر (علیه السّلام) خرج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فسمع ضوضاء فقال: ما هذا؟ فقيل له : تبايَعَ الناس بالنخل، فقعد النخل العام ، فقال (صلی الله علیه و آله و سلّم): أمّا إذا فعلوا، فلا يشتروا النخل العام حتّى يطلع فيه شيء، ولم يحرّمه(5).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ

ص: 171


1- التهذيب 7 ، 2 - باب عقود البيع ، ح 26 . الفقيه 3 ، 79 - باب الحكم في اختلاف المتبايعين ، ح 1 . وقد جعل قوله : مع يمينه ذيلا في الحديث وما تضمنه هذا الحديث هو المشهور بين فقهائنا قال الشهيدان: «في اختلافهما ففي قدر الثمن يحلف البائع مع قيام العين والمشتري مع تلفها على المشهور، بل قيل إنه إجماع وهو بعيد ومستنده رواية مرسلة . وقيل يقدم قول المشتري مطلقاً لأنه ينفي الزائد والأصل عدمه وبراءة ذمته وفيه قوة إن لم يثبت الإجماع على خلافه مع أنه خيرة التذكرة، وقيل يتحالفان ويبطل البيع لأن كلا منهما مدع ومنكر لتشخص العقد بكل واحد من الثمنين، وهو خيرة المصنف في قواعده وشيخه فخر الدين في شرحه، وفي الدروس نسب القولين [أي الأخيرين] إلى الندور...
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 27
3- واسمه عبد الله بن محمد - كما في الخلاصة
4- لا وجود له في سند الاستبصار.
5- التهذيب 7 ، 7 - باب بيع الثمار ، ح 9 الاستبصار ،3 58 - باب متى يجوز بيع الثمار، ح 12 وروى ذيل، الحديث ومعنى : فقعد النخل لم يثمر .

قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين أو أربع سنين؟ قال : لا بأس به ، يقول : إن لم يخرج في هذه السنة أخرج في قابل، وإن اشتريته في سنة واحدة فلا تشتره حتّى يبلغ، فإن اشتريته ثلاث سنين قبل أن يبلغ فلا بأس؛ وسئل عن الرجل يشتري الثمرة المسمّاة من أرض، فهلك ثمرة تلك الأرض كلّها؟ فقال : قد اختصموا في ذلك إلى

رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فكانوا يذكرونَ ذلك، فلمّا رآهم لا يدعون الخصومة، نهاهم عن ذلك البيع حتّى تبلغ الثمرة ولم يحرِّمه، ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم(1).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاءِ قال: سألت الرضا (علیه السّلام) : هل يجوز بيع النخل إذا حمل؟ فقال : لا يجوز بيعه حتّى يزهو فقلت : وما الزهو جعِلْتُ فِداك؟ قال: يحمرّ ويصفرّ، وشبه ذلك(2).

4 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن ربعيّ، قال : ت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ لي نخلّا بالبصرة، فأبيعه، وأسمّي الثمن، وأستثني الكرِّ من التمر أو أكثر، أو العذق من النخل؟ قال : لا بأس، قلت : جُعِلْتُ فِداك، بيع السنتين؟ قال : لا بأس، قلت: جُعِلْتُ فداك إنَّ ذا عندنا عظيم؟ قال: أمّا إنّك إن قلت ذاك لقد كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أحلّ ذلك فتظالموا، فقال (علیه السلام): لا تُباع الثمرة حتّى يبدو صلاحها(3).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إذا كان الحائط فيه ثمار مختلفة، فأدرك بعضها، فلا بأس ببيعها جميعاً(4).

ص: 172


1- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 7 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 10 . الفقيه 3 . 69 - باب البيوع ، ح 17 بزيادة في أوله، وهو ما يتعلق ببيع الثمرة قبل أن يأخذها. هذا وقد دل الحديث على جواز بيع الثمرة أزيد من عام بمعنى بيع ثمرة أعوام متعددة لشجر بعينه نخلا كان أو غيره وهو خلاف الأصح عندنا للغرر كما ينص الشهيدان ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق رحمه الله . كما دل الحديث على أن النهي عن مثل هذا البيع إنما هو نهي إرشادي إلى ما فيه من التنازع والتخاصم، أو أنه نهي كراهتي
2- التهذيب 7، نفس الباب ح 6 . الاستبصار 3 ، نفس الباب، ح 9 الفقيه 3، نفس الباب ، ح 21 بدون قوله في الذيل : وشبه ذلك، يقول الشهيدان : وبدوّ الصلاح المسوّغ للبيع مطلقاً أو من غير كراهة هو احمرار التمر مجازاً في ثمرة النخل اعتبار ما يؤول إليه، أو اصفراره فيما يصفر ...»
3- تهذيب 7، نفس الباب، ح 8 بتفاوت الاستبصار، نفس الباب، ح 11 بتفاوت أيضاً
4- التهذيب 7 نفس ،الباب ، ح 5 الاستبصار ، نفس الباب، ح 8 . و قول المحقق في الشرائع 52/2 : وإذا أدرك بعض ثمرة البستان جاز بيعه ثمرته أجمع، ولو أدركت ثمرة بستان ل بجز بيع ثمرة البستان الآخر ولو ضم إليه، وفيه تردد»

6 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن بيع الثمرة قبل أن تُدْرِك؟ فقال : إذا كان في تلك الأرض بيع له غلّة قد أدركت، فبَيعُ ذلك كلّه خلال(1).

7 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن بيع الثمرة، هل يصلح شراؤها قبل أن يخرج طَلْعُها؟ فقال : لا، إلّا أن يشتري معها شيئاً غيرها رطبة أو بقلاً، فيقول: أشتري منك هذه الرطبة، وهذا النخل، وهذا الشجر بكذا وكذا، فإن لم تخرج الثمرة كان رأس مال المشتري في الرطبة والبقل؛ وسألته عن ورق الشجر ، هل يصلح شراؤه ثلاثة خَرطَات أو أربع خَرَطَات؟ فقال : إذا رأيت الورق في شجره، فاشترِ منه ما شئت من خرطة(2).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن عليِّ بن أبي حمزة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل اشترى بستاناً فيه نخلٌ وشجر، منه ما قد أطعم ومنه ما لم يطعم ؟ قال : لا بأس به إذا كان فيه ما قد أطعم؛ قال : وسألته عن رجل اشترى بستاناً فيه نخل ليس فيه غير بُسرٍ أخضر؟ فقال: لا، حتّى يزهو، قلت : وما الزّهو؟ قال : حتّى يَتَلَوَّنَ(3).

ص: 173


1- التهذيب 7 7 - باب بيع الثمار، ح 4 وفيه : فبيعُ كلِّهِ حلال الاستبصار 3 ، 58 - باب متى يجوز بيع الثمار، ح 7، وقوله : بيع له غلة : أي مبيع له ثمرة . قال المحقق في الشرائع :51/2: «وأما النخل فلا يجوز بيع ثمرته قبل ظهورها عاماً (والمراد بالعام هنا : ثمرة العام، وإن وجدت في شهر واحد أو أقل) وفي جواز بيعها كذلك عامين فصاعداً تردد، والمروي الجواز، ويجوز بعد ظهورها وبدو صلاحها عاماً وعامين بشرط القطع وبغيره منفردة ومنضمّة، ولا يجوز بيعها قبل بدوّ صلاحها عاماً إلا أن ينضم إليها ما يجوز بيعه ، أو بشرط القطع أو عامين فصاعداً، ولو بيعت عاماً من دون الشروط الثلاثة قيل : لا يصح ، وقيل : يكره، وقيل : يراعى حال السلامة، والأول أشهر، ولو بيعت مع أصولها جاز مطلقاً، وبدو الصلاح، أن تصفر أو تحمّر أو أو تبلغ مبلغاً يؤمن عليها العاهة...».
2- روي صدره في التهذيب 7 نفس الباب، ح 3 وروي ذيله برقم 10 من نفس الباب أيضاً. وروي صدره في الاستبصار 3، نفس الباب، ح 6 وفيه إلى قوله : ... في الرطبة والبقل الفقيه 3، 69 - باب البيوع ، ح 19، بتفاوت يسير، والخرطة: المرة من الخرط، وهو انتزاع الورق عن الشجر وقد حكم فقهاؤنا بجواز مثل هذا البيع قال الشهيدان: يجوز بيع ما يخرط أصل الخرط أن يقبض باليد على أعلى القضيب ثم يمرّها عليه إلى أسفله ليأخذ عنه الورق ومنه المثل السائر: دونه خرط القتاد والمراد هنا ما يقصد من ثمرته ورقه كالحناء والتوت خرطة وخرطات وما يجز كالرُطبَة وهي الفصة والقضب ...».
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 2 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح5 الفقيه 3 نفس الباب، ح 20 وذكر صدر الحديث فقط.

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) وقلت له : أعطي الرَّجل له الثمرة عشرين ديناراً، على أنّي أقول له : إذا قامت ثمرتك بشيء فهي لي بذلك الثّمن، إن رضيتَ أخذت، وإن كرهتَ تركت فقال : ما تستطيع أن تعطيه ولا تشترط شيئاً، قلت : جُعِلْتُ فداك، لا يسمّي شيئاً، والله يعلم من نيّته ذلك ، قال : لا يصلح إذا كان من نيته [ذلك](1).

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي الله (علیه السّلام) قال : قال : في رجل قال لآخر: بعني ثمرة نخلك هذا الّذي فيها، بقفيزين من تمر أو أقلّ أو أكثر، يسمّي ما شاء، فباعه؟ فقال : لا بأس به؛ وقال : التمر والبُسرُ من نخلة واحدة لا بأس به، فأمّا إن يخلّط التمر العتيق والبُسر، فلا يصلح والزّبيب والعنب مثل ذلك(2).

11 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن معاوية بن ميسرة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن بيع النخل سنتين؟ قال: لا بأس به؛ قلت : فالرطبة يبيعها هذه الجزَّة، وكذا وكذا جزَّة بعدها؟ قال: لا بأس به، ثمَّ قال : قد كان أبي يبيع الحنّاء كذا وكذا خرطة (3 ) .

12 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : من باع نخلًا قد لقح فالثمرة للبائع، إلّا أن يشترط المبتاع قضى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بذلك(3).

ص: 174


1- التهذيب ، نفس الباب، ح 21 الفقيه 3، نفس الباب، ح 22 بتفاوت هذا ويحتمل الحديث وجوهاً :7 . الأول: أن يكون المراد به إذا قومت ثمرتك بقيمة فإن أردت شراءها اشترى منك ما يوازي هذا الثمن بالقيمة التي بها، فالنهي لجهالة المبيع أو للبيع قبل ظهور الثمرة، أو قبل بدو صلاحها فيدل على كراهة إعطاء الثمن بنية الشراء لما لا يصح شراؤه . الثاني : أن يكون الغرض شراء مجموع الثمرة بتلك القيمة، فيحتمل أن يكون المراد بقيام الثمرة بلوغها يمكن الانتفاع بها، فالنهي لعدم إرادة البيع، أو لعدم الظهور، أو بدو الصلاح الثالث : أن يكون المراد به أنه يقرضه عشرين ديناراً بشرط أن يبيعه بعد بلوغ الثمرة بأقل مما يشتريه غيره، فالمنع منه لأنه في حكم الربا ولعله أظهر مرآة العقول للمجلسي 175/19 .
2- التهذيب 7، 7 - باب الثمار، ح 22. الاستبصار 3، 60 - باب النهي عن بيع المحاقلة والمزابنة ، ح 3 بتفاوت يسير، والبُسْر : ثمر النخل قبل إرطابه، وأوله طلع ، فإذا انعقد ،فَسَباب، فإذا اخضر واستدار فَجَدال وَسَراد وخَلَال، فإذا كَبُرِ فَبَغْوِّ بلخ ، فإذا عظم فَبسر ثم مخطم ثم مُوَكَت ثم تذنوب ثم جُسْمه ثم تَعْدَة وخالِعُ ،، فإذا انتهى نُضجُه فرُطَبٌ وقَعُو، ثم تَمر.
3- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 11 و 12 و 13 ، وأبر النخل : أصلحه ولقحه

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في شراء الثمرة ، قال : إذا ساوت شيئاً فلا بأس بشرائها .

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : من باع نخلًا قد أبّره فثمرته للبائع، إلّا أن يشترط المبتاع، ثمَّ قال علي (علیه السّلام) : قضى به رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)(1).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس قال: تفسير قول النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «لا يبيعنَّ حاضر لِبَادٍ»، أنَّ الفواكه وجميع أصناف الغلّات إذا حملت من القرى إلى السوق، فلا يجوز أن يبيع أهل السوق لهم من النّاس، ينبغي أهل السوق لهم من الناس ينبغي أن يبيعه حاملوه من القرى والسواد، فأمّا من يحمل من مدينة إلى مدينة فإنّه يجوز ويجري مجرى التجارة.

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخيّ قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) قلت له : إنّي كنت بعث رجلاً نخلا كذا وكذا نخلة بكذا وكذا در هماً والنخل فيه ثمر، فانطلق الّذي اشتراه منّي فباعه من رجل آخر بربح، ولم يكن نَقَدَني ولا قبضه منّي؟ قال : فقال : لا بأس بذلك، أليس قد كان ضمن لك الثمن؟ قلت: نعم، قال: فالرّبح له.

17 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قضى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أنَّ ثمر النخل للّذي أبّرها، إلّا أن يشترط المبتاع(2).

18 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته الكَرْم، متى يحلُّ بيعه؟ قال : إذا عقد وصار عروقاً(3).

ص: 175


1- التهذيب ،7 نفس الباب، ح 11 و 12 و 13 ، وأبر النخل أصلحه ولقحه .
2- التهذيب 7 ، 7 - باب بيع الثمار، ح 14
3- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 1 وفيه : إذا عقد وصار عقوداً [ثم قال] والعقود : اسم الحصرم بالنبطية، وقد استظهر الفيض في الوافي صحة ما في التهذيب دون ما هنا في الفروع

106- باب شراء الطعام وبيعه

1 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن شراء الطعام ممّا يكال أو يوزن، هل يصلح شراه بغير كيل ولا وزن؟ فقال : أمّا أن تأتي رجلاً في طعام قد اكتيل أو وُزن فيشتري منه مرابحة، فلا بأس إن أنت اشتريته ولم تكله أو تزنه، إذا كان المشتري الأوَّل قد أخذه بكيل أو وزن فقلتَ عند البيع : إنّي أربحك فيه كذا وكذا، وقد رضيت بكيلك أو وزنك، فلا بأس(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال في الرّجل يبتاع الطّعام ثمَّ يبيعه قبل أن يُكال؟ قال: لا يصلح له ذلك(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل يشتري الطّعام ثمَّ يبيعه قبل أن يقبضه؟ قال : لا بأس، ويُوَكِّل الرّجل المشتري منه بقبضه وكَيْلِهِ؟ قال : لا بأس بذلك ](3).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل اشترى من رجل طعاماً عِدلاً بكيل معلوم، ثمَّ إِنَّ صاحبه قال للمشتري : ابتع منّي هذا العِدل الآخر بغير كيل، فإنَّ فيه مثل ما في الآخر الّذي ابتعته؟ قال: لا يصلح إلّا أن يكيل؛ وقال : ما كان من طعام سمّيتَ فيه كيلا، فإنّه لا يصلح مجازفة، هذا ما يكره من بيع الطّعام(4).

5 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن

ص: 176


1- التهذيب 7 ،3 - باب بيع المضمون ، ح 46 .
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 37 وفيه ... يكتاله، بدل: يُكال . قال الشهيد الأول في الدروس: الأقرب كراهة بيع المكيل والموزون قبل قبضه ، ويتأكد في الطعام، وأكد منه إذا باعه بربحه، ونقل في المبسوط الإجماع على تحريم بيع الطعام قبل قبضه . وقال الفاضل : لو قلنا بالتحريم لم يفسد البيع. أقول : والحديث صحيح، وظاهره الكراهة . ويقول المحقق في الشرائع :31/2 : من ابتاع متاعاً ولم يقبضه ثم أراد بيعه كره ذلك إن كان مما يكال أو يوزن . وقيل : إن كان طعاماً لم يجز، والأول أشبه وفي رواية يختص التحريم بمن يبيعه بربح، فأما التولية فلا».
3- التهذيب 7 3 باب بيع المضمون، ح 39 بتفاوت يسير في الذيل
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 36. الاستبصار 3 ، 67 - باب أن ما يباع كيلاً أو وزناً لا يجوز بيعه جزافاً ، ح 1 و 2 وروي قسماً من ذيل الحديث فقط. الفقيه ،3، 69 - باب البيوع ، ح 11 .

عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل عليه كُرّ من طعام، فاشترى كُرًا من رجل آخر فقال للرَّجل : انطلق فاستوفِ كُرك؟ قال : لا بأس به(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي العطارد قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أشتري الطّعام فأضَع في أوَّله وأربح في آخره، فأسأل صاحبي أن يحطّ عنّي في كلّ كرّ كذا وكذا؟ فقال : هذا لا خير فيه، ولكن يحطّ عنك جملة، قلت: فإن حطّ عني أكثر ممّا وضعت؟ قال : لا بأس به، قلت: فأخرج الكرِّ والكرَّين، فيقول الرّجل : أعطنيه بكَيلك؟ فقال : إذا ائتمنك فليس به بأس(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن أبي سعيد المكاريّ، عن عبد الملك بن عمرو قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أشتري الطّعام فأكتاله ومعي مَن من قد شهد الكيل، وإنّما اكتلته لنفسي، فيقول : يعنيه فأبيعه إيّاه بذلك الكيل الّذي كلته؟ قال : لا بأس(3).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : اشترى رجل تِبْنَ بَيْدَرٍ، كلُّ كرّ بشيء معلوم، فيقبض التبن ويبيعه قبل أن يُكال الطعام؟ قال : لا بأس به(4).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن إسحاق المدائنيِّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن القوم يدخلون السّفينة يشترون الطّعام فيتساومون بها، ثمّ يشتري رجلٌ منهم، فيتساءلونه فيعطيهم ما يريدون من الطّعام، فيكون

ص: 177


1- التهذيب 7 نفس ،الباب ، ح 44 - الفقيه ، نفس الباب ، ع 2 وفيه : فاستوف حقك . والكُر - كما في النهاية - ستون قفيزاً ، أو ثمانية مكاكيك والمكوك : صاع ونصف، فهو على هذا الحساب اثنا عشر وسقاً، وكل وسق ستّون صاعاً.
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 47 وفي ذيله : .... فلا بأس.
3- التهذيب ،7 نفس الباب، ح 49 وفيه : ... بذلك الكيل الذي اكتلته؟
4- التهذيب 7 3 - باب بيع المضمون ، ح 59 الفقيه 3 ، 69 - باب البيوع، ح 14 . وأورده أيضاً برقم 65 من نفس الباب وإن بتفاوت يسير، وقد استدل بعض الأصحاب بهذا الحديث على جواز شراء تبن كل كر من الطعام بثمن معلوم وإن لم يُكل الطعام بعد ولم يعلم مقداره وممن ذهب إلى ذلك الشيخ في النهاية، وابن حمزة، وأما ابن إدريس فقد ذهب إلى عدم الجواز لمكان جهالة مقدار المبيع وقت العقد. وقد ناقش الشيخ في المنتهى في ذلك مستدلاً أولاً بنفس هذه الرواية ولأن المبيع مشاهد فينتفي الغرر، ولمنع الجهالة في المبيع لأن من عادة الزراع أن يعلموا غالباً ما يخرج من الكر.

صاحب الطعام هو الّذي يدفعه إليهم ويقبض الثمن؟ قال : لا بأس، ما أراهم إلّا وقد شركوه، فقلت : إنَّ صاحب الطّعام يدعو كيّالاً فيكيله لنا، ولنا أجراء فَيُعَيِّرونه، فيزيد وينقص؟ قال: لا بأس، ما لم يكن شيء كثير غلط(1).

107- باب الرجل يشتري الطعام فيتغير سعره قبل أن يقبضه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل ابتاع من رجل طعاماً بدراهم، فأخذ نصفه وترك نصفه، ثمَّ جاء بعد ذلك وقد ارتفع الطّعام أو نقص؟ قال : إن كان يوم ابتاعه ساعره أنَّ له كذا وكذا، فإنّما له سعره، وإن كان إنّما أخذ بعضاً وترك بعضاً ولم يُسمّ سعراً، فإنّما له سعر يومه الّذي يأخذ فيه، ما كان(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل اشترى طعاماً، كلّ كرّ بشيء معلوم، فارتفع الطّعام أو نقص، وقد اكتال بعضه، فأبى صاحب الطّعام أن يسلّم له ما بقي وقال : إنّما لك ما قبضتَ؟ فقال : إن كان يوم اشتراه ساعَرَهُ على أنّه له، فله ما بقي، وإن كان إنّما اشتراه ولم يشترط ذلك، فإنَّ له بقدر ما نَقَدَ(3).

3 - محمّد بن يحيى قال : كتب محمّد بن الحسن إلى أبي محمّد (علیه السّلام) : رجلٌ استأجر أجيراً يعمل له بناءً أو غيره، وجعل يعطيه طعاماً وقطناً وغير ذلك، ثمّ تغيّر الطّعام والقطن من سعره الّذي كان أعطاه إلى نقصان أو زيادة، أيحتسب له بسعر يوم أعطاه أو بسعر يوم حاسبه؟ فوقّع (علیه السّلام) : يحتسب له بسعر يوم شارطه فيه إن شاء الله ؛ وأجاب (علیه السّلام) في المال يحلُّ على الرَّجل فيعطي به طعاماً عند محلّه، ولم يقاطعه، ثمَّ تغيّر السعر؟ فوقّع (علیه السّلام) : له سعر يوم أعطاه الطعام(4).

108- باب فضل الكيل والموازين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن عطيّة قال: سألت أبا

ص: 178


1- التهديب 7، نفس الباب، ح 48. الفقيه 3، نفس الباب، ح 9 بتفاوت في الجميع
2- التهذيب 7، 3 - باب بيع المضمون ، ح 30 الفقيه 3، 69 - باب البيوع ، ح 3 وآخره : فإنما له سعر يومه .
3- التهذيب ،7 نفس الباب، ح 31
4- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 32. كما ذكره بتفاوت و اختلاف في الترتيب بين الصدر والذيل برقم 57 من الباب 81 من الجزء 6 من التهذيب.

عبدالله علیه السّلام قلت : إنّا نشتري الطّعام من السّفن، ثمّ نكيله فيزيد؟ فقال لي : وربّما نقص عليكم؟ قلت نعم قال : فإذا نقص يردُّون عليكم؟ قلت: لا، قال : لا بأس(1).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن فضول الكيل والموازين؟ فقال : إذا لم يكن تعدّياً فلا بأس(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : إنّي أمرُّ على الرّجل فيعرض عليّ الطّعام فيقول : قد أصبت طعاماً من حاجتك، فأقول له : أخرِجه أرْبّحُكَ في الكرّ كذا وكذا، فإذا أخرجه نظرت إليه فإن كان من حاجتي أخذته، وإن لم يكن من حاجتي تركته؟ قال : هذه المراوضة(3) لا بأس بها، قلت: فأقول له : أعزل منه خمسين كرّاً أو أقلّ أو أكثر بكيله، فيزيد وينقص، وأكثر ذلك ما يزيد، لمن هي(4)؟ قال هی لك، ثمَّ قال (علیه السّلام): إنّي بعثت معتّباً أو (5)سلاماً فابتاع لنا طعاماً فزاد علينا بدينارين(6)، فقتنا به عيالنا، بمكيال قد عرفناه، فقلت له : قد عرفت صاحبه؟ قال: نعم، فرددنا عليه، فقلت : رحمك الله، تفتيني بأن الزّيادة لي وأنت تردُّها، قد علمت أنَّ ذلك كان له، قال : نعم، إنّما ذلك غلط النّاس، لأنَّ الّذي ابتعنا به إنّما كان ذلك بثمانية دراهم أو تسعة؛ ثمَّ قال : ولكني أعدّ (7)عليه الكيل.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان قال : كنت جالساً عند أبي عبد الله (علیه السّلام)، فقال له معمّر الزيّات: إنا نشتري الزّيت في زقاقة(8)فيحسب لنا نقصان فيه لمكان الزّقاق؟ فقال: إن كان يزيد وينقص فلا بأس، وإن كان يزيد ولا ينقص، فلا تَقْرَبُهُ(9)

ص: 179


1- التهذيب 7، 3 - باب بيع المضمون ، ح 54 الفقيه 3، 69 - باب البيوع ، ح 16 وفي سنده : الحسن بن عطية، بدل: علي بن عطية .
2- التهذيب 7، نفس الباب ، ح .55 الفقيه 3 نفس الباب، ح 13
3- المراوضة : قيل : هي ما يجري بين المتبايعين من التجاذب قبل إتمام الصفقة . وقيل : هي المواصفة بالسلعة.
4- يعني الزيادة
5- الشك من الراوي
6- أي زاد الطعام مقداراً يعادل ثمنه الدينارين.
7- في بعض النسخ ولكن أعد عليه الكيل والمعنى : لو وقع ذلك الخطأ في الكيل، أعد عليه الكيل وردّ عليه الزائد. وعلى هذه النسخة : يعني أعدّ عليه الكيل في الزائد أو في المجموع استحباباً أو احتياطاً.
8- في التهذيب بأزقاقه والزقاق جمع الزق، وهو القربة والسّقاء.
9- التهذيب 7 ، 3 - باب بيع المضمون، ح .56 . وكرره برقم 30 من الباب 9. هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على جواز إسقاط قدر معين للظروف ما يحتمل الزيادة والنقيصة، يقول المحقق في الشرائع :19/2 : يجوز أن يندر للظروف ما يحتمل الزيادة والنقيصة، ولا يجوز وضع ما يزيد إلا بالمراضاة، ويجوز بيعه مع الظروف من غير وضع، أقول والإندار الإسقاط. كما يراجع المسالك للشهيد الثاني رضوان الله عليه 10/2 .

109- باب الرجل يكون عنده ألوان من الطعام فيخلط بعضها ببعض

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (علیه السّلام) أنّه سُئل عن الطعام يُخلط بعضه ببعض، وبعضه أجود من بعض؟ قال : إذا رئيا جميعاً فلا بأس، ما لم يُغَطِّ الجيدُ الرِّدي(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الرّجل يكون عنده لونان من طعام واحد سعرهما شيء، وأحدهما خيرٌ من الآخر، فيخلطهما جميعاً، ثمَّ يبيعهما بسعر واحد؟ فقال: لا يصلح له أن يفعل ذلك، يغشُّ به المسلمين حتّى يبيّنه(2).

3 - ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يشتري طعاماً فيكون أحسن له وأنفق (3)له أن يبله من غير أن يلتمس زيادته؟ فقال : إن كان بيعاً لا يصلحه إلّا ذلك ولا ينفقه غيره من غير أن يلتمس فيه زيادة فلا بأس، وإن كان إنّما يغشُّ به المسلمين فلا يصلح(4).

110- باب أنه لا يصلح البيع إلّا بمكيال البلد

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لا يصلح للرَّجل أن يبيع بصاع غير صاع المصر(5).

ص: 180


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 27
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 28 . وفيه : وسعرهما شتى . الفقيه 3 ، 69 - باب البيوع ، ح 4 . وفيه : قد سعرهما شتى.
3- في النفاق : وهو الرواج.
4- التهذيب 7 نفس ،الباب ح 29 . الفقيه 3 نفس الباب، ح 8.
5- التهذيب 7 ، 3 - بيع المضمون، ح 57 . الفقيه 3 69 - باب البيوع ، ح 6. يقول الشهيدان رحمهما الله : إطلاق الكيل والوزن والنقد ينصرف إلى المعتاد في بلد العقد لذلك المبيع إن اتحد، فإن تعدد فالأغلب استعمالاً وإطلاقاً فإن اختلفا في ذلك ففي ترجيح أيهما نظر ويمكن حينئذ وجوب التعيين كما لو لم يغلب فإن تساوت في الاستعمال في المبيع الخاص وجب التعيين لاستحالة الترجيح بدونه واختلاف الأغراض، ولو لم يعين بطل البيع لما ذكر

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبَان، عن محمّد الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا يحلُّ للرّجل أن يبيع بصاع سوى صاع أهل المصر، فإنَّ الرَّجل (1)يستأجر الجمّال فيكيل(2)له بمدّ بيته، لعلّه يكون أصغر من مدّ السّوق، ولو قال : هذا أصغر من مدّ السوق، لم يأخذ به(3)، ولكنّه يحمل ذلك ويجعل في أمانته ؛ وقال : لا يصلح إلّا مدّ واحد، والأمنَاء بهذه المنزلة(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد البرقيّ، عن سعد بن سعد عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال: سألته عن قوم يُصَغرون القُفْزان يبيعون بها، قال: أولئك الّذين يبخسون الناس أشياءهم.

111- باب السَّلَم في الطعام

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : لا بأس بالسِّلّم كيلاً معلوماً إلى أجل معلوم، لا يُسلم إلى دياس ولا إلى حصاد(5).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن محمّد الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن السّلَم في الطّعام بكيل معلوم إلى أجَلٍ معلوم؟ قال : لا بأس به(6).

ص: 181


1- أي المشتري.
2- يعني البائع.
3- يعني المشتري
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 58 . وفي ذيله : والأمنان ...، بدل : والأمناء. والمعنى واحد . ففي القاموس: المَنَا والمَنَاة : كيل أو ميزان، الجمع: أمناء وأمن.
5- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 4. الفقيه 3 ، 77 - باب السلف في الطعام والحيوان وغيرهما ، ح 20 . قوله : إلى دياس ... الخ أي وقت دياس أو وقت حصاد. والدياس سحق السنبل أو دقه لفصل الحب منه . وإنما نهى عن السلم إلى دياس أو حصاد لأن الشرط فيه تعيين الأجل المحروس من التفاوت بحيث لا يحتمل الزيادة والنقصان ، ومن الواضح أن وقت الدياس والحصاد يختلف من بلد إلى بلد ومن مناخ إلى مناخ ومن سنة إلى سنة فلا يتوفر هذا الشرط.
6- التهذيب 7، 3 - باب بيع المضمون، ح 9.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل، أيصلح له أن يُسْلِمَ في الطّعام عند رجل ليس عنده زرع ولا طعام ولا حيوان إلّا أنّه إذا حلَّ الأجل اشتراه فوفًاه؟ قال : إذا ضمنه إلى أجل مسمّى فلا بأس به ؛ قلت : أرأيتَ إن أوفاني بعضاً وعجز عن بعض، أيصلح أن آخذ بالباقي رأس مالي؟ قال : نعم، ما أحسن ذلك(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يُسْلِم في الزَّرع، فيأخذ بعض طعامه ويبقى بعض لا يجد وفاء، فيعرض عليه صاحبه رأس ماله؟ قال : يأخذه فإنّه حلالٌ، قلت : فإنّه يبيع ما قبض من الطعام فيُضْعِف؟ قال : وإن فعل فإنّه حلال؛ قال : وسألته عن رجل يُسْلِم في غير زرع ولا نخل؟ قال : يسمّي شيئاً إلى أجل مسمّى(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل أسلفته دراهم في طعام، فلمّا حلَّ طعامي عليه، بعث إليَّ بدراهم فقال : اشتر لنفسك طعاماً واستوف حقّك؟ قال : أرى أن يولّي ذلك غيرك، وتقوم معه حتى تقبض الذي لك، ولا تتولّى أنت شرا(3).

6 - أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يُسلم الدِّراهم في الطّعام إلى أجل، فيحلُّ الطعام فيقول : ليس عندي طعام، ولكن انظر ما قيمته فخذ منّي ثمنه؟ فقال : لا بأس بذلك(4).

ص: 182


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 10 . وكرره برقم 172 من نفس الباب بتفاوت يسير وأخرجه هناك عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) . وبنفس السند هذا أخرجه في الفقيه 3 ، 77 - باب السلف في الطعام والحيوان وغيرهما ، ح 21 بتفاوت في الذيل .
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 11.
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 13 . الفقيه، نفس الباب، ح ا بتفاوت يسير . وفي التهذيب : أو تقوم معه. بدل : وتقدوم معه . قوله (علیه السّلام) : أرى أن تولي ذلك غيرك ... الخ ، حمل على الاستحاب لرفع التهمة ولئلا يخدعه الشيطان في أن يأخذ أعلى من الوصف أو الشباهة بالربا . مرآة المجلسي 191/19.
4- التهذيب 7 3 - باسه بيع المضمون، ح 15. الاستبصار 3 47 - باب من أسلف في طعام أو غيره إلى أجل فحضر الأجل و ...0 ح 7 . يقول الشهيدان ولو انقطع المسلم فيه عند الحلول حيث يكون مؤجلاً ممكن الحصول بعد الأجل، عادة فاتفق عدمه، تخيّر المسلم بين الفسخ فيرجع برأس ماله لتعذر الوصول إلى حقه وانتفاء الضرر وبين الصبر إلى أن يحصل. وله أن لا يفسخ ولا يصبر بل يأخذ قيمته حينئذ لأن ذلك هو حقه...».

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل أسلف رجلاً دراهم بحنطة، حتّى إذا حضر الأجل، لم يكن عنده طعام، ووجد عنده دوابِّ ومتاعاً ورقيقاً، يحلُّ له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه؟ قال: نعم، يسمّي كذا وكذا بكذا وكذا صاعاً(1).

8 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن يعقوب بن شعيب؛ وعبيد بن زرارة قالا : سألنا أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل باع طعاماً بدراهم إلى أجل، فلمّا بلغ ذلك الأجل، تقاضاه فقال : ليس عندي دراهم، خذ منّي طعاماً؟ قال : لا بأس به إنّما له دراهم يأخذ بها ما شاء(2).

9 - حميد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل أسلف دراهم في طعام فحلَّ الّذي له، فأرسل إليه بدراهم، فقال : اشتر طعاماً واستوف حقّك، هل ترى به بأساً؟ قال : يكون معه غيره يوفيه ذلك(3).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن رجل أسلم دراهمه في خمسة مخاتيم من حنطة أو شعير إلى أجل مسمّى، وكان الّذي عليه الحنطة والشعير لا يقدر على أن يقضيه جميع الّذي له إذا حلَّ، فسأل صاحب الحقّ أن يأخذ نصف الطّعام أو ثلثه أو أقلّ من ذلك أو أكثر، ويأخذ رأس مال ما بقي من الطّعام دراهم؟ قال : لا بأس، والزَّعفران يسلم فيه الرَّجل دراهم في عشرين مثقالاً أو أقلَّ من ذلك أو أكثر؟ قال : لا بأس، إن لم يقدر الّذي عليه الزَّعفران أن يعطيه جميع ماله، أن يأخذ نصف حقّه أو ثلثه أو ثلثيه، ويأخذ رأس مال ما بقي من حقه(4).

ص: 183


1- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 18 . الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 9 . الفقيه 3 ، 77 - باب السلف في الطعام و ...، ح 9 .
2- الاستبصار ،3، 48 - باب من باع طعاماً إلى أجل فلما حضره الأجل لم ... ، ح 2 الفقيه 3، نفس الباب، ح 14 .
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 14
4- التهذيب 7 نفس ،الباب ح 12 . الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 15، والمخاتيم - كما في القاموس المحيط - جمع المختوم، وهو الصاع ، وعليه الحديث: والوُسق ستون مختوماً.

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن خالد بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يشتري طعام قرية بعينها، وإن لم يسمِّ له طعام قرية بعينها أعطاه من حيث شاء(1).

12 - سهل بن زياد، عن معاوية بن حكيم، عن الحسن بن عليّ بن فضّال قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السّلام) : الرّجل يسلفني في الطّعام، فيجيء الوقت وليس عندي طعام، أعطيه بقيمته دراهم؟ قال : نعم(2).

112- باب المعاوضة في الطعام

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل عن الرّجل يبيع الرَّجل الطّعام الأكرار، فلا يكون عنده ما يتمّ له ما باعه، فيقول له : خذ منّي مكان كلّ قفيز حنطة قفيزين من شعير حتى تستوفي ما نَقَصَ من الكيل؟ قال : لا يصلح، لأنَّ أصل الشّعير من الحنطة، ولكن يردّ عليه الدِّراهم بحساب ما نقص من الكيل(3).

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن منصور بن حازم، عن أبي بصير؛ وغيره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الحنطة والشّعير رأساً برأس، لا يزاد واحد منهما على الآخر(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال : لا يباع مختومان من شعير بمختوم من حنطة، ولا يباع إلّا مِثلاً بمثل، والتّمر مثل ذلك ؛ قال : وسئل عن الرّجل يشتري الحنطة فلا يجد عند صاحبها إلّا

ص: 184


1- التهذيب 7، 3 - باب بيع المضمون، ح.51 بتفاوت . والحديث مجهول.
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 16 . الاستبصار 3 47 - باب من أسلف في طعام أو غيره ... إلى ، ح 8. هذا والمشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم أنه يجوز للمشتري بيع السلم من البائع بعد حلول الأجل وتعذر التسليم بزيادة من الثمن ونقصان سواء كان من جنس الثمن أم لا . وبه قال المفيد رحمه الله وأما الشيخ رحمه الله فقد نص في التهذيب على المنع من بيعه بعد الأجل بجنس الثمن مع الزيادة، مستنداً إلى رواية موسى بن القاسم عن علي بن جعفر عن أخيه (علیه السّلام)، وقال إنه يفتي بما تضمنته هذه الرواية وما تضمنته هو المنع من ذلك
3- التهذيب 7، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك وما ، ح 15
4- التهذيب 7 نفس الباب، ح 8 وفيه لا يزداد الفقيه 3، 87 - باب الربا، ح 23

شعيراً، أيصلح له أن يأخذ اثنين بواحد؟ قال: لا، إنّما أصلهما واحد، وكان عليٌّ (علیه السّلام) يعدّ الشعير بالحنطة(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن الحنطة والشّعير؟ فقال : إذا كانوا سواء فلا بأس ؛ قال : وسألته عن الحنطة والدَّقيق؟ فقال : إذا كانا سواء فلا بأس(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن احمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أيجوز قفيز من حنطة بقفيزين من شعير؟ فقال : لا يجوز إلّا مثلاً بمِثْل ؛ ثمَّ قال : إنَّ الشعير من الحنطة(3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل قال لآخر : بِعني ثمرة نخلك هذا الّذي فيه بقفيزين من تمر أو أقلّ من ذلك أو أكثر، يسمّي ما شاء، فباعه؟ فقال : لا بأس به ؛ وقال : التّمر والبُسْر من نخلة واحدة لا بأس به، فأمّا إن يخلط التّمر العتيق والبُسر، فلا يصلح، والزّبيب والعنب مثل ذلك(4).

7 - أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن سيف التمّار قال : قلت لأبي بصير : أحبُّ أن تسأل أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل استبدل قوصَرتَين فيهما بُسر مطبوخ بقوصَرّة فيها تمرٌ مشقّق؟ قال : فسأله أبو بصير عن ذلك، فقال (علیه السّلام) : هذا مكروه ، فقال أبو بصير : ولِمَ يُكره؟ فقال : كان عليُّ بن أبي طالب (علیه السّلام) يكره أن يستبدل وسُقاً من تمر المدينة بوُسقين من تمر خيبر، لأنَّ تمر المدينة أدونُهُما، ولم يكن عليُّ (علیه السّلام) يكره الحلال(5).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبدالله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : كان عليُّ صلوات الله عليه يكره أن يستبدل وُسقاً من تمر خيبر

ص: 185


1- التهذيب 7 نفس الباب، حه بدون الذيل، وبزيادة ضمنه عن الزيت.
2- التهذيب 7، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك و...، ح 11
3- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 16، هذا ويقول المحقق في الشرائع 44/2 : وكل ما يعمل من جنس واحد يحرم التفاضل فيه كالحنطة بدقيقها، والشعير بسويقه، والدبس المعمول من التمر بالتمر وكذا ما يعمل من العنب بالعنب.
4- مر هذا الحديث برقم 10 من الباب 105 من هذا الجزء
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 18

بوُسْقَين من تمر المدينة، لأنَّ تمر خيبر أجودُهُما(1).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قلت له : ما تقول في البُرّ بالسّويق؟ فقال : مِثلاً بمِثل، لا بأس به ؛ قلت : إنّه يكون له رَيع، أو يكون له فضل؟ فقال : أليس له مؤونة، قلت: بلى قال هذا بذا، وقال : إذا اختلف الشّيئان فلا بأس مِثْلَين بمثل يداً بيد(2).

10 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن جميل، عن محمّد بن مسلم؛ وزرارة عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : الحنطة بالدَّقيق مثلاً بمِثل، والسّويق بالسّويق مِثلاً بمثل والشّعير بالحنطة مِثلاً بمِثل، لا بأس به(3).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل يدفع إلى الطحّان الطّعام، فيقاطعه على أن يعطي صاحبه لكلِّ عشرة أرطال اثني عشر دقيقاً؟ قال: لا، قلت: فالرَّجل يدفع السّمسم إلى العصّار ويضمن له لكلّ صاع أرطالاً مسمّاة؟ قال:(4).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لا يصلح التّمر اليابس بالرَّطب، من أجل أنَّ التمر يابس والرَّطب رطب، فإذا يبس نقص، ولا يصلح الشّعير بالحنطة إلّا واحداً بواحد ؛ وقال : الكيل يجري مجرى واحداً، ويكره قفيز لوز بقفيزين وقفيز تمر بقفيزين، ولكن صاع حنطة بصاعين من تمر، وصاع تمر بصاعين من زبيب، وإذا اختلف هذا والفاكهة اليابسة فهو حسن، وهو يجري في الطّعام والفاكهة مجرى واحد ، أن(5)قال : لا بأس بمعاوضة المتاع ما لم يكن كيل أو وزن(6).

ص: 186


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 19 بتفاوت في الذيل . وذكره بتفاوت وبدون التحليل وبسند مختلف برقم 6 من نفس الباب . الفقيه ،3 ، 87 - باب الربا، صدرح 25 بسند آخر وفيه : عن محمد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : يكره وسقاً من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر لأن تمر المدينة أجودهما.
2- التهذيب 7، 8 - اب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك و ...،ح 10.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 7 بتفاوت. الفقيه 3، 87 - باب الربا، ح 22 بتفاوت أيضاً
4- التهذيب 7 ، 3 - باب بيع المضمون، ح 85 بتفاوت . وكرره برقم 17 من الباب 8 من نفس الجزء بتفاوت، الفقيه 3، 70 - باب المضاربة ، ح 19 بتفاوت وأسنده إلى أحدهما (علیه السّلام)
5- الترديد من الراري. وفي التهذيبين وقال ... والظاهر أنّه الصحيح
6- التهذيب 7 ، 8 باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك و...، ح 4 بتفاوت يسير وروي صدره في الاستبصار، 3، 61 - باب بيع الرطب بالتمر . وروي ذيله في الفقيه 3 ، 87 - باب الربا، ح 28 بتفاوت . قال الشهيدان : ولا يجوز بيع الرطب بالتمر للنص المعلل بأنه ينقص إذا جف وكذا كل ما ينقص مع الجفاف كالعنب بالزبيب تعدية للعلة المنصوصة إلى : يشاركه فيها، وقيل : يثبت في الأول من غير تعدية ردّاً لقياس العلة. وقيل : بالجواز في الجميع ردّاً لخبر الواحد واستناداً إلى ما يدل بظاهره على اعتبار المماثلة بين الرطب واليابس. وما اختاره المصنف أقوى. وفي الدورس جعل التعدية إلى غير المنصوص أولى».

13 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الرّبيع الشاميّ قال : كره أبو عبد الله (علیه السّلام) قفيز لوز بقفيزين من لوز، وقفيز تمر بقفيزين من تمر.

14 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل أسلف رجلا زيتاً على أن يأخذ منه سمنا؟ قال : لا يصلح(1).

15 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد الله سنان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا ينبغي للرَّجل إسلاف السّمن بالزّيت، ولا الزّيت بالسّمن(2).

16 - ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سماعة قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن العنب بالزّبيب؟ قال : لا يصلح إلّا مِثلاً بمِثل، قلت: والتّمر والزّبيب؟ قال : مِثْلاً بمثل(3).

17 - وفي حديث آخر بهذا الإسناد قال : المختلف مِثْلان بمثل يداً بيد لا بأسِ .

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن خالد، عن أبي الرّبيع قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : ما ترى في التّمر والبُسر الأحمر مِثلاً بمِثل؟ قال : لا بأس، قلت فالبختج والعصير مِثلا بمثل ؟ قال : لا بأس(4).

ص: 187


1- التهذيب ،7 3 - باب بيع المضمون، ح 70 الاستبصار ،3، 50 - باب إسلاف السمن بالزيت، ح 2
2- التهذيب 7 ، 3 - باب بيع ال- ضمون ، ح 73. الاستبصار 3، 50 - باب إسلاف السمن بالزيت، ح 1 . الفقيه 3، 77 - باب السلف في الطعام و ....، ح 17 . وكرره الشيخ برقم 21 من الباب من نفس الجزء من التهذيب
3- التهذيب 7، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك و ...، ح 23 بتفاوت في الذيل. وكذا في الاستبصار 3، 61 - باب بيع الرطب بالتمر، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 46/2: «وفي بيع الرطب بالتمر تردد، والأظهر اختصاصه بالمنع اعتماداً على أشهر الروايتين» وقال: «بيع العنب بالزبيب جائز وقيل : لا طرداً العلة الرطب بالتمر، والأول أشبه، وكذا في كل رطب مع يابسه».
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 24 . وفي ذيله والعنب ...، بدل والعصير ... والبختج : فارسي معرب ومعناه : العصير المطبوخ.

113- باب المعاوضة في الحيوان والثياب وغير ذلك

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى؛ وابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: البعير بالبعيرين، والدّابّة بالدّابتين يداً بيد ليس به بأس(1).

2 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أبي عبد الله البرقيّ رفعه، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن بيع الغَزل بالثياب المبسوطة، الغزل أكثر وزناً من الثياب؟ قال : لا بأس(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن عبدالله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان، بن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن العبد بالعبدين والعبد بالعبد والدراهم؟ قال: لا بأس بالحيوان كلّه يداً بيد(3).

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن البعير بالبعيرين يداً بيد، ونسيئة؟ فقال: نعم، لا بأس، إذا سمّيت بالأسنان جَذَعين أو بنيين، ثمَّ أمرني فَخَطَطْتُ على النسيئة(4).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) لا يبيع راحلة عاجلاً بعشرة ملاقيح من أولاد حَمَلٍ في قابل(5)

ص: 188


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 117 . الاستبصار 3، 66 - باب بيع ما لا يكال ولا يوزن مثلين بمثل يداً بيد ، ح 2 الفقيه ،3 87 - باب الربا، ح 17 بزيادة في آخره.
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 130 . الفقيه 3 ، 69 - باب البيوع ، ح 37 . وفيهما : المنسوجة، بدل المبسوطة . وإنما نفى البأس عن مثل هذه المعاملة لأن أحد العوضين فيه وهو الثياب غير موزون فاغتفر التفاضل .
3- التهذيب 7، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك و ... ، ح 118 . الاستبصار 3، 66 - باب بيع ما لا يكال ولا يوزن مثلين بمثل يداً بيد ، ح 3 بزيادة ونسيّة في الذيل الفقيه ،3، 87 - باب الربا، ح 19.
4- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 116 بتفاوت . الاستبصار ، نفس الباب ، ح 1 بتفاوت الفقيه 3، نفس الباب، ح 20، والحكمة من أمره (علیه السّلام) له بالخط على كلمة : نسيئة هو التقية، لأن مذهب كثير من العامة عدم جواز بيع الحيوان بالحيوانين نسيئة، والذي يؤكد هذا ما ورد في ذيل رواية الفقيه : لأن الناس يقولون : لا . فإنما فعل ذلك للتقية . وفي الحديث نكتة لطيفة يمكن أن نستفيدها وهي أن بعض أصحابهم (علیه السّلام) كانوا يكتبون أحاديثهم (علیه السّلام) وما ذلك إلا برضى منهم (علیه السّلام) بل بتوجيههم.
5- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 133 بتفاوت وفيه : جمل ...، بدل : حمل، ولعل ما في التهذيب هو الصحيح.

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عمّن ذكره، عن أبَان، عن محمّد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال ما كان من طعام مختلف، أو متاع، أو شيء من الأشياء، يتفاضل، فلا بأس ببيعه مثلين بمِثل يداً بيد، فأمّا نَظِرَة فلا تصلح(1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنَّ أمير المؤمنين كره اللّحم بالحيوان(2).

8 - محمّد بن يحيى؛ وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن أيّوب بن نوح، عن العباس بن عامر، عن داود بن الحصين، عن منصور قال: سألته عن الشاة بالشاتين، والبيضة بالبيضتين؟ قال : لا بأس، ما لم يكن كيلاً أو وزناً(3).

9 - حمید بن زیاد عن الحسن بن محمّد، عن جعفر بن سماعة ، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل قال لرجل : ادفع إليّ غنمك وإبلَك تكون معي ، فإذا ولدت أبدلتُ لك - إن شئتَ - إناثها بذكورها، أو ذكورها بإنائها؟ فقال : إنَّ ذلك فعل مكروه، إلّا أن يبدلها بعدما تولد ويعرفها(4).

ص: 189


1- الفقيه 3، 87 - باب الربا، ح 16 بتفاوت يسير . التهذيب 7 نفس ،الباب ، ح 1 . 7، يقول المحقق في الشرائع 45/2 : فلا ربا إلا في مكيل أو موزون، وبالمساواة فيهما يزول تحريم الربويات، فلو باع ما لا كيل فيه ولا وزن متفاضلا جاز ولو كان معدوداً، كالثوب بالثوبين وبالثياب، والبيضة بالبيضتين والبيض نقداً، وفي النسيئة تردد والمنع أحوط هذا ولكن الشهيدين رحمهما الله ذهبا إلى جواز التفاضل نسيّة على اختلاف الجنس في العوضين يجوز التفاضل نقداً إجماعاً، ونسيّة على الأقوى، للأصل الأقوى قالا: (ومع) والأخبار واستند المانع إلى خبر دل بظاهره على الكراهة، ونحن نقول بها.
2- التهذيب 7 3 - باب بيع المضمون ، ح 82 . الفقيه 3، نفس الباب ، ح 14 بتفاوت يسير. وكرره برقم 131 من الباب 8، من نفس الجزء من التهذيب، يقول الشهيدان ولا يباع اللحم بالحيوان مع التماثل كلحم الغنم بالشاة إن كان مذبوحاً لأنه في قوة اللحم فلا بد من تحقق المساواة، ولو كان حيا فالجواز قوي لأنه غير مقدّر بالوزن ويجوز بيعه به مع الاختلاف قطعاً لانتفاء المانع مع وجود المصحح.
3- التهذيب 7، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك و . . . ، ح 119 بتفاوت في الذيل وكذا هو في الاستبصار ، نفس الباب ، ح 4 الفقيه ، نفس الباب، ح 27 وأخرجه بتفاوت عن داوود بن الحصين عن أبي عبد الله (عليه السلام) . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن ربا المعاملة يثبت في البيع مع وصفين: الجنسية والكيل والوزن، فإذا اختلا أو أحدهما فلا ربا. وإن ربا القرض يثبت مع اشتراط النفع. ويقول المحقق في الشرائع 45/2: فلا» ربا إلا في مكيل أو موزون وبالمارة فيهما يزول تحريم الربويات، فلو باع ما لا كيل فيه ولا وزن متفاضلاً جاز ولو كان معدوداً كالثوب بالثوبين وبالثياب والبيضة بالبيضتين والبيض نقداً، وفي النسيئة تردد، والمنع أحوط وهذا المنع أكد عليه الشيخ في الخلاف .
4- التهذيب ،7 نفس ،الباب، صدر ح 132، تفاوت.

114- باب فيه جمل من المعاوضات

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن رجاله ذكره (1)قال : الذَّهب بالذَّهب والفضّة بالفضّة وزناً بوزن سواء، ليس لبعضه فضل على بعض، وتباع الفضّة بالذَّهب والذَّهب بالفضّة كيف شئت(2)يداً بيد ولا بأس بذلك، ولا تحلّ النسيئة، والذَّهب والفضّة يباعان بما سواهما من وزن أو كيل أو عدد أو غير ذلك، يداً بيد، ونسيئة جميعاً، لا بأس بذلك، وما كِيلَ أو وزن ممّا أصله واحد فليس لبعضه فضل على بعض، كيلاً بكيل، أو وزناً بوزن، فإذا اختلف أصل ما يكال، فلا بأس به اثنان بواحد يداً بيد، ويكره نسيئة [فإن اختلف أصل ما يوزن فليس به بأسٌ اثنان بواحد يداً بيد ويكره نسيئة] وما كيل بما وزن فلا بأس به يداً بيد ونسيئة جميعاً لا بأس به، وما عدّ عدداً ولم يُكَلِّ ولم يوزن، فلا بأس به اثنان بواحد يداً بيد ويكره نسيئة ؛ وقال : إذا كان أصله واحداً(3) وإن اختلف أصل ما يعدُّ فلا بأس به اثنان بواحد يداً بيد ونسيئة، جميعاً لا بأس به؛ وما عدّ أو لم يعدّ فلا بأس به بما يكال أو بما يوزن يداً بيد ونسيئة جميعاً فلا بأس بذلك، وما كان أصله واحداً وكان يكال أو يوزن، فخرج منه شيء لا يكال ولا يوزن، فلا بأس به يدا بيد ويكره نسيئة، وذلك أنّ القطن والكتّان أصله يوزن، وغزله يوزن، وثيابه لا توزن، فليس للقطن فضل على الغزل وأصله واحد فلا يصلح إلّا مثلًّا بمثل ووزنا بوزن، فإذا صنع منه الثياب صلح يدا بيد، والثياب لا بأس الثوبان بالثوب وإن كان أصله واحداً يداً بيد، ويكره نسيئة، وإذا كان قطن وكتّان فلا بأس به اثنان بواحد يداً بيد ويكره نسيئة، وإن كانت الثياب قطناً وكتّاناً (4)فلا بأس به اثنان بواحد يداً بيد ونسيئة كلاهما لا بأس به، ولا بأس بثياب القطن والكتّان بالصوف يداً بيد ونسيئة، وما كان من حيوان فلا بأس به اثنان بواحد وإن كان أصله واحداً يداً بيد، ويكره نسيئة، وإذا اختلف أصل الحيوان فلا بأس اثنان بواحد يداً بيد ويكره نسيئة، وإذا كان حيوان بعرض، فتعجّلت الحيوان وأنسات العرض فلا بأس به، وإن تعجّلت العرض وأنسات الحيوان فهو مكروه، وإذا بعت حيواناً بحيوان (5)أو زيادة درهم أو عرض (6)فلا بأس، ولا بأس أن تعجل

ص: 190


1- يقول الشيخ المجلسي رحمه الله في المرآة 203/19 : الحديث مرسل والظاهر أنه من فتوى علي بن إبراهيم أو بعض مشايخه استنبطه من الأخبار، وهذا من أمثاله غريب».
2- أي مع التساوي أو مع التفاضل
3- أي إذا كان المعدودان من جنس واحد كره بيع المعدود نسيّة
4- أي كان بعضها قطناً وبعضها كتاناً.
5- أي فقط.
6- أي أو بزيادة درهم على الحيوان أو عَرَض.

الحيوان وتنسى الدَّراهم والدَّار بالدَّارين، وجريبَ أرض بجريبين لا بأس به يداً بيد، ويكره نسيئة، قال: ولا ينظر فيما يكال ويوزن إلّا إلى العامّة(1)، ولا يؤخذ فيه بالخاصّة، فإن كان قوم

يكيلون اللّحم ويكيلون الجوز فلا يعتبر بهم، لأنَّ أصل اللّحم أن يوزن، وأصل الجَوْزِ أَن يُعَدِّ.

115- باب بيع العَدَد والمجازَفَة والشيء المُبْهَم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ما كان من طعام سَمّيْتَ فيه كيلا، فلا يصلح مجازفة، هذا مما يكره من بيع الطعام(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يكون له على الآخر مائة كرّ تمر وله نخل، فيأتيه فيقول : أعطني نخلك هذا بما عليك؟ فكأنّه كرهه؛ قال : وسألته عن الرَّجلين يكون بينهما النخل، فيقول أحدهما لصاحبه: إمّا أن تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلا مسمّى، أو تعطيني نصف هذا الكيل إمّا زاد أو نقص، وإمّا أن آخذه أنا بذلك؟ قال: نعم، لا بأس به(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه سئل عن الجوز لا يستطيع أن يعدّه فيكال بمكيال، فيعدّ ما فيه، ثمَّ يكال ما بقي على حساب ذلك من العدد ؟ فقال : لا بأس به(4).

ص: 191


1- أي أن المرجع في الكيل والوزن ما عليه أغلب الناس وما هي عادة أهل البلد، ولا عبرة بما يكون عرفاً خاصاً بين بعض الناس
2- التهذيب 7، 9 - باب الغرر والمجازفة وشراء ... ، ح 2 . الاستبصار 3 ، 67 - باب أن ما يباع كيلاً أو وزناً لا 2 ما يجوز...، ح 2. والمجازفة والجزاف : الحدس والتخمين في البيع والشراء من دون كيل ولا وزن بل كيفما اتفق أي مجهول القدر مكيلاً كان أو موزوناً.
3- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 17 بتفاوت وزيادة في أوله، وروي صدره برقم 68 من الباب ، وروي ذيله أيضاً برقم 32 من الباب 7 من نفس الجزء من التهذيب. وروي صدره في الفقيه 3 ، 77 - باب السلف في الطعام و ...، ح 4 وروي ذيله في ذيل ح 64 من الباب 69 من الجزء من الفقيه
4- التهذيب 7 9 - باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة و ... ، ح 4 . الفقيه 3 ، 69 - باب البيوع ، ح 58 . قال الشهيدان: «ولو شق العد في المعدود لكثرته أو لضرورة اعتبر مكيال ونسب الباقي إليه واغتفر التفاوت الحاصل بسببه، وكذا القول في المكيل والموزون حيث يشق وزنهما وكيلهما وعبر كثير من الأصحاب في ذلك بتعذر العد، والاكتفاء بالمشقة والعسر كما فعل المصنف أولى ، بل لو قيل بجوازه مطلقا لزوال الغرر وحصول العلم واغتفار التفاوت كان حسنا وفي بعض الأخبار دلالة عليه».

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عمّن ذكره، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يشتري بيعاً فيه كيل أو وزن يعيّره، ثمَّ يأخذه على نحو ما فيه؟ قال: لا بأس به(1).

5 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل له نَعَم يبيع ألبانها بغير كيل؟ قال: نعم، حتّى ينقطع، أو شيء منها(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال : سألته عن اللّبن، يُشترى وهو في الضرع؟ قال : لا، إلّا أن يحلب لك سُكُرُجَة فيقول : اشتر منّي هذا اللّبن الّذي في السُّكَرُّجة، وما في ضروعها بثمن مسمّى، فإن لم يكن في الضروع شيء، كان ما في السكرُّجة(3).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن أبي سعيد، عن الملك بن عمرو قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أشتري مائة راوية من زيت فأعرض راوية واثنتين فأزِنهما، ثمَّ أخذ سائره على قدر ذلك؟ قال : لا بأس(4).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخيّ

ص: 192


1- التهذيب 7 نفس الباب ح 3.
2- التهذيب 7، 9 باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة و ...، ح 8 الاستبصار ،3، 68 - باب إعطاء الغنم بالضريبة ، ح ، وفيه غنم بدل: نَعَم، قال المجلسي في مرآته 208/19 : »قوله (علیه السّلام) : حتى ينقطع ، أي ألبان الجميع أو لبن بعضها، ولا يبعد حمله على أن المراد من الانقطاع انفصال اللبن من الضرع ... وقال الفاضل الاسترابادي : يعني اللبن في الضروع كالثمرة على الشجرة ليس مما يكال عادة فهل يجوز بيعها بغير كيل؟ قال: نعم، لكن لا بد من التعيين بأن يقال : إلى انقطاع الألبان أو إلى أن تنتصف أو نظير ذلك . وهذا غريب من الفاضل رحمه الله ، إذ أن مثل هذا التعيين لا يرفع الجهالة عن المبيع ولا يخرجه عن المجازفة والغرر، وقد نص الفقهاء على عدم جواز بيع اللبن في الضرع ولو ضم إليه ما يحتلب منه
3- التهذيب 7، نفس الباب، ج 9 الاستبصار، نفس الباب، ح 6 الفقيه ،3، 69 - باب البيوع، ح 61 . والسُّكرُّجة : إناء صغير من الأدَم يوضع فيه الطعام، فارسي معرّب.
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 5 الاستبصار 3، 67 - باب أن ما يباع كيلاً أو وزناً لا يجوز بيعه جزافاً . ح 3، الفقيه ،3، نفس الباب، ح 66 . وفي التهذيب : فأتزنهما . والراوية: المزادة من ثلاثة جلود فيها الماء ، جمع روايا. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على اشتراط أن يكون المبيع معلوماً، يقول المحقق في الشرائع 17/2 : فلا يجوز بيع ما يكال أو يوزن أو يُعدّ جُزافاً، ولو كان مشاهداً كالصَّبرَة ولا بمكيال مجهول».

قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة وما في بطونها من حمل بكذا وكذا درهماً؟ قال : لا بأس بذلك، إن لم يكن في بطونها حَمل، كان رأس ماله في الصوف(1).

9 - أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن رفاعة النخّاس قال: سألت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) قلت له : أيصلح لي أن أشتري من القوم الجارية الأبقة وأعطيهم الثمن وأطلبها أنا؟ قال : لا يصلح شراؤها، إلّا أن تشتري منهم معها شيئاً ثوباً أو متاعاً فتقول لهم : أشتري منكم جاريتكم فلانة وهذا المتاع بكذا وكذا درهماً، فإنَّ ذلك جائز(2).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن الأصم عن مسمع عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه نهى ان يشتري شبكة الصيّاد يقول : اضْرِب بشبكتك فما خرج فهو من مالي بكذا وكذا(3).

11 - سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا كانت أجَمَةً ليس فيها قصب، أخرج شيء من السمك فيباع وما في

الأجمَة(4).

12 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن علي بن الحكم؛ وحميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، جميعاً عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل بن الفضل الهاشميّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يتقبّل بجزية رؤوس الرجال، وبخراج النخل والآجام والطير، وهو لا يدري لعلّه لا يكون من هذا شيء أبداً ، أو يكون؟ قال : إذا علم من ذلك شيئاً واحداً أنّه قد أدرك ، فاشتره وتقبّل به(5).

ص: 193


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 10 . وذكره أيضاً برقم 84 من الباب 3 من نفس الجزء من التهذيب. الفقيه 3، 70 - باب المضاربة، ح 12 .
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 12. هذا، ويقول الشهيدان : «ولو باع المملوك الأبق المتعذر تسليمه صح مع الضميمة إلى ما يصح بيعه منفرداً فإن وجده المشتري وقدر على إثبات يده عليه وإلا كان الثمن بإزاء الضميمة ونزّل الأبق بالنسبة إلى الثمن منزلة المعدوم، ولكن لا يخرج بالتعذر عن ملك المشتري فيصح عتقه عن الكفارة وبيعه لغيره مع الضميمة .... ولو قدر المشتري على تحصيله دون البائع فالأقرب عدم اشتراط الضميمة في صحة البيع لحصول الشرط وهو القدرة على تسلمه . الخ».
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 13
4- التهذيب 7، 9 - باب الغرر والمجازفة و... ، ح 14. والأجَمَة : الشجر الملتف الكثيف.
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 15. وفي ذيله : ... وتقبل منه - الفقيه 3 69 - باب البيوع ، ح 62 بتفاوت، وقوله : بجزية رؤوس الرجال : يعني من أهل الذمة .

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن رجل من أصحابنا قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل يشتري الجصَّ، فيكيل بعضه ويأخذ البقيّة بغير كيل؟ فقال : إمّا أن يأخذ كلّه بتصديقه، وإمّا أن يكيله كلّه(1).

116- باب بيع المناع وشرائه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل اشترى ثوباً ولم يشترط على صاحبه شيئاً، فكرهه ثمَّ ردَّه على صاحبه، فأبى أن يقبله إلّا بوضيعة؟ قال : لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة، فإن جهل فأخذه وباعه بأكثر من ثمنه، ردَّ على صاحبه الأوَّل ما زاد(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : في رجل قال الرجل : بع ثوبي بعشرة دراهم، فما فضل فهو لك؟ فقال : ليس به بأس(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل يحمل المتاع لأهل السوق، وقد قوَّموه عليه قيمة، فيقولون: بع، فما ازددت فلك؟ قال: لا بأس بذلك، ولكن لا يبيعهم مرابحة(4).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ؛ وغيره، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : لا بأس بأجر السمسار، إنّما

ص: 194


1- التهذيب ،7 ، نفس الباب، ح 16
2- الحديث حسن، ويدل على ما هو المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم من عدم جواز الإقالة إلا بالثمن المسمى دون زيادة ولا نقصان
3- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة ح 31
4- التهذيب، نفس الباب ح 33 بتفاوت يسير الفقيه ، نفس الباب، ح 29، والمرابحة: هي أن يخبر البائع المشتري برأسمال المبيع مع زيادة عليه تكون ربحاً له، ويشترط في المرابحة علم كل من البائع والمشتري بقدر الثمن وقدر الربح والغرامة والمؤن إن ضمها، ويجب على البائع الصدق في الثمن والمؤن وما طرأ من موجب النقص والأجل وغيره ...

يشتري للناس يوماً بعد يوم بشيء مسمّى، إنّما هو بمنزلة الأجراء(1).

5 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن السمسار يشتري بالأجر فيدفع إليه الوَرِق ويشترط عليه أنّك إن تأتي بما تشتري فما شئتُ تركتُه، فيذهب فيشتري ثمَّ يأتي بالمتاع فيقول : خذ ما رضيتَ ودع ما كرهتَ؟ قال: لا بأس(2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرجل يشتري الجراب الهرويِّ (3)والقوهي(4)، فيشتري الرَّجل منه عشرة أثواب، فيشترط عليه خياره كلِّ ثوب بربح خمسة أو أقلّ أو أكثر؟ فقال : ما احبُّ هذا البيع، أرأيتَ إن لم يجد خياراً غير خمسة أثواب ووجد البقيّة سواء، قال له إسماعيل ابنه : إنّهم قد اشترطوا عليه أن يأخذ منهم عشرة؟ فردَّد عليه مراراً، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنّما اشترط عليه أن يأخذ خيارها أرأيتَ إن لم يكن إلّا خمسة أثواب ووجد البقيّة سواء؛ وقال : ما أحبُّ هذا، وكرهه لموضع الغبن(5).

7 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن الحسين بن الحسن، عن حمّاد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : يكره أن يشترى الثّوب بدينار غير درهم، لأنّه لا يدري كم الدّينار من

الدرهم(6).

ص: 195


1- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة ، ح 47. وكرره برقم (1) من الباب 12 من نفس الجزء وإن بتفاوت يسير الفقيه 3 ، 69 - باب البيوع ، ح 38 وفي ذيله : إنما هو مثل الأجير
2- التهذيب ،7 نفس الباب، ح 43. الفقيه 3 نفس الباب، ح 39
3- الهروي : نسبة إلى هرات بلد مشهور من أعمال أفغانستان
4- القوهي : نسبة إلى قوهستان كورة بين نيشابور وهرات.
5- التهذيب، نفس الباب، ح 46 بتفاوت الفقيه 3، نفس الباب، ح 28 بتفاوت أيضاً. والحديث مجهول
6- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة، ح 48 وفي ذيله : ... كم الدرهم من الدينار وأخرجه عن، الحسن بن الحسين عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السّلام)... «قوله (علیه السّلام) : بدينار غير درهم ؛ أطلق الشيخ وجماعة من أصحاب المنع من ذلك، والخبر يحتمل الوجهين : أحدهما : أن يكون المراد عدم معلومية نسبة الدرهم من الدينار في وقت البيع، وإن كان آيلا إلى المعلومية وثانيهما: أن يكون المراد جهالتها بسبب اختلاف الدراهم أو باختلاف قيمة الدنانير، وعدم معلوميتها عند البيع، أو عند وجوب أداء الثمن، ولعل هذا أظهر مرآة المجلسي 214/19 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 50/2: «لو باع مائة درهم بدينار إلا درهماً لم يصح لجهالته ، وكذا لو كان ذلك ثمناً لما لا ربا فيه وقد علق الشهيد الثاني رضوان الله عليه في المسالك 32/2 على قول المحقق شارحاً : بأن باعه ثوباً بدينار غير درهم، فإن الحكم واحد في الصحة مع علم النسبة والبطلان لا معه.

117- باب بيع المرابحة

1 - عدةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن محمّد بن أسلم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن الرَّجل يشتري المتاع جميعاً بالثّمن ثمَّ يقوِّم كلَّ ثوب بما يسوى حتّى يقع على رأس ماله جميعاً، أيبيعه مرابحة ؟ قال : لا، حتّى يبيّن له إنّما قوِّمه(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قَدِمَ لأبي عبد الله (علیه السّلام) متاع من مصر، فصنع طعاماً ودعا له التّجار فقالوا : إنّا نأخذه منك بدَه دَوَازْدَه؟ فقال لهم أبي : وكم يكون ذلك؟ قالوا : في كل عشرة آلاف ألفين، فقال لهم أبي : إنّي أبيعكم هذا المتاع باثني عشر ألفاً، فباعهم مساومة(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائنيّ قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنّي لأكره بيع دَهُ يَازْدَه، ودَهُ دَوَازْدَه، ولكن أبيعك بكذا وكذا(3).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّی بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان بن عثمان، عن محمّد قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنّي أكره بيع عشرة بأحد عشر، وعشرة باثني عشر، ونحو ذلك من البيع، ولكن أبيعك بكذا وكذا مساومة، قال وأتاني متاع من مصر، فكرهت أن أبيعه كذلك، وعظم عليِّ، فبعته مساومة(4).

ص: 196


1- التهذيب ، نفس الباب، ح 39 بتفاوت وزيادة في آخره وأخرجه عنه عن صفوان وفضالة عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (علیه السّلام) . الفقيه 3 69 - باب البيوع، ح 31 بتفاوت وأخرجه عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما (علیه السّلام). والسبب في عدم جواز بيعه مرابحة إلا إذا أخبر المشتري بأنه قومه، لأن الواجب على البائع في المرابحة أن يكون صادقا في ذكر الثمن، والتقويم لا يقتصر فيه على الثمن وإنما يدخل فيه ما يلحق الثمن أيضا من زيادات مرادة للاسترباح وغيرها.
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 34 بتفاوت الفقيه ، نفس الباب، ح 30. وظاهر الحديث أن الإمام (علیه السّلام) باعهم المتاع مساومة في حين أرادوا أخذه مرابحة، وذلك يدل على أن بيع المساومة أفضل من بيع المرابحة، أو بيع التولية وبيع المساومة هو عبارة عن البيع بما يتفقان عليه من غير تعرّض للإخبار بالثمن سواء علمه المشتري أولا، وبهذه الأفضلية قال أصحابنا رضوان الله عليهم. وسوف يشير (علیه السّلام) إلى ذلك صراحة في الحديث رقم (4) من هذا الباب.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 37
4- التهذيب 7 نفس الباب، ح 36.

5 - الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النّهديِّ، عن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّا نبعث بالدِّراهم لها صرف إلى الأهواز، فيشتري لنا بها المتاع، ثمَّ نلبث، فإذا باعه وضع عليه صرفه، فإذا بعناه، كان علينا أن نذكر له صرف الدِّراهم في المرابحة ، يجزينا عن ذلك ؟ فقال : لا ، بل إذا كانت المرابحة فأخبره بذلك، وإن كان مساومة فلا بأس(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن يحيى بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل قال لي : اشتر لي هذا الثّوب وهذه الدَّابّة، ويعيّنها وأربحك فيها كذا وكذا؟ قال : لا بأس بذلك، قال: ليشترِها، ولا تواجبه البيع قبل أن نستوجبها، أو تشتريها(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن صفوان، عن أيّوب بن راشد عن ميّسر بياع الرُّطي(3)قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّا نشتري المتاع بِنَظِرَة، فيجيء الرَّجل فيقول : بكَم تَقَوّم عليك؟ فأقول بكذا وكذا، فأبيعه بربح؟ فقال : إذا بعته مرابحة كان له من النّظرة مثل مالَكَ، قال : فاسترجعت وقلت : هَلَكُنا، فقال : مِمَّ؟ فقلت : لأنَّ ما في الأرض ثوب إلّا(4)أبيعه مرابحة، يشترى منّي، ولو وضعت من رأس المال، حتّى أقول بكذا وكذا، قال: فلمّا رأى ما شقّ عليَّ قال أفَلَا أفتح لك باباً يكون لك فيه فَرَجُ؟ قل : قام عَلَيَّ بكذا وكذا، وأبيعك بزيادة كذا وكذا، ولا تقل برِبع(5).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن أسباط بن سالم قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّا نشتري العِدْلَ فيه مائة ثوب خيار وشرار، فيجيئنا الرَّجل فيأخذ من العِدل تسعين ثوباً بربح درهم درهم، فينبغي لنا أن نبيع الباقي على مثل ما بعنا؟ فقال : لا، إلّا أن يشتري الثّوب وحده(6).

ص: 197


1- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة، ح 49
2- التهذيب 7 نفس الباب ح 50 بتفاوت ولعل قوله في ذيل الحديث أو تشتريها من الراوي نفسه
3- الزُّطّ: طائفة من أهل الهند، معرّب : جَت، وإليهم تنسب الشياب الزطّية، وهذا الراوي كان يبيع تلك الثياب فنسب إليها
4- ليس في الفقيه كلمة (إلا) ولعله الأظهر وفي التهذيب ما في الأرض ثوب يقوم بكذا وكذا
5- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة ، ح 45 بتفاوت الفقيه 3 69 - باب البيوع ، ح 24 بتفاوت يسير،والحديث مجهول.
6- التهذيب 7، نفس الباب، ح 51، والحديث ضعيف على المشهور. ويدل على ما هو المشهور عندنا من أنه إذا اشترى أمتعة صفقة فلا يجوز بيع بعضها مرابحة إلا أن يخبر بالحال . وهو ردّ لمدهب ابن الجنيد وابن البراج حيث جوزا ذلك فيما لا تفاضل فيه كالمعدود المتساوي . والله العالم .

118- باب السلف في المتاع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا بأس بالسّلم في المتاع إذا وصفتَ الطّول والعرض(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سالته عن السّلم - وهو السّلف - في الحرير والمتاع الّذي يصنع في البلد الّذي أنت فيه؟ قال : نعم، إذا كان إلى أجل معلوم(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال : لا بأس بالسّلم في المتاع إذا سمّيت الطّول والعرض(3).

119- باب الرجل يبيع ما ليس عنده

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن حديد بن حكيم الأزديّ قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : يجيئني الرّجل يطلب منّي المتاع بعشرة آلاف درهم أو أقلّ أو أكثر، وليس عندي إلّا بألف درهم، فأستعير من جاري وآخذ من ذا وذا فأبيعه، منه، ثمَّ أشتريه منه، أو أمر من يشتريه فأردُّه على أصحابه؟ قال : لا بأس به(4).

2 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن منصور، عن هشام بن سالم، عن أبي

ص: 198


1- التهذيب 7، 3 - باب بيع المضمون، ح 1
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 2
3- التهذيب 7 ، نفسن الباب، ح .. وفيه ... عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) هذا ، والسَّلَم أو السلف : هو ابتياع مال مضمون إلى أجل معلوم بمال حاضر أو في حكمه ، كأن يكون متعلقاً بذمة البائع أو مقبوضاً من قبله قبل العقد، وينعقد بلفظ اسلفت وأسلمت وما أدى معنى ذلك . وبلفظ البيع والشراء.
4- التهذيب 7 ، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة ، ج 14 بتفاوت يسير جداً. وقوله: فأستعيره : أي اقترضه .

عبد الله (علیه السّلام) قال: سئل عن رجل باع بيعاً ليس عنده إلى أجَلِ، وضمن له البيع ؟ قال : لا بأس به(1).

3 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : عن رجل اشترى متاعاً ليس فيه كيل ولا وزن أيبيعه قبل أن يقبضه؟ قال : لا بأس.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : الرَّجل يجيئني يطلب المتاع، فأقاوله على الربح ، ثم أشتريه فأبيعه منه ؟ فقال : أليس إن شاء أخذ وإن شاء ترك؟ قلت بلى قال : لا بأس به ، قلت : فإنّ مَنْ عندنا يُفسده ؟ قال : ولم؟ قلت : باع ما ليس عنده؟ قال : فما يقول في السلم، قد باع صاحبه ما ليس عنده؟ قلت : بلى، قال : فإنما صلح من أجل أنّهم يسمونه سَلَماً، إنَّ أبي كان يقول: لا بأس ببيع كلّ متاع كنتَ تجده في الوقت الذي بعته فيه.

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يجيئني يطلب المتاع الحرير وليس عندي منه شيءٌ، فيقاولني وأُقاوله في الرّبح والأجل، حتّى يجتمع على شيء(2)، ثمَّ أذهب فأشتري له الحرير وأدعوه إليه؟ فقال : أرأيتَ إن وجد بيعاً هو أحبُّ إليه ممّا عندك، أيستطيع أن ينصرف إليه ويدعك، أو وجدت أنت ذلك، أتستطيع أن تنصرف عنه وتدعه؟ قلت : نعم قال : لا بأس(3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يحيى بن الحجّاج، عن خالد بن نجيح (4)قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يجيء فيقول : اشتر هذا الثّوب وأربحك كذا وكذا ؟ فقال : أليس إن شاء أخذ وإن شاء ترك؟ قلت بلى قال : لا بأس به، إنّما يحلّل الكلام ويحرّم الكلام(5).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن

ص: 199


1- التهذيب 7، 3 - باب بيع المضمون، حه بتفاوت قليل. وكرره بسند آخر برقم 77 من نفس الباب، وسوف يكرره المصنف بسند آخر برقم 8 من هذا الباب
2- حتى يجتمع على شيء : أي يعزم عليه.
3- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة، ح 19 . الفقيه ،3 87 - باب الربا، ح 29 بتفاوت يسير.
4- في التهذيب : عن خالد بن الحجّاج.
5- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة ، ح 16 وفيه: يحلّ ... ، بدل : يحللّ.

سويد، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا بأس بأن تبيع الرَّجل المتاع ليس عندك، تساومه، ثمَّ تشتري له نحو الّذي طلب، ثمَّ تُوجِبُهُ على نفسك، ثمَّ تبيعه منه بَعْدُ(1).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل باع بيعاً ليس عنده إلى أجَل، وضمن البيع؟ قال : لا بأس(2).

9 - بعض أصحابنا، عن عليّ بن أسباط، عن أبي مخلّد السرّاج قال : كنّا عند أبي عبد الله (علیه السّلام)، فدخل عليه معتّب فقال بالباب ،رجلان فقال : أَدْخِلهما، فَدَخَلَا، فقال أحدهما: إنّي رجلٌ قصّاب، وإنّي أبيع المُسُوك قبل أن أذبح الغنم؟ قال: ليس به بأس، ولكن أنسبها، غنم أرض كذا وكذا(3).

120- باب فضل الشيء الجيّد الذي يباع

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن بعض أصحابنا، عن مروك بن عُبيد، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : في الجيّد دعوتان، وفي الرَّديّ دعوتان يقال لصاحب الجيّد : بارك الله فيك وفيمن باعك ، ويقال لصاحب الرديّ: لا بارك الله فيك ولا فيمن باعك(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن الوشّاء، عن عاصم بن حميد قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : أيُّ شيء تعالج ؟ قلت: أبيع الطّعام، فقال لي : اشتر الجيّد وبع الجيّد، فإن الجيّد إذا بعته قيل له : بارك الله فيك وفيمن باعك(5).

ص: 200


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 12
2- التهذيب 7 3 - باب بيع المضمون ، ح 6 و 7 ، والمُسُوك : جمع المسّك، وهو الجلد، وقيل : بأنّه خاص بالسَخلة، سمي به لأنه يمسك ما وراءه من اللحم والعظم، يقول المحقق في الشرائع 62/2 وهو بصدد الحديث عن اشتراط ذكر الجنس والوصف في المسلم فيه، وفيما إذا كان الشيء مما لا ينضبط بالوصف : وفي الجلود تردد ، وقيل : يجوز مع المشاهدة، وهو خروج عن السلم.
3- التهذيب 7 3 - باب بيع المضمون ، ح 6 و 7 ، والمُسُوك : جمع المسّك، وهو الجلد، وقيل : بأنّه خاص بالسَخلة، سمي به لأنه يمسك ما وراءه من اللحم والعظم، يقول المحقق في الشرائع 62/2 وهو بصدد الحديث عن اشتراط ذكر الجنس والوصف في المسلم فيه، وفيما إذا كان الشيء مما لا ينضبط بالوصف : وفي الجلود تردد ، وقيل : يجوز مع المشاهدة، وهو خروج عن السلم.
4- الحديث مرسل .
5- الحديث مجهول.

121- باب العِينَة

121- باب العِينَة(1).

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن سوقة، عن الحسين بن المنذر قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : يجيئني الرَّجل فيطلب العينة، فأشتري له المتاع مرابحة ثمَّ أبيعه إيّاه، ثمَّ أشتريه منه مكاني(2)؟ قال : فقال : إذا كان بالخيار إن شاء باع وإن شاء لم يبع، وكنت أنت أيضاً بالخيار إن شئتَ اشتريت وإن شئت لم تشتر، فلا بأس قال قلت فإنَّ أهل المسجد(3)يزعمون أنَّ هذا فاسدٌ ويقولون : إن جاء به بعد أشهر صلح ؟ فقال : إنَّ هذا تقديم وتأخير، فلا بأس به(4).

2 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن العِينَة وقلت : إنَّ عامّة تجّارنا اليوم يعطون العينة، فأقصّ عليك كيف تعمل؟ قال هات قلت يأتينا الرَّجل المساوم يريد المال، فيساومنا وليس عندنا متاع، فيقول: أربحك دَه يَازْدَه ، وأقول :أنا دَهُ دَوَازْدَه ، فلا نزال نتراوض(5)، حتّى نتراوض على أمر، فإذا فرغنا قلت له : أيّ متاع أحبُّ إليك أن أشتري لك؟ فيقول: الحرير، لأنّه لا نجد شيئاً أقلّ وضيعة منه، فأذْهَبُ وقد قاولته من غير مبايعة؟ فقال: أليس إن شئت لم تعطه وإن شاء لم يأخذ منك؟ قلت: بلى قال : فأذهب فأشتري له ذلك الحرير، وأماكس بقدر جهدي ثمَّ أجيىء به إلى بيتي فأبايعه، فربّما ازددت عليه القليل على المقاولة، وربّما أعطيته على ما قاولته وربّما تعاسرنا، فلم يكن شيء(6)، فإذا اشترى منّي لم يجد أحداً أغلى به (7) من الّذي اشتريته منه، فيبيعه منه، فيجيء ذلك(8)فيأخذ الدّراهم فيدفعها إليه، وربّما جاء ليحيله عليَّ ؟ فقال : لا

ص: 201


1- العينة: مأخوذة من العين، وهو النقد الحاضر، وقيل في معناها: أن يبيع الرجل عيناً على آخر بثمن محدّد نسيئة : إلى أجل محدّد، وعندما يحلّ الأجل يعود فيشتريها منه بثمن أقل مما باعها به عليه . وقيل - كما في بعض كتب اللغة - أن يأتي الرجل رجلا ليستقرضه فلا يرغب المقرض في إقراضه طمعا في الفضل الذي لا ينال بالقرضة فيقول له : أبيعك هذا الثوب باثني عشر درهماً إلى أجل وقيمته عشرة، فيستفيد درهمين في مقابلة الأجل. ويسمّى عينة لأن المقرض أعرض عن العَرَض إلى بيع العين وفي الصحاح : العينة هي النسيئة.
2- أي أفعل ذلك كله في مقام واحد
3- يعني فقهاء المدينة، أو فقهاء الحجاز.
4- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة، ح 23 بتفاوت يسير 23
5- المراوضة: المساومة والمماكسة في البيع.
6- أي لا يحصل التبايع بيني وبينه.
7- أي لا يجد من يشتري منه ذلك الحرير أكثر من البائع الأول الذي ابتعته منه .
8- أي البائع، فيأخذ الثمن منه ويدفعه إلى الذي اشترى مني

تدفعها(1)إلّا إلى صاحب الحرير ، قلت : وربّما لم يتّفق بيني وبينه البيع به وأطلب إليه فيقبله منّي(2)؟ فقال : أو ليس إن شاء لم يفعل وإن شئت أنت لم تردّ؟ قلت: بلى، لو أنّه هلك فمن مالي ، قال : لا بأس بهذا ، إذا أنت لم تَعَدَّ هذا(3)، فلا بأس به(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن سَيف بن عَمِيرة، عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل طلب من رجل ثوباً بعينة، فقال: ليس عندي وهذه دراهم فخذها فاشتر بها، فأخذها واشترى ثوباً كما يريد، ثمَّ جاء به ليشتريه منه؟ فقال : أليس إن ذهب الثّوب فمن مال الّذي أعطاه الدِّراهم؟ قلت : بلى، فقال : إن شاء اشترى وإن شاء لم يشتره؟ قال: فقال : لا بأس به(5).

4 - أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرميّ قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : رجل يعيّن، ثمَّ حلّ دينه فلم يجد ما يقضي، أيتعيّن من صاحبه الّذي عيّنه ويقضيه؟ قال : نعم(6).

5 - أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن إسماعيل، عن أبي بكر الحضرميّ قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : يكون لي على الرَّجل الدِّراهم، فيقول لي : بعني شيئاً أقضيك، فأبيعه المتاع ثمَّ أشتريه منه، وأقبض مالي؟ قال : لا بأس(7).

6 - محمّد بن يحيى، عن عن أحمد بن محمّد، عن حنان بن سدير قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام) فقال له جعفر بن حنان : ما تقول في العينة في رجل يبايع رجلًا فيقول له : أبايعك بدَه دَوَازْدَه، وبِدَهُ يَازْدَه؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : هذا فاسد ولكن يقول : أربح عليك في جميع

ص: 202


1- أي لا تقبل الحوالة
2- الضميران في (إليه ويقبله يرجعان إلى البائع الذي باعه المتاع أي يلتمس من البائع أن يقبله من البيع ويأخذ متاعه.
3- أي لم تتعدّ هذا الشرط ولم تتجاوزه، وهو إن شاء لم يقلك ولو شئت لم تردّ.
4- الحديث صحيح
5- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة، ح 25
6- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 8 الاستبصار ،3، 51 - باب العينة ، ح 1 . ويفهم من هذا الحديث أنه لو كان لزيد على عمرو دين حلّ أجله وليس عند عمرو ما يقضي به زيداً دينه فيشتري عمرو من زيد عيناً بثمن محدد ولكن نسيئة وبعد تمامية الصفقة يعود عمرو فيبيع العين على صاحبها الأول بمقدار دينه الذي له عليه ويستوفي بذلك زيد الدائن دينه من ثمن السلعة، ويصبح لزيد في ذمة عمرو دين جديد هو ثمن السلعة هذه ولعل هذا المعنى هو ما قصده الشهيد الأول في الدروس للعينة.
7- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها، ح59 بتفاوت يسير.

الدِّراهم كذا وكذا، ويساومه على هذا، فليس به بأس، وقال: أُساومه وليس عندي متاع ؟ قال : لا بأس.

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل لي عليه مالٌ وهو معسرٌ، فأشتري بيعاً من رجل إلى أجل على أن أضمن ذلك عنه للرَّجل، ويقضيني الّذي عليه؟ قال: لا بأس(1).

8 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن هارون بن خارجة قال : قلت لأبي عبد الله (عیه السّلام) : عيّنت رجلاً عينة، فقلت له : إقْضِني، فقال: ليس عندي، تعيّني حتّى أقضيك؟ قال : عيّنه حتّى يقضيك(2).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحديد، عن محمّد بن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : إنّ سلسبيل طلبت منّي مائة ألف درهم على أن تربحني عشرة آلاف فأقرضتها تسعين ألفاً، وأبيعها ثوباً وشيّاً(3)تقوم عليَّ بألف درهم، بعشرة آلاف(4)درهم؟ قال : لا بأس.

وفي رواية أخرى : لا بأس به، أعطها مائة ألف، وبعها الثوب بعشرة آلاف، واكتب عليها كتابَين.

10 - أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ بن عبد الله، عن عمّه محمّد بن عبد الله، عن محمّد بن إسحاق بن عمّار قال : قلت للرّضا (علیه السّلام) : الرَّجل يكون له المال قد حلُّ على صاحبه، يبيعه لؤلؤة تسوى مائة درهم، ويؤخر عنه المال إلى وقت؟ قال: لا بأس، قد أمرني أبي ففعلت ذلك. وزعم أنّه سأل أبا الحسن (5)(علیه السّلام) عنها، فقال له مثل ذلك(6).

ص: 203


1- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة ، ح 10 بتفاوت وفيه : .... على أن أضمن عنه للرجل أن يقضي الذي لي. وقد استظهر المجلسي في المرآة أن ما في الفروع أظهر مما في التهذيب، «ولعل فائدته الضمان أنه يحصل في يده مال وإن الزم أداءه وإنه إذا كان الطالب غيره ظاهراً يؤدي إليه، مرآة المجلسي 227/19.
2- الفقيه 3 88 - باب المبايعة والعينة ، ح 4 بتفاوت
3- قال في القاموس : الوشي : نقش الثوب، ويكون من كل لون . وَوَشى الثوب وشياً وَشِيَةً حَسَنَةٌ : نمنمه ونقشه، وحّسنه، کوشّاه
4- أي أبيعها إياه بعشرة آلاف درهم ليتم مجموع القرض مائة ألف
5- يعني الإمام موسى بن جعفر (علیه السّلام).
6- التهذيب 7 نفس ،الباب ح 28 . الفقيه ،3 نفس الباب وروي صدره برقم 2 وذيله برقم 3. والحديث مجهول والظاهر أن ما تضمنه هذا الحديث هو حيلة للتخلص من الربا، ولكنها طريق لا يسلم راكبها، فالأفضل للمؤمن تركها والتنزه عنها فإن من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه.

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : يكون لي على الرَّجل دراهم، فيقول أخّرني بها وأنا أربحك، فأبيعه جبة تَقَوُمُ عليٍّ بألف درهم بعشرة آلاف درهم، أو(1) قال : بعشرين ألفاً، وأؤخّره بالمال؟ قال: لا بأس(2).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الملك بن عتبة قال : سألته عن الرَّجل أريد أن أعينه المال، ويكون لي عليه مال قبل ذلك، فيطلب منّي مالاً أزيده على مالي الّذي لي عليه أيستقيم أن أزيده مالاً وأبيعه لؤلؤة تساوي مائة درهم بألف فأقول : أبيعك هذه اللّؤلؤة بألف درهم، على أن أؤخّرك بثمنها وبما لي عليك كذا وكذا درهم، شهراً؟ قال : لا بأس(3).

122- باب الشرطين في البيع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه [عن ابن أبي نجران]، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : من باع سلعة فقال : إنَّ ثمنها كذا وكذا يداً بيد، ثمنها كذا وكذا نَظِرةً، فخذها بأيّ ثمن شئت وجعل صفقتها واحدة، فليس له إلّا أقلّهما(4)، وإن كانت نظِرَةً ، قال : وقال (علیه السّلام) : من ساوم بثمنين أحدهما عاجلا والآخر نظِرَةً، فليسم أحدهما قبل الصفقة(5).

ص: 204


1- الترديد من الراوي
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 27
3- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة، ح 26 . والحديث صحيح. والحديث فيه كالحديث في العاشر من هذا الباب فراجع.
4- يعني أقلّ الثمنين وإن كان البيع نسيئة.
5- التهذيب 7 ، 4 - باب البيع بالنقد و ...، ح 1. الفقيه 3 ، 87 - باب الربا ، ح 32 وفيه إلى قوله : وإن كانت نظِرَة . هذا والأقوى عند الأصحاب بطلان البيع في مثل هذا، واعتبروا ما تضمنه هذا الحديث من حكم ضعيفاً ساقطاً. قال الشهيدان: «ولو جعل الحال ثمناً والمؤجل أزيد منه أو فاوت بين الأجلين في الثمن بأن قال : بعتك حالاً بمائة ومؤجلاً إلى شهر بمائتين أو مؤجلاً إلى شهر بمائة وإلى شهرين بمائتين بطل لجهالة الثمن بتردده بين الأمرين. وفي المسألة قول ضعيف بلزوم أقل الثمنين إلى أبعد الأجلين استناداً إلى رواية ضعيفة

123- باب الرجل يبيع البيع ثم يوجد فيه عَيْبٌ

1 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطيّة، عن عمر بن يزيد قال : كنت أنا وعمر بالمدينة، فباع عمر جراباً هَرَويّاً كلَّ ثوب بكذا وكذا، فأخذوه فاقتسموه ، فوجدوا ثوباً فيه عيب، فردُّوه، فقال لهم عمر : أعطيكم ثمنه الّذي بعتكم به، قال : لا، ولكن نأخذ منك قيمة الثوب، فذكر عمر ذلك لأبي عبد الله (علیه السّلام)، فقال : يلزمه ذلك(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیه السّلام) في الرَّجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيباً؟ فقال: إن كان الشيءٌ قائماً بعينه، ردَّه عليه وأخذ الثمن، وإن كان الثوب قد قُطع أو خيط أو صبغ، يرجع . بنقصان العيب(2).

3 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن موسى بن بكر عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: أيّما رجل اشترى شيئاً وبه عيب أو عَوار ولم يتبرَّأ إليه ولم يتبيّن له، فأحدث فيه بعد ما قبضه شيئاً، ثمّ علم بذلك العوار أو بذلك الدَّاء، أنّه يمضي عليه البيع، ويردُّ عليه بقدر ما ينقص من ذلك الدَّاء والعيب من ثمن ذلك لو لم يكن به(3).

ص: 205


1- التهذيب 7، 5 - باب العيوب الموجبة للردّ ، ح .. الفقيه 3 69 - باب البيوع ، ح 32 بتفاوت، وفي ذيله : يلزمهم ذلك، والقاعدة في صورة وجود عيب في المبيع وعدم علم المشتري به قبل العقد ثبوت الخيار للمشتري بين الرد بالعيب من رأس وأخذ الأرش وهو جزء من الثمن نسبته إليه مثل نسبة التفاوت بين القيمتين فيؤخذ ذلك التفاوت من الثمن وليس له أن يطالب بقيمة الصحيح من رأس وكذا فيما لو تعدد المبيع فوجد في بعض أفراده عيباً فهو بالخيار بين أن يفسخ البيع من رأس في الجميع أو يمضي البيع فيه مع أخذه أرش المعيب فقط وليس له أن يفسخ البيع في خصوص المعيب على انفراده . وإنما سقط خيار الرد في الصورة التي تضمنها الحديث التالي (رقم 2)وانتقل إلى أخذ الأرش لأن الرد يسقط بالتصرف في المبيع سواء حصل قبل علم المشتري بالعيب أو بعده وسواء كان التصرف ناقلاً للملك أم لا مغيراً للعين أم لا، وما نحن فيه من التصرف المغير للعين.
2- التهذيب ،7 نفس الباب ح 2، الفقيه 3، نفس الباب، ح 33 بتفاوت يسير
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 1 بتفاوت يسير . والحديث ضعيف على المشهور ، وما تضمنه من سقوط خيار الرد بالعيب إذا تبرأ البائع منه أو كان المشتري على علم به إجماعي عند أصحابنا رضوان الله عليهم.

124- بِابِ بيع النَّسِيئَة

1 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد قال: قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : إنّي أريد الخروج إلى بعض الجبل ؟ فقال : ما للنّاس بدُّ من أن يضطربوا سنتهم(1)هذه، فقلت له : جُعِلْتُ فداك، إنّا إذا بعناهم بنسيئة كان أكثر للرّبح، قال : فبعهم بتأخير سنة، قلت: بتأخير سنتين؟ قال: نعم، قلت: بتأخير ثلاث؟ قال: لا.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قضى أمير المؤمنين عليُّ (علیه السّلام) في رجل أمره نفر ليبتاع لهم بعيراً بنقد، ويزيدونه فوق ذلك نظِرةً، فابتاع لهم بعيراً ومعه بعضهم، فمنعه أن يأخذ منهم فوق وَرِقه نظِرَةً(2).

3 - عليٌّ، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل يشتري المتاع إلى أجل؟ قال : ليس له أن يبيعه مرابحة إلّا إلى الأجل الّذي اشتراه إليه، وإن باعه مرابحة فلم يخبره، كان للّذي اشتراه من الأجَل مثل ذلك(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن شعيب الحدّاد، عن بشّار بن يسار قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل يبيع المتاع بِنَسَاً فيشتريه من صاحبه الّذي يبيعه منه؟ قال : نعم لا بأس به، فقلت له : أشتري متاعي ؟ فقال : ليس هو متاعك ولا بقرك ولا غنمك(4).

أبو عليُّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن شعيب الحدَّاد، عن بشّار بن يسار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) مثله(5).

ص: 206


1- وذلك إما لحصول الغلاء، أو لوقوع فتنةٍ مّا
2- التهذيب 7، 4 - باب البيع بالنقد والنسيئة ، ح 2 . الفقيه 3، 87 - باب الربا، ح 33. والحديث حسن، ويظهر منه أنه إنما اشترى كوكيل لهم وأعطى الثمن من ماله ثم أراد أن يأخذ منهم زيادة على الثمن مقابل التأخير وهو ربا محرّم.
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 3.
4- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 4 . الفقيه 3، 69 - باب البيوع ، ح 26 . وقوله (علیه السّلام) : ليس هذا متاعك : لما توهم الراوي بأنه يشتري في هذه الحال متاع نفسه أجابه (علیه السّلام) بأنه صار ملكاً في هذا الحين للمشتري بالبيع الأول وليس هو ملك لك الآن . وهذه هي العينة.
5- التهذيب،7 نفس الباب ح 5

125- باب شراء الرقيق

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال: سألت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) عن رجل بيني وبينه قرابة، مات وترك أولاداً صغاراً، وترك مماليك؛ غلماناً وجواري، ولم يوص، فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية يتّخذها أُمَّ ولد، وما ترى في بيعهم؟ قال : فقال : إن كان لهم وليٌّ يقوم بأمرهم، باع عليهم، ونظر لهم، وكان مأجوراً فيهم، قلت : فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية فيتّخذها أمَّ ولد؟ قال : لا بأس بذلك، إذا باع عليهم القيّم لهم النّاظرُ لهم فيما يُصلحهم، فليس لهم أن يرجعوا فيما صنع القيّم لهم، الناظر [لهم] فيما يصلحهم(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل قال : مات رجل من أصحابنا ولم يوصِ، فرفع أمره إلى قاضي الكوفة، فصيّر عبد الحميد القيّمَ بماله، وكان الرَّجل خلّف ورثة صغاراً ومتاعاً وجواري، فباع عبد الحميد المتاع، فلمّا أراد بيع الجواري، ضعف قلبه في بيعهنّ، إذ لم يكن الميّت صيّر إليه الوصيّة، وكان قيامه فيها بأمر القاضي، لأنّهنّ فُرُوج، قال : فذكرت ذلك لأبي جعفر (علیه السّلام) وقلت له : يموت الرَّجل من أصحابنا ولا يوصي إلى أحد، ويخلّف جواري، فيقيم القاضي رجلاً منّا ليبيعهنّ أو(2)قال: يقوم بذلك رجلٌ منّا فيضعف قلبه لأنّهنّ فُرُوج، فما ترى في ذلك؟ قال : فقال : إذا كان القيّم به مثلَك ومثلَ عبد الحميد فلا بأس(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن الرَّجل يشتري العبد وهو أبق من أهله؟ فقال : لا يصلح، إلّا أن يشتري معه شيئاً آخر، فيقول : أشتري منك هذا الشيء وعبدك بكذا وكذا، فإن لم يقدر على العبد كان ثمنه الّذي نَقَدَ في الشيءِ(4).

ص: 207


1- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان ، ح8، الفقيه 4 ، 109 - باب فيمن لم يوص وله ورثة فيقسم بينهم أو...، ح 2.
2- الترديد من الراوي.
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 9 بتفاوت يسير، ج، «قوله (علیه السّلام) : إذا كان القيّم مثلك ...؛ الظاهر أن المماثلة في الاعتماد على نفسه بأن يعلم من حاله أنه يضبط أموالهم من الضياع أو يتأتى منه الاستثمار أو يكون عدلاً ضابطاً، وهو الثقة على المشهور. ويحتمل بعيداً أن تكون المماثلة في الفقيه بأن يكون مجتهداً عدلاً ضابطاً، وأبعد منه من يكون منصوباً بخصوصه من قبل الإمام (علیه السّلام) مرآة المجلسي 233/19.
4- التهذيب 7 نفس الباب ح 10 . وكرره برقم 11 من الباب 9 من نفس الجزء الفقيه 3 69 - باب البيوع، ح 63 وأخرجه بتفاوت عن زرعة عن سماعة عن أبي عبد الله (علیه السّلام)

4 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن رِفاعة النَخّاس قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) فقلت: ساومت رجلاً بجارية له فَبَاعَنِيها بحُكمي، فقبضتها منه على ذلك ثمَّ بعثت إليه بألف درهم، وقلت له : هذه الألف حُكْمي عليك، فأبى أن يقبلها منّي، وقد كنت مَسَسْتُها ، قبل أن أبعث إليه بألف درهم؟ قال : فقال : أرى أن تقوّم الجارية بقيمة عادلة، فإن كان ثمنها أكثر ممّا بعثت إليه، كان عليك أن تردَّ إليه ما نقص من القيمة، وإن كانت قيمتها أقلَّ ممّا بعثت به إليه، فهوله ، قال : فقلت : أرأيتَ إن أصبتُ بها عيباً بعد ما مَسَسْتُها؟ قال : ليس لك أن تردَّها، ولك أن تأخذ قيمة ما الصحّة والعيب(1).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال في المملوك يكون بين شركاء، فيبيع أحدهم نصيبه، فيقول صاحبه : أنا أحقُّ به الَهُ ذلك؟ قال: نعم، إذا كان واحداً، فقيل : في الحيوان شفعة؟ فقال: لا(2).

6 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (علیه السّلام) في شراء الرُّوميّات(3)؟ قال : اشترهنَّ وبعهنَّ .

7 - حمید بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن شراء مملوكي(4)أهل الذّمّة إذا أقرُّوا لهم بذلك ؟ فقال : إذا أقرُّوا لهم بذلك، فاشترِ وانكح(5).

ص: 208


1- التهذيب 7 6 - باب ابتياع الحيوان، ح 11 . الفقيه ،3 ، 70 - باب المضاربة ، ح 10 . وقوله في ذيل الحديث تأخذ قيمة ما بين الصحة والعيب منه : أي تأخذ منه الأرش لمكان العيب. وليس المقصود بالأرش هو تفاوت ما بين المعيب والصحيح وإنما هو مثل نسبة التفاوت بين القيمتين فيؤخذ ذلك التفاوت من الثمن بأن يقوم المبيع صحيحاً ومعيباً ويؤخذ من الثمن مثل تلك النسبة
2- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 12 . وكرره برقم 12 من الباب 14 من نفس الجزء الاستبصار 3، 78 - باب العدد الذين تثبت بينهم الشفعة ، ح 4. الفقيه 3، 36 - باب الشفعة ، ح 11 باختلاف متناً وسنداً، هذا، وقد عرّف المحقق في الشرائع 253/3 الشفعة فقال : «هي استحقاق أحد الشريكين حصة شريكه بسبب انتقالها بالبيع». وقال الشهيدان: «ولا تثبت لغير الشريك الواحد على أشهر القولين، وصحيح الأخبار يدل عليه وذهب بعض الأصحاب إلى ثبوتها مع الكثرة استناداً إلى روايات معارضة بأقوى منها». وظاهر الصدوق التفصيل بين الشفعة في الحيوان وحده فلا تثبت المغير الشريك الواحد وبين غير الحيوان فأوجب الشفعة للشركاء وإن كثروا . كما نسب القول بثبوتها لأكثر من شريك واحد إلى ابن الجنيد أيضاً
3- المقصود بهن النصرانيات، ولا بد من حمله على إذا لم يكن من أهل الذمة.
4- في التهذيب : مملوك
5- التهذيب 7 نفس الباب، ح 13 . الفقيه 3 ، 69 - باب البيوع ، ح 48 بتفاوت .

8 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سهل، عن زكريّا بن آدم قال : سألت الرِّضا (علیه السّلام) عن قوم من العدوّ صالحوا ثمَّ خفروا، ولعلّهم إنّما خفروا لأنّه لم يعدل عليهم، أيصلح أن يشتري من سَبيهِم؟ فقال : إن كان من عدوّ قد استبان عداوتهم فاشتر منهم، وإن كان قد نفّروا وظلموا فلا تبتع من سبيهم (1)قال(2): وسألته عن سبي الدِّيلم يسرق بعضهم من بعض، ويغير المسلمون عليهم بلا إمام، أيحلّ شراؤهم؟ قال : إذا أقرُّوا بالعبوديّة فلا بأس بشرائهم ؛ قال (3): وسألته عن قوم من أهل الذمّة أصابهم جوع فأتاه رجلٌ بولده فقال : هذا لك فأطعمه وهو

وهو لك عبد، فقال : لا تبتع حرَّاً فإنّه لا يصلح لك ولا من أهل الذّمّة.

9 - عدّةٌ من أصحابنا عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن رفاعة النّخّاس قال : قلت لأبي الحسن (4)(علیه السّلام) : إنَّ الروم يغيرون على الصّقالبة فيسرقون أولادهم من الجواري والغلمان، فيعمدون إلى الغلمان فَيَخْصُونَهُمْ، ثمَّ يبعثون بهم إلى بغداد إلى التجّار، فما ترى في شرائهم ونحن نعلم أنّهم قد سُرقوا، وإنّما أغاروا عليهم من غير حرب كانت بينهم؟ فقال : لا بأس بشرائهم، إنّما أخرجوهم من الشّرك إلى دار الإسلام(5).

10 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رقيق أهل الذمّة، أشتري

منهم شيئاً؟ فقال: اشترِ إذا أقرُّوا لهم بالرِّق(6).

11 - أبَان عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل اشترى جارية بثمن مسمَّى، ثمَّ باعها فربح فيها قبل أن ينقد صاحبها الّذي هي له، فأتاه صاحبها بتقاضاه ولم ينقد ماله، فقال صاحب الجارية للّذين باعهم : اكفوني غريمي هذا، والّذي ربحت عليكم فهو لكم؟ قال : لا بأس(7).

ص: 209


1- إلى هنا مروي في التهذيب 6 75 - باب سبي أهل الضلال ح. وكرره بتفاوت برقم 41 من الباب
2- من الجزء 7 من التهذيب.
3- من هنا إلى قوله : فلا بأس بشرائهم رواه بسند آخر برقم 2 من الباب 75 من الجزء 6 من التهذيب. وبنفس سند الفروع كرده برقم 42 من الباب 6 من الجزء 7 من التهذيب.
4- من هنا إلى آخر الحديث رواه في التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان ، ح 45 بتفاوت. وفي الاستبصار 3 ، 55 - باب الرجل يشتري من رجل من أهل الشرك امرأته أو ... ، ح 3 يتفاوت
5- يعني الإمام موسى بن جعفر (علیه السّلام)
6- التهذيب 6، 75 - باب سبي أهل الضلال ، ح 6 بتفاوت قليل . وخصاء الفحل : سَلّ خصيتيه
7- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان، ح 14وقد دل الحديث على صحة وجواز بيع الدين بحال ونقيصة، وبه عمل الأصحاب بشرط ألا يكون ربوياً فتعتبر المساواة. ولا فرق في من يباع عليه الدين بين المديون وغيره عندنا على المشهور لعموم الأدلة وقد خالف فيه ابن إدريس حيث منع من بيع الدين على غير المديون استناداً إلى دليل قاصر وتقسيم غير حاصر، على حد تعبير الشهيد الثاني في الروضة

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عصام بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قضى أمير المؤمنين صلوات الله عليه في وليدة باعها ابن سيّدها وأبوه غائب، فاستولدها الّذي اشتراها، فولدت منه غلاماً، ثمَّ جاء سيّدها الأوَّل فخاصم سيّدها الآخر فقال : وليدتي، باعها ابني بغير إذني؟ فقال : الحكم أن يأخذ وليدته وابنها، فناشده الّذي اشتراها ؛ فقال له : خذ ابنه الّذي باعك الوليدة حتّى ينقد لك البيع، فلمّا أخذه، قال له أبوه : أرسل ابني ، قال : لا والله لا أرسل إليك ابنك حتّى ترسل ابني، فلمّا رأى ذلك سيّد الوليدة أجاز بيع ابنه(1).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن حمزة بن حمران قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أدخل السّوق أريد أن أشتري جارية، فتقول لي : إنّي حرَّة؟ فقال : اشترها، إلّا أن تكون لها بيّنة(2).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمیر (3)عن زرارة قال : كنت جالساً عند أبي عبد الله (علیه السّلام)، فدخل عليه رجلُ ومعه ابن له، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : ما تجارة ابنك؟ فقال : التَّنَخُس، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا تَشْتَرِيَن شيئاً ولا عيباً (4)، وإذا اشتريت رأساً فلا تُرِيَنَّ ثمنه في كفّة الميزان، فما من رأس رأى ثمنه في كفّة الميزان فأفلح، وإذا اشتريت رأساً فغَيّر اسمه، وأطعمه شيئاً حلواً إذا ملَكته، وتصدَّق عنه بأربعة دراهم(5).

15 - عدَّةً من أصحابنا ، عن سهل بن زياد عن إبراهيم بن عقبة، عن محمّد بن ميسّر،

ص: 210


1- التهذيب ،7 نفس الباب، ح 33 . الاستبصار 3، 57 - باب من اشترى جارية فأولدها...، ح 4 ، الفقيه 3، نفس الباب ، ح 56 . هذا وقد علق الشيخ رحمه الله في الاستبصار على هذا الخبر بقوله : فالوجه في هذا الخبر إنما يأخذ وليدته وابنها إذا لم يردّ عليه قيمة الولد، فأما إذا بذل قيمة الولد فلا يجوز أخذ ولد الحر.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح32 الفقيه ، نفس الباب، ح54 . والوجه في وجوب إقامة البيئة على دعواها الحرية لأن ظاهر حالها ويد البائع معاً دليل على رقيتها وهي مدعية خلاف ذلك فعليها البينة، لأنها على المدعي، وبذلك أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم
3- توسط هنا في التهذيب: عن رجل، عن زرارة
4- في التهذيب: ... سبياً ولا غبياً.
5- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان ، ح 16 بتفاوت

عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : من نظر إلى ثمنه وهو يوزن لم يفلح(1).

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن رفاعة قال: سألت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) عن رجل شارك رجلاً في جارية له، وقال : إن ربحنا فيها فلك نصف الرّبح ، وإن كانت وضيعةً فليس عليك شيء؟ فقال : لا أرى بهذا بأساً، إذا طابت نفس صاحب الجارية(2).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الشّرط في الإماء ألا تباع ولا تورث ولا توهب؟ فقال : يجوز ذلك غير الميراث، فإنّها تورث، وكلُّ شرط خالف كتاب الله فهو ردٌّ.

18 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة قال : دخلت على أبي عبد الله (علیه السلّام) فقال لي: يا شابّ، أي شيء تعالج؟ فقلت: الرّقيق، فقال: أوصيك بوصيّة فاحفظها؛ لا تشترينّ شَيْئاً ولا عَيْباً، واستوثق من العُهْدَة(3).

126- ياب المملوك يُبَاعُ وله مال

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يشتري المملوك وله مال لمن مالُه؟ فقال : إن كان علم البائع أنَّ له مالاً، فهو للمشتري، وإن لم يكن علم ، فهو للبائع(4).

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب،

ص: 211


1- التهذيب ،7 نفس الباب ، ح 17 و 18 . ، ويقول المحقق في الشرائع 58/2 : ويستحب لمن اشترى مملوكاً أن يغير اسمه، وأن يطعمه شيئاً من الحلوى وأن يتصدّق عنه بشيء .... ويكره أن يرى المملوك ثمنه في الميزان .
2- التهذيب ،7 نفس الباب ، ح 17 و 18 . ، ويقول المحقق في الشرائع 58/2 : ويستحب لمن اشترى مملوكاً أن يغير اسمه، وأن يطعمه شيئاً من الحلوى وأن يتصدّق عنه بشيء .... ويكره أن يرى المملوك ثمنه في الميزان
3- الحديث ضعيف. ولعل المراد باستيثاق العهدة اشتراط ضمان العيب على البائع تأكيداً عند الشراء، أو اشتراط التبرّي من ضمان العيب عند البيع، أو الإخبار به أو المراد استوثق من صاحب العهدة، وهو البائع مرآة المجلسي 19 / 240.
4- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان، ح 21 . الفقيه 3 69 - باب البيوع ، ح 46 . وقد حكم فقهاؤنا بأن المال هنا للبائع إلا أن يكون المشتري قد شرط عليه أنه لو قال الشهيدان : «فلو اشتراه - أي المملوك - ومعه مال فللبائع لأن الجميع مال المولى فلا يدخل في بيع نفسه لعدم دلالته عليه إلا بالشرط فيراعي فيه شروط البيع من كونه معلوماً لهما أو ما في حكمه وسلامته من الربا بأن يكون الثمن مخالفاً لجنس الربوي أو زائداً عليه وقبض مقابل الربوي في المجلس وغيره ...».

عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل باع مملوكاً فوجد له مالاً؟ قال : فقال : المال للبائع، إنّما باع نفسه، إلّا أن يكون شرط عليه أنَّ ما كان من مال أو متاع فهو له(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قلت له : الرَّجل يشتري المملوك ومالَه؟ قال : لا بأس به قلت: فيكون مال المملوك أكثر ممّا اشتراه به؟ قال: لا بأس به(2).

127- باب من يشتري الرقيق فيظهر به عَيْبٌ وما يُرَدّ منه وما لا يُرَدْ

1 - عدةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن داوود بن فَرْقَد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل اشترى جارية مُدرِكة فلم تَحِض عنده حتّى مضى لها ستّة أشهر، وليس بها حَمل؟ فقال: إن كان مثلها تحيض، ولم يكن ذلك من كِبَرٍ، فهذا عَيْبٌ تُردُّ منه(3).

2 - ابن محبوب، عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل اشترى جارية حُبلى ولم يعلم بحَبَلها فوطأها ؟ ، قال : يردُّها على الّذي ابتاعها منه، ويردُّ عليه نصف عشر قيمتها لنكاحه إيّاها، وقد قال علي (علیه السّلام) : لا تُردُّ الّتي ليست بحُبلى إذا وطأها صاحبها، ويوضع عنه من ثمنها بقدر عيب إن كان فيها (4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن الملك بن عمير(5)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا تُردُّ الّتي ليست بحبلى إذا وطأها

ص: 212


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 20
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 19 الفقيه 3، نفس الباب، ح 47
3- التهذيب 7 ، 5 - باب العيوب الموجبة للردّ، ح 25 . وكرره برقم 49 من الباب 9 من الجزء 8 من التهذيب الفقيه 3، 2141 - باب أحكام المماليك والإماء ، ح 1 بتفاوت يسير، قال المحقق : «إذا اشترى أمة لا تحيض في ستة أشهر ومثلها تحيض كان ذلك عيباً لأنه لا يكون إلا لعارض غير طبيعي» شرائع الإسلام 37/2
4- التهذيب 7 5 - باب العيوب الموجبة للردّ ، ح 10 الاستبصار 3 52 - باب الرجل يشتري المملوكة فيطأهافيجدها حبلى، ح ا وفيه إلى قوله : لنكاحه إياها.
5- في التهذيبين : عن عبد الملك بن عمرو... ولعل ما في الفروع من خطأ النسّاخ.

صاحبها، وله أرش العيب، وتُردُّ الحبلى، ويُردُّ معها نصفُ عُشْر قيمتها(1).

وفي رواية أخرى : إن كانت بِكراً فعُشْرُ ثمنها؛ وإن لم تكن بكراً فنصفُ عُشْر ثمنها.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السّلام) في رجل اشترى جارية فوطأها ثمَّ وجد فيها عيباً؟ قال: تُقوّم وهي صحيحة، وتُقوّم وبها الدَّاء، ثمَّ يَرُدُّ البائع على المبتاع فَضْلَ ما بين الصّحة والدَّاء(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل اشترى جارية فوقع عليها؟ قال : إن وجد فيها عيباً فليس له أن يردَّها، ولكن يردُّ عليه بقيمة ما نقصها العيب قال :قلت هذا قول عليّ (علیه السّلام)؟ قال : نعم(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن الحكم عن العلاء عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) أنّه سئل عن الرَّجل يبتاع الجارية فيقع عليها ثمَّ يجد بها عيباً بعد ذلك؟ قال : لا يردُّها على صاحبها، ولكن تقوّم ما بين العيب والصحّة، فيردُّ على المبتاع، معاذ الله أن يجعل لها أجراً(4).

7 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علىّ، عن أبَان، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : كان عليُّ بن الحسين (علیه السّلام) لا يردُّ التي ليست بحُبلى إذا وطأها، وكان يضع له من ثمنها بقدر عيبها(5).

8 - حميد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي

ص: 213


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 11 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 2 الفقيه ،، 69 - باب البيوع، ح 50 بتفاوت فيه : ويرد نصف عشر ثمنها . أقول: ولا يخفى الفرق بين الثمن والقيمة، هذا ويقول المحقق في الشرائع 36/2: «وإذا وطأ الأمة ثم علم بعيبها لم يكن له ردّها، فإن كان العيب حَبَلاً جاز له ردّها ويردّ معها نصف عشر قيمتها لمكان الوطء، ولا يرد مع الوطء لغير عيب الحبل».
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 9.
3- التهذيب 7، 5 - باب العيوب الموجبة للردّ، ح 6.
4- التهذيب 7 نفس الباب، ح .. والحديث صحيح، «قوله (علیه السّلام) : معاذ الله...، يحتمل أن يكون ذلك لقولهم ببطلان البيع من رأس فيلزم أن يكون الوطىء بالأجرة بغير عقد وملك، وقال الوالد العلامة رحمه الله : أي معاذ الله أن يجعل لها أجراً يكون بإزاء الوطي، حتى لا يأخذ منه الأرش بل الوطي مباح والأرش .لازم ويفهم من هذه الأخبار أنه كان مذهب بعض العامة عدم الرد والأرش» مرآة المجلسي 244/19.
5- التهذيب ،7 نفس الباب، ح 5.

عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يشتري الجارية، فيقع عليها، فيجدها حُبلى؟ قال : يردُّها، ويردُّ معها شيئاً(1).

9 - أبَان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في الرَّجل يشتري الجارية الحبلى فينكحها وهو لا يعلم؟ قال : يردُّها، ويكسوها(2).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(علیه السّلام) في رجل اشترى جارية فأولدها فوُجِدَت مسروقة؟ قال : يأخذ الجاريةَ صاحبُها، ويأخذ الرَّجلُ ولده بقيمته (3).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عمّن حدَّثه، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل باع جارية على أنّها بكر، فلم يجدها على ذلك؟ قال : لا تُردُّ عليه، ولا يوجب عليه شيء، إنّه يكون يذهب في حال مرض، أو أمر يصيبه(4).

12 - الحسين بن محمّد، عن السيّاريّ(5)قال : قال : روي عن ابن أبي ليلى أنه قَدّم إليه رجلٌ خصماً له فقال : إنَّ هذا باعني هذه الجارية، فلم أجد على رَكَبها (6)حين كشفتها شعراً، وزعمك أنّه لم يكن لها قطّ، قال : فقال له ابن أبي ليلي : إنّ الناس لَيَحتالون لهذا بالحيل حتّى

ص: 214


1- التهذيب 7 نفس الباب ح 13 . الاستبصار 3، 52 - باب الرجل يشتري المملوكة فيطأها فيجدها حبلى، ح 6. الفقيه 3، 69 - باب البيوع ، ح 49 . وقال الشيخ في مقام توجيهه لهذا الحديث بشكل ينسجم مع غيره من الأخبار في هذا الباب قال : فليس يمتنع يكون عنى بقوله : شيئا، نصف عشر قيمتها لأن ذلك محتمل له ولغيره، وإذا بين في غير هذا الخبر مقدار ذلك فينبغي أن يحمل هذا الخبر عليه.
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح14 الاستبصار ، نفس الباب، ح 7 . الفقيه ، نفس الباب ، ح .51 . وفي الكتب الثلاثة : فيقع عليها بدل : فينكحها .. وقال الشيخ في التهذيب : وأما الخبر الذي رواه محمد بن مسلم من قوله : يردّها ويكسوها ، فليس يمتنع أن يكون أراد أن يكسوها كسوة تساوي نصف عشر قيمتها . انتهى . هذا وإنما يردّها مع عيب الحَبَل لهذه الروايات وغيرها وللروايات الكثيرة الدالة على أن بيع الحامل مع جهل المشتري بحملها باطل مطلقاً وذلك إما لأنها أم ولد، أو لأنها غير مستبرأة قبل البيع
3- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 24. الاستبصار 3، 57 - باب من اشترى جارية فأولدها ثم وجدها مسروقة، ح2
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 23 . الاستبصار ،3، 53 - باب من اشترى جارية على أنها بكر فوجدها ثيباً، ح 1
5- واسمه أحمد بن محمد بن السيّار.
6- الرُّكَب العانة أو منبتها، هذا وحيث نص أصحابنا رضوان الله عليهم على ضابط العيب في مثل هذه القضايا فقالوا : إن كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب شرائع) الإسلام (36/2)، فإن عدم الشعر على الركب يعتبر عيباً . بل بعضهم نص على كونه عيباً بخصوصه مشيراً إلى حكاية ابن أبي ليلى هذه كما فعل الشهيد الثاني رضوان الله عليه في الدروس.

يذهبوا به، فما الّذي كرهتَ؟ قال : أيّها القاضي، إن كان عيباً فاقضِ لي به، قال : حتّى أخرج إليك، فإنّي أجد أذىً في بطني، ثمَّ دخل وخرج من باب آخر، فأتى محمّد بن مسلم الثقفيّ فقال له : أيّ شيء تَروون عن أبي جعفر (علیه السّلام) في المرأة لا يكون على رَكَبِها شعر، أيكون ذلك عيباً؟ فقال له محمّد بن مسلم : أمّا هذا نصّاً فلا أعرفه، ولكن حدَّثني أبو جعفر، عن أبيه، عن آبائه (علیه السّلام) عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) أنّه قال : كلُّ ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيبٌ، فقال له ابن أبي ليلى : حَسْبُكَ، ثمَّ رجع إلى القوم فقضى لهم بالعيب(1).

13 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد الله الفرّاء، عن حريز عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (علیه السّلام) : الرَّجل يشتري الجارية من السّوق فيولدها، ثمَّ يجيىء رجلٌ فيقيم البيِّنة على أنّها جاريته، لم تُبَع ولم تُوهَب؟ قال : فقال لي : يردُّ إليه جاريته، ويعوّضه ممّا انتفع، قال : كَانّ معناه قيمة الولد(2).

14 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن رجل اشترى جارية على أنّها عذراء فلم يجدها عذراء؟ قال : يردُّ عليه فضل القيمة إذا علم أنّه صادق(3).

15 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن أبي الحسن الرِّضا (علیه السّلام) أنّه قال : تُرَدُّ الجاريةُ من أربع خصال من الجنون والجُذام والبَرَص والقَرَن والحُدبة، إلّا أنّها تكون في الصّدر، تدخل الظّهر وتخرج الصّدر(4).

16 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عليِّ بن أسباط، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : الخيار في الحيوان ثلاثة أيّام للمشتري، وفي غير الحيوان أن

ص: 215


1- التهذيب 7، 5 - باب العيوب الموجبة للرد، ح 26
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 20 . الاستبصار 3، 57 - باب من اشترى جاربة فأولدها ثم وجدها مسروقة ، ح 3. قال المحقق في الشرائع 59/2 من اولد جارية ثم ظهر أنها مستحقة انتزعها المالك، وعلى الواطىء عشر قيمتها إن كانت بكراً، ونصف العشر إن كانت ثيباً وقيل يجب مهر ،أمثالها والأول ،مروي، والولد حر، وعلى أبيه قيمته يوم ولد حياً ويرجع على البائع بما اغترمه من قيمة .الولد. وهل يرجع بما اغترمه من مهر واجرة؟ قيل : نعم، لأن البائع البائع أباحه بغير عوض ، وقيل : لا، لحصول عوض في مقابلته».
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 22 . الاستبصار 3 53 - باب من اشترى جارية على أنها بكر فوجدها ثيباً ، ح 2 . قال المحقق في الشرائع 322/2 : «إذا تزوج امرأة وشرط كونها بكراً فوجدها ثيباً لم يكن الفسخ لإمكان تجدده بسبب خفي، وكان له أن ينقص من مهرها ما بين مهر البكر والشيب ويُرجع فيه إلى العادة، وقيل : ينقص السدس، وهو غلط».
4- التهذيب 7 نفس الباب، ح 21 . وفيه : لأنها . ... بدل : إلا أنها .. والمعروف أن الحدبة هي عكس ما هو مذكور في الرواية، فإنها تدخل الصدر وتخرج الظهر هذا، ولكن لا يمنع أن تنعكس أيضاً.

يتفرقا، وأحداث السَّنَة تردُّ بعد السّنة، قلت : وما أحداث السِّنَة؟ قال : الجنون والجذام والبرص والقَرَن، فمن اشترى فحدث فيه هذه الأحدات، فالحكم أن يردَّ على صاحبه إلى تمام السّنة من يوم اشتراه(1).

17 - محمّد بن يحيى؛ وغيره، عن أحمد بن محمّد، عن أبي همّام قال : سمعت الرّضا (علیه السّلام) يقول : يُرَدُّ المملوك من أحداث السّنة؛ من الجنون والجذام والبرص، فقلنا : كيف يرد من أحداث السنة؟ قال : هذا أول السنة ، فإذا اشتريت مملوكاً به شيء من هذه الخصال ما بينك وبين ذي الحجّة رددته على صاحبه فقال له محمد بن علي : فالإباق من ذلك؟ قال : ليس الإباق من ذلك، إلّا أن يقيم البيّنة أنّه كان أبقَ عنده(2).

وروي عن يونس أيضاً : أنّ العُهْدَةَ في الجنون والجذام والبرص سَنَة.

وروى الوشّاء : أنَّ العهدة في الجنون وحده إلى سنة.

128- باب نادر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي حبيب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل اشترى من رجل عبداً، وكان عنده عبدان، فقال للمشتري : اذهب بهما فاختر أيّهما شئت ورد َّالآخر، وقد قبض المال، فذهب بهما المشتري فأبق أحدهما من عنده؟ قال : ليردَّ الّذي عنده منهما، ويقبض نصف الثّمن ممّا أعطى من البيع، ويذهب في طلب الغلام فإن وُجِد اختار أيّهما شاء وردَّ النّصف الّذي أخذ، وإن لم يوجد، كان العبد بينهما نصفه للبائع ونصفه للمبتاع(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجال اشتركوا في أمَة فائتَمَنوا بعضهم على أن تكون الأمة

ص: 216


1- التهذيب 7، 5 - باب العيوب الموجبة للردّ، ح 18.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 17 بتفاوت. والحديث بهذا السند صحيح، يقول المحقق في الشرائع 37/2 : الاياق الحادث عند المشتري لا يُرَدّ به العبد أما لو أبق عند البائع كان للمشتري ردّه . وقد أشار رحمه الله إلى هذه الرواية وما يليها من روايتين آتيتين في نفس الصفحة من الشرائع . كما لا بأس بمراجعة المسالك للشهيد الثاني رضوان الله عليه 27/2.
3- التهذيب 7 6 - باب ابتياع الحيوان .22 وكرره برقم 68 من نفس الباب ولكن بسند آخر عن أبي عبد الله (علیه السّلام) . الفقيه 3 55 - باب الإباق، ح 10 بتفاوت، وفي سنده: عن أبي حبيب ...

عنده، فوطأها؟ قال : يُدرأ عنه من الحدّ بقدر ما له فيها من النّقد ويُضْرَبُ بقدر ما ليس له فيها، وتقوّم الأمة عليه بقيمة، ويلزمها، وإن كانت القيمة أقلَّ من الثّمن الّذي اشتُريت به الجارية الْزِمَ ثمنها الأوَّل، وإن كان قيمتها في ذلك اليوم الّذي قدّمت فيه أكثر من ثمنها، ألزم ذلك الثّمن وهو صاغر، لأنّه استَفْرَشها(1)، قلت : فإن أراد بعض الشركاء شراءها دون الرَّجل؟ قال: ذلك له، وليس له أن يشتريها حتّى يستبرئها، وليس على غيره أن يشتريها إلّا بالقيمة(2).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّی بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أحمد بن عائذ، عن أبي سلمة(3)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: في رجلين مملوكين مفوَّض إليهما يشتريان ويبيعان بأموالهما، فكان بينهما كلامٌ، فخرج هذا يعدو إلى مولى هذا، وهذا إلى مولى هذا وهما في القوَّة سواء، فاشترى هذا من مولى هذا العبد، وذهب هذا فاشترى من مولى العبد الآخر، وانصرفا إلى مكانهما وتشبّث كلُّ واحد منهما بصاحبه وقال له : أنت قد

عبدي قد اشتريتك من سيّدك؟ قال: يحكم بينهما من حيث افترقا، يذرع الطريق فأيّهما كان أقرب فهو الّذي سبق الّذي هو أبعد، وإن كانا سواء فهو ردّ على مواليهما، جاءا سواء وافترقا سواء، إلّا أن يكون أحدهما سبق صاحبه، فالسّابق هو له إن شاء باع وإن شاء أمسك، وليس له أن يُضِرّ به(4).

وفي رواية أخرى : إذا كانت المسافة سواءً، يقرع بينهما، فأيّهما وقعت القرعة به كان عبده(5).

129- باب التفرقة بين ذوي الأرحام من المماليك

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : أتي رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بسبي من اليمن، فلمّا بلغوا الجُحفة، نفدت نفقاتهم فباعوا جارية من السبي كانت أمّها معهم

ص: 217


1- أي اتخذها ،فراشاً له، وهو كناية عن وطئه لها.
2- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان، ح 23 بتفاوت يسير.
3- في التهذيين : عن أبي خديجة .
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 24 . الاستبصار 3، 54 - باب المملوكين المادوبين في التجارة يشتري كل واحد منهما صاحبه من مولاه . ح 1 بزيادة في آخره . الفقيه ،3 12 - باب الحيل في الأحكام، ح 3 بتفاوت.
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 25 وفي ذيله : كان عبداً للآخر. وكذا في الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ذيل ح 1

فلمّا قدموا على النّبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) سمع بكاءَ فقال : ما هذا البكاء؟ فقالوا : يا رسول الله، احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها، فبعث بثمنها فأتي بها وقال : بيعوهما جميعاً أو أمسكوهما جميعاً(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن أخوين مملوكين، هل يفرَّق بينهما، وعن المرأة وولدها؟ قال : لا، هو حرام، إلّا أن يريدوا ذلك(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه أشْتُرِيَت له جارية من الكوفة، قال : فذهب لتقوم في بعض الحاجة، فقالت : يا أمّاه، فقال لها أبو عبد الله (علیه السّلام) : ألَكِ أمِّ؟ قالت : نعم، فأمر بها فَرُدَّت، فقال: ما أمِنْتُ لو حبستها أن أرى في ولدي ما أكره(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن موسى، عن يونس، عن عمرو بن أبي نصر قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الجارية الصّغيرة يشتريها الرَّجل؟ فقال : إن كانت قد استغنت عن أبويها فلا بأس.

5 - محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال في الرَّجل يشتري الغلام أو الجارية وله أخٌ أو أخت أو أب أو اُمٌّ بمصر من الامصار؟ قال : لا يخرجه إلى مصر آخر إن كان صغيراً، ولا يشتره، فإن كانت له أُمٌّ، فطابت نفسها ونفسه، فاشتره إن شئت(4).

130- باب العبد يسأل مولاه أن يبيعه ويشترط له أن يعطيه شيئاً

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر،

ص: 218


1- التهذيب 7، نفس ،الباب ح 28 بتفاوت يسير الفقيه 3، 69 - باب البيوع ، ح 40 . وفي المسألة عندنا قولان قول بحرمة التفريق بين ذوي الأرحام، وقول بالكراهة . قال الشهيد الثاني وهو بصدد بيان حرمة التفريق بين الأم وولدها أو كراهته وهل يزول التحريم أو الكراهة برضاها أو رضا الأم وجهان أجودهما ذلك ولا فرق بين البيع وغيره على الأقوى».
2- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان ، ح 26 الفقيه 3 ، 69 - باب البيوع ، ح 41 . ويدل على عدم الكراهة أو الحرمة مع إرادة التفرّق.
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 27
4- التهذيب 7 نفس الباب ذيل ح 4 بتفاوت يسير الفقيه ،3 نفس الباب ح 57، يقول المحقق في الشرائع 59/2 : التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم قبل استغنائهم عنهن محرمة ، وقيل : مكروهة، وهو الأظهر، والاستغناء يحصل ببلوغ سبع ، وقيل : يكفي استغناؤه عن الرضاع والأول أظهر.

عن الفضيل قال : قال غلام لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي كنت قلتُ لمولاي : يعني بسبعمائة درهم وأنا أُعطيك ثلاثمائة درهم؟ فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : إن كان لك يوم شرطت أن تعطيه شيء، فعليك أن تعطيه، وإن لم يكن لك يومئذ شيء، فليس عليك شيء(1).

2 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن فُضيل قال : قال غلام سندي لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي قلت لمولاي : بعني بسبعمائة درهم وأنا أعطيك ثلاثمائة درهم؟ فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : إن كان يومَ شَرَطْتَ لك مال، فعليك أن تعطيه، وإن لم يكن لك يومئذ مال، فليس عليك شيء(2).

131- باب السَّلَم في الرقيق وغيره من الحيوان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن السَّلَم في الحيوان؟ قال : ليس به بأس، قلت : أرأيتَ إن أسلم في أسنان معلومة، أو شيء معلوم من الرّقيق، فأعطاه دون شروطه، وفوقه بطيبة أنفس منهم ؟ فقال : لا بأس به(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) في رجل أعطى رجلاً وَرِقاً في وصيف (4)إلى أجل مسمّى، فقال له صاحبه: لا نجد لك وصيفاً، خذ منّي قيمة وصيفك اليوم ورقاً؟ قال : فقال : لا يأخذ إلّا وصيفه، أو ورقه الّذي أعطاه أوَّل مرَّة، لا يزداد عليه

شيئاً(5).

ص: 219


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 30
2- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان ، ح 29 . والحديث ضعيف على المشهور كسابقه. ويمكن أن يقال : هذه الأخبار أوفق بالقول بعدم مالكية العبد لأنه لو كان له مال فهو من مال البائع، فلذا يلزمه أداؤه لا بالشرط، وإذا لم يكن له مال وحصله عند المشتري فهو من مال المشتري، وعلى القول بمالكيته أيضاً يمكن أن يقال : لما كان ممنوعاً من تصرفه بالمال بغير إذن المولى فلا يمكن أداء ما شرطه مما حصله عند المشتري إذا لم يكن الشرط بإذنه، والله يعلم مرآة المجلسي 253/19 .
3- التهذيب 7 ، 3 - بيع المضمون، ح 65 الفقيه ،3 ، 77 - باب السلف في الطعام والحيوان وغيرهما ، ح 13 .
4- الورق الفضة والوصيف العبد ومؤنثه وصيفة وهي الامه.
5- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 21 . الاستبصار 2 ، 47 - باب من أسلف في طعام أو ...، ح 4. وفيهما : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام)

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا بأس بالسّلم في الحيوان إذا وصفت أسنانها(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا بأس بالسّلم في الحيوان إذا سمّيت شيئاً معلوماً.

5 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي مريم الأنصاريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنَّ أباه لم يكن يرى بأساً بالسّلَم في الحيوان بشيء معلوم إلى أجلٍ معلوم.

6 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن قتيبة الأعشى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يسلم في أسنان من الغنم معلومة إلى أجل معلوم، فيعطي الرِّباع (2)مكان الثنيّ؟ فقال : أليس يسلم في أسنان معلومة إلى أجل معلوم؟ قلت بلى قال لا بأس(3).

7 - أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن الحلبيّ قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يسلم في وصفاء أسنان معلومة ولون معلوم، ثمَّ يعطي دون شرطه أو فوقه؟ فقال : إذا كان عن طيبة نفس منك ومنه فلا بأس.

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل عن الرَّجل يسلم في الغنم ثنيان وجذعان وغير ذلك إلى أجل مسمّى؟ قال : لا بأس، إن لم يقدر الّذي عليه الغنم على جميع ما عليه، أن يأخذ صاحب الغنم نصفها أو ثلثها أو ثلثيها، ويأخذوا رأس مال ما بقي من الغنم دراهم، ويأخذوا دون شرطهم، ولا يأخذون فوق شرطهم، والأكسية أيضاً مثل الحنطة والشعير والزعفران والغنم(4).

ص: 220


1- التهذيب ،7 نفس ،الباب ذيل ح 63. الفقيه ،3، نفس الباب، ذيل ح 23 وفيه: أسنانه، بدل أسنانها.
2- في التهذيب : جذاعاً، وهو ما يكون قبل الثني . والرباع : السن التي تكون بين الثنية والناب، ويقال للذي يلقي رباعيته ،رباع وهو كما يقول الجوهري : للغنم في السنة الرابعة وللبقر والحافر في الخامسة وللخف في السابعة. وقال الثني : هو الذي يلقي ثنيته ويكون ذلك في الظلف والحافر في السنة الثالثة، وفي الخف في السنة السادسة، والجمع : ثنيان وثناء.
3- التهذيب 7، 3 - باب بيع المضمون، ح 87 .
4- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 20 . الاستبصار 3 ، 47 - باب من أسلف في طعام أو غيره إلى ... ، ح 3 وأخرجاه عنه عن النضر عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام) . الفقيه ،3، 77 - باب السلف في الطعام والحيوان ،وغيرهما، ح 16 بتفاوت يسير.

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن معاوية، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل أسلم في وصفاء أسنان معلومة وغير معلومة، ثمَّ يعطي دون شرطه؟ قال : إذا كان بطيبة نفس منك ومنه فلا بأس، قال : وسألته عن الرَّجل يسلف في الغنم الثنيان والجذعان وغير ذلك إلى أجل مسمّى؟ قال : لا بأس به، فإن لم يقدر الّذي عليه على جمیع ما عليه، فسأل أن يأخذ صاحب الحقّ نصف الغنم أو ثلثها ويأخذ رأس مال ما بقي من الغنم دراهم، قال : لا بأس ولا يأخذون شرطه إلّا بطيبة نفس صاحبه.

10 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان عن حديد بن حكيم قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يشتري الجلود من القصّاب، يعطيه كلّ

یوم شيئاً معلوماً؟ قال : لا بأس(1).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سماعة قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن السّلم في الحيوان؟ فقال : أسنان معلومة وأسنان معدودة إلى أجل معلوم، لا بأس به.

12 - أبو عليّ الأشعريّ، عن بعض أصحابه، عن أحمد بن النّضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن السّلف في اللّحم؟ قال : لا تَقْرَبنّه فإنّه يعطيك مرَّة السمين، ومرَّة التاوي، ومرَّة المهزول، اشتره معاينة يدا بيد؛ قال : وسألته ع عن السّلف في روايا الماء؟ قال : لا تَقرَبها، فإنّه يعطيك مرَّة ناقصة، ومرَّة كاملة، ولكن اشتره معاينة، وهو أسلم لك وله(2).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يكون له غنم يحلبها، لها ألبان كثيرة في كلّ يوم، ما تقول فيمن يشتري منه الخمسمائة رطل أو أكثر من ذلك، المائة رطل بكذا وكذا درهماً، فيأخذ منه في كلّ يوم أرطالاً حتّى يستوفي ما يشتري منه؟ قال : لا بأس بهذا ونحوه (3).

ص: 221


1- التهذيب 7 ، 3 - باب بيع المضمون ، ح 8 بتفاوت يسير، الفقيه 3، 77 - باب السلف في الطعام والحيوان وغيرهما، ح 10.
2- التهذيب 7 نفس ،الباب ، ح 81 الفقيه ،3 نفس الباب، ح 18 بتفاوت يسير والمقصود بالتاوي - هنا الضعيف المشرف على الهلاك . قال المحقق في الشرائع : (وإذا كان الشيء لا ينضبط بالوصف لم يصح السلم فيه كاللحم نيه ومشويه ، والخيز ... ولا يجوز الإسلاف في القصب أطناناً ولا الحطب حزماً ولا في المجزوز جزاً ولا في الماء قِرَباً 62/2010 - 63.

14 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن قتيبة الأعشى قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) - وأنا عنده - فقال له رجلٌ : إنَّ أخي يختلف إلى الجبل يجلب الغنم، فيسلم في الغنم في أسنان معلومة إلى أجل معلوم، فيعطى الرّباع مكان الثنيّ؟ فقال له : أبطيبة نفس من صاحبه ؟ فقال نعم قال : لا بأس.

132- باب آخر منه

1 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معاوية بن حكيم، عن محمّد بن حباب الجلّاب(1)، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل يشتري مائة شاة على أن يبدل منها كذا وكذا؟ قال : لا يجوز(2).

2 - أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن منهال القصّاب قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أشتري الغنم، أو يشتري الغنم جماعة، ثمَّ تدخل داراً، ثمَّ يقول رجلٌ على الباب فيعد واحداً واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة، ثمَّ يُخرج السُهم؟ قال : لا يصلح هذا، إنّما يصلح السّهام إذا عدلت القسمة(3).

3 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن زيد الشحّام قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل يشتري سهام القصّابين من قبل أن يخرج السهم ؟ فقال : لا يشتري شيئاً حتّى يعلم من أين يخرج السّهم، فإن اشترى شيئاً، فهو بالخيار إذا خرج(4).

133- باب الغنم تُعطى بالضريبة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن عن الحلبيّ، عن أبي

ص: 222


1- في التهذيب عن محمد بن حنان الجلاب.
2- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان، ح 52 .
3- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 53 . وفيه : لا يصح هذا بدل : لا يصلح
4- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 54 الفقيه 3 ، 70 - باب المضاربة ، ح 13 بتفاوت. وقوله : فإن اشترى . . . ؛ أي إن أراد اشترى ببيع آخر وإلا فلا، لبطلان الأول.

عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يكون له الغنم يعطيها بضريبة سمناً شيئاً معلوماً، أو دراهم معلومة، من كلّ شاة كذا وكذا؟ قال : لا بأس بالدِّراهم، ولست أحبُّ أن يكون بالسّمن(1).

2 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن إبراهيم بن ميمون أنّه سأل أبا عبد الله (علیه السّلام) فقال : يعطى الرَّاعي الغنم بالجبل يرعاها وله أصوافها وألبانها، ويعطبنا لكلّ شاة دراهم؟ فقال : ليس بذلك بأس، فقلت: إنَّ أهل المسجد يقولون : لا يجوز، لأنَّ منها ما ليس له صوف ولا لَبن؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام): وهل يطيّبه إلّا ذاك، يذهب بعضه ويبقى بعض(2).

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن بعض أصحابه، عن أصحابه، عن أبَان، عن مدرك (3)بن الهزهاز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل يكون له الغنم، فيعطيها بضريبة شيئاً معلوماً من الصّوف أو السّمن أو الدَّراهم؟ قال: لا بأس بالدَّراهم، وكره السّمن(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله سنان قال : سألت أبا بن عبد الله (علیه السّلام) عن رجل دفع إلى رجل غنمه بسمن ودراهم معلومة لكلّ شاة كذا وكذا في كلّ شهر؟ قال : لا بأس بالدراهم، فأمّا السّمن فما أحبُّ ذاك، إلّا أن تكون حوالب، فلا بأس(5).

134- باب بيع اللقيط وولد الزنا

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن مثنّى، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: اللّقيط لا يشترى ولا يباع .

2 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن مثنّى، عن حاتم بن إسماعيل المدائنيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : المنبوذ حرّ ، فإن أحبَّ أن يوالي غير الّذي ربّاه وَلَاه، فإن طلب منه الّذي

ص: 223


1- التهذيب 7، 9 - باب الغرر والمجازفة و . . . ، ح 25 . الاستبصار 3 ، 68 - باب إعطاء الغنم بالضريبة، ح 1.
2- التهذيب ،7 ، 9 - باب الغرر والمجازفة و.... ، ح 24 . وفي ، ح 24 . وفي سنده : عن إبراهيم بن ميمون أن إبراهيم بن أبي المثنى سأل أبا عبد الله (علیه السّلام) ... والمقصود بأهل المسجد فقهاء المدينة أو فقهاء الحجاز.
3- في التهذيب : عن مدرك الهزهاز
4- التهذيب ، نفس الباب، ح.26 . الاستبصار 3 ، 68 - باب إعطاء الغنم بالضريبة ، ح 2
5- التهذيب 7 نفس الباب، ح27 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 4 وقد قطع ابن إدريس بمنع مثل هذه المعاملة بالسمن حتى ولو كانت الغنم حوالب. ومعه لا بأس بحمل ما ورد في هذه الرواية على الصلح بين صاحب الغنم والعامل إذ لا محذور فيه.

ربّاه النفقة وكان موسراً، ردَّ عليه، وإن كان معسراً ، كان ما أنفق عليه صدقة(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الرَّحمن العزرميّ، عن أبي عبد الله، عن أبيه (علیه السّلام) قال : المنبوذ حرٌّ، فإذا كبر فإن شاء تولّى إلى الّذي التقطه، وإلّا فليردّ عليه النفقة، وليذهب فَلْيُوَالِ من شاء(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن محمّد بن أحمد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن اللّقيطة؟ قال : لا تباع ولا تشترى، ولكن استَخدِمها بما أنفقتَ عليها(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن اللّقيط؟ فقال: حرٌّ، لا يباع ولا يوهب(4).

6 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي الجهم(5)، عن أبي خديجة (6)قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا يطيب ولد الزّنا، ولا يطيب ثمنه أبداً، والممراز لا يطيب إلى سبعة آباء وقيل له : وأيُّ شيء الممراز؟ فقال : الرّجل يكتسب مالاً من غير حلّه فيتزوّج به أو يتسرَّى به، فيولد له، فذاك الولد هو الممراز(7).

7 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان، عمّن

ص: 224


1- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان ، ح 51 . الفقيه 3، 54 - باب ما جاء في ولد الزنا واللقيط ، ح 5 بتفاوت يسير، وروى ذيل الحديث وروى صدره بتفاوت وسند آخر برقم 4 من نفس الباب وكرره الشيخ برقم 54 من الباب (1) من الجزء 8 من التهذيب
2- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان، ح 50 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 7 نفس ،الباب ح 49 وفيه : أنفقته.
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 48 ، وفيه عن اللقيطة، فقال حرة لا تباع ولا توهب، ولا بد من حمل ما تضمنته هذه الأخبار من أن اللقيط أو اللقيطة لا يباع ولا يشترى، أو أنه حر على لقيط دار الإسلام أو دار الحرب وفيها مسلم يمكن تولده منه . يقول المحقق في الشرائع 56/2 : «ويملك اللقيط من دار الحرب، ولا يملك من دار الإسلام...»، وإنما لم يملك لقيط دار الإسلام، لأنه محكوم بالحرية ظاهراً، فراجع أيضاً اللمعة والروضة للشهدين 303/3 من الطبعة الحديثة.
5- واسمه ثوير بن أبي فاختة
6- واسمه سالم بن مكرم.
7- التهذيب، نفس الباب، ح 47 وفيه الممزير في الاستبصار 3 69 - باب ثمن المملوك الذي يولد من الزنا، ح 3 وفيه إلى قوله : ولا يطيب ثمنه أبداً. وقد حمل أصحابنا قوله (علیه السّلام) : ولا يطيب . .. الخ، على الكراهة . وقد كرر الشيخ هذ الحديث برقم 58 من الباب 9 من الجزء 7 من التهذيب أيضاً. وذكر فيه صدر الحديث كرواية الاستبصار.

أخبره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن ولد الزّنا أشتريه أو أبيعه أو أستخدمه؟ فقال: اشتره واسترقّه واستخدمه وبِعه، فأمّا اللّقيط فلا تَشْتَرِه(1).

8 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضّال، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قلت له : تكون لي المملوكة من الزّنا، أحجُّ من ثمنها وأتزوَّج؟ فقال : لا تحجّ ولا تتزوَّج منه(2).

135- باب جامع فيما يحلّ الشراء والبيع منه وما لا يحلّ

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الحميد بن سعد (3)قال : سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن عظام الفيل، يحلّ بيعه أو شراؤه الّذي يجعل منه الأمشاط؟ فقال : لا بأس قد كان لأبي منه مشط أو أمشاط(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة قال : كتبت إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) أسأله عن رجل له خشب، فباعه ممّن يتّخذ منه برابط؟ فقال : لا بأس، وعن رجل له خشب فباعه ممّن يتخذه صُلْباناً؟ قال : لا(5).

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال(6)عن ثعلبة، عن محمّد بن مضارب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا بأس العَذَرة(7).

ص: 225


1- التهذيب 7، 9 - باب الغرر والمجازفة و . . . ، ح .59 الاستبصار ، نفس الباب،1 واللقيط هو المنبوذ يلتقط ويحمل في اللقيط، على لقيط دار الإسلام، أو دار الحرب وفيها مسلم يمكن تولده منه . ويقول صاحب التحرير : يجوز بيع ولد الزنا وشراؤه إذا كان مملوكاً للرواية الصحيحة، ورواية النفي متأولة .
2- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان، ح 26 بتفاوت يسير الاستبصار 3 69 - باب ثمن المملوك الذي يتولد، من الزنا، ح 4 . قال الشهيد الأول رحمه الله في الدروس: يكره الحج والتزويج من ثمن الزانية ... وقال الشيخ في التهذيب بعد أن أورد هذا الحديث هذا الخبر محمول على ضرب من الكراهية، لأنا قد بينا جواز بيع ولد الزنا والحج من ثمنه والصدقة منه.
3- في التهذيب : بن سعيد
4- التهذيب 7 ، 9 - باب الغرر والمجازفة و ... ، ح 56 . وكان قد ذكره أيضاً برقم 204 من الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب.
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 61 . وقد ذكره برقم 203 من الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب أيضاً. والبرابط : جمع البربط، وهو العود
6- واسمه عبد الله بن محمد الأسدي
7- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب، ح 200، الاستبصار 3، 31 - باب النهي عن بيع العذرة، ح 1، هذا وقد أجمع أصحابنا على حرمة بيع أرواث وأبوال ما لا يؤكل لحمه وإن فرض لهما نفع، أما بيع أرواث وأبوال ما يؤكل لحمه فقولان، قول بالجواز مطلقاً لطهارتهما ونفعهما . وقيل : بالمنع مطلقاً إلا بول الإبل للاستشفاء به حيث قام الإجماع وتواترت الروايات والنصوص على جوازه.

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الفهود وسباع الطير، هل يلتمس التّجارة فيها؟ قال : نعم(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبَان، عن عيسى القمّي، عن عمرو بن جرير(2)قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن التّوت(3)، أبيعه يُصْنَعُ به الصليب والصّنم؟ قال : لا(4).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة قال : كتبت إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) أسأله عن الرَّجل يؤاجر سفينته ودابّته ممن يحمل فيها أو عليها الخمر والخنازير؟

قال : لا بأس(5).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن الأصمّ، عن مسمع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) نهى عن القرد أن تشترى أو تباع(6).

8 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النّعمان، عن ابن مسكان، عن عبد المؤمن، عن جابر(7)قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يؤاجر بيته يُباع فيها الخمر، قال: حرام أجرته(8).

ص: 226


1- التهذيب ،6 نفس الباب، ح 206 . وكرره برقم 55 من الباب 9 من الجزء 7 من التهذيب أيضاً . قال المحقق في الشرائع 10/2 وهو بصدد بيان ما يحرم التكسب به من الأنواع الثالث؛ ما لا ينتفع به، كالمسوخ ، بريّةً كانت كالقرد والدب، وفي الفيل تردد والأشبه جواز بيعه للانتفاع بعظمه، أو بحرية كالجري والضفادع والسلاحف والطافي من السمك، وهو ما مات تحت الماء والسباع كلها إلا الهر، والجوارح طائرة كانت كالبازي ، أو ماشية كالفهد . وقيل : يجوز بيع السباع كلها تبعاً للانتفاع بجلدها أو ريشها وهو الأشبه».
2- في التهذيب، عن عمرو بن حريث.
3- يعني خشب التوت . وفي الوافي : التوز، وفسره بأنه شجر يصنع منه القوس
4- التهذيب 7، 9 - باب الغرر والمجازفة و . . . ، ح 62 . وكان قد ذكره أيضاً برقم 205 من الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب.
5- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 63 . وكان قد ذكره برقم 199 من الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب.
6- التهذيب 7 نفس الباب، ح 65. وكان قد ذكره برقم 207 من الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب.
7- في التهذيب: عن صابر ولعله تصحيف.
8- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 64 . وكان قد ذكره برقم 198 من الباب 193 من الجزء 6 من التهذيب أيضاً الاستبصار ، 30 - باب كراهة إجارة البيت لمن . . . ، ح 1، هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على تحريم مثل هذه الإجارة، يقول الشهيدان وهما بصدد بيان المحرم من موضوع التجارة: (وإجارة المساكن والحمولة، وهي الحيوان الذي يصلح للحمل كالإبل والبغال والحمير، والسفن داخلة فيه تبعاً للمحرم كالخمر وركوب الظلمة وإسكانهم لأجله ونحوه ..... وقد أدرجوا كل ذلك تحت عنوان ما يفضي إلى المساعدة على محرّم

9 - بعض أصحابنا، عن عليّ بن أسباط، عن أبي مخلّد السّراج قال: كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام)، إذ دخل عليه معتّب فقال رجلان بالباب فقال : أدخِلهما، فدخلا، فقال أحدهما : إنّي رجلٌ سرَّاج أبيع جلود النّمر؟ فقال : مدبوغة هي؟ قال: نعم، قال: ليس به

بأس(1).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي القاسم الصّيقل قال : كتبت إليه : قوائم السّيوف الّتي تسمّى السَّفَن أتّخذها من جلود السّمك، فهل يجوز العمل بها ولسنا نأكل لحومها؟ فكتب (عليه السلام) : لا بأس(2).

136- باب شراء السرقة والخيانة

1 - عدَّةٌ من من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب عن أبي بصير قال: سألت أحدهما (علیه السّلام) عن شراء الخيانة والسّرقة؟ فقال : لا، إلّا أن يكون قد اختلط معه غيره، فأما السّرقة بعينها، فلا، إلّا أن تكون من متاع السلطان، فلا بأس بذلك(3).

2 - ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته الرَّجل منّا يشتري من السّلطان من إبل الصّدقة وغنم الصّدقة، وهو يعلم أنّهم يأخذون منهم أكثر من الحقّ الّذي يجب عليهم؟ قال : فقال : ما الإبل والغنم إلّا مثل الحنطة والشّعير وغير

ص: 227


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 66 . وكان قد ذكره أيضاً برقم 208 من الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب.
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 67 . وذكره برقم 197 . و كذيل حديث برقم 221 كله في الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب، والسفن : - كما يقول الجوهري - جلد خشن كجلود التماسيح يجعل على قوائم السيوف. ووجه الجواز أن التمساح من السباع لكن ليس له دم سائل فلذا جوّز، مع أنه لو كان ذا نفس سائلة إذا اشتري من المسلم كان طاهراً، مرآة المجلسي 268/19
3- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 209 والحديث صحيح ومتاع السلطان ما يأخذه باسم المقاسمة أو الخراج أو ما كان من ماله مطلقاً.

ذلك، لا بأس به حتّى تعرف الحرام بعينه، قيل له : فما ترى في مُصَّدّق يجيئنا فيأخذ صدقات أغنامنا فنقول : بعناها(1)، فيبيعناها فما ترى في شرائها منه؟ قال : إن كان قد أخذها وعزلها فلا بأس، قيل له : فما ترى في الحنطة والشّعير، يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظّنا ويأخذ حظّه، فيعزله بكيل، فما ترى في شراء ذلك الطّعام منه؟ فقال : إن كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك الكيل فلا بأس بشراه منه بغير كَيْل(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان، عن إسحاق بن عمّار قال : سألته عن الرّجل يشتري من العامل وهو يظلم؟ قال : يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحداً(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائنيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا يصلح شراء السّرقة والخيانة إذا عُرِفَت(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح قال : أرادوا بيع تمر عين أبي زياد(5)فأردت أن أشتريه، ثمَّ قلت : حتّى أستأمرَ أبا عبد الله (علیه السّلام)، فأمرت معاذاً فسأله، فقال : قل له يشتريه(6)، فإنّه إن لم يشتره اشتراه غيره(7).

6 - الحسين بن محمّد، عن النّهديّ، عن ابن أبي نجران، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : من اشترى سرقة وهو يعلم فقد شرك في عارها وإثمها(8).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السّنديّ، عن جعفر بن بشير، عن الحسين بن أبي

ص: 228


1- أي يقولون له بعنا أنت صدقات أغنامنا بصيغة الطلب والإنشاء
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 215 . وكرره برقم 50 من الباب 9 من الجزء 7 من التهذيب.
3- التهذيب 6، نفس الباب، ح214 . وكرره برقم 48 من الباب 9 من الجزء 7 من التهذيب.
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 210 . وكرره برقم 47 من الباب 9 من الجزء 7 من التهذيب.
5- في بعض النسخ: عين زياد وفي بعضها الآخر: عين ابن زياد.
6- ولعله كانت الأرض مغصوبة وهم زرعوا بحبهم والزرع للزارع ولو كان غاصباً، ويمكن أن يكون من الأراضي المفتوحة عنوة وجوزه (عليه السلام) لأن تجويزه يخرجه عن الغصب، أو جوز مطلقاً لدفع الحرج عن أصحابه (علیه السّلام) مرأة المجلسي 19 / 270
7- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب ح 213 . وكرره برقم 46 من الباب 9 من الجزء 7 من التهذيب . 213 وقوله (علیه السّلام): إن لم يشتره اشتراه غيره : أي إذا لم يشتره جميل بن صالح صار ذلك سبباً لعدم رد المال إلى صاحب الحق، ويحتمل أنه عنى نفسه (علیه السّلام) وإذا اشتراه بإذنه (علیه السّلام) صار بمنزلة رجوع المال إلى صاحبه.
8- التهذيب 6، نفس الباب، ح 211 .

الاعلاء، عن أبي عمر السّراج عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يوجد عنده السّرقة؟ قال: هو غارم إذا لم يأتِ على بائعها بشهود(1).

137- باب من اشترى طعام قوم وهم له كارِهون

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن عليّ بن عقبة، الحسين بن موسى، عن بريد؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: من اشترى طعام قوم وهم له كارهون، قُصَّ لهم من لحمه القيامة(2).

138- باب من اشترى شيئا فتغير عما رآه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير؛ وعليُّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن ميسّر(3)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قلت له : رجلٌ اشترى زقّ زيت فوجد فيه دردّياً؟ قال : فقال : إن كان يعلم أنَّ ذلك في الزّيت لم يردَّه، وإن لم يكن يعلم أنَّ ذلك في الزّيت، ردّه على صاحبه(4).

ص: 229


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 212 . وفي ذيله : إذا لم يأت على بائعها شهوداً . وكرره برقم 45 من الباب 9 من الجزء 7 من التهذيب وبرقم 58 من الباب 21 من الجزء 7 منه أيضاً وفي سنده عن أبي عمار السراج بدل: أبي عمر السرّاج . «قوله (علیه السّلام) : إذا لم يأتِ ... ؛ لأنه إذا أتى بالشهود يرجع بالثمن على البائع فيكون هو الغارم وإن وجب عليه دفع العين إلى المالك. وقال في المختلف قال الشيخ في النهاية : من وجد عنده سرقة كان ضامناً لها إلا أن يأتي على شرائها ببينة وقال ابن إدريس : هو ضامن (أيّ) على شرائها ببيئة أولا بلا خلاف، لكن مقصود شيخنا أنه ضامن، هل يرجع على البائع أم لا؟ فإن كان المشتري عالماً بالغصب لم يكن له الرجوع والا رجع . أقول : يحتمل قوله وجها آخر وهو أن يأتي ببينة أنه اشتراها من مالكها فتسقط المطالبة عنه، والشيخ نقل رواية أبي عمر السراج. انتهى. مرآة المجلسي 271/19
2- التهذيب 7، 9 - باب الغرر والمجازفة و ... ، ح 51. والحديث ضعيف.
3- هو ابن عبد العزيز.
4- التهذيب 7، 5 - باب العيوب الموجبة للردّ ، ح 27 بتفاوت وكرره برقم 31 من الباب 9 من نفس الجزء . الفقيه 3، 80 - باب وجوب ردّ المبيع بخيار الرؤية، ح 2 بتفاوت. والدرديّ من الزيت وغيره هو الكدر يرسب في أسفله. يقول المحقق الشرائع 38/2 : «من اشترى زيتاً أو بزراً فوجد فيه ثفلا ، فإن كان مما جرت العادة بمثله لم يكن له رد ولا أرش، وكذا إن كان كثيراً أو علم به»، والبزر : هو بزر الكتّان أو ما شاكل بما يعصر ليستخرج منه الدهن والمقصود به في كلام المحقق دهنه على طريقة حذف المضاف

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن إسحاق الخدريّ، عن أبي صادق قال: دخل أمير المؤمنين (علیه السّلام) سوق التّمّارين، فإذا امرأة قائمة تبكي وهي تخاصم رجلاً تمّاراً، فقال لها : ما لَكِ؟ قالت: يا أمير المؤمنين، اشتريت من هذا تمراً بدرهم، أسفله رديّاً ليس مثل الّذي رأيت، قال فقال له : ردَّ عليها، فأبى - حتّى قالها ثلاثاً - فأبى، فعلاه بالدُّرة حتّى ردَّ عليها، وكان علىٌّ صلوات الله عليه يكره أن يُجَلَّلَ التّمر(1).

139- باب بيع العصير والخمر

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر :قال سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن بيع العصير فيصير خمراً قبل أن يقبض الثّمن؟ قال: فقال : لو باع ثمرته ممّن يعلم أنّه يجعله حراماً، لم يكن بذلك بأس(2)، فأمّا إذا كان عصيراً، فلا يُباع إلّا بالنّقد(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل ترك غلاماً له في كرم له يبيعه عنباً أو عصيراً، فانطلق الغلام فعصر خمراً ثمَّ باعه؟ قال : لا يصلح ثمنه، ثمَّ قال: إنَّ رجلاً من ثقيف أهدى إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) راوِيَتين من خمر فأمر بهما رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فأهريقتا، وقال: إنَّ الّذي حرّم شربها حرَّم ثمنها، ثمَّ قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ أفضل خصال هذه الّتي باعها الغلام، أن يتصدَّق بثمنها(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن ثمن العصير قبل أن يغلي، لمن يبتاعه ليطبخه أو يجعله خمراً؟ قال : إذا بعته قبل أن يكون خمراً وهو حلالٌ، فلا بأس(5).

ص: 230


1- الفقيه 3، 80 - باب وجوب ردّ المبيع بخيار الرؤية ، ح 3 ومعنى يجلّل التمر: أي يجعل في جلّة لأنه يكون عندئذٍ مظنة للغش بوضع رديئه في الأسفل وجيده في الأعلى ولعله من هنا كره (علیه السّلام) تجليل التمر.
2- يحمل على الكراهة مع عدم الاشتراط وهو ما عليه الأصحاب
3- التهذيب 7، 9 - باب الغرر والمجازفة و ...، ح 82 ، الاستبصار 3 ، 70 - باب بيع 70 - باب بيع العصير ، ح 6
4- التهذيب 7 نفس الباب، ح 72 وما تضمنه الحديث من التصدق بثمن الخمر خلاف ما عليه الأصحاب من ح وجوب رد الثمن إلى صاحبه لأنه ما زال على ملكه.
5- التهذيب 7، 9 - باب الغرر والمجازفة و . . . ، ح 73 بتفاوت يسير الاستبصار 3 ، 70 - باب بيع العصير، ح 1 بتفاوت يسير

4 - أبو عليّ الأشعريّ عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن يزيد بن خليفة قال : كره أبو عبد الله (علیه السّلام) بيع العصير بتأخير(1).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن سنان، عن معاوية بن سعد، عن الرّضا (علیه السّلام) قال: سألته عن نصراني أسلم وعنده خمر وخنازير، وعليه دَين، هل يبيع خمره وخنازيره فيقضي دينه؟ فقال : لا(2).

6 - صفوان عن ابن مسكان، عن محمّد الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن بيع عصير العنب ممّن يجعله حراماً؟ فقال : لا بأس به تبيعه حلالاً فيجعله [ذاك] حراماً فأَبْعَدَهُ الله وأَسْحَقَهُ(3).

7 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان، عن أبي أيّوب قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : رجل أمر غلامه أن يبيع كَرمَه عصيراً، فباعه خمراً، ثمَّ أتاه بثمنه؟ فقال : إِنَّ أَحبَّ الأشياء إليَّ أن يتصدَّق بثمنه.

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة قال : كتبت إلى عبد الله (علیه السّلام) أسأله عن رجل له كَرم، أيبيع العنب والتّمر ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً أو سكراً؟ فقال : إنّما باعه حلالاً فى الإبّان(4) الّذي يحلُّ شربه أو أكله، فلا بأس ببيعه.

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في رجل كانت له على رجل دراهم، فباع خمراً أو خنازير وهو ينظر فقضاه؟ فقال: لا بأس به، أمّا للمقتضي فحلال، وأمّا للبائع فحرام(5).

ص: 231


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 80 الاستبصار 3، نفس الباب، ح4. وفي التهذيب : بتأخيره، بدل: بتأخير. وقال الشيخ رحمه الله بعد إيراده هذا الخبر في الاستبصار فالوجه في هذا الخبر أنه إنما كره بيعه بتأخير، لأنه لا يؤمن أن يكون في حال ما يقبض الثمن قد صار خمراً وإن كان ذلك ليس بمحظور
2- الحديث وإن كان ضعيفاً على المشهور، إلا أنه على ما تضمنه فتوى أصحابنا
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 75 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 3. وقد أجمع أصحابنا على حرمة بيع ما يحرم لتحريم ما قصد به ومنه بيع العنب بشرط أن يعمل خمراً، ويع الخشب بشرط أن يعمل صنماً ،وهكذا، كما أجمعوا على كراهة بيع ذلك ممن يعمله محرماً مع عدم الشرط. ولذا حملوا هذا الحديث على عدم الاشتراط ومعنى أسحقه : أي أهلكه وابعده
4- الإبان الزمن والحين والوقت.
5- التهذيب 7، 9 - باب الغرر والمجازفة و...، ح 77 . وأخرجه بسند آخر برقم 54 من الباب 81 من الجزء 6 من التهذيب عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، يقول المحقق في الشرائع 59/2: «الذمي إذا باع ما لا يصح للمسلم تملكه كالخمر والخنزير جاز دفع الثمن إلى المسلم عن حق له، وإن كان البائع مسلما لم يجزه».

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن منصور قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : لي على رجل ذمّي دراهم، فيبيع الخمر والخنزير وأنا حاضرٌ، فيحلّ لي أخذها؟ فقال : إنّما لك عليه دراهم، فقضاك دراهمك.

11 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل يكون له عليه الدَّراهم، فيبيع بها خمراً وخنزيراً ثمَّ يقضي عنها؟ قال : لا بأس - أو(1)قال : خذها-.

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان، عن أبي كهمس قال : سأل رجل أبا عبد الله (علیه السّلام) عن العصير فقال : لي كَرم وأنا أعصره كلّ سنة، وأجعله في الدِّنان، وأبيعه قبل أن يغلي؟ قال : لا بأس به، فإن على فلا يحلُّ بيعه، ثمَّ قال : هو ذا نحن نبيع تمرنا ممّن نعلم أنّه يصنعه خمراً خمراً(2).

13 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، في مجوسيّ باع خمراً أو خنازير إلى أجل مسمّى، ثمَّ أسلم قبل أن يحلَّ المال؟ قال : له دراهمه، وقال : إن أسلم رجل وله خمر وخنازير، ثمَّ مات وهي في ملكه، وعليه دين؟ قال : يبيع ديّانه أو وليٌّ له غير مسلم خمره وخنازيره، ويقضي دينه، وليس له أن يبيعه وهو حيٌّ، ولا يمسكه(3).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن الرّضا (علیه السّلام) قال: سألته عن نصراني أسلم وعنده خمر وخنازير وعليه دَين، هل يبيع خمره وخنازيره ويقضي دَينه؟ قال: لا(4).

140- باب العَرَبُون

140 - باب العَرَبُون(5)

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن وهب، عن أبي

ص: 232


1- الترديد من الراوي.
2- الحديث مجهول
3- التهذيب ،7 نفس ،الباب ح 83 والحديث مجهول 7، وعمل الشيخ بمضمون هذه الرواية وأفتى به في النهاية مع أنها كما ترى لم تستند إلى معصوم، وإنما هي موقوفة على يونس ومنع ابن إدريس وابن البرّاج من ذلك.
4- الحديث مرسل
5- العربون: - كما في نهاية ابن الأثير - هو أن تشتري السلعة وتدفع إلى صاحبها شيئاً على أنه إن أمضى المشتري البيع حُسِب من الثمن، وإن لم يمضِ البيع كان لصاحب السلعة ولا يعود إلى المشتري.

عبد الله (عليه السلام) قال : كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : لا يجوز العَرَبون إلّا أن يكون نقداً من الثّمن(1).

141- باب الرَّهن

1 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن الرهن والكفيل في بيع النّسيئة؟ فقال : لا بأس بها(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان عن يعقوب بن شعيب قال: سألته عن رجل يبيع بالنّسيئة ويرتهن؟ قال : لا بأس(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يُسْلِم في الحيوان أو الطّعام، ويرتهن الرَّهن؟ قال : لا بأس، تستوثق من مالك(4).

4 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن الرَّجل يكون عنده الرَّهن، فلا يدري لمن هو من النّاس؟ فقال : لا أحبُّ أن يبيعه حتّى يجيء صاحبه، قلت: لا يدري لمن هو من النّاس؟ فقال: فيه فضل أو نقصان؟ قلت : فإن كان فيه فضل أو نقصان؟ قال: إن كان فيه نقصان فهو أهون يبيعه فيؤجرَ فيما نقص من ماله، وإن كان فيه فضل، فهو أشدُّهما عليه، يبيعه ويمسك فضله حتّى يجيء صاحبه(5).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة؛ عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل رهن رهناً إلى غير وقت مسمّى، ثمَّ غاب، هل

ص: 233


1- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات، ح 41. وفيه : بيع العربون الفقيه ،3، 61 - باب التجارة وآدابها و... ح 34 بتفاوت.
2- التهذيب 7، 15 - باب الرهون ح 1 بتفاوت يسير. وأورده كذيل ح برقم 66 من الباب 3 من نفس الجزء من التهذيب الفقيه 3 ، 77 - باب السلف في الطعام و ...، ح 22 وأخرجه عن أحدهما (علیه السّلام)
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 2.
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 3
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 4 . الفقيه 3، 95 - باب الرهن ، ح 12 .

له وقت يُباع فيه رهنه؟ قال: لا، حتّى يجيء [صاحبه](1).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن ابن بكير قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّهن؟ فقال : إن كان أكثر من مال المرتهن فهلك، أن يؤدّي الفضل إلى صاحب الرَّهن، وإن كان أقلّ من ماله فهلك الرَّهن، أدّى إليه صاحبه فضل ماله، وإن كان الرَّهن سواء، فليس عليه شيء(2).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول عليّ (علیه السّلام) في الرَّهن : يترادّان الفضل ؟ فقال : كان علي (علیه السّلام) يقول ذلك، قلت : كيف يترادَّان؟ فقال : إن كان الرَّهن أفضل ممّا رهن به ثمَّ عطب ردَّ المرتهن الفضل على صاحبه، وإن كان لا يسوى ردَّ المراهن ما نقص من حقّ المرتهن قال : وكذلك كان قول عليّ (علیه السّلام) في الحيوان وغير ذلك(3).

8 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبَان، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال في الرَّهن : إذا ضاع من عند المرتهن من غير اان يستهلكه، رجع في حقّه على الرَّاهن فأخذه، فإن استهلكه، ترادّ الفضلَ بينهما(4).

9 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن؛ أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن الرَّجل يرهن الرَّهن بمائة درهم، وهو يساوي ثلاثمائة درهم، فيهلك، أعَلَى الرَّجل أن يردَّ على صاحبه مائتي درهم؟ قال : نعم لأنّه أخذ رهناً فيه فضل وضَيَّعَهُ، قلت : فهلك نصف الرَّهن؟ قال : على حساب ذلك، قلت فيترادَّان الفضل؟ قال : نعم(5).

ص: 234


1- التهذيب 7 ، 15 - باب الرهون ، ح 6 بتفاوت قليل، الفقيه 3 ، 95 - باب الرهن ، ح 13
2- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 17 بتفاوت يسير الاستبصار 3، 79 - باب الرهن يهلك عند المرتهن ح 5 بتفاوت يسير أيضاً. الفقيه ، نفس الباب، ح 21 بسند آخر.
3- التهذيب 7، نفس الباب ح 18 . الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح 6 .
4- التهذيب 7، نفس الباب ح 22. الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 8 بتفاوت يسير فيهما واختلاف في بعض السند الفقيه 3، نفس الباب، ح 9.
5- التهذيب 7، نفس الباب ح 20، الاستبصار، نفس الباب، ح 9 وفيهما إلى قوله : على حساب ذلك. هذا ولا بد من حمل الحديث على ما إذا تعدى المرتهن بالرهن أو فرط فيه . ولكن بأية قيمة يُلزم المرتهن حينئذ، ذهب أصحابنا في ذلك إلى أقوال ثلاثة فقال بعضهم تلزمه قيمة يوم قبض الرهن، وقيل يوم هلاكه ، وقيل : أعلى القيم، ولو اختلف كل من المرتهن والراهن في القيمة كان القول قول الراهن، وقيل قول المرتهن وهو الأشبه عند المحقق في الشرائع 85/2 .

10 - وبهذا الإسناد قال: قلت لأبي إبراهيم (علیه السّلام) : الرَّجل يرهن الغلام والدّار فتصيبه الآفة، على من يكون؟ قال : على مولاه، ثمَّ قال : أرأيتَ لو قَتَلَ قتيلاً على من يكون؟ قلت: هو في عنق العبد؟ قال: ألَا تَرى، فلِمَ يذهب مال هذا؟! ثمَّ قال : أرأيتَ لو كان ثمنه مائة دينار، فزاد وبلغ مائتي دينار، لمن كان يكون؟ قلت لمولاه، قال كذلك يكون عليه ما يكون له(1).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ في الرَّجل يرهن عند الرَّجل رهناً فيصيبه شيء، أو ضاع؟ قال : يرجع بما له عليه(2).

12 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن الرَّجل يرهن العبد أو الثّوب أو الحليّ أو متاعاً من متاع البيت، فيقول صاحب المتاع للمرتهن : أنت في حِلّ من لبس هذا التّوب، فالبس الثّوب وانتفع بالمتاع واستخدم الخادم؟ قال : هو له حلالٌ إذا أحلّه، وما أحبُّ أن يفعل، قلت: فأرتهن داراً لها غلّة، لمن الغلّة؟ قال : لصاحب الدَّار، قلت : فأرتهن أرضاً بيضاء(3)، فقال صاحب الأرض : ازرعها لنفسك؟ فقال : هذا مثل هذا، يزرعها لنفسه فهو له حلال كما أحلّه له، إلّا أنّه يزرع بماله ويعمرها(4).

13 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قضى أمير المؤمنين صلوات الله عليه في كلّ رهن له غلّة، أنَّ غلته تحسب لصاحب الرَّهن ممّا عليه(5).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: إن أمير المؤمنين (علیه السّلام) قال في الأرض البور يرتهنها الرّجل ليس فيها ثمرة، فزرعها وأنفق عليها ماله، إنّه يحتسب له نفقته وعمله خالصاً، ثمَّ ينظر

ص: 235


1- التهذيب 7، 15 - باب الرهون ح 21 . الاستبصار 3 ، 79 - باب الرهن يهلك عند المرتهن، ح 10
2- التهذيب 7، نفس الباب ح 14 . الاستبصار 3، نفس الباب ح 1 ، وفي ذيله : يرجع المرتهن ... الخ . الفقيه. 95 - باب الرهن ، ح 16 بتفاوت. وفي التهذيبين: أو يضيع بدل أو ضاع. هذا، ولا بد من حمله على ما إذا تلف أو ضاع بتفريط من المرتهن ، وإلا فلا لأنه أمين لا يضمن، قال المحقق في الشرائع 85/2: إذا فرّط في الرهن وتلف لزمته قيمته يوم ،قبضه ، وقيل : يوم هلاكه ، وقيل : أعلى القيم، فلو اختلفا في القيمة كان القول قول الراهن. وقيل: القول قول المرتهن، وهو الأشبه .
3- يقصد أنها خالية من الزرع
4- التهذيب 7، نفس الباب ح 24 . الفقيه 3، نفس الباب ح 23 . وقوله : ليس هذا مثل هذا ؛ يعني بدون الكراهة أو مع الكراهة الأخف. والحديث موثق.
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 7، بتفاوت قليل.

نصيب الأرض فيحسبه من ماله الّذي ارتهن به الأرض حتّى يستوفي ماله، فإذا استوفى ماله، فليدفع الأرض إلى صاحبها(1).

15 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل رهن جاريته عند قوم، أيحلّ له أن يطأها؟ قال : إِنَّ الّذين ارتهنوها يحولون بينه وبين ذلك، قلت أرأيتَ إن قدر عليها خالياً؟ قال: نعم، لا أرى هذا عليه حراماً(2).

16 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ؛ أبي ولّاد(3)قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يأخذ الدّابّة والبعير رهناً بماله، الهَ أن يركبه؟ قال : فقال : إن كان يعلقه فله أن يركبه ، وإن كان الّذي رهنه عنده يعلفه، فليس له أن يركبه(4).

17 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن منصور بن العبّاس، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حمّاد، عن إسماعيل بن أبي قرّة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل استقرض من رجل مائة دينار ورهنه حليّاً بمائة دينار، ثمَّ إنّه أتاه الرَّجل فقال له : أعِرْني الذَّهب الّذي رهنتك عاريةً، فأعاره، فهلك الرَّهن عنده، أعليه شيء لصاحب القرض في ذلك؟ قال : هو على صاحب الرَّهن الّذي رهنه ، وهو الّذي

ص: 236


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 8 .
2- التهذيب 7، 15 - باب الرهون، ح 9 بتفاوت يسير. هذا وقد نص أصحابنا على أن الراهن لا يجوز له التصرف في الرهن باستخدام ولا سكنى ولا إجارة، ولو باع أو وهب وقف على إجازة المرتهن، وكذا لو كانت العين المرهونة عبداً أو أمة فأعتقه وأما لو وطأ الراهن الأمة المرتهنة ،فأحيلها، فقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أنها تصير أم ولده، ولا يبطل الرهن وهل تباع ، قيل : لا، دام الولد حيا ، وقيل : نعم ، لأن حق المرتهن أسبق، والأول عند المحقق أشبه ولو وطأها الراهن بإذن المرتهن، لم يخرج أيضاً عن الرهن بالوطء .... فراجع شرائع الإسلام 2/ 81 - 82 .
3- هو حفص بن سالم الحنّاط.
4- التهذيب 7، نفس الباب ح 35 بتفاوت الفقيه 3، 95 - باب الرهن، ح 5 بتفاوت قال المحقق في الشرائع 80/2 : ولو تصرف فيه بركوب أو سكنى أو إجارة ضمن ولزمته الأجرة، وإن كان للرهن مؤنة كالدابة أنفق عليها وتقاصًا وقيل : إذا أنفق عليها كان له ركوبها أو يرجع على الراهن بما أنفق . ... ويقول الشهيدان: ولو انتفع المرتهن به بإذنه على وجه العوض أو بدونه مع الإثم لزمه الأجرة أو عوض المأخوذ كاللبن وتقاصًا ورجع ذو الفضل بفضله . وقيل : تكون النفقة في مقابل الركوب واللين مطلقاً استناداً إلى رواية حملت على الإذن في التصرف والإنفاق مع تساوي الحقين . . . . راجع اللمعة وشرحها للشهيدين المجلد الأول من الطبعة الحجرية ، كتاب الرهن ص / 310.

أهلكه، وليس لمال هذا تَوَى(1).

18 - محمّد بن جعفر الرّزاز، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سَيف بن عَمِيرة، عن منصور بن حازم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا رهنتَ عبداً أو دابَة فمات، فلا شيء عليك، وإن هَلَكَت الدَّابّة، أو أبق الغلام ، فأنت ضامن(2).

19 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن محمّد بن رياح القلّا قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن رجل هَلَكَ أخوه وترك صندوقاً فيه رهون، بعضها عليه اسم صاحبه، وبكم هو رهن، وبعضها لا يدري لمن هو ولا بكم هو رهن، فما ترى في هذا الّذي لا يعرف صاحبه ؟ فقال : هو كَمَالِهِ(3).

20 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان، عن العلاءِ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في رجل رهن جاريتَهُ قوماً، أيحلُّ له أن يَطَأها؟ قال : فقال : إِنَّ الّذين ارتهنوها يحولون بينه وبينها، قلت: أرأيتَ إن قدر عليها خالياً؟ قال : نعم، لا أرى به بأساً(4).

21 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال: عن إبراهيم بن عثمان ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام):

ص: 237


1- التهديب 7، نفس الباب، ح 39
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 23. الاستبصار 3، 79 - باب الرهن يهلك عند المرتهن، ح 11 وفيه : وابق. ... بدل: أو أبق.
3- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 13. الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 24. ويقول الشيخ صاحب الجواهر 25/ 169 - 170 : ولو مات المرتهن ولم يعلم أن الرهن في تركته لم يحكم به في ذمته لأصالة البراءة، ولعله تلف منه بغير تفريط، ولا في ماله لأصالة عدمه فيما هو في ملكه، بمقتضى ظاهر يده المحكوم شرعاً بأنه لورثته بمقتضى عموم ما تركه الميت...، وحينئذ ، فلو كان الرهن فيهما في الواقع فهو كسبيل ماله في الظاهر كما في السرائر والقواعد والتحرير وغيرها حتى يُعلم بعينه بقيام بينة ونحوهما، وإن اشتبه بنظائره فيها، فإن المرجع حينئذ إلى الصلح ونحوه، لا إن المراد حتى يعلم بشخصه وخصوصه، ضرورة عدم خروج المال عن ملك صاحبه بالاشتباه...».
4- التهذيب 7، 15 - باب الرهون، ح 10 بتفاوت الفقيه 3 ، 95 - باب الرهن ، ح 26 . والمشهور بين أصحابنا عدم جواز تصرف الراهن أو المرتهن بالرهن بأي نحو من أنحاء التصرف سواء كان وطياً أو غيره إلا مع الإذن ، فإن أذن أحدهما للآخر فيه جاز لأن الحق منحصر فيهما. وعليه فما تضمنه هذا الحديث من جواز وطئها سرا شاذ في نظر أكابر فقهائنا لأنه موافق للعامة الذين جعل الله الرشد في خلافهم، بل هو مناقض للإجماع الذي نقل عنهم من عدم جواز وطي الأمة المرهونة ، فلو فعله الراهن كان آثماً، ولو فعله المرتهن كان زانياً كما نص عليه الشهيدان في كتابهما. وقد صرّح في النافع وكذا في الدروس بأن هذه الرواية متروكة من قبل الأصحاب بل يمكن استفادة ذلك كما يقول صاحب الجواهر) - من مفهوم الرهن الذي - هو - الحبس الذي يتم به معنى الاستيثاق الذي استفاضت به النصوص، وإليه أومى في الدروس في تعليله المنع ، بأن الغرض من الرهن الوثيقة ولا وثيقة مع تسلط المالك على البيع والوطي أو غيره من المنافع الموجبة للنقص أو الإتلاف 195/25.

قال : قلت له : رجل لي عليه دراهم، وكانت داره رهناً، فأردت أن أبيعها؟ قال: أعيذك بالله أن تُخْرجه من ظِل رأسه(1).

22 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن منصور بن حازم، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل عن الرَّجل يكون له الدِّين على الرّجل ومعه الرَّهن، أيشتري الرَّهن منه؟ قال: نعم(2).

142- باب الإختلاف في الرهن

1 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبَان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا اختلفا في الرّهن فقال أحدهما: رهنته بألف درهم، وقال الآخر: بمائة درهم؟ فقال : يُسأل صاحب الألف البيّنة، فإن لم يكن له بيّنة، حلف صاحب المائة، وإن كان الرَّهن أقلّ ممّا رهن أو أكثر واختلفا، فقال أحدهما: هو رهنٌ، وقال الآخر : هو عندك وديعة؟ فقال : يُسأل صاحب الوديعة البيّنة، فإن لم يكن له بيّنة، حلف صاحب الرَّهن(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن الحكم، عن العلاءِ بن - رزین، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في رجل يرهن عند صاحبه رهناً لا بيّنة بينهما فيه، فادّعى الّذي عنده الرَّهن أنّه بألف، فقال صاحب الرّهن : إنّما هو بمائة؟ قال : البيّنة على الّذي عنده الرَّهن أنّه بألف، وإن لم يكن له بيّنة، فعلى الرَّاهن اليمين(4).

ص: 238


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 44. وذكره أيضاً برقم 11 من نفس الباب
2- التهذيب 7، نفس الباب ح 12 . الفقيه 3 69 - باب البيوع ، ح 67 بتفاوت وسند آخر . كما ذكره برقم 6 من الباب 9 من الجزء 7 من التهذيب بتفاوت وسند آخر هذا وقد نص أصحابنا على أنه يجوز أن يجوز أن يبيع الراهن الرهن على المرتهن، وكذا الحاكم لو رفع المرتهن أمره إليه ليلزم الراهن بالبيع بعد تعذر أداء حقه عليه
3- التهذيب 7 ، نفس البابح 28 . الاستبصار 3، 81 - باب أنه إذا اختلف نفسان في متاع في يد واحد منهما فقال . . . ، ح 2 وروي بتفاوت ذيل الحديث وروي صدره برقم 3 من نفس الباب بتفاوت الفقيه 3 - باب الرهن، ح 22. قال المحقق في الشرائع :85/2: «لو اختلفا في متاع ، فقال أحدهما هو وديعة، وقال الممسك هو رهن، فالقول قول المالك، وقيل: قول الممسك والأول أشبه وقال الشهيدان: «ولو اختلفا في الرهن والوديعة بأن قال المالك هو وديعة وقال الممسك هو رهن حلف المالك لأصالة عدم الرهن ولأنه منكر وللرواية الصحيحة. وقيل: يحلف الممسك استناداً إلى رواية ضعيفة ، وقيل : الممسك إن اعترف له المالك بالدين، والمالك إن أنكره جمعاً بين الأخبار وللقرينة، وضعف المقابل يمنع من تخصيص الآخر»
4- التهذيب 7 نفس ،الباب، صدر ح 26 إلى قوله فعلى الراهن اليمين بتفاوت يسير. وكذلك فعل في الاستبصار 3، 80 - باب أنه إذا اختلف الرهن والمرتهن في ... ، ح 1 . قال المحقق في الشرائع :85/2 : لو اختلفا فيما على الرهن كان القول قول الراهن ، وقيل : القول قول المرتهن ما لم يستغرق دعواه ثمن الرهن والأول أشهر .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل قال لرجل : لي عليك ألف درهم، فقال الرَّجل : لا، ولكنّها وديعة؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : القول قول صاحب المال مع يمينه(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبّاد بن صُهيب قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن متاع في يد رجلين، أحدهما يقول: استَوْدَعْتَكَهُ، والآخر يقول : هو رهنٌ؟ قال : فقال : القول قول الّذي يقول : إنّه رهنٌ عندي، إلّا أن يأتي الّذي ادَّعى أنّه أودعه بشهود(2).

143- باب ضمان العارية والوديعة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان، وقال : إذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه، إلّا أن يكون قد اشترط عليه(3).

وقال في حديث آخر: إذا كان مسلماً عدلاً فليس عليه ضمانٌ :

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال :

ص: 239


1- التهذيب 7، 15 - باب الرهون، ح 34.
2- التهذيب 7 نفس ،الباب ، ح 33 الفقيه 3 ، 95 - باب الرهن ، ح 4 بتفاوت يسير الاستبصار 3 ، 81 - باب أنه إذا اختلف نفسان في متاع في يد واحد منهما فقال...، ح 1
3- التهذيب 7 ، 17 - باب العارية، ح 8 . وروي صدره برقم 3 من الباب 16 من نفس الجزء، الاستبصار 3، 83- باب أن العارية غير مضمونة ، ح 9 . الفقيه 3 ، 94 - باب الوديعة، ح 1 وروي صدره إلى قوله : مؤتمنان. والوديعة : هي عقد مؤداه الاستنابة في حفظ شيء من الأشياء وهذا العقد جائز من الطرفين يفتقر كأي عقد إلى الإيجاب والقبول ويقع - كما هو الشأن في العقود الجائزة - بكل لفظ أو عبارة دلت على معناه ويكفي الفعل الدال على القبول والرضا بالاستنابة من قبل الودعي. ويبطل هذا العقد بموت كل واحد من طرفيه وبجنونه وتكون الوديعة أمانة تحفظ بما جرت العادة بحفظها فيه وهي تختلف باختلاف جنسها من كونها مالاً أو متاعاً أو حيواناً أو كتاباً الخ . وأما العارية فهي عقد ثمرته التبرع بالمنفعة، ويقع بكل لفظ يشتمل على الإذن بالانتفاع ، وليس بلازم لأحد المتعاقدين، وهي غير مضمونة إلا مع التفريط أو التعدي أو اشتراط الضمان ، نعم تضمن إذا كانت ذهباً أو فضة وإن لم يشترط إلا إذا اشترط سقوط الضمان

قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا يضمن العارية إلّا أن يكون قد اشترط فيها ضماناً، إلّا الدَّنانير، فإنّها مضمونة وإن لم يشترط فيها ضماناً(1).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : العارية مضمونة ؟ فقال : جميع ما استعرته فَتوَى (2)فلا يلزمك [ما] تواه ، إلّا الذّهب والفضّة، فإنّهما يلزمان، إلّا أن يشترط عليه أنّه متى ما توَىَ لم يلزمك تَوَاه، وكذلك جميع ما استعرتَ فاشترط عليك لزمك، والذّهب والفضّة لازم لك وإن لم يشترط عليك(3).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبان [عن محمّد] عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : سألته عن العارية يستعيرها الإنسان فتهلك أو تُسرق؟ فقال : إذا كان أميناً فلا غُرْمَ عليه(4)، قال : وسألته عن الّذي يستبضع المال(5)فيهلك أو يسرق، أعَلَى صاحبه ضمان؟ فقال : ليس عليه غرمٌ بعد أن يكون الرَّجل أميناً.

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله سنان قال : بن سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن العارية؟ فقال : لا غرم على مستعير عارية إذا هلكت، إذا كان مأموناً(6).

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَانَ بن عثمان، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل استعار ثوباً ثمَّ عمد إليه فرهنه، فجاء أهل المتاع إلى متاعهم؟ قال : يأخذون متاعهم(7).

ص: 240


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 7، بتفاوت يسير وأخرجه عنه عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، الاستبصار ، نفس الباب ، ح 8 وأخرجه عنه عن صفوان عن ابن سنان عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، ويقول المحقق في الشرائع 174/2 : «العارية أمانة لا تضمن إلا بالتفريط في الحفظ، أو التعديّ، أو اشتراط الضمان وتضمن إذا كانت ذهباً أو فضة وإن لم يشترط إلا أن يشترط سقوط الضمان».
2- أي هلك.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 9 الاستبصار، نفس الباب، ح 10 وروي ذيل الحديث بتفاوت.
4- إلى هنا مروي في التهذيب 7، 17 - باب العارية، ح 2 . الاستبصار 3، 83 - باب أن العارية غير مضمونة، ح 2 . الفقيه 3 ، 93 - باب العارية، ح2.
5- الاستبضاع : هو أن بدفع إنسان إلى آخر مالاً ليبتاع لنفسه به متاعاً ليتجر به من دون أن يكون لصاحب المال حصة في الربح. وبهذا يفترق عن عقد المضاربة
6- التهذيب 7، نفس الباب، ح4. الاستبصار ، نفس الباب، ح .. وأخرجاه عنه عن النضر عن ابن سنان عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، ويحتمل أن المراد بالأمين من لم يفرّط في حفظ العارية ولا تعدّى في استعمالها.
7- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 12. الفقيه ، نفس الباب، ح ... وروى مضمونه برقم 13 من نفس الباب من نفس الجزء من التهذيب بسند آخر. والمعنى: أن لهم أن يأخذوا متاعهم من المرتهن.

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن وديعة الذَّهب والفضّة؟ قال : فقال : كلّما كان من وديعة ولم تكن مضمونة لا تلزم(1).

8 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن رجل استودع رجلاً ألف درهم، فضاعت، فقال الرَّجل : كانت عندي وديعة، وقال الآخر، إنّما كانت عليك قرضاً؟ قال : المال لازم له، إلّا أن يقيم البيّنة أنّها كانت وديعة(2).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين قال : كتبت إلى أبي محمّد (علیه السّلام) : رجل دفع إلى رجل وديعة، فوضعها في منزل جاره فضاعت فهل يجب عليه - إذا خالف أمره وأخرجها من ملكه - فوقّع (علیه السّلام) : هو ضامن لها إن شاء الله(3).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نَجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : بعث رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إلى صفوان بن امیّه فاستعار منه سبعين درعاً بأطراقها(4)، قال: فقال : أغَصْباً يا محمّد؟ فقال النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) : بل عارية مضمونة(5).

144- باب ضمان المضاربة وماله من الربح وما عليه من الوضيعة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن الحلبي، عن أبي

ص: 241


1- التهذيب 7، 16 - باب الوديعة ، ح 2 . وفي ذيله لا تلزم، وقوله : ولم تكن مضمونة : أي لم يشترط الضمان، وقد تقدم أن وديعة الذهب والفضة تضمن على المشهور عندنا وإن لم يشترط الضمان.
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 1. الفقيه 3، 94 - باب الوديعة، ح 6 بتفاوت . وأخرجه عن أبي عبد الله (علیه السلام) .
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 4 . الفقيه وفيه : محمد بن الحسن الصفار قال : كتبت ... الخ. نفس الباب، ح 3، بتفاوت وأخرجه عن محمد بن علي بن محبوب قال: كتب رجل إلى الفقيه (علیه السّلام) .. قال المحقق في الشرائع 164/2 : «ولو عين له موضع الاحتفاظ اقتصر عليه ، ولو نقلها ضمن إلا إلى حرز أو مثله على قول، ولا يجوز نقلها إلى ما دونه ولو كان حرزاً إلا مع الخوف من إبقائها فيه ولو قال: لا تنقلها من هذا ،الحرز ضمن بالنقل كيف كان».
4- في نسخ الكتاب، وأكثر نسخ التهذيب . (بأطرافها) بالفاء، ولعل المراد بها المغفر، وما يلبس على الساعدين وغيرهما، فإنها تجعل على أطراف الدرع . وفي بعض نسخ التهذيب بالقاف، ولعله أنسب مرآة المجلسي 291/19.
5- التهذيب 7 ، 17 - باب العارية ، ح . 6 . والحديث حسن . والطراق - كما في القاموس - الحديد يعرض ثم يدار فيجعل بيضة ونحوها.

عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال في الرَّجل يعطي الرّجل المال فيقول له : انت أرض كذا وكذا، ولا تَجَاوَزْها، واشتر منها؟ قال : فإن جاوزها وهلك المال فهو ضامن، وإن اشترى متاعاً فوضع فيه، فهو عليه، وإن ربح فهو بينهما(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) قال: سألته عن الرَّجل يعطي المال مضاربةً(2)، وينهى ان يخرج به، فخرج؟ قال يضمن المال والربح بينهما(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : من اتّجر مالاً واشترط نصف الربح فليس عليه ضمان؛ وقال : من ضمّن تاجراً فليس له إلّا رأس ماله، وليس له من الرّبح شيء(4).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ق- قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه في رجل له على رجل مال فيتقاضاه، ولا يكون عنده فيقول : هو عندك مضاربة؟ قال : لا يصلح حتّى يقبضه(5).

5 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السّلام) قال في المضارب : ما أنفق في سفره فهو من جميع المال، وإذا قدم بلده فما أنفق فمن نصيبه(6).

ص: 242


1- التهذيب 7، 18 - باب الشركة والمضاربة، ح 21 بتفاوت يسير، قال المحقق في الشرائع 138/2 : ولو أمر بالسفر إلى جهة فسافر إلى غيرها، أو أمر بابتياع شيء معيّن فابتاع غيره ضمن ...».
2- المضاربة: هي أن يدفع مالاً إلى غيره ليعمل فيه بحصة معينة من ربحه، فأخوذة من الضرب في الأرض لأن : العامل يضرب فيها للسعي على التجارة وابتغاء الربح بطلب صاحب المال فكأن الضرب مسبب عنهما فتحققت المفاعلة لذلك، أو من ضرب كل منهما في الربح سهم، أو لما فيه من الضرب بالمال وتقليبه. وأهل الحجاز يسمونها قراضاً ... الخ هكذا ورد في اللمعة وشرحها للشهيدين رحمهما الله
3- التهذيب 7 نفس ،الباب ، ح 22
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 16 بتفاوت الاستبصار 3، 84 - باب أن المضارب يكون له من الربح بحسب ما ... ، ح 3 بتفاوت الفقيه 3 ، 70 - باب المضاربة ، ح 2 وروي ذيله بتفاوت يسير.
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 34 الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 4 بتفاوت يسير . كما ذكره الشيخ رحمه الله برقم 53 من الباب 81 من الجزء 6 من التهذيب، قال المحقق في الشرائع :139/2 : ولو كان له دين لم يجز أن يجعله مضاربة إلا بعد قبضه، وكذا لو أذن للعامل في قبضه من الغريم ما لم يجدد العقد».
6- التهذيب 7، 18 - باب الشركة والمضاربة ، ح 33 بتفاوت يسير هذا والأظهر عند أصحابنا أن نفقة العامل في السفر بكمالها من أصل المال ولو كان له مال غير مال المضاربة، فعندنا قولان الأول أنه لا يؤثر في كون تمام نفقته من أصل المال والآخر أنه يقسط النفقة بينه وبين أصل مال المضاربة، وهو الوجه عند المحقق في شرائع الإسلام 138/2

6 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يكون معه المال مضاربة فيقلُّ بربحه، فيتخوَّف أن يؤخذ منه، فيزيد صاحبه على شرطه الّذي كان بينهما، وإنّما يفعل ذلك مخافة أن يؤخذ منه ؟ قال : لا بأس(1).

7 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النّعمان، عن أبي الصبّاح الكنانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يعمل بالمال مضاربة؟ قال له الرّبح وليس عليه من الوضيعة شيء، إلّا أن يخالف عن شيء ممّا أمره صاحب المال.

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن ميسّر (2)قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة، فاشترى أباه وهو لا يعلم؟ فقال : يُقوّم، فإذا زاد درهماً واحداً أعتق واستُسعي في مال الرَّجل(3).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه في المضارب: ما أنفق في سفره فهو من جميع المال، وإذا قَدِمَ بلدته، فما أنفق فهو من نصيبه(4).

145- باب ضمان الصُناع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي

ص: 243


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 26 بتفاوت وأخرجه عنه عن القاسم بن محمد عن أبان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (علیه السّلام).
2- فی التهذیب و الفقیه: عن محمد بن قیس
3- التهذيب ،7 نفس ،الباب ، ح 27 . الفقيه 3 ، 70 - باب المضاربة ، ح 3. يقول الشهيدان: «ولو اشترى العامل أبا نفسه وغيره ممن ينعتق عليه صح إذ لا ضرر على المالك فإن ظهر فيه ربح حال الشراء أو بعده انعتق نصيبه أي نصب العامل لاختياره السبب المفضي إليه كما لو اشتراه بماله ويسعى المعتق وهو الأب في الباقي ....» كما يراجع شرائع المحقق 142/2 - 143.
4- الفقيه 3، نفس الباب ، ح 5، وراجع تخريج الحديث في التعليقة (1) من هذه الصفحة.

عبد الله (علیه السّلام) قال: سئل عن القصّار يُفْسِد؟ قال : كلُّ أجير يعطى الأجر على أن يصلح فيَفْسِد. فهو ضامن(1).

2 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال في الغسّال والصبّاغ : ما سُرق منهما من شيء فلم يخرج منه على أمر بيّن أنّه قد سُرق، وكلُّ قليل له أو كثير، فإن فعل فليس عليه شيء، وإن لم يقم البيّنة وزعم أنّه قد ذهب الّذي ادّعى عليه، فقد ضمنه إن لم يكن له بيّنة على قوله(2).

3 - وبهذا الإسناد، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : وكان أمير المؤمنين (علیه السّلام) يضمّن القصّار والصائغ احتياطاً للنّاس، وكان أبي يتطوَّل عليه إذا كان مأموناً(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عمّن ذكره، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن قصّار دفعت إليه ثوباً فزعم أنّه سُرق من بين متاعه؟ قال : فعليه أن يقيم البيّنة أنه سرق من بين متاعه، وليس عليه شيء، وإن سرق متاعه كلّه فليس عليه شيء(4).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (علیه السّلام) يضمّن القصّار والصّباغ والصّائغ احتياطاً على أمتعة النّاس، وكان لا يضمّن (علیه السّلام) من الغرق والحرق والشي الغالب، وإذا غرقت السفينة وما فيها فأصابه الناس، فما قذف به البحر على ساحله فهو لأهله، وهم أحقُّ به وما غاص عليه الناس وتركه صاحبه فهو لهم (5).

ص: 244


1- التهذيب 7 ، 20 - باب الإجارات ، ح 37 ، الاستبصار 3، 87 - باب الصانع يعطي شيئاً ليصلحه ... ، ح 1. الفقيه 3، 75 - باب ما يجب من الضمان على من يأخذ أجراً على ... ح ح38 .
2- التهذيب 7 ، 20 - باب الإجارات ، ح 34 بتفاوت وزيادة في آخره. وفيه في الصائغ والقصار الفقيه 3، 76 - باب ضمان من حمل شيئاً فادعى ذهابه ، ح 2 بتفاوت وفيه : الغسّال والصوّاغ .
3- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 44 . الاستبصار 3 ، 87 - باب الصانع يعطى شيئاً ليصلحه . . . ، ح 9 . وفيهما: احتياطاً بدون إضافة : للناس. والمقصود أنه كان (علیه السّلام) يفعل ذلك احتياطا لأموالهم وحقوقهم . قوله : تطوّل عليه : أي تفضّل، وكان ذلك منه (علیه السّلام) إما بمقتضى ولايته العامة، أو استحباباً، أو لبيان الرخصة. وأخرجه الصدوق في الفقيه ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت. وفيه: أن الذي كان يضمن هو الباقر (علیه السّلام)والدي كان يتطوّل هو السجاد (علیه السّلام) .
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 5 الفقيه ، نفس الباب، ح . 6. وقوله : ليس عليه شيء؛ أي فيما لو أقام البينة على دعواه أنه سرق من بين متاعه أو أن متاعه سرق كله.
5- التهذیب7، نفس الباب، ح38. الاستبصار3، نفس الباب، ح2 وفیه الی قوله: والشیء الغالب. الفقیه3، نفس الباب، ح8 قال المحقق في الشرائع 187/2 : «إذا أفسد الصانع ضمن ولو كان حاذقاً كالقصار يحرق الثوب أو يخرق، أو الحجّام يجني في حجامته أو الختان يختن فيسبق موساه إلى الحشفة أو يتجاوز حد الختان، وكذا البيطار . ... ولو احتاط واجتهد، أما لو تلف في يد الصانع لا بسببه من غير تفريط ولا تعدّ لم يضمن على الأصح ... الخ .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن صفوان، عن الكاهليّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن القصّار يسلّم إليه الثوب، واشترط عليه أن يعطي في وقت؟ قال : إذا خالف الوقت وضاع الثوب بعد الوقت فهو ضامن(1).

7 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن إسماعيل بن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الثوب أدفعه إلى القصّار فيحرقه؟ قال : أغْرِمُهُ، فإنّك إنّما دفعته إليه ليصلحه، ولم تدفعه إليه ليفسده.

8 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن عبد الله (علیه السّلام) أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أتي بصاحب حمّام وضعت عنده الثياب فضاعت، فلم يضمّنه وقال : إنما هو أمين(2).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنَّ أمير المؤمنين رُفع إليه رجل استأجر رجلاً ليصلح بابه، فضرب المسمار فانصدع الباب، فضمّنه أمير المؤمنين (علیه السّلام)(3).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس قال: سألت الرضا (علیه السّلام) عن القصّار والصائغ، أيضمّنون؟ قال : لا يصلح الناس إلّا أن يضمّنوا، قال : وكان يونس يعمل به ويأخذ(4).

146- باب ضمان الجمّال والمكاري وأصحاب السفن

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي، عن أبي

ص: 245


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 39، الاستبصار3، نفس الباب، ح3، وفیه: فیخرقه. الاستبصار3، نفس الباب، ح 6 الفقيه 3، 75 - باب ما يجب من الضمان على من ...، ح 2 بتفاوت.
2- التهذيب 7 ، 20 - باب الإجارات ، ح 36 الفقيه ،3، 76 - باب ضمان من حمل شيئاً فادعى ذهابه ، ح 10 ... . ولا بد من حمله على صورة عدم تفريط المحامي أو تعديه، يقول المحقق في الشرائع 188/2 : صاحب الحمام لا يضمن إلا ما أودع وفرّط في حفظه أو تعدّى فيه».
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 41، الاستبصار 3، 87 - باب الصانع يعطى شيئاً ليصلحه فيفسده هل ح 5.
4- التهذيب 7 نفس الباب، ح 40 ، الاستبصار ، نفس الباب، ح 4 وفي ذيلهما ويأخذه .

عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل عن رجل جمّال استكري منه إبل، وبعث معه بزيت إلى أرض، فزعم أنّ بعض زقاق الزّيت انخرق فاهراق ما فيه؟ فقال : إنّه إن شاء أخذ الزَّيت، وقال: إنّه انخرق، ولكنه لا يُصَدِّق إلّا ببيّنة عادلة(1).

2 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن يحيى بن الحجّاج، عن خالد بن الحجّاج (2)قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الملّاح أحمل معه الطّعام ثمَّ أقبضه منه، فنقص؟ فقال: إن كان مأموناً فلا تضمّنه(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل حمل مع رجل في سفينة طعاماً، فنقص؟ قال : هو ضامن، قلت: إنّه ربّما زاد؟ قال : تعلم أنّه زاد شيئاً؟ قلت: لا، قال: هو لك(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل استأجر سفينة من ملّاح فحملها طعاماً، واشترط عليه إن نقص الطّعام فعليه؟ قال: جائز ، قلت له : إنّه ربّما زاد الطّعام؟ قال: فقال : يدّعي الملّاح أنّه زاد فيه شيئاً؟ قلت : لا، قال : هو لصاحب الطّعام الزّيادة، وعليه النّقصان إذا كان قد اشترط عليه ذلك(5).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جعفر بن عثمان قال: حمل أبي متاعاً إلى الشّام مع جمّال، فذكر أنَّ حِمْلاً منه ضاع، فذكرت ذلك لأبي عبد الله(علیه السّلام)، قال : أتَتَّهِمَه؟ قلت : لا ، قال : فلا تُضَمِّنْهُ(6).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن موسى، عن يونس، عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الجمّال يكسر الّذي يحمل أو يهريقه؟

ص: 246


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 32 بتفاوت يسير الفقيه 3 نفس الباب، صدر ح 1.
2- في التهذيب : الحجّال.
3- التهذيب ،7 نفس الباب، ح 29 بتفاوت يسير هذا والأشبه عند كثير من أصحابنا عدم ضمان المكاري والملاح وغيرهما إذا تلفت العين المستأجر عليها من غير تعد ولا تفريط من المستأجر ، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 187/2.
4- التهذيب 7، 20 - باب الإجارات، ح 30 . الفقيه 3، 76 - باب ضمان من حمل شيئاً فادعى ذهابه ، ذيل ح 1 .
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 31.
6- التهذيب 7، نفس الباب ح 28 الفقيه 3، نفس الباب، ح 5

قال : إن كان مأموناً فليس عليه شيء، وإن كان غير مأمون فهو ضامن(1).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : الأجير المشارَك(2)هو ضامن، إلّا من سَبع أو من غَرَقٍ أَو حَرْق أو لصِّ مُكابر(3).

147- باب الصُّروف

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى، عن يحيى بن الحجّاج عن خالد بن الحجاج قال: سألته عن رجل كانت لي عليه مائة درهم عدداً، قضانيها مائة درهم وَزْناً؟ قال : لا بأس ما لم يشترط، قال : وقال : جاء الرّبا من قبل الشروط(4)، إنّما(5)تفسده الشّروط(6).

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : يكون للرّجل عندي الدِّراهم الوَضَح(7)، فيلقاني فيقول لي : كيف سعر الوَضَح اليوم؟ فأقول له: كذا وكذا، فيقول : أليس لي عندك كذا وكذا ألف درهم وَضَحاً؟ فأقول : بلى، فيقول لي : حوّلها إلى دنانير بهذا السّعر، وأثبتها لي عندك، فما ترى في هذا؟ فقال لي : إذا كنت قد استقصيت له السّعر يومئذ، فلا بأس بذلك، فقلت : إنّي لم أُوازنه ولم أُناقده، إنّما كان كلام بيني وبينه؟ فقال: أليس الدِّراهم من عندك

ص: 247


1- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 26 . ولا يوجد في سنده : أبو بصير، ولعله سقط سهواً من النساخ أو من قلمه الشريف، لأنه رحمه الله روى مضمون هذا الحديث كذيل حديث برقم 33 من نفس الباب من التهذيب وفي سنده أبو بصير بعد ابن مسكان الفقيه ،3 ، نفس الباب ، ح 12 . وفيه وفي التهذيب : الحمال، بدل : الجمال.
2- الأجير المشارك : هو الأجير المشترك الذي يؤاجر نفسه لكل من دعاه ولا يختص بواحد بعينه كالخياط والجمال والحمّال ... الخ.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 27.
4- في التهذيب : الشرط
5- في التهذيب : وإنما.
6- التهذيب 7 ، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك و ...، ح 89. هذا، وأخذ الزيادة عن مقدار القرض عند الاستيفاء بدون أن يكون قد شرط ذلك عند العقد، بل أعطاه المقترض إياها بطيبة نفس مما لا محذور فيه وهذا هو المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم.
7- الدرهم الوَضَح : الذي لا غش فيه، والخالص.

والدَّنانير من عندك؟ قلت بلى، قال : فلا بأس بذلك(1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى؛ عن عليّ بن الحكم، عن عبد الملك بن عتبة الهاشميّ قال: سألت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) عن رجل يكون عنده دنانير لبعض خلطائه، فيأخذ مكانها وَرِقاً في حوائجه، وهو يوم قبضت سبعة، وسبعة ونصف بدينار، وقد يطلب صاحب المال بعض الوَرِق وليست بحاضرة فيبتاعها له من الصّيرفيّ بهذا السّعر ونحوه، ثمَّ يتغيّر السّعر قبل أن يحتسبا، حتّى صارت الورق اثني عشر درهماً بدينار، فهل يصلح ذلك له، وإنما هي بالسّعر الأوَّل حين قبض كانت سبعة، وسبعة ونصف بدينار قال : إذا دفع إليه الورق بقدر الدنانير، فلا يضرُّه كيف الصّروف، ولا بأس(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الرّجل تكون عليه دنانير؟ قال : لا بأس أن يأخذ قيمتها دراهم(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن رجل كانت له على رجل دنانير، فأحال عليه رجلاً آخر بالدنانير، أيأخذها دراهم بسعر اليوم؟ قال: نعم، إن شاء(4).

6 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الرَّجل يكون له الدِّين دراهم معلومة إلى أجل، فجاء الأجل وليس عند الرَّجل الّذي عليه الدَّراهم فقال: خذ منّي دنانير بصرف اليوم؟ قال : لا بأس به(5).

7 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن الرّجل يبيعني الورق بالدَّنانير، وأتّزن منه فأزن

ص: 248


1- التهذيب 7، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين و ... ، ح 47 بتفاوت يسير الفقيه 3، 89 - باب الصرف ووجوهه، ح 11 بتفاوت .
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 63 بتفاوت قليل .
3- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 43 بتفاوت. الاستبصار 3، 62 - باب النهي عن بيع الذهب بالفضة نسيئة ح 11
4- التهذيب 7 نفس ،الباب ح 45 بدون قوله : بسعر اليوم الاستبصار ، نفس الباب، ح 12 . وهو كنص التهذيب.
5- التهذيب 7، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين و ...، ح44 بتفاوت الاستبصار ، ، 62 - باب النهي عن بيع بالفضة نسيئة، ح 12 . بتفاوت.

له حتّى أفرغ، فلا يكون بيني وبينه عمل إلّا أنّ في ورقه نُفاية (1)وزيوفا (2)وما لا يجوز، فيقول : وردَّ نفايتها؟ فقال : ليس به بأس، ولكن لا تؤخّر ذلك أكثر من يوم أو يومين، فإنّما هو الصرف، قلت: فإن وجدت في وَرِقِهِ فضلاً مقدار ما فيها من النُفاية؟ فقال: هذا احتياط، هذا احبُّ إلى(3).

8 - صفوان، عن إسحاق بن عمّار، قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الدّراهم بالدّراهم والرصاص؟ فقال : الرّصاص باطل.

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال : سألته عن الصّرف فقلت له : الرّفقة ربّما عجّلت فخرجت فلم نقدر على الدمشقيّة والبَصْريّة(4)، وإنّما تجوز بسابور الدّمشقيّة والبصريّة ؟ فقال : وما الرَّفقة؟ فقلت : القوم يترافقون ويجتمعون للخروج، فإذا عجّلوا فربّما لم نقدر على الدمشقيّة والبصرية، فبعثنا بالغلّة فصرفوا ألفاً وخمسين درهماً منها بألف من الدّمشقيّة والبصريّة، فقال : لا خير في هذا، أفلا تجعلون فيها ذهباً لمكان زيادتها؟ فقلت له : أشتري ألف درهم وديناراً بألفَي درهم؟ فقال : لا بأس بذلك، إنَّ أبي (علیه السّلام) كان أجرَأ على أهل المدينة منّي، وكان يقول هذا، فيقولون : إنّما هذا الفرار، لو جاء رجلٌ بدينار لم يُعْطَ ألف درهم، ولو جاء بألف درهم لم يُعْطَ ألف دينار، وكان يقول لهم : نِعْمَ الشيءُ الفِرار من الحرام إلى الحلال(5).

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، وابن أبي عمير، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج مثله.

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان محمّد بن المنكدر يقول لأبي(6): يا أبا جعفر، رحمك الله، والله انّا (7)لنعلم أنّك لو أخذت ديناراً والصّرف بثمانية عشر(8)، فَدُرْتَ المدينة على أن تجد من

ص: 249


1- النُفاية: الردي ، ولذا فهو ينفى لرداءته .
2- الزيوف: المزيف المغشوش الرديء الذي لا يتعامل بمثله
3- التهذيب 7، نفس الباب ذيل ح 5 بتفاوت يسير
4- هما ضَرْبٌ من الدراهم آنذاك
5- التهذيب 7 ، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين و ...، ح 51 بتفاوت يسير الفقيه 3 ، 89 - باب الصرف ووجوهه، ح 8 بتفاوت
6- في التهذيب : لأبي جعفر (علیه السلام) ... والنتيجة واحدة.
7- في التهذيب : إنك لتعلم .
8- في التهذيب : بتسعة عشر.

يعطيك عشرين ما وجدته، وما هذا إلّا فراراً، وكان أبي يقول : صدقتَ واللهِ ولكنّه فرار من باطل إلى حقّ(1).

11 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن محمّد الحلبّي قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يستبدل الكوفيّة بالشّامية(2)وزناً بوزن، فيقول الصّيرفيُّ: لا أبدّل لك حتّى تبدّل لي يوسفيّة بغلّة وزناً بوزن؟ فقال : لا بأس، فقلنا : إنَّ الصيرفي إنّما طلب فضل اليوسفيّة على الغلّة؟ فقال : لا بأس به(3).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن عُبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يكون لي عنده دراهم، فأتيه فأقول : حوّلها دنانير، من غير أن أقبض شيئاً؟ قال : لا بأس، قلت: يكون لي عنده دنانير، فآتيه فأقول: حوّلها لي دراهم وأثبِتها عندك، ولم أقبض منه شيئاً؟ قال : لا بأس(4).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل ابتاع من رجل بدينار، فأخذ بنصفه بيعاً، وبنصفه وَرِقاً؟ قال : لا بأس به وسألته : هل يصلح أن يأخذ بنصفه ورقاً أو بيعاً ويترك نصفه حتّى يأتي بَعْدُ فيأخذ به ورقاً أو بيعاً؟ قال: ما أحبُّ أن أترك منه شيئاً حتّى آخذه جميعاً، فلا يفعله(5).

14 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن الرّجل يأتيني بالوَرِق فأشتريها منه بالدَّنانير، فأشتغل عن تعيير وزنها، وانتقادها، وفضل ما بيني وبينه فيها، فأعطيه الدَّنانير وأقول له : إنّه ليس بيني وبينك بيع، فإنّي قد نقضت الّذي بيني وبينك من البيع، وورقك عندي قَرْضُ، ودنانيري عندك قَرْضُ حتّى تأتيني من الغد، وأبايعه؟ قال : ليس به بأس(6).

ص: 250


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 52 بتفاوت يسير آخر.
2- في التهذيب : الشامية بالكوفية.
3- التهذيب 7، نفس ،الباب ح 54 ، والفضل هنا بمعنى الزيادة الحكمية لا الكمية وهل أن الزيادة الحكمية في النقدين توجب درج المعاملة في الربوية؟ هنالك خلاف بين الأصحاب رضوان الله عليهم.
4- التهذيب ،7 نفس الباب، ح 48 بتفاوت
5- التهذيب 7، 8 باب بيع الواحد بالاثنين و ... ، ح 36
6- التهذيب 7 ، نفس الباب، صدرح 50 بتفاوت

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الأسْرُبِّ يشترى بالفضّة؟ قال : إن كان الغالب عليه الأَسْرَبَ فلا بأس به(1).

16 - أبو عليُّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن الرَّجل يكون لي عليه المال، فيقضي بعضاً دنانير وبعضاً دراهم، فإذا جاء يحاسبني ليوفّيني [ک] ما يكون قد تغيّر سعر الدَّنانير، أيُّ السعرَين أحسب له، الّذي كان يوم أعطاني الدَّنانير، أو سعر يومي الّذي أُحاسبه ؟ قال : سعر يوم أعطاك الدَّنانير، لأنّك حبست منفعتها عنه(2).

17 - صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يجيئني بالوَرِقِ يَبِيعُنيها يريد بها ورقاً عندي، فهو اليقين أنّه ليس يريد الدَّنانير ليس يريد إلّا الورق، ولا يقوم حتّى يأخذ ورقي، فاشتري منه الدَّراهم بالدَّنانير، فلا يكون دنانيره عندي كاملة، فأستقرض له من جاري فأُعطيه كمال دنانيره، ولعلّي لا أحرز وزنها؟ فقال: أليس يأخذ وفاء الّذي له؟ قلت بلى، قال: ليس به بأس(3).

18 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيَّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : اشترى أبي أرضاً واشترط على صاحبها أن يعطيه وَرِقاً، كلُّ دينار بعشرة دراهم(4).

19 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالة، عن أبي المغرا، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : آتي الصّيرفي بالدراهم أشتري منه الدَّنانير، فيزن لي بأكثر من حقّي، ثمَّ ابتاع منه مكاني(5)بها دراهم؟ قال : ليس بها بأس ولكن

ص: 251


1- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 87 بدون (به) في الذيل. وإنما نفى البأس عنه لأن الفضة قد استهلك في الأسْرُب بحيث يعسر تخليصه منه فلا يُعباً به في نظر العرف والاسْرُبَ : - معرب - وهو الرصاص.
2- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 64 بتفاوت الفقيه 3، 89 - باب الصرف ووجوهه، ح 9 .
3- التهذيب 7، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين و ...، ح 56 بتفاوت يسير، «ويدل على أنه يحصل التقابض بإقباض ما يشتمل على الحق وإن كان أزيد كما صرح به جماعة . قال في التحرير: لو أعطاه أكثر من حقه ليترك له حقه بعد وقت صح ، ويكون الزائد أمانة يضمنه مع التفريط خاصة». مرآة المجلسي 309/19 .
4- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 88 .
5- أي وأنا واقف عنده، يعني لم أغادره

لا تزن أقلَّ من حقّك(1).

20 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يقول للصّائغ : صغ لي هذا الخاتم وأبدّل لك درهماً طازَجاً بدرهم غَلّة؟ قال : لا بأس(2).

21 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن شراء الذَّهب فيه الفضّة والزَّئبق والتّراب بالدَّنانير والوَرِق؟ فقال : لا تصارفه إلّا بالورق، قال وسألته عن شراء الفضّة فيها الرَّصاص والورق إذا خلصت نقصت من كلّ عشرة درهمين أو ثلاثة؟ قال : لا يصلح إلّا بالذهب(3).

22 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن یحیی (4)عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) مولى عبد ربّه قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الجوهر الّذي يخرج من المعدن وفيه ذهب وفضّة وصفر جميعاً، كيف نشتريه؟ فقال: تشتريه بالذَّهب والفضّة جميعاً(5).

23 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن شعيب العقرقوفيّ، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن بيع السيف المُحلّى بالنقد؟ فقال : لا بأس به، قال : وسألته عن بيعه بالنّسيئة؟ فقال : إذا نقد مثل ما فضّته فلا بأس به، أو ليعطي

الطّعام(6).

ص: 252


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 58 بتفاوت. وفي ذيله : ولكن لا يزن لك أقل من حقك
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 77 ،قال المحقق في الشرائع 50/2: «روي جواز ابتیاع در هم بدرهم مع اشتراط صياغة خاتم، وهل يعدّى الحكم؟ الأجود : لا».
3- التهذيب7، نفس الباب، ح 74، بتفاوت يسير مع قلبه الصدر عجزاً والعجز صدراً. وروي ذيله في الفقيه 3، 89 - باب الصرف ووجوهه، ح 10 بتفاوت.
4- في التهذيب : عبد الله بن بحر
5- التهذيب 7، نفس الباب ح 84 بتفاوت قليل. قال المحقق في الشرائع 48/2 : «ويجوز بيع جوهر الرصاص والصفر بالذهب والفضة معاً وإن كان فيه يسير فضة أو ذهب، لأن الغالب غيرهما» والمعنى : لأن الغالب اسم غير الذهب أو الفضة، بحيث لا يُعبأ بها عرفاً لعشر فصلها واستخراجها على حِدَة
6- التهذيب 7، 8- باب بيع الواحد بالاثنين و ... ، ح 91 بتفاوت يسير جداً. الاستبصار 3، 64 - باب بيع السيوف المحلاة بالفضة نقداً ونسيئة، ح 1.

24 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عليّ بن حديد، عن عليّ بن ميمون الصّائغ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عمّا يُكنَس من التراب، فأبيعه ، فما أصنع به؟ قال : تصدَّق به، فإمّا لك وإمّا لأهله قال : قلت: فإنَّ فيه ذهباً وفضة وحديداً، فبأيّ شيء أبيعه؟ قال بعه بطعام، قلت: فإن كان لي قرابة محتاج، أُعطيه منه؟ قال : نعم(1).

25 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن محمّد(2)قال : سئل عن السّيف المحلّى، والسّيف الحديد المموَّه، يبيعه بالدَّراهم؟ قال : نعم، وبالذهبّ ؛ وقال : إنّه يكره أن يبيعه بنسيئة ؛ وقال : إذا كان الثمن أكثر من الفضّة فلا بأس(3).

26 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن حمزة، عن إبراهيم بن هلال قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : جام فيه ذهب وفضّة، أشتريه بذهب أو فضّة؟ فقال : إن كان تقدر على تخليصه ،فلا وإن لم تقدر على تخليصه فلا بأس(4).

27 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى ، عن عثمان بن عیسی، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت له : تجيئني الدَّراهم بينها الفضل، فنشتريه بالفلوس؟ فقال : لا يجوز، ولكن انظر فَضْلَ ما بينهما فزِن نحاساً وزِن الفَضْلَ فاجعله مع الدَّراهم الجياد،

وخذ وزناً بوزن(5).

28 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن معاوية أو(6)غيره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن جوهر الاسْرُبّ، وهو إذا خلص كان فيه فضّة،

ص: 253


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 85.
2- هو ابن مسلم.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 98 الاستبصار ، نفس الباب ح 7 بتفاوت يسير فيهما .
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 90 يقول المحقق في الشرائع 50/2 : « «الأواني المصوغة من الذهب والفضة إن كان كل واحد منهما معلوماً جاز بيعه بجنسه من غير زيادة، وبغير الجنس وإن زاد ، وإن لم يعلم وأمكن تخليصهما لم تبع بالذهب ولا بالفضة وبيعت بهما أو بغيرهما، وإن لم يمكن تخليصهما وكان أحدهما أغلب بيعت بالأقل ، وإن تساويا تغليباً بيعت بهما». وقد علق الشهيد الثاني في المسالك 32/2 فقال: «ولا فرق في ذلك بين إمكان التخليص وعدمه ولا بين العلم بقدر كل واحد منهما وعدمه، بل المعتبر العلم بالجملة». ثم قال : ومنعه من بيعه بأحدهما على تقدير إمكان التخليص لا وجه له»
5- التهذيب 7 نفس الباب، ح 100، بتفاوت يسير
6- الشك من الراوي.

أيصلح أن يُسْلِمَ الرّجل فيه الدَّراهم المسمّاة؟ فقال: إذا كان الغالب عليه اسم الأسْرُبِّ، فلا بأس بذلك، - يعني : لا يعرف إلّا بالأسْرُبّ(1).

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : سألته عن السيوف المحلّاة فيها الفضّة، تباع بالذهب إلى أجل مسمّى؟ فقال : إِنَّ الناس لم يختلفوا في النَّسَاِ أَنّه الرّبا إنّما اختلفوا في اليد باليد، فقلت له : فيبيعه بدراهم بنقد؟ فقال : كان أبي يقول : يكون مه عَرَضَ أحبُّ إليَّ؛ فقلت له : إذا كانت الدِّراهم الّتي تعطى أكثر من الفضّة الّتي فيها؟ فقال : وكيف لهم بالاحتياط بذلك؟ قلت له : فإنّهم يزعمون أنّهم يعرفون ذلك، فقال : إن كانوا يعرفون ذلك فلا بأس، وإلّا فإنّهم يجعلون معه العَرَضَ أحبّ إليَّ(2).

30 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن أبي محمّد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يكون لي عليه الدَّراهم فيعطيني المِكْحَلَة؟ فقال الفضّة بالفضّة، وما كان من كُحْل فهو دَين عليه حتّى يردَّه عليك يوم القيامة(3).

31 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : لا يبتاع رجل فضّة بذهب إلّا يداً بيد، ولا يبتاع ذهباً بفضّة إلّا يداً بيد(4).

32 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: سألته عن

ص: 254


1- التهذيب 7، 8 باب بيع الواحد بالاثنين و ...، ح 86
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 93. الاستبصار 3، 64 - باب بيع السيوف المحلّاة بالفضة نقداً ونسيئة، ح 3 . قال المحقق في الشرائع 50/2 : «المراكب المحلّاة إن علم ما فيها بيعت بجنس الحلية بشرط أن يزيد الثمن عما فيها، أو توهب الزيادة من غير شرط، وبغير جنسها مطلقاً، وإن جُهِلَ ولم يمكن نزعها إلا مع الضرر بيعت بغير جنس حليتها، وإن بيعت بجنس الحلية، قيل : يُجعل معها شيئاً من المتاع، وتباع بزيادة عما فيها تقريباً دفعاً الضرر النزاع».
3- التهذيب 7، نفس الباب .83 كما ذكره برقم 61 من الباب 81 من الجزء 6 من التهذيب . ، ح أي ويعطيه المكحلة وهي من الفضة وفيها الكحل فينقص من الدراهم بوزن ذلك الكحل .
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 32 الاستبصار 3 63 - باب النهي عن بيع الذهب بالفضة نسيئة ، ح 2 . قوله (علیه السّلام) : يدا بيد هو كناية عن شرط صحة بيع الأثمان بالأثمان وهو التقابض في مجلس العقد، فلو افترقا قبل التقايض بطل الصرف على الأشهر عند أصحابنا رضوان الله عليهم، ولو فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل .

الرَّجل يشتري من الرَّجل الدَّراهم بالدَّنانير، فيزنها وينقدها ويحسب ثمنها كم هو ديناراً، ثمَّ يقول : أرسل غلامك معی حتّى أعطيه الدَّنانير؟ فقال: ما أحب أن يفارقه حتّى يأخذ الدَّنانير، فقلت : إنّما هو في دار وحده، وأمكنتهم قريبة بعضها من بعض، وهذا يشقُّ عليهم؟ فقال: إذا فرغ من وزنها وإنقادها، فليأمر الغلام الّذي يرسله أن يكون هو الّذي يبايعه ويدفع إليه الوَرِقَ ويقبض منه الدَّنانير حيث يدفع إليه الورق(1).

33 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن بيع الذَّهب بالدَّراهم فيقول : أرسل رسولاً فيستوفى لك ثمنه؟ فيقول : هاتِ وهلمَّ ويكون رسولك معه(2).

148- باب آخر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس قال: كتبت إلى أبي الحسن الرّضا (علیه السّلام) أنَّ لي على رجل ثلاثة آلاف درهم، وكانت تلك الدَّراهم تنفق بين الناس تلك الأيّام، وليست تنفق اليوم، فلي عليه تلك الدَّراهم بأعيانها، أو ما ينفق اليوم بين الناس؟ قال : فكتب إليَّ : لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس، كما أعطيته ما ينفق بين الناس(3)

149- باب إنفاق الدراهم المحمول عليها

149 - انفاق الدراهم المحمول (4)علیها

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن

ص: 255


1- التهذيب 7، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين و ...، ح 35 . الاستبصار 3، 62 - باب النهي عن بيع الذهب بالفضة نسيئة، ح 4 يقول المحقق في الشرائع 48/2 : «ولو وكّل أحدهما في القبض عنه فقبض الوكيل قبل تفرقهما صحّ، ولو قبض بعد التفرق بطل» يعني عقد الصرف.
2- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 34.
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 111. الاستبصار 3، 65 - باب الرجل يكون له على غيره الدراهم فتسقط تلك الدراهم و . . . ، ح3. وروي بمعناه في الفقيه 3 مكاتبة ليونس إلى الرضا (علیه السّلام)، 60 - باب الدين والقروض،ح 39. وقال الصدوق رحمه الله بعد ذكره الحديث : فمتى كان للرجل على الرجل دراهم بنقد معروف فليس له إلا ذلك النقد، ومتى كان له على الرجل دراهم بوزن معلوم بغیر نقد معروف فإنما له الدراهم التي تجوز بين الناس» .
4- الدراهم المحمول عليها هي الدراهم المغشوشة، سميت بذلك لما يحمل عليها من الغش

يزيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في إنفاق الدَّراهم المحمول عليها؟ فقال : إذا كان الغالب عليها الفضّة فلا بأس(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن رئاب قال: لا أعلمه إلّا عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام : الرَّجل يعمل الدراهم، يحمل عليها النحّاس أو غيره، ثمَّ يبيعها؟ فقال: إذا كان بين الناس ذلك فلا بأس(2).

3 - محمّد بن يحيى، عمّن حدّثه، عن جميل، عن حريز بن عبد الله قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام)، فدخل عليه قوم من أهل سجستان، فسألوه عن الدَّراهم المحمول عليها؟ فقال : لا بأس، إذا كان جوازاً لمصر.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقيّ، عن الفضل بن أبي العبّاس قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الدَّراهم المحمول عليها ؟ فقال : إذا أنفقت ما يجوز بين أهل البلد فلا بأس، وإن أنفقت ما لا يجوز بين أهل البلد فلا.

150- باب الرجل يقرض الدراهم ويأخذ أجْوَدَ منها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الرّجل يستقرض الدَّراهم البيض عدداً، ثمّ يعطي سُوداً، وقد عرف أنّها أثقل ممّا أخذ، وتطيب نفسه أن يجعل له فضلها؟ فقال : لا بأس به إذا لم يكن فيه شرط، ولو وهبها له كلّها صلح(3).

ص: 256


1- التهذيب 7، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين و ...، ح 70، الاستبصار 3 ، 63 - باب إنفاق الدراهم المحمول عليها، ح3 . وفي ذيلهما زيادة بإنفاقها، قال المحقق في الشرائع 49/2: «ويجوز إخراج الدراهم المغشوشة مع جهالة الغش، إذا كانت معلومة الصرف : بين الناس أي متداولة بينهم مع علمهم بحالها وإن كانت مجهولة الصرف لم يجز إنفاقها إلا بعد إبانة حالها».
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 73. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 6. بتفاوت في الذيل فيهما.وقوله : بين الناس أي رائجا بينهم في مقام التعامل
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 76 بتفاوت قليل . الفقيه 3، 87 - باب الربا، ح 35 بتفاوت . كما ذكر الشيخ هذا الحديث برقم 2 من الباب 82 من الجزء 6 من التهذيب، هذا وقد دل الحديث على عدم جواز أخذ الأجود عند الاستيفاء إذا كان قد اشترط عليه ذلك عند القرض، وكذا أخذ الأزيد، وهذا مما تسالم عليه الأصحاب إلا النادر يقول الشهيدان رحمهما الله : ولا يجوز اشتراط النفع للنهي عن قرض يجر نفعاً فلا يفيد الملك لو شرطه سواء في ذلك الربوي وغيره، وزيادة العين والمنفعة حتى لو شرط الصحاح عوض المكسرة، خلافاً لأبي الصلاح الحلبي (رحمه الله) وجماعة حيث جوزوا هذا الفرد من النفع استناداً إلى رواية لا تدل على مطلوبهم وظاهرها إعطاء الزائد الصحيح بدون الشرط ولا خلاف فيه بل لا يكره وقد روي أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) اقترض بَكْراً فرد بازلاً رباعياً وقال : إن خير الناس أحسنهم قضاء». والبكر من الإبل بمنزلة الغلام من الناس أي الفتي والبازل: ما بول نابه من الإبل ذكراً كان أو أنثى وذلك في السنة التاسعة وربما كان ذلك في السنة الثامنة.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الرّبيع قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن رجل أقرض رجلاً دراهم، فردَّ عليه أجود منها بطيبة نفسه، وقد علم المستقرض والقارض أنّه إنّما أقرضه ليعطيه أجود منها؟ قال : لا بأس إذا طابت نفس المستقرض(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا أقرضت الدَّراهم ثمَّ أتاك بخير منها، فلا بأس، إذا لم يكن بينكما شرط(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يقرض الرّجل الدراهم الغلّة، فيأخذ منه الدَّراهم الطّازجيّة طيّبة بها نفسه؟ فقال : لا بأس ؛ وذكر ذلك عن عليّ (علیه السّلام)(3).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) كان يكون عليه الثنيّ فيعطي الرِّباع .

6 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرجل يستقرض من الرَّجل الدراهم فيردُّ عليه المثقال، أو يستقرض المثقال فيردُّ عليه الدَّراهم؟ فقال : إذا لم يكن شرط فلا بأس، وذلك هو الفضل؛ إنَّ أبي رحمه الله كان يستقرض الدَّراهم الفُسُولة(4)فيدخل عليه الدَّراهم الجلال(5)، فقال : يا بنيَّ ردَّها على الّذي استقرضتها منه،

ص: 257


1- التهذيب 6، 82 - باب القرض وأحكامه، ح 1.
2- التهذيب 6، 82 - باب القرض وأحكامه ، ح 3 و 4 وكرر ذكر الثاني برقم 105 من الباب 8 من الجزء 7 من التهذيب. وروي الثاني في الفقيه 3 ، 87 - باب الربا، ح 41 . والغِلّة : المغشوشة، والطازجية أو الطازجة: الدراهم البيض الجيدة. وكأنه معرّب (تازه) بالفارسية - كما في مجمع البحرين. ولا بد من حمل هذا الحديث الثاني على ما إذا لم يكن شرط ، بل يكون أخذه للطازجة بدل الغلّة ابتداء تفضّل من المقترض، وإلا حرم
3- التهذيب 6، 82 - باب القرض وأحكامه ، ح 3 و 4 وكرر ذكر الثاني برقم 105 من الباب 8 من الجزء 7 من التهذيب. وروي الثاني في الفقيه 3 ، 87 - باب الربا، ح 41 . والغِلّة : المغشوشة، والطازجية أو الطازجة: الدراهم البيض الجيدة. وكأنه معرّب (تازه) بالفارسية - كما في مجمع البحرين. ولا بد من حمل هذا الحديث الثاني على ما إذا لم يكن شرط ، بل يكون أخذه للطازجة بدل الغلّة ابتداء تفضّل من المقترض، وإلا حرم
4- أي الرديئة
5- في التهذيب والفقيه : الجياد

فأقول : يا أبه، إنَّ دراهمه كانت فُسولة وهذه خير منها؟! فيقول : يا بنيَّ، إنَّ هذا هو الفضل، فأَعطه إيّاها(1).

7 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن عليّ بن النّعمان، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يكون عليه جُلّة من بُسْر، فيأخذ منه جلّة من رطب وهي أقلّ منها : قال : لا بأس، قلت : فيكون لي عليه جلّة من بسر فأخذ منه جلّة من تمر، وهي أكثر منها؟ قال : لا بأس، إذا كان معروفاً بينكما(2).

151- باب القرض يَجُرّ المنفعة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم وغيره قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يستقرض من الرَّجل قرضاً ويعطيه الرَّهن؛ إمّا خادماً وإمّا آنية وإمّا ثياباً، فيحتاج إلى شيء من منفعته، فيستأذنه فيه فيأذن له؟ قال : إذا طابت نفسه فلا بأس، قلت: إنَّ من عندنا يروون أنَّ كلَّ قرض يجرّ منفعة فهو فاسدٌ؟ فقال : أَوَلَيْسَ خيرُ القرضِ ما جرَّ منفعة(3)؟

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن ابن بكير، عن محمّد بن عبدة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن القرض يجرُّ المنفعة؟ فقال: خير القرض الذي يجرُّ المنفعة(4).

ص: 258


1- التهذيب 7، 8 - باب بيع الواحد بالاثنين و ...، ح 106 بتفاوت يسير الفقيه 3 ، نفس الباب ، ح 36 بتفاوت، والفضل: هو الإحسان ولعله إشارة إلى قوله تعالى : «وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ».
2- التهذيب 6 ، 82 - باب القرض وأحكامه ، ح.5 الفقيه 3 ، 77 - باب السلف في الطعام و...، ح 3 . وقوله (علیه السّلام) : إذا كان معروفاً . . . ؛ أي إذا كان ما فعلتماه من باب الإحسان والمعروف، دون ما إذا كان بمقتضى شرط أو تعامل لمحض المنفعة المادية. والجُلّة : القفّة الكبيرة من الخوص أو غيره
3- التهذيب 6، 82 - باب القرض وأحكامه ، ح 6 . الفقيه ،3، 87 - باب الربا، ح 39 قوله :(علیه السّلام) ما جر :منفعة أي للمقرض في الدنيا والآخرة. ويحتمل لكل من المقرض والمقترض من الجهتين أيضاً، أو في الدنيا فقط، هذا والمعروف بين أصحابنا رضوان الله عليهم حرمة اشتراط النفع في القرض حيث حكموا بعدم إفادته الملك في هذه الصورة نعم لا بأس بأن يهدي المدين دائنه شيئاً من عند نفسه من دون شرط قال المحقق في الشرائع 67/2: «وفي القرض أجر ينشأ عن معونة المحتاج تطوعاً والاقتصار على رد العوض فلو شرط النفع حرم ولم يفد الملك، نعم لو تبرع المقترض بزيادة في العين أو الصفة جاز». وعلى ذلك ينبغي أن تحمل الأحاديث المتقدمة وأمثالها
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 7 الاستبصار 3، 7 - باب القرض لجر المنفعة، ح 2.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بشر بن مسلمة(1)؛ وغير واحد عمّن أخبرهم عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : خير القرض ما جرَّ منفعة(2).

4 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن الرَّجل يجيئني فأشتري له المتاع من الناس وأضمن عنه، ثمَّ يجيئني بالدَّراهم فأخذها وأحبسها عن صاحبها، وآخذ الدَّراهم الجياد وأعطي دونها؟ فقال : إذا كان يضمن فربّما اشتدَّ عليه، فعجّل قبل أن يأخذه ويحبس بعدما يأخذ فلا بأس(3).

152- باب الرجل يعطي الدراهم ثم يأخذها ببلد آخر

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن عليّ بن النّعمان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : يسلف الرَّجل الرّجل الوَرِقَ على أن ينقدها إيّاه بأرض أخرى، ويشترط عليه ذلك؟ قال : لا بأس(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : لا بأس بأن يأخذ الرَّجل الدَّراهم بمكّة، ويكتب لهم سفاتج(5)أن يُعطوها بالكوفة.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن أبي الصباح، أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل يبعث بمال إلى أرض، فقال الّذي يريد أن يبعث به؟ أقرضنيه وأنا أُوفيك إذا قدمت الأرض؟ قال : لا بأس(6).

ص: 259


1- في التهذيب: بشير بن سلمة. وفي الاستبصار بشير بن مسلم
2- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها . ح 60 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 1.
3- التهذيب 6، 82 - باب القرض وأحكامه، ح 14. «قوله (علیه السّلام) : إذا كان يضمن : قال الوالد العلامة رحمه الله : فإنه إذا كان الضرر عليه في بعض الصور فلو كان له نفع كان بإزاء الضرر، وهذه حكمة الجواز، والضابط أنه لما ضمن صار المال عليه، ولما كان بإذن المضمون عنه يجب عليه البذل، فإذا أخذه فله أن يؤديه أو غيره مرآة المجلسي 323/19
4- التهذيب6، نفس البابح 13. بتفاوت يسير
5- السفاتج جمع سُفتجَة، وهي - كما في القاموس - أن يعطي مالاً لآخذ وللأخذ مال في بلد المعطي فيوفيه إياه ثُمَّ فيستفيد أمن الطريق. وفعله السُّفتَجَة - بالفتح -
6- التهذيب 6، 82 - باب القرض وأحكامه، ح 12 بزيادة كلمة بهذا، في ذيله

153- باب ركوب البحر للتجارة

1 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن أبي نجران، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیه السّلام) أنّهما كرها ركوب البحر للتّجارة(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم رفعه قال : قال عليٌّ (علیه السّلام): ما أجمل في الطّلب من ركب البحر للتّجارة(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن أسباط قال : كنت حملت متاعاً إلى مكّة فبَارَ علي(3)، فدخلت به المدينة على أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) وقلت له : إنّي حملت متاعاً قد بار عليَّ، وقد عزمت على أن أصير إلى مصر فأركب برّاً أو بحراً؟ فقال : مصر الحتوف يقيّض لها أقصر النّاس أعماراً، وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ما أجمل في الطلب من ركب البحر، ثمَّ قال لي : لا عليك أن تأتي قبر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فتصلّي عنده ركعتين، فتستخير الله مائة مرَّة، فما لك عملت به، فإن ركبت الظهر (4)فقل : «الحمد لله الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون»، وإن ركبت البحر، فإذا صرت في السفينة فقل: «بسم الله مجريها ومرسيها إنّ ربّي لغفور رحيم»، فإذا هاجت عليك الأمواج فاتّك على يسارك وأَوم إلى الموجة بيمينك وقل : «قرّي بقرار الله، وأسكني بسكينة الله، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله [العليّ العظيم] قال عليُّ بن أسباط: فركبت البحر فكانت الموجة ترتفع، فأقول ما قال فتتقشّع كأنّها لم تكن؛ قال عليُّ بن أسباط: وسألته فقلت: جُعِلْتُ فِداك ما السكينة؟ قال : ریح من الجنّة لها وجه كوجه الإنسان، أطيب رائحة من المسك، وهي الّتي أنزلها الله على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بحُنَين فهزم المشركين.

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) أنّه قال في ركوب البحر للتّجارة، يغرّر الرجل بدينه(5).

ص: 260


1- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب، ح 279. وأخرج بنفس المعنى حديثاً عن الصادق (علیه السّلام) برقم 241 من نفس، الباب أيضاً . وروي بمعناه في الفقيه 3 عن ابن مسلم عن أحدهما (علیه السّلام) برقم 1332 من التسلسل العام فراجع.
2- قوله :(علیه السّلام) : ما أجمل في الطلب : إشارة إلى قوله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «فأجملوا في الطلب».
3- بار المتاع : أي كَسَد
4- من هنا إلى قوله : ... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، رواه في الفقيه 1 ، برقم 1331 من التسلسل العام.
5- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب، ح 280. وتغرير الرجل بدينه عبارة عن تعريضه للمحق أو الخلل، أو هو كناية عن التخلي عنه والتحلّل منه.

5 - عنه، عن أبيه، عن صفوان، عن معلّى بن أبي عثمان، عن معلّى بن خنيس قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يسافر فيركب البحر؟ فقال: إِنَّ أبي كان يقول : إنّه يضرُّ بدينك، هو ذا النّاس يصيبون أرزاقهم ومعيشتها(1).

6 - عنه، عن محمّد بن عليِّ، عن عبد الرَّحمن بن أبي هاشم، عن حسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أن رجلاً أتى أبا جعفر (علیه السّلام) فقال : إنّا نتّجر إلى هذه الجبال، فنأتي منها على أمكنة لا نقدر أن نصلّي إلّا على الثّلج؟ فقال : ألَا تكون مثل فلان يرضى بالدُّون، ولا يطلب تجارة لا يستطيع أن يصلّي إلّا على الثّلج(2).

154- باب إن من السعادة أن تكون معيشة الرجل في بلده

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن بعض أصحابه قال : قال عليُّ بن الحسين (علیه السّلام) : إنَّ من سعادة المرء أن يكون متجره في بلده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين بهم(3).

2 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسين التيميّ، عن جعفر بن بكر، عن عبد الله بن سهل، عن عبد الله بن عبد الكريم قال : قال أبو عبد الله : ثلاثة (علیه السّلام): من السّعادة : الزّوجة المؤاتية والأولاد البارُّون، والرَّجل يُرزق معيشته ببلده، يغدو إلى أهله ويروح(4).

3 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن بن عيسى، عن ابن مسكان، عن بعض أصحابنا، عن عليّ بن الحسين (علیه السّلام) قال : من سعادة المرء أن يكون متجره في بلده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين بهم، ومن شقاء المرء أن تكون عنده امرأة معجَبٌ بها وهي تَخُونُهُ.

ص: 261


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 240 و 281 أيضاً وإن بتفاوت.
2- التهذيب 6 نفس الباب، ح 242 بتفاوت في الذيل. ويفهم منه عدم جواز الصلاة على الثلج إما لعدم الاستقرار أو لعدم كون الثلج مما يصح السجود عليه . ويقول الشهيد الأول في الدروس : من آداب التجارة تجنب التجارة إلى بلد يوبق فيه دينه أو يصلّي فيه على الثلج ، ويستحب الاقتصار على المعاش في بلده فإنه من السعادة
3- الفقيه 3، 58 - باب المعايش والمكاسب و.... ، ح 33 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 21 - باب من الزيادات، ح 52 بتفاوت يسير في الذيل . وتوسط في سنده : حماد بين ابن أبي سهل وعبد الكريم بدل : عبد الله بن عبد الكريم. والزوجة المؤاتية : أي المطيعة الموافقة المنقادة.

155- باب الصُّلح

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجلين اشتركا في مال فربحا فيه، وكان من المال دَين وعليهما دَين، فقال أحدهما لصاحبه: أعطني رأس المال، ولك الرّبح، وعليك التّوىَ؟ فقال: لا بأس، إذا اشترطا، فإن كان شرط يخالف كتاب الله فهو ردٌّ إلى كتاب الله عزَّ وجلّ(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) أنّه قال في رجلين كان لكلّ واحد منهما طعام عند صاحبه، ولا يدري كلّ واحد منهما كم له عند صاحبه، فقال كلُّ واحد منهما لصاحبه: لك ما عندك ولي ما عندي؟ قال : لا بأس بذلك إذا تراضيا، وطابت أنفسهما(2).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل يكون له على الرَّجل دَين، فيقول له قبل أن يحلّ الأجَل : عَجّل لي النّصف من حقّي على أن أضع عنك النّصف، أيحلُّ ذلك لواحد منهما؟

قال : نعم(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل عن الرَّجل يكون له دين إلى أجل مسمّى، فيأتيه غريمه فيقول : انْقِدْني كذا وكذا وأضع عنك بقيّته، أو يقول : أنقدني بعضه وأمدُّ لك في الأجل فيما بقي عليك؟ قال : لا أرى به بأساً، إنّه لم يزد على رأس ماله، قال الله عزّ وجلَّ(4): «فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا

ص: 262


1- التهذيب 6 ، 83 - باب الصلح بين الناس ، ح 7 بتفاوت . وكرره كصدر حديث برقم 24 من الباب 2 من الجزء 7، من التهذيب. وبرقم 9 من الباب 18 من نفس الجزء بتفاوت وسند آخر، الفقيه 3، 70 - باب المضاربة ، ح 7 بتفاوت. وتوى :المال هلك . ح وظاهر الخبر أن ذلك إنما يكون بعد انقضاء الشركة لا في ابتدائها وإلا فالأقرب عند كثير من أصحابنا المنع عنه.
2- التهذيب 6، 83 - باب الصلح بين الناس ح .1. بتفاوت في الذيل الفقيه ،3، 16 - باب الصلح ، ح 2 . قوله (علیه السّلام) : لك ما عندك ... ؛ يحتمل أنه بنحو الصلح وهو جائز في الأقل والأكثر ، كما يحتمل أنه بنحو الإبراء.
3- التهذيب 6، 83 - باب الصلح بين الناس ح ه . هذا ويقول المحقق في الشرائع 68/2 : ولو أخره - أي القرض - بزيادة فيه لم يثبت الزيادة ولا الأجل، نعم، يصح تعجيله بإسقاط بعضه» وجواز التعجيل بإسقاط البعض مع إطلاق الجواز وعدم تقييده بكونه في النصف وبغير جنسه كما فعل الشهيد الأول في الدروس، وهو مذهب الأصحاب.
4- البقرة/ 279.

تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ»(1).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الصلح جائز بين الناس(2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن أبي حمزة قال : قلت لأبي الحسن (علیه السّلام): يهوديّ أو نصرانيٌّ كانت له عندي أربعة آلاف درهم، فهلك، أيجوز لي أن أُصالح ورثته ولا أُعلمهم كم كان؟ فقال: لا، حتّى تخبرهم(3).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى، عن ابن بكير، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل ضمن على رجل ضماناً، ثُم صالح عليه؟ قال : ليس له إلّا الّذي صالح عليه(4).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا كان لرجل على رجل دين فَمَطَلَهُ حتّى مات، ثمَّ صالح ورثته على شيء، فالّذي أخذته الورثة لهم، وما بقي فللميّت حتّى يستوفيه منه في الآخرة، وإن هو لم يصالحهم على شيء حتّى مات ولم يُقضَ عنه، فهو كلّه للميّت يأخذه به(5).

156- باب فضل الزراعة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن

ص: 263


1- التهذيب 6 نفس الباب ، ح 6 بتفاوت . الفقيه 3، 16 - باب الصلح ، ح 4
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 10.
3- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح : وفيه فمات بدل فهلك . وفي ذيله : لا يجوز حتى تجدهم. الفقيه 3، نفس الباب، ح 3، هذا وقال الشهيد الأول في الدروس: «لو تعذّر العلم بما صولح عليه جاز كما في وارث يتعذر علمه بحصته، وكما لو امتزج مالاهما بحيث لا يتميز، ولا تضرّ الجهالة، فلو صالحه بدون حقه لم يفد الإسقاط إلا علمه ورضاه ورواية ابن أبي حمزة نصُّ عليه». أقول : يحتمل أن النهي عن مصالحة الورّاث على الأقل من دون إخبارهم بحقيقة مال مورثهم إنما كان لأن اليهودي أو النصراني كان قد ائتمه على هذا المال وجعله وديعة عنده والأمانة لا تجوز الخيانة فيها بحال .
4- التهذيب 6، نفس الباب، ح 4 وفيه : ... ثم صالح على بعض ما صالح عليه وبتفاوت آخر. وكرره بنفس، نص الفروع هنا برقم 6 من الباب 84 من نفس الجزء من التهذيب.
5- التهذيب 6 ، 83 - باب الصلح بين الناس ، ح 11 بتفاوت يسير.

محمّد بن سنان، عن محمّد بن عطيّة قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إِنَّ الله عزَّ وجلَّ اختار لأنبيائه الحَرْثَ والزرع ، كيلا يكرهوا شيئاً من قطر السماء(1).

2 - عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد رفعه قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ الله جعل أرزاق أنبيائه في الزَّرع والضرع لئلاً يكرهوا شيئاً من قطر السماء(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، عن سيّابة، أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سأله رجل فقال له : جُعِلْتُ فداك، أسمع قوماً يقولون : إنَّ الزراعة مكروهة ؟ فقال له : ازرعوا واغرسوا، فلا واللهِ ما عمل الناس عملاً أحلَّ ولا أطيَب منه، والله ليُزْرَعَنَّ الزَّرع وليُغْرَسَنَّ النّخل بعد خروج الدَّجّال(3).

4 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن عمارة، عن مسمع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لمّا هبط بآدم إلى الأرض، احتاج إلى الطعام والشراب، فشكا ذلك إلى جبرئيل (علیه السّلام) فقال له جبرئيل : يا آدم، كن حَراثاً، قال : فعلمني دعاءً، قال : قل : (اللّهمَّ أكفني مؤونة الدُّنيا، وكلَّ هول دون الجنّة، وألبِسني العافية حتّى تُهَنتَني المعيشة»(4).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابنا قال : قال أبو جعفر (علیه السّلام) : كان أبي يقول : خير الأعمال الحَرْث، تزرعه فيأكل منه البَرُّ والفاجر، أمّا البَرُّ فما أكل من شيء استغفر لك، وأمّا الفاجر فما أكل منه من شيء لعنه، ويأكل منه البهائم والطير.

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) : أيّ المال خير ؟ قال : الزّرع، زرعه صاحبه وأصلحه وأدَّى حقّه يوم حصاده، قال : فأيُّ المال بعد الزَّرع خير؟ قال : رجل في غنم له قد تبع بها مواضع القطر(5)، يقيم

ص: 264


1- الفقيه 3، 74 - ياب بيع الثمار ، ح 13 وفيه : لئلا ... بدل كيلا ... والكراهة - هنا - بحسب الطبع . بلا دخل لعلمهم أو جهلهم بالمصالح والمفاسد والحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث ضعيف.
3- التهذيب 6، 93 - باب المكاسب ، ح 260 . الفقيه ،3، 74 - باب بيع الثمار ، ح 5 بتفاوت يسير في الجميع وفي سند الفقيه : عن ابن سيّابة. قوله (علیه السّلام) : بعد خروج الدجال : قال الوالد العلامة رحمه الله : أي عند ظهور القائم (علیه السّلام) فإنه مع وجوب اشتغال العالمين بخدمته والجهاد تحت لوائه يزرعون فإن بني آدم يحتاجون إلى الغذاء ويجب عليهم كفاية تحصيله بالزراعة. أو يكون المراد أنه لما روي أنه عند خروج القائم (علیه السّلام) يكون خروج القائم (علیه السّلام) يكون معه الحجر الذي كان مع موسى (علیه السّلام) ويكون منه طعامهم وشرابهم ، أي (هم) مع هذا أيضاً محتاجون إلى الزراعة لمن ليس معه (علیه السّلام). أو المراد أنه بعد خروج الدجّال وخوف المؤمنين منه لا يتركون الزراعة، فإن خوف الجوع أشدّ» مرآة المجلسي 332/19
4- الحديث ضعيف
5- القطر: المطر

الصلاة ويؤتي الزّكاة، قال : فأيُّ المال بعد الغنم خير؟ قال : البقر تغَدُو بخير وتروح بخير . قال : فأيُّ المال بعد البقر خيرٌ؟ قال : الرّاسيات في الوحل، والمُطْعِمَاتُ في المَحْل(1)، نِعْمَ الشيء النخل، مَن باعه فإنّما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهق اشتدَّت به الريح في يوم عاصف، إلّا أن يخلف مكانها، قيل : يا رسول الله، فأيُّ المال بعد النخل خيرٌ؟ قال: فسكت، قال: فقام إليه رجلٌ فقال له : يا رسول الله : فأين الإبل؟ قال: فيه الشقاء والجفاء والعناء وبُعْدُ الدَّار، تغدو مُدْبِرَةً وتروح مُدبِرَة لا يأتي خيرها إلّا من جانبها الأشأم(2)، أما إنّها لا تعدم الأشقياء الفجرة(3).

وروي أنَّ أبا عبد الله (علیه السّلام) قال : الكيمياء الأكبر: الزّراعة.

7 - عليُّ بن محمد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن الحسن بن السريِّ، عن الحسن بن إبراهيم، عن يزيد بن هارون قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : الزَّارعون كنوز الأنام، يزرعون طيّباً أخرجه الله عزَّ وجلَّ، وهم يوم القيامة أحسن الناس مقاماً، وأقربهم منزلةً، يُدْعَوْن المباركين(4).

157- باب آخر

1 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن إبراهيم بن عقبة، عن صالح بن عليّ بن عطيّة، عن رجل ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : مرَّ أبو عبد الله (علیه السّلام) بناس من الأنصار وهم يحرثون، فقال لهم : احْرُثُوا، فإن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال : «يُنبِتُ الله بالريح كما ينبت بالمطر»، قال: فَحَرَثوا فجادت زروعهم(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن سدير قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إنّ بني إسرائيل أتوا موسى (علیه السّلام) فسألوه أن يسأل الله

ص: 265


1- قوله: «تغدو بخير وتروح بخير» والمعنى أنه ينتفع بما يحلب من لينه غُدُوا ورواحاً مع خفة المؤونة. والراسيات في الوحل : هي النخلات التي ثبتت عروقها في الأرض وهي تثمر مع قلة المطر أيضاً، بخلاف الزرع وبعض، الأشجار» مرآة المجلسي .333/19 والمحل: الشدة والجدب.
2- أي جانبها .الشمال ولعله كناية عن كون خيرها مشوب بالشر لكثرة موتها مع قلة منفعتها بالنسبة لكثرة مؤنتها
3- الفقيه 2 ، 92 - باب ما جاء في الإبل ، ح 6 ورواه مرسلا عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وبتفاوت . وقال الصدوق رحمه الله بعد إيراده الخبر : معنى قوله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم هو أنها لا تحلب ولا تركب إلا من الجانب الأيسر. هذا والحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف.
5- الحديث ضعيف

عزَّ وجلَّ أن يُمطر السماء عليهم إذا أرادوا، ويحبسها إذا أرادوا، فسأل الله عزّ وجلَّ ذلك لهم، فقال الله عزّ وجلَّ : ذلك لهم يا موسى، فأخبرهم موسى فحرثوا ولم يتركوا شيئاً إلا زرعوه، ثُمَّ استنزلوا المطر على إرادتهم وحبسوه على إرادتهم، فصارت زروعهم كأنّها الجبال والأجام، ثمَّ حصدوا وداسوا وذرّوا، فلم يجدوا شيئاً، فضجوا إلى موسى (علیه السّلام) وقالوا : إنّما سألناك أن تسأل الله أن يمطر السماء علينا إذا أردنا فأجابنا، ثمّ صيّرها علينا ،ضرراً، فقال: يا ربّ، إنَّ بني إسرائيل ضجّوا مما صنعت بهم، فقال : وممَّ ذاك يا موسى ؟ قال : سألوني أن أسألك أن تمطر السماء إذا أرادوا وتحبسها إذا أرادوا فأجبتهم، ثمَّ صيّرتها عليهم ضرراً، فقال: يا موسى، أنا كنت المقدّر لبني إسرائيل، فلم يرضَوا بتقديري، فأجبتهم إلى إرادتهم، فكان ما رأيت(1).

158- باب ما يقال عند الزرع والغرس

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن ابن بكير قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إذا أردت أن تزرع زرعاً، فخذ قبضةً من البذر واستقبل القبلة وقل : «أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ»(2)- ثلاث مرَّات - ثمَّ تقول: «بل الله الزّارع - ثلاث مرَّات - ثمَّ قل: «اللّهمّ اجعله حَباً مباركاً، وارزقنا فيه السلامة»، ثمَّ انثر القبضة الّتي في يدك في القراح(3).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن الحكم، عن شعيب العقرقوفيّ، عن ابی عبد الله (علیه السّلام) قال : قال لي : إذا بذرت فقل: «اللّهمَّ قد بذرتُ وأنت الزارع، فاجعله حبّاً متراكماً »(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن عمر الجلّاب عن الحضيني، عن ابن عرفة قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : من أراد أن يلقح النخيل إذا كانت لا يجود حملها ولا يتبعّل النخل(5)، فليأخذ حيتاناً صغاراً يابسة، فليدقّها بين الدَّقّتين(6).

ص: 266


1- الحديث ضعيف على المشهور
2- الواقعة / 63 - 64
3- الأرض القراح : البلقع التي لا شجر فيها ولا عليها بناء
4- المتراكم: المجتمع بعضه فوق بعض
5- لا يتبعّل النخل : أي لا يقبل اللقاح ولا ينفع فيها
6- بين الدّقين: أي وسطاً بين الدق الناعم والخشن

ثمَّ يذر في كلّ طلعة منها قليلاً، ويصرُّ الباقي في صرَّة نظيفة، ثمَّ يجعل في قلب النخلة(1)، ينفع بإذن الله .

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : قد رأيت حائطك، فغرست فيه شيئاً بعد؟ قال : قلت : قد أردت أن آخذ من حيطانك ودياً(2)، قال : أفلا أخبرك بما هو خيرٌ لك منه وأسرع؟ قلت : بلى، قال : إذا أينعت(3)البسرة وهمّت أن ترطب، فاغرسها، فإنّها تؤدي إليك مثل الّذي غرستها سواء، ففعلت ذلك، فنبتت مثله سواء .

5 - عليُّ بن محمّد رفعه قال : قال (علیه السّلام) : إذا غرست غرساً أو نبتاً ، فاقرأ على كلّ عود أو حبّة : «سبحان الباعث الوارث»، فإنّه لا يكاد يخطىء إن شاء الله.

6 - محمد بن يحيى رفعه، عن أحدهما (علیه السّلام) قال : تقول إذا غرست أو زرعت : «ألم تَرَ كيف ضرب الله مثلا كلمةً طيّبةً كشجرة طيبة أصلها ثابت وفَرْعُها في السماءِ تؤتي أكلَها كلَّ حينٍ بإذن ربها»(4).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن قَطع السِّدر ؟ قال : سألني رجلٌ من أصحابك عنه، فكتبت إليه : قد قطع أبو الحسن (علیه السّلام) سدراً وغرس مكانه عنباً(5).

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : مكروه قطع النخل، وسئل عن قطع الشجرة؟ قال : لا بأس قلت فالسدر؟ قال : لا بأس به، إنّما يكره قطع السدر ،بالبادية، لأنّه بها قليل، وأمّا ههنا فلا يُكْرَه.

ص: 267


1- قلب النخلة: وسط أغصانها، أو في رأسها
2- الوديّ : جمع وديّة، وهي الفسيلة الصغيرة.
3- أي حان قطافها
4- إبراهيم / 24 و 25
5- الحديث صحيح.

9 - عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن بشير عن ابن مضارب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا تقطعوا الثمار فيبعث الله عليكم العذاب صَبا(1).

159- باب ما يجوز أن يؤاجر به الأرض وما لا يجوز

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا تؤاجروا الأرض بالحنطة ولا بالشعير ولا بالتمر ولا بالأربعاء ولا بالنُطاف، ولكن بالذهب والفضّة لأنّ الذهب والفضّة مضمون وهذا ليس بمضمون(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا تستأجر الأرض بالتمر، ولا بالحنطة، ولا بالشعير، ولا بالأربعاء، ولا بالنُطاف قلت: وما الأربعاء؟ قال : الشِرب، والنُطاف : فضل الماء، ولكن تقبّلها بالذهب والفضّة، والنصف، والثلث، والربع(3).

3 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا تستأجر الأرض بالحنطة ثمَّ تزرعها حنطة(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن برید، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في الرّجل يتقبّل الأرض بالدَّنانير أو بالدراهم؟ قال : لا بأس.

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد؛ جميعاً عن أحمد بن

ص: 268


1- الحديث مجهول. «ولعله محمول على ما إذا قطعها ضراراً أو إسرافاً وتبذيراً لغير مصلحة إذ لا يمكن الحمل على الكراهة مع هذا التهديد البليغ» مرآة المجلسي 338/19.
2- التهذيب 7، 19 - باب المزارعة، ح 7 بتفاوت يسير. الاستبصار 3، 85 - باب ما يكره من إجارة الأرضين، ح 1 بتفاوت يسير. وسوف يأتي تفسير الأربعاء والنطاف في حديث آت.
3- التهذيب 7، 19 - باب المزارعة ، ح .. الاستبصار 3، 85 - باب ما يكره من إجارة الأرضين، ح 2 . وفيهما : ولكن تسلّمها . . . ، بدل : ولكن تقبلها . . . الفقيه 3، 73 - باب المزارعة والإجارة، ح 6 بتفاوت يسير . وقد حمل الأصحاب هذا الحديث على الكراهة .
4- التهذيب 7 نفس الباب، ح 9 . الفقيه 3، 74 - باب بيع الثمار ، ح 6، ولا بد من حمل هذا النهي على ما إذا استأجرها بحنطة من ناتجها الغير المضمون الحصول، أما لو استأجرها بحنطة من غير ناتجها فلا بأس به.

محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يكون له الأرض عليها خراج معلوم، وربّما زاد وربّما نقص فيدفعها إلى رجل على أن يكفيه خراجها، ويعطيه مائتي درهم في السنة؟ قال : لا بأس(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندّي، عن جعفر بن بشير، عن موسى بن بكر، عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن إجارة الأرض بالطعام؟ فقال: إن كان من طعامها فلا خير فيه(2).

7 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل استأجر من رجل أرضاً، فقال: أجْرَتُها كذا وكذا على أن أزرعها، فإن لم أزرعها، أعطيتك ذلك، فلم يزرعها؟ قال: له أن يأخذ، إن شاء تركه، وإن شاء لم يتركه(3).

8 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن الوشّاءِ قال: سألت الرّضا (علیه السّلام) عن رجل يشتري من رجل أرضاً جِرباناً معلومة بمائة كُرّ، على أن يعطيه من الأرض؟ فقال: حرام ؛ قال : قلت له : فما تقول - جَعلني الله فِداك - أن أشتري منه الأرض بكيل معلوم وحنطة من غيرها؟ قال : لا بأس(4).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سهل، عن أبيه قال: سَألت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) عن الرجل يزرع له الحرَّاث الزعفرانَ ويضمن له أن يعطيه في كلّ جريبِ أرض يمسح عليه وزن كذا وكذا درهماً، فربّما نقص وغرم، وربّما استفضل وزاد؟ قال : لا بأس به إذا تراضيا(5).

ص: 269


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 14. الفقيه 3، 73 - باب المزارعة والإجارة ذيل ح 1. هذا وقد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أن خراج الأرض ومؤنتها على صاحبها إلا أن يشترطه على الزارع في عقد المزارعة، وفيما لو اشترط صاحب الأرض على الزارع مبلغاً من الذهب أو الفضة مضافاً إلى الحصة فعندنا قولان، قيل يصح وقيل يبطل، وقد اعتبر المحقق في الشرائع 2/ 150 أن الأول وهو القول بالصحة أشبه
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 10. الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 4 بزيادة كلمة : المخابرة، بعد قوله : ... عن إجارة الأرض. قال المحقق في الشرائع 2 / 150 : وتكره إجارة الأرض للزراعة بالحنطة والشعير مما يخرج منها والمنع أشبه» وقد علّق الشهيد الثاني في المسالك على عبارة الشهيد هذه فقال 102/2 : مستند المنع رواية الفضيل بن يسار عن الباقر (علیه السّلام) ...»
3- التهذيب 7، نفس الباب ح 13، الفقيه ، نفس الباب، ح 5 بتفاوت في الجميع
4- التهذيب 7، 11 - باب أحكام الأرضين، ح 10 . الفقيه ،3، 72 - باب إحياء الموات والأرضين، ح 3.
5- التهذيب 7، 19 - باب المزارعة ، ح 15 الفقيه ، ، 74 - باب بيع الثمار ، ح 7.

10 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سهل، عن أبيه، عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن رجل يزرع له الزعفران فيضمن له الحرَّاث على أن يدفع إليه من كلّ أربعين مَناً زعفران رطب مَناً، ويصالحه على اليابس، واليابس إذا جفّف ينقص ثلاثة أرباعه ويبقى ربعه، وقد جُرّب؟ قال : لا يصلح ، قلت : وإن كان عليه أمين يحفظ به لم يستطع حفظه، لأنّه يعالج باللّيل ولا يطاق حفظه ؟ قال : يقبله الأرض أولاً، على أنَّ لك في كلّ أربعين منّاً منّاً(1).

160- باب قبالة الأرضين والمزارعة بالنصف والثلث والربع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي قال : أخبرني أبو عبد الله (علیه السّلام) أنَّ أباه (علیه السّلام) حدَّثه أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أعطى خيبر بالنصف، أرضها ونخلها، فلمّا أدركت الثمرة، بعث عبد الله بن رواحة فقوّم عليهم قيمة، فقال لهم : إمّا أن تأخذوه وتعطوني نصف الثمن، وإمّا أن أعطيكم نصف الثمن ،وآخذه، فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض(2).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن عمّار، عن أبي الصبّاح قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) لمّا أفتتح خيبر، تركها في أيديهم على النصف، فلمّا بلغت الثمرة، بعث عبدالله بن رواحة إليهم فَخَرَص عليهم، فجاؤوا إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقالوا له : إنه قد زاد علينا، فأرسل إلى عبد الله فقال : ما يقول هؤلاء؟ قال : قد خرصت عليهم بشيء، فإن شاؤوا يأخذون بما خرصنا، وإن شاؤوا أخذنا، فقال رجل من اليهود: بهذا قامت السماوات والأرض(3).

ص: 270


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 16.
2- التهذيب 7 نفس الباب ح 1 بتفاوت، وقبالة الأرض : عبارة عن إعطاء الإمام للموات منها أو أرض الصلح إلى شخص مزارعة أو مساقاة بشيء معلوم مدة معلومة والمزارعة : مفاعلة من الزرع، وهي - كما يقول المحقق في الشرائع 149/2 -: «معاملة على الأرض بحصة من حاصلها، وعبارتها أن يقول : زارعتك، أو ازرع هذه الأرض، أو سلمتها إليك، وما جرى مجراه مدة معلومة بحصة معينة من حاصلها وهو عقد لازم لا ينفسخ إلا بالتقايل ولا يبطل بموت أحد المتعاقدين». وقوله : قوم : أي خَرَصَ. وبهذا إشارة إلى العدل أي بالعدل قامت ... الخ
3- انظر التعليقة السابقة

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي، عن أبي (علیه السّلام) قال: لا تقبّل الأرض بحنطة مسمّاة، ولكن بالنصف والثلث، والرّبع والخُمس لا بأس به ؛ وقال : لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخُمس(1).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان أنّه قال في الرّجل يزارع فيزرع أرض غيره فيقول : ثلث للبقر، وثلث للبذر، وثلث الأرض؟ قال : لا يسمّي شيئاً من الحبّ والبقر، ولكن يقول : ازرع فيها كذا وكذا، إن شئتَ نصفاً، وإن شئت ثلثاً(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يزرع أرض آخر فيشترط عليه للبذر ثلثاً، وللبقر ثلثاً؟ قال : لا ينبغي أن يسمّى بَذراً ولا بقراً، فإنّما يحرّم الكلام(3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يزرع الأرض، فيشترط للبذر ثلثاً وللبقر ثلثاً؟ قال : لا ينبغي أن يسمّى شيئاً، فإنما يحرم الكلام.

161- باب مشاركة الذمي وغيره في المزارعة والشروط بينهما

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم الكرخيّ قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أشارك العِلْجَ، فيكون من عندي الأرض والبذر والبقر، ويكون على العِلْج القيام والسقي والعمل في الزرع حتّى يصير حنطة وشعيراً،

ص: 271


1- التهذيب 7، 19 - باب المزارعة، ح 17. وروي ذيله برقم 11 من نفس الباب الاستبصار 3 85 - باب ما یکره به إجارة الأرضين، ح 3، هذا، وقد اتفق أصحابنا على أن من شروط صحة المزارعة أن يكون النماء مشاعاً بينهما سواء تساويا فيه أو تفاضلا.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 18 بتفاوت قليل.
3- التهذيب7، نفس الباب، ح 19 قوله (علیه السّلام) : فإنما يحرّم الكلام، لأنه إذا حسب المجموع وزارعه عليه ولم يسمّ البذر والبقر حلّ، وإن سمّى حرم، مع أن مآل الأمرين إلى واحد والمقدار واحد وقوله : لليذر ثلثاً وللبقر ثلثاً؛ يحتمل وجهين : أحدهما: أن يكون اللام للتمليك، فالنهي لكونهم غير قابلين للملك. وثانيهما: أن يكون المعنى : ثلث بإزاء البذر، وثلث بإزاء البقر، فالنهي لشائبة الربا في البذرة مرآة المجلسي 345/19 - 346

ويكون القسمة، فيأخذ السلطان حقّه، ويبقى ما بقي على أنَّ للعلج منه الثلث، ولي الباقي؟ قال : لا بأس بذلك، قلت: فلي عليه أن يردّ عليّ ممّا أخرجت الأرض البذر ويقسّم الباقي؟ قال : إنّما شاركته على أنّ البذر من عندك وعليه السقي والقيام(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الرّجل يكون له الأرض من أرض الخراج، فيدفعها إلى الرَّجل على أن يعمرها ويصلحها ويؤدّي خراجها، وما كان من فَضل فهو بينهما؟ قال : لا بأس، قال: وسألته عن الرَّجل يعطي الرّجل أرضه وفيها رمّان أو نخل أو فاكهة فيقول : اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج؟ قال : لا بأس؛ قال : وسألته عن الرجل يعطي الرَّجل الأرض فيقول : اعمرها وهي لك ثلاث سنين أو خمس سنين، أو ما شاء الله؟ قال: لا بأس، قال: وسألته عن المزارعة؟ فقال : النفقة منك، والأرض لصاحبها ، فما أخرج الله منها من شيء قسّم على الشطر، وكذلك أعطى رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلّم) أهل خيبر حين أتوه فأعطاهم إيّاها على أن يعمروها ولهم النصف ممّا أخْرَجَت(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال : القبالة : أن تأتي الأرض الخَربة فتقبّلها من أهلها عشرين سنة أو أقلَّ من ذلك أو أكثر، فتعمرها، وتؤدّي ما خرج عليها، فلا بأس به(3).

4 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن مزارعة المسلم المشركَ، فيكون من عند المسلم البذر والبقر، وتكون الأرض والماء والخراج والعمل على العلج(4)؟ قال : لا بأس به، قال وسألته (5)عن المزارعة قلت : الرّجل

ص: 272


1- التهذيب 7، 19 - باب المزارعة، ح 21 بتفاوت قليل الفقيه 3، 73 - باب المزارعة والإجارة، ح 9 والحديث مجهول وما اشتمل عليه موافق لما هو المشهور عندنا
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 22، بتفاوت يسير الفقيه، نفس الباب، صدرح ، وروي صدر الحديث هنا بتفاوت . والحديث صحيح، وقد دل قوله : ويؤدي خراجها على جواز اشتراط الخراج على العامل وقد نص الشهيد الثاني في المسالك على أن خراج الأرض على مالكها لأنه موضوع عليها. أما في التحرير فقد جوّز اشتراط كون الخراج على العامل إذا كان قدراً معلوماً، وكان لازماً ،له وإن زاد السلطان على ذلك القدر كانت الزيادة على المالك وروي ذيل الحديث بتفاوت يسير كصدر حديث برقم 2 من نفس الباب من التهذيب.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 20 بتفاوت قليل.
4- إلى هنا مروي في التهذيب 7، نفس الباب صدرح 4 بتفاوت يسير
5- من هنا مروي بتفاوت يسير في التهذيب 7، نفس الباب ح 23 . الفقيه 3، 71 - باب بيع الكلا والزرع والأشجار و ... ، ح 8 وكرر ذكره أيضاً برقم 30 من نفس الباب من التهذيب بزيادة في أوله

يبذر في الأرض مائة جريب أو أقلّ أو أكثر طعاماً أو غيره، فيأتيه رجل فيقول : خُذْ منّي نصف ثمن هذا البذر الّذي زرعته في الأرض، ونصف نفقتك عليٍّ، وأشركني فيه؟ قال: لا بأس؛ قلت : وإن كان الّذي يبذر فيه لم يشتره بثمن، وإنّما هو شيء كان عنده؟ قال: فليقوّمه قيمة كما يباع يومئذ، فليأخذ نصف الثمن، ونصف النفقة، ويشاركه .

162- باب قبالة أراضي أهل الذمّة وجزية رؤوسهم ومن يتقبّل الأرض من السلطان فيقبلها من غيره

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخيّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل كانت له قرية عظيمة ، وله فيها علوج ذمّيّون يأخذ منهم السلطان الجزية، فيعطيهم، يؤخذ من أحدهم خمسون، ومن بعضهم ثلاثون، وأقلَّ وأكثر ، فيصالح عنهم صاحب القرية السلطان، ثمَّ يأخذ هو منهم أكثر ممّا يعطي السلطان؟ قال : هذا حرام(1).

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن أحمد بن الحسن الميثمي قال : حدثني أبو (2)نجيح المسمعيُّ، عن الفيض بن المختار قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : جُعِلْت فِداك، ما تقول في أرض أتقبّلها من السلطان ثمَّ أؤاجرها أكرتي(3)على أنَّ ما أخرج الله منها من شيء كان لي من ذلك النصف والثلث بعد حقّ السلطان؟ قال : لا بأس به، كذلك أعامل أَكَرتي (4).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا بأس بقبالة الأرض من أهلها عشرين سنة وأقلّ من ذلك وأكثر، فيعمرها، ويؤدي ما خرج عليها، ولا يدخل العلوج في شيء من القبالة، لأنّه لا يحلّ(5).

ص: 273


1- التهذيب 7، 19 - باب المزارعة، ح 28 وكان الشيخ رحمه الله قد ذكر هذا الحديث أيضاً برقم 231 من الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب والحديث مجهول.
2- في التهذيب: ابن نجيح
3- قال الفيروزآبادي : الأكار : الحراث الجمع أكرة، كأنه جمع أكر، في التقدير.
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 27. والحديث مجهول
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 25، قال المجلسي في مرأته 350/19 : قوله (علیه السّلام) : ولا يدخل العلوج . .. ، قال الوالد العلامة رحمه الله : أي لا يؤجر العلوج الزارعين مع الأرض لأنهم أحرار لا ولاية للموجر عليهم، ولعله كان معروفاً في ذلك الزمان كما في بعض المحال من بلادنا لأن للرعايا مدخلاً عظيماً في قيمة الملك وأجرته. انتهى. وأقول : يحتمل أن يكون المراد به جزية العلوج وقيل : أي لا يشرك العلوج معه في الإجارة والتقبل لكراهة مشاركتهم ...».

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن الرَّجل يتقبّل الأرض بطيبة نفس أهلها على شرط يشارطهم عليه، وإن هو رَمَ فيها مَرَمَّا أو جدَّد فيها بناء فإنَّ له أجر بيوتها إلّا الّذي كان في أيدي دهاقينها أولاً؟ قال : إذا كان قد دخل في قبالة الأرض على أمر معلوم، فلا يعرض لما في أيدي دهاقينها، إلَّا أن يكون قد اشترط على أصحاب الأرض ما في أيدي الدّهاقين(1).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن إبراهيم بن ميمون قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قرية لأناس من أهل الذمّة، لا أدري، أصلها لهم أم لا، غير أنّها في أيديهم، وعليهم خراج ، فاعتدى عليهم السلطان، فطلبوا إليّ فأعطوني أرضهم وقرِيتهم على أن أكفيهم السلطان بما قلَّ أو كثر، ففضل لي بعد ذلك فضل بعد ما قبض السلطان ما قبض؟ قال: لا بأس بذلك، لك ما كان من فضل(2).

163- باب من يؤاجر أرضاً ثم يبيعها قبل انقضاء الأجَل أو يموت فتورث الأرض قبل انقضاء الأَجَل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن أحمد، عن يونس قال: كتبت إلى الرّضا (علیه السّلام) أسأله عن رجل تقبّل من رجل أرضاً أو غير ذلك سنين مسمّاة، ثمَّ إنَّ المقبّل أراد بيع أرضه الّتي قبّلها قبل انقضاء السنين المسمّاة، هل للمتقبّل أن يمنعه من البيع قبل انقضاء أجله الّذي تقبّلها منه إليه، وما يلزم المتقبّل له؟ قال : فكتب: له أن يبيع إذا اشترط على المشتري أنَّ للمتقبل من السنين ماله(3).

ص: 274


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 26 . بتفاوت يسير الفقيه 3، 73 - باب المزارعة .... ، ح 2 بتفاوت يسير. أقول : وإنما لم تشمل المزارعة أو الإجارة الدور - هنا - لأنهما إنما ينصرفان عادة مع الإطلاق إلى الأراضي دونها . نعم إذا أدخل في العقد الدور مع الأرض دخلت وصح التعامل و به عمل الأصحاب. والحديث موثق.
2- التهذيب 7، 19 - باب المزارعة ، ح 24. وروي بمعناه وسند آخر في الفقيه ،3، 74 - باب بيع الثمار، ح 3 .والحديث مجهول، أقول : وإنما جاز له أخذ ما فضل إذا كان اشترط عليهم ، لأن الأرض إن كانت لهم فقد فعل برضاهم، وإن كانت خراجية فهي لمن عمرها.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 60. والحديث مجهول. والمشهور بين الأصحاب أن الإجارة لا تبطل بالبيع قال الشهيدان وهما بصدد بيان أن الإجارة عقد لازم من الطرفين ولو تعقبها البيع لم تبطل لعدم المنافاة فإن الإجارة تتعلق بالمنافع والبيع بالعين وإن تبعتها المنافع حيث يمكن سواء كان المشتري هو المستأجر أو غيره فإن كان هو المستأجر لم تبطل الإجارة على الأقوى بل يجتمع عليه الأجرة ،والثمن، وإن كان غيره وهو عالم بها صبر إلى انقضاء المدة ولم يمنع ذلك من تعجيل الثمن وإن كان جاهلا تخيّر بين فسخ البيع وإمضائه مجاناً مسلوب المنفعة إلى انقضاء المدة». ثم قالا : «ولا تبطل الإجارة بالموت كما يقتضيه لزوم العقد، سواء في ذلك موت المؤجر والمستأجره».

3 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن عليّ بن مهزيار، عن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ؛ ومحمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن عيسى، عن إبراهيم الهمدانيّ قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السّلام) وسألته عن امرأة أجرت ضيعتها عشر سنين، على ان تعطى الأجرة في كلّ سنة عند انقضائها، لا يقدّم لها شيء من الأجرة ما لم يمض الوقت، فماتت قبل ثلاث سنين أو بعدها هل يجب على ورثتها إنفاذ الإجارة إلى الوقت أم تكون الإجارة منتقضة بموت المرأة؟ فكتب (علیه السّلام) : إن كان لها وقت مسمّى لم يبلغ، فماتت، فلورثتها تلك الإجارة، فإن لم تبلغ ذلك الوقت وبلغت ثلثه أو نصفه أو شيئاً منه، فيعطى ورثتها بقدر ما بلغت من ذلك الوقت إن شاء الله(1).

3 - سهل بن زياد، عن أحمد بن إسحاق الرَّازيّ(2)قال: كتب رجلٌ إلى أبي الحسن الثالث (علیه السّلام) : رجل استأجر ضيعة من رجل، فباع المؤاجر تلك الضيعة الّتي أجرها بحضرة المستأجر، ولم ينكر المستأجر البيع، وكان حاضراً له شاهداً عليه، فمات المشتري وله ورثة ، أيرجع ذلك في الميراث، أو يبقى في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته؟ فكتب (علیه السّلام) : إلى أن تنقضي إجارته(3).

164- باب الرجل يستأجر الأرض أو الدار فيؤاجرها بأكثر مما استأجرها

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع السّامي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل يتقبَّل الأرض من الدهاقين، فيؤاجرها بأكثر ممّا يتقبّلها، ويقوم فيها بحظّ السلطان؟ قال : لا بأس به، إنَّ الأرض ليست مثل الأجير، ولا مثل البيت، إنَّ فضل الأجير والبيت حرام(4).

ص: 275


1- التهذيب 7، 19 - باب المزارعة ، ح 58
2- أخرجه في التهذيب بزيادة في آخره عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى، عن الحسين، عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت إلى أبي الحسن (علیه السّلام)
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 56 . وكذا مع هذه الزيادة في الآخر هو في الفقيه 3، 74 - باب بيع الثمار ، ح 12 وفيه كتب أبو همام إلى أبي الحسن (علیه السّلام) .... والحديث ضعيف، ويدل على لزوم عقد الإجارة .
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 40 . الاستبصار 3، 86 - باب من استأجر أرضاً بشيء معلوم ثم أجرها بأكثر من ذلك. ح 2، الفقيه 3، 73 - باب المزارعة ،والإجارة، ح 11 قال المحقق في الشرائع 2 / 150 وهو بصدد بيان مكروهات المزارعة : «وأن يؤاجرها - أي أرض المزارعة - بأكثر مما استأجرها به إلا أن يُحدث فيها حدثاً أو يؤجرها بجنس غيرها».

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان، عن إسماعيل بن الفضل الهاشِمّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم مسمّاة، أو بطعام مسمّى، ثمَّ أجرها، وشرط لمن يزرعها أن يقاسمه النصف أو أقلّ من ذلك أو أكثر، وله في الأرض بعد ذلك فضل، أيصلح له ذلك؟ قال: نعم، إذا حفر نهراً، أو عمل لهم شيئاً يعينهم بذلك فله ذلك ، قال : وسألته عن الرَّجل استأجر أرضاً من أرض الخراج بدراهم مسمّاة أو بطعام معلوم، فيؤاجرها قطعة قطعة، أو جَريباً جَريباً بشيء معلوم، فيكون له فضل فيما استأجر [ه] من السلطان، ولا ينفق شيئاً، أو يؤاجر تلك الأرض قِطَعاً على أن يعطيهم البذر والنفقة فيكون له في ذلك فضل على إجارته، وله تربة الأرض أو ليست له؟ فقال : إذا استأجرت أرضاً، فأنفقت فيها شيئاً، أو رممت فيها، فلا بأس بما

ذكرت(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغ-را، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يستأجر الأرض ثمَّ يؤاجرها بأكثر ممّا استأجرها؟ فقال : لا بأس، إنّ هذا ليس كالحانوت ولا الأجير، إنَّ فضل الأجير والحانوت حرام(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لو أنَّ رجلاً استأجر داراً بعشرة دراهم، فسكن ثلثيها، وآجَرَ ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأس، ولا يؤاجرها بأكثر ممّا استأجرها إلّا أن يُحْدِثَ فيها شيئاً(3).

5 - عدة أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن أبي المغرا، عن إبراهيم بن ميمون؛ أنَّ إبراهيم بن المثنّى سأل أبا عبد الله (علیه السّلام) - وهو يسمع - عن الأرض يستأجرها الرَّجل ثمَّ يؤاجرها بأكثر من ذلك؟ قال : ليس به بأس، إنَّ الأرض ليست بمنزلة البيت والأجير، إنَّ فضل البيت حرامٌ، وفضل الأجير حرامٌ(4).

ص: 276


1- التهذيب 7 ، نفس الباب، 19 - باب المزارعة ، ح 42 . الاستبصار 3، 86 - باب من استأجر أرضاً بشيء معلوم ثم ... ح 4 وروي صدر الحديث إلى قوله : يعينهم بذلك فله ذلك . وروى بقيته برقم 7 من نفس الباب. وروي ذيله بزيادة في الآخر في الفقيه 3، 73 - باب المزارعة والإجارة ، ح 12
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 41 . الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح 3 وفي ذيله : إن فضل الحانوت و... الخ
3- التهذيب 7، 20 - باب الإجارات، ح 1 بتفاوت. ح
4- التهذيب 7 ، 19 - باب المزارعة ، ح 39، الاستبصار 3، نفس الباب، ح 1 . يقول المحقق في الشرائع 181/2 : «ولا يجوز أن يؤجر المسكن ولا الخان ولا الأجير بأكثر مما استأجره إلا أن يؤجر بغير جنس الأجرة، أو يحدث فيه ما يقابل التفاوت ، وكذا لو سكن بعض الملك لم يجز أن يؤجر الباقي بزيادة عن الأجرة والجنس واحد، ويجوز بأكثرها» .

6 - سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الكريم، عن الحلبّي قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أتَقَبَّلُ الأرض بالثلث أو الرُّبع، فأقبّلها بالنصف؟ قال: لا بأس به، قلت: فأتقبّلها بألف درهم، فأقبّلها بألفين؟ قال : لا يجوز قلت كيف جاز الأوّل ولم يجز الثاني؟ قال : لأنّ هذا مضمون وذلك غير مضمون(1).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين؛ عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا تَقَبّلت أرضاً بذهب أو فضة، فلا تُقَبّلها بأكثر ممّا تقبّلتها به، وإن نقبّلتها بالنصف والثلث، فلك أن تُقبّلها بأكثر مما تَقَبّلتها به، لأنَّ الذَّهب والفضّة مضمونان(2).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل يستأجر الدَّار ثمَّ يؤاجرها بأكثر ممّا استأجرها؟ قال : لا يصلح ذلك الّا أن يُحدث فيها شيئاً(3).

9 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنّي لأكْرَهُ أن استأجر رَحاً وحدها، ثمَّ أواجرها بأكثر ممّا استأجرتها به، إلّا أن يحدث فيها حَدَثُ، أو تغرم فيها غرامة(4).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة قال : سألته عن رجل اشترى مرعى يرعى فيه بخمسين درهماً أو أقلّ أو أكثر، فأراد أن يُدْخِلَ معه من يرعى فيه ويأخذ منهم الثمن؟ قال: فليدخل معه من شاء ببعض ما أعطى، وإن أدخل ببعض ما أعطى، وإن أدخل معه بتسعة وأربعين، وكانت غنمه بدرهم، فلا بأس، وإن هو رعى فيه قبل أن يدخل [ه-] بشهر أو شهرين أو أكثر من ذلك بعد أن يبين لهم، فلا بأس، وليس له أن يبيعه بخمسين درهماً ويرعى معهم، ولا بأكثر من خمسين ولا يرعى معهم، إلّا أن يكون قد عمل في المرعى عملاً، حفر بئراً، أو شقًّ نهراً، أو تعنّى فيه برضا

ص: 277


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 43. الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح 5 . الحديث ضعيف. والغرض من قوله (علیه السّلام) لأن هذا مضمون .... الخ، هو بيان علة الفرق واقعاً بين الإجارة والمزارعة.
2- التهذيب 7، 19 - باب المزارعة، ح 44 . الاستبصار 3، 86 - باب من استأجر أرضاً بشيء معلوم ثم ....، ح 6. الفقيه 3 ، 71 - باب بيع الكلاء والزرع و ...، ح 5 بتفاوت.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 45.
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 46 بتفاوت. الفقيه 3 نفس الباب ، ح 4 بتفاوت وأخرجه عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السّلام).

أصحاب المرعى، فلا بأس ببيعه بأكثر ممّا اشتراه به، لأنه قد عمل فيه عملاً، فبذلك يصلح به(1).

165- باب الرجل يتقبلُ بالعمل ثم يقبله من غيره بأكثر مما تقبل

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) أنّه سئل عن الرَّجل يتقبّل بالعمل فلا يعمل فيه، ويدفعه إلى آخر فيربح فيه؟ قال: لا، إلّا أن يكون قد عمل فيه شيئاً(2).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن الحكم الخيّاط قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي أتقبّل الثوب بدرهم، وأسلّمه بأكثر من ذلك، لا أزيد على أن أشقّه؟ قال : لا بأس به، ثمَّ قال: لا بأس فيما تقبّلته من عمل ثمَّ استفضلت فيه(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن ميمون الصائغ قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي أتقبّل العمل فيه الصيّاغة وفيه النقش، فأُشارط النقّاش على شرط، فإذا بلغ الحساب بيني وبينه، استوضعته من الشرط؟ قال: فَبِطيبِ نفس منه؟ قلت نعم قال : لا بأس(4).

166- باب بيع الزرع الأخضر والقصيل وأشباهه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي قال: قال أبو عبد الله : (علیه السّلام) : لا بأس بأن تشتري زرعاً أخضر، ثمَّ تتركه حتّى تحصده إن شئت، أو تعلفه من

ص: 278


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 47 بتفاوت يسير الفقيه 3، نفس الباب، ح 3. وتعنى فيه : تعب فيه.
2- التهذيب 7 ، 20 - باب الإجارات ،5 وأخرجه عن أبي جعفر (علیه السّلام) . وفيه إلى قوله : لا والحديث صحيح
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 7. ويدل على جواز الاستفضال مطلقاً حتى ولو لم يحدث فيه حدثاً، وهو خلاف ما عليه المشهور عند القدماء . وجواز تسليمه إلى الغير على القولين مشروط بما إذا لم يعين العامل في العقد، وإلا فلا يجوز التسليم بكل يكون ضامناً لو تلف.
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 10. يقول المحقق في الشرائع 187/2 : «من تقبل عملاً لَم يَجز أن يقبله غيره بنقيصة على الأشهر، إلا أن يحدث فيه ما يستبيح به الفضل، ولا يجوز تسليمه إلى غيره إلا بإذن المالك، ولو سلم من غير إذن ضمن».

قبل أن يُسَنْبِل وهو حشيش ؛ وقال : لا بأس أيضاً أن تشتري زرعاً قد سَنْبَل وَبَلَغَ بحنطة(1).

2 - عليٌّ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن بكير بن أعين قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أيحلُّ شراء الزَّرع أخضر؟ قال: نعم، لا بأس به(2).

3 - عنه، عن زرارة مثله وقال : لا بأس بأن تشتري الزَّرع أو القصيل أخضر، ثمَّ تتركه إن شئت حتّى يُسَنْبِلَ، ثمَّ تحصده، وإن شئت أن تعلف دابّتك قصيلاً فلا بأس به قبل أن يُسَنبل، فأمّا إذا سَنْبَلَ فلا تعلفه رأساً، فإنّه فساد(3).

4 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن المثنّى الحناط، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في زرع بِيعَ وهو حشيش ثمَّ سَنْبَل؟ قال : لا بأس إذا قال : أبتاع منك ما يخرج من هذا الزِّرع، فإذا اشتراه وهو حشيشٌ، فإن شاء أعفاه وإن شاء تربّص به(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أحمد بن محمّد، عن صفوان، عن أبَان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عن المحاقلة والمزابنة قلت : وما هو؟ قال : أن تشتري حمل النخل بالتمر والزَّرع بالحنطة(5).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن شراء القصيل، يشتريه الرَّجل فلا يَفصله، ويبدوله في تركه حتّى يخرج سنبله شعيراً

ص: 279


1- التهذيب 7، 10 - باب بيع الماء والمنع منه و ...، ح 14. الاستبصار 3، 76 - باب بيع الزرع الأخضر قبل أن ... ، ح 2
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 15. الاستبصار 3، نفس الباب ، ح .6 . وفيهما .... الزرع الأخضر.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 16. الاستبصار 3 ، نفس الباب، ح 7، وفيه : فلا تقطعه رأساً. وفي التهذيب كرر كلمة رأساً مرتين والمقصود بقوله : رأساً - هنا - إما أصلاً أو أبداً، أو أن المقصود بالرأس الحيوان مما يعتلف به. وقد حمله بعض الأصحاب على أن النهي عنه لما فيه من الإسراف فيكون تحريميا، احتمال كونه تنزيهياً كراهتياً.
4- التهذيب 7، 1 - باب بيع الماء والمنع منه و ...، ح 13 . الاستبصار 3 ، 76 - باب بيع الزرع الأخضر قبل ان . . . ، ح 5.
5- التهذيب 7، نفس الباب ح 18. الاستبصار ، 60 - باب النهي عن بيع المحاقلة والمزابنة ، ح 1. المحاقلة : مأخوذة من الحقل جمع حقلة وهي الساحة التي تزرع سميت بذلك لتعلقها بزرع في حقله. وهي اصطلاحاً : بيع سنبل بحبّ منه أو من غيره من جنسه . وأما المزابنة : مفاعلة من الزِّبن وهو الدفع ومنه الزبانية وهي اصطلاحاً بيع الثمرة بنوعها الخاص على أصولها نخلا كان المبيع ثمره أو غيره إجماعاً في الأول عندنا وعلى المشهور في الثاني . وسميت هذه المعاملة مزابنة لبنائها على التخمين المقتضي للغبن فيريد المغبون دفعها والغابن خلافه فيتدافعان.

أو حنطة، وقد اشتراه من أصله على أنَّ ما به من خراج على العِلْج؟ فقال : إن كان اشترط حين اشتراه إن شاء قطعه وإن شاء تركه كما هو حتّى يكون سنبلاً ، وإلّا فلا ينبغي له أن يتركه حتّى يكون سنبلا(1).

7 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) نحوه، وزاد فيه : فإن فعل فإن عليه طسقه ونفقته، وله ما خرج منه(2).

8 - عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألته عن رجل زرع زرعاً، مسلماً كان أو معاهداً، فأنفق فيه نفقة، ثمَّ بدا له في بيعه لنقلة ينتقل من كأنه أو لحاجة؟ قال : يشتريه بالوَرِق فإنَّ أصله طعام(3).

9 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : - رخّص رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في العرايا، بأن تشترى بخرصها تمراً. وقال : العريا جمع عَرِيَّة، وهي النخلة تكون للرجل في دار رجل آخر، فيجوز له أن يبيعها بخرصها تمراً، ولا يجوز ذلك فی غيره(4).

ص: 280


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 11، الاستبصار 3، 76 - باب بيع الزرع الأخضر قبل أن ... ، ح . الفقيه 3، 71 - باب بيع الكلاء والزرع و ...، ح 2. والعِلج يطلق على الكافر مطلقاً، والفصيل : في اصطلاح الفقهاء هو الزرع قبل إدراكه. وإلا فهو لغة الشعير يُجز أخضر لعلف الدواب سمّي به لأنه يُفصل وهو رطب أو لسرعة انقصاله وهو رخص. وقال الشهيدان: «يجوز بيع الزرع قائماً على أصوله سواء حصد أم لا، قُصِد قصله أم لا، لأنه قابل للعلم مملوك فتتناوله الأدلة خلافاً للصدوق حيث شرط كونه سنبلاً أو الفضل، وحصيداً أي محصوراً وإن لم يعلم مقدار ما فيه لأنه حينئذ غير مكيل ولا موزون بل يكفي في معرفته المشاهدة، وقصيلا، أي مقطوعاً بالقوة بأن شرط قطعه قبل أن يحصد لعلف الدواب . . .»
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 12. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 4 وفيه : عن ابن أبي أيوب، الفقيه 3، نفس الباب، ح 9 والطِرْق : كأنها كلمة مولّدة أو معرّبة، ويقصد بها ما يوضع من الخراج على الجريب من الأرض، أو شبه ضريبة معلومة
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح17. الاستبصار، نفس الباب، ح 8 الفقيه ،3، 72 - باب إحياء الموات والأرضين، ح 6 بتفاوت.
4- التهذيب 7، 10 - باب بيع الماء والكلأ والمراعي و ... ، ح 19 . الاستبصار 3 ، 76 - باب بيع الزرع الأخضر قبل أن ... ، ح 4. قال المحقق في الشرائع 54/2: «يجوز بيع العرايا بخرصها تمراً، والعَرِيّة هي النخلة تكون في دار الإنسان . وقال أهل اللغة : أو في بستانه ، وهو حسن، وهل يجوز بيعها بخرصها من تمرها؟ الأظهر : لا ، ولا يجوز بيع ما زاد على الواحدة ،نعم لو كان له في كل دار واحدة جاز ... ولا عَرِيّة في غير النخل».

167- باب بيع المراعي

1 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن بعض أصحابنا، أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الرَّجل المسلم ، تكون له الضيّعة فيها جبل مما يُباع، يأتيه أخوه المسلم وله غنم قد احتاج إلى جبل يحلُّ له أن يبيعه الجبل كما يبيع من غيره، أو يمنعه من الجبل إن طلبه بغير ثمن، وكيف حاله فيه، وما يأخذه؟ قال : لا يجوز له بيع جبله من أخيه، لأنّ الجبل ليس جبله(1)، إنّما يجوز له البيع من غير المسلم.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد عن أحمد بن محمّد أبي نصر، عن إدريس بن زيد، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال: سألته وقلت : جُعِلْتُ فِداك، إنَّ لنا ضياعاً، ولها حدود وفيها مراعي، وللرجل منّا غنم وإبل، ويحتاج إلى تلك المراعي لإبله وغنمه ، أيُحِلّ له أن يحمي المراعي لحاجته إليها؟ فقال : إذا كانت الأرض أرضه، فله أن يحمي ويصيّر ذلك إلى ما يحتاج إليه، قال : وقلت له : الرَّجل يبيع المراعي ؟ فقال : إذا كانت الأرض أرضه فلا بأس(2).

3 - أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن عبد الله قال : سألت الرّضا (علیه السّلام) عن الرّجل تكون له الضيعة، وتكون لها حدود تبلغ حدودها عشرين ميلاً وأقلّ وأكثر، يأتيه الرَّجل فيقول له: أعطني من مراعي ضيعتك وأُعطيك كذا وكذا درهماً؟ فقال : إذا كانت الضيعة له

فلا بأس(3).

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة ، عن أبَان، عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن بيع الكلاء إذا كان سَيحاً، فيعمد الرّجل إلى مائه فيسوقه إلى الأرض فيسقيه الحشيش، وهو الّذي حفر النهر، وله الماء يزرع به ما

ص: 281


1- وقوله (علیه السّلام) : لأن الجبل ليس جبله؛ أي ليس مما يبيعه ذووا المروّات، أو هو شيء أعطاه الله وزاد عن حاجته . ويمكن حمله على أنه لم يكن الجبل في ملكه بل في الأرض المباحة حول القرية، وهو أظهر من لفظ الخبر . هذا إذا قرى (الجِلّ) بالجيم المكسورة ثم اللام المشدّدة، وهو قصب الزرع إذا حُصد، والمراد به هنا ما يبقى منه في الأرض مجازا. وفي أكثر النسخ (الجبل) بالجيم والباء واللام المخففة. فالظاهر أن المنع على الحرمة ، لأن الجبل لا يصير ملكاً لصاحب القرية ولا يتعلق به الإحياء غالباً، فيكون من الأنفال ... الخ» مرآة المجلسي 363/19
2- التهذيب ،7 نفس الباب ح 8 الفقيه 3، 73 - باب المزارعة ،والإجارة، ح 8 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 9 .

شاء؟ فقال : إذا كان الماء له فليزرع به ما شاء، ويبيعه بما أحبَّ، قال : وسألته عن بيع حصائد الحنطة والشعير وسائر الحصائد؟ فقال : حلال، فليبعه إن شاء(1).

5 - عدّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبيد الله الدهقان، عن موسى بن إبراهيم، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : سألته عن بيع الكلاء والمراعي؟ فقال: لا بأس به، قد حمى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) النقيع لخيل المسلمين(2).

168- باب الماء ومَنْع فضول الماء من الأودية والسيول

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الرَّجل يكون له الشِرْبُ مع قوم في قناة فيها شركاء، فيستغني بعضهم عن شِربه أيبيع شربه؟ قال: نعم، إن شاء باعه بوَرِق، وإن شاء باعه بكيلِ حنطة(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم؛ وحميد بن زياد، عن الحسن بن سماعة، عن جعفر(4)بن سماعة، جميعاً، عن أبَان(5)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عن النُطاف(6)والأربعاء، قال : والأربعاء؛ أن يُسنّي مسناة فيحمل الماء فيستقي به الأرض ثمَّ يستغني عنه، فقال : لا تَبِعه، ولكن أَعِره جارك، والنطاف؛ أن يكون له الشرب فيستغني عنه فيقول : لا تَبِعه، ولكن أعِره أخاك أو جارك(7).

ص: 282


1- التهذيب 7، 10 - باب بيع الماء والمنع منه و ...، ح 7. الفقيه 3 ، 71 - باب بيع الكلأ والزرع و... ، ح 1 بتفاوت قليل وبدون الذيل وروي ذيله برقم 50 من الباب 19 من نفس الجزء من التهذيب والسُبح : الماء الجاري على وجه الأرض.
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 10 . والنقيع : - كما في المغرب - موضع بين مكة والمدينة . يقول الشيخ المجلسي رحمه الله في مرآته 19/ 365 : وقال الوالد العلامة رحمه الله : الظاهر أنه محمول على التقية، فإن الراوي معلّم ولد السنديّ بن شاهك لعنه الله، والعامّة يجوزون للملوك الحمى، وعندنا أنه لا يجوز إلا للمعصوم.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 1. الاستبصار 3 ، 71 - باب من له شرب مع قوم يستغني عنه هل ...، ح 1. الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 7 إلا أن في سنده : سعيد بن يسار والحديث ظاهر في أن الماء مملوك له تبعاً لما يملكه من القناة وقد حازه مع شركائه فملكه بها ولذا جاز بيعه وإلا فهو قبل حيازته مما يشترك فيه جميع المسلمين ولذا لا يجوز بيعه لأن من شرائط المبيع أن يكون مملوكاً إجماعاً عند أصحابنا رضوان الله عليهم
4- لا يوجد في سند التهذيبين
5- في التهذيبين هنا: عن أبي بصير، بعد قوله : عن أبان ...
6- النطاف: - في الأصل - جمع النطفة وهي الماء الصافي.
7- التهذيب 7، 10 - باب بيع الماء والمنع منه و ... ، ح 3. الاستبصار 3، 71 - باب من له شِربٌ مع قوم فيستغني عنه هل ...، ح 3

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سمعته يقول : قضى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في سيل وادي مهزور أن يحبس الأعلى على الأسفل للنخل إلى الكعبين، وللزَّرع إلى الشِراكين، ثمَّ يرسل الماء إلى أسفل من ذلك، للزَّرع إلى الشِراك، وللنخل إلى الكعب، ثمَّ يرسل الماء إلى أسفل من ذلك. قال ابن أبي عمير: ومهزور؛ موضع واد(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قضى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في سيل وادي مهزور، أن يحبس الأعلى على الأسفل للنّخل إلى الكعبين، وللزَّرع إلى الشراكين(2).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن شجرة، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قضى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في سيل وادي مهزور، للنّخل إلى الكعبين، ولأهل الزّرع إلى الشِراكين.

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قضى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في شرب النخل بالسيل؛ أنَّ الأعلى يشرب قبل الأسفل، ويترك من الماءِ إلى الكعبين، ثمَّ يسرح الماء إلى الأسفل الّذي يليه كذلك، حتّى تنقضي الحوائط ويفنى الماء(3).

ص: 283


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 4 بتفاوت ونقيصة . الفقيه 3، 41 - باب الحكم في سيل وادي مهزور ، ح 1 بتفاوت وبدون قول ابن أبي عمير عمير في الذيل. وقال الصدوق في الفقيه : سمعت من أثق به من أهل المدينة أنه وادي مهروز ومسموعي عن شيخنا رضي الله عنه أنه قال: وادي ،مهزور بتقديم الراء غير المعجمة على الزاي المعجمة وذكر أنها كلمة فارسية وهو من هرز الماء والماء الهرز بالفارسية الزائد على المقدار الذي يحتاج إليه . وقوله : الشراك : يعني موضعه، وهو قبة القدم
2- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 5 . الفقيه 3، نفس الباب، ح 2 وفيه : للزرع إلى الشراكين وللنخل إلى الساقين. وقال في الذيل وهذا على حسب قوة الوادي وضعفه ولعل المراد بالكعبين في كل من التهذيب والفروع مفصل الساق والقدم وبذلك ينسجم ما مع ورد في الفقيه إلى الساقين، أي أولهما وهو المفصل.
3- التهذيب، نفس الباب، ح 6 . هذا، ويقول المحقق في الشرائع 280/3 : «إذا لم يف النهر المباح، أو سيل الوادي يسقي ما عليه دفعة، بدىء بالأول وهو الذي يلي فوهته فأطلق إليه الزرع إلى الشراك، وللشجر إلى القدم، وللنخل إلى الساق ، ثم يرسل إلى ما دونه ولا يجب إرساله قبل ذلك ولو أدى إلى تلف الأخير».

169- باب في إحياء أرض المَوَات

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : أيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض وعمروها، فهم أحقُ بها، وهي لهم(1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : أيّما رجل أتى خَرِبَةً بائرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها، فإنَّ عليه فيها الصدقة، وإن كان أرض لرجل قبله فغاب عنها وتركها فأخربها ثمَّ جاء بَعْدُ يطلبها، فإنَّ الأرض الله ولمن عَمَرَها(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من أحيا مواتاً فهو له»(3).

4 - حمّاد، عن حريز، عن زرارة؛ ومحمّد بن مسلم؛ وأبي بصير؛ وفضيل؛ وبكير؛ وحمران، وعبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي جعفر ؛ وأبي عبد الله (علیه السّلام) قالا : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من أحيا مواتاً فهو له»(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي خالد الكابليّ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : وجدنا في كتاب عليّ (علیه السّلام) : إنَّ الأرض الله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين، أنا وأهل بيتي الذين أورِثْنا الأرض، ونحن المتّقون، والأرض كلّها لنا، فمن أحيا أرضاً من المسلمين فليعمرها، وليؤدّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، وله ما أكل منها، فإن تركها، أو أخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرِها وأحياها فهو أحقُّ بها من الّذي تركها، فليؤدّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي ، وله ما أكل حتّى

ص: 284


1- التهذيب 7، 11 - باب أحكام الأرضين، ح 8 بدون وهي لهم. وكرره مع قوله : وهي لهم برقم 20 من نفس الباب الاستبصار ،3، 72 - باب من أحيا أرضاً ، ح 2 . يقول الشهيدان : «الموات من الأرض ما لا ينتفع به منها لعطلته أو لاستيجامه أو لعدم الماء عنه أو لاستيلاء الماء عليه».
2- التهذيب 7، نفس الباب ح 21. الاستبصار ، نفس الباب، ح 3.وكرى النهر : أعاد حفره من جديد والكَري : يختص بالنهر ، بخلاف الحفر ، وكلام المطرزي يدل على الترادف.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 22 بتفاوت يسير الاستبصار ،3 نفس الباب، ح 4 بتفاوت يسير .
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 22 بتفاوت يسير الاستبصار ،3 نفس الباب، ح 4 بتفاوت يسير.

يظهر القائم (علیه السّلام) من أهل بيتي بالسّيف، فيحويها ويمنعها ويخرجهم منهم كما حواها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ومنعها، إلّا ما كان في أيدي شيعتنا، فإنّه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من غرس شجراً، أو حفر وادياً بدء لم يسبقه إليه أحدٌ، وأحيا أرضاً ميتة فهي له قضاء من الله ورسوله (صلی الله علیه و آله و سلّم)»(2).

170- باب الشُّفْعَة

170- باب الشُّفْعَة(3)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیه السّلام) قال : الشّفعة لكلّ شريك لم يقاسم.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن دار فيها دور، وطريقهم واحد في عرصة الدَّار، فباع بعضهم منزله من رجل، هل لشركائه في الطّريق أن يأخذوا بالشّفعة ؟ فقال : إن كان باع الدَّار وحوَّل بابها إلى طريق غير ذلك، فلا شفعة لهم، وإن باع الطريق مع الدَّار، فلهم الشّفعة(4).

ص: 285


1- التهذيب 7، 11 - باب أحكام الأرضين، ح 23 . الاستبصار 3 ، 72 - باب من أحيا أرضاً . هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن موات الأرض هو ملك للإمام (علیه السّلام) لا يملكه أحد وإن أحياه ما لم يأذن له الإمام ، وإذنه شرط فمتى اذن ملكه المحيي له إذا كان مسلماً، وكذا حكم الأرض المفتوحة عنوة إذا كانت مواتا وقت الفتح ، وكذا كل أرض لم يجرِ عليها ملك المسلم، أو لم يكن لها مالك معروف وكذا كل أرض جلا عنها أهلها ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وفي عصر الغيبة، إذا بادر مبادر فأحيا موات الأرض كان المحيي أحق بها ما دام أحق بها ما دام قائماً بعمارتها، فلو تركها فبارت آثارها فأحياها غيره ،ملكها، ومع ظهوره(علیه السّلام) يكون له رفع يده عنها.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 19. الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح 1. وفيهما : بَدياً، بدل: بدءاً، والبديّ : هو المبتدأ. وفسّره في الحديث، بما لم يسبقه إليه أحد، الفقيه 3، 72 - باب إحياء الموات والأرضين، ح 2 بتفاوت يسير .
3- وقد عرّف المحقق في الشرائع 253/3 الشفعة فقال: «هي استحقاق أحد الشريكين حصة شريكه بسبب انتقالها بالبيع». وثبوت الشفعة كون الشركاء أكثر من اثنين هو أحد قولين عند أصحابنا رضوان الله عليهم، ولكن القول الأشهر هو عدم ثبوتها حينئذٍ، يقول الشهيدان: «ولا تثبت لغير الشريك الواحد على أشهر القولين، وصحيح الأخبار يدل عليه، وذهب بعض الأصحاب إلى ثبوتها مع الكثرة استناداً إلى روايات معارضة بأقوى منها». ومن هؤلاء الأصحاب ممن اختار ثبوتها على عدد الرؤوس مطلقاً الشيخ الصدوق وابن الجنيد فيما حكي عنه.
4- التهذيب 7، 14 - باب الشفعة، ح 8 . الاستبصار 3، 78 - باب العدد الذي تثبت بينهم الشفعة، ح 6.

3 - عليُّ بن محمّد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن جميل بن درَّاج، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : إذا وَقَعَت السّهامُ ارتفعت الشّفعة(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قضى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال: قضى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بالشّفعة بين الشّركاء في الأرضين والمساكن، وقال: لا ضرر ولا ضرار، وقال : إذا رقّت الأرَفُ، وحُدَّت الحدود، فلا شفعة(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن هارون بن حمزة الغنويّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الشّفعة فى الدُّور، أشيءٌ واجب للشّريك، ويعرض على الجار فهو أحقّ بها من غيره؟ فقال : الشّفعة في البيوع، إذا كان شريكا فهو أحقٌّ بها بالثّمن(3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ليس لليهوديّ والنّصرانّي شفعة وقال : لا شفعة إلّا لشريك غير مقاسم، وقال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : وصيُّ اليتيم بمنزلة أبيه، يأخذ له الشّفعة إن كان له رغبة فيه، وقال: للغائب

شفعة(4).

7 - عليٌّ بن إبراهيم، [عن أبيه] عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا تكون الشّفعة إلّا لشريكين ما لم يقاسما، فإذا صاروا ثلاثة فليس لواحد منهم شفعة(5).

8 - يونس عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الشّفعة لمن هي؟

ص: 286


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 1. الفقيه 3 ، 36 - باب الشفعة، ح 9.
2- التهذيب 7، نفس الباب ح 4. الفقيه، نفس الباب ح 2 بتفاوت فيهما. والأرقَة: الحد بین الارضین، والمقصود بالضرر إيقاعه وبالضرار رد الضرر بمثله.
3- التهذيب 7، 14 - باب الشفعة، ح5.
4- التهذيب7، نفس الباب ح 14 بتفاوت يسير الفقيه 3، 36 - باب الشفعة ، ح 5 وفيه إلى قوله ... غير مقاسم، وبتفاوت. وروي ما تبقى من الحديث برقم 8 من نفس الباب من الفقيه بتفاوت أيضاً . هذا ويقول المحقق في الشرائع 255/3 : «وتثبت (الشفعة) للغائب والسفيه ، وكذا للمجنون والصبي ويتولى الأخذ وليّهما مع الغبطة، ولو ترك الولي المطالبة فبلغ الصبي أو أفاق المجنون فله الأخذ، لأن التأخير لعذر...».
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 6 الاستبصار 3 ، 78 - باب العدد الذين تثبت بينهم الشفعة، ح 1.

وفي أيّ شيء هي؟ ولمن تصلح؟ وهل يكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي ؟ فقال : الشَفعة جائزة في كلّ شيء من حيوان أو أرض أو متاع، إذا كان الشيء بين شريكين لا غيرهما، فباع أحدهما نصيبه، فشريكه أحقُّ به من غيره، وإن زاد على الاثنين فلا شفعة لأحد منهم(1).

وروي أيضاً أنَّ الشفعة لا تكون إلّا في الأرضين والدُّور فقط.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن الكاهليّ(2)، عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : دار بين قوم اقتسموها، فأخذ كلُّ واحد منهم قطعة وبناها، وتركوا بينهم ساحة فيها ممرُّهم، فجاء رجلٌ فاشترى نصيب بعضهم، ألهُ ذلك؟ قال: نعم، ولكن يسدُّ بابه ويفتح باباً إلى الطّريق، أو ينزل من فوق البيت ويسدُّ بابه، فإن أراد صاحب الطّريق بيعه، فإنّهم أحقُّ به، وإلّا فهو طريقه يجيىء حتّى يجلس على ذلك الباب(3).

10 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن أبَان، عن أبي العباس؛ وعبد الرَّحمن بن أبي عبد الله (علیه السّلام) قالا : سمعنا أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : الشّفعة لا تكون إلّا لشريك لم يقاسم.

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلّم)

: «لا شفعة في سفينة، ولا في نهر، ولا في طريق»(4).

ص: 287


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 7. الاستبصار ، نفس الباب ، ح 2 الفقيه 3 نفس الباب، ح 10 . قال المحقق في الشرائع 253/3: «وهل تثبت - أي الشفعة - فيما ينقل كالثياب والآلات والسفن والحيوان؟ قيل: نعم، دفعاً لكلفة القسمة واستناداً إلى رواية يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (علیه السّلام) . وقيل : لا، اقتصاراً في التسلط على مال المسلم بموضع الإجماع، واستضعافاً للرواية المشار إليها، وهو أشبه».
2- واسمه عبد الله بن يحيى، وقد يطلق على أخيه إسحاق
3- التهذيب 7 نفس الباب ح 9 الاستبصار ، نفس الباب ، ح 7 . وكرره بتفاوت في الذيل برقم 20 من نفس الباب من التهذيب، وقد أشار الشهيد الثاني رحمه الله في المسالك إلى هذه الرواية ومما قاله: «ظاهر هذه الرواية الصحيحة أن بائع الدار لمن يبع نصيبه من الساحة المشتركة، فلذلك أمر أن يسدّ بابه ويفتح له باباً إلى الطريق وينزل من فوق البيت ولم يذكر الشفعة حينئذ لعدم مقتضاها ، ولو فرض بيعه بحصته من العرصة التي هي الممر جاز للشركاء أخذها بالشفعة لتحقق الشركة فيها دون الدار لأنه لم يبعها معها ... الخ».
4- التهذيب 7، 14 - باب الشفعة، ح 15 . الاستبصار 3، 78 - باب العدد الذين تثبت بينهم الشفعة، ح 9 . الفقيه 3، 36 - باب الشفعة، ح 7 بزيادة في آخره، وقد حمل أصحابنا رضوان الله عليهم ما تضمنه هذا الحديث من عدم الشفعة في هذه الأمور وما شاكلها كالحمّام والرّحى والنهر على ما إذا لم يمكن قسمتها لضيقها أو قلّة النصيب فيها بحيث يتضرر صاحب القليل بالقسمة . فراجع اللمعة وشرحها للشهيدين الشفعة المجلد الثاني من الطبعة الحجرية، ص18 وشرائع الإسلام للمحقق 253/3

171- باب شراء أرض الخَراج من السلطان وأهلها كارهون ومن اشتراها من أهلها

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم؛ وحميد بن زياد؛ عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن إسماعيل بن الفضل الهاشميّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل اكترى أرضاً من أرض أهل الذّمة من الخراج وأهلها كارهون، وإنّما تقبّلها من السلطان لعجز أهلها عنها أو غير عجز؟ فقال : إذا عجز أربابها عنها فلك أن تأخذها، إلّا أن يُضَارّوا، وإن أعطيتهم شيئاً فَسَخَتْ أنفس أهلها لكم بها فخذوها؛ قال : وسألته عن رجل اشترى منهم أرضاً من أراضي الخراج، فبنى فيها أولم يبنِ، غير أنَّ أناساً من أهل الذمّة نزلوها، ألَهُ أن يأخذ منهم أجور البيوت إذا أدُّوا جزية رؤوسهم؟ قال : يشارطهم، فما أخذ بعد الشّرط فهو حلالٌ(1).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان، زرارة قال : قال : لا بأس بأن يُشْتَرى أرض أهل الذّمة، إذا عمروها وأحيوها فهي لهم(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام)؛ وعن السّاباطيّ؛ وعن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّهم سألوهما عن شراء أرض الدَّهاقين من أرض الجزية؟ فقال : إنّه إذا كان ذلك انتزعت منك أو تؤدّي عنها ما عليها من الخراج ؛ قال عمّار: ثمَّ أقبل عَلَيّ فقال : اشترها، فإنَّ لك من الحقّ ما هو أكثر من ذلك .

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن شراء أرض الذّمة؟ فقال : لا بأس بها، فتكون - إذا كان ذلك - بمنزلتهم، تؤدّي عنها كما يؤدّون(3)؛ قال : وسأله رجلٌ من أهل النّيل عن أرض اشتراها بفمّ النّيل، فأهل الأرض يقولون : هي أرضهم، وأهل الأستان

ص: 288


1- التهذيب 7، 11 - باب أحكام الأرضين، ح 12 وروي ذيله مكرراً من قوله : وسألته عن ... الخ ، بتفاوت برقم 28 من نفس الباب من التهذيب.
2- الحديث ضعيف على المشهور، ويمكن حمل قوله (علیه السّلام) : فهي لهم على أن المراد أرض الموات عند الفتح ، إذ أن المشهور أنهم يملكونها. ويحتمل غير ذلك
3- أي تؤدي أنت عن الأرض الخراج كما يؤدي أهل الذمة الجزية

يقولون: هي من أرضنا، قال: لا تشترها إلّا برضا أهلها(1).

5 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ لي أرض خراج وقد ضقت بها ذرعاً؟ قال: فسكت هنيهة ثمَّ قال : إنَّ قائمنا لو قَد قام، كان نصيبك في الأرض أكثر منها، ولو قَد قام قائمنا (علیه السّلام)، كان الأستان أمثل من قطائعهم(2).

172- باب سُخْرَةِ العُلوج والنزول عليهم

1 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان؛ ومحمّد بن يحيى، عن عبد الله محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن السّخرة في القرى وما يؤخذ من العلوج والأكَرَة في القرى؟ فقال : اشترط عليهم، فما اشترطت عليهم من الدَّراهم والسّخرة وما سوى ذلك فهو لك، وليس لك أن تأخذ منهم شيئاً حتّى تشارطهم ، وإن كان كالمستيقن أنَّ كلَّ من نزل تلك القرية أُخذ ذلك منه؛ قال : وسألته عن رجل بنى في حقّ له إلى جنب جار له بيوتاً أو داراً، فتحوّل أهل دار جار له، أله أن يردّهم وهم كارهون؟ فقال: هم أحرار، ينزلون حيث شاؤوا، ويتحوَّلون حيث شاؤوا(3).

2 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج عن عليّ الأزرق قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : وصى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عليّاً (علیه السّلام) عند موته فقال : يا علي ، لا يُظْلَم الفلاحون بحضرتك ، ولا يُزْداد على أرض وضعت عليها، ولا سخرة على مسلم - يعني الأجير(4)

ص: 289


1- التهديب 7، 11 - باب أحكام الأرضين ، ح 11 . الاستبصار 3، 74 - باب شراء أرض أهل الذمة ، ح 4 . وروي صدر الحديث بتفاوت يسير. والنيل : اسم بلدة بالكوفة . كما يوجد قرية بهذا الاسم بين واسط وبغداد - كما يقول الفيروزآبادي .. والاستان : أربع كور ببغداد: عالي وأعلا وأوسط وأسفل - كما يقول الفيروزآبادي أيضاً .
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 9 وفيه : أفادعها؟ بعد قوله : قد ضقت بها. وفي ذيله ... كان للإنسان أفضل ...، بدل: ... كان الأستان أمثل... والضمير في (قطائعهم) يرجع إلى سلاطين الجور.
3- التهذيب 7، 11 - باب أحكام الأرضين، ح 27.
4- التهذيب 7، نفس الباب ح 29. بدون التفسير في الذيل.

3 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السّلام) يكتب إلى عمّاله : لا تسخّروا المسلمين، ومن سألكم غير الفريضة فقد اعتدى فلا تعطوه، وكان يكتب يوصي بالفلّاحين خيراً، وهم الأكّارون(1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : النّزول على أهل الخراج ثلاثة أيّام(2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبّي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ينزل على أهل الخراج ثلاثة أيّام.

173- باب الدلالة في البيع وأجرها وأجر السمسار

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن بشّار(3)، عن أبي الحسن (علیه السّلام) في الرَّجل يدلُّ على الدُّور والضيّاع ويأخذ عليه الأجر؟ قال: هذه أجرة، لا بأس بها(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم أو (5)غيره، عن عبد الله بن سنان قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) - وأنا أسمع - فقال له : إنّا نأمر الرَّجل فيشتري لنا الأرض والغلام والدَّار والخادم، ونجعل له جعلاً؟ قال: لا بأس بذلك(6).

3 - أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا من أصحاب الرَّقيق قال: اشتريت لأبي عبد الله (علیه السّلام) جارية، فناولني أربعة دنانير، فأبَيْتُ، فقال: لتأخذنَّ، فأخذتها، وقال : لا تأخذ من البائع(7).

ص: 290


1- التهذيب 7 نفس الباب،
2- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 25 - الفقيه 3 ، 72 - باب إحياء الموات والأرضين، ح 7، هذا، والمشهور بين أصحابنا عدم تقدّر النزول على من ذكروا في الروايات بمدة محدّدة. وما حاول البعض أن يحدّده بالأيام الثلاثة مستنداً إلى فعله (صلی الله علیه و آله و سلّم) مع أهل أيلة في غير محله لأنه لم يثبت والله العالم.
3- في التهذيب : الحسين بن يسار
4- التهذيب 7، 12 - باب أجر السمسار والدلال ح 5
5- الترديد من الراوي
6- التهذيب 7، نفس الباب، ح 2. وفيه والجارية بدل : والخادم
7- التهذيب 7 نفس الباب، ح 3.

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبي سأل أبا عبد الله (علیه السّلام) - وأنا أسمع - فقال له ربّما أمرنا الرّجل فيشتري لنا الأرض والدَّار والغلام والجارية ونجعل له جعلاً؟ قال : لا بأس(1).

5 - وعنهما، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)؛ وغيره عن أبي جعفر (علیه السّلام) قالوا : قالا : لا بأس بأجر السمسار، إنّما هو يشتري للنّاس يوماً بعد يوم بشيء معلوم، وإنّما هو مثل الأجير(2).

174- باب مشاركة الذمّي

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال: قال - أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا ينبغي للرّجل المسلم أن يشارك الذّمي، ولا يبضعه بضاعة، ولا يودعه وديعة ولا يصافيه المودَّة(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كره مشاركة اليهوديّ والنصرانيّ والمجوسيّ، إلّا أن تكون تجارة حاضرة لا يغيب عنها المسلم(4).

175- باب الإستحطاط بعد الصَّفْقَة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم الكرخيّ قال : اشتريت لأبي عبد الله (علیه السّلام) جارية، فلمّا ذَهَبْتُ أنقدهم الدَّراهم، قلت: أَسْتَحِطهم؟ قال : لا، إِنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) نهى عن الاستحطاط بعد الصّفقة(5).

ص: 291


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح .4 . كما ذكر مضمونه بتفاوت يسير وسند مختلف جزئياً برقم 245 من الباب 93 من الجزء 6 من التهذيب.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 1. كما ذكره برقم 47 من الباب 4 من نفس الجزء من التهذيب. وكان الشيخ الكليني رحمه الله قد ذكر هذا الحديث برقم 4 من الباب 116، من هذا الجزء من الفروع فراجع
3- التهذيب 7، 18 - باب الشركة والمضاربة ، ح 1. الفقيه 3، 70 - باب المضاربة ، ح 8 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 7 نفس ،الباب ، ح 2 بدون كلمة المسلم في الذيل
5- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان، ح 59 الاستبصار 3، 46 - باب كراهية الاستحطاط بعد الصفقة ، ح 1 الفقيه، نفس الباب ، ح 11 ومعنى الاستحطاط : طلب المشتري من البائع إنقاص الثمن المتفق عليه بعد إجراء العقد، وهو من مكروهات المعاملة عند أصحابنا رضوان الله عليهم.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن معاوية بن عمّار، عن زيد الشّحام قال: أتيت أبا عبد الله (علیه السّلام) بجارية أعرضها، فجعل يساومني وأُساومه، ثمَّ بعتها إيّاه، فضمّ (1)على يدي، قلت: جُعِلْت فداك، إنّما ساومتك لأنظر المساومة تنبغي أو لا تنبغي، وقلت : قد حَطَطْتُ عنك عشرة دنانير، فقال هيهات ألَا كان هذا قبل الضمّة، أمّا بلغك قول النّبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم)

: الوضيعة بعد الضمّة حرام(2)؟! .

176- باب حزر الزرع

1 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن بعض أصحابه قال : قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : إنَّ لنا أكَرَةً فنزارعهم، فيجيئون ويقولون لنا : قد حَزَرْنا هذا الزَّرع بكذا وكذا، فأعطوناه ونحن نضمن لكم أن نعطيكم حصّتكم على هذا الحزر ؟ فقال : وقد بلغ؟ قلت نعم قال : لا بأس بهذا؛ قلت : فإنّه يجيىء بعد ذلك فيقول لنا: إنَّ الحزر لم يجيء كما حزرت، وقد نقص؟ قال: فإذا زاد يردُّ عليكم؟ قلت : لا، قال : فلكم أن تأخذوه بتمام الحزر، كما أنّه إذا زاد كان له كذلك إذا نقص، كان عليد(3).

177- باب إجارة الأجير وما يجب عليه

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن الرّجل يستأجر الرَّجل بأُجرة معلومة، فيبعثه في ضيعة، فيعطيه رجل آخر دراهم ويقول : اشتر بهذا كذا وكذا، وما ربحتَ بيني وبينك؟ فقال: إذا أَذِنَ له الّذي استأجره فليس به بأس(4)

ص: 292


1- في التهذيب : فضمن.
2- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 60. الفقيه 3، نفس الباب ، ح 16 بتفاوت يسير في الجميع، وأسنده الأخير إلى أبي جعفر (علیه السّلام). والمقصود بالضمّة : ضم يد البائع مع يد المشتري، وهي تعبير آخر عن الصفقة، وقد حمل أصحابنا الاستحطاط بعد الصفقة أو الوضيعة بعدها على الكراهة .
3- التهذيب 7، 9 - باب المزارعة ح 62. والحديث مرسل وحزر الزرع: خَرصُهُ وتخمينه، وقد جوّز الأصحاب الخرص والتخمين على الشريك.
4- التهذيب 7، 20 - باب الإجارات، ح 17. وفيه في ضيعته ... ، بدل: في ضيعة.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن موسى، عن يونس، عن سليمان بن سالم قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن رجل استأجر رجلا بنفقة ودراهم مسمّاة على أن يبعثه إلى أرض، فلمّا أن قَدِمَ، أقبل رجل من أصحابه يدعوه إلى منزله الشّهر والشّهرين فيصيب عنده ما يغنيه عن نفقة المستأجر، فنظر الأجير إلى ما كان ينفق عليه في الشهر إذا هو لم يَدْعُهُ، فكافأه الّذي يدعوه، فمن مال من تلك المكافأة، أمِن مال الأجير أو من مال المستأجر؟ قال : إن كان في مصلحة المستأجر فهو من ماله وإلّا فهو على الأجير؛ وعن رجل استأجر رجلاً بنفقة مسمّاة ولم يفسّر شيئاً، على أن يبعثه إلى أرض أخرى، فما كان من مؤونة الأجير من غسل التّياب والحمّام فعلى من؟ قال : على المستأجر(1).

3 - أحمد بن محمّد عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن إسماعيل بن عمّار، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يأتي الرجل فيقول : اكتب لي بدراهم، فيقول له : آخذ منك وأكتب لك [بين يديه]؟ قال : فقال : لا بأس؛ قال : وسألته عن رجل استأجر مملوكاً فقال المملوك: ارضَ مولاي بما شئت ولي عليك كذا وكذا دراهم مسمّاة، فهل يلزم المستأجر، وهل يحلّ للمملوك؟ قال : لا يلزم المستأجر، ولا يحلُّ للمملوك(2).

178- باب كراهة استعمال الأجير قبل مقاطعته على أجرته وتأخير إعطائه بعد العمل

1 - محمّد بر بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: كنت مع الرّضا (علیه السّلام) في بعض الحاجة، فأردت أن أنصرف إلى منزلي، فقال لي : انصرف معيَ، فَبَتْ عندي اللّيلة، فانطلقت معه، فدخل إلى داره مع المعتّب، فنظر إلى غلمانه يعملون بالطّين أواري الدَّواب(3)وغير ذلك، وإذاً معهم أسود ليس منهم ، فقال : ما هذا الرَّجل معكم ؟ فقالوا : يعاوننا ونعطيه شيئاً، قال قاطعتموه على أجرته؟ فقالوا : لا هو يرضى منّا بما نعطيه فأقبل

ص: 293


1- التهذيب 7 ، 20 - باب الإجارات ، ح 15 . وقال المحقق في الشرائع : من استأجر أجيراً لينفذه في حوائجه كانت نفقته على المستأجر إلا أن يشترط على الأجير وقال الشهيد الثاني في المسالك تعليقاً على قول المحقق :هذا مستند ذلك رواية سليمان بن سالم عن الرضا (علیه السّلام) واختاره جماعة من الأصحاب، والأقوى أنه كغيره لا تجب نفقته إلا مع الشرط، ويمكن حمل الرواية على تقدير سلامتها عليه ... وحيث يشترط على المستأجر فلا بد بيان قدرها ووصفها بخلاف ما لو قيل بوجوبها عليه ابتداءاً فإنه يجب عليه القيام بعادة أمثاله».
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 16.
3- الأواري: جمع الآري وهو زريبة الدوابّ.

عليهم يضربهم بالسّوط، وغضب لذلك غضباً شديداً، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، لِمَ تُدْخِلُ على نفسك؟ فقال : إنّي قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرَّة أن يعمل معهم أحد حتّى يقاطعوه أجرته : واعلم أنّه ما من أحد يعمل لك شيئاً بغير مقاطعة، ثمَّ زدته لذلك الشيء ثلاثة أضعاف على أجرته، إلّا ظنَّ أنّك قد نقصته، أجرته، وإذا قاطعته ثمَّ أعطيته أجرته، حمدك على الوفاء فإن زدته حَبّةً عرف ذلك لك، ورأى أنك قد زدته(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الحمّال والأجير قال : لا يجفُّ عرقه حتّى تعطيه أُجرته(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان، عن شعیب قال : تكارينا لابي عبد الله (علیه السّلام) قوماً يعملون في بستان له، وكان أجَلُهُم إلى العصر، فلمّا فرغوا قال لمعتب : أعطهم أُجورهم قبل أن يجفّ عرقهم(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يستعملن أجيراً حتّى يعلمه ما أجره، ومن استأجر أجيراً ثمَّ حبسه عن حبسه عن الجمعة، تَبَوأ بإثمه، وإن هو لم يحبسه ، اشتركا في الأجر(4).

179- باب الرجل يكتري لدابة فيجاوز بها الحد أو يردّها قبل الانتهاء إلى الحدّ

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد عن الحسن بن عليّ، عن أبان بن عثمان، عن الحسين الصّيقل قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : ما تقول في رجل اكترى دابّة إلى مكان ،معلوم ، فجاوَزَه؟ قال : يحسب له الأجر بقدر ما جاوز، وإن عطب الحمار فهو ضامن(5).

ص: 294


1- التهذيب 7، 20 - باب الإجارات، ح 14 . والحديث صحيح . وقوله : لِمَ تُدخل على نفسك : أي الهم والغضب. «ويدل (الحديث) على جواز التأديب على المكروهات إذ المشهور كراهة استعمال الأجير قبل المقاطعة على الأجرة، وظاهر الخبر الحرمة ويمكن أن يقال : هذا الفعل كان حراماً عليهم لمخالفتهم أمر المولى، وإن كان في الأصل مكروهاً مرآة المجلسي 387/19
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 11
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 12
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 13 والحديث ضعيف. وحبسه عن الجمعة : أي عن حضور صلاة الفريضة يوم الجمعة وتبوأ بإثمه : أي حمله
5- التهذيب 7، نفس الباب ح 19. الاستيصار 3، 88 - باب من اكترى دابة إلى .... ح1 بتفاوت . كما كرره الشيخ في نفس الجزء من التهذيب برقم 60 من نفس الباب أيضاً.

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي حمزة عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل يكتري الدَّابة فيقول : اكتريتها منك إلى مكان كذا وكذا، فإن جاوزته فلك كذا وكذا زيادةً، ويسمّي ذلك؟ قال : لا بأس به كلّه(1).

3 - أحمد بن محمّد [عن رجل] عن أبي المغرا، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل تكارى دابّة إلى مكان معلوم فنفقت الدَّابّة؟ قال : إن كان جاز الشّرط فهو ضامن، وإن دخل وادياً لم يوثقها فهو ضامن، وإن سقطت في بئر فهو ضامن، لأنّه لم

يستوثق منها(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سمعته يقول : كنت جالساً عند قاض من قضاة المدينة، فأتاه رجلان، فقال أحدهما : إنّي تكاريت هذا يوافي بي السّوق يوم كذا وكذا، وإنّه لم يفعل؟ قال: فقال : ليس له كراءٌ، قال: فدعوته وقلت: يا عبد الله، ليس لك أن تذهب بحقّه، وقلت للآخر: ليس لك أن تأخذ كلَّ الّذي عليه، اصطلحا فَتَرادًا بينكما(3).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن محمّد الحلبيّ قال : كنت قاعداً عند قاض من القضاة، وعنده أبو جعفر (علیه السّلام) جالس، فأتاه رجلان، فقال أحدهما : إنّي تكاريت إبل هذا الرّجل ليحمل لي متاعاً إلى بعض المعادن، فاشترطت عليه أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا، لأنّها سوق أتخوّف أن يفوتني، فإن احتبست عن ذلك حططت من الكِرى لكلّ يوم احتبسه كذا وكذا، وإنّه حبسني عن ذلك الوقت

ص: 295


1- التهذيب ،7 نفس الباب، ح 20 .
2- التهذيب 7، 20 - باب الإجارات، ح 21، الفقيه 3، 76 - باب ضمان من حمل شيئاً فادعى ذهابه، ح 3 بتفاوت، وقوله (علیه السّلام) : جاز الشرط : أي جاوز وتعدّى فيما اشترط عليه مالك الدابة في استعمالها، وكل ما ذكره (علیه السّلام) مصاديق للتعدي أو التفريط، وإلا فلا ضمان. قال الشهيدان: «ولا يَضمن المستأجر العين إلا بالتعدي فيها أو التفريط لأنها مقبوضة بإذن المالك لحق القابض ولا فرق في ذلك بين مدة الإجارة وبعدها قبل طلب المالك وبعده إذا لم يؤخر مع طلبها اختياراً ولو شرط في عقد الإجارة ضمانها بدونهما فسد العقد لفساد الشرط من حيث مخالفته للمشروع ومقتضى الإجارة».
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 23 . الفقيه 3، 16 - باب الصلح ، ح 6 بتفاوت وزيادة . وقال المحقق في الشرائع : «لو استأجره ليحمل له متاعاً إلى موضع معين فإن قصر عنه نقص من أجرته شيئاً، جاز، ولو شرط سقوط الأجرة إن لم يوصله فيه لم يجز وكان له أجرة المِثل»

كذا وكذا يوماً؟ فقال القاضي : هذا شرط فاسدٌ، وفّه كراه، فلمّا قام الرَّجل، أقبل إليَّ أبو جعفر (علیه السّلام) فقال : شَرْطُهُ هذا جائز ما لم يُحِط بجميع كراه(1).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال : اكثريت بغلاً إلى قصر ابن هبيرة ذاهباً وجائياً بكذا وكذا، وخرجت في طلب غريم لي، فلمّا صرت قرب قنطرة الكوفة، خُبِّرت أنَّ صاحبي توجّه إلى النّيل(2)، فتوجهت نحو النيل فلما أتيت النّيل خُبُّرت أن صاحبي توجّه إلى بغداد، فأتبعته وظفرت به، وفرغت ممّا بيني وبينه، ورجعنا إلى الكوفة، وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوماً، فأخبرت صاحب البغل بعذري، وأردت أن أتحلّل منه ممّا صنعت وأرضيه، فبذلت له خمسة عشر درهماً فأبى أن يقبل، فتراضينا بأبي حنيفة، فأخبرته بالقصّة، وأخبره الرَّجل، فقال لي : وما صنعتَ بالبغل ؟ فقلت : قد دفعته إليه سليماً، قال : نعم، بعد خمسة عشر يوماً ، فقال : ما تريد من الرَّجل؟ قال: أريد كرى بغلي فقد حبسه علىَّ خمسة عشر يوماً، فقال: ما أرى لك حقاً، لأنّه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة، فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد، فضمن قيمة البغل وسقط الكرى، فلمّا ردَّ البغل سليماً وقبضتَه لم يلزمه الكرى، قال: فخرجنا من عنده، وجعل صاحب البغل يسترجع(3)، فرحمتّه ممّا أفتى به أبو حنيفة، فأعطيته شيئاً وتحلّلت منه، فحججت تلك السنّة فأخبرت أبا عبد الله (علیه السّلام) بما أفتى به أبو حنيفة، فقال : في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السّماء ماءها، وتمنع الأرض بركتها، قال فقلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : فما ترى أنت؟ قال : أرى له عليك مثل كِرى بغل ذاهباً من الكوفة إلى النيل، ومثل كِرى بغل راكباً من النيل إلى بغداد، ومثل كِرى بغل من بغداد إلى الكوفة تُوفّيه إيّاه، قال: فقلت: جُعِلْتُ فداك، إنّي قد علّقته بدراهم، فلي عليه عَلَفُه، فقال : لا، لأنّك غاصب، فقلت: أرأيتَ لو عطب البغل ونفق ، أليس كان يلزمني؟ قال : نعم، قيمة بغل يوم خالفته، قلت: فإن أصاب البغل كسر أو دَبْرٌ أو غَمْز ؟ فقال : عليك قيمة ما بین الصّحة والعيب يوم تردُّه عليه، قلت : فمن يَعرف ذلك؟ قال : أنت وهو، إمّا أن يحلف هو على القيمة فتلزمك، فإن ردَّ اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أنَّ قيمة البغل حين أكرى كذا وكذا، فيلزمك، قلت : إنّي كنت أعطيته دراهم ورضي بها، وحلّلني؟ فقال: إنّما رضي بها وحلّلك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم، ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك به، فإن جعلك في حِلّ بعد معرفته فلا شيء عليك بعد ذلك،

ص: 296


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 22 الفقيه 3 نفس الباب، ح 7
2- النيل: قرية بالكوفة واسم قرية بين واسط وبغداد وقصر ابن هبيرة: موضع قريب من كربلاء بالعراق
3- يسترجع : أي يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون.

قال أبو ولّاد: فلمّا انصرفت من وجهي ذلك، لقيت المكاري فأخبرته بما أفتاني به أبو عبد الله (علیه السّلام)، وقلت له : قل ما شئت حتّى أعطيكه، فقال: قد حبّيت إلي جعفر بن محمّد (علیه السّلام)، ووقع في قلبي له التفضيل، وأنت في حِلّ وإن أحببتَ أن أردَّ عليك الّذي أخذت منك فعلت(1).

7 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل استأجر دابّة، فأعطاها غيره، فَنَفَقَت، ما عليه فقال : إن كان شرط أن لا يركبها غيره فهو ضامن لها، وإن لم يُسم، فليس عليه شيء(2).

180- باب الرجل يتكارى البيت والسفينة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن عليّ بن يقطين قال : سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن الرَّجل يكتري السفينة سنة أو أقلَّ أو أكثر؟ قال : الكرى لازم إلى الوقت الّذي اكتراه إليه والخيار في أخذ الكرى إلى ربّها، إن شاء ،أخذ، وإن شاء ترك(3).

2 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سهل، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) عن الرّجل يتكارى من الرَّجل البيت والسفينة سنة أو أكثر أو أقلّ؟ قال : كراه لازمٌ إلى الوقت الّذي تكاراه إليه، والخيار في أخذ الكرى إلى ربّها، إن شاء أخذ، وإن شاء ترك(4).

ص: 297


1- التهذيب 7، 20 - باب الإجارات 25. الاستبصار، 88 - باب من اكترى دابة إلى موضع فجاز ذلك الموضع كان ...، ح 2 . والحديث صحيح. هذا، وقد دل الحديث على أن القول قول المالك مع الاختلاف في القيمة، والمشهور أن القول قول المستأجر مطلقاً لأنه منكر. والشيخ فصل بين الدابة فالقول قول المالك، ويين غيرها فالقول قول المستأجر.
2- التهذيب 7، نفس الباب ح 24. والحديث صحيح. وما تضمنه في صورة الإطلاق هو المشهور بين الأصحاب.
3- التهذيب 7، 20 - باب الإجارات ، ح 2 الفقيه 3، 74 - باب بيع الثمار، ح8 والحديث صحيح
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 4. والحديث مجهول، هذا والمشهور عند أصحابنا أنه يستحق المؤجر الأجرة بتسليم العين المؤجرة، بشرط عدم اشتراط التأجيل من قبل المستأجر، ويقول الشهيد الثاني في المسالك : «إنما يجب تعجيلها (أي الأجرة) مع الإطلاق أو شرط التعجيل، ولو شرط التأجيل لزم بشرط أن يكون الشرط معلوما».

181- باب الضِّرار

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الجار كالنفس، غيرُ مُضَارٌ ولا آثم(1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : إِن سَمَرَةَ بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار، وكان منزل الأنصاريّ بباب البستان، وكان يمرُّ به إلى نخلته ولا يستأذن، فكلّمه الأنصاريُّ أن يستأذن إذا جاء فأبى سَمَرَة، فلمّا تأبّى جاء الأنصاريُّ إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فشكا إليه وخبّره الخبر، فأرسل إليه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وخبّره بقول الأنصاريُّ وما شكا، وقال: إن أردت الدُّخول فاستأذن، فأبى، فلمّا أبي، ساومه حتّى بلغ به من الثمن ما شاء الله، فأبى أن یبیع، فقال : لك بها عذق يمدُّ لك في الجنّة، فأبى أن يقبل فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) للأنصاريّ : اذهب فاقلعها وارمِ بها إليه، فإنّه لا ضرر ولا ضِرار(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن حفص، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن قوم كانت لهم عيون في أرض قريبة بعضها من بعض، فأراد الرّجل أن يجعل عينه أسفل من موضعها الّتي كانت عليه، وبعض العيون إذا فعل ذلك أضرَّ بالبقيّة من العيون، وبعض لا يضرُّ من شدَّة الأرض؟ قال : فقال : ما كان في مكان شديد(3)فلا يضرُّ ، وما كان في أرض رخوة بطحاء(4)فإنّه يضرُّ(5)؛ (قلت) : وإن عرض على جاره أن يضع عينه كما وضعها وهو على مقدار واحد؟ قال: إن تراضيا فلا يضرُّ ؛ وقال : يكون بين العينين ألف ذراع .

ص: 298


1- التهذيب 7، 10 - باب بيع الماء والمنع منه و ... ، ح 35 .
2- التهذيب 7، 10 - باب بيع الماء والمنع منه و ...، ح 36 بتفاوت . الفقيه 3، 44 - باب حكم الحريم ، ح 9 بتفاوت وأخرجه عن الحسن الصيقل عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، وقد أفادت هذه الرواية حرمة دخول شخص على شخص بدون استيذان. فضلا عن حرمة هتك حرمة المؤمن أو أذيته، والذي يظهر من قوله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إذهب فاقلعها وارم بها وجهه غضبه (صلی الله علیه و آله و سلّم) على سمرة وكونه (صلی الله علیه و آله و سلّم) في مقام تأديبه لأنه تصرف معه (صلی الله علیه و آله و سلّم) تصرف المعاند اللجوج التارك للدنيا والآخرة، ومن هنا يمكن القول بأن الأمر بقطع النخلة لم يكن مستنداً إلى قاعدة نفي الضرر، وإنما هو مستند إلى ولايته (صلی الله علیه و آله و سلّم) على نفوس أفراد الأمة وأموالهم دفعاً لمادة الفساد أو تأديباً كما بيّنا .
3- في الفقيه : مكان جليد
4- البطحاء - كما في المغرب - مسيل ماء فيه رمل وحصى.
5- إلى هنا مروي مرسلاً في الفقيه 43 ، نفس الباب، ح 7 بتفاوت يسير .

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن هارون بن حمزة الغنويّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل شهد بعيراً مريضاً وهو يباع، فاشتراه رجلٌ بعشرة دراهم، فجاء وأشرك فيه رجلاً بدرهمين بالرّأس والجلد، فقُضِي أنَّ البعير بريء، فبلغ ثمنه دنانير؟ قال: فقال لصاحب الدرهمين: خذ خمس ما بلغ فأبى ، قال : أريد الرَّأس والجلد؟ فقال : ليس له ذلك، هذا الضّرار، وقد أعطي حقّه إذا أعطي الخمس(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين قال : كتبت إلى أبي محمد (علیه السّلام) : رجلٌ كانت له قناة في قرية فأراد رجلٌ أن يحفر قناة أخرى إلى قرية له، كم يكون بينهما في البعد حتّى لا يضرُّ بالأخرى في الأرض إذا كانت صلبة أو رخوة؟ فوقّع (علیه السّلام) : على حسب أن لا يضرَّ إحداهما بالأخرى إن شاء الله، قال : وكتبت إليه (علیه السّلام) : رجل كانت له رحى على نهر قرية، والقرية لرجل ، فأراد صاحب القرية أن يسوق إلى قريته الماء في غير هذا النهر، ويعطّل هذه الرَّحى، أَلَه ذلك أم لا ؟ فوقّع (علیه السّلام) : يتّقي الله، ويعمل في ذلك بالمعروف، ولا يضرَّ أخاه المؤمن(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله هلال، عن عقبة بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قضى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بين أهل المدينة في مشارب النخل ؛ أنّه لا يمنع نفع الشيء، وقضى (صلی الله علیه و آله و سلّم) بين أهل البادية ؛ أنّه لا يمنع فضل ماء ليمنع به فضل كلاء وقال : لا ضرر ولا ضِرار.

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل أتى جبلاً فشقّ فيه قناة، فذهبت قناة الأخرى بماءِ قناة الأولى؟ قال : فقال : يتقاسمان بحقائب البئر ليلة ليلة، فينظر أيّهما أضرَّت بصاحبتها، فإن رئيت الأخيرة أضرَّت بالأولى فلتُعَوِّر(3).

ص: 299


1- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان، ح 55 وكرره برقم 65 من نفس الباب وفي كلا الموردين بتفاوت. يقول المحقق في الشرائع 57/2 : «ويجوز ابتياع بعض الحيوان مشاعاً كالنصف والربع، ولو باع واستثنى الرأس والجلد صح ، ويكون شريكاً بقدر قيمة ثنياه على رواية السكوني، وكذا لو اشترك اثنان أو جماعة وشرط أحدهما لنفسه الرأس والجلد وكان شريكاً بنسبة رأس ماله»
2- التهذيب 7، 10 - باب بيع الماء والمنع منه و ...، ح 32 وأخرجه بتفاوت واختلاف في الترتيب حيث جاء صدره عجزاً وبالعكس . عن محمد بن علي بن محبوب قال : كتب رجل إلى الفقيه (علیه السّلام) ... الخ . وبهذا الشكل عيناً أخرجه في الفقيه 3، 71 - باب بيع الكلا والزرع و...، ح 10.
3- التهذيب 7، 10 - باب بيع الماء والمنع منه و ...، ذيل ح 29 بتفاوت . الفقيه 3، 44 - باب حكم الحريم، ح 6 بتفاوت وحقيبة البئر: قعرها. وعُورَت البئر : طُمَّت.

8 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن عبد الله بن مسكان، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : إنَّ سمرة بن جندب كان له عذق، وكان طريقه إليه في جوف منزل رجل من الأنصار، فكان يجيىء ويدخل إلى عذقه بغير إذن من الأنصاريّ، فقال له الأنصاريُّ : يا سَمَرَة، لا تزال تفاجئنا عل حال لا نحبّ أن تفاجئنا عليها، فإذا دخلت فاستأذن، فقال : لا أستأذن في طريق وهو طريقي إلى عذقي، قال: فشكا الأنصاريُّ إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فأرسل إليه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فأتاه فقال له : إنَّ فلاناً قد شكاك وزعم أنّك تمرُّ عليه وعلى أهله بغير إذنه، فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل، فقال : يا رسول الله، أستأذن في طريقي إلى عذقي؟ فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : خلّ عنه ولك مكانه عذق في مكان كذا وكذا، فقال : لا، قال : فلك اثنان ، قال : لا أُريد، فلم يزل يزيده حتّى بلغ عشرة أعذاق، فقال : لا، قال : فلك عشرة في مكان كذا وكذا، فأبى، فقال : خلّ عنه ولك مكانه عذق في الجنّة، قال : لا أريد فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إنّك رجلٌ مضارٌّ، ولا ضرر ولا ضِرار على مؤمن قال : ثمَّ أمر بها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقُلِعَت ثمَّ رمى بها إليه، وقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : انطلق فاغرسها حيث شئت(1).

182- باب جامع في حريم الحقوق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قضى النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) في رجل باع نخلاً واستثنى عليه نخلة، فقضى له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بالمدخل إليها، والمخرج منها، ومدى جرائدها(2).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرّحمن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ما بين بئر المعطن إلى بئر المعطن أربعون ذراعاً ، وما بين بئر الناضح إلى بئر

ص: 300


1- انظر الحديث رقم 2 من هذا الباب
2- التهذيب 7، 10 - باب بيع الماء والمنع منه و ...، ح 25 الفقيه 3، 44 - باب حكم الحريم ح 1، والحديث مجهول، ومدى جرائدها أي غاية ما تمتد إليه سعفاتها في الهواء. وقال الشهيد الأول في الدروس: «لو باع واستثنى نخلة أو شجرة معينة فله المدخل والمخرج إليها ومدى جرائدها من الأرض». وما ذكره رحمه الله هو ما عليه الأصحاب

الناضح ستّون ذراعاً، وما بين العين إلى العين خمسمائة ذراع، والطريق - إذا تشاحَّ عليه أهله - فحدُّه سبعة أذرع(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن منصور بن حازم أنّه سأل أبا عبد الله (علیه السّلام) عن حظيرة بين دارَين؟ فزعم أن عليّاً (علیه السّلام) قضى لصاحب الدّار الّذي من قِبَلِهِ القِماط(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، بن عقبة بن خالد، أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) قضى في هوائر النخل، أن تكون النخلة والنخلتان للرّجل في حائط الآخر، فيختلفون في حقوق ذلك، فقضى فيها : أنَّ لكلَّ نخلة من أولئك من الأرض مبلغ جريدة من جرائدها حين بُعدِها(3).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن البرقيّ، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : حريم البئر العادية أربعون ذراعاً حولها، وفي رواية أُخرى خمسون ذراعاً، إلّا أن يكون إلى عطن أو إلى الطريق، فيكون أقلَّ من ذلك، إلى خمسة وعشرين ذراعاً(4).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : يكون بين البئرين - إن كانت أرضاً صلبة - خمسمائة ذراع، - وإن كانت أرضاً رخوة ، فألف ذراع(5).

ص: 301


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 27. والبئر المعطن : واحد المعاطن، وهي مبارك الإبل عند الماء لتشرب والمراد به هنا البئر التي يستسقى منها لتشرب الإبل، وبئر الناضح : هو البعير الذي يستقى عليه للزرع وغيره كالشرب والغسل. يقول المحقق في الشرائع 273/3 : وحريم البئر المعطن أربعون ذراعاً (من كل جانب). وبئر الناضح ستون، وللعين ألف ذراع في الأرض الرخوة، وفي الصلبة خمسمائة ذراع ، وقيل : حد ذلك أن لا يضر الثاني بالأول، والأول أشهر».
2- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 34 بتفاوت الفقيه 3 42 - باب الحكم في حظيرة بين دارين ح 1. والقمط - كما يقول الصدوق رحمه الله - هو شد الحبل يعني أن الحظيرة هو للذي إليه شد الحبل، وقد قيل : إن القماط هو الحجر الذي يغلق منه على الباب.
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 26 . وفيه : ... قضى في هذا النخل . . . ، بدل : ... ، بدل : ... في هوائر النخل ...، والهوائر: جمع الهور، بمعنى السقوط والمعنى : مساقط الثمار، فهي حريم الشجر.
4- التهذيب 7، 10 - باب بيع الماء والمنع منه و ...، ح 30 و 31 . الفقيه 3، 44 - باب حكم الحريم ، ح 2 وبئر عادية: أي قديمة وكأنه من النسبة إلى قوم عاد.
5- التهذيب 7 نفس الباب، صدر 29 الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 8 ، والحديث مجهول وموافق لما هو المشهور عندنا .

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه رفعه قال : النهر حافتاه وما يليهما(1).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال: ما بين بئر المعطن إلى بئر المعطن أربعون ذراعاً، وما بين بئر الناضح إلى بئر الناضح ستون ذراعاً، وما بين العين إلى العين - يعني القناة - خمسمائة ذراع؛ والطريق يتشاحّ عليه أهلُه، فحدَّه سبعة أذرع(2).

9 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى؛ عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن خصّ بين دارين، فزعم أنَّ عليّاً (علیه السّلام) قضى به لصاحب الدَّار الّذي من قِبَلِهِ وَجْهُ القِماط(3).

183- باب من زرع في غير أرضه أو غَرَسَ

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال عن عقبة بن خالد قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل أتى أرض رجل فزرعها بغير إذنه، حتّى إذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال : زرعتَ بغير إذني، فزرعك لي، ولك عليَّ ما أنفقتَ، أَلَهُ ذلك أم لا؟ فقال : للزَّارع زرعه، ولصاحب الأرض كِرى أرضه(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميريّ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في رجل اكترى داراً وفيها بستان، فزرع في البستان وغرس نخلاً وأشجاراً وفواكه وغير ذلك، ولم يستأمر في ذلك صاحب البستان؟ فقال : عليه الكِرى، ويقوّم صاحب الدّار الغرس والزَّرع قيمة عدل فيعطيه الغارس، وإن كان استأمر فعليه الكرى وله الغرس والزَّرع يقلعه ويذهب به حيث شاء(5).

ص: 302


1- الحديث مرفوع وموافق لما هو المشهور عندنا قال الشهيد الأول في الدروس: «حريم الشرب: مطرح ترابه ، والمجاز على حافتيه».
2- مربسند آخر برقم 2 من هذا الباب . ورواه في التهذيب 7 نفس الباب ، ح 28 بتفاوت يسير وبنفس السند
3- مر تخريج هذا الحديث برقم 3 من هذا الباب. وقال الصدوق رحمه الله : الخُصّ الطن الذي يكون في السواد بين الدور. وقال في المصباح: الخص: البيت من القصب والجمع: الأخصاص
4- التهذيب 7 ، 19 - باب المزارعة ، ح 52 . الفقيه 3، 71 - باب بيع الكلأ والزرع و . . . ، ذكره الشيخ الصدوق وكأنه كلام له قبيل الحديث (10).
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح53 الفقيه 3، 73 - باب المزارعة والإجارة، ح 7 بتفاوت قليل.

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن حمزة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يشتري النخل ليقطعه للجذوع، فيغيب الرَّجل ويدع النخل كهيئته لم يقطع، فيقدم الرَّجل وقد حمل النخل؟ فقال : له الحمل يصنع به ما

شاء، إلّا أن يكون صاحب النخل كان يسقيه ويقوم عليه(1).

184- باب نادر

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الرَّيان بن الصّلت - أو (2)رجل عن ريَّان - عن يونس، عن العبد الصالح (علیه السّلام) قال : قال : إنَّ الأرض الله جعلها وقفاً على عباده، فمن عطّل أرضاً ثلاث سنين متوالية لغير ما علّة أخرجت من يده ودفعت إلى غيره ، ومن ترك مطالبة حقّ له عشر سنين فلا حَقٌّ له(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: من أُخذت منه أرض ثمَّ مكث ثلاث سنين لا يطلبها لم يحلُّ له بعد ثلاث سنين أن يطلبها(4).

185- باب أَدَانَ مَالَهُ بغير بيِّنة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عمر [ان] بن أبي عاصم قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : أربعة لا يُستجاب لهم دعوة أحدهم:

ص: 303


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 54. وذكره أيضاً برقم 25 من الباب 7 من نفس الجزء من التهذيب. كما ورد مضمونه وكأنه كلام للصدوق في الفقيه ، بعد الحديث رقم (9) من الباب 71 فراجع، وعمل بمضمونه الشيخ في النهاية وقال : فإن كان صاحب الأرض قام بسقيه ومراعاته كان له أجرة المثل، وتبعه ابن البراج وهو قول ابن الجنيد. في حين حكم ابن إدريس بعدم استحقاقه لشيء لأنه متبرع، وبما قاله ابن إدريس حكم المتأخرون من الأصحاب.
2- الشك من الراوي.
3- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات، ح 35 . والحديث ضعيف.
4- التهذيب 7 نفس الباب، ح 36 . والحديث مجهول. ولم أرَ قائلاً بظاهر الخبرين، إلا أن يحمل الأول على أنه إذا تركها وعطلها ثلاث سنين يجبره الإمام على الإحياء، فإن لم يفعل يدفعها إلى من يعمرها ويؤدي إليه طسقها كما قيل، وأما عدم طلب المال فلعله أريد به عسر إثباته ، أو يحمل على ما إذا دلّت القرائن على الإبراء، والأرض على الصورة السابقة مرآة المجلسي 407/19 - 408.

رجلٌ كان له مال فأدانه بغير بيّنة، يقول الله عزّ وجلَّ: «ألم آمرك بالشهادة»(1).

2 - أحمد بن محمّد العاصميّ، عن عليّ بن الحسن التيميّ، عن ابن بقّاح، عن أبي عبد الله المؤمن، عن عمّار بن أبي عاصم قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) أربعة لا يستجاب لهم، فذكر الرَّابع؛ رجل كان له مال فأدانه بغير بينة، فيقول الله عزَّ وجلَّ: «ألم آمرك بالشهادة»(2).

3 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عليّ، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: من ذهب حقّه على غير بيّنة لم يؤجر(3).

محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد الله القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) مثله.

186- باب نادر

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال : ليس لك أن تتّهم من ائتمنته، ولا تأتمن الخائن وقد جرَّبته(4).

2 - سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن محمّد بن هارون الجَلّاب قال : سمعت أبا الحسن (علیه السّلام) يقول : إذا كان الجور أغلبَ من الحقّ، لم يحلَّ لأحد أن يظنَّ بأحد خيراً حتّى يَعْرِفَ ذلك منه(5).

3 - عليُّ بن محمّد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عيسى، عن خلف بن حمّاد، عن زكريّا بن إبراهيم رفعه عن أبي جعفر (علیه السّلام) في حديث له أنّه قال لأبي عبد الله (علیه السّلام): من ائتمن غير مؤتَمَن فلا حجّة له على الله(6).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلّاد قال : سمعت أبا

ص: 304


1- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات، ح 34 وفيه : عن عمران بن عاصم . والحديث مجهول
2- الحديث ضعيف
3- الحديث ضعيف بسَنَدَيه
4- التهذيب 7 نفس الباب ح 31 والحديث ضعيف
5- الحديث ضعيف
6- الحديث ضعيف

الحسن (علیه السّلام) يقول : كان أبو جعفر (علیه السّلام) يقول : لا يخنك الأمين ولكن ائتمنت الخائن(1).

5 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عبيس بن هشام، عن أبي جميلة، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : من عرف من عبد من عبيد الله كذباً إذا حدَّث، وخُلْفاً إذا وعد، وخيانة إذا ائتُمنِ ثمّ ائتمنه على أمانة، كان حقّاً على الله تعالى أن يبتليه فيها، ثمَّ لا يُخْلِفُ عليه ولا يأجره(2).

187 - باب آخر منه في حفظ المال وكراهة الإضاعة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز قال : كانت لإسماعيل بن أبي عبد الله (علیه السّلام) دنانير، وأراد رجلٌ من قريش أن يخرج إلى اليمن، فقال إسماعيل : يا أبتِ إِنَّ فلاناً يريد الخروج إلى اليمن، وعتدي كذا وكذا دينار، أفترى أن أدفعها إليه يبتاع لي بها بضاعة من اليمن؟ فقال أبو عبد الله(علیه السّلام) : يا بنيَّ، أما بلغك أنّه يشرب الخمر؟ فقال إسماعيل: هكذا يقول النّاس، فقال: يا بنيَّ لا تفعل، فعصى إسماعيل أباه ودفع إليه دنانيره فاستهلكها ولم يأته بشيء منها، فخرج إسماعيل وقُضي أن أبا عبد الله (علیه السّلام) حجَّ، وحجّ إسماعيل تلك السنّة، فجعل يطوف بالبيت ويقول : اللّهمَّ أجُرْني وأخلُف عليَّ، فلحقه أبو عبد الله (علیه السّلام) فهمزه بيده من خلفه فقال له : مَه يا بني، فلا والله ما لك على الله [هذا] حجة، ولا لك أن يأجُرَكَ ولا يخلف عليك وقد بلغك أنّه يشرب الخمر فائتمنته، فقال إسماعيل : يا أبتِ إنّي لم أره يشرب الخمر، إنّما سمعت النّاس يقولون ، فقال : يا بنيَّ، إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول في كتابه: «يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ»(3)، يقول : يصدَّق الله ويصدّق للمؤمنين فإذا شهد عندك المؤمنون فصدّقهم، ولا تأتمن شارب الخمر، فإنّ الله عزّ وجل يقول في كتابه : «وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ»(4)، فأيُّ سفيه أسفه من شارب الخمر، إنَّ شارب الخمر لا يُزَوج إذا خطب، ولا يشفّع إذا شفع، ولا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها، لم يكن للّذي ائتمنه على الله أن يأجره ولا يخلف عليه.

2 - عليُّ بن إبراهيم [عن أبيه]، عن محمّد بن عيسى، عن يونس ؛ وعدّة من أصحابنا،

ص: 305


1- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات ح 33 . وفيه : لم يخنك
2- التهذيب 7 نفس الباب ح 32. والحديث ضعيف
3- التوبة/ 61.
4- النساء/ 5 .

عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، جميعاً عن يونس، عن عبد الله بن سنان؛ وابن مسكان عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر (علیه السّلام) : إذا حدَّثتكم بشيء فاسألوني عن كتاب الله، ثمَّ قال في حديثه : إِنَّ الله نهى عن القيل والقال، وفساد المال، وكثرة السّؤال، فقالوا: يا ابن رسول الله ، وأين هذا من كتاب الله؟ قال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ يقول في كتابه : «لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ - الآیة»(1)، وقال : «وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا»(2)وقال(3) : «لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ»(4).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الرّبيع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من ائتمن شارب الخمر على أمانة بعد علمه فيه فليس له على الله ضمان، ولا أجرَ له ولا خلف»(5).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابنا، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال ما أبالي ائتمنتُ خائناً أو مضيّعاً(6).

5 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد عن الوشّاء، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : إنَّ الله عزّ وجل يبغض القيل والقال(7)، وإضاعة المال، وكثرة السؤال(8).

188 - باب ضمان ما يفسد البهائم من الحَرْثِ والزرع

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن هارون بن حمزة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن البقر والغنم والإبل تكون في الرَّعي، فتُفسد

ص: 306


1- النساء / 114 . وتتمة الآية «إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا».
2- النساء / 5
3- المائدة/ 101
4- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات، ح 30
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 29 بدون (فيه) بعد قوله : بعد علمه . وفيه : ولا له أجر ... الخ
6- الحديث ضعيف.
7- قيل : بأن المراد من قوله : القيل والقال : كثرة الكلام مبتدئاً ومجيباً وقيل : المراد به حكاية أقوال الناس والبحث عما لا يعنيه، وقيل : المراد به فضول ما يدور بين المتجالسين من الحديث من قولهم قيل كذا وقال كذا.
8- الحديث ضعيف.

شيئاً، هل عليها ضمانُ؟ فقال : إن أفسدت نهاراً فليس عليها ضمان، من أجل أنَّ أصحابه يحفظونه، وإن أفسدت ليلاً ، فإنَّ عليها ضماناً(1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن المعلّى أبي عثمان، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلَّ : «وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ»(2)فقال : لا يكون النفش إلّا بالليل، إنَّ على صاحب الحرث أن يحفظ الحرث بالنهار، وليس على صاحب الماشية حفظ الماشية بالنهار، وإنّما رعيها بالنّهار وأرزاقها، فما أفسدت فليس عليها، وعلى أصحاب الماشية حفظها باللّيل عن حرث النّاس، فما أفسدت باللّيل فقد ضمنوا وهو النفش، وإنَّ داود (علیه السّلام) حكم للّذي أصاب زرعه رقاب الغنم، وحكم سليمان (علیه السّلام) الرّسلَ والثَّلَّةَ، وهو ا اللّبن والصّوف في ذلك العام(3).

3 - أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قلت له : قول الله عزّ وجلّ : «وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ»، قلت حين حكما في الحرث كانت قضيّة واحدة؟ فقال :

: إنّه كان أوحى الله عزَّ وجلَّ إلى النبيّين قبل داوود إلى أن بعث الله داوود : أيّ غنم نَفَشَت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم، ولا يكون النفش إلّا باللّيل، فإنَّ على صاحب الزَّرع أن يحفظه بالنّهار، وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم باللّيل، فحكم داوود (علیه السّلام) بما حکمت به الأنبياء (علیه السّلام) من قبله، وأوحى الله عزَّ وجلَّ إلى سليمان (علیه السّلام) : أيُّ غنم نقشت في زرع فليس لصاحب الزّرع إلّا ما خرج من بطونها، وكذلك جرت السّنّة بعد سليمان (علیه السّلام) وهو قول الله تعالى : «وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا»(4)فحكم كلُّ واحد منهما بحكم الله عزَّ وجلَّ(5).

ص: 307


1- التهذيب 7 ، 21 - باب من الزيادات ، ح 1 بتفاوت يسير. يقول المحقق في الشرائع 286/4 : «إذا جنت الماشية على الزرع ليلاً ضمن صاحبها ، ولو كان نهاراً لم يضمن ، ومستند ذلك رواية السكوني وفيه ،ضعف وهارون بن حمزة وأبي بصير، والأقرب اشتراط التفريط في موضع الضمان ليلا كان أو نهاراً»
2- الأنبياء / 78
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 2 بتفاوت
4- الأنبياء / 79
5- التهذيب ،7 21 - باب من الزيادات، ح 3 .

189 - باب آخر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن زرارة؛ وأبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قضى أمير المؤمنين صلوات الله عليه في رجل كان له غلام فاستأجره منه صائغ أو غيره، قال : إن كان ضيّع شيئاً، أو أبق منه، فمواليه ضامنون(1).

2 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن وهب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : من استعار عبداً مملوكاً لقوم فَعِيبَ فهو ضامن ومن استعار حرّاً صغيراً فَعِيبَ فهو ضامن(2).

190 - باب المملوك يَتَّجِرُ فيقع عليه الدَّيْن

1 - بعض أصحابنا، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى ، عن ظريف الأكفانيِّ قال : كان أذن لغلام له في الشراء والبيع، فأفلس ولزمه دَين، فأخذ بذلك الدِّين الّذي عليه، وليس يساوي ثمنه ما عليه من الدِّين، فسأل أبا عبد الله (علیه السّلام) فقال : إن بعتَه لزمك الدِّين، وإن أعتقته لم يلزمك الدَّين، فاعْتَقَهُ فلم يلزمه شيء (3).

2 - حمید بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن رجل مات وترك عليه ديناً، وترك عبداً له مال في التجارة، وولداً، وفي يد العبد مال ومتاع وعليه دين استدانه العبد في حياة سيّده في تجارته، وإنَّ الورثة وغرماء الميّت اختصموا فيما في يد العبد من المال والمتاع، وفي رقبة العبد؟ فقال: أرى أن ليس للورثة سبيل على رقبة العبد، ولا على ما في يده من المتاع والمال، إلّا أن يضمنوا دين الغرماء جميعاً، فيكون العبد وما في يده من المال للورثة، فإن أَبَوا، كان العبد وما في يده للغرماء، يقوّم

ص: 308


1- التهذيب 7 ، 20 - باب الإجارات ، ح 18
2- التهذيب 7، 17 - باب العارية، ح 17. الاستبصار 3، 83 - باب أن العارية غير مضمونة ، ح 5
3- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها ، ح 68 . الاستبصار ،3 8 - باب المملوك يقع عليه الدين، ح 1 بتفاوت يسير فيهما، هذا ويقول الشهيدان رحمهما الله في كتاب الدين من كتابهما : «دين العبد لا يجوز له التصرف فيه ولا فيما بيده من الأموال إلا بإذن السيد سواء قلنا بملكه أم أحلناه ، فلو استدان بإذنه أو إجازته فعلى المولى وإن أعتقه ، وقيل : يتبع به مع العتق استناداً إلى رواية لا تنهض حجة فيما خالف القواعد الشرعية فإن العبد بمنزلة الوكيل وإنفاقه علي نفسه وتجارته بإذن المولى إنفاق لمال المولى فيلزمه كما لو لم يعتق، ولو كانت الاستدانة للمولى فهو عليه قولا واحداً ...» وراجع في نفس المسألة الشرائع للمحقق 70/2.

العبد وما في يده من المال، ثمَّ يقسم ذلك بينهم بالحصص، فإن عجزت قيمة العبد وما في يده عن أموال الغرماء، رجعوا على الورثة فيما بقي لهم إن كان الميّت ترك شيئاً، قال : وإن فضل من قيمة العبد وما كان في يده عن دين الغرماء، رُدَّ على الورثة(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قلت له : رجل يأذن لمملوكه في التجارة فيصير عليه دين؟ قال: إن كان أذن له أن يستدين، فالدِّين على مولاه، وإن لم يكن أذن له أن يستدين ، فلا شيء على المولى، ويُسْتَسْعى العبد في الدِّين(2).

191- باب النوادر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليِّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) : قال : اختصم إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) رجلان، اشترى أحدهما من الآخر بعيراً، واستثنى البائع الرّأس والجلد، ثمَّ بَدَا للمشتري أن يبيعه، فقال للمشتري: هو شريكك في البعير على قدر الرّأس والجلد(3).

2 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن أحمد بن حمّاد قال : أخبرني محمّد بن مرازم، عن أبيه(4)أو عمّه قال : شهدت أبا عبد الله (علیه السّلام) وهو يحاسب وكيلاً له، والوكيل يكثر أن يقول : والله ما خنت والله ما خنت، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا هذا، خيانتك وتضييعك عليَّ مالي سواء، لأنَّ الخيانة شرُّها عليك ثمَّ قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : لو أنَّ أحدكم هرب من رزقه لَتَبِعَه حتّى يدركه، كما أنّه إن هرب من أجَله تبعه حتّى يدركه، من خان خيانة حُسِبَت عليه من رزقه وكُتِبَ عليه وِزْرُها.

ص: 309


1- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها، ح 69. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير جداً فيهما.
2- التهذيب 6، نفس الباب، ح 70 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 3 . قال المحقق في الشرائع 70/1 : ولو أذِنَ (أي المولي) له (أي للعبد) في التجارة دون الاستدانة فاستدان وتلف المال كان لازماً لذمة العبد ، وقيل : يُستسعى فيه معجلا ، ولو لم يأذن له في التجارة ولا الاستدانة فاستدان وتلف المال كان لازماً لذمته يتبع به دون المولى»
3- التهذيب 7، 6 - باب ابتياع الحيوان ، ح 64 . وقد علّقنا سابقاً على مثل هذه الصورة من الاستثناء في بيع الحيوان فراجع التعليقة على الحديث 4 من الباب 181 من هذا الجزء
4- الشك من الراوي.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي عمارة الطيّار(1)قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّه قد ذهب مالي، وتفرَّق ما في يدي، وعيالي كثيرٌ؟ فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : إذا قدِمْتَ الكوفة، فافتح باب حانوتك وابسط بساطك وضع ميزانك وتعرَّض الرزق ربّك، قال : فلمّا أن قَدِمَ فتح باب حانوته وبسط بساطه ووضع ميزانه، قال : فتعجّب مَنْ حوله بأن ليس في بيته قليل ولا كثير من المتاع ولا عنده شيء، قال : فجاءه رجلُ فقال : اشتر لي ثوباً، قال : فاشترى له وأخذ ثمنه وصار الثمن إليه، ثمَّ جاءه آخر فقال له : اشتر لي ثوباً، قال : فطلب له في السّوق ثمَّ اشترى له ثوباً فأخذ ثمنه فصار في يده، وكذلك يصنع التّجار يأخذ بعضهم من بعض، ثمَّ جاءه رجل آخر فقال له : يا أبا عمارة، إنَّ عندي عِدْلاً من كتّان، فهل تشتريه وأؤخّرك بثمنه سنة ؟ فقال : نعم احمله وجئني به قال: فحمله فاشتراه منه بتأخير سنة، قال : فقام الرّجل فذهب، ثمَّ أتاه آت من أهل السّوق فقال له : يا أبا عمارة ما هذا العِدْل؟ قال : هذا عِدْلُ اشتريته، قال فبعني نصفه وأعجّل لك ثمنه، قال: نعم، فاشتراه منه وأعطاه نصف المتاع وأخذ نصف الثمن، قال : فصار في يده الباقي (2)إلى سنة، قال: فجعل يشتري، بثمنه الثّوب والثوبين ويعرض ويشتري ويبيع، حتّى أثرى وعرض وجهه(3)، وأصاب معروفاً(4).

4 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن محمّد بن سنان، عن أبي جعفر الأحول قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : أيُّ شيء معاشك؟ قال : قلت : غلامان لي وجَمَلان، قال : فقال : استَتِر بذلك من إخوانك، فإنّهم إن لم يضرُّوك لم ينفعوك(5).

5 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن بعض أصحابنا، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : من النّاس من رزقه في التّجارة، ومنهم من رزفه في السيف، ومنهم من رزقه في لسانه(6).

ص: 310


1- في التهذيب : عن أبي عمارة بن الطيّار.
2- يعني نصف المتاع.
3- كناية عن صيرورته من أهل الوجاهة بين الناس
4- التهذيب 7، 10 - باب فضل التجارة وآدابها و ...، ح 13 بتفاوت والحديث مجهول. والعِدل: نصف الحمل ، والجمع عدول وأعدال. ويقول الشهيد الأول في الدروس: «يستحب التعرض للرزق وإن لم يكن له بضاعة كثيرة، فيفتح بابه ويبسط بساطه ...».
5- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات ، ح 15 . والحديث ضعيف على المشهور، وقد فهم الشهيد رضوان الله عليه من الحديث استحباب كتمان المال ولو من الإخوان، كما ذكره في الدروس.
6- في لسانه كالمعلمين والشعراء وبعض الخطباء. وسوف يأتي الحديث بتفاوت يسير وسند آخر برقم 45 من الباب

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنّى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : من ضاق عليه المعاش - أو(1)قال : الرّزق -، فليشتر صغار (2)وليبع كباراً .

وروى عنه أنه قال (علیه السّلام) : من أعيته الحيلة فليعالج الكرسف.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن محمّد بن فضيل، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : كلُّ ما افتتح به الرَّجل رزقه(3) فهو تجارة .

8- محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن منصور بن العبّاس، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن الحسين بن ميّاح، عن أميّة بن عمرو، عن الشعيريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (علیه السّلام) يقول : إذا نادى المنادي فليس لك أن تزيد، وإنّما يحرِّم الزيادة النداء ويُحلّها السكوت(4).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد أو غيره، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبديّ، عن عبد الله بن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : من زرع حنطة في أرض فلم يَزْكُ زرعه، أو خرج زرعه كثير الشعير، فيظلم عمله في ملك رقبة الأرض، أو بظلم المزارعيه وأكَرَتِهِ، لأن الله عزّ وجلَّ يقول : «فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ»(5)، يعني لحوم الإبل والبقر والغنم، وقال : إنَّ إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل هيّج عليه وجع الخاصرة، فحرَّم على نفسه لحم الإبل، وذلك قبل أن تنزّل التوراة، فلمّا نزلت التوراة لم يحرِّمه ولم يأكله(6).

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن جعفر بن محمّد بن أبي الصباح(7)، عن أبيه، عن جدّه قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : فتي صادَقَتهُ جارية فدفعت إليه أربعة آلاف درهم، ثمَّ قالت له : إذا فسد بيني وبينك ردَّ عليَّ هذه الأربعة آلاف،

ص: 311


1- الشك من الراوي
2- أي الحيوانات الصغيرة السن فيربّيها ويبيعها بعد أن تكبر . ويمكن أن يقصد الأعم من صغار الحيوان كالنبت الصغير فيغرسه في وعاء حتى يكبر ثم يبيعه وهكذا.
3- أي مما هو مشروع من الأعيان والمعاملات، سواء كانت بيعاً وشراءاً أو غيرهما كالصناعة والكتابة و ... الخ
4- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات ح14. الفقيه 3، 81 - باب النداء على المبيع ، ح ا بتفاوت وقد حمله أصحابنا على الكراهة، وذكروه في آداب التجارة، والمقصود بنداء المنادي؛ نداء الدلال على السلعة. ونفى ابن إدريس الكراهة .
5- النساء/ 160
6- الحديث ضعيف والضمير في : لم يحرمه ولم يأكله (في ذيل الحديث) يرجع إلى موسى (علیه السّلام) .
7- في التهذيب : عن جعفر بن محمد، عن أبي الصباح

فعمل بها الفتى وربح، ثمَّ إنَّ الفتى تزوج وأراد أن يتوب، كيف يصنع ؟ قال : يردُّ عليها الأربعة آلاف درهم، والربح له(1).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن يؤكل ما تحمل النملة بفيها وقوائمها(2).

12 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : حيلة الرَّجل في باب مكسبه(3).

13 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الرُّباطيّ(4)، عن الصبّاح مولى آل سام، عن جابر قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل صادقته امرأة فأعطته مالاً، فمكث في يده ما شاء الله، ثمَّ إنّه بعدُ خرج منه؟ قال : يردُّ إليها ما أخذ منها، وإن كان فضل فهو له(5).

14 - محمّد بن يحيى قال : كتب محمّد (6)إلى أبي محمّد (علیه السّلام): رجل يكون له على رجل مائة درهم، فيلزمه فيقول له : أنصرف إليك إلى عشرة أيّام وأقضي حاجتك، فإن لم أنصرف فلك عليَّ ألف درهم حالّة من غير شرط، وأشهد بذلك عليه، ثمَّ دعاهم إلى الشهادة؟ فوقع (علیه السّلام) : لا ينبغي لهم أن يشهدوا إلّا بالحقّ، ولا ينبغي لصاحب الدّين أن يأخذ إلّا الحقَّ إن شاء الله(7).

15 - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن يحيى الحلبيّ عن الثماليّ قال: مررت مع أبي عبد الله (علیه السّلام) في سوق النحاس فقلت: جُعِلْت فِداك، هذا النحاس، أيُّ شيء أصله؟ فقال : فضّة، إلّا أنّ الأرض أفسدتها، فمن قدر

ص: 312


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 19.
2- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ح 253 . وفيه : ما تحمله
3- أي عمدة حيل الناس وتدابيرهم في أبواب مكاسبهم مع أنه ينبغي أن يكون في إصلاح آخرتهم ... الخ » مرآة المجلسي 421/19
4- هو علي بن الحسن بن رباط
5- التهذيب 6، نفس الباب، ح 247. بتفاوت يسير. والحديث مجهول ، وقد دل الحديث على جواز أكل ربح مال أقرضه إنسان لآخر لغرض محرّم وأنه لا يصير بذلك سبباً لحرمة الربح .
6- يعني محمد بن الحسن الصفّار
7- التهذيب 6، 81 - باب الديون وأحكامها، ح 40. وفيه : كتبت إلى الأخير (عليه السلام) . والمقصود به الإمام أبو محمد الحسن العسكري (علیه السّلام).

على أن يُخرج الفساد منها انتفع بها(1).

16 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الملك بن عتبة قال :قلت لا أزال أعطي الرّجل المال فيقول : قد هلك أو ذهب، فما عندك حيلة تحتالها لي؟ فقال : أعط الرَّجل ألف درهم وأَقرضها إيّاه، وأعطه عشرين درهماً يعمل بالمال كلّه، وتقول : هذا رأس مالي، وهذا رأس مالك، فما أصبت منهما جميعاً فهو بيني وبينك، فسألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن ذلك، فقال: لا بأس به.

17 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل، عن بعض أصحابنا، قال: شكونا إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) ذهاب ثيابنا عند القصّارين، فقال: اكتبوا عليها: بركة لنا ففعلنا ذلك، فما ذهب لنا بعد ذلك ثوب .

18 - محمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن الخيبريّ، عن الحسين بن ثوير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا أصابتكم مجاعة فاعبثوا بالزبيب(2).

19 - وعنه، عن محمّد بن أحمد عن السنديِّ بن محمّد، عن أبي البختريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : لا يحلّ منع الملح والنار.

20 - عنه، عن موسى بن جعفر البغداديّ، عن عبيد الله بن عبد الله، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: كان للنبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) خليط في الجاهليّة، فلمّا بعث (علیه السّلام)، لقيه خليطه، فقال للنبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) : جزاك الله من خليط خيراً، فقد كنت تواتي (3)ولا تماري ، فقال له النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : وأنت فجزاك الله من خليط خيراً، فإنّك لم

ص: 313


1- الحديث ضعيف، وقد روى الشيخ في التهذيب 7، 18 - باب الشركة والمضاربة ، ح 18 عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن الجهم عن ثعلبة ، عن عبد الملك بن عتبة قال : سألت بعض هؤلاء - يعني أبا يوسف وأبا حنيفة . فقلت : إني لا أزال أدفع المال مضاربة إلى الرجل فيقول : قد ضاع أو قد ذهب؟ قال فادفع إليه أكثره قرضاً والباقي مضاربة ، فسألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن ذلك فقال : يجوز . ورواه أيضاً في الاستبصار 3، 84 - باب أن المضارب - يكون له الربح بحسب . ، ح 5. وعلى رواية التهذيب هذه، تدل على جواز المضاربة مع الشركة وتفاوت الربح وعلى رواية الفروع فالظاهر أنه شركة بناء على عدم لزوم كون الربح فيها بنسبة المالين - كما هو مذهب بعض أصحابنا
2- التهذيب 7 ، 13 - باب التلقي والحكرة، ح 28 . وفيه : فاعتنوا...، بدل فاعبثوا...، والعيث : - هنا - كناية عن تناوله والأكل منه قليلا قليلا.
3- أي تطاوع وتوافق.

تکن تردَّ ریحاً ولا تمسک ضرساً.

21 - عليُّ بن إبراهيم [عن أبيه] عن عليّ بن محمّد القاسانيّ، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن رجل عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل من المسلمين أودعه رجلٌ من اللّصوص دراهم أو متاعاً، واللّص مسلم، هل يردُّ عليه؟ قال : لا يردُّ عليه ، فإن أمكنه أن يردَّ على صاحبه فعل، وإلّا كان في يده بمنزلة اللّقطة يصيبها فيعرّفها حولاً، فإن أصاب صاحبها ردّها عليه وإلّا تصدِّق بها، فإن جاء صاحبها بعد ذلك خيّره بين الأجر والغرم، فإن اختار الأجر فله الأجر، وإن اختار ،الغرم غرم له وكان الأجر له(1).

22 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن قال: سألت عبداً صالحاً فقلت : جُعِلْتُ فداك، كنا مرافقين لقوم بمكّة، فارتحلنا عنهم وحملنا بعض متاعهم بغير علم، وقد ذهب القوم، ولا نعرفهم ولا نعرف أوطانهم، فقد بقي المتاع عندنا، فما نصنع به؟ قال : فقال : تحملونه حتّى تلحقوهم بالكوفة، فقال يونس : قلت له : لست أعرفهم، ولا ندري كيف نسأل عنهم؟ قال : فقال : بِعه، وأَعط ثمنه أصحابك، قال : فقلت: جُعِلْتُ فِداك، أهل الولاية؟ قال : فقال : نعم(2).

23 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائد، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سأله ذريح المحاربيّ عن المملوك يأخذ اللّقطة؟ قال : وما للمملوك واللّقطة، لا يملك من نفسه شيئاً، فلا يَعرض لها المملوك، فإنّه ينبغي له أن يعرّفها سنة، فإن جاء طالبها دفعها إليه، وإلّا كانت في ماله فإن مات كان ميراثاً لولده ولمن ورثه، فإن لم يجيء لها طالبٌ، كانت في أموالهم هي لهم وإن جاء طالبها دفعوها إليه(3).

ص: 314


1- التهذيب 7، 16 - باب الوديعة ، ح . . الاستبصار 3 ، 82 - باب وجوب رد الوديعة إلى كل أحد ، ح 2 . الفقيه 3 ، 91 - باب ما يكون حكمه حكم اللقطة ، ح 1 . كما ذكره الشيخ رحمه الله برقم 31 من الباب 94 من الجزء 6 من التهذيب. قال المحقق في الشرائع 164/2 - 165: «وتجب إعادة الوديعة على المودع مع المطالبة ولو كان كافراً، إلا أن يكون المودع غاصباً لها فيمنع منها ، ولومات فطلبها وارثه وجب الإنكار ، ويجب إعادتها على المغصوب منه إن عُرِف، وإن جُهِل عُرّفت سنة ، ثم جاز التصدق بها عن المالك، ويضمن المتصدّق إن كره صاحبها، ولو كان الغاصب مزجها بماله ثم أودع الجميع، فإن أمكن المستودع تمييز المالين، رد عليه ماله ومنع الآخر، وإن لم يمكن تمييزهما وجب إعادتهما على الغاصب» .
2- الحديث صحيح .
3- التهذيب 6، 94 - باب اللقطة والضالة ، ح 37 الفقيه 3 ، 90 - باب اللقطة والضالة . ح 8 بتفاوت في الجميع الاستبصار 3 ، 41 - باب اللقطة ، ح 7 . وقد دل الحديث على أنه ليس للحر أن يأخذ اللقطة، ولكن الشيخ رحمه الله اختار خلاف ذلك، وكذلك المحقق في الشرائع 294/3 حيث قال : «وللعبد أخذ كل واحدة من اللقطتين - أي لقطة الحرم ولقطة الحلّ .... واختار الشيخ الجواز، وهو أشبه، لأن له أهلية الاستيمان والاكتساب وكذا المدبّر وأم الولد والجواز أظهر في طرف المكاتب لأن له أهلية التملك . وهذا ما ذهب إليه الشهيدان رحمهما الله في اللمعة والروضة أيضاً فراجع وأبو خديجة : هو سالم بن مكرم».

24 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عن الكشوف - وهو أن تضرب الناقة وولدها طفل-، إلّا أن يتصدِّق بولدها أو يُذبح، ونهى أن يُنزى حمار على عتيقة(1).

25 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن الحسين اللّؤلؤيّ، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : كان رجل من أصحابنا بالمدينة، فضاق ضيفاً شديداً واشتدَّت حاله، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : اذهب فخذ حانوتاً في السوق، وابسط بساطاً، وليكن عندك جرَّة من ماء، وألزَم باب حانوتك، قال : ففعل الرّجل، فمكث ما شاء الله، قال: ثمَّ قدمت رفقة من مصر فألقوا متاعهم، كلُّ رجل منهم عند معرفته (2)وعند صديقه، حتّى ملأوا الحوانيت وبقي رجلٌ منهم لم يُصِبْ حانوتاً يلقي فيه متاعه، فقال له أهل السوق: ههنا رجلُ ليس به بأس، وليس في حانوته متاع، فلو ألقيت متاعك في حانوته، فذهب إليه فقال له : اُلقي متاعي في حانوتك؟ فقال له : نعم، فألقى متاعه في حانوته، وجعل يبيع متاعه الأوّل فالأوَّل، حتّى إذا حضر خروج الرُّفقة، بقي عند الرَّجل شيء يسير من متاعه، فكره المقام عليه، فقال الصاحبنا : أخلف هذا المتاع عندك تبيعه وتبعث إليَّ بثمنه؟ قال: فقال: نعم، فخرجت الرُّفقة وخرج الرّجل معهم وخلّف المتاع عنده، فباعه صاحبنا وبعث بثمنه إليه، قال : فلمّا أن تهيّاً خروج رفقة مصر من مصر، بعث إله ببضاعة وردَّ إليه ثمنها، فلمّا رأى ذلك الرَّجل، أقام بمصر، وجعل يبعث إليه بالمتاع ويجهّز عليه، قال فأصاب وكثر ماله وأثرى.

26 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن عبد الحميد بن عوّاض الطائي قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي اتّخذت رحا فيها مجلسي، ويجلس إليَّ فيها أصحابي؟ فقال : ذاك رفق الله عزَّ وجلَّ(3).

ص: 315


1- التهذيب 7، 93 - باب المكاسب، ح 226 . الاستبصار 3، 32 - باب كراهة أن ينزا حمار على عتيق، ح 1 وروي ذيل الحديث فقط بتفاوت يسير فيهما. وقوله : أن تضرب الناقة : أي يضربها فحل بأن ينزى عليها، والعتيق جمعه عتاق وهو من الخيل النجيب.
2- أي عند من يعرفه .
3- الفقيه 3، 58 - باب المعايش والمكاسب و... ، ح 34، قوله (علیه السّلام) : ذاك رفق الله ... ؛ أي أن تلك الرحى تستعين بها على دنياك، وأولئك الأصحاب تستعين بهم دنياك وآخرتك لمن فضل الله عليك ولطفه بك .

27 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لَجُلُوسُ الرّجل في دبر صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، أنفذ في طلب الرّزق من ركوب البحر، فقلت : يكون للرَّجل الحاجة يخاف فوتها؟ فقال : يدلج(1)فيها، وليذكر الله عزّ وجلَّ، فإنّه في تعقيب ما دام على وضوء.

28 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : يأتي على الناس زمان عضوض (2)يعضّ كلَّ امرىءٍ على ما في يديه وينسى الفضل، وقد قال الله عزّ وجلَّ : «وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ»(3)ينبري في ذلك الزَّمان قوم يعاملون المضطرّين، هم شرار الخلق(4).

29 - سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن مرازم، عن رجل، عن إسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : من طلب قليل الرّزق كان ذلك داعية إلى اجتلاب كثير من الرّزق، [ومن ترك قليلا من الرّزق، كان ذلك داعية إلى ذهاب كثير من الرزق](5).

30 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عيسى، عن رجل سمّاه عن الحسين الجمّال قال : شهدت إسحاق بن عمّار يوماً وقد شدَّ كيسه وهو يريد أن يقوم، فجاءه إنسان يطلب دراهم بدينار، فحلَّ الكيس فأعطاه دراهم بدينار، قال : فقلت له : سبحان الله، ما كان فضل هذا الدينار؟ فقال إسحاق : ما فعلت هذا رغبة في فضل الدينار، ولكن سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : من استقلَّ قليل الرّزق حُرِمَ الكثير(6).

31 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن أبي محمّد الغفاريّ، عن عبدالله بن

ص: 316


1- الإدلاج: السير بالليل والمراد هنا السير قبل إسفار الفجر مجازاً
2- زمان عضوض: أي صعب تلحق الناس فيه مشقة وضنك
3- البقرة/ 237
4- التهذيب 7، 1 - باب فضل التجارة و ...، ح 80. وفي سنده زيادة عن أبي أيوب، قبل : عن أبي عبد الله، الاستبصار 3 44 - باب كراهية مبايعة المضطر ، ح 1 وفي سنده : عن أبي تراب، بين معاوية بن وهب وأبي عبدالله (علیه السّلام). وفي الذيل فيهما : الناس، بدل الخلق.
5- الحديث ضعيف على المشهور والمعنى أن قليل الربح قد يكون سبباً لاستنزال الكثير منه، فلا يحتقرنه الإنسان، كما سوف ينص عليه في الخبر التالي.
6- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات، ح 13

إبراهيم، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : من أعيته القدرة فليُرَبّ صغيراً(1)، زعم (2)محمّد بن عيسى أنَّ الغفاريُّ، من ولد أبي ذرّ رضي الله عنه.

32 - أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسي، عن أبي زهرة، عن أمّ الحسن (3)قال : مرَّ بی أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقال : أيُّ شيء تصنعين يا أُمَّ الحسن؟ قلت : أَغزِل : فقال : أما إنّه أحلُ الكسب - أو (4)من أحلّ الكسب -(5).

33 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن أسباط، عمّن حدَّثه، عن جهم بن حميد الرّواسيّ قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إذا رأيت الرَّجل يخرج من ماله في طاعة الله عزَّ وجلَّ، فاعلم أنّه أصابه من حلال، وإذا أخرجه في معصية الله عزّ وجلَّ، فاعلم أنّه أصابه من حرام (6).

34 - أحمد بن محمّد بن عيسى، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت : الرَّجل يخرج ثمَّ يقدم علينا وقد أفاد المال الكثير ، فلا ندري اكتسبه من حلال أو حرام؟ فقال: إذا كان ذلك، فانظر في أيّ وجه يخرج نفقاته، فإن كان ينفق فيما لا ينبغي ممّا يأثم عليه فهو حرامٌ.

35 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) :قال : مرَّ النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) على رجل ومعه ثوب يبيعه، وكان الرَّجل طويلاً والثوب قصيراً ، فقال له : اجلس، فإنّه أَنْفَقُ لسلعتك(7).

36 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : جئت بكتاب إلى أبي أعطانيه إنسان، فأخرجته من كمّي، فقال لي : يا بنيَّ، لا تحمل في كمّك شيئاً، فإنّ الكمّ مِضْياع(8).

37 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «يأتي على الناس زمانٌ يَشْكُونَ فيه ربِّهم»،

ص: 317


1- لقد مر أن المراد صغار الحيوان أو ما يعم النبات وغيره
2- هذا من كلام الراوي أحمد بن محمد.
3- هي النخعية كما النخعية، كما صرح به في التهذيب
4- الشك من الراوي
5- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 248 وفيه الصيغة الأولى
6- الحديث ضعيف
7- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات ح 11
8- التهذيب 7 نفس الباب، ح 12 . وفي سنده : عن أبي القداح، بدل: عن ابن القداح.

قلت : وكيف يشكون فيه ربّهم؟ قال : يقول الرّجل : والله ما ربحت شيئاً منذ كذا وكذا، ولا أكل ولا أشرب إلّا من رأس مالي، ويحكَ، وهل أصل مالك وذروته إلّا من ربّك(1)؟!

38 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: كان على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) مؤمن فقيرٌ شديد الحاجة من أهل الصُّفَّة، وكان ملازماً لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عند مواقيت الصّلاة كلّها لا يفقده في شيء منها، وكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يرقُّ له وينظر إلى حاجته وغربته، فيقول: يا سعد، لوقد جاءني شيءُ لأغنيتُكَ، قال : فأبطأ ذلك على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فاشتد غمُّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لسعد، فعلم الله سبحانه ما دخل على رسول الله من غمه لسعد، فأهبط عليه جبرئيل (علیه السّلام) ومعه در همان فقال له : يا محمّد إنَّ الله قد علم ما قد دخلك من الغمّ لسعد، أفتحبُّ أن تُغنيه؟ فقال : نعم، فقال له : فهاك هذين الدرهمين فأعطهما إيّاه، وُمرهُ أن يَتْجِرَ بهما، قال : فأخذ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ثمَّ خرج إلى صلاة الظهر، وسعد قائم على باب حجرات رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ينتظره، فلمّا رآه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال : يا سعد، أتحسن التجارة؟ فقال له سعد : والله ما أصبحت أملك مالاً أتَّجربِه، فأعطاه النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) الدرهمين وقال له : اتَّجِرْ بهما وتصرّف لرزق الله، فأخذهما سعد ومضى مع النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) حتّى صلّى معه الظهر والعصر، فقال له النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : قم فاطلب الرّزق، فقد كنتُ بحالك مغتمّاً يا سعد، قال: فأقبل سعد لا يشتري بدرهم شيئاً إلّا باعه بدرهمين، ولا يشتري شيئاً بدرهمين إلّا باعه بأربعة دراهم، فأقبلت الدُّنيا على سعد فكثرَ متاعه وماله وعظُمَت تجارته، فاتّخذ على باب المسجد موضعاً وجلس فيه، فجمع تجارته إليه، وكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إذا قام بلال للصلاة، يخرج وسعد مشغول بالدُّنيا لم يتطهّر ولم يتهيّاً كما كان يفعل قبل أن يتشاغل بالدنيا، فكان النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) يقول : يا سعد، شغلتك الدُّنيا عن الصلاة؟! فكان يقول : ما أصنع، أضيّع مالي؟ هذا رجل قد بعته فأُريد أن أستوفي منه، وهذا رجل قد اشتريتُ منه فأريد أن أوفّيه، قال: فدخل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) من أمر سعد غمُّ أشدُّ من غمّه بفقره ، فهبط عليه حبرئيل (علیه السّلام) فقال: يا محمّد، إنَّ الله قد علم غمّك بسعد فأيّما(2)أحبُّ إليك، حاله الأولى، أو حاله هذه؟ فقال له النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) : يا جبرئيل، بل حاله الأُولى، قد أذهبت دنياه بآخرته، فقال له جبرئيل (علیه السّلام) : انَّ حبَّ الدُّنيا والأموال فتنة ومشغلة عن الآخرة، قل لسعد يردُّ عليك الدّرهمين اللّذين دفعتهما

ص: 318


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 10 . وقد نص الشهيد الأول في الدروس على كراهة الشكاية من قلة الربح.
2- يعني : فأيهما

إليه، فإنَّ أمره سيصير إلى الحالة الّتي كان عليها أوّلاً، قال : فخرج النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) فمرَّ بسعد، فقال له يا سعد : أما تريد أن تردَّ عليّ الدرهمين اللّذين أعطيتكهما؟ فقال سعد : بلى، ومائتين، فقال له : لست أريد منك يا سعد إلّا الدّرهمين، فأعطاه سعد درهمين، قال : فأدبرت الدُّنيا على سعد حتّى ذهب ما كان جمع، وعاد إلى حاله الّتي كان عليها(1).

39 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كلُّ شيء يكون فيه حلالٌ وحرام، فهو حلال لك أبداً حتى أن تعرف الحرام منه بعَينه فَتَدَعَهُ(2).

40 - عليُّ بن إبراهيم [عن أبيه] عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن عبد الله (عیه السّلام) قال : سمعته يقول : كلَّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قِبل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون قد اشتريته وهو سرقة، أو المملوك عندك ولعلّه حرّ قد باع نفسه، أو خُدع فَبِيعَ أو قُهِر، أو امرأة تحتك وهي أُختك أو رضيعتك، والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك، أو تقوم به البيّنة(3).

41 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الهيثم بن أبي مسروق النهديّ، عن موسى بن عمر بن بزيع قال : قلت للرّضا (علیه السّلام): جُعِلْتُ فداك، إِنَّ الناس رووا أَنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره، فكذا كان يفعل؟ قال : فقال : نعم، وأنا أفعله كثيراً، فأفعله، ثمَّ قال لي : أما إنّه أرزق لك(4).

42 - عنه، عن العبّاس بن عامر، عن أبي عبد الرّحمن المسعوديّ، عن حفص بن عمر البجلّي قال : شكوت إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) حالي وانتشار أمري عَلَيَّ، قال: فقال لي: إذا قدمت الكوفة، فبع وِسادةً من بيتك بعشرة دراهم، وادع إخوانك وأعدَّ لهم طعاماً وسَلْهم يدعون الله لك، قال: ففعلت وما أمكنني ذلك حتّى بعت وسادة واتّخذت طعاماً كما أمرني وسألتهم أن يدعو الله لي، فقال : فوالله ما مكثت إلّا قليلاً حتّى أتاني غريم لي فدقّ الباب عليَّ وصالحني

ص: 319


1- الحديث صحيح
2- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات، ح 8، والحديث صحيح. وقد استدل به أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الأصل في الأشياء الإباحة والحِلّ.
3- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات، ح 9 وفي سنده : عن علي بن إبراهيم عن هارون ... الخ . وما في الفروع هو الصحيح بملاحظة سائر الروايات والكلام فيه كسابقه.
4- التهذيب 7 نفس الباب ح . والحديث ضعيف. ويقول الشهيد في الدروس: يستحب لطالب الرزق الرجوع بغير الطريق الذي خرج به فإنه أرزق له.

من مال لي كثير كنت أحسبه نحواً من عشرة آلاف درهم، قال : ثمَّ أَقْبَلَت الأشياء عليَّ(1).

43 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن سماعة قال: قال أبو عبد الله صلوات الله عليه : ليس بوليّ لي من أكل مال مؤمن حراماً.

44 - محمّد بن جعفر أبو العبّاس الكوفيُّ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد؛ وعليُّ بن إبراهيم، جميعاً عن عليِّ بن محمّد القاسانيّ قال : كتبت إليه - يعني أبا الحسن الثالث (علیه السّلام) -، وأنا بالمدينة سنة إحدى وثلاثين ومائتين : جُعِلْتُ فِداك رجل أمر رجلاً يشتري له متاعاً أو غير ذلك، فاشتراه فسُرق منه أو قطع عليه الطريق، من مال من ذهب المتاع، من مال الأمر أو من مال المأمور؟ فكتب سلام الله عليه : من مال الأمر(2).

45 - عدّة من أصحابنا؛ عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أُخت الوليد بن صبيح، عن خاله الوليد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ من الناس من جُعل رزقه في السّيف، ومنهم من جعل رزقه في التّجارة، ومنهم من جعل رزقه في لسانه(3).

46 - سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن إبراهيم بن صالح، عن رجل من الجعفرييّن قال : كان بالمدينة رجل يكنّى أبا القمقام، وكان محارَفاً(4)، فأتى أبا الحسن (علیه السّلام) فشكا إليه حرفته، وأخبره أنّه لا يتوجّه في حاجة فيقضى له، فقال له أبو الحسن (علیه السّلام) : قل في آخر دعائك من صلاة الفجر: «سبحان الله العظيم، أستغفر الله وأسأله من فضله» - عشر مرَّات، قال أبو القمقام: فلزمت ذلك، فوالله ما لبثت إلّا قليلاً حتّى ورد عليَّ قوم من البادية، فأخبروني أنَّ رجلاً من قومي مات ولم يُعرف له وارث غيري، فانطلقت فقبضت ميراثه، وأنا مستغنٍ.

47 - عنه، عن ابن محبوب، عن سعدان، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا تَمَانَعوا قرض الخمير والخبر واقتباسَ النّار، فإنّه يجلب الرّزق على أهل البيت، مع ما فيه من مكارم الأخلاق.

48 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عمّن حدَّثه، عن

ص: 320


1- الحديث مجهول
2- التهذيب 7 نفس الباب ح 5
3- مر بتفاوت واختلاف في بعض السند برقم 5 من هذا الباب وعلّقنا عليه هناك.
4- المحارَف: هو الذي يطلب الرزق فلا يعطاه .

عمرو بن أبي المقدام، عن الحارث بن حضيرة الأزديّ(1)قال : وجد رجلٌ رِكازاً على عهد أمير المؤمنين (علیه السّلام)، فابتاعه أبي منه بثلاثمائة درهم ومائة شاة مُتبع، فلامته أمّي وقالت: أخذت هذه بثلاثمائة شاة أولادها مائة، وأنفسها مائة، وما في بطونها مائة؟ قال : فندم أبي ، فانطلق ليستقيله فأبى عليه الرّجل، فقال : خذ منّي عشر شياه، خذ منّي عشرين شاة، فأعياه، فأخذ أبي الرّكاز وأخرج منه قيمة ألف شاة، فأتاه الآخر فقال: خذ غنمك وآتِني ما شئت، فأبى، فعالجه فأعياه، فقال : لأضرَّنَّ بك فأستعدى إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) على أبي، فلمّا قصَّ أبي على أمير المؤمنين صلوات الله عليه أمره، قال لصاحب الزّكاز: أدّ خمس ما أخذت، فإنَّ الخمس عليك، فإنّك أنت الّذي وجدت الرّكاز، وليس على الآخر شيء، لأنّه إنّما أخذ ثمن غنمه(2).

49 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل رجلٌ له مال على رجل من قِبَل عِينَة عيّنها إيّاه، فلمّا حلّ عليه المال، لم يكن عنده ما يعطيه، فأراد أن يقلب عليه ويربح، أيبيعه لؤلؤاً وغير ذلک ما یسوی مائة درهم بألف درهم ويؤخّره؟ قال : لا بأس بذلك، قد فعل ذلك أبي رضي الله عنه، وأمرني أن أفعل ذلك في شيء كان عليه)(3).

50 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن سليمان، عن أحمد بن الفضل [عن] أبي عمرو الحذّاء قال : ساءت حالي، فكتبت إلى أبي جعفر (علیه السّلام) فكتب إليَّ : أدم قراءة «إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ»(4)، فقال : فقرأتها حَوْلاً فلم أر شيئاً، فكتبت إليه أخبره بسوء حالي، وأنّي قد قرأت «إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ» حَوْلاً كما أمرتني، ولم أرشيئاً، قال : فكتب إليَّ : قد وفى لك الحول، فانتقل منها إلى قِراءة : «إنّا أنزلناه»، قال : ففعلت فما كان إلّا يسيراً، حتّى بعث إليَّ ابن أبي داود، فقضى عنّي دَيني وأجرى عليَّ وعلى عبالي، ووجّهني إلى

ص: 321


1- في التهذيب: عن الحارث بن الحارث الأزدي
2- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات، ح 6 . «قوله : وما في بطونها مائة أي إن حملت إذ ليس مأخوذاً في الشرط. وقال في النهاية بقرة متبع، معها ولدها ... والخبر يدل على أن من وجد كنزاً وباعه يلزمه الخمس في ذمته ويصح البيع وهذا إما مبني على أن الخمس لا يتعلق بالعين وهو خلاف مدلولات الآيات والأخبار، وظواهر كلام الأصحاب، أو على أن بالبيع ينتقل إلى الذمة وفيه أيضاً إشكال ويمكن أن يقال إنه مؤيد لما ذهب إليه بعض الأصحاب من إباحة المتاجر في زمان حضور الإمام وغيبته ... ويمكن أن يقال : لمّا كان الخمس حقّه (علیه السّلام) أجاز البيع في حقه وطلب الثمن بنسبة حقه من البايع، وعلى التقادير تطبيقه على أصول الأصحاب لا يخلو من إشكال، ولولا ضعف الخبر لتعيّن العمل به، والله تعالى يعلم مرآة المجلسي 434/19 - 435.
3- الحديث ضعيف
4- نوح/ 1.

البصرة في وكالته بباب كلّاء(1)، وأجرى عليَّ خمسمائة درهم، وكتبت من البصرة على يدي عليِّ بن مهزيار إلى أبي الحسن (علیه السّلام) : إنّي كنت سألت أباك عن كذا وكذا وشكوت إليه كذا وكذا، وإنّي قد نلت الّذي أحببت، فأحببت أن تخبرني يا مولاي كيف أصنع في قراءة «وإنا أنزلناه» أقتصر عليها وحدها في فرائضي وغيرها أم أقرأ معها غيرها؟ أم لها حدّ أعمل به؟ فوقع (علیه السّلام) - وقرأت التوقيع - : لا تدع من القرآن قصيره وطويله، ويجزيك من قراءة «إنّا أنزلناه» يومك وليلتك مائة مرَّة(2).

51 - سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن إسماعيل بن سهل قال : كتبت إلى أبي جعفر صلوات الله عليه : إنّي قد لزمني دين فادح(3)، فكتب: أكثر من الاستغفار، ورطّب لسانك بقراءة «إنا أنزلناه».

52 - سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن الفضل بن كثر المدائنيّ، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه أنّه دخل عليه بعض أصحابه، فرأى عليه قميصاً فيه قَبٌّ(4)قَدْ رَفَعَهُ، فجعل ينظر إليه، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : مالك تنظر؟ فقال له : جُعِلْتُ فِداك، قبٌّ يلقى في قميصك، فقال له : اضرب يدك إلى هذا الكتاب فاقرأ ما فيه - وكان بين يديه كتاب أو قريب منه - فنظر الرَّجل فيه، فإذا فيه : لا إيمان لمن لا حياء له، ولا مال لمن لا تقدير له، ولا جديد لمن لا خلق له(5).

53 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن العبّاس بن معروف، عن رجل، عن مندل بن عليّ العنزيّ، عن محمّد بن مطرف، عن مسمع، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إذا غضب الله على أمّة ولم ينزل بها العذاب(6)، غلت أسعارها، وقصرت أعمارها، ولم تربح تُجارها، ولم تَزْكُ ثمارها، ولم تَغْزُر أنهارها وحبس عنها، أمطارها، وسلّط عليها شرارها»(7).

54 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن

ص: 322


1- اسم محلة بالبصرة، ويحتمل أنه في غيرها.
2- الحديث ضعيف
3- الفادح : الثقيل.
4- القَب : - كما يقول الجوهري : ما يدخل في جيب القميص من الرقاع
5- الحديث ضعيف
6- أي باستئصالها وإهلاكها
7- الحديث مجهول

مصعب بن عبد الله النوفليّ، عمّن رفعه قال : قدم أعرابي بإبل له على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال له : يا رسول الله، بع لي إبلي هذه، فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «لستُ ببيّاع في الأسواق»، قال : فأشِر عليَّ، فقال له : بع هذا الجمل بكذا، وبع هذه النّاقة بكذا، حتّى وصف له كلَّ بعير منها، فخرج الأعرابيُّ إلى السوق فباعها، ثمَّ جاء إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال : والّذي بعثك بالحقِّ، ما زادت درهماً ولا نقصت درهماً ممّا قلت لي، فاستهدني يا رسول الله(1)، قال: لا، قال : بلى يا رسول الله فلم يزل يكلّمه حتّى قال له : اهد لنا ناقة ولا تجعلها وَلَهاً(2).

55 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زكريّا الخزّاز، عن الحذّاء قال : قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : ربّما اشتريت الشيء بحضرة أبي فأرى منه ما أغتَمُّ به؟ فقال تنكّبه، ولا تشتر ،بحضرته، فإذا كان لك على رجل حقّ فقل له فليكتب: وكتب فلان بن فلان بخطّه، وأشهد الله على نفسه وكفى بالله شهيداً، فإنّه يقضى في حياته أو بعد وفاته(3).

56 - سهل بن زياد، عن عليّ بن بلال عن الحسن بن بسّام الجمّال قال : كنت عند إسحاق بن عمّار الصيرفي، فجاء رجلٌ يطلب غِلّة بدينار، وكان قد أغلق باب الحانوت وختم الكيس، فأعطاه غلّة بدينار فقلت له : ويحك يا إسحاق، ربّما حملت لك من السفينة ألف ألف درهم(4)، قال : فقال لي : ترى كان لي هذا(5)، لكنّي سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: من استقلّ قليل الرزق حُرِمَ كثيره، ثمّ التفت إليَّ فقال : يا إسحاق، لا تستقلَّ قليل الرزق فتُحْرَم كثيره(6).

57 - حميد بن زياد، عن عبيد الله بن أحمد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد المنقريّ، عن زرارة عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ من الرزق ما يُيبس الجلد على العظم(7).

ص: 323


1- أي اطلب مني هدية، أو اقبلها مني
2- الحديث مرفوع. والناقة الوَلَه : التي اشتد حزنها على فصيلها بعد أن أبعد عنها وفُصِل
3- الحديث ضعيف.
4- كناية عن سعة حاله وكثرة ماله فما فعله من حلّ الكيس بعد ختمه لبيع درهم غلة بدينار مستهجن من أمثاله
5- يعني شدة الحرص
6- الحديث ضعيف
7- التهذيب 7، 21 - باب من الزيادات، ح 4، قوله (علیه السّلام) : ما يبس ...، أي قد يكون الرزق يحصل لبعض الناس بمشقة شديدة تذيب لحمهم، أو قد يكون قليلا بحيث لا يفي إلا بقوتهم الاضطراري ....» مرآة المجلسي 439/19. وقال رحمه الله عن الحديث : ضعيف .

58 - أحمد بن محمّد العاصميّ، عن عليّ بن الحسن التيميّ، عن عليّ بن أسباط، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ذكرت له مصر، فقال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «اطلبوا بها الرزق ولا تُطيلوا بها المكث»، ثم قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : مصر الحتوف، تقيّض لها قصيرة الأعمار(1).

5 - أحمد بن محمّد العاصميّ، عن محمّد بن أحمد النهديّ، عن محمّد بن عليّ، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرَّة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: أتت الموالي أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقالوا : نشكو إليك هؤلاء العرب، إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)

كان يعطينا معهم العطایا بالسويّة، وزوّج سلمان وبلالاً وصُهَيباً، وأبوا علينا هؤلاء وقالوا: لا نفعل، فذهب إليهم أمير المؤمنين (علیه السّلام) فكلّمهم فيهم، فصاح الأعاريب: أبَينا ذلك يا أبا الحسن، أبَينا ذلك، فخرج وهو مغضب يجرُّ رداءَه وهو يقول : يا معشر الموالي، إنَّ هؤلاء قد صيّروكم بمنزلة اليهود والنصارى، يتزوَّجون إليكم ولا يزوّجونكم، ولا يعطونكم مثل ما يأخذون، فاتّجروا بارك الله لكم، فإنّي قد سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يقول : «الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء في التجارة، وواحد في غيرها»(2).

تمَّ كتاب المعيشة من كتاب الكافي ويتلوه كتاب النكاح، والحمد لله فالق الإصباح.

ص: 324


1- الحديث مرسل
2- الموالي بمعنى العتقاء. وقد يستعمل في غير العرب بالتقابل فيقال : العربي والمولى. والحديث ضعيف.

كتاب النكاح

192 - باب حُبّ النِّساء

1 - عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام): من أخلاق الأنبياء صلّى الله عليهم حُبُّ النساء(1).

2 - محمّد بن يحيى، العطّار عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ما أظنُّ رجلاً يزداد في الإيمان خيراً، إلّا ازداد حباً للنساء (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلّاد قال : سمعت عليّ بن موسى الرّضا (علیه السّلام) يقول : ثلاث من سُنَن المرسلين : العِطْرُ، وأخذُ الشعر، وكثرة الطَّرُوقَة (3).

4 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن سكين النخعي - وكان تعبّد وترك النساء والطيب والطعام - فكتب إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) يسأله عن ذلك، فكتب إليه : أمّا قولك في النساء، فقد علمت ما كان لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) من النساء، وأمّا قولك في الطعام، فكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يأكل اللّحم والعَسَل(4)

ص: 325


1- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج ، ح 19 . والحديث حسن أو موثق .
2- الفقيه 3، 103 - باب حب النساء / ح 2 . والحديث مجهول.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 20. الفقيه 3، 101 - باب فضل التزويج ، ح 2 وفيهما: وإحفاء الشعر، بدل : واخُذ الشعر وإحفاء الشعر : كناية عن المبالغة في أخذه وإزالته . وكثرة الطروقة كناية عن كثرة الجماع والحديث صحيح.
4- الحديث مجهول على الظاهر.

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن أبَان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ما أظنُّ رجلاً يزداد في هذا الأمر خيراً، إلّا ازداد حبّاً للنساء(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «ما أحبُّ من دنياكم إلّا النساء والطيب».

7 - محمّد بن أبي عمير، عن بكار بن كَرْدَم، وغير واحد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «جُعل قرَّة عيني في الصلاة، ولذَّتي في النساء».

8 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عليّ بن حسّان، عن بعض أصحابنا قال: سألنا أبو عبد الله (علیه السّلام) : أيُّ الأشياء الذُّ؟ قال: فقلنا : غير شيء فقال هو (علیه السّلام) : الذِّ

الأشياء مباضعة النساء(2).

9 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «جعل قرَّة عيني فی الصلاة، ولذَّتي في الدنيا ،النساء وريحانَتَيَّ الحسن والحسين»(3).

10 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ، عن الحسن بن أبي قتادة، عن رجل عن جميل بن درّاج قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : ما تلذّذ الناس في الدنيا والآخرة بلّذة أكثر لهم من لذَّة النساء، وهو قول الله عزّ وجلَّ: «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ - إلى آخر الآية -»(4)، ثمَّ قال : وإنَّ أهل الجنّة ما يتلذَّذون بشيء من الجنّة أشهى عندهم من النكاح، لا طعام ولا شراب(5)

193 - باب غلبة النساء

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن سليمان بن جعفر،

ص: 326


1- الحديث مجهول . وقيل : المقصود بقوله : في هذا الأمر؛ يعني التشيّع
2- الحديث ضعيف. والمباضعة، مأخوذ من البضع وهي كناية عن الجماع .
3- الحديث ضعيف
4- آل عمران/ 14. وتتمتها والقناطيرِ المُقَنطَرَةِ من الذهب والفضة والخيلِ المسوّمةِ والأنعام والحَرْثِ ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حُسْنُ المآب
5- الحديث مرسل

الجعفريّ، عمّن ذكره عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): «ما رأيت من ضعیفاتِ الدّين وناقصاتِ العقول أسلبَ لِذِي لُبِّ مِنْكُنَّ»(1).

2 - أحمد بن الحجّال، عن غالب بن عثمان، عن عقبة بن خالد قال : أتيت أبا عبد الله (علیه السّلام)، فخرج إليَّ ثمَّ قال يا عقبة شغلتنا عنك هؤلاء النساء.

194- باب أصناف النساء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) - أو (2). قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه - : النساء أربع : جامع مُجمِع، وربيع مُربَع، وكرب مقمع ، وغُلّ قَمِلٌّ(3).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن الصباح، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج، عن عبد الله بن مصعب الزُّبيريّ قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (علیه السّلام)، وجلسنا إليه في مسجد رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلّم)، فتذاكرنا أمر النساء، فأكثرنا الخوض، وهو ساكت لا يدخل في حديثنا بحرف، فلمّا سكتنا قال: أمّا الحرائر فلا تذكروهنّ، ولكن خير الجواري ما كان لك فيها هوى، وكان لها عقل وأدب، فلستَ تحتاج إلى أن تأمر ولا تنهى، ودون ذلك ما كان لك فيها هوى، وليس لها أدب، فأنت تحتاج إلى الأمر والنهي، ودونها ما كان لك فيها هوى وليس لها عقل ولا أدب، فتصبر عليها لمكان هواك فيها، وجارية ليس لك فيها هوي وليس لها عقل ولا أدب فتجعل فيما بينك وبينها البحر الأخضر . قال : فأخذت بلحيتي أريد أن أضرط فيها لكثرة خوضنا لما لم نقم فيه على شيء، ولجمعه الكلام ، فقال لي : مَه، إن فعلتَ لم أُجالسك(4).

ص: 327


1- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج ، ح 21 بتفاوت يسير الفقيه 3، 111 - باب المذموم من أخلاق النساء. وصفاتهن .. والحديث مرسل . واللبَ: العقل
2- الترديد من الراوي.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 22 . الفقيه 3، 108 - باب أصناف النساء ، ح 1 بتفاوت وسند مختلف والمُربَع : في الأصل الكثير الثمر أو منبته، قال الشريف الرضي في المجازات النبوية ص / 198 - 199 : ومنهن ربيع مربع وغل قبل، وهذا القول ،مجاز، والمراد تشبيه المرأة الحسناء المستونقة بالربيع المزهر والروض المنوّر وتشبيه المرأة الشوهاء المستقلة بالغل الذي يثقل الرقاب ويطوّل العذاب، وجعله عليه الصلاة والسلام قملاً ليكون أعظم لعذابه وأبلغ في مكروه المبتلى به».
4- الحديث ضعيف.

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخيّ قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّ صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة، وقد هممت أن أتزوَّج ؟ فقال لي : أنظر أين تضع نفسك، ومن تشركه في مالك، وتطلعه على دينك وسرّك، فإن كنت لا بدَّ فاعلاً فكراً تُنسب إلى الخير، وإلى حسن الخُلُق، واعلم أنّهنَّ كما قال :

ألا إِنَّ النساء خُلِقْنَ شَتّى *** فمنهنّ الغنيمة والغَرام

ومنهنّ الهلال إذا تَجَلّى *** لصاحبه ومنهنّ الظلام

فمن يظفر بصالحهنَّ يَسْعَد *** ومن يُغين (1)فليس له انتقام وهنَّ ثلاث؛ فامرأة ولودٌ ودودٌ، تُعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته، ولا تعين الدَّهر عليه، وامرأة عقيمة لا ذات جمال ولا خُلُق، ولا تعين زوجها على خير، وامرأة صحّابة (2)ولّاجة (3)همّازة(4)، تستقلُّ الكثير، ولا تقبل اليسير(5).

4 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن سليمان بن سماعة، عن الحذّاء، عن عمّه عاصم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): النساء أربع : جامع مُجمع، وربيع مُربع، وخرقاء مقمِع، وغُلُّ قَمِل(6).

195- باب خَيْرِ النساء

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وعليُّ بن إبراهيم، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي حمزة قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنّا عند النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال: «إنَّ خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها، المتبرّجة مع زوجها، الحَصان(7)على غيره،

ص: 328


1- في التهذيب : يُعثر . ... بدل : يُغْبَن
2- الصحّابة: الكثيرة الصياح المنكرة الصوت
3- الولّاجة: الكثيرة الدخول والخروج .
4- الهمّازة: العيّابة للآخرين
5- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج، ح 10 . الفقيه 3، 108 - باب أصناف النساء، ح 2 بتفاوت يسير في الجميع
6- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج ، ح 23 .
7- الحَصان : المرأة العفيفة

الّتي تسمع قوله، وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها، ولم تَبَدَّل (1)كَتَبَدل الرّجل».

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : خير نسائكم الّتي إذا خلت مع زوجها خلعت له درع الحياء، وإذا لبست لبست معه درع الحياءِ(2).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبَان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء؛ والفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «خير نسائكم العفيفة الغَلِمَة»(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «أفضل نساء أمّتي أصْبَحُهُنَّ وجهاً، وأقلّهنّ مهراً»(4).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيّ، عن إسماعيل بن مهران، عن سليمان الجعفريّ، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : خير نسائكم الخمس (5)، قيل: يا أمير المؤمنين وما الخمس؟ قال الهيّنة اللّيّنة، المؤاتية، الّتي إذا غضب زوجها لم تكتحل بغُمض حتّى يرضى، وإذا غاب عنها زوجها حفظته في غيبته، فتلك عامل من عمّال الله، وعامل الله لا يخيب.

6 - وعنه، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن بعض رجاله قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : خير نسائكم الطيّبة الريح، الطيّبة الطبيخ؛ الّتي إذا أنفقت أنفقت بمعروف، وإذا أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك عامل من عمّال الله وعامل الله لا يخيب ولا يندم.

7 - حميد بن زياد، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن الحسن بن علي بن يوسف بن بقّاح، عن معاذ الجوهريّ، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال

ص: 329


1- التبذّل : ضد الصون.
2- التهذيب 7، نفس الباب، صدر ح .6 الفقيه 3، 110 - باب ما يستحب ويجحد من أخلاق النساء و. ... ، ح 6. وروياه بتفاوت
3- الحديث ضعيف. والعِلْمة: هيجان شهوة النكاح من الرجل والمرأة وغيرهما.
4- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 24 . الفقيه 3، 107 - باب أفضل النساء ، ح .. وأصبحهن وجهاً : أي أجملهن وجهاً، والصباحة الجمال. والحديث ضعيف على المشهور
5- أي ذوات الخمس من الصفات التالية، بحذف المضاف.

رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «خير نسائكم الطيّبة الطعام، الطيّبة الريح، الّتي إن أنفقت أنفقت بمعروف، وإن أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك عامل من عمّال الله، وعامل الله لا يخيب»(1).

196- باب شرارِ النساء

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي حمزة، عن جابر بن عبد الله قال : سمعته يقول : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «ألا أخبركم بشرار نسائكم، الذليلة في أهلها، العزيرة مع بعلها، العقيم الحقود الّتي لا توَّرع في قبيح، المتبرّجة(2) إذا غاب عنها بعلها الحَصَان معه إذا حضر، لا تسمع قوله، ولا تطيع أمره، وإذا خلا بها بعلها تمنّعت منه كما تَمَنَّعُ الصَّعْبَة عن ركوبها، لا تقبل منه عذراً، ولا تغفر له ذنباً»(3).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن ملحان، عن عبد الله بن سنان قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): «شرار نسائكم المعقرة، الدنسة اللّجوجة، العاصية، الذليلة في قومها، العزيزة في نفسها، الحَصَان على زوجها، الهلوك (4)على غيره .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: کان من دعاء رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلّم) : «أعوذ بك من امرأة تُشَيِّبني قبل مشيبي»(5).

197 - باب فضل نساء قريش

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «خير نساء ركبنَ الرّحال، نساء قريش، أحنا (6)على ولد، وخيرهنَّ لِزَوْج».

ص: 330


1- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج ، ح 14 . الفقيه 3 ، 110 - باب ما يستحب ويحمد ... ، ح 4
2- التبرّج: إظهار الزينة
3- التهذيب 7، نفس الباب، ضمن ح 6. الفقيه 3، 111 - باب المذموم من أخلاق النساء وصفاتهن، ح 7 . والصَّعبة : الدابة الشموس التي تأبى على الترويض والانقياد ولا تمكن صاحبها من ركوبها.
4- المرأة الهلوك : أي الفاجرة
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- إنما جاء بالضمير بصيغة المفرد نظراً إلى المعنى: أي أَحْنى من وُجِد، أو أحْنى من خُلِق

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ، عن غير واحد، عن زياد القنديّ، عن أبي وكيع، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «خير نسائكم نساء قريش، ألطفهنّ بأزواجهنُ، وأرحمهنَّ بأولادهنَّ، المَجُون لزوجها، الحَصان لغيره، قلنا : وما المَجُون؟ قال : الّتي لا تَمَنَّع(1).

3 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أحدهما (علیه السّلام) قال : خطب النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) أمَّ هاني بنت أبي طالب، فقالت : يا رسول الله، إنّي مصابة، في حجري أيتام، ولا يصلح لك إلّا امرأة فارغة؛ فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «ما ركب الإبلَ مثلُ نساء قريش، أحناه على ولد، ولا أرعى على زوج في ذات يديه».

198- باب من وفّق له الزوجة الصالحة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن بن ميمون القدّاح، عن أبي عبد الله عن آبائه (علیه السّلام) قال : قال النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام، أفضل من زوجة مسلمة، تَسُرُّه إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله»(2).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن بريد بن معاوية العجليّ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : قال الله عزّ وجلّ : إذا أردتُ أن أجمع للمسلم خير الدُّنيا والآخرة، جعلت له قلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وجسداً على البلاء صابراً، وزوجة مؤمنة، تسرُّه إذا نظر إليها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله.

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا (علیه السّلام) قال : ما أفاد عبد فائدة خيراً من زوجة صالحة، إذا رآها سرَّته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله.

ص: 331


1- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج ، ح 25 . وفي ذيله التي لا تمتنع .
2- التهذيب 7، 22 - باب السنة في النكاح ، ح 4. الفقيه 3، 110 - باب ما يستحب ويحمد من أخلاق النساء و ...، ح 7.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من سعادة المرء، الزَّوجة الصّالحة».

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إنَّ من القِسم (1)المصلح للمرء المسلم أن يكون له المرأة، إذا نظر إليها سرَّته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته».

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن منصور بن العبّاس، عن شعيب بن جناح، عن مطر مولى مَعن، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ثلاثة للمؤمن فيها راحة : دار واسعة تواري عورته وسوء حاله من النّاس، وامرأة صالحة تعينه على أمر الدُّنيا والآخرة، وابنة يخرجها إمّا بموت أو بتزويج(2).

199- باب في الحَضّ على النكاح

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن صفوان بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «تزوّجوا وزوّجوا، ألَا فمن حظّ امرء مسلم إنقاق قيمة أيّمه (3)وما من شيء أحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ من بيت يعمر في الإسلام بالنّكاح، وما من شيء أبغض إلى الله عزَّ وجلَّ من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة - يعني الطّلاق -»، ثمَّ قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إن الله عزَّ وجلَّ إنّما وكّد في الطلاق وكرّر فيه القول من بغضه الفرقة.

200- باب كراهة العزية

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن القدَّاح قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : ركعتان يصلّيهما المتزوّج، أفضل من سبعين ركعة يصلّيها أعزب(4)،

ص: 332


1- القِسم: الحظ، والنصيب من الخير.
2- الحديث ضعيف
3- أي من حظه وسعادته أن تُخطَبَ إليه نساؤه من بناته وأخواته ولا يبرن بوار السلعة
4- التهذيب 7، 22 - باب السنة في النكاح، ح 1 من دون ذكر لابن القداح في سنده، الفقيه 3، 102 - باب فضل المتزوج على العزب، ح 1 بتفاوت يسير. والحديث موثق.

عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح عن أبي عبد الله (علیه السّلام) مثله(1).

2 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الجامورانيّ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن كليب بن معاوية الأسديّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من تزوّج أحرز نصف دينه» (2)

وفي حديث آخر فليتق الله في النصف الآخر أو الباقي(3).

3 - وعنه، عن محمّد بن عليّ، عن عبد الرَّحمن بن خالد، عن محمّد الأصمّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «رذّال موتاكم العزَّاب»(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله

بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لمّا لقي يوسف (علیه السّلام أخاه قال : يا أخي كيف استطعت أن تَزَوُّج النساء بعدي؟ فقال : إِنَّ أبي أمرني، قال : إن استطعت أن تكون لك ذرّيّة تنقل الأرض بالتّسبيح فافعل.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدَّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : تزوَّجوا، فإنَّ رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلّم) قال: «من أحبَّ أن يتّبع سنّتي، فإنَّ من سنّتي التّزويج».

6 - عليُّ بن محمّد بن بندار، وغيره، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ، عن ابن فضّال، وجعفر بن محمّد، عن ابن القدَّاح(5)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: جاء رجل إلى أبي فقال له : هل لك من زوجة؟ فقال : لا، فقال أبي : وما أحبُّ أنَّ لي الدُّنيا وما فيها وإنّي بَتُّ ليلة وليست لي زوجة، ثمَّ قال : الرَّكعتان يصلّيهما رجل متزوّج أفضل من رجل أعزب يقوم ليله ويصوم نهاره، ثمَّ أعطاه أبي سبعة دنانير، ثمَّ قال له : تزوّج بهذه، ثمَّ قال أبي : قال

ص: 333


1- هذا السند ضعيف.
2- الفقيه 3، 101 - باب فضل التزويج ، ح 3.
3- الفقيه 3، نفس الباب، ح 4. وفيه: في النصف الباقي
4- التهذيب 7، 22 - باب السنة في النكاح، ح 2 . الفقيه 3، 102 - باب فضل المتزوج على العزب، ح 3 وفيه: أراذل ... والرذّال أو الأراذل : جمع الأرذل ، وهو ما ذهب جيّده وبقي رديّه
5- في التهذيب : عن ابن أبي القدّاح

رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «اتّخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم»(1).

7 - وعنه، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الحسن (علیه السّلام) مثله، وزاد فيه فقال محمّد بن عُبيد: جُعِلْت فداك، فأنا ليس لي أهلٌ فقال: أليس لك جواري - أو قال(2)- : أمّهاتُ أولاد؟ قال: بلى، قال: فأنت ليس بأعزب(3).

201- باب أن التزويج يزيد في الرزق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن حريز، عن وليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: من ترك التزويج مخافة العَيْلَة(4)، فقد أساء بالله

الظنّ.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) فشكا إليه الحاجة، فقال : تزوّج، فتزوَّج، فَوُسّع عليه.

3 - عليٌّ بن إبراهيم [عن أبيه] عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : أتى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) شابُّ من الأنصار فشكا إليه الحاجة، فقال له : تزوّج فقال الشابُّ: إنّي لأستحيي أن أعود إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فلحقه رجلٌ من الأنصار فقال: إنَّ لي بنتاً وسيمة(5)، فزوّجها إيّاه، قال: فوسّع الله عليه [قال :] فأتى الشّاب النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فأخبره، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «يا معشر الشّباب عليكم بالباه»(6).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله الجامورانيّ، عن

ص: 334


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 3. الفقيه 3، نفس الباب، ح 2 وروى ذيل الحديث مرسلاً بتفاوت إلى قوله : ويصوم نهاره . وروي قول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في الذيل برقم 7 من الباب 101 من نفس الجزء. والحديث مجهول.
2- الشك من الراوي
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 5، وفي ذيله ... بعَزَب. أقول والمعنى واحد وهو من ليس له أهل.
4- العَيلَة : الفقر، ومنه قوله تعالى /28/ التوبة : وإن خفتم عَيْلَة
5- الوسامة: الجمال
6- الباه: الجماع. ويقال: الباء: هو النكاح

الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن المؤمن، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الحديث الّذي يرويه النّاس حقٌّ؛ إنَّ رجلا أتى النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج، ففعل، ثمَّ أتاه فشكا إليه الحاجة، فأمره بالتّزويج، حتّى أمره ثلاث مرَّاتِ؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) [نعم]، هو حقٌّ، ثمَّ قال : الرّزق مع النساء والعيال.

5 - وعنه، عن الجامورانيّ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن محمّد بن يوسف التّميميّ، عن محمّد بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من ترك التّزويج مخافة العَيْلَة فقد أساء ظنّه بالله عزّ وجلَّ» إنَّ الله عزّ وجلَّ يقول : «إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ»(1).

6 - وعنه، عن محمّد بن عليّ، عن حمدويه بن عمران، عن ابن أبي ليلى قال : حدَّثني عاصم بن حميد قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام) ، فأتاه رجلٌ فشكا إليه الحاجة، فأمره بالتزويج، قال : فاشتدَّت به الحاجة، فأتى أبا عبد الله (علیه السّلام)، فسأله عن حاله ، فقال له : اشتدّت بی الحاجة، فقال: ففارق، ثمَّ أتاه فسأله عن حاله فقال: أثريت وحَسُنَ حالي، فقال أبو الله (علیه السّلام) : إنّي أمرتك بأمرين أمر الله بهما، قال الله عزّ وجلَّ: «وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ - الی قوله - وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»(2)، وقال : «وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ»(3).

7 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن بعض أصحابه، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول الله عزَّ وجلَّ : «وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ»(4)قال : يتزوَّجوا، حتّى يغنيهم من فضله.

202- باب من سَعى في التزويج

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): أفضل الشّفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتّى يجمع الله بينهما(5).

ص: 335


1- النور/ 32
2- النور/ 32. والأيم : المرأة لا زوج لها والرجل لا امرأة له. وهي مفرد الأَيامى.
3- النساء/ 130
4- النور/ 33. والاستعفاف؛ طلب العِفّة وأخذ النفس بأسبابها. والعفة الكف عما لا يحلّ ويجمل.
5- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج ، ح 27

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: من زوّج أعزباً، كان ممّن ينظر الله عزّ وجلَّ إليه يوم القيامة(1).

203- باب اختيار الزوجة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله مسكان، عن بعض أصحابه قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إنّما المرأة قلادة، فانظر إلى ما تَقَلَّدُهُ؛ قال : وسمعته يقول : ليس للمرأة خطر، لا لصالحتهنَّ ولا لطالحتهنَّ، أمّا صالحتهنَّ فليس خطرها الذَّهب والفضّة، بل هي خير من الذَّهب والفضّة، وأمّا طالحتهنَّ، فليس التّراب خطرها، بل التراب خيرٌ منها(2).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : اختاروا لنُطَفِكُم، فإنَّ الخالَ أحدُ الضَّجِيعَين»(3).

3 - وبإسناده قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): «انّكحوا الأكفاء وانْكِحُوا فيهم واختاروا لنُطَفِكم»(4).

4 - وبإسناده قال : قام رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) خطيباً فقال: «أيّها الناس، إيّاكم وخضراء الدِّمَن»، قيل : يا رسول الله، وما خضراءُ الدِّمَن؟ قال: «المرأة الحسناء في منبت السّوء»(5).

ص: 336


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 26. وفيه : عزباً ...، بدل أعزباً.
2- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج، ح 13
3- التهذيب 7، نفس الباب ح 12. والحديث ضعيف على المشهور، «قوله (علیه السّلام) : أحد الضجيعين؛ لعل المراد بيان مدخلية الخال في مشابهة الولد في أخلاقه، فكان الخال ضجيع الرجل لمدخليته فيما تولد منه عند المضاجعة من الولد أو المراد بيان قرب أقارب المرأة من الزوج وشدة ارتباطهم به فكان الخال ضجيع الإنسان لشدة قربه واطلاعه على سرائره والأول أظهر . . . وقيل : إي كما أن الأب ضجيع ابنه ومربّيه، وكما أنه يكسب من أخلاق الأب كذلك يكسب من أخلاق الخال مرأة المجلسي22/20
4- الحديث ضعيف.
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 17 . الفقيه 3 ، 111 - باب المذموم من أخلاق النساء و ... ، ح 8. قال الشريف الرضي في المجازات النبوية ، ص 62: «إياكم وخضراء الدِّمَن، ولهذا القول تعلّق بباب المجاز، وللعلماء في تأويله قولان: أحدهما: أنه (علیه السّلام) نهى عن نكاح المرأة على ظاهر الحُسن، وهي في المنبت السوء أو في بيت السوء ، فوجه المجاز من هذا القول أنه (علیه السّلام) شبّه المرأة الحسناء بالروضة الخَضِرة لجمال ظاهرها، وشَبّه منبتها السوء بالدَّمنة لقباحة باطنها والدّمنَة: هي الأبعار المجتمعة تركبها السوافي ويعلوها الهابي، (التراب الذي يهب مع الريح)، فإذا أصابها المطر أنبتت نباتاً خضِراً يروق منظره ويسوء مخبره، فنهى (علیه السّلام) عن نكاح المرأة إذا كانت مغموضة (ذليلة خاملة) في نفسها أو مطعوناً عليها في نسبها، لأن إعراق السوء تنزع إلى ولدها وتضرب في نسلها ... والقول الآخر: أن يكون (علیه السّلام) إنما نهى في الحقيقة عن تعارض النفاقق وتغاير الأخلاق وأن يتلقى الرجل أخاه بالظاهر الجميل وينطوي على الباطن الذميم، أو يخدعه بحلاوة اللسان، ومن خلفها مرارة الجنان ...».

204- باب فضل من تَزَوّج ذاتَ دِين وكراهة من تزوّج المال

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر (علیه السّلام): أتى رجلٌ النّبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) يستأمره في النكاح، فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «انْكَح ، وعليك بذات الدّين، تَرِبَتْ يَداك(1).

2 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أحمد بن النّضر، عن بعض أصحابه، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : من تزوَّج امرأة يريد مَالَها، أَلْجَأَه الله إلى ذلك المال.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا تزوَّج الرَّجل المرأة لجمالها أو مالها، وُكِلَ إلى ذلك، وإذا تزوَّجها لدينها، رزقه الله الجمال والمال(2).

205- باب كراهية تزويج العاقر

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال : يا نبیّ الله، إنَّ لي ابنة عمّ قد رضيتُ جمالها وحسنها ودينها، ولكنّها عاقر : فقال : لا تَزَوجها، إنَّ يوسف بن يعقوب لقي أخاه فقال : يا أخي، كيف استطعت أن تتزوّج النّساء بعدي : فقال: إنَّ

ص: 337


1- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج صدرح 9. قال في النهاية : تَرِب الرجل، إذا افتقر ، أي لصق بالترَاب، وأترب، إذا استغنى، وهذه الكلمة جارية على السنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به، كما يقولون : قاتله الله ، وقيل : معناها : لله درّك .
2- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج، ح 18 . الفقيه 3، 113 - باب تزويج المرأة لمالها و...، ح 1 بتفاوت

أبي أمرني وقال : إن استطعت أن تكون لك ذرّيّة تثقل الأرض بالتسبيح فافعل، قال: فجاء رجلٌ الغد إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال له مثل ذلك، فقال له : تزوّج سوءاء (1)ولوداً، فإنّي مكاثر بكم الامم يوم القيامة؛ قال : فقلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : ما السّوءاء؟ قال : القبيحة.

2 - الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «تَزوّجوا بكراً وَلوداً، ولا تَزَوّجوا حسناء جميلة عاقراً، فإنّي أباهي بكم الأُمم يوم القيامة»(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أحمد بن عبد الرّحمن، عن إسماعيل بن عبد الخالق، عمّن حدَّثه قال : شكوت إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) قلّة ولدي، وأنّه لا ولد لي، فقال لي: إذا أتيت العراق، فتزوَّج امرأة ولا عليك أن تكون سوءاء، قلت: جُعِلْتُ فداك، وما السّوءاء؟ قال : امرأة فيها قبح، فإنّهنَّ أكثر أولاداً.

4 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن سعيد الرّقّي قال: حدَّثني سلیمان بن جعفر الجعفريّ، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السّلام) قال : قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلّم) لرجل: «تزوّجها سوءاء وَلوداً، ولا تَزَوَّجها حسناء عاقراً، فإنّي مباه بكم الأَمم يوم القيامة، أوَ مَا علمت أنَّ الوالدن تحت العرش يستغفرون لآبائهم، يحضنهم إبراهيم، وتربّيهم سارة في جبل من مسك وعنبر وزعفران»(3).

206- باب فضل الأبْكَار

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن عبد الأعلى بن أعين مولى آل سام، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «تزوّجوا الأبكار، فإنّهنّ أطيب شيء أفواها». وفي حديث آخر: «وأنشفه أرحاماً، وأدر شيء أخلافاً، وأفتح شيء أرحاماً، أما علمتم أنّي أباهي بكم الأمم يوم القيامة، حتّى بالسّقط يظلّ مُحْبَنطِئَاً على باب الجنّة»، فيقول الله عز وجل: ادخل الجنة، فيقول : لا

ص: 338


1- امرأة سوءاء: أي قبيحة كما ورد في ذيل الحديث. ويقال : رجل أسوأ. والحديث صحيح.
2- الحديث صحيح.
3- الحديث ضعيف

أدخل حتى يدخل أبواي قبلي، فيقول الله تبارك وتعالى لمَلَك من الملائكة : ايتني بأبويه فيأمر بهما إلى الجنّة، فيقول: هذا بفضل رحمتي لك(1).

207 - باب ما يستدلّ به من المرأة على المَحَمَدَة

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بن المغيرة، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : عليكم بذوات الأوراك فإنّهنّ أنجب(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن مالك بن أشيم، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : تزوَّجوا سمراء عَيْناءَ، عَجْزاء، مربوعة، فإن كرهتها فعليَّ مهرها(3).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله قال : قال لي الرّضا (علیه السّلام) : إذا نكحت فانكح عجزاء.

4 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابنا رفع الحديث قال : كان النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) إذا أراد تزويج امرأة بعث من ينظر إليها ويقول للمبعوثة : شمّي لِيتَها، فإن طاب لِيتُها طاب عَرْفُها، وانظري كَعْبَها، فإن دَرِمَ كعبها عظم كَعْثُبُها(4).

5 - أحمد، عن أبيه، عن عليّ بن النعمان، عن أخيه، عن داود بن النعمان، عن أبي

ص: 339


1- التهذيب 7 ، 34 - باب اختيار الأزواج ، ح 7 بتفاوت قليل . قال في النهاية : المحینطيء: المتغضب، المستبطىء للشيء. وقيل: هو الممتنع امتناع طَلبَة لا امتناع ردّ، يقال: احبَنطاتُ واحبنطَيتُ وفتح الأرحام: كناية عن كثرة تولد الأولاد منها
2- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 11
3- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج، ح 16 بتفاوت في ترتيب الصفات الفقيه 3 ، 110 - باب ما يستحب ويحمد من ...، ح 1. وفيه تزوّج ... والعيناء : الواسعة العينين العظيم سوادهما، العجزاء : الضخمة العَجز.
4- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 15الفقيه 3 نفس الباب، ح 2 . واللّيت : بكسر اللام - كما يقول الجوهري - صفحة العنق، وقال : الدرَمُ في الكعب، أن يواريه اللحم حتى لا يكون له حجم، وكعب أدرم وقد .وقال الفيروآبادي الكعشب الركَبُ الضخم وصاحبته، جمع كعائب

أيّوب الخزَّاز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إنّي جرَّبت جواري بيضاء وادماء، فكان بينهنَّ بَونٌ(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «تزوّجوا الزُّرق فإنَّ فيهنّ اليُمْنَ»(2).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن بعض أصحابه عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : من سعادة الرَّجل أن يكشف الثّوب عن امرأة بيضاء(3).

8 - سهل، عن بكر بن صالح، عن مالك بن أشيم، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : تزوّجها عيناء سمراء عجزاء مربوعة، فإن كرهتَها فعليَّ الصّداق(4).

208- باب نادر

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أبي القاسم، عن أبيه رفعه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: المرأة الجميلة تقطع البلغم، والمرأة السوءاء تهيّج المِرَّة السّوداء(5).

2 - الحسين بن محمّد، عن السياريّ، عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه شكا إليه البلغم، فقال: أمَا لَكَ جارية تُضْحِكُكَ؟ قال : قلت: لا، قال فاتّخذها، فإن ذلك يقطع البلغم(6).

209- باب أن الله تبارك وتعالى خلق للناس شكلهم

1 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن هارون بن مسلم، عن بريد بن معاوية، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : أتى النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) رجلٌ فقال : يا رسول الله، إنّي أحمل

ص: 340


1- البُون: المسافة بين الشيئين، والمقصود بيان الفرق بين البيض والسّمر. والحديث صحيح على الظاهر.
2- الفقيه 3، 109 - باب بركة المرأة وشؤمها ، ح 3 وفي ذيله البركة بدل اليمن
3- الحديث ضعيف.
4- انظر رقم 2 من هذا الباب
5- الحديث مرفوع .
6- الحديث ضعيف.

أعظم ما يحمل الرّجال(1)، فهل يصلح لي أن آتي بعض مالي من البهائم؛ ناقةً أو حمارةً، فإنَّ النساء لا يقوين على ما عندي؟ فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إن الله تبارك وتعالى لم يخلقك حتّى خلق لك ما يحتملك من شكلك، فانصرف الرجل ولم يلبث أن عاد إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال له مثل مقالته في أوّل مرَّة، فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : فأين أنت من السوداء المنطنطة (2)؟! قال : فانصرف الرَّجل فلم يلبث أن عاد فقال : يا رسول الله، أشهد أنّك رسول الله حقاً، إنّي طلبت ما أمرتني به، فوقعت على شكلي ممّا يتحملني، وقد أقنعني ذلك(3).

210 - باب ما يستحبّ من تزويج النساء عند بُلوغهنَّ وتحصينهنَّ بالأَزواج

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : من سعادة المرء أن لا تطمت ابنته في بيته(4).

2 - بعض أصحابنا - سقط عني إسناده - عن أبي عبد الله إسناده - عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ لم يترك شيئاً ممّا يحتاج إليه إلّا علّمه نبيه (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فكان من تعليمه إيّاه، أنّه صعد المنبر ذات يوم، فحمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال: أيّها الناس، إنَّ جبرئيل أتاني عن اللّطيف الخبير فقال : إنَّ الأبكار بمنزلة الثمر على الشجر، إذا أدرك ثمره فلم يُجْتَنى أفسدته الشمس ونثرته الرّياح، وكذلك الأبكار، إذا أدْرَكْنَ ما يدرك النساء، فليس لهنَّ دواء إلّا البعولة، وإلّا لم يؤمَنْ عليهنَّ الفساد، لأنّهنَّ بشر، قال: فقام إليه رجلٌ فقال : يا رسول الله؛ فمن تُزَوّج؟ فقال: الأكفاء، فقال : يا رسول الله؛ ومِن الأكفاء؟ فقال : المؤمنون بعضهم أكفاء بعض المؤمنون بعضهم أكفاء بعض(5).

3 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن اَبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن سيّابة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الله خلق حوّاء من آدم، فَهِمَّة النساء الرّجال، فحصّنوهنّ في البيوت(6).

ص: 341


1- يقصد عضوه التناسلي
2- قال في النهاية : العنطنطة : الطويلة العنق مع حسن قوام .
3- الحديث ضعيف
4- الفقيه 3، 144 - باب النوادر، ح 32 بتفاوت ورواه مرسلاً عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم).
5- التهذيب 7، 33 - باب الكفاءة في النكاح ، ح 12 . وروي ذيله في الفقيه 3، 114 - باب الاكفاء، ح 5 مرسلاً.
6- الحديث مجهول.

4 - أبان، عن الواسطيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الله خلق آدم (علیه السّلام) من الماء والطين، فَهِمَّة ابن آدم في الماء والطين، وخلق حوّاء من آدم، فهِمَّة النساء في الرَّجال، فحصّنوهنَّ في البيوت(1).

5 - عليُّ بن محمّد، عن ابن جمهور، عن أبيه رفعه قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) في بعض كلامه : إنَّ السباع همّها ،طونها، وإنَّ النساء همّهنَّ الرّجال(2).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن وهب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): خلق الرّجال من الأرض، وإنّما همّهم في الأرض، وخُلقت المرأة من الرّجال، وإنّما همّها في الرجال، احبسوا نساءكم يا معاشر الرجال(3).

7 - أبو عبد الله الأشعريّ، عن بعض أصحابنا، عن جعفر بن عنبسة، عن عبادة بن زياد، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر (علیه السّلام)؛ وأحمد بن محمد العاصمّي، عمّن حدَّثه، عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) في رسالته إلى الحسن (علیه السّلام) : إيّاك ومشاورة النساء، فإنَّ رأيهنَّ إلى الأفَن(4)، وعزمهنّ إلى الوهن، واكفف عليهنَّ من أبصارهن بحجابك إيّاهنَّ، فإنَّ شدَّة الحجاب خيرٌ لك ولهنَّ من الارتياب، وليس خروجهنَّ بأشدّ من دخول من لا تثق به عليهنَّ، فإن استطعت أن لا يعرفنَ غيرَك من الرّجال فافعل(5).

8 - أحمد بن محمّد بن سعيد، عن جعفر بن محمّد الحسينيّ، عن عليّ بن عبدك، عن الحسن بن ظريف بن ناصح، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (علیه السّلام) مثله، إلّا أنّه قال : كتب بهذه الرسالة أمير المؤمنين (علیه السّلام) إلى ابنه محمّد [بن الحنفيّة].

9 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن نوح بن شعیب رفعه قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : كان عليُّ بن الحسين (علیه السّلام) : إذا أتاه خَتَنُه (6)على ابنته أو على أخته، بسط له رداءه، ثمَّ أجلسه ثمَّ يقول : مرحباً بمن كفى المؤونة وسَتَرَ العورة(7).

ص: 342


1- الحديث ضعيف
2- الحديث ضعيف
3- الحديث ضعيف
4- الأفن: - كما في الصحاح - ضعف الرأي
5- الحديث ضعيف
6- الخَتَن: الصهر سميت المصاهرة به لأنها سبب في التقاء الختانين
7- الحديث مرفوع

211- باب فضل شهوة النساء على شهوة الرجال

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : خلق الله الشهوة عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء في النساء، وجزءاً واحداً في الرجال، ولولا ما جعل الله فيهنّ من الحياء على قدر أجزاء الشهوة لكان لكلّ رجل تسع نسوة متعلّقات به.

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عمّن حدَّثه، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ الله جعل للمرأة : صبر عشرة رجال فإذا هاجت كانت لها قوة شهوة عشرة رجال.

3 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي خالد القمّاط، عن ضريس، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) يقول : إِنَّ النساء أعْطِينَ بُضْعَ (1)اثني عشر، وصبر اثني عشر(2).

4 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن ضريس، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)؛ أَنَّ السناء أعطين بُضع اثني عشر وصبر اثني عشر.

5 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن مروك بن عُبَيد، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : فضّلت المرأة على الرَّجل بتسعة وتسعين (3)من اللّذة ولكن الله ألقى علهينَّ الحياء(4).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الله جعل للمرأة أن تصبر صبر عشرة رجال، فإذا حصّلت (5)زادها قوَّة عشرة رجال(6).

ص: 343


1- البُضع : النكاح والمباضعة : المضاجعة
2- الحديث ضعيف على المشهور
3- يعني جزءا
4- الفقيه 3، 178 - باب النوادر ، ح 22
5- في بعض النسخ : فإذا أحصنت، وهو الأظهر والأنسب والإحصان : التزويج . وفي بعض النسخ : فإذا حملت ويمكن أن يكون المراد - على رواية الفروع - أنها إذا حصلت الصبر بالتمرين زادها الله القوة مضاعفة.
6- الحديث ضعيف.

212 - باب أن المؤمن كفو المؤمنة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي حمزة الثماليّ قال : كنت عند أبي جعفر (علیه السّلام) إذ استأذن عليه رجلٌ، فأذن له، فدخل عليه فسلّم، فرحّب به أبو جعفر (علیه السّلام) وأدناه وساءله، فقال الرَّجل: جُعِلْتُ فداك، إنّي خطبت إلى مولاك فلان بن فلان بن أبي رافع ابنته فلانة، فردَّني، ورغب عَنّي، وازدراني لدمامتي وحاجتي وغُربتي، وقد دخلني من ذلك غضاضة هجمة غضّ لها قلبي، تمنّيت عندها الموت، فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : اذهب فأنت رسولي إليه، وقل له: يقول لك محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (علیه السّلام) : زوّج منجح بن رباح مولايَ ابنتك فلانة ولا تردّه، قال أبو حمزة : فوثب الرّجل فرحاً مسرعاً برسالة أبي جعفر (علیه السّلام)، فلمّا أن توارى الرجل، قال أبو جعفر (علیه السّلام) : إنَّ رجلاً كان من أهل اليمامة يقال له؛ جويبر، أتى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) منتجعاً للإسلام (1)فأسلم وحسن إسلامه، وكان رجلاً قصيراً دميماً محتاجاً عارياً، وكان من قباح السودان، فضمه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لحال غربته وعراه وكان يجري عليه طعامه صاعاً من تمر بالصّاع الأوّل، وكساه شملتين، وأمره أن يلزم المسجد ويرقد فيه اللّيل، فمكث بذلك ما شاء الله، حتّى كثر الغرباء ممّن يدخل في الإسلام من أهل الحاجة بالمدينة، وضاق بهم المسجد، فأوحى الله عزَّ وجلَّ إلى نبيه (صلی الله علیه و آله و سلّم)، أن طهّر مسجدك وأخرج من المسجد من يرقد فيه باللّيل، ومُرْ بسدّ أبواب من كان له في مسجدك باب إلّا باب عليّ (علیه السّلام) ومسكن فاطمة (علیها السّلام)، ولا يَمُرَّنَ فيه جُنب، ولا يرقد فيه غريب، قال : فأمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بسدّ أبوابهم إلا باب علي (علیه السّلام) وأقرّ مسكن فاطمة (علیها السّلام) على حاله، قال : ثم إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أمر أن يُتّخذ للمسلمين سقيفة، فعملت لهم، وهي الصُّفّة، ثمَّ أمر الغرباء والمساكين أن يظلّوا فيها نهارهم وليلهم، فنزلوها واجتمعوا فيها، فكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يتعاهدهم بالبُرّ والتمر والشعير والزَّبيب إذا كان عنده، وكان المسلمون يتعاهدونهم ويرِقّون عليهم لرِقّة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، ويصرفون صدقاتهم إليهم، فإنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة منه له ورقّة عليه، فقال له: يا جويبر، لو تزوّجت امرأة فعففت بها فرجك، وأعانتك على دنياك وآخرتك، فقال له جويبر : يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي، من يرغب فيَّ، فوالله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال، فأيّة امرأة ترغب فيَّ؟ فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يا جويبر، إنَّ الله قد وضع بالإسلام من

ص: 344


1- منتجعاً للإسلام : أي طالباً له

كان في الجاهليّة شريفاً، وشرّف بالإسلام من كان في الجاهليّة وضيعاً، وأعزّ بالإسلام من كان في الجاهليّة ذليلا، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهليّة وتفاخرها بعشائرها وباسِقِ أنسابها(1)، فالناس اليوم كلّهم؛ أبيضهم وأسودهم وقرشيّهم وعربيّهم وعجميّهم من آدم، وإنَّ آدم خلقه الله من طين، وإنَّ أحبَّ الناس إلى الله عزّ وجلَّ يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم، وما أعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلاً، إلّا لمن كان أتقى الله منك وأطوع، ثمَّ قال له : انطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد، فإنه من أشرف بني بَيَاضة حسباً فيهم، فقل له : إنّي رسول رسول الله إليك، وهو يقول لك: زوّج جويبراً ابنتك الذَّلفاء، قال: فانطلق جويبر برسالة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إلى زياد بن لبيد وهو في منزله، وجماعة من قومه عنده، فاستأذن، فأُعلم فأذن له، فدخل وسلّم عليه ثم قال : يا زياد بن لبيد، إنّي رسول رسول الله إليك في حاجة لي، فأبوح بها أم أسرُّها إليك؟ فقال له زياد بل بُحْ بها فإنَّ ذلك شرف لي وفخر، فقال له جويبر: إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يقول لك : زوّج جويبراً ابنتك الذلفاء، فقال له زياد: أرسول الله أرسلك إليَّ بهذا؟ فقال له : نعم، ما كنت لأكذب على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فقال له زياد : إنّا لا نزوّج فتياتنا إلّا أكفاءنا من الأنصار، فانصرف يا جويبر حتّى ألقى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فأخبره بعذري، فانصرف جويبر وهو يقول : والله ما بهذا نزل القرآن، ولا بهذا ظهرت نبوَّة محمّد (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فسمعت مقالته الذّلفاء بنت زياد وهي في خدرها، فأرسلت إلى أبيها : أدخُل إليَّ، فدخل إليها، فقالت له : ما هذا الكلام الّذي سمعته منك تحاور به جويبر؟ فقال لها : ذكر لي أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أرسله وقال : يقول لك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : زوّج جويبراً ابنتك الذّلفاء، فقالت له : والله ما كان جويبر ليكذب على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بحضرته، فابعث الآن رسولاً يردّ عليك جويبراً، فبعث زياد رسولاً فلحق جويبراً، فقال له زياد: يا جويبر، مرحباً بك، اطمئن حتّى أعود إليك، ثمَّ انطلق زياد إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال له : بأبي أنت وأمّي، إنَّ جويبراً أتاني برسالتك وقال : انَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يقول لك : زوّج جويبراً ابنتك الذّلفاء، فلم ألِن له بالقول، ورأيت لقاءك، ونحن لا نتزوَّج إلّا أكفاءنا من الأنصار، فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : يا زياد، جويبر مؤمن، والمؤمن كفوٌ للمؤمنة والمسلم كفوٌ للمسلمة، فزوّجه يا زياد ولا ترغب عنه، قال: فرجع زياد إلى منزله، ودخل على ابنته فقال لها ما سمعه من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فقالت له : إنّك إن عصيت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) كفرت، فزوَّج جويبراً، فخرج زياد فأخذ بيد جويبر، ثمَّ أخرجه إلى قومه فزَّوجه على سنّة الله وسنّة رسوله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، وضمّن صداقه، قال: فجهّزها زياد وهيّؤوها، ثمَّ

ص: 345


1- الباسق - كما في الصحاح - المرتفع في علوه

أرسلوا إلى جويبر فقالوا له : أَلَكَ منزل فنسوقها إليك؟ فقال : والله ما لي منزل، قال: فهيّؤوها وهيؤوا لها منزلاً وهيّؤوا فيه فراشاً ومتاعاً، وكسوا جويبراً ثوبين، وأدخلت الذَّلفاء في بيتها، وأدخل جويبر عليها مُعتّماً، فلمّا رآها، نظر إلى بيت ومتاع وريح طيّبة قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتّى طلع الفجر، فلمّا سمع النّداء، خرج وخرجت زوجته إلى الصّلاة فتوضّأت وصلّت الصبح، فسُئِلت : هل مَسّك؟ فقال : ما زال تالياً للقرآن وراكعاً وساجداً حتّى سمع النّداء فخرج، فلمّا كانت اللّيلة الثانية فعل مثل ذلك، وأخفوا ذلك من زياد، فلمّا كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك، فأخبر بذلك أبوها، فانطلق إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال له : بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، أمرتني بتزويج جويبر، ولا والله ما كان من مناكحنا، ولكن طاعتك أوجبت عليَّ تزويجه، فقال له النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : فما الّذي أنكرتم منه؟ قال : إنّا هيّئنا له بيتاً ومتاعاً، وأدخلت ابنتي البيت وأدخل معها مُعتّماً، فما كلّمها ولا نظر إليها ولا دنا منها، بل قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتّى سمع النّداء، فخرج، ثمَّ فعل مثل ذلك في اللّيلة الثانية، ومثل ذلك في الثالثة، ولم يدن منها ولم يكلّمها إلى أن جئتك، وما نراه يريد النساء، فانظر في أمرنا، فانصرف زیاد وبعث رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إلى جويبر فقال له : أما تقرب النّساء؟ فقال له جويبر: أوَ ما أنا بفحل، بلى يا رسول الله، إنّي لشبق نَهِمٌ إلى النّساء، فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : قد خُبّرت بخلاف ما وصفت به نفسك، قد ذكر لي أنّهم هيّؤوا لك بيتاً وفراشاً ومتاعاً وأدخلت عليك فتاة حسناء عطرة، وأتيت مُعَتّماً فلم تنظر إليها ولم تكلّمها ولم تَدْنُ منها، فما دهاك إذن؟ فقال له جويبر: يا رسول الله، دخلت بيتاً واسعاً، ورأيت فراشاً ومتاعاً وفتاة حسناء عطرة، وذكرت حالي الّتي كنت عليها، وغربتي وحاجتي ووضيعتي وكسوتي مع الغرباء والمساكين، فأحببت إذ أولاني الله ذلك أن أشكره على ما أعطاني، وأتقرَّب إليه بحقيقة الشكر، فنهضت إلى جانب البيت فلم أزل في صلاتي تالياً للقرآن راكعاً وساجداً أشكر الله حتّى سمعت النّداء، فخرجت، فلمّا أصبحت رأيت أن أصوم ذلك اليوم، ففعلت ذلك ثلاثة أيّام ولياليها، ورأيت ذلك في جنب ما أعطاني الله يسيراً، ولكنّي سأرضيها وأرضيهم اللّيلة إن شاء الله، فأرسل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إلى زياد فأتاه فأعلمه ما قال جويبر، فطابت أنفسهم، قال : ووفى لها جويبر بما قال. ثمَّ إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) خرج في غزوة له ومعه جويبر، فاستشهد رحمه الله تعالى، فما كان في الأنصار أيّم أنفقَ منها بعد جويبر(1).

2 - بعض أصحابنا، عن عليّ بن الحسين بن صالح التيمليّ، عن أيّوب بن نوح ، عن

ص: 346


1- الحديث صحيح. والأيم : المرأة التي لا زوج لها. أو التي فقدت زوجها. والنفاق: ضد الكساد والبوار. أي كان الرجال يرغبون في الزواج منها

محمّد بن سنان، عن رجل عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : أتى رجلٌ النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال : يا رسول الله، عندي مَهيرة(1)العرب، وأنا أحبُّ أن تقبلها، وهي ابنتي، قال : فقال : قد قبلتها، قال : فأخرى (2)يا رسول الله ، قال : وما هي ؟ قال : لم يضرب عليها صُدْعُ قط (3)، قال : لا حاجة لي فيها، ولكن زوّجها من حلبيب (4)، قال : فسقط رجلا الرّجل (5)ممّا دخله، ثمَّ أتى أمّها فأخبرها الخبر، فدخلها مثل ما دخله فسمعت الجارية مقالته، ورأت ما دخل أباها، فقالت لهما: ارضيا لي ما رضي الله ورسوله لي ، قال : فتسلّى ذلك عنهما، وأتى أبوها النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) فأخبره الخبر، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): قد جعلتُ مهرها الجنّة(6).

وزاد فيه صفوان قال : فمات عنها ،حلبيب فبلغ مهرها بعده مائة ألف درهم.

213- باب آخر منه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عمر بن أبي بكار، عن أبي بكر الحضرميّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) زوَّج مقداد بن الأسود ضباعة ابنة الزّبير بن عبد المطّلب، وإنّما زوَّجه لِتَتَّضع المناكح، وليتأسّوا برسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وليعلموا أنَّ أكرمهم عند الله أتقاهم(7).

2 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) زوَّج المقداد بن أسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، ثمَّ قال: إنّما زوجها المقداد لتتّضع المناكح ، وليتأسوا برسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، ولتعلموا أنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم، وكان الزُّبير أخا عبد الله وأبي طالب لأبيهما وأمّهما.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن

ص: 347


1- المهيرة: المرتفعة المهر.
2- أي خصلة أخرى تتصف بها ابنته تلك.
3- كناية عن أنها لم تصب في حياتها بمصيبة في بدنها
4- المضبوط في جامع الأصول - كما يقول المجلسي - عند ذكر الصحابة : جُلَيبيب بن عبد الله الفِهري الأنصاري.
5- كناية عن انهياره عند سماع ذلك من الغم والهمّ.
6- الحديث ضعيف
7- التهذيب 7، 33 - باب الكفاء في النكاح، ح 6

الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : مرَّ رجل من أهل البصرة شيبانيٌّ يقال له : عبد الملك بن حرملة على عليّ بن الحسين (علیه السّلام)، فقال له علي بن الحسين (علیه السّلام): ألك أخت؟ قال : نعم ، قال : فَتَزَوّجنيها؟ قال : نعم قال : فمضى الرَّجل وتبعه رجلٌ من أصحاب علي بن الحسين (علیه السّلام) حتّى انتهى إلى منزله، فسأل عنه، فقيل له فلان بن فلان، وهو سيّد قومه، ثمَّ رجع إلى عليّ بن الحسين (علیه السّلام) فقال له : يا أبا الحسن سألت عن صهرك هذا الشيباني فزعموا أنّه سيّد قومه، فقال له عليُّ بن الحسين (علیه السّلام): إني لأبديك (1)يا فلان عمّا أرى وعمّا أسمع ، أما علمت أنَّ الله عزَّ وجلَّ رفع بالإسلام الخسيسة، وأتمَّ به النّاقصة، وأكرم به اللّوم، فلا لؤم على المسلم، إنّما اللّؤم لؤم الجاهليّة.

4 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أبي عبد الله، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن يزيد بن حاتم قال : كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة يكتب إليه بأخبار ما يحدث فيها، وإنَّ عليَّ بن الحسين (علیه السّلام) أعتق جارية ثمَّ تزوَّجها، فكتب العين إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك إلى عليّ بن الحسين (علیه السّلام) : أمّا بعد، فقد بلغني تزويجك مولاتك، وقد علمت أنّه كان أكفائك من قريش من تمجّد به في الصّهر، وتستنجبه في الولد ، فلا لنفسك نظرت، ولا على ولدك أبقيت، والسلام، فكتب إليه عليُّ بن الحسين (علیه السّلام) : أمّا بعد، فقد بلغني كتابك تُعنَفني بتزويجي مولاتي، وتزعم أنّه كان في نساء قريش من أتمجّد به في الصّهر واستنجبه في الولد وأنّه ليس فوق رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) مرتقاً في مجد ولا مستزاد في كرم، وإنما كانت ملك يميني خرجت مني ، أراد الله عزّ وجلّ منّي بأمرَ ألتمس به ثوابه(2)، ثمَّ ارتجعتها على سُنّة، ومن كان زكّياً في دين الله ، فليس يخل به شيء من أمره، وقد رفع الله بالإسلام الخسيسة، وتمّم به النقيصة، وأذهب اللّؤم، فلا لؤم على امرء مسلم ، إنّما اللّؤم لؤم الجاهليّة، والسلام.

فلمّا قرأ الكتاب، رمى به إلى ابنه سليمان فقرأه، فقال : يا أمير المؤمنين، لشدَّ ما فخر

ص: 348


1- «الأبديك، من قولهم بدا أي خرج إلى البدو، ومنه الحديث كان يبدو لي التلاع، أو من أبداه بمعنى : أظهره، على الحذف والإيضاح، أي أظهر لك ناهياً عما أرى ، أو من الابتداء مهموزاً، بتضمين معنى النهي، أي ابدؤك بالنهي عن ذلك، والأصوب الأول ولعله من تصحيف النسّاخ مرآة المجلسي 39/20. ومقصوده رحمه الله بالأول ما ذكره قبل هذا فقال : في النسخ: لأبرّيك، أي أحب أن تكون بريئاً مما أرى وأسمع منك من الاعتناء بالأحساب الدنيوية.
2- قيل : هي جملة معترضة «أي خرجت مني بأمر التمست بذلك الأمر ثوابه، لأن الله أراد وطلب مني ذلك».

عليك عليُّ بن الحسين (علیه السّلام)، فقال : يا بنيَّ، لا تَقُل ذلك، فإنّه ألسن بني هاشم الّتي تفلق الصّخر وتغرف من بحر، إنَّ عليَّ بن الحسين (علیه السّلام) يا بنيَّ، يرتفع من حيث يتّضع النّاس(1).

5 - الحسين بن الحسن الهاشمي، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر؛ وعليُّ بن محمّد بن بندار عن السيّاري، عن بعض البغداديّين عن عليّ بن بلال قال : لقي هشام بن الحكم بعضُ الخوارج فقال: يا هشام، ما تقول في العجم، يجوز أن يتزوَّجوا في العرب؟ قال: نعم، قال : فالعرب يتزوجون من قريش؟ قال : نعم ، قال : فقريش تتزوَّج في بني هاشم؟ قال: نعم، قال : عمّن أخذت هذا؟ قال : عن جعفر بن محمّد سمعته يقول : أتتكافأ دماءكم ولا تتكافأ فروجكم؟! قال : فخرج الخارجيّ حتّى أتى أبا عبد الله (علیه السّلام) فقال : إنّي لقيت هشاماً فسألته عن كذا فأخبرني بكذا وكذا وذكر أنّه سمعه منك، قال : نعم، قد قلت ذلك ، فقال الخارجيُّ : فها أنا ذا قد جئتك خاطباً، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنّك لكفو في دمك وحسبك في قومك(2)، ولكن الله عزّ وجلَّ صاننا الصّدقة، وهي أوساخ أيدي النّاس، فنكره أن نشرك فيما فضّلنا الله به من لم يجعل الله له مثل ما جعل الله لنا، فقام الخارجيُّ وهو يقول : تالله ما رأيت رجلاً مثله قطّ، ردَّني والله أقبح ردَّ، وما خرج من قول صاحبه(3).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عمّن يروي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّ عليَّ بن الحسين (علیه السّلام) تزوَّج سرية كانت للحسن بن عليّ (علیه السّلام)، فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان، فكتب إليه في ذلك كتاباً : إنّك صرت بَعْلَ الإماء، فكتب إليه عليُّ بن الحسين (علیه السّلام) : إنَّ الله رفع بالإسلام الخسيسة، وأتمَّ به النَّاقصة، فأكرم به من اللّؤم، فلا لؤم على مسلم، إنّما اللّوْم لؤم الجاهليّة، إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أنكح عبده ونكح أمته . فلمّا انتهى الكتاب إلى عبد الملك، قال لمن عنده : خبّروني عن رجل إذا أتى ما يضع النّاس لم يزده إلّا شرفاً؟ قالوا : ذاك أمير المؤمنين (4)قال : لا ،والله ما هو ذاك، قالوا ما نعرف إلّا أمير المؤمنين، قال : فلا والله ما هو بأمير المؤمنين، ولكنه عليُّ بن الحسين (علیه السّلام).

ص: 349


1- الحديث مجهول.
2- «أي أنت كفو للإسلام ظاهراً وللحسب الذي لك في قومك وبالنظر إليهم لا بالنظر إلينا، ولم يذكر كفره للتقية» مرآة المجلسي 41/20 .
3- التهذيب 7، 33 - باب الكفاءة في النكاح ، ح 7 بتفاوت بسير. والحديث ضعيف
4- المقصود به عبد الملك بن مروان نفسه

214- باب تزويج أم كلثوم

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم ؛ وحمّاد، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في تزويج أمّ كلثوم، فقال : إِنَّ ذلك فَرْجٌ غُصبناه.

2 - محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لمّا خطب إليه - قال له أمير المؤمنين : إنّها صبيّة، قال : فلقي العبّاس فقال له: مالي ، أبي بأسٌ؟ قال : وما ذاك؟ قال : خطبت إلى ابن أخيك فردَّني، أما والله لأعورَّن زمزم (1)ولا أدع لكم مكرمة إلّا هدمتها، ولاُقيمنَّ عليه شاهدين بأنّه سرق ولا قطعنَّ يمينه، فأتاه العبّاس فأخبره، وسأله أن يجعل الأمر إليه فجعله إليه(2).

215- باب آخر منه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن بشّار الواسطيّ قال : كتبت إلى أبي جعفر (علیه السّلام) أسأله عن النكاح ؟ فكتب إليّ : من خطب إليكم فَرَضِيتُم دينه وأمانته فزوّجوه إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفسادٌ كبير(3).

2 - سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن عليّ بن مهزيار قال : كتب عليُّ بن أسباط إلى أبي جعفر (علیه السّلام) في أمر بناته، وأنّه لا يجد أحداً مثله، فكتب إليه أبو جعفر (علیه السّلام) : فهمت ما ذكرت من أمر بناتك، وأنّك لا تجد أحداً مثلك، فلا تنظر في ذلك رحمك الله، فإن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال : «إذا جاءكم من تَرْضَوْنَ خُلْقَهُ ودينه فزوّجوه، إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبيرٌ»(4).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ

ص: 350


1- تعوير البئر : ردمه
2- قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في جواب المسائل السروية : «إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين (علیه السّلام) ابنته من عمر لم يثبت، وطريقه من الزبير بن بكار، ولم يكن موثوقاً به في النقل، وكان متهماً فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين (علیه السّلام)، وغير مأمون ... الخ، ثم ذكر رحمه الله الاختلاف في السنة الأخبار الواردة من حيث مضامينها والوقائع التي أدرجت فيها وتناقضها وهذا مما يسقط هذا الخبر عن الاعتبار بل يبطله
3- التهذيب 7، 33 - باب الكفاءة في النكاح، ح 9 الفقيه 3، 114 - باب الأكفاء، ح 1
4- التهذيب 7، نفس الباب ح 10. وذكر نفس جواب أبي جعفر (عليه السلام) في جوابه لأبي شيبة الأصبهاني برواية علي بن مهزیار برقم 4 من نفس الباب من التهذيب.

قال : كتبت إلى أبي جعفر (علیه السّلام) في التزويج ، فأتاني كتابه بخطّه : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إذا جاءكم من تَرْضَوْنَ خُلُقَه ودينه فزوّجوه، إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبيرٌ»(1).

216- باب الكُفو

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الكُفْو أن يكون عفيفاً وعنده يَسار(2).

217- باب كراهية أن ينكح شارب الخمر

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد رفعه قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : من زوّج كريمته من شارب [ال-] خمر فقد قطع رحمها(3).

ص: 351


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 8 وظاهر هذه الأخبار جميعاً، وجوب إجابة المؤمن المرضي عند طلب التزويج يقول صاحب كتاب النافع : إذا خطب المؤمن القادر على النفقة وجب إجابته ولو كان أخفض نسباً، فإن منعه الولي كان عاصياً. أقول : ونقل عن بعض أصحابنا رضوان الله عليهم أن هذا الحكم هو المشهور بين الأصحاب. وإن ناقش بعضهم في دلالة الأمر هنا على الوجوب مستظهراً من السياق أنه للإباحة.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 1 الفقيه ، نفس الباب، ح 6 مرسلاً. وأخرجه في التهذيب عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقي عن محمد بن الفضيل عمن ذكره عن أبي عبد الله (علیه السّلام). هذا، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الأصل في الكفاءة تساوي الزوجين في الإسلام بشرط الا يكون الزوج من إحدى الفرق المحكوم بكفرها كالخوارج والنواصب . فلا يجوز للمسلمة التزويج بالكافر بمن فيه الناصبي والخارجي، وأما الإيمان فليس شرطاً في الكفاءة على قول وشرط فيها على قول آخر لدى فقهائنا بل لعله هو قول معظم القدماء كما صرّح بذلك الشهيد الثاني (رحمه الله) في الروضة . وأما القدرة على النفقة لدى الزوج فليس شرطاً في الكفاءة على الأشهر بين فقهائنا (رحمه الله) وهو الذي عبر عنه في الحديث الآنف الذكر باليسار. كما أنه ليس شرطاً في صحة العقد كذلك. قال المحقق (رحمه الله) في الشرائع 2/ 299 : الكفاءة شرط في النكاح، وهي التساوي في الإسلام وهل يشترط التساوي في الإيمان؟ فيه روايتان أظهرهما الاكتفاء بالإسلام وإن تأكد استحباب الإيمان، وهو في طرف الزوجة أتم لأن المرأة تأخذ من دين بعلها ، نعم لا يصح نكاح الناصب المعلن بعداوة أهل البيت (علیهم السّلام) لارتكابه ما يعلم بطلانه من دين الإسلام. وهل يشترط تمكنه من النفقة؟ قيل : نعم . وقيل : لا، وهو الأشبه».
3- التهذيب 7، 33 - باب الكفاءة في النكاح ، ح 14 هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على تأكد الكراهة في تزويج شارب الخمر مع تنصيصهم على كراهة تزويج الكافر مطلقاً.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «شارب الخمر لا يُزَوّج إذا خَطَبَ(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الرَّبيع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من شرب الخمر بعد ما حرّمها الله على لساني، فليس بأهل أن يُزَوِّج إذا خطب»(2).

218- باب مناكحة النُصّاب والشُكّاك

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : تزوّجوا في الشُكّاك ولا تزوّجوهم، لأنَّ المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على أنه(3).

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن يحيى الحلبيّ، عن عبد الحميد الطانّي، عن زرارة بن أعين قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أتزوَّج بمرجئة أو حروريّة؟ قال : لا، عليك بالبُله من النساء؛ قال زرارة فقلت : والله ما هي إلّا مؤمنة أو كافرة، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : وأين أهل ثَنَوى الله عزَّ وجلَّ(4)؟! ، قول الله عزَّ وجلَّ أصدق من قولك(5): «إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا»(6).

ص: 352


1- التهذيب 7، 33 - باب الكفاءة في النكاح، ح 15.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 13 بدون قوله : على لساني.
3- التهذيب 7، 26 - باب فيمن يحرم نكاحهن بالأسباب دون ..، ح 24 . الاستبصار 3، 119 - باب تحریم نكاح الناصبة المشهورة بذلك، ح 7 وفيهما من دين زوجها بدل من أدب زوجها . الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله عز وجل من النكاح و... ، ح 11، قال المحقق في الشرائع 2/ 299 : «الكفاءة شرط في النكاح وهي التساوي في الإسلام، وهل يشترط التساوي في الإيمان؟ فيه روايتان أظهرهما الاكتفاء بالإسلام وإن تأكد استحباب الإيمان وهو في طرف الزوجة أتمّ لأن المرأة تأخذ من دين بعلها، ثم لا يصح نكاح الناصب المعلن بعداوة أهل البيت (علیهم السّلام) لارتكابه ما يعلم بطلانه من دين الإسلام...».
4- في الاستبصار: وأين أهل تقوى الله والثنوى : اسم من الاستثناء، والمقصود قوله تعالى : «إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ... آلایة».
5- النساء / 98
6- التهذيب 7 نفس الباب، ح 25 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 8

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا يتزوَّج المؤمن النّاصية المعروفة بذلك(1).

4 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ عن ربعيّ، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال له الفضيل: أتزوَّج النّاصبة؟ قال : لا ولا كرامة، قلت : جُعِلْتُ فِداك، والله إنّي لأقول لك هذا ولو جاءني ببيت ملآن دراهم ما فعلت.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : تزوّجوا في الشكَّاك ولا تُزوّجوهم، فإنَّ المرأة تأخذ من أدب زوجها، ويقهرها على دينه(2).

6 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن يعقوب عن مروان بن مسلم، عن الحسين بن موسى الحنّاط، عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ لامرأتي أختاً عارفة على رأيِنا، وليس على رأينا بالبصرة إلّا قليل، فأزوّجها ممّن لا يرى رأيها؟ قال: لا، ولا نعمة [ولا كرامة]، إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول (3)«فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ»(4).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر (علیه السّلام) : إنّي أخشى أن لا يحلّ لي أن أتزَّوج من لم يكن على أمري؟ فقال : ما يمنعك من البُله من النساء؟ قلت : وما البُله؟ قال : هنّ المستضعفات من اللّاتي لا ينصبن ولا يعرفن ما أنتم عليه(5).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الرّحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن النّاصب الّذي قد عُرِفَ نصبه وعداوته، هل نزوّجه المؤمنة وهو قادر على ردّه، وهو لا يعلم بردّه؟ قال : لا يزوَّج المؤمن النّاصبة ولا يتزوَّج

ص: 353


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 18. وفيه بالناصبية الاستبصار3، نفس الباب، ح 1. هذا، ولا فرق عند أصحابنا في حرمة التزويج بالناصبة المعلنة بذلك بين الدائم والمنقطع.
2- انظر الحديث رقم واحد من هذا الباب مع تخريجه.
3- الممتحنة / 10
4- الحديث مجهول.
5- التهذيب 7، 26 - باب فيمن يحرم نكاحهن بالأسباب دون ... ، ح 27 . الاستبصار 3، 119 - باب تحريم نكاح الناصبة المشهورة بذلك، ح 10 بتفاوت فيهما.

النّاصب المؤمنة، ولا يتزوَّج المستضعف مؤمنة(1).

9 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن عليّ بن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن حمران بن أعين قال : كان بعض أهله يريد التزويج، فلم يجد امرأة مسلمة موافقة، فذكرت ذلك لأبي عبد الله (علیه السّلام)، فقال : أين أنت من البُله الّذين لا يعرفون شيئاً(2).

10 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن حسن بن عليّ الوشّاء، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: قلت له أصلحك الله، إنّي أخاف أن لا يحلَّ لي أن : أتزوج؟ - يعني ممّن لم يكن على أمره (3)- ، قال : وما يمنعك من البُله من النّساء؟ وقال : هنّ المستضعفات اللّاتي لا ينصبن ولا يعرفن ما أنتم عليه (4).

11 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن نكاح النّاصب؟ فقال : لا والله، ما يحلُّ، قال فضيل : ثمَّ سألته مرَّة أُخرى، فقلت: جُعِلْتُ فِداك ما تقول في نكاحهم؟ قال : والمرأة عارفة؟ قلت: عارفة، قال: إنَّ العارفة لا توضع إلّا عند عارف.

12 - محمّد بن يحيى، عن احمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قلت : ما تقول في مناكحة النّاس (5)، فإنّي قد بلغت ما ترى وما تزوَّجت قطُّ؟ قال : وما يمنعك من ذلك؟ قلت : ما يمنعني إلّا أنّي أخشى أن لا يكون يحلُّ لي مناكحتهم، فما تأمرني؟ قال : كيف تصنع وأنت شابٌ، أتصبر؟ قلت : أتّخذ الجواريَّ، قال : فهات الآن، فيمَ، تستحلَّ الجواري، أخبرني؟ فقلت : إنَّ الأمة ليست بمنزلة الحرَّة، إن رابتني الأمة بشيء بعتها أو اعتزلتها، قال : حدَّثني، فيمَ تستحلّها؟ قال: فلم يكن عندي جواب، قلت: جُعِلْتُ فداك، أخبرني ما ترى، أتزوَّج؟ قال : ما أبالي أن تفعل، قال: قلت: أرأيت قولك: ما أُبالي أن تفعل، فإنَّ ذلك على وجهين تقول : لست أبالي أن تأثم أنت من غير أن آمرك، فما تأمرني أفعل ذلك عن أمرك؟ قال : فإنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قد تزوَّج، وكان من امرأة

ص: 354


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 19. الاستبصار ، نفس الباب ، ح 2 وفي سند الأخير : عبد الله بن مسكان، بدل: عبد الله سنان .
2- الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله من النكاح و...، صدر ح 12 بتفاوت .
3- يعني التشيع .
4- التهذيب 7 ، 26 - باب فيمن يحرم نكاحهن ... ، ح 27 بتفاوت يسير الاستبصار 3، 119 - باب تحريم الناصبة المشهورة بذلك، ح 10.
5- المقصود بالناس المخالفون

نوح وامرأة لوط ما قصًّ الله عزّ وجلّ، وقد قال الله تعالى : «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا»(1)، فقلت: إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لستُ في ذلك مثل منزلته، إنّما هي تحت يديه، وهي مقرَّة بحكمه، مظهرة دينه، أما والله ما عنى بذلك إلّا في قول الله عزّ وجلّ : «فَخَانَتَاهُمَا»، ما عنى بذلك إلّا (2)، وقد زوَّج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فلاناً، قلت : أصلحك الله، فما تأمرني ، أنطلق فأتزوَّج بأمرك؟ فقال : إن كنت فاعلاً فعليك بالبلهاء من النّساء، قلت : وما البلهاء؟ قال : ذوات الخدور العفائف، فقلت : من هو على دين سالم أبي حفص؟ فقال : لا، فقلت : من هو على دين ربيعة الرَّأي؟ قال : لا ولكنَّ العوائق (3)اللّاتي لا ينصبن ولا يعرفن ما تعرفون.

13 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : كانت تحته امرأة من ثقيف، وله منها ابن يقال له إبراهيم، فدخلت عليها مولاة لثقيف فقالت لها: من زوجك هذا؟ قالت : محمّد بن عليّ، قالت: فإنَّ لذلك أصحاباً بالكوفة، قوم يشتمون السّلف ويقولون ... قال : فخلّى سبيلها، قال فرأيته بعد ذلك قد استبان عليه وتضعضع من جسمه شيء، قال : فقلت له : قد استبان عليك فِراقها، قال وقد رأيتَ ذاك؟ قال : قلت : نعم.

14 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : دخل رجلٌ على عليّ بن الحسين (علیه السّلام) فقال : إنَّ امرأتك الشّيبانيّة خارجيّة تشتم عليّاً (علیه السّلام)، فإن سرِّك أن أسْمِعَكَ منها ذاك أسْمَعْتُكَ؟ قال : نعم، قال : فإذا كان غداً حين تريد أن تخرج كما كنت تخرج، فَعُدْ فاكمنْ في جانب الدَّار، قال: فلمّا كان من الغد، كَمَنَ في جانب الدَّار، فجاء الرَّجل فكلّمها، فتبين منها ذلك، فخلّى سبيلها، وكانت تعجبه(4).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان؛ عن أبيّ عبد الله (علیه السّلام) قال : سأله أبي - وأنا أسمع - عن نكاح اليهوديّة والنّصرانية؟ فقال : نكاحهما

ص: 355


1- التحريم / 10
2- المستثنى محذوف، وهو الفاحشة
3- العوائق : جمع العاتق وهي الشابة أول ما تدرك، وقيل : هي التي لم تَبِن من والديها ولم تتزوج وقد أدركت وشبّت.
4- التهذيب 7، 26 - باب فيمن يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب، ح 20. الاستبصار 3، 119 - باب تحريم نكاح الناصية ...، ح 3. وَكَمَنَ : توارى واستخفى

أحبُّ إليَّ من نكاح الناصبية، وما أحبُّ للرجل المسلم أن يتزوج اليهودية ولا النصرانية، مخافة أن يتهوَّد ولده أو يتنصّر.

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : تزوّج اليهوديّة والنّصرانيّة أفضل - أو (1)قال : خير - من تزوّج النّاصب والناصبيّة .

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه أتاه قوم من أهل خراسان من وراء النهر، فقال لهم : تصافحون أهل بلادكم وتناكحونهم، أمَا إنّكم إذا صافحتموهم انقطعت عروة من عرى الإسلام، وإذا ناكحتموهم انهتك الحجاب بينكم وبين الله عزّ وجلَّ.

219- باب من كُرِهَ مناكحته من الأكراد والسُّودَان وغيرهم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : إيّاكم ونكاحَ الزّنج فإنّه خَلْقُ مُشَوَّه(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن إسماعيل بن محمّد المكّي، عن عليّ بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن الحسين بن خالد، عمّن ذكره عن أبي الرَّبيع الشامي قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : لا تشتر من السودان أحداً، فإن كان لا بدَّ فمن النّوبة، فإنّهم من الّذين قال الله عزَّ وجلَّ: «وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ»(3)، أما إنّهم سيذكرون ذلك الحظّ، وسيخرج مع القائم (علیه السّلام) منّا عصابة منهم، ولا تنكحوا من الأكراد أحداً، فإنّهم جنس من الجنّ كُشِفَ عنهم الغطاء(4).

3 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن جعفر، عن عمرو بن سعيد، عن محمّد بن عبد الله الهاشميّ، عن أحمد بن يوسف، عن عليّ بن داود الحدّاد عن أبي

ص: 356


1- الترديد من الراوي.
2- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج ، ح 29
3- المائدة/ 14
4- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 30 وفي ذيله : كشف الله عنهم الغطاء

عبد الله (عليه السلام) قال : لا تُناكِحوا الزَّنج والخزر، فإنَّ لهم أرحاماً تدلُّ على غير الوفاء، قال: والهند والسّند والقند ليس فيهم نجيبٌ - يعني القندهار(1).

220- باب نكاح ولد الزنا

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن الخبيثة أتزوّجها؟ قال: لا(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) في الرّجل يشتري الجارية أو يتزوَّجها لغير رِشْدَة ويتّخذها لنفسه؟ فقال : إن لم يَخَفْ العيبَ على ولده فلا بأس(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : ولد الزّنا يُنْكَح؟ قال : نعم، ولا يطلب ولدها(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن الخبيثة، يتزوَّجها الرجل؟ قال : لا ؛ وقال : إن كان له أمة وطأها ولا يتّخذها أمّ ولده(5).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل عن الرّجل يكون له الخادم ولد زنا، عليه جناح أن يطأها ؟ قال : لا، وإن تنزّه عن ذلك فهو أحبُّ إليَّ.

ص: 357


1- الحديث ضعيف على المشهور
2- يبدو أن الكليني رحمه الله قد فهم من الخبيثة في الرواية المتولدة من الزنا، ويحتمل أن المراد بها الزانية لما ورد في سورة النور والحديث حسن
3- التهذيب 7، 41 - باب الزيادات في فقه النكاح ، ح 3 وفيه على نفسه، بدل على ولده وولد رشْدَة : في قبَال : ولد زِنيَة.
4- المشهور عندنا كراهة نكاح ولد الزنا، نعم ذهب ابن إدريس إلى القول بالتحريم لأنها عنده بحكم الكافر والحديث صحيح.
5- التهذيب 8، 9 باب السراري وملك الأيمان ، ح 39 بتفاوت يسير وأخرجه عن أحدهما (علیه السّلام). والحديث صحيح ويحتمل أن يراد بالخبيثة الزانية، ومن ولدت من زنا.

221- باب كراهية تزويج الحَمْقَاء والمجنونة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إيّاكم وتزويجَ الحمقاء، فإنَّ صحبتها بلاء وولدها ضياع(1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عمّن حدَّثه، عن أبي الله (علیه السّلام) قال : زوجوا الأحمق ولا تَزَوّجوا الحمقاء، فإنَّ الأحمق يَنجُب، والحمقاء لا تَنجُب(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزَّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : سأله بعض أصحابنا عن الرَّجل المسلم تعجبه المرأة الحسناء، أيصلح له أن يتزوَّجها وهي مجنونة؟ قال : لا، ولكن إن كانت عنده أمة مجنونة فلا بأس بأن يطأها ولا يطلب ولدها(3).

222- باب الزّاني والزّانية

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله عزَّ وجلَّ : «الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً»(4)؟ قال : هنَّ نساء مشهورات بالزّنا ورجال مشهورون بالزنا، شُهروا وعُرفوا به، والنّاس اليوم بذلك المنزل، فمن أقيم عليه حدُّ الزّنا، أو متّهم بالزّنا، لم ينبغ لأحد أن يناكحَهُ حتّى يعرف منه التّوبة(5).

2 - محمّد ين يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصبّاح الكنانيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله عزَّ وجلّ : «الزّاني

ص: 358


1- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج ، ح 31
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 32 . الفقيه 3 ، 178 - باب النوادر ، ح 32 .
3- التهذيب 7، نفس الباب ح 33. والحديث صحيح
4- النور /3. وراجع وجوه تفسير الآية في مجمع البيان للطبرسي 124/7
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 34 الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله عز وجلّ من ...، ح 2

لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً» فقال : كنَّ نسوة مشهورات بالزّنا ورجال مشهورون بالزّنا، قد عُرفوا بذلك، والنّاس اليوم بتلك المنزلة، فمن أقيم عليه حدُّ الزنا أو شُهر به، لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتّى يعرف منه التّوبة.

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان بن عثمان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في قوله عزّ وجلَّ : «الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً» قال : هم رجالُ ونساء كانوا على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) مشهورين بالزّنا، فنهى الله عزّ وجلَّ عن أولئك الرّجال والنّساء، والنّاس اليوم على تلك المنزلة، من شهر شيئاً من ذلك أو أيم عليه الحدّ، فلا تزوّجوه حتّى تُعْرَفَ توبته.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل تزوَّج امرأة فعلم بعدما تزوَّجها أنّها كانت زنت؟ قال : إن شاء زوجها أن يأخذ الصداق من الّذي زوَّجها، ولها الصّداق بما استحلّ من فَرْجها، وإن شاء تركها(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن احمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : لا خير في ولد الزّنا، ولا في بشره، ولا في شعره، ولا في لحمه، ولا في دمه، ولا في شيء منه، عجزت عنه السفينة(2)، وقد حمل فيها الكلب والخنزير.

6 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن أبَان، عن حكم بن حكيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قوله عزّ وجلَّ : «وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ»(3)، قال : إنّما ذلك في الجهر(4)، ثمَّ قال : لو أنَّ إنساناً زنى ثمَّ تاب، تزوَّج حيث شاء .

ص: 359


1- التهذيب 7، 34 - باب اختيار الأزواج ، ح 35 الاستبصار ،3، 150 - باب حكم المحدودة، ح 2. وكرر الشيخ رحمه الله ذكر هذا الحديث بزيادة في آخره وسند مختلف برقم 9 من الباب 38 من نفس الجزء من التهذيب والحديث وإن دل على جواز الفسخ بالزنا، إلا أن المشهور عندنا عدم ذلك به وإن حدث فيه. وقال الصدوق رحمه الله في المقنع : إذا زنت المرأة قبل دخول الزوج بها كان له ردّها بذلك، وقال المفيد: تردّ المحدودة في الفجور، وبه قال سلار وابن البرّاج وأبو الصلاح وابن الجنيد .
2- يعني سفينة نوح (علیه السّلام)
3- النور/ 3
4- أي في صورة كونها وكونه مجاهرين بالزنا مشهورین به.

223- باب الرجل يَفْجُرُ بالمرأة ثم يتزوّجها

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته الرَّجل، يحلُّ له أن يتزوَّج امرأة كان يفجر بها؟ فقال : إن آنس منها رشداً فَنَعَم، وإلّا فليراودَنّها على الحرام، فإن تابعته، فهي عليه حرام، وإن أبَتْ فليتزوَّجها(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبید الله بن عليّ الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام قال : أيّما رجل فجر بامرأة ثمَّ بدا له أن يتزوَّجها حلالاً، قال : أوَّله سفاح وآخره نكاح، ومثله مثل النّخلة، أصاب الرَّجل من ثمرها حراماً، ثمَّ اشتراها بعدُ فكانت له حلالاً(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام قال: سألته عن رجل فجر بامرأة ثمَّ بدا له أن بتزوَّجها؟ فقال: حلال، أوّله سفاح وآخره نكاح، أوّله حرام وآخره حلال.

4 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن جرير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام قال: قلت له : الرَّجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في تزويجها، هل

ص: 360


1- التهذيب 7، 28 - باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو . . . ، ح 7 بتفاوت يسير. الاستبصار 3، 109 - باب كراهية العقد على الفاجرة ح 3. هذا، ويقول الشهيدان: ولا تحرم الزانية على الزاني ولا على غيره ولكن يكره تزويجها مطلقاً على الأصح خلافاً لجماعة حيث حرّموه على الزاني ما لم يظهر منها التوبة ووجه الجواز الأصل وصحيحة الحلبي ... الخ».
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 3، هذا والمشهور شهرة عظيمة بين أصحابنا رضوان الله عليهم، بل نسبه في التذكرة إلى علمائنا، وفي محكي الانتصار نقل الإجماع عليه هو أن الزنا إذا كان سابقاً على التزويج وكان بالعمة أو الخالة فإنه يوجب حرمة بنتيهما . وأما إذا كان الزنا السابق على التزويج بغيرهما فقد اختلف أصحابنا رضوان الله عليهم، فحكي عن الأكثر أو الأشهر الحرمة، ونسب إلى الصدوق في بعض كتبه، وسلار في المراسم، وابن إدريس في السرائر وغيرهم القول بالجواز ونسب ذلك صاحب الرياض إلى المشهور عند القدامى، وفي المختصر النافع استوجهه، وقد استدل كل منهما لقوله بعدد من الروايات، ويقول صاحب الجواهر - وقد اختار القول بالحرمة - بعد إيراده القول بالجواز وما استدل له به من روايات: إن الجميع - كما ترى - قاصر عن معارضة ما عرفت - يعني ما دل على الحرمة من روايات - سنداً وعدداً وعاملاً ودلالة، لاحتمال الجميع الفجور بغير الجماع، أو به ولكن بعد التزويج ، أو التقية وهو أحسن المحامل».

يحلُّ له ذلك؟ قال: نعم، إذا هو اجتنبها حتّى تنقضي عدَّتها باستبراء رحمها من ماء الفجور، فله أن يتزوَّجها، وإنّما يجوز له أن يتزوَّجها بعد أن يقف على توبتها(1).

224- باب نكاح الذمِّيَّة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب؛ وغيره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل المؤمن يتزوَّج اليهوديّة والنصرانيّة؟ قال : إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهوديّة والنصرانيّة؟ فقلت له : يكون له فيها الهوى، فقال: إن فعل، فَلْيَمْنَعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، واعلم أنَّ عليه في دينه غضاضة(2).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبَان بن عثمان، عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن نكاح اليهوديّة والنصرانيّة؟ فقال : لا يصلح للمسلم أن ينكح يهوديّة ولا نصرانيّة، وإنّما يحل له منهنَّ نكاح البُله (3).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن الرجل المسلم أيتزوَّج المجوسيّة؟ :قال لا ولكن إن كانت له أمة(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن

ص: 361


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 4 وفيه إلى قوله فله أن يتزوجها .
2- التهذيب 7، 26 - باب فيمن يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب، ح 6 . وفي ذيله واعلم أن عليه في دينه في تزويجه إيّاها غضاضة .الاستبصار 3، 117 - باب تحريم نكاح الكوافر من سائر ... ، ح 6 . الفقيه 3، 124 - باب ما أحلّ الله عز وجل من . : . ، ح 7 . والغضاضة: المنقصة.
3- التهذيب 7، 26 - باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب، ح7. الاستبصار 3، 117 - باب تحریم نكاح الكوافر من ...، ح 7 والبُله : جمع أبله، وهو الغافل عن الشر، أو مطلقاً، أو الأحمق الذي لا تمييز له ، والقليل الفطنة لمداق الأمور، وقد فسره في الاستبصار - هنا - باللاتي لا يعتقدن الكفر على وجه التمسك به والعصبية له
4- الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله عزّ وجلّ من ... ، ح 8 بتفاوت وزيادة . وكذلك فعل في التهذيب 8 9 - باب السراري وملك الايمان، ح 63 . قال المحقق في الشرائع 294/2 : «لا يجوز للمسلم نكاح غير الكتابية إجماعاً، وفي تحريم الكتابية من اليهود والنصارى روايتان أشهرهما المنع في النكاح الدائم ، والجواز في المؤجل وملك اليمين، وكذا حكم المجوس على أشبه الروايتين».

رزین، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: لا يتزوّج اليهوديّة ولا النّصرانيّة على المسلمة.

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن اليهوديّة والنصرانيّة، أيتزوَّجها الرّجل على المسلمة؟ قال : لا، ويتزوّج المسلمة على اليهوديّة والنصرانيّة.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن جهم قال: لي أبو الحسن الرّضا (علیه السّلام) : يا أبا محمّد، ما تقول في رجل يتزوّج نصرانيّة على مسلمة؟ قلت : جُعِلْتُ فداك، وما قولي بين يديك؟ قال : لتقولنَّ، فإنَّ ذلك يُعلم به قولي، قلت: لا يجوز تزويج النّصرانيّة على مسلمة ولا غير مسلمة، قال : ولِمَ؟ قلت : لقول الله عزّ وجلَّ : «وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ»(1)، قال : فما تقول في هذه الآية: «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ »(2)؟ قلت فقوله : «وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ» نسخت هذه الآية، فتبسّم، ثمَّ سكت(3).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أحمد بن عمر، عن دُرُست الواسطيّ، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة بن أعين؟ عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : لا ينبغي نكاح أهل الكتاب ، قلت : جُعِلْتُ فداك، وأين تحريمه؟ قال: قوله(4): «وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ»(5).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبيه، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله عزَّ وجلَّ : «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ

ص: 362


1- البقرة/ 221
2- المائدة/ 5
3- التهذيب 7، 26 - باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون ... ، ح 1. الاستبصار 3 ، نفس الباب، ح 1 . قوله : فتبسم ظاهره التجويز والتحسين واحتمال كونه لوهن كلامه في غاية الضعف مرآة المجلسي 67/20 . هذا وقال الشهيدان : تحرم الكافرة غير الكتابية وهي اليهودية والنصرانية والمجوسية على المسلم إجماعاً ، وتحرم الكتابية عليه دواماً لا متعة وملك يمين على أشهر الأقوال، والقول الآخر الجواز مطلقاً، والثالث المنع مطلقاً
4- الممتحنة / 10 . والعِصَم، جمع عِصْمَة، وهي ما اعتصم به من عقد وسبب
5- التهذيب 7، 26 - باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب، ح2 . الاستبصار ،3 117 - باب تحریم كاح الكوافر من ...، ح 2.

قبلكم ؟ فقال : هذه منسوخة بقوله : (ولا تُمْسِكُوا بِعِصَم الكوافر (1)

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : إنَّ أهل الكتاب وجميع من له ذمّة، إذا أسلم أحد الزّوجين فهما علی نكاحهما، وليس له أن يخرجها من دار الإسلام إلى غيرها، ولا يبيت معها، ولكنّه يأتيها بالنّهار، فأمّا المشركون مثل مشركي العرب وغيرهم، فهم على نكاحهم إلى انقضاء العدَّة، فإن أسلمت المرأة ثمَّ أسلم الرَّجل قبل انقضاء عدّتها فهي امرأته ، وإن لم يسلم إلّا بعد انقضاء العدّة، فقد بانت منه، ولا سبيل له عليها، وكذلك جميع من لا ذمّة له، ولا ينبغي للمسلم أن يتزوَّج يهوديّة ولا نصرانيّة وهو يجد مسلمة حرَّة أو أمة(2).

10 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : لا ينبغي للمسلم أن يتزوَّج يهوديّة ولا نصرانيّة وهو يجد مسلمة حرَّة أو أمة(3).

11 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير، أبي جعفر (علیه السّلام) قال : سألت عن رجل له امرأة نصرانيّة، له أن يتزوَّج عليها يهوديّة؟ فقال: إنَّ أهل الكتاب مماليك للإمام، وذلك موسّع منّا عليكم خاصّة، فلا بأس أن يتزوَّج قلت: فإنّه يتزوَّج أمة؟ قال : لا، لا يصلح أن يتزوَّج ثلاث إماء، فإن تزوج عليهما حرَّة مسلمة ولم تعلم أنَّ له امرأة نصرانية ويهودية، ثمَّ دخل بها، فإنَّ لها ما أخذت من المهر، فإن شاءت أن تقيم بعدُ معه أقامت، وإن شاءت أن تذهب إلى أهلها ذهبت، وإذا حاضت ثلاث حِيَض، أو مرَّت لها ثلاثة أشهر، حلّت للأزواج، قلت: فإن طلّق عليها اليهوديّة والنّصرانيّة قبل أن تنقضي عدَّة المسلمة، له عليها سبيل أن يردَّها إلى منزله؟ قال : نعم(4).

ص: 363


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 3 ، الاستبصار 3 ، نفس الباب، ح 3 ، وقد ذهب أصحابنا إلى القول بعدم نسخها بهذه الآية كما تضمن هذا الخبر، وذلك لأنهم لا يريدون النسخ بخبر الواحد خصوصاً مع معارضة بما هو أصح منه.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 17، الاستبصار 3 ، 118 - باب الرجل والمرأة إذا كانا ذميين فتسلم . . . ، ح 6 وفي ذيلهما وهو يجد حرة أو أمة.
3- التهذيب 7، نفس الباب ح 8 . الاستبصار 3، 117 - باب تحریم نكاح الكوافر من ... ، ح 8
4- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 5 . والحديث حسن، وقد دل - فيما دل عليه - على عدم جواز تزويج الحر أكثر من أمتين، وهو المقطوع به في كلمات أكثر أصحابنا رضوان الله عليهم، وإن نسب إلى ابن أبي عقيل وابن الجنيد عدم جواز التزويج بأكثر من أمة واحدة محتجين بأن خوف العنت - كما نصت عليه الآية - يزول به.

225- باب الحُر يتزوج الأَمَةَ

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الحرّ يتزوَّج الأمة؟ قال : لا بأس إذا اضطرَّ إليها(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي الله (علیه السّلام) قال : تَزَوّج الحرّة على الأمة ولا تَزَوّج الأمة على الحرَّة، ومن تزوَّج أمة على حرّة فنكاحه باطل(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن نكاح الأمة؟ قال : يتزوّج الحرّة على الأمة، ولا تتزوّج الأمة على الحرَّة، ونكاح الأمة على الحرَّة باطل، وإن اجتمعت عندك حرَّة وأمة، فللحرَّة يومان، وللأمة يوم، ولا يصلح نكاح الأمة إلّا بإذن مواليها(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن يحيى اللّحّام، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل تزوَّج امرأة حرّة وله امرأة أمة، ولم تعلم الحرَّة أنَّ له امرأة أمة؟ قال : إن شاءت الحرَّة أن تقيم مع الأمة أقامت، وإن شاءت ذهبت إلى أهلها، قال: قلت له : فإن لم ترضَ بذلك وذهبت إلى أهلها، أفله عليها سبيل إذا لم ترض بالمقام؟ قال : لا سبيل له عليها إذا لم ترض حين تعلم قلت : فذهابها إلى أهلها هو طلاقها؟ قال : نعم، إذا خرجت من منزله اعتدَّت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء، ثمَّ تَزَوَّج إن شاءت(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) : هل للرَّجل أن يتزوَّج

ص: 364


1- التهذيب 7 ، 30 - باب العقود على الإماء وما يحلّ من .... ح 1، قال المحقق في الشرائع 2/ 290 : «قيل : لا يجوز للحر العقد على الأمة إلّا بشرطين : عدم الطُول وهو عدم المهر والنفقة وخوف العنت وهو المشقة من الترك. وقيل: يكره ذلك من دونهما وهو الأشهر، وعلى الأول، لا ينكح إلا أمة واحدة لزوال العنت بها، ومن قال بالثاني أباح أمتين اقتصاراً في المنع على موضع الوفاق».
2- التهذيب نفس الباب، ح 39.
3- روي ذيل الحديث من قوله : ولا يصلح ... الخ مع ذكره السؤال في صدر الحديث في التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 4 وفي ذيله مولاها وكذا فعل في الاستبصار 3، 136 - باب أنه لا يجوز العقد على الإماء إلا ...ح 1.
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 43

النصرانيّة على المسلمة والأمة على الحرة؟ فقال : لا تتزوَّج واحدة منهما على المسلمة؛ وتتزوَّج المسلمة على الأمة والنصرانيّة، وللمسلمة الثلثان، وللأمة والنصرانيّة الثلث(1).

6 - أبان، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألت عن الرَّجل يتزوَّج الأمة؟ قال : لا، إلّا أن يضطرَّ إلى ذلك.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا ينبغي أن يتزوَّج الرَّجل الحرُّ المملوكة اليوم، إنّما كان ذلك حيث قال الله عزّ وجلَّ : «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا»(2)، والطُّول : المهر، ومهر الحرَّة اليوم مهرُ الأمة أو أقلُّ(3).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار؛ وغيره، عن يونس عنهم (علیه السّلام) قال : لا ينبغي للمسلم الموسر أن يتزوَّج الأمة، إلّا أن لا يجد حرَّة، فكذلك لا ينبغي له أن يتزوَّج امرأة من أهل الكتاب، إلّا في حال الضّرورة، حيث لا يجد مسلمة حرَّة ولا أمة(4).

9 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا ينبغي للحرّ أن يتزوَّج الأمة وهو يقدر على الحرَّة، ولا ينبغي أن يتزوَّج الأمة على الحرَّة، ولا بأس أن يتزوَّج الحرّة على الأمة، فإن تزوَّج الحرة على الأمة، فللحرَّة يومان ، وللَّامَة يوم(5).

226- باب نكاح الشِّغار

226- باب نكاح الشِّغار(6)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) - أو عن أبي جعفر (علیه السّلام)- قال : نهى عن نكاح المرأتين ليس لواحدة منهما صداق إلّا بُضع صاحبتها؛ وقال : لا يحلُّ أن ينكح واحدة منهما إلّا بصداق، أو(7) نكاح المسلمين .

ص: 365


1- الحديث مجهول ويدل على أن الأمة والنصرانية يتماثلان في القسمة.
2- النساء/ 25 . والطُّول : أن يجد الحرة ويقدر على مهرها ونفقتها مع تمكنه من وطيها
3- التهذيب 7، 30 - باب العقود على الإماء و ...، ح 3
4- الحديثان مجهولان.
5- الحديثان مجهولان.
6- نكاح الشّغَار: نكاح كان في الجاهلية فمنع الإسلام منه. وهو ما فسّره به (علیه السّلام) في الرواية . وإنّما سمّي بذلك، لارتفاع المهر فيه من شَغَر الكلب إذا رفع إحدى رجليه ليبول.
7- «لعله إشارة إلى مفوّضة البُضع، ويحتمل أن يكون الترديد من الراوي». مرآة المجلسي 77/20.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن غياث بن إبراهيم قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا شغار في الإسلام»، والشغار أن يزوّج الرَّجل الرَّجل ابنته أو أخته ويتزوَّج هو ابنة المتزوَّج أو أُخته، ولا يكون بينهما مهر غير تزويج هذا هذا، وهذا هذا(1).

3 - عليُّ بن محمّد، عن ابن جمهور، عن أبيه رفعه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عن نكاح الشِغار، وهي الممانحة، وهو أن يقول الرّجل للرجل : زوّجني ابنتك حتّى أزوّجك ابنتي، على أن لا مهر بينهما(2).

227- باب الرجل يتزوّج المرأة ويتزوّج أمَّ ولد أبيها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السّلام) قال: سألته عن الرَّجل يتزوَّج المرأة ويتزوَّج أمّ ولد أبيها؟ فقال : لا بأس بذلك(3). فقلت له : بلغنا عن أبيك أنَّ عليَّ بن الحسين (علیه السّلام) تزوَّج ابنة الحسن بن علي (علیه السّلام) وأمَّ ولد الحسن، وذلك أنَّ رجلاً من أصحابنا سألني أن أسألك عنها؟ فقال: ليس هكذا، إنّما تزوَّج علي بن الحسين (علیه السّلام) ابنة الحسن، وأمَّ ولد لعليّ بن الحسين المقتول عندكم، فكتب بذلك إلى عبد الملك بن مروان، فعاب على عليّ بن الحسين (علیه السّلام)، فكتب إليه في ذلك، فكتب إليه الجواب، فلمّا قرأ الكتاب قال : إنَّ عليّ بن الحسين (علیه السّلام) يضع نفسه، وإن الله يرفعه.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن أبي

ص: 366


1- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور وما . . . ، ح 8. قال في النهاية : الجَلب يكون في شيئين؛ أحدهما في الزكاة، وهو أن يَقْدِمَ المصَّدِّق على أهل الزكاة فينزل موضعاً، ثم يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنهى عن ذلك، وأمر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكتهم الثاني : أن يكون في السباق، وهو أن يتبع رجلا فرسه فيزجره، ويُجلب عليه ويصيح حثاً له على الجري، فنهى عن ذلك. والجنب (في السباق أن يجنب فرساً إلى فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فتر المركوب تحوّل إلى المجنوب. والجَنّب في الزكاة أن ينزل العامل بأقصي مواضع أصحاب الصدقة ثم يأمر بالأموال أن تجنب إليه، أي تحضر ... الخ . ونكاح الشغار كان معروفاً في الجاهلية فنهى الإسلام عنه
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 9 بتفاوت يسير في الذيل.
3- إلى هنا مروي في التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح .6. هذا وقد مرّت الإشارة إلى مضمون الرواية في الحديث رقم 6 من الباب 213 من هذا الجزء فراجع

الحسن (علیه السّلام) قال: سألته عن الرَّجل يتزوَّج المرأة ويتزوَّج أمَّ ولد لأبيها؟ قال: لا بأس بذلك(1).

3 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال: سألته عن الرَّجل يهب لزوج ابنته الجارية وقد وطأها، أيطأها زوج ابنته؟ قال: لا بأس به(2).

4 - عنه، عن عمران بن موسى، عن محمّد بن عبد الحميد، عن محمّد بن الفضيل قال : كنت عند الرضا (علیه السّلام)، فسأله صفوان عن رجل تزوَّج ابنة رجل، وللرَّجل امرأة وأمَّ ولد فمات أبو الجارية، أيحلَّ للرَّجل المتزوّج امرأته وأمّ ولده؟ قال: لا بأس به.

5 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عبيس بن هشام، عن محمّد بن أبي حمزة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : ما تقول في رجل تزوَّج امرأة فأهدى لها أبوها جارية كان يطؤها، أيحلُّ لزوجها أن يطأها؟ قال: نعم(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل تزوّج أمَّ ولد كانت لرجل، فمات عنها سيّدها، وللميّت ولد من غير أمّ ولده، أرأيتَ إن أراد الّذي تزوّج أمَّ الولد أن يتزوَّج ابنة سيّدها الّذي أعتقها، فيجمع بينها وبين بنت سيّدها الّذي أعتقها؟ قال : لا بأس بذلك(4).

228- باب فيما أحله الله عَزَّ وَجَلَّ من النساء

عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن نوح بن شعيب؛ ومحمّد بن الحسن قال : سأل ابن أبي العوجاء هشامَ بن الحكم فقال له : أليس الله حكيماً؟ قال : بلى، وهو أحكم الحاكمين، قال : فأخبرني عن قوله عزَّ وجلَّ : «فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً»(5)أليس هذا فرض؟ قال : بلى، قال : فأخبرني عن قوله عزّ وجلَّ: «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْل»(6)أيُّ حكيم يتكلّم

ص: 367


1- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح، ح 7
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 10.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 11.
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 8.
5- النساء/ 3
6- النساء/ 129

بهذا؟ فلم يكن عنده جواب فرحل إلى المدينة إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) فقال : يا هشام، في غير وقت حجّ ولا عمرة؟ قال: نعم، جُعِلْتُ فِداك، لأمر أهمّني، إنَّ ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شيء، قال : وما هي ؟ قال : فأخبره بالقصّة، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : أمّا قوله عزّ وجلَّ: «فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً»، يعني : في النّفقة، وأمّا قوله : «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ»، يعني : في المودَّة، قال: فلمّا قدم عليه هشام بهذا الجواب وأخبره قال : والله ما هذا عندك(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن هشام بن الحكم قال : إنَّ الله تعالى أحلَّ الفَرْج لعِلَل مقدرة العباد في القوَّة على المهر، والقدرة على الإمساك فقال: «فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»، وقال : «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ»(2)، وقال: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ»(3)، فأحلَّ الله الفَرْج لأهل القوَّة على قدر قوَّتهم على إعطاء المهر، والقدرة على الإمساك أربعة لمن قدر على ذلك، ولمن دونه بثلاث، واثنتين وواحدة، ومن لم يقدر على واحدة تزوَّج ملك اليمين ، وإذا لم يقدر على إمساكها ولم يقدر على تزويج الحرَّة ولا على شراء المملوكة فقد أحلَّ الله تزويج المتعة بأيسر ما يقدر عليه من المهر، ولا لزوم نفقة، وأغنى الله كلَّ فريق منهم بما أعطاهم من القوّة على إعطاء المهر والجِدَة في النّفقة عن الإمساك، وعن الإمساك عن الفجور، وألاّ يؤتوا من قبل الله عزّ وجلَّ في حسن المعونة وإعطاء القوَّة والدَّلالة على وجه الحلال لما أعطاهم ما يستعفون به عن الحرام فيما أعطاهم وأغناهم عن الحرام، وبما أعطاهم وبيّن لهم، فعند ذلك وضع عليهم الحدود ؛ من الضّرب والرّجم واللّعان والفُرقة، ولو لم يُغْن الله كلَّ فرقة منهم بما جعل لهم السّبيل إلى وجوه الحلال، لما وضع عليهم حدًّا وضع عليهم حدا من هذه الحدود.

فامّا وجه التّزويج الدَّائم، ووجه ملك اليمين، فهو بيّن واضح في أيدي النّاس لكثرة معاملتهم به فيما بينهم.

ص: 368


1- التهذيب 7، 37 - باب القسمة بين الأزواج ، ح 5 ، والحديث حسن
2- النساء/ 25.
3- النساء / 24.

وأمّا أمر المتعة فأمر غمض على كثير لِعلّة نَهْيِ من نهى عنه وتحريمه لها، وإن كانت موجودة في التنزيل ومأثورة في السّنة الجامعة لمن طلب علّتها، وأراد ذلك، فصار تزويج المتعة حلالاً للغنيّ والفقير ليستويا في تحليل الفَرج كما استويا في قضاء نسك الحجّ متعة الحجّ ، فما استيسر من الهدي للغنيّ والفقير، فدخل في هذا التّفسير الغنيّ لعلّة الفقير، وذلك أنَّ الفرائض إنّما وضعت على أدنى القوم قوَّة ليسع الغنيّ والفقير، وذلك لأنّه غير جائز أن يفرض الفرائض على قدر مقادير القوم فلا يعرف قوَّة القويّ من ضعف الضّعيف، ولكن وضعت على قوَّة أضعف الضّعفاء، ثمّ رغّب الأقوياء فسارعوا في الخيرات بالنّوافل بفضل القوَّة في الأنفس والأموال، والمتعة حلالٌ للغنيّ والفقير لأهل الجِدّة ممّن له أربع، وممّن له ملك اليمين ما شاء، كما هي حلالٌ لمن لا يجد إلّا بقدر مهر المتعة والمهر ما تراضيا عليه في حدود التزويج للغنيّ والفقير قلَّ أو كَثُر.

229- باب وجوه النكاح

1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : يحلُّ الفَرْجُ بثلاث: نكاح بميراث، ونكاح بلا ميراث، ونكاح مِلك اليمين(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن موسى، عن محمّد بن زياد، عن الحسين بن زيد (2)قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : يحلُّ الفرج بثلاث: نكاح بميراث، ونكاح بلا ميراث، ونكاح بملك اليمين(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن زيد قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : يحلُّ الفرج بثلاث: نكاح بميراث، ونكاح بلا ميراث، ونكاح بملك اليمين.

ص: 369


1- التهذيب 7 ، 23 - باب ضروب النكاح ، ح 1 بتفاوت قليل. وفي سند التهذيب عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله (علیه السّلام).
2- في التهذيب : الحسن بن زيد... وكذلك في الفقيه
3- التهذيب 7، نفس الباب ح .2 الفقيه 3 ، 100 - باب وجوه النكاح ، ح 1 بتفاوت يسير. - والمقصود بالنكاح بلا ميراث نكاح المتعة وسوف يأتي الكلام على ما اشترط التوارث في عقده. ويقول الشيخ رحمه الله : «وليس يخرج عن الأقسام الثلاثة ما روي من تحليل الرجل جاريته لأخيه لأن هذا داخل في جمة الملك لأنه متى أحلّ جاريته له فقد ملّكه وطأها فهو مستبيح للفرج بالتمليك.

230- باب النظر لمن أراد التزويج

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزَّاز، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن الرَّجل يريد أن يتزوَّج المرأة، أينظر إليها؟ قال: نعم، إنّما يشتريها بأغلى الثّمن(1).

2 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم؛ وحمّاد بن عثمان؛ وحفص بن البختري كلّهم، عن أبي عبد الله(علیه السّلام) قال: لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها (2)إذا أراد أن يتزوّجها .

3 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحسن بن السريّ قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يريد أن يتزوَّج المرأة، يتأمّلها وينظر إلى خلفها وإلى وجهها؟ قال: نعم لا بأس بأن ينظر الرَّجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوَّجها، ينظر إلى خلفها (3)وإلى وجهها.

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن أبَان بن عثمان، عن الحسن بن السريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه سأله عن الرَّجل ينظر إلى المرأة قبل أن يتزوّجها؟ قال: نعم، فلمَ يعطي ماله؟! .

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن

ص: 370


1- الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله ... ، ح 24 وفيه : أينظر إلى شعرها؟ . ... وأخرجه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله(علیه السّلام) التهذيب 7، 39 - باب نظر الرجل إلى المرأة قبل أن ...، ح 1 وأخرجه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الهيثم بن أبي مسروق عن الحكم بن مسكين عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السّلام) وفيه فينظر إلى شعرها ... قال المحقق في الشرائع / 268 : «ويجوز أن ينظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها وإن لم يستأذنها ويختص الجواز بوجهها وكفّيها وله أن يكرّر النظر إليها وأن ينظرها قائمة وماشية، وروي جواز أن ينظر إلى شعرها ومحاسنها وجسدها من فوق الثياب ....» ويظهر من بعض فقهائنا كالشهيدين والمحقق من خلال عبارته المتقدمة عدم عملهم بهذا المروي واقتصروا في جواز النظر على الوجه والكفين، ومع ذلك قيدوا هذا الجواز بشروط يقول الشهيد الثاني : «ويشترط العلم بصلاحيتها للتزويج بخلوها من البعل والعدّة والتحريم وتجويز إجابتها ومباشرة المريد بنفسه فلا يجوز الاستنابة فيه وإن كان أعمى وأن لا يكون بريبة ولا تلذذ وشرط بعضهم أن يستفيد بالنظر فائدة فلو كان عالماً بحالها قبله لم يصح ، وهو حسن، لكن النص ،مطلق، وأن يكون الباعث على النظر إرادة التزويج دون العكس وليس بجيد لأن المعتبر قصد التزويج قبل النظر كيف كان الباعث».
2- جمع المِعصَم : وهو موضع السوار من الساعد.
3- المقصود بالخلف هنا ظهرها ومؤخرتها

الفضل، عن أبيه، عن رجل عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قلت له : أينظر الرَّجل إلى المرأة يريد تزويجها، فينظر إلى شعرها ومحاسنها؟ قال: لا بأس بذلك، إذا لم يكن متلذّذاً.

231- باب الوقت الذي يُكْرَهُ فيه التزويج

1 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن بن عليّ، عن العبّاس بن عامر، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ، عن ضريس بن عبد الملك قال : لمّا بلغ أبا جعفر صلوات الله عليه أنَّ رجلاً تزوّج في ساعة حارَّة عند نصف النّهار، فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : ما أراهما يتّفقان، فافترقا(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال : حدثني أبو جعفر (علیه السّلام) أنّه أراد أن يتزوَّج امرأة فكره ذلك أبي، فمضيت فتزوَّجتها، حتّى إذا كان بعد ذلك، زرتها، فنظرت فلم أو ما يعجبني فقمت أنصرف، فبادرتني القيّمة معها إلى الباب لتغلقه عليَّ، فقلت : لا تغلقيه لك الّذي تريدين، فلمّا رجعت إلى أبي أخبرته بالأمر كيف كان، فقال : أما إنّه ليس لها عليك إلّا نصف المهر، وقال : إنّك تزوَّجتها في ساعة حارَّة(2).

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن أبَان بن عثمان، عن عُبيد بن زرارة وأبي العبّاس قالا : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : ليس للرَّجل أن يدخل بامرأة ليلة الأربعاء(3).

232- باب ما يستحبّ من التزويج بالليل

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) قال: سمعته يقول في التزويج قال من السنّة التزويج باللّيل، لأنَّ الله جعل

ص: 371


1- الحديث موثق ويدل على كراهة التزويج في الوقت الحارّ.
2- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 76 . الاستبصار 3، 140 - باب ما يوجب المهر كملا، ح 10. بتفاوت فيهما. وقوله : فبادرتني ، إنما فعلت ذلك حسب ظنّها ليستقر المهر في ذمته كلّه دون النصف. والحديث موثق.
3- الحديث موثق

اللّيل سَكَناً، والنساء إنّما هنَّ سَكَن(1).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: زُفّوا عرائسكم ليلاً، وأَطْعِموا ضُحى(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه، عن ميسّر بن عبد العزيز، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: قال: يا ميسّر، تزوّج باللّيل، فإنَّ الله جعله سَكناً، ولا تطلب حاجة باللّيل، فإنَّ اللّيل مظلم، قال : ثم قال : إِنَّ للطارق لَحَقّاً عظيماً، وإنّ للصاحب لَحَقاً عظيماً(3).

233- باب الإطعام عند التزويج

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ والحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد جميعاً عن عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) قال: سمعته يقول: إنّ النجاشي لمّا خطب لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) آمنة بنت أبي سفيان، فَزَوّجه، ودعا بطعام وقال : إنَّ من سُنن المرسلين الإطعامَ عند التزويج(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) حين تزوّج ميمونة بنت الحارث، أولَمَ عليها، وأطعم

الناس الحَيْس(5).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال رفعه إلى أبي جعفر (علیه السّلام) قال : الوليمة يوم ويومان مكرمة، وثلاثة أيّام رياءً وسُمْعَة(6).

ص: 372


1- التهذيب 7، 36 - باب السنة في عقود النكاح وزفاف ... ، ح 47 . والسكن: ما يسكن إليه من أهل ومال وغيرهما.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 48 . الفقيه 3 ، 118 - باب النثار والزفاف، ح 2.
3- الطرق والطروق : الإتيان بالليل والحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 7، 36 - باب السنّة في عقود النكاح و ...، ح 5.
5- التهذيب 7، 36 - باب السنة في عقود النكاح و ...، ح 4 والحَيْس : - كما في القاموس - تمر يخلط بسمن وأقط فيعجن شديداً ويندر منه نواه، وربما يجعل فيه السويق.
6- التهذيب 7، نفس الباب، ح .. والحديث ضعيف على المشهور، ويدل على كراهة الإيلام في اليوم الثالث.

4 - عليَّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «الوليمة، أوّل يوم حقّ، والثاني معروف، وما زاد رياءً وسُمْعَة(1)»

234- باب التزويج بغير خطبة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن يعقوب، عن هارون بن مسلم(2)، عن عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن التزويج بغير خطبة ؟ فقال : أوَلَيْسَ عامّة ما يتزوّج فتياننا ونحن نتعرَّق الطعام على الخُوان، نقول : يا فلان زوّج فلاناً فلانةً، فيقول: نعم، قد فعلت(3)؟!.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن بن ميمون القدّاح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنَّ عليّ بن الحسين (علیه السّلام) كان يتزوَّج وهو بتعرَّق عرقاً يأكل، ما يزيد على أن يقول : الحمد لله، وصلّى الله على محمّد وآله، ويستغفر الله عزّ وجلَّ، وقد زوّجناك على شرط الله، ثمَّ قال علي بن الحسين (علیه السّلام : إذا حمد الله فقد خَطَبَ(4).

235- باب خُطب النكاح

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إنَّ جماعة من بني أميّة في إمارة عثمان اجتمعوا في مسجد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في يوم جمعة، وهم يريدون أن يزوّجوا رجلاً منهم، وأمير المؤمنين (علیه السّلام) قريبٌ منهم، فقال بعضهم لبعض : هل لكم أن نُخَجّل عليّاً الساعة، نسأله أن يخطب بنا ونتكلّم، فإنّه يخجل ويعيى بالكلام، فأقبلوا إليه فقالوا : يا أبا الحسن، إنّا نريد أن نزوّج فلاناً فلانة، ونحن

ص: 373


1- الحديث صحيح
2- في التهذيب : عن مروان بن ملم.
3- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح .. وكرره برقم (1) من الباب (36) من نفس الجزء . قال الجوهري والجزري : يقال عرقت العظم وتعرّقته واعترقته ؛ إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك . والخطبة - بالضم والكسر - هنا : طلب التزويج من القوم، وهي بالضم ما يقال من كلام عند طلب التزويج ، وعند العقد أيضاً من التحميد والثناء والصلاة وما يناسب المقام
4- التهذيب 7، 36 - باب السنة في عقود النكاح و ... ، ح 2

نريد أن تخطب بنا، فقال: فهل تنتظرون أحداً؟ فقالوا : لا، فوالله ما لبث حتّى قال :

الحمد لله المختصّ بالتوحيد(1)، المتقدّم بالوعيد، الفعّال لما يريد، المحتجب بالنور(2)دون خلقه ؛ ذي الأفق الطامح(3)، والعزّ الشامخ ؛ والملك الباذخ، المعبود بالآلاء، ربّ الأرض والسماء ؛ أحمده على حسن ابلاء، وفضل العطاء، وسوابغ النعماء، وعلى ما يدفع ربّنا من البلاء، حمداً يستهلّ له (4)العباد ، وينموا به البلاد وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، لمن يكن شيء قبله، ولا يكون شيءٌ بعده.

وأشهد أنَّ محمّداً (صلی الله علیه و آله و سلّم) عبده ورسوله اصطفاه بالتفضيل؛ وهدى به من التضليل، اختصّه لنفسه، وبعثه إلى خلقه برسالاته وبكلامه، يدعوهم إلى عبادته وتوحيده والإقرار بربوبيّته والتصديق بنبيّه (صلی الله علیه و آله و سلّم) بعثه على حين فترة من الرسل، وصَدَف (5)عن الحقّ، وجهالة بالربّ، وكفر بالبعث والوعيد، فبلّغ رسالاته، وجاهد في سبيله، ونصح لأُمّته، وعبده حتّى أتاه اليقين، صلّى الله عليه وآله وسلّم كثيراً.

أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم، فإنَّ الله عزّ وجلَّ قد جعل للمتّقين المخرج (6)ممّا يكرهون، والرزق من حيث لا يحتَسِبون فتنجّزوا (7)من الله موعوده، واطلبوا ما عنده بطاعته، والعمل بمحابّه، فإنّه لا يُدرك الخير إلّا به ، ولا يُنال ما عنده إلّا بطاعته، ولا تُكلانَ فيما هو كائن إلّا عليه، ولا حول ولا قوَّة إلّا بالله.

أمّا بعد، فإنَّ الله أبرم الأُمور وأمضاها على مقاديرها، فهي غير متناهية (8)عن مجاريها دون بلوغ غاياتها فيما قدَّر وقضى من ذلك، وقد كان فيما قدَّر وقضى من أمره المحتوم وقضاياه المبرمة ما قد تشعبت به الأخلاف(9)، وجرت به الأسباب، وقضى من تناهي القضايا بنا وبكم إلى

ص: 374


1- أي هو الواحد حقيقة وجوداً وذاتاً وصفاتاً فلا واجب غيره سبحانه
2- «أي ليس له حجاب إلا الظهور، أو الكمال التام، أو عرشه محتجب من الخلق بالأنوار الظاهرة مرآة المجلسي 88/20.
3- «الطامح المرتفع، ولعله كناية عن أنه تعالى مرتفع عن إدراك الحواس والعقول والأوهام، أو عن أن يصل إليه بسوء وكذا الفقرتان الآتيتان ... والشامخ: العالي، وكذا الباذخ» ن م.
4- أي يرفعون أصواتهم به
5- الصَدف : الميل.
6- إشارة إلى قوله تعالى: «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» الطلاق/ 2 و 3
7- تنجّز حاجته واستنجزها: طلب قضاءها ممن وعده بها
8- تاهى عنه : أي كفَّ عنه.
9- أي اجتمعت به الأمور المتخالفة. وشعبت الشيء : فرّقته وجمعته أيضاً، فهو من الأضداد.

حضور هذا المجلس، الّذي خصّنا الله وإيّاكم للّذي كان من تذكّرنا آلائه وحسن بلائه، وتظاهر نعمائه، فنسأل الله لنا ولكم بركة ما جمعنا وإيّاكم عليه، وساقنا وإيّاكم إليه، ثمَّ إِنَّ فلان بن فلان ذكر فلانة بنت فلان، وهو في الحَسَب من قد عرفتموه، وفي النسب من لا تجهلونه، وقد بذل لها من الصداق ما قد عرفتموه فردُّوا خيراً تُحمدوا عليه وتنسبوا إليه، وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم(1).

2 - أحمد بن محمّد، عن إسماعيل بن مهران، عن أيمن بن محرز، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: زوّج أمير المؤمنين (علیه السّلام) امرأة من بني عبد المطّلب وكان يلي أمرها فقال : الحمد لله العزيز الجبّار، الحليم الغفّار، الواحد القهّار، الكبير المتعال، سواءٌ منكم من أسرَّ القول ومن جَهَرَ به ومن هو مُسْتَخْفِ باللّيل وساربٌ (2)بالنهار، أحمده ، وأستيعنه، وأؤمن به، وأتوكّل عليه، وكفى بالله وكيلاً، من يهدي الله فهو المهتد ولا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، ولن تجد من دونه وليّاً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير، وأشهد أنَّ محمّداً (صلی الله عليه وآله) عبده ورسوله، بعثه بكتابه حجّة على عباده، من أطاعه أطاع الله، ومن عصاه عصی الله، صلّى الله عليه وآله وسلّ كثراً، إمام الهدى والنبيّ المصطفى، ثمّ إنّي أوصيكم بتقوى الله فإنّها وصيّة الله في الماضين والغابرين(3)، ثمَّ تزوَّج .

3 - أحمد، عن إسماعيل بن مهران قال : حدَّثنا عبد الملك بن أبي الحارث، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: خطب أمير المؤمنين (علیه السّلام) بهذه الخطبة فقال : الحمد الله، أحمده وأستعينه وأستغفره واستهديه، وأؤمن به وأتوكّل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً (صلی الله علیه و آله و سلّم) عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه دليلاً عليه، وداعياً إليه، فهدم أركان الكفر، وأنار مصابيح الإيمان، من يُطع الله ورسوله يكن سبيلُ الرشاد سبيلَه ونورٌ التقوى دليلَه، ومن يعص الله ورسوله يخطىء السداد كلّه، ولن يضرُّ إلّا نفسه؛ أُوصيكم عباد الله بتقوى الله وصيّة من ناصح، وموعظة من أبلغ واجتهد؛ أمّا بعد، فإنّ الله عزّ وجلَّ جعل الإسلام صراطاً منير الأعلام ، مشرق المنار، فيه تأتلف القلوب، وعليه تأخى الإخوان، والّذي بيننا وبينكم من ذلك ثابت ودُّه ، وقديمٌ عهده، معرفة من كلّ لكلّ، لجميع

ص: 375


1- الحديث صحيح .
2- سارب الذاهب على وجهه في الأرض .
3- الغابرين: الباقين. والحديث ضعيف.

الّذي نحن عليه يغفر الله لنا ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(1).

4 - أحمد بن محمّد، عن ابن العزرميِّ، عن أبيه قال : كان أمير المؤمنين (علیه السّلام) إذا أراد أن يزوّج قال : الحمد الله، أحمده وأستعينه وأؤمن وأتوكّل عليه، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون، وصلّى الله على محمد وآله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وليّ النعمة والرحمة، خالق الأنام، ومدبّر الأمور فيها بالقوَّة عليها والإتقان لها، فإنَّ الله له الحمد على غابر ما يكون وماضيه، وله الحمد مفرَداً، والثناء مخلَصاً(2)بما منه كانت لنا نعمة مونقة وعلينا مجلّلة وإلينا متزيّنة، خالقٌ ما أعوز(3)، ومذلُّ ما استصعب، ومسهّلُ ما استَوْعَر(4)، ومحصّلٌ ما استيسر، مبتدىء الخلق بدءاً أوَّلاً يوم ابتدع السماء «وهي دخان، فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين فقضاهنَّ سبع سماوات في يومين»(5) ولا يعوره شديد(6)، ولا يسبقه هارب، ولا يفوته مزائل(7)، يومَ تُوَفَّى كلّ نفس ما كسبت وهم لا يُظْلَمون، ثمَّ إِنَّ فلان بن فلان(8).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى قال : حدَّثني العبّاس بن موسى البغداديُّ رفعه إلى أبي عبد الله (علیه السّلام): جواب في خطبة النكاح: الحمد لله مصطفي الحمد ومستخلصه لنفسه، مجّد به ذكره، وأسنى به أمره(9)، نحمده غیر شاكّين فيه، نرى ما نعدُّه (10)رجاء نجاحه ومفتاح رباحه، ونتناول به الحاجات من عنده، ونستهدي الله العرى، وعزائم التقوى(11)، ونعوذ بالله من العمى بعد الهدى، والعمل في مُضِلّات الهوى؛ وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله عبد لم يعبد أحداً

ص: 376


1- الحديث مجهول
2- أي أن جميع المحامد مختصة به، أي نحمده خالصاً لكونه أهلاً له لا لطمع في ثواب ولا لخوف من عقاب.
3- أي خالق المعلومات، أو ما يحتاج إليه الخلق في تدبير معاشهم ومعادهم
4- الوعر: ضد السهل. وهو الأمر الشديد.
5- فصلت/ 11 و 12 . وقيل إن ذلك الدخان من تنفّس الماء إذ تنفس، فهو بخار أو شبيه به
6- «وفي بعض النسخ القديمة بالراء المهملة قال الفيروزآبادي: عاره يعوره ويعيره: أخذه وذهب به» مرآة المجلسي 92/20
7- يعني لا يفلت منه ولا يفر من عقابه أحد ممن يستحق ذلك
8- الحديث مجهول
9- أي رفع به أمره
10- أي من الحمد
11- عزائم التقوى: أي الأمور اللازمة التي بسببها والأخذ بها يتقى من عذابه سبحانه

غیره، اصطفاه بعلمه(1)، وأميناً على وحيه ورسولاً إلى خلقه، فصلّى الله عليه وآله، أمّا بعد، فقد سمعنا مقالتكم وأنتم الأحياء الأقربون، نرغب في مصاهرتكم، ونسعفكم بحاجتكم ونَضِنَ (2)بإخائكم، فقد شفّعنا شافعكم، وأنكحنا خاطبكم، على أنَّ لها من الصداق ما ذكرتم، نسأل الله الذي أبرم الأُمور بقدرته، أن يجعل عاقبة مجلسنا هذا إلى محابّه، إنّه وليُّ ذلك والقادر عليه(3).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عبد العظيم بن عبد الله قال : سمعت أبا الحسن (علیه السّلام) يخطب بهذه الخطبة : الحمد لله العالم بما هو كائن من قبل أن يدين له (4)من خلقه دائن، فاطر السماوات والأرض، مؤلّف الأسباب بما جرت به الأقلام ومضت به الأحتام من سابق علمه ومقدّر حكمه، أحمده على نعمه، وأعوذ به من نِقَمه، وأستهدي الله الهدى، وأعوذ به من الضّلالة والرَّدى، من يهده الله فقد اهتدى، وسلك الطريقة المثلى، وغنم الغنيمة العظمى، ومن يضلل الله فقد حار عن الهدى، وهوى إلى الرَّدى، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله المصطفى، ووليّه المرتضى، وبعيثه بالهدى، أرسله على حين فترة من الرُّسل، واختلاف من الملل، وانقطاع من السبل، ودروس من الحكمة، وطموس من أعلام الهدي والبيّنات، فبلّغ رسالة ربّه، وصدع بأمره(5)، وأدَّى الحقَّ الّذي عليه، وتوفّي فقيداً محموداً (صلی الله علیه و آله و سلّم) .

ثمَّ إنَّ هذه الأمور كلّها بيد الله، تجري إلى أسبابها ومقاديرها، فأمر الله يجري إلى قدره، وقدره يجري إلى أجَله، وأجلُه يجري إلى كتابه، ولكلّ أجل كتاب، يمحو الله ما يشاء ويُثبت وعنده أمّ الكتاب؛ أمّا بعد فإنَّ الله جل وعزَّ جعل الصّهر مألفة للقلوب ونسبة المنسوب، أوشج به الأرحام(6)وجعله رأفة ورحمة، إنَّ في ذلك لآيات للعالمين؛ وقال في محكم كتابه: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا»(7). وقال : «وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ»(8)، وإنَّ فلان بن فلان ممّن قد عرفتم منصبه في الحسب،

ص: 377


1- أي عالماً بأنه (صلی الله علیه و آله و سلّم) من أهل الاصطفاء.
2- أي نبخل وهو كناية عن الاهتمام بالإخاء والمحافظة عليه وعدم التفريط به
3- الحديث مرفوع
4- أي يتعبد ويخضع
5- وصدع بأمره : أي فرّق بين الحق والباطل. أو شق جماعات الشرك بما حمله من الهدى والحكمة
6- الواشجة : القرابة المشتبكة
7- الفرقان/ 54 .
8- النور/ 32 والأيامى : جمع الأيم، وهو من لا زوج له من أحرار نسائكم ورجالكم.

ومذهبه في الأدب، وقد رغب في مشاركتكم، وأحبَّ مصاهرتكم، وأتاكم خاطباً فتاتكم فلانة بنت فلان، وقد بذل لها من الصّداق كذا وكذا ، العاجل منه كذا والأجل منه كذا فشفّعِوا شافعنا، وأنكِحوا خاطبنا، وردُّوا ردًّا جميلًا، وقولوا قولاً حسناً، واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين(1).

7 - أحمد بن محمّد، عن معاوية بن حكيم قال خطب الرّضا (علیه السّلام) هذه الخطبة : الحمد لله الّذي حمد في الكتاب نفسه، وافتتح بالحمد كتابه، وجعل الحمد أوَّل جزاء محلّ نعمته، وآخر دعوى أهل جنّته، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، شهادة أخلصها له، وأدَّخرها عنده، وصلّى الله على محمّد خاتم النبوّة، وخير البريّة، وعلى آله آلِ الرّحمة، وشجرة النّعمة، ومعدن الرّسالة ومختلف الملائكة ؛ والحمد لله الّذي كان في علمه السابق، وكتابه النّاطق، وبيانه الصّادق، إنَّ أحقُّ الأسباب بالصّلة والأثرة وأولى الأُمور بالرَّغبة فيه سبب أوجب سبباً(2)، وأمر أعقب غنى، فقال جلَّ وعزّ : «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا» ، وقال : «وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» ، ولو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة ولا سنّة متّبعة ولا أثر مستفيض، لكان فيما جعل الله من برِّ القريب، وتقريب البعيد، وتأليف القلوب، وتشبيك الحقوق، وتكثير العدد، وتوفير الولد لنوائب الدَّهر وحوادث الأُّمور، ما يرغب في دونه العاقل اللّبيب، ويسارع إليه الموفّق المصيب، ويحرص عليه الأديب الأريب(3)، فأولى الناس بالله من اتّبع أمره وأنفذ حكمه، وأمضى قضاءه، ورجا جزاءه، وفلان بن فلان مَن قد عرفتم حاله وجلاله، دعاه رضا نفسه وأتاكم إيثاراً لكم، واختياراً لخطبة فلانة بنت فلان كريمتكم، وبذل لها من الصّداق كذا وكذا، فتلقّوه بالإجابة، وأجيبوه بالرّغبة، واستخيروا الله في أموركم يعزم لكم على رشدكم إن شاء الله نسأل الله أن يلحم ما بينكم بالبرّ والتقوى، ويؤلّفه بالمحبّة والهوى، ويختمه بالموافقة والرّضا، إنّه الدُّعاء لطيف لما يشاء(4).

بعض أصحابنا، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن إسماعيل بن مهران، عن أحمد بن

ص: 378


1- الحديث صحيح.
2- أي من الألفة والأنساب
3- الأريب : العاقل
4- الحديث موثق

محمّد بن أبي نصر قال: سمعت أبا الحسن الرّضا (علیه السّلام) يقول، ثمَّ ذكر الخطبة كما ذكر معاوية بن حكيم مثلها(1).

8 - محمد بن أحمد، عن بعض أصحابنا قال: كان الرّضا (علیه السّلام) يخطب في النّكاح: الحمد الله إجلالاً لقدرته، ولا إله إلّا الله خضوعاً لعزّته، وصلّى الله على محمّد وآله عند ذكره، إنَّ الله «خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا - إلى آخر الآية»(2).

9 - بعض أصحابنا، عن عليّ بن الحسين، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن بن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لمّا أراد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن يتزوَّج خديجة بنت خويلد، أقبل، أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش، حتّى دخل على وَرَقَة بن نوفل عمّ خديجة، فابتدأ أبو طالب بالكلام فقال : الحمد لربّ هذا البيت، الّذي جعلنا من زرع إبراهيم، وذرّية إسماعيل، وأَنْزَلَنا حرماً آمناً، وجعلنا الحكّامَ على النّاس، وبارك لنا في بلدنا الّذي نحن فيه، ثمَّ إنَّ ابن أخي هذا - يعني رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) - ممّن لا يوزن برجل من قريش إلّا رجح به، ولا يقاس به رجل إلّا عظم عنه، ولا عِدْلَ له في الخلق وإن كان مُقِلّاً في المال، فإنَّ المال رِفْدٌ جارٍ (3)وظلّ زائل، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها، والمهر عليّ في مالي الّذي سألتموه عاجلُه وآجلُه، وله - وربِّ هذا البيت - حظّ عظيم، ودين شائع، ورأي كامل، ثمَّ سكت أبو طالب وتكلّم عمّها وتلجلج وقصر عن جواب أبي طالب، وأدركه القطع والبُهر (4)وكان رجلاً من القسّيسين ، فقالت خديجة مبتدئة : يا عمّاه، إنّك وإن كنت أوَّلى بنفسي منّي في الشهود، فلستَ أولى بي من نفسي، قد زوّجتك يا محمّد نفسي والمهر عليَّ في مالي، فأمر عمّك فلينحر ناقة فَلْيُولم بها وادخل على أهلك، قال أبو طالب : أشهدوا عليها بقبولها محمّداً وضمانها المهر في مالها، فقال بعض قريش : يا عَجَباه، المهر على النّساء للرّجال، فغضب أبو طالب غضباً شديداً، وقام على قدميه وكان ممّن يهابه الرّجال ويكره غضبه، فقال : إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طلبت الرّجال بأغلا الأثمان وأعظم المهر، وإذا كانوا أمثالكم لم يزوَّجوا إلّا بالمهر الغالي، ونحر أبو طالب ناقة، ودخل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بأهله، وقال رجل من قريش يقال له عبد الله بن غنم :

ص: 379


1- هذا الطريق موثق أيضاً
2- وتتمة الآية : «وكان ربك قديراً». والحديث مرسل
3- «أي يجريه الله تعالى على عباده بقدر الضرورة والمصلحة . وفي الفقيه وغيره : رزق حائل أي متغير وهو أظهر» مرآة المجلسي 98/20
4- البُهر : - كما في القاموس - انقطاع النَفَس من الإعياء

هنيئاً مريئاً با خديجة قد جرت *** لك الطّير فيما كان منك بأسعد

تزوجته خير البريّة كلّها *** ومن ذا الّذي في النّاس مثل محمّد وبشّر به البَرّ أن به البَرّ أن عيسى بن مريم *** وموسى بن عمران في أقرب موعد

أقرَّت به الكُتّاب قِدماً بأنّه *** رسول من البطحاء هاد ومهتد (1)

236- باب السنّة فى المُهُور

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان؛ وجيل بن درَّاج، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: كان صداق النّبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) اثنتي عشرة أوقيّة ونَشّأ، والأوقيّة أربعون درهماً، والنَّش عشرون درهماً وهو نصف الأوقيّة.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : ساق رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إلى أزواجه اثنتي عشرة أوقيّة ونَشّاً، والأوقيّة أربعون درهماً، والنَّشّ، نصف الأوقيّة عشرون درهماً، فكان ذلك خمسمائة درهم، قلت: بوزننا؟ قال: نعم.

3 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين عن أبي العبّاس قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الصّداق، هل له وقت؟ قال : لا، ثمَّ قال: كان صداق النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) اثنتي عشرة أوقيّة ونَشَّاً، والنَّش، نصف الأوقيّة، والأوقية أربعون درهماً، فذلك خمسمائة درهم(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : مَهَرَ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) نساءه اثنتي عشرة أوقيّة ونَشّاً، والأوقيّة، أربعون درهماً، والنّش نصف الأوقيّة، وهو عشرون درهماً.

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد أبيه ، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سمعته يقول : قال أبي : ما زوّج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) سائر بناته، ولا تزوّج شيئاً من نسائه على أكثر من

ص: 380


1- الفقيه 3 ، 117 - باب الولي والشهود و ...، ح 9 وروي بعضه بتفاوت . والحديث ضعيف
2- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ... ، ح 13 بتفاوت قليل قوله : هل له وقت: يعني حداً موظفاً من قبل المشرع الأعظم.

اثنتي عشرة أوقيّة ونَشّ، الأوقيّة أربعون، والنّش عشرون درهماً.

6 - وروى حمّاد، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: وكانت الدَّراهم وزن ستّة يومئذ.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الحسين بن خالد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان الخزّاز، عن رجل، عن الحسين بن خالد : قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن مهر السّنّة، كيف صار خمسمائة؟ فقال : إنَّ الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه ألّا يكبّره مؤمنٌ مائة تكبيرة، ويسبّحه مائة تسبيحة، ويحمّده مائة تحميدة، ويهلّله مائة تهليلة، ويصلّي على محمّد وآله مائة مرَّة، ثمَّ يقول: «اللّهمّ زوّجني من الحور العين»، إلّا زوّجه الله حوراء عين، وجعل ذلك مهرها، ثمَّ أوحى الله عزَّ وجلَّ إلى نبيه (صلی الله علیه و آله و سلّم) أنْ سُنّ مهور المؤمنات خمسمائة درهم، ففعل ذلك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، وأيّما مؤمن خطب إلى أخيه حرمته فقال خمسمائة درهم، فلم يزوّجه، فقد عقّه، واستحقّ من الله عزّ وجلَّ ألّا يزوّجه حوراء(1).

237- باب ما تزوّج عليه أميرُ المؤمنين فاطمةَ (علیها السّلام)

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعميّ، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إنّ عليّاً تزوّج فاطمة (علیها السّلام) على جَرد برد(2)، ودرع، وفراش كان من أهاب كبش(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : زوَّج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فاطمة (علیها السّلام) على درع حطميّة يسوى ثلاثين در هما(4).

ص: 381


1- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور وما ... ، ح 14 بتفاوت قليل . وورد ضمن كلام للصدوق رحمه الله - على طريقته في حذف الأسانيد - قبيل الباب 118 من الجزء 3 من الفقيه فراجع . والحديث مجهول بسنديه.
2- الجَرد : البردة المنجردة البالية وهي مضافة إلى البرد كقولهم : جَرد قطيفة .
3- الإهاب: الجلد وقيل قبل أن يدبغ والحديث ضعيف على المشهور
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 40. والحطميّة : قيل : نسبة إلى حطمة بن محارب بطن من عبد القيس كانوا يعملون الدروع، على ما في النهاية وقيل غير ذلك.

3 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : زوَّج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عليّاً فاطمة (علیه السّلام) على درع حَطَمية، وكان فراشها أهاب كبش، يجعلان الصّوف إذا اضطجعا تحت جنوبهما.

4 - بعض أصحابنا، عن عليّ بن الحسين، عن العبّاس بن عامر، عن عبد الله بن بكير، أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : زوّج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عليّاً صلوات الله عليه فاطمة (علیها السّلام) على درع حَطَميّة يساوي ثلاثين درهما.

5 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ عن محمّد بن الوليد الخزّاز، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم الأنصاريّ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: كان صداق فاطمة (علیها السّلام) جَردَ بُرد خبرة، ودرع حطميّة، وكان فراشها أهاب كبش يُلقيانه ويفرشانه وينامان عليه.

6 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عليّ بن أسباط، عن داود، عن يعقوب بن شعيب قال : لما زوّج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عليّاً فاطمة (علیها السّلام)، دخل عليها وهي تبكي، فقال لها : ما يبكيك، فوالله لو كان في أهلي خيرٌ منه ما زوَّجتكه، وما أنا زوَّجته، ولكنّ الله زوَّجك، وأصدق عنك الخمس ما دامت السّماوات والأرض(1).

7 - عليّ بن محمّد، عن عبد الله بن إسحاق، عن الحسن بن عليّ بن سليمان، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ فاطمة (علیها السّلام) قالت لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «زوَّجتني بالمهر الخسيس»، فقال لها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ما أنا زوَّجتك ولكن الله زوَّجك من مهرك خمسَ الدُّنيا ما دامت السّماوات والأرض»(2).

238- باب أن المهر اليوم ما تراضى عليه الناس قَلَّ أو كَثُرَ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصبّاح الكنانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن المهر، ما هو؟ قال ما تراضى عليه الناس(3).

ص: 382


1- الحديث مجهول.
2- الحديث مجهول
3- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور ... ، ح 4.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : المهر ما تراضى عليه النّاس، أو اثنتا عشرة أوقيّة ونَشٌّ، أو خمسمائة درهم(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة ، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: الصداق ما تراضى عليه الناس من قليل أو كثير، فهذا الصداق(2).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن النضر بن سويد، عن موسى بن بكر، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: الصداق كلّ شيء تراضى عليه الناس قلّ أو كثر في متعة، أو تزويج غير متعة(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته المهر؟ فقال : ما تراضى عليه الناس، أو اثنتا عشرة أوقيّة ونَشّ، أو خمسمائة درهم(4)

239- باب نوادر في المهر

1 - عدَّةٌ من من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن الحسن بن زرارة عن أبيه قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن رجل تزوَّج امرأة على حُكْمها(5)؟ قال : لا يجاوز حكمها مهور آل محمّد (علیهم السّلام) اثنتي عشرة أوقيّة ونَشّ، وهو وزن خمسمائة درهم من الفضّة، قلت: أرأيتَ إن تزوَّجها على حكمه ورضيتَ بذلك؟ قال : فقال : ما حَكَمَ من شيء فهو جائز عليها قليلاً كان أو كثيراً، قال : فقلت له : فكيف لم تُجِز حكمها عليه وأجزتَ حكمه عليها ؟ قال : فقال : لأنّه حكمها فلم يكن لها أن تجوز ما سنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وتزوَّج عليه نساءه، فرددتها إلى السنّة، ولأنّها هي حَكَمَته

ص: 383


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 3 بزيادة في آخره لعلها من كلام الراوي . والنَّش: نصف الأوفية
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 5 بتفاوت .
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 1 و 2 بتفاوت
4- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ... ، ح 6. بدون قوله : ونَس بعد قوله : أو اثنتا عشرة أوقية .
5- وهذا ما يعبر عنه فقهاؤنا بالتفويض، وهو قسمان : تفويض البضع ، وهو ما لم يذكر في العقد مهر أصلا. وتفويض المهر، وهو أن يذكر على الجملة ويفوّض تقديره إلى أحد الزوجين.

وجَعَلَت الأمر إليه في المهر، ورضيت بحكمه في ذلك، فعليها أن تقبل حكمه قليلاً كان أو كثيراً(1).

2 - الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في رجل تزوَّج امرأة على حكمها، أو على حكمه فمات أو ماتت قبل أن يدخل بها؟ قال : لها المتعة والميراث، ولا مهر لها قلت فإن طلّقها وقد تزوَّجها على حكمها؟ قال : إذا طلّقها وقد تزوَّجها على حكمها لا يجاوز حكمها عليه أكثر من وزن خمسمائة فضّة، مهور نساء رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)(2).

3 - الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة، عن معلّى بن خنيس قال: سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) - وأنا حاضر - عن رجل تزوَّج امرأة على جارية له مدبّرة قد عرفتها المرأة وتقدَّمت على ذلك، ثمَّ طلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال : فقال : أرى أنَّ للمرأة نصف خدمة المدبّرة، يكون للمرأة من المدبّرة يوم في الخدمة، ويكون لسيّدها الّذي كان دبّرها يوم في الخدمة. قيل له : فإن ماتت المدبّرة قبل المرأة والسيّد، لمن يكون الميراث؟ قال : يكون نصف ما تركت للمرأة، والنّصف الآخر لسيّدها الّذي دبّرها(3).

4 - ابن محبوب، عن الحارث بن محمّد بن النّعمان الأحول، عن بريد العجليّ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل تزوَّج امرأة على أن يعلّمها سورة من كتاب الله عزّ وجلَّ؟ فقال : ما أحبُّ أن يدخل بها حتّى يعلّمها السورة ويعطيها شيئاً، قلت أيجوز أن يعطيها تمراً

ص: 384


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 43 بتفاوت قليل الاستبصار 3 ، 141 - باب من تزوج المرأة على حكمها في المهر، ح 1. وأصحابنا رضوان الله عليهم عملوا بمضمون هذه الرواية من حيث التفصيل بين ما إذا كان المفوّض الزوج أو الزوجة ولا يظهر خلاف بينهم في ذلك. يقول المحقق في الشرائع 327/2 «فإذا كان الحاكم هو الزوج لم يتقدّر في طرف الكثرة ولا القلة وجاز أن يحكم بما شاء، ولو كان الحكم إليها لم يتقدّر في طرف القلة ويتقدر في طرف الكثرة إذ لا يمضي حكمها فيما زاد عن مهر السنة وهو خمسمائة درهم»
2- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 44 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 2 الفقيه 3، 124 - باب ما أحلّ الله عزّ وجلّ من النكاح و...، ح 34.
3- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ...، ح .49 . والحديث ضعيف. يقول الشهيد الثاني رحمه الله في المسالك: «إذا دبر مملوكاً ثم جعل مهراً ثم طلق قبل الدخول، ورجع النصف، هل يبقى التدبير في النصف العائد أم لا؟ ويبنى على أن المرأة هل تملك جميع المهر بالعقد، أو النصف؟ . فذهب ابن إدريس والمتأخرون إلى البطلان والشيخ في النهاية والقاضي إلى عدمه لرواية المعلّى، وهي مع ضعفها لا تدل على انعتاقها بموت السيد كما ادعاه الشيخ ، وإنما تضمنت صحة جعلها مهراً وعود نصفها إلى المولى، وكونها مشتركة وما تركته كذلك، وهذا كله لا كلام فيه. الخ».

أو زبيباً؟ قال : لا بأس بذلك إذا رضيت به، كائناً ما كان(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : جاءت امرأة إلى النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقالت : زَوِّجني ، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : مَن لهذه؟ فقام رجلٌ فقال : أنا يا رسول الله، زوّجنيها، فقال : ما تعطيها؟ فقال : ما لي شيءٌ ، فقال : لا ، قال : فأعادت، فأعاد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) الكلام، فلم يقم أحدٌ غير الرّجل، ثمَّ أعادت، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في المرَّة الثالثة : أتحسن من القرآن شيئاً؟ قال : نعم فقال: قد زوَّجتكها على ما تحسن من القرآن، فَعلِّمها إيّاه(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل تزوَّج امرأة بألف درهم، فأعطاها عبداً له ابقاً، وبُرداً حَبَرَة بألف درهم الّتي أصدقها؛ قال : إذا رضيت بالعبد، وكانت قد عرفته، فلا بأس إذا هي قبضت الثوب ورضيت بالعبد، قلت: فإن طلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال : لا مهر لها، وتردّ عليه خمسمائة درهم ، ويكون العبد لها(3).

7 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة قال : قلت لأبي الحسن الرّضا (علیه السّلام) : تزوّج رجلٌ امرأة على خادم؟ قال : فقال لي : وَسَطُ من الخدم، قال: قلت: على بيت؟ قال : وسط من البيوت(4).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة قال : سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن رجل زوَّج ابنته ابنَ أخيه وأمهرها بيتاً وخادماً، ثمَّ مات الرّجل؟ قال: يؤخذ المهر من وسط المال، قال: قلت: فالبيت والخادم؟ قال : وسط من البيوت، والخادم وسط من الخدم، قلت: ثلاثين أربعين ديناراً ؟ والبيت نحو من ذلك ؟ فقال :

ص: 385


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 50 . والحديث مجهول.
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح والحديث صحيح . وقد جوّز الشيخ في المبسوط والخلاف جعل المهر عملاً من الأعمال كتعليم القرآن أو خياطة الثوب، وإليه ذهب المفيد وابن الجنيد وابن إدريس وعامة المتأخرين.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 47. والحديث صحيح. وسوف يكرره الكليني رحمه الله في الفروع 4، الطلاق باب ما لمطلقة التي لم يدخل بها من الصداق ، ح 6 ويقول المحقق : إذا أعطاها عوضاً عن المهر عبداً أبقاً وشيئاً آخر ثم طلقها قبل الدخول، كان له الرجوع بنصف المسمّى دون العوض، وكذا لو أعطاها متاعاً أو عقاراً فليس له إلا نصف مسمّاه
4- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ...، ح 48 بتفاوت يسير

هذا سبعين ثمانين ديناراً [ا] ومائة، نحوٌ من ذلك(1).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الله الكاهليّ قال : حدَّثني حمّادة بنت الحسن، أخت عُبيدة الحذّاء قالت: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل تزوَّج امرأة وشَرَطَ لها أن لا يتزوَّج عليها، ورضيت أنَّ ذلك مهرها؟ قالت : فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : هذا شرط فاسد، لا يكون النكاح إلّا على درهم أو درهمين(2).

10 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : في رجل تزوَّج امرأة ولم يفرض لها صداقاً ثمَّ دخل بها؟ قال: لها صداق نسائها(3).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرجل يتزوَّج بعاجلٍ وآجِل؟ قال: الأجل إلى موت أو فرقة.

12 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في رجل أسَرَّ صداقاً ، وأعلن أكثر منه؟ فقال : هو الّذي أسرَّ وكان عليه النكاح(4).

ص: 386


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 42. الاستبصار 3، 142 - باب من عقد على امرأة وشرط لها أن لا ... ، ح 3 وفيه أن السائل لأبي عبد الله (علیه السّلام) هو الكاهلي نفسه. يقول المحقق في الشرائع 329/2 : «إذا شرط في العقد ما يخالف المشروع، مثل أن لا يتزوج عليها، أو لا يتسرّى بطل الشرط وصح العقد والمهر ...».
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 29، الاستبصار 3، 139 - باب أنه إذا دخل بالمرأة ولم يُسمّ لها مهراً كان ... ح1. قال المحقق في الشرائع 326/2: «ذكر المهر ليس شرطاً في العقد، فلو تزوجها ولم يذكر مهراً، أو شرط أن لا مهر، صحّ العقد، فإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة حرة كانت أو مملوكة ولا مهر، وإن طلقها بعد الدخول فلها مهر أمثالها ولا متعة فإن مات أحدهما قبل الدخول وقبل الفرض فلا مهر لها ولا ،متعة ، ولا يجب مهر المثل بالعقد وإنما يجب بالدخول . [و] المعتبر في مهر المثل حال المرأة في الشرف والجمال وعادة نسائها، ما لم يتجاوز السنة وهو خمسمائة درهم والمعتبر في المتعة حال الزوج ، فالغني يتمتع بالدابة أو الثوب المرتفع أو عشرة دنانير والمتوسط بخمسة دنانير أو الثوب المتوسط، والفقير بالدينار أو الخاتم وما شاكله، ولا تستحق المتعة إلا المطلّقة التي لم يفرض لها مهر ولم يدخل بها».
4- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ... ، ح 34 . والحديث ضعيف على المشهور. قوله (علیه السّلام) : هو الذي أسَرٌ : إما لتقدمه كما هو الظاهر، أو لأنّه هو المقصود ، فلو كان الإعلان مقدماً أيضاً لم يعتبر لأنه لم يكن مقصوداً، والعقود إنما تتحقق بالقصود مرآة المجلسي 111/20.

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : قال : قال أبو جعفر (علیه السّلام) تدري من أن صار مهور النساء أربعة آلاف؟ قلت : لا، قال : فقال : إنَّ أمّ. بنت أبي سفيان كانت بالحبشة، فخطبها النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) وساق إليها عنه النجاشي أربعة آلاف، فمن ثُمَّ يأخذون به، فأمّا المهر، فاثنتا عشرة أوقيّة ونَشّ(1).

14 - محمد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن موسى بن جعفر، عن أحمد بن بشر، عن عليّ بن أسباط عن البطخي، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في رجل تزوَّج امرأة على سورة من كتاب الله ، ثمَّ طلّقها قبل أن يدخل بها، فبما يرجع عليها؟ قال: بنصف ما يعلّم به مثل تلك السورة(2).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : قال النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «أيّما امرأة تصدّقت على زوجها بمهرها قبل أن يدخل بها، إلّا كتب الله لها بكلّ دينار عتق رقبة»، قيل : يا رسول الله، فكيف بالهبة بعد الدُّخول؟ قال: إنّما ذلك من المودَّة والألفة(3).

16 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قلت له: ما أدنى ما يجزىء من المهر؟ قال : تمثال من سُكّر(4).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله ((علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إنّ الله يغفر كل ذنب يوم القيامة، إلّا مهر امرأة، ومن اغتصب أجيراً أجره، ومن باع حرَّا»(5).

18 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى، عن

ص: 387


1- الفقيه 3، 144 - باب النوادر، ح 39 بتفاوت وأخرجه عن جرير، عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر (علیه السلّام)، وقوله : من أين صار مهور النساء ... الخ : يقصد عند العرف.
2- الحديث مجهول. وبمضمونه قال الأصحاب، وقالوا بأنه إذا لم يعلمها قيل : بأنه يعلمها نصفها ، وقيل : يعطيها نصف الأجرة
3- الحديث ضعيف على المشهور. وقوله (علیه السّلام) : إنما ذلك ... الخ ، مشعر بأن لا ثواب في هذه الصورة، وهو بعيد إن قصدت القربة.
4- التهذيب 7 نفس ،الباب ح 36 . والحديث صحيح وذكر التمثال من السكر، إنما هو على سبيل المثال لأقل ما يتموّل وقد نص عليه الأصحاب
5- الحديث ضعيف على المشهور.

المشرقيّ، عن عدَّة حدّثوه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الإمام يقضي عن المؤمنين الدُّيون، ما خلا مهور النساء(1).

240- باب أن الدخول يهدم العاجل

1 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عُبَيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : دخول الرَّجل (2)على المرأة يهدم العاجل(3).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرّحمن بن أبي نجران، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في الرَّجل يتزوَّج المرأة ويدخل بها ثمّ تدَّعي عليه مهرها؟ فقال: إذا دخل فقد هُدِمَ العاجل(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله(علیه السّلام) في الرّجل يدخل بالمرأة ثمَّ تدَّعي عليه مهرها؟ فقال : إذا دخل بها فقد هدم العاجل(5).

241- باب من يمهر المهر ولا ينوي قضاه

1 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: من أمهر مهراً ثمَّ لا ينوي قضاءه، كان بمنزلة السارق(6)

ص: 388


1- الحديث ضعيف قوله (علیه السّلام) : ما خَلا مهور النساء. قال الوالد رحمه الله : أي لشدّتها إذا فرطوا في أدائها كما فهمه بعض الأصحاب ، ويحتمل أن يكون لخفتها لأن الغالب فيمن يتزوج مع العلم بالإعسار أنها ترضى بالتأخير إلى اليسر، وهذا عندي أظهر مرآة المجلسي 113/20أقول : والأول عندي أظهر لاقتران مهور النساء في الرواية باغتصاب أجر الأجير وبيع الحر وهما من العظائم ولا يتأتى فيهما التوجيه المذكور.
2- المقصود بدخول الرجل على المرأة وطئه لها .
3- أي العاجل من المهر، والحديث ضعيف
4- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ...، ح 25 . الاستصار 3 138 - باب أن الرجل إذا سمى المهر و ...، ح 9 :وفيهما : إذا دخل عليها
5- التهذيب 7، نفس الباب ح24 . الاستبصار 3 نفس الباب، ح 8
6- الحديث ضعيف. وظاهره عدم بطلان العقد بذلك كما هو المشهور مرآة المجلسي 114/20

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : من تزوَّج المرأة ولا يجعل في نفسه أن يعطيها مهرها، فهو زِنا(1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن ربعيّ بن عبد الله عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل يتزوَّج المرأة ولا يجعل في نفسه أن يعطيها مهرها ، فهو زِنا (2)..

242- باب الرجل يتزوّج المرأة بمهر معلوم ويجعل لأبيها شيئاً

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن الوشّاء، عن الرّضا (علیه السّلام) قال: سمعته يقول : لو أنَّ رجلاً تزوَّج امرأة وجعل مهرها عشرين ألفاً، وجعل لأبيها عشرة آلاف كان المهر جائزاً، والّذي جعل لأبيها فاسداً(3).

243- باب المرأة تَهَبُ نفسها للرجل

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان؛ ومحمّد بن سنان جميعاً عن ابن مسكان عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن المرأة تهب نفسها للرجل ينكحها بغير مهر ؟ فقال : إنّما كان هذا للنبي(صلی الله علیه و آله و سلّم) وأمّا لغيره، فلا يصلح هذا حتّى يعوّضها شيئاً، يقدّم إليها قبل أن يدخل بها

ص: 389


1- بمعناه وقريب منه في الفقيه 3، 117 - باب الولي والشهود و . .. ، ح 11 . والأول ضعيف على المشهور. والثانی صحیح
2- بمعناه وقريب منه في الفقيه 3، 117 - باب الولي والشهود و . .. ، ح 11 . والأول ضعيف على المشهور. والثانی صحیح
3- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ...، ح 28 . الاستبصار 3، 138 - باب في أن الرجل إذا سمّى المهر ودخل بالمرأة قبل أن . . . ، ح 12. قال المحقق في الشرائع 324/2: ولو سمى للمرأة مهراً، ولأبيها شيئاً معيناً لزم ما سمى لها وسقط ما سماه أبيها . . . وقال : ولا تقدير في المهر، بل ما تراضى عليه الزوجان وإن قل ما لم يكن يقصر عن التقويم كحبة من حنطة، وكذا لا حد له في الكثرة ، وقيل بالمنع من الزيادة عن مهر السنّة، ولو زاد رد إليه، وليس بمعتمده . وقد ذكر الصدوق في الفقيه صدر الحديث مرسلا والظاهر أنه جعله كلاماً له رحمه الله بعد حذف إسناده على عادته كتابه، والذي يظهر من كلامه التزامه بمضمونه. فراجع ذلك قبل دخوله في الباب 118 من الجزء 3 من الفقيه

قلَّ أو كثر، ولو ثوب أو درهم، وقال: يجزىء الدّرهم(1).

2 - عدَّةٌ أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلَّ : «وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ»(2)؟ فقال : لا تحلُّ الهبة إلّا لرسول الله(صلی الله علیه و آله و سلّم)، وأمّا غيره فلا يصلح نكاح إلّا بمهر(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصبّاح الكنانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لا تحلُّ الهبة إلا لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، وأمّا غيره فلا يصلح نكاح إلّا بمهر.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في امرأة وهبت نفسها لرجل، أو وهبها له وليّها؟ فقال: لا، إنّما كان ذلك لرسول الله(صلی الله علیه و آله و سلّم)، وليس لغيره إلّا أن يعوّضها شيئاً قلَّ أو كَثُر.

5 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أبي القاسم الكوفي، عن عبد الله المغيرة، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في امرأة وهبت نفسها لرجل من المسلمين؟ قال : إن عوّضها كان ذلك مستقيماً(4).

244- باب اختلاف الزوج والمرأة وأهلها في الصداق

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة؛ وجميل بن صالح ، عن الفضيل، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في رجل تزوَّج امرأة ودخل بها، وأولدها، ثمَّ مات عنها، فادَّعت شيئاً من صداقها على ورثة زوجها، فجاءت تطلبه منهم وتطلب الميراث؟ فقال : أمّا الميراث فلها أن تطلبه، وأمّا الصداق، فالّذي أخذت من الزّوج قبل أن يدخل بها هو الّذي حلَّ للزّوج به فَرْجُها، قليلا كان أو

ص: 390


1- الحديث صحيح، ويدل على ما هو المشهور بين المسلمين أنه كان من خصائصه (صلی الله علیه و آله و سلّم) ولا يحلّ لأحد غيره من الخلق.
2- الأحزاب / 50 .
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 41. بزيادة في أوله وتفاوت يسير.
4- الحديث مرسل وظاهر وقوع النكاح بلفظ الهبة إذا كانت معوّضة ونُصّ عليه في متن العقد.

كثيراً إذا هي قبضته منه وقبلت ودخلت عليه، ولا شيء لها بعد ذلك(1).

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج :قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الزَّوج والمرأة يهلكان جميعاً، فيأتي ورثة المرأة فيدَّعون على ورثة الرّجل الصّداق؟ فقال : وقد هَلَكَا وقُسم الميراث، فقلت: نعم، فقال: ليس لهم شيء، قلت: وإن كانت المرأة حيّة فجاءت بعد موت زوجها تدّعي صداقها؟ فقال : لا شيء لها وقد أقامت معه مقرِّة حتّى هلك زوجها، فقلت: فإن ماتت وهو حيٌّ. فجاء ورثتها يطالبونه بصداقها؟ فقال : وقد أقامت معه حتّى ماتت لا تطلبه؟ فقلت : نعم فقال : لا شيء لهم، قلت: فإن طلّقها، فجاءت تطلب صداقها؟ قال: وقد أقامت لا تطلبه حتّى طلّقها، لا شيء لها، قلت : فمتى حدُّ ذلك الّذي إذا طلبته كان لها(2)؟ قال : إذا أهديت إليه ودخلت بيته، ثمَّ طلبت بعد ذلك، فلا شيء لها، إنّه كثير لها أن تُسْتَحْلَفَ بالله ما لها قِبَلَهُ من صداقها قليل ولا كثير(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في رجل تزوَّج امرأة فلم يدخل بها، فادعت أنّ صداقها مائة دينار، وذكر الزَّوج أنَّ صداقها خمسون ديناراً، وليس بينهما بيّنة؟ فقال: القول قول الزوّج مع يمينه(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن الحسن بن زياد عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا دخل الرَّجل بامرأته ثمّ ادّعت المهر، وقال: قد أعطيتكِ، فعليها البيّنة، وعليه اليمين(5).

ص: 391


1- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ... ، ح 22 . الاستبصار ،3 138 - باب أن الرجل إذا سمى المهر ودخل بالمرأة قبل أن . . . ، ح 6 . وما تضمنه هذا الحديث مخالف لما هو المعروف من مقتضى المدعي والمنكر، ولذا لا بد من حمله على ما إذا لم يسم لها مهراً وأعطاها شيئاً ثم دخل بها حيث المشهور بين أصحابنا أنه يكون مهرها. يقول المحقق في الشرائع 328/2 : «قيل : إذا لم يسم لها مهراً وقدم لها شيئاً ثم دخل كان ذلك مهرها ولم يكن لها مطالبته بعد الدخول ... وهو تعويل على رواية واستناد إلى قول مشهور».
2- في التهذيبين لم يكن لها بدل : كان لها . ولعله هو الأنسب بلحاظ ما يقتضيه التطابق بين السؤال والجواب، والله العالم.
3- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ...، ح 23 . الاستبصار ،3، 138 - باب أن الرجل إذا سمى المهر ودخل ...، ح7 والحديث صحيح.
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 39 وفيه : وليس لها بينة على ذلك. والحديث حسن، وعليه الأصحاب.
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 26. الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 10 . وإنما كان عليها البينة لأنها المدعية وعليه اليمين لأنه المنكر.

245- باب التزويج بغير بينة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة بن أعين قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يتزوَّج المرأة بغير شهود؟ فقال: لا بأس بتزويج البتّة (1)فيما بينه وبين الله، إنّما جُعل الشهود في تزويج البتّة من أجل الولد، لولا ذلك لم يكن به بأس(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنّما جُعلت البيّنات للنّسب والمواريث وفي رواية أُخرى والحدود.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يتزوَّج بغير بيّنة؟ قال : لا بأس.

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن داود النّهديّ، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن الفضيل قال : قال أبو الحسن موسى (علیه السّلام) لأبي يوسف القاضي : إنَّ الله تبارك وتعالى أمر في كتابه بالطلاق، وأكدّ فيه بشاهدين، ولم يرض بهما إلّا عدلين، وأمر في كتابه بالتزويج، فأهمله بلا شهود، فأثبتمّ شاهدين فيما أهمل ، وأبطلتم الشاهدين فيما أكد.

246- باب ما أُحِلَّ للنبي (صلی الله عليه وآله) من النساء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن

ص: 392


1- يعني النكاح الدائم.
2- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 2 بتفاوت . الاستبصار 3 ، 97 - باب جواز العقد على المرأة متعة بغير شهود ، ح 1 بتفاوت وأخرجه فيهما عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن عروة عن ابن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله (علیه السّلام). هذا، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه لا يشترط في شيء من الأنكحة حضور شاهدين، ولو أوقعه الزوجان أو الأولياء سراً جاز ولو تأمرا بالكتمان لم يبطل، فراجع شرائع المحقق 274/2 . نعم حضور الشاهدين أفضل عندنا كما أن ابن أبي عقيل من قدامى الأصحاب خالف فاشترط حضور الشاهدين في عقد النكاح استناداً إلى رواية ضعيفة حملها الأصحاب على الاستحباب لعدم صلاحيتها في نظرهم للشرطية.

ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن قول الله عزّ وجلَّ: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ»(1)، قلت : كم أحلَّ له من النّساءِ : قال : ما شاء من شيء، قلت : قوله : «لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج»(2)؟ فقال : لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن ينكح ما شاء من بنات عمّه وبنات عمّاته، وبنات خاله وبنات خالاته، وأزواجه اللّاتي هاجرن معه، وأحلّ له أن ينكح من عرض المؤمنين بغير مهر، وهي الهبة، ولا تحلَّ الهبة إلا لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ، فأما لغير رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فلا يصلح نكاح إلّا بمهر، وذلك معنى قوله تعالى : «وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ»(3) قلت : أرأيتَ قوله : «تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ» (4)قال : من آوى فقد نكح، ومن أرجاً فلم ينكح، قلت : قوله : لا يحلّ لك النساء من بَعْدُ؟ قال : إنّما عنى به النساء اللّاتي حرَّم عليه في هذه الآية «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ - إلى آخر الآية -»(5)، ولو كان الأمر كما يقولون، كان قد أحلَّ لكم ما لم يحلُّ له، إنّ أحدكم يستبدل كلّما أراد، ولكن ليس الأمر كما يقولون، إنَّ الله عزّ وجلَّ أحلّ لنبيه (صلی الله علیه و آله و سلّم) ما أراد من النساء إلّا ما حرَّم عليه في هذه الآية الّتي في النساء(6).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلّ : «لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ» فقال: أراكم وأنتم تزعمون أنّه يحلّ لكم ما لم يحلّ لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وقد أحلَّ الله تعالى لرسوله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن يتزوَّج من النساء ما شاء، إنّما قال: لا يحلّ لك النساء من بعد الّذي حرّم عليك قوله : «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ - إلى آخر الآية».

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن جميل بن درَّاج؛ ومحمّد بن حمران، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قالا: سألنا أبا عبد الله (علیه السّلام) : كم أحِلّ لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) من النساء؟ قال : ما شاء، يقول بيده هكذا وهي له حلال ، - يعني يقبض يده(7).

ص: 393


1- الأحزاب / 50
2- الأحزاب / 52 . وقوله : من بعد ؛ أي من بعد النساء التي أحللناهنّ لك واللواتي ذكرن في الآية السابقة
3- الأحزاب / 50
4- الأحزاب / 51 .
5- النساء/ 23
6- يعني في سورة النساء، وهي الآية المذكورة أعلاه، والحديث صحيح
7- الحديث ضعيف على المشهور ويقول بيده؛ أي يشير بها

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي بكر الحضرميّ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في قول الله عزّ وجلَّ لنبيه (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ»، كم أحلّ له من النساء؟ قال : ما شاء من شيء، قلت : [قوله عزّ وجلّ:] «وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ»؟ فقال : لا تحلّ الهبة إلا لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، وأمّا لغير رسول الله فلا يصلح نكاح إلّا بمهر، قلت: أرأيتَ قول الله عزّ وجلَّ: «لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ»؟ فقال : إنّما عني به: لا يحلُّ لك النساء التي حرَّم الله في هذه الآية : «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ الی آخرها»، ولو كان الأمر كما تقولون، كان قد أحلّ لكم ما لم يحلُّ له، لأن أحدكم يستبدل كلّما أراد، ولكن ليس الأمر كما يقولون، إنَّ الله عزّ وجلَّ أحلّ لنبيّه (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن ينكح من النساء ما أراد إلّا ما حرَّم عليه في هذه الآية في سورة النساءِ(1).

5 - وعنه، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير؛ وغيره في تسمية نساء النبيّ ونَسَبهنَّ وصفتهنَّ : عائشة، وحفصة، وأمّ حبيب بنت أبي سفيان بن حرب، وزينب بنت جحش، وسَوْدَة بنت زمعة، وميمونة بنت الحارث، وصفيّة بنت حيّ بن أخطب، وأمّ سلمة بنت أبي اميّة، وجويرية بنت الحارث.

وكانت عائشة من تيم، وحفصة من عَدِيّ، وأمّ سلمة من بني مخزوم، وسَوْدَة من بني أسد بن عبد العُزّى، وزينت بنت جحش من بني أسد وعدادها من بني أميّة، وأمّ بب بنت أبي سفيان من بني أميّة، وميمونة بنت الحارث من بني هلال، وصفيّة بنت حيّ بن أخطب من بني إسرائيل، ومات (صلی الله علیه و آله و سلّم) عن تسع نساء، وكان له سواهنَّ : الّتي وهبت نفسها للنبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم)، وخديجة بنت خويلد أمُّ ولده، وزينب بنت أبي الجون الّتي خُدِعَت والكنديّة(2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لم يتزوج على خديجة.

7 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن عاصم بن حميد، عن إبراهيم بن أبي يحيى عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: تزوّج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أمّ سلمة، زوّجها إيّاه عمر بن أبي سلمة وهو صغير لم يبلغ الحلم(3).

ص: 394


1- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح، ح12 . والحديث ضعيف على المشهور
2- الحديث ضعيف
3- الحديث ضعيف

8 - أحمد بن محمّد العاصمي، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : أرأيتَ قول الله عزّ وجلّ : «لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ»؟ فقال : إنّما لم يحلّ له النساء الّتي حرّم الله عليه في هذه الآية : «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ» في هذه الآية كلّها، ولو كان الأمر كما يقولون، لكان قد أحلّ لكم ما لم يحل له هو، لأنّ أحدكم يستبدل كلّما أراد ولكن ليس الأمر كما يقولون، أحاديث آل محمّد (صلی الله علیه و آله و سلّم) خلاف أحاديث الناس، إنَّ الله عزّ وجلّ أحلّ لنبيّه (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن ينكح من النساء ما أراد إلّا ما حرّم عليه في سورة النساء في هذه الآية.

247- باب التزويج بغير وليّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل بن يسار؛ ومحمّد بن مسلم؛ وزرارة بن أعين، وبريد بن معاوية عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: المرأة الّتي قد مَلَكَت نفسها، غير السفيهة ولا المولّى عليها إنَّ تزويجها بغير وليّ جائز(1).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان بن عثمان، عن أبي ،مريم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: الجارية البكر الّتي لها أبٌ لا تتزوَّج إلّا بإذن أبيها. وقال : إذا كانت مالكة لأمرها تزوَّجت متى شاءت.

3 - أبَان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: تَزَوَّجُ المرأة من شاءت إذا كانت مالكة لأمرها، فإن شاءت جَعَلت وليّاً.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة أيّوب، عن عمر بن أبَان الكلبيّ، عن مَيسَرة قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): ألقى المرأة بالفلاة الّتي ليس فيها أحدٌ، فأقول لها : لك زوجُ ؟ فتقول : لا، فأتزوَّجها؟ قال: نعم، هي المُصَدِّقة على نفسها(2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن

ص: 395


1- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و... ، ح 1 . الاستبصار 3، 143 - باب أن الشيب ولي 1 ...، ح 8. نفسها، ح 1 . الفقيه ،3 ، 117 - باب الولي والشهود و ... ح8.
2- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و ... ، ح 2 . الاستبصار 3، 143 - ياب أن الشيب ولي 2 نفسها، ح 2.

ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : في المرأة الثيّب تخطب إلى نفسها، قال : هي أملك بنفسها، تُولّي أمرها من شاءت إذا كان كفواً بعد أن تكون قد نكحت رجلاً قبله(1).

6 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان عن الحسن بن زياد قال : قلت لأبي عبد الله(علیه السّلام) : المرأة الثيّب، تخطب إلى نفسها؟ قال : هي أملك بنفسها، تولّي أمرها من شاءت إذا كان لا بأس به، بعد أن تكون قد نكحت زوجاً قبل ذلك(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبديّ، عن عُبَيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن مملوكة كانت بيني وبين وارث معي فأعتقناها، ولها أخ غائب، وهي بكر ، أيجوز لي أن أتزوَّجها، أو لا يجوز إلّا بأمر أخيها؟ قال : بلى، يجوز لك أن تَزَوَّجَها، قلت : أفأتزوَّجها إن أردتُ ذلك؟ قال : نعم.

8 - أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة بن أعين قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : لا ينقض النكاح إلّا الأبُ(3).

248- باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها ومن لا يجب عليه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن علاء بن رزين،

ص: 396


1- التهذيب 7 ، نفس الباب . الاستبصار ، نفس الباب، ح 3 . الفقيه ،3، 117 - باب الولي والشهود و ... ، ح 6 وأخرجه بتفاوت عن عبد الحميد بن عواض عن عبد الخالق :قال سألت أبا عبد الله (علیه السّلام). هذا وقد ذهب أصحابنا رضوان الله عليهم إلى القول بأنه لا ولاية لأحد على الشيب مع البلوغ والرشد ، ولا علي البالغ الرشيد، وعليه فعبارتها عندهم معتبرة في العقد، فيجوز لها أن تزوّج نفسها وأن تكون وكيلة لغيرها إيجاباً وقبولاً . وأما البكر الرشيدة ففيها روايات أظهرها - عند بعض أصحابنا - سقوط الولاية عنها أيضاً كالثيب البالغة الرشيدة وثبوت الولاية لنفسها في الدائم والمنقطع ، ويقول المحقق في الشرائع 276/2 ، بعد أن استظهر ما تقدم في البكر الرشيدة : ومن الأصحاب من أذن لها في الدائم دون المنقطع ، ومنهم من عكس، ومنهم من أسقط أمرها معهما (أي الأب والجد فيهما . وفي رواية أخرى دالة على شركتهما في الولاية حتى لا يجوز لهما أن ينفردا عنها بالعقد. ويستفاد من ذيل هذه الرواية وغيرها اشتراط أن تكون ثيبوبتها حصلت بنكاح صحيح . وهو ما عليه أصحابنا.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح4. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 4
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 8 وح 9 بسند آخر . الاستبصار 3 ، 144 - باب أنه لا تزوج البكر إلا بإذن أبيها، ح 2

عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا تزَوَّجُ ذواتُ الآباء من الأبكار إلّا بإذن آبائهنَّ(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليَّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (علیه السّلام) قال : لا تُسْتَأْمرُ الجارية إذا كانت بين أبويها، ليس لها مع الأب أمر ، وقال : يستأمرها كلُّ أحد ما عدا الأب(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل يريد أن يزوّج أخته، قال: يؤامرها، فإن سكتت فهو إقرارها، وإن أبت لم يزوّجها، وإن قالت زوّجني فلاناً، فليزوّجها ممّن ترضى، واليتيمة في حِجْر الرَّجل، لا يزوّجها إلّا برضاها(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الجارية يزوّجها أبوها بغير رضا منها؟ قال : ليس لها مع أبيها أمر، إذا أنكحها جاز نكاحه وإن كانت كارهة . قال : وسئل عن رجل يريد أن يزوّج أخته، قال : يؤامرها، فإن سكتت فهو إقرارها، وإن أبت لم يزوّجها(4).

5 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة، عن أبَان، عن فضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا تُسْتَأمر الجارية الّتي بين أبويها إذا أراد أبوها أن يزوّجها، هو أنْظَرُ لها، وأمّا التّيب، فإنّها تُسْتَأْذَنُ وإن كانت بين أبويها إذا أرادا أن يزوجاها.

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن الصلت قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السّلام) عن الجارية الصغيرة يزوّجها أبوها ألَها أمر إذا بلغت؟ قال: لا، ليس لها مع أبيها أمرٌ، قال : وسألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء، ألَها مع

ص: 397


1- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و ... ، ح 7. الاستبصار 3، 144 - باب أنه لا تزوج البكر إلا بإذن أبيها ، ح 1. الفقيه 3 ، 117 - باب الولي والشهود و ... ، ح 1 وفيه : لا تنكح.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 13 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 5 .
3- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 26. الاستبصار 3، 146 - باب من يعقد على المرأة سوى أبيها ، ح 1 وفي ذيله: إلا برضا منها الفقيه ، نفس الباب، ح 7 وفي ذيله إلا ممن ترضى
4- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و ... ، ح 15 وروي صدر الحديث إلى قوله : وإن كانت كارهة

أبيها أمرٌ قال: لا ليس لها مع أبيها أمرٌ ما لم تكبر(1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن مهزيار، عن محمّد بن الحسن الأشعريّ قال: كتب بعض بني عمّي إلى أبي جعفر الثاني (علیه السّلام): ما تقول في صبيّة زوَّجها عمّها، فلمّا كبرت أبت التزويج؟ فكتب بخطّه : لا تُكْرَهُ على ذلك ، والأمر أمرها(2).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قال أبو الحسن (علیه السّلام) في المرأة البكر، إذنها صماتها، والثيّب أمرها إليها.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن الصبيّة يزوّجها أبوها، ثمًّ يموت وهي صغيرة، فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها، أيجوز عليها التزويج ، أو الأمر إليها ؟ قال : يجوز عليها تزويج أبيها(3).

249- باب الرجل يريد أن يزوج ابنته ويريد أبوه أن يزوجها رجلاً آخر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): الجارية يريد أبوها أن يزوّجها من رجل ويريد جدُّها أن يزوّجها من رجل آخر؟ فقال: الجدُّ أولى بذلك ما لم يكن مُضَاراً، إن لم يكن الأب زوَّجها قبله ويجوز عليها تزويج الأب والجدّ(4)،

ص: 398


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 16 . الاستبصار 3، 145 - باب أن الأب إذا عقد على ابنته الصغيرة قبل . . . ح 1 بتفاوت فيهما.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 27، الاستبصار 3، 146 - باب من يعقد على المرأة سوى أبيها، ح2 هذا ولا ولاية في النكاح عند أصحابنا إلا للأب والجد له وإن علا على الصغيرة أو المجنونة أو البالغة سفيهة وكذا الذكر المتصف بأحد الأوصاف الثلاثة مع اختلافهم في البكر البالغة رشيدة كما تقدم. وللمولى على رقيقه، والحاكم والوصي على من بلغ فاسد العقل أو سفيها مع كون النكاح صلاحاً له وخلوه من الأب والجد له، ولا ولاية لهما على الصغيرة مطلقاً في المشهور ولا على من بلغ رشيداً، ويزيد الحاكم الولاية على من بلغ ورشد ثم تجدد له الجنون، وفي ثبوت ولاية الوصي على الصغيرين مع المصلحة مطلقاً أو مع تصريحه له في الوصية بالنكاح أقوال ...»
3- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 17. الاستبصار، 145 - باب أن الأب إذا عقد على ابنته الصغيرة قبل أن ... ح 2. الفقيه 3 ، 117 - باب الولي والشهود و ...، ح 2 . قال المحقق في الشرائع 276/2 : «وتثبت ولاية الأب والجد للأب على الصغيرة وإن ذهبت بكارتها بوطء أو غيره، ولا خيار لها بعد بلوغها على أشهر الروايتين».
4- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و ... ، ح 36 . الفقيه 3 ، 117 - باب الولي والشهود و...، ح 3 بتفاوت في الذيل، قال المحقق في الشرائع 2/ 278 «ولو اختار الأب زوجاً والجد آخر، فمن سبق عقده صح، وبطل المتأخر، وإن تشاحًا قدّم اختيار الجد، ولو أوقعاه في حالة واحدة ثبت عقد الجد دون الأب».

2 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن علاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) قال : إذا زوَّج الرَّجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه، ولابنه أيضاً أن يزوّجها، فقلت : فإن هوى أبوها رجلاً وجَدّها رجلاً: فقال : الجدُّ أولى بنكاحها(1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي المغرا، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إنّي لَذَاتَ يوم عند زياد بن عبيد الله الحارثيّ، إذ جاء رجلٌ يستعدي على أبيه ، فقال : أصلح الله الأمير، إنَّ أبي زوَّج ابنتي بغير إذني؟ فقال زياد لجلسائه الّذين عنده: ما تقولون فيما يقول هذا الرَّجل؟ قالوا : نكاحه باطل، قال : ثمَّ أقبل عليَّ فقال : ما تقول يا أبا عبد الله (علیه السّلام)؟ فلمّا سألني، أقبلت على الّذين أجابوه فقلت لهم : أليس فيما تروون أنتم عن رسول الله (علیه السّلام)، أنَّ رجلاً جاء يستعديه على أبيه في مثل هذا، فقال له رسول الله (علیه السّلام) : «أنت ومالُك لأبيك»؟ قالوا : بلى، فقلت لهم : فكيف يكون هذا وهو وماله لأبيه، ولا يجوز نكاحه [عليه]؟ قال: فأخذ بقولهم، وترك قولي(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، [جميعاً] عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم؛ ومحمّد بن حكيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا زوَّج الأب والجدُّ، كان التزويج للأوَّل، فإن كان جميعاً في حال واحدة، فالجدُّ أوّلى)(3).

5 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، وعن جعفر بن سماعة ، عن أبَان، عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الجدَّ إذا زوَّج ابنة ابنه، وكان أبوها حيّاً، وكان الجدُّ مَرْضِيّاً، جاز، قلنا : فإن هوى أبو الجارية هوى، وهوى الجدّ هوى، وهما سواء في العدل والرّضا؟ قال : أحبُّ إليّ أن ترضى بقول الجدّ(4).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا زوَّج الرَّجل فأَبى ذلك

ص: 399


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 37 ورواه بسند آخر وتفاوت وزيادة في آخره برقم 23 من نفس الباب من التهذيب.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 7، نفس الباب ح 38 . الفقيه 3، نفس الباب ح 4 بتفاوت يسير فيهما.
4- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و...، ح 40 . والمقصود بكون الجد مرضيّاً أي في دينه وعقله بأن لا يكون كافراً أو فاسقاً أو سفيهاً.

والده، فإنّ تزويج الأب جائز وإن كره الجدُّ، ليس هذا مثل الّذي يفعله الجدُّ ثمَّ يريد الأب أن یردَّه(1).

250- باب المرأة يزوّجها وليّان غير الأب والجد كل واحد من رجل آخر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن قيس عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السّلام) في امرأة أنكحها أخوها رجلاً، ثمَّ أنكحتها أمّها بعد ذلك رجلاً، وخالها أو أخ لها صغير، فدخل بها، فحبلت، فاحتكما فيها، فأقام الأوّل الشهود، فألحقها بالأوَّل وجعل لها الصداقين جميعاً، ومنع زوجها الّذي حقّت له أن يدخل بها حتّى تضع حملها، ثمَّ ألحق الولد بأبيه(2).

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان، عن ابن مسكان، عن وليد بيّاع الأسفاط قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) - وأنا عنده - عن جارية كان لها أخَوان، زوّجها الأكبر بالكوفة، وزوِّجها الأصغر بأرض أخرى؟ قال: الأوَّل بها أولى، إلا أن يكون الآخر قد دخل بها، فإن دخل بها فهي امرأته، ونكاحه جائز(3).

3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : سأله رجل عن رجلٌ مات وترك أخوين، والبنت والابنة صغيرة، فعمد أحد الأخوين الوصيُّ فزوَّج الابنة من ابنه، ثمَّ مات أبو الابن المزوّج، فلمّا أن مات قال الآخر: أخي لم يزوّج ابنه، فزوَّج الجارية من ابنه، فقيل للجارية : أيُّ الزَّوجين أحبُّ إليك : الأوَّل أو الآخر؟ قالت : الآخر، ثمَّ إنَّ الأخ الثاني مات، وللأخ الأوّل ابن أكبر من الابن المزوّج، فقال للجارية : اختاري أيّهما أحبُّ إليك، الزَّوج الأوَّل أو الزَّوج الآخر؟ فقال : الرواية فيها : أنّها للزّوج الأخير، وذلك أنّها [تكون] قد كانت أدركت حين زوَّجها، وليس لها أن تنقض ما عقدته بعد إدراكها(4).

ص: 400


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 39 بتفاوت يسير والحديث ضعيف على المشهور
2- التهذيب 7، نفس ،الباب ح 28 . الاستبصار 3 ، 146 - باب من يعقد على المرأة سوى أبيها ح 4 . وإنما حق لها الصداقان جميعاً لأن المهر الثاني إنما كان لوطي الشبهة . ولذا لو دخل بها الثاني مع علمهما بسبق عقد الأول فهما ،زانيان ولا مهر لها وكذا لو علمت هي فهي زانية دونه.
3- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح ...، ح 29 الاستبصار 3، 146 - باب من يعقد على المرأة سوى أبيها، ح 3 ، قال الشهيدان: «ولو زوّجها الأخوان برجلين فالعقد للسابق منهما إن كانا وكيلين، وإلا يكونا وكيلين فلتتخّير المرأة ما شاءت منهما كما لو عقد غيرهما فضولًا»
4- التهذيب 7، نفس الباب ح 30 . والحديث صحيح، ويدل على عدم ولاية الوصي في النكاح.

251- باب المرأة تُولّي أمرها رجلاً ليزوجها من رجل فَزَوَّجَهَا من غيره

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في امرأة ولّت أمرها رجلاً فقالت: زوّجني فلاناً، فقال : إنّي لا أزوّجك حتّى تشهدي لي أنَّ أمرك بيدي، فأشهدت له، فقال عند التزويج للّذي يخطبها: يا فلان عليك كذا وكذا، قال: نعم، فقال هو للقوم : أشهدوا أنَّ ذلك لها عندي وقد زوَّجتها نفسي، فقالت المرأة : لا ولا كرامة وما أمري إلّا بيدي، وما وليتك أمري إلّا حياءً من الكلام، قال: تُنْزَعُ منه، وتوجع رأسه(1).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن أبي الصبّاح الكنانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) مثله.

252- باب إن الصغار إذا زُوِجوا لم يأتلِفُوا

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) - أو (2)أبي الحسن (علیه السّلام) - قال : قيل له : إنّا نزوّج صبياننا وهم صغار؟ قال: فقال : إذا زُوّجوا وهم صغار، لم يكادوا يتألفوا(3).

253- باب الحدّ الذي يدخل بالمرأة فيه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن

ص: 401


1- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و ...، ح 41 بتفاوت يسير الفقيه 3 ، 37 - باب الوكالة، ح 6 بزيادة في أوله، كما ذكره الشيخ رحمه الله برقم 7 كذيل حديث من الباب 86 من الجزء 6 من التهذيب والحديث صحيح بسنديه . ويدل على ما هو المشهور عند الأصحاب من أن الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه إلا إذا كانت وكالته مطلقة تشمل ذلك. وإن ذهب بعض أصحابنا رضوان الله عليهم إلى عدم الجواز حتى مع الإطلاق والتعميم ایضاً.
2- الشك من الراوي
3- الحديث حسن كالصحيح

عبد الكريم بن عمرو، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : لا يُدْخَل بالجارية حتّى يأتي لها تسع سنين، أو عشر سنين(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال : إذا تزوَّج الرَّجل الجارية وهي صغيرة فلا يدخل بها حتّى يأتي لها تسع سنين.

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن صفوان بن يحيى، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: لا يُدْخَلُ بالجارية حتّى يأتي لها تسع سنين، أو عشر سنين(2).

4 - عنه، عن زكريّا المؤمن أو (3)بينه وبينه رجلٌ، ولا أعلمه إلّا حدَّثني عن عمّار السجستانيّ قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول لمولى له : انطلق فقل للقاضي : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «حدُّ المرأة أن يُدْخَلَ بها على زوجها ابنة تسع سنين»(4).

254- باب الرجل يتزوّج المرأة ويتزوّج ابنهُ ابْنَتَها

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل يطلّق امرأته، ثمَّ خَلَف عليها رجلٌ بَعد، فولدت للآخر، هل يحلُّ ولدها من الآخر لولد الأوَّل من غيرها؟ قال : نعم، قال : وسألته عن رجل أعتق سريّة له ثمّ خَلَف عليها رجل بعده، ثمَّ ولدت للآخر، هل يحلّ ولدها لولد الّذي أعتقها؟ قال : نعم(5).

ص: 402


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 42 وكرره برقم 13 من الباب 41 من نفس الجزء
2- التهذيب 7، 36 - باب السنة في عقود النكاح و .... ، ح 9 . الفقيه 3، 124 - باب ما أحلّ الله ... ح 25. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم جواز الدخول بالصبيّة قبل إكمالها تسع سنين ، فلو فعل لم تحرم على الأصح إلا إذا أفضاها بالوطي، «بأن صيّر مسلك البول والحيض واحداً أو مسلك الحيض والغائط، وهل تخرج بذلك من حبالته قولان أظهرهما العدم وعلى القولين يجب الإنفاق عليها حتى يموت أحدهما» الشهيدان (رحمه الله) في كتابهما ص 55 - 56 من كتاب النكاح من المجلد الثاني الطبعة الحجرية. والشرائع للمحقق (رحمه الله) 270/2.
3- الشك من الراوي
4- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و... ، ح 43 .
5- لتهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح، ح 16. الاستبصار ،3، 114 - باب الرجل يتزوج المرأة هل يجوز أن يزوج ابنه ابنتها من ...، ح 1.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان؛ وأحمد بن محمّد العاصميّ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن صفوان بن يحيى، عن شعيب العقرقوفيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يكون له الجارية بقع عليها يطلب ولدها، فلم يرزق منها ولداً، فوهبها لأخيه، أو باعها ، فولدت له أولاداً، أيزوّج ولده من غيرها ولد أخيه منها؟ فقال: أعِدْ علي، فأعدت عليه فقال : لا بأس به(1).

3 - وعنه، عن الحسين بن خالد الصيرفيّ قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن هذه المسألة؟ فقال : كرّرها عليَّ، قلت له : إنّه كانت لي جارية فلم ترزق منّي ولداً، فبعتها فولدت من غيري ولداً، ولي ولد من غيرها، فأزوج ولدي من غيرها ولدَها؟ قال: تزوَّج ما كان لها من ولد قبلك، يقول : قبل أن يكون لك(2).

4 - وعنه، عن زيد بن الجهيم (3)الهلاليّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يتزوَّج المرأة ويزوّج ابنه ابنتها؟ فقال : إن كانت الابنة لها قبل أن يتزوَّج بها، فلا بأس(4).

255- باب تزويج الصِّبيَان

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان عثمان، عن الفضل بن عبد الملك قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يزوّج ابنه وهو صغير؟ قال : لا بأس، قلت : يجوز طلاق الأب؟ قال : لا قلت على من الصّداق؟ قال : على الأب إن كان ضَمِنَه لهم، وإن لم يكن ضَمِنه فهو على الغلام، إلّا أن لا يكون للغلام مالُ فهو ضامن له وإن لم يكن ضَمِنَ وقال : إذا زوَّج الرَّجل ابنه فذلك إلى أبيه ، وإذا زوَّج الإبنة جاز(5).

ص: 403


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 17. الاستبصار ، نفس الباب، ح 2. والحديث حسن. والأمر بالإعادة الحكمة منه إفهام الحاضرين حقيقة المسألة وذلك تمهيداً لاستيعابهم الحكم وتحملهم له لينقلوه صحيحا. وكذا الأمر بالتكرار في المسألة التالية
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 18. وفي ذيله : قبل أن يكون ذلك . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 4 . قال المحقق في الشرائع 301/20: «يكره أن يزوج ابنه بنت زوجته من غيره إذا ولدتها بعد مفارقته، ولا بأس بمن ولدتها قبل نكاح الأب».
3- في التهذيبين : الجهم
4- التهذيب 7، 41 - باب الزيادات في فقه النكاح ، ح 19. الاستبصار 3، 114 - باب الرجل يتزوج امرأة هل يجوز أن يزوج ابنه ابنتها من ... ، ح 5 الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله ،... ، ح 76 بتفاوت، يقول المحقق في الشرائع 332/2 : إذا زوج ولده الصغير، فإن كان له مال فالمهر على الولد، وإن كان فقيراً فالمهر في عهدة الوالد ولومات الوالد أخرج المهر من أصل تركته، سواء بلغ الولد وأيسر أو مات قبل ذلك، فلو دفع الأب المهر وبلغ الصبي فطلق قبل الدخول استعاد الولد النصف دون الوالد لأن ذلك يجري مجرى الهبة له.
5- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و ...، ح 35 وفيه : فذلك إلى ابنه، بدل : فذلك إلى أبيه. ويتفاوت يسير آخر.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عبد الله بن بكير، عن عُبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرجل يزوّج ابنه وهو صغير؟ قال : إن كان لابنه مال فعليه المهر، وإن لم يكن للابن ،مال، فالأب ضامن المهر، ضَمِنَ أو لم يُضْمَن(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن زرين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) قال : سألته عن رجل كان له ولد، فزوَّج منهم اثنين وفرض الصّداق، ثمَّ مات من أين يُحْسَب الصداق؛ من جملة المال، أو من حصّتهما؟ قال : المال، إنّما هو بمنزلة الدَّين(2).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة الحذَّاء قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن غلام وجارية زوَّجهما وليّان لهما، وهما غير مُدْرِكَيْن؟ فقال : النّكاح جائز، وأيّهما أدرك كان له الخيار، وإن مانا قبل أن يُدركا فلا ميراث بينهما ولا مهر، إلّا أن يكونا قد أدركا ورَضِيا، قلت: فإن أدرك أحدهما قبل الآخر؟ قال : يجوز ذلك عليه إن هو رضي، قلت : فإن كان الرَّجل الّذي أدرك قبل الجارية ورضي بالنّكاح، ثمَّ مات قبل أن تدرك الجارية، أتَرِثَهُ؟ قال: نعم، يُعْزَل ميراثها منه حتّى تدرك فتحلف بالله ما دعاها إلى أخذ الميراث إلّا رضاها بالتزويج، ثمّ يُدفع إليها الميراث ونصف المهر، قلت: فإن ماتت الجارية ولم تكن أدركت أيرثها الزّوج المدرك؟ قال : لا، لأنَّ لها الخيار إذا أدركت، قلت: فإن كان أبوها هو الّذي زوَّجها قبل أن تدرك؟ قال : يجوز عليها تزويج الأب، ويجوز على الغلام، والمهر على الأب للجارية(3).

ص: 404


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 34
2- التهذيب 7، نفس الباب ح 33 وذكره أيضاً برقم 56 من الباب 31 من نفس الجزء من التهذيب
3- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و ... ، ح 31 . والحديث صحيح، وبمضمونه أفتى الأصحاب، إلا ما يتعلق من تنصيف المهر، فإن المشهور بين المتأخرين عدم استحقاقها له

256- باب الرجل يهوى امرأة ويهوى أبواه غيرها

1 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن حبيب الخثعميّ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : إنّي أريد أن أتزوَّج امرأة، وإنَّ أبويّ أرادا غيرها؟ قال : تزوّج التي هَوِيتَ، ودع الّتي يهوى أبواك(1).

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن إسماعيل بن سهل، عن الحسن بن محمّد الحضرمي، عن الكاهليّ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) أنّه سئل عن رجل زَوَّجَتْهُ أُمّه وهو غائب؟ قال : النكاح جائز، إن شاء المتزوّج قَبِل، وإن شاء ترك، فإن ترك المتزوّج تزويجه، فالمهر لازم لأمه(2).

257- باب الشرط في النكاح وما يجوز منه وما لا يجوز

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في الرَّجل يتزوج المرأة إلى أجل مسمّى، فإن جاء بصداقها إلى أجل مسمّى فهي امرأته، وإن لم يأت بصداقها إلى الأجل، فليس له عليها سبيل، وذلك شرطهم بينهم حين أنكحوه؟ فقضى للرَّجل أنَّ بيده يُضع امرأته، وأحبط شرطهم(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل يتزوّج المرأة ويشترط

ص: 405


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 44 بتفاوت جداً يسير
2- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و ...، 45 . وذكره أيضاً برقم 86 من الباب 31 من نفس الجزء من التهذيب والحديث ضعيف. قال الشهيد الثاني في المسالك : «اتفق الأصحاب عدا ابن الجنيد على أن الأم لا ولاية لها على الولد مطلقاً، فلو زوجته بغير إذنه توقف على إجازته سواء كان قبل البلوغ أم بعده، فإن أجاز لزمه العقد والمهر، وقال الشيخ وأتباعه : يلزمها مع ردّه المهر تعويلاً على رواية محمد بن مسلم وهي ضعيفة السند، وحملت على دعواها الوكالة، وفيه نظر. والأقوى عدم وجوب المهر على مدّعي الوكالة مطلقاً إلا مع ضمانه، فيجب على حسب ما ضمن من الجميع أو البعض، ويمكن حمل الرواية عليه».
3- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و...، ح 61

لها أن لا يخرجها من بلدها؟ قال : يفي لها بذلك - أو (1)قال : يلزمه ذلك(2).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل تزوَّج امرأة وشرط عليها أن يأتيها إذا شاء، وينفق عليها شيئاً مسمّى كلِّ شهر؟ قال : لا بأس به(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة قال : سئل أبو جعفر (علیه السّلام) عن المهارية (4)يشترط عليها عند عقدة النكاح أن يأتيها متى شاء، كلِّ شهر، وكلًّ جمعة يوماً، ومن النّفقة كذا وكذا؟ قال: ليس ذلك الشرط بشيء، ومن نزوَّج امرأة فلها ما للمرأة من النّفقة والقسمة، ولكنّه إذا تزوَّج امرأة فخافت منه نشوراً، أو خافت أن يتزوَّج عليها أو يطلّقها، فصالحته من حقّها على شيء من نفقتها أو قسمتها، فإنَّ ذلك جائز لا بأس به(5).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان عن علاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) في الرَّجل يقول لعبده : أعْتِقُك على أن أزوّجك ابنتي، فإن تزوَّجتَ أو تسرَّيتَ عليها فعليك مائة دينار، فأعتقه على ذلك، وتسرِّى أو تزوَّج؟ قال : عليه

شرطه(6).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، أن ضريساً كانت تحته بنت حمران ، فجعل لها أن لا يتزوَّج عليها وأن لا يتسرّى أبداً في حياتها ولا بعد موتها، على أن جعلت له هي أن لا تتزوَّج بعده، وجعلا عليهما من الهَدي والحجّ والبدن وكلّ مالهما في المساكين إن لم يف كلُّ واحد منهما لصاحبه، ثمَّ إنّه أتى أبا

ص: 406


1- الترديد من الراوي .
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 69 ، قال المحقق في الشرائع 329/2 : «إذا شرط أن لا يخرجها من بلدها قيل يلزم، وهو المروي ، ولو شرط لها مهراً إن أخرجها إلى بلاده وأقلّ منه إن لم تخرج معه، فأخرجها إلى بلد الشرك لم يجب إجابته ولها الزائد، وإن أخرجها إلى بلد الإسلام كان الشرط لازما، وفيه تردد».
3- التهذيب 7، نفس ،الباب ، ح 64 بسند آخر وتفاوت يسير
4- في التهذيب : النهارية وهي التي يتزوجها سراً لمكان زوجته الأولى ويشترط عليها أن يأتيها نهاراً لثلا تطلع زوجته الأولى عليه ولعل المراد بالمهارية المهيرة: وهي الحرة تنكح بمهر
5- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ...، ح 68 بتفاوت يسير
6- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 62 بتفاوت الفقيه 3 ، 48 - باب العتق ،وأحكامه ح 5 بتفاوت وسند آخر. وقد كرر الشيخ رحمه الله هذا الحديث برقم 29 من الباب 10 من الجزء 8 من التهذيب

عبدالله (علیه السّلام) فذكر ذلك له، فقال: إنَّ لابنة حمران لَحَقّاً، ولن يحملنا ذلك على أن لا نقول لك الحقِّ، اذهب وتزوّج وتسرَّ، فإنَّ ذلك ليس بشيء، وليس شيء عليك ولا عليها، وليس ذلك الّذي صنعتها بشيء، فجاء فتسرّى، وولد له بعد ذلك أولاد(1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في امرأة نكحها رجلٌ ، فأصْدَقَتْهُ المرأة، وشرطت عليه أن بيدها الجماعَ والطلاق؟ فقال: خالف السنّة، وولى الحقِّ من ليس أهله، وقضى أنَّ على الرجل الصّداق، وأنَّ بيده الجماع والطّلاق، وتلك السُنَّة(2).

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن بزرج قال : قلت لأبي الحسن موسى (علیه السّلام) - وأناقائمٌ - : جعلني الله فداك، إنَّ شريكاً كانت تحته امرأة، فطلّقها فبانت منه، فأراد مراجعتها، وقالت المرأة : لا والله لا أتزوَّجك أبداً حتّى تجعل الله لي عليك ألّا تطلّقني ولا تَزَوّج عليَّ؟ قال : وفعل؟ قلت : نعم قد فعل، جعلني الله فِداك، قال: بئس ما صنع، وما كان يدريه ما وقع في قلبه في جوف اللّيل أو النّهار، ثمّ قال له : أمّا الآن فقل له فليتمَ للمرأة شرطها، فإن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال : «المسلمون عند شروطهم» . قلت : جُعِلْتُ فِداك إنّي أشكُ في حرف؟ فقال : هو عمران يمرُّ بك، أليس هو معك بالمدينة؟ فقلت: بلى، قال: فقل له : فليكتبها وليبعث بها إلَيّ، فجاءنا عمران بعد ذلك فكتبناها له ولم يكن فيها زيادة ولا نقصان، فرجع بعد ذلك فلقيني في سوق الحنّاطين، فحکَّ منكبه بمنكبي فقال : يقرئك السّلام ويقول لك : قل للرَّجل : يفي بشرطه(3).

ص: 407


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 65 . الاستبصار 3، 142 - باب من عقد على امرأة وشرط لها أن لا ... ح 2 . الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله ...ح 70 وفي سندهما معاً : موسي بن بكر، بدل : عبد الله بن بكير. وإنما بطل الشرط لمخالفته لأصل الشرع، وضريس هو عبد الملك بن أعين الشيباني، أو عمارة، ذكره الشيخ في رجاله (6) من أصحاب الصادق (علیه السّلام)، وذكره الكشي في رجاله (143) حيث ذكر أنه كانت تحته بنت حمران، وقال : خير فاضل ثقة.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 60. وفي ذيله وذلك السنة. الفقيه 3 نفس الباب، ح 61 بتفاوت يسير. وإنما بطل الشرط لأنه مخالف لمقتضى الشرع، إذ إن الطلاق حق الزوج وكذا السلطنة عليها، وأما صحة العقد فالظاهر إطباق الأصحاب عليه كما صرح به الشهيد الثاني في الروضة.
3- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ... ، ح 66 . الاستبصار 3 ، 142 - باب من عقد على امرأة وشرط لها إن لا ...، ح 4 بتفاوت فيهما وقال الشيخ في التهذيب بعد أن ذكر هذه الرواية ورواية زرارة عن أبي عبد الله (علیه السّلام) حول قصة ضريس ما نصّه : وليس بين هذه الرواية وبين الأول تضادّ، لأن هذه الرواية محمولة على ضرب من الاستحباب ، لأن من صفته ما تضمنه الخبر يستحب له أن يفي بما بذل به لسانه فلا يخالف ذلك. وإن لم يكن ذلك واجباً على هذه الرواية، وما تضمنت أنه جعل عليه ذلك وهذا نذر وجب عليه الوفاء به ، وما تقدم في الرواية الأولى أنهما جعلا على أنفسهما، ولم يقل : الله ، فلم يك ذلك نذراً يجب الوفاء به وكان مخيراً في ذلك فافترق الحديثان... الخ».

9 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي الحسن موسى (علیه السّلام) قال: سئل - وأنا حاضر - عن رجل تزوَّجٍ امرأة على مائة دينار، على أن تخرج معه إلى بلاده، فإن لم تخرج معه فإنَّ مهرها خمسون ديناراً، إن أبت أن تخرج معه إلى بلاده؟ قال : فقال : إن أراد أن يخرج بها إلى بلاد الشّرك، فلا شرط له معليها في ذلك، ولها مائة دينار الّتي أصدقها إيّاها، وإن أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين ودار الإسلام فله ما اشترط عليها، والمسلمون عند شروطهم، وليس له أن يخرج بها إلى بلاده حتّى يؤدّي إليها صداقها، أو ترضى منه من ذلك بما رضيت، وهو جائز له(1).

258- باب المُدَالَسَة في النكاح وما تُرَدُّ منه المرأة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن العبّاس بن الوليد بن صبيح(2) عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل تزوَّج امرأة حرَّة فوجدها أمة قد دلّست نفسها له؟ قال: إن كان الّذي زوَّجها إيّاه من غير مواليها، فالنّكاح فاسدٌ، قلت : فكيف يصنع بالمهر الّذي أخذت منه ؟ قال : إن وجد ممّا أعطاها شيئاً فليأخذه، وإن لم يجد شيئاً ، فلا شي له عليها، وإن كان زوَّجها إيّاه وليٌّ لها، ارتجع على وليّها بما أخذت منه، ولمواليها عليه عُشْرُ ثمنها إن كانت بكراً، وإن كانت غير بكر، فنصف عُشر قيمتها بم استحلّ من فَرْجِها، قال وتعتدّ منه عدَّة الأمة، قلت: فإن جاءت بولد؟ قال : أولادها منه أحرار، إذا كان النّكاح بغير إذن الموالي(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال : سألته عن مملوكة قوم، أنت قبيلة غير قبيلتها، وأخبرتهم أنّها حرَّة،

ص: 408


1- لتهذيب 7، نفس الباب، ح 70
2- في التهذيب : عن العباس بن الوليد عن الوليد بن صبيح . وكذلك هو في الاستبصار والظاهر أن ما في الفروع قد سقط منه : عن الوليد بن صبيح، أو عن أبيه، كما ورد في نفس الرواية عندما كررها الشيخ في التهذيب.
3- التهذيب 7، 30 باب العقود على الإماء وما ...، ح 57 . وكرره برقم 1 من الباب 38 من نفس الجزء . الاستبصار 3، 135 - باب الأمة تزوّج بغير إذن مولاها أي شيء يكون ...، ح 2. قال المحقق في الشرائع 310/2 : «وكذا لو عقد (الجن) عليها (أي على الأمة) لدعواها الحرية لزمه المهر وقيل : عُشر قيمتها إن كانت بكراً ونصف العشر إن كانت ثيباً وهو المروي، ولو كان دفع إليها مهراً استعاد ما وجد منه ، وكان ولدها منه رقاً وعلى الزوج أن يفكّهم بالقيمة ويلزم المولى دفعهم إليه ... الخ».

فتزوَّجها رجل منهم فولدت له؟ قال : ولده مملوكون، إلّا أن يقيم البيّنة أنّه شهد لها شاهد أنّها حرة، فلا تملك ولده، ويكونون أحراراً(1).

3 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر(2)، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أمة أبقت من مواليها، فأتت قبيلة غير قبيلتها فادَّعت أنّها حرَّة، فوثب عليها رجلٌ فتزوَّجها، فظفر بها مولاها بعد ذلك، وقد ولدت أولاداً؟ فقال : إن أقام البيّنة الزوَّجُ على أنّه تزوَّجها على أنّها حرَّة أعتق ولدها، وذهب القوم بأمَتهم، فإن لم يُقِم البيّنة، أوجِعَ ظَهْرُه (3)واستُرِقَ ولده(4).

4 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن سماعة، عن عبد الحميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل خطب إلى رجل ابنة له من مَهيرة، فلمّا كان ليلة دخولها على زوجها، أدخل عليه ابنة له أخرى من أمَة؟ قال : وتردُّ على أبيها، وتردُّ إليه امرأته، ويكون مهرها على أبيها(5).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يخطب إلى الرَّجل ابنته من مَهيرة، فأتاه بغيرها؟ قال:

ص: 409


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 58 . الاستبصار ،3 نفس الباب ، ح 3 وفيهما شاهدان بدل : شاهد . ولعل المراد به هنا جنس الشاهد فلا تنافي
2- في التهذيبين عن عبد الله بن يحيى.
3- أي أقيم عليه الحد لأنه زان ولا بد من حمله على ما إذا انكشف سبق علمه بكونها أمة آبقة فنكحها عالماً بالتحريم من دون إذن سيدها. يقول المحقق في الشرائع 310/2 : «إذا تزوج الحر أمة من غير إذن المالك وطأها قبل الرضا عالماً بالتحريم كان زانياً وعليه الحد ولا مهر لها إن كانت عالمة مطاوعة ولو أتت بولد كان رقاً لمولاها، وإن كان الزوج جاهلاً أو كان هناك شبهة فلا حد ووجب المهر وكان الولد حراً لكن يلزمه قيمته يوم حيا المولى الأمة».
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 59، الاستبصار 3، نفس الباب، ح 4.
5- التهذيب 7، 38 - باب التدليس في النكاح وما ... ح . وكرره برقم 44 من نفس الباب 7 38 قال المحقق في الشرائع 321/2 - 322 : «إذا تزوج امرأة على أنها حرة فبانت أمَةً ، كان له الفسخ وإن دخل بها، وقيل : العقد باطل، والأول أظهر، ولا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول ولها المهر بعده ، وقيل : لمولاها العشر أو نصف العشر، ويبطل المسمى، والأول أشبه ، ويرجع بما اغترمه من عوض البضع على المدلس، ولو كان مولاها دلّسَها ، قيل : يصح وتكون حرةً بظاهر ،إقراره، ولو لم يكن تلفظ بما يقتضي العتق لم تعتق ولم يكن لها مهر، ولو دست نفسها كان عوض البضع لمولاها ويرجع الزوج به عليها إذا أعتقت، ولو كان دفع إليها المهر استعاد ما وجد منه، وما تلف منه يتبعها عند حريتها ... (و) قيل : إذا عقد على بنت رجل على أنها بنت مهيرة فبانت بنت أمة كان له الفسخ ، والوجه ثبوت الخيار مع الشرط إلا مع إطلاق العقد فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر، ولو فسخ بعده كان لها المهر، ويرجع به على المدلس أباً كان أو غيره ... (و) لو زوجه ابنته من مهيرة وأدخل عليه ابنته من فعليه ردّها ولها مهر المثل إن دخل بها ويرجع به على من ساقها إليه وترد عليه التي تزوجها و . . . الخ»

تردُّ إليه التي سُمّيت له بمهر آخر من عند أبيها، والمهر الأوَّل لِلّتي دخل بها(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن رجل تزوَّج إلى قوم فإذا امرأته عوراء ولم يبيّنوا له؟ قال : يُرَدّ النكاح من البرص والجذام والجنون والعَفَل(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابه قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يتزوَّج المرأة بها الجنون والبرص وشبه ذلك؟ قال : هو ضامن للمهر.

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي جميلة(3)، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : تُرَدُّ البرصاء والمجنونة والمجذومة، قلت: العوراء؟ قال :(4).

9 - سهل، عن أحمد بن محمّد، عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) : المحدود والمحدودة، هل تردُّ من النكاح؟ قال : لا؛ قال رفاعة : وسألته عن البرصاء؟ فقال : قضى أمير المؤمنين (علیه السّلام) في امرأة زوَّجها وليّها وهي برصاء، أنَّ لها المهر بما استحلَّ من فرجها، وأنَّ المهر على الّذي زوَّجها، وإنّما صار المهر عليه، لأنّه دلّسها(5)، ولو أنَّ رجلاً تزوَّج امرأة

ص: 410


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 2
2- التهذيب 7 نفس الباب، صدرح 12، الاستبصار 3، 151 - باب العيوب الموجبة للرد في عقد النكاح، صدر ح . الفقيه 3 ، 125 - باب ما يردّ منه النكاح ، ح 4. ويدل الحديث على أن العور ليس من العيوب الموجبة للرد.
3- واسمه المفضّل بن صالح
4- التهذيب 7، 38 - باب التدليس في النكاح وما . . . ، ح 6 . الاستبصار 3، 151 - باب العيوب الموجبة للرد في النكاح، ح 2 والجُذام : مرض يظهر معه يبس الأعضاء وتناثر اللحم والعَفَل : شيء يخرج من قُبُل النساء شبيه الأدرة للرجل، وفي بعض كلام أهل اللغة إن العَفَل هو القَرْن، وقيل بأن القرن - في تفسير آخر - هو عظم كالسن يكون في الفرج يمنع الوطي، فلو كان لحماً فهو العقل. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن العيوب في المرأة المجوزة للفسخ سبعة هي الجنون والجذام والبرص والقرن والإفضاء والعرج والعمى . وزاد بعضهم كالشهيد الأول في اللمعة وغيره عيبين آخرين هما العَقَل والرَّتق والظاهر أن من اكتفى بالسبعة إنما اعتمد على كلام بعض أهل اللغة بأن الألفاظ الثلاثة الرتق والقرن والعفل مترادفة في كونها لحماً ينبت في الفرج يمنع الوطي وإن أطلق القَرْن على العظم أيضاً. وعلى هذا فالاختلاف في العدد لفظي ليس إلّا.
5- والتدليس السكوت عن العيب الخارج عن الخلقة مع العلم به أو دعوى صفة كمال مع عدمها. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الحدّ ليس من العيوب المجوزة لفسخ النكاح سواء في ذلك الرجل والمرأة

وزوَّجها رجلٌ لا يعرف دَخيلة أمرها، لم يكن عليه شيء، وكان المهر يأخذه منها(1).

10 - سهل، عن أحمد بن محمّد، عن داود بن سرحان؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، جميعاً عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل ولّته امرأة أمرها، أو ذات قرابة، أو جار لها لا يعلم دخيلة أمرها، فوجدها قد دلّست عيباً هو بها؟ قال: يؤخذ المهر منها، ولا يكون على الّذي زوَّجها شيء(2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بعض أصحاب أبي عبد الله(علیه السّلام)؛ في اُختین أهدِيَتا إلى أخَوين في ليلة، فأُدخلت امرأة هذا على هذا، وأُدخلت امرأة هذا على هذا؟ قال: لكلّ واحد منهما الصداق بالغشيان، وإن كان وليّهما تعمّد ذلك، أغرم الصداق، ولا يقرب واحد منهما امرأته حتّى تنقضي العدّة، فإذا انقضت العدَّة، صارت كلُّ واحدة منهما إلى زوجها بالنكاح الأوَّل، قيل له : فإن ماتتا قبل انقضاء العدَّة: قال: فقال: الزوجان بنصف يرجع الصداق على ورثتهما، ويرثانهما الرَّجلان، قيل : فإن مات الرَّجلان وهما في العدَّة؟ قال: ترثانهما، ولهما نصف المهر المسمّى، وعليهما العدَّة بعدما تفرغان العدّة الأولى تعتدَّان

عدَّة المتوفّى عنها زوجها(3).

12 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال في الرَّجل إذا تزوَّج المرأة فوجد بها قَرْناً، وهو العَفَل، أو بياضاً، أو جُذاماً، أنّه يردُّها ما لم يدخل بها(4).

ص: 411


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 8 الاستبصار 3 ، 150 - باب حكم المحدود والمحدودة، ح 1
2- الفقيه 3، 37 - باب الوكالة، صدر ح 6. التهذيب 6، 86 - باب ... ، صدر ح 7، وإنما لم يكن على الذي زوّجها شيء من المهر لأنه جاهل بموضوع التدليس الذي تسببت هي به.
3- التهذيب 7 ، 38 - باب التدليس في النكاح و... ، ح 41 . الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله عز وجلّ من النكاح وما ... ، ح 54 وما تضمنه من تنصيف المهر بموتهما هو ما حكم به جمع من أصحابنا رضوان الله عليهم ، وأما جعل العدة عليهما هو المشهور بل نقل اتفاق أصحابنا عليه
4- التهذيب 7 ، 38 - باب التدليس في النكاح و ...، ح 13ا، لاستبصار ،3، 151 - باب العيوب الموجبة للرد في النكاح، ح 9 بتفاوت، هذا وقد أجمع أصحابنا على أن خيار الفسخ بأحد العيوب على الفور فلو علم الرجل أو المرأة بالعيب فلم يبادر بالفسخ فضلا عن التصرف بالوطي وغيره لزم العقد، وكذا الخيار مع التدليس، وكذا يسقط خيار الرد إذا كان قد سبق علمه بالعيب.

13 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل نظر إلى امرأة فأعجبته ، فسأل عنها فقيل : هي ابنة فلان، فأتى أباها فقال : زوّجني ابنتك، فزوَّجه غيرها، فولدت منه، فعلم بعدُ أنّها غير ابنته، وأنّها أَمَة؟ فقال : يَرُدُّ الوليدة على مولاها، والولد للرّجل، وعلى الّذي زوّجه قيمة ثمن الولد يعطيه موالي الوليدة، كما غرَّ الرَّجل وخَدَعه.

14 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : في رجل تزوَّج امرأة من وليّها فوجد بها عيباً بعدما دخل بها؟ قال : فقال : إذا دُلّست العَفْلاء والبرصاء والمجنونة والمُفْضاة ومن كان بها زَمانة ظاهرة، فإنّها تُردُّ على أهلها من غير طلاق، ويأخذ الزوَّج المهر من وليّها الّذي دلّسها، فإن لم يكن وليّها علم بشيء من ذلك، فلا شيء عليه، وتُردُّ إلى أهلها، قال : وإن أصاب الزوج شيئاً ممّا أخذت منه فهو له، وإن لم يصب شيئاً فلا شيء له، قال : وتعتدُّ منه عدَّة المطلّقة إن كان دخل بها ، وإن لم يكن دخل بها فلا عدَّة لها، ولا مهر لها(1).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن المرأة تلد من الزنا ولا يعلم بذلك أحد إلّا وليّها، أيصلح له أن يزوَّجها ويسكت على ذلك إذا كان قد رأى منها توبة أو معروفاً؟ فقال : إن لم يذكر ذلك لزوجها ثمَّ علم بعد ذلك، فشاء أن يأخذ صداقها من وليّها بما دلّس عليه، كان له ذلك على وليها، وكان الصداق الّذي أخذت لها، لا سبيل عليها فيه بما استحلّ من فرجها، وإن شاء زوجها أن يمسكها، فلا بأس.

16 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: المرأة تردُّ من أربعة أشياء، من البرص، والجُذام، والجنون، والقَرْن وهو العَفَل، ما لم يقع عليها إذا وقع عليها فلا(2).

ص: 412


1- التهذيب 7، نفس ،الباب ح 10 . الاستبصار ،3 نفس ،الباب ح 6 وفي ذيله : فلا عدة عليها ... ويقول المحقق في الشرائع 321/2 : «إذا فسخ الزوج بأحد العيوب فإن كان قبل الدخول فلا مهر، وإن كان بعده فلها المسمّى لأنه ثبت بالوطء ثبوتاً مستقراً فلا يسقط بالفسخ وله الرجوع به على المدلس».
2- التهذيب ،7، 38 - باب التدليس في النكاح و ... ، ح 14. الاستبصار 3 ، 151 - باب العيوب الموجبة للرد في النكاح، ح 10 الفقيه 3 ، 125 - باب ما يردّ منه النكاح ، ح 1 وفيه : والقَرْن والعَفَل.

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل تزوَّج امرأة فوجد بها قَرْنا؟ قال : هذه لا تَحْبَل، تُردُّ على أهلها، من ينقبض زوجها عن مجامعتها تُردُّ على أهلها، قلت: فإن كان دخل بها ؟ قال : إن كان علم بها قبل أن يجامعها، ثمَّ جامعها، فقد رضي بها ، وإن لم يعلم إلّا بعدما جامعها، فإن شاء بعدُ أمسكها، وإن شاء سرحها إلى أهلها، ولها ما أخذت منه بما استحلً من فرجها(1).

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي الصباح قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل تزوَّج امرأة فوجد بها قَرناً؟ قال: فقال : هذه لا تَحْبَل، ولا يقدر زوجها على مجامعتها، يردُّها على أهلها صاغرة، ولا مهر لها، قلت: فإن كان دخل بها؟ قال : إن كان علم بذلك قبل أن ينكحها - يعني المجامعة - ثمّ جامعها، فقد رضي بها، وإن لم يعلم إلّا بعدما جامعها، فإن شاء بعدُ أمسك ، وإن شاء طلّق(2)

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجليّ قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن رجل تزوَّج امرأة فَزَفَتْها إليه أختها، وكانت أكبر منها، فأُدْخِلَت منزل زوجها ليلاً، فعمدت إلى ثياب امرأته فنزعتها منها ولبستها، ثمَّ قعدت في حجلة أختها ونحّت امرأته وأطفت المصباح، واستحيت الجارية أن تتكلّم، فدخل الزَّوج الحجلة فواقعها وهو يظنُّ أنّها امرأته الّتي تزوَّجها، فلمّا أصبح الرجل، قامت إليه امرأته فقالت له : أنا امرأتك فلانة الّتي تزوَّجت وإنَّ أُختي مكرت بي فأخذت ثيابي فلبستها وقعدت في الحجلة ونحّتني، فنظر الرجل في ذلك فوجد كما ذكرت ؟ فقال : أرى أن لا مهر للّتي دلّست نفسها، وأرى أنَّ عليها الحدّ لما فعلت؛ حدَّ الزَّاني غير محصن، ولا يقرب الزّوج امرأته الّتي تزوّج حتى تنقضي عدَّة الّتي دلّست نفسها، فإذا انقضت عدَّتها، ضمَّ إليه امرأته(3).

259- باب الرجل يدلّس نفسه والعِنّين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السّلام) في امرأة حرَّة دلّس لها عبد

ص: 413


1- الفقيه3، نفس الباب، ح 5
2- التهذيب7 ، نفس الباب، ح15 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 11
3- الحديث صحيح

فنكحها ولم تعلم إلّا أنّه حرٌّ، قال : يُفَرِّق بينهما، إن شاءت المرأة.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن امرأة حرّة تزوّجت مملوكاً على أنّه حرّ، فعلمت بعدُ أنّه مملوكٌ؟ قال : هي أملك بنفسها، إن شاءت أقرَّت معه، وإن شاءت فلا، فإن كان دخل بها فلها الصداق، وإن لم يكن دخل بها فليس لها شيء، فإن هو دخل بها بعدما علمت أنه مملوك وأقرَّت بذلك، فهو أَمْلَكُ بها(1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن ابن بكير، عن أبيه، عن أحدهما (علیه السّلام) في خصيّ دلّس نفسه لامرأة مسلمة فتزوَّجها؟ قال : يفرّق بينهما إن شاءت المرأة ويوجَع رأسه، وإن رضیت به وأقامت معه، لم يكن لها بعد رضاها به أن تأباه(2).

4 - أبو علي الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن أبَان، عن عبّاد (3)الضّبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال في العِنّين، إذا عُلم أنّه عنّين لا يأتي النساء، فرَّق بينهما، وإذا وقع عليها وقعة واحدة لم يفرّق بينهما، والرَّجل لا يُرَدّ من عيب(4).

5 - عنه، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن امرأة ابتلي زوجها فلا يقدر على الجماع، أتُفارقه؟ قال: نعم، إن شاءت .

قال ابن مسكان : وفي حديث آخر : تنتظر سنة، فإن أتاها وإلّا فارقته، فإن أحبّت أن تقيم معه فلتُقِم.

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن،

ص: 414


1- التهذيب 7، 38 - باب التدليس في النكاح وما ... ، ح 18 . الفقيه 3، 141 - باب أحكام المماليك والإماء ، ح 13 بتفاوت . وقوله : على أنه حر الظاهر منه أنها قد اشترطت ذلك في متن العقد. وإن كان يحتمل غيره . وقد التزم فقهاؤنا (رحمه الله) في هذه الصورة بأن للمرأة حق الفسخ ، فإن كان الفسخ قبل الدخول لا مهر وإن كان بعد الدخول فلها جميع المهر لاستقراره بالدخول.
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 31 الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله . . . ، ح 59 بتفاوت يسير، والتدليس : من الدَّلس، بمعنى الظلمة، كأن المدلس يأتي خصمه في الظُّلمَة
3- في التهذيبين عن غياث الضبيّ، بدل عن عبّاد
4- التهذيب 7، 38 - باب التدليس في النكاح و ... ، ح 25. الاستبصار 3 ، 152 - باب العنين وأحكامه، ح 6 الفقيه 3، 177 - باب حكم العنين، ح 4 وفي آخره .... من عَنن، بدل: ... من عيب.

عن زرعة بن محمّد، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنَّ خصيّاً دلّس نفسه لامرأة؟ قال : يفرّق بينهما، وتأخذ المرأة منه صداقها، ويوجَع ظهره كما دلّس نفسه(1).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : إذا تزوّج الرَّجل المرأة الثّيب الّتي قد تزوّجت زوجاً غيره، فزعمت أنّه لم يَقْرَبُها منذ دخل بها، فإنَّ القول في ذلك قول الرَّجل، وعليه أن يحلف بالله لقد جامعها، لأنّها المدَّعية، قال : فإن تزوّجها وهي بكر، فزعمت أنّه لم يصل إليها، فإنَّ مثل هذا تعرفه النساء، فلينظر إليها من يوثق به منهنَّ، فإذا ذكرت أنّها عذراء، فعلى الإمام أن يؤجّله سنة، فإن وصل إليها، وإلّا فرّق بينهما، وأعطِيَت نصف الصداق، ولا عدَّة عليها (2) .

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل الهاشميّ، عن بعض مشيخته قال : قالت امرأة لأبي عبد الله (علیه السّلام) - وسأله رجلٌ - عن رجل تدَّعي عليه امرأته أنّه عنّين وينكر الرَّجل؟ قال : تحشوها القابلة بالخَلوق ولا تُعلم الرَّجل، ويدخل عليها الرَّجل، فإن خرج وعلى ذكره الخَلوق صَدَقَ وكَذَبَت، وإلّا صدقت وكذب(2).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بن الحسن، عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه سئل عن رجل

ص: 415


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 42 وذكره برقم 32 من نفس الباب أيضاً.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 21 . الاستبصار ، نفس الباب ح 2 - الفقيه 3 نفس الباب ، ح 1 . وقال المحقق في الشرائع :321/2 : «ولا يثبت العنن إلا بإقرار الزوج أو البينة، أو نكوله، ولو لم يكن ذلك وادعت عننه فأنكر، فالقول قوله مع يمينه ، وقيل : يقام في الماء البارد . فإن تقلّص( عضوه) حكم بقوله ، وإن بقي مسترخياً حكم لها، وليس بشيء، ولو ثبت العنن ثم ادعي الوطء فالقول قوله مع يمينه، وقيل: إن ادّعى الوطء قُبلاً وكانت بكراً، نظر إليها النساء، فإن كانت ثيباً حثي قُبُلها خلوقاً، فإن ظهر على العضو صدّق وهو شاذ، ولو ادعى أنه وطأ غيرها أو وطأها دبراً ، كان القول قوله مع يمينه، ويحكم عليه إن نكل ، وقيل : بل يردّ اليمين عليها، هو مبني على القضاء بالنكول».

أُخِذَ عن امرأته فلا يقدر على إتيانها؟ فقال : إن كان لا يقدر على إتيان غيرها من النساء، فلا يمسكها إلّا برضاها بذلك، وإن كان يقدر على غيرها، فلا بأس بإمساكها(1).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): من أتى امرأته مرَّة واحدة ثم أُخِذَ عنها، فلا خيار لها(2).

11 - الحسين بن محمّد، عن حمدان القلانسيّ، عن إسحاق بن بنان، عن ابن بقّاح، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ادَّعت امرأة على زوجها على عهد أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنّه لا يجامعها وادَّعى أنّه يجامعها فأمرها أمير المؤمنين (علیه السّلام) أن تَسْتَذْفِرَ بالزّعفران، ثمَّ يغسل ذَكَرَه، فإن خرج الماء أصفر صدّقه، وإلّا أمره بطلاقها(3).

260- باب نادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن رجل كانت له ثلاث بنات أبكار، فزوج واحدة منهنَّ رجلاً ولم يُسَمَّ الّتي زوَّج للزوّج ولا للشهود، وقد كان الزَّوج فرض لها صداقها، فلمّا بلغ إدخالها على الزّوج بلغ الرَّجل أنّها الكبرى من الثلاث: فقال الزَّوج لأبيها : إنّما تزوَّجت منك الصغرى من بناتك؟ قال: فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : إن كان الزَّوج رآهنَّ كلَّهنَّ ولم يسمَّ له واحدة منهنَّ، فالقول في ذلك قول الأب، وعلى الأب فيما بينه و بین الله أن يدفع إلى الزَّوج الجارية الّتي كان نوى أن يزوّجها إيّاه عند عقدة النّكاح، وإن كان الزَّوج لم يرهنَّ كلّهنّ، ولم يُسَمَّ واحدة عند عقدة النكاح، فالنكاح باطل(4).

ص: 416


1- التهذيب 7، 38 - باب التدليس في النكاح و . . . ، ح 22 . الاستبصار 3 ، 152 - باب العنين وأحكامه، ح 8، الفقيه 3، 177 - باب حكم العنين، ح 7 بتفاوت قوله : أخذ عن امرأته : يعني حبس عنها بسبب عمل عمل له من سحر ونحوه.
2- التهذيب 7 نفس الباب ح 23. الاستبصار 3، نفس ،الباب ، ح 5 ، الفقيه 3، نفس الباب ، ح 6
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 24. الاستبصار 3، 153 - باب الرجل والمرأة إذا اختلفا في ادعاء العنة عليه،ح 3. والحديث مجهول، والمراد بالاستذفار - هنا - إدخال الزعفران في فرجها.
4- التهذيب 7، 32 - باب عقد المرأة على نفسها النكاح و ... ، ح 50 الفقيه 3، 124 - باب ما أحلّ الله ... ح 53 يقول الشهيدان: ويشترط تعيين الزوج والزوجة بالإشارة أو بالاسم أو الوصف الرافعين للاشتراك فلو كان له بنات وزوّجه واحدة فلم يسمّها فإن أبهم وليم يعين شيئاً في نفسه بطل العقد لامتناع استحقاق الاستمتاع بغير معيّن ، وإن عيّن في نفسه من غير أن يسمّيها لفظاً فاختلفا في المعقود عليها حلف الأب إذا كان الزوج رآهنّ وإلا بطل العقد، ومستند الحكم رواية أبي عبيدة الحذّاء عن الباقر (علیه السّلام) وفيها، على تقدير قبول قول الأب أن عليه فيما بينه وبين الله تعالى أن يدفع إلى الزوج الجارية التي نوى أن يزوجها إياه عند عقدة النكاح، ويشكل بأنه إذا لم يسم للزوج واحدة منهمن فالعقد باطل سواء رآهن أم لا لما تقدم، وإن رؤية الزوجة غير شرط في صحة النكاح فلا مدخل لها في الصحة والبطلان ونزّلها الفاضلان العلامة والمحقق على أن الزوج إذا كان قد رآهن فقد رضي بما يعقد عليه الأب منهن ووكل الأمر إليه فكان كوكيله وقد نوى الأب واحدة معينة فصرف العقد إليها، وإن لم يكن رآهن بطل لعدم رضا الزوج بما يسميه الأب ويشكل بأن رؤيته لهن أعم من تفويض التعيين إلى الأب وعدمها أعم من عدمه والرواية مطلقة والرؤية غير شرط في الصحة فتخصيصها بما ذكر والحكم به لا دليل عليه فالعمل بإطلاق الرواية كما صنع جماعة، أو ردّها مطلقاً نظراً إلى مخالفتها لأصول المذهب كما صنع ابن إدريس وهو الأولى أولى».

261- باب الرجل يتزوّج بالمرأة على أنها بكر فيجدها غَيْرَ عَذْرَاء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد عن محمّد بن القاسم بن فضيل، عن أبي الحسن (علیه السّلام) في الرَّجل يتزوُج المرأة على أنّها بكر فيجدها ثيّباً، أيجوز له أن يقيم عليها؟ قال : فقال : قد تُفتَقُ البكر من المركب، ومن النزوَة(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عن محمّد بن جزك قال: كتبت إلى أبي الحسن (علیه السّلام) أسأله عن رجل تزوَّج جارية بكراً فوجدها ثيّباً، هل يجب لها الصداق وافياً، أم يُنتَقَص؟ قال : يُنتَقَص(2).

262- باب الرجل يتزوّج المرأة فيدخل بها قبل أن يعطيها شيئاً

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن عبد الحميد بن عوَّاض قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أتزوَّج المرأة، أيصلح لي أن أواقعها ولم أنقدها من مهرها شيئاً؟ قال: نعم، إنّما هو دَيْنٌ عليك(3).

ص: 417


1- التهذيب 7 ، 38 - باب التدليس في النكاح . . . . ، ح 16 بتفاوت يسير و. جداً. والنزوة: الوثبة. يقول المحقق في الشرائع 322/2 : «إذا تزوج امرأة وشرط كونها بكراً فوجدها ثيباً لم يكن له الفسخ لإمكان تجدده بسبب خفي، وكان له أن ينقص من مهرها ما بين مهر البكر ،والشيب ويُرجع فيه إلى العادة، وقيل : ينقص الدس، وهو غلط».
2- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ... ح 35 وكرره برقم 17 من الباب 38 من نفس الجزء.
3- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ...، ح 17 . الاستبصار 3، 138 - باب أن الرجل إذا سمّى المهر ودخل بالمرأة قبل أن ...، ح 1.

2 - عدَّةُ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : الرّجل يتزوَّج المرأة على الصداق المعلوم، يدخل بها قبل أن يعطيها؟ قال : يقدّم إليها ما قلّ أو كثر، إلا أن يكون له وفاء من عَرَض إن حدث به حَدَث أدّي عنه، فلا بأس(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن عبد الحميد الطائيّ، عن أبي ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : أتزوَّج المرأة وأدخل بها ، ولا أعطيها شيئاً؟ قال : نعم، يكون دينا لها عليك(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الحميد بن عوّاض الطائي قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يتزوَّج المرأة فلا يكون عنده ما يعطيها، فيدخل بها؟ قال : لا بأس، إنّما هو دَين لها عليه(3).

263- باب التزويج بالإجارة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً عن، أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : قول شعيب (علیه السّلام) : «إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ» (4)أيّ الأجلين قضى؟ قال : الوفاء منهما أبعدهما عشر سنين، قلت فدخل بها قبل أن ينقضي

ص: 418


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 18 الاستبصار ، نفس الباب ح 2 . والعَرَض : هو المتاع أو البضاعة
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 16. الاستبصار 3، 137 - باب أنه يجوز الدخول بالمرأة وإن لم يقدم لها مهرها، ح 1. وفي الذيل فيهما ... يكون ديناً عليك. هذا وقد أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم بكراهة أن يدخل الزوج بالزوجة حتى يقدم مهرها أو شيئاً منه أو غيره ولو هدية. وإنه إذا دخل قبل تسليم المهر كان دينا عليه ولم يسقط بالدخول سواء طالت مدتها أو قصرت طالبت به أو لم تطالب، وفيه رواية أخرى هجرها الأصحاب ومؤداها أنه إذا مضى عليها عشر سنين بغير مطالبة سقط حقها وليس لها المطالبة به بعدها، والدخول الموجب للمهر عند أصحابنا هو الوطء قبلاً او دبراً، وهي يجب المهر بمجرد الخلوة؟ فيه قولان عند أصحابنا، واستظهر بعضهم عدم الوجوب
3- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و . . . ، ح 19. الاستبصار 3 ، 138 - باب أن الرجل إذا سمّى المهر ودخل بالمرأة قبل أن ...، ح 3 . وفي ذيلهما : إنما هو دين عليه لها.
4- القصص / 27.

الشرط، أو بعد انقضائه؟ قال : قبل أن ينقضي ، قلت له : فالرَّجل (1)يتزوَّج المرأة ويسترط لأبيها إجارة شهرين، يجوز ذلك؟ فقال : إنَّ موسى (علیه السّلام) قد علم أنّه سيتمّ له شرطه، فكيف لهذا بأن يعلم أنّه سيبقى حتّى يفي له، وقد كان الرَّجل على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يتزوَّج المرأة على السورة من القرآن، وعلى الدِّرهم، وعلى القبضة من الحنطة.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا يحلُّ النكاح اليوم في الإسلام بإجارة، أن يقول : أعمل عندك كذا وكذا سنة على أن تزوّجني ابنتك أو أختك، قال : حرام لأنّه ثمن رقبتها، وهي أحقُّ بمهرها(2).

264- باب فيمن زُوّج ثم جاء نَعْيُهُ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل أرسل يخطب إليه امرأة وهو غائب، فانكَحوا الغائب، وفرض الصّداق، ثمَّ جاء خبره بعدُ أنّه توفّي بعدما سبق الصّداق؟ فقال : إن كان أملكَ بعدما توفّي، فليس لها صداق ولا ميراث، وإن كان أملك قبل أن يتوفّى، فلها نصف الصّداق، وهي وارثة، وعليها العدّة(3).

265- باب الرجل يَفْجُرُ بالمرأة فيتزوج أمها أو ابنتها أو يَفْجُرُ بأم امرأته أو ابنتها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) أنّه سئل عن الرّجل يفجر بالمرأة، أيتزوّج ابنتها؟ قال : لا، ولكن إن كانت عنده امرأة ثمَّ فجر بأمّها أو ابنتها أو أختها، لم تحرم عليه امرأته، إنّ الحرام لا يُفسِد الحلال(4).

ص: 419


1- من هنا في التهذيب 7، نفس الباب ، ح 46 بتفاوت.
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح .51 . وفيه : . . . أختك أو ابنتك . الفقيه ،3، 124 - باب ما أحل الله . . . ، ح 56 . والحديث ضعيف على المشهور. وإنما كان ذلك غير صحيح لأنه يشترط في المهر تعيينه بما يرفع الجهالة والترديد هنا ينافي التعيين. ويمكن أن يكون النهي لكون العمل لغير الزوجة كما ذهب إليه الشيخ في النهاية حيث منع أن يكون المهر عملاً للزوجة أو لوليها من قبل الزوج ونبهنا عليه سابقاً، وإن أجازه الشيخ في الخلاف واختاره المفيد وابن الجنيد وابن إدريس وعامة المتأخرين.
3- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ...، ج 52 . وبمضمونه أفتى الأصحاب
4- التهذيب 7، 28 - باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في ... ، ح 10 بتفاون . الاستبصار 3، 108 - باب الرجل يفجر بالمرأة أيجوز له أن . ..، ح 4. والمقصود بالفجور : الزنا.

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل باشر امرأة وقبّل، غير أنّه لم يُفْض إليها، ثمّ تزوّج ابنتها؟ قال : إذا لم يكن أفضى إلى اللُّامّ فلا بأس، وإن كان أفضى إليها، فلا يتزوّج ابنتها(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل تزوّج جارية فدخل بها، ثمّ ابتلي بها ففجر بأمّها، أتحرم عليه امرأته؟ فقال : لا، إنّه لا يُحرم الحلالَ الحرامُ.

4 - عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذینة، عن زرارة، عن ابی جعفر (علیه السّلام) أنّه قال في رجل زنى بأمّ امرأته أو بابنتها أو بأختها؟ فقال : لا يُحرم ذلك عليه امرأته، ثمَّ قال : ما حرَّم حرامٌ قطّ حلالاً(2).

5 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل كان بينه وبين امرأة فجور، فهل يتزوَّج ابنتها؟ فقال : إن كان من قُبلَة أو شبهها فليتزوج ابنتها، وإن كان جُماعاً، فلا يتزوَّج ابنتها، وليتزوَّجها هي إن شاء(3).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن رجل زنى بأمّ امرأته أو بأختها؟ فقال : لا يحرِّم ذلك عليه امرأته، إنّ الحرام لا يُفسد الحلالَ ولا يُحرّمه.

7 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبَان بن عثمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل كان بينه وبين امرأة فجور؟

ص: 420


1- التهذيب 7، 25 - باب فيمن أحلّ الله نكاحه من النساء و. 22 . الاستبصار 3 ، 106 - باب حد الدخول الذي يحرم معه نكاح الربيبة ، ح 1 وفي ذيلهما فلا يتزوج بدون كلمة ابنتها وبنفس نص الفروع هنا كرره برقم 14 من الباب 28 من نفس الجزء وكرره برقم 8 من الباب 108 من نفس الجزء من الاستبصار. هذا ومما لا خلاف فيه بين أصحابنا رضوان الله عليهم تحريم بنت الزوجة المنكوحة المدخول بها بالعقد الصحيح أو الملك وإن نزلت وشرطية الدخول بالأم إجماعي عندنا، كما لا خلاف بينهم في عدم الفرق بين أن تكون في حجره أم لم تكن ونسبه العلامة في التذكرة إلى جميع العلماء، ونقل عن داود الظاهري القول بعدم الحرمة إذا لم تكن في حجره وإن دخل بالأم وقال : وهو رواية عن مالك. وقال الشهيد الثاني في المسالك : أجمع علماء الإسلام لا من شذ منهم على أن هذا الوصف أي أن تكون في حجره غير معتبر، وإنما جرى على الغالب».
2- التهذيب 7، 28 - باب الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في نكاحها ...، ح 17 . الاستبصار 3، 108 - باب الرجل يفجر بالمرأة أيجوز له أن ...، ح 11 .
3- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 15. الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح 9 . وفيهما بدون : إن شاء، في ذيل الحديث

فقال : إن كان قُبلة أو شبهها فليتزوج ابنتها إن شاء، وإن كان جماعاً فلا يتزوّج ابنتها، وليتزوَّجها.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن العلاء بن رزين، محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل فجر بامرأة، أيتزوج أمّها من الرّضاعة، أو ابنتها؟ قال : لا(1).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) مثله(2).

9 - ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد الكناسيّ قال: إنَّ رجلًا من أصحابنا تزوّج امرأة فقال لي : أحبُّ أن تسأل أبا عبد الله (علیه السّلام) وتقول له : إنَّ رجلًا من أصحابنا تزوَّج امرأة قد زعم أنّه كان يلاعب أمّها ويقبّلها من غير أن يكون أفضى إليها؟ قال : فسألت أبا عبد الله (علیه السّلام) فقال لي : كَذَبَ، مُرْهُ فَلْيُفَارِقْها، قال: فرجعت من سفري فأخبرت الرّجل بما قال أبو عبد الله (علیه السّلام)، فوالله ما دفع ذلك (3)عن عن نفسه، وخلّى سبيلها(4).

10 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم قال : سأل رجلٌ أبا عبد الله (علیه السّلام) - وأنا جالس - عن رجل نال من خالته في شبابه ثمَّ ارتدع أيتزوّج ابنتها ؟ فقال : لا قلت إنّه لم يكن أفضى إليها، إنّما كان شيء دون شيء؟ فقال : لا يُصدق، ولا كرامة(5).

266-باب الرجل یفسق بالغلام فیتزوج ابنته او اخته

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن

ص: 421


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 18 . وكرره برقم 39 من الباب 41 من نفس الجزء الاستبصار 3، نفس الباب، ح 12
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 19 . الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح 13 . والحديث صحيح بسنديه ، ويدل على أن الرضاع حكمه حكم النسب في تحريم المصاهرة، وهو المشهور عند أصحابنا
3- أي اتهامه بالكذب فيما زعمه من أنه لم يفض إليها
4- الحديث صحيح
5- التهذيب 7، 26 - باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون ... ، ح 4 بتفاوت في الذيل. وجاء في سنده : عن أبي أيوب عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سأله محمد بن مسلم - وأنا جالس - قال المحقق في الشرائع 2/ 289 : «... وإن كان الزنا سابقاً على العقد فالمشهور تحريم بنت العمة والخالة إذا زنى بأمهما»

عثمان قال: قلت لابی عبد الله (علیه السّلام) : رجل أتى غلاماً، أتحلُّ له أخته؟ قال: فقال : إن كان ثَقَب (1) فلا.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل يعبث بالغلام؟ قال : إذا أوْقَب، حرمت عليه ابنته وأخته(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، أو عن محمّد بن عليّ، عن موسى بن سعدان، عن بعض رجاله قال: كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام)، فأتاه رجلٌ فقال له : جُعِلْتُ فِداك، ما ترى في شابّين كانا مضطجعين(3) فولد لهذا غلام وللآخر جارية، أيتزوّج ابن هذا ابنة هذا؟ قال : فقال : نعم، سبحان الله، لِمَ لا يحلُّ؟ فقال : إنّه كان صديقاً له؟ قال: فقال : وإن كان، فلا بأس؟ قال : فقال : فإنّه كان يفعل به؟ قال: فأعرض بوجهه [عنه]، ثم أجابه وهو مستتر بذراعيه، فقال : إن كان الّذي كان منه دون الإيقاب، فلا بأس أن يتزوَّج، وإن كان قد أوقب، فلا يحلُّ له أن يتزوّج(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل يأتي أخا امرأته؟ فقال : إذا أوقبه، فقد حرمت عليه المرأة(5).

267- باب ما يحرم على الرجل مما نكح ابنه وأبوه وما يحلّ له

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل تزوّج امرأة فلامسها؟ قال : مهرها واجب، وهي حرام على أبيه وابنه(6).

ص: 422


1- تقب: أي اوقب. والإيقاب: إدخال الحشفة أو مثلها من مقطوعها في الفرج أو الدبر. وقد يصدق بإدخال بعضها أيضاً
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 44 وفيه ... أخته وابنته. وفي سنده عن رجل، بدل: عن بعض أصحابنا : قال المحقق في الشرائع 292/2 : «من فَجَر بغلام فأوقبه حرم على الواطىء العقد على أم الموطوء وأخته وابنته ولا يحرم إحداهن لو كان عقدها سابقاً».
3- أي كان يلوط أحدهما بالآخر.
4- التهذيب 7، 26 - باب فيمن يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب ، ح 43. والحديث ضعيف على المشهور وما تضمنه من حرمة بنت اللائط على ابن الملوط به لم يقل به أحد من الأصحاب، والله العالم.
5- الحديث حسن وظاهر الأصحاب الاتفاق على أن حرمة أخت المفعول به على اللائط، إذا سبق الفعل العقد، فلا تحريم بعد العقد للأصل ولقوله (علیه السّلام) : لا يحرّم الحرامُ الحلالَ. ولذا يحمل الحديث على أن الفعل إنما كان قبل العقد.
6- التهذيب 7، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و ... ، ح 36

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السّلام) عن الرَّجل تكون له الجارية فيقبّلها هل تحلّ لولده؟ قال : بشهوة؟ قلت : نعم، قال : فقال : ما ترك شيئاً إذا قبّلها بشهوة، ثمَّ قال ابتداءً منه : إن جرَّدها ونظر إليها بشهوة حرمت على أبيه وابنه، قلت : إذا نظر إلى جسدها؟ فقال : إذا نظر إلى فرجها وجسدها بشهوة حرمت عليه(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل ينظر إلى الجارية يريد شراءها ، أتحلّ لابنه ؟ فقال : نعم، إلّا أن يكون نظر إلى عورتها.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهليّ قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام)- وأنا عنده - عن رجل اشترى جارية ولم يمسّها، فأمرت امرأته ابنه - وهو ابن عشر سنين - أن يقع عليها ، فوقع عليها، فما ترى فيه؟ فقال : الغلام وأثِمَت أمّه، ولا أرى للأب إذا قَرَبها الابن أن يقع عليها؛ قال : وسألته عن رجل يكون له جارية فيضع أبوه يده عليها من شهوة، أو ينظر منها إلى محرّم من شهوة، فكره أن يمسّها ابنه.

5 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن ربعيّ بن عبد الله، عن محمّد بن مسلم، عن أبي بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إذا جرَّد الرّجل الجارية ووضع يده عليها، فلا تحلُّ لابنه(2).

6 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن - مسكان عن الحسن بن زياد، عن محمّد بن مسلم قال : قلت له : رجل تزوَّج امرأة فلمسها؟ قال : هي حرام على أبيه وابنه ومهرها واجب(3).

ص: 423


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 28 قال المحقق في الشرائع 289/2 : «وأما النظر واللمس مما يسوغ لغير المالك كنظر الوجه ولمس الكف لا ينشر الحرمة وما لا يسوغ لغير المالك كنظر الفرج والقبلة، ولمس باطن الجسد بشهوة فيه تردد أظهره أنه يثمر الكراهية، ومن نشر به الحرمة قصر التحريم على أب اللامس والناظر وابنه خاصة دون أم المنظورة أو الملموسة وابنتيهما...»
2- التهذيب 7 ، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و ...، ح 29
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 37 واللمس محمول هنا على اللمس بشهوة على فول، وإنه يكفي في التحريم، وعلى الجماع وهو المشهور عند أصحابنا حيث حكموا بعدم التحريم بدون الوطي . وإلى الأول ذهب الشيخ في بعض كتبه.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة قال : قال أبو جعفر (علیه السّلام) : إذا زنى رجلٌ بامرأة أبيه، أو جارية أبيه، فإنَّ ذلك لا يحرّمها على زوجها، ولا تحرم الجارية على سيّدها، إنّما يحرم ذلك منه إذا أتي الجارية وهي حلالٌ، فلا تحلُّ تلك الجارية أبداً لابنه ولا لأبيه، وإذا تزوَّج رجلٌ امرأة تزويجاً حلالاً، فلا تحلُّ تلك المرأة لأبيه ولا لابنه(1).

8 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن مرازم قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام)

- وسئل عن امرأة أمرت ابنها أن يقع على جارية لأبيه فوقع - فقال : أثِمَت وأثِم ابنها، وقد سألني بعض هؤلاء عن هذه المسألة، فقلت له : أَمْسِكها، إنَّ الحلال لا يُفْسِدُهُ الحرام(2).

9 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن جعفر، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل تكون له الجارية فيقع عليها ابن ابنه قبل أن يطأها الجدّ، أو الرّجل يزني بالمرأة، فهل يحلّ لأبيه أن يتزوَّجها؟ قال : لا، إنّما ذلك إذا تزوَّجها الرَّجل فوطأها ثمَّ زنى بها ابنه، لم يضره، لأنَّ الحرام لا يُفسد الحلالَ، وكذلك الجارية(3).

268- باب آخر منه، وفيه ذِكْرُ أزواج النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) أنّه قال : لو لم يحرم على الناس أزواج النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) لقول الله عز وجل: «وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا»(4)حرمن على الحسن والحسين (علیه السّلام) لقول الله عزَّ وجلَّ: «وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ

ص: 424


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 25 . الاستنصار 3، 102 - باب أنه لا يجوز العقد على امرأة عقد عليها الأب أو ... ، ح 1. الفقيه ،3، 124 - باب ما أحل الله عز وجل من . . . ذيل ح 41
2- التهذيب 7، 25 - باب من أحل الله بحاجه من النساء و ...، ج 33 . الاستبصار 3 ، 107 - باب الرجل يزني بالمرأة هل يحل لابيه أو لابه هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الزنا إذا كان طارئاً لم ينشر الحرمة. قال المحقق في الشرائع 29/2 : «أو زنى بمملوكة أبيه الموطوءة أو ابنه فإن ذلك كله لا يحرم السابقة».
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 32 الاستبصار 3 ، نفس الباب، ح 5 . وقوله : إنما ذلك : يعني الحكم بالحليّة.
4- الأحزاب / 53 .

مِنَ النِّسَاء»(1)ولا يصلح للرّجل أن ينكح امرأة جدّه(2).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبان بن عثمان، عن أبي الجارود قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : وذكر هذه الآية : «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا»(3)فقال : رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أحد الوالدين، فقال عبد الله بن عجلان : من الآخر؟ قال: عليُّ (علیه السّلام)، ونساؤه علينا حرام، وهي لنا خاصّة(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر ين أُذينة قال: حدلي سعد بن أبي عروة، عن قتادة، عن الحسن البصريّ أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) تزوَّج امرأة من بنی عامر بن صعصعة يقال لها سَنى، وكانت من أجمل أهل زمانها فلمّا نظرت إليها عائشة وحفصة قالتا: لَتَغْلِبُنا هذه على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بجمالها، فقالتا لها : لا منك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) حرصاً، فلمّا دخلت على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) تناولها بيده ، فقالت : أعوذ بالله، فانقبضت يد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عنها، فطلّقها وألحقها بأهلها، وتزوَّج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) امرأة من كندة، بنت أبي الجون، فلمّا مات إبراهيم بن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ابن مارية القبطيّة، قالت: لو كان نبيّاً ما مات ابنه، فألحقها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بأهلها قبل أن يدخل بها، فلمّا قبض رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وولّى النّاس أبو بكر، أتته العامريّة والكنديّة وقد خُطبَنا، فاجتمع أبو بكر و عمر فقالا لهما: اختارا إن شئتما الحجاب، وإن شئتما الباه، فاختارتا الباه، فتزوَّجتا، فجذم أحد الرَّجلين وجُنَّ الآخر، قال عمر بن أذينة : فحدَّثت بهذا الحديث زرارة والفضيل ، فرويا عن أبي جعفر (علیه السّلام) أنّه قال : ما نهى الله عزّ وجلَّ عن شيء إلّا وقد عصى فيه، حتّى لقد نكحوا أزواج النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) من بعده، وذكر هاتين العامريّة والكنديّة ثمَّ قال أبو جعفر (علیه السّلام) : لو سألتم رجل تزوَّج امرأة فطلّقها قبل أن يدخل بها أتحلُّ لابنه؟ لقالوا : لا، فرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أعظم

حرمة من آبائهم(5).

ص: 425


1- النساء /22
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 26 بتفاوت يسير الاستبصار 3 ، 102 - باب أنه لا يجوز العقد على امرأ عقد عليها الأب أو ... ح 2 . والحديث صحيح . وتدل الرواية على أن أولاد البنت أبناء أب الأم حقيقة عيناً كما هم أبناء أب الأب
3- العنكبوت / 8.
4- الحديث ضعيف على المشهور وقوله وهي لنا خاصة، يعني أن هذه الآية نزلت فينا. فالمراد بالإنسان : هم (علیه السّلام) وبالوالدين: رسول الله وأمير المؤمنين (صلی الله علیه و آله و سلّم)
5- الحديث ضعيف وإن كان مضمونه فيما يتعلق بتزويج المرأتين المذكورتين بعد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) من المشهورات

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر ، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (علیه السّلام) نحوه؛ وقال في حديثه : ولا هم يستحلّون أن يتزوَّجوا أمّهاتهم إن كانوا مؤمنين، وإنَّ أزواج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في الحرمة مثل أمّهاتهم (1).

269- باب الرجل يتزوّج المرأة فيطلّقها أو تموت قبل أن يدخل بها أو بعده فيتزوج أمها أو بنتها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج؛ وحمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الأمُّ والابنة سواء إذا لم يدخل بها - يعني إذا تزوّج المرأة ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها، فإنّه إن شاء تزوّج أمّها، وإن شاء تزوَّج ابنتها(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن الرّجل يتزوّج المرأة متعة، أيحلُّ له أن يتزوَّج ابنتها؟ قال : لا(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم عن أحدهما (علیه السّلام) قال : سألته عن رجل تزوّج امرأة فنظر إلى رأسها وإلى بعض جسدها، أيتزوَّج ابنتها؟ فقال : لا ، إذا رأى منها ما يحرم على غيره، فليس له أن يتزوَّج ابنتها(4).

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال : كنت عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، فأتاه رجلٌ فسأله عن رجل تزوَّج امرأة فماتت قبل أن يدخل بها، أيتزوَّج بأمّها؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : قد فعله رجلٌ منا فلم نَرَبِهِ بأساً، فقلت : جُعِلْتُ فِداك ما تفخر الشيعة

ص: 426


1- الحديث ضعيف. وقد رواه ابن إدريس في آخر كتاب السرائر عن كتاب موسى بن بكر الواسطي عن زرارة عن أبي جعفر(علیه السّلام)
2- التهذيب 7 ، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و ...، ح 4. الاستبصار 3، 103 - باب أنه إذا عقد الرجل على امرأة حرمت عليه أمها و ...، ح 4. الفقيه 3 ، 124 - باب ما أحل الله ... ، ح 32 بتفاوت وزيادة
3- التهذيب ،7 نفس الباب ح 11. الفقيه 3 ، 143 - باب المتعة ، ح 22 وفيه . . . ابنتها بتاتاً
4- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 23 . الاستبصار 3، 106 - باب حد الدخول الذي يحرم معه نكاح الربيبة، ح 2.

إلّا بقضاء عليّ (علیه السّلام) في هذه الشمخيّة (1)الّتي أفتاها ابن مسعود، أنّه لا بأس بذلك، ثمَّ أتى عليّاً (علیه السّلام) فسأله ، فقال له عليٌّ (علیه السّلام) : من أين أخذتها؟ فقال : من قول الله عزّ وجلَّ : «وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ»(2)، فقال عليٌّ (علیه السّلام) : إنَّ هذه مستثناة، وهذه مرسلة، وأمّهات نسائكم، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) للرّجل : أما تسمع ما يروي هذا عن عليّ (علیه السّلام)؟! فلمّا قمت ندمت وقلت : أيُّ شيء صنعت، يقول هو : قد فعله رجل منّا فلم نر به بأساً وأقول أنا : قضى عليٌّ (علیه السّلام) فيها، فلقيته بعد ذلك فقلت: جُعِلْت فداك، مسألة الرّجل، إنّما كان الّذي قلت زلّة منّي، فما تقول فيها؟ فقال: يا شيخ، تخبرني أنَّ علياً (علیه السّلام) قضى بها، وتسألني ما تقول فيها(3).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن بن جرير، عن أبي الرَّبيع قال : سُئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن رجل تزوَّج امرأة فمكث أيّاماً معها لا يستطيعها، غير أنّه قد رأي منها ما يحرم على غيره، ثمَّ يطلّقها، أيصلح له أن يتزوَّج ابنتها؟ فقال: أيصلح له وقد رأى من أمها ما قد رأى(4)؟!.

270- باب تزويج المرأة التي تطلّق على غير السنَّة

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إيّاكم وذواتِ الأزواج المطلّقات على غير السنّة، قال: قلت له : فرجل طلّق امرأته من هؤلاء، ولي بها حاجة؟، قال : فَتَلَقاه بعدما طلقها وانقضت

ص: 427


1- في التهذيب: في هذه السَّمجيّة، «يحتمل أن يكون تسميتها بها لأنها صارت سبباً لافتخار الشيعة على العامة، وقال الوالد العلامة : إنما وسمت المسألة بالشمخية بالنسبة إلى ابن مسعود إن عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ، أو لتكبر ابن مسعود فيها عن متابعة أمير المؤمنين (علیه السّلام) يقال: شمخ بأنفه، أي تكبّر وارتفع ...» مرآة العقول للمجلسي 178/20.
2- النساء / 23
3- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 5 بتفاوت قليل الاستبصار 3 ، 103 - باب أنه إذا عقد الرجل على امرأة حرمت عليه أمها و ... ، ح 5 بتفاوت قليل . وقوله : وأمهات نسائكم ؛ بيان لاسم الإشارة في قوله : وهذه مرسلة . يعني مطلقة سواء دخل بهن أم لا.
4- التهذيب 7، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و ... ، ح 24 . الاستبصار 3، 106 - باب حد الدخول الذي يحرم معه نكاح الربيبة ، ح 3 . الفقيه 3 ، 177 - باب حكم العنين ، ح ه . وكرره برقم 40 من الباب 41 من نفس الجزء من التهذيب بتفاوت وسند آخر. قوله لا يستطيعها أي لا يقدر على وطئها لعنن أو غيره.

عدَّتها عند صاحبها، فتقول له : طلّقت فلانة؟ فإذا قال: نعم، فقد صار تطليقة على طُهر، فدعها من حين طلّقها تلك التطليقة حتّى تنقضي عدَّتها، ثمَّ تزوَّجها، فقد صارت تطليقة بائنة.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمّد بن أبي حمزة، عن شعيب الحدّاد قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : رجلٌ من مواليك يقرؤك السلام، وقد أراد أن يتزوَّج امرأة قد وافقته وأعجبه بعض شأنها، وقد كان لها زوج، فطلّقها ثلاثاً على غير السنّة، وقد كره أن يُقدِمَ على تزويجها حتّى يستأمرك، فتكون أنت تأمره؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : هو الفَرْج، وأمر الفَرْج شديد، ومنه يكون الولد، ونحن نحتاط، فلا يتزوجها(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل طلّق امرأته ثلاثاً، فأرادِّ رجل أن يتزوَّجها، كيف يصنع؟ قال : يدعها حتّى تحيض، وتطهر، ثمَّ يأتيه ومعه رجلان شاهدان فيقول : أطلّقتَ فلانة؟ فإذا قال نعم تركها ثلاثة أشهر، ثمَّ خطبها إلى نفسها(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن عليِّ بن حنظلة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إيّاك والمطلّقاتِ ثلاثاً في مجلس، فإنّهنّ ذوات أزواج(3).

271- باب المرأة تزوج على عمتها أو خالتها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن ابن بكير، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : لا تَزَوّج ابنة الأخ أو ابنة الأُخت

ص: 428


1- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح، ح 93،الاستبصار 3، 170 - باب أن المخالف إذا طلق امرأته ثلاثاً وإن لم ... ، ح 10
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 92. الفقيه 3، 124 باب ما أحل الله ...، ح 4
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 91. وكرره برقم 102 من الباب 3 من الجزء 8 من التهذيب. الاستبصار 3، 169 - باب أن من طلق امرأته ثلاث تطليقات في مجلس واحد مع ... ، ح 16 بتفاوت يسير فيهما. وفي سندهما عمر بن حنظلة، بدل: علي بن الفقيه 3 ، نفس الباب ، ح .. ويدل على وقوع الطلاق بنعم جواباً على السؤال بهل طلقت امرأتك ، وهو مذهب الشيخ وجماعة وهو كما ترى؟! . هذا وسوف يأتي تعليقنا على كل ذلك في كتاب الطلاق إن شاء الله

على العمّة ولا على الخالة إلّا بإذنهما، وتزوّج العمّة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأخت بغير إذنهما(1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذّاء، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) قال : لا تُنْكَحُ المرأة على عمّتها ولا خالتها إلّا بإذن العمّة والخالة(2).

272- باب تحليل المطلّقة لزوجها وما يهدم الطلاق الأول

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً، ثمَّ تمتّع فيها رجل آخر، هل تحلُّ للأوَّل؟ قال : لا(3).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن الحسن الصّيقل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل طلّق امرأته طلاقاً لا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، ويزوّجها رجلٌ متعة أيحلُّ له أن ينكحها؟ قال: لا، حتّى تدخل في مثل ما خرجت منه(4).

3 - سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن المثنّى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل طلّق امرأته طلاقاً لا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، فتزوَّجها عبدٌ ثمَّ طلّقها، هل يهدم الطّلاق؟ قال: نعم، لقول الله عزّ وجلَّ في كتابه: «حتّى

ص: 429


1- الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله ... ، ح 23 بتفاوت.
2- التهذيب 7، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و ... ، صدرح 65 بتفاوت وكذلك هو في الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله ... صدرح 21 . الاستبصار ،3، 116 - باب نكاح المرأة على عمتها و ... ، ح 6 هذا ومما لا خلاف معتد به بين أصحابنا، بل الإجماع مستفيضاً أو متواتراً - كما يعبّر صاحب الجواهر - على أنه لا يجوز نكاح بنت الأخ أو بنت الأخت على العمة والخالة إلا بإذنهما من غير فرق بين الدوام والانقطاع . نعم نقل عن الاسكافي والعماني الجواز مطلقاً، وإن ناقش الشهيد الثاني في المسالك في صحة نسبة ذلك إليهما. كما أن المشهور بيننا شهرة عظيمة، بل نقل العلامة في التذكرة الإجماع على جواز العكس وهو أن ينكح الخالة مع وجود ابنة أختها تحته والعمة مع وجود ابنة أخيها تحته. وإن نقل عن المقنع المنع مطلقاً وكأنه لإطلاق رواية الكناني المتقدمة.
3- يدل على أنه يشترط في التحليل أن يكون النكاح دائماً
4- قوله: مثل ما خرجت منه : يعني النكاح الدائم، وهو ما عليه أصحابنا

تنكح زوجا غيره»(1)، وقال: هو أحد الأزواج.

4 - سهل، عن أحمد بن محمّد، عن مثنّى، عن أبي حاتم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الرَّجل يطلّق امرأته الطّلاق الّذي لا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، ثمَّ تزوَّجها رجلٌ آخر ولم يدخل بها؟ قال : لا، حتّى يذوق عَسِيلَته(2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن رجل طلّق امرأته تخليقة واحدة، ثمَّ تركها حتّى انقضت عدّتها، ثمّ تزوجها رجل غيره، ثمَّ إِنَّ الرَّجل مات أو طلّقها، فراجعها الأوَّل؟ قال : هي عنده على تطليقتين باقيتين(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن مهزیار قال : كتب عبد الله بن محمّد إلى أبي الحسن (علیه السّلام) : روى بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يطلّق امرأته على الكتاب والسنّة، فَتَبِين منه بواحدة، فَتَزَوَّج زوجاً غيره، فيموت عنها أو يطلّقها، فترجع إلى زوجها الأوَّل، أنّها تكون عنده على تطليقتين، وواحدة قد مضت؟ فوقّع (علیه السّلام) بخطّه: صدقوا، وروى بعضهم أنّها تكون ... على ثلاثٍ مُسْتَقبَلات، وإنَّ تلك الّتي طلّقها ليست بشيء، لأنّها قد تزوَّجت زوجاً غيره ؟ روح (علیه السّلام) بخطّه :(4).

273- باب المرا التي تحرم على الرجل فلا تحلّ له أبداً

1 - عدَّةً من أصحا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المثنّى(5)، عن زرارة بن أعين؛ وداود بن

ص: 430


1- البقرة/ 230.
2- العُسَيْلَة : لذة الجماء ه- وقد دل الحديث على اشتراط الدخول بالمرأة من قبل المحلّل لينهدم الطلاق الثالث، وهو إجماعي عند الأصاب، بل اعتبروا أن يكون الدخول بالمرأة بوطئها في الفرج دون الدبر
3- التهذيب 8، 3 - باب م نطلاق ، ح 12 . الاستبصار ،3، 164 - باب أن من طلق ثلاث تطليقات للسنة لا تحل له حتى
4- التهذيب 8، نفس ا ح 16 الاستبصار ،3 نفس الباب ، ح 14 ورويا منه إلى قوله : صدقوا . ولكن في الصدر فيهم : 3، بد الله بن محمد قال: قلت له : روي عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ... ، وهذا مشافهة، ولكن الحديث مكاتبه، هو الصحيح بقرينة ما ورد في ذيل رواية التهذيبين من قوله : فكتب : صدقوا. وما ورد هنا في الفروخ أيضا.
5- في التهذيب : عن الم-

سرحان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)، وعبد الله بن بكير، عن أديم بيّاع الهرويّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : الملاعنة إذا لاعنها زوجها لم تحلُّ له أبداً، والّذي يتزوَّج المرأة في عدَّتها وهو يعلم، لا تحلُّ له أبداً، والّذي يطلّق الطّلاق الّذي لا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره ثلاث مرَّات، وتزوَّج ثلاث مرَّات لا تحلُّ له أبداً، والمحرِم إذا تزوَّج وهو يعلم أنّه حرام عليه، لم تحلّ له أبداً(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا تزوّج الرجل المرأة في عدَّتها، ودخل بها، لم تحلَّ له أبداً، عالماً كان أو جاهلاً، وإن لم يدخل بها، حلّت للجاهل، ولم تحلَّ للآخر(2).

3 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج ، عن أبي إبراهيم (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل يتزوَّج المرأة في عدَّتها بجهالة، أهي ممّن لا تحلّ له أبداً؟ فقال: لا، أمّا إذا كان بجهالة فليتزوَّجها بعدما تنقضي عدَّتها، وقد يُعذر النّاس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك، فقلت: بأيّ الجهالتين يعذر؛ بجهالته أن يعلم أنَّ ذلك محرَّم عليه، أم بجهالته أنّها في عدَّة؟ فقال : إحدى الهالتين أهْوَنُ من الأخرى، الجهالة بأنّ الله حرَّم ذلك عليه، وذلك بأنّه لا يقدر على الاحتياط معها، فقلت : فهو في الأخرى معذور؟ قال : نعم، إذا انقضت عدَّتها فهو معذور في أن يتزوَّجها، فقلت: فإن كان أحدهما متعمّداً والآخر يجهل؟ فقال : الّذي تعمّد لا بحلّ له أن يرجع إلى صاحبه أبد(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن المرأة الحبلى يموت زوجها، فتضع وتَزَوَّج قبل أن تمضي لها أربعة أشهر وعشراً؟ فقال : إن كان دخل بها، فرِّق بينهما، ثمَّ لم تحلّ له أبداً، واعتدَّت بما بقي

ص: 431


1- التهذيب 7، 26 - باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون ... ، ح 30 . الاستبصار 3، 120 - باب من عقد على امرأة في عدتها مع ... ، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 291/2 : «من تزوج امرأة في عدتها عالماً حُرَمت عليه أبداً، وإن جهل العدة والتحريم ودخل حرمت أيضاً، ولو لم يدخل بطل ذلك العقد وكان له استثنافه» وقال : «إذا عقد المحرمُ على امرأة عالماً بالتحريم حرمت عليه أبداً، ولو كان جاهلا فسُد عقده ولم تحرم» وقال: «وإذا استكملت المطلّقة تسعاً للعدة ينكحها بينهما رجلان حرمت على المطلّق أبداً».
2- التهذيب 7، 26 - باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب ، ح 34 . الاستبصار 3 ، 120 - باب من عقد على امرأة في عدتها مع العلم بذلك، ح 6
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 32 الاستبصار 3، نفس الباب، ح 3 . وفي التهذيب : عن أبي عبد الله (علیه السّلام)

عليها من الأوّل، واستقبلت عدَّة أخرى من الآخر؛ ثلاثة قروء، وإن لم يكن دخل بها، فرِّق بينهما، واعتدَّت بما بقي عليها من الأوَّل، وهو خاطب من الخطّاب(1).

5 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قلت له : المرأة الحبلى يتوفّى عنها زوجها، فتضع وتَزَوَّج قبل أن تعتدُّ أربعة أشهر وعشراً؟ فقال : إن كان الّذي تزوَّجها دخل بها، فرّق بينهما، ولم تحلِّ له أبداً، واعتدَّت بما بقي عليها من عدَّة الأوَّل، واستقبلت عدّة أخرى من الآخر؛ ثلاثة قروء، وإن لم يكن دخل بها، فرّق بينهما، وأتمّت ما بقي من عدِّتها وهو خاطب من الخطّاب(2)!

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ ومحمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة؛ وابن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: سألته عن رجل تزوَّج امرأة في عدَّتها؟ قال : يفرِّق بينهما، وإن كان دخل بها فلها المهر بما استحلّ من فَرْجها، ويفرّق بينهما، فلا تحلّ له أبداً، وإن لم يكن دخل بها، فلا شيء لها من مهرها(3).

7 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ؛ وإبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) وأبي الحسن (علیه السّلام) قال : إذا طلّق الرَّجل المرأة فتزوجت، ثمَّ طلّقها زوجها

ص: 432


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 31 . الاستبصار3 نفس الباب، ح 2 وقد حمل الشيخ في التهذيب قوله (علیه السّلام) : وهو خاطب من الخطاب، على من عقد عليها (بشرط عدم الدخول) وهو لا يعلم أنها في عدّة، فحينئذ يجوز له العقد عليها بعد انقضاء عدتها.
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 35 . الاستبصار 3 ، 121 - باب أنه متى دخل بها الزوج الثاني لزمتها عدّتان، ح 1، هذا وقال المحقق في الشرائع 45/3 : «لو تزوجت في العدة لم يصح ، ولم تنقطع عدة الأول، فإن لم يدخل بها الثاني فهي في عدة ،الأول، وإن وطأها الثاني عالماً بالتحريم فالحكم كذلك، حملت أو لم تحمل ولو كان جاهلا ولم تحمل أتمت عدة الأول لأنها أسبق واستأنفت أخرى للثاني على أشهر الروايتين، ولو حملت وكان هناك ما يدل على أنه للأول اعتدت بوضعه ،له وللثاني بثلاثة أقراء بعد وضعه، وإن كان هناك ما يدل على أنه للثاني اعتدت بوضعه ،له وأكملت عدة الأول بعد الوضع، فلو كان ما يدل على انتفائه عنهما، أتمت بعد وضعه عدة الأول واستأنفت عدة للأخير، ولو احتمل أن يكون منهما قيل : يقرع بينهما، ويكون الوضع عدة لمن يلحق به، وفيه إشكال، ينشأ من كونها فراشاً للثاني بوطء الشبهة فيكون أحق به».
3- التهذيب 7، 26 - باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب، ح 39 . قوله (علیه السّلام) : فلها المهر ... : إنما يلزم المهر مع الجهل ، واختلف في لزوم المسمّى أو مهر المثل ، ذهب الشيخ وجماعة إلى الأول والثاني أوفق بأصولهم، مرآة المجلسي 187/20.

فتزوَّجها الأول، ثمَّ طلّقها فتزوَّجت رجلاً، ثمَّ طلّقها فتزوَّجها الأول، ثمّ طلّقها الزوّج الأوّل - هكذا ثلاثاً - لم تحلّ له أبداً(1).

8 - أحمد بن محمّد العاصميّ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر

(علیه السّلام) قال : سألته عن الرّجل يتزوّج المرأة في عدّتها؟ قال : إن كان دخل بها فرّق بينهما، ولم تحلّ له أبداً، وأتمّت عدّتها من الأوّل، وعدَّةٌ أخرى من الآخر، وإن لم يكن دخل بها، فرّق بينهما، وأتمّت عدَّتها من الأوّل، وكان خاطباً من الخطّاب.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : في رجل نكح امرأة وهي في عدِّتها، قال : يفرّق بينهما، ثمّ تقضي عدّتها، فإن كان دخل بها فلها المهر بما استحلّ من فرجها، ويفرّق بينهما، وإن لم يكن دخل بها، فلا شيء لها؛ قال : وسألته (2)عن الّذي يطلّق ثمّ يراجع : ثمّ يطلق ثمّ يراجع ثمّ يطلّق؟ قال : لا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره فيتزوّجها رجل آخر، فيطلّقها على السنّة، ثمّ ترجع إلى زوجها الأوّل، فيطلّقها ثلاث مرّات على السنّة، فتنكح زوجاً غيره فيطلّقها، ثمَّ ترجع إلى زوجها الأوّل، فيطلّقها ثلاث مرّات على السنّة، ثمَّ تنكح، فتلك الّتي لا تحلُّ له أبداً، والملاعنة لا تحلُّ له أبداً.

10 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن صفوان عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي إبراهيم (علیه السّلام) : بَلَغَنا عن أبيك أنّ الرّجل إذا تزوّج المرأة في عدّتها لم تحلّ له أبداً؟ فقال : هذا إذا كان عالماً، فإذا كان جاهلاً. فارقها، وتعتدّ، ثمّ يتزوّجها نكاحاً جديداً(3).

11 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد رفعه؛ أنّ الرّجل إذا تزوّج المرأة وعلم أنّ لها زوجاً، فرّق بينهما، ولم تحلّ له أبداً(4).

12 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن بعض أصحابنا،

ص: 433


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 48 بتفاوت
2- بن هنا إلى الآخر مروي بتفاوت يسير في التهذيب 7 نفس الباب ، ح 47 . وقوله : على السنّة : مقابل الطلاق العِدّي.
3- التهذيب 7، 26 - باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب، ح 33 . الاستبصار 3، 120 - باب من عقد على امرأة في عدتها مع العلم بذلك ، ح 4. ولا بد من حمله على صورة الاقتصار على العقد دون الوطي والّا حرمت عليه مؤبداً وإن كان جاهلاً كما تقدم ويأتي.
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 28.

عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا خطب الرّجل المرأة، فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين، فرِّق بينهما، ولم تحلّ له أبداً(1).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا طلّق الرّجل المرأة، فتزوّجت رجلاً، ثمّ طلّقها، فتزوّجها الأوّل، ثمّ طلّقها، فتزوّجت رجلاً، ثمّ طلّقها، فتزوّجها الأوّل، ثمّ طلّقها، لم تحلّ له أبداً.

274- باب الذي عنده أربع نسوة فيطلّق واحدة ويتزوج قبل انقضاء عدتها أو يتزوج خمس نسوة في عُقدَةٍ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن زرارة بن أعين؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا جمع الرَّجل أربعاً فطلّق إحداهنّ، فلا يتزوّج الخامسة حتّى تنقضي عدّة المرأة الّتي طلّق؛ وقال : لا يجمع الرّجل ماءه في خمس(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة : قال : سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن الرّجل يكون له أربع نسوة، فيطلّق أحداهنَّ، أيتزوّج مكانها أُخرى؟ قال: لا، حتّى تنقضي عدّتها(3).

3 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : في رجل كانت تحته أربع نسوة، فطلّق واحدة ثمَّ نكح أخرى قبل أن تستكمل المطلّقة العدّة؟ قال: فليلحقها بأهلها حتّى تستكمل المطلّقة أجَلَها، وتستقبل الأخرى عدّة أُخرى، ولها صداقها إن كان دخل بها، فإن لم يكن دخل بها، فله ماله، ولا عدَّة عليها، ثمَّ إن شاء أهلها بعد انقضاء عدَّتها زوَّجوه، وإن شاؤوا لم يُزَوّجوه(4).

ص: 434


1- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 50 الاستبصار 4 ، 177 - باب من وطأ جارية فأفضاها ، ح 3 . . يقول المحقق في الشرائع 2 / 291 : «إذا دخل بصبية لم تبلغ تسعاً، فأفضاها، حرم عليه وطؤها ولم تخرج من 2/ حباله، ولو لم يفضها لم تحرم عليه على الأصح».
2- التهذيب 7، 25 - باب من أحلّ الله نكاحه من النساء و...، ح 69
3- التهذيب 7 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء ومن ... ، ح 70
4- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 71 الفقيه ،3، 124 - باب ما أحل الله ... ح 46 بتفاوت

4 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جمیعاً عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن عنبسة بن مصعب قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل كانت له ثلاث نسوة، فتزوَّج عليهنَّ امرأتين في عقدة، فدخل بواحدة منهما، ثمّ مات؟ قال: إن كان دخل بالمرأة الّتي بدأ باسمها وذكرها عند عقدة النكاح، فإنَّ نکاحها جائز، ولها الميراث، وعليها العدَّة، وإن كان دخل بالمرأة الّتي سمّيت وذكرت بعد ذكر المرأة الأولى، فإنَّ نكاحها باطلٌ، ولا ميراث لها، وعليها العدَّة(1).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل تزوّج خمساً في عقدة؟ قال: يخلّي سبيل أيتهنَّ شاء، ويمسك الأربع(2).

275- باب الجمع بين الأختين من الحرائر والإماء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن أبي نجران ؛ وأحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السّلام) في أختين، نكح إحداهما رجلٌ ثمَّ طلّقها وهي حبلى، ثمَّ خطب أختها فجمعهما قبل أن تضع أختها المطلّقة ولدها، فأمره أن يفارق الأخيرة، حتّى تضع أختها المطلّقة ولدها، ثمَّ يخطبها، ويُصْدِقُها صداقاً مرَّتين(3).

ص: 435


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 72 الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 48. وكان الشيخ رحمه الله قد ذكر هذا الحديث برقم 23 من الباب 27 من نفس الجزء من التهذيب وكرره برقم 7 من الباب 43 من الجزء 9 من التهذيب أيضاً. يقول المحقق في الشرائع 293/2 : «إذا طلّق واحدة من الأربع حرم عليه العقد على غيرها حتى تنقضي عدتها إن كان الطلاق رجعياً، ولو كان بائناً جاز له العقد على أخرى في الحال ...وقال في نفس الصفحة : «إذا طلق إحدى الأربع بائنا وتزوج اثنتين، فإن سبقت إحدهما كان العقد لها، وإن اتفقتا في حالة بطل العقدان ، وروي أنه يتخير، وفي الرواية ضعف»
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 73 الفقيه 3، نفس ،الباب ذيل ح 45 بتفاوت يسير الجميع. وأصحابنا اختلفوا في صورة ما إذا تزوج خمساً في عقد واحد على قولين قول بالتخيير، وقول بالبطلان من رأس.
3- التهذيب 7 ، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و ...، ح 38 . وفيه صداقها الفقيه 3، 124 - باب ما : أحل الله ... ، ح 62 بتفاوت وفيه : فنكحها .... بدل : فجمعهما. وقد استظهر الفيض رحمه الله في الوافي أن ما ورد في كل من الفروع والتهذيب من لفظ فجمعهما، هو تصحيف ل- : (جامعها) . هذا، وإنما وجب دفع صداقها مرتين مرة لوطي الشبهة، ومرة أخرى للنكاح الصحيح ، وفي صورة الشبهة، إن كان سمّي لها مهراً فهو وإلا فلها مهر المثل كما نص عليه أصحابنا رضوان الله عليهم

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بكر الحضرميّ قال : قلت لأبي جعفر (علیه السّلام) : رجل نكح امرأة ثمَّ أتى أرضاً فنكح أُختها وهو لا يعلم ؟ قال : يمسك أيّتهما شاء، ويخلّي سبيل الأُخرى(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (علیه السّلام) أنّه قال في رجل تزوّج أختين في عقدة واحدة؟ قال: هو بالخيار، بمسك أيّتهما شاء، ويخلّي سبيل الأُخرى؛ وقال في رجل كانت له جارية فوطأها ثمَّ اشترى أُمها أو ابنتها؟ قال: لا تحلُّ له [أبداً](2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب، عن ابن بكير؛ وعليّ بن رئاب بن رئاب ، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن رجل تزوَّج بالعراق امرأة، ثمَّ خرج إلى الشّام فتزوَّج امرأة أخرى، فإذا هي أخت امرأة الّتي بالعراق؟ قال : يفرّق بينه وبين الّتي تزوَّجها بالشام، ولا يقرب المرأة حتّى تنقضي عدَّة الشّاميّة، قلت: فإن تزوّج امرأة ثمَّ تزوَّج أمّها وهو لا يعلم أنّها أمها ؟ قال : قد وضع الله عنه جهالته بذلك، ثمَّ قال : إذا علم أنّها أمّها فلا يقربها، ولا يقرب الإبنة حتّى تنقضي عدّة الأمّ منه، فإذا انقضت عدَّة الأمَّ، حلَّ له نكاح الابنة، قلت : فإن جاءت الأمّ بولد؟ قال : هو ولده، ويكون ابنه وأخا امرأته(3).

ص: 436


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 41 . الاستبصار 3، 110 - باب الرجل يعقد على امرأة ثم يعقد على أختها وهو لا يعلم ، ح 2 . وأبو بكر الحضرمي اسمه عبد الله بن محمد الحضرمي . وكذا يكنى بأبي بكر : محمد بن شريح الحضرمي . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على تحريم أخت الزوجة جمعاً لا عيناً، وعليه، فلو تزوج أختين «كان العقد للسابقة وبطل عقد الثانية، ولو تزوجهما في عقد واحد قيل بطل نكاحهما، وروي أنه يتخير أيتهما شاء ، والأول أشبه وفي الرواية ضعف الشرائع 290/2
2- روي منه إلى قوله : ويخلّي سبيل الأخرى في التهذيب 7 نفس الباب ، ح 39 . وفي سنده: عن بعض أصحابنا بدل: عن بعض أصحابه الفقيه 3، نفس الباب، ح 45 . وروي ذيله في التهذيب 7، برقم 7 من نفس الباب أعلاه وفيما لو جمع بين الأختين في عقد واحد فهنالك قولان عند فقهائنا ، قول ببطلان العقد من رأس والقول الآخر هو تخيّر واحدة منهما كما نص عليه حديثنا هنا يقول الشهيدان ولو جمع بين الأختين فكذلك لاشتراكهما في ذلك، وقيل، والقائل الشيخ وجماعة منهم العلامة في المختصر يتخير واحدة منهما لمرسلة جميل بن دراج عن أحدهما (علیه السّلام) - الرواية المذكورة هنا - وهي مع إرسالها غير صريحة في ذلك لإمكان إمساك إحداهما بعقد جديد . ومثله، لو جمع بين خمس في عقد أو اثنتين وعنده ثلاث أو بالعكس». وقد اختار المحقق أيضاً البطلان من رأس بعد أن رمى رواية التخيير بالضعف فراجع الشرائع 293/2.
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 40 بتفاوت يسير الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 1 . الفقيه 3، نفس الباب، ح 43 بتفاوت

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس قال: قرأت في كتاب رجل إلى أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) : جُعِلْتُ فِداك، الرّجل يتزوّج المرأة متعة إلى أجل مسمّى، فينقضي الأجل بينهما، هل له أن ينكح أُختها من قبل أن تنقضي عدّتها؟ فكتب لا يحلُّ له أن يتزوَّجها حتى تنقضي عدَّتها(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل اختلعت منه امرأته، أيحلُّ له أن يخطب أختها قبل أن تنقضي عدَّتها؟ فقال: إذا برئت عصمتها ولم يكن له رجعة، فقد حلَّ له أن يخطب أختها قال وسئل عن رجل عنده أختان مملوكتان فوطأ إحداهما ثمَّ وطأ الأخرى؟ قال : إذا وَطَأ الأخرى فقد حرمت عليه الأولى حتّى تموت الأخرى، قلت : أرأيت إن باعها؟ فقال : إن كان إنّما يبيعها لحاجة ولا يخطر على باله من الأخرى شيء، فلا أرى بذلك بأساً، وإن كان إنّما يبيعها ليرجع إلى الأُولى، فلا(2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل طلّق امرأته، أو اختلعت أو بانت ألَه أن يتزوَّج بأختها؟ قال : فقال : إذا برئت عصمتها، ولم يكن له عليها رجعة فله أن يخطب أختها؛ قال : وسئل عن رجل كانت عنده أختان مملوكتان، فوطاً إحداهما، ثمَّ وطأ الأخرى؟ قال : إذا وطأ الأخرى فقد حرمت عليه حتّى تموت الأخرى؛ قلت : أرأيت إن باعها، أتحلُّ له الأولى؟ قال : إن كان يبيعها لحاجة، ولا يخطر على قلبه من الأخرى شيء، فلا أرى بذلك بأساً، وإن كان إنّما يبيعها ليرجع إلى الأولى، فلا، ولا كرامة(3).

ص: 437


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 45 الاستبصار 3، 111 - باب أنه إذا طلق الرجل امرأته تطليقة بائنة جاز ... ح 4 . وأخرجه فيهما بطريقين. الفقيه ،3 143 - باب المتعة ، ح 21 بتفاوت وسند آخر.
2- التهذيب 7، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و ...، ح 52 وروى ذيل الحديث من قوله : ... عن رجل عنده أختان مملوكتان . . . ، بتفاوت . وكذلك هو في الفقيه ،3، 138 - باب الجمع بين أختين مملوكتين، ح 1 وبسند آخر عن أبي جعفر (علیه السّلام) . هذا وقد أجمع أصحابنا أيضاً على عدم جواز الجمع بين الأختين في الملك مع وطئهما، وقد نقل في المسالك عدم الخلاف بيننا في أنه إذا جمع بينهما في الملك فوطاً إحداهما حرم عليه وطيء الأخرى، ونقل صاحب الجواهر إجماع أصحابنا بقسميه عليه . وقال المحقق في الشرائع 2902 : ولو كان له أمَتَان فوطأهما قيل : حرمت الأولى حتى تخرج الثانية من ملكه . وقيل : إن كان لجهالة لم تحرم الأولى، وإن كان مع العلم حرمت حتى تخرج الثانية لا العود إلى الأولى ولو أخرجها للعود والحال هذه لم تحل الأولى . والوجه أن الثانية تحرم على التقديرين دون الأولى. راجع أيضاً اللمعة وشرحها كتاب النكاح من المجلد الثاني من الطبعة الحجرية، ص 85.
3- روي صدره في التهذيب ،7 ، نفس الباب ، ح 42 بتفاوت يسير . وروي بقيته برقم 53 من نفس الباب، وروي من قوله : سئل عن رجل كانت عنده أختان ... الخ، في الفقيه ،3، نفس الباب، ح 1 . وروي صدره في الاستبصار ،3، 111 - باب أنه إذا طلق الرجل امرأته تطليقة بائنة جاز له.

8 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في رجل طلّق امرأته وهي حبلى، أيتزوَّج أختها قبل أن تضع؟ قال : لا يتزوَّجها حتّى يخلو أجلها(1).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم (علیه السّلام) قال : سألته عن رجل طلّق امرأة، أيتزوَّج أختها؟ قال: لا، حتّى تنقضي عدّتها(2)، قال : وسألته (3)عن رجل ملك أختين ، أيطؤهما جميعاً؟ قال : يطأ إحداهما، وإذا وطأ الثانية حرمت عليه الأولى الّتي وطأ حتّى تموت الثانية أو يفارقها، وليس له أن يبيع الثانية من أجل الأولى ليرجع إليها، إلّا أن يبيع لحاجة أو يتصدِّق بها أو تموت ؛ قال (4)وسألته عن رجل كانت له امرأة فهلكت أيتزوّج أختها؟ فقال : من ساعته إن أحبُ.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علّي بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل كانت له جارية، فعتقت، فتزوِّجت، فولدت، أيصلح لمولاها الأوَّل أن يتزوِّج ابنتها؟ قال: هي عليه حرام، وهي ابنته، والحرّة والمملوكة في هذا سواء، ثمَّ قرأ هذه الآية(5): «وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ»(6).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم عن أحدهما (علیه السّلام) مثله.

ص: 438


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 44. الاستبصار ، نفس الباب، ح 3 وأسنده إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) . أقول : وبمضمون هذه الروايات أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم، مع قولهم بكراهة العقد على أخت المطلقة بائنا ما دامت في العدة، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 293/2
2- إلى هنا مروي في التهذيب 7 نفس الباب، صدر ح 46. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 5
3- من هنا إلى قوله : أو تموت مروي في التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 54 .
4- من هنا مروي في التهذيب 7، نفس الباب، ذيل ح 46
5- النساء/ 23
6- التهذيب 7، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و ... ، ح 21 . الاستبصار 3، 105 - باب أنه إذا دخل 7 ، بالأم حرمت عليه البنت وإن ... ، ح 10 . وروى صدره إلى قوله : سواء برقم 12 من نفس الباب من التهذيب ... وبرقم 1 من نفس الباب من الاستبصار . هذا، وإجماع أصحابنا رضوان الله عليهم متحقق في عدم الفرق بين الحرة والمملوكة الموطواتين بالعقد الصحيح أو الملك في تحريم أم كل منهما وإن علت وابنة كل منهما وإن نزلت.

11 - أحمد بن محمّد، عمّن ذكره، عن الحسين بن بشر قال: سألت الرّضا (علیه السّلام) عن الرّجل تكون له الجارية، ولها ابنة فيقع عليها، أيصلح له أن يقع على ابنتها؟ فقال : أينكح الرجل الصالح ابنته.

12 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل يكون له الجارية يصيب منها، أَلَهُ ان ينكح ابنتها؟ قال: لا، هي مثل قول الله عزّ وجلَّ: «وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ»(1).

13 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له رجل طلّق امرأته، فبانت منه ولها ابنة مملوكة، فاشتراها أيحلُّ له أن يطأها؟ قال :(2) وعن (3)الرَّجل تكون عنده المملوكة وابنتها فيطاً إحداهما فتموت وتبقى الأخرى، أيصلح له أن يطأها؟ قال : لا .

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : الرَّجل يشتري الأختين فيطأ إحداهما ثمَّ يطأ الأخرى بجهالة؟ قال : إذا وطأ الأخرى بجهالة، لم تحرم عليه الأولى، وإن وطأ الأخرى وهو يعلم أنّها تحرم عليه، حَرُمَتا عليه جميعاً(4).

276- باب في قول الله عزَّ وجلَّ: «ولكن لا تُوَاعِدوهُنَّ سراً - الآية -»

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلَّ : «ولكن لا تُوَاعِدوهنَّ سرًّا إلّا أن تقولوا قولاً

ص: 439


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 14 . الاستبصار 3 ، نفس الباب، ح 3 بسند آخر فيهما
2- إلى هنا في التهذيب 7 نفس الباب ، ح 16. وفي الاستبصار 3، نفس الباب، ح 5.
3- من هنا إلى الآخر رواه في التهذيب 7، نفس ،الباب ح .. والاستبصار 3، 104 - باب أن حكم المملوكة في هذا الباب حكم الحرة ، ح 2 وأخرجه فيهما عن البزوفري عن حميد بن زياد عن الحسن عن محمد بن زياد عن عمار بن مروان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) . هذا، ويقول المحقق في الشرائع 2 / 314 بعد أن ذكر جواز أن يجمع بين المرأة وأمها في الملك: «لكن متى وطأ واحدة حرمت عليه الأخرى عينا، وأن يجمع بينها وبين أختها في الملك
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 55 بتفاوت يسير الفقيه 3، 138 - باب الجمع بين أختين مملوكتين، ح2 بتفاوت.

معروفاً»(1)؟ قال: هو الرَّجل يقول للمرأة قبل أن تنقضي عدَّتها : أواعدك بيت آل فلان، ليعرض لها بالخطبة، ويعني بقوله : «إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا» : التعريض بالخطبة، «وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»(2).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل : «وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» ؟ فقال : السرُّ، أن يقول الرَّجل : موعدك ببيت آل فلان، ثمَّ يطلب إليها أن لا تسبقه بنفسها إذا انقضت عدَّتها، قلت : فقوله: «إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا»؟ قال : هو طلب الحلال في غير أن يعزم عقدة النكاح حتّى يبلغ الكتاب أجله.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلَّ : «وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا»؟ قال : يقول الرّجل: أواعدك بيتَ آل فلان يعرض لها بالرَّفَث ويرفث، يقول الله عزّ وجلَّ: «إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا» والقول المعروف، التعريض بالخطبة على وجهها وحِلّها، «وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»(3).

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبَان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول الله عزّ وجلَّ : «إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا»، قال : يلقاها فيقول: إنّي فيك لراغب، وإنّي للنساء لمُكْرِم، فلا تسبقيني بنفسك، والسرٌّ : لا يخلو معها حيث وعدها.

277- باب نكاح أهل الذمَّة والمشركين يُسْلِمُ بعضهم ولا يُسْلِمُ بعض أو يُسلمون جميعاً

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل هاجر وترك امرأته مع المشركين، ثمَّ لحقت به بعدُ،

ص: 440


1- النساء / 235
2- النساء / 235
3- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ح 94 . بتفاوت يسير.

أيمسكها بالنكاح الأوّل، أو تنقطع عصمتها؟ قال: يمسكها، وهي امرأته(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا أسلمت ،امرأة، وزوجها على غير الإسلام، فرَّق بينهما؛ قال : وسألته عن رجل هاجر وترك امرأته في المشركين، ثمَّ لحقت بعد ذلك به، أيمسكها بالنكاح الأوّل أو تنقطع عصمتها؟ قال : بل يمسكها، وهي امرأته(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان، منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل مجوسيّ أو مشرك من غير أهل الكتاب، كانت تحته امرأة فأسلم أو أسلمت؟ قال : ينتظر بذلك انقضاء عدَّتها، وإن هو أسلم أو أسلمت قبل أن تنقضي عدَّتها، فهما على نكاحهما الأوّل، وإن هو لم يسلم حتّى تنقضي العدِّة، فقد بانت منم(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن (علیه السّلام) في نصرانيّ تزوَّج نصرانيّة، فأسلمت قبل أن يدخل بها؟ قال : قد انقطعت عصمتها منه، ولا مهر لها، ولا عدَّة عليها منه(4).

5 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سأله رجل عن رجلين من أهل الذمّة، أو من أهل الحرب، يتزوَّج كلُّ واحد منهما امرأة، وأمهرها خمراً وخنازير، ثمَّ أسلما؟ فقال : النكاح جائز حلال لا يَحْرُمُ من قبل الخمر ولا من قبل الخنازير، قلت فإن أسلما قبل أن يدفع إليها الخمر والخنازير؟ فقال : إذا أسلما حرم عليه أن يدفع إليها شيئاً من ذلك، ولكن يعطيها صداقها(5).

ص: 441


1- التهذيب 7، 26 - باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون ... ، ح 11 . الاستبصار 3 ، 117 - باب تحریم نکاح الكوافر من سائر . . . ، ح 11 وفيه عصمتهما. وأخرجاه بسند آخر.هذا وقد حكم بعض أصحابنا رضوان الله عليهم بالمنع من نكاح الكتابية ابتداءاً لا استدامة، ولذا لو أسلم زوج الكتابية فالنكاح بحاله
2- انظر التخريج السابق. وكرره في التهذيب 7 ، برقم 128 من الباب 41 بتفاوت
3- التهذيب 7، 26 - باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب، ح 16. الاستبصار 3، 118 - باب الرجل والمرأة إذا كانا ذمين فتسلم المرأة دون الرجل ، ح 5. بتفاوت فيهما.
4- قال المحقق في الشرائع 294/2: «وإذا أسلم زوج الكتابية فهو على نكاحه سواء كان قبل الدخول أو بعده ، ولو أسلمت زوجته قبل الدخول انفسخ العقد ولا مهر، وإن كان بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدة. وقيل : إن كان الزوج بشرائط الذمة كان نكاحه باقياً، غير أنه لا يمكن من الدخول إليها ليلاً، ولا من الخلوة بها نهارا، والأول أشبه».
5- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ... ، ح 10 بتفاوت

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) في مجوسيّة أسلمت قبل أن يدخل بها زوجها؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) لزوجها: أسلم، فأبى زوجها أن يسلم، فقضى لها عليه نصف الصداق، وقال: لم يَزِدْها الإسلام إلّا عزَّا.

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن خالد ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في مجوسيّ أسلم وله سبع نسوة، وأسلمن معه، كيف يصنع؟ قال : يمسك أربعاً، ويطلق ثلاثاً(1).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس قال : الذمّي تكون له المرأة الذّميّة، فتسلم امرأته قال : هي امرأته يكون عندها بالنهار، ولا يكون عندها باللّيل، قال: فإن أسلم الرجل ولم تسلم المرأة، يكون الرّجل عندها باللّيل والنّهار.

9 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن رومي بن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : النّصرانيّ يتزوَّج النّصرانيّة على ثلاثين دنّاً من خمر، وثلاثين خنزيراً، ثمَّ أسلما بعد ذلك، ولم يكن دخل بها؟ قال: ينظر كم قيمة الخمر وكم قيمة الخنازير فيرسل بها إليها، ثمَّ يدخل عليها، وهما على نكاحهما الأول(2).

278- باب الرِّضاع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله عبد الله (علیه السّلام) قال: سمعته يقول: يحرم من الرّضاع ما يحرم من القرابة(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد الفضيل، عن أبي الصبّاح الكنانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه سئل عن الرّضاع ؟ فقال : يحرم

ص: 442


1- التهذيب 7، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و...، ح 74
2- التهذيب 7 ، 31 - باب المهور والأجور و . . . ، ح 11 وفي سنده زيادة عبيد بن زرارة بعد رومي بن زرارة الفقيه 3 142 - باب الذمي يتزوج الذمية ثم يسلمان، ح1. والدّن: - كما في القاموس - الراقود العظيم أطول من الحب أو أصغر. قال المحقق في الشرائع 324/2: «ولو عقد الذميان على خمر أو خنزير صح لأنهما يملكانه، ولو أسلما، أو أسلم أحدهما قبل القبض دفع القيمة لخروجه عن ملك المسلم سواء كان عيناً أو مضموناً».
3- التهذيب 7 ، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء ومن ... ، ح 58

من الرّضاع ما يحرم من النّسب(1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد ين أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : يحرم من الرّضاع ما يحرم من النسب(2).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان بن عثمان، عمّن حدثه عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : عرضت على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ابنة حمزة فقال : أما علمتَ أنها ابنة أخي من الرّضاع؟ .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) في ابنة الأخ من الرّضاع، لا آمر به أحداً، ولا أنهى عنه، وإنّما أنهى عنه نفسي ،وولدي وقال : عرض على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن يتزوَّج ابنة حمزة، فأبى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وقال : هي ابنة أخي من الرّضاع.

279- باب حدّ الرّضاع الذي يُحَرّم

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا يحرم من الرِّضاع إلّا ما أنبت اللّحم وشدً العظم(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن يعقوب، عن محمّد بن مسلم، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الرّضاع، ما أدنى ما يحرّم منه؟ قال : ما أنبت اللّحم أو الدم، ثمَّ قال : ترى واحدة تنبته؟ فقلت : أسألك أصلحك الله

ص: 443


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 59 . ح
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 60
3- التهذيب 7، 27 - باب ما يحرم من النكاح من الرضاع و...، ح 1. الاستبصار 3، 125 - باب مقدار ما يحرم من الرضاع ، ح 3 وفي سنده عن العلاء بن محمد بدل: معلّى بن محمد وكون الرضاع المحرّم ما يشد العظم وينبت اللحم هو إجماعي عند أصحابنا رضوان الله عليهم صرح به صاحب الجواهر ونقله عن كل من المسالك والإيضاح والتذكرة . وتوفرهما معاً هو الشرط في نشر الحرمة عندهم إلا ما يظهر من الشهيد الأول في اللمعة حيث اكتفى بأحدهما عندما قال: وإن ينبت اللحم أو يشد العظم . وكيف كان فالمرجع فيهما إلى قول أهل الخبرة.

[اثنتان]؟ قال: لا، فلم أزل أعدّ عليه حتّى بلغت عَشْرَ رضعات.

3 - وعنه، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّضاع أدنى ما يحرم منه؟ قال : ما أنبت اللّحم والدَّم، ثمَّ قال : ترى واحدة تنبته؟ فقلت : أسألك أصلحك الله، اثنتان فقال : لا، ولم أزل أعدّ عليه حتّى بلغ عشر رضعات .

4 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن صباح بن سيّابة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا بأس بالرَّضعة والرَّضعتين والثلاث.

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الله (علیه السّلام) قال : لا يحرم من الرّضاع إلّا ما أنبت اللّحم والدَّم(1).

6 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زياد القنديّ، عن عبد الله سنان، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : قلت له : يحرم من الرّضاع الرَّضعة والرَّضعتان والثلاث؟ فقال : لا، إلّا ما اشتدَّ عليه العظم ونبت اللّحم(2)

7 - أبو علىّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن الرّضاع ما يحرم منه ؟ فقال : سأل رجل أبي عبد الله (علیه السّلام) عنه فقال : واحدة ليس بها بأس، وثنتان حتى بلغ خمس رضعات قلت متواليات أو مصّة بعد مصّة؟ فقال : هكذا قال له وسأله آخر عنه ، فانتهى به إلى تسع، وقال: ما أكثر ما أسأل عن الرّضاع، فقلت: جُعِلْتُ فداك، أخبرني عن قولك أنت في هذا عندك فيه حدٌّ أكثر من هذا؟ فقال : قد أخبرتك بالّذي أجاب فيه أبي، قلت : قد علمت الّذي أجاب أبوك فيه، ولكنّي قلت لعلّه يكون فيه حدٌّ لم يخبر به فتخبرني به

ص: 444


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 2 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 4
2- التهذيب 7، نفس الباب ... الاستبصار 3، نفس الباب، خ 5 . هذا ولم يذهب من الأصحاب رضوان الله عليهم إلى القول بالحرمة بأقل من عشر رضعات إلا الإسكافي استناداً إلى رواية اطرحوها باعتبار شذوذها . وإلا ابن الجنيد فيما ذكره الشهيد الثاني عنه في الروضة من أنه ذهب إلى الاكتفاء بما وقع عليه اسم الرضعة نظراً إلى العموم حيث اطرح الأخبار من الجانبين - كما يقول الشهيد رحمه الله - ويضيف وما أوردناه من الخبر الصحيح حجة عليه الخ

أنت، فقال : هكذا قال أبي، قلت: فأرضعت(1) أمّي جارية بلبني؟ فقال: هي أختك من الرّضاعة، قلت: فتحلُّ لأخ لي من أمّي لم ترضعها أمّي بلبنه؟ قال: فالفحل واحد؟ قلت : نعم، هو أخي لأبي وأمّي، قال : اللّبن للفحل، صار أبوك أباها، وأمّك أمَّها.

8 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عبد الله بن سنان، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الغلام يرضع الرّضعة والرّضعتين؟ فقال: لا يحرم، فعددت عليه حتّى أكملت عشر رضعات، فقال: إذا كانت متفرّقة

[فلا](2).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّا أهل بيت كبير، فربّما كان الفرح والحزن الّذي يجتمع فيه الرّجال والنساء، فربما استحيت المرأة أن تكشف رأسها عند الرَّجل الّذي بينها وبينه الرّضاع، وربّما استخفّ الرجل أن ينظر إلى ذلك، فما الّذي يحرم من الرّضاع؟ فقال : ما أنبت اللّحم والدَّم، فقلت : وما الّذي ينبت اللّحم والدَّم؟ فقال : كان يقال: عشر رضعات قلت فهل يحرم عشر رضعات؟ فقال : دع ذا، وقال: ما يحرم من النّسب فهو ما يحرم من الرضاع(3).

ص: 445


1- من هنا مروي بتفاوت في التهذيب 7، 270 - باب ما يحرم من النكاح من الرضاع و ... ، ح 36. وسوف يكرره الكليني رحمه الله برقم 2 من الباب 282 الآتي.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ج 10، الاستبصار 3، 125 - باب مقدار ما يحرم من الرضاع، ح 8 . وأخرجه فيهما عن علي بن الحسن بن فضال عن الحسن بن بنت الياس عن عبد الله بن سنان عن عمر بن يزيد عن أبي الله علیه السّلام وابن بنت الياس هو الحسن الوشاء.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح4. الاستبصار 3 ، نفس الباب، ح 6 . هذا وقد اختلف أصحابنا رضوان الله عليهم في العدد الموجب لنشر الحرمة بالرضاع، فمنهم من اختار العشر، ومنهم من اختار الخمس عشرة ،رضعة ولكن أي القولين هو المشهور عندهم؟ يقول صاحب الجواهر 20/29 - 281 : «اختلفت كلماتهم في الأشهر من القولين، ففي المختلف والمنتصر وغاية المرام، ونهاية السيدين: العشر هو القول الأكثر ، وفي الروضة أنه قول المعظم، وفي التذكرة وزبدة البيان والمفاتيح إن المشهور هو الخمس عشرة، وعزاه في كنز العرفان إلى الأكثر، وفي كنز الفوائد إلى عامة المتأخرين، وفي المسالك إلى أكثرهم . .. قلت : الانصاف إن شهرة الخمس عشرة عند المتأخرين ،محققة ، وأما القدماء، فإنه وإن ذهب كثير منهم إلى العشر كالعماني والمفيد والقاضي والديلمي والحلبي والطوسي وأبي المكارم بل حكي عن المرتضى وإن كنا لم نتحققه إلا أن ذلك لم يبلغ حد الاشتهار، خصوصاً بعد أن كان خيرة الشيخ والطبرسي وغيرهما من القدماء الخمس عشرة، بل حكي عن أتباع الشيخ، بل لعله خيرة أئمة الحديث وفقهاء أصحاب الأئمة کمحمد بن أحمد بن يحيى وأحمد بن محمد بن عيسى و .... ممن اقتصر على رواية الخمس عشرة دون العشر ... الخ» فراجع.

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لا يحرم من الرّضاع إلّا ما شدَّ العظم وأنبت اللّحم، وأمّا الرّضعة والرّضعتان والثلاث - حتّى يبلغ عشراً - إذا كنّ متفرَّقات، فلا بأس(1).

280- باب صفة لبن الفَحْل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن لبن الفحل؟ قال : هو ما أرضَعَت امرأتُك من لبنك، ولَبَنِ ولدك ولد امرأة أخرى، فهو حرام(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن رجل كان له امرأتان، فولدت كلُّ واحدة منهما غلاماً، فانطلقت إحدى امرأتيه فأرضعت جاريةً من عرض النّاس، أينبغي لابنه أن يتزوَّج بهذه الجارية؟ قال: لا، لأنّها أرضعت بلبن الشيخ(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن لبن الفحل؟ قال : ما أرضعت امرأتك من لبنِ ولدك ولد امرأة أخرى، فهو حرام.

4 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن امرأة أرضعت جارية ولزوجها ابن من غيرها، أيحلُّ للغلام ابن زوجها أن يتزوّج الجارية الّتي أرضعت؟ فقال: اللّبن للفحل .

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل تزوَّج امرأة فولدت منه جارية ، ثمَّ ماتت المرأة، فتزوَّج أُخرى فولدت منه ولداً، ثمَّ إنّها أرضعت من لبنها غلاماً، أيحلُّ لذلك الغلام

ص: 446


1- التهذيب 7، 27 - باب ما يحرم من النكاح من الرضاع و ... ، ح 5. الاستبصار 3، 125 - باب مقدار ما يحرم من الرضاع، ح7 . وفيهما : حتى بلغ عشراً
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 24 . الاستبصار ،3، 126 - باب أن اللبن للفحل، ح 1
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 25 . وكرره برقم 35 من نفس الباب أيضا الاستبصار ، نفس الباب، ح 2 . وقوله : من عرض الناس، أي من عامتهم

الّذي أرضعته أن يتزوَّج ابنة المرأة الّتي كانت تحت الرَّجل قبل المرأة الأخيرة ؟ فقال : ما أحبُّ أن ين يتزوج ابنة فحل قد رضع من لبنه(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أمُّ ولد رجل أرضعت صبيّاً، وله ابنة من غيرها، أيحلُّ لذلك الصبّي هذه الابنة؟ فقال: ما أحبُّ أن تتزوَّج ابنة رجل قد رضعت من لبن ولده(2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن عبيدة(3)الهمداني قال : قال الرّضا (علیه السّلام): ما يقول أصحابك في الرّضاع؟ قال: قلت: كانوا يقولون : اللّبن للفحل، حتّى جاءتهم الرّواية عنك أنّه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فرجعوا إلى قولك(4)، قال : فقال : وذلك لأنّ أمير المؤمنين سألني عنها البارحة فقال لي : اشرح لي؟ اللّبن للفحل، وأنا أكره الكلام(5)، فقال لي : كما أنت(6)، حتّى أسألك عنها، ما قلت في رجل كان له أمّهات أولاد شتّى، فأرضعت واحدة منهنَّ بلبنها غلاماً غريباً، أليس كلّ شيء من ولد ذلك الرَّجل من أمّهات الأولاد الشتّى محرّماً على ذلك الغلام؟ فقال: قلت بلى، قال فقال أبو الحسن : فما بال الرّضاع يحرّم من قبل الفحل ولا يحرّم من قبل الأمّهات، وإنّما الرّضاع من قبل الأمّهات، وإن كان لبن الفحل أيضاً يحرّم(7).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن مهزیار قال : سأل عيسى بن

ص: 447


1- التهذيب 7 ، 27 - باب ما يحرم من النكاح من الرضاع و ...، ح 26 . الاستبصار 3، 126 - باب أن اللبن للفحل ، ح 3. هذا وقد نقل إجماع أصحابنا بقسميه على اشتراط أن يكون اللبن لفحل واحد في نشر الحرمة، فلا حرمة بين المرتضع وأمه وأبيه فضلا عن غيرهم مع كون القدر المحرم من اللبن لفحلين. وهذا قول معظم أصحابنا كما يعبر الشهيد الثاني في الروضة ونقل الخلاف عن صاحب تفسير مجمع البيان، يقول الشهيدان : وقال أبو علي الطبرسي رحمه الله صاحب التفسير ، فيه ؛ لا يشترط اتحاد الفحل بل يكفي اتحاد المرضعة، لأنه يكون بينهم مع اتحادها أخوّة الأم وإن تعدّد الفحل وهي تحرّم التناكح بالنسب والرضاع يحرم منه ما يحرم من النسب، وهو متجه لولا ورود النصوص عن أهل البيت (علیهم السّلام) بخلافه، وهي مخصصة بما دل بعمومه على اتحاد الرضاع والنسب في حكم التحريم.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 27 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 4
3- في التهذيبين عبيد
4- أي قالوا بتحريم الرضاع من قبل الأمهات أيضاً.
5- هذا من كلامه (علیه السّلام)، والعلة في كراهة الكلام فيما سئل عنه لأنه لو تكلم لقال ما يخالف قول فقهاء المخالفين في المسألة.
6- أي قال لي المأمون : ابق كما أنت أو قف على الحالة التي أنت عليها .
7- التهذيب 7، نفس الباب، 30 الاستبصار 3، نفس الباب، ح 7

جعفر بن عيسى أبا جعفر الثانّي (علیه السّلام) : إنَّ امرأة أرضعت لي صبيّاً، فهل يحلُّ لي أن أتزوَّج ابنة زوجها؟ فقال لي : ما أجود ما سألت من ههنا يؤتى أن يقول النّاس حَرُمَت عليه امرأته من قبل لبن الفحل، هذا هو لبن الفحل لا غيره ، فقلت له : [إنَّ] الجارية ليست ابنة المرأة الّتي أرضعت لي، هي ابنة غيرها؟ فقال : لو كنَّ عشراً متفرِّقات ما حلّ لك منهنَّ شيء، وكنَّ في موضع بناتك(1).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجليّ قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلَّ: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا»(2)؟ فقال : إنَّ الله تعالى خلق آدم الماء العذب، وخلق زوجته من سنخه، فبرأها من أسفل أضلاعه، فجرى بذلك الضّلع سبب ونسب، ثمَّ زوّجها إيّاه، فجرى بسبب ذلك بينهما صهر، وذلك قوله عزّ وجلَّ: «نَسَبًا وَصِهْرًا»، فالنّسب - يا أخا بني عِجل - ما كان بسبب الرّجال، والصّهر ما كان بسب النّساء؛ قال : فقلت له(3): أرأيت قول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): «يحرم من الرّضاع ما يَحْرُمُ من النسب». فسر لي ذلك؟ فقال: كلّ امرأة أرضعت من لبن فحلها ولد امرأة أخرى من جارية أو غلام، فذلك الرّضاع الّذي قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، وكلُّ امرأة أرضعت من لبن فحلين كانا لها واحداً بعد واحد من جارية أو غلام، فإن ذلك رضاع ليس بالرضاع الذي قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «يحرم من الرّضاع ما يحرم من النّسب»، وإنّما هو من نسب ناحية الصّهر رضاع، ولا يحرّم شيئاً، وليس هو سبب رضاع من ناحية لبن الفحولة فيحرم.

10 - ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطيّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن غلام رضع من أمرأة، أيحلُّ له أن يتزوَّج أختها لأبيها من الرّضاع؟ قال : فقال : لا، فقد رضعا جميعاً من لبن فحل واحد من امرأة واحدة، قال : فيتزوَّج أختها لأمّها من الرَّضاعة؟ قال : فقال : لا بأس بذلك، إنَّ أختها التي لم تُرْضِعُهُ، كان فحلها غير فحل التي أرضعت الغلام، فاختلف الفحلان، فلا بأس(4)

ص: 448


1- التهذيب 7 ، 27 - باب ما يحرم من النكاح من الرضاع و ... ، ح 28 ، الاستبصار 3، 126 - باب أن اللبن للفحل، ح 5 قوله (علیه السّلام) : من ههنا يؤتى ... ؛ أي يصاب ويأتي الجهل والغلط على الناس، وقد فسر ذلك (علیه السّلام) بقوله : أن يقول الناس ... الخ .
2- الفرقان / 54
3- من هنا مروي بتفاوت في الفقيه 3، 146 - باب الرضاع ، ح 5
4- التهذيب 7 نفس الباب، ح 29 الاستبصار 3 نفس الباب، ح 6 هذا، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعاً لأنهم صاروا أخوة ولده وإخوة الولد محرّمون على الأب

11 - ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يرضع من امرأة وهو غلام، أيحلُّ له أن يتزوَّج أختها لأمّها من الرضاعة؟ فقال : إن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد، فلا يحلُّ، فإن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحلين، فلا بأس بذلك(1).

281- باب أنه لا رضاع بعد فِطام

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا رضاع بعد فطام(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان، عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : الرّضاع قبل الحولين قبل أن يُقطَم(3).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا رضاع بعد فطام، قال : قلت جُعِلْتُ فِداك، وما الفِطام؟ قال : الحولان اللّذان قال الله عزّ وجلَّ(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس قال: سألته عن امرأة حلبت من لبنها

ص: 449


1- التهذيب 7، 27 - باب ما يحرم من النكاح من ...، ح 31 . الاستبصار 3، 126 - باب أن اللبن للفحل ، ح 8
2- الاستبصار 3، 125 - باب مقدار ما يحرم من الرضاع، ضمن ح 21 . التهذيب 7 ، 27 - باب ما يحرم من النكاح من الرضاع و ...، صدر ح 21 ومعنى الحديث : أنه لا رضاع يحرم النكاح إذا حصل بعد الحولين. هذا وقد أجمع أصحابنا على اشتراط كون الرضاع في الحولين في نشر الحرمة بلا فرق عندهم بين أن يفطم المرتضع قبل الرضاع في الحولين وعدمه، ولم يشذ في ذلك إلا الإسكافي فيما حكي عنه حيث قال بنشر الحرمة بعد الحولين إذا لم يكن قد قطم. ربما استناداً إلى رواية ابن الحصين والتي حملها بعض فقهائنا المتأخرين على الحولين من ولادتها بناء على عدم اعتبار ذلك في التحريم.
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 20 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 20 . وفيهما: إن الرضاع ... الخ . 20.
4- التهذيب ،7 نفس الباب، ح 21 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 21 . 2. ، وفيه إشارة إلى قوله تعالى في الآية 233 من سورة البقرة «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ...»

فأسقت زوجها لَتَحْرُمَ عليه؟ قال : أَمْسَكَها وأوجع ظهرها.

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : لا رضاع بعد فطام، ولا وصال في صيام، ولا يُتمَ بعد احتلام ولا صَمت يوم إلى اللّيل، ولا تعرُّب بعد الهجرة، ولا هجرة (1)بعد الفتح، ولا طلاق قبل النكاح، ولا عتقَ قبل ملك، ولا يمين للولد مع والده، ولا للمملوك مع مولاه، ولا للمرأة مع زوجها ولا نَذْرَ في معصية، ولا يمين في قطيعة، فمعنى(2)قوله : «لا رضاع بعد فطام»؛ أن الولد إذا شرب من لبن المرأة بعدما تفطمه، لا يحرّم ذلك الرّضاعُ التناكحَ.

282- باب نوادر في الرضاع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الحسن الماضي (علیه السّلام) قال : قلت له : إنّي تزوَّجت امرأة فوجدت امرأة قد أرضعتني وأرضعت اختها؟ قال : فقال : كم؟ قال :قلت شيئاً يسيراً ؛ قال : بارك الله لك .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل تزوّج أخت أخيه من الرّضاعة؟ فقال: ما أحبُّ (3)أن أتزوَّج أخت أخي من الرّضاعة.

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن العبد الصالح (علیه السّلام) قال: قلت له : أرضعت أمّي جارية بلبني؟ قال : هي أختك من الرّضاع، قال: فقلت : فتحلُّ لأخي من أمّي لم ترضعها بلبنه، يعني ليس بهذا البطن ولكن ببطن آخر؟ قال : والفحل واحد؟ قلت : نعم هي أختي (4)لأبي وأمّي، قال : اللّبن للفحل، صار أبوك أباها وأُمّك أمّها(5).

ص: 450


1- لعل المراد نفي وجوب الهجرة بعد فتح مكة كما اختاره بعض أصحابنا رضوان الله عليهم.
2- الظاهر أنه - إلى آخره - من كلام شيخنا الكليني رحمه الله
3- هذا التعبير، وإن كان ظاهره الكراهة إلا أنه محمول على الحرمة، للإجماع على تحريم أولاد الفحل والمرضعة على المرتضع، هذا وقد احتمل المجلسي في الحديث وجهين فراجع المرآة 217/20.
4- في التهذيب : نعم، هو أخي ... الخ
5- التهذيب 7، 27 - باب ما يحرم من النكاح من الرضاع و ...، ح 36 . وقد مر كذيل حديث برقم 7 من الباب 279 من هذا الجزء. وفيه كما في التهذيب : نعم هو أخي ... الخ.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لو أنَّ رجلاً تزوّج جارية رضيعاً فأرضعتها امرأته فسد تكاحه؛ قال : وسألته عن امرأة رجل أرضعت جارية، أتصلح لولده من غيرها ؟ قال : لا، قلت : فَتُزّلَت بمنزلة الأخت من الرضاعة؟ قال: نعم، من قبل الأب(1).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقال : يا أمير المؤمنين، إنَّ امرأتي حلبت من لبنها في مكّوك (2)فأسقته جاريتي ؟ فقال : أوجِع امرأتك ، وعليك بجاريتك(3)، وهو هكذا في قضاء عليّ (علیه السّلام).

6 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ؛ وعبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل تزوَّج جارية صغيرة، فأرضعتها امرأته أو أمُّ ولده؟ قال : تحرم عليه.

7 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: الرّضاع الّذي ينبت اللّحم والدَّم، هو الِذي يرضع حتّى يتملّى ويتضلّع وينتهي نفسه(4).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي یحیی الحنّاط قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّ ابني وابنة أخي في حجري، وأردت أن أزوّجها إيّاه، فقال بعض أهلي إنّا قد أرضعناهما؟ قال: فقال : كم؟ قلت: ما أدري، قال فأدراني على أن أوقّت، قال فقلت ما أدري، قال : فقال زوّجه(5).

ص: 451


1- روي صدره في الفقيه ،3، 146 - باب الرضاع ، ح 10 وفي آخره: نكاحه . وأخرجه عن العلاء بن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (علیه السّلام)... التهذيب 7، 25 ب باب من أحل الله نكاحه من النساء و ...، ح 67 بتفاوت بسير وأخرجه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن ابن أبي عمير عن عبد الحميد بن عواض عن ابن سنان عن أبي عبد الله (علیه السّلام).
2- المكّوك: - كما في القاموس - طاس يشرب به
3- إنما لم يحكم بنشر الحرمة هنا لعدم تحقق شرطه وهو العدد وكون الارتفاع من الندي وغيرهما ...
4- التهذيب 7 ، 27 - باب ما يحرم من النكاح من الرضاع و ... ، ح 14 . الاستبصار 3 ، 125 - باب مقدار ما يحرّم من الرضاع ، ح 12 وفيه : وتنتهي قوله (علیه السّلام) : يتضلع : أي يمتلىء شبعاً ورياً حتى يبلغ الماء أضلاعه.
5- الحديث مجهول. ويدل على عدم الحكم بالحرمة عند الجهل بحصول الرضعات المحرّمة أو الشك فيها وهو ما عليه الأصحاب.

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن امرأة تزعم أنّها أرضعت المرأة والغلام ثمَّ تنكر؟ قال : تصدّق إذا أنكرت، قلت فإنها قالت وادَّعت بعدُ بأنّي قد أرضعتهما؟ قال : لا تصدّق ولا تنعم(1).

10 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا يصلح للمرأة أن ينكحها عمّها ولا خالها من الرضاعة(2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب أبي عبيدة قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا تنكح المرأة على عمّتها ولا على خالتها ولا على أختها من الرّضاعة وقال إنَّ عليّاً ذكر لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ابنة حمزة، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : أما علمت أنّها ابنة أخي من الرّضاعة؛ وكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وعمّه حمزة قد رضعا من امرأة(3).

12 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن يونس بن يعقوب(4)، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) عن امرأة درّ لبنها من غير ولادة، فأرضعت جارية وغلاماً بذلك اللّبن، هل يحرم بذلك اللّبن ما يحرم من الرضاع ؟ قال : لا(5).

ص: 452


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 44 بتفاوت قوله (علیه السّلام) : لا تنعم : يعني لا يقال لها نعم، كناية عن تكذيبها
2- التهذيب 7، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و ... ، ح 64 .
3- التهذيب 7 ، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و ...، ج 65 الفقيه 3 ، 124 - باب ما أحل الله ...، ح 21 بتفاوت وروي صدره في الاستبصار 3 ، 116 - باب نكاح المرأة على عمتها و ...، ح 6. وما تضمنه هذا الحديث من حكم بتحريم الجمع بين العمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت مطلقاً هو خلاف المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم، إذ المشهور جوازه بشرط إذن العمة والخالة، والحكم ببطلان العقد على ابنة الأخ وابنة الأخت في حال عدم الإذن، وهنالك قول بأن للعمة والخالة في هذه الحال الخيار في فسخ العقد أو إجازته، أو فسخ عقدهما والاعتزال، والقول بالبطلان من رأس هو الأصح عند المحقق وجماعة، وهنالك قول بجواز الجمع مطلقاً، فراجع اللمعة وشرحها للشهيدين كتاب النكاح من المجلد الثاني في الطبعة الحجرية ص 73. وشرائع الإسلام للمحقق 288/2 .
4- في سند التهذيب عن يعقوب بدل : عن يونس بن يعقوب
5- التهذيب 7، 27 - باب ما يحرم من النكاح من الرضاع و ...، ح 47 بتفاوت قليل. الفقيه 3، 146 - باب الرضاع ، ح 22 ، هذا وقد اشترط أصحابنا في نشر الرضاع للحرمة - مع توفر بقية الشرائط - أن يكون اللبن مسبباً عن نكاح - أي وطي صحيح - بعقد دائماً كان أو متعة، ويلحق به ما كان بملك يمين أو شبهة على الأشبه، وما عدا ذلك لا أثر له من حيث تحريم النكاح، قال المحقق في الشرائع 282/2 : «فلو در لم تنتشر حرمته وكذا لو كان عن زنا، وفي نكاح الشبهة تردد أشبهه تنزيله على النكاح الصحيح» .

13 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن عليّ بن مهزيار رواه، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قيل له : إنَّ رجلاً تزوّج بجارية صغيرة، فأرضعتها امرأته، ثمَّ أرضعتها امرأة له أخرى، فقال ابن شبرمة: حرمت عليه الجارية وامرأتاه؟ فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : أخطأ ابن شبرمة، حرمت عليه الجارية وامرأته الّتي أرضعتها أولاً، فأمّا الأخيرة فلم تحرم عليه، كأنّها أرضعت ابنتها(1).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : أنهوا نساءكم أن يرضعن يميناً وشمالاً، فإنهنّ ينسين(2).

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر أو (3)أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا رضع الغلام من نساء شتّى، فكان ذلك عدَّة، أو نبت لحمه ودمه عليه، حرم عليه بناتهنَّ كلّهنَّ.

16 - عنه، عن ابن سنان، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل - وأنا حاضر - عن امرأة أرضعت غلاماً مملوكاً لها من لبنها حتّى فطمته، هل لها أن تبيعه؟ قال : فقال : لا، هوابنها من الرّضاعة، حرم عليها بيعه وأكل ثمنه ، قال : ثمَّ قال : أليس رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال : يحرم من الرّضاع ما يحرم من النسب(4)؟ .

17 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عبد الله بن خداش، عن صالح بن عبد الله الخثعميّ قال: سألت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) عن أمّ ولد لي صَدوق، زعمت أنّها أرضعت جارية لي ، أصدّقها؟ قال : لا(5).

18 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر قال: كتبت إلى أبي محمّد (علیه السّلام) : امرأة

ص: 453


1- التهذيب 7، 25 - باب ما أحل الله نكاحه من النساء و ... ، ح 68 بتفاوت وفي ذيله : لأنها أرضعت ابنته. وقال 25 الشيخ رحمه الله في التهذيب بعد إيراده هذا الحديث : «وفقه هذا الحديث : أن المرأة الأولى إذا أرضعت الجارية حرمت الجارية عليه لأنها صارت ابنته وحرمت عليه المرأة الأخرى لأنها أم امرأته وقد قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فإذا أرضعتها المرأة الأخيرة، أرضعتها وهي بنت الرجل لا زوجته فلم تحرم عليه لأجل ذلك».
2- الفقيه 3، 146 - باب الرضاع، ح 16
3- الشك من الراوي
4- التهذيب 7، 27 - باب ما يحرم من النكاح من الرضاع و...، ح
5- التهذيب 7، نفس الباب، ح 37.

أرضعت ولد الرَّجل، هل يحلُّ لذلك الرَّجل أن يتزوَّج ابنة هذه المرضعة أم لا؟ فوقّع (علیه السّلام): لا، لا تحلُّ له(1).

283- باب في نحوه

1 - عدَّةٌ عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله بن عبد الرَّحمن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : ثمانية لا تحلُّ مناكحتهم : أمَتك أمّها أمتك أو (2)أختها أمتك، وأمتك وهي عمّتك من الرّضاعة، وأمتك وهي خالتك من الرّضاعة، وأمتك وهي أرضعتك، وأمتك وقد وطِئَت حتّى تستبرئها بحيضة، وأمتك وهي حبلى من غيرك ، وأمتك وهي على سَوم(3)، وأمتك ولها زوج(4).

284- باب نكاح القابلة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن خلّاد السنديّ، عن عمرو بن شمّر، [عن جابر]، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : الرَّجل يتزوَّج قابلته؟ قال: لا، ولا ابنتها.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن أبي محمّد الأنصاريّ، عن عمرو بن شمّر، عن جابر بن يزيد قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن القابلة، أيحلّ للمولود أن ينكحها؟ فقال: لا، ولا ابنتها، هي بعض أمّهاته(5).

وفي رواية معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال : إن قبلت ومرَّت فالقوابل أكثر

ص: 454


1- الفقيه 3، 146 - باب الرضاع ، ح 9 بتفاوت وأبو محمد هو الحسن بن علي العسكري (علیه السّلام)
2- في التهذيب : وأمتك أختها أمتك
3- أي سوف تكون أمتك بعد مساومتك على شرائها ثم شراؤك لها بعد. فالإطلاق هنا مجازي بعلاقة الأول والمشارفة.
4- التهذيب 7، 25 - باب ما أحل الله نكاحه من النساء و... ، ح 66 . 25
5- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 31 الاستبصار 3، 115 - باب تزويج القابلة ، ح 3 . الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله ... ، ح 16، هذا والمشهور عند أصحابنا كراهة أن ينكح المولود بعد بلوغه قابلته بشرط أن تكون قد ربته، وكذا ابنتها، ونقل عن الصدوق رحمه الله في المقنع القول بالتحريم

ذلك، وإن قبلت وربّت حرمت عليه(1).

3 - حميد بن زياد عن عبد الله بن أحمد، عن عليّ بن الحسن، عن محمّد بن زياد بن بيّاع السابريّ، عن أبَان بن عثمان، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا ستقبل الصّبيُّ القابلة بوجهه، حَرُمَت عليه، وحَرُم عليه ولدها.

285- أبواب المتعة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن المتعة ؟ فقال : نزلت في القرآن (2)«فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ»(3).

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن عبد الله بن سليمان قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: كان عليٌّ (علیه السّلام) يقول : لولا ما سبقني به ابن الخطّاب، ما زنى إلّا شفا(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إنّما نزلت : «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ»(5).

4 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال: جاء عبد الله بن عمير اللّيثيّ إلى أبي جعفر (علیه السّلام) فقال له : ما تقول في متعة النساء؟ فقال : أحلّها الله في كتابه وعلى لسان نبيّه (صلی الله علیه و آله و سلّم) ، فهي حلال إلى يوم القيامة فقال أبا جعفر مثلك يقول هذا وقد حرَّمها عمر ونهى عنها ؟! فقال : وإن كان فعل قال : إنّي أعيدك بالله ذلك أن تُحِلَّ شيئاً حرّمه عمر، قال : فقال له : فأنت على قول صاحبك، وأنا على قول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فهلّم الاعِنك أنَّ القول ما قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، وأنَّ الباطل ما قال صاحبك ؛ قال : فأقبل عبد الله بن

ص: 455


1- راجع مجمع البيان للطبرسي ج 3 ص 32.
2- الفقيه، نفس الباب، ح 17
3- النساء/ 24.
4- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 4. الاستبصار ،3، 92 - باب تحليل المتعة ، ح 1
5- التهذيب 7 ، نفس الباب ، 5 الاستبصار 3، نفس الباب، ح 2 وفي ذيلهما : ... إلا شقيّ ومعنى الأشفا أي إلا قليل ولا وجود لعبد الله بن سليمان في سندهما.

عمیر فقال : يسرّك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمّك يفعلن ؟ قال : فأعرض عنه أبو جعفر (علیه السّلام) حين ذكر نساءه وبنات عمّه(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن ابَان عثمان، عن أبي مريم، عن أي عبد الله (علیه السّلام) قال : المتعة ؛ نزل بها القرآن، وجرت بها السنّة من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)(2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن حريز، عن عبد الرّحمن بن أبي عبد الله قال : سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله (علیه السّلام) عن المتعة؟ فقال : أيُّ المتعتين تسأل؟ قال: سألتك عن متعة الحجّ، فأنبِئني عن متعة النّساء، أحَقُّ هي ؟ فقال : سبحان الله أما قرأت كتاب الله عزَّ وجلَّ : «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً»؟ فقال أبو حنيفة : والله فكأنّها آية لم أقرأها قطُّ.

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليّ السائي قال: قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : جُعِلْتُ فِداك إنّي كنت أتزوَّج المتعة، فكرهتها وتشأمت بها، فأعطيت الله عهداً بين الرُّكن والمقام، وجعلت عليَّ في ذلك نذراً وصياماً الّا أتزوَّجها، ثمَّ إنَّ ذلك شقّ عليّ، وندمت على يميني، ولم يكن بيدي من القوَّة ما أتزوَّج في العلانية؟ قال : فقال لي : عاهدت الله أن لا تطيعه، والله لئن لم تُطِعْهُ لتعصِيَنه(3).

8 - عليٌّ رفعه قال: سأل أبو حنيفة أنا جعفر محمّد بن النعمان صاحب الطّاق فقال له : يا أبا جعفر، ما تقول في المتعة، أتزعم أنّها حلال؟ قال : نعم ، قال : فما يمنعك أن تأمر نساءك أن يستمتعن ويكتسبن عليك ؟ فقال له أبو جعفر : ليس كلُّ الصناعات يُرغب فيها، وإن كانت حلالاً، وللناس أقدار ومراتب يرفعون أقدراهم، ولكن ما تقول يا أبا حنيفة في النّبيذ، أتزعم أنّه حلالٌ؟ فقال نعم قال : فما يمنعك أن تقعد نساءك في الحوانيت نبّاذات فيكتسبن عليك؟ فقال أبو حنيفة : واحدة بواحدة وسهمك أنفذ، ثمَّ قال له : يا أبا جعفر، إنّ الآية التي في سأل

ص: 456


1- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح، ح 6
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 7 . الاستبصار 3 ، 92 - باب تحليل المتعة، ح 3 . هذا، وقد أجمع أصحابنا على أن النكاح المنقطع - وهو نكاح المتعة - سائغ في دين الإسلام لتحقق شرعيته وعدم ما يدل على رفعه إلى يوم القيامة.
3- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح .. وكرره برقم 35 من الباب 5 من الجزء 8 من التهذيب أيضاً، الاستبصار 3، 92 - باب تحليل المتعة ، ح 4 . قوله (علیه السّلام) : التعصينه : يحتمل أن المراد به الوقوع بالزنا.

سائل (1)تنطق بتحريم المتعة والرواية عن النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) قد جاءت بنسخها؟ فقال له أبو جعفر : يا أبا حنيفة، إن سورة سأل سائل مكّيّة، وآية المتعة مدنيّة، وروايتك شاذّة رديّة، فقال له أبو حنيفة : وآية الميراث أيضاً تنطق بنسخ المتعة؟ فقال أبو جعفر : قد ثبت النكاح بغير ميراث، قال أبو حنيفة : من أين قلت ذاك؟ فقال أبو جعفر : لو أنَّ رجلاً من المسلمين تزوَّج امرأة من أهل الكتاب ثمَّ توفّي عنها، ما تقول فيها؟ قال : لا ترث منه ، قال(2): فقد ثبت النكاح بغير ميراث، ثمَّ افترقا.

286- باب أنهنَّ بمنزلة الإماء وليست من الأربع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قلت: كم تحلّ من المتعة؟ قال: فقال : هنّ بمنزلة الإماء.

2 - الحسين بن محمّد، أحمد بن إسحاق الأشعريّ، عن بكر بن محمّد الأزديّ قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن المتعة؟ أهي من الأربع؟ فقال : لا(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة بن أعين قال : قلت ما يحلّ من المتعة؟ قال : كم شئت(4).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن لحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي بصير قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن المتعة أهي من الأربع؟ فقال: لا، ولا من السبعين (5)

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد؛

ص: 457


1- المقصود سورة المعارج التي مطلعها سأل سائل بعذاب واقع . والمقصود بالآية : ذات الرقم 29 والآية ذات الرقم 30 من هذه السورة وهما : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير مَلُومِينَ .
2- أي كما أن الكتابية خرجت عن عموم آية الإرث بالسنة والنصّ فكذلك المتعة أيضاً
3- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح، ح 42. الاستبصار 3، 96 - باب أنه يجوز الجمع بين أكثر من أربع في المتعة، ح 1
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 43 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 2
5- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 44 . الاستبصار .. الفقيه 3 143 - باب المتعة، ح 12 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على ما تضمنته هذه الأخبار من عدم دخول زواج المتعة في الأربع لاختصاص هذا الأخير بالعقد الدائم، وحكموا بأن للإنسان أن يتزوج بالعقد المنقطع ما شاء وكذا يملك اليمين.

ومحمّد بن خالد البرقيّ، عن القاسم بن عروة، عن عبد الحميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في المتعة قال : ليست من الأربع، لأنّها لا تطلّق ولا ترث، وإنّما هي مستأجرة(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن عمير، عن عمر بن أذينة، عن إسماعيل بن الفضل الهاشميّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن المتعة؟ فقال : ألْقَ عبد الملك بن جريج فسله عنها، فإنّ عنده منها علماً، فلقيته، فأملى عليّ منها شيئاً كثيراً في استحلالها، فكان فيما روى لي ابن جريج قال : ليس فيها وقتٌ ولا عدد، إنّما هي بمثلة الإماء، يتزوَّج منهنَّ كم شاء، وصاحب الأربع نسوة يتزوَّج منهنَّ ما شاء بغير وليّ ولا شهود فإذا انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق، ويعطيها الشيء اليسير، وعدَّتها حيضتان، وإن كانت لا تحيض فخمسة وأربعون يوماً، فأتيت بالكتاب أبا عبد الله (علیه السّلام) فعرضت عليه فقال صدق وأقرَّ به، قال ابن أينة : وكان زرارة بن أعين يقول هذا، ويحلف إنّه الحقّ إلّا أنّه كان يقول : إن كانت تحيض (2)فحيضة، وإن كانت لا تحيض فشهر ونصف.

7 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن عُبَيد بن زرارة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: ذكرت له المتعة أهي من الأربع؟ فقال : تزوّج منهنَّ ألفاً، فإنّهنّ مُسْتأجَرات(3).

287- باب أنه يجب أن يكفّ عنها من كان مستغنياً

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن يقطين قال: سألت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) عن المتعة؟ فقال : وما أنت وذاك، فقد أغناك الله عنها، قلت : إنّما أردت أن أَعْلَمَها؟ فقال : هي في كتاب عليّ (علیه السّلام)، فقلت: نزيدها وتزداد(4)؟ فقال : وهل يُطَيِّبه(5)إلّا ذاك.

ص: 458


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 46. الاستبصار 3، نفس الباب ح .5 بزيادة في آخرهن : وقال: عدتها خمسة وأربعون ليلة
2- أي فعدتها حيضة.
3- التهذيب 7، 34 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 45 . الاستبصار ،3، 96 - باب أنه يجوز الجمع بين أكثر من أربع في المتعة، ح 4.
4- با هل يجوز أن نزيد للمرأة في المهر بعد انقضاء المدة وتزداد المرأة في المدة بعقد جديد ومهر جديد؟
5- ضمير يرجع إلى عقد المتعة

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد؛ ومحمّد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلويّ، جميعاً عن الفتح بن يزيد قال : سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن المتعة؟ فقال : هي حلال مباح مطلق لمن لم يُغْنِه الله بالتزويج، فليستعفف بالمتعة، فإن استغنى عنها بالتزويج ، فهي مباح له إذا غاب عنها(1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمون قال: كتب أبو الحسن (علیه السّلام) إلى بعض مواليه : لا تُلِحّوا على المتعة، إنّما عليكم إقامة السنّة، فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم فيكْفُرْنَ ويتبرين ويَدْعِينَ على الأمر بذلك ويلعنونا(2).

4 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن ابن سنان، عن المفضّل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول في المتعة : دعوها، أما يستحيي أحدكم أن يُرى في موضع العورة(3)، فيحمل ذلك على صالحي إخوانه وأصحابه(4).

288- باب أنه لا يجوز التمتع إلّا بالعفيفة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبان عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) أنّه سئل عن المتعة؟ فقال : إنَّ المتعة اليوم ليس كما كانت قبل اليوم، إنهنَّ كنَّ يومئذ يُؤْمَنَّ، واليوم لا يُؤْمَنُ، فاسألوا عنهنَّ(5).

2 - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن موسى، عن إسحاق، عن أبي سارة(6)قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عنها - يعني المتعة - ؟ فقال لي : حلال، فلا تتزوَّج إلّا عفيفة، إنَّ

ص: 459


1- الحديث مجهول. وكان فيه إشعاراً بأن المراد بالاستعفاف إنما هو الاستعفاف بالمتعة لمن لا يجد نكاحاً لعدم القدرة على مسؤولياته.
2- الحديث ضعيف
3- كناية عن موضع يعاب عليه
4- الحديث ضعيف
5- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح، ح 9 . الفقيه 3 143 - باب المتعة ، ح 3 . هذا وليست العفّة شرطاً في صحة التمتع عند أصحابنا رضوان الله عليهم ولذا حكموا بجواز الاستمتاع بالزانية على كراهة مع ضرورة منعها عن الفجور لو عقد عليها، وبشرط ألا تكون مشهورة بالزنا معلنة بذلك عند كثير منهم.
6- هذا هو إمام مسجد بني هلال ولا تصريح باسمه في كتب الرجال، فهو مجهول.

الله عزّ وجلَّ يقول(1): «الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ» ، فلا تضع فَرْجَك حيث لا تأمن على درهمك(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل قال: سأل رجل أبا الحسن الرضا (علیه السّلام) - وأنا أسمع - عن رجل يتزوَّج امرأة متعة، ويشترط عليها أن لا يطلب ولدها، فتأتي بعد ذلك بولد، فشدّد في إنكار الولد، وقال : أَيَجْحَدُهُ - إعظاماً لذلك ؟ فقال الرَّجل : فإن اتّهمها؟ فقال : لا ينبغي لك أن تتزوَّج إلّا مؤمنة أو مسلمة، فإنَّ الله عزّ وجلّ يقول(3): «الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ»(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير رفعه، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن ابی عبدالله (علیه السّلام) قال: سألته عن المرأة ولا يدري ما حالها أيتزوّجها الرَّجل متعة؟ قال : يتعرَّض لها(5)، فإن أجابته إلى الفجور فلا يفعل .

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيّ، عن داود بن إسحاق الحذَّاء، عن محمّد بن الفيض قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن المتعة؟ فقال : نعم إذا كانت عارفة(6)، قلنا : جُعِلنا فِداك، فإن لم تكن عارفة؟ قال : فاعرض عليها (7)وقل لها، فإن قبلت فتزوَّجها، وإن أبت أن ترضى بقولك، فَدَعْهَا، وإيّاك والكواشف والدّواعي والبغايا وذوات الأزواج، قلت: ما الكواشف؟ قال : اللّواتي يكاشفن بيوتهنّ معلومة ويؤتَوْنَ قلت: فالدّواعي؟ قال: اللّواتي يدعين إلى أنفسهنَّ وقد عُرِفْنَ بالفساد، قلت : فالبغايا؟ قال : المعروفات بالزّنا، قلت: فذوات

ص: 460


1- المؤمنون/ 5 ، المعارج / 29.
2- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 11 ، الاستبصار 3 ، 93 - باب أنه لا ينبغي أن يتمتع إلا بالمؤمنة العفيفة دون ... ح 1 قال المحقق في الشرائع 304/2 وهو بصدد بيان مستحبات محل المتعة ومكروهاتها : «ويستحب أن تكون مؤمنة عفيفة، وأن يسألها عن حالها مع التهمة وليس شرطاً في الصحة، ويكره أن تكون زانية، فإن فعل فليمنعها من الفجور، وليس شرطاً في الصحة».
3- النور/ 3.
4- الاستبصار 3، 100 - باب أن ولد المتعة لاحق بأبيه ، ح 4 وفيه : فإني أتهمها ...، التهذيب 7 ، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح82 الفقيه 3 143 - باب المتعة ، ح 5 . والحديث صحيح. وما تضمنه من عدم جواز نفي ولد المتعة إجماعي عندنا حتى وإن عزل أو كانت في موضع تهمة.
5- أي يتحرش بها.
6- ي معتقدة أمر الإمامة مؤمنة بشرعية العقد المنقطع.
7- بعني التشيع.

الأزواج؟ قال : المطلُقات على غير السنّة(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن الفضيل قال : سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن المرأة الحسناء الفاجرة، هل يجوز للرجل أن يتمتع منها يوماً أو أكثر ؟ فقال : إذا كانت مشهورة بالزنا، فلا يتمتع منها، ولا ينكحها(2).

289- باب شروط المتعة

1 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا تكون متعة إلّا بأمرين؛ أجلٍ مسمّى، وأجرٍ مسمّى(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين؛ وعدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال : لا بدَّ من أن تقول في هذه الشروط : أتزوَّجك متعة كذا وكذا يوماً بكذا وكذا درهماً ، نكاحاً غير سفاح، على كتاب الله عزّ وجل وسنّة نبيّه (صلی الله علیه و آله و سلّم) وعلى أن لا ترثيني ولا أرثك، وعلى أن تعتدّي خمسة وأربعين يوماً، وقال بعضهم : حيضةً(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن إبراهيم بن الفضل، عن أبَان بن تغلب؛ وعليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران؛ ومحمّد بن أسلم، عن إبراهيم بن الفضل، عن أبَان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : كيف أقول لها إذا خلوت بها؟ قال : تقول : أتزوَّجك متعةً على كتاب الله وسنّة نبيّه (صلی الله علیه و آله و سلّم)، لا وارثة ولا موروثة، كذا وكذا يوماً، وإن شئتِ كذا وكذا سنة بكذا وكذا درهماً، وتسمّي من الأجر ما

ص: 461


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 13 . الاستبصار 3، 93 - باب أنه لا ينبغي أن يتمتع إلا بالمؤمنة العارفة .... ح 3، الفقيه 3 نفس الباب ، ح 4.
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح12. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 2
3- التهذيب 7 24 - باب تفصيل أحكام النكاح، ح 58 هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن المهر شرط في عقد المتعة يبطل بفواته العقد، ويشترط أن يكون مملوكاً معلوماً كذلك الأجل فهو شرط في عقد المتعة ولو لم يذكره انقلب العقد دائماً. فراجع شرائع الإسلام للمحقق 305/2
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 63.

تراضيتما عليه قليلاً كان أم كثيراً، فإذا قالت : نعم، فقد رضيت، فهي امرأتك، وأنت أولى النّاس بها، قلت: فإنّي أستحيي أن أذكر شرط الأيّام؟ قال: هو أضر عليك، قلت: وكيف؟ قال : إنّك إن لم تشترط كان تزويج مقام (1)ولزمتك النفقة في العدّة، وكانت وارثة، ولم تقدر على أن تطلّقها إلّا طلاق السنّة(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن ثعلبة قال : تقول : أتزوَّجك متعةً على كتاب الله وسنّة نبيّه (صلی الله علیه و آله و سلّم)، نكاحاً غير سفاح، وعلى أن لا ترثيني ولا أرثك، كذا وكذا يوماً بكذا وكذا درهماً، وعلى أنَّ عليك العدَّة.

5 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: قلت: كيف يتزوَّج المتعة؟ قال : تقول : يا أمَة الله ، أتزوَّجك كذا وكذا يوماً بكذا وكذا درهماً، فإذا مضت تلك الأيّام، كان طلاقها في شرطها، ولا عدَّة لها عليك(3).

290- باب في أنه يحتاج أن يعيد عليها الشرط بعد عُقْدَةِ النكاح

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن بكير قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : ما كان من شرط قبل النكاح هدمه النكاح ، وما كان بعد النكاح فهو جائز؛ وقال : إن سمّي الأجل فهو متعة، وإن لم يسمّم الأجل فهو نكاح باتّ(4).

2 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجل : «وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ»؟ فقال : ما تراضوا به من بعد النكاح فهو جائز، وما كان قبل النكاح فلا يجوز إلّا برضاها وبشيء يعطيها فترضى به.

3 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن سليمان بن سالم، عن

ص: 462


1- أي نكاحاً دائماً.
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 70. الاستبصار 3 ، 97 - باب أنه إذا شرط ثبوت الميراث في المتعة كان ...ح 6.
3- الحديث مجهول. ويؤيد ما عليه المشهور من جواز تزويج الأخت أو الخامسة - على القول بكونها من الأربع - في العدة. وينافي ما ذهب إليه الشيخ المفيد قدس سره من منعه من التزويج بالأخت في عدة المتمتع بها
4- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح، ح 59

ابن بكير قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إذا اشترطت على المرأة شروط المتعة، فرضيت به وأوجبت التزويج، فاردد عليها شرطك الأوّل بعد النّكاح، فإن أجازته فقد جاز، وإن لم تجزه فلا يجوز عليها ما كان من الشرط قبل النكاح.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : في الرّجل يتزوَّج المرأة متعة، أنّهما يتوارثان إذا لم يشترطا، وإنّما الشرط بعد النكاح(1).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن سالم، عن ابن بكير (2)بن أعين قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إذا اشترطت على المرأة شروط المتعة فرضيت بها وأوجبت التزويج، فاردد عليها شرطك الأوَّل بعد النكاح، فإن أجازته جاز، وإن لم تجزه فلا يجوز عليها ما كان من الشرط قبل النكاح(3).

291- باب ما يجزىء من المهر فيها

1 - عدَّةُ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر؛ وعبد الرّحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) : كم المهر - يعني في المتعة - ؟ قال : ما تراضيا عليه، إلى ما شاء من الأجل(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد؛ ومحمّد بن خالد البرقيّ، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن أبي سعيد عن الأحول قال: قلت لأبي

ص: 463


1- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 69 . الاستبصار 3، 98 - باب أنه إذا شرط ثبوت الميراث في المتعة كان ...، ح 5 بتفاوت يسير . وكرره الكليني برقم 1 من الباب 301 من هذا الجزء.
2- في التهذيب : عن بكير بن أعين.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 64 بتفاوت قليل.
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 51 بتفاوت وكرره صدرح 66 من نفس الباب، الاستبصار 3، نفس الباب، صدر ح 2، هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه لا يثبت بعقد المتعة ميراث بين الزوجين شرطا سقوطه أو أطلقا، واختلفوا فيما لو شرطا أو أحدهما التوارث فيه على قولين يقول المحقق في الشرائع 307/2: «ولو شرطا التوارث أو شرط أحدهما، قيل : يلزم عملا بالشرط ، وقيل : لا يلزم ، لأنه لا يثبت إلا شرعاً فيكون اشتراطاً لغير وارث كما لو شرط للأجنبي، والأول أشهر».

عبد الله (علیه السّلام) : أدنى ما يتزوَّج به المتعة؟ قال : كفّ من بُرّ(1).

3 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد عن حمّاد بن عيسى، عن شعيب ببن يعقوب، عن أبي بصير قال سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن متعة النّساء؟ قال : حلال، وإنّه يجزىء فيه الدّرهم فما فوقه(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن أدنى مهر المتعة ما هو ؟ قال : كفٌّ من طعام دقيق أو سويق، أو تمر.

5 - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: أدنى ما تحلُّ به المتعة؛ كفٌّ من طعام . وروى بعضهم : مسواك.

292- باب عدّة المتعة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : إن كانت تحيض فحَيضة وإن كانت لا تحيض فشهر ونصف(3).

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الحسن الرضا (علیه السّلام) قال : قال أبو جعفر (علیه السّلام) : عدَّة المتعة خمسة وأربعون يوماً، والاحتياط خمسة وأربعون ليلة(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال : عدَّة المتعة خمسة وأربعون يوماً، كأني أنظر إلى أبي جعفر (علیه السّلام) يعقد بيده خمسة وأربعين، فإذا جاز الأجل كانت فرقة بغير طلاق(5).

ص: 464


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 50 . وفي سنده : عن أبي سعيد الأحول
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 51
3- التهذيب 0.8 6 - باب عِدَد النساء، ح 172 و 173 وفي صدر الأول : . . . قال : عدة المتعة إن كانت ... الخ .
4- التهذيب 0.8 6 - باب عِدَد النساء، ح 172 و 173 وفي صدر الأول : . . . قال : عدة المتعة إن كانت ... الخ .
5- الفقيه 3، 143 - باب المتعة، ح 23 وما تضمنه الحديث هو مما أجمع عليه أصحابنا رضوان الله عليهم، فلا يقع بالمتعة طلاق بل تبين منه بانقضاء المدة أو بهبته إياها كما أن عدتها مع الدخول إذا انقضت مدتها أو هبتها حيضتان إن كانت ممن تحيض ولو استرابت وهي في سن من تحيض فخمسة وأربعون يوماً وهو موضع وفاق ولا فرق فيهما بين الحرة والأمة وتعتد من الوفاة بشهرين وخمسة أيام إن كانت أمة وبضعفها إن كانت حرة ، ولو كانت حاملاً فبأ بعد الأجلين من أربعة أشهر وعشرا وشهرين وخمسة ومن وضع الحمل في كل من الحرة والأمة، قال المحقق في الشرائع 307/2 وهو بصدد الحديث عن عدة المتمتع بها : «إذا انقضى أجلها بعد الدخول فعدتها حيضتان، وروي حيضة، وهو متروك، وإن كانت لا تحيض ولم تيأس فخمسة وأربعون يوما، وتعتد من الوفاة ولو لم يدخل بها أربعة أشهر وعشرة أيام وإن كانت حائلاً، وبأبعد الأجلين إن كانت حاملاً على الأصح ، ولو كانت أمة كانت عدتها حائلاً شهرين وخمسة أيام.

293- باب الزيادة في الأجَل

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران؛ وأحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي بصير قال : لا بأس بأن تزيدَكَ وتزيدها إذا انقطع الأجل فيما بينكما، تقول: استحللتك بأجل آخر، برضا منها، ولا يحلُّ ذلك لغيرك حتّى تنقضي عدَّتها(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن إبراهيم بن الفضل؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمّد بن أسلم؛ وعن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمد بن عليّ، عن محمّد بن أسلم، عن إبراهيم بن الفضل الهاشميّ، عن أبَان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : جُعِلْتُ فداك، الرَّجل يتزوَّج المرأة متعة، فيتزوّجها على شهر، ثمَّ إنّها تقع في قلبه، فيحبُّ أن يكون شرطه أكثر من شهر، فهل يجوز أن يزيدها في أجرها ويزداد في الأيّام قبل أن تنقضي أيّامه الّتي شرط عليها؟ فقال : لا، لا يجوز شرطان في شرط(2)، قلت : فكيف يصنع ؟ قال : يتصدَّق عليها بما بقي من الأيّام، ثمَّ يستأنف شرطاً جدياً(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن رواه قال : إِنَّ الرَّجل إذا تزوَّج المرأة متعة، كان عليها عدَّة لغيره، فإذا أراد هو أن يتزوَّجها، لم يكن عليها منه عدَّة، يتزوَّجها إذا شاء.

294- باب ما يجوز من الأجَل

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن

ص: 465


1- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 77 .
2- أي لا يجوز أجلان في عقد واحد، فكذا لا يجوز عقد جديد مع قيام العقد الأول.
3- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 78

عمر بن حنظلة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : يشارطها ما شاء من الأيّام(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) قال: قلت له : الرَّجل يتزوَّج متعة، سنةً أو أقلّ أو أكثر؟ قال : إذا كان شيئاً معلوماً إلى أجل معلوم ؛ قال : وتَبِينُ بغير طلاق ؛ قال : نعم (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال : قلت له : هل يجوز أن يتمتّع الرَّجل بالمرأة ساعة أو ساعتين؟ فقال: الساعة والسّاعتان لا يُوقَفُ على حدَّهما، ولكن العَرْدَ والعَرْدَين، واليوم واليومين، واللّيلة وأشباه ذلك(3).

4 - محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن خلف بن حمّاد قال : أرسلت إلى أبي الحسن (علیه السّلام) : كم أدنى أجَل المتعة، هل يجوز أن يتمتّع الرَّجل بشرطِ مرَّةٍ واحدة؟ قال : نعم .

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن القاسم بن محمّد، عن رجل سمّاه قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام عن الرَّجل يتزوَّج المرأة على عَرْد واحد؟ فقال : لا بأس، ولكن إذا فرغ فَلْيُحَول وجهه ولا ينظر(4).

295- باب الرجل يتمتع بالمرأة مراراً كثيرة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي مير، عن بعض أصحابنا، عن زرارة، عن

ص: 466


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 71. الاستبصار 3، 99 - باب مقدار ما يجزي من ذكر الأجل في المتعة ، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 305/2 : «وتقدير الأجل إليهما طال أو قصر كالسنة والشهر واليوم، ولا بد أن يكون معيناً محروساً من الزيادة والنقصان، ولو اقتصر على بعض يوم جاز بشرط أن يقرنه بغاية معلومة كالزوال والغروب».
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 72 الاستبصار 3 نفس الباب ح 2 بتفاوت يسير فيهما .
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 73. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 3 وليس فيه ذكر للّيلة. والعَرد: كناية عن المجامعة مرة واحدة وقوله : لا يوقف على حدّهما : إما إن المراد به أنهما مما لا ينضبط حدهما بالحس أو لاختلاف الساعة من حيث كونها زمانية أو نجومية، وإما لأن الساعة مما يتسامح العرف فيها من حيث الزيادة القليلة أو النقيصة كذلك وهذا مما لا يجوز في عالم الفروج
4- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 74 . الاستبصار ،3 ، 99 - باب مقدار ما يجزي من ذكر الأجل في المتعة، ح 4. وفي وفي التهذيب : عَود ... ، بدل : عَرْد. قوله : إذا فرغ ... الخ : إنما حرم عليه النظر لانتهاء مدة العقد بانتهاء المواقعة فتصبح أجنبية يحرم النظر إليها

أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قلت له : جُعِلْتُ فداك، الرّجل يتزوَّج المتعة وينقضي شرطها، ثمَّ يتزوَّجها رجلٌ آخر حتّى بانت منه، ثمَّ يتزوَّجها الأوَّل حتّى بانت منه ثلاثاً، وتزوَّجت ثلاثة أزواج، يحلُّ للأوّل أن يتزوَّجها؟ قال : نعم كم شاء، ليس هذه مثل الحرَّة، هذه مستأجرة وهي بمنزلة الإماء(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبَان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يتمتّع من المرأة المرَّات؟ قال : لا بأس، يتمتّع منها ما شاء.

296- باب حبس المهر إذا أخْلَفَتْ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبَان، عن عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): أتزوَّج المرية شهراً، فتريد منّي المهر كَمَلاً، وأتخوّف أن تخلفني؟ فقال : لا يجوز أن تحبس ما قدرت عليه، فإن هي

أخلفتك فخذ منها بقدر ما تخلفك(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا بقي عليه شيءٌ من المهر، وعلم أنَّ لها زوجاً، فما أخذته فلها بما استحلُ من فَرجها، ويحبس عنها ما بقي عنده(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديِّ، عن جعفر بن بشير، عن عمر بن أبَان، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبد الله(علیه السّلام) قال : قلت له : أتزوَّج المرأة شهراً، فأحبس عنها شيئاً؟ قال : نعم، خذ منها بقدر ما تُخلفك، إن كان نصف شهر فالنّصف، وإن كان ثلثاً فالثلث(4).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) مثله(5).

ص: 467


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 84 ومضمونه هو ما عليه الأصحاب.
2- الحديث حسن، ويدل على استحقاق المرأة المهر بالعقد وبجواز المقاصة منه بنسبة ما تتخلف عن مدة العقد
3- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح، ح 54 .ولا بد من حمله على صورة الجهل من قبلها وإلا فلا مهر لبغي . وقد اتفق أصحابنا على أنه لو تبين فساد العقد قبل الدخول فلا شيء لها.
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح53 بتفاوت يسير، والحديث مجهول.
5- هذا السند حسن

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : الرَّجل يتزوَّج المرأة متعة، تشترط له أن تأتيه كلَّ يوم حتّى توفيه شرطه، أو تشترط أيّاماً معلومة تأتيه فيها، فتغدر به فلا تأتيه على ما شرطه عليها ، فهل يصلح له أن يحاسبها على ما لم تأته من الأيّام، فيحبس عنها من مهرها بحساب ذلك؟ قال : نعم، ينظر ما قطعت من الشرط فيحبس عنها من مهرها بمقدار ما لم تفِ له، ما خلا أيّام الطّمث، فإنّها لها، فلا يكون عليها إلّا ما أحلَّ له فرجها(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن أحمد بن أشيم قال : كتب إليه الرَّيان بن شبيب - يعني أبا الحسن (علیه السّلام) - : الرَّجل يتزوَّج المرأة متعة بمهر إلى أجَل معلوم، وأعطاها بعض مهرها، وأخّرته بالباقي، ثمَّ دخل بها وعلم بعد دخوله بها قبل أن يوفيها باقي مهرها أنّما زوَّجته نفسها ولها زوج مقيم معها، أيجوز له حبس باقي مهرها، أم لا يجوز؟ فكتب (علیه السّلام) : لا يعطيها شيئاً، لأنّها عصت الله عزّ وجلَّ.

297- باب أنها مصدقة على نفسها

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن أسلم، عن إبراهيم بن الفضل، عن أبَان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي أكون في بعض الطّرقات، فأرى المرأة الحسناء ولا آمن أن تكون ذات بعل، أو من العواهر؟ قال : ليس هذا عليك إنّما عليك أن تصدّقها في نفسها(2).

2 - عدَّةً من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن ميّسر قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : ألقى المرأة بالفلاة الّتي ليس فيها أحدٌ، فأقول لها: هل لك زوجٌ؟ فتقول : لا، فأتزوجها؟ قال: نعم هي المصدّقة على نفسها(3).

ص: 468


1- دلّ على استثناء أيام الحيض فلا يحبس عنها من مهرها مقابلها شيئاً. وفي الحاق غير أيام الحيض من أيام الأعذار بها كأيام المرض مثلاً وجهان، وأما الموت فلا يسقط بسببه شيء بل تستحق المهر كملا.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث صحيح . ومضمونه هو ما عليه الأصحاب، إذا أجمعوا على أن المرأة مصدّقة على فرجها في كل شيء، في العدة والحيض والخلو عن الزوج.

298- باب الابکار

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: في الرَّجل يتزوَّج البكر متعة؟ قال : يُكره، للعيب على أهلها(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا بأس بأن يتمتّع بالبكر ما لم يُفضِ إليها مخافة كراهية العَيب على أهلها .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في البكر يتزوَّجها الرَّجل متعة؟ قال : لا بأس ما لم يَفتَضّها(2).

4 - عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يتمتّع من الجارية البكر؟ قال : لا بأس بذلك، ما لم يستصغرها(3).

5 - عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت : الجارية، ابنة كم لا تُسْتَصبى(4)؟ ابنة ستّ أو سبع ؟ فقال : لا، ابنة تسع لا تُسْتَصبى، وأجمعوا كلّهم على أنَّ ابنة تسع لا تستصبى، إلّا أن يكون في عقلها ضعف، وإلّا فهي إذا بلغت تسعاً

فقد بلغت.

299- باب تزويج الإماء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) قال : لا يتمتّع بالأمة إلّا بإذن أهلها.

ص: 469


1- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح، ح 27 . الاستبصار 3، 94 - باب التمنع بالأبكار ، ح 6 . الفقيه 3، 143 - باب المتعة، ج 10 . قال المحقق في الشرائع 304/2 : ويكره أن يتمتع ببكر ليس لها أب، فإن فعل فلا يفتضّها وليس بمحرّم».
2- الافتضاض : إزالة البكارة من الأنثى .
3- يستصغرها : أي يجدها صبية صغيرة السن لم تبلغ بعد حد النكاح .
4- أي تُعد بالغة، ولا تُعدّ صغيرة. وقيل: لا تستصبي : لا تخدع.

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان، عن عيسى بن أبي منصور، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا بأس أن يتزوَّج الأمة متعة بإذن مولاها.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) : هل للرَّجل أن يتمتّع من المملوكة بإذن أهلها، وله امرأة حرَّة؟ قال: نعم، إذا رضيت الحرّة، قلت: فإن أذنت الحرّة، يتمتّع منها؟ قال: نعم(1).

وروي أيضاً أنّه لا يجوز أن يتمتّع بالأمة على الحرَّة.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سَيف بن عميرة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا بأس بأن يتمتّع الرَّجل بأمَة المرأة، فأمّا أمةُ الرَّجل فلا يتمتّع بها إلّا بأمره(2).

300- باب وقوع الولد

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ وعدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران؛ وأحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قلت له : أرأيتَ إن حبلت؟ قال : هو ولده(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ وغيره قال : الماء ماء الرَّجل يضعه حيث شاء، إلّا أنّه إذا جاء ولدٌ لم ينكره، وشدَّد في إنكار الولد(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد بن المختار؛ ومحمّد بن الحسن، عن

ص: 470


1- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 37 . الاستبصار 3 95 - باب جواز التمتع بالإماء ، ح 3 . هذا، وقد أفتى أصحابنا بحرمة الاستمتاع بالأمة وعنده حرة إلا بإذنها، ولو هو فعل كان العقد باطلا . وهو المشهور بينهم
2- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 41 . الاستبصار 3، 136 - باب أنه لا يجوز العقد على الإماء إلّا بإذن مواليهن ، ح 5 . هذا ولم يقل بالتفصيل بين ما إذا كانت الأمة أمة لرجل فلا يجوز التمتع بها من دون إذنه، وبين ما لو كانت أمة المرأة فيجوز حتى مع عدم الإذن - لم يقل به أحد من الأصحاب . نعم، نقل عن الشيخ في النهاية أنه عمل بهذا الحديث ولم أتَتَبعهُ.
3- التهذيب 7، نفس الباب ح 79 . وفيه : ... إن حملت ...، بدل : إن حبلت ... ، الاستبصار 3، 100 باب أن ولد المنعة لاحق بأبيه ، ح 1.
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 80 ، وفيه ... في إنكاره ... الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح 2

عبد الله بن الحسن، جميعاً عن الفتح بن يزيد قال : سألت أبا الحسن الرّضا(علیه السّلام) عن الشروط في المتعة؟ فقال : الشرط فيها بكذا وكذا إلى كذا وكذا، فإن قالت : نعم، فذاك له جائز، ولا تقول - كما أُنهِيَ إليَّ - أنَّ أهل العراق يقولون : الماء مائي ، والأرض لك، ولست أسقي أرضك الماء، وإن نبت هناك نبت فهو لصاحب الأرض، فإنَّ شرطين في شرط فاسد، فإن رزقت ولداً قبلته والأمر واضح فمن شاء التلبيس على نفسه لبّس(1).

301- باب الميراث

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول في الرّجل يتزوَّج المرأة متعة : إنهما يتوارثان ما لم يشترطا، وإنّما الشرط بعد النكاح(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) قال : تزويج المتعة : نكاح بميراث ونكاح بغير ميراث، فإن اشترطت كان ، وإن لم يشترط لم يكن(3).

وروي أيضاً ليس بينهما ميراث اشترط أو لم يشترط(4).

302- باب النوادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن بشير بن حمزة، عن رجل من قريش قال : بَعَثَتْ إِليَّ ابنة عمّ لي كان لها مال كثير : قد عرفتَ كثرةَ من يخطبني من الرّجال، فلم أزوّجهم نفسي، وما بعثت إليك رغبة في الرّجال، غير أنّه بلغني أنّه أحلّها الله عزّ

ص: 471


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 81 بتفاوت يسير الاستبصار ، نفس الباب، ح 3 .
2- مر برقم 4 من الباب 290 من هذا الجزء فراجع .
3- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 65، الاستبصار 3، 98 - باب أنه إذا شرط ثبوت الميراث في المتعة كان ذلك جائزاً أو واجباً، ح 1. بتفاوت يسير فيهما.
4- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 67 . الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 3 . وأخرجاه مسنداً عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن البرقي عن الحسن بن الجهم عن الحسن بن موسى عن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله علیه السّلام.

وجلَّ في كتابه، وبيّنها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في سنّته، فحرَّمها زفر(1)، فأحببت أن أطيع الله عزَّ وجلَّ فوق عرشه، وأطيع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، وأعصي زفر، فتزوِّجني متعة، فقلت لها : حتّى أدخل على أبي جعفر (علیه السّلام) فأستشيره، قال : فدخلت عليه فخبّرته فقال : إفعل، صلى الله عليكما من زوج(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل يتزوَّج المرأة متعة أيّاماً معلومة، فتجيئه في بعض أيّامها فتقول : إنّي قد بغيت قبل مجيئي إليك بساعة أو بيوم، هل له أن يطأها وقد أقرَّت له ببغيها؟ قال : لا ينبغي له أن يطأها.

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة قال : سألته عن رجل أدخل جارية يتمتّع بها، ثمَّ أنسي أن يشترط حتّى واقعها، يجب عليه حدّ الزاني؟ قال : لا، ولكن يتمتّع بها بعد النكاح، ويستغفر الله ممّا أتى(3).

4 - أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن عمر بن عبد العزيز، عن عيسى بن سلیمان عن بكار بن کردم قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يلقى المرأة فيقول لها: زوِّجيني نفسك شهراً ولا يسمّي الشهر بعينه، ثمّ يمضي فيلقاها بعد سنين؟ قال: فقال : له شهره إن كان سمّاه، وإن لم يكن سمّاه، فلا سبيل له عليها(4).

ص: 472


1- هو أحد فقهاء العامة والتعبير به إنما أريد عمر بن الخطاب فهو الذي حرمها بعد أن ثبتت شرعيتها بالكتاب والسنّة. ولعل ذلك كان تقية
2- الحديث مجهول
3- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح، ح 132. الفقيه 3، 143 - باب المتعة، ح 28
4- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ح .75 الفقيه 3، نفس الباب، ح 27 . وذكر الأجل المضبوط المحدود المحروس عن الزيادة والنقصان شرط في عقد نكاح المتعة وهذا مما لا خلاف فيه بين فقهائنا وإن كانوا قد اختلفوا فيما إذا لم يعين الأجل في بطلان العقد من رأس أو انقلابه دائماً على قولين مع وجود تفصيلات أخرى بين أن يكون العقد بلفظ التمتع فيبطل أو يكون بلفظ التزويج أو النكاح فينقلب دائما . يقول المحقق في الشرائع :305/2 : «وأما الأجل فهو شرط في عقد المتعة ولو لم يذكره انعقد دائماً، وتقدير الأجل إليهما طال أو قصر . . . ولا بد أن يكون معيناً محروساً من الزيادة والنقصان، ولو اقتصر على بعض يوم جاز بشرط أن يقرنه بغاية معلومة كالزوال والغروب، ويجوز أن يعين شهراً متصلاً بالعقد ومتأخراً عنه ولو أطلق اقتضى الاتصال بالعقد، فلو تركها حتى انقضى قدر الأجل المسمى خرجت عن عقده واستقر لها الأجرة. ولو قال مرة أو مرتين ولم يجعل ذلك مقيداً بزمان لم يصح وصار دائماً . وفيه رواية دالة على الجواز وأنه لا ينظر إليها بعد إيقاع ما شرطه وهي مطرحة لضعفها. وقد نص الشهيد الثاني على أنه لو ذكر المرة أو المرات وأطلق من دون تعيين زمانها بشكل مضبوط في وقت محدد بطل العقد للجهالة، لا كما اختاره المحقق من أنه ينقلب دائما

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لا بأس بالرَّجل يتمتّع بالمرأة على حكمه، ولكن لا بدَّ له من أن يعطيها شيئاً، لأنه إن حَدَثَ به حَدَثٌ لم يكن لها ميراث.

6 - عليُّ، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي الحسن موسی (علیه السّلام): رجل تزوَّج امرأة متعة، ثمّ وثب عليها أهلها فزوَّجوها بغير إذقها علانية، والمرأة امرأة صِدق، كيف الحيلة؟ قال : لا تمكّن زوجها من نفسها حتّى ينفضي شرطها وعدَّتها، قلت : إنَّ شرطها سنة، ولا يصبر لها زوجها ولا أهلها سنة؟ قال: فليتّق الله زوجها الأوّل، وليتصدَّق عليها بالأيّام، فإنّها قد ابتليت، والدّار دار هدنة، والمؤمنون في تقيّة؛ قلت: فإنّه تصدّق عليها بأيّامها وانقضت عدَّتها، كيف تصنع؟ قال : إذا خلا الرَّجل فلتقل هي : يا هذا، إنَّ أهلي وثبوا عليِّ فزوجوني منك بغير أمري، ولم يستأمروني، وإنّي الآن قد رضيت، فاستأنف أنت الآن فتزوّجني تزويجاً صحيحاً فيما بيني وبينك(1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلّاد قال: سألت أبا الحسن الرّضا (علیه السّلام) عن الرجل يتزوّج المرأة متعة، فيحملها من بلد إلى بلد؟ فقال : يجوز النكاح الآخر، ولا يجوز هذا(2).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن نوح بن شعيب، عن عليِّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: جاءت امرأة إلى عمر فقالت: إنّي زنيت فطهّرني، فأمر بها أن تُرجم، فأخبر بذلك أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقال : كيف زنيتِ؟ فقالت: مررت بالبادية فأصابني عطش شديد، فاستسقيت أعرابياً فأبى أن يسقيني إلّا أن أمكَنه من نفسي، فلمّا أجهدني العطش، وخفت على نفسي، سقاني، فأمكنته من نفسي، فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : تزويجٌ وربِّ الكعبة(3).

9 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمّار بن مروان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قلت له : رجلٌ جاء إلى امرأة فسألها أن تزوّجه نفسها، فقالت: أزوّجك نفسي على أن تلتمس

ص: 473


1- الفقيه 3، نفس الباب، ح 17 بتفاوت وزيادة في آخره
2- الحديث صحيح. وظاهره محمول على التقية ويحتمل أن يكون الإشارة بهذا إلى حكم الخروج بالمتمتع بها من بلد إلى بلد وحكم بعدم الجواز إذا كان إخراجها على خلاف إرادتها. وهو بعيد.
3- الحديث ضعيف «والظاهر أن الكليني حمله على أنها زوّجته نفسها متعة بشربة من ماء فذكره في هذا الباب، وهو بعيد، لأنها كانت متزوجة وإلا لم تستحق الرجم ... الخ مرآة المجلسي 258/20.

منّي ما شئت من نظر أو التماس، وتنال منّي ما ينال الرجل من أهله، إلّا أنّك لا تُدخل فَرْجَك في فرجي، وتتلذَّذ بما شئت، فإنّي أخاف الفضيحة؟ قال: ليس له إلّا ما اشترط(1).

10 - عدَّةُ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليُّ بن أسباط؛ ومحمّد بن الحسين، جميعاً عن الحكم بن مسكين، عن عمّار قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) لي ولسليمان بن خالد : قد حرَّمتُ عليكما المتعة من قِبَلي ما دمتما بالمدينة، لأنّكما تُكثران الدُّخول عليَّ، فأخاف أن تؤخذا، فيقال: هؤلاء أصحاب جعفر(2).

303- بابالرجل يُحِلّ جاريته لأخيه والمرأة تُحِلّ جاريتها لزوجها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : جُعِلْتُ فِداك، إنَّ بعض أصحابنا قد روى عنك أنّك قلت : إذا أحلَّ الرّجل لأخيه جاريته فهي له حلال؟ فقال : نعم يا فُضَيل، قلت له : فما تقول في رجل عنده جارية له نفيسة، وهي بكرٌ، أحَلَّ لأخيه ما دون فرجها ألَه أن يفتضّها؟ قال: لا، ليس له إلّا ما أحلَّ له منها، ولو أحلَّ له قُبْلَةً منها لم يحلَّ له ما سوى ذلك ، قلت : أرأيتَ إن أحلَّ له ما دون الفرج، فغلبته الشهوة فافتضّها؟ قال لا ينبغي له ذلك : قلت: فإن فعل أيكون زانياً، قال: لا، ولكن يكون خائناً، ويغرم لصاحبها عُشْرَ قيمتها إن كانت بكراً، وإن لم تكن بكراً فنصفَ عُشر قيمتها، قال الحسن بن محبوب : وحدّثني رفاعة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) مثله، إلّا أنَّ رفاعة قال : الجارية النفيسة تكون عندي(3).

ص: 474


1- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 85 بتفاوت يسير . وكرره برقم 57 من الباب 31 من نفس الجزء ولكن بسند آخر.
2- الحديث ضعيف على المشهور. والحكم بتحريم المتعة عليها بلحاظ العنوان الثانوي لا بلحاظ حكمها الأولي.
3- التهذيب 7، 23 - باب ضروب النكاح، ح 16 . ورواه في الفقيه 3، 141 - باب أحكام المماليك والإماء، ح 21 وفيه إلى قوله : ويغرم لصاحبها عشر قيمتها، وإباحة الأمة بالتحليل من المالك هو المشهور بين الأصحاب بل كاد يكون إجماعاً كما نص عليه الشهيد الثاني في الروضة، ولكن بشرط أن يكون المحلّل له ممن يجوز نكاحه بها كأن يكون مؤمناً في المؤمنة على القول باشتراط الإيمان في الكفاءة للنكاح، ومسلماً في المسلمة وكونها كتابية لو كانت كافرة وغير ذلك من أحكام النسب والمصاهرة وغيرها. كما أجمعوا أيضاً على وجوب الاقتصار على مورد الإذن من المالك فقط . يقول الشهيدان ويجب الاقتصار على ما تناوله اللفظ وما يشهد الحال بدخوله فيه فإن أحله بعض مقدمات الوطي كالتقبيل والنظر لم يحل له الآخر ولا الوطي، وكذا لو أحله بعضها في عضو مخصوص اختص به وإن أحلّه الوطي حلّت المقدمات بشهادة الحال ولأنه لا ينفك عنها غالباً ولا موقع له بدونها ولان تحليل الأقوى يدل على الأضعف بطريق أولى بخلاف المساوي والعكس ...» كما مر معنا على أنه لو اغتصب جارية فإن كانت بكراً فعليه عشر قيمتها، وإن كانت ثيباً فنصف العشر.

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن امرأة أحلّت لابنها فَرْجَ جاريتها؟ قال : هو له حلال، قلت: أفيحلُّ له ثَمَنُها؟ قال : لا، إنّما يحلُّ له ما أحَلّته له(1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قلت له : الرَّجل يحلُّ لأخيه فَرْجَ جاريته؟ قال: نعم، له ما أَحَلَّ له منها(2).

4 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسي، عن الحسين بن المختار، عن أبي بكر الحضرميّ قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ امرأتي أحلّت لي جاريتها ؟ فقال : إنكَحها إن أردت، قلت : أبيعها؟ قال: لا، إنّما أحِلّ لك منها ما أحلّت.

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليم الفرَّاء، عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل يحلُّ فَرجَ جاريته لأخيه؟ فقال : لا بأس بذلك، قلت: فإنّه أولدها؟ قال : يضمُّ إليه ولده ويردُّ الجارية إلى صاحبها، قلت: فإنّه لم يأذن له في ذلك؟ قال : إنّه قد حلّله منها، فهو لا يأمن أن يكون ذلك(3).

ص: 475


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 8 الاستبصار 3، 89 - باب أنه يجوز أن يحلّ الرجل جاريته لأخيه المؤمن ، ح 5 . وفيهما ما أحلّت له هذا وقد أدرج أصحابنا رضوان الله عليهم هذه المسألة تحت عنوان ملك المنفعة في الإماء، وصيغتها أن يقول أحللت لك وطأها أو جعلتك في حِلّ من وطئها ولا يستباح عندنا بلفظ العارية، وهل يستباح بلفظ الإباحة؟ فيه خلاف بينهم، واستظهر بعضهم الجواز كالمحقق في الشرائع وهل هو عقد أو تمليك منفعة؟ فيه خلاف بين أصحابنا ناشيء من عصمة الفرج عن الاستمتاع بغير العقد أو الملك، وقد استقرب بعضهم أنه تمليك منفعة وليس عقداً. هذا وقد أجمعوا على وجوب الاقتصار على ما تناوله اللفظ وما شهد الحال بدخوله تحته ، فلو أحلّ له التقبيل اقتصر عليه وكذا لو أحلّ له اللمس فلا يستبيح الوطء وهكذا
2- التهذيب 7، نفس الباب 9. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 6.
3- الفقيه 3، 141 - باب أحكام المماليك والإماء ، ح 23 وفي سنده سليمان الفراء الاستبصار 3، 90 - باب حكم ولد الجارية المحللة ، ح 3 وفيه وتردّ الجارية ... التهذيب 7 23 - باب ضروب النكاح ، ح 22 . وفيهما إلى قوله : ويرد الجارية على مولاها بدل : إلى صاحبها قال المحقق في الشرائع :317/2 ولد المحللة حر، ثم إن شرط الحرية مع لفظ الإباحة فالولد حر، ولا سبيل على الأب، وإن لم يشترط ، قيل : يجب على الأب فكه بالقيمة ، وقيل : لا يجب، وهو أصح الروايتين».

6 - عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليم(1)، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (علیه السّلام) : الرَّجل يحلٌّ جاريته لأخيه ؟ فقال : لا بأس، قال: فقلت : إنّها جاءت بولد؟ قال : يضمُّ إليها ولده ويردُّ الجارية على صاحبها ، قلت : إ أذن له في ذلك؟ قال : إنّه قد أذن له، وهو لا يأمن أن يكون ذلك(2).

7 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم ؛ وحفص بن البختريِّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل يقول لامرأته : أحِلّي لي جاريتك فإنّي أكره أن تراني منكشفاً، فتحلّها له؟ فقال : لا يحلٌّ له منها إلّا ذاك، وليس له أن يمسّها ولا يطأها وزاد فيه هشام اله : ألهَ أن

يأتيها؟ قال : لا يحلُّ له إلّا الّذي قالت(3).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن امرأة أحلّت لي جاريتها؟ فقال : ذاك لك ؛ قلت: فإن كانت تمزح؟ قال : وكيف لك بما في قلبها، فإن علمتَ أنّها تمزح فلا(4).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي شبل قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : رجل مسلم ابتُلي ففجر بجارية أخيه، فما نوبته؟ قال: يأتيه فيخبره ويسأله أن يجعل من ذلك في حِلّ، ولا يعود، قال: قلت: فإن لم يجعله من ذلك في لِّ؟ قال : قد لقي الله عزَّ وجلَّ وهو زان خائن ، قال : قلت : فالنار مصيره؟ قال : شفاعة محمّد (صلی الله علیه و آله و سلّم) وشفاعتنا تحبط بذنوبكم يا معشر الشيعة، فلا تعوون وتتّكلون على شفاعتنا، فوالله ما ينال شفاعتنا إذا ركب هذا حتّى يصيبه ألم العذاب ويرى هَوْلَ جهنّم.

10 - وبإسناده عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن صالح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سئل عن الرّجل ينكح جارية امرأته، ثمَّ يسألها أن تجعله في حِلّ فتابي، فيقول : إذاً لاطلّقنّك، ويجتنب فراشها فتجعله في حِلّ؟ فقال : هذا غاصب، فأين هو من اللّطف(5).

11 - وعنه، عن سليمان بن صالح قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يخدع امرأته

ص: 476


1- في التهذيب والفقيه : عن سليمان
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 25 الاستبصار3 ، نفس الباب ، ح 6. بتفاوت يسير فيهما. الفقيه 3، نفس الباب، ح 23.
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 17
4- التهذيب 7، نفس الباب، ح 10. وكرره برقم 62 من الباب 41 من نفس الجزء بتفاوت قليل . الاستبصار 3، 89 - باب أنه يجوز أن يحل الرجل جاريته لأخيه المؤمن، ح 7 الفقيه ، نفس الباب، ح 20 بتفاوت.
5- الفقيه 3، 144 - باب النوادر، ح 36 بتفاوت يسير والحديث ضعيف

فيقول : إجعليني في حِلّ من جاريتك تمسح بطني، وتغمز رجلي، ومن مسّي إيّاها - يعني بمسّه إيّاها النكاح؟ فقال : الخديعة في النّار، قلت : فإن لم يُرِدْ بذلك الخديعة؟ قال : يا سليمان، ما أراك إلّا تخدعها عن بُضعِ جاريتها.

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم ؛ وجميل بن درَّاج؛ وسعد بن أبي خلف، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في امرأة الرَّجل، يكون لها الخادم قد فجرت فيحتاج إلى لبنها؟ قال: مُرها فتحلّلها يطيب اللّبن(1).

13 - وبإسناده، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل كانت له مملوكة فولدت من الفجور، فكره مولاها أن ترضع له مخافة ألّا يكون ذلك جائزاً له، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام): فحلّل خادمك من ذلك حتّى يطيب اللّبن.

14 - وبإسناده، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال : أخبرني محمّد بن مضارب قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام): يا محمّد، خذ هذه الجارية إليك تخدمك، فإذا خرجت فردَّها إلينا(2).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن الخشّاب، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن الحسن بن عطيّة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا أحلَّ الرَّجل للرجل من جاريته قُبلَةً لم يحلَّ له غيرها، فإنَّ أحلَّ له منها دون الفرج، لم يحلَّ له غيره، وإن أحلَّ له الفَرْجَ، حلَّ له جميعها(3).

16 - عليٌّ، عن أبيه، عن ان أبي عمير قال : أخبرني قاسم بن عروة، عن أبي العبّاس البقباق ال : سأل رجل أبا عبد الله (علیه السّلام) - ونحن عنده - عن عارية الفرج؟ فقال: حرام، ثمَّ مكث قليلاً ثمَّ قال : لكن لا بأس بأن يحلُّ الرَّجل الجارية لأخيه(4).

304- باب الرجل تكون لولده الجارية يريد أن يَطَاهَا

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن داود بن سرحان قال :

ص: 477


1- الحديث حسن . ويدل على أن التحليل بعد الفجور ينفع في اللبن. وكذا ما بعده.
2- التهذيب 7، 23 - باب ضروب النكاح ، ح 7 بتفاوت يسير الاستبصار 3، 89 - باب أنه يجوز للرجل أن يحلّ جاريته لأخيه المؤمن، ح 4.
3- التهذيب 7 نفس الباب ح 18. بتفاوت يسير.
4- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 15. الاستبصار 3، 91 - باب أنه يراعى في ذلك لفظ التحليل دون العارية ، ح 1 . وفي الذيل منهما : ... جاريته لأخيه بدل : ... الجارية لأخيه هذا، والإجماع قائم عندنا ظاهراً على عدم وقوع التحليل للجارية بغير لفظه، دون لفظ العارية.

قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : رجل تكون لبعض ولده جارية وولده صغار؟ فقال : لا يصلح أن يطأها حتّى يقوّمها قيمة عدل، ثمَّ يأخذها، ويكون لولده عليه ثمنها(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن أبي الصبّاح عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل تكون لبعض ولده جارية وولده صغار، هل يصلح له أن يطأها؟ فقال : يقوّمها قيمة عدل، ثمَّ يأخذها، ويكون لولده عليه ثمنها(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن موسى (علیه السّلام) قال : قلت له : الرَّجل تكون لابنه جارية، ألهُ أن يطأها؟ فقل : يقوّمها على نفسه قيمة، ويُشهد على نفسه بثمنها أحبٌّ إليّ.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السّلام) في جارية لابن لي صغير، أيجوز لي أن أطاها؟ فكتب : لا، حتّى تخلّصها.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السّلام) أنّي كنت وهبت لابنتي جارية حيث زوَّجتها، فلم تزل عندها في بيت زوجها حتّى مات زوجها، فرجعت إليَّ هي والجارية، أفيحلّ لي الجارية أن أطاها؟ فقال : قَوّمها بقيمة عادلة، وأشهِد على ذلك، ثمّ إن شئت فَطَاُهَا(3).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن جعفر، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صدقة قال : سألت أبا الحسن (علیه السّلام) فقلت : إنَّ بعض أصحابنا روى أنَّ للرَّجل أن ينكح جارية ابنه وجارية ابنته، ولي ابنة وابن، ولابنتي جارية اشتريتها لها من صداقها، أفيحلُّ لي أن أطأها؟ فقال : لا، إلّا بإذنها، قال الحسن بن الجهم : أليس قد جاء أنَّ هذا جائز؟ قال : نعم، ذاك إذا كان هو سببه، ثمَّ التفت إليَّ وأوما نحو بالسبّابة فقال : إذا اشتريت أنت لابنتك

ص: 478


1- التهذيب 7، 34 - باب أحكام النكاح ، ح 78. الاستبصار ،3، 101 - باب أنه إذا كان لولد الرجل الصغير جارية جاز له أن ... ، ح 1 قال المحقق في الشرائع 288/2 : «ويجوز للأب أن يقوم مملوكة ابنه إذا كان صغيراً ثم يطأها بالملك»
2- التهذيب 7 نفس الباب ح88 الاستبصار 3، نفس الباب، ح 2 وفي الذيل فيهما: قيمتها، بدل: .... ثمنها.
3- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب، ح 91 . الاستبصار 3، 26 - باب ما يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده : ح 10. وفيهما كتبت إلى أبي الحسن الرضا (علیه السّلام).

جارية أو لابنك وكان الابن صغيراً ولم يطأها، حلَّ لك أن تفتضّها، فتنكحها، وإلا فلا إلّا بإذنهما(1).

305- باب استبراء الأمة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن رجل اشترى جارية ولم يكن لها زوج، أيستبرى رَحِمَها؟ قال: نعم، قلت: فإن كانت لم تَحِضُّ؟ فقال : أمرها شديد، فإن هو أتاها فلا يُنزل الماء حتّى يستبين أحُبلى هي أم لا، قلت : وفي كم تستبين له؟ قال: في خمسة وأربعين يوماً.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : في رجل اشترى جارية لم يكن صاحبها يطؤها ، أيستبرى، رحمها؟ قال: نعم، قلت: جارية لم تحض، كيف يصنع بها؟ قال : أمرها شديد، غير أنّه أتاها لا يُنْزِل عليها حتّى يستبين له إن كان بها حَبَلُ، قلت : وفي كم يستبين له؟ قال: في خمس وربعين ليلة(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن بكير، عن هشام بن الحرث، عن عبد الله بن عمرو قال : قلت لابي عبد الله أو(3)لأبي جعفر (علیه السّلام) : الجارية يشتريها الرَّجل وهي لم تُدرك، أو قد يئست من المحيض؟ قال : فقال: لا بأس بأن لا يستبرئها(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : في الرّجل يشتري الأمة من رجل فيقول : إنّي لم أطأها؟ فقال: إن وثق به فلا بأس بأن يأتيها، وقال في رجل يبيع الأمة من رجل؟ فقال عليه أن يستبرىء من قبل أن

يبيع(5).

ص: 479


1- التهذيب 7، 24 - باب تفصيل أحكام النكاح ، ح 89 الاستبصار ، نفس الباب ، ح 3 . وقد كرر الشيخ رحمه الله هذا الحديث برقم 27 من الباب 9 من الجزء 8 من التهذيب.
2- الفقيه 3 ، 135 - باب استبراء الإماء، ح 3 بتفاوت قليل. ويحمل على ما إذا كانت الجارية في سن من تحيض وقد تأخر حيضها حيث أفتى أصحابنا باستبرائها تلك المدة.
3- الترديد من الراوي
4- الفقيه ، نفس الباب ، ح 2. وأخرجه مرسلاً عن أبي جعفر (علیه السلام) .
5- التهذيب 8، 7 - باب لحوق الأولاد بالآباء و ...، ح 27 . الاستبصار 3 ، 210 - باب من اشترى جارية ووثق، بصاحبها في أنه استبرأها لم ...، ح 2 . هذا، وقد نص أصحابنا على أنه لا يحرم في مدة الاستبراء للأمة غير الوطي قبلاً ودبراً على الأقوى، وإن نقل عن الشيخ رحمه الله تحريم جميع الاستمتاعات، ولم أقف عليه في كثير من كتبه

5 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبَان بن عثمان، عن ربيع بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الجارية الّتي لم تبلغ المحيض، ويخاف عليها الحبل؟ فقال : يستبرىء رحمها الّذي يبيعها بخمس وأربعين ليلة، والّذي يشتريها بخمس وأربعين ليلة(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال في رجل ابتاع جارية ولم تطمث ، قال : إن كانت صغيرة ولا يتخوَّف عليها الحبل، فليس به عليها عدَّة وليطأها إن شاء، وإن كانت قد بلغت ولم تطمث، فإنَّ عليها العدَّة، قال : وسألته عن رجل اشترى جارية وهي حائض؟ قال : إذا طهرت فليمسّها إن شاء(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يشتري الجارية ولم تحض؟ قال: يعتزلها شهراً إن كانت قد مُست، قال : أفرأيتَ إن ابتاعها وهي طاهر، وزعم صاحبها أنّه لم يطأها منذ طهرت؟ قال: إن كان عندك أميناً فمسّها وقال : إنَّ ذا الأمر شديد، فإن كنت لا بدَّ فاعلاً، فتحفّظ، لا تنزِل عليها(3).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه لحسن، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة قال: سألته عن رجل اشترى جارية وهي طامث، أيستبرىء رحمها بحيضة أُخرى، أم تكفيه هذه الحيضة ؟ فقال : لا ، بل تكفيه هذه الحيضة، فإن استبرأها بأخرى فلا بأس هي بمنزلة فَضْل(4).

ص: 480


1- التهذيب 8، نفس الباب ح 17. وفيه وتخاف ... الاستبصار 3، 209 - باب من اشترى جارية لم تبلغ المحيض لم يكن عليه استبراؤها ، ح 7 .
2- التهذيب 8، نفس الباب، ح 19 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 1 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على تحريم وطي الأمة من قبل المشتري إلا بعد استبرائها إلا في بعض الصور، يقول المحقق في الشرائع 315/2 : «كل من ملك أمة بوجه من وجوه التمليك حرم عليه وطؤها حتى يستبرئها بحيضة، فإن تأخرت الحيضة وكانت في سن من تحيض اعتدت بخمسة وأربعين يوماً، ويسقط ذلك إذا ملكها حائضاً إلا مدة حيضها، وكذا إن كانت لعدل وأخبر باستبرائها، وكذا لامرأة، أو يائسة...»
3- التهذيب 8 نفس الباب ح 25 . الاستبصار 3 ، نفس الباب، ح 8. وقد تقدم عن المحقق في الشرائع سقوط وجوب الاستبراء فيما لو كانت تحت عدل فأخبر باستبرائها، ولذا فقد حمل أصحابنا ما ورد في هذا الخبر على استحباب الاستبراء أو كراهة الوطي، نعم قد يستدل به على ما ذهب إليه ابن إدريس من وجوب الاستبراء حتى مع إخبار العدل باستبرائها أو عدم وطئه لها بعد طهرها.
4- التهذيب 8، نفس الباب ح 30 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 9.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن حمران قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن رجل اشترى أمة، هل يصيب منها دون الغشيان ولم يستبرئها؟ قال : نعم إذا استوجبها وصارت من ماله ، فإن ماتت كانت من ماله.

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل اشترى من رجل جارية بثمن مسمّى، ثمَّ افترقا؟ قال: وجب البيع وليس له أن يطأها وهي عند صاحبها حتّى يقبضها ويعلم صاحبها، والثمن إذا لم يكونا اشترطا فهو نَقْدٌ(1).

306- باب السَّراري

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ؛ عن ابن القدَّاح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «عليكم بأمّهات الأولاد، فإنَّ في أرحامهنَّ البَرَكة».

2 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «اطلبوا الأولاد من أمّهات الأولاد، فإنَّ في أرحامهن البركة»(2).

307- باب الأمَة يشتريها الرجل وهي حُبلى

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن رفاعة بن موسى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الأمة الحبلى يشتريها الرَّجل؟ فقال : سئل عن ذلك أبي (علیه السّلام) فقال : أحلّتها آية وحرَّمتها آية أُخرى، أنا ناءٍ عنها

ص: 481


1- التهذيب 8 ، 9 - باب السراري وملك الأيمان، ح 3. قوله : اشترطا : يعني تأجيله. وإنما صار نقداً كأي مال لم يعيَن له أجَل فهو حالّ عند المطالبة
2- ويدل هذان الحديثان - وإن كان الأول مجهولاً والثاني مرسلا - على استحباب التسرّي وطلب الولد من السراري جمع السريّة وهي المرأة النفيسة مأخوذة من السر والإخفاء لأن صاحبها يسرّها ويسترها ويضنّ بها - غالباً - عن الاطلاع إليها وعليها.

نفسي وولدي، فقال الرّجل : أنا أرجو أن أنتهي إذا نهيتَ نفسك وولدك(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن رفاعة قال : سألت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) فقلت : أشتري الجارية، فتمكث عندي الأشهر لا تطمث، وليس من كِبَر، فأُريها النساء فيقلن : ليس بها حَبَل، أفلي أن أنكحها في فرجها؟ فقال : إنَّ الطمث قد تحبسه الرّيح من غير حَبَل، فلا بأس أن تمسّها في الفرج، قلت: فإن كانت حبلى، فما لي منها إن أردت؟ قال : لك ما دون الفرج(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : في الوليدة يشتريها الرَّجل وهي حبلى؟ قال : لا يَقْرَبها حتّى تضع ولدها(3).

4 - سهل، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر (علیه السّلام) : الرَّجل يشتري الجارية وهي حامل، ما يحلُّ له منها؟ فقال : ما دون الفرج، قلت: فيشتري الجارية الصغيرة الّتي لم تطمث، وليست بعذراء، أيستبرئها؟ قال: أمرُها شديد، إذا كان مثلها تَعْلَق فليستبرئها(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن

ص: 482


1- التهذيب 8، 7 - باب لحوق الأولاد بالآباء و ...، ح 40 . وفي سنده ... : جميعاً عن رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله (علیه السّلام) الاستبصار 3 ، 213 - باب أن الرجل إذا اشترى جارية حبلى لم يجز ... ، ح 1 . وفي سنده : ... جميعاً عن صفوان عن ... هذا وقد اختلفت كلمات أصحابنا رضوان الله عليهم في مسألة وطي الأمة الحامل من قِبَل من اشتراها على أقوال : منها تحريم وطيها ومنها تحريمه قبل مضي أربعة أشهر وعشرة أيام عليه وكراهته بعد مضيها، يقول المحقق في الشرائع :59/2 : «لا يجوز وطء الحامل قبل أن يمضي لها أربعة أشهر وعشرة أيام، ويكره بعدها، ولو وطأها عزل عنها استحباباً، ولو لم يعزل كره له بيع ولدها ويستحب له أن يعزل له من ميراثه قسطاً، وهذا هو الأصح عند الشهيد الثاني كما نص عليه في المسالك، وغيا الشهيد الأول رحمه الله في اللمعة حرمة الوطء ووجوب الاستبراء بوضع الحمل، ولكنه في الدروس استثنى من حرمة الوطء ما لو كان الحمل من زنا فلا حرمة له
2- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح، ح 86 بزيادة في آخره وكرره برقم 46 من الباب 7 من الجزء 8 من التهذيب. الاستبصار 3 ، 213 - باب أن الرجل إذا اشترى جارية حبلى لم يجز ... ، ح 8 بزيادة في آخره أيضاً.
3- التهذيب 8، 7 - باب لحوق الأولاد بالآباء و ... ، ح 41 . الاستبصار 3 ، نفس الباب، ح 2
4- التهذيب 8، نفس الباب ح 42. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 3

زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن الجارية الحبلى يشتريها الرَّجل، فيصيب منها دون الفَرج؟ قال : لا بأس، قلت: فيصيب منها في ذلك؟ قال : تريد تَغِرَّة(1).

308- باب الرجل يعتق جاريته ويجعل عتقها صداقها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الرَّجل يعتق الأمة ويقول : مهرك عتقك؟ فقال: حسن.

2 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل تكون له الأمة فيريد أن يعتقها، فيتزوَّجها، أيجعل عتقها مهرها، أو يعتقها ثمَّ يصدقها، وهل عليها منه عدَّة، وكم تعتدُّ إن أعتقها؟ وهل يجوز له نكاحها بغير مهر؟ وكم تعتدّ من غيره؟ فقال : يجعل عتقها صداقها إن شاء، وإن شاء أعتقها ثمَّ أصْدَقَها، وإن كان عِنقُها صداقها فإنّها تعتدُّ، ولا يجوز نكاحها إذا أعتقها إلّا بمهر، ولا يطأ الرَّجل المرأة إذا تزوَّجها حتّى يجعل لها شيئاً وإن كان درهماً(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الله بن محمّد الحجّال، عن ثعلبة، عن عُبَيد بن زرارة أنه أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إذا قال الرَّجل لأمته: أعتقك وأتزوَّجك وأجعل مهرَك عِنقَك، فهو جائز(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل يعتق سريّته، أيصلح له أن يتزوَّجها بغير عدَّة؟ قال: نعم، قلت فغيره؟ قال : لا ، حتّى تعتدَّ ثلاثة أشهر.

ص: 483


1- الحديث موثق: والتغرّة: التغرير وهو التعريض للهلاك والمقصود أن المشتري إذا جوز له وطي مثلها يصير مغروراً بحصول الولد الذي لا يعرف أنه منه أو ممن اشتراها منه.
2- التهذيب 8، 9 - باب السراري وملك الأيمان ، ح 21 وكرره برقم 71 من الباب 10 من نفس الجزء من التهذيب. الاستبصار 3 131 - باب أن الرجل يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها، ح 9 بتفاوت يسير فيهما . قال المحقق في الشرائع 312/2 : ويجوز أن يجعل عتق الأمة صداقها ويثبت عقده عليها بشرط تقديم لفظ العقد على العتق بأن يقول لها: تزوجتك وأعتقتك وجعلت عتقك مهرك، لأنه لو سبق بالعتق كان لها الخيار في القبول والامتناع . وقيل : لا يشترط ، لأن الكلام المتصل كالجملة الواحدة، وهو حسن ، وقيل : يشترط تقديم العتق، لأن بضع الأمة مباح لمالكها، فلا يستباح بالعقد مع تحقق الملك، والأول أشهر
3- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 13. الاستبصار 3 ، نفس الباب ح 2 بتفاوت يسير فيهما

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين؛ وعدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، جميعاً عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألت عن رجل له زوجة وسريّة، يبدو له أن يعتق سريّته ويتزوّجها؟ فقال : إن شاء اشترط عليها أنَّ عتقها صداقها، فإنَّ ذلك حلالٌ، أو يشترط عليها إن شاء قَسَمَ لها وإن شاء لم يَقْسم، وإن شاء فضّل الحرَّة عليها، فإن رضِيَت بذلك فلا بأس.

309- باب ما يحلّ للمملوك من النساء

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين؛ وأحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم؛ وصفوان؛ عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السّلام) قال: سألته عن العبد يتزوَّج أربع حرائر؟ قال : لا ، ولكن يتزوَّج حرَّتين، وإن شاء تزوَّج أربع إماء(1).

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن المملوك، ما يحلُّ له من النساء؟ فقال : حُرَّتان، أو أربع إماء، قال: ولا بأس بأن يأذن له مولاه فيشتري من ماله إن كان له جارية أو جوار يطؤهنَّ، ورقيقه له حلال(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد؛ ومحمّد بن خالد، جميعاً عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أحدهما (علیه السّلام) قال: سألته عن المملوك، كم يحلُّ له أن يتزوَّج؟ قال : حرَّتان أو أربع إماء، وقال : لا بأس إن كان في يده مال وكان مأذوناً له فيالتجارة، أن يتسرَّى ما شاء من الجواري ويطأهنَّ(3)

ص: 484


1- التهذيب 8، نفس الباب، ح52 . الاستبصار 3، 133 - باب ما يحل للمملوك من النساء بالعقد، ح 5
2- التهذيب 8، 9 باب السراري وملك الأيمان ، ح 53 الاستبصار 3 ، 133 - باب ما يحل للمملوك من النساء بالعقد ، ح 6 وفي سنده : الحسين بن زياد الفقيه 3، 141 - باب أحكام المماليك والإماء . ح 10 وروي صدره فقط مرسلا . وروي صدر الحديث في التهذيب 7 ، 25 - باب من أحل الله نكاحه من النساء و ... ، ح 75.
3- التهذيب 8، نفس الباب، ح54 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 7 . أقول: وما تضمنته هذه الروايات متفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم يقول المحقق في الشرائع 293/2 : وإذا استكمل العبد أربعاً من الإماء بالعقد أو حرتين أو حرة وأمتين حرم عليه ما زاد ولكل منهما - أي الحر والعبد - أن ينكح بالعقد المنقطع ما شاء، وكذا بملك اليمين»

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد عن أبَان، عن إسحاق بن عمّار، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن المملوك يأذن له مولاه أن يشتري من ماله الجارية والثنتين والثلاث، ورقيقه له حلالٌ؟ قال : يحدُّ له حدًّا لا يجاوزه.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : إذ أذن الرّجل لعبده أن يتسرّى من ماله، فإنّه يشتري كم شاء بعد أن يكون قد أذن له(1).

310- باب المملوك يتزوَج بغير إذنِ مولاه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا يجوز للعبد تحرير ولا تزويج ولا إعطاء من ماله إلّا بإذن مولاه(2).

2 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن رجل تزوَّج عبدُهُ بغير إذنه، فدخل بها، ثمَّ اطّلع على ذلك مولاه؟ فقال : ذلك إلى مولاه إن شاء فرّق بينهما، وإن شا أجاز نكاحهما، فإن فرَّق بينهما فللمرأة ما أصدقها، إلّا أن يكون اعتدى فأصدقها صداقاً كثيراً، وإن أجاز نكاحه، فهما على نكاحهما الأول، فقلت لأبي جعفر (علیه السّلام) : فإن أصل النّكاح كان عاصياً ؟ فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : إنّما أتى شيئاً حلالاً وليس بعاص الله، إنّما عصى سيّده ولم يعص الله، إنَّ ذلك ليس كإتيان ما حرَّم الله عزَّوجلَّ عليه من نكاح في عدَّة وأشباهه(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن مملوك تزوَّج بغير إذن سيّده؟ فقال : ذاك إلى سيده، إن شاء أجازه، وإن شاء فرَّق بينهما قلت : أصلحك الله، إِنَّ الحَكَم بن عُتَيبة وإبراهيم النّخعي وأصحابها يقولون : إنَّ أصل النكاح فاسد، ولا تحلُّ إجاة السيّد له؟ فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : إنّه لم

ص: 485


1- التهذيب 7، 25 - باب من أحل الله نكاحه من ...، ح77 ، وفيه فإنه يتسرّى كم ... الخ . وبزيادة في : ذلك، في ذيل الحديث
2- الحديث صحيح
3- التهذيب 7، 30 - باب العقود على الإماء وما يحل من ... ، ح 62 . الفقيه 3، 136 - باب المملوك يتزوج بغير إذن سيده، ح 1.

یعصِ الله إنما عصى سيّده، فإذا أجازه فهو له جائز(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال: جاء رجلٌ إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) فقال : إنّي كنت مملوكاً لقوم، وإنّي تزوَّجت امرأة حرّة بغير إذن مواليَّ، ثمَّ أعتقوني بعد ذلك، أفَأجدِّد نكاحي إيّاها حين أعتقت؟ فقال له: أكانوا علموا أنّك تزوَّجت امرأة وأنت مملوك لهم؟ فقال : نعم، وسكتوا عنّي ولم يعيّروا عليِّ، فقال : سكوتهم عنك بعد علمهم إقرار منهم أثبت على نكاحك الأول(2).

5 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله أبي عبد الله (علیه السّلام) في مملوك تزوّج بغير إذن مولاه، أعاصٍ لله؟ قال : عاص لمولاه، قلت: حرام هو؟ قال: ما أزعم أنّه حرامٌ، وقل له أن لا يفعل إلّا بإذن مولاه.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : في رجل كاتب على نفسه وماله وله أمة، وقد شرط عليه أن لا يتزوَّج، فأعتق الأمة وتزوّجها؟ فقال: لا يصلح له أن يُحدِث في ماله إلّا الأكلة من الطّعام، ونكاحه فاسد مردود، قيل : فإنَّ سيّده علم ينكاحه ولم يقل شيئاً؟ قال : إذا صَمَتَ حين يعلم بذلك فقد أقَرَّ. قيل : فإنَّ المكاتب عُتِقَ أَفَتَرَى أن يجدّد نكاحه أو يمضي على النكاح الأوَّل؟ قال: يمضي على نكاحه(3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال :

ص: 486


1- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 63 . الفقيه 3 ، 173 - باب طلاق العبد ، ح 4 . هذا وقد دل الحديث على صحة العقد موقوفاً على إجازة المولى وذلك لأن تصرف العبد في هذه الحالة تصرف فضولي فلا يقع باطلاً من أصله على أشهر القولين عند أصحابنا رضوان الله عليهم
2- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 38 . الفقيه 3 ، 136 - باب المملوك يتزوج بغير إذن سيده ، ح 2 بتفاوت فيهما وسند آخر، وقد أفتى فقهاؤنا بعدم جواز عقد المملوك وكذلك الأمة لنفسيهما نكاحاً إلا بإذن المالك، ولهم رضوان الله عليهم فيما لو عقدا لتفسيهما بدون الإذن أقوال . يقول المحقق في الشرائع 309/2: «لا يجوز للعبد ولا للأمة أن يعقدا لأنفسهما نكاحاً إلا بإذن المالك، فإن عقد أحدهما من غير إذن وقف على إجازة المالك . وقيل : بل تكون إجازة المالك كالعقد المستأنف . وقيل : يبطل فيهما وتُلغى الإجازة، وفيه قول رابع ؛ مضمونه اختصاص الإجازة بعقد العبد دون الأمة، والأول أظهر . ولو أذن المولى صح وعليه مهر مملوكه ونفقة زوجته وله مهر أمته ...».
3- التهذيب 7، 30 - باب العقود على الإماء وما يحل من ... ، ح 65. الفقيه 3 ، 50 - باب المكاتبة ، ح 16 وكرره الشيخ برقم 11 من الباب 12 من الجزء 8 من التهذيب. وسوف يكرر الشيخ الكليني رحمه الله هذا الحديث في الفروع ،4 ، كتاب العتق و ...، باب المكاتب، ح 12

قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «أيّما امرأة حرَّة زَوَّجَت نفسها عبداً بغير إذن مولاه، فقد أباحت فَرْجَها، ولا صداق لها (1) .

311- باب المملوكة تتزوج بغير إذنِ مواليها

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ، عن داود بن الحصين، عن أبي العبّاس، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الأمة تتزوَّج بغير إذن اهلها؟ قال : يحرم ذلك عليها، وهو الزّنا(1).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبَان، عن فضل بن عبد الملك قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الأمة تتزوَّج بغير إذن مواليها؟ قال : يحرم ذلك عليها، وهو زنا(2).

312- باب الرجل يزوّج عبدَه أَمَتَهُ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل، كيف يُنْكِحُ عَبْدَه أَمَتَه؟ قال : يقول : قد أنكحتك فلانة، ويعطيها ما شاء من قِبَله أو من قِبَل مولاه(3)، ولو مُدًّا من طعام ، أو درهماً، أو نحو ذلك(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في المملوك، فتكون لمولاه أو لمولاته أمة، فيريد أن يجمع بينهما، أينكحه نكاحاً، أو يجزئه أن يقول : قد أنكحتك فلانة، ويعطي من قبله شيئاً، أو من قبل العبد؟ قال: نعم، ولو مُدًّا، وقد رأيته يعطي الدّرهم(5).

ص: 487


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح 66 . الفقيه 3 ، 140 - باب تزويج الحرة نفسها من عبد بغير ... ح 2. قال المحقق في الشرائع 310/2 : «إذا تزوج العبد بحرّة مع العلم بعدم الإذن لم يكن لها مهر ولا نفقة مع علمها بالتحريم وكان أولادها منه رِقاً ولو كانت جاهلة كانوا أحراراً ولا يجب عليها قيمتهم وكان مهرها لازماً لذمة العبد إن دخل بها ويتبع به إذا تحرر».
2- الإطلاق في هذين الحديثين يشمل ما لو كانت الأمة أمة امرأة أيضاً والحديثان ضعيفان على المشهور.
3- أي العبد.
4- التهذيب 7، 30 - باب العقود على الإماء وما ...، ح 46 بتفاوت قليل الفقيه 3 ، 139 - باب كيفية إنكاح الرجل عبده أمته ، ح 1 بزيادة في آخره وسند آخر.
5- التهذيب 7 نفس الباب، ح 47 وفي ذيله : الدراهم

3 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرّجل يزوَّج مملوكته عبده، أتقوم عليه كما كانت تقوم، فتراه منكشفاً، أو يراها على تلك الحال؟ فكره ذلك، وقال: قد منعني أبي أن أزوّج بعض خدمي غلامي لذلك(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي إسحاق الخفّاف، عن محمّد بن أبي زيد، عن أبي هارون المكفوف قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : أيسرُّك أن يكون لك قائد يا أبا هارون؟ قال : قلت : نعم، جُعِلت فداك، قال: فأعطاني ثلاثين ديناراً فقال : اشتر خادماً كسوميّاً(2)، فاشتراه، فلمّا أن حجَّ دخل عليه فقال له : كيف رأيت قائدك يا أبا هارون؟ فقال : خيراً، فأعطاه خمسة وعشرين ديناراً فقال له : اشتر جاريةُ شبانيّة(3)، فإنَّ أولادهنَّ قرّة، فاشتريت جارية شبانيّة فزوَّجتها منه، فأصبت ثلاث بنات، فأهديت واحدة منهنَّ إلى بعض ولد أبي عبد الله (علیه السّلام)، وأرجو أن يجعل ثوابي منها الجنّة، وبقيت بنتان، ما يسرُّني بهنَّ ألوف(4).

313- باب الرجل يزوّج عبده امته ث يشتهيها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : إذا زوَّج الرَّجل عبده أمته ثمَّ اشتهاها، قال له : اعتزلها، فإذا طمثت، وطأها، ثمَّ يردُّها عليه إذا شاء.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله عزَّ وجلَّ: «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»(5)؟ قال : هو أن يأمر الرّجل عبده وتحته أمته فيقول له : اعتزل امرأتك ولا تَقرَبها، ثمَّ يحبسها عنه حتّى تحيض، ثمَّ يمسكها، فإذا حاضت بعد مسّه إيّاها ردَّها عليه بغير نكاح(6).

ص: 488


1- التهذيب 8 ، 9 - باب السراري وملك الأيمان، ح 4 . الفقيه 3، 144 - باب النوادر، ح 30 بتفاوت هذا، وقد نص الأصحاب على حرمة نظر المولى إلى جاريته التي زوّجها إلى ما كان يحلّ له النظر إليه قبل التزويج
2- كسومياً: أي جَلِداً
3- الشباني والأشباني : الأحمر الوجه
4- الحديث ضعيف.
5- النساء / 24
6- التهذيب 7، 30 - باب العقود على الإماء وما ... ، ح 48

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن (1)، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن الرَّجل يزوّج جاريته من عبده، فيريد أن يفرّق بينهما، فيفرُّ العبد، كيف يصنع؟ قال : يقول لها : اعتزلي فقد فرَّقت بينكما، فاعتدّي، فتعتدّ خمسة وأربعين يوماً، ثمَّ يجامعها مولاها إن شاء، وإن لم يفرَّ، قال له مثل ذلك، قلت: فإن كان المملوك لم يجامعها؟ قال : يقول لها: اعتزلي فقد فرَّقت بينكما، ثمَّ يجامعها مولاها من ساعته إن شاء، ولا عدَّة عليها(2).

314- باب نكاح المرأة التي بعضها حر وبعضها رِقّ

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي بصير قال : سألته عن الرجلين تكون بينهما الأمة فيعتق أحدهما نصيبه، فتقول الأمة للّذي لم يعتق : لا أبغي فقوّمني وذرني كما أنا أخدمك، أرأيت إن أراد الّذي لم يعتق النصف الآخر أن يطأها، الَه ذلك؟ قال : لا ينبغي له أن يفعل [ذلك]، لأنّه لا يكون للمرأة فرجان، ولا ينبغي ل أن يستخدمها، ولكن يستسعيها، فإن أبت كان لها من نفسها يوم، وله يوم(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصّباح الكنانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن رجلين تكون بينهما الأمة، فيعتق أحدهما نصيبه، فتقول الأمة للّذي لم يعتق نصفه : لا أُريد أن تقوّمني، ذرني كما أنا أخدمك، وإنّه أراد أن يستنكح النصف الآخر؟ قال : لا ينبغي له أن يفعل لِأنّه لا يكون للمرأة فرجان، ولا ينبغي أن يستخدمها ولكن يقوّمها فيستسعيها(4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمّد بن [قيس] عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: سألته عن جارية بين رجلين دَبّراها جميعاً، ثمّ أحلّ أحدهما فرجها لشريكه؟ قال: هو له حلال، وأيّهما مات قبل صاحبه، فقد صار نصفها حرًّا من

ص: 489


1- في سند التهذيب : عن محمد بن أحمد بن الحسن
2- لتهذيب 7، نفس الباب، ح 49
3- لتهذيب 8، 9 باب السراري وملك الأيمان، ح22. بتفاوت وفيه زوجان ... ، بدل : فرجان ... وقوله (علیه السّلام) : لا يكون للمرأة فرجان : فيه إشارة إلى ما ذكره الأصحاب من عدم تبعّض البُضع . والحديث صحيح
4- فقيه 3 ، 48 - باب العتق وأحكامه . ح 6 بتفاوت يسير.

قِبَل الّذي مات ونصفُها مدبّراً، قلت : أرأيتَ إن أراد الباقي منهما أن يمسّها، أله ذلك؟ قال : لا، إلّان يبتَّ عنقها ويتزوّجها برضا منها مثل ما أراد قلت له : أليس قد صار نصفها حرًّا، قد ملکت نصف رقبتها والنصف الآخر للباقي منهما؟ قال: بلى، قلت: فإن هي جعلت مولاها في حلّ من فرجها وأحلّت له ذلك؟ قال : لا يجوز له ذلك، قلت: لم لا يجوز لها ذلك كما أجزت للّذي كان له نصفها حين أحلَّ فرجها لشريكه منها ؟ قال : إنَّ الحرة لا تهب فرجها، ولا تعيره، ولا تحلّله، ولكن لها من نفسها يوم، وللّذي دبّرها يوم، فإن أحبَّ أن يتزوَّجها متعة بشيء في اليوم الّذي تملك فيه نفسها فليتمتّع منها بشيء قلّ أو كثر(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن محمّد، عن ،زرعة عن سماعة قال : سألته عن رجلين بنهما أمة، فزوَّجاها(2)من رجل، ثمَّ إِنَّ الرَّجل اشترى بعض السهمين؟ فقال : حَرُمت عليه(3).

315- باب الرجل يشتري الجارية ولها زوج حر أو عبد

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ وأبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان عن الحسن بن زياد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل اشترى جارية يطؤها، فبلغه أنَّ لها زوجاً؟ قال : يطؤها، فإنَّ بيعها طلاقها، وذلك أنّهما لا يقدران على شيء من أمرهما إذا بِيعا.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعيّ بن عبد الله، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الأمة تباع ولها زوج ؟ فقال :

صفقتها طلاقها.

3 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بكير بن أعين، وبريد بن معاوية، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیه السّلام) قالا : من اشترى مملوكة لها زوجُ، فإنَّ بيعها طلاقها،

ص: 490


1- التهذيب 8، نفس الباب، ح 23. الفقيه 3 ، 141 - باب أحكام المماليك والإماء، ح 24 بتفاوت
2- في التهذيب: فزوجها ... وما في الفروع هو الصحيح
3- التهذيب 8 ، 9 - باب السراري وملك الأيمان ، ح 24 . الفقيه 3، 140 - باب تزويج الحرة نفسها من عبد بغير إذن مواليه و ... ، ح 1 بزيادة في آخره.

فإن شاء المشتري فرّق بينهما، وإن شاء تركهما على نكاحهما(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (علیه السّلام) قال: طلاق الأمة بيعها، أو بيع زوجها، وقال: في الرجل يزوّج أمته رجلاً حرًّا ثمَّ يبيعها، قال : هو فراق ما بينهما، إلّا أن يشاء المشتري أن يدعهما(2).

5 - محمّد بن يحيى؛ عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ النّاس يروون أنّ عليّاً (علیه السّلام) كتب إلى عامله بالمدائن أن يشتري له جارية، فاشتراها وبعث بها إليه، وكتب إليه أنَّ لها زوجاً ، فكتب إليه عليٌّ (علیه السّلام) أن يشتري بُضْعَها، فاشتراه؟ فقال : كذبوا علىِّ (علیه السّلام)، أعليُّ (علیه السّلام) يقول هذا؟! .

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن العبّاس بن معروف عن الحسن بن محمّد، عن زرعة، عن سماعة قال : سألته عن رجلين بينهما أمة، فزوَّجاها من رجل، ثمّ إنَّ رج اشترى بعض السهمين؟ قال: حرمت عليه بشرائه إيّاها، وذلك أنَّ بيعها طلاقها، إلّا أن يشتريها من جميعهم(3).

316- باب المرأة تكون زوجة العبد ثم ترثه أو تشتريه فيصير زوجها عبدها

1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السّلام) في سريّة رجل ولدت لسيّدها

ص: 491


1- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 6 . وذكره أيضاً برقم 12 من الباب 30 من الجزء 7 من التهذيب. الاستبصار 3، 129 - باب أن بيع الأمة طلافها، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 312/2 : «فإذا باع المالك الأمة كان ذلك كالطلاق والمشتري بالخيار بين إمضاء العقد وفسخه، وخياره على الفور، فإذا علم ولم يفسخ لزم العقد وكذا حكم العبد إذا كان تحته أمَةٌ».
2- التهذيب 7، 30 - باب العقود على الإماء وما ... ، ح 13 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 2 . الفقيه 3، 173 - باب طلاق العبد ، ح 10
3- التهذيب 8 ، 9 - باب السراري وملك الأيمان ، ح 5. الفقيه 3 ، 140 - باب تزويج الحرة نفسها من عبد بغير إذن مواليه و ... ، ح 1 بتفاوت. هذا وبمضمون الحديث قال المشهور يقول المحقق في الشرائع : إذا تزوج أمة بين شريكين ثم اشترى حصة عليه وطؤها، ولو أمضى الشريك الآخر العقد بعد الابتياع لم يصح ، وقيل : يجوز له أحدهما بطل العقد وحرم وطئها بذلك وهو ضعيف ...».

ثمّ اعتزل عنها فأنكحها عبده، ثمَّ توفّي سيّدها وأعتقها، فورث ولدها زوجها من أبيه، ثمَّ توفّي ولدها، فورثت زوجها من ولدها، فجاءا يختلفان يقول الرّجل: امرأتي ولا أُطلّقها، والمرأة تقول : عبدي ولا يجامعني، فقالت المرأة: يا أمير المؤمنين، إنَّ سيّدي تَسَرّاني فأولدني ولداً، ثمَّ اعتزلني فأنكحني من عبده هذا، فلمّا حضرت سيّدي الوفاة، أعتقني عند موته، وأنا زوجة هذا، وأنّه صار مملوكاً لوندي الّذي ولدته من سيّدي، وإنَّ ولدي مات فورثته، هل يصلح له أن يطاني؟ فقال لها : هل جامعك منذ صار عبدك وأنت طائعة؟ قالت : لا، يا أمير المؤمنين، قال: لو كنتِ فعلتِ لرجمتك؟ اذهبي فإنّه عبدك، لس له عليك سبيل، إن شئت أن تبيعي، وإن شئت أن ترقّي، وإن شئت أن تعتقي(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول في رجل زوَّج أمَّ ولد له مملوكة، ثمَّ مات الرَّجل، فورثه ابنه ، فصار له نصيب في زوج أمّه، ثمَّ مات الولد، أترثه أمّه؟ قال: نعم، قلت: فإذا ورثته ، كيف تصنع وهو زوجها؟ قال : تفارقه وليس له عليها سبيل، وهو عبدها(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سَيف بن عَمِيرة؛ ومحمّد بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : في امرأة لها زوج مملوكٌ، فمات مولاه فورثته؟ قال : ليس بينهما نكاح(3).

4 - أبو العبّاس محمّد بن جعفر، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان، عن سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن امرأة حرّة تكون تحت المملوك فتشتريه، هل يبطل نكاحه؟ قال: نعم، لأنّه عبدٌ مملوكٌ لا يقدر على شيء(4).

317- باب المرأة يكون لها زوج مملوك فترثه بعد ثم تعتقه وترضى به

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن

ص: 492


1- الفقيه 3، 173 - باب طلاق العبد، ح 16 بتفاوت . وقد حمل وعيد الرجم على التعزير لأنها ليست بذات بعل بعد انفساخ العقد بالملك.
2- التهذيب 8، 9 - باب السراري وملك الأيمان ، ح 28
3- التهذيب 8 نفس الباب ، ح 29 و 30 .
4- التهذيب 8 نفس الباب ، ح 29 و 30

عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في امرأة كان لها زوجُ مملوكٌ، فورثته، فأعتقته، هل يكونان على نكاحهما اوصول؟ قال: لا، ولكن يجدّدان نكاحا آخر(1).

2 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة؛ وغيره، عن أبَان بن عثمان، عن الفضل بن عبد الملك قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن امرأة ورثت زوجها فأعتقته، هل يكونان على نكاحهما الأوّل؟ قال: لا، ولكن يجدّدان نكاحاً(2).

318- باب الأمة تكون تحت المملوك فتُعتَق أو يُعتَقان جميعاً

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن أمة كانت تحت عبد، فأعتقت الأمة؟ قال: أمرها بيدها، إن شاءت تركت نفسها مع زوجها، وإن شاءت نزعت نفسها منه، وذكر أنَّ بُرَيرَةَ كانت عند زوج لها وهي مملوكة، فاشترتها عائشة فأعتقتها، فخيّرها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وقال : إن شاءت أن نفرَّ عند زوجها، وإن شاءت فارقته، وكان مواليها الّذين باعوها اشترطوا على عائشة أنَّ لهم ولاءها، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : الولاء لمن أعتق، وتصدَّق على بُرَيرَة بلحم، فاهدته إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ، فعلّقته عائشة وقالت : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : لا يأكل لحم الصدقة، فجاء رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) واللّحم معلّق، فقال: ما شأن هذا اللحم لم يُطبَخ؟ فقال : يا رسول الله، صُدّق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة، فقال : هو لها صدقة ولنا هديّة، ثمَّ أمر بطبخه، فجاء فيها ثلاث من السّنن(3).

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إِنَّ بُرَيْرَةَ كان لها زوج، فلمّا أعتقت خُيّرت.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إذا أعتقت مملوكَيكَ رجلًا وامرأته فليس بينهما نكاح، وقال : إن أحببت أن يكون زوجها كان ذلك بصداق ؛ قال : وسألته عن الرَّجل يُنْكِحُ عبدَه أمَنه ثمَّ

ص: 493


1- الفقيه 3، 144 - باب النوادر ، ح 37
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح .31 والحديث موثق كسابقه، وعليهما نوى الأصحاب
3- التهذيب 7، 30 - باب العقود على الإماء و ...، ح 27

أعتقها، تُخَيّر فيه أم لا؟ قال: نعم، تُخَيّر فيه إذا أُعتقتا(1).

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : في بُرَيْرَةَ ثلاث من السنن حين أعتقت في التّخيير، وفي الصدّقة، وفي الولاء.

5 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : ذكر أنَّ بريرة مولاة عائشة كان لها زوجٌ عبدٌ، فلمّا أعتقت ، قال لها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «اختاري، إن شئت أقمتِ مع زوجك، وإن شئت فلا»(2).

6 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن ربعيّ بن عبد الله، عن بريد بن معاوية، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان زوج بُرَيْرَةَ عبداً(3).

319- باب المملوك تحته الحرة فَيُعْتَقُ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في العبد يتزوَّج الحرَّة، ثمَّ يُعتق فيصيب فاحشة؟ قال: فقال : لا يرجم حتّى يواقع الحرَّة بعدما يُعتق، قلت : فللحرّة عليه الخيار إذا أٌعتق؟ قال: لا، قد رضيت به وهو مملوك، فهو على نكاحه الأوَّل(4).

320- باب الرجل يشتري الجارية الحامل فيطؤها فتلد عنده

1 - محمّد بن يحيى - بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن رجل اشترى جارية حاملا وقد استبان

ص: 494


1- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 35 . بتفاوت يسير يقول المحقق في الشرائع 311/2 : فإن اعتقت المملوكة كان لها فسخ نكاحها سواء كانت تحت حر أو عبد، ومن الأصحاب من فرّق وهو أشبه ، والخيار فيه على الفور. ولو أعتق العبد لم يكن له خيار ولا لمولاه ولا لزوجته حرة كانت أو أمة لأنها رضيته عبداً . ولو زوّج عبده أمته ثم أعتق الأمة أو أعتقهما كان لها الخيار، وكذا لو كانا لمالكين فأعتقا دفعةً»
2- التهذيب 7 ، 30 - باب العقود على الإماء و ... ، ح 28 و 29 بتفاوت يسير جداً
3- التهذيب 7 ، 30 - باب العقود على الإماء و ... ، ح 28 و 29 بتفاوت يسير جداً
4- التهذيب 8، 9 - باب السراري وملك الأيمان ح 32 . والحديث صحيح، وعليه فتوى الأصحاب

حملها فوطأها؟، قال : بئس ما صنع قلت فما تقول فيه؟ قال: أعَزَلَ عنها أم لا؟ قلت: أجبني في الوجهين، قال : إن كان عزل عنها فليتّق الله ولا يعود وإن كان لم يعزل عنها ، فلا ذلك الولد ولا يورثه ولكن يعتقه ويجعل له شيئاً من ماله يعيش به، فإنّه قد غذَّاه يبيع بنطفته(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) دخل على رجل من الأنصار، وإذا وليدة عظيمة البطن تختلف(2)، فسأل عنها، فقال : اشتريتها يا رسول الله وبها هذا الحبل، قال : أقَربتها؟ قال: نعم قال : أَعْتِق ما في بطنها، قال: يا رسول الله، وبما استحقُ العتق؟ قال : لأنَّ نطفتك غدَّت سمعه وبصره ولحمه ودمه(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : من جامع أمة حبلى من غيره فعليه أن يعتق ولدها، ولا يسترقَّ، لأنّه شارك فيه الماء تمام الولد(4).

321- باب الرجل يقع على جاريته فيقع عليها غيره في ذلك الطهر فتحبل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إن رجلا من الأنصار أتى

ص: 495


1- الفقيه 3 ، 137 - باب الرجل يشتري الجارية وهي حبلى فيجامعها ، ح 1 بتفاوت، وأخرجه عن ابن أبي عمير عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام)، وقد اختلفت كلمات فقهائنا في مسألة وطي الأمة الحامل من قبل من اشتراها على أقوال منها تحريم وطيها، ومنها تحريمه قبل مضي أربعة أشهر وعشرة أيام عليه ، وكراهته بعد مضيها. يقول المحقق في الشرائع 59/2: «لا يجوز وطء الحامل قبل أن يمضي لها أربعة أشهر وعشرة أيام، ويكره بعده، ولو وطأها عزل عنها استحباباً، ولو لم يعزل كره له بيع ولدها ، ويستحب له أن يعزل له من ميراثه قسطاً، وهذا هو الأصح عند الشهيد الثاني كما نص عليه في المسالك . وغيّا الشهيد الأول في اللمعة حرمة الوطء ووجوب الاستبراء بوضع الحمل، ولكنه في الدروس استثنى من حرمة الوطء ما لو كان الحمل من زنا فلا حرمة له . كما نص بعض فقهاؤنا على أنه لا يحرم في مدة الاستبراء غير الوطي قبلاً ودبراً على الأقوى وإن كان نقل عن الشيخ تحريم جميع الاستمتاعات.
2- أي تتردد عليه جائية وذاهبة
3- التهذيب 8 9 - باب السراري وملك الأيمان ح 49
4- التهذيب 8، نفس الباب ح 50 بتفاوت في الذبا.

أبي (علیه السّلام) فقال : إنّي ابتليتُ بأمر عظيم، إنَّ لي جارية كنت أطؤها، فَوَطَأْتُها يوماً وخرجت في حاجة لي بعدما اغتسلت منها، ونسيت نفقة لي، فرجعت إلى المنزل لأخذها، فوجدت غلامي على بطنها، فعدَدْتُ لها من يومي ذلك تسعة أشهر، فولدت جارية؟ قال : فقال له أبي (علیه السّلام) : لا ينبغي لك أن تَقْرَبَها، ولا أن تبيعها، ولكن أنفق عليها من مالك ما دمت حيّاً، ثمَّ أوْصِ عند موتك أن ينفق عليها من مالك حتّى يجعل الله لها مخرجاً(1).

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال عن محمّد بن عجلان قال : إنَّ رجلاً من الأنصار أتى أبا جعفر (علیه السّلام) فقال له : إنّي قد ابتُليت بأمر عظيم، إنّي وقعت على جاريتي، ثمَّ خرجت في بعض حوائجي فانصرفت من الطّريق، فأصبت غلامي بين رِجْلَي الجارية، فاعتزلتها فحبلت، ثمَّ وضعت جارية لعدَّة تسعة أشهر؟ فقال له أبو جعفر (علیه السّلام) : احبس الجارية لا تبعها، وأنفق عليها حتّى تموت، أو يجعل الله لها مخرجاً، فإن حدث بك حدثٌ فأوصِ بأن ينفق عليها من مالك حتّى يجعل الله لها مخرجاً(2). وقال: إذا خرجت من بيتك فقل : «بسم الله على ديني ونفسي وولدي وأهلي ومالي ثلاث مرَّات ثمَّ قل: «اللّهمَّ بارك لنا في قَدَرك، ورضّنا بقضائك، حتّى لا نحبَّ تعجيل ما أخّرت ولا تأخير ما عجّلت».

322- باب الرجل يكون له الجارية يطؤها فتحبل فيتّهِمها

1 - أبو عليُّ الأشعريٌّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن سعيد بن يسار قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن الجارية تكون للرَّجل يطيف بها، وهي تخرج فتعلق؟ قال : يتهمها الرَّجل، أو يتّهمها أهله؟ قلت: أمّا ظاهرة (3)فلا، قال : إذاً لزمه الولد(4).

ص: 496


1- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 52 . الاستبصار 3، 214 - باب الرجل تكون له الجارية يطؤها ويطؤها غيره سفاحاً و ... ح 2 . الفقيه 3، 160 - باب ميراث الولد المشكوك فيه ، ح 1 وفي ذيله : حتى يجعل الله لك ولها مخرجاً . وكرره برقم 29 من الباب 33 من الجزء 9 من التهذيب. وسوف يكرره الشيخ الكليني أيضاً في الجزء 5 من الفروع . قال المحقق في الشرائع 342/2: ولو وطأ أمته ووطأها آخر فجوراً ألحق الولد بالمولى ، ولو حصل مع ولادته إمارة يغلب بها الظن أنه ليس منه قيل : لم يجز له إلحاقه به ولا نفيه بل ينبغي أن يوصي له بشيء ولا يورثه ميراث الأولاد، وفيه تردد.
2- إلى هنا في التهذيب 8 نفس الباب، ح53 ، الاستبصار ، نفس الباب، ح 3
3- أي تهمة ظاهرة
4- لتهذب 8، 7 - باب لحوق الأولاد بالآباء و ...، ح 57. الاستبصار 3 ، 214 - باب الرجل تكون له الجارية يطؤها ويطؤها غيره سفاحاً و...، ح 6 بتفاوت يسير فيهما . قوله : يطيف بها: أي يقاربها ويواقعها. قوله : فتعلق : أي فتحيل.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن سليم مولى طربال، عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في رجل كان يطأ جارية له، وأنّه كان يبعثها في حوائجه، وأنّها حبلت، وأنّه بلغه عنها فساد؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إذا ولدت، أمسك الولد فلا يبيعه، ويجعل له نصيباً في داره قال : فقيل له : رجل يطأ جارية له، وأنّه لم يكن يبعثها في حوائجه، وأنّه اتّهمها وحبلت؟ فقال : إذا هي ولدت ، أمسك الولد ولا يبيعه ويجعل له نصيباً من داره وماله وليس هذه مثل تلك(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن آدم بن إسحاق، عن رجل من أصحابنا، عن عبد الحميد بن إسماعيل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل كانت له جارية يطؤها وهي تخرج في حوائجه، فحبلت، فخشي أن لا يكون منه، كيف يصنع، أيبيع الجارية والولد؟ قال: یبیع الجاریة، ولا یبیع الولد، ولا يورَّثه من ميراثه شيئاً(2).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل وقع على جارية له تذهب وتجيىء، وقد عزل عنها ، ولم يكن منه إليها شيء، ما تقول في الولد؟ قال : أرى أن لا يباع هذا يا سعيد، قال : وسألت أبا الحسن (عليه السلام) فقال : أيتّهمها؟ فقلت: أمّا تهمة ظاهرة فلا، قال: فيتّهمها أهلك؟ فقلت: أمّا شيء ظاهر فلا، قال: فكيف تستطيع أن لا يلزمك الولد(3).

323- باب نادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : أتى رجل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال : يا رسول الله، إنّي خرجت وامرأتي حائض، فرجعت وهي حبلى؟ فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : من تتّهم؟ قال : أتّهم رجلين، قال: ائت بهما، فجاء بهما، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إن يك ابن هذا فيخرج قِطَطاً كذا وكذا، فخرج

ص: 497


1- التهذيب 7، نفس الباب ح 59 وكرره برقم 30 من الباب 33 من الجزء 9 من التهذيب . الفقيه 4، 160 - باب ميراث الولد المشكوك فيه ، ح 3 بتفاوت يسير الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح 5 . هذا وسوف يكرر الكليني هذا الحديث في الفروع 5 المواريث باب قبل باب الحميل) ، ح 1
2- التهذيب 8، نفس الباب، ح54 . الاستبصار 3 ، نفس الباب، ح.4 الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 2 بتفاوت
3- التهذيب 8، نفس الباب، ح58 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 7.

كما قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فجعل معقلته على قوم أمهّ وميراثه لهم؛ ولو أنَّ إنساناً قال له : يا ابن الزانية، يجلد الحدُّ(1).

324- باب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار وغيره، عن يونس في المرأة يغيب عنها زوجها فتجيء بولد، إنّه لا يلحق الولد بالرَّجل، ولا تصدَّق أنّه قدم فأحبلها، إذا كانت غيبته معروفة .

325- باب الجارية يقع عليها غير واحد في طهر واحد

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا وقع الحرُّ والعبد والمشرك بامرأة في طهر واحد، فادَّعوا الولد أقرع بينهم، فكان الولد للّذي يخرج سهمه(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : بعث رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عليّاً (علیه السّلام) إلى اليمن، فقال له حين قَدِمَ : حدّثني بأعجب ما ورد عليك، قال : يا رسول الله ، أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطئوها جميعاً في طهر واحد فولدت غلاماً، واحتجوا فيه كلّهم يدَّعيه، فأسهمت بينهم وجعلته للّذي خرج سهمه، وضمّنته نصيبهم، فقال النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إنّه ليس من قوم تنازعوا ثمَّ فوَّضوا أمرهم إلى الله عزَّ وجلَّ، إلّا خرج سهم المُحِقِّ(3).

ص: 498


1- التهذيب 8 ، 7 - باب لحوق الأولاد بالآباء و . . . ، ح 60 بتفاوت قليل . والقطط: الشديد الجعودة.
2- التهذيب 6 ، 90 - باب في البينتين تتقابلان أو يترجح .... ح 26 بتفاوت في الذيل
3- التهذيب 6 ، 90 - باب في البينتين تتقابلان أو ...، ح 16 . الاستبصار 3 ، 215 - باب القوم يتبايعون الجارية فوطوؤها في طهر واحد ... ، ح 6 . الفقيه 3 ، 38 - باب الحكم بالقرعة ، ح، هذا ويقول المحقق في الشرائع 342/2: «ولو وطأ الأمة المولى وأجنبي، حكم بالولد للمولى ، ولو انتقلت إلى موال بعد وطء كل واحد منهم لها، حكم بالولد لمن هي عنده إن جاءت به لستة أشهر فصاعداً منذ يوم وطأها، وإلا كان للذي قبله إن كان لوطئه ستة أشهر فصاعدا ، وإلا كان للذي قبله ، وهكذا الحكم في كل واحد منهم ، ولو وطأها المشتركون فيها في طهر واحد فولدت فتداعوه أقرع بينهم فمن خرج اسمه الحق به، واغرم حصص الباقين من قيمة أمه وقيمته يوم سقط حياً، وإن ادعاه واحد الحق به ولزم حصص الباقين من قيمة الأم والولد ...» ولا بد من التنبيه على أن وطأهم لها على هذه الكيفية - أي في طهر واحد - هو عمل محرّم.

326- باب الرجل يكون له الجارية يطؤها فيبيعها ثم تلد لأقلّ من ستة أشهر والرجل يبيع الجارية من غير أن يستبرئها فيظهر بها حبل بعدما مسّها الآخر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا كان للرَّجل منكم الجارية بطؤها، فيعتقها، فاعتدَّت ونكحت، فإن وضعت لخمسة أشهر فإنّه من مولاها الّذي أعتقها، وإن وضعت بعدما تزوَّجت لستة أشهر، فإنّه لزوجها الأخير(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان ، عن الحسن الصيقل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : - وسئل عن رجل اشترى جارية ثمَّ وقع عليها قبل أن يستبرىء رحمها - قال : بئس ما صنع ، يستغفر الله ولا يعود، قلت: فإنّه باعها من آخر ولم يستبرىء رحمها، ثمَّ باعها الثاني من رجل آخر فوقع عليها ولم يستبرىء رحمها، فاستبان حملها عند الثالث؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : الولد للفراش وللعاهر الحجر(2).

3 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة، جميعاً عن صفوان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن رجلين وقعا على جارية في طهر واحد؛ لمن يكون الولد؟ قال : للّذي عنده، لقول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : الولد للفراش وللعاهر الحجر(3).

327- باب الولد إذا كان أحد أبَوَيه مملوكاً والآخرُ حراً

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة؛

ص: 499


1- التهذيب 8، 7 - باب لحوق الأولاد بالآباء و ... ، ح 10 بتفاوت يسير.
2- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 11 الاستبصار 3، نفس الباب، ح 1 . الفقيه 3، 141 - باب أحكام المماليك والإماء ، ح 2 والعاهر الفاجر قوله : وللعاهر الحجر: كناية عن خيبته، وذلته ،وخسرانه كما يقال : له التراب والمراد بالفراش هنا فراش المشتري الذي عنده الجارية، ومن هنا يكون الولد له ، كما نص عليه في الخبر الثاني
3- التهذيب 8، 7 - باب لحوق الأولاد بالآباء و ... ، ح 13 . الاستبصار 3، 215 - باب القوم يتبايعون الجارية فوطؤوها في ... ، ح 3.

والحكم بن مسكين، عن جميل؛ وابن بكير في الولد من الحرّ والمملوكة؟ قال : يذهب إلى الحرّ منهما(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل، عن أبي الفضل المكفوف صاحب العربيّة، عن أبي جعفر الأحول الطاقيّ، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه سئل عن المملوك يتزوَّج الحرَّة، ما حال الولد؟ فقال: حرٌّ، فقلت : والحرًّ يتزوّج المملوكة؟ قال : يلحق الولد بالحرّيّة حيث كانت ، إن كانت الأمُّ حرَّة أُعتق بأمّه، وإن كان الأب حرَّاً أعتق بأبيه .

3 - أحمد بن محمّد العاصميّ، عن عليّ بن الحسن التيميّ(2)، عن عليّ بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، عن جميل بن درَّاج قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إذا تزوّج العبد الحرّة فولده أحرار، وإذا تزوّج الحرُّ الأمة فولده أحرار(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم؛ وأحمد بن محمّد بن ابی نصر، عن الحكم بن مسكين، عن جميل بن درَّاج قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الحرّ يتزوَّج الأمة، أو عبد يتزوَّج حرَّة قال : فقال لي : ليس يُسْتَرَقُ الولد إذا كان أحد أبويه حرًّا، إنّه يلحق بالحرّ منهما أيّهما كان أباً كان أو أمّاً.

5 - سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط؛ ومحمّد بن الحسين، جميعاً عن الحكم بن مسكين، عن جميل بن درَّاج قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إذا تزوَّج العبد الحرَّة فولده أحرار، وإذا تزوَّج الحرُّ الأمة فولده أحرار.

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي

ص: 500


1- التهذيب 7، 30 - باب العقود على الإماء وما يحلّ من ... ، ح .5 الاستبصار 3. 127 - باب أن الولد لاحق . بالحر من الأبوين أيهما كان ، ح 1.
2- في سند التهذيب : السلمي، وفي سند الاستبصار التيمليّ.
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح6. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 2 . هذا والمشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم أن الولد يتبع الحر من أبويه سواء كان هو الأب أو الأم . وذلك للنصوص الدالة عليه مؤيدة بأصالة الحرية وبنائها على التغليب إلا في بعض الصور، يقول المحقق في الشرائع 309/2 : «ولو كان أحد الزوجين حراً لحق الولد به سواء كان الحر هو الأب أو الأم إلا أن يشترط المولى رق الولد، فإن شرط لزم الشرط على قول مشهور، وقال: «إذا تزوج الحرأمة من غير إذن المالك ثم وطأها قبل الرضا عالماً بالتحريم كان زانياً وعليه الحد ... ولو أتت بولد كان رقاً لمولاها ولو كان الزوج جاهلاً أو كان هناك شبهة فلا حد . . . وكان الولد حراً لكن يلزمه قيمته يوم سقط حياً لمولى الأمة ...» وقال : «إذا تزوج العبد حرّةً مع العلم بعدم الإذن ... وكان أولادها منه رقاً، ولو كانت جاهلة كانوا أحراراً ولا يجب عليها قيمتهم ...»

عبد الله (علیه السّلام) قال في العبد تكون تحته الحرَّة، قال: ولده أحرار، فإن أُعتق المملوك لحق بأبيه(1).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الرّجل الحرّ يتزوَّج بأمة قوم، الولدُ مماليك أو أحرار؟ قال : إذا كان أحد أبويه حرًا فالولد أحرار(2).

عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير مثله(3).

328- باب المرأة يكون لها العبد فينكحها

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السّلام) في امرأة أمكنت نفسها من عبدٍ لها، فنكحها، أن تُضْرَبَ مائة، وَيُضْرَبَ العبد خمسين جلدة، ويباع بصِغَر منها . قال : ويحرم على كلّ مسلم أن يبيعها عبداً مُدْرِكاً بعد ذلك(4).

2 - محمّد بن جعفر أبو العبّاس، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان، عن سعيد بن يسار قال : سألته عن المرأة الحرَّة تكون تحت المملوك فتشتريه هل يبطل ذلك نكاحه؟ قال : نعم، لأنّه عبدٌ مملوكٌ لا يقدر على شيء(5).

329- باب أن النساء أشباه

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن

ص: 501


1- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ح 144، الاستبصار 4 ، 12 - باب جرّ الولاء ح 2 . واللحوق بالأب إنما هو في الولاء.
2- التهذيب 7 ، 30 - باب العقود على الإماء وما ...، ح 7 . الاستبصار 3، 127 - باب أن الولد لاحق بالحر من الأبوين أيهما ... ، ح 3 . الفقيه 3 ، 141 - باب أحكام المماليك والإماء ، ح 25 بتفاوت. وهذا السند حسن .
3- هذا السند ضعيف على المشهور
4- التهذيب 8، 9 باب السراري وملك الأيمان ، ح 33 . الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 17 بتفاوت ونقيصة. وإنما يضرب العبد خمسين لأن حده نصف حد الحرّ، ومعنى قوله : بصغر منها : أي بذلة منها. وقد قال المجلسي في مرآته إن هذا الحديث مجهول.
5- مر بنفس السند والمتن ولكن عن أبي عبد الله (علیه السلام) برقم 4 من الباب 316 من هذا الجزء فراجع.

عثمان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: رأى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) امرأة فأعجبته، فدخل على أمّ سلمة - وكان يومها - فأصاب منها وخرج إلى النّاس ورأسه يقطر : فقال(1): أيّها النّاس إنّما النظر من الشيطان فمن وجد من ذلك شيئاً فليأت أهله.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن مسمع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إذا نظر أحدكم إلى المرأة الحسناء فليأت أهله فإنَّ الذي معها مثل الذي مع تلك فقام رجل فقال : يا رسول الله، فإن لم يكن له أهلُ، فما يصنع؟ قال : فليرفع نظره إلى السماء، وليراقبه، وليسأله من فضله(2).

330- باب كراهية الرهبانية وترك الباه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: جاءت امرأة عثمان بن مظعون إلى النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقالت : يا رسول الله، إنَّ عثمان يصوم النّهار ويقوم اللّيل، فخرج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) مغضباً يحمل نعليه حتّى جاء إلى عثمان فوجده يصلّي، فانصرف عثمان حين رأى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال له : يا عثمان، لم يرسلني الله تعالى بالرُّهبانيّة، ولكن بعثني بالحنيفيّة السّهلة السّمحة، أصوم وأصلي وألمس(3)أهلي، فمن أحبَّ فطرتي فليستَنَّ بسنتي، ومن سنّتي النكاح.

2 - جعفر بن محمّد، عن عبد الله بن القدّاح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لرجل : أصبحت صائماً؟ قال : لا، قال : فأطعمت مسكيناً؟ قال : لا، قال : فارجع إلى أهلك فإنّه منك عليهم صدقة(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ وأبو علي الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن

ص: 502


1- من هنا رواه مرسلاً عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) برقم 7 من الباب 2 من الجزء 4 من الفقيه . وفيه : ... النظرة ... بدل : ... النظر ... والحديث ضعيف على المشهور. ونظره (صلی الله علیه و آله و سلّم) هنا إما كان اتفاقاً، أو غير اختياري له (صلی الله علیه و آله و سلّم) أو كان إلى وجهها وهو غير محرم، وإعجابه (صلی الله علیه و آله و سلّم) بها لا ينافي عصمته (صلی الله علیه و آله و سلّم) لأنه أمر غير اختياري فلا يتعلق به التكليف.
2- الحديث ضعيف على المشهور والضمير في : فليراقبه وفى وليسأله يرجع إليه سبحانه. ومراقبته سبحانه بتذكر وعيده وشدة عذابة
3- المراد باللمس - هنا - الجماع
4- الحديث ضعيف

صفوان، عن إسحاق بن عمار قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يكون معه أهله في السفر لا يجد الماء، أيأتي أهله؟ قال : ما أحبُّ أن يفعل إلّا أن يخاف على نفسه، قال: قلت: طلب بذلك اللّذة أو يكون شَبَقاً إلى النساء؟ قال : إِنَّ الشَّبِقَ يخاف على نفسه، قلت: يطلب بذلك اللّذة؟ قال: هو حلال، قلت: فإنّه يروى عن النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) أنَّ أبا ذرَّ رحمه الله سأله فقال : انت أهلك تُؤجر، فقال : يا رسول الله : آتيهم وأؤجر؟ فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : كما أنّك إذا أتيت الحرام أزِرْتَ، فكذلك إذا أتيت الحلال أجِرْتَ، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : ألا ترى أنّه إذا خاف على نفسه فأتى الحلال أجِر.

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن إسحاق بن إبراهيم الجعفيّ قال سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) دخل بيت أمّ سلمة، فشمَّ ريحاً طيّبة، فقال : أتتكم الحولاء(1)؟ فقالت: هو ذا، هي تشكو زوجها، فخرجت عليه الحولاء، فقالت بأبي أنت وأمّي، إنَّ زوجي عنّي مُعْرِضُ، فقال: زیدیه یا حولاء، قالت: ما أترك شيئاً طيباً مما أتطيّب له به وهو عنّي معرض، فقال : أما لو يدري ما له بإقباله عليك، قالت : وما له بإقباله عليّ؟ فقال : أما إنّه إذا أقبل اكتنفه ملكان، فكان كالشاهر سيفه في سبيل الله، فإذا هو جامع، تحاتَّ عنه الذنوب كما يتحاتٌّ ورق الشجر، فإذا هو اغتسل، انسلخ من اغتسل، انسلخ من الذُّنوب(2).

5 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أبي داود المسترقّ، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ ثلاث نسوة أتين رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فقالت إحداهنَّ : إِنَّ زوجي لا يأكل اللّحم، وقالت الأخرى : إنَّ زوجي لا يشمُّ الطّيب، وقالت الأخرى: إِنَّ زوجي لا يقرب النساء، فخرج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يجرُّ رداءه حتّى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال : ما بل أقوام من أصحابي لا يأكلون اللّحم ولا يشمّون الطيب ولا يأتون النساء، أما إنّي آكل اللّحم وأشُّم الطيب وآتي النساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي(3).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن مسمع أبي سيّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من أحبَّ أن يكون على فطرتي فليستنَّ بسنّتي، وإنَّ من سنّتي النكاح»(4).

ص: 503


1- الحولاء : لقب زينب العطّارة.
2- الحديث ضعيف
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف على المشهور.

331- باب نوادر

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن الحكم بن مسكين، عن عُبيد بن زرارة قال : كان لنا جار شيخُ له جارية فارهة، قد أُعطى بها ثلاثين ألف درهم، فكان لا يبلغ منها ما يريد(1)، وكانت تقول: اجعل يدك كذا بين شُفْريَّ (2)فإنّي أجد لذلك لذَّة، وكان يكره أن يفعل ذلك : فقال لزرارة : اسأل أبا عبد الله (علیه السّلام) عن هذا، فسأله، فقال : لا بأس أن يستعين بكلّ شيء من جسده عليها، ولكن لا يستعين بغير جسده عليها(3).

2 - عدَّةٌ م من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إذا جامع أحدكم فلا يأتيهنَّ كما يأتي الطير، ليمكث وليلبث. قال بعضهم : وليتلبّث(4).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن إبراهيم بن أبي بكر النّحاس(5)، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن (علیه السّلام) في الرّجل يجامع فيقع عنه ثوبه؟ قال : لا بأس(6).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إسماعيل بن همّام، عن عليّ بن جعفر قال: سألت أبا الحسن (علیه السّلام) عن الرَّجل يقبل قُبُلَ المرأة؟ قال : لا بأس(7).

5 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابیه، عن أحمد بن النضر، عن محمّد بن مسكين الحنّاط، عن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) : أينظر الرَّجل إلى فَرْج امرأته وهو يجامعها؟ فقال : لا بأس(8).

ص: 504


1- أي لا يقدر على مجامعتها ربما لكبر سنه
2- الشفر: طرف الفرج
3- الحديث ضعيف وما تضمنه من حكم مطابق لفتوى الأصحاب
4- التهذيب 7، 36 - باب السنة في عقود النكاح وزفاف النساء و ... ، ح 20
5- في التهذيب 7: ... النحاس.
6- التهذيب 7 نفس الباب، ح 21.
7- التهذيب 7 نفس الباب، ح 22.
8- التهذيب 7، نفس الباب ح 23 . وفيه في فرج

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل ينظر إلى امرأته وهي عريانة؟ قال : لا بأس بذلك؛ وهل اللّذّة إلّا ذلك(1).

7 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : اتّقوا الكلام عند ملتقى الختانين، فإنّه يورث الخرس(2).

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محسن بن أحمد، عن أبان، عن مسمع بن عبد الملك قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا يجامع المختضب، قلت: جُعِلْتُ فِداك، لم لا يجامع المختضب؟ قال : لأنّه محتصر(3).

332- باب الأوقات التي يُكْرَه فيها الباه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن سالم، عن أبيه، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قلت له : هل يُكره الجماع في وقت من الأوقات وإن كان حلالاً؟ قال: نعم، ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق، وفي اليوم الّذي تنكسف فيه الشمس، وفي اللّيلة الّتي ينخسف فيها القمر، وفي اللّيلة وفي اليوم اللّذين يكون فيهما الرّيح السوداء والرّيح الحمراء والرّيح الصفراء، واليوم واللّيلة اللّذين يكون فيهما الزّلزلة، ولقد بات رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عند بعض أزواجه في ليلة انكسف فيها القمر، فلم يكن منه(4)في تلك اللّيلة ما كان يكون منه في غيرها حتّى أصبح، فقالت له : يا رسول الله، الِبغض كان منك في هذه اللّيلة؟ قال : لا ، ولكن هذه الآية ظهرت في هذه اللّيلة فكرهت أن أتلذّذ وألهو فيها، وقد عيّر الله أقواماً فقال عزّ وجلَّ فى كتابه(5): ««وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ» ثمَّ قال أبو جعفر (علیه السّلام): وأيمَ الله،

ص: 505


1- التهذيب 7، نفس الباب، ح24 . وفيه : إلا ذاك، بدل : إلا ذلك .
2- التهذيب 7، 36 - باب السنة في عقود النكاح وزفاف النساء و... ح 25 و فیه التقاء .
3- التهذيب 7، نفس الباب، ح 26.قوله (علیه السّلام) : لأنه محتصر ، لعل المعنى أنه ممنوع عن الغسل، أو عن الالتذاذ بالقبلة ونحوها التي هي من مقدمات الجماع. قيل : ويحتمل إعجام الضاد بمعنى حضور الملائكة والجنّ» مرآة العقول للمجلسي 307/20 .
4- أي من الوطي والمواقعة
5- الطور 44 وكِسَفاً: قطعاً.

لا يجامع أحد في هذه الأوقات الّتي نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عنها وقد انتهى إليه الخبر، فيرزق ولداً، فيرى في ولده ذلك ما يحبُّ(1).

2 - عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بكر بن صالح، عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، عن أبي الحسن (علیه السّلام) قال : من أتى أهله في محاق الشهر، فليسلّم لسقط الولد(2).

3 - عنه، عن أبيه، عمّن ذكره، عن أبي الحسن موسى (علیه السّلام)، عن أبيه، عن جدّه (علیه السّلام) قال : إنَّ فيما أوصى به رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) عليّاً (علیه السّلام) قال : يا عليّ، لا تجامع أهلك في أوَّل ليلة من ،الهلال، ولا في ليلة النصف، ولا في آخر ليلة فإنّه يتخوّف على ولد من يفعل ذلك الخَبَل . فقال علي (علیه السّلام) : ولِمَ ذاك يا رسول الله؟ فقال : إنَّ الجنَّ يُكثرون غشيان نسائهم في أوَّل ليلة من الهلال، وليلة النصف، وفي آخر ليلة، أما رأيت المجنون يصرع في أوَّل الشهر وفي آخره وفي وسطه(3).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن صفوان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : يكره للرَّجل إذا قدم من السفر أن يطرق أهله ليلاً حتّی يصبح(4).

5 - سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن عن مسمع أبي سيّار، عن أبي عبدالله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : أكره لأمّتي أن يغشى الرَّجل أهله في النّصف من الشهر، أو في غرَّة الهلال، فإنَّ مردة الشياطين والجنّ تغشى بني آدم، فيجنّنون ويخبلون، أما رأيتم المصاب يصرع في النصف من الشهر وعند غرَّة الهلال(5).

ص: 506


1- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 14 بتفاوت وأخرجه عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب عن عمرو بن عثمان عن أبي جعفر قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) .
2- التهذيب 7، نفس الباب وهو 36 - باب السنة في عقود النكاح و . ح 15 وفيه بسقط ...
3- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 16 . بتفاوت في الترتيب في الذيل . وروي ذيله في الفقيه 3 ، 121 - باب الأوقات التي يكره فيها الجماع ، ح 3 عن الصادق (علیه السّلام) مرسلا. والحديث هنا مرسل أيضاً. قوله (علیه السّلام) : إن الجن يكثرون ... أقول : يخطر بالبال أنه إشارة إلى ما يقال إنه يحصل للإنسان الربي من الجنّ وهو الذي اتفق ولادته في زمان ولادة ذلك الشخص، فإذا صادف زمان وطيء الإنسان زمان وطيهم تتوافق ولادتهما أيضاً فيكون ولد الجن رئياً له ويورث خبله مرآة المجلسي 308/20.
4- التهذيب 7 نفس الباب، ح 17 . وروي بمعناه برقم 1 من الباب 106 من الجزء الثاني من الفقيه. والحديث ضعيف على المشهور.
5- الحديث ضعيف على المشهور. والخَبَل : الجنون

333- باب كراهية أن يواقع الرجل اهله وفي البيت صبيّ

1 - عليُ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن إسحاق بن إبراهيم، عن ابن راشد، عن أبيه قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا يجامع الرَّجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبيٌّ، فإنّ ذلك ممّا يورث الزّنا(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن الحسين بن زيد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : والّذي نفسي بيده، لو أنَّ رجلاً غشي امرأته وفي البيت صبيٌّ مستيقظ يراهما مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما، ما أفلح أبداً، إذا كان غلاماً كان زانياً، أو جارية كانت زانية ؛ وكان عليُّ بن الحسين (علیه السّلام) إذا أراد أن يغشى أهله، أغلق الباب وأرخى الستور، وأخرج الخدم.

334- باب القول عند دخول الرجل باَهله

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي بصير قال: سمعت رجلاً وهو يقول لأبي جعفر (علیه السّلام) : جُعِلْتُ فِداك، إنّي رجلٌ قد أستنت، وقد تزوّجت امرأة بكراً صغيرة ولم أدخل بها، وأنا أخاف أنّها إذا دخلت عليَّ تراني أن تكرهني لخضابي وكِبَري؟ فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : إذا دخلت فمُرْها قبل أن تصل إليك أن تكون متوضّئة، ثمَّ أنت لا تَصِل إليها حتّى تَوَضّأ، وصلّ ركعتين، ثمَّ مجّد الله، وصلّ على محمّد وآل محمّد، ثمَّ ادع، ومُرْ من معها أن يؤمّنوا على دعائك، قول: اللّهمّ ارزقني إلفها وودَّها ورضاها، وأرضني بها، واجمع بيننا بأحسن اجتماع وآنس ائتلاف، فإنك تحبُّ الحلال وتكره الحرام ، ثمَّ قال: واعلم أنَّ الإلف من الله، والفَرْك من الشيطان، ليُكره ما أحل الله عزّ وجل(2)

ص: 507


1- التهذيب 7، 36 - باب السنة في عقود النكاح و ...، ح 27 . وأخرجه عن ... ا ح 27 . وأخرجه عن ... إسحاق بن إبراهيم عن أبي أيوب عن أبي راشد عن أبيه قال سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) ... الخ . ولا بد من حمله على ما إذا كان الصبي أو الجارية يسمع الكلام ويرى ما يجري . ويؤيده الخبر الآتي
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 8 . والفَرْك : - كما في القاموس - البغضة

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا دخلت بأهلك، فخذ بناصيتها واستقبل القبلة وقل : اللّهمَّ بأمانتك (1)أخذتها، وبكلماتك (2)استحللتها، فإن قضيت لي منها ولداً فاجعله مباركاً تقيّاً من شيعة آل محمّد، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى؛ وعدة من أصحابنا، عن احمد بن أبي عبد الله، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير قال: قال لي أبو جعفر (علیه السّلام) : إذا تزوّج أحَدُكُم كيف يصنع؟ قلت: لا أدري ، قال : إذا همَّ بذلك، فليصلّ ركعتين، وليحمد الله عزّ وجلَّ ثمَّ يقول : اللّهمَّ إنّي أريد أن أتزوَّج، فقدّر لي من أعفَهنَّ فرجاً، وأحفظهنَّ لي في نفسها ومالي، وأوسعهنَّ رزقاً، وأعظمهنَّ بركة، وقدّر لي ولداً طيّباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي. قال : فإذا دَخَلَتْ إليه فليضع يده على ناصيتها وليقل : اللّهمَّ على كتابك تزوّجتها، وفي أمانتك أخذتها، وبكلماتك استحللت فَرجَها، فإن قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سويّاً، ولا تجعله شِرْكَ شيطان. قال : قلت : وكيف يكون شركَ شيطان؟ قال : إن ذكر اسم الله تنحّى الشيطان، وإن فعل (3)ولم يُسَمّ، أدخل ذكره وكان العمل منهما جميعا والنطفة واحدة(4).

4 - عنه، عن أبي يوسف، عن الميثميّ رفعه قال : أتى رجل أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقال له : إنّي تزوّجت فادع الله لي، فقال : قل : اللّهمّ بكلماتك استحللتها، وبأمانتك أخذتها، اللّهمّ اجعلها وَلوداً وَدوداً لا تفرك، تأكل (5)ممّا راح، ولا تسأل عمّا سرح.

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن عبد الرّحمن بن أعين قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إذا أراد الرَّجل أن يتزوَّج المرأة فليقل : أقررت بالميثاق الّذي أخذ الله : إمساكٌ بمعروف أو تسريح بإحسان.

ص: 508


1- أي بحفظك وأمانك . أو بعهدك إلى المؤمنين بالرفق بالنساء والإشفاق عليهن
2- قيل : هو العقد من الإيجاب والقبول وقيل : هي كلمة التوحيد إذ لا تحلّ المسلمة للكافر . وقيل غير ذلك
3- أي نكح ووطأ.
4- التهذيب 7، 35 - باب الاستخارة للنكاح و ... ، ح 1 بزيادة في آخره، وأخرجه عن أبي عبد الله (علیه السّلام) الفقيه 3، 115 - باب ما يستحب من الدعاء والصلاة لمن يريد التزويج ، ح ا وفيه بتفاوت إلى قوله : في حياتي وبعد موتي . وأخرجه عن أبي عبد الله (علیه السّلام).
5- لعله كناية عن قناعتها بما يأتي به زوجها وعدم التفتيش عما أعطاه غيرها. والحديث مرفوع

335- باب القول عند الباه وما يعصم من مشاركة الشيطان

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن الحلبيّ قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل : إذا أتى أهله فخشي أن يشاركه الشيطان، قال : يقول : بسم الله، ويتعوذ بالله من الشيطان.

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن الوشّاء، عن موسى بن بكر، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا أبا محمّد، أيُّ شيء يقول الرَّجل منكم إذا دخلت عليه امرأته؟ قلت: جُعِلْتُ فداك، أيستطيع الرَّجل أن يقول شيئاً؟ فقال: ألا أعلّمك ما تقول؟ قلت بلى، قال: تقول : بكلمات الله استحللت فرجها، وفي أمانة الله أخذتها، اللّهمُّ إن قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله بارّاً تقيّاً، واجعله مسلماً سويّاً، ولا تجعل فيه شركاً للشيطان قلت: وبأيّ شيء يعرف ذلك ؟ قال : أما تقرأ كتاب الله عزَّ وجلَّ، ثمَّ ابتدأ هو. «وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ»(1)، ثمَّ قال : إِنَّ الشيطان ليجيء حتّى يقعد من المرأة كما يقعد الرَّجل منها، ويحدث كما يحدث، وينكح كما ينكح ، قلت : بأيِّ شيء يُعرَف ذلك(2)؟ قال : بحبّنا وبغضنا، فمن أحبّنا كان نطقةَ العبد، ومن أبغضنا كان نطفة الشيطان .

3 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): إذا جامع أحدكم فليقل : بسم الله وبالله، اللّهمَّ جنبني الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتني، قال : فإن قضى الله بينهما ولداً، لا يضرُّه الشيطان بشيء أبداً .

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عليِّ بن حسّان الواسطيّ، عن عبد الرّحمن بن كثير قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام) جالساً، فذكر شرك الشيطان، فعظّمه حتّى أفزعني ، قلت : جُعِلْتُ فداك، فما المخرج من ذلك؟ قال : إذا أردت الجماع فقل : بسم الله الرّحمن الرّحيم، الّذي لا إله إلّا هو، بديع السماوات والأرض، اللّهمَّ إن قضيت منّي في هذه اللّيلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً ولا حظّاً، واجعله مؤمناً مخلصاً مصفّى من الشيطان ورجزه، جلِّ ثناؤك .

ص: 509


1- الإسراء / 64
2- أي كون الولد شرك شيطان وعدمه

5 - وعنه عن أبيه، عن حمزة بن عبد الله، عن جميل بن درَّاج، عن أبي الوليد، عن قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا أبا محمّد إذا أتيت أهلك فأيّ شيء تقول قال : قلت : جُعِلْتُ فِداك ، وأطيق أن أقول شيئاً؟ قال : بلى، قل اللّهم بكلماتك استحللت فرجها، وبأمانتك أخذتها، فإن قضيت في رحمها شيئاً فاجعله تقيّاً زكيّاً، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً. قال : قلت : جُعِلْتُ فداك، ويكون فيه شرك للشيطان؟ قال : نعم، أما تسمع قول الله عزّ وجلَّ في كتابه : «وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ» إنَّ الشيطان يجييء، فيقعد كما يقعد الرَّجل، وينزل كما ينزل الرَّجل، قال : قلت : بأيّ شيء يعرف ذلك؟ قال : بحبّنا وبغضنا.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في النطفتين اللّتين للآدميّ والشيطان إذا اشتركا؟ فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : ربما خلق من أحدهما، وربّما خُلق منهما جميعاً.

336- باب العَزْل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن العزل؟ فقال : ذاك إلى الرَّجل(1).

2 - أحمد بن محمّد العاصميّ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : لا بأس بالعزل عن المرأة الحرَّة إن أحبّ صاحبها وإن كرهت ليس لها من الأمر شيء(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام)

عن العزل؟ فقال : ذاك إلى الرّجل، يصرفه حيث شاء(3).

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن أبي عمیر(4)،

ص: 510


1- التهذيب 7، 36 - باب السنة في عقود النكاح و ...، ح 39
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 40
3- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 41 . الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله عز وجل من النكاح و ...، ح 80 بتفاوت
4- في التهذيب : عن أبي عميرة.

عن عبد الرحمن الحذَّاء، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان علي بن الحسين (علیه السّلام) لا يرى بالعزل بأساً فقرأ هذه الآية (1): «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى» فكلّ شيء أخذ الله منه الميثاق، فهو خارج وإن كان على صخرة صمّاء(2).

337- باب غِيرَة النساء

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ليس الغيرة إلّا للرّجال، وأمّا النساء فإنّما ذلك منهنّ حسد، والغيرة للرّجال، ولذلك حرّم الله على النساء إلّا زوجها وأحلّ للرّجال أربعاً وإنَّ الله أكرم أن يبتليهنَّ بالغيرة، ويحلُّ للرِّجال معها ثلاثاً(3).

2 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن سعد الجلّاب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إنَّ الله عزّ وجلَّ لم يجعل الغيرة للنّساء، وإنّما تغار المنكرات منهنَّ، فأمّا المؤمنات فلا، إنّما جعل الله الغيرة للرّجال، لأنّه أحلَّ للرّجل أربعاً، وما ملكت يمينه ولم يجعل للمرأة إلّا زوجها، فإذا أرادت معه غيره كانت عند الله ،زانية ؛ قال : ورواه القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ، إلّا أنّه قال : فإن بغت معه غيره(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج رفعه قال بينا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قاعدُ، إذ

ص: 511


1- الأعراف/ 172
2- التهذيب 7، نفس الباب، ح 42 . وقد أجمع فقهاؤنا على جواز العزل عن الأمة وإن كانت زوجة . وأما الزوجة الحرة الدائمة، إذا لم يشترط العزل في العقد ولم تأذن به، ففيه عندهم قولان قول بالتحريم، وأوجبوا فيه للمرأة دية النطفة عشرة دنانير، وقول آخر بالكراهة . وهذا الأخير هو الأشبه عند المحقق كما نص عليه في الشرائع 2/ 270 . وقال الشهيدان : «ولا يجوز العزل عن الحرة بغير شرط ذلك حال العقد لمنافاته لحكمة النكاح وهي الاستيلاد فيكون منافياً لغرض الشارع والأشهر الكراهة ... وحيث يحكم بالتحريم فتجب دية النطفة لها أي للمرأة خاصة عشرة دنانير، ولو كرهناه فهي على الاستحباب واحترز بالحرة عن الأمة فلا يحرم العزل عنها إجماعاً وإن كانت زوجة ويشترط في الحرة الدوام فلا تحريم في المتعة، وعدم الإذن فلو أذنت انتفى أيضاً
3- الحديث مرسل
4- الفقيه 3 ، 133 - باب الغيرة ، ح 4 بتفاوت وأخرجه عن محمد بن الفضيل عن شريس الوابشي عن جابر عن أبي جعفر (علیه السّلام)

جاءت امرأة عريانة، حتّى قامت بين يديه، فقالت : يا رسول الله، إنّي فجرت فطّهرني، قال : وجاء رجلٌ يعدو في أثرها وألقى عليها ثوباً ؛ فقال : ما هي منك ؟ فقال : صاحبتي يا رسول الله، خلوت بجاريتي فصنعت ما ترى فقال : ضمّها إليك، ثمَّ قال: إنَّ الغيراء لا تبصر أعلى الوادي من أسفله(1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن الحسن، عن یوسف بن حمّاد، عمّن ذكره، عن جابر قال : قال أبو جعفر (علیه السّلام) : غيرة النساء الحسد، والحسد هو وأصل الكفر، إِنَّ النساء إذا غِرْنَ غضبن، وإذا غضبن كَفْرَنَ، إلّا المسلمات (2)منهنَّ .

5 - عنه، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن خالد القلانسي قال : ذكر رجلٌ لأبي عبد الله (علیه السّلام) امرأته، فأحسن عليها الثّناء، فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : أَغَرْتَها؟ قال : لا، قال : فأغِرها، فأغارها، فثبتت، فقال لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي قد أغرتها فثبتت، فقال: هي كما تقول(3).

6 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : المرأة تغار على الرَّجل، تؤذيه؟ قال: ذلك من الحبّ.

338- باب حب المرأة لزوجها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : انصرف رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) من سريّة قد كان أصيب فيها ناس كثير من المسلمين، فاستقبلته النساء يسألنه عن قتلاهنَّ، فدنت منه امرأة فقالت: يا رسول الله، ما فعل فلانٌ؟ قال: وما هو منك؟ قالت : أبي، قال : احمدي الله واسترجعي، فقد استُشْهِد، ففعلت ذلك، ثمَّ قالت : يا رسول الله ما فعل فلانٌ؟ فقال: وما هو منك؟ فقالت أخي، فقال : احمدي الله واسترجعي فقد استُشْهِد، ففعلت ذلك، ثمَّ قالت : يا رسول الله، ما فعل فلان؟ فقال : وما هو منك؟ فقالت زوجي ، قال : احمدي الله واسترجعي فقد استُشهِد،

ص: 512


1- الحديث ضعيف. والغَيراء فعلاء من الغيرة
2- يعني المؤمنات الصالحات
3- الحديث ضعيف على المشهور وقوله :أغرها أي افعل ما يسبب الغيرة عادة عند الناء بأية صورة اتفق

فقالت: واويلي، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ما كنت أظنُّ أنّ المرأة تَجِدُ بزوجها هذا كلّه، حتّى رأيت هذه المرأة(1).

2 - أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلّاد قال : سمعت أبا الحسن (علیه السّلام) يقول : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لابنة جحش : قُتِل خالك حمزة قال: فاسترجعت، وقالت: أحتسبه عند الله، ثمَّ قال لها : قُتل أخوك، فاسترجعت وقالت: أحتسبه عند الله، ثمَّ قال لها: قُتل زوجك، فوضعت يدها على رأسها وصرخت فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ما يعدل الزّوج عند المرأة شيء(2) .

339- باب حق الزوج على المرأة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: جاءت امرأة إلى النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقالت : يا رسول الله، ما حقّ الزوَّج على المرأة؟ فقال لها : أن تطيعه ولا تعصيه ولا تَصَدّق من بيته إلّا بإذنه، ولا تصوم تطوّعاً إلّا بإذنه، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب(3)، ولا تخرج من بيتها إلّا بإذنه، وإن خرجت من بيتها بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء، وملائكة الأرض، وملائكة الغضب وملائكة الرَّحمة، حتّى ترجع إلى بيتها، فقالت : يا رسول الله، من أعظم الناس حقّاً على الرَّجل؟ قال : والده، فقالت: يا رسول الله، من أعظم الناس حقّاً على المرأة؟ قال : زوجها، قالت : فما لي عليه من الحقِّ مثل ماله عليّ؟ قال : لا، ولا من كلّ مائة واحدة، قال : فقالت: والّذي بعثك بالحقّ نبيّاً لا يملك رقبتي رجل أبداً(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن محمّد بن الفضيل، عن سعد بن أبي عمرو الجلّاب قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : أيّما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ، لم تُقبل منها صلاة حتّى يرضى عنها(5)، وأيّما (6)امرأة تطيّبت لغير

ص: 513


1- الفقيه 3 ، 178 - باب النوادر ، ح 24 بتفاوت يسير . والوجد: بمعنى الحب أو بمعنى الحزن
2- الحديث صحيح
3- القتب : ما يوضع على ظهر البعير للجلوس عليه
4- الفقيه 3، 130 - باب حق الزوج على المرأة ، ح 1 وقولها : لا يملك رقيبتي ... الخ ، كناية عن عزوفها عن التزويج
5- إلى هنا مروي في الفقيه 3، نفس الباب، ح 7
6- من هنا إلى الآخر مروي في الفقيه 3، نفس الباب، ح 9

زوجها، لم تُقبل منها صلاة حتّى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها.

3 - عليُّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ثلاثة لا يرفع لهم عمل: عبد آبق، وامرأة زوجها عليها ساخطٌ، والمسبل إزاره خُيَلاء.

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي إبراهيم (علیه السّلام) قال : جهاد المرأة حسن التبعّل(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان، عن الحسن بن منذر، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ثلاثة لا تُقبل لهم صلاة : عبد آبق من مواليه حتّى يضع يده في أيديهم، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخطٌ، ورجل أمّ قوماً وهم له كارهون.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن سلیمان بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّ قوماً أتوا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقالوا: يا رسول الله، انّا رأينا أناساً يسجد بعضهم لبعض، فقال رسول الله ((صلی الله علیه و آله و سلّم) : «لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»(2).

7 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الجامورانيّ، عن ابن أبي حمزة، عن عمرو بن جبير العزرميّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: جاءت امرأة إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقالت : يا رسول الله، ما حقُّ الزّوج على المرأة؟ قال: أكثر من ذلك، فقالت : فخبّرني عن شيء منه، فقال : ليس لها أن تصوم إلّا بإذنه - يعني تطوُّعاً - ولا تخرج من بيتها إلّا بإذنه، وعليها أن تَطَيّب بأطيب طيبها، وتلبس أحسن ثيابها، وتَزَيَّن بأحسن زينتها، وتعرض نفسها عليه غدوة وعشيّة، وأكثر من ذلك حقوقه عليها.

8 - عنه، عن الجامورانيّ، عن ابن أبي حمزة، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: أتت امرأة إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقالت : ما حقّ الزوّج على المرأة؟ فقال : أن تجيبه إلى حاجته وإن كانت على قَتَب، ولا تعطي شيئاً إلّا بإذنه، فإن فعلت فعليها الوزر وله الأجر، ولا تبيت ليلة وهو عليها ساخط قالت : يا رسول الله وإن كان ظالماً؟ قال : نعم، قالت: والّذي بعثك بالحقّ لا تزوّجت زوجاً أبداً.

ص: 514


1- الفقيه 3 ، نفس الباب ، ح 6.
2- الفقيه 3، 130 - باب حق الزوج على المرأة، ح 3.

340- باب كراهية أن تَمْنَعَ النساء أزواجَهُنَّ

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن فضالة بن أيُّوب، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) للنساء : لا تُطَوّلْنَ صلاتكنَّ لتمنعن أزواجكنّ.

2 - عنه، عن موسى بن القاسم، عن أبي جميلة، عن ضريس الكناسيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إن امرأة أتت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لبعض الحاجة، فقال لها: لعلّك المسوّفات قالت وما المسوّفات يا رسول الله؟ قال : المرأة التي يدعوها زوجها لبعض الحاجة فلا تزال تسوِّفه حتّى ينعس زوجها وينام فتلك لا تزال الملائكة تلعنها حتّى يستيقظ زوجها.

341- باب كراهية أن تتبل النساء ويُعَطِّلنَ أنفسهنَّ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) النساء أن يتبتّلن ويعطّلن أنفسهنَّ من الأزواج(1).

2 - ابن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : لا ينبغي للمرأة أن تعطّل نفسها ولو تعلّق في عنقها قلادة، ولا ينبغي أن تدع يدها من الخضاب ولو تمسّحها مسحاً بالحنّاء وإن كانت مُسِنَة(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبد الصمد بن بشير قال : دخلت امرأة على أبي عبد الله (علیه السّلام) فقالت : أصلحك الله إنّي امرأة متبتّلة، فقال: وما التبتّل عندك؟ قالت : لا أتزوَّج، قال : ولم؟ قالت ألتمس بذلك الفضل فقال : انصرفي، فلو كان ذلك فضلا لكانت فاطمة (علیه السّلام) أحقّ به منك، إنّه ليس أحد يسبقها إلى الفضل(3).

ص: 515


1- الحديث صحيح والتبتل : الانقطاع عن النساء وترك النكاح.
2- الحديث صحيح
3- الحديث صحيح. وإنما سميت فاطمة (علیها السّلام) بالبتول : لانقطاعها وتميزها عن النساء ديناً وحسباً وقدراً.

342- باب إكرام الزوجة

1 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «أيضرب أحدكم المرأة ثمَّ يظلُّ معانقها».

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «إنّما المرأة لُعْبَةٌ، من اتّخذها فلا يضيّعها.

3 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن بعض أصحابنا، عن جعفر بن عنبسة، عن عباد بن زياد الأسديّ، عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي جعفر (علیه السّلام)؛ وأحمد بن محمّد العاصميّ، عمّن حدَّثه، عن معلّى بن محمّد البصريّ، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : في رسالة أمير المؤمنين (علیه السّلام) إلى الحسن (علیه السّلام) : لا تُملّك المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها، فإنّ ذلك أنعم لحالها، وأرخى ،لبالها وأدوم لجمالها، فإنَّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ولا تعد بكرامتها نفسها، واغضض بصرها بسترك واكففها بحجابك، ولا تُطمِعها أن تشفع لغيرها فيميل عليك من شفعت له عليك معها، واستبق من نفسك بقيّة فإن إمساكك نفسك عنهنَّ وهنّ يرين أنك ذو اقتدار، خيرٌ من أن يريْنَ منك حالاً على انكسار(1).

أحمد بن محمّد بن سعيد، عن جعفر بن محمّد الحسنيّ، عن عليّ بن عبدك، عن الحسن بن ظريف بن ناصح، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (علیه السّلام) مثله، إلّا أنّه قال : كتب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بهذه الرّسالة إلى ابنه محمّد رضوان الله عليه(2).

343- باب حق المرأة على الزوج

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 516


1- السندان ضعيفان. والسند الآخر مجهول . قوله : (علیه السّلام) ما يجاوز نفسها أي لا تكل إليها ولا تكلفها سوى ما يتعلق بتدبير نفسها. والقهرمان : هو كالخازن والوكيل والحافظ لما تحت يده. وفي لغة الفرس - كما في النهاية - هو القائم بأمور الرجل . وقوله (علیه السّلام) : ولا تَعْدُ بكرامتها ... الخ: أي لا تجاوز بسبب كرامتها أن تفعل بها ما يتعلق بنفسها لئلا تمنعها من الإحسان وغير ذلك إلى أقاربه لحسدها وضعف عقلها. كما في المرآة.
2- الفقيه ،3، 178 - باب النوادر ، ح 13 بنقيصة وتفاوت

إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : ما حقُّ المرأة على زوجها الّذي إذا فعله كان محسناً؟ قال : يشبعها ويكسوها وإن جهلت غفر لها(1)؛ وقال(2)أبو عبد الله (علیه السّلام) : كنت امرأة عند أبي (علیه السّلام) تؤذيه فيغفر لها.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الجامورانيّ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن عمرو بن جبير العزرميّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : جاءت امرأة إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فسألته عن حقّ الزَّوج على المرأة؟ فخبّرها ثمَّ قالت: فما حقّها عليه؟ قال : يكسوها من العري، ويطعمها من الجوع، وإن أذنبت غفر لها، فقالت: فليس لها عليه شيء غير هذا؟ قال : لا قالت لا والله لا تزوّجت أبداً، ثمَّ ولّت، فقال النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ارجعي فرجعت، فقال : إِنَّ الله عزّ وجلَّ يقول: «وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنّ»(3).

3 - عنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : اتّقوا الله في الضعيفين - يعني بذلك اليتيم والنساء، وإنّما هنَّ عورة(4).

4 - عنه، عن محمّد بن عليّ عن ذبيان بن حكيم، عن بهلول بن مسلم، عن يونس بن عمّار، قال : زوَّجني أبو عبد الله (علیه السّلام) جارية كانت لإسماعيل ابنه ، فقال : أحسن إليها، فقلت: وما الإحسان إليها؟ فقال : اشبع بطنها، واكسُ جنّتها، واغفر ذنبها، ثمّ قال: اذهبي وسّطك الله مالَهُ(5).

5 - عنه، عن محمّد بن عيسى، عمّن حدَّثه، عن شهاب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): ما حقُّ المرأة على زوجها؟ قال : يسدُّ جوعتها، ويستر عورتها ولا يُقَبِّح لها وجها (6)فإذا فعل ذلك فقد والله أدَّى حقّها، قلت: فالدُّهن؟ قال: غباً يوم ويوم لا قلت : فاللّحم قال : في كلّ ثلاثة فيكون في الشهر عشر مرَّات لا أكثر من ذلك، قلت : فالصبغ؟ قال : والصبغ في كلّ ستّة أشهر، ويكسوها في كلّ سنة أربعة أثواب، ثوبين للشّتاء وثوبين

ص: 517


1- الفقيه 3 ، 131 - باب حق المرأة على زوجها ح 2 بتفاوت.
2- من هنا في الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 4 بتفاوت.
3- النور/ 60 . والحديث ضعيف .
4- الفقيه 3 ، 112 - باب الوصية بالنساء ، ح 1 بدون الذيل : وإنما ... الخ . وقال في النهاية العورة كل ما يستحيا منه إذا ظهر
5- الحديث ضعيف. وقوله (علیه السّلام): وسّطك الله ما له : أي اشكري الله حيث جعل لك حظاً عظيماً في ما له . أولا تخوني في ما له فإن الله جعلك أميناً عليه ويمكنك من الخيانة ما لا يمكن لغيرك.
6- أي يقول لها : قبّح الله وجهك. أو لا يقبح وجهه لها ولا يعبس في وجهها

للصّيف ولا ينبغي أن يفقر بيته من ثلاثة أشياء : دهن الرّأس، والخلّ، والزيت، ويقوتهن بالمُدّ، فإنّي أقوت به نفسي وعيالي، وليقدّر لكلّ إنسان منهم قوته، فإن شاء أكله، وإن شاء وهبه، وإن شاء تصدَّق به، ولا تكون فاكهة عامّة إلا أطعم عياله منها، ولا يدع أن يكون للعيد عندهم فضل في الطعام أن يسنّي (1)من ذلك شيئاً لا يسنّي لهم في سائر الأيام(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : أوصاني جبرئيل (علیه السّلام) بالمرأة حتّى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها إلّا من فاحشة مبيّنة(3).

7 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار أو غيره، عن ابن فضّال، عن غالب بن عثمان، عن روح بن عبد الرَّحيم قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : قوله عزّ وجلَّ: «وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ»(4)؟ قال : إذا أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة، وإلّا فُرّق بينهما(5).

8 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج قال : لا يجبر الرَّجل إلّا على نفقة الأبوين والولد، قال ابن أبي عمير : قلت لجميل : والمرأة؟ قال : قد روي عن عنبسة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا كساها ما يواري عورتها، ويطعمها ما يقيم صلبها، أقامت معه، وإلّا طلّقها(6).

344- باب مداراة الزوجة

1 - أبو علي الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): إنّما مثل المرأة مثل الضّلع المُعْوَجَ، إن تركته انتفعت به، وإن أقمته كسرته.

ص: 518


1- في التهذب : أن ينيلهم . في الموضعين . وسنّاه تسنية : سهله وفتحه وساناه: راضاه وداراه وأحسن معاشرته . أي يزيد في العيد طعاماً خاصا لا يطعمهم إياه في سائر الايام .
2- التهذيب 7، 41 - باب الزيادات في فقه النكاح ، ح 38 بتفاوت يسير
3- الققيه 3، 131 - باب حق المرأة على الزوج ، ح 1 . والفاحشة المبينة : الزنا.
4- الطلاق 7، قدِر عليه رزقه أي ضُيّق ولم يوسع عليه فيه.
5- التهذيب 7 نفس ،الباب ، ح 61 . وفيه ما يقيم صلبها ... الفقيه 3 نفس الباب، ح 6 .
6- التهذيب 6، 92 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 22 بزيادة في آخره وأخرجه عن . . . جميل بن دراج، عن بعض أصحابنا عن أحدهما (علیه السّلام) .... وكذلك هو عيناً في الاستبصار 3 ، 23 - باب من يجبر الرجل على نفقته ح 2.

وفي حديث آخر: استمتعت به.

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان الأحمر، عن محمّد الواسطيّ قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنّ إبراهيم (علیه السّلام) شكا إلى الله عزَّ وجلَّ ما يلقى من سوء خلق سارة، فأوحى الله تعالى إليه : إنّما مثل المرأة مثل الضلع المعوج، إن أقمته كسرته، وإن تركته استمتعت به اصبر عليها(1).

345- باب ما يجب من طاعة الزوج على المرأة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم الحضرميّ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ رجلاً من الأنصار على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) خرج في بعض حوائجه فعهد إلى امرأته عهداً ألّا تخرج من بيتها حتّى يقدم، قال: وإنَّ أباها مرض، فبعثت المرأة إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال : إنَّ زوجي خرج وعهد إليّ أن لا أخرج من بيتي حتّى يقدم، وإنَّ أبي قد مرض، فتأمرني أن أعُودَهُ؟ فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : لا، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك، قال: فَتَقُل فأرسلت إليه ثانياً بذلك، فقالت: فتأمرني أن أعوده؟ فقال : اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك ، قال : فمات أبوها، فبعثت إليه : إنَّ أبي قد مات، فتأمرني أن أصلّي عليه؟ فقال : لا ، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك، قال: فدُّفن الرَّجل ، فَبَعَثَ إليها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إنَّ الله قد غفر لك ولأبيك بطاعتك لزوجك(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : خطب رسول الله خطب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) النساء فقال : يا معاشر النساء، تصدَّقن ولو من حُليكنَّ، ولو بتمرة، ولو بشقّ تمرة، فإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حطب جهنّم إن كنَّ تكثرن اللّعن وتكفرن (3)العشيرة ، فقالت امرأة من بني سليم لها عقل: يا رسول الله، أليس نحن الأمّهات الحاملات المرضعات، أليس منّا البنات المقيمات والأخوات المشفقات؟! فرقً لها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال: حاملات، والدات، مرضعات، رحیمات، لولا

ص: 519


1- الفقيه 3، 131 - باب حق المرأة على الزوج، ح 3 بزيادة في آخره وبدون قوله : اصبر عليها. والحديث مجهول.
2- الفقيه 3، نفس الباب ، ح 8 والحديث ضعيف.
3- من الكفران ضد الشكر. ولعل المراد: العشير وهو - هنا - الزوج.

ما يأتين إلى بعولتهنَّ ما دخلت مصلّية منهنّ النار(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : خرج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يوم النحر إلى ظهر المدينة على جمل عاري الجسم، فمرَّ بالنساء فوقف عليهنَّ ثمَّ قال : يا معاشر النساء، تصدَّقن، وأطِعْنَ أزواجكنّ، فإنَّ أكثركنَّ في النار، فلمّا سمعن ذلك بكين، ثمَّ قامت إليه امرأة منهنّ فقالت : يا رسول الله؛ في النار الكفّار؟! والله ما نحن بكفّار فنكون من أهل النار، فقال لها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إنّكنَّ كافرات بحقّ أزواجكنّ(2).

4 - ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ليس للمرأة أمرٌ مع وجها في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة ولا نذر في مالها إلّا بإذن زوجها، إلّا في زكاة، أو برّ والديها، أو صلة قرابتها(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : أيّما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها فلا نفقة لها حتّى ترجع(4).

346- باب في قلة الصلاح في النساء

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن عمرو بن مسلم عن الثماليّ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : الناجي من الرّجال قليل، ومن النساء أقلُّ وأقلُّ، قيل : ولِمَ يا رسول الله؟ قال : لأنهنَّ كافرتُ الغضب مؤمنات الرّضا(5).

ص: 520


1- الحديث ضعيف على المشهور
2- الحديث صحيح
3- التهذيب 8 ، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 168 . الفقيه ،3 59 - باب الأب يأخذ من مال ابنه ، ح 3 . وكرره في نفس الجزء 130 - باب حق الزوج على المرأة، ح 2 ولا بد من حمل هذا الحديث على الاستحباب، وإلا فمقتضى : الناس مسلّطون على أموالهم جواز ذلك لها بدون إذن الزوج وكرر الشيخ هذا الحديث برقم 59 من الباب 41 من الجزء 7 من التهذيب بتفاوت
4- التهذيب 7، 30 - باب العقود على الإماء و ... ، ح 67
5- الفقيه 3، 130 - باب حق الزوج على المرأة، ح ه وروي صدره مرسلاً . «قوله : (علیه السّلام) : لأنهن كافرات الغضب : أي كافرات عند الغضب، لا يضبطن أنفسهن ويتكلمن ويأتين بما يوجب کفر هن بالمعنى المصطلح ، أو بالمعنى الذي يطلق على أهل الكبائر. وحمله على كفر نعمة الأزواج بعيد مرآة المجلسي 330/20

2 - عنه، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن سعد بن أبي عمر [و]، الجلّاب، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال لامرأة سعد : هنيئاً لك يا خنساء، فلو لم يعطك الله شيئاً إلا ابنتك أمّ الحسين لقد أعطاك الله خيراً كثيراً، إنّما مثل المرأة الصالحة في النساء، كمثل الغراب الأعْصَم (1)في الغربان وهو الأبيض إحدى الرّجلين .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : مثل المرأة المؤمنة مثل الشامة (2)في الثور الأسود.

4 - أحمد بن محمّد العاصميّ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إنّما مثل المرأة الصالحة مثل الغراب الأعصم الّذي لا يكاد يُقدَر عليه، قيل: وما الغراب الأعصم الّذي لا يكاد يُقْدَر عليه؟ قال : الأبيض إحدى رجليه.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن ابن سنان، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ما لإبليس جند أعظم من النساء والغضب.

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيّ، عن أبي عليّ الواسطيّ رفعه إلى أبي جعفر (علیه السّلام) قال : إنَّ المرأة إذا كبرت ذهب خير شَطْرَيْها (3)وبقي شرُّهما : ذهب جمالها، وعَقْمَ رحمها واحتدَّ لسانها(4).

347- باب في تأديب النساء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : لا تُنزلوا النساء بالغرف، ولا تعلّموهنَّ الكتابة، وعلّموهنّ المغزل وسورة النور.

ص: 521


1- وقيل : الغراب الأعصم - كما في النهاية - هو الأبيض الجناحين. وهو وصف في الغربان قليل جداً.
2- الشامة - كما في الصحاح - علامة تخالف البدن التي هي فيه.
3- شطر الشيء نفسه
4- روي في الفقيه 3، 144 - باب النوادر ، ح ه عن جابر عن أبي جعفر (علیه السّلام) ومما جاء فيه : ... إن المرأة إذا كبرت ذهب خير شطريها وبقي شرهما ذهب جمالها واحتد لسانها وعقم رحمها.

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم رفعه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : لا تعلّموا نساءكم سورة يوسف ولا تقرؤوهنَّ إيّاها، فإنَّ فيها الفتن، وعلّموهنَّ سورة النور، فإنَّ فيها المواعظ.

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح، عن أبي عبد أبي عبد الله (علیه السّلام)

قال : نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن يركب سرج بفرج(1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عليّ، عن إسماعيل بن يسار عن منصور بن يونس عن إسرائيل، عن يونس، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : لا تحملوا الفروج على السروج فتهيّجوهنّ للفجور(2).

348- باب في ترك طاعتهنَّ

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لابي الحسن (علیه السّلام) - وسألته عن المرأة الموسرة قد حجّت حجّة الإسلام فتقول

لزوجها : أحجني من مالي - أله أن يمنعها؟ قال : نعم ويقول : حقّي عليك أعظم من حقّك عليَّ في هذا.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ذكر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) النساء فقال : اعصوهنَّ في المعروف قبل أن يأمرنكم بالمنكر، وتعوّذوا بالله من شرارهنَّ وكونوا من خيارهنَّ على حذر.

3 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : من أطاع امرأته أكبّه الله على وجهه في النّار؛ قيل : وما تلك الطاعة؟ قال : تطلب منه الذّهاب إلى الحمّامات والعرسات والعيدات والنيّاحات والثياب الرّقاق.

4 - وبإسناده قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : طاعة المرأة ندامة.

ص: 522


1- الفقيه 3، 144 - باب النوادر ، ح 9 مرسلاً بتفاوت يسير . والفرج كناية عن المرأة. وحمل النهي على الكراهة.
2- الفقيه، نفس الباب، ح 10 مرسلا بتفاوت. ولعل التهييج ناشيء من احتكاك الفرج بقربوس الفرس بشدة عند مشيه وحركته والحديث ضعيف كباقي أحاديث الباب فتأمل

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عمّن ذكره، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) في كلام له : اتّقوا شرار النساء، وكونوا من خيارهنَّ على حذر، وإن أمرنكم بالمعروف فخالفوهنَّ كيلا يطمعن منكم في المنكر.

6 - وعنه ؛ عن أبيه رفعه إلى أبي جعفر (علیه السّلام) قال : ذكر عند أبي جعفر (علیه السّلام) النساء، فقال: لا تشاوروهنَّ في النجوى(1)، ولا تطيعوهنَّ في ذي قرابة(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عمرو بن

عثمان، عن المطّلب بن زیاد رفعه عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : تعوّذوا بالله من طالحات نسائكم، وكونوا من خيارهنَّ على حذر، ولا تطيعوهنَّ في المعروف (3)فيأمرنكم بالمنكر .

8 - وعنه، عن أبي عبد الله الجامورانيّ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن صندل، عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إيّاكم ومشاورة النساء، فإنَّ فيهنَّ الضعف والوهن والعجز(4).

9 - وعنه، عن يعقوب بن يزيد عن رجل من أصحابنا يكنّى أبا عبد الله رفعه إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : في خلاف النساء البركة(5).

10 - وبهذا الإسناد قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : كل امرىء تدبّره امرأة فهو ملعون(6).

11 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سيف، عن إسحاق بن عمار، رفعه قال: كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) إذا أراد الحرب، دعا نساءه فاستشارهنَّ ثمَّ خالفهنَّ(7).

12 - عليٌّ، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام)

ص: 523


1- النجوى: يقال للحديث يُسارُّ به. والمقصود هنا ما لا ينبغي إفشاؤه فإنهن لا يؤتمّن عليه
2- المقصود قرابة الزوج. وأخرجه عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في الفقيه 3 ، 144 - باب النوادر، صدرحه
3- أي خالفوهن فيما يأمرنكم به من معروف إلى فرد آخر منه أو خالفوهن بترك ما يأمرن به من الأمر المندوب، فيكون تركه هنا أولى.
4- الحديث ضعيف.
5- الفقيه 3 ، 144 - باب النوادر ، ح 7. بتفاوت مرسلاً.
6- الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 6. مرسلا .
7- الفقيه 3 ، نفس الباب ، ح 8 والحديث مرفوع ككثير من أحاديث هذا الباب والتي تدور بين الرفع والضعف والإرسال فتأمل.

قال: استيعذوا بالله من شرار نسائكم، وكونوا من خيارهنَّ على حذر، ولا تطيعوهنَّ في المعروف فيدعونكم إلى المنكر ، وقال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): النساء لا يُشَاوَرْنَ في النجوى، ولا يُطَعْنَ في ذوي القربي، إنَّ المرأة إذا أسنّت ذهب خير شطريها وبقي شرُّهما، وذلك أنّه يعقم رحمها، ويسوء خلقها، ويحتدّ لسانها، وإن الرجل إذا أسنَّ ذهب شرُّ شطريه وبقي خيرهما، وذلك أنّه يؤوب عقله، ويستحكم رأيه، ويحسن خلقه(1).

349- باب التَّسَتُّر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ليس للنساء من سروات (2)الطريق شيء، ولكنّها تمشي في جانب الحائط والطريق.

2 - ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : أيُّ امرأة تطيّبت ثمَّ خرجت من بيتها، فهي تُلعن حتّى ترجع إلى بيتها متى ما رجعت(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديّ عن جعفر بن بشير، عن ابن بكير، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا ينبغي للمرأة أن تجمر ثوبها إذا خرجت من بيتها(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ليس للنساء من سراة الطريق، ولكن جنبيه - يعني وسطه(5).

5 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً

ص: 524


1- الفقيه 3، نفس الباب ، ح 5 بتفاوت وأخرجه عن جابر عن أبي جعفر (علیه السّلام) وأدب العقل : كناية عن رجاحته لأنه في هذه السن يكون قد خلص من شوائب الأوهام وجموح الشهوات
2- سروات : جمع سراة : وهي ظهر كل شيء ووسطه، قاله الجوهري
3- يمكن حمله على ما إذا تطيبت لغير زوجها
4- الفقيه 3، 130 - باب حق الزوج على المرأة ، ح 10 بدون قوله في الذيل : إلى بيتها. وتجمير الثوب هنا : ضمّه على جسدها وجمعه بحيث يحكي تفاصيله
5- والتفسير هنا لسراة الطريق

عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهوديّة والنصرانيّة، فإنهنَّ يصفن ذلك لأزواجهنَّ(1).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع أبي سيّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: فيما أخذ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) من البيعة على النساء أن لا يحتبِينَ (2)ولا يقعدن مع الرجال الرجال في الخلاء(3).

350- باب النهي عن خِلالٍ تُكْرَه لهنَّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إِنَّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) نهى عن القَنَازع والقُصَص ونقش الخضاب على الرَّاحة، وقال: إنّما هلكت نساء بني إسرائيل من قبل القصص ونقش الخضاب(4).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن مسمع عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : لا تحلّ لامرأة حاضت أن تتّخذ قُصّة أو جُمّة(5).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن ثابت بن أبي

ص: 525


1- الفقيه 3، 178 - باب النوادر، ح 31. والحديث، وإن دل على كراهة أن تنكشف المرأة المسلمة بين يدي الكتابية إلا أنه ربما قيل بالتحريم لقوله تعالى ونسائهن لظهور اختصاصها بالمؤمنات وقد نقل عن الشيخ رحمه الله القول بأن الذمية لا تنظر إلى المسلمة حتى الوجه والكفين لهذا الخبر وللآية. وبه قال بعض فقهاء العامة أيضاً. نعم، ذهب أكثر أصحابنا إلى القول بالجواز إلا مع خوف الفتنة.
2- لم يقل أحد من أصحابنا بحرمته
3- المراد بالخلاء، إما التخلّي، أو الاختلاء.
4- الحديث ضعيف على المشهور. وقال الفيروزآبادي : الفَزَع : أن يحلق رأس الصبي ويترك مواضع منه متفرقة غير محلوقة تشبيها بقزع السحاب وقال : القصّة : شعر الناصية . «والنهي عن القنازع يمكن أن يكون للأطفال كما ورد في غيره من الأخبار فيكون محمولاً على الكراهة كما هو المشهور، ولو كان المراد فعل النساء فهو على الحرمة ، وأما القصص فلأنها شبيهة بالرجال، ولا يبعد حمله على الكراهة لضعف الروايات، وإن كان ظاهره الحرمة وكذا نقش الخضاب وربما قيل بالتحريم لقوله تعالى : «فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ» النساء/ 119 . ولا يخفى ما فيه مرآة المجلسي 20/ 338 - 339 .
5- الفقيه 3، 144 - باب النوادر، ح 1 . وأخرجه عن إسماعيل بن مسلم عن جعفر بن محمد (علیه السّلام) عن أبيه (علیه السّلام) عن آبائه(علیه السّلام) قال : قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) ... وفي ذيله : ولا جمة والجُمة - كما في القاموس - مجتمع شعر الرأس.

سعيد قال : سئل أبو عبد الله (علیه السّلام) عن النساء يجعلن في رؤوسهن القرامل؟ قال : يصلح الصوف وما كان من شعر امرأة نفسها، وكره للمرأة أن تجعل القرامل من شعر غيرها، فإن وصلت شعرها بصوف أو بشعر نفسها فلا يضرُّها.

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن سالم بن مكرم، عن سعد الأسكاف، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : سئل عن القرامل الّتي تصنعها النساء في رؤوسهنَّ يصلنه بشعورهنَّ؟ فقال : لا بأس على المرأة بما تزيّنت به لزوجها، قال: فقلت : بلغنا أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لعن الواصلة والموصولة؟ فقال : ليس هناك، إنما لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) الواصلة والموصولة الّتي تزني في شبابها، فلمّا كبرت قادت النساء إلى الرّجال، فتلك الواصلة والموصولة.

351- باب ما يحلّ النظر إليه من المرأة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن درّاج عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الذراعين من المرأة، أهما من الزّينة الّتي قال الله تبارك وتعالى : «وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ»(1)؟ قال: نعم، وما دون الخمار من الزينة، وما دون السوارين(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن مروك بن عُبَيد، عن بعض اصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قلت له : ما يحلُّ للرّجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرماً؟ قال : الوجه والكفّان والقدمان.

3 - أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد؛ والحسين بن سعيد، عن القاسم بن عروة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول الله تبارك وتعالى : «إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا»(3)؟ قال : الزينة الظاهرة : الكحل والخاتم(4).

ص: 526


1- النور/ 31
2- الحديث صحيح. ويقول المحقق في الشرائع، والعلامة في بعض كتبه، يجوز النظر إلى الوجه والكفين مرة واحدة من غير معاودة في الوقت الواحد عرفاً. ويقول السيد رحمه الله : لا خلاف بين الأصحاب ظاهراً في تحريم النظر إلى الأجنبية التي لا يريد نكاحها ولا ضرورة إلى النظر إليها فيما عدا الوجه والكفين، وأما الوجه والكفان فيحرم النظر إليهما بتلذذ أو خوف فتنة إجماعاً
3- النور/ 31.
4- الحديث مجهول

4 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن قول الله تعالى : «وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا»؟ قال : الخاتم والمَسَكة(1)، وهي القُلب(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سَيف بن عميرة، عن سعد الأسكاف، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : استقبل شابٌّ من الأنصار امرأة بالمدينة، وكان النساء يتقنّعن خلف آذانهنَّ، فنظر إليها وهي مقبلة، فلمّا جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سمّاه ببني فلان فجعل ينظر خلفها، واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشقّ وجهه، فلمّا مضت المرأة ، نظر فإذا الدّماء تسيل على صدره وثوبه ، فقال : والله لآتينَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ولأخبرنه، قال: فأتاه فلما رآه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال له : ما هذا؟ فأخبره، فهبط جبرئيل (علیه السّلام) بهذه الآية(3): «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ»(4).

352- باب القَوَاعِدِ من النساء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قرأ : «أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ»(5)؟ قال : الخمار والجلباب، قلت: بين يدي من كان؟ فقال : بين يدي من كان غير متبرّجة بزينة، فإن لم تفعل فهو خيرٌ لها والزينة الّتي يبدين لهنَّ، شيء في الآية الأُخرى(6).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : القواعد من النساء ليس عليهنَّ جناحٌ أن يضعن ثيابهنّ، قال : تضع الجلباب وحده.

ص: 527


1- المَسَك : أسورة من ذبل أو عاج والذبل قرون الأوعال . وقيل : جلود دابة بحرية
2- القلب : سوار المرأة
3- النور/ 30
4- الحديث مجهول
5- النور/ 60 . والحكم مختص بالقواعد من النساء اللاتى لا يرجون نكاحاً.
6- وقوله (علیه السّلام) : لهن شيء: أي شيء ثبت لهن جوازه في الآية الأخرى وهي قوله عز وجل : إلا ما ظهر منها. فإن ما سوى ذلك داخل في النهي عن التبرّج بها.

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في قوله عزّ وجلَّ :«وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا»، ما الّذي يصلح لهنَّ أن يضعن من ثيابهنَّ؟ قال : الجلباب.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قرأ «أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ» قال : الجلباب والخمار إذا كانت المرأة مُسِنّة.

353- باب أولي الإربَةِ من الرجال

1 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان؛ وأبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجل «أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ - إلى آخر الآية»(1) ؟ قال : الأحمق الّذي لا يأتي النساء(2).

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال: سألته عن أولي الإربة من الرّجال؟ قال: الأحمق المولّى عليه، الّذي لا يأتي النساء.

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً عن جعفر بن محمّد الأشعريُّ، عن عبد الله بن ميمون القدَّاح، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه (علیه السّلام) قال: كان بالمدينة رجلان يسمّى أحدهما هيت والآخر مانع، فقالا لرجل ورسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يسمع - : إذا افتتحتم الطائف إن شاء الله فعليك بابنة غيلان الثقفيّة، فإنّها شموع بخلاء مبتلة هيفاء شنباء(3)، إذا جلست تثنّت ، وإذا تكلّمت غنت تُقبِل بأربع وتدبر ثمان، بين رجليها مثل القدح ، فقال النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) : لا أراكما(4)من أُولي الإربة من الرّجال فأمر

ص: 528


1- النور/ 31 . وتتمة الآية : أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون
2- التهذيب 7، 41 - باب الزيادات في فقه النكاح، ح 81
3- الشموع المرأة المزاحة والبخلاء : إما من بخلت الأرض ،اخضرت أي خضراء، أو من البخل وهو سعة شق العين والمبتلة التامة الخلقة والهيفاء: الرقيقة الخاصرة، أو الضامرة البطن والكشح والشنب البياض والبريق والتحديد في الأسنان
4- أي ما كنت أظنكما من أولي الإربة من الرجال، بل كنت أظنكما من الذين لا حاجة له بالنساء

بهما رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فغرّب (1)بهما إلى مكان يقال له : العرايا(2)، وكانا يتسوّقان في كل جمعة(3).

354- باب النظر إلى نساء أهل الذمّة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : لا حرمة لنساء أهل الذّمّة أن يُنظَرَ إلى شعورهنَّ وأيديهنَّ(4).

355- باب النظر إلى نساء الأغراب وأهل السَّوَاد

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب ، عن عباد بن صهيب قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : لا بأس بالنظر إلى رؤوس أهل تُهامة، والأعراب وأهل السواد والعلوج، لأنهم إذا نُهُوا لا ينتهون. قال : والمجنونة والمغلوبة على عقلها، ولا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمّد ذلك(5).

356- باب قِناع الإماء وأمّهاتِ الأولاد

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت أبا الحسن الرضا (علیه السّلام) عن أمّهات الأولاد، ألَها أن تكشف رأسها بين أيدي الرّجال؟

قال : تَقَنُع(6).

ص: 529


1- من التغريب، وهو النفي عن البلد.
2- هو اسم حصن بالمدينة
3- الحديث مجهول
4- الحديث ضعيف على المشهور ، ويدل على جواز النظر إلى شعور نساء أهل الذمة وأيديهن ، وحملت الأيدي على السواعد وما يجب ستره على غيرهن وعمل به المفيد والشيخ وأكثر الأصحاب مع الحمل على عدم الشهوة والريبة وإلا فهو حرام مطلقاً، ومنع ابن إدريس من النظر مطلقاً تمسكاً ابن إدريس من النظر مطلقاً تمسكاً بعموم الأدلة ، واستضعافاً لهذا الخبر مرآة المجلسي 353/20.
5- الفقيه 3 ، 144 - باب النوادر ، ح 21 بتفاوت «ويدل على جواز النظر اليهن وإلى الأعراب، ولم أر في كلام الأصحاب تصريحاً به، وأما أهل السواد والعلوج فلأنهم من أهل الذمة وأما المجنونة والمغلوبة على عقلها فقال العلّامة في التذكرة: يجوز النظر إلى شعر المجنونة المغلوبة من غير تعمد مستنداً بقول الصادق (علیه السّلام) ... الخ» مرآة المجلسي 353/20.
6- الحديث صحيح، ويدل على ما هو المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم من وجوب تقنع أم الولد أمام الرجال.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : ليس على الأمة قِناع في الصلاة، ولا على المُدبّرة، ولا على المكاتبة إذا اشترطتَ عليها قناع في الصلاة، وهي مملوكة حتّى تؤدّي جميع مكاتبتها، ويجري عليها ما يجري على المملوك في الحدود كلّها(1).

357- باب مُصَافحة النساء

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عیسی، عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن مصافحة الرّجل المرأة قال : لا يحلُّ للرّجل أن يصافح المرأة، إلّا امرأة يحرم عليه أو يتزوّجها : أخت أو بنت أو عمّة أو خالة أو ابنة أخت أو نحوها، فأمّا المرأة الّتي يحلّ له أن يتزوَّجها، فلا يصافحها إلّا من وراء الثوب، ولا يغمز كفّها(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): هل يصافح الرّجل المرأة ليست بذي محرم ؟ فقال : لا، إلّا من وراء الثوب(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن سالم، عن بعض أصحابه، عن الحكم بن مسكين قال: حدَّثتني سعيدة ومنّة أختا محمّد بن أبي عمیر بيّاع السابريّ، قالتا : دخلنا على أبي عبد الله (علیه السّلام) فقلنا : تعود المرأة أخاها؟ قال: نعم، قلنا : تصافحه؟ قال : من وراء الثوب، قالت إحداهما: إن أُخني هذه تعود إخوتها؟ قال : إذا عدت إخوتك فلا تلبسي المُصَبَّغة(4).

ص: 530


1- الفقيه 1، 54 - باب آداب المرأة في الصلاة، ح 5 بتفاوت قليل والمدبّرة : هي الأمة التي يعلّق مولاها عتقها على وفاة زوجها أو مخدومها والمكاتبة : هي التي تتعاقد مع سيدها على أن تدفع له مبلغاً من المال مقسطاً نجوماً أو دفعة واحدة في وقت محدد. كأن يقول السيد لها : كاتبتك على أن تؤدي إلّي كذا في وقت كذا (إن اتحد الأجل) أو أوقات كذا (إن تعدّد الأجل) فإذا أدّيتِ فأنتِ حرّة فتقول هي : قبلتُ. فإن أضاف المولى في الإيجاب : فإن عجزت فأنت ردٌّ في العبودية كانت المكاتبة مشروطة وإلا فمطلقة وقد دل الحديث على عدم وجوب التقنّع على المدبرة والمكاتبة المشروطة دون المكاتبة المطلقة
2- الحديث موثق، وبمضمونه عمل أصحابنا رضوان الله عليهم
3- الفقيه 3، 144 - باب النوادر ، ح 20 بتفاوت يسير
4- الحديث مجهول. والمقصود بالأخ هنا الأخ في الدين لا في النسب. والثياب المصبغة : الملونة

358- باب صفة مبايعة النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) النساء

358 - باب صفة مبايعة (1)النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) النساء

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن أسلم الجبليّ، عن عبد الرحمن بن سالم الأشلّ، عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : كيف ماسح رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) النساء حين بايعهنَّ؟ قال : دعا بِمِركَنه (2)الّذي كان يتوضأ فيه، فصبّ فيه ماء، ثمَّ غمس يده اليمنى، فكلّما بايع واحدة منهنَّ قال : اغمسي يدك، فتغمس كما غمس رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فكان هذا مُمَاسَحَتَهُ إياهنَّ(3).

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) مثله(4).

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : أتدري كيف بايع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) النساء؟ قلت: الله أعلم وابن رسوله أعلم، قال : جمعهنَّ حوله، ثمَّ دعا بتُور برام(5)، فصبَّ فيه نَضوحاً(6)، ثمَّ غمس يده فيه، ثمَّ قال: اسمعن يا هؤلاء أبايعكنَّ على أن لا تُشركن بالله شيئاً، ولا تَسرقن ولا تَزْنِينَ ولا تقتلن أولادكنّ، ولا تأتينَ ببُهتان تفترينه بين أيديكنَّ وأرجلكنَّ، ولا تعصين بعولتكنَّ في معروف، أقررتنَّ؟ قلن : نعم فأخرج يده من التور، ثمَّ قال لهنَّ: اغمسن أيديكنّ، ففعلن، فكانت يد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) الطاهرة أطيب من أن يمسَّ بها كفّ انثى ليست له بمحرم .

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول الله عزّوجلَّ: «وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ»(7)؟ قال : المعروف أن لا يَشقُقْنَ جَيباً، ولا يلطمن خدٍّا، ولا يدعون وَيلا، ولا

ص: 531


1- المبايعة : مفاعلة من البيع، مأخوذة مما كان يصنعه المسلمون عند مبايعتهم النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) أو الإمام من قبضهم على يديه توكيداً للأمر فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري عند إبرام الصفقة والمراد بها هنا المعاهدة مع النبي أو الإمام (صلی الله علیه و آله و سلّم) على جعله ولياً لهم في كل شيء من أمر دينهم ودنياهم والتسليم المطلق له
2- المِرْكن: - كما يقول في الصحاح - الإجّانة التي تغسل فيها الثياب
3- الحديث ضعيف
4- هذا السند مرسل
5- التُور - كما في النهاية - إناء من صِفر أو حجارة كالأجّانة، وقد يتوضأ منه، والبُرمة : القدر مطلقاً، وجمعها برام وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن.
6- النضوح الطيب
7- الممتحنة / 12

يتخلّفن عند قبر، ولا يسوّدن ثوباً، ولا ينشرن شعراً.

4 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن سليمان بن سماعة الخزاعيّ، عن عليّ بن إسماعيل، عن عمرو بن أبي المقدام قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : تدرون ما قوله تعالى : «وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوف»؟ قلت: لا، قال: إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال لفاطمة (علیها السّلام) : إذا أنا مِتّ فلا تخمشي عليّ وجها(1)، ولا تنشري عليِّ شَعراً، ولا تنادي بالويل، ولا تقيمي عليَّ نائحة، قال : ثمَّ قال : هذا المعروف الّذي قال الله عزّ وجلّ(2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبَان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لما فتح رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) مكّة، بايع الرّجال، ثمَّ جاء النساء يبايعنه، فأنزل الله عزّ وجلَّ: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ (3)وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ (4)بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ، وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»(5). فقالت هند : أمّا الولد فقد ربّينا صغاراً وقتلتهم كباراً، وقالت أمّ حكيم بنت الحارث بن هشام - كانت عند عكرمة بن أبي جهل -: يا رسول الله، ما ذلك المعروف الّذي أمرنا الله أن لا نعصِينك فيه؟ قال : لا تطلمن خدّاً، ولا تخمشن وجهاً، ولا تنتفن شعراً، ولا تشققن جيباً، ولا تسودن ثوباً، ولا تدعين بويل فبايعهنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) على هذا، فقالت يا رسول الله ، كيف نبايعك؟ قال : إنّني لا أصافح النساء، فدعا بقدح من ماء فأدخل يده ثمَّ أخرجها، فقال : أُدْخِلنَ أيديكنَّ في هذا الماء، فهي البيعة(6).

359- باب الدخول على النساء

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن جعفر بن عمر ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) أن يدخل الرّجال على النساء إلّا بإذنهنَّ.

ص: 532


1- قال الفيروزآبادي : حَمَشَ وجهه : خَدَشَهُ.
2- الحديث ضعيف
3- مطلقاً بالواد أو الإسقاط
4- أي بكذب يكذبنه في مولود يوجد . والمعنى : لا يلحقن بأزواجهن ولداً ليس من أصلابهم.
5- الممتحنة / 12
6- الحديث موثق أو حسن

2 - وبهذا الإسناد : أن يدخل داخل على النساء إلّا بإذن أوليائهنّ.

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : يستأذن الرّجل إذا دخل على أبيه، ولا يستأذن الأب على الابن. قال : ويستأذن الرَّجل على ابنته وأخته إذا كانتا متزوّجتين(1).

4 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة ، عن محمّد بن عليّ، الحلبيّ قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : الرَّجل يستأذن على أبيه؟ قال : نعم، قد كنت أستأذن على أبي وليست أمّي عنده، إنّما هي امرأة أبي، توفّيت أمّي وأنا غلام، وقد يكون من خلوتهما ما لا أحبُّ أن أفْجَأَهُما عليه، ولا يحبّان ذلك منّي، والسلام أصوب وأحسن(2).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، عن عبيد بن معاوية بن شريح، عن سَيف بن عَمِيرة، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ قال : خرج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يريد فاطمة (علیها السّلام) - وأنا معه - فلمّا انتهيت إلى الباب وضع يده عليه فدفعه ثمَّ قال : السلام عليكم، فقالت فاطمة : عليك السلام يا رسول الله، قال : ادْخُلُ؟ قالت : ادخل يا رسول الله ، قال : أدخل أنا ومن معي؟ فقالت: يا رسول الله، ليس عليَّ قناع، فقال يا فاطمة خذي فضل ملحفتك فقنّعي به رأسك، ففعلت، ثمَّ قال : السلام عليكم؛ فقالت فاطمة : وعليك السلام يا رسول الله، قال: أَدْخُلُ؟ قالت : نعم يا رسول الله، قال : أنا ومن معي؟ قالت: ومن معك؛ قال جابر: فدخل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ودخلت، وإذا وجه فاطمة (علیها السّلام) أصفر كأنّه بطن جرادة، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ما لي أرى وجهك أصفر ؟ قالت يا رسول الله، الجوع، فقال (صلی الله علیه و آله و سلّم) : اللّهمّ مشبع الجوعة ودافع الضيعة، أشبع فاطمة بنت محمّد، قال جابر : فوالله لنظرت إلى الدّم ينحدر من قصاصها حتّى عاد وجهها أحمر، فما جاعت بعد ذلك اليوم(3).

360- باب آخر منه

1- عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن

ص: 533


1- الحديث صحيح
2- لعل المعنى : إن السلام من أنواع الإستئذان وأحسن وأصوب من غيره مرآة المجلسي 361/20
3- الحديث ضعيف

أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، جميعاً عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائني ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: ليستأذن الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحكم منكم ثلاث مرَّات كما أمركم الله عزَّ وجلَّ(1)، ومن بلغ الحلم فلا يلج على أمّه ولا على أخته ولا على خالته ولا على سوى ذلك إلّا بإذن، فلا تأذنوا حتّى يسلّم، والسلام طاعة الله عزَّ وجلَّ ؛ قال : وقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : ليستأذن عليك خادمك إذا بلغ الحلم في ثلاث عورات إذا دخل في شيء منهنَّ، ولو كان بيته في بيتك ؛ قال : وليستأذن عليك بعد العشاء الّتي تسمّى العَتَمة، وحين تصبح، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة، إنّما أمر الله عزّ وجلَّ بذلك للخلوة، فإنّها ساعة غِرّة (2)وخلوة .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد الحلبيّ، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول الله عزّ وجلَّ : «الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» ؟ قال : هي خاصّة في الرّجال دون النساء ، قلت : فالنساء يَسْتَأْذِنَ في هذه الثلاث ساعات؟ قال : لا، ولكن يدخلن ويخرجن. «وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ»؟ قال: من أنفسكم، قال: عليكم استئذان كاستئذان من قد بلغ في هذه الثلاث ساعات.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله جميعاً عن محمّد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرَّات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهنَّ طوَّافون عليكم ، ومن بلغ الحلم منكم فلا يلج على أمّه ولا على أخته ولا على ابنته ولا على من سوى ذلك إلّا بإذن ، ولا يأذن لأحد حتّى يسلّم ، فإنَّ السلام طاعة الرَّحمن.

4 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن ربعيّ بن عبد الله عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول الله عزّ وجلَّ:

، «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّات»

ص: 534


1- أي في قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم» النور / 58
2- الغرة: الغفلة

قيل : من هم؟ فقال: هم المملوكون من الرجال والنساء والصبيان الذين لم يبلغوا، يستأذنون عليكم عند هذه الثلاث العورات؛ من بعد صلاة العشاء، وهي العَتَمة، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة، ومن قبل صلاة الفجر، ويدخل مملوككم [وغلمانكم] من بعد هذه الثلاث عورات بغير إذن إن شاؤوا.

361- باب ما يحلّ للمملوك النظر إليه من مولاته

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله وأحمد ابني محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن المملوك، يرى شعر مولاته؟ قال : لا بأس(1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن أبي البلاد؛ ويحيى بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم، عن معاوية بن عمّار قال: كنّا عند أبي عبد الله (علیه السّلام) نحواً من ثلاثين رجلاً، إذ دخل عليه أبي، فرحّب به أبو عبد الله (علیه السّلام) وأجلسه إلى جنبه، فأقبل عليه طويلا، ثم قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إنَّ لأبي معاوية حاجة، فلو خَففتُم، فقمنا جميعاً، فقال لي أبي : ارجع يا معاوية، فرجعت فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : هذا ابنك؟ قال: نعم، وهو يزعم أنَّ أهل المدينة يصنعون شيئاً لا يحلُّ لهم؛ قال : وما هو؟ قلت: إنَّ المرأة القرشيّة والهاشميّة تركب وتضع يدها على رأس الأسوَد وذراعيها على عنقه، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : يا بنيَّ، أما تقرأ القرآن؟ قلت بلى قال : اقرأ هذه الآية : «لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ - حتّی بلغ- وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ»(2)، ثم قال : يا بنيّ، لا بأس أن يرى المملوك الشعر والساق(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن

ص: 535


1- قال الشهيد الثاني رحمه الله في المسالك: «هنا مسألتان : الأولى : في جواز نظر البالغ الخصي المملوك للمرأة إلى مالكته قولان: أحدهما: الجواز، ذهب إليه العلامة في المختلف لقوله تعالى : «وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ» الأحزاب / 55 . الشامل بعمومه للمملوك الفحل والخصيّ، فإن فرض خروج الفحل بشبهة دعوى الإجماع بقي العام حجة في الباقي مع أن الشيخ ذكر في المبسوط ما يدل على ميله إلى جواز نظر المملوك مطلقاً . والثاني : المنع ، وهو مختار المحقق والشيخ في الخلاف والعلامة في التذكرة لعموم المنع، وحملوا الآية السابقة على الإماء. والثانية: جواز نظر الخصي إلى غير مالكته ، وفيه قولان أيضاً، ويظهر من ابن الجنيد الكراهة مطلقاً.
2- الأحزاب / 55
3- الحديث صحيح. ويدل على عدم جواز نظر المملوك إلى غير ما ذكر من سيدته

أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): المملوك، يرى شعر مولاته وساقها؟ قال : لا بأس(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن يونس بن عمّار؛ ويونس بن يعقوب جميعاً عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا يحلّ للمرأة أن ينظر عبدها إلى شيء من جسدها، إلّا إلى شعرها، غير متعمّد لذلك .

وفي رواية أخرى: لا بأس أن ينظر إلى شعرها إذا كان مأموناً.

362- باب الخِصيان

1 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد، عن عبد الله جبلة، عن عبد الملك بن عتبة النخعيّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن أمّ الولد، هل يصلح أن ينظر إليها خصيٌّ مولاها وهي تغتسل ؟ قال : لا يحلُّ ذلك .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن إسحاق قال : سألت أبا الحسن موسى (علیه السّلام) قلت : يكون للرّجل الخصيّ، يدخل على نسائه فيناولهنَّ الوَضُوء فيرى شعورهنَّ؟ قال: لا(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن الرّضا (علیه السّلام) عن قناع الحرائر من الخصيان؟ فقال: كانوا يدخلون على بنات بی الحسن (علیه السّلام) ولا بتقنّعن، قلت فكانوا أحراراً؟ قال : لا، قلت : فالأحرار يُتَقَنّع منهم؟ قال : لا(3).

ص: 536


1- الفقيه 3 ، 144 - باب النوادر ، ح 16 بتفاوت وأخرجه عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (علیه السّلام).
2- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 133 . الفقيه 3 ، 144 - باب النوادر ، ح 17 . الاستبصار 3 ، 154 - باب كراهية دخول الخصي على النساء ، ح 1 وفيه وفي التهذيب: عن أحمد بن إسحاق عن أبي إبراهيم (علیه السّلام) ... يقول المحقق في الشرائع 269/2 : هل يجوز للخصي النظر إلى المرأة المالكة له أو الأجنبية؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو الأظهر لعموم المنع، وملك اليمين المستثنى في الآية، المراد به الإماء».
3- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 134. الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 2 . وفيهما إلى قوله : ولا يتقنعنَ. والحديث صحيح . وقال الشيخ في التهذيب بعد إيراده الحديث : هذا الخبر خرج مخرج التقية والعمل على الخبر الأول (يقصد خبر محمد بن إسحاق المتقدم) وإنما أجازوا في الخبر الثاني تقية من سلطان الوقت».

363- باب متى يجب على الجارية القِناع

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : لا يصلح للجارية إذا حاضت (1)إلّا أن تختمر (2)، إلّا أن لا تجده.

2 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان؛ وأبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن الجارية الّتي لم تُدرِك، متى ينبغي لها أن تغطّي رأسها ممّن ليس بينها وبينه محرم، ومتى يجب عليها أن عليها أن تقنّع رأسها للصلاة؟ قال: لا تغطّي رأسها حتّى تحرم عليها الصلاة(3).

364- باب حدّ الجارية الصغيرة التي يجوز أن تُقَبَّلَ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الله يحيى الكاهليّ، عن أبي أحمد الكاهليّ - وأظننّي قد حضرته - قال : سألته عن جويرية (4)ليس بيني وبينها محرم، تغشاني، فأحملها ، فأقبّلها ؟ فقال : إذا أتى عليها ستّ سنين فلا تضعها على حجرك(5).

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن يحيى، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال : إذا بلغت الجارية الحرَّة ستَّ سنين، فلا ينبغي لك أن تقبّلها(6).

ص: 537


1- الحيض : كناية عن بلوغها سن التكليف
2- التخمير - كما في المغرب - التغطية والخمار هو ما نغطي به المرأة رأسها
3- الحديث صحيح ، والظاهر أنه يعني قوله : حتى تحرم ... الخ كناية عن الحيض، ويحتمل أن تكون حرمة الصلاة بدون القناع مرآة المجلسي 20 / 370.
4- تصغير جارية
5- الفقيه 3 128 - باب الحد الذي إذا بلغه الصبيان لم يجز مباشرتهم و ...، ح 2 بتفاوت وأخرجه عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال : سأل محمد بن النعمان أبا عبد الله (علیه السّلام) ... وظاهر النهي الحرمة. والحديث مجهول.
6- التهذيب 7 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 137 وأخرجه عنه عن القاسم بن محمد عن محمد بن أبان عن عبد الرحمن بن بحر عن زرارة عن أبي عبد الله (علیه السّلام) وليس فيه : الحرّة ... والحديث مجهول.

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن هارون بن مسلم، عن بعض رجاله، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السّلام) أنَّ بعض بني هاشم دعاه مع جماعة من أهله، فأتى بصبيّة له فأدناها أهل المجلس جميعاً إليهم، فلمّا دنت منه، سأل عن سنّها، فقيل : خمس، فنحّاها عنه(1).

365- باب في نحو ذلك

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل أمير المؤمنين (علیه السّلام) عن الصبيّ، يَحْجُمُ المرأة؟ قال: إن كان يحسن يصف(2) فلا.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : استأذن ابن أمِّ مكتوم على النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) وعنده عائشة وحفصة، فقال لهما : قوما فادْخُلا البيت، فقالتا : إنّه أعمى، فقال: إن لم يَرَكُما فإنّكما تريانه(3).

366- باب المرأة يصيبها البلاء في جسدها فيعالجها الرجال

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها إمّا كسر أو جراح في مكان لا يصلح النظر إليه، ويكون الرّجال أرفقَ بعلاجه من النساء، أيصلح له أن ينظر إليها؟ قال : إذا اضطرَّت إليه، فيعالجها إن شاءت(4).

367- باب التسليم على النساء

1 - عليُّ بن إبراهيم [عن أبيه] عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : لا تبدؤوا النساء بالسلام، ولا تَدْعُوهُنَّ إلى الطعام،

ص: 538


1- الحديث ضعيف
2- كناية عن بلوغه مرحلة التمييز بين الجميلة ،والدميمة والحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث مرسل وظاهره حرمة نظر المرأة إلى الأجنبي مطلقاً
4- الحديث صحيح، وعليه فتوى الأصحاب.

فإنَّ النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال: النساء عِيٌّ (1)وعورة، فاستروا عِيّهنَّ بالسكوت، واستروا عوراتهن بالبيوت(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) أنّه قال : لا تسلّم على المرأة(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعيّ بن عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يسلّم على النساء ويَرْدُدْنَ عليه، وكان أمير المؤمنين (علیه السّلام) يسلّم على النساء، وكان يكره أن يسلّم على الشابّة منهنَّ، ويقول : أتخوّف أن يعجبني صوتها فيدخل عليّ أكثر ممّا طلبت من الأجر(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ؛ عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : النساء عِيٌّ وعورة، فاستروا العورات بالبيوت واستروا العِيَّ بالسكوت(5).

368 - باب الغِيرَة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عمّن ذكره عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الله تبارك وتعالى غيور (6)يحبُّ كلَّ غيور، ولغيرته حرَّم الفواحش ظاهرها وباطنها.

2 - عنه، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن حبيب الخثعميّ، عن

ص: 539


1- العِيّ : العجز عن البيان . والحصر في المنطق. والعِيّ في الأمر : عدم الاهتداء إلى وجه المراد أو الجهل به أو العجز عنه
2- الحديث ضعيف، ويدل على منعهنّ عن الخروج من البيوت إلا في حال الضرورة، إما وجوباً مع خوف الفتنة أو لزوم أمر محرّم أو استحباباً مع عدم ذلك
3- وقد حمله بعض الأصحاب كالمحقق الأردبيلي على الكراهة مع كون المرأة شابة، وهنالك من قال منّا بحرمة تسليمها على الأجنبي كتسليمه عليها.
4- الفقيه 3 ، 144 - باب النوادر ، ح 19 وقد تقدم هذا الحديث في أصول الكافي 2، كتاب العشرة ، باب التسليم على النساء، ح 1.
5- الفقيه 3، 111 - باب المذموم من أخلاق النساء و ... ، ح 3 بتفاوت يسير.
6- الغيرة: حمية وانفة، ونسبتها إليه سبحانه كناية عن المبالغة في إظهار غضبه على من يرتكب الفواحش والتشديد في إنزال العقوبة به.

عبد الله بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إذا لم يغر الرّجل فهو منكوس القلب(1).

3 - عنه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن جرير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا أغير الرَّجل في أهله أو بعض مناكحه من مملوكه فلم يغر، ولم يغيّر، بعث الله عزّ وجلَّ إليه طائراً يقال له : القَفَنْدَر حتّى يسقط على عارضة بابه، ثمَّ يمهله أربعين يوماً، ثمَّ يهتف به، إنَّ الله غيور يحبُّ كلَّ غيور، فإن هو غار وغيّر وأنكر ذلك فأنكره، وإلا طار حتّى يسقط على رأسه فيخفق بجناحيه على عينيه، ثمَّ يطير عنه، فينزع الله عزَّ وجلَّ عز وجل منه بعد ذلك روح الإيمان، وتسمّيه الملائكة الدّيوث(2).

4 - ابن محبوب، عن غير واحد عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : كان إبراهيم (علیه السّلام) غيوراً، وأنا أغْيَرُ منه، وجدع الله أنف من لا يغار من المؤمنين والمسلمين(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إسحاق بن جرير قال : سمعتِ أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إنَّ شيطاناً يقال له : القفندر إذا ضرب في منزل الرَّجل أربعين صباحاً بالبَربَط(4)، ودخل عليه الرجال، وضع ذلك الشيطان كلَّ عضو منه على مثله من صاحب البيت، ثمَّ نفخ فيه نفخة، فلا يغار بعد هذا حتّى تؤتى نساؤه فلا يغار.

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : يا أهل العراق نُبِّثْتُ أنَّ نساءكم يدافعن الرّجال في الطريق، أما تستحيون؟! .

وفي حديث آخر : أنَّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) قال: أما تستحيون ولا تغارون، نساؤكم يخرجن إلى الأسواق ويزاحِمْنَ العُلوج(5).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان،

ص: 540


1- كناية عن عدم استقرار شيء من قيم الخير في نفسه
2- الحديث موثق . والقَفَندَر : - كما في القاموس - القبيح المنظر ، والشديد الرأس والصغير. والعارضة : - كما في القاموس أيضاً - الخشبة العليا التي يدور فيها الباب وخفقه بجناحيه : ضربه بهما
3- الفقيه 3 ، 133 - باب الغيرة، ح 1. بتفاوت . وجدع الأنف: قطعه . وهو كناية عن إذلاله على كره منه
4- البَربَط: العود من آلات الطرب . وهو - كما في القاموس - معرّب بربط أي صدر الإوزّ لأنه يشبهه
5- العلوج : جمع العلج، وهم الكفار مطلقاً

عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ثلاثة لا يكلّمهم الله (1)يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم : الشّيخ الزّاني والدّيوث، والمرأة تؤطي (2)فراش زوجها.

8 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن ميمون القدَّاح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: حُرّمت الجنّة على الدّيوث .

9 - أبو عليّ الأشعريّ، عن بعض أصحابه، عن جعفر بن عنبسة، عن عبادة بن زياد الأسديّ، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر (علیه السّلام)؛ وأحمد بن محمّد العاصميّ، عمّن حدَّثه، عن معلّی بنِ محمّد، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرَّحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إنَّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) في رسالته إلى الحسن (علیه السّلام) : إيّاك والتغاير في غير موضع الغيرة، فإنَّ ذلك يدعو الصحيحة منهنَّ إلى السقم، ولكن أحْكِم أمرهنَّ، فإن رأيت عيباً فعجّل النكير على الصّغير والكبير، فإن تَعَيَّنت منهنَّ الرَّيب فيعظم الذَّنب ويهون العتب(3).

369 - باب أنه لا غيرَةَ في الحَلَال

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا غيرة في الحلال بعد قول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : لا تُحدِثا (4)شيئاً حتّى أرجع إليكما، فلمّا أتاهما أدخل رجليه بينهما في الفراش.

370 - باب خروج النساء إلى العيدين

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن مروان بن مسلم، عن محمّد بن شريح :قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن خروج النساء في العيدين؟ فقال : لا، إلّا عجوز عليها مَنقلاها - يعني الخُقِّين.

ص: 541


1- كناية عن غضبه سبحانه عليهم والإعراض عنهم
2- أي تأذن بالدخول عليها للرجال الأجانب فتتحدث إليهم. وقد يكون ذلك كناية عن الزنا في فرش أزواجهن
3- الحديث ضعيف بسنديه. والمعني : أنه لا يمكن العقوبة بالتهمة على حد الصدق، فإذا قررت بذنب عليهم و عاقبت دون ما يستحق فاعله عظم الذنب وهان العتب مرآة المجلسي 378/20.
4- الضمير يرجع إلى علي وفاطمة (علیهم السّلام). والقصة مذكورة في كشف الغمة ص 108 وما بعدها فراجع . والحديث حسن.

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عليّ، عن يونس بن يعقوب قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن خروج النساء في العيدين والجمعة ؟ فقال : لا، إلّا امرأة مُسِنّة(1).

371 - باب ما يحلّ للرجل من امرأته وهي طامث

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ ومحمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن عبد الملك بن عمرو قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) : ما لصاحب المرأة الحائض منها : فقال : كلُّ شيء ما عدا القُبُل بعينه(2).

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الحائض، ما يحلُّ لزوجها منها؟ قال: ما دون الفَرج.

3 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليّ بن الحسن، عن محمّد بن أبي حمزة، عن داود الرّقي، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لابي عبد الله (علیه السّلام) : ما يحلُّ للرّجل من امرأته وهي حائض؟ قال : ما دون الفرج.

4 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عليّ بن الحسن، عن محمّد بن زياد، عن أبَان بن عثمان؛ والحسين بن أبي يوسف، عن عبد الملك بن عمرو قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) : ما يحلُّ للرّجل من المرأة وهي حائض؟ قال: كلُّ شيء غير الفرج، قال: ثمَّ قال : إنّما المرأة لعبة الرّجل .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطيّة، عن عذافر الصيرفيّ قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : ترى هؤلاء المشوّهين خلقهم؟ قال : قلت : نعم، قال: هؤلاء الّذين آباؤهم يأتون نساءهم في الطمث(3).

ص: 542


1- الحديث ضعيف، ويدل كسابقه على عدم وجوب صلاة العيدين على النساء وكراهة خروج المرأة الشابة منهن لأدائها. وأخرجه في التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 159 .
2- التهذيب 1، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة و . . .، ح 9. الاستبصار 1 ، 77 - باب ما للرجل من المرأة إذا كانت حائضا، ح 2 وقد ذهب الأكثر إلى جواز الاستمتاع من الحائض بما بين السرة والركبة خلا موضع الدم، بينما ذهب السيد المرتضى رحمه الله في شرح الرسالة إلى عدم جواز الاستمتاع منها إلا بما فوق المئزر ومنه الوطء في الدبر.
3- الحديث مجهول. وتشويه الخلق تقبيحه بأية صورة من الصور

372 - باب مجامعة الحائض قبل أن تغتسل

1- محمّد بن يحيى، عن احمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزین، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في المرأة ينقطع عنها دم الحيض في آخر أيّامها؟ قال : إذا أصاب زوجها شَبَقٌ فليأمرها فَلْتَغْسِل فَرْجها، ثمَّ يمسّها إن شاء قبل أن تغتسل(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليّ بن الحسن الطاطريّ، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عليّ بن يقطين، عن أبي الحسن موسى (علیه السّلام) قال: سألته عن الحائض ترى الطهر ويقع بها زوجها؟ قال : لا بأس، والغسل أحبُّ إلي(2).

373 - باب مَحَاشَ النساء

1 - الحسين بن محمّد؛ عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أَبَان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن إتيان النساء في أعجازهنَّ؟ فقال: هي لُعبَتُك، لا تُؤذِها .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم قال : سمعت صفوان بن يحيى يقول : قلت للرضا (علیه السّلام) : إنَّ رجلًا من مواليك أمرني أن أسألك عن مسألة هابك واستحيى منك أن يسألك؟ قال : وما هي؟ قلت : الرَّجل يأتي امرأته في دُبُرها؟ قال : ذلك له قال : قلت له : فأنت تفعل؟ قال : إنّا لا نفعل ذلك(3).

ص: 543


1- التهذيب 1، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة و ...، ح 47 . وكرره برقم 160 من الباب 41 من الجزء 7 من التهذيب الاستبصار 1، 81 - باب الرجل هل يجوز له وطي المرأة إذا انقطع ...، ح 1.
2- التهذيب 1، 7 - باب حكم الحيض والاستحاضة و ... ، ح 53 بتفاوت يسير الاستبصار 1، 81 - باب الرجل هل يجوز له وطي المرأة إذا انقطع ...، ح 6 ، هذا وقد ذهب علماؤنا رضوان الله عليهم في الجملة إلى جواز وطي المرأة إذا انقطع دم حيضها قبل أن تغتسل وإن على كراهية جمعاً بين الأخبار. وقد خالف في ذلك الصدوق فيما نقل عنه حيث منع من الجواز قبل الغسل مستثنياً صورة ما إذا كان الزوج شبقاً أو مستعجلاً فله أن يجامعها بعد أن يأمرها بغسل فرجها ولكن وإن نقل الإجماع في الجملة على عدم المنع في الانتصار والخلاف والغنية ،وغيرها، إلا أن الأكثر على المنع مطلقاً، وفي المختلف استثنى من المنع ما إذا غلب الزوج شهوته فيطاؤها بعد غسل فرجها ومنشأ اختلافهم إضافة إلى اختلاف الروايات اختلافهم في قراءة الآية 222 من سورة البقرة : «وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ» فمن قرأ «يطهُرْن» بالتخفيف قال بالجواز، ومن قرأ «يطهَّرْنَ» بالتشديد ذهب إلى المنع، ومن قال بالجواز أوّل الآية حتى مع قراءة التشديد بما يتناسب مع الجواز ، حيث حمل التطهر على النقاء، أو حمل الأمر على الإباحة بالمعنى الأخص المقابل للحرمة والكراهة.
3- التهذيب 7، 36 - باب السنة في عقود النكاح و ...، ح 35 بتفاوت يسير الاستبصار 3، 149 - باب إتيان النساء فيما دون الفرج، ح 6 . هذا وقد اختلف أصحابنا رضوان الله عليهم في حكم الوطي في دبر المرأة على قولين أشهرهما الكراهة، يقول الشهيدان : الوطي في دبرها مكروه كراهة مغلظة من غير تحريم على أشهر القولين والروايتين وظاهر آية الحرث، وفي رواية سدير عن الصادق (علیه السّلام) يحرم ، لأنه روي عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) أنه قال : محاشّ النساء على أمتي حرام، وهو مع سلامة سنده محمول على شدة الكراهة جمعاً بينه وبين صحيحة ابن أبي يعفور الدالة على الجواز صريحا ...».

374 - باب الخَضْخَضَة ونكاح البهيمة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن العلاء بن رزين، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته الخضخضة (1)؟ فقال : هي من الفواحش، ونكاح الامة خير منه(2).

2 - أحمد بن محمّد، عن أبي يحيى الواسطيّ، عن إسماعيل البصريّ، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن الدَّلك؟ قال : ناكح نفسه لا شيء عليه(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل ينكح بهيمة أو يدلك؟ فقال : كلُّ ما أنزل به الرَّجل ماءه في هذا وشبهه فهو زنا.

4 - عدَّةُ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الرَّيَّان، عن أبي الحسن (علیه السّلام) أنّه كتب إليه : رجلٌ يكون مع المرأة لا يباشرها إلّا من وراء ثيابها [وثيابه]، فيحرّك حتّى يُنزل، ما الّذي عليه، وهل يبلغ به حدَّ الخضخضة؟ فوقّع في الكتاب بذلك بالغ(4)أمره .

5 - عليُّ بن محمّد الكلينيُّ، عن صالح بن حمّاد، عن محمّد بن إبراهيم النوفليّ، عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : ملعون من نكح بهيمة.

375 - باب الزاني

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن عثمان بن عيسى، عن عليّ بن سالم، عن أبي

ص: 544


1- الخضخضة : الاستمناء باليد وأصلها التحريك
2- الحديث مرسل ويدل على حرمة الاستمناء وهو مجمع عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم
3- الحديث مجهول. وقوله : لا شيء عليه : يعني من الحد وهو لا ينافي كونه حراماً ومأثوماً عليه
4- أي بلغ كلما أراد، ولم يترك شيئاً من القبيح، والمراد : فعل ذلك الأجنبية مرآة المجلسي 20 / 385

عبد الله (علیه السّلام) قال: إن أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة، رجل أقرَّ نطفته في رحم يحرم عليه.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ وعثمان بن عيسى، عن عليّ بن سالم قال : قال أبو إبراهيم (علیه السّلام) : اتَّقِ الزّنا، فإنّه يمحق الرّزق ويبطل الدّين.

3 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن عبدالله بن ميمون القدَّاح، عن أبي عبد الله، عن أبيه (علیه السّلام) قال : للزاني ستّ خصال، ثلاث الدُّنيا، وثلاث في الآخرة، أمّا التي في الدنيا : فيذهب بنور الوجه، ويورث الفقر، ويعجّل الفناء، وأمّا الّتي في الآخرة؛ فسخط الرَّب، وسوء الحساب، والخلود في النّار(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي عُبَيدة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : وجدنا في كتاب عليّ (علیه السّلام) : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إذا كَثُر الزنا من بعدي، كَثُرَموتٌ الفجأة(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي حمزة قال: كنت عند عليّ بن الحسين (علیه السّلام) فجاءه رجلٌ فقال له : يا أبا محمّد، إنّي مبتلى بالنساء، فأزني يوماً وأصوم يوماً، فيكون ذا كفارة لذا؟ فقال له علي بن الحسين (علیه السّلام) : إنّه ليس شيء أحبَّ إلى الله عزَّ وجلَّ من أن يُطاع ولا يُعصى، فلا تزن ولا تَصُم، فاجتذبه أبو جعفر (علیه السّلام) إليه فأخذ بیده، فقال : يا أبا زنّة (3)، تعمل عمل أهل النّار، وترجو أن تدخل الجنّة(4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن سويد قال : قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : إنّي مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة، فيعجبني النظر إليها؟ فقال لي : يا عليّ، لا بأس (5)إذا عرف الله من نيّتك الصدق، وإيّاك والزّنا فإنّه يمحق البركة ويهلك الدين.

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أبي

ص: 545


1- الفقيه 3، 179 - باب معرفة الكبائر التي أوعد الله ... ، ح 30.
2- الحديث صحيح.
3- وقوله (علیه السّلام) : يا أبا زنة الظاهر أنه بتشديد النون، أي يا أيها القرد تأديباً، ويا من يتهم بالسوء لما نسبت إلى نفسك . قال الجوهري : أزننته بالشيء : اتهمته به وهو يزن بكذا وكذا ، أي يتهم به، وأبو زنة : كنية القرد ... وفي بعض النسخ: يا أبا يزيد مرآة المجلسي 387/20
4- الحديث صحيح
5- يمكن حمله على أن نظره بلا ،اختيار أو بلا تعمد أو على أنه إنما ينظر إليها بقصد التزويج بها. والحديث صحيح.

العباس الكوفيّ، جميعاً عن عمرو بن عثمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : اجتمع الحواريّون إلى عيسى (علیه السّلام) فقالوا له : يا معلّم، الخيرَ أرشِدنا، فقال لهم : انَّ موسى كليم الله (علیه السّلام) أمركم أن لا تحلفوا بالله تبارك وتعالى كاذبين، وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين ولا صادقين، قالوا : يا روح الله، زِدْنا، فقال : إنَّ موسى نبيَّ الله (علیه السّلام) أمركم أن لا تزنوا، وأنا أمركم أن لا تحدّثوا أنفسكم بالزّنا فضلا عن أن تزنوا، فإنَّ من حدَّث نفسه بالزّنا كان كمن أوقد في بيت مزوّق (1)فأفسد التزاويقَ الدُّخَانُ وإن لم يحترق البيت.

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عبدالله بن میمون القدَّاح، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال يعقوب لابنه : يا بُنَيَّ، لا تزن، فإنّ الطائر لو زنا لتناثر ریشه (2)

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن الفضيل، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) : في الزّنا خمس خصال: يذهب بماء الوجه، ويورث الفقر، ويُنقص العمر، ويُسخط الرَّحمن ويخلّد في النّار(3)، نعوذ بالله من النّار.

376 - باب الزّانية

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عیسی، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ثلاثة لا يكلّمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، منهم ؛ المرأة توطي فراش زوجها(4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن أبي الهلال، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : ألا أخبركم بكِبر الزنّا؟ قالوا: بلى، قال: هي امرأة توطي فراش زوجها، فتأتي بولد من غيره فتلزمُهُ زوجها، فتلك الّتي لا يكلّمها الله ولا ينظر إليها

ص: 546


1- التزويق : التزيين والتحسين.. مأخوذ من الزوق وهو الزئبق الذي يخلط مع الذهب فيطلى به فإذا أدركته النار ذهب الزئبق وبقي الذهب.
2- الفقيه 4، 3 - باب ما جاء في الزنا ، ح 4 وفيه : لابنه يوسف (علیه السّلام) . ورواه البرقي أيضاً في محاسنه ص /106 عن محمد بن علي عن ابن فضال.
3- لا بد من حمله على ما إذا زنا معتقداً عدم التحريم والحديث حسن
4- الفقيه 4، 3 - باب ما جاء في الزنا، ح 7 وجاء فيه بعد قوله : اليم الشيخ الزاني، والديوث والمرأة ... الخ.

يوم القيامة ولا يزكّيها ولها عذاب أليم(1).

3 - عليُّ، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : اشتدَّ غضب الله على امرأة أدخلت على أهل بيتها من غيرهم، فأكل خيراتهم ، ونظر إلى عوراتهم .

377 - باب اللّواط

1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : حرمة الدُّبر أعظم من حرمة الفَرج، إنَّ الله أهلك أمّة بحُرمة الدُّبر، ولم يهلك أحداً بحرمة الفَرْج.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي بكر الحضرميّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : من جامع غلاماً، جاء جنباً يوم القيامة لا يُنَقيه ماء الدنيا، وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له جهنّم وساءت مصيراً، ثمّ قال : إنَّ الذكر ليركب الذكر، فيهتزُّ العرش لذلك، وإنَّ الرَّجل ليؤتى في حَقَبه (2)فيحبسه الله على جسر جهنّم حتّى يفرغ من حساب الخلائق، ثمَّ يؤمر به إلى جهنّم، فيعذّب بطبقاتها طبقة طبقة حتّى يردّ إلى أسفلها ولا يخرج منها(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : اللّواط ما دون الدُّبر، والدُّبر هو الكفر(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبَان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أحدهما (علیه السّلام) في قولوط (علیه السّلام) : «إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ»(5)؟ فقال : إنَّ إبليس أتاهم في صورة حسنة ، فيه تأنيث، عليه ثياب حسنة، فجاء إلى شباب منهم فأمرهم أن يقعوا به، فلو طلب إليهم أن يقع بهم لأَبَوا عليه، ولكن طلب إليهم أن يقعوا به، فلمّا وقعوا به التذُّوه، ثمَّ ذهب عنهم وتركهم، فأحال بعضهم على بعض(6).

ص: 547


1- الفقيه 3 ، 179 - باب معرفة الكبائر التي أوعد الله ... ، ح 31 بتفاوت يسير
2- قال الفيروزآبادي: الحَقَب: الحزام يلي حقو البعير أو حبل يشد به الرحل في بطنه . وهو هنا كناية عن الدبر
3- الحديث حسن.
4- أي بمنزلة الكفر في العذاب وشدته أو يحمل على الكفر الحقيقي فيما لو فعله مستحلاً
5- العنكبوت / 28
6- الحديث حسن أو موثق

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سعيد قال : أخبرني زكريّا بن محمد، عن أبيه عن عمرو عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : كان قوم لوط من أفضل قوم خلقهم الله، فطلبهم إبليس الطلب الشديد، وكان من فضلهم وخيرتهم أنّهم إذا خرجوا إلى العمل خرجوا بأجمعهم وتبقى النساء خلفهم، فلم يزل إبليس يعتادهم(1)، فكانوا إذا رجعوا خرَّب إبليس ما يعملون، فقال بعضهم لبعض : تعالَوا نرصد هذا الّذي يخرّب متاعنا، فرصدوه، فإذا هو غلام أحسن ما يكون من الغلمان، فقالوا له : أنت الّذي تخرب متاعنا مرَّة بعد مرَّة، فاجتمع رأيهم على أن يقتلوه، فبيّتوه عند رجل، فلمّا كان اللّيل، صاح، فقال له : ما لَكَ؟ فقال : كان أبي يُنوّمني على بطنه، فقال له : تعال فَنَمْ على بطني، قال : فلم يزل يدلك الرَّجل حتّى علّمه أنّه يفعل بنفسه، فأوَّلاً علّمه إبليس، والثانية علّمه هو (2)، ثمَّ انسلَّ (3)ففرّ منهم، وأصبحوا، فجعل الرَّجل يخبر بما فعل بالغلام ويعجّبهم منه، وهم لا يعرفونه، فوضعوا أيديهم فيه حتّى اكتفى الرجال بالرجال بعضهم ببعض، ثمَّ جعلوا يرصدون مارَّة الطريق فيفعلون بهم، حتّى تنكّب مدينتَهم الناسُ، ثمّ تركوا نساءهم وأقبلوا على الغلمان، فلمّا رأى أنّه قد أحكم أمره في الرجال، جاء إلى النساء، فصيّر نفسه امرأة، فقال : إنَّ رجالكنَّ يفعل بعضهم ببعض؟ قالوا: نعم، قد رأينا ذلك، وكل ذلك يعظهم لوط ويوصيهم ، وإبليس يغويهم، حتّى استغنى النساء بالنساء، فلمّا كملت عليهم الحجّة، بعث الله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل (علیه السّلام) في زيّ غلمان عليهم أقبية، فمرُّوا بلوط وهو يحرث، فقال : أين تريدون، ما رأيت أجمل منكم قطُّ؟ قالوا إنّا أرسلنا سيّدنا إلى ربِّ هذه المدينة، قال أو لم يبلغ سيّدكم ما يفعل أهل هذه المدينة، يا بَنيَّ، إنّهم والله يأخذون الرّجال فيفعلون بهم حتّى يخرج الدَّم، فقالوا : أمرنا سيّدنا أن نمرَّ وسطها، قال: فلي إليكم حاجة قالوا: وما هي؟ قال : تصبرون ههنا إلى اختلاط الظَّلام، قال: فجلسوا، قال : فبعث ابنته فقال : جيئي لهم بخبز، وجيئي لهم بماء في القرعة، وجيئي لهم عباء يتغطّون بها من البرد، فلمّا أن ذهبت الابنة أقبل المطر والوادي، فقال لوط : الساعة يذهب بالصبيان الوادي، قوموا حتّى نمضي، وجعل لوط يمشي في أصل الحائط، وجعل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل يمشون وسط الطريق، فقال يا بَنيَّ، امشوا ههنا، فقالوا: أمرنا سيّدنا أن نمرَّ في وسطها، وكان لوط يستغنم الظّلام، ومرَّ إبليس فأخذ من حجر امرأة صبيَاً فطرحه في البئر، فتصايح أهل المدينة كلّهم على باب لوط، فلمّا أن نظروا إلى الغلمان في

ص: 548


1- العَود: انتياب الشيء . قاله في القاموس
2- أي كان إبليس معلّم الرجل أولاً على اللواط ثم صار الرجل بعده معلم الناس عليه
3- الإنسلال الانطلاق خفية

منزل لوط قالوا : قد دخلت في عملنا فقال : هؤلاء ضيفي، فلا تفضحون في ضيفي، قالوا : ثلاثة، خذ واحداً وأعطنا اثنين قال : فأدخلهم الحجرة وقال : لو أنَّ لي أهل بيت يمنعوني منكم، قال : وتدافعوا على الباب، وكسروا باب لوط وطرحوا لوطاً ، فقال له جبرئيل : «إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ»(1)، فأخذ كفّاً من بطحاء فضرب بها وجوههم وقال : شاهت الوجوه (2)، فعمى أهل المدينة كلّهم، وقال لهم لوط: يا رُسُلَ ربّي، فما أمركم ربّي فيهم؟ قالوا : أمرنا أن نأخذهم بالسحر، قال : فلي إليكم حاجة قالوا وما حاجتك؟ قال: تأخذونهم الساعة، فإنّي أخاف أن يبدو لربّي فيهم، فقالوا يا لوط: «إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ»(3)، لمن يريد أن يأخذ فخذ أنت بناتك وامض ودع امرأتك.

فقال أبو جعفر (علیه السّلام) رحم الله لوطاً، لو يدري من معه في الحجرة لعلم أنّه منصور حيث يقول : «قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيد»(4)، أيُّ ركن أشدُّ من جبرئيل معه في الحجرة، فقال الله عزَّ وجلَّ لمحمّد (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيد»(5)، من ظالمي أمّتك إن عملوا ما عمل قوم لوط، قال : وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : من ألحَّ في وطي الرّجال لم يمت حتّى يدعو الرّجال إلى نفسه(6).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن داود بن فَرقَد، عن أبي يزيد الحمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ الله عزّ وجل بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط : جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكَروبيل، فمرُّوا بإبراهيم (علیه السّلام) وهم معتمّون، فسلّموا عليه فلم يعرفهم، ورأى هيئة حسنة، فقال : لا يخدم هؤلاء إلا أنا بنفسي، وكان صاحب ضيافة، فشوى لهم عِجلاً سميناً حتّى أنضجه، ثمَّ قربه إليهم، فلمّا وضعه بين أيديهم «رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً»(7)، فلمّا رأى ذلك جبرئيل حسر العمامة عن وجهه، فعرفه إبراهيم، فقال: أنت هو: قال: نعم، ومرَّت سارة امرأته فبشّرها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، فقالت ما قال الله عزَّ وجلَّ؟ فأجابوها بما في الكتاب(8)، فقال لهم إبراهيم : لماذا

ص: 549


1- هود 81
2- هود 81
3- شاهت الوجوه : قَبُحَت
4- هود 80
5- هود / 83
6- الحديث ضعيف
7- هود / 70
8- وهو قوله تعالى بعد أن أبدت تعجبها : قالت يا ولتى أألِد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب، قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله عليكم وبركاته أهل البيت إنه حميد مجيد . هود / 72 - 73.

جئتم؟ قالوا : في إهلاك قوم لوط، فقال لهم : إن كان فيهم مائة من المؤمنين أتهلكونهم؟ فقال جبرئیل : لا ، قال : فإن كان فيها خمسون؟ قال : لا ، قال : فإن كان فيها ثلاثون؟ قال : لا ، قال : فإن كان فيها عشرون ؟ قال : لا ، قال : فإن كان فيها عشرة؟ قال : لا ، قال : فإن كان فيها خمسة؟ قال : لا ، قال : فإن كان فيها واحد ؟ قال : لا ، قال فإنَّ «فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ» (1)قال الحسن بن عليّ قال : لا أعلم هذا القول إلّا وهو يستبقيهم، وهو قول الله عزَّ وجلَّ: «يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوط» (2)فأتوا لوطأ وهو في زراعة قرب القرية، فسلّموا عليه وهم معتمّون، فلمّا رأى هيئة حسنة، عليهم ثياب بيض وعمائم بيض، فقال لهم : المنزل؟ فقالوا : نعم فتقدَّمهم ومشوا ،خلفه فندم على عرضه المنزل عليهم، فقال : أيُّ شيء صنعت، آتي بهم قومي وأنا أعرفهم، فالتفت إليهم فقال : وأنا أعرفهم، فالتفت إليهم فقال : إنّكم لتأتون شراراً من خلق الله ، قال : فقال جبرئيل : لا نعجل عليهم حتّى يشهد عليهم - ثلاث مرّات - فقال جبرئيل : هذه واحدة ثم مشى ساعة ثم التفت إليهم فقال : إنّكم لتأتون شراراً من خلق الله ، فقال : جبرئيل : هذه ثنتان ، ثم مشى فلمّا بلغ باب المدينة التفت إليهم فقال : إنّكم لتأتون شراراً من خلق الله ، فقال جبرئيل (علیه السّلام) : هذه الثالثة، ثمَّ دخل ودخلوا معه، حتّی دخل منزله، فلمّا رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة، فصعدت فوق السطح وصفقت، فلم يسمعوا، فدخّنت، فلمّا رأوا الدُّخان أقبلوا إلى الباب يُهْرَعون، حتّى جاؤوا إلى الباب فنزلت إليهم فقالت : عنده قوم ما رأيت قوماً قطُّ أحسن هيئة منهم، فجاؤوا إلى الباب ليدخلوا؛ فلما رآهم لوطٌ قام إليهم فقال لهم: يا قوم «... فاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ»(3)، وقال: «هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ»(4)، فدعاهم إلى الحلال، فقالوا :«مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ» (5)فقال لهم: «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»(6)، فقال جبرئيل : لو يعلم أيُّ قوَّة له، قال : فكاثَروه حتّى دخلوا البيت، فصاح به جبرئیل فقال : يا لوط دعهم يدخلوا، فلمّا دخلوا أهوى جبرئيل (علیه السّلام) بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم، وهو قول الله عزّ وجلَّ «فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ»(7)، ثم ناداه جبرئيل فقال له : «إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ

ص: 550


1- العنكبوت 32 الغابرين الماكثين الباقين في العذاب
2- هود 74
3- هود 78
4- هود 78
5- هود / 79
6- هود /80
7- القمر/ 37 وطمس العيون والطمس عليها بمعنى ذهاب بصرها.

بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ»(1)، وقال له جبرئيل : إنّا بُعثنا في إهلاكهم، فقال: يا جبرئيل عجّل، فقال : «إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ»(2)، فأمره فيحمل هو ومن معه إلّا امرأته، ثم اقتلعها - يعني المدينة - جبرئيل بجناحيه من سبعة أرضين، ثم رفعها حتّى سمع أهل سماء الدُّنيا نباح الكلاب وصراخ الديوك، ثم قَلَبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجّيل(3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول لوط (علیه السّلام) : «هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ»؟ قال عرض عليهم التزويج(4).

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم): «إيّاكم وأولاد الأغنياء والملوك المُرْد، فإنَّ فتنتهم أشدُّ من فتنة العذارى في خدورهنَّ»(5).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن سعيد، عن محمّد بن سليمان، عن ميمون البان قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام) فقرىء عنده آيات من هود، فلمّا بلغ : «وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيد»(6)، قال : فقال : من مات مصرًّا على اللّواط، لم يمت حتّى يرميه الله بحجر من تلك الحجارة، تكون فيه منيّته، ولا يراه أحد(7).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من قبّل غلاماً من شهوة، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار.

378 - باب من أَمْكَنَ من نفسه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد

ص: 551


1- هود/ 81
2- هود/ 81
3- الحديث مجهول
4- وقد اختلف في معنى مول لوط (علیه السّلام) هذا ، على أقوال فراجع مجمع البيان للطبرسي رحمه الله ج 5 ص / 184
5- الحديث ضعيف على المشهور
6- هود 2 - 83 ومسومةً : معلّمة . والمقصود بالظالمين : عتاة قريش .
7- الحديث مجهول

عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «من أمكن من نفسه طائعاً يُلْعَبُ به، ألقى الله عليه شهوة النساء.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن عبد الله الدّهقان، عن دُرُست بن أبي منصور، عن عطيّة أخي أبي العرام :قال ذكرت لأبي عبد الله (علیه السّلام) المنكوح من الرِّجال، فقال: ليس يبلي الله بهذا البلاء أحداً وله فيه حاجة، إنَّ في أدبارهم أرحاماً منكوسة، وحياء أدبارهم كحياء ،المرأة، قد شرك فيهم ابن لإبليس يقال له : زوال، فمن شرك فيه من الرّجال كان منكوحاً ، ومن شرك فيه من النساء كانت من الموارد والعامل على هذا من الرجال إذا بلغ أربعين سنة لم يتركه، وهم بقيّة سدوم، أما إنّي لست أعني بهم بقيّتهم : أنّه ولدهم، ولكنّهم من طينتهم، قال: قلت: سدوم الّتي قُلِبَت؟ قال : هي أربع مدائن : سدوم وصريم ولدماء وعميراء، قال: فأتاهنّ جبرئيل (علیه السّلام) وهنَّ مقلوعات إلى تخوم الأرض السابعة، فوضع جناحه تحت السفلى منهنَّ، ورفعهنَّ جميعاً، حتّى سمع أهل سماء الدُّنيا نباح كلابهم، ثمَّ قلبها(1).

3 - محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الرحمن العزرميّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : إنَّ الله عباداً لهم في أصلابهم أرحام كأرحام النساء، قال: فسئل : فما لهم لا يحملون؟ فقال : إنّها منكوسة ولهم في أدبارهم غدّة كغدّة الجمل أو البعير فإذا هاجت هاجوا، وإذا سكنت سكنوا(2).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن عبد الله، وعبد الرحمن بن محمّد، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) المتشبّهين من الرّجال بالنساء والمتشبّهات من النساء بالرجال، قال: وهم المخنّثون، واللاّتي ينكحن بعضهنَّ بعضاً(3).

5 - أحمد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : جاء رجل إلى أبي فقال : يا ابن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، إنّي ابتُليت ببلاء فادع الله لي، فقيل له : إنّه يؤتى في دبره، فقال : ما أبلى الله عزّ وجلّ بهذا البلاء أحداً له فيه حاجة (4)، ثمَّ قال أبي : قال الله

ص: 552


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث صحيح
3- الحديث ضعيف. والمقصود بذيل الحديث السحاقيات
4- حاجة الله به كناية عن إحلال لطفه به وكونه من أهل الرحمة والرضوان .

عزّ وجلَّ : وعزَّتي وجلالي لا يقعد على استبرقها (1)وحريرها من يؤتى في دبره(2).

6 - عدَّةً من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن عمر بن عليّ بن عمر بن يزيد، عن محمّد بن عمر، عن أخيه الحسين، عن أبيه عمر بن يزيد قال كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام) وعنده رجل، فقال له : جُعِلْتُ فداك، إنِّي أحبُّ الصبيان؟ فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : فتصنع ماذا؟ قال : أحملهم على ظهري، فوضع أبو عبد الله (علیه السّلام) يده على جبهته وولّى وجهه عنه، فبكى الرَّجل، فنظر إليه أبو عبد الله (علیه السّلام) كأنّه رَحِمَه فقال : إذا أتيت بلدك فاشتر جزوراً سميناً، وأعقِله عقالاً شديداً، وخذ السّيف فاضرب السّنام ضربة تقشر عنه الجلدة، واجلس عليه بحرارته، فقال عمر: فقال الرَّجل : فأتيت بلدي فاشتريت جزوراً فعقلته عقالاً شديداً، وأخذت السّيف فضربت به السّنام ضربة، وقشرت عنه الجلد وجلست عليه بحرارته فسقط منّي على ظهر البعير شبه الوزغ ، أصغر من الوزغ، وسكن ما بي(3).

7 - محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن الهيثم النّهديّ رفعه قال : شكا رجلٌ إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) الابنَة(4)، فمسح أبو عبد الله (علیه السّلام) على ظهره، فسقطت منه دودة حمراء فبری.

8 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله (علیه السّلام)، عن محمد بن سعيد، عن زكريا بن محمد، عن أبيه، عن عمرو ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : أقسم الله على نفسه أن لا يقعد على نمارق الجنّة من يؤتى في دبره، فقلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): فلان عاقل لبيبُ يدعو النَّاس إلى نفسه، قد ابتلاه الله ؟ قال : فقال : فيفعل ذلك في مسجد الجامع؟ قلت : لا، قال : فيفعله علی باب داره؟ قلت: لا، قال: فأين يفعله؟ قلت : إذا خلا ، قال : فإنَّ الله لم يبتله، هذا متلذّذ لا يقعد على نمارق الجنّة (5)

9 - أحمد عن علي بن أسباط عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ما كان

ص: 553


1- هذا الضمير وما بعده يرجع إلى الجنة
2- الحديث مجهول
3- الحديث مجهول
4- المأبون : الذي يلاط به
5- الحديث ضعيف. وسعنى جوابه (علیه السّلام) : «لو كان مبتلى مجبوراً على ذلك لم يمكنه ضبط نفسه في محضر الناس، فهو يستحي من الناس ويتركه في مشهدهم ولا يستحي من الله فلذا لا يقعد على نمارق الجنة مرآة المجلسي 20/ 399

في شيعتنا، فلم يكن فيهم ثلاثة أشياء : من يسأل في كفّه، ولم يكن فيهم أزرق أخضر، ولم يكن فيهم من يؤتى في دبره .

10 - الحسين بن محمّد، عن محمّد بن عمران، عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : هؤلاء المخنّثون مبتلون بهذا البلاء، فيكون المؤمن مبتلى، والنّاس يزعمون أنّه لا يبتلي به أحدٌ الله فيه حاجة؟ قال : نعم، قد يكون مبتلى به، فلا تكلموهم، فإنّهم يجدون لكلامهم راحة، قلت : جُعِلْتُ فداك، فإنّهم ليسوا يصبرون؟ قال : هم يصبرون ولكن يطلبون بذلك اللّذة.

379 - باب السِّحْق

1 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عبيس بن هشام، عن حسین بن أحمد المنقريّ، عن هشام الصّيدناني، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سأله رجلٌ عن هذه الآية : «كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّس»(1)؟ فقال بيده (2)هكذا، فمسح إحداهما بالأخرى، فقال: هنَّ اللّواتي باللّواتي - يعني النّساء بالنّساء(3)- .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن إسحاق بن جرير قال: سألتني امرأة أن أستأذن لها على أبي عبد الله (علیه السّلام)، فأذن لها، فدخلت ومعها مولاة لها ؛ فقالت : يا أبا عبد الله قول الله عزّ وجل: «زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ» (4)ما عنى بهذا؟ فقال : أيّتها المرأة إن الله لم يضرب الأمثال للشجر، إنّما ضرب الأمثال لبني آدم، سلي عمّا تریدین، فقالت : أخبرني عن اللّواتي مع اللّواتي، ما حدُّهنَّ فيه ؟ فقال : حدٌّ الزنا، إنّه إذا كان القيامة، يؤتى بهنَّ قد البِسن مقطّعات من نار، وقنّعن بمقانع من نار، وسُرْوِلْنَ من النّار، وأدخل في أجوافهنَّ إلى رؤوسهنَّ أعمدة من نار، وقذف بهنَّ في النّار، أيّتها المرأة، إِنَّ أَوَّل من عمل هذا العمل قوم لوط، فاستغنى الرّجال بالرّجال، فبقي النساء بغير رجال، ففعلن كما فعل رجالهنَّ (ه) .

ص: 554


1- ق / 12 . الرسّ : هو البئر ، قتل أهلها نبيهم فيها فأهلكهم الله
2- قال بيده : أي أشار بها
3- يعني المساحقة. والحديث ضعيف
4- النور/ 35 .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن يزيد النخعيّ، عن بشير النبّال قال : رأيت عند أبي عبد الله (علیه السّلام) رجلاً فقال له : جُعِلْتُ فِداك، ما تقول في اللّواتي مع اللّواتي؟ فقال له : لا أخبرك حتّى تحلف لَتُخْبِرن بما أحدَّثك به النساء، قال: فحلف لهّ، قال : فقال : هما في النّار، وعليهما سبعون حلّة من نار فوق تلك الحلل جلد جاف غليظ من نار، عليهما نطاقان من ناروتاجان من نار، فوق تلك الحلل، وخُفّان من نار، وهما في النّار(1).

4 - عنه، عن أبيه عن عليّ بن القاسم، عن جعفر بن محمّد، عن الحسين بن زياد، عن يعقوب بن جعفر قال : سأل رجلٌ أبا عبد الله أو(2)أبا إبراهيم (علیه السّلام) عن المرأة تساحق المرأة - وكان متّكئاً فجلس - فقال : ملعونة الرَّاكبة ،والمركوبة، وملعونة حتّى تخرج من أثوابها الرَّاكبة والمركوبة، فإنَّ الله تبارك وتعالى والملائكة وأولياءه يلعنونهما وأنا ومن بقي في أصلاب الرّجال وأرحام النساء، فهو والله الزنا الأكبر، لا والله ما لهنَّ توبة، قاتل الله لاقيس بنت إبليس ماذا جاءت به، فقال الرَّجل : هذا ما جاء به أهل العراق، فقال والله لقد كان على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قبل أن يكون العراق وفيهنَّ قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «لعن الله المتشبّهات بالرِّجال من النّساء، ولعن الله المتشبّهين من الرّجال بالنّساء(3).

380 - باب أن من عَفَّ عن حُرَمِ الناس عُفَّ عن حرمه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن شريف بن سابق أو (4)رجل، عن شريف عن الفضل بن أبي قرَّة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لمّا أقام العالم (5)الجدار أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى (علیه السّلام) : إنّي مجازي الأبناء بسَعي الآباء، إن خيراً فخيرُ، وإن شراً فشرٌّ، لا تزنوا فتزني نساؤكم ، ومن وطأ فراش امرء مسلم وُطِى فراشه، كما تدين تُدان(6).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي

ص: 555


1- الحديث مجهول
2- الشك من الراوي
3- الحديث مجهول
4- الترديد من الراوي .
5- المقصود بالعالم الخضر (علیه السّلام) كما ورد في لقاء موسى (علیه السّلام) له وأشير إليه في قوله تعالى : (فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه ... الخ .
6- الحديث ضعيف .

عبد الله (علیه السّلام) قال: أما يخشى الّذين ينظرون في أدبار النّساء أن يُبتلوا بذلك في نسائهم(1)؟! .

2 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عمّن ذكره، عن مفضّل الجعفيّ قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام): ما أقبح بالرّجل من أن يرى بالمكان المعور (2)فيدخل ذلك علينا وعلى صالحي أصحابنا يا مفضّل، أتدري لم قيل : من يزن يوماً يُزْنَ به؟ قلت: لا، جُعِلْتُ فِداك، قال: إنّها كانت بغيٌّ (3)في بني إسرائيل، وكان في بني إسرائيل رجلٌ يُكثر الاختلاف إليها، فلمّا كان في آخر ما أتاها أجرى الله على لسانها : أما إنّك سترجع إلى أهلك فتجد معها رجلاً ، قال : فخرج، وهو خبيث النفس ، فدخل منزله غير الحال التي كان يدخل بها قبل ذلك اليوم، وكان يدخل بإذن ، فدخل يومئذ بغير إذن، فوجد على فراشه رجلا، فارتفعا إلى موسی (علیه السّلام)، فنزل جبرئیل (علیه السّلام) علی موسی (علیه السّلام) فقال یا موسی، من يزن يوماً يُزْنَ به، فنظر إليهما فقال : عُفّوا تَعُفٌ نساؤكم .

4 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أبي العبّاس الكوفيّ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً عن عمرو بن عثمان عن عبد الله الدهقان، عن دُرُست عن عبد الحميد، عن أبي إبراهيم (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : تزوَّجوا إلى آل فلان، فإنّهم عَفُوا فَعَفَّت نساؤهم، ولا تَزَوّجوا إلى آل فلان، فإنّهم بغَوا فبغت نساؤهم ؛ وقال : مكتوب في التوراة : أنا الله قاتل ،القاتلين ومفقر الزَّانين أيّها النّاس؛ لا تزنوا فتزني نساؤكم، كما تدين تُدان(4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عليّ بن رباط، عن عُبَيد بن زرارة قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : بِرُّوا آبائكم يَبَرُّكم أبناؤكم، وعُفّوا عن نساء الناس تعف نساؤكم.

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، من أصحابنا، عن أحمد، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه يرفعه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : «عليكم بالعفاف وترك الفجور».

7- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن ميمون القدَّاح قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول : ما من عبادة أفضل من عفّة بطن وفَرج.

ص: 556


1- الفقيه 4 ، 2 - باب ما جاء في النظر إلى النساء، ح 5
2- قال الجوهري : وهذا مكان معور: أي يخاف فيه القطع
3- البغي : الزانية
4- الحديث ضعيف

381 - باب نوادر

1 - أبو عليّ الأشعريٌّ، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ليس شيء (1)تحضره الملائكة، إلّا الرّهان، وملاعبة الرَّجل أهله(2).

2 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبَان بن عثمان ، عن حريز، عن وليد قال : جاءت امرأة سائلة إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : والدات والهات (3)رحيمات بأولادهنَّ، لولا ما يأتين إلى أزواجهنّ لقيل لهنّ : ادخلن الجنّة بغير حساب.

3 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سَيف بن عَميرة، عن أبي الصباح الكنانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إذا صلّت المرأة خمساً، وصامت شهراً، وأطاعت زوجها، وعرفت حقِّ عليّ (علیه السّلام)، فَلْتَدْخُلْ من أيّ أبواب الجنّة شاءت(4).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن سعيدة قالت : بعثني أبو الحسن (علیه السّلام) إلى امرأة من آل زبير لأنظر إليها أراد أن يتزوَّجها، فلمّا دخلت عليها حدَّثتني هُنَيْئَةً ثمَّ قالت: أدني المصباح، فأدينته لها، قالت سعيدة : فنظرت إليها - وكان مع سعيدة غيرها - فقالت : أرَضِيتُنَّ؟ قال : فتزوجها أبو الحسن (علیه السّلام) فكانت عنده حتّى مات عنها، فلمّا بلغ ذلك (5)جواريه جَعَلْن يأخذن بأردانه وثيابه وهو ساكت يضحك ولا يقول لهنَّ شيئاً، فذكر أنّه قال : ما شيء مثل الحرائر(6).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلَّ : «أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ»(7)؟ فقال : هو الجماع، ولكن الله ستير يحبُّ الستر، فلم يُسم كما تُسَمون.

ص: 557


1- يعني من الملاعبة والمداعبة.
2- الحديث مجهول والمقصود بالأهل الزوجة. وبالرهان السبق والرماية المشروعان.
3- الوَلَه - كما يقول في الصحاح - ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد.
4- الفقيه 3 ، 131 - باب حق المرأة على الزوج ، ح 7 بتفاوت يسير. والحديث حسن.
5- أي تزويجه (علیه السّلام) بها .
6- الحديث مجهول
7- المائدة / 6

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : أوصت فاطمة (علیه السّلام) إلى عليّ (علیه السّلام) أن يتزوج ابنة أختها (1)من بعدها، ففعل .

7 - این فضّال، عن ابن بكير، عن عُبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن الرَّجل يزوَّج جاريته، أينبغي له أن تترى عورته؟ قال: لا، وأنا أتّقي ذلك من مملوكتي إذا زوَّجتها(2).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال، عن ثعلبة، عن معمر بن يحيى قال : سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) عمّا يروي النّاس عن علي (علیه السّلام) في أشياء من الفروج لم يكن يأمر بها ولا ينهى عنها، إلّا أنّه ينهى عنها نفسه ،وولده فقلت وكيف يكون ذلك؟ قال : قد أحلّتها آية وحرَّمتها آية أُخرى، قلت : فهل يصير إلّا أن تكون إحداهما قد نسخت الأخرى، أو هما مُحكمتان جميعاً، أو ينبغي أن يُعمَل بهما؟ فقال : قد بيّن لكم إذ نهى نفسه وولده، قلت: ما منعه أن يبيّن ذلك للنّاس؟ فقال : خشي أن لا يطاع ، ولو أنَّ عليّاً (علیه السّلام) ثبتت له قدماه أقام كتاب الله والحقَّ كلّه(3).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن جميل، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (علیه السّلام) في رجل أقرَّ على نفسه أنّه غصب جارية رجل، فولدت الجارية من الغاصب؟ قال: تردُّ الجارية والولد على المغصوب منه، إذا أقرَّ بذلك الغاصب.

10 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحكم بن مسكين عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان ملك في بني إسرائيل، وكان له قاض وللقاضي أخٌ، وكان رجلَ صِدْقٍ، وله امرأة قد ولدتها الأنبياء، فأراد الملك أن يبعث رجلا في حاجة ، فقال للقاضي : ابغني رجلاً ثقة، فقال : ما أعلم أحداً أوثق من أخي، فدعاه ليبعثه فكره ذلك الرجل وقال لأخيه : إنّي أكره أن أضيّع امرأتي، فعزم عليه فلم يجد بدًّا من الخروج، فقال لأخيه : يا أخي، إني لست أخلف شيئاً أهمُّ عليَّ من امرأتي، فاخلفني فيها وتولّ قضاء حاجتها، قال : نعم، فخرج الرَّجل، وقد كانت المرأة كارهة لخروجه ، فكان القاضي يأتيها ويسألها عن حوائجها ويقوم لها فأعجبته فدعاها إلى نفسه فأبت عليه فحلف عليها لئن لم تفعلي

ص: 558


1- هي إمامة بنت أبي العاص وأمها زينب بنت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)
2- التهذيب 8، 9 - باب السراري وملك الأيمان ح 42 وفيه إلى قوله : لا
3- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 64 . الاستبصار 3 ، 113 - باب النهي عن الجمع بين الأختين في الوطء بملك اليمين، ح 5.

لنخبرنَّ الملك أنك قد فجرت، فقالت: اصنع ما بدا لك، لست أجيبك إلى شيء ممّا طلبت، فأتى الملك فقال : إنَّ امرأة أخي قد فجرت، وقد حقّ ذلك عندي، فقال له الملك : طهّرها، فجاء إليها فقال : إنَّ الملك قد أمرني برجمك، فما تقولين؟ تجيبيني وإلّا رجمتك، فقالت : لست أُجيبك فاصنع ما بدا لك، فأخرجها فحفر لها فرجمها ومعه النّاس ، فلمّا ظنَّ أنّها قد ماتت تركها وانصرف، وجنَّ بها اللّيل، وكان بها رمق، فتحركت وخرجت من الحفيرة ثمَّ مشت على وجهها حتّى خرجت من المدينة، فانتهت إلى دير فيه ديراني، فباتت على باب الدَّير، فلمّا أصبح الدّيراني، فتح الباب ورآها، فسألها عن قصّتها فخبّرته، فرحمها وأدخلها الدَّير، وكان له ابن صغير لم يكن له ابن غيره وكان حسن الحال فداواها حتّى برئت من علّتها واندملت، ثمَّ دفع إليها ابنه فكانت تربّي، وكان للدّيراني قهرمان يقوم بأمره، فأعجبته ، فدعاها إلى نفسه فأبت، فجهد بها فأبَت فقال : لئن لم تفعلي لأجهدنَّ في قتلك، فقالت: اصنع ما بدالك، فعمد إلى الصبيّ فدقّ عنقه، وأتى الدِّيراني فقال له : عمدتَ إلى فاجرة قد فَجَرَت فدفعت إليها ابنك فقتلته، فجاء الدِّيراني، فلمّا رآه قال لها ما هذا فقد تعلمين صنيعي بك، فأخبرته بالقصّة، فقال لها : ليس تطيب نفسي أن تكوني عندي، فاخرجي، فأخرجها ليلا، ودفع إليها عشرين درهماً وقال لها : تزوّدي هذه الله حسبك، فخرجت ليلا فأصبحت في قرية فإذا فيها مصلوب على خشبة وهو حيٌّ، فسألت عن قصّته فقالوا : عليه دين عشرون درهماً، ومن كان علیه دین ومن عندنا لصاحبه صُلِبَ حتّى يؤدّي إلى صاحبه، فأخرجت العشرين درهماً ودفعتها إلى غريمه وقالت : لا تقتلوه ، فأنزلوه عن الخشبة، فقال لها : ما أحدٌ أعظم عليّ منّة منك، نجّيتني من الصّلب ومن الموت، فأنا معك حيث ما ذهبت فمضى معها ومضت حتّى انتهيا إلى ساحل البحر، فرآى جماعة وسفناً فقال لها : اجلسي حتّى أذهب أنا أعمل لهم وأسْتَطْعِم وآتيك به، فأتاهم فقال لهم : ما في سفينتكم هذه؟ قالوا في هذه تجارات وجوهر وعنبر وأشياء من التجارة، وأمّا هذه فنحن فيها ، قال : وكم يبلغ ما في سفينتكم؟ قالوا : كثير لا نحصيه، قال: فإنّ هو خير ممّا في سفينتكم قالوا : وما معك؟ قال : جارية لم تروا مثلها قطّ، قالوا : شيئاً هو خير فبعناها قال : نعم علىّ شرط أن يذهب بعضكم فينظر إليها ثمَّ يجيئني فيشتريها ولا يعلمها، ويدفع إلي الثمن ولا يعلمها حتّى أمضي أنا، فقالوا : ذلك لك، فبعثوا من نظر إليها، فقال: ما رأيت مثلها قط، فاشتروهها منه بعشرة آلاف درهم ودفعوا إليه الدَّراهم، فمضى بها، فلمّا أمْعَنَ (1)، أتوها فقالوا لها : قومي وادخلي السفينة ، قالت : ولِمَ؟ قالوا : قد اشتريناك من مولاك،

ص: 559


1- امعَنَ: کما فی النهایة- ابعَدَ

قالت ما هو بمولاي، قالوا : لتقومينَ أو لَنَحْمِلَنك، فقامت ومضت معهم، فلمّا انتهوا الی الساحل لم يأمن بعضهم بعضاً عليها، فجعلوها في السّفينة الّتي فيها الجوهر والتّجارة، وركبوا هم في السّفينة الأخرى، فدفعوها، فبعث الله عزّ وجلّ عليهم رياحاً فغرّقتهم وسفينتهم ونجت السّفينة الّتي كانت فيها حتّى انتهت إلى جزيرة من جزائر البحر، وربطت السفيّنة، ثمَّ دارت في الجزيرة، فإذا فيها ماء وشجر فيه ثمرة فقالت: هذا ماء أشرب منه ، وثمر آكل منه، أعبد الله في هذا الموضع ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيّ من أنبياء بني إسرائيل أن يأتي ذلك الملك فيقول : إنَّ في جزيرة من جزائر البحر خلقاً من خلقي، فاخرج أنت ومن في مملكتك حتّى تأتوا خلقي هذه، وتقرُّوا له بذنوبكم، ثمَّ تسألوا ذلك الخلق أن يغفر لكم، فإن يغفر لكم غفرت لكم، فخرج الملك بأهل مملكته إلى تلك الجزيرة، فرأوا امرأة، فتقدَّم إليها الملك فقال لها : إنَّ قاضيًّ هذا أتاني فخبّرني أن امرأة أخيه فجرت فأمرته برجمها، ولم يقم عندي البيّنة، فأخاف أن أكون قد تقدَّمت على ما لا يحلُّ لي فأحبُّ أن تستغفري، لي، فقالت: غفر الله لك، اجلس، ثمَّ أتى زوجها ولا يعرفها فقال : إنّه كان لي امرأة، وكان من فضلها وصلاحها، وإنّي خرجت عنها وهي كارهة لذلك، فاستخلفت أخي عليها، فلمّا رجعت سألت عنها فأخبرني أخي أنّها فجرت فرجمها، وأنا أخاف أن أكون قد ضيعتها، فاستغفري لي، فقالت: غفر الله لك، اجلس، فأجلسته إلى جنب الملك.

ثمَّ أتى القاضي فقال : إنّه كان لأخي امرأة وإنّها أعجبتني، فدعوتها إلى الفجور فأبت، فأعلمت الملك أنّها قد فجرت، وأمرني برجمها فرجمتها، وأنا كاذب عليها، فاستغفري لي، قالت: غفر الله لك، ثمَّ أقبلت على زوجها فقالت : اسمع، ثمَّ تقدَّم الدَّيرانيُّ وقصَّ قصّته وقال : أخرجتها باللّيل وأنا أخاف أن يكون قد لقيها سبع فقتلها، فقالت: غفر الله لك، اجلس، ثمَّ تقدَّم القهرمان فقصَّ قصّته ؛ فقالت للدِّيراني : اسمع، غفر الله لك، ثمَّ تقدَّم المصلوب فقصَّ قصّته، فقالت : لا غفر الله لك ، قال : ثمَّ أقبلت على زوجها فقالت : أنا امرأتك، وكلّما سمعت فإنّما هو قصّتي، وليست لي حاجة في الرّجال، وأنا أحبُّ أن تأخذ هذه السّفينة وما فيها وتخلّي سبيلي ، فأعبد الله عزّ وجل في هذه الجزيرة، فقد ترى ما لقيت من الرجال، ففعل، وأخذ السّفينة وما فيها فخلّى سبيلها وانصرف الملك وأهل مملكته (1)

11 - أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) ويزيد بن حمّاد؛ وغيره، عن أبي جميلة، عن أبي جعفر ؛ وأبي عبد الله (علیه السّلام) قالا : ما من أحد

ص: 560

إلّا وهو يصيب حظّاً من الزنا، فزنا العينين النظر، وزنا الفم القُبلة، وزنا اليدين اللّمس، صدَّق (1)الفرج ذلك أم كذَّب.

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سمعته يقول : النظر سهم من سهام إبليس مسموم ، وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة.

13 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : الواشمة والموتشمة، والنّاجش والمنجوش، ملعونون على لسان محمّد(2).

14 - عنه، عن بعض العراقيّين، عن محمّد بن المثنّى، عن أبيه ، عن عثمان بن يزيد، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) رجلاً ينظر إلى فرج امرأة لا تحل له ، ورجلاً خان أخاه في امرأته، ورجلاً يحتاج الناس إلى نفعه فسألهم الرُّشوة .

15 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن زرعة بن محمّد قال: كان رجل بالمدينة، وكان له جارية نفيسة، فوقعت في قلب رجل وأعجِب بها، فشكا ذلك إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : تعرَّض لرؤيتها، وكلّما رأيتها فقل : أسأل الله من فضله، ففعل. فما لبث إلّا يسيراً حتّى عرض لوليّها سفر ، فجاء إلى الرَّجل فقال : يا فلان، أنت جاري، وأوثق النّاس عندي، وقد عرض لي ،سفر، وأنا أحبُّ أن أودِعَكَ فلانة جاريتي تكون عندك، فقال الرَّجل : ليس لي ،امرأة، ولا معي في منزلي امرأة، فكيف تكون جاريتك عندي؟ فقال : أقوَّمها عليك بالثمن ، وتضمنه لي تكون عندك، فإذا أنا قدمت فبِعنِيها أشتريها منك ، وإن نلت منها نلتَ ما يحلُّ لك، ففعل، وغلّظ عليه في الثمن، وخرج الرَّجل فمكثت عنده ما شاء الله ، حتّى قضى وطره منها ، ثمَّ قدم رسول لبعض خلفاء بني أميّة يشتري له جواري، فكانت هي فيمن سمّي أن يُشْتَرى، فبعث الوالي إليه فقال له : جارية فلان؟ قال : فلان غائب، فقهره على بيعها، وأعطاه من الثمن ما كان فيه ربح ، فلما أخذت الجارية وأخرج بها من المدينة ، قدم مولاها، فأول شيء سأله، سأله عن الجارية كيف هي ، فأخبره بخبرها، وأخرج إليه المال كلّه

ص: 561


1- أي حصل الزنا بالفعل أو لم يحصل
2- الوشم - كما في النهاية - أن يغرز الجلد بإبرة ثم يحشى بكحل أو نيل فيزرق أو يخضر، والحديث وإن كان ضعيفاً على المشهور إلا أنه يدل على تحريم هذه الأمور والمؤتشمة أو المستوشمة هي التي يفعل بها الوشم والنجش : مدح السلعة لتروج. أو أن يزيد في ثمنها وليس من نيته شراءها

الّذي قوّمه عليه والّذي ربح، فقال : هذا ثمنها فخذه، فأبى الرّجل وقال: لا آخذ إلّا ما قوَّمت عليك، وما كان من فضل فخذه لك هنيئاً، فصنع الله له بحسن نيّته.

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : لا بأس أن ينام الرّجل بين أمتين والحرَّتين، إنّما نساؤكم بمنزلة اللُّعَب(1).

17 - وبهذا الإسناد أنّه كره أن يجامع الرَّجل مقابل القِبْلَة .

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن جعفر بن يحيى الخزاعيِّ، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیه السّلام) قال : قلت له : اشتريت جارية من غير رِشْدَة (2)فوقعت منّي كلَّ موقع ؟ فقال : سل عن أمّها لمن كانت فسله يحلّل الفاعل بأمّها ما فعل ليطيب الولد .

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن قول الله عزَّ وجلَّ : «وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا» (3)؟ قال : الميثاق : هي الكلمة الّتي عقد بها النكاح ، وأما قوله : «غَلِيظًا»، فهو ماء الرَّجل يفضيه إلى امرأته.

20 - ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (علیه السّلام) عن رجل تزوَّج امرأة فقالت أنا حبلى، وأنا أختك من الرِّضاعة، وأنا على غير عدَّة؟ قال : فقال : إن كان دخل بها وواقعها فلا يصدّقها، وإن كان لم يدخل بها ولم يواقعها، فليختبر وليسأل إذا لم يكن عَرَفَها قبل ذلك(4).

21 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن

ص: 562


1- الحديث مجهول، ويدل على ما هو مجمع عليه بين أصحابنا من جواز النوم بين الأمتين وبين الحرتين أيضاً على كراهية فيهما وأخرجه في التهذيب 7، 41 - باب الزيادات في فقه النكاح ، ح161
2- كناية عن كونها ولدت من الزنا
3- النساء / 21 . وقد ذكر الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان 26/3 الأقوال في معنى الميثاق الغليظ فراجع . والحديث صحيح
4- التهذيب 7، 38 - باب التدليس في النكاح وما يردّ منه و ...، ح 37 ، الفقيه 3، 144 - باب النوادر ، ح 25 وفيه العطف بأو في المواضع الثلاثة . « قوله فلا يصدقها لأن قولها مناف لتمكينها بعد معرفة الزوج، بخلاف ما إذا ادعت ذلك قبل المواقعة، فإنه يمكنها أن تقول : لم أكن أعرفك والآن عرفتك وإن أمكن حمل الثاني على الاستحباب كما هو ظاهر الأصحاب مرأة المجلسي 414/20

عليّ بن النعمان، عن سويد القلا، عن سماعة، عن أبي بصير عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : رجلٌ أخذ مع امرأة في بيت فأقرَّ أنّها امرأته وأقرَّت أنّه زوجها؟ فقال: ربِّ رجل لو أتِيتُ به لأجزتُ له ذلك، وربَّ رجل لو أتِيتُ به لضربته(1).

22 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن الحسين الضرير عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد الله، عن أبيه (علیه السّلام) قال : خطب رجلٌ إلى قوم فقالوا : ما تجارتك ؟ فقال : أبيع الدّوابِّ، فزوِّجوه ، فإذا هو يبيع السّنانير، فاختصموا إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) فأجاز نكاحه، فقال: السّنانير دوابٌّ(2).

23 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن نوح بن شعيب رفعه، عن عبد بعض أصحابه، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : أتى رجلٌ من الأنصار رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقال : هذه ابنة عمّي وامرأتي، لا أعلم إلّا خيراً، وقد أتتني بولد شديد السّواد، منتشر المنخرين، جعد قَطَط أفطس الأنف، لا أعرف شبهه في أخوالي ولا في أجدادي، فقال لامرأته : ما تقولين؟ قالت : لا والذي بعثك بالحقّ نبيّاً، ما أقعدت مقعده منّي منذ ملكني أحداً غيره، قال: فنكس رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) برأسه مليّاً، ثم رفع بصره إلى السماء ، ثم أقبل على الرَّجل فقال : يا هذا، إنّه ليس من أحد إلّا بينه وبين آدم تسعة وتسعون عرقاً، كلّها تضرب في النسب، فإذا وقعت النطفة في الرحم، اضطربت تلك العروق تسأل الله الشبه لها، فهذا من تلك العروق الّتي لم يدركها

أجدادك ولا أجداد أجدادك، خذ إليك ابنك، فقالت المرأة : فرّجت عنّي يا رسول الله .

24 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن عمران بن موسى عن محمّد بن عبد الحميد، عن محمّد بن شعيب قال : كتبت إليه أنَّ رجلاً خطب إلى عمّ له ابنته، فأمر بعض إخوانه أن يزوّجه ابنته الّتي خطبها، وإنَّ الرَّجل أخطأ باسم الجارية، فسمّاها بغير اسمها، وكان اسمها فاطمة، فسمّاها بغير اسمها، وليس للرَّجل ابنة باسم الّتي ذكرها الزَّوج؟ فوقّع (علیه السّلام) : لا بأس به(3).

25 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الله بن الخزرج أنّه كتب إليه :

ص: 563


1- الفقيه 3، نفس الباب، ح 29 . ويحمل الحديث على ما إذا دلت قرائن الحال على الشك في إقرارها ثم العلم بكونهما أجنبيين، كما يحتمل حمله على أن الحاكم يمكن أن يحكم بعلمه بالواقع ويكون ذلك الواقع خلاف ما أقرّا به
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 39 وفيه الطبري بدل الضرير
3- الفقيه 3 ، 124 - باب ما أحل الله ...، ح 55 بتفاوت وإنما صح النكاح هنا لأن الخطأ إنما وقع في التطبيق وهو لا يضر ما دام القصد إلى معيّن موجوداً عند العقد، والذي يشير إليه أن الأب أمره أن يزوجه ابنته التي خطبها منه.

رجلٌ خطب إلى رجل، فطالت به الأيّام والشهور والسّنون، فذهب عليه أن يكون قال له : أَفْعَلُ، أو قد فعل؟ فأجاب فيه : لا يجب عليه إلّا ما عقد عليه قلبه، وثبتت عليه عزيمته.

26 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد القاسانيّ، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود عن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن الزُّهري، عن علي بن الحسين (علیه السّلام) في رجل ادَّعى على امرأة أنّه تزوَّجها بوليّ وشهود، وأنكرت المرأة ذلك، فأقامت أخت هذه المرأة على هذا الرَّجل البيّنة أنّه قد تزوَّجها بوليّ وشهود، ولم يوقتا وقتاً؟ فكتب : إِنَّ البيئة بيّنة الرَّجل، ولا تُقبل بيّنة المرأة، لأنَّ الزوج قد استحقّ بُضع هذه المرأة، وتريد أختها فساد النكاح ، ولا تُصَدَّق ولا تقبل بيّنتها إلّا بوقت قبل وقتها، أو بدخول بها(1).

27 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد العزيز بن المهتدي قال: سألت الرّضا (علیه السّلام) قلت : جُعِلْتُ فِداك، إنَّ أخي مات وتزوَّجت امرأته، فجاء عمّي فادَّعى أنّه قد كان تزوَّجها سرًّا، فسألتها عن ذلك، فأنكرت أشدَّ الإنكار وقالت: ما كان بيني وبينه شيء قطُّ؟ فقال : يلزمك إقرارها، ويلزمه إنكارها(2).

28 - عليٌّ، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن المشرقيّ، عن الرّضا (علیه السّلام) قال : قلت له : ما تقول في رجل ادّعى أنّه خطب امرأة إلى نفسها وهي مازحة، فسُئلت المرأة عن ذلك فقالت : نعم ؟ فقال : ليس بشيء، قلت: فيحلُّ للرَّجل أن يتزوّجها ؟ قال : نعم(3).

29 - عليُّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سمعته يقول - وسئل عن التزويج في شوَّال - فقال : إنَّ النبيّ (صلی الله عليه وآله) تزوّج بعائشة في شوّال وقال : إنّما كره ذلك في شوّال أهل الزَّمن الأوَّل، وذلك أنَّ الطاعون كان يقع فيهم في الأبكار والمملّكات، فكرهوه لذلك لا لغيره (4) .

30 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسين بن بشّار الواسطيّ قال: كتبت إلى أبي الحسن الرّضا (علیه السّلام) : إنَّ لي قرابة قد خطب إليَّ، وفي خُلُقِهِ

ص: 564


1- التهذيب 7، 38 - باب التدليس في النكاح و ... ، ح 40 . وكرره برقم 27 من الباب 41 من نفس الجزء من التهذيب كما كان ذكره برقم 12 من الباب 90 من الجزء 6 من التهذيب بتفاوت سندي . كما أخرجه مسنداً إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) برقم 11 من الباب 22 من الجزء 3 من الاستبصار وهو بنفس سند الجزء 6 من التهذيب.
2- دل على ثبوت تزويجه لها وصحته وعدم الأخذ بدعوى العم بلا بينة منه ولا تصديق منها له.
3- الفقيه 3 ، 124 - باب ما أحل الله ... ، ح 72 .
4- التهذيب 7 ، 41 - باب من الزيادات في فقه النکاح ، ح 113.

شيء؟ فقال : لا تزوّجه إن كان سيّء الخُلُق(1).

31 - محمّد بن يحيى، عن عبد بن جعفر، عن محمّد بن أحمد بن مطهّر قال : كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر (علیه السّلام) : إنّي تزوّجت بأربع نسوة لم أسأل عن أسمائهنَّ، ثم إنّي أردت طلاق إحداهنَّ وتزويج امرأة أُخرى؟ فكتب : انظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهنَّ فتقول : اشْهَدوا أنَّ فلانة الّتي بها علامة كذا وكذا هي طالق، ثمَّ تزوّج الأخرى إذا انقضت العدَّة(2).

32 - محمّد بن يحيى رفعه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه : لا تلد المرأة لأقلّ من ستّة أشهر (3).

33 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : ما من مؤمنَين يجتمعان بنكاح حلال، حتّى ينادي مناد من السماء : إنَّ الله وجل قد زوَّج فلاناً فلانة، وقال : ولا يفترق زوجان حلالاً، حتّى ينادي مناد من السماء؛ إنَّ الله قد أذن في فراق فلان وفلانة .

34 - ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخيّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن رجل له أربع نسوة، فهو يبيت عند ثلاث منهنّ في لياليهنَّ، ويمسّهن، فإذا بات عند الرَّابعة في ليلتها لم يمسّها، فهل عليه في هذا إثم؟ فقال : إنّما عليه أن يبيت عندها في ليلتها، ويظلُّ عندها صبيحتها وليس عليه إثم إن لم يجامعها إذا لم يُرد ذلك(4).

ص: 565


1- الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 13
2- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 162 و 163 . ولا خلاف بين أصحابنا في أن أقل الحمل ستة أشهر.
3- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 162 و 163 . ولا خلاف بين أصحابنا في أن أقل الحمل ستة أشهر.
4- التهذيب 7 ، 37 - باب القسمة للأزواج ، ح 11 . الفقيه ،3، 124 - باب ما أحل الله عز وجل من النكاح و ح 67 . هذا وقال الشهيدان : وتختص البكر عند الدخول بسبع ليال ولاء، ولو فرّقه لم يحتسب واستأنف وقضى الفرق للأخريات ويحتمل الاحتساب مع الإثم، والشّیب بثلاث ولاء والظاهر أن ذلك على وجه الوجوب، ولا فرق بين كون الزوجة حرّة أو أمة مسلمة وكتابية إن جوزنا تزويجها دواماً عملاً بالإطلاق واستقرب في التحرير تخصيص الأمة بنصف ما تختص به لو كانت حرّة، وفي القواعد المساواة، وعلى التنصيف يجب الخروج من عندها بعد نتصاف الليل إلى مكان خارج عن الأزواج كما يجب لو بات عند واحدة نصف ليلة ثم مُنع من الإكمال فإنه يبيت عند الباقيات مثلها مع المساواة أو بحسابه» . ويقول المحقق في الشرائع والواجب في القسمة المضاجعة لا المواقعة ويختص الوجوب بالليل دون النهار .... وقال الشهيدان (رحمه الله) تتميما لذلك : إلا في نحو الحارس ومن لا يتم عمله إلا بالليل فينعكس قسمته فتجب نهاراً دون الليل». وفسر الشهيد الثاني (رحمه الله) المضاجعة بأن ينام معها قريباً منها عادة معطياً لها وجهه دائماً أو أكثرياً بحيث لا يعدّ هاجراً وإن لم يتلاصق الجسمان.

35 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان رقعه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إن الله عزّ وجل نزع الشهوة من نساء بني هاشم وجعلها في رجالهم، وكذلك فعل بشيعتهم، وإن الله عزّ وجلَّ نزع الشهوة من رجال بني أميّة وجعلها في نسائهم، وكذلك فعل بشيعتهم(1).

36 - محمّد بن يحيى رفعه قال: جاء إلى النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) رجلٌ فقال : يا رسول الله، ليس عندي طَوّل فأنّكح النساء، فإليك أشكو العزوبيّة؟ فقال : وفّر شعر جسدك، وأدِم الصيام، ففعل، فذهب ما به من الشَّبَق.

37 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: من بركة المرأة، خفّة مؤونتها، وتيسير ولادتها، ومن شؤمها ، شدَّة مؤونتها، وتعسير ولادتها(2).

38 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) ) : إذا جلست المرأة مجلساً فقامت عنه فلا يجلس في مجلسها رجل حتّى يبرد(3) قال : وسئل النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم): ما زينة المرأة للأعمى؟ قال : الطّيب والخضاب، فإنّه من طيب النَسَمة .

39 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن ابی عبد الله (علیه السّلام) في الرَّجل يتزوَّج البكر؟ قال : يقيم عندها سبعة أيّام .

40 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان عبد الرّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في الرّجل تكون عنده المرأة فيتزوّج أخرى، كم يجعل للّتي يدخل بها؟ قال : ثلاثة أيّام، ثمَّ يقسم .

41 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: إنّ أبا بكر وعمر أتيا أُمَّ سلمة فقالا لها : يا أمَّ سلمة، إنّك قد كنت عند رجل قبل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فكيف رسول الله من ذاك في الخلوة؟ فقالت : ما هو إلّا

ص: 566


1- روي بمعناه وبسند آخر في الفقيه ،3، 144 - باب النوادر ، ح 4 .
2- التهذيب 7 ، 34 - باب اختيار الأزواج ، ح .. الفقيه ،3، 109 - باب بركة المرأة وشؤمها، ح 1
3- إلى هنا بتفاوت في الفقيه 3، 144 - باب النوادر ، ج 3 مرسلاً وكرره برقم 5 من الباب 178 من نفس الجزء من الفقيه.

كسائر الرجال، ثمَّ خرجا عنها، وأقبل النبيُّ (صلی الله علیه و آله و سلّم)، فقامت إليه مبادرة فَرَقاً(1) أن ينزل أمر من السماء فأخبرته الخبر، فغضب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) حتّى تربّد وجهه والتوى عرق الغضب بين عينيه، وخرج وهو يجرُّ رداءه حتّى صعد المنبر، وبادرت الأنصار بالسلاح، وأمر بخيلهم أن تحضر، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال أيّها الناس، ما بال أقوام يتبعون عيبي ويسألون عن غيبي، والله إنّي لأكْرَمُكُم حسباً، وأطهركم مولداً، وأنصحكم الله في الغيب، ولا يسألني أحد منكم عن أبيه إلّا أخبرته، فقام إليه رجلٌ فقال : من أبي ؟ فقال : فلان الرَّاعي، فقام إليه آخر فقال: من أبي؟ فقال : غلامكم الأسود، وقام إليه الثالث فقال: من أبي؟ فقال : الّذي تنسب إليه، فقالت الأنصار : يا رسول الله، اعف عنّا عفا الله عنك، فإنَّ الله بعثك رحمة فاعف عنّا عفا الله عنك، وكان النبيّ (صلی الله علیه و آله و سلّم) إذا كلّم استحيى وعرق ، وغضَّ طرفه عن الناس حياء حين كلّموه فنزل، فلمّا كان في السحر، هبط عليه جبرئيل (علیه السّلام) بصَحْفَه (2)من الجنّة فيها هريسة فقال : يا محمّد، هذه عملها لك الحور العين، فكلها أنت وعليّ وذرّيّتكما، فإنّه لا يصلح أن يأكلها غيركم، فجلس رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وعليُّ وفاطمة والحسن والحسين (علیه السّلام) فأكلوا، فأعطي رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في المباضعة من تلك الأكلة قوَّة أربعين رجلاً ، فكان إذا شاء غشي نساءه كلّهنَّ في ليلة واحدة(3).

42 - عدّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أبي العبّاس الكوفيّ، عن محمّد بن جعفر، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : من جمع من النساء ما لا ينكح ، فزنا منهنّ شيء، فالإثم عليه.

43 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى رفعه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سئل عن رجل وهب له أبوه جارية فأولدها، ولبثت عنده زماناً، ثمَّ ذكرت أنَّ أباه كان قد وطأها قبل أن يهبها له، فاجتنبها ؟ قال : لا تُصَدِّق.

44 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي الحسن الأوّل (علیه السّلام) قال : كتبت إليه هذه المسألة - وعرفت خطّه - عن أُمّ ولد لرجل كان أبو الرَّجل وهبها له، فولدت منه أولاداً، ثمَّ قالت بعد ذلك : إنَّ أباك كان وَطَأني قبل أن يهبني لك؟ قال : لا

ص: 567


1- الفَرَق : الفزع والخوف
2- الصحفة : القصعة
3- الحديث صحيح.

تُصَدق، انما تهرب من سوء خلقه.

45 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) في المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها الرَّجل، يفرَّق بينهما، ولا صداق لها، لأنَّ الحدث كان من قبلها(1).

46 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليّ، عن زكريّا المؤمن، عن ابن مسكان عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : إنَّ رجلاً أتى بامرأته إلى عمر فقال : إنَّ امرأتي هذه سوداء، وأنا أسود، وإنّها ولدت غلاماً أبيض؟ فقال لمن بحضرته ما تَرَوْنَ؟ فقالوا نرى أن ترجمها فإنّها سوداء وزوجها أسود وولدها أبيض، قال : فجاء أمير المؤمنين (علیه السّلام) وقد وُجّه بها لتُرجَم، فقال : ما حالكما، فحدَّثاه، فقال للأسود : أتتّهم امرأتك؟ فقال : لا، قال : فأتيتها وهي طامث؟ قال: قد قالت لي في ليلة من اللّيالي : إنّي طامث، فظننت أنّها تتّقي البرد، فوقعت عليها، فقال للمرأة هل أتاك وأنت طامث؟ قالت : نعم، سله قد حرّجت عليه وأبيت، قال : فانطلِقا فإنّه ابنكما، وإنّما غلب الدم النطفة، فابيضّ، ولو قد تحرَّك اسوَدّ، فلمّا أيفع اسْوَدَّ(2).

47 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه، عن عليّ بن الحسين (علیه السّلام) قال : سئل عن الفواحش؛ ما ظهر منها وما بَطَنَ؟ قال: ما ظهر نكاح امرأة الأب، وما بَطَن الزِّنا (3).

48 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع أبي سيّار، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: قال

ص: 568


1- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح .176 . وذكره أيضاً برقم 105 من نفس الباب، الفقيه 3، 124 - باب ما أحل الله من ... ، ح 38 بتفاوت قليل. والمشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم كما سبق وبينا أن الزنا ليس من موجبات الردّ ولا يؤثر في بقاء النكاح، لأن الحرام لا يحرم الحلال. وقد نقل عن بعض قدماء الأصحاب كابن الجنيد وابن البراج وغيرهما قولهم بأن المحدودة ترد بالفجور.
2- الحديث ضعيف. ويظهر منه أن دم الحيض إذا غلب على مزاج الولد يصير أبيض، ولا استبعاد فيه، ولما كان هذا مزاجاً عارضياً ينقص شيئاً فشيئاً حتى إذا أيفع - أي ارتفع وطال - عاد إلى مزاجه الأصلي واسوده مرآة المجلسي 423/20 .

رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله فلا يعجلها.

49 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن إبراهيم بن ميمون، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله (علیه السّلام) عن قول الله عزّ وجلَّ: «أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى» (1)؟ قال : ليس شيء من خلق الله إلّا وهو يعرف من شكله، الذكر من الأنثى، قلت: ما يعني «ثُمَّ هَدَى»؟ قال : هداه للنكاح والسفاح من شکله.

50 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه أو (2)غيره، عن سعد بن سعد، عن الحسن بن جهم قال : رأيت أبا الحسن (علیه السّلام) اختضب، فقلت: جُعِلْتُ فداك، اخْتَضَبْتَ؟ فقال: نعم، إِنَّ التهيئة ممّا يزيد في عفّة النساء، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهنَّ التهيئة ، ثمَّ قال : أيسرك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلت : لا ، قال : فهو ذاك ، ثمَّ قال: من أخلاق الأنبياء التنظّف والتطيّب وحلق الشعر وكثرة الطّروقة، ثمَّ قال : كان لسليمان بن داود (علیه السّلام) ألف امرأة في قصر واحد ثلاثمائة مهيرة، وسبعمائة سريّة، وكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) له يُضع(3)أربعين رجلاً، وكان عنده تسع نسوة، وكان يطوف عليهنَّ في كلّ يوم وليلة(4).

51 - وعنه، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن أبي عبد ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: تذاكروا الشّوم عند أبي عبد الله (علیه السّلام)، فقال : الشَّؤم في ثلاث : في المرأة والدَّابة والدَّار، فأمّا شؤم المرأة فكثرة مهرها وعقم رحمها(5).

52 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي عبد الله البرقيّ رفعه قال: لمَّا زوَّج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فاطمةَ (علیها السّلام) قالوا : بالرّفاه والبنين، فقال: لا، بل على الخير والبركة.

53 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب ، عن محمّد بن قيس، أبي جعفر (علیه السّلام) قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فدخلت عليه وهو في منزل حفصة، والمرأة متلبّسة متمشّطة، فدخلت على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فقالت : يا رسول الله إن

ص: 569


1- طه / 50.
2- الترديد من الراوي
3- البُضع : يطلق على الفرج، وعلى الجماع، وعلى التزويج أيضاً، قاله في المصباح
4- الحديث مجهول
5- الفقيه ،3 178 - باب النوادر ح 14 بتفاوت وزيادة

المرأة لا تخطب الزَّوج، وأنا امرأة أيّم لا زوج لي منذ دهر ، ولا ولد، فهل لك من حاجة، فإن تك فقد وهبت نفسي لك إن قَبِلْتَني، فقال لها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) خيراً، ودعا لها، ثمَّ قال : يا أخت الأنصار، جزاكم الله عن رسول الله خيراً، فقد نصرني رجالكم، ورغبت فيِّ نساؤكم، فقالت لها حفصة : ما أقلّ حياءك وأجرأك وأنهمك للرِّجال، فقال لها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : كفّي عنها يا حفصة، فإنّها خيرٌ منك، رغبت في رسول الله فَلُمْتِها وعيبتها، ثمَّ قال للمرأة : انصرفي رحمك الله ، فقد أوجب الله لك الجنّة لرغبتك فيِّ وتعرُّضك لمحبّتي وسروري، وسيأتيك أمري إن شاء الله ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: «وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ» (1)قال: فأحلَّ الله عزّ وجلَّ هبة المرأة نفسها لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، ولا يحلُّ ذلك لغيره(2).

54 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن معروف، عن عليّ بن مهزيار، عن مخلّد بن موسى، عن إبراهيم بن عليّ، عن عليّ بن يحيى اليربوعيّ، عن ابَان بن تغلب، عن أبي جعفر علیه السّلام قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : إنّما أنا بشر مثلكم أتزوّج فيكم وأزوّجكم، إلا فاطمة (علیها السّلام)، فإنَّ تزويجها نزل من السماء(3).

55 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن عمر بن حنظلة قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) : إنّي تزوَّجت امرأة فسألت عنها ، فقيل فيها؟ فقال : وأنت لِمَ سألت أيضاً، ليس عليكم التفتيش.

56 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبيه، عن سدير قال : قال لي أبو، جعفر (علیه السّلام) : يا سدير بلغني عن نساء أهل الكوفة جمالٌ وحُسْنُ تَبَعَل، فابتغ لي امرأة ذات جمال في موضع، فقلت: قد أصبتها جُعِلْتُ فِداك ، فلانة بنت فلان بن محمّد بن الأشعث بن قيس، فقال لي: يا سدير، إنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لعن قوماً فَجَرَت اللّعنة في أعقابهم إلى يوم القيامة، وأنا أكره أن يصيب جسدي جسدُ أحد من أهل النّار(4).

ص: 570


1- الأحزاب / 50
2- الحديث حسن. ويدل على أن النكاح بالاستيهاب هو من خصائصه (صلی الله علیه و آله و سلّم) وقد تقدم القول فيه والنهمة : الولع بالشيء
3- الفقيه 3، 114 - باب الأكفاء ، ح 2
4- الحديث مجهول. والظاهر أن الأشعث هذا هو أحد رؤوس الخوارج وابنه محمد كان ممن حارب الحسين (علیه السّلام) في كربلاء وهو الذي ألقى القبض على مسلم بن عقيل (علیه السّلام) وابنته جعدة هي التي كانت تحت الإمام الحسن (علیه السّلام) فدّست له السم.

57 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ بن النّعمان، عن بن حبيب، عن أبي مريم الأنصاريّ قال: سمعت جعفر بن محمّد (علیه السّلام) يقول : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : يا عليُّ مُرّ نساءك لا يُصَلّين عُطلاً، ولو يعلّقن في أعناقهنَّ سَيْراً(1).

58 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن خالد بن إسماعيل، عن رجل من أصحابنا من أهل الجبل، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : ذكرت له المجوس وأنّهم يقولون : نكاح كنكاح ولد آدم(2)وإنّهم يحاجّونّا بذلك؟ فقال : أمّا أنتم فلا يحاجّونكم به، لمّا أدرك هبة الله (3)قال :آدم يا ربّ زوّج هبة الله، فأهبط الله عزّ وجل له حوراء فولدت له أربعة غلمة، ثمَّ رفعها الله، فلمّا أدرك ولد هبة الله قال : يا ربّ زوّج ولد هبة الله، فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليه أن يخطب إلى رجل من الجنّ - وكان مسلماً - أربع بنات له على ولد هبة الله، فزوجهنَّ، فما كان من جمال وحلم فمن قبل الحوراء والنبوّة، وما كان من سفه أو حدَّة فمن الجنّ(4).

59 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عیسی، عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : قول الرَّجل للمرأة: إنّي أحبك، لا يذهب من قلبها أبداً(5).

382 - باب تفسير ما يحلّ من النكاح وما يحرم والفرق بين النكاح والسِّفَاح والزنا وهو من كلام يونس

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار وغيره ، عن يونس قال : كلُّ زنا سفاح، وليس كلّ سفاح ،زنا، لأنَّ معنى الزّنا فعل حرام من كلّ جهة، ليس فيه شيء من وجوه الحلال، فلمّا كان هذا الفعل بكلّيته حراماً من كلّ وجه، كانت تلك العلّة رأس كلّ فاحشة، ورأس كلّ حرام، حرّمه الله من الفروج كلّها، وإن كان قد يكون فعل الزّنا عن تراض من العباد وأجر مسمّى ومؤاتاة منهم على ذلك الفعل، فليس ذلك التراضي منهم إذا تراضوا عليه من

ص: 571


1- السَير : ما يتقلّد من الجلد
2- أي بتجوزيهم نكاح الأخ لأخته، وهو ما عليه بعض العامة من أن آدم (علیه السّلام) زوّج بناته من بطن بنيه من بطن آخر والأم واحدة
3- هبة الله : هو أحد أولاد آدم (علیه السّلام) .
4- الحديث مجهول.
5- الحديث ضعيف

إعطاء الأجر من المؤاتاة على المواقعة حلالاً، وأن يكون ذلك الفعل منهم الله عزَّ وجلَّ رضى، أو أمرهم به، فلمّا كان هذا الفعل غير مأمور به من كلِّ جهة، كان حراماً كلّه، وكان اسمه زناً محصناً، لأنّه معصية من كلّ جهة، معروف ذلك عند الفرق والملل، أنّه عندهم حرام محرّم غير مأمور به، ونظير ذلك الخمر بعينها أنّها رأس كلّ مسكر، وأنّها إنّما صارت خالصة خمراً، لأنّها انقلبت من جوهرها بلا مزاج من غيرها صارت خمراً وصارت رأس كلّ مسكر من غيرها وليس سائر الأشربة كذلك، لأنَّ كلّ جنس من الأشربة المسكرة فمشوبة، ممزوج الحلال بالحرام، ومستخرج منها الحرام، نظيره الماء الحلال الممزوج بالتمر الحلال، والزّبيب، والحنطة، والشعير، وغير ذلك الّذي يخرج من بينها شرابٌ حرامٌ، وليس الماء الّذي حرَّمه الله ولا التّمر ولا الزّبيب وغير ذلك إنّما حرَّمه انقلابه عند امتزاج كلّ واحد بخلافه حتّى غلا وانقلب، والخمر غلت بنفسها لا بخلافها، فاشترك جميع المسكر في اسم الخمر وكذلك شارك السفاح الزّنا في معنى السّفاح، ولم يشارك السّفاح في معنى الزّنا أنه زنا ولا في اسمه. فأمّا معنى السّفاح الّذي هو غير الزّنا، وهو مستحقّ لاسم السفاح ومعناه، فالّذي هو من النّكاح مشوبُ بالحرام، وإنّما صار سفاحاً ، لأنّه نكاح حرام منسوب إلى الحلال، وهو من وجه الحرام، فلمّا كان وجه منه حلالاً ووجه حراماً، كان اسمه سفاحاً، لأنَّ الغالب عليه نكاح تزويج ، إلّا أنّه إلا أنّه مشوب ذلك التزويج بوجه من وجوه الحرام، غير خالص في معنى الحرام بالكلّ ، ولا خالص في وجه الحلال بالكلّ ، أمّا أن يكون الفعل من وجه الفساد والقصد إلى غير ما أمر الله عزّ وجلَّ فيه من وجه التأويل والخطأ والاستحلال بجهة التأويل والتقليد، نظير الّذي يتزوِّج ذوات المحارم الّتي ذكر الله عزّ وجلَّ في كتابه تحريمها في القرآن من الأمّهات والبنات إلى آخر الآية، كلُّ ذلك حلالٌ في جهة التزويج ، حرام من جهة ما نهى الله عزَّ وجلَّ عنه، وكذلك الّذي يتزوّج المرأة في عدَّتها مستحلاً لذلك، فيكون تزويجه ذلك سفاحاً من وجهین(1)؛ من وجه الاستحلال، و من وجه التزويج (2)في العدّة، إلّا أن يكون جاهلاً(3) غير متعمّد لذلك، ونظير الّذي يتزوّج الحبلى متعمّداً بعلم(4)، والّذي يتزوَّج المحصنة الّتي لها زوجٌ بعلم، والّذي ينكح المملوكة من الفيء قبل المقسم، والّذي ينكح اليهوديّة والنّصرانيّة والمجوسيّة وعبدة الأوثان على المسلمة الحرّة، والّذي يقدر على المسلمة فيتزوّج اليهودية أو

ص: 572


1- أي لاجتماع الوجهين
2- بيان لوجه الحرمة .
3- أي جاهلاً بأنها في العدّة.
4- أي مع علمه بالحبل. وكذا الذي بعده.

غيرها من أهل الملل تزويجاً دائماً (1)بميراث، والّذي يتزوّج الأمة على الحرَّة، والّذي يتزوّج الأمة بغير إذن مواليها، والمملوك يتزوَّج أكثر من حرَّتين، والمملوك يكون عنده أكثر من أربع إماء تزويجاً صحيحاً، والّذي يتزوَّج أكثر من أربع حرائر، والّذي له أربع نسوة فيطلّق واحدة تطليقة واحدة باثنة(2)، ثمَّ يتزوَّج قبل أن تنقضي عدَّة المطلقة منه، والّذي يتزوَّج المرأة المطلّقة من بعد تسع تطليقات بتحليل من أزواج وهي لا تحلُّ له أبداً، والّذي يتزوَّج المرأة المطلّقة بغير وجه الطّلاق الّذي أمر الله عزّ وجلَّ به في كتابه، والّذي يتزوَّج وهو مُحرم . فهؤلاء كلّهم تزويجهم من جهة التزويج حلال، حرامٌ فاسدُ من الوجه الآخر، لأنّه لم يكن ينبغي له أن يتزوَّج إلّا من الوجه الّذي أمر الله عزّ وجلَّ، فلذلك صار سفاحاً مردوداً ذلك كلّه، غير جائز المقامُ عليه، ولا ثابت لهم التزويج، بل يفرّق الإمام بينهم، ولا يكون نكاحهم زنا، ولا أولادهم من هذا الوجه أولاد زنا، ومن قذف المولود من هؤلاء الّذين وُلدوا من هذا الوجه جُلد الحدِّ، لأنّه مولود بتزويج رِشْدَة وإن كان مفسداً له بجهة من الجهات المحرّمة، والولد منسوب إلى الأب، مولود بتزويج رِشْدَة على نكاح ملّة من الملل خارج من حدّ الزّنا، ولكنّه معاقب عقوبة الفرقة، والرُّجوع إلى الاستئناف بما يحلُّ ويجوز.

فإن قال قائل : إنّه من أولاد السّفاح، على صحّة معنى السّفاح، لم يأثم، إلّا أن يكون يعني أن معنى السّفاح هو الزّنا.

ووجه آخر من وجوه السّفاح؛ من أتى امرأته وهي مُحرمة، أو أتاها وهي صائمة، أو أتاها وهي في دم حيضها، أو أتاها في حال صلاتها، وكذلك الّذي يأتي المملوكة قبل أن يواجب (3)صاحبها، والّذي يأتي المملوكة وهي حبلى من غيره، والّذي يأتي المملوكة تُسبى على غير وجه السّبا، وتسبي وليس لهم أن يَسْبوا، ومن تزوَّج يهوديّة أو نصرانيّة أو عابدة وثن وكان التزويج في ملّتهم تزويجاً صحيحاً، إلّا أنّه شَابَ ذلك فساد بالتوجّه إلى آلهتهم اللّاتي بتحليلهم استحلّوا التزويج، فكلّ هؤلاء أبناؤهم أبناء سفاح، إلّا أنَّ ذلك هو أهون من الصّنف الأوّل، وإنّما إتيان هؤلاء السّفاح، إمّا من فساد التوجّه إلى غير الله تعالى، أو فساد بعض هذه الجهات، وإتيانهنّ حلال، ولكن محرّف من حدّ الحلال، وسفاح في وقت الفعل بلا زنا، ولا يفرّق بينهما إذا دخلا في الإسلام، ولا إعادة استحلال جديد، وكذلك الّذي يتزوّج بغير مهر فتزويجه جائز لا إعادة عليه، ولا يفرّق بينه وبين امرأته، وهما على تزويجهما الأوّل، إلّا أنَّ الإسلام يقرّب من كلّ خير

ص: 573


1- في قبال التزويج بغير ميراث وهو المتعة.
2- هو خلاف المشهور عندنا من جواز التزويج للخامسة في عدة المطلقة البائنة .
3- أي قبل أن يجب البيع بالقيض والإقباض ووجوب البيع لزومه وثبوته

ومن كلّ حقّ، ولا يبعد منه، وكما جاز أن يعود إلى أهله بلا تزويج جديد أكثر من الرُّجوع إلى الإسلام، فكلُّ هؤلاء ابتداء نكاحهم نكاح صحيح في ملّتهم، وإن كان إتيانهنَّ في تلك الأوقات حراماً للعلل الّتي وصفناها، والمولود من هذه الجهات أولاد رِشْدَة، لا أولاد ،زنا، وأولادهم أطهر من أولاد الصّنف الأوَّل من أهل السّفاح، ومن قذف من هؤلاء فقد أوجب على نفسه حدَّ المفتري، لعلّة التزويج الّذي كان وإن كان مشوباً بشيء من السفّاح الخفيّ من أيّ ملّة كان، أو في أيّ دين كان إذا كان نكاحهم تزويجاً، فعلى القاذف لهم من الحدّ مثل القاذف للمتزوّج في الإسلام تزويجاً صحيحاً، لا فرق بينهما في الحدّ، وإنّما الحدُّ لعلّة التزويج، لا لعلّة الكفر والإيمان.

وأمّا وجه النكاح الصحيح السليم البريء من الزّنا والسفاح، هو الّذي غير مشوب بشيء من وجوه الحرام أو وجوه الفساد، فهو النكاح الّذي أمر الله عزَّ وجلَّ به، على حدّ ما أمر الله أن يستحلّ به الفرج التزويج والتراضي، على ما تراضوا عليه من المهر المعروف المفروض، والتسمية للمهر والفعل، فذلك نكاح حلال غير سفاح، ولا مشوب بوجه من الوجوه الّتي ذكرنا المفسدات للنكاح، وهو خالص مخلص مطهر مُبَرِّاً من الأدناس، وهو الّذي أمر الله عزَّ وجلَّ به، والّذي تناكحت عليه أنبياء الله وحججه وصالح المؤمنين من أتباعهم .

وأمّا الّذي يتزوّج من مال غَصَبَه، ويشتري منه جارية، أو من مال سرقة أو خيانة أو كذب فيه، أو من كسب حرام بوجه من الحرام، فتزوّج من ذلك المال تزويجاً من جهة ما أمر الله عزّ وجل به، فتزويجه حلالٌ، وولده ولد حلال غير زان ولا سفاح، وذلك أنَّ الحرام في هذا الوجه فعله الأوّل بما فعل في وجه الاكتساب الّذي اكتسبه من غير وجه، وفعله في وجه الإنفاق فعل يجوز الإنفاق فيه وذلك أنَّ الإنسان إنّما يكون محموداً أو مذموماً على فعله وتقلّبه، لا على جوهر الدرهم أو جوهر الفرج، والحلال حلال في نفسه، والحرام حرام في نفسه، أي الفعل لا الجوهر، لا يفسد الحرامُ الحلال، والتزويج من هذه الوجوه كلّها حلالُ محلّل، ونظير ذلك نظير رجل سرق درهماً فتصدَّق به، ففعله سرقة حرام، وفعله في الصدقة حلال، لأنّهما فعلان مختلفان لا يفسد أحدهما الآخر، إلّا أنّه غير مقبول فعله ذلك الحلال لعلّة مقامه على الحرام حتّى يتوب ويرجع، فيكون محسوباً له فعله في الصّدقة، وكذلك كلُّ فعل يفعله المؤمن والكافر من أفاعيل البرّ أو الفساد، فهو موقوفٌ له حتّى يختم له على أيّ الأمرين يموت، فيخلوا به فعله لله عزّ وجلَّ، أكان لغيره، إن خيراً فخيراً، وإن شرًّا فشرّا(1).

ص: 574


1- الحديث مجهول موقوف، ولا يخفى ما فيه وخاصة في أواخره من الخبط والكلام الغير الموزون والأحكام الغير المقبولة . والله العالم.

383 - باب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله سنان قال : قذف رجل رجلًا مجوسيّاً عند أبي عبد الله (علیه السّلام) فقال : مَه، فقال الرّجل: إنّه ينكح أمّه أو أخته ؟ فقال : ذلك عندهم نكاح في دينهم.

تمَّ كتاب النكاح من كتاب الكافي، ويتلوه كتاب العقيقة إن شاء الله سبحانه . والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة على محمّد وآله وعترته أجمعين وسلّم تسليماً كثيراً .

ص: 575

ص: 576

الفهرس

كتاب الجهاد

باب فضل الجهاد ... 1

باب جهاد الرجل والمرأة ... 2

باب وجوه الجهاد ... 3

باب من يجب عليه الجهاد ومن لا يجب ... 4

باب الغزو مع الناس إذا خيف على الإسلام ... 5

باب الجهاد الواجب مع من يكون ... 6

باب دخول عمرو بن عبيد والمعتزلة على أبي عبد الله (علیه السّلام) ... 7

باب وصيّة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وأمير المؤمنين (علیه السّلام) في السرايا ... 8

باب إعطاء الأمان ... 9

باب ... 10

باب ... 11

باب طلب المبارزة ... 12

باب الرفق بالأسير وإطعامه ... 13

باب الدعاء إلى الإسلام قبل القتال ... 14

باب ما كان يوصي أمير المؤمنين (علیه السلام) به عند القتال ... 15

باب ... 16

باب أنّه يحلّ للمسلم أن ينزل دار الحرب ... 17

باب قسمة الغنيمة ... 18

باب ... 19

باب ... 20

ص: 577

باب الشّعار ... 21

باب فضل ارتباط الخيل وإجرائها والرَّمي ... 22

باب من قبل دون مَظْلَمَتِه ... 24

باب فضل الشهادة ... 25

باب ... 26

باب ... 27

باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... 28

باب إنكار المنكر بالقلب ... 29

باب ... 39

باب من أسخط الخالق في مرضاة المخلوق ... 31

باب كراهة التعرّض لما لا يطيق ... 32

كتاب المعيشة

باب دخول الصُّوفيَّة على أبي عبد الله (علیه السّلام) واحتجاجهم عليه فيما ينهَون الناس عنه من طلب الرزق ... 33

باب معنى الزهد ... 34

باب الاستعانة بالدنيا على الآخرة ... 35

باب ما يجب الاقتداء بالأئمّة (علیه السّلام) في التعرّض للرّزق ... 36

باب الحثّ على الطلب والتعرّض للرّزق ... 37

باب الإبلاء في طلب الرزق ... 38

باب الإجمال في الطلب ... 39

باب الرزق من حيث لا يحتسب ... 40

باب كراهية النوم والفراغ ... 41

باب كراهية الكسل ... 42

باب عمل الرجل في بيته ... 43

باب إصلاح المال وتقدير المعيشة ... 44

باب من كدَّ على عياله ... 45

باب الكسب الحلال ... 46

ص: 578

باب إحراز القوت ... 47

باب كراهية إجارة الرجل نفسه ... 48

باب مباشرة الأشياء بنفسه ... 49

باب شراء العقارات وبيعها ... 50

باب الدِّين ... 51

باب قضاء الدِّين ... 52

باب قصاص الدِّين ... 53

باب أنّه إذا مات الرجل حلّ دَيْنُهُ ... 54

باب الرجل يأخذ الدِّين وهو لا ينوي قضاءه ... 55

باب بيع الدِّين بالدِّين ... 56

باب في آداب اقتضاء الدِّين ... 57

باب إذا التوى الذي عليه الدِّين على الغرماء ... 58

باب النزول على الغريم ... 59

باب هدية الغريم ... 60

باب الكفاية والحوالة ... 61

باب عمل السلطان وجوائزهم ... 62

باب شرط من أذِنَ في أعمالهم ... 63

باب بيع السلاح منهم ... 64

باب الصناعات ... 65

باب كسب الحجّام ... 66

باب كسب النائحة ... 67

باب كسب الماشطة والخافضة ... 68

باب كسب المغنّية وشرائها ... 69

باب كسب المعلّم ... 70

باب بيع المصاحف ... 71

باب القمار والنُّهبة ... 72

باب المكاسب الحرام ... 73

باب السُّحت ... 74

ص: 579

باب أكل مال اليتيم ... 75

باب ما يحلَّ لقيم مال اليتيم منه ... 76

باب التجارة في مال اليتيم والقرض منه ... 77

باب أداء الأمانة ... 78

ياب الرجل يأخذ من مال ولده والولد يأخذ من مال أبيه ... 79

باب الرجل يأخذ من مال امرأته والمرأة تأخذ من مال زوجها ... 80

باب اللقطة والضالّة ... 81

باب الهديّة ... 82

باب الربا ... 83

باب أنّه ليس بين الرجل وبين ولده وما يملكه ربا ... 84

باب فضل التجارة والمواظبة عليها ... 85

باب آداب التجارة ... 86

باب فضل الحساب والكتابة ... 87

باب السبق إلى السوق ... 88

باب من ذكر الله تعالى في السوق ... 89

باب القول عندما يشتري للتّجارة ... 90

باب من تكره معاملته ومخالطته ... 91

باب الوفاء والبَخس ... 92

باب الغشّ ... 93

باب الحلف في الشراء والبيع ... 94

باب الأسعار ... 95

باب الحُكْرة ... 96

بابٌ ... 97

باب فضل شراء الحنطة والطعام ... 98

باب كراهة الجُزاف وفضل المكايلة ... 99

باب لزوم ما ينفع من المعاملات ... 100

باب التلقّي ... 101

باب التلقّي ... 101

ص: 580

باب الشرط والخيار في البيع ... 102

باب من يشتري الحيوان وله لبن يشربه ثمّ يردّه ... 103

باب إذا اختلف البائع والمشتري ... 104

باب بيع الثمار وشرائها ... 105

باب شراء الطعام وبيعه ... 106

باب الرجل يشتري الطعام فيتغير سعره قبل أن يقبضه ... 107

بال فضل الكيل والموازين ... 108

باب الرجل يكون عنده ألوان من الطعام فيخلط بعضها ببعض ... 109

باب أنّه لا يصلح البيع إلّا بمكيال البلد ... 110

باب السَّلَم في الطعام ... 111

باب المعاوضة في الطعام ... 112

باب المعاوضة في الحيوان والثياب وغير ذلك 113

باب فيه جمل من المعاوضات ... 114

باب بيع العدد والمجازفة والشيء المُبهَم ... 115

باب بيع المتاع وشرائه ... 116

باب بيع المرابحة ... 117

باب السلف في المتاع ... 118

باب الرجل يبيع ما ليس عنده ... 119

باب فضل الشيء الجيّد الّذي يباع ... 120

باب العينة ... 121

باب الشرطين في البيع ... 122

باب الرجل يبيع البيع ثمّ يوجد فيه عيب ... 123

باب بيع النسيئة ... 124

باب بيع النسيئة ... 124

باب شراء الرقيق ... 125

باب المملوك يباع وله مال ... 126

باب من يشتري الرقيق فيظهر به عيب وما يردّ منه وما لا يردّ ... 127

باب نادر ... 128

ص: 581

باب التفرقة بين ذوي الأرحام من المماليك ... 129

باب العبد يسأل مولاه أن يبيعه ويشترط له أن يعطيه شيئاً ... 130

باب السَّلَم في الرقيق وغيره من الحيوان ... 131

باب آخر منه ... 132

باب الغنم تعطى بالضريبة ... 133

باب بيع اللقيط وولد الزنا ... 134

باب جامع فيما يحلّ الشراء والبيع منه وما لا يحلّ ... 135

باب شراء السرقة والخيانة ... 136

باب من اشترى طعام قوم وهم له كارهون ... 137

باب من اشترى شيئاً فتغيّر عمّا رآه ... 138

باب بيع العصير والخمر ... 139

باب العربون ... 140

باب الرهن ... 141

باب الاختلاف في الرهن ... 142

باب ضمان العارية والوديعة ... 143

باب ضمان المضاربة وما له من الربح وما عليه من الوضيعة ... 144

باب ضمان الصنّاع ... 145

باب ضمان الجمال والمكاريّ وأصحاب السفن ... 146

باب الصُّروف ... 147

باب آخر ... 148

باب إنفاق الدراهم المحمول عليها ... 149

باب الرجل يقرض الدراهم ويأخذ أجود منها ... 150

باب القرض يجرّ المنفعة ... 151

باب الرجل يعطي الدراهم ثمّ يأخذها ببلد آخر ... 152

باب ركوب البحر للتجارة ... 153

باب أنّ من السعادة أن تكون معيشة الرجل في بلده ... 154

باب الصلح ... 155

باب فضل الزراعة ... 156

ص: 582

باب آخر ... 157

باب ما يقال عند الزرع والغرس ... 158

باب ما يجوز أن يؤاجر به الأرض وما لا يجوز ... 159

باب قبالة الأرضين والمزارعة بالنصف والثلث والربع ... 160

باب مشاركة الذمّي وغيره في المزارعة والشروط بينهما ... 161

باب قبالة أراضي أهل الذمّة وجزية رؤوسهم ومن يتقبل الأرض

من السلطان فيقبلها من غيره ... 162

باب من يؤاجر أرضاً ثم يبيعها قبل انقضاء الأجل أو يموت

فتورث الأرض قبل انقضاء الأجل ... 163

باب الرجل يستأجر الأرض أو الدار فيؤاجرها بأكثر ممّا استأجرها ... 164

باب الرجل يتقبّل بالعمل ثم يقبله من غيره بأكثر مما تقبّل ... 165

باب بيع الزرع الأخضر والقصيل وأشباهه ... 166

باب بيع المراعي ... 167

باب بيع الماء ومنع فضول الماء من الأودية والسيول ... 168

باب في إحياء أرض الموات ... 169

باب الشفْعَة ... 170

باب شراء أرض الخراج من السلطان وأهلها كارهون ومن اشتراها من أهلها ... 171

باب سخرة العلوم والنزول عليهم ... 172

باب الدلالة في البيع وأجرها وأجر السمسار ... 173

باب مشاركة الذمّي ... 174

باب الإستحطاط بعد الصفقة ... 175

باب حزر الزرع ... 176

باب إجارة الأجير وما يجب عليه ... 177

باب كراهة استعمال الأجير قبل مقاطعته على أجرته وتأخير إعطائه بعد العمل ... 178

باب الرجل يكتري الدابة فيجاوز بها الحد أو يردّها قبل الانتهاء إلى الحد ... 179

ص: 583

باب الرجل يتكارى البيت والسفينة ... 180

باب الضِّرار ... 181

باب جامع في حريم الحقوق ... 182

باب من زرع في غير أرضه وغرس ... 183

باب نادر ... 184

باب من أدان ماله بغير بيّنة ... 185

باب نادر ... 186

باب آخر منه في حفظ المال وكراهة الإضاعة ... 187

باب ضمان ما يفسد البهائم من الحَرْث والزرع ... 188

باب آخر ... 189

باب المملوك يتّجر فيقع عليه الدَّين ... 190

باب النوادر ... 191

کتاب النکاح

باب حبّ النساء ... 192

باب غلبة النساء ... 193

باب أصناف النساء ... 194

باب خير النساء ... 195

باب شرار النساء ... 196

باب فضل نساء قريش ... 197

باب من وفّق له الزوجة الصالحة ... 198

باب في الحض على النكاح ... 199

باب كراهة العزبة ... 200

باب أن التزويج بزيد في الرزق ... 201

باب من سعى في التزويج ... 202

باب اختيار الزوجة ... 203

باب فضل من تزوّج ذات دين وكراهة من تزوّج للمال ... 204

باب كراهة تزويج العاقر ... 205

ص: 584

باب فضل الأبكار ... 206

باب ما يستدلّ به من المرأة على المَحْمَدَة ... 207

باب نادر ... 208

باب أن الله تبارك وتعالى خلق للناس شكلهم ... 209

باب ما يستحبُّ من تزويج النساء عند بلوغهنَّ وتحصينهنَّ بالأزواج ... 210

باب فضل شهوة النساء على شهوة الرجال ... 211

باب انَّ المؤمن كفو المؤمنة ... 212

باب آخر منه ... 213

باب تزويج امّ كلثوم ... 214

باب آخر منه ... 215

باب الكُفو ... 216

باب كراهية أن ينكح شارب الخمر ... 217

باب مناكحة النّصّاب والشُكّاك ... 218

باب من كره مناكحته من الأكراد والسودان وغيرهم ... 219

باب نكاح ولد الزنا ... 220

باب كراهية تزويج الحمقاء والمجنونة ... 221

باب الزاني والزانية ... 222

باب الرجل يَفْجُرُ بالمرأة ثم يتزوَّجها ... 223

باب نكاح الذمّيّة ... 224

باب الحرّ يتزوّج الأمة ... 225

باب نكاح الشِّغار ... 226

باب الرجل يتزوّج المرأة ويتزوّج أمَّ ولد أبيها ... 227

باب فيما أحلّه الله عزّ وجلَّ من النساء ... 228

باب وجوه النكاح ... 229

باب النظر لمن أراد التزويج ... 230

باب الوقت الذي يكره فيه التزويج ... 231

باب ما يستحبُّ من التزويج باللّيل ... 232

باب الإطعام عند التزويج ... 233

ص: 585

باب التزويج بغير خطبة ... 234

-ع-اب خُطب النكاح ... 235

باب السنّة في المهور ... 236

باب ما تزوج عليه أمير المؤمنين فاطمة (علیها السّلام) ... 237

جاب أنَّ المهر اليوم ما تراضى عليه الناس قل أو كثر ... 238

باب نوادر في المهر ... 239

باب أنَّ الدخول يهدم العاجل ... 240

باب من يمهر المهر ولا ينوي قضاه ... 241

باب الرجل يتزوج المرأة بمهر معلوم ويجعل لأبيها شيئاً ... 242

باب المرأة تهب نفسها للرجل ... 243

باب اختلاف الزوج والمرأة وأهلها في الصداق ... 244

باب التزويج بغير بيّنة ... 245

باب ما أحل للنبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) من النساء ... 246

باب التزويج بغير وليّ ... 247

باب استيمار البكر ومن يجل عليه استيمارها ومن لا يجب عليه ... 248

باب الرجل يريد أن يزوّج ابنته ويريد أبوه أن يزوجها

رجلًا آخر ... 249

باب المرأة يزوجها وليّان غير الأب والجدّ كلّ واحد من

رجل آخر ... 250

باب المرأة تولّي أمرها ليزوجها من رجل فزوجها

من غيره ... 251

باب أنّ الصغار إذا زوجوا لم يأتلفوا ... 252

باب الحدّ الذي يدخل بالمرأة فيه ... 253

باب الرجل يتزوَّج المرأة ويتزوج ابنه ابنتها ... 254

باب تزويج الصبيان ... 255

باب الرجل يهوى امرأة ويهوى أبواه غيرها ... 256

باب الشرط في النكاح وما يجوز منه وما لا يجوز ... 257

باب المدالسة في النكاح وما تردّ منه المرأة ... 258

ص: 586

باب الرجل يدلّس نفسه والعنّين ... 259

باب نادر ... 260

باب الرجل يتزوّج بالمرأة على أنّها بكر فيجدها غير عذراء ... 261

باب الرجل يتزوّج المرأة فيدخل بها قبل أن يعطيها شيئاً ... 262

باب التزويج بالإجارة ... 263

باب فيمن زوّج ثمّ جاء نَعْيُهُ ... 264

باب الرجل يَفْجُرُ بالمرأة فيتزوج أمها أو ابنتها أو يفجر بأمّ

امرأته أو ابنتها ... 265

باب الرجل يفسق بالغلام فيتزوج ابنته أو أخته ... 266

باب ما يحرم على الرجل مما نكح ابنه وأبوه وما يحلّ له ... 267

باب آخر منه وفيه ذكر أزواج النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم)

... 268

باب الرجل يتزوّج المرأة فيطلّقها أو تموت قبل أن يدخل بها

أو بعده فيتزوج أمّها أو بنتها ... 269

باب تزويج المرأة الّتي تطلّق على غير السنّة ... 270

باب المرأة تزوّج على عمتها أو خالتها ... 271

باب تحليل المطلقة لزوجها وما يهدم الطلاق الأوّل ... 272

باب المرأة الّتي تحرم على الرجل فلا تحلّ له أبداً ... 273

باب الّذي عنده أربع نسوة فيطلّق واحدة ويتزوّج قبل انقضاء عدَّتها أو يتزوّج خمس نسوة في عقدة ... 274

باب الجمع بين الاختين من الحرائر والإماء ... 275

باب في قول الله عزّ وجلّ : «ولكن لا تُوَاعِدُوهُنَّ سرًّا - الآية -» ... 276

باب نكاح أهل الذمة والمشركين يسلم بعضهم ولا يسلم بعض أو

يسلمون جميعاً ... 277

باب الرضاع ... 278

باب حد الرضاع الّذي يُحَرِّم ... 279

باب صفة لبن الفَحُل ... 280

باب أنه رضاع بعد فطام ... 281

باب نوادر في الرضاع ... 282

ص: 587

باب في نحوه ... 283

باب نكاح القابلة ... 284

أبواب المتعة ... 285

باب أنّهنَّ بمنزلة الإماء وليست من الأربع ... 286

باب أنّه يجب أن يكفَّ عنها من كان مستغنياً ... 287

باب أنّه لا يجوز التمتّع إلّا بالعفيفة ... 288

باب شروط المتعة ... 289

باب في أنّه يحتاج أن يعيد عليها الشرط بعد عقد النكاح ... 290

باب ما يجزىء من المهر فيها ... 291

باب عدة المتعة ... 292

باب الزيادة في الأجل ... 293

باب ما يجوز من الأجل ... 294

باب الرجل يتمتّع بالمرأة مراراً كثيرةً ... 295

باب حبس المهر إذا أخْلَفَت ... 296

باب أنّها مصدقة على نفسها ... 297

باب الأبكار ... 298

باب تزويج الإماء ... 299

باب وقوع الولد ... 300

باب الميراث ... 301

باب النوادر ... 302

باب الرجل يُجلّ جاريته لأخيه والمرأة تُحِلّ جاريتها

لزوجها ... 303

باب الارجل تكون لولده الجارية يريد أن يطأها ... 304

باب استبراء الأمة ... 305

باب السِّراري ... 306

باب الأمة يشتريها الرجل وهي حُبلى ... 307

باب الرجل يعتق جاريته ويجعل عتقها صداقها ... 308

باب ما يحلّ للملوك من النساء ... 309

ص: 588

باب المملوك يتزوّج بغير إذن مولاه ... 310

باب المملوكة تتزوج بغير إذن مواليها ... 311

باب الرجل يزوّج عبده أمته ... 312

باب الرجل يزوّج عبده أمته ثمَّ يشتهيها ... 313

باب نكاح المرأة الّتي بعضها حرُّ وبعضها رقٌّ ... 314

باب الرجل يشتري الجارية ولها زوج حرٌّ أو عبدُ ... 315

باب المرأة تكون زوجة العبد ثم ترثه أو تشتريه فيصير

زوجها عبدها ... 316

باب المرأة يكون لها زوج مملوك فترثه بعد ثم تعتقه وترضى به ... 317

باب الأمة تكون تحت المملوك فتعق أو يعتقان جميعاً ... 318

باب المملوك تحته الحرّة فيعتق ... 319

باب الرجل يشتري الجارية الحامل فيطؤها فتلد عنده ... 320

باب الرجل يقع على جاريته فيقع عليها غيره في ذلك

الطهر فتحبل ... 321

باب الرجل يكون له الجارية يطؤها فتحبل فيتّهمها ... 322

باب نادر ... 323

باب ... 324

باب الجارية يقع عليها غير واحد في طهر واحد ... 325

باب الرجل يكون لها الجارية يطؤها فيبيعها ثمّ تلد لأَقلّ من ستّة أشهر ولارجل يبيع الجارية من غير أن يستبرئها فيظهر بها حبل بعد ما مسّها الآخر ... 326

باب الولد إذا كان يحد أبويه مملوكاً والآخرُ حرّاً ... 327

باب المرأة يكون لها العبد فينكحها ... 328

باب أنّ النساء أشباه ... 329

باب كراهية الرهبانيّة وترك الباه ... 330

باب نوادر ... 331

باب الأوقات الّتي يكره فيها الباه ... 332

باب كراهية أن يواقع الرجل أهله وفي البيت صبيّ ... 333

ص: 589

باب القول عند دخول الرجل بأهله ... 334

باب القول عند الباه وما يعصم من مشاركة الشيطان ... 335

باب العَزْل ... 336

باب غيرة النساء ... 337

باب حُبّ المرأة لزوجها ... 338

باب حقّ الزوج على المرأة ... 339

باب كراهية أن تمنع النساء أزواجهنّ ... 340

باب كراهية أن تتبتّل النساء ويعطّلن أنفسهنّ ... 341

باب إكرام الزوجة ... 342

باب حق المرأة على الزوج ... 343

باب مداراة الزوجة ... 344

باب ما يجب من طاعة الزوج على المرأة ... 345

باب في قلّة الصلاح في النساء ... 346

باب في تأديب النساء ... 347

باب في ترك طاعتهنَّ ... 348

باب التستر ... 349

باب النهي عن خِلال تكره لهنَّ ... 350

باب ما يحل النظر إليه من المرأة ... 351

باب القواعد من النساء ... 352

باب اُولي الإربة من الرجال ... 353

باب النظر إلى نساء أهل الذمّة ... 354

باب النظر إلى نساء الأعراب وأهل السواد ... 355

باب قِناع الإماء وأمّهات الأولاد ... 356

باب مصافحة النساء ... 357

باب صفة مبايعة النبيّ صلى الله عليه وسلم النساء ... 358

باب الدخول على النساء ... 359

باب آخر منه ...

باب ما يحلّ للمملوك النظر إليه من مولاته ... 361

ص: 590

باب الخصيان ... 362

باب متى يجب على الجارية القِناع ... 363

باب حد الجارية الصغيرة الّتي يجوز أن تُقَبَّل ... 364

باب في نحو ذلك ... 365

باب المرأة يصيبها البلاء في جسدها فيعالجها الرجال ... 366

باب التسليم على النساء ... 367

باب الغِيرة ... 368

باب أنّه لا غِيرَةً في الحلال ... 369

باب خروج النساء إلى العيدين ... 370

باب ما يحل للرجل من امرأته وهي طامث ... 371

باب مجامعة الحائض قبل أن تغتسل ... 372

باب محاشّ النساء ... 373

باب الخَضْخَضَة ونكاح البهيمة ... 374

باب الزاني ... 375

باب الزانية ... 376

باب اللّواط ... 377

باب من أَمْكَنَ من نفسه ... 378

باب السَّحق ... 379

باب أن من عَفٌ عن حرم الناس عُفَّ عن حرمه ... 380

باب نوادر ... 381

باب تفسير ما يحلُّ من النكاح وما يحرم والفرق بين النكاح والسفاح والزنا وهو من كلام يونس ... 382

باب ... 383

ص: 591

فُروعُ الكافي المجلد 6

هوية الکتاب

سرشناسه : کلیني، محمّد بن یعقوب، - 329ق.

عنوان قراردادی : الكافي

عنوان و نام پدیدآور : فُروعُ الكافي/ محمّد بن یعقوب الکلیني؛ ضبطه و صححه و علق علیه محمّدجعفر شمس الدین.

مشخصات نشر :بیروت : دارالتعارف للمطبوعات، 1411ق. = 1990م.= 1369.

مشخصات ظاهری : 6 ج.

فروست : موسوعة الکتب الاربعه فی احادیث النبی (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و العتره؛1،2.

یادداشت : عربی.

یادداشت : کتاب حاضر در سالهای مختلف توسط ناشران مختلف منتشر شده است.

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : احادیث شیعه -- قرن 4ق.

شناسه افزوده : شمس الدین، محمّدجعفر

رده بندی کنگره : BP129/ک 8ک 22 1369

رده بندی دیویی : 297/212

شماره کتابشناسی ملی : م 81-8050

محرر الرقمي: علي رضايي

ص: 1

اشارة

ص: 2

مَوسُوعَة الكُتُب الأربعَة

في أَحاديث النَّبي(صلّی اللّه علیه و سلّم) والعترة (علیهم السلام)

فُروعُ الكافي

لثقَةِ الاسلام

محمّد بن يَعقُوب الكُلَيني(رحمه اللّه)

المتوفى سنة 329/328ه-

الجزء الرابع

ضَبَطَه وَصَحّحَهُ وَخَرّجَ أَحَادِيثه وَعَلَّقَ عليه

محمّد جَعفر شمس الدّين

دار التَّعارف للمَطبُوعات

ص: 3

حُقُوق الطَّبع مَحفُوظَة

1413ه- - 1993م

مكتبة مؤمن قريش

لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى ترجح إيمانه .

الإمام الصادق (علیه السلام)

moamenquraish.blogspot.com

دار التّعارف للمطبوعات

المكتب : شارع سوريا - بناية درويش - الطابق الثالث

الادارة والمعرض : حارة حريك - المنشية - شارع دكاش - بناية الحسنين

تلفون : 137857 - 823685

صندوق البريد 8601 - 11 - 643 - 11

ص: 4

كتاب العقيقة

اشارة

كتاب العقيقة (1)

باب فضل الولد

1 - باب فَضلِ الولد

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : الولد الصالح رَيحانة (2)من اللّه قَسَمها بين عباده ، وإنَّ ريحانَتيَّ من الدُّنيا الحسنُ والحسينُ، سمّيتهما باسم سبطين من بني إسرائيل شُبَّراً وشبيراً(3)

2 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان ، عن بعض أصحابه أنه قال: قال عليُّ بن الحسين (علیه السلام) : من سعادة الرّجل أن يكون له وُلدٌ يستعين بهم .

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : أكثروا الولد أُكاثِرُ بكم الأمم غداً (4).

4 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لمّا لقي يوسف أخاه قال له يا أخي كيف استطعت أن تتزوّج النساء بعدي ؟ قال : إِنَّ أبي أمرني وقال : إنّ استطعت أن تكون لك ذرّية تُثقِلُ الأرض(5)بالتسبيح فافعل .

ص: 5


1- العقيقة : هي الذبيحة التي تذبح عن المولود الجديد مأخوذة من العق وهو في الأصل الشق، وإنما قيل للذبيحة هذه عقيقة لأنها يشق حلقها - كما في النهاية .. ويُعقُّ عن الذكر ذكر وعن الأنثى أنثى
2- الريحان - كما في النهاية - يطلق على الرحمة والرزق والراحة، وبالرزق سمي الولد ريحاناً.
3- شبّر وشبير من أولاد هارون (علیه السلام) . والحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف .
5- كناية عن استقرارها وعدم تزلزلها بالمحن والآفات الأرضية والسماوية. بسبب طاعات المؤمنين، حيث إنهم أوتادها .

5- أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّ فلاناً - رجلا سمّاه - قال : إني ، كنت زاهداً في الولد، حىّ وقفت بعرفة، فإذا إلى جانبي غلام شابّ يدعو ويبكي ويقول: يا ربّ، والديّ والديَّ، فرغّبني في الولد حين سمعت ذلك .

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه مرسلا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من سعادة الرّجل الولدُ الصالح .

7 - وعنه ، عن بكر بن صالح قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) : إنّي أجتنبت طلب الولد منذ خمس سنين، وذلك أنَّ أهلي كرهت ذلك وقالت : إنه يشتدُّ عليَّ تربيتهم لقلّة الشيء(1) فما ترى؟ فكتب (علیه السلام) إليَّ : اطلب الولد، فإنَّ اللّه عزّ وجلَّ يرزقهم(2)

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ أولاد المسلمين موسومون عند اللّه شافع (3) ومُشَفّع(4)، فإذا بلغوا اثنتي عشرة سنة كانت لهم الحسنات، فإذا بلغوا الحُلم كُتِبَت علیهم السيئات (5).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) كان يقرء : (وإنّي خِفْتُ المَوالِيَ من ورائي)(6)، يعني أنه لم يكن له وارث حتّى وهب اللّه له اللّه له بعد الكِبَر (7).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إنّ الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنّة (8).

11 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من سعادة الرّجل الولد الصالح(9).

ص: 6


1- المقصود ضيق العيش وقلّة المكسب.
2- الحديث ضعيف.
3- أي يشفعون لآبائهم
4- المشفع : من تقبل شفاعته.
5- الحديث كالموثق، ويدل على أن الطفل المميز عباداته فيما لو أتى بها صحيحة ويثاب عليها، وإن لم يعاتب على الترك لرفع القلم.
6- مريم / 5 . والكلام على لسان زكريا (علیه السلام) والمراد بالموالي : الكلالة ، وقيل : العَصبة .
7- الحديث ضعيف على المشهور. وفيه ردّ على العامة الذين زعموا أن الأنبياء لا يورثون.
8- الفقيه 3 ، 148 - باب فضل الأولاد، ح 1 .
9- انظر الحديث رقم 6 أعلاه.

12 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرَّة عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): مرَّ عيسى بن مريم (علیه السلام) بقبر يُعَذَّب صاحبه، ثمّ مرَّ به من قابِل(1)فإذا هو لا يُعَذَّب، فقال: يا ربّ، مررت بهذا القبر عام أوّل فكان يعذّب ومررت به العام فإذا هو ليس يعذَّب؟ فأوحى اللّه إليه، أنّه أدرك له ولد صالح، فأصلح طريقاً، وأوى يتيماً، فلهذا غفرت له بما فعل ابنه، ثمّ قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : ميراث اللّه عزّ وجلَّ من عبده المؤمن ولد يعبده من بعده، ثمّ تلا أبو عبد اللّه (علیه السلام) آية زكريا (علیه السلام) : [ ربّ ] هب لي من لدنك ولياً * يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله ربَّ رضيّاً) (2).

باب شبه الولد

2 - باب شَبَهِ الولد

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من نعمة اللّه على الرّجل أن يشبهه ولده(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثّنى، عن سدير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: من سعادة الرّجل أن يكون له الولد يعرف فيه شبهه خَلْقه وخُلُقه وشمائله.

3 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن الحسن بن عليُّ بن يقطين، عن يونس بن يعقوب، عن رجل، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : سمعته يقول : سعد امروٌ لم يمت حتّى یری خَلَفاً من نفسه .

باب فضل البنات

3-باب فضل البنات

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ،

ص: 7


1- قابل : أي العام التالي.
2- مريم / 5 و 6 . والحديث ضعيف . وفي الفقيه 3 ، 148 - باب فضل الأولاد، ح 2 ، قال : قال الصادق (علیه السلام): ميراث اللّه من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له . وكون الولد الصالح ميراث اللّه أي أنه سبحانه يرثه بعد موت أبيه وهو لعبادته سبحانه، أو أنه ورثه اللّه سبحانه لعبده المؤمن يستغفر له بعد موته فيصل ثواب ذلك إليه .
3- الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 22

عن إبراهيم بن مهزم ، عن إبراهيم الكرخي ، عن ثقة حدَّثه من أصحابنا قال : تزوَّجت بالمدينة، فقال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : كيف رأيت؟ قلت: ما رأى رجل من خير في امرأة إلّا وقد رأيته فيها، ولكن خانتني، فقال: وما هو؟ قلت : ولدت جارية ، قال : لعلّك كرهتها، إنَّ اللّه عزّ وجلَّ يقول(1):(آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أَيُّهُمْ أقرب لكم نفعاً).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أبا بنات(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن محمّد : الواسطيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ [أبي ] إبراهيم (علیه السلام) سأل ربّه أن يرزقه ابنة تبكيه وتند به بعد موته(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم عن جارود قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): إنّ لي بنات ؟ فقال : لعلّك تتمنّى موتهنّ أما إنّك إن تمنّيت ،موتهنَّ فمُتْنَ لم تؤجر، ولقيت اللّه عزَّ وجلَّ يوم تلقاه وأنت عاص(4).

5- عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : نِعْمَ الولد البنات ملطّفات مجهّزات مونسات مبارکات مفلّيات(5).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عليّ بن الحكم، عن أبي العباس الزَّيّات عن حمزة بن حمران يرفعه قال: أتى رجلٌ - وهو عند النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) - فأخبر بمولود أصابه، فتغيّر وجه الرّجل، فقال له النبيُّ (صلّی اللّه علیه وآله) : مالَكَ ؟ فقال : خير، فقال: قل، قال: خرجتُ والمرأة تَمخُض فأخبرت أنها وَلَدَت جارية، فقال له النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله): الأرض تُقِلّها

ص: 8


1- النساء/ 11 . ووجه الإستشهاد بالآية الكريمة كما إن الآباء والأبناء لا يدري مقدار نفعهم وإن أيهم أنفع، كذلك الابن والبنت، ولعل ابنة تكون أنفع لوالديها من الابن، ولعل ابنا يكون أحسن لهما من البنت فينبغي أن يرضيا بما يختار اللّه لهما . . . . مرآة المجلسي 11/21.
2- الفقيه 2 ، 148 - باب فضل الأولاد، ح7 . وسوف يكرره في ذيل ح 9 من هذا الباب
3- الحديث مجهول. وقوله: تندبه : أي تبكيه وتعدد شمائله الحسنة أمام الناس فيكون ذلك سباً لتذكيرهم بها فيدعون له فينتفع بدعائهم .
4- الفقيه 3 نفس الباب، ح 10 بتفاوت .
5- الحديث ضعيف على المشهور. وقوله :مجهّزات أي مهيات لأمور الوالدين والمفليات : الباحثات عن القمل، ولعله كناية عن كونهن قائمات على خدمة والديهن عند كبرهن وعدم قدرتهم على القيام بشؤون النظافة ومتطلباتها . وفي بعض النسخ: مقلبات : أي مقلبات عند المرض من جانب إلى جانب.

والسماء تُظِلّها، واللّه يرزقها، وهي ريحانة تشمّها ، ثمّ أقبل على أصحابه فقال : من كانت له ابنة فهو مفدوح، ومن كانت له ابنتان فيا غوثاه باللّه ، ومن كانت له ثلاث وُضع عنه الجهاد، وكلُّ مكروه، ومن كان له أربع فيا عباد اللّه أعينوه، يا عباد اللّه أقرضوه، يا عباد اللّه ارحموه(1).

7- وعنه ، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن أبي أيّوب سليمان بن مقبل المدائني، عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إنَّ اللّه تبارك وتعالى على الإناث أرأف منه على الذكور، وما من رجل يُدْخِلُ فرحة على امرأة بينه وبينها حُرمة، إلّا فرَّحه اللّه تعالى يوم القيامة (2).

8 - وعنه ، عن بعض من رواه عن أحمد بن عبد الرحيم، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : البنات حسنات والبنون ،نعمة، فإنّما يُثاب على الحسنات، ويُسأل عن النعمة (3).

9 - أحمد بن محمّد العاصميّ ، عن عليّ بن الحسن التيملي ، عن عليّ بن أسباط، عن أبيه، عن الجارود بن المنذر قال : قال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : بلغني أنه وُلِدَ لَكَ ابنة فتسخطها، وما عليك منها، ريحانة تشمّها، وقد كُفِيتَ رزقها، و [قد] كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أبا بنات .

10 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنة، فقيل : يا رسول اللّه : واثنتين؟ فقال واثنتين؛ فقيل: يا رسول اللّه وواحدة؟ فقال : وواحدة (4).

11 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عدَّة من أصحابه، عن الحسن بن عليّ بن يوسف، عن الحسن بن سعيد اللّخمي قال : ولد لرجل من أصحابنا جارية ، فدخل على أبي عبد اللّه (علیه السلام) فرآه متسخطاً ، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام): أرأيت لو أنَّ اللّه تبارك وتعالى أوحى إليك أن أختار لك أو تختار لنفسك ما كنت تقول ؟ قال: كنت أقول : يا ربّ تختار لي ، قال : فإنَّ اللّه قد اختار لك ، قال : ثمّ قال : إنَّ الغلام الذي قتله العالم الذي كان مع

ص: 9


1- الفقيه ،3 ، 148 - باب فضل الأولاد ، ح 11 بتفاوت والحديث مجهول وتقلها : أي تحملها ومفدوح أي ذو تعب وثقل وصعوبة .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الفقيه 3 نفس ،الباب ح 5 بتفاوت وأخرجه عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه (علیه السلام). والحديث مجهول مرسل .
4- الفقيه 3 ، نفس الباب، ح .12. مرسلاً والحديث هنا حسن، وقد يكون ذكر الثلاث أولاً لبيان الفرد الأكمل .

موسى (علیه السلام) وهو قول اللّه عزَّ وجلَّ(1):( فأردنا أن يُبْدِلَهُما ربُّهما خيراً منه زكاةً وأَقرَبَ رُحْماً)، أبدلهما اللّه به جارية ولدت سبعين نبيّاً (2).

12 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن موسى، عن أحمد بن الفضل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: البنون ،نعيم والبنات حسنات، واللّه يسأل عن النعيم ويُثيب على الحسنات(3).

باب الدعاء في طلب الولد

4 - باب الدعاء في طلب الولد

1 - عليُّ بن إبراهيم عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير الخزّاز، عن عليّ ابن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا أبطأ على أحدكم الولد فليقل: «اللّهمّ لا تَذَرْني فَرْداً وأنت خير الوارثين، وحيداً وحشاً، فيقصر شكري عن تفكّري (4)، بل هب لي عاقبةَ صدقٍ ذكوراً وإناثاً، آنس بهم من الوحشة، وأسكن إليهم من الوحدة، وأشكرك عند تمام النعمة ، يا وهّاب يا عظيم يا معظّم ، ثمّ أعطني في كلّ عافية شكراً حتّى تبلّغني منها رضوانك في صدق الحديث وأداء الأمانة ووفاء بالعهد»(5)

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سَيف بن عَميرة، عن أبي بكر الحضرميّ ، عن الحارث النصري قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي من أهل بيت قد انقرضوا وليس لي ولد ؟ قال : ادع وأنت ساجد : [ ربّ هب لي من لدنك ولياً يرثني] ربّ هب لي من لدنك ذرّية طيّبة إنّك سميع الدّعاء، ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين»، قال: ففعلت، فولد لي عليُّ والحسين .

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليُّ بن الحكم، عن رجل، عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من أراد أن يُحْبَلَ له، فلْيُصَلّ ركعتين بعد الجمعة، يطيل فيهما الركوع والسجود ، ثمّ يقول: «اللّهم إنّي أسألك بما سألك به زكريّا، يا

ص: 10


1- الكهف/ 81.
2- الحديث مجهول. وقد روى ذيله بتفاوت في الفقيه 3 ، 150 - باب حال من يموت من أطفال المؤمنين، ح 8 .
3- الحديث ضعيف.
4- أي يصير شكري قاصراً عن أداء حق نعمتك بسبب تفكري ووساوس نفسي لوحدتي وفقد ولدي.
5- أي أعطني شكراً في صدق حديث كل عاقبة (وهي الولد وأداء أمانته ووفاء عهده، أي اجعله صدوقاً أميناً وفياً واجعلني شاكراً لهذه الأنعم ...) مرآة المجلسي 15/21 .

ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين، اللّهمّ هب لي من لدنك ذرّيّة طيّبة إنّك سميع الدُّعاء ، اللّهمّ باسمك استحللتها، وفي أمانتك أخذتها، فإن قضيتَ في رَحِمِها ولداً فاجعله غلاماً مباركاً [زكيّاً]، ولا تجعل للشّيطان فيه شركاً ولا نصيباً (1)

4 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال : شكا الأبرش الكلبي إلى أبي جعفر (علیه السلام) أنّه لا يولد له، فقال له: علّمني شيئاً، قال : استغفر اللّه في كلّ يوم [أ] وفي كلّ ليلة مائة مرة، فإنَّ اللّه يقول: (استغفروا ربّكم إنه كان غفّاراً إلى قوله - : ويمددكم بأموال وبنين (2))

5- الحسين بن محمّد، عن أحمد بن محمّد السيّاري، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن سليمان بن جعفر، عن شيخ مدنيّ، عن زرارة ؛ عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّه وفد إلى هشام بن عبد الملك ، فأبطأ عليه الإذن حتّى اغتمّ ، وكان له حاجب كثير الدُّنيا، ولا يولد له، فدنا منه أبو جعفر (علیه السلام) فقال له : هل لك أن توصلني إلى هشام وأعلّمك دعاء يولَدُ لك؟ قال : نعم، فأوصله إلى هشام ، وقضى له جميع حوائجه ، قال : فلمّا فرغ ، قال له الحاجب : جُعِلْتُ فداك، الدُّعاء الذي قلت لي؟ قال له : نعم ، قل في كلّ يوم إذا أصبحت وأمسيت : «سبحان اللّه سبعين مرَّة، وتستغفر عشر مرّات، وتسبّح تسع مرات وتختم العاشرة بالإستغفار [ثمّ ] تقول قول اللّه عزّ وجلَّ: (استغفروا ربكم إنّه كان غفّاراً * يرسل السّماء علیکم مدراراً * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنّات ويجعل لكم أنهاراً )، فقالها الحاجب، فرزقَ ذرّيّة كثيرة، وكان بعد ذلك يصل أبا جعفر وأبا عبد اللّه (علیه السلام) ، فقال سليمان : فقلتها - وقد تزوَّجت ابنة عم لي فأبطأ عليَّ الولد منها ، وعلّمتها أهلي ؛ فرُزِقْتُ ولداً، وزعمت المرأة أنّها متى تشاء أن تحمل حملت إذا ،قالتها وعلّمتُها غير واحد من الهاشميين ممن لم يكن يولد لهم، فولد لهم ولد كثير والحمد لله(3).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن شعيب،

ص: 11


1- راجع كتاب الصلاة من الفروع، باب صلاة من أراد أن يدخل بأهله ومن أراد أن يتزوج، فقد تقدم فيه بهذا الإسناد عن أبي جعفر (علیه السلام) مثله .
2- نوح / 10 - 11 - 12 . والتتمة بعد قوله غفاراً : يرسل السماء علیکم مدراراً. وتتمة الآية الأخيرة : ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً . والآية وإن دلّت على أن لمطلق الإستغفار مدخلية في حصول البنين إلا أن السنة حددته بهذا العدد، والحديث حسن .
3- الحديث ضعيف .

عن النضر بن شعيب عن سعيد بن يسار قال : قال رجل لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : لا يولد لي؟ فقال : استغفر ربّك في السحر مائة مرَّة، فإن نسيته فأقضِه(1).

7- وعنه ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه شكا إليه رجلٌ أنّه لا يولد له، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا جامعت فقل : اللّهمّ إنّك إن رزقتني ذكراً سمّيته محمّداً» قال: ففعل ذلك فُرزقَ(2).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن إسماعيل بن عبد الخالق، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبيدة قال: أتت عليَّ ستّون سنة لا يولد لي، فحججت، فدخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) فشكوت إليه ذلك ، فقال لي : أوَلَم يولد لك؟ قلت : لا ، قال : إذا قدمت العراق فتزوَّج امرأة ولا عليك أن تكون سواء، قال: قلت: وما السواء؟ قال : امرأة فيها قبح، فإنّهنّ أكثر أولاداً، وادع بهذا الدُّعاء، فإنّي أرجو أن يرزقك اللّه ذكوراً وإناثاً، والدُّعاء : اللّهمّ لا تذرني فرداً وحيداً وحشاً فيقصر شكري عن تفكري، بل هب لي أنساً وعاقبة صدقٍ ذكوراً وإناثاً أسكن إليهم من الوحشة، وأنس بهم من الوحدة، وأشكرك على تمام النعمة، يا وهاب يا عظيم يا معطي ، أعطني في كلّ عاقبة خيراً (3)حتّى تبلغني منتهى رضاك عني في صدقِ الحديث وأداء الأمانة، ووفاء العهد.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن معروف، عن عليّ بن مهزيار، عن محمّد بن راشد قال : حدثني هشام بن إبراهيم أنّه شكا إلى أبي الحسن (علیه السلام) سقمه وأنّه لا يولد له فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله قال ففعلت، فأذهب اللّه عني سقمي، وكثر ولدي ؛ قال محمّد بن راشد : وكنت دائم العلّة، ما أنفكّ منها في نفسي وجماعة خدمي وعيالي ، حتّى أني كنت أبقى وحدي ومالي أحدٌ يخدمني، فلما سمعت ذلك من هشام عملت به، فأذهب اللّه عني وعن عيالي العلل والحمد اللّه (4).

10 - أحمد بن محمّد العاصميّ ، عن عليّ بن الحسن التيمليّ، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جميلة عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال له رجلٌ من أهل خراسان بالرَّبَذَة : جُعِلْتُ فداك ، لم أَرْزَق ولداً؟ فقال له : إذا رجعت إلى بلادك، وأردت أن تأتي أهلك، فاقرء إذا أردت

ص: 12


1- الحديث ضعيف على المشهور. وقوله فاقضه أي أي وقت من الليل أو النهار
2- الحديث ضعيف على المشهور
3- في أكثر النسخ في ذلك عاقبة خير . فلعل العاقبة ليست بمعنى الولد بل بمعنى ما يعقب الشيء. أي يحصل لي عقب كل ولد خصلة محمودة من تلك الخصال شكراً له مرآة المجلسي 18/21
4- الحديث ضعيف.

ذلك : )وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظنّ أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين(1))، إلى ثلاث آيات (2)، فإنك ستُرزَق ولداً إن شاء اللّه (3).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن جعفر، عن عمر وبن سعيد، عن محمّد بن عمر [و] قال : لم يولد لي شيء قطُّ، وخرجت إلى مكّة ومالي ولد، فلقيني إنسان فبشّرني بغلام فمضيت ودخلت على أبي الحسن (علیه السلام) بالمدينة، فلمّا صرت بين يديه قال لي : كيف أنت، وكيف ولدك ؟ فقلت : جُعِلْتُ فداك، خرجت ومالي ولد ، فلقيني جارٌ لي فقال لي : قد ولد لك غلام ، فتبسّم ثمّ قال : سمّيته؟ قلت: لا، قال: سمه عليّاً، فإنّ أبي كان إذا أبطأت عليه جارية من جواريه قال لها يا فلانة أنوي عليّاً فلا تلبث أن تحمل فتلد غلاماً (4).

12 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان بن عثمان، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا أردت الولد فقل عند الجماع : «اللّهمَّ ارزقني ولداً واجعله تقيّاً، ليس في خلقه زيادة ولا نقصان، واجعل عاقبته إلى خير» (5).

باب من كان له حمل فنوى أن يسمّيه محمّداً أو علياً ولد له ذكر والدعاء لذلك

5- باب من كان له حمل فنوى أن يسمّيه محمّداً أو علياً ولد له ذكر والدعاء لذلك

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن الحسين بن أحمد المنقريّ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا كان بامرأة أحدكم حبل فأتى عليها أربعة أشهر (6) ، فليستقبل بها القبلة وليقرء آية الكرسيّ، وليضرب على جنبها وليقل: «اللّهمّ إنّي قد سمّيته محمّداً»، فإنّه يجعله غلاماً، فإن وفى بالاسم بارك اللّه له فيه، وإن رجع عن الاسم، كان اللّه فيه الخيار إن شاء أخذه، وإن شاء تركه.(7)

ص: 13


1- الأنبياء / 87 .
2- أي وبعدها الآيات الثلاث وهي : فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين . وزكريا إذ نادى ربه ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين . فاستجبناله ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رَغَباً وَرَهَباً وكانوا لنا خاشعين .
3- الحديث ضعيف.
4- الحديث ضعيف.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- أي أتمت الشهر الرابع من الحمل، ويمكن أن يراد أنها شارفت على ذلك لما سيأتي في بعض الروايات من أنه في الشهر الرابع يأمر اللّه سبحانه الملكين المرسلين بأن يجعلاه ذكراً أو أنثى .
7- الحديث ضعيف .

2 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن سعيد قال : كنت أنا وابن غيلان المدائني دخلنا على أبي الحسن الرضا (علیه السلام) ، فقال له ابن غيلان : أصلحك اللّه ، بلغني أنّه من كان له حمل فنوى أن يسمّيه محمّداً، وُلِدَ له غلام ؟ فقال : من كان له حمل فنوى أن يسمّيه عليّاً وُلد له غلامٌ ، ثمّ قال : عليّ محمّد، ومحمّد عليّ شيئاً واحداً (1) ، قال : أصلحك اللّه ، إنّي خلّفت امرأتي وبها حَبَل ، فادع اللّه أن يجعله غلاماً، فأطرق إلى الأرض طويلاً، ثمّ رفع رأسه فقال له : سمّه عليُّاً، فإنّه أطول لعمره، فدخلنا مكّة، فوافانا كتاب من المدائن أنّه قد وُلِدَ له غلام (2).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : ما من رجل يحمل له حمل فينوي أن يسمّيه محمّداً، إلا كان ذكراً إن شاء اللّه ، وقال : ههنا ثلاية كلّهم محمّد محمّد محمّد، وقال: قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) في حديث آخر : يأخذ بيدها ويستقبل بها القبلة عند الأربعة الأشهر ويقول: «اللّهم إنّي سمّيته محمّداً، ولد له غلامٌ، وإن حول اسمه أخذ منه(3).

4 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه رفعه قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من كان له حَمْل ، فنوى أن يسمّيه محمّداً أو عليُّاً، وُلِدَ له غلام (4).

باب بدء خلق الإنسان وتقلبه في بطن أمه

6 - باب بدء خلق الإنسان وتقلبه في بطن أمه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن النعمان، عن سلام بن المستنير قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن قول اللّه عزّ وجل : (مُخَلَّقَةٍ وغير مُخَلَّقَةٍ(5) ) ؟ فقال : المُخَلَّقة : هم الذرّ الذين خلقهم اللّه في صلب آدم (علیه السلام) ، أخذ عليهم الميثاق، ثمّ أجراهم في أصلاب الرّجال وأرحام النساء، وهم

ص: 14


1- أي كانا نفساً واحدة.
2- الحديث صحيح. وقد اشتمل على معجزة له (علیه السلام).
3- الحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- الحج / 5 . والمقصود بالوصف : المُضْغَة، كما نصت عليه نفس الآية الكريمة . وقد ورد في تفسير المخلقة : إنها المخلوقة خلفاً تاماً. والمضغة : هي من اللحم .

الذين يخرجون إلى الدُّنيا حتّى يُسألوا عن الميثاق . وأما قوله : (وغير مُخَلَّقة)، فهم كلُّ نَسَمَة لم يخلقهم اللّه في صلب آدم (علیه السلام) حين خلق الذرّ وأخذ علیهم الميثاق، وهم النّطف من العزل والسقط قبل أن يُنْفَخَ فيه الروح والحياة والبقاء(1).

2 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عمّن ذكره، عن أحدهما (علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجل : يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد (2) ؟ قال : الغَيْض ؛ كلّ حمل دون تسعة أشهر، وما تزداد ؛ كلُّ شيء يزداد على تسعة أشهر، فكلّما رأت المرأة الدَّم الخالص في حملها ، فإنها تزداد بعدد الأيّام التي رأت في حملها من الدّم.

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم قال : قال : سمعت أبا الحسن الرّضا (علیه السلام) يقول : قال أبو جعفر (علیه السلام) : إنّ النطفة تكون في الرحم أربعين يوماً ، ثمّ تصير عَلَقة أربعين يوماً ، ثمّ تصير مُضْغَةً أربعين يوماً، فإذا كمل أربعة أشهر، بعث اللّه مَلَكَين خلاقين فيقولان : يا ربّ ما تخلق ذكراً أو أنثى؟ فيؤمران، فيقولان : يارب شقيّاً أو سعيداً؟ فيؤمران، فيقولان يا ربّ، ما أجله وما رزقه وكل شيء من حاله، وعدد من ذلك أشياء، ويكتبان الميثاق بين عينيه (3) ، فإذا أكمل اللّه له الأجل، بعث اللّه مَلَكاً فزجره زجرة فيخرج وقد نسي الميثاق (4) ، فقال الحسن بن الجهم فقلت له : أفيجوز أن يدعو اللّه فيحوّل الأنثى ذكراً والذكر أنثى ؟ فقال : إن اللّه يفعل ما يشاء.

4 - محمّد بن يحیى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إنّ اللّه عزَّ وجلَّ إذا أراد أن

ص: 15


1- الحديث مجهول.
2- الرعد / 8. وقال الطبرسي رحمه اللّه في مجمع البيان 6/ 280 : واللّه يعلم ما تحمل كل انثى : أي يعلم ما في بطن كل حامل من ذكر أو أنثى تام أو غير تام ويعلم لونه وصفاته، وما تغيض الأرحام ؛ أي يعلم الوقت الذي تنقصه الأرحام من المدة التي هي تسعة أشهر. وما تزداد على الأجل، وذلك إن النساء لا يلدن على أجل واحد. وقيل: يعني بقوله : وما تغيض الأرحام الولد الذي تأتي به المرأة لأقل من ستة أشهر، وما تزداد الولد الذي تأتي به لأقصى مدة الحمل. وقيل : معناه ما تنقص الأرحام من دم الحيض، وهو انقطاع الحيض، وما تزداد بدم النفاس بعد الوضع...).
3- كتابة الميثاق : كناية عن كونه مفطوراً على التوحيد بعد الإيمان باللّه
4- نسيان الميثاق : كناية عن انغماسه في الشهوات والمعاصي المانعة من تأثير الفطرة فيه وشل حركتها وفاعليُّتها وذلك بعد كينونته في العالم الخارجي أو يكون الزجر سبباً لدخوله في هذا العالم وهو عالم الكون والفساد فيحصل ما قلناه .

يخلق النطفة الّتي ممّا أخذ عليها الميثاق في صلب آدم أو ما يبدو له (1) فيه، ويجعلها في الرّحم، حرَّك الرّجل للجماع ، وأوحى إلى الرّحم؛ أن افتحي بابك حتّى يلج فيك خلقي وقضائي النافذ وقَدَري، فتفتح الرّحم بابها فتصل النطفة إلى الرحم ، فَتَرَدَّدُ(2) فيه أربعين يوماً ، ثمّ تصير علقة أربعين يوماً ، ثمّ تصير مُضْغَةً أربعين يوماً ، ثمّ تصير لحماً تجري فيه عروق مشتبكة ، ثمّ يبعث اللّه مَلَكَين خَلاقين(3) يخلقان في الأرحام ما يشاء اللّه فيقتحمان في بطن المرأة من فم المرأة، فيصلان إلى الرحم ، وفيها الرُّوحِ القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فينفخان فيها روح الحياة والبقاء، ويشقان له السمع والبصر وجميع الجوارح وجميع ما في البطن بإذن اللّه ، ثمّ يوحي اللّه إلى الملكين : اكتبا عليه قضائي وقدري ونافذ أمري، واشترطالي البداء فيما تكتبان ، فيقولان : يا ربّ، ما نكتب؟ فيوحي اللّه إليهما أن ارفعا رؤوسكما إلى رأس أمّه، فيرفعان رؤوسهما ، فإذا اللوح يقرع (4)جبهة أمه ، فينظران فيه فيجدان في اللوح صورته وزينته وأجَلَه وميثاقه؛ شقيّاً أو سعيداً، شأنه . قال : فيُملي أحدهما على صاحبه فيكتبان جميع ما في اللوح، ويشترطان البداء فيما يكتبان ، ثمّ يختمان الكتاب ويجعلانه بين عينيه، ثمّ يقيمانه قائماً في بطن أمه ، فربّما عتى (5) فانقلب ، ولا يكون ذلك إلا في كلّ عاتٍ أو مارد، وإذا بلغ أوان خروج الولد تاماً أو غير تام، أوحى اللّه عزّ وجلَّ إلى الرحم ؛ أن افتحي بابك حتّى يخرج خلقي إلى أرضي، ويَنْفُذَ فيه أمري، فقد بلغ أوان خروجه، قال: فيفتح الرحم باب الولد، فيبعث اللّه إليه ملكاً يقال له : زاجر فيزجره زجرة فيفزع منها الولد فينقلب فيصير رجلاه فوق رأسه ورأسه في أسفل البطن ليسهل اللّه على المرأة وعلى الولد الخروج، قال : فإذا احتبس، زجره الملك زجرة أخرى، فيفزع منها فيسقط الولد إلى الأرض باكياً فَزعاً من الزجرة (6).

ص: 16


1- من البداء، أي يجعله سقطاً. أو لم يأخذ عليه الميثاق في صلب آدم ، فبدا له سبحانه فأخذ عليه الميثاق بعد ذلك . وقيل غير ذلك .
2- أي تتردّد أي تتحول من حال إلى حال.
3- إنما يبعث اللّه الملكين ليملي أحدهما ويكتب الآخر كما في فعل جسماني . كما سوف يصرح به في الخبر أو يراد بنسبة الخلق إليهما بمعنى التقدير والتخطيط.
4- وقال بعضهم : قرع اللوح جبهة أمه ؛ كأنه كناية عن ظهور أحوال أمه وصفاتها وأخلاقها من ناصيتها، وصورتها التي خلقت عليها، كأنها جميعاً مكتوبة عليها، وإنما تستنبط الأحوال التي ينبغي أن يكون الولد عليها من ناصيةأمه ويكتب ذلك على وفق ما ثمة للمناسبة التي تكون بينه وبينها ... الخ . مرآة المجلسي 25/21
5- العتو: الإستكبار ومجاوزة الحد.
6- الحديث صحيح ، وفي حل أمثال هذا الخبر مسالك، فمنهم من آمن بظاهره ووكل علمه إلى من صدر عنه، وهذا سبيل المتيقن ومنهم من يقول : ما يفهم من ظاهره حق واقع ولا عبرة باستبعاد الأوهام فيما صدر عن أ الأنام، ومنهم من قال : هذا على سبيل التمثيل كأنه شبه ما يعلمه تعالى من حاله ومن طينته وما يستحقه من الكمالات وما يودع فيه من مراتب الاستعدادات بمجيء ء الملكين وكتابتهما على جبهته وغير ذلك». مرآة المجلسي 24/21 - 25 .

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الخَلْق؟ إنّ اللّه تبارك وتعالى لمّا خلق الخلق من طين، أفاض بها كإفاضة القِداح (1)فأخرج المسلم فجعله سعيداً، وجعل الكافر شقيّاً، فإذا وقعت النطفة تلقّتها الملائكة فصوّروها، ثمّ قالوا : يا ربّ، أذكراً أو أنثى؟ فيقول الرَّبِّ جلَّ جلاله : أي ذلك شاء؟ فيقولان : تبارك اللّه أحسن الخالقين، ثمّ توضع في بطنها فَتَرَدَّد (2) تسعة أيام في كلّ عرق ومفصل ، ومنها للرّحم ثلاثة أقفال : قفل في أعلاها ممّا يلي أعلا السُرَّة من الجانب الأيمن، والقفل الآخر وسطها، والقفل الآخر أسفل من الرحم ، فيوضع بعد تسعة أيام في القفل الأعلى، فيمكث فيه ثلاثة أشهر، فعند ذلك يصيب المرأة خبث النفس والتهوّع (3)، ثمّ ينزل إلى القفل الأوسط فيمكث فيه ثلاثة أشهر، وسُرَّة الصبي فيها مجمع العروق وعروق المرأة كلّها منها يدخل طعامه وشرابه من تلك العروق، ثمّ ينزل إلى القفل الأسفل فيمكث فيه ثلاثة أشهر ، فذلك تسعة أشهر، ثمّ تطلق المرأة، فكلّما طلقت انقطع عرق من سُرَّة الصبي فأصابها ذلك الوجع ويده على سُرَّته حتّى يقع إلى الأرض ويده مبسوطة، فيكون رزقه حينئذ من فِيهِ(4) .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل أو (5) غيره قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : جُعِلْتُ فداك، الرّجل يدعو للحبلى أو يجعل اللّه ما في بطنها ذكراً سويّاً؟ قال : يدعوما بينه وبين أربعة أشهر ، فإنّه أربعين ليلة نطفة، وأربعين ليلة عَلَقة، وأربعين ليلة مُضْغَة، فذلك تمام أربعة أشهر، ثمّ يبعث اللّه ملكين خلّاقين فيقولان : يا ربّ، ما نخلق ، ذكراً أم أنثى ؟ شقياً أو سعيداً؟ فيقال ذلك، فيقولان : يا ربّ ما رزقه وما أجَلُه وما مُدَّته؟ فيقال ذلك، وميثاقه بين عينيه ينظر إليه، ولا يزال منتصباً في بطن أمه، حتّى إذا دنا خروجه بعث اللّه عزَّ وجلَّ إليه ملكاً فزجره زجرة فيخرج وينسى الميثاق (6).

ص: 17


1- القداح : جمع القِدْح، وإفاضة القداح : الضرب بها، كما كان يفعل أهل الجاهلية، ليتميز نصيب كل واحد منهم . وقد نقل المجلسي رحمه اللّه عن بعض الأفاضل - ويقصد به الفيض في الوافي - قوله : وفي التشبيه إشارة لطيفة إلى اشتباه خير بني آدم بشرهم إلى أن يميز اللّه الخبيث من الطيب.
2- لعل تردّدها كناية عما يوفيها من مزاج الأم أو يختلط بها من النطفة الخارجة من جميع عروقها .... مرآة المجلسي 26/21
3- التهوع : تكلف القيء.
4- الحديث مجهول.
5- الشك من الراوي .
6- الحديث مجهول.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن زرارة بن أعين قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : إذا وقعت النطفة في الرَّحم، استقرَّت فيها أربعين يوماً، وتكون علقة أربعين يوماً ، وتكون مُضْغَةً أربعين يوماً ، ثمّ يبعث اللّه ملكين خلاقين فيقال لهما : أخْلُقاً كما يريد اللّه ذكراً أو أنثى ، صوّراه، واكتبا أجله ورزقه ومنيّته، وشقيّاً أو سعيداً؟ واكتبا لله الميثاق الذي أخذه عليه في الذرّ (1) بين عينيه، فإذا دنا خروجه من بطن أمّه، بعث اللّه إليه ملكاً يقال له : زاجر ، فيزجره فيفزع فزعاً فينسى الميثاق، ويقع إلى الأرض يبكي من زجرة الملك (2).

باب أكثر ما تلد المرأة

7 - باب أكثر ما تلد المرأة

1 - محمّد بن يحيى ، وغيره عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن إسماعيل بن عمر عن شعيب العقرقوفيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّ للرّحم أربعة سُبُل، في أي سبيل سلك فيه الماء كان منه الولد واحد واثنان وثلاثة وأربعة ، ولا يكون إلى سبيل أكثر من واحد(3).

2 - عليُّ بن محمّد رفعه ، عن محمّد بن حمران، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق للرّحم أربعة أوعية، فما كان في الأول فللأب (4)، وما كان في الثاني فللام، وما في كان الثالث فللعمومة ، وما كان في الرابع فللخؤولة (5).

باب في آداب الولادة

8- باب في آداب الولادة

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد عن أبيه عن عبد اللّه بن المغيرة، عن السكونيّ، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : كان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) إذا حضرت ولادة المرأة قال : أخرجوا من في البيت من النساء لا يكون أوّل ناظر إلى عورة (6)

ص: 18


1- يعني في عالم الذّرّ
2- الحديث صحيح.
3- الحديث مجهول
4- أي إذا وقعت النطقة في الوعاء الأول فلشبهه الولد.
5- الحديث مرفوع . وما سيق لبيانه هذا الحديث غير ما سيق لبيانه السابق عليُّه.
6- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ح 1 ، وفيه : لا تكون . . . الفقيه 3 ، 187 - باب النوادر، ح 28 بتفاوت .

باب التهنية بالولد

9 - باب التهنية بالولد

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن الحسين، عن مرازم، عن أخيه قال : قال رجلٌ لأبي عبد اللّه (علیه السلام): وُلِدَ لي غلام؟ فقال : رزقك اللّه شكر الواهب، وبارك لك في الموهوب، وبلغ أشدّه ، ورزقك اللّه بِرَّه (1) .

2 - عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن أبي مريم الأنصاريّ، عن أبي برزة الأسلميّ قال : وُلِدَ للحسن بن عليّ (علیه السلام) مولود، فأتته قريش فقالوا : يهنّئك الفارس، فقال: وما هذا من الكلام؟ قولوا: شكرتَ الواهب، وبورك لك في الموهوب، وبلغ اللّه به أشدّه، ورزقك برّه .

3- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح ، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : هنّأ رجل رجلاً أصاب ابناً فقال : يهنئك الفارس، فقال له الحسن (علیه السلام) : ما علمك يكون فارساً أو راجلا؟ قال : جُعِلْتُ فِداك ، فما أقول؟ قال : تقول : شكرت الواهب ، وبورك لك في الموهوب، وبلغ أشده (2)، ورزقك برّه(3)

باب الأسماء والكنى

10 - باب الأسماء والكنى

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن أبي إسحاق ثعلبة بن ميمون عن رجل قد سمّاه، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: أصدق الأسماء ما سمّي بالعبوديّة، وأفضلها أسماء الأنبياء (4)

ص: 19


1- التهذيب 7 نفس الباب، ح 7 .
2- أشدّه : أي قوته .
3- التهذيب 7 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 8 الفقيه ،3 147 - باب التهنئة بالولد، ح 1 وأخرجه مرسلا بتفاوت عن الصادق (علیه السلام).
4- التهذيب ،7 ، نفس الباب، ح 11 بزيادة في آخره . وقوله بالعبودية : أي بالعبودية اللّه كعبد اللّه وعبد الكريم . . . الخ . وأعلم أن أصحابنا اختلفوا في أن أسماء العبودية أفضل من أسماء الأنبياء والأئمة (علیه السلام) أو بالعكس، فذهب المحقق في الشرائع إلى الأول حيث قال : ثمّ يسميه أحد الأسماء المستحسنة وأفضلها ما يتضمن العبودية اللّه تعالى، ويليها أسماء الأنبياء والأئمة (علیه السلام)». وتبعه عليه العلامة في كتبه، ولم نقف على مستندهما، ولا دلالة في هذا الخبر عليه لأن كون الاسم أصدق من غيره لا يقتضي كونه أفضل منه خصوصاً مع التصريح بكون أسماء الأنبياء أفضل في متن هذا الخبر فإنه يدل على أن الصدق غير الفضيلة، وبمضمون الخبر عبر الشهيد في اللمعة، وذهب ابن ادريس إلى أن الأفضل أسماء الأنبياء والأئمة (علیه السلام) وأفضلها اسم نبينا (صلّی اللّه علیه وآله) وبعد ذلك العبودية لله تعالى وتبعه الشهيد الثاني، وهو الأظهر مرآة المجلسي 31/21

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : حدَّثني أبي عن جدَّي قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : سمّوا أولادكم قبل أن يُولَدوا ، فإن لم تدروا أذكر أم أنثى، فسمّوهم بالأسماء التي تكون للذكر والأنثى، فإنَّ أسقاطكم إذا لَقُوكُم يوم القيامة ولم تسموهم، يقول السقط لأبيه : الا سميتني، وقد سمّى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) محسناً قبل أن يولد(1)

3- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن الفضيل عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : أوّل ما يبرُّ الرّجل ولده، أن يسمّيه باسم حسن، فليُحْسِنْ أحدُكم اسم ولده (2).

4 - أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يولد لنا ولد إلّا سميناه محمّداً، فإذا مضى [لنا] سبعة أيّام، فإن شئنا غيّرنا، وإن شئنا تَرَكْنا(3).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن ابن ميّاح، عن فلان بن حميد أنّه سأل أبا عبد اللّه (علیه السلام) وشاوره في اسم ولده ، فقال : سمّه بأسماء من العبوديّة، فقال : أيُّ الأسماء هو ؟ فقال : عبد الرحمن (4) .

6 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن سليمان بن سماعة، عن عمه عاصم الكوزيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) قال : من ولد له أربعة أولاد لم يُسمّ أحدهم باسمي، فقد جفاني (5).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن عبد الرحمن بن محمّد العزرمي قال : استعمل معاويةُ مروان بن الحكم على المدينة ، وأمره أن يفرض لشباب قريش،

ص: 20


1- الحديث ضعيف.
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 9 .
3- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 10 بتفاوت في الذيل .
4- الحديث ضعيف .
5- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ذيل ح 11 وفيه : ولم يُسم . والحديث ضعيف على المشهور والجفاء : البعد عن الآداب الحسنة .

ففرض لهم ، فقال عليُّ بن الحسين (علیه السلام) : فأتيته ، فقال : ما اسمك؟ فقلت : عليُّ بن الحسين، فقال : ما اسم أخيك؟ فقلت : عليّ . قال : عليُّ وعليُّ ؟! ما يريد أبوك أن يدع أحداً من ولده إلا سمّاه عليّاً؟! ثمّ فرض لي، فرجعت إلى أبي فأخبرته، فقال: فأخبرته ، فقال : وَيلي(1)على ابن الزَّرقاء ، دبّاغة الأدم ، لو وُلِدَ لي مائة لأحببت أن لا أسمّي أحداً منهم إلا عليّاً.

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن سليمان الجعفريّ قال: سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمّد أو أحمد أو عليّ أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد اللّه، أو فاطمة من النساء (علیه السلام(2).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن عبد اللّه ابي (علیه السلام) قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) فقال : يا رسول اللّه ، ولد لي غلام ، فماذا أسمّيه؟ قال : سمّه بأحبّ الأسماء إليَّ : حمزة(3)

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : استحسنوا أسماءكم، فإنّكم تُدْعَوْنَ بها يوم القيامة، قم يا فلان بن فلان إلى نورك، وقم يا فلان بن فلان لا نور لك (4)

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن سعيد بن خثيم، عن معمر بن خثيم قال : قال لي أبو جعفر (علیه السلام): ما تُكَنّى؟ قال: قلت: ما اكتنيت بعد، وما لي من ولد ولا امرأة ولا جارية قال فما يمنعك من ذلك؟ قال: قلت: حديث بلغنا عن عليّ (علیه السلام) ، قال : وما هو؟ قلت : بلغنا عن عليُّ (علیه السلام) أنه قال : من اكتنى وليس له أهل فهو أبو جَعْر(5) ، فقال أبو جعفر (علیه السلام) : شوَه (6)؟ ! ليس هذا من حديث عليّ (علیه السلام)، إنّا لنكنّي أولادنا في صغرهم مخافة النبز أن يَلْحَقَ بهم (7)

ص: 21


1- الويل: الحزن والهلاك، والشقة من العذاب. والحديث مرسل .
2- التهذيب ، نفس الباب، ح 12 .
3- التهذيب 7 نفس الباب، ح 13 . والحديث مجهول . ولا ينافي ما مر من أن أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية وأفضلها أسماء الأنبياء، لأن ما ورد هنا إنما هو على سبيل الإضافة إليه (صلّی اللّه علیه وآله).
4- الحديث مجهول.
5- الجَعْر - كما في النهاية - ما يبس من الثفل في الدبر أو خرج يابساً.
6- تعبير يراد به الاستفهام والاستفهام هذا إنكاري
7- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ح 14 والنبز : اللقب، وكأنه يكثر فيما كان ذما - قاله في النهاية -.

12 - الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن مسلم، عن الحسين بن نصر، عن أبيه ، عن عمرو بن شمّر ، عن جابر قال : أراد أبو جعفر (علیه السلام) الركوب إلى بعض شيعته ليعودَه فقال : يا جابر الْحَقْني ، فتبعته، فلما انتهى إلى باب الدَّار ، خرج عليُّنا ابن له صغير، فقال له أبو جعفر (علیه السلام) : ما اسمك ؟ قال : محمّد قال: فيما تُكَنى؟ قال: بعليّ فقال له أبو جعفر (علیه السلام): لقد احتظرت من الشيطان احتظاراً شديداً، إنَّ الشيطان إذا سمع منادياً ينادي يا محمّد، يا عليّ ، ذاب كما يذوب الرَّصاص، حتّى إذا سمع منادياً ينادي باسم عدوّ من أعدائنا اهتر واختال(1).

13 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان رفعه إلى أبي جعفر أو (2) أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال، هذا محمّد، أذن لهم في التسمية به، فمن أذن لهم في «يس» - يعني التسمية - وهو اسم النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله)(3).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) دعا بصحيفة حين حضره الموت يريد أن ينهى عن أسماء يُتَسمّى بها، فقُبض ولم يسمها، منها الحَكَم وحكيم وخالد ومالك، وذكر أنها ستة أو سبعة مما لا يجوز أن يُتَسمّى بها (4).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، أنَّ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) نهى عن أربع كني، عن أبي عيسى، وعن أبي الحكم، وعن أبي مالك، وعن أبي القاسم، إذا كان الإسم محمّداً (5).

16 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد اللّه بن هلال، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إِنَّ أبغض الأسماء إلى اللّه عزَّ وجلَّ : حارث ومالك وخالد(6).

17 - محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن ابن بكير، عن زرارة قال : سمعت أبا

ص: 22


1- الحديث ضعيف على المشهور. وقال في النهاية 275/1 و 404 :الحظار الأرض التي فيها الزرع المحاط عليها كالحظيرة . .. أراد : لقد احتميت بحمى عظيم من إبليس وجنده .
2- الترديد من الراوي.
3- الحديث مرفوع ، ويدل على أن يس من أسمائه (صلّی اللّه علیه وآله).
4- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 15 و 16 و 17 . والحديث الأول حسن والثاني ضعيف على المشهور، والثالث مجهول.
5- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 15 و 16 و 17 . والحديث الأول حسن والثاني ضعيف على المشهور، والثالث مجهول.
6- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 15 و 16 و 17 . والحديث الأول حسن والثاني ضعيف على المشهور، والثالث مجهول.

جعفر (علیه السلام) يقول : إنَّ رجلاً كان يغشى(1) عليّ بن الحسين (علیه السلام)، وكان يكنّى أبا مِرَّة (2)، فكان إذا استأذن عليه يقول : أبو مرّة بالباب ، فقال له عليُّ بن الحسين (علیه السلام) : باللّه إذا جئت إلى بابنا، فلا تقولنَّ : أبو مِرَّة .

باب تسوية الخلقة

11 - باب تسوية الخلقة

1- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن سنان، عمّن حدَّثه قال : كان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) إذا بُشِّر بالولد، لم يسأل أذكَر هو أم أنثى حتّى يقول : أسويُّ ، فإن كان سويّاً قال : الحمد للّه الذي لم يخلق منّي شيئاً مُشَوَّهاً(3)

باب ما يستحب أن تطعم الحبلى والنفساء

12 - باب ما يستحب أن تطعم الحبلى والنفساء

1 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب عن عثمان بن عبد الرّحمن، عن شرحبيل بن مسلم أنّه قال : في المرأة الحامل، تأكل السفرجل، فإنّ الولد يكون أطيب ريحاً، وأصفى لوناً(4)

2 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسن التيملي عن الحسين بن هاشم، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) - ونظر إلى غلام جميل - : ينبغي أن يكون أبو هذا الغلام آكل السفرجل .

3-محمّد به بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد العزيز بن حسّان، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : خير تموركم البرني، فأطعموه نساءكم في نفاسهنَّ يخرج أولادكم زكيّاً حليماً (5)

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عدَّة من أصحابه، عن عليّ بن

ص: 23


1- غشي فلاناً : أتاه .
2- أبو مرة : كنية إبليس .
3- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 18 . والحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ح 19 .
5- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 20 بتفاوت. والحديث صحيح . وتأثير ذلك النوع المخصوص من التمر في الولد بلحاظ رضاعه من الحليب المتولد منه

أسباط ، عن عمّه يعقوب بن سالم رفعه إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): ليكن أول ما تأكل النفَساء الرُّطب، فإنَّ اللّه تعالى قال لمريم: وهُزّي إليك بجذع النخلة تُسَاقِط عليُّك رُطَبَاً جَنِيّاً (1)قيل يا رسول اللّه ، فإن لم يكن أوان الرُّطب؟ قال : سَبع تمرات من تمر المدينة، فإن لم يكن فسَبع تمرات من تمر أمصاركم، فإنَّ اللّه عزّ وجلَّ يقول: وعزّتي وجلالي وعظمتي وارتفاع مكاني، لا تأكل نُفَساء يوم تلد الرُّطب فيكون غلاماً، إلّا كان حليماً، وإن كانت جارية كانت حليمة (2)

5 - عنه ، عن محمّد بن عليّ، عن أبي سعيد الشامي، عن صالح بن عقبة قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : أطعموا البرني نساءكم في نفاسهنَّ، يحلم أولادكم(3)

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن قبيصة، عن عبد اللّه النيسابوريّ، عن هارون بن مسلم، عن أبي موسى، عن أبي العلاء الشاميّ، عن سفيان الثوري ، عن أبي زياد، عن الحسن بن عليّ (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): أَطْعِمُوا حَبَالَاكُم اللِّبان، فإن الصّبيَّ إذا غذّي في بطن أمّه باللبان اشتدّ قلبه، وزيد في عقله ، فإن يك ذكراً كان شجاعاً، وإن ولدت أنثى عَظُمَت عجيزتُها ، فتحظى بذلك عند زوجها (4).

7- عدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن سنان، عن الرضا (علیه السلام) قال : أطعموا حبالاكم ذكر اللّبان، فإن يك في بطنها غلام خرج ذكيّ القلب، عالماً شجاعاً، وإن تك جارية حَسُنَ خَلْقُها وخُلُقها، وعظّمَت عجيزتها، وحظيت عند زوجها (5).

باب ما يُفْعَلُ بالمولود من التحنيك وغيره إذا وُلِدَ

13 - باب ما يُفْعَلُ بالمولود من التحنيك وغيره إذا وُلِدَ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي إسماعيل الصيقل، عن أبي يحيى الرازي ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا وُلِدَ لكم المولود، أيُّ شيء تصنعون به؟

ص: 24


1- مريم / 25 . وهزي : حركي . جَنِيًّا : مَجْنِيًّا .
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 21 . وفي ذيله حكيماً، وحكيمة
3- الحديث ضعيف .
4- الحديث ضعيف واللبان الكندر وهو أصناف منه هندي يميل إلى الخضرة، ومنه أبيض يلين البطن، وأجوده الذكر الأبيض المدحرج الدبقي. وقال في القاموس : حظيت المرأة عند زوجها حظوة، أي سعدت به ودنت من قلبه وأحبها والعجيزة والعجز: مؤخر الشيء.
5- التهذيب 7 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 11 .

قلت : لا أدري ما نصنع به ، قال : خذ عدسة جاوشير فَدُفْهُ (1) بماء ، ثمّ قطن أنفه في المنخر الأيمن قطرتين، وفي الأيسر قطرة واحدة، وأذن في أذنه اليمنى، وأقم في اليسرى، تفعل به ذلك قبل أن تُقطَعَ سرته ، فإنّه لا يفزع أبداً، ولا تصيبه أم الصبيان(2).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد عن الحسن بن عليّ ، عن أبان ، عن حفص الكناسي ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مُرُوا القابلة أو بعض من يليه، أن تقيم الصلاة في أذنه اليمنى، فلا يصيبه لَمَمٌ ولا تابعة أبداً(3)

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن بعض أصحابه (4)، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال : يحنّك المولود بماء الفرات، ويُقام في أذنه (5).

4 - وفي رواية أخرى : حنِّكوا أولادكم بماء الفرات وبتربة قبر الحسين (علیه السلام)، فإن لم يكن فيماء السماء (6).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنین . (علیه السلام) : حنّكوا أولادكم بالتمر هكذا فعل النبيُّ (صلّی اللّه علیه وآله) بالحسن والحسين (علیه السلام(7).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من ولد له ،مولود، فليؤذّن في أذنه اليمنى بأذان الصّلاة، وليُقِم في اليسرى، فإنّها عصمة من الشيطان الرّجيم(8).

ص: 25


1- قال في النهاية : دفت الدواء أدوفه، إذا بللته بماء وخلطته .
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 2 . والحديث مجهول. قال في النهاية لم تضره أم الصبيان يعني الريح التي تعرض لهم فربما غشي علیهم منها . وهنالك من قال : بأن أم الصبيان نوع من الجن يؤذي الصبيان.
3- الحديث ضعيف على المشهور واللمم - كما في النهاية - طرف من الجنون يلم بالإنسان أو يقرب منه ويعتريه . وقال في القاموس : التابع والتابعة الجني والجنية يكونان مع الإنسان يتبعانه حيث ذهب.
4- في التهذيب : عن بعض أصحابنا .
5- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة،
6- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 4 . هذا، وقد نص أصحابنا رضوان اللّه علیهم على هذه المسنونات للولادة في كتبهم، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 343/2 - 344 .
7- التهذيب 7 نفس ،الباب ح ه ، وفيه فكذا ، بدل هكذا . . .
8- التهذيب 7 نفس الباب، ح 6 .

باب العقيقة ووجوبها

14 - باب العقيقة ووجوبها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن العبد الصالح (علیه السلام) قال : العقيقة واجبة ، إذا ولد للرّجل ولد، فإن أحبّ أن يسمّيه من يومه فَعَلَ(1)

2 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً،عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال : كلّ مولود مُرتَهَنٌ بالعقيقة (2)

3- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد اللّه بن القاسم، عن عبد اللّه بن سنان ،عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): إنّي واللّه ما أدري كان أبي عقّ عنّي أم لا ؟ قال : فأمرني أبو عبد اللّه (علیه السلام) فعققت عن نفسي وأنا شيخ ؛ وقال عمر سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : كلّ امرىء مرتهنٌ بعقيقته، والعقيقة أوجب من الأضحيّة(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى الساباطيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كل مولود مرتهنٌ بعقيقته .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (علیه السلام)قال : سألته عن العقيقة، أواجبة هي ؟ قال : نعم واجبة (4).

6 - أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان، عن عبد اللّه بن بكير

ص: 26


1- التهذيب ،7 ، نفس الباب، ح 23 - الفقيه ،3، 149 - باب العقيقة والتحنيك والتسمية و ... ، ح 4 . هذا، وقد ذهب السيد وابن الجنيد ، وهو ما يظهر من الشيخ الكليني رحمهم اللّه إلى القول بوجوب العقيقة، بل ادعى السيد عليه الإجماع، بينما ذهب الشيخ ومن تأخر عنه إلى الاستحباب .
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 26 . الفقيه 3 ، نفس الباب، ذیل ح 2 قوله (علیه السلام) مرتهن أي لو لم يعقّ عنه فله الخيار في قبضه أو تركه. والحديث ضعيف.
3- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 27 . وروى إلى قوله : وأنا شيخ، في الفقيه 3 ، 149 - باب العقيقة والتحنيك و...، ح 3 . وروى تنمته برقم (1) من نفس الباب. وقد نص أصحابنا على استحباب أن يعق الولد عن نفسه إذا بلغ ولم يكن قد عق عنه، وكذا مع الشك.
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 24 . والحديث مجهول.

قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فجاءه رسول عمّه عبد اللّه بن عليّ فقال له: يقول لك عمّك : إنّا طلبنا العقيقة فلم نجدها ، فما ترى نتصدق بثمنها ؟ فقال : لا ، إِنَّ اللّه يحبُّ إطعام الطعام وإراقة الدماء (1)

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن عليّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: العقيقة واجبة (2)

8- عليُّ ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، وابن أبي عمير، جميعاً عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال : ولد لأبي جعفر (علیه السلام) غلامان جميعاً، فأمر زيد بن عليّ أن يشتري له جزورين للعقيقة، وكان زمن غلاء، فاشترى له واحدة وعَسُرَت عليه الأخرى، فقال لأبي جعفر (علیه السلام) : قد عَسُرَت عليُّ الأخرى فتصدّق بثمنها، فقال: لا، أطلبها حتّى تقدر عليها، فإنّ اللّه عزّ وجلَّ يحبُّ إهراق الدّماء وإطعام الطعام.

9 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان، عن معاذ الفرّاء، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الغلام رهن ،بسابِعِه بكبش يُسمّى فيه، ويُعَقِّ عنه، وقال : إن فاطمة (علیه السلام) حلقت ابنيها وتصدَّقت بوزن شعرهما فضّة(3)

باب إن عقيقة الذكر والأنثى سواء

15 - باب إن عقيقة الذكر والأنثى سواء

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن العقيقة؟ فقال: في الذكر والأنثى سواء (4)

2 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال:

ص: 27


1- التهذيب ، نفس الباب، ح 28 .قوله : وإراقة الدماء : يعني دماء الأضاحي والعقيقة . ويدل الحديث على عدم كفاية التصدق بالثمن، وإنما ينتظر وقت وجودها .
2- التهذيب 7 نفس الباب، ح 25 . والحديث مجهول.
3- الحديث ضعيف على المشهور (قوله (علیه السلام) : بكبش : بدل من قوله : بسابعه ويحتمل أن يكون (الباء) في قوله: بسابعه للظرفية وفي قوله : بكبش صلة للرهن مرآة المجلسي 46/21 .
4- الظاهر إن أكثر أصحابنا يقولون بأنه يعق عن الذكر بذكر وعن الأنثى بأنثى والروايات الكثيرة مع التساوي لامع التفصيل .

العقيقة في الغلام والجارية سواء(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن العقيقة ؟ فقال : عقيقة الغلام والجارية كبش كبش .

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن شعیب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : عقيقة الغلام والجارية كبش(2).

باب إن العقيقة لا تجب على من لا يجد

16 - باب إن العقيقة لا تجب على من لا يجد

1 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن محمّد بن أبي حمزة ؛ عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن العقيقة، عن الموسر والمعسر؟ فقال: ليس على من لا يجد شيء (3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال: سألته عن العقيقة على المعسر والموسر؟ فقال: ليس على من لا يجد شيء .

باب أنه يُعَقِّ يوم السابع للمولود ويُخلَق رأسه ويُسمّى

17 - باب أنه يُعَقِّ يوم السابع للمولود ويُخلَق رأسه ويُسمّى

1 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن ابن جبلة؛ وعليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي اللّه حمّاد، عن عبد بن جبلة، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : عقّ عنه واحلق رأسه يوم السابع، وتصدَّق بوزن شعره ،فضة ، واقطع العقيقة جذاوى (4)واطبخها، وادع عليها رهطاً من المسلمين (5).

ص: 28


1- الحديث صحيح .
2- الحديث صحيح
3- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 29 . وما تضمنه الحديث هو ما عليه الأصحاب .
4- في التهذيب جداول. والجذاوي : جمع الجذوة، وهي القطعة من اللحم كما في القاموس. والجداول - على رواية التهذيب - جمع جدل وهو العضو.
5- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ح 30

2 - وعنه ، عن الحسن بن حمّاد بن عديس (1) عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت له : بأيّ ذلك نبدء؟ قال : تحلق رأسه ، وتعقّ عنه، وتصدّق بوزن شعره فضّة، ويكون ذلك في مكان واحد (2).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن العقيقة، أواجبة هي ؟ قال : نعم، يعقّ عنه، ويحلق رأسه وهو ابن سبعة، ويوزن شعره فضّة أو ذهباً يتصدّق به، وتطعم القابلة ربع الشّاة، والعقيقة شاة أو بدنه(3).

4 - وعنه ، عن رجل؛ عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّه قال : إذا كان يوم السّابع وقد ولد لأحدكم غلام أو جارية، فليعق عنه كبشاً، عن الذّكر ذكراً وعن الأنثى مثل ذلك، الذكر ذكراً وعن الأنثى مثل ذلك، عُفواً عنه، وأطعموا القابلة من العقيقة ، وسمّوه يوم السابع (4).

5- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان، عن حفص الكناسي ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: المولود إذا وُلد عُق عنه، وحُلق رأسه، وتصدّق بوزن شعره وَرِقاً، وأهدي إلى القابلة الرّجل والورك، ويدعى نفر من المسلمين فيأكلون ويدعون للغلام ، ويسمّى يوم السابع (5).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الصّبيّ يعقّ عنه، ويحلق رأسه وهو ابن سبعة أيّام، ويوزن شعره ويتصدّق عنه بوزن شعره ذهباً أو فضة، ويطعم القابلة الرّجل والورك ، وقال : العقيقة بدنة أو شاة .

7-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا ولد لك غلامٌ أو جارية، فعقّ عنه يوم السابع شاة أو جزوراً ، وكُلّ منها، وأطْعِم وسَمَّ، واحلق رأسه يوم السابع، وتصدق بوزن شعره

ص: 29


1- في التهذيب : عن الحسين بن حمّاد عن ابن عديس .
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 31 .
3- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 32 . والحديث مجهول. ويدل على التخيير في التصدق بوزن الشعر بين الذهب والفضة، وهو ما عليه الأصحاب. وعلى استحباب أن تعطى القابلة ربع الشاة، والمشهور عندنا إنها تعطى الرّجل والورك .
4- التهذيب 7 ، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ح 33 و 34 . والأول منهما مرسل. والثاني ضعيفدعلى المشهور. وفي الأول في التهذيب : الصبي، بدل: المولود.
5- التهذيب 7 ، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ح 33 و 34 . والأول منهما مرسل. والثاني ضعيفدعلى المشهور. وفي الأول في التهذيب : الصبي، بدل: المولود.

ذهباً أو فضة، وأعط القابلة طائفة (1) من ذلك، فأيَّ ذلك (2)فعلت فقد أجزاك .

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل؛ والحسين بن سعيد، جميعاً عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الصبي المولود، متى يذبح عنه ويحلق رأسه ويتصدّق بوزن شعره، ويُسَمّى ؟ قال : كلُّ ذلك في اليوم السابع.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن العقيقة عن المولود، كيف هي ؟ قال : إذا أتى للمولود سبعة أيّام، يُسمّى بالاسم الذي سمّاه اللّه عزّ وجلَّ به (3)، ثمّ يحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره ذهباً أو فضّة، ويذبح عنه كبش، وإن لم يوجد كبش أجزاء ما يجزىء في الأضحيّة، وإلا فحَمَل أعظم ما يكون من حملان السّنة، ويعطى القابلة ربعها، وإن لم تكن قابلة فلامه تعطيها من شاءت (4)، وتطعم منه عشرة من المسلمين (5) ، فإن زادوا فهو أفضل، وتأكل منه (6)، والعقيقة لازمة إن كان غنيّاً، أو فقيراً إذا أيسر، وإن لم يعقّ عنه حتّى ضحي عنه فقد أجزأته الأضحيّة (7) ، وقال : إن كانت القابلة يهوديّة لا تأكل من ذبيحة المسلمين أعطيت (8) قيمة ربع الكبش(9)

10 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في المولود قال : يسمى في اليوم السابع، ويُعقُّ عنه، ويُحلق رأسه، ويتصدّق

ص: 30


1- الطائفة : القطعة من الشيء
2- قوله (علیه السلام) : فأي ذلك: أي أي عضو من أعضائه، أو أياً من الشاة والجزور والذهب والفضة» مرآة المجلسي51/21 .
3- أي قدره سبحانه ،له، إذ كل ما يكون فموافق لتقديره تعالى. ويحتمل الإشارة إلى تعيين الاسم بالقرعة أيضاً
4- قال الشهيد الثاني في المسالك : المراد أن الأب يعطيها حصة القابلة إن كان هو الذابح للعقيقة فتتصدق بها لأنه يكره لها أن تأكل منها. وفي قوله : تعطيها من شاءت إشارة إلى أن صدقتها به لا تختص بالفقيره .
5- وقد ذكر الأصحاب أن أقل ما يحضر العقيقة عشرة.
6- في التهذيب : ولا يأكل منه .
7- يدل على أن أجزاء الأضحية عن العقيقة وهو خلاف المشهور عندما
8- وهذا ما ذكره الأصحاب رضوان اللّه عليهم .
9- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ح 35 . وفي سنده محمّد بن أحمد، بدل: أحمد بن محمّد وفيه أيضاً عن عليُّ بن عمرو بن سعيد ...، الفقيه 3 ، 149 - باب العقيقة والتحنيك والتسمية و...،ح5 بتفاوت ، وروى جزءاً منه برقم 9 من نفس الباب، وروى جزءاً آخر منه برقم 10 من نفس الباب أيضاً.

بوزن شعره فضّة، ويبعث إلى القابلة بالرّجل مع الورك، ويَطْعَم منه، ويتصدق .

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن زكريّا بن آدم، عن الكاهليّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : العقيقة يوم السابع، ويعطى القابلة الرّجل مع الورك، ولا يكسر العظم (1)

12 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشاء، عن أبان، عن حفص الكناسيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الصبي إذا وُلد عُقّ عنه، وحلق رأسه، ويتصدق بوزن الشعر، وأهدي إلى القابلة الرّجل مع الورك، ويدعى نفر من المسلمين فيأكلون ويدعون للغلام ، ويسمّى يوم السابع.

باب إن العقيقة ليست بمنزلة الأضحية وإنها تجزي ما كانت

18 - باب إن العقيقة ليست بمنزلة الأضحية وإنها تجزي ما كانت

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن معروف، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن منهال القمّاط قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّ أصحابنا يطلبون العقيقة إذا كان إبّان تقدم الأعراب، فيجدون الفحولة، وإذا كان غير ذلك الإبان لم توجد فتعزُّ عليهم؟ فقال: إنّما هي شاة لحم ليست بمنزلة الأضحيّة، يجزىء منها كلُّ شيء (2)

ص: 31


1- التهذيب 7، نفس الباب ، ح 36 . قال الشهيدان وهما بصدد بيان المستحبات عند الولادة وما يتعلق بالمولود ويستحب العقيقة شاة أو جزور تجتمع فيها شروط الأضحية وهي السلامة من العيوب والسمن والسن على الأفضل ويجزي فيها مطلق الشاة. ويستحب مساواتها للولد في الذكورة والأنوثة، ولو خالفته أجزأت والدعاء عند ذبحها بالمأثور. وسؤال اللّه تعالى أن يجعلها فدية له لحماً بلحم وعظماً بعظم وجلد بجلد ولا تكفي الصدقة بثمنها وإن تعذرت بل ينتظر الوجدان بخلاف الأضحية ولتخصّ القابلة بالرّجل والورك وفي بعض الأخبار أن لها ربع العقيقة وفي بعضها ثلثها، ولو لم تكن قابلة تصدقت به الأم بمعنى أن حصة القابلة تكون لها وإن كان الذابح الأب ثمّ هي تتصدق بها . ولا تختص الصدقة بالفقراء بل تعطي من شاءت كما ورد في الخبر ولو بلغ الولد ولما يعتق عنه استحب له العقيقة عن نفسه، وإن شك الولد هل عُق عنه أم لا فليعيّ هو إذ الأصل عدم عقيقة أبيه ولرواية عبد اللّه بن سنان عن عمر بن يزيد ...، ولو مات الصبي يوم السابع بعد الزوال لم يسقط وقبله يسقط. وبكره للوالدين أن يأكلا منها شيئاً وكذا من عيالهما وإن كانت القابلة منهم، وإن تكسر عظامها بل تفصل أعضاء وأن يطبخ طبخاً دون أن تفرق لحماً أو تشوى على النار والمعتبر مسماه وأقله أن يطبخ بالماء والملح.
2- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 37 وفيه: يجوز منها كل شيء. وعزّ الشيء : إذا قل، لا يكاد يوجد، فهو عزيز.

2 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن محمّد بن زياد، عن الكاهليّ، عن مرازم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: العقيقة ليست بمنزلة الهدي، خيرها أسْمَنُها .

باب القول على العقيقة

19 - باب القول على العقيقة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، جميعاً عن ابن أبي عمير وصفوان عن إبراهيم الكرخيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : تقول على العقيقة إذا عققت : (بسم لله وباللّه اللّهم عقيقة عن فلان، لحمها بلحمه، ودمها بدمه، وعظمها بعظمه، اللّهم اجعله (1) وقاءً لآل محمّد صلّى اللّه عليه وعليهم).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار ، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا ذبحت فقل : «بسم اللّه وباللّه والحمد للّه واللّه أكبر، إيماناً باللّه ، وثناءً على رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) والعصمة لأمره والشكر لرزقه والمعرفة بفضله علينا أهل البيت»، فإن كان ذكراً وقل: (اللّهم إنّك وهبت لنا ذكراً ، وأنت أعلم بما وهبت، ومنك ما أعطيت، وكلُّ ما صنعنا فتقبّله منّا على سنّتك وسنّة نبيّك ورسولك (صلّی اللّه علیه وآله)، واخسأ (2)عنّا الشيطان الرجيم ؛ لك سُفِكَت الدّماء، لا شريك لك ، والحمد لله رب العالمين)(3)

3- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه يرفعه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : تقول على العقيقة، وذكر مثله، وزاد فيه: «اللّهمّ لحمها بلحمه، ودمها بدمه، وعظمها بعظمه، وشعرها بشعره، وجلدها بجلده، اللّهم اجعله وقاءً لفلان بن فلان» (4)

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدَّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا أردت أن تذبح العقيقة قلت: (يا قوم إنّي بريء مما تُشركون إنّي وجّهت وجهي للّذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين إنّ صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي للّه ربّ

ص: 32


1- الضمير راجع إلى المذبوح
2- أي : واطرد وادخر.
3- التهذيب ،7 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 38 . وروى جزء من الذيل بتفاوت في الفقيه 3 149- باب العقيقة و . . . ، ح 15 .
4- الحديث ضعيف على المشهور.

العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللّهمّ منك ولك ، بسم اللّه واللّه أكبر، اللّهمَّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وتقبّل من فلان بن فلان»، وتسمّي المولود باسمه، ثمّ تذبح(1)

5- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن عليّ بن سليمان بن رشيد، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن محمّد بن هاشم، عن محمّد بن مارد، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال : يقال عند العقيقة: «اللّهمّ منك ولك ما وهبت وأنت أعطيت، اللّهم فتقبّل منّا على سنّة نبيّك (صلّی اللّه علیه وآله)، ونستعيذ باللّه من الشيطان الرّجيم» وتسمّي وتذبح ، وتقول : «لك سُفِكَت الدّماء لا شريك لك، والحمد للّه ربّ العالمين اللّهم أخسأ الشيطان الرجيم » . (2)

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن زكريّا بن آدم، عن الكاهليّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : في العقيقة إذا ذبحت تقول: «وجّهت وجهي للّذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي اللّه ربّ العالمين لا شريك له ، اللّهم منك ولك ، اللّهمّ هذا عن فلان بن فلان ».

باب أن الأم لا تأكل من العقيقة

2 - باب أن الأم لا تأكل من العقيقة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن ابن مسكان، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تأكل المرأة من عقيقة ولدها، ولا بأس بأن تعطيها الجار المحتاج من اللّحم .

2- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يأكل هو ولا أحد من عياله من العقيقة ؛ قال : وللقابلة الثلث من العقيقة، فإن كانت القابلة أُمَّ الرّجل أو في عياله، فليس لها منها شيء، وتُجْعَلُ أعضاءً ثمّ يطبخها ويقسمها ولا يعطيها إلا لأهل الولاية ؛ وقال : يأكل من العقيقة كلُّ أحد إلا الأم (3)

ص: 33


1- الفقيه 3 149 - باب العقيقة والتحنيك والتسمية و . . . ، ح 14 بتفاوت . والنسك: جمع : النسيكة، وهي هنا - الذبيحة وهي أيضاً الطاعة والعبادة وكلما يتقرب به إلى اللّه .
2- الفقيه ،3 نفس الباب والحديث أعلاه .
3- التهذيب 7 ، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ح .39 والحديث ضعيف على المشهور. ويدل على كراهة ح الأكل منها للأب ووالدته وجميع عياله كراهة ضعيفة، إلا الأم فإنه يكره لها كراهة شديدة، وظاهر الكليني إنه لا يقول بالكراهة إلا في الأم، والمشهور بين الأصحاب كراهة الأكل منها للوالدين حسب .... مرآة المجلسي.75/21

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن زكريّا بن آدم، عن الكاهلي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في العقيقة، قال : لا تَطْعَمُ الأمّ منها شيئاً .

باب إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وفاطمة عليها السلام عقّا عن الحسن والحسين عليهما السلام

21 - باب إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وفاطمة عليها السلام عقّا عن الحسن والحسين عليهما السلام

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار ، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : عقّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن الحسن (علیه السلام) بيده، وقال: «بسم اللّه، عقيقة عن الحسن ، وقال : اللّهمَّ عَظْمُها بعظمه، ولحمها بلحمه ، ودمها بدمه، وشعرها بشعره، اللّهم اجعلها وقاءً لمحمّد وآله».(1)

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : عقت فاطمة عن ابنيها، وحلقت رأسيهما في اليوم السابع، وتصدقت بوزن الشعر ،وَرقاً، وقال: كان ناس يلطخون رأس الصبي في دم العقيقة، وكان أبي يقول : ذلك شرك (2).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عیسی ، عن عاصم الكوزيّ قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يذكر عن أبيه أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عقّ عن الحسن (علیه السلام) بكبش ، وعن الحسين (علیه السلام) بكبش ، وأعطى القابلة شيئاً، وحلق رأسيهما يوم سابعهما، ووزن شعرهما فتصدق بوزنه فضة؛ قال: فقلت له : يؤخذ الدم فيلطخ به رأس الصبي ؟ فقال : ذاك شرك، فقلت: سبحان اللّه شرك! فقال : لو لم يكن ذاك شركاً، فإنّه كان يُعمل في الجاهليّة، وَنُهِيَ عنه في الإسلام(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن العقيقة والحلق والتسمية، بأيها يبدء؟ قال: يصنع ذلك كله في ساعة واحدة،

ص: 34


1- الحديث مجهول. وقوله : عقيقة : خبر مبتدأ محذوف، أي هذه عقيقة .
2- الحديث صحيح.
3- الحديث صحيح. وقوله : لو لم يكن ... الخ ، أي حتّى لو لم يكن ذلك العمل شركاً بمعناه الاصطلاحي، إلا أنه يكفي في المنع منه نهي الإسلام عنه.

يحلق ويذبح ويسمّي، ثمّ ذكر ما صنعت فاطمة (علیه السلام) لولدها ، ثمّ قال : يوزن الشعر ويتصدّق بوزنه فضة (1).

5- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمّى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) حسناً وحسيناً (علیه السلام) يوم سابعهما، وعقَّ عنهما شاةً شاةً، وبعثوا برجل شاة إلى القابلة، ونظروا ما غيره فأكلوا منه وأهدوا إلى الجيران. وحلقت فاطمة (علیه السلام) رأسيهما وتصدقت بوزن شعرهما فضّة (2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن الحسين بن خالد قال : سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن التهنية بالولد متى ؟ فقال : إنّه قال : لمّا ولد الحسن بن عليّ، هبط جبرئيل بالتهنية على النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) في اليوم السابع ، وأمره أن يسمّيه، ويكنّيه، ويحلق رأسه، ويعق عنه، ويثقب أذنه، وكذلك [كان] حين ولد الحسين (علیه السلام)، أتاه في اليوم السابع ، فأمره بمثل ذلك ، قال : وكان لهما ذؤابتان في القرن الأيسر، وكان الثقب في الأذن اليمني في شحمة الأذن، وفي اليسرى في أعلا الإذن، فالقرط في اليمنى والشُنفُ في اليسرى(3)

وقد روي أنَّ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) ترك [له] ما ذؤابتين في وسط الرأس، وهو (4)أصح من القَرْن .

باب إن أبا طالب عَقَ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

22 - باب إن أبا طالب عَقَ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

1 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن أحمد بن الحسن، عن أبي العبّاس، عن جعفر بن إسماعيل، عن إدريس، عن أبي السائب، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه (علیه السلام) قال : عقّ أبو طالب عن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يوم السابع، ودعا آل أبي طالب فقالوا : ما

ص: 35


1- الحديث حسن ، والظاهر من الجواب أنه لا ترتيب بين هذه الأفعال، بل يلزم أن تكون في ساعة واحدة، وقد يقال باستحباب أن تكون معاً بأن يتولى رجل الحلق وآخر الذبح فيجتمعان .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ح 40 وفيه : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) . والقرط : الصُّنف أو المعلقة في شحمة الأذن، والسنف - كما يقول الفيروز آبادي - لحن القرط الأعلى، أو معلاق في فوق الأذن، أو ما علق في أعلاها، وأما ما علّق في أسفلها فقُرط .
4- يحتمل أنه من كلام الكليني رحمه اللّه.

هذه؟ فقال عقيقة ،أحمد قالوا لأيّ شيء سمّيته أحمد ؟ قال : سميته أحمد لَمحمّدة أهل السماء والأرض.(1)

باب التطهير

23 - باب التطهير

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: اختنوا أولادكم لسبعة أيّام فإنّه أطهر وأسرع لنبات اللحم، وإنّ الأرض لتكره بول الأغْلَف(2).

وبهذا الإسناد قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إنَّ ثَقْبَ أذن الغلام من السنة، وختانه لسبعة أيّام من السنّة.

2 - عليُّ ، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : طهّروا أولادكم يوم السابع، فإنّه أطيب وأطهر، وأسرع لنبات اللّحم، وإنَّ الأرض تَنَجَّس من بول الأغلف أربعين صباحاً(3)

3-محمّد بن يحيى ؛ ومحمّد بن عبد اللّه عن عبد اللّه بن جعفر أنه كتب إلى أبي محمّد(4) (علیه السلام) : إنّه روي عن الصادقين (علیه السلام) أن اختنوا أولادكم يوم السابع يَطَّهروا، وإنَّ الأرض تضح إلى اللّه من بول الأغلف، وليس - جُعِلْتُ فِداك - لحجامي بلدنا حذق بذلك، ولا يختنونه يوم السابع، وعندنا حجّام اليهود فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا، إن شاء اللّه ؟ فوقع (علیه السلام) : السنة يوم السابع، فلا تخالفوا السنن إن شاء اللّه (5)

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن محمّد بن قزعة قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّ من قِبَلَنا يقولون : إنَّ إبراهيم (علیه السلام) ختن نفسه بقَدّوم (6)على دنّ، ؟

ص: 36


1- الفقيه 3 ،149 - باب العقيقة والتحنيك والتسمية و ... ، ح 7 ورواه مرسلاً بتفاوت يسير .
2- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 41 . وما تضمنه من استحباب الختان يوم السابع إجماعي عند أصحابنا كإجماعهم على وجوب أصل الختان ولو بعد البلوغ . نعم، لو ولد المولود مختوناً سقط.
3- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ح 42 .
4- هو الإمام الحسن العسكري (علیه السلام).
5- الفقيه 3 149 - باب العقيقة والتحنيك والتسمية و ...، ح 17 بتفاوت يسير . ويفهم من عدم تعرض الإمام (علیه السلام) لموضوع اليهودي عدم إشتراط إسلام الحجام. والحديث صحيح.
6- القدوم إحدى آلات النجار . وقيل : بأنها هنا اسم موضع على ستة أميال من المدينة.

فقال: سبحان اللّه ! ليس كما يقولون كذبوا على إبراهيم (علیه السلام)، قلت: وكيف ذاك؟ فقال : إنّ الأنبياء (علیه السلام) كانت تسقط عنهم غلفتهم مع سررهم في اليوم السابع، فلمّا ولد لإبراهيم (علیه السلام) من هاجر غيرت سارة هاجر بما تعيّر به الإماء (1) ، فبكت هاجر واشتدَّ ذلك عليها، فلما رآها إسماعيل تبكي بكى لبكائها، ودخل إبراهيم (علیه السلام) فقال : ما يبكيك يا إسماعيل ؟ فقال : إن سارة عيّرت أمي بكذا وكذا، فبكت وبكيتُ لبكائها ، فقام إبراهيم إلى مصلاه ، فناجي فيه ربّه ، وسأله أن يلقي ذلك عن هاجر فألقاه اللّه عنها (2) ، فلما ولدت سارة إسحاق - وكان يوم السابع - سقطت عن إسحاق سرته، ولم تسقط عنه غلفته، فجزعت من ذلك سارة، فلما دخل إبراهيم (علیه السلام) عليها قالت : يا إبراهيم ما هذا الحادث الذي حدث في آل إبراهيم وأولاد الأنبياء؟ هذا ابنك إسحاق قد سقطت عنه سُرَّته ولم تسقط عنه غلفته، فقام إبراهيم (علیه السلام) إلى مصلاه، فناجي ربه وقال : يا ربّ، ما هذا الحادث الذي قد حدث في آل إبراهيم وأولاد الأنبياء، وهذا ابني إسحاق قد سقطت عنه سرته ولم تسقط عنه غلفته ؟ فأوحى اللّه تعالى إليه ؛ أن يا إبراهيم، هذا لما عيرت سارة هاجر، فاليتُ أن لا أسقط ذلك عن أحد من أولاد الأنبياء لتعيير سارة هاجر، فاختن إسحاق بالحديد، وأذقه حر الحديد ، قال : فختنه إبراهيم (علیه السلام) بالحديد، وجرت السنة بالختان في أولاد إسحاق بعد ذلك(3).

5- وعنه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ثَقْبُ أذن الغلام من السنّة، وختان الغلام من السنّة.

6 - وعنه عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن فضّالة بن أيّوب، عن ، القاسم بن بريد عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من سنن المرسلين الإستنجاء والختان(4) .

7- وعنه ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن أبيه عليّ بن يقطين قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن ختان الصبي لسبعة أيّام ، من السنّة هو، أو يؤخّر؟ وأيّهما أفضل؟ قال : لسبعة أيّام من السنّة ، وإن أخّر فلا بأس (5).

8-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي

ص: 37


1- أي برقبتها .
2- أي الرقية، حيث حكم سبحانه بحرية أمهات الأولاد.
3- الحديث مجهول.
4- التهذيب 7 ، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 43 و 44. والحديث الأول كالثاني صحيح .
5- التهذيب 7 ، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 43 و 44. والحديث الأول كالثاني صحيح .

عبد اللّه (علیه السلام) قال: من الحنيفيّة الختان.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المولود يُعَقِّ عنه ويختن لسبعة أيّام.

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إذا أسلم الرّجل اختَتَنَ ولو بلغ ثمانين(1)

باب خفض الجواري

24 - باب خفض الجواري

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الجارية تُسبى من أرض الشرك فتُسلم، فتطلب لها من يخفضها فلا نقدر على امرأة؟ فقال: أما السنة في الختان على الرجال، وليس على النساء(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ختان الغلام من السنّة، وخفض الجواري(3) ليس من السنة .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : خفض الجارية مَكرمة، وليست من السنّة ، ولا شيئاً واجباً، وأيُّ شيء أفضل من المكرمة (4).

4 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن عبد اللّه سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الختان في الرّجل سنة، ومَكْرُمَةٌ في النساء (5).

ص: 38


1- الحديث ضعيف على المشهور . ورواه في التهذيب 7، 40 - باب الولادة و ... ، ح 45 بزيادة كلمة : سنة، في الذيل. وقد مر التنبيه إلى إجماع أصحابنا رضوان اللّه علیهم على وجوب أن يختن الإنسان نفسه ولو بعد البلوغ .
2- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ح 48 .
3- أي ليس خفض الجواري سنة مؤكدة فيهن فلا ينافي ما ذكره الأصحاب من الاستحباب .
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 46 . والمكرمة : ما يوجب الحسن والكرامة عند الزوج
5- التهذيب 7 نفس الباب ، ح 47 بتفاوت قليل.

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن خلف بن حمّاد، عن عمرو بن ثابت، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كانت امرأة يقال لها : أمّ طيبة تخفض الجواري، فدعاها رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقال لها : يا أمّ طيبة، إذا أنت خَفَضْتِ امرأة فأشِمّي ولا تُجحفي (1) فإنّه أصفى للّون وأحظى (2) عند البعل .

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لمّا هاجرن النساء رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، هاجرت فيهنَّ امرأة يقال لها : أمّ حبيب، وكانت خافضة تخفض الجواري، فلما رآها رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال لها : يا أمّ حبيب، العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ قالت نعم يا رسول اللّه، إلا أن يكون حراماً فتنهاني عنه ؛ قال: لا، بل حلال، فادني مني حتّى حتّى أعلمك، قالت فدنوت منه ، فقال : يا أم حبيب، إذا أنت فعلت فلا تنهكي أي لا تستأصلي ، وأشِمّي، فإنّه أشرق للوجه وأحظى عند الزّوج(3).

باب إنّه إذا مضى السابع فليس عليه الحلق

25 - باب إنّه إذا مضى السابع فليس عليه الحلق

1 - محمّد بن يحيى، عن العمر كي بن عليّ ،عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال : سألته عن مولود يحلق رأسه بعد يوم السابع ؟ فقال : إذا مضى سبعة أيّام فليس عليه حَلْق(4).

2 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن ذريح المحاربيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في العقيقة قال : إذا جاوزت سبعة أيام فلا عقيقة له (5)

ص: 39


1- في بعض النسخ : ولا تحجي، قال الفيروز آبادي : حجاه كدعاه، حجواً، استأصله.
2- حظيت المرأة عند زوجها سعدت به ودنت من قلبه وأحبها .
3- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة، ح 49 . والإشمام - هنا - كناية عن عدم المبالغة في القطع .
4- التهذيب 7 نفس ،الباب ح 50 الفقيه 3 ، 149 - باب العقيقة والتحنيك و . . . ، ح 21 بتفاوت يسير .
5- التهذيب ،7 نفس ،الباب ح 51 وفيه : إذا جاز ..... وقد حمله الشيخ في التهذيب على نفي الفضل الذي كان يحصل لو عق عنه اليوم السابع، لا نفي أصل الاستحباب بعد السابع.

باب نوادر

26 - باب نوادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن إدريس بن عبد اللّه قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن مولود يولد فيموت يوم السابع، هل يُعَمُّ عنه؟ قال: إن كان مات قبل الظهر لم يُعَقِّ عنه، وإن مات بعد الظهر عُقّ عنه(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبي هارون مولى آل جعدة قال : كنت جليساً لأبي عبد اللّه (علیه السلام) بالمدينة، ففقدني أيّاماً، ثمّ إني جئت إليه فقال لي : لم أرك منذ أيّام يا أبا هارون؟ فقلت : وُلِدَ لي غلام، فقال: بارك اللّه فيه، فما سمّيته؟ قلت : سمّيته محمّداً ، قال : فأقبل بخده نحو الأرض وهو يقول : محمّد محمّد محمّد، حتّى كاد يلصق خدّه بالأرض، ثمّ قال : بنفسي وبولدي وبأهلي وبأبوي وبأهل الأرض كلّهم جميعاً الفداء لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، لا تَسُبّه ، ولا تضربه ولا تُسيء إليه ، واعلم أنه ليس في الأرض دار فيها اسم محمّد، إلا وهي تُقَدَّس كلّ يوم، ثمّ قال لي : عققت عنه؟ قال: فأمسكت، قال: وقد رآني حيث أمسكت ظن أني لم أفعل - فقال : يا مصادف أدن منّي، فواللّه ما علمت ما قال له إلا أني ظننت أنه قد أمر لي بشيء، فذهبت لأقوم ، فقال لي : كما أنت يا أبا هارون(2)، فجاءني مصادف بثلاثة دنانير، فوضعها في يدي فقال : يا أبا هارون، اذهب فاشتر كبشين واستسمنهما واذبحهما، وكُلِّ وأَطْعِمْ(3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن رجل لم يعقَّ عن ولده حتّى كبر، وكان غلاماً شابّاً أو رجلاً قد بلغ ؟ قال : إذا ضحّي عنه ، أو ضحّى الولد عن نفسه، فقد أجزأت عنه عقيقته، وقال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : المولود مُرْتَهَنَّ بعقيقته، فكّه أبواه أو تركاه (4).

ص: 40


1- التهذيب 7 ، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 52 الفقيه ،3 149 - باب العقيقة والتحنيك و . ح 13 . وفي سند التهذيب : عن أحمد بن محمّد بن خالد والحديث صحيح. وبمضمونه عمل الأصحاب، وقد قدمنا نصاً للشهيدين في ذلك.
2- أي ابق كما أنت ، أو حيث أنت وهو كناية عن الاستمهال.
3- الحديث ضعيف على المشهور. ويدل ظاهراً على استحباب العقيقة بأكثر من واحد.
4- التهذيب 7 ، نفس الباب، ح 53 وفيه : ... لم يعق عنه والده . . . ، بدل : لم يعق عن ولده .

باب كراهية القنازع

27 - باب كراهية القنازع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا تحلقوا الصبيان القزع - والقزع؛ أن يحلق موضعاً وبدع موضعاً (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كان يكره القزع في رؤوس الصبيان، وذكر أن القزع أن يُحْلَقَ الرأس إلا قليلاً، ويترك وسط الراس، يُسمّى القزعة.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: أتي النبي (صلّی اللّه علیه وآله) بصبي يدعو له وله ،قنازع فأبى أن يدعو له، وأمر بحلق رأسه، وأمر رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) بحلق شعر البطن(2).

باب الرّضاع

28 - باب الرّضاع (3)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : ما من لبن يرضع به الصبي، أعظم بَرَكَةً عليه من لبن أمّه(4).

2 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن محمّد بن موسى ، عن محمّد بن العبّاس بن الوليد، عن أبيه، عن أمّه أمّ إسحاق بنت سليمان قالت : نظر إلي أبو عبد اللّه (علیه السلام) وأنا أرضع أحد بنيّ محمّداً أو(5) إسحاق فقال : يا أمّ إسحاق، لا تُرضعيه من ثدي واحد،

ص: 41


1- التهذيب 7، 40 - باب الولادة والنفاس والعقيقة ، ح 54 .
2- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 55 . والحديث ضعيف على المشهور. والمراد بشعر البطن ، ما نبت في بطن الأم .
3- القنازع : جمع الفزعة، وهي الشعر حوالي الرأس. والخصلة من الشعر تترك على رأس الصبي، أو هي ما ارتفع من الشعر وطال .
4- التهذيب 8 ، 5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و ...، ح 14 . الفقيه 3 ، 146 - باب الرضاع ، 3، ح 3 ورواه مرسلا .
5- الشك من الأم في الولد الذي كانت ترضعه أيهما هو؟ .

وأرْضِعيه من كليهما يكون أحدهما طعاماً والآخر شراباً(1).

3-محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الرضاع واحد وعشرون شهراً، فما نقص فهو جَوْرٌ على الصبي (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليُّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن سليمان بن داود المنقريّ قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن الرضاع؟ فقال : لا تُجْبَرُ الحرَّة على رضاع الولد، وتُخبر أمّ الولد(3).

5 – عليّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل توفي وترك صبياً فاسترضع له ، فقال : أجر رضاع الصّبي ممّا يرث من أبيه وأمّه(4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، والحسين بن سعيد،جميعاً عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلَّ : لا تُضَار والدة بولدها ولا مولود له بولده) (5)؟ فقال: كانت المراضع ممّا يدفع إحداهنَّ الرّجل إذا أراد الجماع ، تقول : لا أدعك، إني أخاف أن أحبل فأقتل ولدي هذا الذي أرضعه وكان الرّجل تدعوه المرأة فيقول: أخاف أن أجامعك فأقتل

ص: 42


1- التهذيب ، نفس الباب ، ح 15 . الفقيه 3 ، نفس الباب . ح 4 .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ح 6 وفيه : فإن نقص ...، الفقيه 3 نفس الباب، ح 1 . وهذه المدة من الرضاع هي أقل المجزي عند أصحابنا رضوان اللّه علیهم وإلا فالمدة المعتبرة في الرضاع عندهم حولان كاملان لمن أراد أن يتم الرضاعة، ويجوز زيادتها شهراً أو شهرين خاصة وإن كانت المرضعة لا تستحق أجرة على هذه الزيادة فيما لو حصلت من غير ضرورة إليها .
3- التهذيب 8 ، 5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و ... ، ح 11 . الفقيه 3، 146 - باب الرضاع، ح 24 ورواه مرسلا. هذا، وعدم إجبار الأم الحرّة على إرضاع ولدها مع إجبار الأمة عليُّ ذلك بل على إرضاع أي ولد أمرها المولى بإرضاعه هو محل وفاق بين أصحابنا، لأن الإرضاع للولد ليس واجباً على الأم الحرة بل هو مستحب إلا في اللّباء وهو أول اللبن في النتاج، أو هو ما يحلب عند الولادة فإرضاعه واجب عليها لأن الولد لا يعيش بدونه، وإن كان أصحابنا قالوا بعدم وجوب التبرع به عليها أيضاً من دون أجرة على الأب إذا لم يكن للولد مال .
4- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 8 بتفاوت وكرره بتفاوت برقم 40 من الباب 20 من الجزء 9 من التهذيب أيضاً . الفقيه 3 نفس الباب ، ح 25 .
5- البقرة/ 233 .

ولدي، فيدعها ولا يجامعها، فنهى اللّه عزَّ وجلَّ عن ذلك أن يُضارّ الرّجل المرأة والمرأة الرّجل (1).

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) نحوه [وزاد]:

وأما قوله : (وعلى الوارث مثل ذلك) (2)، فإنّه نهى أن يضارّ بالصّبي أو يضارّ أمّه في رضاعه، وليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور قبل ذلك كان حسناً، والفصال هو الفطام.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل مات وترك امرأة ومعها منه ولد فألقته على خادم لها فأرضعته، ثمّ جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصيّ ؟ فقال لها أجر مثلها، وليس للوصيّ أن يخرجه من حجرها حتّى يدرك ويدفع إليه ماله(3).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد الأشعريّ، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) قال : سألته عن الصّبيّ، هل يرضع أكثر من سنتين؟ فقال : عامين ، قلت فإن زاد على سنتين هل على أبويه من ذلك شيء؟ قال : لا (4).

باب في ضمان الظثر

29 - باب في ضمان الظثر (5)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن جميل بن درّاج، وحمّاد، عن سليمان ابن خالد قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل استأجر ظئراً، فدفع إليها

ص: 43


1- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 13 . بتفاوت قليل.
2- البقرة/ 233 . وقيل : المراد بالوارث : وارث الأب الصبي، بأن يقوم الوصي أو الحاكم بمؤونتها عوضاً عن إرضاعها من مال يرثه من أبيه ، وقيل : الوارث هو الباقي من الأبوين، يجب عليه مؤونة إرضاعه ، وقيل : المراد الوارث للصبي أو الوارث للأب، وهو مذهب العامة، ويمكن حمله على مذهب الشيعة فيما إذا كان وصياً أو قيماً ومع عدمهما يلزمه ذلك حسبة في مال الطفل.
3- التهذيب 8، نفس الباب، ح 5 وأخرجه عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن محبوب عن ابن أبي عمير عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام).
4- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 12 . الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 2 . والمقصود بالشيء في ذيل الحديث : الإثم.
5- الظئر : المرضعة غير ولدها .

ولده، فانطلقت الظئر فدفعت ولده إلى ظِئر أخرى، فغابت به حيناً، ثمّ إِنَّ الرّجل طلب ولده من الظئر الّتي كان أعطاها إيّاه، فأقرَّت أنها استأجرته، وأقرَّت بقبضها ولده، وأنّها كانت دفعته إلى ظئر أخرى؟ فقال عليها الدية، أو تأتي به(1).

2 - ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل استأجر ظئراً فغابت بولده سنين، ثمّ إنّها جاءت به فأنكرته أمّه، وزعم أهلها أنّهم لا يعرفونه؟ قال : ليس عليها شيءٌ، الظئر مأمونة (2).

باب من يُكْرَهُ لَبَتُهُ ومن لا يُكْرَه

30 - باب من يُكْرَهُ لَبَتُهُ ومن لا يُكْرَه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال عن ابن بكير، عن عبيد اللّه - الحلبيّ قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): امرأة وُلِدَت من الزنا، أتَّخِذُها ظئراً؟ قال: لا تستر ضعها، ولا ابنتها(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ، عن عبد اللّه بن هلال، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن مطائرة المجوسيّ ؟ فقال : لا ، ولكن أهل الكتاب (4).

3- وعنه عن الكاهليّ عن عبد اللّه بن هلال قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا أرضعن لكم فامنعوهنَّ من شرب الخمر.

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن غير واحد، عن أبان بن

ص: 44


1- التهذيب 8 ، 5 - باب في أولاد المطلقات من الرضاع و ... ، ح 48 . وكرره برقم 4 من الباب 18 من الجزء 10 من التهذيب. الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح 6 بتفاوت وكرره أيضاً برقم 2 من الباب 58 من نفس الجزء من الفقيه هذا، ويقول المحقق في الشرائع : إذا أعارت الظئر الولد فأنكر ، صدقت ما لم يثبت كذبها، فيلزمها الدية أو إحضاره بعينه ولو استأجرت أخرى ودفعته بغير إذن أهله فجهل خبره ضمنت الدية .
2- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 49 . بزيادة : يقبلونه، في الذيل . الفقيه 4 ، 58 - باب ضمان الظئر إذا انقلبت على الصبي فمات أو . فمات أو ...، حه بتفاوت وسند آخر. وكرره الشيخ بتفاوت وسند آخر برقم 3 من الباب 18 من الجزء 10 من التهذيب، والحديث صحيح .
3- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 16 . الاستبصار ،3، 186 - باب كراهية لبن ولد الزنا، ح 1 .
4- التهذيب 8، نفس الباب ح 21 . وفيه المجوسية، بدل المجوسي .

عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) : هل يصلح للرّجل أن تُرْضِعَ له اليهوديّة والنصرانيّة والمشركة ؟ قال : لا بأس، وقال: امنعوهن من شرب الخمر(1).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لبن اليهوديّة والنصرانيّة والمجوسيّة أحبُّ إليَّ من لبن ولد الزّنا، وكان لا يرى بأساً بلبن ولد الزّنا إذا جعل مولى الجارية الذي فجر بالجارية في حِلّ(2).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن غلام لي وثب على جارية لي فأحبلها، فولدت واحتجنا إلى لبنها، فإن أحللتُ لهما ما صنعا ، أيطيب لبنها؟ قال :نعم(3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم؛ وجميل بن درّاج، وسعد بن أبي خلف، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في المرأة يكون لها الخادم قد فجرت، فنحتاج إلى لبنها؟ قال مُرها فلتحلّلها يطيب اللّبن (4).

8-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا تستر ضعوا الحمقاء، فإنّ

ص: 45


1- التهذيب ،8 ، 5 - باب في أولاد المطلقات من الرضاع و...، ح 22 . قال الشهيدان : ويجوز استرضاع الذمية عند الضرورة من غير كراهة وبكره بدونها ، ويظهر من العبارة (أي عبارة الشهيد الأول : ويجوز استرضاع الذمية عند الضرورة، كعبارة كثير التحريم من دونها (أي الضرورة) والأخبار دالة على الأول، ويمنعها زمن الرضاعة من أكل الخنزير وشرب الخمر على وجه الاستحقاق إن كانت أمته أو مستأجرته وشرط عليها ذلك، وإلا توصل إليها بالرفق، ويكره تسليم الولد إليها لتحمله إلى منزلها لأنها ليست مأمونة عليه والمجوسية أشد كراهة إن تسترضع للنهي عنها في بعض الأخبار المحمول على الكراهة جمعاء. كما راجع شرائع المحقق 2 / 284 .
2- التهذيب ،8 ، نفس الباب ، ح 20 . الاستبصار ،3، 186 - باب كراهية لبن ولد الزنا ، ح 5. الفقيه 3، 146 - باب الرضاع، ح 21 بتفاوت يسير. هذا، ويقول المحقق في الشرائع 284/2: ويكره أن يسترضع من ولادتها عن زنا، وروي أنه إن أحلها مولاها فعلها طاب لبنها وزالت الكراهية، وهو شاذه .
3- التهذيب 8 . ، نفس الباب، ح 18 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 3 بتفاوت يسير فيهما. والحديث ضعيف على المشهور. هذا وقد نص أصحابنا رضوان اللّه علیهم على استحباب اختيار المرضعة العاقلة المسلمة العفيفة الوضيئة الحسنة للرضاع ، لأن الرضاع - كما يقول الشهيد الثاني رحمه اللّه - مؤثر في الطباع والأخلاق والصور، ثمّ استشهد ببعض الروايات الواردة هنا.
4- التهذيب 8، نفس الباب، ح.19 الاستبصار ، نفس الباب، ح 4 .

اللّبن يعدي، وإنّ الغلام ينزعُ إلى اللّبن - يعني إلى الظئر في الرعونة والحُمق(1)

9 - عليُّ ، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول : لا تسترضعوا الحمقاء، فإنّ اللبن يغلب الطباع، وقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا تسترضعوا الحمقاء، فإنَّ الولد يشبُّ عليه .

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : انظروا من تُرضِع أولادكم، فإنّ الولد يشبُّ عليه .

11 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ ،عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال : قال : سألته عن امرأة ولدت من ،زنا هل يصلح أن يُسْتَرْضَعَ بلبنها؟ قال : لا يصلح ، ولا لبن ابنتها التي وُلِدَت من الزَّنا(2).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العباس بن معروف، عن حمّاد بن عيسى ، عن الهيثمّ ، عن(3) محمّد بن مروان قال : قال لي أبو جعفر (علیه السلام) : استرضع لولدك بلبن الحسان، وإياك والقباح فإنَّ اللّبن قد يعدي (4).

13 - أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن معروف عن صفوان بن يحيى، عن ربعي، عن فضيل، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : علیکم بالوضاء من الظؤورة، فإنَّ اللّبن يعدي(5).

14 - أبو عليُّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن سعيد بن يسار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تستر ضعوا للصّبي المجوسيّة، واسترضع له اليهوديّة والنصرانيّة، ولا يَشْرَبْنَ الخمر ويُمْنَعْنَ من ذلك (6).

ص: 46


1- التهذيب 8، نفس الباب، ح 24 . الفقيه 3، نفس الباب ، ح 19 ونزع إليه أشبهه أو مال إليه بالشبه، أو رجع إليه والرعونة : الغلظة والحمق.
2- التهذيب 8 ، 5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و. ح 17 الاستبصار 3، 186 - باب كراهية لبن ولد الزنا، ح 2 . الفقيه ،3، 146 - الرضاع، ح 18
3- في التهذيب: عن الهيثمّ بن محمّد بن مروان . . .
4- التهذيب 8، نفس ،الباب ، ح 25 .
5- التهذيب 8 ، نفس الباب، ح 26 . الفقيه ،3، نفس ،الباب ، ح 17 . والوضاء: الحسان النظيفات .
6- التهذيب 8 نفس الباب، ح 23 بتفاوت .

باب من أحق بالولد إذا كان صغيراً

31 - باب من أحق بالولد إذا كان صغيراً

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان، عن فضل أبي العبّاس قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : الرّجل أحقّ بولده أم المرأة؟ قال : لا ، بل الرَّجل، فإن قالت المرأة لزوجها الذي طلّقها : أنا أرضع ابني بمثل ما تجد مَنْ تُرْضِعُهُ ، فهي أحقُّ به(1)

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا طلّق الرّجل امرأته وهي حبلى ، أنفق عليها حتّى تضع حملها، وإذا وضعته أعطاها ،أجرها، ولا يضارَّها إلا أن يجد من هو أرخص أجراً منها، فإن هي رضيت بذلك الأجر، فهي أحقُّ بابنها حتّى تَفْطُمَهُ(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد، عن المنقريّ (3)، عمّن ذكره قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يطلّق امرأته وبينهما ولد، أيّهما أحقُّ بالولد؟ قال: المرأة أحقُّ بالولد ما لم تتزوَّج (4)

ص: 47


1- التهذيب 8 ، 5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و ...، ج 2. الاستبصار 3، 185 - باب إن الأب أحق بالولد من الأم، ح 3 . قال المحقق في الشرائع 245/3: «لا يجب على الأم إرضاع الولد ولها المطالبة بأجرة إرضاعه، ويجب على الأب بذل أجرة الرضاع إذا لم يكن للولد مال ... ونهاية الرضاع حولان ... والأم أحق بإرضاعه إذا طلبت ما يطلب غيرها، ولو طلبت زيادة كان للأب نزعه وتسليمه إلى غيره» .
2- التهذيب 8، نفس الباب، ح. الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 4 . وفيما يتعلق بالحضانة فيقول المحقق في الشرائع : فالأم أحق بالولد مدة الرضاع وهي حولان ذكراً كان أو انثي إذا كانت حرة مسلمة، فإذا فصل فالوالد أحق بالذكر والأم أحق بالأنثى حتّى تبلغ سبع سنين، وقيل: تسعاً، وقيل : الأم أحق بها ما لم تتزوج والأول أظهر ثمّ يكون الأب أحق بها ... فإن فقد الأبوان ، فالحضانة لأب الأب، فإن عدم ، قيل : كانت الحضانة للأقارب وترتبوا ترتيب الإرث نظراً إلى الآية، وفيه تردد». ويقصد بالآية : آية أولي الأرحام وما تردد فيه المحقق هو المشهور بين أصحابنا رضوان اللّه عليهم.
3- اسمه سلیمان بن داوود .
4- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح.، الاستبصار ، نفس الباب، ح 2 . الفقيه .3. 127 - باب الولد يكون بين والديه أيهما أحق به؟ ، ح 2 بتفاوت . وقد حمله الشيخ في التهذيب على ما إذا كانت الأم تكفل ولدها بمثل ما يعطي الأب لغيرها، كما احتمل أن يكون المراد بالولد هنا الانثى فالأم أحق بها ما لم تتزوج وقال : على أنه ليس في هذا الخبر أنها أولى به قبل السنتين والفطام أو بعده، ونحن قد بينا أنها أولى به ما لم يفطم ... الخ . وقال الشهيدان : ولو تزوجت الأم بغير الأب مع وجوده كاملاً سقطت حضانتها للنص والإجماع فإن طلقت عادت الحضانة على المشهور لزوال المانع منها وهو تزويجها واشتغالها بحقوق الزوج التي هي أقوى من حق الحضانة، وقيل : لا تعود لخروجها عن الإستحقاق بالنكاح فيستصحب ويحتاج عوده إليها إلى دليل آخر وهو مفقود، وله وجه وجيه، لكن الأشهر الأول.

4 - أبو عليّ الأشعريّ ،عن الحسن بن عليّ ،عن العبّاس بن عامر، عن داود بن الحصين، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : والوالدات يُرضعن أولادهن) (1)؟ قال : ما دام الولد الرّضاع فهو بين الأبوين بالسوية فإذا فطم فالأب أحقُّ به من الأم، فإذا مات الأب، فالأم أحقَّ به من العَصبة، فإن وَجَدَ الأب من يرضعه بأربعة دراهم، وقالت الأم : لا أرضعه إلا بخمسة دراهم، فإن له أن ينزعه منها، إلا أن ذلك خير له وأرفق به أن يترك مع أمّه (2)

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن داود الرقي قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن امرأة حرّة نكحت عبداً فأولدها أولاداً، ثمّ إنه طلقها فلم تقم مع ولدها وتزوجت، فلما بلغ العبد أنّها تزوجت أراد أن يأخذ ولده منها وقال : أنا أحقُّ بهم منك إن تَزَوَّجْتِ؟ فقال : ليس للعبد أن يأخذ منها ولدها وإن تزوجت حتّى يعتق، هي أحقُّ بولدها منه ما دام مملوكاً ، فإذا أعتق، فهو أحق بهم منها(3).

باب النشوء

32 - باب النشوء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي محمّد المدائني، عن عائذ بن حبيب بيّاع الهرويّ ،عن عيسى بن زيد رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : يثغر الغلام لسبع سنين، ويؤمر بالصلاة لتسع(4)، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة سنة، ومنتهى طوله لاثنتين وعشرين سنة، ومنتهى عقله لثمان وعشرين سنة، إلا التجارب (5).

ص: 48


1- البقرة/ 233
2- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ، ح 1 . الاستبصار ،3 ، نفس الباب ، ح 1 . الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 1 بتفاوت يسير 1. في الذيل في الجميع .
3- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 121 . وكرره برقم 10 من الباب 5 من الجزء 8 من التهذيب وكذا برقم 36 من الباب 9 من نفس الجزء من التهذيب بتفاوت الاستبصار ،3، 185 - باب إن الأب أحق بالولد من الأم، ح 5 . وما تضمنه الخبر من أحقية الأم الحرة من الأب المملوك بحضانه الولد مما أجمع عليه أصحابنا، حتّى لو تزوجت الأم إلى أن يعتق الأب فيكون حينئذ حكمه حكم الحر، فراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 120/2 من الطبعة الحجرية. وشرائع الإسلام للمحقق 346/2.
4- في التهذيب : لسبع.
5- التهذيب8 ،5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و ...، ح 27 بتفاوت يسير. وكرره بتفاوت برقم 13 من الباب 8 من الجزء 9 من التهذيب. وأثغر الغلام : - كما في المغرب - إذا سقطت رواضعه .

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن موسى بن عمر، عن عليّ بن الحسين بن الحسن الضرير عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : يشبُّ الصّبي كلَّ سنة أربع أصابع بأصابع نفسه ((1).

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه عليهما السّلام قال : الغلام لا يلقح(2)حتّى يتفلّك (3)ثدياه، وتسطع (4)ريح إبطيه .

باب تأديب الولد

33 - باب تأديب الولد

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : دع ابنك يلعب سبع سنين ، وألزمه نفسك سبعاً ، فإن أفلح ، وإلّا فإنّه ممّن لا خير فيه (5).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عدَّة من أصحابنا، ، عن عليّ بن أسباط ، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: أمهل صبيّك حتّى يأتي له ست سنين، ثمّ ضمه إليك سبع سنين، فأدبه بأدبك، فإن قَبِلَ وصلح ، وإلا فَخَلَّ عنه(6).

3 - أحمد بن محمّد العاصميّ (7) ، عن عليّ بن الحسن ، عن عليّ بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: الغلام يلعب سبع سنين، ويتعلم الكتاب سبع سنين، ويتعلّم الحلال والحرام سبع سنين .(8)

4 - عليُّ بن أسباط ، عن عمّه يعقوب بن سالم رفعه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): علّموا أولادكم السباحة والرماية.

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن محمّد بن علي، عن عمر بن

ص: 49


1- الفقيه 3 ، 152 - باب تأديب الولد وامتحانه ح 6 وفيه بإصبع نفسه .
2- أي يجامع
3- تفلك شده (ثديها) : أي استدار
4- سطعت الشمس : إذا ظهرت وانتشر شعاعها .
5- الفقيه ،3، نفس الباب، ح 1 بتفاوت يسير .
6- التهذيب ،8 5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و ...، ح 28 .
7- في التهذيب : أحمد بن محمّد بن العاصمي.
8- التهذيب 8، نفس الباب، ح 29

عبد العزيز، عن رجل عن جميل درّاج، وغيره عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: بادروا أولادكم (1)بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة (2)

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: يُفَرَّقُ بين الغلمان والنساء في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين .

7 - وبهذا الإسناد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنا نأمر الصّبيان أن يجمعوا بين الصلاتين الأولى والعصر، وبين المغرب والعشاء ما داموا على وضوء قبل أن يشتغلوا(3).

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : أدّب اليتيم بما تؤدّب منه ولدك واضربه ممّا تضرب منه ولدك (4).

باب حق الأولاد

34 - باب حق الأولاد

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن درست، عن أبي الحسن موسی (علیه السلام) قال: جاء رجل إلى النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) فقال : يا رسول اللّه، ما حقُّ ابني هذا؟ قال: تحسن اسمه وأدبه ، وضعه موضعاً حسناً (5)

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد قال : كان داود بن زربي شكا ابنه إلى أبي الحسن (علیه السلام) فيما أفسد له فقال له : استصلحه، فما مائة ألف فيما أنعم اللّه به عليك (6)

ص: 50


1- في التهذيب : أحداثكم . . ، بدل أولادكم .
2- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ح 30 . وفيه تسبقكم .. قوله (علیه السلام) : بادروا أولادكم الحديث .. ؛ أي علموهم في بدو شبابهم وعند بلوغهم التمييز من الحديث ما يهتدون به إلى معرفة الأئمة (علیه السلام) ومذهب التشيع قبل أن يغويهم المخالفون ويدخلوهم في ضلالتهم ويتعسر بعد ذلك صرفهم عنه، والمرجئة في مقابل الشيعة من الإرجاء بمعنى التأخير لتأخيرهم عليُّا (علیه السلام) عن مرتبته، وقد يطلق في مقابلة الوعيدية ..... مرآة المجلسي 83/21
3- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ح 31 . والمقصود بالصلاة الأولى : الظهر.
4- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 32 وفيه بما تضرب . .
5- التهذيب 8 ، 5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و ...، ج 33. قوله (علیه السلام) : وضعه ... ؛ أي علمه كسباً صالحاً، أو زوجه زوجة موالية مرآة المجلسي 84/21.
6- الاستصلاح طلب الصلاح وكأن ابنه كان قد أفسد عليه في تجارته أو غيرها مائة ألف درهم أو دينار. والحديث صحيح .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : رحم اللّه والدين أعانا ولدهما على برّهما(1)

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : صلّى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) بالناس الظهر، فخفّف في الركعتين الأخيرتين، فلما انصرف، قال له النّاس : هل حدث في الصلاة حَدَث ؟ قال : وما ذاك؟ قالوا : خفّفت في الركعتين الأخيرتين؟! فقال لهم أما سمعتم صراخ الصبي ؟ .

5 - عنه ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان، عن أبي خالد الواسطي ، عن زيد بن عليّ ، عن أبيه، عن جدّه قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): يلزم الوالدين من العقوق لولدهما، ما يلزم الولد لهما من عقوقهما (2).

6 - عليُّ بن محمّد، عن ابن جمهور (3)، عن أبيه، عن فضالة بن أيوّب، عن السكونيّ قال : دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) وأنا مغمومٌ مكروب، فقال لي : يا سكونيّ ممّا (4)غمّك ؟ قلت : ولدت لي ابنة فقال يا سكوني، على الأرض ثقلها، وعلى اللّه رزقها، تعيش في غير أجلك ، وتأكل من غير رزقك ، فسرّى واللّه عنّي ، فقال لي : ما سمّيتها؟ قلت: فاطمة، قال: آه آه، ثمّ وضع يده على جبهته فقال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : حقُّ الولد على والده إذا كان ذكراً أن يَسْتَفْرِهَ أمّه (5) ، ويستحسن اسمه، ويعلّمه كتاب اللّه ويطهّره (6)، ويعلّمه السباحة، وإذا كانت أنثى أن يَستَفرة أمّها، ويستحسن اسمها، ويعلّمها سورة النور ، ولا يعلّمها سورة يوسف، ولا ينزلها الغرف، ويعجّل سراحها إلى بيت زوجها ، أمّا إذا سمّيتها فاطمة، فلا تسبّها، ولا تلعنها، ولا تضربها(7)

ص: 51


1- التهذيب 8. ، نفس الباب، ح 34 .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 35 الفقيه 3 ، 148 - باب فضل الأولاد، ح 9 مرسلاً بتفاوت.
3- هو محمّد بن الحسن بن جمهور، وقد يطلق على أبيه الحسن بن محمّد بن جمهور.
4- في التهذيب : ما عمك ؟ .
5- أي يجعلها فارهة كريمة الأصل، أو يختارها كذلك .
6- أي يختنه .
7- التهذيب 8 ، 5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و. ح 36 . والأمر بتعليُّم سورة النور والنهي عن تعليُّم سورة يوسف لما في الأولى من الحث على الستر والعفة ونبذ الفجور والزنا والتهتك ولما في الثانية من قصة امرأة العزيز وصويحباتها ومدى تعلقهن بيوسف (علیه السلام) وعشقهن له وما يعكسه ذلك من طبيعة المرأة في ميلها للرجل وعشقها له. قوله (علیه السلام) : ولا ينزلها الغرف أي لا يجعل الغرف منزلاً ومسكناً لها لئلا تتراءى الرجال، ولا تطلع عليُّهم، والسراح الإنطلاق، تقول: سرّحت فلاناً إلى موضع كذا، إذا أرسلته مرآة المجلسي 85/21 .

باب برّ الأولاد

35 - باب برّ الأولاد

1 - عدَّة من أصحابنا ،عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرّة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : من قبّل ولده كتب اللّه عزَّ وجلَّ له حسنة، ومن فرّحه فرّحه اللّه يوم القيامة، ومن علّمه القرآن، دُعي بالأبوين فيُكْسَيان حلّتين يضيء من نورهما وجوه أهل الجنّة(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي طالب رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال له رجل من الأنصار من أَبِرُّ؟ قال : والديك، قال: قد مضيا، قال: برّ ولدك (2).

3 - أحمد بن محمّد، ، عن عليّ بن فضّال، عن عبد اللّه بن محمّد البجليّ ، عن عبد اللّه أبي (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : أحبّوا الصبيان وارحموهم، وإذا وعدتموهم شيئاً فَفُوا لهم، فإنّهم لا يدرون إلّا أنّكم ترزقونهم(3).

4 - ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : من كان له ولد صَبَا (4).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّ اللّه ليرحم العبد لشدَّة حبّه لولده(5).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن يونس بن رباط، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : رحم اللّه من أعان ولده على برّه قال : قلت كيف يعينه على برّه؟ قال : يقبل ميسوره، ويتجاوز عن معسوره ولا يرهقه (6)، ولا يخرق به (7) فليس بينه وبين أن يصير في حدّ من حدود الكفر إلّا أن

ص: 52


1- الحديث ضعيف.
2- التهذيب 8 نفس الباب ، ح 37 .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 38 وفيه : اختنوا . . ، بدل أحبوا . . الفقيه 3 ، 148 - باب فضل الأولاد، ح 16 بتفاوت
4- روى بمعناه في الفقيه 3 ، 148 - باب فضل الأولاد، ح .21. عن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) . وَصَبا : أي فعل فعل الصبيان ولده بأن يلاعبه ويلاطفه ويقوم بما يقوم به الصبي من حركات صبيانية .
5- الفقيه 3، نفس الباب، ح 9 بتفاوت .
6- من الرهق : وهو السفه والظلم أو من الإرهاق، وهو تكليفه بما لا يطيق، أو بما يعسر عليه ويشق.
7- الخرق: ضد الرفق

يدخل في عقوق أو قطيعة رحم، ثمّ قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : الجنّة طيّبة، طيّبها اللّه وطيّب ريحها، يوجد ريحها من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريح الجنّة عاقّ، ولا قاطع رحم ، ولا مرخي الإزار خُيَلاء(1).

7- عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عدَّة من أصحابنا، عن الحسن بن عليّ بن يوسف الأزدي، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: جاء رجل إلى النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) فقال : ما قبّلتُ صبيّاً قطُّ ؟ فلمّا ولّى قال رسول اللّه : هذا رجلٌ عندي أنّه من أهل النّار (2)

8- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن كليب الصيداويّ قال : قال لي أبو الحسن (علیه السلام) : إذا وعدتم الصبيان فَفُوا لهم، فإنهم يرون أنّكم الذين ترزقونهم، إنَّ اللّه عزّ وجلَّ ليس يغضب لشيء كغضبه للنّساء والصبيان.

9- أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ذريح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الولد فتنة (3)

باب تفضيل الولد بعضهم على بعض

36 - باب تفضيل الولد بعضهم على بعض

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن سعد بن سعد الأشعري قال : سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن الرّجل يكون بعض ولده أحبُّ إليه من بعض، ويقدّم بعض ولده على بعض؟ فقال: نعم، قد فعل ذلك أبو عبد اللّه (علیه السلام) ، نَحَلَ محمّداً، وفعل ذلك أبو الحسن (علیه السلام)، نحل أحمد شيئاً، فقمت أنابِهِ حتّى حزته له ، فقلت : جُعِلْتُ فِداك ، الرّجل يكون بناته أحبَّ إليه من بنيه ؟ فقال : البنات والبنون في ذلك سواء، إنّما هو بقدر ما ينزلهم اللّه عزّ وجل منه (4)

ص: 53


1- التهذيب 8 ، 5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و ...، ح 39 بتفاوت يسير . والخيلاء : التكبر .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 40 بتفاوت يسير .
3- الحديث صحيح . والفتنة : الإمتحان والاختبار ، مأخوذ من قوله تعالى في سورة الأنفال : إنما أموالكم وأولادكم فتنة .
4- التهذيب 8 ، 5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و...، ح 41 . والحديث صحيح والنخلة : العطية والحيازة: الجمع والإحراز. وإنما حازه (علیه السلام) لأحمد لأنه كان طفلاً صغيراً .

باب التَّفرُّس في الغلام وما يستدل به على نجابته

37 - باب التَّفرُّس في الغلام وما يستدل به على نجابته

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن خليل بن عمرو اليشكريّ، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يقول : إذا كان الغلام مُلتاثَ الأدْرَة، صغير الذكر، ساكن النظر، فهو ممّن يُرْجَى خيره ويؤمن شرُّه ، قال : وإذا كان الغلام شديد الأذرة، كبير الذكر، حاد النظر، فهو ممن لا يرجى خيره ولا يؤمن شرُّه (1)

2 - عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ الهمدانيّ، عن أبي سعيد الشاميّ قال : أخبرني صالح بن عقبة قال : سمعت العبد الصالح (علیه السلام) يقول : تستحبّ عرامة الصبيّ في صغره ليكون حليماً في كبره (2) ؛ ثمّ قال : ما ينبغي أن يكون إلّا هكذا.

3 - وروي : أنَّ أكيَسَ الصبيان أشدّهم بغضاً للكتّاب (3).

باب النوادر

38 - باب النوادر

1 - أبو عليُّ الأشعري ، عن محمّد بن حسّان، عن الحسين بن محمّد النوفليّ - من ولد نوفل ابن عبد المطّلب - قال : أخبرني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن عليّ بن عيسى، عن عبد اللّه العمري، عن أبيه عن جدّه قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه في المرض يصيب الصبيّ ؟ فقال : كفّارة لوالديه (4).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن وهب، عن أبي

ص: 54


1- التهذيب ،8 نفس الباب، ح 42 . قوله (علیه السلام) ملتاث الأدرة، اللوثة - بالضم - الإسترخاء والأدرة نفخة في الخصية، والمراد بها هنا نفس الخصية، أي مسترخي الخصية متدلّيها وفي بعض النسخ : الأزرة، أي هيئة الإنتزار، والتيائه كناية عن أنه لا يجوز شد الأزار بحيث يرى منه حسن الإنتزار فيعجب به مرآة المجلسي 89/21.
2- إلى هنا مروي بتفاوت في الفقيه ،3، 152 - باب تأديب الولد وامتحانه ، ح 7 . وعرامة الصبي : حمله على الأمور الصعبة والعرامة : الشراسة .
3- الكتاب : المكتب .
4- التهذيب 8 ،5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و ...، ح 46. الفقيه 3، 148 - باب فضل الأولاد، ح 8 مرسلاً.

عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : يعيش الولد لستّة أشهر، ولسبعة أشهر، ولتسعة أشهر، ولا يعيش لثمانية أشهر (1).

3 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن عبد الرّحمن بن سيّابة، عمّن حدَّثه، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن غاية الحمل بالولد في بطن أمّه ، كم هو، فإنَّ النّاس يقولون : ربّما بقي في بطنها سنين؟ فقال: كذبوا، أقصى حدُّ الحمل تسعة أشهر لا يزيد لحظة ولو زاد ساعة لقتل أمه قبل أن يخرج (2).

4 - أبو عليّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحجّال، عن ثعلبة، عن زرارة ،عن أحدهما (علیه السلام) قال: القابلة مأمونة(3).

5- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن مسلم قال : كنت جالساً عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، إذا دخل يونس بن يعقوب، فرأيته يان، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام): ما لي أراك تإنّ؟ قال: طفل لي تأذيت به الليل أجمع ، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام) : يا يونس، حدّثني أبي محمّد بن عليّ ،عن آبائه (علیه السلام)، عن جدّي رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أنّ جبرائيل نزل عليه ورسول اللّه وعليُّ صلوات اللّه عليهما بإنّان، فقال جبرائيل (علیه السلام) : يا حبيب اللّه ما لي أراك تإنّ ؟ فقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : طفلان لنا تأذينا ببكائهما، فقال جبرئيل : مَه يا محمّد ، فإِنه سَيُبْعَثُ لهؤلاء القوم شيعة، إذا بكى أحدهم فبكاؤه (4) لا إله إلا اللّه ، إلى أن يأتي عليه سبع سنين ، فإذا جاز السبع، فبكاؤه استغفار لوالديه، إلى أن يأتي على الحد، فإذا جاز الحدَّ، فما أتى من حسنة فلوالديه وما أتى من سيّئة فلا عليهما (5)

6 - محمّد بن يحيى ، عن عليّ بن إبراهيم الجعفريّ، عن حمدان بن إسحاق قال : كان لي ابن، وكان تصيبه الحصاة (6)، فقيل لي : ليس له علاج إلا أن تبطّه (7)، فبططته فمات،

ص: 55


1- التهذيب 8، نفس الباب، ح47
2- التهذيب8 ،نفس الباب ، ح 45 . وفيه : أقصى مدة . . ، بدل أقصى حد . . . هذا، والأشهر عند أصحابنا إن أقصى الحمل تسعة أشهر وأقله ستة أشهر ، وقيل : أقصاه عشرة أشهر، وقد استحسنه المحقق في الشرائع 340/2 وقال : يعضده الوجدان في كثير ، قال : وقيل سنة، وهو متروك .
3- الحديث صحيح، وبلحاظ كونها مأمونة ، ترد دعوى التقصير عليها في أي شيء ويقدم قولها في عدمه، بل يقبل قولها فيما يتعلق بالولد من الإستهلال وعدمه وغير ذلك. ومقصوده بالناس: فقهاء المخالفين.
4- أي يعطي والده ثواب من قال لا إله إلا اللّه .
5- الحديث صحيح .
6- الحصاة - كما يقول الفيروز آبادي - استداد البول في المثانة حتّى يصير كالحصاة .
7- بطّ الدمّل أو غيره : شقه .

فقالت الشيعة : شَرِكْتَ في دم ابنك ، قال : فكتبت إلى أبي الحسن العسكري (علیه السلام)، فوقّع (علیه السلام) : يا أحمد، ليس عليُّك فيما فعلت شيء، إنّما التمست الدَّواء، وكان أجَلُهُ فيما فعلت (1).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن جندب، عن سفيان بن السّمط قال : قال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا بلغ الصبيّ أربعة أشهر فأحجمه في كلّ شهر في النُّقرة، فإنّها تجفف لعابه، وتهبط الحرارة من رأسه وجسده (2).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن أحمد بن أشيم، عن بعض أصحابه قال: أصاب رجل غلامين في بطن (3) ، فهناه أبو عبد اللّه (علیه السلام) ثمّ قال : أيّهما الأكبر؟ فقال : الذي خرج أولاً ، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الذي خرج آخراً هو أكبر، أما تعلم أنّها حملت بذاك أولاً، وإنّ هذا دخل على ذاك فلم يمكنه أن يخرج حتّى خرج هذا، فالذي يخرج آخراً هو أكبرهما(4).

تمَّ كتاب العقيقة والحمد لله ربّ العالمين

ويليه كتاب الطلاق

ص: 56


1- الحديث مجهول.
2- التهذيب 8 ، 5 - باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع و. 43 وفيه المرّارة بدل الحرارة. والحديث ضعيف على المشهور.
3- أي كانا توأمين .
4- التهذيب 8، نفس ،الباب ، ح 44 .

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب الطلاق

اشارة

كتاب الطلاق

باب كراهية طلاق الزوجة الموافقة

39 - باب كراهية طلاق الزوجة الموافقة

1- أخبرنا عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : مرَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) برجل فقال : ما فعلت امرأتك؟ قال : طلّقتها يا رسول اللّه ، قال : من غير سوء؟ قال : من غير سوء، ثمّ قال : إِنَّ الرّجل تزوَّج فمرّ به النبي (علیه السلام) فقال : تزوجت؟ قال: نعم، ثمّ قال له بعد ذلك : ما فعلت امرأتك؟ قال: طلّقتها، قال : من غير سوء؟ قال: من غير سوء، ثمّ إِنَّ الرّجل تزوّج فمرَّ به النبي (صلّی اللّه علیه وآله) ، فقال : تزوجت؟ فقال : نعم ، ثمّ قال له بعد ذلك : ما فعلت امرأتك؟ قال: طلّقتها، قال: من غير سوء؟ قال : من غير سوء، فقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إنَّ اللّه عزّ وجلَّ يبغض أو(1)يلعن كل ذوّاق من الرّجال وكلَّ ذوّاقة من النساء (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما من شيء ممّا أحلّه اللّه عزَّ وجلَّ أبغض إليه من الطّلاق، وإنَّ اللّه يبغض المطلاق الذَّوّاق .

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلَّ يحبُّ البيت الذي فيه العرس، ويبغض البيت الذي فيه الطلاق، وما من شيء (3) أبغض إلى اللّه عزَّ وجلَّ من الطلاق.

ص: 57


1- الشك من الراوي
2- الحديث ضعيف. والذواق والذواقة : كناية عن سرعة النكاح وسرعة الطلاق وظاهر الخبر وإن كان حرمة الطلاق أو كثرته مع الموافقة من الزوجة وإطاعتها لزوجها إلا أن الإجماع انعقد على خلافه، ويمكن حمل البغض على عدم الحب واللعن إن كان هو الإبعاد عن رحمة اللّه إلا أنه يتحقق بفعل المكروه أيضاً.
3- أي من الأمور المحلّلة ومن هنا قيل : أبغض الحلال إلى اللّه الطلاق.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمعت أبي (علیه السلام) يقول : إنَّ اللّه عزّ وجلَّ يبغض كلَّ مِطْلاق ذوّاق .

5-وبإسناده عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : بلغ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) أنّ أبا أيّوب يريد أن يطلّق امرأته، فقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إنَّ طلاق أمّ أيّوب لَحُوبٌ (1).

باب تطليق المرأة غير الموافقة

40 - باب تطليق المرأة غير الموافقة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن رجل، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّه كانت عنده امرأة تعجبه، وكان لها مُحِبّاً، فأصبح يوماً وقد طلّقها واغتمّ لذلك، فقال له بعض مواليه : جُعِلْتُ فِداك ، لِمَ طلّقتها؟ فقال : إنّي ذكرت عليُاً (علیه السلام) فتنقّصَتهُ، فكرهت أن ألصق جمرة من جَمْر جهنّم بجلدي (2).

2 - محمّد بن الحسين، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن خطّاب بن سلمة قال : كانت عندي امرأة تصف هذا الأمر (3)، وكان أبوها كذلك، وكانت سيئة الخلق، فكنت أكره طلاقها لمعرفتي بإيمانها وإيمان أبيها فلقيت أبا الحسن موسى (علیه السلام) وأنا أريد أن أسأله عن طلاقها، فقلت : جُعِلْتُ فِداك ، إنّ لي إليك حاجة، فتأذن لي أن أسألك عنها؟ فقال : ايتني غداً صلاة الظهر، قال: فلما صلّيت الظهر، أتيته، فوجدته قد صلّى وجلس، فدخلت عليه وجلست بين يديه، فابتدأني فقال : يا خطاب، كان أبي زوجني ابنة عمّ لي، وكانت سيئة الخُلُق، وكان أبي ربّما أغلق عليُّ وعليها الباب رجاء أن ألقاها، فأتسلق الحائط وأهرب منها ، فلما مات أبي، طلقتها، فقلت اللّه أكبر، أجابني واللّه عن حاجتي من غير مسألة (4).

3- أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ، عن عمر بن عبد العزيز، عن خطّاب بن سلمة قال : دخلت عليه - يعني أبا الحسن موسى (علیه السلام) - وأنا أريد أن أشكو إليه ما ألقى من امرأتي، من سوء خُلُقها، فابتدأني فقال : إنّ أبي كان زوّجني مرّة امرأة سيئة الخُلُق، فشكوت

ص: 58


1- الحوب : الإثمّ . وقيل : الوحشة . قيل : إنما كان في طلاقها إثمّ عليه لأنها كانت مصلحة له في دينه .
2- حمل الخبر على حرمة نكاح الناصية .
3- يعني التشيع .
4- الحديث ضعيف.

ذلك إليه، فقال لي: ما يمنعك من فراقها، قد جعل اللّه ذلك إليك؟ فقلت فيما بيني وبين نفسي : قد فرجت عني (1).

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن محمّد بن زياد بن عيسى، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ عليّاً قال وهو على المنبر : لا تُزَوِّجوا الحسن فإنه رجل مِطلاق، فقام رجلٌ من همدان فقال: بلى، واللّه لنزوّجنّه، وهو ابن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ، وابن أمير المؤمنين (علیه السلام) ، فإن شاء أمسك، وإن شاء طلّق .

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن جعفر بن بشير، عن يحيى بن أبي العلاء ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ الحسن بن عليُّ (علیه السلام) طلّق خمسين ،امرأة، فقام عليٌّ (علیه السلام) بالكوفة فقال : يا معاشر أهل الكوفة، لا تُنكِحوا الحسن، فإنّه رجل مطلاق، فقام إليه رجل فقال : بلى واللّه ، لنُنكِحَنّه ، فإنّه ابن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، وابن فاطمة (علیه السلام) ، فإن أعجَبَتْهُ أمسك، وإن كره طلّق(2).

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمعته يقول : ثلاثة تُردُّ علیهم دعوتهم ، أحدهم : رجل يدعو على امرأته وهو لها ظالم، فيقال له : ألم نجعل أمرها بيدك(3).

باب أن الناس لا يستقيمون على الطلاق إلا بالسيف

41 - باب أن الناس لا يستقيمون على الطلاق إلا بالسيف

1 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد، عن الحسن بن حذيفة، عن معمر بن [عطاء ابن] وشيكة قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : لا يصلح النّاس (4)في الطلاق إلا بالسّيف، ولو وُلّيتُهُمْ لرددتهم فيه إلى كتاب اللّه عزّ وجلَّ (5).

قال : وحدَّثني بهذا الحديث الميثمي، عن محمّد بن أبي حمزة، عن بعض رجاله

ص: 59


1- الحديث ضعيف .
2- الحديث مجهول.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- أراد (علیه السلام) بالناس : المخالفين، فإنهم أبدعوا في الطلاق بدعاً كثيرة مخالفة للكتاب والسنة، مرآة المجلسي 97/21
5- الحديث ضعيف على المشهور.

- أوهمه (1)الميثميُّ - عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) .

2 - وعنه ، عن عبد اللّه بن جبلة، عن أبي المغرا، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لو وليت النّاس لأعلمتهم كيف ينبغي لهم أن يطلّقوا، ثمّ لم أوتَ برجل قد خالف، إلّا وأوجعت ظهره، ومن طلّق على غير السنّة رُدّ إلى كتاب اللّه عزَّ وجلّ، وإن رغم أنفه (2).

3-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن سماعة، عن عمر بن معمر بن [عطاء بن] وشيكة قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : لا يصلح النّاس في الطّلاق إلّا بالسيف ولو ولّيتُهُم لرددتهم إلى كتاب اللّه عزّ وجلّ.

4 - قال أحمد : وذكر بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام)؛ ومحمّد بن سماعة، عن أبي بصير، عن العبد الصالح (علیه السلام) أنه قال : لو وُلّيتُ أمر الناس لعلّمتهم الطّلاق، ثمّ لم أوتَ بأحد خالف إلّا أوجعته ضرباً.

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا،عن أبان، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : واللّه لو ملكت من أمر الناس شيئاً، لأقمتهم بالسّيف والسوط حتّى يطلقوا للعدَّة (3) كما أمر اللّه عزّ وجلَّ.

باب من طلق لغير الكتاب والسُنّة

42 - باب من طلق لغير الكتاب والسُنّة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن أحمد بن محمّد محمّد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي بصير، عن عمرو بن رياح، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قلت له : بلغني أنك تقول : من طلّق لغير السنّة أنك لا ترى طلاقه شيئاً؟ فقال أبو جعفر (علیه السلام) : ما أقوله ، بل اللّه عزّ وجلَّ يقوله، أما واللّه لو كنا نفتيكم بالجور لكنا شرا منكم ، لأنّ اللّه عزّ وجلَّ يقول : (لولا ينهاهم الرّبّانيّون والأحبار عن قولهم الإثمّ وأَكْلِهِمُ السُّحْتَ - إلى آخر الآية (4)).

ص: 60


1- أوهمه: نسيه، وهذا الطريق مرسل.
2- الفقيه 3، 154 - باب طلاق السنة، ح 8 بتفاوت مرسلاً .
3- أي في غير طهر المواقعة. وسوف يأتي إنشاء اللّه .
4- المائدة / 63 . وتتمة الآية : لَبِئْسَ ما كانوا يصنعون، والحديث مجهول.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن عبد اللّه بن سليمان الصيرفي، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: كلُّ شيء خالف كتاب اللّه عزّ وجلَّ، رُدّ إلى كتاب اللّه عزَّ وجلَّ والسُنّة .

3-محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد اللّه بن مسكان، عن محمّد الحلبيّ قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : الرّجل يطلّق امرأته وهي حائض؟ قال : الطّلاق على غير السنّة باطل ، قلت : فالرّجل يطلّق ثلاثاً في مقعد (1)؟ قال : يُرَدُّ إلى السنة (2).

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن عبد اللّه بن جبلة، عن أبي المغرا، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : من طلّق لغير السنّة ردَّ إلى كتاب اللّه عزّ وجلَّ وإن رغم أنفه .

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن الطّلاق إذا لم يطلّق للعدَّة؟ فقال : يُرَدّ إلى كتاب اللّه عزَّ وجلَّ.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل طلّق امرأته وهي حائض؟فقال : الطّلاق لغير السنّة باطل (3)

7-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر (علیه السلام): من طلّق ثلاثاً في مجلس على غير طهر لم يكن شيئاً، إنّما الطّلاق الذي أمر اللّه عزّ وجلَّ به فمن خالف لم يكن له طلاق، وإنَّ ابن عمر طلق امرأته ثلاثاً في مجلس وهي حائض ، فأمره النبي (صلّی اللّه علیه وآله) أن ينكحها ، ولا يعتدّ بالطلاق، قال: وجاء رجلٌ إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) فقال : يا أمير المؤمنين إنّي طلّقت امرأتي ؟ قال : ألك بيّنة؟ قال: لا، فقال: أُعزُب (4).

ص: 61


1- يعني في مجلس واحد أو بلفظ واحد .
2- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق، ح 63 . أقول: وهذا وأمثاله هو ما اصطلح عليه أصحابنا بطلاق البدعة، يقول المحقق في الشرائع 23/3 : «فالبدعة، طلاق الحائض بعد الدخول مع حضور الزوج معها، ومع غيبته دون المدة المشترطة، وكذا النفساء أو في طهر قربها فيه، وطلاق الثلاث من غير رجعة بينها والكل عنده باطل لا يقع معه طلاق .
3- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 64 .
4- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، ح .65 . وروى ذيل الحديث من قوله : وجاء رجل إلى ... الخ، في الفقيه 3، 154 - باب طلاق السنة ، ح 7 . وقوله (علیه السلام) : أعزب: أي أغرب عن وجهي كناية عن عدم وقوع الطلاق لعدم الشهود.

8 - محمّد بن جعفر أبو العبّاس، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال : سمعت أبا بصير يقول : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن امرأة طلّقها زوجها لغير السنّة، وقلنا : إنّهم أهل بيت ولم يعلم بهم أحد (1)؟ فقال: ليس بشيء.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمّد بن أبي حمزة، عن سعيد الأعرج قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : طلّق ابن عمر امرأته ثلاثاً وهي حائض، فسأل عمر رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، فأمره أن يراجعها، فقلت: إنّ النّاس (2) يقولون : إنّما طلّقها واحدة وهي حائض ؟ فقال : فلأيّ شيء سأل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إذا كان هو أملك برجعتها؟ كذبوا ، ولكنه طلقها ثلاثاً، فأمره رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أن يراجعها، ثمّ قال : إن شئتَ فطلّق ، وإن شئت فأمسك (3).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّه سئل عن امرأة سمعت أنّ رجلاً طلّقها وَجَحَد ذلك، أتقيم معه؟ قال : نعم، فإنّ طلاقه بغير شهود ليس بطلاق، والطّلاق لغير العدَّة ليس بطلاق، ولا يحلّ له أن يفعل فيطلّقها بغير شهود ولغير العدَّة التي أمر اللّه عزّ وجلّ بها .

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن زرارة؛ ومحمّد بن مسلم وبكير بن أعين؛ وبريد ؛ وفضيل؛ وإسماعيل الأزرق؛ ومعمر بن يحيى، عن أبي جعفر ؛ وأبي عبد اللّه (علیه السلام) أنهما قالا : إذا طلّق الرّجل في دم النفاس، أو طلّقها بعد ما يمسها، فليس طلاقه إياها بطلاق، وإن طلقها في استقبال عدتها طاهراً من غير جماع، ولم يُشهد على ذلك رجلين عدلين فليس طلاقه إيّاها بطلاق (4).

12 - أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال : سألته عن رجل يطلّق امرأته في طهر من غير جماع ، ثمّ يراجعها من يومه، ثمّ يطلّقها ، تبين منه بثلاث تطليقات في طهر واحد؟ فقال: خالف

ص: 62


1- أي أهل أهل شرف ومروءة ولا يناسب إظهار الطلاق بينهم. والحديث مجهول .
2- يعني أبناء العامة، وقد روى مسلم ذلك عن نافع عن عبد اللّه بن عمر. وما ذكره (علیه السلام) هو الحق وقد رواه مسلم بإسناده عن ابن سيرين .
3- الحديث صحيح.
4- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق، ح.66 . وفي سنده وفضيل ويزيد .. بدل وبريد وفضيل.

السُنّة ، قلت : فليس ينبغي له إذا هو راجعها أن يطلّقها إلّا في طهر آخر؟ قال: نعم، قلت: حتّى يجامع ؟ قال : نعم .

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من طلّق بغير شهود فليس بشيء (1).

14 - سهل ، عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن سماعة، عن عمر بن يزيد، عن محمّد بن مسلم قال: قَدِمَ رجلٌ إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) بالكوفة فقال : إنّي طلّقت امرأتي بعد ما طَهُرَت من محيضها قبل أن أجامعها ؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : أشهدت رجلين ذوي عدل كما أمر اللّه عزّ وجلَّ؟ فقال : لا ، فقال : اذهب فإنَّ طلاقك ليس بشيء(2)

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من طلّق امرأته ثلاثاً في مجلس وهي حائض، فليس بشيء، وقد ردَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) طلاق عبد اللّه بن عمر إذا طلق امرأته ثلاثاً وهي حائض، فأبطل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ذلك الطّلاق وقال : كلُّ شيء خالف كتاب اللّه عزّ وجلَّ فهو ردّ إلى كتاب اللّه عزَّ وجلّ، وقال : لا طلاق إلّا في عدَّة (3)

16 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن عليّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي سألت عمرو بن عُبيد عن طلاق ابن عمر؟ فقال: طلّقها وهي طامث واحدةً، قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : أفلا قلتم له : إذا طلّقها واحدة وهي طامث كانت أو غير طامث فهو أملك برجعتها، قال: قد قلت له ذلك، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : كذب، بل طلّقها ثلاثاً فردّها النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) فقال: أمسِك أو طلّق على السنّة إن أردت أن تطلّق (4).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بكير،

ص: 63


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ح 69
2- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 70 وفيه : كما أمرك ... ، بدل : كما أمر ... الفقيه 3، 154 - باب طلاق السنة، ح 5 بتفاوت .
3- التهذيب ،8 3 - باب أحكام الطلاق ، ح 98 . الاستبصار 3 ، 169 - باب أن من طلق امرأته ثلاث تطليقات مع تكامل . . . ، ح 12 .
4- الحديث صحيح، وعمرو بن عبيد من شيوخ المعتزلة .

وغيره، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : كلُّ طلاق لغير العدَّة فليس بطلاق، أن يطلّقها وهي حائض، أو في دم نفاسها، أو بعد ما يغشاها قبل أن تحيض، فليس طلاقها بطلاق، فإن طلّقها للعدَّة أكثر من واحدة، فليس الفضل على الواحدة بطلاق (1)، وإن طلقها للعدَّة بغير شاهدَي عدل، فليس طلاقه بطلاق، ولا تجوز فيه شهادة النساء (2).

18 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: كنت عنده، إذ مرّ به نافع مولى ابن عمر ، فقال له أبو جعفر (علیه السلام) : أنت الذي تزعم أنَّ ابن عمر طلّق امرأته واحدة وهي حائض، فأمر رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عمر أن يأمره أن يراجعها؟ قال: نعم، فقال له : كذبتَ واللّه الذي لا إله إلا هو على ابن عمر، أنا سمعت ابن عمر يقول : طلّقتها على عهد رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ثلاثاً، فردَّها رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عليّ ، وأمسكتها بعد الطّلاق، فاتّق اللّه يا نافع ولا ترو على ابن عمر الباطل(3)

باب إن الطلاق لا يقع إلا لمن أراد الطلاق

43 - باب إن الطلاق لا يقع إلا لمن أراد الطلاق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن ابن بكير، عن زرارة ؛ عن أبي عبد اللّه أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : لا طلاق إلّا ما أريد به الطّلاق (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن اليسع، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) ؛ وعن عبد الواحد بن المختار، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّهما قالا : لا طلاق إلّا لمن أراد الطّلاق (5).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة، عن اليسع قال : سمعت أبا

ص: 64


1- أي لا تقع إلا طلقة واحدة إذا توافرت شروط صحة الطلاق. والفضل : الزائد .
2- التهذيب 8 نفس الباب،ح67. ويقول المحقق في الشرائع 21/3 : ولا تقبل شهادة النساء في الطلاق، لا منفردات ولا منظمات إلى الرحال أقول : والحكم عندنا إجماعي، ويكفي في الدلالة عليه قوله تعالى : واشهدوا ذوي عدل منكم، إذ هو نص في اعتبار ذكوريتهما لأنه حقيقة فيه، وما قيل من دخول الإناث بالتبعية هو على خلاف الأصل.
3- الحديث حسن .
4- الحديث حسن وبمضمونه أفتى أصحابنا رضوان اللّه علیهم .
5- التهذيب 8 ،3 -باب أحكام الطلاق، ح 81 ورواه بسند آخر برقم 79 و 80 من نفس الباب .

جعفر (علیه السلام) يقول : لا طلاق إلّا على السنّة، ولا طلاق على السنّة إلّا على طهر من غير جماع، ولا طلاق على سنّة وعلى طهر من غير جماع إلّا ببيّنة ، ولو أنَّ رجلاً طلّق على سنّة وعلى طهر من غیر جماع ولم يُشهد لم يكن طلاقه طلاقاً ، ولو أنَّ رجلاً طلّق على سنّة وعلى طهر من غير جماع وأشهد ولم ينو الطّلاق، لم يكن طلاقه طلاقاً (1).

باب إنّه لا طلاق قبل النكاح

44 - باب إنّه لا طلاق قبل النكاح

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن حمزة بن حمران عن عبد اللّه بن سليمان، عن أبيه سليمان قال كنت في المسجد، فدخل عليُّ بن الحسين (علیه السلام) ولم أثبته (2)، فسألت عنه فأخبرت باسمه، فقمت إليه أنا وغيري فاكتنفناه (3)، فسلّمنا عليه، فقال له رجل : أصلحك اللّه ، ما ترى في رجل سمّى امرأة بعينها وقال يوم يتزوّجها : هي طالق ثلاثاً، ثمّ بدا له أن يتزوّجها، أيصلح له ذلك؟ فقال : إنّما الطّلاق بعد النّكاح (4).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن الرّجل يقول : يوم أتزوّج فلانة فهي طالق؟ فقال: ليس بشيء، إنّه لا يكون طلاق حتّى يملك عقدة النكاح (5).

3-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن شعيب بن يعقوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان الذين من قبلنا يقولون : لا عِتاق ولا طلاق إلا بعد ما يملك الرّجل (6).

4 - محمّد بن جعفر الرزّاز، عن أيّوب بن نوح ؛ وأبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن حريز، عن حمزة بن حمران، عن عبد اللّه بن

ص: 65


1- التهذيب 8 ، نفس الباب، ح 82 .
2- ولم أثبته أي لم أعرفه حق المعرفة .
3- اكتنفتاه : أي احطنا به .
4- الحديث مجهول
5- الحديث موثق
6- هذا، ومما لا خلاف فيه بين أصحابنا هو أنه لا طلاق إلا بعد نكاح كما لا عتق إلا بعد ملك، في قبال بعض العامة الذين يقولون عكس ذلك .

سليمان، عن أبيه قال : كنت في المسجد، فدخل عليُّ بن الحسين (علیه السلام) ولم أثبته، وعليه عمامة سوداء، قد أرسل طرفيها بين كتفيه ، فقلت لرجل قريب المجلس منّي : من هذا الشّيخ ؟ فقال : مالك لم تسألني عن أحد دخل المسجد غير هذا الشيخ؟ قال: فقلت له: لم أر أحداً دخل المسجد أحسن هيئة في عيني من هذا الشيخ، فلذلك سألتك عنه، قال: فإنه عليّ بن الحسين (علیه السلام) ، قال : فقمت وقام الرّجل وغيره فاكتنفناه، فسلّمنا عليه، فقال له الرجل: ما ترى - أصلحك اللّه - في رجل سمّى امرأته بعينها يوم يتزوجها فهي طالق ثلاثاً، ثمّ بدا له أن يتزوجها، أيصلح له ذلك؟ قال: فقال : إنّما الطّلاق بعد النكاح، قال عبد اللّه : فدخلت أنا وأبي على أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (علیه السلام)، فحدّثه أبي بهذا الحديث، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام) : : أنت تشهد على عليّ بن الحسين (علیه السلام) بهذا الحديث؟ قال : نعم .(1)

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن رجل قال : إن تزوّجت فلانة فهي طالق، وإن اشتريت فلاناً فهو حرّ، وإن اشتريت هذا الثوب فهو للمساكين؟ فقال: ليس بشيء، لا يطلّق إلّا ما يملك (2)، ولا يتصدّق إلّا بما يملك (3).

باب الرّجل يكتب بطلاق امرأته

45 - باب الرّجل يكتب بطلاق امرأته

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل قال لرجل : أكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها، أو اكتب إلى عبدي بعتقه، يكون ذلك طلاقاً أو عتقاً ؟ فقال : لا يكون طلاقاً ولا عتقاً حتّى ينطق به لسانه، أو يخطّه بيده وهو يريد الطّلاق أو العتق، ويكون ذلك منه بالأهلّة، والشّهود، ويكون غائباً عن أهله(4).

ص: 66


1- الحديث مجهول . ولعل قوله (علیه السلام) للرجل ما قال كان للتقية، ويحتمل أنه كان لتسجيل موقف على بعض فقهاء العامة من الذين يجوزون وقوع الطلاق قبل النكاح وكذا العتق قبل الملك.
2- أي ما يملك بضعه بعقدة النكاح.
3- التهذيب 8 ، 3- باب أحكام الطلاق ، ح 58 بتفاوت وسند آخر عن أبي جعفر (علیه السلام) . والحديث هنا حسن
4- التهذيب ،8 3 - باب أحكام الطلاق ، ح 33 . الفقيه ،3، 156 - باب طلاق الغائب، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 18/3 : «ولا يقع الطلاق بالكتابة من الحاضر وهو قادر على التلفظ، نعم، لو عجز عن النطق فكتب ناويا به ،الطلاق ،صح، وقيل: يقع بالكتابة إذا كان غائبا عن الزوجة، وليس بمعتمد».

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى ؛ أو (1) ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : رجل كتب بطلاق امرأته ، أو بعتق غلامه ، ثمّ بداله فمحاه؟ قال: ليس ذلك بطلاق ولا عتاق حتّى يتكلّم به (2).

باب تفسير طلاق السنة والعدَّة وما يوجب الطلاق

46 - باب تفسير طلاق السنة والعدَّة وما يوجب الطلاق

1 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبار ؛ ومحمّد بن جعفر أبو العبّاس الرزّاز، عن أيّوب بن نوح ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: طلاق السنّة، يطلّقها تطليقةً، يعني على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين، ثمّ يدعها حتّى تمضي أقراؤها، فإذا مضت أقراؤها فقد بانت منه، وهو خاطب من الخطاب إن شاءت نكحته وإن شاءت فلا، وإن أراد أن يراجعها أشهد على رجعتها قبل أن تمضي أقراؤها فتكون عنده على التطليقة الماضية، قال: وقال أبو بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) : هو قول اللّه عزّ جلَّ: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) (3) ، التطليقة الثانية(4)، التسريح بإحسان (5).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّه قال : كلُّ طلاق لا يكون على السنّة أو طلاق على العدَّة فليس بشيء، قال زرارة فقلت لأبي جعفر (علیه السلام) : فسّر لي طلاق السنة وطلاق العدَّة، فقال: أما طلاق السنة، فإذا أراد الرّجل أن يطلق امرأته، فلينتظر بها حتّى تطمث وتطهر، فإذا خرجت من طمثها طلّقها تطليقة من غير جماع، ويُشهد شاهدين على ذلك، ثمّ يدعها حتّى تطمث طمثين، فتنقضي عدتها بثلاث حيض، وقد بانت منه ، ويكون خاطباً من الخطاب، إن شاءت تزوّجته، وإن شاءت لم تتزوّجه وعليه نفقتها، والسكنى ما دامت في عدتها، وهما يتوارثان حتّى تنقضي

ص: 67


1- الترديد من الراوي
2- التهذيب ،8 نفس الباب، ح 32
3- البقرة/ 229 .
4- في التهذيب : الثالثة، بدل ؛ الثانية. وما في التهذيب هو الأظهر كما ذكر المجلسي في مرآته 110/21 وذكر وجهاً لما في الفروع أيضاً فراجع .
5- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق، ح 1 .

العدَّة ، قال : وأما طلاق العدَّة الذي قال اللّه عزّ وجلَّ : (فطلّقوهنَّ لِعِدَّتهنَّ وأَحْصُوا العدَّة) (1) ، فإذا أراد الرّجل منكم أن يطلّق امرأته طلاق العدَّة، فلينتظر بها حتّى تحيض وتخرج من حيضها، ثمّ يطلّقها تطليقة من غير جماع، ويُشهد شاهدين عدلين ويراجعها من يومه ذلك إن أحبّ، أو بعد ذلك بأيام [أو] قبل أن تحيض، ويشهد على رجعتها ويواقعها ويكون معها حتّى تحيض، فإذا حاضت وخرجت من حيضها، طلقها تطليقة أخرى من غير جماع ويشهد على ذلك، ثمّ يراجعها أيضاً متى شاء قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها وتكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثالثة ، فإذا خرجت من حيضتها الثالثة طلّقها التطليقة الثالثة بغير جماع، ويشهد على ذلك، فإذا فعل ذلك فقد بانت منه، ولا تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره ؛ قيل له : فإن كانت ممن لا تحيض؟ فقال: مثل هذه تُطَلّق طلاق السنّة (2).

3-ابن محبوب، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : أح-بُّ للرَّجل الفقيه إذا أراد أن يطلق امرأته أن يطلّقها طلاق السنّة ، قال : ثمّ قال : وهو الذي قال اللّه عزَّ وجلَّ : (لعل اللّه يُحْدِثُ بعد ذلك أمراً) (3) يعني بعد الطلاق وانقضاء العدَّة، التزويج لهما من قبل أن تَزَوَّجَ زوجاً غيره قال: وما وأوسعه لهما جميعاً ، أن يطلقها على طهر من غير جماع تطليقة بشهود، ثمّ يدعها حتّى يخلو أجلها ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء، ثمّ يكون خاطباً من الخطاب .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران أو (4)غيره، عن ابن مسكان، عن

ص: 68


1- الطلاق / 1 .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 3 بتفاوت يسير . هذا وقد أطلق أصحابنا رضوان اللّه علیهم لفظ الطلاق على البدعة والسنّة، وذكروا أن الطلاق البدعي وهو الحرام یراد به طلاق الحائض بعد الدخول وعدم الحمل مع حضور الزوج أو مع غيبته دون المدة المشترطة المصححة لطلاقها في هذه الحال وطلاق النفساء، والطلاق في طهر واقعها فيه وهي غير يائسة ولا صغيرة ولا حامل، وطلاق الثلاث من غير رجعة بينها . وأما الطلاق السني، نسبة إلى السنة فقد قسمه أصحابنا إلى ثلاثة أقسام : البائن: وهو ما لا يصح للزوج الرجعة معه، وهو سنة : طلاق غير المدخول بها، والتي يئست من المحيض، ومن لم تبلغ المحيض وهي الصغيرة والمختلعة، والمُبَارَأة، بشرط ألا ترجع هاتان الأخيرتان بالبذل، والمطلقة ثلاثاً تخللها رجعتان من قبل الزوج. الرجعي: وهو الطلاق الذي يحق للزوج مراجعة زوجته فيه. العدي: وهو أن يطلق الزوج مع توفر جميع شرائط صحة الطلاق ثمّ يرجع في العدَّة ويطأ زوجته ثمّ يطلقها في طهر آخر يفعل ذلك ثلاث مرات حيث تحرم عليه بعد الثالثة حتّى تنكح زوجا غيره، فإن فعل معها مرتين كما في الأولى بحيث استكمل ثلاث نوبات من الطلاق الثلاثي مع الرجوع في كل مرة والوطي بعده حرمت عليه في التاسعة تحريماً مؤبداً. وإذا لم يطأ بعد كل رجوع فلا يعتبر عند أصحابنا طلاقاً للعدَّة.
3- الطلاق/ 1 .
4- الترديد من الراوي .

أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن طلاق السنّة؟ قال: طلاق السنّة، إذا أراد الرّجل أن يطلّق امرأته، يدعها إن كان قد دخل بها حتّى تحيض، ثمّ تطهر، فإذا طهرت طلّقها واحدة بشهادة شاهدين، ثمّ يتركها حتّى تعتدُّ ثلاثة قروء، فإذا مضت ثلاثة قروء، فقد بانت منه بواحدة، وكان زوجها خاطباً من الخطاب، إن شاءت تزوجته، وإن شاءت لم تفعل، فإن تزوّجها بمهر جديد كانت عنده على اثنتين باقيتين، وقد مضت الواحدة، فإن هو طلقها واحدة أخرى على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين، ثمّ تركها حتّى تمضي أفراؤها، فإذا مضت أقراؤها من قبل أن يراجعها، فقد بانت منه باثنتين وملكت أمرها، وحلت للأزواج، وكان زوجها خاطباً من الخطّاب إن شاءت تزوَّجته، وإن شاءت لم تفعل، فإن هو تزوَّجها تزويجاً جديداً بمهر جديد كانت معه بواحدة باقية وقد مضت اثنتان فإن أراد أن يطلقها طلاقاً لا تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره، تركها، حتّى إذا حاضت وطهرت، أشهد على طلاقها تطليقة واحدة، ثمّ لا تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره .

وأما طلاق الرَّجعة (1)، فأن يدعها حتّى تحيض وتطهر ، ثمّ يطلّقها بشهادة شاهدين، ثمّ پراجعها وبواقعها، ثمّ ينتظر بها الطهر، فإذا حاضت وطهرت، أشهد [شاهدين] على تطليقة أخرى، ثمّ يراجعها ويواقعها، ثمّ ينتظر بها الظهر، فإذا حاضت وطهرت أشهد شاهدين على التطليقة الثالثة ، ثمّ لا تحلُّ له أبداً حتّى تنكح زوجاً غيره، وعليها أن تعتدُّ ثلاثة قروء من يوم طلقها التطليقة الثالثة، فإن طلقها واحدة على طهر بشهود، ثمّ انتظر بها حتّى تحيض وتطهر، ثمّ طلقها قبل أن يراجعها، لم يكن طلاقه الثانية طلاقاً ، لأنه طلق طالقاً، لأنه إذا كانت المرأة مطلقة من زوجها، كانت خارجة من ملكه حتّى يراجعها، فإذا راجعها صارت في ملكه ما لم يطلق التطليقة الثالثة، فإذا طلقها التطليقة الثالثة، فقد خرج ملك الرّجعة من يده، فإن طلقها على طهر بشهود ، ثمّ راجعها وانتظر بها الطهر من غير مواقعة فحاضت وطهرت، ثمّ طلقها قبل أن يدنسها بمواقعة بعد الرَّجعة لم يكن طلاقه لها طلاقاً، لأنه طلقها التطليقة الثانية في طهر الأولى، ولا ينقض الطهر إلا بمواقعة بعد الرجعة، وكذلك لا تكون التطليقة الثالثة إلا بمراجعة ومواقعة بعد المراجعة ، ثمّ حيض وطهر بعد الحيض، ثمّ طلاق بشهود، حتّى يكون لكل تطليقة طهر من تدنيس المواقعة بشهود (2)

5 - أبو عليُّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى؛ وعدَّةٌ من

ص: 69


1- في التهذيبين : وأما طلاق العدَّة.
2- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، ح.. الاستبصار ،3، 164 - باب أن من طلق امرأته ثلاث تطليقات للسنة لا تحل له حتّى ...، ح 1. بتفاوت قليل فيهما .

أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، جميعاً عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن طلاق السنّة ، كيف يطلق الرّجل امرأته؟ فقال : يطلّقها في طهر قبل عدتها من غير جماع بشهود، فإن طلّقها واحدة ثمّ تركها حتّى يخلو أجلها، فقد بانت منه، وهو خاطبٌ من الخطاب، وإن راجعها فهي عنده على تطليقة ماضية، وبقي تطليقتان، فإن طلقها الثانية وتركها حتّى يخلو أجلها، فقد بانت منه ، وإن هو أشهد على رجعتها قبل أن يخلو أجلها، فهي عنده على تطليقتين ماضيتين وبقيت واحدة، فإن طلقها الثالثة فقد بانت منه، ولا تحل له حتّى تنكح زوجاً غيره، وهي ترث وتورث ما كان له عليها رجعة من التطليقتين الأولتين (1).

6-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل طلّق امرأته بعدما غشيها بشهادة عدلين؟ فقال: ليس هذا بطلاق، فقلت: جُعِلْتُ فِداك ، كيف طلاق السنّة ؟ فقال : يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشاها بشاهدين عدلين، كما قال اللّه عزّ وجلَّ في كتابه، فإن خالف ذلك رُدَّ إلى كتاب اللّه عزّ وجل، فقلت له : فإن طلّق على طهر من غير جماع بشاهد وامرأتين؟ فقال: لا تجوز شهادة النساء في الطلاق، وقد تجوز شهادتهنَّ مع غيرهنَّ في الدم إذا حضرته، فقلت: فإن أشهد رجلين ناصبيين على الطلاق، أيكون طلاقاً؟ فقال: من ولد على الفطرة أجيزت شهادته على الطلاق بعد أن تعرف منه خيراً (2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن ابن بكير (3)؛ وغيره، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّه قال : إنّ الطلاق الذي أمر اللّه عزّ وجل به في كتابه، والذي سنّ رسول رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ؛ أن يخلّي الرّجل عن المرأة ، فإذا حاضت وطهرت من محيضها، أشهد رجلين عدلين على تطليقة وهي طاهر من غير جماع ، وهو أحق برجعتها ما لم تنقض ثلاثة قروء، وكلّ طلاق ما خلا هذا فباطل، ليس بطلاق.

ص: 70


1- الحديث مجهول.
2- التهذيب 8 ، 3- باب أحكام الطلاق، ح.71 والحديث حسن . والمشهور بين الأصحاب اعتبار العدالة في شهود الطلاق، وذهب الشيخ في النهاية وجماعة إلى الإكتفاء بالإسلام ... والظاهر إن مراده بالناصب من كان على خلاف الحق كما هو الشائع في الأخبار مرآة المجلسي 115/21 .
3- الظاهر إن (ابن) من زيادة النسّاخ ، إذ ابنه لا يروي عن أبي جعفر (علیه السلام)، وسيأتي نظير هذا السند وفيه عن بكيره مرآة المجلسي 115/21.

8 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل بن درّاج، عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : طلاق السنّة، إذا طهرت المرأة فليطلّقها واحدة مكانها عن غير جماع ، يشهد على طلاقها ، فإذا أراد أن يراجعها، أشهد على المراجعة .

9-حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إذا أراد الرّجل الطّلاق، طلّقها في قُبُلِ عدَّتها بغير جماع، فإنّه إذا طلّقها واحدة ثمّ تركها حتّى يخلو أجلها، إن شاء أن يخطب مع الخطاب ،فعل، فإن راجعها قبل أن يخلو أجلها أو بعده، كانت عنده على تطليقة، فإن طلّقها الثانية أيضاً فشاء أن يخطبها مع الخطّاب إن كان تركها حتّى يخلو أجلها، فإن شاء راجعها قبل أن ينقضي أجلها، فإن فعل فهي عنده على تطليقتين، فإن طلّقها الثالثة، فلا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، وهي ترث وتورث ما كانت في الدّم من التطليقتين الأوّلتين(1).

باب ما يجب أن يقول من أراد أن يطلق

47 - باب ما يجب أن يقول من أراد أن يطلق

1 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن ابن رباط؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، جميعاً عن ابن أذينة، عن محمّد بن مسلم أنه سأل أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل قال لامرأته : أنت عليَّ حرام أو بائنة (2) ، أو بَتّة، أو بريئة، أو خَليّة؟ قال: هذا كلّه ليس بشيء، إنّما الطّلاق أن يقول لها في قُبُل العدَّة بعدما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها : أنت طالق، أو اعتدّي يريد بذلك الطّلاق، ويشهد على ذلك رجلين عدلين(3)

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي

ص: 71


1- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق، ح 5 . وقوله : في قبل عدتها : أي مطلع عدتها، وفي أولها . الاستبصار 3، 164 - باب إن من طلق امرأته ثلاث تطليقات للسنة لا . .. ، ح . 3. بتفاوت يسير فيهما .
2- في الاستبصار : أو طلقها بائنة أو . . . الخ .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 27 . الاستبصار 3 ، 165 - باب ما به تقع الفرقة من كنايات الطلاق، ح 1 . هذا وقد ذهب أصحابنا رضوان اللّه علیهم إلى أن الصيغة في الطلاق هي من الأركان واشترطوا أن تكون باللفظ الصريح، بل ذهبوا إلى انحصار الصيغة في الطلاق بقوله : أنت طالق أو فلانة طالق، فلا يجزي غيرها، وذلك لأن الأصل - كما يقول المحقق - إن النكاح عصمة مستفادة من الشرع لا يقبل التقايل فيقف رفعها على موضع الإذن، والصيغة المتلقاة من الشارع لإزالة قيد النكاح هو هذه الصيغة، ولذا حكموا بعدم وقوع الطلاق بغيرها كقوله : أنت الطلاق أو طلاق، أو من المطلقات، وكذلك لا يقع بالكناية وهي اللفظ المحتمل للطلاق وغيره، كأطلقتك، أو أنت خلية أو برية أو بائن ونحوها.

عبد اللّه (علیه السلام) قال : الطّلاق أن يقول لها : اعتدّي، أو يقول لها : أنت طالق (1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد ، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: الطلاق للعدَّة ؛ أن يطلّق الرّجل امرأته عند كلّ طهر يرسل إليها أن اعتدّي فإنّ فلاناً قد طلّقك ، قال : وهو أملك برجعتها ما لم تنقض عدَّتها .

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : يرسل إليها فيقول الرسول: اعتدّي، فإنّ فلاناً قد فارقك ؛ قال ابن سماعة : وإنّما معنى قول الرَّسول : اعتدي فإنَّ فلاناً قد فارقك - يعني الطلاق ، أنّه لا يكون فُرْقَةٌ إلا بطلاق.

5 - حُميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عليّ بن الحسن الطاطريّ قال : الذي أجمع عليه في الطلاق أن يقول : أنت طالق أو اعتدّي، وذكر أنّه لمحمّد بن أبي حمزة : كيف يشهد على قوله : اعتدّي ؟ قال : يقول : اشهدوا اعتدّي، قال ابن سماعة : غلط محمّد بن أبي حمزة أن يقول : اشهدوا ، اعتدّي ، قال الحسن بن سماعة : ينبغي أن يجيء بالشهود إلى حجلتها، أو يذهب بها إلى الشهود إلى منازلهم، وهذا المحال الّذي لا يكون، ولم يوجب اللّه عزَّ وجلَّ هذا على العباد، وقال الحسن : ليس الطلاق إلا كما روى بكير بن أعين، أن يقول لها وهي طاهر من غير جماع : أنت طالق ويشهد شاهدين ،عدلين وكل ما سوى ذلك فهو مغلى (2)

باب من طلق ثلاثاً على طهر بشهود في مجلس أو أكثر أنها واحدة

48 - باب من طلق ثلاثاً على طهر بشهود في مجلس أو أكثر أنها واحدة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن

ص: 72


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 28 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 2 . هذا، وأكثر أصحابنا رضوان اللّه علیهم ذهبوا إلى عدم وقوع الطلاق بقوله لها : اعتدي، وإن قصد به الطلاق، وذلك لأصالة بقاء النكاح إلى أن يثبت شرعاً ما يزيله، وهو ما بيناه من قوله : أنت طالق . يقول المحقق في الشرائع 18/3 : ولو قال: اعتدى ونوى به الطلاق قبل يصح وهي رواية الكلبي ومحمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (علیه السلام)، وضعه كثير، وهو الأشبه.
2- التهذيب 8 ، 3- باب أحكام الطلاق ، ح 29 بتفاوت ونقيصة في وسط الحديث الاستبصار 3، 165 - باب ما تقع به الفرقة من كنايات الطلاق، ح 3 . ومن الواضح إن هذا الحديث ليس منسوباً إلى معصوم، بل إلى بعض الرواة كالطاطري ومحمّد بن أبي حمزة، نعم في ذيله عن بكير هو عن المعصوم لأن بكيراً كما قيل لا يروي إلا عنه (علیه السلام) .

أبي نصر، عن جميل بن درّاج، عن زرارة عن أحدهما (علیه السلام) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد أو أكثر] وهي طاهر؟ قال: هي واحدة.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أحدهما (علیه السلام) قال: سألته عن الذي يطلّق في حال طهر في مجلس ثلاثاً؟ قال: هي واحدة (1).

3- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ ومحمّد بن جعفر أبو العبّاس الرزّاز، عن أيّوب بن نوح، جميعاً عن صفوان، عن منصور بن حازم، عن أبي بصير الأسدي؛ و محمّد بن عليّ الحلبيّ ؛ وعمر بن حنظلة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الطلاق ثلاثاً في غير عدَّة - إن كانت على طهر - فواحدة وإن لم يكن على طهر فليس بشيء (2).

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة؛ وعليّ بن خالد، عن عبد الكريم بن عمرو ،عن عمرو بن البراء قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّ أصحابنا يقولون : إنَّ الرّجل إذا طلّق امرأة مرّة أو مائة مرة فإنّما هي واحدة، وقد كان يبلغنا عنك وعن آبائك (علیه السلام) أنّهم كانوا يقولون : إذا طلّق مرّة أو مائة مرّة فإنّما هي واحدة؟ فقال : هو كما بلغكم(3).

باب من طلّق وفرق بين الشهود أو طلّق بحضرة قوم ولم يقل لهم : إشهدوا

49 - باب من طلّق وفرق بين الشهود أو طلّق بحضرة قوم ولم يقل لهم : إشهدوا

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت أبا

ص: 73


1- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، ح87 الاستبصار 3 169 - باب أن من طلق امرأته ثلاث تطليقات مع ...، ح 1 وليس في سنده زرارة وفيه : الطهر . . ، بدل: طهر. .. وفيه أيضا في مجلس واحد. ... قال الشهيدان ولو فسّر الطلقة بأزيد من واحدة كقوله : أنت طالق ثلاثاً لغى التفسير ووقع واحدة لوجود المقتضي وهو قوله : أنت طالق وانتفاء المانع إذ ليس إلا الضميمة وهي تؤكده ولا تنافيه، ولصحيحه جميل وغيرها ... الخ ، وقيل : يبطل الجميع لأنه بدعة لقول الصادق (علیه السلام) : من طلق ثلاثاً في مجلس فليس بشيء الخ، وحمل على ارادة عدم وقوع الثلاث التي أرادها .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 88 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 2 .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 89. الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 3. هذا والقول - فيما لو طلق ثلاثا في مجلس واحد - بوقوع الطلاق مرة واحدة ويلغى الباقي إنما هو في صورة عدم كون المطلق مخالفاً، أما لو كان كذلك ممن يعتقد الثلاث لزمته فراجع شرائع الإسلام 18/32 . هذا ويقول السيد المرتضى في الانتصار / 134 : وقد وافقنا مالك وأبو حنيفة على أن الطلاق الثلاث في الحال الواحدة محرّم مخالف للسنة، إلا أنهما يذهبان مع ذلك إلى وقوعه وذهب الشافعي إلى أن الطلاق الثلاث في الحال الواحدة غير محرم .

الحسن (علیه السلام) عن رجل طلّق امرأته علي طهر من غير جماع ، وأشهد اليوم رجلاً ، ثمّ مكث خمسة أيّام ثمّ أشهد آخر؟ فقال: إنّما أُمِرَ أَنْ يشهدا جميعاً(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن أحمد بن أَشيَم قال: سألته عن رجل طهرت امرأته من حيضها فقال فلانة طالق، وقوم يسمعون كلامه، ولم يقل لهم : اشهدوا، أيَقَعُ الطّلاق عليها ؟ قال : نعم هي شهادة، أفَتُتركُ معلّقة (2)؟ .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل كانت له امرأة طهرت من حيضها ، فجاء إلى جماعة فقال : فلانة طالق، يقع عليها الطّلاق ولم يقل لهم : اشهدوا؟ قال : نعم(3).

4 – عليّ ، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) قال: سئل عن رجل طهرت امرأته من حيضها فقال فلانة طالق، وقوم يسمعون كلامه، ولم يقل لهم : اشهدوا ، أيقع الطّلاق عليها؟ قال: نعم، هذه شهادة (4).

باب من أشهد على طلاق امرأتين بلفظة واحدة

50-باب من أشهد على طلاق امرأتين بلفظة واحدة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن بكير، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : ما تقول في رجل أحضر شاهدين عدلين، وأحضر امرأتين له، وهما طاهرتان من غير جماع ، ثمّ قال : اشهدا أنّ امرأتيَّ هاتين طالق، وهما طاهرتان، أيقع الطّلاق؟ قال : نعم (5)

ص: 74


1- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 67 . الاستبصار ،3، 168 - باب تفريق الشهود في الطلاق، ح يقول المحقق في الشرائع 21/3 : «ولو شهد أحدهما بالإنشاء ثمّ شهد الآخر به بانفراده لم يقع الطلاق، أما لو شهدا بالإقرار لم يشترط الاجتماع ولو شهد أحدهما بالإنشاء والآخر بالإقرار لم يُقبل».
2- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق ، ح 72 . الفقيه ،3، 21 - باب إقامة الشهادة بالعلم دون الإشهاد ، ح 3 . وفي ذيله : أتتركها ... ، وفيه : سألت أبا الحسن (علیه السلام) . والظاهر أنه الرضا (علیه السلام) لأن ابن أشيم من أصحابه (علیه السلام) . يقول الشهيد الثاني في المسالك : «أجمع الأصحاب على إن الإشهاد شرط في صحة الطلاق، والمعتبر سماع الشاهدين لإنشاء الطلاق سواء قال لهما : اشهدا، أم لا.»
3- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ح 73. والحديث حسن.
4- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 74. الحديث حسن .
5- التهذيب 8، نفس الباب، ح .75 والحديث حسن. وعليه فتوى الأصحاب.

باب الإشهاد على الرجعة

51 - باب الإشهاد على الرجعة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في الذي يراجع ولم يشهد ؟ قال : يُشْهد أحبُّ إليَّ ، ولا أرى بالّذي صنع بأساً (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : يُشهد رجلين إذا طلّق وإذا رجع، فإن جهل فَغَشِيَها فليشهد الآن على ما صنع، وهي امرأته ، فإن كان لم يُشْهد حين طلّق، فليس طلاقه بشيء (2)

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إنّ الطّلاق لا يكون بغير شهود، وإنّ الرّجعة بغير شهود رجعة، ولكن ليشهد بَعْدُ فهو أفضل(3).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن محمّد بن مسلم قال : سئل أبو جعفر (علیه السلام) عن رجل طلّق امرأته واحدة ثمّ راجعها قبل أن تنقضي عدَّتها، ولم يُشهد على رجعتها؟ قال : هي امرأته ما لم تنقض عدَّتها، وقد كان ينبغي له أن يُشهد على رجعتها، فإن جهل ذلك فليشهد حين علم ، ولا أرى بالذي صنع بأساً، وإن كثيراً من الناس لو أرادوا البينة على نكاحهم اليوم، لم يجدوا أحداً يثبت الشهادة على ما كان من أمرهما، ولا أرى بالذي صنع بأساً، وإن يُشْهِد فهو أحسن.

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال: سألته ما (علیه السلام) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته واحدة؟ قال: هو أملك

ص: 75


1- التهذيب 8 ،نفس الباب . ح 45 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان اللّه علیهم على اشتراط شاهدين عادلين في وقوع الطلاق بسمعان الإنشاء، وإلا يقع باطلا . كما اتفقوا على أنه لا يجب الإشهاد في الرجعة بل يستحب. يقول المحقق في الشرائع 21/3 : الركن الرابع : الإشهاد ولا بد من حضور شاهدين يسمعان الإنشاء سواء قال لهما اشهدا أو لم يقل وسماعهما التلفظ شرط في صحة الطلاق حتّى لو تجرد عن الشهادة لم يقع ولو كملت شروطه الأخر. وكذا لا يقع بشاهد واحد ولو كان عدلاً، ولا شهادة فاسقين ، بل لا بد من حضور شاهدين ظاهرهما العدالة ومن فقهائنا من اقتصر على اعتبار الإسلام فيهما، والأول أظهر .... وقال رحمه اللّه في الشرائع 30/3 عند كلامه على الرجعة «ولا يجب الإشهاد في الرجعة، بل يستحب ».
2- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، ح 46 .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 47 .

برجعتها ما لم تنقض العدَّة، قلت: فإن لم يُشهد على رجعتها؟ قال : فليُشهد، قلت: فإن غفل عن ذلك؟ قال : فَليُشْهد حين يذكر، وإنّما جُعِلَ الشهود لمكان الميراث.

باب إن المراجعة لا تكون إلا بالمواقعة

52 - باب إن المراجعة لا تكون إلا بالمواقعة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المراجعة هي الجماع، وإلّا فإنّما هي واحدة (1).

2 - عليُّ ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) في رجل يطلّق امرأته : له أن يراجع وقال : لا يطلّق التطليقة الأخرى حتّى يَمَسُّها(2).

3-عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بكير (3) قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : إذا طلّق الرّجل امرأته وأشهد شاهدين عدلين في قُبُلِ عدَّتها، فليس له أن يطلّقها حتّى تنقضي عدَّتها، إلا أن يراجعها(4).

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال: سألته عن رجل يطلّق امرأته في طهر من غير جماع، ثمّ يراجعها في يومه ذلك، ثمّ يطلّقها، تبين منه بثلاث تطليقات في طهر واحد ؟ فقال : خالف السنّة ، قلت : فليس ينبغي له إذا هو راجعها أن

ص: 76


1- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 54 . الاستبصار 3 ، 167 - باب إن المواقعة بعد المراجعة شرط لمن يريد أن يطلق طلاق العدَّة، ح .. وفيهما المراجعة في الجماع، بدل: ... هي الجماع.
2- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق ، ح 53 وفي ذيله : لا تطلق ... الاستبصار 3 ، 167 - باب إن المواقعة بعد الرجعة شرط لمن يريد أن يطلق طلاق العدَّة، ح 1 وما تضمنه هذا الحديث مجمع عليه عند أصحابنا رضوان اللّه عليُّهم، يقول المحقق في الشرائع 24/3 وهو بصدد الحديث عن طلاق العدَّة ... ولا يقع الطلاق للعدَّة ما لم يطأها بعد المراجعة، ولو طلقها قبل المواقعة، صح ، ولم يكن للعدَّة ... ومعنى كونه يقع ولكن لا يقع للعدَّة إنه لا يحرم في التاسعة تحريماً مؤيداً إذ هو حينئذ طلاق سنة بالمعنى الأعم، فراجع أيضاً مسالك الافهام للشيهد الثاني 16/3 .
3- في التهذيب : عن ابن بكير، وقد مر التنبيه على إن ما هنا وفي الفقيه أصح لأن ابن بكير لا يروي عن أبي جعفر (علیه السلام).
4- التهذيب 8، نفس الباب، ح 52 . الفقيه ،3، 154 - باب طلاق السنة ، ح 6 .

يطلّقها إلّا في طهر؟ فقال: نعم، قلت: حتّى يجامع؟ قال: نعم(1).

5 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن صفوان عن ابن مسكان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : الرجعة الجماع، وإلّا فإنّما هي واحدة(2).

باب

53 - باب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط، - عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن امرأة ادَّعت على زوجها أنّه طلّقها تطليقة طلاق العدَّة، طلاقاً صحيحاً - يعني على طهر من غير جماع - وأشهد لها شهوداً على ذلك، ثمّ أنكر الزوج بعد ذلك ؟ فقال : إن كان إنكاره (3)الطّلاق قبل إنقضاء العدَّة، فإنّ إنكاره للطّلاق رجعة لها، وإن كان أنكر الطلاق بعد إنقضاء العدَّة، فإنّ على الإمام أن يفرّق بينهما بعد شهادة الشهود، بعد أن يُسْتَحْلَفَ أنَّ إنكاره للطلاق بعد انقضاء العدَّة، وهو خاطبٌ من الخطّاب (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن المرزبان (5) قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن رجل قال لامرأته: اعتدّي فقد خلّيتُ سبيلك، ثمّ أشهد على رجعتها بعد ذلك بأيّام، ثمّ غاب عنها قبل أن يجامعها حتّى مضت لذلك أشهر بعد العدَّة أو أكثر، فكيف تأمره؟ قال : إذا أشهد على رجعته فهي زوجته(5)

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنه قال في رجل طلّق امرأته وأشهد شاهدين، ثمّ أشهد على رجعتها سرّاً منها واستكتم ذلك الشهود، فلم تعلم المرأة بالرجعة حتّى انقضت عدَّتها؟ قال : تخيّر المرأة، فإن شاءت زوَّجها، وإن شاءت غير ذلك، وإن تزوَّجت قبل أن تعلم بالرَّجعة التي أشهد عليها زوجها فليس للذي طلّقها عليها سبيل وزوجها الأخير أحقّ بها(6).

ص: 77


1- الحديث موثق .
2- الحديث موثق .
3- في التهذيب : إن كان أنكر .
4- التهذيب 48 ، نفس الباب ، ح 40 بدون قوله في الذيل: وهو خاطب الخ. وفيه بعدما يُستحلف (5) الظاهر - بقرينة روايته عن الرضا (علیه السلام) ورواية سعد بن سعد عنه - إنه مرزبان بن عمران بن عبد اللّه بن سعد الأشعري القمي.
5- التهذيب 8 ،نفس الباب ح 49 .
6- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، ح 50 ولم يقل بظاهر هذا الحديث من اشتراط علم الزوجة بالرجعة لتحقق أثرها أحد من أصحابنا .

باب

54 - باب

1 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن ابان، عن زرارة، عن أحدهما (علیه السلام) في رجل يطلّق امرأته تطليقة ثمّ يدعها حتّى تمضي ثلاثة أشهر إلا يوماً، ثمّ يراجعها في مجلس، ثمّ يطلّقها، ثمّ فعل ذلك في آخر الثلاثة الأشهر أيضاً؟ قال: فقال : إذا أدخل الرجعة اعتدَّت بالتطليقة الأخيرة، وإذا طلّق بغير رجعة، لم يكن له طلاق(1).

باب التي لا تحلّ لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره

55 - باب التي لا تحلّ لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي بصیر قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الطلاق الذي لا يحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره؟ فقال : خبرك بما صنعت أنا بامرأة كانت عندي، وأردت أن أطلّقها، فتركتها حتّى إذا طمئت وطهرت طلّقتها من غير جماع، وأشهدت على ذلك شاهدين، ثمّ تركتها، حتّى إذا كادت أن تنقضي عدتها راجعتها ودخلت بها ،وتركتها، حتّى إذا طمئت وطهرت ثمّ طلّقتها على طهر من غير جماع بشاهدين، ثمّ تركتها، حتّى إذا كان قبل أن تنقضي عدّتها، راجعتها ودخلت بها، حتّى إذا طمئت وطهرت طلّقتها على طهر بغير جماع بشهود، وإنما فعلت ذلك بها لأنه لم يكن لي بها حاجة (2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر ؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن جعفر بن سماعة ؛ وعليّ بن خالد، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قلت له : المرأة التي لا تحلُّ لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره؟ قال : هي التي تطلّق ، ثمّ تراجع ، ثمّ تطلّق ، ثمّ تراجع ، ثمّ تطلّق، فهي التي لا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره ؛ وقال : الرجعة بالجماع، وإلّا فإنّما هي واحدة .

3- محمّد بن جعفر الرّزاز، عن أيّوب بن نوح ؛ وأبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وحُمَيد بن زياد، عن ابن سماعة،

ص: 78


1- التهذيب 8، نفس الباب، ح51 . وقد جعل المجلسي في مرآته هذا الحديث تابعاً للباب السابق تحت رقم (4) . وقوله : اعتدت بالتطليقة الأخيرة : أي إن التطليقة الأخيرة معتبرة يترتب عليها الأثر ، لا إنها تحتاج إلى عدَّة
2- التهذيب8 ، 3 - باب أحكام الطلاق، ح44

كلّهم عن صفوان ، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : المرأة التي لا تحل لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره؟ قال : هي التي تطلّق ، ثمّ تراجع ، ثمّ تطلّق ، ثمّ تراجع ، ثمّ تطلّق الثالثة، فهي الّتي لا تحل لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره، ويذوقَ عُسَيْلَتَها (1).

4 - صفوان ، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في الرّجل يطلّق امرأته تطليقة، ثمّ يراجعها بعد انقضاء عدَّتها، فإذا طلقها الثالثة، لم تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره ، فإذا تزوَّجها غيره ولم يدخل بها وطلّقها أو مات عنها ، لم تحلّ لزوجها الأوّل حتّى يذوق الآخر عُسَيْلَتَها (2).

5- صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في المطلّقة التطليقة الثالثة لا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره ويذوقَ عُسَيْلَتَها .

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن الفضل الواسطيّ قال : كتبت إلى الرّضا (علیه السلام) : رجل طلّق امرأته الطّلاق الذي لا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، فتزوّجها غلام لم يحتلم؟ قال : لا ، حتّى يبلغ ؛ فكتبت إليه : ما حدُّ البلوغ ؟ فقال : ما أوجب على المؤمنين الحدود (3).

باب ما يهدم الطلاق وما لا يهدم

56 - باب ما يهدم الطلاق وما لا يهدم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن شعيب الحدّاد، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل طلق امرأته ثمّ لم يراجعها حتّى حاضت ثلاث حيض، ثمّ تزوجها ، ثمّ طلّقها، فتركها حتّى حاضت ثلاث حيض من غير أن

ص: 79


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 17 . الاستبصار 3، 164 - باب إن من طلق ثلاث تطليقات للسنة لا تحل له حتّى ...، ح 15 وفيه : يذوق . . . ، (بدون الواو) . والعُسَيْلَة : لذة الجماع .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 18 الاستبصار ،2 ، نفس الباب، ح 16 . وفي سندهما : عن ابن بكير، بدل : عن موسى بن بکر
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح .19 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 17 . هذا وقد اشترط أصحابنا في زوال تحريم المطلقة ثلاثاً بشرائطه الصحيحة على زوجها الأول عدَّة شروط وهي : أن يكون الزوج المحلّل بالغاً، وأن يطأها في القبل وطأ موجباً للغسل، وأن يكون ذلك بالعقد لا بالملك ولا بالإباحة، وأن يكون العقد دائماً لا متعة . ويقول المحقق في الشرائع 28/3 : «وفي المراهق تردد أشبهه إنه لا يحلّل».

يراجعها - يعني يمسّها ؟ قال له أن يتزوَّجها أبداً ما لم يراجع ويمس(1).

2- حُميد بن زياد، عن عبيد اللّه بن أحمد، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن شعيب الحدّاد، عن المعلّى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل طلّق امرأته ثمّ لم يراجعها حتّى حاضت ثلاث حيض، ثمّ تزوّجها ، ثمّ طلّقها، فتركها حتّى حاضت ثلاث حيض، ثمّ تزوّجها ، ثمّ طلّقها من غير أن يراجعها ، ثمّ تركها حتّى حاضت ثلاث حيض؟ قال له أن يتزوجها أبداً ما لم يراجع ويمس .

وكان ابن بكير وأصحابه يقولون هذا فأخبرني عبد اللّه بن المغيرة قال : قلت له : من أين قلت هذا؟ قال: قلته من قبل رواية رفاعة، روى عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه يهدم ما مضى، قال : قلت له : فإن رفاعة إنّما قال: طلّقها، ثمّ تزوَّجها رجل، ثمّ طلّقها، ثمّ تزوّجها الأوّل، إِنَّ ذلك يهدم الطلاق الأوّل.

3-حميد بن زياد عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، وصفوان، عن رفاعة، عن عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن رجل طلق امرأته حتّى بانت منه وانقضت عدَّتها ، ثمّ تزوَّجت زوجاً آخر، فطلّقها أيضاً، ثمّ تزوّجها زوجها الأوّل، أيهدم ذلك الطلاق الأوّل؟ قال: نعم.

قال ابن سماعة (2) : وكان ابن بكير يقول : المطلّقة إذا طلّقها زوجها، ثمّ تركها حتّى تبين، ثمّ تزوّجها فإنّما هي عنده على طلاق مستأنف ؛ قال [ابن سماعة]: وذكر الحسين بن هاشم أنه سأل ابن بكير عنها، فأجابه بهذا الجواب، فقال له: سمعت في هذا شيئاً؟ فقال : رواية رفاعة، فقال: إنّ رفاعة روى إذا دخل بينهما زوج ؟ فقال : زوج وغير زوج عندي سواء، فقلت: سمعت في هذا شيئاً؟ فقال : لا ، هذا مما رزق اللّه عز وجل من الرأي، قال ابن سماعة : وليس نأخذ بقول ابن بكير، فإن الرواية إذا كان بينهما زوج (3).

ص: 80


1- التهذيب8 ، 3 - باب أحكام الطلاق، ح 6 بتفاوت قليل. وكذا هو في الاستبصار ،3، 164 - باب إن من طلق امرأة ثلاث تطليقات للسنة لا ... ، ح 4 . وقوله : له ان يتزوجها أبداً : أي لا تحرم عليه أبداً بعد التاسعة وإن حرمت عليه بعد الثالثة حتّى تنكح زوجاً غيره . يقول المحقق في الشرائع 24/3 : «إذا طلقها فخرجت من العدَّة. ثمّ نكحها مستأنفاً ثمّ طلقها وتركها حتّى قضت العدَّة، ثمّ استأنف نكاحها ثمّ طلقها ثالثة حرمت عليه حتّى تنكح زوجاً غيره، فإذا فارقها واعتلت جاز له (أي زوجها الأول) مراجعتها، ولا تحرم هذه في التاسعة، ولا يهدم استيفاء عدتها تحريمها في الثالثة ».
2- هو الحسن بن سماعة .
3- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، ح 7 بتفاوت يسير. الاستبصار 3، 164 - باب في أن من طلق ثلاث تطليقات للسنة لا تحل له حتّى .. ، ح5 . واختلف الأصحاب في أنه هل يهدم المحلل ما دون الثلاث أم لا؟ فذهب الشيخ وأتباعه وابن إدريس إلى أنه يهدم، ونقل عن بعض فقهائنا القول بعدم الهدم ، ولم يذكر القائل به على التعيين، لكن يدل عليه أخباره . مرآة المجلي 130/21 .

4 - محمّد بن أبي عبد اللّه ، عن معاوية بن حكيم، عن عبد اللّه بن المغيرة قال: سألت عبد اللّه بن بكير، عن رجل طلّق امرأته واحدة ، ثمّ تركها حتّى بانت منه ، ثمّ تزوّجها؟ قال : هي معه كما كانت في التزويج ، قال : قلت له : فإنّ رواية رِفاعة : إذا كان بينهما زوج ؟ فقال عبد اللّه : هذا زوج، وهذا ممّا رزق اللّه من الرّأي (1). ومتى ما طلّقها واحدة فبانت [منه] ثمّ تزوّجها زوج آخر ، ثمّ طلّقها زوجها فتزوّجها الأوّل، فهي عنده مستقبلة كما كانت، قال: فقلت لعبد اللّه : هذا برواية من ؟ فقال : هذا مما رزق اللّه ، قال معاوية بن حكيم: روى أصحابنا، عن أنّ الزّوج يهدم الطّلاق الأوّل، فإن تزوّجها فهي عنده مستقبلة، فقال أبو رفاعة بن موسى ، عبد اللّه (علیه السلام) : يهدم الثلاث، ولا يهدم الواحدة والثنتين.

ورواية رفاعة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) هو الذي احتجَّ به ابن بكير.

باب الغائب يقدم من غيبته فيطلق عند ذلك إنه لا يقع الطلاق حتّى تحيض وتطهر

57 - باب الغائب يقدم من غيبته فيطلق عند ذلك إنه لا يقع الطلاق حتّى تحيض وتطهر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن حجّاج الخشّاب قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل كان في سفر، فلمّا دخل المصر، جاء معه بشاهدين، فلمّا استقبلته امرأته على الباب، أشهدهما على طلاقها؟ قال: لا يقع بها طلاق (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا غاب الرّجل عن امرأته سنة أو سنتين أو أكثر، ثمّ قدم وأراد طلاقها، وكانت حائضاً تركها حتّى تطهر، ثمّ يطلّقها(3).

ص: 81


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح .. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 6 .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 126 . الاستبصار 3 ، 172 - باب إن من يقدم من سفره متى يجوز طلاقه، ح 2 . وفيه: اشهد . . . . بدل : اشهدهما . . .
3- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، ح127 . الاستبصار ،3، 172 - باب إن من قدم من سفره متى يجوز طلاقه؟ ، ح 1 «وظاهر كلام المصنف أنه يجب مع حضور الزوج من سفر استبراؤها بحيضة على أي حال، وهو الظاهر من كلام الشيخ في التهذيب حيث قال : والغائب إذا قدم من سفره لا يجوز له أن يطلق امرأته حتّى يستبرئها بحيضة وإن لم يواقعها. والظاهر أنه عبارة ،المقنعة، ثمّ أورد الشيخ هذين الخبرين، ولم أرَ غيرهما قال بذلك، والأولى حمل الخبر الأول على ما إذا كانت حائضاً كما يدل عليه الخبر الثاني وبه أوّله في الاستبصار . . . الخ» مرآة المجلسي 134/21 .

باب النساء اللاتي يُطَلَّقْنَ على كل حال

58 - باب النساء اللاتي يُطَلَّقْنَ على كل حال

1-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل بن درّاج، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : خمس يطلّقنَّ الرّجل على كلّ حال : الحامل، والّتي لم يدخل بها زوجها، والغائب عنها زوجها، والتي لم تحض، والتي قد يئست من الحيض (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد ( اللّه (علیه السلام) قال: لا بأس بطلاق خمس على كلّ حال : الغائب عنها زوجها، والّتي لم تحض، والتي لم يدخل بها زوجها والحبلى، والتي قد يئست من المحيض (2).

3- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد اللّه بن جبلة ؛ وجعفر بن سماعة، عن جميل، عن إسماعيل الجعفيّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : خمس يطلّقن على كل حال : الحامل، والغائب عنها زوجها، والّتي لم تحض والّتي قد يئست من المحيض، والّتي لم يدخل بها (3).

عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن إسماعيل الجعفيّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) مثله (4).

باب طلاق الغائب

59 - باب طلاق الغائب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن بكير قال: أَشْهَدُ على أبي جعفر (علیه السلام) أنّي سمعته يقول : الغائب يطلّق بالأهلّة والشهور(5).

ص: 82


1- التهذيب8 ، نفس الباب ، ح 117 وكرره برقم 150 من نفس الباب وفي ذيله : والتي قد جلست من المحيض . الاستبصار 3 ، 171 - باب طلاق الغائب، ح 2 . الفقيه 3 164 - باب اللاتي يطلقن على كل حال، ح 1 و 2 بتفاوت . قوله (علیه السلام) : على كل حال : يعني حتّى ولو كن في الحيض أو في طهر المواقعة .
2- الحديث حسن .
3- الحديث موثق .
4- هذا السند حسن .
5- التهذيب8 ، نفس الباب ، ح 124 وفي ذيله : والشهود .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن الحسين بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: الغائب إذا أراد أن يطلّقها، تركها شهراً(1).

3 - عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة؛ وحسين بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الغائب إذا أراد أن يطلّقها، تركها شهراً(2).

4-محمّد بن يحيى،عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح قال : سألت جعفر بن محمّد (علیه السلام) عن رجل طلّق امرأته وهو غائب في بلدة أخرى، وأشهد على طلاقها رجلين، ثمّ إنّه راجعها قبل انقضاء العدَّة، ولم يُشهد على الرّجعة، ثمّ إِنه قَدِمَ عليها بعد انقضاء العدَّة وقد تزوَّجت رجلاً ، فأرسل إليها، إنّي قد كنت راجعتك قبل انقضاء العدَّة ولم أَشْهد؟ قال: فقال : لا سبيل له عليها ، لأنه قد أقرَّ بالطّلاق، وادّعى الرّجعة بغير بيّنة، فلا سبيل له عليها، ولذلك ينبغي لمن طلّق أن يُشْهد، ولمن راجع أن يُشْهد على الرجعة كما أشهد على الطّلاق، وإن كان قد أدركها قبل أن تَزَوَّج، كان خاطباً من الخطّاب (3).

5- عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل طلّق امرأته وهو غائب، وأشهد على طلاقها، ثمّ قَدِم فأقام مع المرأة أشهراً لم يُعلِمها بطلاقها، ثمّ إِنَّ المرأة ادَّعت الحبل، فقال

ص: 83


1- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق ، ح 121 . الاستبصار ،3، 171 - باب طلاق الغائب، ح 4 . الفقيه 3، 156 - باب طلاق الغائب، ح 3 . ويقول المحقق في الشرائع 15/3 : ومن فقهائنا من قدر المدة التي يسوغ معها طلاق الغائب بشهر، عملاً برواية يعضدها الغالب في الحيض، ومنهم من قدرها بثلاثة أشهر عملا برواية جميل عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) ..... أقول ويقصد برواية جميل، ما رواه في التهذيب برقم 122 من نفس الباب أعلاه وفي الاستبصار برقم 5 من نفس الباب أعلاه .
2- الفقيه 3 نفس الباب، ح 3 . ويقول الشهيد الثاني : لكن ليس مطلق الغيبة كافياً في صحة طلاقها، بل الغيبة على وجه مخصوص، وقد اختلف في حد الغيبة المجوزة له على أقوال : أجودها مضي مدة يعلم أو يظن انتقالها من الطهر الذي واقعها فيه إلى غيره ويختلف ذلك باختلاف عادتها فمن ثمّ اختلفت الأخبار في تقديرها واختلف بسببها الأقوال . ويقول الشيخ بعد إيراد هذه الأخبار المختلفة فيما بينها في تقدير المدة :« الحكم يختلف باختلاف عادة النساء في الحيض، فمن علم من حال امرأته أنها تحيض في كل شهر حيضة يجوز له أن يطلق بعد إنقضاء الشهر، ومن يعلم أنها لا تحيض إلا كل ثلاثة أشهر أو خمسة أشهر لم يجز له أن يطلقها إلا بعد مضي هذه المدة، فكان المراعى في جواز ذلك مضي حيضة وانتقالها إلى طهر لم يقربها فيه بجماع وذلك يختلف...».
3- التهذيب 3، نفس الباب، ح 115 .

الرّجل : قد طلّقتك وأشهدت على طلاقك؟ قال : يُلْزَمُ الولد، ولا يُقبَل قوله(1)

6 - عليُّ، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : ما تقول في رجل له أربع نسوة طلّق واحدة منهنّ وهو غائب عنهنّ، حتّى يجوز له أن يتزوّج؟ قال : بعد تسعة أشهر، وفيها أجلان فساد الحيض وفساد الحمل(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال : سألته عن الرّجل يطلّق امرأته وهو غائب؟ قال : يجوز طلاقه على كلّ حال، وتعتدُّ امرأته من يوم طلّقها(3).

8-حميد بن زياد عن ابن سماعة قال: سألت محمّد بن أبي حمزة: متى يطلّق الغائب؟ قال : حدَّثني إسحاق بن عمّار - أو (4)روى إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) - أو (5) أبي الحسن (علیه السلام) قال : إذا مضى له شهر.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن مهزيار، عن محمّد بن الحسن الأشعريّ قال : كتب بعض موالينا إلى أبي جعفر (علیه السلام) : إنّ معي امرأة عارفة ، أحدث زوجها فهرب عن البلاد، فتبع الزوج بعض أهل المرأة فقال : إمّا طلقت وإما رددتك، فطلّقها، ومضى الرّجل على وجهه فما ترى للمرأة؟ فكتب بخطّه : تزوّجي يرحمك اللّه (6)

ص: 84


1- التهذيب 3، قفس الباب، ح 116 . يقول المحقق في الشرائع 25/3 : «إذا طلق غائباً ثمّ حضر ودخل بالزوجة ثمّ ادعى الطلاق لم يقبل دعواه ولا بينته تنزيلاً لتصرف المسلم على المشروع فكأنه مكذب لبيئته، ولو كان أولد لحق به الولد .
2- التهذيب 8، قفس ،الباب ، ح 125 . قوله (علیه السلام): «فساد الحيض و ...، المراد بفسادهما بطلانهما وانقضاء زمانهما هذا هو المشهور، وذهب العلامة في القواعد وجماعة إلى وجوب التربص سنة، وعلى أي حال محمول على الرجعي . ...» مرآة المجلسي 21 / 137 .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 114 . الاستبصار 3 نفس الباب، ح 1 . هذا ولا بد من حمله على ما إذا كان يجهل وقت حيضها ولا طريق له إلى معرفة ذلك، أو أنه غاب مدة يعلم انتقالها عن القرء الذي وطأها فيه إلى آخر هذا وقد حكم أصحابنا بصحة طلاق الغائب وإنها تعتدُّ منه في الطلاق من وقت الوقوع ، ولو لم تعلم الوقت اعتدت من تاريخ بلوغ خبر الطلاق لها فراجع شرائع الإسلام 14/3 .
4- الشك من الراوي .
5- الشك من الراوي .
6- التهذيب 8، 3 - باب أحكم الطلاق ، ح 119 . والحديث مجهول.

باب طلاق الحامل

61 - باب طلاق الحامل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الحُبلى تطلّق تطليقة واحدة.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : طلاق الحامل واحدة وعدتها أقرب الأجلين (1).

3 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن عبد اللّه بن جبلة ؛ وجعفر بن سماعة، عن جميل عن إسماعيل الجعفيّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: طلاق الحبلى واحدة، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت (2).

4- وعنه ، عن عبد اللّه بن جبلة ؛ وصفوان بن يحيى، عن ابن بكير، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: الحبلى تطلّق تطليقة واحدة(3).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر عن جميل، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: طلاق الحامل واحدة، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه (4).

6 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ وأبو العباس الرزّاز، عن أيّوب بن ،نوح جميعاً عن صفوان ، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : طلاق الحبلى واحدة وأجلها أن تضع حملها، وهو أقرب الأجلين (5)

ص: 85


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح151 . الاستبصار ،3، 174 - باب طلاق الحامل المستبين حملها ، ح 1 .
2- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 153 بتفاوت. وانظر تخريج رقم 6 من هذا الباب .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 152 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 2 .
4- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 153 ، الاستبصار ،3، نفس الباب ح 3 الفقيه ،3، 160 - باب طلاق الحامل، ح 1 وأخرجه عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) بتفاوت في الجميع . وكرره الشيخ بنفس نص الفروع هنا برقم 39 من الباب 6 من نفس الجزء من التهذيب.
5- التهذيب 8 ،6 - باب عدد النساء، ح40 هذا، وما عليه الأصحاب رضوان اللّه عليُّهم، هو أن الحامل تعتدُّ في الطلاق بوضع الحمل، ولو بعد الطلاق بلا فصل، سواء كان تاماً أو غير تام، ولو كان علقة بعد أن يتحقق أنه حمل ، ولو كان حملها اثنين بانت بالأول وإن كان بعض أصحابنا قد اعتبر أن الأشبه عدم بينونتها إلا بوضع الجميع. فراجع شرائع الإسلام 37/3.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن طلاق الحبلى؟ فقال : واحدة وأجلها أن تضع حملها(1).

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : طلاق الحبلى واحدة، وأجلها أن تضع حملها، وهو أقرب الأجلين.

9 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة ، عن الحسين بن هاشم ؛ ومحمّد بن زياد، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: سألته عن الحبلى إذا طلّقها زوجها فوضعت سقطاً تم أولم يتمّ ، أو وضعته مُضْغَةً؟ قال : كلُّ شيء وضعته يستبين أنه حمل تمّ أو لم يتمّ، فقد انقضت عدَّتها وإن كانت مُضْغَةً (2).

10 - وعنه ، عن جعفر بن سماعة، عن عليّ بن عمران الشّفا، عن ربعيّ بن عبد اللّه، عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه البصريّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته وهي حبلى، وكان في بطنها اثنان فوضعت واحداً وبقي واحد ؟ قال : قال : تبين بالأول، ولا تحل للأزواج حتّى تضع ما في بطنها (3).

11 - وعنه، عن صفوان، عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا طلّقت المرأة وهي حامل فأجلها أن تضع حملها، وإن وضعت من ساعتها .

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن يزيد الكناسيّ قال سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن طلاق الحبلى؟ فقال : يطلّقها واحدة للعدَّة بالشهور والشهود قلت له : فله أن يراجعها؟ قال: نعم، وهي امرأته ، قلت : فإن راجعها ومسها ثمّ أراد أن يطلقها تطليقة أخرى؟ قال: لا يطلقها حتّى يمضي لها بعدما مسها شهر قلت : فإن طلقها ثانية، وأشهد ، ثمّ راجعها وأشهد على رجعتها ومسها، ثمّ طلّقها التطليقة الثالثة، وأشهد على طلاقها لكلّ عدَّة شهر، هل تبين منه كما تَبِينُ

ص: 86


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 154 . وكرره برقم 41 من الباب 6 من نفس الجزء من التهذيب. الاستبصار 3، 174 - باب طلاق الحامل المستبين حملها، ح 4 .
2- التهذيب 8 ،6 - باب عدد النساء، ح 42 . الفقيه 3، 160 - باب طلاق الحامل، ح 6 وأسنده إلى أبي إبراهيم (علیه السلام) بتفاوت .
3- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، ح 162 .

المطلّقة على العدَّة التي لا تحلّ لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره؟ قال: نعم، قلت: فما عدّتها؟ قال : عدّتها أن تضع ما في بطنها، ثمّ قد حلّت للأزواج(1).

باب طلاق التي لم يدخل بها

61 - باب طلاق التي لم يدخل بها

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن الرّجل إذا طلق امرأته ولم يدخل بها؟ فقال : قد بانت منه ، وتَزَوَّجُ إن شاءت من ساعتها(2).

2-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیه السلام) أنّه قال : إذا طلّقت المرأة التي لم يدخل بها، بانت بتطليقة واحدة (3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا طلّق الرّجل امرأته قبل أن يدخل بها، فليس عليها عدَّة، تَزَوَّجُ من ساعتها إن شاءت وتبينها تطليقة واحدة، وإن كان فرض لها مهراً ، فلها نصف ما فَرَضَ (4).

ص: 87


1- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق، ح 159 . الاستبصار ،3، 174 - باب طلاق الحامل المستبين حملها، ح 9. وفيه بالشهود دون كلمة الشهور هذا، وقد اختلفت أقوال أصحابنا رضوان اللّه علیهم في جوار طلاق الحامل ازيد من مرّة بعد إجماعهم عليها لوجود المقتضي للمرة وعدم المانع منها ، فذهب بعضهم ومنهم الشهيدان إلى جواز طلاقها أكثر من مرة مطلقاً على الأقوى عندهما وغيرهما من المتأخرين، ويكون طلاق عدَّة إن وطأها بعد الرجعة وإلا فطلاق سنة بالمعنى الأعم، وأما الصدوقان فقد منعا من جواز طلاقها ثانياً إلا بعد مضي ثلاثة أشهر سواء في ذلك طلاق العدَّة وطلاق السنة، وأما ابن الجنيد فقد ذهب إلى المنع من طلاق العدَّة إلا بعد مضي شهر ولم يتعرض لطلاق السنة، والشيخ في الاستبصار كما في التهذيب - أطلق جواز طلاقها للعدَّة ومنع منه ثانياً للسنة ولا بد من التنبيه على أن من قال بجوازه ثانياً للسنة مع تقييدها بالمعنى الأعم دون السنة بمعناها الأخص حيث لا يقع عنده طلاق الحامل ثانياً بهذا المعنى ولأنه - أي الطلاق للسنة بالمعنى الأخص - مشروط بانقضاء العدَّة ثمّ تزويجها ثانياً وعدَّة الحامل لا تنقضي إلا بالوضع وبه تخرج عن كونها حاملاً فلا يصدق إنها طلقت طلاق السنة بالمعنى الأخص ما دامت حاملا . . . الشهيدان، 132/2 من الطبعة الحجرية. وليعلم أن اختلاف أصحابنا في هذه المسألة ناشيء من اختلاف الأخبار
2- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، ح 128 .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ح 129 . الاستبصار ،3 173 - باب طلاق التي لم يدخل بها، ح 1 . وقوله : بانت... أي لم يعد يصح للزوج الرجوع والمراجعة إليها إذ لا عدَّة لغير المدخول بها فطلاقها بائن.
4- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، ح 130 بتفاوت يسير الاستبصار 3 ، 173 - باب طلاق التي لم يدخل بها، ح 2 . وتنصيف المهر لمن لم يدخل بها إذا طلقت مما أجمع عليه أصحابنا رضوان اللّه عليُّهم، وإنه لو كان دفع كامل المهر لها استعاد نصفه إن كان باقياً، أو نصف مثله إن كان تالفاً، ولو لم يكن له مثل فنصف قيمته . ولو اختلفت قيمته في وقت العقد ووقت القبض لزمها أقل الأمرين .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب ؛ وعليّ بن رئاب، عن زرارة عن أحدهما (علیه السلام) في رجل تزوّج امرأة بكراً ثمّ طلقها قبل أن يدخل بها ثلاث تطليقات كلّ شهر تطليقة؟ قال : بانت منه في التطليقة الأولى، واثنتان فضل (1)، وهو خاطب يتزوَّجها متى شاءت وشاء بمهر جديد، قيل له : فله أن يراجعها إذا طلّقها تطليقة قبل أن تمضي ثلاثة أشهر؟ قال : لا ، إنّما كان يكون له أن يراجعها لو كان دخل بها أوّلاً، فأمّا قبل أن يدخل بها، فلا رجعة له عليها قد بانت منه [من] ساعة طلّقها .

5- أبو عليُّ الأشعري عن الحسن بن عليُّ بن عبد اللّه عن عبيس بن هشام، عن ثابت بن شريح ، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا تزوج الرّجل المرأة فطلقها قبل أن يدخل بها، فليس عليها عدَّة ، وتَزَوَّجُ من شاءت من ساعتها، وتبينها تطليقة واحدة (2).

حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن صالح بن خالد ؛ وعبيس بن هشام، عن ثابت بن شريح، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله .

6 - أبو العبّاس الرزّاز، عن أيّوب بن نوح ؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا طلّق الرّجل امرأته قبل أن يدخل بها تطليقة واحدة، فقد بانت منه ، وتزوَّجُ من ساعتها إن شاءت .

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال : العدَّة من الماء (3).

باب طلاق التي لم تبلغ والتي قد يئست من المحيض

62 - باب طلاق التي لم تبلغ والتي قد يئست من المحيض

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیه السلام) في الرّجل يطلّق الصبيّة التي لم تبلغ ولا تحمل مثلها، وقد كان

ص: 88


1- أي زيادة .
2- التهذيب 8 ،نفى الباب، ح 131 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح . وفي ذيل حديث التهذيب : ويبينها بتطليقة واحدة.
3- من الماء: أي المني، والحديث صحيح.

دخل بها، والمرأة التي قد يئست من المحيض وارتفع حيضها فلا تلد مثلها؟ قال: ليس عليهما عدَّة، وإن دخل بهما (1).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن درّاج، عن بعض أصحابنا مثله

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن حمّاد بن عثمان ، عمّن رواه عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في الصبيّة التي لا تحيض مثلها والتي قد يئست من المحيض؟ قال: ليس عليهما عدَّة وإن دخل بهما (2).

3 - أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ والرزّاز، عن أيّوب بن نوح؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة ،جميعاً عن صفوان، عن محمّد بن حكيم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: التي لا تَحْبَلُ مثلها لا عدَّة عليها(3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن صفوان، عبد الرحمن بن الحجّاج قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ثلاث يتزوّجن على كلّ حال؛ التي لم تحض ومثلها لا تحيض ، قال : قلت : وما حدُّها ؟ قال : إذا أتى لها أقلّ من تسع سنين، والّتي لم يدخل بها ؛ والتي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض ، قلت : وما حدها؟ قال : إذا كان لها خمسون سنة (4).

5- بعض أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان، عن محمّد بن حكيم، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول في المرأة التي قد يئست من المحيض يطلقها زوجها؟ قال بانت منه، ولا عدَّة عليها (5).

ص: 89


1- الفقيه 3، 161 - باب طلاق التي لم تبلغ المحيض والتي قد ... ، ح 4 بتفاوت إلى قوله : ليس عليهما عدَّة . التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق ، ح 138 وروی صدره وذيله فقط بصيغة المفرد المؤنث.
2- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 78. الاستبصار ،3، 196 - باب أن التي لم تبلغ المحيض والآيسة منه إذا كانتا في . ...، ج 2، والمواسطة في السند فيهما بين حمّاد بن عثمان وأبي عبد اللّه (علیه السلام) هو زرارة، وما تضمنه ح 2. الحديث هو الأشهر بين الأصحاب كما نص عليه في الشرائع. هذا وحد اليأس عندهم أن تبلغ المرأة خمسين سنة، وقيل: في القرشية والنبطية ستين سنة، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 35/3 .
3- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، ح 140 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 3.
4- التهذيب 8 ، 6 - باب عِند النساء ، ح .77 . وذكره برقم 141 من الباب 3 من نفس الجزء من التهذيب أيضاً. الاستبصار ، نفس الباب، ح 1
5- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق ، ح 139 . الفقيه 3، 161 - باب التي لم تبلغ المحيض والتي قد يشت من ...، ح 2 .

وقد روي أيضاً: أنَّ عليهنّ العدَّة إذا دخل بهنَّ .

6 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد اللّه بن جبلة، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: عدَّة التي لم تبلغ المحيض ثلاثة أشهر، والتي قد قعدت من المحيض ثلاثة أشهر (1)، وكان اين سماعة يأخذ بها ويقول : إنَّ ذلك في الإماء، لا يستبرئن إذا لم يَكُنَّ بلغن المحيض، فأما الحرائر فحكمهنَّ في القرآن، يقول اللّه عزّ وجل : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن أوتَبتُم فعدَّتهنَّ ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن)(2)، وكان معاوية بن حكيم يقول : ليس عليهنَّ عدَّة، وما احتجّ به ابن سماعة فإنما قال اللّه عزَّ وجلَّ: إن ارتبتُم، وإنما ذلك إذا وقعت الريبة، بأن قد يئسن أو لم يئسن ، فأما إذا جازت الحد وارتفع الشك بأنّها قد يئست، أو لم تكن الجارية بلغت الحد، فليس عليهنَّ عدَّة .

باب في التي يخفى حيضها

63 - باب في التي يخفى حيضها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل تزوج امرأة سرا من أهلها وهي في منزل أهلها، وقد أراد أن يطلقها، وليس يصل إليها فيعلم طمئها إذا طمئت، ولا يعلم بطهرها إذا طهرت؟ قال : فقال : هذا مثل الغائب عن أهله، يطلقها بالأهلة والشهور، قلت : أرأيتَ إن كان يصل إليها الأحيان، والأحيان لا يصل إليها، فيعلم حالها، كيف يطلقها؟ فقال : إذا مضى له شهر لا يصل إليها فيه ، يطلقها إذا نظر إلى غرَّة الشهر الآخر، بشهود، ويكتب الشهر الذي يطلقها فيه، ويُشهد على طلاقها رجلين، فإذا مضى ثلاثة أشهر، فقد بانت منه، وهو خاطب من الخطّاب، وعليه نفقتها في تلك الثلاثة الأشهر التي تعتدُّ فيها (3)

ص: 90


1- إلى هنا في التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح .142 . وكرره برقم 80 من الباب 6 من نفس الجزء أيضاً. الاستبصار ، نفس الباب، ح 4 .
2- الطلاق / 4 .
3- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق ، ح 148 . الفقيه 3 ، 163 - باب طلاق السر، ح 1 بتفاوت . هذا وقد اعتبر أصحابنا إن حكم الحاضر الذي لا يمكنه الوصول إلى زوجته لاستعلامها حال حيضها هو بمنزلة الغائب عنها في بلد آخر وأراد أن يطلقها، وهنالك اختلاف بين أصحابنا في أنه هل يكفي مجرد الغيبة في جواز طلاقه؟ أم لا بد من التربص وكم هو حده؟ فذهب الشيخ في النهاية وابن حمزة إلى اعتبار مضي شهر على غيابه، في حين ذهب المفيد وابن بابويه إلى أن له أن يطلقها من دون تربص إذا لم يمكنه الاستعلام، وأما العلامة في المختلف وغيره فقد ذهبوا إلى وجوب تربصه ثلاثة أشهر، وأما المحقق وبعض منا فقد ذهب إلى أن العمدة هو علمه بانتقال زوجته من طهر إلى ظهر آخر، وقد نبهنا عليه فيما سبق .

باب الوقت الذي تَبينُ منه المطلقة والذي يكون فيه الرجعة متى يجوز لها أن تتزوج

64 - باب الوقت الذي تَبينُ منه المطلقة والذي يكون فيه الرجعة متى يجوز لها أن تتزوج

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قلت له : أصلحك اللّه، رجلٌ طلّق امرأته على طهر من غير جماع بشهادة عدلين؟ فقال: إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدَّتها، وحلّت للأزواج، قلت له : أصلحك اللّه، إن أهل العراق يروون عن عليّ صلوات اللّه وسلامه عليه أنّه قال : هو أحقّ برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة؟ فقال : فقد كذبوا(1).

2 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، جميعاً عن جميل بن درّاج عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: المطلّقة إذا رأت الدّم من الحيضة الثالثة فقد بانت منه .

3 - عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير؛ وجميل بن درّاج ؛ وعمر بن أذينة ، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المطلّقة تبين عند أوّل قطرة من الحيضة الثالثة، قال : قلت : بلغني أنَّ ربيعة الرّأي قال : من رأيي أنها تبين عند أوّل قطرة؟ فقال: كذب، ما هو من رأيه، إنّما هو شيء بلغه عن عليّ (علیه السلام).

4 - أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن إسماعيل الجعفيّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قلت له : رجلٌ طلّق امرأته؟ قال: هو أحقّ برجعتها ما لم تقع في الدّم من الحيضة الثالثة (2).

5- وعنه ، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن زرارة عن أحدهما (علیه السلام) قال: المطلّقة ترث وتُوَرّث حتّى ترى الدَّم الثالث، فإذا رأته فقد انقطع(3).

ص: 91


1- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 25 . الاستبصار ،3، 189 - باب إن المرأة تبين إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة، ح ا وفي الذيل فيهما : فقال: كذبوا .
2- التهذيب 8 ، نفس الباب . ح 26 . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 2 . وما عليه أصحابنا رضوان اللّه علیهم هو إن ذات الأقراء وهي مستقيمة الحيض، بأن يكون فيه لها عادة مضبوطة وقتاً، وإن لم تنضبط عددا، تعتدُّ بثلاثة قروء إذا كانت حرة، وتنقضي عدتها بمجرد رؤيتها الدم الثالث، وإلا تكن عادتها مستقرة وقتاً بل كانت مختلفة فيها فيه ، فقد نص بعض فقهائنا على أنها تصبر إلى انقضاء أقل الحيض وهو ثلاثة أيام أخذاً بالاحتياط.
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 27 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 3.

6 - جميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد اللّه بن جبلة، عن جميل بن درّاج ؛ وصفوان بن يحيى، عن ابن بكير؛ وجعفر بن سماعة، عن ابن بكير؛ وجميل، كلّهم عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : أوّل دم رأته من الحيضة الثالثة فقد بانت منه .

حميد بن زياد عن ابن سماعة عن صفوان عن ابن مسكان، عن زرارة مثله .

7- صفوان، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سمعته يقول : المطلّقة تبين عند أوّل قطرة من الدَّم في القُرء الأخير .

8-حمید بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد اللّه بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السلام) في الرّجل يطلّق امرأته ؟ فقال : هو أحقُّ برجعتها ما لم تقع في الدَّم الثالث.

9 - عنه ، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : إنّي سمعت ربيعة الرأي يقول : إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة بانت منه، وإنّما القرء ما بين الحيضتين؛ وزعم أنّه إنّما أخذ ذلك برأيه؟ فقال أبو جعفر (علیه السلام): كَذَب، لَعَمْرِي ما قال ذلك برأيه، ولكنّه أخذه عن عليّ (علیه السلام) ، قال : قلت له وما قال فيها عليّ (علیه السلام)؟ قال : كان يقول : إذا رأت الدَّم من الحيضة الثالثة فقد انقضت عدَّتها، ولا سبيل له عليها وإنّما القرء ما بين الحيضتين، وليس لها أن تتزوج حتّى تغتسل من الحيضة الثالثة(1).

الحسن بن محمّد بن سماعة قال : كان جعفر بن سماعة يقول : تَبِينُ عند أوّل قطرة من الدَّم ، ولا تحلُّ للأزواج حتّى تغتسل من الحيضة الثالثة، وقال الحسن بن محمّد بن سماعة : تبِينُ عند أول قطرة من الحيض الثالث، ثمّ إن شاءت تزوّجت وإن شاءت لا، وقال عليُّ بن إبراهيم : إن شاءت تزوجت وإن شاءت ،لا، فإن تزوجت لم يدخل بها حتّى تغتسل .

10 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن المرأة إذا طلّقها زوجها، متى تكون هي أملك بنفسها؟ فقال : إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فهي أملك بنفسها، قلت: فإن عجّل الدّم عليها قبل أيّام قُرئها؟ فقال : إذا كان الدم قبل عشرة أيام فهو الثالثة ،

ص: 92


1- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 28 . الاستبصار ،3، 189 - باب إن المرأة تبين إذا رأت الدم من الحيضة ح 4 . والحديث ضعيف على المشهور. وقد أشار إلى مذهب الحسن بن سماعة وعليُّ بن إبراهيم في ذيل الحديث 30 من نفس الباب من التهذيب.

أملك بها، وهو من الحيضة التي طهرت منها ، وإن كان الدّم بعد العشرة الأيّام، فهو من الحيضة الثالثة، وهي أملك بنفسها (1).

11 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين (2)، عن بعض أصحابه - أظنّه (3)محمّد بن عبد اللّه بن هلال - أو عليّ بن الحكم - عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن الرّجل يطلّق امرأته ، متى تبين منه ؟ قال : حين يطلع الدّم من الحيضة الثالثة تملك نفسها ، قلت : فلها أن تتزوّج في تلك الحال؟ قال: نعم، ولكن لا تمكن من نفسها حتّى تطهر من الدّم (4).

باب معنى الأقراء

65 - باب معنى الأقراء(5)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال : سمعت ربيعة الرأي يقول : من رأيي أن الأقراء التي سمّى اللّه عزَّ وجلَّ في القرآن إنّما هو الطهر فيما بين الحيضتين، فقال: كذب، لم يقله برأيه، ولكنّه إنّما بلغه عن عليّ صلوات اللّه وسلامه عليه، فقلت: أصلحك اللّه ، أكان عليّ (علیه السلام) يقول ذلك ؟ فقال : نعم، إنّما القرء: الطهر، يقري فيه الدَّم فيجمعه ، فإذا جاء المحيض دفقه(6).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، جميعاً عن جميل بن درّاج، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : القرء [هو] ما بين الحيضتين (7).

3-عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمّد بن مسلم، عن أبي

ص: 93


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 29 بتفاوت يسير
2- في التهذيبين: عن محمّد بن الحسن . . .
3- هذا النظني والترديد الذي بعده من الراوي .
4- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 30 الاستبصار ، نفس الباب، ح 6. وفيهما : وفيهما : ... لا تمكن الزوج من . وقد اختار الشيخ في التهذيب أن الأفضل لها أن تترك التزويج حتّى تغتسل، وليس بشرط.
5- الأقراء : جمع القرء، وهو من الأضداد يطلق لغة على الدم وعلى الطهر أيضاً. وعلى أشهر الروايتين عند أصحابنا هو الطهر .
6- الحديث حسن كالصحيح .
7- التهذيب 8، 6 - باب عدد النساء ، ح 22 . الاستبصار 3 ، 189 - باب إن المرأة تبين إذا رأت الدم من ح 11

جعفر (علیه السلام) قال : القُرء [هو] ما بين الحيضتين (1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال، عن ثعلبة، عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : الأقراء هي الأطهار (2).

باب عدَّة المطلقة وأين تَعْتَدّ

66 - باب عدَّة المطلقة وأين تعتدُّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا ينبغي للمطلقة أن تخرج إلّا بإذن زوجها حتّى تنقضي عدّتها ؛ ثلاثة قروء، أو ثلاثة أشهر إن لم تحض(3).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : عدَّة المطلّقة ثلاثة قروء، أو ثلاثة أشهر إن لم تكن تحض (4).

حميد، عن ابن سماعة، عن جعفر بن سماعة، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله.

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن المطلّقة أين تعتدُّ ؟ قال : في بيتها، لا تخرج، وإن أرادت زيارة خرجت بعد نصف اللّيل، ولا تخرج نهاراً، وليس لها أن تحجّ حتّى تنقضي عدّتها ؛ وسألته عن المتوفي عنها زوجها،

ص: 94


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 23 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 12 .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح24 . الاستبصار 3 نفس الباب، ح 7 والحديث صحيح. والحجّال: هو عبد اللّه بن محمّد الأسدي .
3- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 1 وكرره برقم 48 من نفس الباب بدون : إن لم تحض، في ذيل الحديث. الاستبصار 3 ، 191 - باب إن المطلقة الرجعية لا يجوز لها أن تخرج إلا بإذن زوجها ولا ...، ح 1. قال المحقق (ره) في الشرائع 42/3 - 43 : لا يجوز لمن طلق رجعياً أن يُخرج الزوجة من بيته إلا أن تأتي بفاحشة وهي أن تفعل ما يجب به الحد فتخرج لإقامته ، وأدنى ما تخرج له أن تؤذي أهله، ويحرم عليها الخروج ما لم تضطر، ولو اضطرت إلى الخروج خرجت بعد إنتصاف الليل وعادت قبل الفجر، ولا تخرج في حجة مندوبة إلا بإذنه، وتخرج في الواجب وإن لم يأذن وكذا فيما تضطر إليه ولا وُصْلةَ لها إلا بالخروج، وتخرج في العلة البائنة إن شاءت .
4- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ، ح 2 . وفي ذيله : إن لم تحض. هذا وأصحابنا متفقون على إن عدَّة مستقيمة الحيض ثلاثة اقراء وهي الأطهار على أشهر الروايتين، إذا كانت حرة، وأما إذا كانت في سن من تحيض ولا تحيض فإن عدتها من الطلاق أو الفسخ مع الدخول ثلاثة أشهر إذا كانت حرة فراجع شرائع الإسلام 34/3 - 35، وغيره .

أكذلك هي ؟ قال : نعم، وتحجّ إن شاءت(1).

4 - عليُّ،، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: المطلّقة تعتدُّ في بيتها، ولا ينبغي لها أن تخرج حتّى تنقضي عدّتها، وعدّتها ثلاثة ،قروء أو ثلاثة أشهر، إلّا أن تكون تحيض (2).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي خلف قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (علیه السلام) عن شيء من الطّلاق؟ فقال : إذا طلّق الرّجل امرأته طلاقاً لا يملك فيه الرَّجعة فقد بانت منه ساعة طلّقها، وملكت نفسها، ولا سبيل له عليها، وتعتدُّ حيث شاءت ولا نفقة لها، قال: قلت: أليس اللّه عزّ وجلَّ يقول: لا تُخْرِجوهنَّ من بيوتهنَّ ولا يَخْرُجْنَ ؟ قال : فقال : إنّما عنى بذلك التي تطلّق تطليقة بعد تطليقة، فتلك التي لا تخرج ولا تُخْرَجُ حتّى تطلق الثالثة، فإذا طلقت الثالثة فقد بانت منه، ولا نفقة لها، والمرأة التي يطلّقلها الرّجل تطليقة ثمّ يدعها حتّى يخلو أجلها، فهذه أيضاً تقعد في منزل زوجها، ولها النفقة والسكنى حتّى تنقضي عدّتها(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : تعتدُّ المطلّقة في بيتها، ولا ينبغي لزوجها إخراجها، ولا تخرج هي .

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : المطلّقة تشوّفت (4)لزوجها ما كان له عليها رجعة، ولا يستأذن عليها .

ص: 95


1- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 49. الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 2 ، الفقيه 3، 154 - باب طلاق السنة ، ح 9 بتفاوت، وفيه : سأل سماعة أبا عبد اللّه (علیه السلام). وأخرجه إلى قوله : حتّى تنقض عدتها . هذا، ولا بد من حمل هذا الحديث وأمثاله على المطلقة الرجعية دون البائنة. وعلى ما لو كان الحج حجة الإسلام دون التطوع .
2- التهذيب 8، نفس الباب، ح 3 .
3- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 57 . يقول المحقق في الشرائع 43/3 : نفقة الرجعية لازمة في زمان العدَّة وكسوتها ومسكنها يوماً فيوماً، مسلمة كانت أو ذمية، أما الأمة فإن أرسلها مولاها ليلاً ونهاراً فلها النفقة والسكنى، لوجود التمكين النام ، وإن منعها ليلاً أو نهاراً فلا نفقة لعدم التمكين التام، ولا نفقة للبائن ولا سكنى إلا أن تكون حاملاً، فلها النفقة والسكنى حتّى تضع . . . . .
4- أي تزينت .

8-حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن ابن رباط، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: سألته عن المطلّقة، أين تعتدُّ؟ فقال: في بيت زوجها .

9 - عنه ، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أحدهما (علیه السلام) في المطلقة أين تعتدُّ؟ فقال : في بيتها، إذا كان طلاقاً له عليها رجعة، ليس له أن يخرجها، ولا لها أن تخرج حتّى تنقضي عدَّتها (1).

عنه ، عن عبد اللّه بن جبلة، عن عليّ بن أبي حمزة ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير مثله .

10 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أحدهما (علیه السلام) في المطلّقة، تعتدُّ في بيتها، وتُظهر له زينتها لعلّ اللّه يُحْدِثُ بعد ذلك أمراً (2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد [ عن محمّد بن خالد] والحسين بن سعيد، عن القاسم بن عروة، عن أبي العبّاس قال: لا ينبغي للمطلّقة أن تخرج إلّا بإذن زوجها حتّى تنقضي عدّتها بثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إن لم تحض.

12 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة ، عن محمّد بن زياد، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمعته يقول : المطلّقة تحجّ في عدتها، إن طابت نفس زوجها(3).

13 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وأبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : المطلّقة تحجُّ، وتشهد الحقوق .(4).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المطلّقة تكتحل وتختضب وتَطَيَّب وتلبس ما

ص: 96


1- التهذيب 8، نفس الباب، ح 56
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 50 .
3- التهذيب 8، نفس الباب، ح 51 . وقد خص خروجها بإذن الزوج - في المسالك - احتمالاً بالحج المندوب.
4- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدد النساء ، ح 52 . الاستبصار ،3، 191 - باب إن المطلقة الرجعية لا يجوز لها أن تخرج إلا . . . . ح . 3. ولا بد من حمله على حجة الإسلام وعلى الحقوق الواجبة، أو على المطلقة البائنة.

شاءت من الثياب، لأنّ اللّه عزّ وجل يقول : (لعلّ اللّه يُحْدِثُ بعد ذلك أمراً) (1) ، لعلّها أن تقع في نفسه فيراجعها (2).

باب الفرق بين من طلّق على غير السنة وبين المطلقة إذا خرجت وهي في عدتها أو أخرجها زوجها

67 - باب الفرق بين من طلّق على غير السنة وبين المطلقة إذا خرجت وهي في عدتها أو أخرجها زوجها

1 - الحسين بن محمّد قال: حدَّثني حمدان القلانسي قال: قال لي عمر بن شهاب العبديّ : من أين زعم أصحابك أنّ من طلّق ثلاثاً لم يقع الطّلاق؟ فقلت له : زعموا أنّ الطّلاق للكتاب والسنّة، فمن خالفهما رُدَّ إليهما، قال: فما تقول فيمن طلق على الكتاب والسنة، فخرجت امرأته أو أخرجها، فاعتدَّت في غير بيتها، تجوز عليها العدَّة، أو يردُّها إلى بيته حتّى تعتدُّ عدَّة أخرى، فإنَّ اللّه عزّ وجلَّ قال : (لا تُخرجوهنَّ من بيوتهنَّ ولا يَخْرُجْنَ) (3)؟ قال : فأجبته بجواب لم يكن عندي جواباً، ومضيت فلقيت أيّوب بن نوح فسألته عن ذلك فأخبرته بقول عمر ، فقال ليس نحن أصحاب قياس إنّما نقول بالآثار، فلقيت عليّ بن راشد، فسألته عن ذلك وأخبرته بقول عمر ، فقال : قد قاس عليك، وهو يلزمك إن لم يجز الطلاق إلا للكتاب، فلا تجوز العدَّة إلا للكتاب فسألت معاوية بن حكيم عن ذلك وأخبرته بقول عمر، فقال معاوية : ليس العدَّة مثل الطلاق وبينهما فرق (4) ، وذلك أن الطلاق فعل المطلق، فإذا فعل خلاف الكتاب وما أمر به قلنا له: ارجع إلى الكتاب وإلا فلا يقع الطلاق، والعدَّة ليست فعل الرّجل ولا فعل ،المرأة، إنّما هي أيام تمضي ، وحيض يحدث، ليس من فعله ولا من فعلها، إنما هو فعل اللّه تبارك وتعالى، فليس يقاس فعل اللّه عزّ وجلَّ بفعله وفعلها، فإذا عصت وخالفت، فقد مضت العدَّة وباءت بإثمّ الخلاف، ولو كانت العدَّة فعلها، لما أوقعنا عليها

ص: 97


1- الطلاق/ 1 .
2- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ح 53 . الاستبصار ،3، 204 - باب إن المطلقة ليس عليها جداد ، ح 1. وفي ذيله : لعلها تقع .... هذا وقد اتفق أصحابنا رضوان اللّه علیهم على إن المطلقة لا يلزمها حداد بائنة كانت أو رجعية . ولذا فإدرّاج الشيخ لهذا الحديث في الاستبصار تحت العنوان المذكور أعلاه لا مبرر له .
3- الطلاق / 1 .
4- «حاصله : إن اللّه تعالى أمر بالطلاق على وجه خاص حيث قال : وفطلقوهن لعدتهن، فقيد الطلاق بكونه في زمان يصلح للعدَّة فإذا أوقع على وجه آخر لم يكن طلاقاً شرعياً، بخلاف العدَّة، فإنه قال: «فعدتهن ثلاثة قروء»، وقال: «أجلهن أن يضعن حملهن»، فأخبر بأنه يجوز لهن التزويج بعد العدَّة، ثمّ بعد ذلك نهاهن عن شيء آخر، فلا يدل سياق الكلام على الاشتراط بوجه» مرآة المجلسي 158/21 .

العدَّة، كما لم يقع الطّلاق إذا خالف.

وقال الفضل بن شاذان في جواب أجاب به أبا عبيد في كتاب الطلاق؛ ذكر أبو عبيد أن بعض أصحاب الكلام قال: إن اللّه تبارك وتعالى حين جعل الطلاق للعدَّة، لم يخبرنا أن من طلّق لغير العدَّة كان طلاقه عنه ساقطاً، ولكنه شيء تعبد به الرّجال، كما تعبد النساء بأن لا يخرجن من بيوتهنَّ ما دمن يعتددن، وإنّما أخبرنا في ذلك بالمعصية فقال: (وتلك حدود اللّه ومن يَتَعَدَّ حدود اللّه فقد ظلم نفسه) (1)، فهل المعصية في الطلاق إلّا كالمعصية في خروج المعتدّة من بيتها؟ ألستم ترون أنّ الأمّة مُجْمِعَةً على أنّ المرأة المطلّقة إذا خرجت من بيتها أياماً، أنّ تلك الأيّام محسوبة لها في عدّتها، وإن كانت اللّه فيه عاصية، فكذلك الطّلاق في الحيض، محسوبٌ على المطلّق، وإن كان اللّه [فيه] عاصياً.

قال الفضل بن شاذان : أمّا قوله : إنّ اللّه عزّ وجلّ لما جعل الطلاق للعدَّة ، لم يخبرنا أنّ من طلّق لغير العدَّة كان الطّلاق عنه ساقطاً، فليعلم أنّ مثل هذا إنّما هو تعلّقٌ بالسراب، إنّما يقال لهم : إنَّ أمر اللّه عزّ وجلّ بالشيء هو نهي عن خلافه، وذلك أنّه جلّ ذكره حيث أباح نكاح أربع نسوة، لم يخبرنا أنّ أكثر من ذلك لا يجوز، وحيث جعل الكعبة قبلة لم يخبرنا أنَّ قِبْلَةَ غير الكعبة لا تجوز، وحيث جعل الحجّ في ذي الحجّة لم يخبرنا أنّ الحج في غير ذلك الحجّة لا يجوز، وحيث جعل الصلاة ركعة وسجدتين لم يخبرنا أن ركعتين وثلاث سجدات لا يجوز، فلو أن إنساناً تزوج خمس نسوة لكان نكاحه الخامسة باطلاً، ولو اتخذ قبلة غير الكعبة ضالاً مخطئاً غير جائز له، وكانت صلاته غير جائزة ، ولو حجّ في غير ذي الحجة، لم يكن حاجا، وكان فعله باطلاً، ولو جعل صلاته بدل كلّ ركعة ركعتين وثلاث سجدات ، لكانت صلاته فاسدة وكان غير مُصَلِّ ، لأنَّ كلَّ من تعدَّى ما أمر به ولم يطلق له ذلك كان فعله باطلا فاسداً غير جائز ولا مقبول، فكذلك الأمر والحكم في الطلاق كسائر ما بينا والحمد اللّه

وأمّا قولهم : إنَّ ذلك شيء تعبّد به الرّجال كما تعبّد به النساء أن لا يخرجن ما دُمْنَ يعتددن من بيوتهنَّ، فأخبرنا ذلك لهنَّ بالمعصية، وهل المعصية في الطّلاق إلّا كالمعصية في خروج المعتدة [من بيتها ] في عدّتها، فلو خرجت من بيتها أيّاماً لكان ذلك محسوباً لها فكذلك الطّلاق في الحيض محسوب وإن كان اللّه عاصياً، فيقال لهم : إنّ هذه شبهة دخلت علیکم من حيث لا تعلمون، وذلك أنّ الخروج والإخراج ليس من شرائط الطلاق كالعدَّة، لأنّ العدَّة من شرائط الطلاق، ذلك أنّه لا يحل للمرأة أن تخرج من بيتها قبل الطلاق ولا بعد الطلاق، ولا يحلُّ

ص: 98


1- الطلاق / 1

ج 4

للرجل أن يخرجها من بيتها قبل الطلاق ولا بعد الطلاق، فالطلاق وغير الطلاق (1)في حظر ذلك ومنعه واحد والعدَّة لا تقع إلا مع الطلاق، ولا تجب إلّا بالطّلاق، ولا يكون الطّلاق لمدخول بها ولا عدَّة، كما قد يكون خروجاً وإخراجاً بلا طلاق ولا عدَّة، فليس يشبه الخروج والإخراج بالعدَّة والطّلاق في هذا الباب، وإنّما قياس الخروج والإخراج كرجل دخل دار قوم بغير إذنهم فصلّى فيها، فهو عاص في دخوله الدار، وصلاته جائزة ، لأنّ ذلك ليس من شرائط الصلاة، لأنّه منهيٌّ عن ذلك صلّى أولم يصلّ، وكذلك لو أنَّ رجلاً غضب ثوباً أو أخذه ولبسه بغير إذنه فصلّى فيه، لكانت صلاته جائزة (2)، وكان عاصياً في لبسه ذلك الثوب، لأنّ ذلك ليس من شرائط الصلاة، لأنّه منهيٌّ عن ذلك صلّى أو لم يصلّ، وكذلك لو أنه لبس ثوباً غير طاهر، أو لم يطهر نفسه، أو لم يتوجّه نحو القبلة، لكانت صلاته فاسدة غير جائزة، لأن ذلك من شرائط الصلاة وحدودها لا يجب إلا للصلاة، وكذلك لو كذب في شهر رمضان وهو صائم بعد أن لا يخرجه كذبه من الإيمان، لكان عاصياً في كذبه ذلك، وكان صومه جائزاً، لأنه منهي عن الكذب صام أم أفطر، ولو ترك العزم على الصوم أو جامع لكان صومه باطلاً فاسداً، لأن ذلك من شرائط الصوم وحدوده، لا يجب إلا مع الصوم، وكذلك لو حجّ وهو عاق لوالديه، ولم يُخرج لغرمائه من حقوقهم، لكان عاصياً في ذلك، وكانت حجته جائزة، لأنه منهي عن ذلك ، حج أو لم يحج ، ولو ترك الإحرام أو جامع في إحرامه قيل الوقوف، لكانت حجّته فاسدة غير جائزة، لأنَّ ذلك من شرائط الحج وحدوده، لا يجب إلّا مع الحجّ ، ومن أجل الحج، فكلّما كان واجباً قبل الفرض وبعده، فليس ذلك من شرائط الفرض، لأن ذلك أتى على حده، والفرض جائز معه ، فكلما لم يجب إلّا مع الفرض ومن أجل الفرض، فإنَّ ذلك من شرائطه، لا يجوز الفرض إلّا بذلك على ما بيّناه ولكنَّ القوم لا يعرفون ولا يميزون ويريدون أن يلبسوا الحق بالباطل.

فأما ترك الخروج والإخراج، فواجب قبل العدَّة ومع العدَّة وقبل الطلاق وبعد الطلاق، وليس هو من شرائط الطلاق، ولا من شرائط العدَّة والعدَّة جائزة معه، ولا تجب العدَّة إلا مع الطلاق ومن أجل الطلاق، فهي من حدود الطلاق وشرائطه على ما مثلنا وبينا وهو فرق واضح والحمد لله .

وبعدُ، فليعلم أنَّ معنى الخروج والإخراج ليس هو أن تخرج المرأة إلى أبيها، أو تخرج

ص: 99


1- وهذه نكتة أوردت لبيان الفرق، والحاصل إن هذا الحكم لا يختص بالعدَّة حتّى يكون من شرائطها، بل هو بيان لاستمرّار الحكم الثابت في أيام الزواج، ولو كان من شرائطها لكان مختصا بها». مرآة المجلسي. 159/21 - 160
2- مع أنّه ادعي الإجماع على بطلان الصلاة في المكان والثوب المغصوبين ؟! .

في حاجة لها، أو في حقّ بإذن زوجها، مثل مأتم أو ما أشبه ذلك، وإنّما الخروج والإخراج أن تخرج مراغمة، أو يخرجها زوجها مراغمة، فهذا الذي نهى اللّه عزَّ وجلَّ عنه ، فلو أنَّ امرأة استأذنت أن تخرج إلى أبويها ، أو تخرج إلى حق، لم نقل : إنها خرجت من بيت زوجها، ولا يقال : إنّ فلاناً أخرج زوجته من بيتها، إنّما يقال ذلك، إذا كان ذلك على الرغم والسخط، وعلى أنّها لا تريد العود إلى بيتها فأمسكها على ذلك، وفيما بيّنّا كفاية .

فإن قال قائل: لها أن تخرج قبل الطّلاق بإذن زوجها، وليس لها أن تخرج بعد الطّلاق وإن أذن لها زوجها ، فحكم هذا الخروج غير ذلك الخروج، وإنّما سألناك عنه في ذلك الموضع الذي يشتبه، ولم نسألك في هذا الموضع الذي لا يشتبه، أليس قد نهيت عن العدَّة في غير بيتها، فإن هي فعلت كانت عاصية وكانت العدَّة جائزة ، فكذلك أيضاً إذا طلق لغير العدَّة كان خاطئاً، وكان الطلاق واقعاً، وإلا فما الفرق؟

قيل له : إنَّ فيما بيّنّا كفاية عن معنى الخروج والإخراج ما يجتزىء به عن هذا القول، لأنَّ أصحاب الأثر وأصحاب الرّأي وأصحاب التشيّع، قد رخّصوا لها في الخروج الذي ليس على السخط والرَّغم ، وأجمعوا على ذلك .

فمن ذلك ما روى ابن جريج عن ابن الزُبير، عن جابر، أنّ خالته طُلّقت، فأرادات الخروج إلى نخل لها تجدُّه، فلقيت رجلاً فنهاها، فجاءت إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقال لها : أخرجي فجذّي نخلك، لعلّك أن تَصَدَّقي أو تفعلي معروفاً.

وروى الحسن، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاؤوس، أنَّ رجلاً من أصحاب النبي (صلّی اللّه علیه وآله) سئل عن المرأة المطلقة هل تخرج في عدتها؟ فرخص في ذلك.

وابن بشير، عن المغيرة عن إبراهيم أنّه قال في المطلقة ثلاثاً : إنّها لا تخرج من بيت زوجها إلا في حق من عيادة مريض، أو قرابة، أو أمر لا بدّ منه.

مالك، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يقول : لا تبيت المبتوتة والمتوفى عنها زوجها إلا في بيتها. وهذا يدل على أنه قد رخص لها في الخروج بالنهار.

وقال أصحاب الرأي : لو أنَّ مطلّقة في منزل ليس معها فيه رجل، تخاف [فيه] على نفسها أو متاعها كانت في سعة من النُقلة ، وقالوا : لو كانت بالسواد فطلّقها زوجها هناك فدخل عليها خوف من سلطان أو غير ذلك كانت في سعة من دخول المصر؛ وقالوا: للأمة المطلّقة أن تخرج في عدّتها، أو تبيت عن بيت زوجها، وكذلك قالوا أيضاً في الصّبيّة المطلّقة .

ص: 100

قال : وهذا كلّه يدلُّ على أنَّ هذا الخروج غير الخروج الذي نهى اللّه عزَّ وجلَّ عنه، وإنّما الخروج الذي نهى اللّه عزَّ وجلَّ عنه هو ما قلنا، أن يكون خروجها على السّخط والمراغمة، وهو الذي يجوز في اللّغة أن يقال : فلانة خرجت من بيت زوجها، وإنّ فلاناً أخرج امرأته من بيته ، ولا يجوز أن يقال لسائر الخروج الذي ذكرنا عن أصحاب الرّأي والأثر والتشيّع : إنّ فلانة خرجت من بيت زوجها، وإنّ فلاناً أخرج امرأته من بيته لأنَّ المستعمل في اللغة هذا الذي وصفنا، وباللّه التوفيق(1).

باب في تأويل قوله تعالى: ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ من بيوتهنَّ ولا يَخْرُجْنَ)

68 - باب في تأويل قوله تعالى: ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ من بيوتهنَّ ولا يَخْرُجْنَ)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن الرضا (علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلَّ: (لاتُخْرِجوهنَّ من بيوتهنَّ ولا يَخْرُجْنَ إلا أن يأتين بفاحشة مبيّنة)؟ قال: أذاها لأهل الرّجل، وسوء خُلُقها (2).

2 - بعض أصحابنا، عن عليّ بن الحسن التيمليّ، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن عليّ بن جعفر قال : سأل المأمون الرضا (علیه السلام) عن قول اللّه عزَّ وجلَّ : (لا تُخْرِجُوهُنَّ من بيوتهنَّ ولا يَخْرُجْنَ إلا أن يأتين بفاحشة مبيّنة )؟ قال : يعني بالفاحشة المبيّنة؛ أن تؤذي أهل زوجها، فإذا فعلت، فإن شاء أن يُخْرِجَها من قبل أن تنقضي عدتها، فَعَلَ(3).

باب طلاق المسترابة

69 - باب طلاق المُسترابة

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن البرقيّ، عن داود بن أبي يزيد العطّار، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن المرأة يُستراب بها ومثلها تحمل

ص: 101


1- لا بد من التنبيه على إن الاعتماد في الفرق بين خروج وخروج وإخراج وإخراج هو على النصوص الواردة، لا على شيء من هذه الوجوه التي لا تخلو من اضطراب ووهن واللّه العالم .
2- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 54 و 55 . يقول المحقق في الشرائع 42/3: «لا يجوز لمن طلق رجعياً أن يخرج الزوجة من بيته إلا أن تأتي بفاحشة وهي أن تفعل ما يجب به الحد فتخرج لإقامته، وأدنى ما تخرج له أن تؤذي أهله ويحرم عليها الخروج ما لم تضطر، ولو اضطرت إلى الخروج خرجت بعد انتصاف الليل وعادت قبل الفجر ولا ... الخ»، كما يراجع المسالك للشهيد الثاني رحمه اللّه 40/3 .
3- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 54 و 55 . يقول المحقق في الشرائع 42/3: «لا يجوز لمن طلق رجعياً أن يخرج الزوجة من بيته إلا أن تأتي بفاحشة وهي أن تفعل ما يجب به الحد فتخرج لإقامته، وأدنى ما تخرج له أن تؤذي أهله ويحرم عليها الخروج ما لم تضطر، ولو اضطرت إلى الخروج خرجت بعد انتصاف الليل وعادت قبل الفجر ولا ... الخ»، كما يراجع المسالك للشهيد الثاني رحمه اللّه 40/3 .

ومثلها لا تحمل ولا تحيض، وقد واقعها زوجها، كيف يطلّقها إذا أراد طلاقها؟ قال : ليمسك عنها ثلاثة أشهر، ثمّ يطلّقها(1).

باب طلاق التي تكتم حيضها

70 - باب طلاق التي تكتم حيضها

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر، عن الحسن بن عليّ بن كيسان قال: كتبت إلى الرّجل أسأله عن رجل له امرأة من نساء هؤلاء العامة، وأراد أن يطلّقها، وقد كتمت حيضها وطهرها مخافة الطلاق؟ فكتب (علیه السلام) : يعتزلها ثلاثة أشهر، ويطلّقها.

باب في التي تحيض في كل شهرين وثلاثة

71 - باب في التي تحيض في كل شهرين وثلاثة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطيّ، عن أبي ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سئل عن رجل عنده امرأة شابّة، وهي تحيض كلّ شهرين أو ثلاثة أشهر حيضة واحدة كيف يطلّقها زوجها ؟ فقال : أمرها شديد، تطلق طلاق السنّة، تطليقة واحدة على طهر من غير جماع بشهود، ثمّ تترك حتّى تحيض ثلاث حيض، متى حاضت، فإذا حاضت ثلاثاً فقد انقضت عدتها قيل له : وإن مضت سنة ولم تحض فيها ثلاث حيض؟ قال : إذا مضت سنة ولم تحض ثلاث حيض، يتربص بها بعد السنة ثلاثة أشهر، ثمّ قد انقضت عدتها، قيل : فإن مات أو ماتت؟ فقال : أيهما مات ورث صاحبه ما بينه وبين خمسة عشر شهراً(2).

ص: 102


1- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق ، ح 147 بتفاوت . يقول المحقق في الشرائع 35/3 : «في ذات الشهور، وهي التي لا تحيض وهي في سن من تحيض، تعتدُّ من الطلاق والفسخ - مع الدخول - بثلاثة أشهر إذا كانت حرّة . . . . أقول : والظاهر إن ما تضمنه الحديث من حكم وما ذكره المحقق رحمه اللّه محل وفاق بین الأصحاب .
2- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 9 الاستبصار 3 ، 187 - باب أن المرأة إذا حاضت فيما دون الثلاثة أشهر كانت . . . ، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 35/3 - 36 : «في ذات الشهور ... ولو كان مثلها تحيض، اعتدت بثلاثة أشهر إجماعاً، وهذه تراعي الشهور والحيض، فإن سبقت الإطهار فقد خرجت من العدَّة، وكذا إن سبقت الشهور، أما لو رأت في الثالث حيضاً وتأخرت الثانية أو الثالثة صبرت تسعة أشهر لاحتمال الحمل، ثمّ اعتدت بعد ذلك بثلاثة أطول عدَّة، وفي رواية عمّار تصبر سنة ، ثمّ تعتدُّ بثلاثة أشهر، ونزلها الشيخ في النهاية على احتباس أشهر وهي الدم الثالث، وهو نحكّم ».

باب عدَّة المُسْتَرابة

72 - باب عدَّة المُسْتَرابة (1)

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: أمران، أيّهما سبق بانت منه المطلّقة المسترابة، تستريب الحيض، إن مرّت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم، بانت به، وإن مرّت بها ثلاث حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض.

قال ابن عمير : قال جميل وتفسير ذلك، إن مرّت بها ثلاثة أشهر إلّا يوماً فحاضت، ثمّ مرّت بها ثلاثة أشهر إلّا يوماً فحاضت، ثمّ مرَّت بها ثلاثة أشهر إلّا يوماً فحاضت، فهذه تعتدُّ بالحيض على هذا الوجه، ولا تعتدُّ بالشهور ، وإن مرَّت بها ثلاثة أشهر بيض لم تحض فيها فقد بانت .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ، عن عبد الكريم، عن محمّد بن حكيم، عن عبد صالح (علیه السلام) قال : قلت له : الجارية الشابّة التي لا تحيض ومثلها تحمل، طلّقها زوجها؟ قال: عدّتها ثلاثة أشهر(2).

3 - سهل بن زياد، عن أحمد، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : عدَّة التي لم تحض، والمستحاضة التي لا تطهر؛ ثلاثة أشهر، وعدَّة التي تحيض ويستقيم حيضها؛ ثلاثة قروء والقروء : جمع الدم بين الحيضتين(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن التي تحيض كلّ ثلاثة أشهر مرة ، كيف تعتدُّ ؟ قال : تنتظر مثل قرئها التي كانت تحيض فيه في الإستقامة، فلتعتدُّ ثلاثة قروء، ثمّ لتتزوّج إن شاءت (4).

ص: 103


1- سميت بذلك لمكان الريب والشك في الحمل وعدمه، وهي من كانت في سن من تحيض ولا تحيض.
2- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 4 . الفقيه ،3، 161 - باب طلاق التي لم تبلغ المحيض والتي قد يئست من ... ، ح ا بتفاوت يسير .
3- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ، ح ه . الاستبصار 3 ، 190 - باب عدَّة المستحاضة ، ح 2 .
4- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ح 14 . الاستبصار ،3، 187 - باب المرأة إذا حاضت فيما دون الثلاثة أشهر كانت . . . ، ح 8 الفقيه 3 ، نفس الباب ، ح 8 وفيه : كل ثلاث سنين، والظاهر أنه تصحيف، لأن باقي النص متطابق مع ما هو موجود في بقية الكتب، واللّه العالم.

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (علیه السلام) أنه قال : في التي تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة، أو في ستة، أو في سبعة أشهر، والمستحاضة التي لم تبلغ الحيض، والتي تحيض مرّة وترتفع مرّة، والّتي لا تطمع في الولد، والّتي قد ارتفع حيضها وزعمت أنّها لم تيأس، والتي ترى الصفرة من حيض ليس بمستقيم، فذكر أن عدَّة هؤلاء كلّهنَّ ثلاثة أشهر (1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عیسی ، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : في المرأة يطلّقها زوجها وهي تحيض كلّ ثلاثة أشهر حيضة ؟ فقال : إذا انقضت ثلاثة أشهر، انقضت عدَّتها، يحسب لها لكل شهر حيضة (2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن أبي العبّاس قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل طلّق امرأته بعد ما ولدت، وطهرت، وهي امرأة لا ترى دماً ما دامت تُرْضِعُ، ما عدتها؟ قال: ثلاثة أشهر .

8-عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : عدَّة المرأة التي لا تحيض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، وعدَّة التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة قروء ، قال : وسألته عن قول اللّه عزّ وجلَّ : (إن ارتبتُم (3))ما الرّيبة؟ فقال : ما زاد على شهر فهو ريبة، فلتعتدُّ ثلاثة أشهر ، ولتترك الحيض، وما كان في الشهر لم تزد في الحيض عليه ثلاث حيض، فعدَّتها ثلاث حيض (4).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة عن أحدهما (علیه السلام) قال : أيُّ الأمرين سبق إليها فقد انقضت عدَّتها، إن مرَّت ثلاثة أشهر لا ترى فيها دماً فقد انقضت عدّتها، وإن مرّت ثلاثة أقراء فقد انقضت عدّتها (5)

ص: 104


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ح .11 . الاستبصار ، نفس الباب ، ح .. الفقيه 3، نفس الباب ، ح 6 . ، 11.
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ح 12 . استبصار ،3، نفس الباب، ح 4 . وفيهما : كل شهر حيضة .
3- الطلاق / 4 .
4- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 6 . الاستبصار 3 ، 187 - باب إن المرأة إذا حاضت فيما دون الثلاثة أشهر كانت . . . ، ح 10 وروى ذيل الحديث . قال المحقق في الشرائع 35/3 : «ولو كان مثلها تحيض اعتدت بثلاثة أشهر إجماعاً، وهذه تراعي الشهور والحيض فإن سبقت الأطهار فقد خرجت من العدَّة، وكذا إن سبقت الشهور».
5- التهذيب 8، نفس الباب، ح7. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 6 .

10 – محمّد، عن أحمد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة قال : إذا نظرت فلم تجد الأقراء إلّا ثلاثة أشهر (1) فإذا كانت لا يستقيم لها حيض، تحيض في الشهر مرّاراً، فإنّ عدّتها عدَّة المستحاضة ثلاثة أشهر، وإذا كانت تحيض حيضاً مستقيماً فهو في كلّ شهر حيضة بين كلّ حيضتين شهر، وذلك القرء(2).

11 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن هارون بن حمزة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في امرأة طلّقت وقد طعنت في السنّ، فحاضت حيضة واحدة ثمّ ارتفع حيضها؟ فقال: تعتدُّ بالحيضة، وشهرين مستقبلين، فإنّها قد يئست من المحيض(3).

باب إن النساء يُصَدَّقْنَ في العدَّة والحيض

73 - باب إن النساء يُصَدَّقْنَ في العدَّة والحيض

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : العدَّة والحيض للنساء، إذا ادعت صُدِّقَت (4).

باب المسترابة بالحبل

74 - باب المسترابة بالحبل

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سمعت أبا إبراهيم (علیه السلام) يقول : إذا طلّق

ص: 105


1- أي لم تجد الأقراء الثلاثة إلا في ثلاثة أشهر، فهذه تنقسم إلى ما لا يستقيم لها حيض وإلى ما يستقيم .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء، ح 15 . الاستبصار ،3 ، 187 - باب إن المرأة إذا حاضت فيما دون الثلاثة أشهر كانت . . . ، ح 9. ويقول المحقق في الشرائع 35/3: «وفي اليائسة والتي لم تبلغ روايتان إحداهما إنهما تعتدان بثلاثة أشهر، والأخرى : لا عدَّة عليهما وهي الأشهر. وحدّد اليأس، أن تبلغ خمسين سنة، وقيل: في الفرشية والنبطِيَّة ستين سنة ». وعبارة الشرائع هذه يظهر منها عدم التفرقة بين المبتدئة والمضطربة ويبدو أن مذهب الشيخ متطابق مع مذهب المحقق في ذلك .
4- التهذيب 8، نفس الباب، ح 174 . وروى صدره برقم 66 من الباب 19 من الجزء الأول من التهذيب أيضاً. الاستبصار ، 208 - باب إن العدَّة والحيض إلى النساء ويقبل قولهن فيه ، ح 1 . وما عليه أصحابنا هو أن القول قولها في العدَّة والحيض بلا خلاف من أحد منهم ، وذلك لأنها أبصر بحالها، اللّهم إلا أن تكون موضع تهمة .

الرّجل امرأته فادَّعت حبلاً ، انتظر تسعة أشهر، فإن ولدت، وإلّا اعتدَّت ثلاثة أشهر، ثمّ قد بانت منه (1).

2 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن أبي حمزة، عن محمّد بن حكيم، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: قلت له : المرأة الشابّة التي تحيض مثلها، يطلّقها زوجها فيرتفع طمئها، كم عدّتها؟ قال : ثلاثة أشهر، قلت: فإنّها ادّعت الحبل بعد ثلاثة أشهر؟ قال: عدّتها تسعة أشهر قلت: فإنّها ادّعت الحبل بعد تسعة أشهر؟ قال : إنّما الحبل تسعة أشهر، قلت: تَزَوَّجُ ؟ قال : تحتاط بثلاثة أشهر، قلت: فإنّها ادّعت بعد ثلاثة أشهر؟ قال : لا ريبة عليها، تَزَوَّجُ إن شاءت(2).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان، عن ابن حكيم، عن أبي إبراهيم أو (3)أبيه (علیه السلام) أنّه قال في المطلّقة يطلقها زوجها فتقول : أنا حبلى، فتمكث سنة؟ قال : إن جاءت به لأكثر من سنة لم تُصَدَّق - ولو ساعة واحدة - في دعواها (4).

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة ؛ وأبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن محمّد بن حكيم، عن العبد الصالح (علیه السلام) قال : قلت له : المرأة الشابة التي تحيض مثلها، يطلّقها زوجها فيرتفع طمثها، ما عدتها ؟ قال : ثلاثة أشهر، قلت: جُعِلْتُ فِداك ، فإنّها تزوجت بعد ثلاثة أشهر، فَتَبَيَّنَ بها بعدما دخلت على زوجها أنها حامل؟ قال : هيهات من ذلك يا ابن حكيم ، رفع الطمث ضَرْبان : إما فساد من حيضة، فقد حلّ لها الأزواج، وليس بحامل، وإما حامل فهو يَسْتَبِينُ في ثلاثة أشهر، لأنَّ اللّه عزَّ وجلَّ قد جعله وقتاً يستبين فيه الحمل ، قال : قلت: فإنّها ارتابت؟ قال : عدَّتها تسعة أشهر قلت: فإنها ارتابت بعد تسعة أشهر؟ قال: إنّما الحمل تسعة أشهر قلت فَتَزَوَّجُ ؟ قال : تحتاط بثلاثة أشهر، قلت: فإنها ارتابت بعد ثلاثة أشهر؟ قال : ليس عليها رِيبَة، تتزوّج (5).

ص: 106


1- التهذيب 8، نفس الباب، ح 43. وفيه : حملا . . ، بدل: حَبَلاً . الفقيه 3، 160 - باب طلاق الحامل، ح 7 بتفاوت يسير . يقول المحقق في الشرائع 37/3 : ولو طلّقت فادّعت الحمل، صبر عليها أقصى الحمل، وهي تسعة أشهر، ثمّ لا يقبل دعواها وفي رواية سنة، وهي ليست مشهورة .
2- التهذيب 8، نفس الباب، ح 44
3- الشك من الراوي .
4- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 45 بتفاوت يسير في الذيل.
5- التهذيب 8 ،6 - باب عِدّد النساء ، ح 46 .

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن حكيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) (1) أو أبي الحسن (علیه السلام) قال : قلت له : رجل طلّق امرأته، فلمّا مضت ثلاثة أشهر، ادّعت حَبَلاً؟ قال : ينتظر بها تسعة أشهر ؛ قال : قلت : فإنّها ادّعت بعد ذلك حَبَلاً؟ قال : هيهات هيهات إنّما يرتفع الطمث من ضربين : إما حَبَل بيّن، وإما فساد من الطمث، ولكنّها تحتاط بثلاثة أشهر بَعْدُ .

وقال أيضاً في التي كانت تطمث ثمّ يرتفع طمثها سنة : كيف تطلّق؟ قال: تطلّق بالشهود، فقال لي بعض من قال إذا أراد أن يطلّقها وهي لا تحيض، وقد كان يطؤها، استبرأها بأن تمسك عنها ثلاثة أشهر من الوقت الذي تبين فيه المطلّقة المستقيمة الطمث، فإن ظهر بها حَبَل وإلّا طلّقها تطليقة بشاهدين، فإن تركها ثلاثة أشهر فقد بانت بواحدة، وإذا أراد أن يطلّقها ثلاث تطليقات تركها شهراً، ثمّ ،راجعها ، ثمّ طلّقها ثانية، ثمّ أمسك عنها ثلاثة أشهر، يستبرئها، فإن ظهر بها حَبَل فليس له أن يطلّقها إلا واحدة (2).

باب نفقة الحبلى المطلقة

75 - باب نفقة الحبلى المطلقة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: الحامل، أجَلُها أن تضع حملها، وعليه نفقتها بالمعروف حتّى تضع حملها(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا طلّق الرّجل المرأة وهي حبلى أنفق عليها حتّى تضع حملها، فإذا وضعته أعطاها أجرها، ولا يضارها إلا أن يجد من هو أرخص أجراً منها، فإن هي رضيت بذلك الأجر، فهي أحقُّ بابنها حتّى تَفْطُمه (4).

3 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الحبلى المطلّقة ينفق عليها حتّى تضع حملها، وهي أحقُّ بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة

ص: 107


1- الترديد من الراوي .
2- الحديث ضعيف على المشهور. وذيله - حسب الظاهر - ليس من كلام المعصوم (علیه السلام) ، ولذا فهو ليس بحجة .
3- التهذيب 8 ،6 - باب عدد النساء، ح 62 .
4- التهذيب 8، نفس الباب، ح 64 بتفاوت يسير جداً.

أخرى، إنَّ اللّه عزّ وجلَّ يقول : (لا تضارّ والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك )(1)، قال : كانت المرأة منّا ترفع يدها إلى زوجها إذا أراد مجامعتها فتقول : لا أدعك، لأني أخاف أن أحمل على ولدي، ويقول الرّجل : لا أجامعك إنّي أخاف أن تعلقي فأقتل ولدي، فنهى اللّه عزّ وجلَّ أن تضار المرأةُ الرّجل وأن يضارّ الرّجل المرأة، وأمّا قوله : وعلى الوارث مثل ذلك ، فإنّه نهى أن يضارّ بالصبيّ أو يضار أُمه في رضاعه، وليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين، وإن أرادا فصالاً عن تراض منهما قبل ذلك كان حسناً، والفصال، هو الفطام (2)

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في الرّجل يطلّق امرأته وهي حبلى؟ قال: أجلها أن تضع حملها، وعليه نفقتها حتّى تضع حملها (3).

باب إن المطلقة ثلاثاً لا سُكنى لها ولا نفقة

76 - باب إن المطلقة ثلاثاً لا سُكنى لها ولا نفقة

1 - أبو العباس الرزّاز، عن أيّوب بن نوح ؛ وأبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة، كلّهم عن صفوان بن يحيى، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إِنَّ المطلّقة ثلاثاً ليس لها نفقة على زوجها، إنّما هي للّتي لزوجها عليها رجعة (4).

2 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن المطلقة ثلاثاً على السنّة، هل لها سكنى أو نفقة؟ قال : لا (5).

ص: 108


1- البقرة/ 233
2- الفقيه 3، 160 - باب طلاق الحامل، ح 2 بتفاوت وأخرجه عن عليُّ بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) .
3- التهذيب 8، نقس الباب، ح 63 . هذا، ولا خلاف بين أصحابنا رضوان اللّه علیهم في إن المطلقة الحامل من تجب نفقتها حتّى تضع حملها للنص القرآني : وإن كن أولات أحمال فأنفقوا عليُّهن حتّى يضعن حملهن. وإن اختلفوا في إن النفقة المحامل نفسها أم للحمل، حيث ذهب الأكثر إلى أنها للحمل، وإن ذهب البعض إلى أنها للحامل .
4- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 58 . الاستبصار 3 ، 192 - باب إنه إذا طلقها التطليقة الثالثة لم يكن عليه نفقتها ولا سكناها ، ح 1 . الفقيه ،3 155 - باب طلاق العدَّة، ح 5.
5- التهذيب 8 ،نفس الباب ح59 الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 2 . . يقول المحقق في الشرائع : «نفقة الرجعية لازمة في زمان العدَّة وكسوتها ومسكنها يوماً فيوماً مسلمة كانت أو ذمية ... ولا نققة للبائن ولا سكنى إلا أن تكون حاملا فلها النفقة والسكنى حتّى تضع ...»

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى - أو رجل - عن حمّاد، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عن المطلّقة ثلاثاً ، ألها سكنى ونفقة؟ قال : حبلى هي ؟ قلت : لا ، قال : لا(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر ، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : المطلّقة ثلاثاً ليس لها نفقة على زوجها، إنّما ذلك للّتي لزوجها عليها رجعة (2)

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : المطلّقة ثلاثاً، ألَها سكنى أو نفقة؟ فقال: حبلى هي فقلت: لا، قال ليس لها سكنى ولا نفقة.

باب متعة المطلقة

77 - باب متعة المطلقة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في الرّجل يطلّق امرأته أيمتّعها؟ قال: نعم، أما يحبُّ أن يكون من المحسنين ، أما يحبُّ أن يكون من المتّقين ؟! ((3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن البزنطي قال : ذكر بعض أصحابنا (4) أنَّ متعة المطلّقة فريضة (5).

3- أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلَّ : و للمطلّقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين (6) قال : متاعها بعدما تنقضي عدّتها (على الموسع قَدَرُهُ وعلى المُقْتِرِ قدره) (7) وكيف لا

ص: 109


1- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 61 بتفاوت يسير . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 4 . والترديد في سند الحديث من الراوي
2- راجع تخريج الحديث رقم (1) من هذا الباب .
3- التهذيب8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 86 . وفيه : أما تحب أن تكون . في الموضعين.
4- في التهذيب: عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) .
5- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 89 الفقيه 3 ، 159 - باب طلاق التي لم يدخل بها وحكم المتوفى ...، ح 2
6- البقرة/ 241
7- البقرة/ 236 . والموسع : الغني الموسر، والمعتر: الفقير.

يمتّعها وهي في عدّتها ترجوه ويرجوها، ويحدث اللّه عزَّ وجلَّ بينهما ما يشاء، وقال: إذا كان الرّجل مُوَسَّعاً عليه متّع امرأته بالعبد والأمة ، والمقتر يمتّع بالحنطة [والشعير] والزَّبيب والثوب والدَّراهم ، وإنَّ الحسن بن عليّ (علیه السلام) متّع امرأة له بأمة، ولم يطلّق امرأة إلّا متّعها(1).

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، جميعاً عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : في قول اللّه عزَّ وجلَّ : (وللمطلّقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين) ، قال : متاعها بعدما تنقضي عدَّتها ،(على الموسع قَدَرُهُ وعلى المُقْتِر قدره ) قال : كيف لا يمتّعها في عدّتها وهي ترجوه ويرجوها، ويحدث اللّه ما يشاء، أما إنَّ الرّجل الموسع يمتّع المرأة بالعبد والأمة، ويمتع الفقير بالحنطة [بالتمر] والزبيب والثوب والدراهم، وإنّ الحسن ابن عليُّ (علیه السلام) متع امرأة طلقها بأمة، ولم يكن يطلّق امرأة إلّا متّعها (2).

5- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله إلّا أنّه قال : وكان الحسن بن عليُّ (علیه السلام) يمتّع نساءه بالأمة .

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : أخبرني عن قول اللّه عزّ وجلَّ : (وللمطلّقات متاع بالمعروف حقاً على المتّقين)، ما أدنى ذلك المتاع إذا كان معسراً لا يجد ؟ قال : خِمَارٌ أو شبهه(3).

باب ما للمطلقة التي لم يدخل بها من الصداق

78 - باب ما للمطلقة التي لم يدخل بها من الصداق

1- أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ وأبو العبّاس محمّد بن جعفر الرزّاز، عن أيّوب بن نوح ؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة، جميعاً عن صفوان ، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا طلّق الرّجل امرأته قبل أن يدخل بها، فقد بانت منه ، وتتزوّج إن شاءت من ساعتها، وإن كان فرض لها مهراً، فلها نصف المهر، وإن لم يكن فرض لها مهراً، فليمتّعها .

ص: 110


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 83 .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 84 . ح.
3- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 85 وفي ذيله : الخمار وشبهه . الفقيه 3 ، 159 - باب طلاق التي لم يدخل بها وحكم المتوفى عنها ...، ح 5مرسلا .

2 - صفوان ، عن ابن مسكان، عن أبي بصير ؛ وعليُّ ، عن أبيه؛ وعدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد،عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، جميعاً عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه عزَّ وجلَّ: (وإن طلّقتموهنَّ من قبل أن تَمسّوهنَّ وقد فرضتم لهنَّ فريضة فنصف ما فرضتم إلّا أن يعفون أو يعفوَ الذي بيده عُقْدَةُ النكاح ((1) ؟ قال : هو الأب، أو الأخ، أو الرّجل بوصى إليه، والذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها فتجيز (2) فإذا عفى فقد جاز (3).

3 - عليٌّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها ؟ قال : عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئاً وإن لم يكن فرض لها فليمتّعها على نحو ما يمتع مثلها من النساء، قال : وقال في قول اللّه عزّ وجلَّ: أو يعفُو الذي بيده عُقْدَة النكاح ، قال : هو الأب والأخ ، والرّجل يوصى إليه، والرّجل يجوز أمره في مال المرأة فيبيع لها ويشتري لها، فإذا عفى فقد جاز (4)

4 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : رجل تزوّج امرأة على مائة شاة، ثمّ ساق إليها الغنم ، ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها، وقد ولدت الغنم ؟ قال : إن كانت الغنم حملت عنده، رجع بنصفها ونصف أولادها، وإن لم يكن الحمل عنده، رجع بنصفها ، ولم يرجع من الأولاد بشيء.

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) مثله ، إلّا أنّه قال : ساق إليها غنماً ورقيقاً، فولدت الغنم والرّقيق.

5 - محمّد ، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن ابن بكير، عن عليّ بن رئاب، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في الرّجل يتزوّج المرأة الرّتقاء، أو الجارية البكر، فيطلّقها ساعة تدخل عليه؟ فقال: هاتان ينظر إليهما من يوثق به من النساء، فإن كنَّ على حالهنَّ كما أدخلن عليه، فإنَّ لهنّ نصف الصداق الذي فرض لها ، ولا عدَّة عليها منه (5).

ص: 111


1- البقرة/ 237
2- في الفقيه :ويتّجر ...
3- الفقيه 3 ، نفس الباب ، ح 6 .
4- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 92 . وقد دل هذا الحديث كغيره على إن من بيده عقدة النكاح ليس هو الزوج بل الذي يلي أمر المرأة . وحمل الأكثر الأخ هنا على ما إذا كان وكيلاً عنها أو وصياً عليها .
5- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 74 بتفاوت وزيادة في آخره. وكذا هو في الاستبصار 3، 140 - باب ما يوجب المهر كملا ، ح 8 . والرتق : هو أن يكون الفرج ملتحماً ليس فيه مدخل للذكر ، وقيل : إن القرن والعقل والرتق مترادفة في كونها لحماً ينبت في الفرج ويمنع من الوطء .

6 – محمّد، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل تزوّج امرأة بألف درهم، فأعطاها عبداً له أبقاً ، وبُرْدَ حبرة بالألف التي أصدقها ؟ فقال : إذا رضيت بالعبد وكان قد عرفته، فلا بأس، إذا هي قبضت الثوب ورضيت بالعبد، قلت: فإن طلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال : لا مهر لها، وتردُّ عليه خمسمائة درهم، ويكون العبد لها(1).

7- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل تزوّج امرأة وجعل صداقها أباها، على أن تردّ عليه ألف درهم ، ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها، ما ينبغي لها أن تردّ عليه، وإنما لها نصف المهر، وأبوها شيخ قيمته خمسمائة درهم، وهو يقول : لولا أنتم لم أبعه بثلاثة آلاف درهم؟ فقال : لا يُنظر في قوله ولا تَردَّ عليه شيئاً .

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن صالح بن رزين، عن ابن شهاب (2)قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل تزوّج امرأة بألف درهم، فأدّاها إليها، فوهبتها له وقالت أنا فيك أرغب، فطلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال: يرجع عليها بخمسمائة درهم(3).

9 - محمّد، عن أحمد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن ابن أذينة، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل تزوّج امرأة فأمهرها ألف درهم ، ودفعها إليها، فوهبت له خمسمائة درهم وردَّتها عليه ، ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال: تردُّ عليه الخمسمائة درهم الباقية، لأنّها إنّما كانت لها خمسمائة درهم، فهبتها إيّاها له ولغيره سواء (4).

10 – محمّد، عن أحمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن عُبَيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل تزوّج امرأة وأمهرها أباها، وقيمة

ص: 112


1- التهذيب 7 ،31 - باب المهور والأجور وما . . . ، ح 47 . وكان قد مر برقم 6 ح 47 . وكان قد مر برقم 6 من باب نوادر في المهر من الجزء 3 من الفروع فراجع
2- هو شهاب بن عبد ربه .
3- التهذيب 7 ،نفس ،الباب ، ح 74 بتفاوت الفقيه ،3، 159 - باب طلاق التي لم يدخل بها وحكم المتوفى عنها . . . ح 9 .
4- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و. ح 55 بتفاوت .

أبيها خمسمائة درهم، على أن تعطيه ألف درهم، ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال : ليس عليها شي ءُ(1).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل طلّق امرأته قبل أن يدخل بها؟ قال : عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئاً، وإن لم يكن فرض لها شيئاً، فليمتّعها على نحو ما يمتّع به مثلها من النساء(2).

12 - محمّد بن يحيى رفعه، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن الأول (علیه السلام) في رجل تزوّج امرأة على عبد وامرأته، فساقهما إليها، فماتت امرأة العبد عند المرأة، ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها ؟ قال : إن كان قوّمها عليها يوم تزوّجها ، فإنه يقوم العبد الباقي بقيمته، ثمّ ينظر ما بقي من القيمة التي تزوجها عليها، فتردّ المرأة على الزوج ، ثمّ يعطيها الزوج النصف مما صار إليه(3).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام)أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : في المرأة تَزَوَّج على الوصيف، فيكبر عندها، فيزيد أو ينقص، ثمّ يطلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال عليها نصف قيمته يوم دفع إليها، لا ينظر في زيادة ولا نقصان (4).

14 - وبهذا الإسناد في الرّجل يعتق أمته فيجعل عتقها مهرها، ثمّ يطلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال: تردُّ عليه نصف قيمتها تُسْتَسْعى فيها.

باب ما يوجب المهر كَمَلاً

79 - باب ما يوجب المهر كَمَلاً

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل دخل بامرأة؟ قال : إذا التقى الخِتانان، وجب المهر والعدَّة.

ص: 113


1- الحديث مجهول.
2- التهذيب 8 ،6 - باب عدد النساء، ح 93
3- الفقيه 3، 124 - باب ما أحل اللّه عز وجلّ من النكاح و . . . ، ح 78 بتفاوت قليل .
4- التهذيب 7، 31 - باب المهور والأجور و ...، ح 57 بتفاوت وسند آخر. والحديث ضعيف على المشهور، ويدل على أن المعتبر في الرد القيمة يوم الدفع. وإن الزيادة إذا كانت متصلة فليس للزوج من قيمتها شيء. وهو ما قطع به جماعة من الأصحاب.

2 – عليٌّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا التقى الختانان، وجب المهر والعدَّة والغسل (1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا أولجه فقد وجب الغسل والجَلْدُ والرجم، ووجب المهر.

4-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: ملامسة النساء، هو الإيقاع بهنَّ .

5- محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل تزوّج امرأة، فأغلق باباً، وأرخى ستراً، ولمس، وقبل، ثمّ طلّقها، أيوجب عليه الصداق ؟ قال : لا يوجب عليه الصداق إلّا الوِقاع .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سأله أبي - وأنا حاضر - عن رجل تزوّج امرأة، فأدخلت عليه فلم يمسّها ولم يصل إليها حتّى طلّقها هل عليها عدَّة منه ؟ فقال : إنّما العدَّة من الماء (2) ، قيل له : فإن كان واقعها في الفرج ولم يُنزل؟ فقال: إذا أدخله، وجب الغسل والمهر والعدَّة (3).

7-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن الرّجل يطلق المرأة وقد مس كلَّ شيء منها، إلّا أنّه لم يجامعها، ألها عدَّة؟ فقال : ابتلى أبو جعفر (علیه السلام) بذلك ، فقال له أبوه عليُّ بن الحسين (علیه السلام) : إذا أغلق باباً وأرخى ستراً وجب المهر والعدَّة.

قال ابن أبي عمير : اختلف الحديث في أنّ لها المهر كملاً، وبعضهم قال: نصف المهر، وإنّما معنی ذلك : أنّ الوالي إنّما يحكم بالحكم الظاهر إذا أغلق الباب وأرخى الستر وجب المهر ، وإنّما هذا عليها إذا علمت أنه لم يمسها، فليس لها فيما بينها وبين اللّه إلا نصف المهر (4).

ص: 114


1- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 69 . الاستبصار 3 ، 140 - باب ما يوجب المهر كَمَلاً ، ح . بدون الصدر فيهما وبدون والغسل، في ذيلهما.
2- كناية عن الإنزال فيها، أو من ما هو مظنته وهو الدخول بها .
3- الحديث صحيح .
4- الحديث حسن. وأورد الشيخ كلام ابن أبي عمير بنصه في التهذيب 7 ، بعد الحديث 77 من الباب 41 وفي الاستبصار ، بعد الحديث 11 من الباب 140 .

8 - عدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد، عن ابن رئاب، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : الرّجل يتزوَّج المرأة فيرخى عليه وعليها الستر ويغلَقُ الباب، ثمّ يطلّقها، فتُسأل المرأة : هل أتاك ؟ فتقول : ما أتاني، ويُسأل هو: هل أتيتها؟ فيقول : لم آتها، فقال : لا يُصَدَّقان، وذلك أنّها تريد أن تدفع العدَّة عن نفسها، ويريد هو أن يدفع المهر عن نفسه، - يعني إذا كانا متّهمين (1).

9-أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: سألته عن الرّجل يتزوّج المرأة فيدخل بها، فيغلق باباً ويرخي ستراً عليها، ويزعم أنّه لم يمسّها، وتصدّقه هي بذلك، عليها عدَّة؟ قال: لا، قلت: فإنه شيء دون شيء؟ قال : إن أخرج الماء اعتدت - يعني (2)إذا كانا مأمونين صدقا ..

باب إن المطلقة وهو غائب عنها تعتدُّ من يوم طُلّقت

80 - باب إن المطلقة وهو غائب عنها تعتدُّ من يوم طُلّقت

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) : قال : سألته عن الرّجل يطلّق امرأته وهو غائب عنها، من أيّ يوم تعتدُّ؟ فقال: إن أقامت لها بيّنَةَ عَدْل أنّها طُلّقت في يوم معلوم، وتيقّنت، فلتعتدُّ من يوم طلقت، وإن لم تحفظ في أي يوم وفي أي شهر، فلتعتدُّ من يوم يبلغها(3)

2 - عليُّ،، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة ؛ ومحمّد بن

ص: 115


1- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 73 الاستبصار ، نفس الباب، ح 7. بدون عن نفسه . الخ . قال المحقق في الشرائع 2 / 333 :« إذا خلا بها فادعت المواقعة فإن أمكن الزوج إقامة البيئة، بأن ادعت هي إن المواقعة قبلاً وكانت بكراً فلا كلام وإلا كان القول قوله مع يمينه ، لأن الأصل عدم المواقعة وهو منكر لما تدعيه ، وقيل : القول قول المرأة عملاً بشاهد حال الصحيح في خلوته بالحلائل، والأول أشبه» . أقول: وأصح القولين عند أصحابنا كما ينص عليه الشهيد الثاني في الروضة، ويختاره الشهيد الأول في اللمعة هو إن الموجب للمهر هو الدخول قبلاً أو دبراً ، لا مجرد الخلوة بالزوجة وإرخاء الستر، كما نص عليه المحقق في عبارة الشرائع التي أوردناها آنفا فراجع . ويقول الشهيد الثاني رحمه اللّه في الروضة:« والأخبار الدالة على وجوب المهر بالخلوة التامة بحملها على كونه دخل بشهادة الظاهر». ثمّ قال والأشهر الأول.. أي وجوب المهر بالوطء دون الخلوة - ترجيحاً للأصل».
2- هذا إما من كلام الكليني رحمه اللّه . أو من تتمة كلام الراوي.
3- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 161 . الاستبصار 3، 206 - باب إن الغائب إذا طلق امرأته اعتدت من يوم طلقها لا . . . ، ح 3 .

مسلم، وبريد بن معاوية، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّه قال : في الغائب إذا طلّق امرأته، أنّها تعتدُّ من اليوم الذي طلّقها (1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن المثنى، عن زرارة قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل طلّق امرأته وهو غائب عنها، متى تعتدّ؟ قال : إذا قامت لها بيّنة أنّها طُلّقت في يوم معلوم وشهر معلوم ، فلتعتدُّ من يوم طُلّقت، وإن لم تحفظ في أيّ يوم وأيّ شهر، فلتعتدُّ من من يوم يبلغها (2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عیسی، عن شعيب بن يعقوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عن المطلّقة يطلّقها زوجها، فلا يُعلم إلّا بعد سنة ؟ فقال : إن جاء شاهداً عدل فلا تعتدّ، وإلّا فلتعتدُّ من يوم يبلغها(3).

5- محمّد ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : إذا طلّق الرّجل وهو غائب، فليُشهد على ذلك، فإذا مضى ثلاثة أقراء من ذلك اليوم، فقد انقضت عدَّتها (4).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال : قال في المطلّقة : إذا قامت البيّنة أنّه قد طلّقها منذ كذا وكذا ، فكانت عدّتها قد انقضت، فقد بانت .

7- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر الواسطي، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا طلّق الرّجل امرأته وهو غائب، فقامت البيّنة على ذلك، فعدّتها من من يوم طلّق .

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إذا طلّق الرّجل وهو غائب،

ص: 116


1- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 159 . الاستبصار ،3، 206 - باب إن الغائب إذا طلق امرأته اعتدت من يوم طلقها لا ...،ح1. قال المحقق في الشرائع 46/3 : «تعتدُّ زوجة الحاضر من حين الطلاق أو الوفاة، وتعتدُّ من الغائب في الطلاق من وقت الوقوع . ولو علمت الطلاق ولم تعلم الوقت اعتدت عند البلوغ».
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح .162 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 4 .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 163 . الاستبصار ،3، نفس ،الباب ، ح 5 وفيهما فلا تعلم إلا .
4- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 160 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 2 .

فقامت لها البّينة أنّه طلّقها في شهر كذا وكذا اعتدّت من اليوم الذي كان من زوجها فيه

الطلاق، وإن لم تحفظ ذلك اليوم، اعتدَّت من يوم علمت.

باب عدَّة المتوفى عنها زوجها وهو غائب

81 - باب عدَّة المتوفى عنها زوجها وهو غائب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) في الرّجل يموت وتحته امرأة وهو غائب؟ قال : تعتدُّ من يوم يبلغها وفاته .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : التي يموت عنها زَوجها وهو غائب، فعدَّتها من يوم يبلغها إن قامت البيّنة، أو لم تَقُم(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة؛ ومحمّد بن مسلم، وبريد بن معاوية ، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّه قال في الغائب عنها زوجها إذا توفي، قال: المتوفي عنها [زوجها]، تعتدُّ من يوم يأتيها الخبر، لأنها تحدُّ عليه(2).

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ وأبو العباس الرزّاز، عن أيّوب بن نوح، جميعاً عن صفوان، عن ابن مسكان عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: في المرأة إذا بلغها نعي زوجها؛ قال تعتدُّ من يوم يبلغها، إنّها تريد أن تحدّ له.

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن رفاعة قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن المتوفّى عنها زوجها وهو غائب، متى تعتدُّ ؟ فقال : يوم يبلغها، وذكر أن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال : إنَّ إحداكنَّ كانت تمكث الحَول إذا توفّي زوجها وهو غائب، ثمّ ترمي ببعرة وراءها .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إن مات عنها زوجها - يعني وهو غائب - فقامت البيّنة على

ص: 117


1- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 167 . الاستبصار 3، 206 - باب إن الغائب إذا طلق امرأته اعتدت من يوم . . . ، ح 4 .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح .166 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 3 .

موته، فعدَّتها من يوم يأتيها الخبر ، أربعة أشهر وعشراً ، لأنَّ عليها أن تحدَّ عليه في الموت أربعة أشهر وعشراً، فتمسك عن الكحل والطيب والأصباغ (1).

7-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال: المتوفى عنها زوجها، تعتدُّ حين يبلغها، لأنّها تريد أن تحدَّ عليه (2).

باب علة اختلاف عدَّة المطلقة وعدَّة المتوفى عنها زوجها

82 - باب علة اختلاف عدَّة المطلقة وعدَّة المتوفى عنها زوجها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سيف، عن محمّد بن سليمان، عن أبي جعفر الثاني (علیه السلام) قال: قلت له : جُعِلْتُ فِداك ، كيف صارت عدَّة المطلّقة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر، وصارت عدَّة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً ؟ فقال : أما عدَّة المطلّقة ثلاثة قروء فلاستبراء الرحم من الولد وأمّا عدَّة المتوفى عنها زوجها ، فإِنَّ اللّه عزّ وجلَّ شرط للنساء شرطاً، وشرط عليهنَّ شرطاً ، فلم يُحَابِهِنَّ فيما شرط لهنَّ، ولم يجر فيما اشترط عليهن، شرط لهنَّ في الإيلاء أربعة أشهر، إذ يقول اللّه عزّ وجلَّ: (للذين يُؤْلُونَ من نسائهم تربص أربعة أشهر)(3)، فلم يجوز لأحد أكثر من أربعة أشهر في الإيلاء، لعلمه تبارك وتعالى أنه غاية المرأة من الرّجل ، وأما ما شرط عليُّهنَّ، فإنّه أمرها أن تعتدُّ إذا مات عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً، فأخذ منها له عند موته ما أخذ لها منه في حياته عند إيلائه، قال اللّه تبارك وتعالى : (يتربَّصْنَ بأنفسهنَّ أربعة أشهر وعشرا) (4)، ولم يذكر العشرة الأيام في العدَّة إلا مع الأربعة أشهر، وعلم أنَّ غاية صبر المرأة الأربعة أشهر في ترك الجماع، فمن ثمّ أوجبه عليها ولها (5).

باب عدَّة الحُبلى المتوفى عنها زوجها ونفقتها

83 - باب عدَّة الحُبلى المتوفى عنها زوجها ونفقتها

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن

ص: 118


1- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 165 . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 2 .
2- التهذيب 8 ، باب عدد النساء ، ح 164 . الاستبصار 3 ، 207 - باب إنه إذا مات الرّجل غائباً عن زوجته كان عليها . . . ، ح 1 . وفي ذيلهما : له بدل عليه . 1 قال المحقق في الشرائع، وهو بصدد الحديث عن عدَّة الوفاة في حال غيبة الزوج : «وفي الوفاة من حين البلوغ ولو أخبر غير العدل لكن لا تنكح إلا مع الثبوت وفائدته الإجتزاء بتلك العدَّة».
3- البقرة/ 226 .
4- البقرة/ 234
5- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 94 بتفاوت قليل .

عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : قال : المتوفّى عنها زوجها الحامل، أَجَلها آخرُ الأجلين إذا كانت حُبلى ، فتمّت لها أربعة أشهر وعشر، ولم تضع ، فإنّ عدّتها إلى أن تضع ، وإن كانت تضع حملها قبل أن يتمّ لها أربعة أشهر وعشراً، تعتدُّ بعدما تضع تمام أربعة أشهر وعشراً، وذلك أبعد الأجلين (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنه قال في المتوفّى عنها زوجها، تنقضي عدَّتها آخِرَ الأجلين(2).

3-عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال في الحبلى المتوفّى عنها زوجها : إنّه لا نفقة لها(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : عدَّة المتوفّى عنها زوجها آخر الأجلين، لأنَّ عليها أن تحدَّ أربعة أشهر وعشراً ، وليس عليها في الطّلاق أن تحدّ (4).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في امرأة توفي عنها زوجها وهي حبلى، فولدت قبل أن تنقضي أربعة أشهر وعشر، فتزوّجت، فقضى أن يخلّي عنها ثمّ لا يخطبها حتّى ينقضي آخر الأجلين، فإن شاء أولياء المرأة أنكحوها ، وإن شاؤوا أمسكوها ، فإن أمسكوها ردّوا عليه ماله(5).

6 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة ،عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الحُبلى المتوفّى عنها زوجها، عدَّتها آخر الأجلين.

7-عنه، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : المرأة الحبلى المتوفّى عنها زوجها، تضع ، وتَزَوَّج قبل أن تخلوا أربعة أشهر

ص: 119


1- التهذيب 8، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 117 .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 118 .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 121 . الاستبصار ،3 ، 200 - باب إنه لا نفقة للمتوفى عنها زوجها في حال عدتها و...، ح 2 . يقول المحقق في الشرائع 349/2: وفي الحامل المتوفى عنها زوجها روايتان أشهرهما أنه لا نفقة لها، والأخرى ينفق عليها من نصيب ولدها .
4- التهذيب 8، نفس الباب،ح119
5- الفقيه 3، 160 - باب طلاق الحامل، ح 5 .

وعشر؟ قال : إن كان زوجها الذي تزوّجها دخل بها، فرّق بينهما، واعتدَّت ما بقي من عدَّتها الأولى، وعدَّة أخرى من الأخير، وإن لم يكن دخل بها، فرّق بينهما، واعتدَّت ما بقي من عدَّتها، وهو خاطب من الخطّاب .

وعنه ، عن جعفر بن سماعة ؛ وعليُّ بن خالد العاقولي ، عن كرّام ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) مثله .

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في المرأة الحامل المتوفّى عنها زوجها، هل لها نفقة؟ قال : لا (1)

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في المرأة الحامل المتوفّى عنها زوجها، هل لها نفقة؟ قال: لا(2).

وروي أيضاً أنّ نفقتها من مال ولدها الّذي في بطنها [رواه]:

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المرأة الحبلى المتوفى عنها زوجها، يُنفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها (3)

ص: 120


1- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 120 . الاستبصار ،3، 200 - باب إنه لا نفقة للمتوفى عنها زوجها في حال عدتها وإن . . . ، ح ا .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح122 ، الاستبصار ، نفس الباب، ح 3 .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح125 الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 6 الفقيه 3، 160 - باب طلاق ،الحامل، ح 3 . وقال الصدوق بعد إيراده هذه الرواية : والذي نفتي به رواية الكناني. ويقول الشهيد الثاني في المسالك ، 54/2 من الطبعة الحجرية : المشهور بين الأصحاب إن نفقة المعتدة مختصة بالرجعية والباين الحامل، وأما المتوفى عنها فإن كانت حايلاً فلا نفقة لها إجماعاً ، وإن كانت حاملاً فلا نفقة لها في مال المتوفى أيضاً كذلك، وهي يجب في نصيب الولد؟ اختلف الأصحاب في ذلك بسبب اختلاف الروايات، فذهب الشيخ في النهاية وجماعة من المتقدمين إلى الوجوب، وللشيخ قول آخر بعدمه وهو مذهب المتأخرين. .. وأما المحقق الحلي فقد استبعد هذه الرواية وجزم بعدم النفقة للمتوفى عنها زوجها ولو كانت حاملا ووجه استبعاده لها هو أن ملك الحمل مشروط بانفصاله حيا فقبله لا مال له في الميراث ولا في غيره، مع إنها معارضة لبعض الروايات الصحيحة الأخرى الناصة على عدم النفقة، فتأمل.

باب المتوفى عنها زوجها المدخول بها أين تعتدُّ وما يجب عليها

84 - باب المتوفى عنها زوجها المدخول بها أين تعتدُّ وما يجب عليها

1 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان ؛ ومعاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن المرأة المتوفّى عنها زوجها، أتعتدُّ في بيتها ، أو حيث شاءت؟ قال : بل حيث شاءت إنَّ عليّاً (علیه السلام) لمّا توفّي عمر، أتى أمّ كلثوم فانطلق بها إلى بيته(1).

2 - محمّد بن يحيى ؛ وغيره، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن امرأة توفّي زوجها، أين تعتدُّ في بيت زوجها تعتدّ، أو حيث شاءت؟ قال : بلى (2)، حيث شاءت، ثمّ قال: إنّ عليُّاً (علیه السلام) لمامات عمر، أتى أم كلثوم ، فأخذ بيدها، فانطلق بها إلى بيته(3).

3-الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليُّ(4) أو غيره - عن أبان بن عثمان، عن عبد اللّه بن سليمان قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن المتوفّى عنها زوجها، أتخرج إلى بيت أبيها وأمها من بيتها إن شاءت، فتعتدُّ ؟ فقال : إن شاءت أن تعتدُّ في بيت زوجها اعتدت، وإن شاءت اعتدّت في أهلها، ولا تكتحل ولا تلبس حُليّاً .

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبان، عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألت عن المتوفّى عنها زوجها؟ فقال : لا تكتحل للزّينة، ولا تطيّب ولا تلبس ثوباً مصبوغاً، ولا تبيت عن بيتها، وتقضي الحقوق، وتمتشط بغسلة، وتحج، وإن كانت في عدَّتها (5).

5- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد اللّه بن جبلة ، عن ابن بكير، عن عُبَيد بن

ص: 121


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح156 . الاستبصار 3 205 - باب المتوفى عنها زوجها هل يجوز أن تبيت 205 عن ...، ح 1 .
2- في التهذيب : بل. ولا يوجد كل من اللفظين في الاستبصار.
3- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 157 . الاستبصار 3، 205 - باب إن المتوفى عنها زوجها هل يجوز لها أن تبيت عن ...، ح 2
4- الترديد من الراوي .
5- التهذيب 8، نفس الباب، ح150 غِسْلَة مطرّاة - كما يقول الجوهري - هي آس يطرى بأفاويه الطيب ويمتشط به ولا تقل : غسلة، وقال أيضاً: مطراة، أي مرقاة بالأفاوية يغسل بها الرأس واليد.

زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في المتوفّى عنها زوجها، أتحجُّ وتشهد الحقوق؟ قال: نعم.

6 - حميد، عن ابن سماعة ، عن ابن رباط عن ابن مسكان، عن أبي العبّاس قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : المتوفّى عنها زوجها؟ قال : لا تكتحل للزينة، ولا تطيّب، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً، ولا تخرج نهاراً، ولا تبيت عن بيتها؛ قلت: أرأيت إن أرادت أن تخرج إلى حقّ، كيف تصنع ؟ قال : تخرج بعد نصف اللّيل، وترجع عشاءاً(1).

7-حميد، عن ابن سماعة، عن عبد اللّه بن جبلة، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن المتوفى عنها زوجها، أتخرج من بيت زوجها؟ قال: تخرج من بيت زوجها، وتحجُّ ، وتنتقل من منزل إلى منزل(2).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزین، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال: سألته عن المتوفّى عنها زوجها، أين تعتدُّ ؟ قال : حيث شاءت، ولا تبيت عن بيتها(3).

9- محمّد عن أحمد بن محمّد، عن الحسين، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن المتوفّى عنها زوجها، أتعتدُّ في بيت تمكث فيه شهراً أو أقلّ من شهر أو أكثر، ثمّ تتحوّل منه إلى غيره فتمكث في المنزل الذي تحوَّلت إليه مثل ما مكثت في المنزل الذي تحوَّلت منه ، كذا صنيعها حتّى تنقضي عدَّتها؟ قال: يجوز ذلك لها، ولا بأس (4).

10 - حميد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن أبي حمزة، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم قال : جاءت امرأة إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) تستفتيه في المبيت في غير بيتها وقد مات زوجها؟ فقال : إنَّ أهل الجاهليّة كان إذا مات زوج المرأة ، أحدَّث عليه امرأته اثني عشر شهراً، فلمّا بعث اللّه محمّداً (صلّی اللّه علیه وآله)، رحم ضعفهنَّ، فجعل عدَّتهنَّ أربعة أشهر وعشراً، وأنتنّ لا تصبرن على هذا.

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي

ص: 122


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 151 . الاستبصار ،3 نفس ،الباب ، ح 5 .
2- الفقيه 3، 159 - باب طلاق التي لم يدخل بها وحكم ... ، ح 14 بتفاوت مرسلاً .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح152 . الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 6 .
4- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 153 وفي ذيله : فلا بأس . الاستبصار 3 ، 205 - المتوفى عنها زوجها هل يجوز لها أن تبيت عن ...، ح 3 .

عبد اللّه (علیه السلام) قال : سُئل عن المرأة، يموت عنها زوجها، أيصلح لها أن تحجَّ، أو تعود مريضاً؟

قال: نعم، تخرج في سبيل اللّه، ولا تكتحل ولا تَطَيَّب .

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المتوفّى عنها زوجها، ليس لها أن تطيب ولا تزيّن حتّى تنقضي عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام(1).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي بصير، ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته قال: سألته عن المرأة يتوفّى عنها زوجها، وتكون في عدَّتها ، أتخرج في حقّ ؟ فقال : إنَّ بعض نساء النّبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) سألته فقالت : إنَّ فلانة توفّي عنها زوجها ، فتخرج في حقّ ينوبها؟ فقال لها رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : أنَّ لكنَّ قد كنتنَّ من قبل أن أبعث فيكن وإنَّ المرأة منكن إذا توفي عنها زوجها أخذت بعرة فرمت بها خلف ظهرها، ثمّ قالت: لا أمتشط ولا أكتحل ولا أختضب حولاً كاملاً وإنّما أمرتكنّ بأربعة أشهر وعشراً، ثمّ لا تصبرن، لا تمتشط، ولا تكتحل ولا تختضب ولا تخرج من بيتها نهاراً ، ولا تبيت عن بيتها، فقالت : يا رسول اللّه ، فكيف تصنع إن عرض لها حقٌّ ؟ فقال : تخرج بعد زوال الليل وترجع عند المساء، فتكون لم تبت عن بيتها، قلت له : فتحجّ ؟ قال : نعم .

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن التي توفّي عنها زوجها ، أتحجّ ؟ قال : نعم، وتخرج، وتنتقل من منزل إلى منزل (2).

باب المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها وما لها من الصداق والعدَّة

85 - باب المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها وما لها من الصداق والعدَّة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) في الرّجل يموت وتحته امرأة لم يدخل بها؟ قال: لها نصف المهر، ولها الميراث كاملاً، وعليها العدَّة كاملة(3).

ص: 123


1- والحداد عند أصحابنا هو عبارة عن ترك ما فيه زينة من الثياب والأدهان المقصود بهما الزينة، والطيب، ولا بأس بالثوب الأسود والأزرق لبعده عن شبهة الزينة .
2- انظر الحديث رقم 7 من هذا الباب.
3- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 98 . الاستبصار ،3، 197 - باب إن التي يتوفى عنها زوجها قبل الدخول بها كان . . . ، ح 2 .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عُبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل تزوّج امرأة ولم يدخل بها؟ قال: إن هلكت، أو هلك، أو طلّقها، فلها النّصف، وعليها المدّة كَمَلاً ، ولها الميراث(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن رجل عن عليّ بن الحسين (علیه السلام) أنّه قال في المتوفّى عنها زوجها ولم يدخل بها؛ إنَّ لها نصف الصّداق، ولها الميراث، وعليها العدَّة.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إن لم يكن قد دخل بها وقد فرض لها مهراً فلها نصف ما فرض لها ولها الميراث وعليها العدَّة (2).

5- عليُّ،، عن أبيه ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة قال: سألته عن المرأة تموت قبل أن يدخل بها، أو يموت الزّوج قبل أن يدخل بها؟ فقال: أيّهما مات فللمرأة نصف ما فرض لها ، وإن لم يكن فَرَضَ لها، فلا مهر لها (3).

6 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : في امرأة توفّيت قبل أن يدخل بها، ما لها من المهر، وكيف ميراثها ؟ فقال : إذا كان قد فرض لها صداقاً ، فلها نصف المهر، وهو يرثها، وإن لم يكن فرض لها صداقاً ، فلا صداق لها ، وقال في رجل توفّي قبل أن يدخل بامرأته قال : إن كان فرض لها مهراً فلها نصف المهر، وهي ترثه، وإن لم يكن فرض لها مهراً ، فلا مهر لها (4).

7-وبإسناده، عن أبان بن عثمان عن عبيد بن زرارة ؛ وفضل أبي العبّاس قالا : قلنا

ص: 124


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 99. الاستبصار ،3، نفس ،الباب ، ح 3 وفيهما: كاملة، بدل: كَمَلاً.
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 100 . الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 4 يقول الشهيدان في اللمعة والروضة : ولا عدَّة على من لم يدخل بها الزوج من الطلاق والفسخ إلا في الوفاة فيجب على الزوجة مطلقاً الاعتداد أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت حرة وإن كان زوجها عبداً ونصفها شهران وخمسة أيام إن كانت أمة وإن كان زوجها حراً على الأشهر. وقيل هي كالحرة . .. صغيرة كانت أم كبيرة أم يائسة . . . . كما يراجع شرائع الإسلام للمحقق 38/3
3- التهذيب 8، 6 - باب عدد النساء ، ح 108 . الاستبصار 3، 198 - باب إنه إذا سمّى المهر ثمّ مات قبل أن يدخل بها كان . . . ، ح 8 .
4- روی صدره بتفاوت في التهذيب ،8 نفس الباب، ح 109 . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 9.

لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : ما تقول في رجل تزوج امرأة ثمّ مات عنها وقد فرض لها الصّداق؟ فقال: لها نصف الصداق، وترثه من كلّ شيء، وإن ماتت فهي كذلك (1).

8-حميد بن زياد، عن ابن سماعة ، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في المتوفّى عنها زوجها ولم يمسّها ، قال : لا تنكح حتّى تعتدُّ أربعة أشهر وعشراً عدَّة المتوفّى عنها زوجها (2).

9-حميد، عن ابن سماعة، عن أحمد بن الحسن، عن معاوية بن وهب، عن عُبَيد زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في المتوفّى عنها زوجها ولم يدخل بها؟ قال : هي بمنزلة المطلّقة التي لم يدخل بها ، إن كان سمّى لها مهراً فلها نصفه، وهي ترثه، وإن لم يكن سمى لها مهراً، فلا مهر لها، وهي ترثه، قلت : والعدَّة؟ قال: كُفَّ عن هذا (3).

10 - حميد، عن ابن سماعة ؛ وأبو العباس الرزّاز، عن أيّوب بن نوح؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحیى، عن ابن مسكان، عن الحسن الصّيقل ؛ وأبي العبّاس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في المرأة يموت عنها زوجها قبل أن يدخل بها؟ قال : لها نصف المهر، ولها الميراث، وعليها العدَّة (4).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عُبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن امرأة هلك زوجها ولم يدخل بها؟ قال: لها الميراث، وعليها العدَّة كاملة ، وإن سمّى لها مهراً فلها نصفه، وإن لم يكن سمى لها مهراً، فلا شيء لها (5).

ص: 125


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 110 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 10 وفي ذيله ، قوله : وترثه من كل شيء : الظاهر منه هو إن للزوجة إن ترث زوجها من كل ما ترك من أمواله المنقولة وغير المنقولة، وقد ذهب إلى ذلك جماعة من الأصحاب في صورة ما إذا كان لها منه ولد وأما إذا لم يكن لها منه ولد فاختلفوا على أقوال ثلاثة، يقول المحقق في الشرائع 34/4 - 35 : إذا كان للزوجة من الميت ولد ورثت من جميع ما ترك، ولو لم يكن لم ترث من الأرض شيئا وأعطيت حصتها من قيمة الآلات والأبنية ، وقيل : لا تمنع إلا من الدور والمساكن . وخرج المرتضى رحمه اللّه قولاً ثالثاً، وهو تقويم الأرض وتسليم حصتها من القيمة، والقول الأول أظهر».
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، 95. الاستبصار 3، 197 - باب إن التي يتوفى عنها زوجها قبل الدخول. ح 1. الفقيه 3 159 - باب طلاق التي لم يدخل بها وحكم المتوفى عنها . . . ، ح 11.
3- الظاهر من أمره (علیه السلام) له بالكفّ عن السؤال عن عدَّة غير المدخول بها للوفاة إنما هو للتقية
4- الحديث صحيح .
5- الفقيه 3 ،159 - باب طلاق التي لم يدخل بها وحكم المتوفى عنها . . . ، ح 8.

باب المرجل يطلق امرأته ثمّ يموت قبل أن تنقضي عدّتها

86 - باب المرجل يطلق امرأته ثمّ يموت قبل أن تنقضي عدّتها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیه السلام) في رجل طلّق امرأته طلاقاً يملك فيه الرجعة، ثمّ مات عنها؟ قال : تعتدُّ بأبعد الأجلين؛ أربعة أشهر وعشراً(1).

2 - عنه ، عن بعض أصحابنا، في المطلّقة البائنة إذا توفّي عنها وهي في عدَّتها؟ قال : تعتدُّ بأبعدِ الأجلين.

3 - حمید بن زیاد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل طلّق امرأته ثمّ توفّي وهي في عدَّتها؟ قال : ترثه وإن توفيت وهي في عدّتها فإنه يرثها ، وكلّ واحد منهما يرث من دية صاحبه ما لم يَقْتُلْ أحدهما الآخر. وزاد فيه محمّد بن أبي حمزة وتعتدُّ عدَّة المتوفى عنها زوجها؛ قال الحسن بن سماعة : وهذا الكلام سقط من كتاب ابن زياد، ولا أظنّه إلّا وقد رواه (2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال : المتوفّى عنها زوجها يُنْفَقُ عليها من ماله(3).

5- محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل كانت تحته امرأة فطلقها ثمّ مات عنها قبل أن تنقضي عدَّتها؟ قال : تعتدُّ أبعد الأجلين عدَّة المتوفّى عنها زوجها (4).

ص: 126


1- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء، ح 113 . الاستبصار ،3، 199 - باب إن الرّجل يطلق امرأته ثمّ يموت قبل أن . . . ، ح 4 .
2- التهذيب 8، نفس الباب، ح 114 . الاستبصار 3 178 - باب طلاق ،المريض، ح 12 وليس فيه ذكر الأمير المؤمنين (علیه السلام) . وبتفاوت إلى قوله : ما لم يقتل أحدهما الآخر. وكرره بتفاوت برقم 189 من الباب 3 من نفس الجزء من التهذيب .
3- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 124 . الاستبصار 3 ، 200 - باب إنه لا نفقة للمتوفى عنها زوجها في حال عدتها وإن . . . ، ح 5 .
4- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 115 . الاستبصار ،3، 199 - باب إن الرّجل يطلق امرأته ثمّ يموت قبل أن تخرج من ...، ح 1. وما تضمنه الحديث إنما هو مختص بمن طلقت رجعياً لا بائناً، يقول المحقق في الشرائع 37/3: «ولو طلق الحائل رجعياً ثمّ مات في العدَّة استأنفت عدَّة الوفاة، ولو كان بائناً اقتصر على إتمام عدَّة الطلاق».

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران ؛ وأحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سمعته يقول : أيّما امرأة طلّقت ثمّ توفّي عنها زوجها قبل أن تنقضي عدَّتها، ولم تحرم عليه، فإنها ترثه، ثمّ تعتدُّ عدَّة المتوفّى عنها زوجها، وإن توفّيت وهي في عدَّتها ولم تحرم عليه، فإنّه يرثها(1).

باب طلاق المريض ونكاحه

87 - باب طلاق المريض ونكاحه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن المريض، أله أن يطلق امرأته في تلك الحال؟ قال : لا ، ولكن له أن يتزوج إن شاء، فإن دخل بها ورثته، وإن لم يدخل بها فنكاحه باطل (2).

2 - وبإسناده، عن ابن محبوب، عن ربيع الأصمّ، عن أبي عبيدة الحذّاء؛ ومالك بن عطيّة، عن أبي الورد كلاهما عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا طلّق الرّجل امرأته تطليقة في ،مرضه، ثمّ مكثت في مرضه حتّى انقضت عدَّتها، فإنّها ترثه ما لم تتزوّج، فإن كانت تزوّجت بعد انقضاء العدَّة، فإنّها لا ترثه(3).

3- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ والرزّاز، عن أيّوب بن نوح ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة، كلّهم عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عمّن حدَّثه عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل طلّق

ص: 127


1- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 116 . وكان قد ذكره بزيادة في آخره برقم 188 من الباب 3 من نفس الجزء من التهذيب الاستبصار ،3، 178 - باب طلاق ،المريض ح 11 بزيادة في آخره وكان قد ذكره برقم 2 من الباب 199 من نفس الجزء من الاستبصار وهو بنفس نص الفروع هنا . وفيه فإن ماتت بدل : وإن توفيت .
2- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق، ح 178 . الاستبصار ،3، 178 - باب طلاق المريض ، ح 2 . الفقيه 3، 174 - باب طلاق المريض، ح 2 . ولا خلاف بين أصحابنا في صحة طلاق المريض وإن قالوا بكراهته لو وقع ويرث زوجته ما دامت في العدَّة الرجعية، ولا يرثها في البائن ولا بعد العدَّة، وترثه هي سواء كان طلاقها بائناً أو رجعياً، ما بين الطلاق وبين سنته، ما لم تتزوج أو يبرأ من مرضه الذي طلقها فيه . فلو برء ثمّ مرض ثمّ مات لم ترثه إلا في العدَّة الرجعية» الشرائع للمحقق 27/3.
3- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ، ح 181 . الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 6 . الفقيه 3 ، 174 - باب طلاق المريض، ح 3 وليس في سنده ذكر لأبي الورد. ويقول المحقق في الشرائع 27/3 : وترثه هي، سواء كان طلاقها بائناً أو رجعياً ما بين الطلاق وبين سنته ما لم تتزوج أو يبرأ من مرضه الذي طلقها فيه .

امرأته وهو مريض؟ قال : إن مات في مرضه ولم تتزوَّج، ورثته، وإن كانت قد تزوَّجت، فقد رضيت بالّذي صنع ، لا ميراث لها (1).

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد اللّه بن جبلة، عن ابن بكير، عن عُبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يجوز طلاق المريض، ويجوز نكاحه(2).

5-عنه، عن أحمد بن محمّد، عن محسن(3)، عن معاوية بن وهب، عن عُبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته وهو مريض . حتّى مضى لذلك سنة؟ قال : ترثه إذا كان في مرضه الذي طلقها، ولم يصحّ بين ذلك (4).

6 - وعنه ، عن الحسن بن محمّد، عن ابن سماعة ، عن ابن رباط، عن ابن مسكان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قلت له : رجل طلّق امرأته وهو مريض تطليقة، وقد كان طلّقها قبل ذلك تطليقتين؟ قال : فإنّها ترثه إذا كان في مرضه ، قال : قلت : وما حدُّ المرض؟ قال : لا يزال مريضاً حتّى يموت وإن طال ذلك إلى السنة (5).

7-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا طلّق الرّجل المرأة في مرضه، ورثته مادام في مرضه ذلك، وإن انقضت عدَّتها إلا أن يصحّ منه ، قال : قلت : فإن طال به المرض؟ قال : ما بينه وبين سنة (6).

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة،

ص: 128


1- التهذيب 8 ، 3 - باب أحكام الطلاق، ح182 . الاستبصار 3، 178 - باب طلاق المريض، ح 7 . والرزّاز: هو محمّد بن جعفر، أبو العباس. وكرره في التهذيب 9 برقم 11 من الباب 43 . وسوف يكرره الشيخ الكليني رحمه اللّه برقم 7 من باب ميراث المطلقات في المرض وغير المرض من كتاب المواريث من الجزء 5 .
2- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 177 . الاستبصار ،3 ، نفس الباب ، ح 1 وفيه العليل بدل : المريض . الفقيه 3، 174 - باب طلاق المريض ، ح 6 بتفاوت وأخرجه عن ابن بكير عن زرارة عن أبي عبد اللّه عبد اللّه (علیه السلام) .
3- في التهذيب 1 عن أحمد بن محسن وفي الاستبصار: عن أحمد بن الحسن .
4- التهذيب 8 ، نفس الباب، ح 183 . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 8 وفي ذيلهما : ولم يصح من ذلك.
5- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 184 . الاستبصار ،3 ، نفس الباب ، ح 9 وفي سنده : عن ابن سنان . . ، بدل : عن ابن رباط.
6- التهذيب 9 ، 43 - باب ميراث المطلقات ح .9 الفقيه 4 ، 156 - باب توارث الرّجل والمرأة يتزوجها و. 2 بتفاوت قليل. وكرره الكليني رحمه اللّه في الفروع ،5 المواريث باب ميراث المطلقات في المرض وغير المرض، ح 5 .

عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ليس للمريض أن يطلّق، وله أن يتزوَّج(1).

9 - محمّد، عن أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة قال : سألته (علیه السلام) عن رجل طلّق امرأته وهو مريض؟ قال : ترثه ما دامت في عدَّتها، وإن طلّقها في حال إضرار فهي ترثه إلى سنة ، فإن زاد على السنة يوماً واحداً لم ترثه، وتعتدُّ منه أربعة أشهر وعشراً، عدَّة المتوفّى عنها زوجها (2).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان ، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) : أنّه قال : في رجل طلّق امرأته تطليقتين في صحّة، ثمّ طلّق التطليقة الثالثة وهو مريض: إنها ترثه مادام في مرضه، وإن كان إلى سنة (3).

11 - عليُّ،، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي أنّه سئل عن الرّجل يحضره الموت، فيطلّق امرأته، هل يجوز طلاقُها؟ قال: نعم، وإن مات ورثته، وإن ماتت لم يرثها(4).

12 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة، عن أحدهما (علیه السلام) قال : ليس للمريض أن يطلّق وله أن يتزوّج، فإن هو تزوّج ودخل بها، فهو جائز، وإن لم يدخل بها حتّى مات في مرضه فنكاحه باطل ولا مهر لها، ولا ميراث (5).

باب في قول اللّه عز وجل : ﴿ ولا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقوا عليهنَّ)

88 - باب في قول اللّه عز وجل : ﴿ ولا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقوا عليهنَّ)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبي، عن أبي

ص: 129


1- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق ، ح 179 وذكره صدر حديث برقم 104 من الباب 41 من الجزء 7 من . التهذيب أيضاً. الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 3 . الفقيه ،3، 174 - باب طلاق المريض ، ح 6 .
2- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق ، ح 186 . الاستبصار ،3، 178 - باب طلاق المريض ، ح 14 . الفقيه 3 ، 174 - باب طلاق المريض، ح 7 وفيه إلى قوله : . . . يوم واحد لم ترثه . هذا والأكثر من أصحابنا عن أن الحكم بتوريث المطلقة في مرض الزوج إذا مات فيه متعلق بالطلاق في المرض، لا لمكان التهمة بأنه يريد بطلاقه لها الإضرار بها بحرمانها من الميراث، وهو ما اختاره الشيخ في التهذيبين، ونقل ترجيح العلامة له في بعض كتبه. وما ذكرناه عن الأكثر هو الوجه عند المحقق في الشرائع 27/3 .
3- الفقيه 3، 174 - باب طلاق المريض، ح 5 .
4- التهذيب 8، نفس الباب، ح 187 . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 5 الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 8 وأخرجه عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) . وكرره برقم 726 من التسلسل العام من الجزء 4 من الفقيه أيضاً.
5- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 24 وكرره برقم 104 من نفس الباب أيضاً. الاستبصار ، نفس الباب، ح 4 ورواه أيضاً برقم (1) من الباب 124 من نفس الجزء من الاستبصار.

عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يضارَّ الرّجل امرأته إذا طلَّقها، فيضيّق عليها حتّى تنتقل قبل أن تنقضي عدَّتها، فإنَّ اللّه عزّ وجلَّ قد نهى عن ذلك فقال : ولا تضارُّوهن لتضيّقوا عليهن)(1).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله .

باب طلاق الصبيان

89 - باب طلاق الصبيان

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن طلاق الغلام لم يحتلم ، وصَدَقَته؟ فقال : إذا طلّق للسنّة، ووضع الصدقة في موضعها وحقّها، فلا بأس، وهو جائز(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ليس طلاق الصبي بشيء (3).

3- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد اللّه بن جبلة، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يجوز طلاق الصبيّ، ولا السكران .

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسين، عن عدَّة من أصحابه (4)، عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : [لا] يجوز طلاق الغلام إذا كان قد عقل، ووصيّته وصَدَقْتُه وإن لم يحتلم (5).

ص: 130


1- الطلاق / 6 وأول الآية : وأسكنوهُنَّ من حيث سكنتم من وجدِكُم. .. ومعنى : وجدكُمْ: وُسْعِكُمْ.
2- التهذيب 8 ، 3 - باب أحكام الطلاق ، ح 174 . الاستبصار ،3، 177 - باب طلاق الصبي ، ح 2 . الفقيه 3، 157 - باب طلاق الغلام ، ح 1 بتفاوت وأخرجه عن زرعة عن سماعة مضمراً. هذا وقد اختلف أصحابنا رضوان اللّه علیهم في مسألة طلاق الصبي المميز إذا بلغ عشر سنين على قولين، والمشهور عندهم هو عدم صحة طلاقه ولو أذن له الولي، مع إجماعهم على عدم صحة طلاق الصبي الغير المميز، يقول الشهيدان ويعتبر في المطلق البلوغ فلا يصح طلاق الصبي وإن أذن له الولي وبلغ عشراً على أصح القولين». ويقول المحقق في الشرائع 12/3: فلا اعتبار بعبارة الصبي قبل بلوغه عشراً، وفيمن بلغ عشراً عاقلاً وطلق للسنة رواية بالجواز فيها ضعف، ولو طلق وليه لم يصح لاختصاص الطلاق بمالك البضع وتوقع زوال حجره غاليا ...».
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 175 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 3 .
4- في التهذيبين : عن عدَّة من أصحابنا .
5- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 176 . الاستبصار ،3 نفس الباب ، ح 4. وفيهما ويجوز طلاق ...الخ.

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين، جميعاً عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله .

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : [لا] يجوز طلاق الصبيّ إذا بلغ عشر سنين (1).

باب طلاق المعتوه والمجنون وطلاق وليّه عنه

90 - باب طلاق المعتوه والمجنون وطلاق وليّه عنه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمّد بن أبي حمزة، عن أبي خالد القمّاط قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : الرّجل الأحمق الذاهب العقل يجوز طلاق وليّه عليه ؟ قال : ولم لا يطلّق هو؟ قلت: لا يؤمن إن طلّق هو أن يقول غداً لم أطلّق، أو لا يحسن أن يطلّق قال ما أرى وليّه إلّا بمنزلة السلطان(2).

2-أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ وأبو العباس الرزّاز، عن أيّوب بن نوح ؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان ، عن أبي خالد القمّاط قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : رجل يعرف رأيه مرَّة وينكره أخرى، يجوز طلاق وليه عليه؟ قال : ما له هو لا يطلّق ؟ قلت : لا يعرف حدَّ الطلاق، ولا يؤمن عليه إن طلّق اليوم أن يقول غداً : لم أطلق ، قال : ما أراه إلّا بمنزلة الإمام - يعني الوليّ - (3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن زرارة؛ وبكير؛ ومحمّد بن مسلم ؛ وبريد وفُضَيل بن يسار ؛ وإسماعيل الأزرق؛ ومعمر بن يحيى، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّ المولّه (4)ليس له طلاق، ولا عنقه عتق . 4 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن أبي ،نصر، عن عبد الكريم (5)عن

ص: 131


1- روى هذا الحديث بنفس سند الحديث السابق عليه مباشرة هنا في التهذيب ،8 ، نفس الباب ، ح 173
2- الفقيه 3 ، 158 - باب طلاق المعتوه ، ح 3 بتفاوت وأخرجه عن صفوان بن يحيى عن أبي خالد القماط عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) . وفي آخره: ما أراه إلا بمنزلة الإمام - يعني الولي
3- انظر تخريج الحديث السابق عليه.
4- قوله : - كما في النهاية - ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد وفي بعض النسخ المدله وهو كما في القاموس الساهي القلب الذاهب العقل من عشق ونحوه، أو من لا يحفظ ما فعل أو فعل به .
5- هو ابن عمرو.

الحلبيّ قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن طلاق المعتوه الذّاهب العقل، أيجوز طلاقه؟ قال : لا؛ وعن المرأة إذا كانت كذلك، أيجوز بيعها أو صَدَقَتُها؟ قال : لا(1).

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح، عن شهاب بن عبد ربّه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : المعتوه الذي لا يُحسن أن يطلّق طلّق عنه وليّه على السنّة، قلت: فإن جهل فطلّقها ثلاثاً في مقعد؟

قال : يُردُّ إلى السنّة، فإذا مضت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء، فقد بانت منه بواحدة.

6-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كلُّ طلاق جائز، إلّا طلاق المعتوه ، أو الصبي ، أو مُبرسم، أو مجنون، أو مكروه(2).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان ، عن أبي خالد القماط، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في طلاق المعتوه ؟ قال : يطلق عنه وليه ، فإني أراه بمنزلة الإمام (3)

باب طلاق السكران

91 - باب طلاق السكران

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن طلاق السكران؟ فقال: لا يجوز، ولا كرامة .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ليس طلاق السكران بشيء.

3-محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن طلاق السكران ؟ فقال : لا يجوز ولا كرامة

ص: 132


1- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق ، ح 170 . الاستبصار ،3، 176 - باب طلاق المعتوه ، ح 1 . وفي سنده : عبد الملك بن عمر الفقيه 3 158 - باب طلاق المعتوه ح 1 . وَعَتَهُ وَعْتِهُ - على المجهول - عنها وعتها وعُتاهاً فهو معتوه : نقص عقله، أو فقد أو دُهِش من غير مسٌ أو جنون .
2- الحديث ضعيف على المشهور والبرسام كما في القاموس، علة يهذى فيها.
3- الحديث ضعيف على المشهور. ويقول المحقق في الشرائع 12/3: «الشرط الثاني - في المطلّق - العقل فلا يصح طلاق المجنون ولا السكران ولا من زال عقله بإغماء، أو شُرب مرقد لعدم القصد، ولا يطلق الولي عن السكران ، لأن زوال عذره غالب فهو كالنائم، ويطلق عن المجنون، ولو لم يكن له ولي طلق عنه السلطان أو من نصبه للنظر في ذلك ».

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن ابن رباط ؛ والحسين بن هاشم، عن صفوان جميعاً، عن ابن مسكان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن طلاق السكران ، فقال : لا يجوز ولا عتقه (1).

باب طلاق المُضْطَرِّ والمُكْرَه

92 - باب طلاق المُضْطَرِّ والمُكْرَه

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي عمير أو (2)غيره، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سمعته يقول : لو أنَّ رجلاً مسلماً مرَّ بقوم ليسوا بسلطان، فقهروه حتّى يتخوّف على نفسه أن يُعتقَ أو يُطلّق، ففعل، لم يكن عليه شيء.

2 - عليُّ،، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن طلاق المكره وعتقه؟ فقال : ليس طلاقه بطلاق ولا عتقه بعتق ، فقلت : إنّي رجلٌ تاجرٌ، أمرُّ بالعشّار ومعي مال؟ فقال : غيّبه ما استطعت، وضعه مواضعه، فقلت : وإن حلّفني بالطلاق والعتاق ؟ فقال : احلف له، ثمّ أخذ تمرة فَحَفَنَ (3)بها من زبد كان قدّامه فقال ما أبالي حلفت لهم بالطلاق والعتاق، أو أكلتها .

3-حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبيس بن هشام ، وصالح بن خالد، عن منصور بن يونس قال: سألت العبد الصالح (علیه السلام) وهو بالعريض فقلت له : جُعِلْتُ فِداك ، إنّي قد تزوَّجت امرأة وكانت تحبّني ، فتزوّجت عليها ابنة خالي، وقد كان لي من المرأة ولد، فرجعت إلى بغداد فطلّقتها واحدة، ثمّ راجعتها، ثمّ طلّقتها الثانية ، ثمّ راجعتها، ثمّ خرجت من عندها أريد سفري هذا، حتّى إذا كنت بالكوفة ، أردت النظر إلى ابنة خالي ، فقالت أختي وخالتي : لا تنظر إليها واللّه أبداً حتّى تطلق فلانة، فقلت: ويحكم، واللّه مالي إلى طلاقها سبيل؟ فقال لي : هومن شأنك، ليس لك إلى طلاقها سبيل ، فقلت : جُعِلْتُ فِداك ، إنه كانت لي منها بنت وكانت ببغداد وكانت هذه بالكوفة، وخرجت من عندها قبل ذلك بأربع فأبوا على إلا تطليقها ثلاثاً، ولا واللّه - جعلت فداك - ما أردت اللّه وما أردت إلا أن أداريهم عن نفسي، وقد امتلأ قلبي من ذلك، جُعِلْتُ فِداك؟ فمكث طويلاً مُطرقاً ، ثمّ رفع رأسه إليَّ وهو متبسم فقال : أما ما بينك وبين اللّه عزّ وجلَّ فليس بشيء، ولكن إذا قدموك إلى السلطان أبانها منك.

ص: 133


1- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق، صدرح 164 بتفاوت .
2- الترديد من الراوي
3- الحَفْن كما في القاموس أخذك الشيء براحتك والأصابع مضمومة.

4- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمعته يقول : لا يجوز الطلاق في استكراه، ولا يجوز عتق في استكراه، ولا يجوز يمين في قطيعة رحم، ولا في شيء من معصية اللّه ، فمن حلف أو حلّف في شيء من هذا وفعله فلا شيء عليه ، قال : وإنما الطلاق ما أريد به الطّلاق، من غير استكراه، ولا إضرار على العدَّة والسنة، على طهر بغير جماع وشاهدين، فمن خالف هذا فليس طلاقه ولا يمينه بشيء، يُرَدُّ إلى كتاب اللّه عزَّ وجلَّ (1).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن إسماعيل الجعفي قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : أمُرُّ بالعشّار ومعي مال، فيستحلفني، فإن حلفت له تركني ، وإن لم أحلف له فتشني وظلمني ؟ فقال : احلف له، قلت: فإنه يستحلفني بالطلاق؟ فقال : احلف له، فقلت: فإنَّ المال لا يكون لي؟ قال: فعن مال أخيك، إنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ردَّ طلاق ابن عمر، وقد طلق امرأته ثلاثاً وهي حائض، فلم يرذلك رسول اللّه شيئاً (2).

باب طلاق الأخرس

93 - باب طلاق الأخرس

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن الرّجل تكون عنده المرأة، ثمّ يصمت فلا يتكلّم؟ قال : يكون أخرس؟ قلت : نعم، فيعلم منه بغض لامرأته وكراهته لها أيجوز أن يطلق عنه وليه؟ قال: لا، ولكن يكتب ويُشهد على ذلك، قلت : لا يكتب ولا يسمع ، كيف يطلقها؟ فقال : بالذي يُعرَف منه من فعاله، مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه لها (3).

ص: 134


1- التهذيب 8، 3 - ياب أحكام الطلاق ، ح 167 .
2- الحديث صحيح. وإنما أورد طلاق ابن عمر كمثال لكل طلاق تختل فيه بعض الشرائط، فلا يقع صحيحاً .
3- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 166 . الاستبصار ،3، 175 - باب طلاق الأخرس ، ح 1 بتفاوت فيهما ، الفقيه 3، 162 - باب طلاق الأخرس ، ح 1 . وقال الصدوق بعد إيراده الخبر: وقال أبي رضي اللّه عنه في رسالته إلى ؛ الأخرس إذا أراد أن يطلق امرأته ألقى على رأسها قناعاً يرى إنها قد حرمت عليه، وإذا أراد مراجعتها كشف القناع عنها يري إنها قد حلت له». وقال الشهيدان: «وطلاق الأخرس بالإشارة المفهمة له وإلقاء القناع على رأسها ليكون قرينة على وجوب سترها منه ، والموجود في كلام الأصحاب الإشارة خاصة، وفي الرواية إلقاء القناع فجمع المصنف رحمه اللّه بينهما وهو أقوى دلالة، والظاهر أن إلقاء القناع من جملة الإشارات ويكفي منها ما دل على قصد الطلاق . . . . . وقالا في موضع آخر من كتابهما : «ورجعة الأخرس بالإشارة المفهمة لها وأخذ القناع من رأسها لما تقدم من أن وضعه عليها إشارة إلى الطلاق، وضدّ العلامة علامة الضد ولا نص هنا عليه بخصوصه فلا يجب الجمع بينهما بل يكفي الإشارة مطلقاً».

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن أبان بن عثمان قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن طلاق الخرساء؟ قال : يلفّ قناعها على رأسها ويجذبه .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها فيضعها على رأسها ويعتزلها (1).

4 - عليُّ ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار ، عن يونس في رجل أخرس كتب في الأرض بطلاق امرأته ؟ قال : إذا فعل ذلك في قبل الطهر بشهود، وفُهم عنه كما يُفهم عن مثله، ويريد الطلاق، جاز طلاقه على السنة (2).

باب الوكالة في الطلاق

94 - باب الوكالة في الطلاق

1 - أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ والرزّاز، عن أيّوب بن نوح؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن رجل جعل أمر امرأته إلى رجل فقال : اشهدوا أنّي جعلت أمر فلانة إلى فلان، أيجوز ذلك للرّجل ؟ قال : نعم (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد؛ وأبو عليّ

ص: 135


1- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 168 . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 2 . وفيهما : ويضعها . وفيهما في الذيل: ثمّ يعتزلها.
2- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق ، ح 169 . الاستبصار 3، 175 - باب طلاق الأخرس، ح 4 . وإنما جازت كتابة الأخرس في الطلاق لمكان الضرورة، وإلا فقد أجمع أصحابنا على إن الطلاق من الحاضر لا يقع بالكتابة، وهنالك قول بوقوعه بها إذا كان غائبا عن الزوجة ونقل ذلك عن الشيخ رحمه اللّه، ثمّ على تقدير وقوعه للضرورة ( أو مطلقاً على وجه) يعتبر رؤية الشاهدين الكتابة حالتها لأن ذلك بمنزلة النطق بالطلاق فلا يتم إلا بالشاهدين وكذا تعتبر رؤيتهما إشارة الأخرس ومن شاكله من العاجز.
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 34. الاستبصار ،3، 166 - باب الوكالة في الطلاق ، ح ا بتفاوت يسير في الذيل . هذا وقد أجمع أصحابنا على جواز الوكالة في الطلاق للغائب، وللحاضر على أصح القولين. وهل يصح أن يوكّلها في طلاق نفسها؟ المشهور عند أصحابنا جواز ذلك ،وصحته ، لأنها كاملة فلا وجه لسلب عبارتها فيه، ولا يقدح كونها بمنزلة موجبة وقابلة على تقدير طلاق نفسها لأن المغايرة الاعتبارية كافية وهو مما يقبل النيابة فلا خصوصية للنائب . وقد حكى المحقق في الشرائع عن الشيخ القول بعدم الصحة . ثمّ قال : والوجه الجواز.

الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، جميعاً عن عليّ بن النعمان،عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل يجعل أمر امرأته إلى رجل فقال : اشهدوا أنّي قد جعلت أمر فلانة إلى فلان، فيطلّقها أيجوز ذلك للرّجل؟ قال : نعم(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام): في رجل جعل طلاق امرأته بيد رجلين فطلّق أحدهما وأبى الآخر، فأبى أمير المؤمنين (علیه السلام) أن يجيز ذلك حتّى يجتمعا جميعاً على الطلاق (2).

4 - محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن مسكان، عن أبي هلال الرازي قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : رجلٌ وكّل رجلاً بطلاق امرأته إذا حاضت وطهرت، وخرج الرّجل ، فبدا له، فأشهد أنّه قد أبطل ما كان أمره به، وأنّه قد بدا له في ذلك؟ قال : فليُعلم أهله وليعلم الوكيل (3).

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن مسمع، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل جعل طلاق امرأته بيد رجلين، فطلّق أحدهما وأبى الآخر، فأبى عليّ (علیه السلام) أن يجيز ذلك حتّى يجتمعا على الطلاق جميعاً (4).

وروي أنّه لا تجوز الوكالة في الطّلاق.

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد عن الحسن بن عليّ ؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن جعفر بن سماعة، جميعاً عن حمّاد بن عثمان، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: لا تجوز الوكالة في الطلاق(5).

قال الحسن بن سماعة وبهذا الحديث نأخذ (6).

ص: 136


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 35 ، الاستبصار ، نفس الباب، ح 2 . وفي ذيله أيجوز ذلك. ،3، : .. ، بدون : للرجل .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 37 الاستبصار ، نفس الباب ح 4.
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 36 الاستبصار 3 ، نفس الباب ، ح .. الفقيه 3 ، 37 - باب الوكالة ، ح 2 . وكان قد ذكر الشيخ هذا الحديث برقم 4 من الباب 86 من الجزء 6 من التهذيب .
4- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 38 الاستبصار ، نفس الباب ، ح 5 .
5- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق، ح .39 الاستبصار ،3، 166 - باب الوكالة في . الطلاق، ح 6 .
6- ذكر هذا القول عن ابن سماعة الشيخ في التهذيب بعد إيراده الحديث المذكور أعلاه . بعد أن حمل الخبر على من كان حاضراً غير غائب عن بلده فلا تجوز وكالة مثل هذا في الطلاق.

باب الإيلاء

95 - باب الإيلاء (1)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة ، ، عن بريد بن معاوية قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول في الإيلاء : إذا آلى الرّجل أن لا يقرب امرأته ولا يمسها، ولا يجمع رأسه ورأسها ، فهو في سعة ما لم تمض الأربعة الأشهر، فإذا مضت أربعة أشهر، وُقِفَ ، فإمّا أن يفيء فيمسّها، وإمّا أن يعزم على الطلاق فيخلّي عنها، حتّى إذا حاضت وطهرت من حيضها، طلّقها تطليقة قبل أن يجامعها بشهادة عدلين، ثمّ هو أحقُّ برجعتها ما لم تمضِ الثلاثة الأقراء (2).

2 - عليُّ،،عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يهجر امرأته من غير طلاق ولا يمين سنة لم يقرب فراشها؟ قال : ليأت أهله وقال أيما رجل آلى من امرأته - والإيلاء أن يقول : لا واللّه لا أجامعك كذا وكذا، ويقول : واللّه لأغيضتك - ثمّ يغاضبها ، فإنّه يتربص بها أربعة أشهر، ثمّ يؤخذ بعد الأربعة الأشهر فيوقف ، فإن فاء - والإيفاء أن يصالح أهله - فإنّ اللّه غفور رحيم، فإن لم يفىء ء جبر على أن يطلّق، ولا يقع بينهما طلاق حتّى يوقف، وإن كان أيضاً بعد الأربعة الأشهر يُجبَر على أن يفيء أو يطلق(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إذا آلى الرّجل من امرأته - والإيلاء أن يقول : واللّه لا أجامعك كذا وكذا ، ويقول : واللّه لأغيضنّك - ، ثمّ يغاضبها، ثمّ يتربّص بها أربعة

ص: 137


1- الإيلاء : - لغةً - هو مصدر الى يولي إيلاءاً، إذا حلف مطلقاً، وشرعاً هو الحلف باللّه تعالى على ترك وطي الزوجة الدائمة المدخول بها قبلاً أو مطلقاً أبداً أو مطلقاً من غير تقييد بزمان، أو زيادة على أربعة أشهر للإضرار بها ولا فرق في الزوجة بين الحرة والأمة، المسلمة والكافرة
2- التهذيب 8 ،1 - باب حكم الإيلاء ، ح 3 . الاستبصار ،3، 156 - باب إن المولي إذا ألزم الطلاق كانت تطليقة رجعية، ح ا .
3- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ح 1. بتفاوت يسير الفقيه ،3، 170 - باب الإيلاء ، ح 1. الاستبصار 3، 155 باب مدة الإيلاء التي يوقف بعدها، ح 1. وقال المحقق في الشرائع 86/3: «مدة التربص في الحرة والأمة أربعة أشهر، سواء كان الزوج حراً أو عبداً، والمدة حق للزوج وليس للزوجة مطالبته فيها بالفئة ، فإذا انقضت لم تطلق بانقضاء المدة، ولم يكن للحاكم طلاقها، وإن رافعته فهو مخير بين الطلاق والفئة ، فإن طلق فقد خرج من حقها، وتقع الطلقة رجعية على الأشهر، وكذا إن فاء، وإن امتنع من الأمرين حبس وضيق عليه حتّى يفيء أو بها أق، ولا يجبره الحاكم على أحدهما تعيينا ...».

أشهر، فإن فاء - والإيفاء أن يصالح أهله أو يطلّق عند ذلك - ولا يقع بينهما طلاق حتّى يوقف، وإن كان بعد الأربعة الأشهر، حتّى يفيء أو يطلّق(1).

4 - عليُّ،، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن بكير بن أعين؛ وبريد بن معاوية، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّهما قالا : إذا آلى الرّجل أن لا يقرب امرأته، فليس لها قول ولا حقّ في الأربعة الأشهر، ولا إثمّ عليه في كفّه عنها في الأربعة الأشهر، فإن مضت الأربعة الأشهر قبل أن يمسّها، فسكتت ورضيت، فهو في حِلّ وسعة، فإن رفعت أمرها قيل له : إمّا أن تفيء فتمسّها، وإما أن تطلّق، وعزم الطّلاق أن يخلّي عنها، فإذا حاضت وطهرت طلّقها، وهو أحقُّ برجعتها ما لم تمض ثلاثة قروء، فهذا الإيلاء الذي أنزله اللّه تبارك وتعالى في كتابهوسنّة رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) .

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن منصور بن حازم قال : إنَّ المؤلي يجبر على أن يطلّق تطليقة بائنة (2) ، وعن غير منصور أنّه يطلّق تطليقة يملك الرجعة ، فقال له بعض أصحابه : إنَّ هذا منتقض ، فقال : لا ، التي تشكو فتقول : يجبرني ويضرّني ويمنعني من الزّوج، يجبر على أن يطلّقها تطليقة بائنة، والّتي تسكت ولا تشكو، إن شاء يطلّقها تطليقة يملك الرجعة .

6 – عليّ ، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: أتى رجل أمير المؤمنين (علیه السلام) فقال : يا أمير المؤمنين، إنَّ امرأتي أرضعت غلاماً، وإني قلت: واللّه لا أقربك حتّى تفطميه ؟ فقال : ليس في الإصلاح إيلاء(3).

ص: 138


1- التهذيب 8 ، 1 - باب حكم الإيلاء، ح 2 وفي ذيله : حبس حتّى . الخ . الاستبصار 3 ، 155 - باب مدة الإيلاء التي يوقف بعدها، ح 2
2- إلى هنا مروي في التهذيب ،8 نفس الباب ، ح .5 الاستبصار 3، 156 - باب إن المولي إذا ألزم الطلاق كانت تطليفة رجعية، ح 4 . ويظهر من كلمات أصحابنا إنهم متفقون على إن ليس للحاكم أن يجبر المؤلي على أحد الأمرين على التعيين وهما الفئة والطلاق، يقول الشهيدان ولا يجبره الحاكم على أحدهما عيناً ولا يطلق عنه عندنا بل يخيره بينهما . وقال المحقق في الشرائع 86/3 : «ولا يجبره الحاكم على أحدهما تعييناً » .
3- التهذيب 8، 1 - باب حكم الإيلاء، ح 18 . يقول المحقق في الشرائع (83/3: «ولا يقع (الإيلاء) إلا في إضرار ، فلو حلف لصلاح اللبن، أو لتدبير في مرض لم يكن له حكم الإيلاء، وكان كالأيمان وقد علق الشهيد الثاني رحمه اللّه في المسالك 82/3 على عبارة المحقق هذه فقال : اشتراط وقوع الإيلاء بقصد الإضرار بالزوجة بالإمتناع من وطئها هو المشهور، فلو قصد بذلك مصلحتها بأن كانت مريضة أو مرضعة لصلاحها أو صلاح ولدها لم يقع إيلاء ، بل يقع يمينا يعتبر فيه ما يعتبر فيه »

7- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل آلى من امرأته بعد ما دخل بها ؟ فقال : إذا مضت أربعة أشهر وقف وإن كان بعد حين، فإن فاء فليس بشيء، وهي امرأته، وإن عزم الطّلاق فقد عزم وقال : الإيلاء : أن يقول الرّجل لامرأته : واللّه لأغيضنك ولأسوءنّك، ثمّ يهجرها ولا يجامعها حتّى تمضي أربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر فقد وقع الإيلاء، وينبغي للإمام أن يجبره على أن يفيء أو يطلق ، فإن فاء فإنَّ اللّه غفور رحيم ، وإن عزم الطلاق فإنّ اللّه سميع عليُّم، وهو قول اللّه عزّ وجلَّ في كتابه .

8-الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : المؤلي يوقف بعد الأربعة الأشهر، فإن شاء إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فإن عزم الطّلاق فهي واحدة، وهو أملك برجعتها (1).

9 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ وأبو العبّاس محمّد بن جعفر، عن أيّوب بن نوح؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة ، جميعاً عن صفوان ، عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن الإيلاء، ما هو ؟ فقال : هو أن يقول الرّجل لامرأته : واللّه لا أجامعك كذا وكذا، ويقول : واللّه لأغيضنّك، فيتربص بها أربعة أشهر، ثمّ يؤخذ فيوقف بعد الأربعة الأشهر، فإن فاء، أن وهو يصالح أهله ، فإنَّ اللّه غفور رحيم، وإن لم يفيء، جُبر على أن يطلّق ، ولا يقع طلاق فيما بينهما ولو كان بعد الأربعة الأشهر ما لم ترفعه إلى الإمام (2).

10- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد عن الحسن بن عليّ ، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال في المؤلي إذا أبى أن يطلّق قال: كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يجعل له حظيرة من قصب، ويحبسه فيها، ويمنعه من الطّعام والشّراب، حتّى يطلّق(3).

ص: 139


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح .. الاستبصار ،3، 156 - باب إن المولي إذا ألزم الطلاق كانت تطليقة رجعية، ح 2 .
2- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ، ح 4 . الاستبصار 3 ، 155 - باب مدة الإيلاء التي يوقف بعدها، ح 3. بتفاوت يسير جداً فيهما .
3- التهذيب 8 ،1 - باب حكم الإيلاء ، ح 13 . الاستبصار ،3 157 - باب ما يجب على المولي إذا ألزم الطلاق فأبى، ح 1 . الفقيه ،3، 170 - باب الإيلاء ، ح 2 بتفاوت . قال الشهيدان: «وإذا تم الإيلاء بشرائطه فللزوجة المرافعة إلى الحاكم مع امتناعه عن الوطي فينظره الحاكم أربعة أشهر ثمّ يجبره بعدها على الفئة وهي وطيها قبلا بمسماه بأن تغيب الحشفة وإن لم يُنزل مع القدرة أو إظهار العزم عليه أول أوقات الإمكان مع العجز، أو الطلاق، فإن فعل أحدهما، وإن كان الطلاق رجعياً خرج من حقها، وإن امتنع منهما ضيّق عليه في المطعم والمشرب ولو بالحبس حتّى يفعل أحدهما . ... ثمّ ساق مضمون هذه الروايات الحاكية لفعل أمير المؤمنين (علیه السلام).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن خلف بن حمّاد

رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) في المؤلي، إما أن يفیيء، أو يطلّق، فإن فعل، وإلّا ضُرِبَت عنقه(1).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا غاضَبَ الرّجل امرأته فلم يقربها من غير يمين أربعة أشهر، فاستعدت عليه (2)، فإما أن يفیىء وإما أن يطلّق، فإن تركها من غير مغاضبة أو يمين، فليس بمؤل.

13 - الحسين بن محمّد، عن حمدان القلانسي، عن إسحاق بن بنان، عن ابن بقّاح، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) إذا أبى المؤلي أن يطلّق، جعل له حظيرة من قصب، وأعطاه ربع قوته حتّى يطلّق(3).

باب إنّه لا يقع الإبلاء إلا بعد دخول الرّجل بأهله

96 - باب إنّه لا يقع الإبلاء إلا بعد دخول الرّجل بأهله

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصّباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يقع الإيلاء إلّا على امرأة قد دخل بها زوجها (4).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قلت له : الرّجل يؤلي من امرأته قبل أن يدخل بها؟ قال : لا يقع الإيلاء حتّى يدخل بها .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة - قال : لا أعلمه إلّا عن

ص: 140


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 14 . الاستبصار ،3، نفس ،الباب ، ح 3 .
2- أي استنصرت بالحاكم لينصفها منه ، وهو كناية عن رفع أمرها إليه .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 15 ، الاستبصار ،3، نفس ،الباب ، ح 2 وابن بقاح؛ هو الحسن بن عليّ .
4- التهذيب 8، نفس الباب، ح 16 . قال المحقق في الشرائع 3 / 84 وهو بصدد بيان شرط المولى منها : ويشترط أن تكون منكوحة بالعقد لا بالملك، وأن تكون مدخولاً بها وفي وقوعه بالمستمتع بها تردد أظهره المنع .

زرارة ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يكون مؤلياً حتّى يدخل [بها].

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سئل أمير المؤمنين (علیه السلام) عن رجل آلى من امرأته ولم يدخل بها؟ قال : لا إيلاء حتّى يدخل بها ، فقال : أرأيت لو أن رجلاً حلف أن لا يبني بأهله سنتين أو أكثر من ذلك، أكان يكون إيلاءً؟ ! (1).

باب الرّجل يقول لامرأته : هي عليه حرام

97 - باب الرّجل يقول لامرأته : هي عليه حرام(2)

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن محمّد بن سماعة، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سألته عن رجل قال لامرأته : أنتِ عليّ حرام؟ فقال لي : لو كان لي عليه سلطان لأوجعت رأسه ، وقلت له : اللّه أحلها لك فما حرمها عليك، إنّه لم يزد على أن كذب، فزعم أنَّ ما أحل اللّه له حرام، ولا يدخل عليه طلاق ولا كفارة، فقلت: قول اللّه عزّ وجل: (يا أيّها النبيّ لِمَ تحرّم ما أحلّ اللّه لك (2)) فجعل فيه الكفّارة؟ فقال: إنّما حرّم عليه جاريته مارية وحلف أن لا يقربها، فإنّما جعل عليه الكفّارة في الحلف، ولم يجعل عليه في التحريم(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قلب له : ما تقول في رجل قال لامرأته : أنتِ عليّ حرام، فإنا نروى بالعراق أنَّ عليّاً (علیه السلام) جعلها ثلاثاً؟ فقال : كذبوا ، لم يجعلها طلاقاً، ولو كان لي عليه سلطان لأوجعت رأسه، ثمّ أقول : إنَّ اللّه عزّ وجلَّ أحلّها لك ، فماذا حرَّمها عليك، ما زدت على أن كذبت فقلت الشيء أحله اللّه لك : إنّه حرام.

3 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن ابن رباط، عن أبي مخلّد السراج، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال لي شبّة بن عقال : بلغني أنّك تزعم أنَّ من قال : ما أحل اللّه عليّ حرام،

ص: 141


1- التهذيب 8، 1 - باب حكم الإيلاء ، ح 17 وبنى على امرأة : دخل بها ونكحها .
2- التحريم / 1 .
3- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق، ح 43. بتفاوت يسير الفقيه 3، 176 - باب الخليّة والبريّة والبتّة وح2 . وإنما كذب بقوله ذاك لامرأته على اللّه لأنه نسب إليه سبحانه ما لم يصدر عنه وما لم يأذن به وما لم ينزل به سلطاناً .

أنّك لا ترى ذلك شيئاً؟ قلت: أما قولك الحلّ عليّ حرام فهذا أمير المؤمنين الوليد جعل ذلك في أمر سلامة امرأته، وأنّه بعث يستفتي أهل الحجاز وأهل العراق وأهل الشام، فاختلفوا عليه، فأخذ بقول أهل الحجاز : أن ذلك ليس بشيء(1).

4 - حميد، عن ابن سماعة ، عن صفوان عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : رجل قال لامرأته : أنت عليّ حرام؟ قال: ليس عليه كفّارة ولا طلاق.

باب الخلية والبريئة والبَتّة

98 - باب الخلية والبريئة والبَتّة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرّجل يقول لامرأته : أنتِ منّي خليّة أو بريئة أو بتّة أو حرام؟ قال: ليس بشيء (2).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن رجل قال لامرأته : أنتِ مني بائن، وأنتِ منّي خلية، وأنتِ منّي بريئة؟ قال : ليس بشيء(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن رجل قال لامرأته : أنت خلية أو بريئة أو بتة أو حرام؟ قال : ليس بشيء (4)

باب الخيار

99 - باب الخيار

1 - محمّد بن أبي عبد اللّه عن معاوية بن حكيم، عن صفوان ؛ وعليّ بن الحسن بن

ص: 142


1- الحديث مجهول.
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 41 والخليّة : الخالية من الزوج. والبتة : المقطوعة العلة، وهو كناية عن كونها قد فارقت زوجها.
3- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق ، ح 42 بتفاوت .
4- الفقيه 3، 176 - باب الخلية والبرية والبتة و ... ، ح 1 وفيه زيادة: أو باين، بعد قوله : أو بتة . وقد نص فقهاؤنا على أن الطلاق لا يقع بالكناية، وهي اللفظ المحتمل للطلاق وغيره كأطلقتك وأنت خلية وبرية وباين ونحو ذلك، ويقابله الصريح وهو ما لا يحتمل ظاهره غير الطلاق وإنما كان الأمر كذلك لأن الأصل - كما يقول المحقق - إن النكاح عصمة مستفادة من الشرع لا يقبل التقايل فيقف رفعها على موضع الإذن، فالصيغة المتلقاة لإزالة قيد النكاح: أنت طالق ، أو فلانة أو هذه وما شاكلها من الألفاظ الدالة على تعيين المطلّقة.

جا

رباط، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الخيار؟ فقال : وما هو، وما ذاك؟ إنّما ذاك شيء كان لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله).

2 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد وابن رباط، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي سمعت أباك يقول : إنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) خير نساءه فاخترن اللّه ورسوله ، فلم يمسكهنّ على طلاق، ولو اخترن أنفسهنّ لَبِنَّ ؟ فقال : إنّ هذا حديث كان يرويه أبي عن عائشة ، وما للنّاس وللخيار، إنّما هذا شيء خصَّ اللّه عزّ وجلَّ به رسوله (صلّی اللّه علیه وآله(1).

3- حميد، عن ابن سماعة، عن ابن رباط، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن رجل خيّر امرأته فاختارت نفسها بانت منه؟ قال : لا ، إنّما هذا شيء كان لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) خاصّة، أمر بذلك ففعل، ولو اخترن أنفسهنَّ لطلّقهن، وهو قول اللّه عزّ وجلَّ: ((2)قل لأزواجك إن كنتن تردْنَ الحياة الدُّنيا وزيتها فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ صراحاً جميلاً ((3).

4- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن هارون بن مسلم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت له : ما تقول في رجل جعل أمر امرأته بيدها؟ قال : فقال : وَلىَّ الأمر من ليس أهله، وخالف السنّة، ولم يَجُز النكاح (4).

ص: 143


1- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق، ح 219 الاستبصار 3 ، 182 - باب حكم من خير امرأته فاختارت الطلاق في ... ح 2 . وروى ذيله في الفقيه 3 165 - باب التخيير ، ح 6 . وفيه : ما للنساء والتخيير . .. الخ . وقوله : فلم يمسكهن على طلاق أي لم تحصل بينونة منهن ثمّ رجعة ليكنّ عنده على طلاق، وإنما أمسكهن صلوات اللّه وسلامه عليه بعقود نكاحهن الأولى بعد أن اخترن اللّه ورسوله ولو اخترن أنفسهن لبن منه بينونه لا تجوز معها رجعة ومن دون طلاق منه (صلّی اللّه علیه وآله) وهذا من خواصه (صلّی اللّه علیه وآله).
2- الأحزاب / 28 .
3- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 218 . الاستبصار ،3 ، نفس الباب ، ح 1. بتفاوت يسير وبزيادة في الذيل هي:قال الحسن بن سماعة : بهذا الحديث نأخذ في الخيار. هذا وذهب الأكثر من أصحابنا رضوان اللّه علیهم إلى عدم وقوع الطلاق بالتخيير للزوجة بين الطلاق والبقاء بقصد الطلاق وإن اختارت نفسها في الحال وذلك استناداً إلى بعض الروايات وإلى أصالة بقاء النكاح حتّى يثبت شرعاً ما يزيله، وقد ذهب ابن الجنيد وابن أبي عقيل فيما نسب إليهما، وكذا ما يظهر من ابني بابويه إلى وقوع الطلاق بالتخيير إذا اختارت نفسها في الحال مع توفر بقية شرائط الطلاق، وذلك استناداً إلى صحيحة حمران عن الباقر (علیه السلام) : المخيّرة تبين من ساعتها من غير ،طلاق، وقد حملها أصحابنا على تخييرها بسبب غير الطلاق كتدليس وعيب جمعاً، على حد تعبير الشهيد الثاني في الروضة. وقال المحقق في الشرائع 18/3 : ولو خيرها وقصد الطلاق، فإن اختارته أو سكتت ولو لحظة فلا حكم، وإن اختارت نفسها في الحال، قيل : تقع الفرقة بائنة ، وقيل : تقع رجعية ، وقيل : لا حكم له وعليه الأكثر ».
4- التهذيب 8، نفس الباب، ح220 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 3 .

باب كيف كان أصل الخيار

100 - باب كيف كان أصل الخيار

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : إنَّ اللّه عزّ وجلَّ أنفَ لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) من مقالة قالتها بعض نسائه، فأنزل اللّه آية التخيير، فاعتزل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) نساءه تسعاً وعشرين ليلة في مشربة أمّ إبراهيم، ثمّ دعاهن ،فخيّرهنَّ، فاخترنه، فلم يك شيئاً، ولو اخترن أنفسهنّ، كانت واحدة بائنة ؛ قال : وسألته عن مقالة المرأة ما هي ؟ قال : فقال : إنّها قالت: يرى محمّد أنه لو طلقنا أنه لا يأتينا الأكفاء من قومنا يتزوّجونا(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال : ذكر أبو عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ زينب قالت لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا تعدل وأنت رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ؛ وقالت حفصة : إن طلّقنا وجدنا أكفاءنا في قومنا، فأحتبس الوحي عن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عشرين يوماً ، قال : فأنفَ اللّه عزّ وجلَّ لرسوله فأنزل : يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتنَّ تُرِدْنَ الحياة الدُّنيا وزينتها فتعالين - إلى قوله - : أجراً عظيماً ، قال : فاخترنَ اللّه ورسوله ولو اخترن أنفسهنَّ لبِنّ، وإن اخترن اللّه ورسوله فليس بشيء(2).

3-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الأعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إن بعض نساء النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) قالت : أيرى محمّد أنّه إن طلّقنا لا نجد الأكفاء من قومنا؟ قال: فغضب اللّه عزَّ وجلَّ من فوق سبع سماواته ،فأمره، فخيّرهنَّ، حتّى انتهى إلى زينب بنت جحش فقامت وقبّلته وقالت : أختارُ اللّه ورسوله .

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة ، عن جعفر بن سماعة ، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ زينب بنت جحش قالت : أيرى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إن خلّى سبيلنا أنّا لا نجد زوجاً غيره، وقد كان اعتزل نساءه تسعاً وعشرين ليلة فلمّا قالت زينب الذي قالت بعث اللّه عزَّ وجلَّ جبرئيل إلى محمّد (صلّی اللّه علیه وآله) فقال : (قل لأزواجك إن كنتن تُرِدْنَ الحياة الدُّنيا وزينتها

ص: 144


1- الحديث موثق . وانف : كره. والمَشْرَبة : الغرفة . وقوله : فلم يك شيئاً : أي لم يقع طلاق. وفي ذلك رد على مالك بن أنس أحد فقهاء المذاهب الأربعة. حيث زعم أن المرأة إن اختارت نفسها فهي على ثلاث تطليقات وإن اختارت زوجها فهي على واحدة مستنداً في ذلك إلى رواية عن عائشة .
2- الفقيه 3 ، 165 - باب التخيير ، ح 1 بتفاوت وفيه إلى قوله : لين. والحديث مجهول.

فتعالَيْنَ أُمتِّعْكُنَّ - الآيتين كلتيهما - ) ، فقلن: بل نختار اللّه ورسوله والدار الآخرة.

5- عنه، عن الحسن بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنَّ زينب بنت جحش قالت لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): لا تعدل وأنت نبيّ ؟! فقال: تَرِبَت يداكِ(1)،إذا لم أعدل فمن يعدل؟! فقالت : دعوت اللّه يا رسول اللّه ليقطع يديّ؟ فقال. لا، ولكن لتتربان فقالت إنك إن طلقتنا وجدنا في قومنا أكفاءنا، فاحتبس الوحي عن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) تسعاً وعشرين ليلة ، ثمّ قال أبو جعفر (علیه السلام) : فأنفَ اللّه عزّ وجلَّ لرسوله فأنزل: (يا أيّها النبيُّ قل لأزواجك إن كنتنّ تردن الحياة الدُّنيا وزينتها - الآيتين )، فاخترن اللّه ورسوله، فلم يك شيئاً، ولو اخترن أنفسهنَّ لَبِن .

وعنه، عن عبد اللّه بن جبلة، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير مثله .

6 - وبهذا الإسناد، عن يعقوب بن سالم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في الرّجل إذا خيّر امرأته ؟ فقال : إنّما الخيرة لنا، ليس لأحد، وإنّما خيّر رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) لمكان عائشة (2)، فاخترنَ اللّه ورسوله، ولم يكن لهنَّ أن يخترن غير رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله).

باب الخُلع

101 - باب الخُلع (3)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يحلّ خلعها حتّى تقول لزوجها : واللّه لا أبرُّ لك قَسَماً، ولا أطيع لك أمراً،

ص: 145


1- قال الجزري في النهاية 1 / 184 : وفيه عليُّك بذات الدين تربت يداك : تَرِبَ الرّجل إذا افتقر ، أي لصق بالتراب، واترب إذا استغنى، وهذه الكلمة جارية على السنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به ، كما يقولون : قاتله اللّه ، وقيل معناها : لله درك ، وقيل : أراد به المثل ليرى المأمور بذلك الجد وإنه إن خالفه فقد أساء .
2- أي إنما خيرهن ولم يطلقهن ابتداءاً لأنه (صلّی اللّه علیه وآله) كان يحب عائشة. وقيل غير ذلك. هذا، ويقول الشيخ عند تعرّضه للأخبار المتضمنة لجواز الخيار إلى النساء : فالوجه فيها كلها أن نحملها على ضرب من التقية لأن الخيار موافق لمذاهب العامة، وإنما حملناه على ذلك لما قد ثبت من صحة العقد فلا يجوز العدول عنه إلا بطريقة معلومة ، وجميع هذه الأخبار لا يمكن العمل عليها لأنها متضادة الأحكام، هذا إضافة إلى إن الخيار غير واقع وإنما ذلك شيء كان يختص به النبي (صلّی اللّه علیه وآله)). ثمّ أورد بعض الأخبار التي يؤيد بها وجهة نظره .
3- الخلع : - بالضم - اسم لطلاق بعوض مقصود لازم لجهة الزوج ، مأخوذ منه - بالفتح - استعارة من خلع الثوب وهو نزعه . لقوله تعالى : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن. فكأن كلا من الزوجين ينزع عن الآخر لباسه بالخلع .

ولا أغتسل لك من جنابة، ولأوَطِّئَنَّ فراشك ، ولآذَنَنَّ عليك بغير إذنك، وقد كان الناس يرخّصون فيمادون هذا ، فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها ، حلَّ له ما أخذ منها، فكانت عنده على تطليقتين باقيتين ، وكان الخُلع تطليقة ، وقال : يكون الكلام من عندها، وقال: لو كان الأمر إلينا لم نُجز طلاقاً إلا للعدَّة (1).

2 - وعنه ، عن أبيه ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، جميعاً عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال: سألته عن المختلعة ؟ فقال : لا يحلُّ لزوجها أن يخلعها حتّى تقول : لا أبرُّ لك قَسَماً ، ولا أقيم حدود اللّه فيك، ولا أغتسل لك من جنابة، ولا وَطَنَّ فراشك، ولأُدْخِلَنَّ بيتك من تكره من غير أن تعلم هذا ولا يتكلمون هم (2)، وتكون هي التي تقول ذلك، فإذا هي اختلعت فهي بائن وله أن يأخذ من مالها ما قدر عليه، وليس له أن يأخذ من المبارأة كلّ الذي أعطاها(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المختلعة الّتي تقول لزوجها : اخلعني وأنا أعطيك ما أخذت منك ؟ فقال : لا يحلّ له أن يأخذ منها شيئاً حتّى تقول : واللّه لا أبرُّ لك قَسَماً ، ولا أطيع لك أمراً ، ولادَنَنَّ في بيتك يغير إذنك، ولأوَطِّتَنَّ فراشك غيرك ، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها، حلَّ له ما أخذ منها ، وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها، فكانت بائناً بذلك، وكان خاطباً من الخطّاب (4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا خلع الرّجل امرأته، فهي واحدة بائنة ، وهو خاطب من الخطاب، ولا يحل له أن يخلعها حتّى تكون هي التي تطلب ذلك منه من غير أن يضر بها، وحتّى تقول : لا أبرُّ لك قَسَماً ، ولا أغتسل لك من جنابة، ولأدْخِلنَّ

ص: 146


1- التهذيب 8 ، 4 - باب الخلع والمبارأة ، ح 1 بتفاوت يسير الاستبصار ،3 ، 183 - باب الخلع ، ح 1 . الفقيه 3، 169 - باب الخلع ، ح 1 وروى صدره بتفاوت وسند مختلف .
2- يعني أقارب المرأة.
3- التهذيب 8 نفس الباب .2. الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 2 .
4- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح .. الاستبصار ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت بير فيهما . هذا، وصدور هذه التعبيرات عن الزوجة إنما تكون إمارة على مدى كراهيتها لزوجها وهي شرط في صحة الخلع. ولكن الأصحاب ذهبوا إلى أنها لو صدرت عنها لم يجب عليه خلعها بل يستحب يقول المحقق في الشرائع 53/3 وهو بصدد الحديث عما يعتبر في المختلعة:« وأن تكون الكراهية من المرأة، ولو قالت : لأدخلَنَّ عليُّك من تكرهه، لم يجب عليه خلعها بل يستحب، وفيه رواية بالوجوب ».

بيتك من تكره، ولأوَطِّئَن فراشك ، ولا أقيم حدود اللّه ، فإذا كان هذا منها، فقد طاب له ما أخذ منها (1).

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ليس يحلّ خلعها حتّى تقول لزوجها ، ثمّ ذكر مثل ما ذكر أصحابه، ثمّ قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : وقد كان يرخص للنساء فيما هو دون هذا، فإذا قالت لزوجها ذلك، حلَّ خلعها، وحلَّ لزوجها ما أخذ منها، وكانت على تطليقتين باقيتين، وكان الخلع تطليقة، ولا يكون الكلام إلّا من عندها، ثمّ قال : لو كان الأمر إلينا، لم يكن الطّلاق إلّا للعدَّة (2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إذا قالت المرأة لزوجها جملة : لا أطيع لك أمراً مفسّراً أو غير مفسّر حل له ما أخذ منها، وليس له عليها رجعة(3).

7- وبإسناده ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الخلع والمبارأة تطليقة بائن، وهو خاطب من الخطاب.

8-حميد، عن ابن سماعة ، عن عبد اللّه بن جبلة، عن جميل، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا قالت المرأة : واللّه لا أطيع لك أمراً ، مفسراً أو غير مفسر، حلّ له ما أخذ منها، وليس له عليها رجعة .

9 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة ، أنَّ جميلاً شهد بعض أصحابنا - وقد أراد أن يخلع ابنته من بعض أصحابنا - فقال جميل للرجل : ما تقول رضیت بهذا الذي أخذت وتركتها؟ فقال : نعم ، فقال لهم جميل : قوموا، فقالوا: يا أبا عليّ ، ليس تريد يتبعها الطلاق؟ قال : لا ، قال : وكان جعفر (4)بن سماعة يقول: يتبعها الطلاق في العدَّة، ويحتج برواية موسى بن بكر عن العبد الصالح (علیه السلام) ، قال : قال عليُّ (علیه السلام): المختلعة

ص: 147


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح4. الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 4
2- التهذيب 8 ،4 - باب الخلع ، ح 5 . الاستبصار ،3 ، 183 - باب الخلع ح 5
3- التهذيب 8 ، نفس الباب، ح 7. الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 7. الفقيه 3 ، 169 - باب الخلع ، ح 4 بتفاوت يسير. قوله (علیه السلام) : مفسّراً أو ... الخ ؛ أي سواء فصلت ما تقصده من عدم الإطاعة أو لم تفسّر.
4- ذکر مذهبه هذا الشيخ في التهذيب بعد إيراده الحديث رقم 7 من الباب 4 من الجزء 8 منه . واختاره حيث قال : الذي اعتمده في هذا الباب وأفتي به إن المختلعة لا بد فيها من أن تتبع بالطلاق.

يتبعها الطّلاق ما دامت في العدَّة.

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال في المختلعة : إنّها لا تحلُّ له حتّى تتوب من قولها الذي قالت له عند الخلع (1).

باب المباراة

102 - باب المباراة (2)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّة ٌمن أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد،جميعاً عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن المباراة، كيف هي؟ فقال: يكون للمرأة شيء على زوجها من صداق أو من غيره، ويكون قد أعطاها بعضه، فيكره كلّ واحد منهما صاحبه، فتقول المرأة لزوجها ما أخذت منك فهو لي وما بقي عليك فهو لك، وأباريك، فيقول الرّجل لها : فإن أنتِ رجعت في شيء مما تركتِ فأنا أحقُّ ببُضْعِكِ (3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : المبارأة يؤخذ منها دون الصداق، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء، أو ما تراضيا عليه، من صداق أو أكثر، وإنّما صارت المباراة يؤخذ منها دون المهر، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء، لأنّ المختلعة تعتدي في الكلام، وَتَكَلَّمُ بما لا يحلُّ لها (4).

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إن بارأت امرأة زوجها، فهي

ص: 148


1- حمله البعض على الاستحباب، أو على أنه كناية عن الرجوع في البذل والحديث حسن.
2- يقول الشهيدان : المباراة أصلها المفارقة، قال الجوهري : تقول بارات شريكي إذا فارقته وبارأ الرّجل امرأته ، وهي كالخلع في الشرائط و الأحكام إلا إنها تفارقه في أمور منها: إنها تترتب على كراهية كل من الزوجين لصاحبه فلو كانت الكراهة من أحدهما خاصة أو خالية عنهما لم تصح بلفظ المباراة، وحيث كانت الكراهة منهما فلا يجوز له الزيادة في الفدية على ما أعطاها من المهر بخلاف الخلع ... ومنها : إنه لا بد فيها من الإتباع بالطلاق على المشهور بل لا نعلم فيه مخالفاً وادعى جماعة إنه إجماع ... وصيغتها : باَرَأَتُكِ على كذا فأنت طالق .... هذا ويشترط فيها أيضاً في الزوج والزوجة شروط الطلاق كما مر في الخلع .
3- التهذيب 8 ، 4 - باب الخلع والمبارأة ، ح 21 ، وأخرجه بنفس السند عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) وأبي الحسن (علیه السلام) .
4- التهذيب 8، نفس الباب، ح 19 . يقول المحقق في الشرائع 58/3: «والمبارأة كالخلع ، لكن المبارأة تترتب على كراهية كل واحد من الزوجين صاحبه، ويترتب الخلع على كراهية الزوجة، ويأخذ في المباراة بقدر ما وصل إليها منه، ولا تحل له الزيادة، وفي الخلع جائزه ».

واحدة، وهو خاطب من الخطّاب (1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن امرأة قالت لزوجها : لك كذا وكذا وخل سبيلي ؟ فقال : هذه المبارأة (2).

5- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وأبو العبّاس (3)محمّد بن جعفر، عن أيّوب بن نوح ؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة ، جميعاً عن سفيان(4)، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: المبارأة ؛ تقول المرأة لزوجها : لك ما عليُّك واتركني ، أو تجعل له من قبلها شيئاً فيتركها ، إلا أنه يقول : فإن ارتجعتِ في شيء فأنا أملك ببضعك ، ولا يحلُّ لزوجها أن يأخذ منها إلا المهر فما دونه (5).

6 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المبارأة تقول لزوجها : لك ما عليك وبارئني، ويتركها، قال: قلت فيقول لها : فإن ارتجعتِ في شيء فأنا أملك ببضعك؟ قال : نعم(6).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن المرأة تبارى زوجها أو تختلع منه بشاهدين على طهر من غير جماع، هل تَبِين منه ؟ فقال : إذا كان ذلك على ما ذكرت فنعم ، قال : قلت : قد روي لنا أنّها لا تَبِينُ منه. حتّى يتبعها الطلاق؟ قال : فليس ذلك إذا خلع ، فقلت : تبين منه؟ قال : نعم .

8-محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وأبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، جميعاً عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) هل يكون خلع أو مبارأة إلا بطهر ؟ فقال : لا يكون إلّا بطهر .

9 – صفوان، عن عبد اللّه بن مسكان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام)

ص: 149


1- التهذيب 8 ، نفس الباب، ح 20 وفي سنده : محمّد بن الفضل، بدل: . . . الفضيل. الاستبصار 3، 184 - باب حكم المباراة، ح 1 .
2- الحديث حسن .
3- في التهذيب : وأبي العباس ...
4- في التهذيب : عن صفوان ...
5- التهذيب 8 ،4 - باب الخلع والمباراة ، ح 18 .
6- الفقيه ،3، 166 - باب المباراة، ح 1 و 2 بتفاوت.

وصفوان، عن عنبسة بن مصعب عن سماعة ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يكون طلاق ولا تخيير ولا مبارأة إلّا على طهر من غير جماع، بشهود(1).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليُّ بن الحكم، عن العلاء ،عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال : لا طلاق ولا خلع ولا مبارأة ولا خيار إلّا على طهر من غير جماع (2).

باب عدَّة المختلعة والمبارأة ونفقتهما وسكناهما

103 - باب عدَّة المختلعة والمبارأة ونفقتهما وسكناهما

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : عدَّة المختلعة مثل عدَّة المطلّقة ، وخلعها طلاقها .

2 – وبإسناده، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الكريم، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا تُمَتَّع المختلعة.

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: المختلعة لا تمتع .

4- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن أبان، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن عدَّة المختلعة كم هي ؟ قال : عدَّة المطلقة، ولتعتدَّ في بيتها والمباراة بمنزلة المختلعة (3).

5- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : عدَّة المختلعة عدَّة المطلقة، وخلعها طلاقها ؛ قال : وسألته هل تُمَتّع بشيء؟ قال: لا .

6 - حميد، عن الحسن، عن جعفر بن سماعة، عن داود بن سرحان، عن أبي

ص: 150


1- ما تضمنه متفق عليه عندنا
2- الحديث صحيح، ومضمونه متفق عليه كسابقه.
3- التهذيب 8 ،6 - باب عدد النساء ، ح 71. الاستبصار ،3، 195 - باب عدَّة المختلعة ، ح 1 .

عبد اللّه (علیه السلام) في المختلعة قال عدَّتها عدَّة المطلقة، وتعتدُّ في بيتها، والمختلعة بمنزلة المبارأة (1).

7 - حميد بن زياد عن الحسن، عن محمّد بن زياد ؛ وصفوان، عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المختلعة لا سكنى لها ولا نفقة (2).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن أبي البختري، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لكلّ مطلّقة متعة، إلّا المختلعة، فإنّها اشترت نفسها.(3).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن رجل اختلعت منه امرأته، أيحلُّ له أن يخطب أُختها من قبل أن تنقضي عدَّة المختلعة؟ قال: نعم، قد برءَت عصمتها منه، وليس له عليها رجعة (4).

باب النُّشُوز

104 - باب النُّشُوز

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة قال : سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن قول اللّه عزّ وجلَّ : (وإن امرأة خافت من بَعْلِها نشوراً أو إعراضاً) (5)؟ فقال : إذا كان كذلك، فَهَمَّ بطلاقها، قالت له : أمسِكني وأدع لك بعض ما عليك، وأحلّك من يومي وليلتي، حلَّ له ذلك، ولا جناح عليهما .

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي

ص: 151


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 72 . الاستبصار ،3 ، نفس الباب، ح 2 وليس في سنده : جعفر بن سماعة .
2- الفقيه 3 ، 169 - باب الخلع ، صدرح3.
3- التهذيب8 ،نفس الباب، ح 75
4- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح 76. والحديث صحيح . هذا، والذي يظهر من كلمات بعض الأصحاب رضوان اللّه علیهم جواز أن يتزوج أخت المختلعة في عدتها قبل رجوعها في البذل، لأن المختلعة تعتبر بائناً بخلعها وإن كان يجوز لها الرجوع في البذل فيحق له أن يرجع في الخلع وإنما ذهبوا إلى ذلك للأصل ولهذه الرواية نعم، إذا تزوج بأختها كذلك لم يحق له الرجوع فيما لو رجعت بالبذل إلا إذا طلق الأخت بائنا وعدَّة المختلفة ما زالت قائمة جاز له الرجوع حينئذ في الطلاق. فراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 152/2 من الطبعة الحجرية .
5- النساء / 128 .

عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلَّ: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً) ؟ فقال : هي المرأة تكون عند الرّجل فيكرهها، فيقول لها : إنّي أريد أن أطلّقك، فتقول له : لا تفعل، إنّي أكره أن تُشمِتَ بي ، ولكن انظر في ليلتي فأصنع بها ما شئت، وما كان سوى ذلك من شيء فهو لك ، ودعني على حالتي ، فهو قوله تبارك وتعالى : (فلا جُناح عليهما أن يُصْلِحا بينهما صُلْحاً ) (1) ، هذا وهو الصلح (2).

3- حميد بن زياد، عن ابن سماعة ، عن الحسين بن هاشم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن قول اللّه عزّ وجلَّ: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوراً أو إعراضاً) ؟ قال : هذا تكون عنده المرأة لا تعجبه، فيريد طلاقها، فتقول له: أمسكني ولا تطلّقني، وأدع لك ما على ظهرك، وأعطيك من مالي، وأحلّك من يومي وليلتي، فقد طاب ذلك له كلّه (3)

باب الحَكَمَين والشَّقَاقِ

105 - باب الحَكَمَين والشَّقَاقِ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة قال : سألت العبد الصالح (علیه السلام) عن قول اللّه عزَّ وجلّ : (وإِن خِفْتُم شِقَاقَ بينهما فابعثوا حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها (4))؟ فقال : يشترط الحَكَمان، إن شاءا فرّقا، وإن شاءا جمعا، ففرَّقا أو جمعاً جاز (5)

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن قول اللّه عزَّ وجلَّ: فابعثوا حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها ؟ قال : ليس للحكمين أن يفرّقا حتّى يستأمرا الرّجل والمرأة، ويشترطا عليهما: إن شئنا جمعنا وإن شئنا فرّقنا، فإن جمعاً فجائز ، وإن فرّقا فجائز (6).

ص: 152


1- النساء/ 128
2- التهذيب 8 ، 4 - باب الخلع والمبارأة، ح 27 .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 28 . وفي سنده الحسن بن هاشم وليس في ذيله: كله .
4- النساء/ 35 .
5- الشقاق، فعال من الشّق لأن كل واحد من الزوجين في شق. وقيل : المعنى : وإن خفتم استمرّار الشقاق، وإلا فالشقاق حاصل . وقيل : المراد بالخوف العلم أو الظن الغالب بحصوله . والأكثر على أن الخطاب في : فابعثوا إنما هو موجه إلى الحاكم .
6- التهذيب 8 ،4 - باب الخلع والمبارأة ، ح 29 . الفقيه ،3، 168 - باب الشقاق، ح 1 بتفاوت قليل . قال المحقق في الشرائع 339/2 :«فإن كان النشوز منهما وخشي الشقاق بعث الحاكم حكماً من أهل الزوج وآخر من أهل المرأة على الأولى، ولو كانا من غير أهلهما أو كان أحدهما جاز أيضاً. وهل بعثهما على سبيل التحكيم أو التوكيل"، الأظهر أنه تحكيم، فإن اتفقا على الإصلاح ،فعلاه، وإن اتفقا على التفريق لم يصح إلا برضا الزوج في الطلاق، ورضا المرأة في البذل إن كان خلعاً».

3- حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد اللّه بن جبلة، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجل : (فابعثوا حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها )؟ قال : الحَكَمان يشترطان؛ إن شاءا فرّقا، وإن شاءا جَمَعا ، فإن جَمَعا فجائز وإن فرّقا فجائز .

4-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن قول اللّه عزّ وجلَّ : (فأبعثوا حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها) ، أرأيتَ إن استأذن الحَكَمان فقالا للرجل والمرأة : أليس قد جعلتما أمركما إلينا في الإصلاح والتفريق ؟ فقال الرّجل والمرأة : نعم ، فأشهدا بذلك شهوداً عليهما، أيجوز تفريقهما عليهما ؟ قال : نعم ولكن لا يكون إلا على طهر من المرأة من غير جماع من الزّوج ، قيل له : أرأيت إن قال أحد الحكمين قد فرقتُ بينهما، وقال الآخر : لم أفرّق بينهما ؟ فقال : لا يكون تفريق حتّى يجتمعا جميعاً على التفريق، فإذا اجتمعا على التفريق، جاز تفريقهما(1).

5- وعنه، عن عبد اللّه بن جبلة، وغيره عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال : سألته عن قول اللّه عزَّ وجلَّ : (فابعثوا حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها) ؟ قال: ليس للحكمين أن يفرّقا حتّى يستأمر (1).

باب المفقود

106 - باب المفقود

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عن المفقود؟ فقال : المفقود إذا مضى له أربع سنين، بعث الوالي، أو

ص: 153


1- وعدم جواز تفريقهما إلا أن يستأمر مبني على أن بعثهما تحكيم لا توكيل، وهو المشهور عندنا، وإن كان يظهر من ابن الجنيد جواز تفريقهما من دون إذن من الزوج والزوجة . وقد فصل بعض متأخري أصحابنا بين ما إذا كان بعث الحكمين من الحاكم فهو تحكيم محض وعليه فلا يجوز لهما التفريق إلا بعد الاستثمار، وأما إذا كان بعثهما من قبل الزوجين فينطبق عليهما حكم التوكيل فيتصرفان في حدود وكالتهما عنهما .

يكتب إلى الناحية التي هو غائبٌ فيها ، فإن لم يوجد له أثر ، أمر الوالي وليّه أن ينفق عليها، فما أنفق عليها فهي امرأته قال : قلت : فإنّها تقول : فإنّي أريد ما تريد النساء؟ قال : ليس ذلك لها، ولا كرامة، فإن لم يُنفق عليها وليّه أو وكيله أمره أن يطلّقها فكان ذلك عليها طلاقاً واجباً .

2 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن المفقود، كيف يُصنع بامرأته ؟ قال : ما سكتت عنه وصبرت يخلّى عنها، فإن هي رفعت أمرها إلى الوالي، أجلّها أربع سنين ، ثمّ يكتب إلى الصقع الذي فُقد فيه فليسأل عنه ، فإن خبّر عنه بحياة صبرت، وإن لم يخبر عنه بشيء حتّى تمضي الأربع سنين، دعي ولي المزوج المفقود فقيل له : هل للمفقود مالٌ؟ فإن كان له مال أنفق عليها حتّى يعلم حياته من موته، وإن لم يكن له مال، قيل للولي : أنفق عليها، فإن فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوَّج، وإن لم ينفق عليها ، أجبره الوالي على أن يطلق تطليقة في إستقبال العدَّة وهي طاهر، فيصير طلاق الولي طلاق الزوج، فإن جاء زوجها من قبل أن تنقضي عدَّتها من يوم طلّقها الولي، فبدا له أن يراجعها فهي إمرأته وهي عنده على تطليقتين، فإن إنقضت العدَّة قبل أن يجيىء أو يراجع، فقد حلّت للأزواج، ولا سبيل للأول عليها (1)

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في امرأة غاب عنها زوجها أربع سنين، ولم ينفق عليها، ولا يدرى أحي هو أم ميت أيُجبر وليه على أن يطلّقها؟ قال : نعم ، وإن لم يكن له ولي طلقها السلطان ، قلت : فإن قال الولي : أنا أنفق عليها؟ قال : فلا يجبر على طلاقها ، قال : قلت : أرأيت إن قالت : أنا أريد مثل ما تريد النساء، ولا أصبر، ولا أقعد كما أنا؟ قال : ليس لها ذلك ولا كرامة، إذا أنفق عليها (2).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه،

ص: 154


1- التهذيب 7 ، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 130 . الفقيه 3 باب طلاق المفقود، ح 1 بتفاوت قليل فيهما. والحديث حسن . قال المحقق: «المفقود إن عُرف خبره، أو أنفق على زوجته وليه فلا خيار لها. ولو جهل خبره، ولم يكن من ينفق عليها، فإن صبرت فلا ،بحث وإن رفعت أمرها إلى الحاكم أجّلها أربع سنين وفحص عنه، فإن عرف خبره صبرت وعلى الإمام أن ينفق عليها من بيت المال وإن لم يعرف خبره أمرها بالإعتداد عدَّة الوفاة ثمّ تحل للأزواج. فلو جاء زوجها وقد خرجت من العدَّة ونكحت فلا سبيل له عليها، وإن جاء وهي في العدَّة فهو أملك بها، وإن خرجت من العدَّة ولم تتزوج فيه روايتان أشهرهما أنه لا سبيل له عليها».
2- الحديث مجهول.

جميعاً عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن المفقود؟ فقال: إن علمت أنّه في أرض فهي منتظرة له أبداً حتّى يأتيها موته أو يأتيها ،طلاقه، وإن لم نعلم أين هو من الأرض كلّها، ولم يأتها منه كتاب ولا خبر فإنّها تأتي الإمام، فيأمرها أن تنتظر أربع سنين، فيطلب في الأرض، فإن لم يوجد له أثر حتّى تمضي الأربع سنين أمرها أن تعتدُّ أربعة أشهر وعشراً، ثمّ تحلّ للرّجال، فإن قدم زوجها بعدما تنقضي عدَّتها، فليس له عليها رجعة، وإن قدم وهي في عدَّتها أربعة أشهر وعشراً ، فهو أملك أملك برجعتها (1).

باب المرأة يبلغها موت زوجها أو طلاقها فتعتدُّ ثمّ تزوج فيجيء زوجها

107 - باب المرأة يبلغها موت زوجها أو طلاقها فتعتدُّ ثمّ تزوج فيجيء زوجها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا نُعي الرّجل إلى أهله، أو خبّروها أنّه طلّقها، فاعتدّت ثمّ تزوّجت، فجاء زوجها بعدُ، فإنَّ الأوَّل أحقُّ بها من هذا الآخر، دخل بها أولم يدخل بها، ولها من الأخير المهر بما استحلَّ من فَرْجها قال وليس للآخر أن يتزوَّجها أبدأ (2)

أبو العبّاس الرزّاز محمّد بن جعفر، عن أيّوب بن نوح ؛ وأبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان، عن موسى بن بكر عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) مثله .

2 - محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب عن العلاء؛ وأبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سألته عن رجلين شهدا على رجل غائب عند امرأة

ص: 155


1- التهذيب 7 ،نفس الباب، ح 131 بتفاوت قليل والحديث موثق . وقيل يمكن الجمع بين الأخبار، بحمل الإكتفاء بعدَّة الوفاة لتحل للأزواج على ما إذا لم يكن له ولي، وتحمل أخبار الطلاق على ما إذا كان له ولي واللّه العالم .
2- التهذيب 7 ، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 169 بتفاوت في الترتيب وكذلك هو في الاستبصار 3، 122 - باب الرّجل يتزوج بامرأة ثمّ علم بعدما دخل بها أن . . . ، ح 5 الفقيه ، 175 - باب طلاق المفقود. ح3. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان اللّه علیهم - كما ذكر في المسالك - على أنها لو خرجت من الوفاة التي اعتدتها بأمر الحاكم بعد أن رفعت أمرها إليه فأجرى الموازين الشرعية لمعرفة خبر زوجها المفقود فلم يعرفه بعد أربع سنين ،فنكحت ثمّ جاء زوجها الأول فلا سبيل له عليها للحكم شرعاً ببينوننها منه ، وأما لو جاء وهي ما زالت في العدَّة فهو أملك بها لأن الحكم باعتدادها كان مبنيا على الظاهر وقد تبيّن خلافه .

أنّه طلّقها، فاعتدَّت المرأة وتزوّجت، ثمّ إنَّ الزّوج الغائب قَدِمَ فزعم أنّه لم يطلّقها، وأكذب نفسه أحدُ الشاهدين؟ فقال : لا سبيل للأخير عليها، ويؤخذ الصّداق من الذي شهد فيُردُّ على الأخير، والأول أملك بها، وتعتدُّ من الأخير، ولا يقربها الأول حتّى تنقضي عدَّتها(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس قال سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل حسب أهلُهُ أنّه قدمات أو قُتل، فنكحت امرأته وتزوجت سريته، فولدت كلّ واحدة منهما من زوجها، فجاء زوجها الأوّل، ومولى السريّة ؟ قال : فقال : يأخذ امرأته فهو أحقُّ بها، ويأخذ سريته وولدها، أو يأخذ عِوَضاً من ثمنه (2).

4 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي بصير؛ وغيره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : في شاهدين شهدا على امرأة بأن زوجها طلّقها أو مات، فتزوّجت، ثمّ جاء زوجها؟ قال : يُضربان الحدّ، ويضمنان الصّداق للزّوج بما غرّاه، ثمّ تعتد، وترجع إلى زوجها الأوّل (3).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا نُعي الرّجل إلى أهله أو

ص: 156


1- الاستبصار 3، 21 - باب الشاهدين يشهدان على رجل بطلاق أمرأته وهو غائب فيحضر الرّجل وينكر الطلاق، ح 2. التهذيب 6 91 - باب البينات، ح 194 بتفاوت.
2- التهذيب 7 ، 30 - باب العقود على الإماء وما يحلّ من ... ، ح 61 . الاستبصار 3 ، 135 - باب الأمة تزوج بغير إذن مولاها أي . .. ، ح 6. الفقيه 3 175 - باب طلاق المفقود ، ح 4 بتفاوت في الذيل في الجميع مع إن المعنى واحد .
3- التهذيب 6، 91 - باب البينات، ح 94 . الاستبصار 3 ، 21 - باب الشاهدين يشهدان على رجل بطلاق امرأته وهو . . . ، ح 1 يتفاوت فيهما، الفقيه 3، نفس الباب ، ح .5 . ورواه أيضاً برقم 4 من الباب 23 من نفس الجزء من الفقيه فراجع . وإنما وجبت عليها العدَّة لمكان وطي الشبهة الذي حصل ، وإنما ترجع إلى زوجها الأول بدون عقد لاستصحاب عقده السابق عليها وبطلان اللاحق وإنما يقام عليهما الحد وهو التعزير لانكشاف كذبهما عند الحاكم، وإنما يضمنان صداق الرّجل الذي دفعه لأنهما سبب لإتلافه بكذبهما . ويقول المحقق في الشرائع : إذا شهدا بالطلاق ثمّ رجعا فإن كان بعد الدخول لم يضمنا، وإن كان قبل الدخول ضمنا نصف المهر المسمى، لأنهما لا يضمنان إلا ما دفعه المشهود عليه بسبب الشهادة. وما ذكره رحمه اللّه من التفصيل هو المشهور عندنا . ونفس ما ذكره المحقق من التفصيل ذكره الشهيد الأول في الدروس.

خبّروها أنّه قد طلّقها، فاعتدَّت ، ثمّ تزوَّجت، فجاء زوجها الأوّل؟ قال: الأوّل أحقُّ بها من الآخر، دخل بها أو لم يدخل بها، ولها من الآخر المهر بما استحلَّ من فَرْجها (1).

باب المرأة يبلغها نعى زوجها أو طلاقه فتتزوج فيجيء زوجها الأول فيفارقانها جميعاً

108 - باب المرأة يبلغها نعى زوجها أو طلاقه فتتزوج فيجيء زوجها الأول فيفارقانها جميعاً

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن موسى بن بكر، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) (2)عن امرأة نُعي إليها زوجها، فاعتدَّت وتزوَّجت، فجاء زوجها الأوَّل، ففارقها ، وفارقها الآخر، كم تعتدُّ للنّاس؟ قال : ثلاثة قروء، وإنّما يستبرء رحمها بثلاثة قروء تحلّها للنّاس كلّهم (3) ، قال زرارة : وذلك أنَّ أناساً قالوا : تعتدُّ عدَّتين، من كلّ واحد عدَّة، فأبى ذلك أبو جعفر (علیه السلام) وقال : تعتدُّ ثلاثة قروء فتحلُّ للرّجال (4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار ، عن يونس، عن بعض أصحابه، في امرأة نُعي إليها زوجها فتزوَّجت، ثمّ قَدِم زوجها الأوّل، فطلّقها، وطلّقها الآخر؟ قال : فقال إبراهيم النخعي : عليها أن تعتدُّ عدّتين، فحملها زرارة إلى أبي جعفر (علیه السلام) ، فقال : عليها عدَّة واحدة (5).

باب عدَّة المرأة من الخصيّ

109 - باب عدَّة المرأة من الخصيّ

1 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة قال : سئل أبو جعفر (علیه السلام) عن خصيّ تزوَّج امرأة، وفرض لها صداقاً، وهي تعلم أنّه خصيُّ ؟ فقال : جائز، فقيل : إنّه مكث معها ما شاء اللّه ، ثمّ طلّقها، هل عليها عدَّةٌ؟ قال : نعم، أليس قد لذَّ منها ولذَّت منه !؟ قيل له : فهل كان عليها فيما

ص: 157


1- الفقيه 3، 175 - باب طلاق المفقود، ح 3 بزيادة في آخره ككلام لعبد الكريم بن عمرو.
2- في الفقيه : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام)..
3- أي يجوز لأي واحد من الناس إذا خرجت من العدَّة بالمقدر المذكور أن ينكحها على كتاب اللّه وسنة رسوله (صلّی اللّه علیه وآله).
4- التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 171 . وفي ذيله : وتحلّ للرجال. الفقيه 3، 175 - باب طلاق المفقود، ح 6 .
5- الحديث مجهول .

كان يكون منه ومنها غسلٌ ؟ قال : فقال : إن كانت - إذا كان ذلك منه - أَمْنَتْ، فإنَّ عليها غسلاً، قيل له : فله أن يرجع عليها بشيء من صداقها إذا طلّقها؟ فقال : لا(1)

باب في المصاب بعقله بعد التزويج

110 - باب في المصاب بعقله بعد التزويج

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة قال : سئل أبو إبراهيم (علیه السلام) عن المرأة يكون لها زوج، وقد أصيب في عقله من بعدما تزوَّجها، أو عرض له جنون؟ فقال : لها أن تنزع نفسها منه إن شاءت (2).

باب الظِّهار

111 - باب الظِّهار (3)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط، عن حمران، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : إنّ امرأة من المسلمين أتت رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقالت : يا رسول اللّه ، إنَّ فلاناً زوجي قد نثرت له بطني (4)، وأعنته على دنياه

ص: 158


1- الحديث صحيح. وقال في النافع : لو فسخت بالخصاء، ثبت لها المهر بالخلوة ، ويعزر ، قال السيد في شرحه : هذا الحكم ذكره الشيخ وجماعة، وأنكره ابن إدريس، وقال العلامة في المختلف ؛ إن الشيخ بني ذلك على أصله من ثبوت المهر بالخلوة، وفيه نظر، فإنه إنّما استند في هذا الحكم إلى خصوص الروايات في ذلك، والمسألة محل تردد مرآة المجلسي 252/21
2- التهذيب 7، 38 - باب التدليس في النكاح وما . 19 . وكرره برقم 50 من الباب 8 من الجزء 8 من التهذيب . الفقيه 3 ، 168 - باب الشقاق ، ح 3 وأخرجه عن القاسم بن محمّد الجوهري عن عليُّ بن أبي حمزة عن أبي إبراهيم (علیه السلام) . قوله (علیه السلام) : تنزع نفسها منه ؛ أي تفسخ عقدة النكاح ، وقد حكم أصحابنا بحقها في الفسخ حتّى ولو كان الجنون قد تجدّد بعد العقد وقبل الوطء أو بعد العقد والوطء . يقول المحقق في الشرائع :318/2 : «فالجنون سبب لتسليط الزوجة على الفسخ ، دائماً كان أو أدواراً، وكذا المتجدد بعد العقد ، وقيل : الوطء، أو بعد العقد والوطء، وقد يشترط في المتجدد أن لا يعقل أوقات الصلاة، وهو في موضع التردد ».
3- يقول الشهيد الثاني في الروضة : «وهو - أي الظهار - فعال من الظهر، اختص به الاشتقاق لأنه محل الركوب في المركوب، والمراد به هنا تشبيه المكلف من يملك نكاحها بظهر محرّمة عليه أبداً بنسب أو رضاع، قيل: أو مصاهرة، وهو - أي الظهار - محرم وإن ترتبت عليه الأحكام لقوله تعالى : وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً . لكن قيل : إنه لا عقاب فيه لتعقبه بالعفو، ويضعف بأنه وصف مطلق فلا يتعين كونه عن هذا الذنب المعين ».
4- كناية عن كثرة ما ولدت له

سميع بصير

*

يسمع

الذين

وآخرته، فلم ير منّي مكروهاً ، وأنا أشكوه إلى اللّه عزّ وجلّ وإليك، قال: ممّا تشتكينه؟ قالت له : إنّه قال لي اليوم : أنت عليَّ حرام كظهر أمّي، وقد أخرجني من منزلي، فانظر في أمري، فقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : ما أنزل اللّه عليّ كتاباً أقضي به بينك وبين زوجك، وأنا أكره أن أكون من المتكلّفين، فجعلت تبكي وتشتكي ما بها إلى اللّه وإلى رسوله ، وانصرفت، فسمع اللّه عزّ وجلّ محاورتها لرسوله (صلّی اللّه علیه وآله) في زوجها ، وما شكت إليه، فأنزل اللّه عزّ وجلَّ بذلك قرآناً( بسم اللّه الرحمن الرحيم * قد سمع اللّه قول التي تُجادلك في زوجها وتشتكي إلى اللّه واللّه تحاوركما (يعني محاورتها لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) في زوجها)، إنّ اللّه يُظاهرون منكم من نسائهم ما هنَّ أمّهاتهم إن أمّهاتهم إلّا اللّائي وَلَدْنَهُم وإنّهم ليقولون منكراً من القول وزوراً ، وإنّ اللّه لَعَفُوٌّ غفور (1)) ، فبعث رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إلى المرأة فأتته ، فقال لها : جيئيني بزوجك، فأتته، فقال له : أقلتَ لامرأتك هذه : أنتِ عليَّ حرام كظهر أمّي؟ قال: قد قلت لها ذلك، فقال له رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): قد أنزل اللّه عزّ وجلّ فيك وفي امرأتك قرآناً، فقرء عليه ما أنزل اللّه من قوله : (وقد سمع اللّه قول التي تُجادلك في زوجها - إلى قوله - : إنَّ اللّه لعفو غفور)، فضُمّ امرأتك إليك، فإنّك قد قلت منكراً من القول وزوراً، قد عفى اللّه عنك وغفر لك ، فلا تَعُد ، فانصرف الرّجل وهو نادم على ما قال لامرأته ، وكره اللّه ذلك للمؤمنين بعدُ، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ : (وَالّذين يظاهرون منكم من نسائهم ثمّ يعودون لما قالوا) (2)، يعني : لما قال الرّجل الأوَّل لامرأته : أنتِ عليَّ حرام كظهر أمّي . قال : فمن قالها بعدما عفى اللّه وغفر للرجل الأوّل فإنَّ عليه : تحرير رقبة من قبل أن يتماسًا (يعني مجامعتها)، ذلكم توعظون به واللّه بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ) (3) ، فجعل اللّه عقوبة من ظَاهَرَ بعد النهي هذا، وقال: ﴿ذلك لتؤمنوا باللّه ورسوله وتلك حدود اللّه (4)) فجعل اللّه عزّ وجلَّ هذا حدُّ الظّهار.

قال حمران : قال أبو جعفر (علیه السلام) ولا يكون ظهار في يمين، ولا في إضرار، ولا في غضب، ولا يكون ظهار إلا على طُهر بغير جماع، بشهادة شاهدين مسلمين(5).

ص: 159


1- المجادلة / 1 و 2 .
2- المجادلة / 3 .
3- المجادلة / 3 و 4 وفي الآية الأولى : فتحرير . ...
4- المجادلة / 3 و 4 وفي الآية الأولى : فتحرير . ...
5- التهذيب 8، 2 - باب حكم الظهار .. الاستبصار ،3، 158 - باب إنه لا يصح الظهار بيمين، ح 1 . الفقيه ،3، 171 - باب الظهار، ح 20 وفي ذيله : رجلين . . ، بدل: شاهدين. قوله : في يمين : يعني أن يجعل الظهار جزاءاً على فعل أو ترك بقصد الزجر عنه أو البعث نحوه بلا فرق بين تعلقه بها أو به. قوله (علیه السلام) : ولا في إضرار : أي لا يقع الظهار جزاءاً على ضرر يجيى، من قبل الزوجة. ويقول المحقق في الشرائع 62/3: «ولو جعله - يعني الظهار - يميناً لم يقع».

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا طلاق إلّا ما أريد به الطلاق، ولا ظهار إلّا ما أريد به الظّهار (1).

3 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابنمحبوب ، عن ابن رئاب، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الظهار؟ فقال : هو من كلّ ذي محرم : أمّ أو أخت أو عمّة أو خالة، ولا يكون الظهار في يمين، قلت: فكيف يكون؟ قال : يقول الرّجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع : أنتِ عليَّ حرام مثل ظهر أمّي أو أختي، وهو يريد بذلك الظهار (2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن رجل من أصحابنا، عن رجل قال : قلت لأبي الحسن (علیه السلام) : إنّي قلت لامرأتي : أنتِ عليَّ كظهر أمّي إن خرجت من باب الحجرة، فخرجت؟ فقال : ليس عليك شيء، فقلت: إني قويّ على أكفّر ؟! فقال : ليس عليك شيء، قلت: إنّي قوي على أن أكفّر رقبة ورقبتين؟!، قال: ليس عليُّك شيء، قَوِيتَ أو لم تَقْوَ(3).

5- ابن فضال، عمّن أخبره ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا يكون الظّهار إلّا على مثل موضع الطلاق (4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران ؛ عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن المغيرة وغيره قال : تزوّج حمزة بن حمران ابنة بكير ، فلما كان في اللّيلة التي أدخل بها عليه قُلْنَ له النساء : أنت لا تبالي الطلاق، وليس هو عندك بشيء، وليس ندخلها عليك حتّى تُظاهِرَ من أمهات أولادك ، قال : ففعل، فذكر ذلك لأبي عبد اللّه (علیه السلام) فأمره أن يَقْرَبَهُنَّ (5).

ص: 160


1- التهذيب 8، نفس الباب، ح 2
2- التهذيب 8، 2 - باب حكم الظهار، ح 1 . الاستبصار 3 ، 158 - باب إنه لا يصح الظهار بيمين ، ح 2 بتفاوت وبدون صدر الحديث الفقيه 3، 171 - باب الظهار ، ح 3 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان اللّه علیهم على إن شروط الظهار هي شروط الطلاق من حيث كون المظاهرة طاهراً طهراً لم يواقعها فيه زوجها إذا كان حاضراً، وكان مثلها يحيض، وأن يوقعه المظاهر بحضور شاهدين عادلين يسمعان نطفه .
3- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ، ح 18 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 12 . الفقيه 3، نفس الباب، ح14
4- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ح 19 . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 13 . الفقيه ،3، نفس الباب، ح 2 . قوله (علیه السلام) : موضع الطلاق أي بشروطه، وقد مرت الإشارة إلى إجماع أصحابنا عليه قبل قليل.
5- الحديث صحيح . وقولهن له : لا تبالي : إما لأنك كثير الطلاق فأمره عليُّك يسير، أو لأنك لا تعتقد صحة اليمين بالطلاق فلا تبالي لو حلفت به. والوجه في أمره (علیه السلام) له بوطي أمهات أولاده وجواريه إما البطلان الطلاق لوقوعه يميناً، أو لعدم القصد إليه واقعاً.

7- أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ وأبو العبّاس الرزّاز، عن أيّوب بن نوح، جميعاً عن صفوان عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن المغيرة قال : تزوّج حمزة بن حمران ابنة بكير، فلمّا أراد أن يدخل بها، قال له النّساء : لسنا نُدخلها عليك حتّى تحلف لنا ولسنا نرضى أن تحلف بالعتق، لأنّك لا تراه شيئاً، ولكن احلف لنا بالظّهار وظاهر من أمّهات أولادك وجواريك، فظاهَرَ منهنَّ ، ثمّ ذكر ذلك لأبي عبد اللّه (علیه السلام) فقال : ليس عليك شيء، ارجع إليهنَّ (1).

8 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : سألته عن الرّجل يصلّي الصَّلاة، أو يتوضّأ، فيشكّ فيها بعد ذلك، فيقول: إن أعدتُ الصّلاة أو أعدت الوضوء فامرأته عليه كظهر أمّه، ويحلف على ذلك بالطّلاق؟ فقال : هذا من خطوات الشّيطان، ليس عليه شيء (2).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمعته يقول : جاء إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقال : يا رسول اللّه ، ظاهرتُ من امرأتي ؟ قال : اذهب فأعتِق رقبة، قال : ليس عندي شيء، قال : اذهب فصُم شهرين متتابعين قال : لا أقوى ، قال : اذهب فأطعم ستين مسكيناً، قال: ليس عندي، قال: فقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : أنا أتصدَّق عنك، فأعطاه تمراً لإطعام ستين مسكيناً ، قال : اذهب فتصدق بها، فقال : والذي بعثك بالحق ما أعلم بين لابتيها أحداً أحوج إليه مني ومن عيالي ، قال : فاذهب فكُلْ وأطْعِم عيالك (3).

ص: 161


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ح 11 ، الاستبصار ، نفس الباب، ح 4 . وقولهم : لا تراه شيئاً، إما كناية عن يمر العتق عليه وسهولته لغناه، أو إنه لم يكن يعتقد بصحة الحلف به. هذا وإنما أمره (علیه السلام) أن يرجع إلى أمهات أولاده وجواريه لأنه جعل ظهاره يميناً، فأمرُهُ (علیه السلام) بالرجوع إليهن يكشف عن عدم صحة جعل الظهار كذلك.
2- الحديث صحيح. وإنما حكم ببطلان الظهار لوقوعه في يمين .
3- الفقيه ،3 ، 171 - باب الظهار، ح 12 . الاستبصار 4 ، 36 - باب إن وجب عليه كفارة الظهار فعجز عنها أجمع كان ...، ح 3 . التهذيب 8، 2 - باب حكم الظهار، ح 23 وكرره برقم 7 من الباب 15 من نفس الجزء من التهذيب . وقال الصدوق بعد إيراده هذا الحديث هذا الحديث في الظهار غريب نادر لأن المشهور في هذا المعنى في كفارة من أفطر يوساً من شهر رمضان. أقول : ولم يظهر لي وجه الندرة والغرابة في ورود هذا الحديث في الظهار، إذ إنه منطبق على كفارته لأنها عند أصحابنا مرتبة لا مخيرة بمعنى وجوب العتق، فإن عجز فصيام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً، وهذا بعينه ما نص عليه الخبر؟! . وقد حمل الشيخ في الاستبصار فعله (صلّی اللّه علیه وآله) على أحد وجهين : أحدهما : إنه يجوز أن يكون لما تصدق (صلّی اللّه علیه وآله) سقطت عنه الكفارة ثمّ أجراه (صلّی اللّه علیه وآله) مجرى غيره من الضعفاء في أن قال له : كُل وأطعِم عيالك ، لما رأى من حاجتهم إلى ذلك . الثاني : إنه إنما يكون قد أجاز ذلك له بشرط إنه متى تمكن من الكفارة أخرجها . واللابة : الحَرَّة، والضمير في لابتيها، يرجع إلى المدينة المنورة لوقوعها بين حرتين . وقال المحقق في الشرائع 66/3: «إذا عجز المظاهر عن الكفارة أو ما يقوم مقامها عدا الاستغفار، قيل: يحرم عليه (الوطء) حتّى يكفر، وقيل : يجزيه الاستغفار، وهو أكثر».

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : الرّجل يقول لامرأته : أنتِ عليَّ كظهر عمّته أو خالته؟ قال : هو الظّهار، قال : وسألناه عن الظهار متى يقع على صاحبه الكفّارة؟ فقال : إذا أراد أن يواقع امرأته، قلت: فإن طلّقها قبل أن يواقعها، أعليه كفّارة ؟ قال : لا ، سقطت عنه الكفّارة، قلت: فإن صام بعضاً فمرض فأفطر ، أيستقبل أم يُتمّ ما بقي عليه ؟ فقال : إن صام شهراً فمرض، استقبل، وإن زاد على الشهر الآخر يوماً أو يومين بنى على ما بقي ، قال : وقال : الحرة والمملوكة سواء، غير أنَّ على المملوك نصف ما على الحرّ من الكفّارة، وليس عليه عتق ولا صدقة، إنّما عليه صيام شهر (1).

11 - أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار والرزّاز، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (علیه السلام) عن الرّجل يظاهر من جاريته؟ فقال : الحرّة والأمة في ذلك سواء (2).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال : سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرَّات أو أكثر؟ فقال : قال عليُّ (علیه السلام) : مكان كلّ مرَّة كفّارة (3).

ص: 162


1- التهذيب 8، 2 - باب حكم الظهار، ح 3 بتفاوت قليل الفقيه 3 ، 171 - باب حكم الظهار، ح 10 بتفاوت وبدون الصدر، وذيل الذيل .
2- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 51 . الاستبصار ،3، 161 - باب إن الظهار يقع بالحرة والمملوكة، ح 1 . الفقيه 3، نفس الباب ، ح 23 . يقول المحقق في الشرائع 64/3: وفي الموطوءة بالملك تردد والمروي أنه (يعني الظهار) يقع كما يقع بالحرة .
3- إلى هنا في التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 45 بتفاوت في الذيل في الاستبصار ،3 159 - باب حكم الرّجل يظاهر من أمرأة واحدة مرّات كثيرة ، ح .1 الفقيه ،3، نفس الباب، ح 9 ورواه مضمراً، ورواه في التهذيب عن أبي جعفر (علیه السلام) . قال المحقق في الشرائع 65/3: ولو ظاهر من واحدة مرّاراً وجب عليه بكل مرة كفارة، فرق الظهار أو تابعه ، ومن فقهائنا من فصل، ولو وطأها قبل التكفير لزمه عن كل وطء كفارة واحدة.

قال : وسألته عن رجل ظاهر من امرأته ثمّ طلّقها قبل أن يواقعها عليه كفّارةً؟ قال: لا.

قال : وسألته عن الظهار على الحرّة والأمة؟ فقال: نعم، قيل : فإن ظاهر في شعبان ولم يجد ما يعتق ؟ قال : ينتظر حتّى يصوم شهر رمضان ثمّ يصوم شهرين متتابعين، وإن ظاهر وهو مسافر، انتظر حتّى يقدم، فإن صام فأصاب مالاً فليمض الذي ابتدأ فيه (1).

13 - محمّد ، عن أحمد، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن حمران قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن المملوك، أعليه ظهار؟ فقال: عليه نصف ما على الحرّ؛ صوم شهر، وليس عليه كفّارة من صدقة ولا عتق ((2).

14 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرَّات؟ قال : يكفّر ثلاث مرَّات، قلت: فإن واقع قبل أن يكفّر؟ قال : يستغفر اللّه ، ويمسك حتّى يكفّر (3).

15 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن المملوك، أعليه ظهار؟ فقال : نصف ما على الحرّ من الصوم، وليس عليه كفّارة صدقةٍ ولا عتق .

ص: 163


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 28 ورواه من أوله إلى آخره، وروى بعض أجزائه متفرقة في الفقيه 3، نفس الباب، 9 و 11 . وكذا روى بعض أجزائه متفرقة في الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 1 وبرقم 3 من الباب 161 وبرقم 1 من الباب 163 . هذا وقال المحقق في الشرائع 64/3: «وفي الموطوءة بالملك ،تردد والمروي أنه يقع كما يقع بالحرة» وقال الشهيدان والأقرب صحته أي الظهار) بملك اليمين ولو مدبرة أو أم ولد لدخولها في عموم والذين يظاهرون من نسائهم، كدخولها في قوله تعالى : وأمهات نسائكم ، فحرمت أم الموطوءة بالملك و . . . الخ) والذي يبدو وجود قول آخر عند بعض أصحابنا وهو عدم وقوع الظهار إلا بالحرّة، ولذا يقول الشهيد الثاني في الروضة : «وقد ذهب جماعة إلى عدم وقوعه على ما لا يقع عليه الطلاق، لأن المفهوم من النساء الزوجة، ولورود السبب بها، ولرواية حمزة بن حمران عن الصادق (علیه السلام) فيمن يظاهر من أمته، قال (علیه السلام): يأتيها وليس عليه شيء، ولأن الظهار كان في الجاهلية طلاقاً وهو لا يقع بها، وللأصل هذا وقد ناقش الشهيد الثاني أدلة المانعين هذه وفندها قال: الحمل على الزوجة والسبب لا يخصص وقد حقق في الأصول والرواية ضعيفة السند، وفعل ويضعف بمنع الجاهلية لا حجة فيه وقد نقل إنهم كانوا يظاهرون من الأمة أيضاً، والأصل قد اندفع بالدليل».
2- التهذيب 8 ، 2 - باب حكم الظهار، ح 54 ، الفقيه 3، نفس الباب ، ح 24 هذا وقد اتفق أصحابنا رضوان اللّه علیهم على إن كفارة الصوم في المملوك صوم شهر واحد نصف كفارة الحر في الصيام فراجع الشرائع 75/3 .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 34 . الاستبصار 3 ، 162 - باب إن من وطأ قبل الكفارة كان عليه كفارتان ، ح 4 . الفقيه 3 نفس الباب، ح 8 .

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أو (1) أبي الحسن (علیه السلام) في رجل كان له عَشْرُ جوارٍ فظاهر منهنَّ كلّهنَّ جميعاً بكلام واحد؟ قال : عليه عَشْرَ كفّارات (2).

17 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة؛ وغير واحد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : إذا واقع المرّة الثانية قبل أن يُكفّر ، فعليه كفّارة أخرى، قال: ليس في هذا اختلاف(3).

18 - أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ، عن سيف التمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : الرّجل يقول لامرأته : أنتِ عليّ كظهر أختي أو عمّتي أو خالتي؟ قال : فقال : إنّما ذكر اللّه الأمّهات، وإنّ هذا الحرام (4).

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن مهزیار قال : كتب عبد اللّه بن محمّد إلى أبي الحسن (علیه السلام) : جُعِلْتُ فِداك ، إنّ بعض مواليك يزعم أنَّ الرّجل إذا تكلّم بالظهار وجبت عليه الكفّارة، حَنَتَ أو لم يحنث، ويقول: حنثه كلامه بالظّهار، وإنّما جعلت عليه الكفّارة عقوبة لكلامه، وبعضهم يزعم أنَّ الكفّارة لا تلزمه حتّى يحنث في الشيء الذي حلف عليه، فإن حنث وجبت عليه الكفّارة وإلّا فلا كفّارة عليه ؟ فوقع (علیه السلام) بخطه : لا تجب الكفّارة حتّی يجب الحنث (5)

ص: 164


1- في التهذيبين، وأبي الحسن (علیه السلام)
2- التهذيب 8، 2 - باب حكم الظهار، ح 42 . الاستبصار ،3، 160 - باب إنه إذا ظاهر الرّجل من نسائه جماعة بلفظ واحد ما . . . ح 1 قال المحقق في الشرائع 65/3 : لو ظاهر من أربع بلفظ واحد كان عليه عن كل واحدة كفارة، ولو ظاهر من واحدة مرّاراً وجب عليه بكل مرة كفارة فرق الظهار أو تابعه ، ومن فقهائنا من فصل، ولو وطأها قبل التكفير لزمه عن كل وطء كفارة واحدة.
3- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 33 . الاستبصار 3 ، 162 - باب من وطأ قبل الكفارة كان عليه كفارتان ، ح 3 . وفي ذیله خلاف بدل اختلاف. ومما لا خلاف فيه بين أصحابنا رضوان اللّه علیهم إنه لو وطأ قبل التكفير عامداً حيث يتحقق التحريم فإن عليه كفارتين أحداهما للوطء والأخرى للظهار وهي الواجبة بالعزم، ولا شيء على الناسي، وفي الجاهل وجهان : من أنه عامد، وعذره في كثير من نظائره .
4- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 5 .
5- التهذيب 8 ،نفس ،الباب ، ح 13 . الاستبصار ،3، 158 - باب أنه لا يصح الظهار بيمين، ح 6. وصيغة الحديث فيهما : قلت له ... الخ ، ورواه فيهما هذكا مضمراً. ويكثف قوله في ذيل الرواية فيهما : فكتب (علیه السلام)، على أن صدر الحديث فيهما فيه اشتباه وهو قوله : قلت له، فإن ذلك يتنافى مع كونه مكاتبة اللّهم إلا على ضرب من التأويل .

20 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان قال: سأل الحسين بن مهران أبا الحسن الرّضا (علیه السلام) عن رجل ظاهر من أربع نسوة ؟ فقال : يكفّر لكلّ واحدة منهنَّ كفارة، وسأله عن رجل ظاهر من امرأته وجاريته ما عليه؟ قال عليه لكلّ واحدة منهما كفارة، عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستّين مسكيناً.

21 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل مملّك ظاهر من امرأته ؟ فقال لي : لا يكون ظهار ولا إيلاء حتّى يدخل بها(1).

22 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يقول لامرأته : هي عليه كظهر أمّه؟ قال: تحرير رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستّين مسكيناً، والرّقبة يجزىء عنه صبي ممّن وُلِدَ في الإسلام (2).

23 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل؛ وابن بكير؛ وحمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المظاهر إذا طلق، سقطت عنه الكفّارة .

قال عليُّ بن إبراهيم : إن طلّق امرأته أو أخرج مملوكته من ملكه قبل أن يواقعها، فليس عليه كفّارة الظهار، إلّا أن يراجع امرأته أو يردَّ مملوكته يوماً ، فإذا فعل ذلك، فلا ينبغي له أن يَقْرَبَها حتّى يكفّر .

24 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن القاسم بن محمّد الزّيات قال : قلت لأبي الحسن (علیه السلام) : إني ظاهرت من امرأتي ؟ فقال : كيف قلت؟ قال : قلت: أنت عليَّ كظهر أمّي إن فعلتُ كذا وكذا؟ فقال : لا شيء عليك، ولا تَعُدْ (3).

ص: 165


1- التهذيب 8، 2 - باب حكم الظهار، ح 41 بتفاوت وفي سنده: جميل بن درّاج، بدل: جميل بن صالح الفقيه 3، 171 - باب الظهار، ح 1 . هذا وقد أجمع أصحابنا على إن الظهار يصح من العبد كما يصح من الحر، كما أجمعوا على اشتراط أن يكون المولى منها مدخولاً بها. وأما المظاهرة فيقول المحقق في الشرائع 64/3: وفي اشتراط الدخول تردد، والمروي اشتراطه، وفيه قول آخر مستنده التمسك بالعموم .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 24 . الاستبصار ،4 ، 37 - باب أن كفارة الظهار مرتبة غير مخير فيها، ح 1 بتفاوت في الذيل واختلاف في بعض السند، وسوف يكرر الشيخ هذا الحديث برقم 8 من الباب 15 من نفس الجزء من التهذيب. وقال الصدوق بعد الحديث 7 من باب الظهار من الجزء 3 من الفقيه : ويجزي في كفارة الظهار صبي ممن ولد في الإسلام .
3- التهذيب 8، نفس الباب، ح 17 ، الاستبصار ،3، 158 - باب إنه لا يصح الظهار بيمين، ح 11 . وأخرجه فيهما عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن أبي سعيد الأدمي، عن القاسم بن محمّد عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام).

25 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن الرّضا (علیه السلام) قال : الظهار لا يقع على الغضب (1).

26 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن الظهار الواجب؟ قال : الذي يريد به الرّجل الظّهار بعينه (2).

27 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ،عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إذا قالت المرأة : زوجي عليَّ حرام كظهر أمي ، فلا كفّارة عليها، قال: وجاء رجلٌ من الأنصار من بني النجّار إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقال : إنّي ظاهرت من امرأتي ، فواقعتها قبل أن أكفّر؟ فقال: وما حَمَلَكَ على ذلك؟ قال: لمّا ظاهرت رأيت بريق خلخالها وبياض ساقها في القمر فواقعتها قبل أن أكفّر ، فقال له : اعتزلها حتّى تكفّر، وأمره بكفّارة واحدة، وأن يستغفر اللّه(3).

28 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار أو غيره، عن الحسن بن عليّ ، عن عليّ بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميريّ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل ظاهر ثمّ طلّق، قال: سقطت عنه الكفّارة إذا طلّق قبل أن يعاود المجامعة، قيل: فإنّه راجعها؟ قال : إن كان إنّما طلّقها لإسقاط الكفّارة عنه ثمّ راجعها ، فالكفّارة لازمة له أبداً إذا عاود المجامعة، وإن كان طلّقها وهو لا ينوي شيئاً من ذلك، فلا بأس أن يراجع، ولا كفّارة عليه .

29 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ والرزّاز ؛ عن أيّوب بن نوح، جميعاً عن صفوان قال : حدَّثنا أبو عيينة، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : إنّي ظاهرت من أمِّ ولد لي، ثمّ واقعت عليها، ثمّ كفّرت ؟ فقال : هكذا يصنع الرّجل الفقيه، إذا واقع كفّر .

ص: 166


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 6 . هذا، وقد أجمع أصحابنا على أنه يشترط في وقوع الظهار القصد، فإن فقد القصد بالسكر أو الإغماء أو الغضب لم يقع .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ح 9 الفقيه 3، نفس الباب، ح 21 .
3- التهذيب 8، 2 - باب حكم الظهار، ح 35 . الاستبصار 3 ، 162 - باب أن من وطأ قبل الكفارة كان عليه کفارتان حه وليس في ذيله : وأن يستغفر اللّه . كما إن الحديث فيهما بدون الصدر وأخرجه فيهما عن محمّد بن عليُّ بن محبوب عن محمّد بن أحمد العلوي عن عبد اللّه بن الحسن عن جده عن عليُّ بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن عليُّ (علیه السلام) قال : أتى رجل من ... الخ . وفي التهذيبين : وأمره بكفارة الظهار . بدل قوله : وأمره بكفارة واحدة .

30 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : رجل ظاهر، ثمّ واقع قبل أن يكفّر؟ فقال لي : أو لَيْسَ هكذا يفعل الفقيه ؟ ! ((1).

31 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان، عن الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يظاهر من امرأته؟ قال : فليكفّر، قلت: فإنّه واقع قبل أن يكفّر؟ قال: أتى حدّاً من حدود اللّه عزَّ وجلَّ، وليستغفر اللّه، وليَكُفَّ حتّى يكفّر(2).

32 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج [ عن أبي عبد اللّه (علیه السلام)] قال : الظهار ضَرْبان : أحدهما فيه الكفّارة قبل المواقعة والآخر بعدها، فالذي يكفّر قبل المواقعة، الذي يقول : أنتِ عليَّ كظهر أمي ولا يقول : إن فعلتُ بكِ كذا وكذا ، والذي يكفّر بعد المواقعة، هو الذي يقول : أنتِ عليَّ كظهر أمي إن قربتك(3).

33 - محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفيّ، عن معاوية بن حكيم، عن صفوان، عن

ص: 167


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 38 الاستبصار ، نفس الباب، ح 8. هذا وقد احتمل الفيض في الوافي أن تكون الهمزة في : أوليس .... من زيادات النساخ والأصل : وليس هذا ... الخ، بعد أن قال عن هذا الخبر بأنه مخالف للقرآن والأخبار المستفيضة المتفق عليها ... الخ . وقال الشيخ في التهذيب بعد إيراده الحديث : فمعنى هذا الحديث، إنه إذا كان الظهار مشروطاً بالمواقعة ، فلو أنه كفر قبل الوطي لما كان مجزيا عما يجب عليه بعد الوطء، ولكان يلزمه كفارة أخرى إذا وطا، فنبه (علیه السلام) أن المواقعة لمن كان هذا حكمه من أفعال الفقيه الذي يطلب الخلاص من وجوب كفارة أخرى عليه وليس ذلك إلا بالمواقعة.
2- الفقيه 3 ، 171 - باب الظهار، ح 7 . وقوله (علیه السلام) : وليكفّ حتّى يكفّر : يحمل على أنه لا يجوز له أن يطأ مرة أخرى حتّى يكفر مرتين : مرة عن الظهار ومرة عن الوطي الأول وتتكرر الكفارة بتكرر الوطي .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 15 . الاستبصار ،3، 158 - باب إنه لا يصح الظهار بيمين، ح 8 بتفاوت قليل. هذا وقد اختلف أصحابنا رضوان اللّه علیهم في وقوع الظهار معلقاً على شرط أو صفة، والأكثر والأشهر عدم وقوعه إلا منجزاً، كما لا يقع الطلاق معلقاً إجماعاً، مستندين في ذلك إلى بعض الروايات، وقيل: والقائل الشيخ وجماعة يصح تعليُّقه على الشرط وهو ما يجوز وقوعه في الحال وعدمه كدخول الدار، لا على الصفة وهي ما لا يقع في الحال قطعاً بل في المستقبل كانقضاء الشهر، وهو قوي لصحيحة حريز عن الصادق (علیه السلام) قال : الظهار ظهاران ... الخ . وقريب منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عنه (علیه السلام) ، فخرج الشرط عن المنع بهما وبقي غيره (أي الصفة على أصل المنع ، وأما أخبار المنع عن التعليُّق مطلقاً فضعيفة جداً لا تعارض الصحيح مع إمكان حملها على اختلال بعض الشروط غير الصفة كسماع الشاهدين، فإنه لو لم يكن ظاهراً لوجب جمعاً بينهما لو اعتبرت اللمعة وشرحها 2 / 160 .

عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إذا حلف الرّجل بالظهار فَحَنَثَ، فعليه الكفارة قبل أن يواقع، وإن كان منه الظهار في غير يمين، فإنّما عليه الكفّارة بعدما يواقع .

قال معاوية : وليس يصحّ هذا على جهة النظر والأثر في غير هذا الأثر، أن يكون الظّهار، لأن أصحابنا رووا أنَّ الأيمان لا يكون إلا باللّه، وكذلك نزل بها القرآن (1).

34 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن يزيد الكناسي قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل ظاهر من امرأته ثمّ طلّقها تطليقة؟ فقال : إذا طلّقها تطليقة فقد بطل الظهار، وهدم الطلاق الظهار، قال: فقلت فله أن يراجعها ؟ قال : نعم هي امرأته فإن راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر من قبل أن يتماسًا، قلت: فإن تركها حتّى يخلو أجلها وتملك نفسها، ثمّ تزوَّجها بعد ذلك، هل يلزمه الظهار قبل أن يمسّها؟ قال: لا، قد بانت منه وملكت نفسها، قلت: فإن ظاهر منها فلم يمسّها، وتركها لا يمسّها، إلا أنه يراها متجرّدة من غير أن يمسّها، هل يلزمه في ذلك شيء؟ فقال : هي امرأته، وليس يحرم عليه مجامعتها، ولكن يجب عليه ما يجب على المظاهر قبل أن يجامعها، وهي امرأته، قلت: فإن رفعته إلى السلطان وقالت : هذا زوجي وقد ظاهر منّي، وقد أمسكني لا يمسني مخافة أن يجب عليه ما يجب على المظاهر؟ قال : فقال : ليس عليه أن يجبر على العتق والصيام والإطعام إذا لم يكن له ما يعتق، ولم يقّو على الصيام، ولم يجد ما يتصدق به ، قال : فإن كان يقدر على أن يعتق، فإنَّ على الإمام أن يجبره على العتق والصدقة من قبل أن يمسها ومن بعد ما يمسّها (2).

35 - ابن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل ظاهَرَ من امرأته ثمّ طلّقها قبل أن يواقعها فبانت منه أعليه كفّارة؟ قال : لا .

36 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن سعيد ، عن يونس، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن رجل قال لامرأته : أنتِ عليَّ كظهر أمّي، أو كَيْدِها، أو

ص: 168


1- الحديث موثق . وقوله ان يكون الظهار بدل اشتمال لاسم الإشارة المتقدم. (
2- التهذيب 8 ،2 - باب حكم الظهار، ح 26 . الفقيه 3 ، 171 - باب الظهار، ح 6 وفي سنده: عن بريد بن معاوية، بدل يزيد الكناسى . ويقول المحقق في الشرائع 65/3 : «إذا طلقها بعد الظهار رجعياً ، ثمّ ،راجعها، لم تحل له حتّى يكفر، ولو خرجت من العدَّة، ثمّ تزوجها ووطأها ، فلا كفارة، وكذا لو طلقها بائناً وتزوجها في العدَّة ووطأها، وكذا لو ماتا، أو مات أحدهما أو ارتدا) أو ارتد أحدهما ».

كبطنها، أو كفرجها، أو كنفسها، أو ككعبها، أيكون ذلك الظهار؟ وهل يلزمه فيه ما يلزم المظاهر ؟ فقال : المظاهر إذا ظاهر من امرأته فقال : هي كظهر أمه أو كيدها، أو كرجلها، أو كشعرها، أو كشيء منها ينوي بذلك التحريم ، فقد لزمه الكفّارة في كلّ قليل منها أو كثير، وكذلك إذا هو قال : كبعض ذوات المحارم، فقد لزمته الكفّارة (1).

باب اللّعان

112 - باب اللّعان(2)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا يقع اللّعان حتّى يدخل الرّجل بأهله(3).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان،عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: لا تكون الملاعنة ولا الإيلاء، إلّا بعد الدُّخول ..

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن المثنّى، عن زرارة قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن قول اللّه عزَّ وجلَّ : (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم (4)) ؟ قال : هو القاذف الذي يقذف امرأته، فإذا قذفها ثمّ أقر

ص: 169


1- الحديث مجهول، ويدل على وقوع الظهار بالتشبيه بغير الظهر من أعضاء المظاهر منها، وقد اختاره الشيخ وجماعة، وأما ابن إدريس وجماعة من المتقدمين فذهبوا إلى عدم وقوع الظهار بغير لفظ الظهر، بل ادعي عليه الإجماع. بعد اتفاقهم وإجماعهم على الإنعقاد في ما إذا وقع بلفظ الظهر. وأما لو شبه زوجته بظهر غير الأم فهنا أقوال : قول بأن الظهار يقع مطلقاً. ونقل عن ابن إدريس. وقول بأنه يقع بالتشبيه بكل امرأة محرمة عليه تأبيداً بالنسب خاصة ونقل عن ابن البراج الالتزام به . وأما الأكثر فقد ذهبوا إلى أنه يقع بالتشبيه بذات محرم نسباً أو رضاعاً . وهنالك قول بضم المحرمات بالمصاهرة أيضاً إلى ذلك، وقد اختاره العلامة في المختلف.
2- اللّعان «وهو لغةُ : المباهلة المطلقة ، أو فعال من اللعن أو جمع له وهو الطرد والإبعاد من الخير والاسم : اللعنة، وشرعاً: المباهلة بين الزوجين في إزالة حد أو نفي ولد بلفظ مخصوص عند الحاكم...».
3- التهذيب 8، 8 - باب اللّعان، صدرح 5. الاستبصار ،3، 216 - باب إن اللّعان يثبت بادعاء الفجور وإن ...،صدرح 4. وفيهما بامرأته بدل بأهله . هذا، وقد أجمع أصحابنا على اشتراط أن تكون الملاعنة منكوحة بالعقد الدائم، وهل يعتبر الدخول بها؟ فيه خلاف بينهم، يقول المحقق في الشرائع : المروي أنه لا لعان قبله وفيه قول بالجواز، وقول ثالث بثبوته بالقذف دون نفي الولد .
4- النور/ 6،

أنّه كذب عليها، جلد الحدّ ، وردَّت إليه ،امرأته وإن أبى إلّا أن يمضي، فيشهد عليها أربع شهادات باللّه إنه لمن الصادقين والخامسة يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين، فإن أرادت أن تدفع عن نفسها العذاب والعذاب هو الرَّجم ، شهدت أربع شهادات باللّه أنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب اللّه عليها إن كان من الصادقين، فإن لم تفعل، رجمت، وإن فعلت درأت عن نفسها الحد، ثمّ لا تحلُّ له إلى يوم القيامة، قلت: أرأيت إن فُرَّق بينهما ولها ولد فمات؟ قال ترثه ،أمه، وإن ماتت أمه ورثه أخواله ومن قال : إنه ولد زناً، جُلِدَ الحدَّ ، قلت : يُرَدُّ إليه الولد إذا أقرَّ به؟ قال: لا ولا كرامة ولا يرث الابن، ويرثه الابن(1)

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : إنَّ عباد البصري سأل أبا عبد اللّه (علیه السلام) وأنا حاضر كيف يُلاعِنُ الرّجل المرأة؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إنَّ رجلاً من المسلمين أتى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقال : يا رسول اللّه ، أرأيت لو أنّ رجلا دخل منزله فوجد مع امرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع ؟ قال : فأَعْرَضَ عنه رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ، وانصرف ذلك الرّجل، وكان ذلك الرّجل هو الذي ابتلى بذلك من امرأته ، قال : فنزل عليه الوحي من عند اللّه عزّ وجلَّ بالحكم فيهما ، فأرسل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إلى ذلك الرّجل، فدعاه، فقال له : أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلاً؟ فقال: نعم، فقال له : انطلق فأتني بامرأتك فإنَّ اللّه عزَّ وجلَّ قد أنزل الحكم فيك وفيها، قال: فأحضرها زوجها، فأوقفهما رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ثمّ قال للزوج : إشْهَد أربع شهادات باللّه أنك لمن الصادقين فيما رميتها به، قال : فشهد ثمّ قال له رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أمسك ، ووعظه، ثمّ قال له : اتَّقِ اللّه ، فإنَّ لعنة اللّه شديدة، ثمّ قال له : إشْهَد الخامسة أنَّ لعنة اللّه عليك إن كنت من الكاذبين ، قال : فشهد ، أمر به فتحي ، ثمّ قال للمرأة : إشْهَدي أربع شهادات باللّه أنَّ زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به، قال : فشهدت ، ثمّ قال لها : أمسكي ، فوعظها وقال لها : اتقي اللّه فإِنَّ غضب اللّه شديد ، ثمّ قال لها : إشْهَدي الخامسة أنَّ غضب اللّه عليُّك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به ، قال : فشهدت ، قال : ففرق بينهما، وقال لهما : لا تجتمعا بنكاح أبداً بعدما تَلَا عَنْتُما(2)

ص: 170


1- التهذيب 8، 8 - باب اللّعان، ح 1. الاستبصار ،3، 216 - باب إن اللّعان يثبت بادعاء الفجور وإن لم ينتف الولد، ح 1 .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 3، الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 2 . الفقيه ،3 ، 172 - باب اللّعان ، ح 9 . وهذه الكيفية في الملاعنة مما نص عليها كتاب اللّه وأجمع عليها أصحابنا رضوان اللّه عليُّهم، كما نصوا على أن اللّعان يشتمل على واجب ومندوب، فالواجب - كما يقول المحقق في الشرائع 98/3 : التلفظ بالشهادة على الوجه المذكور وأن يكون الرّجل قائماً عند التلفظ وكذا المرأة وقيل : يكونان جميعاً قائمين بين يدي الحاكم، وأن يبدأ الرّجل أولاً بالتلفظ على الترتيب المذكور، وبعده المرأة وإن يعينها بما يزيل الإحتمال كذكر اسمها واسم أبيها أو ...وأن يكون النطق بالعربية مع القدرة ...ويجب البدء بالشهادات ثمّ باللعن، وفي المرأة تبدأ بالشهادات ثمّ بقولها : إن غضب اللّه عليها . . . ». كما أجمع أصحابنا على أن ما يترتب على اللّعان التحريم المؤبد بين المتلاعنين.

5 - الحسن بن محبوب، عن عباد بن صهيب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل أوقفه الإمام للعان، فشهد شهادتين ثمّ نكل ، فأكذب نفسه قبل أن يفرغ من اللّعان؟ قال : يجلد حد القاذف ولا يفرّق بينه وبين امرأته (1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا قذف الرّجل امرأته، فإنّه لا يلاعنها حتّى يقول: رأيت بين رِجْلَيْها رجلاً يزني بها ، قال : وسئل عن الرّجل يقذف امرأته ؟ قال : يلا عنها ، ثمّ يفرَّق بينهما فلا تحلُّ له أبداً، فإن أقرَّ على نفسه (2) قبل الملاعنة ، جلد حدا، وهي امرأته .

قال : وسألته عن المرأة الحرَّة يقذفها زوجها وهو مملوك؟ قال : يلا عنها، [ثمّ يفرق بينهما فلا تحلُّ له أبداً ، فإن أقرَّ على نفسه(2) بعد الملاعنة، جلد حدّاً وهي امرأته].

قال : وسألته عن الحرَّ تحته أمة فيقذفها : قال : يلاعنها.

قال : وسألته عن الملاعنة التي يرميها زوجها وينتفي من ولدها ،وبلاعنها، ويفارقها، ثمّ يقول بعد ذلك : الولد ولدي، ويُكذب نفسه ؟ فقال : أما المرأة فلا ترجع إليه أبداً، وأما الولد فإني أرده إليه إذا ادَّعاه، ولا أدَعُ ولده وليس له ميراث، ويرث الابن الأب، ولا يرث الأب الابن، [و] يكون ميراثه لأخواله، فإن لم يدعِه أبوه ، فإن أخواله يرثونه ولا يرثهم، فإن دعاه أحد ابن الزانية جلد الحدّ(3).

7-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن الحرّ، بينه وبين المملوكة لعان؟ فقال: نعم، وبين المملوك

ص: 171


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 27 بتفاوت قليل.
2- أي بالكذب
3- التهذيب 8 ،8 - باب اللّعان ح .9 . وكرره برقم 43 من نفس الباب، كما كرره برقم 13 من الباب 33 من الجزء 9 من التهذيب. وروى جزء منه في الاستبصار 217/3 - باب إن اللّعان يثبت بين الحر والمملوكة و . . . ، ح 1 وقد روى السؤال المتعلق بالمملوك يقذف زوجته الحرة، وروى ذيله برقم 3 من الباب 219 من نفس الجزء أيضاً. كما روى جزءاً آخر منه برقم 8 من الباب 104 من الجزء 4 من الاستبصار. كما رواه بدون الصدر الصدوق في الفقيه 3، 164 - باب ميراث ابن الملاعنة، ح 1.

والحرّة، وبين العبد ،والأمة وبين المسلم واليهوديّة والنصرانيّة، ولا يتوارثان ، ولا يتوارث الحرّ والمملوكة (1).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل لاعن امرأته وهي حُبلى ، ثمّ ادعى ولدها بعدما ولدت وزعم أنّه منه؟ قال: يردُّ إليه الولد، ولا يجلد، لأنه قد مضى التلاعن (2).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي ؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل قذف امرأته وهي خرساء؟ قال : يفرّق بينهما(3).

10 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن جميل، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الملاعن والملاعنة ، كيف يصنعان؟ قال : يجلس الإمام مستدبر القبلة، فيقيمهما بين يديه مستقبلا القبلة بحذائه، ويبدء بالرَّجل، ثمّ المرأة، والتي يجب عليها الرَّجم ترجم من ورائها، ولا يرجم من وجهها، لأنّ الضرب والرَّجم لا يصيبان الوجه، يُضْرَبَان على الجسد على الأعضاء كلّها .

11 - أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) قلت له : أصلحك اللّه ، كيف الملاعنة؟ قال: فقال : يقعد الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة، ويجعل الرّجل عن يمينه، والمرأة عن يساره (4)

12 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال: سألته عن رجل لاعَنَ امرأته، فحلف أربع شهادات باللّه، ثمّ نكل في الخامسة؟ قال : إن نكل في الخامسة فهي امرأته وجُلد، وإن نكلت المرأة عن ذلك - إذا كانت

ص: 172


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 11 . الاستبصار ،3، 217 - باب إن اللّعان ثبت بين الحر والمملوكة و . . . ، ح 3 . يقول المحقق في الشرائع 97/3 : ويثبت اللّعان بين الحر والمملوكة وفيه رواية بالمنع ، وقال ثالث: بثبوته ينفى الولد دون القذف.
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 31 . وبرقم 41 من نفس الباب بتفاوت في الذيل.
3- التهذيب 8، نفس الباب، ح 32 . هذا، وقد اشترط في الملاعنة سلامتها من الصمم والخرس فراجع شرائع الإسلام للمحقق 97/3
4- التهذيب 8، 8 - باب اللّعان ، ح 26 . الفقيه 3 ، 172 - باب اللّعان، ح 2 . وهذه الكيفية نص عليها أصحابنا في المندوب مما يشتمل عليه اللّعان .

اليمين عليها - فعليها مثل ذلك (1).

قال : وسألته عن الملاعنة، قائماً بلاعن أو قاعداً؟ قال : الملاعنة وما أشبهها من قيام.

قال (2) : وسألته عن رجل طلّق امرأته قبل أن يدخل بها فادَّعت أنّها حامل؟ قال : إن أقامت البيّنة على أنّه أرخى ستراً ثمّ أنكر الولد لاعنها، ثمّ بانت منه ، وعليه المهر كَمَلاً .

13 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن الحلبيّ قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل لاعَنَ امرأته وهي حُبلى قد استبان ،حملها، فأنكر ما في بطنها، فلمّا وضعت ادَّعاه وأقرَّ به، وزعم أنّه منه ؟ قال : فقال : يردُّ إليه ولده، ويرثه، ولا يُجلد لأنَّ اللّعان قد مضى (3)

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) أنّه سئل عن عبد قذف امرأته؟ قال: يتلاعنان كما يتلاعن الحرّان (4).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، قال: سألته عن الرّجل يفتري على امرأته؟ قال: يُجلد، ثمّ يخلى بينهما، ولا يلاعنها حتّى يقول: أشهد أني رأيتك تفعلين كذا وكذا (5).

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن درّاج،

ص: 173


1- إلى هنا في التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 24 .
2- (2) من هنا إلى آخره في التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 36
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ح 19 . الاستبصار ،3، 218 - باب إن اللّعان يثبت مع الحبلى ، ح 1 . الفقيه ، 164 - باب ميراث ابن الملاعنة، ح 7 . هذا، ويقول المحقق في الشرائع 97/3 : «ويصح لعان الحامل لكن لا يقام عليها الحد إلا بعد الوضع. يقول المحقق في الشرائع 100/3 : ولو أكذب نفسه بعد اللّعان الحق به الولد لكن يرثه الولد ولا يرثه الأب، ولا من يتقرب به، وترثه الأم ومن يتقرب بها، ولم يعد الفراش ولم يزل التحريم ، وهل عليه الحد؟ فيه روايتان، أظهرهما أنه لا حد . . . ».
4- التهذيب 8 ،8- باب اللّعان، ح 10 . الاستبصار 3 ، 217 - باب إن اللّعان يثبت بين الحر والمملوكة ، ح 2 . وفي ذيلهما: الأحرار، بدل الحرّان
5- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 7. الاستبصار ،3، 216 - باب إن اللّعان يثبت بادعاء الفجور وإن . . . ، ح 6.

عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال : لا يكون اللّعان إلّا بنفي ولد؛ وقال : إذا قذف الرّجل امرأته لا عنها(1).

17 - محمّد ، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يلا عن الرّجل المرأة التي يتمتّع بها(2).

18 - محمّد ،عن أحمد بن محمّد؛ عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبو بصير قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل قذف امرأته بالزنا، وهي خرساء صمّاء لا تسمع ما قال؟ قال : إن كان لها بينة فشهدوا عند الإمام ، جلد الحدّ وفُرَّق بينهما، ثمّ لا تحل له أبداً، وإن لم تكن بيّنة، فهي حرام عليه ما أقام معها، ولا إثمّ عليها منه(3).

19-عنه ، عن الحسن، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في امرأة قذفت زوجها وهو أصمّ ؟ قال : يفرّق بينها وبينه ، ولا تحلُّ له أبداً (4)/

20 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في المرأة الخرساء، كيف يلاعنها زوجها؟ قال: يفرّق بينهما، ولا تحلّ له أبداً(5).

21 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يكون اللّعان حتّى يزعم أنّه قد عَايَنَ (6).

ص: 174


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح4. الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 3 . قال المجلسي في مرآته 275/21 ولعل المراد نفي اللّعان الواجب أو الحصر بالنسبة إلى دعوى غير المشاهدة كما حمله الشيخ ، ونقل عن الصدوق في المقنع أنه قال : لا يكون اللّعان إلا بنفي الولد فلو قذفها ولم ينكر ولدها حدّ».
2- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 18 . ولم يسنده إلى معصوم بل موقوفاً على ابن أبي يعفور . ورواه أيضاً مسنداً إلى عبد اللّه برقم 100 من الباب 41 من الجزء 7 من التهذيب. هذا، وقد تقدم التنبيه هنا على إجماع أصحابنا على اشتراط الملاعنة بأن تكون المرأة منكوحة بالعقد الدائم دون المنقطع .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 34 والحديث صحيح. وما تضمنه مقطوع به في كلام أصحابنا رضوان اللّه علیهم .
4- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 33 والحديث مرسل وإرسالها يمنع من العمل بها .
5- التهذيب 8، 8 - باب اللّعان ، ح 35 و 53 . هذا وقد اتفق أصحابنا رضوان اللّه علیهم في الملاعنة أن تكون سليمة من الصمم والخرس . كما اتفقوا على عدم صحة اللّعان في الملاعن إذا كان به خرس ولا إشارة معقولة لديه، أما إذا كان له ذلك فقد صححوا لعانه . وقال المحقق في الشرائع 96/3 بعد أن حكم بصحة لعان الأخرس : وربما توقف شاذ منا نظراً إلى تعذر العلم بالإشارة، وهو ضعيف، إذ ليس حال اللّعان بزائد عن حال الإقرار بالقتل.
6- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 6 . الاستبصار ،3، 216 - باب إن اللّعان يثبت بادعاء الفجور و ... ، 5 .

باب طلاق الحرة تحت المملوك والمملوكة تحت الحر

113 - باب طلاق الحرة تحت المملوك والمملوكة تحت الحر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سألته عن حرّ تحته أمة ، أو عبد تحته حرّة، كم طلاقها، وكم عدتها؟ فقال : السنّة في النّساء في الطّلاق، فإن كانت حرَّة فطلاقها ثلاثاً، وعدَّتها ثلاثة أقراء ، وإن كان حرّ تحته أمة، فطلاقها تطليقتان، وعدَّتها قرءآن(1).

2-عليُّ، ،عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إذا كانت الحرّة تحت العبد فالطلاق والعدَّة بالنساء، يعني تطليقها ثلاثاً، وتعتدُّ ثلاث حيض (2).

3-أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار والرزّاز، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال : إنّ ابن شبرمة قال: الطلاق للرجل؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الطلاق للنّساء، وتبيان ذلك أنّ العبد يكون تحته الحرة، فيكون تطليقها ثلاثاً، ويكون الحرَّ تحته الأمة، فيكون طلاقها تطليقتين.

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: طلاق المملوك للحرّة ثلاث تطليقات، وطلاق الحرّ للأمة تطليقتان.

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن أبي نصر عن داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : طلاق الحرّ إذا كان عنده أمة تطليقتان وطلاق الحرة إذا كانت تحت المملوك ثلاث .

باب طلاق العبد إذا تزوج بإذن مولاه

114 - باب طلاق العبد إذا تزوج بإذن مولاه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن

ص: 175


1- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء ، ح .65 . الاستبصار ،3، 193 - باب إن عدَّة الأمة قرءان وهما طهران ، ح 1 . هذا وقد أجمع أصحابنا على إن الأمة إذا طلقت مرتين حرمت حتّى تنكح زوجاً غيره سواء كانت تحت حر أو عبد ، كإجماعهم على أن عدتها في الطلاق مع الدخول قرءآن وهما طهران على الأشهر رواية ، وقيل : حيضتان، وإن كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض اعتدت بشهر ونصف سواء كانت تحت حر أو عبد أيضاً .
2- الفقيه 3 ، 173 - باب طلاق العبد ، ح 5 وروى صدره بتفاوت عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه (علیه السلام).

الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا كان العبد وامرأته لرجل واحد، فإنَّ المولى يأخذها إذا شاء، وإذا شاء ردّها، وقال: لا يجوز طلاق العبد إذا كان هو وامرأته لرجل واحد، إلا أن يكون العبد لرجل والمرأة لرجل، وتزوَّجها بإذن مولاه وإذن مولاها، فإن طلّق وهو بهذه المنزلة، فإن طلاقه جائز (1).

2 - محمّد ، عن أحمد، عن ابن فضّال، عن مفضّل بن صالح ، عن ليث المراديّ قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن العبد، هل يجوز طلاقه ؟ فقال : إن كانت أمتك فلا ، إِنَّ اللّه عزّ وجلَّ يقول: (عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء)(2) وإن كانت أمة قوم آخرين، أو حرَّة، جاز طلاقه (3).

3 - محمّد، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرّجل يأذن لعبده أن يتزوَّج الحرَّة، أو أمة قوم، الطلاق إلى السيّد أو إلى العبد؟ قال : الطلاق إلى العبد .

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن رجل تزوَّج غلامه جارية حرّة ؟ فقال : الطلاق بيد الغلام، فإن تزوجها بغير إذن ،مولاه فالطلاق بيد المولى .

5- حميد بن زياد، عن ابن سماعة ، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عليّ بن يقطين، عن

ص: 176


1- التهذيب 7 ، 30 - باب العقود على الإماء وما . . . ، ح 16 . الاستبصار ،3، 128 - باب إن المملوك إذا كان متزوجاً بحرة كان الطلاق بيده ، ح 2 . وقوله : جائز أي نافذ. قال المحقق في الشرائع 313/2 : «فإذا تزوج العبد بإذن مولاه حرّةً ، أو أمةً لغيره، لم يكن له إجباره على الطلاق ولا منعه، ولو زوجه امته كان عقداً صحيحاً لا إباحة وكان الطلاق بيد المولى، وله أن يفرق بينهما بغير لفظ الطلاق مثل أن يقول : فسخت عقدكما ، أو يأمر أحدهما باعتزال صاحبه ...».
2- النحل/ 75 وصدر الآية : ضرب اللّه مثلا عبداً .
3- التهذيب 7 ، نفس الباب ، ح 54 ، الاستبصار ،3، 134 - باب أن الرّجل إذا زوج مملوكته عبده كان ح 6 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان اللّه علیهم على أن العبد لا يصح منه طلاق أمة سيده التي زوجه إياها إلا برضا السيد كزواجه منها دون غيرها إذا كان قد تزوجها بإذنه، يقول الشهيدان وليس للعبد طلاق أمة سيده لو كان متزوجاً بها بعقد يلزمه جواز الطلاق إلا برضاه، كما إن تزويجه بيده وهو موضع نص وإجماع، ويجوز للعبد طلاق غيرها أي غير أمة سيده وإن كان قد زوّجه بها ،مولاه أمةً كانت الزوجة أو حرة، أذن المولى في طلاقها أو لا على المشهور لعموم قوله (علیه السلام) : الطلاق بيد من أخذ بالساق وروى ليث المرادي . . . (ثمّ ذكر هذه الرواية هنا). وقيل: ليس له الاستبداد أي) (الإنفراد به كالأول، استناداً إلى أخبار مطلقة حَمْلُها على كون الزوجة أمة المولى طريق الجمع، وفي ثالث : يجوز للسيد إجباره على الطلاق كما له إجباره على النكاح، والرواية مطلقة يتعين حملها على أمته كما مره .

العبد الصالح (علیه السلام) قال: سألته عن رجل تزوَّج غلامه جارية حرَّة؟ فقال: الطلاق بيد الغلام .

قال : وسألته عن رجل زوّج أمته رجلاً حرّاً؟ فقال : الطلاق بيد الحرّ.

وسألته عن رجل زوَّج غلامه جاريته؟ فقال: الطلاق بيد المولى .

وسألته عن رجل اشترى جارية ولها زوج عبد ؟ فقال : بيعها (1) طلاقها .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قلت له : الرّجل يزوّج أمته من رجل حرّ، ثمّ يريد أن ينزعها منه ، ويأخذ منه نصف الصداق ؟ فقال : إن كان الذي زوجها منه يبصر ما أنتم عليه (2) ويدين به، فله أن ينزعها منه ويأخذ منه نصف الصداق، لأنّه قد تقدَّم من ذلك على معرفة أنَّ ذلك للمولى، وإن كان الزوج لا يعرف هذا، وهو من جمهور الناس، يعامله المولى على ما يعامل به مثله فقد تقدَّم على معرفة ذلك منه(3).

7- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل أنكح أمته حرّاً، أو عبد قوم آخرین؟ فقال: ليس له أن ينزعها، فإن باعها، فشاء الّذي اشتراها أن ينزعها من زوجها، فعل (4).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا كان للرجل أمة فزوجها مملوكة، فرق بينهما إذا شاء، وجمع بينهما إذا شاء (5).

ص: 177


1- قوله (علیه السلام) بيعها طلاقها أي للمشتري فسخ العقد، إذ لا خلاف في ثبوت الخيار للمشتري إذا بيعت الأمة . قال المحقق في الشرائع 312/2 : «فإذا باع المالك الأمة كان ذلك كالطلاق، والمشتري بالخيار بين إمضاء العقد وفسخه، وخياره على الفور، فإذا علم ولم يفسخ لزم العقد، وكذا حكم العبد إذا كان تحته أمة ».
2- يعني التشيع .
3- الحديث صحيح، وظاهره كظاهر كثير من الأخبار إن للمولى التفريق بين أمته وزوجها وإن كان حراً، أو عبداً لقوم آخرین .
4- التهذيب 7 ، 30 باب العقود على الإماء وما ... ، ح 10 . الاستبصار ،3، 129 - باب أن بيع الأمة طلاقها ، ح 3 وفي ذيله : من الرجل...، بدل: من زوجها ... ، الفقيه 3 ، 173 - باب طلاق العبد، ح 3 .
5- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 22 . الاستبصار ،3، 128 - باب إن المملوك إذا كان متزوجاً بحرة كان . . . ، ح 9 . يقول المحقق في الشرائع 312/2 : «إذا باع المالك الأمة كان ذلك كالطلاق، وكذا حكم العبد إذا كان تحته أمة ...».

باب طلاق الامة وعدَّتها في الطلاق

115 - باب طلاق الامة وعدَّتها في الطلاق

1 - عليُّ بن إبراهيم ،عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سمعته يقول : طلاق العبد للأمة تطليقتان، وأجلها حيضتان إن كانت تحيض، وإن كانت لا تحيض، فأجَلُها شهر ونصف(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن طلاق الأمة؟ فقال : تطليقتان . - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان بن عثمان، عن أبي أسامة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال عمر على المنبر : ما تقولون يا أصحاب محمّد في تطليق الأَمَة؟ فلم يجبه أحدٌ، فقال : ما تقول يا صاحب البرد المعافري(2) - يعني أمير المؤمنين (علیه السلام) - ؟ فأشار بيده : تطليقتان .

4 - محمّد بن يحيى ؛ وغيره، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن القاسم بن بريد ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: عدَّة الأمة حيضتان ؛ وقال : إذا لم تكن تحيض فنصف عدَّة الحرَّة.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في أمة طلّقها زوجها تطليقتين، ثمّ وقع عليها، فَجَلَدَهُ(3)

ص: 178


1- التهذيب 8 ، 6 - باب عِدَد النساء، ح 136 بزيادة في آخره. وكذا هو في الاستبصار 3، 201 - باب عدَّة الأمة المتوفى عنها زوجها ، ح 5 . قال المحقق في الشرائع 40/3 - 41 : «عدَّة الأمة في الطلاق مع الدخول قرءآن وهما طهران وقيل : حيضتان، والأول أشهر ... وإن كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض اعتدت بشهر ونصف سواء كانت تحت حر أو عبد .... وعدَّة الأمة من الوفاة شهران وخمسة أيام، ولو كانت حاملاً اعتدت بأبعد الأجلين، ولو كانت أم ولد لمولاها كانت عدتها أربعة أشهر وعشراً ... ».
2- نسبة إلى قبيلة من قبائل اليمن - كما في النهاية - والحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 8 ،3 - باب أحكام الطلاق ، ح .206 . الاستبصار 3، 180 - باب الحر يطلق الأمة تطليقتين ثمّ يشتريها هل يجوز له . . . ، ح 4 . يقول المحقق في الشرائع 293/2 : «إذا استكملت الحرة ثلاث تطليقات حرمت على المطلق حتّى تنكح زوجاً غیره، سواء كانت تحت حر أو تحت عبد ، وإذا استكملت الأمة طلقتين حرمت عليه حتّى تنكح زوجا غيره، ولو كانت تحت حر، وإذا استكملت المطلقة تسعاً للعدَّة ينكحها بينهما رجلان حرمت على المطلق أبداً ».

باب عدَّة الأمة المتوفى عنها زوجها

116 - باب عدَّة الأمة المتوفى عنها زوجها

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب ؛ وعبد اللّه بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنَّ الأمة والحرّة كلتيهما إذا مات عنهما زَوْجَاهُما سواء في العدَّة، إلّا أنَّ الحرّة تحدُّ، والأمة لا تحدُّ (1)

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن سلیمان بن خالد قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الأمة إذا طُلقت، ما عدّتها؟ قال : حيضتان ، أو شهران، حتّى تحيض، قلت: فإن توفّي عنها زوجها؟ فقال : إنّ عليّاً (علیه السلام) قال في أمهات الأولاد : لا يتزوّجن حتّى يعتدِدْنَ أربعة أشهر وعشراً، وهنَّ إماء (2).

باب عدَّة أمهات الأولاد والرّجل يعتق احداهنَّ أو يموت عنها

117 - باب عدَّة أمهات الأولاد والرّجل يعتق احداهنَّ أو يموت عنها

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في الأمة إذا غَشِيَها سيّدها ثمّ أعتقها، فإنَّ عدَّتها ثلاث حيض، وإن مات عنها، فأربعة أشهر وعشراً (3).

2-أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار الأمة قال: سألت أبا إبراهيم (علیه السلام) عن يموت سيّدها؟ قال : تعتدُّ عدَّة المتوفّى عنها زوجها، قلت: فإنَّ رجلاً تزوّجها قبل أن تنقضي عدَّتها؟ قال: يفارقها، ثمّ يتزوَّجها نكاحاً جديداً بعد

ص: 179


1- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 128 . الاستبصار 3 ، 201 - باب عدَّة الأمة المتوفى عنها زوجها ، ح 6 . قال الشهيدان وهما بصدد الحديث عن وجوب الحداد على الزوج : وفي الأمة قولان المروي صحيحاً عن الباقر (علیه السلام) إنها لا تحدّ قال . . . (ثمّ سرد هذا الحديث) وهذا هو الأقوى، وذهب الشيخ في أحد قوليه وجماعة إلى وجوب الحداد عليها لعموم قول النبي (صلّی اللّه علیه وآله) : لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تحدّ على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا ،وفيه مع سلامة السند إنه عام وذاك أي حديث الباقر (علیه السلام)) خاص فيجب التوفيق بينهما بتخصيص العام، ولا حداد على غير الزوج مطلقاً، وفي الحديث دلالة عليه ... الخ . وقال المحقق في الشرائع 38/3 : وفي الأمة تردد أظهره : لا حداد عليها .
2- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 129 ، الاستبصار ،3، 201 - باب عدَّة الأمة المتوفى عنها زوجها ، ح 8.
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 137 . الاستبصار ،3، 202 - باب الرّجل يعتق سريته عند الموت ثمّ يموت عنها،ح3.

إنقضاء عدَّتها، قلت: فأين ما بَلَغَنا عن أبيك في الرّجل إذا تزوَّج المرأة في عدَّتها لم تحل له أبداً؟ قال : هذا جاهل (1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت له : الرّجل تكون تحته السريّة فيعتقها؟ فقال : لا يصلح لها أن تنكح حتّى تنقضي عدَّتها ؛ ثلاثة أشهر، وإن توفّي عنها مولاها، فعدَّتها أربعة أشهر وعشر(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال في رجل كانت له أمة فوطأها ثمّ أعتقها، وقد حاضت عنده حيضة بعدما وطأها؟ قال : تعتدُّ بحيضتين .

قال ابن أبي عمير : وفي حديث آخر تعتدُّ بثلاث حيض.

5- وبإسناده عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يعتق سريته، أيصلح له أن يتزوجها بغير عدَّة؟ قال: نعم، قلت: فغيره؟ قال : لا ، حتّى تعتدُّ ثلاثة أشهر، قال: وسئل عن رجل وقع على أمته، أيصلح له أن يزوَّجها قبل أن تعتد؟ قال: لا، قلت: كم عدَّتها؟ قال : حيضة أو ثنتان .

6 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن بعض أصحابه قل في رجل أعتق أم ولده ثمّ توفي عنها قبل أن تنقضي عدَّتها؟ قال : تعتدُّ بأربعة أشهر وعشر، وإن كانت حبلى، اعتدت بأبعد الأجلين .

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن رجل أعتق وليدته عند الموت؟ فقال : عدَّتها عدَّة الحرة المتوفّى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر ، قال : وسألته عن رجل أعتق وليدته وهو حيّ ، وقد كان يطؤها ؟ فقال : عدّتها عدَّة الحرّة المطلّقة ثلاثة قروء ((3).

ص: 180


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 138 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 4 وروى صدر الحديث إلى قوله : عدَّة المتوفى عنها زوجها .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ج 139 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 5.
3- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 140 . الاستبصار 3 ، 202 - باب الرّجل يعتق سريته عند الموت ثمّ يموت عنها، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 41/3 : «ولو كان المولى وطأها ثمّ دبرها اعتدت بعد وفاته بأربعة أشهر وعشرة أيام، ولو أعتقها في حياته اعتدت بثلاثة قروء ».

8 – محمّد، عن أحمد عن ابن محبوب، عن داود الرّقي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في المدبّرة إذا مات مولاها أنَّ عدَّتها أربعة أشهر وعشر من يوم يموت سيّدها، إذا كان سيدَّها يطؤها، قيل له : فالرّجل يعتق مملوكته قبل موته بساعة، أو بيوم ، ثمّ يموت؟ قال: فقال : هذه تعتدّ بثلاث حيض، أو ثلاثة قروء من يوم أعتقها سيدها(1).

9 - ابن محبوب، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): الرّجل تكون عنده السريّة له، وقد ولدت منه ، وقد مات ولدها ، ثمّ يعتقها؟ قال : لا يحلُّ لها أن تتزوَّج حتّى تنقضي عدَّتها ثلاثة أشهر .

10 - ابن محبوب، عن وهب بن عبد ربّه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن رجل كانت له أمّ ولد فزوّجها من رجل، فأولدها غلاماً ، ثمّ إنَّ الرّجل مات، فرجعت إلى سيّدها، أله أن يطأها؟ قال : تعتدُّ من الزّوج أربعة أشهر وعشرة أيّام، يطؤها بالملك بغير نكاح (2).

باب الرّجل تكون عنده الأمة فيطلقها ثمّ يشتريها

118 - باب الرّجل تكون عنده الأمة فيطلقها ثمّ يشتريها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي نجران، وابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : في رجل كانت تحته أمة ، فطلّقها على السنّة، ثمّ بانت منه، ثمّ اشتراها بعد ذلك قبل أن تنكح زوجاً غيره؟ قال: قد قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في هذا ، أحلّتها آية وحرَّمتها آية ،أخرى، وأنا ناهٍ عنها نفسي وولدي (3).

2 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن رجل حرّ كانت تحته ،أمة، فطلّقها طلاقاً ،بائناً، ثمّ اشتراها، هل يحلّ له أن يطأها؟ قال : لا (4).

ص: 181


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح141 الاستبصار 3 نفس الباب، ح 2 .
2- التهذيب 8 ، 6 - باب عدد النساء ، ح 130 . الاستبصار ،3، 201 - باب عدَّة الأمة المتوفى عنها زوجها ، ح 9 . الفقيه 3 172 - باب ميراث المماليك صدرح 6 بتفاوت يسير .
3- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق، ح 203 . الاستبصار 3، 180 - باب الحر يطلق الأمة تطليقتين ثمّ يشتريها هل يجوز له... ،ح 1. بتفاوت يسير فيهما . يقول المحقق في الشرائع 28/3 : «والأمة إذا طلقت مرتين حرمت حتّى تنكح زوجاً غيره، سواء كانت تحت حر أو عبد، ولا تحلّ للأول بوطء المولى، وكذا لا تحل لو ملكها المطلق لسبق التحريم على الملك ». هذا، والآية المحللة قوله تعالى : أو ما ملكت أيمانكم ...) النساء/ 3. والآية المحرمة قوله تعالى : (فلا تحل له من بعد حتّى تتنكح زوجاً غيره...) البقرة/ 230 .
4- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح207 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 5 .

قال ابن أبي عمير : وفي حديث آخر : حلَّ له فَرْجُها من أجل شرائها، والحر والعبد في ذلك سواء .

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال: سألته عن رجل تزوّج امرأة مملوكة، ثمّ طلّقها، ثمّ اشتراها بعد، هل تحلُّ له؟ قال: لا، حتّى تنكح زوجاً غيره(1).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان بن عثمان، عن بريد العجلي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : في رجل تحته أمة، فطلّقها تطليقتين، ثمّ اشتراها بعدُ؟ قال : لا يصلح له أن ينكحها حتّى تتزوَّج زوجاً غيره، وحتّى يدخل بها في مثل ما خَرَجَتْ منه(2).

باب المُرْتَد

119 - باب المُرْتَد

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ وعدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعاً عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطي قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : كلُّ مسلم بين مسلمين ارتدَّ عن الإسلام، وجحد رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) تبوَّته ، وكذَّبه، فإنّ دمه مباح لمن سمع ذلك منه، وامرأته بائنة منه يوم ارتدَّ ،ويقسم ماله على ورثته، وتعتدُّ امرأته عدَّة المتوفّى عنها زوجها، وعلى الإمام أن يقتله إن أتوه به ولا يستتيبه (3)

2 - وعنه ، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن المرتدّ؟ فقال : من رغب عن الإسلام وكفر بما أنزل على محمّد (صلّی اللّه علیه وآله) بعد إسلامه، فلا توبة له، وقد وجب قتله، وبانت منه ،امرأته ويقسّم ما ترك على ولده (4).

ص: 182


1- التهذيب 8، نفس الباب . ح 208 الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 6. وقوله : ثمّ طلقها يعني تطليقتين.
2- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق ، ح 209 . الاستبصار 3، 180 - باب الحر يطلق الأمة تطليقتين ثمّ يشتريها هل يجوز له ... ، ح 7 بتفاوت في الذيل فيهما . ويقصد بمثل ما خرجت منه : الزواج الدائم .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 228 و 229 هذا والظاهر أنه لا خلاف بين أصحابنا في جميع ما تضمنه هذان الحديثان . يقول المحقق في الشرائع 183/4 في المرتد الفطري : وهذا لا يقبل إسلامه لو رجع، ويتحتم قتله، وتبين منه زوجته، وتعتدُّ منه عدَّة الوفاة، وتقسم أمواله بين ورثته ... ». ويقول في 38/3 عند كلامه على عدَّة الوفاة ووجوب ترك المتوفى عنها زوجها كل ما فيه زينة من الثياب وغيرها : وتستوي في ذلك الصغيرة والكبيرة والمسلمة والذمية و. .. الخ .
4- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 228 و 229 هذا والظاهر أنه لا خلاف بين أصحابنا في جميع ما تضمنه هذان الحديثان . يقول المحقق في الشرائع 183/4 في المرتد الفطري : وهذا لا يقبل إسلامه لو رجع، ويتحتم قتله، وتبين منه زوجته، وتعتدُّ منه عدَّة الوفاة، وتقسم أمواله بين ورثته ... ». ويقول في 38/3 عند كلامه على عدَّة الوفاة ووجوب ترك المتوفى عنها زوجها كل ما فيه زينة من الثياب وغيرها : وتستوي في ذلك الصغيرة والكبيرة والمسلمة والذمية و. .. الخ .

باب طلاق أهل الذمة وعدتهم في الطلاق والموت إذا أَسْلَمَت المرأة

120 - باب طلاق أهل الذمة وعدتهم في الطلاق والموت إذا أَسْلَمَت المرأة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن نصرانيّة كانت تحت نصرانيّ، فطلّقها، هل عليها عدَّة مثل عدَّة المسلمة؟ فقال : لا ، لأنَّ أهل الكتاب مماليك للإمام ، ألا ترى أنّهم يؤدّون الجزية كما يؤدّي العبد الضريبة إلى مولاه؟ قال : ومن أسلم منهم فهو حرّ ، تطرح عنه الجزية، قلت: فما عدَّتها إن أراد المسلم أن يتزوَّجها؟ قال : عدَّتها عدَّة الأمة : حيضتان، أو خمسة وأربعون يوماً قبل أن تُسلم قال : قلت له : فإن أسلمت بعدما طلّقها؟ فقال : إذا أسلمت بعدما طلَّقها، فإنَّ عدتها عدَّة المسلمة، قلت: فإن مات عنها وهي نصرانية وهو نصراني، فأراد رجل من المسلمين أن يتزوجها؟ قال : لا يتزوجها المسلم حتّى تعتدُّ من النصراني أربعة أشهر وعشراً، عدَّة المسلمة المتوفى عنها زوجها قلت له : كيف جُعِلَت عدتها إذا طلقت عدَّة الأمة، وجعلت عدتها إذا مات عنها زوجها عدَّة الحرّة المسلمة ؟ وأنت تذكر أنهم مماليك الإمام؟ فقال: ليس عدتها في الطلاق مثل عدتها إذا توفي عنها زوجها(1)، ثمّ قال : إنّ(2) الأمة والحرّة كلتيهما إذا مات عنهما زوجاهما سواء في العدَّة إلّا أنَّ الحرّة تحدُّ والأمة لا تحدّ .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس قال : عدَّة العلجة(3) إذا أسلمت عدَّة المطلّقة، إذا أرادت أن تتزوّج غيره.

3- محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن يعقوب السرّاج قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن نصرانيّة مات عنها زوجها وهو نصرانيّ، ما عدَّتها؟ قال : عدَّة الحرَّة

ص: 183


1- إلى هنا في التهذيب 7، 41 - باب من الزيادات في فقه النكاح ، ح 126 . قال الشهيد الثاني في المسالك 2 / كتاب الطلاق:« المشهور إن عدَّة الذمية الحرة في الطلاق والوفاة كعدَّة المسلمة الحرة لعموم الأدلة وصحيحة يعقوب السراج، ولكن ورد في رواية زرارة ما يدل على أنها كالأمة، ونقل العلامة عن بعض الأصحاب ولم يعلم قائله ». هذا وقد جزم المجلسي في مرآته 290/21 بتعين العمل برواية زرارة هذه .
2- مر هذا برقم 1 من باب عدَّة الأمة المتوفى عنها زوجها من هذا الجزء فراجع .
3- العِلجَة : مؤنث العِلج ، وهو الكافر. ويراد بها هنا الذمية. والحديث مجهول

المسلمة ، أربعة أشهر وعشر (1).

4- وبإسناده عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن حمران، عن أبي جعفر (علیه السلام) في أُمّ ولد لنصرانيّ أسلمت أيتزوَّجها المسلم ؟ قال : نعم، وعدَّتها من النصرانيّ إذا أسلمت عدَّة الحرّة المطلّقة، ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء، فإذا إنقضت عدّتها فليتزوّجها إن شاءت(2).

تمّ كتاب الطلاق من الكافي تصنيف محمّد بن يعقوب الكلينيّ

تغمده اللّه تعالى برحمته الواسعة والحمد لله رب العالمين

والصلاة والسّلام على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين وسلم تسلمياً كثيراً دائماً .

ويتلوه إن شاء اللّه كتاب العتق والتدبير والكتابة

ص: 184


1- التهذيب 8، 3 - باب أحكام الطلاق، ح 230 . والحديث صحيح .
2- التهذيب8 ، 3 - باب أحكام الطلاق ح 231 . والحديث حسن .

كتاب العتق والتَّدبير والكتابة

اشارة

بسم اللّه الرَّحمن الرّحيم

كتاب العتق والتَّدبير(1) والكتابة (2)

باب ما لا يجوز ملكه من القرابات

121 - باب ما لا يجوز ملكه من القرابات

1 - [ أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ قال : ] حدَّثنا محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن(3) أبي جعفر الأوّل (علیه السلام) قال : إذا ملك الرّجل والديه، أو أخته ، أو خالته، أو عمّته، عتقوا عليه، ويملك ابن أخيه، وعمّه، ويملك أخاه، وعمّه، وخاله من الرضاعة (4).

2- وبإسناده عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: لا

ص: 185


1- التدبير: تعليق عتق عبده أو أمته بوفاته، تفعيل من الدبر، فإن الوفاة دبر الحياة .
2- المكاتبة : عقد بين السيد وعبده يكون السيد هو الموجب فيه والقابل هو العبد، ومضمونه الإتفاق على أن يدفع العبد لسيده مبلغاً من المال أقساطاً محدّدة في أوقات معلومة محددة يصبح العبد عند دفع آخر قسط منها حراً، ويكفي أن يقول السيد لعبده : كاتبتك على أن تدفع لي مائة دينار أقساطاً منساوية في خلال سنة مثلا فإن أديت فأنت حر، فيقول العبد : قبلت واشتقاق الكتابة من الكتب وهو الجمع ، لانضمام بعض الأقساط إلى بعض، وهي ليست عتقاً بصفة ولا بيعاً للعبد من نفسه بل هي معاملة مستقلة بنفسها بين المولى والمملوك على الأشهر عند فقهائنا والعوض والمعوض فيها ملك السيد، والمكاتب عندنا على درجة بين الاستقلال وعدمه وأنه يملك دون غيره من العبيد ويثبت له أرش الجناية على سيده وعليه الأرش للسيد المجني عليه . والمكاتبة إما مطلقة أو مشروطة، والمشروطة هي أن يقول السيد في عقد الكتابة بعد قوله : إن أديت فأنت حر، وإن لم تؤد فأنت ردّ في الرق، وهي عقد لازم سواء كانت مطلقة أو مشروطة على الأشبه بقواعد مذهبنا، وإن ذهب بعض أصحابنا إلى أنها في المشروطة تكون جائزة من جهة العبد لأن له أن يعجز نفسه. وقال المحقق: ولا نسلم إن للعبد أن يعجز نفسه بل يجب عليه السعي ولو امتنع يجبر ، وقال الشيخ رحمه اللّه : لا يجبر، وفيه إشكال من حيث اقتضاء عقد المكاتبة وجوب السعي فكان الأشبه الإجبار، لكن لو عجز كان للمولى الفسخ
3- في التهذيبين : عن أحدهما (علیه السلام).
4- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 102 . الاستبصار 4 ، 9 - باب من يصح استرقاقه من ذوي الأنساب و...، ح 4 بتفاوت فيهما. هذا والمشهور بين أصحابنا رضوان اللّه علیهم هو أن الرّجل إذا ملك من جهة الرضاع من ينعتق عليه بالنسب أنه ينعتق حين يتحقق الملك، ونقل عن الشيخ المفيد وسلار وابن أبي عقيل وابن إدريس ذهابهم إلى القول بعدم الإنعتاق .

يملك الرّجل والده ولا ،والدته ولا عمته ولا خالته ويملك أخاه وغيره من ذوي قرابته من الرجال ((1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال، عن أسد بن أبي العلاء، عن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن المرأة ما تملك من قرابتها؟ قال: كلّ أحد إلّا خمسة أباها وأمّها وابنها وابنتها وزوجها (2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا ملك الرّجل والديه، أو أخته، أو عمّته، أو خالته ، عُتِقوا ويملك ابن أخيه وعمّه وخاله، ويملك أخاه وعمّه وخاله من الرّضاعة.

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ؛ وابن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال في امرأة أرضعت ابن جاريتها؟ قال : تعتقه(3).

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّی بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يتخذ أباه أو أمّه أو أخاه أو أخته عَبِيداً؟ فقال : أما الأخت فقد عُتقت حين يملكها ، وأما الأخ فيسترقّه، وأما الأبوان فقد عُتِقا حين يملكهما (4)

قال : وسألته عن المرأة تُرْضِعُ عَبْدَها، أتتخذه عبداً؟ قال: تعتقه وهي كارهة (5).

7-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عمّا يملك الرّجل من ذوي قرابته؟ قال: لا

ص: 186


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 101 ، الاستبصار ،3، نفس ،الباب ، ح 3 بتفاوت في الصدر فيهما.
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 106 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 8 . والحجّال اسمه - كما في الخلاصة - عبد اللّه بن محمّد. وكنيته أبو محمّد.
3- التهذيب 8، 10 - باب العنق وأحكامه ، ح 111 . الاستبصار 4 ، 10 - باب إن من لا يصح ملكه من جهة النسب لا يصح ...، ح 2 .
4- التهذيب ،8 نفس الباب، ح.99 الاستبصار ،4 9 - باب من يصح استرقاقه من ذوي الأنساب ومن ...، ح 1 . يقول المحقق في الشرائع 113/3 : «فإذا ملك الرّجل أو المرأة أحد الأبوين وإن علوا، أو أحد الأولاد ذكراناً وإناثاً وإن نزلوا اقعنق في الحال، وكذا لو ملك الرّجل إحدى المحرمات عليه نسباً، ولا ينعتق على المرأة سوى العمودين ».
5- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح.99 الاستبصار 4 ،9 - باب من يصح استرقاقه من ذوي الأنساب ومن ...، ح 1 . يقول المحقق في الشرائع 113/3 : «فإذا ملك الرّجل أو المرأة أحد الأبوين وإن علوا، أو أحد الأولاد ذكراناً وإناثاً وإن نزلوا اقعنق في الحال، وكذا لو ملك الرّجل إحدى المحرمات عليه نسباً، ولا ينعتق على المرأة سوى العمودين ».

يملك والده، ولا والدته، ولا أخته ، ولا ابنة أخيه ولا ابنة أخته، ولا عمّته، ولا خالته، ويملك ما سوى ذلك من الرجال من ذوي قرابته، ولا يملك أمّه من الرضاعة(1).

باب أنّه لا يكون عنق إلا ما أريد به وجه اللّه عزّ وجلّ

122 - باب أنّه لا يكون عنق إلا ما أريد به وجه اللّه عزّ وجلّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم ؛ وحمّاد؛ وابن اذينة ؛ وابن بكير ؛ وغير واحد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : لا عتق إلّا ما أريد به وجه اللّه عز وجل (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا عتق إلّا ما طلب به وجه اللّه عز وجل.

باب أنّه لا عتق إلا بعد ملك

123 - باب أنّه لا عتق إلا بعد ملك

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا طلاقَ قبل نكاح ؛ ولا عتق قبل ملك(3).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ ، عن مسمع أبي سيّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا عتق إلّا بعد مِلك (4).

باب الشرط في العنق

124 - باب الشرط في العنق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ أو قال : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن

ص: 187


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 100 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 3 .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 5 . الفقيه 3 ، 48 - باب العتق وأحكامه ، ح .. والمعتبر قصد القربة في العتق ، لا التلفظ بها .
3- التهذيب 8، 10 - باب العنق وأحكامه ، ح 6 . الاستبصار 4 ، 3 - باب إنه لا عتق قبل ملك ، ح 101 الفقيه 3، 48 - باب العتق وأحكامه ، ح 14 . هذا ، وقد أجمع أصحابنا على أنه لو أعتق غير المالك لم ينفذ عتقه حتّى ولو أجازه المالك وذلك استناداً إلى قوله (صلّی اللّه علیه وآله) هذا .
4- التهذيب 8، نفس الباب، ح 7 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .

فضّال، عن عبد الرحمن، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : أوصى أمير المؤمنين (علیه السلام) فقال : إنَّ أبا نيزر ورباحاً وجُبَيراً عُتِقوا على أن يعملوا في المال خمس سنين(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ أو قال: عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل أعتق جاريته، وشرط عليها أن تخدمه خمس سنين، فأبِقَت، ثمّ مات الرجل، فوجدها ورثته، ألهم أن يستخدموها؟ قال : لا(2).

3 -عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان؛ ومحمّد بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عمّار؛ وغيره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن الرّجل يعتق مملوكه، ويزوّجه ابنته، ويشترط عليه إن هو أغَارَها أن يردّه في الرق؟ قال: له شرطه (3).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) في الرّجل يقول لعبده : أعتقتك على أن أزوّجك ابنتي، فإن تزوّجت عليها، أو تسرّيت فعليك مائة دينار، فأعتقه على ذلك، وزوَّجه، فتسرى أو تزوّج؟ قال : لمولاه عليه شرطه الأوّل (4).

باب ثواب العتق وفضله والرغبة فيه

125 - باب ثواب العتق وفضله والرغبة فيه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ ؛ ومعاوية بن عمّار؛ وحفص بن البختريّ عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : في الرّجل يعتق المملوك ، قال : إنّ اللّه عزّ وجلَّ يعتق بكلّ عضو منه عضواً من النار ، قال : ويستحبّ للرجل أن يتقرّب [إلى اللّه ] عشيّة عَرَفة ويوم عرفة بالعتق والصدقة (5).

ص: 188


1- واجمع الأصحاب على أن المعتق إذا شرط على العبد المعتق شرطاً سائغاً في العتق لزمه الوفاء به سواء كان الشرط خدمة مدة معينة أم لا معينا، وهل يشترط في لزوم الشرط قبول المملوك ؟ قيل : لا، وهو ظاهر اختيار المحقق ، وقيل : يشترط مطلقاً، وهو اختيار العلامة في القواعد وقيل : يشترط قبوله في اشتراط المال دون الخدمة، واختاره فخر المحققين مرآة المجلسي 295/21 .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 30 الفقيه ،3، نفس الباب، ح 17 . وابق العيد يابَقُ إباناً : ذهب بلا خوف أو كدّ عمل، أو استخفى ثمّ ذهب.
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 28 . وفيه : أغاظها . . ، بدل : أغارها . . .
4- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 29 بتفاوت في الذيل .
5- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 1 . الفقيه 3 ، 48 - باب العتق وأحكامه ، ح 2 وروى ذيل الحديث وأخرجه عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) . والضمير في (منه) يرجع إلى المملوك ،المعتق أي بكل عضو من المعتق يعتق اللّه عضواً من المعتق من النار .

2 - عليُّ ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن ربعي بن عبد اللّه عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من أعتق مسلماً، أعتق اللّه عزَّ وجلَّ بكلّ عضو منه عضواً من النار (1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه رفعه قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من أعتق مؤمناً ، أعتق اللّه عزَّ وجلَّ بكلِّ عضو منه عضواً من النار، فإن كانت أنثى ، أعتق اللّه عزَّ وجلَّ بكلَّ عُضْوَين منها عضواً منه من النار، لأنّ المرأة بنصف الرّجل (2)

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان، عن بشير النبّال قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : من أعتق نَسَمَةً صالحة لوجه اللّه عزَّ وجلَّ، كفّر اللّه عنه مكان كل عضو منه عضواً من النار.

باب عتق الصغير والشيخ الكبير وأهل الزمانات

126 - باب عتق الصغير والشيخ الكبير وأهل الزمانات

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا (علیه السلام) ، وسألته عن الرّجل يعتق غلاماً صغيراً ، أو شيخاً كبيراً، أو من به زمانة، ومن لا حيلة له ؟ فقال : من أعتق مملوكاً لا حيلة له، فإنَّ عليه أن يعوله حتّى يستغني عنه، وكذلك كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يفعل إذا أعتق الصغار ومَن لا حيلة له(3).

2 - محمّد عن أحمد، عن عليّ بن الحكم ؛ وصفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال: سألته عن الصبيّ يعتقه الرجل؟ فقال: نعم، قد أعتق عليّ (علیه السلام) ولداناً كثيرة (4).

ص: 189


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 2 . وفيه : أعتق اللّه العزيز الجبّار. .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 3 . وفي ذيله:... نصف الرجل. الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 1 ورواه عن رسولاللّه (صلّی اللّه علیه وآله) مرسلاً . واللّه سبحانه يعتق بكل عضوين من المعتقة عضوين من المعتق من النار سواء كان المعتق ذكراً أو أنثى .
3- التهذيب 8 ، 10 - باب العتق ،وأحكامه ح 11 . والحديث صحيح .
4- الحديث صحيح .

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن منصور بن حازم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عمّن أعتق النَسَمَة؟ فقال : أعتق من أغنى نفسه(1).

باب كتاب العتق

127 - باب كتاب العتق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن غلام أعتقه أبو عبد اللّه (علیه السلام) : هذا ما أعتق جعفر بن محمّد، أعتق غلامه السندي فلاناً، على أنّه يشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأن محمّداً عبده ورسوله ، وأنَّ البعث حقٌّ، وأن الجنّة حق، وأن النار حق ؛ وعلى أنه يوالي أولياء اللّه ويتبرأ من أعداء اللّه ، ويُحلَّ حلال اللّه، ويحرم حرام اللّه ، ويؤمن برُسُل اللّه ، ويقر بما جاء من عند اللّه ، أعتقه لوجه اللّه لا يريد به جزاء ولا شكوراً، وليس لأحد عليه سبيل إلا بخير شهد فلان(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: قرأت عتق أبي عبد اللّه (علیه السلام) فإذا هو شرحه : هذا ما أعتق جعفر بن محمّد، أعتق فلاناً غلامه لوجه اللّه ، لا يريد به جزاء ولا شكوراً، على أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويحج البيت، ويصوم شهر رمضان، ويتولّى أولياء اللّه ، ويتبرأ من أعداء اللّه ، شهد فلان وفلان وفلان، ثلاثة (3).

باب عتق ولد الزنا والذمي والمشرك والمُسْتَضْعَف

128 - باب عتق ولد الزنا والذمي والمشرك والمُسْتَضْعَف

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إِنَّ عليّاً (علیه السلام) أعتق عبداً له نصرانيّاً، فأسلم حين أعتقه(4).

ص: 190


1- الحديث صحيح. وأغنى نفسه : أي يكون له كسب فلا يحتاج إلى النوال، أو أغنى نفسه عن الخدمة بكثرتها . وأخرجه في التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 12 وفيه : سألته عن النسمة؟ .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 4 وفيه : فإذا هو ، بدون شرحه. والحديث صحيح .
4- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 16 . الاستبصار 4 ، 1 - باب أنه لا يجوز أن يعتق كافراً ، ح 2 . وقد حمل الشيخ هذا الحديث على أنه (علیه السلام) إنما أعتقه مع كونه كافراً لعلمه (علیه السلام) بأنه سوف يسلم إذا أعتقه؟ هذا، وعدم صحة عتق المملوك الكافر أحد الأقوال في المسألة عند أصحابنا، قال المحقق في الشرائع 107/3 : ويعتبر في المعتق الإسلام، فلو كان المملوك كافراً لم يصح عنقه ، وقيل : يصح مطلقاً ، وقيل : يصح النذر . . » وقد استدل من ذهب إلى المنع من عتقه مطلقاً إذا كان كافراً، إضافة إلى بعض الروايات، بأنه خبيث، وعتقه إنفاق له في سبيل اللّه وقد نهى اللّه سبحانه عنه بقوله : ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون، ولاشتراط القربة فيه ولا قربة في الكافر، وقد ناقش الشهيد الثاني في الروضة هذه الحجة وفندها، كما ناقش بقية الأقوال ولم يرتضها ثمّ قوّى القول بصحة عتق الكافر حيث قال: فالقول بالصحة مطلقا مع تحقق القربة متجه، وهو مختار المصنف أي) الشهيد (الأول في الشرح . راجع اللمعة وشرحها كتاب العنق، المجلد الثاني من الحجرية، ص 184 .

2 - محمّد عن أحمد، عن عليّ بن الحكم ، عن عمر بن حفص، عن سعيد بن يسار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا بأس بأن يعتق ولد الزنا(1).

3-محمّد ، عن أحمد، عن أبيه محمّد بن عيسى، عن ابن مسكان، عن الحلبيّ قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) الرقبة تُعْتَقِ (علیه السلام) الرقبة تُعتق من المستضعفين؟ قال : نعم (2).

باب المملوك بين شركاء يعتق أحدهم نصيبه أو يبيع

129 - باب المملوك بين شركاء يعتق أحدهم نصيبه أو يبيع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن المملوك بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه؟ قال : إنَّ ذلك فساد (3) على أصحابه لا يقدرون على بيعه ولا مؤاجرته قال يقوَّم قيمة فيجعل على الذي أعتقه عقوبة، وإنّما جعل ذلك عليه لما أفسده (4).

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عن رجلين كان بينهما عبد فأعتق أحدهما نصيبه؟ فقال: إن كان مضارّاً

ص: 191


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 13 وح 49. الفقيه 3، 54 - باب ما جاء في ولد الزنا واللقيط، ح 1 . يقول المحقق في الشرائع 107/3: ويصح عتق ولد الزنا، وقيل لا يصح بناء على كفره، ولم يثبت». وقد علق الشهيد الثاني في المسالك 3/ 100 على ذلك فقال : «... والحق جواز عتقه مطلقاً، أما بعد بلوغه وإسلامه فواضح، إذ لو لم يقبل منه لزم تكليف ما لا يطاق، وأما قبله فلأنه وإن لم يحكم بإسلامه من حيث عدم تبعيته للمسلم لكن لا يحكم بكفره لعدم تبعيته للكافر، فيلزم من صحة عتق الكافر صحة عتقه بطريق أولى . وروي أن أبا أن أبا عبد اللّه (علیه السلام) :قال لا بأس بأن يعتق ولد الزنا ».
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ح 14 .
3- في الاستبصار : إن كان ذلك فساداً ... الخ .
4- التهذيب 8 ، نفس الباب، ح 23 بتفاوت يسير الاستبصار 4 ، 2 - باب المملوك بين شركاء يعتق أحدهم نصيبه، ح 9 بتفاوت يسير .

كلّف أن يعتقه كلّه، وإلّا استُسعي العبد في النصف الآخر (1).

3 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : من كان شريكاً في عبد أو أمة قليل أو كثير، فأعتق حصته وله سعة، فليشتره من صاحبه فيعتقه كله، وإن لم يكن له سعة من مال نظر قيمته يوم أعتق، ثمّ يسعى العبد بحساب ما بقي حتّى يُعْتَقَ(2).

4 – وبإسناده، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في عبد كان بين رجلين، فحرَّر أحدهما نصيبه وهو صغير، وأمسك الآخر نصفه حتّى كبر الذي حرّر نصفه؟ قال : يقوّم قيمة يوم حرّر الأول، وأمر المحرّر أن يسعى في نصفه الذي لم يحرّر حتّى يقضيه (3).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن المملوك بين شركاء، فيعتق أحدهم نصيبه؟ فقال: هذا فساد على أصحابه، يقوم فيمة، ويضمن الثمن الذي أعتقه، لأنّه أفسده على أصحابه (4)

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن قوم ورثوا عبداً جميعاً، فأعتق بعضهم نصيبه منه، كيف يصنع بالذي أعتق نصيبه منه، هل يؤخذ بما بقي؟ قال: نعم، يؤخذ بما بقي منه بقيمته يوم أعتق .

ص: 192


1- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ج 21 الفقيه 3 ، 48 - باب العتق وأحكامه، ح8. الاستبصار 4، باب المملوك بين شركاء . . . ، ح 8 . قال المحقق في الشرائع 111/3 : «ولو كان له - أي للمعتق - فيه - أي في العبد - شريك قوم عليه إن كان موسراً، وسعى العبد في فك ما بقي منه إن كان المعتق معسراً وقيل : إن قصد الإضرار فيه إن كان موسراً وبطل عتقه إن كان معسراً، وإن قصد القربة عتقت حصته وسعى العبد في حصة الشريك ولم يجب على المعتق فكه ، فإن عجز العبد أو امتنع من السعي كان له من نفسه ما أعتق وللشريك ما بقي وكان كسبه بينه وبين الشريك، و نفقته وفطرته عليهما». وقال الشهيد الثاني في الروضة : ولا فرق في عتق الشريك بين وقوعه للأضرار بالشريك وعدمه مع تحقق القربة المشترطة خلافاً للشيخ حيث شرط في السراية مع اليسار قصد الإضرار وأبطل العتق بالإعسار معه، وحكم بسعي العبد مطلقاً مع قصد القربة استناداً إلى أخبار تأويلها بما يدفع المنافاة بينها وبين ما دل على المشهور الطريق الجمع ».
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح24 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 11 .
3- الفقيه 3، نفس الباب، ح 5.
4- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 22 وفيه : قيمته ...، بدل : قيمة . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 6 بتفاوت يسير فيهما .

باب المُدَبَّر

130 - باب المُدَبَّر

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء قال : سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن الرّجل يدبّر المملوك وهو حسن الحال، ثمّ يحتاج، هل يجوز له أن يبيعه؟ قال: نعم، إذا احتاج إلى ذلك (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن المدبّر ؟ فقال : هو بمنزلة الوصيّة يرجع فيها، وفيما شاء منها (2).

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن المدبّر ، أهو من الثلاث ؟ فقال : نعم، وللموصي أن يرجع في صحّة كانت وصيّته أو مرض(3)

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال: سألته عن رجل دبّر جاريته وهي حُبلى؟ فقال: إن كان علم بحبلها، فما في بطنها بمنزلتها، وإن كان لم يعلم، فما في بطنها رِقّ (4)

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى الكلابيّ ؛ عن أبي الحسن الأول (علیه السلام) قال: سألته عن امرأة دبرت جارية لها، فولدت الجارية جارية نفيسة، فلم تعلم المرأة حال المولودة مدبّرة هي أو غير مدبّرة؟ فقال لي : متى كان الحمل بالمدبّرة، أقبل أن

ص: 193


1- التهذيب 8، 11 - باب التدبير، ح 1 . الاستبصار 4، 15 - باب جواز بيع المدبر، ح1 . وفيهما: يجوز له . . . ، بدون : هل ...
2- التهذيب 8، 11 - باب التدبير .2 الاستبصار 3، 15 - باب جواز بیع ح المدبر، ح 15 بتفاوت فيهما . هذا وعن الشهيدين والمحقق وغيرهم إنهم جوزوا بيع المدبّر مطلقاً فسخ التدبير قبل البيع أو لم يفسخه على أصح القولين عندهما رحمهما اللّه ، لأن التدبير المتبرع به بمنزلة الوصية، فكما يجوز الرجوع فيها ما دام حيا يجوز فيه كذلك . فراجع اللمعة وشرحها المجلد الثاني من الطبعة الحجرية، كتاب التدبير، ص 199 رجوع 200 ، وشرائع الإسلام 3/ 120 .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، 3 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 16 بتفاوت فيهما. الفقيه 3، 49 - باب التدبير، ح 6 بسند مختلف .
4- التهذيب 8 ، نفس الباب، ح 9. الاستبصار 4 ، 16 - باب من دبر جارية حبلى ، ح 1 . الفقيه 3، نفس الباب، ح5 قال المحقق في الشرائع 119/3 : «ولو دبرها حاملاً ، قيل : إن علم بالحمل فهو مدبر، وإلا فهو رق، وهي رواية الوشاء، وقيل : لا يكون مدبراً لأنه لم يُقصد بالتدبير، وهو أشبه».

دبّرت أو بعد ما دبّرت؟ فقلت : لست أدري، ولكن أجبني فيهما جميعاً، فقال : إن كانت المرأة دبّرت وبها حبل، ولم تذكر ما في بطنها، فا [نّ] لجارية مدبّرة والولد رق، وإن كان إنّما الحمل بعد التدبير، فالولد مدبّر في تدبير أمّه(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبان بن تغلب قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل دبّر مملوكته ثمّ زوَّجها من رجل آخر، فولدت منه أولاداً، ثمّ مات زوجها وترك أولاده منها ؟ فقال : أولاده منها كهيئتها، فإذا مات الذي دبر أمهم فهم أحرار ؛ قلت له : أيجوز للذي دبر أمهم أن يرد في تدبيره إذا احتاج؟ قال: نعم، قلت : أرأيت إن ماتت أمهم بعدما مات الزّوج ، وبقي أولادها من الزوج الحرّ، أيجوز لسيدها أن يبيع أولادها وأن يرجع علیهم في التدبير؟ قال : لا ، إنما كان له أن يرجع في تدبير أمّهم إذا احتاجَ ورضيت هي بذلك (2).

7- محمّد بن يحيى، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المدبر مملوك، ولمولاه أن يرجع في تدبيره، إن شاء باعه، وإن شاء وهبه، وإن شاء أمهره، قال : وإن تركه سيده على التدبير ولم يحدث فيه حَدَثاً حتّى يموت سيده ، فإنَّ المدبر حرٌّ إذا مات سيده ، وهو من الثلث، إنما هو بمنزلة رجل أوصى بوصية ثمّ بدا له بعد فغيرها من قبل موته وإن هو تركها ولم يغيّرها حتّى يموت، أُخِذَ بها(3).

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن بريد بن معاوية العجلي قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل دبّر مملوكاً له تاجراً موسراً، فاشترى المدبّر جارية بأمر مولاه، فولدت منه أولاداً ، ثمّ إنَّ المدبّر مات قبل سيّده؟ قال : فقال : أرى أنَّ جميع ما ترك المدبّر من مال أو متاع فهو للذي دبره ، وأرى أنَّ أمّ ولده للذي دبره ، وأرى أنَّ ولدها مدبّرون كهيئة أبيهم، فإذا مات الذي دبّر أباهم فهم أحرار (4).

9-وبإسناده، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل دبّر مملوكاً له ثمّ احتاج إلى ثمنه ؟ فقال : هو مملوكه ، إن شاء باعه، وإن

ص: 194


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 10 . الاستبصار ،4 نفس الباب، ح 2 . الفقيه ، نفس الباب، ح 4 بتفاوت ، وأسنده إلى أبي إبراهيم (علیه السلام) .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح4. الاستبصار 4، 15 - باب جواز بیع المدبر، ح13
3- التهذيب 8 ،11 - باب التدبير، ح5 . الاستبصار 4 ، 15 - باب جواز بیع 4، - المدبر، ح 14
4- التهذيب 8 ،نفس الباب ح 11 . الفقيه 3 49 - باب التدبير، ح 12 .

شاء أعتقه، وإن شاء أمسكه حتّى يموت، فإذا مات السيد فهو حرّ من ثلثه (1).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس في المدبّر والمدبّرة يُباعان، يبيعهما صاحبهما في حياته، فإذا مات فقد عُتقا، لأنَّ التدبير عدَّة، وليس بشيء واجب، فإذا مات كان المدبّر من ثلثه الذي يترك، وفَرْجُها حلال لمولاها الذي دبرها، وللمشتري إذا اشتراها حلال بشرائه قبل موته(2).

باب المُكَاتَب

131 - باب المُكَاتَب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت له : إنّي كاتبت جارية لأيتام لنا، واشترطت عليها إن هي عجزت، فهي ردُّ في الرّق، وأنا في حلّ ممّا أخذت منكِ؟ قال : فقال لي : لك شَرْطُك ، وسيقال لك : إنَّ عليّاً (علیه السلام) كان يقول : يعتق من المكاتب بقدر ما أدى من مكاتبته، فقل: إنما كان ذلك من قول عليُّ (علیه السلام) قبل الشرط، فلما اشترط الناس كان لهم شرطهم ؛ فقلت له : وما حد العجز ؟ فقال : إن قضاتنا يقولون : إن عجز المكاتب أن يؤخر النجم إلى النجم الآخر، وحتّى يحول عليه الحَوْلُ ، قلت : فماذا تقول أنت؟ قال: لا، ولا كرامة، ليس له أن يؤخّر نَجْماً عن أجَله إذا كان ذلك في شرطه (3)

2 - ابن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : المكاتب لا يجوز له عتق ولا هبة ولا نكاح ولا شهادة ولا حجّ حتّى يؤدّي جميع ما عليه، إذا كان

ص: 195


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 6 ، الاستبصار 4، 15 - باب جواز بيع المدبر، ح 2
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 7 . وكون المدبرة رقاً لسيدها وطؤها والتصرف فيها وإنها تعتق من الثلث بعد موت المولى وإن أولادها بمنزلتها كل ذلك متفق عليه بين الأصحاب حتّى إنها لو حملت من سيدها لم يبطل التدبير . فراجع شرائع الإسلام للمحقق 119 - 118/3 .
3- التهذيب 8، 12 - باب المكاتب ، ح 1 . الاستبصار 4 ، 18 - باب المكاتب المشروط عليه إن عجز فهو رد في الرق و...، ح 1 . يقول المحقق في الشرائع 125/3 وهو بصدد الحديث عن المكاتبة المطلقة والمشروطة: «والمشروطة : أن يقول مع ذلك : فإن عجزت فأنت ردُّ في الرق، فمتى عجز كان للمولى ردّه رقاً ولا يعيد عليه ما أخذه، وحد العجز أن يؤخر نجماً إلى نجم أو يعلم من حاله العجز عن فك نفسه ، وقيل : أن يؤخر نجماً عن محله، وهو مروي ، ويستحب للمولى مع العجز الصبر عليه ».

مولاه قد شرط عليه : إن هو عجز عن نجم من نجومه، فهو ردّ في الرقّ (1).

3 - ابن محبوب، عن عمر بن يزيد، عن بريد العجليّ قال: سألته عن رجل كاتب عبداً له على ألف درهم، ولم يشترط عليه حين كاتبه : إن هو عجز عن مكاتبته فهو ردّ في الرقّ، وإنَّ المكاتب أدّى إلى مولاه خمسمائة درهم، ثمّ مات المكاتب وترك مالاً ، وترك ابناً له مُدْرِكاً؟ فقال : نصف ما ترك المكاتب من شيء فإنه لمولاه الذي كاتبه، والنصف الباقي لابن المكاتب، لأنَّ المكاتب مات ونصفه حرّ ونصفه عبد للذي كاتبه، فابن المكاتب كهيئة أبيه؛ نصفه حرّ ونصفه عبد، فإن أدى إلى الذي كاتب أباه ما بقي على أبيه، فهو حر لا سبيل لأحد من الناس عليه (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن الحسين بن خالد، عن الصادق (علیه السلام) قال : سئل عن رجل كاتب أمةٌ له، فقالت الأمة : ما أديتُ من مكاتبتي فأنابه حرّة على حساب ذلك، فقال لها : نعم، فأدَّت بعض مكاتبتها ، وجامعها مولاها بعد ذلك؟ فقال : إن كان استكرهها على ذلك، ضُرِبَ من الحد بقدر ما أدَّت من مكاتبتها، ودرىء عنه من الحد بقدر ما بقي له من مكاتبتها، وإن كانت تابَعَتْهُ فهي شريكته في الحد، تُضْرَب مثل ما يضرب (3).

5- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبان، عمّن أخبره ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن المكاتب؟ قال: يجوز عليه ما شَرَطْتَ عليه (4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنَّ المكاتب إذا أدَّى شيئاً، أعتق بقدر ما أدى، إلّا أن يشترط مواليه إن هو عجز فهو مردود ، فلهم شرطهم (5).

ص: 196


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 9 .
2- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 2 . الاستبصار 4 ، 21 - باب ميراث المكاتب ، ح 1 . وقد كرر الشيخ هذا الحديث برقم 39 من نفس الباب، وكذا برقم 6 من الباب 34 من الجزء 4 من التهذيب.
3- التهذيب 8 ، نفس الباب، ح 10 . الاستبصار 4 ، 20 - باب من وطأ المكاتبة بعد أن أدت شيئاً من مكاتبتها، ح 1. بتفاوت يسير فيهما. وسوف يكرر الكليني رحمه اللّه هذا الحديث في الفروع 5 ، الحدود، باب ما يجب على المماليك والمكاتبين من الحد ، ح 21 . الفقيه 4 ، 7 - باب حد المماليك في الزنا، ح 95 . كما إن الشيخ رحمه اللّه كرر هذا الحديث برقم 94 من الباب (1) من الجزء 10 من التهذيب. هذا وقد حكم أصحابنا رضوان اللّه علیهم بحرمة وطء المولى مكاتبته لا بالملك ولا بالعقد وإن ذلك زنا، يقام عليه فيه الحد ويسقط عنه من الحد بقدر ما له فيها من الرقية، وحدّ بالباقي ولو طاوعت حدت . راجع الشرائع للمحقق 129/3 .
4- الفقيه 3، 50 - باب المكاتبة ، ح 9 عن الصادق (علیه السلام) مرسلاً.
5- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 3.

7- وبإسناده، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال : سألته عن قول اللّه عزّ وجلَّ : (وآتوهم من مال اللّه الذي آتاكم (1)) ؟ قال : الذي أَضْمَرْتَ أن تكاتبه عليه، لا تقول : أكاتبه بخمسة آلاف وأترك له ألفاً، ولكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعْطِه (2).

وعن قوله عزّ وجلَّ : (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً (3))؟ قال: الخير: إن علمت أنَّ عنده مالا .

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن مكاتبة أدَّت ثُلُثَي مكاتبتها، وقد شرط عليها إن عجزت فهي ردَّ في الرقّ، ونحن في حلّ ممّا أخذنا منها، وقد اجتمع عليها نجمان؟ قال : تُرَدّ ، وتطيب لهم ما أخذوا منها ؛ وقال : ليس لها أن تؤخر النجم بعد حله شهراً واحداً إلّا بإذنهم (4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : في المكاتب إذا أدّى بعضه مكاتبته ؟ فقال : إن الناس كانوا لا يشترطون، وهم اليوم يشترطون، والمسلمون عند شروطهم، فإن كان شرط عليه أنّه إن عجز رجع، وإن لم يشترط عليه لم يرجع، وفي قول اللّه عزّ وجلّ : فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا؟ قال: كاتبوهم إن علمتم أن لهم مالاً ، قال : وقال في المكاتب يشترط عليه مولاه أن لا يتزوج إلا بإذن منه حتّى يؤدّي مكاتبته؟ قال : ينبغي له أن لا يتزوج إلا بإذن منه ، فإنَّ له شرطه(5)

10 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قوله عزّ وجلَّ : (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً) ، قال : إن علمتم لهم مالاً وَدِيناً (6).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة عن سماعة قال: سألته (علیه السلام) عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم أنّه لا

ص: 197


1- النور/ 33 .
2- التهذيب 8، 12 - باب المكاتب، ح 19 وفي ذيله زيادة منه
3- النور/33.
4- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 4 . الاستبصار ،4 ، 18 - باب المكاتب المشروط عليه إن عجز فهو رد في الرقّ و...، ح 2 .
5- الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 6 وفيه إلى قوله : وإن لم يشترط عليه لم يرجع . التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 8 وفيه إلى قوله : قال : كاتبوهم إن علمتم أن لهم مالاً . وروى ذيله من قوله : وقال في المكاتب يشترط عليه مولاه لا. . الخ . في الفقيه ،3، 50 - باب المكاتبة ، ح 11 بتفاوت قليل.
6- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 17 وفي ذيله : ... ديناً ومالاً .

يملك قليلاً وكثيراً ؟ قال : يكاتبه ولو كان يسأل الناس، ولا يمنعه المكاتبة من أجل أن ليس له مال، فإن اللّه يرزق العباد بعضهم من بعض، والمؤمن ،مُعَان ويقال : والمحسن معان(1).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال في رجل كاتب على نفسه وماله، وله أمَةٌ ، وقد شرط عليه أن لا يتزوَّج، فأعتق الأمة وتزوَّجها ؟ قال : لا يصلح له أن يُحْدِثَ في ماله إلّا أكلة من الطعام، ونكاحه فاسد مردود ، قيل : فإنَّ سيّده علم بنكاحه ولم يقل شيئاً؟ قال : إذا صمت حين يعلم ذلك، فقد أقر، قيل : فإنَّ المكاتب عُتِقَ ، أفَتَرَى أن يجدّد النكاح، أو يمضي على النكاح الأول؟ قال : يمضي على نكاحه (2).

13 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن سليمان بن خالد، ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن رجل كان له أب مملوك، وكانت لأبيه امرأة مكاتبة قد أدَّت بعض ما عليها، فقال لها ابن العبد : هل لكِ أن أعينك في مكاتبتك حتّى تؤدّي ما عليك، بشرط أن لا يكون لك الخيار على أبي إذا أنت ملكت نفسك؟ قالت : نعم، فأعطاها في مكاتبتها على أن لا يكون لها الخيار عليه بعد ما مَلَك؟ قال : لا يكون لها الخيار، المسلمون عند شروطهم (3).

14 - وبإسناده عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، قال : سألت أبا عن أبي بصير جعفر (علیه السلام) عن رجل أعتق نصف جاريته، ثمّ إنّه كاتبها على النصف الآخر بعد ذلك؟ قال: فقال: فليشترط عليها أنّها إن عجزت عن نجومها فإنّها تردُّ في الرق في نصف رقبتها ، قال : فإن شاء كان له في الخدمة يوم ولها يوم، وإن لم يكاتبها، قلت: فلها أن تتزوج في تلك الحال؟ قال : لا ، حتّى تؤدّي جميع ما عليها في نصف رقبتها (4)

ص: 198


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 28 . الفقيه ،3، نفس الباب، ح 13 بتفاوت في الذيل في الجميع. و معنى : والمحسن معان : أي إن اللّه سبحانه كفيل بتسديد مال كتابته إما برزقه من يحث لا يحتسب، أو من جهة سهم الرقاب من الزكاة، أو بتوجيه قلوب الناس ليحسنوا إليه ويعينوه .
2- التهذيب 7 ، 30 - باب العقود على الإماء وما يحلّ من . . . ، ح 65 . وكرره برقم 11 من الباب 12 من الجزء 8 من التهذيب أيضاً. الفقيه 3، 50 - باب المكاتبة ، ح 16 . وذكر الكليني رحمه اللّه هذا الحديث في الفروع 3، النكاح، باب المملوك يتزوج بغير إذن مولاه، ح 6 .
3- التهذيب 8 ،12 - باب المكاتب ح 12 . الفقيه 3 ، 173 - باب طلاق العبد ، ح 12 . والحديث صحيح، ويقول المجلسي في مرآة العقول 312/21 : ولم أر مصرحاً بهذا الفرع، ويشكل القول بلزومه على أصولهم إلا إذا اشترط في عقد لازم ويمكن حمله على الاستحباب فحينئذ يتوجه رجوعه في المال الذي أعطاها لذلك . . . الخ .
4- التهذيب8 ، نفس الباب ، ح 13 . والحديث صحيح، وظاهره عدم السراية مطلقاً هذا والمشهور بين أصحابنا رضوان اللّه علیهم بل ذكر الشهيد الثاني في الروضة إنه ربما كان إجماعاً هو أن من خواص العتق السراية بمعنى إنعتاق باقي المملوك إذا أعتق بعضه بشرائط خاصة، وعليه فمن أعتق جزءاً من عبده أو أمته سرى العتق فيه أجمع وعتق كله، وقد ذكر الشهيد الثاني أيضاً في الروضة، إن مستند هذا الحكم من الأخبار ضعيف «ومن ثمّ ذهب السيد جمال الدين بن طاوس رحمه اللّه إلى عدم السراية بعتق البعض مطلقاً استضعافاً للدليل المخرج عن حكم الأصل ولموافقته لمذهب العامة ...».

15 - محمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال: سألته عن رجل كاتب مملوكه فقال بعدما كاتبه : هب لي بعضاً وأُعجّل لك ما كان مكاتبتي، أيحلّ ذلك؟ قال : إذا كان هبة فلا بأس، وإن قال : حُطَّ عني وأعجل لك، فلا يصلح(1).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال في مكاتبة يطؤها مولاها فتحمل ، قال : يردُّ عليها مهر مثلها، وتسعى في قيمتها، فإن عجزت، فهي من أمهات الأولاد (2).

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : في قول اللّه عزّ وجلَّ : (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً و آتوهم من مال اللّه الذي آتاكم) ، قال : تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه منها ، ولا تزيد فوق ما في نفسك، فقلت: كم؟ فقال : وضع أبو جعفر (علیه السلام) عن مملوكه ألفاً من ستة آلاف(3).

باب المملوك إذا عَمِيَ أو جذم أو نكّل به فهو حر

132 - باب المملوك إذا عَمِيَ أو جذم أو نكّل به فهو حر

1 - محمّد بن يحيى ؛ عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن محبوب، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كلُّ عبد مُثِّلَ به فهو حرٌّ (4).

ص: 199


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 37 الفقيه ،3، 50 - باب المكاتبة ، ح 4 بتفاوت يسير والحديث صحيح ، والوجه - في عدم الصلاح فيما لو قال ذلك لأن الحط ينبغي أن يكون بغير عوض. وقال الشهيد الأول في الدروس : يجوز تعجيله قبل الأجل إن اتفقا عليه، ولو صالحه قبل الأجل على الأقل من غير الجنس، صح، وإن كان منه منعه الشيخ لأنه الربا.
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 14 . الاستبصار 4 ، 19 - باب من وطأ المكاتبة بعد . . . ، ح 2. الفقيه 3، 57 - باب نوادر العتق ، ح 7 بتفاوت وأخرجه عن السكونيّ عن جعفر عن أبيه (علیه السلام) قال : قال عليُّ بن الحسين (علیه السلام) .
3- التهذيب 8، 12 - باب المكاتب، ح 15 بتفاوت . الفقيه ،3، 50 - باب المكاتبة ، ح 1 .
4- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه . ح 34 هذا، وقد تردّد بعض أصحابنا رضوان اللّه علیهم في عتق من مثل به، والمروي أنه ينعتق، فراجع شرائع الإسلام. للمحقق 114/3 . كما يراجع اللمعة وشرحها للشهيدين كتاب العتق ، حيث يظهر من عبارة الشهيد الثاني جزمه بالانعتاق .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا عمي المملوك فلا رقّ عليه، والعبد إذا جذم فلا رقّ عليه (1).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان، عن إسماعيل الجعفيّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا عمي المملوك أعتقه صاحبه، ولم يكن له أن يمسكه (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا عمي المملوك فقد عُنِقَ(3).

باب المملوك يعتق وله مال

133 - باب المملوك يعتق وله مال

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل أراد أن يعتق مملوكاً له، وقد كان مولاه يأخذ منه ضريبة فرضها عليه في كلّ سنة، فرضي بذلك المولى، ورضي بذلك المملوك ، فأصاب المملوك في تجارته مالاً سوى ما كان يعطي مولاه من الضريبة؟ قال : فقال : إذا أدّى إلى سيّده ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك، ثمّ قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : أليس قد فرض اللّه عزَّ وجلَّ على العباد فرائض، فإذا أدوها إليه لم يسألهم عمّا سواها، قلت له : فما ترى للمملوك أن يتصدّق مما اكتسب ويعتق بعد الفريضة التي كان يؤديها إلى سيّده؟ قال : نعم ، وأجر ذلك له، قلت: فإن أعتق مملوكاً مما اكتسب سوى الفريضة، لمن يكون ولاء المعتق ؟ قال : فقال : يذهب فيتوالى إلى من أحبّ، فإذا ضمن جريرته وعقله كان مولاه وورثه قلت له : أليس قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : الولاء لمن أعتق ؟ قال : فقال : هذا سائبة لا يكون ولاؤه لعبد مثله ، قلت : فإن ضمن العبد الذي أعتقه جريرته وَحَدَثَهُ، أيلزمه ذلك، ويكون

ص: 200


1- التهذيب 8، نفس الباب، ح 31 الفقيه 3 53 - باب الحرية ، ح 3 وفيه : أجذم ... بدل جذم. هذا وقد نص أصحابنا رضوان اللّه علیهم على أن المملوك ينعتق تلقائياً بحصول أحد أمور منها العمى والجذام والإقعاد فراجع اللمعة وشرحها للشهيدين كتاب العتق، ص 181 من الطبعة الحجرية. وشرائع الإسلام للمحقق 114/3 .
2- التهذيب 8 نفس الباب، ح 33 .
3- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 32 وفيه: أعتق، بدل : عُيّق الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 4 مرسلاً.

،مولاه، ويرثه؟ قال : فقال : لا يجوز ذلك، ولا يرث عبد حرّاً. (1)

2 - ابن محبوب، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا كاتب الرّجل مملوكه وأعتقه وهو يعلم أنّ له مالاً ، ولم يكن استثنى السيّد المال حين أعتقه، فهو للعبد (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن زرارة، عن أحدهما (علیه السلام) في رجل أعتق عبداً له وله مال لمن مال العبد؟ قال : إن كان علم أنَّ له مالاً تبعه ماله، وإلّا فهو للمعتق(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن حمران، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل أعتق عبداً له وللعبد ،مال، لمن المال؟ فقال : إن كان يعلم أن له مالا تبعه ماله وإلّا فهو له (4).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن أبي جرير (5)قال : سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل قال لمملوكه : أنت حر ولي مالك؟ قال : لا يبدء بالحرية قبل المال يقول له : لي مالُكَ وأنت حر ، برضى المملوك، فإنّ ذلك أحبُّ إلىَّ (6).

باب عتق السكران والمجنون والمُكْرَه

134 - باب عتق السكران والمجنون والمُكْرَه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن

ص: 201


1- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 40 . الفقيه ،3، 50 - باب المكاتبة ، ح 6. وسوف يكرر الكليني - رحمه اللّه هذا الحديث في الفروع 5 المواريث، باب ولاء السائبة، ح .. والحديث صحيح . وقابلية العبد للملك هو قول أكثر أصحابنا، وإن ذهب جماعة إلى القول بعدم ملكه مطلقاً، بينما ذهب البعض إلى أنه يملك فاضل الضريبة وارش الجناية. وقد استحسن المحقق رحمه اللّه القول بملكه مطلقاً لكنه محجور عليه بالرق حتّى يأذن المولى .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 37 الاستبصار 4 ، 6 - باب من أعتق مملوكاً له مال، ح 2 . وفيه : إذا كان للرجل مملوك فأعتقه وهو ... وهو ... الخ . الفقيه 3 ، 48 - باب العتق وأحكامه، ح 19
3- الفقيه 3، نفس ،الباب صدر ح 18 . التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 36 بتفاوت . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح ا بتفاوت .
4- راجع التخريج السابق
5- أبو جرير - كما في الخلاصة - القمي، وجه يروي عن الرضا (علیه السلام) واسمه زكريا بن إدريس بن عبد اللّه .
6- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح .39 الاستبصار 4 . 6 - باب من أعتق مملوكا له مال، ح 4 ، بدون قوله في الذيل : فإن ذلك أحب إليّ، فيهما معا . قال المحقق في الشرائع 109/3: من أعتق عبده وله قال فماله لمولاه ، وقيل : إن لم يعلم به المولى فهو له، وإن علمه فهو للمعتق إلا أن يستثنيه المولى، والأول أشهر

أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن عتق المُكْرَه؟ فقال : ليس عتقه بعتق(1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن المرأة المعتوهة الذاهبة العقل، أيجوز بيعها وصدقتها؟ قال : لا ، وعن طلاق السكران وعتقه؟ قال : لا يجوز (2).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن عمر بن أذينة، عن زرارة أو (3)قال : ومحمّد بن مسلم ؛ وبريد بن معاوية ؛ وفُضَيل ؛ وإسماعيل الأزرق؛ ومعمر بن يحيى، عن أبي جعفر ؛ وأبي عبد اللّه (علیه السلام) إنّ المدلَّة ليس عتقه بعتق (4).

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن ابن رباط ؛ والحسين بن هاشم؛ وصفوان، جميعاً عن ابن مسكان عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يجوز عتق السكران (5).

باب أمهات الأولاد

135 - باب أمهات الأولاد

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن أم الولد؟ قال : أمَةٌ تُباع وتورَثُ وتوهَبُ ، وحدُّها حَدُّ الأمة (6).

2-الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: سألته عن أمّ الولد، تُباع في الدّين؟ قال : نعم، في ثمن رقبتها (7).

ص: 202


1- التهذيب 8، نفس الباب، ح 8.
2- التهذيب 8 نفس الباب، ح 9 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان اللّه علیهم على أنه يشترط في المعتق البلوغ وكمال العقل والاختيار والقصد إلى العتق والتقرب إلى اللّه وكونه غير محجور عليُّه. وفي عتق الصبي - إذا بلغ عشراً - وصدقته تردد ومستند الجواز رواية زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) . كما إنهم اتفقوا على عدم صحة عتق السكران فراجع شرائع الإسلام للمحقق.107/3
3- الشك من الراوي .
4- التدليه - كما في الصحاح - ذهاب العقل من الهوى يقال دلّهه الحبّ أي حيره وأدهشه .
5- التهذيب 8 نفس الباب ح 10.
6- التهذيب 8 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 91 الاستبصار 4 ، 7 - باب ما يجوز فيه بيع أمهات الأولاد، ح 1 . . وفيه : حدّها . . . ، الفقيه 3 52 - باب أمهات الأولاد، ح 1 .
7- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 92 وفيه : نعم، تباع في ... الخ . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 قال المحقق في الشرائع 139/3 : «أم الولد مملوكة لا تتحرر بموت المولى بل من نصيب ولدها، لكن لا يجوز للمولى بيعها ما دام ولدها حياً إلا في ثمن رقبتها إذا كان ديناً على المولى ولا وجه لأدائه إلا منها، ولو مات ولدها رجعت طلقا وجاز التصرف فيها بالبيع وغيره من التصرفات».

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : أيّما رجل ترك سريّة لها ولد، أو في بطنها ولد، أو لا ولد لها، فإن أعتقها ربها عُتِقت، وإن لم يعتقها حتّى توفّي فقد سبق فيها كتاب اللّه عزَّ وجلَّ، وكتاب اللّه أحق، فإن كان لها ولد فترك مالاً جُعِلَت في نصيب ولدها ، قال : وقضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل ترك جارية وقد ولدت منه ابنة وهي صغيرة غير أنّها تُبِينُ الكلام، فأعتقت أمها فخاصم فيها موالي أبي الجارية، فأجاز عتقها للأمّ. (1)

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل اشترى جارية يطأها ، فولدت له ولداً فمات ولدها؟ فقال : إن شاؤا باعوها في الدين الذي يكون على مولاها من ثمنها وإن كان لها ولد، قوّمت على ولدها من نصيبه(2).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : أو (3)قال لأبي إبراهيم (علیه السلام) : أسألك؟ فقال : سل، فقلت: لِمَ باع أمير المؤمنين (علیه السلام) أمّهات الأولاد؟ قال: في فكاك رقابهنَّ، قلت: وكيف ذلك؟ فقال : أيّما رجل اشتري جارية فأولدها، ثمّ لم يؤدّ ثمنها، ولم يدع من المال ما يؤدّي عنها أخذ ولدها منها وبيعت فادّي ثمنها ، قلت : فَيُبَعْنَ فيما سوى ذلك من أبواب الدّين ووجوهه؟ قال : لا (4)

ص: 203


1- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 93 وفي ذيله : لأمها . الاستبصار 4 ، 8 - باب إنه إذا مات الرّجل وترك أم ولد له وولدها فإنها . . 0 ، ح 1 وفيه إلى قوله : في نصيب ولدها. الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 7 بتفاوت وزيادة في ضمن الحديث . قوله (علیه السلام) : فقد سبق فيها كتاب اللّه .... إشارة إلى ما ورد في القرآن من أحكام الإرث، فابنها يرثها فيما يرثه عن أبيه ثمّ تعتق عليه إجماعاً.
2- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح .94. الاستبصار 4 ، 8 - باب إنه إذا مات الرّجل وترك أم ولد له وولدها فإنها . . . ، ح 2 .
3- الترديد من الراوي. وفي التهذيب لا ترديد بل فيه : عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي إبراهيم (علیه السلام).
4- التهذيب 8 ،نفس الباب ح95 . الاستبصار 4 ، 7 - باب ما يجوز فيه بيع أمهات الأولاد، ح 3 الفقيه 3، 52 - باب أمهات الأولاد، ح 6 بتفاوت يسير في الذيل في الكتب الثلاثة وهذا الحديث ينافي ما اختاره ابن حمزة وبعض الأصحاب - فيما نقل عنهم - من جواز بيع أم الولد في الدين المستوعب للتركة، وهذا مخالف لما عليه جلّ أصحابنا والمشهور بينهم من القول بجواز بيعها في ثمنها بشرط ألا يكون للمولى وجه يمكنه أن يؤدي ثمنها منه غير بيعها .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، وغيره، عن يونس، في أُمّ ولد ليس لها ولد - مات ولدها ، ومات عنها صاحبها ولم يعتقها هل يحل لأحد تزويجها ؟ قال : لا ، هي أمة لا يحلّ لأحد تزويجها إلّا بعتق من الورثة، فإن كان لها ولد وليس على الميّت دين فهي للولد، وإذا ملكها الولد فقد عتقت بملك ولدها لها، وإن كانت بين شركاء فقد عتقت من نصيب ولدها، وتستسعى في بقيّة ثمنها(1)

باب نوادر

136 - باب نوادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) - وأنا حاضر - عن رجل باع من رجل جارية بكذا إلى سنة ، فلمّا قبضها المشتري أعتقها من الغد وتزوّجها، وجعل مهرها عتقها ، ثمّ مات بعد ذلك بشهر ؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إن كان للّذي اشتراها إلى سنة مال أو عقدة تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها، فإن عتقه ونكاحه جائزان ؛ قال : وإن لم يكن للّذي اشتراها فأعتقها وتزوّجها مال ولا عقدة يوم مات تحيط بقضاء ما عليه من الدّين برقبتها، فإنّ عتقه ونكاحه باطلان لأنّه أعتق ما لا يملك، وأرى أنها رق لمولاها الأوَّل ؛ قيل له : فإن كانت علقت أعني من المعتق لها المتزوج بها - ما حال الذي في بطنها؟ فقال: الذي في بطنها مع أمه كهيئتها (2).

ص: 204


1- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 96 . الاستبصار 4 ، 8 - باب إنه إذا مات الرّجل وترك أم ولد له وولدها فإنها . ح 3. قال المحقق في الشرائع 139/3: «إذا مات مولاها وولدها حي جعلت في نصيب ولدها منها وسعت في الباقي، وفي رواية : تقوم على ولدها إن كان موسراً، وهي مهجورة».
2- التهذيب 8، 9- باب السراري وملك الأيمان ، ح 20 . وكرره برقم 68 من نفس الباب، وبرقم 71 من الباب 10 من نفس الجزء أيضاً من التهذيب الاستبصار 4، 5 - باب الرّجل يعتق عبده عند الموت وعليه دين، ح 6 . قال المحقق في الشرائع 109/3 : من اشترى أمة نسيئة ولم ينقد ثمنها فأعتقها وتزوجها ومات ولم يخلف سواها بطل عتقه ونكاحه وردت إلى البائع رقاً، ولو حملت كان ولدها ،رقاً، وهي رواية هشام بن سالم، وقيل : لا يبطل العتق ولا يرق الولد وهو أشبه». وقال المجلسي في مرآته 21 /321 - 322 : «وقد اختلف المتأخرون في تأويلها لاعتنائهم بها من حيث صحة السند، فحملها العلامة على وقوع العتق والنكاح والشراء في مرض الموت، بناء على مذهبه من بطلان التصرف المنجز مع وجود الدين المستغرق، وحنيئذٍ فترجع رقاً ويتبين بطلان النكاح. وأقول : في صحة الخبر نظر، لاشتراك أبي بصير، ولأن الشيخ رواها في موضعين عن هشام عن أبي بصير، وفي موضع عن هشام عنه (علیه السلام) بغير واسطة كالكافي، فالرواية مضطربة الإسناد».

2 - ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) في المملوك يعطي الرّجل مالاً ليشتريه، فيعتقه؟ قال : لا يصلح له ذلك(1).

3- ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): إنّ هشام بن أدين (2)سألني أن أسألك عن رجل جعل لعبده العتق إن حدث بسيّده حَدَثُ الموت، فمات السيّد وعليه تحرير رقبة واجبة في كفّارة، أيجزىء عن الميت عتق العبد الذي كان السيّد جعل له العتق بعد موته في تحرير الرقبة التي كانت على الميت ؟ فقال : لا (3)

4 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سأله رجل - وأنا حاضر - فقال : يكون لي الغلام فيشرب الخمر، ويدخل في هذه الأمور المكروهة، فأريد عتقه، فهل عنقه أحبُّ إليك، أو أبيعه وأتصدق بثمنه؟ فقال: إنّ العتق في بعض الزّمان أفضل ، وفي بعض الزَّمان الصدقة أفضل، فإذا كان الناس حسنة حالهم فالعتق أفضل، فإذا كانوا شديدة حالهم فالصدقة أفضل وبيع هذا أحبُّ إليَّ إذا كان بهذه الحال .

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يقول : إنَّ الناس كلّهم أحرار، إلّا من أقرّ على نفسه بالعبوديّة وهو مدرك، من عبد أو أمة، ومن شُهد عليه بالرق صغيراً كان أو كبيراً (4).

6-عليُّ،، عن أبيه، عن داود النهدي، عن بعض أصحابنا قال: دخل ابن أبي سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا (علیه السلام) فقال له : أبَلَغَ اللّه من قدرك أن تدعي ما ادّعى أبوك؟ ! ، فقال له : مالك أطفأ اللّه نورك، وأدخل الفقر بيتك، أما علمت أنَّ اللّه تبارك وتعالى أوحى إلى

ص: 205


1- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 69 وفي ذيله : قال : لا يصلح
2- في التهذيب : هشام بن أذينة . أذينة . . .
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 70. والحديث مجهول، وعدم الجواز إما لاشتراط التنجيز في عنق الكفارة أو لعدم القصد. ويقول المحقق في الشرائع : من وجب عليه عتق في كفارة لم يجزه التدبير .
4- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 78. الفقيه 3 ، 53 - باب الحرية ، ح .1. ويدل على أن الأصل في الإنسان الحرية كما نص عليه أصحابنا رضوان اللّه عليهم. يقول المحقق في الشرائع :105/3 : «وكل من أقرّ على نفسه بالرق مع جهالة حريته حكم برقيته، وكذا الملتقط في دار الجرب ».

عمران أنّي واهبٌ لك ذَكَراً، فوهب له مريم، ووهب لمريم عيسى (علیه السلام)، فعيسى من مريم، ومريم من عيسى، ومريم وعيسى شيء واحد، وأنا من أبي وأبي منّي، وأنا وأبي شيء واحد، فقال له ابن أبي سعيد وأسألك عن مسألة ، فقال : لا أخالك تقبل منّي ولست من غَنَمي، ولكن هَلُمَّها ، فقال : رجل قال عند موته : كلّ مملوك لي قديم فهو حر لوجه اللّه ، قال : نعم، إِنَّ اللّه عزّ ذكره يقول في كتابه : (حتّى عاد كالعُرْجُون القديم ((1)، فما كان من مماليكه أتى عليه ستّة أشهر فهو قديم، وهو حرٌّ ، قال : فخرج من عنده وافتقر حتّى مات، ولم يكن عنده مبيت ليلة - لعنه اللّه - (2).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الفضل الهاشميّ، عن أبي رفعه قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل نكح وليدة رجل أعتق ربّها أوّل ولد تلده فولدت توأماً ؟ فقال : أعتق كلاهما(3).

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن مهزيار، قال: كتبت إليه أسأله عن المملوك يحضره الموت، فيعتقه المولى في تلك الساعة، فيخرج من الدنيا حراً، فهل لمولاه في ذلك أجر؟ أو يتركه فيكون له أجره إذا مات وهو مملوك؟ فكتب إليه : يترك العبد مملوكاً في حال موته فهو أجر لمولاه، وهذا عتق في هذه الساعة ليس بنافع له (4).

9 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب عن عبد اللّه بن محمّد بن نهيك، عن عليّ بن الحارث، عن صباح المزني، عن ناجية قال: رأيت رجلاً عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) فقال له : جُعِلْتُ فِداك إنّي أعتقت خادماً لي، وهو ذا أطلب شراء خادم منذ سنين فما أقدر عليها؟ فقال : ما فعلت الخادم؟ قال: حيّة ، قال : ردَّها في مملوكيتها ما أغنى اللّه من عتق أحدكم، تعتقون اليوم ويكون علينا غداً، لا يجوز لكم أن تعتقوا إلّا عارفاً (5).

ص: 206


1- یس/ 39.
2- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 68 بدون صدره الفقيه 3 ، 57 - باب نوادر العتق ، ح 8 بتفاوت يسير . والظاهر إن ابن أبي سعيد المكاري هذا كان من الواقفة . وقوله : لا إخالك: لا أظنك . وقوله : من غَنَمي، كناية عن عدم كونه منقاداً له وعن عدم كونه من شيعته المؤمنين بإمامته (علیه السلام)
3- التهذيب8، نفس الباب، ح 67 .
4- الفقيه 3 57 - باب نوادر العتق ح 3 بتفاوت يسير والحديث صحيح.
5- الحديث ضعيف. وقد اتفق الأصحاب على جواز عتق المملوك المخالف، وحملت هذه الرواية على ما لو كانت الخادم هنا خارجية أو ناصبية بناء على عدم جواز عتق الكافر ، أو على أن المراد بردّها استئجارها للخدمة أو غير ذلك .

10 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسى (علیه السلام) قال: سألته عن رجل عليه عتق رقبة، وأراد أن يعتق نَسَمة ، أيّهما أفضل ؛ أن يعتق شيخاً كبيراً، أو شابّاً أجْرَداً؟ قال: أعتق من أغنى نفسه الشيخ الكبير الضعيف أفضل من الشاب الأجرد(1).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن أبي البختري، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : لا يجوز في العتاق الأعمى والمُقْعَد ويجوز الأشل والأعرج (2).

12 - أحمد (3)، عن عدَّة من أصحابنا، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن عبد اللّه بن زرارة، عن بعض آل أعين، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من كان مؤمناً فقد عتق بعد سبع سنين ، أعتقه صاحبه أم لم يعتقه، ولا تحلّ خدمة من كان مؤمناً بعد سبع سنين .(4)

13 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن إسماعيل بن سهل، عن معاوية بن ميسرة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن رجل يبيع عبده بنقصان من ثمنه ليعتق ، فقال له العبد فيما بينهما : إنَّ لك عليّ كذا وكذا، أيأخذه منه ؟ فقال : يأخذه منه عفواً، ويسأله إيّاه في عفوه، فإن أبى فَلْيَدَعْهُ (5).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس قال: في رجل كان له عدَّة مماليك فقال : أيّكم علّمني آية من كتاب اللّه عزَّ وجلَّ فهو حرّ؛ فعلّمه واحد منهم، ثمّ مات المولى ، ولم يُدْرَ أيّهم الذي علّمه الآية، هل يستخرج بالقرعة؟ قال: نعم، ولا يجوز أن يستخرجه أحدٌ إلّا الإمام ، فإنَّ له كلاماً وقت القرعة يقوله ، ودعاء لا يعلمه سواه، ولا يقتدر عليه غيره (6).

ص: 207


1- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 66 . الفقيه 3 53 - باب الحرية ، ح 11 بدون كلمة: الضعيف. والحديث صحيح . قوله (علیه السلام) : من أغنى نفسه : يعني عن الخدمة. ويحتمل غيره .
2- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 65. الفقيه 3، نفس الباب، ح 10 يتفاوت . وإنما لم يجز في العتاق الأعمى والمقعد لأنهما كما مر ينعتقان تلقائياً بذلك .
3- يحتمل البرقي عطفاً على السند السابق، والعاصمي ، وهو أظهر لرواية الكليني عنه عن الحسن بن عليُّ عن ابن أسباط كثيرا مرآة المجلسي 326/21.
4- الحديث مجهول. وحمل على تأكد استحباب عتق المؤمن بعد هذه المدة، للإجماع على عدم انعتاقه بنفسه بمجرد ذلك .
5- الفقيه 3 57 - باب نوادر العتق، ح 6 بتفاوت قليل.
6- الحديث مجهول. ويدل على ما ذهب إليه جماعة من الأصحاب من أن إجراء القرعة من أفعال الإمام دون غيره .

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي مخلّد السّراج قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) لإسماعيل حقيبة، والحارث النصري : اطلبوا لي جارية من هذا الذي يسمّونه كدبا نوجة تكون مع أمّ فروة، فدلونا على جارية لرجل من السرّاجين قد ولدت له ابناً ومات ولدها، فأخبروه بخبرها، فأمرهم، فاشتروها، وكان اسمها رسالة، فغيّر اسمها وسمّاها سلمى وزوَّجها سالماً ،مولاه وهي أمّ الحسين بن سالم(1).

باب الولاء لمن أعتق

137 - باب الولاء لمن أعتق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ ؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): الولاء لمن أعْتَقَ(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل إذا أعتق ، أله أن يضع نفسه حيث شاء، ويتولّى من أحبَّ؟ فقال : إذا أعتق اللّه فهو مولى للّذي أعتقه، فإذا أعتق وجُعِلَ سايبة، فله أن يضع نفسه حيث شاء، ويتولى من شاء (3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام)، في حديث بُرَيْرَة ، أنَّ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) قال لعائشة : أعتقي أعتقي، فإنّ الولاء لمن أعتق (4).

- أبو عليّ الأشعريّ ،عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قالت عائشة لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إِنَّ أهل بُرَيْرَةَ اشترطوا ولاءها؟ فقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): الولاء لمن أعتق(4).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن

ص: 208


1- الحديث مجهول . ويدل - فيما يدلّ - على استحباب تغيير اسم المملوك بعد الشراء .
2- التهذيب 8، 10 - باب العتق ،وأحكامه ح 138 وكرر الكليني رحمه اللّه هذا الحديث في الفروع 5، المواريث، باب أن الولاء لمن أعتق ، ح 1 .
3- التهذيب 8 ،10 - باب العتق وأحكامه ، ح 142 . والسائبة : هو من لا ولاء لأحد عليه إلا اللّه ، وما كان ولاؤه له سبحانه فهو لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، وما كان لرسول اللّه فهو للإمام (علیه السلام)، وجنايته على الإمام وميراثه له في مذهبنا .
4- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 139 و 140 و 141 . وكرر الكليني رحمه اللّه هذه الأحاديث الثلاثة في الفروع 5 المواريث، باب إن الولاء لمن أعتق ، ح 2 و 3 و 5 .

الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: في امرأة أعتقت رجلاً، لمن ولاؤه، ولمن ميراثه؟ قال: للّذي أعتقه إلا أن يكون له وارث غيرها(1).

باب

138 - باب

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن سليم الفراء، عن الحسن بن مسلم (2)قال : حدَّثتني عمّتي قالت إني جالسة بفناء الكعبة، إذ أقبل أب-و عبد اللّه (علیه السلام) ، فلما رآني، مال إليّ فسلّم عليَّ ، فقال : ما يُجْلِسُكِ ههنا؟ فقلت: أنتظر مولى لنا، قالت فقال لي : أعتقتموه؟ قلت: لا، ولكن أعتقنا ،أباه، فقال: ليس ذلك مولاكم، هذا أخوكم وابن عمّكم، إنّما المولى الذي جرت عليه النعمة، فإذا جرت على أبيه وجده فهو ابن عمّكِ وأخوك(3).

2 - عنه ، عن البرقيّ، عن سعد بن سعد، عن عبد اللّه بن جندب يرفعه إلى أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال : إنّما المولى الجليب العتيق وابنه ،عربي، وابن ابنه من أنفسهم (4).

3 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن بكر بن محمّد الأزدي قال: دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) ومعي عليُّ بن عبد العزيز، فقال لي : من هذا؟ فقلت : مولى لنا فقال : أعتقتموه أو أباه (5)؟ فقلت : بل أباه ، فقال : ليس هذا مولاك ، هذا أخوك وابن عمّك، وإنّما المولى هو الّذي جرت عليه النعمة ، فإذا جرت على أبيه فهو أخوك وابن عمّك (6).

4 - بكر بن محمّد، عن جويرة (7)قالت : مرَّبي أبو عبد اللّه (علیه السلام) وأنا في المسجد الحرام

ص: 209


1- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 139 و 140 و 141 . وكرر الكليني رحمه اللّه هذه الأحاديث الثلاثة في الفروع 5 ، المواريث، باب إن الولاء لمن أعتق ، ح 2 و 3 و 5 .
2- في الاستبصار: عن الحسين بن مسلم ....
3- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 149 . الاستبصار 4 ، 12 - باب جرّ الولاء، ح 7. والحديث مجهول. قال المجلسي رحمه اللّه في مرآته 329/21 : «والظاهر أن نهيه (علیه السلام) كان لاستخفافها به وهو مكروه، أو لأن الولاء موروث به لا موروث ».
4- الحديث مرفوع .
5- يعني: أو اعتقتم أباه ...
6- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 150 . الاستبصار 4 ، 12 - باب جرّ الولاء ، ح 8. الفقيه 3، 51 - باب ولاء المعتق، ح 6 بزيادة في آخره .
7- في الاستبصار كبيرة. وفي الوسائل : كثيرة .

أنتظر مولى لنا فقال : يا أمّ عثمان، ما يقيمك ههنا ؟ فقلت : أنتظر مولى لنا، فقال: أعتقتموه؟ فقلت : لا ، فقال : أعتقتم أباه؟ قلت: لا أعتقنا جده، فقال: ليس هذا مولاكم بل هذا أخوكم (1).

5-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن موسى بن عمر، عن رجل، عن الحسين بن علوان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: صحبة عشرين سنة قرابة(2).

باب الإباق

139 - باب الإباق

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد؛ والحسين بن سعيد، جميعاً عن القاسم بن عروة، عن عبد الحميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : ثلاثة لا يقبل اللّه عزّ وجلَّ لهم صلاة أحدهم ؛ العبد الآبق حتّى يرجع إلى مولاه (3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه،عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنه سأله رجل يتخوّف إباق مملوكه، أو يكون المملوك قد أبق، أيقيّده، أو يجعل في رقبته راية (4)؟ فقال : إنّما هو بمنزلة بعير تخاف شراده، فإذا خفت ذلك، فاستوثق منه ، ولكن أشبعه وأكسه قلت وكم شبعه؟ فقال: أما نحن فنرزق عيالنا مُدَّين من تمر (5).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن أبي هاشم الجعفريّ قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل قد أبق منه مملوكه ، يجوز أن يعتقه في كفّارة الظهار ؟ قال : لا بأس به ما لم يعرف منه موتاً . قال أبو هاشم - رضي اللّه عنه - : وكان سألني نصر بن عامر القمي أن أسأله عن ذلك (6).

ص: 210


1- التهذيب 8 ،نفس الباب، ح 151 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 9 . وفي الذيل فيهما : هذا أخوكم . بدون كلمة : بل . . والحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف .
3- الفقيه 3 55 - باب الإباق ، ح 1 بتفاوت . والحديث مجهول.
4- الراية - كما في القاموس - ما يوضع في عنق الغلام الأبق، ليُعرَفَ .
5- الفقيه 3 نفس الباب، ح 3 بتفاوت يسير
6- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 123 . الفقيه 3 53 - باب الحرية ، ح 13 بدون الذيل من قوله : وكان ... الخ . وأبو هاشم الجعفري هو داوود بن القاسم .

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد اللّه بن هلال، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر الأوّل (علیه السلام) قال : سألته عن جارية مدبّرة أبقت من سيّدها مدَّة سنين كثيرة، ثمّ جاءت من بعد ما مات سيّدها بأولاد ومتاع كثير ، وشهد لها شاهدان أنَّ سيّدها قد كان دبرها في حياته من قبل أن تأبق ؟ قال : فقال أبو جعفر (علیه السلام) : أرى أنّها وجميع ما معها فهو للورثة، قلت: لا تعتق من ثلث سيّدها؟ قال: لا، لأنّها أبقت عاصية اللّه ولسيدها، فأبطل الإباقُ التدبير (1).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال في جعل الآبق المسلم : يردُّ على المسلم، وقال (علیه السلام) في رجل أخذ آبقاً فأبق منه؟ قال : لا شيء عليه (2).

6 - أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا ،رفعه عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المملوك إذا هرب ولم يخرج من مصره لم يكن آبقاً (3).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل أصاب عبداً آبقاً، فأخذه وأفلت منه العبد ؟ قال : ليس عليه شيء، قلت: فأصاب جارية قد سرقت من جار له، فأخذها ليأتيه بها فأنقت (4)، ليس عليه شيء (5).

ص: 211


1- التهذيب 8، 11 - باب التدبير، ح 27 . الاستبصار 4 ، 17 - باب المدبّر يأبق فلا يوجد إلا بعد موت من دبره، ح 1. الفقيه 3 ، 49 - باب التدبير، ح 4 يتفاوت . قال المحقق في الشرائع 121/3 : «إذا أبق المدبّر بطل ،تدبيره وكان هو ومن ولد له بعد الإباق رقاً إن ولد له من أمة، وأولاده قبل الإباق على التدبير . . . ». وقد ادعى الشهيد الثاني رحمه اللّه في المسالك إن ظاهر الأصحاب الإجماع على هذا الحكم، بل صرّح الشيخ في الخلاف بدعوى الإجماع عليه.
2- روى صدره بتفاوت في الفقيه 3، 55 - باب الإباق، ح 6 . وروى ذيله مرسلاً بتفاوت برقم 7 من نفس الباب. وروى ذيله في التهذيب 6، 94 - باب اللقطة والضالة، ح42 . وفي ذيله : ليس عليه شيء. وما أفاده هذا الخبر من أنه لا تؤخذ الجعالة على رد الأبق ينافي ما عليه الأصحاب، فلا بد من حمله على الاستحباب، أو على كون الراد متبرعاً. كما لا بد من حمل عدم ضمانه على عدم تفرطيه أو تعديه، وإلا فيضمن كما هو المشهور عندنا .
3- الفقيه 3، نفس الباب، ح 2 ولا بد من حمله على ما إذا كان استخفاؤه لا بقصد الإباق، وذلك ليتوافق مع ما عليه المشهور عندنا في كلامهم على من جعل جعالة لمن رد الآبق في المصر وإنّها دينار.
4- الصحيح فأبقت ووردت كذلك في المرآة وغيره .
5- الحديث ضعيف.

8- عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) اختصم إليه في رجل أخذ عبداً آبقاً وكان معه ثمّ هرب منه ؟ قال : يحلف باللّه الذي لا إله إلّا هو ما سلبه ثيابه، ولا شيئاً ممّا كان عليه ولا ،باعه، ولا داهن في إرساله، فإذا حلف برىء من الضمان (1)

9 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال: سألته عن جُعل الآبق والضالّة؟ قال : لا بأس به(2).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة عن محمّد ابن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : ليس في الإباق عُهْدَة(3).

تمّ كتاب العتق والتدبير والكتابة والحمد لله ربّ العالمين

وصلى اللّه على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين

ويتلوه كتاب الصيد إن شاء اللّه تعالى

ص: 212


1- التهذيب 6 ، 94 - باب اللقطة والضالة ، ح 41. الفقيه ،3 55 - باب الإباق ، ح .5 والحديث ضعيف على المشهور. وكرره برقم 124 من الباب 10 من الجزء 8 من التهذيب. ولا بد من حمل حلفه للحكم بعدم ضمانه على صورة ما إذا ادعى عليه السيد بشيء من الأمور المذكورة في الحديث. أو كان موضع تهمة .
2- التهذيب 8 ، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 125 . الفقيه 3 ، 90 - باب اللقطة والضالة ، ح 14 بسند مختلف . والحديث صحيح . هذا وإنما يستحق راد الضالة والآبق الجعل فى صورة تعيين الجاعل الجعل وبذله ، وأما لو لم يعينه ولا هو بذله، بل صدر منه مجرد استدعاء للرد فليس للمراد شيء لأنه تبرع بالعمل، نعم إذا بذله ولم يعينه كان للمراد أجرة المثل، إلا في ردّ الأبق فقد روي أنه إذا ردّه في المصر فله دينار، وإن رد من خارج المصر فله أربعة دنانير، وحملها الشيخ على الأفضل لا الوجوب، فراجع شرائع المحقق 164/3
3- التهذيب 8 ،نفس الباب ، ح 126 . والحديث صحيح . والمقصود أن لا ضمان على إباق العبد من ملتقطه، ولا بد من تقيده بصورة عدم التفريط أو التعدي كما مر .

كتاب الصيد

اشارة

كتاب الصيد

باب صيد الكلب والفهد

140 - باب صيد الكلب والفهد

[حدَّثنا أبو محمّد هارون بن موسى التلّعكبري قال : حدَّثنا أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني قال : حدثني].

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : في كتاب عليّ (علیه السلام) في قول اللّه عزَّ وجلَّ: (وما علَّمْتُمْ من الجَوَارِح مُكَلِّبين) (1)، قال : هي الكلاب(2).

2-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمّد بن مسلم ؛ وغير واحد عنهما (علیه السلام) جميعاً أنّهما قالا : في الكلب يرسله الرّجل ويسمّي، قالا: إن أخذه فأدركت ذكاته ، فذكّه ، وإن أدركته وقد قتله وأكل منه ، فَكُلْ ما بقي ، ولا تَرَوْنَ مَا تَرَوْنَ فِي الكلب(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن

ص: 213


1- المائدة/ 4 . والمشهور بين المفسرين من علمائنا أن المراد بالجوارح هنا الكلاب المعلمة. وأصل التكليب تعليُّم الكلاب وتربيتها للصيد، أو اتخاذ كلاب الصيد وارسالها لذلك ... الخ . الميزان للعلامة الطباطبائي 202/5
2- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 88 بتفاوت .
3- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 89 الاستبصار 4، 44 - باب جواز أكل ما ذبحه الكلب المعلم وإن . . . ، ح 1 ، وفيه إلى قوله : فكل ما بقي . وفيهما: ولا تَرُونَ ما يَرَوْنَ .. قال الفيض في الوافي م 24/11: «المراد بآخر الحديث إنكم ترون إن الصيد إذا قتلته الجارجة ولم تدركوا ذكاته فهو ميتة، وإنما يصح ذلك الرأي في غير الكلب، وأما الكلب فمقتوله حلال وإن لم تدرك ذكاته ، فلا ترون فيه ما ترون في غيره من الجوارح ... وفي بعض النسخ ما يرون، على صيغة الغيبة، المخالفين ».

عبد اللّه بن بكير، عن سالم الأشلّ قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الكلب يمسك على صيده وقد أكل منه ؟ قال : لا بأس بما أكل، وهو لك حلال(1).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد [عن سالم]؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليُّ بن رئاب، عن أبي عُبَيْدَةَ الحذاء قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يسرّح كلبه المعلّم، ويسمّي إذا سرّحه؟ فقال : يأكل ممّا أمسك عليه ، فإذا أدركه قبل قتله ذكّاه، وإن وجد معه كلباً غير معلّم فلا يأكل منه ؛ فقلت : فالفهد ؟ قال : إذا أدركت ذكاته فكُلْ وإلّا فلا قلت: أليس الفهد بمنزلة الكلب؟ فقال لي : ليس شيء مكلّب إلّا الكلب (2).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّه قال : ما قتلت من الجوارح مكلّبين وذكر اسم اللّه عزّ وجل عليه فكلوا منه، وما قتلت الكلاب التي لم تعلموها من قبل أن تدركوه، فلا تَطْعَمُوه (3).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن جميل بن درّاج قال : حدَّثني حَكَمُ بن حكيم الصيرفي قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): ما تقول في الكلب، يصيد الصيد فيقتله ؟ قال : لا بأس بأكله قال :قلت فإنّهم يقولون : إنه إذا قتله وأكل منه فإنّما أمسك على نفسه ، فلا تأكله؟ فقال : كُل، أوليس قد جامعوكم على أن قتله ذكاته؟ قال : قلت : بلى؟ قال : فما يقولون في شاة ذبحها رجل أذكاها ؟ قال : قلت: نعم، قال: فإن السبع جاء بعدما ذكاها فأكل منها بعضها ، أيؤكل البقية؟ قلت : نعم، قال: فإذا أجابوك إلى هذا فقل لهم : كيف تقولون : إذا ذكى ذلك وأكل منها لم تأكلوا ، وإذا ذكاها هذا وأكل أكلتم؟! (4).

7- أحمد بن محمّد، عن محسن بن أحمد، عن يونس بن يعقوب قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل أرسل كلبه، فأدركه وقد قتل ؟ قال : كُلْ وإن أكَلَ (5).

ص: 214


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 108 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح ؟ وفيهما لا بأس، إنما أكل ... الخ
2- التهذيب 9، نفس الباب، ح 106 . أقول : وتقييد الجملة في قوله تعالى : وما علمتم من الجوارح مكلبين ... لا يخلو من دلالة على ما تضمنه ذيل هذا الحديث، وهو كون الحكم مختصاً بكلب الصيد لا يتعداه إلى غيره من الجوارح.
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ح90.
4- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة، ح 91 الاستبصار ،4، 44 - باب جواز أكل ما ذبحه الكلب المعلم و ...، ح 13 بتفاوت يسير جداً فيهما .
5- التهذيب ،9 نفس الباب، ح92 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .

8 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يرسل الكلب على الصيد، فيأخذه ولا يكون معه سكين يذكّيه بها، أيَدَعُهُ حتّى يقتله ويأكل منه؟ قال : لا بأس، قال اللّه عزّ وجل : (فكلوا مما أمسَكْنَ عليكم(1))، ولا ينبغي أن يؤكل ممّا قتل الفهد (2).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن صيد البُزاة والصقور والكلب والفهد؟ فقال : لا تأكل صيد شيء من هذه إلّا ما ذكّيتموه، إلّا الكلب المكلب، قلت : فإن قتله؟ قال : كُل، لأن اللّه عزّ وجلّ يقول : (وما علمتم من الجوارح مُكَلِّيين فكلوا مما أمسَكْنَ علیکم واذكروا اسم اللّه عليه)(3).

10 - وعنه ، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبان بن تغلب، عن سعيد بن المسيّب قال: سمعت سلمان يقول : كُل ممّا أمسك الكلب وإن أكل ثُلُثَيه (4).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الكلاب الكُرديّة إذا عُلّمت، فهي بمنزلة السلوقيّة (5).

12 - وعنه ، عن سَيف بن عَمِيرة، عن منصور بن حازم، عن سالم الأشل قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن صيد الكلب المعلّم قد أكل من صيده؟ قال : كُلّ منه (6).

ص: 215


1- المائدة / 4
2- التهذيب 9، نفس الباب، ح 93 ويقول المحقق في الشرائع 203/3 : وقيل : إن لم يكن معه ما يذبح به ترك الكلب حتّى يقتله ثمّ يأكله إن شاء ... وقد نسب ذلك في الدروس إلى قدماء أصحابنا، مستندين إلى رواية جميل هذه أو التي سوف تأتي برقم 17 من هذا الباب . ونقل عن ابن إدريس أنه أنكر هذه الرواية .
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 94 بتفاوت قليل.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب 95 الاستبصار ،4 نفس الباب ، ح .. الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، صدر ح 2 .
5- الحديث ضعيف على المشهور والسلوق - كما في القاموس - قرية باليمن تنسب إليه الدروع والكلاب، أو بلد بطرف أرمينية . وقد نقل الشهيد الثاني في المسالك إجماع أصحابنا على عدم الفرق في الكلب المعلم بين السلوقي وغيره .
6- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 96. الاستبصار 4، 44 - باب جواز أكل ما ذبحه الكلب المعلم و ...، ح 4 . قال المحقق في الشرائع 199/3: «في ما يؤكل صيده وإن قتل، ويختص من الحيوانات بالكلب المعلم دون غيره من جوارح السباع والطير .... ويشترط في الكلب لإباحة ما يقتله أن يكون معلماً ويتحقق ذلك بشروط ثلاثة : أن يسترسل إذا أرسله وينزجر إذا زجره، وإلا يأكل ما يمسكه ، فإن أكل نادراً لم يقدح في إباحة ما يقتله ، وكذا لو شرب دم الصيد واقتصر ... ويشترط في المرسل شروط أربعة: الأول : أن يكون مسلماً . . . الثاني : أن يرسله للاصطياد . . . الثالث: أن يسمّي الثالث: أن يسمّي عند إرساله ... الرابع : أن لا يغيب الصيد وحياته مستقرة ...».

13 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليُّ،، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل أرسل كلبه فأخذ صيداً فأكل منه آكُلُ من فَضْله ؟ فقال : كُلّ ممّا قتل الكلب إذا سمّيت عليه، فإن كنتَ ناسياً، فكُل منه أيضاً، وكل فَضْلَه (1).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر ، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : في الصيد الكَلبُ إن أرسله الرّجل وسمّى فليأكل ممّا أمسك عليه وإن قتل، وإن أكل، فكل ما بقي ، وإن كان غير معلّم يعلمه في ساعته ثمّ يرسله فيأكل منه ، فإنّه معلم، فأما خلاف الكلب، ممّا يصيد الفهد والصقر وأشباه ذلك، فلا تأكل من صيده إلا ما أدركت ذكاته ، لأنَّ اللّه عزَّ وجلَّ يقول : (مُكَلِّبين) ، فما كان خلاف الكلب فليس صيده مما يؤكل إلا أن تُدْرَكَ ذكاته (2).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّه سئل عن صيد البازي والكلب إذا صاد وقد قتل صيده وأكل منه، ، أكل فَضْلَهما أم لا ؟ فقال (علیه السلام): أما ما قَتَلَتْهُ الطير فلا تأكله إلّا أن تذكّيه، وأمّا ما قتله الكلب، وقد ذكرت اسم اللّه عزّ وجل عليه، فكُلْ وإن أكل منه(3)

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن كلب اَفلَتَ ولم يرسله صاحبه، فصاد، فأدركه صاحبه وقد قتله، أيأكل منه ؟ فقال : لا ، وقال (علیه السلام) : إذا صاد وقد سمّى فليأكل، وإن صاد ولم يُسمّ فلا يأكل، وهذا: (ممّا علّمتم من الجوارح مُكلّبين) (4).

ص: 216


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 97 وفي ذيله وكل من فضله الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 5 . قال المحقق في الشرائع 200/3 : «فلو ترك التسمية عمداً لم يحلّ ما يقتله، ولا يضر لو كان نسياناً . . . . . وما ذکره رحمه اللّه في صورة النسيان هو المشهور عند أصحابنا رضوان اللّه علیهم .
2- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 98 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 6 وفيه إلى قوله : .. فكل ما بقي . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبائح ، ح 1 .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح.99 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 7 .
4- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 100 . الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 4 . والظاهر من قوله : أفلت إن الكلب استرسل من نفسه من دون أن يرسله صاحبه، فإذا اصطاد في مثل هذه الحال لم يحل مقتوله . وبهذا حكم فقهاؤنا .(ره) . قال الشهيدان وهما بصدد إيراد ما يشترط في حلية الصيد بواسطة الكلب : وأن يرسله للاصطياد فلو استرسل من نفسه أو أرسله لا للصيد فصادف صيدا فقتله لم يحل وإن زاده إغراء، نعم لو زجره فوقف ثمّ أرسله حلّ، وكذلك المحقق في شرائعه 200/3

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معاوية بن حكيم، عن أبي مالك الحضرمي، عن جميل بن درّاج قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): أرسل الكلب، وأسمّي عليه ،فيصيد، وليس معي ما أذكّيه به؟ قال : دَعْهُ حتّى يقتله وكُلّ (1).

18 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا أرسل الرّجل كلبه ونسي أن يسمي ، فهو بمنزلة من ذبح ونسي أن يسمّي، وكذلك إذا رمى بالسهم ونسي أن يسمّي (2).

19 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن قوم أرسلوا كلابهم وهي معلّمة كلها، وقد سمّوا عليها، فلما أن مضت الكلاب، دخل فيها كلب غريب لم يعرفوا له صاحباً ، فاشتركن جميعاً في الصيد ؟ فقال : لا يؤكل منه، لأنّك لا تدري أخذه مُعَلَّم أم لا.(3)

20 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : الكلب الأسود البهيم، لا يؤكَل صيده، لأنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أمر بقتله (4).

باب صيد البُزاة والصقور وغير ذلك

141 - باب صيد البُزاة والصقور وغير ذلك

1- أبو عليّ الأشعريّ ،عن محمّد بن عبد الجبار ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبيّ، قال: قال أبو

ص: 217


1- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 101 وراجع تعليُّقنا على الحديث رقم 8 من هذا الباب.
2- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 102 . الفقيه ،3، نفس الباب، ح ه بتفاوت يسير . والغرض من تشبيهه (علیه السلام) نسيان التسمية عند الإرسال بنسيانها عند الذبح هو بيان حلية الطريدة في هذه الحال لأن نسيان التسمية عند الذبح لا يكون موجباً لحرمة الذبيحة بعكس ما لو ترك التسمية عمداً.
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 105. والحديث ضعيف.
4- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة و ...، ح 75 ، بتفاوت بسير. وهو ضعيف على المشهور. والأسود البهيم : هو الذي لا يخالط سواد لونه لون .

عبد اللّه (علیه السلام) : كان أبي (علیه السلام) يتّقي ، وكان يتقي - ونحن نخاف - في صيد البزاة والصقور، وأمّا الآن فإنّا لا نخاف ولا نُحلّ صيدها إلّا أن تُدْرَك ذكاته، فإنّه في كتاب عليّ (علیه السلام): إِنَّ اللّه عزّ وجلَّ يقول: ﴿وما علّمتم من الجوارح مُكَلّبين)، في الكلاب (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا أرسلت بازاً أو صقراً أو عقاباً فلا تأكل حتّى تدركه فتذكّيه، وإن قَتَل فلا تأكل.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد اللّه بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل أرسل كلبه وصقره ؟ فقال : أمّا الصقر فلا تأكل من صيده حتّى تدرك ذكاته، وأمّا الكلب، فكُلْ منه إذا ذكرت اسم اللّه عليه، اكل الكلب منه أم لم يأكل .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنه كره صيد البازي إلا ما أُدْرِكَتْ ذكاته (2).

5- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليُّ،، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل أرسل بازه أو منه، کلبه فأخذ صيداً وأكل منه، آكُلُ من فَضْلهما ؟ فقال : لا ، ما قتل البازي فلا تأكل منه إلّا أن تذبحه(3).

6 – أبان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن صيد البازيّ والصقر؟ فقال : لا تأكل ما قتل البازيّ ،والصقر، ولا تأكل ما قتل سِباعُ الطير (4).

ص: 218


1- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة ، ح 130 . الاستبصار 4 ، 46 - باب أنه لا يؤكل من صيد الفهود والبازي إلا . . . ، ح 10 بتفاوت فيهما .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 121 . الاستبصار ،4 نفس ،الباب ، ح 1 وفي ذيله : إلا ما أدرك ذكاته .
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح122 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 .
4- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة ح 123 . الاستبصار 4 ، 46 - باب إنه لا يؤكل من صيد الفهد و. ح 3. قال الشهيدان: «يجوز الاصطياد بمعنى إثبات الصيد وتحصيله بجميع آلاته التي يمكن تحصيله بها من السيف والرمح والكلب والسهم والفهد والبازي والصقر والعقاب والباشق والشرك والحبالة والشبكة والفخ والبندق وغيرها ولكن لا يؤكل منها أي من الحيوانات المصيدة المدلول عليها بالاصطياد ما لم يذك بالذبح بعد إدراكه حياً فلو أدركه ميتاً أو مات قبل تذكيته لم يحلّ إلا ما قتله الكلب المعلم...».

7- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عُبَيْدَةَ الحذاء قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): ما تقول في البازي والصقر والعقاب؟ فقال : إن أدركت ذكاته فكُلْ منه، وإن لم تُدْرِكْ ذكاته فلا تأكل (1).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن المفضّل بن صالح، عن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : كان أبي (علیه السلام) يفتي في زمن بني أميّة أن ما قتل البازي والصقر فهو حلالٌ، وكان يتّقيهم، وأنا لا أتّقيهم، وهو حرام ما قتل (2).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن عبد اللّه بن سنان قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن صيد البازيّ إذا صاد وقتل وأكل منه، آكل من فضله أم لا؟ فقال: أمّا ما أكلت الطير فلا تأكل إلا أن تذكّيه .

10 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن مفضّل بن صالح، عن ليث المراديّ قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الصقور والبزاة، وعن صيدها؟ فقال : كُل ما لم يقتلن إذا أدركت ذكاته ، وآخر الذكاة إذا كانت العين تطرف، والرّجل تركض، والذنَبُ يتحرك، وقال (علیه السلام) : ليست الصقور والبزاة في القرآن(3).

11 - أحمد بن محمّد، عن بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهديّ، عن محمّد بن الوليد، عن أبان،

عن الفضل بن عبد الملك قال : لا تأكل ممّا قَتَلَت سِباعُ الطير .

باب صيد كلب المجوسي وأهل الذمة

142 - باب صيد كلب المجوسي وأهل الذمة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سلیمان بن خالد قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن كلب المجوسي ، يأخذه الرّجل المسلم فيسمّي حين يرسله، أيأكل ممّا أمسك عليه؟ قال: نعم، لأنّه مكلّب، قد ذكر اسم اللّه عليه (4).

ص: 219


1- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 128 وفي ذيله زيادة منه. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 8 .
2- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 129 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 9 . الفيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 22 وفي ذيله : ... وهو حرام ما قتل الباز والصقر .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 131 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 11. والحديث ضعيف.
4- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 118 الاستبصار 4، 45 - باب صيد كلب المجوس، ح1 . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 3 .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن منصور بن يونس، عن عبد الرحمن بن سيّابة قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي أستعير كلب المجوسيّ فأصيد به؟ فقال (علیه السلام): لا تأكل من صيده، إلّا أن يكون علّمه مسلم فتعلّمه(1).

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كلب المجوسي لا تأكل صيده إلّا أن يأخذه المسلم فيعلّمه ويرسله، وكذلك البازيّ، وكلاب أهل الذمّة وبزاتهم حلال للمسلمين أن يأكلوا صيدها (2).

باب الصيد بالسلاح

143 - باب الصيد بالسلاح

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بريد بن معاوية العجليّ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : كُل من الصيد ما قتل السيفُ والسهمُ والرمحُ ؛ وسئل عن صيد صيد فتوزّعه القوم قبل أن يموت؟ فقال: لا بأس به(3).

2 - وعنه ، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : من جرح صيداً بسلاح، وذكر اسم اللّه عزَّ وجلَّ عليه ، ثمّ بقي ليلة أو ليلتين لم يأكل منه سَبْعُ ، وقد علم أنّ سلاحه هو الذي قتله، فيأكل منه إن شاء. وقال في أيّلٍ اصطاده رجل فتقطّعه الناس، والرّجل يتبعه أَفَتَرَاه نُهْبَةً؟ فقال (علیه السلام) : ليس بنهبة، وليس به بأس (4).

ص: 220


1- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 119 . الاستبصار 4 ، نفس الباب 119 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 وفي سندهما: منصور بن حازم، بدل: منصور بن يونس. وبدون قوله : فتعلمه، فيهما.
2- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 120 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 3 . هذا والاعتبار عند أصحابنا رضوان اللّه علیهم في حل الصيد بالمرسل لا بالمعلّم، فإن كان المرسل مسلماً فقتل حلّ، ولو كان المعلم مجوسياً أو وثنياً، ولو كان المرسل غير مسلم لم يحلّ ولو كان المعلم مسلماً .
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 137 بتفاوت في ترتيب بعض الألفاظ . وقوله : فتوزّعه القوم : أي اقتسموه . ولا بد من حمله على ما هو المشهور من أنه إنما يجوز أكله فيما إذا كان الجميع قد صيروه بجراحاتهم في حكم المذبوح، أو أن الأول صيره كذلك، وإلا لم يجز أكله إذا أدركوه وفيه حياة مستقرة إلا أن يذكره في تلك الحال .
4- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 138 . الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 20 بتفاوت . والأيل : ذكر الوعل، وهو التيس الجبلي.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّمية يجدها صاحبها في الغد، أيأكل منه ؟ فقال : إن علم أنَّ رميته هي التي قتلته فليأكل من ذلك إذا كان قد سمّى (1).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة - قال : سألته عن رجل رمى حمار وحش أو ظبياً فأصابه ، ثمّ كان في طلبه فوجده من الغد وسهمه فيه ؟ فقال : إن علم أنّه أصابه، وأنّ سهمه هو الّذي قتله، فليأكل منه ، وإلّا فلا يأكل منه(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عيسى القمّي قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : أرمي سهمي ولا أدري أسميت أم لم أسم؟ فقال : كل لا بأس، قال: قلت: أرمي ويغيب عنّي، فأجد سهمي فيه ؟ فقال : كل ما لم يؤكل منه، وإن كان قد أكل منه فلا تأكل منه(3).

6 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن صفوان عن ابن مسكان عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الصيد، يضربه الرّجل بالسيف، أو يطعنه بالرُّمح ، أو يرميه بسهم، فقتله، وقد سمّى حين فعل ذلك؟ فقال: كُل، لا بأس به (4).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد :قال سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرمية يجدها صاحبها، أيَأكُلُها؟ قال : إن كان يعلم أنّ رميته هي التي قتلته فليأكل (5).

ص: 221


1- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 135 . الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 7 بتفاوت . والمقصود بالرمية - هنا - الطريدة التي يكون قد رماها في اليوم السابق ففتش عنها فلم يعثر عليها في حينه فوجدها في اليوم التالي .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 136 . بدون كلمة (منه) في الذيل.
3- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 134 . الفقيه ،3 نفس الباب ، ح 9 . وقد حمل الحكم بجواز الأكل منه عند قول السائل: لا أدري سمّيت أو لم أسم، على ما إذا كان قد نسي التسمية، وإنما حكم بعدم جواز الأكل منه لو وجد وقد أكل منه لأن الشرط في الحلية العلم باستناد القتل إلى الرمية، فلو وجده وقد أكل منه لم يتحقق الشرط لاحتمال استناد القتل إلى غيرها، أي إلى السبع الذي نهشه وأكل منه.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 133 وفيه : كُله، بدل: كُل ... الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 10 بتفاوت يسير.
5- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة ، ح 135 وأخرجه يتفاوت عنه عن حمّاد بن عيسى عن حريز عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 7 بتفاوت وسند آخر. وقد تقدم معنى الرمية فيما سبق .

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) في صيد وجد فيه سهم وهو ميت، لا يدري من قتله ؟ قال : لا تَطْعَمْهُ(1).

9 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد ،عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن محمّد الحلبيّ، قال: سألته (علیه السلام) عن الرّجل يرمى الصيد فيصرعه، فيبتدره القوم فيقطّعونه ؟ فقال : كُله (2).

10 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا رميت فوجدته وليس به أثر غير السهم وترى أنّه لم يقتله غير سهمك، فَكُلْ، غاب عنك أو لم يغب عنك(3).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يرمي (علیه السلام) عن الرّجل يرمي الصيد وهو علي الجبل، فيخرقه السهم حتّى يخرج من الجانب الآخر؟ قال: كُلْهُ؟ قال: فإن وقع في ماء، أو تَدَهدَهَ من الجبل فمات فلا تأكله (4).

12 - محمّد بن يحيى، عن رجل رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لا يرمى الصيد بشيء هو أكبر منه (5).

باب المعراض

144 - باب المعراض (6).

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن

ص: 222


1- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ، ح 141 . الفقيه ،3، نفس الباب، ح 19 وفيه : لا تطعموه.
2- الفقيه 3 ،نفس الباب، ح 21 . ولا بد من حمله على ما إذا تقطعوه بعد أن يموت لا قبله وإلا لكانت كل قطعة منه في تلك الحال مبانة من فهي بحكم الميتة ولا يجوز تناولها .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 139 وفيه : يغيب عنك أو ... الخ .
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 140 بتفاوت . وَدَهْدَه الحجر فتذهدَه : - في القاموس - دحرجه فتدحرج .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 142 وفيه لا ترمي . والقول بعدم جواز رمي الصيد بما هو أكبر منه هو أحد قولين عند أصحابنا، والقول الآخر هو الكراهة ، وعبّر بالأولى المحقق في شرائع الإسلام 201/3 .
6- المعراض : هو سهم بلا ،ريش رقيق الطرفين غليظ الوسط يصيب بعرضه دون حده - كذا في القاموس .

زرارة؛ وإسماعيل الجعفي أنّهما سألا أبا جعفر (علیه السلام) عمّا قتل المعراض؟ قال : لا بأس إذا كان هو مرماتك، أو صنَعتُه لذلك (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عمّا صرع المعراض من الصيد ؟ فقال : إن لم يكن له نبل غير المعراض، وذكر اسم اللّه عزّ جلّ عليه، فليأكل ما قتل، قلت: وإن كان له نبل غيره؟ قال : لا(2).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عُبيدة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا رميت بالمعراض فَخَرَقَ فكُلْ، وإن لم يخرق واعترض فلا تأكل(3).

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الصيد، يرميه الرّجل بسهم فيصيبه معترضاً فيقتله، وقد كان سمّى حين رمى، ولم تصبه الحديدة؟ فقال : إن كان السهم الذي أصابه هو الذي قتله، فإذا رأه فليأكل (4).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المغرا، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن الصيد يصيبه السّهم معترضاً، ولم يصبه بحديدة، وقد سمّى حين رمى ؟ قال : يأكله إذا أصابه وهو يراه .

وعن صيد المعراض ؟ فقال : إن لم يكن له نبل غيره، وكان قد سمّى حين رمى ، فليأكل منه، وإن كان له نبل غيره فلا (5).

ص: 223


1- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة، ح 144 . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 16 .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 145 بتفاوت يسير الفقيه ،3، نفس الباب، ح 13 بتفاوت يسير. ،ح هذا، وقد اشترط أصحابنا رضوان اللّه علیهم في حلية الصيد بالمعراض ونحوه أن يخرق اللحم كما نص عليه المحقق في الشرائع 199/3 ، بل زاد الشهيد الثاني رحمه اللّه في الروضة بأنه إذا قتل معترضاً لم يحل .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 143 الفقيه ،، نفس الباب، ح 16 .
4- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة، ح 132 بتفاوت يسير جدا. الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 11 . هذا، وقد أفتى أصحابنا بحلّية ما يقتله السهم حتّى ولو أصابه معترضاً بشرط أن يكون له نصل، فراجع شرائع المحقق 199/3
5- التهذيب 9، نفس الباب، ح 146 .

باب ما يقتل الحجر والبُندُق

145 - باب ما يقتل الحجر والبُندُق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنه سئل عمّا قتل الحجر ،والبندق، أيؤكل [منه]؟ قال : لا.(1)

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال : سألته عمّا قتل الحجر والبندق، أيؤكل منه؟ قال : لا.(2)

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عمّا قتل الحجر والبندق، أيؤكل منه ؟ قال : لا. (3)

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عمّا قتل الحجر والبندق ، أيؤكل منه؟ قال : لا (4).

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال: سألته عن قتل الحجر والبندق، أيؤكل منه ؟ فقال : لا (5).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كره الجُلاهِق (6).

7-أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن أحمد بن عمر، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في الرّجل يرمي بالبُندُق والحجر فيقتل، أفيأكل منه ؟ قال : لا تأكل (7).

ص: 224


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 152 و 153 .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 152 و 153 .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 151 .
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 149 . الفقيه ،3، نفس الباب، ح 18 .
5- التهذيب 9، نفس الباب، ح 150 . والبندق - كما في القاموس المحيط - : معرب فندق بالفارسية، طين مدوّر يرمى به يقال له الجُلاهِق، وكل ما برمی .
6- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة، ح 148 . والجُلاهِق : جمع جُلاهِقة .
7- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 147 بتفاوت يسير .

باب الصيد بالحُبالة

146 - باب الصيد بالحُبالة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، وابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : ما أخذت الحبالة من صيد فقطعت منه يداً أو رجلاً، فذروه فإنّه ميّت، وكلوا ما أدركتم حيّاً، وذكرتم اسم اللّه عزَّ وجلَّ عليه (1).

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما أخذت الحُبالة فقطعت منه شيئاً فهو ميّت، وما أدركت من سائر جسده حياً، فذكه، ثمّ كل منه (2).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما أخذت الحُبالة فقطعت منه شيئاً فهو ميّت، وما أدركت من سائر جسده حيّاً، فذكّه ، ثمّ كل منه(3).

4 - أبان ، عن عبد اللّه بن سليمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما أخذت الحُبالة فانقطع منه شيء أو مات، فهو ميتة .

5- أبان ،عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: ما أخذت الحَبَائل فقطعت منه شيئاً فهو ميّت، وما أدركت من سائر جسده، فذكّه، ثمّ كل منه.

باب الرّجل يرمي الصيد فيصيبه فيقع في ماء أو يَتَدَهْدَهُ من جبل

147 - باب الرّجل يرمي الصيد فيصيبه فيقع في ماء أو يَتَدَهْدَهُ من جبل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن عيسى، عن

ص: 225


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 154 هذا، ويقول المحقق في الشرائع 201/3 : «ويجوز الاصطياد بالشرك والحبالة والشباك، لكن لا يحلّ منه إلا ما يدرك ذكاته، ولو كان فيه سلاح ...».
2- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 155 . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، خ 8 وفيه : فهو ميتة، بدل : فهو میت.
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 156 وليس في ذيله : ثمّ كُل منه .

حجّاج، عن خالد بن الحجّاج، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : لا تأكل من الصّيد إذا وقع في الماء فمات(1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عن رجل رمى صيداً وهو على جبل أو حائط، فيخرق فيه السهم فيموت؟ فقال : كُل منه، وإن وقع في الماء من رميتك فمات، فلا تأكل منه (2).

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله (3).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن هشام بن سالم، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله .

باب الرّجل يرمي الصيد فيخطىء ويصيب غيره

148 - باب الرّجل يرمي الصيد فيخطىء ويصيب غيره

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عباد بن صُهَيب قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل سمّى ورمى صيداً فأخطأه، وأصاب آخر؟ فقال : يأكل منه(4).

باب صيد الليل

149 - باب صيد الليل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت الرّضا (علیه السلام) عن طروق الطير باللّيل في وكرها؟ فقال : لا بأس بذلك(5).

أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن أحمد بن أشيم، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) مثله (6).

ص: 226


1- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 157 .
2- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ح 158 و 159 . وكرر الثاني برقم 216 من نفس الباب.
3- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ح 158 و 159 . وكرر الثاني برقم 216 من نفس الباب.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب ح160 يقول المحقق في الشرائع 202/3: «دولو أرسل كلبه على صيد وسمى فقتل غيره، حلّ، وكذا لو أرسله على صيود كبار فتفرقت عن صغار فقتلها حلت إذا كانت ممتنعة، وكذا الحكم في الآلة ...».
5- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 53 ، و 54. الاستبصار 4 ، أبواب الصيد، 41 - باب كراهية الصيد بالليل، ح 3 و 4 هذا، وكل آت بالليل: طارق. وقال في النهاية وقيل : أصل الطروق من الطرق وهو الدق، وسمّي الآتي بالليل طارقاً لحاجته للدق. وقد دل الخبر على جواز اصطياد الطير في الليل، وما عليه مشهور أصحابنا رضوان اللّه علیهم هو القول بالكراهة لذلك.
6- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 53 ، و 54. الاستبصار 4 ، أبواب الصيد، 41 - باب كراهية الصيد بالليل، ح 3 و 4 هذا، وكل آت بالليل: طارق. وقال في النهاية وقيل : أصل الطروق من الطرق وهو الدق، وسمّي الآتي بالليل طارقاً لحاجته للدق. وقد دل الخبر على جواز اصطياد الطير في الليل، وما عليه مشهور أصحابنا رضوان اللّه علیهم هو القول بالكراهة لذلك.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن الحسن بن عليُّ ، عن محمّد بن الفضيل، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): لا تأتوا الفراخ في أعشاشها، ولا الطير في منامه [ حتّى يصبح ] ، فقال له رجل : وما منامه يا رسول اللّه؟ فقال: اللّيل منامه، فلا تطرقه في منامه حتّى يصبح، ولا تأتوا الفرخ في عمه حتّى يريش ويطير، فإذا طار، فأوتر له قوسك، وانصب له فَخّك(1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن مسمع ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن إتيان الطير بالليل، وقال (علیه السلام): إنّ اللّيل أمان لهه(2).

باب صيد السمك

150 - باب صيد السمك

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن صيد الحيتان وإن لم يُسَمَّ عليه؟ فقال: لا بأس به(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان ، عن المفضّل بن صالح، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عن صيد الحيتان وإن لم يسمَّ عليه ؟ فقال : لا بأس به إن كان حيّاً أن يأخذه (4).

3 - محمّد بن يحيى ، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان(5)، عن

ص: 227


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 52 ، الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 . وقد صرف أصحابنا هذا الخبر عن ظاهره في الخطر لما دل على الجواز مع حمله على الكراهة جمعاً .
2- التهذيب 9، نفس الباب، ح51 الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 1 .
3- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ، ح 28 . الاستبصار 4 ، 40 - باب صيد المجوسي للسمك، صدرح 1 . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 41 .
4- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 29 الاستبصار 4 ، نفس ،الباب ، ح 3 وفيهما تأخذه بدل يأخذه . هذا، والمشهور بين أصحابنا أن الإسلام كالتسمية ليس شرطاً في ذكاة السمك لأن ذكاته هي عبارة عن خروجه أو إخراجه من الماء حياً وموته خارجه .
5- هو ابن عثمان

عبد الرحمن بن سيّابة قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن السمك يصاد، ثمّ يجعل في شيء، ثمّ يعاد إلى الماء فيموت فيه ؟ فقال : لا تأكله(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب أنّه سأل أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل اصطاد سمكة، فربطها بخيط وأرسلها في الماء، فماتت أتؤكل ؟ قال : لا(2).

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن صيد المجوسي للسمك، حين يضربون بالشبك ولا يسمّون، وكذلك اليهودي ؟ فقال : لا بأس إنّما صيد الحيتان أخذُها (3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الحيتان الّتي يصيدها المجوسي ؟ فقال : إنَّ عليّاً (علیه السلام) كان يقول : الحيتان والجراد ذكيٌّ. (4).

7 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان ،عن بن سلمة أبي حفص عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ عليّاً صلوات اللّه عليه كان يقول في صيد السمكة إذا أدركها الرّجل وهي تضطرب، وتضرب بيديها، ويتحرَّك ذَنْبُها، وتطرف بعينها، فهي ذكاتها (5).

ص: 228


1- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة، ح 40 بتفاوت في آخره الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 35 بزيادة فيهما في الذيل .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 41 . الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 34 .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 36 . الاستبصار 4 ، 40 - باب صيد المجوسي للسمك، ح7 .
4- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 37 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 8 .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 24 . الاستبصار 4 ، 39 - باب تحريم السمك الطافي وهو ...، ح 6. قال الشهيدان: «ذكاة السمك المأكول؛ إخراجه من الماء حياً ، بل اثبات اليد عليه خارج الماء حيا وإن لم يخرجه منه، كما نبه عليه قوله : ولو وثب فأخرجه حياً أو صار خارج الماء بنفسه فأخذه حياً حل، ولا يكفي في حله نظره قد خرج من الماء حياً ثمّ مات على أصح القولين، لقول أبي عبد اللّه (علیه السلام) في حسنة الحلبي : إنما صيد الحيتان وهي للحصر، وروى عليُّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (علیه السلام) قال: سألته ... (وأورد الرواية المتقدمة نفسها ، وقيل : يكفي في حله خروجه من الماء وموته خارجه، وإنما يحرم بموته في الماء لرواية سلمة بن أبي حفص عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) ... (وأورد أيضاً الرواية المذكورة أعلاه)، وروى زرارة قال: قلت: السمكة تشب من الماء فتقع على الشط فتضطرب حتّى تموت ؟ فقال : كُلها ، ولحلّه بصيد المجوسي مع مشاهدة المسلم له كذلك ، وصيده لا اعتبار به وإنما الاعتبار بنظر المسلم، ويضعف : بأن سلمة ضعيف أو مجهول ورواية زرارة مقطوعة مرسلة والقياس على صيد المجوس فاسد لجواز كون سبب الحل أخذ المسلم أو نظره مع كونه تحت يد إذ لا يدل الحكم على أزيد من ذلك وأصالة عدم التذكية ما سلف يقتضي العدم.

8-أبان، عن عيسى بن عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن صيد المجوسي ؟ قال لا بأس به إذا أعْطُوكَها حيّاً، والسّمك أيضاً، وإلّا فلا تُجِز شهادتهم إلّا أن تشهده أنت(1).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي - عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عن صيد المجوسيّ للحيتان حين يضربون عليها بالشباك ويُسمّون بالشرك؟ فقال : لا بأس بصيدهم، إنّما صيد الحيتان أخذها قال: وسألته عن الحظيرة من القصب تُجعل في الماء للحيتان، تدخل فيها الحيتان فيموت بعضها فيها؟ فقال: لا بأس به، إنّ تلك الحظيرة إنّما جُعِلَت ليصاد بها (2).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن القاسم بن بريد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) في الرّجل ينصب شبكة في الماء، ثمّ يرجع إلى بيته ويتركها منصوبة، ويأتيها بعد ذلك، وقد وقع فيها سمك، فَيَمُتْنَ؟ فقال : ما عملت يده فلا بأس بأكل ما وقع فيها (3).

11 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن سمكة وثبت من نهر فوقعت على الجُدّ(4)من النهر، فماتت، هل يصلح أكلها؟ فقال : إن أخذتها قبل أن تموت ثمّ ماتت فكُلها ، وإن ماتت من قبل أن تأخذها، فلا تأكلها(5).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ عليُاً (علیه السلام) سئل عن سمكة شقّ بطنها فوجد فيها سمكة؟ فقال : كُلَّهُما جميعاً (6) .

ص: 229


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 33 الاستبصار 4 ، 40 - باب صيد المجوسي للسمك، ح 11 .
2- روى صدره في التهذيب9 ،نفس ،الباب ، ح 34 . وروى تتمته برقم 43 من نفس الباب. وروى صدره الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 5. وروى تتمته برقم 8 من الباب 39 من الجزء 4 من الاستبصار . وروى الذيل يتفاوت في الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبائح، ح 40
3- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 42. الاستبصار 4 ، 39 - باب تحريم السمك الطافي وهو . . . ، ح 7 . الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، خ 37 . هذا، وأصحابنا رضوان اللّه علیهم حكموا بحرمة السمك إذا مات في شبكة الصياد أو حظيرته، ولو اختلط الميت بالحي لا يتميز ففيه عندهم قولان حلّية الجميع، ولعل أصحاب هذا القول استدلوا بهذا الحديث. والقول الآخر وجوب اجتنابه لأنه أشبه بقواعد المذهب وأصوله. فراجع شرائع الإسلام للمحقق 218/3 .
4- الجد والجَدَد وجه الأرض وقيل : شاطىء البحر أو النهر.
5- التهذيب 9، نفس الباب 23 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 5 . (6) التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 25 .

13 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : لا بأس بالسمك الّذي يصيده المجوسيّ (1).

14 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن العباس بن عامر، عن أبان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت : رجل اصطاد سمكة فوجد في جوفها سمكة؟ فقال : يُؤْكَلان جميعاً (2).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمعت أبي (علیه السلام) يقول : إذا ضرب صاحب الشبكة بالشبكة، فما أصاب فيها من حيّ أو ميّت فهو حلال ما خلا ما ليس له قشر، ولا يؤكل الطافي من السّمك(3).

16 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن المبارك، عن صالح بن أعين، عن الوشاء، عن أيّوب بن أعين، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قلت له : جُعِلْتُ فِداك ، ما تقول في حيّة ابتلعت سمكة ثمّ طرحتها وهي حيّة تضطرب، أفاكلها؟ فقال (علیه السلام): إن كانت فلوسها قد تسلّخت فلا تأكلها وإن كانت لم تتسلخ فكلها (4).

17 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن العباس بن معروف، عن مروك بن

ص: 230


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 35 وفي ذيله : المجوس الاستبصار 4 ، 40 - باب صيد المجوس للسمك، ح 6
2- التهذيب 9، نفس الباب، ح 26 هذا ويقول المحقق في الشرائع 217/3: «ولو وجد في جوف سمكة سمكة أخرى، حلّت إن كانت من جنس ما يحل وإلا فهي حرام، وبهذا روايتان طريق إحداهما السكونيّ والأخرى مرسلة، ومن المتأخرين من منع استناداً إلى عدم اليقين بخروجها من الماء حية، وربما كانت الرواية أرجح استصحاباً لحال الحياة . ولو وجدت في جوف حية سمكة أكلت إن لم تكن تسلخت، ولو تسلخت لم تحلّ، والوجه إنّها لا تحل إلا إن تقذفها والسمكة تضطرب، ولو اعتبر مع ذلك أخذها حية ليتحقق الذكاة كان حسناً ».
3- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 45. الاستبصار 4 ، 39 - باب تحريم السمك الطافي وهو . . . ، ح 10 . قال الشهيدان: «ولو اشتبه الميت فيه بالحي في الشبكة وغيرها حرم الجميع على الأظهر لوجوب اجتناب الميت المحصور الموقوف على اجتناب الجميع ولعموم قول الصادق (علیه السلام) ؛ ما مات في الماء فلا تأكله، فإنه مات فيها فيه حياته ، وقيل : يحلّ الجميع إذا كان في الشبكة أو الحظيرة مع عدم تميز الميت، لصحيحة الحلبي وغيرها الدالة على حله مطلفاً بحمله على الاشتباه جمعاً، وقيل بحل الميت (في الماء) في الشبكة والحظيرة وإن تميز للتعليُّل في النص بأنهما لما عملا للاصطياد جرى ما فيهما مجرى المقبوض باليد ».
4- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة ح 27 بتفاوت في الذيل . والحديث مجهول. وقد نقل الشهيد الثاني في المسالك عن الشيخ في النهاية حلّها مطلقاً ما لم تتسلّخ، مستنداً إلى هذه الرواية. وقال والشيخ رحمه اللّه لم يعتبر إدراكها حية تضطرب فالرواية لا تدل على مذهبه، وفي المختلف عمل بموجب الرواية، وهو يقتضي الاجتزاء بإدراكها حية مع أنه لا يقول به في ذكاة السمك.

عبيد، عن سماعة بن مهران قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : نهى أمير المؤمنين (علیه السلام) أن يتصيّد الرّجل يوم الجمعة قبل الصلاة، وكان (علیه السلام) يمرُّ بالسماكين يوم الجمعة، فينهاهم عن أن يتصيدوا من السمك يوم الجمعة قبل الصلاة(1).

18 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) وذكر الطافي وما يكره الناس منه فقال : إنّما الطافي من السمك المكروه، وهو ما يتغيّر رائحته(2).

باب آخر منه

151 - باب آخر منه

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر، جميعاً عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : أقرأني أبو جعفر (علیه السلام) شيئاً من كتاب عليّ (علیه السلام)، فإذا فيه : أنهاكم عن الجِرّي والزمير ، والمارماهي ، والطَّافي، والطحال قال : قلت يا ابن رسول اللّه ، يرحمك اللّه إنّا نؤتى بالسّمك ليس له قشر ؟ فقال : كل ما له قشر من السمك، وما ليس له قشر فلا تأكله(3).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن حمّاد بن عثمان قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : جُعِلْتُ فِداك الحيتان، ما يؤكل منها؟ فقال: ما كان له قشر، قلت: جُعِلْتُ فِداك ما تقول في الكنْعَت (4)؟ فقال : لا بأس بأكله، قال: قلت له : فإنّه ليس له قشر ؟ فقال لي : بلى، ولكنها سمكة سيّئة الخُلُق تحتك بكل شيء، وإذا نظرت في أصل أذنها وجدت لها قشراً(5).

ص: 231


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 49 والحديث مجهول وقد حمل على الكراهة كما ذكره الشهيد الأول في الدروس.
2- الحديث مرسل ولعله محمول على الغالب.
3- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 1 بتفاوت وفيه: الجريث، بدل: الجري. والجريث : نوع من السمك أملس طويل ولا فلس له والمارماهي : فارسي معرب، وأصلها حية السمك. والطافي : هو الذي يموت في الماء من السمك فيطفو على وجه الماء . والزمير - كما في القاموس - نوع من السمك .
4- في التهذيب : الكعنت، وهو من السمك له فلس خفيف ولكن من طبعها إنها تحك جسدها بكل ما تصادفه فيزول عنها ولكن يبقى ما هو موجود منه في أصل أذنيها لعدم احتكاكه .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 4. الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 91 بدون الصدر وبتفاوت يسير في الجميع.

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن ذكره عنهما (علیه السلام)، أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) كان يكره الجِرّيث، وقال: لا تأكلوا من السمك إلّا شيئاً عليه فلوس، وكره المارماهي (1).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تأكل الجِرّيث، ولا المارماهي ، ولا طافياً، ولا طحالاً لأنّه بيت الدم، ومُضْغَة الشيطان (2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن عمر بن حنظلة قال : حملت إليَّ رُبَيثا يابسة في صُرَّة ، فدخلت على أبي عبد اللّه(علیه السلام) فسألته عنها؟ فقال : كُلها، فلها قشر(3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب (علیه السلام) بالكوفة، يركب بغلة رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ثمّ يمرُّ بسوق الحيتان فيقول : لا تأكلوا ولا تبيعوا من السمك ما لم يكن له قشر (4).

7-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير قال: سأل العلاء بن كامل أبا عبد اللّه (علیه السلام) - وأنا حاضر - عن الجرّيّ ؟ فقال : وجدنا في كتاب عليّ (علیه السلام) أشياء محرَّمة من السمك فلا تَقْرَبها ، ثمّ قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ما لم يكن له قشر من السمك فلا تَقْرَبَنّه .

8-حنان بن سدير قال : أهدى الفيض بن المختار لأبي عبد اللّه (علیه السلام) رُبيثا، فأدخلها إليه - وأنا عنده - فنظر إليها وقال هذه لها قشرٌ فأكل منه، ونحن نراه (5).

9 - عليُّ بن إبراهيم [ عن أبيه] عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) كان يركب بغلة رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ثمّ يمرُّ بسوق الحيتان

ص: 232


1- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 2 .
2- التهذيب 9، نفس الباب، ح.. الاستبصار 4 ، 38 - باب النهي عن صيد الجري و...، ح 1.
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 81 وفي ذيله وقال لها قشر ورواه بتفاوت برقم 17 من الباب 1 من نفس الجزء من التهذيب أيضاً. الاستبصار 4 ، 56 - باب أكل الربيثا ، ح 1 بدون كلمة يابسة والربيثا نوع مما يحل أكله من السمك وله فلس.
4- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 3 .
5- الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 89 .

فيقول: ألا لا تأكلوا ولا تبيعوا ما لم يكن له قشر(1).

10 - أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ ، عن عمّه محمّد، عن سليمان بن جعفر قال : حدَّثني إسحاق صاحب الحيتان قال : خرجنا بسمك نتلقى به أبا الحسن الرضا (علیه السلام)، وقد خرجنا من المدينة وقد قدم هو من سفر له (2)، فقال : ويحك يا فلان، لعلّ معك سمكاً؟ فقلت : نعم يا سيدي، جُعِلْتُ فِداك ، فقال : انزلوا، ثمّ قال : ويحك، لعله زهو؟ قال: قلت: نعم، فاريته ، فقال : اركبوا ، لا حاجة لنا فيه والزهو سمك ليس له قشر (3).

11 - محمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ ،عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) قال: لا يحلّ أكل الجِرِّي ولا السلحفاة ولا السرطان ؛ قال : وسألته عن اللّحم الذي يكون في أصداف البحر، والفرات، أيؤكل ؟ فقال : ذاك لحم الضفادع ، لا يحلّ أكله (4).

12 - الحسين بن محمّد، عن معلّی بن محمّد، عن محمّد بن عليّ الهمدانيّ، عن سماعة بن مهران، عن الكلبيّ النسابة قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الجري؟ فقال : إنَّ اللّه عزّ وجلَّ مسخ طائفة من بني إسرائيل، فما أخذ منهم البحر فهو الجري والزمير والمارماهي، وما سوى ذلك وما أخذ منهم البرّ : فالقردة والخنازير والوبر والوَرَل وما سوى ذلك (5).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السنديّ، عن يونس قال: كتبت إلى الرّضا (علیه السلام) : السمك لا يكون له قشر، أيؤكل ؟ فقال : إن من السمك ما يكون له زَعَارة (6)فيحتك بكلّ شيء فتذهب قشوره ، ولكن إذا اختلف طرفاه - يعني ذنبه ورأسه - فكله(7).

ص: 233


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، حه وفيه لا تأكلوا . . . ، بدون ألا...
2- في التهذيب : من سَفَالة، بدل من سفر له وسَفَالة موضع على مرحلة من المدينة.
3- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 6 بتفاوت يسير .
4- التهذيب 9، نفس الباب، ح 46 . يقول المحقق في الشرائع 217/3 : ولا يؤكل السلحفاة ولا الضفادع ولا السرطان ولا شيء من حيوان البحر ككلبه وخنزيره .
5- الحديث ضعيف على المشهور والوَرَل - كما في القاموس - : دابة كالضب أو العظيم من أشكال الوزغ طويل الذنب صغير الرأس .
6- الزعارة : الشراسة - كذا في القاموس -
7- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 7 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 217/3: «في حيوان البحر، ولا يؤكل منه إلا ما كان سمكاً له فلس، سواء بقي عليه كالشبوط والبياح أو لم يبق كالكنعت أما ما ليس له فلس في الأصل كالجري ففيه روايتان أشهرهما التحريم، وكذا الزمار والمارماهي والزهو، لكن أشهر الروايتين هنا الكراهية ، .... ولا يؤكل الطافي وهو ما يموت في الماء سواء مات بسبب كضرب العلق أو حرارة الماء أو بغير سبب، وكذا ما يموت في شبكة الصائد في الماء أو في حظيرته الخ».

باب الجراد

152 - باب الجراد

1 عليُّ بن إبراهيم [ عن أبيه ] عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن أكل الجراد فقال : لا بأس بأكله، ثمّ قال (علیه السلام): إنّه نثرة من حوت في البحر، ثمّ قال : إنَّ عليّاً (علیه السلام) قال : إنَّ السمك والجراد إذا خرج من الماء فهو ذكي، والأرض للجراد مصيدة، وللسّمك قد تكون أيضاً(1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن عون بن جرير، عن عمرو (2)بن هارون الثقفي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام): الجراد ذكيّ فكله، فأما ما هَلَكَ في البحر فلا تأكله(3).

3- محمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ ،عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال : سألته عن الجراد نصيبه ميّتاً في الصحراء، أو في الماء، أيؤكل؟ فقال : لا تأكله ؛ قال : وسألته (علیه السلام) عن الدّبا (4)من الجراد ، أيؤكل ؟ قال : لا، حتّى يستقل بالطيران(5).

باب صيد الطيور الأهلية

153 - باب صيد الطيور الأهلية

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أحمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرّضا (علیه السلام) عن رجل يصيد الطير يساوي دراهم كثيرة، وهو مستوي الجناحين، ويعرف صاحبه، أو يجيئه فيطلبه من لا يتهمه؟ قال : لا يحل له إمساكه، يرده عليه، فقلت له :

ص: 234


1- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 262 .
2- في التهذيب : عن عمر ...
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 263
4- وقال في النهاية : الدبا، مقصور الجراد قبل أن يطير . وقيل : هو نوع يشبه الجراد، واحدته دباة . وقال الفاضل الاسترابادي ؛ الدبا من الجراد إشارة إلى أن الدبا قسمان، قسم هو من الجراد، وقسم ليس كذلك، وهو مسخ وقع التصريح بذلك في بعض الأحاديث المنقولة في التهذيب مرآة المجلسي 367/21 .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 264 . وفيه : ... يصيبه ميتا في الماء أو الصحراء.

فإن هو صاد ما هو مالك بجناحيه لا يعرف له طالباً؟ قال : هُوَ لَهُ (1).

2 - عنه ، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عمّن رواه عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا ملك الطائر جناحه فهو لمن أخذه (2).

3 - عنه ، عن ابن فضّال، عن محمّد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن صيد الحمامة تساوي نصف درهم أو درهماً؟ فقال: إذا عرفت صاحبه فردّه عليه، وإن لم تعرف صاحبه وكان مستوي الجناحين يطير بهما، فهو لك(3).

4 - وعنه ، عن ابن فضّال، عن عبيد بن حفص بن قرط، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت له : جُعِلْتُ فِداك ، الطير يقع على الدار فيؤخذ ، أحلال هو أم حرام لمن أخذه ؟ فقال : يا إسماعيل، عافٍ أم غير عافٍ ؟ قال : قلت : جُعِلْتُ فداك، وما العافي؟ قال: المستوي جناحاه المالك جناحيه يذهب حيث شاء قال هو لمن أخذه حلال (4).

5- عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إن الطير إذا ملك جناحيه، فهو صيد، وهو حلال لمن أخذه (5).

6 - وبإسناده : أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال في رجل أبصر طائراً فتبعه حتّى سقط (6)على شجرة، فجاء رجل آخر فأخذه؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : للعين ما رأت، ولليد ما أخذت(7).

باب الخطّاف

154 - باب الخطّاف

1 - عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عليّ بن محمّد رفعه إلى داود

ص: 235


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 258 .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 259 . وفي سنده : عن زرارة . . ، بدل: عمن رواه . . .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 260 بتفاوت . هذا ويقول المحقق في الشرائع 213/3 : الطير إذا صيد مقصوصاً لم يملكه الصائد وكذا مع كل أثر يدل على الملك، وإن كان مالكاً جناحه فهو لصائده إلا أن يكون له مالك، وعلى هذا لو انتقلت الطيور من برج إلى آخر لم يملكها الثاني .
4- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح .261 . وليس في آخره كلمة : قال.
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 256 .
6- في التهذيب : .. وقع ...
7- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 257 . الفقيه ،3 47 - باب نادر ح 1 .

الرقّي أو (1)غيره قال : بينا نحن قعود عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) إذ مرَّ رجل بيده خُطّاف مذبوح، فوثب إليه أبو عبد اللّه (علیه السلام) حتّى أخذه من يده، ثمّ دَحى به الأرض ، فقال (علیه السلام): أَعَالِمُكُم أمركم بهذا أم فقيهكم ؟ أخبرني أبي عن جدّي أن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) نهى عن قتل الستة؛ منها الخُطّاف، وقال : إنَّ دورانه في السماء أسفاً لما فعل بأهل بيت محمّد (صلّی اللّه علیه وآله)، وتسبيحه قراءة: الحمد لله ربّ العالمين، ألا ترونه يقول : ولا الضّالين(2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن أبي عبد اللّه (علیه السلام)، جميعاً عن الجامورانيّ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن محمّد بن يوسف التميميّ، عن محمّد بن جعفر عن أبيه قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : استوصوا بالصنينات خيراً - يعني الخطّاف - فإنّهنَّ آنس طير النّاس بالنّاس، ثمّ قال : وتدرون ما تقول الصنينة إذا مرَّت وترنّمت؟ تقول : بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، الحمد لله ربّ العالمين، حتّى قرأ أمّ الكتاب، فإذا كان آخر ترنّمها، قالت: ولا الضّالّين مَدَّ بها رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) صوته : ولا الضَّالّين(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن قتل الخطّاف أو إيذائهنَّ في الحَرَم ؟ فقال : لا يقتلن، فإني كنت مع عليّ بن الحسين (علیه السلام)، فرآني وأنا أوذيهنَّ، فقال لي: يا بُنيَّ ، لا تقتلهنَّ ولا تؤذِهِنَّ، فإنّهنَّ لا يؤذين شيئاً .

باب الهُدهُد والصُّرَّد

155 - باب الهُدهُد والصُّرَّد (4)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن عليّ بن

ص: 236


1- الشك من الراوي
2- التهذيب 9، نفس الباب، ح 78. الاستبصار ،4 ، 43 - باب كراهية الخطاف ، ح 1 بتفاوت فيهما في الذيل. وذكر فيهما بقية السنة المنهي عن قتلها وهي النحلة والنملة والضفدع والصرد والهدهد . ومعنى دحى به الأرض أي القاه عليها ورمى به . والحديث ضعيف . وقال الشهيد الثاني في المسالك : «وقد اختلفت الرواية في حل الخطاف وحرمته وبواسطته اختلفت فتاوى الأصحاب فذهب الشيخ في النهاية والقاضي وابن إدريس إلى تحريمه، وذهب المتأخرون إلى الكراهة ».
3- الحديث ضعيف.
4- الصرَّد : كما في حياة الحيوان:« أبقع ضخم الرأس، يكون في الشجر، نصفه أبيض ونصفه أسود، ضخم الرأس، له برثن عظيم، يعني أصابعه عظيمة، لا يرى إلا في الشجر ولا يقدر عليه أحد، وهو شرير النفس شديد النظرة غذاؤه من اللحم وله صفر مختلف . . . الخ».

محمّد بن سليمان، عن أبي أيّوب المدينيّ ، عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال : في كلّ جناح هُدْهُد مكتوب بالسريانيّة : آل محمّد خير البريّة (1).

2 - وعنه عن يعقوب بن يزيد، عن عليّ بن جعفر قال : سألت أخي موسى (علیه السلام) عن الهدهد، وقَتلِه وذَبْحِه ؟ فقال : لا يؤذى، ولا يُذبح ، فَنِعْمَ الطيرُ هو (2).

3-وعنه، عن عليّ بن محمّد، عن أيّوب المدينيّ، عن سليمان الجعفريّ، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) قال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن قتل الهدهد والصرد والصوام والنحلة(3)

باب القنبرة

156 - باب القنبرة (4)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عليّ بن محمّد بن سليمان، عن أبي أيّوب المدينيّ، عن سليمان الجعفريّ، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) [ عن أبيه، عن جدَّه (علیه السلام)] قال : لا تأكلوا القنبرة، ولا تسبّوها، ولا تعطوها الصبيان يعلبون بها، فإنّها كثيرة التسبيح اللّه تعالى، وتسبيحها : لَعَنَ اللّه مُبْغِضي آل محمّد (علیه السلام) (5).

2 - وبإسناده قال : كان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) يقول : ما أزرع الزَّرع لطلب الفضل فيه، وما أزرعه إلا ليناله المُعْتَرّ ، وذو الحاجة، وتناله القنبرة منه خاصّة من الطير (6).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أبي عبد اللّه الجاموراني، عن سليمان الجعفري قال : سمعت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) يقول : لا تقتلوا القنبرة، ولا تأكلوا لحمها، فإنّها كثيرة التسبيح ، تقول في آخر تسبيحها : لَعَنَ اللّه مبغضي آل محمّد (علیه السلام)(7).

ص: 237


1- الحديث مجهول.
2- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة ح 75 .
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 76 . والصوّام : طائر أغبر طويل الرقبة أكثر ما يبيت في النخل، وإن كان يظهر من صاحب حياة الحيوان إتحاد الصرد والصوام . والصرّد : قيل هو ما تتشأم به العرب وتتطير ،بصوبه ، وقيل : إنما كرهوه من اسمه من التصريد وهو التقليل . هذا، والمشهور عندنا كراهة أكل لحم الهدهد .
4- القنبرة : لغة رديئة في القبرة. ونهي في القاموس عن قولها. وإنما يقال القنبراء: الجمع قنابر، أو القبرة.
5- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة، ح 77. والحديث مجهول. وقد حمل النهي فيه على الكراهة.
6- الحديث مجهول.
7- الحديث ضعيف.

4 - محمّد بن الحسن ؛ وعليُّ بن إبراهيم الهاشمي، عن بعض أصحابنا، عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) قال: قال عليُّ بن الحسين (علیه السلام): القنزعة التي على رأس القنبرة من مسحة سليمان بن داود، ذلك أن الذكر أراد أن يسفد أنثاه فامتنعت عليه، فقال لها : لا تمتنعي، فما أريد إلا أن يُخرج اللّه عزَّ وجلَّ مِنِّي نَسَمَةٌ تذكر به، فأجابته إلى ما طلب فلما أرادت أن تبيض قال لها : أين تريدين أن تبيضي ؟ فقالت له : لا أدري، أنحيه عن الطريق، قال لها : إنّي خائف أن يمرَّ بك مارُّ الطريق، ولكنّي أرى لك أن تبيضي قرب الطريق، فمن يراك قربه توهّم أنّك تَعَرَّضِينَ لِلَقْطِ الحَبّ من الطريق، فأجابته إلى ذلك، وباضت وحضَنَت حتّى أشرفت على النقاب فبيناهما كذلك، إذ طلع سليمان بن داود (علیه السلام) في جنوده، والطير تُظله، فقالت له : هذا سليمان قد طلع علينا في جنوده، ولا آمن أن يَحْطِمَنا ويحطم بيضنا، فقال لها: إنّ سليمان (علیه السلام) لرجل رحيم بنا، فهل عندك شيء هَياتِهِ لفراخك إذا نقبن؟ قالت : نعم، جرادة خبّأتها منك أنتظر بها فراخي إذا نقبن، فهل عندك أنت ؟ قال : نعم عندي تمرة خبّأتها منك لفراخي قالت فخذ أنت تمرتك، وآخذ أنا جرادتي ، ونعرض لسليمان (علیه السلام) فنهديهما له، فإنّه رجل يحب الهدية، فأخذ التمرة في منقاره، وأخذت هي الجرادة في رجليها ، ثمّ تعرضا لسليمان (علیه السلام) ، فلما رآهما وهو على عرشه، بسط يديه لهما، فأقبلا، فوقع الذكر على اليمين، ووقعت الأنثى على اليسار، وسألهما عن حالهما، ،فأخبراه فَقَبلَ هديّتهما، وجنب جنده عنهما وعن بيضهما ومسح على رأسهما، ودعا لهما بالبركة، فحدثت القنزعة على رأسهما من مَسْحَةِ سليمان (علیه السلام) (1).

تَمّ كتاب الصيد من الكافي، ويتلوه كتاب الذبايح

والحمد للّه ربّ العالمين

ص: 238


1- الحديث مرسل . وحَضَن الطائر بيضه - كما في الصحاح - ضمّه تحت جناحه. والنقب : - هنا - شق البيضة عن الفرخ. والسفاد نزو الذكر من الحيوان على انثاه . والحطم : الكسر.

كتاب الذبائح

اشارة

بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم

كتاب الذبائح

باب ما تذكى به الذبيحة

157 - باب ما تذكى به الذبيحة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الذبيحة باللَّيْطَة وبالمَرْوَة؟ فقال : لا ذكاة إلّا بحديدة (1)

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه،عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن الذبيحة بالعود والحجر والقصبة؟ فقال: قال عليُّ بن أبي طالب (علیه السلام) : لا يصلح الذَّبح إلّا بالحديدة(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : لا يؤكل ما لم يُذبح بحديدة(3).

4- عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الزَّكاة؟ فقال : لا يذكّى إلّا بحديدة، نهى عن ذلك أمير المؤمنين عليه السّلام (4).

ص: 239


1- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 211 الاستبصار 4 ، 51 - باب أنّه لا يجوز الذبح إلا بالحديد، ح 3 .وفي ذيله : . . . بالحديدة . والليطة : قشر القصب والقناة، وكل شيء كانت له صلابة ومتانة والمروة الحجر الحاد الذي يقدح النار.
2- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 212 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 وفي الذيل فيهما ... إلا بحديدة.
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 209 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 1 وفي ذيله : . إلا بالحديد . واسم أبي بكر الحضرمي : عبد اللّه بن محمّد، وقد يكنى به شريح الحضرمي أيضاً.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 210 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 2 . ويقول الشهيدان وهما بصدد الحديث عن الواجب في الذبح : أن يكون قري الأعضاء بالحديد مع القدرة عليه، لقول الباقر (علیه السلام) : لا ذكاة إلا بالحديد، فإن خيف فوت الذبيحة بالموت وغيره وتعذر الحديد جاز بما يفري الأعضاء من ليطة ... أو مروة ... أو زجاجة مخير في ذلك من غير ترجيح، وكذا ما أشبهها من الآلات الحادة غير الحديد لصحيحة زيد الشحّام عن الصادق (علیه السلام) . ... وفي حسنة عبد الرحمن عن الكاظم (علیه السلام) ... وفي الظفر والسن متصلين ومنفصلين للضرورة قول بالجواز لظاهر الخبرين السالفين حيث اعتبر فيهما قطع الحلقوم وفري الأوداج ولم يعتبر خصوصية القاطع وهو موجود فيهما، ومنعه الشيخ في الخلاف محتجاً بالإجماع الخ) المجلد الثاني من الطبعة الحجرية، ص / 263 .

158 - باب آخر منه في حال الاضطرار

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) في الذّبيحة بغير حديدة، قال : إذا اضطررت إليها، فإن لم تجد حديدة فاذبحا بحجر(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا إبراهيم (علیه السلام) عن المَرْوَة والقصبة والعود، أيذبح بهنَّ إذا لم يجدوا سكّيناً؟ قال : إذا فرى الأوداج فلا بأس بذلك (2).

أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) مثله .

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن زيد الشحّام قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن رجل لم يكن بحضرته سكّين، أيذبح بقصبة؟ فقال : اذبح بالقصبة وبالحجر وبالعظم وبالعود إذا لم تصب الحديدة، إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس(3).

باب صفة الذبح والنحر

159 - باب صفة الذبح والنحر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : النحر في اللبة، والذبح في الحلق(4).

ص: 240


1- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 215 الاستبصار 4 ، 51 - باب أنه لا يجوز الذبح إلا بالحديد، ح 7 .
2- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 214 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 6 . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 44 .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 213 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ح 4 بتفاوت يسير فيهما . أقول: راجع تعليقتنا على الحديث رقم 4 من الباب السابق.
4- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 217 . وفي ذيله : في الحلقوم . واللية : المَنْحَر .

2 - عليُّ ، عن أبيه، عن صفوان قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن ذبح البقر في المنحر؟ فقال : للبقر الذّبح ، وما نُحِرَ فليس بذكيّ (1).

3-عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن يونس بن يعقوب قال : قلت لأبي الحسن الأول (علیه السلام) : إنَّ أهل مكة لا يذبحون البقر، وإنّما ينحرون في اللَّبّة، فما ترى في أكل لحمها؟ قال : فقال (علیه السلام): «فَذَبَحُوها وما كادوا يفعلون»(2)، لا تأكل إلّا ما ذُبح(3).

4- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي هاشم الجعفريّ، عن أبيه، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن الذبح ؟ فقال : إذا ذبحت فأرسل ولا تكتف، ولا نقلب السكّين لتدخلها من تحت الحلقوم وتقطعه إلى فوق والإرسال للطّير خاصة، فإن تردّى في جُبّ (4)أو وهدة من الأرض فلا تأكله ولا تَطْعمه، فإنك لا تدري التردّي قتله أو الذّبح، وإن كان شيء من الغنم فأمسك صوفه أو شعره، ولا تمسكن يداً ولا رجلاً، وأمّا البقر فأعقلها وأطلق الذَّنب، وأمّا البعير فشدَّ أخفافه إلى إباطه وأطلق رجليه، وإن أفلتك شيء من الطير وأنت تريد ذبحه أو ندَّ عليك فارمه بسهمك، فإذا هو سقط فذكّه بمنزلة الصيّد (5).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن الذّبيحة؟ فقال (علیه السلام): استقبل بذبيحتك القبلة، ولا تنخعها (6)حتّى تموت، ولا تأكل من ذبيحة ما لم تُذبَح من مذبحها (7).

6 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان ، عن ابن مسكان، عن

ص: 241


1- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 218 وفيه : من المنحر؟، بدل : في المنحر؟ .
2- البقرة/7.
3- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 219 . «واستدل (علیه السلام) بالآية على إن البقرة مذبوحة لا منحورة لقوله تعالى : فذبحوها ، إما بانضمام ما هو مسلّم عندهم من تباين الوصفين، أو بأن حلّ الذبيحة إنما يكون على الوجه الذي قرره الشارع، والذبح ظهر من الآية، والنحر غير معلوم فلا يجوز الإكتفاء به مرآة المجلسي 8/22 ».
4- الجبّ:البئر.
5- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 227 . ونَدَّ : أَي شَرَد.
6- لا تنخعها أي لا تقطع رقبتها قبل أن تموت. وفسّر الشهيد الثاني في الروضة نخع الذبيحة بأن يبلغ بالسكين النخاع فيقطعه قبل موتها، والنخاع هو الخيط الأبيض الذي من وسط الفقار ممتداً من الرقبة إلى عجب الذنب. وعد ذلك من مكروهات الذبح .
7- التهذيب 9، نفس الباب، ح 220

محمّد الحلبيّ قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام): لا تنخع الذبيحة حتّى تموت، فإذا ماتت فانخعها(1).

7-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : لا تذبح الشاة عند الشاة، ولا الجزور عند الجزور وهو ينظر إليه(2).

8-محمّد بن يحيى رفعه قال : قال أبو الحسن الرّضا (علیه السلام) : إذا ذُبحت الشاة وسُلِخت، أو سُلخ شيء منها قبل أن تموت لم يحلّ أكلها(3).

باب الرّجل يريد أن يذبح فيسبقه السكين فيقطع الرأس

160 - باب الرّجل يريد أن يذبح فيسبقه السكين فيقطع الرأس

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل ذبح فسبقه السكّين فقطع رأسه؟ فقال: هو ذكاة وَحِيّة ، لا بأس به وبأكله (4)

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم فال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن مسلم ذبح شاة وسمّى ، فسبقه السكّين بحدَّتها فأبان الرأس؟ فقال : إن خرج الدَّم فكُلْ (5).

ص: 242


1- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 228
2- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة، ح 232 بتفاوت . هذا، والمشهور عند أصحابنا كراهة ذبح حيوان وحيوان آخر ينظر إليه . وكرره برقم 76 من الباب 2 من الجزء 9 من التهذيب بتفاوت وسند آخر.
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 233 بتفاوت . هذا، وقد نقل عن الشيخ في النهاية القول بتحريم سلخ الذبيحة أو قطع شيء منها قبل أن تبرد. والقول بتحريم الأكل منها أيضاً في هذه الصورة، وتبعه ابن البرّاج وابن حمزة مستنداً في ذلك إلى هذا الحديث. في حين ذهب أكثر أصحابنا إلى القول بالكراهة، ونقل الشهيد الثاني في المسالك عن الشهيد الأول رحمهما اللّه ذهابه إلى تحريم الفعل دون الأكل.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 229 بتفاوت. وهو كذلك في الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 49 . والوحية : السريعة . هذا وفي إبانة الرأس من الذبيحة أثناء الذبح عامداً خلاف بين أصحابنا رضوان اللّه عليُّهم، أظهره الكراهية ، كما نص على ذلك المحقق في شرائعه 205/3 .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 230 الفقيه ، نفس الباب ، ح 49 بتفاوت في الجميع.

3 - عليُّ بن إبراهيم [عن أبيه] عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدفة قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) وقد سئل عن الرّجل يذبح فتسرع السكّين فتبين الرّأس؟ فقال : الذَّكاة الوحِية، لا بأس بأكله إذا لم يتعمّد بذلك (1).

باب البعير والثور يمتنعان من الذبح

161 - باب البعير والثور يمتنعان من الذبح

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد،عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا امتنع عليك بعير وأنت تريد أن تنحره، فانطلق منك ، فإن خشيت أن يسبقك فضربته بسيف، أو طعنته برمح بعد أن تسمّي، فكُلْ، إلّا أن تدركه ولم يمت بعدُ فَذَكِّهِ(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ ثوراً بالكوفة ثار، فبادر النّاس إليه بأسيافهم فضربوه، فأتوا أمي-ر المؤمنين (علیه السلام) فسألوه ، فقال : ذكاة وحيَّة، ولحمه حلال(3).

3 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن محمّد الحلبيّ قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) في ثور تعاصى، فابتدروه بأسيافهم وسمّوا ، وأتوا عليّاً (علیه السلام) ، فقال : هذه ذكاة وحية ولحمه حلال (4).

4 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن الفضل بن عبد الملك ؛ وعبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ قوماً أتوا النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) فقالوا : إنَّ بقرة لنا غلبتنا، واستصعبت علينا، فضربناها بالسيف؟ فأمرهم بأكلها (5).

5 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميّ،

ص: 243


1- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 231 وفي ذيله : ما لم يتعمد ذلك.
2- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ح 223 .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 224 وفي ذيله : ولحم حلال الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 47 . قوله (علیه السلام) : وحِيَّة : أي سريعة .
4- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 225 بتفاوت. وفي ذيله : ولحم حلال .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 226 . الفقيه ،3، نفس الباب، ح 46 وفي سنده الفضيل . . ، بدل: الفضل.

عن أبان، عن إسماعيل الجعفي قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : بعير تردَّى في بئر، كيف يُنْحَر؟ قال : تُدْخِلُ الحربة فتطعنه بها، وتسمّي وتأكل (1)

باب الذبيحة تذبح من غير مذبحها

162 - باب الذبيحة تذبح من غير مذبحها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل ضرب بسيفه جزوراً أو شاة في غير مذبحها، وقد سمّى حين ضرب؟ فقال : لا يصلح أكل ذبيحة لا تُذبح من مذبحها يعني إذا تعمّد لذلك، ولم تكن حاله حال اضطرار، فأمّا إذا اضطرّ إليها واستصعبت عليه ما يريد أن يذبح، فلا بأس بذلك (2).

باب إدراك الذكاة

163 - باب إدراك الذكاة

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه أبان بن عثمان، عن عبد بن سليمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : في كتاب عليّ (علیه السلام) : إذا طرفت العين، أو ركضت الرّجل ، أو تحرَّك الذنب وأدركته فَذَكِّه .

2 - محمّد بن يحيى، عن ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن سليم الفرّاء، عن الحسن بن مسلم قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) إذ جاءه محمّد بن عبد السلام فقال له : جُعِلْتُ فِداك ، يقول لك جدّي : إنَّ رجلاً ضرب بقرة بفأس فسقطت، ثمّ ذبحها، فلم يرسل معه بالجواب، ودعا سعيدة مولاة أم فروة فقال لها : إنَّ محمّداً أتاني برسالة منك، فكرهت أن أرسل إليك بالجواب معه، فإن كان الرّجل الذي ذبح البقرة - حين ذبح - خرج الدم معتدلاً ، فكلوا وأطعموا، وإن كان خرج خروجاً متثاقلاً ، فلا تَقْرَبُوهُ(3).

ص: 244


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 222 والضمائر فيه للغائب دون المخاطب. هذا ويقول المحقق في الشرائع 207/3 : «كل ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان إما لاستعصائه، أو لحصوله في موضع لا يتمكن المذكي من الوصول إلى موضع الذكاة منه ، وخيف فوته، جاز أن يعقر بالسيوف أو غيرها مما يجرح، ويحل، وإن لم يصادف العقر موضع التذكية». وما ذكره رحمه اللّه موضع وفاق بین الأصحاب .
2- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 221 بتفاوت يسير وليس فيه كلمة يعني، ويحتمل أنه من كلام الراوي، كما يحتمل إنه من كلام المؤلف رحمه اللّه .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح236. هذا وقد اشترط أصحابنا في كيفية التذكية - في جملة ما اشترطوا - الحركة بعد الذبح ، وقال بعض الأصحاب : لا بد مع ذلك من خروج الدم ، وقيل : يجري أحدهما، وهو أشبه ولا يجزي خروج الدم متثاقلاً إذا انفرد عن الحركة الدالة على الحياة شرائع الإسلام للمحقق 206/3 .

3-الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : في كتاب عليّ (علیه السلام): إذا طرفت العين، أو ركضت الرّجل، أو تحرَّك الذنب، فكُلْ منه، فقد أدركت ذكاته(1).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنى الحنّاط، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا شَكَكْتَ في حياة شاة، ورأيتها تطرف عينها، أو تحرك أذنيها، أو تَمْصَعُ بذَنَبها ، فاذبحها ، فإنّها لك حلال (2).

5- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان ، عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن الذَّبيحة؟ فقال : إذا تحرَّك الذَّئب، أو الطَّرْفُ ، أو الأذن، فهو ذكيّ(3).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال في الشّاة : إذا طَرَفَت عينها، أو حركت ذنبها فهي ذكيّة (4).

باب ما ذبح لغير القبلة أو ترك التسمية والجُنب يذبح

164 - باب ما ذبح لغير القبلة أو ترك التسمية والجُنب يذبح

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل ذبح ذبيحة فجهل أن يوجّهها إلى القبلة؟ قال : كُلْ منها ، فقلت له : فإنّه لم يوجّهها؟ قال : فلا تأكل منها ، ولا تأكل من ذبيحة ما لم يُذكر اسم اللّه عزَّ وجل عليها ؛ وقال (علیه السلام): إذا أردت أن تذبح فاستقبل بذبيحتك القبلة(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن

ص: 245


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 237 و 238 . 9، ومصع البرق يقول الفيروز آبادي : لَمَعَ ، والدابة بذنبها : حركته وضربت به.
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 237 و 238 . 9، ومصع البرق يقول الفيروز آبادي : لَمَعَ ، والدابة بذنبها : حركته وضربت به.
3- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة ، ح 235 و 234 .
4- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة ، ح 235 و 234 .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 253 بتفاوت يسير. وقوله السائل ثانياً : فلم يوجهها ، إنما قصد إنه لم يوجهها عامداً هذه المرة، في مقابل السؤال الأول حيث صرح بأنه كان جاهلا بوجوب التوجيه .

رزين، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرّجل يذبح ولا يسمّي؟ قال: إن كان ناسياً فلا بأس إذا كان مسلماً ، وكان يحسن أن يذبح ، ولا ينخع، ولا يقطع الرَّقبة بعد ما يذبح (1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سئل عن الذَّبيحة تُذبح لغير القِبلة؟ قال : لا بأس إذا لم يتعمّد ؛ وعن الرّجل يذبح فينسى أن يسمّي ، أتؤكل ذبيحته؟ فقال: نعم، إذا كان لا يُتّهم، وكان يُحسن الذبح قبل ذلك، ولا ينخع، ولا يكسر الرّقبة حتّى تبرد الذبيحة (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن ذبيحة ذُبِحَت لغير القبلة؟ فقال: كُل، ولا بأس بذلك ما لم يتعمد ، قال : وسألته عن رجل ذبح ولم يُسمّ ؟ فقال : إن كان ناسياً فليُسَمّ حين يذكر، ويقول: بسم اللّه على أوَّله وعلى آخره(3).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألته (علیه السلام) عن رجل ذبح فسبّح أو كبّر أو هلّل أو حمد اللّه عزَّ وجلَّ ؟ قال : هذا كلّه من أسماء اللّه عزّ وجلَّ، ولا بأس به (4).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا بأس أن يذبح الرّجل وهو جُنُب (5).

باب الأجِنَّة التي تخرج من بطون الذبائح

165 - باب الأجِنَّة التي تخرج من بطون الذبائح

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمّد بن

ص: 246


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 252 .
2- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 251 . الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 69 قوله (علیه السلام) : إذا كان لا يتهم ؛ أي كان متهماً في دينه بأن يتهاون في أحكامه وأوامره ونواهيه، ولا يعتني بشرايط الذبح بل يخل ببعضها عامداً، وقد أدخل فيه بعضهم من لا يعتقد الوجوب كالمخالف.
3- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 250 . الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 67 .
4- التهذيب 9 ،نفس الياب، ح 249 الفقيه ،3، نفس الباب، ح 68 . والحديث صحيح، ويدل على الإكتفاء بمطلق التسمية، وإن بالتحميد والتهليل لصدق الذكر بذلك.
5- الحديث حسن، وبمضمونه أفتى الأصحاب.

مسلم قال: سألت أحدهما (علیه السلام) عن قول اللّه عزّ وجلَّ: (أحِلَّت لكم بهيمة الأنعام(1) ) ؟ فقال : الجنين في بطن أمّه، إذا أشعر وأوبر ، فذكاته ذكاة أمّه، فذلك الّذي عَنى اللّه عزّ وجلّ (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا ذبحت الذّبيحة فوجدت في بطنها ولداً تامّاً ، فكُل، وإن لم يكن تامّاً، فلا تأكل (3).

3-أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الحُوار تُذكَّى أُمّه، أيؤكل بذكاتها؟ فقال: إذا كان تماماً، ونبت عليه الشعر ، فَكُلْ (4).

عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله .

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن الشاة يذبحها وفي بطنها ولد وقد أشعَرَ ؟ فقال (علیه السلام): ذكاته ذكاة أمّه.

5-عليُّ بن إبراهيم [عن أبيه] عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنه قال في الجنين: إذا أشْعَرَ فكُل، وإلّا فلا تأكل، - يعني إذالم يُشعر - .

باب النطيحة والمتردّية وما أكل السَّبُعُ تدرك ذكاتها

166 - باب النطيحة والمتردّية وما أكل السَّبُعُ تدرك ذكاتها

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : النطيحة والمتردّية وما أكل السَبعُ ، إذا أدركت ذكاته فكُلْ (5).

ص: 247


1- المائدة / 1 .
2- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 244 . الفقيه ،3، نفس الباب، ح 56 بتفاوت قليل.
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 242 .
4- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 246 وفيه : تاماً . . ، بدل: تماماً : .. والحوار : ولد الناقة ساعة تضعه، أو إلى أن يفصل عن أمه - كما يقول الفيروز آبادي . هذا ويقول المحقق في الشرائع 208/30 : «ذكاة الجنين ذكاة أمه إن تمت خلقته ، وقيل : ولم تلجه الروح ، ولو ولجته لم يكن بد من تذكيته، وفيه إشكال، ولو لم تتم خلقته لم يحلّ أصلاً، ومع الشرطين يحل بذكاة أنه، وقيل : لو خرج حياً ولم يتسع الزمان لتذكيته حلّ أكله، والأول أشبه».
5- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 248. والمترديّة : هي التي سقطت في بئر أو نحوها .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تأكل من فريسة السَبُع، ولا الموقوذة، ولا المتردّية، إلّا أن تدركها حيّة فتُذكّى (1).

باب الدم يقع في القدر

167 - باب الدم يقع في القدر

1- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن قدر فيها جزور، وقع فيها مقدار أوقية من دم أيؤكل ؟ فقال (علیه السلام) : نعم، لأنَّ النار تأكل الدم (2).

باب الأوقات التي يكره فيها الذبح

168 - باب الأوقات التي يكره فيها الذبح

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن العبّاس بن معروف، عن مروك بن عبيد، عن بعض أصحابنا، عن عبد اللّه بن مسكان، عن محمّد الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يكره الذبح وإراقة الدَّم يوم الجمعة قبل الصلاة، إلّا عن ضرورة(3).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن عمرو، عن جميل بن درّاج ، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) يأمر غلمانه أن لا يذبحوا حتّى يطلع الفجر، في نوادر الجمعة (4).

ص: 248


1- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 247 بتفاوت . الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 54 . والموقوذة : الشاة وغيرها ضربت ضرباً شديداً بخشب أو غيره حتّى ماتت . والوقد : الضرب الشديد .
2- الفقيه 3، نفس الباب ح 95 . والحديث صحيح . 3، والأوقية : سبعة مثاقيل شرعية، وعلى حساب الدرهم تعادل أربعين درهماً شرعياً، وقد وردت بذلك بعض الروايات . وهذا الحديث، وإن عمل بمضمونه بعض قدامى الأصحاب، إلا أن بعضهم الآخر كابن إدريس اطرحها وحكم بنجاسة ما في القدر، بينما حل بعضهم قدس اللّه أسرارهم الدم الوارد في الحديث على الدم الطاهر كدم السمك وهو خلاف الظاهر منه .
3- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة ، ح 255 وفيه : الدماء . . . بدل ؛ الدم ...
4- الحديث ضعيف على المشهور. ويدل على كراهة الذبح ليلا كما نص عليه أصحابنا رضوان اللّه عليُّهم. وقوله : في نوادر الجمعة لعل المعنى إن هذا الخبر أورده عليُّ بن إسماعيل في باب نوادر الجمعة. ولعل هذا كان مكتوباً في الخبر الأول، إما في الأصل أو على الهامش فأخره النسّاخ مرآة المجلسي 20/22

3 - عليُّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عمرو، عن جميل بن درّاج، عن أبان بن تغلب قال : سمعت عليّ بن الحسين (علیه السلام) وهو يقول لغلمانه : لا تذبحوا حتّى يطلع الفجر، فإن اللّه جعل الليل سَكَناً لكلّ شيء ؛ قال : قلت : جُعِلْتُ فِداك ، فإن خِفْنا؟ فقال (علیه السلام): إن خفت الموت فاذبح(1).

باب آخ----ر

169 - باب آخ----ر

1 – عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن ذبيحة المرجي، والحروريّ ؟ فقال : كُل وقرّ واستقرَّ حتّى يكون ما يكون (2).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المغرا، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل؛ وزرارة ومحمّد بن مسلم أنّهم سألوا أبا جعفر (علیه السلام) عن شراء اللّحم من الأسواق ولا يدرى ما يصنع القصّابون؟ قال : كُلّ إذا كان ذلك في أسواق المسلمين ، ولا تسأل عنه(3).

باب ذبيحة الصبيّ والمرأة والأعمى

170 - باب ذبيحة الصبيّ والمرأة والأعمى

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن ذبيحة الصّبيّ؟ فقال : إذا تحرّك وكان له خمسة أشبار

ص: 249


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 254 بتفاوت يسير.
2- التهذيب 9، 2 - باب الذبائح والأطعمة، ح 40. الاستبصار 4 ، 53 - باب ذبائح من نصب العداوة لآل محمّد (صلّی اللّه علیه وآله) ، ح 6 وفي ذيله : حتّى يكون يوما ما. الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 60 . قوله (علیه السلام) : حتّى يكون ما يكون أي حتّى ظهور دولة الحق، وقوله : قرو...؛ أي أقر بذلك في نفسك.
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 42 بتفاوت. الفقيه ،3، نفس الباب، ح 66 بتفاوت أيضاً . هذا ويقول المحقق في الشرائع 206/3 : ما يباع في أسواق المسلمين من الذبائح واللحوم يجوز شراؤه ولا يلزم الفحص عن حاله أقول : والظاهر إن هذا الحكم إجماعي عند أصحابنا رضوان اللّه علیهم لأن سوق المسلمين إمارة على التذكية.

وأطاق الشفرة، وعن ذبيحة المرأة؟ فقال : إن كنَّ نساءً ليس معهنَّ رجل، فلتذبح أعْقَلَهُنَّ، ولتذكر اسم اللّه عز وجلَّ عليها (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن ذبيحة الغلام ؟ إذا قوي على الذبح ، وكان يحسن أن يذبح، وذكر اسم اللّه عليها، فكل ، قال : وسئل عن ذبيحة المرأة؟ فقال : إذا كانت مسلمة فذكرت اسم اللّه عليها فكل (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن ذبيحه الغلام والمرأة ، هل تؤكل ؟ فقال : إذا كانت المرأة مسلمة، وذكرت اسم اللّه عزَّ وجلَّ على ذبيحتها، حلّت ذبيحتها، وكذلك الغلام إذا قوي على الذُّبيحة، وذكر اسم اللّه عزَّ وجلَّ عليها، وذلك إذا خيف فوت الذبيحة، ولم يوجد من يذبح غيرهما (3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه قال : سأل المرزبان الرّضا (علیه السلام) عن ذبيحة الصبيّ قبل أن يبلغ ، وذبيحةِ المرأة؟ فقال: لا بأس بذبيحة الخصي والصبي والمرأة إذا اضطرّوا إليه (4).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن غير واحد رووه عنهما جميعاً (علیه السلام) ؛ أنّ ذبيحة المرأة إذا أجادت الذّبح وسمّت، فلا بأس بأكله، وكذلك الأعمى إذا سُدَّدَ (5).

ص: 250


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 45 بتفاوت يسير الفقيه ،3، نفس الباب، ح 71 بتفاوت في الترتيب. قوله : أعقلهن : أي أفهمهنّ وأعرفهن بكيفية الذبح وشرائطه . قوله : أطاق الشفرة : كناية عن قدرته على الذبح وتمكنه منه . قوله : إذا تحرك أي صار ذا حركة خفيفة تنبيء عن ذكائه وتمييزه .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 44 بتفاوت يسير .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 43. الفقيه ،3، نفس الباب، ح 73 وفي سنده وفي رواية ابن مسكان عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام). هذا وأطلق أصحابنا جواز ذبح المرأة والصبي المميز من دون تقييد بعدم وجود غيرهما، يقول الشهيدان : ويحلّ ما تذبحه المسلمة والخصي والمجبوب والصبي المميز، دون المجنون ومن لا يميز لعدم القصد، والمجنون مطلقاً و... الخ. كما راجع شرائع المحقق 204/3 .
4- الحديث مرسل. والتقييد بحال الاضطرار محمول على الاستحباب
5- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة، ح 46 بتفاوت . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 72 بتفاوت . قوله (علیه السلام): إذا سُدّد: أي إذا وجه إلى القبلة وقوم وضعه للسكين في الموضع المناسب، ونبه إلى فري الأوداج بتمامها .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي البلاد :قال سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن ذبيحة الخصيّ؟ فقال : لا بأس(1).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كانت لعليّ بن الحسين (علیه السلام) جارية تذبح له إذا أراد(2).

8 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوساء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا بلغ الصبي خمسة أشبار أكلت ذبيحته(3).

باب ذبائح أهل الكتاب

171 - باب ذبائح أهل الكتاب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن مفضل بن صالح، عن زيد الشحّام قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن ذبيحة الذمّي ؟ فقال : لا تأكله، إن سمّى وإن لم يُسمّ.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، ، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن الحسين بن المنذر قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّا قوم نختلف إلى الجبل، والطريق بعيد بيننا وبين الجبل فراسخ، فنشتري القطيع والإثنين والثلاثة، ويكون في القطيع ألف وخمسمائة شاة وألف وستمائة شاة، وألف وسبعمائة شاة، فتقع الشاة والاثنتان والثلاثة فنسأل الرعاة الذين يجيئون بها عن أديانهم فيقولون : نصارى ، قال : فقلت: أي شيء قولك في ذبيحة اليهود والنصارى؟ فقال : يا حسين، الذبيحة بالاسم ، ولا يؤمنُ عليها إلّا أهل التوحيد.

3-وعنه ، عن حنان قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنَّ الحسين بن المنذر روى عنك أنّك قلت: إن الذّبيحة بالاسم، ولا يؤمن عليها إلّا أهلها ؟ فقال : إنّهم أحدثوا فيها شيئاً لا أشتهيه. قال حنان : فسألت نصرانيّاً فقلت له : أيُّ شيء تقولون إذا ذبحتم؟ فقال : نقول : باسم المسيح .

ص: 251


1- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ، ح 47 .
2- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 48 . الفقيه 3 ، نفس الباب ، ح 74 بتفاوت يسير.
3- الحديث ضعيف على المشهور.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن نصارى العرب، أتؤكل ذبيحتهم؟ فقال : كان عليُّ [بن الحسين] (علیه السلام) ينهى عن ذبائحهم وصيدهم ومناكحتهم (1).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المغرا، عن سماعة ، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال : سألته عن ذبيحة اليهودي والنصرانيّ ؟ فقال : لا تقربوها (2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن الحسين بن عبد اللّه قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّا نكون بالجبل، فتبعث الرُّعاة في الغنم، فربّما عطبت الشاة، أو أصابها الشيء، فيذبحونها، فنأكلها؟ فقال (علیه السلام): هي الذّبيحة، ولا يؤمن عليها إلّا مسلم(3)

7-وعنه ، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن الحسين بن عبد اللّه قال: اصطحب المعلّى بن خنيس وابن أبي يعفور في سفر، فأكل أحدهما ذبيحة اليهود والنصارى وأبى الآخر عن أكلها، فاجتمعا عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) فأخبراه؟ فقال: أيكما الذي أبي ؟ قال : أنا قال : أحسنت (4).

8-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين الأحمسي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال له رجل : أصلحك اللّه ، إنَّ لنا جاراً قصاباً، فيجييء بيهوديّ فيذبح له حتّى يشتري منه اليهود؟ فقال : لا تأكل من ذبيحته، ولا تَشْتَرِ منه (5).

9 - ابن أبي عمير، عن الحسين الأحمسي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال : هو الاسم، فلا يؤمن عليه إلّا مسلم (6).

ص: 252


1- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 13 بدون ذكر عليّ بن الحسين (علیه السلام) . بل فيه : كان عليُّ (علیه السلام) . . . ، الاستبصار 4 ، 52 - باب ذبائح الكفار ، ح 13 بتفاوت يسير فيهما .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 1 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 1 وفي الذيل فيهما : لا تَقْرَبَنَها .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 15 الاستبصار ،4 نفس الباب، ح15 . وفي سنده : الحسن بن عبد اللّه . الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 65 وفي سنده : الحسين بن عبيد اللّه .
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح7. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 7 وفيه : أباه . . . ، بدل أبي .
5- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 18 . الاستبصار 4 ، 52 - باب ذبائح الكفار ، ح 17
6- التهذيب 9، نفس الباب، ح 16 وفي ذيله : المسلم. الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 64 وفيه : ولا يؤمن ... قال المحقق في الشرائع 204/3 : أما الذابح فيشترط فيه الإسلام أو حكمه فلا يتولاه الوثني فلو ذبح كان المذبوح ميتة، وفي الكتابي روايتان أشهرهما المنع، فلا تؤكل ذباحة اليهودي ولا النصراني ولا المجوسي، وفي رواية ثالثة : تؤكل ذبيحة الذمي إذا سمعت تسميته، وهي مطروحة .

10 - أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن قتيبة الأعشى قال : سأل رجل أبا عبد اللّه (علیه السلام) - وأنا عنده - فقال له : الغنم يرسل فيها اليهوديّ والنصرانيّ ، فتعرض فيها العارضة، فيذبح، أناكل ذبيحته؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لا تُدْخل ثَمَنَها ،مالكَ ولا تأكلها، فإنّما هو الاسم، ولا يؤمنُ عليه إلّا مسلم، فقال له الرّجل : قال اللّه تعالى : (اليوم أحلّ لكم الطيِّبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حِلٌّ لكم )(1) ؟ فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام) : كان أبي (علیه السلام) يقول: إنّما هو الحبوب وأشباهها (2).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر ؛ وعبد اللّه بن طلحة، قال ابن سنان : قال إسماعيل بن جابر قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لا تأكل من ذبائح اليهود والنصارى، ولا تأكل في آنيتهم (3).

12 - عنه ، عن ابن سنان عن قتيبة الأعشى قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن ذبائح اليهود والنصارى؟ فقال : الذبيحة اسم ولا يؤمَنُ على الاسم إلّا مسلم (4).

ص: 253


1- المائدة / 5 .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح5 .الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 5 . هذا والشهيد الثاني في المسالك 224/2، بعد أن أقر بوضوح سندِ هذه الرواية قال: «لكن لا دلالة فيها على التحريم، بل تدل على الحل لأن قوله : لا تدخل ثمنها مالك، يدل على جواز بيعها وإلا لما صدق الثمن في مقابلها، ولو كانت لما جاز بيعها ولا قبض ثمنها، وعدم إدخال ثمنها في ماله يكفي كونها مكروهة، والنهي عن أكلها يكون حالها كذلك حذرا من التناقض . وأقول: إن النهي عن الثمن نهي عن المثمن، والنهي عن المسبب يكون نهياً عن السبب ودليلا على بطلان المعاملة من رأس، وليس ذلك إلا لكونها ميتة في المقام وإلا لما كان من وجه للنهي عن إدخال الثمن في ماله ، والقول بأن إطلاق الثمن على ما يقابلها يدل على جواز بيعها وإلا لما صدق الثمن، ينقضه إطلاق الثمن على ما يقابل العذرة مع توصيفه بالسحت وهو الحرام في قوله (علیه السلام) ثمن العذرة ،سحت كإطلاق الأجر على ما تتقاضاه الزانية مع توصيفه بأنه سحت أيضاً، ولم يقل أحد بصحة بيع العذرة ولا بحلية زنا الزانية؟ !! .
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 2 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 . هذا ويشترط إسلام الذابح، فلا تحل ذبيحة الكافر مطلقاً وثنياً كان أم ذمياً، سمعت تسميته أم لا على أشهر الأقوال عند أصحابنا رضوان اللّه عليُّهم، وذهب الصدوق رحمه اللّه وجماعة إلى حلّية ذبيحة الذمي إذا سمعت تسميته، وذهب آخرون ومنهم ابن أبي عقيل إلى حلّية ذبيحة غير المجوسي مطلقاً سمعت تسميته أم لا، قال الشهيد الثاني في المسالك 223/2 من الطبعة الحجرية : اتفق الأصحاب بل المسلمون على تحريم ذبيحة غير أهل الكتاب من أصناف الكفار سواء في ذلك الوثني وعابد النار والمرتد وكافر المسلمين كالغلاة وغيرهم، واختلف الأصحاب في حكم ذبيحة الكتابيين فذهب الأكثر ومنهم الشيخان والمرتضى والاتباع وابن إدريس وجملة المتأخرين إلى تحريمها أيضاً، وذهب جماعة منهم ابن أبي عقيل وابن الجنيد والصدوق وأبو جعفر بن بابويه إلى الحل لكن شَرَطَ الصدوق سماع تسميتهم عليها، وساوى بينهم وبين المجوسي في ذلك . وابن أبي عقيل صرح بتحريم ذبيحة المجوس وخص الحكم باليهود والنصارى ولم يقيدهم بكونهم ذمية، وكذلك الآخران، ومنشأ الاختلاف اختلاف الروايات في ذلك وهي كثيرة ...».

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال : قال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لا تأكل ذبائحهم ولا تأكل في آنيتهم - يعني أهل الكتاب - (1).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن ذبائح أهل الكتاب؟ فقال : لا بأس، إذا ذكروا اسم اللّه عزّ وجل، ولكنّي أعني منهم من يكون على أمر موسى وعيسى (علیه السلام).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير قال: دخلنا على أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنا وأبي فقلنا له : جَعَلَنا اللّه فداك، إنَّ لنا خلطاء من النصارى، وإنا نأتيهم فيذبحون لنا الدجاج والفراخ والجداء، أفنأكلها؟ قال : فقال : لا تأكلوها، ولا تقربوها، فإنهم يقولون على ذبائحهم ما لا أحب لكم أكلها ، قال : فلما قدمنا الكوفة، دعانا بعضهم فأبينا أن نذهب فقال : ما بالكم كنتم تأتونا ثمّ تركتموه اليوم؟ قال: فقلنا : إنَّ عالماً لنا (علیه السلام) نهانا وزعم أنكم تقولون على ذبائحكم شيئاً لا يحبّ لنا أكلها، فقال: من هذا العالم هذا واللّه أعلم الناس وأعلم من خَلَقَ اللّه ، صدق واللّه إنا لنقول : بسم المسيح(2).

16 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن ذبيحة أهل الكتاب؟ قال: فقال : واللّه ما يأكلون ذبائحكم، فكيف تستحلّون أن تأكلوا ذبائحهم إنّما هو الاسم ، ولا يؤمَنُ عليها إلّا مسلم .

17 - بعض أصحابنا، عن منصور بن العباس، عن عمرو بن عثمان، عن قتيبة الأعشى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : رأيت عنده رجلا يسأله فقال : إنَّ لي أخاً فيسلف في الغنم في الجبال، فيعطى السنّ مكان السّن (3)؟ فقال : أليس بطيبة نفس من أصحابه؟ قال : بلى ، قال :

ص: 254


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح4 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 .
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 12 . الاستبصار 4 ، 52 - باب ذبائح الكفار، ح 12 بتفاوت يسير فيهما .
3- قوله : فيعطى السن ... الخ ، لعلهم كانوا يبيعون منهم الشاة ثمّ يشترون منهم بذلك الثمن مثل أسنان تلك الشياء إلى أجل ، أو كانوا يشترطون الضمان في عقد لازم أو نحو ذلك مرآة المجلسي 28/22

فلا بأس، قال : فإنّه يكون له فيها الوكيل فيكون يهوديّاً أو نصرانيّاً، فتقع فيها العارضة فيبيعها مذبوحة ويأتيه بثمنها، وربّما ملّحها فيأتيه بها مملوحة؟ قال: فقال : إن أتاه بثمنها فلا يخالطه بماله، ولا يحرّكه، وإن أتاه بها مملوحة فلا يأكلها، فإنّما هو الاسم وليس يؤمن على الاسم إلّا مسلم ، فقال له بعض من في البيت : فأين قول اللّه عزّ وجل: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حِلَّ لهم) ؟ فقال : إنَّ أبي (علیه السلام) كان يقول : ذلك الحبوب وما أشبهها .

تمّ كتاب الذبائح ويتلوه كتاب الأطعمة

والحمد اللّه ربّ العالمين

ص: 255

ص: 256

كتاب الأَطْعِمَة

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب الأَطْعِمَة

باب علل التحريم

172 - باب علل التحريم

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن عمرو بن عثمان ، عن محمّد بن عبد اللّه، عن بعض أصحابنا (1) ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام)؛ وعدَّة من أصحابنا أيضاً، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن سالم، عن مفضّل بن عمر قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : أخبِرْني جُعِلْتُ فِداك، لم حرَّم اللّه تبارك وتعالى الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ؟ فقال : إنَّ اللّه سبحانه وتعالى لم يحرّم ذلك على عباده وأحلَّ لهم سواه، رغبةً منه فيما حرَّم علیهم ، ولا زهداً فيما أحل لهم، ولكنه خلق الخلق وعلم عزّ وجل ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم، فأحله لهم وأباحه تفضلاً منه علیهم به تبارك وتعالى لمصلحتهم، وعلم ما يضرُّ [هم] فنهاهم عنه وحرَّمه عليهم، ثمّ أباحه للمضطرّ، وأحلّه له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلّا به، فأمره أن ينال منه بقدر البُلْغَة (2) لا غير ذلك.

ثمّ قال: أما الميتة، فإنّه لا يُدْمِنُها أحد إلّا ضعف بدنه ، ونحل جسمه، وذهبت قوَّته، وانقطع نسله، ولا يموت أكل الميتة إلّا فجأة.

وأمّا الدّم، فإنّه يورث آكله الماء الأصفر، ويبخر الفم وينتن الريح ، ويسى الخُلُق، ویورث الكَلب(3)والقسوة في القلب، وقلّة الرأفة والرّحمة، حتّى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه ، ولا يؤمن على حميمه، ولا يؤمن على من يصحبه .

وأمّا لحم الخنزير، فإنَّ اللّه تبارك وتعالى مسخ قوماً في صور شتّى، شبه الخنزير والقرد

ص: 257


1- في التهذيب : عن بعض أصحابه
2- البلغة ما يتبلغ به من العيش أي القوام منه .
3- الكلب : داء يصيب الكلاب، فإذا عض الكلب الكَلِبُ إنساناً إنتقل المرض إليه .

والدُّب، وما كان من المسوخ ، ثمّ نهى عن أكله للمُثْلَة لكيلا ينتفع [الناس] بها ولا يستخفّ بعقوبتها .

وأمّا الخمر، فإنّه حرَّمها لفعلها ولفسادها وقال : مُدمن الخمر كعابد وثن، تورثه الإرتعاش، وتذهب بنوره، وتهدم مروءته، وتحمله على أن يَجْسُرَ على المحارم من سفك الدماء، وركوب الزنا، فلا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك، والخمر لا يزداد شاربها إلّا كلّ سوء(1).

باب جامع في الدوابّ التي لا يُؤكل لحمها

173 - باب جامع في الدوابّ التي لا يُؤكل لحمها

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بسطام بن مرّة (2)، عن إسحاق بن حسّان، عن هيثمّ بن واقد، عن عليّ بن الحسن العبديّ، عن أبي هارون(3)، عن أبي سعيد ، الخدريّ أنه سئل : ما قولك في هذا السمك الذي يزعم إخواننا من أهل الكوفة أنه حرام؟ فقال أبو سعيد : سمعت رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يقول : الكوفة جمجمة العرب، ورمح اللّه تبارك وتعالى وكنز الإيمان، فخذ عنهم، أخبرك أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) مكث بمكّة يوماً وليلة يطوى (4)، ثمّ خرج وخرجت معه فمررنا برفقة جلوس يتغدّون، فقالوا : يا رسول اللّه ، الغداء، فقال لهم : نعم، أفْرِجوا لنبيكم، فجلس بين رجلين، وجلست، وتناول رغيفاً فصدع بنصفه، ثمّ نظر إلى أدمهم فقال : ما أدمكم هذا؟ فقالوا الجِرّيث يا رسول اللّه فرمى بالكسرة من يده وقام، قال أبو سعيد : وتخلّفت بعده لأنظر ما رأى الناس، فاختلف الناس فيما بينهم، فقالت طائفة : حرم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) الجريث، وقالت طائفة : لم يحرمه ولكن عافه ، فلو كان حرمه لنهانا عن أكله، قال : فحفظت مقالتهم وتبعت رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) جواداً (5)حتّى لحقته، ثمّ غشينا رفقة أخرى يتغدّون فقالوا: يا رسول اللّه ؛ الغداء، فقال: نعم، افرجوا لنبيكم، فجلس بين رجلين وجلست

ص: 258


1- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 288 بتفاوت . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 99 بتفاوت وأخرجه عن محمّد بن عذافر عن أبيه عن أبي جعفر (علیه السلام) ...
2- في الاستبصار قرّة. بدل: مرّة.
3- هو العبدي بقرينة روايته عن أبي سعيد الخدري واسم هذا الأخير سعد بن مالك وهو من السابقين الذين رجعوا إلى إمام المتقين (علیه السلام).
4- أي يجوع .
5- أي سريعاً، كالفرس الجواد. ويجوز أن يريد سيراً جواداً، أي بعيداً .

معه، فلمّا أن تناول كسرة نظر إلى أدم القوم فقال : ما أدمكم هذا؟ قالوا : ضبٌّ يا رسول اللّه ، فرمى بالكسرة وقام قال أبو سعيد : فتخلّفت بعد فإذا الناس ،فرقتان، فقالت فرقة : حرّمه رسول اللّه ، فمن هناك لم يأكله، وقالت فرقة أخرى: إنّما عافه، ولو حرّمه لنهانا عن أكله، ثمّ تبعت رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) حتّى لحقته فمررنا بأصل الصفا وبها قدور تغلي، فقالوا: يا رسول اللّه ، لو عرّجت علينا حتّى تدرك قدورنا، فقال لهم : وما في قدوركم؟ فقالوا: حُمَرٌ لنا كنّا نركبها فقامت(1)فذبحناها، فدنا رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) من القدور فأكفأها برجله ، ثمّ انطلق جواداً وتخلّفت بعده، فقال بعضهم: حرّم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) لحم الحمير، وقال بعضهم : كلا، إنما أفرغ قدوركم حتّى لا تعودوا فتذبحوا دوابكم ، قال أبو سعيد : فبعث رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إليّ ، فلما جئته قال : يا أبا سعيد، ادع لي بلالاً ، فلما جئته ببلال ، قال : يا بلال، اصعد أبا قبيس فناد عليه أنَّ رسول اللّه حرَّم الجِرِّي والضبَّ والحمير الأهلية، ألا فاتقوا اللّه جل وعزّ ولا تأكلوا من السمك إلّا ما كان له قشر، ومع القشر فلوس، فإنّ اللّه تبارك وتعالى مسخ سبعمائة أمة عصوا الأوصياء بعد الرُّسل، فأخذ أربعمائة منهم برّا، وثلاثمائة بحراً، ثمّ تلا هذه الآية : (فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق)(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كلّ ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام(3).

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال : كلّ ذي ناب من السّباع ومخلب من الطير حرام، وقال (علیه السلام): لا تأكل من السباع شيئاً (4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان، عن الحسين بن خالد قال : قلت لأبي الحسن - يعني موسى بن جعفر (علیه السلام) - : أيحل أكل لحم الفيل؟ فقال: لا، قلت: ولم؟ قال (علیه السلام) : لأنّه مُثْلَةٌ، وقد حرم اللّه عزّ وجلّ الأمساخ، ولحم ما مثل به في صورها (5).

ص: 259


1- قامت الدابة - كما في القاموس - أي وقفت يعني لم تقو بعد على سير أو عمل.
2- روى قول رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) من أنه حرم الجري والضب والحمر الأهلية بنفس السند في التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 170 . وكذا في الاستبصار 4 ، 47 - باب حكم لحم الحمر الأهلية و. و...، ح 9 . والحديث ضعيف. والآية في سورة سبأ/ 19.
3- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 161
4- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 162 . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبائح، ح 28 ورواه مرسلاً.
5- التهذيب 9، نفس الباب، ح 165 .

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن أكل الضبّ ؟ فقال : إنّ الضبّ والفارة والقردة والخنازير مسوخ(1).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي سهل القرشيّ قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن لحم الكلب؟ فقال : هو مسخ، قلت: هو حرام؟ : قال : هو نجس، أعيدها عليه ثلاث مرّات، كل ذلك يقول : هو نجس (2).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كره أكل كلّ ذي حِمَّة(3).

8-محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ ،عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال : سألته عن الغراب الأبقع والأسود، أيحلُّ أكلهما؟ فقال: لا يحلّ أكل شيء من الغربان، زاغ ولا غيره (4).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بكر بن صالح، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) قال: الطاؤوس لا يحل أكله ولا بيضه .

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمّد بن مسلم؛ وزرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنهما سألاه عن أكل لحوم الحمر الأهليّة؟ قال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عنها وعن أكلها يوم خيبر، وإنّما نهى عن أكلها في ذلك الوقت، لأنّها كانت

ص: 260


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 163 - 164 .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 163 - 164 .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 167 . والحمّة : - كما في النهاية - السم، ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة لأن السم يخرج منها.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 73. الاستبصار 4 ، 42 - باب كراهية لحم الغراب ، ح 2 . الفقيه 3 ، نفس الباب، ح 117 بتفاوت . والزاغ : هو غراب الزرع وحرمة لحم الغراب بجميع أصنافه هي الأقوى عند أصحابنا وهنالك من قال بحلية بعضها قال الشهيدان: (ويحرم من الطير ... الغراب الكبير الأسود الذي يسكن الجبال والخربان ويأكل الجيف، والأبقع أي المشتمل عن بياض وسواد مثل الأبلق في الحيوان .... ومستند التحريم فيهما حقيقة عليُّ بن جعفر عن أخيه موسى (علیه السلام) ورواية أبي يحي الواسطي عن الرضا (علیه السلام)) ويحل غراب الزرع المعروف بالزاغ في المشهور، وكذا الغداف وهو أصغر منه إلى الغبرة ما هو أي يميل إليها يسيراً، ويعرف بالرمادي لذلك، ونسب القول بحل الأول إلى الشهرة لعدم دليل صريح بخصصه بل الإخبار منها مطلق في تحريم الغراب بجميع أصنافه كصحيحة عليُّ بن جعفر عن أخيه موسى (علیه السلام) أنه قال لا يحل شيء من الغربان زاغ ولا غيره وهو نص أو مطلق في الإباحة كرواية زرارة عن أحدهما (علیه السلام) أنه قال : كل الغراب ليس بحرام وإنما الحرام ... الخ، لكن ليس في الباب حديث غير ما دل على التحريم فالقول به متعين ولعل المخصص استند إلى مفهوم حديث أبي يحيى لكنه ضعيف».

حَمُولَةَ الناس، وإنّما الحرام ما حرّم اللّه عزّ وجلَّ في القرآن(1).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود (2)، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سمعته يقول : إنّ المسلمين كانوا أجهِدوا في خيبر، فأسرع المسلمون في دوابّهم (3) ، فأمرهم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) بإكفاء القدور، ولم يقل: إنّها حرام، وكان ذلك إبقاءً على الدّواب (4).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن تغلب، عمن أخبره ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن لحوم الخيل ؟ فقال : لا تأكل إلّا أن تصيبك ضرورة، ولحوم الحُمُر الأهليّة؟ فقال : في كتاب عليُّ (علیه السلام) ، أنّه منع أكلها (5).

13 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان، عن ابن مسكان قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن لحوم الحمير ؟ فقال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن أكلها يوم خيبر، قال وسألته عن أكل الخيل والبغال؟ فقال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عنها، فلا تأكلوها إلّا أن تضطرّوا إليها (6).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن الأشعريّ ، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال: الفيل مسخ ، كان مَلِكاً زَنّاءً، والذئب مسخ ، كان أعرابيّاً ديّوثاً، والأرنب مسخ ، كانت امرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها، والوطواط مسخ ، كان يسرق تمور الناس، والقردة والخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت، والجريث والضب فرقة من بني إسرائيل لم يؤمنوا حيث نزلت المائدة على عيسى بن مريم (علیه السلام)، فتاهوا، فوقعت فرقة في البحر، وفرقة في البرّ والفارة فهي الفويسقة، والعقرب كان نَمّاماً، والدُّبُّ، والزنبور كان

ص: 261


1- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة، ح 171 الاستبصار 4 ، 47 - باب حكم لحم الحمر الأهلية و. ح 1. والحمولة : - كما في المغرب - ما يحمل عليه من البعير أو الفرس والبغل والحمار.
2- هو زياد بن المنذر.
3- أي بادروا إلى نحرها أو ذبحها للأكل وأسرفوا في ذلك.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 172 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح 2 بتفاوت فيهما.
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 169 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح .6 . بتفاوت في الذيل يسير في الجميع. هذا، ويقول المحقق في الشرائع 218/3 : «في البهائم، ويؤكل من الإنسية الإبل والبقر والغنم، ويكره الخيل والبغال والحمير الأهلية على تفاوت بينها في الكراهية ..... وقد ذكر الشهيد الثاني في الروضة قولاً بتحريم البغل خاصة ونسبه إلى القيل مشعراً بتضعيفه».
6- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ، ح 168 ، الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح ه بتفاوت يسير فيهما .

لحّاماً يسرق في الميزان(1).

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي يحيى الواسطيّ قال : سئل الرضا (علیه السلام) عن الغراب الأبقع ؟ فقال : إنّه لا يؤكل، وقال : ومَنْ أَحَلَّ لك الأسود ؟ ! (2).

16 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن سليمان الجعفريّ، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) قال : الطاؤوس مسخ ، كان رجلاً جميلاً فكابر امرأة رجل مؤمن تحبّه ، فوقع بها ، ثمّ راسلته بعدُ فمسخهما اللّه عزَّ وجلَّ طاؤوسين انثى وذكراً، ولا يؤكل لحمه ولا بيضه(3).

باب آخر منه (وفيه ما يُعرَف به ما يؤكل من الطير وما لا يؤكل)

174 - باب آخر منه وفيه ما يُعرَف به ما يؤكل من الطير وما لا يؤكل

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن سماعة بن مهران، قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن المأكول من الطير والوحش ؟ فقال : حرَّم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كلّ ذي مخلب من الطير، وكلّ ذي ناب من الوحش ، فقلت : إنّ الناس يقولون : من السَبُع؟ فقال لي : يا سماعة، السَبُع كلّه حرام ، وإن كان سَبُعاً لا ناب له، وإنّما قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) هذا تفصيلا، وحرَّم اللّه عزّ وجلَّ ورسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) المسوخ جميعها، فكُل الآن من طير البر ما كانت له حوصلة، ومن طير الماء ما كان له قانصة كقانصة الحمام، لا معدَّة كمعدَّة الإنسان، وكل ما صف وهو ذو مخلب فهو حرام، والصفيف كما يطير البازي والصقر والحدأة وما أشبه ذلك، وكلُّ ما دَفَ فهو حلال، والحوصلة والقانصة يُمْتَحَن بها من الطير ما لا يُعرف طيرانه وكلُّ طير مجهول (4).

ص: 262


1- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 166 بتفاوت قليل . والحديث مجهول. وقوله : كان لحاماً أي كان كل واحد منهما لحاماً. هذا، وقد أجمع أصحابنا على تحريم أكل كل ما ذكر في هذا الحديث وما تقدمه أيضاً.
2- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة ح 71 الاستبصار 4 42 - باب كراهية لحم الغراب، ح 1 . قوله (علیه السلام) : ومن أحل لك الأسود؟! : هو استفهام إنكاري، والمعنى : اسوده أيضاً حرام.
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 70 بتفاوت والحديث ضعيف. هذا، وقد نقل الشيخ صاحب الجواهر رحمه اللّه 309/36 عدم خلاف أصحابنا نصاً وفتوى على حرمة الطاووس مورداً بهذا الخبر عن الرضا (علیه السلام) ، وقد قال رحمه اللّه بعد إيراده : واللّه العالم.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 65 . والحوصلة : في الطير بمنزلة المعدَّة في غيره يجتمع فيها الحب وغيره من المأكول . والمخلب للطائر - كما في الصحاح - والسباع بمنزلة الظفر للإنسان . هذا وقد نقل صاحب الجواهر الإجماع بقسميه عند أصحابنا على تحريم كل ما كان له تاب من البهائم أو ظفر يفترس بهما وهو ما يعبر عنه بالشبع، وما كان له مخلب من الطير يقوى به على افتراس الطير أيضاً.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن عبد اللّه بن سنان ،عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت له : الطير، ما يؤكل منه ؟ فقال : لا يؤكل منه ما لم تكن له قانصة .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ الزيات (1)، عن زرارة انّه قال : واللّه ما رأيت مثل أبي جعفر (علیه السلام) قطّ ، وذلك أنّي سألته فقلت : أصلحك اللّه، ما يؤكل من الطير؟ فقال : كُلّ ما دف ولا تأكُل ما صفّ، قلت : البيض في الأجام؟ فقال : ما استوى طَرَفان فلا تأكله، وما اختلف طرفاه فكُل، قلت: فطير الماء؟ قال: ما كانت له قانصة فكل، وما لم تكن له قانصة فلا تأكل (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كُل من الطير ما كانت له قانصة، ولا مخلب له ، قال : وسألته عن طير الماء؟ فقال مثل ذلك (3).

5-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كُل من الطير ما كانت له قانصة أو صِيصِية أو حوصلة (4).

6 - بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن محمّد بن القاسم، عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي أكون في الآجام، فيختلف عليّ الطير، فما أكل منه؟ فقال : كُل ما دفَّ ولا تأكل ما صَفَّ، فقلت: إنّي أوتى به مذبوحاً؟ فقال : كُل ما كانت له قانصة (5).

ص: 263


1- في التهذيب والفقيه : عليّ بن الزيات .
2- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 63 . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 26 . ودفيف الطائر : تحريك جناحيه أثناء الطيران، ويقابله صفيفه وهو أن يبسطهما أثناء الطيران من دون تحريك . والظاهر إن وجود واحدة من هذه العلامات كاف للحكم بحلية اللحم، واختلاف طرفي البيضة هو أن يكون أحدهما أضخم من الآخر. والقانصة للطائر، بمنزلة المعاء لغيره .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 66 و 67 .
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 66 و 67 .
5- التهذيب 9، نفس الباب، ح 64 هذا ويقول المحقق في الشرائع 3/ 220 وهو بصدد تعداد ما يحرم من أصناف الطير: «الثاني : ما كان صفيفه أكثر من دفيفه فإنه يحرم ، ولو تساويا أو كان الدفيف أكثر لم يحرم الثالث ما ليس له قانصة ولا حوصلة ولا صيصية فهو حرام، وما له أحدها فهو حلال ما لم يُنص على تحريمه . هذا وقد نقل الشيخ صاحب الجواهر رحمه اللّه الإجماع بقسميه عليه عند أصحابنا رضوان اللّه عليهم.

باب ما يُعرف به البيض

175 - باب ما يُعرف به البيض

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال : إذا دخلت أجَمَةً فوجدت بيضاً ، فلا تأكل منه إلّا ما اختلف طرفاه(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن الزيات، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : البيض في الآجام ؟ فقال : ما استوى طَرَفاه فلا تأكل، وما اختلف طرفاه فكل(2).

3 - عنه ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي الخطّاب قال : سألته - يعني أبا عبد اللّه (علیه السلام) - عن رجل يدخل الأجمة فيجد فيها بيضاً مختلفاً لا يدري بيض ما هو، أبيض ما يُكره من الطير، أو يستحبُّ؟ فقال: إنّ فيه عَلَماً لا يخفى، أنظر إلى كلّ بيضة تعرف رأسها من أسفلها فكل وما يستوي في ذلك فدعه(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : كُلّ من البيض ما لم يستو رأساه ، وقال : ما كان من بيض طير الماء مثل بيض الدُّجاج وعلى خِلْقَته، أحد رأسيه مفرطح ، وإلّا فلا تأكل(4).

5- بعض أصحابنا، عن أحمد بن جمهور، عن محمّد بن القاسم، عن ابن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي أكون في الآجام فيختلف عليَّ البيض، فما أكل منه؟ فقال : كُلْ منه ما اختلف طرفاه .

ص: 264


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 7 وفيه : فلا تأكله .... بالنسبة لما اشتبه من البيض من حيث الحلّية والحرمة على الإنسان فقد نقل الشيخ صاحب الجواهر في جواهره 36 / 334 - 335 عدم الخلاف بين أصحابنا على أكل ما اختلف طرفاه لا ما اتفق بل في ظاهر كشف اللثام وعن صريح الغنية الإجماع عليه فراجع .
2- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، ح 60 .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 58 بتفاوت يسير .
4- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 61 . والمُفرطح : ما له عرض في استدارة .

باب الحمل والجَدْي يرضعان من لبن الخنزيرة

176 - باب الحمل والجَدْي يرضعان من لبن الخنزيرة

ا - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) - وأنا حاضر عنده - عن جَدْيٍ يرضع من خنزيرة حتّى كبر وشبّ واشتدّ عظمه، ثمّ إِنَّ رجلاً استفحله في غنمه فَخَرَجَ له نسل ؟ فقال : أما ما عرفت من نَسله بعينه فلا تقربنّه ، وأمّا ما لم تعرفه فكُله ، فهو بمنزلة الجُبْن ، ولا تسأل عنه (1).

2 - حميد بن زياد، عن عبد اللّه بن أحمد النهيكي، عن ابن أبي عمير، عن بشر بن مسلمة، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) في جَدْي يرضع من خنزيرة، ثمّ ضَرَبَ في الغنم؟ قال : هو بمنزلة الجُبْن ، فما عرفت بأنّه ضَرَبَه فلا تأكله، وما لم تعرفه فكُله (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي حمزة رفعه قال : قال : لا تأكل من لحم حَمَل يرضع من لبن خنزيرة(3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، قال : كتبت إليه (علیه السلام) جُعِلْتُ فِداك من كلّ سوء امرأة أرضعت عَنَاقاً (4)حتّى فطمت وكَبُرت، وضربها الفحل، ثمّ وضعت، أيجوز أن يؤكل لحمها ولبنها ؟ فكتب :(علیه السلام): فعل مكروه، ولا بأس به (5).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّ

ص: 265


1- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 183 . الاستبصار 4 ، 48 - باب تحريم أكل لحم الغنم إذا شرب من لبن خنزيرة، ح 1 . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 77 بتفاوت في الكتب الثلاثة يسير. وقال الشهيد الثاني في المسالك : المراد باشتداده أن ينبت عليه لحمه ويشتد عظمه وقوته. هذا، ويدل الحديث على إن الحرام المشتبه بالحلال حلال حتّى يعرف بعينه وإنه لا يجب الاستفصال عن حاله . وكذا الحديث التالي .
2- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 184 . الاستبصار 4 ، 48 - باب تحريم أكل لحم الغنم إذا شرب من لبن خنزيرة ، ح 2 . قال المحقق في الشرائع 218/3 : «وقد يعرض التحريم للمحلل من وجوه ... ، الثاني : أن يشرب لبن خنزيرة، فإن لم يشتد كره، ويستحب استبراؤه بسبعة أيام، وإن اشتد حرم لحمه ولحم نسله ».
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 185 - الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 3 ، الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ح 75 وفي ذيله : ... من خنزيرة . وأخرجه مرسلاً عن أمير المؤمنين (علیه السلام) .
4- العناق الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول، جمع أعنق وعنوق.
5- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 187 - الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 76 بتفاوت وصرّح بأن المكتوب إليه هو الإمام عليُّ بن محمّد (علیه السلام) . وكان قد ذكر الشيخ رحمه اللّه هذا الحديث برقم 1337 من التسلسل العام من الجزء 7 من التهذيب أيضاً .

أمير المؤمنين (علیه السلام) سئل حَمَل غُذِي بلبن خنزيرة؟ فقال : قيّدوه واعلقوه الكُسْبَ(1)والنوى والشعير والخبز إن كان استغنى عن اللّبن، وإن لم يكن استغنى عن اللّبن، فيلقى على ضرع شاة سبعة أيّام، ثمّ يؤكل لحمه(2).

باب لحوم الجلالات وبيضهنَّ والشاة تشرب الخمر

177 - باب لحوم الجلالات وبيضهنَّ والشاة تشرب الخمر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تأكلوا لحوم الجلّالات [وهي التي تأكل العذرة]، وإن أصابك من عَرَقها فاغسله(3).

2-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تشرب من ألبان الإبل الجلّالة، وإن أصابك شيء من عرقها فاغسله (4).

3- عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : الدُّجاجة الجلالة لا يؤكل لحمها حتّى تُقيّد ثلاثة أيّام، والبطّة الجلّالة خمسة أيّام، والشاة الجلّالة عشرة أيّام والبقرة الجلّالة عشرين يوماً، والناقة أربعين يوماً(5).

ص: 266


1- الكسب عصارة الدهن ، وقيل : عصارة دهن السمسم .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 186 وقد حمل الحديث على صورة ما إذا لم يشتد بتلك الرضاعة عظمه ولا نبت لحمه وإلا حرم لحمه ونسله كما تقدم .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 188 . الاستبصار 4 ،49 - باب كراهية لحوم الجلالات، ح 1. بتفاوت يسير فيهما. وروى ذيله بتفاوت في الفقيه ،3، نفس الباب، ضمن ح 81 . والجلّالات : هي الحيوانات التي تغتذي العذرة محضاً حتّى نمت بها بأن نبت لحمها واشتد عظمها، وإن ذهب بعضهم إلى عدم اشتراط تمحض الغذاء بالعذرة بل اكتفى بأن تكون أكثره هذا وكان الشيخ رحمه اللّه قد روى هذا الحديث برقم 768 من التسلسل العام في الجزء 1 من التهذيب أيضاً.
4- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 191) وفيه : لا يُشرب ... ، وفيه أيضاً : فإن أصابك . . . الاستبصار 4 49 - باب كراهية لحوم الجلالات، ح 4 . هذا وقد نسب إلى مشهور قدماء أصحابنا القول بنجاسة عرق الإبل الجلالة، كما عن القاضي والشيخين والمنتهى، وعن الأردبيلي وتلميذه في المدارك، وتلميذه في الذخيرة الميل إليه، مستدلين عليه برواية ابن البختري هذه وغيرها ولكن المحكي عن متأخري الأصحاب القول بالكراهة مستندين إلى ما دل على طهارتها وطهارة أستارها الملازم لطهارة عرقها المؤيد باستبعاد الفرق بينها وبين سائر ما لا يؤكل لحمه، بل بين سائر الحيوانات الجلالة لعدم الخلاف في طهارة عرقها إلا ما نقل عن كتاب النزهة لا بن سعيد .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح192 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 5 .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في شاة تشرب خمراً حتّى سَكِرَت، ثمّ ذُبِحت على تلك الحال؟ قال : لا يؤكل ما في بطنها (1).

5- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن عليّ بن حسّان، عن عليّ بن عقبة، عن موسى بن أكيل، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (علیه السلام) في شاة شربت بولاً ثمّ ذبحت؟ قال : فقال : يُغسل ما في جوفها، ثمّ لا بأس به، وكذلك إذا اعتلفت العذرة ما لم تكن جلّالة، والجلّالة : التي يكون ذلك غذاؤها (2).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد الأدمي، عن يعقوب بن يزيد، رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الإبل الجلّالة إذا أردت نحرها، تحبس البعيرَ أربعين يوماً، والبقرةَ ثلاثين يوماً، والشاةَ عشرةَ أيّام .

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد (3)، عن الخشّاب (4)، عن عليّ بن أسباط، عمّن روى في الجلّالات :قال لا بأس بأكلهنَّ إذا كنَّ يخلطن(5).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن سعد بن سعد الأشعري، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال: سألته أكل لحوم الدجاج في الدساكر (6) ، وهم لا يمنعونها من شيء، تمرُّ على العذرة مُخلّى عنها، وعن أكل بيضهنّ؟ فقال : لا بأس به (7).

9 - الحسين بن محمّد، عن السيّاريّ، عن أحمد بن الفضل، عن يونس، عن

ص: 267


1- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 181 يقول المحقق في الشرائع 219/3 : ولو شرب شيء من هذه الحيوانات خمراً لم يحرم لحمه بل يغسل ويؤكل ولا يؤكل ما في جوفه . . .» وعدم جواز أكل شيء مما في جوفه كالكبد والكرش والإمعاء وإن غسل بالماء هو الأصحاب، بل نقل ابن زهرة الإجماع عليه، وإن نقل عن ابن إدريس القول بالكراهة لا الحرمة. بل يظهر من عبارة الشهيد الثاني في المسالك إنه رحمه اللّه خص بما إذا ذبحها بعد شرب الخمر بلا فصل. واللّه المشهور بين العالم .
2- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 194 . الاستبصار 4 ، 49 - باب كراهية لحوم الجلالات، ح 7 .
3- في التهذيب : عن محمّد بن أحمد .
4- واسمه الحسن بن موسى .
5- التهذيب 9، نفس الباب، ح 195 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 8 . قوله (علیه السلام) : يخلطن : أي يغتذين العذرة وغيرها. ولا يغتذين العذرة وحدها محضاً.
6- الدساكر: جمع الدسكرة ، وهي - هنا - القرية .
7- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 193 ، الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 6 .

الرضا (علیه السلام) في السمك الجلّال أنه سأله عنه ، فقال : ينتظر به يوماً وليلة، وقال السيّاري : إنَّ هذا لا يكون إلّا بالبصرة (1). وقال: في الدُّجاج يحبس ثلاثة أيام، والبطّة سبعة أيّام ، والشاة أربعة عشرة يوماً، والبقرة ثلاثين يوماً، والإبل أربعين يوماً، ثمّ تذبح .

10 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي إسماعيل قال : سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن بيض الغُراب؟ فقال : لا تأكله(2).

11 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان ، عن بسّام الصيرفي، عن أبي جعفر (علیه السلام) في الإبل الجلّالة، قال: لا يُؤكل لحمها، ولا تُرْكَب أربعين يوماً(3).

12 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن مسمع، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام): الناقة الجلّالة لا يؤكل لحمها ، ولا يشرب لبنها حتّى تغذّى أربعين يوماً، والبقرة الجلّالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتّى تَغَذَّى ثلاثين يوماً، والشاة الجلّالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتّى تَغَذَّى عشرة أيّام، والبطّة الجلّالة لا يؤكل لحمها حتّى تُرْبَطَ خمسة أيّام، والدّجاجة ثلاثة أيّام (4).

باب ما لا يؤكل من الشاة وغيرها

178 - باب ما لا يؤكل من الشاة وغيرها

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد اللّه

ص: 268


1- إلى هنا في التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 48 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 218/3: «ولا يؤكل الجلال من السمك حتّى يستبرىء بأن يجعل في الماء يوماً وليلة، ويطعم علفاً طاهراً». ولعل ما ذكره السياري ناشيء من كون مياه أنهارهم أو مياه البحر عندهم تصب فيها مجاري قاذوراتهم وفضلاتهم من البول والعذرة فيتناولها السمك ويغتذي بها فينقلب جلّالاً .
2- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة ، ح 62 .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 190 . الاستبصار 4 ، 49 - باب كراهية لحوم الجلالات، ح 3.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 189 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 218/3 : وقد يعرض التحريم للمحلل من وجوه : أحدها الجلل وهو أن يغتذي عذرة الإنسان لا غير فيحرم حتّى يستبرىء، وقيل: يكره والتحريم أظهر، وفي الإستبراء خلاف، والمشهور استبراء الناقة بأربعين يوما والبقرة بعشرين وقيل : تستوي البقرة والناقة في الأربعين، والأول أظهر، والشاة بعشرة، وقيل: بسبعة، والأول أظهر، وكيفيته أن يربط ويعلف علفاً طاهراً هذه المدة». والذي قال بالكراهة هنا هو ابن الجنيد . ولا بأس بمراجعة اللمعة وشرحها للشهيدين 2/ 275 - 276 من الطبعة الحجرية .

الدهقان، عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال : حُرّم من الشاة سبعة أشياء : الدَّم، والخصيتان والقضيب، والمثانة والغُدَد، والطّحال، والمرّارة (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي يحيى الواسطيّ رفعه قال : مرَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) بالقصّابين، فنهاهم عن بيع سبعة أشياء من الشاة نهاهم عن بيع الدَّم، والغُدد، وآذان الفؤاد، والطّحال، والنّخاع، والخصيّ، والقضيب، فقال له بعض القصّابين : يا أمير المؤمنين، ما الكبد والطحال إلّا سواء؟ فقال له : كذبت يا لكع، أيتوني بتَورين من ماء أنبئك بخلاف ما بينهما، فأتي بكبد وطحال وتورين من ماء، فقال (علیه السلام): شُقّوا الطحال من وسطه، وشُقّوا الكبد من وسطه، ثمّ أمر (علیه السلام) فَمُرِسا في الماء جميعاً، فابيضّت الكبد منه ،ولم ينقص شيء ولم يبيضّ الطحال، وخرج ما فيه كلّه وصار دماً كلّه، حتّى بقي جلد الطحال وعرقه، فقال له هذا خلاف ما بينهما، هذا لحم وهذا دم (2).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تؤكل من الشاة عشرة أشياء : الفَرْثُ، والدَّم، والطحال والنخاع والعِلْباء، والغدد، والقضيب، والانثيان، والحياء، والمرّارة(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار عنهم (علیه السلام) قال : لا يؤكل ممّا يكون في الإبل والبقر والغنم وغير ذلك ممّا لحمه حلال الفرج بما فيه ظاهره وباطنه، والقضيب، والبيضتان، والمشيمة - وهي موضع الولد- ، والطحال، لأنه دم، والعدد مع العروق، والمخ

ص: 269


1- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 49
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة، ح 50 بتفاوت يسير واللكع : الأحمق والتور: إناء يشرب فيه . ومُرِسا : أي نقعا وعولجا باليد. هذا وقد نقل إجماع أصحابنا رضوان اللّه علیهم على تحريم خمسة أشياء من الذبيحة وهي الطحال والقضيب والفرث والدم والأنثيان. ومن عبر عن الطحال بالكراهة وكذا عن غيره من الأصحاب كالاسكافي إنما راد بها الحرمة . كما إن الأشبه في المثانة والمرّارة والمشيمة هو الحرمة أيضاً لما فيها من الاستخباث . ويقول المحقق في الشرائع 223/3 : «أما الفرج والنخاع والعليُّاء والغدد ذات الأشاجع والأشاجع : أصول الأصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف، والواحد أشجع وخرزة الدماغ والحدق، فمن الأصحاب من حرمها ، والوجه الكراهية، ويكره الكلى، وأذنا القلب، والعروق ...».
3- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ح 51 . الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 100 بتفاوت والحياء : الفرج من ذوات الخف والظلف. والفرث ما يكون في الكرش من الفضلات، والغدد: جمع الغدة وهي كل عقدة في الجسد إكتنفها الشحم، وكل قطعة صلبة بين الأعصاب .

والذي يكون في الصلب، والمرارة، والحَدَق، والخَرَزَة التي تكون في الدّماغ، والدَّم(1).

5-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن الأصمّ، عن مسمع، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إذا اشترى أحدكم لحماً ، فليُخْرج منه الغُدد، فإنّه يحرك عِرْقَ الجُذام .

6-سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا أنّه كره الكليتين، وقال: إنّما هما مجمع البول(2).

باب ما يقطع من إليات الضأن وما يقطع من الصيد بنصفين

179 - باب ما يقطع من إليات الضأن وما يقطع من الصيد بنصفين

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الكاهلي قال : سأل رجل أبا عبد اللّه (علیه السلام) - وأنا عنده يوماً - عن قطع أليات الغنم؟ فقال : لا بأس بقطعها إذا كنت تصلح بها مَالَكَ، ثمّ قال (علیه السلام): إنَّ في كتاب عليّ (علیه السلام): أَنَّ ما قُطِعَ منها ميت لا يُنتَفَعُ به (3).

2- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال في أليات الضأن تقطع وهي أحياء : إنّها ميتة .

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) فقلت له: جُعِلْتُ فداك، إنَّ أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها؟ فقال: حرام هي، فقلت جُعِلْتُ فِداك ، فنصطبح (4)بها؟ فقال: أما علمت أنّه يصيب اليد والثوب، وهو حرام(5)

ص: 270


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 52 .
2- التهذيب 9، نفس ،الباب ح 53 . وفيه: عن بعض أصحابه . . .
3- التهذيب 9 ،2 - باب الذبائح والأطعمة ح 65 الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 57 بتفاوت يسير . والمقصود قطع الياتها وهي ما زالت حية، فتكون جزءاً مباناً من الحي وقد أجمع أصحابنا على أنه يتعامل معه معاملة الميتة. وإن دل الحديث على جواز قطعها إن كان الغرض من ذلك إصلاح المال، ولكن الحديث ضعيف على المشهور.
4- في التهذيب فنستصبح .
5- التهذيب 9، نفس الباب، ح 64 هذا، والمشهور عند أصحابنا جواز الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء، والحديث دال على عدم جواز الإنتفاع به مطلقاً.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن يعقوب بن يزيد ؛ ويحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل ضرب غزالاً بسيفه حتّى أبانه، أيأكله؟ قال: نعم، يأكل ممّا يلي الرأس، ثمّ يدع الذَّنَب(1).

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الفضل النوفليّ ، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قلت له: ربّما رميت بالمعراض فأَقتُل؟ فقال : إذا قطعه جدلين (2)فارم بأصغرهما وكُل الأكبر، وإن اعتدلا فكُلْهُما(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن بعض أصحابنا رفعه في الظبي وحمار الوحش يُعتَرَضان بالسيف فَيُقَدّان؟ فقال : لا بأس بأكلهما ما لم يتحرّك أحد النصفين، فإن تحرّك أحدهما، لم يؤكل الآخر، لأنّه ميتة (4).

7-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في الرّجل يضرب الصيد فَيَقُدُّه نصفين؟ قال: يأكلهما جميعاً، فإن ضربه وأبان منه عضواً، لم يأكل عضواً، لم يأكل منه ما أبان [منه]، وأكل سائره.

باب ما ينتفع به من الميتة وما لا ينتفع به منها

180 - باب ما ينتفع به من الميتة وما لا ينتفع به منها

1-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت جالساً في مسجد الرسول (صلّی اللّه علیه وآله) إذ أقبل رجل فسلّم ، فقال (5): من أنت يا عبد اللّه؟ قلت : رجل من أهل الكوفة، فقلت: ما حاجتك؟ فقال لي : أتعرف أبا جعفر محمّد بن عليّ (علیه السلام) ؟ فقلت : نعم، فما حاجتك إليه ؟ قال : هيّأت له أربعين مسألة أسأله عنها، فما كان من حقّ أخذته وما كان من باطل تركته، قال أبو حمزة :

ص: 271


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 63 وفيه : ويدع. وفي سنده: عن يحيى بن المبارك.
2- في التهذيب : إذا قطعته جدلين. والجدل - كما في القاموس - العضو.
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 62
4- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 61 بتفاوت . والفد: القطع المستأصل.
5- الظاهر إن السائل هو الرّجل المقبل بملاحظة ما سوف يأتي من أنه كان قتادة بن دعامة البصري، فقيه أهل البصرة .

فقلت له : هل تعرف ما بين الحقّ والباطل؟ قال: نعم، فقلت له : فما حاجتك إليه إذا كنت تعرف ما بين الحقّ والباطل؟ فقال لي: يا أهل الكوفة، أنتم قوم ما تُطاقون، إذا رأيت أبا جعفر (علیه السلام) فأخبرني ، فما انقطع كلامي معه حتّى أقبل أبو جعفر (علیه السلام)، وحوله أهل خراسان وغيرهم يسألونه عن مناسك الحج، فمضى حتّى جلس مجلسه، وجلس الرّجل قريباً منه ، قال أبو حمزة: فجلست حيث أسمع الكلام، وحوله عالَم من الناس، فلمّا قضى حوائجهم وانصرفوا، التفت إلى الرّجل فقال له من أنت؟ قال: أنا قتادة بن دعامة البصري، فقال له أبو جعفر (علیه السلام): أنت فقيه أهل البصرة؟ قال : نعم ، فقال له أبو جعفر (علیه السلام) : ويحك يا قتادة إنَّ اللّه جل وعزّ خلق خلقاً من خلقه فجعلهم حُجَجاً على خلقه، فهم أوتاد في أرضه، قُوّام بأمره، نُجَباء في علمه، اصطفاهم قبل خلقه أظلّة عن يمين عرشه ، قال : فسكت قتادة طويلاً ثمّ قال : أصلحك اللّه واللّه لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدّام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدّام واحد منهم ما اضطرب قُدّامك، قال له أبو جعفر (علیه السلام) : ويحك، أتدري أين أنت، أنت بين يدي (بيوت أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه وإقام الصلوة وإيتاء الزكوة ) فأنت ثَمّ ونحن أولئك ، فقال له قتادة : صدقت واللّه جعلني اللّه فداك، واللّه ما هي بيوت حجارة ولا طين قال قتادة : فأخبرني عن الجبن؟ قال : فتبسّم أبو جعفر (علیه السلام) ، ثمّ قال: رجعت مسائلك إلى هذا؟ قال: ضلّت عَلَيَّ ، فقال : لا بأس به، فقال: إنّه ربّما جعلت فيه إِنْفِحَة (1)الميّت، قال: ليس بها بأس، إنَّ الإنفحة ليس لها عروق، ولا فيها دم ، ولا لها عظم، إنّما تخرج من بين فرث ودم ، ثمّ قال : وإنما الإنفحة بمنزلة دجاجة ميتة أخرجت منها بيضة ، فهل تؤكل تلك البيضة، فقال قتادة : لا ، ولا آمر بأكلها، فقال له أبو جعفر (علیه السلام) ، ولم ؟ فقال : لأنّها من الميتة ، قال له : فإن حضنت تلك البيضة فخرجت منها دجاجة أتأكلها؟ قال : نعم قال : فما حرَّم عليك البيضة وحلّل لك الدّجاجة؟! ثمّ قال (علیه السلام): فكذلك الإنفحة مثل البيضة، فاشتر الجبن من أسواق المسلمين من أيدي المصلين ولا تسأل عنه، إلّا أن يأتيك من يخبرك عنه (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس عنهم (علیه السلام) قالوا : خمسة أشياء ذكيّة ممّا فيها منافع الخلق: الإنْفِحَة، والبيضة، والصوف، والشعر، والوبر، ولا بأس بأكل الجبن كلّه مما عمله مسلم أو غيره، وإنّما يكره أن يؤكل سوى الإنفحة مما في آنية

ص: 272


1- الإنْفِحَة : شيء يستخرج من بطن الجدي الراضع، أصفر، فيعصر في صوفة فيغلظ كالجين، وهو معروف عند العامة بالمجبنة .
2- الحديث ضعيف .

المجوس وأهل الكتاب، لأنّهم لا يَتَوَقّون الميتة والخمر(1).

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن الحسين بن زرارة قال: كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) وأبي يسأله عن اللّبن من الميتة، والبيضة من الميتة وإنفحة الميتة؟ فقال : كلّ هذا ذكيّ ، قال : فقلت له : فشعر الخنزير يُعمَل حبلاً ويستقى به من البئر التي يشرب منها ، أوَيُتَوَضّأ منها؟ قال : لا بأس به ، وزاد فيه عليُّ بن عقبة ؛ وعليّ بن الحسن بن رباط قال : والشعر والصوف كلّه ذكيّ (2)

وفي رواية صفوان ، عن الحسين بن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: الشعر والصوف والوبر والرّيش، وكلّ نابت لا يكون ميتاً، قال وسألته عن البيضة تخرج من بطن الدُّجاجة الميتة؟ قال : تأكلها .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) لزرارة ومحمّد بن مسلم : اللّبن، واللّباء، والبيضة، والشعر، والصوف، والقَرن، والتاب، والحافر، وكلّ شيء يفصل من الشاة والدَّابة فهو ذكيّ، وإن أخذته منها بعد أن تموت فاغسله، وصل فيه(3).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن

ص: 273


1- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ...، ح 54 .
2- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح قال المحقق في الشرائع 222/3 : الميتات وهي محرمة إجماعاً، نعم، قد يحلّ منها ما لا تحله الحياة فلا يصدق عليه الموت وهو : الصوف والشعر والوبر والريش وهل يعتبر فيها الجز؟ الوجه أنها إن جزت فهي طاهرة، وإن استلت غسل منها موضع الإتصال وقيل : لا يحل منها ما يقلع، والأول أشبه، والقرن والظلف والسن، والبيض إذا اكتسى القشر الأعلى والإنفحة وفي اللبن في ضرع (الميتة روايتان أحداهما الحل وهي أصحهما طريقاً، والأشبه التحريم النجاسته بملاقاة الميتة. وأما عدم البأس في الاستقاء من البئر بحبل يعمل من شعر الخنزير فقد حمل في المشهور عندنا على صورة عدم ملاقاة الحبل للماء، ويمكن حمله على ما إذا كانت البئر نابعة فهي مما له مادة فلا يتنجس بملاقاة النجاسة. أو على حالة الاضطرار، يقول المحقق في الشرائع 227/3 : لا يجوز إستعمال شعر الخنزير إختياراً فإن اضطر استعمل ما لا دسم فيه وغسل يده . . . . . وقد استدل به السيد المرتضى على مذهبه في عدم نجاسة ما لا تحله الحياة من نجس العين. والحديث مجهول.
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 56 . الاستبصار 4، 54 - باب ما يجوز الإنتفاع به من الميتة، ح 1 . واللباء : ما يدرّه الضرع قبل إدراره اللبن وقيل : هو أول اللبن . وإنما أمره (علیه السلام) بغل المذكورات إذا أخذت من الحيوان بعد الموت حتف الأنف لاستصحابه شيئاً من المينة غالباً، أو لملامسته الميتة في جزئه المتصل بها برطوبة مسرية .

إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في بيضة خرجت من آسْتِ دجاجة ميتة؟ فقال: إن كانت البيضة اكتست الجلد الغليظ فلا بأس بها(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد بن المختار؛ ومحمّد بن الحسن، عن عبد اللّه بن الحسن العلويّ، جميعاً عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : أسأله كتبت إليه (علیه السلام) عن جلود الميتة التي يؤكل لحمها إن ذكيّ؟ فكتب: لا يُنتَفَعُ من الميتة بإهاب (2)ولا عَصَب وكلّ ما كان من السخال [من] الصوف وإن جز، والشعر، والوبر والإنْفِحَة، والقرن ولا يُتَعَدّى إلى غيرها إن شاء اللّه (3)

7-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عاصم بن حميد، عن عليّ بن أبي المغيرة قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : جُعِلْتُ فداك، الميتة، يُنتَفَع منها بشيء؟ فقال : لا ، قلت : بلغنا أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) مرَّ بشاة ميتة فقال : ما كان على أهل هذه الشاة إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها ؟ قال : تلك شاة كانت لسَودَةَ بنت زمعة زوج النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله)، وكانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها، فتركوها حتّى ماتت فقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها - أي تذكّى -.

باب أنّه لا يحلّ لحم البهيمة التي تنكح

181 - باب أنّه لا يحلّ لحم البهيمة التي تنكح

1 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن مسمع ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أن أمير المؤمنين (علیه السلام) سئل عن البهيمة التي تُنكَح ؟ فقال : حرام لحمها، وكذلك لبنها (4).

ص: 274


1- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ح57 . وفيه إن كانت اكتست . .. الخ .
2- الإهاب الجلد.
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبايح والأطعمة وما . . . ، ح 58 . الاستبصار ،4، 55 - باب تحريم جلود الميتة ، ح 1 . وفي التهذيب : ... ينتفع بها ولا يتعدى ... الخ .
4- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة، ح 196 وفيه: ... ولبنها . وما تضمنه الحديث عليه فتوى أصحابنا رضوان اللّه علیهم . ويقول المحقق في الشرائع 219/3 : «إذا وطأ الإنسان حيواناً مأكولاً حرم لحمه ولحم نسله، ولو اشتبه بغيره قسم فريقين وأقرع عليه مرة بعد أخرى حتّى تبقى واحدة».

باب في لحم الفحل عند اغتلامه

182 - باب في لحم الفحل عند اغتلامه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) (1)عن أكل لحم الفحل وقت اغتلامه(2).

باب اختلاط الميتة بالذكّي

183 - باب اختلاط الميتة بالذكّي

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عن رجل كانت له غنم وبقر، وكان يدرك الذكّي منها فيعزله، ويعزل الميتة ، ثمّ إنَّ الميتة والذكيَّ اختلطا ، فكيف يصنع به؟ فقال : يبيعه ممّن يستحلّ المبتة، ويأكل ثمنه، فإنّه لا بأس به(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المغرا، عن الحلبيّ قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إذا اختلط الذكيّ والميتة، باعه ممن يستحلّ الميتة، ويأكل ثمنه (4).

ص: 275


1- في التهذيب : نهى أمير المؤمنين (علیه السلام) .
2- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 197 :وفيه البعير . 197 وفيه: البعير . . ، بدل الفحل . واغتلام الفحل - أو البعير - هياجه من ضغط الشهوة للضراب، وقد حمل الحديث على الكراهة .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 198 . هذا وقد اختلف أصحابنا رضوان اللّه علیهم في جواز بيع ما اختلط ذكية بميتته ممن يستحل الميتة على قولين، بعد إتفاقهم - عدا ما نقل عن المقدس الأردبيلي ومن تبعه - على عدم جواز تناول شيء منه حتّى يعلم المذكى منه بعينه إنطلاقا من تغليب جانب الحرام على جانب الحلال في صورة اجتماعهما. القول الأول : هو الجواز، وقد حكي عن النهاية للشيخ ، وابن حمزة، ونقل إختيار العلامة له في المختلف الشهيد الثاني في المسالك . مستندين فيه إلى هذه الرواية وغيرها . ومال إليه المحقق في الشرائع 223/3 حيث قال بعد عرضه للمسألة وذكره لهذا الرأي وربما كان حسناً إن قصد بيع المذكّى حَسْب . القول الثاني : المنع من بيعه والانتفاع به مطلقاً، وحكاه الشهيد الثاني في مسالكه عن ابن إدريس الذي طرح هذه الرواية وغيرها مما تضمن الحكم الوارد فيها وذلك اعتماداً على أصله في التعامل مع الروايات، ولمخالفته لأصول المذهب من حرمة الإنتفاع بالميتة ببيع وغيره لأن اللّه إذا حرم شيئاً حرم ثمنه . وقد ناقش الشهيد الثاني في مسالكه بما ذكره المحقق في الشرائع من تصحيحه البيع إذا قصد البائع بيع خصوص المذكى منه واستشكل في ذلك بعدَّة وجوه منها جهالة المبيع وهو المذكّى مع عدم تميزه وبوجه أخرى فراجع .
4- التهذيب 9، نفس الباب، ح 199 .

184 - باب آخر منه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن إسماعيل بن عمر، عن شعيب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في رجل دخل قرية فأصاب بها لحماً لم يَدْرِ أذكيّ هو أم ميّت؟ قال : يطرحه على النار، فكُلّ ما انقبض فهو ذكي، وكلُّ ما انبسط فهو مَيّت(1).

باب الفارة تموت في الطعام والشراب

185 - باب الفارة تموت في الطعام والشراب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا وقعت الفارة في السمن فماتت فيه، فإن كان جامداً فأُلْقِها وما يليها وكُلْ ما بقي ، وإن كان ذائباً فلا تأكله، واستصبح به، والزيت مثل ذلك(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قلت له : جُرذ مات في سمن أو زيت أو عسل؟ فقال (علیه السلام): أما السمن والعسل فيؤخذ الجزذ وما حوله والزيت يستصبح به(3).

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) سئل عن قدر طُبخت، فإذا في القدر فأرة؟ قال: يُهراق مَرَقُها، ويُغسل اللّحم ويؤكل (4).

ص: 276


1- التهذيب 9 ،1 - باب الصيد والذكاة، وقد اختار هذه العلامة الشهيد الثاني في الدروس. أو مال إلى اعتمادها مستنداً إلى هذه الرواية، ومن الواضح إن ما تضمنه الحديث إنما هو علامة للحم المطروح الذي لا يعلم كونه بأجمعه ميتة أو بأجمعه مذكى، لا ما علم إن فيه ميتة وإن فيه مذكى وقد اختلطا فلا يتميزان .
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 95 بتفاوت يسير . ويقول المحقق في الشرائع 226/3 وهو بصدد الحديث عما يحصل في الأشياء من النجاسات : ..... وإن كان له (أي الشيء ( حالة جمود فوقعت النجاسة فيه، جامداً كالدبس الجامد والسمن والعسل، ألقيت النجاسة وكُشِط ما يكتنفها والباقي حل. ولو كان المائع دهنا، جاز الاستصباح به تحت السماء، ولا يجوز تحت الأظلة.
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 94 بزيادة في آخره وفي ذيله هنا : وأما الزيت فتستصبح به.
4- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 100 . الاستبصار 1، 11 - باب حكم الفارة والوزغة والحية و...، ح 5 . وحمل على ما إذا ماتت الفأرة في القدر.

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الفارة والكلب (1)يقع في السمن والزيت ثمّ يخرج منه حيّاً؟ فقال : لا بأس بأكله (2).

باب اختلاط الحلال بغيره في الشيء

186 - باب اختلاط الحلال بغيره في الشيء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) وقد قال: سئل عن الجِرّي يكون في السفّود مع السمك؟ فقال : يؤكل ما كان فوق الجري، ويرمى ما سال عليه الجرّي، قال : وسئل (علیه السلام) عن الطحال في سفّود مع اللحم وتحته خبز - وهو الجوذاب - أيؤكل ما تحته ؟ قال : نعم يؤكل اللحم والجوذاب، ويرمى بالطحال، لأنّ الطحال في حجاب لا يسيل منه، فإن كان الطحال مثقوباً أو مشقوقاً، فلا تأكل ممّا يسيل عليه الطحال(3)

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار ، عن يونس، عنهم (علیه السلام) قال: سئل عن حنطة مجموعة ذاب عليها شحم الخنزير ؟ قال : إن قدروا على غسلها أكلت وإن لم يقدروا على غسلها لم تؤكل ، وقيل (4): تُبذر حتّى تنبت (5).

باب طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم

187 - باب طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم

1-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن

ص: 277


1- لا يوجد ذكر للكلب في التهذيب هنا
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، صدر ح 97 بتفاوت والحديث صحيح .
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ذيل ح 80 بتفاوت وفيه جاء الصدر ذيلا والذيل صدراً. ورواه بتفاوت في الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 87 . و الجوذاب : - بالضم - خبز، أو حنطة ، أو لبن وسكر وماء نارجيل علّق عليها لحم في تنور حتّى يطبخ» الوافي للفيض م 11 ص 21 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 223/3 : ولو شوي الطحال مع اللحم ولم يكن مثقوباً لم يحرم اللحم، وكذا لو كان اللحم فوقه، أما لو كان مثقوباً وكان اللحم تحته، حرم. والسفود: الحديدة التي يشوى بها اللحم - كذا في الصحاح ..
4- لعله من كلام الراوي .
5- الحديث مجهول.

سماعة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن طعام أهل الكتاب، وما يحلُّ منه؟ قال: الحبوب (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان، عن سماعة قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن طعام أهل الكتاب، وما يحلُّ منه؟ قال : الحبوب (2).

3-أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن مؤاكلة اليهودي والنصراني والمجوسي ؟ قال : فقال : إن كان من طعامك فتوضأ فلا بأس به.

4- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن قوم مسلمين يأكلون، وحضرهم رجل مجوسيّ، أَيَدْعُونَهُ إلى طعامهم؟ فقال : أما أنا فلا أؤاكل المجوسيّ ، وأكره أن أحرّم علیکم شيئاً تصنعونه في بلادكم (3).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن آنية أهل الذمّة والمجوس؟ فقال : لا تأكلوا في آنيتهم، ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر (4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن قول اللّه عزَّ وجلَّ : (وطعام الذين أُوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حِلٌّ لهم (5)) ، فقال (علیه السلام): الحبوب والبقول.

ص: 278


1- الحديث موثق، ويدل على تحريم ذبائح أهل الكتاب.
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ...، ح 110 . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 102 .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 105 بتفاوت واختلاف في بعض السند ما قبل الكاهلي وفيه إن السائل هو رجل غير الكاهلي . وظاهر الحديث التقيه أو يحمل على الجامد وامتناعه (علیه السلام) عن الأكل معهم للتنزه. ويقول المحقق في الشرائع 226/3 : والكفار أنجاس ينجس المائع بمباشرتهم له، سواء كانوا أهل الحرب أو أهل الذمة، على أشهر الروايتين، وكذا لا يجوز إستعمال أوانيهم التي استعملوها في المائعات. ويقول المحقق في الشرائع 226/3 : .... «وروي : إذا أراد مؤاكلة المجوسي أمره بغسل يده، وهي شاذة».
4- التهذيب 9 ،2 - باب الذبايح والأطعمة وما . . . ، ح 107 .
5- المائدة/ 5 .

7-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسى (علیه السلام) قال: سألته عن مؤاكلة المجوسيّ في قصعة واحدة، وأرقد معه على فراش واحد وأصافحه؟ قال : لا(1).

8-عنه ، عن إسماعيل بن مهران، عن محمّد بن زياد ،عن هارون بن خارجة قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي أخالط المجوس، فأكل من طعامهم ؟ فقال : لا (2).

9- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن إسماعيل بن جابر قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : ما تقول في طعام أهل الكتاب؟ فقال : لا تأكله ، ثمّ سكت هنيئة، ثمّ قال : لا تأكله، ثمّ سكت هنيئة، ثمّ قال : لا تأكله ، ولا تتركه تقول . إنّه حرام، ولكن تتركه تنزّهاً عنه، إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير(3).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن زكريا بن إبراهيم ، قال : كنت نصرانيّاً فأسلمت، فقلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنَّ أهل بيتي على دين النصرانيّة، فأكون معهم في بيت واحد وآكل من آنيتهم ؟ فقال لي (علیه السلام) : أيأكلون لحم الخنزير؟ قلت: لا، قال: لا بأس (4).

باب ذكر الباغي والعادي

188 - باب ذكر الباغي والعادي

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه تبارك وتعالى : (فمن اضطُرَّ غير باغٍ ولا عادٍ(5))؟ قال: الباغي : الذي يخرج على الإمام، والعادي : الذي يقطع الطريق، لا تحل له الميتة (6).

ص: 279


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 101 .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 102 .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 103 و 104 بتفاوت في الأخير. والأول يمكن حمله على التفيه، والحديث الثاني مجهول.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 103 و 104 بتفاوت في الأخير. والأول يمكن حمله على التفيه، والحديث الثاني مجهول.
5- البقرة/ 173 .
6- الحديث ضعيف على المشهور، ولا خلاف بين أصحابنا فيما تضمنه من حكم . وقد ذهب المحقق وغيره إلى أن العادي هو قاطع الطريق، والباغي هو الخارج على الإمام. ونقل في معناهما أقوال فراجع مجمع البيان للشيخ الطبرسي رحمه اللّه في تفسير الآية.

189 - باب أكل الطين

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي يحيى الواسطيّ، عن رجل قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الطين حرام كله كلحم الخنزير، ومن أكله ثمّ مات فيه، لم أصَلّ عليه، إلا طين القبر (1)فإنَّ فيه شفاء من كل داء، ومن أكله لشهوة لم يكن له فيه شفاء .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : أكلُ الطين يورث النفاق(2).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم ، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ عليّاً (علیه السلام) قال : من انهمك في أكل الطين، فقد شرك في دم نفسه (3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال : إنَّ اللّه عزّ وجلَّ خلق آدم من الطين، فحرَّم أكل الطين على ذرّيّته (4)

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن ابن القدّاح (5)، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قيل لأمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل يأكل الطين فنهاه، فقال: لا تأكله، فإن أكلته ومتّ، كنت قد أعَنْتَ على نفسك (6).

6-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن إسماعيل بن

ص: 280


1- يعني طين قبر الحسين (علیه السلام) . وهذا مجمع عليه عندنا بشرط أن يكون للتداوي وبمقدار قليل جداً قدّر بالحمّصة.
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 118
3- التهذيب9 ،نفس الباب، ح 117 .
4- التهذيب 9، نفس الباب، ح 115 هذا وأكل الطين - إلا تربة الحسين (علیه السلام) للإستشفاء بمقدار الحمصة - مما أجمع أصحابنا على تحريمه، ويقول المحقق في الشرائع 224/3 وهو بصدد تعداد ما يحرم أكله من الجامدات والرابع: الطين، فلا يحل شيء منه، عدا تربة الحسين (علیه السلام) فإنه يجوز للاستشفاء ولا يتجاوز قدر ،الحمصة وفي الأرمني (وهو طين معروف يضرب لونه إلى الصفرة يستعمل لقطع نزيف الدم ويمسك المعدَّة من (الإسهال رواية بالجواز، وهي حسنة لما فيها من المنفعة للمضطر إليها». وراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 328/7.
5- واسمه عبد اللّه بن ميمون .
6- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة و.... ح 116 . وفيه : كنت أعَنْتَ.

محمّد، عن جدّه زياد بن أبي زياد عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنّ التمنّي عمل الوسوسة، وأكثر مصائد الشيطان أكل الطين، وهو يورث السقم في الجسم، ويهيّج الدّاء، ومن أكل طيناً فضعف عن قوَّته التي كانت قبل أن يأكله، وضعف عن العمل الذي كان يعمله قبل أن يأكله، حوسب على ما بين قوّته وضعفه وعُذَّب عليه (1).

7 - أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلّاد ، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : قلت له : ما يروي الناس في أكل الطين وكراهيته ؟ فقال : إنّما ذاك المبلول، وذاك المَدَر (2).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه(3).

9 - عليُّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن جعفر بن إبراهيم الحضرمي ، عن سعد بن سعد قال : سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن الطين؟ فقال: أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، إلّا طين قبر الحسين (علیه السلام)، فإنَّ فيه شفاءٌ من كل داء، وأمناً من كلّ خوف (4).

باب الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

190 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تأكل في آنية الذَّهب والفضّة(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن آنية الذّهب والفضّة؟ فكرههما، فقلت: قد روى بعض أصحابنا أنّه كان لأبي الحسن (علیه السلام) مرآة مُلَبّسة فضّة ؟ فقال : لا ، والحمد لله ، إنّما كانت لها حلقة

ص: 281


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 113 والحديث مجهول. والمقصود بالتمني: تمني الأمور الفاسدة، دون مطلق التمني .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 114 . والمراد بالكراهية هنا الحرمة. والظاهر إن الحصر إضافي بالنسبة إلى ما قد يوجد في بعض الثمار أو الدبس أو ما شاكل حيث لا يكون أكاء مقصودا بذاته .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 111 .
4- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 112 .
5- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 119 . الفقيه ،3، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب .. ، ح 2 بتفاوت قليل وأخرجه عن أبان عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (علیه السلام). والفضة و.

من فضّة، وهي عندي ، ثمّ قال : إنَّ العبّاس حين عُذر (1) ، عمل له قضيبٌ ملبّس من فضّة من نحو ما يعمل للصّبيان، تكون فضّته نحواً من عشرة دراهم، فأمر به أبو الحسن (علیه السلام) فكُسِر (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تأكل في آنية من فضّة، ولا في آنية مُفَضّضة(3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّه نهى عن آنية الذهب والفضّة (4).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن بريد(5)، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كره الشرب في الفضّة، وفي القدح المفضّض، وكذلك أن يدهن في مدهن مفضّض ، والمشط كذلك (6).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن عمرو بن أبي المقدام قال : رأيت أبا عبد اللّه (علیه السلام) قد أتي بقدح من ماء فيه ضَبَّة من فضة، فرأيته ينزعها بأسنانه(7).

7-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان ، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى (علیه السلام) قال : آنية الذَّهب والفضّة متاع الذين لا يوقنون(8).

ص: 282


1- عذر: يعني خُتن.
2- التهذيب 9، نفس الباب ح 125 بتفاوت يسير
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 121 . ومسألة حرمة استعمال أوانى الذهب والفضة في الأكل والشرب بل مطلق الاستعمال هي إجماعية عند فقهائنا رضوان اللّه علیهم كما إن الأظهر حرمة استعمالها للزينة أيضاً . قال المحقق في الشرائع 1 / 55 - 56 : ولا يجوز الأكل والشرب في آنية من ذهب أو فضة ولا اتخاذها لغير ذلك، ويكره المفضض . وقيل : يجب اجتناب موضع الفضة، وفي جواز اتخاذها لغير الاستعمال تردد ، والأظهر المنع». وقال صاحب الجواهرج 328/6، بعد نقله لعبارة المحقق المتقدمة : إجماعاً ،منا بل ومن كل من يحفظ عنه العلم عدا داود فحرم الشرب خاصة، محصلاً ومنقولاً مستفيضاً إن لم يكن متواتراً كالنصوص به من الطرفين .
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 120 .
5- هو العجلي .
6- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 122 . الفقيه ،3، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و . . . ، ح 3 بزيادة في آخره .
7- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 123 . والضَّيَّة : تطلق في الأصل على حديدة صغيرة يشعب بها الإناء والمراد بها - هنا - صفحة رقيقة من الفضة مسمرة في القدح إما للزينة أو لجبر كسره .
8- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 124 . الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و...، ح 4 ورواه مرسلاً عن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله). ويشمل الحديث بإطلاقه جميع الاستمتاعات والاستعمالات للذهب والفضة.

باب كراهية الأكل على مائدة يشرب عليها الخمر

191 - باب كراهية الأكل على مائدة يشرب عليها الخمر

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن هارون بن الجهم قال : كنا مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) بالحيرة، حين قدم على أبي جعفر المنصور، فختن بعضُ القوّاد ابناً له، وصنع طعاماً، ودعا الناس، وكان أبو عبد اللّه (علیه السلام) فيمن دعي، فبينا هو على المائدة يأكل ومعه عدَّة على المائدة، فاستسقى رجل منهم ماء، فأتي بقدح فيه شراب لهم، فلما أن صار القدح في يد الرّجل، قام أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن المائدة، فسئل عن قيامة ؟ فقال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : ملعون من جلس على مائدة يُشْرَب عليها الخمر(1).

وفي رواية أخرى: ملعون ملعون من جلس طائعاً على مائدة يُشْرَبُ عليها الخمر.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدائنيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر، فلا يأكل على مائدة يُشْرَبُ عليها الخمر(2).

باب كراهية كثرة الأكل

192 - باب كراهية كثرة الأكل

1 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمّر يرفعه قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) في كلام له : سيكون من بعدي يأكل المؤمن في معاء واحد ويأكل الكافر في سبعة أمعاء(3).

ص: 283


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 157 . والحديث صحيح . ويقول الشهيد الثاني رحمه اللّه : بعض الروايات تضمنت تحريم الجلوس عليها، سواء أكل أم لا، وبعضها دلّت على تحريم الأكل منها سواء كان جالساً أم لا. وعدّاه العلامة إلى الإجتماع على الفساد واللّهو، وقال ابن إدريس : لا يجوز الأكل من طعام يعصى اللّه به أو عليه .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 156
3- الحديث ضعيف . وقال في النهاية : هذا مثل ضربه للمؤمن وزهده في الدنيا، والكافر وحرصه عليها، وليس معناه كثرة الأكل دون الإتساع في الدنيا، ولهذا قيل : الرغب شؤم ، لأنه يحمل صاحبه على إقتحام النار. وقيل في معناه غير ذلك فراجع مرآة العقول للمجلسي 69/22 وما بعدها .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كثرة الأكل مكروه(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : بئس العون على الدّين قلب نَخيب، وبطن رغيب، ونعط شديد (2).

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال لي : يا أبا محمّد، إنَّ البطن ليطغى من أكله، وأقرب ما يكون العبد من اللّه جل وعزَّ إذا خفَّ بطنه، وأبغض ما يكون العبد إلى اللّه عزّ وجلَّ إذا امتلأ بطنه(3).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أبو ذرّ - رحمه اللّه - : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : أطولكم جشاء في الدّنيا أطولكم جوعاً في الآخرة - أو (4)قال : يوم القيامة (5).

6 - وبإسناده، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا تَجَشَّأْتُم فلا ترفعوا جشاءكم (6).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن عبيد اللّه الدّهقان، عن درست، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الأكل على الشبع يورث البرص (7).

8-عنه ، عن محمّد بن عليّ ، عن ابن سنان، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال:

ص: 284


1- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة، ح 129. وإنما هو مكروه في صورة عدم الضرر وألا يكون حراماً كما نص عليه المحقق في شرائع الإسلام 232/3 .
2- الحديث ضعيف على المشهور والنخيب - كما في النهاية - الجبان الذي لا فؤاد له ، وقيل : الفاسد العقل . وقال : يقال : نعظ الذكر: إذا انتشر وأنعظ الرّجل : إذا اشتهى الجماع ، والإنعاظ : السبق، يعني إنه أمر شديد . وقال في القاموس الرغب : كثرة الأكل وشدة النهم .
3- الحديث موثق .
4- الترديد من الراوي.
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 130 بدون الذيل . والجشاء : صوت كرغاء البعير يخرج من فم الإنسان عن تخمة أو شبع.
6- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 131 بزيادة: إلى السماء. في ذيله. وقد ذكر الشهيد الأول رحمه اللّه في الدروس كراهة رفع الجشاء إلى السماء.
7- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح134

كلّ داء من التخمة، ما خلا الحمّى ، فإنّها تَرِدُ وروداً(1).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن صالح النيلي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إِنَّ اللّه عزَّ وجلَّ يُبغض كثرة الأكل، وقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ليس لابن آدم بدّ من أكلة يقيم بها صُلْبَة، فإذا أكل أحدكم طعاماً فليجعل ثلث بطنه للطّعام، وثلث بطنه للشراب، وثلث بطنه للنفس، ولا تَسَمّنوا تَسَمُّن الخنازير للذّبح .

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إذا شبع البطن طغى (2).

11 - وعنه ، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : ما من شيء أبغض إلى اللّه عزَّ وجلَّ من بطن مملوء(3).

باب من مشى إلى طعام لم يُدْعَ إليه

193 - باب من مشى إلى طعام لم يُدْعَ إليه

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إذا دُعِيَ أحدكم إلى طعام فلا يستتبعنَّ ولده، فإنّه إن فعل أكل حراماً، ودخل غاصباً (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد المنقريّ، عن خاله قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : من أكل طعاماً لم يُدْعَ إليه ، فإنّما أكل قطعة من النار (5).

باب الأكل مُتَّكِئاً

194 - باب الأكل مُتَّكِئاً

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن زيد

ص: 285


1- الحديث ضعيف .
2- الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و ...، ذيل ح 23 ونصه : إن البطن إذا شبع طغى . وأخرجه مرسلا عن الصادق (علیه السلام).
3- الحديث ضعيف .
4- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . ، ح 132 و 133 . والضمير في (أكل) و (دخل) في الحديث الأول يعود إلى الولد ويحتمل رجوعه فيهما إلى الوالد فيحمل على صورة ما إذا علم كراهة صاحب الدعوة أكله بلحاظ استصحابه لولده، واللّه العالم.
5- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . ، ح 132 و 133 . والضمير في (أكل) و (دخل) في الحديث الأول يعود إلى الولد ويحتمل رجوعه فيهما إلى الوالد فيحمل على صورة ما إذا علم كراهة صاحب الدعوة أكله بلحاظ استصحابه لولده، واللّه العالم.

الشحّام ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما أكل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) متّكئاً منذ بعثه اللّه عزَّ وجلَّ إلى أن قبضه، وكان يأكل أكلة العبد، ويجلس جِلْسَة العبد، قلت: وَلِمَ ذلك؟ قال : تواضعاً للّه عزّ وجل (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن صفوان ، عن ابن مسكان، عن الحسن الصيقل قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : مرَّت امرأة بَذِيَّة برسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) وهو يأكل وهو جالس على الحضيض، فقالت: يا محمّد، إنّك لتأكل أكل العبد وتجلس جلوسه، فقال له-ا رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إنّي عبد، وأيّ عبد أعبد منّي، قالت: فناوِلني لقمة من طعامك، فناولها، فقالت : لا واللّه إلّا الذي في فيك، فأخرج رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) اللّقمة من فيه فناولها، فأكلتها، قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) فما أصابها بذاء حتّى فارقت الدُّنيا (2).

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المغرا، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه يأكل أكل العبد، ويجلس جلسة العبد، ويعلم أنّه عبد(3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يأكل متّكئاً ؟ فقال : لا ، ولا منبطحاً(4).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي إسماعيل البصري، عن الفضيل بن يسار قال : كان عباد البصري عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) يأكل، فوضع أبو عبد اللّه (علیه السلام) يده على الأرض ، فقال له عباد: أصلحك اللّه، أما تعلم أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) نهى عن هذا، فرفع يده فأكل ثمّ أعادها أيضاً ، فقال له أيضاً، فرفعها ثمّ أكل، فأعادها، فقال له عباد أيضاً، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لا واللّه ما نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن هذا قطُّ.

6 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن

ص: 286


1- الحديث ضعيف على المشهور، ويدل على كراهة الأكل حال الإتكاء كما هو المشهور عن الأصحاب . وعلى استحباب الأكل على الأرض، من دون خوان وهو ما فسرت به أكلة العبد . وقيل : الإتكاء هو الجلوس متمكناً على البساط، وعلى إسناد الظهر إلى الوسائد، كما يطلق على الاضطجاع على أحد الشقين، وعلى الميل على أحدهما وإن بنحو الإتكاء على اليد، وهو الذي يظهر من أكثر الأصحاب.
2- الحديث مجهول. والحضيض - كما في النهاية - قرار الأرض وأسفل الجبل .
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 135
4- الحديث موثق . وقال الفيروز آبادي : بطحه : ألقاه على وجهه

النضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يأكل أكل العبد، ويجلس جِلسة العبد وكان (صلّی اللّه علیه وآله) يأكل على الحضيض، وينام على الحضيض.

7- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة قال : سأل بشير الدّهّان أبا عبد اللّه (علیه السلام) - وأنا حاضر - فقال : هل كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يأكل متّكئاً على يمينه وعلى يساره؟ فقال : ما كان رسول اللّه يأكل متّكئاً على يمينه ولا على يساره (1)، ولكن كان يجلس جِلسة العبد ، قلت : ولِمَ ذلك؟ قال : تواضعاً للّه عزّ وجلّ .

8 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن معلّى بن عثمان، عن معلّى بن خنيس قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ما أكل نبيُّ اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) وهو متّكىء منذ بعثه اللّه عزّ وجلَّ، وكان يكره أن يتشبّه بالملوك، ونحن لا نستطيع أن نفعل.

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ ، عن ابن أبي شعبة قال أخبرني ابن أبي أيّوب أنَّ أبا عبد اللّه (علیه السلام) كان يأكل متربعاً، قال: ورأيت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يأكل متكئاً، قال : وقال : ما أكل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) وهو متّكى، قطّ(2).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إذا جلس أحدكم على الطّعام فليجلس جلسة العبد، ولا يَضَعَنَّ أحدكم إحدى رجليه على الأخرى، ولا يتربّع، فإنّها جلسة يبغضها اللّه عزَّ وجلَّ ويمقُتُ صاحبها(3).

باب الأكل باليسار

195 - باب الأكل باليسار

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن

ص: 287


1- يدل على ما ذهب إليه أكثر أصحابنا في معنى الإتكاء كما أشرنا سابقاً.
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 136 . الفقيه 3، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و . . . ، ح 17 وروى صدره إلى قوله : متربعاً. وروى ذيله برقم 16 من نفس الباب. واسم ابن أبي شعبة؛ عمر... ورواه في الفقيه عن حمّاد عن ابن أبي شعبة عن أبي سعيد.
3- الحديث ضعيف . وقد نقل العلامة المجلسي في مرآته 76/22 عن والده رحمهما اللّه في معنى التربع ثلاث صور: أن يجلس على القدمين والإليين وأن يجلس واضعاً إحدى رجليه على الأخرى، والجلوس المعروف بالمربع، وقال الجلوس على الحالة الأولى أثناء الأكل لا بأس به وعلى الثاني مكروه وعلى الثالث خلاف المستحب .

سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائني ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كره للرجل أن يأكل بشماله، أو يشرب بها، أو يتناول بها (1).

2 - أحمد بن محمّد، عن الحسين، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا تأكل باليسار وأنت تستطيع(2).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن الرّجل يأكل بشماله أو يشرب بها ؟ فقال : لا يأكل بشماله ، ولا يشرب بشماله، ولا يتناول بها شيئاً(3).

باب الأكل ماشياً

196 - باب الأكل ماشياً

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : خرج رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قبل الغداة ومعه كسرة قد غمسها في اللّبن، وهو يأكل ويمشي، وبلال يقيم الصلاة، فصلّى بالناس (صلّی اللّه علیه وآله)(4).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عمّن حدَّثه، عن عبد الرَّحمن العزرميّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا بأس أن يأكل الرّجل وهو يمشي ، كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يفعل ذلك (5).

باب اجتماع الأيدي على الطعام

197 - باب اجتماع الأيدي على الطعام

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، بن يحيى، عن غياث بن

ص: 288


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 137 وفي ذيله : أو يشرب أو يتناول بها الفقيه 3، نفس الباب، ح 6 .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 138 وفيه : باليسرى .
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 139 . وقد نص بعض الأصحاب على كراهة استعمال الإنسان شماله في الأكل وغيره إلا عند الضرورة فلا كراهة .
4- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 141 و 140 .. وقد نص بعض أصحابنا على كراهة الأكل ماشياً، وحمل فعله (صلّی اللّه علیه وآله) على بيان الجواز وعدم الحرمة. أو للضرورة.
5- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 141 و 140 .. وقد نص بعض أصحابنا على كراهة الأكل ماشياً، وحمل فعله (صلّی اللّه علیه وآله) على بيان الجواز وعدم الحرمة. أو للضرورة.

إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : طعام الواحد يكفي الإثنين، وطعام الإثنين يكفي الثلاثة وطعام الثلاثة يكفي الأربعة .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : الطعام إذا جمع أربع خصال فقد تم : إذا كان من حلال، وكَثُرَت الأيدي، وسمّي في أوّله وَحُمِدَ اللّه عزَّ وجلّ في آخره .

باب حرمة الطعام

198 - باب حرمة الطعام

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما عذَّب اللّه عزّ وجلَّ قوماً قطّ وهم يأكلون، وإنَّ اللّه عزّ وجلَّ أكرمُ من أن يرزقهم شيئاً ثمّ يعذّبهم عليه حتّى يَفرَغوا منه (1).

باب إجابة دعوة المسلم

199 - باب إجابة دعوة المسلم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخيّ قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): لو أنَّ مؤمناً دعاني إلى طعام ذراع شاة لأجبته، وكان ذلك من الدّين، ولو أنَّ مشركاً أو منافقاً دعاني إلى طعام جَزُور ما أجبته، وكان ذلك من الدّين، أبى اللّه عزَّ وجلَّ لي زَبد (2)المشركين والمنافقين وطعامهم.

2 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن مثنّى الحنّاط، عن إسحاق بن يزيد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّ من حقّ المسلم على المسلم أن يجيبه إذا دعاه .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن المعلّى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنَّ من الحقوق الواجبات للمؤمن أن تُجابَ دعوته.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي

ص: 289


1- الحديث مرسل .
2- الزَبد : الرفد والعطاء . والحديث مجهول .

المقدام، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): أوصي الشاهدَ من أمّتي والغائبَ أن يجيب دعوة المسلم ولو على خمسة أميال، فإنَّ ذلك من الدّين(1).

5- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الأعلى مولى آل سام، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنَّ من حق المسلم الواجب على أخيه، إجابةَ دعوته.

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: أجب في الوليمة والختان ولا تُجب في خفض الجواري (2).

باب العرض

200 - باب العرض

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن محمّد القاشاني، عن أبي أيّوب سليمان بن مقاتل المديني، عن داود بن عبد اللّه بن محمّد الجعفريّ، عن أبيه أنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان في بعض مغازيه، فمرَّ به ركبٌ وهو يصلّي، فوقفوا على أصحاب رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) وساءلوهم عن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، ودعوا وأثنَوا ، وقالوا : لولا أنّا عُجّال لانتظرنا رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فأقرؤوه منّا السلام، ومَضَوا، فأقبل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) مُغضباً، ثمّ قال لهم : يقف علیکم الركب ويسألونكم عنّي ويبلّغوني السلام ولا تعرضون علیهم الغداء، لَيَعُزّ(3)على قوم فيهم خليلي جعفر أن يجوزوه حتّى يتغدّوا عنده.

2 - محمّد بن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عدَّة رفعوه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا دخل عليك أخوك فاعرض عليه الطعام، فإن لم يأكل فاعرض عليه الماء، فإن لم يشرب فاعرض عليه الوَضُوء.

ص: 290


1- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . ح 142 . والحديث ضعيف .
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . .، ح 143 . وقد نص الشهيد الأول في الدروس على كراهة إجابة الدعوة في خفض الجواري.
3- قال في مصباح اللغة: عزّ عليُّ أن تفعل كذا يعزّ أي اشتدّ كناية عن الأنفة عنه. والمعنى هنا : أي يشتد على قوم فيهم جعفر هذا الفعل يعين لو كان جعفر حاضراً بينكم لما رضي أن يجوز هؤلاء القوم حتّى يعرض علیهم الطعام. والحديث مجهول.

باب اُنس الرّجل في منزل أخيه

201 - باب اُنس الرّجل في منزل أخيه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من تَكْرُمَة الرّجل لأخيه، أن يقبل تُحفته، وأن يتحفه بما عنده، ولا يتكلّف له شيئاً، وقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إنّي لا أحبُّ المتكلّفين .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : المؤمن لا يحتشم (1)من أخيه، ولا يدري أيّهما أعجب، الذي يكلّف أخاه إذا دخل أن يتكلّف له، أو المتكلّف(2)لأخيه .

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ، ، عن صفوان بن يحيى قال : جاءني عبد اللّه بن سنان فقال : هل عندك شيءٌ؟ قلت : نعم، فبعثت ابني فأعطيته درهماً يشتري به لحماً وبيضاً، فقال لي : أين أرسلت ابنك ؟ فأخبرته، فقال: رُدّه رُدّه ، عندك زيت؟ قلت : نعم قال هاته فإنّي سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : هالك امرؤ احتقر لأخيه ما يَحْضُرُه ، وهلك امرؤ احتقر لأخيه ما قَدَّمَ إليه .

4-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن مرازم بن حكيم، عمّن رفعه إليه قال : إنَّ حارثاً الأعور أتى أمير المؤمنين (علیه السلام) وقال : يا أمير المؤمنين، أحبُّ أن تكرمني بأن تأكل عندي، فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : على أن لا تتكلّف لي شيئاً، ودخل، فأتاه الحارث بكسرة، فجعل أمير المؤمنين (علیه السلام) يأكل ، فقال له الحارث : إنَّ معي دراهم - وأظهرها فإذا هي في كمّه ، فإن أذنت لي اشتريت لك شيئاً غيرها؟ فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : هذه ممّا في بيتك .

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : يهلك المرء المسلم أن يستقلَّ ما عنده للضّيف.

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا أتاك أخوك فأته بما عندك، وإذا دعوته فتكلَّف له(3).

ص: 291


1- قال في المغرب : احتشمه : إذا انقبض منه واستحيا.
2- أي المتصنع . أو الذي يكلّف نفسه بالإتيان لأخيه مما ليس موجوداً عنده فيشتريه له.
3- الحديث حسن. ودل على أنه لا حزازة في أنه لا حزازة في التكلف للأخ في حال دعوته له دون ما إذا أتاه بنفسه .

باب أكل الرّجل في منزل أخيه بغير إذْنِهِ

202 - باب أكل الرّجل في منزل أخيه بغير إذْنِهِ

1 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد اللّه بن مسكان عن محمّد الحلبيّ قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن هذه الآية : (ليس علیکم جُناح أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم - إلى آخر الآية -)(1) قلت : ما يعني بقوله : أو صديقكم؟ قال : هو واللّه الرّجل يدخل بيت صديقه فيأكل بغير إذنه(2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه عزَّ وجلَّ: (أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ) (3)؟ قال : هؤلاء الذين سمّى اللّه عزَّ وجلّ في هذه الآية، تأكل بغير إذنهم من التمر والمأدوم، وكذلك تطعم المرأة من منزل زوجها بغير إذنه، فأما ما خلا ذلك من الطعام ، فلا (4).

3- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل بن درّاج ؛ عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : للمرأة أن تأكل وأن تتصدّق، وللصديق أن يأكل في منزل أخيه ويتصدّق (5).

4-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن (6) محمّد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة قال : سألت أحدهما (علیه السلام) عن هذه الآية : ليس علیکم جناح أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم - الآية - ؟ قال : ليس عليك جناح فيما طُعمْتُ أو أكلت ممّا مَلَكْتَ مفاتحه ما لم تُفْسِده (7).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلَّ: (أو ما ملكتم مفاتحه ) ؟ قال : الرّجل يكون له وكيل يقوم في ماله، فيأكل بغير إذنه(8).

ص: 292


1- النور/ 61 .
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . ح 149
3- النور/ 61 .
4- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ، ح 148 .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 152 وفيه : ... من منزل أخيه .
6- في التهذيب : أحمد بن محمّد بن خالد عن القاسم بن عروة . . .
7- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 150
8- التهذيب 9 ،نفس الباب. ح 151 وفيه : ويأكل . ويقول الشهيد الثاني في المسالك : «وقد استثني من تحريم التصرف في مال الغير بغير إذنه ، الأكل من بيوت من تضمنته الآيات وهي قوله تعالى : (الآية 61 من سورة النور) وآخرها ليس علیکم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً ... الخ . يعني مجتمعين أو منفردين، والمراد بالآباء ما يشمل الأجداد، ويحتمل عدم دخولهم، وكذا القول في الأمهات ولا فرق في الأخوة والأخوات بين كونهم للأبوين أو لأحدهما وكذا الأعمام والأخوال والمراد بما ملكتم مفاتحة بيت العبد لأن ما له للسيد أو من له عليه ،ولاية، وقيل: الولد، لأنه لم يذكر بالصريح، وملكه مفاتحه مبالغة في أولوية الأب، وقيل: ما يجده الإنسان في داره ولم يعلم به وفي الرواية إنه الخ ».

باب

203 - باب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال : دخلنا ابن أبي يعفور على أبي عبد اللّه (علیه السلام) ونحن جماعة، فدعا بالغداء، فتغدَّينا وتغدَّى معنا وكنت أحْدَثَ القوم سنّاً، فجعلت أقصر وأنا أكل ، فقال لي : كُل، أما علمت أنّه تُعرَف مودَّة الرّجل لأخيه بأكله من طعامه .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن رجل، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : أكلنا مع أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فأوتينا بقَضعَة من أرزّ، فجعلنا نعذر(1)، فقال (علیه السلام): ما صنعتم شيئاً، إنّ أشدَّكم حبّاً لنا أحسنكم أكلاً عندنا، قال عبد الرحمن : فرفعت كسحة المائدة(2)، فأكلت، فقال: نعم، الآن، وأنشأ يحدّثنا أنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أهدي إليه قصعة أرزّ من ناحية الأنصار، فدعا سلمان والمقداد وأبا ذرّ اللّه عنهم رضي فجعلوا يعذرون في الأكل، فقال: ما صنعتم شيئاً، أشدّكم حباً لنا أحسنكم أكلا عندنا، فجعلوا يأكلون أكلاً جيّداً، ثمّ قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : رحمهم اللّه ورضي اللّه عنهم وصلى علیهم (3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن عيسى بن أبي منصور قال : أكلت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فجعل يلقي بين يديّ الشِّواء (4)، ثمّ قال : يا عيسى إنّه يقال : اعتَبِر حبّ الرّجل بأكله من طعام أخيه .

4 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عدَّة من أصحابه، عن

ص: 293


1- قال في مصباح اللغة: عذر في الأمر تعذيراً : إذا قصر ولم يجتهد.
2- كسحة المائدة : أي ما يكسح منها ، كناية عن كثرة الأكل والمبالغة فيه حتّى تناول ما يسقط من الأيدي على المائدة عند الأكل.
3- الحديث ضعيف.
4- الشواء: فعال بمعنى المفعول أي المشوي .

يونس بن يعقوب ، عن عبد اللّه بن سليمان الصيرفيّ قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) فقدَّم إلينا طعاماً فيه شواء، وأشياء بعده ، ثمّ جاء بقصعة فيها أرزّ، فأكلت معه، فقال: كُل، قلت: قد أكلت ، فقال : كُلْ، فإنّه يُعْتَبَرُ حبُّ الرّجل لأخيه بانبساطه في طعامه، ثمّ حَازَ لِي حوزاً باصبعه من القصعة فقال لي : لتأكلنَّ ذا بعد ما قد أكلت ، فأكلتُهُ(1).

5- أحمد بن أبي عبد اللّه، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي المغرا العجليّ قال : حدَّثني عنبسة بن مصعب قال : أتينا أبا عبد اللّه (علیه السلام) وهو يريد الخروج إلى مكّة، فأمر بسُفْرة فوُضِعَت بين أيدينا، فقال: كُلوا، فأكلنا ، فقال : أَثبتُّم أَثبتُّم ، إنّه كان يقال : اعتبر حبَّ القوم بأكلهم ، قال : فأكلنا وقد ذهبت الحِشْمَة(2).

6 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن يونس، عن أبي الربيع قال : دعا أبو عبد اللّه (علیه السلام) بطعام ، فأتي بهريسة، فقال لنا : ادنوا فكُلُوا، قال: فأقبل القوم يقصّرون، فقال (علیه السلام): كُلوا، فإنّما يستبين مودَّة الرّجل لأخيه في أكله [عنده]، قال: فأقبلنا نغصّ أنفسنا كما تغص الإبل(3).

باب آخر في التقدير وأن الطعام لا حساب له

204 - باب آخر في التقدير وأن الطعام لا حساب له

1- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا قال : كان أبو عبد اللّه (علیه السلام) ربّما أطعمنا الفُراني والأخبصة، ثمّ يطعم الخبز والزّیت، فقيل له : لو دبّرت أمرك حتّى تعتدل، فقال : إنّما نتدبّر بأمر اللّه عزّ وجلّ، فإذا وسّع علينا وسّعنا ، وإذا قتّر علينا قتّرنا (4)

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ثلاثة أشياء لا يحاسب عليهنَّ المؤمن : طعام يأكله، وثوب

ص: 294


1- الحديث مجهول مرسل ، والحَوْز: الجمع .
2- الحديث ضعيف . وقوله (علیه السلام) : أثبتم، أي أثابكم اللّه بفعلكم.
3- الحديث ضعيف على المشهور. وقال في النهاية : غصصت بالماء أغص غصصاً : إذا شرقت به، أو وقف في حلقك فلم تكد تسبغه . وفي محاسن البرقي : تضفز أنفسنا كما تضفز الإبل وقال في النهاية أيضاً: ضفزت البعير : إذا علقته الضفائز، وهي اللقم الكبار، الواحدة ضفيزة .
4- الحديث مرسل موثق وقال في القاموس الفرن المخبز تخبز فيه الفرني : الخبز الغليظ المستدير، أو خبزة مصعنبة مضمومة الجوانب إلى الوسط، تشوى ثمّ تُروّى سمناً ولبناً وسكراً .

يلبسه وزوجة صالحة تعاونه ويحصن بها فرجه(1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي سعيد ، عن أبي حمزة قال : كنّا عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) جماعة ، فدعا بطعام مالنا عهد بمثله لذاذة وطيباً، وأوتينا بتمر ننظر فيه إلى وجوهنا من صفائه وحُسنه، فقال رجل : لتسألنَّ عن هذا هذا النّعيم الذي نعمتم به عند ابن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إِنَّ اللّه عزّ وجلَّ أكرم وأجلَّ من أن يُطعمكم طعاماً فيسوّعُكُمُوه، ثمّ يسألكم عنه، ولكن يسألكم عمّا أنعم علیکم بمحمّد وآل محمّد صلى اللّه عليه وعلیهم (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن شهاب بن عبد ربّه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ليس في الطعام سَرَفٌ .

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن الحارث بن حريز، عن سدير الصيرفي، عن أبي خالد الكابلي قال : دخلت على أبي جعفر (علیه السلام)، فدعا بالغداء ، فأكلت معه طعاماً ما أكلتُ طعاماً قط أنظف منه ولا أطيب، فلمّا فرغنا من الطعام قال يا أبا خالد، كيف رأيت طعامك - أو (3)قال : طعامنا ؟ قلت : جُعِلْتُ فِداك ما رأيت أطيب منه ولا أنظف قطّ، ولكنّي ذكرت الآية التي في كتاب اللّه عزّ وجلَّ . ﴿ثمّ لَتُسْئلنَّ يومئذ عن النَّعيم ) ، قال أبو جعفر (علیه السلام) : لا ، إنّما تُسألون عما أنتم عليه من الحق (4).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم ، عن شهاب بن عبد ربّه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : اعمل طعاماً وتَنَوَّق فيه، وادع عليه أصحابك (5).

باب الولائم

205 - باب الولائم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن بعض أصحابنا

ص: 295


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مجهول. وفيه إشارة إلى قوله تعالى في سورة التكاثر : (وثمّ لتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم ) . حيث فسّر النعيم بولاية عليّ (علیه السلام) وأبنائه الأئمة المعصومين (علیه السلام) . وفيه تفسيرات أخرى .
3- الترديد من الراوي .
4- الحديث ضعيف. وقد أورد الشيخ الطبرسي في مجمع البيان في هذه الآية عدَّة أقوال فراجع ج 534/10 .
5- الحديث حسن، وتنوق في الشيء: تأنق وتجود

قال : أَوْلَمَ أبو الحسن موسى (علیه السلام) وليمة على بعض ولده، فأطعم أهل المدينة ثلاثة أيام الفالوذجات في الجفان في المساجد والأزقة، فعابه بذلك بعض أهل المدينة، فبلغه (علیه السلام) ذلك فقال : ما آتى اللّه عزَّ وجلَّ نبيّاً من أنبيائه شيئاً إلا وقد أتى محمّداً (صلّی اللّه علیه وآله) مثله ، وزاده ما لم يؤتهم، قال لسليمان (علیه السلام) : (هذا عطاؤنا فامنُن أو أمسِك بغير حساب) (1)، وقال لمحمّد (صلّی اللّه علیه وآله) : (وما آتاكم الرَّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). (2).

2 - أحمد بن محمّد، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنه قال : لا تجب الدَّعوة إلّا في أربع : العُرس والخُرس والإياب والإعذار (3)

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): الوليمة في أربع : العُرس، والخُرس : وهو المولود يعقّ عنه ويطعم، والإعذار : وهو ختان الغلام والإياب وهو الرّجل يدعو إخوانه إذا آب من غيبته.

وفي رواية أخرى أو توكير (4): وهو بناء الدَّار [ أ ] وغيره .

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد بإسناد ذكره، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال: نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن طعام وليمة يخصُّ بها الأغنياء ويترك الفقراء .

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن معاوية بن عمّار قال : قال رجل لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنا نجد لطعام العرس رائحة ليست برائحة غيره؟ فقال له : ما من عرس يكون ينحر فيه جزور، أو تُذبح بقرة أو شاة، إلا بعث اللّه تبارك وتعالى مَلَكاً معه قيراط من مسك الجنة حتّى يديفه في طعامهم، فتلك الرائحة التي تشمّ لذلك (5).

ص: 296


1- ص / 39 .
2- الحشر/7. الحديث مرسل قوله (علیه السلام) : ما أتى اللّه عز وجل ... الخ ، حاصله : أن قولنا وفعلنا كقول رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) وفعله، وقد أمركم اللّه تعالى بالتسليم لأمره وعدم الاعتراض عليه فيما يقوله ويفعله، فليس لكم الإعتراض علينا في ذلك، وإنه تعالى أعطى الرسول (صلّی اللّه علیه وآله) ما أعطى سليمان وقد قال لسليمان : هذا عطاؤنا فامنن ، أي فاعط ، أو أمسك ولا حساب عليك في شيء منها فكذا لا حساب عليُّنا في العطاء والمنع وأما العطاء والمنع وأما . .. الخ. مرآة المجلسي. 22/ 89 - 90.
3- العُرس : يشمل العقد والزفاف. وإن كان استعماله في الزفاف أشهر. والخرْس : الإطعام عند الولادة والإياب: الرجوع من السفر والأعذار الختان والمقصود الإطعام عنده .
4- الوكار والوكيرة : طعام البناء .
5- الحديث حسن. والدوف الخلط بالماء بعد بله به .

6 - عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض العراقييين، عن إبراهيم بن عقبة، عن جعفر القلانسي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت له : إنّا نتّخذ الطعام ونستجيده ونَتَنَوَّقُ فيه، ولا نجد له رائحة طعام العُرس ؟ فقال : ذلك لأنَّ طعام العرس فيه تهبّ رائحة من الجنّة، لأنّه طعام اتَّخِذَ للحلال(1).

باب إن الرّجل إذا دخل بلدة فهو ضيف على من بها من اخوانه

206 - باب إن الرّجل إذا دخل بلدة فهو ضيف على من بها من اخوانه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر بإسناده، عمّن ذكره، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها من إخوانه وأهل دينه حتّى يرحل عنهم (2).

2 - أبو عبد اللّه الأشعريّ، عن السيّاريّ، عن محمّد بن عبد اللّه الكرخيّ، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمعته يقول : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها من أهل دينه حتّى يرحل عنهم(3).

باب إن الضيافة ثلاثة أيام

207 - باب إن الضيافة ثلاثة أيام

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن الحسين الفارسيّ، عن سليمان بن حفص البصريّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : الضيف يلطف ليلتين، فإذا كانت ليلة الثالثة، فهو من أهل البيت، يأكل ما أدرك (4).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن واصل ، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : الضيافة أوّل يوم والثاني والثالث، وما بعد ذلك فإنّها صدقة تَصَدِّقُ بها عليه، قال: ثمّ قال (صلّی اللّه علیه وآله) : لا ينزل أحدكم على أخيه حتّى يؤثمه معه، قيل : يا رسول اللّه ، كيف يؤثمه؟ قال : حتّى لا يكون عنده ما ينفق عليه (5).

ص: 297


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث ضعيف .
4- الحديث مجهول.
5- الحديث ضعيف على المشهور (قوله (علیه السلام): حتّى يؤثمه الخ : أي يوقعه في الإثمّ بارتكاب المحرمات للإنفاق، فيكون تفسيره (علیه السلام) تفسيراً باللازم فيكون من باب الإفعال من قولهم ،آئمه، أي أوقعه في الإثم، أو المعنى أنه يثبت له الإثمّ والجرم ، لعجزه عن الضيافة من قولهم إنّمه تأثيماً ، قال له : أثمت، ويحتمل أن يكون من الواوي من قولهم : وثَمه يثمه : كسره ودقه، فالنقل إلى التفعيل للمبالغة». مرآة المجلسي 92/22.

باب کراهية استخدام الضيف

208 - باب کراهية استخدام الضيف

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن موسى، عن ذبيان بن حكيم، عن موسى النميري، عن ابن أبي يعفور قال : رأيت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) ضيفاً ، فقام يوماً في بعض الحوائج ، فنهاه عن ذلك، وقام بنفسه إلى تلك الحاجة، وقال (علیه السلام): نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن أن يستخدم الضيف (1).

2 - الحسين بن محمّد، عن السيّاريّ، عن عبيد بن أبي عبد اللّه البغداديّ ، عمّن أخبره قال : نزل بأبي الحسن الرضا (علیه السلام) ضيف، وكان جالساً عنده يحدّثه في بعض اللّيل، فتغيّر السراج، فمدّ الرّجل يده ليصلحه ، فَزَبَره أبو الحسن (علیه السلام) ، ثمّ بادره بنفسه فأصلحه ، ثمّ قال له : إنّا قوم لا نستخدم أضيافنا (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن موسى، عن ذبيان بن حكيم، عن موسى بن أكيل النميري، عن ميسرة قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : إنّ من التضعيف (3)ترك المكافاة، ومن الجفاء استخدام الضيف، فإذا نزل بكم الضيف فأعينوه، وإذا ارتحل فلا تعينوه، فإنّه من النذالة (4)، وزوّدوه، وطيّبوا زاده فإنّه من السخاء (5).

باب إن الضيف يأتي رزقه معه

209 - باب إن الضيف يأتي رزقه معه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن الحسين الفارسيّ، عن سليمان بن حفص البصريّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إنّ الضيف إذا جاء فنزل بالقوم، جاء برزقه معه من السماء، فإذا أكل، غفر اللّه لهم بنزوله علیهم (6).

ص: 298


1- الحديث مجهول .
2- الحديث ضعيف والزبر الزجر والمنعِ .
3- قال الفيروز آبادي : ضعفه تضعيفاً عدّه .ضعيفاً.
4- قال الفيروز آبادي : النذل والنذيل : الخسيس من الناس المحتقر في جميع أفعاله .
5- الحديث مجهول .
6- الحديث مجهول .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) قال : إنّما تنزل المعونة على القوم على قدر مؤونتهم، وإنّ الضيف لينزل بالقوم فينزل رزقه معه في حجره(1).

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : ما من ضيف حَلَّ بقوم إلا ورزقه في حجره(2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن قيس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ذكر أصحابنا قوماً فقلت: واللّه ما أتغدى ولا أتعشّى إلا ومعي منهم اثنان أو ثلاثة أو أقل أو أكثر، فقال (علیه السلام): فضلهم عليُّك أكثر من فضلك عليُّهم، قلت: جُعِلْتُ فِداك. كيف ذا وأنا أطعمهم طعامي، وأنفق علیهم من مالي، ويخدمهم خادمي؟! فقال: إذا دخلوا عليُّك، دخلوا من اللّه عزّ وجلَّ بالرّزق الكثير، وإذا خرجوا، خرجوا بالمغفرة لك(3)

باب حق الضيف وإكرامه

210 - باب حق الضيف وإكرامه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن إسحاق بن عبد العزيز وجميل وزرارة، عن أبي عبد اللّه ؛ (علیه السلام) قال: ممّا علّم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فاطمة (علیه السلام) أن قال لها : يا فاطمة من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فَلْيُكْرِمْ ضيفه .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : ممّا علّم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عليّاً (علیه السلام) قال: من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن الحسين الفارسيّ، عن سليمان بن حفص، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إنَّ من حقّ الضيف أن يُكْرَمَ، وأن يُعد له الخلال (4)

ص: 299


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث حسن .
4- الحديث مجهول. وإعداد الخلال له تهيئة ما يخلل به أسنانه بعد الطعام من عود ونحوه . وفي بعض النسخ يعد له الخلاء وإعداد الخلاء له تخليته وتهيئة الماء فيه للتطهير وإسراجه له .وهكذا وأخرجه مرسلا في الفقيه 3، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب ..... ح 29 بتفاوت يسير .

باب الأكل مع الضيف

211 - باب الأكل مع الضيف

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا أكل مع القوم ، أوّل من يضع يده مع القوم وآخر من يرفعها إلى أن يأكل القوم(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إذا أكل مع قوم طعاماً، كان أوّل من يضع يده، وآخر من يرفعها ليأكل القوم .

3-عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمعته يقول : إنّ الزائر إذا زار المزور فأكل معه، ألقى عنه الحشمة وإذا لم يأكل معه ينقبض قليلاً.

4 - عنه ، عن سليمان بن حفص، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى (علیه السلام) أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان إذا أتاه الضيف أكل معه، ولم يرفع يده من الخوان حتّى يرفع الضيف [يده ] .

باب إن ابن آدم أجوف لا بد له من الطعام

212 - باب إن ابن آدم أجوف لا بد له من الطعام

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير [ عن سليمان بن جعفر] عن هشام بن سالم عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سأله الأبرش الكلبيّ عن قول اللّه عزّ وجل : (يوم تُبدّل الأرضُ غير الأرض) (2)؟ قال : تبدّل خبزة نقيّة يأكل الناس منها حتّى يفرغ من الحساب . فال الأبرش: فقلت: إنّ الناس يومئذ لفي شُغُلٍ عن الأكل؟ فقال أبو جعفر (علیه السلام) : هم في النّار لا يشتغلون عن أكل الضريع وشرب الحميم وهم في العذاب، فكيف يشتغلون عنه في الحساب؟(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن زرارة، عن أبي

ص: 300


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- إبراهيم / 48 . وتتمتها والسموات وبرزوا لله الواحد القهار. وقد ذكر الشيخ الطبرسي رحمه اللّه في معنى الآية قولين فراجع مجمع البيان 324/6
3- الحديث حسن .

جعفر (علیه السلام) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلَّ خلق ابن آدم أجوف(1).

3-محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسن التيميّ ، عن جعفر بن محمّد بن حكيم، عن إبراهيم بن عبد الحميد عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّما بُنِي الجسد على الخبز (2).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن القاسم بن عروة، عن عبد اللّه بن بكير؛ عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن قول اللّه عزَّ وجلَّ: ﴿يوم تُبَدَّل الأرضُ غير الأرض)؟ قال : تُبَدَّل خبزة نقيّة يأكل منها الناس حتّى يفرغوا من الحساب، فقال له قائل : إنّهم لفي شُغُل يومئذ عن الأكل والشرب ؟ فقال : إنَّ اللّه عزّ وجلَّ خلق ابن آدم أجوف ولا بد له من الطعام والشراب، أهم أشدُّ شُغلاً يومئذ أم من في النار؟ فقد استغاثوا واللّه عزّ وجلَّ يقول : (وإن يستغيثوا يُغاثوا بماء كالمُهْل يشوي الوجوه بئس الشراب(3).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه عزَّ وجلَّ حكايةً عن موسى (علیه السلام) : (وربّ إنّي لما أنزلت إليَّ من خير فقير) (4)؟ فقال: سأل الطعام .

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن أبي البختري رفعه قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : اللّهمّ بارك لنا في الخبز، ولا تفرّق بيننا وبينه، فلولا الخبز ما صُمنا ولا صلّينا ولا أدَّينا فرائض ربّنا عزَّ وجلَّ (5).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّما بُنِيَ الجسد على الخبز (6).

ص: 301


1- الحديث حسن.
2- الحديث ضعيف .
3- الكهف/ 29 . واستغاثة أهل النار - هنا - إنما هي من شدة العطش وحر النار. والمُهْل - كما في مجمع البيان - قيل هو كل شيء أذيب كالنحاس والرصاص والصفر ، وقيل : هو كعكر الزيت إذا قرب إليه سقطت فروة رأسه، وقيل : هو القيح والدم ... الخ . والحديث مجهول.
4- القصص / 24 . وقال الطبرسي رحمه اللّه في مجمع البيان: قال ابن عباس: سأل نبي اللّه أكلة من خبز يقيم به صلبه، وقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : واللّه ما سأله إلا خبزاً يأكله، لأنه يأكل بقلة الأرض ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله وتذيب لحمه .
5- الحديث ضعيف.
6- مر هذا برقم 3 من هذا الباب فراجع .

باب الغداء والعشاء

213 - باب الغداء والعشاء

1 - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ ، عن عليّ بن أسباط ، عن يعقوب بن سالم، عن المثنّى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إِنَّ يعقوب (علیه السلام) كان له مناد ينادي كلَّ غداة من منزله على فرسخ : ألا مَنْ أراد الغداء فليأت إلى منزل يعقوب، وإذا أمسى ينادي : ألا من أراد العشاء فليأتِ إلى منزل يعقوب(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عليّ بن الصلت، عن ابن أخي شهاب بن عبد ربّه قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) ما ألقى من الأوجاع والتخم ، فقال لي : تغدُّ وتَعَشَّ، ولا تأكل بينهما شيئاً، فإنَّ فيه فساد البدن، أما سمعت اللّه عزَّ وجلَّ يقول : (لهم رزقهم فيها بُكْرَةً وعَشِيّاً) (2).

باب فضل العشاء وكراهية تركه

214 - باب فضل العشاء وكراهية تركه

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : عشاء الأنبياء (علیه السلام) بعد العتمة، فلا تَدَعوه فإنَّ ترك العشاء خرابُ البدن(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : أصل خراب البدن ترك العشاء .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ترك العشاء مَهْرَمة (4)، وينبغي للرَّجل إذا أسنَّ ألّا يبيت إلّا وجوفه ممتلىء من الطعام (5).

ص: 302


1- الحديث ضعيف .
2- مريم / 62 والحديث عن أهل الجنة. وفي توجيه الآية كلام للطبرسي في مجمع البيان 521/6 فراجع . والحديث مجهول.
3- الحديث ضعيف .
4- مهرمة : أي مظنة للضعف والهرم .
5- الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و ... ، ح 39 بتفاوت وزيادة في آخره هي : فإنه اهدأ لنومه و. وأطيب لنكهته . ورواه مرسلا عن الصادق (علیه السلام).

4-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن سعيد بن جناح، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) قال : إذا اكتهلْ (1)الرّجل فلا يدع أن يأكل بالليل شيئاً، فإنه أهدى للنوم وأطيب للنكهة .

5- عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن سليمان بن جعفر الجعفريّ قال : كان أبو الحسن (علیه السلام) لا يدع العشاء ولو بكعكة، وكان يقول (علیه السلام) : إنّه قوَّة للجسم - وقال : ولا أعلمه إلّا - قال : وصالح للجُماع(2).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن الوليد بن صبيح قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : لا خير لمن دخل في السنّ، أن يبيت خفيفاً، بل يبيت ممتلياً خيرٌ له(3).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان ، عن زياد بن أبي الحلال قال تعشيّت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) فقال : العشاء بعد العشاء الآخرة عشاء النبيّين (علیه السلام) (4).

8-عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبي سليمان، عن أحمد بن الحسن الجبليّ، عن أبيه عن جميل بن درّاج قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول: من ترك العشاء ليلة السبت وليلة الأحد متواليتين، ذهبت عنه قوّته فلم ترجع إليه أربعين يوماً (5).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن ذريح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الشيخ لا يدع العشاء ولو بلُقمة .

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن ابن فضّال، عن عبد اللّه بن إبراهيم، عن عليُّ بن أبي عليُّ اللّهبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال : ما تقول أطبّاؤكم في عشاء اللّيل ؟ قلت: إنّهم ينهونا عنه، قال: لكنّي آمركم به (6)

ص: 303


1- أي صار كهلاً .
2- الحديث مجهول.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف على المشهور. وقوله (علیه السلام) : بعد العشاء الآخرة : أي بعد صلاة العشاء الآخرة. وهو كناية عن تأخير تناول طعام العشاء .
5- الحديث مجهول.
6- الحديث ضعيف على المشهور.

11 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحجّال، عن ثعلبة، عن رجل ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: طعام اللّيل أنفع من طعام النهار.

12 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض الأهوازيّين عن الرضا (علیه السلام) قال : قال : إنَّ في الجسد عِرقاً يقال له : العشاء، فإن ترك الرّجل العشاء لم يزل يدعو عليه ذلك العرق إلى أن يصبح ، يقول : أجاعك اللّه كما أجعتني ، وأظمأَكَ اللّه كما أظمأتني ، فلا يدعنَّ أحدُكُم العشاء ولو بلقمة من خبز، أو شربة من ماء(1).

باب الوضوء قبل الطعام وبعده

215 - باب الوضوء قبل الطعام وبعده

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من غسل يده قبل الطعام وبعده ، عاش في سعة، وعُوفي من بلوى في جسده(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال : يا أبا حمزة، الوُضوء قبل الطعام وبعده يُذهبان الفقر، قلت بأبي أنت وأمّي، يذهبان بالفقر؟ فقال: نعم، يَذهبان به(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام): غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في العمر، وإماطة للغَمَر (4)عن الثياب، ويجلو البصر (5).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال : من سرَّه أن يكثر خير بيته، فليتوضّأ عند حضور طعامه (6).

ص: 304


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 158 الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و . ... ح 33 .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 159 بتفاوت في آخره. الفقيه ،3 ، نفس ،الباب ، ح 31 بدون الذيل وفي سنده : عن أبي غرة الخراساني .. ، بدل : عن أبي حمزة . .
4- الغمر: الدسم .
5- الحديث ضعيف.
6- الفقيه 3، نفس الباب ، ح 32 مرسلاً عن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله).

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي عوف البجليّ قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : الوضوء قبل الطعام وبعده يزيدان في الرزق.

وروي أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال : أوّله ينفي الفقر، وآخره ينفي الهمّ(1).

باب صفة الوضوء قبل الطعام

216 - باب صفة الوضوء قبل الطعام

1- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمّد بن عجلان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الوضوء قبل الطعام، يبدأ صاحب البيت لئلا يحتشم أحد، فإذا فرغ من الطعام بدأ بمن عن يمين [صاحب] البيت، حرّاً كان أو عبداً.

قال : وفي حديث آخر: يغسل أوّلاً ربُّ البيت يده، ثمّ يبدأ بمن على يمينه، وإذا رُفع الطعام بدأ بمن على يسار صاحب المنزل، ويكون آخر من يغسل يده صاحب المنزل، لأنّه أولى بالصبر على الغَمَر .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن خلف بن حمّاد ،عن عمرو بن ثابت، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: اغسلوا أيديكم في إناء واحد تَحْسُنُ أخلاقكم (2).

3-عليُّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الفضل بن المبارك، عن الفضل بن يونس قال: لمّا تغدَّى عندي أبو الحسن (علیه السلام) ، وجيیء بالطست، بدء به (علیه السلام) وكان في صدر المجلس فقال (علیه السلام): ابدء بمن على يمينك، فلمّا توضّأ واحد، أراد الغلام أن يرفع الطست، فقال له أبو الحسن (علیه السلام) : دَعْها، واغسلوا أيديكم فيها(3).

باب التَّمَنْدُل ومسح الوجه بعد الوضوء

217 - باب التَّمَنْدُل ومسح الوجه بعد الوضوء

1 - عليُّ بن محمّد، عن محمّد بن أحمد، عن أبي محمود، عن أبيه، عن رجل قال:

ص: 305


1- الحديث مجهول وآخره مرسل. وقال الشهيد الأول في الدروس : يستحب غسل اليد قبل الطعام ولا يمسحها فإنه لا تزال البركة في الطعام ما دامت النداوة في اليد ويغسلها بعده ويمسحها.
2- قال الشهيد الأول في الدروس : يستحب جمع غسالة الأيدي في إناء لحسن الخلق .
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 160 بدون الذيل. والحديث مجهول.

قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا غسلت يدك للطعام فلا تمسح يدك بالمنديل، فإنّه لا تزال البركة في الطعام ما دامت النداوة في اليد.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم قال : رأيت أبا الحسن (علیه السلام) إذا توضّأ قبل الطعام لم يمسّ المنديل، وإذا توضّأ بعد الطعام مسّ المنديل(1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي المغرا، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كره أن يمسح الرّجل يده بالمنديل وفيها شيء من الطعام، تعظيماً للطعام حتّى يمضها، أو يكون على جنبه صبيٌّ يمصّها .

4 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض رجاله، عن إبراهيم بن عقبة يرفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مسح الوجه بعد الوضوء يذهب بالكَلَف، ويزيد في الرزق.

5- عليُّ بن محمّد رفعه، عن المفضّل قال: دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) فشكوت إليه الرّمد، فقال لي : أو تُريد الطريف (2)؟ ثمّ قال لي : إذا غسلت يدك بعد الطعام فامسح حاجبيك وقل ثلاث مرّات: «الحمد للّه المحسن المجمل المنعم المفضل»، قال: ففعلت ذلك، فما رمدت عيني بعد ذلك، والحمد للّه ربّ العالمين.

باب التسمية والتحميد والدعاء على الطعام

218 - باب التسمية والتحميد والدعاء على الطعام

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إذا وُضِعَت المائدة حفّتها أربعة آلاف ملك، فإذا قال العبد: بسم اللّه ، قالت الملائكة : بارك اللّه علیکم في طعامكم ، ثمّ يقولون للشيطان: أخرج يا فاسق لا سلطان لك عليهم، فإذا فرغوا فقالوا : الحمد اللّه ، قالت الملائكة قوم أنعم اللّه علیهم فأدُّوا شكر ربّهم، وإذا لم يُسمّوا ، قالت الملائكة للشيطان : ادنُ يا فاسق فكُل معهم، فإذا رفعت المائدة ولم يذكروا اسم اللّه عليها، قالت الملائكة : قوم أنعم اللّه علیهم فنسوا ربّهم جلَّ وعزَّ(3).

ص: 306


1- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 161 .
2- أي أتريد سماع شيء طريف عجيب .
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 162 . الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و . . . ، ح 18 بتفاوت . والحديث ضعيف على المشهور هذا، ويقول الشهيد الأول في الدروس : يستحب التسمية عند الإبتداء، وعلى كل لون، أو يقول : بسم اللّه على أوله وآخره، والحمد اللّه عند الفراغ، ولو نسي التسمية فليقل عند الذكر : بسم اللّه على أوله وآخره ... الخ .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا وضع الخوان فقل : «بسم اللّه»، وإذا أكلت فقل : «بسم اللّه على أوّله وآخره»، وإذا رُفع فقل : «الحمد اللّه». (1)

3 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائد، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّ أبي صلوات اللّه عليه أتاه أخوه عبد اللّه بن عليّ يستأذن لعمرو بن عُبَيد وواصل (2). وبشير الرَّحّال، فأذن لهم ، فلمّا جلسوا قال : ما من شيء إلّا وله حدٌّ إليه، فجيء بالخوان فوضع، فقالوا فيما بينهم ؛ قد واللّه استمكنّا منه ، فقالوا : يا أبا جعفر، هذا الخوان من الشيء؟ فقال : نعم ، قالوا : فما حدُّه ؟ قال : حدُّه إذا وضع قيل : «بسم اللّه»، وإذا رُفع قيل: «الحمد اللّه» ، ويأكل كلُّ إنسان ممّا بين يديه، ولا يتناول من قُدَّام الآخر شيئاً .

4 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد بن مروان عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا وضع الغداء والعشاء فقل : «بسم اللّه»، فإن الشيطان لعنه اللّه يقول لأصحابه : أخرجوا فليس ههنا عشاء ولا ،مبيت، وإذا نسي أن يسمّي قال لأصحابه : تعالوا فإنَّ لكم ههنا عشاءً ومبيتاً(3).

5- محمّد بن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : من أكل طعاماً فليذكر اسم اللّه عزّ وجل عليه، فإن نسي فذكر اللّه [من] بعد تقيأ الشيطان لعنه اللّه ما كان أكل، واستقل الرّجل الطعام (4).

6 - وبهذا الإسناد قال : قال : من ذكر اللّه عزّ وجلَّ على الطعام، لم يُسأل عن نعيم ذلك أبداً .

ص: 307


1- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 163
2- هو ابن عطاء، وهؤلاء من شيوخ المعتزلة .
3- الحديث ضعيف .
4- وقوله (علیه السلام) : واستقل الرّجل الطعام أي في الطعام من باب الحذف والإيصال أي لا يشركه الشيطان، أو يجده قليلا لما قد أكل ،قبل فإن ما يتقيأ لم يدخل في طعامه مرآة المجلسي 107/22

7 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن كليب الأسديّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ الرّجل المسلم إذا أراد أن يَطْعَمَ طعاماً ، فأهوى بيده فقال: «بسم اللّه»، «والحمد لله ربّ العالمين»، غفر اللّه عزّ وجلَّ له قبل أن تصل اللّقمة إلى فيه.

8-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن الحسن الميثميّ رفعه قال: كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إذا وُضِعَت المائدة بين يديه قال: «سبحانك اللّهمّ ما أحسن ما تبتلينا، سبحانك ما أكثر ما تعطينا، سبحانك ما أكثر ما تعافينا، اللّهمّ أوسع علينا وعلى فقراء المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إذا حضرت المائدة، وسمّى رجل منهم، أجزا عنهم أجمعين(1).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ،عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إذا طعم عند أهل بيت قال لهم : طعم عندكم الصائمون، وأكل عندكم الأبرار، وصلّت علیکم الملائكة الأخيار (2).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا أكلت الطعام فقل: «بسم اللّه في أوله وآخره»، فإنّ العبد إذا سمّى قبل أن يأكل، لم يأكل معه الشيطان، وإذا لم يُسمّ، أكل معه الشيطان، فإذا سمّى بعدما يأكل وأكل الشيطان ،معه تقيّأ الشيطان ما كان أكل .

12 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عبد اللّه، عن عمرو المتطبّب، عن أبي يحيى الصنعاني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) إذا وضع الطعام بين يديه قال : «اللّهم هذا من منّك وفضلك وعطائك، فبارك لنا فيه وسوّغناه، وارزقنا خلفاً إذا أكلناه ، ورُبّ محتاج إليه ، رزقت فأحسنتَ اللّهمّ واجعلنا من الشاكرين»، فإذا رفع الخوان قال: «الحمد لله الذي حملنا في البرّ والبحر ورزقنا من الطيّبات، وفضّلنا على كثير من خلقه تفضيلا».

ص: 308


1- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 164 قال الشهيد الأول في الدروس ورخص في الجماعة في تسمية واحدة عن الباقين، وروي ذلك عن الصادق (علیه السلام) .
2- التهذيب 9، نفس الباب، ح 65

13 - عنه ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدائنيّ قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : اذكر اسم اللّه عزّ وجلَّ على الطعام، فإذا فرغت فقل: «الحمد لله الذي يُطْعِمُ ولا يُطْعم».

14 - وعنه ، عن أبيه، عمّن حدَّثه، عن عبد الرحمن العزرميّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : من ذكر اسم اللّه عزَّ وجلَّ عند طعام أو شراب في أوّله، وحمد اللّه في آخره، لم يُسأل عن نعيم ذلك الطعام أبداً.

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن إبراهيم بن مهزم، عن رجل، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إذا رُفعت المائدة قال : «اللّهمّ أكثرتَ وأطبت وباركت فأشبعت وأرويت الحمد للّه الذي يطعم ولا يطعم».

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان أبي (علیه السلام) يقول: «الحمد اللّه الذي أشبعنا في جائعين، وأروانا في ظامئين وآوانا في ضائعين وحملنا في راجلين، وآمننا في خائفين، وأخدمنا في عانين ».

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عُبيد بن زرارة قال: أكلت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) طعاماً ، فما أحصي كم مرة قال: «الحمد لله الذي جعلني أشتهيه».

18 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام): ضَمِنْتُ لمن يسمّي على طعامه أن لا يشتكي منه ، فقال له ابن الكوَّاء : يا أمير المؤمنين، لقد أكلت البارحة طعاماً فسمّيت عليه وآذاني ، فقال : لعلّك أكلت ألواناً فسمّيت على بعضها ولم تُسَمَّ على بعض يالكع(1).

19 - أحمد بن محمّد، عن أبي عبد اللّه البرقيّ ، عن أبي طالب، عن مسمع قال : شكوت ما ألقى من أذى الطعام إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) إذا أكلته، فقال: لم تُسَمّ؟ فقلت إنِّي لأسمّي وإنّه ليضرّني . فقال لي : إذا قطعت التسمية بالكلام ، ثمّ عدتَ إلى الطعام تسمّي ؟ قلت : لا ، قال : فمن ههنا يضرّك ، أما لو أنّك إذا عدتَ إلى الطعام سمّيت ما ضرَّك .

ص: 309


1- الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و ... ، ح 21 بتفاوت ورواه مرسلاً. وابن الكواء : اسمه عبد اللّه، كان من أصحاب أمير المؤمنين (علیه السلام) وصار خارجياً ملعوناً، والكواء، معناه الخبيث الشتام، واللكع : اللئيم والأحمق .

20 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان ، عن داود بن فرقد قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : كيف أسمّي على الطعام؟ قال: فقال : إذا اختلفت الآنية فسمّ على كلّ إناء، قلت: فإن نسيت أن أسمي؟ قال : تقول: «بسم اللّه على أوّله وآخره». (1).

21 - عنه ، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن الحسين بن أحمد المنقريّ، عن يونس بن ظبيان قال : كنت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) فحضر وقت العشاء، فذهبت أقوم فقال : اجلس يا أبا عبد اللّه فجلست حتّى وضع الخوان، فسمّى حين وُضع، فلمّا فرغ قال: «الحمد لله»، هذا منك ومن محمّد (صلّی اللّه علیه وآله)». (2)

22 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن ابن بكير قال : كنّا عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فأطْعَمَنا، ثمّ رفعنا أيدينا فقلنا : «الحمد للّه»، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : «اللّهمّ هذا منك ومن محمّد رسولك، اللّهمّ لك الحمد صلّ على محمّد وآل محمّد ».(3)

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد ،عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : اذكروا اللّه عزّ وجلَّ على الطعام ولا تَلْغَطوا (4) ، فإنّه نعمة من نعم اللّه ورزق من رزقه، يجب علیکم فيه شكره وذكره وحمده (5).

24 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن إسماعيل المدائني ، عن عبد اللّه بن بكير، عن رجل قال : أمر أبو عبد اللّه (علیه السلام) بلحم، فَبُرَّد ثمّ أتي به من بعدُ، فقال: «الحمد للّه الذي جعلني أشتهيه»، ثمّ قال : النعمة في العافية أفضل من النعمة على القدرة .

25 - سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن الأصم، عن مسمع، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : ما من رجل يجمع عياله، ويضع مائدة بين يديه،

ص: 310


1- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 166 . وروى ذيله في الفقيه ،3، نفس الباب، ح 22 . ورواه مرسلا غير مسند إلى معصوم .
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث ضعيف.
4- قال الفيروز آبادي اللغط صوت وضجة لا يفهم معناه .
5- الحديث ضعيف

ويسمّي ويسمّون في أوَّل الطعام، ويحمدون اللّه عزّ وجلَّ في آخره، فترتفع المائدة، حتّى يغفر لهم(1).

باب نوادر

219 - باب نوادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا تأكلوا من رأس الثَّريد (2)وكُلوا من جوانبه، فإنَّ البركة في رأسه.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) سئل عن سُفْرَة وُجِدت في الطريق مطروحة، كثير لحمها وخبزها وبيضها وجبنها، وفيها سكّين؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : يقوَّم ما فيها ثمّ يؤكل، لأنّه يفسد، وليس له بقاء، فإن جاء طالبها غرموا له الثمن، قيل : يا أمير المؤمنين، لا يدرى سُفْرَةُ مسلم أو سُفْرَة مجوسيّ ؟ فقال : هم في سَعَة حتّى يعلموا(3).

3-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا أكل أحدكم فليأكل ممّا يليه .

4 - حميد بن زياد، عن الخشّاب، عن ابن بقاح، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يلطع القصعة ويقول : من لطع قصعة فكأنّما تصدَّق بمثلها (4).

ص: 311


1- الحديث ضعيف على المشهور. هذا وقد أجمل فقهاؤنا رضوان اللّه علیهم جميع هذه الآداب في الأكل والشرب في كتبهم الفقهية فراجع شرائع الإسلام للمحقق 232/3 . واللمعة والروضة للشهيدين المسألة الخامسة عشر من آخر كتاب الأطعمة والأشربة من المجلد الثاني / الطبعة الحجرية ، ص 286 - 288 .
2- الثَّريد : هو خبز مفتوت يبل بالمرق. وهو من باب فعيل بمعنى مفعول.
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 167 . وما دلت عليه الرواية من أن الأصل التذكية في اللحم إذا شك فيها هو خلاف ما هو المشهور بين أصحابنا من أن الشك في التذكية كافٍ للقطع بعدمها . وقال في الدروس : كل عين لابقاء لها كالطعام ، فإنه يتخير بين دفعها إلى الحاكم وتقويمها على نفسه ثمّ تعريفها .
4- الحديث ضعيف .

5- عليُّ بن محمّد رفعه قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يستاك عرضاً ويأكل هرتاً (1)، وقال الهرت أن يأكل بأصابعه جميعاً(2).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كان يجلس جلسة العبد، ويضع يده على الأرض، ويأكل بثلاث أصابع، وإنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان يأكل هكذا ،ليس كما يفعل الجبّارون، أحدهم يأكل بإصبعيه .

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إذا أكل أحدكم طعاماً فمصّ أصابعه الّتي أكل بها، قال اللّه عزّ وجلَّ : بارك اللّه فيك (3).

8 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه (علیه السلام)، عن نوح بن شعيب، عن ياسر الخادم قال : أكل الغلمان يوماً فاكهة ولم يستقصوا أكلها ورموا بها، فقال لهم أبو الحسن (علیه السلام) : سبحان اللّه ، إن كنتم استغنيتم فإن أناساً لم يستغنوا، أطعموه من يحتاج إليه(4).

9 - أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الصلاة تحضر وقد وُضع الطعام؟ قال: إن كان في أوّل الوقت يُبدأ بالطعام ، وإن كان قد مضى من الوقت شيء وتخاف أن تفوتك فتعيد الصلاة، فابدأ بالصلاة(5).

10 - عنه ، عن نوح بن شعيب، عن ياسر الخادم ونادر، جميعاً قالا : قال لنا أبو الحسن (علیه السلام) : إن قمتُ على رؤوسكم وأنتم تأكلون، فلا تقوموا حتّى تفرغوا، ولربّما دعا بعضَنا فيقال :له هم يأكلون، فيقول: دعهم حتّى يفرغوا .

11 - وروي ، عن نادر الخادم قال : كان أبو الحسن (علیه السلام) إذا أكل أحدنا لا يستخدمه حتّى يفرغ من طعامه .

ص: 312


1- قال الفيروز آبادي الهرت الطعن والطبخ ،البالغ والتمزيق والهريت الواسع، وفي النهاية : هرت الشدق : سعته .
2- قال الشهيد الأول في الدروس : يستحب الأكل بجميع الأصابع، وروي أن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان يأكل بثلاث أصابع ويكره الأكل باصبعين .
3- الحديث ضعيف . وقد ذكر الأصحاب استحباب مص الأصبع بعد الأكل .
4- الحديث مجهول .
5- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 168 بتفاوت في آخره

12 - وروى نادر الخادم قال : كان أبو الحسن (علیه السلام) يضع جوزينجة(1)على الأخرى ويناولني .

13 - أحمد، عن أبيه، عن سليمان الجعفريّ قال: قال أبو الحسن (علیه السلام): ربّما أتي بالمائدة فأراد بعض القوم أن يغسل يده فيقول : من كانت يده نظيفة فلا بأس أن يأكل من غير أن يغسل يده .

14 - أحمد، عن يحيى بن إبراهيم، عن محمّد بن يحيى، عن ابن أبي البلاد، عن أبيه، عن بزيع بن عمر بن بزيع قال: دخلت على أبي جعفر (علیه السلام) وهو يأكل خلا وزيتاً في قصعة سوداء مكتوب في وسطها بصُفْرة : «قل هو اللّه أحد»، فقال لي : ادنُ يا بزيع، فدنوت فأكلت . معه ، ثمّ حسا (2) من الماء ثلاث حسيات حين لم يبق من الخبز شيء، ثمّ ناولنيها فَحَسَوْتُ البقيّة .

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلّاد قال : سمعت الرضا (علیه السلام) يقول : من أكل في منزله طعاماً فسقط منه شيء فليتناوله، ومن أكل في الصحراء أو خارجاً، فليتركه لطائر أو سَبع(3).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان قال : أَوْلَمَ إسماعيل، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام) : عليك بالمساكين فأشبِعهُم، فإن اللّه عزَّ وجلَّ يقول (4): (وما يبدىء الباطل وما يعيد).

17 – محمّد بن يحيى، عن عليّ بن إبراهيم الجعفريّ، عن محمّد بن الفضيل رفعه عنهم (علیه السلام) قالوا : كان النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) إذا أكل ، لقّم مَنْ بَيْنَ عينيه (5)، وإذا شرب سقى من على يمينه .

18 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عدَّة من أصحابنا، عن عليّ بن أسباط ، عن عمّه يعقوب بن سالم رفعه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا

ص: 313


1- الجوزينج: معرّب جوزينة، وهي ما يعمل من السكر والجوز.
2- قال الفيروز آبادي حسا زيد المرق: شربه شيئا بعد شيء . وقد نص الشهيد الأول في الدروس على عدم البأس بكتابة سورة التوحيد في القصعة. والحديث مجهول
3- الحديث صحيح .
4- سبأ / 49 . وفي الآية استفهام إنكاري وهو كناية عن إن الباطل لا أثر له إمام الحق . وكأن إطعام الأغنياء للأغراض الدنيوية باطل . والحديث حسن.
5- أي أعطى اللقمة لمن يقابله على المائدة.

تؤووا منديل الغَمَر في البيت، فإنّه مربض للشياطين .

19 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : أطرفوا أهاليكم في كلّ جمعة بشيء من الفاكهة أو اللّحم حتّى يفرحوا بالجمعة (1).

20 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال النبيُّ (صلّی اللّه علیه وآله) : من بنى مسكناً، فليذبح كبشاً سميناً وليطعم لحمه المساكين، ثمّ يقول : «اللّهمّ أدحَر عنِّي مَرَدَةَ الجنّ والإنس والشياطين وبارك لنا في بيوتنا»، إلّا أُعطي ما سأل.

21-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (علیه السلام) قال : إذا أكلت [شيئاً]، فاستلقِ على قَفاك ، وضع رجلك اليمنى على اليسرى(2).

باب أكل ما يسقط من الخوان

220 - باب أكل ما يسقط من الخوان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : كلوا ما يسقط من الخوان، فإنّه شفاء من كلّ داء بإذن اللّه عزَّ وجلَّ، لمن أراد أن يستشفي به(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن أبان بن عثمان، عن داود بن كثير قال : تعشّيت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) عتمة، فلمّا فرغ من عشائه، حمد اللّه عزّ وجلَّ، وقال: هذا عشائي وعشاء آبائي، فلمّا رُفع الخوان تَقَمّم ما سقط منه، ثمّ ألقاه إلى فيه (4).

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن

ص: 314


1- الحديث ضعيف على المشهور. والطرفة - كما في مصباح اللغة - ما يستطرف أي يستملح والمراد بأطرفوا - هنا - اتحفوا ورواه في التهذيب ،9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 169 . الفقيه 3 ، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها ومن . ... ح 30 .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 170 . والحديث ضعيف على المشهور. ويقول الشهيد الأول في الدروس: يستحب الإستلقاء بعد الطعام على قفاه ووضع رجله اليمنى على اليسرى. وهذا خلاف من ما رواه العامة .
3- الحديث ضعيف.
4- الحديث مجهول.

عبد اللّه بن صالح الخثعميّ قال : شكوت إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) وجع الخاصرة، فقال: عليك بما يسقط من الخوان فكُله ، قال : ففعلت ذلك، فذهب عنّي ؛ قال إبراهيم : قد كنت وجدت ذلك في الجانب الأيمن والأيسر، فأخذت ذلك فانتفعت به(1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن الحسن بن معاوية بن وهب، عن أبيه قال: أكلنا عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فلمّا رُفع الخوان لقط ما وقع منه فأكله ، ثمّ قال لنا : إنّه ينفي الفقر ويُكثر الولد (2).

5- حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقّاح، عن عمرو بن جميع قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : من وجد كسرة فأكلها كانت له حسنة، ومن وجدها في قَذَر فغسلها ثمّ رفعها، كانت له سبعون حسنة(3).

6 - وبهذا الإسناد، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: دخل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) على عائشة، فرأى كسرة كاد أن يطأها فأخذها فأكلها، ثمّ قال : يا حُميراء، أكرمي جوار نعم اللّه عزَّ وجلَّ عليك، فإنّها لم تنفر من قوم فكادت تعود إليهم(4).

7-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليُّ، عن إبراهيم بن مهزم ، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : شكا رجل إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) ما يلقى من وجع الخاصرة ، فقال : ما يمنعك من أكل ما يقع من الخوان (5).

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : من أكل في منزله طعاماً فسقط منه شيء فليتناوله، ومن أكل في الصحراء أو خارجاً فليتركه للطير والسبع (6).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن الأصمّ، عن عبد اللّه الأرجاني قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) وهو يأكل ، فرأيته يتتبّع مثل السمسم من الطعام ما سقط من الخوان، فقلت جُعِلْتُ فِداك ، تَتَبَّعُ هذا ؟ فقال : يا عبد اللّه، هذا رزقك فلا تدعه، أَمَا إِنّ فيه شفاء من كل داء(7).

ص: 315


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف.
4- الحديث ضعيف.
5- الحديث ضعيف.
6- مر برقم 15 من الباب السابق وإن بتفاوت يسير.
7- الحديث ضعيف.

باب فَضلِ الخُبز

221 - باب فَضلِ الخُبز

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عمرو بن شمّر قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إنّي لألحس أصابعي من الأدم حتّى أخاف أن يراني خادمي فيرى أن ذلك من التجشّع ، وليس ذلك كذلك ، إنَّ قوماً أُفْرِغَت علیهم إنَّ قوماً أفرغت علیهم النعمة وهم أهل الثرثار، فعمدوا إلى مخّ الحنطة فجعلوها خبزاً هجاء، وجعلوا ينجون به صبيانهم حتّى اجتمع من ذلك جبل عظيم، ، قال : فمرَّ بهم رجل صالح ، وإذا امرأة وهي تفعل ذلك بصبي لها، فقال لهم : وَيْحَكُم، اتّقوا اللّه عزّ وجلَّ ولا تغيّروا ما بكم من نعمة فقالت له : كأنّك تخوّفنا بالجوع ، ما دام ثرثارنا تجري فإنا لا نخاف الجوع ، قال : فأسف اللّه عزّ وجلَّ فأضعف لهم الثرثار . وحبس عنهم قطر السماء ونبات الأرض ، قال : فاحتاجوا إلى ذلك الجبل، وإنّه كان يقسم بينهم بالميزان(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) : أكرِموا الخبز ، فإنّه قد عمل فيه ما بين العرش إلى الأرض، وما فيها من كثير من خلقه، ثمّ قال لمن حوله : ألا أخبركم؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه ، فداك الآباء والأمهات، فقال: إنّه كان نبي فيمن كان قبلكم يقال له : دانيال، وإنّه أعطى صاحب معبر رغيفاً لكي يعبر به فرمى صاحب المعبر بالرغيف وقال : ما أصنع بالخبز، هذا الخبز عندنا قد يداس بالأرجل ، فلما رأى ذلك منه دانيال ، رفع يده إلى السماء ثمّ قال : اللّهم أكرم الخبز، فقد رأيتَ يا ربّ ما صنع هذا العبد وما قال، قال: فأوحى اللّه عزَّ وجل إلى السماء أن تحبس الغيث، وأوحى إلى الأرض أن كوني طبقاً كالفخّار ، قال : فلم يمطر وا حتّى أنه بلغ من أمرهم أنَّ بعضهم أكل بعضاً ، فلمّا بلغ منهم ما أراد اللّه عزَّ وجلَّ من ذلك، قالت امرأة لأخرى - ولهما ولدان - : يا فلانة، تعالي حتّى نأكل أنا وأنت اليوم ولدي، وإذا كان غداً أكلنا ولدك، قالت لها : نعم ، فأكلتاه، فلمّا أن جاعتا من بعد راودت الأخرى على أكل ولدها فامتنعت عليها، فقالت لها : بيني وبينك نبي اللّه ، فاختصما إلى دانيال (علیه السلام) ، فقال لهما : وقد بلغ الأمر إلى ما أرى؟ قالتا له : نعم يا نبي اللّه، وأشدّ، قال: فرفع يده إلى السماء فقال : اللّهم عد عليُّنا بفضلك وفضل

ص: 316


1- الحديث ضعيف والجشع : اسوأ الحرص وأشدّه والتجشع التحرص والثرثار : نهر في أعالي العراق. وهجاء : أي صالحاً لرفع الجوع. وقد يكون تصحيفاً ل- (هجانا) أي خياراً جياداً . وقوله : ينجون : من النجو وهو الغائط، والمراد هنا إنهم كانوا يستنجون بالخيز من الغائط

رحمتك ، ولا تعاقب الأطفال ومن فيه خير بذنب صاحب المعبر وأضرابه لنعمتك ، قال : فأمر اللّه عزَّ وجلَّ السماء أن أمطري على الأرض، وأمر الأرض أن أنبِتي لخلقي ما قد فاتهم من خيرك، فإنّي قد رحمتهم بالطفل الصغير (1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن الميثمي، عن أَبَان بن تغلب قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لا يوضع الرغيف تحت القصعة (2).

4 - الحسين بن محمّد، عن السيّاري، عن عليّ بن أسباط ، عن بعض أصحابه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام): أكْرِموا الخبز، قيل : وما إكرامه ؟ قال : إذا وُضع لا يُنتظَرُ به غيره(3).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن بعض أصحابنا ، قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : أكرموا الخبز، فقيل : يا رسول اللّه ، وما إكرامه ؟ قال : إذا وضع لم ينتظر به غيره، وقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : ومن كرامته أن لا يوطأ، ولا يقطع(4).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إيّاكم أن تَشَمّوا الخبز كما تَشَمّه السباع، فإنَّ الخبز مبارك، أرسل اللّه عزّ وجلَّ له السماء مدراراً ، وله أنبت اللّه المرعى وبه صليتم وبه صمتم، وبه حججتم بيت ربّكم (5).

7- وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا أوتيتم بالخبز واللّحم فابدأوا بالخبز فسدُّوا به خلال الجوع ، ثمّ كلوا اللّحم (6).

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن يعقوب بن يقطين قال : قال أبو الحسن الرضا (علیه السلام) : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : صغّروا رغفانكم، فإنّ مع كلّ رغيف بَرَكَة، وقال يعقوب بن يقطين : رأيت أبا الحسن - يعني الرضا (علیه السلام) - يكسر الرغيف إلى فوق .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن السيّاري، عن أبي عليّ بن راشد رفعه ،

ص: 317


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث صحيح أو موثق وحمل على الكراهية.
3- الحديث ضعيف .
4- يعني بالسكين. وحمل على الكراهة أيضاً. وإن كان وطؤه بقصد إهانة النعمة محمولاً على الحرمة.
5- الحديث ضعيف على المشهور والنهي عن شمه بقصد الإختبار.
6- الحديث ضعيف على المشهور.

عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) - إذا لم يكن له أدم - قطع الخبز بالسكين(1).

10- السيّاري رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : أدنى الأدم قطع الخبز بالسكّين (2).

11 - عليُّ بن محمّد بن بندار؛ وغيره، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الفضل النوفليّ ،عن الفضل بن يونس قال : تغدّى عندي أبو الحسن (علیه السلام)، فجيىء بقصعة وتحتها خبز، فقال : أكرِموا الخبز أن لا يكون تحتها، وقال لي : مُر الغلام أن يُخْرِجَ الرغيف من تحت القصعة .

12 - أحمد، عن ابن فضّال، عن الميثميّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كره أن يوضع الرغيف تحت القصعة .

13 - أحمد بن محمّد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن جمهور، عن إدريس بن يوسف، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا تقطعوا الخبز بالسكّين، ولكن اكسروه باليد، وليُكْسَر لكم ، خالفوا العَجَم(3).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال : لا تقطعوا الخبز بالسكّين ولكن اكسروه باليد وخالفوا العَجَم .

باب خبز الشعير

222 - باب خبز الشعير

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال : فضل خبز الشعير على البُرّ ، كفضلنا على الناس، وما من نبيّ إلّا وقد دعا لأكل الشعير وبارك عليه، وما دخل جوفاً إلّا وأخرج كلّ داء فيه، وهو قوت الأنبياء وطعام الأبرار، أبى اللّه تعالى أن يجعل قوت أنبيائه إلّا شعيراً (4).

ص: 318


1- الحديث ضعيف. وإنما كان يقطعه (علیه السلام) بالسكين لأنه في تلك الحال يقوم مقام الإدام فتقنع به النفس.
2- الحديث ضعيف.
3- يعني خالفوهم فيما يفعلونه من قطع الخبز بالسكين .
4- الحديث صحيح.

باب خبز الأرُزّ

223 - باب خبز الأرُزّ

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) أنّه قال : ما دخل جوف المسلول شيء أنفع له من خبز الأرزّ.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن الخشّاب، عن عليّ بن حسّان، عن بعض أصحابنا قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام): أطعموا المبطون خبز الأرزّ، فما دخل جوف المبطون شيء أنفع منه، أما إنّه يدبغ المعدَّة، ويسلّ الداء سلًّا. (1).

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن السيّاري، عن يحيى بن أبي رافع ؛ وغيره يرفعونه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ليس يبقى في الجوف من غدوة إلى اللّيل إلّا خبز الأرزّ (2).

باب الأسوقة وفضل سويق الحنطة

224 - باب الأسوقة وفضل سويق الحنطة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي همّام، عن سليمان الجعفريّ، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال : نِعْمَ القوت السويق، إن كنت جائعاً أَمْسَكَ(3)، وإن كنتَ شبعاناً هضم طعامك .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن عبد عبد اللّه بن جندب، عن بعض أصحابه قال : ذكر عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) السويق ، فقال : إنّما عُمِل بالوحي .

3- الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق عن بكر بن محمّد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : السويق يُنبت اللحم ويَشُدَّ العظم .

4 - عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : السويق طعام المرسلين - أو (4) قال : النبيّين (5)

ص: 319


1- السَل : إخراجك الشيء برفق .
2- الحديث ضعيف .
3- أي من الجوع وقد أشار الشهيد الأول في الدروس إلى أن في السويق أخباراً جمّة .
4- الترديد من الراوي .
5- الحديث مجهول.

5- عنه ، عن عدَّة من أصحابنا، عن عليّ بن أسباط ، عن محمّد بن عبد اللّه بن سيابّة ، عن جندب بن عبد اللّه، عن أبي الحسن موسى (علیه السلام) قال : سمعته يقول : إنّما أنزل السويق بالوحي من السماء (1).

6-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : السويق الجاف يَذْهَب بالبياض (2).

7 - عليُّ بن محمّد بن بندار؛ وغيره، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان، عن دُرُست بن أبي منصور، عن عبد اللّه بن مسکان ، قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : شرب السويق بالزيت يُنبت اللحم ويشدُّ العظم، ويُرِقُ البشرة، ويزيد في الباه .

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن قتيبة الأعشى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ثلاث راحات ؛ سويق جاف على الريق ينشف البلغم والمرَّة حتّى لا يكاد يدع شيئاً .

9-عنه، عن عليّ بن الحكم، عن النضر بن قرواش قال: قال أبو الحسن الماضي (علیه السلام): السويق إذا غسلته مرّات، وقلبته من إناء إلى إناء آخر، فهو يَذْهَبُ سبع بالحمّى، وينزل القوّة في الساقين والقدمين .

10- عنه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان؛ ومحمّد بن سوقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : السويق يهضم الرؤوس(3).

11 - عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن موسى بن القاسم، عن يحيى بن مساور ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : السويق يجرد (4)المرّة والبلغم من المعدَّة جرداً، ويدفع سبعين نوعاً من أنواع البلاء (5).

12 - عنه ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه البرقي، عن بكر بن محمّد، عن خيثمة قال : قال

ص: 320


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف على المشهور والبياض : البَرَص .
3- الحديث صحيح. ولعل المراد بالرؤوس رؤوس الأنعام الثلاثة إذا طبخت وأكلت.
4- أي يقشر ويكشط وينزع .
5- الحديث مجهول

أبو عبد اللّه (علیه السلام): من شرب السويق أربعين صباحاً امتلأ كتفاه قوَّة.

13 - محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن السيّاريّ، عن عبيد اللّه بن أبي عبد اللّه قال : كتب أبو الحسن (علیه السلام) من خراسان إلى المدينة : لا تَسْقوا أبا جعفر الثاني السويق بالسكّر، فإنّه رديّ للرّجال.

وفسّره السّياري عن عبيد اللّه أنّه يكره للرّجال، فإنّه يقطع النكاح من شدّه برده برده مع السكّر(1).

14 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن خالد ، عن سيف التمّار قال : مرض بعض رفقائنا بمكة وبَرْسَمَ (2)، فدخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) : فأعلمته، فقال لي : اسقه سويق الشعير، فإنّه يعافى إن شاء اللّه، وهو غذاء في جوف المريض، قال: فما سقيناه السويق إلّا يومين - أو (3)قال : مرّتين - حتّى عُوفِيَ صاحبنا (4).

باب سويق العدس

225 - باب سويق العدس

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى رفعه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : سويق العدس يقطع العطش ويقوّي المعدَّة، وفيه شفاء من سبعين داء، ويطفىء الصفراء، ويبرّد الجوف، وكان إذا سافر (علیه السلام) لا يفارقه، وكان يقول (علیه السلام) إذا هاج الدَّم بأحد من حَشَمِهِ، قال له : اشرب من سويق العدس، فإنّه يسكّن هيجان الدَّم ويطفىء الحرارة (5).

2-وعنه ، عن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن مهزيار قال : إنّ جارية لنا أصابها الحيض، وكان لا ينقطع عنها حتّى أشرفت على الموت، فأمر أبو جعفر (علیه السلام) أن تُسقى سويق العدس، فسُقِيت، فانقطع عنها، وعوفِيَتْ (6).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن السيّاريّ، عن إبراهيم بن بسطام، عن

ص: 321


1- الحديث ضعيف.
2- البرسام : علة يهذى فيها، وهو مبرسم .
3- الترديد من الراوي .
4- الحديث مجهول.
5- الحديث مجهول مرفوع . والحَشَم : العيال والخدم والقرابة .
6- الحديث صحيح.

رجل من أهل مَرو قال : بعث إلينا الرّضا (علیه السلام) - وهو عندنا - يطلب السويق، فبعثنا إليه بسويق ملتوت (1)فردَّه ، وبعث إليَّ : أنَّ السويقَ إذا شُرب على الريق وهو جافٌّ أطفأ الحرارة، وسكن المرَّة ، وإذا لُتّ لم يفعل ذلك (2).

باب فَضْلِ اللَّحم

226 - باب فَضْلِ اللَّحم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن سيّد الآدام في الدنيا والآخرة؟ فقال : اللّحم، أما سمعت قول اللّه عزّ وجلَّ (3). : (ولحم طيرٍ ممّا يشتهون )(4).

2 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ، عن عيسى بن عبد اللّه العلويّ، عن أبيه، عن جدّه ، عن عليّ (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): اللّحم سيّد الطعام في الدُّنيا والآخرة.

3-وعنه ، عن عليّ بن الريّان رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): سيّد آدام الجنّة اللّحم .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سيّد الطعام اللّحم .

5- عليُّ بن محمّد بن بندار؛ وغيره، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ، عن الحسن بن عليّ بن يوسف، عن زكريّا بن محمّد الأزدي، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّا نروى عندنا عن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أنّه قال : إنَّ اللّه تبارك وتعالى يبغض البيت اللّحِم ؟ فقال (علیه السلام): كَذَّبوا ، إنّما قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): البيت الذي يغتابون فيه الناس ويأكلون لحومهم ، وقد كان أبي (علیه السلام) لَحِماً (5)، ولقد مات يوم مات وفي كم أم ولده

ص: 322


1- أي مخلوط مع مواد أخرى ومقترن معها.
2- الحديث ضعيف.
3- الواقعة / 21 .
4- الحديث صحيح. «قوله (علیه السلام) : أما سمعت. ..الخ. الإستشهاد من جهة أنه تعالى خص من بين سائر الإدام اللحم بالذكر، فهو سيد ادام الآخرة، فأما الفاكهة فلا تُعَدّ من الادام عرفاً، أو الغرض بيان كونه سيداً بالنسبة إلى غير الفاكهة مرآة المجلسي 127/22.
5- اللحم - هنا - كثير أكل اللحم .

ثلاثون درهماً للّحم (1).

6 - وعنه ، عن عثمان بن عيسى، عن مسمع أبي سيار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ رجلاً قال له . إِنَّ مَن قِبَلَنا يروون أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ يبغض بيت اللّحم ؟ فقال: صدقوا، وليس حيث ذهبوا ، إنّ اللّه عزّ وجلَّ يبغض البيت الذي تؤكل فيه لحوم الناس(2).

7 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) لَحِماً يحبّ اللّحم .

8-أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن الحسن بن هارون، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ترك أبو جعفر (علیه السلام) ثلاثين درهماً للّحم يوم توفّي ، وكان رجلاً لَحِماً(3).

9 - عدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إنّا معاشر قريش قوم لَحِمُونَ (4).

باب إن من لم يأكل اللحم أربعين يوماً تغير خلقه

227 - باب إن من لم يأكل اللحم أربعين يوماً تغير خلقه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : اللحم يُنبت اللّحم ، ومن ترك اللحم أربعين يوماً ساء خُلُقه، ومن ساء خُلُقه فأذّنوا في أذنه (5).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الحسين بن خالد قال : قلت لأبي الحسن الرضا (علیه السلام) : إنَّ الناس يقولون : إنَّ من لم يأكل اللحم ثلاثة أيام ساء خُلُقه ؟ فقال : كذبوا ، ولكن من لم يأكل اللّحم أربعين يوماً تغير خُلُقه وبدنه،

ص: 323


1- الحديث ضعيف. وروى صاحب الفائق عن سفيان الثوري في جوابه عندما سُئل عن اللحِمين؛ أهم الذين يكثرون أكل اللحم ؟ فقال : هم الذين يكثرون أكل لحوم الناس، يعني يغتابونهم .
2- روى بمعناه في الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبائح، ضمن ح 115
3- الحديث مجهول. ويحتمل أن يراد بقوله : لجماً : أي سميناً . لأنه (علیه السلام) كان بديناً كثير لحم الجسد.
4- ضعيف على المشهور.
5- الحديث حسن. ويقول الشهيد الأول في الدروس روي كراهة إدمان اللحم وإن له ضراوة كضراوة الخمر وكراهة تركه أربعين يوماً، وإنه يستحب في كل ثلاثة أيام ، ولو دام على اسبوعين ونحوها لعلة أو في الصوم فلا بأس، ويكره أكله في اليوم مرتين.

وذلك لانتقال النطفة في مقدار أربعين يوماً(1).

3 - عليُّ بن محمّد بن بندار؛ وغيره، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ، عن ابن بقّاح ، عن الحكم بن أيمن، عن أبي أسامة زيد الشحّام ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من أتى عليه أربعون يوماً ولم يأكل اللّحم، فليستقرض على اللّه (2) عزَّ وجل وليأكله(3).

باب فضل لحم الضأن على المعز

228 - باب فضل لحم الضأن على المعز

1 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه - أظنّه محمّد بن إسماعيل - قال : ذكر بعضنا اللّحمان عند أبي الحسن الرضا (علیه السلام) ، فقال : ما لحم بأطيب من لحم الماعز، قال : فنظر إليه أبو الحسن (علیه السلام) وقال : لو خلق اللّه عزّ وجل مَضغَةً (4)هي أطيب من الضأن،! لفدى بها إسماعيل (علیه السلام) .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد قال : قلت لأبي الحسن (علیه السلام) : إنّ أهل بيتي لا يأكلون لحم الضأن؟ قال : فقال : ولم؟ قال : قلت : إنّهم يقولون : إنّه يهيج بهم المرّة السوداء والصداع والأوجاع، فقال لي : يا سعد، فقلت : لبّيك ، قال : لو علم اللّه عزَّ وجلَّ شيئاً أكرم من الضّأن لفدى به إسماعيل (علیه السلام) .

3-بعض أصحابنا، عن جعفر بن إبراهيم الحضرميّ ،عن سعد بن سعد قال، قلت لأبي الحسن الرضا (علیه السلام) : إنَّ أهل بيتي يأكلون لحم الماعز ولا يأكلون لحم الضّأن؟ قال : ولِمَ؟ قلت : يقولون : إنّه لحم يهيّج المرّار، فقال (علیه السلام) : لو علم اللّه عزَّ وجلَّ خيراً من الضّأن لفدى به -يعني إسحاق - هكذا (5)جاء في الحديث ..

ص: 324


1- الحديث مجهول.
2- أي متوكلاً على اللّه في قضاء دينه .
3- الحديث ضعيف .
4- المضغة - هنا - لحم من شأنه أن يمضغ .
5- هذا من كلام شيخنا الكليني طيب اللّه ثراه، وهو يدل على أن الذبيح في رأيه هو إسماعيل (علیه السلام) لا إسحاق كما قد يتوهم. وهذا الحديث مجهول والذي قبله قد صرّح فيه بأن المَفْدي هو إسماعيل (علیه السلام)، والحديث ذاك صحيح .

باب لحم البقر وشحومها

229 - باب لحم البقر وشحومها

1-محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسن الميثمي، عن سليمان بن عبّاد، عن عيسی بن أبي الورد، عن محمّد بن قيس، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنّ بني إسرائيل شكوا إلى موسى (علیه السلام) ما يلقَون من البياض (1)، فشكا ذلك إلى اللّه عزَّ وجلَّ، فأوحى اللّه عزّ وجلَّ إليه : مُرهم يأكلوا لحم البقر بالسِّلْق (2).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك - أراه، عن عبد اللّه بن جميلة ، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مَرَقُ لحم البقر يَذْهَب بالبياض .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: ألبان البقر دواء، وسمونها شفاء، ولحومها داء (3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر قال: سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : اللّحم يُنبت اللّحم، ومن أدخل في جوفه لقمة شَحْم أَخْرَجت مثلها من الداء (4).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن محمّد بن سوقة ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من أكل لقمة شحم أخرجت مثلها من الداء.

6 - عدَّة من أ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض أصحابه بلغ به زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : جُعِلْتُ فداك الشحمة الّتي تخرج مثلها من الداء، أيُّ شحمة هي؟ قال : هي شحمة البقر، وما سألني يا زرارة عنها أحد قبلك.

7-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن يحيى بن مساور، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال : السويق، ومرق لحم البقر يَذْهبان بالوَضَح (5).

ص: 325


1- البياض: البرص .
2- الحديث مجهول. والسلق : نبات عريض الورق غليظ الساق من البقول معروف .
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف على المشهور. وأخرجه بزيادة ضمنه في الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبائح ، ح 119 .
5- الحديث مجهول والوَضح : البَرَص.

باب لحوم الجَزُور والبُخْت

230 - باب لحوم الجَزُور والبُخْت

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن داود الرقّي قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) أسأله عن لحوم البُخت وألبانهنَّ ؟ فقال : لا بأس به(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن داود الرّقّي قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): جُعِلْتُ فداك، إنّ رجلاً من أصحاب أبي الخطّاب نهى عن أكل البُخت، وعن أكل لحوم الحمام المُسَرْوَلَة؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لا بأس بركوب البخت وشرب ألبانهنّ، وأكل لحوم الحمام المُسَرْوَل (2).

باب لحوم الطير

231 - باب لحوم الطير

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عمرو بن عثمان رفعه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : الإوَزَّ جاموس الطير، والدجاج خنزير الطير، والدرّاج حبش الطير، وأين أنت عن فرخين ناهضين ربّتهما امرأة من ربيعة بفَضل قُوتِها(3).

2 - عنه ، عن السّياريّ رفعه قال : إنّه ذكرت اللُّحْمان بين يدي عمر، فقال عمر: إنَّ أطيب اللّحمان لحم الدُّجاج ، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : كلا ، إنَّ ذلك خنازير الطير، وإنَّ أطيب اللّحمان لحم فرخ قد نهض، أو كاد أن ينهض (4).

ص: 326


1- التهذيب 9 ، 1 - باب الصيد والذكاة ، ح 202 . الاستبصار 4 ، 50 - باب لحم البخاتي ، ح وفيهما : والباتها .. والبُخت الإبل الخراسانية، أو مطلقاً عند أهل مصر، الواحد بختي، والأنثى : بختية.
2- التهذيب 9، 1 - باب الصيد والذكاة، ح204 الاستبصار 4 ، 50 - باب لحم البخاتي، ح 3. وفي الذيل فيهما: وأكل الحمام المسبرول . الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبائح، ح والمُسَرْوَل : ما كان في رجليه الريش شبه السروال يقول الشي ان رحمهما اللّه : ويؤكل من حيوان البحر الأنعام الثلاثة الإبل والبقر والغنم، وحن نسب إلينا تحريم الإبل فقد بهت، نعم هو مذهب الخطابية لعنهم اللّه واسم أبي الخطاب محمّد بن مقلاص ورد لعنه على لسان الإمام الصادق (علیه السلام) وكان يكذب علیهم (علیه السلام) .
3- الحديث مرفوع . والناهض ما تهيأ للطيران. وإنما شبه الإوز بجاموس لأنسه بالحماءة وأكله منها . ولعله شبه الدجاج بالخنزير لاغتذائه بالعذرة أحياناً والتخصيص بامرأة من ربيعة ربما لمناسبة مضاربهم لتربية الفراخ لمكان نظافتها وحسنها .
4- الحديث ضعيف

3 - السياري، عمّن رواه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من سرَّه أن يقلّ غيظه فليأكل لحم الدرّاج(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى ، عن محمّد بن موسى قال : حدَّثني عليُّ بن سليمان، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حكيم، عن أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) قال: أطعموا المحموم لحم القَباج (2)فإنّه يقوّي الساقين ويطرد الحمّى طرداً.

5- عنه ، عن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن مهزیار قال : تغدَّيت مع أبي جعفر (علیه السلام)، فأتي بقطاة (3)فقال : إنّه مبارك، وكان أبي (علیه السلام) يعجبه ، وكان يأمر أن يطعم صاحب اليرقان، يُشوى له، فإنّه ينفعه .

6 - عنه ، عن عليّ بن سليمان، عن مروك بن عبيد، عن نشيط بن صالح قال : سمعت أبا الحسن الأول (علیه السلام) يقول : لا أرى بأكل الحباري بأساً، وإنّه جيّد للبواسير ووجع الظهر، وهو مما يُعينُ على كثرة الجماع (4).

باب لحوم الظباء والحُمُر الوحشية

232 - باب لحوم الظباء والحُمُر الوحشية

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن نصر بن محمّد قال: كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) أسأله عن لحوم حُمُر الوحش؟ فكتب (علیه السلام) يجوز أكله لوحشته، وتركه عندي أفضل (5).

ص: 327


1- الحديث ضعيف .
2- القبح : - كما في حياة الحيوان - : الحَجَل وهو طائر كالحمام أحمر المنقار والرجلين، والقبجة تقع على الذكر والأنثى . وقيل : هو فارسي معرّب : كبك .
3- القطاة : طائر معروف يقال له بالفارسية : إسفرود. وقال الدميري فى حياة الحيوان : وسميت القطا بحكاية صوتها فإنها تقول ذلك ولذلك تصفها العرب بالصدق .
4- الحديث مجهول والحبارى : - كما في حياة الحيوان - طائر معروف يقع على الذكر والأنثى، واحده وجمعه سواء. وهو طائر كبير العنق رمادي اللون في منقاره بعض طول، لحمه بين لحم الدجاج ولحم البط لأنه بري، وسلاحه سلحه .
5- الحديث ضعيف على المشهور وقال لشهيد في الدروس : قال ابن إدريس والفاضل بكراهة الحمار الوحشي والذي في مكاتبة أبي الحسن (علیه السلام) في لحم حمر الوحش تركه أفضل .

باب لحوم الجواميس

233 - باب لحوم الجواميس

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليّ بن محمّد جميعاً، عن عليّ بن الحسن التيميّ، عن أيّوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى، عن عبد اللّه بن جندب قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : لا بأس بأكل لحوم الجواميس وشرب ألبانها، وأكل سمونها .

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن عبد اللّه بن جندب قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن لحوم الجواميس وألبانها؟ فقال : لا بأس بهما(1).

باب كراهية أكل لحم الغريض يعني النيء

234 - باب كراهية أكل لحم الغريض (2)يعني النيء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) نهى أن يؤكل اللّحم غريضاً وقال : إنّما تأكله السباع ، ولكن حتّى تغيّره الشمس أو النار.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن أكل لحم النيء؟ فقال : هذا طعام السباع(3).

باب القديد

235 - باب القديد

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ ، عن عبد الصمد بن بشير، عن عطية أخي أبي المغرا (4)قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : إنَّ أصحاب المغيرة ينهون عن أكل القديد الذي لم تمسّه النّار ؟ فقال : لا بأس بأكله (5).

ص: 328


1- من الواضح أن نفي البأس لا ينافي الكراهة وقد ذهب إلى القول بها الحلبي .
2- اللحم الغريض : أي النيء أو غير الناضج . وفي الصحاح : هو الطري وقد نص على الكراهة الشهيد الأول رحمه اللّه في الدروس .
3- الحديث صحيح، والسباع يدخل فيها سباع الطير أيضاً.
4- في رجال الشيخ : ... أخو أبي العرام.
5- التهذيب 9 ،2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 171 .

2 - عنه رفعه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت له : إنَّ اللّحم يقدّد ويُذَرّ عليه الملح ويُجفّف في الظلّ ؟ فقال : لا بأس بأكله، لأنَّ الملح قد غيّره.

3-محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن محمّد بن عيسى، عن أبي الحسن الثالث (علیه السلام) قال : كان يقول : ما أكلت طعاماً أبقى (1) ولا أهيج للداء من اللّحم اليابس - يعني القديد -.

4 - عنه ، عن أبي الحسن (علیه السلام) أنّه كان يقول: القديد لحم سوء، لأنّه يسترخي في المعدَّة، ويهيج كلّ داء ، ولا ينفع من شيء بل يضرُّه.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : شيئان صالحان لم يدخلا جوف واحد قطّ فاسداً إلا أصلحاه ، وشيئان فاسدان لم يدخلا جوفاً قطّ صالحاً إلّا أفسداه ؛ فالصالحان الرُّمّان والماء الفاتر، والفاسدان: الجبن والقديد .

6 - قال : وروي عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ثلاثة يهدمن البدن وربّما قتلن : أكل القديد الغابّ (2)، ودخول الحمّام على البِطنَة، ونكاح العجائز.

قال: وزاد فيه أبو إسحاق النهاوندي: وغشيان النساء على الإمتلاء.

7-عنه ، عن بعض أصحابه رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ثلاث لا يؤكلن وهنَّ يُسَمِنّ ، وثلاث يؤكلن وهنَّ يهزلن ، واثنان ينفعان من كلّ شيء ولا يضرّان من شيء، واثنان يضران من كلّ شيء ولا ينفعان من شيء، فأما اللواتي لا يؤكلن ويُسمن : استشعار الكتان والطيب ،والنورة، وأمّا اللّواتي يؤكلن ويهزلن، فهو اللّحم اليابس والجبن والطلع - وفي حديث آخر الجرز والكُسب (3) - ، واللّذان ينفعان من كلّ شيء ولا يضرّان من شيء : فالماء الفاتر والرمّان، واللذان يضرّان من كلّ شيء ولا ينفعان من شيء : فاللحم اليابس والجبن، قلت: جُعِلْتُ فِداك ، ثمّ قلت : يهزلن ، وقلت ههنا يضران؟ فقال: أما علمت أنَّ الهزال من المضرة.

باب فضل الذراع على سائر الأعضاء

236 - باب فضل الذراع على سائر الأعضاء

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الريان رفعه قال : قلت لأبي

ص: 329


1- أي أكثر بقاء في المعدَّة. كناية عن صعوبة هضمه .
2- عَبَ اللحم وأغبُ فهو غاب - كما في النهاية - إذا أنتن .
3- الجرز: لحم ظهر الجمل. والكُتب : عصارة الدهن، وقيل: دهن السمسم.

عبد اللّه (علیه السلام) : لِمَ كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يحبُّ الذراع أكثر من حُبّه لسائر أعضاء الشاة؟ فقال (علیه السلام): لأنّ آدم (علیه السلام) قَرَّب قرباناً عن الأنبياء من ذرّيّته، فسمّى لكل نبيّ من ذرّيّته عضواً عضواً، وسمّى لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) الذراع ، فمِن ثَمّ كان (صلّی اللّه علیه وآله) يحبّها ويشتهيها ويفضّلها (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يعجبه الذراع .

3-عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سَمّت اليهوديّة النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) في ذراع، وكان النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) يحبّ الذراع والكتف ويكره الوِرك لقربها من المبال .

باب الطَّبيخ

237 - باب الطَّبيخ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : اللّحم باللّبن (2)مَرَقُ الأنبياء (علیه السلام).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إذا ضعف المسلم فليأكل اللّحم باللّبن(3).

3-أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن زياد بن أبي الحلال قال: تعشّيت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) بلحم بلبن ، فقال : هذا مَرَق الأنبياء (علیه السلام)(4).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان، عن دُرُست، عن عبد اللّه بن سنان، عن عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: شكا نبيٌّ من الأنبياء إلى اللّه عزَّ وجلَّ الضعف، فقيل له : اطبخ اللّحم باللّبن، فإنّهما يشدّان الجسم ، قال : فقلت : هي المضيرة؟ قال : لا ، ولكنَّ اللّحم باللّبن الحليب (5).

ص: 330


1- الحديث مرفوع .
2- يحتمل الحليب، واللبن المخيض أيضاً.
3- الحديث ضعيف .
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- الحديث ضعيف والمضيرة طبيخ يتخذ من اللبن الماضر وهو الذي يحذي اللسان قبل ان يروب - قاله الجوهري ..

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب قال : إنّ أحبّ الطعام كان إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) النارباجة(1).

6 - محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب قال : أرسلت إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) بقديرة فيها نار باج، فأكل منها، وقال: احبسوا بقيّتها عليّ ، فأتي بها مرَّتين أو ثلاثاً ، ثمّ إِنَّ الغلام صبَّ فيها ماء فأتاه بها، فقال له : ويحَك، أفسدتها عليّ. (2)

7-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن أبي بصير قال : كان أبو عبد اللّه (علیه السلام) تعجبه الزبيبية(3).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : الألوان (4) يعظمن البطن ويخدّرن الإليتين (4).

باب الثَّريد

238 - باب الثَّريد

1 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن محمّد، عن منصور بن العبّاس، عن سليمان بن رشيد، عن أبيه، عن المفضّل بن عمر قال: أكلت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) فأتي بلَون (5)، فقال: كُل من هذا، فأما أنا فما شيء أحبّ إليَّ من الثريد، ولوددت أنّ الاسفاناجات (6)حرّمت(7).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال : قال النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) : أوَّل من لوَّن (8)إبراهيم (علیه السلام) ، وأوّل من هشم الثريد هاشم(9).

ص: 331


1- الحديث ضعيف على المشهور والنارباجة : فارسي معرب بمعنى مرق الرمان .
2- الحديث ضعيف .
3- الحديث صحيح. والزبيبية : إما الزبيب المطبوخ، أو ما يطبخ بعصيره ويدل بظاهره على عدم حرمة الزبيب بالغليان كما هو المشهور.
4- أي أصناف الطعام يتناولها في وجبة واحدة أو أكثر. والحديث ضعيف على المشهور.
5- أي بصنف من الطعام. وفي محاسن البرقي : بلوز. وما في الكتاب أظهر .
6- الإسفناج : مرض أبيض لا يزاد، فيه شيء من الحموضة .
7- الحديث ضعيف.
8- من ألوان الطعام، أي أصنافه وأنواعه.
9- الحديث ضعيف على المشهور. والرد: الفت والكسر.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) : اللّهمّ بارك لأمّتي في الثرد والثريد، قال :جعفر الثرد ما صَغُر، والثريد ما كَبُر(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الثريد طعام العرب.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سلمة بن محرز قال : قال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : عليك بالثريد، فإنّي لم أجد شيئاً أوْفَقَ منه

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن معاوية بن وهب، عن أبي أسامة زيد الشحّام ، قال : دخلت على سيّدي أبي عبد اللّه (علیه السلام) وهو يأكل سُكباجا (2) بلحم البقر.

7 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن إسماعيل بن جابر قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فدعا بالمائدة، فأتي بثريد ولحم، ودعا بزيت وصبّه على اللّحم، فأكلتُ معه .

8-ورواه زرارة، عن بعض أصحابه رفعه قال : قال النبيُّ (صلّی اللّه علیه وآله) : الثريد بَرَكَة.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا تأكلوا من رأس الثريد، وكلوا من جوانبه، فإنَّ البركة في رأسه (3).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن أميّة بن عمرو، عن الشعيري، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : اطفؤوا نائرة الضغائن باللّحم والثريد.

باب الشواء والكباب والرؤوس

239 - باب الشواء والكباب والرؤوس

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن موسى بن عمر، عن جعفر بن بشير،

ص: 332


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- السكياج: فارسي معرب ومعناه مرق الخل.
3- الحديث ضعيف

عن إبراهيم بن مهزم ، عن أبي مريم، عن الأصبغ بن نباتة قال : دخلت على أمير المؤمنين (علیه السلام) وبين يديه شِواء ، فقال لي : أدْنُ فكُلْ ، فقلت : يا أمير المؤمنين، هذا لي ضارٌّ، فقال لي : أدنُ أُعلّمك كلماتٍ لا يضرُّك معهنَّ شيء ممّا تخاف، قل: «بسم اللّه خير الأسماء، مِلء الأرض والسماء، الرحمن الرحيم، الذي لا يضرُّ مع اسمه شيء ولا داء»، تَغَدّ معنا(1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسان، عن موسى بن بكر قال: اشتكيت بالمدينة شَكاةً ضَعُفْتُ معها، فأتيت أبا الحسن (علیه السلام)، فقال لي : أراك ضعيفاً، قلت: نعم، فقال لي : كُل الكباب، فأكلته، فبرئت(2).

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن موسى بن بكر قال : قال لي أبو الحسن - يعني الأوّل - (علیه السلام) : ما لي أراك مُصْفَرّاً؟ فقلت له : وعك (3)أصابني ، فقال لي : كُل اللّحم، فأكلته، ثمّ رآني بعد جمعة وأنا على حالي مُصْفَرّاً، فقال لي : ألم آمرك بأكل اللّحم ؟ قلت ما أكلت غيره منذ أمرتني ، فقال : وكيف تأكله؟ قلت: طبيخاً، فقال: لا كُله كباباً، فأكلته ثمّ أرسل إليّ فدعاني بعد جمعة، وإذا الدم قد عاد في وجهي، فقال لي : الآن نعم (4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد اللّه بن محمّد الشامي، عن حسين بن حنظلة ، عن أحدهما (علیه السلام) قال: أكلُ الكباب يَذْهَبُ بالحُمّى (5).

5-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عليّ بن الريان بن الصلت، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الواسطي، عن واصل بن سليمان، عن درست، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ذكرنا الرؤوس من الشاة فقال : الرأس موضع الذكاة، وأقرب من المرعى، وأبعد من الأذى (6).

باب الهَريسة

240 - باب الهَريسة

1 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن بسطام بن مرة الفارسي قال : حدَّثنا

ص: 333


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الوعك : الحمّى .
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- الحديث ضعيف.
6- الحديث ضعيف . والمراد بالأذى - ظاهراً - مخرج البول والرجيع من الحيوان . أو موضعهما وهما المعدَّة والإمعاء والمثانة .

عبد الرحمن بن يزيد الفارسي، عن محمّد بن معروف، عن صالح بن رزين، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : علیکم بالهريسة، فإنّها تُنَشّط للعبادة أربعين يوماً، وهي من المائدة التي أنزلت على رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)(1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى، عن الدهقان، عن دُرُست بن أبي منصور، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّ نبيّاً من الأنبياء شكا إلى اللّه عزَّ وجلَّ الضعف وقِلّةَ الجماع، فأمره بأكل الهريسة (2).

وفي حديث آخر رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) شكا إلى ربّه عزّ وجلّ وجع الظهر ، قأمره بأكل الحَبّ باللّحم - يعني الهريسة - (3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن منصور ، الصيقل، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّ اللّه تبارك وتعالى أهدى إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) هريسة من هرائس الجنّة، غُرست في رياض الجنّة، وفَرَكَها الحور العين، فأكلها رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فزاد في قوَّته بضْعَ (4)أربعين رجلاً ، وذلك شيء أراد اللّه عزّ وجلَّ أن يسرَّ به نبيّه محمّداً (صلّی اللّه علیه وآله).

باب المثلثة والإحساء

241 - باب المثلثة والإحساء

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن الوليد بن صبيح قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : أيُّ شيء تطعم عيالك في الشتاء؟ قلت: اللّحم، فإذا لم يكن اللّحم فالزيت والسمن قال: فما يمنعك عن هذا الكركور ، فإنّه أمْرَأ شيء في الجسد - يعني المثلثة - قال : وأخبرني بعض أصحابنا أنَّ المثلّثة يؤخذ قفيز أرزّ وقفيز حمّص وقفيز باقلّى أو غيره من الحبوب، ثمّ يُرَضّ جميعاً ويُطبخ .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن حديد، عن بعض

ص: 334


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث ضعيف .
3- الحديث مرفوع .
4- البضع : الجماع والفرج والحديث ضعيف على المشهور.

أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّ التلبين يجلو القلب الحزين، كما تجلو الأصابع العَرَقَ من الجبين (1).

3 - وروي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال النبيُّ (صلّی اللّه علیه وآله) : لو أغنى عن الموت شيء لأغنت التلبينة، فقيل: يا رسول اللّه، وما التلبينة؟ قال : الحَسوا (2) باللّبن، الحُسو باللّبن - وكرَّرها ثلاثاً -.

ورواه سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون عن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله(3).

باب الحلواء

242 - باب الحلواء

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن هارون بن موفق المديني، عن أبيه قال : بعث إليَّ الماضي (علیه السلام) يوماً ، فأكلت عنده، وأكثر من الحلواء، فقلت: ما أكثر هذه الحلواء؟ فقال (علیه السلام): إنّا وشيعتنا خُلقنا من الحلاوة، فنحن نحبّ الحلواء (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: من لم يرد منّا الحلواء أراد الشراب (5).

3-أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الأعلى قال: أكلت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) يوماً، فأتي بدجاجة محشوّة خبيصاً (6)، ففككناها وأكلناها .

[ابن فضال، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الأعلى قال : أكلت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام)

مثل الخبر الأوَّل].

4 - ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كنّا بالمدينة، فأرسل إلينا : اصنعوا لنا فالوذج وأقلّوا، فأرسلنا إليه في قصعة صغيرة.

ص: 335


1- الحديث ضعيف والتلبين والتلبينة - كما في النهاية - حساء يعمل من دقيق أو نخالة وربما جعل فيها عسل ، سميت تشبيها باللبن لبياضها ورقتها.
2- الحسو: أي الحاء. وحسن الشيء يحسوه حواً شربه شيئاً فشيئاً. والحديث مرسل.
3- هذا الطريق ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- الحديث ضعيف على المشهور وأراد بالشراب المباح من الماء ونحوه .
6- الخبص الخلط. والخبيص : نوع من الحلوى يعمل من التمر والسمن يلتان.

باب الطعام الحارّ

243 - باب الطعام الحارّ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : أقِرُّوا الحارَّ حتّى يبرد،فإنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قُرّب إليه طعام حارٌّ فقال : أقرُّوه حتّى يبرد، ما كان اللّه عزَّ وجلَّ ليطعمنا النار، والبَرَكَة في البارد.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) أتي بطعام حارّ جدّاً فقال : ما كان اللّه عزّ وجلَّ ليطعمنا النار، اقرُّوه حتّى يبرد ويمكّن، فإنّه طعام ممحوق البَرَكَة، وللشيطان فيه نصيب(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حكيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الطعام الحارّ غير ذكي بَرَكَة .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : أتي النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) بطعام حارّ فقال : إنَّ اللّه عزّ وجلَّ لم يطعمنا النّار، نَحوه حتّى يبرد، فتُرك حتّى بَرَدَ .

5- أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن سليمان بن خالد قال : حضرت عشاء أبي عبد اللّه (علیه السلام) في الصيف، فأتي بخوان عليه خبز، وأتي بقصعة ثريد ولحم ، فقال : هلمّ إلى هذا الطعام فدنوت فوضع يده فيه ورفعها وهو يقول : أستجير باللّه من النار، أعوذ باللّه من النار، [أعوذ باللّه من النار]، هذا ما لا نصبر عليه فكيف النار، هذا ما لم نَقوَ عليه فكيف النار، هذا ما لا نطيقه فكيف النار ؟! قال : وكان (ع ) يكرّر ذلك، حتّى أمكن الطعام فأكل وأكلنا وأكلنا معه .

باب نَهكِ العظام

244 - باب نَهكِ العظام (2)

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن

ص: 336


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- قال الفيروز آبادي : نهك من الطعام، بالغ في أكله . ونَهْكُ العظم أن يستأصل ما عليه من اللحم حتّى لا يبقى عليه شيء، أو أن يخرج منه أو الأعم منها .

الهيثم، عن أبيه قال: صنع لنا أبو حمزة طعاماً ، ونحن جماعة ، فلمّا حضرنا ، رأى رجلاً ينهك عظماً، فصاح به فقال : لا تفعل، فإنّي سمعت عليّ بن الحسين (علیه السلام) يقول : لا تنهكوا العظام، فإنّ فيها للجنّ نصيباً، وإن فعلتم ذهب من البيت ما هو خير من ذلك(1).

باب السَّمَك

245 - باب السَّمَك

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن سعيد بن جناح ، عن مولى لأبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : دعا بتمر فأكله، ثمّ قال : ما بي شهوة ولكنّي أكلت سمكاً، ثمّ قال : من بات وفي جوفه سمك لم يتبعه بتمرات أو عسل لم يزل عِرْقُ الفالج يضرب عليه حتّى يصبح (2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن نوح بن شعيب، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إذا أكل السمك قال : اللّهمّ بارك لنا فيه، وأبدِلنا به خيراً منه .

3 - الحسين بن محمّد،عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن عليّ الهمداني، عن معتّب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أو (3)قال : عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : قال يوماً : يا معتّب، اطلب لنا حيتاناً (4)طريّة ، فإنّي أريد أن أحتجم ، فطلبتها ثمّ أتيته بها ، فقال لي : يا معتب، سَكبج (5)لنا شطرها واشوِ لنا شطرها، فتغدّى منها وتعشى أبو الحسن (علیه السلام) .

عليُّ بن إبراهيم [عن أبيه]؛ وعليّ بن محمّد بن بندار، عن أبيه [ وأحمد بن أبي عبد اللّه]، جميعاً عن محمّد بن عليّ الهمداني مثله .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : علیکم بالسمك، فإنّك إن أكلته بغير خبز أجزاك، وإن أكلته بخبز أمْرَأك .

ص: 337


1- الحديث ضعيف والظاهر إن الجنّ يسمون العظم فإذا استقصي لا يبقى شيء لاستشمامهم فيسرقون من البيت مرآة المجلسي 150/22 . ورواه في الفقيه ،3، 96 - باب الصيد والذبائح، ح 114 .
2- الحديث مجهول.
3- الترديد من الراوي .
4- يقصد سمكاً .
5- أي اصنعه مع السكباج، وهو - كما تقدم - فارسي معرب معناه مرق الخل.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن (1) ابن اليسع ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام): لا تُدْمِنوا أكلَ السمك فإنّه يذيب الجسد(2).

6 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : أكل الحيتان يذيب الجسم .

7 - سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : السمك الطَّري يُذيب الجسد(3).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى رفعه قال: السمك الطري يذيب شحم العين (4).

9 - سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: السمك الطري يذيب شحم العينين (5).

10 - محمّد بن يحيى قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمّد (علیه السلام) يشكو إليه دماً وصفراء ، فقال : إذا احتجمتُ هاجت الصفراء، وإذا أخّرت الحجامة أضرَّني الدم، فما ترى في ذلك؟ فكتب (علیه السلام) : احتجم ، وكُل على إثر الحجامة سَمَكاً طريّاً كباباً، قال: فأعدت عليه المسألة بعينها، فكتب (علیه السلام) : احتجم وكُلْ على إثر الحجامة سمكاً طرياً كباباً بماء وملح ، قال : فاستعملت ذلك، فكنت في عافية، وصار غذاي (6).

باب بيض الدجاج

246 - باب بيض الدجاج

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن جعفر بن محمّد بن حكيم،

ص: 338


1- في بعض النسخ : مسعدة بن اليسع . وهو موافق لما في فهرست الشيخ رحمه اللّه . واللّه العالم.
2- الحديث ضعيف
3- الحديث ضعيف على المشهور، ويمكن حمله على صورة إدمانه نظراً لما تقدم .
4- الحديث مرفوع .
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- الحديث صحيح .

عن يونس، عن مرازم قال : ذكر أبو عبد اللّه (علیه السلام) البيض ، فقال : أما إنّه خفيف، يذهب بقَرَم اللحم .

قال : ورواه محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن جعفر بن محمّد بن حكيم، عن مرازم أنّه زاد فيه : وليست له غائلة اللّحم(1).

2-أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمر بن أبي حسنة الجمّال: قال شكوت إلى أبي الحسن (علیه السلام) قلّة الولد، فقال لي : استغفر اللّه ، وكُل البيض بالبصل(2).

3-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدّهقان عن درست، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : شكا نبيٌّ من الأنبياء (علیه السلام) إلى اللّه عزَّ وجلَّ قلة النسل، فقال : كُل اللّحم بالبيض(3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر قال: سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : كثرة أكل البيض تزيد في الولد (4).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن جدّه ؛ وقيس بن عبد العزيز، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مُخّ البيض(5)خفيف، والبياض ثقيل.

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنَّ الدَّجاجة تكون في المنزل وليس معها ديك، تعتلف من الكناسة وغيرها (6)، وتبيض من غير أن يركبها الدّيك، فما تقول في أكل ذلك البيض؟ فقال لي : إنَّ البيض إذا كان مما يؤكل لحمه، فلا بأس به وبأكله، وهو حلال .

7-أبو عليّ الأشعريّ ، عن بعض أصحابنا، عن ابن أبي نجران، عن داود بن فرقد قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الشاة والبقرة، ربّما درّت اللّبن من غير أن يضربها الفحل، والدَّجاجة

ص: 339


1- الحديث ضعيف بسنديه . والقرم - كما يقول الفيروز آبادي - : شدة شهوة اللحم، والغائلة : الفساد والشر.
2- الحديث ضعيف .
3- الحديث ضعيف.
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- المُخ: - كما يقول الفيروز آبادي - خالص كل شيء، وصفرة البيض، أو ما في البيض كلّه.
6- يدل على أنها لا تغتذي بالعذرة محضاً، وهذا هو منشا الحكم بجواز أكل بيضها .

ربّما باضت من غير أن يركبها الدّيك؟ قال : فقال (علیه السلام) : كلَّ هذا حلال طيب لك، كلّ شيء يؤكل لحمه فجميع ما كان منه من لبن أو بيض أو إنْفِحَة فكلُّ هذا حلال طيب، وربّما يكون هذا قد ضربه الفحل ويبطيء، وكلُّ هذا حلال.

باب فَضْل الملح

247 - باب فَضْل الملح

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن ابن بكير، عن زرارة عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال النبيُّ (صلّی اللّه علیه وآله) لأمير المؤمنين (علیه السلام) : يا عليّ . افتتح بالملح في طعامك، واختم بالملح ، فإنّه من افتتح طعامه بالملح وختمه بالملح، دفع اللّه عنه سبعين نوعاً من أنواع البلاء، أيْسَرُها الجُذام .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) لعليّ (علیه السلام) : يا عليُّ افتتح طعامك بالملح واختم بالملح، فإنَّ من افتتح طعامه بالملح وختم بالملح، عُوفِي من اثنين وسبعين نوعاً من أنواع البلاء، منه الجذام والجنون والبرص.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن رجل، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنَّ في الملح شفاءٌ من سبعين داء، أو(1) قال : سبعين نوعاً من أنواع الأوجاع ، ثمّ قال : لو يعلم الناس ما في الملح ما تداوَوا إلّا به(2).

4-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : ابدؤوا بالملح في أول طعامكم، فلو يعلم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرّب(3).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن الجعفريّ، عن أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) قال : لا يخصب (4) خوان لا ملح عليها ، وأصحّ للبدن أن يبدأ به في أوَّل الطعام (5).

ص: 340


1- الترديد من الراوي .
2- الحديث مجهول.
3- الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و. ح 27 . وفيه : . . الطعام . . بدل : طعامكم .
4- الخصب - كما في المصباح - النماء والبركة .
5- الحديث ضعيف .

6 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن سكين بن عمّار، عن فضيل الرسان، عن فروة ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : أوحى اللّه عزّ وجل إلى موسى بن عمران (علیه السلام)؛ أنْ مُرْ قَوْمَكَ يفتتحوا بالملح ويختتموا به، وإلّا فلا يلوموا إلّا أنفسهم (1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قال لنا الرضا (علیه السلام) : أيُّ الإدام أحرى (2)؟ فقال بعضنا : اللّحم، وقال بعضنا الزيت، وقال بعضنا : اللّبن، فقال هو (علیه السلام) : لا بل الملح، ولقد خرجنا إلى نزهة لنا ونسي بعض الغلمان الملح، فذبحوا لنا شاة من أسمن ما يكون فما انتفعنا بشيء حتّى انصرفنا.

8 - عنه ، عن يعقوب بن يزيد رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : من ذرَّ على أوَّل لقمة من طعامه الملح ذهب عنه بنَمَش الوجه(3).

9 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الحزَّاز، عن محمّد بن مسلم قال : إنَّ العقرب لسعت رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ، فقال : لعنك اللّه ، فما تُبالين مؤمناً آذيت أم كافراً، ثمّ دعا بالملح فدلكه ، فهدأت (4)، ثمّ قال أبو جعفر (علیه السلام) : لو يعلم الناس ما في الملح ما بغوا معه درياقاً.

10 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه ؛ وعمرو بن إبراهيم، جميعاً عن خلف بن حمّاد، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لدغت رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عقرب، فنفضها وقال : لعنك اللّه ، فما يسلم منك مؤمن ولا كافر، ثمّ دعا بالملح فوضعه على موضع اللدغة ، ثمّ عصره بإبهامه حتّى ذاب، ثمّ قال : لو يعلم الناس ما في الملح ما احتاجوا معه إلى درياق (5).

باب الخل والزيت

248 - باب الخل والزيت

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن

ص: 341


1- الحديث مجهول.
2- أي أولى، وفي بعض النسخ : امرا (أمرى).
3- الحديث مرفوع . والنمش : بقع في الجلد تخالف لونه .
4- أي سكن المها . والحديث حسن .
5- الحديث صحيح.

خالد بن نجيح :قال كنت أفطر مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) ومع أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) في شهر رمضان، فكان أوّل ما يؤتى به قصعة من ثريد خلّ وزيت فكان أول ما يتناول منها ثلاث لقم، ثمّ يؤتى بالجفنة (1).

2 - عنه ، عن عثمان بن عيسى، عن حمّاد بن عثمان ، عن سلامة القلانسي قال : دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فلما تكلّمت قال لي : ما لي أسمع كلامك قد ضعف؟ قلت : قد سقط فمي(2) قال : فكأنّه شقّ عليه ذلك ، ثمّ قال : فأيُّ شيء تأكل؟ قلت: أكل ما كان في البيت، فقال : عليك بالثريد، فإن فيه بركة، فإنَّ لم يكن لحم فالخل والزيت(3).

3 - عنه ، عن إسماعيل بن ،مهران عن حمّاد بن عثمان عن زيد بن الحسن قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) أشبه الناس طعمة برسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، كان يأكل الخبز والخل والزيت، ويُطعم الناس الخبز واللّحم (4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبيدة الواسطيّ، عن عجلان قال : تعشّيت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) بعد عتمة، وكان يتعشّى بعد عتمة، فأتي بخل وزيت ولحم بارد فجعل ينتف اللحم فيطعمنيه، ويأكل هو الخلّ والزَّيت ويدع اللحم، فقال: إنَّ هذا طعامنا وطعام الأنبياء (علیه السلام)(5).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الأعلى قال : أكلت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فقال : يا جارية، أيتينا بطعامنا المعروف، فأتي بقصعة فيها خلٌّ وزيت فأكلنا .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان أحبُّ الأصباغ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الخل والزيت، وقال: هو طعام الأنبياء (علیه السلام)(6).

7 - وبهذا الإسناد قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام): ما افتقر أهل بيت يأتدمون بالخلّ

ص: 342


1- الحديث صحيح. والجفنة: القصعة يوضع فيها الطعام . .
2- مبني على حذف المضاف أي سقطت أسنان فمي وإنما عبر بالفم لأنه موضعها .
3- الحديث مجهول والمعنى : إن لم يكن مع الثريد اللحم، فليكن معه الخل والزيت.
4- الحديث مجهول.
5- الحديث مجهول.
6- الحديث ضعيف على المشهور.

والزيت، وذلك أدم الأنبياء (علیه السلام)(1).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أيّوب بن الحرّ، عن محمّد بن عليّ الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الطعام؟ فقال : عليك بالخلّ والزيت، فإنّه مربىء، فإنَّ عليّاً (علیه السلام) كان يُكثر أكله، وإنّي أكثر أكله، وإنّه مربىء.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط ، عن عمّه يعقوب بن سالم قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يأكل الخلّ والزيت، ويجعل نفقته تحت طنفسته(2).

باب الخَلَّ

249 - باب الخَلَّ

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : دخل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إلى أمّ سلمة - رضي اللّه عنها - فقرَّبت إليه كسراً ، فقال : هل عندك إدام ؟ فقالت : لا يا رسول اللّه ما عندي إلّا خلّ، فقال (صلّی اللّه علیه وآله) : نِعْمَ الادام الخلّ، ما أقفر بيت فيه الخلّ.(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الخلّ يشدُّ العقل (4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمعته يقول : ما أقفر بيت في خلّ وقد قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ذلك(5).

4-عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أبيه ، عن محمّد بن عليّ الهمداني أنَّ رجلاً كان عند الرّضا (علیه السلام) بخراسان، فقُدّمت إليه مائدة عليها خلّ وملح ، فافتتح (علیه السلام) بالخلّ، فقال الرّجل : جُعِلْتُ فِداك، أمرتنا أن نفتتح بالملح ؟ فقال : هذا مثل هذا - يعني الخلّ ، وإنّ الخلّ يشدّ

ص: 343


1- الحديث ضعيف على المشهور. وفي بعض النسخ : ما أَقْفَر. ولعله الأصح . وأَقْفَر: خلا.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- روى ذيله في الفقيه ،3، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و . ح 35 ورواه مرسلاً وفيه : ما افتقر . . . ، والحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث حسن .
5- الحديث ضعيف على المشهور.

الذهن ويزيد في العقل.(1)

5-عليُّ بن محمّد، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبان بن عبد الملك، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّا لنبدأ بالخلّ عندنا كما تبدأون بالملح عندكم، فإنّ الخل ليشدّ العقل(2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال:كان أحبُّ الأصباغ إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) الخلّ(3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن بعض أصحابنا، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : نعم الإدام الخلّ یكسر المرّة، ويطفىء الصفراء، ويحيي القلب.

8-عليّ ، عن أبيه، عن حنان، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ذُكر عنده خلُّ الخمر، فقال (علیه السلام): إنّه ليقتل دوابّ البطن ويشدُّ الفم (4).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال خلّ الخمر يشدّ اللّثة، ويقتل دوابّ البطن، ويشدّ العقل.

10 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن إبراهيم الجعفريّ، عن محمّد وأحمد ابني عمربن موسى، عن أبيهما رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الاصطباغ بالخلّ يقطع شهوة الزّنا(5).

11 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن ربيع المسلي، عن أحمد بن رزين، عن سفيان بن السمط، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : عليك بخلّ الخمر، فاغمس فيه، فإنّه لا يبقى في جوفك دابّة إلّا قتلها (6).

12 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن عليّ بن سليمان بن رشيد، عن

ص: 344


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث مجهول.
3- الحديث ضعيف على المشهور والأصباغ، جمع الصبغ وهو ما يوضع في الادام فيصبغه .
4- الحديث حسن أو موثق ، ولعل المراد بخل الخمر ذاك المتخذ من عصير العنب أو التمر، يخلل وقد يتحول ، ملة إلى خمر.
5- الحديث مجهول.
6- الحديث مجهول.

محمّد بن عبد اللّه ، عن سليمان الدّيلمي ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّ بني إسرائيل كانوا يستفتحون بالخلّ ويختمون به، ونحن نستفتح بالملح، ونختم بالخلّ(1).

باب المري

250 - باب المري (2)

1 - محمّد بن يحيى ، عن موسى بن الحسن، عن محمّد بن أحمد بن أبي محمود، عن أبيه رفعه ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّ يوسف (علیه السلام) لمّا كان في السجن، شكا إلى ربّه عز وجلَّ أكل الخبز وحده، وسأل إداماً يأتدم به، وقد كان كَثُرَ عنده قطع الخبز اليابس، فأمره أن يأخذ الخبز ويجعله في إجانة ، ويصب عليه الماء والملح ، فصار مَريّاً، فجعل يأتدم به (علیه السلام)(3).

باب الزيت والزيتون

251 - باب الزيت والزيتون

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : كُلوا الزيت، وادَّهنوا بالزَّيت، فإنّه من شجرة مباركة .

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد،، عن ابن فضّال، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله .

2 - أبو عليُّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ عن عبيد اللّه الدهقان، عن دُرُست، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : كان ممّا أوصى به آدم (علیه السلام) إلى هبة اللّه ابنه : أن كُل الزيتون فإنّه من شجرة مباركة .

3- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد ، عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار أو (4)غيره قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) :

ص: 345


1- الحديث ضعيف والمراد إنهم يبدأون على الطعام بالخل أو بالملح .
2- قال الفيروز آبادي : المرّيّ : إدام كالكامخ، وقال الجوهري : هو الذي يؤتدم به ، كأنه منسوب إلى المرّارة والعامة تخففه .
3- الحديث مجهول
4- الترديد من الراوي .

إنّهم يقولون : الزيتون يهيّج الرّياح (1) ؟ فقال : إنَّ الزيتون يطرد الرّياح.

4 - عنه عن منصور بن العبّاس، عن محمّد بن عبد اللّه بن واسع، عن إسحاق بن إسماعيل، عن محمّد بن يزيد عن أبي داود النخعيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : ادَّهنوا بالزيت وأتدموا به، فإنّه دهنة الأخيار وإدام المصطفين، مُسِحَت بالقدس مرَّتين بوركت مُقبلةً وبوركت مُدبرة، لا يضرُّ معها داء (2).

5- منصور بن العبّاس، عن إبراهيم بن محمّد الزّارع البصريّ، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: ذكرنا عنده الزيتون، فقال الرّجل : يجلب الرياح، فقال: لا، بل يطرد الرّياح.

6-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن النوفليّ ، عن الجريريّ، عن عبد المؤمن الأنصاريّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : الزّيت دهن الأبرار، وإدام الأخيار، بورك فيه مُقبلاً ، وبورك فيه مُدْبراً، انغمس بالقدس مرَّتين .

7- محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام): الزيتون يزيد في الماء .

باب العَسَل

252 - باب العَسَل

1-عدَّة أصحابنا، ، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن محمّد بن سوقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما استشفى الناس بمثل العسل .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لَعْقُ العسل شفاء من كل داء، قال اللّه عزّ وجلَّ: ﴿يَخْرُجُ من بطونها شراب مختلف ألوانُه فيه شفاء

ص: 346


1- يعني رياح المعدَّة أو رياح المفاصل .
2- الحديث ضعيف . (قوله (علیه السلام) : مُسحت بالقدس مرتين ... الخ : أي في موضعين من القرآن في سورة النور وسورة التين، أو في الملل السابقة وفي هذه الملة أو المراد محض التكرار من غير خصوصية عدد الإثنين، ونظائره كثير، وأما قوله (علیه السلام) : مقبلة ومدبرة فلعل المعنى : رطبة وجافة أو صحيحة ومعتصرة منها الدهن، أو سواء كانت موافقة للمزاج أو غير موافقة أو الغرض تعميم الأحوال مرآة المجلس، 161/22 - 162 .

للناس)(1)، وهو مع قراءة القرآن ومضغ اللُّبان (2)يذيب البَلْغَم .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يعجبه العسل .

4-محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن سكين عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) يأكل العسل ويقول: آياتٌ من القرآن، ومضغ اللُّبان يذيب البلغم(3).

5- عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عليُّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: ما استشفى مريض بمثل العسل(4).

باب السُّكّر

253 - باب السُّكّر

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسان، عن موسى بن بكر قال : كان أبو الحسن الأوّل (علیه السلام) كثيراً ما يأكل السكّر عند النوم(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لئن كان الحُبْنُ يضرُّ من كلّ شيء ولا ينفع، فإنَّ السّكر ينفع من كلّ شيء ولا يضرُّ من شيء(6).

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أحمد الأزدي، عن بعض أصحابنا رفعه قال : شكا رجلٌ إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) فقال : إنّي رجل شاكي ؟ فقال: أين هو عن المبارك ؟ ! فقلت : جُعِلْتُ فداك، وما المبارك؟ قال: السكّر، قلت: أيُّ السكّر، جُعِلْتُ فِداك؟ قال : سُلَيْمَانِيكم هذا .

ص: 347


1- النحل/ 69 . واختلاف ألوانه باعتبار أن منه الأحمر والأسود والأبيض وغير ذلك.
2- اللبان: الكندر.
3- الحديث مجهول .
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- الحديث ضعيف .

4 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سهل، عن الرّضا (علیه السلام) أو (1)قال بعض أصحابنا، عن الرّضا (علیه السلام) قال: السكّر الطَّبرزَد يأكل البلغم أكلاً (2).

5- أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن النعمان عن بعض أصحابنا قال : شكوت إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) الوجع ، فقال لي : إذا أويت إلى فراشك فكل سُكَّرتين، قال: ففعلت ذلك فبرأت فخبرت بعض المتطبّبين، وكان أفْرَة أهل بلادنا، فقال: من أين عرف أبو عبد اللّه (علیه السلام) هذا ، هذا من مخزون عِلْمنا، أما إنّه صاحب كتب، فينبغي أن يكون أصابه في بعض كتبه .

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن معتّب قال : لما تعشّى أبو عبد اللّه (علیه السلام) قال لي : إذا دخلت الخزانة فاطلب لي سُكّرتين، فقلت : جُعِلْتُ فِداك ، ليس ثمّ شيء ، فقال : أدخل ، وَيْحَكَ، قال: فدخلت، فوجدت سكرتين فأتيته بهما(3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير رفعه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: شكا إليه رجل الوَباء، فقال له : وأين أنت عن الطيب المبارك؟ قال : قلت : وما الطيب المبارك؟ فقال : سُلَيْمَانِيكُم هذا، قال: فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إنَّ أوَّل من اتخذ السكّر سليمان بن داود (علیه السلام) (4).

8- محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن عن عبيد الخيّاط، عن عبد العزيز، عن ابن سنان، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لو أنَّ رجلاً عنده ألف درهم ليس عنده غيرها، ثمّ اشترى بها سكّراً، لم يكن مُسرفاً.(5)

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن عدَّة من أصحابه، عن عليّ بن أسباط ، عن يحيى بن بشير النبال قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) لأبي : يا بشير، بأي شيء تداوون مرضاكم ؟ فقال : بهذه الأدوية المرّار فقال له : لا ، إذا مرض أحدكم فخذ السكر الأبيض،

ص: 348


1- الترديد من الراوي .
2- الحديث مجهول والطبرزد - كما يقول في القاموس - السكر معرب ، كأنه نجت من نواحيه بالفاس.
3- حدیث مجهول.
4- الحديث مرفوع .
5- الحديث ضعيف على المشهور.

فدقّه وصبَّ عليه الماء البارد، واسقه إيّاه، فإنَّ الذي جعل الشفاء في المرّارة قادر أن يجعله في الحلاوة (1).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ياسر، عن الرّضا (علیه السلام) قال: السكّر - الطَّبَرْزَد يأكل البلغم أكلاً (2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن أحمد بن أشيم، عن بعض أصحابنا قال: حُمَّ بعض أهلنا، فوصف له المتطیّبون الغافث (3)، فسقيناه فلم ينتفع به، فشكوت ذلك إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فقال: ما جعل اللّه في شيء من المرّ شفاء، خذ سكرة ونصفاً، فصيّرها في إناء، وصب عليها الماء حتّى يغمرها، وضع عليها حديدة، ونجمها (4) من أوَّل الليل، فإذا أصبحت فأمر سها (5)بيدك، واسقه، فإذا كانت الليلة الثانية فصيّرها سُكّرتين ونصفاً، ونجّمها كما فعلت واسقه، وإذا كانت الليلة الثالثة، فخد ثلاث سكّرات ونصفاً، ونجمهنّ مثل ذلك ، قال : ففعلتُ فشفى اللّه عزّ وجلَّ مريضنا (6).

باب السَّمن

254 - باب السَّمن

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : سمون البقر شفاء.

2 - عنه ، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : السمن دواء، وهو في الصيف خير منه في الشتاء، وما دخل جوفاً مثله .

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن المطلب بن زياد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: نعم الإدام السمن.

ص: 349


1- الحديث مرسل مجهول.
2- الحديث ضعيف .
3- الغافث من الحشائش الشائكة، وله ورق كورق النطافلي وزهر كالنيلوفر، وهذا الزهر هو الذي يستعمل، أو يعصر فتستعمل عصارته .
4- أي اجعلها تحت النجوم مكشوفة .
5- المرس: الفرك والدلك .
6- الحديث مجهول.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا بلغ الرّجل خمسين سنة، فلا يبيتنَّ وفي جوفه شيء من السمن.

5-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فكلّمه شيخ من أهل العراق فقال له : ما لي أرى كلامك متغيّراً؟ فقال له : سقطت مقاديم فمي فنقص كلامي، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام): وأنا أيضاً قد سقط بعض أسناني ، حتّى أنه ليوسوس إليَّ الشيطان فيقول لي : إذا ذهبت البقيّة فبأيّ شيء تأكل؟ فأقول : لا حول ولا قوة إلا باللّه ، ثمّ قال لي : عليك بالثريد، فإنّه صالح، واجتنب السمن، فإنّه لا يلائم الشيخ .

6 - عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عمّن ذكره، عن أبي حفص الآبار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : السمن ما دخل جوفاً مثله، وإنّني لأكرهه للشيخ .

باب الأليان

255 - باب الأليان

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن الربيع بن محمّد المسلي، عن عبد اللّه بن سليمان، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لم يكن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يأكل طعاماً ولا يشرب شراباً إلّا قال: «اللّهم بارك لنا فيه، وأبدلنا به خيراً منه»، إلّا اللّبن فإنّه كان يقول: «اللّهم بارك لنا فيه وزدنا منه».(1)

2 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عباد بن يعقوب، عن عُبيد بن محمّد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لبن الشّاة السّوداء خير من لبن حمراوين، ولبن البقر الحمراء خير من لبن سوداوين (2).

3-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) إذا شرب اللّبن قال: «اللّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه ».

4- الحسين بن محمّد، عن السيّاريّ، عن عبيد اللّه بن أبي عبد اللّه الفارسيّ، عمّن

ص: 350


1- الحديث مجهول
2- الحديث ضعيف.

ذكره عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال له رجل: إنّي أكلت لبناً فضرَّني، قال: فقال له أبو عبد اللّه(علیه السلام): لا واللّه ما يضرُّ لبن قطّ، ولكنّك أكلته مع غيره فضرّك الذي أكلته ، فظننت أَنَّ ذلك من اللّبن(1).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : ليس أحد يغصّ بشرب اللّبن، لأنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول (2): (لبناً خالصاً سائغاً للشّاربين) .

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى ، عن خالد بن نجيح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : اللّبن طعام المرسلين(3).

7-عليُّ بن محمّد بن بندار، وغيره، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن أبي الحسن الأصبهاني قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فقال له رجل: - وأنا أسمع -: جُعِلْتُ فِداك : إِنِّي أجد الضعف في بدني ؟ فقال له: عليك باللبن، فإنّه يُنبت اللّحم ويَشُدُّ العظم.

8-عنه ، عن نوح بن شعيب، عمّن ذكره، عن أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) قال: من تغيّر عليه ماء الظهر، فإنّه ينفع له اللّبن الحليب والعسل.

9-عنه ، عن محمّد بن عليّ ، عن عبد الرَّحمن بن أبي هاشم، عن محمّد بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : أكلنا مع أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فأتينا بلحم جَزور، فظننت أنّه من بيته فأكلنا، ثمّ أتينا بعُس من لبن، فشرب منه ، ثمّ قال لي : اشرب يا أبا محمّد، فذقته، فقلت: جُعِلْتُ فداك، لبن؟ فقال : إنّها الفطرة، ثمّ أتينا بتمر فأكلناه (4).

ص: 351


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- النحل /66. ومطلع الآية : وإن لكم في الأنعام لَعِبرَةُ نُسْقِيكُم مما في بطونه من بين فرث ودم ... الخ . وساغ الرّجل الطعام والشراب يسوغه ويسيغه سَوْعاً وسَيغاً وأساعَهُ يسيغه إساعةً : استسهل مدخله في حلقه .
3- الحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف على المشهور. والعُس - كما في القاموس - القدح العظيم. وقوله (علیه السلام) : إنها الفطرة : كأنه إشارة إلى ما ورد في بعض روايات العامة من أن النبي (صلّی اللّه علیه وآله) أتي ليلة أسري له بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما فأخذ اللبن، فقال له جبرئيل (علیه السلام) : الحمد لله الذي هداك للفطرة . ويحتمل أن يكون المراد ما يستحب أن يفطر عليه، أو المراد مدح ذلك اللبن المخصوص بانه حلب في تلك الساعة، قال الفيروز آبادي : الفطر : شيء من فضل اللبن يحلب ساعتئذ ، والفطرة ما يظهر من اللبن على إحليل الضرع ...) مرآة المجلسي 169/22

باب ألبانِ البقر

256 - باب ألبانِ البقر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام): ألبان البقر دواء (1).

2-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم بن أبی البلاد، عن أبيه، عن جدّه قال : شكوت إلى أبي جعفر (علیه السلام) ذرباً (2)وجدته ، فقال لي : ما یمنعک من شرب ألبان البقر؟ فقال لي : أ شربتها قطّ ؟ فقلت له : نعم، مرّاراً، فقال: كيف وجدتها فقلت وجدتها تدبغ المعدَّة، وتكسو الكليتين الشحم وتشهي الطعام، فقال لي : لو کانت أيامه لخرجت أنا وأنت إلى ينبع حتّى نشربه(3).

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ،عن أبان بن عثمان ، عن زرارة، عن أحدهما (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : علیکم بألبان البقر فإنّها تُخلط مع كلّ الشجر .(4)

باب الماست

257 - باب الماست

1 – محمّد بن يحيى رفعه إلى أبي الحسن (علیه السلام) قال من أراد أكل الماست ولا يضرّه .

فليصبّ عليه الهاضوم قلت :له وما الهاضوم؟ قال : النانخواه .

باب ألبان الإبل

258 - باب ألبان الإبل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بكر بن صالح ، عن الجعفريّ قال : سمعت أبا الحسن موسى (علیه السلام) يقول : أبوال الإبل خير من ألبانها، ويجعل اللّه عزّ وجل الشفاء في ألبانها (5).

ص: 352


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الذَرَب فساد المعدَّة. ذكره الجوهري في الصحاح.
3- الحديث مجهول. وينبع : قرية في الحجاز.
4- قوله (علیه السلام) : فإنها تخلط من كل الشجر أي أن البقر ترعى من كل النباتات والأشجار مما مصادة ...من فوائد في تركيب ألبانها
5- الحديث ضعيف، وأخرج . . 9 - 2 - باب الذبائح والأطعمة وما .

2-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن نوح بن شعيب، عن بعض أصحابنا، عن موسى بن عبد اللّه بن الحسين قال : سمعت أشياخنا يقولون : ألبان اللّقاح شفاء من كلّ داء وعاهة، ولصاحب البطن أبوالها(1).

باب ألبان الأتن

259 - باب ألبان الأتن (2)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ،عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: تغدَّيت معه ، فقال لي : أتدري ما هذا؟ قلت: لا، قال: هذا شيراز الأتُن، اتّخذناه لمريض لنا، فإن أحببت أن تأكل منه فكل (3).

2 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن خلف بن حمّاد، عن يحيى بن عبد اللّه قال: كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فأتينا بسُكُر جات، فأشار بيده نحو واحدة منهن وقال : هذا شيراز الأتن، اتخذناه لعليل عندنا، ومن شاء فليأكل، ومن ، ومن شاء فليدع (4).

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال : سأنت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن شرب ألبان الأتن؟ فقال : إشْرَبها (5).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه، عن الحسين بن المبارک، عن أبي مريم الأنصاري، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن شرب ألبان الأتن؟ فقال لي : لا بأس بها (6).

باب الجبن

260 - باب الجبن

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن محبوب، عن عبد اللّه

ص: 353


1- الحديث مرسل موقوف واللقاح : جمع اللقوح، وهي الناقة الحلوب . والبطن : داء يصيب المعدَّة والإمعاء يؤدي إلى الإسهال الغير المنقطع تقريباً، ويقال لمن أصيب به الم--
2- الأتن: أنثى الحمار جمع أتان .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 173 بتفاوت. وقال الفيروز آبادي الشيراز اللبن الرائب المستخرج ماؤه . هذا وقد نص أصحابنا رضوان اللّه علیهم على كراهة لين ما كان لحمه مكروهاً كلبن الأتن مائعه وجامد... يقولوا بحرمته . بل ذهب بعضهم إلى الاستابلال بنفي البأس عن شرب البان الأتن على عدم الكراهة .
4- الحديث مجهول والسكرجة : - كما في النهاية - إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الادام
5- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 174 و 175 .
6- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة ، ح 174 و 175 .

سنان، عن عبد اللّه بن سليمان قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الجبن؟ فقال لي : لقد سألتني عن طعام يعجبني ، ثمّ أعطى الغلام درهماً فقال : يا غلام ابتغ لنا جبناً، ودعا بالغداء فتغدَّينا معه، وأتي بالجبن فأكل وأكلنا معه، فلما فرغنا من الغداء، قلت له : ما تقول في الجبن؟ فقال لي : أوَلَم تَرَني أكلته؟ قلت : بلى، ولكنّي أحبُّ أن أسمعه منك، فقال: سأخبرك عن الجبن وغيره، كلّ ما كان فيه حلال وحرام، فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بِعَيْنه فَتَدَعَهُ .

2 - أحمد بن محمّد الكوفي ، عن محمّد بن أحمد النهدي، عن محمّد بن الوليد، عن أبان بن عبد الرحمن، عن عبد اللّه بن سليمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في الجبن قال: كُلّ شيء لك حلال حتّى يجيئك شاهدان يشهدان عندك أنَّ فيه ميتة (1).

3 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن إبراهيم الهاشمي، عن أبيه، عن محمّد بن الفضل النيسابوريّ، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سأله رجل عن الجبن؟ فقال : داء لا دواء فيه، فلما كان بالعشي، دخل الرّجل على أبي عبد اللّه (علیه السلام) فنظر إلى الجبن على الخوان، فقال : جُعِلْتُ فِداك، سألتك بالغداة عن الجبن، فقلت لي : إنّه هو الداء الذي لا دواء له، والساعة أراه على الخوان؟ قال : فقال لي : هو ضار بالغَداة نافع بالعشي، ويزيد في ماء الظهر(2).

وروي : أنَّ مضرَّة الجبن في قشره.

باب الجبن والجوز

261 - باب الجبن والجوز

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام): أكلُ الجوز في شدَّة الحرّيهيّج الحرَّ في الجوف، ويهيّج القروح على الجسد، وأكلُه في الشتاء، يسخّن الكليتين ويدفع البرد.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الجبن والجوز إذا اجتمعا في كلّ واحد منهما شفاء، وإن افترقا، كان في كلّ واحد منهما داء(3).

ص: 354


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مجهول.
3- الحديث ضعيف .

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إدريس بن الحسن، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّ الجوز والجبن إذا اجتمعا كانا دواء، وإذا افترقا كانا داءً (1).

أبواب الحبوب

اشارة

أبواب الحبوب

باب الأرز

262 - باب الأرز

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ؛ والحسن بن عليّ بن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال: قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ما يأتينا من ناحيتكم شيء أحبُّ إليَّ من الأرزّ والبنفسج ، إنّي اشتكيت وجعي ذلك الشديد فألهمت أكل الأرزّ، فأمرت به فغُسل وجُفّف، ثمّ قُلي وطُحن، فجعل لي منه سفوف بزيت وطبيخ (2)أتحسّاه ، فأذهب اللّه عزَّ وجلَّ عنّي بذلك الوجع .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار، وغيره، عن يونس، عن هشام بن الحكم، عن زرارة قال: رأيت داية أبي الحسن موسى (علیه السلام) تلقمه الأرزّ، وتضربه عليه، فغمّني ما رأيته ، فدخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) فقال لي : أحسبكَ غَمَّكَ ما رأيت من داية أبي الحسن موسى؟ قلت له : نعم، جُعِلْتُ فِداك ، فقال لي : نِعْمَ الطعام الأرز، يوسع الأمعاء، ويقطع البواسير، وإنّا لنغبط أهل العراق بأكلهم الأرز والبُسْر (3) فإنّهما يوسعان الأمعاء ويقطعان البواسير(4).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبي سليمان الحذاء، عن محمّد بن الفيض قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فجاءه رجل فقال له : إن ابنتي قد ذبلت وبها البَطَن ؟ فقال : ما يمنعك من الأرز بالشحم، خذ حجاراً أربعاً أو خمساً فاطرحها بجنب النار، واجعل الأرزّ في القدر، واطبخه حتّى يدرك، وخذ شحم ، كلى طرياً، فإذا بلغ (5)الأرزّ

ص: 355


1- الحديث مجهول .
2- ولعل المراد - هنا - (بالطبيخ ) ما لم يغلظ كثيراً بل اكتفي فيه بذهاب ثلثيه، مرآة المجلسي 175/22 . وقوله (علیه السلام) : اتحماه من الحشو وهو شرب الشيء قليلا قليلا.
3- البسر : ثمّ النخل بعد أن ينعقد وقبل أن يصبح رطباً.
4- الحديث مجهول .
5- يعني نضج .

فاطرح الشحم في قصعة مع الحجارة، وكبّ(1)عليها قصعة أخرى، ثمّ حرّكها تحريكاً جيّداً واضبطها كيلا يخرج بخاره، فإذا ذاب الشحم، فاجعله في الأرزّ، ثمّ تحسّاه(2).

4-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عمّن أخبره عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : نعم الطعام الأرزّ وإنّا لندَّخره لمرضانا .

5- عنه ، عن يحيى بن عيسى، عمّن أخبره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال : نِعْمَ الطعام الأرزّ، وإنّا لنداوي به مرضانا .

6 - عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن خالد بن نجيح قال : شكوتُ إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) وجع بطني ، فقال لي : خذ الأرز فاغسله، ثمّ جفّفه في الظل، ثمّ رضّه(3)، وخذ منه في كلّ غَداة مِلْءَ راحتك، وزاد فيه إسحاق الجريري : تقليه قليلاً وزن أوقية واشربه (4).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زيادّ عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمران قال : كان بأبي عبد اللّه (علیه السلام) وجع البطن، فأمر أن يطبخ له الأرزّ ويجعل عليه السماق، فأكله، فبرى (5).

باب الحِمَّص

263 - باب الحِمَّص

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن نادر الخادم قال : كان أبو الحسن (علیه السلام) يأكل الحِمّص المطبوخ قبل الطعام وبعدَه (6).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إِنَّ الناس يروون أنَّ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) قال : إنَّ العدس بارك عليه سبعون نبيّاً؟ فقال: هو الذي يسمّونه عندكم الحِمّص، ونحن نسمّيه العدس (7).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة، عن رفاعة

ص: 356


1- الكَبّ: الإلقاء على الوجه والمقصود تغطيتها بقصعة أخرى.
2- الحديث مجهول.
3- الرض: الدق.
4- الحديث مجهول.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- الحديث مجهول.
7- الحديث حسن، والمراد بالناس : العامة .

قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إنّ اللّه تبارك وتعالى لمّا عافى أيّوب (علیه السلام)، نظر إلى بني إسرائيل قد ازدرعت (1)، فرفع طرفه إلى السماء وقال : إلهي وسيّدي، عبدك أيّوب المبتلى عافيته ولم يزدرع شيئاً، وهذا لبني إسرائيل زرع ، فأوحى اللّه عزَّ وجلَّ إليه : يا أيّوب، خذ من سبحتك (2)كفّا فابذره، وكانت سبحته فيها ملح ، فأخذ أيّوب (علیه السلام) كفاً منها فبذره، فخرج هذا العدس وأنتم تسمّونه الحِمّص، ونحن نسمّيه العدس(3).

4-عنه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرّضا (علیه السلام) قال : الحمّص جيّد لوجع الظهر، وكان يدعو به قبل الطعام وبعده.

باب العَدَس

264 - باب العَدَس

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام): أكل العدس، يُرِقُّ القلب ويُكثر الدَّمعة (4).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن فرات بن أحنف أنَّ بعض بني إسرائيل شكا إلى اللّه عزَّ وجلَّ قسوة القلب وقلّة الدّمعة، فأوحى اللّه عزَّ وجلَّ إليه : أن كُل العدس، فأكَلَ العدس، فرقَّ قلبه وجرت دمعته(5).

3-عنه عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن الفضيل، عن عبد الرحمن بن زيد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : شكا رجل إلى نبيّ اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قساوة القلب، فقال له: عليك بالعدس، فإنّه يُرقّ القلب ويُسرع الدَّمعة (6).

4 - عنه ، عن داود بن إسحاق الحذّاء، عن محمّد بن الفيض قال: أكلت عند أبي

ص: 357


1- قال الفيروز آبادي : زرع - كَمَنَعَ - : طرح البذر ،كاز درع وأصله ،از ترع، ابدلوها دالاً لتوافق الزاي .
2- « قوله : خذ من سبحتك ... وهي خرزات للتسبيح تُعد ، فقوله ؛ فيها ملح ، لعل المعنى أنها كانت قد خلطت في الموضع الذي وضعها فيه بملح ، أو كان بعض الخرزات من الملح، وإن كان بعيداً، والملح - بالكسر - الملاحة والحسن كما في القاموس، فيحتمل ذلك أيضاً، أو يقرأ : المُلْح - بالضم - جمع الأملح وهو ما فيه بياض يخالطه سواد، أي كان بعض الخرزات كذلك، وفي بعض النسخ : سبختك ، بالخاء المعجمة ولعله أظهر...» مرأة المجلسي 22 / 177.
3- الحديث صحيح.
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- الحديث ضعيف.
6- الحديث ضعيف.

عبد اللّه (علیه السلام) مرقة بعدس، فقلت: جُعِلْتُ فِداك، إنَّ هؤلاء(1) يقولون : إنّ العدس قَدّس عليه ثمانون نبيّاً؟ قال : كَذَّبوا ، لا واللّه، ولا عشرون نبيّاً . وروي أنه يُرقُّ القلب ويُسرع الدَّمعة (2).

باب الباقلاء واللّوبيا

265 - باب الباقلاء واللّوبيا

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن موسى بن جعفر، عن محمّد بن الحسن، عن عمر بن سلمة، عن محمّد بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: أكل الباقلا يمخّخ الساقين، ويزيد في الدماغ، ويولّد الدم الطري (3).

2 - عنه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (علیه السلام) قال : أكل الباقلا يمخّخ الساقين ويولّد الدم الطري.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض أصحابه، عن صالح بن عقبة قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : كُلوا الباقلا بقشره، فإنه يدبغ المعدَّة.

4 - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عمن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : اللوبيا يطرد الرياح المُسْتَبْطَنَة (4).

باب الماش

266 - باب الم----اش

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن أحمد بن الحسن الجلاب، عن بعض أصحابنا قال : شكا رجلٌ إلى أبي الحسن (علیه السلام) البَهَق ، فأمره أن يطبخ الماش ويتحسّاه، ويجعله في طعامه (5).

باب الجاورس

267 - باب الجاورس

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أيّوب بن نوح قال : حدَّثني من أكل مع

ص: 358


1- يعني أبناء العامة .
2- الحديث مجهول وآخره مرسل .
3- الحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف على المشهور
5- الحديث مجهول.

أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) هريسة بالجاورس، وقال: أما إنّه طعام ليس فيه ثقل ولا له غائلة ، وإنّه أعجبني فأمرت أن يُتّخذ لي وهو باللّبن أنفع واَليَنُ في المعدَّة.

2 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرّحمن بن كثير قال : مرضتُ بالمدينة، فانطلق بطني (1) ، فوصف لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) سويق الجاورس وأمرني أن آخذ سويق الجاورس وأشربه بماء الكمّون، ففعلت، فأمسك بطني، وعُوفِيتُ(2).

باب التمر

268 - باب التمر

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إبراهيم بن عقبة، عن ميسر، عن محمّد بن عبد العزيز، عن أبيه، عن أبي جعفر أو (3)أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلَّ : (فلينظر أيّها أزكى طعاماً فليأتكم برِزقٍ منه (4)) ؟ قال : أزكى طعاماً: التمرُ (5).

2 - عنه ، عن أبيه، عن ابن سنان، عن إبراهيم بن مهزم، عن عنبسة بن بجاد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما قُدّم إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) طعام فيه تمر إلّا بدأ بالتمر(6).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: كان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) يحبُّ أن يرى الرّجل تمرياً لحبّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) التمر .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن بعض أصحابه، عن عقبة بن بشير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: دخلنا عليه، فاستدعى بتمر، فأكلنا، ثمّ ازددنا منه، ثمّ قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إنّي أحبُّ الرّجل - أو (7)قال : يعجبني الرّجل - إذا كان تمريّاً.

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن أبي عمرو، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : خير تموركم البرنيّ (8) ، يذهب بالداء ولا داء فيه، ويذهب بالإعياء ولا

ص: 359


1- يعني أصابه الإسهال.
2- الحديث ضعيف .
3- الترديد من الراوي .
4- الكهف/ 19 .
5- الحديث مجهول
6- الحديث ضعيف على المشهور.
7- الترديد من الراوي. والحديث مرسل مجهول.
8- قال في القاموس : البرني : تمر معروف معرب أصله برنيك، أي الحمل الجيد.

ضرر له، ويذهب بالبلغم، ومع كلّ تمرة حسنة . وفي رواية أخرى: يُهنىء ويُمرىء، ويذهب بالإعياء ويُشبع(1).

6-عدَّة أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن إسماعيل الرازي، عن سليمان بن جعفر الجعفريّ قال: دخلت على أبي الحسن الرضا (علیه السلام) وبين يديه تمر برني ، وهو مُجِدُّ في أكله يأكله بشهوة، فقال لي : يا سليمان، أدن فكل ، قال : فدنوت منه فأكلت معه، وأنا أقول له : جُعِلْتُ فِداك ، إني أراك تأكل هذا التمر بشهوة؟ فقال: نعم، إنّي لأحبّه، قال: قلت: ولِمَ ذاك؟ قال : لأنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان تَمْرِيَّاً، وكان عليُّ (علیه السلام) تمريّاً، وكان الحسن (علیه السلام) تمريّاً، وكان أبو عبد اللّه الحسين (علیه السلام) تمرياً، وكان زين العابدين (علیه السلام) تمرياً، وكان أبو جعفر (علیه السلام) تمريّاً، وكان أبو عبد اللّه (علیه السلام) تَمْريّاً، وكان أبي (علیه السلام) تَمْريَّاً، وأنا تَمْرِيُّ، وشيعتنا يحبّون التّمر، لأنّهم خُلقوا من طينتنا، وأعداؤنا - يا سليمان - يحبون المُسْكر لأنهم خُلِقوا من مارج من نار (2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن هشام بن الحكم، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : التمر البرنيّ يُشبع ويُهنى، ويُمرىء، وهو الدّواء ولا داء له، يذهب بالعياء، ومع كلّ تمرة حسنة(3).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ، عن عليّ بن خطاب الحلّال، عن علاء بن رزين قال : قال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : يا علاء، هل تدري ما أوّل شجرة نبتت على وجه الأرض؟ قلت: اللّه ورسوله وابن رسوله أعلم، قال: إنّها العَجوَة، فما خلص فهو العجوة وما كان غير ذلك، فإنّما هو من الأشباه (4).

9 - عنه ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبعي بن عبد اللّه، عن الفضيل، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : أنزل اللّه عزَّ وجلَّ العجوة والعتيق (5) من السّماء، قلت: وما العتيق؟ قال: الفحل .

ص: 360


1- الحديث مجهول وآخره مرسل.
2- الحديث ضعيف على المشهور والمارج من النار - كما يقول الجوهري - النار لا دخان لها .
3- الحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف . والعجوة - كما في الصحاح - من أجود التمر بالمدينة ، ونخلتها لينة . وقال في النهاية : وهو نوع من تمر المدينة أكبر من الصيحاني يضرب إلى السواد من غرس النبي (صلّی اللّه علیه وآله).
5- العتيق - هنا - كما في القاموس - فحل من النخل لا تنفض نخلته . والظاهر أنه يقال للذكر من النخل، ويقال للأنثى منه : العجوة.

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : العَجْوَةُ هي أمّ التمر الّتي أنزلها اللّه عزَّ وجلَّ لآدم (علیه السلام) من الجنّة .

11 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : العجوة أمُّ التمر، وهي الّتي أنزلها اللّه عزَّ وجلَّ الجنّة لآدم (علیه السلام)، وهو قول اللّه عزَّ وجلَّ : (ما قَطَعْتُم من لينةٍ أو تركتموها قائمةً على أصولها ((1)قال : يعني العجوة (2).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) قال : كانت نخلة مريم (علیه السلام) العجوة ، ونزلت في كانون (3)، ونزل مع آدم (علیه السلام) العتيق والعجوة، ومنها تفرَّق أنواع النخل .

13 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرَّحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة قال : أخذنا من المدينة نوى العجوة، فغرسه صاحب لنا في بستان، فخرج من السُّكَّر والهَيْرُون والشهريز والصَّرَفَان ، وكلُّ ضَرْبٍ من التمر (4).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الصَّرَفان سیّد تموركم .

15 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، جميعاً عن سعدان بن مسلم، عن بعض أصحابنا قال : لمّا قدم أبو عبد اللّه (علیه السلام) الحيرة ، ركب دابّته ومضى إلى الخَوَرْنَق، فنزل، فاستظلّ بظلّ دابّته ، ومعه غلام له أسود، فرأى رجلاً من أهل الكوفة قد اشترى نخلاً، فقال للغلام : من هذا؟ فقال له : هذا جعفر بن محمّد (علیه السلام) ، فجاء بطبق ضخم فوضعه بين يديه ، فقال للرَّجل : ما هذا؟ فقال هذا البرني فقال : فيه شفاء، ونظر إلى السابريّ (5) فقال : ما هذا؟ فقال : السابريّ

ص: 361


1- الحشر / 5 واللّينة: النخلة .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- لعله الشهر المعروف من شهور السنة وهو أول وثاني . ويأتي آخر السنة وأولها .
4- الحديث مختلف فيه. وما ذكر فيه كله من أنواع التمر ذكرها الفيروز آبادي فراجع
5- قال في الصحاح السابري : ضَرْب من التمر، يقال: أجود تمر بالكوفة النرسيان والسابري .

فقال : هذا عندنا البيض، وقال للمُشان (1): ما هذا؟ فقال الرّجل : المُشان، فقال (علیه السلام) : هذا عندما أُمُّ جرذان (2)، ونظر إلى الصرفان فقال : ما هذا؟ فقال الرجل: الصرفان، فقال : هو عندنا العجوة، وفيه شفاء(3).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ذكرت التمور عنده، فقال : الواحد عندكم أطيب من الواحد عندنا، والجميع عندنا أطيب من الجميع عندكم .

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال، عن أبي سليمان الحمار قال : كنا عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فجاءنا بمضيرة وطعام بعدها، ثمّ أتي بقناع من رطب عليه ألوان، فجعل (علیه السلام) يأخذ بيده الواحدة بعد الواحدة، فيقول: أيُّ شيء تسمّون هذا؟ فنقول : كذا وكذا، حتّى أخذ واحدة فقال : ما تسمّون هذه ؟ فقلنا : المُشان، فقال: نحن نسمّيها جرذان، إنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أتي بشيء منها فأكل منها ودعا لها، فليس شيء من نخل أحمل منها .

18 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون عن عمّار الساباطيّ قال : كنت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فأتي برطب، فجعل يأكل منه ويشرب الماء، ويناولني الإناء فأكره أن أرده ، فأشرب ، حتّى فعل ذلك مرّاراً ، قال : فقلت: إنّي كنت صاحب بلغم، فشكوت إلى أهرن طبيب الحَجّاج فقال لي : ألك نخل في بستان؟ قلت : [نعم ، قال : فيه نخل ؟ قلت: نعم]، فقال لي : عدّ عليَّ ما فيه، فعددت حتّى بلغت الهيرون، فقال لي : كُل منه سبع تمرات حين تريد أن تنام ولا تشرب الماء، ففعلت، وكنت أريد أن أبصق فلا أقدر على ذلك، فشكوت إليه ذلك فقال لي : اشرب الماء قليلا وأمسك حتّى يعتدل طبعك، ففعلت، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام): أمّا أنا فلولا الماء ما باليت ألا أذوقه .

19 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن الدّهقان، عن دُرُست بن أبي منصور، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من

ص: 362


1- قال في الصحاح : المُشان : نوع من التمر. ويقال : رطب المُشان ولا يقال : الرطب المشان. ويقال له : الموشان أيضاً كما في القاموس .
2- هو نوع من التمر كبار. كما في النهاية . وقيل : إن نخله يجتمع تحته الفار والجرذان : جمع الجرذ، وهو الذكر الكبير من الفأر.
3- الحديث مجهول.

أكل في كلّ يوم سبع تمرات عجوة على الريق من تمر العالية (1)لم يضرَّه سمٌّ ، ولا سحرٌ، ولا شیطان(2).

20 - عنه ، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد بن مروان القندي، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من أكل سبع تمرات عجوة عند منامه، قَتَلْنَ الدّيدان من بطنه .

أبواب الفواكه

269 - أبواب الفواكه

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن أحمد بن سليمان، عن أحمد بن يحيى الطحّان، عمّن حدَّثه عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: خمس من فواكه الجنّة في الدُّنيا : الرُّمّان الأمليسي، والتفاح الشيسقان (3)، والسفرجل، والعنب الرازقي، والرطب المُشان (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر، عن عبد العزيز بن زكريّا اللّؤلؤي ، عن سليمان بن المفضّل (5)قال: سمعت أبا الجارود يحدّث عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : أربعة نزلت من الجنة: العنب الرازقي، والرطب المُشان، والرمان الأمليسي، والتفاح الشيسقان (6).

3-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كان يكره تقشير الثمرة (7).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن الحسين بن المنذر، عمّن ذكره،

ص: 363


1- اسم مكان بالمدينة .
2- الحديث ضعيف. وفي هذه الأحاديث فضيلة تمر المدينة وعجوتها وفضيلة التصبح بسبع تمرات منه، وتخصيص عجوة المدينة دون غيرها وعدد السبع من الأمور التي علمها الشارع ولا نعلم نحن حكمتها فيجب الإيمان بها، واعتقاد فضلها والحكمة فيها، وهذا كأعداد الصلوات ونُصْب الزكاة وغيرها» مرآة المجلسي 22 / 186 - 187 . :أقول : لا بد من الإتيان بذلك - لو أتى به - برجاء القربة المطلقة استناداً إلى قاعدَّة التسامح في أدلة السنن، وإلا عُد مشرعاً، اللّهم إلا ما ثبت منها بالدليل الصحيح.
3- في بعض الكتب الرمان الشعشعاني، وهو الشامي .
4- الحديث مجهول مرسل .
5- في كتب الرجال : سليمان بن الفضل .
6- الحديث ضعيف.
7- الحديث ضعيف على المشهور.

عن فرات بن أحنف قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إنّ لكلّ ثمرة سُمّاً ، فإذا أتيتم بها فمسّوها بالماء -أو (1) اغمسوها في الماء - يعني اغسلوها(2).

باب العنب

270 - باب العنب

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن الربيع المسلي، عن معروف بن خرّبوذ عمّن رأى أمير المؤمنين (علیه السلام) : يأكل الخبز بالعنب.

2 - عنه ، عن القاسم الزيات، عن أبان بن عثمان، عن موسى بن العلاء، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لمّا حسر الماء (3) عن عظام الموتى، فرأى ذلك نوح (علیه السلام)، جزع جزعا شديداً، واغتمَّ لذلك، فأوحى اللّه عزَّ وجلَّ إليه : هذا عملك بنفسك، أنت دعوت عليُّهم، فقال : يا ربّ، إنّي أستغفرك وأتوب إليك، فأوحى اللّه عزَّ وجلَّ إليه : أن كل العنب الأسود ليذهب عمّك (4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: كان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) يُعجبه العنب ، فكان يوماً صائماً ، فلمّا أفطر، كان أوَّل ما جاء العنب، أتته ولد له بعنقود عنب فوضعته بين يديه، فجاء سائل فدفعه إليه، فدسّت أمّ ولده إلى السائل فاشترته منه، ثمّ أتته به ، فوضعته بين يديه، فجاء سائل آخر، فأعطاه إياه، ففعلت أمّ الولد كذلك، ثمّ أتته به فوضعته بين يديه، فجاء سائل آخر فأعطاه، ففعلت أُمُّ الولد مثل ذلك، فلما كان في المرة الرابعة، أكله (علیه السلام) (5).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح رفعه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : شكا نبي من الأنبياء إلى اللّه عزَّ وجلَّ الغَمَّ، فأمره اللّه عزَّ وجلَّ بأكل العنب (6).

ص: 364


1- الترديد من الراوي .
2- الحديث ضعيف.
3- إنحسر الماء انكشف وتراجع، والمقصود أنه غار في الأرض إشارة إلى قوله تعالى : وقلنا يا أرض ابلعي ماءك . . . الآية .
4- الحديث مجهول.
5- الحديث مجهول والدَّسَ : - هنا - الإعطاء خفية وسراً .
6- الحديث ضعيف .

5- محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن بعض أصحابه، عن ابن بقّاح، عن هارون بن الخطّاب، عن أبي الحسن الرسّان قال كنت أرعى جمالي في طريق الخَوَرْنَق فبصرت بقوم قادمين فمِلتُ إلى بعض من معهم فقلت: من هؤلاء؟ فقال: جعفر بن محمّد (علیه السلام) ، وعبد اللّه بن الحسن، قُدِمَ بهما على المنصور قال : فسألت عنهم من بعدُ فقيل لي : إنّهم نزلوا بالحيرة، فبكرت لأسلم عليُّهم، فدخلت، فإذا قدامهم سلال فيها رطب قد أهديت إليهم من الكوفة، فكُشِفَت قدامهم، فمد يده جعفر بن محمّد (علیه السلام) فأكل، وقال لي: كُل، ثمّ قال لعبد اللّه بن الحسن : يا أبا محمّد، ما ترى ما أحسن هذا الرطب، ثمّ التفت إليَّ جعفر بن محمّد (علیه السلام) فقال لي : يا أهل الكوفة ، فُضّلتم على النّاس في المطعم بثلاث : سمككم هذا البناني، وعنبكم هذا الرازقي، ورطبكم هذا المُشان(1).

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن السندي قال: حدَّثني عيسى بن عبد الرحمن، عن أبيه ، عن جدّه قال : دخل أبو عكاشة بن محصن الأسدي على أبي جعفر (علیه السلام)، فقدَّم إليه عنباً، وقال له : حبّةً حبةً يأكل الشيخ الكبير، والصبي الصغير، وثلاثةً وأربعةً يأكل من يظن أنّه لا يشبع، وكُله حبّتين حبّتين، فإنّه مُستحبّ (2).

باب الزَّبيب

271 - باب الزَّبيب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : من اصْطَبَحَ بإحدى وعشرين زبيبةً حمراء، لم يمرض إلّا مرض الموت إن شاء اللّه(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إحدى وعشرون زبيبةً حمراء في كلّ يوم على الرّيق، تدفع جميع الأمراض إلّا مرض الموت (4).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر

ص: 365


1- الحديث مجهول. والخَوَرْنَق : مكان قرب الكوفة فيه قصر الخورنق فنسب إليه .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف على المشهور والاصطباح شرب الصبوح، وهو ما يشرب بالغداة.
4- الحديث ضعيف .

قال : حدَّثني رجل من أهل مصر، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الزبيب يشدُّ العَصَب، ويذهب بالنَصَب، ويطيب النفس(1).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن فلان (2)المصريّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الزَّبيب الطائفي يشدُّ العَصَب، ويذهب بالنَصَب، ويطيب النفس(3).

باب الرُّمّان

272 - باب الرُّمّان

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : علیکم بالرُّمّان، فإنه لم يأكله جائع إلا أجزأه، ولا شبعان إلا أمْرَأه.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الفاكهة مائة وعشرون لَوْناً سيّدها الرمّان .

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبان الكلبيّ قال : سمعت أبا جعفر وأبا عبد اللّه (علیه السلام) يقولان : ما على وجه الأرض ثمرة كانت أحبُّ إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) من الرُّمّان، وكان - واللّه - إذا أكلها أحبَّ أن لا يشركه فيها أحد .

4 - عنه ، عن محمّد بن عيسى، عن الدهقان، عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : ممّا أوصى به آدم (علیه السلام) هبة اللّه (4)أن قال له : عليك بالرُّمّان، فإنّك أن أكلته وأنت جائع أجزاك، وإن أكلته وأنت شبعان أمْرَأك (5).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي

ص: 366


1- الحديث مجهول. والنصب : العناء والتعب.
2- الظاهر أن الراوي نسي الاسم فعبر عنه بفلان .
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- هبة اللّه : هو ابن آدم، ذكر في روضة الكافي وكيف إن جبرئيل (علیه السلام) عندما أهبط إلى الأرض عند وفاة آدم (علیه السلام) قدمه ليصلي على أبيه وانتم جبرئيل به .
5- الحديث ضعيف .

عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما من شيء أُشارك فيه، أبغضُ إليَّ من الرُّمان، وما من رمّانة إلّا وفيها حبّة من الجنّة، فإذا أكلها الكافر، بعث اللّه عزّ وجلَّ إليه مَلَكاً فانتزعها منه .

6 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر عن مفضّل قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : ما من طعام أكله إلّا وأنا أشتهي أن أشارك فيه - أو(1)قال : يشركني فيه - إنسان إلّا الرُّمّان، فإنّه ليس من رمّانة إلّا وفيها حبّة من الجنّة .

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (علیه السلام) إذا أكل الرُّمان بسط تحته منديلاً، فسُئل عن ذلك ؟ فقال : إن فيه حبّات من الجنّة، فقيل له : إنّ اليهود والنصارى ومن سواهم يأكلونه؟ فقال : إذا كان ذلك، بعث اللّه عزَّ وجلَّ إليه مَلَكاً فانتزعها منه لكيلا يأكلها.

8 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من أكل حبّة من رمّان، أمرضت شيطان الوسوسة أربعين يوماً.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ ومحمّد بن الحسين، جميعاً عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك النوفليّ قال : دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) وفي يده رمّانة فقال : يا معتّب أعطه رمّانة، فإنّي لم أشرك في شيء أبغض إلي من أن أشرك في رمانة ، ثمّ ،احتجم ، وأمرني أن أحتجم، فاحتجمت، ثمّ دعا برمانة أخرى ثمّ قال يا يزيد أيما مؤمن أكل رمانة حتّى يستوفيها، أذهب اللّه عزَّ وجلَّ الشيطان عن إنارة قلبه أربعين صباحاً، ومن أكل اثنتين أذهب اللّه عزَّ وجلَّ الشيطان عن إنارة ، قلبه مائة يوم ومن أكل ثلاثاً حتّى يستوفيها، أذهب اللّه عزّ وجلَّ الشيطان عن إنارة قلبه سنة ، ومن أذهب اللّه الشيطان عن إنارة قلبه سنة، لم يذنب، ومن لم يذنب دخل الجنّة(2)

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : علیکم بالرُّمان الحلو فكُلُوه، فإنّه ليست من حبّة تقع في

ص: 367


1- الترديد من الراوي .
2- الحديث ضعيف . وقوله (علیه السلام) : اذهب اللّه الشيطان عن ... الخ ؛ كناية عن إبعاد الشيطان عنه فلا تؤثر وسوسته في قلبه، ولا إشكال في أن حصول ذلك مرتبط لا بأكله الرمان فقط، بل بمواصفات أخرى من التقوى والإخلاص والصفاء الروحيّ .

معدَّة مؤمن إلّا أبادت داءً، وأطفأت شيطان الوسوسة عنه .

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمعته يقول : من أكل رمّانة على الريق أنارت قلبه أربعين يوماً .

12 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ الهمداني، عن أبي سعيد الرّقام، عن صالح بن عقبة قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : كُلوا الرُّمّان بشحمه، فإنّه يدبغ المعدَّة، ويزيد في الذَّهن.

13 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كلوا الرُّمّان المزّ بشحمه، فإنه دباغ للمعدَّة.

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ذكر الرمّان الحلو، فقال : المزّ(1)أصلح في البطن .

محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله .

15 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن بقّاح، عن صالح بن عقبة الخيّاط - أو القمّاط- ، عن يزيد بن عبد الملك قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : من أكل رمّانة أنارت قلبه، ومن أنار اللّه قلبه بَعْدَ الشيطان عنه ، قلت : أيُّ الرُّمان ، جُعِلْتُ فِداك؟ فقال : سورانيكم هذا(2).

16 - عنه ، عن النهيكي، عن عبيد اللّه بن أحمد عن زياد بن مروان القندي قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) - يعني الأول - يقول : من أكل رمّانة يوم الجمعة على الريق ، نَوَّرَتْ قلبه أربعين صباحاً، فإن أكل رمانتين فثمانين يوماً، فإن أكل ثلاثاً فمائة وعشرين يوماً، وطردت عنه وسوسة الشيطان، ومن طُردت عنه وسوسة الشيطان، لم يعص اللّه عزَّ وجلَّ، ومن لم يعص اللّه أدخله اللّه الجنّة .

ص: 368


1- المز: بين الحلو والحامض.
2- سورى، أو سوراء اسم لموضعين في العراق. وقيل : بأنه اسم لنهرين ربما كانا دجلة والفرات . وقد مر في مباحث سابقة في كتاب الصلاة على ما اذكر من التهذيب وغيره . وقد يكون نسبة إلى سورية وهي الشام على غير القاعدَّة، واللّه العالم.

17 - عنه ، عن الحسين بن سعيد، عن عمرو بن إبراهيم، عن الخراسانيّ(1) قال : أكل الرُّمّان الحلو يزيد في ماء الرَّجل، ويُحسّن الولد.

18 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عبد الرحمن، عن زياد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: دخان شجر الرُّمان ينفي الهوامّ.

باب التُّفّاح

273 - باب التُّفّاح

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : التفّاح نضوح المعدَّة (2).

2 - أحمد بن محمّد،عن بكر بن صالح، عن الجعفريّ قال : سمعت أبا الحسن موسى (علیه السلام) يقول : التفّاح ينفع من خصال عدَّة :من السمّ، والسحر، واللَّمَم يعرض من أهل الأرض والبلغم الغالب، وليس شيء أسرع منه منفعة(3).

3 - عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ الهمداني، عن عبد اللّه بن سنان، عن دُرُست بن أبي منصور قال : بعثني المفضّل بن عمر إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) بلُطَف (4) فدخلت عليه في يوم صايف وقدّامه طبق فيه تفّاح أخضر، فواللّه إن (5)صبرت أن قلت له : جُعِلْتُ فِداك أتأكل من هذا والناس يكرهونه؟ فقال لي - كأنّه لم يزل يعرفني - : وعُكت في ليلتي هذه، فبعثت فأتيت به فأكلته ، وهو يقلع الحمّى ، ويسكن الحرارة، فقدمت فأصبت أهلي محمومين، فأطعمتهم، فأقلعت الحمّى عنهم (6).

4-عدَّة من أصحابنا ؛ عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القنديّ قال : ادخلت المدينة ومعي أخي سيف، فأصيب الناس ،برعاف فكان الرّجل إذا رعف يومين مات،

ص: 369


1- الظاهر أن المراد بالخراساني الرضا (علیه السلام)، لكن ذكر عمرو بن إبراهيم في كتب الرجال من أصحاب الصادق (علیه السلام) مرآة المجلسي 194/22.
2- نضوح المعدَّة : المراد بالنضح - هنا - الغسل والإزالة. وكأن التفاح ينظف المعدَّة من أخلاطها والديدان وغيرها .
3- الحديث ضعيف. واللمم - كما في الصحاح - طرف من الجنون، وهو المس. وقوله : من أهل الأرض، يعني الجن.
4- اللطف : - كما ذكر الفيروز آبادي - جمع اللطفة وهي الهدية .
5- إن - هنا - نافية، أي ما صبرت ....
6- الحديث ضعيف. وقوله : كأنه لم يزل يعرفني ، كناية عن تلطفه (علیه السلام) له وهشه له .

فرجعت إلى المنزل، فإذا سيف يرعف رعافاً شديداً، فدخلت على أبي الحسن (علیه السلام) ، فقال : يا زياد أطْعِم سيفاً التفّاح، فأطعمته إيّاه فَبَرا(1).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن زياد بن مروان قال : أصاب الناس وباء (2) بمكّة، فكتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام)، فكتب إليَّ : كُل التفّاح.

6 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن ابن بكير قال : رعفت سنة بالمدينة، فسأل أصحابنا أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن شيء يمسك الرّعاف؟ فقال لهم : اسقوه سويق التفاح، فسقوني، فانقطع عني الرعاف.

7-محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : ما أعرف للسموم دواءً أنفع من سويق التفّاح.

8-عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن محمّد بن يزيد قال : كان إذا لسع إنساناً من أهل الدَّارحيّة أو عقرب، قال: اسقوه سويق التفاح.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد : عن القنديّ ، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: ذكر له الحمّى، فقال (علیه السلام): إنّا أهل بيت لا نتداوى إلّا بإفاضة الماء البارد يُصب علينا، وأكل التفّاح.

10 - عنه ، عن أبيه ، عن يونس، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لو يعلم الناس ما في التفّاح ما داووا مرضاهم إلّا به ؛ قال : وروى بعضهم عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : أطعموا محموميكم التفاح فما من شيء أنفع من التفّاح.

11 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : كلوا التفّاح فإنّه يدبغ المعدَّة.

باب السَّفْرْجَل

274 - باب السَّفْرْجَل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن

ص: 370


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الوباء : كل مرض عام، أو الطاعون .

راشد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : أكل السفرجل قوَّة للقلب الضعيف ويُطَيِّب المعدَّة، ويذكّي الفؤاد، ويشجّع الجبان(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان جعفر بن أبي طالب عند النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله)، فأهدي إلى النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) سفرجل، فقطع منه النبي (صلّی اللّه علیه وآله) قطعة وناولها جعفراً، فأبى أن يأكلها، فقال: خذها وكلها، فإنّها تذكّي القلب، وتشجّع الجبان .

وفى رواية أخرى : كُل، فإنّه يصفّي اللّون ويُحَسّن الولد .

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد رفعه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من أكل سفرجلة على الرّيق، طاب ماؤه وحَسُنَ ولده .

4-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمّه حمزة بن بزيع، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) لجعفر : يا جعفر، كُل السفرجل، فإنّه يقوّي القلب ويشجّع الجبان .

5 - أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليُّ ،جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام)قال: من أكل سفرجلة أنطق اللّه عزّ وجلَّ الحكمة على لسانه أربعين صباحاً .

6-محمّد بن عبد اللّه بن جعفر، عن أبيه، عن عليّ بن سليمان بن رشيد، عن مروك بن عُبيد، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما بعث اللّه عزَّ وجلَّ نبيّاً إلّا ومعه رائحة السفرجل (2).

7-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، عن عدَّة من أصحابه، عن عليّ بن أسباط، عن أبي محمّد الجوهري، عن سفيان بن عيينة قال: سمعت جعفر بن محمّد (علیه السلام) يقول : السفرجل يذهب بهم الحزين كما تذهب اليد بِعَرقِ الجبين(3).

باب التين

275 - باب التين

1-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن

ص: 371


1- الحديث ضعيف. والذكاء : سرعة الفطنة .
2- الحديثان مجهولان .
3- الحديثان مجهولان .

الرضا (علیه السلام) قال : التين يَذْهَب بالبَخَر ، ويشدُّ الفم والعظم، وينبت الشعر، ويذهب بالداء، ولا يحتاج معه إلى دواء، وقال (علیه السلام) : التين أشبه (1) شيء بنبات الجنّة .

ورواه سهل بن زياد، عن أحمد بن الأشعث، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر أيضاً مثله.

باب الكمثرى

276 - باب الكمثرى

1 - محمّد بن يحيى، ، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن عن راشد عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كُلو الكمّثرى، فإنه يجلو القلب، ويسكّن أوجاع الجوف بإذن اللّه تعالى .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد اللّه بن جعفر عن محمّد بن عيسى، عن الوشّاء، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: الكمّثرى يدبغ المعدَّة ويقوّيها، هو والسفرجل سواء، وهو على الشبع أنفع منه على الريق، ومن أصابه طَخاء (2)فليأكله ، - يعني على الطعام ..

باب الإجّاص

267 - باب الإجّاص

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي قال: دخلت على أبي الحسن الأول (علیه السلام) وبين يديه تور ماء فيه إجاص أسود في إبانه (3)، فقال : إنه هاجت بي حرارة، وإنّ الإجاص الطري يطفي الحرارة ويسكن الصفراء، وإنَّ اليابس منه يسكن الدم، ويسل الداء الدَّوِيّ (4).

باب الاترُج

278 - باب الاترُج

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم؛ والوشّاء، جميعاً عن

ص: 372


1- لعل وجه الأشبهية أنه بلا نواة.
2- الطخاء - كما في القاموس - الكرب على القلب .
3- أي في وقته وأوانه .
4- الحديث موثق : والدوى - بالقصر - المرض، من دَوِيَ دوّى.. والتعبير هنا، من قبيل: ليل ألیل.

عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : كان عندي ضيف فتشهّى أترُجاً بعسل، فأطعمته وأكلت معه، ثمّ مضيت إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، وإذا المائدة بين يديه، فقال لي : أُدْنُ فكُل، فقلت : إنّي أكلت قبل أن آتيك أترُجاً بعسل، وأنا أجد ثقله، لأنّي أكثرت منه ، فقال : يا غلام، انطلق إلى الجارية فقل لها : ابعثي إلينا بحرف (1)رغيف يابس من الذي تجفّفه في التنور، فأتي به ، فقال لي : كل من هذا الخبز اليابس، فإنّه يهضم الأترج ، فأكلته ثمّ قمت، فكأني لم أكل شيئاً (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن عبد اللّه بن إبراهيم الجعفريّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : بأي شيء يأمركم أطبّاؤكم في الأترج؟ فقلت: یأمروننا أن نأكله قبل الطعام، فقال : إني آمركم به بعد الطعام(3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كُلوا الأترج بعد الطعام فإنَّ آل محمّد (علیه السلام) يفعلون ذلك (4).

4 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال: الخبز اليابس يهضم الأترج .

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): إنّهم يزعمون أنَّ الأترج على الريق أجود ما يكون ؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إن كان قبل الطعام خير، فهو بعد الطعام خير وخير وأجود .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن أبي أيّوب المديني، عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) أنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان يعجبه النظر إلى الاترج الأخضر، والتفّاح الأحمر (5).

ص: 373


1- الحرف - في الأصل - كما يقول صاحب القاموس : الطرف والجانب .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف .
4- الحديث ضعيف .
5- الحديث ضعيف.

باب المَوز

279 - باب المَوز

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن يحيى بن موسى الصنعاني قال: دخلت على أبي الحسن الرضا (علیه السلام) بمنى، وأبو جعفر الثاني (علیه السلام) على فخذه، وهو يقشر له موزاً ويطعمه(1).

2 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن أبي أسامة قال: دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) فقرَّب إليّ موزاً فأكلته .

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليُّ بن أسباط، عن يحيى الصنعاني قال : دخلت على أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) وهو بمكة، وهو يقشر موزاً ويطعمه أبا جعفر (علیه السلام)، فقلت له : جُعِلْتُ فِداك ، هذا المولود المبارك ؟ قال : نعم يا يحيى، هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام مثله مولود أعظم بركة على شيعتنا منه(2).

باب الغُبَيراء

280 - باب الغُبَيراء(3)

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن أحمد بن الحسن بن عليّ ، عن أبيه، عن ابن بكير أنّه سمع أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : الغبيراء ؛ لحمه ينبت اللّحم وعظمه ينبت العظم، وجلده ينبت الجلد، ومع ذلك [فإنّه ] يسخّن الكليتين، ويدبغ المعدة، وهو أمان من البواسير والتقتير (4)، ويقوّي الساقين، ويقمع عرق الجُذام (5).

باب البطيخ

281 - باب البطيخ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن ياسر الخادم، عن الرضا (علیه السلام) قال: البطيخ على الريق يورث

ص: 374


1- الحديث مجهول .
2- الحديث ضعيف على المشهور. قوله (علیه السلام) : الذي لم يولد ...، أي في هذا الزمان، أو بالإضافة إلى غير سائر الأئمة (علیه السلام)، أو المراد نوع من البركة يختص به (علیه السلام) من بين سائرهم كتولده بعد يأس الناس أو غير ذلك من جوده (علیه السلام) وغيره . مرآة المجلسي 202/22.
3- الغبيراء : نوع من البقول .
4- لعل المراد به سلس البول .
5- الحديث ضعيف .

الفالج، نعوذ باللّه منه(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يأكل الرُّطب بالخربز.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يأكل البطيخ بالتمر (2).

4-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان النبيُّ (صلّی اللّه علیه وآله) يعجبه الرطب بالخربز.

5-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدّهقان، عن دُرُست، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن الأوَّل (علیه السلام) قال: أكل النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) البطيخ بالسكّر، وأكل (علیه السلام) البطيخ بالرطب(3).

باب البقول

282 - باب البقول

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن هارون، عن موفّق المديني، عن أبيه ، عن جده قال : بعث إليَّ الماضي (علیه السلام) يوماً فأجلسني للغداء ، فلمّا جاؤوا بالمائدة، لم يكن عليها بقل، فأمسك يده، ثمّ قال للغلام : أما علمت أنّي لا أكل على مائدة ليس فيها خضرة ، فأتني بالخضرة قال: فذهب الغلام فجاء بالبقل، فألقاء على المائدة، فمدَّ يده (علیه السلام) حينئذ وأكل (4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حنان قال : كنت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) على المائدة، فمال على البقل وامتنعت أنا منه لعِلّة كانت فالتفت إلي فقال : يا ،حنان، أما علمت أن أمير المؤمنين (علیه السلام) لم يؤت بطبق إلا وعليه بَقلٌ؟ قلت : ولِمَ جُعِلْتُ فِداك؟ فقال: لأنَّ قلوب المؤمنين خَضِرَة (5) وهي تحنُّ إلى أشكالها.

ص: 375


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف.
4- الحديث ضعيف.
5- أي بنور أخضر أو كناية عن كونها معمورة بالحكم والمعارف فتكون لتلك الخضرة الصورية مناسبة معها لا نعرفها، أو أن قلوب المؤمنين لما كانت معمورة بمزارع الحكمة فهي تميل إلى ما كان له جهة حسن ونفع وهذا منه مرآة المجلسي 204/22.

باب ما جاء في الهندباء

283 - باب ما جاء في الهندباء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن المثنى بن الوليد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من بات وفي جوفه سبع طاقات من الهندباء، أمِنَ من القولنج ليلته تلك إن شاء اللّه .

2- عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن خالد بن محمّد، جدّه عن سفيان بن السمط، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من أحبَّ أن يَكْثُرَ ماؤه وولده، فليُدمِن أكل الهندباء(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من أحبَّ أن يكثر ماؤه ،وولده، فليُكثِر أكل الهندباء (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : نعم البقل الهندباء، وليس من ورق إلّا وعليها قطرة من الجنّة، فكلوها ولا تنفضوها عند أكلها . قال : وكان أبي (علیه السلام) ينهانا أن ننفضه، إذا أكلناه(3).

5 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن زياد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الهندباء سيّد البقول (4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وأبو عليُّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار جميعاً عن الحجّال عن ثعلبة عن رجل عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: عليُّك بالهندباء، فإنه يزيد في الماء، ويُحسّن الولد وهو حارّ لين يزيد في الولد الذكورة (5).

7-عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبي سليمان الحذّاء الجبليّ، عن محمّد بن الفيض قال : تغدَّيت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) وعلى الخوان بَقلٌ، ومعنا شيخ، فجعل

ص: 376


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف .
5- الحديث مرسل .

يتنكّب الهندباء، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : أمّا أنتم فتزعمون أنَّ الهندباء باردة، وليست كذلك، ولكنّها معتدلة، وفضلها على البقول كفضلنا على النّاس(1).

8 - عنه ، عن بعض أصحابنا، عن الأصم، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : كُلوا الهندباء، فما من صباح إلّا وتنزل عليها قطرة الجنّة، فإذا أكلتموها فلا تنفضوها ، قال : وقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : كان أبي (علیه السلام) بنهانا أن تنفضها إذا أكلناها (2).

9-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن إسماعيل قال : سمعت الرضا (علیه السلام) يقول : الهندباء شفاء من ألف داء، ما من داء في جوف ابن آدم إلّا قمعه الهندباء. قال : ودعا به يوماً لبعض الحَشَم (3) - وكان تأخذه الحمّى والصداع - فأمر أن يدق وصيّره على قرطاس، وصبّ عليه دهن البنفسج ووضعه على جبينه ثمّ قال : أما إنّه يذهب بالحمّى وينفع من الصداع ويَذْهَبُ به (4).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) : قال : بَقْلَةُ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) الهندباء ، وبَقْلة أمير المؤمنين (علیه السلام) الباذروج، وَبَقْلَةُ فاطمة (علیه السلام) الفرفح (5).

باب الباذروج

284 - باب الباذروج (6)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : كان يُعْجِبُ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) من البقول الحوك(7).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يعجبه الباذروج.

ص: 377


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف .
3- الحَثمّ الأهل والعيال والأقرباء.. الخ .
4- الحديث ضعيف على المشهور
5- الحديث ضعيف .
6- الباذروج؛ نوع من الريحان ولعله ما يسمى في بلادنا هنا النعناع.
7- الحديث ضعيف على المشهور والحوك - كما في القاموس - الباذروج، والبقلة الحمقاء.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أيّوب بن نوح قال : حدَّثني من حضر مع أبي الحسن الأول (علیه السلام) المائدة، فدعا بالباذروج ، وقال : إنّي أحب أن أستفتح به الطعام فإنّه يفتح السدد ويشهي الطعام ويذهب بالسبل، وما أبالي إذا أنا افتتحت به ما أكلت بعده من الطعام، فإنّي لا أخاف داءً ولا غائلة، فلما فرغنا من الغداء دعا به أيضاً، ورأيته يتتبع ورقه على المائدة ويأكله ويناولني منه، وهو يقول : اختم طعامك به، فإنّه يمرىء ما قبل، كما يشهي ما بعد ويذهب بالثقل، ويُطَيّب الجشاء والنكهة (1).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن اشكيب بن عبدة الهمدانيّ بإسناد له، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : الحوك ؛ بقلة الأنبياء، أما إنَّ فيه ثماني خصال: يمرىء، ويفتح السَّدد، ويُطيّب الجشاء، ويُطيب النكهة، ويشهّي الطّعام ويسلُّ الداء، وهو أمان من الجذام، إذا استقرّ في جوف الإنسان قمع الدّاء كلّه(2).

باب الكرّاث

285 - باب الكرّاث

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر قال : اشتكى غلام لأبي الحسن (علیه السلام) ، فسأل عنه، فقيل : به طحال، فقال: أطْعِمُوه الكراث ثلاثة أيام، فأطعمناه، فقعد الدّم ثمّ بَرَءَ(3).

2 - عنه قال: حدَّثني من رأى أبا الحسن (علیه السلام) يأكل الكرّاث في المشارة (4)، ويغسله بالماء ويأكله .

3- سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب قال: رأيت أبا الحسن (علیه السلام) يقطع الكرّاث بأصوله، فيغسله بالماء ويأكله .

4 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ الهمداني، عن عمرو بن عيسى، عن فرات بن أحنف قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن الكراث؟ فقال : كُلهُ ، فإنّ فيه أربع

ص: 378


1- الحديث ضعيف على المشهور والسدّد الإمساك وقبض المعدَّة.
2- الحديث ضعيف .
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- المشارة - كما في القاموس - الدبرة في المزرعة .

خصال: يُطَيّب النكهة، ويطرد الرياح، ويقطع البواسير، وهو أمان من الجذام لمن أدمن عليه (1).

5-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى أو (2)غيره، عن عبد الرحمن، عن حمّاد بن زكريّا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ذُكِرَت البقول عند رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، فقال : كُلوا الكرّاث، فإنّ مثله في البقول كمثل الخبز في ساير الطعام، أو قال : الإدام - الشكّ من محمّد بن يعقوب(3).

6 - عنه عن داود بن أبي داود، عن رجل رأى أبا الحسن (علیه السلام) بخراسان يأكل الكرّاث من البستان كما هو، فقيل له: إنّ فيه السماد، فقال (علیه السلام): لا تعلّق به منه شيء، وهو جيّد للبواسير (4).

7-عنه ، عن بعض أصحابه، عن حنان بن سدير قال : كنت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) على المائدة، فملت على الهندباء فقال لي: يا حنان لم لا تأكل الكرّاث ؟ قلت : لما جاء عنكم من الرواية في الهندباء ، فقال : وما الذي جاء عنا؟ قلت: إنّه قيل عنكم انّكم قلتم : إنّه يقطر عليه من الجنّة في كل يوم قطرة ، قال : فقال (علیه السلام): فعلى الكراث إذن سبع قطرات، قلت: فكيف آكله؟ قال : اقطع أصوله واقذف برؤوسه (5).

8 - عنه ، عن بعض أصحابه رفعه قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يأكل الكرّاث بالملح الجريش (6)

باب الكرفس

286 - باب الكرفس

1 - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه (علیه السلام)، عن محمّد بن عيسى أو (7)غيره، عن قتيبة بن مهران، عن حمّاد بن زكريا عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال

ص: 379


1- الحديث ضعيف.
2- الترديد من الراوي .
3- الحديث مجهول.
4- الحديث مجهول مرسل والسماد مواد كيماوية ينثر في الأرض لينشط زرعها وفي الصحاح هو سرجين ورماد . والسرجين هو الزبل .
5- الحديث مرسل .
6- الحديث مرفوع . والجرش: الدق دون أن يصير ناعماً.
7- الترديد من الراوي .

رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : علیکم بالكرفس، فإنّه طعام إلياسَ واليَسَعَ ويوشع بن نون(1).

2 - عنه ، عن نوح بن شعيب النيسابوري، عن محمّد بن الحسن بن عليّ ، بن يقطين فيما أعلم عن نادر الخادم قال : ذكر أبو الحسن (علیه السلام) الكرفس ، فقال : أنتم تشتهونه ، وليس من دابّة إلّا و وهي تحتكّ به (2).

باب الكزبرة

287 - باب الكزبرة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى ، عن الدهقان، عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: أكل التفّاح والكزبرة يورث النسيان(3).

باب الفرفخ

288 - باب الفرفخ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن فرات بن أحنف قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : ليس على وجه الأرض بَقلَة أشرف ولا أنفع من الفرفح ، وهو بقلة فاطمة (علیه السلام) ، ثمّ قال : لعن اللّه بني أمية هم سموها بقلة الحمقاء بُغضاً لنا، وعداوة لفاطمة (علیه السلام) (4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: وَطَأ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) الرمضاء فأحرقته ، فَوَطَأ على الرحلة وهي البقلة الحمقاء فسكن عنه حرَّ الرمضاء، فدعا لها، وكان يحبّها (صلّی اللّه علیه وآله) ويقول : من بَقْلَةٍ ما أبْرَكَها .

باب الخَسّ

289 - باب الخَسّ

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حفص الأبّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : علیکم بالخسّ فإنّه يُصفّي الدَّم (5).

ص: 380


1- الحديث مجهول.
2- الحديث مجهول. «قوله (علیه السلام) : هي تحتك به : مدح لها بأن الدواب أيضاً تعرف نفعها فتتداوى بها، أوذم لها بأن ذوات السموم تحتك بها فيجاورها شيء من السم، والأول أظهر». مرآة المجلسي 209/22 .
3- الحديث ضعيف .
4- الحديث ضعيف .
5- الحديث مجهول.

باب السّداب

290 - باب السّداب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يعقوب بن عامر، عن رجل، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: السداب يزيد في العقل(1).

2 - عنه ، عن محمّد بن موسى، عن عليّ بن الحسن الهمداني، عن محمّد بن عمرو بن إبراهيم، عن أبي جعفر ؛ أو أبي الحسن (علیه السلام) - الوهم من محمّد بن موسى - قال : ذكر السداب، فقال: أما إن فيه منافع : زيادة في العقل، وتوفير في الدماغ ، غير أنّه ينتن ماء الظهر(2).

وروي أنّه جيّد لوجع الأذن .

باب الجرجير

291 - باب الجرجير

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى؛ وغيره، عن قتيبة الأعشى - أو (3)قال : قتيبة بن مهران - عن حمّاد بن زكريّا عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: ما تضلّع (4)الرّجل من الجرجير بعد أن يصلّي العشاء الآخرة، فبات تلك اللّيلة ، إلّا ونفسه تُنازعه إلى الجذام (5).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من أكل الجرجير باللّيل، ضَرَبَ عليه عرق الجذام من أنفه، وبات ينزف الدم .(6)

3- محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن أحمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير قال : سأل رجل أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن البقل : [الهندباء والباذروج والجرجير]؟ فقال الهندباء والباذروج لنا، والجرجير لبني أميّة (7).

ص: 381


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف .
3- الشك من الراوي .
4- تضلّع الرّجل : أكثر من الشرب حتّى تمدد جنبه وأضلاعه - كذا في نهاية ابن الأثير .
5- الحديث مجهول.
6- الحديث ضعيف على المشهور.
7- الحديث مجهول.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن نصير مولى أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، عن موفق مولى أبي الحسن (علیه السلام) قال: كان مولاي أبو الحسن (علیه السلام) إذا أمر بشراء البقل، يأمر بالإكثار منه ومن الجرجير، فيشترى له، وكان يقول :(علیه السلام): ما أحمق بعض الناس يقولون : إنّه ينبت في واد في جهنّم، واللّه عزَّ وجلَّ يقول (1): ﴿وَقُودُها الناسُ والحجارة)، فكيف تُنبِتُ البَقْل؟! (2)

باب السِّلق

292 - باب السِّلق

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن الحسن بن عليّ ، عن أبي عثمان رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ اللّه عزَّ وجلَّ رفع عن اليهود الجذام بأكلهم السلق، وقلعهم العروق(3).

2 - عنه ، عن محمّد بن عبد الحميد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : نِعمَ البَقلَة السِلق.

3 - عنه ، عن عليّ بن الحسن التيمي ، عن سليمان بن عباد، عن عيسى بن أبي الورد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنَّ بني إسرائيل شكوا إلى موسى (علیه السلام) ما يلقون من البياض (4)، فشكا ذلك إلى اللّه سبحانه وتعالى، فأوحى اللّه إليه : [أن] مُرْهُم بأكل لحم البقر بالسلق (5).

4 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن عيسى، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) أنّه قال: أطعموا مرضاكم السلق - يعني ورقه ، فإنّ فيه شفاءً ، ولا داء معه، ولا غائلة (6) له ، ويهدىء نوم المريض، واجتنبوا أصله (7)فإنّه يهيّج السوداء.

ص: 382


1- البقرة / 24 . والتحريم /6 . والوقود: ما توقد به النار.
2- الحديث مجهول.
3- الحديث مرفوع . والمراد بالعروق : إما العروق التي تكون في اللحم، أو عروق البقول بشكل عام . فإنها تقلع قلعاً من الأرض.
4- البياض البرص.
5- الحديث مجهول.
6- الغائلة : الشر والفساد
7- يعني ساقه، أو جذره

5 - عنه ، عن محمّد بن عيسى، عن بعض الحصينيّين، عن أبي الحسن (علیه السلام) أنَّ السِلْقَ يقمع عِرْقَ الجُذام، وما دخل جوف المبرسم مثل ورق السلق(1).

باب الكَمأة

293 - باب الكَمأة (2)

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن فاطمة بنت عليّ ، عن أمامة بنت أبي العاص بن الربيع وأمها زينب بنت رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قالت : أتاني أمير المؤمنين عليّ (علیه السلام) في شهر رمضان، فأتي بعشاء وتمر وكمأة ، فأكل (علیه السلام)، وكان يحبّ الكمأة .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن الفضيل، عن عبد الرحمن بن زيد عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): الكمأة من المنّ، والمنّ من الجنّة، وماؤها شفاء للعين(3).

باب القَرع

294 - باب القَرع

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) سئل عن القرع يذبح ؟ فقال : القرع ليس يذكّى، فكلوه ولا تذبحوه، ولا يستهوينّكم الشيطان (4)لعنه اللّه .

2 - وبإسناده ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) يعجبه الدُّبّاء في القدور، وهو القرع (5).

ص: 383


1- الحديث مجهول.
2- الكمأة : الفطر، وهو ما يعبر عنه العامة بالفطروش. وقد ورد في بعض الروايات عنه (صلّی اللّه علیه وآله) إن الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين . كما سوف يذكره في الحديث الثاني من هذا الباب .
3- الحديث ضعيف. وروى في المشكاة أنه (صلّی اللّه علیه وآله) قال ذلك عندما قال له بعض أصحابه (صلّی اللّه علیه وآله): الكمأة جدري الأرض. مشبهين لها بالجدري في الإنسان لظهورها من بطن الأرض كما يظهر حَبّ الجدري من باطن الجلد . وقال المجلسي رحمه اللّه في معنى قوله (علیه السلام) : وماؤها شفاء للعين: «بل الصواب إن ماءها مجرداً شفاء للعين مطلقاً، فيعصر ماؤها ويجعل في العين منه، وقد رأيت أنا وغيري في زمننا من كان عمي فذهب بصره حقيقة فكحل عينه بماء الكمأة مجرداً فشفي وعاد إليه بصره مرآة المجلسي 215/22
4- استهواه الشيطان ذهب بهواه وعقله، أو استهامه وحيره، أو زين له هواه .
5- الحديث ضعيف على المشهور.

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) يعجبه الدُّبّاء، ويلتقطه من الصَّحْفَة (1).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد اللّه بن محمّد الشامي، عن الحسين بن حنظلة، عن أحدهما (علیه السلام) قال: الدُّبّاء يزيد في الدِّماغ (2).

5- عنه ، عن عليّ بن حسان، عن موسى بن بكر قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : الدبّاء يزيد في العقل(3).

6 - الحسين بن محمّد، عن السيّاريّ رفعه قال : كان النبي (صلّی اللّه علیه وآله) يعجبه الدباء، وكان يأمر نساءه إذا طبخن قدراً يُكْثِرنَ من الدبّاء ، وهو القرع (4).

7-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن موسى (علیه السلام) قال : كان فيما أوصى به رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عليّاً (علیه السلام) أنّه قال له : يا عليّ ، عليك بالدبّاء فكله، فإنّه يزيد في الدماغ والعقل (5).

باب الفجل

295 - باب الفجل

1 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ الهمداني، عن حنان قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) ، وكنت معه على المائدة فناولني فِجْلَةً، وقال: يا حنان، كُل الفجل، فإنَّ فيه ثلاث خصال ورقه يطرد الرياح ولبه يسربل البول، وأصله يقطع البلغم (6).

وفي رواية أخرى : ورقه يُمرىء.

2 - عنه ، عن السيّاري، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن المبارك، عن أبي

ص: 384


1- الصحفة : القصعة أو وعاء للطعام يؤكل فيه .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف .
5- الحديث مرسل .
6- الحديث ضعيف. ويسربل البول : أي يحدره وسوف يصرح به في الحديث التالي

عثمان، عن دُرُست، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الفجل، أصله يقطع البلغم، ولبّه يهضم، وورقه يحدر البول حدراً (1).

باب الجَزَر

296 - باب الجَزَر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ أو غيره، عن داود بن فَرْقد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: أكل الجزر يُسَخّن الكليتين ويقيم الذَكَر (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن أحمد بن الحسن الجلاب ، عن موسى بن إسماعيل، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الجزر أمان من القولنج ، والبواسير، ويعين على الجماع(3).

3-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن داود بن فَرْقَد قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : أكل الجزر يسخّن الكليتين، وينصب الذكر، قال : فقلت له : جُعلت فداك، كيف آكله وليس لي أسنان؟ قال : فقال لي : مُر الجارية تَسْلُقه وكُله (4).

باب السَّلْجَم

297 - باب السَّلْجَم (5)

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن عيسى، عن عليّ بنالمسيب قال : قال العبد الصالح (علیه السلام) : عليك باللّفت فكله - يعني السلجم - فإنّه ليس من أحد إلّا وله عِرق من الجذام، واللّفت يذيبه (6).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عبد العزيز المهتديّ رفعه إلى

ص: 385


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث مجهول يقيم الذكر أي يوجب الإنعاظ والانتصاب .
3- الحديث ضعيف .
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- السلجم - كما في القاموس - نبت ،معروف، ولا تقل : ثلجم ولا شلجم . أقول : وهو اللفت - في بلادنا ..
6- الحديث صحيح.

أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: ما من أحد إلا وفيه عِرق من الجذام، فأذيبوه بالسَلجم .

3 - عنه ، عن يعقوب بن يزيد عن يحيى بن المبارك، [عن عبد اللّه بن المبارك]، عن عبد اللّه بن جبلة عن عليُّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (علیه السلام) أو قال : عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: ما من أحد إلّا وبه عرق من الجذام فأذيبوه بأكل السلجم .

4 - عنه ، عن الحسن بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عمن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : علیکم بالسلجم ، فكلوه وأديموا أكله، واكتموه إلا عن أهله، فما من أحد إلا وبه عرق من الجذام فأذيبوه بأكله(1).

باب القثّاء

298 - باب القثّاء

1 - عدَّة عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحجّال، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يأكل القثّاء بالملح .

2 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد اللّه الدهقان، عن دُرُست الواسطي، عن عبد اللّه بن سنان ، قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا أكلتم القثّاء فكلوه من أسفله، فإنّه أعظم لبركته(2).

باب الباذنجان

299 - باب الباذنجان

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عبد اللّه بن عليّ بن عامر، عن إبراهيم بن الفضل، عن جعفر بن يحيى، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كُلوا الباذنجان ، فإنّه يذهب الداء ولا داء له (3).

2-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا قال : قال أبو الحسن الثالث (علیه السلام) لبعض قهارمته (4): استكثروا لنا من الباذنجان، فإنّه حارّ في وقت الحرارة، وبارد

ص: 386


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث مجهول.
4- القهارمة : جمع القهرمان، وهو - كما في نهاية ابن الأثير - الخازن والوكيل والحافظ لما تحت يده، والقائم بأمور الرّجل بلغة الفرس .

في وقت البرودة، معتدلٌ في الأوقات كلها، جيّد على كلّ حال(1).

3- الحسين بن محمّد، عن معلّی بن محمّد، عن أحمد بن محمّد ؛ وعبد اللّه بن القاسم، عن عبد الرحمن الهاشمي قال : قال لبعض مواليه : أقلِل لنا من البصل، وأكثر لنا من الباذنجان ؛ فقال له مستفهماً : الباذنجان؟ قال : نعم، الباذنجان جامع الطعم. منفي الداء، صالح للطبيعة، منصف في أحواله صالح للشيخ والشابّ معتدل في حرارته وبرودته، حارّ في مكان الحرارة، وبارد في مكان البرودة(2).

باب البَصَل

300 - باب البَصَل

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن عبد العزيز بن حسان البغداديّ، عن صالح بن عقبة، عن عبد اللّه بن محمّد الجعفيّ قال : ذكر أبو عبد اللّه (علیه السلام) البصل، فقال : يُطيب النكهة، ويذهب بالبلغم، ويزيد في الجماع(3).

2 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : البصل يَذْهَب بالنَّصب، ويشدّ العصب، ويزيد في الخطى، ويزيد في الماء، ويذهب بالحُمّى (4).

3-عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ الهمداني ، عن الحسن بن عليّ الكسلان عن ميسر بيّاع الزطّي وكان خاله قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : كُلوا البصل، فإنَّ فيه ثلاث خصال: يُطيب النكهة، ويشدُّ اللّثة، ويزيد في الماء والجُماع (5).

4 – عنه، عن السيّاريّ، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن المبارك الدَّينوري، عن أبي عثمان، عن دُرُست، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: البصل يطيب النكهة، ويشدُّ الظهر، ويُرِقّ البشرة (6).

ص: 387


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف . قوله : ويزيد في الخطى : كناية عن تسبيبه في نشاط الإنسان فتزيد حركته . والمقصود بالماء هنا: الجماع. أو المني.
5- الحديث ضعيف .
6- الحديث ضعيف .

5-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا دخلتم بلاداً فكلوا من بصلها، يطرد عنكم وباءها(1).

باب الثُّوم

301 - باب الثُّوم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن أكل الثوم ؟ فقال : إنما نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عنه لريحه : فقال : من أكل هذه البقلة الخبيثة فلا يقرب مسجدنا ، فأما من أكله ولم يأت المسجد فلا بأس(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن شعیب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سئل عن أكل الثوم والبصل والكراث؟ فقال : لا بأس بأكله نيّاً وفي القدور (3) ، ولا بأس بأن يتداوى بالثوم، ولكن إذا أكل ذلك أحدكم فلا يخرج إلى المسجد (4).

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن عبد اللّه بن مسكان، عن الحسن الزيات قال : لما أن قضيتُ نُسكي، مررت بالمدينة، فسألت عن أبي جعفر (علیه السلام) فقال : هو بينبع ، فأتيت يَنْبُعَ فقال لي : يا حسن، مشيت إلى ههنا، قلت: نعم،جُعِلْتُ فِداك ، كرهت أن أخرج ولا أراك ، فقال (علیه السلام) : إني أكلت من هذه البقلة - يعني الثوم - فأردت أن أتنحى عن مسجد رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) (5).

باب السَّعْتَر

302 - باب السَّعْتَر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن زياد القندي، عن أبي

ص: 388


1- الحديث ضعيف .
2- الحديث حسن . ورواه في التهذيب 9 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . ... صدرح 154 . الاستبصار 57 - باب أكل الثوم و ... ، ح 2 . الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و . . . ، ح 37 .
3- يعني مطبوخاً .
4- الحديث صحيح . ورواه بتفاوت في الذيل في التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 155 . وفي الاستبصار 3، نفس ، الباب ، ح .. الفقيه ، نفس الباب، ح 36 .
5- الحديث مجهول.

الحسن الأوّل (علیه السلام) قال: كان دواء أمير المؤمنين (علیه السلام) السعتر وكان يقول : إنّه يصير للمعدَّة خَمَلاً كَخَمَل القطيفة (1).

2 - عنه ، عن موسى بن الحسن عن عليُّ بن سليمان، عن بعض الواسطيين، عن أبي الحسن (علیه السلام) أنه شكا إليه ،رطوبة، فأمره أن يَسْتَفّ السعتر على الريق(2).

باب الخلال

303 - باب الخلال

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : نزل جبرئيل (علیه السلام) عليُّ بالخلال.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة قال : قال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : نزل جبرئيل (علیه السلام) على رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) بالسواك والخلال والحجامة .

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن وهب بن عبد ربه قال: رأيت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يتخلّل، فنظرت إليه، فقال: إنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان يتخلّل، وهو يُطَيب الفم(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبراهيم عن إبراهيم الحذّاء، عن أحمد بن عبد اللّه الأسدي، عن رجل عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ناول النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) جعفر بن أبي طالب (علیه السلام) خلالاً، فقال له : يا جعفر ،تخلّل، فإنّه مصلحة للفم - أو (4)قال : للثة -، مَجْلَبَة للرزق(5).

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال النبي (صلّی اللّه علیه وآله) : تخلّلوا، فإنّه مصلحة للثة والنواجذ (6).

6 -[عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن

ص: 389


1- الحديث موثق . والحَمَلِ - كما في القاموس - هدب القطيفة ونحوها .
2- الحديث مجهول. ويستف : يأخذه سفوفاً .
3- الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و ... ، ح 28 . والخلال: إخراج ما يكون عالقاً بين الأسنان بواسطة عود أو شظية خشب وأمثالها .
4- الترديد من الراوي .
5- الحديث مجهول.
6- النواجذ : جمع الناجذ وهو آخر الأضراس . ولكل إنسان منها أربعة، ويسمى ضرس العقل . قاله في الصحاح .

القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) : تخلّلوا، فإنّه يُنقي الفم، ومصلحة للثة].

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن عليّ بن النعمان، عن يعقوب بن شعيب، عمّن أخبره أن أبا الحسن (علیه السلام) أتي بخلال من الأخِلَّة المُهَيّاة وهو في منزل فضل بن يونس، فأخذ منها شظية ورمى الباقي(1).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قا قال : لا تخلّلوا بعود الريحان، ولا بقضيب الرمّان، فإنهما يهيجان عرق الجذام .

9 - عليُّ ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من تخلّل بالقَصَب، تقض له حاجة ستة أيام (2).

10 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أن يُتَخَلَّل بالقصب والريحان (3).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن الدهقان، عن دُرُست، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) يتخلّل بكلّ ما أصاب ما خلا الخوص والقصب(4).

12 - عنه ، عن بعض من رواه عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن التخلّل بالرمان والأس والقصب وقال (صلّی اللّه علیه وآله) : إنّهن يُحَرِّكن عِرق الأكلة (5).

باب رمي ما يدخل بين الأسنان

304 - باب رمي ما يدخل بين الأسنان

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن جرير قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن اللّحم الّذي يكون في الأسنان؟ فقال: أمّا ما

ص: 390


1- الحديث مرسل والشظية - كما في الصحاح - الفلقة من العصا ونحوها .
2- الحديث مرسل .
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف . والخوص : سعف النخل.
5- الحديث مرسل والأكلة مرض يصيب لحم الإنسان فيتقيح ويسري .

كان في مقدّم الفم فكُله، وما كان في الأضراس فاطرحه .

2 - عنه ، عن ابن محبوب، عن ابن سنان ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: أمّا ما يكون على اللثة فكله وازدَرِده، وما كان بين الأسنان فارم به .

3-عنه ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن الفضل النوفليّ ،عن الفضل بن يونس قال: تغدّى عندي أبو الحسن (علیه السلام) ، فلمّا فرغ من الطعام أتي بالخلال، فقلت: جُعِلْتُ فِداك ، ما حدُّ هذا الخلال؟ فقال: يا فضل كلُّ ما بقي في فمك فما أدرت عليه لسانك فكله، وما استكن فأخرجه بالخلال، فأنت فيه بالخيار، إن شئت أكلته، وإن شئت طرحته .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال: لا بزدَرِدنَّ (1)أحدكم ما يتخلّل به، فإنّه يكون منه الدُّبَيلَة (2).

باب الأشنان والسُّعد

305 - باب الأشنان والسُّعد

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن يزيد، عن أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) قال: أكل الأشنان يبخر (3) الفم.

2 - بعض أصحابنا، عن جعفر بن إبراهيم الحضرمي، عن سعد بن سعد قال: قلت لأبي الحسن (علیه السلام) : إنّا نأكل الأشنان؟ فقال: كان أبو الحسن (علیه السلام) إذا توضّأ ، ضمَّ شفتيه (4) وفيه خصال تكره، أنّه يورث السلّ، ويذهب بماء الظهر، ويوهي الركبتين، فقلت: فالطين؟ فقال: كلُّ طين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير ، إلّا طين قبر الحسين (علیه السلام)، فإنّ فيه شفاءً من كلّ داء، ولكن لا يكثر منه، وفيه أمان من كل خوف(5).

3 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسن بن عليّ ، عن أحمد بن الحسين بن عمر، عن عمّه محمّد بن عمر، عن رجل، عن أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) قال : من استنجى بالسُعد(6).

ص: 391


1- الإزدراد: الإبتلاع .
2- الحديث مرفوع . والدبيلة - كما في الصحاح - خراج ودمّل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالباً .
3- البحر: رائحة كريهة تصيب الفم، وهي من خصائص فم الأسد في الحيوان. والمراد بأكله : مضغه.
4- أراد بالوضوء - هنا - الغسل بقصد التنظيف، وإنما كان (علیه السلام) يضم شفتيه عنده تحرزاً من دخول الأشنان فمه.
5- الحديث مجهول.
6- السعد - كما في القاموس - طيب معروف .

بعد الغائط، وغسل به فمه بعد الطعام، لم تصبه علّة في فمه، ولم يخف شيئاً من أرياح البواسير (1).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبي الخزرج الحسن بن الزبرقان الأنصاري، عن الفضل بن عثمان ، عن أبي عزيز المرادي قال : - وهو خال أمّي - قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : اتّخذوا في أسنانكم السُّعد، فإنّه يطيب الفم، ويزيد في الجماع(2).

5-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال : أخذني العباس بن موسى، فأمر فَوُجِىءَ فمي (3) فتزعزعت أسناني ، فلا أقدر أن أمضغ الطعام ، فرأيت أبي في المنام، ومعه شيخ لا أعرفه فقال أبي - رحمه اللّه - سلّم عليه ، فقلت: يا أبه من هو؟ فقال : هذا أبو شيبة الخراساني ، قال : فسلمت عليه، فقال: ما لي أراك هكذا؟ قال : قلت : إنّ الفاسق العباس بن موسى أمر بي فَوجىء فمي فتزعزعت أسناني، فقال لي : : شدّها بالسعد، فأصبحت فتمضمضت بالسعد، فسكنت أسناني (4).

6 - عنه ، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد قال: رأيت أبا الحسن الأول (علیه السلام) في الحجر وهو قاعد، ومعه عدَّة من أهل بيته فسمعته يقول: ضربت عليُّ أسناني، فأخذت السُّعد فدلكت به أسناني، فنفعني ذلك وسكنت عنّي (5).

تمّ كتاب الأطعمة، ويتلوه كتاب الأشربة إن شاء اللّه والحمد لله وحده، والصلاة على من لا نبيّ بعده .

ص: 392


1- الحديث مجهول.
2- الحديث مجهول
3- وَجَأه باليد والسكين - كما في القاموس - ضربه .
4- الحديث مرسل موقوف والزعزعة كل تحريك شديد وتزعزع الأسنان عبارة عن تخلخلها.
5- الحديث صحيح وضربت أسنانه : أي تحرك وجعها .

كتاب الأشْرِبَة

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب الأشْرِبَة

باب فضل الماء

306 - باب فضل الماء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن عيسى بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن عليّ ، عن أبيه، عن جدّه قال: قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : الماء سيّد الشراب في الدنيا والآخرة .

عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن محمّد بن عليّ ، عن عيسى بن عبد اللّه بإسناده، مثله(1).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون عن عُبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول ، وذكر رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقال : اللّهم إنّك تعلم أنّه أحبُّ إلينا من الآباء والأمّهات، والماء البارد .

3-محمّد بن يحيى، عن غير واحد، عن العبّاس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: أوَّل ما يسأل اللّه جل ذكره العبد أن يقول له : أوَلَمَ أرْوِكَ من عذب الفرات(2).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عليّ بن الريّان بن الصلت يرفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : سيّد شراب الجنّة الماء (3).

5- عنه ، عن محمّد بن عليّ ، عن عيسى بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن عليّ ، عن

ص: 393


1- الحديث ضعيف بسَنَدَيْه .
2- الحديث مجهول.
3- الحديث مرفوع

أبيه، عن جدّه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : الماء سيّد الشراب في الدّنيا والآخرة(1).

6- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن فضّال، عمّن أخبره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : من تلذّذ بالماء في الدنيا، لذّذه اللّه عز وجل من أَشْرِبَة الجنّة (2).

7-أحمد بن محمّد الكوفي ، عن عليّ بن الحسن الميثميّ ، عن عليّ بن أسباط، عن عبد الصمد بن بندار عن الحسين بن علوان قال : سأل رجل أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن طعم الماء؟ فقال : سل تفقّهاً ولا تسأل تَعَنّتاً، طعم الماء طعم الحياة(3).

باب آخر منه

307 - باب آخر منه

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : مُصوا الماء مَصَاً ولا تَعُبوه عباً، فإنّه يوجد منه الكباد (4).

2 - سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون البصري، عن أبي طيفور المتطبّب قال: دخلت على أبي الحسن الماضي (علیه السلام) ، فنهيته عن شرب الماء، فقال (علیه السلام): وما بأس بالماء، وهو يدير الطعام في المعدَّة، ويسكن الغضب، ويزيد في اللُّبّ، ويطفي المرّار؟!(5).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد البصريّ، عن أبي داود المسترق، عمّن حدَّثه قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فدعا بتمر فأكل، وأقبل يشرب عليه الماء، فقلت له : جُعِلْتُ فِداك، لو أمسكت عن الماء، فقال: إنّما أكل التمر لأستطيب عليه الماء (6).

ص: 394


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث مرسل. والتلذد: استشعار اللذة وذلك يكون بالتأني في شربه، والتأمل في لذته، وتذكر أنه من أعظم النعم المادية على الإنسان لأنه سبحانه جعل منه كل شيء حي فيكون ذلك دافعاً له على شكره تعالى ، فيستوجب بذلك الشكر رضى اللّه عنه في الآخرة .
3- الحديث مجهول
4- الحديث ضعيف على المشهور والكباد: وجع الكبد والعب شرب الماء من غير أخذ نفس في أثنائه، وهو شرب الهيم.
5- الحديث ضعيف على المشهور وإدارته للطعام كناية عن تيسير هضمه.
6- الحديث ضعيف على المشهور.

4 - عليُّ بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن ياسر قال : قال أبو الحسن (علیه السلام) : عَجَباً لمن أكل مثل ذا - وأشار بيده - ولم يشرب عليه الماء، كيف لا تَنْشَقّ معدته(1)

باب كثرة شرب الماء

308 - باب كثرة شرب الماء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال : قال أبو الحسن (علیه السلام) : إنّ شرب الماء البارد أكثر تلذّذاً.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن سعيد بن جناح، عن أحمد بن عمر الحلبيّ قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) - وهو يوصي رجلاً - فقال له : أقلل من شرب الماء، فإنّه يمدُّ كلّ داء واجتنب الدَّواء ما احتمل بدنك الداء(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ياسر الخادم، عن الرضا (علیه السلام) : قال : لا بأس بكثرة شرب الماء على الطعام، ولا تكثر منه على غيره ، وقال : أرأيت لو أنَّ رجلاً أكل مثل ذا - وجمع يديه كلتيهما لم يضمّهما ولم يفرّقهما - ثمّ لم يشرب عليه الماء، كان ينشقّ معدته(3)

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسان، عن موسى بن بكر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا تُكثر من شرب الماء، فإنه مادَّة لكلّ داء (4).

باب شرب الماء من قيام، والشرب في نفس واحد

309 - باب شرب الماء من قيام، والشرب في نفسٍ واحد

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: شُربُ الماء من قيام بالنهار، أقوى وأصحُّ للبدن (5).

ص: 395


1- الحديث مرسل . ولعل إشارته بيده (علیه السلام) لبيان قلة الطعام المتناول أو لبيان كثرته، أو لبيان نوعية مخصوصة منه
2- الحديث ضعيف على المشهور. وقد دل الحديث في ذيله على أن المطلوب تجنب تعويد الجسم على العقاقير والأدوية ما أمكن، وهذا هو بعينه ما أوصى به الطب الحديث.
3- الحديث مجهول. وفي ذيله في كتاب المحاسن : أليس كانت تنشق معدته ؟ ! ويحتمل في هذا الخبر إن الضرر يكون غالباً من كثرة الأكل لا من كثرة شرب الماء.
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و ...، ح 8 مرسلاً بتفاوت في الذيل . والحديث ضعيف على المشهور.

2 - عليُّ بن محمّد، عن محمّد بن أحمد بن أبي محمود رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : شرب الماء من قيام بالنهار يمرىء الطعام وشرب الماء من قيام بالليل يورث الماء الأصفر(1).

3-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عليّ ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم [ عن أبي هاشم] بن يحيى المدائني عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قام أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى أداوة فشرب منها وهو قائم(2).

4-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) إذ دخل عليه عبد الملك القمي ، فقال له : أصلحك اللّه ، أشرب الماء وأنا قائم ؟ فقال له : إن شئت، قال : أَفَأَشْرَبُ بنَفَس واحد حتّى أروى؟ قال: إن شئت، قال: فأسجد ويَدَيَّ في ثوبي؟ قال: إن شئت، ثمّ قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إني واللّه ما هذا من وشبهه أخاف علیکم (3).

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عبد اللّه، عن أبيه، عن جده ، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عمرو بن أبي المقدام قال : كنت عند أبي جعفر (علیه السلام) أنا وأبي ، فاتي بقدح من خَزَف فيه ماء، فشرب وهو قائم ، ثمّ ناوله أبي فشرب منه وهو قائم ، ثمّ ناولنيه فشربت منه وأنا قائم (4).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن ابن العرزمي، عن حاتم بن إسماعيل المديني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) كان يشرب الماء وهو قائم، ثمّ يشرب من فضل وضوئه قائماً ، ثمّ التفت إلى الحسين (علیه السلام) فقال له : يا بني، إني رأيت جدك (5) رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) صنع هكذا.(5).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ثلاثة أنفاس في الشرب أفضل من نَفَس واحد (6).

ص: 396


1- الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و.... 9 وروى ذيل الحديث فقط مرسلاً.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث حسن كالصحيح .
4- الحديث ضعيف.
5- الحديث ضعيف. هذا ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث بحمل المطلق منها على المقيد واللّه العالم .
6- الفقيه 3 ،نفس الباب، صدر ح 11 بتفاوت قليل.

8 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى، عن معلّى أبي عثمان، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ثلاثة أنفاس أفضل من نفس واحد.

9 - محمّد بن يحيى عن بعض أصحابه، عن عثمان بن عيسى، عن شيخ من أهل المدينة قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يشرب الماء فلا يقطع نفسه حتّى يروى؟ قال: (علیه السلام) فقال: وهل اللذة إلّا ذاك؟ قلت : فإنّهم يقولون : إنه شرب الهيم؟ قال: فقال : كَذَّبوا، إنّما شرب الهيم ما لم يُذكر اسم اللّه عز وجل عليه (1).

باب القول على شرب الماء

310 - باب القول على(2) شرب الماء

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إنَّ الرّجل يشرب الشربة من الماء فيدخله اللّه عزَّ وجلَّ بها الجنّة ، قلت : وكيف ذاك يا ابن رسول اللّه ؟ قال : إنَّ الرّجل يشرب الماء فيقطعه ثمّ ينحّي الإناء وهو يشتهيه، فيحمد اللّه عزّ وجل، ثمّ يعود فيه ويشرب ، ثمّ ينحّيه وهو يشتهيه، فيحمد اللّه عزَّ وجل، ثمّ يعود فيشرب، فيوجب اللّه عزّ وجلَّ له بذلك الجنّة(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إذا شرب الماء قال: الحمد اللّه الَّذي سقانا عَذْباً زُلالاً، ولم يسقِنا ملحاً أجاجاً، ولم يؤاخذنا بذنوبنا(4).

3-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن عمّ لعمر بن يزيد، عن بنت عمر بن يزيد عن أبيها ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا شرب أحدكم الماء فقال : بسم اللّه ، ثمّ شرب ، ثمّ قطعه فقال : الحمد للّه ، ثمّ شرب فقال : بسم اللّه ، ثمّ قطعه فقال : الحمد للّه ، ثمّ شرب فقال : بسم اللّه ، ثمّ قطعه فقال : الحمد للّه ، سبّح ذلك الماء

ص: 397


1- الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و ...، ح 14 :وفيه وروي أن الهم ما لم يذكر اسم اللّه عليه . والهيم: جمع أهيم وهَيْماء، والأول للجمل والثاني للناقة، والهيام : داء يُكسبه العطش؛ يشرب الماء إلى أن يموت أو يسقم سقماً شديداً. ومنه قوله تعالى في الآية 00 الواقعة : فشاربون شرب الهيم.
2- في بعض النسخ : عند...بدل...علی
3- حديث صحيح.
4- كأن جعله سبحانه الماء عذباً زلالاً دليل على عدم مؤاخذتنا بذنوبنا ولو جعله ملحاً اجاجاً لكان فعل.

له ما دام في بطنه إلى أن يخرج(1).

4 - عليُّ بن محمّد رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا أردت أن تشرب الماء باللّيل، فحرك الماء وقل: يا ماء، ماءُ زمزم وماءُ فرات يُقرءانكَ السلام(2).

باب الأواني

311 - باب الأواني

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يشرب في الأقداح الشاميّة، يُجاء بها من الشام وتُهدى إليه (صلّی اللّه علیه وآله).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن أبي المقدام قال : رأيت أبا جعفر (علیه السلام) وهو يشرب في قدح من خَزَف .

3-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا ينبغي الشرب في آنية الذهب ولا الفضّة (3).

4 - عنه ، عن محمّد بن عليّ ، عن يونس بن يعقوب ، عن أخيه يوسف قال : كنت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) بالحِجر، فاستسقى ماء، فأتي بقدح من صفر، فقال رجل : إنَّ عبّاد بن كثير يكره الشرب في الصفر؟ فقال : لا بأس، وقال (علیه السلام) للرَّجل : ألا سألته أذَهَبٌ هو أم فضّة (4).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا تشربوا الماء من ثُلمة الإناء، ولا من عُرْوَته، فإنّ الشيطان يقعد على العروة والظُّلْمة (5).

ص: 398


1- الحديث مجهول.
2- الحديث مرفوع .
3- الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و . . ... ح 1 وفي ذيله . في آنية الفضة والذهب. وقد مر معنا حكاية إجماع أصحابنا على حرمة استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب وغيرهما من الاستعمالات، ولذا فلسان هذا الحديث وإن كان ظاهر أمثاله الكراهة إلا أنه بلحاظ الإجماع المذكور والروايات الأخرى محمول على الحرمة .
4- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . ... ، ح 128 بتفاوت قليل في الذيل الفقيه 3، نفس الباب، ح 5 كذلك .
5- الحديث موثق . والظُّلْمة - كما في القاموس - فرجة المكسور.

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن سالم بن مكرم ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أبي لعمرو بن عُبيد، ويشير الرحّال وواصل (1)في حديث ولا يشرب من أذن الكوز ولا من كسره إن كان فيه، فإنه مشرب الشياطين .

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مرَّ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) بقوم يشربون الماء بأفواههم في غزوة تبوك، فقال لهم النبيُّ (صلّی اللّه علیه وآله) : اشربوا بأيديكم، فإنها خير أوانيكم (2).

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) يعجبه أن يشرب في الإناء الشاميّ ، وكان يقول : هو أنظف آنيتكم(3).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، والحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، جميعاً عن عليّ بن أسباط ، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال: سمعته يقول : - وذكر مصر - فقال : قال النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) : لا تأكلوا في فخّارها ولا تغسلوا رؤوسكم بطينها، فإنّه يَذْهَب بالغيرة، ويورث الدياثة (4).

باب فضل ماء زمزم وماء الميزاب

312 - باب فضل ماء زمزم وماء الميزاب

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كانت زمزم أشد بياضاً من اللّبن، وأحلى من الشَّهّد، وكانت سايحة (5) فبغت على الأمياه (6)، فأغارها اللّه جل وعزّ ، وأجرى عليها عيناً من صبر(7).

2- وبإسناده قال : ذكرت زمزم عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) فقال: أجري إليها عين من تحت

ص: 399


1- هو واصل بن عطاء وكلهم - حسب الظاهر - من شيوخ المعتزلة.
2- الفقيه 3 ، 97 - باب الأكل والشرب في آنية الذهب و . . . ، ح 7 بتفاوت . والحديث ضعيف على المشهور
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث حسن أو موثق .
5- يعني جارية على وجه الأرض.
6- في بعض النسخ : المياه، وهو الصحيح، لأنه أحد جمعي الماء، والجمع الآخر: الأمواه. ويمكن أن يكون المراد بيبغيها، بغي أهلها، واللّه العالم .
7- الحديث مرسل .

الحِجر، فإذا غلب ماء العين عَذُبَ ماء زمزم(1).

3-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام): ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض، وشرّ ماء على وجه الأرض ماء بَرَهَوت الذي بَحَضْرَمَوْت ، ترده هامُ الكفار باللّيل(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن بن إسماعيل بن جابر قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : ماء زمزم شفاء من كل داء - وأظنّه (1) قال : كائناً ما كان(3).

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): ماء زمزم دواءٌ ممّا شُرِبَ له (4).

6 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر ؛ وغيره ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، جميعاً عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة، عن مصادف قال : اشتكى رجل من إخواننا بمكّة حتّى سقط للموت، فلقينا أبا عبد اللّه (علیه السلام) في الطريق فقال يا مصادف ما فعل فلان ؟ قلت تركته ،بالموت، جُعِلْتُ فِداك ، فقال : أما لو كنت مكانكم لسقيته من ماء الميزاب، فطلبنا عند كلّ أحد فلم نجده، فبينا نحن كذلك إذ ارتفعت سحابة فأرعدت وأبرقت وأمطرت فجئت إلى بعض من في المسجد فأعطيته درهماً، وأخذت قدحه، ثمّ أخذت من ماء الميزاب فأتيته به وسقيته منه ، ولم أبرح من عنده حتّى شرب سويقاً وصلح وَبَرَىء بعد ذلك (5).

باب ماء السماء

313 - باب ماء السماء

1 - محمّد بن یحیی،عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن عليّ بن يقطين،

ص: 400


1- الحديث مرسل .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- هذا التطني من الراوي .
4- الحديثان ضعيفان على المشهور.
5- الحديثان ضعيفان على المشهور.

عن عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حمّاد، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) في قوله تعالى : (ونَزّلنا من السماء ماءً مبارك (1)) ، قال : ليس من ماء في الأرض إلّا وقد خالطه ماء السماء(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : اشربوا ماء السماء ، فإنّه يطهّر البدن ويدفع الأسقام، قال اللّه عزّ وجلَّ : ( ويُنَزِّل علیکم من السماء ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ به ويذهب عنكم رِجْزَ الشيطان (3)وليربط على قلوبكم ويُثبت به الأقدام ).(4)

3-محمّد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن عليّ بن أسباط، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : البَرَد لا يؤكل، لأنَّ اللّه عزّ وجلَّ يقول(5): (فيُصيب به من يشاء) (6).

باب فضل ماء الفرات

314 - باب فضل ماء الفرات

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن محمّد بن أبي حمزة، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: ما أخال أحداً يُحَنَّك بماء الفرات، إلّا أحبّنا أهلَ البيت، وقال (علیه السلام): ما سُقِيَ أهل الكوفة ماء الفرات إلّا لأمرٍ ما ، قال : يَصُبّ فيه ميزابان من الجنّة (7).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض

ص: 401


1- ق/ 9.
2- الحديث مجهول .
3- قيل : رجز الشيطان - هنا - ما كان أصاب بعض المسلمين في معركة بدر من الجنابة بالاحتلام ، وقيل : المراد وسوسته وتشيطه.
4- الأنفال/ 11 . والمراد بشبيت الأقدام إن المسلمين في بدر كانوا قد نزلوا في أرض رملية كثيفة تسيخ فيها أقدامهم فكان نزول المطر سبباً في تلبيدها بحيث أصبحت ثابتة فتمكنت فيها أقدام المسلمين . في حين أن جيش المشركين كان قد نزل في طرف آخر وأرضه ترابية فتسبب المطر في قلبها وحولاً تنزلق عليها أقدامهم وكل ذلك من لطف اللّه بعباده المؤمنين .
5- النور / 43. فيصيب به : أي يضره في زرعه وثمرته .
6- الحديث مجهول .
7- الحديث مرسل . وخاله : ظَنّه . وفي بعض النسخ إلا لأمرنا بدل : إلا لأمر ما . أي إنما سقوه لرسوخ حبهم لنا ورسوخ عقيدتهم في ولايتنا .

أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال : يَدْفُقُ في الفرات كلّ يوم دفقات من الجنّة .

3-محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسين، عن ابن أورمة، عن الحسين بن سعيد رفعه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : نهركم هذا - يعني ماء الفرات - يصبُّ فيه ميزابان من ميازيب الجنّة، قال: فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لو كان بيننا وبينه أميال لأتيناه، ونستسقي به(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسين رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : كم بينكم وبين الفرات؟ فأخبرته ، فقال : لو كنتُ عنده لأحببتُ أن آتيه طرفَي النهار(2).

5- الحسين بن محمّد ؛ ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن غير واحد رفعوه إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) قال: أمّا إنَّ أهل الكوفة لو حَنَّكُوا أولادهم بماء الفرات، لكانوا شيعةً لنا (3).

6 - الحسين بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن حكيم بن جبير قال : سمعت سيدنا عليّ بن الحسين (علیه السلام) يقول : إنّ مَلَكاً يهبط من السماء في كلّ ليلة معه ثلاثة مثاقيل مسكاً من مسك الجنّة، فيطرحها في الفرات، وما من نهر في شرق الأرض ولا غربها أعظم بركةً منه (4).

باب المياه المنهي عنها

315 - باب المياه المنهيّ عنها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن الاستشفاء بالحميات - وهي العيون الحارة التي تكون في الجبال، التي توجد فيها رائحة الكبريت - وقيل : إنّها من فَيح جهنّم (5).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زیاد، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ نوحاً (علیه السلام) لمّا كان في أيّام الطوفان، دعا المياه كلّها فأجابته، إلّا ماء

ص: 402


1- الحديث مرفوع .
2- التهذيب 6 ، ذيل ح 82 من التسلسل العام بتفاوت قليل وسند آخر. والحديث مرفوع .
3- الحديث مجهول مرفوع .
4- التهذيب 6 ، ح 78 من التسلسل العام بتفاوت يسير جداً. والحديث مجهول.
5- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 176 بتفاوت . والفيح والفوح : الغليان. والحديث ضعيف.

الكبريت، والماء المرُّ، فَلَعَنَهُما(1).

3-محمّد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان النيسابوريّ، عن محمّد بن يحيى، عن زكريّا وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، جميعاً عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود، عن أبي سعيد عفيصا التيمي قال مررت بالحسن والحسين صلوات اللّه عليهما وهما في الفرات مستنقعان في إزارين، فقلت لهما يا ابني رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، أفسدتما الإزارين، فقالا لي: يا أبا سعيد فَسادنا للإزارين أحبُّ إلينا من فساد الدين، إنَّ للماء أهلاً وسكّاناً كسكّان الأرض، ثمّ قالا : إلى أين تريد؟ فقلت : إلى هذا الماء، فقالا : وما هذا الماء؟ فقلت : أريد دواءه أشرب من هذا المرّ لِعِلَّةٍ بي، أرجو أن يخفّ له الجسد ويسهل البطن، فقالا : ما نحسب أنَّ اللّه جل وعزّ جعل في شيء قد لعنه شفاءً ، قلت : وَلِمَ ذاك؟ فقالا : لأنَّ اللّه تبارك وتعالى لما آسفه (2) قوم نوح (علیه السلام) ، فتح السماء بماء منهمر، وأوحى إلى الأرض فأستعصت عليه عيون منها فلعنها وجعلها ملحاً أجاجاً .

وفي رواية حمدان بن سليمان أنّهما (علیه السلام) قالا : يا أبا سعيد، تأتي ماءً ينكر ولايتنا في كلّ يوم ثلاث مرات، إنَّ اللّه عزّ وجلَّ عرض ولايتنا على المياه، فما قبل ولايتنا عَذُبَ وطاب، وما جحد ولايتنا جعله اللّه عزّ وجلَّ مُرَّاً أو ملحاً أجاجاً(3).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان أبي (علیه السلام) يكره أن يتداوى بالماء المرّ، وبماء الكبريت، وكان يقول: إن نوحاً (علیه السلام) لمّا كان الطوفان، دعا المياه فأجابته كلّها، إلّا الماء المرّ، وماء الكبريت، فدعا عليهما وَلَعَنَهُما(4).

باب النوادر

316 - باب النوادر

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن

ص: 403


1- الحديث ضعيف .
2- آسفه اغضبه . وفيه إشارة إلى قوله تعالى : (فلما آسفونا انتقمنا منهم) الزخرف/ 55 .
3- الحديث ضعيف وآخره مرسل .
4- الحديث ضعيف على المشهور. ويمكن أن يكون تعالى قد أودع في تلك المياه ما تفهم به الخطاب، ويمكن أن يكون مستعملاً بنحو الاستعارة التمثيلية لبيان عدم ترتب خير عليها لدناءة منبعها . واللّه العالم.

يونس عن العرزميّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : تفجّرت العيون (1)من تحت الكعبة .

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى، عن زكريا المؤمن، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي حمزة الثماليّ قال : كنت عند حوض زمزم، فأتاني رجل فقال لي : لا تشرب من هذا الماء (2) يا أبا حمزة، فإنَّ هذا يشترك فيه الجن والإنس، وهذا (3)لا يشترك فيه إلا الإنس ، قال : فتعجبت من قوله وقلت من أين علم هذا؟! قال : ثمّ قلت لأبي جعفر (علیه السلام) ما كان من قول الرّجل لي؟ فقال (علیه السلام) لي : إن ذلك رجل من الجن أراد إرشادك (4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن يعقوب بن يزيد رفعه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : ماء نيل مصر يميت القلوب (5).

4 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن العباس بن معروف، عن النوفليّ ، عن اليعقوبيّ، عن عيسى بن عبد اللّه، عن سليمان بن جعفر قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلّ : (وأنزلنا من السماء ماءً بقدر فأسكناه في الأرض وإنّا على ذهاب به لقادِرون )(6)فقال : يعني ماء العقيق (7).

5- عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عبد اللّه بن إبراهيم المدائني ، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : نهران ،مؤمنان و نهران کافران فأمّا المؤمنان: فالفرات ونيل مصر، وأمّا الكافران : فدجلة ونهر بَلخ(8).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن جعفر، عمّن ذكره، عن الخشّاب، عن عليّ بن الحسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن داود الرقّي قال: كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، إذ استسقى الماء، فلمّا شربه، رأيته قد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه ، ثمّ قال

ص: 404


1- يمكن أن يراد بها الكل، أو خصوص عيون مكة، أو خصوص زمزم .
2- إشارة إلى ماء حوض زمزم .
3- لعله إشارة إلى البشر، ودعوة إلى الاستقاء منها بالدلو والشرب منه مباشرة قبل صبه في الحوض.
4- الحديث ضعيف.
5- الحديث مرفوع .
6- المؤمنون / 18 .
7- الحديث مجهول.
8- الحديث مجهول. قال في النهاية : جعلهما مؤمنين على التشبيه، لأنهما يفيضان على الأرض فيسقيان الحرث بلا مؤونة، وجعل الآخرين كافرين لأنهما لا يسقيان ولا ينتفع بهما إلا بمؤونة ،وكلفة، فهذان في الخير والنفع كالمؤمنين، وهذان في قلة النفع كالكافرين.

لي:یا داود، لعن اللّه قاتل الحسين (علیه السلام) ، وما من عبد شرب الماء فذكر الحسين (علیه السلام) وأهل بيته ولَعَنَ ،قاتله، إلّا كتب اللّه عزَّ وجلَّ له مائة ألف حسنة، وحط عنه مائة ألف سيئة، ورفع له مائة ألف درجة، وكأنما أعتق مائة ألف نسمة، وحشره اللّه عزّ وجلَّ يوم القيامة ثَلِجَ الفؤاد(1).

أبواب الأنبذة

اشارة

أبواب الأنبذة

باب ما يتخذ منه الخمر

317 - باب ما يتخذ منه الخمر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): الخمر من خمسة : العصير من الكرم، والنقيع من الزبيب، والبِتع من العسل والمِزْر من الشعير، والنبيذ من التمر (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن الحضرميّ، عمّن أخبره عن عليّ بن الحسين (علیه السلام) قال: الخمر من خمسة أشياء : من التمر والزبيب والحنطة والشعير والعسل .

محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن ابن أبي نجران، عن صفوان الجمال، عن عامر بن السمط، عن عليّ بن الحسين (علیه السلام) مثله .

3 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن عليُّ بن جعفر بن إسحاق الهاشميّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : الخمر من خمسة : العصير من الكرم، والنقيع من الزبيب، والبتع من العسل، والمِزْر من الشعير، والنبيذ من التمر .

باب أصل تحريم الخمر

318 - باب أصل تحريم الخمر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وسهل بن زياد

ص: 405


1- قال الجوهري : يقال : ثلجث نفسي تثلج ثلوجاً اطمأنت .
2- التهذيب 9 ،2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 177 . والمِزر: نبيذ يتخذ من الذرة ، وقيل : يتخذ من الحنطة أو الشعير. قاله الفيروز آبادي .

جميعاً، عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشاميّ قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن أصل الخمر كيف كان بدء حلالها وحرامها، ومتى أُتَّخِذَ الخمر؟ فقال : إنّ آدم (علیه السلام) لما هبط من الجنّة اشتهى من ثمارها فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ عليه قضيبين من عنب فغرسهما، فلما أن أورقا وأثمرا ،وبلغا جاء إبليس لعنه اللّه فحاظ عليهما حائطاً، فقال آدم (علیه السلام) : ما حالك يا ملعون؟ فقال إبليس : إنّهما لي، فقال له : كذبت، فرضيا بينهما بروح القدس، فلمّا انتهيا إليه، قصَّ عليه آدم (علیه السلام) ، قصته، وأخذ روح القدس ضعتاً من نار ورمی به عليهما والعنب في أغصانهما، حتّى ظنَّ آدم (علیه السلام) أنه لم يبق منهما شيء، وظن إبليس لعنه اللّه مثل ذلك ، قال : فدخلت النار حيث دخلت وقد ذهب منهما ثلثاهما وبقي الثلث، فقال الروح : أمّا ما ذهب منهما فحظّ إبليس - لعنه اللّه ، وما بقي فلك يا آدم .

الحسن بن محبوب، عن خالد بن نافع، عن بن نافع، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله(1).

2 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسين بن يزيد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ اللّه عزّ وجلَّ لما أهبط آدم عليه السلام أمره بالحرث والزرع، وطرح إليه غرساً من غروس الجنّة، فأعطاه النخل والعنب والزيتون والرمان فغرسها ليكون العقبه وذريته، فأكل هو من ثمارها فقال له إبليس لعنه اللّه : يا آدم ، ما هذا الغرس الذي لم أكن أعرفه في الأرض، وقد كنتُ فيها قبلك، إئذن لي آكل منها شيئاً، فأبى آدم (علیه السلام) أن يدعه، فجاء إبليس عند آخر عمر آدم (علیه السلام) وقال لحواء : إنه قد أجهدني الجوع والعطش، فقالت له حوّاء فما الذي تريد؟ قال: أريد أن تذيقيني من هذه الثمار، فقالت حواء : إنَّ آدم (علیه السلام) عهد إليَّ أن لا أطعمك شيئاً من هذا الغرس، لأنه من الجنّة، ولا ينبغي لك أن تأكل منه شيئاً، فقال لها : فاعصري في كفّي شيئاً منه، فأبت عليه، فقال: ذريني أمضه ولا آكله فأخذت عنقوداً من عنب فأعطته فمصه ولم يأكل منه ، لما كانت حواء قد أكدت عليه، فلما ذهب يعض عليه، جذبته حوّاء من فيه، فأوحى اللّه تبارك وتعالى في آدم (علیه السلام) أنَّ العنب قد مصّه عدوّي وعدوّك إبليس، وقد حرمت عليُّك من عصيرة الخمر ما خالطه نَفَسُ إبليس، فحرمت الخمر، لأنّ عدوّ اللّه إبليس مكر بحوّاء حتّى مص العنب، ولو أكلها لحرمت الكرمة من أولها إلى آخرها وجميع ثمرها وما يخرج منها، ثمّ إنه قال لحواء : فلو أمصصتني شيئاً من هذا التمر كما أمصصتني من العنب، فأعطته تمرة فمصها وكانت العنب والتمرة أشد رائحة وأزكى من المسك الأذفر، وأحلى من العسل، فلمّا مصهما عدوُّ اللّه إبليس - لعنه اللّه - ذهبت رائحتهما وانتقصت حلاوتهما .

ص: 406


1- الحديث مجهول بسنديه .

قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ثمّ إنّ إبليس - لعنه اللّه - ذهب بعد وفاة آدم (علیه السلام)، فبال في أصل الكرمة والنخلة، فجرى الماء على عروقهما من بول عدوّ اللّه، فمن ثمّ يختمر العنب والتمر، فحرم اللّه عز وجل على ذرّيّة آدم (علیه السلام) كلُّ مسكر ، لأن الماء جرىء ببول عدوّ اللّه في النخلة والعنب، وصار كلّ مختمر خمراً ، لأنّ الماء اختمر في النخلة والكرمة من رائحة بول عدو اللّه إبليس - لعنه اللّه- (1).

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن أبي نصر، عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لما هبط نوح (علیه السلام) من السفينة غرس غرساً ، وكان فيما غرس (علیه السلام) الحَبَلَة (2)، ثمّ رجع إلى أهله، فجاء إبليس لعنه اللّه فقلعها ، ثمّ إن نوحاً (علیه السلام) عاد إلى غرسه فوجده على حاله، ووجد الحبلة قد قلعت، ووجد إبليس لعنه اللّه عندها، فأتاه جبرئيل (علیه السلام) فأخبره أن إبليس لعنه اللّه قلعها، فقال نوح لإبليس : ما دعاك إلى قلعها، فواللّه ما غرستُ غرساً أحبُّ إليَّ منها، وواللّه لا أدعها حتّى أغرسها فقال إبليس وأنا واللّه لا أدعها حتّى أقلعها، فقال له : اجعل لي منها ،نصيباً، قال: فجعل له منها الثلث، فأبى أن يرضى ، فجعل له النصف، فأبى أن يرضى ، فأبى نوح (علیه السلام) أن يزيده، فقال جبرئيل (علیه السلام) لنوح : يا رسول اللّه ، أحسن، فإنَّ منك الإحسان، فعلم نوح (علیه السلام) أنّه قد جعل له عليها سلطاناً، فجعل نوح (علیه السلام) له الثلثين، فقال أبو جعفر (علیه السلام) : فإذا أخذت عصيراً فاطبخه حتّى يذهب الثلثان، وكُلّ واشرب، فذاك نصيب الشيطان(3).

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّ إبليس لعنه اللّه نازع نوحاً (علیه السلام) في الكرم، فأتاه جبرئيل (علیه السلام) فقال : إنَّ له حقاً فأعطه، فأعطاه الثلث، فلم يرض إبليس، ثمّ أعطاه النصف، فلم يرض، فطرح جبرئيل ناراً فأحرقت الثلثين وبقي الثلث، فقال: ما أحرقت النار فهو نصيبه، وما بقي فهو لك يا نوح حلال .

باب إن الخمر لم تزل مُحَرَّمَةً

319 - باب إن الخمر لم تزل مُحَرَّمَةً

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ ، عن

ص: 407


1- الحديث ضعيف على المشهور. وقوله : فمن ثمّ يختمر العنب : أي يغلي وينتن ويصير مسكراً. وقوله : لأن الماء اختمر في النخلة : أي غلا وتغير وانتن من رائحة بول إبليس.
2- الحَبْلَة : - كما في النهاية - الأصل والقضيب من شجر الأعناب .
3- الحديث حسن أو موثق .

أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه قال : ما بعث اللّه عزَّ وجلَّ نبيّاً قطّ إلّا وفي علم اللّه عزّ وجلَّ أنّه إذا أكمل له دینه كان فيه تحريم الخمر، ولم تزل الخمر حراماً ، إنَّ الدين إنّما يحوّل من خصلة إلى أخرى، فلو كان ذلك جملة قطع بهم دون الدين(1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضّالة بن أيوب، عن موسى بن بكر عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : ما بعث اللّه عزَّ وجلَّ نبيّاً قطّ إلّا وفي علم اللّه تبارك وتعالى أنّه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر، ولم تزل الخمر حراماً، إنّما الدين يحوّل من خصلة إلى أخرى، ولو كان ذلك جملة قطع بهم دون الدين(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ما بعث اللّه عزَّ وجلَّ نبيّاً قطّ إلّا وفي علم اللّه أنّه أكمل دينه كان فيه تحريم الخمر، ولم تزل الخمر حراماً، وإنّما ينقلون من خصلة إلى خصلة، ولو حمل ذلك علیهم جملة لقطع بهم دون الدين ، قال : وقال أبو جعفر (علیه السلام) : ليس أحد أرفق من اللّه عزّ وجلّ، فمن رفقه تبارك وتعالى أنّه نقلهم من خصلة إلى خصلة، ولو حمل علیهم جملةً لهلكوا(3).

باب شارب الخمر

320 - باب شارب الخمر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشامي قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن الخمر ؟ فقال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إِنَّ اللّه عزَّ وجلَّ بعثني رحمة للعالمين، ولأمحق المعازف والمزامير وأمور الجاهلية والأوثان ، وقال : أَقْسَمَ رَبِّي أن لا يشرب عبد لي في الدنيا خمراً إلّا سقيته مثل ما شرب منها من الحميم يوم القيامة معذباً أو مغفوراً له، ولا يسقيها عبد لي صبياً صغيراً أو مملوكاً، إلا سقيته مثل ما سقاه من الحميم يوم القيامة معذَّباً بعد أو مغفوراً له (4).

ص: 408


1- التهذيب 9 ،باب الذبائح والأطعمة وما . ... ح 180 بتفاوت يسير. وقوله : جملة أي دفعة واحدة في قبال التدرّج في التشريع.
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 179 .
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 178 .
4- الحديث مجهول.

2 - ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشاميّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من شرب الخمر بعد ما حرَّمها اللّه عزّ وجلَّ على لساني، فليس بأهل أن يُزَوّج إذا خطب، ولا يُشَفّع إذا شَفَعَ ، ولا يُصَدَّق إذا حدَّث، ولا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه بعد علمه فيه فليس للذي ائتمنه على اللّه عزَّ وجلَّ ضمان، ولا له أجر ولا خلف(1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن الحسين بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : يؤتى شارب الخمر يوم القيامة مُسْوَدّاً وجهه، مدلعاً لسانه (2)، يسيل لعابه على صدره وحق على اللّه عزّ وجل أن يسقيه من طينة خبال - أو (3)قال : من بئر خبال - قال قلت وما بئر خبال ؟ قال بئر يسيل فيها صديد الزناة (4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : شارب الخمر ولا يُعاد إذا مرض، ولا يُشْهَدُ له جنازة، ولا تُزَكوه إذا شهد، ولا تُزوّجوه إذا خطب ولا تأتمنوه على أمانة (5).

5- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : شارب الخمر إن مرض فلا تعودوه ، وإن مات فلا تَحْضُرُوه، وإن شهد فلا تُزَكوه ، وإن خطب فلا تُزوّجوه، وإن سألكم أمانة فلا تأتمنوه .

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن بشير الهذليّ، عن عجلان أبي صالح قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : المولود يولد فنسقيه من الخمر، فقال: من سقى مولوداً خمراً أو (6) وقال : - مسكراً - سقاه اللّه عزَّ وجلَّ من الحميم وإن غفر له(7).

ص: 409


1- الحديث مجهول. ورواه في التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 182 . وفي آخره: ولا له خلف
2- قال في القاموس : دلع لسانه : أخرجه .
3- الترديد من الراوي .
4- الحديث ضعيف على المشهور ورواه في التهذيب 9، نفس الباب، ح 183 . والصديد - كما في النهاية - الدم والقيح الذي يسيل من الجسد.
5- الحديث حسن .
6- الترديد من الراوي .
7- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ح 184 .

7-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري ؛ ودُرُست ؛ وهشام بن سالم، جميعاً عن عجلان أبي صالح قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : قال اللّه عزّ وجلَّ : من شرب مسكراً، أو سقاه صبيّاً لا يَعْقِل، سقيته من ماء الحميم معذباً أو مغفوراً له، ومن ترك المسكر ابتغاء مرضاتي أدخلته الجنّة، وسقيته من الرحيق المختوم، وفعلت به من الكرامة ما أفعل بأوليائي .

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، ، عن ابن فضّال ، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : شارب الخمر يوم القيامة، يأتي مُسْوَدّاً وجهه ، مائلاً شقه، مدلعاً لسانه ، ينادي العطش العطش.

9 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن حمّاد بن بشير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من شرب الخمر بعد أن حرَّمها اللّه تعالى على لساني ، فليس بأهل أن يزوّج إذا خطب، ولا يُصدّق إذا حدث، ولا يُشَفّع إذا شَفَع ، ولا يؤتمن على أمانة فمن ائتمنه على أمانة فأكلها أو ضيعها فليس للذي ائتمنه على اللّه عزّ وجلَّ أن يأجره، ولا يخلف عليه، وقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي أردت أن أستبضع بضاعة إلى اليمن فأتيت أبا جعفر (علیه السلام) فقلت له : إنّني أريد أن أستبضع فلاناً بضاعة ، فقال لي : أما علمت أنّه يشرب الخمر ، فقلت : قد بلغني من المؤمنين أنّهم يقولون ذلك، فقال لي : صَدقهم، فإنَّ اللّه عزّ وجلَّ يقول : ( يُؤْمن باللّه ويؤمن للمؤمنين) (1). ثمّ قال: إنّك إن استبضعته فهلكت أو ضاعت، فليس لك على اللّه عزَّ وجل أن يأجرك، ولا يخلف عليك . فاستبضعته فضيعها، فدعوت اللّه عزَّ وجلَّ أن يأجرني ، فقال : يا بني، مه، ليس لك على اللّه أن يأجرك ولا يخلف عليُّك ، قال : قلت له : ولم ؟ فقال لي : إن اللّه عز وجل يقول : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل اللّه لكم قياماً ((2) ، فهل تعرف سفيهاً أسفه من شارب الخمر، قال: ثمّ قال (علیه السلام) : لا يزال العبد في فسحة من اللّه عزّ وجلَّ حتّى يشرب الخمر، فإذا شربها خرق اللّه عزّ وجلّ عنه سرباله (3) ، وكان وليّه وأخوه إبليس - لعنه اللّه - ، وسمعه وبصره ويده ورجله، يسوقه إلى كلّ ضلال، ويصرفه عن كلّ خير (4).

ص: 410


1- التوبة / 61 .
2- النساء/ 5 وقياماً : أي قوام معاشكم أو كنتم أوصياء علیهم فيها وقيمين.
3- السريال - كما في النهاية - القميص وقد يطلق على الدرع .
4- الحديث مجهول. ويدل على حجية خبر الواحد إذا كان المخبر مؤمناً، ولعل نهيه (علیه السلام) كان إرشادياً فليس في مخالفته (علیه السلام) ما ينافي العصمة مرآة المجلسي 253/22 . وأخرج الحديث في التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . ..، ح 185 .

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن عليّ ،عن آبائه (علیه السلام) قال: لعن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) الخمر وعاصرها ومعتصرها وبايعها ومشتريها وساقيها وأكل ثمنها وشاربها وحاملها والمحولة إليه (1).

11-الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ الصوفي، عن خضر الصيرفي عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من شرب النبيذ على أنّه حلال(2)، خلّد في النار، ومن شربه على أنّه حرامٌ عُذّب في النار(3).

12 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يوسف بن عليّ ، عن نصر بن مزاحم ؛ ودُرُست الواسطي، عن زرارة ،وغيره عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : شارب المسكر، لا عِصْمَةَ بيننا وبينه .

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن إسماعيل بن محمّد المنقريّ، عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : من شرب المسكر ومات وفي جوفه منه شيء، لم يتب منه، بعث من قبره مخبلاً، مايلاً شدقه، سائلاً لعابه، يدعو بالويل والثُّبور (4).

14 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حمّاد، عن عمر بن أبان ، قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : من شرب مسكراً كان حقاً على اللّه عزَّ وجلَّ أن يسقيه من طينة خبال قلت وما طينة خبال؟ فقال: صديد فروج البغايا (5).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن محرز، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): «لا أصلّي على غريق خمر ». (6)

16 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن الشيباني، عن

ص: 411


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 186 .
2- أي مستحلاً لها .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 187
4- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ...، ح 188 .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 189 و 190
6- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 189 و 190 وقوله (علیه السلام): غريق خمر كنّى بذلك عمن أدمن شربها مكثراً منها .

يونس بن ظبيان قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : يا يونس بن ظبيان، أبلغ عطيّة عنّي أنّه من شرب جرعة من خمر لعنه اللّه عزَّ وجلَّ وملائكته ورسله والمؤمنون، فإن شربها حتّى يسكر منها، نُزع روحُ الإيمان من جسده، ورُكبت فيه روح سخيفة خبيثة ملعونة، فيترك الصلاة، فإذا ترك الصلاة عيّرته الملائكة، وقال اللّه عزّ وجلَّ له : عبدي، كفرت وغيّرتك، الملائكة سوءة لك عبدي، ثمّ قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : سوءة سوءة، كما تكون السوءة واللّه لتوبيخ الجليل جل اسمه ساعة واحدة، أشدُّ من عذاب ألف عام ، قال : ثمّ قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : (ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا) (1)، ثمّ قال : يا يونس، ملعون ملعون من ترك أمر اللّه عزَّ وجلَّ، إن أخذ بَراً دمرته وإن أخذ بحراً غَرّقته يغضب لغضب الجليل عزَّ اسمه(2).

17 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن خالد، عن مروك ، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنَّ أهل الري (3)في الدنيا من المسكر، يموتون عطاشاً، ويحشرون عطاشاً، ويدخلون النار عطاشاً (4).

18 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن عليّ ، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله، وزاد فيه : ولو أنَّ رجلاً كَحل عينه بميل من خمر، كان حقيقاً على اللّه يُكَحّله بميل من نار(5).

19 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن العطار، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا ينال شفاعتي من استخفّ بصلاته ، ولا يَرِد عليّ الحوض لا واللّه لا ينال شفاعتي من شرب المسكر، ولا يرد عليّ الحوض، لا واللّه (6).

باب آخر منه

321 - باب آخ--ر من--ه

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن

ص: 412


1- الأحزاب / 61 .
2- التهذيب 9، نفس الباب، ح 191 بتفاوت.
3- الري : خلاف العطش.
4- الفقيه 3، 179 - باب معرفة الكبائر التي ... ح 19.
5- الفقيه 3 ،نفس الباب ، ح 17 بتفاوت مرسلا .
6- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 192 .

عبد الرحمن بن أبي عبد اله، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من شرب مسکراً انحبست (1)صلاته أربعين يوماً ، وإن مات في الأربعين مات ميتةً جاهليّة، فإن تاب، تاب اللّه عزّ وجلَّ عليه (2).

2- أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن العبّاس بن عامر، عن داود بن الحصين، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من شرب مسكراً لم تُقبل منه صلاته أربعين يوماً، فإن مات في الأربعين مات ميتة جاهليّة، وإن تاب، تاب اللّه عليه(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مهران بن محمّد، عن رجل، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : من شرب مسكراً لم تقبل منه صلاته أربعين يوماً، وإن عاد سقاه اللّه من طينة خَبَال قال : قلت : وما طينة خبال؟ فقال: ما يخرج من فروج الزناة (4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد عبد اللّه (علیه السلام) قال: من شرب الخمر، لم يقبل اللّه له صلاة أربعين يوماً (5).

5-أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال : من شرب من الخمر شربة لم يقبل اللّه منه صلاة أربعين يوماً (6).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن مروان عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إن اللّه عزَّ وجلّ عند فِطْرِ كل ليلة من شهر رمضان عتقاء يعتقهم من النار، إلّا من أفطر على مسكر، ومن شرب مسكراً، لم تحتسب له صلاته أربعين يوماً، فإن مات فيها، مات ميتةً جاهليّة (7).

7-أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : إنّه لمّا احتضر أبي (علیه السلام) قال لي : يا بنيّ، إنّه لا ينال شفاعتنا من استخفّ

ص: 413


1- في التهذيب : أَبْخِسَت .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 193 .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 194.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب 195 بتفاوت يسير .
5- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 197
6- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 196 . والحديث صحيح .
7- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 198

بالصلاة، ولا يرد علينا الحوض من أدمن هذه الأشربة، فقلت: يا أَبَه ، وأيُّ الأشربة ؟ فقال : كلّ مسكر(1).

8-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من شرب [منكم] مسكراً، لم تقبل منه صلاته أربعين ليلة (2).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن عمرو بن شمّر قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : من شرب شربة خمر، لم يقبل اللّه منه صلاته سبعاً(3)، ومن سكر لم تقبل ، ومن سكر لم تُقبل منه صلاته أربعين صباحاً(4).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من شرب خمراً حتّى يسكر ، لم يقبل اللّه عزّ وجلَّ منه صلاته أربعين صباحاً.

11 - عليُّ (5)، عن أبيه ، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من شرب شربة من خمر لم يقبل اللّه منه صلاته أربعين يوماً (6).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي نصر، عن الحسين بن خالد قال : قلت لأبي الحسن (علیه السلام) : إنّا روينا عن النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) أنّه قال: من شرب الخمر لم تُحْتَسَب له صلاته أربعين يوماً ؟ قال : فقال : صَدَقوا ، قلت : وكيف لا تُحْتَسَب صلاته أربعين صباحاً لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ فقال : إنّ اللّه عزّ وجلَّ قدر خلق الإنسان فصيره نطفة أربعين يوماً، ثمّ نقلها فصيرها علقة أربعين يوماً، ثمّ نقلها فصيّرها مضغة أربعين يوماً، فهو إذا شرب الخمر، يقيت في مُشَاشه أربعين يوماً على قدر إنتقال خلقته، قال : ثمّ قال (علیه السلام): وكذلك جميع غذائه : أكله وشربه يبقى في مشاشه أربعين يوماً(7).

ص: 414


1- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 199 ، و 200
2- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 199 ، و 200
3- أي سبع ليال، أو سبعة أيام .
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 201 وفيه : ... لم يقبل منه. الخ .
5- في سند التهذيب : عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه عن النضر . الخ .
6- التهذيب 9 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 202 .
7- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 203 بتفاوت يسير . والمشاش : رؤوس العظام اللينة التي يمكن مضغها - هكذا في الصحاح .. وهي في القاموس : النفس والطبيعة والأصل . ويفهم من مجموع الأحاديث المتقدمة أن الخمر إذا أسكر به الإنسان يحدث فيه تغيراً داخلياً لا يزول أثره إلا بمرور أربعين يوما واللّه العالم .

باب إن الخمر رأس كل إثمّ وَشَرّ

322 - باب إن الخمر رأس كل إثمّ وَشَرّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن بشار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سأله رجل فقال له : أصلحك اللّه ، شرب الخمر شرّ أم ترك الصلاة؟ فقال : شرب الخمر، [ثمّ ] قال : أو تدري لم ذاك؟ قال : لا ، قال : لأنه يصير في حال لا يعرف معها ربّه(1).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن حسّان، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي جميلة، عن الحلبي ؛ وزرارة ومحمّد بن مسلم ؛ وحمران بن أعين عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (علیه السلام) قالا : إِنَّ الخمر رأس كلَّ إثم.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن العباس بن عامر، عن أبي جميلة، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إِنَّ الخمر رأس كل إثم.

4 - عنه ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي جميلة، عن أبي أسامة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الشرب مفتاح كلّ شر، ومُدْمِنُ الخمر كعابِدِ وَثَن، وإنَّ الخمر رأس كل إثم، وشاربها مكذب بكتاب اللّه تعالى لو صدق كتاب اللّه حرَّم حرامه .

5 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عمن رواه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال : إن اللّه عزّ وجلَّ جعل للشر أقفالاً، وجعل مفاتيحها - أو (2)قال : مفاتيح تلك الأقفال - الشراب .

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه ؛ ومحمّد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي بصير، عن أحدهما (علیه السلام) قال: إِنَّ اللّه عزّ وجلَّ جعل للمعصية بيتاً ، ثمّ جعل للبيت باباً، ثمّ جعل للباب غَلَقاً، ثمّ جعل للغلق مفتاحاً، فمفتاح المعصية الخمر (3).

ص: 415


1- الفقيه 3، 179 - باب معرفة الكبائر التي ... ، ح 18 وفي سنده : إسماعيل بن سالم ، بدل : إسماعيل بن بشار.
2- الترديد من الراوي .
3- الحديث صحيح. والغلق: الرتاج، والقفل.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن أحدهما (علیه السلام) قال : ما عُصي اللّه عزَّ وجلَّ بشيء أشدّ من شرب الخمر، إنَّ أحدهم (1)لَيَدَع الصلاة الفريضة، ويَثِبُ على أمّه وأخته وابنته وهو لا يعقل.

8-محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين رفعه قال : قيل لأمير المؤمنين (علیه السلام) : إنّك تزعم أنّ شرب الخمر أشدُّ من الزنا والسرقة ؟ فقال (علیه السلام): نعم، إنَّ صاحب الزنا لعلّه لا يعدوه إلى غيره، وإنّ شارب الخمر إذا شرب الخمر، زنى وسرق وقتل النفس التي حرّم اللّه عزَّ وجلَّ، وترك الصلاة .

9 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : شرب الخمر مفتاح كلّ شرّ.

باب مُدْمِن الخمر

323 - باب مُدْمِن الخمر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزاز، عن عجلان أبي صالح قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) من شرب المسكر حتّى يفنى عمره، كان كمن عبد الأوثان، ومن ترك مسكراً مخافةً من اللّه عزّ وجلَّ أدخله اللّه الجنة، وسقاه من الرحيق المختوم .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن العباس بن عامر، عن أبي جميلة، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : مُدمن الخمر، يلقى اللّه عزَّ وجل كعابد وَثَن(2).

3-أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال : قال : مُدمن الخمر يلقى اللّه عزّ وجلّ - حين يلقاه - كعابد وثن .

4-على بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن عمرو بن عثمان قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : مُدْمِنُ الخمر، يلقى اللّه - حين يلقاه - كعابد وَثَن(3).

ص: 416


1- يعني ممن يشرب الخمر.
2- التهذيب 9، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما .... ، ح 210 .
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 209 .

5- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): مُدمن الخمر، يلقى اللّه عزّ وجلَّ - يوم يلقاه - كافراً(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مُدمن الخمر، يلقى اللّه تبارك وتعالى يوم يلقاه كعابدِ وَثَن(2).

7-أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن حسّان، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي جميلة، عن الحلبيّ ؛ وزرارة أيضاً ومحمّد بن مسلم وحمران بن أعين، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّهما قالا : مُدْمِن الخمر كعابدِ وَثَن(3).

8-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): مُدْمِنُ الخمر كعابدِ وَثَن، إذا مات وهو مدمن عليه، يلقى اللّه عزَّ وجلَّ - حين يلقاه - كعابد وَثَن (4).

9-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ويعقوب بن يزيد، عن محمّد بن داذويه(5) قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) أسأله عن شارب المسكر؟ قال: فكتب (علیه السلام) : شارب الخمر کافر (6).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عبد اللّه، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مُدمن الخمر كعابد وَثَن.

باب آخر منه

324 - باب آخر منه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حمّاد، عن أبي

ص: 417


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 208 . ولا بد من حمله على ما إذا أدمنها مستحلاً لها. والحديث ضعيف على المشهور.
2- التهذيب 9، نفس الباب، ح207 . وفي سنده : عبد اللّه بن الحجاج . . .
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 206 .
4- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 205 بتفاوت .
5- نقل المجلسي في مرآة العقول 262/22 عن ابن حجر في التقريب قوله : داذويه : بالدال المهملة والألف بعدها والذال المعجمة، بعدها الواو والياء المثناة بعدها الهاء.
6- الحديث ضعيف على المشهور أو مجهول. ولا بد من حمله على ما لو كان شربه لها مستحلاً لها. وأخرجه في التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 204 وفيه : ... المسكر بدل: الخمر . .

الجارود (1)، قال سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : حدَّثني أبي، عن أبيه (علیه السلام) أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال: مدمن الخمر كعابدِ وَثَن قال : قلت له : وما المُدمن؟ قال : الذي إذا وجدها شربها(2).

2 - محمّد بن جعفر، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سَيف بن عميرة، عن منصور بن حازم قال : حدَّثني أبو بصير، وابن أبي يعفور :قالا سمعنا أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : ليس مدمن الخمر الذي يشربها كلّ يوم، ولكن الذي يُوَطِّن نفسه أنه إذا وجدها شربها(3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن هاشم بن خالد عن نعيم البصري عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مُدْمِن المسكر ؛ الذي إذا وجده شربه (4).

باب تحريم الخمر في الكتاب

325 - باب تحريم الخمر في الكتاب

1 - أبو عليّ الأشعريّ، عن بعض أصحابنا؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن عليّ بن يقطين قال: سأل المهديُّ (5) أبا الحسن (علیه السلام) عن الخمر، هل هي محرمة في كتاب اللّه عزّ وجلَّ، فإنَّ الناس إنّما يعرفون النهي عنها ولا يعرفون التحريم لها؟ فقال له أبو الحسن (علیه السلام) : بل هي محرمة في كتاب اللّه عزَّ وجلَّ يا أمير المؤمنين، فقال له : في أي موضع هي محرَّمة في كتاب اللّه جل اسمه يا أبا الحسن؟ فقال : قول اللّه عزّ وجلَّ: ( قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بَطَنَ والإثمّ والبغي بغير الحق) (6)، فأما قوله : (ما ظهر منها ): يعني الزنا المعلَن ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر للفواحش في الجاهلية، وأما قوله عزّ وجلَّ : (وما بَطَنَ) : يعني ما نكح من الآباء، لأنَّ الناس كانوا قبل أن يُبْعَثَ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) ، إذا كان للرجل زوجة ومات عنها، تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمّه ، فحرَّم اللّه عزَّ وجلَّ ذلك، وأما الإثمّ فإنّها الخمرة بعينها، وقد قال اللّه عزَّ وجلَّ

ص: 418


1- في التهذيب: عن جارود وسنده هكذا عنه عن عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حمّاد، عن جارود قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) وحدثني عن أبيه (علیه السلام) أن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ... الخ .
2- التهذيب 9 نفس الباب، ح 211 بتفاوت .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 212 بتفاوت يسير .
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 213 .
5- هو أحد ملوك العباسيين .
6- الأعراف/ 33 .

في موضع آخر : (يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمّ كبير ومنافع للناس(1))، فأمّا الإثمّ في كتاب اللّه فهي الخمرة ،والميسر، وإثمهما أكبر، كما قال اللّه تعالى ، قال : فقال المهديّ : يا عليّ بن يقطين هذه واللّه فتوى هاشمية قال: قلت له: صدقت واللّه يا أمير المؤمنين ، الحمد لله الذي لم يُخْرج هذا العلم منكم أهل البيت، قال: فواللّه ما صبر المهدي أن قال لي : صَدَقْتَ يا رافضي (2).

2 - بعض أصحابنا مرسلاً قال: إنَّ أوَّل ما نزل في تحريم الخمر قول اللّه عزّ وجلَّ : (يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمّ كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما )، فلما نزلت هذه الآية أحسّ القوم بتحريمها وتحريم الميسر، وعلموا أن الإثمّ مما ينبغي اجتنابه، ولا يحمل اللّه عزَّ وجلَّ علیهم من كل طريق، لأنه قال : ومنافع للناس، ثمّ أنزل اللّه عزّ وجلَّ آية أخرى : (إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (3) ) ، فكانت هذه الآية أشدَّ من الأولى وأغلظ في التحريم، ثمّ ثلث بآية أخرى فكانت أغلظ من الآية الأولى والثانية وأشدَّ ، فقال عزّ وجلَّ : (إنّما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العدواة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر اللّه ، عن ذكر اللّه، وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (4))، فأمر عزَّ وجلَّ باجتنابها وفسّر عللها التي لها ومن أجلها حرمها، ثمّ بين اللّه عزّ وجل تحريمها، وكشفه في الآية الرابعة مع ما دل عليه في هذه الآي المذكورة المتقدّمة بقوله عزّ وجل : قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بَطَنَ والإثمّ والبغي بغير الحق ، وقال عزّ وجل في الآية الأولى : (يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمّ كبير ومنافع للناس) ، ثمّ قال في الآية الرابعة : (قل إنّما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثمّ )، فخبر اللّه عزّ وجلَّ أنَّ الإثمّ في الخمر وغيرها، وأنه حرام ، وذلك أنَّ اللّه عزّ وجلَّ إذا أراد أن يفترض فريضة أنزلها شيئاً بعد شيء حتّى يوطّن الناس أنفسهم عليها ، ويسكنوا إلى أمر اللّه عزّ وجلَّ ونهيه فيها، وكان ذلك من فعل اللّه عزّ وجلَّ على وجه التدبير فيهم أصوب وأقرب لهم إلى الأخذ بها، وأقل لنفارهم منها (5).

ص: 419


1- البقرة/ 219 . والميسر : القمار بكل ما تقوم به.
2- الحديث ضعيف. وقال المجلسي في المرآة 264/22 : والمراد بالاثمّ ما يوجبه ، وحاصل الاستدلال : أنه تعالى حكم في تلك الآية بكون ما يوجب الاثمّ محرماً، وحكم في الآية الأخرى بكون الخمر والميسر مما يوجب الاثمّ ، فثبت بمقتضاهما تحريمهما فنقول : الخمر مما يوجب الاثمّ ، وكل ما يوجب الاثمّ فهو محرم، فالخمر محرم .
3- المائدة / 90 .
4- المائدة/ 91 .
5- الحديث مرسل. وقوله : ولا يحمل اللّه عز وجل علیهم من كل طريق : أي لا يضيق الأمر علیهم ولا يؤثمهم.

باب إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حرَّم كل مسكر قليله وكثيره

326 - باب إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حرَّم كل مسكر قليله وكثيره

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن كليب الصيداوي قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : خطب رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقال في خطبته : كل مسكر حرام (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشاميّ قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إنَّ اللّه عزّ وجلَّ حرَّم الخمر بعينها فقليلها وكثيرها حرام ، كما حرم الميتة، والدم ولحم الخنزير ، وحرَّم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) الشراب من كلّ مسكر وما حرَّمه رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقد حرَّمه اللّه عزّ وجلَّ(2).

3-حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر(3).

4-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليُّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إن رجلا من بني عمّي - وهو رجل من صلحاء مواليك - أمرني أن أسألك عن النبيذ، فأصفه لك ؟ فقال (علیه السلام) له : أنا أصفه لك، قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : كلُّ مسكر حرام ، فما أسكر كثيره فقليله حرام قال : قلت: فقليل الحرام يحلّه كثير الماء؟ فرد عليه بكفّه مرتين : لا ، لا(4).

5- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان ، عن محمّد بن مروان، عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن النبيذ؟ فقال: حرَّم اللّه عزَّ وجلَّ الخمر بعينها، وحرَّم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) من الأشربة كلَّ مسكر؟ .

ص: 420


1- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . ح 218 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان اللّه علیهم على تحريم الخمر وكل مسكر كالنبيذ والبتع (وهو نبيذ العسل) والفضيخ ، والنقيع ، والمِزْر ) وهو نبيذ الشعير والفقاع قليله وكثيره . وكذا يحرم العصير العنبي إذا غلا واشتدّ ولم يذهب ثلثاه فراجع شرائع المحقق 225/3 . واللمعة وشرحها للشهيدين 320/7.
2- التهذيب 9، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 215 . وقوله : بعينها أي الخمر المتخذ من الكرمة .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 217 .
4- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ح 216 . والحديث صحيح .

6 - عنه ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن كليب الأسدي قال : سألت أبا عبدِ اللّه (علیه السلام) عن النبيذ ؟ فقال : إنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) خطب الناس فقال في خطبته : أيّها النّاس، ألا إنَّ كلَّ مسكر حرام ، ألا وما أسكر كثيره فقليله حرام .

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن صفوان الجمال قال : كنت مبتلى بالنبيذ، معجباً به فقلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): جُعِلْتُ فِداك، أصف لك النبيذ؟ قال : فقال لي : بل أنا أصفه لك، قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): كل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام فقلت له هذا نبيذ السقاية بفناء الكعبة ؟ فقال لي : ليس هكذا كانت السقاية ، إنّما السقاية زمزم ، أفتدري من أول من غَيّرها؟ قال : قلت : لا ، قال : العباس بن عبد المطلب، كانت له حَبَلَة، أفتدري ما الحَبَلَة؟ قلت : لا ، قال : الكرم، فكان ينقع الزبيب غدوة ويشربونه بالعشيّ، ينقعه بالعشي ويشربونه من الغد، يريد به أن يكسر غلط الماء عن الناس، وإنَّ هؤلاء قد تعدوا، فلا تشربه ولا تَقرَبهُ(1).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن التمر والزبيب، يُطبخان للنبيذ؟ فقال: لا، وقال : كل مسكر حرام ، وقال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : كلّ ما أسكر كثيره فقليله حرام وقال : لا يصلح في النبيذ الخميرة؛ وهي العكرة (2).

9-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل بن يسار قال : ابتدأني أبو عبد اللّه (علیه السلام) يوماً من غير أن أسأله فقال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): كلَّ مسكر حرام :قال قلت أصلحك اللّه كله حرام؟ فقال: نعم، الجرعة منه حرام .

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد ؛ ومحمّد بن إسماعيل جميعاً عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : حرَّم اللّه الخمرة قليلها وكثيرها، كما حرَّم الميتة والدم ولحم الخنزير، وحرّم النبيُّ (صلّی اللّه علیه وآله) من الأشربة المسكر ، وما حرَّم النبيُّ (صلّی اللّه علیه وآله) فقد حرَّمه اللّه عزَّ وجلَّ ، وقال : ما أسكر كثيره فقليله حرام .

ص: 421


1- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ... ، ح 219 بتفاوت يسير، وفي ذيله : فلا تَقْرَبُهُ ولا تَشْرَبُهُ. والحديث صحيح.
2- الحديث موثق . والعَكَرَة والعكر: درديّ كل شيء.

عبد اللّه

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : استأذنت لبعض أصحابنا على أبي عبد اللّه (علیه السلام) فسأله عن النبيذ؟ فقال: حلال، فقال: أصلحك اللّه، إنّما سألتك عن النبيذ الذي يجعل فيه العَكَر فيغلي حتّى يُسكر؟ فقال أبو (علیه السلام) : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): كل مسكر حرام، فقال الرّجل : أصلحك اللّه ، فَإِنْ مَن عندنا بالعراق يقولون : إنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إنّما عنى بذلك القَدَحَ الَّذِي يُسْكِر؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام): إنَّ ما أسكر كثيره فقليله حرامٌ ، فقال له الرّجل : فأكسره بالماء، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لا، وما للماء أن يحلّل الحرام إتّقِ اللّه عزَّ وجلَّ ولا تَشْرَبُه .

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان قال : سمعت رجلاً يقول لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : ما تقول في النبيذ، فإنَّ أبا مريم يشربه ويزعم أنك أمرت بشربه؟ فقال: معاذ اللّه عز وجل أن أكون آمر بشرب مُسْكر، واللّه إنّه لشيء ما اتقيتُ فيه سلطاناً ولا غيره، قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): كلُّ مسكر حرام ، فما أسكر كثيره فقليله حرام .

13 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن يونس بن يعقوب، عن عمرو بن مروان قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنَّ هؤلاء (1)ربّما حضرت معهم العشاء فيجيئون بالنبيذ بعد ذلك، فإن أنا لم أشر به خفتُ أن يقولوا : فلاني (2)، فكيف أصنع ؟ فقال: اكسره بالماء، قلت: فإذا أنا كسرته بالماء أشربه؟ قال: لا(3).

14 - سهل بن زياد، عن عليّ بن معبد، عن الحسن بن عليّ ، عن أبي خداش، عن عليّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عبدة النيسابوريّ قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : القدح من النبيذ، والقدح من الخمر، سواء؟ فقال: نعم، سواء ، قلت : فالحد فيهما سواء؟ فقال : سواء .

15 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن عليّ بن الحكم عن أبي المغ-را، عن عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : ما ترى في قَدَح من مسكر يُصَبّ عليه الماء حتّى تذهب عاديته ، ويذهب سُكْرُه؟ فقال : لا واللّه، ولا قطرة تقطر منه في حُبّ إلّا أهريق ذلك الحبّ (4).

ص: 422


1- يعني بعض المخالفين من العامة أو سلاطيهم.
2- أي جعفري أو رافضي .
3- الحديث ضعيف على المشهور. وسؤاله الثاني من توابع سؤاله الأول، كما أن جوابه (علیه السلام) له ثانياً بقوله : لا ، يدل على أن كسره بالماء لا يغير من حرمته شيئاً . ولعل فائدة كسره بالماء هو عملية هروب من ملاحظتهم له ومراقبتهم لينشغلوا عنه فلا يلاحظون عدم شربه له من رأس.
4- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 220 . والعادية : الطغيان. وقد دل الحديث على نجاسة الخمر بلحاظ وجوب إهراق الماء .

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن يزيد بن خليفة - وهو رجل من بني الحارث بن كعب - قال : سمعته يقول : أتيت المدينة، وزياد بن عبيد اللّه الحارثي عليها، فاستأذنت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) فدخلت عليه وسلّمت عليه وتمكّنت من مجلسي، قال: فقلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي رجل من بني الحارث بن كعب، وقد هداني اللّه عزَّ وجلَّ إلى محبّتكم ومودَّتكم أهل البيت، قال: فقال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : وكيف اهتديت إلى مودَّتنا أهل البيت؟ فواللّه إنَّ محبّتنا في بني الحارث بن كعب لقليل ؟ قال : فقلت له : جُعِلْتُ فِداك ، إنَّ لي غلاماً خراسانيّاً وهو يعمل القصارة، وله همشهريجون (1) أربعة ، وهم يتداعون كل جمعة فتقع الدعوة على رجل منهم، فيصيب غلامي كل خمس جُمع جمعة، فيجعل لهم النبيذ واللحم ، قال : ثمّ إذا فرغوا من الطعام واللحم، جاء بإجانة فملأها نبيذاً، ثمّ جاء بمطهرة، فإذا ناول إنساناً منهم قال له : لا تشرب حتّى تصلي على محمّد وآل محمّد، فاهتديت إلى مودتكم بهذا الغلام ، قال : فقال لي : استوص به خيراً، وأقرأه مني السلام وقل له : يقول لك جعفر بن محمّد : انظر شرابك هذا الذي تشربه ، فإن كان يسكر كثيره فلا تقربنَّ قليله، فإنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال : كلُّ مسكر حرام، وقال ما أسكر كثيره فقليله حرام قال فجئت إلى الكوفة، وأقرأت الغلام السلام من جعفر بن محمّد (علیه السلام) ، قال : فبكى ، ثمّ قال لي : اهتم بي جعفر بن محمّد (علیه السلام) حتّى يقرئني السلام؟ قال : قلت : نعم ، وقد قال لي : قل له : انظر شرابك هذا الذي تشربه فإن كان يسكر كثيره فلا تقربن قليله، فإن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال : كل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام ، وقد أوصاني بك ، فأذهب فأنت حر لوجه اللّه تعالى ، قال : فقال الغلام : واللّه إنّه لشراب ما يدخل جوفي ما بقيت في الدنيا (2).

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن كليب بن معاوية (علیه السلام)، قال : كان أبو بصير وأصحابه يشربون النبيذ، يكسرونه بالماء ، فحدَّثت بذلك أبا عبد اللّه فقال لي : وكيف صار الماء يحلّل المسكر؟ مرهم لا يشربوا منه قليلاً ولا كثيراً، قلت: إنّهم يذكرون أنَّ الرضا من آل محمّد يحلّه لهم ؟ فقال : وكيف كان آل محمّد (علیه السلام) يُحِلّونَ المسكر وهم لا يشربون منه قليلاً ولا كثيراً؟ فأمسكوا عن شربه، فاجتمعنا عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فقال له أبو بصير: إنّ ذا جاءنا عنك بكذا وكذا؟ فقال (علیه السلام): صدق يا أبا محمّد، إنَّ الماء لا يحلل المسكر فلا تشربوا منه قليلاً ولا كثيراً (3).

ص: 423


1- كلمة فارسية معناها: من أهل بلده .
2- الحديث ضعيف كالموثق .
3- الحديث حسن .

باب إن الخمر إنما حُرّمت لفعلها فما فعل فعل الخمر فهو خمر

327 - باب إن الخمر إنما حُرّمت لفعلها فما فعل فعل الخمر فهو خمر

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن يعقوب بن يقطين، عن أخيه عليّ بن يقطين، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال : إن اللّه تبارك وتعالى لم يحرّم الخمر لاسمها، ولكن حرَّمها لعاقبتها، فما فعل فعلَ الخمر فهو خمر.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أخيه الحسين بن عليّ بن يقطين عن أبيه عليّ بن يقطين عن أبي الحسن الماضي (علیه السلام) قال: إن اللّه عزَّ وجلَّ لم يحرم الخمر لاسمها، ولكنّه حرَّمها لعاقبتها، فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر(1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن عمرو بن عثمان ، عن محمّد بن عبد اللّه، عن بعض أصحابنا قال : قلت لأبي عبد اللّه ه (علیه السلام) : لِمَ حَرَّم اللّه الخمر ؟ فقال : حرَّمها لفعلها و [ما تؤثر من] فسادها(2).

4-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن معاوية بن حكيم، عن أبي مالك الحضرميّ، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) : لِمَ حرَّم اللّه الخمر؟ فقال: حرَّمها لفعلها وفسادها .

5-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن معاوية بن حكيم، عن أبي مالك الحضرمي، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن النبيذ، أخمر هو؟ فقال (علیه السلام): مازاد على الترك جودة فهو خمر .(3).

باب من اضطُرَّ إلى الخمر للدواء أو للعطش أو للتقية

328- باب من اضطُرَّ إلى الخمر للدواء أو للعطش أو للتقية

1 - محمّد بن الحسن، عن بعض أصحابنا، عن إبراهيم بن خالد، عن عبد اللّه بن

ص: 424


1- التهذيب 9 ،2 - باب الذبائح والأطعمة وما ...، ح 221 . والحديث صحيح .
2- الحديث مرسل .
3- المعنى : إن ما كان بتعتيقه وحفظه يزيد جودة فهو في حكم الخمر من حيث الحرمة والنجاسة . وقيل بأن (ما) نافية، فالمعنى : ما زاد أو ترك أحدهما على ترك الآخر من حيث الجودة، أي إن أحد التركين لم يترجح على الآخر، فعلى هذا النبيذ أيضاً خمر. ذكره المجلسي في المرآة 271/22 .

وضّاح ، عن أبي بصير قال : دَخَلَتْ أمُّ خالد العبديّة على أبي عبد اللّه (علیه السلام) - وأنا عنده - فقالت : جُعِلْتُ فِداك ، إنّه يعتريني قراقر في بطني [فسألته عن أعلال النساء وقالت: ] وقد وصف لي أطبّاء العراق النبيذ بالسويق، وقد وقفت وعرفت كراهتك له فأحببت أن أسألك عن ذلك، فقال لها : وما يمنعك عن شربه؟ قالت : قد قلدتك ديني، فألقى اللّه عزَّ وجلَّ حين ألقاه فأخبره أنَّ جعفر بن محمّد (علیه السلام) أمرني ونهاني ، فقال : يا أبا محمّد، ألا فقال: يا أبا ،محمّد ألا تسمع إلى هذه المرأة وهذه المسائل، لا واللّه لا آذن لك في قطرة منه ، ولا تذوقي منه قطرة، فإنما تندمين إذا بَلَغَت نفسك ههنا - وأومأ بيده إلى حنجرته ، يقولها ثلاثاً ، أفهمت ؟ قالت : نعم، ثمّ قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ما يبل الميل يُنَجِّس حبّاً من ماء - يقولها ثلاثاً (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة قال : كتبت إلى أبي عبد اللّه أسأله (علیه السلام) عن الرّجل يبعث له الدواء من ريح البواسير فيشر به بقدر أسكرجَة من نبيذ صلب، ليس يريد به اللذة، وإنّما يريد به الدواء؟ فقال : لا ، ولا جرعة ثمّ قال : إِنَّ اللّه عزّ وجل لم يجعل في شيء ممّا حرَّم شفاءً ولا دواءً(2).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط قال : أخبرني أبي قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) فقال له رجل: إنَّ بي - جُعِلْتُ فِداك - أرياح البواسير، وليس يوافقني إلا شرب النبيذ ؟ قال : فقال له : ما لَكَ ولِمَا حَرَّم اللّه عزَّ وجل ورسوله (صلّی اللّه علیه وآله) - يقول له ذلك ثلاثاً - ، عليُّك بهذا المريس الذي تمرسه بالعشي وتشربه بالغداة، وتمرسه بالغداة وتشربه بالعشي؟ فقال له: هذا ينفخ البطن، قال له : فأذلك على ما هو أنفع لك من هذا، عليك بالدعاء، فإنه شفاء من كل داء قال : فقلنا له : فقليله وكثيره حرام؟ فقال: نعم قليله وكثيره حرام(3).

ص: 425


1- التهذيب 9 ،2 - باب الذبائح والأطعمة وما . وقد دل - إضافة إلى دلالته على نجاسة النبيذ - على عدم جواز التداوي بالمسكر . وكذا الحديث الذي بعده. ويقول المحقق في الشرائع : ولو لم يوجد إلا الخمر ، قال الشيخ في المبسوط : لا يجوز دفع الضرورة بها، وفي النهاية : يجوز ، وهو أشبه . وقال : لا يجوز التداوي بها ولا بشيء من الأنبذة ولا بشيء من الأدوية معها شيء من المسكر أكلا وشرباً، ويجوز عند الضرورة أن يتداوى بها للعين. وقال الشهيد الثاني في المسالك: هذا هو المشهور بين الأصحاب، بل ادعي عليه الإجماع ... الخ .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 223 بتفاوت يسير .
3- التهذيب 9، نفس الباب، ج 224 بتفاوت قليل ونقيصة في آخره. والأرباح جمع الريح، وتجمع على الأرواح أيضاً وهو أكثر . والمريس : التمر النقيع .

4 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن دواء عُجِنَ بالخمر ؟ فقال : لا واللّه، ما أحبّ أن أنظر إليه، فكيف أتداوى به، إنّه بمنزلة شحم الخنزير، أو (1)لحم الخنزير، وإنَّ أناساً ليتداووْنَ به(2).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، والحسين بن سعيد، جميعاً عن النضر بن سويد عن الحسين بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن عبد الحميد، عن عمرو، عن ابن الحرّ قال : دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) أيام قَدِمَ العراق، فقال لي : ادخل على إسماعيل بن جعفر، فإنّه شاكٍ ، فانظر ما وجعه وصف لي شيئاً من وجعه الذي يجد ، قال : فقمت من عنده فدخلت على إسماعيل، فسألته عن وجعه الذي يجد، عن وجعه الذي يجد، فأخبرني به، فوصفت له دواءً فيه نبيذ، فقال إسماعيل : النبيذ حرام، وإنّا أهل بيت لا نستشفي بالحرام(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن الحسن الميثمي، عن معاوية بن عمّار قال: سأل رجل أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن دواء عُجِنَ بالخمر، نكتحل منها؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ما جعل اللّه عزّ وجلَّ فيما حرَّم شفاءً (4).

7-عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن مروك بن عُبيد عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من اكتحل بميل من مسكر كَحله اللّه عزّ وجلَّ بمِيلٍ من نار(5).

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن الحسين بن عبد اللّه الأرجاني ، عن مالك المسمعي ، عن قايد بن طلحة أنّه سأل أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن النبيذ يُجْعَل في الدَّواء؟ فقال : لا ، [ليس] ينبغي لأحد أن يستشفي بالحرام .

9 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عدَّة من أصحابنا، عن عليّ بن أسباط ، عن عليّ بن جعفر عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال : سألته عن الكحل يُعْجَنُ بالنبيذ، أيصلح ذلك؟ فقال : لا .

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن

ص: 426


1- الترديد من الراوي .
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ... ، ح 225 بتفاوت في الذيل.
3- الحديث مجهول.
4- التهذيب 9، نفس الباب، ح 226 . وفي ذيله في حرام . .
5- التهذيب 9، نفس الباب، ح 227 .

الحلبيّ قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن دواء يُعْجَنُ بخمر؟ فقال: ما أحبُّ أن أنظر إليه ولا أشمه، فكيف أتداوى به؟ .

11 - أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ليس في شرب النبيذ تقيّة (1).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن غير واحد قال: قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : في المسح على الخُفّين تقيّة؟ قال : لا يتّقى في ثلاث ، قلت : وما هنَّ؟ قال : شرب الخمر - أو (2)قال : [شرب] المسكر - والمسح على الخُفّين، ومتعة الحجّ(3).

329 - باب النبيذ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير قال : سمعت رجلاً وهو يقول لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : ما تقول في النبيذ، فإن أبا مريم يشربه ويزعم أنّك أمرته بشربه؟ فقال : صدق أبو مريم سألني عن النبيذ فأخبرته أنه حلال، ولم يسألني عن المسكر ، قال : ثمّ قال (علیه السلام): إنَّ المسكر ما اتقيتُ فيه أحداً سلطاناً ولا غيره، قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : كلُّ مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام ، فقال له الرجل: جُعِلْتُ فِداك ، هذا النبيذ الذي أذنت لأبي مريم في شربه أيُّ شيء هو؟ فقال: أمّا أبي (علیه السلام) فإنّه كان يأمر الخادم فيجيء بقدح ويجعل فيه زبيباً ويغسله غسلاً نقيّاً، ثمّ يجعله في إناء، ثمّ يصبُّ عليه ثلاثة مثله (4) أو أربعة ماءً ، ثمّ يجعله باللّيل ويشربه بالنهار، ويجعله بالغداة ويشربه بالعشي، وكان يأمر الخادم بغسل الإناء في كلّ ثلاثة أيام كيلا يغتلم (5) ، فإن كنتم تريدون النبيذ، فهذا النبيذ .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ؛ ومحمّد بن إسماعيل ؛ ومحمّد بن جعفر أبو العباس الكوفي، عن محمّد بن خالد، جميعاً عن سيف بن

ص: 427


1- التهذيب 9 ،2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 229 .
2- الترديد من الراوي .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 230 بتفاوت وأخرجه مضمراً.
4- يعني ثلاثة أمثاله من حيث الكم أو أربعة أمثاله
5- يقول الفيروز آبادي اغتلم أي هاج من شهوة الضراب واضطرب . والاغتلام : مجاوزة الحدّ .

عَمِيرة، عن منصور قال : حدَّثني أيّوب بن راشد :قال: سمعت أبا البلاد يسأل أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن النبيذ؟ فقال : لا بأس به، فقال: إنّه يوضع فيه العَكَر؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام): بئس الشراب، ولكن انبذوه غدوة واشربوه بالعشيّ، قال: فقال : جُعِلْتُ فِداك، هذا يُفْسِدُ بطوننا؟ قال : فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : أفسد لبطنك أن تشرب ما لا يحلُّ لك(1).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن محمّد بن عليّ الهمدانيّ ، عن عليّ بن عبد اللّه الحناط، عن سماعة بن مهران، عن الكلبيّ النسّابة قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن النبيذ؟ فقال: حلال، قلت: إنّا ننبذه فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك؟ فقال (علیه السلام) شُه شُه (2)، تلك الخمرة المنتنة، قال: قلت: جُعِلْتُ فِداك ، فأي نبيذ تعني ؟ فقال : إنَّ أهل المدينة شكوا إلى النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) تغير الماء وفساد طبايعهم، فأمرهم أن ينبذوا ، فكان الرّجل منهم يأمر خادمه أن ينبذ له، فيعمد إلى كفّ من تمر فيلقيه في الشَّنّ (3) ، فمنه شربه ومنه طهوره ، فقلت : وكم كان عدد التمرات التي كانت تلقى ؟ قال: ما يحمل الكفّ قلت واحدة واثنتين ؟ فقال (علیه السلام): ربّما كانت واحدة، وربما كانت اثنتين، فقلت: وكم كان يَسَعُ الشَّنْ ماءً؟ فقال : ما بين الأربعين إلى الثمانين(4) إلى ما فوق ذلك قال : فقلت : بالأرطال ؟ فقال : أرطال بمكيال العراق (5).

4-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه [ عن غير واحد حضر معه] قال : كنت عند أبي جعفر (علیه السلام) فقلت : يا جارية إسقيني ماءً، فقال لها : اسقيه من نبيذي، فجاءتني بنبيذ من بشر في قدح من صفر، قال: فقلت : إن أهل الكوفة لا يرضون بهذا ؟ قال : فما نبيذهم؟ قلت له : يجعلون فيه القعوة، قال: وما القعوة؟ قلت : الداذي ، قال : وما الداني؟ فقلت : ثفل التمر ، قال : يضرى (6)به الإناء حتّى يهدر (7)النبيذ فيغلي ثمّ يُسْكر فيُشْرب ، فقال : هذا حرام(8)

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن إبراهيم بن أبي

ص: 428


1- الحديث مجهول.
2- هذه كلمة زَجْر ، مثل : صَهْ ومَهُ .
3- السن القربة الخَلَق الصغيرة يكون الماء فيها أبرد من غيره في غيرها جمع شنان.
4- أي من الأرطال .
5- التهذيب 1، 10 - باب المياه وأحكامها ، ح 12 . الاستبصار 1، 6 - باب الوضوء بنبيذ التمر، ح 2 .
6- الضري: اللطخ .
7- يهدر: يغلي.
8- الحديث مجهول.

البلاد قال : دخلت على أبي جعفر ابن الرضا (علیه السلام) فقلت له : إنّي أريد أن ألصق بطني ببطنك؟ فقال ههنا يا أبا إسماعيل، وكشف عن بطنه، وحسرت عن بطني، وألزقت بطني ببطنه، ثمّ أجلسني ودعا بطبق فيه زبيب فأكلت ثمّ أخذ في الحديث، فشكا إليَّ معدته، وعطشت فاستقيت ماءً فقال : يا جارية اسقيه من نبيذي، فجاءَتني بنبيذ مريس في قدح من صفر، فشربته فوجدته أحلى من العسل، فقلت له : هذا الذي أفسد معدتك؟ قال : فقال لي : هذا تمر من صدقة النبي (صلّی اللّه علیه وآله)، يؤخذ غدوة فيُصبُّ عليه الماء فتمرسه الجارية وأشربه على أثر الطعام، وساير نهاري، فإذا كان اللّيل، أخذته الجارية فسقته أهل الدار ، فقلت له : إنَّ أهل الكوفة لا يرضون بهذا ؟ فقال : وما نبيذهم ؟ قال : قلت : يؤخذ التمر فَيُنقى ، ويُلقى عليه القعوة، قال: وما القعوة؟ قلت :الدازي ، قال : وما الدازي؟ قلت : حبَّ يؤتى به من البصرة فيلقى في هذا النبيذ حتّى يغلي ويُسْكر، ثمّ يُشرب، فقال : ذاك حرام(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : استأذنت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) لبعض أصحابنا، فسأله عن النبيذ؟ فقال: حلال فقال: أصلحك اللّه، إنّما سألت عن النبيذ الذي يُجعل فيه العَكَر فيغلي حتّى يُسكر؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام): قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): كل مسكر حرام .

7 - محمّد بن الحسن ، وعليُّ بن محمّد بن بندار جميعاً عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن محمّد بن جعفر عن أبيه (علیه السلام) قال : قدم على رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) من اليمن قوم فسألوه عن معالم دينهم، فأجابهم، فخرج القوم بأجمعهم، فلما ساروا مرحلة قال بعضهم لبعض : نسينا أن نسأل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عما هو أهم إلينا ، ثمّ نزل القوم ، ثمّ بعثوا وفداً لهم، فأتى الوفد رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقالوا يا رسول اللّه، إن القوم بعثوا بنا إليك يسألونك عن النبيذ؟ فقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : وما النبيذ، صفوه لي ؟ فقالوا : يؤخذ من التمر فينبذ في إناء، ثمّ يصب عليه الماء حتّى يمتلي، ويوقد تحته حتّى ينطبخ ، فإذا انطبخ أخذوه فالقوه في إناء آخر، ثمّ صبّوا عليه ماء [ ثمّ يمرس] ، ثمّ صَفّوه بثوب، ثمّ يلقى في إناء ثمّ يصب عليه من عَكَر ما كان قبله، ثمّ يهدر ويغلي ثمّ يسكن على عَكَرة، فقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : يا هذا، قد أكثرت، أَفَيُسْكر؟ قال: نعم، قال: فكلُّ مسكر حرام قال فخرج الوفد حتّى انتهوا إلى أصحابهم فأخبروهم بما قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقال القوم : ارجعوا بنا إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) حتّى نسأله عنها شفاهاً، ولا يكون بيننا وبينه سفير، فرجع القوم جميعاً فقالوا: يا رسول اللّه ، إنّ أرضنا

ص: 429


1- الحديث ضعيف على المشهور.

أرض دويّة(1)، ونحن قوم نعمل الزرع ولا نقوى على العمل إلّا بالنبيذ؟ فقال لهم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): صِفُوه لي ، فوصفوه له كما وصف أصحابهم، فقال لهم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : أَفَيُسكر؟ فقالوا: نعم، فقال: كلُّ مسكر حرام، وحقٌّ على اللّه أن يسقي شارب كلّ مسكر من طينةِ خَبَال، أفتدرون ما طينة خَبَال؟ قالوا لا ، قال : صديد أهل النار (2).

باب الظروف

330 - باب الظروف

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) قال: سألته عن نبيذ قد سكن غليانه ؟ فقال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : كلّ مسكر حرام ، قال : وسألته عن الظروف؟ فقال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن الدُّبّاء والمزفّت، وزدتم أنتم : الحنتم - يعني الغضار - والمزفّت: يعني الزفت الذي في الزق، ويُصبّ في الخوابي ليكون أجود للخمر، قال : وسألته عن الجرار الخضر والرصاص ؟ فقال : لا بأس بها(3).

2 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه منع ممّا يسكر من الشراب كله، ومنع النقير ونبيذ الدبّاء وقال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): ما أسكر كثيره فقليله حرام .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الرّبيع الشامي ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن كل مسكر، فَكُلُّ مسكر حرام ، فقلت له : فالظروف التي يُصْنَع فيها ، منه ؟ فقال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن الدبّاء (4).

ص: 430


1- أي كثيرة الأمراض والأدواء .
2- الحديث ضعيف.
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ...، ح 235 . وكان قد رواه بدون الذيل برقم 829 من التسلسل العام من الجزء الأول من التهذيب وبتفاوت يسير. ويدل على عدم جواز استعمال بعض الظروف إذا كان فيها الخمر أو النبيذ وقد اختلف الأصحاب فيه». ويقول المحقق في الشرائع 3/ 228 : أواني الخمر من الخشب والقرع والخزف غير المغضور لا يجوز استعماله لاستبعاد تخلّصه ، والأقرب الجواز بعد إزالة عين النجاسة وغسله ثلاثاً». وقد نقل الشهيد الثاني في المسالك القول بالمنع مطلقاً عن الشيخ في النهاية لرواية أبي الربيع ومحمّد بن مسلم، وهما هذه الرواية وغيرها.
4- الدباء : القرع واحدها دباءة وكان العرب ينتبذون فيها فتسرع الشدة في الشراب.

والمزفّت والحنتم(1)، والنقير، قلت: وما ذاك؟ قال: الدبّاء : القرع والمزفّت : الدنان، والحنتم جرار خضر والنقير خشب كانت الجاهليّة ينقرونها حتّى يصير لها أجواف ينبذون فيها (2).

باب العصير

331 - باب العصير

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا يحرم العصير حتّى يغلي(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن عاصم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا بأس بشرب العصير ستة أيام، قال ابن أبي عمير : معناه : ما لم يغل .

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن أبي يحيى الواسطي، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن شرب العصير ؟ فقال : اشربه ما لم يغل، فإذ غلى فلا تشربه ، قال : قلت : جُعِلْتُ فِداك أيُّ شيء الغليان؟ قال : القَلْب(4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم، عن ذريح قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إذا نشّ العصير أو على حرم(5).

باب العصير الذي قد مسّته النار

332 - باب العصير الذي قد مسّته النار

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي

ص: 431


1- الحنتم - كما سوف يفسره - جرار مدهونة خضر كانت الخمر تحمل فيها إلى المدينة، ثمّ توسع فيها حتّى قيل للخزف كله حنتم . وأيضاً من ميزتها سرعة الشدة في الشراب إذا جعل فيها لمكان دهنها.
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . ح 234 بتفاوت يسير .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 248 و 249 و 250 .
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 248 و 249 و 250 .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 248 و 249 و 250 . والنشّ: - كما في الصحاح - الغليان. يقول الشهيد الثاني في كتاب المسالك : لا خلاف بين الأصحاب في تحريم عصير العنب إذا غلا بأن صار أسفله أعلاه، وأخبارهم ناطقة به، ويستفاد منها عدم الفرق بين الغليان بالنار ،وغيرها، وأكثر المتأخرين على نجاسته، لكن قيدوها بالاشتداد الغليان والمراد به أن يصير له قوام وإن قل بأن يذهب شيء من مائيته،والنصوص خالية عن الدلالة على النجاسة، وعن القيد، وأعزب الشهيد (الأول) في الذكرى فجعل الاشتداد الذي هو سبب النجاسة ما هو مسبب عن مجرد الغليان فجعل التحريم والنجاسة متلازمين، وفصل ابن حمزة فحكم بنجاسته غليانه بنفسه، وتريحمه خاصة إن غلا بالنار ،وبالجملة نجاسته من المشاهير بغير أصل.

عبد اللّه (علیه السلام) قال: كلّ عصير أصابته النار فهو حرام حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن الهيثمّ ،عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن العصير، يُطبخ بالنار حتّى يغلي من ساعته،فيشربه صاحبه؟ قال : إذا تغيّر عن حاله وغلى ، فلا خير فيه حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه(2).

باب الطّلاء

333 - باب الطّلاء (3)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول - وقد سئل عن الطلاء - فقال : إن طبخ حتّى يذهب منه اثنان ويبقى واحد فهو حلال، وما كان دون ذلك فليس فيه خير.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إنّ العصير إذا طبخ حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه فهو حلال .

3 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن منصور بن حازم، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا زاد الطِلاء على الثلث فهو حرام (4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : الرّجل يُهدي إلي البختج من غير أصحابنا؟ فقال (علیه السلام): إن كان ممن يستحل المسكر فلا تشربه وإن كان ممن لا يستحل شربه فاقبله - أو(5)قال: اشربه (6).

5- ابن أبي عمير، عن عمر بن يزيد قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا كان يخضب الإناء فاشربه(7) .

ص: 432


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 251
2- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 252 .
3- قال في النهاية : الطلاء - بالمد والكسر : الشراب المطبوخ من عصير العنب. وهو الرُّبّ.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 253
5- الترديد من الراوي .
6- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 259 .
7- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 260 .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن البختج ؟ فقال : إن كان حلواً يخضب الإناء وقال صاحبه : قد ذهب ثلثاه وبقي الثلث، فاشربه(1).

7-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن يونس بن يعقوب، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل من أهل المعرفة بالحقّ (2)، يأتيني بالبختج ويقول : قد طُبخ على الثلث، وأنا أعلم أنّه يشربه على النصف، أفأشربه بقوله وهو يشربه على النصف؟ فقال : لا تشربه فقلت : فرجل من غير أهل المعرفة ممّن لا نعرفه يشربه على الثلث، ولا يستحلّه على النصف يخبرنا أن عنده بختجاً على الثلث، قد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه نشرب منه؟ قال : نعم (3).

8-الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا شرب الرّجل النبيذ المخمور، فلا تجوز شهادته في شيء من الأشربة، ولو كان يصف ما تصفون (4).

9 - بعض أصحابنا، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سَيف بن عَميرة ، عن منصور، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا زاد الطلاء على الثلث أوقيةً فهو حرام (5).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسى (علیه السلام) قال: سألته عن الزبيب هل يصلح أن يُطبخ حتّى يخرج طعمه ، ثمّ يؤخذ ذلك الماء فيطبخ حتّى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث، ثمّ يُرفع ويُشرب منه السَنَة؟ فقال : لا بأس به (6).

ص: 433


1- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 258 وفيه وبقي ثلثه . والبختج الطلاء، وهو العصير المطبوخ .
2- يعني من أهل التشيع.
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ... ، ح 261 . وفي ذيله : يشرب منه؟ .
4- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 262 . قوله (علیه السلام) : يصف ما تصفون : يعني أنه على عقيدتكم ومذهبكم في موضوع الطلاء، وموالاة أهل البيت (علیه السلام) .
5- التهذيب 9، نفس الباب، ح 255 والمعني : إذا زاد على الثلث بقدر أوقية فهو حرام ، والأوقية سبعة مثاقيل أو أربعون درهماً. وذكر الأوقية هنا كناية عن القلة.
6- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 257 . وقد حرم بعض أصحابنا عصير الزبيب أيضاً إذا لم يذهب ثلثاه مع إن هذا الحكم مختص بعصير العنب، واستندوا في مذهبهم إلى هذه الرواية، مع إن بعضهم الآخر نفى أن تكون دالة على التحريم قبل ذهاب الثلثين بأي وجه، لأن تخصيص السؤال بالثلثين لا يدل على تحريمه بدون ذهابهما، وإنما هو لبيان ذهاب مائيته فيكون صالحاً للمكث طيلة السنة بحيث لا يفسده الماء. واللّه العالم .

11 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد اللّه، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : في رجل أخذ عشرة أرطال من عصير العنب، فصبَّ عليه عشرين رطلاً ماءً، وطبخها حتّى ذهب منه عشرون رطلاً، وبقي عشرة أرطال، أيصلح شرب ذلك أم لا؟ فقال : ما طُبخ على ثلثه فهو حلال(1).

باب المسكر يقطر منه في الطعام

334 - باب المسكر يقطر منه في الطعام

1 - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن موسى، عن الحسن بن المبارك، عن زكريّا بن آدم قال : سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيها لحم كثير ومرق كثير ؟ فقال (علیه السلام): يُهراق المرق، أو يطعمه لأهل الذمة، أو الكلاب، واللّحم فاغسله وكُله، قلت : فإن قطر فيها الدم ؟ فقال : الدم تأكله النار إن شاء اللّه ، قلت : فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم (2)؟ قال : فقال : فسد، قلت: أبيعه من اليهود والنصارى وأبين لهم فإنهم يستحلون شربه؟ قال: نعم، قلت : والفقاع، هو بتلك المنزلة إذا قطر في شيء من ذلك؟ قال: أكره أن آكله إذا قطر في شيء من طعامي(3).

باب الفُقّاع

335 - باب الفُقّاع

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد،عن محمّد بن إسماعيل، عن سليمان بن

ص: 434


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 256 . وفي ذيله : على الثلث.
2- يعني أو دم قطر في عجين .
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ... ، ح 247 . ورواه أيضاً برقم 107 من الباب 12 من الجزء الأول من التهذيب. وروى صدره إلى قوله : إنشاء اللّه في الاستبصار 4 ، 59 - باب الخمر يصير خلا بما يطرح فيه ، وما تضمنه الخبر من جواز إطعام النجس أو المتنجس لأهل الذمة، فقد منع منه أكثر الأصحاب لما فيه من الإعانة على الإثم، بعد أن اتفقوا على جواز إطعامه للحيوانات، كما إن ما تضمنه من جواز أكل الجوامد بعد تطهيرها هو المشهور بين الأصحاب، إلا القاضي فقد ذهب إلى عدم جواز أكل شيء تنجس بالخمر مع كثرة الخمر، واحتاط بمساواة القليل .له. وأما ما تضمنه من طهارة القدر وما فيه إذا قطر فيه الدم بالغليان فهو مذهب بعض أصحابنا رضوان اللّه علیهم . في حين ذهب بعضهم إلى حمل الدم في هذه الرواية على الدم الطاهر كدم السمك ونحوه، وأشكل على ذلك صاحب المسالك بأن هذا الحمل خلاف ظاهر الرواية حيث فرّق بين المسكر والدم وعلل بأن الدم تأكله النار، ولو كان طاهراً لعلّل بطهارته ... الخ .

جعفر الجعفريّ قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن الفقّاع ؟ فقال : هو خمر مجهول، فلا تشربه يا سليمان لو كان الدار لي أو (1)الحكم لقتلت بايعه، ولجلدت شاربه(2).

2 - عنه ، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الفقّاع ؟ فقال : هو خمر(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان ، عن حسين القلانسي قال : كتبت إلى أبي الحسن الماضي (علیه السلام) أسأله عن الفقاع؟ فقال : لَا تَقْرَبُهُ فإنّه من الخمر (4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان قال : سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن الفقّاع ؟ فقال : هو الخمر بعينها (5).

5- أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) أسأله عن الفقاع؟ فكتب ينهاني عنه .

6 - محمّد بن يحيى وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن الحسين بن عبد اللّه القرشي، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد اللّه النوفليّ ، عن زاذان عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال : لو أنَّ لي سلطاناً على أسواق المسلمين لرفعت عنهم هذه الخمرة - يعني الفقّاع -.

7 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عمّن ذكره عن أبي جميلة البصري ، قال : كنت مع يونس (6)ببغداد، فبينا أنا أمشي معه في السوق، إذ فتح صاحب الفقاع فقاعه، فأصاب

ص: 435


1- الترديد من الراوي .
2- الحديث ضعيف على المشهور ، وما دل على قتل بايع الخمر والنبيذ خلاف المشهور بين أصحابنا . فإن قيل : يحمل الحديث على ما لو كان بيعه لهما مستحلاً قيل: إن الفقاع تحريمه ليس من ضروريات الدين بين المسلمين .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 270 . الاستبصار 4 ، 60 - باب تحريم شرب الفقاع ، ح 1 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان اللّه علیهم على تحريم شرب الفقاع المعبر عنه في لسان بعضهم بالجعة، ونصوا على أنه لا يختص التحريم فيه بما أسكر بل يحرم وإن قل فراجع كتاب اللمعة وشرحها للشهيدين 279/2 من الطبعة الحجرية، وشرائع المحقق 225/3 .
4- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وزما ... ، ح 278 ، وكرره برقم 377 من التسلسل العام الجزء 10 من التهذيب أيضاً. الاستبصار 4 ، 60 - باب تحريم شرب الفقاع ، ح 9 .
5- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 277 وفيه : هي الخمرة بعينها. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 8 ونصه كما في التهذيب .
6- هو ابن عبد الرحمن.

ثوب يونس، فرأيته قد اغتمَّ لذلك حتّى زالت الشمس، فقلت له : ألا تصلّي يا أبا محمّد، فقال : ليس أريد أن أصلّي حتّى أرجع إلى البيت فأغسل هذا الخمر من ثوبي ، قال : فقلت له : هذا رأيك أو شيء ترويه؟ فقال : أخبرني هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الفقاع؟ فقال : لا تشربه فإنّه خمر مجهول، فإذا أصاب ثوبك فاغسله(1).

8-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن الجهم وابن فضّال جميعاً قالا : سألنا أبا الحسن (علیه السلام) عن الفقّاع؟ فقال: حرام، وهو خمر مجهول، وفيه حدُّ شارب الخمر (2).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن الوشّاء قال : كتبت إليه - يعني الرضا (علیه السلام) - أسأله عن الفقاع ؟ قال : فكتب حرام وهو خمر، ومن شربه كان بمنزلة شارب الخمر قال وقال أبو الحسن الأخير :(علیه السلام): لو أن الدارَدَارِي لقتلت بايعه، ولجلدت شاربه ، وقال أبو الحسن الأخير (علیه السلام) : حده حد شارب الخمر، وقال (علیه السلام) : هي خميرة استصغرها الناس (3).

10 - محمّد بن يحيى ،وغيره عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن سليمان بن جعفر قال : قلت لأبي الحسن الرضا (علیه السلام) : ما تقول في شرب الفقاع؟ فقال : خمر مجهول يا سليمان فلا تشربه أما إنّه يا سليمان، لو كان الحكم لي، والدار لي، لَجَلَدْتُ شاربه ولقتلتُ بايعه (4).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن إسماعيل قال : سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن شرب الفقّاع ؟ فكرهه كراهة شديدة (5).

ص: 436


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 279 ، الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 10 وأخرجه فيهما بتفاوت عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسين عن أبي سعيد عن أبي جميل البصري، وفي سند الاستبصار: أحمد بن الحسن، بدل أحمد بن الحسين . . .
2- التهذيب 9 ،نفس الباب ح 276. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 7 وليس فيهما: حرام. وقد كرره في التهذيب 10 برقم 378 من التسلسل العام . هذا، والمتفق عليه عند أصحابنا رضوان اللّه علیهم حرمة الفقاع مطلقاً .
3- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 275 الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 6 . والحديث صحيح .
4- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما . . . ، ح 274 . وفيه : أما يا سليمان ... الاستبصار 4 ، 60 - باب تحريم شرب الفقاع ، ح ه وفيه : أما أنا يا سليمان . .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 273 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 .

ج 4

أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن محمّد بن إسماعيل مثله .

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح ، عن زكريّا أبي يحيى قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) أسأله عن الفقّاع وأصفه له؟ فقال : لا تشربه، فأعدت عليه كلّ ذلك، أصفه له كيف يُعمل ؟ فقال : لا تشربه، ولا تراجعني فيه (1).

13 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الفقّاع؟ فقال لي : هو خمر.

14 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا صلوات اللّه عليه قال : كلّ مسكر حرام ، وكلَّ مُخَمِّرٍ حرام، والفقّاع حرام(2).

15 - محمّد بن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال قال: كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) أسأله عن الفقاع ؟ قال : فكتب يقول : هو الخمر، وفيه حدُّ شارب الخمر(3).

باب صفة الشراب الحلال

336 - باب صفة الشراب الحلال

1 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسن - أو عن رجل، عن عليّ بن الحسن بن فضّال،عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى الساباطي قال : وصف لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) المطبوخ كيف يُطبخ حتّى يصير حلالاً ، فقال لي (علیه السلام): خذ ربعاً (4)زبيب، وتُنقّيه وصبّ عليه اثني عشر رطلاً من ماء، ثمّ أنقعه ليلة، فإذا كان أيام الصيف، وخشيت أن ينشّ(5)، جعلته في تنور مسجور (6) قليلاً حتّى لا ينس، ثمّ تنزع الماء منه كله، حتّى إذا أصبحتَ صَبَيْتَ عليه من الماء بقدر ما يغمره ، ثمّ تغليه حتّى تذهب حلاوته، ثمّ تنزع

ص: 437


1- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 272 . وفيه : كيف يُصنع .... الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 3 .
2- التهذيب 9 ، نفس ،الباب ، ح 271 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 . وقوله : وكل مخمّر حرام : أي مخمّر للعقل وساتر له وغالب عليه .
3- التهذيب 9 ،نفس الباب ، ح 269 . والحديث موثق كالصحيح .
4- أي ربع رطل.
5- ينش: أي يغلي .
6- سَجَرْتُ التنور : أحمَيتُه.

ماءه الآخر فتصبّ عليه الماء الأول، ثمّ تكيله كلّه، فتنظر كم الماء، ثمّ تكيل ثلثه فتطرحه في الإناء الذي تريد أن تطبخه فيه، وتصبّ بقدر ما يغمره ماء، وتقدّره بعود، وتجعل قدره قصبة أو عوداً فتحدَّها على قدر منتهى الماء، ثمّ تغلي الثلث الأخير حتّى يذهب الماء الباقي، ثمّ تغليه بالنار ولا تزال تخليه حتّى يذهب الثلثان ويبقى الثلث، ثمّ تأخذ لكل ربع رطلا من العسل فتغليه حتّى تذهب رغوة العسل، وتذهب غشاوة العسل في المطبوخ ، ثمّ تضربه بعود ضرباً شديداً حتّى يختلط، وإن شئت أن تُطيبه بشيء من ،زعفران، أو بشيء من زنجبيل فافعل، ثمّ اشربه، وإن أحببت أن يطول مكثه عندك فَرَوِّقه(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار الساباطي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سئل عن الزبيب، كيف طبخه حتّى يُشْرَبَ حلالاً ؟ فقال : تأخذ ربعاً من زبيب فتنقيه ، ثمّ تطرح عليه اثني عشر رطلاً من ماء، ثمّ تنقعه ليلة ، فإذا كان من الغد، نزعت سُلافَتَه (2)، ثمّ تصب عليه من الماء قدر ما يغمره، ثمّ تغليه بالنار ،غلية، ثمّ تنزع ماءه فتصبه على الماء الأول، ثمّ تطرحه في إناء واحد جميعاً ثمّ توقد تحته النار حتّى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث وتحته النار، ثمّ تأخذ رطلاً من عسل فتغليه بالنار غلية، وتنزع رغوته، ثمّ تطرحه على المطبوخ ، ثمّ تضربه حتّى يختلط به واطرح فيه إن شئت زعفراناً، وإن شئت تطيبه بزنجبيل قليل، هذا، قال: فإذا أردت أن تقسمه أثلاثاً لتطبخه فَكِلْهُ بشيء واحد حتّى تعلم كم هو، ثمّ اطرح عليه الأوّل في الإناء الذي تغليه فيه ، ثمّ تجعل فيه مقداراً ، وحده حيث يبلغ الماء، ثمّ اطرح الثلث الآخر، ثمّ حده حيث يبلغ الماء، ثمّ تطرح الثلث الأخير، ثمّ حده حيث يبلغ الآخر ، ثمّ توقد تحته بنار لينة حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه(3).

3-محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن السيّاريّ، عن محمّد بن الحسين عمّن أخبره عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال : شكوت إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قراقر تصيبني في معدتي، وقلة استمرائي الطعام فقال لي: لم لا تتّخذ نبيذاً نشربه نحن، وهو يمرىء الطعام، ويذهب بالقراقر والرياح من البطن؟! قال: فقلت له : صِفْهُ لي، جُعِلْتُ فِداك ، فقال لي : تأخذ صاعاً من زبيب فتنقى حبه وما فيه، ثمّ تغسل بالماء غسلاً جيداً، ثمّ تنقعه في

ص: 438


1- الحديث مرسل أو موثق قوله فَرَوقه : أي صَفه وخلّصه.
2- سلافة كل شيء - كما في الصحاح - عصرة أوّله .
3- الحديث موثق .

مثله من الماء أو ما يغمره، ثمّ تتركه في الشتاء ثلاثة أيّام بلياليها، وفي الصيف يوماً وليلة، فإذا أتى عليه ذلك القدر، صفّيته وأخذت صفوته وجعلته في إناء، وأخذت مقداره بعود (1)، ثمّ طبخته طبخاً رفيقاً حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، ثمّ تجعل عليه نصف رطل عسل ، وتأخذ مقدار العسل ثمّ تطبخه حتّى تذهب تلك الزيادة، ثمّ تأخذ زنجبيلاً وخولنجاناً ودار صيني والزعفران وقرنفلاً ومصطكي ، وتدقه وتجعله في خرقة رقيقة وتطرحه فيه وتغليه معه غلية، ثمّ تنزله، فإذا برد صفيته وأخذت منه على غدائك وعشائك، قال : ففعلت، فذهب عني ما كنت أجده ، وهو شراب طيب لا يتغير إذا بقي إن شاء اللّه(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر عن السياريّ، عمّن ذكره، عن إسحاق بن عمّار قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) بعض الوجع وقلت: إنَّ الطبيب وصف لي شراباً، آخذ الزبيب وأصب عليه الماء للواحد اثنين ، ثمّ أصبُّ عليه العسل، ثمّ أطبخه حتّى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث؟ فقال : أليس حلواً قلت بلى قال اشربه، ولم أخبره كم العسل(3).

باب في الأشربة أيضاً

337 - باب في الأشربة أيضاً

1-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن جعفر بن أحمد المكفوف قال : كتبت إليه - يعني أبا الحسن الأول (علیه السلام) - أسأله عن السكنجبين والجلاب، وربّ التوت، ورُبّ التفّاح، ورُبّ السفرجل، ورُبِّ الرُّمّان؟ فكتب حلال (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عليّ بن الحسن، عن جعفر بن أحمد المكفوف قال : كتبت إلى أبي الحسن الأول (علیه السلام) أسأله عن أشْرِبة تكون قبلنا: السكنجبين، والجلاب، ورُبُّ التوت، ورُبّ الرمّان، ورُبُّ السفرجل، ورُبِّ التفاح إذا كان الذي يبيعها غير عاراف(5)، وهي تُباع في أسواقنا؟ فكتب: جايز ، لا بأس بها (6).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن مهزیار، عن خليلان بن

ص: 439


1- كناية عن قياسه وحده بطول عود بعينه .
2- الحديث ضعيف. والمُصْطَكى : كما في القاموس - علك رومي .
3- الحديث ضعيف .
4- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ...، ح 285 .
5- يعني من أبناء العامة.
6- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 287 .

هشام قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) : جُعِلْتُ فِداك ، عندنا شراب يُسمّى الميبع(1)، نعمد إلى السفرجل فنقشّره ونلقيه في الماء، ثمّ نعمد إلى العصير فنطبخه على الثلث، ثمّ ندقُّ ذلك السفرجل ونأخذ ماءه، ثمّ نعمد إلى ماء هذا المثلّث وهذا السفرجل فنلقي فيه المسك والأفاوي (2)والزعفران والعسل، فنطبخه حتّى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه أيحل شربه؟ فكتب : لا بأس به ما لم يتغير(3).

باب الأواني يكون فيها الخمر ثمّ يجعل فيها الخلّ أو يشرب بها

338 - باب الأواني يكون فيها الخمر ثمّ يجعل فيها الخلّ أو يشرب بها

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن الدّنّ يكون فيه الخمر، هل يصلح أن يكون فيه خل ، أو ماء ، أو كامخ (4)أو زيتون؟ قال : إذا غسل فلا بأس؛ وعن الإبريق وغيره يكون فيه الخمر، أيصلح أن يكون فيه ماء؟ قال: إذا غسل فلا بأس، وقال في قدح أو إناء يُشرب فيه الخمر قال : تغسله ثلاث مرات؛ سئل : أَيُجزيه أن يصب الماء فيه؟ قال : لا يجزيه حتّى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرات (5).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن الحجّال، عن ثعلبة ، عن حفص الأعور قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : الدنّ تكون فيه الخمر ثمّ يُجفّف، يُجعل فيه الخَلّ؟ قال : نعم (6).

ص: 440


1- الميبه - كما في القاموس - شيء من الأدوية، معربة. وقال المجلسي : ولعله معرب من (مي به) أي المعمول من العصير والسفرجل .
2- الأفاويه التوابل، جمع جمع للأفواه، والواحد: فوه .
3- الحديث مجهول .
4- الكامخ : الادام .
5- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ... ، ح 236 بتفاوت، وذكره أيضاً برقم 117 من الباب 12 من الجزء الأول من التهذيب . وقد استقرب بعض أصحابنا حمل الرواية من حيث ذكر الغسل ثلاث مرات فيها على الاستحباب ، لإطلاق الغسل في أولها الصادق بمسماه، وقد أيدوا ما استقربوه هنا بذكر الدلك في ذيلها الذي اتفق الأصحاب على عدم وجوبه . وهذا ما اختاره العلامة وجماعة وقواه الشهيد الثاني في المسالك.
6- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 238 وفيه : ... ثمّ يجففه . والحديث مجهول. وقد حمل الشيخ في التهذيب الحديث على ما إذا كان التجفيف بعد الغسل لا ،قبله لأنه حينئذ لا يجوز استعماله على حال.

باب الخمر تُجْعَل خَلّا

339 - باب الخمر تُجْعَل خَلّا

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن بكير، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الخمر يصنع فيها الشيء حتّى تحمض ؟ قال : إذا كان الذي صُنع (1)فيها هو الغالب على ما صنع فيه، فلا بأس به(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج؛ وابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن الخمر العقيقة، تُجعل خلا؟ قال : لا بأس(3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن ابن بكير، عن عُبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يأخذ الخمر فيجعلها خلّا؟ قال: لا بأس (4).

4 - عنه ، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد اللّه بن بكير، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الخمر تُجعل خلّا؟ قال: لا بأس إذا لم يجعل فيها ما يغلبها (5).

باب النوادر

340 - باب النوادر

1 - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن بكر بن محمّد، عن عثيمة قال : دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) - وعنده نساؤه - قال : فشمَّ رائحة

ص: 441


1- في الاستبصار : يصنع فيها ...
2- التهذيب 9، نفس الباب، ح 246 . الاستبصار 4 ، 59 - باب الخمر يصير خلا بما يطرح فيه، ح 8.
3- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ، ح 239 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 1 وفي سنده : عن ابن بكير . . . ، بدل: وابن بكير . . قال المحقق في الشرائع 228/3 : «تطهر الخمر إذا انقلبت خلا سواء كان إنقلابها بعلاج أو من قبل نفسها، وسواء كان ما يعالج به عينا باقية أو مستهلكة، وإن كان يكره العلاج، ولا كراهية فيما ينقلب من قبل نفسه، ولو ألقي في الخمر خل حتّى تستهلكه لم تحل ولم تطهر، وكذا لو القي في الخمر خل فاستهلكه الخل، وقيل: يحلّ إذا ترك حتّى تصير الخمر خلا، ولا وجه له . ونفس المعاني ذكرها الشهيد الأول في الدروس.
4- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 240 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .
5- التهذيب 9 ،نفس الباب، ح 241 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 7 . وفي سنده : عن عبيد بن زرارة بدل عن أبي بصير. وفيهما ... يقلبها . بدل : . . . يغلبها .

النضوح (1)، فقال: ما هذا؟ قالوا : نَضُوحٍ يُجعل فيه الصيّاح (2)، [قال]: فأمر به فأهريق في البالوعة(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن عليّ ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سئل المائدة إذا شُرب عليها الخمر أو مسكر؟ فقال (علیه السلام): حَرمَت المائدة، وسئل (علیه السلام) فإن أقام رجل على مائدة منصوبة يأكل مما عليها ومع الرّجل مسكر ، ولم يسق أحداً ممّن عليها بعد؟ فقال : لا تحرم حتّى يشرب عليها، وإن وضع بعدما يشرب فالوذج فكل، فإنها مائدة أخرى - يعني كُل الفالوذج (4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان ، عن أحمد بن إسماعيل الكاتب، عن أبيه قال : أقبل أبو جعفر (علیه السلام) في المسجد الحرام فنظر إليه قوم من قريش فقالوا : من هذا؟فقيل لهم : إمام أهل العراق، فقال بعضهم : لو بعشم إليه ببعضكم يسأله، فأتاه شاب منهم فقال له يا ابن عم ، ما أكبر الكبائر؟ قال: شرب الخمر فأتاهم فأخبرهم ، فقالوا له : عُد إليه، فعاد إليه فقال له : ألم أقل لك يا ابن أخ : شرب الخمر ؟ فأتاهم فأخبرهم ، فقالوا له : عُد إليه، فلم يزالوا به حتّى عاد [إليه] فسأله، فقال له : ألم أقل لك يا ابن أخ شُرْبُ الخمر . إِنَّ شرب الخمر يُدخل صاحبه في الزنا، والسرقة، وقتل النفس التي حرم اللّه ، وفي الشرك باللّه ، وأفاعيل الخمر تعلو على كلّ ذنب، كما يعلو شَجَرُها على كلّ الشجر (5).

4 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: لعن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) في الخمر عشرة : غارسَها، وحارسها، وبايعها ،ومشتريها وشاربَها والأكل ثَمَنها وعاصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها .

ص: 442


1- النضوح - كما في النهاية - ضرْبٌ من الطيب تفوح رائحته، وأصل النضح : الرشح، شبه كثرة ما يفوح من طيبه بالرشح .
2- الصيّاح: عطر أو عسل، وهو ما تجعله المرأة في شعرها عند الامتشاط.
3- التهذيب 9 ، 2 - باب الذبائح والأطعمة وما ، ح 264 . والظاهر إن أمره (علیه السلام) بإهراقه كان بسبب أنه ضَرْبٌ من المسكر أو العصير المختلط ببعض الطيب، كان النساء يمتشطن به. والحديث مجهول.
4- التهذيب 9، نفس الباب، ضمن ح 237 وقال المحقق في الشرائع 212/3: «ويحرم الأكل على مائدة يُشْرَب عليها شيء من المسكرات والفقاع».
5- الحديث مجهول.

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد البرقي رفعه، عن حفص الأعور قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي آخذ الركوة فيقال : إنّه إذا جعل فيها الخمر، جعل فيها البختج كان أطيب لها، فيأخذ الركوة فيجعل فيها الخمر فيُخضخضه ثمّ يصبّه، ثمّ يجعل فيها البختج ؟ فقال (علیه السلام): لا بأس(1).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان عند أبي قوم، فاختلفوا في النبيذ، فقال بعضهم : القدح الذي يسكر هو حرام ، فقال بعضهم : قليل ما أسكر وكثيره حرام، فردُّوا الأمر إلى أبي (علیه السلام)، فقال أبي : أرأيتم القِسط (2)، لولا ما يطرح فيه أولاً كان يمتلي ، وكذلك القدح الآخر، لولا الأوَّل ما أسكر، قال : ثمّ قال (علیه السلام): إن رسول اللّه قال (علیه السلام) : إنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال : من أدخل عرقاً واحداً من عروقه قليل ما أسكر كثيره، عَذَّب اللّه ذلك العرق بثلثمائة وستين نوعاً من أنواع العذاب(3).

7-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن غياث، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) كره أن تُسقى الدوابّ الخمرَ (4).

8-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سمعته يقول: من ترك الخمر لغير اللّه عزَّ وجلَّ، سقاه اللّه من الرحيق المختوم، قال: قلت: فيتركه لغير وجه اللّه؟ قال: نعم، صيانةً لنفسه(5).

9 - عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه بن أحمد، عن محمّد بن عبد اللّه عن مهزم قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول: من ترك الخمر صيانةً لنفسه، سقاه اللّه عزَّ وجلَّ من الرحيق المختوم (6).

ص: 443


1- الحديث مرفوع مجهول، والرُّكوة زقُ للخمر والخلّ، والخضخضة تحريك المادة السائلة كالماء ونحوه . وقد حمل الأصحاب الحديث على ما بعد غسل الرّكوة من أثر الخمر على القول بأن البختج - وهو الطلاء - حلال، وقد مر بحثه .
2- القسط : الميزان. سمّي به بلحاظ ما يؤدي إليه من العدل بين الناس.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- التهذيب 9 ،نفس ،الباب ح 231 بتفاوت يسير. وحمل على الكراهة وقال القاضي بالتحريم مرآة المجلسي 229/22 .
5- الحديث حسن، والرحيق : - كما في النهاية - من أسماء الخمر، يريد خمر الجنة والمختوم : المصون الذي لم يبتذل لأجل ختامه .
6- الحديث ضعيف وصيانة لنفسه ؛ أي حفظاً لها عن شرور الخمر في الدنيا والأمراض التي تتولد عن شربه.

باب الغِناء

341 - باب الغِناء

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة،عن سماعة بن مهران عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن قول اللّه عزّ وجلَّ: (فاجتنبوا الرِجسَ من الأوثان واجتنبوا قول الزور (1))؟ قال : الغناء .

2 - عنه ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي جميلة، عن أبي أسامة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الغناءُ عشّ النفاق(2).

3 - عنه ، عن سليمان بن سماعة، عن عبد اللّه بن القاسم، عن سماعة قال: قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لمّا مات آدم (علیه السلام) وشَمِتَ به إبليس وقابيل، فاجتمعا في الأرض، فجعل إبليس وقابيل المعازف والملاهي شماتة بآدم (علیه السلام) ، فكلّ ما كان في الأرض من هذا الضرب الذي يتلذذ به الناس، فإنّما هو من ذاك(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن إسماعيل، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سمعته يقول : الغناء ممّا وعد اللّه عزّ وجلَّ عليه النار، وتلا هذه الآية (4): ( ومن النّاس من يشتري لَهْوَ الحديث ليُضِلَّ عن سبيل اللّه بغير علم ويَتَّخِذَها هُزَوا أولئك لهم عذاب مُهين ) (5).

5- ابن أبي عمير، عن مهران بن محمّد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سمعته يقول : الغناء ممّا قال اللّه : (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليُضِلَّ عن سبيل اللّه ).

6 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي الصباح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال في قوله عزّ وجلَّ : ( والذين لا يشهدون الزّور )(6)، قال : الغناء (7)

ص: 444


1- الحج / 30 . و (من) في الآية : بيانية . والتقدير : - كما يقول الطبرسي في مجمع البيان 82/7، فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان . وفُسّر قول الزور بالكذب . وبالغناء أيضاً كما في هذا الحديث.
2- الحديث ضعيف .
3- الحديث ضعيف والمعازف - كما في القاموس - الملاهي كالعود والطنبور .
4- لقمان / 6 .
5- الحديث حسن. ويدل على إن الغناء من الكبائر. وقوله : ويتخذها أي آيات اللّه، أو السبيل، فإنه يذكّر ويؤنث .
6- الفرقان/ 72 .
7- الحديث صحيح .هذا، ويقول الشهيد الثاني في كتاب المسالك: «الغناء عند الأصحاب محرم، سواء وقع بمجرد الصوت، أم انضم إليه آلة من آلات اللّهو والمراد بالغناء: الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، كذا فسره به المحقق وجماعة، والأولى الرجوع فيه على العرف فما يسمى فيه غناء يحرم، لعدم ورود الشرع بما يضبطه، ولا فرق فيه بين وقوعه بشعر أو بقرآن وغيرهما، وكما يحرم فعله يحرم استماعه، كما يحرم استماع غيره من الملاهي . أما الجداء وهو الشعر الذي يحثّ به الإبل على الإسراع في السير، وسماعه فمباحان، لما فيه من إيقاظ النوام وتنشيط الإبل للسير».

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : أنهاكم عن الزَّفْن (1) ، والمزمار ، وعن الكوبات(2)، والكبرات(3).

8-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الوشّاء قال : سمعت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) يقول : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن الغناء؟ فقال : هو قول اللّه عزّ وجلَّ : (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليُضل عن سبيل اللّه ).

9 - سهل بن زياد، عن سعيد بن جناح، عن حمّاد، عن أبي أيّوب الخزّاز قال : نزلنا المدينة، فأتينا أبا عبد اللّه (علیه السلام) فقال لنا : أين نزلتم ؟ فقلنا : على فلان صاحب القيان(4)، فقال: كونوا كراماً ، فواللّه ما علمنا ما أراد به وظننا أنه يقول : تفضّلوا عليه(5)، فعدنا إليه فقلنا : إنا لا ندري ما أردتَ بقولك : كونوا كراماً ؟ فقال : أما سمعتم قول اللّه عزَّ وجلَّ في كتابه : (وإذا مَرُّوا باللغو مَرُّوا كِراماً (6)) .

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد قال: كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فقال له رجل: بأبي أنت وأمي، إنني أدخل كنيفاً(7)لي، ولي جيران عندهم جوارٍ يتغنّين ويضرِبْنَ بالعود فربّما أطلت الجلوس استماعاً منّي لهنَّ، فقال : لا تفعل، فقال الرّجل : واللّه ما آتيهنَّ، إنما هو سماع أسمعه بأذني؟ فقال: اللّه أنت، أما سمعت اللّه عزَّ وجلَّ يقول : (إنّ السمع والبصر والفؤاد كلَّ أولئك كان عنه مسئولاً ((8) ؟ فقال : بلى واللّه لكأني لم

ص: 445


1- الزَّقْن - كما في الصحاح : الرقص.
2- الكوبات، جمع الكوبة النرد والشطرنج وغيرهما.
3- الكبر: الطبل . وقال الشهيد الثاني في المسالك : آلات اللّهو من الأوتار كالعود وغيره والزمر والطنابر والرباب حتّى الصنج حرام بغير خلاف، واستثني من ذلك الدفّ الغير المشتمل على الصنج عند النكاح والختان، ومنع منه ابن ادريس مطلقا، ورجحه في التذكرة» . وهي الأمة.
4- القيان: جمع القينة. والعبد : فين. والقينة أعم من الأمة المغنية .
5- أي اتحفوه وأعطوه بسخاء .
6- الفرقان/ 72 .
7- الكنيف: المرحاض.
8- الإسراء / 36 . ومطلع الآية : ولا تَقْفُ ما ليس لك به علم ..

أسمع بهذه الآية من كتاب اللّه من أعجميّ ولا عربيّ لا جَرَمَ إنّني لا أعود إن شاء اللّه وإنِّي أستغفر اللّه ، فقال له : قم فاغتسل، وسَل ما بدا لك، فإنّك كنت مقيماً على أمر عظيم ، ما كان أسوء حالك لو متّ على ذلك، احمد اللّه وسَلْهُ التوبة من كلّ ما يكره، فإنّه لا يكره إلّا كلّ قبيح ، والقبيح دعه لأهله، فإنَّ لكلّ أهلا (1).

11 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن إبراهيم بن محمّد، عن عمران الزّعفراني ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من أنعم اللّه عليه بنعمة، فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كَفَرَها، ومن أصيب بمصيبة، فجاء عند تلك المصيبة بنائحة فقد كَفَرها (2).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد،عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الأعلى :قال سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الغناء وقلت: إنّهم يزعمون أَنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) رخص في أن يقال: جئناكم جئناكم، حيونا حيونا نحيكم؟ فقال : كَذَّبوا، إِنَّ اللّه عزَّ وجلَّ يقول : (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتّخذ لهواً لا تّخذناه من لَدُنّا إن كنّا فاعلين * بل نقذف بالحق على الباطل فَيَدْمَغُهُ فإذا هو زاهق ولكم الويل ممّا تصفون(3) ) ، ثمّ قال : ويل لفلان ممّا يصف - رجل لم يحضر المجلس ..

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم، وأبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه عزَّ وجلَّ: (والذين لا يشهدون الزُّور) ، قال : هو الغناء .

14 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن جرير قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إنَّ شيطاناً يقال له : القَفَندَر إذا ضرب في منزل رجل أربعين يوماً بالبربط ، ودخل عليه الرجال، وضع ذلك الشيطان كلّ عضو منه على مثله من صاحب البيت، ثمّ نفخ فيه نفخة، فلا يغار بعدها، حتّى تؤتى نساؤه فلا يغار (4).

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن زيد الشحّام قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، ولا

ص: 446


1- الحديث حسن، أو صحيح على الظاهر.
2- الحديث ضعيف. وقد تكون المصيبة في حقيقتها نعمة أيضاً.
3- الأنبياء / 16 - 17 - 18 . يَدْمَغُهُ : يهلكه. زاهق : هالك مُضمحل.
4- الحديث موثق وقفندر - كما في القاموس - القبيح المنظر .

تُجاب فيه الدعوة ، ولا يدخله المَلَك(1).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مهران بن محمّد، عن الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : الغناء مجلس لا ينظر اللّه إلى أهله، وهو ممّا قال اللّه عزّ وجلَّ : (ومن الناس من يشتري لَهْوَ الحديث ليُضِلَّ عن سبيل اللّه ).

17 - سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى أو غيره، عن أبي داود المسترق قال : من ضُرِبَ في بيته بربط أربعين يوماً، سلّط اللّه عليه شيطاناً يقال له : القَفَنْدَر، فلا يبقى عضواً من أعضائه إلّا قعد عليه، فإذا كان كذلك نزع منه الحياء، ولم يُبال ما قال ولا ما قيل فيه.

18 - سهل، عن إبراهيم بن محمّد المديني، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سئل عن الغناء - وأنا حاضر ؟ فقال : لا تدخلوا بيوتا اللّه مُعْرِضُ عن أهلها.

19 - عنه ، عن ياسر الخادم ، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : من نزَّه نفسه عن الغناء، فإنَّ في الجنّة شجرة يأمر اللّه عزّ وجلَّ الرياح أن تحرّكها، فيسمع لها صوتاً لم يسمع بمثله، ومن لم يتنزّه عنه لم يسمعه (2).

20 - عنه ، عن عليّ بن معبد، عن الحسن بن عليّ الخزاز، عن عليُّ بن عبد الرحمن عن كليب الصيداويّ قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : ضَرْبُ العيدان، يُنبت النفاق في القلب كما يُنبت الماءُ الحُضْرَةَ(3).

21 - عنه ، عن أحمد بن يوسف بن عقيل، عن أبيه، عن موسى بن حبيب، عن عليّ بن الحسين (علیه السلام) قال : لا يقدّس اللّه أمة فيها بربط يُقعقع (4)، وتايه تفجّع (5).

22 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن جهم بن حميد قال : قال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : أنّى كنتَ ؟ فظننت أنّه قد عرف الموضع ، فقلت : جُعِلْتُ فِداك إنّي كنت مررت بفلان فاحتبسني، فدخلت إلى داره ونظرت إلى جواريه، فقال لي : ذلك مجلس لا ينظر اللّه عزّ وجلَّ إلى أهله أمِنْتَ اللّه عزَّ وجلَّ على أهلك ومالك؟! .

23 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عنبسة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام)

ص: 447


1- الحديث صحيح.
2- الحديثان ضعيفان على المشهور.
3- الحديثان ضعيفان على المشهور.
4- يقعقع : يقرقع ويصوّت .
5- التابه من التيه، وهو الكبر والتفجع : التألم والتوجع .

قال: استماع الغناء واللّهو، يُنبت النفاق في القلب كما يُنبت الماء الزرع .

24 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن إبراهيم الأرمني، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : من أصغى إلى ناطق فقد عَبْدَهُ، فإن كان الناطق يؤدّي عن اللّه عزّ وجلَّ فقد عَبَدَ اللّه ، وإن كان الناطق يؤدّي عن الشيطان فقد عَبَدَ الشيطان .

25 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الريان، عن يونس قال: سألت الخراساني (علیه السلام) (1)وقلت : إنَّ العباسي (2) ذكر أنك ترخّص في الغناء؟ فقال: كَذَب الزنديق، ما هكذا قلت له، سألني عن الغناء؟ فقلت له : إنَّ رجلاً أتى أبا جعفر (علیه السلام) فسأله عن الغناء، فقال : يا فلان إذا ميز اللّه بين الحق والباطل فأنّى يكون الغناء؟ فقال: مع الباطل، فقال: قد حَكَمْتَ(3).

باب النرد والشطرنج

342 - باب النرد والشطرنج

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلّاد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : النرد والشطرنج والأربعة عشر بمنزلة واحدة وكلُّ ما قُومِرَ عليه فهو مَيْسِر (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد ؛ والحسين بن سعيد، جميعاً عن النضر بن سويد، عن درست، عن زيد الشحّام قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن قول اللّه عزَّ وجلَّ : (فاجتنبوا الرّجس من الأوثان واجتنبوا قول الزّور )؟ فقال : الرّجس من الأوثان : الشطرنج، وقول الزور: الغناء(5).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنى الحناط، عن

ص: 448


1- يعني الإمام الرضا (علیه السلام).
2- لعله أحد سلاطين بني العباس. ويحتمل آخر كان يُلقب بذلك .
3- الحديث ضعيف على المشهور. وقوله (علیه السلام) : قد حكمت أي على نفسك أو بنفسك بأن الغناء من الباطل، وكل باطل حرام .
4- الحديث صحيح. وما تضمنه الحديث هو مذهب أصحابنا رضوان اللّه عليهم. ووافقهم عليه جماعة من فقهاء غيرهم، منهم أبو حنيفة ومالك وبعض الشافعية وفسّرت الأربعة عشر بأنها قطعة من الخشب فيها حفر في ثلاثة أسطر ويجعل في الحفر حصى صغار يلعب بها .
5- الفقيه 4 ، 11 - باب حد من شرب الخمر وما جاء في الغناء والملاهي ، ح 7. والحديث ضعيف.

أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : الشطرنج والنَّرْد، هما الميسر ((1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الشطرنج من الباطل ((2).

5- ابن أبي عمير، عن محمّد بن الحكم أخي هشام بن الحكم، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ اللّه في كلّ ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار، إلّا من أفطر على مسكر ، أو مشاحن (3)، أو صاحب شاهين قال قلت وأيُّ شيء صاحب شاهين؟ قال: الشطرنج (4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة ، عن ابن بكير، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عن الشطرنج، وعن لعبة شبيب التي يقال لها : لعبة الأمير، وعن لعبة الثلاث؟ فقال : أرأيتكَ إذا مُيّز الحقُّ من الباطل، مع أيّهما يكون؟ قال: :قلت مع الباطل ، قال : فلا خير فيه

7-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه تبارك وتعالى : (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزّور)؟ قال : الرّجس من الأوثان ؛ هو الشطرنج، وقول الزّور : الغناء .

8-محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان ، عن عبد الملك القمّي قال : كنت أنا وإدريس أخي عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فقال إدريس : جَعَلَنا اللّه فداك، ما الميسر؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : هي الشطرنج ، قال : فقلت : أما إنّهم يقولون : إنّها النرد؟ قال : والنرد أيضاً (5).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن عاصم، عن عليّ بن إسماعيل الميثمي، عن ربعي بن عبد اللّه عن الفضيل قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن هذه الأشياء التي يلعب بها الناسُ : النرد والشطرنج، حتّى انتهيت إلى السُدَّر؟

ص: 449


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مرسل.
3- المشاحن - كما في الفائق - : المبتدع ، الذي يشاحن أهل الإسلام أي يعاديهم .
4- الحديث مجهول.
5- الحديث ضعيف على المشهور.

فقال : إذا ميّز اللّه بين الحقّ والباطل، في أيهما يكون؟ قلت: مع الباطل، قال: فما لَكَ وللباطل(1).

10 – سهل، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : يغفر اللّه في شهر رمضان إلّا لثلاثة : صاحب مُسكر، أو صاحب شاهين، أو مشاحن .

11 - عنه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي أيوب، عن عبد اللّه بن جندب، عمّن أخبره عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الشطرنج ميسر، والنرد ميسر .

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى قال : دخل رجل من البصريّين على أبي الحسن الأول (علیه السلام)، فقال له : جُعِلْتُ فِداك إنّي أقعد مع قوم يلعبون بالشطرنج، ولست ألعب بها ولكن أنظر ؟ فقال : ما لَكَ ولمجلس لا ينظر اللّه إلى أهله(2).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه سئل عن الشطرنج ؟ فقال : دعو المجوسية لأهلها، لعنها اللّه(3).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن محمّد بن عليّ بن جعفر، عن الرّضا (علیه السلام) قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (علیه السلام) فقال: يا أبا جعفر، ما تقول في الشطرنج التي يلعب بها النّاس ؟ فقال : أخبرني أبي عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ ، عن أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من كان ناطقاً، فكان منطقه لغير ذكر اللّه عزّ وجلَّ، كان لاغياً، ومن كان صامتاً، فكان صمته لغير ذكر اللّه، كان ساهياً، ثمّ سكت، فقام الرّجل وانصرف(4).

15 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال: دخلت على أبي ما عبد اللّه (علیه السلام) فقلت : جُعِلْتُ فِداك ما تقول في الشطرنج ؟ قال : المقلب لها كالمقلِّبِ لَحْمَ الخنزير، فقلت: ما على من قلب لحم الخنزير ؟ قال : يغسل يده (5).

ص: 450


1- الحديث ضعيف على المشهور. والمُدَّر - كما في القاموس - لعبة للصبيان .
2- الحديث حسن .
3- الحديث صحيح على الظاهر.
4- الحديث صحيح.
5- الحديث ضعيف على المشهور والمقلب لها - في الشطرنج - بقصد اللعب - وفي اللحم - بقصد الاستطلاع والتفرج. أو الأعم منهما ومن الأكل.

16 - سهل بن زياد، عن عليّ بن سعيد، عن سليمان الجعفريّ، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) قال: المطّلع في الشطرنج كالمطّلع في النار(1).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن اللّعب بالشطرنج والنّرد.

تمّ كتاب الأشربة، والحمد للّه ربّ العالمين،

وصى اللّه على سيّدنا محمّد وآله الطاهري، ويتلوه كتاب الزّي والتجمّل والمروءة إن شاء اللّه تعالى .

ص: 451


1- الحديث ضعيف على المشهور.

ص: 452

كتاب الزّي والتَّجَمُّل والمُرُوءَة

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب الزي والتَّجَمل(1) والمُرُوءَة

باب التجمّل وإظهار النعمة

343 - باب التجمّل وإظهار النعمة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إنَّ اللّه جميل يحبّ الجمال، ويحبُّ أن يرى أثر النعمة على عبده(2).

2 - عليُّ بن محمّد رفعه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إذا أنعم اللّه على عبده بنعمة فظهرت عليه سُمّي حبيب اللّه ، محدّثاً بنعمة اللّه ، وإذا أنعم اللّه على عبد بنعمة فلم تظهر عليه، سمّي بغيض اللّه مُكَذِّباً بنعمة اللّه.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عقبة بن محمّد، عن سلمة بن محمّد بيّاع القلانس قال : مرَّ أبو عبد اللّه (علیه السلام) على رجل قد ارتفع صوته على رجل يقتضيه شيئاً يسيراً ، فقال : بكم تطالبه؟ ، قال : بكذا وكذا، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام): أما بلغك أنّه كان يقال : لا دِينَ لمن لا مروءة له(3).

4-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عمن رواه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا أنعم اللّه على عبده بنعمة، أحبَّ أن يراها عليه، لأنّه جميل يحبّ الجمال.

5- سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن

ص: 453


1- التجمّل - كما في القاموس - : التزيّن .
2- الحديث ضعيف وتوصيفه تعالى بأنه جميل لا بلحاظ الصورة، وإنما بلحاظ المعاني من حيث الأوصاف والأفعال .
3- الحديث ضعيف على المشهور. وقال الشهيد الأول في الذكرى:« يستحب إظهار النعمة ونظافة الثوب ...».

مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : أبصر رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) رجلاً شعثاً شعرُ رأسه، وسخة ثيابه سيّئة حاله، فقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من الدين المتعة(1) وإظهار النعمة.

6 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): بئس العبد القاذورة (2).

7-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن معاوية بن وهب قال : رأني أبو عبد اللّه (علیه السلام) وأنا أحمل بقلا ، فقال : يكره للرَّجل السريّ(3)أن يحمل الشيء الدنيّ فيُجْتَرَءُ عليه.

7-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن مرازم بن حكيم، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنَّ الناس يروون أنَّ لك مالاً كثيراً؟ فقال: ما يسوؤني ذاك، إنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) مرَّ ذات يوم على ناس شتّى من قريش وعليه قميص مخرق ، فقالوا : أصبح عليُّ لا مال له فسمعها أمير المؤمنين (علیه السلام) فأمر الذي يلي صدقته أن يجمع تمره ولا يبعث إلى إنسان شيئاً، وأن يوفّره، ثمّ قال له : بعه الأول فالأول، واجعلها دراهم، ثمّ اجعلها حيث تجعل التمر فاكبسه معه حيث لا يُرى، وقال للذي يقوم عليه : إذا دعوت بالتمر فاصعد وانظر المال فاضر به برجلك كأنّك لا تعمد الدّراهم حتّى تنثرها، ثمّ بعث إلى رجل منهم يدعوهم ، ثمّ دعى بالتمر، فلمّا صعد ينزل بالتمر ضرب برجله فنثرت الدراهم ، :فقالوا: ما هذا يا أبا الحسن ؟ فقال : هذا مال من لا مال له ، ثمّ أمر بذلك المال فقال: انظروا أهل كلِّ بيت كنت أبعث إليهم، فانظروا ماله وابعثوا إليه (4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي لأكره للرَّجل أن يكون عليه نعمة من اللّه فلا يظهرها .

10-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام)؛ لِيَتَزَيَّنْ أحدكم لأخيه المسلم، كما يتزيّن للغريب الذي يحبُّ أن يراه في أحسن الهيئة .

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن ابن فضّال، جميعاً

ص: 454


1- المتعة : اسم من التمتع بالشيء والانتفاع به .
2- القاذورة - هنا - : هو الذي لا يتنزّه عن الأقذار، ولا يدفعها عن نفسه .
3- من السرو: وهو المروءة في شرف. وجمع سَرِيّ : أسرياء وسرواء والسراة: اسم جمع .
4- الحديث ضعيف والكبس الجمع.

عن يونس بن يعقوب، عن أبي بصير قال : بلغ أمير المؤمنين (علیه السلام) أنَّ طلحة والزُّبير يقولان: ليس لعليّ مالٌ، قال : فشقّ ذلك عليه ، فأمر وكلاءه أن يجمعوا غلّته، حتّى إذا حال الحول أتوه وقد جمعوا من ثمن الغلة مائة ألف درهم، فنشرت بين يديه، فأرسل إلى طلحة والزّبير، فأتياه، فقال لهما : هذا المال واللّه لي ليس لأحد فيه شيء - وكان عندهما مصدَّقاً - قال : فخرجا من عنده وهما يقولان : إنَّ له لمالاً.

12 - عنه ، عن ابن فضال وابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ أناساً بالمدينة قالوا : ليس للحسن (علیه السلام) مال، فبعث الحسن (علیه السلام) إلى رجل بالمدينة فاستقرض منه ألف درهم، وأرسل بها إلى المصَّدِّق، وقال: هذه صدقة مالنا، فقالوا : ما بعث الحسن (علیه السلام) بهذه من تلقاء نفسه إلا وله مال(1).

13 - عنه ، عن عليّ بن حديد، عن مرازم بن حكيم، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : إنَّ عليّ بن الحسين (علیه السلام) اشتدَّت حاله حتّى تحدَّث بذلك أهل المدينة، فبلغه ذلك، فتعيّن ألف درهم ثمّ بعث بها إلى صاحب المدينة، وقال: هذه صدقة مالي(2).

14 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي شعيب المحامليّ، عن أبي هاشم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنَّ اللّه عزّ وجلَّ يحبُّ الجمال والتجمّل، ويبغض البؤس والتباؤس(3).

15 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن أسلم، عن هارون بن مسلم، عن بريد بن معاوية قال: قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) لعبيد بن زياد إظهار النعمة أحبُّ إلى اللّه من صيانتها، فإياك أن تتزين إلّا في أحسن زي قومك ، قال : فما رئي عبيد إلا في أحسن زيّ قومه حتّى مات(4).

باب اللِّباس

344 - باب اللِّباس

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن

ص: 455


1- الحديث موثق كسابقه ويدل على جواز التورية للمصلحة المشروعة .
2- الحديث ضعيف .
3- التباؤس والتبؤس : إظهار البؤس أمام الناس.
4- الحديث ضعيف .

عبد اللّه بن جندب، عن سفيان بن السمط قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : الثوب النقيّ ، يَكْبِتُ العدو (1).

2 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمّر، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لبس رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) الطاق والساج والخمايص (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من اتّخذ ثوباً فلينظّفه .

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الجاموراني ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : يكون للمؤمن عشرة أقمصة ؟ قال : نعم ، قلت : عشرون؟ قال : نعم قلت ثلاثون؟ قال : نعم، ليس هذا من السرف، إنّما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك (3).

5- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال : سمعت الرضا (علیه السلام) يقول : كان عليّ ُبن الحسين (علیه السلام) يلبس ثوبين في الصيف يُشْتَريان بخمسمائة درهم .

6 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: بعث أمير المؤمنين (علیه السلام) عبد اللّه بن العباس إلى ابن الكواء وأصحابه وعليه قميص رقيق وحلّة، فلمّا نظروا إليه قالوا : يا ابن عباس أنت خيرنا في أنفسنا وأنت تلبس هذا اللّباس ؟ فقال : وهذا أوّل ما أخاصمكم فيه، (قُل مَن حرَّم زينة اللّه التي أخرج لعباده والطيِّبات من الرزق(4)) وقال (5): (خذوا

ص: 456


1- الحديث مجهول. يكبت : يُذلّ.
2- الحديث ضعيف. وقال في القاموس الطاق ضَرْبٌ من الثياب، والطيلسان أو الأخضر. وقال : الساج : الطيلسان الأخضر أو الأسود. وقال في الصحاح : الخميصة : كساء أسود مربع له علم . وقيل : لا تسمى خميصة إلا إذا كانت سوداء معلمة . جمعها الخمايص.
3- الحديث ضعيف على المشهور. وقال الشهيد الأول في الذكرى : يستحب التنزين للصاحب كالغريب، وإكثار الثياب وإجادتها، فلا سرف في ثلاثين ثوباً، ولا في نفاسة الثوب، وما نقل عن الصحابة من ضد ذلك للاقتار وتبعاً للزمان، نعم يستحب استشعار الغليظ وتجنّب الثوب الذي فيه شهرة، والأفضل القطن الأبيض.
4- الأعراف/ 31 .
5- الأعراف/ 30 .

زينتكم عند كلّ مسجد) .(1)

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان، عن يوسف بن إبراهيم قال : دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) وعليَّ جبّة خزّ، وطيلسان خزّ، فنظر إليَّ ، فقلت : جُعِلْتُ فِداك عليَّ جبّة خز وطيلسان خز، فما تقول فيه؟ فقال : وما بأس بالخز، قلت وسداه أبريسم :قال وما بأس بأبريسم، فقد أصيب الحسين (علیه السلام) وعليه جبّة خزّ، ثمّ قال : إنَّ عبد اللّه بن عبّاس لمّا بعثه أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى الخوارج فواقفهم، لبس أفضل ثيابه، وتطيب بأفضل طيبه، وركب أفضل مراكبه، فخرج فواقفهم فقالوا: يا ابن عباس، بينا أنت أفضل الناس، إذا أتيتنا في لباس الجبابرة ومراكبهم، فتلا علیهم هذه الآية: ﴿قُلْ من حرَّم زينة اللّه التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)، فالبس وتجمّل، فإنَّ اللّه جميل يحبُّ الجمال، وليكن من حلال(2).

8-عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن عليّ رفعه قال : مرَّ سفيان الثوريّ في المسجد الحرام ، فرأى أبا عبد اللّه (علیه السلام) وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان ، فقال : واللّه لاتينه ولأوبّخّنه، فدنا منه ، فقال : يا ابن رسول اللّه ما لبس رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) مثل هذا اللباس، ولا عليُّ (علیه السلام)، ولا أحدٌ من آبائك؟! فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام): كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) في زمان قتر ،مقتر وكان يأخذ (3) لقتره واقتداره ، وإن الدنيا بعد ذلك أرخت عز اليها (4)، فأحق أهلها بها أبرارها ، ثمّ تلا : ( قل من حرَّم زينة اللّه التي أخرج لعباده والطيّبات من الرزق) ، ونحن أحقُّ من أخذ منها ما أعطاه اللّه ، غير أنّي يا ثوريّ، ما ترى عليَّ من ثوب إنّما ألبسه للناس، ثمّ اجتذب يد سفيان فجرَّها إليه ، ثمّ رفع الثوب الأعلى وأخرج ثوباً تحت ذلك على جلده غليظاً، فقال هذا ألبسه لنفسي، وما رأيته للناس، ثمّ جذب ثوباً على سفيان أعلاه غليظ ،خشن وداخل ذلك ثوب ليّن، فقال: لبست هذا الأعلى للناس، ولبست هذا لنفسك تَسُرُّها .

9 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه سنان قال : بن سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : بينا أنا في الطواف، وإذا برجل يجذب ثوبي، وإذا هو عبّاد بن

ص: 457


1- الحديث مجهول. وابن الكواء كان من رؤوس الخوارج.
2- الحديث ضعيف على المشهور والمواقفة وقوف الرّجل لصاحبه وتصديه له في حرب أو خصومة .
3- يعني من نفقته .
4- العزالى والعزالي : جمع العزلاء، وهو فم المزادة الأسفل ونحوها ، والمقصود هنا التشبيه، بأن الدنيا قد أقبلت على المسلمين وانفتحت بركاتها علیهم كاندفاق الماء من فم المزادة أو الراوية.

كثير البصريّ فقال : يا جعفر بن محمّد، تلبس مثل هذه الثياب وأنت في هذا الموضع مع المكان الذي أنت فيه من عليّ (علیه السلام)؟! فقلت : ثوب فرقبيّ (1)اشتريته بدينار، وكان عليُّ (علیه السلام) في زمان يستقيم له ما لبس فيه، ولو لبست مثل ذلك اللّباس في زماننا لقال الناس : هذا مرائيّ مثل عبّاد(2).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يكون له عشرة أقمصة يُراوح بينها؟ قال : لا بأس.

11 - وبهذا الإسناد، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : يكون لي ثلاثة أقمصة ؟ قال : لا بأس، قال : فلم أزل حتّى بلغت عشرة ؟ فقال : أليس يودع (3)بعضها بعضاً؟ قلت: بلى، ولو كنت إنّما ألبس واحداً لكان أقلّ بقاء ، قال : لا بأس.

12-عنه ، عن نوح بن شعيب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن الرّجل الموسر يتخذ الثياب الكثيرة الجياد والطيالسة، والقمُصَ الكثيرة يصون بعضها بعضاً، يتجمّل بها أيكون مسرفاً؟ قال: لا، لأنَّ اللّه عزَّ وجلَّ يقول: ﴿لِينُفِق ذو سَعَة من سَعَته )(4).

13 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح قال : كان أبو عبد اللّه (علیه السلام) متكئاً عليُّ - أو(5) قال : على أبي -، فلقيه عباد بن كثير البصري وعليه ثياب مرويّة (6)حِسان ، فقال : يا أبا عبد اللّه، إنّك من أهل بيت النبوة، وكان أبوك وكان (7) ، فما هذه الثياب المَرَوِيَّة عليك، فلو لبست دون هذه الثياب؟ فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ويلك يا عباد، من حرّم زينة اللّه التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، إنَّ اللّه عزَّ وجلَّ إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن يراها عليه ليس بها بأس، ويلك يا عباد، إنما أنا بضعة من رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، فلا تؤذني، وكان عبّاد يلبس ثوبين قطريّين(8).

ص: 458


1- في بعض النسخ : قرقبي . والفرقبي : - كما في النهاية - ثوب مصري أبيض من كتان .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- أي يريح بعضها بعضاً، وهذا موجب لصيانتها وطول بقائها .
4- الطلاق : والسَّعَة الغنى .
5- الترديد من الراوي.
6- نسبة إلى بلدة مرو، على غير قياس.
7- يقصد بذلك مدحه (علیه السلام) بما كان عليه من الزهد والتقشف.
8- قطريين : الثوب القطري - كما في النهاية - ضرب من البرود فيه حمرة، ولها أعلام فيها بعض الخشونة . وفي بعض النسخ : ... قطويين : موضع بالكوفة منه الأكسية - قاله في القاموس .. والحديث ضعيف على المشهور.

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : النظيف من الثياب يُذهب الهمّ والحزن، وهو طَهور للصلاة.

15 - أحمد بن محمّد، محمّد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال : كنت حاضراً عن عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، إذ قال له رجل : أصلحك اللّه ، ذكرتَ أنَّ عليّ بن أبي طالب (علیه السلام) كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك، ونرى عليك اللّباس الجيد ؟ قال : فقال له : إنَّ عليّ بن أبي طالب (علیه السلام) كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر، ولو لبس مثل ذلك اليوم لشُهر به فخير لباس كلّ زمان لباس أهله، غير أن قائمنا إذا قام ، لبس لباس عليّ (علیه السلام) وسار بسيرته(1).

16 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عمّن رواه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا بأس أن يكون للرجل عشرون قميصاً.

كراهية الشُّهرة

345 - باب كراهية الشُّهرة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إن اللّه تبارك وتعالى يبغض شهرة اللّباس (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرّاج، عن ابن مسكان عن رجل ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كفى بالمرء خزياً أن يلبس ثوباً يشهره، أو يركب دابّة تشهره(3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الشهرة خيرها وشرها في النار (4).

ص: 459


1- الحديث موثق .
2- الحديث حسن . قوله (علیه السلام) : يبغض شهرة اللباس : كلبس الخلق والمرقع والغليظ بقرينة ما مر من قوله (علیه السلام): لو لبس مثل ذلك اليوم لشهر به ويحتمل أن يكون المراد ما هو فوق زيّه فيشتهر به. ويحتمل الأعم ولعله أظهر . ... مرآة المجلسي 321/22.
3- الحديثان مرسلان .
4- الحديثان مرسلان .

4-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي سعيد ، عن الحسين (علیه السلام) قال : من لبس ثوباً يشهره، كساه اللّه يوم القيامة ثوباً من النار(1).

باب لباس البياض والقطن

346 - باب لباس البياض والقطن

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : البسوا البياض، فإنّه أطيب وأطهر، وكفنوا فيه موتاكم .

2 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن مثنى الحناط، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): البسوا البياض، فإنه أطيب وأطهر، وكفنوا فيه موتاكم .

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض أصحابه، عن صفوان الجمال قال : حملت أبا عبد اللّه (علیه السلام) الحملة الثانية إلى الكوفة، وأبو جعفر المنصور بها، فلمّا أشرف على الهاشمية - مدينة أبي جعفر ، أخرج رجله من غرز (2)الرّجل ثمّ نزل، ودعى ببغلة شهباء (3)، ولبس ثياب بيض ، وكمّة (4) بيضاء، فلما دخل عليه، قال له أبو جعفر : لقد تشبهت بالأنبياء؟! فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : وأنّى تبعدني من أبناء الأنبياء ، فقال : لقد هممت أن أبعث إلى المدينة من يعقر نخلها ويسبي ذرّيّتها ، فقال : ولم ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال رفع إلي أنَّ مولاك المعلى بن خنيس يدعو إليك، ويجمع لك الأموال، فقال: واللّه ما كان، فقال: لست أرضى منك إلا بالطلاق والعتاق والهَدْي والمَشْي (5)، فقال : أبالأنداد من دون اللّه تأمرني أن أحلف؟ إنّه من لم يرض باللّه فليس من اللّه في شيء؟ فقال : أَتَتَفَقَّهُ عليَّ فقال : وأَنى تبعدني من الفقه وأنا ابن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)؟! فقال : فإنّي أجمع بينك وبين من سعى بك، قال : فافعل، فجاء الرّجل الذي سعى به، فقال له أبو عبد اللّه : يا هذا فقال: نعم، واللّه الذي لا إله إلّا هو

ص: 460


1- الحديث ضعيف على المشهور. هذا، والمشهور عند أصحابنا رضوان اللّه علیهم حرمة لباس الشهرة .
2- الغرز - كما في القاموس - ركاب من جلد .
3- الشهباء هي التي غلب بياضها السواد .
4- الكمة - كما في القاموس - القلنسوة المدوّرة.
5- أي أن تجعل على نفسك هذه الأمور ومنها الحج ماشياً أن المعلى بن خنيس لم يفعل.

عالم الغيب والشهادة الرّحمن الرّحيم لقد فعلت، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ويلَكَ، تُمجّد اللّه فيستحيي من تعذيبك، ولكن قل : بَرِثْتُ من حول اللّه وقوته وأَلْجَأْتُ إلى حولى وقوّتي، فحلف بها الرَّجل، فلم يستتمّها حتّى وقع ميّتاً فقال له أبو جعفر : لا أصدّق بعدها عليك أبداً، وأحسن جائزته وردَّه(1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : البسوا ثياب القطن، فإنّها لباس رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، وهو لباسنا(2).

باب لبس المُعَصْفَر

347 - باب لبس المُعَصْفَر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن معاوية بن ميسرة، عن الحكم بن عتيبة قال : دخلت على أبي جعفر (علیه السلام) وهو في بيت منجّد (3)، وعليه قميص رطب (4)، وملحفة مصبوغة قد أثر الصبغ على عاتقه، فجعلت أنظر إلى البيت وأنظر إلى هيئته، فقال : يا حَكَم ما تقول في هذا؟ فقلت وما عسيت أن أقول وأنا أراه عليك، وأما عندنا، فإنّما يفعله الشاب المرهَّق (5)، فقال لي: يا حَكَم من حرَّم زينة اللّه التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق وهذا مما أخرج اللّه لعباده، فأما هذا البيت الذي ترى فهو بيت المرأة، وأنا قريب العهد بالعُرس، وبيتي؛ البيت الذي تعرف(6).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن محمّد بن حمران؛ وجميل بن درّاج، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (علیه السلام) قال : لا بأس بلبس المُعَصْفَر (7).

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن زرارة قال: رأيت على أبي جعفر (علیه السلام) ثوباً معصفراً ، فقال : إنّي تزوَّجت امرأة من قريش.

ص: 461


1- الحديث مرسل .
2- الحديث ضعيف .
3- منجَّد: مزّين.
4- وصف القميص بالرطب لكثرة ما رُضٌ عليه من الطيب واستظهر بعضهم أن المراد به القميص اللين الناعم.
5- المرهق - كما في القاموس - الموصوف بالرهَق وهو غشيان المحارم .
6- الحديث ضعيف .
7- قال الشهيد الأول في الذكرى: «لا بأس بالمعصفر والأحمر والمصبوغ وإن كرهت الصلاة فيه ...الخ ...».

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : نهاني رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن لبس ثياب الشهرة، ولا أقول نهاكم عن لباس المعصفر المقدم(1).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : يكره المقدم إلّا للعروس.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدائني، عن عن جرَّاح المدائني ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنّا نلبس المعصفرات والمضرَّجات(2).

7-أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن بريد، عن مالك بن أعين قال : دخلت على أبي جعفر (علیه السلام) وعليه ملحفة حمراء جديدة شديدة الحمرة، فتبسمت حين دخلت فقال: كأنّي أعلم لم ضحكت ضحكت من هذا الثوب الذي هو عليّ إنَّ الثقفية أكرهتني عليه، وأنا أحبها ، فأكرهتني على لبسها، ثمّ قال: إنا لا نصلي في هذا، ولا تصلوا في المشبع المضرج، قال: ثمّ دخلت عليه وقد طلقها، فقال: سمعتها تبَرَّه من عليّ (علیه السلام) ، فلم يسعني أن أمسكها وهي تَبَرَّء منه (3).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود قال : كان أبو جعفر (علیه السلام) يلبس المعصفر والمُنَيّر(4).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كانت له ملحفة مورّسة (5)يلبسها في أهله، حتّى يردع (6)على جسده، وقال: قال أبو جعفر (علیه السلام) : كنّا نلبس المعصفر في البيت.

10 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن

ص: 462


1- المقدم : - كما في القاموس - الثوب المشبع حمرة، أو ما حمرته غير شديدة .
2- المضرج: المصبوغ بحمرة.
3- الحديث مجهول .
4- الثوب المُنير : - كما في القاموس - المنسوخ على نيرين. وقد يكون مأخوذاً من النير : وهو علم الثوب، جمع الأنيار.
5- الوَرْس : نبت أصفر يصبغ به . قيل : هو كالسمسم لا يوجد إلا باليمن، يزرع فيبقى عشرين سنة
6- الردع - كما في القاموس - أثر الطيب على الجسد.

زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: صبغنا البَهرَمان (1)، وصبغ بني أميّة الزعفران.

11 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس قال : رأيت على أبي الحسن (علیه السلام) طيلسان أزرق.

12 - محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عليُّ قال: رأيت على أبي الحسن (علیه السلام) ثوباً عدسياً.

13 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن عبد اللّه بن مسکان ، عن الحسن الزيات البصريّ قال: دخلت على أبي جعفر (علیه السلام) أنا وصاحب لي، وإذا هو في بيت منجّد، وعليه ملحفة وردّية، وقد حفّ لحيته، واكحتل، فسألناه عن مسائل، فلمّا قمنا قال لي : يا حسن، قلت: لبيك ، قال : إذا كان غداً فاتني أنت وصاحبك، فقلت : نعم، جُعِلْتُ فِداك ، فلما كان جُعِلْتُ فداك، فلمّا كان من الغد، دخلت عليه وإذا هو الغد، دخلت عليه وإذا هو في بيت ليس فيه إلّا حصير، وإذا عليه قميص غليظ، ثمّ أقبل على صاحبي فقال : يا أخا أهل البصرة، إنك دخلت عليُّ أمس وأنا في بيت المرأة، وكان أمس يومها والبيت بيتها، والمتاع مناعها، فتزينت لي على أن أتزين لها كما تَزَيَّنَتْ لي ، فلا يدخل قلبك شيء، فقال له صاحبي : جُعِلْتُ فداك، قد كان واللّه دخل في قلبي شيء، فأما الآن فقد واللّه أذهب اللّه ما كان ، وعلمتُ أنَّ الحقّ فيما قلت (2).

باب لبس السواد

348 - باب لبس السواد

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض أصحابه رفعه قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يكره السواد إلّا في ثلاث : الخفُّ والعمامة والكساء.

2-أبو عليّ الأشعري، عن بعض أصحابه ، عن محمّد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) بالحيرة، فأتاه رسول أبي جعفر الخليفة يدعوه، فدعا بممْطَر (3) أحد وجهيه أسود والآخر أبيض، فلبسه، ثمّ قال أبو عبد اللّه (علیه السلام): أما إنّي ألبسه وأنا أعلم أنّه لباس أهل النار (4).

ص: 463


1- البَهْرَم : العُصْفَر.
2- الحديث مجهول.
3- الممطر - كما في الصحاح - ما يلبس في المطر يتوقّى :
4- الحديث ضعيف على المشهور. وإنما كان من لباس أهل النار نظراً إلى سواد أحد وجهيه، وقد ورد ذلك في بعض الروايات . وإنما لبسه (علیه السلام) للضرورة لأن السواد شعار بني العباس .

3-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن راشد، عن أبيه قال : رأيت عليّ بن الحسين (علیه السلام) وعليه دراعة سوداء، وطيلسان أزرق(1).

باب الكتّان

349 - باب الكتّان

1-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وأبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار جميعاً، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة عن أبيه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الكتّان من لباس الأنبياء، وهو ينبت اللّحم.

باب لبس الصوف والشعر والوبر

350 - باب لبس الصوف والشعر والوبر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا تلبس الصوف والشعر إلا من علّة (2).

2 - عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين (علیه السلام) قال: البسوا الثياب من القطن، فإنّه لباس رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ولباسنا ، ولم يكن يلبس الصوف والشعر إلّا من علّة .

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن عثمان بن سعيد، عن عبد الكريم الهمداني، عن أبي تمامة قال : قلت لأبي جعفر الثاني (علیه السلام): إنَّ بلادنا بلاد باردة، فما تقول في لبس هذا الوبر؟ قال: البس منها ما أكل وضُمن(3).

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن محمّد بن الحسين بن كثير الخزّاز، عن أبيه قال: رأيت أبا عبد اللّه (علیه السلام) وعليه قميص غلیظ خشن تحت ثيابه، وفوقها جبّة صوف وفوقها قميص غليظ فمسستها فقلت جُعِلْتُ فِداك ، إنَّ الناس

ص: 464


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث ضعيف .
3- أي ضمن أنه وبر ما يؤكل لحمه، أو كونه من طاهر العين لأن نجس العين نجس بجميع أجزائه حتّى ما لا تحله الحياة منه .

يكرهون لباس الصوف؟ فقال : كلّا ،كان أبي محمّد بن عليّ (علیه السلام) يلبسها، وكان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) يلبسها وكانوا (علیه السلام) يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصلاة، ونحن نفعل ذلك(1).

5- عليُّ بن محمّد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي جرير القمي قال: سألت الرّضا (علیه السلام) عن الريش، أذكي هو؟ فقال : كان أبي (علیه السلام) يتوسّد الريش.

باب لبس الخَزّ

351 - باب لبس الخَزّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : خرج أبو جعفر (علیه السلام) يصلّي على بعض أطفالهم وعليه جبّة خزّ صفراء، ومُطرف خزّ أصفر.

2-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال: كان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) يلبس الجبة الخز بخمسين ديناراً، والمطرف الخزّ بخمسين ديناراً (2).

3-أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سأل أبا عبد اللّه (علیه السلام) رجلٌ - وأنا : عنده - عن جلود الخز؟ فقال : ليس بها بأس، فقال الرّجل : جُعِلْتُ فِداك ، إنّها في بلادي، وإنّما هي كلاب تخرج من الماء؟ فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا خرجت من الماء تعيش خارجةً من الماء؟ فقال الرّجل : لا ، قال : فلا بأس.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال : سمعته يقول : كان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) يلبس في الشتاء الخز، والمطرف الخز، والقلنسوة الخزّ فَيَشْتُوفِيه، ويبيع المطرف في الصيف ويتصدق بثمنه، ثمّ يقول : ( من حرّم زينة اللّه التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق).

5-أبو علىّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 465


1- الحديث مجهول. وقال الشهيد الأول رحمه اللّه في كتاب الذكرى بعد إيراده هذا الحديث : قلت: هذا، إما للمبالغة في الستر وعدم الشف والوصف، وإما للتواضع اللّه تعالى، مع أنه قد روي استحباب التجمل في الصلاة، وذكره ابن الجنيد وابن البرّاج وأبو الصلاح وابن إدريس.
2- الحديث ضعيف على المشهور والمطرف - كما في القاموس - رداء من خز مربع ذو أعلام .

العيص بن القاسم، عن أبي داود يوسف بن إبراهيم قال : دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) وعليّ قباء خزّ وبطانته خزّ، وطيلسان خزّ مرتفع فقلت : إنَّ عليّ ثوباً أكره لبسه؟ فقال: وما هو؟ قلت : طيلساني هذا قال وما بال الطيلسان؟ قلت هو خزّ ؛ قال : وما بال الخزّ؟ قلت: سداه أبريسم ؟ قال : وما بال الأبريسم ؟ قال : لا يكره أن يكون سَدى الثوب أبريسم ولا زَره ولا عَلَمه، إنما يكره المصمت من الأبريسم للرّجال، ولا يكره للنساء(1).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن موسى بن القاسم، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جميلة، عن رجل ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنا معاشر آل محمّد نلبس الخز واليُمْنة (2).

7-عنه ، عن أبيه، عن سعد بن سعد قال : سألت الرّضا (علیه السلام) عن جلود الخز؟ فقال : هو ذا نلبس الخزّ، فقلت: جُعِلْتُ فِداك ، ذاك الوبر ، فقال : إذا حلَّ وبره حلَّ جلده(3).

8-عنه ، عن جعفر بن عيسى قال : كتبت إلى أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) أسأله عن الدَّوابِّ التي يُعْمُلُ الخزّ من وبرها، أسباع هي ؟ فكتب (علیه السلام) : لَبِسَ الخز الحسين بن عليّ ومن بعده جدي (علیه السلام) .

9 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قتل الحسين بن عليُّ (علیه السلام) وعليه جبة خزّ دَكْناء (4) فوجدوا فيها ثلاثة وستين من بين ضربة بالسيف وطعنةٍ بالرمح ، أو رمية بالسهم .

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن حفص بن عمر، [و] أبي محمّد مؤذن عليّ بن يقطين قال: رأيت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) - وهو يصلّي في الروضة - جبّة خزّ سفرجليّة .

ص: 466


1- الحديث مجهول والمُصْمَت الخالص المحض. وسَدى الثوب ؛ ما مدّ منه - كما في القاموس ..
2- اليُمْنَة : البردة من برود اليمن.
3- التهذيب 2 ، 17 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و. ح 79 بتفاوت يسير
4- الدكتة : لون يميل إلى السواد. وقد يقال للثوب فيه دكنة إذا اتسخ وتغير لونه . هذا، والخزّ من الثياب، ما نسج من الصوف والحرير، أو من الحرير فقط، جمع الخزوز، وقال في المغرب : الخز : اسم دابة، ثمّ سمي الثوب المتخذ من وبرها خزاً، وقيل: هو ثوب يعمل من وبر حيوان بحري .

باب لبس الوَشْي

352 - باب لبس الوَشْي (1).

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال؛ وسهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن ياسر قال : قال لي أبو الحسن (علیه السلام) : اشتر لنفسك خزّاً، وإن شئت فَوَشْياً ، فقلت : كُلّ الوَشْي ؟ فقال : وما الوَشْي ؟ قلت: ما لم يكن فيه قطن، يقولون : إنّه حرام؟ قال : البس ما فيه قطن .

2 - عنه ، عن يونس بن يعقوب، عن الحسين بن سالم العجليّ أنّه حمل إليه الوَشْي .

3 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب قال : حدَّثني من أثق به أنّه رأى على جواري أبي الحسن موسى بن جعفر (علیه السلام) الوَشْي .

باب لبس الحرير والديباج

353 - باب لبس الحرير والديباج

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يلبس الرّجل الحرير والديباج إلّا في الحرب(2).

2 - عنه ، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة ، عن ليث المراديّ قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام): إنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كسا أسامة بن زيد حلّة حرير، فخرج فيها، فقال: مهلاً يا أسامة، إنّما يلبسها من لا خَلاق له، فاقسمها بين نسائك(3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن لباس الحرير والديباج؟ فقال: أمّا في الحرب فلا بأس به، وإن كان فيه تماثيل .

ص: 467


1- الوشي : ضرب من الثياب معروف، ويقال : هو الذي نسج على لونين . وقيل : - كما في القاموس - الوشي : نقش الثوب، ويكون من كل لون .
2- الحديث مرسل . وقد نقل في المعتبر اتفاق علمائنا على عدم جواز لبس الحرير إلا في حال الضرورة والحرب، وعلى بطلان الصلاة فيه، وإن اختلفوا في بعض أفراده ومصاديقه، وقد تقدم في كتاب الصلاة فراجع .
3- الحديث ضعيف.

4 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل بن الفضل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا يصلح للرجل أن يلبس الحرير إلّا في الحرب.

5- حميد بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن العباس بن هلال الشامي مولى أبي الحسن (علیه السلام) عنه قال: قلت له : جُعِلْتُ فِداك ما أعجب إلى الناس من يأكل الجَشِب(1) ويلبس الخشن ويتخشّع ؟! فقال : أما علمت أن يوسف (2)(علیه السلام) نبي ابن نبي ، كان يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب ويجلس في مجالس آل فرعون يحكم، فلم يحتج الناس إلى لباسه، وإنّما احتاجوا إلى قِسْطِه، وإنّما يحتاج من الإمام في أن إذا قال صدق، وإذا وعد أنجز، وإذا حكم عدل، إنَّ اللّه لا يحرم طعاماً ولا شراباً من حلال، وإنّما حرم الحرام قل أو كثر، وقد قال اللّه عز وجل: (قل من حرَّم زينة اللّه التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ).

6 - محمّد بن يحيى، وغيره، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدائني، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كره أن يلبس القميص المكفوف بالدّيباج ، ويكره لباس ،الحرير، ولباس القَسِّي (3) الوَشْي ، ويكره لباس المِيثَرة الحمراء، فإنّها ميثرة إبليس (4).

7 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان الأحمر، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لا يصلح لباس الحرير والديباج، فأما بيعهما فلا بأس .

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : النساء يلبسن الحرير والديباج إلّا في الإحرام.

9-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ ،عن العباس بن موسى، عن أبيه قال: سألته عن الأبريسم والقزّ؟ قال : هما سواء (5).

ص: 468


1- الجَشِب - كما في النهاية - الغليظ الخشن من الطعام.
2- لعل لبس الحرير والذهب لم يكن محرماً في شرعه .(علیه السلام) . والحديث ضعيف على المشهور.
3- القس - كما في القاموس - موضع بين العريش والفرما من أرض مصر، منه الثياب القسية، وقد يكسر، أو هي القرية فأبدلت الزاي .
4- الحديث مجهول والمشهور بين أصحابنا جواز لبس الثوب المكفوف بالحرير، وإن كان يظهر من ابن البراج المنع منه .
5- الحديث ضعيف.

10 - عنه ، عن أبيه، عن القاسم بن عروة، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا بأس بلباس القزّ إذا كان سداه أو لحمته مع القطن أو كتّان .

11 - عنه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سأل الحسن بن قياما أبا الحسن (علیه السلام) عن الثوب الملحم بالقزّ والقطن والقزّ أكثر من النصف، أيصلّى فيه؟ قال : لا بأس، وقد كان لأبي الحسن (علیه السلام) منه جباب(1)كذلك

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن سماعة ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا ينبغي للمرأة أن تلبس الحرير المحض وهي محرمة، وأما في الحر والبرد فلا بأس.

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن أبي الحسن الأحمسي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سأله أبو سعيد عن الخميصة - وأنا عنده ، سداها الأبريسم ،أيلبسها، وكان وَجَدَ البرد؟ فأمره أن يلبسها .

14 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد ، عن أبان، عن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في الثوب يكون فيه الحرير؟ فقال: إن كان فيه خَلْطُ فلا بأس.

باب تشمير الثياب

354 - باب تشمير الثياب (2)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه تبارك وتعالى : (وثيابك فطهِّر)(3)قال : فشمّر (4).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّ عليّاً (علیه السلام) كان عندكم ، فأتى بني ديوان واشترى ثلاثة أثواب بدينار، القميص إلى فوق الكعب،

ص: 469


1- جمع جبة .
2- تشمير الثياب : رفع أطرافها لئلا تلامس الأرض أو تقصيرها .
3- المدثر / 4
4- الحديث حسن، وقد نقل تفسير: فطهر، بفقصر عن طاووس في مجمع البيان، قال: وروي ذلك عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) لأن تقصير الثوب أبعد من النجاسة. كما أورد تفسيره بفشمر في آخر كلامه عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (علیه السلام)، لأن تشمير الثياب طهور لها .

والإزار إلى نصف الساق، والرّداء من بين يديه إلى ثدييه، ومن خلفه إلى أليتيه، ثمّ رفع يده إلى السماء، فلم يزل يحمد اللّه على ما كساه حتّى دخل منزله، ثمّ قال : هذا اللباس الذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه، قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ولكن لا يقدرون أن يلبسوا هذا اليوم، ولو فعلناه لقالوا ،مجنون، ولقالوا : مُرائي، واللّه تعالى يقول : (وثيابك فطهّر) ، قال : وثيابك ارفعها ولا تجرها، وإذا قام قائمنا كان هذا اللّباس (1).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن عبد اللّه بن يعقوب عن عبد اللّه بن هلال قال : أمرني أبو عبد اللّه (علیه السلام) أن أشتري له إزاراً ، فقلت له : إنّي لست أصيب إلا واسعاً؟ قال : اقطع منه وكُفّه ، قال : ثمّ قال : إِنَّ أَبي قال : وما جاوز الكعبين ففي النار(1).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب مثله .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الرحمن بن عثمان، عن رجل من أهل اليمامة كان مع أبي الحسن (علیه السلام) أيام حبس ببغداد قال : قال لي أبو الحسن (علیه السلام) : إنَّ اللّه تعالى قال لنبيه (صلّی اللّه علیه وآله) : (وثيابك فطهّر ) ، وكانت ثيابه طاهرة، وإنّما أمره بالتشمير.

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) أن النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) أوصى رجلاً من بني تميم فقال له : إيّاك وإسبال الإزار والقميص، فإن ذلك من المَخيَلَة، واللّه لا يحبُّ المَخْيَلة (2).

6 - أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن أبان، عن أبي حمزة رفعه قال نظر أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى فتى مرخ (3)إزاره، فقال : يا بنيَّ، أرفع إزارك، فإنّه أبقى لثوبك ، وأنقى لقلبك .

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) إذا لبس القميص، مدّ يده، فإذا

ص: 470


1- الحديث ضعيف. وقال الشهيد الأول في الذكرى يستحب قصر الثوب، فالقميص إلى فوق الكعب، والإزار إلى نصف الساق، والرداء إلى الإليين، وليرفع الثوب الطويل ولا يجر.
2- الحديث حسن. وقال في النهاية : خيلاء ومخيلة : أي كبر.
3- أي أرخاه وأسبله.

طلع (1)على أطراف الأصابع قطعه(2).

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان ، عن الحسن الصيقل قال : قال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : تريد أريك قميص عليّ (علیه السلام) الذي ضُربَ فيه، وأريك دمه؟ قال: قلت نعم فدعا به وهو في سفط فأخرجه ونشره، فإذا هو قميص كرابيس يشبه السنبلاني، فإذا موضع الجيب إلى الأرض وإذا الدّم أبيض شبه اللبن، شبه شطب السيف ، قال : هذا قميص عليّ (علیه السلام) الذي ضُرب فيه، وهذا أثر دمه، فشبّرت بدنه فإذا هو ثلاثة أشيار، وشبّرت أسفله فإذا هو اثنا عشر شبراً(3).

9 - أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة بن أعين قال : رأيت قميص عليّ (علیه السلام) الذي قُتل فيه عند أبي جعفر (علیه السلام)، فإذا أسفله اثنا عشر شبراً، وبدنه ثلاثة أشبار، ورأيت فيه نضح دم(4).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ ، عن رجل، عن سلمة بيّاع القلانس قال : كنت عند أبي جعفر (علیه السلام) ، إذ دخل عليه أبو عبد اللّه (علیه السلام)، فقال أبو جعفر (علیه السلام) : يا بني ، ألا تطهر قميصك ؟ فذهب، فظننا أنَّ ثوبه قد أصابه شيء، فرجع فقال : إنّه هكذا، فقلنا : جَعَلنا اللّه فداك ما لقميصه ؟ قال : كان قميصه طويلاً، وأمرته أن يقصر، إنَّ اللّه عزّ وجلَّ يقول : (وثيابك فطهر) (5).

11 - عنه ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن محمّد بن مسلم قال : نظر أبو عبد اللّه (علیه السلام) إلى رجل قد لبس قميصاً يصيب الأرض، فقال: ما هذا ثوب طاهر (6).

12 - عنه ، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: في

ص: 471


1- أي زاد وطال.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف على المشهور والسنبلاني - كما في القاموس - السابغ الطول، أو منسوب إلى بلد بالروم. وقوله : فشرت :بدنه : أي قست بشبر اليد عرض الثوب، والمراد بأسفله : طوله .
4- الحديث صحيح.
5- الحديث ضعيف.
6- الحديث صحيح ، ولعله كناية عن كونه في معرض التنجس بملاقاته لما على الأرض من النجاسات لمكان طوله المفرط .

الرّجل يجرُّ ثوبه ، قال : إنّي لأكره أن يَتَشَبّه بالنّساء.

13 - عنه ، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، ، فدعا بأثواب فذرع منه ، فعمد إلى خمسة أذرع فقطعها، ثمّ شبّر عرضها ستّة أشبار، ثمّ شقّه وقال : شدُّوا ضِفّته (1)، وهَدّبوا (2)طرفيه .

باب القول عند لباس الجديد

355 - باب القول عند لباس الجديد

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرّجل يلبس الثوب الجديد؟ قال: يقول: اللّهمّ اجعله ثوب يُمن وتُقي وبَرَكة، اللّهمَّ ارزقني فيه حسن عبادتك، وعملاً بطاعتك، وأداء شكر نعمتك، الحمد اللّه الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمّل به في الناس.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : علّمني رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) - إذا لبست ثوباً جديداً - أن أقول: «الحمد لله الذي كساني من اللّباس ما أتجمّل به في الناس، اللّهم اجعلها ثياب بركة أسعى فيها لمرضاتك، وأعمر فيها مساجدك» فقال : يا عليُّ، من قال ذلك، لم يتقمّصه حتّى يغفر اللّه له .

وفي نسخة أخرى - : لم يُصِبْه شيء يكرهه(3).

3-الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن عليّ الهمداني، عن الحسن بن أبي عثمان، عن خالد الجوّان قال : سمعت أبا الحسن موسى (علیه السلام) يقول : قد ينبغي لأحدكم إذا لبس الثوب الجديد أن يمر يده عليه ويقول: «الحمد للّه الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمّل به في الناس، وأتزيّن به بينهم».

4 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن غير واحد، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) قال: من قرء (إنّا أنزلناه) ، ثنتين وثلاثين مرَّة في إناء جديد، ورشّ به ثوبه الجديد إذا لبسه. لم يزل يأكل في سَعَة ما بقي منه سِلْكُ(4)

ص: 472


1- المراد بالضفة هنا الطرف. أي خيطوها جيداً.
2- قال في القاموس : الهُدْب : خَمَلُ الثوب . وهدب الثوب : قطعه. وقال في النهاية : هُدْبُ الثوب: طرف الثوب مما يلي طُرّته .
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف .

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إذا كسا اللّه تعالى المؤمن ثوباً جديداً، فليتوضأ، وليصل ركعتين يقرأ فيهما أم الكتاب، وآية الكرسيّ، وقل اللّه هو أحد، وإنا أنزلناه، ثمّ ليحمد اللّه الذي ستر عورته، وزيّنه في الناس، وليكثر من قول : (ولا حول ولا قوةَّ إلا باللّه ) فإنّه لا يعصي اللّه فيه، وله بكلِّ سِلْك فيه مَلَك يقدِّس له، ويستغفر له، ويترحّم عليه (1).

6 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسين النيسابوري، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الريان، عن يونس، عن عمر بن يزيد قال : أردت الدُّخول على أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فلبست ثيابي، ونشرت طيلساناً جديداً كنت معجباً به، فزحمني جَمَل في بعض الطريق فتمزّق من كل وجه، فاغتممت لذلك، فدخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فنظر إلى الطيلسان فقال لي : مالي أراك منهتكاً؟ فأخبرته بالقصّة ، فقال : يا عمر، إذا لبست ثوباً جديداً فقل: ( لا إله إلا اللّه ، محمّد رسول اللّه )، تبرء من الآفة ، وإذا أحببت شيئاً ، فلا تكثر من ذكره، فإنَّ ذلك ممّا يَهُدُّك، وإذا كانت لك إلى رجل حاجة فلا تشتمه من خلفه، فإن اللّه يوقع ذلك في قلبه (2).

باب لبس الخَلَقان

356 - باب لبس الخَلَقان (3)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن عليّ بن عقبة، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : أدنى الإسراف هراقة فضل الإناء، وابتذال ثوب الصون، وإلقاء النوى .

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن صالح قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : ما أدنى ما يجيىء من الإسراف؟ قال : ابتذالك ثوب صَوْنك، وإهراقك فضل إنائك، وأكلك التمر ورميك بالنوى ههنا وههنا.

3-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن الفضل بن كثير المدائني ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: دخل عليه بعض

ص: 473


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث مجهول.
3- قال في القاموس : الخَلَق : البالي، الجمع: الخلقان.

أصحابه، فرأى عليه قميصاً فيه قبّ (1)قد رقعه، فجعل ينظر إليه ، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام): مالك تنظر ؟ فقال : قبّ ملقى في قميصك ، قال : فقال لي : اضرب يدك إلى هذا الكتاب فاقرء ما فيه ، وكان بين يديه كتاب أو قريب منه ، فنظر الرّجل فيه فإذا فيه: «لا إيمان لمن لا حياء له ، ولا مال لمن لا تقديرله ولا جديد لمن لا خَلَقَ له » (2).

باب العمائم

357 - باب العمائم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من تعمّم ولم يتحنّك فأصابه داء لا دواء له، فلا يلو مَنَّ إلّا نفسه(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي همام، عن أبي الحسن (علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلَّ : (مسوِّمين) (4)؟ قال : العمايم، اعتمَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فسدلها من بين يديه ومن خلفه، واعتم جبرئيل فَسَدَ لها من بين يديه ومن خلفه (5).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة ، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : كانت على الملائكة العمايم البيض المُرْسَلَةُ يوم بدر (6).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن الحسين بن عليّ العقيلي، عن عليّ بن أبي عليّ اللّهبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : عمّم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عليّاً (علیه السلام) بيده ، فَسَدَ لها من بين يديه وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع ، ثمّ قال : أدْبِر، فأدْبَرَ ، ثمّ قال : أقبل فَأَقْبَلَ ، ثمّ قال : هكذا تيجان الملائكة (7).

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال :

ص: 474


1- القبّ - كما في القاموس - ما يدخل في جيب القميص من الرقاع .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من . . . ، ح 54 .
4- آل عمران/ 125 والآية : بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يُمْدِدْكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين والسيماء العلامة. قيل : صبروا يوم بدر فأيدوا بالملائكة، ولم يصبروا يوم أحد فلم تشهد معهم الملائكة .
5- الحديث صحيح.
6- الحديث ضعيف.
7- الحديث مجهول.

قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) العمايم تيجان العرب(1).

وروي : أنَّ الطابقيّة (2)عِمَّةُ إبليس لعنه اللّه .

6 - أبو عليّ الأشعري، عن بعض أصحابه عن عليّ بن الحكم رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من خرج من منزله معتمّاً تحت حنكه يريد سفراً، لم يصبه في سفره سرق ولا حرق ولا مكروه(3).

7-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن جعفر البغدادي ، عن عمرو بن سعيد، عن عيسى بن حمزة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من أعتم فلم يُدر العمامة تحت حنكه، فأصابه ألم لا دواء له، فلا يلومَنَّ إلا نفسه (4).

باب القَلانس

358 - باب القَلانس

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يلبس القلانس اليمنيّة، والبيضاء، والمضرّبة (5)، وذات الاذنين في الحرب، وكانت عمامته السحاب، وكان له برنس يَتَبَرْنَس به (6).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : يلبس قلنسوة بيضاء مضربة، وكان يلبس في الحرب قلنسوة لها أذنان .

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن الحسين بن المختار قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : اعمل لي قلانس بيضاء ، ولا تكسرها ، فإنّ السيّد مثلي لا يلبس المكسّر.

ص: 475


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الطابقية : لعلها العمامة بدون حنك .
3- الحديث مرسل .
4- التهذيب 2 ، 11 - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس
5- قال في الصحاح : ضرب النجاد المضربة إذا خاطها.
6- الحديث ضعيف على المشهور ، والبرنس - كما في النهاية - كل ثوب رأسه منه ملتزق به من درّاعة أو جبّة أو ممطر أو غيره وقال الجوهري : هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام .

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن الحسين بن المختار قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : اتّخذ لي قلنسوة ولا تجعلها مصبغة (1) فإنّ السيّد مثلي لا يلبسها - يعني لا تكسرها ..

باب الإحتذاء

359 - باب الإحتذاء

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : استجادة الحذاء وقاية للبدن ، وعَوْنُ على الصلاة والطهور(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام): قال : أول من اتخذ النعلين إبراهيم (علیه السلام)(3)

3 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من اتّخذ نعلاً فليَسْتَجِدْها (4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا تحتذوا الملس، فإنها حذاء فرعون، وهو أول من اتخذ الملس(5).

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إنّي لأمقت الرّجل لا أراه مُعَقِّبَ النعلين(6).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن عبد اللّه بن عثمان، عن رجل، عن منهال قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) وعليّ نعل ممسوحة، فقال:

ص: 476


1- أي سابغة، وهي الواسعة الطويلة .
2- الحديث ضعيف على المشهور. وقد ذكر الشهيد الأول في الدروس استحباب إجادة الحذاء.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف على المشهور. قوله (علیه السلام): فَلْيَسْتَجِدْها : أي فلينتقها جيدة .
5- الحديث ضعيف والملس : من الملاسة وهي تساوي الوسطين مع الطرف في الدقة. وفي بعض النسخ : الملسن: يعني دقيقة على شكل اللسان . وقال الشهيد الأول في الدروس: يكره النعال الملس والممسوحة، بل ينبغي المخصرة، ولا يترك تعقيب النعل .
6- معقِّب النعلين: أي لهما نتوء من العقب من فوق أو من تحت .

هذا حذاء اليهود، فانصرف منهال فأخذ سكّيناً فخصّرها (1)بها .

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بن أبي عبد اللّه، عن أبي الخزرج الحسن بن الزبرقان الأنصاري قال: حدَّثني إسحاق الحذاء قال: أرسل إليَّ أبو عبد اللّه (علیه السلام) - وتحن بمنى - : أيتني ومعك كنفك (2)، قال : فأتيته في مضربه، فسلمت عليه، فردَّ عليّ وأوما إلى أن أجلس، فجلست ثمّ تناول نعلاً جديداً فرمى بها إليَّ ، فلما أردت أن أذهب قلت : جُعِلْتُ فداك، لو وهبت لي هذه النعل وكنت أحذوا (3)عليها، فرمى إليَّ بالفرد الآخر فقال: واحدة، أي شيء تنفعك ، قال : وكانت معقبة مخصرة من وسطها لها قبالان (4) ولها رؤوس، فقال : هذا حذو النبي (صلّی اللّه علیه وآله) (5).

8-عنه قال : حدَّثني داود بن إسحاق أبو سليمان الحذّاء، عن محمّد بن الفيض من تيم الرَّباب قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إنّي لأمقت الرّجل أرى في رجله نعلا غير مخصرة، أما إنّ أوّل من غيّر حذو رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فلان، ثمّ قال : ما تسمّون هذا الحذو؟ قلت الممسوح قال : هذا الممسوح (6).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان ، عن بعض أصحابنا، عن عليّ بن سويد قال : نظر إلي أبو الحسن (علیه السلام) وعليّ علان ممسوحتان ، فأخذهما وقلَّبهما ، ثمّ قال لي : أتريد أن تهود؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِداك ، إنما وهبهما لي إنسان، قال: فلا بأس.

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنه كره عقد شراك النعل (7)، وأخذ نعل أحدهم وحلَّ شراكها.

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان أبي يطيل ذوائب نعليه .

ص: 477


1- أي جعل لها خصراً وهو وسطها.
2- أي وعاؤك الذي تضع فيه آلات حرفتك .
3- أي اصنع حذوها، أي مثالها.
4- القِبال - كما في النهاية - : زمام النعل وهو السير الذي يكون بين الإصبعين.
5- الحديث مجهول
6- الحديث مجهول
7- الشراك - كما في النهاية - أحد سيور النعل التي تكون على وجهها . وقال الشهيد الأول رحمه اللّه في الدروس يكره عقد الشراك، وينبغي القبالان.

12 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرّاج، عن أبي عمران عن رجل، عن أبي عبد اللّه أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه نظر إلى نعل شراكها معقودة، فتناولها أبو عبد اللّه (علیه السلام) فحلّها، ثمّ قال : لا تعقد .

13 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير قال : كنت أمشي مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فانقطع شسع نع- نعله، فأخرجت من كمي شسعاً فأصلح به نعله ، ثمّ ضرب يده على كتفي الأيسر وقال : يا عبد الرحمن بن كثير، من حمل مؤمناً على شسع نعله حمله اللّه عزّ وجلَّ على ناقة دمكاء (1) حين يخرج من قبره حتّى يقرع باب الجنّة (2).

14 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن يعقوب السراج قال كنّا نمشي مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) وهو يريد أن يعزّي ذا قرابة له بمولود له، فانقطع شسع نعل أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فتناول نعله من رجله ثمّ مشى حافياً، فنظر إليه ابن أبي يعفور فخلع نعل نفسه من رجله وخلع الشع منها وناوله أبا عبد اللّه (علیه السلام) ، فأعرض عنه كهيئة المغضب، ثمّ أبى أن يقبله ، ثمّ قال: ألا إن صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها، فمشي حافياً حتّى دخل على الرّجل الذي أتاه ليعزّيه (3).

15 - أحمد بن محمّد الكوفي ، عن عليّ بن الحسن التيمي، عن عباس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : كنت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فدخل على رجل فخلع نعله، ثمّ قال : اخلعوا نعالكم، فإنَّ النعل إذا خُلِعَت استراحت القَدَمان .

باب ألوان النّعال

360 - باب ألوان النّعال

1 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه نظر إلى بعض أصحابه وعليه نعل سوداء ، فقال : مالك وللنعل السوداء، أما علمت أنّها تضرُّ بالبصر، وترخي الذكر، وهي بأغلى الثمن من غيرها، وما لبسها أحد إلّا اختال فيها (4).

ص: 478


1- قال في القاموس : بَكْرَةً دموك : صلبة، أو سريعة المر، أو عظيمة يسقى بها على السانية
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث صحيح .
4- الحديث مرسل وقد نص الشهيد الأول في الدروس على كراهة النعل السوداء .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عليّ الهمداني، عن حنان بن سدير قال : دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) وفي رجلي نعل سوداء، فقال يا حنان مالك وللسوداء، أما علمت أن فيها ثلاث خصال: تضعف البصر، وترخي الذكر، وتورث الهم [ ومع ذلك من لباس الجبارين]؟ قال: فقلت : فما ألبس من النعال؟ قال : عليّك بالصفراء، فإن فيها ثلاث خصال: تجلو البصر، وتشدّ الذكر، وتدرء الهم ، وهي مع ذلك من لباس النبيّين (1).

3-محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن السيّاري، عن أبي سليمان الخواص، عن الفضل بن دكين، عن سدير الصيرفي :قال : دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) وعلي نعل بيضاء، فقال: يا سدير، ما هذه النعل ، أَحْتَذَيْتها على عِلم؟ قلت: لا واللّه، جُعِلْتُ فِداك ، فقال : من دخل السوق قاصداً لنعل بيضاء لم يبلها حتّى يكتسب مالاً من حيث لا يحتسب، قال أبو نعيم : أخبرني سدير أنّه لم يبل تلك النعل حتّى اكتسب مائة دينار من حيث لا يحتسب (2).

4 - أبو عليُّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن بريد بن محمّد الغاضري، عن عُبيد بن زرارة قال : رآني أبو عبد اللّه (علیه السلام) وَعليُّ نعل سوداء، فقال: يا عُبيد، ما لَكَ وللنعل السوداء، أما علمت أن فيها ثلاث خصال: ترخي الذكر، وتضعف البصر، وهي أغلى ثمناً من غيرها، وأنَّ الرّجل ليلبسها وما يملك إلا أهله وولده، فيبعثه اللّه جباراً(3).

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي البختريّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من لبس نعلاً صفراء كان في سرور حتّى يبلها (4).

6 - عنه ، عن بعض أصحابنا بلغ به جابر الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: من لبس نعلاً صفراء لم يزل بنظر في سرور ما دامت عليه، لأنَّ اللّه عزَّ وجلَّ يقول(5): «صفراء فاقع لونُها تسر الناظرين».(6)

7-محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن

ص: 479


1- الحديث ضعيف على المشهور ، وقد نص الشهيد الأول في الدروس على استحباب النعل الصفراء.
2- الحديث ضعيف. ويدل على استحباب البيضاء من النعل .
3- الحديث مجهول.
4- الحديث ضعيف .
5- البقرة/ 69. فاقع : خالص، صافٍ، والفُقُوع - في الصفرة - نظير النُصُوع في البياض تَسُرّ : تُعجب.
6- الحديث مرسل .

سماعة، عن داود الحذّاء، عن عبد الملك بن بحر صاحب اللّؤلؤ قال : من أراد لبس النعل فوقعت له صفراء إلى البياض لم يعدم مالاً وولداً، ومن وقعت له سوداء لم يعدم غمّاً وهمّاً.(1)

باب الخف

361 - باب الخف

1-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى ، عن سلمة بن أبي حبّة ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لبس الخفّ يزيد في قوَّة البصر(2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن العوسي، عن أبي جعفر المسلي، عن سليمان بن سعد، عن منيع قال : قال أبو جعفر (علیه السلام): لبس الخفّ أمان من السِلّ.(3).

3-عنه ، عن بعض أصحابنا، عن مبارك غلام العقرقوفي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إدمان لبس الخفّ أمان من السّل (4).

4 - عنه ، عن بعض من ذكره، عن محمّد بن سنان، عن داود الرّقي قال : خرجت مع أبي عبداللّه (علیه السلام) إلى يَنبُع، فلمّا خرج، رأيت عليه خفّاً ،أحمر فقلت له : جُعِلْتُ فداك، ما هذا الخفّ الأحمر الذي أراه عليك؟ فقال : خف اتّخذته للسفر وهو أبقى على الطين والمطر، وأَحْمَلُ له، قلت: فَأتخِذُها وألْبَسُها؟ قال: أمّا في السفر فنعم، وأما في الحضر فلا تعدلنّ بالسواد شيئاً(5).

5-محمّد بن يحيى ،عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان، عن زياد بن المنذر قال : دخلت على أبي جعفر (علیه السلام) وعليّ حُفَّ مقشور ، فقال: يا زياد، ما هذا الخفّ الذي أراه عليك؟ قلت: خفَّ اتّخذته ، فقال : أما علمت أنّ البيض من الخفاف - يعني المقشورة - من لباس الجبابرة، وهم أوّل من اتّخذها والحُمْرَ من لباس الأكاسرة، وهم أوّل من اتّخذها،

ص: 480


1- الحديث مجهول .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث مجهول والسل مرض يصيب الرئتين. ويدل الحديث كسابقه على استحباب لبس الخف، وقد نص عليه الأصحاب.
4- الحديث مرسل مجهول.
5- الحديث ضعيف على المشهور. وهو مخصوص بخصوص النعل الأسود فيكون مستثنى من عموم كراهة لبس السواد كالعمامة وغيرها .

والسودَ من لباس بني هاشم وسُنَة(1).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبد اللّه، عن عليّ البغدادي (2)، عن أبي الحسن الضرير عن أبي سلمة السرَّاج، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إدمان الخف يقي مِينَةَ السُّوء(3).

باب السنّة فى لبس الخُفّ والنعل وخلعهما

362۔ باب السنّة فى لبس الخُفّ والنعل وخلعهما

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : من السنّة خلع الخفّ اليسار قبل اليمين، ولبس اليمين قبل اليسار (4).

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا لبست نعلك أو خفّك، فابدء باليمين، وإذا خلعت فابدء باليسار.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان يقول : إذا لبس أحدكم نعله، فليلبس اليمين قبل اليسار، وإذا خلعها، فليخلع اليسرى قبل اليمني .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تمشِ في حذاء واحد، قلت: ولم؟ قال : لأنّه إن أصابك مسّ من الشيطان لم يكد يفارقك إلّا ما شاء اللّه (5).

ص: 481


1- الحديث ضعيف على المشهور ، وقد نص الشهيد في الدروس على كراهة لبس الخف الأبيض المقشور.
2- هو أبو الحسن ابن خليد - على الظاهر .
3- الحديث ضعيف .
4- الحديث صحيح . وقد نص الشهيد في الدروس على استحباب البدأ بلبس الخف في اليمنى جالساً والبدأ بخلعه باليسار.
5- قال الشهيد الأول رحمه اللّه في كتاب الذكرى يكره المشي في نعل واحدة ، وبه أخبار كثيرة في الصحاح، وفي طرق الأصحاب، وفي بعضها لإصلاح الآخر، مع الرواية عن النبي (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في الآخر حتّى يصلحها . أقول : ولا بد من تقييده وأمثاله بعدم الضرورة. وربما حمل بعض الأصحاب هذا الحديث وأمثاله على التقية، لوجود ذلك في روايات العامة، واللّه العالم .

5- عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: من مشى في حذاء واحد فأصابه مسّ من الشيطان، لم يَدَعُهُ إلّا ما شاء اللّه .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) عن عليّ (علیه السلام) أنّه كان يمشي في نعل واحدة ويصلح الأخرى، لا يرى بذلك بأسأ(1).

باب الخواتيم

363 - باب الخواتيم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان خاتم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) من وَرِق(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان ومعاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان خاتم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) من ورق، قال: قلت له : كان فيه فصّ؟ قال : لا(3).

3-أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن حسين بن أحمد المنقري ، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) [قال : ] من السُنّة لبس الخاتم .

4-محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة قال الفصَّ مُدَوّر ، وقال : هكذا كان خاتم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن غالب بن عثمان، عن روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) لأمير المؤمنين (علیه السلام) : لا تختم بالذهب فإنّه زينتك في الآخرة (4).

ص: 482


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- قال الشهيد في الدروس : يستحب التختم بالورق في اليمين ويكره في اليسار، وليكن الفص مما الكف، ويكره التختم بالحديد. أقول : والورق الفضة.
3- الحديث صحيح .
4- وما دل عليه الحديث من حرمة التختم بالذهب، بل مطلق لبسه للرجال هو ما أجمع عليه أصحابنا رضوان اللّه علیهم .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام): لا تختّموا بغير الفضّة، فإنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال : ما طَهُرَت كفٌّ فيها خاتم حديد (1).

7-أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاج المدائني ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تجعل في يدك خاتماً من ذهب.

8-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه اللّه (علیه السلام) أنّه سأله عن التختم في اليمين، وقلت : إنّي رأيت بني هاشم يتختّمون في أيمانهم؟ فقال : كان أبي يتختّم في يساره، وكان أفضلهم وأفقههم (2).

9 - عنه ، عن محمّد بن عليّ ، عن عليّ بن أسباط ، عن عليّ بن جعفر قال : سألت أخي موسى (علیه السلام) عن الخاتم يلبس في اليمين؟ فقال : إن شئت في اليمين، وإن شئت في اليسار.

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن عطية، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما تختم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إلا يسيراً حتّى تركه (3).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) كان يتختم في يمينه .

12 - وبهذا الإسناد قال : كان عليّ والحسن والحسين صلوات اللّه علیهم يتختّمون في أيسارهم (4).

13 - الحسين بن محمّد، عن معلی بن محمّد، عن الوشّاء، عن مثنّى الحنّاط، عن حاتم بن إسماعيل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان الحسن والحسين (علیه السلام) يتختّمان في يسارهما (5).

14 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي

ص: 483


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث مجهول. وقد حمل ما تضمنه الحديث وغيره من التختم باليسار على التقية، أو على بعض الوجوه الأخرى فراجع مرآة العقول للمجلسي 355/22 .
3- في بعض النسخ: حتّى مات بدل حتّى تتركه، وهذا يؤيد أن المراد بالترك موته (صلّی اللّه علیه وآله
4- الحديثان ضعيفان على المشهور ويحتملان التقية، لما اشتهر في رواياتنا من أن معاوية هو الذي سنَّ ذلك .
5- الحديثان ضعيفان على المشهور ويحتملان التقية، لما اشتهر في رواياتنا من أن معاوية هو الذي سنَّ ذلك .

نصر، عن أبان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان الحسن والحسين (علیه السلام) يتختمان في يسارهما(1).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عبد الرحمن بن محمّد العرزمي ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ عليُّ بن الحسين (علیه السلام) كان يتختم في يمينه

16 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ عن العرزمي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يتختم في يمينه.

17 - سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال : قوموا خاتم أبي عبد اللّه (علیه السلام) فأخذه أبي منهم بسبعة، قال: قلت: بسبعة دراهم؟ قال: بسبعة دنانير (2).

باب العقيق

364 - باب العقيق

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (علیه السلام) قال : العقيق ينفي الفقر ولبس العقيق ينفي النفاق.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن الرضا (علیه السلام) قال: من ساهم (3)بالعقيق كان سهمه الأوفر.

3-عنه ، عن محمّد بن عليّ ،عن محمّد بن الفضيل، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم التنوكي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : تختّموا بالعقيق فإنّه مبارك ، ومن تختّم بالعقيق يوشك أن يقضى له بالحسنى (4).

4 – عنه، عن بعض أصحابه، عن صالح بن عقبة، عن فضيل بن عثمان، عن ربيعة الرأي قال : رأيت في يد عليُّ بن الحسين (علیه السلام) فصَّ عقيق، فقلت: ما هذا الفص؟ فقال : عقيق رومي، وقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من تختّم بالعقيق قُضِيَت حوائجه (5).

ص: 484


1- الحديث مجهول .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- ساهم: - هنا - يراد بها اقترع، والمساهمة : القرعة .
4- الحديث ضعيف، والظاهر أن المراد بالتنوكي : التنوخي في كتب الرجال.
5- الحديث ضعيف .

5- عنه ، عن بعض أصحابه رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : العقيق أمان في السفر(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن الرضا (علیه السلام) قال : كان أبو عبد اللّه (علیه السلام) يقول : من اتخذ خاتماً فصه عقيق، لم يفتقر، ولم يُقضَ له إلا بالتي هي أحسن(2).

7-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم بن عقبة، عن سيابة بن أيوب، عن محمّد بن الفضل، عن عبد الرحيم القصير قال : بعث الوالي إلى رجل من آل أبي طالب في جناية، فمرَّ بأبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فقال : أتبعوه بخاتم عقيق، فأتي بخاتم عقيق، فلم ير مكروهاً(3).

8-عنه ، عن محمّد بن أحمد رفعه قال : شكا رجل إلى النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) أنّه قُطِعَ عليه الطريق، فقال (صلّی اللّه علیه وآله) : هلا تختّمت بالعقيق فإنّه يحرس من كلّ سوء (4).

باب الياقوت والزُمُرُّد

365 - باب الياقوت والزُمُرُّد

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليُّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن الرّضا (علیه السلام) قال : كان أبو عبد اللّه (علیه السلام) يقول : تختّموا باليواقيت فإنّها تنفي الفقر (5).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن عن أبيه، عن جده (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : تختّموا باليواقيت فإنها تنفي الفقر (6).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن هارون بن مسلم، عن رجل من أصحابنا وهو الحسن بن عليُّ بن الفضل - ويلقب سكباج - عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر صاحب الأنزال، وكان يقوم ببعض أمور الماضي (علیه السلام) قال : قال لي يوماً، وأملى عليّ من كتاب: التختّم

ص: 485


1- الحديث مرفوع .
2- الحديث مجهول.
3- الحديث مجهول.
4- الحديث مرفوع .
5- الحديث مجهول.
6- الحديث مجهول.

بالزُّمرد يُسْرٌ لا عُسْرَ فيه (1).

4 - سهل بن زياد، عن الدّهقان عبيد اللّه، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : سمعته يقول : تختّموا باليواقيت فإنّها تنفي الفقر(2).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : يُسْتَحبّ التختّم بالياقوت(3).

باب الفيروزج

366 - باب الفيروزج

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من تختّم بالفيروزج لم يفتقر كفّه (4).

2 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن الحسن بن سهل، عن الحسن بن عليّ بن مهران قال : دخلت على أبي الحسن موسى (علیه السلام) وفي إصبعه خاتم فصّه فيروزج ، نَقْشُه : «اللّه المَلِكُ»، فأدمت النظر إليه ، فقال : مالك تديم النظر إليه؟ فقلت : بلغني أنه كان لعليُّ أمير المؤمنين (علیه السلام) خاتم فصّه فيروزج نَقْشُهُ : «اللّه المَلِكُ»، فقال: أتعرفه ؟ قلت : لا، فقال: هذا هو تدري ما سببه؟ قلت: لا، قال: هذا حجر أهداه جبرئيل (علیه السلام) إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فوهبه رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) لأمير المؤمنين (علیه السلام) ، أتدري ما اسمه؟ قلت: فيروزج، قال هذا بالفارسية فما اسمه بالعربية؟ قلت: لا أدري ، قال : اسمه الظَّفَر (5).

باب الجزع اليماني والبَلّور

367 - باب الجزع(6) اليماني والبَلّور

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ، عن عبيد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين بن [عليُّ بن] الحسين، عن أبيه، عن جدِّه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام)

ص: 486


1- الحديثان ضعيفان على المشهور.
2- الحديثان ضعيفان على المشهور.
3- الحديث حسن أو موثق .
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- الحديث ضعيف.
6- قال صاحب القاموس : الجزع - ويكسر - الخرز اليماني الصيني فيه سواد وبياض تشبه به الأعين، والتختم به يورث الهم والحزن، والأحلام المفزعة، ومخاصمة الناس.

تختّموا بالجزع اليماني، فإنّه يَرُدُّ كيد مَرَدَة الشياطين(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن عليّ بن الريان، عن عليّ بن محمّد المعروف بابن وهبة العبسي - وهي قرية من قرى واسط - يرفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: نِعمَ الفصّ البِلّور (2).

باب نقش الخواتيم

368 - باب نقش الخواتيم

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان نقش خاتم النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) : «محمّد رسول اللّه»، وكان نقش خاتم أمير المؤمنين (علیه السلام): «اللّه المَلِك»، وكان نقش خاتم أبي (علیه السلام) : «العزّة اللّه »(3).

2-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن يونس بن ظبيان؛ وحفص بن غياث، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قالا : قلنا : جُعِلْنا فداك، أيكره أن يكتب الرّجل في خاتمه غير اسمه واسم أبيه ؟ فقال : في خاتمي مكتوب : «اللّه خالق كل شيء»، وفي خاتم أبي محمّد بن عليّ (علیه السلام) وكان خير محمّدي رأيته بعيني : «العزّة اللّه»، وفي خاتم عليّ بن الحسين (علیه السلام) : «الحمد للّه العليّ العظيم، وفي خاتم الحسن والحسين (علیه السلام): «حسبي اللّه »، وفي خاتم أمير المؤمنين (علیه السلام) : «اللّه الملك ». (4)

3-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عبد اللّه بن محمّد النهيكي، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : مرَّ بي معتب ومعه خاتم فقلت له : أي شيء هذا؟ فقال : خاتم أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فأخذت لأقرء ما فيه، فإذا فيه: «اللّهم أنت ثقتي، فقِني شر خلقك» (5).

4 - عنه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: كنت عند أبي الحسن الرضا (علیه السلام)، فأخرج إلينا خاتم أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، وخاتم أبي الحسن (علیه السلام)، وكان على خاتم أبي عبد اللّه (علیه السلام) : «أنت ثقتي فاعصمني من الناس»، ونَقشُ خاتم أبي الحسن (علیه السلام):حسبي اللّه»، وفيه وردة وهلال في أعلاه (6).

ص: 487


1- الحديث ضعيف .
2- الحديث مجهول.
3- الحديث صحيح.
4- الحديث حسن أو موثق .
5- الحديث موثق .
6- الحديث صحيح .

5- عنه ، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن قال : سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن نقش خاتمه وخاتم أبيه (علیه السلام) ؟ قال : نقش خاتمي : «ما شاء اللّه، لا قوة إلّا باللّه»، ونقش خاتم أبي: «حسبي اللّه»، وهو الذي كنت أتختّم به(1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: كان على خاتم عليّ بن الحسين (علیه السلام) : «خَزِيَ وشَقِي قاتل الحسين بن عليّ (علیه السلام)(2).

7 - سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن واصل بن سليمان، عن عبد اللّه بن سنان قال : ذكرنا خاتم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) فقال : تحبُّ أن أريكه ؟ فقلت: نعم، فدعا بحقّ مختوم، ففتحه وأخرجه في قطنة، فإذا حلقة فضّة، وفيه فص أسود عليه مكتوب سطران : «محمّد رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال : ثمّ قال : إِنَّ فصَّ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) أسود(3).

8-سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الثاني (علیه السلام) قال: قلت له : إنّا روينا في الحديث أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان يستنجي وخاتمة في إصبعه، وكذلك كان يفعل أمير المؤمنين (علیه السلام)، وكان نقش خاتم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): «محمّد رسول اللّه قال: صدقوا قلت: فينبغي لنا أن نفعل؟ قال : إنَّ أولئك كانوا يتختمون في اليد اليمنى، وإنكم أنتم تتختمون في اليسرى، قال: فَسَكَتُ، فقال: أتدري ما كان نقش خاتم آدم (علیه السلام)؟ فقلت : لا ، فقال: «لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه، وكان نقش خاتم النبي (صلّی اللّه علیه وآله) : «محمّد رسول اللّه»، وخاتم أمير المؤمنين (علیه السلام) : «اللّه المَلِكُ»، وخاتم الحسن (علیه السلام): «العزّة لله»، وخاتم الحسين (علیه السلام) : «إنَّ اللّه بالِغُ أَمْرِه»، وعليّ بن الحسين (علیه السلام) خاتم أبيه(4) وأبو جعفر الأكبر خاتم جدّه الحسين (علیه السلام) ، وخاتم جعفر (علیه السلام) «اللّه ولتي وعصمتي من خلقه»، وأبو الحسن الأول (علیه السلام) : «حسبي اللّه» وأبو الحسن الثاني(5): «ما شاء اللّه لا قوّة إلّا باللّه»، وقال الحسين بن خالد : ومدَّ يده إليَّ وقال(6): خاتمي خاتم أبي (علیه السلام) أيضاً(7).

ص: 488


1- الحديث صحيح.
2- الحديث مجهول.
3- الحديث ضعيف على المشهور
4- أي كان خاتمه خاتم أبيه (علیه السلام)، أو كان نقش خاتمه نقش خاتم أبيه
5- يعني نفسه (علیه السلام) وهو الإمام الرضا (علیه السلام).
6- أي كان له (علیه السلام) خاتمان خاتمه ونقشه ما ذكره (علیه السلام) آنفاً ، وخاتم أبيه موسى الكاظم (علیه السلام) ونقشه : حسبي اللّه . وكأن نقشي الخاتمين يتمم أحدهما الآخر.
7- الحديث ضعيف على المشهور.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : من نقش على خاتمه اسم اللّه ، فليحوّله عن اليد التي يستنجي بها في المُتَوَضًا .

باب الحُل--يّ

369 - باب الحُل--ي

1- أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن أبي الصباح قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الذهب يحلّى به الصبيان؟ فقال : كان عليّ بن الحسين (علیه السلام) يُحَلّي ولده ونساءه بالذهب والفضة(1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الوشّاء؛ وأحمد بن محمّد بن أبي نصر، جميعاً عن داود بن سرحان قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الذهب يحلّى به الصبيان؟ فقال: إنّه كان أبي (علیه السلام) ليحلّي ولده ونساءه بالذهب والفضة، فلا بأس به(2).

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن حلية النساء بالذهب والفضة؟ فقال: لا بأس(3).

4-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان نعل سيف رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) وقائمته فضّة، وكان بين ذلك حلق من فضّة، ولبست درع رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، فكنت أسحبها وفيها ثلاث حلقات فضّة من بين يديها، وثنتان من خلفها (4).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ليس بتحلية السيف بأس بالذهب والفضّة.

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن المثنّى، عن حاتم بن إسماعيل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ حلية سيف رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كانت فضّة كلّها، قائمته وقباعه (5).

ص: 489


1- الحديث صحيح . وقد قطع بعض أصحابنا كالشهيد الأول رحمه اللّه في كتاب الذكرى بحلية تزيين الأطفال ما لم يبلغوا بالذهب .
2- الحديثان صحيحان .
3- الحديثان صحيحان .
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- قال في القاموس : قبيعَة السيف : ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ليس بتحلية المصاحف والسيوف بالذهب والفضّة بأس(1).

8-حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: لم تزل النساء يلبسن الحُلى .

محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن أبان عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) مثله .

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إِنَّ النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) تختّم في يساره بخاتم من ذهب، ثمّ خرج على الناس، وطفق الناس ينظرون إليه، فوضع يده اليمنى على خنصره اليسرى حتّى رجع إلى البيت فرمی به فما لبسه

عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن المثنّى، ، عن حاتم بن إسماعيل عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) مثله(2).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن حمّاد بن عثمان ، عن ربعيّ ،عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن سرير فيه الذهب، أيصلح إمساكه (3)في البيت ؟ فقال : إن كان ذهباً ،فلا، وإن كان ماء الذهب فلا بأس (4).

باب الفرش

370 - باب الفرش

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن سعيد بن جناح،

ص: 490


1- قال الشهيد الأول في كتاب الدروس : لا بأس بقبيعة السيف ونعله من الفضة وضبة الإناء، وحلقة القصعة، وتحلية المرآة بها، وروي جواز تحلية السيف والمصحف بالذهب والفضة والأقرب تحريم المكحلة منها، وظرف الغالية، أما الميل فلا . وقد نقل رحمه اللّه في كتاب الذكرى عن العلامة في التذكرة القول بتحريم تحلية السيوف والمصاحف بالذهب إن انفصل منه شيء بالنار .
2- الحديث بسنده الأول ضعيف على المشهور وبسنده الثاني ضعيف.
3- يعني اقتناؤه للاستعمال.
4- الحديث ضعيف على المشهور، والمقصود المموه بماء الذهب.

عن أبي خالد الزيديّ ، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : دخل قوم على الحسين بن عليّ (علیه السلام) فقالوا: يا ابن رسول اللّه ، نرى في منزلك أشياء نكرهها، وإذا في منزله بُسُط ونمارق فقال (علیه السلام) : إنّا نتزوَّج النساء فنعطيهنَّ مهورهنَّ فيشترين ما شئن، ليس لنا منه شيء(1).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن أبي مالك الجهني، عن عبد اللّه بن عطاء قال : دخلت على أبي جعفر (علیه السلام) فرأيت في منزله بسطاً ووسائد وأنماطاً ومرافق (2) فقلت : ما هذا؟ فقال : متاع المرأة(3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن الفضل بن أبي العباس قال: قلت لأبي جعفر (علیه السلام): قول اللّه عزّ جلَّ: يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجِفَانٍ كالجَوَابِ (4)) ؟ قال : ما هي تماثيل الرجال والنساء، ولكنّها تماثيل الشجر وشبهه .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان لعليّ بن الحسين (علیه السلام) وسائد وأنماط فيها تماثيل يجلس عليها (5).

5-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان بن عيسى، عن عبد اللّه بن مسكان، عن الحسن الزيات قال : دخلت على أبي جعفر (علیه السلام) في بيت منجّد، ثمّ عدت إليه من الغد وهو في بيت ليس فيه إلّا حصير، وعليه قميص غليظ، فقال: البيت الذي رأيته ليس بيتي، إنّما هو بيت المرأة، وكان أمس يومها (6).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه ، عن عليّ بن إسماعيل الميثمي، عن أبي الجارود قال: دخلت على أبي جعفر (علیه السلام) وهو جالس على متاع، فجعلت ألمس المتاع بيدي فقال : هذا الذي تلمسه بيدك أرْمَنِيّ (7)فقلت له : وما أنت والأرمني ؟ فقال : هذا متاع جاءت به أمُّ عليّ - امرأة له ، فلمّا كان من قابل دخلت عليه فجعلت ألمس ما

ص: 491


1- الحديث ضعيف.
2- المرافق : جمع المِرْفَقة وهي المخدة يرتفق عليها ويتكا.
3- الحديث مجهول.
4- سبأ / 13 . والمحاريب : جمع المحراب، قيل : هي بيوت الشريعة ، وقيل : غير ذلك . وتماثيل : يعني صوراً من نحاس وشبه وزجاج ورخام وإن اختلف فيما كانت تمثل وهل هي لحيوانات أو غيرها، والجفان: الصحاف كالحياض التي يجبى فيها الماء، ولمزيد من الاطلاع، راجع تفسیر مجمع البيان للطبرسي 382/8
5- الحديثان مجهولان
6- الحديثان مجهولان
7- نسبة إلى إرمينة، من أعمال بلاد الروم .

تحتي ، فقال : كأنّك تريد أن تنظر ما تحتك؟ فقلت : لا ، ولكن الأعمى يعبث، فقال لي : إنّ ذلك المتاع كان لأمّ عليُّ، وكانت ترى رأي الخوارج فأدرتها ليلة إلى الصبح أن ترجع عن رأيها وتتولى أمير المؤمنين (علیه السلام)، فامتنعت عليُّ، فلما أصبحتُ طلّقتها(1).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن عبد اللّه بن المغيرة قال : سمعت الرضا (علیه السلام) يقول : قال قائل لأبي جعفر (علیه السلام) : يجلس الرّجل على بساط فيه تماثيل ؟ فقال : الأعاجم تعظمه، وإنّا لنمتهنه(2).

8-محمّد بن يحيى، عن العمر كي بن عليّ ، عن عليّ بن جعفر قال : سألت أبا الحسن صلوات اللّه عليه عن الفراش الحرير ومثله من الديباج والمصلّى الحرير ومثله من الديباج، هل يصلح للرجل النوم عليه والتكاة والصلاة؟ فقال : يفرشه ، ويقوم عليه ، ولا يسجد عليه (3).

باب النوادر

371 - باب النوادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن العباس بن الوليد بن صبيح قال: سألني شهاب بن عبد ربّه أن أستأذن له على أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فأعلمت ذلك أبا عبد اللّه (علیه السلام)، فقال: قل له : يأتينا إذا شاء ، فأدخلته عليه ليلاً، وشهاب مقنّع الرأس، فطرحت له وسادة فجلس عليها، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ألقِ قناعك يا شهاب، فإنّ القناع رِيَبةُ بالليل مَذَلّة بالنهار (4).

2-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : إذا ظهرت القلانس المترّكة ظهر الزنا (5).

ص: 492


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث صحيح والمعنى : إننا نستعمله على التحقير - كناية عن ترك الاستعمال - وغيرنا يستعمله على وجه التعظيم وامتهن الشيء : ابتذله .
3- الحديث صحيح. وقد استدل به بعض أصحابنا لجواز الاستعمالات المذكورة، ونقل عن المحقق تردده في ذلك، مستدلا بعمومات تحريم الحرير على الرجال والحديث حجة عليه، فيكون مخصصاً لتلك العمومات .
4- الحديث صحيح. ويدل على كراهة القناع مطلقا للرجل، ولكن الشهيد في الذكرى نص على استحبابه ليلا وكراهته نهارا، ولعله استند في هذا التفصيل إلى رواية عثر عليها هو.
5- الحديث ضعيف على المشهور والمتركة : يحتمل أن يكون مأخوذاً من الترك وهم الأتراك، أو من الترك، بمعنى أن يكون فيها زوائد في الطول والعرض فتحتاج إلى طي وكسر . أو غير ذلك .

3-عليُّ بن إبراهيم [ عن أبيه] عن محمّد بن عيسى، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان، عن دُرُست بن أبي منصور، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (علیه السلام) أنّه كان يقول : طيّ الثياب راحتها، وهو أبقى لها .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن الرضا صلوات اللّه عليه قال : خرجت وأنا أريد داود بن عيسى بن عليّ ، وكان ينزل بئر ميمون ، وعليّ ثوبان غليظان، فرأيت امرأة عجوزاً ومعها جاريتان فقلت يا عجوز، أتباع هاتان الجاريتان؟ فقالت : نعم، ولكن لا يشتريهما مثلك، قلت: ولم؟ قالت : لأنَّ إحداهما مغنّية، والأخرى زامرة، فدخلت على داود بن عیسی، فرفعني وأجلسني في مجلسي ، فلما خرجت من عنده ، قال لأصحابه : تعلمون من هذا؟ هذا عليُّ بن موسى، الذي يزعم أهل العراق أنه مفروض الطاعة .

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كره لبس البُرْطُلَّة (1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حمّاد بن عيسى قال : نظر أبو عبد اللّه (علیه السلام) إلى فراش في دار رجل فقال : فراش للرّجل وفراش لأهله وفراش لضيفه، وفراش للشيطان .

7-أبو عليُّ الأشعري عن بعض أصحابه، عن محمّد بن خالد الطيالسي ، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من لبس السراويل من قعود وقي وجع الخاصرة (2).

8-الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن منصور بن العباس، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حمّاد عن عليّ القمي، عن أبيعبد اللّه (علیه السلام) قال: سعة الجرّبان ونبات الشعر في الأنف أمان من الجذام، ثمّ قال: أما سمعت قول الشاعر : ولا ترى قميصي إلا واسع الجيب واليد(3).

ص: 493


1- البُرطُلّة : قلنسوة طويلة، قيل إنها من زي اليهود
2- الحديث مرسل مجهول .
3- الحديث ضعيف على المشهور. وقال في القاموس جِرّبان القميص (بالكس) وبالضم): جيبه . وقال في الصحاح وجربان القميص أيضاً لبنته، فارسي معرب .

9-الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن الحسين العلويّ قال : قال أبو الحسن (علیه السلام) : من مروءة الرّجل أن يكون دوابه سماناً، قال : وسمعته يقول : ثلاثة من المروءة فراهة الدابّة، وحسن وجه المملوك، والفرش السري (1).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن عن مسمع عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا يمسح أحدكم بثوب من لم يَكْسُه(2).

11 - سهل بن زياد، عن محمّد بن بكر ، عن زكريا المؤمن، عمّن حدثه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : اطووا ثيابكم بالليل، فإنّها إذا كانت منشورة لبسها الشيطان بالليل(3).

12 - سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه جبلة الكناني قال : استقبلني أبو الحسن (علیه السلام) وقد علّقت سمكة في يدي ، فقال : اقذفها، إنني لأكره للرجل السَّرِي أن يحمل الشيء الدني بنفسه ، ثمّ قال : إنكم قوم أعداؤكم كثيرة ، عاداكم الخَلْق، يا معشر الشيعة، إنّكم قد عاداكم الخلق، فتزينوا لهم بما قدرتم عليه (4).

باب الخِضَ-اب

372 - باب الخِضَ-اب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، قال: دخلت على أبي الحسن (علیه السلام) وقد اختصب بالسواد فقلت: أراك قد اختضبت بالسواد؟ فقال : إنَّ في الخضاب أجراً ، والخضاب والتهيئة (5) ، ممّا يزيد اللّه عزَّ وجلَّ في عفة النساء، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهنَّ لهنَّ التهيئة ، قال : قلت : بلغنا أنّ الحنّاء يزيد في الشَّيْب؟ قال : أي شيء يزيد في الشيب، الشيب يزيد في كلّ يوم .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليُّ بن الحكم، عن مسكين بن أبي الحكم ، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : جاء رجل إلى النبي (صلّی اللّه علیه وآله) فنظر إلى الشيب في لحيته ، فقال النبيُّ (صلّی اللّه علیه وآله) : نُورٌ، ثمّ قال : من شاب شَيْبة في الإسلام ، كانت له نوراً يوم القيامة، قال : فخضب الرّجل بالحنّاء، ثمّ جاء إلى النبي (صلّی اللّه علیه وآله) ، فلما رأى الخضاب قال : نُور وإسلام ،

ص: 494


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الأحاديث كلها ضعيفة على المشهور.
3- الأحاديث كلها ضعيفة على المشهور.
4- الأحاديث كلها ضعيفة على المشهور.
5- التهيّة والتهيئة : التزين وإصلاح الهيئة .

فخضب الرّجل بالسواد فقال النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) ،نور ،وإسلام وإيمان، ومحبّة إلى نسائكم، ورهبة في قلوب عدوّكم(1).

3 - أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن موسى الوراق، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: دخل قوم على أبي جعفر (علیه السلام) فرأوه مختضباً بالسواد، فسألوه؟ فقال : إنّي رجل أحبُّ النساء ، وأنا أتصنّع لهنّ .

4 - أحمد بن محمّد، عن سعيد بن جناح ، عن أبي خالد الزيدي، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: دخل قوم على الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما فرأوه مختضباً بالسواد، فسألوه عن ذلك، فمدّ يده إلى لحيته ثمّ قال : أمر رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) في غَزَاة غزاها أن يختضبوا بالسواد لِيَقْوَوا به على المشركين (2).

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن الأعور قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن خضاب اللحية والرأس، أمِنَ السُنّة؟ فقال : نعم : قلت : إنّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه لم يختضب ؟ فقال : إنّما منعه قول رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): «إنّ هذه ستخصب من هذه».(3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: في الخضاب ثلاث خصال: مَهْيَبَةٌ فى الحرب، ومحبّة إلى النساء، ويزيد في الباه .

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن خضاب الشعر ؟ فقال : قد خضب النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله)، والحسين بن عليّ وأبو جعفر (علیه السلام)، بالكَتَم(4)

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: خضب النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) ، ولم يمنع عليّاً (علیه السلام) إلّا ق-ول النبي (صلّی اللّه علیه وآله) : «تختضب هذه من هذه» ، وقد خضب الحسين وأبو جعفر (علیه السلام)(5).

ص: 495


1- الحديث مجهول.
2- الحديث مجهول
3- الحديث حسن . والمشار إليه بهذه الأولى لحيته الشريفة والمشار إليه بهذه الثانية جمجمته المقدسة . أو هامته .
4- الحديث حسن. والكتم : نبت يخلط بالوسمة ويختضب به . وقيل : هو الوسمة نفسها .
5- الحديث صحيح.

9 - أبو العباس محمّد بن جعفر، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سيف بن عميرة، عن أبي شيبة الأسدي قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن خضاب الشعر ؟ فقال : خضب الحسين وأبو جعفر صلوات اللّه عليهما بالحناء والكَتَم.

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن فضالة بن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال : رأيت أبا جعفر (علیه السلام) يختضب بالحناء خضاباً قانياً (1).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إياك ونصول الخضاب(2)فإنّ ذلك بؤس .

12 - عليُّ بن محمّد بن بندار؛ ومحمّد بن الحسن، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن محمّد بن عبد اللّه بن ،مهران عن أبيه رفعه قال : قال النبي (صلّی اللّه علیه وآله): نفقة درهم في الخضاب أفضل من نفقة درهم في سبيل اللّه ، إنَّ فيه أربع عشرة خصلة: يطرد الريح من الأذنين، ويجلو الغشاء ويجلو الغشاء عن البصر، ويلين الخياشيم، ويُطيب النكهة (3)، ويشدّ اللّثة، ويذهب بالغشيان ويُقلّ وسوسة الشيطان، وتفرح به الملائكة، ويستبشر به المؤمن، ويغيظ به الكافر، وهو زينة، وهو طيب وبراءة في قبره ويستحيى منه منكر ونكير(4).

باب السواد والوَسْمَة

373 - باب السواد والوَسْمَة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال : كنت مع أبي علقمة والحارث بن المغيرة وأبي حسّان عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، وعلقمة مختضب بالحناء، والحارث مختضب بالوسمة، وأبو حسّان لا يختضب ، فقال كل رجل منهم ما ترى في هذا رحمك اللّه؟ وأشار إلى لحيته، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام): ما أحسنه ، قالوا : كان أبو جعفر (علیه السلام) مختضباً بالوسمة؟ قال: نعم، ذلك حين تزوّج الثقفية، أخذته جواريها فخضبنه

ص: 496


1- أحمر قانٍ : أي شديد الحُمْرة .
2- نصول الخضاب : أي زواله عن الشعر.
3- النكهة : ريح الفم .
4- الحديث ضعيف

2 - عنه ، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الوسمة ؟ فقال : لا بأس بها للشيخ الكبير.

3 - ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال : رأيت أبا جعفر (علیه السلام) بمضغ علكاً ، فقال : يا محمّد، نقضت الوسمة أضراسي ، فمضغت هذا العلك لأشدّها، قال: وكانت استرخت فشدّها بالذهب(1).

4 - أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر (علیه السلام): نَقَضَتْ أضراسي الوسمة .

5-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عدَّة من أصحابه، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : قتل الحسين صلوات اللّه عليه وهو مختضب بالوسمة .

6 - عنه ، عن أبيه ، عن يونس، عن أبي بكر الحضرميّ قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الخضاب بالوسمة ؟ فقال : لا بأس قد قتل الحسين (علیه السلام) وهو مختضبٌ بالوسمة .

7-عنه ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن الحسين بن عمر بن يزيد، عن أبيه قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : الخضاب بالسواد أنس للنساء، ومَهَابَةٌ للعدوّ.

باب الخضاب بالحنّاء

374 - باب الخضاب بالحنّاء

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الحناء يزيد في يزيد في ماء الوجه، ويُكثر الشيب.

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : الحنّاء يُشعل الشيب.

ص: 497


1- الحديث صحيح. ويدل على أن الوسمة يضعف الأسنان، فما ورد من أن الخضاب بشد اللثة فمخصوص بالحناء، أو بالأمزجة البلغمية كما هو المجرّب فيهما ، ويدل على جواز تشبيك الأسنان بالذهب». مرآة المجلسي376/22 . هذا ويقول سيد المدارك رحمه اللّه : الأقرب عدم تحريم إتخاذ غير الأواني من الذهب والفضة إذا كان فيه غرض صحيح كالميل والصفاح في قائم السيف، وربط الأسنان بالذهب، واتخاذ الأنف منه .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: رأيت أبا جعفر (علیه السلام) مخضوباً بالحنّاء.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب، عن حريز، عن مولى لعليّ بن الحسين (علیه السلام) قال : سمعت عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما يقول : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : اختضبوا بالحنّاء، فإنّه يجلو البصر، وينبت الشعر، ويُطيب الربح ، ويُسكّن الزوجة .

5- عنه ، عن عبدوس بن إبراهيم البغدادي رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الحناء يذهب بالسهك ويزيد في ماء الوجه ويطيب النكهة، ويحسن الولد(1).

6 - عنه ، عن عليّ بن سليمان بن رشيد، عن مالك بن أشيم، عن إسماعيل بن بزيع قال : قلت لأبي الحسن (علیه السلام) : إنّ لي فتاة قد ارتفعت علّتها؟ فقال : اخضب رأسها بالحنّاء، فإنَّ الحيض سيعود إليها قال : ففعلت ذلك، فعاد إليها الحيض.

باب جَزّ الشعر وَحَلْقه

375 - باب جَزّ الشعر وَحَلْقه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: ثلاث من عرفهنَّ لم يَدَعُهُنَّ : جز الشعر، وتشمير الثياب، ونكاح الإماء (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال لي: استأصل شعرك يقل درنه ودوابّه ووسخه وتغلظ رقبتك، ويجلو بصرك .

وفي رواية أخرى : ويستريح بدنك

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن (علیه السلام) : إنَّ أصحابنا يروون أنَّ حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مُثْلَة؟ فقال : كان أبو الحسن (علیه السلام) إذا قضى مناسكه عدل إلى قرية يقال لها: سايه ، فَحَلَق(3).

ص: 498


1- التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام و ... ، صدرح .19 . والسَّهَك : ريح كريهة تنبعث من العرق.
2- الفقيه 3، 178 - باب النوادر ، ح 7 مرسلاً بتفاوت . والمراد بنكاح الإماء: وطؤهن.
3- الفقيه 2 ، 212 - باب نوادر الحج ، ح 17 . الحديث ضعيف على المشهور.

4-عليُّ بن محمّد رفعه قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام): إنَّ الناس يقولون : إنَّ حلق الرأس مُثْلَه ؟ فقال : عمرة لنا ومُثْلَةٌ لأعدائنا(1).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن عمر بن أسلم قال : حَجَمَني الحجام، فحلق من موضع النقرة ، فرآني أبو الحسن (علیه السلام) فقال : أي شيء هذا اذهب فاحلق رأسك ، قال : فذهبت وحلقت رأسي .

6 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : ما تقول في إطالة الشعر؟ فقال: كان أصحاب محمّد (صلّی اللّه علیه وآله) مُشعرين (2)يعني الطمّ(3)

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّي لأحلق كلّ جمعة فيما بين الطَّلْية (4)إلى الطَّلية.

8-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللّه بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت : جُعِلْتُ فِداك، ربّما كَثُر الشعر في قفاي، فيغمّني غمّاً شديداً؟ فقال لي: يا إسحاق، أما علمت أنَّ حلق القَفَا يَذْهَبُ بالغَم (5).

باب اتخاذ الشعر والفرق

376 - باب اتخاذ الشعر والفرق

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن الحسين، عن أبي العباس البقباق قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يكون له وَفْرة (6) أيفرقها أو يَدَعُها؟ فقال: يفرقها .

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال:

ص: 499


1- الفقيه 2 ، نفس الباب، ح 18 بتفاوت مرسلاً. والحديث مرفوع .
2- أي طويلي الشعر أو كثيري الشعر.
3- الطَمّ : الجز والاستئصال .
4- يعنى الإطلاء بالنورة.
5- الحديث ضعيف على المشهور.
6- قال في النهاية : الوفرة شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن .

قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من اتّخذ شعراً فليحسن ولايته، أو ليجزَّه .

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد، عن أيّوب بن هارون، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قلت له : أكان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يفرق شعره؟ قال: لا، إن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان إذا طال شعره كان إلى شحمة اذنه .

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن عمرو بن إبراهيم، عن خَلَف بن حمّاد، عن عمرو بن ثابت، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قلت: إنّهم يروون أنَّ الفَرْقَ من السنّة؟ [قال: من السنة]، قلت: يزعمون أنّ النبي (صلّی اللّه علیه وآله) فَرَقَ، قال : ما فرق النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله)، ولا كان الأنبياء (علیه السلام) تُمْسِكُ الشعر.

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي نصر، عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : الفرق من السنّة؟ قال: لا، قلت: فهل فرق رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)؟ قال : نعم قلت كيف فرق رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) وليس من السنة؟ قال : من أصابه ما أصاب رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، يفرق كما فرق رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، فقد أصاب سنّة رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) وإلا فلا قلت له كيف ذلك؟ قال : إنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) حين صُدَّ عن البيت وقد كان ساق الهدي وأحرم، أراه اللّه الرؤيا التي أخبره اللّه بها في كتابه إذ يقول : ( لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحقِّ لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إن شاء اللّه آمنين مُحَلّقين رؤسكم ومُقَصِّرين لا تَخَافُونَ (1)) ، فعلم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أنَّ اللّه سيفي له بما أراه، فمن ثمّ وفّر ذلك الشعر الذي كان على رأسه حين أحرم، إنتظاراً لحلقه في الحرم، حيث وعده اللّه عزَّ وجلَّ، فلمّا ،حلقه لم يعد في توفير الشعر، ولا كان ذلك من قبله (صلّی اللّه علیه وآله)

باب اللحية والشارب

377 - باب اللحية والشارب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنى، عن سدير الصيرفي :قال: رأيت أبا جعفر (علیه السلام) يأخذ عارضيه، ويبطّن لحيته (2).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد؛ وعليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، جميعاً عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن معلّى بن خنيس، عن

ص: 500


1- الفتح / 27 .
2- قال في النهاية : في حديث النخعي : كان يبطن لحيته أي يأخذ الشعر من تحت الذقن.

أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مازاد من اللّحية عن القبضة فهو في النار(1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عليّ بن إسحاق بن سعد، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قدر اللّحية، قال: تقبض بيدك على اللّحية، وتجزَّ ما فضل .

4-عنه، عن عثمان بن عيسى، عن عبد اللّه بن مسكان عن الحسن الزيّات قال: رأيت أبا جعفر (علیه السلام) قد خفّف لحيته(2).

5- عنه ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد، عن بعض أصحابه، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال: رأيت أبا جعفر صلوات اللّه عليه والحجّام يأخذ من لحيته، فقال: دَوّرها(3).

6-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إنَّ من السّنة أن تأخذ من الشارب حتّى يبلغ الإطار(4).

7- محمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال : سألته عن قص الشارب أمِنَ السُنّة؟ قال : نعم (5).

8-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ذكرنا الأخذ من الشارب، فقال : نشرة (6)، وهو من السنّة.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض أصحابنا، عن عليّ بن أسباط، عن عبد اللّه بن عثمان أنّه رأى أبا عبد اللّه (علیه السلام) أحفى شاربه حتّى ألصقه بالعسيب(7).

10 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عمّن أخبره عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما زاد على القبضة ففي النّار - يعني اللّحية(8).

ص: 501


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مجهول.
3- الحديث مرسل .
4- الإطار - هنا - حرف الشفة الأعلى الذي يكون بين الشفة ومنابت الشعر .
5- الحديث صحيح .
6- النشْرَة : الرقية تقرأ على من به مس، أو مرض .
7- الحديث ضعيف. وعسيب الذنب - كما في الصحاح - منبته من الجلد والعظم .
8- الحديث مرسل .

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا يُطَوَّلَنَّ أحدكم شاربه، فإنَّ الشيطان يتّخذه مخبأ يستتر به(1).

12 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن الدهقان، عن درست، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مرَّ بالنبي (صلّی اللّه علیه وآله) رجل طويل اللحية، فقال: ما كان على هذا لو هي (2)من لحيته، فبلغ ذلك الرجل، فهياً لحيته بين اللحيتين(3)، ثمّ دخل على النبي (صلّی اللّه علیه وآله)، فلما رآه قال : هكذا فافعلوا(4).

باب أخذ الشعر من الانف

378 - باب أخذ الشعر من الانف

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن حمزة الأشعري رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : أخذ الشعر من الأنف يُحَسِّن الوجه .

باب التَمَشُّط

379 - باب التَمَشُّط

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن جندب، عن سفيان بن السمط قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الثوب النقي يكبت العدو، والدُّهن يَذْهَب بالبؤس (5)، والمشط للرأس يذهب بالوَباء قال قلت وما الوباء؟ قال : الحمّى ، والمشط للّحية يشدُّ الأضراس (6).

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميّ، عن محمّد بن إسحاق، عن عمّار النوفليّ ، عن أبيه قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : المشط يذهب بالوباء، وكان لأبي عبد اللّه (علیه السلام) مشط في المسجد يتمشّط به إذا فرغ من صلاته(7).

ص: 502


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- التهيئة: التزيّن .
3- أي جعلها وسطا بين الطويلة والقصيرة .
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- البؤس : الفقر.
6- الحديث مجهول
7- الحديث مجهول

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن الحسن بن عاصم عن أبيه ، قال : دخلت على أبي إبراهيم (علیه السلام) وفي يده مشط عاج يتمشّط به، فقلت له : جُعِلْتُ فداك، إنَّ عندنا بالعراق من يزعم أنّه لا يحلُّ التمشط بالعاج؟ ولم؟ فقد كان لأبي (علیه السلام) منها مشط أو مشطان، ثمّ قال : تمشطوا بالعاج، فإنَّ العاج يَذْهَب بالوباء(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن موسى بن بكر قال: رأيت أبا الحسن (علیه السلام) يتمشّط بمشط عاج واشتريته له(2).

5- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سليمان قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن العاج؟ فقال: لا بأس به، وإنَّ لي منه لَمشطاً(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن نضر بن إسحاق، عن عنبسة بن سعيد رفع الحديث إلى النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) قال : كثرة تسريح الرأس تَذْهَب بالوباء، وتجلب الرزق، وتزيد في الجماع (4).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن أبي الحسن (علیه السلام) في قول اللّه عزَّ وجلَّ: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) (5) ؟ قال: من ذلك التمشّط عند كلّ صلاة.

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن نوح بن شعيب، عن ابن ميّاح، عن يونس، عمّن أخبره، عن أبي الحسن صلوات اللّه عليه قال : إذا سرَّحت رأسك ولحيتك، فأمرَّ المشط على صدرك، فإنّه يذهب بالهمّ والوباء (6).

9 - عنه ، عن أبيه، قال: كثرة التمشّط تقلّل البلغم.

10-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عطية، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه عليه قال : من سرّح لحيته سبعين مرَّة، وعدّها مرَّة مرَّة ، لم يَقْرَبُهُ الشيطان أربعين يوماً(7).

ص: 503


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث مجهول.
5- الأعراف/ 31 .
6- الحديث ضعيف.
7- الحديث ضعيف على المشهور.

اللّه

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم ، عن القاسم بن الوليد قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن عظام الفيل مداهنها وأمشاطها؟ قال : لا بأس بها(1).

باب قصّ الأظفار

380 - باب قصّ الأظفار

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): تقليم الأظفار يمنع الداء الأعظم، ويدرُّ الرزق (2).

2-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : تقليم الأظفار يوم الجمعة، يؤمن من الجذام والبرص والعمى، وإن لم تحتج (3)فَحُكَّها (4).

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ، عن الحسن بن سليمان، عن عمّه عبد اللّه بن هلال قال : قال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : خذ من شاربك وأظفارك في كل جمعة، فإن لم يكن فيها شيء فحكّها ، لا يصيبك جنون ولا جُذام ولا بَرَص(5).

4 - عنه ، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : تقليم الأظفار وأخذ الشارب في كلّ جمعة أمان من البرص والجنون .

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ابن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من السنّة تقليم الأظفار.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عمّن ذكره، عن أيّوب بن الحرّ، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إنّما قصّ الأظفار لأنّها مقيل (6).

ص: 504


1- الحديث مجهول، والمدهن : وعاء يوضع فيه الدهن.
2- الحديث ضعيف.
3- أي كانت أظفارك قصيرة لا تحتاج إلى القص.
4- الفقيه 1 ، 22 - باب غسل الجمعة وآداب الحمّام و ...، ح 78 بتفاوت .
5- التهذيب 3، 24 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ، ح 10 . وفيه : فركها .... بدل : فحكها، وتفاوت في ترتيب ألفاظ الذيل .
6- أي محل القيلولة .

الشيطان، ومنه (1)يكون النسيان .

7-عنه ، عن محمّد بن عليّ ،عن الحكم بن مسكين، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنّ أستر وأخفى ما يسلّط الشيطان من ابن آدم أن صار أن يسكن تحت الأظافير (2).

8-عنه ، عن محمّد بن عليّ ، عن عليّ الحنّاط، عن عليّ بن أبي حمزة، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت له : ما ثواب من أخذ من شاربه وقلّم أظفاره في كل جمعة ؟ قال : لا يزال مُطَّهِّراً إلى الجمعة الأخرى(3).

9 - عنه ، عن ابن فضّال، عن أبي حفص الجرجاني، عن أبي الخصيب الربيع بن بكر الأزدي، عن عبد الرحيم القصير قال : قال أبو جعفر (علیه السلام): من أخذ من أظفاره وشاربه كل جمعة، وقال حين يأخذ : «بسم اللّه وباللّه وعلى سنّة محمّد رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)»، لم يسقط منه قلامة ولا جزازة إلّا كتب اللّه له بها عتق نَسَمَة، ولا يمرض إلّا مرضه الذي يموت فيه (4).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن طلحة قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : تقليم الأظفار، وقص الشارب، وغسل الرأس بالخَطْمِي كل جمعة، ينفي الفقر،ويزيد في الرزق (5).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن عقبة، عن أبي كهمس قال : قال رجلٌ لعبد اللّه بن الحسن علمني شيئاً في الرزق، فقال : الْزَم مصلاك إذا صليت الفجر إلى طلوع الشمس، فإنّه أنجع (6)في طلب الرزق من الضرب في الأرض، فأخبرت بذلك أبا عبد اللّه (علیه السلام) ، فقال : ألا أعلمك في الرزق ما هو أنفع من ذلك؟ قال : قلت بلى قال خذ من شاربك وأظفارك كل جمعة (7).

ص: 505


1- الضمير يرجع إلى ترك القص، أو إلى قيلولة الشيطان .
2- الحديث ضعيف.
3- الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 83 بتفاوت يسير. وفيه أن السائل هو نفس الحسين إذ لا ذكر في سنده لأبي بصير.
4- التهذيب 3، 24 - باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، ح 9 بتفاوت يسير . الفقيه 1 ، 22 - باب غسل الجمعة ودخول الحمام و . . . ، ح 80 بتفاوت يسير .
5- الحديث مجهول. والخَطْمِي : نبات كبير الزهر جداً، أحمره، وقد يكون أبيض الزهر، وكلاهما ملين شديد التغرية للزوجته واحده خطمية .
6- أي أنفع .
7- الحديث مجهول

12 - عنه، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه قال: أتيت عبد اللّه بن الحسن فقلت : علّمني دعاءً في الرزق، فقال: قل: «اللّهم تولَّ أمري، ولا تُوَلّ أمري غيرك»، فعرضته على أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فقال : ألا أدلّك على ما هو أنفع من هذا في الرزق؟ تقص أظافيرك وشاربك في كلّ جمعة ولو بحكّها .

13 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عليّ بن أسباط، عن خَلَف قال: رأني أبو الحسن (علیه السلام) بخراسان وأنا أشتكي عيني ، فقال : ألا أدلك على شيء إن فعلته لم تشتك عينك؟ فقلت بلى ، فقال : خذ من أظفارك في كلّ خميس، قال: ففعلت، فما اشتكيت عيني إلى يوم أخبرتك (1).

14 - عنه، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الفضل النوفليّ ، عن أبيه وعمه، جميعاً عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: من أدمن أخذ أظفاره كلّ خميس لم تَرْمَد عينه(2).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن النوفليّ عن السكونيّ قال(3): قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) للرجال قصوا أظافيركم وللنساء : اتركْنُ، فإنّه أَزْينُ لَكُنَّ (4).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير رفعه في قص الأظفار: تبدء بخنصر الأيسر، ثمّ تَخْتم باليمين (5).

17 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : احتبس الوحي عن النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله)، فقيل له : احتبس الوحي عنك؟ فقال (صلّی اللّه علیه وآله) : وكيف لا يحتبس، وأنتم لا تُقلّمون أظفاركم، ولا تُنقّون رواجِبَكُم (6).

باب جَزّ الشَّيب ونَتفِه

381 - باب جَزّ الشَّيب ونَتفِه

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن

ص: 506


1- الحديث مجهول .
2- الحديث مجهول .
3- هكذا في النسخ ، ومن الواضح حدوث نقص في السند لعله من اشتباه النساخ .
4- الحديث ضعيف على المشهور وأخرجه بتفاوت يسير في الفقيه 1 ، 22 - باب غسل يوم الجمعة ح 92 .
5- الفقيه 1 ، 22 - باب غسل يوم الجمعة و... ، ح 81 بتفاوت مرسلاً .
6- الحديث ضعيف على المشهور. والرواجب ما بين عقد الأصابع، وقيل: مفاصل أصول الأصابع، أو بواطن مفاصلها، أو هي قصب الأصابع أو مفاصلها، أو ظهور السلاميات، أو المفاصل التي تلي الأنامل.

عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا بأس بجزّ الشَمَط (1)، ونتفه ، وجزُّه أحبُّ إليَّ من نتفه(2).

2 - عنه عن ابن فضّال ،فال عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه قال : لا بأس بجزّ الشَمَط ونتفه من اللّحية.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) كان لا يرى بجزّ الشيب بأساً، ويكره نتفه .

4-وبهذا الإسناد قال (علیه السلام): أوَّل من شاب إبراهيم (علیه السلام) فقال : يا ربّ ما هذا؟ فقال : نور وتوقير، قال: ربِّ زدني منه

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان الناس لا يشيبون ، فأبصر إبراهيم (علیه السلام) شيباً في لحيته، فقال : يا ربّ، ما هذا؟ فقال : هذا وقار، فقال : يا ربّ زدني وقاراً .

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبي أيّوب المديني، عن سلیمان الجعفريّ، عن الرضا، عن آبائه (علیه السلام) قال : الشيب في مُقَدَّم الرأس يُمْنُ، وفي العارِضَين سخاء، وفي الذوائب شَجاعة، وفي القفا شؤم (3).

باب دفن الشعر والظفر

382 - باب دفن الشعر والظفر

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابه، عن أبي کهمس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلَّ: (ألم نجعل الأرض كفاتاً أحياء وأمواتاً (4))؟ قال : دفن الشعر والظفر (5).

ص: 507


1- الشَّمَط : بياض شعر الرأس يشوبه السواد.
2- الحديث صحيح.
3- الحديث مجهول والشؤم : - هنا - البلاء، أو ما يُتَشامُ منه .
4- المرسلات / 25 و 26 . والكفات : الوعاء والمعنى : الأرض وعاء أحيائكم وأمواتكم .
5- الحديث ضعيف على المشهور.

باب الكُحل

383 - باب الكُحل

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن سليم الفراء، عن رجل عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يكتحل بالإثمد إذا أوى إلى فراشه وتراً وتراً(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم قال : أراني أبو الحسن (علیه السلام)، ميلا من حديد، ومكحلة من عظام، فقال: هذا كان لأبي الحسن، فاكتحِلْ ،به فاكتحلتُ

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن موسى بن القاسم، عن صفوان، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الكحل بالليل ينفع العين، وهو بالنهار زينة .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الفضل الهاشمي ، عن أبيه ؛ وعمّه قالا : قال أبو جعفر (علیه السلام) : الإكتحال بالإثْمِد يُطيب النكهة، ويشد أشفار العين.

5 - عنه ، عن ابن فضّال، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) : قال : الكحل يُعْذِبُ الفم .

6 - عنه ، عن أبيه ، عن خلف بن حمّاد، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الكحل ينبت الشعر (2) ، ويحد البصر ، ويعين على طول السجود.

7 - محمّد بن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الإثمد يجلو البصر، ويُنبت الشعر، ويذهب بالدمعة .

8-ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه عليه قال : الكحل يزيد في المباضعة .

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر،

ص: 508


1- الحديث مرسل والإثمد : حجر الكحل وقوله :(علیه السلام) وتراً : أي مرة واحدة لكل عين. ويحتمل أن المراد أيضاً لعدد الفرد كما سوف يأتي في الحديث رقم 12 من هذا الباب، وإن كان بعيداً.
2- المراد بالشعر، شعر هُدب العين.

عن أحمد بن المبارك عن الحسين بن الحسن بن عاصم، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من نام على إثمد غير مُمَسّك أمِنَ من الماء الأسود أبداً ما دام ينام عليه (1).

10 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الكحل ينبت الشعر، ويجفف الدمعة، ويعذب الريق، ويجلو البصر .

11 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن ابن فضّال، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : من اكتحل فليوتر، ومن فعل فقد أحسن، ومن لم يفعل(2)فلا بأس.

12 - عنه ، عن موسى بن القاسم، عن صفوان عن زرارة عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان يكتحل قبل أن ينام أربعاً في اليمنى، وثلاثاً في اليسرى(3).

باب السواك

384 - باب السواك

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : من أخلاق الأنبياء (علیه السلام) السواك .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد؛ والحسين بن سعيد، جميعاً عن القاسم بن عروة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : السواك من سُنن المرسلين .

3- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : ما زال جبرئيل (علیه السلام) يوصيني بالسواك حتّى خشيت أن أدرد وأحفى (4)

ص: 509


1- الحديث مجهول. وقوله (علیه السلام) : غير ممسك، يعني ليس فيه طيب.
2- أي من اكتحل فل يُوتر.
3- قال الشهيد الأول في كتاب الذكرى يستحب الإكتحال بالإثمد عند النوم وترأ تأسياً بالنبي (صلّی اللّه علیه وآله)، وعن الصادق (علیه السلام) أنه أربع في اليمنى وثلاث في اليسرى.
4- الحديث ضعيف على المشهور والدرد - كما في النهاية - : سقوط الأسنان . وأحفى : أي استقصي على أسناني حتّى تذهب بالتسوك.

4 - وبهذا الإسناد قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : السّواك مطهرة للفم، ومرضاة للرّب.

5-سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن بحر، عن مهزم الأسديّ قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : في السواك عشرة خصال: مطهرة للفم، ومرضاة للرَّبِّ، ومفرّحة للملائكة، وهو من السُنّة، ويشدّ اللّثة، ويجلو البصر، ويذهب بالبلغم، ويذهب بالحَفَر(1).

6 - عنه ، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد اللّه الدهقان، عن درست، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: في السواك اثنتا عشر خصلة : هو من السنّة، ومطهرة للفم، ومَجلاة للبصر، ويرضي الرب، ويَذْهَب بالبلغم، ويزيد في الحفظ، ويبيّض الأسنان، ويضاعف الحسنات، ويذهب بالحَفَر، ويشد اللثة، ويشهّي الطعام، وتفرح به الملائكة (2).

7-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) فال : السواك يذهب بالدمعة، ويجلو البصر.

8-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): أوصاني جبرئيل (علیه السلام) بالسواك حتّى خفت على أسناني .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن المرزبان بن النعمان رفعه قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): ما لي أراكم قلحاً، ما لكم لا تَسْتَاكُونَ(3).

10 - أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن محمّد بن مروان، عن أبي جعفر (علیه السلام)، في وصية النبي (صلّی اللّه علیه وآله) لأمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : عليك بالسواك لكلّ صلاة.

باب الحمام

385 - باب الحمام

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه أو (4)غيره، عن محمّد بن

ص: 510


1- الحديث ضعيف على المشهور والحَفَر - كما في القاموس - : سلاق في أصول الأسنان، أو صفرة تعلوها .
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث مجهول. والقَلَح - كما في القاموس - صفرة تعلو الأسنان ووسخ يركبها.
4- الترديد من الراوي .

أسلم الجبلي رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : نِعْمَ البيتُ الحمّام، يُذكّر النار ويذهب بالدَرَن ؛ وقال عمر : بئس البيت الحمام، يُبدي العورة ويهتك الستر (1). قال : ونَسَبَ الناس قول أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى عمر، وقول عمر إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) .

2 - عنه ، عن عليّ بن الحكم ؛ وعليّ بن حسّان عن سليمان الجعفريّ، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : الحمام يوم ويوم لا يُكْثِرُ اللحم، وإدمانه في كل يوم يذيب شحم الكليتين.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة بن موسى، عن عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر، فلا يدخل الحمام إلّا بمئزر .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد اللّه بن محمّد الحجال، عن سليمان الجعفري قال : مرضت حتّى ذهب لحمي، فدخلت على الرضا صلوات اللّه عليه، فقال : أَيَسُرُّك أن يعود إليك لحمك ؟ قلت : بلى، قال : إلزم الحمام غِباً فإنّه يعود إليك لحمك ، وإياك أن تُدمنه، فإنّ إدمانه يورث السِلَّ(2).

5- أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم، عن المثنّى بن الوليد الحنّاط، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا تدخل الحمام إلا وفي جوفك شيء يطفىء به عنك وهج المعدَّة، وهو أقوى للبدن ، ولا تدخله وأنت ممتلىء من الطعام .

6 - عليُّ بن الحكم ، عن رفاعة بن موسى، عمّن أخبره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كان إذا أراد دخول الحمام تناول شيئاً فأكله ، قال : قلت له : إنَّ الناس عندنا يقولون : إنه على الريق أجود ما يكون؟ قال : لا ، بل يؤكل شيء ،قبله يطفىء المرّارة، ويسكن حرارة الجوف .

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن حمزة بن

ص: 511


1- روى في التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام وآدابه و . . . ، ح 24 عنه ، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد اللّه بن زرارة عن عيسى بن عبد اللّه الهاشمي، عن جدّه، عن عليّ (علیه السلام) قال : دخل عليُّ (علیه السلام) وعمر الحمّام ، فقال عمر: بئس البيت الحمّام يكثر فيه العناء ، ويقل فيه الحياء. فقال عليُّ (علیه السلام) : نعم البيت الحمّام يذهب الأذى ويذكر بالنار. وروى قول عليُّ (علیه السلام) بتفاوت يسير في الفقيه 1 ، 22 - باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام و...، 13 ، وفي ح 14 نسب قول عمر بتفاوت إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) والحديث ضعيف.
2- التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام وآدابه ح 20 . والحديث صحيح. وغب عن القوم يَغُبُّ غِباً : أتاهم يوماً وترك يوماً. وغَبَّ الرّجل جاء زائراً بعد أيام أو كل أسبوع.

عبد اللّه، عن ربعي، عن عُبيد اللّه الدابقي قال : دخلت حمّاماً بالمدينة فإذا شيخ كبير - وهو قيم الحمّام - فقلت يا شيخ لمن هذا الحمّام؟ فقال: لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين (علیه السلام)، فقلت: كان يدخله ؟ قال : نعم ، فقلت : كيف كان يصنع؟ قال: كان يدخل، فيبدء فيطلي عانته وما يليها ، ثمّ يلف على طرف إحليله، ويدعوني فأطلي سائر بدنه ، فقلت له يوماً من الأيام : الذي تكره أن أراه قد رأيته ، فقال : كلا، إنّ النورة سُتْرَةٌ(1).

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع جميعاً عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حمّاماً بالمدينة، فإذا رجل في بيت المسلخ ، فقال لنا ممّن القوم؟ فقلنا : من أهل العراق، فقال : وأيُّ العراق؟ قلنا كوفيون، فقال مرحباً (2)بكم يا أهل الكوفة، أنتم الشعار دون الدِثار (3) ، ثمّ قال: ما يمنعكم من الأزر، فإنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام ، قال : فبعث إلى أبي كرباسة فشقها بأربعة ، ثمّ أخذ كل واحد منا واحداً، ثمّ دخلنا فيها ، فلما كنا في البيت الحارّ ، صَمَد (4) لجدّي فقال يا كهل ما يمنعك من الخضاب؟ فقال له جدي : أدركتُ من هو خير مني ومنك لا يختضب ، قال : فغضب لذلك حتّى عرفنا غضبه في الحمام ، قال : ومن ذلك الذي هو خير مني ؟ فقال : أدركتُ عليّ بن أبي طالب (علیه السلام) وهو لا يختضب ، قال : فنكس رأسه وتصاب عرقاً (5)، فقال: صدقت وبررت، ثمّ قال : يا كهل، إن تختضب فإنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قد خضبَ وهو خير من عليّ (علیه السلام)، وإن تترك فلك بعليّ سُنّة، قال : فلما خرجنا من الحمّام، سألنا عن الرجل، فإذا هو عليّ بن الحسين (علیه السلام) ومعه ابنه محمّد بن عليّ (علیه السلام) (6).

ص: 512


1- الحديث ضعيف على المشهور. ويدل على أن عورة الرّجل سوأتاه لا غيره، وعلى أن الواجب ستر اللون لا الحجم، ويمكن أن يكون ما راه غير السوأتين مما يقرب منهما، ولعله أظهر وأصوب وأنسب بسيرتهم (علیه السلام)، مع إن الراوي غير معلوم الحال ، ولعل المصنف لو لم يورد هذا الخبر كان أولى مرآة المجلسي 398/22. وأخرجه بتفاوت في الفقيه 1 ، 22 - باب غسل الجمعة وآداب ... ، ح 26 وفي سنده : عبيد اللّه المرافقي، بدل : . . . الدابقي .
2- مرحباً : أي لقيتم رحباً وسعة .
3- الشعار - كما في القاموس - ما يلي الجد من الثياب والدثار ما فوق الشعار من الثياب . وهو كناية عن اختصاص الكوفيين بهم (علیه السلام) من حيث الحب والولاء.
4- الصمد : القصد .
5- تصابه عرقاً، إما استحياء لأنه استبعد لأول وهلة عن كونه خيراً منه، أو لذكره عليُّاً (علیه السلام) .
6- الفقيه 1 ، 22 - باب غسل الجمعة وآداب . . . ، ح 28 بتفاوت . وقال رحمه اللّه بعد إيراده الخبر وفي هذا الخبر إطلاق للإمام أن يدخل ولده معه الحمام دون من ليس بإمام وذلك أن الإمام معصوم في صغره وكبره لا يقع منه النظر إلى عورة في الحمام ولا غيره .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة قال: دخلت مع أبي بصير الحمّام، فنظرت إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قد أطلى واطلى إبطيه بالنورة ، قال : فخبرت أبا بصير، فقال : أرشدني إليه لأسأله عنه، فقلت: قد رأيته أنا ، فقال : أنت قد رأيته، وأنا لم أره أرشدني إليه ، قال : فأرشدته إليه، فقال له : جُعِلْتُ فِداك ، أَخْبَرَني قائدي (1) أنّك قد أطّليت وطليت إبطيك بالنّورة؟ قال : نعم يا أبا محمّد، إنّ نتف الإبطين يضعّف البصر، أطل يا أبا محمّد قال فقال : أطليت منذ أيّام، فقال: أطل، فإنّه طهور (2).

10 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن رجل من بني هاشم قال: دخلت على جماعة من بني هاشم فسلمت علیهم في بيت مظلم ، فقال بعضهم : سلّم على أبي الحسن (علیه السلام) فإنه فى الصدر ، قال : فسلمت عليه وجلست بين يديه فقلت له : قد أحببت أن ألقاك منذ حين لأسألك عن أشياء، فقال : سَلْ ما بدا لك قلت ما تقول في الحمام؟ قال : لا تدخل الحمّام إلا بمئزر وغض بصرك ، ولا تغتسل من غسالة ماء الحمام فإنه يُغْتَسَل فيه من الزّنا، ويغتسل فيه ولد الزنا، والناصب لنا أهل البيت، وهو شرّهم (3).

11 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن أحمد بن أشيم، عن سليمان الجعفريّ قال : من أراد أن يحمل لحماً (4)فليدخل الحمام يوماً ويغبَّ يوماً، ومن أراد أن يَضْمُر(5)وكان كثير اللّحم، فليدخل الحمام كلَّ يوم .

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يطّلي بالنوّرة فيجعل له الدقيق بالزَّيت يَلتُ به ، فيمسح به بعد النّورة ليقطع ريحها عنه؟ قال: لا بأس(6).

ص: 513


1- عبر بذلك لأنه كان أعمى البصر .
2- الحديث ضعيف على المشهور .
3- الحديث مجهول. وورد مضمونه بتفاوت قليل في التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام وآدابه وسننه ، ح 1 وأخرجه عن محمّد بن على بن محبوب عن عدَّة من أصحابنا عن محمّد بن عبد الحميد، عن حمزة بن أحمد عن أبي الحسن الأول (علیه السلام) قال سألته أو سأله غيري عن . الخ . ويدل الحديث على ما هو المشهور بين أصحابنا من نجاسة سؤر الناصب، وعلى مذهب السيد المرتضى رحمه اللّه من حكمه بنجاسة ولد الزنا .
4- أي يصبح سمينا، لحماً.
5- أي يضعف ويهزل.
6- التهذيب 1 ، 8 - باب التميم وأحكامه ، ح 16 . الاستبصار 1 ، 92 - باب أن الدقيق لا يجوز التيمم به ، ح 3 بتفاوت فيهما قليل

وفي حديث آخر لعبد الرحمن قال : رأيت أبا الحسن (علیه السلام) وقد تدلّك بدقيق ملتوت بالزّيت، فقلت له : إنَّ النّاس يكرهون ذلك؟ قال: لا بأس به.

13 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عبد العزيز قال : سُئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن التدلّك بالدقيق بعد النّورة؟ فقال : لا باس قلت : يزعمون أنه إسراف ؟ فقال : ليس فيما أصلح البدن إسراف، إنّي ربما أمرت بالنقي فَيُلَتْ لي بالزيت فأتدلّك به، إنما الإسراف فيما أتلف المال وأضرَّ بالبدن(1).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن صلوات اللّه عليه في الرّجل يطلي ويتدلّك بالزيت والدقيق؟ قال: لا بأس به.

15 - عليُّ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أسلم الجبلي، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أَبَان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنا لنسافر ولا يكون معنا نخالة، فنتدلّك بالدقيق ؟ فقال : لا بأس، إنّما الفساد فيما أضر بالبدن وأتلف المال، فأما ما أصلح البدن فإنه ليس بفساد، إنّي ربما أمرت غلامي فَلَتَ لي النقي بالزيت فأتدلّك به .

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة قال : خرج أبو عبد اللّه (علیه السلام) من الحمّام، فتلبّس وتعمم ، فقال لي : إذا خرجت من الحمّام فتعمّم ، قال : فما تركت العمامة عند خروجي من الحمّام في شتاء ولا صيف.

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن الرّجل يطّلي، فيبول وهو قائم؟ قال : لا بأس به.

18 - محمّد بن يحيى، عن عليُّ بن الحسن التيمي، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول: ألا لا يستلقين أحدكم في الحمّام، فإنّه يذيب شحم الكليتين، ولا يَدْلُكَنّ رجليه بالخَزَف ، فإنّه يورث الجذام .

19 - محمّد بن يحيى رفعه، عن عبد اللّه بن مسكان قال : كنا جماعة من أصحابنا دخلنا الحمّام، فلمّا خرجنا ، لَقِينَا أبو عبد اللّه (علیه السلام) فقال لنا : من أين أقبلتم؟ فقلنا له: من الحمّام

ص: 514


1- التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام وآدابه وسننه ح 18 بتفاوت والنقي : يريد (علیه السلام) به لباب الحنطة .

فقال : أنقى اللّه غسلكم، فقلنا له: جُعِلْنَا فِداك ، وإنا جئنا معه حتّى دخل الحمام، فجلسنا له حتّى خرج، فقلنا له: أنقى اللّه غسلك، فقال: طهركم اللّه .

20 - محمّد بن الحسن ؛ وعليُّ بن محمّد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن أبي مريم الأنصاري رفعه قال: إن الحسن بن عليّ (علیه السلام) خرج من الحمّام، فلقيه إنسان فقال : طاب استحمامك ، فقال : يا لكع (1) وما تصنع بالاست ههنا (2)؟ فقال : طاب حميمك ، فقال : أما تعلم أن الحميم العرق قال : فطاب حمامك ، قال : وإذا طاب حمّامي فأيُّ شيء لي ، ولكن قل : طَهُرَ ما طاب منك، وطاب ما طَهُرَ منك.

21 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن إسماعيل بن يسار، عن عثمان بن عفان السدوسي، ، عن بشير النبال قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الحمام؟ فقال : تريد الحمّام؟ فقلت : نعم ، قال : فأمر بإسخان الحمّام، ثمّ دخل فاتَّزَرَ بإزار، وغطى ركبتيه وسرَّته ، ثمّ أمر صاحب الحمام فطلى ما كان خارجاً من الإزار ، ثمّ قال: اخرج عني ، ثمّ طلى هو ما تحته بيده، ثمّ قال: هكذا فافعل .

22 - سهل رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لا يدخل الرّجل مع ابنه الحمام فينظر إلى عورته .

23 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن يوسف بن السخت رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لا تتكِ في الحمام، فإنّه يذيب شحم الكليتين، ولا تَسَرَّح في الحمام فإنّه يرقق الشعر، ولا تغسل رأسك بالطين فإنه يذهب بالغيرة، ولا تتدلّك بالخَزَف فإنَّه يورث البرص، ولا تمسح وجهك بالإزار فإنه يَذْهَبُ بماء الوجه .

24 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن أسباط ، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): لا تغسلوا رؤرسكم بطين ،مصر، فإنّه يذهب بالغيرة، ويورث الدياثة.

25 - محمّد بن يحيى ،احمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الماضي (علیه السلام) قا مورة عورتان: القبل والدبر، فأما الدبر مستور بالأليتين، فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سَتَرْتَ العورة (3).

ص: 515


1- اللكع - كما في القاموس - اللئيم، والأحمق .
2- يعني الحروف الثلاثة الأولى من قوله : استحمامك . وكأنه (علیه السلام) نبه إلى ما في لفظ الاست من معنى قبيح، لأنّه الدير.
3- التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام وآدابه و . . . ، ح 9 .

وقال في رواية أخرى: وأما الدُّبر فقد سَتَرَتْهُ الأليتان، وأمّا القُبل فاستُرْهُ بيدك .

26 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبيعبد اللّه (علیه السلام) قال : النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل نظرك إلى عورة الحمار (1).

27 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) أيتجرد الرّجل عند صبّ الماء ترى عورته، أو يصب عليه الماء، أو يرى هو عورة الناس ؟ فقال : كان أبي يكره (2) ذلك من كلّ أحد .

28 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يُدخل حَلِيلَتَه الحمّام(3).

29 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يرسل حليلته إلى الحمام .

30 - عنه ، عن إسماعيل بن مهران، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عليّ بن يقطين قال : قلت لأبي الحسن (علیه السلام) : أقرء القرآن في الحمّام وأنكح ؟ قال : لا بأس (4).

31 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد ربعي بن عبد اللّه، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) أكان أمير المؤمنين (علیه السلام) ينهى عن قراءة القرآن في الحمّام؟ قال : لا ، إنّما نهى أن يقرء الرّجل وهو عريان فأما إذا عليه إزار فلا بأس.

32 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا بأس للرجل أن يقرء القرآن في الحمّام إذا كان يريد به وجه اللّه ، ولا يريد ينظر كيف صوته

33-بعض أصحابنا ، عن ابن جمهور ، عن محمّد بن القاسم، عن ابن أبي يعفور، عن

ص: 516


1- يظهر من المؤلف وابن بابويه رحمهما اللّه القول بمدلول الخبر، ويظهر من الشهيد وجماعة عدم الخلاف في التحريم مطلقا مرآة المجلسي 404/22 .
2- حملت الكراهة هنا على الحرمة .
3- الحديث حسن. ويحمل على ما إذا كانت تترتب مفسدة دينية أو دنيوية على دخولها الحمام. وكذا الحديث التالي، وهو موثق .
4- التهذيب 1 ، 17 - باب الأغسال وكيفية الغسل من الجنابة ، ح 29 . الفقيه 1 ، 22 - باب غسل يوم الجمعة وآداب الحمّام و...، ح 10 بتفاوت يسير فيهما .

أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: [قال : ] لا تضطجع في الحمّام فإنّه يذيب شحم الكليتين .

34 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن عمر بن عليّ بن عمر بن يزيد، عن عمّه محمّد بن عمر ، عن بعض من حدثه أنَّ أبا جعفر (علیه السلام) كان يقول : من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ، قال : فدخل ذات يوم الحمام فَتَنَوَّر (1)، فلما أن أطبقت النورة على بدنه ألقى المئزر ، فقال له مولى له : بأبي أنت وأمّي، إنك لتوصينا بالمئزر ولزومه، وقد ألقيته عن نفسك ؟ فقال : أما علمت أنَّ النورة قد أطبقت العورة (2).

35 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن جعفر عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): لا يدخل الرّجل مع ابنه الحمام فينظر إلى عورته ، وقال : ليس للوالدين أن ينظرا إلى عورة الولد، وليس للولد أن ينظر إلى عورة الوالد ؛ وقال : لَعَنَ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) الناظر والمنظور إليه في الحمام بلا مئزر .

36 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير قال : دخل أبو عبد اللّه (علیه السلام) الحمّام ، فقال له صاحب الحمام : أخليه لك؟ فقال : لا حاجة لي في ذلك، المؤمن أخفٌ من ذلك(3).

37 - الحسين بن محمّد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن عليّ بن محمّد بن سعد، عن محمّد بن سالم، عن موسى بن عبد اللّه بن موسى قال : حدثنا محمّد بن عليّ بن جعفر، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال: من أخذ من الحمّام خزفة فحك بها جسده فأصابه البَرَصُ فلا يلومَنَّ إلا نفسه، ومن اغتسل من الماء الذي قد اعْتُسِلَ فيه فأصابه الجذام، فلا يلومَنَّ إلا نفسه. قال محمّد بن عليّ : فقلت لأبي (علیه السلام) : إنّ أهل المدينة يقولون : إنَّ فيه شفاء من العين؟ فقال : كَذَبوا، يغتسل فيه الجُنب من الحرام، والزاني ، والناصب الذي هو شرهما، وكلُّ خلق من خلق اللّه ، ثمّ يكون فيه شفاء من العين؟! إنّما شفاء العين قراءة الحمد والمعوذتين وآية الكرسي، والبخور بالقسط والمرّ واللُّبان (4).

ص: 517


1- أي اطلى بالنورة.
2- الحديث مجهول .
3- الحديث مجهول .
4- الحديث ضعيف . قوله : الذي قد اغتسل فيه : أي من الجنابة أو مطلقاً . والقُسط : عود هندي وعربي صُدِر، نافع للكبد جداً، وللمغص، والمر : صمغ شجرة تكون ببلاط المغرب، واللبان الكندر - قاله كله في القاموس .

باب غسل الرأس

386 - باب غسل الرأس

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سفيان بن السمط، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : تقليم الأظفار، والأخذ من الشارب، وغسل الرأس بالخطْمِي، ينفي الفقر ويزيد في الرزق(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : غسل الرأس بالخِطْمِي في كل جمعة، أمان من البرص والجنون (2).

3 - أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : غسل الرأس بالخطْمِي يذهب بالدرن وينفي الأقذاء (3).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من أخذ من شاربه، وقلّم أظفاره، وغسل رأسه بالخطْمِي يومَ الجمعة، كان كمن أعتق نَسَمَة (4).

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن عليّ ،عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن إسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: غَسْلُ الرأس بالخطمي نشرة (5).

6 - عنه ، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن بزرج قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) - يقول : غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق جَلْباً(6)

ص: 518


1- الفقيه 1 ، 22 - باب غسل الجمعة وآداب الحمام و ...، ح 67 مرسلاً بتفاوت. والحديث هنا مجهول.
2- التهذيب 3، 24 - باب العمل في ليلة الجمعة و . . . ، ح 6 . الفقيه 1، نفس الباب، ح 66 مرسلا. وقد تقدم هذا الحديث في الفروع 1 ، باب فضل يوم الجمعة وليلته ، ح 10
3- الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 69 مرسلاً . والأقذاء : جمعُ جمع القذى، وهو ما يقع في الماء والعين والشراب من تراب أو وسخ أو غير ذلك .
4- التهذيب 3، نفس الباب ، ح .5 . وكان هذا الحديث قد تقدم في الفروع .1. نفس الباب، ح 6 فراجع.
5- الفقيه 1 ، نفس الباب ، ح 68 مرسلاً. والنشرة: العودة والرقية .
6- الفقيه 1 ، نفس الباب، ح 71 مرسلاً .

7-عنه، عن محمّد بن عليّ ،عن عبيد بن يحيى الثوري العطار، عن محمّد بن الحسين العلوي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ (علیه السلام) قال : لمّا أمر اللّه عزّ وجلَّ رسوله (صلّی اللّه علیه وآله) بإظهار الإسلام، وظهر الوحي، رأى قلة من المسلمين وكثرةً من المشركين، فاهتم رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) هَمّاً شديداً، فبعث اللّه عزَّ وجلَّ إليه جبرئيل (علیه السلام) بسدر من سِدْرَة المنتهى ، فغسل به رأسه فَجَلا به همّه (1)

باب النُّورة

387 -باب النُّورة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليم الفرّاء قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : النورة طهور.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحجّال عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: دخلت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) الحمام، فقال لي : يا عبد الرحمن، أطل، فقلت: إنّما أطليت منذ أيام، فقال: أطل، فإنها طهور.

3-أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبي كهمس، عن محمّد بن عبد اللّه بن عليّ بن الحسين قال : دخل أبو عبد اللّه (علیه السلام) الحمام وأنا أريد أن أخرج منه ، فقال : يا محمّد، ألا تطلي؟ فقلت : عهدي به منذ أيام، فقال: أما علمت أنها طهور.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عمّن رواه :قال: بعث أبو عبد اللّه (علیه السلام) ابن أخيه في حاجة ، فجاء وأبو عبد اللّه (علیه السلام) قد أطلى بالنورة، فقال له أبو عبد اللّه (علیه السلام) : أطل ، فقال : إنّما عهدي بالنورة منذ ثلاث، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إن النورة طهور.

5- عنه ، عن عبد اللّه بن محمّد النهيكي ، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : القوا عنكم الشعر فإنّه يحسن(2).

ص: 519


1- الفقيه 1 ، 22 - باب غسل يوم الجمعة وآداب الحمام و ...، ح 70 مرسلا بتفاوت قليل. والحديث هنا ضعيف .
2- التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام وآدابه و..... ح 16 بسند آخر عن أبي عبد اللّه (علیه السلام). الفقيه 1، نفس الباب، ح 31 بتفاوت يسير جداً .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن بعض أصحابه، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : كنت معه أقوده (1)، فأدخلته الحمام، فرأيت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يتنور فدنا منه أبو بصير فسلّم عليه ، فقال : يا أبا بصير ،تَنَوّر ، فقال : إنما تنورت أول من أمس، واليوم الثالث فقال : أما علمت أنها طهور، فَتَنوَّر.

7-أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : النورة نُشْرَةٌ وطهور للجسد .

8 - أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) أحبُّ للمؤمن أن يطلي في كل خمسة عشر يوماً .

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أحمد بن أحمد بن المبارك، عن الحسين بن أحمد بن المنقري، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: السنة في النورة في كل خمسة عشر يوماً، فإن أنت عليك عشرون يوماً وليس عندك ، فاستقرض على اللّه(2).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أحمد بن أبي عبد اللّه رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قيل له : يزعم بعض الناس أنَّ النورة يوم الجمعة مكروهة ؟ فقال : ليس حيث ذهبت، أي طهور أطهر من النورة يوم الجمعة؟! .

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يترك عانته فوق أربعين يوماً، ولا يحلُّ لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تَدَعَ ذلك منها فوق عشرين يوماً(3).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن ثعلبة ، عن عمّار الساباطي قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : طلية في الصيف خير من (4) عشر في الشتاء.(4)

ص: 520


1- ضمير الغائب يعود إلى أبي نصر، فإنه كان أعمى البصر.
2- التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام وآدابه و . . . ، ح 15 بتفاوت يسير وسند آخر، الفقيه 1 ، 22 - باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام ح 35 مرسلا بتفاوت يسير.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث مجهول .

13 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن السياريّ رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : من أراد الإطلاء بالنورة، فأخذ من النورة بأصبعه فشمّه، وجعل على طرف أنفه، وقال: «صلى اللّه على سليمان بن داود كما أمرنا بالنورة»، لم تُحرقه النورة(1).

14 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يطلي العانة وما تحت الأليتين في كلّ جمعة (2).

15 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن زريق بن الزبير، عن سدير أنّه سمع عليّ بن الحسين (علیه السلام) يقول : من قال إذا أطّلى بالنورة: «اللّهمّ طيّب ما طهر منّي، وطهر ما طاب منّي ، وأبدلني شعراً طاهراً لا يعصيك، اللّهم إنّي تطهّرت ابتغاء سنّة المرسلين وابتغاء رضوانك ومغفرتك، فحرِّم شعري وبَشَري على النار، وطهّر خلقي وطيّب خلقي، وزك عملي، واجعلني ممّن يلقاك على الحنيفية السمحة(3)، ملة إبراهيم خليلك، ودين محمّد (صلّی اللّه علیه وآله) حبيبك ورسولك عاملاً بشرائعك ، تابعاً لسنة نبيك (صلّی اللّه علیه وآله)، آخذاً به، متأدباً بحسن تأديبك وتأديب رسولك وتأديب أوليائك الذين غذوتهم بأدبك، وزرعت الحكمة في صدورهم، وجعلتهم معادن لعلمك، صلواتك عليهم، من قال ذلك، طهره اللّه من الأدناس في الدنيا، ومن الذنوب، وأبدله شعراً لا يعصي اللّه ، وخلق اللّه بكل شعرة من جسده مَلَكاً يسبّح له إلى أن تقوم الساعة وأن تسبيحة من تسبيحهم تعدل بألف تسبيحة من تسبيح أهل الأرض (4).

باب الإبط

388 - باب الإبط

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا يُطَوِّلَنَّ أحدكم شعر ابطه ، فإنَّ الشيطان يتخذه مخبأ [ل] يستتر به(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن عليّ بن عقبة، عن

ص: 521


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث ضعيف.
3- أي السهلة اي اضيق فيها.
4- الحديث . بهول .
5- الحديث ضعيف على المشهور

أبي كهمس قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : نتف الإبط يُضْعِّفُ المنكبين، وكان أبو عبد اللّه (علیه السلام) يطلي إبطه(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن حفص بن البختري أن أبا عبد اللّه (علیه السلام) كان بطلي إبطه بالنورة في الحمام(2)

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ، عن سعدان قال : كنت مع أبي بصير في الحمام ، فرأيت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يطلي إبطه، فأخبرت بذلك أبا بصير، فقال له : جُعِلْتُ فِداك ، أيما (3)أفضل : نتف الإبط أو حلقه ؟ فقال : يا أبا محمّد، إنَّ نتف الإبط يوهي أو يضعف، احلقه .

5- بعض أصحابنا، عن ابن جمهور ، عن محمّد بن القاسم ؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يوسف بن السخت البصري، عن محمّد بن سليمان، عن إبراهيم بن يحيى بن أبي البلاد عن الحسن بن عليّ بن مهران جميعاً عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال : كنا بالمدينة، فلاحاني (4) زرارة في نتف الإبط وحلقه، فقلت حلقه أفضل، وقال زرارة : نتفه أفضل، فاستأذنا على أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فأذن لنا وهو في الحمام يطلي، قد أطلى إبطيه، فقلت لزرارة : يكفيك؟ قال : لا ، لعله فعل هذا لما لا يجوز لي أن أفعله، فقال: فيم أنتم؟ فقلت: لاحاني زرارة في نتف الإبط وحلقه، فقلت: حلقه أفضل وقال نتفه أفضل، فقال : أصبت السنة وأخطأها زرارة، حلقه أفضل من نتفه وطليه أفضل من حلقه، ثمّ قال لنا: أطليا، فقلنا : فعلنا ذلك] منذ ثلاث ، فقال : أعيدا، فإنَّ الإطلاء طهور (5).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب أنَّ أبا عبد اللّه (علیه السلام) كان يدخل الحمام فيطلي إبطه وحده إذا احتاج إلى ذلك وحده .

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن يونس بن يعقوب قال : بلغني أن أبا عبد اللّه (علیه السلام) ربّما دخل الحمام متعمداً يطلي إبطه وحده .

ص: 522


1- الحديث مجهول
2- التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام وآدابه ، ح 17 وفيه وحفص . . . الفقيه 1 ، 22 - باب غسل يوم الجمعة ودخول ... ، صدر ح 38 بتفاوت
3- يعني : أيهما ....
4- أي فجادلني وخاصمني .
5- الحديث ضعيف.

باب الحنّاء بعد النورة

389 - باب الحنّاء بعد النورة

1 - عليُّ بن محمّد بن بندار، ومحمّد بن الحسن، جميعاً عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن الحسين بن موسى قال : كان أبي موسى بن جعفر (علیه السلام) إذا أراد دخول الحمام، أمر أن يوقد له عليه ثلاثاً، وكان لا يمكنه دخوله حتّى يدخله السودان فَيُلْقُون له اللبود، فإذا دخله فمرة قاعد ومرة قائم، فخرج يوماً من الحمّام، فاستقبله رجل من آل الزبير يقال له : كنيد ، وبيده أثر حنّاء ، فقال : ما هذا الأثر بيدك ؟ فقال : أثر حنّاء ، فقال : ويلك يا كنيد ، حدثني أبي - وكان أعلم أهل زمانه - عن أبيه، عن جده قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من دخل الحمام فأطلى ثمّ أتبعه بالحناء من قرنه إلى قدمه، كان أماناً له من الجنون والجذام والبرص والآكلة إلى مثله النورة (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن ميسرة عن الحكم بن عتيبة قال : رأيت أبا جعفر (علیه السلام) وقد أخذ الحنّاء وجعله على أظافيره، فقال يا حكم ما تقول في هذا؟ فقلت: ما عسيت أن أقول فيه وأنت تفعله، وإن عندنا يفعله الشبان فقال : يا حَكَم ، إنَّ الأظافير إذا أصابتها النورة غيرتها حتّى تشبه أظافير الموتى، فَغَيّرها بالحناء(2).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض أصحابنا رفعه قال: من أطل فتدلك بالحنّاء من قرنه إلى قدمه نفى عنه الفقر(3).

4 - عنه عن أحمد بن عبدوس بن إبراهيم :قال رأيت أبا جعفر (علیه السلام) وقد خرج من الحمام وهو من قرنه إلى قدمه مثل الوردة من أثر الحنّاء (4).

5- عليُّ بن محمّد عن صالح بن أبي حمّاد، عن إبراهيم بن عقبة، عن الحسين بن موسى قال : كان أبو الحسن (علیه السلام) مع رجل عند قبر رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، فنظر إليه وقد أخذ الحنّاء من يديه، فقال بعض أهل المدينة : أما ترون إلى هذا كيف أخذ الحنّاء من يديه، فالتفت إليه فقال له : فيه ما تخبره وما لا تخبره ، ثمّ التفت إليَّ فقال : إنّه من أخذ [من] الحنّاء بعد فراغه من إطلاء النورة من قرنه إلى قدمه، أمِنَ من الأدواء الثلاثة الجنون والجذام والبرص (5).

ص: 523


1- الحديث ضعيف .
2- الحديث ضعيف .
3- التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام وآدابه وسننه، ذیل ح 19
4- التهذيب 1 ، 18 - باب دخول الحمام وآدابه وسننه، ذیل ح 19
5- الحديث ضعيف. قوله : وقد أخذ الحنّاء من يديه ؛ أي أخذ لون الحناء شيئاً من يديه كناية عن قلة اللون قوله (علیه السلام) : فيه ما تخبره وما لا تخبره ؛ على بناء المعلوم بفتح التاء، أي في هذا الخضاب من الفوائد ما تعلمه وما لا تعلمه، أو على بناء المجهول من الإخبار أي ما وصل إليك من الخبر به وما لم يصل، والأول أظهر مرآة المجلسي 414/22 .

باب الطّيب

390 - باب الطّيب

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرّضا (علیه السلام) قال : الطيبُ من أخلاق الأنبياء .

2 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي أسامة عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : العِطْرُ (1) من سُنَن المرسلين .

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) وأنا مع أبي بصير ، فسمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) وهو يقول : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إنَّ الريح الطيبة تشدُّ القلب وتزيد في الجماع .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : لا ينبغي للرجل أن يدع الطيب في كلّ يوم، فإن لم يقدر عليه، فيوم ويوم لا، فإن لم يقدر، ففي كل جمعة ولا يَدَعَ (2).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : الطيب في الشارب من أخلاق النبيين (علیه السلام) ، وكرامة للكاتبين(3).

6 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): الطيب يشدُّ القلب.

7-عليُّ بن إبراهيم رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من تَطَيّب أوّل النهار، لم يزل عقله معه إلى الليل ؛ وقال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : صلاة متطيب أفضل من سبعين صلاة بغير طيب (4).

ص: 524


1- العطر : هو الطيب.
2- الفقيه 1، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها ومن . . . ح 39 بتفاوت يسير . والحديث صحيح .
3- الحديث ضعيف .
4- الحديث مجهول . وروى صدره بتفاوت في الفقيه ،2، 25 - باب صوم التطوع وثوابه من الأيام المتفرقة ، ح 5 ونصه : قال الصادق (علیه السلام) : من تطيب بطيب أول النهار وهو صائم لم يفقد عقله .

8 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ،عن العباس بن موسی قال : سمعت أبي يقول : العطر من سنن المرسلين.

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبداللّه (علیه السلام) قال : ثلاث أعطيهنَّ الأنبياء (علیه السلام) : العطر والأزواج والسواك.

10 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن موسى بن الفرات، عن عليّ بن مطر عن السكن الخزاز قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول: حق على كلّ محتلم (1) في كل جمعة أخذ شاربه وأظفاره، ومس شيء من الطيب، وكان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إذا كان يوم الجمعة ولم يكن عنده طيب دعى ببعض حُمُر نسائه فبلها بالماء، ثمّ وضعها على وجهه(2).

11 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن الحسن بن عليُّ، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : كان يعرف موضع سجود أبي عبد اللّه (علیه السلام) بطيب ريحه .

12 - عليُّ بن إبراهيم [عن أبيه]، عن ياسر، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): قال لي حبيبي جبرئيل (علیه السلام) : تطيب يوماً ويوماً لا ، ويوم الجمعة لا بدَّ منه ، ولا تترك له (3).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : ليتطيب أحدكم يوم الجمعة ولو من قارورة امرأته . (3).

14 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد رفعه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال عثمان بن مظعون لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): قد أردت أن أدع الطيب وأشياء ذكرها، فقال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا تدع الطيب، فإنَّ الملائكة تستنشق ريح الطيب من المؤمن، فلا تدع الطيب في كل جمعة .

15 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى ، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن شعيب عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الطيب في الشارب من

ص: 525


1- يقصد البالغ الذي وضع عليه قلم التكليف وفي بعض النسخ مسلم .
2- روى ذيله بالمعنى في الفقيه 1 ، 57 - باب وجوب الجمعة وفضلها و ...، ح 40 . والحديث ضعيف.
3- في بعض النسخ : «ولا منزل ،له ولعل المعنى : لا حد له». مرآة المجلسي 417/22 .

أخلاق الأنبياء (علیه السلام)، وكرامة للكاتبين .

16 - عنه ، عن محمّد بن عيسى، عن زكريا المؤمن رفعه قال : ما أنفقت في الطيب فليس بسَرَف(1).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه، وطيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه (2).

18 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ، عن سليمان بن محمّد الخثعمي ، عن إسحاق الطويل العطار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ينفق في الطيب أكثرممّا ينفق في الطعام(3).

باب كراهية ردّ الطيب

391 - باب كراهية ردّ الطيب

1-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن الرجل، يردُّ الطيب؟ قال : لا ينبغي له أن يرد الكرامة .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) بدهن، وقد كان ادهن، فادَّهَنَ، فقال : إنّا لا نردُّ الطيب .

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضال، عن الحسن بن جهم قال : دخلت على أبي الحسن (علیه السلام)، فأخرج إلي مخزنة فيها مسك وقال: خذ من هذا، فأخذت منه شيئاً فتمسحت به فقال : أصلح واجعل في لبّتك منه (4)، قال: فأخذت منه قليلا فجعلته في

ص: 526


1- الحديث ضعيف .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث مجهول .
4- قوله (علیه السلام) : أصلح : أي نفسك بالطيب، أو تناول منه مقداراً حسناً. واللبة : مكان القلادة من الصدر والمنحر.

لبّتي ، فقال لي : أصْلِح (1) ، فأخذت منه أيضاً، فمكث في يدي منه شيءٌ صالح ، فقال لي : اجعل في لَبّتك، ففعلت، ثمّ قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا يأبى الكرامة إلا حمار ، قال : قلت: ما معنى ذلك؟ قال الطيب والوسادة، وعَدَّ أشياء.

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن أحمد بن هلال، عن عيسى بن عبد اللّه، عن أبيه، عن جده، عن عليُّ (علیه السلام) أنَّ النبي (صلّی اللّه علیه وآله) كان لا يردُّ الطيب والحلواء(2).

باب أنواع الطيب

392 - باب أنواع الطيب

1 - محمّد بن جعفر عن محمّد بن خالد عن سيف بن عميرة، عن عبد الغفار قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : الطيب : المسك والعنبر والزعفران والعُود(3).

باب أصل الطيب

393 - باب أصل الطيب

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لما أهبط آدم (علیه السلام) من الجنّة على الصفا، وحواء على المَرْوَة، وقد كانت امتشطت في الجنّة بطيب من طيب الجنّة، فلما صارت في الأرض قالت : ما أرجو من المشط وأنا مسخوط عليُّ، فحلّت عقيصتها (4)فانتثر من مشطتها التي كانت امتشطت بها في الجنة، فطارت به الريح، فألقت أكثره بالهند، فلذلك صار العطر بالهند (5).

عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللبه، عن عليّ بن حسّان مثله(6).

قال : وفي حديث آخر : فحلّت عقيصتها، فأرسل اللّه على ما كان فيها من ذلك الطيب ريحاً فهبت في المشرق والمغرب، فأصل الطيب من ذلك

ص: 527


1- أي خذ منه أيضاً.
2- الحديث ضعيف. وأخرجه مرسلاً في الفقيه 3 ، 92 - باب الهدية ، ح 7 .
3- الحديث مجهول.
4- العقيصة : الجدلة في الشعرة
5- السند ضعيف على المشهور.
6- هذا السند ضعيف .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن جعفر بن يحيى، عن عليّ القصير، عن رجل عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سألته عن أصل الطيب من أي شيء هو؟ فقال: أيُّ شيء يقوله الناس؟ قلت : يزعمون أنّ آدم هبط من الجنّة وعلى رأسه إكلل، فقال : قد كان واللّه أشغل من أن يكون على رأسه إكليل، ثمّ قال : إنَّ حوّاء امتشطت في الجنة بطيب من طيب الجنّة قبل أن تواقعها الخطيئة، فلمّا هبطت إلى الأرض، حلّت عقيصتها، فأرسل اللّه تعالى على ما كان فيها ريحاً، فهبت به في المشرق والمغرب، فأصل الطيب من ذلك(1).

3 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن عليّ أبي حمزة عن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنَّ اللّه تعالى لمّا أهبط آدم، طَفِقَ (2) يخصف (3) من ورق الجنّة ، فطار عنه لباسه الذي كان عليه من حلل الجنّة، فالتقط ورقة فستر بها ،عورته، فلما هبط عبقت (4)رائحة تلك الورقة بالهند بالنبت، فصار الطيب في الأرض من سبب تلك الورقة التي عبقت بها رائحة الجنّة، فمن هناك الطيب بالهند، لأنّ الورقة هبت عليها ريح الجنوب فأدّت رائحتها إلى المغرب، لأنّها احتملت رائحة الورقة في الجو، فلمّا ركدت الريح بالهند عبق بأشجارهم ونبتهم فكان أوّل بهيمة رتعت من تلك الورقة ظبي المسك، فمن هناك صار المسك في سرَّة الظبي، لأنه جرى رائحة النبت في جسده وفي دمه حتّى اجتمعت في سُرَّة الظبي (5).

باب المِسك

394 - باب المِسك

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد والحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، ؛ عن الوشّاء قال: سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : كانت لعليّ بن الحسين (علیه السلام) اشبيدانة رصاص معلّقة فيها مسك، فإذا أراد أن يخرج ولبس ثيابه تناولها وأخرج منها فتمسح به (6).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن أبي البختري، عن أبي

ص: 528


1- الحديث مجهول.
2- طفق من أفعال الشروع في الاصطلاح، ويطلب الفعل المستقبل خاصة. ومعناه: جَعَل .
3- أي يرقع ويضم بعض ورق الجنة إلى بعض ليستر عورته واللفظ في 22/ الأعراف.
4- عَبَق به الطيب لصق به.
5- الحديث ضعيف.
6- الحديث ضعيف على المشهور واشبيدانة : الظاهر أنها كلمة فارسية، معناها: موضع الطيب .

عبد اللّه (علیه السلام) أنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان يتطيب بالمسك حتّى يرى وبيصه (1)في مفارقه (2).

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان ،عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كانت لرسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ممسكة ، إذا هو توضّأ أخذها بيده وهي رطبة، فكان إذا خرج عرفوا أنّه رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) برائحته .

4-محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم قال : أخرج إليَّ أبو الحسن (علیه السلام) مخزنة فيها مسك من عتيدة آبنوس (3)فيها بيوت كلّها مما يتخذها النساء .

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن المطلب بن زياد، عن أبي بكر بن عبد اللّه الأشعري قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن المسك، هل يجوز اشتمامه؟ فقال : إنا لنشمّه .

6 - عنه ، عن يعقوب بن يزيد، عن عبد اللّه بن الفضل النوفليّ قال : حدثني أبي، عن أبيه، عن عمّه إسحاق بن عبد اللّه عن أبيه عبد اللّه بن الحارث قال : كانت لعليُّ بن الحسين (علیه السلام) قارورة مسك في مسجده ، فإذا دخل للصلاة أخذ منه فتمسح به.

7-عنه ، عن نوح بن شعيب، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : كان يرى وبيص المسك في مفرق رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله).

8-محمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام)

قال : سألته عن المسك في الذهن أيصلح ؟ قال : إني لأصنعه في الدهن ولا بأس ؛ وروي أنّه لا بأس بصنع المسك في الطعام .

باب الغالية

395 - باب الغالية (4)

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى ، عن إسحاق بن عمّار

ص: 529


1- الوبيص - كما في النهاية -: البريق .
2- الحديث ضعيف.
3- العتيدة - كما في القاموس - الطبلة أو الحقة يكون فيها طيب الرّجل والعروس والأبنوس شجر معروف.
4- الغالية - كما في النهاية - ضرب من الطيب مركب من مسك وعنبر وكافور ودهن البان .

قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : إنّي أعامل التجار فأتهيّاً للناس كراهة أن يروا بي خصاصة(1)،فأتخذ الغالية ؟ فقال : يا إسحاق إنَّ القليل من الغالية يجزىء وكثيرها سواء، من اتخذ من الغالية قليلاً دائماً أجزأه ذلك، قال إسحاق : وأنا أشتري منها في السنة بعشرة دراهم فأكتفي بها، وريحها ثابت طول الدهر .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال : خلاد قال : أمرني أبو الحسن الرضا (علیه السلام) فعملت له دهناً فيه مسك وعنبر، فأمرني أن أكتب في قرطاس آية الكرسي وأم الكتاب والمعوذتين وقوارع (2)من القرآن وأجعله بين الغلاف والقارورة، ففعلت، ثمّ أتيته به، فتغلّف به وأنا أنظر إليه .

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ، عن مولى لبني هاشم، عن محمّد بن جعفر بن محمّد قال : خرج عليُّ بن الحسين (علیه السلام) ليلة وعليه جبة خز وكساء خزّ، قد غلّف لحيته بالغالية، فقالوا في هذه الساعة في هذه الهيئة ؟ فقال : إني أريد أن أخطب الحور العين إلى اللّه عزّ وجلَّ في هذه الليلة(3).

سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط ، عن مولى لبني هاشم، عن محمّد بن جعفر مثله

4-عنه ، عن أبي القاسم الكوفي، عمّن حدَّثه، عن محمّد بن الوليد الكرماني قال : قلت لأبي جعفر الثاني (علیه السلام) : ما تقول في المسك ؟ فقال : إن أبي أمر فعمل له مسك في بان(4) بسبعمائة درهم، فكتب إليه الفضل بن سهل يخبره أنَّ الناس يعيبون ذلك، فكتب إليه : يا فضل أما علمت أنَّ يوسف (علیه السلام) وهو نبي ، كان يلبس الديباج مُزَرّراً بالذهب، ويجلس على كراسي الذهب، ولم ينقص ذلك من حكمته شيئاً ، قال : ثمّ أمر فعملت له غالية بأربعة آلاف درهم (5).

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن يزيد، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ عليُّ بن الحسين (علیه السلام) استقبله مولى له في ليلة باردة وعليه جبة خر، ومطرف خزّ، وعمامة خزّ، وهو متغلف بالغالية، فقال له : جُعِلْتُ فداك، في مثل هذه

ص: 530


1- الخصاصة: الفقر، والحاجة .
2- قوارع القرآن - كما في النهاية - : هي الآيات التي من قرأها أمن من شر الشيطان كآية الكرسي ونحوها، كأنها تدهاه وتهلكه .
3- الحديث ضعيف .
4- شجر البان ،معروف يستخرج من بذر ثمره دهن طيب .
5- الحديث ضعيف .

الساعة على هذه الهيئة إلى أين؟ قال : فقال : إلى مسجد جدّي رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أخطب

الحور العين إلى اللّه عزَّ وجلَّ(1).

باب الخَلُوق

396 - باب الخَلُوق (2)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الخلوق، آخذ منه ؟ قال : لا بأس، ولكن لا أحب أن تدوم عليه.

2 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي نجران، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا بأس أن تمس الخلوق في الحمّام، أو تمس به يديك من الشقاق (3)تداويهما به، ولا أحب إدمانه، وقال: لا بأس أن يتخلق الرجل، ولكن لا يبيت متخلّقاً .

3-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان قال: لا بأس أن تمسَّ الخلوق في الحمام، أو تمسح به يدك تداوى به، ولا أحبُّ إدمانه .

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن رجل، عن محمّد ابن الفيض قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول: إنّه ليعجبني الخلوق.

5- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة، عن أبان، عن رجل قد أثبته، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا بأس أن يتخلّق الرّجل لامرأته، ولكن لا يبيت متخلّقاً.

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن أبان، عن الفضيل، عن رجل، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لا بأس بأن يتخلق الرجل، ولكن لا يبيت متخلّقاً.

باب البخور

397 - باب البخور

1 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن إبراهيم الجعفري، عن بعض أصحابه رفعه قال : قال

ص: 531


1- الحديث مجهول.
2- الخلوق - كما في المغرب - ضرب من الطيب مايع فيه صفرة.
3- الشقاق : مرض يصيب اليدين والقدمين .

أبو عبد اللّه (علیه السلام) : يبقى ريح العود التي في البدن أربعين يوماً، ويبقى ريح عود المطرّاة عشرين يوماً(1).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ينبغي للرجل أن يدخن ثيابه إذا كان يقدر (2).

3- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن موسى بن القاسم، عن عليّ بن أسباط ، عن الحسن بن جهم قال : خرج إلي أبو الحسن (علیه السلام) ، فوجدت منه رائحة التجمير(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن مرازم قال: دخلت مع أبي الحسن (علیه السلام) الحمّام ، فلمّا خرج إلى المسلخ ، دعا بمجمرة فتجمر بها ، ثمّ قال : جمّروا مرازم، قال: قلت من أراد أن يأخذ نصيبه يأخذ؟ قال : نعم .

5- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن عليّ بن الريان، عن أحمد بن أبي خلف مولى أبي الحسن (علیه السلام) - وكان اشتراه وأباه وأمه وأخاه فأعتقهم، واستكتب أحمد وجعله قهرمانه - فقال أحمد : كان نساء أبي الحسن (علیه السلام) إذا تبخّرن ، أخذنَ نواة من نوى الصيحانيّ(4)ممسوحة من التمر منقاة التمر والقشارة، فألْقَيْنَها على النار قبل البخور، فإذا دخنت النواة أدنى الدخان، رمينَ النواة وتبخّرن من بعد، وكُنَّ يَقُلن : هو أعبق وأطيب للبخور، وكنّ يأمرن بذلك (5).

باب الأدهان

398 - باب الأدهان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : الدهن يلين البشرة، ويزيد في الدماغ، ويسهل مجاري الماء، ويذهب القَشَف، ويُسْفِرُ اللون (6).

ص: 532


1- الحديث مجهول مرفوع والمطرّاة - كما في النهاية التي يعمل عليها ألوان الطيب غيرها كالعنبر والمسك والكافور، ويقال: عسل مطرى، أي مُرَبِّى بالأفاويه.
2- الحديث ضعيف على المشهور. وتدخين الثياب : تبخيرها بدخان بعض أنواع الطيب كالعود وغيره .
3- تجمير الثوب : تدخينه بالمجمرة التي فيها طيب.
4- الصيحاني : نوع من تمر المدينة .
5- الحديث مجهول.
6- الحديث ضعيف. والقَشَف - كما في القاموس - : قذر الجلد ورثاثة الهيئة. وفي الصحاح : أسفر الصبح : أضاء وأشرق .

2 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن جندب، عن سفيان بن السمط، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الدهن يذهب بالسوء(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : الدهن يظهر الغنى (2).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : الدهن يلين البشرة ويزيد في الدماغ القوة، ويسهل مجاري الماء، وهو يذهب بالقشف، ويُحسن اللون(3).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : دهن الليل يجري في العروق، ويُروّي البشرة، ويُبيض الوجه

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن الحسن بن بحر، عن مهزم الأسدي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا أخذت الدهن على راحتك فقل : «اللّهم إنّي أسألك الزَّيْنَ والزينة ،والمحبة وأعوذ بك من الشَّين والشنان والمقت»، ثمّ اجعله على يأفوخك، ابدء بما بدأ اللّه به (4).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن أحمد الدقاق، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من دهن مؤمناً كتب اللّه له بكل شعرة نوراً يوم القيامة (5).

باب كراهية إدمان الدهن

399 - باب كراهية إدمان الدهن

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي

ص: 533


1- الحديث مجهول.
2- الحديثان ضعيفان على المشهور.
3- الحديثان ضعيفان على المشهور.
4- الحديث مجهول. والشنان البغض، والمَقْت أشد البغض، واليافوخ - كما في القاموس - : حيث التقى عظم مقدم الرأس ومؤخرة وقوله : ابدأ بما . الخ : الظاهر أنه بلحاظ بدء خلق الإنسان.
5- الحديث ضعيف على المشهور.

خديجة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لا يدَّهن الرّجل كلَّ يوم، يرى الرّجل شعثاً، لا يُرى متزلقاً (1)كأنه امرأة .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : أخالط أهل المروءة من الناس، وقد أكتفي من الدهن باليسير، فأتمسح به كل يوم ؟ فقال : ما أحبُّ لك ذلك ، فقلت : يوم ويوم لا ؟ فقال : وما أُحبُّ لك ذلك ، قلت: يوم ويومين لا؟ فقال : الجمعة إلى الجمعة يوم ويومين .(2)

3-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن جرير قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : في كم أدَّهن؟ قال : في كلّ سنة مرَّة ، فقلت : إذن يرى الناس بي خصاصة، فلم أزل أماكسه فقال : ففي كلّ شهر مرة، لم يزدني عليها.

باب دهن البنفسج

400 - باب دهن البنفسج

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال : البنفسج سيد أدهانكم .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسي ، عن جعفر بن محمّد بن أبي زيد الرازي، عن أبيه عن صالح بن عقبة عن أبيه قال: أهديت إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) بغلة فَصَرَعَت الذي أرسلت بها معه، فأمته، فدخلنا المدينة، فأخبرنا أبا عبد اللّه (علیه السلام) فقال : أفلا اسعطتموه بنفسجاً؟ فأسعط بالبنفسج فبرء ، ثمّ قال: يا عقبة، إنّ البنفسج بارد في الصيف، حارٌ في الشتاء، لين على شيعتنا يابس على عدوّنا ، لو يعلم الناس ما في البنفسج ، قامت أوقيته بدينار(3).

3 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم عن يونس بن يعقوب قال: قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ما يأتينا من ناحيتكم شيء أحبُّ إلينا من البنفسج .

4 - أبو عليّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن

ص: 534


1- متزلّقاً : أي متزيناً متنعماً .
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف . وأمه : شجّه شجّة بلغت أم الدماغ حتّى لا يبقى بينها وبينه إلا جلد رقيق، وتسمى المأمومة.

أسباط بن سالم، عن إسرائيل بن أبي أسامة بيّاع الزطّي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: مثل البنفسج في الأدهان مثلنا في الناس(1).

5-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : فضل البنفسج على الأدهان ، كفضل الإسلام على الأديان، نِعْمَ الدهن البنفسج ، لَيَذْهَبُ بالداء من الرأس والعينين، فادَّهنوا به (2).

6 - عليُّ بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير قال : كنت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فدخل عليه مهزم، فقال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ادع لنا الجارية تجتنا بدهن وكحل، فدعوت بها، فجاءت بقارورة بنفسج ، وكان يوماً شديد البرد، فصب مهزم في راحته منها ، ثمّ قال : جُعِلْتُ فداك، هذا بنفسج ، وهذا البرد الشديد؟ فقال: وما باله یا مهزم ؟ فقال : إن متطبينا بالكوفة يزعمون أن البنفسج بارد فقال : هو بارد في الصيف، لين حار في الشتاء

7-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام): استَعِطُوا بالبنفسج، فإن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) قال : لو يعلم الناس ما في البنفسج لحسَوْهُ حَسْواً (3)

8- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن محمّد بن سوقة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: دهن البنفسج يَرْزُنُ الدماغ (4).

9 - سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط رفعه قال : دهن الحاجبين بالبنفسج يذهب بالصداع .

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مثل البنفسج في الدهن كمثل شعيتنا في الناس .

11 - أحمد بن محمّد عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : اكسروا حرَّ الحمى بالبنفسج .

ص: 535


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث ضعيف. وفي بعض النسخ : لَحْاً بدل : حَسْواً والحَسو الشرب قليلاً قليلاً .
4- الحديث ضعيف على المشهور ورزن ،وقر فهو رزین

باب دهن الخيري

401 - باب دهن الخيري

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وأبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، جميعاً عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عمن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: ذكر دهن البنفسج فزكاه ، ثمّ قال : و [إنّ] الخيري لطيف .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، وابن فضال، عن الحسن بن الجهم قال : رأيت أبا الحسن (علیه السلام) يدهن بالخيري، فقال لي : ادهن، فقلت له : أين أنت عن البنفسج ، وقد روي فيه عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، إنّه (1)قال : أكره ريحه ، قال : قلت له : فإنّي كنت أكره ريحه، وأكره أن أقول ذلك (2)، لما بلغني فيه عن أبي عبد اللّه (علیه السلام)، قال : لا بأس .

باب دهن البان

402 - باب دهن البان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن محمّد بن الفيض قال : ذكرت عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) ،الأدهان، فذكر البنفسج وفضله، فقال: نعم الدهن البنفسج ، ادهنوا به، فإنَّ فضله على الأدهان كفضلنا على الناس، والبان دهن ذكر، نِعْمَ الدهن البان، وإنّه ليعجبني الخلوق.(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عمّار ؛ وابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة قال : شكا رجل إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) شقاقاً في يديه ورجليه، فقال له: خذ قطنة فاجعل فيها باناً، وضعها في سرتك، فقال إسحاق بن عمّار : جُعِلْتُ فِداك يجعل البان في قطنة ويجعلها في سرته؟ فقال : أما أنت يا إسحاق، فصبّ البان في سرتك فإنّها كبيرة، قال ابن أذينة : لقيت الرّجل بعد ذلك فأخبرني أنّه فعله مرّة واحدة فذهب عنه .

3-عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن داود بن إسحاق أبي سليمان الحذاء، عن محمّد بن الفيض قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : نِعْمَ الدهن البان .

ص: 536


1- الظاهر أن كلمة (أنه) من زيادات النساخ .
2- أي أكره أن أفصح عن كراهتي لريحه .
3- الحديث مجهول. ويعرف الطيب الذكر بما إذا لم يكن له أثر في الجسد، وهو ما يعبر عنه بالردع .

باب دهن الزنبق

403 - باب دهن الزنبق

1 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر عن السيّاري رفعه قال : قال النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله): إنّه ليس شيء خيراً للجسد من دهن الزنبق - يعني الرّازقي -.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن اليعقوبي، عن عيسى بن عبد اللّه، عن عليّ بن جعفر قال : كان أبو الحسن موسى (علیه السلام) يَسْتَعِطُ بالشليثا، وبالزنبق الشديد الحرّ خَسفَيه ، قال : وكان الرضا (علیه السلام) أيضاً يَسْتَعِطُ به ، فقلت لعليّ بن جعفر : لِمَ ذلك ؟ فقال عليّ : ذكرت ذلك لبعض المتطبيين فذكر أنّه جيد للجماع(1).

باب دهن الحَلّ

404 - باب دهن الحَلّ (2)

1 - محمّد بن يحيى، عن غير واحد، عن الخشاب عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كان إذا اشتكى رأسه، استعط بدهن الجلجلان، وهو السمسم (3).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض أصحابه، عن ابن أخت الأوزاعي، عن مسعدة بن اليسع ، عن قيس الباهلي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ النبي (صلّی اللّه علیه وآله) كان يحبُّ أن يستعط بدهن السمسم (4).

باب الرَّياحين

405 - باب الرَّياحين

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وأحمد بن محمّد بن خالد

ص: 537


1- الحديث مجهول والخسف - كما في القاموس - مخرج الماء من الركية، ولعله استعير هنا للأنف، وفي بعض النسخ ؛ حشفته ، وهو بعيد . وقال الفاضل الأسترابادي : الظاهر أنه من تحريف الكتاب ، وأصله : خشميه . وفيه : أن هذا أيضاً لا يوافق ما في كتب اللغة مرأة المجلسي 434/22 .
2- الحل - كما في القاموس - : الشيرج.
3- ويطلق الجلجلان أيضاً على ثمر الكزبرة .
4- الحديث مجهول مرسل

جميعاً، عن ابن محبوب، عن إبراهيم بن مهزم، عن طلحة بن زيد، عمّن رفعه قال : قال النبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا أتي أحدكم بريحان فليشمّه وليضعه على عينيه، فإنّه من الجنّة، وإذا أتي أحدكم به فلا يردّه (1).

2 - ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إذا أتي أحدكم بالريحان فليشمّه وليضعه على عينيه، فإنّه من الجنّة .

3 - محمّد بن یحیی، رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الريحان واحد وعشرون نوعاً سيّدها الآس.

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن يونس بن يعقوب قال: دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) وفي يده مِحْضَبَةٌ (2) فيها ريحان.

5- عليُّ بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبي هاشم الجعفري قال: دخلت على أبي الحسن صاحب العسكر (علیه السلام) ، فجاء صبي من صبيانه فناوله وردة، فقبلها ووضعها على عينيه، ثمّ ناولنيها وقال : يا أبا هاشم، من تناول وردة أو ريحانة فقبلها ووضعها على عينيه، به، ثمّ صلّى على محمّد وآل محمّد - الأئمة ، كتب اللّه له الحسنات مثل رمل عالج، ومحى عنه من السيئات مثل ذلك(3).

باب سَعَة المنزل

406 - باب سَعَة المنزل

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من السعادة سعة المنزل.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمر بن بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال : إِنَّ أبا الحسن (علیه السلام) اشترى داراً، وأمر مولى له أن يتحول إليها، وقال : إن منزلك ضيق، فقال : قد أحدث هذه الدار أبي ؟ فقال أبو الحسن (علیه السلام) : إن كان أبوك أحمق ينبغي أن تكون مثله؟! (4).

ص: 538


1- الحديث مرفوع .
2- المخصب - كما في النهاية - شبه المركز، وهي الاجانة التي تغسل فيها الثياب
3- الحديث مرسل .
4- الحديث صحيح . ولعله يدل على أن مثل هذا الكلام على وجه المطايبة أو التأديب لا يعد من الغيبة، ويمكن أن يكون أبوه غير محترم فلا تحرم غيبته مرآة المجلسي 436/22 .

3- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن سعيد بن جناح ، عن مطرف مولى معن، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ثلاثة للمؤمن فيها راحة دار واسعة تواري عورته وسوءَ حاله من الناس وامرأة صالحة تعينه على أمر الدنيا والآخرة، وابنة أو أخت يخرجها من منزله إما بموت أو بتزويج(1).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن نوح بن شعيب، عن سليمان بن رشيد، عن أبيه عن بشير قال سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : العيش: السعة في المنازل والفضل في الخدم(2).

5- عنه ، عن منصور بن العباس، عن سعيد عن غير واحد أن أبا الحسن (علیه السلام) سئل عن فضل عيش الدنيا ؟ قال : سعة المنزل، وكثرة المحبين.

6-أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عليُّ بن أبي المغيرة ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: من شقاء العيش ضيق المنزل .

7 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع .

8-وبهذا الإسناد قال : شكا رجل من الأنصار إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أنَّ الدور قد اكتنفته، فقال النبي (صلّی اللّه علیه وآله) : ارفع صوتك ما استطعت، وسَلْ اللّه أن يوسع عليك .

باب تزويق البيوت

407 - باب تزويق البيوت

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد؛ والحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن عليُّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): أتاني جبرئيل وقال: يا محمّد، إنَّ ربّك يقرئك السلام وينهى عن تزويق البيوت قال أبو بصير فقلت ما تزويق البيوت؟ فقال: تصاوير التماثيل (3).

ص: 539


1- الحديث مجهول
2- الحديث مجهول، والمعنى أن العيش السعيد، أو الرغد. والمقصود بالفضل في الخدم كثرتهم وزيادتهم عن الحاجة .
3- الحديث ضعيف والتزويق : التزيين والتحسين.

2-أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مروان عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): إن جبرئيل (علیه السلام) أتاني فقال : إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه كلب، ولا تمثال جَسَد(1)، ولا إناء يبال فيه (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إِنَّ جبرئيل (علیه السلام) قال: إنا لا ندخل بيتاً فيه صورة ولا كلب - يعني صورة الإنسان ، ولا بيتاً فيه تماثيل(3)

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من مثل تمثالاً كُلّف يومَ القيامة أن ينفخ فيه الروح.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن المثنى، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنَّ عليّاً (علیه السلام) كره الصورة في البيوت.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن الوسادة والبساط يكون فيه التماثيل؟ فقال : لا بأس به، يكون في البيت قلت التماثيل؟ فقال: كلّ شيء يوطأ فلا بأس به.

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبد اللّه ابني محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم ، عن أبان بن عثمان، عن أبي العباس، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في قول اللّه عزّ وجلَّ : (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل) (4) ؟ فقال : واللّه ما هي تماثيل الرجال والنساء، ولكنها الشجر وشبهه .

ص: 540


1- الظاهر أن المراد به جسد الإنسان، ويحتمل الأعم.
2- الحديث مجهول.
3- الحديث مجهول. وقال الشهيد الثاني في المسالك: «صرّح جماعة من الأصحاب بتحريم التماثيل المجسمة وغيرها، وخصها آخرون بذوات الأرواح المجسّمة، والذي رواه الصدوق في عقاب الأعمال في الصحيح عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنه قال : ثلاثة يعذبون ... الخ ، يدل بإطلاقه على تحريم تصوير ذوات الأرواح مطلقاً ولا دليل على تحريم غيرها، وهذا هو الأقوى».
4- سبأ / 13 .

8-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج ، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لا بأس بأن يكون التماثيل في البيوت إذا غيرت رؤوسها(1)منها وترك ما سوى ذلك .

9 - محمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ ، عن عليّ بن جعفر، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: سألته عن الدار والحجرة فيها التماثيل، أيصلّى فيها؟ فقال : لا تصل فيها. وفيها شيء يستقبلك، إلا أن لا تجد بداً، فتقطع رؤوسها، وإلا فلا تصل فيها.

10 - أبو عليُّ الأشعري، عن أحمد بن محمّد ؛ وحميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة جميعاً عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان، عن الحسين بن المنذر قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ثلاثة معذبون يوم القيامة، رجل كذب في رؤياه يكلف أن يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد بينهما، ورجل صور تماثيل يكلّف أن ينفخ فيها وليس بنافخ (2).

11-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) بعثني رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) في هدم القبور وكسر الصور(3).

12 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن غير واحد، عن أبان بن خالد، عثمان ، عن عمرو بن عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال جبرئيل (علیه السلام) : يا رسول اللّه، إنّا لا ندخل بيتاً فيه صورة إنسان، ولا بيتاً يُبال فيه، ولا بيتاً فيه كلب (4).

13-أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن عبد اللّه بن يحيى الكندي، عن أبيه وكان صاحب مطهرة أمير المؤمنين (علیه السلام) (5)قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): قال جبرئيل (علیه السلام) : إنا لا ندخل بيتاً فيه تمثال لا يوطأ (6)- الحديث مختصر -

ص: 541


1- إما بقطعها وكسرها أو بمحو بعض أعضائها كطمس عينها أو كسر وقطع أذنها وهكذا.
2- والمعذب الثالث، كما ذكره الصدوق رحمه اللّه في عقاب الأعمال هو المستمع بين قوم وهم له كارهون ، يصب في أذنه الإنك وهو الأسرب .
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف.
5- أي كان يأتي بالماء ويخدمه (علیه السلام) عند الوضوء والغسل، مرآة المجلسي 441/22 .
6- الحديث ضعيف . وقوله : لا يولىء، كناية عما كان في مقابل الإنسان أو أحد جانبيه، دون ما إذا كان على بساط يداس عليه .

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام): بعثني رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) إلى المدينة فقال : لا تدع صورة إلّا مَحَوْتَها، ولا قبراً إلا سَوَّيته، ولا كَلْباً إلا قتلته(1).

باب تشييد البناء

408 - باب تشييد البناء

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الفضل النوفليّ ، عن زياد بن عمرو الجعفي، عمّن حدّثه عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنَّ اللّه عزّ وجلَّ وكلّ ملكاً بالبناء، يقول لمن رفع سقفاً فوق ثمانية أذرع : أين تريد يا فاسق (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم؛ وغيره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا كان سمك البيت فوق سبعة أذرع أو (3)قال : ثمانية أذرع ، فكان ما فوق السبع والثمان الأذرع ،محتضَراً، وقال بعضهم مسكوناً.

3 - عليُّ بن إبراهيم ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه؛ وسهل بن زياد جميعاً، عن محمّد بن عيسى، عن أبي محمّد الأنصاري، عن أبان أبان بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : شكا إليه رجلٌ عَبَثَ أهل الأرض (4) بأهل بيته وبعياله، فقال: كم سقف بيتك ؟ فقال : عشرة أذرع فقال : اذرع ثمانية أذرع ، ثمّ اكتب آية الكرسي فيما بين الثمانية إلى العشرة كما تدور، فإنَّ كل بيت سمكه أكثر من ثمانية أذرع فهو محتضر، تحضره الجن، يكون فيه مسكنه .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار ، وأحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، جميعاً عن يونس، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال في سمك البيت: إذا رفع ثمانية أذرع كان مسكوناً، فإذا زاد على ثمانية، فليكتب على رأس الثمان آية الكرسي.

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن

ص: 542


1- الحديث ضعيف على المشهور. ولا بد من تقييده القبر بما إذا كان مُسَنَماً أو مبنياً عليه بلا مبرر شرعي كما لا بد من تقييد الكلب بالعقور .
2- الحديث مجهول مرسل .
3- الترديد من الراوي . وسيأتي تفسير المحتضر.
4- يعني الجن.

سنان، عن حمزة بن حمران قال : شكا رجل إلى أبي جعفر (علیه السلام) وقال : أخرجتنا الجنُّ عن منازلنا، فقال : اجعلوا سقوف بيوتكم سبعة أذرع واجعلوا الحمّام في أكناف الدّار، قال الرّجل : ففعلنا ذلك، فما رأينا شيئاً نكرهه بعد ذلك(1).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن بشير، عن الحسين بن زرارة، محمّد عن بن مسلم قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ابن بيتك سبعة أذرع، فما كان فوق ذلك سكنه الشياطين إن الشياطين ليست في السماء ولا في الأرض، وإنما تسكن الهواء (2).

7 - عنه، عن عليّ بن الحكم ومحسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا كان البيت فوق ثمانية أذرع، فاكتب في أعلاه آيةً الكرسي (3).

باب تحجير السطوح

409 - باب تحجير السطوح

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن عبد اللّه (علیه السلام) قال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أن يُبات على سطح غير محجر.

2-أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن عليّ بن إسحاق، عن سهل بن اليسع عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من بات على سطح غير محجر فأصابه شيء لا يلومَنَّ إلا نفسه (4).

3-عنه ، عن الحجّال، عن عبد اللّه بن بكير، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كره أن يبيت الرّجل على سطح ليست عليه حجرة، والرّجل والمرأة في ذلك سواء .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كره البيتوتة للرّجل على سطح وحده، أو على سطح ليست عليه حجرة، والرّجل والمرأة فيه بمنزلة.

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، وغيره،

ص: 543


1- الحديثان ضعيفان على المشهور
2- الحديثان ضعيفان على المشهور
3- الحديث ضعيف.
4- روى في الفقيه 4 ، 176 - باب النوادر ، ح 3 فقال : وقال : من نام على سطح غير محجر فقد برئت منه الذمة .

عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) في السطح يبات عليه [وهو] غير محجّر ، قال : يجزيه أن يكون مقدار ارتفاع الحائط ذراعين.

6 - عنه ، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن السطح، يُنام عليه بغير حجرة؟ قال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن ذلك ، فسألته عن ثلاثة حيطان؟ فقال: لا إلا أربعة :قلت كم طول الحائط؟ قال : أقصره ذراع وشبر.

باب النوادر

410 - باب النوادر

1 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن السيّاري قال: حدَّثني شيخ من أصحابنا، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من مُرّ العيش، النقلة من دار إلى دار، وأكل خبز الشرى (1).

2-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من كسب مالا من غير حلّه سلّط اللّه عليه البناء والماء والطين.

3 - ابن أبي عمير، عن حسين بن عثمان قال: رأيت أبا الحسن موسى (علیه السلام) وقد بنى بمنى بناء ثمّ هدمه(2).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن داود الرقي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: سألته عن قول اللّه عزّ وجلَّ: وإن من شيء إلّا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم(3)؟ قال : تَنَقَّضُ الجُدُر تسبيحها (4).

5- الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن إسحاق بن

ص: 544


1- الحديث ضعيف على المشهور والشرى - كما في هامش المطبوع - الحنظل .
2- الظاهر أنه كان (علیه السلام) قد بناه لإقامة عياله مؤقتا في منى .
3- الإسراء / 44 . وقال الطبرسي رحمه اللّه في مجمع البيان 417/6 : قيل : إن كل شيء على العموم من الوحوش والطيور والجمادات يسبح اللّه حتّى صرير الباب وخرير الماء، عن إبراهيم وجماعة
4- قال في القاموس : تنقض البيت تشقق فسمع له صوت . ولعل المراد أن تنقض الجدر لدلالتها على فنائها وحدوث التغير فيها ينادي بلسان حالها على افتقارها إلى من يوجدها ويبقيها منزهاً عن صفاتها المحوجة لها إلى ذلك» مرآة المجلسي 445/22 . والحديث ضعيف على المشهور.

عمّار قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) اكنسوا أفنيتكم ولا تَشَبَّهوا باليهود(1).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم رفعه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا تُؤُووا التراب خلف الباب، فإنه ماوى الشياطين(2).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن صفوان بن يحيى، عن أبي جميلة، عن حميد الصيرفي عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كلّ بناء ليس بكفاف، فهو وبال على صاحبه يوم القيامة (3).

8-عنه ، عن بعض أصحابه رفعه إلى أبي جعفر (علیه السلام) قال: كنس البيت ينفي الفقر.

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أن يدخل بيتاً مظلماً إلّا بمصباح.

10 - عنه، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن عليّ بن المعلى، عن إبراهيم بن الخطاب رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: شكت أسافل الحيطان إلى اللّه عزَّ وجلَّ من ثقل أعاليها، فأوحى اللّه عزَّ وجلَّ إليها: يحمل بعضكم بعضاً (4).

11 - محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن إبراهيم بن ميمون، عن عيسى بن عبد اللّه ، عن جدّه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): بيت الشياطين من بيوتكم : بيت العنكبوت (5).

12 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن إغلاق الأبواب، وإيكاء الأواني، وإطفاء السراج؟ فقال: أغلق بابك، فإنَّ الشيطان لا يفتح باباً، وأطْفِ السراج من الفويسفة، وهي الفارة، لا تحرق بيتك، وأوكِ الإناء ؛ وروي أنَّ الشيطان لا يكشف مخمراً - يعني مغطّى - (6).

ص: 545


1- الحديث مجهول.
2- الحديث ضعيف على المشهور.
3- الحديث ضعيف والكفاف: ما يكف الإنسان به وجهه عن الناس من مطعم وملبس ومسكن .
4- الحديث مجهول. ويمكن حمل الوحي على الأمر التكويني .
5- الحديث ضعيف.
6- الحديث موثق وآخره مرسل. وإيكاء الإناء : شدّ رأسه بخيط وشبهه أو تغطيته بخرقة وربطها على فمه.

13 - أبو عليّ الأشعريّ رفعه قال : قال الرضا (علیه السلام) : إسراج السراج قبل أن تغيب الشمس ينفي الفقر.

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كان النبي (صلّی اللّه علیه وآله) إذا خرج في الصيف من البيت خرج يوم الخميس، وإذا أراد أن يدخل في الشتاء من البرد دخل يوم الجمعة ؛ وروي وروي أيضاً كان دخوله وخروجه ليلة الجمعة(1).

15 - الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه قال : روى أبو هاشم الجعفريُّ، عن أبي الحسن الثالث (علیه السلام) قال : إِنَّ اللّه عزّ وجلَّ جعل من أرضه بقاعاً تسمّى المرحومات، أحب أن يُدعى فيها فيجيب، وإنَّ اللّه عزّ وجلَّ جعل من أرضه بقاعاً تسمى المنتقمات، فإذا كسب الرّجل مالاً من غير حلّه، سلّط اللّه عليه بقعة منها فأنفقه فيها (2).

باب کراهية أن يبيت الإنسان وحده والخصال المنهي عنها لعِلّة مخوفة

411 - باب کراهية أن يبيت الإنسان وحده والخصال المنهي عنها لعِلّة مخوفة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن ابن القداح، عن أبيه قال : نزلت على أبي جعفر (علیه السلام) فقال : يا ميمون من يرقد معك بالليل، أمعك غلام؟ قلت : لا، قال: فلا تَنم ،وحدك فإن أجرأ ما يكون الشيطان على الإنسان إذا كان وحده(3).

2 - أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : من تخلّى على قبر ، أو بال قائماً، أو بال في ماء قائماً، أو مشى في حذاء واحد أو شرب قائماً أو خلا في بيت وحده وبات على غَمَر (4)، فأصابه شيءٌ من الشيطان لم يَدَعْه إلا أن يشاء اللّه ، وأسرع ما يكون الشيطان إلى الإنسان وهو على بعض هذه الحالات، فإنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) خرج في سرية فأتى وادي مُجِنّة (5)، فنادى أصحابه : ألا ليأخذ كلّ رجل منكم بيد صاحبه، ولا يَدْخُلَنَّ رجلٌ ،وحده، ولا يمضي رجل وحده، قال:

ص: 546


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث مرسل. وروى بمعناه الذيل فقط في الفقيه 4 176 - باب النوادر ، ح 84.
3- الحديث مجهول
4- العمر: الدسومة من اللحم .
5- أي يسكنها الجن .

فتقدَّم رجلٌ وحده، فانتهي إليه وقد صُرع، فأخبر بذلك رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)، فأخذ بإبهامه فغمزها، ثمّ قال: بسم اللّه ، أخرج خبيث، أنا رسول اللّه، قال: فقام(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان الأحمر، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال : إنَّ الشيطان أشد ما يهم بالإنسان حين يكون وحده خالياً، لا أرى أن يرقد وحده(2).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الرّجل يبيت في بيت وحده؟ فقال: إني لأكره ذلك، وإن اضطر إلى ذلك فلا بأس، ولكن يكثر ذكر اللّه في منامه ما استطاع.

5- عنه ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة؛ ومحمّد بن سنان، عن طلحة بن زید، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنّه كره أن ينام في بيت ليس عليه باب ولا ستر.

وبإسناده قال : إنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) كره أن يدخل بيتاً مظلماً إلّا بسراج.

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح ، عن أبيه ميمون، عن أبي جعفر (علیه السلام) : أنّه قال لمحمّد بن سليمان : أين نزلت؟ قال : في مكان كذا وكذا ، قال : معك أحدٌ؟ قال : لا ، قال : لا تكن وحدك تحوّل عنه يا ميمون ، فإن الشيطان أجرأ ما يكون على الإنسان إذا كان وحده .

7 - سهل، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) أنّه قال : لا تشرب وأنت قائم ، ولا تبل في ماء نقيع، ولا تطف بقبر، ولا تَخْلُ في بيت وحدك، ولا تمش في نعل واحد، فإنّ الشيطان أسرع ما يكون إلى العبد إذا كان على بعض هذه الأحوال ، وقال : إنّه ما أصاب أحداً شيء عليُّ هذه الحال فكاد أن يفارقه ، إلا أن يشاء اللّه عزّ وجلَّ(3).

ص: 547


1- الحديث صحيح.
2- الحديث مجهول.
3- الحديث ضعيف على المشهور. ويدل على مرجوحية الطواف حول القبور، وربما يقال: باستثناء قبور النبي (صلّی اللّه علیه وآله) والأئمة (علیه السلام) ، ويمكن أن يقال: المراد هنا النهي عن التغوط في القبور بقرينة خبر محمّد بن مسلم المتقدم قال الفيروز آبادي : طاف ذهب ليتغوط، وقال الجزري : الطوف: الحدث من الطعام، ومنه الحديث : نهى عن متحدثين على طوفهما ؛ أي عند الغائط والأحوط ترك الطواف قصداً إلا لتقبيل أطراف القبر، أو لتلاوة الأدعية المأثورة مرأة المجلسي 449/22 .

8-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إنَّ الشيطان أشدُّ ما يهم بالإنسان إذا كان وحده، فلا تَبيتَنَّ وحدك، ولا تُسَافِرَنَّ وحدك.

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، جميعاً عن محمّد بن عيسى، عن الدّهقان، عن دُرُست عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى (علیه السلام) قال : ثلاثة يُتَخَوَّف منها :الجنون التغوط بين القبور والمشي في خُفٍّ واحد، والرّجل ينام وحده(1).

وهذه (2)الأشياء إنّما كرهت لهذه العلة وليست هي بحرام.

تمّ كتاب الزي والتجمل والمروءة،

ويتلوه كتاب الدواجن بعون اللّه تعالى شأنه .

ص: 548


1- الحديث ضعيف .
2- الظاهر إن هذا من كلام الكليني عليه الرحمة.

كتاب الدَّواجن

اشارة

بسم اللّه الرَّحمن الرّحيم

كتاب الدَّواجن (1)

باب ارتباط الدّابة والمركوب

412 - باب ارتباط الدّابة والمركوب

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عمّن أخبره، عن ابن طيفور المتطبب قال : سألني أبو الحسن (علیه السلام) أي شيء تركب؟ قلت: حماراً ، فقال : بكم ابتعته؟ قلت : بثلاثة عشر ديناراً ، فقال : إنَّ هذا هو السرف أن تشتري حماراً بثلاثة عشر ديناراً وتدع برذوناً، قلت: يا سيدي، إنَّ مؤونة البرذون أكثر من مؤنة الحمار؟ قال: فقال: إنَّ الذي يُمَوّن الحمار يُمَوّن البرذون ، أما علمت أنَّ من ارتبط دابة متوقعاً به أمرنا، ويغيظ به عدوّنا، وهو منسوب إلينا، أدر اللّه رزقه وشرح صدره، وبلغه أمله، وكان عوناً على حوائجه(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن عبد اللّه بن جندب قال : حدَّثني رجل من أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : تسعة أعشار الرزق مع صاحب الدابة (3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وأحمد بن محمّد، جميعاً عن بكر بن صالح ، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: سمعته يقول : أهدى أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أربعة أفراس من اليمن ، فقال : سمّها لي (4)، فقال : هي ألوان مختلفة، قال: ففيها وَضَح ؟ (5) فقال : نعم فيها أشقر به وضح قال فأمسكه عليّ ، قال : وفيها كميتان (6)

ص: 549


1- قال في القاموس : دَجَن بالمكان دجوناً : أقام ، والحمام والشاة وغيرهما : ألفت، وهي داجن، الجمع: دواجن
2- التهذيب 6 ،77 - باب ارتباط الخيل وآلات الركوب، ح 1.
3- الحديث ضعيف.
4- يعني : صفها لي .
5- الوضح - كما في القاموس - الغرّة والتحجيل في القوائم
6- الكميت : الذي خالط حمرته قنوء، قال في القاموس : قنا قنوءاً : اشتدت حمرته. وقيل: الكميت، هو الفرس الأحمر الصافي الحمرة مع اسوداد ذنبه .

أوضحان فقال : أعطهما ابنيك ، قال : والرابع أدهم بهيم (1)، قال : بعه واستخلف به نفقة لعيالك، إنّما يُمْنُ الخيل في ذوات الأوضاح.

قال : وسمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : كرهنا البهيم من الدَّوابّ كلّها إلا الحمار والبغل، وكرهت شِئَةَ الأوضاح في الحمار، والبغل الألون، وكرهت الفرح (2)في البغل إلا أن يكون به غرة سائله (3)، ولا أشتهيها على حال.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن رئاب قال: قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : اشتر دابة، فإن منفعتها لك، ورزقها على اللّه عزّ وجلّ (4).

5- عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن داود الرقي قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : من اشترى دابة كان له ظهرها، وعلى اللّه رزقها (5).

6 - سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب قال: قال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) اتخذ حماراً يحمل رحلك، فإنَّ رزقه على اللّه ، قال : فاتخذت حماراً، وكنت أنا ويوسف أخي إذا تمت السنة حسبنا نفقاتنا، فنعلم مقدارها فحسبنا بعد شراء الحمار نفقاتنا، فإذا هي كما كانت في كلّ عام، لم تزد شيئاً (6).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سماعة، عن محمّد بن مروان عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : من سعادة المؤمن دابّة يركبها في حوائجه، ويقضي عليها حقوق إخوانه(7).

8-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): من سعادة المرء المسلم المركب الهنيء .

9 - عليُّ بن إبراهيم، وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن محمّد بن

ص: 550


1- البهيم الأسود، وما لا شِيَة فيه من الخيل للذكر والأنثى
2- القرحة - في وجه الفرس - دون الغرّة .
3- أي ممتدة من الجبهة إلى الأنف. وقد روى هذا الحديث بدون الذيل بتفاوت في الفقيه 2 ، 86 - باب الخيل وارتباطها وأول من ركبها ، ح 4
4- الحديث حسن .
5- التهذيب 6 ، 77 - باب ارتباط الخيل وآلات الركوب ، ح 2 .
6- الحديث ضعيف.
7- الحديث مجهول.

عيسى عن زياد القنديّ، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : اتّخذوا الدابّة، فإنّها زَيْنٌ وتقضى عليها الحوائج ، ورزقها على اللّه جلَّ ذِكْرُه (1)؛ قال : وحدَّثني به عمّار بن المبارك وزاد فيه : وتلقّى عليها إخوانك .

وروي أنّه قال : عَجَب لصاحب الدابّة كيف تفوته الحاجة .

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عليّ بن المغيرة عن أبي جعفر عليه السّلام قال : من شقاء العيش المركب السوء .

باب نوادر في الدوابّ

413 - باب نوادر في الدوابّ

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : للدابّة على صاحبها ستة :حقوق لا يُحمّلها فوق طاقتها، ولا يتخذ ظهرها مجالس يتحدث عليها، ويبدء بعلفها إذا نزل ولا يسمها (2) ولا يضربها في وجهها، فإنها تُسَبِّح، ويعرض عليها الماء إذا مر به(3).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي المغرا، عن سليمان بن خالد قال : فيما أظنُّ (4)عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : رُئي أبو ذرّ رضي اللّه عنه يسقي حماراً بالربذة، فقال له بعض الناس : أمَا لَكَ يا أبا ذر من يكفيك سفي الحمار؟ فقال : سمعت رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) يقول : ما من دابة إلا وهي تسأل اللّه كلَّ صباح: «اللّهم ارزقني مليكاً صالحاً يشبعني من العلف ويُروّيني من الماء، ولا يكلّفني فوق طاقتي»، فأنا أحب أن أسقيه بنفسي (5).

3 - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن طرخان النخّاس قال :

ص: 551


1- إلى هنا في التهذيب 6 ، 77 - باب ارتباط الخيل وآلات الركوب ، ح . . الفقيه 2 ، 91 - باب حسن القيام على الدواب ، ح 3 .
2- الوسم: العلامة، وإنما تعلم بالكي بحديدة تسمى الميسم. وفي بعض النسخ : ولا يسمها في وجهها.
3- قريب منه في الفقيه 2 ، 87 - باب حق الدابة على صاحبها، ح ! . التهذيب 6، نفس الباب، ح 4 بتفاوت . والحديث ضعيف على المشهور.
4- هذا التطني من الراوي .
5- روى ذيله في الفقيه 2 ، 91 - باب حسن القيام على الدواب ، ح 1 بتفاوت .

مررت بأبي عبد اللّه (علیه السلام) وقد نزل الحيرة ، فقال لي : ما علاجك (1)؟ قلت: نخّاسٌ، فقال: أصب لى بغلة فضحاء؟ قلت جُعِلْتُ فِداك وما الفضحاء ، قال : دهماء (2)، بيضاء البطن، بيضاء الأفْجَاج (3)، بيضاء الجحفلة (4) قال : فقلت : واللّه ما رأيت مثل هذه الصفة، فرجعت من عنده، فساعة دخلت الخندق، إذا أنا غلام قد أشفى (5)على بغلة على هذه الصفة، فسألت الغلام : لمن هذه البغلة؟ فقال : لمولاي قلت يبيعها قال : لا أدري، فتبعته حتّى أتيت مولاه فاشتريتها منه وأتيته بها ، فقال : هذه الصفة التي أردتها، قلت: جُعِلْتُ فِداك ، ادع اللّه لي، فقال: أكثر اللّه مالك وولدك ، قال : فصرت أكثر أهل الكوفة مالاً وولداً (6).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): لا تضربوا الدَّوابّ على وجوهها فإنّها تسبح بحمد اللّه ، قال : وفي حديث آخر : لا تَسِمُوها في وجوهها .

5 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد بن يسار، عن عبيد اللّه الدهقان، عن دُرُست عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا عثرت الدابة تحت الرّجل فقال لها : تَعشتِ تقول : تعس أعصانا للرب(7).

6 - محمّد بن يحيى، عن عليُّ بن إبراهيم الجعفري رفعه قال : سألت الصادق (علیه السلام) : متى أضرب دابتي تحتي ؟ فقال : إذا لم تمش تحتك كمِشْيَتِها إلى مِذْوَدِها(8).

7 - وروي عن النّبيّ (صلّی اللّه علیه وآله) أنّه قال : اضربوها على النّفار ولا تضربوها على العِثار(9).

ص: 552


1- يعني ما مهنتك وعملك. والنحاس : هو الذي يبيع العبيد والإماء والحيوان بشكل عام.
2- الدهماء : مؤنث الأدهم وهو الأسود.
3- قال في النهاية التفاح المبالغة في تفريج ما بين الرجلين وهو من الفج وهو الطريق. وفي بعض النسخ بالحاء المهملة قبل الجيم والفحج : تباعد ما بين الرجلين .
4- الجحفلة : طرف الحافر من الأمام، وبقعة بيضاء في ذراع الفرس.
5- أي أشرف .
6- الحديث ضعيف .
7- التهذيب 6 ، 77 - باب ارتباط الخيل وآلات الركوب ، ح 5 الفقيه ،2 ، 87 - باب حق الدابة على صاحبها، ح 4 قوله: تعشب: دعاء عليها بالهلاك .
8- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 6. وفيه : تير.. و: كمسيرها ... الفقيه 2، نفس الباب ، ح 2 . والمذود : معلف الدابة .
9- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 7 . ورواه مسنداً إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) عن النبي (صلّی اللّه علیه وآله) بنفس السند الذي سوف یکرره به برقم 12 من هذا الباب من الفروع فانتظر الفقيه ،2، نفس الباب، ح 3 ورواه مرسلاً كما ههنا في الفروع ولكن فيه : اضربوها على العثار ولا تضربوها على النفار فإنها ترى ما لا ترون وما هاهنا وفي التهذيب هو الصحيح. وإنما نهى (صلّی اللّه علیه وآله) عن ضربها على العثار لأن عثارها ليس باختيارها حتّى تضرب عليه .

8 - حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح، عن معاذ الجوهري، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا تتورّكوا على الدوابّ ولا تتّخذوا ظهورها مجالس. (1).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي حمزة قال : كان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) يقول : ما بهمت البهائم فلم تبهم عن أربعة : أربعة : معرفتها بالربّ، ومعرفتها بالموت، ومعرفتها بالأنثى من الذكر، ومعرفتها بالمرعى الخصب(2).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لكلّ شيء حُرمة ، وحُرمة البهائم في وجوهها(3).

11-أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحجال؛ وابن فضّال، عن ثعلبة، عن يعقوب بن سالم، عن رجل عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : مهما أبهم على البهائم من شيء ، فلا يبهم عليها أربعة خصال : معرفة أن لها خالقاً ، ومعرفة طلب الرزق، ومعرفة الذكر من الأنثى، ومخافة الموت.

12 - سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : اضربوها على النفار ولا تضربوها على العثار (4).

13 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : على كلّ منخر من

ص: 553


1- الفقيه 2 ، 87 - باب حق الدابة على صاحبها، ح 8. والتورّك على الدابة : أن يثني رجله ويضع أحد وركيه في السرج ، ولعل النهي عنه لما فيه من إرهاق الدابة والحاق الضرر بها ، أو لأنه مخالف للمروءة والآداب أو لدلالته على الغطرسة والتكبر .
2- الفقيه 2 ، 88 - باب ما لم تبهم عنه البهائم، ح 1 . وقوله : ما بهمت البهائم ... الخ : أي ما استغلق على البهائم معرفته واستعجم، فإنها لا يستغلق عليها ولا يشتبه معرفة هذه الأمور الأربعة .
3- الفقيه 2 ، 87 - باب حق الدابة على صاحبها ، ح 9 وأخرجه مرسلاً عن الباقر (علیه السلام) .
4- راجع الحديث رقم 7 من هذا الباب .

الدوابّ شيطان، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم اللّه عزَّ وجلَّ(1).

14 - أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أحدهما (علیه السلام) قال : أيما دابة استصعبت على صاحبها من لجام ونفار، فليقرء في أذنها أو عليها (2): أفغير دين اللّه يبغون وله أَسْلَمَ من في السموات والأرض طوعاً وكُرْهاً وإليه يُرجعون) (3).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال : قال أبو عبد اللّه صلوات اللّه عليه : إنّ من الحق أن يقول الراكب للماشي : الطريق. وفي نسخة أخرى (4): إنَّ من الجور أن يقول الراكب للماشي : الطريق .

16 - وبإسناده قال : خرج أمير المؤمنين (علیه السلام) وهو راكب، فمشوا معه، فقال: ألكم حاجة؟ قالوا: لا، ولكنا نحب أن نمشي معك، فقال لهم : انصرفوا، فإنّ مَشْيَ الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومَذَلّة للماشي .

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن الدّهقان (5)، عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إذا ركب الرّجل الدابّة فَسَمّى ، ردفه ملك يحفظه حتّى ينزل ، وإذا ركب ولم يُسم، ردفه شيطان فيقول له : تَغَنَّ، فإن قال له : لا أحسن قال له تَمَنّ، فلا يزال يتمنّي حتّى ينزل، وقال: من قال إذا ركب الدابة: بسم اللّه لا حول ولا قوة إلا باللّه الحمد لله الذي هدانا لهذا (6)- الآية - (7)و سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين، حفظت له نفسه ودابته حتّى ينزل(8).

ص: 554


1- التهذيب 6 ، 77 - باب ارتباط المخيل وآلات الركوب ، ح 8 . الفقيه 2 ، 86 - باب الخيل وارتباطها وأول ...، ح 2 بتفاوت وأخرجه عن بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن (علیه السلام).
2- آل عمران/ 83 وقوله : أو عليُّها؛ أي قريباً منها .
3- التهذيب 6 ، 77 - باب ارتباط الخيل وآلات الركوب، ح 9
4- لعله من كلام تلامذة الكليني الذين صححوا الكافي وضبطوه كالصفواني والنعماني وغيرهما. ويحتمل أن يكون من كلام الكليني ... الخ مرآة المجلسي 458/22 .
5- الدهقان : يقال لمحمّد بن صالح بن محمّد الهمداني ، ولعروة بن يحيى، وقد يطلق على عبيد اللّه بن عبد اللّه أيضاً .
6- وتتمة الآية : ( وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أو رثتموها بما كنتم تعملون). الأعراف/ 43 .
7- الزخرف/ 13 . :مقرنين مطيقين ولا ضابطين .
8- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 10 بتفاوت يسير .

18 - عليُّ بن إبراهيم أو غيره رفعه قال : خرج عبد الصمد بن عليّ ومعه جماعة ، فبصر بأبي الحسن موسى بن جعفر (علیه السلام) مقبلاً راكباً بغلاً ، فقال لمن معه : مكانكم حتّى أضْحِكَكُم من موسى بن جعفر، فلما دنى منه قال له : ما هذه الدابة التي لا تدرك عليها الثار، ولا تصلح عند النزال ؟ فقال له أبو الحسن (علیه السلام): تَطَاطَات عن سمّو الخيل، وتجاوزت قمؤ العير(1)، وخير الأمور أوسطها ، فأفْحِم عبد الصمد فما أحار جواباً .

19 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عدَّة من أصحابه، عن عليّ بن أسباط ، عن عمّه يعقوب بن سالم رفعه قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه وسلامه عليه : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : لا يرتدف ثلاثة على دابة، فإنَّ أحدهم ملعون.

باب آلات الدوابّ

414 - باب آلات الدوابّ

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : السرج مركب ملعون للنساء .

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة عن قال : سئل أبو عبد اللّه (علیه السلام) عن جلود السباع ؟ فقال : اركبوها، ولا تلبسوا شيئاً منها تُصلون فيه(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن العمركي بن عليّ ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال : سألته عن السرج واللجام فيه الفضّة، أيُركب به؟ فقال : إن كان مُمَوِّهاً لا يقدر على نزعه فلا بأس، وإلا فلا تركب به(3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حنان بن سدير قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : قال النبي (صلّی اللّه علیه وآله) لعليُّ (علیه السلام) : إياك أن تركب مِيثَرَةً حمراء، فإنّها مِيثَرَةُ إبليس (4).

ص: 555


1- قَمَأْ - كما في القاموس - قَمَاةَ وَقَمَاءَةً وقُمِأَةً : دَلَّ وصَفُر. والعير: الحمار.
2- التهذيب 6 ، 77 - باب ارتباط الخيل وآلات الركوب، ح 12 . واستدل به على قابلية السباع للتذكية وإن كانت محرمة الأكل.
3- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 14
4- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 13 . قال في النهاية : الميثرة ، مفعلة من الوثارة ، يقال : وثر وثارة فهو وثير أي وطى لين ... وهي من مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج . والنهي يشمل كل ميثرة حمراء سواء وضعت فوق رحل أو فوق سرج.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن إبراهيم بن أبي يحيى المديني، عن أبي عبد اللّه(علیه السلام) انَّ عليُّ بن الحسين (علیه السلام) كان يركب على قطيفة حمراء(1).

6 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : كانت بَرّةُ ناقة رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) من فِضّة(2).

باب إتخاذ الإبل

415 - باب إتخاذ الإبل

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إنّ عليّ بن الحسين (علیه السلام) كان لَيَبْتَاعُ الراحلة بمائة دينار يُكرم بها نفسه

2 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّا، عن الحجال، عن صفوان الجمال قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : لو يعلم الناس كُنهَ حِمْلان اللّه للضعيف (3)، ما غالوا ببهيمة .

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) : قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : إنَّ على ذروة كلَّ بعير شيطاناً فامتهنوها لأنفسكم، وذلّلوها، واذكروا اسم اللّه ، فإنما يحمل اللّه عزّ وجلَّ(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : لو يعلم الحاج ما له من الحِمْلان، ما غالى أحد ببعير.

5 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه ، عن محمّد بن عمرو، عن

ص: 556


1- التهذيب 6 ، 77 - باب ارتباط الخيل وآلات الركوب، ح 11 .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 15 والبرة - كما في القاموس - حلقة من صفر تجعل في لحم أنف البعير.
3- كناية عن تقوية اللّه للضعيف على الحمل والاحتمال
4- روى في الفقيه 2 ، 92 - باب ما جاء في الإبل، ح 2 ، قال : قال (علیه السلام): إن على ذروة كل بعير شيطاناً، فأشبعه وامتهنه .

سليمان الرحّال، عن عبد اللّه بن أبي يعفور :قال مرّ بي أبو عبد اللّه (علیه السلام) وأنا أمشي عَرْضَ (1)ناقتي فقال : ما لك لا تركب ؟ فقلت : ضَعُفَت ناقتي فأردت أن أخفف عنها، فقال: رحمك اللّه ، اركب، فإن اللّه يحمل عن الضعيف والقويّ(2).

6 - عنه، عن أبيه، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : نهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) أن يتخطى القطار ، قيل : يا رسول اللّه ، ولم؟ قال : إنّه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان (3).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن حسين بن عمر بن يزيد، عن أبيه قال: اشتريت إبلاً وأنا بالمدينة مقيم فأعجبني إعجاباً ؛ ديداً، فدخلت على أبي الحسن الأول (علیه السلام) فذكرتها له ؛ فقال : ما لَكَ وللإبل، أما علمت أنها كثيرة المصائب، قال : فمن إعجابي بها أكريتها وبعثت بها مع غلمان لي إلى الكوفة، قال: فسقطت كلها، فدخلت عليه فأخبرته ، فقال : (فَلْيَحْذَر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) (4).

8- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الحجال، عن صفوان الجمال قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : يا صفوان اشتر لي جملاً وخُذْه أشْوَه(5)، فإنه أطول شيء أعمّاراً، فاشتريت له جملاً بثمانين درهماً، فأتيته به.

وفي حديث آخر قال : اشتر السود القباح فإنها أطول شيء أعمّاراً (6).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام)؛ وعن أبيه ميمون قال: خرجنا مع أبي جعفر (علیه السلام) إلى أرض طيبة ومعه عمرو بن دينار، وأناس من أصحابه، فأقمنا بطيبة ما شاء اللّه، وركب أبو جعفر (علیه السلام) على جمل صعب، فقال له عمرو بن دينار ما أصعب بعيرك فقال : أو ما علمت أنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله)

ص: 557


1- إلى جانبها.
2- الحديث مجهول
3- الفقيه 2 ، 92 - باب ما جاء في الإبل، ح ه ورواه مرسلاً . والمقصود بالقطار - هنا - قافلة الإبل .
4- النور/ 63 .
5- أَشْوَه: أي أقبح منظراً.
6- الفقيه 2 ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت .

قال : إنَّ على ذروة كلّ بعير شيطاناً، فامتهنوها وذلّلوها، واذكروا اسم اللّه عليها، فإنما يحمل اللّه ، ثمّ دخل مكة، ودخلنا معه بغير إحرام(1).

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن عليّ بن السندي، عن محمّد بن عمرو بن سعيد، عن رجل، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سمعته يقول : إياكم والإبل ،الحمر، فإنّها أقصر الإبل أعمّاراً (2).

11 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إنَّ اللّه عزَّ وجلَّ اختار من كلّ شيء شيئاً، اختار من الإبل الناقة، ومن الغنم الضائنة(3).

باب الغنم

416 - باب الغنم

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن إسحاق بن جعفر قال : - قال لي أبو عبد اللّه (علیه السلام) : يا بني، اتخذ الغنم ولا تتخذ الإيل.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عمرو بن أبان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : نِعْمَ المالُ الشاة (4).

3-أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ ، عن عبيس بن هشام، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): نظفوا مرابضها وامسحوا رغامها (5).

4 - وبهذا الإسناد، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : إذا اتخذ أهل بيت شاة، أتاهم اللّه برزقها، وزاد في أرزاقهم، وارتحل الفقر عنهم مرحلة، فإن اتخذ شاتين، أتاهم اللّه بأرزاقهما وزاد في أرزاقهم وارتحل الفقر عنهم مرحلتين فإن اتّخذوا ثلاثة أتاهم اللّه بأرزاقهم وارتحل الفقر عنهم رأساً .

ص: 558


1- الحديث ضعيف على المشهور. وإنما دخل (علیه السلام) مكة بغير إحرام - لعله - لعدم مضي شهر من إحرامه الأول. وطيبة : اسم مدينة الرسول (صلّی اللّه علیه وآله). واسم لقرية عند زرود واسم الموضع قرب مكة .
2- الفقيه 2 ، 92 - باب ما جاء في الإبل ، ح 1 ورواه مرسلا عن الإمام الصادق (علیه السلام) .
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث صحيح. والشاة - كما في القاموس : الواحدة من الغنم للذكر والأنثى .
5- الحديث صحيح على الظاهر والرغام التراب. وفي بعض النسخ : الرعام - بالعين المهملة - وهو - كما يقول الجزري - ما يسيل من أنوفها وبنفس المعنى فسر البرقي في محاسنه الرغام - بالغين - أيضاً

5-عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن محمّد بن عجلان قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : ما من أهل بيت يكون عندهم شاةٌ لبون، إلّا قُدسوا في كلّ يوم مرَّتين ، قلت : وكيف يقال لهم ؟ قال : يقال لهم : بوركتم ، بوركتم .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن محمّد بن مارد قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : ما من مؤمن يكون في منزله عنز حلوب إلا قدس أهل ذلك المنزل وبورك عليُّهم، فإن كانتا اثنتين قُدّسوا وبورك علیهم في كل يوم مرتين ، قال : فقال بعض أصحابنا : وكيف يُقدّسون؟ قال : يقف علیهم مَلَك في كل صباح فيقول لهم : قُدّستم، وبورك عليكم، وطبتم وطاب إدامكم قال : قلت له : وما معنى قُدّستم؟ قال : طُهرتم (1).

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن أبي نجران، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) لعمته : ما يمنعك أن تتخذي في بيتك بركة؟ قالت : يا رسول اللّه ، وما البركة ؟ قال : شاة تحلب، فإنه من كان في داره شاة نحلب أو نعجة أو بقرة تحلب، فبركات كلّهنَّ .

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : دخل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) على أمّ سلمة فقال لها : ما لي لا أرى في بيتك البركة ؟ ! قالت: بلى، والحمد اللّه ، إن البركة لفي بيتي ، فقال : إنَّ اللّه عزَّ وجل أنزل ثلاث بركات : الماء والنار والشاة (2).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن سليمان الجعفري رفعه إلى أبي عبد اللّه (علیه السلام) :قال ما من أهل بيت تروح علیهم ثلاثون شاةً، إلا لم تزل الملائكة تحرسهم حتّى يُصبحوا .

باب سِمَة المواشي

417 - باب سِمَة(3)المواشي

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : أسِمُ الغَنَمَ في وجوهها؟ قال : سمها في آذانها .

ص: 559


1- الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 110 .
2- الحديث ضعيف.
3- السِمَة : العلامة والمراد بها هنا كي الحيوان بحديدة محماة في مكان مخصوص لتميزها.

2 - أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن سمة المواشي ؟ فقال : لا بأس بها، إلا في الوجوه.

باب الحمام

418 - باب الحمام

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليُّ بن الحكم ؛ وابن محبوب، عن معاوية بن وهب قال الحمام، من طيور الأنبياء (علیه السلام).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إنَّ أوّل حمام كان بمكة ؛ حمام لإسماعيل (علیه السلام)(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: إن أصل حمام الحرم بقيّة حمام كان لإسماعيل بن إبراهيم (علیه السلام) اتخذها، كان يأنس بها، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : يستحبّ أن تتخذ طيراً مقصوصاً تأنس به مخافة الهوام (2).

4 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة قال : سمعت أبا عبد اللّه (علیه السلام) يقول : هذه الحمام - حمام الحرم - هي من نسل حمام إسماعيل بن إبراهيم (علیه السلام) التي كانت له(3).

5- عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد ؛ والحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، جميعاً عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد ، اللّه (علیه السلام) قال : ليس من بيت فيه حمام إلا لم يُصب أهل ذلك البيت آفةٌ من الجنّ، إن سفهاء الجن يعبثون في البيت، فيعبثون بالحمام ويتركون الإنسان (4).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد اللّه الدهقان، عن درست، عن

ص: 560


1- الحديث ضعيف على المشهور.
2- الحديث حسن ، وقال في النهاية : الهامة . كل ذات سم يقتل والجمع الهوام، وقد يقع الهوام على كل ما يدب من الحيوان وإن لم يقتل ولعل المراد بها - هنا - الجن .
3- الحديث ضعيف.
4- الحديث ضعيف على المشهور.

عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : شكا رجل إلى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) الوحشة، فأمره أن يتّخذ في بيته زَوْجَ حمام (1).

7-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أبي عبد اللّه الجاموراني ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة عن أبيه عن صندل، عن زيد الشحّام قال : ذكرت الحمام عند أبي عبد اللّه (علیه السلام) فقال : اتّخذوها في منازلكم، فإنّها محبوبة، لحقتها دعوة نوح (علیه السلام)، وهي آنس شيء في البيوت (2).

8 - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن رجل، عن عمر بن يزيد عن أبي سلمة قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الحمام طير من طيور الأنبياء (علیه السلام) التي كانوا يمسكون في بيوتهم، وليس من بيت فيه حمام إلا لم تصب أهل ذلك البيت آفة من الجنّ، إنَّ سفهاء الجنّ يعبثون في البيت فيعبثون بالحمام ويَدَعُون الناس ، قال : فرأيت في بيوت أبي عبد اللّه (علیه السلام) حماماً لابنه إسماعيل(2).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن ،راشد عن يعقوب بن جعفر قال : قال أبو الحسن (علیه السلام) - ونظر إلى حمام في بيته - : ما من انتفاض ينتفض بها، إلا نفر اللّه بها من دخل البيت من عَزَمَةِ أهل الأرض (3).

10 - عنه عن الجاموراني، عن ابن أبي حمزة عن صندل، عن داود بن فرقد قال: كنت جالساً في بيت أبي عبد اللّه (علیه السلام) ، فنظرت إلى حمام راعبي (4) يُقَرقر طويلا، فنظر إلي أبو عبد اللّه (علیه السلام) فقال : يا داود تدري ما يقول هذا الطير؟ قلت: لا واللّه، جُعِلْتُ فداك، قال: يدعو على قتلة الحسين (علیه السلام)، فاتخذوا في منازلكم (5).

11 - عنه ، عن محمّد بن عليّ ،عن رجل، عن يحيى الأرزق قال : سمعت أبا

ص: 561


1- الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبائح ، ح 112 بتفاوت يسير .
2- الحديثان ضعيفان على المشهور
3- الحديث ضعيف على المشهور والعزمة - كما في القاموس - أسرة الرّجل ،وقبيلته، وبالتحريك - عَزَمَة - المصححو المودة. أقول : والظاهر أن المراد بهم هنا الجنّ نظراً إلى بعض الروايات المتقدمة. وإلا فكيف ينسجم المعنى الذي ذكره للعزمة مع ما تضمنته الرواية من التنفير عند كل إنتفاض؟! .
4- الراعبي - كما في حياة الحيوان للدميري - طائر مولد بين الورشان ،والحمام، وهو شكل عجيب قاله الفزويني .
5- الحديث ضعيف .

عبد اللّه (علیه السلام) يقول : إنَّ حفيف أجنحة الحمام لتَّطرُدُ الشياطين(1)

12 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إنَّ اللّه عزّ وجل يدفع بالحمام عن هَدّة الدار(2).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : اتّخذوا الحمام الراعبيّة في بيوتكم، فإنّها تلعن قتلة الحسين بن عليّ (علیه السلام)، ولعن اللّه قاتله(3).

14 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عثمان الإصبهاني قال : استهداني إسماعيل بن أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فأهديت له طيراً راعبياً، فدخل أبو عبد اللّه (علیه السلام) فقال : اجعلوا هذا الطير الراعبي معي في البيت يؤنسني ، قال : وقال عثمان : دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) وبين يديه حمام يفتّ لهنَّ خبز (4).

15 - عنه ، عن بكر بن صالح ، عن أشعث بن محمّد البارقي ، عن عبد الكريم بن صالح قال: دخلت على أبي عبد اللّه (علیه السلام) فرأيت على فراشه ثلاث حمامات خُضْر قد ذُرَقْنَ على الفراش، فقلت: جُعِلْتُ فِداك هؤلاء الحمام تُقَدِّر الفراش؟! فقال: لا، إنه يستحب أن تسكن في البيت(5).

16 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه، عن أبان، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كان في منزل رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) زوج حمام أحمر.

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران عن محمّد بن عمر [و] عن إبراهيم السندي، عن يحيى الأزرق قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : احتفر أمير المؤمنين (علیه السلام) بئراً، فرموا (6) فيها ، فأخبر بذلك ، فجاء حتّى وقف عليها فقال : لتكفّنَّ أو لأسْكَيْنَها الحمام، ثمّ قال

ص: 562


1- الفقيه 3، 96 - باب الصيد والذبايح ، ح 113 . وفيه : ليطرد . . ، بدل : لتطرد . . والحفيف : صوت جناح الطائر، وفي بعض النسخ: حفيق : وهو ضرب الطائر بجناحيه .
2- الحديث ضعيف على المشهور. والهد: الهدم.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف على المشهور.
5- الحديث ضعيف .
6- أي رموا فيها الحجارة والتراب بقصد طمّها، والضمير في رموا - بملاحظة ذيل الرواية - الجن والشياطين . واللّه العالم .

أبو عبد اللّه (علیه السلام) : إنّ حفيف أجنحتها تطرد الشياطين(1).

18 - عنه ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا قال : ذكر الحمام عند أبي عبد اللّه (علیه السلام)، فقال له رجلٌ : إنه بلغني أنَّ عمر رأى حماماً يطير ورجل تحته يعدو، فقال عمر: شيطان يعدو تحته شيطان، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : ما كان إسماعيل عندكم ؟ فقيل : صديق، فقال : إن بقية حمام الحرم من حمام إسماعيل .

19 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن أبي نصر قال : سأل رجل الرضا (علیه السلام) عن الزوج من الحمام يفرخ عنده، يتزوج الطير أمه وابنته؟ قال : لا بأس بما كان بين البهائم (2).

باب إرسال الطير

419 - باب إرسال الطير

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن عذافر قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الطير يرسل من البلد البعيد الذي لم يره قط فيأتي ؟ فقال : يا ابن عذافر، هو يأتي منزل صاحبه من ثلاثين فرسخاً على معرفته وحسبه، فإذا زادت على ثلاثين فرسخاً، جاءت إلى أربابها بأرزاقها(3).

2-عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام): ما أتى من ثلاثين فرسخاً فبالهداية، وما كان أكثر من ذلك فبالأكل .

3-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللّه (علیه السلام) : الطير يجيىء من المكان البعيد؟ قال: إنما يجيء لرزقه .

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن عليّ بن داود الحداد، عن حريز عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قلت : الحمام يرسلن من المواضع البعيدة فيأتي، ويرسلن من المكان القريب فلا يأتي ؟ فقال : إذا انقطع أكله فلا يأتي

ص: 563


1- الحديث مجهول.
2- الحديث صحيح .
3- الحديث صحيح. قوله بأرزاقها أي بسبب أنه قدّر رزقها عند أصحابها فإنها تجيء إليهم بتسبيب اللّه تعالى غريزياً من دون إدراك إذا كانت المسافة أكثر من ثلاثين فرسخاً ويؤيد أن رجوعها ذاك غريزي ما سوف يرد في ذيل الحديث التالي من قوله : فبالأكل وكذا ما بعده والحديث عن الحمام الزاجل .

باب الديك

420 - باب الديك

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله): ديك أبيض أفْرَقُ(1)، يحرس دُوَيْرَةَ أهله وسبع دويرات حوله(2).

2 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن سليمان بن رشيد، عن القاسم بن عبد الرحمن الهاشمي ، عن محمّد بن مخلد الأهوازي ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ديك أبيض أفرق، يحرس دويرته وسبع دويراتٍ حوله ، ولَنَفْضَةٌ من حمام منمّرة (3) أفضل من سبع ديوك فُرْقٍ بيض.

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم الجعفري قال : ذكر عند أبي الحسن (علیه السلام) حسن الطاؤوس، فقال : لا يزيدك على حسن الديك الأبيض شيء، قال: وسمعته يقول : الديك أحسن صوتاً من الطاؤوس، وهو أعظم بركة، ينبهك في مواقيت الصلاة، وإنما يدعو الطاؤوس بالويل لخطيئته التي ابتلي بها (4).

4-عنه ، عن بعض أصحابه رفعه قال : قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : الديك الأبيض صديقي وصديق كلّ مؤمن.

5- عنه ، عن بعض أصحابه، عن أبي شعيب المحاملي، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: قال : في الديك خمس خصال من خصال الأنبياء السخاء والشجاعة، والقناعة، والمعرفة بأوقات الصلوات، وكثرة الطروقة، والغيرة (5).

6 - عنه ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : صياح الدَّيك صلاته، وضربه بجناحه ركوعه وسجوده (6).

ص: 564


1- ديك أفرق - كما في الصحاح - يقال للذي عرفه مفروق .
2- الحديث ضعيف .
3- الأنمر: ما فيه نمرة بيضاء وأخرى سوداء . أي منقطة بالأسود والأبيض.
4- الحديث ضعيف .
5- الحديث مرسل . والطروقة : - بالفتح - أنثى الفحل، والمقصود كثرة الأزواج. وبالضم - الطروقة؛ مصدر طرق الفحل الناقة إذا تزى عليها، فالمراد كثرة الجماع .
6- الحديث مجهول. ولعل فيه إشارة إلى قوله تعالى في سورة النور/ 41 ألم تَرَ أن اللّه يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه واللّه عليم بما يفعلون .

باب الوَرَشان

421 - باب الوَرَشان (1).

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: من اتخذ في بيته طيراً فليتخذ وَرَشاناً، فإنّه أكثر شيئاً لذكر اللّه عزّ وجلَّ، وأكثر تسبيحاً، وهو طير يحبّنا أهل البيت.

2 - عنه ، عن بكر بن صالح ، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عثمان الإصبهاني قال : استهداني إسماعيل بن أبي عبد اللّه (علیه السلام) طيراً من طيور العراق، فأهديتُ وَرَشاناً، فدخل أبو عبد اللّه (علیه السلام) فرآه، فقال: إنَّ الورشان يقول: بوركتم ، بوركتم فأمسكوه(2).

3 - عنه : عن الجاموراني، عن ابن أبي حمزة، عن سَيف عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنه نهى ابنه إسماعيل عن اتخاذ الفاختة ، وقال : إنْ كنتَ لا بدَّ متخذاً، فاتخذ وَرَشاناً ، فإنه كثير الذكر اللّه تبارك وتعالى(3).

باب الفاختة والصلصل

422 - باب الفاختة والصلصل (4)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: كانت في دار أبي جعفر (علیه السلام) ، فاختة، فسمعها يوماً وهي تصيح ، فقال لهم : أتدرون ما تقول هذه الفاختة؟ قالوا : لا ، قال : تقول : فقدتكم فقدتكم، ثمّ قال: لَنَفَقَدِنَّها قبل أن تفقدنا، ثمّ أمر بها فذُبحت.

2-عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بكر بن صالح ، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عثمان الإصبهاني قال : أهديت إلى إسماعيل بن أبي عبد اللّه (علیه السلام) صُلصُلاً.

ص: 565


1- الورشان - كما في القاموس - طائر ... لحمه أخف من الحمام، وقيل: طائر يتولد من الفاختة والحمامة . وقيل : هو الحمام الأبيض.
2- الحديث ضعيف .
3- الحديث ضعيف .
4- ذكر الدميري في حياة الحيوان إن الصلصل والفاختة واحد. وكذلك فعل في الصحاح جازماً، وتردد في القاموس.

فدخل أبو عبد اللّه (علیه السلام) ، فلمّا رآها قال : هذا الطير المشوم، أخرجوه، فإنه يقول: فقدتكم فقدتكم ، فافقدوه قبل أن يفقدكم (1).

3-عنه عن الجاموراني، عن ابن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد اللّه صلوات اللّه عليه فقال لي : يا أبا محمّد، اذهب بنا إلى إسماعيل نعوده - وكان شاكيا - فقمنا ودخلنا على إسماعيل، فإذا في منزله فاختة في قفص تصيح ، فقال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : يا بني، ما يدعوك إلى إمساك هذه الفاختة، أما علمتُ أنّها مشومة؟ أو ما تدري ما تقول؟ قال إسماعيل : لا ، قال : إنّما تدعو على أربابها، فتقول : فقدتكم فقدتكم، فأخرجوه(2).

باب الكلاب

423 - باب الكلاب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: يُكْرَه أن يكون في دار الرّجل المسلم الكلب.

2 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : ما من أحد يتخذ كلباً، إلا نقص في كل يوم من عمل صاحبه قيراط

3- عنه ، عن عثمان ، عن سماعة قال: سألته عن الكلب، نمسكه في الدّار؟ قال : لا .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : لا خير في الكلاب، إلا كلب صيد أو كلب ماشية(3).

5- عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائني ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال: لا تمسك كلب الصيد فى الدار إلا أن يكون بينك وبينه باب (4).

6 - عنه عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن كلب الصيد، يُمسك في

ص: 566


1- الحديث ضعيف.
2- الحديث ضعيف.
3- الحديث صحيح.
4- الحديث مجهول.

الدار؟ قال : إذا كان يغلق دونه الباب فلا بأس.

7 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان عن زرارة عن أحدهما (علیه السلام) قال: الكلاب السود البهيم من الجن(1).

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن الحكم، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي :قال كنت مع أبي عبد اللّه (علیه السلام) فيما بين مكة والمدينة إذ التفت عن يساره فإذا كلب أسود بهيم، فقال : ما لَكَ، قبحك اللّه ما أشدّ مسارعتك، وإذا هو شبيه بالطائر، فقلت: ما هذا جُعِلْتُ فداك فقال : هذا غثيم - بريد الجن - مات هشام الساعة، وهو يطير ينعاه في كل بلدة (2).

9 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن عن مسمع عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه عليه قال: قال رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) : الكلاب من ضَعَفَة الجنّ، فإذا أكل أحدكم الطعام، وشيء منها بين يديه، فليطعمه، أو ليطرده، فإنَّ لها أَنفُسَ سوء(3).

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن سالم بن أبي سلمة، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) قال : سئل عن الكلاب؟ فقال : كل أسود بهيم، وكل أحمر بهيم ، وكلُّ أبيض بهيم، فذلك خلق من الكلاب من الجنّ، وما كان أبلق، فهو مسخ من الجن والإنس .

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد اللّه (علیه السلام) أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) رخّص لأهل القاصية في كلب يتّخذونه (4).

12 - عنه ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن الكلب السلوقي ؟ قال : إذا مسته فاغسل يدك(5).

ص: 567


1- الحديث موثق والبهيم الخالص من ألوان الأشياء، بحيث لم يخالط لونه لون آخر. ولعله تشبيه بلحاظ الأخلاق الشرسة أو أنها من الجن حقيقة واللّه العالم .
2- الحديث صحيح. والمقصود بهشام : هشام بن عبد الملك.
3- الحديث ضعيف على المشهور.
4- الحديث ضعيف على المشهور والظاهر أن المراد بالقاصية - هنا - من كانت بيوتهم في أطراف البلد أو بعيدة عنها .
5- الحديث حسن . والأمر بغسل اليد عند مسه - إن كانت مع السراية - فيدل على نجاسة السلوقي كغيره من أصناف الكلاب وهو مجمع عليه عند أصحابنا وإن كانت مع الجفاف - فالأمر بالغسل تنزه .

باب التحريش بين البهائم

424 - باب التحريش بين البهائم(1)

1 - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان ، عن أبي العباس، عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه قال: سألته عن التحريش بين البهائم ؟ فقال : كلّه مكروه، إلا الكلب (2).

2 - عنه ، عن عليّ بن الحكم. عن أبان، عن مسمع قال : سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام) عن التحريش بين البهائم ؟ فقال : أكره ذلك، إلّا الكلاب(3).

تمّ كتاب الدواجن من الكافي ، والحمد للّه أوَّلاً وآخراً، ويتلوه كتاب الوصايا إن شاء اللّه

ص: 568


1- التحريش بين البهائم : إغراء بعضها ببعض لتتعارك .
2- روى في الفقيه 4، 11 - باب حد شرب الخمر وما جاء في الغناء والملاهي ، ح 10 قال : ونهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن تحريش البهائم ما خلا الكلاب. والحديثان كلاهما موثق كالصحيح . ولعل استثناء الكلاب في الحديثين براد به تحريشها و اغراؤها بالصيد، وإن احتمل تحريش بعضها على بعض، كما إن التحريش بين البهائم أعم من أن يكون بين أفراد كل صنف فيما بينها وبين أفراد صنف مع أفراد صنف آخر من الحيوان.
3- روى في الفقيه 4، 11 - باب حد شرب الخمر وما جاء في الغناء والملاهي ، ح 10 قال : ونهى رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) عن تحريش البهائم ما خلا الكلاب. والحديثان كلاهما موثق كالصحيح . ولعل استثناء الكلاب في الحديثين براد به تحريشها و اغراؤها بالصيد، وإن احتمل تحريش بعضها على بعض، كما إن التحريش بين البهائم أعم من أن يكون بين أفراد كل صنف فيما بينها وبين أفراد صنف مع أفراد صنف آخر من الحيوان.

الفهرس

كتاب العقيقة

باب فضل الولد ...5

باب شبه الولد ...7

باب فضل البنات ...7

باب الدعاء في طلب الولد ...10

باب من كان له حمل فنوى أن يسمّيه محمّداً أو عليُّاً ولد له ذكر والدعاء لذلك ...13

باب بدء خلق الإنسان وتقلبه في بطن أمه...14

باب أكثر ما تلد المرأة ...18

باب في آداب الولادة ...18

باب التهنية بالولد ...19

باب الأسماء والكني ...19

باب تسوية الخلقة ...23

باب ما يستحب أن تطعم الحُبلى والنفساء...23

باب ما يفعل بالمولود من التحنيك وغيره إذا ولد ...24

باب العقيقة ووجوبها ...26

باب أنَّ عقيقة الذكر والأنثى سواء ...27

باب أن العقيقة لا تجب على من لا يجد ...28

باب أنّه يعى يوم السابع للمولود ويحلق رأسه ويسمى ...28

باب أنَّ العقيقة ليست بمنزلة الأضحية وأنها تجزى ما كانت ...31

باب القول على العقيقة ...32

باب أن الأم لا تأكل من العقيقة ...33

ص: 569

باب أنَّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) وفاطمة (علیه السلام) عقّا عن الحسن والحسين (علیه السلام) ...34

باب أنّ أبا طالب عقّ عن رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) ...35

باب التطهير ...36

باب خفض الجواري ...38

باب أنه إذا مضى السابع فليس عليه الحق ...39

باب النوادر ...40

باب كراهية القنازع ...41

باب الرضاع ...41

باب في ضمان الظئر... 43

باب من يُكره لبنه ومن لا يُكره ...44

باب من أحق بالولد إذا كان صغيراً ...47

باب النشوء باب تأديب الولد...49

باب حق الأولاد ...50

باب برّ الأولاد ...52

باب تفضيل الولد بعضهم على بعض ...53

باب التفرُّس في الغلام وما يستدل به على نجابته ...54

باب النوادر ...54

كتابُ الطَّلَاقِ

باب كراهية طلاق الزوجة الموافقة ...57

باب تطليق المرأة غير الموافقة ...58

باب أنَّ الناس لا يستقيمون على الطلاق إلا بالسيف...59

باب من طلّق لغير الكتاب والسنة ...60

باب أن الطلاق لا يقع إلا لمن أراد الطلاق ...64

باب أنه لا طلاق قبل النكاح ...65

باب الرّجل يكتب بطلاق امرأته ...66

باب تفسير طلاق السنة والعدَّة وما يوجب الطلاق ...67

ص: 570

باب ما يجب أن يقول من أراد أن يطلّق ...71

باب من طلّق ثلاثاً على طهر بشهود في مجلس أو أكثر أنّها واحدة ...72

باب من طلّق وفرّق بين الشهود أو طلق بحضرة قوم ولم يقل لهم أشهدوا ...73

باب من أشهد على طلاق امرأتين بلفظة واحدة ...74

باب الإشهاد على الرجعة ...75

باب أنَّ المراجعة لا تكون إلا بالمواقعة ...76

باب ...77

باب...78

باب التي لا تحل لزوجها حتّى تنكح زوجاً غيره...78

باب ما يهدم الطلاق وما لا يهدم ...79

باب الغائب يقدم من غيبته فيطلق عند ذلك أنّه لایقع الطلاق حتّى تحيض وتطهر...81

باب النساء اللاتي يطلقن على كل حال ...82

باب طلاق الغائب ...82

باب طلاق الحامل...85

باب طلاق التي لم يدخل بها...87

باب طلاق التي لم تبلغ والتي قد يئست من المحيض...88

باب في التي تخفي حيضها ...90

باب الوقت الذي تَبِينُ منه المطلقة والذي يكون فيه الرجعةمتى يجوز لها أن تتزوج... 91

باب معنى الأقراء ...93

باب عدَّة المطلقة وأين تعتد...94

باب الفرق بين من طلق على غير السنّة المطلقة إذا خرجت وهي في عدتها أو أخرجها زوجها ...97

باب في تأويل قوله تعالى : (لا تُخرجوهن من بيوتهن ولا يَخْرُجْن) ...101

باب طلاق المسترابة ...101

ص: 571

باب طلاق التي تكتم حيضها ...102

باب في التي تحيض في كل شهرين وثلاثة ...102

باب عدَّة المسترابة ...103

باب أنّ النساء يُصَدّقن في العدَّة والحيض... 105

باب المسترابة بالحَبَل ... 105

باب نفقة الحبلى المطلقة ... 107

باب أنّ المطلّقة ثلاثاً لا سكنى لها ولا نفقة ...108

باب متعة المطلقة ...109

باب ما للمطلقة التي لم يدخل بها من الصداق...110

باب ما يوجب المهر كَمَلاً ...113

باب أنّ المطلقة وهو غائب عنها تعتدُّ من يوم طلقت...115

باب عدَّة المتوفى عنها زوجها وهو غائب ...117

باب علّة اختلاف عدَّة المطلقة وعدَّة المتوفى عنها زوجها ...118

باب عدَّة الحبلى المتوفى عنها زوجها ونفقتها ...118

باب المتوفى عنها زوجها المدخول بها أين تعتدُّ وما يجب عليها ...121

باب المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها وما لها من الصداق والعدَّة ...123

باب الرّجل يطلق امرأته ثمّ يموت قبل أن تنقضي عدّتها...126

باب طلاق المريض ونكاحه ...127

باب في قول اللّه عزّ وجلَّ : (ولا تُضار وهنَّ لِتُضَيِّقوا عليهن) ...129

بات طلاق الصبيان ...130

باب طلاق المعتوه والمجنون وطلاق وليّه عنه ...131

باب طلاق السكران ...132

باب طلاق المضطر والمكره ...133

باب طلاق الأخرس ...134

باب الوكالة في الطلاق ...135

باب الإيلاء ...137

باب أنه لا يقع الإيلاء إلا بعد دخول الرّجل بأهله...140

باب الرّجل يقول لامرأته هي عليه حرام ...141

ص: 572

باب الخليّة والبريئة والبتة ...142

باب الخيار ...142

باب كيف كان أصل الخيار ...144

باب الخلع... 145

باب المبارأة ...148

باب عدَّة المختلعة والمبارأة ونفقتهما وسكناهما ...150

باب النشوز ...151

باب الحكمين والشقاق...152

باب المفقود ...153

باب المرأة يبلغها موت زوجها أو طلاقها فتعتدُّ ثمّ تزوج فيجييء زوجها ...155

باب المرأة يبلغها نعي زوجها أو طلاقه فتتزوج فيجييء زوجها الأول فيفارقانها جميعاً ...157

باب عدَّة المرأة من الخصي ...157

باب في المصاب بعقله بعد التزويج ...158

باب الظهار ...158

باب اللّعان...169

باب طلاق الحرّة تحت المملوك والمملوكة تحت الحرّ...175

باب طلاق العبد إذا تزوج بإذن مولاه ...175

باب طلاق الأمة وعدتها في الطلاق ...178

باب عدَّة الأمة المتوفى عنها زوجها ...179

باب عدَّة أمهات الأولاد والرّجل يعتق إحداهن أو يموت عنها ...179

باب الرّجل تكون عنده الأمة فيطلقها ثمّ يشتريها ...181

باب المرتد ...182

باب طلاق أهل الذمة وعدتهم في الطلاق والموت إذا أسلمت المرأة...183

كتاب العتق والتدبير والكتابة

باب ما لا يجوز ملكه من القرابات ...185

باب أنه لا يكون عتق إلا ما أريد به وجه اللّه عز وجل...187

ص: 573

باب أنّه لا عتق إلا بعد ملك ...187

باب الشرط في العتق ...187

باب ثواب العنق وفضله والرغبة فيه ...188

باب عتق الصغير والشيخ الكبير وأهل الزمانات ...189

باب كتاب العتق ...190

باب عتق ولد الزنا والذمي والمشرك والمستضعف ...190

باب المملوك بين شركاء يعتق أحدهم نصيبه أو يبيع ...191

باب المدبّر ...193

باب المكاتب ...195

باب المملوك إذا عمي أو جذم أو نكل فهو حرّ ...199

باب المملوك يعتق وله مالك ...200

باب عتق السكران والمجنون والمكره ...201

باب امهات الأولاد...202

باب نوادر ...208

باب الولاء لمن أعتق...208

باب...209

باب الإباق...210

كتاب الصيد

باب صيد الكلب والفهد...213

باب صيد البزاة والصقور وغير ذلك ...217

باب صيد كلب المجوس وأهل الذمة ...218

باب الصيد السلاح ...220

باب المعراض ...222

باب ما يقتل الحجر والبندق ...224

باب الصيد بالحبالة ...225

باب الرّجل يرمي الصيد فيصيبه فيقع في ماء أو يتدهده من جبل ...225

باب الرّجل يرمي الصيد فيخطىء فيصيب غيره ...226

ص: 574

باب صيد الليل...226

باب صيد السمك ...227

باب آخر منه ...231

باب الجراد ...234

باب صيد الطيور الأهلية...234

باب الخطاف ...235

باب الهدهد والصرد باب القنبرة ...237

كتابُ الذَّبَائِح

باب ما تذكى به الذبيحة...239

باب آخر منه في حال الاضطرار...240

باب صفة الذبح والنحر ...240

باب الرّجل يريد أن يذبح فيسبقه السكين فيقطع الرأس ...242

باب البعير والثور يمتنعان من الذبح ...243

باب الذبيحة تذبح من غير مذبحها...244

باب إدراك الذكاة ...244

باب ما ذبح لغير القبلة أو ترك التسمية والجنب يذبح ...245

باب الأجنّة التي تخرج من بطون الذبائح ...246

باب النطيحة والمتردّية وما أكل السبع تدرك ذكاتها ...247

باب الدم يقع في القدر ...248

باب الأوقات التي يكره فيها الذبح ...248

باب آخر...249

باب ذبيحة الصبي والمرأة والأعمى ...249

باب ذبائح أهل الكتاب...251

كتاب الأطعمة

باب علل التحريم...257

ص: 575

باب جامع في الدواب التي لا يُؤكل لحمها ...258

باب آخر منه وفيه ما يعرف به ما يؤكل من الطير وما لا يؤكل ...262

باب ما يعرف به البيض ...264

باب الحمل والجدي يرضعان من لبن الخنزيرة ...265

باب لحوم الجلالات وبيضهن والشاة تشرب الخمر ...266

باب ما لا يؤكل من الشاة وغيرها...268

باب ما يقطع من إليات الضأن وما يقطع من الصيد بنصفين ...270

باب ما ينتفع به من الميتة وما لا ينتفع به منها ...271

باب أنه لا يحل لحم البهيمة التي تنكح ...274

باب في لحم الفحل عند اغتلامه ...275

باب اختلاط الميتة بالذكي...275

باب آخر منه ...276

باب الفأرة تموت في الطعام والشراب ...276

باب اختلاط الحلال بغيره في الشيء ...277

باب طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم ...277

باب ذكر الباغي والعادي ...279

باب أكل الطين ...280

باب الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

باب كراهية الأكل على مائدة يشرب عليها الخمر ...283

باب كراهية كثرة الأكل ...283

باب من مشى إلى طعام لم يدع إليه ...285

باب الأكل متكئاً...285

باب الأكل باليسار ...287

باب الأكل ماشياً...288

باب اجتماع الأيدي على الطعام ...289

باب حرمة الطعام ...289

باب إجابة دعوة المسلم ...290

باب العرض...290

ص: 576

باب أنس الرّجل في منزل أخيه...291

باب أكل الرّجل في منزل أخيه بغير إذنه ...292

باب . ...293

باب آخر في التقدير وأنّ الطعام لا حساب له ...294

باب الولائم ...295

باب أنَّ الرّجل إذا دخل بلدة فهو ضيف على من بها من إخوانه ...297

باب أن الضيافة ثلاثة أيام ...297

باب كراهية استخدام الضيف...298

باب أنَّ الضيف يأتي رزقه معه ...298

باب حق الضيف وإكرامه ...299

باب الأكل مع الضيف ...300

باب أنَّ ابن آدم أجوف لا بد له من الطعام ...301

باب الغداء والعشاء ...302

باب فضل العشاء وكراهية تركه ...304

باب الوضوء قبل الطعام وبعده ...304

باب صفة الوضوء قبل الطعام ...305

باب التمندل ومسح الوجه بعد الوضوء ...305

باب التسمية والتحميد والدعاء على الطعام ...306

باب نوادر ...311

باب أكل ما يسقط من الخوان ...314

باب فضل الخبز ...316

باب خبز الشعير ...318

باب خبز الأرز...319

باب الأسوقة وفضل سويق الحنطة ...319

باب سويق العدس ...321

باب فضل اللحم ...322

باب أن من لم يأكل اللحم أربعين يوماً تغيّر خلقه ...323

باب فضل لحم الضأن على المعز ...324

ص: 577

باب لحم البقر وشحومها ...325

باب لحوم الجزور والبخت ...326

باب لحوم الطير ...326

باب لحوم الظباء والحمر الوحشية ...327

باب لحوم الجواميس ...328

باب كراهية أكل لحم الغريض - يعني النيء ...328

باب القديد ...328

باب فضل الذراع على سائر الأعضاء ...329

باب الطبيخ ...330

باب الثريد ...331

باب الشواء والكباب والرؤوس ... 332

باب الهريسة ...333

باب المثلثة والإحساء ...334

باب الحلواء ...335

باب الطعام الحارّ...336

باب نهك العظام ...336

باب السمك ...337

باب بيض الدجاج ...338

باب فضل الملح ...340

باب الخلّ والزيت ...341

باب الخل باب المري...345

باب الزيت والزيتون ...345

باب العسل ...346

باب السكر ...347

باب السمن ...349

باب الألبان...350

باب ألبان البقر ...352

ص: 578

باب الماست...352

باب ألبان الإبل ...352

باب ألبان الاتن ...353

باب الجبن ...353

باب الجبن والجوز...354

أبواب الحبوب

باب الأرز...355

باب الحمص ...356

باب العدس ...357

باب الباقلاء واللوبيا ...358

باب الماش ...358

باب الجاورس ...358

باب التمر ...359

باب الفواكه ...363

باب العنب ...364

باب الزبيب ...365

باب الرمان ...366

باب التفّاح...368

باب السفرجل 370

باب التين ...371

باب الكمثري ...372

باب الإجاص...372

باب الأترج ...372

باب الموز ...374

باب الغبيراء ...374

باب البطيخ ...374

باب البقول ...375

ص: 579

باب ما جاء في الهندباء...376

باب الباذروج ...377

باب الكرّاث ...378

باب الكرفس ...379

باب الكزبرة ...380

باب الفرفخ ...380

باب الخس ...380

باب السداب...381

باب الجرجير ...381

باب السلق ...382

باب الكمأة ...383

باب القرع ...383

باب الفجل ...384

باب الجزر...385

باب السلجم...385

باب القثّاء ...386

باب الباذنجان ...386

باب البصل ...387

باب الثوم ...388

باب السعتر ...388

باب الخلال ...389

باب رمي ما يدخل بين الأسنان ...390

باب الأشنان والسُّعد ...391

كتاب الأشربة

باب فضل الماء ...393

باب آخر منه ...394

باب كثرة شرب الماء...395

ص: 580

باب شرب الماء من قيام ، والشرب في نفس واحد ...395

باب القول على شرب الماء...397

باب الأواني ...398

باب فضل ماء زمزم وماء الميزاب. ...399

باب ماء السماء ...400

باب فضل ماء الفرات ...401

باب المياه المنهي عنها ...402

باب النوادر ...403

أبواب الأنبذة

باب ما يتّخذ منه الخمر ...405

باب أصل تحريم الخمر...405

باب أن الخمر لم تزل محرمة ...407

باب شارب الخمر ...408

باب آخر منه ...412

باب أنَّ الخمر رأس كل إثمّ وشرّ ...415

باب مدمن الخمر 416

باب آخر منه 417

باب تحريم الخمر في الكتاب ...418

باب أنّ رسول اللّه (صلّی اللّه علیه وآله) حرم كل مسكر قليله وكثيره... 419

باب أنَّ الخمر إنّما حرّمت لفعلها فما فعل فعل الخمر فهو خمر ...424

باب من اضطر إلى الخمر للدواء أو للعطش أو للتقية ...424

باب النبيذ ...427

باب الظروف ...430

باب العصير ...431

باب العصير الذي قد مسّته النار ...431

باب الطلاء ...432

باب المسكر يقطر منه في الطعام ...434

ص: 581

باب الفقاع ...434

باب صفة الشراب الحلال ...437

باب في الأشربة أيضاً ...439

باب الأواني يكون فيها الخمر ثمّ يجعل فيها الخلّ أو يشرب بها ...440

باب الخمر تجعل خلاً ...441

باب النوادر ...441

باب الغناء ...444

باب النرد والشطرنج ...448

كتاب الزِّيِّ والتَجَمل والمُرُوءَة

باب التجمل وإظهار النعمة باب اللباس ...453

باب كراهية الشهرة ...459

باب لباس البياض والقطن ...460

باب لبس المعصفر ...461

باب لبس السواد ...463

باب الكتان ...464

باب لبس الصوف والشعر والوبر...464

باب لبس الخز ...465

باب لبس الوشي ...467

باب لبس الحرير والديباج ...467

باب تشمير الثياب ...469

باب القول عند لباس الجديد ...472

باب لبس الخلقان ...473

باب العمائم ...474

باب القلانس ...475

باب الاحتذاء ...476

ص: 582

باب ألوان النعال ...478

باب الخف ...480

باب السنة في لبس الخفّ والنعل وخلعهما ...481

باب الخواتيم ...482

باب العقيق ...484

باب الياقوت والزمرد ...485

باب الفيروزج ...486

باب الجزع اليماني والبلور ...486

باب نقش الخواتيم ...487

باب الحلي ...489

باب الفرش ...490

باب النوادر ...492

باب الخضاب ...494

باب السواد والوسمة ...496

باب الخضاب بالحنّاء...497

باب جز الشعر وحلقه...498

باب اتخاذ الشعر والفرق ...499

باب اللحية والشارب ...500

باب أخذ الشعر من الأنف ...502

باب التمشط باب قص الأظفار ...504

باب جز الشيب ونتفه ...506

باب دفن الشعر والظفر ...507

باب الكحل ...508

باب السواك ...509

باب الحمّام ...510

باب غسل الرأس ...518

باب النورة ...519

ص: 583

باب الإبط ...521

باب الحنّاء بعد النورة ...523

باب الطيب ...524

باب كراهية ردّ الطيب ...526

باب أنواع الطيب ...527

باب أصل الطيب ...527

باب المسك ...528

باب الغالية...529

باب الخلوق ...531

باب البخور ...531

باب الأدهان ...532

باب كراهية إدمان الدهن ...533

باب دهن البنفسج ...534

باب دهن الخيري ...436

باب دهن البان ...536

باب دهن الزنيق ...537

باب دهن الحلّ ...537

باب الرياحين...537

باب سعة المنزل ...538

باب تزويق البيوت ...538

باب تشييد البناء ...542

باب تحجير السطوح...543

باب نوادر... 544

باب كراهية أن يبيت الإنسان وحده والخصال المنهي عنها لعلّة مخوفة ...546

كتاب الدَّوَاجن

باب ارتباط الدابة والمركوب...549

باب نوادر في الدواب ...551

ص: 584

باب آلات الدوابّ ...555

باب إتخاذ الإبل ...556

باب الغنم ...558

باب سمة المواشي ...559

باب الحمام...560

باب إرسال الطير ...563

باب الديك ...564

باب الورشان ...565

باب الفاختة والصلصل...565

باب الكلاب ...566

باب التحريش بين البهائم ...568

ص: 585

فُروعُ الكافي المجلد 7

هوية الکتاب

سرشناسه : کلیني، محمّد بن یعقوب، - 329ق.

عنوان قراردادی : الكافي

عنوان و نام پدیدآور : فُروعُ الكافي/ محمّد بن یعقوب الکلیني؛ ضبطه و صححه و علق علیه محمّدجعفر شمس الدین.

مشخصات نشر :بیروت : دارالتعارف للمطبوعات، 1411ق. = 1990م.= 1369.

مشخصات ظاهری : 7ج.

فروست : موسوعة الکتب الاربعه فی احادیث النبی (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و العتره؛1،2.

یادداشت : عربی.

یادداشت : کتاب حاضر در سالهای مختلف توسط ناشران مختلف منتشر شده است.

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : احادیث شیعه -- قرن 4ق.

شناسه افزوده : شمس الدین، محمّدجعفر

رده بندی کنگره : BP129/ک 8ک 22 1369

رده بندی دیویی : 297/212

شماره کتابشناسی ملی : م 81-8050

محرر الرقمي: محسن مرادي

ص: 1

اشارة

ص: 2

مَوسُوعَة الکُتُب الاربعَة

في احَادِیث النِّبي صلی الله علیه وآله وسلم والعترة علیهم السلام

-7-

فُرُوعُ الکَافِي

لِثقَةِ الاِسلام

مُحَمَّد بن یَعقُوب الکُلَیني

المتوفی سنة 328 / 329 ه

الجز الخَامِس

ضَبطَه وَ صَحَحه وَ خرَّج أحادیثه وَ عَلَّق عَلَیه

محَّمَّد جعفَر شمس الدّین

دَارُالتَّعَارُف لِلمَطبُوعَات

ص: 3

حُقُوق الطَّبع مَحفُوظَة

1413ه - 1993م

مكتبة مؤمن قريش

لو وضع ايمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه .

الإمام الصادق (علیه السلام)

moamenquraish.blogspot.com

دَارُالتَّعَارُف لِلمَطبُوعَات

المكتب : شارع سوريا - بناية درويش - الطابق الثالث

الادارة والمعرض : حارة حريك - المنشية - شارع دكاش - بناية الحسنين

تلفون : 837857 - 823685

صندوق البريد 18601 - 11 - 643 - 11

محرر الرقمي: محسن مرادی

ص: 4

بين يَدَي هذه الموسوعة

بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد

بين يَدَي هذه الموسوعة

كنت قد قدّمت لهذه الموسوعة في بداية المجلد الأول من أصول الكافي، وشرحت هناك طريقة عملي في الكتب الأربعة بشكل عام، ولكني أجد من الضروري أن أضيف هنا - إلى ما تقدم - وفيما يتعلق بالكتب الأربعة نقطتين رئيستين لم نكن بحاجة إليهما أثناء عملنا في أصول الكافي .

الأولى : مسألة تخريج الأحاديث.

فقد ركزّت على هذه المسألة تركيزاً دقيقاً، حيث لم أترك حديثاً من أحاديث الكتب الأربعة إلا وذكرت موضع وروده في بقية الكتب، مع التنبيه على ما يمكن أن يكون من تفاوت متنا وسنداً بين هذه الكتب فيه اللهم إلا تلك الأحاديث التي تفرد كل كتاب بها ومع ذلك كنت أحاول أن أجد لها - في حدود الإمكانات المتوفرة - أصلا في غير الكتب الأربعة، كمحاسن البرقي أو عيون الأخبار أو الخصال للصدوق كما الوسائل للحر العاملي وهكذا - كما كنت أشير إلى تكرر الرواية الواحدة أكثر من مرة وفي أبواب متفرقة في الكتاب الواحد أو عدة كتب.

وقد اتبعت في تخريجي للأحاديث طريقة سهلة تيسّر على الباحث عناء التفتيش والتنقيب وتضييع الوقت وذلك بترقيم أبواب الكتب الأربعة كلها ترقيّماً متسلسلاً ودقيقاً مع ترقيم أحاديث كل باب على حدة، فكنت أذكر رقم الجزء ورقم الباب مع عنوانه في كل كتاب ثم رقم الحديث، وهذا ما استدعانا إلى أن نعيد النظر في ترقيم أبواب الكتب الأربعة كلها وبخاصة كتاب التهذيب حيث كان قد رقم بشكل غير دقيق ولا منهجي . إضافة إلى إنشائنا أساساً لترقيم ابواب كتاب فروع الكافي حيث لم يكن قد رقّم سابقاً أبداً كما كان الحال بالنسبة لأبواب أصول الكافي أيضاً.

ومما ساعد في تسهيل مهمة الباحث أكثر هو وضعنا لفهرس مفصل ومرقم لكل العناوين الواردة في كل كتاب من الكتب الأربعة وذلك في نهاية كل جزء من الأجزاء من أول الموسوعة إلى آخرها .

ص: 5

الثانية : عملية التعليق الفقهي وغيره .

لقد حرصت منذ بداية عملي في الكتب الأربعة على أن تأخذ جل الأحاديث الواردة فيها - ولو بلحاظ مجاميعها وموضوعاتها - حقها من التعليق عليها وبخاصة من الناحية الفقهية، لتكون بحق مرجعاً فقهياً للباحث - إضافة إلى كونها مرجعاً حديثياً - جامعاً لآراء فقهائنا في المسائل المختلفة ومتضمناً لأقوالهم في المسألة موضوع البحث، مع الإشارة إلى ما هو المشهور منها وغيره. وقد اعتمدت في هذه التعليقات على أمهات موسوعاتنا الفقهية المتوفرة الأعاظم الأصحاب من المتقدمين والمتأخرين .

ولكن الباحث سوف يلتفت إلى أن كتاب شرائع الإسلام للمحقق رضوان الله عليه قد أخذ الحظ الأوفى من هذه التعليقات من خلال ما أوردناه عنه من نصوص، وما ذلك - في اعتقادنا - إلا لأننا وجدنا في عباراته ونصوصه تلك الميزة من الاختصار المفيد الذي ينسجم مع مفهوم التعليق ، مع جمعه للآراء والأقوال بعبارة سلسة متوازنة تلقي ضوءاً كاشفاً على المسألة مطرح البحث من غير أن تربك الساحة بتكديس لا طائل تحته على الإطلاق.

كما أننا حاولنا أثناء عملنا الفقهي أن نختار من النصوص ما هو منسجم تماماً مع المسألة المبحوثة دون الدخول في حواشي لا حاجة إلى الدخول فيها.

كما كنت في التعليق الفقهي وفي كثير من الأحيان أصوغ آراء أصحابنا رضوان الله عليهم بعبارة منمنمة توضح مواقفهم ونظراتهم الفقهية إلى موضوع البحث بحيث تأتي الصورة واضحة متألقة لا تحتاج في هضم معالمها إلى أدنى تأمل .

وقد كنا في كل نص من النصوص نشير إلى الكتاب المأخوذ منه مع رقم الجزء والصفحة وذلك حفاظاً على الأمانة العلمية وأصول الموضوعية والمنهجية.

وأخيراً، فقد أنتج عملنا في الكتب الأربعة - فيما أنتج - إنجازاً مهماً، وفقنا الله تعالى إليه، وهو شرح مشيخة كتاب من لا يحضره الفقيه شرحاً وافياً وتاماً بحيث لم نترك شيخاً من الشيوخ إلا وشرحناه، مما أهّلَ هذا الشرح ليطبع في كتاب مستقل، إضافة إلى إثباته في آخر كتاب من لا يحضره الفقيه، وهذا ما لم يحصل من قبل إضافة إلى شرحنا لمشيخة التهذيب أيضاً شرحاً كاملاً على غرار ما فعلناه في مشيخة الفقيه .

هذا، وتسأله سبحانه أن يتقبل هذا العمل بأحسن قبوله ، وأن يجعله ذخراً لي يوم ألقاه فقيراً إلى رحمته ولا أدّعي بأن ما قمت به من عمل هنا، خال عن الهنات منزّه عن القصور

المقدمة

ص: 6

والتقصير، فالكمال الله وحده، وإنما هو خطوة على الدرب يمكن أن تكون مدخلاً لأساتذتي و إخواني من العلماء ليعملوا بدورهم على تفعيلها والانطلاق بها نحو عمل أوسع وأنفع والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل .

بيروت في 20 جمادى الأولى 1413 ه .

الأقلّ

محمّد جعفر شمس الدين

ص: 7

ص: 8

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الوصايا

1 - باب الوصية وما أمر بها

1 - حدَّثنا عليُّ بن إبراهيم، عن عليٍّ بن إسحاق عن الحسن بن حازم الكلبيّ ابن

أخت هشام بن سالم، عن سليمان بن جعفر (1)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): من لم يُحسن وصيّته عند الموت كان نقصاً في مروءته وعقله، قيل: يا رسول الله ، وكيف يوصي الميّت؟ قال : إذا حضرته وفاته واجتمع الناس إليه قال: «اللّهمّ فاطر السّماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة الرّحمن الرحيم، اللّهم إنّي أعهد إليك في دار الدُّنيا، أنّي أشهد أن لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك ، وأنّ محمّداً عبدك ورسولك، وأنَّ الجنّة حقٌّ، وأنَّ النار حقّ، وأنّ البعث حقٌّ، وأنَّ الحساب حقٌّ، والقدر والميزان حقٌّ، وأنّ الدّين كما وصفت وأنَّ الإسلام كما شرعت، وأنَّ القول كما حدَّثت، وأنَّ القرآن كما أنزلت، وأنّك أنت الله الحقُّ المبين، جزى الله محمّداً (صلی الله علیه وآله وسلم) خير الجزاء، وحيّا الله محمّداً وآل محمّد بالسّلام اللّهمَّ يا عُدَّتي عند كربتي، ويا صاحبي عند شدّتي ، ويا وَليَّ نعمتي ، إلهي وإله آبائي، لا تَكِلْني إلى نفسي طَرْفَةَ عين أبداً، فإنّك إنْ تَكِلْني إلى نفسي طرفةَ عين أقرُبُ من الشرّ وأبعد من الخير، فأنس في القبر وحشتي، واجعل لي عهداً يوم ألقاك منشوراً».

ثمّ يوصي بحاجته. وتصديق هذه الوصيّة في القرآن في السورة الّتي يذكر فيها مريم في قوله عزّ وجلَّ: (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً) (2)، فهذا عهد الميّت، والوصيّة حقٌّ على كلّ مسلم أن يحفظ هذه الوصيّة ويعلمها ، وقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : علمنيها رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ، وقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : عَلّمنيها جبرئيل (علیه السلام) (3).

ص: 9


1- قال هنا الصدوق رحمه الله في الفقيه : وليس بالجعفري - أقول الجعفري اسمه داود بن القاسم ، وقد يطلق كثيراً على سليمان بن جعفر ولذا أراد أن يتبه على أنه ليس المراد به داود ذاك.
2- مریم / 87.
3- التهذيب 9، 6 - باب الوصية ووجوبها ، ح 11 . الفقيه ،4 ، 86 - باب رسم الوصية ، ح 1 بتفاوت يسير فيهما .

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن الوليد بن صبيح قال : صحبني مولى لأبي عبد الله (علیه السلام) يقال له : أعين، فاشتكى أيّاماً ، ثمَّ برء، ثمّ مات فأخذت متاعه وما كان له فأتيت به أبا عبد الله (علیه السلام)، وأخبرته أنّه اشتكى أيّاماً ثمّ برء ثمّ مات قال : تلك راحة الموت، أما إنّه ليس من أحد يموت، حتّى يردُّ الله عزَّ وجلَّ من سمعه وبصره وعقله للوصيّة أخَذَ أو تَرَكَ (1).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال له رجل: إنّي خرجت إلى مكّة فصحبني رجلٌ، وكان زميلي، فلمّا أن كان في بعض الطريق مرض وثقل ثقلاً شديداً ، فكنت أقوم عليه ، ثمّ أفاق حتّى لم يكن عندي به بأس، فلمّا أن كان اليوم الذي مات فيه، أفاق فمات في ذلك اليوم ، فقال أبو عبد الله (علیه السلام): ما من ميّت تحضره الوفاة، إلّا ردّ الله عزّ وجلَّ عليه من سمعه وبصره وعقله للوصيّة، أخَذَ الوصيّة أو ترك، وهي الراحة الّتي يُقال لها : راحة الموت، فهي حقٌّ على كلّ مسلم(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الوصيّة؟ فقال : هي حقّ على كلّ مسلم (3).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : الوصيّة حقٌّ، وقد أوصى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فينبغي للمسلم أن يوصي(4).

2 - باب الإشهاد على الوصية

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله تبارك وتعالى : (يا أيّها الذين آمنوا شهادةُ بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصيّة إثنان ذوا عدل منكم أو

ص: 10


1- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 5 .
2- التهذيب ،9، نفس الباب، ح4. وروى ذيله من قوله : قال أبو عبد الله (علیه السلام) ما من ميِت .... إلى الآخر في الفقيه 4 ، 73 - باب ما يمنّ الله تبارك وتعالى به على عبده عند الوفاة من ردّ ... ، ح 1 .
3- التهذيب ،9 نفس الباب ح 2 بتفاوت الفقيه 4، 75 - باب في الوصيّة إنها حق على كل مسلم، ح 1 .
4- الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 2 .

آخران من غيركم) (1). قلت ما آخران من غيركم؟ قال: هما كافران، قلت: ذوا عدل منكم ؟ فقال : مسلمان (2).

2 - عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ ؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته ؛ هل تجوز شهادة أهل ملّة من غير أهل ملّتهم؟ قال : نعم، إذا لم يوجد من أهل ملّتهم جازت شهادة غيرهم، إنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد(3).

3 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ؛ وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله تبارك وتعالى : (أو آخران من غيركم) ؟ قال : إذا كان الرجل في بلد ليس فيه مسلم، جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصيّة .

4 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن ربعي، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في شهادة امرأة حضرت رجلاً يوصي ليس معها رجل ؟ فقال : يجاز ربع ما أوصى بحساب شهادتها (4).

5 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن أبي عبدالله(علیه السلام) أنّه قال في وصيّة لم يشهدها إلّا امرأة فأجاز شهادة المرأة في الربع من الوصيّة بحساب شهادتها.

6 - محمّد بن أحمد، عن عبد الله بن الصلت عن يونس بن عبد الرحمن، عن يحيى بن محمّد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عزّ وجلَّ: (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية إثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم) ؟ قال : اللّذان منكم مسلمان، واللّذان من غيركم من أهل الكتاب، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب، فمن المجوس، لأنّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) سنّ في المجوس سنّة أهل الكتاب في الجزية، وذلك إذا

ص: 11


1- المائدة/ 106 .
2- التهذيب 9، 7 - باب الإشهاد على الوصية ، ح .. الفقيه ،4 ، 87 - باب الإشهاد على الوصية ، ح 3.
3- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح 10 . وذكره أيضاً برقم 59 من الباب 91 من الجزء 6 من التهذيب. الفقيه 3، 18 باب من يجب رد شهادته ومن . . . ، ح 19 .
4- التهذيب 9، نفس الباب ح5. وكرره بتفاوت برقم 123 من الباب 91 من الجزء 6 من التهذيب. الاستبصار ،3، 17 - باب ما يجوز شهادة النساء فيه وما لا ...، ج 21 . الفقيه 4 ، 87 - باب الإشهاد على الوصية ، ح 2 بتفاوت في الأخيرين. يقول المحقق: «ويقبل في الوصية بالمال شهادة واحد مع اليمين أو شاهد وامراتين. ويقبل شهادة الواحدة في ربع ما شهدت به وشهادة اثنتين في النصف وثلاث في ثلاثة الأرباع وشهادة الأربع في الجميع».

مات الرَّجل في أرض غُربة فلم يجد مسلمين، أشهد رجلين من أهل الكتاب (تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربي، ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين)(1) قال : وذلك إذا ارتاب وليّ الميّت في شهادتهما، فإن عُثر على أنّهما شهدا بالباطل، فليس له أن ينقض شهادتهما حتّى يجىء بشاهدين فيقومان مقام الشاهدين الأوّلين، (فيُقسمان بالله لَشَهادَتُنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذاً لمن الظالمين )(2) فإذا فعل ذلك ، نقض شهادة الأوّلين، وجازت شهادة الآخرين، يقول الله عزّ وجلَّ (3) : (وذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن تُرَدَّ أَيْمان بعد أَيْمَانِهم) (4).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن رجاله رفعه قال: خرج تميم الداري، وابن بيدى، وابن أبي مارية في سفر، وكان تميم الداريّ مسلماً ، وابن بيدى وابن أبي مارية نصرانّيين، وكان مع تميم الداريّ خُرجٌ له فيه متاع، وآنية منقوشة بالذهب، وقلادة أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع ، فاعتلَّ تميم الداري علة شديدة، فلمّا حضره الموت، دفع ما كان معه إلى ابن بيدي وابن أبي مارية، وأمرهما أن يُوصِلاه إلى ورثته، فقدما المدينة وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة، وأوصلا سائر ذلك إلى ورثته فافتقد القوم الآنية ،والقلادة فقال أهل تميم لهما : هل مرض صاحبنا مرضاً طويلاً أنفق فيه نفقة كثيرة؟ فقالا : لا ما مرض إلا أيّاماً قلائل، قالوا : فهل سُرق منه شيء في سفره هذا؟ قالا : لا ، قالوا : فهل اتّجر تجارة خسر فيها؟ قالا : لا، قالوا: فقد افتقدنا أفضل شيء كان معه ،آنية منقوشة بالذهب مكلّلة بالجوهر، وقلادة؟! فقالا : ما دفع إلينا فقد أدَّيناه إليكم ، فقدّموهما إلى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، فأوجب رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) عليهما اليمين، فحلفا، فخلّا عنهما، ثمّ ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما، فجاء أولياء تميم إلى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فقالوا : يا رسول الله ، قد ظهر على ابن بيدى وابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما، فانتظر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) من الله عزّ وجلّ الحكم في ذلك، فأنزل الله تبارك وتعالى : (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أقتم ضربتم في الأرض)، فأطلق الله عزّ وجلَّ شهادة أهل الكتاب على الوصيّة فقط إذا كان في سفر، ولم يجد المسلمين، (فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد

ص: 12


1- المائدة 106 .
2- المائدة/ 107 .
3- المائدة/ 108 .
4- التهذيب 9، 7 - باب الإشهاد على الوصية ، ح 1 . الفقيه ،4 ، 87 - باب الإشهاد على الوصية، ح 3 . يقول المحقق في الشرائع 126/4 :« ... نعم، تقبل شهادة الذمي خاصه في الوصية إذا لم يوجد بين عدول المسلمين من يشهد بها، ولا يشترط كون الموصي في غربة، وباشتراطه رواية صحيحة...».

الصلاة فيُقّسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربي، ولا نكتم شهادة الله إنّا إذاً لمن الآثمين) فهذه الشهادة الأولى الّتي جعلها رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، «فإن عثر على أنِهما استحقّا إثماً»، أي أنّهما حلفا على كذب، (فآخران يقومان مقامهما) ، يعني من أولياء المدَّعي ، (من الذين استحقَّ عليهم الأوليان فيقسمان بالله) ، يحلفان بالله أنّهما أحقُّ بهذه الدعوى منهما، وأنّهما قد كذبا فيما حلفا بالله، (لَشَهادَتُنا أحقُّ من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين) ، فأمر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أولياء تميم الداريّ أن يحلفوا بالله على ما أمرهم به، فحلفوا، فأخذ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) القلادة والآنية من ابن بيدى وابن أبي مارية وردَّهما إلى أولياء تميم الداريّ ،(ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن تُرَدَّ أَيْمان بعد أَيْمَانِهِم).

3- باب لرجل يوصي إلى آخر ولا يقبل وصيته

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبعي ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: إن أوصى رجل إلى رجل وهو غائب، فليس له أن يردَّ وصيّته، فإن أوصى إليه وهو بالبلد، فهو بالخيار إن شاء قَبِل، وإن شاء لم يَقْبَل (1).

2 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير، عن ِربعي، عن فُضَيل، عن عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل يوصى إليه؟ فقال : إذا بعث بها إليه من بلد فليس له ردّها، وإن كان في مصر يوجد فيه غيره، فذلك إليه (2).

3- أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار (3)، عن عليّ بن الحكم، عن سَيف بن عَمِيرة عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا أوصى الرجل إلى أخيه وهو غائب، فليس له أن يردّ عليه ، وصيّته، لأنّه لو كان شاهداً فأبى أن يقبلها، طلب غيره (4).

ص: 13


1- التهذيب 9 ، 14 - باب قبول الوصية ، ح 1. الفقيه 4 ، 91 - باب الامتناع من قبول الوصية، ح 1 . والمراد بالوصية إليه - هنا - جعله وصياً على تنفيذ وصيته ورعاية أولاده القصّر بعد موته، وهو الوصيّ.
2- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 2 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 2 .
3- في التهذيب : عن عبد الله بن محمد بدل عن محمد بن عبد الجبّار ... .
4- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 3 الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 5 . ويقول المحقق في الشرائع :« وللموصى إليه أن يرد الوصية ما دام الموصي حياً بشرط أن يبلغه الرد، ولو مات قبل الرد أو بعده ولم يبلغه لم يكن للرد أثر وكانت الوصية لازمة للموصى». والمشهور بين أصحابنا - كما ينص على ذلك الشهيد الثاني - هو وجوب القبول مطلقاً، هو وجوب القبول مطلقاً، وينبغي أن يستثنى من ذلك ما يستلزم الضرر والحرج دون غيره . وهذا الحكم وهو الوجوب صار إليه الأصحاب مع كونه مخالفاً للأصل لتضمنه إثبات حق على الموصى إليه على وجه قهري وتسليط الموصي على إثبات وصيته على من شاء لدلالة ظاهر الاخبار عليه .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن الفضيل، عن ربعي عن الفضيل عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : في الرجل يوصى إليه ؟ قال : إذا بعث بها من بلد إليه فليس له ردّها (1).

5- عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل يوصي إلى رجل بوصيّة، فيكره أن يقبلها؟ فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : لا يخذله على هذه الحال (2).

6 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن الريّان قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) : رجل دعاه والده إلى قبول وصيّته، هل له أن يمتنع من قبول وصيّته؟ فوقّع (علیه السلام): ليس له أن يمتنع (3).

4 - باب إن صاحب المال أحق بماله مادام حياً

1 - عدّةُ عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن عليّ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن أبي الحسن الساباطيّ، عن عمّار بن موسى أنّ سمع أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : صاحب المال أحقُّ بماله ما دام فيه شيء من الروح، يَضَعُهُ حيث شاء (4).

2 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن عن عليّ بن أسباط، عن ثعلبة، عن أبي الحسن عمر بن شدَّاد الأزديّ ؛ والسريّ، جميعاً عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الرجل أحقُّ بماله ما دام فيه الروح، إن أوصى به كلّه فهو جائز له (5).

ص: 14


1- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 4 .
2- التهذيب 9 ، 14 - باب قبول الوصية ، ح .5 الفقيه ،4 ، 91 - باب الامتناع من قبول الوصية ، ح 4 .
3- التهذيب 9 ، قفس ،الباب ، ح .6 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 3 . هذا وقد مال إلى عدم جواز الامتناع من قبول وصية الوالد من قبل ولده صاحب المختلف، وذلك لما في الامتناع من العقوق المحرّم شرعاً، وفي الرياض صرح بذلك مشترطاً عدم انعقاد الاجماع على خلافه .
4- التهذيب 9 ، 10 - باب الرجوع في الوصية ، ح 1 . الفقيه 4 ، 97 - باب في أن الإنسان أحق بماله ما دام فيه شيء من الروح، ح 1 .
5- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح 6. الاستبصار 4، 74 - باب أنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ، ح 9. الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 4. وقال الشيخ في التهذيب بعد إيراده الخبر ما يتضمن هذا الخبر من قوله : «إن أوصى به کله ... الخ ، وَهمٌ من الراوي لأن الوصية لا تمضي إلا في الثلث ... إلا برضا الورثة وامضائهم وإنما يكون أحق بماله بأن يصرفه في حياته على ما يؤثره ويختاره. ويحتمل أن يكون المراد بالخبر أنه إذا لم يكن له وارث من قريب ولا بعيد ...». وقال الصدوق في الفقيه بعد إيراده الحديث: «فإنه يعني به إذا لم يكن له وارث قريب ولا بعيد فيوصي بماله كله حيث شاء، ومتى كان له وارث قريب أو بعيد، لم يجز له أن یوصي بأكثر من الثلث» .

3- أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحسن ؛ عن إبراهيم بن أبي بكر بن أبي السمال الأسديّ، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: الميّت أولى بماله ما دام فيه الروح(1).

4- أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن عن أخيه أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد قال : أوصى أخو روميّ بن عمر: أن جميع ماله لأبي جعفر (علیه السلام)، قال عمرو: فأخبرني روميّ أنّه وضع الوصيّة بين يدي أبي جعفر (علیه السلام) فقال : هذا ما أوصى لك به أخي، وجعلت أقرأ عليه فيقول لى : قف ويقول : احمل كذا، ووهبت لك كذا، حتّى أتيت على الوصيّة ، فنظرت فإذا إنّما أخذ الثلث قال فقلت له : أمرتني أن أحمل إليك الثلث ووهبت لي الثلثين؟ فقال : نعم، قلت: أبيعه وأحمله إليك؟ قال: لا على الميسور عليك، لا تَبع شيئاً(2).

5 - محمّد بن يحيى وغيره عن محمّد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة عن سماعة قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : الرجل يكون له الولد، أيسعه أن يجعل ماله لقرابته؟ قال : هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت (3).

6 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان وأبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار جميعاً عن صفوان عن مرازم عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل يعطي الشيء من ماله في مرضه؟ فقال : إذا أبان فيه فهو جائز، وإن أوصى به فهو من الثلث (4) .

7 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن عمّار الساباطيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الميّت أحقُّ بماله ما دام فيه الروح يُبينُ به، قال: نعم، فإن أوصى به، فإن تعدى، فليس له إلّا الثلث (5).

ص: 15


1- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح ه . وقد وصف ابن أبي السمال بالأسدي . بدل ؛ الأزدي . واسم أبي بكر محمد . وقيل : إن أبا السمال كنية أخرى له أيضاً وذكر ذلك النجاشي في رجاله والله العالم .
2- التهذيب 9 ، 10 - باب الرجوع في الوصية ، ح 10 ، الاستبصار ،4، 74 - باب أنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ، ح 19 بتفاوت يسير فيهما .
3- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 2 . الفقيه 4 ، 97 - باب في أن الإنسان أحق بماله ما . . . ، ح 2 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، صدر ح 12 . وسوف يكرر الكليني هذا الحديث برقم 8 من هذا الباب أيضاً .
4- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 17 بتفاوت في الذيل وهو كذلك في الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح11 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 3 بتفاوت في الذيل يسير. وذكره أيضاً برقم 6 من الباب 85 من نفس الجزء من الفقيه . قوله (علیه السلام) : أبائه : من الإبائة وهي القطع والفصل، أي أخرجه عن ملكه بشكل منجّز ولم يعلّقه على موته .
5- التهذيب 9 نفس ،الباب ، ح 9 بتفاوت والاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 13 بتفاوت. وفيهما : فإن قال : بعدي... يدل : فإن تعدّى...، الفقيه 4، 85 - باب ما يجب من ردّ الوصية إلى المعروف و ...، ح 2 . وقوله : يبين :به من الإبانة أيضاً، وهي الفصل والقطع كما مر .

8-محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة عن سماعة ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قلت له : الرجل له الولد أيسعه أن يجعل ماله لقرابته؟ فقال : هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت (1).

9 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عثمان بن سعيد، عن أبي المحامل(2)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الإنسان أحقُّ بماله ما دام الروح في بدنه (3).

10 - محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن عبد الله بن المبارك، عن عبدالله بن جبلة عن سماعة ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت له : الرجل له الولد أيسعه أن يجعل ماله لقرابته؟ فقال : هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت، إنّ لصاحب المال أن يعمل بماله ما شاء ما دام حيّاً، إن شاء ، وهبه ، وإن شاء تصدَّق به، وإن شاء تركه إلى أن يأتيه الموت، فإن أوصى به فليس له إلا الثلث، إلّا أنَّ الفضل في أن لا يُضَيّع من يَعُولُه ، ولا يضرّ بورثته(4).

وقد روي أنّ النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) قال لرجل من الأنصار أعْتَقَ مماليك له لم يكن له غيرهم ، فعابه النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) وقال : ترك صِبْيَةً صغاراً يَتَكفّفون(5) الناس .

5 - باب الوصية للوارث

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الوصيّة للموارث؟ فقال : تجوز (6).

ص: 16


1- انظر رقم 5 من الباب .
2- في سند التهذيب : عن أبي شعيب المحاملي....
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 4 .
4- التهذيب 9 ، 10 - باب الرجوع عن الوصية ، ح 8 الاستبصار 4، 74 - باب في أنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ، ح 12 الفقيه 4 ، 97 - باب في أن الإنسان أحق بماله ما دام فيه شيء من الروح ، ح 2 وفيه إلى قوله : إلى أن يأتيه الموت. (الأولى في صدر الحديث).
5- أي يسألون الناس بأكفهم . كناية عن مد أيديهم إلى الناس ليعطوهم ما يسد جوعتهم .
6- التهذيب 9 ، 12 - باب الوصية للوارث ، ح 4 بتفاوت الاستبصار 4 ، 75 - باب صحة الوصية للوارث، ح 2 بتفاوت .

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الميّت، يوصي للوارث بشيء؟ قال: نعم، أو(1) قال : جائز له .

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : الوصيّة للوارث لا بأس بها (2).

الفضل بن شاذان، عن يونس، عن عبد الله بن بكير، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، نَحوَه .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن عليّ، عن عبد الله بن بكير، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الوصيّة للوارث؟ فقال : تجوز(3).

5 - عدّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ابن بكير، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سألته عن الوصيّة للوارث؟ فقال: تجوز، قال : ثمّ تلا هذه الآية (4): (إن ترك خيراً الوصيّةُ للوالدين والأقربين)(5).

6 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن الحجّال، عن ثعلبة، عن محمّد بن قيس قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرجل يفضّل بعض ولده على بعض؟ قال : نعم، ونساءَه .

ص: 17


1- الترديد من الراوي .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 8 الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح 3 وفيه للبنت ...، بدل للوارث.
3- التهذيب 9 ، 12 - باب الوصية للوارث، ح 1 و 2 . هذا، وجواز الوصية للوارث حكم إجماعي عند أصحابنا رضوان الله عليهم، وعدم الجواز هو مذهب جميع من خالف الشيعة، وإن كان السيد المرتضى في الانتصار / 308 ذكر إن بعض فقهاء العامة أيضاً وافقوا الشيعة في القول بجواز الوصية للوارث ، وقد استدل على جواز الوصية له ببعض الآيات الناصّة على الوصية للوالدين والأقربين وبعضها الشامل بعمومه للأقارب والأجانب وهو قوله تعالى : من بعد وصية يوصي بها أو دين، فمن خصص به الأجانب دون الأقارب فقد عدل عن الظاهر بغير دليل. وقال: وأيضا فإن هذا إحسان إلى أقاربه وقد ندب الله تعالى إلى كل إحسان عقلاً وسمعاً ولم يخصّ . ثم ناقش حجتهم في دعوى نسخ الآية بآية المواريث وبما روي من طرقهم أن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) قال: لا وصية لوارث، ثمّ بيّن فساد دعوى النسخ مع بيان ضعف هذا الحدیث بجميع طرقه وأسانيده وشذوذه . . . فراجع المصدر أعلاه.
4- البقرة/ 180.
5- التهذيب ،9 نفس الباب، ج 3 . الفقيه 4 ، 90 - باب الوصية للوارث، ح 1 .

6 - باب ما للإنسان أن يوصي به بعد موته وما يستحب له من ذلك

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: كان البراء بن معرور الأنصاريّ بالمدينة، وكان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ،بمكّة وأنّه حضره الموتُ، وكان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بمكّة وأصحابه والمسلمون يصلّون إلى بيت المقدس، وأوصى البراء إذا دُفِن، أن يُجْعَل وجهه إلى تلقاء النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) إلى القِبْلَة (1)، وأوصى بثلث ماله، فَجَرَتْ به السُّنَة(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد :قال كتب أحمد بن إسحاق إلى أبي الحسن (علیه السلام) ، أن درَّة بنت مقاتل توفّيت، وتركت ضيعة أشقاصاً(3) في مواضع (4)، وأوصت لسيّدها من أشقاصها بما يبلغ أكثر من الثلث، ونحن أوصياؤها وأحببنا أن ننهي ذلك إلى سيّدنا، فإن هو أمر بإمضاء الوصيّة على وجهها أمضيناها ، وإن أمر بغير ذلك انتهينا إلى أمره في جميع ما يأمر به إن شاء الله ؟ قال : فكتب (علیه السلام) بخطّه : ليس يجب لها من تركتها إلّا الثلث، وإن تفضّلتم وكنتم الورثة، كان جائزاً لكم إن شاء الله (5).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن شعيب بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرّجل يموت، مالَهُ من مالِهِ؟ فقال : له ثلث ماله، وللمرأة أيضاً (6).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: كان أمير

ص: 18


1- المقصود بالقبلة : قبلة اليوم، وهي الكعبة المشرّفة .
2- التهذيب 9. 11 - باب الوصية بالثلث وأقلّ . .. ، ح 3 . الفقيه ،4، 85 - باب ما يجب من رد الوصية إلى المعروف و ...، ح 4 .
3- اشقاص : جمع شِقص وهو السهم .
4- في التهذيب : في موضع ...، وفي الفقيه في موضع كذا.
5- التهذيب 9 11 - باب الوصية بالثلث وأقل منه وأكثر ، ح4. الفقيه 4، 85 - باب ما يجب من رد الوصية إلى المعروف و ... ، ح 5 .
6- التهذيب ،9 نفس الباب، ح.2. الاستبصار 4، 74 - باب أنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ، ح 2 . وفي ذيله : والمرأة أيضاً، بدل وللمرأة أيضاً الفقيه 4 ، 84 - باب مقدار ما يستحب الوصية به ، ح 2 . هذا، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم صحة الوصية بالزائد على الثلث وتوقف النفوذ فيه على إجازة الورثة .

المؤمنين صلوات الله عليه يقول : لَئِنْ أوصي بخمس ما لي أحبُّ إليَّ من أن أوصي بالرّبع، ولئن أوصي بالرُّبع أحبُّ إليَّ من أن أوصي بالثّلث، ومن أوصى بالثّلث فلم يترك فقد بالغ .

قال : وقضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل توفّي وأوصى بماله كلّه أو أكثره، فقال : إنّ الوصيّة تُردُّ إلى المعروف غير المنكر، فمن ظلم نفسه وأتى في وصيّته المنكر والحَيْف فإنها تُرَدِّ إلى المعروف، ويترك لأهل الميراث ميراثهم .

وقال : من أوصى بثلث ماله فلم يترك ، وقد بلغ المدى، ثمّ قال : لئن أوصي بخمس مالي أحب إليَّ من أن أوصي بالرُّبع (1).

5 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن الوشاء، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : من أوصى بالثلث فقد أضرّ بالورثة، والوصيّة بالخمس والربع أفضل من الوصيّة بالثلث، ومن أوصى بالثلث فلم يترك(2).

6- عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم ؛ وحفص بن البختريّ ؛ وحمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: من أوصى بالثلث فلم يترك(3).

7- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : من أوصى بثلث مالِهِ ثمَّ قُتِلَ خطاً ، فإنَّ ثلث ديته داخل في وصيّته (4).

7 - باب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : في رجل أوصى بوصيّة وورثته ،شهود فأجازوا ذلك، فلمّا مات الرَّجل،

ص: 19


1- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 5 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 3 ، وروى بعضه . وروى بعضاً منه أيضاً برقم (1) من الباب 85 من نفس الجزء من الفقيه الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 3 . وقوله (علیه السلام) : فقد بلغ المدى يعني بلغ الغاية، وهو كناية عن المبالغة في وصيته إلى حدود الحيف والإجحاف .
2- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 1 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح .1 الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 4 . قال المحقق في الشرائع :249/2 والوصية بما دون الثلث أفضل حتى أنها بالربع أفضل من الثلث، وبالخمس أفضل من الربع .
3- انظر التخريج السابق .
4- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح 6 . وكرره برقم 2 من الباب 15 من نفس الجزء من التهذيب. وكرره بتفاوت يسير برقم 1167 من التسلسل العام من الجزء 10 من التهذيب أيضاً الفقيه 4 ، 122 - باب الرجل يوصي من ماله لرجل بشيء ثم يقتل خطأ، ح 2 وليس فيه ذكر لأمير المؤمنين (علیه السلام).

نقضوا الوصيّة، هل لهم أن يَرُدُّوا ما أقرُّوا به؟ قال : ليس لهم ذلك، الوصيّة جائزة عليهم إذا أقرُّوا بها في حياته (1).

أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) مثله (2).

8 - باب الرجل يوصي بوصية ثم يرجع عنها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : للموصي أن يرجع في وصيّته إن كان في صحّة أو مرض (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن بريد العجليّ ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لصاحب الوصيّة أن يرجع فيها، ويُحْدِثَ في وصيته ما دام حيّاً(4) .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) أنَّ المُدَبَّر من الثلث، وأنَّ للرجل أن ينقض وصيّته فيزيد فيها وينقص منها ما لم يَمُت (5).

ص: 20


1- التهذيب 9 ، 11 - باب الوصية بالثلث وأقلّ منه منه و . . . ، ح 7 . الاستبصار 4، 74 - باب أنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ح 14 . الفقيه 4، 95 - باب فيمن أوصى بأكثر من الثلث وورثته شهود فا....، ح1. والظاهر من الحديث أن الموصي كان قد أوصى بأكثر من الثلث وأقر الورثة وصيته وأجازوها ثم تراجعوا بعد موته عن إمضاء ذلك الزائد، وفي كفاية الإجازة للزائد حال حياة الموصي قولان عند أصحابنا، يقول الشهيدان: وتكفي الإجازة حال حياة الموصي وإن لم يكن الوارث مالكاً الآن لتعلق حقه بالمال، وإلا لم يمنع الموصي من التصرف فيه، ولصحيحة منصور بن حازم وحسنة محمد بن مسلم عن الصادق (علیه السلام) وقيل : لا يعتبر إلا بعد وفاته لعدم استحقاق الوارث المال حينئذ وقد عرفت جوابه والقول الأول هو المشهور عندنا كما صرح بذلك المحقق في الشرائع 245/2 .
2- التهذيب 9 نفس الباب ، ح 8 الفقيه 4 ، نفس الباب، ح.2 الاستبصار 4 نفس الباب ، ح 15 .
3- التهذيب 9 ، 10 - باب الرجوع في الوصية ، ح 13 . الفقيه 4، 94 - باب الرجوع عن الوصية، ح 2 .
4- التهذيب 9 نفس الباب ، ح 14 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 1 .
5- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 15 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 3 . هذا، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن للموصي الرجوع عن وصيته ما دام حياً باعتبارها عقداً جائزاً بلا فرق في ذلك بين الوصية العهدية والتمليكية يقول المحقق في الشرائع والوصية عقد جائز من طرف الموصي ما دام حياً سواء كانت بمال أو ولاية، ويتحقق الرجوع بالتصريح أو بفعل ما ينافي الوصية...».

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابه قال: قال عليُّ بن الحسين (علیه السلام) : للرجل أن يغيّر وصيّته، فيعتق من كان أمَرَ بملكه، ويملّك من كان أمر بعتقه، ويعطي من كان حَرَمَهُ، ويَحْرُم من كان أعطاه ، ما لم يَمُت (1).

9 - باب من أوصى بوصية فمات الموصى له قبل الموصي أو مات قبل أن يقبضها

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل أوصى لآخر والموصى له غائب، فتوفّي الّذي أوصى له قبل الموصي ، قال : الوصيّة لوارث الّذي أوصى له، قال : ومن أوصى لأحد شاهداً كان أو غائباً، فتوفّي الموصى له قبل الموصي، فالوصيّة لوارث الّذي أوصى له إلّا أن يرجع في وصيّته قبل موته (2) .

2 - محمّد بن يحيى، عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر، عن عمرو بن سعيد المدايني، عن محمّد بن عمر الساباطي قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل أوصى إليَّ وأمرني أن أعطي عمّاً له في كلّ سنة شيئاً، فمات العمُّ؟ فكتب (علیه السلام) : أعطه ورثته (3).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أيّوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر قال : سألته عن رجل أوصى له بوصيّة فمات قبل أن يقبضها، ولم يترك عَقِباً؟ قال : أطلب له وارثاً أو مولى فادفعها إليه ، قلت : فإن لم أعلم له وليّاً ؟ قال : اجهد على أن تقدر له على وليّ، فإن لم تجده وعلم الله عزَّ وجلَّ منك الجِدَّ، فتصدَّق بها (4).

ص: 21


1- التهذيب 9 ، 10 - باب الرجوع في الوصية ، ح .16 . الفقيه 4، 94 - باب الرجوع في الوصية ، ح 4 بتفاوت في الذيل في الجميع .
2- التهذيب 9 ، 19 - باب الموصى له بشيء يموت قبل الموصي ، ح 1 . الاستبصار 4 ، 85 - باب الموصى له يموت قبل الموصي ، ح 1 الفقيه 4 ، 105 - باب الموصى له يموت قبل الموصي أو قبل أن ...، ح 2 ، وفي ذيله قبل أن يموت . والقول بأن وارث الموصى له إذا مات هذا الأخير قبل الموصي يرث ما أوصي به له هو على أشهر الروايتين عند أصحابنا رضوان الله عليهم، والقول الآخر هو بطلان الوصية، يقول المحقق في الشرائع 255/2 : «ولو أوصى لإنسان فمات قبل الموصي، قيل : بطلت الوصية ، وقيل : إن رجع الموصي بطلت الوصية سواء رجع قبل موت الموصى له أو بعده ، وإن لم يرجع كانت الوصية لورثة الموصى له، وهو أشهر الروايتين....».
3- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 2 . الاستبصار ،4 نفس الباب ، ح 2 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 1 .
4- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح .. الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 3 وفي سندهما زيادة: عن مثنى قال : سألته عن.... ، الفقيه 4 ، نفس الباب ح 3 وفيه : منك الجهد . . . ، بدل منك الجدّ... هذا ويقول المحقق في الشرائع / ن . م : «ولو لم يخلف الموصى له أحداً رجعت إلى ورثة الموصي».

1 - باب إنفاذ الوصية على جهتها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل أوصى بماله في سبيل الله ؟ فقال : أعطه لمن أوصى به له وإن كان يهوديّاً أو نصرانيّاً، إنَّ الله تبارك وتعالى يقول (1) : (فمن بدّله بعد ما سمعه فإنّما إثمه على الذين يبدِّلونه(2)) .

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن عليّ بن الحكم عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (علیه السلام) في رجل أوصى بماله في سبيل الله؟ قال : أعط لمن أوصى له به وإن كان يهوديّاً أو نصرانيّاً، إنَّ الله تبارك وتعالى يقول : (فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدّلونه) (3).

3- عدَّةُ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليِّ بن مهزیار قال : كتب أبو جعفر (علیه السلام) إلى جعفر وموسى : وفيما أمرتكما من الإشهاد بكذا وكذا نجاة لكما في آخرتكما، وإنفاذاً لما أوصى به أبواكما، وبرّاً منكما لهما ، واحذرا أن لا تكونا بدَّلتما وصيّتهما ولا غيّرتماها عن حالها، لأنّهما قد خرجا من ذلك رضي الله عنهما وصار ذلك في رقابكما، وقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه في الوصيّة : (فمن بدِّله بعدما سمعه فإنّما إثمه على الّذين يبدّلونه إنَّ الله سمیع عليم) .

4 - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب أنَّ رجلاً كان بهمذان ذكر أنَّ أباه مات وكان لا يعرف هذا الأمر (4)، فأوصى بوصيّة عند الموت، وأوصى أن يعطى شيء في سبيل الله ، فسئل عنه أبو عبد الله (علیه السلام): كيف يفعل به، فأخبرناه أنّه كان لا يعرف هذا الأمر ، فقال : لو أنَّ رجلاً أوصى إليّ أن أضع في يهوديّ أو نصرانيّ لوضعته

ص: 22


1- البقرة/ 181 .
2- التهذيب 9 ، 13 - باب الوصية لأهل الضلال ، ح ... وذكره أيضاً مسند مختلف جزئياً برقم 1 من نفس الباب . الاستبصار ،4 77 - باب الوصية لأهل الضلال، ح 1 ، وكرره بسند آخر برقم 5 من نفس الباب . الفقيه 4 ، 96 - باب وجوب إنفاذ الوصية والنهي عن تبديلها، ح 1 .
3- راجع التخريج السابق .
4- يعني التشيّع.

فيهما ، إنّ الله عزّ وجلَّ يقول : (فمن بدّله بعدما سمعه فإنّما إثمه على الّذين يبدّلونه)، فانظروا إلى من يخرج إلى هذا الوجه - يعني [بعض] الثغور - فابعثوا به إليه(1) .

5 - محمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سليمان، عن الحسين بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : إنَّ رجلاً أوصى إليّ بشيء في السبيل (2)؟ فقال لي : اصرفه في الحجِّ ، قال : قلت له : أوصى إليَّ في السبيل؟ قال : اصرفه في الحجّ، فإنّي لا أعلم شيئاً من سبيله أفضلَ من الحجّ (3) .

11 - باب آخر منه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن حجّاج

الخشّاب، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن امرأة أوصت إليَّ بمال أن يُجعل في سبيل الله ، فقيل لها : نحجّ به؟ فقالت: اجعله في سبيل الله فقالوا لها فنعطيه آل محمد (علیه السلام)؟ قالت : اجعله في سبيل الله ، فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : اجعله في سبيل الله كما أمرت ، قلت : مُرْني كيف أجعله؟ قال : اجعله كما أَمَرَتك، إنَّ الله تبارك وتعالى يقول: (فمن بدّله بعدما سمعه فإنّما إثمه على الّذين يبذلونه إنَّ الله سميع عليم) ، أرأيتك لو أَمَرَتك أن تعطيه يهوديّاً كنت تعطيه نصرانيّاً؟ قال : فمكثت بعد ذلك ثلاث سنين، ثمّ دخلت عليه فقلت له مثل الّذي قلت أوَّل مرَّة، فسكت هنيئة ثمّ قال: هاتها قلت : من أعطيها؟ قال : عيسى شَلْقان (4).

2 - محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن عيسى ؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن

ص: 23


1- التهذيب 9 ، 13 - باب الوصية لأهل الضلال، ح 2 . الاستبصار 4 ، 77 - باب الوصية لأهل الضلال، ح 2 . الفقيه 4 96 - باب وجوب إنفاذ الوصية والنهي عن تبديلها ح 2 . هذا، وفي صحة الوصية للذمي قولان عند أصحابنا رضوان الله عليهم، يقول المحقق في الشرائع 253/2 : وتصح الوصية للأجنبي والوارث، ونصح للذمي وإن كان أجنبياً ، وقيل : لا يجوز مطلقاً، ومنهم من خص الجواز بذوي الأرحام، والأول أشبه ، وفي الوصية للحربي ،تردد أظهره المنع».
2- يعني : في سبيل الله.
3- التهذيب 9 نفس الباب، ح .6 . الاستبصار 4 ، 78 - باب من أوصى بشيء في سبيل الله تعالى، ح الفقيه 4، 101 - باب الرجل يوصي بمال في سبيل الله ، ح 2 بتفاوت في الذيل . قال المحقق في الشرائع :255/2 : «ولو أوصى في سبيل الله صُرف إلى ما فيه أجر، وقيل: يختص بالغزاة، والأول أشبه». وبهذا المعنى جزم الشهيدان رحمهما الله في كتابيهما اللمعة والروضة فراجع .
4- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 7 . الاستبصار 4 ، 78 - باب من أوصى بشيء في سبيل الله تعالى، ح 3 قال الفيض في الوافي م 13 ص 21: سبيل الله عند العامة الجهاد . ولما لم يكن جهادهم مشروعا جاز العدول عنه إلى فقراء الشيعة، وشَلّقان لقب عيسى بن أبي منصور، وكان خيراً فاضلا .

أحمد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن راشد قال: سألت العسكريّ (علیه السلام) بالمدينة عن رجل أوصى بمال في سبيل الله ؟ فقال : سبيل الله : شِيعَتنا (1).

12 - باب آخر منه

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن أبي طالب عبد الله بن الصلت قال : كتب الخليل بن هاشم إلى ذي الرياستين - وهو والي نيسابور - أنَّ رجلاً من المجوس مات وأوصى للفقراء بشيء من ماله فأخذه قاضي نيسابور فجعله في فقراء المسلمين؟ فكتب الخليل إلى ذي الرّياستين بذلك، فسأل المأمون عن ذلك فقال : ليس عندي في ذلك شيء، فسأل أبا الحسن (علیه السلام) ، فقال أبو الحسن (علیه السلام) : إنَّ المجوسي لم يوص لفقراء المسلمين، ولكن ينبغي أن يؤخذ مقدار ذلك المال من مال الصدقة، فيُردّ على فقراء المجوس (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن الريّان بن شبيب قال : أوصت ماردة لقوم نصارى فرَّاشين بوصيّة، فقال أصحابنا : أقسِم هذا في فقراء المؤمنين من أصحابك، فسألت الرضا (علیه السلام) فقلت : إنَّ أُختي أوصت بوصيّة لقوم ،نصارى، وأردت أن أصرف ذلك إلى قوم من أصحابنا مسلمين ؟ فقال : امضِ الوصية على ما أوصت به قال الله تبارك وتعالى : (فإنّما إثمه على الّذين يبدّلونه) (3).

ص: 24


1- التهذيب 9، 13 - باب الوصية لأهل الضلال، ح.8. الاستبصار 4 ، 78 - باب من أوصى بشيء في سبيل الله تعالى ، ح 102 الفقيه 4 ، 101 - باب الرجل يوصي بمال في سبيل الله، ح1. قال الشيخ في التهذيب بعد ذكره الحديث ذكر أبو جعفر ابن بابويه رحمه الله الوجه في الجمع بين هذا الخبر والخبر الذي قال فيه : سبيل الله : الحج، إن المعنى في ذلك أن يعطى المال لرجل من الشيعة ليحج به فيكون قد انصرف فى الوجهين معاً وسلمت الأخبار من التناقض، وهذا وجه حسن .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ح 4. الاستبصار 4 ، 77 - باب الوصية لأهل الضلال، ح 4 ، الفقيه 4 ، 96 - باب وجوب إنقاذ الوصية والنهي عن تبديلها ح 3 . وقد دل الحديث على أن الوصية من هذا الباب تنصرف إلى أهل نحلة الموصي عند الإطلاق، وبهذا التزم أصحابنا رضوان الله عليهم، يقول المحقق في الشرائع 255/2 : (وإذا أوصى المسلم للفقراء، كان لفقراء ملته ، ولو كان كافرا انصرف إلى فقراء نحلته». وقوله (علیه السلام) : من مال الصدقة أي الزكاة ويحتمل أنه بلحاظ كون خطأ القضاة مضموناً في بيت المال، وحيث أخطأ قاضي نيشابور في تنفيذ الوصية فإن بيت المال يتحمل نتيجة ذلك الخطأ .
3- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 3 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح. وفيهما فقراء المسلمين. بدل: فقراء المؤمنين...

13 - باب من أوصى بعتق أو صدقة أو حج

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : في رجل أوصى بأكثر من الثلث، وأعتق مملوكه في مرضه؟ فقال : إن كان أكثر من الثَّلث رُدَّ إلى الثلث، وجاز العتق (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إن أعتق رجلُ عند موته خادماً له ، ثمَّ أوصى بوصيّة أخرى، ألقيت الوصيّة، وأعتق الخادم من ثلثه، إلّا أن يَفْضُل من الثلث ما يبلغ الوصيّة (2).

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إسماعيل بن همّام، عن أبي الحسن (علیه السلام) في رجل أوصى عند موته بمال لذوي قرابته، وأعتق مملوكاً له، وكان جميع ما أوصى به يزيد على الثلث، كيف يصنع في وصيّته؟ فقال : يبدأ بالعتق فينفذه (3).

4 - محمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل حضره الموت فأعتق مملوكه ، وأوصى بوصيّة فكان أكثر من الثلث؟ قال : يُمضى عتق الغلام، ويكون النقصان فيما بقي (4).

5 - أبو عليّ الأشعريُّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن سويد القلا عن أيّوب بن الحرّ، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت له : إنَّ علقمة بن محمّد أوصاني أن أعتق عنه رقبة، فأعتقت عنه امرأة ،

ص: 25


1- يدل الحديث على مذهب الشيخ وابن الجنيد في تقديم العتق على غيره من الوصايا وإن تأخر عنها في الترتيب مع قصور الثلث، وهو خلاف المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم من وجوب التوزيع مع عدم الترتيب والابتداء بالسابق في الذكر معه ونفس الكلام يأتي فيما يليه من أحاديث .
2- التهذيب 9 ، 11 - باب الوصية بالثلث وأقل منه وأكثر ، ح 18 . وكرره برقم 10 من الباب 18 من نفس الجزء بتفاوت يسير وفيه واعتقت الجارية ... بدل : وأعتق الخادم...
3- التهذيب 9 ، 18 - باب وصية الإنسان لعبده وعتقه له ، ح 11 . الاستبصار 4 ، 82 - باب من أوصى بحج وعتق وصدقة ولم ... ، ح 3 . الفقيه 4 ، 106 - باب الوصية بالعتق والصدقة والحج ، ح ه بتفاوت يسير في الجميع .
4- التهذيب 9 ، 11 - باب الوصية بالثلث وأقل منه و. منه و...، ح 12 . الاستبصار ،4، 74 - باب أنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ، ح 4. الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 4. وفي سند التهذيبين علي بن أسباط، بدل : علي بن الحكم.

أفتجزيه، أو أعتق عنه من مالي؟ قال: يجزيه، ثمَّ قال لي : إنَّ فاطمة أمَّ ابني أوصت أن أعتق عنها رقبة، فأعتقت عنها امرأة (1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألني رجل عن امرأة توفّيت ولم تحجّ، فأوصت أن ينظر قدر ما يحجّ به ، فسأل عنه فإن كان أمثل أن يوضع في فقراء ولد فاطمة وضع فيهم، وإن كان الحجّ أمثل حجّ عنها، فقلت له : إن كانت عليها حجّة مفروضة، فإن ينفق ما أوصت به في الحجّ ، أحبُّ إليَّ من أن يقسّم في غير ذلك(2).

7 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار؛ في رجل مات وأوصى أن يحجَّ عنه ؟ فقال : إن كان صرورة يحجّ عنه من وسط المال وإن كان غير صرورة فمن الثلث (3).

8- عنه ، عن معاوية بن عمّار في امرأة أوصت بمال في عتق وصدقة وحجّ ، فلم يبلغ ؟ قال: ابدء بالحجّ، فإنّه مفروض، فإن بقي شيء فاجعله في الصدقة طائفة، وفي العتق طائفة (4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة قال : سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل أوصى بثلاثين ديناراً يُعتق بها رجل من أصحابنا، فلم يوجد بذلك؟ قال : يُشْتَرى من الناس فيُعْتَق (5).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة قال: سألت عبداً صالحاً (علیه السلام) عن رجل هلك فأوصى بعتق نَسَمَة مسلمة بثلاثين ديناراً، فلم يوجد له بالّذي سَمّي ؟ قال : ما أرى لهم أن يزيدوا على الّذي سمّي، قلت: فإن لم يجدوا ؟ قال : فليشتروا من عرض الناس ما لم يكن ناصباً (6).

ص: 26


1- التهذيب 9، 18 - باب وصية الإنسان لعبده وعتقه له، ح15. وذكره أيضاً برقم 81 من الباب 10 من الجزء 8 من التهذيب . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 8 .
2- التهذيب 9 ، 18 - باب وصية الإنسان لعبده وعتقه له ، ح 51 بتفاوت يسير .
3- الفقيه 4 ، 106 - باب الوصية بالعتق والصدقة والحج ، ح 9 وأخرجه عن أبي عبد الله (علیه السلام) بتفاوت يسير .
4- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 8 الاستبصار 4 ، 82 - باب من أوصى بحج وعتق وصدقة ولم يبلغ الثلث ذلك، ح 1. الفقيه ،2 ، 161 - باب ما يقضى عن الميت من حجة الإسلام أوصى أو ...، ح 4.
5- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 13 . الفقيه ،4 ، 106 - باب الوصية بالعتق والصدقة والحج، ح 11.
6- الفقيه 4 ، نفس الباب ح 12 بتفاوت يسير .

11 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان،عن محمّد بن مروان، عن الشيخ (علیه السلام) ، أنّ أبا جعفر (علیه السلام) مات وترك ستّين مملوكاً، فأعتق ثلثهم، فأقرعتُ بينهم، وأخرجتُ الثلث (1).

12 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن محرّرة أعتقها أخي وقد كانت تخدم مع الجواري، وكانت في عياله، فأوصاني أن أنفق عليها من الوسط؟ فقال : إن كانت مع الجواري وأقامت عليهنَّ، فأنفِق عليها، واتَّبِع وصيّته (2).

13 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل أوصى أن يعتق عنه نسمة بخمسمائة درهم من ثلثه، فاشتري نسمة بأقلّ من خمسمائة درهم وفضلت فضلة، فما ترى؟ قال : تدفع الفضلة إلى النَسَمة من قبل أن تعتق، ثمَّ تعتق عن الميّت (3).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال : أوصت إلىَّ امرأة من أهلي بثلث مالها وأمرت أن يُعتق ويُحَجّ ويتصدَّق، فلم يبلغ ذلك، فسألت أبا حنيفة عنها، فقال : تجعل أثلاثاً ، ثلثاً في العتق ، وثلثاً في الحجّ، وثلثاً في الصدقة، فدخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) فقلت: إنَّ امرأة من أهلي ماتت وأوصت إليَّ بثلث مالها، وأمرت أن يعتق عنها ويتصدَّق ويحجّ عنها، فنظرت فيه فلم يبلغ ؟ فقال : ابدء بالحجَّ فإنّه فريضة من فرائض الله عزَّ وجلَّ، ويجعل ما بقي طائفة في العتق ، وطائفة في الصدقة، فأخبرت أبا حنفية بقول أبي عبد الله (علیه السلام)، فرجع عن قوله وقال بقول أبي عبد الله (علیه السلام) (4).

ص: 27


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 14 بتفاوت يسير . وذكره أيضاً برقم 22 من الباب 90 من الجزء 6 من التهذيب، وبرقم 76 من الباب 10 من الجزء 8 من التهذيب أيضاً الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 13.
2- التهذيب 9 ، 18 - باب وصية الإنسان لعبده وعتقه له ، ح 16 . الفقيه 4 ، 106 - باب الوصية بالعتق والصدقة والحج ، ح 14 . وقد حمله بعض الأصحاب على الاشتراط فيما لو دلّت القرائن عليه وعلى ما إذا وفى الثلث بمجموع الإنفاق.
3- التهذيب 9 نفس الباب، ح 18 . الفقيه ،4 ، نفس الباب، ح 15 . وحمل الأصحاب الرواية على ما إذا لم توجد النسمة بنفس القيمة المحددة مع توقعه لوجودها . قال المحقق في الشرائع :« لو أوصى بعتق رقبة بثمن معين فلم توجد به لم يجب شراؤها وتوقع وجودها بما عين له، ولو وجدها بأقل اشتراها وأعتقها ودفع إليها ما بقي».
4- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 19 ، الاستبصار 4 ، 82 - باب من أوصى بحج وعتق وصدقة ولم . . . ، ح 2 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 1 .

15 - عدَّةُ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي جميلة ، عن حمران، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل أوصى عند موته : أعتق فلاناً وفلاناً وفلاناً وفلاناً وفلاناً، فنظرت في ثلثه فلم يبلغ أثمان قيمة المماليك الخمسة الّتي أمر بعتقهم؟ قال : ينظر إلى الذين سمّاهم ويبدء بعتقهم، فيقومون، وينظر إلى ثلثه فيعتق منه أول شيء ، ثمَّ الثاني، ثمّ الثالث، ثم الرابع، ثم الخامس، فإن عجز الثلث، كان (1) في الذي سمّى أخيراً، لأنّه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك، فلا يجوز له ذلك (2).

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن داود بن أبي يزيد قال : سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن رجل كان في سفر، ومعه جارية له، وغلامان مملوكان، فقال لهما : أنتما حرّان لوجه الله ، وأشهدا أنَّ ما في بطن جاريتي هذه منّي، فولدت غلاماً، فلمّا قدموا على الورثه أنكروا ذلك واسترقوهم ، ثمَّ إنَّ الغلامين اعتقا بعد ذلك، فشهدا بعدما أعتقا أنَّ مولاهما الأوّل أشهدهما أنَّ ما في بطن جاريته منه ؟ قال : يجوز شهادتهما للغلام، ولا يسترقّهما الغلام الّذي شهدا له، لأنّهما أثبتا نَسَبَه (3).

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أحمد بن زياد عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: سألته عن رجل تحضره الوفاة، وله مماليك لخاصّة نفسه، وله مماليك في شركة رجل آخر، فيوصي في وصيّته : مماليكي أحرار، ما حال مماليكه الّذين في الشركة؟ فقال : يقوَّمون عليه إن كان ماله يحتمل ، ثمَّ هم أحرار (4).

18 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن النضر بن شعيب المحاربي(5)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل توفّي وترك جارية أعتق ثلثها، فتزوَّجها الوصيُّ قبل أن يقسّم شيء من

ص: 28


1- يعني وقع العجز.
2- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 17 ، وكان ذكره برقم 20 من الباب 11 من نفس الجزء من التهذيب بتفاوت قليل في الموضعين الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 3 .
3- التهذيب 9، 18 - باب وصية الإنسان لعبده و...، ح 20 . الاستبصار 4 ، 83 - باب من خلف جارية حبلى ومملوكين فشهدا على الميت أن . ح 2 . الفقيه 4 ، 106 - باب الوصية بالعتق والصدقة و ... ، ح 2 .
4- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 22 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 7 بتفاوت يسير فيهما . يقول المحقق في الشرائع : ولو أوصى بعتق مماليكه دخل في ذلك من يملكه منفردا، ومن يملك بعضه وأعتق نصيبه حسب ، وقيل : «يقوم عليه حصة شريكه إن احتمل ثلثه لذلك، وإلا أعتق منهم ما يحتمله الثلث، وبه رواية فيها ضعف» .
5- في التهذيب الجازي. وكرره برقم 23 من الباب 18 من الجزء 9 من التهذيب وفيه : الحارثي . وفي الاستبصار : الحارثي، واسمه محمد بن أحمد بن محمد بن الحرث .

الميراث، أنّها تُقَوَّم وتُسْتَسْعى هي وزوجها في بقيّة ثمنها بعدما يُقَوّم، فما أصاب المرأة من عتق أو رِقٍ فهو يجري على ولدها (1).

14 - باب إن من حاف في الوصية فللوصي أن يردّها إلى الحق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن رجاله قال : قال : إنّ الله عزّ وجل أطلق للموصى إليه أن يغيّر الوصيّة إذا لم يكن بالمعروف وكان فيها حَيف ويردَّها إلى المعروف، لقوله عزّ وجل (2):( فمن خاف من موص جَنَفاً أو إثماً فأصلح بينهم فلا إثم عليه) .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب عن محمّد بن سوقة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن قول الله تبارك وتعالى :( فمن بدله بعدما سمعه فإنّما إثمه على الّذين يُبدّلونه ) (3)؟ قال : نسختها الآية الّتي بعدها، قوله عزّ وجل: (فمن خاف من موص جَنَفاً أو إثماً فأصلح بينهم فلا إثم عليه)، قال: يعني الموصى إليه إن خاف جَنَفاً من الموصي فيما أوصى به إليه، ممّا لا يرضى الله به من خلاف الحقّ، فلا إثم عليه، أي على الموصى إليه أن يبدّله إلى الحقّ، وإلى ما يرضى الله به من سبيل الخير (4).

15 - باب أن الوصي إذا كانت الوصية في حق فَغَيَّرها فهو ضامن

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وحميد بن زياد، عن عبيد الله بن أحمد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن زيد ،النرسيّ، عن عليّ بن فَرْقَد صاحب السابريّ قال : أوصى إلىَّ رجل بتركته ، وأمرني أن أحجّ بها عنه ، فنظرت في ذلك، فإذا شيء يسير لا يكفي للحجّ، فسألت أبا حنيفة وفقهاء أهل الكوفة، فقالوا : تصدَّق بها عنه، فلمّا حججت لَقِيتُ عبد الله بن الحسن في

ص: 29


1- الاستبصار 4، 4 - باب من أعتق بعض مملوكه ، ح 4. التهذيب ،8 كتاب العتق و . . . ، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 60 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 6 وفي سنده : عن النضر بن شعيب عن خالد بن زياد، عن الحارثي ... الخ .
2- البقرة/ 182 . والجَنَف الجور والعدول عن الحق وهو أصله في كلام العرب. وقيل : الجَنَف - هنا - الخطأ.
3- البقرة/ 181 .
4- التهذيب 9 ، 9 - باب الأوصياء ، ح ه .

الطواف، فسألته وقلت له : إنَّ رجلاً من مواليكم من أهل الكوفة مات وأوصى بتركته إليَّ، وأمرني أن أحجّ بها عنه ، فنظرت في ذلك فلم يكفِ للحجّ ، فسألت مَن قِبَلَنا من الفقهاء فقالوا : تصدَّق بها، فتصدَّقت بها، فما تقول؟ فقال لي : هذا جعفر بن محمّد في الحِجر فأتِهِ وسَلْه، قال : فدخلت الحجر فإذا أبو عبد الله (علیه السلام) تحت الميزاب مقبل بوجهه على البيت يدعو، ثمَّ التفت إليّ فرآني فقال: ما حاجتك؟ قلت : جُعِلْتُ فِداك ، إنّي رجل من أهل الكوفة من مواليكم قال فدع ذا عنك حاجتَك؟ قلت : رجل مات وأوصى بتركته أن أحجَّ بها عنه، فنظرت في ذلك فلم يكف للحجّ، فسألت مَن عندنا من الفقهاء فقالوا : تصدّق بها، فقال : ما صنعت؟ قلت: تصدَّقت بها ، فقال : ضمنتَ إلّا أن يكون لا يبلغ أن يحجّ به من مكّة ، فإن كان لا يبلغ أن يحجّ به من مكّة فليس عليك ضمان، وإن كان يبلغ به من مكّة، فأنت ضامن(1) .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي سعيد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سئل عن رجل أوصى بحجّة، فجعلها وَصِيَّهُ فِي نَسَمَة؟ فقال : يغرمها وَصِيَّه ، ويجعلها في حجّة كما أوصى به، فإنّ الله تبارك وتعالى يقول : (فمن بدّله بعدما سمعه فإنّما إثمه على الذين يبدّلونه ) (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن محمد بن مارد قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل أوصى إلى رجل وأمره أن يعتق عنه نَسَمَةً بستّمائة درهم من ثلثه، فانطلق الوصيُّ فأعطى الستمائة درهمٍ رجلا يحجّ بها عنه ؟ قال : فقال : أرى أن يغرم الوصيّ من ماله ستّمائة درهم ويجعل الستّمائة درهم فيما أوصى به الميّت من نَسَمَة (3).

ص: 30


1- التهذيب 9، 18 - باب وصية الإنسان لعبده وعتقه له ، ح 46 بتفاوت ونقيصة . الفقيه 4 ، 102 - باب ضمان الوصيّ لما يغيّره عما أوصى به الميت، ح 3 .
2- التهذيب 5، 26 - باب من الزيادات في فقه الحج ، ح 416 بزيادة في آخره وفي سنده : سعيد، بدل : عن أبي سعيد . الفقيه 2 ، 162 - باب الرجل يوصي بحجة فيجعلها وصيّه في نسمة، ح 1 . قوله : في نسمة : أي يشتري بالمال مملوكاً فيعتقه بدل الحج . وقد دل الحديث أولاً على حرمة تبديل الوصية من قبل الوصي أو غيره بل يجب تنفيذها كما وضعها الموصي إذا لم يكن فيها حيف أو ظلم أو معصية، ودل ثانياً على أن الوصي لو تصرّف وغيّر الوصية من عند نفسه وكانت في حق فهو ضامن.
3- التهذيب ،9 ، 18 - باب وصية الإنسان لعبده وعتقه له ، ح 37 . الفقيه 4 ، 102 - باب ضمان الوصي لما يغيره عما أوصى به الميت، ح 2 . هذا، وقد أفنى أصحابنا بأن الوصي يضمن ما يفعله في مال الموصي مخالفاً لشروط الوصية أو في حال تفريطه فقط لأنه أمين .

16 - باب إن المدبَّر من الثلث

عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن

أحدهما (علیه السلام) قال : المدبّر من الثلث (1).

2 - عنه ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يدبّر مملوكه، ألهُ أن يرجع فيه؟ قال: نعم، هو بمنزلة الوصيّة (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن عليّ بن الحكم، عن ، العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : المدبّر من الثلث، وقال: للرجل أن يرجع في ثلثه إن كان أوصى في صحّة أو مرض (3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن المدبّر؟ قال: هو بمنزلة الوصيّة، يرجع فيما شاء منها (4).

17 - باب إنه يبدء بالكفن ثم بالدين ثم بالوصية

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله سنان ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الكفن من جميع عبد المال (5).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن معاذ عن زرارة قال: سألته عن رجل مات

ص: 31


1- التهذيب 9 نفس الباب، ح 35 .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 36 . الفقيه 4 ، 127 - باب نوادر الوصايا، ح 19 . يقول المحقق في الشرائع 3/ 120:« التدبير، بصفة الوصية، يجوز الرجوع فيه قولاً، كقوله : رجعت في هذا التدبير وفعلا كان يهب أو يعتق أو يقف . . . الخ» .
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 33 ، الفقيه ،3، 49 - باب التدبير، ح 6 .
4- التهذيب 9، 18 - باب وصية الإنسان لعبده وعتقه له ، ح 34 .
5- التهذيب 9 ،5 - باب الإقرار في المرض، ح 42 . وذكره برقم 52 من الباب 23 من الجزء الأول من التهذيب أيضاً . الفقيه 4 ، 88 - باب أول ما يبدأ به من تركة الميت، ح 3 .

وعليه دين بقدر ثمن كفنه؟ فقال : يجعل ما ترك في ثمن كفنه، إلّا أن يتّجر عليه بعض الناس، فيكفنه، ويقضي ما عليه ممّا ترك (1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أوَّل شيء يبدء به من المال الكفن ثمَّ الدَّين ، ثمَّ الوصيّة ، ثمَّ الميراث (2).

18 - باب من أوصى وعليه دين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إنّ الدَّيْنَ قبل الوصيّة، ثمَّ الوصيّة على إثر الدَّين، ثمّ الميراث بعد الوصيّة، فإنَّ أوَّل القضاء كتاب الله عزّ وجلَّ (3).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبان بن عثمان ، عن رجل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل أوصى إلى رجل وعليه دَين؟ فقال: يقضي الرجل ما عليه من دَينه، ويقسّم ما بقي بين الورثة ، قلت : فسُرق ما كان أوصى به من الدَّين، ممّن يؤخذ الدَين أمِنَ الورثة؟ قال: لا يؤخذ من الورثة ولكن الوصيّ ضامن لها (4).

ص: 32


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 43 بتفاوت يسير، وذكره أيضاً بتفاوت برقم 16 من الباب 81 من الجزء 6 من التهذيب الفقيه 4 ، 89 - باب الرجل يموت وعليه دين بقدر ثمن كفنه ح 1 . قوله (علیه السلام): يتجر عليه : أي يطلب الأجر والثواب بالتبرع بكفنه، أو يطلب الأجرة من الله على ذلك وهو الثواب بناء على القول بأن الهمزة هنا لا تدغم بالتاء .
2- التهذيب ،9 نفس الباب، ح44. وذكره أيضاً عن أبي جعفر (علیه السلام) برقم 23 من الباب 81 من الجزء 6 من التهذيب الفقيه 4، 88 - باب أول ما يبدأ به من تركة الميت، ح 1 . هذا، وقد اتفق أصحابنا على أن الكفن من أصل المال كما أجمعوا على أن كفن المرأة على زوجها حتى ولو كان لها مال ولا يجب عليه فيه أزيد من الواجب في الكفن كما أجمعوا على أن الدين مقدم على الوصية سواء كان دينا الله سبحانه أو للناس كما إن الوصية مقدمة على الميراث، كل ذلك بنص القرآن الكريم والسنة الشريفة .
3- التهذيب 9 ، 5 - باب الإقرار في المرض ، ح 21 . الاستبصار 4 ، 70 - باب الرجل يموت وعليه دين وله أولاد صغار و ...، ح 4. الفقيه 4 ، 88 - باب أول ما يبدأ به من تركة الميت، ح 2 .
4- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 30 . الاستبصار 4 ، 72 - باب إن من أوصي إليه بشيء لأقوام فلم ...، ح 2 . وفيهما زيادة ... أم من الوصي؟ . الفقيه 4 ، 116 - باب ما جاء فيمن أوصى أو أعتق وعليه دين ، ح 3 . أقول : قوله : فشرق ... الخ ، لعله من خطأ النسّاخ ، إذ لو سُرق المال فلا يضمن الوصي شيئاً لأنه أمين إلا إذا فرّط في حفظه أو تهاون في إيصاله إلى مستحقه.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن زكريّا بن يحيى الشعيريّ(1)، عن الحكم بن عتيبة (2) قال : كنّا على باب أبي جعفر (علیه السلام) ونحن جماعة ننتظر أن يخرج، إذ جاءت امرأة فقالت : أيّكم أبو جعفر؟ فقال لها القوم : ما تريدين منه؟ قالت : أريد أن أسأله عن مسألة ، فقالوا لها هذا فقيه أهل العراق ،فَسَليه، فقالت : إن زوجي مات وترك ألف درهم، وكان لي عليه من صداقي خمسمائة درهم فأخذت صداقي وأخذت ميراثي ، ثمَّ جاء رجل فادَّعى عليه ألف درهم فشهدت له؟ قال الحكم فبينا أنا أحسب، إذ خرج أبو جعفر (علیه السلام) فقال : ما هذا الذي أراك تحرك به أصابعك يا حكم ؟ فقلت: إنَّ هذه المرأة ذكرت أن زوجها مات وترك ألف درهم، وكان لها عليه من صداقها خمسمائة درهم فأخذت صداقها وأخذت ميراثها، ثمَّ جاء رجل فادَّعى عليه ألف درهم، فشهدت له فقال الحكم فوالله ما أتممت الكلام حتّى قال : أقرَّت بثلث ما في يديها، ولا ميراث ،لها ، قال الحكم فما رأيت والله أفهمَ من أبي جعفر (علیه السلام) قطّ (3).

قال ابن أبي عمير وتفسير ذلك : أنّه لا راث لها حتّى تقضي الدَّين، وإنّما ترك ألف درهم وعليه من الدين ألف وخمسمائة درهم لها وللرَّجل، فلها ثلث الألف، وللرَّجل ثلثاها .

4 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل باع متاعاً من رجل، فقبض المشتري المتاع ولم يدفع الثمن، ثمَّ مات المشتري والمتاع قائم بعينه؟ قال : إذا كان المتاع قائماً بعينه، رُدَّ إلى صاحب المتاع، وقال ليس للغرماء أن يخاصِمُوه (4) .

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل يموت وعليه دين فيضمنه ضامن للغرماء؟ قال : إذا رضي الغرماء فقد برأت ذمّة الميّت(5).

ص: 33


1- في الفقيه السعدي .
2- في الفقيه : الحكم بن عُيينَة .
3- التهذيب 9 نفس الباب ، ح 17 بتفاوت بسير الاستبصار 4 69 - باب إقرار بعض الورثة لغيره بدين على ، الميت ، ح 2 بتفاوت أيضاً الفقيه 4 ، نفس الباب، ح.. ولم يرد في التهذيبين قول ابن أبي عمير في ذيل الحديث نعم وردت في الفقيه وإن بتفاوت.
4- التهذيب 9 ، 5 - باب الإقرار في المرض، ح 23 . الاستبصار 4 ، 71 - باب من مات وخلّف متاع رجل . ح 1 وفي الذيل فيهما .. أن يحاصره بدل أن يخاصموه. ومعنى يحاصوه : أي يضربوا معه بالحصص في المتاع. الفقيه 4 ، 117 - باب المبيع إذا كان قائما بعينه و ...، ح 1 .
5- التهذيب 9 نفس الباب، ح 26 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 1 .

6 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى، عن يحيى الأزرق، عن أبي الحسن (علیه السلام) في الرجل قُتل وعليه دين، ولم يترك مالاً ، فأخذ أهله الدِّية من قاتله عليهم أن يقضوا دَينه؟ قال: نعم، فلت وهو لم يترك شيئاً؟ قال: إنّما أخذوا الدية، فعليهم أن يقضوا دينه (1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم قال : سألت أبا الحسن (ع) عن رجل مات وله عليّ دين وخلّف ولداً رجالاً ونساء وصبياناً، فجاء رجلٌ منهم فقال : أنت في حِلّ ممّا لأبي عليك من حصتي، وأنت في حِلّ ممّا لإخوتي وأخواتي وانا ضامن لرضاهم عنك؟ قال: تكون في سعة من ذلك وحلّ، قلت: فإن لم يعطهم؟ قال: كان ذلك في عنقه، قلت: فإن رجع الورثة عليَّ فقالوا : أعطنا حقّنا؟ فقال : لهم ذلك في الحكم الظاهر، فأمّا بينك وبين الله عزّ وجلّ فأنت منها في جلّ إذا كان الرجل الذي أحلّ لك يضمن لك عنهم رضاهم، فيحتمل الضامن لك قلت : فما تقول في الصبيّ ، لأمّه أن تُحلل ؟ قال : نعم ، إذا كان لها ما ترضيه أو تعطيه، قلت: فإن لم يكن لها؟ قال : فلا ، قلت : فقد سمعتك نقول : أنه يجوز تحليلها؟ فقال: إنّما أعني بذلك، إذا كان لها مال ، قلت : فالأب يجوز تحليله على ابنه ؟ فقال له ما كان لنا مع أبي الحسن (علیه السلام) أمر، يفعل في ذلك ما شاء، قلت : فإنَّ الرجل ضمن لي عن ذلك الصبيّ وأنا من حصّته في حِلّ، فإن مات الرجل قبل أن يبلغ الصبيّ فلا شيء عليه ؟ قال : الأمر جائز على ما شرط لك(2) .

19 - باب من أعتق وعليه دين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وأبو عليّ الأشعریّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان وابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألني أبو عبد الله (علیه السلام) : هل يختلف ابن أبي ليلى وابن شبرمة؟ فقلت: بلغني أنّه مات مولى لعيسى بن موسى، وترك عليه ديناً كثيراً، وترك مماليك يحيط دينه بأثمانهم،

فأعتقهم عند الموت، فسألهما عيسى بن موسى عن ذلك، فقال ابن شبرمة : أرى أن يستسعيد في قيمتهم فيدفعها إلى الغرماء، فإنّه قد أعتقهم عند موته، وقال ابن أبي ليلى : أرى أن أبيعهم

ص: 34


1- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 27 . الفقيه 4 ، 119 - باب قضاء الدين من الدية ، ح ا وفي سنده: صفوان بن یحیی الأزرق. وكرره برقم 45 من الباب 19 من نفس الجزء من التهذيب .
2- التهذيب 9 ، 5 - باب الإقرار في المرض، ح 28 .

وأدفع أثمانهم إلى الغرماء، فإنّه ليس له أن يعتقهم عند موته وعليه دین يحيط بهم، وهذا أهل الحجاز اليوم يعتق الرجل عبده وعليه دينٌ كثيرٌ ، فلا يجيزون عتقه إذا كان عليه دين كثير، فرفع ابن شبرمة يده إلى السماء فقال : سبحان الله يا ابن أبي ليلى متى قلت بهذا القول؟ والله ما قلته إلّا طَلَبَ خلافي، فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : فعن رأي أيّهما صدر؟ قال: قلت: بلغني أنّه أخذ برأي ابن أبي ليلى وكان له في ذلك هوى، فباعهم وقضى دينه قال : فمع أيّهما مَن قِبَلكم؟ قلت له : مع ابن شبرمة، وقد رجع ابن أبي ليلى إلى رأي ابن شبرمة بعد ذلك ، فقال : أمّا والله إنَّ الحقِّ لفي الّذي قال ابن أبي ليلى، وإن كان قد رجع عنه ، فقلت له : هذا ينكسر عندهم في القياس فقال هاتِ قايِسني ، فقلت : أنا أقايسك؟ فقال: لتقولنَّ بأشدَّ ما يدخل فيه من لقياس .

فقلت له : رجل ترك عبداً لم يترك مالاً غيره وقيمة العبد ستّمائة درهم، ودَينه خمسمائة درهم، فأعتقه عند الموت، كيف يصنع ؟ قال : يُباع العبد فيأخذ الغرماء خمسمائة درهم، ويأخذ الورثة مائة درهم، فقلت : أليس قد بقي من قيمة العبد مائة درهم عن دينه؟ فقال : بلى، قلت: أليس للرجل ثلثه يصنع به ما يشاء؟ قال : بلى، قلت: أليس قد أوصى للعبد بالثلث من المائة حين أعتقه؟ فقال: إنّ العبد لا وصيّة له إنّما ماله لمواليه ، فقلت له : فإذا كانت قيمة العبد ستّمائة درهم ودَينه أربعمائة درهم؟ قال: كذلك، يباع العبد فيأخذ الغرماء أربعمائة درهم، ويأخذ الورثة مائتين، فلا يكون للعبد شيء، قلت له : فإنّ قيمة العبد ستّمائة درهم ودَينه ثلاثمائة درهم، فضحك وقال : من ههنا أتي أصحابك، فجعلوا الأشياء شيئاً واحداً ولم يعلموا السنّة، إذا استوى مال الغرماء ومال الورثة، أو كان مال الورثة أكثر من مال الغرماء، لم يتّهم الرجل على وصيّته، وأجيزت وصيّته على وجهها، فالآن يوقف هذا فيكون نصفه للغرماء، ويكون ثلثه للورثة، ويكون له السدس (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه [ عن ابن أبي عمير] عن جميل بن درَّاج، عن زرارة، عن أحدهما (علیهما السلام) في رجل أعتق مملوكه عند موته وعليه دين؟ قال: إن كان قيمته مثلَ الّذي علیه ومثله جاز عتقه، وإلا لم يَجُز(2).

ص: 35


1- التهذيب ،8، 10 - باب العتق وأحكامه ح74 . الاستبصار 4 ، 5 - باب الرجل يعتق عبده عند الموت وعليه دين، ح 4 .
2- التهذيب ،8 ، نفس الباب، ح73 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 1 . الفقيه ،3 ، 48 - باب العتق وأحكامه، ح 21 وفيه : ... مثل الذي عليه ومِثليه . قال الشهيدان بصدد ما إذا اعتق عبده في مرض موته وعليه دين : «ولو نجز عتقه في مرضه فإن كانت قيمته ضعف الدين صح العتق فيه أجمع وسعى في قيمة نصفه للديان وفي ثلثه الذي هو ثلثا النصف الباقي عن الدين للوارث لأن النصف الباقي هو مجموع التركة بعد الدين فيعتق ثلثه ويكون ثلثاه للورثة وهو ثلث مجموعه وهذا مما لا خلاف فيه وإنما الخلاف فيما لو نقصت قيمته عن ضعف الدين فقد ذهب الشيخ وجماعة إلى بطلان العتق حينئذ استناداً إلى صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق (علیه السلام) ويفهم من المصنف (أي الشهيد الأول) هنا (أي في اللمعة) الميل إليه حيث شرط في صحة العتق كون قيمته ضعف الدين إلا أنه لم يصرّح بالشق الآخر، والأقوى أنه كالأول فينعتق منه بمقدار ثلث ما يبقى من قيمته فاضلا عن الدين ويسعى للديان بمقدار دينهم وللورثة بضعف ما عتق منه مطلقاً فإذا أداه اعتق أجمع والرواية المذكورة مع مخالفتها للأصول معارضة بما يدل على المطلوب وهو حسنة الحلبي عنه (علیه السلام) .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول في رجل أعتق مملوكاً له وقد حضره الموت، وأشهد له بذلك، وقيمته ستّمائة درهم، وعليه دين ثلاثمائة درهم، ولم يترك شيئاً غيره؟ قال : يعتق منه سدسه، لأنّه إنما له منه ثلاثمائة درهم، ويقضي منه ثلاثمائة درهم، فله من الثلاثمائة ثلثها، وهو السدس من الجميع(1).

20 - باب الوصية للمُكاتَب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) في مكاتب كانت تحته امرأة حرَّة، فأوصت له عند موتها بوصيّة، فقال أهل الميراث لا نجيز وصيّتها له، إنّه مكاتب لم يُعتَق، ولا يرث، فقضى بأنّه يرث بحساب ما أعتق منه، ويجوز له من الوصيّة بحساب ما أعتق منه .

وقضى (علیه السلام) في مكاتب أوصى له بوصيّة وقد قضى نصف ما عليه، فأجاز نصف الوصيّة .

وقضى (علیه السلام) في مكاتب قضى ربع ما عليه فأوصى له بوصيّة، فأجاز ربع الوصيّة .

وقال (علیه السلام) في رجل حرّ أوصى لمكاتَبةٍ وقد قضت سدس ما كان عليها، فأجاز لها بحساب ما أعتق منها(2).

ص: 36


1- التهذيب 9 ،5 - باب الإقرار في المرض، ح .36 . وكرره برقم 5 من الباب 18 من نفس الجزء من التهذيب بتفاوت في الذيل في الموردين الاستبصار 4، 5 - باب الرجل يعتق عبده عند الموت وعليه دين، حد بتفاوت أيضاً.
2- التهذيب ،8 12 - باب المكاتب، ح 33 بتفاوت قليل وزيادة في آخره، وكرره برقم 24 من الباب 18 من الجزء 9 من التهذيب أيضاً ، الفقيه ،4 ، 107 - باب الوصية للمكاتب وأم الولد، ح 1 .

21 - باب وصية الغلام والجارية التي لم تدرك وما يجوز منها وما لا يجوز

1 - عدَّةً ؛ من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن موسى بن بكر عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذ أتى على الغلام عشر سنين ، فإنّه يجوز له في ماله ما أعتق وتصدّق وأوصى على حدّ معروف وحق فهو جائز (1).

2 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن عليّ بن النعمان، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : إنّ الغلام إذا حضره الموت فأوصى ولم يدرك، جازت وصيّته لذوي الأرحام، ولم تجز للغرباء (2).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرّحمن بن أبي عبد الله قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) إذا بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته (3).

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن عبدالله بن جبلة، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا بلغ الغلام عشر سنين، فأوصى بثلث ماله في حقّ جازت وصيّته، فإذا كان ابن سبع سنين فأوصى من ماله باليسير في حقّ، جازت وصيّته (4).

22 - باب الوصية لأمهات الأولاد

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر

ص: 37


1- التهذيب 9 8 - باب وصية الصبي والمحجور عليه ، ح 4 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 92 - باب الحد الذي إذا بلغه الصبي جازت وصيته ، ح 2 .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ح .3 الفقيه ،4 نفس الباب، ح4. باختلاف في السند في الجميع ما قبل أبي أيوب . قال المحقق في الشرائع : فلا تصح وصية ... الصبي ما لم يبلغ عشراً، فإن بلغها فوصيته جائزة في وجوه المعروف لأقاربه وغيرهم على الأشهر إذا كان بصيراً وقيل : تصح وإن بلغ ثمان، والرواية به شاذة». وقد ذكر الشهيد الثاني - بعد اعترافه بأن وصية من بلغ عشراً جائزة على المشهور بين الأصحاب - إن الروايات التي استند إليها القائلون بالجواز وإن كانت متضافرة وبعضها صحيح ، إلا أنها - على حد تعبيره - مخالفة لأصول المذهب وسبيل الاحتياط .
3- التهذيب 9 ، 8 - باب وصية الصبي والمحجور عليه، ذيل ح 1 بتفاوت وكذا هو في الفقيه 4 ، 92 - باب الحد الذي إذا بلغه الصبي جازت وصيته ، ح 1 .
4- التهذيب ،9 نفس الباب ح .7 الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 3 . القلا وفي سند التهذيب: ... عن سويد أبي بصير عن أبي عبد الله (علیه السلام)....

قال : نسخت من كتاب بخط أبي الحسن (علیه السلام) : فلان مولاك توفّي ابن أخ له وترك أمّ ولد له، ليس لها ولد فأوصى لها بألف هل تجوز الوصيّة، وهل يقع عليها عتق، وما حالها، رأيك، فَدَتْكَ نفسي؟ فكتب (علیه السلام) : تُعتق في الثلث، ولها الوصیّة (1).

2 - أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن خالد الصيرفي، عن أبي الحسن الماضي (علیه السلام) قال: كتبت إليه في رجل مات وله أمُّ ولد ، وقد جعل لها شيئاً في حياته، ثمَّ مات؟ قال : فكتب لها ما أثابها به سيّدها في حياته، معروف ذلك لها ، تُقْبَلُ على ذلك شهادة الرجل والمرأة والخادم غير المتّهمين (2).

3- محمّد بن يحيى، عمّن ذكره، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) في أمّ الولد إذا مات عنها مولاها وقد أوصى لها ؟ قال تعتق في الثلث، ولها الوصيّة (3).

4 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن - محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل كانت له أمِّ ولد وله منها ،غلامٌ ، فلمّا حضرته الوفاة، أوصى لها بألفي درهم أو بأكثر، للورثة أن يسترقّوها؟ قال : فقال : لا ، بل تعتق من ثلث الميّت وتعطى ما أوصى لها به (4).

وفي كتاب العبّاس : تعتق من نصيب ابنها وتعطى من ثلثه ما أوصى لها به (5).

23 - باب ما يجوز من الوقف والصدقة والنِحَل والهبة والسكنى والعُمرى والرُقبى وما لا يجوز من ذلك على الولد وغيره

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال : لا صدقة ولا عتق إلّا ما أريد به وجه الله عزّ وجلَّ (6).

ص: 38


1- التهذيب 9، 18 - باب وصية الإنسان لعبده وعتقه له قبل . . . ، ح 27 بتفاوت في الذيل يسير جدا. الفقيه 4 ، 107 - باب الوصية للمكاتب وأم الولد، ح 3 .
2- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 28 .
3- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 29 بتفاوت في الذيل يسير جدا.
4- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 30 . وفي سنده : عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح عن أبي عبد الله (علیه السلام) ... ولا ذكر فيه لأبي عبيدة . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 2.
5- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 30 . وفي سنده : عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح عن أبي عبد الله (علیه السلام) ... ولا ذكر فيه لأبي عبيدة . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 2.
6- التهذيب 9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات، ح 66 .

2 - وعنه ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام وابن أذينة؛ وابن بكير؛ وغيرهم كلّهم قالوا : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : لا صدقة ولا عتق إلّا ما أريد به وجه الله عزَّ وجلَّ (1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: إنّما الصدقة مُحْدَثَة، إنما كان الناس على عهد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ينحلون ويهبون، ولا ينبغي لمن أعطى الله عزَّ وجلَّ شيئاً أن يرجع فيه ، قال : وما لم يعط الله وفي الله فإنّه يرجع فيه، نِحلة كانت أو هبة ، حِيزَت أو لم تُحز، ولا يرجع الرجل فيما يهب لامرأته، ولا المرأة فيما تهب لزوجها، حيز أو لم يحز، أليس الله تبارك وتعالى يقول : (ولا تأخذوا مما آتيتموهنَّ شيئاً(2)) وقال : (فإن طبن لكم عن شيء منه نَفْساً فكُلُوه هنيئاً مريئاً (3)) ، وهذا يدخل في الصداق والهبة (4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يتصدَّق بالصدقة أله أن يرجي- يرجع في صدقته؟

فقال : إنَّ الصدقة ،مُحْدَثَة، إنّما كان النحل والهبة ، ولمن وهب أو نَحَل أن يرجع في هبته ، حِیزَ أو لم يُحز، ولا ينبغي لمن أعطى [الله] شيئاً أن يرجع فيه (5).

5- عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : الرجل يتصدَّق على ولده بصدقة وهم صغار أله أن يرجع فيها؟ قال: لا، الصدقة الله عز وجل (6).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن أبي بصير قال :

ص: 39


1- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 31 وكرره برقم 67 من نفس الباب أيضاً .
2- البقرة/ 229 .
3- النساء / 4 .
4- التهذيب 9 ، 4 - باب النحل والهبة ح1. الاستبصار 4 ، 67 - باب الهبة المقبوضة، ح 17 .
5- التهذيب 9 ، 4 - باب النحل والهبة ، ح .2. الاستبصار ،4 ، 67 - باب الهبة والصدقة ، ح 5 . قال المحقق في الشرائع 230/2 : .... وإذا قبضت الهبة، فإن كانت للأبوين لم يكن للمواهب الرجوع إجماعاً، وكذا إن كان ذا رحم غيرهما، وفيه خلاف، وإن كان أجنبياً فله الرجوع ما دامت العين باقية ، فإن تلفت فلا ،رجوع، وكذا إن عُوّض عنها وإن كان العوض يسيراً.
6- التهذيب 9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات ، ح 17 و 25 . الاستبصار 4 ، 63 - باب من تصدق على ولده الصغار ثم ... ، ح 7 بتفاوت يسير .

سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن صدقةِ ما لم تقسّم ولم تقبض ؟ فقال : جائزة، إنّما أراد الناس النحَل فأخطأوا (1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزین، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّه قال في الرجل يتصدّق على ولد قد أدركوا ، إذا لم يقبضوا حتّى يموت فهو ميراث، فإن تصدَّق على من لم يدرك من ولده فهو جائز، لأنّ والده هو الّذي يلي أمره ؛ وقال : لا يرجع في الصدقة إذا ابتغى بها وجه الله عزّ وجلّ ؛ وقال : الهبة والنِحلَة یرجع فبها إن شاء، حِيزَت أو لم تُحَزْ، إلا لِذِي رحم فإنّه لا يرجع فيه (2) .

8 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: إن تصدّقت بصدقة، لم ترجع إليك، ولم تشترها إلّا أن تورث .

9 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل يجعل لولده شيئاً وهم صغار، ثم یبدو له أن يجعل معهم غيرهم من ولده؟ قال : لا بأس (3).

10 - وبإسناده عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن الرجل يتصدَّق على ولده وهم صغار بالجارية ، ثمَّ تعجبه الجارية وهم صغار في عياله، أترى أن يصيبها ، أو يقوّمها قيمةَ عَدْلٍ فيشهد بثمنها عليه ، أم يدع ذلك كلّه فلا يعرض لشيء منه؟ قال : يقوّمها قيمة عدل ويحتسب بثمنها لهم على نفسه، ويَمَسُّها (4).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (علیه السلام)؛

ص: 40


1- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 30 بتفاوت وبدون الذيل الاستبصار 4 ، 64 - باب من تصدق بمسكن على غيره يجوز له أن ...، ح 3 بتفاوت أيضاً .
2- التهذيب 9 نفس الباب، ح 16 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 3 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 222/2 وهو بصدد الكلام على الصدقة ومن شرطها نية القربة، ولا يجوز الرجوع فيها بعد القبض على الأصح ، لأن المقصود بها الأجر وقد حصل فهي كالمعوّض عنها». ويقول: «لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض سواء عوّض عنها أو لم يعوض الرحم كانت أو لاجنبي على الأصح». وروى ذيله أيضاً بتفاوت برقم 20 من الباب 4 من نفس الجزء من التهذيب ، وبرقم 4 من الباب 67 من الجزء 4 من الاستبصار .
3- التهذيب ،9 3 باب الوقوف والصدقات ، ح 19 الاستبصار 4 ، 63 - باب من تصدق على ولده الصغار ثم . . . ، ح 1 .
4- التهذيب 9 4 - باب النحل والهبة ، ح 3 وفي ذيله : ثم يمسها . الاستبصار 4 ، 66 - باب من وهب لولده الصغار، ح 2 .

وحمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا كانت الهبة قائمة بعينها، فله أن یرجع، وإلّا فليس له (1).

12 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن صفوان عن العلاء، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (علیهما السلام) أنه سئل عن رجل كانت له جارية فاذته امرأته فيها، فقال: هي علیك صدقة؟ فقال : إن كان قال ذلك الله عزّ وجلَّ فليمضها، وإن كان لم يقل، فله أن يرجع إن شاء فيها (2).

13 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن ، عمّار قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يكون له على الرجل الدَّراهم فيهبها له، أله أن يرجع فيها؟ قال : لا (3).

14 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل تصدَّق بصدقة على حميم، أيصلح له أن يرجع فيها؟ قال: لا، ولكن إن احتاج فليأخذ من حميمه من غير ما تصدَّق به عليه (4).

15 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن أَبَان بن عثمان، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام) في الرجل يتصدَّق بالصدقة، أيَحِلُّ له أن يرثها؟ قال : نعم (5).

16 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن عثمان بن عيسى، عن سماعة ، قال : سألته عن رجل أعطى أمه عطيّة، فماتت وكانت قد قبضت الّذي أعطاها، وبانت (6) به؟ قال : هو والورثة فيها سواء (7).

17 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 41


1- التهذيب 9 نفس ،الباب ح 4. الاستبصار 4 ، 67 - باب الهبة المقبوضة ، ح 6 .
2- التهذيب ،9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات، ح 64 بتفاوت يسير وكرره برقم 5 من الباب 4 من نفس الجزء من التهذيب أيضاً بتفاوت يسير .
3- التهذيب 9 ، 4 - باب النحل والهبة ، ح .6 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 18 .
4- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 7 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح 9 وفي سنده أحمد بن محمد، بدل : أحمد بن أبي عبد الله .
5- التهذيب 9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات ، ح 62 .
6- هو كناية عن تمامية القبض . وفي التهذيب وثابت :به أي رجعت .به والمعنى واحد من حيث النتيجة.
7- التهذيب 9 ، 4 - باب النحل والهبة ، ح 8 .

محمد بن مسلم، عن محمّد بن مسعود الطائي قال : قلت لأبي الحسن (علیه السلام) : إِنَّ أُمّي تصدَّقت عليّ بدار لها أو (1) قال - : بنصيب لها في دار فقالت لي : استوثِق لنفسك، فكتبت عليها أنّي اشتريت وأنّها قد باعتني وقَبَضَت الثمن، فلمّا ماتت، قال الورثة: احلف أنّك اشتريت ونقدت الثمن، فإن حلفتُ لهم أخذته، وإن لم أحلف لهم لم يعطوني شيئاً؟ قال: فقال: فاحلف لهم، وخذ ما جَعَلَتْهُ لك .

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن ابن بكير، عن الحكم بن أبي عقيلة (2) قال : تصدَّق أبي عليَّ بدار وقبضتها، ثم ولد له بعد ذلك أولاد، فأراد أن يأخذها مني ويتصدَّق بها عليهم، فسألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن ذلك وأخبرته بالقصّة ؟ فقال : لا تعطها إيَّاه، قلت: فإنّه إذاً يخاصمني ؟ قال : فخاصِمه، ولا ترفع صوتك على صوته (3).

19 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان، عن عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا عُوِّض صاحبُ الهبة، فليس له أن يرجع (4).

20 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن غير واحد، عن أبان عن أبي ،مريم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا تصدَّق الرجل بصدقة، قبضها صاحبها أو لم يقبضها، عُلمت أو لم تعلم، فهي جائزة (5).

21 - أبان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن حمران قال: سألته عن السُّكنى والعُمْرى؟ فقال: إنَّ الناس فيه عند شروطهم، إن كان شرطة حياته سَكَنَ حياته ، وإن كان لعقبه فهو لعَقبه كما شرط حتى يفنوا ، ثمَّ يُرَدُّ إلى صاحب الدار (6) .

ص: 42


1- الشك من الراوي .
2- في سند الاستبصار : ... غفيلة، بدل: ... عقيلة .
3- التهذيب 9 3 باب الوقوف والصدقات، ح 20 . الاستبصار 4 ، 63 - باب من تصدق على ولده الصغار ثم ... ، ح 2 . وفي ذيله : ولا ترفع صوتك عليه .
4- التهذيب 9 ، 4 - باب النحل والهبة ، ح 9 الاستبصار 4 ، 67 - باب الهبة المقبوضة، ح 7 .
5- التهذيب 9، نفس الباب، ح 16 ، و 17 بسند آخر. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 14 . وأورد فيهما موقوفاً على أبي مريم. وقد حمل بعض الأصحاب هذا الحديث على أن المراد به الصحة لا اللزوم إذا كان قبل القبض .
6- التهذيب 9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات ، ح 34 الاستبصار 4، 65 - باب السكنى والعمرى، ح 1 . بتفاوت يسير فيهما . الفقيه 4 ، 129 - باب السكني والعمرى و ... . ، ح 4 . وابان في سند الحديث، هو ابن عثمان . والسكنى والعُمرى: «عقد يفتقر إلى الإيجاب والقبول والقبض وفائدتها التسليط على استيفاء المنفعة مع بقاء الملك على مالكه وتختلف عليها الأسماء بحسب اختلاف الإضافة، فإذا اقترنت بالعمر قيل : عمرى وبالإسكان: قيل سكنى وبالمدة : قيل : رُقبى، إما من الإرتقاب أو من رقبة الملك» .

22 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل ، عن محمّد بن عن الفضيل، عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سئل عن السّكني والعمرى؟ فقال: إن كان جعل السكنى في حياته فهو كما شرط، وإن كان جعلها له ولعقبه من بعده حتّى يفنى عقبه، فليس لهم أن يبيعوا ولا يورثوا ، ثمَّ ترجع الدار إلى صاحبها الأوّل (1).

23 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن الرجل يكون له الخادم تخدمه فيقول: هي لفلان تخدمه ما عاش ، فإذا مات فهي حرَّة ، فَتَابَق الأمَةُ قبل أن يموت الرجل بخمس سنين أو ستّة، ثم يجدها ورثته، ألهم أن يستخدموها قدر ما أبقَتْ؟ قال : إذا مات الرَّجل فقد عُنِقَت (2).

24 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن أحمد بن عمر الحلبيّ، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن دار لم تقسم، فتصدَّق بعض أهل الدار بنصيبه من الدار؟ قال: يجوز ، قلت : أرأيتَ إن كانت هبةً؟ قال : يجوز ، قال : وسألته عن رجل أسكن رجلاً داره حياته ؟ قال : يجوز له، وليس له أن يُخرجه ، قلت : فَلَه ولعقبه؟ قال : يجوز؛ وسألته عن رجل أسكن رجلاً ولم يوقت له شيئاً؟ قال : يُخرجه صاحب الدار إذا شاء (3).

25 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل يسكن الرجل داره ولعقبه من بعده؟ قال : يجوز ، وليس لهم أن يبيعوا ولا يورثوا ، قلت : فرجل أسكن داره رجلاً حياتَه؟ قال : يجوز ذلك ، قلت : فرجل أسكن رجلاً داره ولم يُوَقت؟ قال : جائز، ويخرجه إذا شاء(4) .

ص: 43


1- التهذيب 9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات، ح35 الاستبصار 4 ، 65 - باب السكنى والعمرى ح 2 . الفقيه 4 ، 129 - باب السكنى والعمرى و ...، ح 4 .
2- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 43 . وكذا ذكره برقم 28 من الباب 2 من الجزء 8 من التهذيب. الاستبصار 4 ، 17 - باب المدير يأبق فلا يوجد إلا . . . ، ح 2 . يقول المحقق في الشرائع 122/3 : «ولو جعل خدمته لغيره مدة حياة المخدوم ثم هو حر بعد موت ذلك الغير، لم يبطل تدبيره بإباقه» .
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح .36 . وروى صدره برقم 11 من نفس الباب .
4- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 37 ، الاستبصار 4 ، 65 - باب السكني والعمرى، ج 3، والذي عليه الأصحاب هو أن الكنى لو حدّدت بعمر المعمر له فمات انتقل حق السكنى إلى ورثة المعمر له ، يقول المحقق في الشرائع 225/2 : ولا يجوز الرجوع فيها إلا بعد إنقضائها ، وكذا لو جعلها عمر المالك لم ترجع ، وإن مات المعمر، وينتقل ما كان له إلى ورثته حتى يموت المالك، ولو قرنها بعمر المعمر ثم مات لم تكن لوارثه ورجعت إلى المالك . ولو أطلق المدة ولم يعينها كان له الرجوع متى شاء. وقوله في الحديث : ولم يوقت: أي أطلق ولم يعيّن مدة لسكناه .

26 - أحمد بن محمّد العاصميّ ، عن عليّ بن الحسن عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن حمران عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في الرّجل يتصدَّق بالصّدقة المشتركة؟ قال : جائز(1).

27 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة قال : كنت شاهد ابن أبي ليلى، فقضى في رجل جعل لبعض قرابته غلّة داره ولم يوقّت وقتاً، فمات الرجل، فحضر ورثته ابن أبي ليلى وحضر قرابته الّذي جعل له الدار ، فقال ابن أبي ليلى : أرى أن أدعها على ما تركها صاحبها، فقال له محمّد بن مسلم الثقفي : أما إنَّ عليَّ بن أبي طالب (علیه السلام) قد قضى في هذا المسجد بخلاف ما قضيت فقال : وما علمك ؟ قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ (علیه السلام) يقول : قضى أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب (علیه السلام) بردّ الحبيس، وإنفاذ المواريث، فقال ابن أبي ليلى : هذا عندك في كتاب؟ قال : نعم ، قال : فأرسل وائتني به، قال له محمّد بن مسلم على أن لا تنظرَ في الكتاب إلّا في ذلك الحديث، قال : لك ذاك ، قال : فأراه الحديث عن أبي جعفر (علیه السلام) في الكتاب فرد قضیّة(2).

28 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الرحمن الخثعمي قال : كنت أختلف إلى ابن أبي ليلى في مواريث لنا ليقسّمها، وكان فيها حبيس، وكان يدافعني، فلمّا طال شكوته إلى أبي عبد الله (علیه السلام)، فقال: أو ما علم أنَّ رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) أمر بردّ الحبيس وإنفاذ المواريث؟ قال: فأتيته ففعل كما كان يفعل، فقلت له : إنّي شكوتك إلى جعفر بن محمّد (علیه السلام) فقال لي : كَيت وكيت، قال: فحلفني ابن أبي ليلى أنّه قال ذلك لك؟ فحلفت له فقضى لي بذلك (3).

29 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن

ص: 44


1- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 23 وكرره برقمي 32 و 33 من نفس الباب . الفقيه 4 ، 128 - باب الوقف والصدقة و...، ح 19 . والظاهر إن المقصود بالصدقة المشتركة : الحصة المشاعة يتصدق بها .
2- التهذيب 6 ، 92 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام، ح 13 . وكرره برقم 38 من الباب 3 من الجزء 9 من التهذيب أيضاً . الفقيه 4 ، 128 - باب الوقف والصدقة والنحل، ح 16 بتفاوت يسير . «ويدل على أنه إذا لم يوقت وقتاً ومات الحابس يرد ميراثاً على ورثته ويبطل الحبس كما هو مقطوع به في كلام الأصحاب مرآة المجلسي 58/23 . وقال المحقق: «لو حبس شيئاً على رجل ولم يعين وقتاً ثم مات الحابس كان ميراثاً، وكذا لو عين مدة وانقضت كان ميراثاً لورثة الحابس» .
3- التهذيب 9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات، ح.39 الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 17 .

أبيه ، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن جعفر بن حيان (1)قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل وقف غلّة له على قرابة من أبيه وقرابة من أمّه، وأوصى لرجل ولعقبه من تلك الغلّة ليس بينه وبينه قرابة بثلاثمائة درهم في كلّ سنة ويقسّم الباقي على قرابته من أبيه وقرابته من أمّه؟ قال: جائز للذي أوصى له بذلك، قلت: أرأيت إن لم يخرج من غلّة الأرض الّتي وَقَفَها إلا خمسمائة درهم؟ فقال : أليس في وصيّته أن يعطى الذي أوصى له من الغلة ثلاثمائة درهم ، ويقسم الباقي على قرابته من أمه وقرابته من أبيه ؟ قلت: نعم، قال: ليس لقرابته أن يأخذوا من الغلّة شيئاً حتّى يوفى الموصى له بثلثمائة درهم ، ثمَّ لهم ما يبقى بعد ذلك ، قلت : أرأيت إن مات الّذي أوصى له؟ قال: إن مات كانت الثلاثمائة درهم لورثته يتوارثونها ما بقي أحد، فإذا انقطع ورثته ولم يبق أحد، كانت الثلاثمائة درهم لقرابة الميّت تردُّ إلى ما يخرج من الوقف، ثمَّ يقسّم بينهم يتوارثون ذلك ما بقوا وبقيت الغلّة ، قلت : فللورثة من قرابة الميّت أن يبيعوا الأرض إذا احتاجوا ولم يكفهم ما يخرج من الغلّة؟ قال: نعم، إذا رضوا كلّهم، وكان البيع خيراً لهم، باعوا (2).

30 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن عليّ بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي جعفر (علیه السلام) أنَّ فلاناً ابتاع ضيعة، فوقفها وجعل لك في الوقف الخُمس، ويسأل عن رأيك في بيع حصّتك من الأرض، أو يقوّمها على نفسه بما اشتراها به، أو يدعها موقوفة؟ فكتب (علیه السلام) إليَّ : أعلِم فلاناً أنّي آمره ببيع حقّي من الضيعة وإيصال ثمن ذلك إليَّ، وإنَّ ذلك رأيي إن شاء الله ، أو يقوّمها على نفسه إن كان ذلك أوفق له ؛ وكتبت إليه : أنَّ الرجل ذكر أنَّ بين من وقف بقيّة هذه الضيعة عليهم اختلافاً شديداً، وأنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده، فإن كان ترى أن يبيع هذا الوقف ويدفع إلى كلّ إنسان منهم ما كان وقف له من ذلك، أمرته ؟ فكتب بخطّه إليَّ : وأعْلِمه أنَّ رأيي له إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف، أن يبيع الوقف أمثل، فإنّه ربما جاء في الاختلاف ما فيه تلف الأموال والنفوس (3).

ص: 45


1- في بقية الكتب: جعفر بن حنان ....
2- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 12 ، الاستبصار 4 ، 61 - باب أنه لا يجوز بيع الوقف ، ح 6 وروى بعضاً من صدره وذيله فقط . الفقيه 4 ، 128 - باب الوقف والصدقة والنحل، ح 11.
3- التهذيب 9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات ، ح 4 وفي سنده أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعاً والحسين بن سعيد عن علي بن مهزيار . . . الاستبصار 4، 61 - باب أنه لا يجوز بيع الوقف، ح ه . وفي سنده : محمد بن محمد وسهل بن زياد عن الحسين بن سعيد عن علي بن مهزيار. الفقيه 4 ، 128 - باب الوقف والصدقة و...، ح 9 . قوله : يتفاقم الأمر: أي يتصاعد ويتعاظم ، ويريد بالأمر النزاع والتخاصم . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على استثناء صورة ما إذا أدى بقاء الوقف إلى التنازع المفضي إلى المفاسد بين الموقوف عليهم والضرر بينهم من الحكم بعدم جواز بيع الوقف وقال الصدوق بعد إيراده الحديث هذا وقف كان عليهم دون من بعدهم، ولو كان عليهم وعلى أولادهم ما تناسلوا ومن بعد على فقراء المسلمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لم يجز بيعه أبدا» .

31 - عليُّ بن مهزیار قال: قلت: روى بعض مواليك عن آبائك (علیه السلام) أنّ كلّ وقف إلى وقت معلوم فهو واجب على الورثة، وكلّ وقف إلى غير وقت معلوم جهل مجهول باطل مردود على الورثة، وأنت أعلم بقول آبائك؟ فكتب (علیه السلام) : هو عندي كذا (1).

32 - وكتب إبراهيم بن محمّد الهمداني إليه (علیه السلام) : ميّت أوصى بأن يجرى على رجل ما بقي من ثلثه ولم يأمر بإنفاذ ثلثه هل للوصيّ أن يوقف ثلث الميّت بسبب الإجراء؟ فکتب (علیه السلام) : ينفذ ثلثه ولا يوقف (2).

33 - محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن عيسى عن عليّ بن سليمان قال : كتبت إليه - يعني أبا الحسن (علیه السلام) - جُعِلْتُ فِداك ، ليس لي ولد، ولي ضياع ورثتها من أبي، وبعضها استفدتها، ولا آمن الحدثان ، فإن لم يكن لي ولد وحَدَثَ بي حَدَثُ فما ترى - جُعِلْتُ فِداك - لي أن أوقف بعضها على فقراء إخواني والمستضعفين، أو أبيعها وأتصدَّق بثمنها في حياتي عليهم؟ فإني أتخوّف أن لا ينفذ الوقف بعد موتي، فإن أوقفتها في حياتي ، فلي أن أكل منها أيّام حياتي أم لا؟ فكتب (علیه السلام): فهمت كتابك في أمر ضياعك، وليس لك أن تأكل منها من الصدقة، فإن أنت أكلت منها لم ينفذ، إن كان لك ورثة فبع وتصدّق ببعض ثمنها في حياتك، وإن تصدقت أمسكت لنفسك ما يقوتك، مثل ما صنع أمير المؤمنين (علیه السلام)(3).

ص: 46


1- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 8، الاستبصار 4 ، 62 - باب من وقف وقفاً ولم يذكر الموقوف عليه، ح 1 . الفقيه 3 نفس الباب، ح 3 بتفاوت في الجميع .
2- التهذيب ،9 نفس الباب، ح46. وكرره بسند آخر برقم 9 من الباب 11 من نفس الجزء من التهذيب. الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 6 . يقول المجلسي في مرآته 62/23: قوله : ما بقي ؛ أي الرجل حياً . قوله : بإنفاذ ثلثه؛ أي ينفذ من ثلثه ما دام الثلث باقياً، فإن مات قبل التمام كان الباقي للورثة. ولم يأمره بإنفاذ ثلثه ؛ أي لم يوص بأن يعطي الثلث، أو لم يجري عليه الثلث، فإنه لو أوصى كذلك كان الباقي لورثته قوله : هل للوصي أن يوقف ثلث الميت؛ أي يجعله وقفا بسبب الإجراء، أي حتى يجري عليه من ،حاصله، فكتب (علیه السلام) : ينفذ ثلثه ولا يوقف؛ لأنه ضرر على الورثة، ولم يوص الميت بأن يوقف ... الخ .
3- التهذيب ،9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات، ح .. الفقيه 4 ، 128 - باب الوقف والصدقة و . . . ، ح 4 . وقد دل الحديث على أن شرط صحة الوقف هو إخراج الواقف للعين الموقوفة عن ملكه، وهذا مما أجمع عليه أصحابنا رضوان الله عليهم . وقوله (علیه السلام) في الحديث : وإن تصدّقت : يعني : وإِن وَقَفْتَ.

34 - محمّد بن يحيى قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمّد (علیه السلام) (1) في الوقف وما روي فيها؟ فوقّع (علیه السلام) : الوقوف على حسب ما يَقِفُها أهلها إن شاء الله (2) .

35 - محمّد بن جعفر الرزاز، عن محمّد بن عيسى، عن بن عيسى، عن أبي عليّ بن راشد (3) قال : سألت أبا الحسن (علیه السلام) قلت : جُعِلْتُ فِداك اشتريت أرضاً إلى جنب ضيعتي بألفي درهم ، فلمّا وفيت المال، خُبّرت أنّ الأرض وقف؟ فقال : لا يجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلّة في مالك، ادفعها إلى من أوقفت عليه قلت لا أعرف لها ربّاً؟ قال : تصدق بغلتها (4) .

36 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد وأبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : سألته عن الرجل يوقف الضيعة ثمّ يبدو له أن يُحْدِثَ في ذلك شيئاً ؟ فقال : إن كان أوقفها لولده ولغيرهم، ثمَّ جعل لها قيّماً ، لم يكن له أن يرجع فيها، وإن كانوا صغاراً وقد شرط ولايتها لهم حتّى يبلغوا، فيحوزها لهم لم يكن له أن يرجع فيها ، وإن كانوا كباراً لم يسلمها إليهم، ولم يخاصموا حتّى يحوزوها عنه، فله أن يرجع فيها، لأنّهم لا يحوزونها عنه وقد بَلَغوا (5).

37 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن موسى بن جعفر (6)، عن عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني (علیه السلام) أسأله عن أرض أوقفها جدي على المحتاجين من ولد فلان بن فلان ، وهم كثير متفرقون في البلاد؟ فأجاب (علیه السلام) : ذكرت الأرض التي أوقفها جدُّك على فقراء ولد فلان بن فلان، وهي لمن حضر البلد الّذي فيه الوقف، وليس لك أن تَتَبَّعَ من كان غائباً (7).

ص: 47


1- يعني الإمام الحسن العسكري (علیه السلام) .
2- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 2 الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 1 .
3- واسمه الحسن.
4- التهذيب ،9 نفس ،الباب ح .3 الاستبصار 4 61 - باب أنه لا يجوز بيع الوقف، ح 1. الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 10 . وقد صحح المجلسي رحمه الله سند هذا الخبر في الففيه وعده مجهولاً في الفروع وهو مطابق لما في التهذيبين . والغلّة : فائدة الأرض أو الدخل من كرى دار وشبهه .
5- التهذيب 9 3 - باب الوقوف والصدقات، ح 13 . الاستبصار 4 ، 63 - باب من تصدق على ولده الصغار ثم ...، ح 8. الفقيه 4 ، 128 - باب الوقف والصدقة و...، ح 7 .
6- هو البغدادي .
7- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 10 . بزيادة ضمنية وتفاوت الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 8 . وعدم وجوب التتبع فيما لو وقف على طائفة منتشرة غير منحصرة هو المشهور بين الأصحاب. قال المحقق في الشرائع 221/2 : إذا وقف على الفقراء انصرف إلى فقراء البلد ومن يحضره، وكذا لو وقف على العلويين وكذا لو وقف على بني اب منتشرين صُرِف إلى الموجودين ولا يجب تتبع من لم يحضر الموضع المشقة، وعدم وجوب التتبع لا ينافي الجواز .

38 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن نعيم، عن أبي الحسن موسى (علیه السلام) قال: سألته عن رجل جعل داراً سكنى لرجل إبّان حياته، أو جعلها له ولعقبه من بعده؟ قال : هي له ولعقبه من بعده كما شرط قلت فإن احتاج، يبيعُها؟ قال : نعم، قلت : فينقض بيعُه الدارَ السكنى؟ قال : لا ينقض البيع السكني، كذلك سمعت أبي (علیه السلام) يقول : قال أبو جعفر (علیه السلام) : لا ينقض البيع الإجارة ولا السكنى ولكن يبيعه على أنَّ الّذي يشتريه لا يملك ما اشترى حتّى ينقضي السكنى على ما شرط ،والإجارة قلت فإن ردّ على المستأجر ماله وجميع ما لزمه من النفقة والعمارة فيما استأجره؟ قال : على طيبة النفس، ويرضى المستأجر بذلك، لا بأس (1).

39 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن خالد بن رافع (2) البجليّ ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل جعل لرجل سكنى دار له حياته - يعني صاحب الدّار - فلمّا مات صاحب الدّار، أراد ورثته أن يُخْرِجوه ، ألهم ذلك؟ قال: فقال : أرى أن تقوم الدار بقيمة عادلة، وينظر إلى ثلث الميت، فإن كان في ثلثه ما يحيط بثمن الدّار، فليس للورثة أن يُخرجوه ، وإن كان الثلث لا يحيط بثمن الدّار فلهم أن يُخرجوه . قيل له : أرأيت إن مات الرجل الذي جعل له السكنى بعد موت صاحب الدَّار ، يكون السكنى لَعِقِبِ الّذي جعل له السكني؟ قال : لا (3).

40 - الحسين بن محمّد ؛ عن معلّى بن محمّد عن بعض أصحابه، عن أبَان،

ص: 48


1- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 40 . الاستبصار 4، 65 - باب السكنى والعمرى ، ح 4 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح ا وفي سنده الحسين بن أبي نعيم... وما تضمنه الحديث من عدم إبطال إجارة العين أو بيعها من قبل مالكها للسكنى، هو محل إتفاق بين أصحابنا رضوان الله عليهم، وتنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة طيلة المدة المحددة للسكنى أو العمرى، أو الإنتفاع بالرقبة.
2- في بقية الكتب نافع، بدل رافع .
3- التهذيب ،9 3 - باب الوقوف والصدقات، ح 41. الاستبصار 4، 65 - باب السكني والعمري ، ح 5 بتفاوت فيهما. الفقيه 4 129 - باب السكنى والعمري و ...، ح 2 . وقال الشيخ رحمه الله بعد ذكره لهذا الحديث: «ما تضمن هذا الخبر من قوله : يعني صاحب الدار. حين ذكر أن رجلاً جعل لرجل سكنى دار له فإنه غلط من الراوي ووهم منه في التأويل، لأن الأحكام التي ذكرها بعد ذلك إنما تصح إذا كان قد جعل السكنى حياة من جعلت له السكنى فحينئذ يقوم وينظر باعتبار الثلث وزيادته ونقصانه، ولو كان الأمر على ما ذكره المتأوّل للحديث من أنه كان جعل له مدة حياته لكان حين مات بطلت السكني ولم يحنج معه إلى تقويمه واعتباره بالثلث...».

عجلان أبي صالح قال : أملى عليَّ أبو عبد الله (ع) : بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدّق الله به فلان بن فلان وهو حيُّ سويُّ، بداره الّتي في بني فلان بحدودها، صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث حتّى يرثها وارث السماوات والأرض، وإنّه قد أسكن صدقته هذه فلاناً وعقبه، فإذا انقرضوا فهي على ذي الحاجة من المسلمين (1).

حمید بن زیاد عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن أحمد بن عديس، عن أبان عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (علیه السلام) مثله (2) .

41 - أبان ، عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : لا يشتري الرَّجل ما تصدَّق به، وإن تصدّق بمسكن على ذي قرابته ، فإن شاء سكن معهم، وإن تصدّق بخادم على ذي قرابته، خدمته إن شاء الله .

24 - باب من أوصى بجزء من ماله

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن عبد الرحمن بن سيّابة قال : إن امرأة أوصت إلي فقالت : ثلثي ، يقضى به ديني، وجزء (3) منه لفلانة، فسألت عن ذلك ابن أبي ليلى فقال : ما أرى لها شيئاً ما أدري ما الجزء فسألت عنه أبا عبد الله (علیه السلام) بعد ذلك، وخبرته كيف قالت المرأة، وما قال ابن أبي ليلى ، فقال : كذب ابن أبي ليلى، لها عُشْرُ الثلث، إنَّ الله عزَّ وجلَّ أمر إبراهيم (علیه السلام) فقال : (اجعل على كلّ جبل منهنّ جزءاً(4)) ، وكانت الجبال يومئذ عشرة، والجزء هو العُشْرُ من الشيء (5).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل أوصى

ص: 49


1- التهذيب 9 نفس الباب ، ح .5 الاستبصار 4، 61 - باب أنه لا يجوز بيع الوقف، ح 2 .
2- التهذيب 9 نفس الباب، ح 6 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 3 .
3- الضمير في (منه) يرجع إلى الثلث، وعليه، فلا إشكال.
4- البقرة/ 260 .
5- التهذيب 9 ، 16 - باب الوصية المبهمة ، ح 1 . الاستبصار 4 ، 79 - باب من أوصى بجزء من ماله ، ح 1 .

بجزء من ماله؟ قال : جزء من عشرة ، قال الله عزّ وجلَّ : (اجعل على كلّ جبل منهنَّ جزءاً) ، وكانت الجبال عشرة (1).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : الجزء واحد من عشرة، لأنَّ الجبال عشرة، والطيور أربعة (2).

25 - باب من أوصى بشيء من ماله

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله عن محمّد بن عمرو؛ عن جميل، عن أبَان ، عن عليِّ بن الحسين (علیه السلام) أنّه سُئل عن رجل أوصى بشيء من ماله؟ فقال : الشيء في کتاب عليّ (علیه السلام): واحد من ستّة(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن فضّال(4) أو غيره، عن جميل، عن أبان، عن عليّ بن الحسين (علیه السلام) قال : سُئل عن رجل أوصى بشيء من ماله؟ قال: الشيء في كتاب عليّ (علیه السلام) من ستّة (5).

26 - باب من أوصى بسهم من ماله

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه

ص: 50


1- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 2 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 . وفي سنده بعد ابن فضال: عن فضالة، عن معاوية بن عمار. وفي الذيل فيهما زيادة كلمة أجبال . الفقيه 4 ، 100 - باب الوصية بالشيء من المال والسهم و . . . ، ح 4 .
2- التهذيب 9 نفس الباب .. الاستبصار ،4 ، نفس ،الباب ، ح 3 بتفاوت يسير في الذيل فيهما . قال المحقق في الشرائع 248/2 : ولو أوصى بجزء من ماله فيه روايتان أشهرهما العشر، وفي رواية : سبع الثلث، وقال الشهيدان: «أما الجزء فالعُشر ، لحسنة ابان بن تغلب عن الباقر (علیه السلام) متمثلاً بالجبال العشرة التي جعل على كل واحد منها جزءاً من الطيور الأربعة . وقيل : السبع لصحيحة البزنطي عن أبي الحسن (علیه السلام) متمثلاً بقوله تعالى : لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم، ورُجّح الأول بموافقته للأصل، ولو إضافه إلى جزء آخر كالثلك فعشره الصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق (علیه السلام) وتمثل أيضاً بالجبال وهو أيضاً مرجح آخر .
3- التهذيب 9 نفس الباب ، ح 12 . الفقيه ،4 ، نفس ،الباب ، ح .1 . وليس في التهذيب قوله : من ماله ، بعد قوله : بشيء.
4- الترديد من الراوي .
5- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 13 . قال المحقق في الشرائع 248/2 وهو بصدد الحديث عن الوصية المبهمة : «ولو كان بشيء كان سدساً». أقول : والظاهر أن المسألة إجماعية عند أصحابنا رضوان الله عليهم .

سئل عن رجل يوصي بسهم من ماله؟ فقال : السهم واحد من ثمانية، لقول الله تبارك وتعالى (1): (إنّما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمينَ وفي سبيل الله وابن السبيل)(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان قال: سألت الرّضا (علیه السلام)؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن صفوان ، وأحمد بن محمّد بن نصر قالا : سألنا أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن رجل أوصى بسهم من ماله ، ولا يدرى السهم أيُّ شيء هو ؟ فقال : ليس عندكم فيما بلغكم عن جعفر ولا عن أبي جعفر (علیه السلام) فيها شيء؟ قلنا له: جُعِلْنا فِداك ما سمعنا أصحابنا يذكرون شيئاً من هذا عن آبائك، فقال: السهم واحد من ثمانية، فقلنا له: جُعِلْنا فداك، كيف صار واحداً من ثمانية ؟ فقال : أما تقرأ كتاب الله عزَّ وجلَّ؟ قلت : جُعِلْتُ فداك، إني لأقرأه ولكن لا أدري أيّ موضع هو فقال : قول الله عزّ وجلَّ : (إنّما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرّقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) ، ثمَّ عقد بيده ثمانية قال : وكذلك قسّمها رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) على ثمانية أسهم، فالسهم واحد من ثمانية (3).

27 - باب المريض يُقِرٌ لِوَارِثِ بدَيْن

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قلت له : الرجلُ يقر لوارث بدين؟ فقال : يجوز إذا كان مَليّاً (4).

ص: 51


1- التوبة / 60 .
2- التهذيب 9 ، 16 - باب الوصية المبهمة، ح 9. الاستبصار 4 ، 80 - باب من أوصى بسهم من ماله، ح ، ح 1 . الفقيه 4 ، 100 - باب الوصية بالشيء من المال والسهم و ... ، ح 2 .
3- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 10 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 . قال المحقق في الشرائع 248/2 : «ولو كان بسهم كان ثمناً . . » . وقال الشهيدان : «والسهم الثمن لحسنة صفوان عن الرضا (علیه السلام) ، ومثله رواية السكوني عن الصادق (علیه السلام) معللاً بآية أصناف الزكاة الثمانية وإن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) قسمها على ثمانية أسهم، ولا يخفى أن هذه التعليلات لا تصلح للغلبة ، وإنما ذكروها (علیه السلام) على وجه التقريب والتمثيل. وقيل : السهم العشر استناداً إلى رواية ضعيفة ، وقيل : السدس لما روي عن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) أنه أعطاه لرجل أوصي له بسهم، وقيل إن في كلام العرب إن السهم السدس، ولم يثبت....».
4- التهذيب 9 ، 5 - باب الإقرار في المرض ح 1 ، الاستبصار 4 ، 68 - باب الإقرار في حالة المرض لبعض الورثة بدين، ح 1. الفقيه 4، 124 - باب إقرار المريض للوارث بدين، ح 2 .

2 - أبو عليّ الأشعريّ عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل أوصى لبعض ورثته أنَّ له عليه ديناً؟ فقال : إن كان الميّت مَرْضِيّاً، فأعطه الذي أوصى له (1) .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن العَلاء بيّاع السابريّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن امرأة استودعت رجلاً مالاً، فلمّا حضرتها الوفاة قالت له : إنَّ المال الّذي دفعته إليك لفلانة، وماتت المرأة، فأتى أولياؤها الرَّجلَ فقالوا له : إنه كان لصاحبتنا مال ولا نراه إلّا عندك، فاحلف لنا أنَّ مالَهَا، قِبَلَكَ شيء، أفيحلف لهم ؟ فقال : إن كانت مأمونة عنده فيحلف لهم، وإن كانت متهمة فلا يحلف ويضع الأمر على ما كان فإنما لها من مالها ثلثه (2).

4- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن إسماعيل بن جابر قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل أقرَّ لوارث له وهو مريض بدين عليه؟ قال : يجوز عليه إذا أقر به دون الثلث (3).

5 - ابن محبوب عن أبي ولّاد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل مريض أقرَّ عند

ص: 52


1- التهذيب 9 ، 5 - باب الإقرار في المرض ، ح 2 . الاستبصار 4 ، 68 - باب الإقرار في حال المرض لبعض الورثة بدین ، ح 2 وفيه فأعط . . ، بدل : فأعطه .. وكذلك هو في الفقيه 4 ، 124 - باب إقرار المريض لوارث بدين ح 3 . يقول الشهيد الثاني في المسالك : «وقد اختلف الأصحاب [ في إقرار المريض إذا مات في مرضه بسبب اختلاف الأخبار ظاهراً ، فقيل : ينفذ من الأصل مطلقاً لعموم : إقرار العقلاء على أنفسهم جايز، ولأنه لم يفوت لوارث شيئاً في المرض وإنما هو إخبار بما هو حق عليه في حال الصحة، لأن هذا هو الفرض، إذ لو أقر بفعل ما يتوقف على الثلث في المرض كالهبة فلا إشكال في كونه من الثلث، ولأن المريض قد يريد إبراء ذمته من حق الوارث والأجنبي فلا يمكن التوصل إليه إلا بالإقرار ، فلو لم يقبل منه بقيت ذمته مشغولة، وبقي المقر له ممنوعاً من حقه ، وكلاهما مفسدة، فاقتضت الحكمة قبول قوله ، وقيده جماعة منهم الشيخان (والمحقق) والأكثر بما إذا لم يكن متهماً وإلا لكان من الثلث . الثلث .... وذهب المحقق في المختصر (النافع إلى إن إقراره للأجنبي من الأصل مع عدم التهمة، وأما إقراره للوارث فمن الثلث على التقديرين ... والأقوى التفصيل فيهما ... والمراد بالتهمة هنا الظن المستند إلى القرائن الحالية أو المقالية الدال على أن المقر لم يقصد الإخبار بالحق وإنما قصد تخصيص المقر له أو منع الوارث عن حقه أو بعضه والتبرع به للغير، فلذلك جرى مجرى الوصية في نفوذه من الثلث، وقوى في التذكرة اعتبار العدالة في المريض وجعلها هي الدافعة للتهمة ... الخ» .
2- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 7 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 7 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 4 . وقد ذكر الشيخ هذا الحديث أيضاً برقم 1088 من الجزء الثامن من التهذيب بالتسلسل العام .
3- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 5 ، الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح .5 الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 1 بتفاوت يسير .

الموت لوارث بدَين له عليه ؟ قال : يجوز ذلك ، قلت : فإن أوصى لوارث بشيء؟ قال : جائز (1).

28 - باب بعض الورثة يُقرّ بعتق أو دَين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس(2)، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل مات وترك عبداً ، فشهد بعض ولده أن أباه أعتقه؟ قال : يجوز عليه شهادته، ولا يغرم ويُستسعى الغلام فيما كان لغيره من الورثة (3).

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن بعض أصحابه، عن أبّان بن عثمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال : سألته عن رجل مات وترك غلاماً مملوكاً، فشهد بعض الورثة أنّه حرّ؟ فقال: إن كان الشاهد مَرْضِيّاً جازت شهادته في نصيبه، واستُسعي فيما كان لغيره من الورثة (4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة؛ وحسين بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل مات فأقرّ عليه بعض ورثته لرجل بدين؟ قال: يلزمه ذلك في حصّته (5).

29 - باب الرجل يترك الشيء القليل وعليه دين أكثر منه وله عيال

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر بإسناد له أنّه سئل عن رجل

ص: 53


1- التهذيب 9 5 - باب الإقرار في المرض ، ح 6 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 6 . واسم أبي ولاد: حفص بن سالم ، وقيل : ابن يونس .
2- هو ابن عبد الرحمن.
3- التهذيب 9 نفس الباب ، ح 14 الفقيه 4، 125 - باب إقرار بعض الورثة بعتق أو دين، ح 1 . يقول المحقق في الشرائع 113/3 : (وإذا شهد بعض الورثة بعتق مملوك لهم ، مضى العتق في نصيبه، فإن شهد آخر وكانا مَرْضِيين (يعني مقبولي الشهادة) نفذ العتق فيه كله، وإلا مضى في نصيبهما، ولا يكلف أحدهما شراء الباقي .
4- التهذيب ،8 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 122 بتفاوت قليل وأخرجه عنه ، عن بنان عن موسى بن القاسم عن علي بن الحكم، عن منصور عن أبي عبد الله (علیه السلام) .
5- التهذيب 9 5 - باب الإقرار في المرض ، ح 15 . وأورده أيضاً برقم 31 من الباب 81 من الجزء 6 من التهذيب الاستبصار 4 69 - باب إقرار بعض المورثة لغيره بدين على الميت ، ح 3 ، وأورده أيضاً برقم (1) من الباب (5) من الجزء (3) من الاستبصار . الفقيه 4، 125 - باب إقرار بعض الورثة بعتق أو دين، ح 2 .

يموت ويترك عبالاً وعليه دين، أينفق عليهم من ماله؟ قال: إن استيقن أنّ الدّين الّذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم، وإن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال (1).

2 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة ، عن الحسين بن هاشم ؛ ومحمّد بن زياد، جميعاً عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن (علیه السلام) مثله ، إلّا أنّه قال : إن كان يستيقن أنّ الّذي ترك يحيط بجميع دَينه فلا ينفق عليهم ، وإن لم يكن يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال (2).

3 - حميد بن زياد عن ابن سماعة عن سليمان بن داود أو (3) بعض أصحابنا، (عنه)، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : قلت له : إنّ رجلا من مواليك مات وترك ولداً صغاراً، وترك شيئاً، وعليه دين وليس يعلم به الغرماء، فإن قضاه لغرمائه بقي ولده وليس لهم شيء؟ فقال: انفِقه على ولده (4).

30 - باب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن الرضا (علیه السلام) قال: سألته عن رجل أوصى لرجل بسيف، وكان في جَفْن، وعليه حِلْيَة ، فقال له الورثة : إنّما لك النصل وليس لك المال؟ قال: فقال : لا ، بل السيف بما فيه له، قال: فقلت : رجلٌ أوصى لرجل بصندوق وكان فيه مال فقال الورثة : إنّما لك الصندوق وليس لك المال؟ قال : فقال أبو الحسن (علیه السلام) : الصندوق بما فيه له(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن

ص: 54


1- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح 18 بتفاوت يسير . وكذلك هو في الاستبصار 4 ، 70 - باب الرجل يموت وعليه دين وله أولاد صغار و. . . ، ح 1. الفقيه 4 ، 126 - باب الرجل يموت وعليه دين و ...، ح 1 . قوله (ععلیه السلام) : من وسط المال : أي من أصل المال .
2- التهذيب 9 نفس الباب ح 19 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .
3- الترديد من الراوي .
4- التهذيب 9 نفس الباب، ح 20 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح .. الفقيه 4 ، 127 - باب نوادر الوصايا، ح 18 . وقال الشيخ رحمه الله في التهذيب بعد إيراده هذا الحديث بعد الحديثين السابقين عليه : فهذا خبر مقطوع مشكوك في رواينه فلا يجوز العدول إليه من الخبرين المتقدمين، لأن خبر عبد الرحمن بن الحجاج مسند موافق للأصول كلها، وذلك أنه لا يصح ان ينفق على الورثة إلا مما ورثوه وليس لهم ميراث إذا كان هناك على حال، لأن الله تعالى قال: من بعد وصية يوصي بها أو دين. فشرط في صحة الميراث أن يكون بعد الدين.
5- التهذيب 9 ، 16 - باب الوصية المبهمة ، ح 14 . الفقيه 4 ، 108 - باب الرجل يوصي لرجل بسيف أو صندوق أو سفينة، ح 1 .

عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن رجل قال : هذه السفينة لفلان، ولم يُسَمّ ما فيها، وفيها طعام ، أبعطاها الرّجل وما فيها ؟ قال : هي للؤذي أوصى له بها، إلؤا أن يكون صاحبها مُتَّهَماً ، وليس للورثة شيء (1).

3 - وعنه ، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) أسأله عن رجل أوصى لرجل بسيف، فقال الورثة : إنّما لك الحديد وليس لك الحلية، ليس لك غير الحديد؟ فكتب إليّ : السيف له وحِليَتُه(2).

4 - عنه ، عن عليّ بن عقبة عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل أوصى لرجل بصندوق، وكان في الصندوق مالٌ، فقال الورثة : إنّما لك الصندوق وليس لك ما فيه؟ فقال: الصندوق بما فيه له (3) .

31 - باب من لا تجوز وصيته من البالغين

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : من قتل نفسه متعمّداً فهو في نار جهنّم خالداً فيها، قيل له : أرأيت إن كان أوصى بوصيّة ثمَّ قتل نفسه من ساعته، تنفذ وصيّته؟ قال : فقال : إن كان أوصى قبل أن يُحْدِثَ حَدَثاً في نفسه من جراحة أو فِعل لعلّه يموت أجيزت وصيّته في الثلث، وإن كان أوصى بوصيّة بعدما أحدث في نفسه من جراحة أو فِعل لعلّه يموت ، لم تَجُز وصيّته (4).

ص: 55


1- التهذيب ،9 نفس الباب ح 15 الفقيه 4 ، نفس الباب ح 2 :وفيه إلا أن يكون صاحبها استثنى مما فيها و ...، بدل : إلا أن يكون صاحبها متهماً و.... قال المحقق في الشرائع 248/2 : «ولو أوصى بسيف معين وهو في جفن دخل الجفن والحلية في الوصية وكذا لو أوصى بصندوق وفيه ثياب أو سفينة وفيها متاع ، أو جراب وفيه قماش، فإن الوعاء وما فيه داخل في الوصية، وفيه قول آخر بعيد». وعلق الشهيد الثاني على هذا الحكم بقوله : والعرف قد يقضي بخلافه في كثير من الموارد، وحقيقة الموصى به مخالفة للمظروف فعدم الدخول أقوى إلا أن تدل قرينة جالية أو مقالية على دخول الجميع أو بعضه فيثبت ما دلت عليه خاصة والشهيد الأول اختار دخول المظروف عند الوصية بالظرف كانت هنالك قرينة على الدخول أم لا.
2- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 16 .
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح17 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ذيل ح 1.
4- التهذيب 9 15 - باب وصية من قتل نفسه أو قتله غيره ، ح 1 بتفاوت قليل الفقيه 4 ، 98 - باب وصية من قتل نفسه متعمداً، ح 1 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم - عدا الحلي - على بطلان وصية من قتل نفسه، بالتفصيل المذكور صحيحة أبي ولاد هذه. يقول الشهيد الثاني : «وأما الأخير - وهو من جرح نفسه بالمهلك - فمستنده صحيحة أبي ولاد عن الصادق (علیه السلام) ... ولدلالة هذا الفعل علي سفهه ولأنه في حكم الميت فلا تجري عليه الأحكام الجارية على الحي ومن ثم لا يقع عليه الزكاة لو كان قابلا لها ، وقيل : تصح وصيته مع ثبات عقله كغيره وهو حسن لولا معارضة النص المشهور، وأما دلالة الفعل على سفهه فغير واضح وأضعف منه كونه في حكم الميت فإنه غير مانع من التصرف مع تيقن رشده. وموضع الخلاف ما إذا تعمد الجرح فلو وقع منه سهواً أو خطأ لم يمنع وصيته إجماعا» .

32 - باب من أوصى لقراباته ومواليه كيف يقسم بينهم

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد قال : كتبت إلى أبي محمّد (علیه السلام) : رجل كان له ،آبنان فمات أحدهما وله ولد ذكور وإناث، فأوصى لهم جدَّهم بسهم أبيهم، فهذا السهم ؛ الذكرُ والأنثى فيه سواء؟ أم للذكر مثل حظّ الأنثيين؟ فوقّع (علیه السلام) : ينفذون وصيّة جدَّهم كما أمر إن شاء الله ؛ قال : وكتبت إليه : رجلٌ له ولد ذكور واناث، فأقرَّ لهم بضيعة أنّها لولده، ولم يذكر أنّها بينهم على سهام الله عزّ وجلّ وفرائضه ؛ الذكرَ والأنثى فيه سواء؟ فوقّع (علیه السلام): ينفذون فيها وصيّة أبيهم على ما سمّى، فإن لم يكن سمّى شيئاً، ردُّوها إلى كتاب الله عز وجل وسنّة نبيّه (صلی الله علیه وآله وسلم) إن شاء الله (1).

2 - محمّد بن یحیی قال : كتب محمّد بن الحسن إلى أبي محمّد (علیه السلام): رجل أوصى بثلث ماله لمواليه ولمولياته الذكر والأنثى فيه سواء، أو للذكر مثل حظّ الأنثيين من الوصيّة؟ فوقّع (علیه السلام) : جائز للميّت ما أوصى به على ما أوصى به إن شاء الله (2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل أوصى بثلث ماله في أعمامه وأخواله ؟ فقال : لأعمامه الثلثان، ولأخواله الثلث (3).

33 - باب من أوصى إلى مُدْرِك وأشرك معه الصغير

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن أخيه

ص: 56


1- التهذيب 9 ، 16 - باب الوصية المبهمة ، ح 23 . وليس في ذيله : وسنة نبيه . وكذا هو في الفقيه 4 ، 103 - باب الوصية للأقرباء والموالي ، ح 2 وروى ذيل الحديث من قوله : . رجل له ولد ذكور وإناث ... الخ .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 24 وفيه ولموالياته. وكذا هو في الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 3.
3- التهذيب ،9 نفس الباب ح 22 . وكرره برقم 8 من الباب 30 من نفس الجزء من التهذيب. الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 1 .

جعفر بن عيسى عن عليّ بن يقطين قال : سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل أوصى إلى امرأة فأشرك في الوصيّة معها صبيّاً ؟ فقال : يجوز ذلك، وتُمضي المرأة الوصيّة، ولا يُنتَظَر بلوغ الصبيّ، فإذا بلغ الصبي، فليس له أن لا يرضى إلّا ما كان من تبديل أو تغيير، فإنَّ له أن يردَّه إلى ما أوصى به الميّت (1) .

2 - محمّد قال : كتب محمّد بن الحسن إلى أبي محمّد (علیه السلام) : رجل أوصى إلى ولده وفيهم كبار قد أدركوا ، وفيهم صغار أيجوز للكبار أن ينفذوا وصيّته ويقضوا دينه لمن صحَّ على الميّت بشهود عدول قبل أن يدرك الأوصياء الصغار؟ فوقّع (علیه السلام) : نعم، على الأكابر من الولدان أن يقضوا دين أبيهم ولا يحبسوه بذلك (2).

34 - باب من أوصى إلى اثنين فينفرد كل واحد منهما ببعض التركة

1 - محمّد بن يحيى قال : كتب محمّد بن الحسن(3) إلى أبي محمّد (علیه السلام) : رجل مات وأوصى إلى رجلين أيجوز لأحدهما أن ينفرد بنصف التركة، والآخر بالنصف؟ فوقّع (علیه السلام) : لا ينبغي لهما أن يخالفا الميّت، وأن يعملا على حسب ما أمرهما إن شاء الله (4) .

2- أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحسن، عن أخويه محمّد وأحمد، عن أبيهما، عن داود بن أبي يزيد عن بريد بن معاوية قال : إنّ رجلاً مات وأوصى إليّ وإلى آخر، أو إلى

ص: 57


1- التهذيب 9 ، 9 - باب الأوصياء ، ح 1 . الاستبصار 4 ، 87 - باب أنه يجوز أن يوصى إلى امرأة ، ح 1 . الفقيه 4 ، 104 - باب الوصية إلى مدرك وغير مدرك ، ح 1 . قال المحقق في الشرائع :256/2 :«ولو أوصى إلى اثنين أحدهما صغير تصرف الكبير منفرداً حتى يبلغ الصغير، وعند بلوغه لا يجوز للبالغ التفرد ... ولو تصرّف البالغ ثم بلغ الصبي لم يكن له نقض شيء مما أبرمه إلا أن يكون مخالفاً لمقتضى الوصية». وقال وتجوز الوصية إلى المرأة إذا جمعت الشرائط» .
2- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 2 ، الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 2 .
3- هو الصفّار.
4- التهذيب 9 9 - باب الأوصياء ، ح 3 . الفقيه 4 ، 99 - باب الرجلين يوصى إليهما فينفرد كل الاستبصار 4 ، 73 - باب من أوصى إلى نفسين هل يجوز . . . ، ح .1 . والمقصود بأبي محمد: الإمام الحسن بن علي العسكري (علیه السلام) . وقال المحقق في الشرائع 256/2 : «ولو أوصى إلى اثنين، فإن أطلق أو شرط اجتماعهما لم يجز لأحدهما أن ينفرد عن صاحبه بشيء من التصرف، ولو تشاحًا لم يمض ما ينفرد به كل واحد منهما عن صاحبه إلا ما لا بد منه مثل كسوة اليتيم ومأكوله وللحاكم جبرهما على الاجتماع، فإن تعاسرا جاز له الاستبدال بهما، ولو أرادا قسمة المال بينهما لم يجز ....» وقال الصدوق بعد نقل الحديث: وهذا التوقيع عندي بخطه (علیه السلام) .

رجلين، فقال أحدهما : خذ نصف ما ترك وأعطني النصف ممّا ترك، فأبى عليه الآخر، فسألوا أبا عبد الله (علیه السلام) عن ذلك ؟ فقال : ذلك له (1).

35 - باب صدقات النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) وفاطمة والأئمة عليهم السلام ووصاياهم

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي الحسن الثاني (علیه السلام) قال: سألته عن الحيطان السبعة الّتي كانت ميراث رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) لفاطمة (علیها السلام)؟ فقال: لا، إنّما كانت وقفاً، وكان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يأخذ إليه منها ما ينفق على أضيافه والتابعة يلزمه فيها، فلمّا قبض، جاء العبّاس يخاصم فاطمة (علیها السلام) فيها، فشهد عليّ (علیه السلام) وغيره أنها وقف على فاطمة (علیها السلام) : وهي الدَّلال، والعواف، والحُسنى، والصافية، وما لأمَّ إبراهيم والمَيْتَب والبُرْقة(2) .

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبيد الله الحلبيّ، ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) :قالا سألناه عن صدقة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وصدقة فاطمة (علیها السلام) ، قال : صدقتهما لبني هاشم وبني المطّلب .

- وعنه ، عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن إبراهيم بن أبي يحيى المديني، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : المَيْتَب، هو الذي كاتب عليه سلمان، فأفاءه الله عزّ وجل على رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، فهو في صدقتها.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال ، ، عن أحمد بن عمر، عن

ص: 58


1- التهذيب ،9 نفس الباب، ح4. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 2 . 2 وقال الشيخ الصدوق رحمه الله بعد نقله هذا الخبر هذا الخبر لا أعمل عليه ولا أفتي به، وإنما أعمل على الخبر الأول (يعني) مكاتبة الصفار (المتقدمة). وعلّق الشيخ في التهذيب على موقف الصدوق هذا بقوله : ظناً منه إنهما متنافيان، وليس الأمر على ما ظن، لأن قوله (علیه السلام): ذلك له، ليس في صريحه إن ذلك للمطالب الذي طلب الاستبداد بنصف التركة، وليس يمتنع أن يكون المراد بقوله (علیه السلام) : ذلك له، يعني الذي أبى على صاحبه الإنقياد إلى ما أراده، فيكون تلخيص الكلام إن له أن يأبى عليه ولا يجيبه إلى مُلتمسه وعلى هذا الوجه لا تنافي بينهما على حال .
2- التهذيب 9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات ، ح 1 و 2 بتفاوت. الفقيه 4 ، 128 - باب الوقف والصدقة و...، ح 14 بتفاوت . وكل هذه الأماكن التي وردت في الحديث هي بساتين كانت للنبي (صلی الله علیه وآله وسلم) مما أفاء الله عليه، وقيل: إن سبب ملكيته (صلی الله علیه وآله وسلم) لها غير ذلك، وكلها في المدينة وقيل إنها كانت من صدقات النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) كما في النهاية والمراصد .

أبيه ، عن أبي مريم قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن صدقة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وصدقة عليّ (علیه السلام)؟ فقال: هي لنا حلال ؛ وقال : إنَّ فاطمة (علیها السلام) جعلت صدقتها لبني هاشم وبني المطّلب .

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : ألا أقرئك (1) وصيّة فاطمة (علیه السلام) ؟ قال : قلت: بلى، قال: فأخرج حقّاً أو (2) سفطاً ، فأخرج منه كتاباً ، فقرأه : بسم الله الرّحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بسم بنت محمّد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، أوصت بحوائطها السبعة العواف، والدَّلال، والبرقة، والمَيثب، والحسنى، والصافية، وما لأمّ إبراهيم إلى عليّ بن أبي طالب (علیه السلام)، فإن مضى عليّ فإلى الحسن، فإن مضى الحسن فإلى الحسين، فإن مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدي ، شهد الله على ذلك، والمقداد بن الأسود والزبير بن العوَّام، وكتب عليُّ بن أبي طالب (3).

وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عاصم بن حميد مثله، ولم يذكر حقّاً ولا سفطاً، وقال : إلى الأكبر من ولدي دون ولدك .

6 - وعنه ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : ألا أقرئك وصيّة فاطمة (علیه السلام)؟ قلت: بلى، قال : فأخرج إليَّ صحيفة : هذا ما عَهِدَت فاطمة بنت محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم) في مالها إلى عليّ بن أبي طالب (علیه السلام)، وإن مات، فإلى الحسن، وإن مات فإلى الحسين، فإن مات الحسين فإلى الأكبر من ولدي دون ولدك : الدّلال والعواف والميثب وبُرقة والحسنى والصافية وما لأمّ إبراهيم، شهد الله عز وجل على ذلك والمقداد بن الأسود، والزبير بن العوَّام .

7- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: بعث إليَّ أبو الحسن موسى (علیه السلام) (4) بوصيّة أمير المؤمنين (علیه السلام) وهي :

بسم الله الرَّحمن الرّحيم، هذا ما أوصى به وقضى به في ماله عبدُ الله عليّ، ابتغاء وجه الله ، ليولجني به الجنّة ويصرفني به عن النار ويصرف النار عنّي يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه، أن ما كان لي من مال بينبع يعرف لي فيها وما حولها صدقة ورقيقها، غير أنّ رباحاً وأبا نيزر وجُبيراً

ص: 59


1- في التهذيب والفقيه : ألا أحدثك .
2- الترديد من الراوي .
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 50 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 13 .
4- في التهذيب : بعث إلي بهذه الوصية أبو إبراهيم (علیه السلام)...

عتقاء ليس لأحد عليهم سبيل، فهم مواليّ يعملون في المال خمسَ حجَج ، وفيه نفقتهم ورزقهم وأرزاق أهاليهم؛ ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى كلّه من مال لبني فاطمة ورقيقها صدقة، وما كان لي بِدِيمه (1) وأهلها صدقة غير أن زريقاً له مثل ما كتبت لأصحابه ؛ وما كان لي بأذينة وأهلها صدقة والفقيرين (2) كما قد علمتم صدقة في سبيل الله ، وإنَّ الّذي كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتَلَة (3) حيّاً أنا أو ميّتاً ، ينفق في كلّ نفقة يبتغي بها وجه الله في سبيل الله ووجهه وذوي الرحم من بني هاشم وبني المطّلب، والقريب والبعيد، فإنّه يقوم على ذلك الحسن بن عليّ يأكل منه بالمعروف وينفقه حيث يراه الله عزَّ وجلَّ في جلّ محلّل لا حرج عليه فيه، فإن أراد أن یبیع نصيباً من المال فيقضي به الدين، فليفعل إن شاء، ولا حَرَج عليه فيه، وإن شاء جعله سرى الملك، وإن ولد علي ومواليهم وأموالهم إلى الحسن بن عليّ ، وإن كانت دار الحسن بن عليّ غیر دار الصدقة فبدا له أن يبيعها فليبع إن شاء لا حرج عليه فيه، وإن باع فإنّه يقسّم ثمنها ثلاثة أثلاث، فيجعل ثلثاً في سبيل الله ، وثلثاً في بني هاشم وبني المطّلب، ويجعل الثلث في آل أبي طالب، وإنّه يضعه فيهم حيث يراه الله ، وإن حدث بحسن حدث وحسين حيٌّ، فإنّه إلى الحسين بن عليّ، وإنَّ حسيناً يفعل فيه مثل الّذي أمرت به حسناً، له مثل الّذي كتبت للحسن، وعليه مثل الّذي على الحسن، وإنّ لبني [ابني] فاطمة من صدقة عليّ مثل الّذي لبني عليّ، وإنّي إنّما جعلت الّذي جعلت لابني فاطمة ابتغاء وجه الله عزَّ وجلّ وتكريم حرمة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وتعظيمهما وتشريفهما ورضاهما ، وإن حدث بحسن وحسين حدث، فإنَّ الآخر منهما ينظر في بني عليّ، فإن وجد فيهم من يرضى بهداه وإسلامه وأمانته فإنّه يجعله إليه إن شاء، وإن لم يرفيهم بعض الذي يريده فإنه يجعله إلى رجل من آل أبي طالب يرضى به ، فإنّ وجد آل أبي طالب قد ذهب كبراؤهم وذووا آرائهم فإنّه يجعله إلى رجل يرضاه من بني هاشم، وأنه يشترط على الذي يجعله إليه أن يترك المال على أصوله وينفق ثمره حيث أمرته به من سبيل الله ووجهه وذوي الرَّحم من بني هاشم وبني المطّلب، والقريب والبعيد، لا يباع منه شيء، ولا يوهب، ولا يورث، وإن مال محمّد بن عليّ على ناحيته وهو إلى ابني فاطمة، وأنَّ رقيقي الّذين في صحيفة صغيرة الّتي كتبت لي عتقاء.

هذا ما قضى به عليّ بن أبي طالب في أمواله هذه الغد من قوم قَدِم مَسْكِن (4) ابتغاء وجه الله والدار الآخرة والله المستعان على كل حال، ولا يحلُّ لامرىء مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر

ص: 60


1- في التهذيب : بِدَعَة : وهي عين قرب المدينة . - كما قيل-.
2- اسم موضع أو موضعين بالمدينة أو نواحيها .
3- بتلة، أي مبتولة، وهي المنقطعة المفصولة .
4- مسكن - بكسر الكاف - : موضع بالكوفة على شاطىء الفرات - كما في الصحاح -.

أن يقول في شيء قضيته من مالي ولا يخالف فيه أمري من قريب أو بعيد.

أما بعد؛ فإنّ ولائدي اللائي أطوف عليهنَّ السبعة عشر منهنَّ أمّهات أولاد معهنَّ أولادهنَّ، ومنهنَّ حبالى ومنهنَّ من لا ولد له، فقضاي فيهنَّ إن حدث حدث، أنّه من كان منهنَّ ليس لها ولد وليست بحبلى فهي عتيق لوجه الله عزّ وجلّ، ليس لأحد عليهنَّ سبيل ومن كان منهنَّ لها ولد أو حبلى فتمسك على ولدها وهي من حظّه، فإن مات ولدها وهي حيّة فهي عتيق، ليس لأحد عليها سبيل، هذا ما قضى به عليّ في ماله الغد من يوم قَدِمَ مَسْكِن ، شهد أبو سمر بن أبرهة، وصعصعة بن صَوحان ويزيد بن قيس وهيّاج بن أبي هيّاج، وكتب علي بن أبي طالب بيده لعَشْر خَلَوْنَ من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين (1).

وكانت الوصية الأخرى [مع الأولى]: بسم الله الرّحمن الرّحيم، هذا ما أوصى به عليُّ بن أبي طالب أوصى أنّه يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون، صلّى الله عليه وآله ، ثمَّ إِنَّ صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمِرْتُ وأنا من المسلمين .

ثمَّ إنّي أوصيك يا حسن وجميعَ أهل بيتي وولدي ومن بلغه كتابي ، بتقوى الله ربكم ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا ، فإنّي سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يقول :« صلاح ذاتِ البَين أفضلُ من عامّة الصلاة والصيام، وأنّ المُبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين، ولا قوَّة إلا بالله العليّ العظيم انظروا ذوي أرحامكم فصِلُوهُم يُهَوّن الله عليكم الحساب.

الله الله في الأيتام فلا تغبّوا أفواههم ولا يَضيعوا بحضرتكم، فقد سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يقول: «من عال يتيماً حتى يستغني أوجب الله عزّ وجلّ له بذلك الجنّة، كما أوجب لأكل مال اليتيم النار ».

اللهَ اللهَ في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به أحد غيركم.

اللهَ اللهَ في جيرانكم، فإنّ النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) أوصى بهم وما زال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يوصي بهم حتّى ظننّا أنّه سيورّثهم .

اللهَ اللهَ في بيت ربكم، فلا يخلو منكم ما بقيتم، فإنّه إن تُرِكَ لم تناظروا، وأدنى ما يرجع

ص: 61


1- إلى هنا بتفاوت في التهذيب 9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات ، ح 55 .

به من أمَّهُ أن يغفر له ما سلف.

اللهَ اللهَ في الصلاة فإنّها خير العمل، إنّها عمود دينكم .

اللهَ اللهَ في الزكاة فإنّها تطفىء غضب ربّكم.

اللهَ اللهَ في شهر رمضان فإنَّ صيامه جُنّة من النار.

اللهَ اللهَ في الفقراء والمساكين، فشاركوهم في معايشكم .

اللهَ اللهَ في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ، فإنّما يجاهد رجلان : إمام هدى، أو مطيع له مقتد بهداه .

اللهَ اللهَ في ذرّيّة نبيّكم ، فلا يظلمنّ بحضرتكم وبين ظهرانيكم وأنتم تقدرون على الدفع عنهم .

اللهَ اللهَ في أصحاب نبيّكم الّذين لم يُحْدِثوا حَدَثاً، ولم يُؤووا محدثاً، فإنّ

رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أوصى بهم، ولعن المحدث منهم ومن غيرهم، والمؤوي للمحدث .

اللهَ اللهَ في النساء وفيما ملكت أيمانكم، فإنَّ آخر ما تكلّم به نبيّكم (علیه السلام) أن قال : أوصيكم بالضعيفين : النساء، وما ملكت أيْمَانُكُم .

الصلاة الصلاة الصلاة، لا تخافوا في الله لومة لائم، يكفِكُم الله من آذاكم وبغى عليكم، قولوا للناس حسناً كما أمركم الله عزَّ وجلَّ، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولّي الله أمركم شراركم ثمَّ تَدْعُونَ فلا يُستجاب لكم عليهم ، وعليكم يا بنيَّ بالتواصل والتباذل والتبار، وإيّاكم والتقاطع والتدابر والتفرّق، وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تَعَاونوا على الإثم والعدوان، واتّقوا الله إنّ الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت، وحفظ فيكم نبيكم، أستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

ثمّ لم يزل يقول :« لا إله إلّا الله». «لا إله إلّا الله» حتّى قُبض صلوات الله عليه ورحمته في ثلاث ليال من العشر الأواخر ليلة ثلاث وعشرين(1) من شهر رمضان، ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة، وكان ضُرب ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان .

8- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان ؛ ومحمّد بن إسماعيل،

ص: 62


1- المشهور عند المسلمين بل ظاهر الخاصة إجماعهم عليه أن استشهاده (علیه السلام) كان ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان .

عن الفضل بن شاذان، عن صفوان ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج أن أبا الحسن موسى (علیه السلام) بعث إليه بوصيّة أبيه وبصدقته مع أبي إسماعيل مصادف:

الله الرَّحمن الرَّحيم، هذا ما عهد جعفر بن محمّد، وهو يشهد أن لا إله إلّا الله وحده

بسم لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير، وأنَّ محمّداً عبده ورسوله، وأنَّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنَّ الله يبعث من في القبور، على ذلك نحيا وعليه نموت وعليه نُبْعَث حيّاً إن شاء الله .

وعهد إلى ولده ألّا يموتوا إلّا وهم مسلمون، وأن يتّقوا الله ويُصلحوا ذاتَ بینهم ما استطاعوا، فإنّهم لن يزالوا بخير ما فعلوا ذلك، وإن كان دين يُدان به ، وعَهِدَ إِن حَدَث به حَدَثُ ولم يغيّر عهده هذا - وهو أولى بتغييره ما أبقاه الله - لفلان كذا وكذا ، ولفلان كذا وكذا، ولفلان كذا، وفلان حرّ، وجعل عهده إلى فلان .

بسم الله الرَّحمن الرحيم، هذا ما تصدّق به موسى بن جعفر بأرض بمكان كذا وكذا، وحدُّ الأرض كذا وكذا كلّها ونخلها وأرضها وبياضها ومائها وأرجائها وحقوقها وشربها من الماء، وكلّ حقّ قليل أو كثير هولها في مرفع أو مظهر أو مغيض أو مرفق أو ساحة أو شعبة أو مشعب أو مسيل أو عامر أو غامر ، تصدَّق بجميع حقّه من ذلك وعلى ولده من صلبه؛ الرجال والنساء، يقسّم وإليها ما أخرج الله عزَّ وجلَّ من غلّتها بعد الذي يكفيها من عمارتها ومرافقها، وبعد ثلاثين عذقاً يقسم في مساكين أهل القرية بين ولد موسى، للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن تزوَّجت امرأة من ولد موسى فلا حقّ لها في هذه الصدقة حتّى ترجع إليها بغير زوج، فإن رجعت كان لها مثل حظّ الّتي لم تتزوّج من بنات موسى وأنَّ من توفّي من ولد موسى وله ولد، فولده على سهم أبيه للذكر مثل حظّ الأنثيين على مثل ما شرط موسى بن جعفر في ولده من صلبه، وأنّ من توفّي من ولد موسى ولم يترك ولداً، ردَّ حقه على أهل الصدقة، وأن ليس لولد بناتي في صدقتي هذه حق إلا أن يكون آباؤهم من ولدي، وأنه ليس لأحدٌ حقّ في صدقتي مع ولدي أو ولد ولدي وأعقابهم ما بقي منهم أحدٌ ، وإذا انقرضوا ولم يبق منهم أحد، فصدقتي علي ولد أبي من أمّي ما على ما شرطته بين ولدي وعقبي ، فإن انقرض ولد أبي من أمي، فصدقتي على

بقي أحد منهم ولد أبي وأعقابهم ما بقي منهم أحدٌ على مثل ما شرطت بين ولدي وعقبي ، فإذا انقرض من ولد أبي ولم يبق منهم أحد، فصدقتي على الأوّل فالأوّل حتّى يرثها الله الذي ورثها وهو خير الوارثين ، تصدّق موسى بن جعفر بصدقته هذه وهو صحيح صدقة حبساً بتلا بتّاً، لا مشوبة فيها

ص: 63

ولا ردَّ أبداً ابتغاء وجه الله عزّ وجلَّ والدار الآخرة، لا يحلُّ لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيعها أو شيئاً منها ، ولا يهبها ، ولا ينحلها، ولا يغيّر شيئاً منها ممّا وضعته عليها حتّى يرث الله الأرض وما عليها .

وجعل صدقته هذه إلى عليّ وإبراهيم، فإن انقرض أحدهما دخل القاسم مع الباقي منهما، فإن انقرض أحدهما دخل إسماعيل مع الباقي منهما ، فإن انقرض أحدهما دخل العبّاس الباقي منهما، فإن انقرض أحدهما فالأكبر من ولدي ، فإن لم يبق من ولدي إلّا واحد، فهو الّذي يليه (1). وزعم أبو الحسن أن أباه قدَّم إسماعيل في صدقته على العبّاس وهو أصغر منه .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبيّ، عن أيّوب بن عطيّة الحذّاء قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : قسّم نبيّ الله (صلی الله علیه وآله وسلم) الفيء، فأصاب عليّاً (علیه السلام) أرضٌ فاحتفر فيها عيناً، فخرج ماء ينبع في السماء كهيئة عنق البعير (2)، فسمّاها ينَبُع، فجاء البشیر يبشِّر ، فقال (علیه السلام): بشّر الوارث، هي صدقة بتّة بتلا في حجيج بيت الله وعابري سبيل الله ، لا تباع ولا توهب ولا تورث، فمن باعها أو وهبها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صَرْفاً ولا عَدْلاً (3).

10 - عدَّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن هشام بن أحمر ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل ابن شاذان عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد جميعاً، عن سالمة(4) مولاة أبي عبد الله (علیه السلام) قالت : كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام) حين حضرته الوفاة، فأغمي عليه، فلمّا أفاق قال : أعطوا الحسن بن عليّ بن الحسين - وهو الأفطس - سبعين ديناراً، وأعطوا فلاناً كذا وكذا، وفلاناً كذا وكذا، فقلت: أتعطي رجلاً حَمَلَ عليك بالشفرة؟ فقال: ويحكِ، أما تقرئين القرآن؟ قلت بلى قال : أما سمعت قول الله عزّ وجلَّ (5): (الذين يصلون ما أمر الله به أن

ص: 64


1- إلى هنا - ومن قوله : بسم الله .... هذا ما تصدق به موسى بن جعفر .... وبتفاوت في التهذيب 9 3 - باب ، الوقوف والصدقات ، ح .57 وكذلك هو في الفقيه 4 ، 128 - باب الوقف والصدقة و... ، ح 28 . والمظهر: - كما في القاموس - ما ارتفع من الأرض. المرفق : الميضاة، ومكان خدمة البيت كالمطبخ والحمام وأشباههما . الغامر: الخراب والمتشعب : وقد يقال المشعب : الطريق والمسلك .
2- كناية عن قوة الماء وشدة اندفاعه في السماء .
3- التهذيب 9 ، 3 - باب الوقوف والصدقات ، ح 56 .
4- في الفقيه عن سلمى...
5- الرعد/ 21 .

يوصَلَ ويَخْشَوْنَ ربّهم ويخافون سوء الحساب(1)) . .

قال ابن محبوب في حديثه : حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك.

فقال: أتريدين على أن لا أكون من الذين قال الله تبارك وتعالى : (الذين يصِلُونَ ما أَمَرَ الله به أن يوصَلَ ويخشَوْنَ رَبِّهم ويخافون سوء الحساب)، نعم يا سالمة، إنَّ الله خلق الجنّة وطيّبها وطيّب ريحها، وإنَّ ريحها لتوجد من مسيرة ألفي عام ، ولا يجد ريحَها عاقّ ولا قاطِعُ رَحِم.

11 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عمّا يقول الناس في الوصيّة بالثلث والربع عند موته، أشيء صحيح معروف، أم كيف صنع أبوك ؟ فقال : الثلث ذلك الأمر الّذي صنع أبي - رحمه الله - (2).

12 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن جعفر بن سماعة ؛ وغيره، عن أبَان، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال : إن أبا جعفر (علیه السلام) مات وترك ستين غلاماً، فأعتق ثلثهم، فأقرعتُ بينهم، فأخرجت عشرين فأعتقتهم (3).

13 - عنه ، عن عبد الله بن جبلة، وغيره، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أعتق أبو جعفر (علیه السلام) من غلمانه عند موته شرارهم وأمسك خِيارَهم ، فقلت : يا أبه تعتق هؤلاء وتمسك هؤلاء ! فقال : إنّهم قد أصابوا منّي ضرّاً، فيكون هذا بهذا (4).

14 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد الله بن سنان ، عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : مرض عليُّ بن الحسين (علیه السلام) ثلاث مرضات، في كلّ مرضة يوصي بوصيّة، فإذا أفاق أمضى وصيّته(5).

36 - باب ما يلحق الميت بعد موته

1 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى عن

ص: 65


1- التهذيب 9 ، 20 - باب من الزيادات، ح 47. الفقيه 4 ، 127 - باب نوادر الوصايا ، ح 4 .
2- الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 3 .
3- مر هذا الحديث سابقا.
4- التهذيب 9 ، 20 - باب من الزيادات ح ا ، وكرره برقم 49 من نفس الباب، وفيه : أصابوا مني ضرباً ...، بدل ضراً...،وهو هكذا أيضاً في الفقيه ،4 ، 127 - باب نوادر الوصايا ، ح 1.
5- التهذيب 9 نفس ،الباب ح 48 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 2.

منصور، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلّا ثلاث خصال: صَدَقَة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، وسُنَّةُ هدى سنّها فهي يُعْمَل بها بعد موته، أو ولد صالح يدعو لَهُ(1) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلّا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته وصدقة مبتولة(2) لا تورث أو سنّة هدى يعمل بها بعده، أو ولد صالح يدعو له.

محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان، عن ابن مسكان عن محمّدالحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) مثله ، إلّا أنّه قال : أو ولد صالح يستغفر له .

3 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لا يتبع الرّجل بعد موته إلّا ثلاث خصال: صدقة أجراها الله في حياته فهي تجري له بعد موته، وسنّةٌ هدىً سنّها فهي يُعمَل بها بعد وفاته، وولد صالح يدعو له .

4 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : ما يلحق الرجل بعد موته؟ فقال : سُنّة سَنّها يُعْمَلُ بها بعد موته فيكون له مثل أجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، والصدقة الجارية تجري من بعده، والولد الصالح يدعو لوالديه بعد موتهما ، ويحجُّ ، ويتصدَّق عنهما، ويعتق، ويصوم ويصلّي عنهما. فقلت: أشركهما في حَجِّي ؟ قال : نعم .

5 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن شعیب، عن أبي ،كهمس، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : ستة تلحق المؤمن بعد وفاته : ولد يستغفر له، ومصحف يخلفه، وغرس يغرسه، وقليب (3) يحفره، وصدقة يُجريها، وسنّة يؤخذ بها من بعده (4).

ص: 66


1- التهذيب 9 نفس الباب، ح 2 .
2- الصدقة المبتولة، المفصولة المنقطعة عن المال وهي الوقف.
3- القليب : البئر.
4- الفقيه 4 ، 128 - باب الوقف والصدقة والنحل ، ح 18 ، وفيه : ويثر يحفرها بدل وقليب يحفره . وأبو كهمس : كنية للهيثم بن عبيد الله أو ابن عبد الله وهو المراد به هنا وإن كان يطلق على القاسم بن عبيد أيضاً .

37 - باب النوادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن - بريد بن معاوية، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قلت له : إنَّ رجلاً أوصى إليَّ، فسألته أن يشرك معي ذا قرابة له ففعل، وذكر الّذي أوصى إلىَّ أنّ له قِبَلَ الذي أشركه في الوصيّة خمسين ومائة درهم عنده رهناً بها جام من ،فضّة ، فلمّا هلك الرجل، أنشأ الوصي يدَّعي أن له قبله أكرار حنطة؟ قال : إن أقام البيئة وإلا فلا شيء له، قال: قلت له : أيحل له أن يأخذ ممّا في يده شيئاً؟ قال : لا يحلُّ له قلت : أرأيت لو أنَّ رجلاً عدا عليه فأخذ ماله فقدر على أن يأخذ من ماله ما أخذ، أكان ذلك له؟ قال: إن هذا ليس مثل هذا (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أوصى رجل بثلاثين ديناراً لولد فاطمة (علیها السلام)، قال: فأتى بها الرجل إلى أبي عبد الله (علیه السلام)، فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : ادفعها إلى فلان شيخ من ولد فاطمة (علیها السلام) ، - وكان معيلا مُقِلَّا - فقال له الرَّجل : إنّما أوصى بها الرَّجل لولد فاطمة ؟ ! فقال أبو عبد الله (علیه السلام): «إنّها لا تقع من ولد فاطمة، وهي تقع من هذا الرَّجل، وله عيال (2)».

3 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن عليّ بن مهزيار، عن أحمد بن حمزة قال : قلت له : إنَّ في بلدنا ربما أُوصِي بالمال لآل محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم)، فيأتوني به، فأكره أن

ص: 67


1- التهذيب 9 ، 20 - باب من الزيادات ، ح 3 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 127 - باب نوادر الوصايا ، ح 14 بتفاوت . قال المحقق في الشرائع 257/2 : ولو كان للوصي دين على الميت جاز أن يستوفي مما في يده من غير إذن الحاكم إذا لم يكن له حجة ، وقيل : يجوز مطلقا ......». وقال الشهيد الثاني في المسالك تعقيباً على قول المحقق هذا : والقول الأول للشيخ في النهاية ويمكن الاستدلال له بموثقة بريد بن معاوية والقول بالجواز مطلقاً لابن إدريس وهو الأقوى. والجواب عن الرواية مع قطع النظر عن سندها أنها مفروضة في استيفاء أحد الوصيين على الاجتماع بدون إذن الآخر، ونحن نقول بموجبه فإن أحد الوصيين كذلك بمنزلة الأجنبي ليس له الإستيفاء إلا بإذن الآخر كباقي التصرفات وليس للآخر تمكينه منه بدون إثباته. والكلام هنا في الوصي المستقل، وقد نبه عليه في آخر الرواية : بأن هذا ليس مثل هذا أي هذا يأخذ باطلاع الوصي الآخر وليس له تمكينه بمجرد الدعوى، بخلاف من يأخذ على جهة المقاصة حيث لا يطلع عليه أحد مرآة المجلسي 93/23 - 94 .
2- التهذيب 9 ، 20 - باب من الزيادات ح5 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 127 - باب نوادر الوصايا، ح 13 . قوله (علیه السلام) : إنها لا تقع ... الخ ؛ أي إن هذه الوصية بثلاثين ديناراً لا يمكن بسطها على كل ولد فاطمة (علیها السلام) وهي لا تسعهم لكثرتهم، وفي هذه الصورة يكفي اعطاؤها لشخص واحد منهم عنده عيال كهذا الشيخ .

أحمله إليك حتّى استأمرك ؟ فقال : لا تأتِني به، ولا تَعَرَّض له (1) .

4 - محمّد بن يحيى رفعه عنهم (علیه السلام) قال: قال من أوصى بالثلث، احتُسبَ له من زکاته.

5 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه في رجل أقرّ عند موته لفلان وفلان، لأحدهما عندی ألف درهم، ثمَّ مات على تلك الحال ؟ فقال : أيّهما أقام البيّنة فله المال، فإن لم يُقِم واحد منهما البيّنة ، فالمال بينهما نصفان (2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: من عَدَلَ في وصيّته كان بمنزلة من تصدَّق بها في حياته، ومن جار في وصيّته، لقي الله عزّ وجلَّ يوم القيامة وهو عنه مُعْرِض (3).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الريان قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) أسأله عن إنسان أوصى بوصيّة، فلم يحفظ الوصيّ إلّا باباً واحداً منها، كيف يصنع في الباقي ؟ فوقّع (علیه السلام) : الأبواب الباقية يجعلها في البرّ (4).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن مهزيار، عن بعض أصحابنا قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) : إنّي وقفت أرضاً على ولدي، وفي حجّ، ووجوه برّ، ولك فيه حقّ بعدي، أو لمن بعدك ، وقد أزلتها عن ذلك المجرى؟ فقال (علیه السلام): أنت في حِلّ، ومُوَسّع لك .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن جعفر بن عيسى قال : كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) أسأله في رجل أوصى ببعض ثلثه من بعد موته

ص: 68


1- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 4 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 12 . وربما يكون نهيه (علیه السلام) له عن حمل المال إليه، بل عن التصدي لقبوله إنما هو للتقية. والله العالم .
2- التهذيب 9 5 باب الإقرار في المرض، ح 12 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 11 . قال المجلسي في مرآته 95/23 : «والمشهور بين الأصحاب أنه في الصورة المفروضة لو أقاما بينة أو نكلا عن اليمين معا يقسم بينهما نصفين» .
3- الفقيه 4 82 - باب العدل والجور في الوصية، ح 1 .
4- التهذيب 9 ، 16 - باب الوصية المبهمة ، ح 21 . الفقيه 4 ، 110 - باب الرجل يوصي بوصبة فينساها الوصي و... ، ح 1 . بتفاوت يسير فيهما . وما تضمنه الحديث من صرف الباقي في البر هو أحد قولين في المسألة عند أصحابنا رضوان الله عليهم، وهو المشهور ، وقيل : يرجع ما نسيه من الوجوه ميراثا بعد صرف ما حفظه من وجوه الوصية.

من غلّة ضيعة له إلى وصيّة، يضع نصفه في مواضع سمّاها له معلومة في كلّ سنة، والباقي من الثلث يعمل فيه بما شاء ورأي الوصيّ ، فأنفذ الوصيُّ ما أوصى إليه من المسمّى المعلوم، وقال في الباقي : قد صيّرتُ لفلان كذا، ولفلان كذا، ولفلان كذا في كلّ سنة، وفي الحجّ كذا وكذا، وفي الصدقة كذا في كلّ سنة ، ثمَّ بداله في كلّ ذلك ، فقال : قد شئتُ الأوّل، ورأيت خلاف مشيتي الأولى، ورأيي ، أله أن يرجع فيها ويصيّر ما صيّر لغيرهم، أو ينقصهم، أو يدخل معهم غيرهم إن أراد ذلك؟ فكتب (علیه السلام) : له أن يفعل ما شاء، إلّا أن يكون كتب كتاباً على نفسه (1).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن (2) [بن إبراهيم] بن محمّد الهمداني قال : كتب محمد بن يحيى : هل للوصيِّ أن يشتري شيئاً من مال الميّت إذا بيع فيمن زاد، فيزيد ويأخذ لنفسه ؟ فقال : يجوز ، إذا اشترى صحيحاً (3) .

11 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي عليّ بن راشد عن صاحب العسكر (علیه السلام) قال : قلت له : جُعِلْتُ فِداك ، نؤتى بالشيء فيقال : هذا ما كان لأبي جعفر (علیه السلام) عندنا، فكيف نصنع ؟ فقال : ما كان لأبي جعفر (علیه السلام) بسبب الإمامة فهو لي ، وما كان غير ذلك، فهو ميراث على كتاب الله وسنّة نبيه (صلی الله علیه و آله وسلم) (4).

12 - عنه ، عن محمّد بن أحمد عن الحسين بن مالك قال : كتبت إليه (5): رجل مات وجعل كلّ شيء له في حياته لك، ولم يكن له ولد ، ثمَّ إنّه أصاب بعد ذلك ولداً، ومبلغ ماله ثلاثة آلاف درهم، وقد بعثت إليك بألف درهم، فإن رأيت - جعلني الله فداك - أن تعلمني فیه رأيك لأعمل به؟ فكتب : أطلق لهم (6).

13 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر عن الحسين بن مالك قال : كتبت إلى

ص: 69


1- التهذيب 9 ، 20 - باب من الزيادات ، ح 7 . قوله (علیه السلام) : إلا أن يكون كتب كتاباً على نفسه : يعني، إلا أن يكون الوصي قد جعل لهم شيئاً بنحو الوقف أو التمليك بأي شكل من الأشكال بحيث لا يمكنه الرجوع فيه .
2- في الفقيه عن الحسين بن إبراهيم الهمداني :قال كتبت مع محمد بن يحيى . . . .
3- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 6 الفقيه 4 111 - باب الوصي يشتري من مال الميت إذا بيع فيمن زاد، ح 1 . قال المحقق في الشرائع بالنسبة لشراء الوصي لنفسه بنفسه من مال الموصي 257/2 : «وفي شرائه لنفسه من نفسه تردد اشبهه الجواز إذا أخذ بالقيمة العدل» .
4- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح .. الفقيه 2 ، 7 - باب الخمس ، ح 14 .
5- المراد بالضمير : الإمام علي بن محمد الهادي (علیه السلام) .
6- التهذيب 9 ، 10 - باب الرجوع في الوصية ، ح 12 . الاستبصار 4، 74 - باب أنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ح 21 . الفقيه 4 127 - باب نوادر الوصايا، ح 6 وأخرجه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن الحسن بن مالك ...

أبي الحسن (علیه السلام) : إعلَم يا سيّدي أنَّ ابن أخ لي توفّي ، فأوصى لسيّدي بضيعة، وأوصى أن يدفع كلّ شيء في داره حتى الأوتاد تباع ويجعل الثمن إلى سيّدي ، وأوصى بحجّ، وأوصى للفقراء من أهل بيته وأوصى لعمّته وأخته بمال فنظرت فإذا ما أوصى به أكثر من الثلث، ولعلّه يقارب النصف ممّا ترك، وخلف ابناً له ثلاث سنين، وترك ديناً، فرأي سيّدي؟ فوقّع (علیه السلام): يقتصر من وصيّته على الثّلث من ماله ، ويقسّم ذلك بين من أوصى له على قدر سهامهم إن شاء الله (1).

14 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن سعد بن إسماعيل، عن أبيه قال: سألت الرضا (علیه السلام) عن رجل حضره الموت فأوصى إلى ابنه وأخوين، شهد الابن وصيته وغاب الأخوان، فلمّا كان بعد أيّام أبيا أن يقبلا الوصية مخافة أن يتوثّب عليهما ابنه ، ولم يقدرا أن يعملا بما ينبغي ، فضمن لهما ابن عمّ لهما - وهو مطاع فيهم - أن يكفيهما ابنه ، فدخلا بهذا الشرط، فلم يكفهما ،ابنه وقد اشترطا عليه ابنه وقالا : نحن نبرء من الوصية ونحن في حل من ترك جميع الأشياء والخروج منه، أيستقيم أن يخلّيا عمّا في أيديهما ويخرجا منه؟ قال : هو لازم لك، فأرفق على أي الوجوه كان، فإنّك ماجورٌ ، لعلّ ذلك يحلّ بابنه (2).

15 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلىّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، ومحمّد بن يحيى، عن وصيّ عليّ بن السّري قال: قلت لأبي الحسن موسى (علیه السلام) : إنّ عليَّ بن السري توفي فأوصى إليّ ، فقال : رحمه الله ، قلت : وإنَّ ابنه جعفر بن عليّ وقع على أمّ ولد له . فأمرني أن أخرجه من الميراث؟ قال : فقال لي : أخرجه من الميراث، وإن كنت صادقاً فسيصيبه خبل، قال: فرجعت فقدمني إلى أبي يوسف القاضي فقال له: أصلحك الله ، أنا جعفر بن عليّ بن السري ، وهذا وصيّ أبي، فمره فليدفع إلي ميراثي من أبي، فقال أبو يوسف القاضي لي : ما تقول؟ فقلت له : نعم. هذا جعفر بن علي بن السري ، وأنا وصي علي بن السري ، قال : فادفع إليه ماله، فقلت : أريد أن أكلمك ، قال : فادنُ إليَّ، فدنوت حيث لا يسمع أحد كلامي فقلت له : هذا وقع على أمّ ولد لأبيه، فأمرني أبوه وأوصى إلي أن أخرجه من الميراث، ولا أورّثه شيئاً، فأتبت موسى بن جعفر (علیه السلام) بالمدينة، فأخبرته وسألته، فأمرني أن أخرجه من الميراث ولا أورثه شيئاً فقال الله ، إنّ أبا الحسن (علیه السلام) أمرك؟ قال : قلت : نعم، قال:

ص: 70


1- التهذيب 9 نفس الباب، ح 11 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 20 .
2- التهذيب 9 ، 20 - باب من الزيادات، ح 9 . قوله : اشترطا عليه ابنه : أي اشترطا على ابن العم أن يكفيهما شر الابن. قوله : لعل ذلك ... إشارة إلى الرفق، بمعنى أن رفقك ولينك قد يؤثر في الابن فيطيعك .

فاستحلفني ثلاثاً، ثمَّ قال لي : أنفِذ ما أمرك به أبو الحسن (علیه السلام) فالقول قوله، قال الوصيّ : فأصابه الخَبَل بعد ذلك، قال أبو محمّد الحسن بن عليّ الوشّاء : فرأيته بعد ذلك وقد أصابه الخبل (1).

16 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن خالد بن بكير الطّويل قال : دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال : يا بنيَّ، اقبض مال إخوتك الصّغار فاعمل به، وخذ نصف الرّبح ، وأعطهم النّصف، وليس عليك ضمان، فقدَّمتني أمّ ولد لأبي بعد وفاة أبي إلى ابن أبي ليلى، فقالت له : إنَّ هذا يأكل أموال ولدي ، قال : فقصصت عليه ما ا أمرني به أبي ، فقال ابن أبي ليلى : إن كان أبوك أمرك بالباطل لم أجِزهُ، ثمَّ أشهد عليَّ ابن أبي ليلى إن أنا حركته فأنا له ضامن، فدخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) بعدُ فقصصت عليه قصّتي ، ثمَّ قلت له : ما ترى؟ فقال : أمّا قول ابن أبي ليلى فلا أستطيع ردَّه، وأما فيما بينك وبين الله عزّ وجلَّ فليس عليك ضمان (2).

17 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمّار بن مروان قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : إنَّ أبي حضره الموت، فقيل له : أوص، فقال هذا أبني - يعني عمر - فما صنع فهو جائز، فقال له أبو عبد الله (علیه السلام) : فقد أوصى أبوك وأوجز، قلت: فإنّه أمر لك بكذا وكذا، فقال: أجره(3)، قلت: وأوصى بنَسمة مؤمنة عارفة ، فلمّا اعتقناه بان لنا أنّه لغير رِشْدَة؟ فقال : قد أجزأت عنه، إنّما مثل ذلك مثل رجل اشترى أضحية على أنّها سمينة، فوجدها مهزولة، فقد أجزأت عنه (4).

ص: 71


1- التهذيب 9 ، 20 - باب من الزيادات ، ح 10 . الاستبصار 4 ، 86 - باب إن من كان له ولد أقرّ به ثم نفاه لم . ح 2 ، وليس في ذيله : وقد أصابه الخبل . الفقيه 4 ، 112 - باب إخراج الرجل ابنه من الميراث لإتيانه أم . هذا، ويقول المحقق في الشرائع 248/2 - 249: ولو أوصى بإخراج بعض ولده من تركته، لم يصح ، وهل يلغو اللفظ ؟ فيه تردد بين البطلان وبين إجرائه مجرى من أوصى بجميع ماله لمن عدا الولد فتمضي في الثلث، ويكون للمخرج نصيبه من الباقي بموجب الفريضة، والوجه الأول وفيه رواية بوجه آخر مهجورة. أقول: ويقصد المحقق بالرواية المهجورة هذه الرواية ، وهي رواية وصي علي بن السري حيث هجرها العلماء من حيث العمل، وإن كان قد عمل بها الصدوقان جزماً، والشيخ عمل بها في موردها كما نسب إليه، ولكن لم نتثبت من هذه النسبة إليه رحمه الله . اللهم إلا أن يكون كلامه التالي مثبتاً لها .
2- التهذيب 9 ، . 20 - باب من الزيادات ، ح 12 . الفقيه 4 ، 123 - باب الرجل يوصي إلى رجل بولده ومال لهم وأذن له عند....، ح2.
3- في التهذيب اجزه، وفي الفقيه: أجز..
4- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 13 وفيه إلى قوله أولاً : قد أجزأت عنه الفقيه 4 ، 127 - باب نوادر الوصايا، ح 5. وفي النهاية : هذا ولد رِشْدَة، إذا كان لنكاح صحيح ، كما يقال في ضده : هذا ولد زنية .

18 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : من أوصى ولم يحف ولم يُضارَّ ، كان كمن تصدّق به في حياته (1).

19 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن (2)، عن الحسن بن عليّ بن يوسف، عن مُثَنَّى بن الوليد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه سئل عن رجل أوصى إلى رجل بولده وبمال لهم ، وأذن له عند الوصيّة أن يعمل بالمال وأن يكون الربح فيما بينه وبينهم؟ فقال : لا بأس به من أجل أنّ أباه قد أذن له في ذلك وهو حيُّ (3).

20 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن رزين، عن ابن أشيم، عن أبي جعفر (علیه السلام) في عبد القوم مأذون له في التجارة، دفع إليه رجلٌ ألف درهم، فقال له : اشتر منها نَسمة وأعتقها عني ، وحجّ عنّي بالباقي ، ثمَّ مات صاحب الألف درهم، فانطلق العبد فاشترى أباه فأعتقه عن الميت ودفع إليه الباقي في الحجّ عن الميت، فحج عنه، فبلغ ذلك موالى أبيه ومواليه وورثة الميت، فاختصموا جميعا في الألف درهم. موالي المعتق : إنّما اشتريت أباك بمالنا ، وقال الورثة : اشتريت أباك بمالنا، وقال موالي العبد : إنّما اشتريت أباك بمالنا؟ فقال أبو جعفر (علیه السلام): أما الحجّة فقد مضت بما فيها لا تُردَّ، وأما المعتق فهو ردُّ في الرقّ لموالي أبيه ، وأيُّ الفريقين أقام البيّنة أنَّ العبد اشترى أباه من أموالهم، كان لهم رقّاً (4).

21 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي نجران أو (5)غيره، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قلت له : رجل أوصى لرجل

ص: 72


1- التهذيب 9 ، 6 - باب الوصية ووجوبها ، ح ،9 ، الفقيه 4 ، 77 - باب ثواب من أوصى فلم يحف ولم يضار ، ح 1 .
2- في الفقيه : عن علي بن الحسين الميثمي..
3- التهذيب 9، 20 - باب من الزيادات ، ح 14 . الفقيه 4 ، 123 - باب الرجل يوصي إلى رجل بولده و...، ح 1.
4- التهذيب ،9 ، 20 - باب من الزيادات ، ح 38 . «قال في الدروس بعد إيراد الرواية : وعليها الشيخ ، وقدّم الحليون مولى المأذون لقوة اليد وضعف المستند، وحملها على إنكار مولى الأب البيع ينافي منطوقها، وفي النافع يحكم بإمضاء ما فعله المأذون، وهو قوي إذا أقر بذلك لأنه في معنى الوكيل، إلا أن فيه طرحاً للرواية المشهورة . وقد يقال : إن المأذون بيده مال لمولى الأب وغيره، وبتصادم الدعاوى المتكافئة يرجع إلى أصالة بقاء الملك على مالكه ، ولا يعارضه فتواهم بتقديم دعوى الصحة على الفساد لأن دعوى الصحة هنا مشتركة بين متعاملين متكافئين، فتساقطا، وهذا واضح لا غبار عليه مرآة المجلسي 102/23 - 103 .
5- لترديد من الراوي .

بوصيّة في ماله ثلث أو ربع ، فقُتل الرَّجل خطأ - يعني الموصي - ؟ فقال : يحاز لهذه الوصيّة من ميراثه ومن ديته (1).

22 - محمّد بن يحيى ، بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن قال :

بن عيسى، عن محمّد بن يحيى حدّثني معاوية بن عمّار قال : مانت أخت مفضّل بن غياث، فأوصت بشيء من مالها ؛ الثلث في سبيل الله ، والثلث في المساكين، والثلث في الحجّ ، فإذا هو لا يبلغ ما قالت، فذهبت أنا وهو إلى ابن أبي ليلى، فقصَّ عليه القصّة ، فقال : اجعل ثلثاً في ذا، وثلثاً في ذا، وثلثاً في ذا، فأتينا ابن شبرمة فقال أيضاً كما قال ابن أبي ليلى فأتينا أبا حنيفة، فقال كما قالا ، فخرجنا إلى مكّة، فقال لي : سل أبا عبد الله، ولم تكن حجّت المرأة، فسألت أبا عبد الله (علیه السلام)، فقال لي : ابدأ بالحجّ فإنه فريضة من الله عليها، وما بقي فاجعل بعضاً في ذا وبعضاً في ذا، قال: فتقدَّمت فدخلت المسجد فاستقبلت أبا حنيفة وقلت له : سألت جعفر بن محمّد عن الّذي سألتك عنه، فقال لي : ابدأ بحقّ الله أوّلاً فإنّه فريضة عليها، وما بقي فاجعله بعضاً في ذا وبعضاً في ذا، فوالله ما قال لى خيراً ولا شرّاً وجئت إلى حلقته وقد طرحوها وقالوا : قال أبو حنيفة : ابدأ بالحجّ فإنّه فريضة من الله عليها، قال: قلت: هو بالله كان كذا وكذا؟ فقالوا : هو أخبرنا هذا.

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن سعد بن إسماعيل بن الأحوص ، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل مسافر حضره الموت، فدفع ماله إلى رجل من التجّار ، فقال : إنّ هذا المال لفلان بن فلان ليس لي فيه قليلٌ ولا كثيرٌ، فادفعه إليه يضعه حيث يشاء، فمات ولم يأمر صاحبه الّذي جعل له بأمر ، ولا يدري صاحبه ما الّذي حمله على ذلك، كيف يصنع به؟ قال : يضعه حيث يشاء، إذا لم يكن يأمره (2).

24 - وعنه ، عن رجل أوصى إلى رجل أن يعطي قرابته من ضَيعته كذا وكذا جريباً من طعام، فمرّت عليه سنون لم يكن في ضيعته ،فضل بل احتاج إلى السلف والعينة يجري على من أوصى له من السّلف والعينة أم لا؟ فإن أصابهم بعد ذلك يُجري عليهم لما فاتهم من السّنين الماضية ؟ فقال : كأنّي لا أبالي إن أعطاهم أو أخذ ثمَّ يقضي (3).

ص: 73


1- التهذيب 9 15 - باب وصية من قتل نفسه أو قتله غيره ، ح .. بتفاوت يسير في الذيل الفقيه 4 ، 122 - باب الرجل يوصي من ماله لرجل بشيء ثم يقتل خطأ ، ح 1 بتفاوت في الذيل أيضاً . يقول المحقق في الشرائع 246/2 : «ولو أوصى ثم قتله قاتل أو جرحه كانت وصيته ماضية من ثلث تركته ودينه وارش جراحته» .
2- التهذيب 9 5 - باب الإقرار في المرض، ح 8 بتفاوت وأخرجه عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن سعد بن سعد، عن الرضا (علیه السلام).
3- أخرجهما ضمن حديث واحد بتفاوت في التهذيب 9، 20 - باب من الزيادات ، ح 15 .

25 - وعنه ، عن رجل أوصى بوصايا لقراباته وأدرك الوارث فقال للوصيّ أن يعزل أرضاً بقدر ما يخرج منه وصاياه إذا قسّم الورثة ولا يدخل هذه الأرض في قسمتهم، أم كيف يصنع ؟ فقال: نعم، كذا ينبغي (1).

26 - أحمد بن محمّد، عن عبد العزيز بن المهتدي، [عن جدّه]، عن محمّد بن الحسين، عن سعد بن سعد أنّه [قال : سألته - يعني أبا الحسن الرضا (علیه السلام) - عن رجل] كان له ابن يدعيه فنفاه وأخرجه من الميراث وأنا ، وصيّه، فكيف أصنع ؟ فقال - يعني الرّضا (علیه السلام) - : لزمه الولد بإقراره بالمشهد لا يدفعه الوصيّ عن شيء قد علمه (2).

27 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال : سألته عن رجل كانت له عندي دنانير، وكان مريضاً، فقال لي : إن حدث بي حَدَثُ فأعط فلاناً عشرين ديناراً، وأعط أخي بقيّة الدنانير، فمات ولم أشهد موته، فأتاني رجل مسلم صادق فقال لي : إنّه أمرني أن أقول لك : انظر الدّنانير الّتي أمرتك أن تدفعها إلى أخي فتصدَّق منها بعشرة دنانير اقسمها في المسلمين، ولم يعلم أخوه أن له عندي شيئاً؟ فقال : أرى أن تَصَدَّق منها بعشرة دنانير كما قال (3).

28 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : سألته عن رجل كان غارماً فهلَكَ، فأخذ بعض ولده بما كان عليه، فغرموا غرماً عن أبيهم فانطلقوا إلى داره فابتاعوها ومعهم ورثة غيرهم نساء ورجال لم يطلقوا البيع ولم يستأمروهم فيه، فهل عليهم في ذلك شيء ؟ فقال : إذا كان إنّما أصاب الدار من عمله ذلك، فإنّما غرموا في ذلك العمل، فهو عليهم جميعاً (4).

ص: 74


1- أخرجهما ضمن حديث واحد بتفاوت في التهذيب 9، 20 - باپ من الزيادات، ح 15.
2- التهذيب 9 نفس الباب، ح 11 . الاستبصار 4 ، 86 - باب إن من كان له ولد أقرّ به ثم نفاه لم . . . ، ح 1 . الفقيه 4 ، 112 - ياب إخراج الرجل ابنه من الميراث لاتيانه أم ... ، ح 2 . يقول المحقق في الشرائع 248/2 - 249 : «ولو أوصى بإخراج بعض ولده من تركته، لم يصح، وهل يلغو اللفظ ؟ فيه تردد بين البطلان وبين إجرائه مجرى من أوصى بجميع ماله لمن عدا الولد، فتمضي في الثلث ويكون للمخرج نصيبه من الباقي بموجب الفريضة، والوجه الأول، وفيه رواية بوجه آخر مهجورة» .
3- التهذيب 9، 20 - باب من الزيادات، ح 16 . الفقيه 4 ، 127 - باب نوادر الوصايا ، ح 15 بتفاوت . أقول : والعمل بخبر العدل الواحد في مثل ذلك لا يخلو من إشكال، إلا أن يحمل على حصول العلم بالقرائن المتضمنة إلى إخباره ويمكن أن يقال : إنما حكم (علیه السلام) بذلك في الواقعة المخصوصة لعلمه بها». مرآة المجلسي 104/23. وأقول : يمكن أن يكون (علیه السلام) قد حكم بذلك لوجود هذه القرينة المقطوعة وهي إخبار الرجل للوصي بشيء لم يطلع عليه ولا يمكنه علمه إلا من قبل الموصي نفسه .
4- التهذيب ،9 5 - باب الإقرار في المرض، ح 41 بتفاوت.

29 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبراهيم بن مهزم ، عن عنبسة العابد قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام): أوصني ، فقال : أعِدَّ جهازك، وقدّم زادك، وكن وصي نفسك، ولا تقل لغيرك يبعث إليك بما يُصلحك (1).

30 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن عليّ بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي جعفر (علیه السلام) أعلمه أن إسحاق بن إبراهيم وقف ضيعة على الحجّ وأمّ ولده وما فضل عنها للفقراء ، وأن محمّد بن إبراهيم أشهدني على نفسه بمال ليفرّق على إخواننا ، وأن في بني هاشم من يُعْرَفُ حقّه يقول بقولنا ممن هو محتاج، فترى أن أصرف ذلك إليهم إذا كان سبيله سبيل ،الصدقة، لأنّ وقف إسحاق إنّما هو صدقة؟ فكتب :(علیه السلام): فهمت يرحمك الله ما ذكرت من وصيّة إسحاق بن إبراهيم رضي الله عنه، وما أشهد لك بذلك محمّد بن إبراهيم رضي الله عنه ، وما استأمرت فيه من إيصالك بعض ذلك إلى من له ميل وموَّدة من بني هاشم ممّن هو مستحقٌّ فقير ، فأوصل ذلك إليهم يرحمك الله ، فهم إذا صاروا إلى هذه الخّطة، أحقُّ به من غيرهم لمعنى لو فسّرته لك لعلمته إن شاء الله (2).

31 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى، عن سعيد بن يسار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل دفع إلى رجل مالاً ، وقال : إنّما أدفعه إليك ليكون ذخراً لابنتيّ فلانة وفلانة، ثمَّ بدا للشيخ بعد ما دفع المال أن يأخذ منه خمسة وعشرين ومائة دينار فاشترى بها جارية لابن ابنه ، ثمَّ إنّ الشيخ هلك، فوقع بين الجاريتين وبين الغلام أو أحداهما خصومة ، فقالتاله : ويحك ، والله إنّك لتنكح جاريتك حراماً، إنّما اشتراها أبونا لك من مالنا الّذي دفعه إلى فلان، فاشترى لك منه هذه الجارية، فأنت تنكحها حراماً، لا تحلُّ لك، فأمسك الفتى عن الجارية، فما ترى في ذلك؟ فقال : أليس الرَّجل الّذي دفع المال أبا الجاريتين، وهو جدُّ الغلام وهو اشترى له الجارية ؟ قلت: بلى، فقال : فقل له : فليأتِ جاريته إذا كان الجدُّ هو الّذي أعطاه ، وهو الذي أخذه (3).

ص: 75


1- التهذيب ،9 ، 20 - باب من الزيادات ، ح 17 .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 18 . قوله (علیه السلام) : لمعنى لو ... الخ ، أي إذا رغب بنو هاشم إلينا وقالوا بولايتنا فهم أحق من غيرهم لشرافتهم وقرابتهم من أهل البيت (علیه السلام) ، ولئلّا يحتاجوا إلى المخالفين فيميلوا بسبب ذلك إلى طريقتهم، وفيه دلالة على جواز صرف الأوقاف والصدقات المندوبة في بني هاشم كما هو المشهور مرآة المجلسي 105/23 .
3- التهذيب 9 ، 20 - باب من الزيادات ، ح 19.

38- باب من مات على غير وصية وله وارث صغير فيباع عليه

1 - محمّد بن يحيى ؛ وغيره عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن إسماعيل بن سعد الأشعريّ قال: سألت الرضا (علیه السلام) عن رجل مات بغير وصيّة، وترك أولاداً ذكراناً [وإناثاً] ، وغلماناً صغاراً، وترك جواري ومماليك، هل يستقيم أن تُباع الجواري؟ قال: نعم.

وعن الرجل يصحب الرجل في سفره ، فيَحدُث به حَدَثُ الموت ولا يدرك الوصيّة، كيف يصنع بمتاعه وله أولاد صغار وكبار ، أيجوز أن يدفع متاعه ودوابّه إلى ولده الكبار، أو إلى القاضي ؟ فإن كان في بلدة ليس فيها قاض، كيف يصنع ؟ وإن كان دفع المال إلى ولده الأكابر ولم يعلم به فذهب ولم يقدر على ردّه كيف يصنع ؟ قال : إذا أدرك الصغار وطلبوا، فلم يجد بدّاً من إخراجه إلّا أن يكون بأمر السلطان (1).

وعن الرجل يموت بغير وصيّة، وله ورثة صغار وكبار ، أيحلّ شراء خَدَمِهِ ومتاعه من غيرأن يتولّى القاضي بيع ذلك، فإن تولّاه قاض قد تراضوا به ولم يستأمره (2) الخليفة، أيطيب الشراء منه أم لا ؟ فقال : إذا كان الأكابر من ولده معه في البيع فلا بأس به إذا رضي الورثة بالبيع ، وقام عدل في ذلك (3).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل بيني وبينه قرابة مات وترك أولاداً صغاراً، وترك مماليك له ؛ غلمان وجواري، ولم يوص. فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية يتّخذها أمّ ولد، وما ترى في بيعهم؟ قال : فقال : إن كان لهم ولي يقوم بأمرهم باع عليهم، ونظر لهم كان مأجوراً فيهم ؛ قلت : فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية فيتّخذها أمّ ولد ؟ قال : لا بأس بذلك إذا أنفذ ذلك القيم لهم، الناظر فيما يُصلحهم، وليس لهم أن يرجعوا فيما صنع القيّم لهم، الناظر فيما يُصلحهم (4).

ص: 76


1- یعني سلطان الجور ، فلا يجرؤ على استرجاع ما دفع ، أو الحاكم الشرعي فلا يجوز له نقض حكمه أو مخالفته .
2- في التهذيب : ولم يستعمله ....
3- التهذيب 9 ، 20 - باب من الزيادات ح 19 بتفاوت قليل. هذا وقد استدل الأكثر من الأصحاب رضوان الله عليهم بهذه الرواية - إضافة إلى قوله تعالى في سورة التوبة :71 والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ... الآية - على جواز أن يتولى النظر في تركة الميت / عند تعذر الوصي والحاكم أو نائبه الخاص أو العام من يوثق به من عدول المؤمنين . في قبال ما ذهب إليه ابن إدريس من المنع عن ذلك .
4- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 21 . الفقيه 4 ، 109 - باب فيمن لم يوص وله ورثة فيقسم بينهم أو...، ح2.

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ،زرعة عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل مات وله بنون وبنات صغار وكبار من غير وصيّة، وله خَدَم ومماليك وعُقد (1)، كيف يصنع الورثة بقسمة ذلك الميراث ؟ قال : إن قام رجل ثقة قاسمهم ذلك كله فلا بأس (2).

39 - باب الوصي يدرك أيتامه فيمتنعون من أخذ مالهم و من یدرک ولا يؤنس منه الرشد وحدّ البلوغ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن سعد بن إسماعيل، عن أبيه قال: سألت الرضا عن وصيّ أيتام تدرك أيتامه فيعرض عليهم أن يأخذوا الذي لهم فيأبون عليه، كيف يصنع ؟ قال (علیه السلام): يردّه عليهم، ويُكْرِهُهُم على ذلك(3).

2 - أحمد بن محمّد بن عيسى [عن محمّد بن عيسى] عن منصور، عن هشام، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: إنقطاع يتم اليتيم بالاحتلام ، وهو أشدَّه، وإن احتلم ولم يؤنس منه رشد وكان سفيهاً أو ضعيفاً، فليمسك عنه وليه ماله (4).

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن بعض أصحابه، عن مثنّى بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن يتيم قد قرأ القرآن، وليس بعقله بأس، وله مال على يدي ،رجل، فأراد الرجل الذي عنده المال أن يعمل بمال اليتيم مضاربةً فأذن له الغلام في ذلك؟ فقال: لا يصلح أن يعمل به حتّى يحتلم ويدفع إليه ماله ، قال : وإن احتلم ولم يكن له عقل، لم يُدْفَع إليه شيء أبداً (5).

حميد، عن الحسن، عن جعفر بن سماعة ، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) مثل ذلك .

ص: 77


1- عُقد : جمع عُقْدَة ، و هي الضيعة .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ح 22 . وكرره برقم 7 من الباب 46 من نفس الجزء من التهذيب، الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 1 .
3- التهذيب 9 ، 20 - باب من الزيادات، ح 23 ، وكرره برقم 44 من نفس الباب أيضاً. الفقيه 4، 114 - باب ما جاء فيمن يمتنع من أخذ ماله بعد البلوغ ، . ح 1 بتفاوت يسير .
4- التهذيب ،9 8 - باب وصية الصبي والمحجور عليه ، ح 12 . الفقيه 4 ، 113 - باب إنقطاع يتم اليتيم ، ح 1 .
5- رواه بسنده الثاني في التهذيب 9 ، 20 - باب من الزيادات ، ح 24 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 2 .

4 - عنه ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن عليّ بن رباط ؛ والحسين بن هاشم ؛ وصفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن اليتيمة، متى يدفع إليها مالها ؟ قال : إذا علمت أنّها لا تفسد ولا تُضَيّع فسألته: إن كانت قد تزوّجت؟ فقال: إذا تزوّجت، فقد انقطع ملك الوصيّ عنها(1).

5 - عنه عن الحسن عن صفوان عن موسى بن بكر ، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لا يُدْخَل بالجارية حتى تأتي لها تسع سنين، أو عشر سنين(2).

6 - عنه ، عن الحسن، عن جعفر بن سماعة ، عن آدم بيِّاع اللؤلؤ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا بلغ الغلام ثلاث عشرة سنة، كُتبت له الحسنة، وكُتبت عليه السيّئة، وعوقب؛ وإذا بلغت الجارية تسع سنين فكذلك وذلك أنّها تحيض لتسع سنين (3)

7 - عدَّةٌ عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الوشّاء، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا بلغ أشدَّه، ثلاث عشرة سنة ودخل في الأربع عشرة وجب عليه ما وجب على المحتلمين احتلم أو لم يحتلم كُتبت عليه السيّئات، وكُتبت له الحسنات، وجاز له كلّ شيء، إلّا أن يكون ضعيفاً أو سفيهاً (4).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أبي محمّد المدايني، عن عليّ بن حبيب(5) بيّاع الهروّي قال: حدَّثني عيسى بن زيد عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : يثغر الصبيّ لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرّق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهي طوله لإحدى وعشرين سنة، و ینتهی عقله لثمان وعشرين، إلّا التجارب (6).

ص: 78


1- التهذيب 9، 8 - باب وصية الصبي والمحجور عليه ، ح 15 الفقيه 4 ، نفس الباب،ح1.
2- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 17 . الفقيه 4 نفس ،الباب ، ح.5 وفيه : لا تدخل بالجارية، ...
3- التهذيب 9 8 - باب وصية الصبي والمحجور عليه ، ح 16 .
4- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 14 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 113 - باب إنقطاع يتم اليتيم، ح 3 . يقول العلامة المجلسي في مرآته 23 / 109 : «والمشهور بين الأصحاب أن بلوغ الصبي بتمام خمسة عشر سنة، وقيل : بتمام أربعة عشر. وقال المحقق في الشرائع : وفي أخرى إذا بلغ عشراً وكان بصيراً أو بلغ خمسة أشبار جازت وصيته وانتص منه وأقيمت عليه الحدود الكاملة. وقال الشهيد الثاني (ره) وفي رواية أخرى أن الأحكام تجري على الصبيان في ثلاث عشرة سنة وإن لم يحتلم وليس فيها تصريح بالبلوغ مع عدم صحة سندها . والمشهور في الأنثى أنها تبلغ بتسع ، وقال الشيخ في المبسوط، وتبعه ابن حمزة : إنما تبلغ بعشر، وذهب ابن الجنيد فيما يفهم من كلامه على أن الحجر لا يرفع عنها إلا بالتزويج وهما نادران .
5- في التهذيب : عن عائذ بن حبیب....
6- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح 13 بتفاوت يسير . أثغَرَ الغلام - كما في المغرب - إذا سقطت رواضعه.

9 - محمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عيسى، عمّن رواه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل مات وأوصى إلى رجل وله ابن صغير، فأدرك الغلام، وذهب إلى الوصي فقال له : رُدّ عليّ مالي لأتزوّج، فأبى عليه، فذهب حتّى زنى ؟ قال : يُلْزَمُ ثلثَي إثم زنا هذا الرجل، ذلك الوصي، لأنّه منعه المال، ولم يعطه فكان يتزوّج (1).

تمّ كتاب الوصايا والحمد لله ربّ العالمين وصلواته

على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين،

ويتلوه إن شاء الله تعالى كتاب المواريث .

ص: 79


1- الفقيه 4، 115 - باب الوصي يمنع الوارث ماله بعد البلوغ فيزني لعجزه عن التزويج ، ح 1 .

ص: 80

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب المواريث

40 - باب وجوه الفرائض

قال (1) : إنَّ الله تبارك وتعالى جعل الفرائض على أربعة أصناف وجعل مخارجها من ستّة

أسهم (2).

فبدأ بالولد والوالدين الّذين هم الأقربون، وبأنفسهم يتقرّبون لا بغيرهم، ولا يسقطون من الميراث أبداً ، ولا يرث معهم أحدٌ غيرهم إلّا الزَّوج والزَّوجة ، فأن حضر(3) كلّهم ، قسّم المال بينهم على ما سمّى الله عزّ وجلَّ، وإن حضر بعضهم فكذلك، وإن لم يحضر منهم إلّا واحد فالمال كلّه له، ولا يرث معه أحد غيره إذا كان غيره لا يتقرَّب بنفسه وإنّما يتقرّب بغيره، إلّا ما خصّ الله به من طريق الإجماع أنَّ ولد الولد يقومون مقام الولد، وكذلك ولد الإخوة إذا لم يكن ولد الصلب ولا إخوة، وهذا من أمر الولد مجمع عليه، ولا أعلم بين الأمّة في ذلك اختلافاً، فهؤلاء أحد الأصناف الأربعة .

وأمّا الصنف الثاني ؛ فهو الزَّوج والزَّوجة، فإنَّ الله عزّ وجلَّ ثنّى بذكرهما بعد ذكر الولد والوالدين، فلهم السهم المسمّى لهم، ويرثون مع كلّ أحد، ولا يسقطون من الميراث أبداً. وأمّا الصنف الثالث؛ فهم الكَلالة (4)، وهم الإخوة والاخوات إذا لم يكن ولد ولا الوالدان، لأنهم لا يتقرَّبون بأنفسهم، وإنّما يتقرَّبون ،بالوالدين، فمن تقرَّب بنفسه كان أولى بالميراث ممّن تقرَّب بغيره، وإن كان للميّت ولدٌ ووالدان أو واحد منهم، لم تكن الإخوة والأخوات كلالة، لقول الله عزّ وجلَّ : (يستفتونك قل الله يُفتيكم في الكلالة إن امرء هلك ليس

ص: 81


1- هذا الكلام للشيخ الكليني رحمه الله .
2- السهام التي ذكرها الله سبحانه في كتابه المجيد هي : الثلثان والنصف، والثلث والربع والسدس والثمن.
3- المقصود بالحضور هنا الوجود.
4- الكلالة - كما في كنز العرفان 332/2 - 333 - : القرابة، واشتقاقها إما من الكلال، وهو نقصان القوة الجسمانية، أو من الإكليل الذي يحيط بالرأس، والوسط خال ....

له ولدٌ وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها (يعني الأخ) إن لم يكن انها ولد(1)) ، وإنّما جعل الله لهم الميراث بشرط ، وقد يسقطون في مواضع ولا يرثون شيئا، وليسوا بمنزلة الولد والوالدين الّذين لا يسقطون عن الميراث أبداً، فإذا لم يحضر ولد ولا والدان، فللكَلالة سهامهم المسمّاة لهم، لا يرث معهم أحد غيرهم إذا لم يكن ولد إلّا من كان في مثل معناهم .

وأمّا الصنف الرابع ؛ فهم أولوا الأرحام الّذين هم أبعد من الكَلالة، فإذا لم يحضر ولد ولا ولدان ولا كلالة فالميراث لأولي الأرحام منهم الأقرب منهم فالأقرب، يأخذ كلٌّ واحد منهم نصيب من يتقرَّب بقرابته، ولا يرث أولوا الأرحام مع الولد ولامع الوالدين ولامع الكلالة شيئاً، وإنّما يرث أولوا الأرحام بالرحم ، فأقربهم إلى الميّت أحقّهم بالميراث، وإذا استووا في البطون، فلقرابة الأمّ الثلث، ولقرابة الأب الثلثان وإذا كان أحد الفريقين أبعد، فالميراث للأقرب على ما نحن ذاكروه إن شاء الله .

41 - باب بیان الفرائض في الكتاب

إِنَّ الله جلّ ذِكْرُهُ، جعل المال كلّه للولد في كتابه، ثمَّ أدخل عليهم بعدُ الأبوين والزوجين، فلا يرث مع الولد غيرُ هؤلاء الأربعة، وذلك أنّه عزَّ وجل قال : (يوصيكم الله في أولادكم (2)) ، فأجمعت الأمّة على أنَّ الله أراد بهذا القول الميراث، فصار المال كلّه بهذا القول للولد ، ثمَّ فصّل الأنثى من الذكر فقال : (للذكر مثل حظ الأنثيين (3))، ولو لم يقل عزّ وجلّ : (للذَّكر مثل حظ الأنثيين)، لكان إجماعهم على ما عنى الله به من القول يوجب المال کلّه للولد، الذَّكرُ والأنثى فيه سواء، فلمّا أن قال : للذَّكر مثل حظّ الأنثيين، كان هذا تفصيل المال وتمييز الذَّكر من الأنثى في القسمة، وتفضيل الذَّكر على الأنثى ، فصار المال كلّه مقسوماً بين الولد؛ للذكر مثلُ حظّ الأنثيين، ثمَّ قال: (فإن كنَّ نساءً فوق اثنتين فلهنَّ ثلثا ما ترك(4)) ، فلولا أنّه عزَّ وجلَّ أراد بهذا القول ما يتّصل بهذا، كان قد قسّم بعض المال وترك بعضاً مهملاً، ولكنّه جل وعزّ أراد بهذا أن يوصل الكلام إلى منتهى قسمة الميراث كلّه فقال: (وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكلّ واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد (5)) ، فصار المال كلّه مقسوماً بين البنات وبين الأبوين، فكان ما يفضل من المال مع الابنة الواحدة ردّاً عليهم على قدر سهامهم التي قسّمها الله جلَّ وعزّ ، وكان حكمهم فيما بقي من المال كحكم ما قسّمه الله عزَّ

ص: 82


1- النساء/ 176 .
2- النساء/ 11 .
3- النساء/ 11 .
4- النساء/ 11 .
5- النساء/ 11 .

وجلَّ على نحو ما قسّمه، لأنّهم كلّهم أولوا الأرحام، وهم أقرب الأقربين ، وصارت القسمة : للبنات النصف، والثلثان مع الأبوين فقط، وإذا لم يكن أبوان ، فالمال كلّه للولد بغير سهام، إلّا ما فرض الله عزَّ وجلَّ للأزواج على ما بيّنّاه في أوّل الكلام وقلنا : إِنَّ الله عزّ وجلَّ إنّما جعل المال كلّه للولد على ظاهر الكتاب، ثمَّ أدخل عليهم الأبوين والزوجين .

وقد تكلّم الناس في أمر الابنتين من أين جُعل لهما الثلثان، والله جلَّ وعزَّ إنّما جعل الثلثين لما فوق اثنتين، فقال قوم بإجماع ، وقال قوم قياساً ، كما أن كان للواحدة النصف، كان ذلك دليلاً على أنَّ لما فوق الواحدة الثلثين، وقال قوم بالتقليد والرواية، ولم يُصب واحد منهم الوجه في ذلك، فقلنا : إنَّ الله عزَّ وجلَّ جعل حظّ الانثيين الثلثين بقوله: (للذَّكَر مثل حظ الأنثيين)، وذلك أنّه إذا ترك الرجل بنتاً وابنا فللذكر مثل حظّ الانثيين؛ وهو الثلثان، فحظّ الانثيين الثلثان ، واكتفى بهذا البيان أن يكون ذكر الانثيين بالثلثين، وهذا بيان قد جهله كلّهم والحمد لله كثيراً.

ثمَّ جعل الميراث كلّه للأبوين إذا لم يكن له ولد فقال: ( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث (1))، ولم يجعل للأب تسمية، إنّما له ما بقي، ثمَّ حجب الأمَّ عن الثلث بالإخوة فقال : (فإن كان له إخوة فلامّه السدس (2)) ، فلم يورّث الله جلّ وعزّ مع الأبوين إذا لم يكن له ولد إلّا الزوج والمرأة، وكلُّ فريضة لم يسمَّ للأب فيها سهماً، فإنّما له ما بقي ، وكلُّ فريضة سمّى للأب فيها سهماً ، كان ما فضل من المال مقسوماً على قدر السهام في مثل ابنة وأبوين على ما بيّنّاه أوّلاً، ثمَّ ذكر فريضة الأزواج فأدخلهم على الولد وعلى الأبوين وعلى جميع أهل الفرائض على قدر ما سمّى لهم، وليس في فريضتهم اختلاف ولا تنازع ، فاختصرنا الكلام في ذلك .

ثمَّ ذكر فريضة الإخوة والأخوات من قِبَل الأمّ فقال: (وإن كان رجل يورَثُ كَلالةً أو امرأةً وله أخ أو أخت (يعني لأمّ) ، فلكل واحد منهما السدس، فإن كانوا أكثر من شركاء في الثلث (3))، وهذا فيه خلاف بين الأمّة، وكلُّ هذا : (من بعد وصيّة يُوصى بها أو دين)) (4)، فللإخوة من الأم ّلهم نصيبهم المسمّى لهم مع الإخوة والأخوات من الأب والأمّ والإخوة والأخوات من الأمّ ، لا يزادون على الثلث ولا ينقصون من السدس، والذَّكر والأنثى فيه سواء، وهذا كلّه مجمع عليه، إلّا أن لا يحضر أحد غيرهم، فيكون ما بقي لأولي الأرحام،

ص: 83


1- النساء/ 11.
2- النساء/ 11.
3- النساء/ 12 .
4- النساء/ 12 .

ويكونوا هم أقرب الأرحام ، وذو السّهم أحقُّ ممّن لا سهم له، فيصير المال كلّه لهم على هذه الجهة .

ثمَّ ذكر الكلالة للأب وهم الإخوة والأخوات من الأب والأمّ، والإخوة والأخوات من الأب إذا لم يحضر إخوة وأخوات لأب وأمّ ، فقال : (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك (1)) ، والباقي يكون لأقرب الأرحام، وهي أقرب أولي الأرحام، فيكون الباقي لها سهم أولي الأرحام ، ثمَّ قال : (وهو يرثها إن لم يكن لها ولد (2)) ، يعني للأخ المال كلّه إذا لم يكن لها ولد، ( فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوةً رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظّ الانثيين (3)) ، ولا يصيرون كلالة إلّا إذا لم يكن ولدٌ ولا والدٌ، فحينئذ يصيرون كلالة، ولا يرث مع الكلالة أحدٌ من أولي الأرحام إلّا الإخوة والأخوات من الأمّ والزوج والزوجة.

فإن قال قائل : فإنَّ الله عزّ وجلَّ وتقدَّس سمّاهم كلالة إذا لم يكن ولد، فقال: (ويستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرء هلك ليس له ولد)، فقد جعلهم كلالة إذا لم يكن ولد ، فلِمَ زعمت أنّهم لا يكونون كلالة مع الأمّ؟! .

قيل له : قد أجمعوا جميعاً أنّهم لا يكونون كلالة مع الأب وإن لم يكن ولد، والأمّ في هذا بمنزلة الأب، لأنّهما جميعاً يتقرّبان بأنفسهما، ويستويان في الميراث مع الولد، ولا يسقطان أبداً من الميراث.

فإن قال قائل: فإن كان ما بقي يكون للأخت الواحدة وللأختين، وما زاد على ذلك، فما معنى التسمية لهنَّ ؛ النصف والثلثان، فهذا كلّه صائر لهنَّ وراجع إليهنَّ، وهذا يدلُّ على أنَّ ما بقي فهو لغيرهم، وهم العَصَبَة؟ .

قيل له : ليست العَصَبة في كتاب الله ولا في سنّة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وإنّما ذكر الله ذلك وسمّاه ، لأنّه قد يجامعهنّ الإخوة من الأمّ، ويجامعهنَّ الزوج والزوجة، فسمّى ذلك ليدلَّ كيف كان القسمة، وكيف يدخل النقصان عليهنَّ، وكيف ترجع الزيادة إليهنَّ على قدر السهام والأنصباء إذا كُنَّ لا يحطن بالميراث أبداً على حال واحدة، ليكون العمل في سهامهم كالعمل في سهام الولد على قدر ما يجامع الولد من الزوج والأبوين، ولو لم يسمّ ذلك، لم يُهْتَدَ لهذا الذي بيّنّاه، وبالله التوفيق .

ص: 84


1- النساء / 176 .
2- النساء / 176 .
3- النساء / 176 .

ثمَّ ذكر أولي الأرحام ، فقال عزّ وجلَّ: (وأولوا الأرحام بعضُهم أولى يبعض في كتاب

الله (1) ) ليعيّن أنَّ البعض الأقرب أولى من البعض الأبعد، وأنّهم أولى من الحلفاء والموالي، وهذا بإجماع إن شاء الله ، لأنَّ قولهم بالعَصَبة يوجب إجماع ما قلناه .

ثمَّ ذكر إبطال العصبة فقال : (للرجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب ممّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قَلّ منه أو كثر نصيباً مفروضاً(2) )، ولم يقل : فما بقي هو للرجال دون النساء، فما فرض الله جلَّ ذِكْرُهُ للرِّجال في موضع حرَّم فيه على النساء، بل أوجب للنساء في كلّ ما قلّ أو كثر.

وهذا ما ذكر الله عزَّ وجلَّ في كتابه من الفرائض، فكلّ ما خالف هذا على ما بيّنّاه فهو ردّ على الله وعلى رسوله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وحُكْم بغير ما أنزل الله ، وهذا نظير ما حكى الله عزّ وجلَّ عن المشركين حيث يقول: (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالِصةً لذُكُورِنا ومُحَرَّم على أزواجنا (3)).

وفي كتاب (4) أبي نعيم الطحّان، رواه عن شريك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن

حكيم بن جابر ، عن زيد بن ثابت أنّه قال : من قضاء الجاهليّة، أن يُورَّث الرّجال دون النساء.

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن عبد الله بن بكير، عن حسين الرزّاز (5) قال : أمرتُ من يسأل أبا عبد الله (علیه السلام) : المال لمن هو للأقرب أو للعَصَبة ؟ فقال : المال للأقرب والعَصَبة في فيه التراب (6) .

ص: 85


1- الأنفال/ 75 .
2- النساء / 7 .
3- الأنعام / 139 .
4- التهذيب 9، 21 - باب في إبطال العَول والعَصبة ، ح 16 .
5- في التهذيبين : البزّاز، بدل: الرزّاز .
6- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 15 . الاستبصار ،4 ، 101 - باب ميراث الأولى من ذوي الأرحام ، ح 3 . وقد كرره في التهذيب برقم 15 من الباب 30 من نفس الجزء أيضاً . والتعصيب - عند أهل الخلاف - : توريث ما فضل عن السهام من كان من العَصَبة و وهم : الأب والابن ومن تدلّى هما من غير ردَّ على السهام . يقول الشيخ صاحب الجواهر 99/39: «وعلى كل حال، فالعصبة عندهم قسمان كما في كشف اللثام : أولهما : عصبة بنفسه، وهو كل ذكر تدلّى إلى الميت بغير واسطة أو بتوسط الذكور .. والثاني عصبة بغيره، وهن البنات وبنات الابن والأخوات من الأبوين ومن الأب فإنهن لا يرثن بالتعصيب إلا بالذكور في درجتهن أو فيما دونهن . . . .» ، هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه لا يثبت شيء من الميراث عندنا بالتعصيب كإجماعهم على بطلان العوّل .

42 - باب

1 - عدّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وسهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد الكناسي ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إبنك أولى بك من ابن ابنك، وابن ابنك أولى بك من أخيك، قال: وأخوك لأبيك وأمك أولى بك من أخيك لأبيك، قال: وأخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأمّك، قال : وابن أخيك لأبيك وأمّك أولى بك من ابن أخيك لأبيك ؛ قال : وابن أخيك من أبيك أولى بك من عمّك، قال: وعمّك أخو أبيك من أبيه وأمّه أولى بك من عمّك أخي أبيك من أبيه، قال: وعمّك أخو أبيك لأبيه أولى بك من عمّك أخي أبيك لأمّه، قال وابن عمّك أخي أبيك من أبيه وأمه ، أولى بك من ابن عمّك أخي أبيك لأبيه ؛ قال : وابن عمّك أخي أبيك من أبيه أولى بك من ابن عمّك أخي أبيك لأمّه(1) .

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب قال : أخبرني ابن بكير، عن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : (ولكلّ جعلنا مَوَالِيَ ممّا ترك الوالدان والأقربون (2)) قال : إنّما عنى بذلك أولي الأرحام في المواريث، ولم يعن أولياء النعمة، فأولاهُمْ بالميّت أقربهم إليه من الرحم الّتي تجرُّه إليها (3).

43 - باب إن الميراث لمن سبق إلى سهم قريبه، وأن ذا السهم أحقُّ ممن لا سهم له

1 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ؛ وعدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: إنَّ في كتاب عليّ (علیه السلام) : أنَّ كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الّذي يَجُرُّ (4) بِهِ ، إلّا أن يكون وارث أقرب إلى الميّت منه فيحجبه (5).

ص: 86


1- التهذيب ،9، 22 - باب الأولى من ذوي الأنساب، ح 1. والحديث صريح الدلالة على أن الأقرب دائماً يمنع الأبعد من الميراث وهو ما دلت عليه الآية الكريمة : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله. وقد أجمع أصحابنا على ذلك.
2- النساء/ 33 .
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 2 .
4- يعني يتوصل به إلى الميراث ويكون سبباً في وراثته .
5- التهذيب 9، 22 - باب الأولى من ذوي الأنساب، ح .. الاستبصار 4 ، 101 - باب ميراث الأولى من ذوي الأرحام ، ح 1 .

2 - ابن محبوب، عن حمّاد أبي يوسف الخزَّاز، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يقول : إذا كان وارث ممّن له فريضة، فهو أحقُّ بالمال (1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال : إذا التفّت القرابات، فالسابق أحقُّ بميراث قريبه، فإن استوت ، قام كلّ منهم مقام قريبه (2).

44 - باب إن الفرائض لا تقام إلا بالسيف

1 - محمّد بن يحيى، ، عن أحمد بن محمّد ؛ وعلّي بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لا يستقيم الناس على الفرائض والطلاق إلّا بالسيف.

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن إبراهيم بن محمّد بن إسماعيل، عن دُرُست بن أبي منصور، عن معمر بن يحيى، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لا تقوم الفرائض والطلاق إلّا بالسيف.

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبيّ، عن شعيب الحدّاد، عن يزيد الصايغ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن النساء هل يرثن الرِبَاع؟ فقال : لا ، ولكن يرثن قيمة البناء، قال: قلت: فإنّ الناس لا يرضون بذا؟ قال : فقال إذا وُلّينا فلم يرضَ الناس بذلك، ضربناهم بالسوط، فإن لم يستقيموا ضربناهم بالسيف (3).

45 - باب نادر

1 - أبو عليّ الأشعريّ ؛ والحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن

ص: 87


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 4 .
2- التهذيب ،9 نفس الباب، ح ... وفيه : إذا التفت ... الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 .
3- التهذيب 9، 27 - باب ميراث الأزواج ، ح 29 . الاستبصار 4، 94 - باب إن المرأة لا ترث من العقار والدور و . . . ، ح 6. بتفاوت يسير فيهما .

مسلم، عن غير واحد من أصحابنا قال : أتى أمير المؤمنين (علیه السلام) رجل بالبصرة بصحيفة، فقال: يا أمير المؤمنين ، انظر إلى هذه الصحيفة، فإنّ فيها نصيحة، فنظر فيها، ثم نظر إلى وجه الرجل فقال : إن كنتَ صادقاً كافيناك ، وإن كنت كاذباً ،عاقبناك ، وإن شئت أن نقيلك أقلناك، فقال: بل تقيلني يا أمير المؤمنين، فلما أدبر الرجل قال : أيّتها الأمّة المتحيّرة بعد نبيّها ، أما إنّكم لو قدَّمتم من قدَّم الله ، وأخّرتم من أخّر الله ، وجعلتم الولاية والوراثة حيث جعلها الله ما عال وليّ الله ، ولا طاش سهم من فرائض الله ، ولا اختلف اثنان [ في حكم الله، ولا تنازعت الأمة في شيء من أمر الله ] إلّا علم ذلك عندنا من كتاب الله، فذوقوا وَبَالَ ما قدَّمت أيديكم، وما الله بظلّام للعبيد، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون .

2- أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن التيمي، عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : الحمد لله الّذي لا مقدّم لما أخر ، ولا مؤخَّر لما قدَّم ، ثمّ ضرب بإحدى يديه على الأخرى، ثم قال : يا أيتها الأمة المتحيّرة بعد نبيها لو كنتم قدّمتم من قدم الله ، وأخرتم من أخّر الله ، وجعلتم الولاية والوراثة حيث جعلها الله ، ما عال ولي الله ، ولا عال سهم من فرائض الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله ، ولا تنازعت الأمة في شيء من أمر الله إلا وعندنا علمه من كتاب الله ، فذوقوا وبال أمركم ، وما فرطتم فيما قدَّمت أيديكم ، وما الله بظلام للعبيد، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون .

46 - باب في إبطال العول

46 - باب في إبطال العول(1)

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن أبان بن عثمان، عن أبي مريم الأنصاريّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إنّ الّذي يعلم عدد رمل عالج، ليعلم أنّ الفرائض لا تعول على أكثر من ستّة.

ص: 88


1- قال السيد المرتضى في الإنتصار / 283 : إعلم أن القول في اللغة العربية إسم للزيادة والنقصان وهو يجري مجرى الأضداد، وإنما دخل هذا الاسم في الفرائض في الموضع الذي ينقص فيه المال عن السهام المفروضة فيه فيدخل هاهنا النقصان. ويمكن أن يكون دخوله لأجل الزيادة، لأن السهام زادت على مبلغ المال، فإذا أضيف إلى المال كان نقصاناً، وإذا أضيف إلى السهام كان زيادة والذي يذهب إليه الشيعة الإمامية إن المال إذا ضاق عن سهام الورثة قدّم ذووا السهام المؤكدة المذكورة من الأبوين والزوجين على البنات، والأخوات من الأم على الأخوات من الأب والأم أو من الأب، ويجعل الفاضل عن سهامهم لهن. وذهب ابن عباس إلى مثل ذلك، وقال به أيضاً عطا بن أبي رباح. بن أبي رباح . . . . وهو مذهب داود بن علي الأصبهاني ، وقال باقي الفقهاء : إن المال إذا ضاق عن سهام الورثة قسم بينهم على قدر سهامهم، كما يفعل ذلك في الديون والوصايا إذا ضاقت التركة عنها. والذي يدل على صحة ما نذهب إليه إجماع الطائفة عليه، فإنهم لا يختلفون فيه، وقد بينا إن إجماعهم حجة ....».

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سماعة، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام): ربّما أعيل السهام حتّى يكون على المائة أو أقلَّ أو أكثر؟ فقال : ليس تجوز ستّة ، ثمّ قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يقول : إنَّ الّذي أحصى رمل عالج ، ليعلم أنَّ السّهام لا تعول على ستّة، لو يُبصرون وجهها لم تجز ستّة(1).

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن يحيى، عن عليّ بن عبد الله، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال : حدَّثني أبي، عن محمّد بن إسحاق قال : حدَّثني الزُّهري (2)، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : جالست ابن عبّاس فعرض ذكر الفرائض في المواريث، فقال ابن عبّاس : سبحان الله العظيم، أترون أنّ الّذي أحصى رمل عالج عدداً جعل في مال نصفاً ونصفاً وثلثاً، فهذان النصفان قد ذهبا بالمال، فأين موضع الثلث؟ فقال له زُفَرُ بن أوس البصري : يا أبا العبّاس، فمن أوّل من أعال الفرائض؟ فقال: عمر بن الخطاب، لمّا التفّت عنده الفرائض ودفع بعضها بعضاً، قال: والله ما أدري أيّكم قدَّم الله وأيّكم أخّر، وما أجد شيئاً هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص، فأدخل على كلّ ذي حقّ ما دخل عليه من عول الفريضة، وأيم الله أن لو قدَّم من قدَّم الله وأخّر من أخّر الله ما عالت فريضة فقال له زفر بن أوس : وأيّها قدَّم وأيّها أخر ؟ فقال : كلّ فريضة لم يهبطها الله عزّ وجلَّ عن فريضة إلّا إلى فريضة، فهذا ما قدّم الله وأما ما أخّر الله، فكلّ فريضة إذا زالت عن فرضها ولم يكن لها إلّا ما بقي فتلك الّتي أخر الله ، وأمّا الّتي قدَّم، فالزَّوج له النّصف، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الرُّبع ، ولا يزيله عنه شيء ، والزَّوجة لها الربع، فإذا زالت عنه صارت إلى الثمن لا يزيلها عنه شيء، والأم لها الثلث، فإذا زالت عنه صارت إلى السدس ولا يزيلها عنه شيء، فهذه الفرائض الّتي قدَّم الله عزّ وجلَّ، وأمّا الّتي أخر الله ؛ ففريضة البنات والأخوات ، لها النصف والثلثان، فإذا أزالتهنَّ الفرائض عن ذلك، لم يكن لها إلّا ما بقي ، فتلك الّتي أخّر الله ، فإذا اجتمع ما قدَّم الله وما أخّر، بدأ بما قدَّم الله ، فأعطي حقّه كاملاً، فإن بقي شيء كان لمن أخّر الله ، فإن لم يبق شيء فلا شيء له، فقال له زفر بن أوس : ما منعك أنَّ تشير

ص: 89


1- التهذيب 9 21 - باب في إبطال العول والعَصبة، ح 3 بتفاوت وبدون الذيل . قوله : رمل عالج : هي جبال متصلة يتصل أعلاها بالدهناء ويتسع إتساعاً كثيراً حتى قيل : رمل عالج يحيط بأكثر أرض العرب. وقوله : إن السهام لا تعول أي لا تزيد على الفروض السنة التي ذكرها الله في القرآن وهي الثلثان والنصف والثلث والربع والسدس.
2- الزُّهري : الظاهر إن المراد به هنا أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن الحرث بن شهاب بن زهرة بن كلاب الفقيه المدني التابعي المعروف، وقد ذكره علماء الجمهور وأثنوا عليه ثناء بليغا، قيل : إنه قد حفظ علم الفقهاء السبعة، ولقي عشرة من الصحابة .

بهذا الرأي على عمر؟ فقال : هيبته، فقال الزّهريّ : والله لولا أنّه تقدَّمه إمام عدل كان أمره على الورع ، فأمضى أمراً فمضى ما اختلف على ابن عبّاس في العلم اثنان (1).

47 - باب آخر في إبطال العَول، وإن السهام لا تزيد على ستة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمّد بن مسلم ؛ والفضيل بن يسار؛ وبريد العجلي وزرارة ابن أعين عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: السهام لا تعول، ولا تكون أكثر من ستّة(2).

وعنه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرَّحمن، عن عمر بن أذينة مثل ذلك .

2 - وعنه عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن موسى بن بكر، عن عليّ بن سعيد قال : قلت لزرارة : إنّ بكير بن أعين حدَّثني ، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنَّ السهام لا تعول، ولا تكون أکثر منستّة ؟ فقال : هذا ما ليس فيه اختلاف بين أصحابنا عن أبي عبد الله (علیه السلام) وأبي جعفر (علیه السلام) (3) .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: السهام لا تعول.

4 - وعنه ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة قال : أمر أبو جعفر (علیه السلام) أبا عبد الله (علیه السلام)، فأقرأني صحيفة الفرائض، فرأيت جلَّ ما فيها على أربعة أسهم .

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب

الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنَّ السهام لا تكون أكثر من ستة أسهم .

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبَان بن

ص: 90


1- التهذيب 9 21 - باب في إبطال العول والعَصبة، ح 6 بتفاوت الفقيه 4 ، 130 - باب إبطال العول في المواريث، ح 3 بتفاوت. ورواه من أهل السنّة الحاكم في المستدرك 340/4، وغيره.
2- التهذيب ،9 نفس الباب ح 1 وفيه إلى قوله : إن السهام لا تعول.
3- التهذيب 9 21 - باب في إبطال العول والعَصبة ، ح 4 بدون قوله : ولا تكون أكثر من ستة .

عثمان عن أبي بصير قال: قرأ عليّ أبو عبد الله (علیه السلام) فرائض عليّ (علیه السلام)، فكان أكثرهن من خمسة، أو من أربعة، وأكثره من ستّة أسهم .

7- أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن خزيمة بن يقطين . عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن بكير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أصل الفرائض من ستّة أسهم، لا تزيد على ذلك ، ولا تعول عليها ، ثمَّ بعد ذلك لأهل السهام الّذين ذُكروا في الكتاب.

48 - باب معرفة إلقاء العَوْل

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة قال : قال زرارة : إذا أردت أن تلقي العَول، فإنّما يدخل النقصان على الّذين لهم الزيادة من الولد والأخوة من الأب، وأمّا الزوج والإخوة من الأمّ، فإنّهم لا ينقصون ممّا سمّى لهم [الله] شيئاً (1).

2 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن عبد الله بن جبلة، عن أبي المغرا، عن إبراهيم بن ميمون عن سالم الأشَلّ، أنّه سمع أبا جعفر (علیه السلام) يقول : إِنَّ الله عزّ وجلَّ أدخل الوالدين على جميع أهل المواريث، فلم ينقصهما من السدس [شيئاً]، وأدخل الزوج والمرأة، فلم ينقصهما من الربع والثمن [ شيئاً] (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أربعة لا يدخل عليهم ضرر في الميراث : الوالدان والزَّوج والمرأة(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن دُرُست بن أبي منصور، عن أبي المغرا عن رجل عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إِنَّ الله عزَّ وجلَّ أدخل الأبوين على جميع أهل الفرائض، فلم ينقصهما من السدس لكلّ واحد منهما، وأدخل الزوج والزوجة على جميع أهل المواريث، فلم ينقصهما من الرُّبع والثمن (4).

ص: 91


1- التهذيب 9، 21 - باب في إبطال العول والعصبة ، ح 8 بتفاوت يسير في الذيل .
2- التهذيب 9 نفس الباب ، ح 9 بتفاوت يسير جدا و 10 و 11 .
3- التهذيب 9 نفس الباب ، ح 9 بتفاوت يسير جدا و 10 و 11 .
4- التهذيب 9 نفس الباب ، ح 9 بتفاوت يسير جدا و 10 و 11 .

49 - باب انه لا يرث مع الولد والوالدين إلّا زوج أو زوجة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّار؛ وغيره عن أبي أيوب الخزّار ،وغيره عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: لا يرث مع الأم، ولا مع الأب، ولا مع الأبن، ولا مع الابنة إلّا الزَّوج والزَّوجة، وإنَّ الزوج لا ينقص من النصف شيئاً إذا لم يكن ولد، ولا تنقص الزوجة من الربع شيئاً إذا لم يكن ولد فإذا كان معهما ولد فللزوج الرُّبع، وللمرأة الثمن(1).

2- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة قال : إذا ترك الرَّجل أمّه، أو أباه، أو ابنه، أو ابنته، فإذا ترك واحداً من الأربعة، فليس بالذي عنى الله عزَّ وجلَّ في كتابه : (قل الله يفتيكم في الكلالة )، ولا يرث مع الأمّ ، ولا مع الأب، ولا مع الابن، ولا مع الابنة أحد خلقه الله عزّ وجلَّ، غيرُ زوج أو زوجة(2) .

50 - باب العلة في أن السهام لا تكون أكثر من ستة وهو من كلام يونس

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس قال : العلّة في وضع السهام على ستّة لا أقلّ ولا أكثر، لعلّة وجوه أهل الميراث، لأنَّ الوجوه الّتي منها سهام المواريث ستّ جهات، لكلّ جهة سهم، فأوّل جهاتها سهم الولد، والثاني سهم الأب، والثالث سهم الأمّ، و الرَّابع سهم الكلالة - كلالة الأب- ، والخامس سهم كلالة الأمّ، والسادس سهم الزوج الرابع سهم والزوجة، فخمسة أسهم من هذه السهام الستّة سهام القرابات والسهم السادس، هو سهم الزوج والزوجة من جهة البينة والشهود، فهذه علّة مجاري السهام وإجرائها من ستّة أسهم، لا يجوز أن يزاد عليها، ولا يجوز أن ينقص منها إلّا على جهة الردّ ، لأنَّه لا حاجة إلى زيادة في السهام، لأنَّ السهام قد استغرقها سهام القرابة، ولا قرابة غير من جعل الله عزَّ وجلَّ لهم سهماً، فصارت سهام المواريث مجموعة في ستّة أسهم، مخرج كلّ ميراث منها، فإذا اجتمعت السهام

ص: 92


1- التهذيب 9 21 - باب في إبطال العول والعَصبة ، ح 12 و 13 وفي الثاني : أمه وأباه وابنه وابنته، (بالعطف بالواو دون (أو)) .
2- التهذيب 9 21 - باب في إبطال العول والعَصبة ، ح 12 و 13 وفي الثاني : أمه وأباه وابنه وابنته، (بالعطف بالواو دون (أو)) .

الستة للّذين سمّى الله لهم سهماً، فكان لكلّ مسمّى له سهم على جهة ما سمّي له، فكان في استغراقه سهمه استغراق لجميع السهام، لاجتماع جميع الورثة الّذين يستحقّون جميع السهام الستّة وحضورهم في الوقت الذي فرض الله لهم، في مثل ابنتين وأبوين، فكان للابنتين أربعة أسهم ، وكان للأبوين ،سهمان فاستغرقوا السهام كلّها ، ولم يحتجّ أن يزاد في السهام ولا ينقص هذا الموضع ، إذ لا وارث في هذا الوقت غير هؤلاء مع هؤلاء، وكذلك كلّ ورثة يجتمعون في الميراث فيستغرقونه، يتمّ سهامهم باستغراقهم تمام السهام ، وإذا تمّت سهامهم ومواريثهم ، لم يجز أن يكون هناك وارث يرث بعد استغراق سهام الورثة كَمَلاً الّتي عليها المواريث، فإذا يحضر بعض الورثة، كان من حضر من الورثة يأخذ سهمه المفروض، ثم يردُّ ما بقي من بقيّة السهام على سهام الورثة الّذين حضروا بقدرهم، لأنّه لا وارث معهم في هذا الوقت غيرهم .

2 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرّار عن يونس قال : إنّما جُعلت المواريث من ستّة أسهم على خلقة الإنسان، لأنَّ الله عزَّ وجلَّ بحكمته خلق الإنسان من ستّة أجزاء، فوضع المواريث على ستّة أسهم، وهو قوله عزّ وجلّ : (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين) (1) ففي النطفة دية، (ثم خلقنا النطفة علقة ) (2)، ففي العلقة دية (فخلقنا العلقة مُضْغَةً) (3)، وفيها دية، (فخلقنا المضغة عظاما) (4) وفيهادية، (فكسونا العظام لحماً)(5) وفيه دية أخرى، (ثم أنشأناه خلقاً آخر (6)) ، وفيه دية أخرى، فهذا ذكر آخِرِ المخلوق(7) .

51 - باب علة كيف صار للذَكَر سهمان وللأنثى سهم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرَّار عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال: قلت له : جُعِلْتُ فداك، كيف صار الرَّجل إذا مات وولده من القرابة سواء ترث النساء نصف ميراث الرجال، وهنَّ أضعف من الرجال ، وأقلّ حيلة ؟ فقال : لأنَّ الله عزّ وجلَّ فضّل الرجال على النساء بدرجة ولأنَّ النساء يرجعن عيالاً على الرجال (8).

2 - عليُّ بن محمّد، عن محمّد بن أبي عبد الله، عن إسحاق بن محمّد النخعي قال : سأل الفهفكي أبا محمّد (علیه السلام) : ما بالُ المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً واحداً، ويأخذ

ص: 93


1- المؤمنون/ 12 و 13 و 14 وتتمة الآية الأخيرة : فتبارك الله أحسن الخالقين.
2- المؤمنون/ 12 و 13 و 14 وتتمة الآية الأخيرة : فتبارك الله أحسن الخالقين.
3- المؤمنون/ 12 و 13 و 14 وتتمة الآية الأخيرة : فتبارك الله أحسن الخالقين.
4- المؤمنون/ 12 و 13 و 14 وتتمة الآية الأخيرة : فتبارك الله أحسن الخالقين.
5- المؤمنون/ 12 و 13 و 14 وتتمة الآية الأخيرة : فتبارك الله أحسن الخالقين.
6- المؤمنون/ 12 و 13 و 14 وتتمة الآية الأخيرة : فتبارك الله أحسن الخالقين.
7- روى بمعناه مرسلا عن الصادق (علیه السلام) في الفقيه 4 ، 130 - باب إبطال العول في المواريث، ح 5 .
8- التهذيب 9 ، 24 - باب ميراث الأولاد، ح .1 . وفيه عُيْلا ... ، بدل : عيالاً .

الرَّجل سهمين ؟ فقال أبو محمّد (علیه السلام) : إنَّ المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ، ولا عليها معقلة(1)، إنّما ذلك على الرّجال، فقلت في نفسي : قد كان قيل لي : إنَّ ابن أبي العوجاء سأل أبا عبد الله (علیه السلام) عن هذه المسألة فأجابه بهذا الجواب فأقبل أبو محمّد (علیه السلام) عَلَيَّ فقال: نعم، هذه المسألة مسألة ابن أبي العوجاء والجواب منّا واحد إذا كان معنی المسألة واحداً، جرى لأخرنا ما جرى لأوّلنا وأوّلنا وآخرنا في العلم سواء، ولرسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (علیه السلام) فضلُهما (2).

3- عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن هشام، عن الأحول، قال : قال لي ابن أبي العوجاء : ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً واحداً ويأخذ الرَّجل سهمين؟ قال: فذكر بعض أصحابنا لأبي عبد الله (علیه السلام) فقال : إنّ المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا مَعْقُلَة، وإنّما ذلك على الرجال، ولذلك جعل للمرأة سهماً واحداً وللرجل سهمين (3).

52 - باب ما يرث الكبير من الولد دون غيره

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا هَلَكَ الرَّجل فترك بنين ، فللأكبر السيفُ والدَّرعُ والخاتَمُ والمُصْحَفُ، فَإِن حَدَثَ به حَدَثُ فللأكبر منهم (4).

2- عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذَينَة، عن بعض أصحابه، عن

ذَيْنَة . أحدهما (علیهما السلام) أنَّ الرَّجل إذا ترك سيفاً وسلاحاً فهو لابنه ، وإن كان له بنون فهو لأكبرهم(5).

3 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير، عن ربعي بن

ص: 94


1- من العاقلة وهي أهل القاتل الذين يتحملون دية قتله لشخص خطأ .
2- التهذيب 9 ، نفى الباب، ح 2. وقد تضمن الحديث إحدى معاجزه (علیه السلام) ، حيث اطلع على ما حدث به الفهفكي نفسه . ويدل أيضاً على أفضلية أمير المؤمنين (علیه السلام) على باقي الأئمة (علیهم السلام).
3- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت قليل الفقيه ،4، 175 - باب نوادر المواريث ، ح 12 بتفاوت . والأحول : لقب محمد بن النعمان .
4- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح4. الاستبصار 4 ، 90 - باب ما يختص به الولد الأكبر إذا كان ذكراً من الميراث، ح 1 .
5- التهذيب 9 نفس الباب، ح ،5 الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .

عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا مات الرجل، فللأكبر من ولده سيفُهُ ومُصْحَفُهُ وخاتَمُهُ و دِرعه (1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى عن رِبعيّ بن عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا مات الرَّجل، فسيفه وخاتمه ومصحفه وكتبه ورَحْلُهُ (2)، وراحلته وكسوته لأكبر ولده فإن كان الأكبر ابنة، فللأكبر من الذكور(3).

53 - باب ميراث الولد

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : ورث علي (علیه السلام) علم رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ، وورثت فاطمة (علیها السلام) تركته (4).

2 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن أسباط، عن الحسن بن عليّ بن عبد الملك حيدر (5) ، عن حمزة بن حمران قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : من ورث رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)؟ فقال: فاطمة (علیها السلام) ورثته متاع البيت والخُرثى ، وكلُّ ما كان له (6).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن

ص: 95


1- التهذيب 9 ، 24 - باب ميراث الأولاد، ح 6 . الاستبصار 4 ، 90 - باب ما يختص به الولد الأكبر إذا كان ذكراً من الميراث ، ح 3 وفيهما فلأكبر ولده . . . ،بدل: فللأكبر من ولده .... وما تضمنه هذا الحديث وما تقدمه من أحاديث من اختصاص الولد الأكبر بهذه الأشياء من تركة أبيه هو ما يعبر عنه في اصطلاح أصحابنا بالحبوة، وهو من متفردات الإمامية . قال المحقق في الشرائع 25/4 : يُخبى الولد الأكبر من تركة أبيه بثياب بدنه و خاتمه وسيفه ومصحفه وعليه قضاء ما عليه من صلاة وصيام، ومن شرط اختصاصه أن لا يكون سفيهاً ولا فاسد الرأي في العقائد على قول مشهور، وإن يخلف الميت مالا غير ذلك، فلو لم يخلف سواه لم يخص بشيء منه، ولو كان الأكبر أنثى لم يُحبَ وأعطي الأكبر من الذكور. ومن أصحابنا من جعل الحبوة له على نحو الاستحباب لا الاستحقاق كما إن بعضهم لم يشترط كونه سليم المعتقد فيأخذ الحبوة حتى ولو كان مخالفا لعدم المستند عندهم على مثل هذا الاشتراط، بل إطلاق النصوص يدفعه كما نص عليه الشهيد الثاني في الروضة، وأورد ما يشعر بتمريض هذا الاشتراط الشهيد الأول أيضا في كتاب الدروس .
2- الرّحل: ما يستصحبه المسافر من الأثاث عادة .
3- التهذيب ،9 نفس ،الباب ح 7 الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح4. الفقيه ،4 ، 175 .. باب نوادر المواريث ح 1 . وفي التهذيبين ... بنتا . . . ، بدل: ... ابنة .
4- التهذيب ،9 نفس ،الباب ح 13 . الفقيه 4 ، 13 - باب ميراث ولد الصلب، ح 1 .
5- في التهذيب : عن الحسن بن علي بن عبد الله.
6- التهذيب 9، نفس الباب، ح 12 . والخُرثى : - كما في النهاية - أثاث البيت ومتاعه .

محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن سلمة بن محرز قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : إنَّ رجلاً أرمانيّاً مات وأوصى إليَّ ، فقال لي : وما الأرماني؟ قلت : نبطيُّ من أنباط الجبال، مات وأوصى إليّ بتركته وترك ابنته ؟ قال : فقال لي : أعطها النصف، قال: فأخبرت زرارة بذلك، فقال لي: أتقاك إنّما المال لها قال: فدخلت عليه بعد فقلت: أصلحك الله ، إنَّ أصحابنا زعموا أنّك أتّقيتني ، فقال : لا والله ما اتّقيتك، ولكن اتّقيت، عليك أن تضمن، فهل علم بذلك أحدٌ؟ قلت : لا ، قال : فأعطِها ما بقي (1).

4 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان، عن عبد الله بن خداش المنقريّ أنّه سأل أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل مات وترك ابنته وأخاه؟ قال : المال للابنة(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل مات وترك ابنته وأخته لأبيه وأمّه ؟ قال : المال للابنة وليس للاخت من الأب والأمّ شيء (3).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن عروة، عن بريد العجليّ ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قلت له : رجل مات وترك ابنته وعمّه؟ قال : المال للابنة، وليس للعمّ شيء - أو (4)قال : ليس للعمّ مع الابنة شيء - (5).

7 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن بكير، عن حمزة بن حمران عن عبد الحميد الطائي، عن عبد الله بن محرز بيّاع القلانس قال : أوصى إليَّ رجل وترك خمسمائة درهم أو ستّمائة درهم، وترك ابنة وقال : لي عَصَبَة بالشام، فسألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن ذلك ؟ فقال : أعط الابنة النصف، والعصبة النصف الآخر، فلمّا قدمت الكوفة أخبرت أصحابنا بقوله، فقالوا : اتّقاك، فأعطيت الابنة النصف الآخر، ثمَّ حججت فلقيت أبا عبد الله (علیه السلام) فأخبرته بما قال أصحابنا، وأخبرته أنّي دفعت

ص: 96


1- التهذيب 9 ، 24 - باب ميراث الأولاد، ح 14 وفيه : ولكني أبقيت عليك . بدل : ولكن اتقيت عليك أن تضمن . والنبط: جيل معروف كانوا ينزلون بالبطائح بين العراقين - هكذا ذكر في النهاية 9/5. وقوله (علیه السلام) : ولكن أبقيت عليك أي بجوابي لك بإعطائها النصف إنما حافظت عليك، لأني لو أمرتك أولاً بإعطائها كل المال أن يبلغ الخبر سلطان الجور وقضاته فينكشف أمرك فيضروك في بدنك أو مالك
2- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 16 وفي ذيله : المال للبنت.
3- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 15 . الفقيه 4، 131 - باب ميراث ولد الصلب، ح 5 . وفي التهذيب: للبنت، بدل : للابنة .
4- الترديد من الراوي .
5- التهذيب ،9 نفس الباب، ح17. بتفاوت .

النصف الآخر إلى الابنة، فقال: أحسنت إنّما أفتيتك مخافة العَصَبَة عليك (1).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذَينة. ، عن عبد الله بن محرز (2)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قلت له : رجل ترك ابنته وأخته لأبيه وأمّه؟ قال : المال كلّه للابنة، وليس للأخت من الأب والأمّ شيء(3) .

9 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد الكندي، عن أحمد بن الحسن الميثميّ ، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الله بن محرز قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل أوصى إليّ وهَلَكَ، وترك ابنة ؟ فقال : أعط الابنة النصف واترك للموالي النصف، فرجعت، فقال أصحابنا : لا والله ما للموالي شيء، فرجعت إليه من قابل فقلت له : إنَّ أصحابنا قالوا : ليس للموالي شيء، وإنّما اتقاك، فقال: لا والله ما اتّقيتك، ولكنّي خفت عليك أن تؤخذ بالنصف، فإن كنت لا تخاف، فادفع النصف الآخر إلى الابنة، فإنَّ الله سيؤديّ عنك (4).

54 - باب ميراث ولد الولد

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) قال: بنات الابنة يُقمنَ مقام البنت إذا لم يكن للميت بنات ولا وارث غيرهنَّ، وبنات الابن يقمن مقام الابن، إذا لم يكن للميّت بنات أولاد ولا وارث غير هنَّ (5).

2 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن محمّد بن سكين، عن

ص: 97


1- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 18 .
2- في سند التهذيب : عن عبد الله بن محمد....
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 19.
4- التهذيب 9 ، 24 - باب ميراث الأولاد، ح20. قوله (علیه السلام) : ... أن تؤخذ بالنصف : يعني لو دفعت إليها المال كله من رأس فوصل الخبر إلى قضاة الجور وحكامهم لغرّموك النصف في مالك ، فقلت لك ما قلت حفاظاً . على مالك أن يؤخذ منك .
5- التهذيب 9، 28 - باب ميراث من علا من الآباء وهبط من ... ، ح 58 . الاستبصار 4 ، 99 - باب إن ولد الولد 58 يقوم مقام الولد إذا...، 2 . الفقيه 4 ، 140 - باب ميراث ولد الولد ح 1 . وقال الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث : «فإذا ترك الرجل ابن ابنة وابنة ،ابن فلابن الابنة الثلث، ولابنة الابن الثلثان، لأن كل ذي رحم يأخذ نصيب الذي يجرّه».

إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : ابن الابن يقوم مقام أبيه(1) .

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن

الحجّاج، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : بنات الابنة يرثن إذا لم تكن بنات كنَّ مكان البنات (2).

4 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : بنات الابنة يقمن مقام الابنة إذا لم تكن للميّت بنات، ولا وارث غيرهنَّ، وبنات الابن يقمن مقام الابن، إذا لم يكن للميّت ولد، ولا وارث غيرهنّ(3).

قال الفضل(4) : وولد الولد أبداً يقومون مقام الولد، إذا لم يكن ولد الصلب، [و] لا يرث معهم إلّا الولدان والزوج والزوجة .

فإن ترك ابن ابن وابنة ،ابن فالمال بينهما، للذكر مثل حظّ الأنثيين .

فإن ترك ابن ابن وابن ابنة فلابن الابن الثلثان، ولابن الابنة الثلث.

وإن ترك ابنة ابن وابن ابنة فلابنة الابن الثلثان نصيب ،الابن ولابن البنت الثلث

نصيب الابنة .

وإن ترك ابنة ابن وابنة ابنة فلابنة الابن الثلثان، ولابنة الابنة الثلث، فالحكم في ذلك والميراث فيه، كالحكم في البنين والبنات من الصلب يكون لولد الابن الثلثان، ولولد البنات الثلث .

فإن ترك ثلاث بنين أو بنات ابن بعضهم أسفل من بعض، فالمال للأعلى، وليس لمن دونه شيء، لأنّه أقرب ببطن، وكذلك لو كانوا كلّهم بنات فكان أسفل منهنَّ ببطن غلام، فالمال

ص: 98


1- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 60 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ح59 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 3 :وفيهما يكن .. ، :بدل تكن... قال المحقق في الشرائع 24/4 - 25 : «أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم في مقاسمة الأبوين، وشَرَطَ ابن بابويه رحمه الله في توريثهم عدم الأبوين وهو متروك، ويمنع الأولاد من يتقرب بهم ، ومن يتقرب بالأبوين من الأخوة وأولادهم والأجداد وآبائهم، والأعمام والأخوال وأولادهم ... ويرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به فيرث ولد البنت نصيب أمه ذكراً كان أو أنثى وهو النصف إن انفرد أو كان مع الأبوين ويردّ عليه كما يردّ على أمه لو كانت موجودة ويرث ولد الابن نصيب أبيه ذكراً كان أو أنثى جميع المال إن انفرد وما فضل عن حصص الفريضة إن كان معه وراث ... ولو انفرد أولاد الابن وأولاد البنت كان لأولاد الابن الثلثان ولأولاد البنت الثلث على الأظهر...».
3- التهذيب 9 نفس الباب، ح57 . الاستبصار 4 ، نفس ،الباب ، ح 1. بتفاوت يسير فيهما .
4- هو ابن شاذان.

كلّه لمن هو أعلى ، وليس لمن سفل شيء، لأنَّ من هو أقرب ببطن أحقّ بالمال من الأبعد، مثل ذلك إن ترك ابن الابنة وابن ابنة ابن فالمال كلّه لابن الابنة، لأنه أقرب ببطن .

وكذلك إن ترك ابنة ابنة وابن ابنة ابن ، فالمال كلّه لابنة الابنة ، لأنّها أقرب ببطن ؛ وكذلك إن ترك ابنة ابن ابنة وابن ابن ابن ابن فالمال كله لابنة ابن الابنة، لأنّها أقرب ببطن .

وكذلك إن ترك ابن ابنة وبنت ابنة وامرأة ، وعَصَبة، فللمرأة الثمن، وما بقي فبين بنت الابنة وابن الابنة للذكر مثل حظّ الأنثيين ، يقسم المال على أربعة وعشرين سهماً، للمرأة الثُمن : ثلاثة أسهم ولابنة الابنة سبعة أسهم ، ولابن الابنة أربعة عشر سهماً .

وإن ترك زوجاً وبنت ابنة وابن ابنة، فللزوج الرُّبع ، وما بقي فبين ابنة الابنة وابن الابنة للذكر مثل حظّ الأنثيين وهي من أربعة أسهم فللزوج ،سهم، ولابن الابنة سهمان، ولابنة الابنة سهمٌ .

وإن ترك ابن ابنة، وابن ابن، وزوجاً، فللزَّوج الربع، وما بقي فبين ابن الابنة وابن الابن، ولا بن الابنة نصيب الابنة وهو الثلث، ولابن الابن نصيب الابن وهو الثلثان، وهي أيضاً من أربعة أسهم .

وإن ترك زوجاً وابنة ابنة فللزوج الرُّبع، وما بقي فلابنة الابنة.

وإن ترك ابنة ابنة ،وأبوين فللأبوين السدسان، ولابنة الابنة النصف، وبقي سهم واحد مردودٌ عليهم على قدر سهامهم، يقسّم المال على خمسة أسهم، فللأبوين سهمان، ولابنة الابنة ثلاثة أسهم .

وإن ترك ابن ابنة وأبوين، فللأبوين السدسان، ولابن الابنة النصف، كذلك أيضاً يقسّم المال على خمسة أسهم للأبوين ،سهمان، ولابن الابنة ثلاثة أسهم .

فإن ترك ابنة ابن وأبوين، فللأبوين ،السدسان وما بقي فلابنة الابن، وهي من ستّة أسهم للأبوين ،سهمان ، ولابنة الابن أربعة أسهم .

قال الفضل : من الدَّليل على خطأ القوم في ميراث ولد البنات، أنّهم جعلوا ولد البنات ولد الرَّجل من صلبه في جميع الأحكام إلّا في الميراث، وأجمعوا على ذلك، فقالوا : لا تحلّ حليلة ابن الابنة للرجل، ولا حليلة ابن ابن الابنة، لقول الله عزَّ وجل : (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم(1)) ، فإذا كان ابن الابنة ابن الرّجل لصلبه في هذا الموضع لم لا يكون في

ص: 99


1- النساء / 23 .

الميراث ابنه ؟! وكذلك قالوا : لو أنَّ رجلاً طلق امرأة له قبل أن يدخل بها، لم تحلَّ تلك المرأة لابن ابنه لقول الله عزّ وجلَّ : (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء(1)) ، فكيف صار الرجل ههنا أبا ابن ابنته ، ولا يصير أباه في الميراث ؟! وكذلك قالوا : يحرم على الرَّجل أن يتزوَّج بامرأة كان تزوَّجها ابن ابنته وكذلك قالوا لوشهد لأبي أمّه بشهادة أو شهد لابن ابنته بشهادة، لم تجز شهادته ، وأشباه هذه في أحكامهم كثيرة، فإذا جاؤوا إلى باب الميراث قالوا : ليس ولد الابنة ولد الرجل، ولا هو له بأب، اقتداءً منهم بالأسلاف والذين أرادوا إبطال الحسن والحسين (علیهما السلام) بسبب أمّهما ، والله المستعان هذا مع ما قد نصّ الله في كتابه بقوله عزّ وجلَّ : (كُلًا هدينا ونوحاً هدينا من قبلُ ومن ذرّيته داود وسليمان وأيّوبَ - إلى قوله - وعيسى وإلياسَ كلٌّ من الصالحين (2)) ، فجعل عيسى من ذريّة آدم ومن ذريّة ،نوح، وهو ابن بنت، لأنّه لا أب لعيسى، فكيف لا يكون ولد الابنة ولد الرجل؟ بلى، لو أرادوا الإنصاف والحقّ، وبالله التوفيق .

55 - باب ميراث الأبوين

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب ؛ ، وأبي أيّوب الخزّاز، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل مات وترك أبويه؟ قال : للأب سهمان، وللامّ سهم(3).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل ترك أمّه وأخاه؟ قال : يا شيخ ، تريد على الكتاب؟ قال : قلت : نعم ، قال : كان عليُّ (علیه السلام) يعطي المال الأقرب فالأقرب ، قال : قلت : فالأخ لا يرث شيئاً؟ قال : قد أخبرتك أنَّ عليّاً (علیه السلام) كان يعطي المال الأقربَ فالأقربَ (4).

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن عليّ بن الحسن بن حمّاد، عن ابن مسكين ، عن مشعل بن سعد عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل ترك أبويه؟ قال : هي من ثلاثة أسهم للامّ سهم، وللأب سهمان (5).

ص: 100


1- النساء/ 22 .
2- الأنعام / 84 و 85 .
3- التهذيب ،9 ، 23 - باب ميراث الوالدين، ح 2 الفقيه 4 ، 132 - باب ميراث الأبوين، ح 1بتفاوت .
4- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 3.
5- التهذيب 9 نفس الباب، ح 1 . والحكم عند أصحابنا إجماعي، فللأم الثلث وللأب الباقي بشرط عدم وجود أخوة للميت، وإلا فللأم السدس وللأب الباقي .

56 - باب ميراث الأبوين مع الأخوة والأخوات لأب والأخوة والأخوات لأم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير ؛ ومحمّد بن عيسى، عن يونس،

جميعاً عن عمر بن أذَينة قال : قلت لزرارة، إنَّ أناساً حدَّثوني عنه - يعني أبا عبد الله (علیه السلام) - وعن أبيه (علیه السلام) بأشياء في الفرائض، فأعرِضُها عليك، فما كان منها باطلاً، فقل : هذا باطل، وما كان منها حقاً، فقل: هذا حقٌّ، ولا تروه واسكُتْ.

وقلت له : حدَّثني رجل عن أحدهما (علیهما السلام) في أبوين وإخوة لأمّ أنّهم يحجبون ولا يرثون، فقال : هذا والله هو الباطل، ولكنّي سأخبرك - ولا أروي لك شيئاً(1) - والّذي أقول لك هو والله الحقّ، إنَّ الرجل إذا ترك أبويه فللامّ الثلث وللأب الثلثان في كتاب الله عزَّ وجلَّ، فإن كان له إخوة - يعني للميّت يعني إخوة لأب وأمّ أو إخوة لأب - فلامّه السدس، وللأبّ خمسة أسداس، وإنّما وفّر للأب من أجل عياله، وأمّا الاخوة لأمّ ليسو لأب فإنّهم لا يحجبون الأمّ عن الثلث، ولا يرثون، وإن مات رجل وترك أمّه وإخوة وأخوات لأمّ وأب ، وإخوة وأخوات لأب، وإخوة وأخوات لأمّ، وليس الأب حيّاً، فإنّهم لا يرثون ولا يحجبونها لأنّه لم يورَث كلالة(2) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا ترك الميّت أخوين ، فهم إخوة مع الميّت حجبا الأمّ عن الثلث، وإن كان واحداً لم يحجب الأمّ، وقال: إذا كنَّ أربع أخوات حَجَبْنَ الأمّ عن الثلث، لأنّهنَّ بمنزلة الأخوين، وإن كنَّ ثلاثاً لم يَحْجِبْنَ (3).

3 - محمّد بن يحيى،عن أحمد بن محمّد، عن محسن بن أحمد، عن أبَان بن عثمان، عن فضل أبي العبّاس البقباق قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن أبوين، وأختين لأب وأمّ ، هل

ص: 101


1- إنما قال له ابن أذينة ولا تروه واسكت وقال زرارة ولا أروي لك شيئاً، لأنه (علیه السلام) - كما ورد في بعض الروايات - عندما أطلعه على صحيفة المواريث التي بحوزته (علیه السلام) ، استحلفه على أن يكتم ولا يروي منها شيئا، ففعل .
2- التهذيب 9 ، 25 - باب ميراث الوالدين مع الأخوة والأخوات ، ح .1 وروى ذيله من قوله : وإن مات رجل وترك أمه و ... الخ في الاستبصار 4، 91 - باب إن الأخوة والأخوات على اختلاف أنسابهم لا يرثون مع . . . ، ح 1 .
3- التهذيب 9، نفس الباب ، ح .. الاستبصار 4 ، 88 - باب أنه تُحجب الأم عن الثلث إلى السدس بأربع أخوات، ح 1 .

يحجبان الأمّ عن الثلث؟ قال : لا ، قال : قلت : فثلاث؟ قال: لا، قلت: فأربع ؟ قال : نعم(1).

4 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يحجب الأمّ من الثلث إذا لم يكن ولد، إلّا أخوان، أو أربع أخوات(2).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن بكير، عن فضل أبي العبّاس البقباق ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لا يحجب الأمّ عن الثلث إلّا أخوان ، أو أربع أخوات لأب وأمّ، أو لأب (3).

6 - وبإسناده عن ابن فضّال عن ابن بكير، عن عُبيد بن زرارة قال : سمعت أبا

عبد الله (علیه السلام) يقول : إنَّ الإخوة من الأمّ لا يحجبون الأمّ عن الثلث(4) .

7 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن حريز عن زرارة قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السلام) : يا زرارة، ما تقول في رجل ترك أبويه وإخوته من أمّه؟ قال : قلت : السدس لأمّه، وما بقي فللأب، فقال: من أين قلت هذا؟ قلت: سمعت الله عزّ وجلَّ يقول في كتابه : (فإن كان له إخوة فلامّه السدس(5)) ، فقال : ويحَك يا زرارة، أولئك الإخوة من الأب، فإذا كان الإخوة من الأمّ، لم يحجبوا الأمّ عن الثلث (6).

ص: 102


1- التهذيب ،9 نفس الباب، ح4 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .
2- التهذيب 9 نفس الباب، ح7 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 4 .
3- التهذيب 9 نفس الباب ، ح 5 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 3 .
4- التهذيب 9، 25 - باب ميراث الوالدين مع الأخوة والأخوات ، ح 6 . هذا، وقد اشترط أصحابنا في حجب الأخوة للأم عما زاد عن السدس شروطاً أربعة : الأول : أن يكونا رجلين فصاعداً، أو رجلاً وامرأتين أو أربع نساء. الثاني : ألا يكونوا كفرة، ولا رقاً، ولا قتلة لأخيهم الموروث على الظاهر. الثالث: أن يكون الأب موجودا . الرابع : أن يكونوا للأب والأم أو للأب. فراجع شرائع الإسلام للمحقق 19/4 . وهل يشترط أن لا يكون بعضهم حملاً؟ . يقول المحقق في الشرائع 19/4 وهو بصدد الحديث عن حجب الأخوة للأم عما زاد عن السدس : وفي اشتراط وجودهم منفصلين لا حَمْلا ،تردد أظهره أنه شرط . أقول : إنما كان اشتراط إنفصالهم لعدم انطباق لفظ الأخ على الحميل، بل على الموجود في الخارج. وقد يدعى صدق انطباق الأخ على الحمل أيضاً. وذكر صاحب الجواهر رحمه الله 39/ 89 إنه لم يعرف القائل منا بعدم اشتراط الإنفصال، بل قيل : بأن اشتراط الإنفصال مما لا خلاف فيه عندنا، بل لم يعرف التردد فيه قبل المحقق هنا في الشرائع، فتأمل.
5- النساء/ 11 .
6- التهذيب 9، نفس الباب، ح 2 .

57 - باب ميراث الولد مع الأبوين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ومحمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، جميعاً عن صفوان أو (1) قال، عن عمر بن أذينة ، عن محمّد بن مسلم قال : أقرأني أبو جعفر (علیه السلام) صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وخطّ عليّ (علیه السلام) بيده ، فوجدت فيها : رجل ترك ابنته ،وأمّه للابنة النصف ثلاثة أسهم، وللامّ السدس هم، يقسم المال على أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة، وما أصاب سهماً فهو للامّ.

قال : وقرأت فيها رجل ترك ابنته وأباه، فللابنة النصف ثلاثة أسهم، وللأب السدس سهم، يقسم المال على أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة، وما أصاب سهماً فللامّ .

قال محمّد : ووجدت فيها : رجل ترك أبويه وابنته ، فللابنة النصف ثلاثة أسهم ، وللأبوين لكلِّ واحد منهما السدس [لكلّ واحد منهما سهم]، يقسّم المال على خمسة أسهم، فما أصاب ثلاثة ،فللابنة وما أصاب سهمين فللأبوين(2).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة قال : وجدت في صحيفة الفرائض : رجلٌ مات وترك ابنته وأبويه، فللابنة ثلاثة أسهم، وللأبوين لكلّ واحد منهما سهم، يقسّم المال على خمسة أجزاء، فما أصاب ثلاثة أجزاء فللابنة، وما أصاب جزئين فللأبوين (3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ومحمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، جميعا عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الجدّ؟ فقال : ما أجد أحداً قال فيه إلا برأيه، إلّا أمير المؤمنين (علیه السلام) ، قلت : أصلحك الله، فما قال فيه أمي-ر المؤمنين (علیه السلام)؟ قال : إذا كان غداً فالقَني حتّى أقرئكه في كتاب، قلت: أصلحك الله ، حدَّثني فإنَّ حديثك أحبُّ إلي من أن تقرئنيه في كتاب، فقال لي الثانية : اسمع ما أقول لك، إذا كان غداً

ص: 103


1- الترديد من الراوي . ولا يوجد هذا الترديد في التهذيب .
2- التهذيب 9 ، 23 - باب ميراث الوالدين . ح 4 بتفاوت يسير جداً. الفقيه 4، 134 - باب ميراث ولد الصلب والأبوين، ح 1 بزيادة وتفاوت . يقول المحقق في الشرائع 23/4 : «ولو كان مع الأبوين ،بنت، فللأبوين السدسان وللبنت النصف، والباقي رُدَّ علیهم أخماساً ».
3- التهذيب 9 ، 23 - باب ميراث الوالدين، ح 6.

فألقَني حتّى أقرئكه في كتاب، فأتيته من الغد بعد الظهر، وكان ساعتي الّتي كنت أخلو به فيها بين الظهر والعصر ، وكنت أكره أن أسأله إلا خالياً خشية أن يفتيني من أجل من يحضره بالتقيّة، فلمّا دخلت عليه أقبل على ابنه جعفر (علیه السلام) فقال له : إقرء زرارة صحيفة الفرائض، ثمَّ قام لينام فبقيت أنا وجعفر (علیه السلام) في البيت، فقام فأخرج إليَّ صحيفة مثل فخذ البعير فقال : لست أقرئكها حتّى تجعل لي عليك الله أن لا تحدَّث بما تقرء فيها أحداً أبداً حتّى آذن لك، ولم يقل : حتّى يأذن لك أبي ، فقلت : أصلحك الله، ولم تضيّق عليَّ ولم يأمرك أبوك بذلك؟ فقال لي : ما أنت بناظر فيها إلَّا على ما قلت لك ، فقلت : فذاك لك، وكنت رجلاً عالماً بالفرائض والوصايا، بصيراً بها، حاسباً لها، ألبث الزمان أطلب شيئاً يلقى عليّ من الفرائض والوصايا لا أعلمه فلا أقدر عليه، فلمّا ألقى إلي طرف الصحيفة، إذا كتاب غليظ يعرف أنّه من كتب الأوّلين، فنظرت فيها، فإذا فيها خلاف ما بأيدي الناس من الصلة والأمر بالمعروف الذي ليس فيه اختلاف، وإذا عامته كذلك، فقرأته حتّى أتيت على آخره بخبث نفس وقلّة تحفّظ وسقام رأي، وقلت وأنا أقرؤه : باطل، حتّى أتيت على آخره ثمَّ أدرجتها ودفعتها إليه، فلمّا أصبحت لقيت أبا جعفر (علیه السلام) فقال لي : أقرأت صحيفة الفرائض ؟ فقلت نعم فقال : كيف رأيت ما قرءت؟ قال: قلت: باطل ليس بشيء، هو خلاف ما الناس عليه ، قال : فإنَّ الّذي رأيت والله يا زرارة هو الحقّ، الّذي رأيت إملاء رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) وخطّ عليّ (علیه السلام) بيده فأتاني الشيطان فوسوس في صدري فقال : وما يدريه أنّه إملاء رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وخطّ عليّ (علیه السلام) بيده؟ فقال لي قبل أن أنطق : يا زرارة، لا تشكّنَّ ، ودَّ الشيطان والله إنّك شككت وكيف لا أدري أنّه إملاء رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وخطّ عليّ (علیه السلام) بيده ، وقد حدَّثني أبي عن جدّي أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) حدَّثه ذلك، قال: قلت: لا ، كيف جعلني الله فداك، وندمت على ما فاتني من الكتاب ، ولو كنت قرأته وأنا أعرفه لرجوت أن لا يفوتني منه حرف .

قال عمر بن أذينة قلت لزرارة : فإنَّ أناساً حدَّثوني عنه، وعن أبيه (علیه السلام) بأشياء في الفرائض، فأعرضها عليك، فما كان منها باطلاً فقل : هذا باطل، وما كان منها حقّاً فقل : هذا حقّ ولا تروِه واسكُت فحدَّثته بما حدَّثني به محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) في الابنة والأب والابنة ،والأمّ والابنة والأبوين، فقال: هو والله الحقُّ (1).

وقال الفضل بن شاذان في ابنة وأب للابنة النصف وللأب السدس، وما بقي ردَّ

عليهما على قدر أنصبائهما .

ص: 104


1- إلى هنا مروي بتفاوت في التهذيب 9 ، 23 - باب ميراث الوالدين، ح 5 .

وكذلك إن ترك ابنة وأمّاً، فللابنة النصف، وللأمِّ السدس، وما بقي ردّ عليهما على قدر أنصبائهما. وقد قال بعض الناس وما بقي فللابنة لأنّها أقرب من الوالدين، وغلط في ذلك كلّه ، لأنَّ الأبوين يتقرَّبان بأنفسهما كما يتقرب الولد وليسوا بأقرب من الأبوين والصواب أن يردّ عليهم ما بقي على قدر أنصبائهم، لأنّهم استكملوا سهامهم، فكانوا أقرب الأرحام، فكان ما بقي من المال لهم بقرابة الأرحام، فيقسّم ذلك بينهم على قدر منازلهم فيكون حكم ما بقي من المال حكم ما قسّمه الله عزّ وجلّ بينهم، لا يخالف الله في حكمه ولا يتغيّر قسمته .

وإن ترك بنتاً وأبوين، فللابنة النصف، وللأبوين السدسان، وما بقي ردَّ عليهم على قدر أنصبائهم ، لأنَّ الله جلَّ وعزَّ لم يردَّ على أحد دون الآخر، وجعل للنساء نصيباً كما جعل للرجال نصيباً، وسوّى في هذه الفريضة بين الأب والأمّ .

وإن ترك ابنتين وأبوين، فللابنتين الثلثان، وللأبوين السدسان .

وإن ترك ثلاث بنات أو أكثر، فللأبوين السدسان، وللبنات الثلثان .

وإن ترك أبوين وابناً وبنتاً، فللأبوين السدسان وما بقي فبين الابن والابنة، للذكر مثل حظّ الانثيين.

58 - باب ميراث الولد مع الزوج والمرأة والأبوين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ ومحمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، جميعاً عن عمر بن أذينة قال : قلت لزرارة : إنّي سمعت محمّد بن مسلم وبكيراً يرويان عن أبي جعفر (علیه السلام) في زوج وأبوين وابنة ، فللزَّوج الرّبع، ثلاثة أسهم من اثني عشر سهماً، وللأبوين السدسان، أربعة أسهم من اثني عشر سهماً ، وبقي خمسة أسهم، فهو للابنة، لأنّها لو كانت ذكراً لم يكن لها غير خمسة من اثني عشر سهماً، وإن كانتا اثنتين فلهما خمسة من اثني عشر سهماً، لأنهما لو كانا ذكرين لم يكن لهما غير ما بقي، خمسة من اثني عشر؟ قال زرارة هذا هو الحقُّ ، إذا أردت أن تلقي العول، فتجعل الفريضة لا تعول، فإنّما يدخل النقصان على الذين لهم الزيادة من الولد، والأخوات من الأب والأمّ ، فأمّا الزَّوج والأخوة للامّ ، فإنّهم لا ينقصون ممّا سمّى الله لهم شيئاً(1).

ص: 105


1- التهذيب 9 27 - باب ميراث الأزواج، ح 1 بتفاوت يسير. الفقيه 4 ، 137 - باب ميراث الولد والأبوين مع الزوج ، ح 1 .

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، وعلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) في امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها وابنتها؟ قال للزَّوج الرّبع ، ثلاثة أسهم من اثني عشر سهماً، وللأبوين لكلّ واحد منهما السدس سهمين من اثني عشر سهماً، ويقي خمسة أسهم ، فهي للابنة، لأنّه لو كان ذكراً لم يكن له أكثر من خمسة أسهم من اثني عشر سهماً، لأنَّ الأبوين لا ينقصان لكلِّ واحد منهما من السدس شيئاً ، وأنّ الزَّوج لا ينقص من الربع شيئاً (1).

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة قال : دفع إلىَّ صفوان كتاباً لموسى ابن بكر فقال لي : هذا سماعي من موسى بن بكر ، وقرأته عليه ، فإذا فيه : موسى بن بكر، عن عليّ بن سعيد عن زرارة قال : هذا ممّا ليس فيه اختلاف عند أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) وعن أبي جعفر (علیه السلام) أنّهما سئلا عن امرأة تركت زوجها وأمها وابنتيها؟ فقال : للزوج الربع، وللأم السدس وللابنتين ما بقي، لأنهما لو كانا رجلين لم يكن لهما شيء إلّا ما بقي، ولا تزاد المرأة أبداً على نصيب الرَّجل لو كان مكانها .

وإن ترك الميّت أمّاً وأبا وامرأة وابنة ، فإنَّ الفريضة من أربعة وعشرين سهماً للمرأة الثمن ؛ ثلاثة أسهم من أربعة وعشرين، ولأحد الأبوين السدس ؛ أربعة أسهم، وللابنة النصف : اثنا عشر سهماً، وبقي خمسة أسهم هي مردودة على سهام الابنة وأحد الأبوين على قدر سهامهما، ولا يُردُّ على المرأة شيء.

وإن ترك أبوين وامرأة وبنتاً، فهي أيضاً من أربعة وعشرين سهماً، للأبوين السدسان؛ ثمانية أسهم لكلّ واحد منهما أربعة أسهم وللمرأة الثمن ثلاثة سهم، وللابنة النصف اثنا ؛ عشر سهماً، وبقي سهم واحد مردودٌ على الابنة والأبوين على قدر سهامهم، ولا يردُّ على المرأة شيء.

وإن ترك أباً وزوجاً وابنة ، فللأب ،سهمان ، من اثني عشر، وهو السدس، وللزَّوج الرَّبع، ثلاثة أسهم من اثني عشر، وللابنة النصف، ستّة أسهم من اثني عشر، وبقي سهم واحد مردودٌ على الابنة والأب على قدر سِهَامِهما ، ولا يردُّ على الزوج شيء، ولا يرث أحد من خلق الله مع الولد إلّا الأبوان والزوج والزوجة، فإن لم يكن ولد، وكان ولد الولد، ذكوراً كانوا أو إناثاً، فإنّهم

ص: 106


1- التهذيب ،9، 27 - باب ميراث الأزواج ، ح 2 .

بمنزلة الولد وولد البنين بمنزلة البنين يرثون ميراث البنين وولد البنات بمنزلة البنات يرثون ميراث البنات ويحجبون الأبوين والزوج والزوجة عن سهامهم الأكثر، وإن سفلوا ببطنين وثلاثة وأكثر، يرثون ما يرث ولد الصلب، ويحجبون ما يحجب ولد الصلب (1).

59 - باب ميراث الأبوين مع الزوج والزوجة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محسن بن أحمد، عن أبَان بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السلام) في زوج وأبوين؟ قال: للزوج النصف، وللأمّ الثلث وللأب ما بقي ، وقال : في امرأة مع أبوين ؟ قال : للمرأة الرُّبع ، وللاُمّ الثلث، وما بقي فللاب (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السلام) في زوج وأبوين؟ قال: للزوج النصف، وللاُمّ الثلث، وما بقي فللاب (3).

3- وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ ومحمّد بن عيسى، عن يونس، جميعاً عن عمر بن أذينة ، عن محمّد بن مسلم أنَّ أبا جعفر (علیه السلام) أقرأه صحيفة الفرائض الّتي أملاها رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وخطّ علىّ (علیه السلام) بيده، فقرأت فيها : امرأة تركت زوجها وأبويها، فللزوج النصف، ثلاثة أسهم وللام سهمان الثلث تامّاً، وللأب السدس ؛ سهم (4).

4 - وعنه ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة قال : قلت لزرارة : إنَّ أناساً قد حدَّثوني عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیه السلام) بأشياء في الفرائض، فأعْرِضها عليك، فما كان منها باطلاً فقل : هذا باطل، وما كان منها حقّا فقل : هذا حقّ ، ولا تَروِه واسكت، فحدَّثته بما حدَّثني به محمّد بن مسلم في الزوج والأبوين، فقال: والله هو الحقُّ (5).

ص: 107


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح3.
2- التهذيب 9 26 - باب ميراث الوالدين مع الأزواج ، ح 1 . الاستبصار 4 ، 89 - باب ميراث الأبوين مع الزوج ، ح1.
3- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح2 . الاستبصار 4 ، نفس ،الباب ، ح 2
4- التهذيب ،9 ، نفس الباب، ح .. الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح .. الفقيه 4 ، 139 - باب ميراث الأبوين مع الزوج و . . . ، ح ا بتفاوت يسير .
5- التهذيب ،9 نفس ،الباب ح 4. وفي ذيله : هو والله الحق .

5 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن عبد الله بن وضّاح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في امرأة توفّيت وتركت زوجها وأمّها وأباها؟ قال: هي من ستّة أسهم، للزوج النصف ؛ ثلاثة أسهم، وللامّ الثلث؛ سهمان، وللأب السدس ؛ سهم(1).

قال(2) الفضل بن شاذان في هذه المسألة: ومن الدليل على أنَّ للأمّ الثلث من جميع المال ؛ إِنَّ جميع من خالفنا لم يقولوا في هذه الفريضة : للأمّ السدس، وإنّما قالوا : للأمّ ثلث ما بقي، وثلث ما بقي هو السدس، ولكنّهم لم يستجيزوا أن يخالفوا لفظ الكتاب، فأثبتوا لفظ الكتاب وخالفوا حكمه، وذلك خلاف على الله وعلى كتابه وكذلك ميراث المرأة مع الأبوين، للمرأة الرّبع ، وللامّ الثلث كاملاً، وما بقي فللأب، لأنّ الله جلّ ذكره قد سمّى في هذه الفريضة وفي الّتي قبلها للمرأة الربع ، وللزوج النصف، وللاُمّ الثلث، ولم يُسَمّ للأب شيئاً، وإنّما قال : (وورثه أبواه فلامّه الثلث (3)) ، وكان ما بقي بعد ذهاب السهام للأب، فإنّما يرث الأب ما بقي.

60 - باب الكلالة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب؛ وعبد الله بن بكير، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا ترك الرجل أباه أو أمّه ، أو ابنه ، أو ابنته، إذا ترك واحداً من هؤلاء الأربعة، فليس هم الّذين عنى الله عزّ وجلّ (4): (قل الله يفتيكم في الكلالة ) (5).

2 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن عليّ بن رباط، عن حمزة بن حمران قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الكلالة ؟ فقال : ما لم يكن ولد ولا والد (6).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن

ص: 108


1- التهذيب 9 نفس الباب، ح .5 الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح4.
2- ذكر هذا وإن بتفاوت في الفقيه 4 ، كتمهيد ومدخل للباب 139 فراجع.
3- النساء / 11 .
4- النساء / 176 .
5- التهذيب ،9 29 - باب ميراث الأخوة والأخوات، ح 1 .
6- التهذيب 9، نفس الباب، ح 2 .

ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الكلالة ما لم يكن ولد ولا والد (1).

61 - باب ميراث الأخوة والأخوات مع الولد

1- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الحسن الأشعريّ قال: وقع بين رجلين من بني عمّي منازعة في ميراث، فأشرت عليهما بالكتاب إليه في ذلك . ليصدرا عن رأيه فكتبا إليه جميعاً : جَعَلَنا الله فداك ما تقول في امرأة تركت زوجها وابنتها لأبيها وأمّها، وقلت : جُعِلْتُ فداك، إن رأيت أن تجيبنا بمرّ الحقّ؟ فخرج إليهما كتاب : بسم الله الرحمن الرحيم، عافانا الله وإيّاكما أحسن عافية، فهمت كتابكما، ذكرتما أنَّ امرأة ماتت وتركت زوجها وابنتها واختها لأبيها وأمّها فالفريضة للزوج الربع، وما بقي فللابنة (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن عبد الله ابن محرز قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : رجل ترك ابنته وأخته لأبيه وأمه ؟ فقال : المال كلّه للابنة، وليس للأخت من الأب والأمّ شيء ء ، فقلت : فإنّا قد احتجنا إلى هذا، والميّت رجل من هؤلاء الناس (3)، وأخته مؤمنة عارفة ؟ قال : فخذ النصف لها، خذوا منهم كما يأخذون منكم في سنّتهم وقضاياهم، قال ابن اذينة : فذكرت ذلك لزرارة ، فقال : إنَّ على ما جاء به ابن محرز لنوراً (4).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال : قال زرارة: الناس والعامّة في أحكامهم وفرائضهم يقولون قولاً قد أجمعوا عليه، وهو الحجّة عليهم، يقولون في رجل توفّي وترك ابنته أو ابنتيه، وترك أخاه لابيه وأمّه ، أو أخته لأبيه وأمّه ، أو أخته لأبيه ، أو أخاه لأبيه، أنّهم يعطون الابنة النصف، أو ابنتيه الثلثين، ويعطون بقية المال أخاه لأبيه وأمّه، أو أخته لأبيه، أو أخته لأبيه وأمّه، دون عَصَبة بني عمّه وبني أخيه، ولا يعطون الإخوة للأمّ شيئاً، قال : فقلت لهم : فهذه الحجّة عليكم، إنّما سمّى الله للإخوة للأمّ أنّه يورث كَلالة

ص: 109


1- التهديب 9 ، نفس الباب، ح 3 وفي ذيله : ... والد ولا ولد .
2- التهذيب 9 ، 23 - باب ميراث الوالدين ح. وفي ذيله : فللبنت.
3- يعني المخالفين .
4- التهذيب 9 ، 29 - باب ميراث الأخوة والأخوات ، ح 9 . الاستبصار 4 ، 91 - باب إن الأخوة والأخوات على اختلاف أنسابهم لا ... ، ح 8 بتفاوت بسير فيهما وزيادة في الآخر فيهما . والحديث متضمن لقاعدة الإلزام الزموهم بما ألزموا به أنفسهم.

فلم تعطوهم مع الابنة شيئاً، وأعطيتم الأخت للأب والأمّ، والأخت للأب بقيّة المال دون العمّ والعَصَبة، وإنّما سمّاهم الله عزَّ وجلَّ كَلالة كما سمّى الاخوة للاُمّ كلالة، فقال عزّ وجلَّ من قائل : (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة)، فلِمَ فرَّقتم بينهما ؟ فقالوا : السنّة وإجماع الجماعة، قلنا : سنّة الله وسنّة رسوله، أو سنّة الشيطان وأوليائه ؟! فقالوا : سنّة فلان وفلان، قلنا : قد تابعتمونا في خصلتين، وخالفتمونا في خصلتين، قلنا : إذا ترك واحداً من أربعة، فليس الميّت يورث كَلالة إذا ترك أباً أو ابناً، قلتم : صدقتم، فقلنا : أو أمّاً أو ابنة، فأبيتم علينا ، ثمَّ تابعتمونا في الابنة، فلم تعطوا الاخوة من الأمّ معها شيئاً، وخالفتمونا في الأمّ، فكيف تعطون الاخوة للأمّ الثلث مع الأمّ وهي حيّة، وإنّما يرثون بحقّها ورَحِمِها، وكما أنَّ الاخوة والأخوات للأب والأمّ ، والاخوة والأخوات للأب لا يرثون مع الأب شيئاً، لأنّهم يرثون بحقّ الأب، كذلك الاخوة والأخوات للامّ ، لا يرثون معها شيئاً، وأعجب من ذلك أنّكم تقولون : إنَّ الاخوة من الأمّ لا يرثون الثلث، ويحجبون الأمّ عن الثلث، فلا يكون لها إلّا السدس، كذباً وجهلاً وباطلاً قد أجمعتم عليه ، فقلت لزرارة تقول هذا برأيك؟ فقال : أنا أقول هذا برأيي !! إنّي إذا لفاجر، أشهد أنّه الحقّ من الله ومن رسوله (صلی الله علیه وآله وسلم).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير ؛ ومحمّد بن عيسى، عن يونس،

جميعاً عن عمر بن أذينة ، عن بكير بن أعين قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : امرأة تركت زوجها وإخوتها لأمّها، وإخوتها وأخواتها لأبيها؟ فقال : للزوج النصف ؛ ثلاثة أسهم، وللاخوة من الأمّ الثلث، الذكر والأنثى فيه سواء، وبقي سهم فهو للاحوة والأخوات من الاب للذكر مثل حظّ الانثيين، لأنَّ السهام لا تعول، ولا ينقص الزَّوج من النصف، ولا الاخوة من الأمّ من ثلثهم، لأنَّ الله عزّ وجلَّ يقول : (فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاءُ في الثلث) ، وإن كانت واحدة فلها السدس، والّذي عنى الله تبارك وتعالى في قوله : (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكلّ واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث (1))، إنّما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الأمّ خاصّة، وقال في آخر سورة النساء : (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرء هلك ليس له ولد وله أخت (يعني أختاً لأمّ وأب أو أختاً لأب)، فلها نصف ما ترك، وهو يرثها إن لم يكن لها ولد وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظّ الانثيين) (2) فهم الّذين يزادون وينقصون ، وكذلك أولادهم الّذين يزادون وينقصون، ولو أنّ امرأة تركت زوجها، وإخوتها لأمّها، واختيها لأبيها، كان للزوج النصف، ثلاثة أسهم، وللإخوة من الأمّ

ص: 110


1- النساء/ 12 .
2- النساء/ 176.

سهمان، وبقي سهم، فهو للأختين للأب، وإن كانت واحدة، فهو لها، لأنّ الأختين لأب أو كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي ولو كانت واحدة أو كان مكان الواحدة أخ، لم يزد على ما بقي، ولا يزاد أنثى من الأخوات، ولا من الولد على ما لو كان ذكراً لم يزد عليه(1).

5 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير ؛ ومحمّد بن عيسى، عن يونس، عن عمر بن اذينة . عن بكير قال : جاء رجل إلى أبي جعفر (علیه السلام) ، فسأله عن امرأة تركت زوجها وإخوتها لأمّها، وأختها لأبيها ؟ فقال : للزوج النصف ؛ ثلاثة أسهم، وللاخوة من الأمّ الثلث؛ سهمان ، وللأخت من الأب السدس ؛ سهم ، فقال له الرَّجل : فإن فرائض زيد، وفرائض العامّة والقضاة على غير ذلك يا أبا جعفر يقولون للأخت من الأب ثلاثة أسهم، تصير من ستّة، تعول إلى ثمانية ؟ فقال أبو جعفر (علیه السلام) : ولم قالوا ذلك ؟ قال : لأنَّ الله عزّ وجلَّ يقول : (وله أخت فلها نصف ما ترك)(2)، فقال أبو جعفر (علیه السلام): فإن كانت الأخت أخاً؟ قال : فليس له إلّا السدس ، فقال له أبو جعفر (علیه السلام) : فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجّون للأخت النصف بأنّ الله سمّى لها النصف، فإنَّ الله قد سمّى للأخ الكلّ ، والكلّ أكثر النصف، لأنّه قال عزّ وجلَّ : ( فلها النصف)، وقال للأخ (وهو يرثها )(3) يعني جميع مالها إن لم يكن لها ولد ، فلا تعطون الّذي جعل الله له الجميع في بعض فرائضكم شيئاً، وتعطون الّذي جعل الله له النصف تامّا ! ! فقال له الرّجل : أصلحك الله ، فكيف نعطي الأخت النصف، ولا نعطي الذكر لو كانت هي ذكراً شيئاً؟ قال : تقولون في أمّ، وزوج، وإخوة لأمّ، وأخت لأب، يعطون الزوج النصف، والأمّ السدس، والاخوة من الأم الثلث، والأخت من الأب النصف، ثلاثة، فيجعلونها من تسعة ، ، وهي من ستّة، فترتفع إلى تسعة ، قال : وكذلك تقولون، قال: فإن كانت الأخت ذكراً أخاً لأب؟ قال : ليس له شيء ، فقال الرَّجل لأبي جعفر (علیه السلام) : جَعلني الله فداك، فما تقول أنت؟ فقال : ليس للإخوة من الأب والأمّ ، ولا الإخوة من الأم ، ولا الإخوة من الأب مع الأمّ شيء (4).

قال عمر بن أذينة : وسمعته من محمّد بن مسلم يرويه مثل ما ذكر بكير، المعنى سواء،

ولست أحفظه بحروفه وتفصيله إلّا معناه ، قال : فذكرت ذلك لزرارة، فقال: صدقاً، هو والله الحقُّ.

ص: 111


1- التهذيب 9 27 - باب ميراث الأزواج ، ح.5 الفقيه 4 146 - باب ميراث الأخوة والأخوات، ح 2 وروى ، صدر الحديث إلى قوله : للذكر مثل حظ الأنثيين.
2- النساء/ 176 .
3- النساء/ 176 .
4- التهذيب 9 27 - باب ميراث الأزواج ، ح .6 الفقيه 4 ، 146 - باب ميراث الأخوة والأخوات ، ح 3 بتفاوت قليل . وروى جزءاً من ذيل الحدیث بتفاوت في الاستبصار 4، 91 - باب إن الاخوة والأخوات على . . . ، ح 4 .

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، وأبي أيّوب ؛ وعبد الله بن بكير، عن محمد بن ،مسلم عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قلت له ما تقول في امرأة ماتت وتركت زوجها، وإخوتها لأمّها، وإخوةً وأخوات لأبيها ؟ فقال : للزّوج النصف ثلاثة أسهم، ولإخوتها لأمّها الثلث؛ سهمان الذكر والأنثى فيه سواء، وبقي ،سهم، فهو للإخوة والأخوات من الأب، للذكر مثل حظّ الأنثيين، لأنَّ السهام لا تعول، وإنَّ الزَّوج لا ينقص من النصف، ولا الإخوة من الأمّ من ثلثهم ، لأنَّ الله عزّ وجلَّ يقول : (فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث)، وإن كان واحداً فله السدس، وإنّما عنى الله في قوله تعالى : (وإن كان رجل يورث كلالةً أو امرأةٌ وله أخٌ أو أخت فلكلّ واحد منهما السدس ) ، إنّما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الأمّ خاصّة، وقال في آخر سورة النساء : (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤٌ هلك ليس له ولد وله أخت (يعني بذلك أختاً لأب وأمّ، أو أختاً لأب)، فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان ممّا ترك وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظّ الأنثيين)، وهم الّذين يزادون وينقصون ، قال : ولو أنَّ امرأة تركت زوجها وأختيها لأمّها، وأختيها لأبيها، كان للزَّوج النصف ؛ ثلاثة أسهم ، ولأختيها لأمّها الثلث، سهمان، ولأختيها لأبيها السدس ؛ سهم. وإن كانت واحدة فهو لها ، لأنَّ الأختين من الأب لا يزادون على ما بقي ، ولو كان أخٌ لأب، لم يزد على ما بقي(1).

7- محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بكير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سأله رجلٌ عن أختين وزوج؟ فقال: النصف، والنصف، فقال الرَّجل : أصلحك الله ، قد سمّى الله لهما أكثر من هذا لهما الثلثان (2)؟! فقال : ما تقول في أخ وزوج ؟ فقال : النصف والنصف فقال : أليس قد سمّى الله المال فقال: «وهو يرثها إن لم يكن لها ولد»(3)؟! .

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن موسى بن بكر ، عن عليّ بن سعيد قال : قال لي زرارة ما تقول في رجل ترك أبويه، وإخوته لأمّه؟ فقلت : لأمه السدس، وللاب ما بقي ، فإن كان له إخوة، فلامّه السدس. وقال : إنّما أولئك الاخوة للأب ، والاخوة للأب والأم ، وهو أكثر لنصيبها إن أعطوا الاخوة للامّ الثلث

ص: 112


1- التهذيب 9 نفس الباب، ح 7 بتفاوت قليل.
2- النساء / 176 .
3- التهذيب 9 نفس الباب، ح 8 .

وأعطوها السدس، وإنّما صار لها السدس، وحجبها الاخوة للأب والاخوة من الأب والأمّ ، لأنَّ الأب ينفق عليهم فوفّر نصيبه ، وانتقصت الأمّ من أجل ذلك ، فأمّا الإخوة من الأمّ، فليسوا من هذه في شيء، لا يحجبون أمّهم من الثلث قلت : فهل ترث الاخوة من الأمّ شيئاً؟ قال : ليس في هذا شك إنّه كما أقول لك .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن عبد الله بن المغيرة، عن موسى بن بكر قال : قلت لزرارة : إنَّ بكيراً حدَّثني عن أبي جعفر (علیه السلام) أنَّ الإخوة للأب، والأخوات للأب والأمّ ، يزادون وينقصون، لأنّهنَّ لا يكن أكثر نصيباً من الإخوة والأخوات للأب والأمّ لو كانوا مكانهنَّ، لأنَّ الله عزّ وجلَّ يقول : (إن امرء هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، وهو يرثها إن لم يكن لها ولد) ، يقول : يرث جميع مالها إن لم يكن لها ولد، فأعطوا من سمّى الله له النصف كَمَلاً، وعمدوا فأعطوا الّذي سمّى الله له المال كلّه أقلّ من النصف، والمرأة لا تكون أبداً أكثر نصيباً من رجل لو كان مكانها ، قال : فقال زرارة : وهذا قائم عند أصحابنا لا يختلفون فيه (1).

10 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جمیل، عن عبدالله بن محمّد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قلت له : رجل ترك ابنته، وأخته لأبيه وأمّه ، فقال : المال كلّه لابنته (2).

قال الفضل : إنَّ الله عزّ وجلَّ إنّما جعل للأخت فريضة إذا لم يكن لها ولد فقال : (إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك) ، فإذا كان له ولد ، فليس لها شيء، فمن أعطاها فقد خالف الله ورسوله ، وكذلك ولد الولد ذكوراً كانوا أو إناثاً وإن سفلوا، فإنَّ الاخوة والأخوات لا يرثون مع الولد وكذلك الاخوة والأخوات لا يرثون مع الوالدين، ولا مع أحدهما .

قال الفضل : والعَجَب للقوم أنّهم جعلوا للأخت مع الابنة النصف، وهي أقرب من الأخت وأحرى أن تكون على مخالفة الكتاب، ولم يجعلوا لابنة الابن مع الابنة نصفاً، وهي أقرب من الأخت وأحرى أن تكون عَصبة من الأخت، كما أنَّ ابن الابن مع الأخ هو العصبة دون

ص: 113


1- التهذيب 9 ، 29 - باب ميراث الأخوة والأخوات، ح 4 . وقد استظهر العلامة المجلسي رحمه الله إن كلمة : الأخوات في قوله : والأخوات للأب، زائدة من النساخ، والله العالم .
2- التهذيب 9 ، 24 - باب ميراث الأولاد، ح 22 .

الأخ، ولا يجعلون أيضاً لها الثلث حتّى كأنّها ابنة مع ابنة ابن، كما جعلوا للأخت النصف، كأنّها أخ مع الابنة، فليس لهم في أمر الأخت كتاب، ولا سنّة جامعة، ولا قياس، وابنة الابن كانت أحقُّ أن تفضّل على الأخت من الأخت [ أن تفضل على ابنة الابن] إذا كانت ابنة الابن ابنة الميّت، والأخت ابنة الأمّ، والله المستعان.

قال : والاخوة والأخوات من الأب يقومون مقام الاخوة والأخوات من الأبّ والأمّ، إذا لم يكن إخوة وأخوات لأب وأمّ ، ويرثون كما يرثون، ويحجبون كما يحجبون، وهذا مُجمع عليه، إن مات رجلٌ وترك أخاً لأب [و] أمّ فالمال كلّه له، وكذلك إن كانا أخوين، أو أكثر من ذلك، فالمال بينهم بالسوية .

وإن ترك أختاً لأب وأمّ، فلها النصف بالتسمية، والباقي مردودٌ عليها، لأنّها أقرب الأرحام، و هي ذات سهم، وكذلك إن ترك أختين أو أكثر من ذلك، فلهنّ الثلثان بالتسمية، والباقي يردُّ عليهنَّ بسهام ذوي الأرحام.

وإن كانوا إخوة وأخوات لأب وأم ، فالمال بينهم للذكر مثلُ حظّ الانثيين، وكذلك إخوة وأخوات من الأب يقومون مقام الاخوة والأخوات من الأب والأمّ ، إذا لم يكن إخوة وأخوات لاب وأمّ .

وإن ترك أخاً لاب وأمّ، وأخاً لاب، فالمال كله للأخ للأب والأمّ ، وسقط الأخ للأب، ولا ترث الاخوة من الأب - ذكوراً كانوا أو إناثاً - مع الإخوة للأب والأمّ ذكوراً كانوا أو إناثاً، فإن ترك أختاً لأب وأمّ وأختاً لاب، فالمال كلّه للأخت للأب والأم ، وإن ترك أختاً لاب وأمّ ، وأخاً لاب، فالمال كلّه للأخت للأب والأمّ ، يكون لها النصف بالتسمية، ويكون ما بقي لها، وهي أقرب أولي الأرحام، لأنَّ النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) قال : أعيان بني الأبّ، أحقُّ بالميراث من ولد العلّات(1) ، وهذا مجمع عليه من قوله (صلی الله علیه وآله وسلم).

وإن ترك أخاً لأب وأمّ، وأخاً لأمّ، فللاخ للأمّ السدس، وما بقي فللاخ للأب والأمّ، وإنّما تسقط الإخوة من الأب، لأنّهم لا يقومون مقام الاخوة من الأب والأمّ إذا لم يكن إخوة لأب وأمّ ، كما يقوم الاخوة من الأب مقام الاخوة من الأب والأمّ، إذا لم يكن إخوة لأب وأمّ .

وإن ترك إخوة وأخوات لأب وأمّ ، وأخاً وأختاً لأمّ، فللأخ والأخت من الأمّ الثلث، بينهما

ص: 114


1- بنو العلات - كما في الصحاح - هم أولاد الرجل من نسوة شتى، سميت بذلك لأن الذي تزوجها على أولى قد كانت قبلها والأعيان - كما في النهاية - الأخوة لأب واحد وأم واحدة والعلل الشرب الثاني يقال: علل بعد نهل .

بالسويّة، وما بقي فبين الاخوة والأخوات للأب والأمّ، للذكر مثل حظّ الأنثيين. وإن ترك أختاً لأب وأمّ ، واخاً وأختاً لأمّ، فللأخ والأخت للأمّ الثلث، وللأخت للأب والأمّ النصف، وما بقي ردّ عليهما على قدر أنصبائهما.

وإن ترك إخوة لأمّ، وأخاً لأب، فللاخوة من الأمّ الثلث، الذكر والأنثى فيه سواء، وما بقي فللاخ للأب .

وإن ترك أختين لأب وأمّ ، وأخاً لأمّ، أو أختاً لأمّ، فللأختين للأب والأمّ الثلثان، وللأخ أو الأخت من الأمّ السدس، وما بقي ردّ عليهم على قدر أنصبائهم، وإن ترك أختاً لأب وأمّ ، واخوة لأمّ، وابن أخ لأب وأمّ، فللاخوة من الأمّ الثلث، وللأخت للأب والأمّ النصف، وما بقي ردّ عليهنَّ على قدر أنصبائهنَّ، ويسقط ابن الأخ للأب والأمّ .

وإن ترك أخاً لأب وابن أخ لأب وأمّ ، فالمال كلّه للأخ للأب، لأنّه أقرب ببطن، وقرابتهما من جهة واحدة، ولا يشبه هذا أخاً لأمّ وابن أخ لأب، لأنَّ قرابتهما من جهتين، فيأخذ كلُّ واحد منهما من جهة قرابته .

وإن ترك ثلاثة بني إخوة متفرَّقين، فلابن الأخ للأمّ السدس، وما بقي فلابن الأخ للأب والأمّ، وسقط الباقون، وبنو الاخوة من الأب، وبنات الاخوة من الأب، يقومون مقام بني الاخوة وبنات الاخوة من الأب والأمّ، إذا لم يكن بنو إخوة وأخوات لأب وأمّ .

فإن ترك ابن أخ لأب وأمّ وابن أخ لأمّ، فلاين الأخ للأم السدس، نصيب أمه ، و مابقي فلابن الأخ للأب والأم ، نصيب أبيه ، وكذلك ابنة أخت من الأمّ، وبنت الأخت من الأب والأمّ ، يقمن كل واحدة منهما مقام أمّها، وترث ميراثها .

وإن ترك أخاً لأمّ، وابن أخ لأب وأم ، فللأخ للأم السدس، وما بقي فلابن الأخ للأب والأم، لأنّه يقوم مقام أبيه .

فإن ترك أخاً لامّ وابنةً أخ لأب وأمّ ، فللاخ للامّ السدس، ولابنة الأخ من الأب والأمّ النصف، وما بقي ردَّ عليها، لأنها ترث ميراث أبيها .

وإن ترك ابن أخ لأب وأمّ ، وابنة أخ لأب وأمّ ، فالمال بينهما، للذكر مثل حظّ الأنثيين .

فإن ترك ابن أخ لأمّ ، وابن [ابن] أخ لأب، فلابن الأخ للأمّ السدس، وما بقي فلابن [ابن] الأخ للأب يأخذ كلّ واحد منهما حصةً من يتقرَّب به.

ص: 115

وكذلك إن ترك ابن أخ لأمّ، وابن ابن [ابن] أخ لأب، فلابن الأخ للأمّ السدس، وما بقي فلابن ابن [ابن] الأخ للأب.

وإن ترك ابنة أخيه، وابن اخته فلابنة أخيه الثلثان، نصيب الأخ، ولابن اخته الثلث، نصيب الأخت .

وإن ترك أختاً لأمّ ، وابن أخت لأب وأم ، فللأخت للأمّ السدس، ولابن الأخت للأب والأمّ النصف، وما بقي ردَّ عليهما على قدر سهامهما .

فإن ترك أختين لأمّ، وابن أخت لأب وأمّ ، فللأختين للأمّ الثلث، ولابن الأخت الثلثان [بينهما] .

وكذلك إن ترك أختاً لأمّ، وبني أخوات لأب وأمّ، فللأخت للأمّ السدس، ولبني الأخوات للأب والأمّ الثلثان للذكر مثل حظّ الانثيين، وما بقي ردَّ عليهم، ولا يشبه هذا ولد الولد ، لأنَّ ولد الولد هم ولد يرثون ما يرث الولد، ويحجبون ما يحجب الولد، فحكمهم حكم الولد، وولد الاخوة والأخوات ليسوا بإخوة، ولا يرثون في كلّ موضع ما يرث الأخوة، ولا يحجبون ما تحجب الاخوة، لأنّه لا يرث مع أخ لأب، ولا يحجبون الأمَّ، وليس سهمهم بالتسمية كسهم الولد، إنّما يأخذون من طريق سبب الأرحام، ولا يشبهون أمر الولد.

فإن ترك ابن ابن أخ لأمّ، وابنة ابن أخ لأمّ، فالمال بينهما نصفان .

فإن ترك ابن ابنة أخ لأب وأمّ، وابنه ابن أخ لأب وأمّ ، فإن كانت بنت الأخ وابن الأخ أبوهما واحداً، فلابن بنت الأخ للأب والأمّ الثلث، ولابنة ابن الأخ الثلثان، وإن كان أبو ابنة الأخ غير أبي ابن الأخ ، فالمال بينهما نصفان يرث كل واحد منهما ميراث جدّه.

فإن ترك ابن ابنة أخ لأب وأمّ، وابنة ابنة أخ لأب وأمّ، فإن كانت أمّهما واحدة، فالمال بينهما للذكر مثل حظّ الأنثيين، وإن لم تكن أمّهما واحدة، فالمال بينهما نصفان .

فإن ترك ابن ابنة أخ لامّ ، وابنَ ابنةَ أخ لأب، فلابن ابنة الأخ للامّ السدس، وما بقي فلابن ابنة الأخ للأب.

وإن ترك ابنةَ ابنةِ أخ لأب وأمّ، وابنةَ أخ لأمّ، فلابنة الأخ للأمّ السدس، وما بقي فلابنة ابنة الأخ للأب والأمّ .

وإن ترك ابنَ ابنةِ أختٍ وابن ابن أخت، فالمال بينهما على ثلاثة، لابن ابن الأخت

ص: 116

الثلثان، ولابن ابنة الأخت الثلث إن كانت الأمّ واحدة، فإن كانا من اختين، فالمال بينهما نصفان .

وإن ترك ابن أخت لأب وأمّ، وابنة أخت لأب وأمّ، وابن ابن أختٍ أخرى لأب وأمّ ، فإن كانت أمّ ابنة الأخت وابن الأخت واحدة ، فالمال بينهما للذكر مثل حظّ الأنثيين، وسقط ابن ابن الأخت الأخرى، وإن كانت أمّ ابن الأخت غير أم ابنة الأخت، فالمال بينهما نصفان .

62 - باب الجَدِّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ؛ ومحمّد بن عيسى، عن يونس، جميعاً عن عن عمر بن اذينة ، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن فريضة الجدّ ؟ فقال : ما أعلم أحداً من الناس قال فيها إلّا بالرّأي ، إلّا عليّ (علیه السلام)، فإنّه قال فيها بقول رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)(1).

الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبَان بن عثمان عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) مثله .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة؛ ويكير ؛ والفضيل ؛ ومحمّد ؛ وبريد ، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : إنَّ الجدّ مع الاخوة من الأب يصير مثل واحد من الاخوة ما بلغوا قال قلت : رجل ترك أخاه لأبيه ،وأمه، وجده، أو(2) قلت : ترك (3) جدّه وأخاه لأبيه وأمّه؟ قال : المال بينهما، وإن كانا ،أخوين أو مائة ألف، فله مثل نصيب واحد من الإخوة ، قال : قلت : رجل ترك جدّه وأخته ؟ فقال : للذكر مثل حظّ الأنثيين، وإن كانتا اختين، فالنصف للجدّ، والنصف الآخر للأختين وإن كنَّ أكثر من ذلك، فعلى هذا الحساب وإن ترك إخوة وأخوات لأب وأمّ أو لأب وجدّ، فالجدّ أحد الأخوة، فالمال بينهم للذكر مثل حظّ الأنثيين ؛ قال زرارة هذا ممّا لا يؤخذ عَلَيَّ فيه قد سمعته من أبيه، ومنه قبل ذلك، وليس عندنا في ذلك شكَّ ولا اختلاف (4).

ص: 117


1- التهذيب 9، 28 - باب ميراث من علا من الآباء وهبط من الأولاد، ح 1 . وفيه : فإنه قال بقول رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم). الفقيه 4 148 - باب ميراث الأجداد والجدات ، ح 1 .
2- الترديد من الراوي .
3- وفي التهذيب أو قلت جده وأخاه لأبيه ، أو أخاه لأبيه وأمه؟ .
4- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 2 . الاستبصار ،4، 95 - باب ميراث الجد مع كلالة الأب، ح 1. الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 16 وروى صدر الحديث إلى قوله : مثل واحد من الأخوة ولكن فيه: الجدة، بدل: الجد. هذا ولا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في أن الجد وإن علا يقاسم الأخوة مع عدم الأدنى، ولو اجتمعا أي الجد الأعلى والجد الأدنى - مع الأخوة، شارك الأدنى الأخوة في الميراث دون الأبعد، لأن ذاك يطرد هذا ويقصيه مع اتحاد الصنف.

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : الجدُّ يقاسم الاخوة ما بلغوا وإن كانوا مائة ألف (1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل مات وترك امرأته وأخته وجدّه؟ قال : هذه من أربعة أسهم، للمرأة الرُّبع، وللأخت سهم، وللجدّ سهمان(2).

5 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول في ستّة إخوة وجدّ؟ قال: للجدّ السُبع (3).

6 - وعنه ، عن عبيس بن هشام، عن مشمعل بن سعد عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل ترك خمسة إخوة وجدا؟ قال : هي من ستّة ، لكلّ واحد منهم سهم(4) .

7 - - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن عبد الله بن بكير، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : الإخوة مع الجدّ - يعني أبا الأب - يقاسم الاخوة من الأب والأمّ، والإخوة من الأب يكون الجدّ كواحد منهم من الذكور(5).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن أحمد بن محمّد جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل ترك أخاه لأبيه ،وأمّه ، وجدّه ؟ قال : المال بينهما نصفان ولو كانا أخوين، أو مائةً، كان الجدّ

ص: 118


1- التهذيب 9، 28 - باب ميراث من علا من الآباء وهبط من الأولاد، ح 3 و 10 . الاستبصار 4، 95 - باب ميراث الجد مع كلالة الأب، ح 2 و 9. الفقيه 4 ، 148 - باب ميراث الأجداد والجدّات ، ح 19 .
2- التهذيب ،9 نفس ،الباب ح4 و 9 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 3 و 8 . الفقيه 4 ، نفس ،الباب ، ح 9 . وسوف يكرر المؤلف هذا الحديث برقم 9 من الباب .
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح5 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 21 .
4- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح .6. الاستبصار 4 ، نفس الباب . ح 5 وفي ذيلهما : لكل واحد سهم .
5- التهذيب 9 نفس الباب ح7 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 6 .

معهم كواحد منهم، للجدّ ما يصيب واحداً من الاخوة ؛ قال : وإن ترك أخته، فللجدّ سهمان وللأخت سهم، وإن كانتا أختين فللجدّ النصف، وللاختين النصف، قال: وإن ترك إخوة وأخوات من أب وأمّ ، كان الجد كواحد من الاخوة للذكر مثل حظّ الأنثيين (1).

9 - ابن محبوب، عن ابن رئاب عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل مات وترك امرأته وأخته وجدّه؟ قال: هذا من أربعة أسهم للمرأة الربع، وللأخت سهم، وللجدّ سهمان (2).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان؛ وجميل بن درَّاج ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفيّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سمعته يقول : الجدُّ يقاسم الإخوة ما بلغوا وإن كانوا مائةَ ألف (3).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : أخ لأبٍ، وجدّ؟ قال: المال بينهما سواء(4).

63 - باب الأخوة من الأم مع الجد

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن سنان قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل ترك أخاه لأمّه، لم يترك وارثاً غيره؟ قال : المال له، قلت: فإن كان مع الأخ للأمّ جدّ؟ قال : يعطى الأخ للامّ السّدس، ويعطى الجدُّ الباقي، قلت: فإن كان الأخ لأب وجدُّ؟ قال : المال بينهما سواء(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل؛ وعليُّ بن

ص: 119


1- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 8 الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 7 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 17 وروى صدره فقط بتفاوت يسیر .
2- مر برقم 4 من الباب .
3- مر هذا برقم 3 من الباب فراجع .
4- التهذيب 9، 28 - باب ميراث من علا من الأبا وهبط من الأولاد، ح 11 . الاستبصار 4، 95 باب ميراث الجد مع كلالة الأب ، ح 10 . الفقيه 4 ، 148 - باب ميراث الأجداد والجدّات، ح 14 .
5- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 17 . الاستبصار 4 ، 96 - باب ميراث الجد مع كلالة الأم ، ح 1 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 11 وفيه إلى قوله : ويعطى الجد الباقي . وروى ذيل الحديث بتفاوت يسير برقم 14 من نفس الباب .

إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، جميعاً عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصبّاح الكنانيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الإخوة من الأمّ مع الجدّ؟ قال: الإخوة من الأمّ، فريضتهم الثلث الجدّ (1).

3 - وعنه ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن محبوب، عن حسين بن عمارة ، عن مسمع أبي سيّار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل مات وترك إخوة وأخوات لأمّ، وجدّاً؟ قال: فقال : الجدُّ بمنزلة الأخ من الأب ، له الثّلثان، وللاخوة والأخوات من الأمّ الثلث، فهم فيه شركاء سواء(2).

4 - الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان بن عثمان عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : أعط الأخوات من الأمّ فريضتَهنَّ مع الجدّ (3).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن ،محمّد عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب (4)، عن ابن مسكان عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الإخوة من الأمّ مع الجدّ؟ قال : للإخوة من الأمّ مع الجدّ، نصيبهم الثلث الجدّ (5).

6 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن جعفر بن سماعة ؛ وصالح بن خالد، عن أبي جميلة، عن زيد (6) ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الإخوة من الأمّ مع الجدّ؟ قال : للإخوة من الامّ فريضتهم الثلث مع الجدّ (7).

7 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن صفوان، عن ابن مسكان عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الإخوة من الأمّ مع الجدّ؟ فقال : للإخوة للامّ، فريضتهم الثّلث مع الجدّ (8).

ص: 120


1- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 18 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح 2 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 12 . وفي الأخيرين للأخوة من الأم . . ، بدل الأخوة من الأم...
2- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح .19 . الاستبصار ،4 ، نفس ،الباب ، ح 3 .
3- التهذيب 9 28 - باب ميراث من علا من الآباء وهبط من الأولاد، ح 20 . الاستبصار 4 96 - باب ميراث الجد مع كلالة الأم، ح 4 وفيه : قال أبو عبد الله (علیه السلام).
4- في التهذيبين علي بن ،رباط، بدل : علي بن رئاب .
5- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 21 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 5 .
6- هو الشحّام .
7- التهذيب ،9 نفس الباب ح 22 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 6 .
8- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 23 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 7 وفيهما للاخوة فريضتهم... الخ .

64 - باب ابن أخ وجد

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال : نشر أبو عبد الله (علیه السلام) صحيفة ، فأوَّل ما تلقّاني فيها : ابنُ أخٍ وجدّ، المال بينهما نصفان، فقلت: جُعِلْتُ فِداك ، إنّ القضاة عندنا لا يقضون لابن الأخ مع الجدّ بشيء؟! فقال : إنّ هذا الكتاب خطّ عليّ (علیه السلام) وإملاء رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنّ عليّاً (علیه السلام) كان يورّث ابن الأخ مع الجدّ ميراث أبيه(1) .

3 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : حدَّثني جابر، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) - ولم يكذب [جابر] - أنّ ابن الأخ يُقاسم الجدّ(2).

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة قال : روى أبو شعيب، عن رِفاعة، عن أبَان بن تغلب، عن أبي عبد الله(علیه السلام) قال: سألته عن ابن أخ وجد؟ فقال : المال بينهما نصفان (3).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال: نظرت إلى صحيفة ينظر فيها أبو جعفر (علیه السلام)، فقرأت فيها مكتوباً : ابن أخ وجدّ، المال بينهما سواء، فقلت لأبي جعفر (علیه السلام) : إنَّ من عندنا لا يقضون بهذا القضاء، ولا يجعلون لابن الأخ مع الجدّ شيئاً؟ فقال أبو جعفر (علیه السلام): أمَا إنّه إملاء رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وخطّ عليّ (علیه السلام) من فيه بيده(4).

6 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن عبد الله بن جبلة، عن أبي المغرا، عن سماعة، سماعة، عن أبي بصير قال : سمعت رجلاً يسأل أبا جعفر (علیه السلام) أو أبا عبد الله (علیه السلام)

(5) الترديد من الراوي وهو غير موجود في التهذيب، بل جزم بأن المسؤول هو أبو جعفر (علیه السلام) .

ص: 121


1- التهذيب 9، 28 - باب ميراث من علا من الآباء وهبط من الأولاد ، ح 26 و 27 بتفاوت يسير في الثاني.
2- التهذيب 9، 28 - باب ميراث من علا من الآباء وهبط من الأولاد ، ح 26 و 27 بتفاوت يسير في الثاني.
3- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح 28 . الفقيه 4 ، 148 - باب ميراث الأجداد و ...، ح 24 . وأخرجه عن البزنطي عن المثنى عن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله (علیه السلام).
4- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 25 . بدون قوله : من فيه بيده في الذيل والضمير في (فيه) يرجع إلى النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)، وفي (بيده)، إلى علي (علیه السلام) .

- وأنا عنده - عن ابن أخ وجدّ ؟ قال : يجعل المال بينهما نصفين (1).

7- الفضل عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، عن بعض أصحاب أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: في بنات أخت وجدّ ؟ فقال : لبنات الأخت الثلث، وما بقي فللجدّ، فأقام بنات الأخت مقام الأخت وجعل الجدّ بمنزلة الأخ (2).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن امرأة مملكة لم يدخل بها زوجها ماتت وتركت أمّها وأخوين لها من أبيها وأمّها، وجدها أبا أمّها، وزوجها؟ قال : يعطى الزوج النصف، وتعطى الأمّ الباقي، ولا يعطى الجدّ شيئاً، لأنَّ ابنته حجبته عن الميراث، ولا يعطى الإخوة شيئاً (3).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) (4)عن رجل مات وترك أباه وعمّه وجدّه؟ قال : فقال :حجب الأبُ الجدَّ الميراث للأب، وليس للعمّ ولا للجدّ شيء (5).

10 - وعنه ؛ وعليُّ بن عبد الله جميعاً، عن إبراهيم، عن عبد الله بن جعفر قال : كتبت - إلى أبي محمّد (علیه السلام) : امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها وجدَّها أو جدَّتها، كيف يقسّم ميراثها؟ فوقّع (علیه السلام) : للزوج النصف، وما بقي فللأبوين (6).

وقد روي أيضاً أنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أطعم الجدّ والجدّة السدس.

11 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أطعم الجدة السدس (7).

ص: 122


1- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح29.
2- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 3. الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 25 وفيه إلى قوله : وما بقي فللجد والظاهر أن قوله: فأقام.... الخ هو من کلام الراوي.
3- التهذيب 9 ، 28 - باب ميراث من علا من الآباء وهبط من الأولاد، ح 32 وح 10 من الباب 26 من نفس الجزء . الاستبصار 4 97 - باب إن مع الأبوين أو مع واحد منهما لا ...، ح 1. قوله : مملكة : أي مزوّجة، والإملاك: التزويج .
4- في التهذيبين: سألت أبا جعفر (علیه السلام) .
5- التهذيب 9، 28 - باب ميراث من علا من . . . ، ح 33 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .
6- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 34 وكرره برقم 10 من الباب 46 من نفس الجزء الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح3 .
7- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 36 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 7 .

12 - عنه ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أطعم الجدِّة أمّ الأب السدس، وابنها حيّ، وأطعم الجدَّة أمّ الأمّ السدس، وابنتها حيّة (1).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) أن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أطعم الجدَّة السدس، ولم يفرض لها شيئاً (2).

14 - أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن عبد الله بن المغيرة، عن موسى بن

بكر، - عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : إنَّ نبيّ الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أطعم الجدة السدس طُعْمَةً (3).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال دخلت على أبي عبد الله (علیه السلام)، وعنده أبان بن تغلب، فقلت: أصلحك الله، إن ابنتي هلكت وأمّي حيّة ؟ فقال :أبَان : ليس لأمّك شيء؟ فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : سبحان الله، أعطها السدس(4).

16 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن عليُّ بن أسباط، عن إسماعيل بن منصور، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا اجتمع أربع جدات : ثنتين من قبل الأمّ، وثنتين من قبل الأب، طرحت واحدة من قبل الأمّ بالقرعة، فكان السدس بين الثلاثة، وكذلك إذا اجتمع أربعة أجداد أسقط واحد من قبل الأمّ بالقرعة، وكان السدس بين الثلاثة (5).

ص: 123


1- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 39 الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح.9 الفقيه 4 ، 148 - باب ميراث الأجداد والجدات ، ح 3 . هذا، ويقول المحقق في الشرائع 25/4 :«..... ولا يطعم الجد للأب ولا الجدة له إلا مع وجوده، ولا الجد : للأم ولا جدتها إلا مع وجودها ... ».
2- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 37 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 6 .
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 38 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح6. وأخرجه عن أحمد بن محمد عن ابن فضّال عن ابن بكير عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) . وكذا هو عن أبي جعفر في التهذيب ولكن بنفس سند الفروع .
4- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 35 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 6 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 4 بتفاوت واختلاف في السند ما قبل عبد الرحمن بن أبي عبد الله. وحمل على إن إعطائها السدس على جهة الصلة المستحبة لا على جهة الميراث. يقول المحقق في الشرائع 25/4 : «لا يرث الجد ولا الجدة مع أحد الأبوين شيئا ، لكن يستحب أن يطعما سدس الأصل إذا زاد نصيبه عن ذلك، مثل أن يخلّف أبويه، وجداً وجدة لأب، وجداً وجدة لأم، فللام الثلث، وتطعم نصف نصيبها جده وجدته بالسوية ... الخ» .
5- التهذيب 9، 28 - باب ميراث من علا من الآباء وهبط من الأولاد، ح 42 . الاستبصار 4 ، 98 - باب إن الجد الأدنى يمنع الجد الأعلى من الميراث ح 3 . وقد حمله في الاستبصار على التقية، لأنه يجوز أن يكون في العامة المتقدمين من ذهب إلى ذلك . هذا بعد أن رما بالإرسال في التهذيب، وذلك لأن الجد الأعلى لا يرث مع الجد الأدنى . بل الجد الأدنى يحوز المال كله دونه .

هذا قد روي ، وهي أخبار صحيحة، إلّا أنَّ إجماع العصابة أنَّ منزلة الجدّ منزلة الأخ من الأب، يرث ميراث الأخ ، وإذا كانت منزلة الجدّ منزلة الأخ من الأب يرث ما يرث الأخ، يجوز أن تكون هذه أخبار خاصّة، إلّا أنّه أخبرني بعض أصحابنا أن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أطعم الجدّ السدس(1) مع الأب ، ولم يعطه مع الولد ، وليس هذا أيضاً ممّا يوافق إجماع العصابة أنَّ منزلة الأخ والجدّ بمنزلة واحدة.

قال يونس : إنّ الجدّ ينّزل منزلة الأخ بتقرُّبه بالقرابة التي رأى بمثلها يتقرَّب الأخ، وبمساواته إيّاه في موضع قرابته من الميّت، ولذلك لم يكن إلى تسمية سهمه حاجة مع الأخوة، لأنّه بمنزلتهم في القرابة، وهو واحد منهم ينزّل بمنزلة الذكر منهم ما بلغوا، كما سمّى الله سهم الأبوين، فسمّى سهم الأم فقال : الأمّ فقال : للأم الثلث، وكنّى عن تسمية سهم الأب وإن كان له في الميراث سهم مفروض، فكذلك سمّى الله عزّ وجلّ ميراث الأخ، وكنّى عن ميراث الجدّ لأنّه يجري مجراه وهو نظيره ومثله في وجه القرابة من الميّت سواء ، هذا قرابته إلى الميّت بالأب، وهذا قرابته إلى الميّت بالأب، فصارت قرابتهما إلى الميّت من جهة واحدة، فلذلك استويا في الميراث، وأما استواء ابن الأخ والجدّ في الميراث سواء ، إذا لم يكن غيرهما صارا شريكين في استواء الميراث، لأنَّ العلّة في استواء ابن الأخ والجدّ في الميراث، غير علّة استواء الأخ والجدّ في الميراث، فاستواء الجدّ والأخ في الميراث سواء من جهة قرابتهما سواء، واستواء الجدّ وابن الأخ من جهة أن كلّ واحد منهما يرث ميراث من سمّى الله له سهماً، فالجدّ يرث ميراث الأب، لأنَّ الله تعالى سمّى للأب سهماً مسمّى وورث ابن الأخ ميراث الأخ، لأنَّ الله سمّى للأخ سهماً مسمّى ، فورث الجدّ مع الأخ من جهة القرابة وورث ابن الأخ مع الجدّ من جهة وجه تسمية سهم الأخ والجدّ أقرب إلى الميّت من ابن الأخ من جهة القرابة، وليس هو أقرب منه إلى من سمّى الله له سهماً ، فإن لم يستويا من وجه القرابة، فقد استويا من جهة قرابة من سمّى الله له سهماً .

وقال(2) الفضل بن شاذان : إنَّ الجدّ بمنزلة الأخ يرث حيث يرث الأخ ويسقط حيث

ص: 124


1- سبق ونبهنا إن هذا على جهة الصلة المستحبة.
2- أورد هذا القول للفضل وإن بتفاوت في الفقيه 4 ، 148 - باب ميراث الأجداد والجدات، بعد الحديث 28 .

يسقط الأخ، وذلك أنَّ الأخ يتقرَّب إلى الميّت بأبي الميّت، وكذلك الجدُّ يتقرّب إلى الميّت بأبي الميّت، فلمّا أن استويا في القرابة وتقرّبا من جهة واحدة، كان فرضهما وحكمهما واحداً .

قال : فإن قال قائل : فلِمَ لا تحجب الأمّ بالجدّ والأخ أو بالجدّين كما تحجب بالأخوين؟ قيل له : لأنّه لا يكون في الأجداد من يقوم مقام الأخوين لأب وأمّ في الميراث، لأنَّ الجدّ أبا الأمّ، بمنزلة أخ لأمّ والأخوة من الأمّ لا يحجبون ، والجدّ وإن قام مقام الأخ فإنّه ليس بأخ، وإنّما حجب الله بالاخوة، لأنّ كلّهم على الأب فوفّر على الأب لمّا يلزمه من مؤونتهم، وليس كلّ الجدّ على الأب من أجل ذلك، ولمّا أن ذكر الله الإماء فقال : (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب )(1) ولم يذكر الحدّ على العبيد، وكان العبيد في معناهنَّ في الرقّ، فلزم العبيد من ذلك ما لزم الإماء إذا كانت علتهما ومعناهما واحداً، واستغنى بذكر الإماء في هذا الموضع عن ذكر العبيد، وكذلك الجدّ ، لمّا أن كان في معنى الأخ من جهة القرابة وجهة من يتقرب إلى الميّت، كان في ذكر الأخ غِنىّ عن ذكر الجدّ، ودلالة على فرضه إذا كان في معنى الأخ ، كما كان في ذكر الإماء غنى عن ذكر العبيد في الحدود، وبالله التوفيق .

فإن مات رجل وترك جدّاً وأخاً فالمال بينهما ،نصفان وكذلك إن كانوا ألف أخ وجدُّ، فالمال بینهم بالسويّة، والجدّ كواحد من الاخوة، وللأخوة من الأمّ فريضتهم المسمّاة لهم مع الجدّ.

فإن ترك جدّاً، وأختاً لأب وأم فالمال بينهما، للذكر مثل حظّ الأنثيين.

وكذلك إن ترك جدّاً، وأخواتٍ لأب وأمّ ، أو أخوات لأب، بالغاً ما بلغوا، فالمال بينهم للذكر مثل حظّ الأنثيين .

فإن ترك جدّاً، وأخاً لأمّ، أو أختاً لأمّ، فللأخ أو الأخت من الأمّ السدس، وما بقي فللجدّ.

فإن ترك أختين أو أخوين أو أخوة وأخوات لأمّ ، وجدّاً، فللأخوة والأخوات من الأمّ فريضتهم، الثلث، الذكر والأنثى فيه سواء، وما بقي فللجدّ .

فإن ترك جدّاً، وابن أخ لأب وأمّ ، فالمال بينهما ،نصفان، لأنّهم قد أجمعوا أنَّ ابن الأخ يقوم مقام الأخ إذا لم يكن الأخ ، كما يقوم ابن الابن مقام الابن إذا لم يكن ابن، وهذا أصل

ص: 125


1- النساء/ 25 .

مجمع عليه ؛ والجدَّة بمنزلة الأخت ترث حيث ترث الأخت وتسقط حيث تسقط الأخت، وحكمها في ذلك كحكم الجدّ سواء ؛ والجدَّة من قبل الأمّ، وهي أمّ الأمّ، بمنزلة الأخت للأمّ ، والجدّة من قبل الأب بمنزلة الأخت للأب والأمّ على هذا تجري مواريثهنَّ في كلّ موضع ، فإذا اجتمع ثلاث جدّات، أو أربع جدّات، لم يرث منهنَّ إلّا جدَّتان، أمّ الأب وأمّ الأمّ، وسقطن الباقيات .

فإن ترك جدَّته أمّ أبيه ، وجدته أمّ أمّه، فلأمّ الأمّ السدس ، ولأمّ الأب النصف، وما بقي ردّ عليهما على قدر أنصبائهما، لأنَّ هذا مثل من ترك أختاً لأب وأمّ، وأختاً لأمّ، وهذا الباب كلّه على مثال ما بيناه من الاخوة والأخوات .

فإن ترك أختيه لأمّه، وجدَّتَه أم أمّه، واختيه لأبيه ، وأمّه، وجدَّته أم أبيه، فلاختيه لأمّه، وجدّته أمّ ،أمّه الثلث بينهنَّ بالسوية، ولأختيه لأبيه ،وأمّه وجدتِه أم أبيه، الثلثان، بينهن بالسويّة .

وإن ترك أختاً لأبيه وأمّه، وجده أبا أبيه، وجدَّته أمّ أمّه، فلجدّته أمّ أُمّه السدس، لأنّها بمنزلة أخت الأمّ ، وما بقي فبين الأخت والجدّ والجدّة أم الأب، وأبي الأب، للذكر مثل حظّ الأنثيين.

فإن ترك أختيه لأبيه وأمّه، وأخاه وأخته لأبيه ، وجدّته أمّ أبيه ، وجدّته أمّ أمه، فإن لجدّته أم امّه السدس، وما بقي فبين الاختين للأب والأمّ ، والجدّةِ أم الأب بينهن بالسويّة، وسقط الاخوة والأخوات من الأب.

وإن ترك أخته لأبيه وأمّه، وجدّته أمّ أمّه، فلجدّته أمّ أمّه السدس، فإنّها بمنزلة الأخت لأمّ، وللأخت للأب والأمّ النصف، وما بقي ردّ عليهما على قدر أنصبائهما .

فإن ترك أمّاً، وامرأةً، وأخاً وجداً، فللمرأة الربع ، وللأمّ الثلث، وما بقي ردّ على الأمّ لأنّها أقرب الأرحام .

فإن ترك أمّاً، وأخاً لأب وأمّ ، وأخاً لأب، وجدّاً، فالمال كلّه للأمّ.

وإن ترك زوجاً، وأمّاً، وأختاً لأب وأمّ ، وجدّاً [وهي كالأكدريّة(1)]، فللزّوج النصف، وما بقي فللأمّ، وسقط الباقون لأنهم لا يرثون مع الأمّ.

ص: 126


1- سميت الأكدرية - كما في القاموس - لأن عبد الملك بن مروان سأل عنها رجل يقال له الأكدر فلم يعرفها .

فإن ترك جدَّته أمّ أمّه، وابنة ابنته، فالمال لابنة الابنة، لأنَّ الجدَّة أمّ الأمّ بمنزلة أخت لأمّ، والأخت للأمّ لا ترث مع الولد، ولا مع ولد الولد شيئاً .

فإن ترك جدَّته أمّ أبيه، وعمّته وخالته ، فالمال للجدَّة، وجعل يونس المال بينهنّ.

قال الفضل : غلط ههنا : في موضعين أحدهما: أنّه جعل للخالة والعمّة مع الجدة أمّ الأب نصيباً .

والثاني : أنّه سوّى بين الجدَّة والعمّة، والعمّة إنّما تتقرّب بالجدّة.

فإن ترك ابن ابن ابن وجدّاً أبا الأب، قال يونس : المال كلّه للجدّ .

قال الفضل : غلط في ذلك، لأنّ الجدّ لا يرث مع الولد، ولا مع ولد الولد، فالمال كلّه لابن ابن الابن وإن سفل، لأنّه ولد ، والجدّ إنّما هو كالأخ ، ولا خلاف أن ابن ابن الابن أولى بالميراث من الأخ.

65 - باب ميراث ذوي الأرحام

1 - عدَّةٌ من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وحميد بن زياد عن الحسن بن محمّد، كلّهم عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن شيء من الفرائض ؟ فقال لي : ألا أخرج لك كتاب عليّ (علیه السلام) ؟ فقلت: كتاب عليّ (علیه السلام) لم يدرس(1) !؟ فقال : يا أبا محمّد إنّ كتاب عليّ (علیه السلام) لم يدرس ؟ فأخرجه ، فإذا كتاب جليل، وإذا فيه : رجل مات وترك عمّه وخاله قال للعمّ الثلثان، وللخال الثلث (2) .

2- عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : الخال والخالة يرثان إذا لم يكن معهما أحدٌ ، إن الله عزّ وجلّ يقول (3): (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله(4) ) .

ص: 127


1- درس الكتاب : عفا وتقادم .
2- التهذيب ،9 30 - باب ميراث الأعمام والعمات والأخوال والخالات، ح 1 . وهذا ما عليه أصحابنا رضوان الله عليهم، وهو أنه إذا اجتمع الأعمام والأخوال كان للأخوال الثلث لأنهم بمنزلة الأم وللأعمام الثلثان لأنهم بمنزلة الأب، وكذلك لو اجتمعت العمات والخالات .
3- الأنفال/ 75 . والأحزاب / 6 .
4- التهذيب ،9 ، نفس الباب، ح 6. بتفاوت يسير .

3- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن وهيب، عن أبي بصير، عن جعفر (علیه السلام) قال : سمعته يقول : الخال والخالة يرثان، إذا لم يكن معهما أحد يرث غيرهما، إنَّ الله تبارك وتعالى يقول: ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) (1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محسن بن أحمد، عن أبان، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السلام) في عمّة وخالة؟ قال : الثلث والثلثان يعني للعمّة الثلثان، وللخالة الثلث(2).

حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن المثنّى، عن أبَان، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السلام) مثله .

5 - حميد بن زياد عن الحسن عن وهيب عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل ترك عمّته وخالته ؟ قال : للعمّة الثلثان ، وللخالة الثلث (3).

6 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يموت ويترك خاله وخالته ، وعمّه وعمّته، وابنه وابنته، وأخاه واخته؟ فقال : كلّ هؤلاء يرثون ويحوزون فإذا اجتمعت العمّة والخالة، فللعمة الثلثان، وللخالة الثلث (4).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سهل، عن الحسين بن الحكم، عن أبي جعفر الثاني (علیه السلام) في رجل مات وترك خالتيه ومواليه؟ قال : أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض، المالُ بين الحالتين (5).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن درست بن أبي منصور، عن أبي المغرا، عن رجل عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال : إن امرؤ هلك وترك عمّته وخالته، فللعمّة الثلثان، وللخالة الثلث (6).

ص: 128


1- التهذيب 9، نفس الباب ، ح .6 . ولكن باختلاف في بعض السند .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 2 .
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 3 .
4- التهذيب 9 30 - باب ميراث الأعمام والعمّات و ...، ح 4 .
5- التهذيب ،9 نفس ،الباب ح 7 الفقيه 4 ، 150 - باب ميراث ذوي الأرحام ، ح 1 بتفاوت يسير . وفي سنده : الحسن بن الحكم، بدل : الحسين بن الحكم .
6- التهذيب 9 نفس الباب، ح 5 .

قال الفضل : إن ترك الميّت عمين، أحدهما لأب وأمّ ، والآخر لأب، فالمال للعمّ الذي للأب والأمّ .

وإن ترك أعماماً وعمّاتٍ ، فالمال بينهم، للذكر مثل حظّ الأنثيين.

وإن ترك ،أخوالاً ، وخالات، فالمال بينهم، الذَّكر والأنثى فيه سواء.

وإن ترك خالاً لأب وأمّ، وخالاً لأب، فالمال للخال للأب والأمّ .

وكذلك العمّة والخالة في هذا، إنّما يكون المال للّتي هي للأب والأمّ، دون الّتي هي للأب.

9 - وقد قال النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : الخال وارث من لا وارث له .

وإن ترك عمّاً وخالاً، فللعمّ الثلثان نصيب الأب، وللخال الثلث نصيب الأمّ، لأنَّ ميراثهما إنّما يتفرَّق عند الأب والأمّ، وكذلك إن كانوا أكثر من ذلك، فعلى هذا المثال، للأعمام الثلثان، وللأخوال الثلث، وكذلك بنو الأعمام وبنو الأخوال، وبنو العمّات وبنو الخالات على مثال ما فسّرنا إن شاء الله .

فإن ترك عمّاً، وابن أخت، فالمال لابن الأخت، لأنَّ ولد الإخوة يقومون مقام الاخوة والعمّ لا يقوم مقام الجدّ، لأنَّ ابن الأخ يرث مع الجدّ، وقد أجمعوا على أنَّ ابن الجدّ لا يرث مع الأخ ، فلا يشبه ولد الجدّ ولد الاخوة إن شاء الله ، وإن ترك عمّاً وابن أخ، فالمال لابن الأخ .

وقال يونس في هذا: المال بينهما نصفان، وغلط في ذلك، وذلك أنّه لمّا رأى أنَّ بين العمّ وبين الميّت ثلاث بطون، وكذلك بين ابن الأخ وبين الميت ثلاث بطون، وهما جميعاً من طريق الأب ، قال : المال بينهما نصفان ، وهذا غلط ، لأنّه وإن كانا جميعاً كما وصف، فإنَّ ابن الأخ من ولد الأب، والعمّ من ولد الجدّ، وولد الأب أحقُّ وأولى من ولد الجدّ وإن سفلوا، كما أنَّ ابن الابن أحقُّ من الأخ، لأنَّ ابن الأبن من ولد الميّت، والأخ من ولد الأب، وولد الميّت أحقُّ من ولد الأب وإن كانا في البطون ،سواء، وكذلك ابن ابن ابن أحقّ من الأخ وإن كان الأخ أقعد منه (1) ، لأنَّ هذا من ولد الميّت نفسه وإن سفل، وليس الأخ من ولد الميّت، وكذلك ولد الأب أحقُّ وأولى من ولد الجدّ ، وكلُّ من كانت قرابته من قبل الأب فإنّه يأخذ ميراث الأب، وكلُّ

ص: 129


1- أي أقرب إلى الميت من قولهم : فلان قعيد النسب، وتعدد وقعدود. أي قريب الآباء من الجد الأكبر - كما قاله الفيروز آبادي- .

من كانت قرابته من قبل الأم ّفإنّه يأخذ ميراث الأم، وكذلك كلُّ من تقرب بالابنة فإنّه يأخذ ميراث الابنة، ومن تقرَّب بالابن فإنّه أخذ ميراث الابن، على نحو ما قلناه في الأم والأب إن شاء الله .

وإن ترك الميّت عمّاً لأمّ، وعمّاً لأب وأمّ، فللعمّ للأمّ السدس، وما بقي فللعمّ للأب والأمّ .

وكذلك إن ترك عمّةً، وابنة أخ، فالمال لابنة الأخ، لأنّها من ولد الأب، والعمّة من ولد الجدّ.

وإن ترك ابني عمّ، أحدهما أخ لأمّ، فالمال كلّه للأخ للأمّ، لأن َّالعمّ لا يرث مع الأخ للأمّ، لأنّ الأخ للأمّ إنّما يتقرّب ببطن، وهو مع ذلك ذو سهم .

فإن ترك ابن عمَّ لأب، وهو أخ لأمّ، وابن عمّ لأب وأمّ ، فالمال لابن العمّ الّذي هو أخ لأمّ ، لأنّ العمّ لا يرث مع الأخ للأمّ.

وإن ترك ابنة عمّ لأب وأمّ وابنة عمّ لأمّ ، فلابنة العمّ من الأمّ السدس، وما بقي فلابنة العمّ للأب والأمّ ، وكذلك ابن خال لأب وأمّ وابنة خال لأمّ، فلابنة الخال للأمّ السدس، وما بقي فلابن الخال للأب والأمّ .

وكذلك إن ترك خالاً لأب وأمّ ، وخالاً لأمّ ، فللخال للأمّ السدس، وما بقي فللخال للأب والأمّ.

وإن ترك خالاً لأب وأمّ ، وأخوالاً لأب، وأخوالاً لأمّ، فللأخوال للأمّ الثلث، وما بقي فللخال للأب والأمّ، ويسقط الأخوال للأب.

وإن ترك عمّاً لأب، وخالةً لأب وأمّ ، فللخالة للأب والأمّ الثلث، وما بقي فللعمّ للأب.

وإن ترك ابنة عمّ وابن عمّةٍ فلابنة العم الثلثان، ولابن العمّة الثلث .

وإن ترك بناتِ عمّ، وبني عمّ ، فالمال بينهم للذّكر مثل حظّ الانثيين .

وإن ترك بناتِ ،خال وبني خال، فالمال بينهم بالسويّة، الذكر والأنثى فيه سواء .

وإن ترك ابن عمّ لأب وأمّ وابن عمّ لأب، فالمال لابن العمّ للأب والأمّ .

وإن ترك ابن ابن عمّ لأب وأمّ ، وابن عمّ لأب، فالمال لابن العمّ للأب.

وإن ترك ابنتي ابن عمّ احداهما اخته لأمّه، فالمال للّتي هي أخته لأمّه .

ص: 130

وإن ترك خالته وابنَ خالة له، فالمال للخالة، لأنّها أقرب ببطن .

وإن ترك عمّةَ أمّه، وخالة ،أمه استويا في البطون وهما جميعاً من طريق الأمّ، فالمال بينهما نصفان .

وإن ترك جدًّا أبا الأمّ، وخالاً، وخالة، فالمال للجدّ أبي الأمّ.

وإن ترك عمّ أمّ، وخالَ أمّ ، فالمال بينهما نصفان .

وإن ترك خالته ، وابنَ أخته وابنة ابنة أخته، فالمال لابن أخته، وسقط الباقون.

وإن ترك ابن أخ لأمّ ، وهو ابن أخت لأب، وابنة أخ لأب، وهي ابنة أخت لأمّ ، لكلّ واحد منهما السدس، من قبل أنّ أحدهما هو ابن أخ لأمّ، فله السدس من هذه الجهة ، والأخرى هي بنت أخت لأمّ ، فلها أيضاً السدس من هذه الجهة وبقي الثلثان، فلابن الأخت من ذلك الثلث ولابنة الأخ من ذلك الثلثان، أصل حسابه من ستّة ، يذهب منه السدسان ، فيبقى أربعة ، فليس للأربعة ثلث إلّا فيه كسر، يضرب سنّة في ثلاثة فيكون ثمانية عشر، يذهب السدسان سنّة، فيبقى اثنا عشر الثلث من ذلك أربعة لابن الأخت والثلثان من ذلك ثمانية لابنة الأخ، فيصير في يد ابن الاخت سبعة من ثمانية عشر، ويصير في يدي بنت الأخ إحدى عشر من ثمانية عشر.

فإن ترك ابنة أخت لأب وأمّ، وابنة أخت لأب، وابنة أخت لأمّ، وامرأةً، فللمرأة الربع، ولابنة الأخت من الأمّ السدس، ولابنة الأخت للأب والأمّ النصف، وما بقي ردّ عليهما على قدر أنصبائهما، وسقطت الأخرى، وهي من اثني عشر ،سهماً ، للمرأة الربع، ثلاثة، ولابنة الأخت للأمّ، السدس، سهمان، ولابنة الأخت للأب والأمّ، النصف، ستّة أسهم، وبقي سهم واحد بينهما على قدر سهامهما ، ولا يردُّ على المرأة شيئاً .

فإن تركت زوجها وخالتها وعمّتها ، فللزّوج النصف، وللخالة الثلث، وما بقي فللعمّة، بمنزلة زوج وأبوين، وهي من ستّة أسهم للزوج ،النصف ثلاثة، وللخالة الثلث؛ سهمان، و بقي سهم للعمّة .

فإن تركت زوجها، وجدَّها أبا أمّها ، وخالاً ، فللزوج النصف، وللجدّ السدس، وما بقي ردّ عليه، وسقط الخال وإن ترك عماً لأب، وخالاً لأب وأمّ ، فللخال الثّلث ، نصيب الأم، والباقي للعمّ لأنّه نصيب الأب .

فإن ترك ابنة عمّ وابن عمّة، فلابنة العمّ الثلثان، ولابن العمّة الثلث .

ص: 131

فإن ترك ابن عمّته، وبنت عمّته، فالمال بينهما، للذَّكر مثل حظّ الانثيين .

وإن ترك ابنةَ عمّةٍ لأب وأم وابنَ عمّ لأمّ ، فلابن العمّ للأمّ السدس، وما بقي فلابنة العمّة للأب والأمّ، لأنَّ هذا كأنَّ الأب مات وترك أخاً لأمّ ، وأختاً لأب وأم ، وههنا يفترقان .

فإن ترك ابن خالته، وخالَةَ أمّه، فالمال لابن خالته .

فإن ترك اين ،خال وابن خالة فالمال بينهما نصفان .

وإن ترك خالة الأمّ، وعمّة الأب، فلخالة الأمّ الثلث، ولعمّة الأب الثلثان .

وإن ترك عمّة الأم، وخالة الأب، فلعمّة الأمّ الثلث، ولخالة الأب الثلثان .

وإن ترك عمّةً لأب، وخالةً لأب وأمّ فلخالة الأب والأمّ الثلث، وللعمّة الثلثان .

فإن ترك ابن عمّ، وابنة عمّ، وابن عمّةٍ وابنة عمّة وابن خال، وابنة خال، وابن خالة، وابنة خالة، فالثلث لولد الخال والخالة يقسم بينهم بالسوية الذكر والأنثى فيه سواء، والثلث من الثلثين الباقيين لولد العمّة، للذَّكر مثل حظّ الأنثيين، والثلثان الباقيان من الثلثين، لولد العم، للذكر مثل حظ الأنثيين، وأصل حسابه من تسعة لأنّه يؤخذ أقلّ شيء له ثلث، ولثلثه ثلث، وهو تسعة، فثلث ثلثه لا يقسّم بين ولد الأخوال، لأنّهم أربعة ، فتضرب تسعة في أربعة، فتكون ستّة وثلاثين، فيكون ثلثه اثني عشر، وثلثا ثلثه ثمانية، لا يقسّم بين ولد العمّة لأنّه ينكسر، فيضرب ستّة وثلاثين في ثلاثة، فيكون مائة وثمانية، الثلث من ذلك ستّة وثلاثون بين ولد الخال والخالة، لكلّ واحد منهم تسعة ، وبقي اثنان وسبعون من ذلك أربعة وعشرون لولد العمّة، ولابن العمّة ستّة عشر ، ولابنة العمّة ثمانية وبقي ثمانية وأربعون، لابن العمّ اثنان وثلاثون، ولابنة العمّ ستّة عشر (1).

66 - باب المرأة تموت ولا تترك إلّا زوجها

1 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ؛ ومحمّد بن عيسى، عن يونس، جميعاً عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) في امرأة توفّيت ولم يُعْلَم لها أحدٌ ولها زوج ؟ قال : الميراث كلّه لزوجها (2).

ص: 132


1- يراجع في هذه الصور وما يليها الفقيه 4 ، 148 و 149 من الأبواب .
2- التهذيب 9، 27 - باب ميراث الأزواج ، ح 11 . الاستبصار 4 ، 92 - باب ميراث الزوج إذا لم يكن للمرأة وارث غیره ، ح 2 . وفي الذيل فيهما : الميراث لزوجها . هذا ، وقد أجمع أصحابنا على أن للزوج نصف ما تركت زوجته عند عدم الولد، بالفرض، وبالباقي يرد عليه أيضاً عند عدم الوارث لها وذلك بإجماع أصحابنا . وقوله : ولم يُعلم لها أحد؛ يعني من الوراث.

2 - عنه ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس، عن يحيى الحلبيّ، عن أيّوب بن الحرّ، عن أبي بصیر قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام)، فدعا بالجامعة، فنظرنا فيها، فإذا فيها : امرأة هلكت وتركت زوجها لا وارث لها غيره، له المالُ كلّه (1).

3 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) في امرأة توفّيت وتركت زوجها؟ قال : المال للزوج، - يعني إذا لم يكن لها وارث غيره -.

عنه ، عن عبد الله بن جبلة، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، مثل ذلك.

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّي بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أَبَان، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفيّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) في امرأة ماتت وتركت زوجها؟ قال : ، المال للزوج - يعني إذا لم يكن لها وارث غيره -.

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت : امرأة ماتت وتركت زوجها؟ قال : المال له (2) - قال : معناه : لا وارث لها غيره-.

6 - عليٌّ ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن امرأة تموت ولا تترك وارثاً غير زوجها ؟ قال : الميراث كلّه له (3) .

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط ، عن عبد الله بن المغيرة،

ص: 133


1- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 13 . وفيه : فنظر فيها . وفي ذيله المال له كله الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 والجامعة : - كما ورد في الباب 96 من أصول الكافي 1 ، ح 1 - : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) من فلق فيه (أي مشافهة) وخط علي بيمينه فيها كل حلال وحرام وكل شيء يحتاج الناس إليه حتى الأرش (أي الدية في الخدش ... الخ .
2- التهذيب 9، 27 - باب ميراث الأزواج، ذيل ح 16 . الاستبصار 4 ، 93 - باب ميراث الزوجة إذا لم يكن وارث غيرها، ذيل ح5. الفقيه 4 ، 133 - باب ميراث الزوج والزوجة، ذيل ح 2 بتفاوت .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 14 . الاستبصار 4 ، 92 - باب ميراث الزوج إذا لم يكن للمرأة وارث غيره ، ح 5 وفي الذيل فيهما : الميراث له كله وأخرجاه عنه عن القاسم عن علي عن أبي بصير عن أبي جعفر (علیه السلام).

عن عُيَينَة بيّاع القصب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت له : امرأة هلكت وتركت زوجها؟ قال: المال كلّه للزوج.

67 - باب الرجل يموت ولا يترك إلّا امرأته

1 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن محمّد بن الحسن بن زياد العطّار، عن محمّد بن نعيم الصحّاف قال : مات محمّد بن أبي عمير بيّاع السابري، وأوصى إليَّ، وترك امرأة له ، ولم يترك وارثاً غيرها، فكتبت إلى العبد الصالح (علیه السلام)؟ فكتب إليَّ أعط المرأة الربع، واحمل الباقي إلينا (1).

2 - عنه ، عن الحسن بن محمّد، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن محمّد بن سكين ؛ وعليُّ بن أبي حمزة ، عن مشمعل؛ وعن ابن رباط، عن مشمعل كلّهم ، عن أبي بصير قال : قرأ عليّ أبو جعفر (علیه السلام) في الفرائض : امرأة توفّيت وتركت زوجها ، قال : المال كلّه للزوج، ورجل توفّي وترك امرأته قال للمرأة الربع، وما بقي فللإمام (2).

3- حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل توفّي وترك امرأته ؟ فقال : للمرأة الربع، وما بقي فللإمام(3).

4 - عدَّةً من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن عليّ بن مهزيار قال: كتب محمّد بن حمزة العلوي إلى أبي جعفر الثاني (علیه السلام) : مولى لك أوصى إلي بمائة درهم ، وكنت أسمعه يقول : كلّ شيء هو لي فهو لمولاي، فمات، وتركها ولم يأمر فيها بشيء، وله امرأتان، أمّا إحداهما فيبغداد ولا أعرف لها موضعاً الساعةَ، والأخرى

ص: 134


1- التهذيب 9 نفس الباب ، ح 19 . الاستبصار 4 ، 93 - باب ميراث الزوجة إذا لم يكن وارث غيرها ، ح 2 . وفي ذيله للمرأة الربع .
2- التهذيب 9 نفس الباب : ح 15 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 1 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 1 بتفاوت متنا واختلاف في بعض السند في الجميع. وقد روى في التهذيبين وفي الفقيه أيضاً عدة أحاديث بهذا المعنى وبعضها متطابق مع ما هنا في كثير من الألفاظ فراجع . هذا ويقول المحقق في الشرائع 18/4: «وللزوجة الربع، وهل يردّ عليها؟ فيه أقوال ثلاثة، أحدها : يُرد والآخر لا يُردّ ، والثالث : يُرَدّ مع عدم الإمام لا مع وجوده، والحق أنه لا يُردّه» . وقد عمل الصدوق رحمه الله بالتفصيل بين وجود الإمام فلا يُرَدّ عليها شيء وبين عدمه فيرد كما نص عليه بعد إيراده الحديث في الفقيه .
3- يحمل على ما إذا لم يكن لها وارث غير الزوج .

بقُمّ، فما الّذي تأمرني في هذه المائة درهم ؟ فكتب إليه : انظر أن تدفع من هذه الدراهم إلى زوجتَي الرجل، وحقُّهُما من ذلك الثُمن إن كان له ولد ، فإن لم يكن له ولد، فالربع، وتصدَّق بالباقي على من تعرف أنَّ له إليه(1) حاجة إن شاء الله (2) .

5 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط ، عن خلف بن خلف بن حمّاد، عن موسى بن بكر، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) في زوج مات وترك امرأة؟ فقال : لها الربع، وتدفع الباقي [إلينا ] (3).

68 - باب أن النساء لا يرِثنَ من العقار شيئاً

1 - عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن حمران، عن زرارة، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً (4).

2 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة ، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب ، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) أن المرأة لا ترث ممّا ترك زوجها من القُرى والدُّور والسلاح والدوابّ شيئاً، وترث من المال والفرش والثياب ومتاع البيت ممّا ترك، ويقوّم النَّقض(5)، والأبواب والجذوع والقصب، فتعطى حقّها منه (6).

ص: 135


1- الضمير يرجع إلى الباقي .
2- التهذيب 9، 27 - باب ميراث الأزواج ، ح 19 الاستبصار 4 ، 93 - باب ميراث الزوجة إذا لم يكن وارث غيرها، ح 3 وأمره (علیه السلام) له بالتصدق بالباقي لا يدل هنا على تعين الصدقة، بل هو ماله (علیه السلام) وقد آثر به من له إليه حاجة على نفسه (علیه السلام) .
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 20 بتفاوت في الذيل وفي سنده محمد بن مروان بدل محمد بن مسلم. وكذلك هو في الاستبصار نفس الباب، ح 4 .
4- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح 26 . الاستبصار 4، 94 - باب إن المرأة لا ترث من العقار والدور والأرضين شيئاً من تربة الأرض ولها .... 3.
5- النقض - كما في المصباح - اسم للبناء إذا هدم .
6- التهذيب 9 27 - باب ميراث الأزواج ، ح 25 الاستبصار 4، 94 - باب إن المرأة لا ترث من العقار والدور والأرضين شيئاً من ... ح 2 . الفقيه 4، 175 - باب نوادر المواريث، ح 7 بتفاوت سنداً ومتناً. هذا، وقد ذكر الشهيد الثاني في المسالك 333/2 من الطبعة الحجرية بأن ما تضمنه هذا الخبر من حرمان الزوجة من الميراث مما تركه زوجها من السلاح والدواب وهو منفي بالإجماع، وحمله بعضهم على ما يُخبى به الولد من السلاح كالسيف فإنها لا ترث منه شيئا، وعلى ما أوصى به من الدواب أو وقفه أو عمل به ما يمنع من الإرث، ولا يخفى كونه خلاف الظاهر، إلا أن فيه جمعاً بين الأخبار وهو خير من اطراحه رأساً».

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة؛ وبكير؛ وفضيل ؛ ويريد ؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیه السلام) - ومنهم من رواه عن أبي عبد الله (علیه السلام) ، ومنهم من رواه عن أحدهما (علیهما السلام) - أنَّ المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض، إلّا أن يقوم الطُّوب (1) والخشب قيمة ، فتعطى ربعَها، أو ثُمْنَها إن كان لها ولد، من قيمة الطوب والجذوع والخشب (2).

4 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن جميل عن زرارة ؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: لا ترث النساء من عقار الأرض شيئاً.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام) : ترث المرأة من الطُّوب، ولا ترث من الرِباع شيئاً، قال : قلت : كيف ترث من الفرع ولا ترث من الأصل شيئاً؟ فقال لي : ليس لها منهم نسب ترث به، وإنّما هي دخيل عليهم، فترث من الفرع ولا ترث من الأصل، ولا يدخل عليهم داخل بسببها (3).

6 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان ، عن زرارة ؛ [ أ ] ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لا ترث النساء من عقار الدور شيئاً، ولكن يقوّم البناء والطوب وتعطى ثمنها أو رَيعها ، قال : وإنّما ذاك لئلّا يتزوَّجن النساء فيفسدون على أهل المواريث مواريثهم .

7- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: إنّما جُعل للمرأة قيمة الخشب والطوب، كيلا يتزوَّجن فيدخل عليهم - يعني أهل المواريث - من يفسد مواريثهم (4).

ص: 136


1- الطّوب - كما في الصحاح - الآخر، بلغة أهل مصر.
2- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 24 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح1.
3- التهذيب 9 27 - باب ميراث الأزواج ، ح 27 . الاستبصار 4، 94 - باب إن المرأة لا ترث من العقار والدور و... ، ح 4 .
4- التهذيب 9 نفس الباب ح 28 :وفيه لثلا تتزوج . . ، الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح ة وفيه : لئلا يتزوجن . الفقيه 4 ، 175 - باب نوادر المواريث، ح 6 .

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبيّ، عن شعيب، عن يزيد الصائغ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن النساء، هل يرثن الأرض؟ فقال : لا، ولكن يرثن قيمة البناء، قال: قلت: فإنّ الناس لا يرضَوْنَ بذا؟ فقال : إذا وُلّينا فلم يرضَوا، ضربناهم بالسوط، فإن لم يستقيموا، ضربناهم بالسيف.

9 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن عمّه جعفر بن سماعة، عن مثّنى، عن عبد الملك بن أعين عن أحدهما (علیهما السلام) قال : ليس للنساء من الدُّور والعقار شيء (1).

10 - محمّد بن أبي عبد الله، عن معاوية بن حكيم، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن مثّني ، عن يزيد الصائغ قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : إِنَّ النساء لا يرثن من رباع الأرض شيئاً، ولكن لهنّ قيمة الطوب والخشب، قال: فقلت له : إنّ الناس لا يأخذون بهذا؟! فقال : إذا وُليناهم ضربناهم بالسوط، فإن انتهوا وإلّا ضربناهم عليه بالسيف (2).

11 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان بن الأحمر قال : لا أعلمه إلا عن ميسّر (3) بيّاع الزطّي (4) ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن النساء ما لهنَّ من الميراث؟ قال لهنَّ قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب، وأمّا الأرض والعقارات فلا ميراث لهنَّ فيها قال قلت فالثياب؟ قال : الثياب لهنَّ ،نصيبهنَّ ، قال : قلت : كيف صار ذا، ولهذه الثمن ولهذه الرُبع مسمّى ؟ قال : لأنَّ المرأة ليس لها نسب ترث به، وإنّما هي دخيل عليهم، وإنّما صار هذا كذا ، كيلا يتزوَّج المرأة، فيجيء زوجها أو ولدها من قوم آخرين فيزاحم قوماً في عقارهم (5).

ص: 137


1- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 30 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 7 .
2- التهذيب 9، 27 - باب ميراث الأزواج ، ح 29 الاستبصار 4 ، 94 - باب إن المرأة لا ترث من العقار والدور و . . . ، ح 6 وفيهما : إذا ولينا .... وفيهما أيضاً وإلا ضربناهم بالسيف.
3- في التهذيبين عن ميسرة .
4- قال في القاموس المحيط: الزطّ: طائفة من أهل الهند معرب : جَتْ وإليهم تنسب الثياب الزطية، الواحد : زُطَيّ.
5- التهذيب 9 نفس الباب ح 31 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح .8. الفقيه 4 نفس الباب ، ح 3 . أقول: وما تضمنه هذا الخبر وغيره من أن الزوجة لا ترث من رقبة الأرض شيئاً وكذا من العقار وترث من قيمة ما هو قائم عليها من شجر وغيره هو مما انفردت به الإمامية كما نص عليه السيد المرتضى في الانتصار، وغيره أيضاً . والذي يبدو من كلماتهم رضوان الله عليهم إن هذا الحكم مختص بالزوجة التي ليس لها ولد من المتوفى دون غيرها، وإن كان يظهر من كلمات البعض أيضاً عدم التفرقة في هذا الحكم بين الإثنتين، فراجع شرائع المحقق 34/4 . واللمعة وشرحها للشهيدين م 2 من الطبعة الحجرية الميراث، ص 312 وما بعدها. والانتصار للسيد المرتضى ص / 301 .

69 - باب اختلاف الرجل والمرأة في متاع البيت

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألني : هل يقضي ابن أبي ليلى بالقضاء ثمَّ يرجع عنه ؟ فقلت له : بلغني أنّه قضى في متاع الرجل والمرأة إذ مات أحدهما فادَّعاه ورثة الحيّ وورثة الميّت، أو طلّقها الرجل، فادّعاه الرجل وادَّعته النساء، بأربع قضيات ، فقال : وما ذاك؟ فقلت: أمّا أولاهُنَّ : فقضى فيه بقول إبراهيم النخعي، كان يجعل متاع المرأة الّتي لا يصلح للرجال للمرأة، ومتاع الرجل الّذي لا يصلح للنساء للرَّجل، وما كان للرجال والنساء بينهما نصفين، ثمَّ بلغني أنّه قال : إنّهما مدّعيان جميعاً، فالّذي بأيديهما جميعاً بينهما نصفان ، ثمّ قال : الرجل صاحب البيت، والمرأة الداخلة عليه، وهي المدّعية، فالمتاع كلّه للرجل إلّا متاع النساء الّذي لا يكون للرجال فهو للمرأة ، ثم قضى بعد ذلك بقضاء لولا أنّي شاهدته لم أرده عليه ماتت امرأة منا ولها زوجها، وتركت متاعاً، فرفعته إليه، فقال: اكتبوا المتاع، فلمّا قرأه ، قال للزوج : هذا يكون للرَّجل والمرأة، فقد جعلناه للمرأة إلّا الميزان فإنّه من متاع الرجل فهو لك ، فقال لي : فعلى أيّ شيء هو اليوم؟ قلت : رجع إلى أن قال بقول إبراهيم النخعي، أن جعل البيت للرَّجل، ثمّ سألته عن ذلك فقلت له : ما تقول أنت فيه ؟ فقال : القول الّذي أخبرتني أنّك شهدته وإن كان قد رجع عنه، فقلت: يكون المتاع للمرأة؟ فقال: أرأيتَ إن أقامت بيّنة، إلى كم كانت تحتاج؟ فقلت ،شاهدين، فقال: لو سألت من بينهما - يعني الجبلين، ونحن يومئذ بمكّة - لأخبروك أنَّ الجهاز والمتاع يهدى علانية من بين المرأة إلى بيت زوجها ، فهي التي جاءت به وهذا المدّعي، فإن زعم أنّه أحدث فيه شيئاً، فليأتِ عليه

البيّنة (1).

ص: 138


1- التهذيب 6 ، 92 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 38 وكرره برقم 38 من الباب 27 من الجزء 9 من التهذيب أيضاً بتفاوت يسير . الاستبصار 3 24 - باب اختلاف الرجل والمرأة في متاع البيت ح 3 بتفاوت يسير فيهما . هذا، وقد أورد المحقق في الشرائع 4/ 119 - 120 عبارة جامعة في هذه المسألة قال: «السابعة» إذا تداعى الزوجان متاع البيت قضي لمن قامت له البيئة، ولو لم يكن له بينة فيد كل واحد منهما على نصفه، قال في :المبسوط : يحلف كل واحد منهما لصاحبه ويكون بينهما بالسوية سواء كان مما يخص الرجال أو النساء أو يصلح لهما، وسواء كانت الدار لهما أو لأحدهما، وسواء كانت الزوجية باقية بينهما أو زائلة وقال في الخلاف : ما يصلح للرجال للرجل وما يصلح للنساء للمرأة وما يصلح لهما يقسم بينهما وفي رواية أنه للمرأة لأنها تأتي بالمتاع من أهلها وما ذكره في الخلاف أشهر في الروايات وأظهر بين الأصحاب».

70 - باب نادر

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل تزوَّج أربع نسوة في عقدة واحدة أو(1) قال في مجلس واحد ومهورهنّ مختلفة؟ قال : جائز له ولهنّ ، قلت : ارأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان، فطلّق واحدة من الأربع، وأشهد على طلاقها قوماً من أهل تلك البلاد وهم لا يعرفون المرأة، ثمَّ تزوَّج امرأة من أهل تلك البلاد بعد إنقضاء عدَّة تلك المطلّقة، ثمَّ مات بعدما دخل بها ، كيف يقسّم ميراثه؟ قال : إن كان له ولدٌ، فإن للمرأة الّتي تزوَّجها أخيراً من أهل تلك البلاد ربعَ ثُمْنِ ما ترك، وإن عُرِفَت التي طُلقت من الأربع بعينها ونسبها، فلا شيء لها من الميراث، وعليها العدَّة (2)، قال : ويَقْتَسِّمْنَ الثلاث نسوة ثلاثة أرباع ثُمْنِ ما ترك، وعليهنَّ العدَّة، وإن لم تُعرف الّتي طُلقت من الأربع، اقتسمن الأربع نسوة ثلاثة أرباع ثُمن ما ترك بينهن جميعاً، وعليهن جميعاً العدَّة (3).

71 - باب ميراث الغلام والجارية يُزَوّجان وهما غير مُدركين

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن غلام وجارية زوَّجهما وليّان لهما وهما غير مُدركَين؟ قال : فقال : النكاح جائز ، وأيّهما أدرك كان له الخيار، فإن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما ولا مهر، إلّا أن يكونا قد أدركا ورضيا، قلت: فإن أدرك أحدهما قبل الآخر؟ قال : يجوز ذلك عليه إن هو رضي ، ، قلت : فإن كان الرجل الّذي أدرك قبل الجارية ورضي بالنكاح ثمَّ مات قبل أن تدرك الجارية أترتُهُ؟ قال: نعم، يُعزل ميراثها منه حتّى تدرك وتحلف بالله ما دّعاها إلى أخذ الميراث إلّا رضاها بالتزويج ، ثمّ يدفع إليها الميراث ونصف المهر، قلت: فإن ماتت الجارية

ص: 139


1- الترديد من الراوي .
2- ذكر الشيخ هذا الحديث بعينه في التهذيب ، برقم 238 من الباب 3 وفيه في هذا الموضع : وليس عليها العدة وهو الصحيح لأنه لم يكن له ليتزوج المرأة التالية وهو في بلاد الغربة قبل خروج من طلقها من عدتها منه، ويؤيده ما ورد في ذيل الرواية من إيجاب العلة عليهن جميعاً في صورة الجهالة بعين من طلق منهن .
3- التهذيب 9، 27 - باب ميراث الأزواج ، ح 22 وكرره برقم 6 من الباب 43 من نفس الجزء بتفاوت في الموردين ولكن فيهما وعليها العدّة وهو غلط كما بينا أعلاه .

ولم تكن أدركت أيرثها الزوج المدرك؟ قال : لا ، لأنَّ لها الخيار إذا أدركت، قلت: فإن كان أبوها هو الّذي زوجها قبل أن تُدرك؟ قال : يجوز عليها تزويج الأب، ويجوز على الغلام، والمهر على الأب للجارية (1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن نعيم بن إبراهيم، عن عبّاد بن كثير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل زوَّج ابناً له مدركاً من يتيمة في حِجره؟ قال : ترثه إن مات، ولا يرثها، لأنّ لها الخيار ، ولا خيار عليها (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير، عن عُبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الصبيّ يزوّج الصبيّة هل يتوارثان؟ قال : إذا كان أبواهما [هما] اللّذان زوّجاهما فنعم، قلت: أيجوز طلاق الأب؟ قال : لا (3).

72 - باب ميراث المتزوجة المُدْرِكة ولم يدخل بها

1 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن رجل، عن عليّ بن الحسين (علیه السلام) في المتوفّى عنها زوجها ولم يدخل بها ؟ قال لها نصف الصداق، ولها الميراث، وعليها العدّة .

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان بن عثمان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل توفّي قبل أن يدخل بامرأته؟ فقال :

ص: 140


1- التهذيب ،9 ، 42 - باب توارث الأزواج من الصبيان، ح 2 بتفاوت يسير. وأخرجه عنه، عن محمد بن علي، عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب قال سألت أبا جعفر (علیه السلام) .
2- التهذيب 9 نفس الباب، ح 3 وفي ذيله : ولا خيار له عليها . يقول المحقق في الشرائع 34/4 : إذا زوج الصبية أبوها أو جدها لأبيها ورثها الزوج وورثته، وكذا لو زوج الصغيرين أبواهما أو جداهما لأبويهما، توارثا ولو زوجهما غير الأب أو الجد، كان العقد موقوفاً على رضاهما البلوغ والرشد، ولو مات أحدهما قبل ذلك بطل العقد ولا ميراث، وكذا لو بلغ أحدهما فرضي ثم مات الآخر قبل البلوغ، ولومات الذي رضي عزل نصيب الآخر من تركة الميت وتربص بالحي فإن بلغ وأنكر فقد بطل العقد ولا ميراث، وإن أجاز، صح وأحلف أنه لم يَدْعُهُ إلى الرضا الرغبة في الميراث، وكذلك راجع الجزء 279/2 .
3- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح ا بتفاوت يسير في المتن وتفاوت في بعض السند الفقيه 4، 154 - باب ميراث الصبيين يزوّجان ثم ...، ح1.

إن كان فرض لها مهراً، فلها النصف، وهي ترثه ، وإن لم يكن فرض لها مهراً، فلا مهر لها، وهو برثها .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام) في الرجل يموت وتحته المرأة لم يدخل بها؟ قال: لها نصف المهر، ولها الميراث كاملاً.

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ ؛ ومحمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم جميعاً عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يتزوَّج امرأة ولم يفرض لها صداقاً، فمات عنها أو طلّقها قبل أن يدخل بها، ما لها عليه ؟ فقال : ليس لها صداق، وهي ترثه ويرثها .

73 - باب في ميراث المطلّقات في المرض وغير المرض

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا طلّقت المرأة ، ثمّ توفّي عنها زوجها وهي في عدَّة منه لم تحرم عليه فإنّها ترثه وهو يرثها ما دامت في الدم من حيضتها الثانية من التطليقتين الأوَّلتين، فإن طلّقها الثالثة، فإنّها لا ترث من زوجها شيئاً، ولا يرث منها (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرجل يطلق المرأة؟ فقال : ترثه ويرثها، ما دام له عليها رجعة(2).

3- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا طلّق الرّجل وهو صحيح لا رجعة له عليها، لم ترثه ولم يرثها ؛ وقال : هو يرث ويورث ما لم تر الدّم من الحيضة الثالثة، إذا كان له عليها رجعة (3).

ص: 141


1- التهذيب 43،9 - باب ميراث المطلّقات ، ح 3 بتفاوت يسير . وذكره الشيخ أيضاً وبزيادة في آخره برقم 194 من الباب 3 من الجزء 8 من التهذيب ولكن فيه : من حيضتها الثالثة في التطليقتين ... الخ . الاستبصار 3، 179 - باب إن حكم التطليقة البائنة في ...، ح 4 بتفاوت وزيادة في آخره.
2- التهذيب ،8 3 - باب أحكام الطلاق، ح.196 . وكرره برقم (1) من الباب 43 من الجزء 9 من التهذيب. الاستبصار ، نفس الباب، ح ه ، وفيه ما دامت.
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 2 . يقول المحقق في الشرائع 33/4 : الزوجة ترث ما دامت في حبال الزوج وإن لم يدخل بها، وكذا يرثها الزوج، ولو طلقت رجعية توارثا إذا مات أحدهما في العدة، لأنها بحكم الزوجة ولا ترث البائن ولا تورث كالمطلقة ثالثة و الخ...».

4 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبَان، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل طلّق امرأته تطليقتين في صحّة، ثمَّ طلّق الثالثة وهو مريضٌ؟ قال : ترثه ما دام في مرضه، وإن كان إلى سنة .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا طلّق الرَّجل المرأة في مرضه، ورثته ما دام في مرضه ذلك وإن انقضت عدّتها، إلّا أن يصحّ منه ، فقلت له : فإن طال به المرض؟ قال : ما بينه وبين سنة (1) .

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن أبَان بن عثمان ، عن الحلبي ؛ وأبي بصير ؛ وأبي العبّاس، جميعاً عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنه قال : ترثه ولا يرثها إذا انقضت العدَّة (2).

7 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل المريض يطلّق امرأته وهو مريض؟ قال: إن مات في مرضه ذلك وهي مقيمة عليه لم تتزوَّج ، ورثته، وإن كانت قد تزوّجت، فقد رضيت الّذي صنع، ولا ميراث لها (3).

ص: 142


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 9 . الفقيه 4 156 - باب توارث الرجل والمرأة يتزوجها و. ح 2 بتفاوت قليل. وكان هذا الحديث قد مر برقم 7 من باب طلاق المريض ونكاحه من كتاب الطلاق من الجزء الرابع من الفروع . يقول المحقق في الشرائع 27/3 : «يكره للمريض أن يطلق، ولو طلق صح، وهو يرث زوجته ما دامت في العدة الرجعية، ولا يرثها في البائن، ولا بعد العدة، وترثه هي. سواء كان طلاقها بائناً أو رجعياً ما بين الطلاق وبین سنته، ما لم تتزوج أو يبرأ من مرضه الذي طلقها فيه، فلو برء ثم مرض ثم مات لم ترثه إلا في العدة الرجعية ....».
2- التهذيب 9 نفس الباب، ح 10 .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 11 . وذكره ايضاً برقم 182 من الباب 3 من الجزء 8 من التهذيب. كما كان الشيخ الكليني رحمه الله ذكر هذا الحديث برقم 3 من باب طلاق المريض ونكاحه من كتاب الطلاق في الجزء 4 من الفروع فراجع .

74 - باب میراث ذوي الأرحام مع الموالي

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن زرعة عن سماعة قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام) : إنَّ عليّاً (علیه السلام) لم يكن يأخذ ميراث أحد من مواليه إذا مات وله قرابة كان يدفع إلى قرابته (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في خالة جاءت تخاصم في مولى رجل مات فقرأ هذه الآية (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) (2) ، فدفع الميراث إلى الخالة، ولم يعط المولى (3).

3 - محمّد بن يحيى ؛ وغيره عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن الجهم، عن حنان قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام): أيُّ شيء للموالي؟ فقال : ليس لهم من الميراث إلّا ما قال الله عزَّ وجلَّ (4): (إلّا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً(5)) .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن أبي الحمراء قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : أيُّ شيء للموالي من الميراث؟ فقال : ليس لهم شيء إلّا الترباء، - يعني التراب- .

5 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : كان عليّ (علیه السلام) إذا مات مولى له وترك ذا قرابة، لم يأخذ من ميراثه شيئاً، ويقول :( أولوا الأرحام بعضُهم أولى ببعض) (6).

6 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن التيميّ ، عن محمّد بن تسنيم الكاتب، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن محمّد بن سنان، عن عَمْروِ الأزرق قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام)

ص: 143


1- التهذيب 9 ، 31 - باب ميراث الموالي مع ذوي الأرحام ، ح .. الاستبصار 4 ، 102 - باب أنه لا يرث أحد من الموالي مع وجود واحد من ذوي الأرحام ، ح 3 .
2- الأحزاب / 6.
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح4. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 .
4- الأحزاب / 6 .
5- التهذيب 9 نفس الباب، ح 5.
6- التهذيب 9 نفس الباب، ح 2 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 .

يقول : - وسأله رجل - عن رجل مات وترك ابنة أخت له، وترك موالي ، وله عندي ألف درهم، ولم يعلم بها أحدٌ، فجاءت ابنة أخته فرهنت عندي مصحفاً، فأعطيتها ثلاثين درهماً؟ فقال لي أبو عبد الله (علیه السلام) ، حين قلت له : علم بها أحدٌ؟ قلت: لا، قال: فأعطها إيّاها قطعة قطعة، ولا تُعلم أحداً (1) .

7 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن

عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان عليُّ (علیه السلام) لا يأخذ من ميراث مولى له إذا كان له ذو قرابة، وإن لم يكونوا ممّن يجري لهم الميراث المفروض ، فكان يدفع مالَهُ إليهم (2).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي ثابت(3)، عن حنان، عن ابن أبي يعفور ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : مات مولى لعليّ بن الحسين (علیه السلام)، فقال: انظروا هل تجدون له وارثاً؟ فقيل له ابنتان باليمامة مملوكتان، فاشتراهما من مال مولاه الميّت، ثمَّ دفع إليهما بقيّة المال (4) .

9 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان عن أبي ثابت، عن حنان بن سدير، عن ابن أبي يعفور عن إسحاق قال : مات مولى لعليّ بن الحسين (علیه السلام)، قال: انظروا هل تجدون له وارثاً، فقيل له ابنتان باليمامة مملوكتان فاشتراهما من مال الميّت، ثمّ دفع إليهما بقيّة المال (5).

عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي ثابت مثله(6) .

75 - باب ميراث الغرقى وأصحاب الهدم

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد،

ص: 144


1- التهذيب ،9 31 - باب ميراث الموالي مع ذوي الرحم ، ح 6 . وفي ذيله : ولا يعلم أحد .
2- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح 1 . الاستبصار 4 ، 102 - باب أنه لا يرث أحد من الموالي مع وجود واحد من ذوي الأرحام ، ح 1.. وفيهما فكان يدفع .
3- واسمه أيمن بن يَعلى (ليلى).
4- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 7 الفقيه 4 ، 172 - باب ميراث المماليك، ح 2 بتفاوت .
5- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 8 وكرره برقم 2 من الباب 32 من نفس الجزء الاستبصار 4 ، 103 - باب من خلف وارثاً مملوكاً ليس له . . . ، ح 2 . الفقيه 4 ، نفس الباب مع نفس الحديث أعلاه بتفاوت .
6- التهذيب 9 نفس الباب، ح 9 .

جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن القوم يغرقون في السفينة، أو يقع عليهم البيت فيموتون فلا يعلم أيّهم مات قبل صاحبه ؟ فقال : يورث بعضهم من بعض كذلك هو في كتاب عليّ (علیه السلام) (1).

عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الرحمن بن الحجّاج مثله إلّا أنّه قال : كذلك وجدناه في كتاب عليّ (علیه السلام).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن بیت وقع على قوم ،مجتمعين فلا يدرى أيّهم مات قبل؟ قال: فقال يورّث بعضهم من بعض، قلت : فإن أبا حنيفة أدخل فيها شيئاً؟ قال : وما أدخل؟ قلت رجلين أخوين أحدهما مولاي والآخر مولى لرجل لأحدهما مائة ألف درهم، والآخر ليس له شيء، ركبا في السفينة فغرقا، فلم يدر أيّهما مات أوّلاً ، كان المال لورثة الّذي ليس له شيء، ولم يكن لورثة الّذي له المال شيء، قال: فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : لقد سمعها، وهو هكذا (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الرحمن بن الحجّاج؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة ، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن

ص: 145


1- التهذيب 9 36 - باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم في ...، ح 4 وفي سنده عبد الرحمن بن الحجاج وبتفاوت . الفقيه 4 ، 153 - باب ميراث الغرقى والذين . .. ، ح 1 بتفاوت وزيادة وأخرجه عن ابن محبوب عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله (علیه السلام).
2- التهذيب ،9 36 - باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم و ... ، ح 6 بتفاوت وزيادة في آخره. الفقيه 4 ، 152 - باب ميراث الغرقى و ...، ح4 بتفاوت يسير . وقال بعد إيراده الحديث : وذلك إذا لم يكن لهما وارث غيرهما ولم يكن أحد أقرب إلى واحد منهما من صاحبه. انتهى . قوله (علیه السلام) : وهو هكذا : أي حكم الله في المسألة هو ما قلته أنا لا ما قاله أبو حنيفة . وفي بعض النسخ : لقد شنعها، وهو هكذا . . قال الشهيدان:« اعلم إن من شرط التوارث بين المتوارثين العلم بتأخر حياة الوارث عن حياة المورث وإن قلّ، فإن ماتا دفعة أو اشتبه المتقدم منهما بالمتأخر أو اشتبه السبق والاقتران فلا إرث سواء كان الموت حتف الأنف أم بسبب إلا أن يكون السبب الغرق أو الهدم على الأشهر، وفيهما يتوارث الغرقى والمهدوم عليهم إذا كان بينهم نسب أو سبب يوجبان التوارث وكان بينهم مال اتحقق الإرث به ولو من أحد الطرفين واشتبه المتقدم منهم بالمتأخر فلو علم اقتران الموت فلا إرث أو علم المتقدم من المتأخر ورث المتأخر المتقدم دون العكس وكان بينهم توارث بحيث يكون كل واحد منهم يرث من الآخر ولو بمشاركة غيره فلو انتفى كما لو غرق اخوان ولكل واحد منهما ولد أو لأحدهما فلا توارث بينهما . ثم إن كان لأحدهما مال دون الآخر صار المال لمن لا مال له ومنه إلى وارثه الحي ولا شيء لورثة ذي المال ولا يرث الثاني المفروض موته ثانياً مما ورث منه الأول للنص واستلزامه التسلسل والمحال عادة وهو فرض الحياة بعد الموت . . . الخ» .

أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت له : رجل وامرأة سقط عليهما البيت فماتا؟ قال : يورث الرَّجل من المرأة والمرأةُ من الرجل ، قال : قلت : فإنَّ أبا حنيفة قد أدخل عليهم في هذا شيئاً؟ قال: وأيُّ شيء أدخل عليهم؟ قلت : رجلين أخوين أعجميّين ليس لهما وارث إلّا مواليهما، أحدهما له مائة ألف درهم معروفة، والآخر ليس له شيء، ركبا في سفينة فغرقا، فأُخرِجَت المائة ألف، كيف يصنع بها؟ قال: تدفع إلى موالي الّذي ليس له شيء ، قال : فقال : ما أنكر ما أدخل فيها، صدق، وهو هكذا، ثمَّ قال : يدفع المال إلى موالي الّذي ليس له شيء، ولم يكن للآخر مالٌ يرثه موالي الآخر، فلا شيء لورثته(1).

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أحدهما (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) باليمن في قوم انهدمت عليهم دار لهم فبقي منهم صبيان أحدهما مملوك، والآخر حرّ، فأسهم بينهما، فخرج السهم على أحدهما، فجعل المال له وأعتق

الآخر(2) .

5 - عليٌّ ، ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن ،مسلم عن أبي جعفر (علیه السلام) في الرجل يسقط عليه وعلى امرأته بيت؟ قال : تورث المرأة من الرَّجل والرجل من المرأة - معناه : يورث بعضهم من بعض من صلب أموالهم، لا يرثون ممّا يورث بعضهم من بعض شيئاً (3).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله رفعه ؛ أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قضى في رجل وامرأة ماتا جميعاً في الطاعون، مانا على فراش واحد ، ويد الرجل ورِجله على المرأة، فجعل الميراث للرجل ، وقال : إنّه مات بعدها (4).

ص: 146


1- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 7 . والدخل : العيب والغش والفساد. وعليه، فمعنى : ادْخَلَ أبو حنيفة في هذه المسألة شيئاً، إنما غرضه كان التشنيع على مذهب الحق ، فردّ (علیه السلام) بأنه وإن كان غرضه ذاك إلا أنه لا يردّ لأنه حكم الله فلا ينكر .
2- التهذيب 9 نفس ،الباب ، ح 12 . وذكره أيضاً برقم 18 من الباب 90 من الجزء 6 من التهذيب.
3- التهذيب ،9 36 - باب ميراث الغرقى و ...، ح 2 بتفاوت وبدون التفسير والذي يظهر أنه من كلام الراوي أو المؤلف . الفقيه 4 ، 152 - باب ميراث الغرقى و ...، ح 2 بتفاوت وسند آخر.
4- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح .9 وأخرجه عن ابن فضال عن محمد الكاتب، عن عمرو بن خالد بن طلحة القنّاد عن أسباط بن نصر الهمداني عن سماك بن حرب عن قابوس عن أبيه عن علي إن علياً (علیه السلام) ... ويمكن أن يكون (علیه السلام) قد حكم بعلمه كمعصوم في هذه القضية والله العالم ويمكن أن يكون وجود يد الرجل ورجله على المرأة قرينة على أنه مات بعدها .

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام) لأبي حنيفة : يا أبا حنيفة، ما تقول في بيت سقط على قوم وبقي منهم صَبيّان؛ أحدهما حرّ والآخر مملوك لصاحبه، فلم يعرف الحرّ من المملوك ؟ فقال أبو حنيفة : يُعتق نصف هذا، ويُعتق نصف هذا، ويقسّم المال بينهما، فقال أبو عبد الله (علیه السلام): ليس كذلك، ولكنّه يُقرع بينهما، فمن أصابته القُرعة فهو حرُّ، ويعتق هذا فَيُجْعل مولى له (1).

76 - باب مواريث القتلى ومن يرث من الدية ومن لا يرث

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً عن ابن محبوب، عن حمّاد بن عيسى، عن سوار، عن الحسن قال : إنَّ عليّاً (علیه السلام ) لمّا هزم طلحة والزبير، أقبل الناس منهزمين ، فمرّوا بامرأة حامل على الطريق، ففزعت منهم فطرحت ما في بطنها حيّاً، فاضطرب حتّى مات، ثمَّ ماتت أمّه من بعده ، فمرَّ بها عليّ (علیه السلام) وأصحابه وهي مطروحة، وولدها على الطريق، فسألهم عن أمرها؟ فقالوا له : إنّها كانت حبلى، ففزعت حين رأت القتال والهزيمة قال: فسألهم أيّهما مات قبل صاحبه؟ فقيل : إِنَّ ابنها مات قبلها، قال: فدعا بزوجها أبي الغلام الميّت، فورَّثه من ابنه ثُلثَي الدية، وورَّث أُمّه ثلث الدّية، ثمّ ورّث الزوج من امرأته الميّتة نصف ثلث الدية الّذي ورثته من ابنها، وورَّث قرابة المرأة الميّتة الباقي، ثمَّ ورّث الزَّوج أيضاً من دية امرأته الميّتة نصف الدية، وهو ألفان وخمسمائة درهم وورَّث قرابة المرأة الميّتة نصف الدية، وهو ألفان وخمسمائة درهم، وذلك أنّه لم يكن لها ولد غير الّذي رمت به حين فزعت، قال: وأدّى ذلك كلّه من بیت مال البصرة (2).

من بيت مال

ص: 147


1- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 10 . الفقيه ،4 ، 152 - باب ميراث الغرقى و ...، ح ه وكان الشيخ رحمه الله قد ذكر هذا الحديث أيضاً برقم 17 من الباب 90 من الجزء 6 من التهذيب وفي سنده : المختار، بدل: الحسين بن المختار.
2- التهذيب 9 ، 40 - باب ميراث المرتد ومن يستحق الدية من ذوي الأرحام ، ح 13 الفقيه 4 ، 153 - باب ميراث الجنين والمنفوس والسقط ، ح 2 بتفاوت يسير. ويقول المحقق في الشرائع 14/4 :« الدية في حكم مال المقتول يُقضى منها دينه ويخرج منها وصاياه سواء قتل عمداً فأخذت الدية أو خطأ. وقال: «يرث الدية كل مناسب أو مسابب عدا من يتقرب بالأم فإن فيهم خلافاً ....».

2 - ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سليمان خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في دية المقتول، أنّه يرثها الورثة على كتاب الله وسهامهم، إذا لم يكن على المقتول دَين، إلّا الإخوة والأخوات من الأمّ، فإنّهم لا يرثون من ديته شيئاً (1).

3- ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) أنَّ الدية يرثها الورثة، إلّا الإخوة والأخوات من الأمّ.

4 - وعنه قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) أنَّ الدية يرثها الورثة إلّا الإخوة من الأمّ، فإنهم لا يرثون من الدية شيئاً (2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال الدية يرثها الورثة على فرائض المواريث، إلّا الإخوة من الأمّ، فإنّهم لا يرثون من الدية شيئاً (3) .

6 - حميد بن زياد عن ابن سماعة، عن عبد الله بن جبلة؛ وعليّ بن رباط، عن

عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يرث الإخوة من الأمّ من الدية شيئاً (4).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن يحيى الأزرق قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يُقتل ويترك دَيناً ، وليس له مال، فيأخذ أولياؤه الدية، أعليهم أن يَقْضُوا دَينه؟ قال: نعم، قلت: وإن لم يترك شيئاً؟ قال: نعم، إنّما أخذوا دِيتَه، فعلیهم أن يقضوا دينه (5).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته هل للإخوة من الأمّ من الدية شيء؟ قال: لا(6) .

ص: 148


1- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح 7 الفقيه 4 ، 163 - باب ميراث القاتل ومن يرث من الدية ومن ...، ح 4. انظر التعليقة أعلاه .
2- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 8 و 9 . وفي الثاني : ... الميراث ... بدل: ... المواريث ...
3- التهذيب 9، نفس الباب ، ح 8 و 9 . وفي الثاني : ... الميراث ... بدل: ... المواريث ...
4- التهذيب 9، نفس الباب، ح 12 .
5- التهذيب 9 ، 40 - باب ميراث الغرقى و....، ح 10 و 11 .
6- التهذيب 9 ، 40 - باب ميراث الغرقى و....، ح 10 و 11 .

77 - باب ميراث القاتل

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لا يتوارث رجلان قتل أحدُهما صاحبه (1).

2 - أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتل أمّه أيَرِتُها؟ قال : سمعت أبي (علیه السلام) يقول : أيّما رجل ذو رحم قتل قريبه، لم يرثه (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، جميعاً عن جميل بن درّاج، عن أحدهما (علیهما السلام) قال: لا يرث الرجل إذا قتل ولده أو والده ولكن يكون الميراث لورثة القاتل (3) .

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل قتل أمّه قال : لا يرثها، ويُقتل بها صاغراً ، ولا أظنّ قتله بها كفّارة لذنبه (4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : لا ميراث للقاتل(5) .

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛

ص: 149


1- التهذيب 9 ، 41 - باب ميراث القاتل ح1 الفقيه 4 ، 28 - باب الرجل يقتل ابنه أو أباه أو ...، ذيل ح 1 . ولا بد من حمله على ما إذا قتله متعمداً ظالماً، أما إذا قتله عمداً بحق لم يمنع إجماعاً عند أصحابنا، وأما إذا قتله خطأ ورث على الأشهر عندهم، ونقل المحقق في الشرائع 14/4 عن الشيخ المفيد رحمه الله أنه خرج وجهاً آخر هو المنع من الدية واستحسنه المحقق رحمه الله ولكنه قال والأول أشبه .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ح 2 . وفيه : ذي رحم. وفيه أيضاً قرابته...
3- التهذيب 9 نفس الباب، ح3 .
4- التهذيب 9 ، 41 - باب ميراث القاتل، ح 4 . الففيه ،4 ، 28 - باب الرجل يقتل ابنه أو أباه أو . 000 ح 4 . وكذا في 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح 18 . وكرره الشيخ الكليني رحمه الله في كتاب الديات، باب الرجل يقتل ابنه و...، ح 2 بتفاوت في التقديم والتأخير. وكذا كرر الشيخ هذا الحديث برقم 10 من الباب 25 من الجزء 10 من التهذيب.
5- التهذيب 9 نفس الباب، ح 5 .

جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن امرأة شربت دواءً وهي حامل، ولم يعلم بذلك زوجها، فألقت ولدها؟ قال: فقال : إن كان له عظم وقد نبت عليه اللّحم عليها دية تسلّمها لأبيه، وإن كان حين طرحته علقةً أو مُضْغَةً، فإنّ عليها أربعين ديناراً أو غُرَّة تؤدّيها إلى أبيه ، قلت له : فهي لا ترث ولدها من ديته مع أبيه؟ قال : لا، لأنّها قتلته فلا ترثه (1).

7- الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن حمّاد بن عثمان، عن فضيل بن يسار عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يُقتَل الرجل بولده إذا قتله ويُقتل الولد بوالده إذا قتل والده، ولا يرث الرجل أباه إذا قتله، وإن كان خطأً(2).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : المرأة ترث من دية زوجها، ويرث من ديتها، ما لم بقتل أحدهُما صاحبَه (3).

9 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الله بن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : هل للمرأة من دية زوجها، وهل للرجل من دية امرأته شيء؟ قال: نعم، ما لم يقتل أحدُهما الآخَرَ (4).

ص: 150


1- التهذيب ،9 نفس ،الباب ح 9 بتفاوت يسير. وكرره برقم 15 من الباب 25 من الجزء 10 من التهذيب. الاستبصار 4 ، 179 - باپ دية الجنين، ح 9 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 35 - باب دية النطفة والعلقة و....، ح 6. والغرة : العبد أو الأمة . وقد دل الحديث على أن الجانية مخيّرة بين أن تدفع إلى والده غُرَةً أو أربعين ديناراً دية الحمل، إذا كان في مرحلة العلقة ، وهذا قول ثالث عند بعض أصحابنا، والقولان الآخران غُرّة، وقد ذكره الشيخ في المبسوط والخلاف وغيرهما، والقول الثاني أربعون ديناراً، وكلاهما على التعيين .
2- التهذيب 9، نفس الباب، ح 12 بتفاوت. الاستبصار 4 ، 111 - باب إن القاتل خطأ يرث المقتول . ح 3 بتفاوت. وما تضمنه الحديث خلاف الأشهر عند أصحابنا كما سبق وأشرنا إليه من أن القاتل خطأ يرث كقاتل العمد ولكن بحق. وطعن الشيخ في التهذيب بإرسال الحديث، وقال: ومع ذلك يحتمل أن يكون الوجه فيه ما كان يقوله شيخنا (المفيد) من أنه لا يرث الرجل الرجل إذا قتله خطأ من دينه ويرثه مما عدا الدية والمتعمد لا يرثه شيئاً لا من الدية ولا من غيرها. وراد في الاستبصار وجهاً آخر وهو حمل الحديث على التقية.
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح6 . الاستبصار 4، 114 - باب الزوج والزوجة يرث كل واحد منهما من ...، ح1.
4- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 7. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 . ولا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في أن كلا من الزوجين يرث من دية الآخر لأنها في حكم مال المقتول، ولكن بالشرط المذكور في الروايات وهو ألا يكون قاتلاً له عمداً بغير حق .

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قُتل الرجل أباه قتل به، وإن قتله أبوه لم يُقتل به، ولم يرثه (1).

الفضل بن شاذان قال : لو أنَّ رجلاً ضرب ابنه غيرَ مسرف في ذلك يريد تأديبه، فقُتل الابن من ذلك الضرب، ورثه الأب، ولم تلزمه الكفّارة، لأنَّ ذلك للأب، لأنّه مأمور بتأديب ولده، لأنه في ذلك بمنزلة الإمام، يقيم حدَّا على رجل فمات فلا دية عليه، ولا يسمّى الإمام قاتلاً .

وإن ضربه ضرباً مُسرفاً لم يرثه الأب، فإن كان بالابن جرح أو خراج فَبَطّه(2)الأب فمات من ذلك، فإنَّ هذا ليس بقاتل، ولا كفّارة عليه، وهو يرثه، لأنَّ هذا بمنزلة الأدب والاستصلاح والحاجة من الولد إلى ذلك وإلى شبهه من المعالجات .

ولو أنَّ رجلاً كان راكباً على دابّة، فأوطأت الدابّة أباه أو أخاه فمات، لم يرثه، ولو كان يسوق الدابّة أو يقودها فوطأت الدابّة أباه أو أخاه فمات، ورثه، وكانت الدية على عاقلته لغيره من الورثة، ولم تلزمه الكفّارة.

ولو أنّه حفر بئراً في غير حقّه، أو أخرج كنيفاً، أو ظُلّه، فأصاب شيء منها وارثاً له فقتله، لم تلزمه الكفّارة، وكانت الدية على العاقلة، وورثه، لأنَّ هذا ليس بقاتل، ألا ترى أنّه لو كان فعل ذلك في حقّه لم يكن بقاتل، ولا وجب في ذلك دية ولا كفارة، فإخراجه ذلك الشيء في غير حقّه ليس هو بقتل ، لأنَّ ذلك بعينه يكون في حقّه ، فلا يكون قتلا، وإنّما ألزم الدية في ذلك إذا كان في غير حقّه ، احتياطاً للدّماء ، ولئلا يبطل دم امرىء مسلم، وكيلا يتعدّى الناس حقوقهم إلى ما لا حقَّ لهم فيه، وكذلك الصبي والمجنون لو قتلا لورثا وكانت الدية على العاقلة، والقاتل يحجب وإن لم يرث .

قال : ولا يرث القاتل من المال شيئاً ، لأنّه إن قتل عمداً فقد أجمعوا أنّه لا يرث، وإن قتل خطاً، فكيف يرث وهو تؤخذ منه الدية ، وإنّما منع القاتل من الميراث إحتياطاً لدماء المسلمين كيلا يقتل أهلُ الميراث بعضهم بعضاً طَمَعاً في المواريث .

ص: 151


1- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 8.
2- بطّ الجرح أو الدمّل : شقّه .

78 - باب ميراث أهل المِلَل

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل؛ وهشام، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : فيما روى الناس عن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) أنّه قال : لا يتوارث أهلُ مِلّتين، فقال: نرثهم ولا يرثونا ، لأنّ الإسلام لم يزده في حقّه إلّا شدَّة (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : لا يرث اليهودي ولا النصراني المسلمَ، ويرث المسلمُ اليهوديَّ والنصرانيَّ(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرَّجل المسلم هل يرث المشرك؟ قال: نعم، ولا يرث المشركُ المسلمَ(3) .

4 - عنه ، عن موسى بن بكر، عن عبد الله بن أعين قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : جُعِلتُ فداك، النصرانيّ يموت وله ابن مسلم، أيرثه؟ قال: فقال: نعم، إنَّ الله عزّ وجلَّ لم يزده بالإسلام إلّا عزّاً، فنحن نرثهم ولا يرثونا(4) .

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : المسلم يَحْجُبُ الكافر، ويرثه والكافر لا يحجب المؤمن ولا يرثه (5).

6 - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : المسلم يرث امرأته الذميّة ولا ترثه (6).

ص: 152


1- التهذيب ،9 38 باب ميراث أهل الملل المختلفة .... ، ح 1 . الاستبصار 4 ، 110 - باب أنه يرث المسلم - الكافر ولا ... ، ح 1 بتفاوت في الذيل فيهما .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 2. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 . الفقيه 4 ، 171 - باب ميراث أهل الملل ، ح 11 بتفاوت .
3- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح .3 الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح .3 الفقيه ،4 ، نفس الباب ، ح 6 بتفاوت .
4- التهذيب ،9 نفس ،الباب ح 4. الاستبصار ،4 ، نفس الباب ح 4. الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 5 بتفاوت وأخرجه عن محمد بن مسلم عن ابن أعين...
5- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 6. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح .6 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح8.
6- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح5 الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح5 الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 9 وفي ذيله . وهي لا ترثه . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الكفر مانع عن الإرث، فلا يرث ذمي ولا حربي ولا مرتد مسلماً، ويرث المسلم الكافر أصلياً أو مرتداً، فراجع الشرائع للمحقق 12/4 وما بعدها، واللمعة وشرحها للشهيدين 2 الميراث الفصل الأول من الطبعة الحجرية .

79 - باب آخر في ميراث أهل المِلَل

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعدَّةً من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن مالك بن أعين عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن نصراني مات وله ابن أخ مسلم، وابن أخت ،مسلم ، وللنصراني أولاد وزوجة نصاري؟ قال: فقال : أرى أن يعطى ابن أخيه المسلم ثلثي ما ترك، ويعطى ابن أخته ثلث ما ترك، إن لم يكن له ولد صغار، فإن كان له ولد صغار، فإنَّ على الوارثَين أن ينفقا على الصغار ممّا ورثا من أبيهم حتّى يُدركوا ، قيل له : كيف يُنفقان؟ قال : فقال : يُخرج وارث الثلثين ثُلُثَي النفقة، ويُخرج وارث الثلث ثلث النفقة ، فإن أدركوا قَطَعا النفقة عنهم ، قيل له : فإن أسلم الأولاد وهم صغار ؟ قال : فقال : يُدْفَعُ ما ترك أبوهم إلى الإمام حتّى يُدركوا ، فإن بقوا على الإسلام، دفع الإمام ميراثهم إليهم، وإن لم يبقوا على الإسلام إذا أدركوا ، دفع الإمام ميراثه إلى ابن أخيه وابن أخته المسلمَين، يدفع إلى ابن أخيه ثلثَي ما ترك، ويدفع إلى ابن أخته ثلث ما ترك (1).

2 - ابن محبوب، عن ابن رئاب عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن رجل مسلم ،مات وله أمّ نصرانية، وله زوجة وولد مسلمون؟ قال : فقال : إن أسلمت أمّه قبل أن يقسّم ميراثه أعطيت السدس قلت: فإن لم يكن له امرأة ولا ولد ولا وارث له سهم في الكتاب من المسلمين، وأمّه نصرانيّة ، وله قرابة نصارى ممّن له سهم في الكتاب لو كانوا مسلمين، لمن يكون ميراثه؟ قال: إن أسلمت أمّه فإنَّ جميع ميراثه لها ، وإن لم تُسلم أمّه وأسلم بعض قرابته ممّن له سهم في الكتاب، فإنَّ ميراثه له ، وإن لم يُسلم من قرابته أحد، فإنَّ ميراثه للإمام (2).

ص: 153


1- التهذيب ،9، 38 - باب ميراث أهل الملل المختلفة و . . . ، ح 14 . الفقيه 4 ، 171 - باب ميراث أهل الملل ح 13 وفي سنده : عن عبد الملك بن أعين أو مالك بن أعين... هذا ويقول المحقق رحمه الله في شرائع الإسلام 13/4 :« لو خلف نصراني أولاداً صغاراً، وابن أخ وابن أخت مسلمين كان لابن الأخ ثلثي التركة، ولابن الأخت ثلثه وينفق الإثنان على الأولاد بنسبة حقهما، فإن بلغ الأولاد مسلمين فهم أحق بالتركة على رواية مالك بن أعين ، وإن اختاروا الكفر استقر ملك الوارتين على ما ورثاه ، ومنع الأولاد، وفيه إشكال ينشأ من إجراء الطفل مجرى أبويه في الكفر ، وسبق القسمة على الإسلام يمنع الاستحقاق» .
2- التهذيب 9 نفس الباب ، ح 15 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 12 .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عبد الله مسکان، بن عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: من أسلم على ميراث قبل أن يقسّم فله ميراثه، وإن أسلم بعدما قسّم فلا ميراث له (1).

4 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان الأحمر، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : من أسلم على ميراث قبل أن يقسم الميراث، فهو له، ومن أسلم بعد ما قسّم فلا ميراث له، ومن أعتق على ميراث قبل أن يقسّم المواريث فهو له، ومن أعتق بعدما قسّم فلا میراث ،له وقال : في المرأة إذا أسلمت قبل أن يقسّم الميراث، فلها الميراث (2).

80 - باب أن ميراث أهل الملل بينهم على كتاب الله وسنّة نبيّه صلى الله عليه وآله

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنَّ عليّاً (علیه السلام) كان يقضي في المواريث فيما أدرك الإسلام من مال مشرك تركه لم يكن قسّم قبل الإسلام، أنّه كان يجعل للنساء والرجال حظوظهم منه على كتاب الله عزّ وجلَّ وسُنّة نبيّه (صلی الله علیه وآله وسلم) (3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في المواريث، ما أدرك الإسلام من مال مشرك لم يقسّم، فإنّ للنساء حظوظهنَّ منه (4).

ص: 154


1- التهذيب ،9، نفس الباب، ح 16.
2- التهذيب ،، نفس الباب، ح 17 . يقول المحقق في الشرائع 12/4 : «وإذا أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته شارك أهله إن كان مساوياً في الدرجة وانفرد به إن كان أولى ، ولو أسلم بعد القسمة، أو كان الوارث ،واحداً، لم يكن له نصيب ... الخ» .
3- التهذيب ،9 38 باب ميراث أهل الملل المختلفة و...، ح 23 . الاستبصار 4 ، 110 - باب أنه يرث المسلم الكافر ولا يرثه الكافر ، ح 15 . وقد دل الحديث على أن أحكام المواريث طبق الإسلام تجري على أهل الذمة وبهذا تفترق عن باقي الأحكام التي خير النبي أو الإمام (صلی الله علیه وآلله وسلم) فيها بين الحكم عليهم وفق شريعة الإسلام وبين ردّهم فيها إلى شريعة ملتهم.
4- التهذيب ،9 ، نفس الباب، ح24 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 16 . وفيه : فإن للنساء وللرجال... ومعنى الحديث : إنه (علیه السلام) كان يعطي النساء نصيبهن إذا أسلمن قبل القسمة، وفيه تعريض بما كان عليه الحال في الجاهلية من حرمان النساء من ذلك، وهذا هو الوجه في تخصيصهن بالذكر في هذا الحديث على رواية التهذيب والفروع. فتأمل.

عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس قال: إنَّ أهل الكتاب والمجوس يرثون ويورثون ميراث الإسلام من وجه القرابة الّتي تجوز في الإسلام، ويبطل ما سوی ذلك من ولادتهم، مثل الذي يتزوَّج منهم أمهّ أو أخته أو غير ذلك من ذوات المحارم، فإنّهم يرثون من جهة الأنساب المستقيمة، لا من وجه أنساب الخطأ.

وقال الفضل : المجوس يرثون بالنسب ولا يرثون بالنكاح، فإن مات مجوسيُّ وترك أمَّة - وهي أخته وهي امرأته - فالمال لها من قِبَل أنّها أمّ وليس لها من قبل أنها أخت وأنّها زوجة شيء، فإن ترك أمّاً وهي أخته وابنةً فللأمّ السدس، وللابنة النصف، وما بقي ردُّ عليهما على قدر أنصبائهما، وليس لها من قِبَل أنّها أخت شيء، لأنَّ الأخت لا ترث مع الأمّ. وإن ترك ابنته و هي أخته وهي امرأته، فإنّ هذه أخته لأمّه، فلها النصف من قِبَل أنّها ابنته، والباقي ردّ عليها، ولا ترث من قِبَل أنّها أخت، ولا من قبل أنّها زوجة شيئاً، وإن ترك أخته وهي امرأته، وأخاه، فالمال بينهما للذكر مثل حظّ الأنثيين، ولا ترث من قِبَل أنّها امرأته شيئاً، وهذا كلّه على هذا المثال إن شاء الله

فإن تزوَّج مجوسيّ ابنته فأولدها ابنتين، ثمَّ مات فإنّه ترك ثلاث بنات، فالمال بينهنَّ بالسویّة.

فإن ماتت إحدى الابنتين، فإنّها تركت أمّها، وهي أختها لأبيها، وتركت أختها لأبيها وأمّها، فالمال لأمّها الّتي أختها لأبيها، لأنّه ليس للإخوة والأخوات مع أحد الوالدين شيء (1).

81 - باب من يترك من الورثة بعضهم مسلمون وبعضهم مشركون

1- أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن التيمي (2)، عن أخيه أحمد بن الحسن، عن أبيه، ، عن جعفر بن محمّد، عن (3) ابن رباط رفعة(4) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام): لو أنَّ رجلاً :

ص: 155


1- أشار إلى ما تضمنه هذا الكلام لكل من يونس والفضل في الفقيه 4، 174 - باب ميراث المجوس فراجع
2- في الفروع : التيمي، وهذا علي بن الحسن بن فضال، وقد تنوعت الروايات في تلقيبه، ففي بعضها : - كما في الفروع - ولعله الأصح ، لأن جده - كما يذكر أستاذنا الإمام الخوئي - كان مولى تيم الله ، كما إن بعض الروايات لقب فيها بالتيملي .
3- في التهذيبين : عن جعفر بن محمد بن رباط.
4- في التهذيبين : روی . . . بدل رفعه . .

ذميّاً أسلم وأبوه حيُّ ، ولأبيه ولد غيره، ثمَّ مات الأب، ورثه المسلم جميع ماله، ولم يرثه ولده، ولا امرأته مع المسلم شيئاً (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في يهوديّ أو نصرانيّ يموت وله أولاد مسلمون وأولاد غير مسلمين؟ فقال: هم على مواريثهم(2).

82 - باب ميراث المماليك

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يقول في الرجل الحرّ يموت وله أمّ مملوكة ، قال : تُشتَرى من مال ابنها، ثمَّ تُعْتَق ثمَّ يورثها (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول في رجل توفّي وترك مالاً ، وله أمّ مملوكة، قال: تشترى أمّه، ونُعتق، ثمَّ يدفع إليها بقيّة المال (4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا مات الرجل، وترك أباه وهو مملوك، أو أمّه وهي مملوكة، والميّت حرّ ، اشتري ممّا ترك أبوه أو قرابته، وورث ما بقي من المال (5).

ص: 156


1- التهذيب 9، 38 - باب ميراث أهل الملل المختلفة و ... ، ح 25 . الاستبصار 4 ، 110 - باب أنه يرث المسلم الكافر ولا . . . ، ح 18 .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 26 بدون وله أولاد مسلمون .. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 17 . هذا وقد استظهر بعض متأخري الأصحاب من هذا الخبر إن الأولاد الغير المسلمين من هذا الكافر يرثونه كما ذهب إليه أكثر العامة . ويقول المحقق في الشرائع :« ولو لم يخلّف الكافر مسلماً ورثه الكافر إذا كان أصلياً، ولو كان الميت مرتداً ورثه الإمام مع عدم الوارث المسلم. وفي رواية : يرثه الكافر، وهي شاذة ولو كان للمسلم وراث كفار لم يرثوه وورثه الإمام (علیه السلام) مع عدم الوارث المسلم» .
3- التهذيب 9 32 - باب الحر إذا مات وترك وارثاً مملوكاً، ح .4 الاستبصار ،4 ، 103 - باب من خلف وارثاً مملوكاً ليس له وارث غيره حر، ح4 ، وفي ذيله ويورثها الفقيه 4 ، 172 - باب ميراث المماليك، ح 1 .
4- التهذيب 9 نفس الباب، ح5 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 5 .
5- التهذيب 9 نفس الباب، ح.7. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 7 بتفاوت يسير فيهما .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : الرجل يموت وله ابن مملوك ؟ قال : يشترى ،ويعتق، ثمَّ يدفع إليه ما بقي (1).

5 - محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يقول : في الرجل الحرّ يموت وله أمَّ مملوكة، قال تشترى من مال ابنها، ثمَّ تعتق، ثمَّ يورثها .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن جعفر (2)، عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن رجل مات وترك مالاً كثيراً ، وترك أمّاً مملوكة، وأختاً مملوكة؟ قال : تُشتريان من مال الميّت، ثمّ تعتقان وتورثان :قلت أرأيت إن أبى أهل الجارية، كيف يصنع ؟ قال : ليس لهم ذلك، ويقوِّمان قيمة عدل، ثمَّ يعطى مالهم على قدر القيمة، قلت: أرأيتَ لو أنّهما اشتريا ثمَّ أعتقا ثمَّ ورثاه من بعد من كان يرثهما؟ قال: يرثهما موالي ابنهما، لأنهما اشتُريا من مال الابن (3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الرجل يموت وله أمّ مملوكة ، وله مال أن تُشترى أمّه من ماله، ويُدْفَع إليها بقية المال، إذا لم يكن له ذو قرابة لهم سهم في الكتاب (4).

8 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن أبي ثابت عن حنان بن سدير عن ابن أبي يعفور ، عن إسحاق بن عمار قال مات مولى لعليّ (علیه السلام)، فقال: انظروا هل تجدون له ،وارثاً ، فقيل له : إنَّ له بنتين باليمامة مملوكتين، فاشتراهما من مال الميّت، ثمَّ دفع إليهما بقيّة المال (5).

ص: 157


1- ر
2- في التهذيبين عن محمد بن حفص .
3- التهذيب 9 نفس ،الباب .. الاستبصار 4 نفس الباب ، ح 3 . وقد ذهب بعض متأخري الأصحاب إلى حمل الخبر على التقية، أو يكون (و) في الحديث في قوله : واختاً مملوكة، بمعنى (أو).
4- التهذيب 9 ، 32 - باب الحر إذا مات وترك وارثاً مملوكاً ، ح 1 وفي ذيله في كتاب الله . الاستبصار 4 ، 103 - باب من خلف وارثاً مملوكاً ليس له وارث غيره حر، ح 1 . قوله (علیه السلام) : لهم سهم في .... المراد به أعم من السهم المعروف المذكور في القرآن، بل يكون مشمولا لعموم آية أولي الأرحام.
5- مر هذا وإن بتفاوت برقم 8 من الباب 74 من هذا الجزء وخرّجناه هناك، فراجع.

قال الفضل : فإن قال قائل : فإن أبى مولى المملوك أن يبيعه وامتنع من ذلك، يجبر عليه ؟ قيل : نعم ، لأنّه ليس له أن يمتنع ، وهذا حكم لازم، لأنّه يردُّ عليه قيمته تامّاً ولا ينقص منه شيئاً، وفي امتناعه فساد المال وتعطيله، وهو منهي عن الفساد.

فإن قال : فإنّها كانت أمّ ولد لرجل فيكره الرجل أن يفارقها وأحبّها، وخشي أن لا يصبر عنها وخاف الغيرة أن تصير إلى غيره هل تؤخذ منه ويفرّق بينه وبينها وبين ولده منها؟ قلنا : فالحكم يوجب تحريرها فإن خشي الرجل ما ذكرت وأحبَّ أن لا يفارقها، فله أن يعتقها ويجعل مهرها عتقها حتّى لا تخرج من ملكه، ثمَّ يدفع إليها ما ورثت.

فإن قال : فإنّها ورثت أقلّ من قيمتها، وورثت النصف من قيمتها، أو الثلث، أو الربع؟ قيل له : يعتق منها بحساب ما ورثت فإن شاء صاحبها أن يستسعيها فيما بقي من قيمتها فعل ذلك، وإن شاء أن تخدمه بحساب ما بقي منها فعل ذلك .

فإن قال : فإن كان قيمتها عشرة آلاف درهم، وورثت عشرة دراهم، أو درهماً واحداً، أو أقلّ من ذلك؟ قيل له : لا تبلغ قيمة المملوكة أكثر من خمسة آلاف درهم، الّذي هو دية الحرّة المسلمة، إن كانت ما ورثته جزءاً من قيمتها أو أكثر من ذلك، أعتق منها بمقدار ذلك وإن كان أقل من جزء من ثلاثين جزءاً لم يعبأ بذلك، ولم يعتق منها شيء، فإن كان جزءاً وكسراً، أو جزئين وكسراً، لم يعبأ بالكسر ، كما أنَّ الزّكاة تجب في المائتين ثمَّ لا تجب حتّى تبلغ مائتين وأربعين، ثمَّ لا تجب في ما بين الأربعينات شيء، كذلك هذا.

فإن قال قائل : لِمَ جعلت ذلك جزءاً من ثلاثين دون أن تجعله جزءاً من عشرة أو جزءاً من ستّين، أو أقل أو أكثر؟ قيل له : إنَّ الله عزّ وجلَّ يقول في كتابه : (يسئلونك عن الأهلّة قل مواقيت للنّاس والحجّ) (1)، وهي الشهور، فجعل المواقيت هي الشهور، فأتمُّ الشهور ثلاثون يوماً، وكان الّذي يجب لها من الرقّ والعتق من طريق المواقيت الّتي وقّتها الله عزّ وجلَّ للناس.

فإن قال : فما قولك فيمن أوصى لرجل بجزء من ماله ومات ولم يبيّن، هل تجعل له جزءاً من ثلاثين جزءاً من ماله كما فعلته للمعتق ؟ قيل له : لا ، ولكنّه تجعل له جزءاً من عشرة من ماله ، لأنَّ هذا ليس هو من طريق المواقيت، وإنّما هذا من طريق العدد ، فلمّا أن كان أصل العدد كلّه الّذي لا تكرار فيه ولا نقصان فيه عشرة، فأخذنا الأجزاء من ذلك، لأنَّ ما زاد على العشرة فهو تكرار، لأنّك تقول : إحدى عشر واثنتا عشر وثلاثة عشر، وهذا تكرار الحساب الأوّل، وما نقص

ص: 158


1- البقرة/ 189 .

من عشرة فهو نقصان عن حدّ كمال أصل الحساب، وعن تمام العدد، فجعلنا لهذا الموصى له جزءاً من عشرة، إذا كان ذلك من طريق العدد وهكذا روبنا عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ له جزءاً من عشرة، وجعلنا للمعتق جزءاً من ثلاثين، لأنّه من طريق المواقيت، وهكذا جعل الله المواقيت للناس الشهور كما ذكرنا .

فإن قال : فإن وهب رجل للمملوك مالاً ، هل يعتق بذلك المال كما أعتق بالأوّل؟ قيل له : إن هذا لا يشبه ذاك، فإنَّ الميّت لمّا أن مات لم يكن لذلك المال ربُّ غير المملوك، ولم يستحقّه أحدٌ غير المملوك، فيبقى مال لا ربِّ ،له والهبة لها ربُّ قائم بعينه، إن أزلنا عن المملوك رجع إلى ربّه القائم، وقد رضي ربّه بما صنع المملوك، فهذا لا يشبه ذاك، والحمد لله .

83 - باب إنه لا يتوارث الحر والعبد

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن جميل بن درّاج ؛ ومحمّد بن حمران، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يتوارث الحرُّ والمملوك (1).

2 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي نجران عن محمّد بن حمران عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يتوارث الحر والمملوك .

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (علیهما السلام) قال: لا يتوارث الحرُّ والمملوك(2).

4- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة، عن

ص: 159


1- التهذيب 9، 32 - باب الحر إذا مات وترك وارثاً مملوكاً، ح 11 و 12 و 13 بأسانيد أخرى. وكذلك هو في الاستبصار 4 ، 103 - باب من خلف وارثاً مملوكاً ليس له .... ح 11 . الفقيه 4 ، 172 - باب ميراث المماليك، ح 8 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 14/4 وهو بصدد الحديث عن موانع الإرث : «وأما الرق فيمنع في الوارث والموروث، فمن مات وله وارث حر وآخر مملوك، فالميراث للحر ولو بعد دون الرق وإن قرب، ولو كان الوارث رقاً وله ولد حر لم يمنع الولد برق أبيه . . . .» .
2- التهذيب ،9 ، 32 - باب الحر إذا مات وترك وارثاً مملوكاً، ح 11 . وقال الشيخ في التهذيب بعد إيراد هذه الأخبار: فالوجه في هذه الأخبار أنه لا يتوارث الحر والمملوك، بأن يرث كل واحد منهما صاحبه لأن المملوك لا يملك شيئاً فيرثه الحر، وهو لا يرث الحر إلا إذا لم يكن غيره، فأما مع وجود غيره من الأحرار فلا توارث بينهما على حال.

الحسن بن حذيفة، عن جميل عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: العبد لا يرث والطَليقُ لا يرث(1).

84 - باب الرجل يترك وارثين أحدهما حر والآخر مملوك

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن مهزم ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) ، في عبد مسلم وله أمّ ،نصرانيّة، وللعبد ابن حرُّ، قيل : أرأيت إن ماتت أمّ العبد وتركت مالاً؟ قال: يرثه ابن ابنها الحرّ (2).

85 - باب

1 - عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل كانت له أمُّ مملوكة ، فلمّا حضرته الوفاة، انطلق رجلٌ من أصحابنا فاشترى أمّه واشترط عليها أنّي أشتريك وأعتقك، فإذا مات ابنك فلان بن فلان فورثته أعطيني نصف ما ترثين على أن تعطيني بذلك عهد الله وعهد رسوله، فرضيت بذلك، فأعطته عهد الله وعهد رسوله . لَتَفِيَنَّ له بذلك، فاشتراها الرجل فأعتقها على ذلك الشرط ومات ابنها بعد ذلك فورثته، ولم يكن له وارث غيرها؟ قال: فقال أبو جعفر (علیه السلام) لقد أحسن إليها، وأجِرَ فيها، إنَّ هذا الفقيه، والمسلمون عند شروطهم، وعليها أن تفي له بما عاهدت الله ورسوله عليه (3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي

ص: 160


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 14. الاستبصار 4 ، 103 - باب من خلف وارثاً مملوكاً ليس ... ، ح 14 . الفقيه 4 ، 172 - باب ميراث المماليك، ح 7 وفيه لا يورّث بدل لا يرث في الموردين من الحديث. والمراد بالطليق ؛ المطلقة الباينة، أو العبد ،المعتق مجازاً ، قال الجوهري : الطليق : الأسير الذي أطلق عنه إساره مرآة المجلسي 224/23 . ويقول الشيخ في التهذيب بعد إيراده الحديث : فالوجه في هذا الخبر أن العبد لا يرث مع وجود حر هناك، فأما مع عدمه فإنه يرث..
2- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 19 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 15 . هذا، وقد أوردنا قبل نصاً يؤكد على أن الولد إذا كان حراً لم يمنع من الإرث برق أبيه .
3- التهذيب 9 ، 32 - باب الحر إذا مات وترك وارثاً مملوكاً، ح 20 بتفاوت قليل. والظاهر أن لزوم الوفاء له بما شرط ناشيء من لزوم الوفاء بالشرط في العنق لجوازه على الأشهر عندنا .

عبد الله (علیه السلام) في رجل كاتب مملوكه واشترط عليه أنَّ ميراثه له، فرفع ذلك إلى أمي-ر المؤمنين (علیه السلام) ، فأبطل شرطه وقال : شَرْطُ الله قبلَ شَرْطِكَ (1).

86 - باب ميراث المكاتبين

1 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن

منصور بن حازم عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : المكاتب يرث ويورث على قدر ما أدَّى (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ ؛ وعبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل مكاتب يموت وقد أدَّى بعض مكاتبته، وله ابن من جاريته؟ قال : إن كان اشترط عليه أنّه إن عجز فهو مملوك، رجع ابنه مملوكاً، والجارية، وإن لم يكن اشترط عليه ذلك، أدَّى ابنه ما بقي من مكاتبته، وورث ما بقي (3).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي نجران ؛ ومحمّد بن عيسى، عن يونس، جميعاً عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام)؛ في رجل مكاتب كانت تحته امرأة حرَّة ، فأوصت عند موتها بوصيّة، فقال أهل الميراث : لا يرث ولا تجيز وصيّتها له، لأنّه مكاتب لم يعتق ولا يرث، فقضى أنّه يرث بحساب ما أُعتِق منه .

4 - وبالإسناد عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) في مكاتب توفّي وله مال؟ قال : يحسب ميراثه على قدر ما أعتق منه لورثته، وما لم يُعتق منه لأربابه الّذين كاتبوه من ماله(4).

ص: 161


1- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 21 . وفيه : كاتب مملوكة واشترط عليها ... وكرره برقم 13 من الباب 34 من نفس الجزء بتفاوت وذكره أيضاً برقم 16 من الباب 3 من الجزء 8 من التهذيب . «وهذا موافق لما هو المشهور بين الأصحاب من عدم جواز بيع الولاء وهبته واشتراطه ، وقال الشيخ : إن شرط عليه - یعني المكاتب - أن يكون له ولاؤه كان له الولاء دون غيره . أقول: لا يتوهم التنافي بينه وبين الخبر السابق، لأن الخبر السابق كان فيه اشتراط ماله لغيره، وهذا اشتراط مال غيره لغيره فتأمل مرآة المجلسي 226/23 - 227 .
2- التهذيب ،9 ، 34 - باب ميراث المكاتب، ح . 2. الفقيه 4 ، 173 - باب ميراث المكاتب، ح 4 .
3- التهذيب ،9 نفس الباب ح 3 . وذكره أيضاً برقم 24 من الباب 3 من الجزء 8 من التهذيب. الاستبصار 4 ، 21 - باب ميراث المكاتب، ح 3 الفقيه 3، 50 - باب المكاتبة ، ح 18 . وقد دل هذا الحديث وما شابهه على أن ابن المكاتب يأخذ حكم أبيه إذا تحرر منه بعضه بما أدّى من مال كتابته، ولكي يصبح كامل الولد حراً لا بد وأن يؤدي من الحصة التي تخصه بحساب ما بقي على أبيه .
4- التهذيب ،9 ، نفس الباب، ح1 الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 بتفاوت الفقيه 4 ، 173 – باب ميراث المكاتب ، ح 3 بتفاوت. وفي الأخيرين: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام)...

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة قال : سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن رجل مكاتب مات ولم يؤدّ مكاتبته، وترك مالاً وولداً؟ قال: إن كان سيّده حين كاتبه اشترط عليه إن عجز عن نجم من نجومه فهو ردَّ في الرقّ، وكان قد عجز عن نجم، فما ترك من شيء فهو لسيّده، وابنه ردّ في الرقّ إن كان له ولد قبل المكاتبة، وإن كان كاتبه بعد ولم يشترط عليه، فإنّ ابنه حرّ، فيؤدّي عن أبيه ما بقي عليه ممّا ترك أبوه، وليس لابنه شيء من الميراث حتّى يؤدّي ما عليه، فإن لم يكن أبوه ترك نيئاً، فلا شيء على ابنه (1).

6 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد، عن محمّد بن زياد، عن محمّد بن حمران ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن مكاتب يؤدّي بعض مكاتبته، ثمَّ يموت ويترك ابناً له من جاريته؟ قال: إن اشترط عليه صار ابنه مع أمّه مملوكَين، وإن لم يكن اشترط عليه، صار ابنه حرّاً، وأدَّى إلى الموالي بقيّة المكاتبة، وورث ابنه ما بقي(2).

7 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) في مكاتب مات وقد أدَّى من مكاتبته شيئاً، وترك مالاً، وله ولدان أحرار؟ فقال : إنَّ عليّاً (علیه السلام) كان يقول : يجعل ماله بينهم بالحصص (3).

8 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قلت له : مكاتب اشترى نفسه، وخلّف مالاً قيمته مائة ألف، ولا وارث له ؟ قال : يرثه من يلي جريرته قال : قلت من الضامن لجريرته؟ قال: الضامن لجرائر المسلمين (4).

87 - باب ميراث المرتد عن الإسلام

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عمّن ذكره، عن

ص: 162


1- التهذيب 9 ، 34 - باب ميراث المكاتب ، ح 4. وذكره أيضاً برقم 29 من الباب 3 من الجزء 8 من التهذيب . الاستبصار 4 21 - باب ميراث المكاتب ح 6 بتفاوت . ويقول المحقق في الشرائع 128/3 : «إذا مات المكاتب وكان مشروطاً بطلت الكتابة وكان ما تركه لمولاه، وأولاده رق، وإن لم يكن مشروطاً تحرر منه بقدر ما أداه وكان الباقي رقاً، ولمولاه من تركته بقدر ما فيه من رق، ولورثته بقدر ما فيه من حرية، ويؤدي الوارث من نصيب الحرية ما بقي من مال الكتابة» .
2- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 5 بتفاوت يسير .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 9 .
4- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 11 الفقيه ،4 ، 173 - باب ميراث المكاتب، ح 1 . أقول : والضامن لجرائر المسلمين هو الإمام (علیه السلام) ، وهو وارث من لا وارث له .

أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل يموت مرتدّاً عن الإسلام وله أولادٌ؟ فقال: ماله لولده المسلمين (1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد الحناطّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل ارتدّ عن الإسلام لمن يكون ميراثه؟ قال : يقسّم ميراثه على ورثته على كتاب الله عزّ وجلَّ (2).

3 - ابن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميّ ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا ارتدَّ الرجل المسلم عن الإسلام، بانت منه امرأته كما تبين المطلّقة، وإن قتل أو مات قبل إنقضاء العدَّة، فهي ترثهُ في العدّة، ولا يرثها إن ماتت وهو مرتدٌّ عن الإسلام(3).

4 - ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن المرتد؟ فقال: من رغب عن دين الإسلام وكفر بما أنزل الله على محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم) بعد إسلامه فلا توبة له، وقد وجب قتله وبانت امرأته منه فليقسّم ما ترك على ولده (4).

88 - باب ميراث المفقود

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن [يونس]، عن هشام بن سالم قال : سأل خطّاب الأعور أبا إبراهيم (علیه السلام) - وأنا جالسٌ - فقال : إنّه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالأجر، ففقدناه، وبقي له من أجره شيء، ولا نعرف له وارثاً؟ قال: فاطلبوه، قال: قد طلبناه

ص: 163


1- التهذيب 9 ، 40 - باب ميراث المرتد و ...، ح 4. وكرره برقم 27 من الباب 9 من الجزء 10 من التهذيب . الفقيه 3، 56 - باب الإرتداد ح 10 .
2- التهذيب 9 ، 40 - باب ميراث المرتد ومن ...، ح .. الفقيه 4 169 - باب ميراث المرتد، ح 1 . وزيادة .
3- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح ا بتفاوت وزيادة الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 2 . يقول المحقق في الشرائع 13/4 :«تقسّم تركة المرتد عن فطرة حين ارتداده وتبين زوجته وتعتد عدة الوفاة سواء قتل أو بقي ولا يستاب، والمرأة لا تقتل وتحبس وتضرب أوقات الصلوات ولا تقسم تركتها حتى تموت، ولو كان المرتد لاعن فطرة استيب فإن تاب وإلا قتل ولا يقسم ماله حتى يقتل أو يموت وتعتد زوجته من حين اختلاف دينهما، فإن عاد قبل خروجها من العدة فهو أحق بها، وإن خرجت العدة ولم يعد فلا سبيل له عليها» . وراجع أيضاً اللمعة وشرحها للشهيدين 2 من الطبعة الحجرية، كتاب الحدود ص 368 وما بعدها.
4- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 3 بتفاوت يسير وكرره برقم (1) من الباب 9 من الجزء 8 من التهذيب. الاستبصار 4 149 - باب حد المرتد والمرتدة، ح ا بتفاوت يسير.

فلم نجده قال : فقال مساكين - وحرّك يديه - قال : فأعاد عليه قال : اطلب واجهد، فإن قدرت عليه وإلّا فهو كسبيل مالك حتّى يجىء له طالب، فإن حدث بك حَدَث فأوصِ به إن جاء له طالب أن يُدْفَع إليه (1).

2 - يونس، عن أبي ثابت؛ وابن عون عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل كان له على رجل حقٌّ، ففقده ولا يدري أين يطلبه، ولا يدري أحيُّ هو أم ميّت، ولا يعرف له وارثاً ولا نَسَباً ولا بلداً؟ قال: أطلب قال : إنَّ ذلك قد طال، فأتصدّق به؟ قال : اطلبه (2).

3 - يونس ، عن نصر(3) بن حبيب صاحب الخان قال : كتبت إلى عبد صالح (علیه السلام) : قد وقعت عندي مائتا درهم وأربعة دراهم ، وأنا صاحب فندق، ومات صاحبها ولم أعرف له ورثة، فرأيك في إعلامي حالها وما أصنع بها، فقد ضقت بها ذَرْعاً؟ فكتب : اعمل فيها. وأخرجها صدقة قليلاً قليلاً حتّى تخرج(4).

4 - يونس ، عن الهيثم أبي (5) رَوْح صاحب الخان قال : كتبت إلى عبد صالح (علیه السلام) : إنّي أتقبّل الفنادق، فينزل عندي الرّجل فيموت فجأة لا أعرفه ولا أعرف بلاده، ولا ورثته، فيبقى المال عندي كيف أصنع به ولمن ذلك المال؟ فكتب (علیه السلام) : اتركه على حاله (6).

5 - يونس، عن إسحاق بن عمّار قال : قال لي أبو الحسن (علیه السلام) : المفقود يُتَربّص بماله أربع سنين ثمَّ يقسّم(7).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن مهزیار قال: سألت أبا جعفر الثاني (علیه السلام) عن دار كانت لامرأة، وكان لها ابن وابنة فغاب الابن بالبحر، وماتت المرأة، فادّعت ابنتها أنَّ أُمّها كانت صيّرت هذه الدار لها، وباعت أشقاصاً (8) منها، وبقيت في الدار

ص: 164


1- التهذيب 9 ، 45 - باب ميراث المفقود ح4. الاستبصار 4، 114 - باب ميراث المفقود الذي لا يعرف له وارث، ح .. الفقيه 4 ، 168 - باب ميراث المفقود، ح 2 بتفاوت وفيه سأل حفص الأعور أبا عبد الله (علیه السلام) ...
2- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 5 الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح 1 بتفاوت يسير وفي سنده : عن ابن ثابت. الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 4 وفي سنده : ... عن يونس عن ابن عون ....
3- في التهذيبين عن فيض بن حبيب صاحب الخان.
4- التهذيب 9 ، 45 - باب ميراث المفقود ، ح 6 . الاستبصار 4 ، 114 - باب ميراث المفقود الذي لا . ح 4.
5- في الاستبصار: ابن ...
6- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح7 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .
7- الفقيه 4 ، 168 - باب ميراث المفقود، ح1.
8- جمع شِقص : وهو الحظ والنصيب والسهم .

قطعة إلى جنب دار رجل من أصحابنا، وهو يكره أن يشتريها لغيبة الابن، وما يتخوّف من أن لا يحل له شراؤها، وليس يعرف للابن خبرُ؟ فقال لي : ومنذ كم غاب؟ فقلت : منذ سنين كثيرة، فقال : ينتظر به غيبته عشر سنين ، ثمَّ يشترى؟ فقلت له : فإذا انتظر به غيبته عشر سنين يَحِلّ شراؤها ؟ قال : نعم (1).

7- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألته عن رجل كان له ولد فغاب بعض ولده ولم يدر أين هو ومات الرجل، كيف يصنع بميراث الغائب من أبيه ؟ قال : يُعزل حتّى يجىء، قلت: فُقدَ الرجل فلم يجيء؟ فقال : إن كان ورثة الرجل ملاءً بماله اقتسموه بينهم، فإذا جاء ردّوه عليه (2).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد، عن اسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) مثله .

9 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن ابن رباط ؛ وعبدالله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) قال: سألته عن رجل كان له ولد فغاب بعض ولده، ولم يدر أين هو، ومات الرجل ، فأيُّ شيء يُصْنَع بميراث الرجل الغائب من أبيه؟ قال : يُعزل حتّى يجيىء، قلت: فعلى ماله زكاة؟ قال : لا ، حتى يجيىء، قلت: فإذا جاء يزكّيه؟ قال : لا ، حتّى يحول عليه الحول في يده فقلت : فُقد الرجل فلم يجيء؟ قال : إن كان ورثة الرجل ملاءً بماله اقتسموه بينهم، فإذا هو جاء ردّوه عليه (3).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) : المفقود يحبس ماله الورثة على قدر ما يُطلب في الأرض أربع سنين، فإن

ص: 165


1- التهذيب 9، نفس الباب، ح 8.
2- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 49/4: «المفقود يُتربص بماله ، وفي قدر التربص أقوال، قيل : أربع سنين وهي رواية عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله (علیه السلام)، وفي الرواية ضعف وقيل : تباع داره بعد عشر سنين، وهي اختيار المفيد (رحمه الله) وهي رواية علي بن مهزيار عن أبي جعفر (علیه السلام) ... والاستدلال بمثل هذه تعسف. وقال الشيخ : إن دفع إلى الحاضرين وكفلوا به جاز، وفي رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (علیه السلام) : إذا كان الورثة ملاء اقتسموه فإن جاء ردّوه عليه، وفي إسحاق قول، وفي طريقها سهل بن زياد وهو ضعيف وقال في الخلاف : لا يقسم حتى تمضي مدة لا يعيش مثله إليها . بمجرى العادة، وهذا أولى وراجع أيضاً الشرائع للمحقق (رحمه الله)4/ 16.
3- التهذيب 9 ، 45 - باب ميراث المفقود ، ح 2 ، الفقيه 4 ، 168 - باب ميراث المفقود، ح 3 بتفاوت وأخرجه عن ابن أبي نصر عن حماد عن إسحاق بن عمار قال: سألته . . .

لم يقدر عليه قسّم ماله بين الورثة ، وإن كان له ولد، حبس المال وأنفق على ولده تلك الأربع سنين (1).

89 - باب ميراث المُسْتَهلّ

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن ربعيّ بن عبد الله عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سمعته يقول في المنفوس(2) إذا تحرّك ورث، إنّه ربما كان أخرس .

2 - عليُّ ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعيّ قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول في السقط إذا سقط من بطن أمّه ، فتحرَّك تَحرُّكاً بَيِّناً ، يرث ويورّث، فإنّه ربّما كان أخرس (3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل، فوضعت بعد موته غلاماً ، ثمَّ مات الغلام بعدما وقع على الأرض، فشهدت المرأة الّتي قبلتها أنّه استهلَّ وصاح حين وقع على الأرض، ثمَّ مات بعد ذلك؟ قال : على الإمام أن يجيز شهادتها في رُبع ميراث الغلام .

4 - ابن محبوب عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول: تجوز شهادة القابلة في المولود إذا استهلّ وصاح في الميراث، ويورث الربع من الميراث بقدر شهادة امرأة واحدة، قلت: فإن كانتا امرأتين؟ قال تجوز شهادتهما في النصف من الميراث(4).

5 - حمید بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن محمّد بن زياد، عن عبد الله ابن سنان ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في ميراث المنفوس من الدية؟ قال : لا يرث من الدِّية شيئاً حتّى يصيح ويُسْمَعَ صوته (5).

ص: 166


1- التهذيب 9 نفس الباب، ح 3 .
2- المنفوس : المولود من نَفَست المرأة؛ إذا ولدت، فهي نُفَساء.
3- التهذيب 9 ، 46 - باب من الزيادات ، ح 1 . الاستبصار 4، 115 - باب ميراث المستهلّ ، ح 1 .
4- التهذيب 6 ، 91 - باب البينات ، ح 141 . الاستبصار 3 ، 17 - باب ما يجوز شهادة النساء فيه وما لا يجوز، ح 36 .
5- التهذيب 9 ، 46 - باب من الزيادات ، ح 4 ، الاستبصار 4 ، 115 - باب ميراث المستهل، ح 4 بتفاوت فيهما . يقول المحقق في الشرائع 48/4: «الحمل يرث إن ولد حياً، وكذا لو سقط بجناية أو غير جناية فتحرك حركة الأحياء، ولو خرج نصفه حياً والباقي ميتاً لم ،برث، وكذا لا يرث لو تحرك حركة لا تدل على استقرار الحياة كحركة المذبوح، وفي رواية ربعي عن أبي جعفر (علیه السلام) : إذا تحرك تحركاً بيناً يرث ويورث، وكذا في رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (علیه السلام) ...».

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن عون، عن بعضهم قال: سمعته (علیه السلام) يقول : إنَّ المنفوس لا يرث من الدية شيئاً حتّى يستهلَّ ويُسْمَعَ صوته .

90 - باب ميراث الخُنثى

1 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سئل عن مولود ولد وله قُبُلٌ وذَكَر كيف يورّث ؟ قال : إن كان يبول من ذكره فله ميراث ،الذكر، وإن كان يبول من القُبُل فله ميراث الأنثى (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد،

عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يورّث الخنثى من حيث يبول (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت له : المولود يولد ، له ما للرجال وله ما للنساء؟ قال : يورث من حيث سبق ،بوله فإن خرج منهما سواء، فمن حيث ينبعث(3)، فإن كانا ،سواءً ، ورث ميراث الرجال والنساء (4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیهما السلام) في مولود له ما للذكور وما للأنثى؟ قال: يورث من الموضع الّذي

ص: 167


1- التهذيب 9 ، 35 - باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره من الناس، ح 1.
2- التهذيب ،9 ، نفس الباب، ح 2 .
3- يعني يخرج بدفق وقوّة .
4- التهذيب 9 ، 35 - باب ميراث الخنثى ومن . . . ، ح 3 بتفاوت يسير . هذا ويقول المحقق في الشرائع 41/4 - 42: «من له فرج الرجال والنساء يرث على الفرج الذي يسبق منه البول، فإن جاء منهما اعتبر الذي ينقطع منه أخيراً فيورث عليه، فإن تساويا في السبق والتأخر، قال في الخلاف : يعمل فيه بالقرعة محتجاً بالإجماع والأخبار، وقال في النهاية والإيجاز والمبسوط يعطى نصف ميراث رجل ونصف ميراث امرأة، وعليه دلّت رواية هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قضاء علي (علیه السلام). وقال المفيد والمرتضى رحمهما الله : تُعَدّ أضلاعه فإن استوى جنباه فهو ،امرأة، وإن اختلفا فهو ذكر، وهي رواية شريح القاضي حكاية لفعل علي (علیه السلام) ، واحتجا بالإجماع والرواية ضعيفة، والإجماع لم يتحقق» .

يبول، إن بال من الذكر ورث ميراث الذكر، وإن بال من موضع الأنثى ورث ميراث الأنثى ؛ وعن (1) مولود ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء إلّا ثقب يخرج منه البول، على أي ميراث يورث؟ قال : إن كان إذا بال نَحْى ببوله ورث ميراث ،الذكر، وإن كان لا ينحّي ببوله ورث ميراث الأنثى.

5 - وفي رواية أخرى، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في المولود له ما للرجال وله ما للنساء، يبول منهما جميعاً؟ قال: من أيّهما سبق، قيل : فإن خرج منهما جميعاً؟ قال : فمن أيّهما استَدَرَّ (2)، قيل : فإن استدرَّا جميعاً؟ قال : فمن أبعدهما (3).

91 - باب آخر منه

1 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ؛ وأبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله مسكان، عن إسحاق الفزاري (4) قال : سئل - وأنا عنده - يعني أبا عبد الله (علیه السلام) ، عن مولود وُلد وليس بذكر ولا أنثى، وليس له إلّا دبر كيف يورث؟ قال : يجلس الإمام ، ويجلس معه ناس ، فيدعو الله ، ويجيل السهام على أيّ ميراث يورث، ميراث الذكر أو ميراث الأنثى، فأيُّ ذلك خرج ورَّثه عليه، ثمَّ قال : وأيُّ قضيّة أعدل من قضيّة يجال عليها بالسهام إنّ الله عزّ وجلَّ يقول (5): (فساهم فكان من المدحضين (6)) .

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد

ص: 168


1- من هنا إلى الآخر بتفاوت في التهذيب ،9، نفس الباب ، ح 11 وكذلك هو في الاستبصار 4 ، 108 - باب ميراث المولود الذي ليس له ما للرجال و ... ، ح 2 . واسنداه عنهم (علیه السلام) . وقد ذكر الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة أن ابن الجنيد - من قدامى الأصحاب - عمل بمضمون هذه الرواية . ونحَى من المجرد بمعنى : بَعُدَ. ومن المتعدّي : نحى : بمعنى بَعدَ والظاهر منه هنا أنه إن استرسل البول على مباله فهو انثى، وإن خرج بدفع وقذف كما هو حال بول الذكر، فهو ذكر.
2- استدَرّ : أي خرج بقوة واندفاع .
3- أي زماناً بمعنى أنه يعمل على المخرج الذي يستمر خروج البول منه أكثر من الآخر .
4- في التهذيب : المراديّ بدل الفزاريّ .
5- الصافات / 141 . فَسَاهَمَ : فقارع ، من القُرْعَة . فكان المدحضين من المسهومين المقروعين المغلوبين فرمى بنفسه في البحر فالتقمه الحوت . وهو یونس(علیه السلام).
6- التهذيب 9 35 - باب ميراث الخنثى ومن ... ، ح 8 بتفاوت يسير .

جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن فضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن مولود ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء ؟ قال : يُقرع الإمام أو المقرع به ، يكتب على سهم : عبد الله، وعلى سهم آخر أمَة الله ، ثمَّ يقول الإمام أو المقرع : «اللّهم أنت الله لا إله إلّا أنت، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، فبيّن لنا أمر هذا المولود كيف يورث ما فرضت له في الكتاب»، ثمَّ يُطرح السهمان في سهام مبهمة، ثمَّ تُجال السهام على ما خرج ورّث عليه(1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، والحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سئل عن مولود ليس بذكر ولا أنثى ، ليس له إلّا دُبُر، كيف يورّث؟ قال : يجلس الإمام، ويجلس عنده ناس من المسلمين، فيدعو الله عزّ وجلَّ، وتجال السهام عليه على أيّ ميراث يورثه أميراث الذكر أو ميراث الأنثى، فأيّ ذلك خرج عليه ورثه، ثمّ قال : وأيّ قضيّة أعدل من قضية تُجال عليها السهام، يقول الله تعالى ؛ (نسَاهُم فكان من المُدْحَضين) ، قال : وما من أمر يختلف فيه اثنان إلّا وله أصلٌ في كتاب الله ، ولكن لا تبلغه عقولُ الرجال (2).

92 - باب

1 - عليُّ بن محمّد، عن محمّد بن سعيد الأدربيجاني ؛ ومحمّد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن عليّ بن كيسان، جميعاً عن موسى بن محمّد أخي أبي الحسن الثالث (علیه السلام) ، أنَّ يحيى بن أكثم سأله في المسائل الّتي سأله عنها، قال: وأخبرني عن الخنثى وقول أمير المؤمنين (علیه السلام) فيه : يورث الخنثى من المبال من ينظر إليه إذا بال، وشهادة الجارّ إلى نفسه لا تُقْبَل ؟ مع أنّه عسى أن تكون امرأة وقد نظر إليها الرجال، أو عسى أن يكون رجلاً وقد نظر إليه النساء، وهذا ممّا لا يحلَّ؟ فأجابه أبو الحسن الثالث (علیه السلام) عنها : أما قول عليّ (علیه السلام) في الخنثى : إنّه يورث من المبال، فهو كما قال : وينظر قوم عدول، يأخذ كلُّ واحد

ص: 169


1- التهذيب 9، نفس الباب ، ح . وذكره أيضاً برقم 19 من الباب 90 من الجزء 6 من التهذيب. الاستبصار 4 ، 108 - باب ميراث المولود الذي ليس له ما للرجال و ... ، ح 1 . الفقيه ،3، 38 - باب الحكم بالقرعة ، ح 10 . 3 وكرره برقم 5 من الباب 166 من الجزء 4 من الفقيه أيضاً . هذا وقد ذكر الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة إن الظاهر إن هذا الدعاء مستحب لخلو باقي الأخبار منه وكذا نظائره مما فيه القرعة. ويقول المحقق في الشرائع 47/4: من ليس له فرج الرجال ولا النساء يورث بالقرعة، بأن يكتب على سهم (عبد الله) وعلى آخر (أمة الله ) ويستخرج بعد الدعاء، فما خرج عمل عليه .
2- التهذيب 9 نفس الباب، ح 9 .

منهم مرآة ويقوم الخنثى خلفهم عريانة، فينظرون في المرآة، فيرون شَبَحاً، فيحكمون علیه(1).

93 - باب آخر [منه]

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد، عن عليّ بن أحمد بن أشيم ، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال وُلِدَ على عهد أمير المؤمنين (علیه السلام) مولود له رأسان وصدران في حَقو(2) واحد، فسئل أمير المؤمنين (علیه السلام) : يورث ميراث اثنين أو واحد ؟ فقال : يُترك حتّى ينام ، ثمّ يُصاح به، فإن انتبها جميعاً معاً كان له ميراث واحد ، وإن انتبه واحد وبقي الآخر نائماً، يورث ميراث اثنين (3).

عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن حريز بن عبد الله مثله .

2 - عنه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن أبي نصر، عن أبي جميلة قال : رأيت بفارس امرأة لها رأسان وصدران في حَقو واحد متزوِّجة تغار هذه على هذه، وهذه على هذه ، قال : وحدَّثنا غيره أنّه رأى رجلاً كذلك، وكانا حائكَين يعملان جميعاً على حفّ واحد (4).

94 - باب ميراث ابن الملاعنة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن سَيف بن عَميرة، عن منصور، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان عليّ (علیه السلام) يقول : إذا مات ابن الملاعنة وله إخوة، قسّم ماله على سهام الله (5).

ص: 170


1- التهذيب ،9 35 - باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره من الناس، ح 6 بتفاوت يسير .
2- الحَقو: - كما في القاموس - معقد الأزار عند الخصر .
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 12 . الفقيه 4 ، 167 - باب ميراث المولود يولد وله رأسان ، ح 1 بتفاوت . وهو ما عليه أصحابنا رضوان الله عليهم ، وقد أدرج المحقق في الشرائع 47/4 هذه الصورة وحكمها فراجع.
4- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 13 . وروى صدره في الفقيه 4 ، نفس الباب، ح وفي الصحاح : قال الأصمعي : الحفّة المنوال وهو الخشبة التي يلفّ عليها الحائك الثوب ، قال : والذي يقال له الحق، هو المنسج ، قال أبو سعيد الحفّة المنوال ولا يقال له حفّ، وإنما الحفّ المنسج .
5- التهذيب ،9 ، 33 - باب ميراث ابن الملاعنة ، ح 1 . الفقيه 4، 164 - باب ميراث ابن الملاعنة ، ح 6 .

2 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنّ ميراث ولد الملاعنة لأمّه، فإن كانت أُمّه ليست بحيّة، فلاقْرَب الناس إلى أمّه ؛ أخواله (1).

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علىّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) مثله .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال في الملاعن : إن أكذَبَ نفسه قبل اللّعان، رُدَّت إليه امرأته وضُرب الحدّ ، وإن أبى ، لاعَنَ ولم تحلّ له أبداً، وإن قذف رجل امرأته كان عليه الحد، وإن مات ولده ورثه أخواله فأن ادَّعاه أبوه لحق به وإن مات ورثه الابن ولم يرثه الأب (2).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن ولد الملاعنة، من يرثه؟ قال: أمّه فقلت: إن ماتت أمّه من يرثه؟ قال : أخواله (3).

عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن مثنّى الحنّاط، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل لاعَنَ امرأته وانتفى من ولدها ، ثمَّ أكذب نفسه بعد الملاعنة، وزعم أنَّ ولدها ولده ، هل تُردُّ عليه ؟ قال : لا ، ولا كرامة ، لا تُردُّ عليه ، ولا تحلّ له إلى يوم القيامة ، قال : وسألته ؛ من يرث الولد ؟ قال : أمّه ، فقلت : أرأيت إن ماتت الأمّ فورثها الغلام ثمَّ مات الغلام بعدُ، من يرثه؟ قال: أخواله، فقلت: إذا أَقرَّ به الأب، هل يرث الأب؟ قال: نعم، ولا يرث الأب [من] الابن (4).

6 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن سَيف بن

ص: 171


1- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 2 وذكره أيضاً برقم 22 من الباب 8 من الجزء 8 من التهذيب. الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 2 .
2- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 3.
3- التهذيب 9، نفس الباب، ح 4 . يقول المحقق في الشرائع 43/4 : «ولا يرثه ( يعني ولد الملاعنة) أبوه ولا من يتقرب به، فإن اعترف به بعد اللعان ورث هو أباه، ولا يرثه الأب، وهل يرث أقارب أبيه مع الاعتراف؟ قيل: نعم، والوجه أنه لا يرثهم ولا يرثونه لانقطاع النسب باللعان، واختصاص حكم الإقرار بالمقر فقط».
4- التهذيب ،9 33 - باب ميراث ابن الملاعنة ، ح 5 يتفاوت قليل. الاستبصار 4، 104 - باب ولد الملاعنة يرث أخواله إذا لم يكن هناك أم ولا ... ، ح 2 بسند آخر وتفاوت في الذيل ونقيصة . ر

عَمِيرة، عن منصور، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان عليُّ (علیه السلام) يقول : إذا مات ابن الملاعنة وله إخوة، قسّم ماله على سهام الله عزَّ وجلّ .

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن الحلبيّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل لاعَنَ امرأته وهي حُبلى، فلمّا وضعت ادَّعى ولدها وأقرَّ به، وزعم أنّه منه؟ قال : يردُّ إليه ولده، ولا يرثه، ولا يُجلد، لأنَّ اللّعان قد مضى .

8 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن جعفر بن سماعة؛ وعليّ بن خالد العاقولي ، عن كرَّام (1)، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل لاعَنَ امرأته وانتفى من ولدها ، ثمَّ أكذَبَ نفسه بعد الملاعنة، وزعم أنَّ الولد له ، هل يُردُّ إليه ولده؟ قال : نعم ، يُردُّ إليه، ولا أدع ولده ليس له ميراث، وأما المرأة فلا تحل له أبداً، فسألته : من يرث الولد؟ قال أخواله قلت أرأيت إن ماتت أمّه فورثها الغلام؟ ثمَّ مات الغلام من يرثه؟ قال: عَصَبَةُ أُمِّه ، قلت : فهو يرث أخواله؟ قال: نعم (2).

9 - عنه عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل لا عن امرأته ؟ قال يلحق الولد ،بأُمّه ويرثه أخواله، ولا يرثهم، فسألته عن الرجل إن أكذب نفسه؟ قال: يلحق به الولد (3).

10 - أبو عليّ الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفيّ ، عن عبيس بن هشام، عن ثابت، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن ولد الملاعنة إذا تلاعنا وتفرّقا، وقال زوجها بعد ذلك الولد ولدي، وأكذب نفسه؟ قال: أمّا المرأة فلا ترجع إليه، ولكن أردُّ إليه الولد ولا أدع ولده ليس له ميراث فإن لم يدعه أبوه ، فإنَّ أخواله يرثونه ولا يرثهم، فإنَّ دعاه أحد بابن الزانية جُلِد الحدّ(4).

ص: 172


1- هو ابن عمرو .
2- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح .6 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 1 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 42/4:« يرث ولد الملاعنة ولده وأمه ، للأم السدس والباقي للولد، للمذكر سهمان وللأنثى سهم، ولو لم يكن له ولد كان المال لأمه، الثلث بالتسمية والباقي بالرد . وفي رواية : ترث الثلث والباقي للإمام لأنه الذي يعقل عنه والأول أشهر. ومع عدم الأم والولد يرثه الاخوة للأم وأولادهم والأجداد لها وإن علوا، ويترتبون الأقرب فالأقرب. ومع عدمهم يرثه الأخوال والخالات وأولادهم على ترتب الإرث . وفي كل هذه المراتب يرث الذكر والأنثى سواء فإن عدم قرابة الأم أصلاً حتى لا يبقى لها وارث وإن بَعدَ فيرثه الإمام» .
3- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 10 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، 5 وروبا صدر الحديث بتفاوت إلى قوله : ولا ، يرثهم، مع زيادة كلمة (الولد) بعدها.
4- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 11 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 6 بتفاوت يسير فيهما . هذا وقد أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم بوجوب إقامة حد القذف على من قال لابن الملاعنة : يا ابن الزانية، كما صرّح به في الشرائع 163/4 . والصدوق في الفقيه 3 ، 172 - باب اللعان، وغيرهما فراجع.

قال الفضل: ابن الملاعنة لا وارث له من قَبِل أبيه ، وإنّما ترثه أمّه، وإخوته لأمّه، وأخواله، على نحو ميراث الإخوة من الأمّ ، وميراث الأخوال والخالات، فإن ترك ابن الملاعنة ولداً فالمال بينهم على سهام الله ، وإن ترك الأمَّ فالمال لها، وإن ترك إخوة فعلى ما بيّنّا من سهام الإخوة للأُمّ ، فإن ترك خالاً وخالة فالمال بينهما بالسويّة، وإن ترك إخوة وجدًّا فالمال بين الإخوة والجدّ بينهم بالسويّة الذكر والأنثى فيه سواء ؛ وإن ترك أخاً وجدًّا فالمال بينهما نصفان ، وإن ترك ابن أخته وجدًّا فالمال للجدّ، لأنّه أقرب ببطن ، ولا يشبه هذا ابن الأخ للأب والأمّ ، مع الجدّ ؛ وإن ترك أمّه وامرأته ، فللمرأة الربع ، وما بقي فللام، وإن ترك ابن الملاعنة امرأته وجده أبا أمّه وخاله، فللمرأة الربع، وللجدّ الثلث، وما بقي ردَّ عليه لأنّه أقرب الأرحام، فإن ترك جدّه وأختاً، فالمال بينهما نصفان .

وإن ماتت ابنة ملاعنة وتركت زوجها وابن أخيها ،وجدَّها ، فللزوج النصف، وما بقي فللجدّ، لأنّه كأنّها تركت أخاً لأمّ وابنَ أخٍ لأمّ، فالمال للأخ .

95 - باب آخر في ابن الملاعنة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : ابن الملاعنة ترثه أمّه، الثلث والباقي لإمام المسلمين، لأنّ جنايته على الإمام(1) .

96 - باب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن قال: حدَّثني إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (علیه السلام) عن رجل ادَّعته النساء دون الرجال، بعد ما ذهبت رجالهنَّ وانقرضوا، وصار رجلاً، وزوجته وأدخلَنه في منازلهنَّ، وفي يدي رجل دار فبعث إليه عصبة الرجال والنساء الّذين انقرضوا، فناشدوه الله أن لا يعطي حقّهم من ليس منهم، وقد عرف

ص: 173


1- التهذيب ،9 33 - باب ميراث ابن الملاعنة ، ح 14 الفقيه 4 ، 164 - باب ميراث ابن الملاعنة ، ح 1 ورواه بدون الصدر. و ابن رئاب اسمه علي وأبو عبيدة هو زياد بن عيسى أو ابن رجاء، أو ابن أبي رجاء .

الرجل الّذي في يديه الدار قصّته، وأنّه مُدّع كما وصفت لك، واشتبه عليه الأمر لا يدري، يدفعها إلى الرّجل أو إلى عصبة النساء، أو عصبة الرجال؟ قال : فقال لي : يدفعه إلى الّذي يعرف أنَّ الحقِّ لهم على معرفته الّتي يعرف يعني عصبة النساء، لأنّه لم يعرف لهذا المدَّعي میراث بدعوى النساء له .

97 - باب ميراث ولد الزنا

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أيّما رجل وقع على وليدةِ قومٍ حراماً ، ثمَّ اشتراها، ثمَّ ادَّعى ولدها، فإنّه لا بورث منه شيء، فإن رسول الله (صلی الله علی وآله وسلم) قال : «الولد للفراش وللعاهر الحَجَر»، ولا يورث ولد الزنا إلّا رجل يدَّعي ابن وليدته، وأيّما رجل أقرَّ بولده ثمَّ انتفى منه ، فليس ذلك له ولا كرامة ، ، يلحق به ولده إذا كان من امرأته أو وليدته (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن سيف، عن محمّد بن الحسن الأشعريّ قال : كتب بعض أصحابنا كتاباً إلى أبي جعفر الثاني (علیه السلام) معي، يسأله عن رجل فجر بامرأة ، ثمَّ إنّه تزوّجها بعد الحمل، فجاءت بولد ، وهم أشبه خلق الله به؟ فكتب بخطّه وخاتمه : الولد لِغِيّة لا يورّث (2) .

3 - عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس، عن عليّ بن سالم، عن يحيى،عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل وقع على وليدةٍ حراماً ، ثمَّ اشتراها فادَّعى ابنها؟ قال: فقال : لا

ص: 174


1- التهذيب ،9 ، 33 - باب ميراث ابن الملاعنة ، ح 26 . الاستبصار 4 ، 106 - باب إن من أقرّ بولد ثم نفاه لم...، ح 1 . وروى ذيله من قوله : وأيّما رجل ... في الفقيه 4، 161 - باب ميراث الولد ينتفي منه أبوه بعد الإقرار به، ح 1 . وإنما لا يورث ولد الزنا إلا رجل يدعي ابن جاريته لأنه صاحب الفراش فالولد يلحق به دون غيره .
2- التهذيب ،9 نفس الباب، ح 17 . الاستبصار 4 ، 105 - باب ولد الزنا ، ح 1 . وذكره أيضاً برقم 61 من الباب 7 من الجزء 8 من التهذيب . الفقيه 4 ، 162 - باب ميراث ولد الزنا ، ح 1 . وسوف يكرره الكليني برقم 4 من هذا الباب . قال في المصباح المنير : «غوى غَياً، من باب ضَرَب، انهمك في الجهل، وهو خلاف الرشد، والاسم الغواية، وهو لغية كلمة تقال في الشتم ، كما يقال : هو لِزِنْية، ويقول المحقق في الشرائع 44/4 : «وأما ولد الزنا فلا نسب له ولا يرثه الزاني ولا التي ولدته ولا أحد من أنسابهما ولا يرثهم هو وميراثه لولده ومع عدمهم للإمام...» .

يورث منه، إنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قال : «الولد للفراش وللعاهر الحَجَر» ولا يورث ولد الزنا إلّا رجل يدّعي ابن وليدته (1).

4 - عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن علي بن مهزیار، عن محمد بن الحسن الأشعري قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (علیه السلام) معي، يسأله عن رجل فجر بامرأة ثم إنَّه تزوجها بعد الحمل، فجاءت بولد وهو أشبه خلق الله به؟ فكتب بخطه وخاتمه : (الولد لغيّة لا يورث) (2) .

5 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس قال : ميراث ولد الزّنا لقراباته من قِبَل أمّه، على نحو ميراث ابن الملاعنة (3).

98 - باب آخر منه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن رئاب، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل فجر بنصرانيّة فولدت منه غلاماً ، فأقرَّ به ثمَّ مات، فلم يترك ولداً غيره، أيَرِثُهُ؟ قال : نعم (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ؛

والحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل مسلم فجر بامرأة يهوديّة فأولدها، ثمَّ مات ولم يدع وارثاً؟ قال : فقال : يسلّم لولده الميراث من اليهوديّة، قلت : فرجل نصرانيُّ فجر بامرأة مسلمة فأولدها ،غلاماً ، ثمّ مات النصرانيّ ، وترك مالاً ، لمن

ص: 175


1- التهذيب ،9 نفس ،الباب ، ح 16 .
2- انظر رقم 2 من هذا الباب .
3- التهذيب ،9 33 - باب ميراث ابن الملاعنة ح 22 . الاستبصار 4 105 - باب ميراث ولد الزنا، ح 5. وفيهما لقرابته. وفي الاستبصار : لقرابته من أمه . . . ، الفقيه 4 ، 16 - باب ميراث ولد الزنا، ذيل ح 3 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 44/4 وهو بصدد الحديث عن ميراث ولد الزنا : «وفي رواية: ترثه أمه ومن يتقرب بها مثل ابن الملاعنة ، و هي مطَرَحَةٌ». وقال الشيخ في التهذيب بعد إيراده الخبر هذا : فهذه رواية موقوفة لم يسندها يونس إلى من الأئمة (علیهم السلام)، ويجوز أن يكون ذلك كان اختياره لنفسه لا من جهة الرواية بل لضرب من الاعتبار. أقول : وكان الشيخ في مورد سابق من التهذيب قد ذكر بأن ما هو يعمل به ويفتي هو ما تضمنته الروايات الدالة على أن ولد الزنا لا يرث ولا يورث منه الوالدان ومن يتقرب بهما ويكون ميراثه لمن يضمن جريرته أو لإمام المسلمين، وذلك باعتبار أن الميراث لا يثبت إلا بالنسب الصحيح في الإسلام، وهذا ليس كذلك.
4- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 24 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 7 .

يكون ميراثه؟ قال يكون ميراثه لابنه من المسلمة (1).

99 - باب

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن سليم مولى طربال، عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل كان يطأ جارية له ، وأنّه كان يبعثها في حوائجه، وأنّها ،حبلت وأنّه [اتّهمها] وبلغه عنها فساد؟ فقال أب-و عبد الله (علیه السلام) : إذا هي ولدت أمسك الولد، ولا يبيعه، ويجعل له نصيباً من داره [وماله]، قال : فقيل له : رجل يطأجارية له، وأنّه لم يكن يبعثها في حوائجه، وأنّه اتّهمها وحبلت؟ فقال: إذا هي ولدت أمسك الولد، ولا يبيعه، ويجعل له نصيباً من داره وماله، وليست هذه مثل تلك (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ رجلا من الأنصار أتى أبي فقال له : إنّي ابتُليت بأمر عظيم ، إنَّ لي جارية كنت أطأها ، فوطأتها يوماً وخرجت في حاجة لي بعدما اغتسلت منها، ونسيت نفقة لي، فرجعت إلى المنزل لأخذها فوجدت غلامي على بطنها، ذلك تسعة أشهر فولدت جارية؟ قال: فقال له أبي : لا ينبغي لك أن

فعددت لها من يومي تَقرَبها، ولا تبيعها ، ولكن أنفق عليها من مالك ما دمت حيّاً ، ثمَّ أوص عند موتك أن يُنفق عليها من مالك حتّى يجعل الله لها مخرجاً (3).

ص: 176


1- التهذيب ،9 نفس الباب ، ح 25 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 8. وقد حمل بعض متأخري أصحابنا هذا الحديث على صورة عدم العلم بالفجور، أو على صورة وطي الشبهة . وكذا الحديث الذي قبله. وقال الشيخ في التهذيب بعد ذكر هاتين الروايتين الأصل فيهما حنان بن سدير ولم يروهما غيره، والوجه فيهما أنه إذا كان الرجل يقر بالولد ويلحقه به مسلماً كان أو نصرانياً فإنه يلزمه نسبه ويرثه... الخ .
2- التهذيب 9 ، 33 - باب ميراث ابن الملاعنة ، ح .30 . وذكره أيضاً برقم 9 من الباب 7 من الجزء 8 من التهذيب . الاستبصار ،3، 214 - باب الرجل تكون له الجارية يطؤها و ...، ح 5 الفقيه 4 ، 160 - باب ميراث الولد المشكوك ، ح 3 بتفاوت قليل . وكان هذا الحديث قد مر في الفروع ، باب الرجل تكون له الجارية يطؤها فتحيل فيتهمها ، ح 2 . والفرق بين الجاريتين هو احتمال حمل الأولى من السفاح بلحاظ خروجها من منزله في حوائجه مع ما بلغه عنها من الفساد، وعدم تأتي ذلك في الثانية .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 29 . الفقيه 4 ، نفس الباب ح 1 بتفاوت . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح .2 . وذكره الشيخ أيضاً برقم 52 من الباب 7 من الجزء 8 من التهذيب. كما كان الشيخ الكليني قد ذكره في الفروع ، ، ،النكاح باب الرجل يقع على جاريته فيقع عليها غيره في ذلك الطهر فتحبل، ح 1.

100 - باب الحميل

الحميل(1)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير؛ وصفوان بن يحيى، جميعاً عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الحميل فقال : وأيُّ شيء الحميل؟ قال: قلت: المرأة تُسبى من أهلها معها الولد الصغير، فتقول : هذا ابني، والرَّجل يُسبى فيلقى أخاه فيقول : هو أخي، وليس لهم بيّنة إلّا قولهم؟ قال: فقال : فما يقول فيهم الناس عندكم؟ قلت : لا يورّثونهم، لأنّه لم يكن لهم على ولادتهم بيّنة، وإنّما هي ولادة الشرك ، فقال : سبحان الله ، إذا جاءت بابنها أو ابنتها ولم تزل مُقرَّة به ، وإذا عرف أخاه وكان ذلك في صحّة منهما ، ولم يزالا مُقِرِّين بذلك، ورث بعضهم من بعض(2)

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجلين حميلين جيء بهما من أرض الشرك، فقال أحدهما لصاحبه : أنت أخي ، فعُرفا بذلك، ثمَّ أعتقا وَمَكَثَا مُقِرّين بالإخاء، ثمَّ إنّ أحدهما مات؟ فقال : الميراث للأخ، يُصَدِّقان(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الحميل؟ فقال: وأيُّ شيء الحميل؟ فقلت : المرأة تُسبى من أرضها ومعها الولد الصغير، فتقول : هو ابني، والرجل يُسبى فيلقى أخاه فيقول : [هو] أخي ،ويتعارفان، وليس لهما على ذلك بيّنة إلّا قولهما ، فقال : ما يقول من قِبَلكم؟ قلت: لا يورّثونهم، لأنّهم لم يكن لهم على ذلك بيّنة، إنّما

ص: 177


1- والحميل : هو من يحمل من بلده صغيراً ولم يولد في الإسلام. وقال الشيخ الصدوق: «الحميل : هو الذي تأتي به المرأة حُبلى وقد سبيت وهي حبلى فيعرفه بذلك بعد أبوه أو أخوه فراجع الفقيه 4 ، 159 - باب... ،بذيل ح 1.
2- التهذيب ،9 33 - باب میراث ابن الملاعنة ، ح 31 بتفاوت . الفقيه 4 ، 159 - باب ميراث الحميل ، ح 2 بتفاوت ، الاستبصار 4 ، 107 - باب ميراث الحميل ، ح ا بتفاوت. وكرره الكليني برقم 3 من هذا الباب أيضاً وإن بتفاوت في بعض السند .
3- التهذيب ،9 نفس الباب، ح32 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 وفي الذيل فيهما : الميراث للآخر...، بدل الميراث للأخ . هذا ويقول المحقق في الشرائع 48/4 : «وإذا تعارف اثنان ورث بعضهم من بعض ولا يكلفان البينة، ولو كانا معروفين بغير ذلك النسب لم يقبل قولهما».

كانت ولادة في الشرك، قال سبحان الله ، إذا جاءت بابنها أو ابنتها معها، ولم تزل به مقرَّة، وإذا عرف أخاه وكان ذلك في صحّة من عقلهما، ولا يزالان مقرّين بذلك، ورث بعضهم من بعض (1).

101 - باب الإقرار بوارث آخر

قال الفضل بن شاذان : إن مات رجل وترك ابنتين وابنين، فأقرَّ أحدهم بأخ آخر، فإنّه إنّما أقرَّ على نفسه وعلى غيره، وإنّما يجوز إقراره على نفسه، ولا يجوز إقراره على غيره، ولا على إخوته وأخواته، فيلزمه في حصَته للأخ الّذي أقرّ به نصف سدس جميع المال .

وإن ترك ثلاث بنات، فأقرَّت إحداهنّ بأخت، رَدَّت على الّتي أُقرَّت لها رُبِّعَ ما في يديها .

وإن ترك أربع بناتٍ، وأقرت واحدة منهنَّ بأخ ، رُدَّت على الذي أقرَّت له ثلث ما في يديها، وهو نصف سدس المال .

وإن ترك ابنين، فادّعى أحدهما أخاً وأنكر الآخر، فإنّه يَردُّ هذا المقرُّ على الذي ادعاه ثُلُثَ ما في يديه .

وإن مات أحدهما لم يورثا لأنَّ الدَّعوى إنّما كانت على أبيه ولم يثبت نسب المدَّعي بدعوى هذا على أبيه .

102 - باب اقرار بعض الورثة بدَين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن زكريّا بن يحيى، عن الشعيري، عن الحكم بن عُتَيبة قال : كنا على باب أبي جعفر (علیه السلام)، ونحن جماعة ننتظره أن يخرج، إذ جاءت امرأة فقالت : أيكم أبو جعفر ؟ فقال لها القوم : ما تريدين منه؟ قالت : أريد أن أسأله عن مسألة، فقالوا لها هذا فقيه أهل العراق ،فَسَلِيه ، فقالت : إنَّ زوجي مات وترك ألف درهم، وكان لي عليه من صَداقي خمسمائة درهم، فأخذت صداقي، وأخذت ميراثي ، ثمَّ جاء رجل فادَّعى عليه ألف

ص: 178


1- انظر تخريج الحديث رقم 1 من هذا الباب .

درهم، فشهدتُ له؟ فقال الحَكَم : فبينا أنا أحسب ما يصيبها، إذ خرج أبو جعفر (علیه السلام) فقال : ما هذا الذي أراك تُحَرِّك به أصابعك يا حكم ؟ فأخبرته بمقالة المرأة، وما سألت عنه، فقال أبو جعفر (علیه السلام) : أقرَّت بثلث ما في يديها ولا ميراث لها قال الحكم : فوالله ما رأيت أحداً أفهم من أبي جعفر (علیه السلام) (1).

قال الفضل بن شاذان : وتفسير ذلك : أنَّ الّذي على الزّوج صار ألفاً وخمسمائة درهم، للرَّجل ألف، ولها خمسمائة درهم هو ثُلُث الدَّين، وإنّما جاز إقرارها في حصّتها فلها ممّا ترك الميّت الثلث وللرّجل الثلثان، فصار لها ممّا في يديها الثلث، ويُرَدُّ الثلثان على الرَّجل، والدِّين استغرق المال كلّه فلم يبق شيء يكون لها من ذلك الميراث، ولا يجوز إقرارها على غيرها .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة؛ وحسين بن عثمان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل مات وأقرَّ بعض ورثته لرجل بدَين؟ قال : يلزمه ذلك في حصّته (2).

103 - باب

1 - عدَّةٌ من أصحابنا عن سهل بن زياد عن مروك بن عبيد، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال : دخلت عليه وسلّمت وقلت: جُعِلْتُ فِداك ما تقول في رجل مات وليس له وارث إلّا أخ له من الرضاعة، يرثه؟ قال : نعم، أخبرني أبي، عن جدي، أنّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قال : من شرب من لبننا أو أرضع لنا ولداً فنحن آباؤه(3).

ص: 179


1- مر هذا الحديث برقم 3 من الباب 18 من هذا الجزء فراجع .
2- التهذيب 9 ، 5 - باب الإقرار في المرض ، ح 15 . الاستبصار 4 ، 69 - باب إقرار بعض الورثة لغيره بدين على الميت، ح . وذكره أيضاً برقم (1) من الباب 5 من الجزء 3 من الاستبصار. الفقيه 4، 125 - باب إقرار بعض الورثة بعتق أو دين ، ح 2 . كما كان الشيخ قد ذكر هذا الحديث برقم 31 من الباب 81 من الجزء 6 من التهذيب. كما إن الكليني كان قد ذكره في الفروع ، ، الوصايا، باب بعض الورثة يقر بعتق أو دين، ح 3 . وقال الشيخ تعليقاً على قوله (علیه السلام) هنا : يلزمه ذلك في حصته، ليس في ظاهرها أنه يلزمه جميع الدين، ويحتمل أن يكون أراد : يلزمه من ذلك في حصته بقدر ما يصبه تعويلاً على أن ذلك مفهوم شاهد الحال أو بما تقدم منهم من البيان. وإنما ذكر رحمه الله هذا ، اعتماداً على أن المعوّل عليه عنده أنه إذا أقر لوارث مدين لزمه منه بقدر ما يصيبه من حصته ولا يلزمه جميع الدين .
3- من المتفق عليه بيننا أن الرضاع وإن كان لحمة كلحمة النسب كما ورد في الأخبار إلا أنه ليس من أسباب الإرث، ولذا فيحمل جوابه (علیه السلام) على حكمه هو (علیه السلام) بعلمها، ولعله لمنع حكّام الجور من الإستيلاء على ميراث الميت باعتبار أنه لا وارث له .

104 - باب من مات وليس له وارث

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: من مات وترك دَيناً فعلينا دَينه، وإلينا عياله، ومن مات وترك مالاً فلورثته، ومن مات وليس له موالي، فمالُهُ منالأنفال .

2 - عدَّةٌ من أصحابنا عن سهل بن زياد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : من مات وليس له وارث من قرابته ولا مولى عتاقه قد ضمن جريرته، فمالُه من الأنفال (1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) قال : الإمام وارث من لا وارث له .

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان ، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان ، عن محمّد الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله تبارك وتعالى : (يسألونك عن الأنفال (2)) ؟ قال : من مات وليس له ،مولی، فماله من الأنفال (3)) .

105 - باب

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن داود، عمّن ذكره، عن أبي

ص: 180


1- التهذيب 9 ، 44 - باب ميراث من لا وارث له من العصبة والموالي و ...، ح 3 . الاستبصار 4 ، 113 - باب ميراث من لا وارث له من . . . ، ح .. الفقيه 4 ، 170 - باب ميراث من لا وارث له ح 1 . و معنى قوله : من الأنفال: أي يعود إلى الإمام (علیه السلام) . هذا وقد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الإرث إنما يكون بنسب من خلال المراتب الثلاث المعهودة أو سبب وهو إما زوجية أو ولاء ولا يصار إلى مرتبة لاحقة إلا بعد فقد كل وارث من المرتبة السابقة عليها، وكذا بالنسبة لمراتب الولاء الثلاث والتي هي ولاء العتق فمع وجوده لا يصار إلى التوريث بالمرتبة الثانية وهي ولاء تضمن الجريرة، ومع وجود الوارث به لا ينتقل إلى التوريث بولاء الإمامة. يقول المحقق في الشرائع 40/4 : «فإن عدم الضامن كان الإمام وارث من لا وارث له، وهو القسم الثالث من الولاء (أي بعد ولاء العتق وولاء تضمن الجريرة)، فإن كان (أي الإمام) موجوداً فالمال له يصنع به ما يشاء .. وإن كان غائباً قسم في الفقراء والمساكين».
2- الأنفال / 1 .
3- التهذيب 9 ، نفس الباب، ح 1 ، الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 1 .

عبد الله (علیه السلام) قال : مات رجل على عهد أمير المؤمنين (علیه السلام) لم يكن له وارث، فدفع أمير المؤمنين (علیه السلام) ميراثه إلى همشهريجه (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن خلّاد السنديّ، عن أبي

عبد الله (علیه السلام) قال : كان عليُّ (علیه السلام) يقول في الرَّجل يموت ويترك مالاً وليس له أحد؛ أعْطِ الميراث همشاريجه (2).

106 - باب أن الولاء لمن اعتق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ ؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : الوَلاء لمن أعْتَقَ (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، - عن أبي جعفر (علیه السلام) في حديث بُرَيرة أنّ النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) قال لعائشة : اعتقي، فإنَّ الولاء لمن أعتق (4).

3- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قالت عائشة لرسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): إن أهل بُرَيْرَةَ اشترطوا ولاءها فقال رسول الله : الولاء لمن أعْتَقَ (5).

ص: 181


1- التهذيب ،9 نفس الباب ح .5 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 5 .
2- التهذيب 9 ، نفس الباب ، ح 4 ، الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح4. بتفاوت في الذيل وأخرجاه : خلاد عن السري رفعه إلى أمير المؤمنين (علیه السلام). الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 2 مرسلا بتفاوت . يقول المحقق في الشرائع 40/4 وهو بصدد الحديث عن أن الإمام وارث من لا وارث له : «وكان علي (علیه السلام) يعطيه فقراء بلده وضعفاء جيرانه تبرعا وقد فسر قوله : همشاريجه : بأهل بلده. وقد طعن الشيخ في التهذيب في الرواية السابقة بالإرسال وجمع بينها وبين ما دل على أن ميراث مثل هذا إنما هو للإمام بأنه (علیه السلام) يأمره بإعطاء ميراثه لأهل بلده إنما كان لبعض الاستصلاح لأنه إذا كان المال له خاصة جاز له أن يعمل به ما شاء .
3- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 138 . وكان الشيخ الكليني رحمه الله قد ذكر هذا الحديث في الفروع 4 العتق ، باب الولاء لمن أعتق، ح1.
4- التهذيب ،8 نفس ،الباب ، ح 139 . وكان الكليني قد ذكر هذا الحديث في الفروع 4 ، نفس الباب، ح 3 .
5- التهذيب 8 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 140 . وكان الكليني رحمه الله قد ذكره برقم 4 من الفروع 4 ، باب الولاء لمن أعتق .

4 - صفوان، عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل اشترى عبداً له أولاد من امرأة حرَّة، فأعتقه؟ قال : ولاء ولده لمن أعتقه (1).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في امرأة أعتقت رجلاً ، لمن ولاؤه ولمن ميراثه؟ قال: للّذي ،أعتقه، إلّا أن يكون له وارث غيرها.

6 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عمّن حدَّثه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : مات مولى لحمزة بن عبد المطّلب، فدفع رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) ميراثه إلى ابنةِ حمزة (2) .

قال الحسن (3): فهذه الرواية تدلُّ على أنّه لم يكن للمولى ابنة كما تروي العامّة، وأن المرأة أيضاً ترث الولاء، ليس كما تروي العامّة .

107 - باب ولاء السائبة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل أراد أن يعتق مملوكاً له، وقد كان مولاه يأخذ منه ضريبة فرضها عليه في كلّ سنة ، ورضي بذلك منه المولى، ورضي المملوك بذلك، فأصاب المملوك

ص: 182


1- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 143 . الاستبصار 4 ، 12 - باب جر الولاء ، ح 1 . الفقيه 3، 51 - باب ولاء المعتق ، ح 5 .
2- التهذيب 9، 31 - باب ميراث الموالي مع ذوي الرحم ، ح 12 . الاستبصار 4 ، 102 - باب أنه لا يوث أحد من الموالي مع وجود واحد من ... ، ح 7. وقال في التهذيبين : قال أبو علي، مكان : قال الحسن، وهي كنية للحسن بن محمد بن سماعة. ويقصد بما يرويه العامة ما ذكره في التهذيب 9 برقم 10 من نفس الباب أعلاه، وبرقم 6 من نفس الباب أعلاه من الاستبصار 4 ، وفي الفقيه 4 ، 150 - باب ميراث ذوي الأرحام مع الموالي ، ح 2 عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله عن محمد بن أسلم (أشيم) عن يونس بن أبي الحارث عن سبف بن عميرة عن منصور بن حازم قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول مات مولى لابنة حمزة رضي الله عنه وله ابنة فأعطى رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) ابنة حمزة النصف ولا بنته النصف. وقد حمله الشيخ في التهذيب على التقية، ونقض عليه بالخبر الذي رواه هنا عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (علیه السلام) . وقال الصدوق رحمه الله بعد إيراد الخبر المذكور أعلاه باختصار : فهو حديث منقطع إنما هو عن عبد الله شداد عن النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) وهو مرسل، ولعل ذلك كان شيئاً قبل نزول الفرائض فنسخ ... وروي إن إبراهيم النخعي كان ينكر هذا الحديث في ميراث مولى حمزة، والصحيح من هذا كتاب الله عز وجل دون الحديث .
3- التهذيب 9، 31 - باب ميراث الموالي مع ذوي الرحم ، ح 12 . الاستبصار 4 ، 102 - باب أنه لا يوث أحد من الموالي مع وجود واحد من ... ، ح 7. وقال في التهذيبين : قال أبو علي، مكان : قال الحسن، وهي كنية للحسن بن محمد بن سماعة. ويقصد بما يرويه العامة ما ذكره في التهذيب 9 برقم 10 من نفس الباب أعلاه، وبرقم 6 من نفس الباب أعلاه من الاستبصار 4 ، وفي الفقيه 4 ، 150 - باب ميراث ذوي الأرحام مع الموالي ، ح 2 عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله عن محمد بن أسلم (أشيم) عن يونس بن أبي الحارث عن سبف بن عميرة عن منصور بن حازم قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول مات مولى لابنة حمزة رضي الله عنه وله ابنة فأعطى رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) ابنة حمزة النصف ولا بنته النصف. وقد حمله الشيخ في التهذيب على التقية، ونقض عليه بالخبر الذي رواه هنا عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (علیه السلام) . وقال الصدوق رحمه الله بعد إيراد الخبر المذكور أعلاه باختصار : فهو حديث منقطع إنما هو عن عبد الله شداد عن النبي (صلی الله علیه و آله وسلم) وهو مرسل، ولعل ذلك كان شيئاً قبل نزول الفرائض فنسخ ... وروي إن إبراهيم النخعي كان ينكر هذا الحديث في ميراث مولى حمزة، والصحيح من هذا كتاب الله عز وجل دون الحديث .

في تجارته مالاً سوى ما كان يعطي مولاه من الضريبة؟ قال : فقال : إذا أدّى إلى سيّده ما كان فرض عليه، فما اكتسبه بعد الفريضة فهو للمملوك ، قال : ثمَّ قال أبو عبد الله (علیه السلام) : أليس قد فرض الله على العباد فرائض فإذا أدَّوها إليه لم يسألهم عمّا سواها ؟ ! فقلت له : فللمملوك أن يتصدَّق ممّا اكتسب، ويعتق بعد الفريضة التي كان يؤدّيها إلى سيّده؟ قال: نعم، وأجر ذلك له، قلت : فإذا أعتق مملوكاً ممّا كان اكتسب سوى الفريضة لمن يكون ولاء المعتق؟ قال: يذهب فيوالي من أحبَّ، فإذا ضمن جريرته وعُقلَه كان مولاه وورثه، قلت: أليس قد قال رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) : الولاء لمن اعتق؟ قال : هذا سائبة، لا يكون ولاؤه لعبد مثله، قلت: فإن ضمن العبد الذي أعتقه جريرته وحَدَثَهُ، أيلزمه ذلك، ويكون مولاه، ويرثه؟ قال: لا يجوز ذلك ، ولا يرث عبد حرَّا (1).

2 - ابن محبوب، عن ابن رئاب عن عمّار بن أبي الأحوص قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن السائبة؟ فقال: انظروا في القرآن فما كان فيه فتحرير رقبة ، فتلك يا عمّار السائبة، الّتي لا ولاء لأحد عليها إلّا الله ، فما كان ولاؤه الله فهو لرسوله، وما كان ولاؤه لرسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) فإن ولاءه للإمام، وجنايته على الإمام، وميراثه له(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا والى الرَّجلُ الرَّجلَ ، فله میراثه، وعليه معقلته (3).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه سئل عن المملوك يُعتق سائبةً؟ قال: يتولّى من شاء، وعلى من يتولّى جريرتُهُ وله ميراثه ، قلنا له : فإن سكت حتّى يموت ولم يتوال أحداً ؟ قال : يُجعل ماله في بيت مال المسلمين(4).

ص: 183


1- التهذيب 8، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 40 الفقيه 4 - 50 - باب المكاتبة ، ح 6. وكان الكليني رحمه الله قد ذكره أيضاً في الفروع 4 ، باب المملوك يعتق وله مال ، ح 1 . والسائبة : هو من لا ولاء لأحد عليه إلا الله ، وما كان ولاؤه له سبحانه فهو الرسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) ، وما كان لرسول الله فهو للإمام، وجنايته على الإمام وميراثه له في مذهبنا .
2- الاستبصار 4 ، 14 - باب ولاء السائبة ، ح .. التهذيب ،8، 10 - باب العنق وأحكامه ، ح 163 . الفقيه 4، 51 - باب ولاء المعتق، ح 11 . وكرره الشيخ في الاستبصار 4 برقم 13 من الباب 116 أيضاً. كما كرره في التهذيب 9 برقم 17 من الباب 46 فراجع.
3- التهذيب 9 ، 46 - باب من الزيادات، ح 20. قوله (علیه السلام) : وعليه معقلته؛ أي أنه يعقل عنه، من العاقلة.
4- التهذيب 8 ، 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 160 . الاستبصار 4 ، 116 - باب ميراث السائبة ، ح 1 و 2 بسند آخر وتفاوت. الفقيه 3، 51 - باب ولاء المعتق ، ح 8 وكرر الشيخ هذا الحديث بتفاوت وسند آخر برقم 16 من الباب 46 من الجزء 9 من التهذيب.

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : من أعتق رجلاً سائبةً، فليس عليه من جريرته شيء، وليس له من ميراثه شيء، وليُشْهد على ذلك (1).

6 - ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع (2) قال : سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن السائبة؟ فقال : هو الرجل يعتق غلامه ثمَّ يقول له : إذهب حيث شئت، ليس لي من ميراثك شيء، ولا عليّ من جريرتك شيء، ويُشهد على ذلك شاهدين(3).

7 - ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن بريد بن معاوية العجليّ قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل كان عليه عتق رقبة فمات من قبل أن يعتق رقبة فانطلق ابنه فابتاع رجلا من كسبه فأعتقه عن أبيه، وإنَّ المعتق أصاب بعد ذلك مالاً ، ثمَّ مات وتركه لمن يكون ميراثه؟ قال: فقال : إن كانت الرقبة التي على أبيه في ظهار، أو شُكر ، أو واجبة عليه، فإنَّ المعتق سائبة، لا سبيل لأحد عليه ، وإن كان توالى قبل أن يموت إلى أحد من المسلمين، فضمن جنايته وحَدَثَه ، كان مولاه ووارثه إن لم يكن له قريب يرثه ، قال : وإن لم يكن توالى إلى أحد من المسلمين حتّى مات، فإن ميراثه لإمام المسلمين، إن لم يكن له قريب يرثه ، قال : وإن كانت الرقبة على أبيه تَطَوُّعاً، وقد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة، فإنَّ ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال، قال : ويكون الذي اشتراه وأعتقه بأمر أبيه كواحد من الورثة ، إذا لم يكن للمعتق قرابة من المسلمين أحرار يرثونه ، قال : وإن كان ابنه الّذي اشترى الرَّقبة فأعتقها عن أبيه من ماله بعد موت أبيه تطوّعاً منه ، من غير أن يكون أبوه أمره بذلك، فإنَّ ولاءه وميراثه للّذي اشتراه من ماله فأعتق عن أبيه ، إذا لم يكن للمعتق وارث من قرابته (4).

8- عليُّ بن إبراهيم [ عن أبيه] عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن

ص: 184


1- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 161 . الاستبصار 4، 14 - باب ولاء السائبة، ح 1 بزيادة في الآخر فيهما .
2- واسمه خالد (خليد) بن أوفى . وفي الخلاصة : خليل بن أرقا، وكأنه تصحيف من بعض النسّاخ والله العالم .
3- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 162 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 الفقيه ،، نفس الباب، ح 9. وفي الأخيرين : وليشهد ... بدل: وَيُشْهد.
4- التهذيب 8، 10 - باب العنق ،وأحكامه ، ح 158 ، الاستبصار 4 ، 13 - باب أن ولاء المعتق لولد المعتق ، ح 1. الفقيه 3 51 - باب ولاء المعتق ، ح 13 .

هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن مملوك أعتق سائبةً؟ قال : يتولّى من شاء، وعلى من تولاه جريرته وله ميراثُه ، قلت : فإن سكت حتّى يموت؟ قال : يُجْعَل مالُهُ في بيت مال المسلمين(1).

9 - محمّد بن يحيى ؛ وغيره عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن هشام بن سالم عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) فيمن نكّل بمملوكه ، أنّه حرّ لا سبيل له عليه سائبة، يذهب فيتولّى إلى من أحب، فإذا ضمن جريرته فهو يرثه (2) .

108 - باب آخر منه

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن علي، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار الساباطيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في مكاتبة بين شريكين، فيعتق أحدهما نصيبه كيف يصنع الخادم؟ قال : تخدم الباقي يوماً، وتخدم نفسها يوماً ، قلت : فإن ماتت وتركت مالاً ؟ قال : المال بينهما نصفان بين الذي أعتق، وبين الّذي أمسك (3).

2 - عنه ، عن الحسن بن موسى الخطّاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ مكاتباً أتى أمير المؤمنين (علیه السلام) فقال: إنَّ سيّدي كاتبني، وشرط عليَّ نُجوماً في كلّ سنة، فجئته بالمال كله ضربةً واحدةً، وسألته أن يأخذه كلّه ضربة واحدة ويجيز

ص: 185


1- التهذيب 9 ، 46 - باب من الزيادات ، ح 16 بتفاوت يسير الاستبصار 4 ، 116 - باب ميراث السائبة ، ح 1 وفيه : فإن مكث ...، بدل : فإن سكت.... وكرره متناً، وسنداً مع تبديل طفيف ، وكرره متناً، وسنداً مع تبديل طفيف في السند برقم 2 من نفس الباب أيضا .
2- التهذيب 8 10 - باب العتق وأحكامه ، ح 35 بتفاوت يسير وكرره برقم 18 من الباب 46 من الجزء 9 من التهذيب أيضاً. الفقيه 3 ، 53 - باب الحرية، ح 5 . ونكل به : أصابه بنازلة وصنع به صنيعاً يحذر غيره ويجعله عبرة له، ومن جملة صور التنكيل المثلة به بقطع أحد أعضائه، وانعتاق العبد بتنكيل المولى به أحد قولين عند أصحابنا في المسألة وقد تردد صاحب الشرائع فيها فراجع 114/3 . في حين يظهر من عبارة الشهيد الثاني في الروضة جزمه بالانعتاق في هذه الحال. كما دل الحديث على أن شرط الإرث هنا ضمان حدث العبد وجريرته بأن يقول : عاقدتك على أن تعقل عني وترثني، فيقول الآخر: قبلت . وعليه فإذا تبرأ من ضمان جريرته ومن ميراثه كان سائبة كما مر .
3- التهذيب ،8، 12 - باب المكاتب، ح 36 ، وكرره برقم 19 من الباب 46 من الجزء 9 من التهذيب. الفقيه 3، 50 - باب المكاتبة ، حه وفيه عن مكاتب ولذا جاءت الضمائر كلها بصيغة المفرد المذكر.

فروع الكافي

عتقي، فأبى عليَّ ؟ فدعاه أمير المؤمنين (علیه السلام)، فقال: صدق، فقال له : ما لَكَ لا تأخذ المال وتُمضي عتقه؟ فقال: ما آخذ إلّا النجوم الّتي شرطت وأتعرّض من ذلك لميراثه ، فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : فأنت أحقُّ بشرطك(1) .

تمَّ كتاب المواريث والحمد لله ربّ العالمين، ويتلوه كتاب الحدود

ص: 186


1- التهذيب ،8، 12 - باب المكاتب، ح 31 الاستبصار 4 ، 19 - باب أنه إذا جعل على المكاتب المال منجماً ثم . . . ، ح 1 . قوله : ضربة : أي دفعة واحدة. ويقول المحقق في الشرائع 128/3 : «ولو دفع المكاتب ما عليه قبل الأجل كان الخيار لمولاه في القبض والتأخير» .

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الحدود

109 - باب التحديد

1 - محمّد بن يعقوب قال: حدَّثني محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : حدّ يُقَامُ في الأرض، أزكى فيها من مطر أربعين ليلةَ وأيّامها (1) .

2 - أحمد بن مهران ، عن محمّد بن علي، عن موسى بن سعدان ؛ عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: (يُحيي الأرض بعد موتها(2)) ؟ قال : ليس يحييها بالقطر، ولكن يبعث الله رجالاً فيحيون العدل(3) فَتَحيا الأرض لإحياء العدل، ولإقامة الحد الله أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحاً(4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال :

قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : إقامة حدّ خير من مطر أربعين صباحاً .

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عمرو بن عثمان، عن عليّ بن [الحسن بن علي بن] رباط، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) لسعد بن عبادة: إنَّ الله جعل لكلّ شيء حدَّا، وجعل على كلّ من تعدّى حدَّا من حدود الله عزّ وجلَّ حدّا، وجعل ما دون الأربعة الشهداء مستوراً على المسلمين .

5 - عنه ، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: في نصف الجلدة، وثلث الجلدة، يؤخذ بنصف السوط وثلثي السوط .

ص: 187


1- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات ، ح 8 وفيه: قطر مطر .
2- الروم/ 19 .
3- في التهذيب : فيحيون بالعدل...
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 9 بتفاوت في الذيل .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة ؛ عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ لكلّ شيء حدَّا ، ومن تعدّى ذلك الحدَّ كان له حدّ .

7 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن حسان، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي جميلة، عن ابن دبيس الكوفي، عن عمرو بن قيس قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : يا عمرو بن قيس، أشَعَرْتَ أنَّ الله عزّ وجلَّ أرسل رسولاً ، وأنزل عليه كتاباً، وأنزل في الكتاب كلّ ما يحتاج إليه، وجعل له دليلاً يدلُّ عليه، وجعل لكلّ شيء حدّا ، ولمن جاوز الحدّ حدَّا؟ قال: قلت أرسل رسولاً . وأنزل عليه كتاباً، وأنزل في الكتاب كلّ ما يحتاج إليه، وجعل عليه دليلاً، وجعل لكلّ شيء حدَّا؟ قال : نعم ، قلت : وكيف جعل لمن جاوز الحدّ حدَّا؟ قال : قال : إِن الله عزَّ وجلَّ حدّ في الأموال أن لا تؤخذ إلّا من حلّها ، فمن أخذها من غير حلّها قطعت يده حدّا لمجاوزة الحدّ، وإن الله عزَّ وجلَّ حدَّ أن لا ينكح النكاح إلّا من جلّه ومن فعل غير ذلك، إن كان عَزباً حُدَّ، وإن كان محصِناً رُجم لمجاوزته الحدّ .

8 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن حفص بن عون رفعه قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : ساعة من إمام عدل، أفضل من عبادة سبعين سنة ، وحَدٌ يقام الله في الأرض، أفضل من مطر أربعين صباحاً.

9 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن أبَان بن عثمان، عن سليمان بن أخي حسّان العجليّ قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : ما خلق الله حلالاً ولا حراماً إلّا وله حدود كحدود داري هذه، ما كان من الطريق فهو من الطريق، وما كان من الدار فهو من الدَّار ، حتّى أرش الخَدْش، فما سواه، والجلدة، ونصف الجلدة .

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن بعض أصحابه عن عاصم بن حميد، عن أبي

عبد الله (علیه السلام) قال : الرَّجم حدُّ الله الأكبر، والجلد حدُّ الله الأصغر.

11 - عليُّ ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حسين بن المنذر، عن عمرو بن قيس الماصر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنَّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الأمّة إلى یوم القيامة إلّا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وجعل لكلّ شيء حدَّا، وجعل عليه دليلاً يدلُّ عليه، وجعل على من تعدّى الحدّ حدَّا.

12 - عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : إنَّ أصحاب

ص: 188

النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) قالوا لسعد بن عبادة : أرأيتَ لو وجدَت على بطن امرأتك رجلاً، ما كنتَ صانعاً به؟ قال : كنت أضربه بالسيف قال : فخرج رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فقال : ماذا يا سعد؟ قال: سعد قالوا : لو وَجَدْتَ على بطن امرأتك رجلاً ما كنت تصنع به؟ فقلت : أضربه بالسيف، فقال: يا سعد، وكيف بالأربعة الشهود؟ فقال : يا رسول الله بعد رأي عيني ، وعَلِمَ الله أنه قد فعل؟ قال : إي والله ، بعد رأي عينك وعلم الله أنّه قد فعل، لأنَّ الله عزَّ وجلَّ قد جعل لكلّ شيء حدَّا، وجعل لمن تعدَّى ذلك الحدّ حدَّا (1).

13 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ في كتاب عليّ (علیه السلام) أنّه كان يضرب بالسوط، وبنصف السوط، وببعضه في الحدود، وكان إذا أتي بغلام وجارية لم يُدركا، لا يُبطل حدَّا من حدود الله عزّ وجلَّ، قيل له : وكيف كان يضرب ؟ قال : كان يأخذ السوط بيده من وسطه أو من ثلثه ثمَّ يضرب به على قدر أسنانهم، ولا يبطل حدًّا من حدود الله عزَّ وجلَّ (2).

110 - باب الرجم والجلد ومن يجب عليه ذلك

1 - حدَّثني محمّد بن يحيى ؛ وغيره، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الرَّجم حدُّ الله الأكبر، والجلد حدُّ الله الأصغر ، فإذا زنى الرّجل المُحصن، يُرجَم ولم يجلد (3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الحُرُّ والحُرَّة إذا زنيا ، جُلد كلُّ واحد منهما مائة جلدة، فأمّا المحصن والمحصنة، فعليهما الرّجم (4) .

3 - وبإسناده، عن يونس، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : الرَّجم في

ص: 189


1- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح .5 الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد والرجم و...، ح5.
2- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات، ح 10 . الفقيه 4 ، 17 - باب نوادر الحدود، ح 14 . وإنما كان (علیه السلام) يفعل ذلك تأديباً لهم وتعزيراً لا حَداً، إذ لا حدّ على غير البالغ إجماعاً.
3- الاستبصار 4 ، 117 - باب من يجب عليه الجلد ثم الرجم ، ح 9 . التهذيب 10 ، 10 - باب حدود الزنا، ح 18 وفي الذيل فيهما رجم .... بدل يُرجم .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 6 .

القرآن قول الله عزَّ وجلَّ : إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة فإنّهما قَضَيا الشهوة (1).

4 - وبإسناده، عن يونس، عمّن رواه عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : المحصن یرجم، والّذي قد أمْلَكَ ولم يدخل بها ، فجَلْدُ مائة ونَفيُ سنة .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبَان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : رجم رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ولم يَجلد، وذكروا أنَّ عليّاً (علیه السلام) رجم بالكوفة وجَلَدَ ، فأنكر ذلك أبو عبد الله (علیه السلام) ، وقال : ما نعرف هذا - أي لم يَحدَّ رجلا حدَّين رَجُم وضَرْب في ذنب واحد- (2).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن موسى بن بكر، عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : الّذي لم يُحصن، يُجلد مائة جلدة ولا ينفى، والّذي قد أملك ولم يدخل بها، يُجلد مائة ويُنفى (3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الشيخ والشيخة أن يُجلدا مائة، وقضى للمحصن الرَّجم ، وقضى في البكر والبكرة إذا زَنَيا جلد مائة، ونفي سنة في غير مِصْرِهما، وهما اللذان قد أملكا ولم يدخلا بها (4).

111 - باب ما يحصن وما لا يحصن وما [لا] يوجب الرجم على المحصن

1 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (علیه السلام) عن رجل إذا هو زنى وعنده السريّة والأمَة يطأها أَتُحْصِنُهُ الأمة وتكون عنده؟ فقال: نعم، إنّما ذلك لأنَّ عنده ما يغنيه عن الزنا ، قلت : فإن كانت عنده أمة زعم

ص: 190


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 7 الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد والرجم و ...، ح 12 بتفاوت وأخرجه عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السلام)... ومن الواضح إن ما ذكر هنا لا يوجد في القرآن المعهود، ولذا فالمراد به ما كان يثبته كتّاب الوحي من تفسير لبعض الآيات بعد سؤالهم رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) عن معانيها وهي شروح وليست قرآناً إطلاقاً.
2- التهذيب ،10 نفس الباب، ح 19 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 11 بتفاوت في الذيل فيهما، ونسب في الاستبصار التفسير الوارد في ذيل الحديث إلى يونس فقال : قال يونس : أي لم نجد رجلا ... الخ .
3- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح 12 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت في الجميع . والإملاك : التزويج .
4- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ح 9. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 10 وفي الذيل فيهما : ولم يدخل بها. وكرره في التهذيب 10 برهم 123 من نفس الباب وبدون الذيل وهو قوله : وهما ... الخ .

أنّه لا يطأها؟ فقال : لا يُصَدِّق، قلت: فإن كانت عنده امرأة متعةً، أَتُحْصِنُه؟ قال: لا، إنّما هو على الشيء الدّائم عنده (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن هشام؛ وحفص بن البختري، عمّن ذكره عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل يتزوّج المتعة، أتُحْصِنُهُ؟ قال: لا، إنّما ذاك على الشيء الدائم عنده (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن ربيع الأصمّ، عن الحارث بن المغيرة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل له امرأة بالعراق، فأصاب فجوراً وهو بالحجاز ؟ فقال : يضرب حدّ الزاني مائة جلدة، ولا يُرجم، قلت: فإن كان معها في بلدة واحدة، وهو محبوس في سجن لا يقدر أن يخرج إليها ولا تدخل هي عليه، أرأيت إن زنى في السجن؟ قال: هو بمنزلة الغائب عن أهله، يُجلد مائة جلدة (3).

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن حريز قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن المحصن ؟ قال : فقال : الّذي يزني وعنده ما يُغْنِيهِ(4) .

5 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : المُغَيَّب والمُغَيَّبة ليس عليهما رجم، إلّا أن يكون الرجل مع المرأة والمرأة مع الرجل (5).

6 - عليُّ ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، قال: قلت لأبي إبراهيم (علیه السلام) : الرجل تكون له الجارية أتُحْصِنُهُ؟ قال: فقال: نعم، إنّما هو على وجه الاستغناء قال : قلت : والمرأة المتعة؟ قال : فقال : لا ، إنّما ذلك على الشيء الدائم، قال: قلت : فإن زعم أنّه لم يكن يطأها ؟ قال : فقال : لا يُصَدَّق، وإنّما يوجب ذلك عليه لأنّه يملكها .

ص: 191


1- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 26 . الاستبصار 4 ، 118 - باب ما يُحصن وما لا يُحصن ، ح 1 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 33 بدون كلمة عنده، 33 بدون كلمة عنده في الذيل الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 8 وفيه : وحفص بن البختري..، بدل عن حفص بن ....
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 37 . الفقيه 4، 4 - باب ما يجب فيه التعزير والحد والرجم و. . . ، ح 53 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح27 . الاستبصار 4 ، نفس ،الباب ح 2. وقد عرف الشهيدان رحمهما الله الإحصان بأنه :« إصابة البالغ العاقل فرجاً أي قبلاً مملوكاً له بالعقد الدائم أو الرق متمكناً بعد ذلك منه بحيث يغدو عليه ويروح أي يتمكن منه أول النهار وآخره كما راجع شرائع الإسلام للمحقق 4 / 150 - 151 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب،ح 38 . والمغيّب : الذي غاب عن زوجته أو غابت عنه . والمغيبة : التي غاب عنها زوجها أو غابت عنه . بحيث لا يمكن أن يصل إليها عادة ولا أن تصل إليه .

7 - عنه ، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي بصير قال : قال : لا يكون مُحصناً، حتّى تكون عنده امرأة يغلق عليها بابه (1).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن رفاعة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل يزني قبل أن يدخل بأهله، أيُرْجَم؟ قال : لا(2).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : في العبد يتزوّج الحرَّة ، ثمَّ يُعتق، فيصيب فاحشة؟ قال : فقال : لا رجم عليه حتّى يواقع الحرّة بعدما يُعتق ، قلت : فللحرَّة عليه خيار إذا أُعتِقَ؟ قال : لا ، [قد] رضيت به وهو مملوكٌ، فهو على نكاحه الأوّل(3).

1 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن سنان، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قلت : ما المُحْصن، رحمك الله ؟ قال : من كان له فَرْجُ يغدو عليه ويَروُح ، فهو محصن (4).

11 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين رفعه قال : الحدُّ في السفر الّذي إذا زنى لم يُرجم إن كان محصناً ، قال : إذا قصّر وأفطر(5) .

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الرجل الّذي له امرأة بالبصرة، فَفَجَرَ بالكوفة ، أن يُدرأ عنه الرجم ويُضرب حدَّ الزاني ، قال : وقضى (علیه السلام) في رجل محبوس في السجن وله امرأة حرَّة في بيته في المصر ، وهو لا يصل إليها، فزنى في السجن؟ قال : عليه الجلد، ويُدرأ عنه الرجم (6).

ص: 192


1- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح .29 الاستبصار 4 ، 118 - باب ما يحصن وما لا يحصن ح 4 .
2- التهذيب 10، نفس الباب ، ح 41 . الفقيه 4 ، 5 - باب حد ما يكون المسافر فيه معذوراً في الرجم دون الجلد، صدرح 4 . وإنما لا يرجم لعدم توفر شرط الإحصان فيه وهو الوطء.
3- التهذيب 10 نفس الباب ، ح 40 الفقيه 4، 4 - باب ما يجب فيه التعزير والحد والرجم و...، ح 45 . وقد قطع الأصحاب رضوان الله عليهم بأن المملوك لو تزوج الحرة ولم يطأها بعد فزني لا يعتبر محصناً، وكذا المطلق خلعياً لو راجع فزنى قبل أن يطأ زوجته التي راجعها .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 28 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 3 بدون قوله في الذيل : فهو محصن . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 37 .
5- الفقيه 4 ، 5 - باب حد ما يكون المسافر فيه معذوراً في الرجم دون الجلد، ح 1 بتفاوت .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 39 بتفاوت يسير.

13 - عليّ، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أخبِرني عن الغائب عن أهله يزني هل يرجم إذا كانت له زوجة وهو غائب عنها؟ قال : لا يرجم الغائب عن أهله، ولا المملك الّذي لم يَين بأهله (1) ، ولا صاحب المُتْعَة ، قلت : ففي أيّ حدّ سفره لا يكون محصناً؟ قال : إذا قصّر وأفطر فليس بمحصن(2) .

112 - باب الصبيّ يزني بالمرأة المدركة والرجل يزني بالصبيّة غير المدركة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن سليمان بن خالد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في غلام صغير لم يدرك، ابن عشر سنين زنى بامرأة؟ قال : يُجلد الغلام دون الحدّ، وتُجلد المرأة الحدّ كاملاً ، قيل له : فإن كانت محصنة؟ قال : لا تُرجم ، لأنَّ الّذي نكحها ليس بمدرك، ولو كان مدركا رُجِمَتْ (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) - في آخر ما لقيته - عن غلام لم يبلغ الحُلُم ، وقع على امرأة أو فَجَرَ بامرأة، أيّ شيء يُصنع بهما ؟ قال : يُضرب الغلام دون الحدّ، ويقام على المرأة الحدّ، قلت: جارية لم تبلغ ، وُجدَت مع رجل يَفْجُرُ بها؟ قال : تُضرب الجارية دون الحدّ، ويقام على الرَّجل الحدّ [ الكامل ] (4).

ص: 193


1- بنى بالمرأة : إذا دخل بها ووطأها .
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح32 . الاستبصار 4 ، 118 - باب ما يحصن وما لا يحصن ، ح 7 . هذا وقد نص الشهيدان رحمهما الله على أن البعيد عن أهله بحيث لا يكون متمكناً من الغدو والرواح عليها، بلا فرق بين كون بعده عنها مسافة القصر أو دونها ، لا يعتبر محصناً، ومثله المحبوس الذي لا يتمكن من الوصول إلى زوجته، فلو زنى مثل هذا فلا عليه . رجم ويقول المحقق في الشرائع 150/4 : «ولا يثبت الإحصان الذي يجب معه الرجم حتى يكون الواطىء بالغاً حراً وبطأ في فرج مملوك بالعقد الدائم أو الرق متمكن منه يغدو عليه ويروح وفي رواية مهجورة : دون مسافة التقصير...».
3- التهذيب 10 نفس الباب ، ح 44 الفقيه ،4 4 - باب ما يجب به التعزير والحد والرجم و . . . ، ح 19 . يقول المحقق في الشرائع 155/4: «ولو زنى البالغ المحصن بغير البالغة أو بالمجنونة، فعليه الحد لا الرجم، وكذا المرأة لو زنى بها طفل، ولو زنى بها المجنون فعليها الحد كاملاً ...».
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 45 ، الفقيه ،4 ، نفس الباب ، ح 20 وأخرجه عن يونس بن يعقوب عن أبي مريم عن أبي عبد الله (علیه السلام) .

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبَان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لا يُحَدّ الصبيُّ إذا وقع على امرأة، ويُحدُّ الرَّجل إذا وقع على الصبيّة (1).

113 - باب ما يوجب الجلد

1 - حدَّثني عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن

عیسی ، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: حد الجلد أن يوجدا في لحاف واحد، فالرجلان يُجلدان إذا أخذا في لحاف واحد الحدّ، والمرأتان تُجلدان إذا أخذتا في لحاف واحد الحدّ (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن مفضّل بن صالح ، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل والمرأة يوجدان في لحاف واحد ؟ قال : يُجلدان مائة مائة غير سوط (3).

3 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان (4)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سمعته يقول : حدُّ الجلد في الزنا، أن يوجدا في لحاف واحد، والرَّجلان يوجدان في لحاف واحد والمرأتان توجدان في لحاف واحد (5).

4 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد عن أبَان؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : إذا وُجد الرَّجل والمرأة في لحاف واحد ، وقامت عليهما بذلك بيّنة، ولم يُطّلع منهما على ما سوى ذلك، جُلد كلَّ واحد منهما مائة جلدة (6).

ص: 194


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ح 46 وفيه : على المرأة، بدل : على امرأة ..
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا ، ح .148 . وليس فيه كلمة (الحد) في وسط الحديث. الاستبصار 4، 124 - باب ما يوجب التعزير ، ح 8 وليس في ذيله كلمة (الحد).
3- التهذيب ،10 ، نفس الباب ح 141 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 1 . قوله : غير سوط : أي تسعة وتسعين سوطاً دون الحد، وهذا هو التعزير، إذ يتراوح بين طرف القلّة وطرف الكثرة بشرط ألا يبلغ الحدّ .
4- في التهذيبين : عن عبد الله بن مسكان .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ح 150 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 10 .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح .158 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح 19. بتفاوت يسير . ولا بد - بملاحظة بعض الروايات من تقييد ما تضمنه هذا الحديث بما إذا وجدا مجرّدين ولم يكن هنالك ضرورة، وذلك حملاً للمطلق على المقيّد .

5 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن الحذّاء قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : إذا وُجد الرَّجل والمرأة في لحاف ،واحد، جُلدا مائة جلدة (1) .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح الكنانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل والمرأة يوجدان في لحاف واحد، جُلدا مائة مائة (2).

7 - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : كان عليُّ (علیه السلام) إذا أخذ الرجلين في لحاف واحد ، ضربهما الحدّ، فإذا أخَذَ المرأتين في لحاف واحد، ضربهما الحدّ(3).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا شهد الشهود على الزاني أنّه قد جلس منها مجلس الرجل من امرأته، أقيم عليه الحدُّ ، قال : وكان عليُّ (علیه السلام) يقول : اللّهمّ إن أمكنتني من المغيرة، لأرْمِينَّه بالحجارة (4).

9 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم [ عن أبان] عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن امرأة وُجدت مع رجل في ثوب واحد؟ فقال: يُجلدان مائة جلدة .

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : كان عليُّ (علیه السلام) إذا وجد رجلين في لحاف واحد مُجَرِّدين، جلدهما حدَّ الزاني : مائة جلدة كلُّ واحد منهما، وكذا المرأتان إذا وُجدنا في لحاف واحد مجرَّدتين، جلد كلُّ واحدة منهما مائة جلدة .

ص: 195


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 153 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 13. بتفاوت في الذيل .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 156 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 16 بتفاوت وزيادة في آخرهما. الفقيه 4 ، - باب ما يجب به التعزير والحد والرجم و . . . ، ح 3 .
3- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح.151 الاستبصار 4، 124 - باب ما يوجب التعزير، ح 11. وفيهما : وإذا أخذ المرأتين ... الخ .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 152 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 12 . والمناسبة في ذكره (علیه السلام) للمغيرة، هي أن الشهود في قضيته قد شهدوا بالمعاينة.

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام) ، فدخل عليه عبّاد البصري ومعه أناس من أصحابه، فقال له : حَدِّثني إذا أخذ الرجلان في لحاف واحد ؟ فقال له : كان عليُّ (علیه السلام) إذا أخذ الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحدَّ ، فقال عبّاد : إنّك قلت لي : غيرَ سوط، فأعاد عليه ذكر الحديث، حتّى أعاد عليه ذلك مراراً ، فقال : غيرَ سوط فكتب القوم الحضور عند ذلك الحديث (1).

114 - باب صفة حد الزاني

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : يُضْرَبُ الرجل الحدّ قائماً، والمرأة قاعدةً، ويُضرب كلّ عُضو، ويُترك الرأسُ والمذاكير (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (علیه السلام) عن الزاني ، كيف يُجلد ؟ قال : أشدّ الجلد، قلت : فمن فوق ثيابه؟ قال : بل يخلع ثيابه، قلت : فالمفتري ؟ قال : يُضرب بين الضربين (3)، يضرب جسده كلّه فوق ثيابه .

3 - أبو علي الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى، عن

ص: 196


1- التهذيب 10، نفس الباب، ح 147 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 7 . قال المحقق في الشرائع 160/4: «والمجتمعان تحت إزار واحد مجرّدين وليس بينهما رَحِم يعزّران من ثلاثين سوطاً إلى تسعة وتسعين سوطاً ، ولو تكرر ذلك منهما وتخلله التعزير حُدًا في الثالثة . . . .» وقال في ص / 161 : «والاجنبيتان إذا وجدتا في إزار مجردتين عُزرت كل واحدة دون الحد، وإن تكرر الفعل منهما والتعزير مرتين أقيم عليهما الحد في الثالثة، فإن عادتا ، قال في النهاية : قتلتا، والأولى الاقتصار على التعزير احتياطاً في التهجم على الدم».
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 104 . وفيه ويترك الوجه و....الفقيه 4 ، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد والرجم و ... ، ح 25 . وفيه أيضاً : ويترك الوجه و... والمذاكير: جمع الذكر، يقال - كما في المغرب - قطع ،مذاكيره أي استأصل ذَكَرَه، وهو جمع على خلاف القياس، وربما يكون بسبب شموله للخصيتين تغليباً . هذا ويقول المحقق في الشرائع 175/4 : «ويجلد الزاني مجرداً ، وقيل : على الحال التي يوجد عليها، قائماً أشدَّ الضرب، وروي متوسطاً، ويفرّق على جسده ويتقى وجهه ورأسه وفرجه، والمرأة تضرب جالسة وتربط عليها ثيابها» .
3- يعني ضرباً وسطاً بين الشديد والخفيف.

إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا إبراهيم (علیه السلام) عن الزاني كيف يجلد؟ قال: أشدّ الجلد، فقلت : فوق الثياب ؟ فقال : بل يُجَرِّد (1).

115 - باب ما يوجب الرجم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: حدّ الرجم ؛ أن يشهد أربعة أنّهم رأوه يُدخل ويُخرج (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) لا يرجم رجل ولا امرأة حتّى يشهد عليه أربعة شهود على الإيلاج والإخراج (3).

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي

حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يجب الرجم، حتّى تقومَ البيّنة الأربعة أنّهم قد رأوه يجامعها (4).

4 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن سماعة، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : لا يُرجم الرّجل والمرأة حتّى يشهد عليهما أربعة شهداء على الجماع، والإيلاج، والإدخال كالميل في المكحلة (5) .

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن البصريّ، عن حمّاد بن

ص: 197


1- التهذيب ،10 ، نفس ،الباب ، ح 102 . وفيه : لا، بل يجرّد.
2- الاستبصار ،4 125 - باب كيفية إقامة الشهادة على الرجم ، ح 4. التهذيب 10، نفس الباب، ح 4 .
3- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح . . الاستبصار ،4، 125 - باب كيفية إقامة الشهادة على الرجم ، ح 3 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 2 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 1 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح1. وما تضمنته هذه الأحاديث من كون البيئة في الزنا المجوّزة لإقامة الحد هي أربعة شهود يشهدون بالمعاينة مع تطابق شهاداتهم هو مما أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 152/4، يقول المحقق عند كلامه على ما يثبت به الزنا «وأما البيّنة، فلا يكفي أقل من أربعة رجال أو ثلاثة وامرأتين، ولا تقبل شهادة النساء منفردات، ولا شهادة رجل وست ،نساء، وتقبل شهادة رجلين وأربع نساء، ويثبت به الجلد لا الرجم ، ولو شهد ما دون الأربع لم يجب، وحُدَّ كل منهم للفرية . ولا بد في شهادتهم من ذكر المشاهدة للولوج كالميل في المكحلة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة...».

عيسى، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : حدُّ الرجم في الزنا، أن يشهد أربعة أنّهم رأوه يُدْخِلُ ويُخْرِج .

116 - باب صفة الرجم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام): تُدفن المرأة إلى وسطها إذا أرادوا أن يرجموها، ويرمي الإمامُ ، ثمَّ الناس بعدُ بأحجار صغار (1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : تُدفن المرأة إلى وسطها، ثمَّ يرمي الإمامُ ، ثمَّ یرمي الناس بأحجار صغار (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال عن صفوان، عمّن رواه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا أقرَّ الزاني المحصن ، كان أوَّل من يرجمه الإمام ، ثمَّ الناس، فإذا قامت عليه البيّنة ، كان أوّل من يرجمه ،البينة، ثمَّ الإمام ، ثمَّ الناس (3).

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: تُدفن المرأة إلى وسطها ، ثمَّ يرمي الإمام ، ويرمي الناس بأحجار صغار، ولا يُدفن الرجل إذا رُجم إلّا إلى حَقوَيه (4).

5 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن الحسين بن خالد قال: قلت لأبي الحسن (علیه السلام) : أخبرني عن المحصِن إذا هو هرب من الحفيرة، هل يُردّ حتّى يُقام عليه الحَدُّ ؟ فقال : يُرَدُّ ولا يُرَدُّ ، فقلت : وكيف ذلك ؟ فقال : إذا كان هو المقرُّ على نفسه ثمَّ هرب من

ص: 198


1- التهذيب ،10 ، نفس الباب ح .116 . وفيه : ثم يرمي الناس بأحجار صغار.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 115.
3- التهذيب 10 نفس الباب، ح114 . الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد والرجم و ...، ح 23 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 156/4 - 157 :« ويدفن المرجوم إلى حقويه ، والمرأة إلى صدرها، فإن فر أعيد وجوباً إن ثبت زناه بالبينة، ولو ثبت بالإقرار لم يُعد ، وقيل : إن فر قبل إصابة الحجارة أعيد، ويبدأ الشهود برجمه وجوباً، ولو كان مُقرّاً بدأ الإمام ... وينبغي أن تكون الحجارة صغاراً لئلا یسرع التلف....».
4- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 113 . والحَقو: معقد الإزار من الوسط .

الحفيرة بعدما يصيبه شيء من الحجارة، لم يُردَّ، وإن كان إنّما قامت عليه البيّنة وهو يجحد ثمَّ هرب، رُدَّ وهو صاغر حتّى يُقام عليه الحدّ ، وذلك أنّ ماعِزَ بن مالك أقرَّ عند رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بالزنا فأمر به أن يرجم فهرب من الحفيرة فرماه الزبير بن العوّام بساق بعير فَعَقَله، فَعَقَله، فسقط، فلحقه الناس فقتلوه ، ثمَّ أخبروا رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بذلك ، فقال لهم : فَهَلّا تركتموه إذا هرب يذهب، فإنّما هو الّذي أقرّ على نفسه، وقال لهم : أمَا لو كان عليُّ حاضراً معكم لما ضَلَلْتُم، قال: ووداه رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) من بيت مال المسلمين (1) .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى عن يونس، عن أبَان، عن أبي العبّاس قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : أتى النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) رجلٌ فقال : إِنِّي زَنَيْتُ [فطّهرني]، فصرف النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) وجهه عنه، فأتاه من جانبه الآخر ثمَّ قال مثل ما قال فصرف وجهه عنه ، ثمَّ جاء الثالثة فقال له : يا رسول الله إنّي زنيت وعذابُ الدنيا أهونُ لي من عذاب الآخرة، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : أبصاحبكم بأس - يعني جِنَّة - ؟ فقالوا : لا ، فأقرّ على نفسه الرابعة، فأمر به رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أن يُرجم ، فحفروا له حفيرة، فلما وجد مسَّ الحجارة خرج يشتدُّ، فلقيه الزبير فرماه بساق بعير فسقط فَعَقَلَهُ ،به فادركه الناس فقتلوه ، فأخبروا رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بذلك، فقال: هلّا تركتموه ، ثمَّ قال: لو استَتَرَ ثمَّ تاب كان خيراً له (2).

117 - باب آخر منه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن عمران بن ميثم أو (3) صالح بن ميثم عن أبيه قال: أنت امرأة مِجحُّ(4) أمير

ص: 199


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 117 . قوله : فَعَقَلَه : أي فأثبته وصرعه .
2- التهذيب 10 نفس الباب ، ح 22 . هذا وقد اتفق الأصحاب رضوان الله عليهم على أن الزنا يثبت بالإقرار أو البينة . يقول المحقق في الشرائع 151/4 : «أما الإقرار، فيشترط فيه بلوغ المقر وكماله ، والاختيار، والحرية، وتكرار الإقرار أربعاً في أربعة مجالس، ولو أقرّ دون الأربع لم يجب الحد، ووجب التعزير . ولو أقر أربعاً في مجلس واحد ، قال في الخلاف والمبسوط : لم يثبت ، وفيه تردد .... هذا وقد نقل الشهيد الثاني رحمه الله في المسالك عن ابن أبي عقيل من قدامى الأصحاب أنه كان يكتفي بالإقرار مرة واحدة، وهو ما عليه أكثر مخالفينا. كما نقل عن ابن حمزة من أصحابنا أنه اشترط أن يكون كل إقرار من الأربعة في مجلس .
3- الترديد من الراوي .
4- المرأة المِحجّ - كما في النهاية - الحامل المقرب التي قرب ولادها .

المؤمنين (علیه السلام) فقالت : يا أمير المؤمنين، إنّي زنيتُ فطّهرني طهّرك الله ، فإنَّ عذاب الدنيا أَيْسَرُ من عذاب الآخرة الّذي لا ينقطع، فقال لها : ممّا أطهّرك؟ فقالت: إنّي زنيت، فقال لها : أو ذَاتُ بعل أنت أم غير ذلك؟ فقالت: بل ذات بعل، فقال لها : أفحاضراً كان بعلك إذا فعلتِ ما فعلت أم غائباً كان عنك؟ فقالت بل حاضراً ، فقال لها : انطلقي فَضَعي ما في بطنك ثمّ ائتني أطهّرك، فلمّا ولّت عنه المرأة فصارت حيث لا تسمع كلامه، قال: اللّهمّ إنّها شهادة، فلم يلبث أن أنته فقالت : قد وضعتُ فطهّرني ، قال : فتجاهل عليها ، فقال : أطهرك يا أمَةَ الله ممّاذا؟ فقالت : إنّي زنيت فطهّرني . فقال : وذات بعل إذا فعلتِ ما فعلت؟ قالت : نعم، قال: وكان زوجك حاضراً أم غائباً؟ قالت بل حاضراً، قال فانطلقي وأرضعيه حولَين كاملَين كما أمرك الله ، قال : فانصرفت المرأة، فلمّا صارت من حيث لا تسمع كلامه قال : اللّهمّ إنّهما شهادتان، قال : فلمّا مضى حولان أتت المرأة فقالت : قد أرضعته حولَين، فطهّرني يا أمير المؤمنين، فتجاهل عليها وقال : أطهّرك ممّاذا؟ فقالت : إنّي زنيت فطهّرني ، قال : وذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت؟ فقالت نعم قال : وبعلك غائب عنك إذ فعلت ما فعلتِ أو حاضرٌ؟ قالت : بل حاضر، قال : فانطلقي فاكفليه حتّى يعقل أن يأكل ويشرب ولا يتردَّى من سطح ولا يتهوَّر (1) في بئر ، قال : فانصرفت وهي تبكي ، فلمّا ولّت فصارت حيث لا تسمع كلامه قال : اللّهمّ إنّها ثلاث شهادات قال فاستقبلها عمرو بن حُريث المخزومي، فقال لها : ما يبكيكِ يا أُمَةَ الله ، وقد رأيتك تختلفين إلى عليّ تسألينه أن يطهّرك؟ فقالت: إنّي أتيت أمير المؤمنين (علیه السلام) فسألته أن يطهّرني فقال : اكفلي ولدك حتّى يعقل أن يأكل ويشرب ولا يتردَّى من سطح ولا يتهوّر في بئر، وقد خفت أن يأتي علي الموت ولم يطهّرني، فقال لها عمرو بن حريث: ارجعي إليه، فأنا أكفله فرجعت فأخبرت أمير المؤمنين (علیه السلام) بقول عمرو، فقال لها أمير المؤمنين (علیه السلام) وهو متجاهل عليها : ولِمَ يكفل عمر و ولدك ؟ فقالت : يا أمير المؤمنين، إنّي زنيت فطهّرني، فقال: وذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت؟ قالت نعم قال : أفغائباً كان بعلُك إذا فعلتِ ما فعلتِ أم حاضراً؟ فقالت : بل حاضراً، قال فرفع رأسه إلى السماء وقال: اللّهمّ إنّه قد ثبت لك عليها أربع شهادات، وإنّك قد قلت لنبيّك (صلی الله علیه وآله وسلم) فيما أخبرته به من دينك : يا محمّد ، من عَطّل حدّاً من حدودي فقد عاندني، وطلب بذلك مضادَّتي ، اللّهمَّ فإنّي غير معطّل حدودك، ولا طالب مضادّتك، ولا مضيّع لأحكامك ، بل مطيع لك ومتّبع سنّة نبيّك (صلی الله علیه وآله وسلم)، قال: فنظر إليه عمرو بن حُريث، وكأنّما الرُّمان يفقأ (2) في وجهه، فلمّا رأى ذلك عمرو قال : يا أمير المؤمنين، إنّني إنّما

ص: 200


1- تهوّر الرجل - كما في القاموس - وقع في الأمر بقلة مبالاته وفي بعض النسخ: ولا يتهوّى. وهوى الشيء: سقط.
2- هذا كناية عن ظهور علامات الغضب في الوجه.

أردت أكفله إذ ظننت أنّك تحبّ ذلك، فأما إذا كرهته، فإنّي لست أفعل؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السلام): أبَعدَ أربع شهادات بالله؟! لتكفلنّه وأنت صاغر (1)، فصعد أمير المؤمنين (علیه السلام) المنبر فقال : يا قنبر ناد في الناس الصلاة جامعة (2) ، فنادى قنبر في الناس، فاجتمعوا حتّى غص المسجد (3) بأهله وقام أمير المؤمنين صلوات الله عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس، إنَّ إمامكم خارج بهذه المرأة إلى هذا الظَهر (4) ليقيم عليها الحدَّ إن شاء الله، فعزم عليكم أمير المؤمنين لما خرجتم وأنتم متنكّرون(5) ومعكم أحجاركم، لا يتعرَّف أحد منكم إلى أحد حتّى تنصرفوا إلى منازلكم إن شاء الله ، قال : ثمَّ ،نزل فلمّا أصبح الناس بكرة، خرج بالمرأة وخرج الناس متنكّرين متلثّمين بعمايمهم وبأرديتهم والحجارة في أرديتهم وفي أكمامهم، حتّى انتهى بها والناس معه انتهى بها والناس معه إلى الظَّهر بالكوفة، فأمر أن يحفر لها حفيرة، ثمَّ دفنها فيها، ثمَّ ركب بغلته وأثبت رجليه في غَرْز الرّكاب (6) ، ثمّ وضع إصبعيه السبّابتين في أذنيه، ثمَّ نادى بأعلى صوته يا أيّها الناس إنّ الله تبارك وتعالى عهد إلى نبيّه (صلی الله علیه وآله وسلم) عهداً، عهده محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم) إليَّ ، بأنّه لا يقيم الحدّ من الله عليه حدّ ، فمن كان عليه حدّ مثل ما عليها (7)، فلا يقيم عليها الحدّ (8). قال : فانصرف الناس يومئذ كلّهم ما خلا أمير المؤمنين (علیه السلام)، والحسن، والحسين (علیهما السلام) ، فأقام هؤلاء الثلاثة عليها الحدّ يومئذ وما معهم غيرهم، قال: وانصرف فيمن انصرف يومئذ محمّد (9) بن أمير المؤمنين (علیه السلام) (10).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن خلف بن حمّاد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: جاءت امرأة حامل إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) فقالت: إنّي فعلتُ (11). فطهّرني، ثمَّ ذكر نحوه (12).

ص: 201


1- الصاغر : الراضي بالذلّ .
2- أي كنداء الصلاة جامعة . ولو لم يكن قد حان وقتها ويحتمل أنه كان في تلك اللحظة قد حان وقتها .
3- أي امتلأ...
4- يعني ظهر الكوفة .. كما سوف يصرح به فيما بعد .
5- أي لا يتعرف بعضكم على بعض .
6- غرز الركاب شيء من جلد يجعل في الركاب ليضع الإنسان رجله فيها حالة امتطائه للدابة .
7- أي من الرجم ، والضمير يعود إلى المرأة، ويحتمل أن تكون المماثلة للجنس ليشمل ما يوجب التعزير أيضاً.
8- قال المحقق في الشرائع 157/4 : «وقيل : لا يرجمه أي الزاني - من لله تعلى قبله حد، وهو على الكراهية».
9- يعني ابن الحنفية.
10- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 23 بتفاوت. الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد والرجم و...، ح 32 بتفاوت أيضاً.
11- كناية عن الزنا.
12- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح24 . وفي سنده: خالد بن حمّاد، بدل: خلف بن حمّاد. يقول المحقق في الشرائع 156/4 :« ولا يقام الحد على الحامل حتى تضع وتخرج من نفاسها وترضع الولد إن لم يتفق له ،مرضع ولو وجد له كافل جاز إقامة الحد».

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن رواه، عن أبي جعفر أو (1) أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) برجل قد أقرَّ على نفسه بالفجور، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) لأصحابه : اغدوا غداً عَلَيَّ متلثّمين، فغدوا عليه متلثّمين، فقال لهم : من فعل مثل فعله فلا يرجمه ،فلينصرف قال فانصرف بعضهم وبقي بعض فرجمه من بقي منهم (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد بن خالد رفعه إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : أتاه رجل بالكوفة فقال : يا أمير المؤمنين، إنّي زنيت فطهّرني قال : ممّن أنت؟ قال: من مزينة، قال: أتقرأ من القرآن شيئاً؟ قال بلى قال : فاقرأ ، فقرأ فأجاد، فقال: أبِك جنّة؟ قال: لا، قال : فاذهب حتّى نسأل عنك، فذهب الرجل ثمَّ رجع إليه بعد فقال : يا أمير المؤمنين، إنّي زنيت فطهّرني ، فقال : ألك زوجة ؟ قال : بلى، قال : فمقيمة معك في البلد؟ قال : نعم ، قال : فأمره أمير المؤمنين (علیه السلام) ،فذهب وقال : حتّى نسأل عنك، فبعث إلى قومه فسأل عن خبره ، فقالوا : يا أمير المؤمنين صحيح العقل، فرجع إليه الثالثة، فقال له مثل مقالته ، فقال له : اذهب حتّى نسأل عنك، فرجع إليه الرابعة، فلمّا أقرَّ ، قال أمير المؤمنين (علیه السلام) لقنبر : احتفظ به، ثمَّ غضب، ثمَّ قال : ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رؤوس الملأ، أفَلا تاب في بيته فوالله لتوبته فيما بينه وبين الله ، أفضل من إقامتي عليه الحدّ، ثمَّ أخرجه ونادى في الناس : يا معشر المسلمين، اخرجوا ليُقام على هذا الرجل الحدّ، ولا يعرفنَّ أحدُكُم صاحبَه ، فأخرجه إلى الجبان(3) فقال : يا أمير المؤمنين، أنظرني أصلّي ركعتين، ثمَّ وضعه في حفرته واستقبل الناس بوجهه فقال يا معشر المسلمين إنَّ هذا حقٌّ من حقوق الله عزَّ وجل، فمن كان الله في عنقه حقٌّ فلينصرف ولا يقيم حدود الله من في عنقه الله حدّ، فانصرف الناس وبقي هو والحسن والحسين (علیههما السلام)، فأخذ حجراً، فكبّر ثلاث تكبيرات، ثمَّ رماه بثلاثة أحجار ، في كلّ حجر ثلاث تكبيرات ، ثمَّ رماه الحسن (علیه السلام) مثل ما رماه أمير المؤمنين (علیه السلام)، ثمَّ رماه الحسين (علیه السلام)، فمات الرجل، فأخرجه أمير المؤمنين (علیه السلام) فأمر فحُفر له وصلّى عليه ودفنه ، فقيل : يا أمير المؤمنين ألا تُغسّله ؟ فقال : قد اغتسل بما هو طاهر إلى يوم القيامة، لقد صبر على أمر عظيم .

ص: 202


1- الترديد من الراوي .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 25 .
3- الجبان الصحراء. ويقال: الجبانة أيضاً.

118 - باب الرجل يغتصب المرأة فَرْجَها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب عن بريد العجلي قال : سئل أبو جعفر (علیه السلام) عن رجل اغتصب امرأة فَرْجَها ؟ قال : يُقْتَلُ، محصناً كان أو غير محصن(1) .

2 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن عليّ بن حديد، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل غصب امرأة نفسها؟ قال : قال : يُضْرَبُ ضربة بالسيف، بلغت منه ما بلغت (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن

أحدهما (علیهما السلام) في رجل غصب امرأة نفسها؟ قال : يُقْتَل(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا كابَرَ الرجلُ المرأةَ على نفسها ضُرب ضربة بالسيف مات منها أم عاش (4).

5- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن جميل بن درّاج؛ ومحمّد بن حمران، جميعاً عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : الرجل يغصب المرأة نفسها؟ قال : يُقتل .

ص: 203


1- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 47 . الفقيه 4 ، 5 - باب ما يكون المسافر فيه معذوراً في الرجم دون الجلد، ح 7 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 50. وفيه : بالغة منه ... وظاهر هذه الرواية هو وجوب ترك المحدود إذا لم تقتله الضرية، ولكن المشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم هو وجوب قتله بالسيف أو نحوه من آلات ،الحديد وإن اختلفوا في ضم جلده أو رجمه قبل قتله به او يكتفى بجلده ورجمه إذا كان محصناً وقتله بالرجم ؟ يقول المحقق في الشرائع 154/4 : «وهل يقتصر علي قتله بالسيف؟ قيل : نعم، وقيل: بل يجلد ثم يقتل إن لم يكن ،محصناً، ويجلد ثم يرجم إن كان محصنا عملا بمقتضى الدليلين، والأول أظهر».
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 48 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 6 وفيه : ... امرأة مسلمة .... ورواه أيضاً بتفاوت يسير برقم 4 من الباب 64 من الجزء 4 من الفقيه . هذا ويقول المحقق في الشرائع 154/4 وهو بصدد الحديث عن أن القتل أحد أقسام الحد الثلاثة في الزنا :« .... وكذا من زنى بامرأةٍ مُكرِها ،لها ، ولا يعتبر في هذه المواضع الإحصان، بل يقتل على كل حال، شيخاً كان أو شاباً ويتساوى فيه الحر والعبد والمسلم والكافر» . كما يراجع اللمعة وشرحها للشهيدين، المجلد 2 من الطبعة الحجرية ، ص / 331 - 332 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 49 .

119 - باب من زنى بذات محرم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب قال : سمعت بكير بن أعين يروي عن أحدهما (علیهما السلام) قال: من زنى بذات محرم محرم حتّى يواقعَها، ضُرب ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت وإن كانت تابَعَتهُ ، ضُربت ضربة بالسيف أخذت منها ما أخذت، قيل له : فمن يضربهما وليس لهما خصم ؟ قال : ذاك على الإمام إذا رُفعا إليه (1).

2- أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، عن جميل بن درّاج قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : أين يُضرب الّذي يأتي ذات محرم بالسيف، أين هذه الضربة؟ قال : يضرب عنقه - أو (2) قال : تضرب رقبته (3).

3- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابه، عن محمّد بن عبد الله بن ،مهران عمّن ذكره عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل وقع على أخته؟ قال : يضرب ضربة بالسيف قلت: فإنّه يَخْلُص ؟ قال : يُحْبَس أبداً حتّى يموت (4).

4 - عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن ابن بكير، عن رجل قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : الرَّجل يأتي ذات محرم ؟ قال : يُضرب ضربة بالسيف، قال ابن بكير : حدَّثني حريز عن بكير بذلك(5) .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن سالم عن بعض أصحابنا، عن الحكم بن

ص: 204


1- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا ، ح 68 . الاستبصار 4 ، 119 - باب من زنى بذات محرم ، ح 3 . الفقيه 4 ، ه - باب حد ما يكون المسافر معذوراً في الرجم دون الجلد ح 8 وفيه : سمعت ابن بكير يروي عن أحدهما (علیه السلام) ...
2- الترديد من الراوي .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح .69 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 4. الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 9 .
4- التهذيب 10 نفس ،الباب ح 70 الاستبصار 4 ، نفس الباب ح 5 . الفقيه ،3 15 - باب الحبس بتوجه الأحكام ، ح 1 وأخرجه عن صفوان بن مهران عن عمرو بن السمط، عن علي بن الحسين (علیه السلام) .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 67 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 . هذا والذي يظهر من كلمات أصحابنا وجود خلاف في حكم من زنى بالمحرم غير النسبي، حيث ذكر الشهيد الثاني في الروضة أنهن كغيرهن من الأجانب على ما يظهر من الفتاوي وقال الأخبار خالية عن تخصيص النسبي، بل الحكم فيها معلّق على ذات المحرم مطلقاً ... وفي إلحاق زوجة الأب، والإبن، وموطوءة الأب بالملك بالمحرم النسبي، قولان من دخولهن في ذات المحرم ، وأصالة العدم ... الخ . كما راجع شرائع الإسلام للمحقق 154/4 .

مسكين، عن جميل قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : الرَّجل يأتي ذات محرم ، أين يُضرب بالسيف؟ قال: رقبته.

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط ، عن عبد الله بن بكير، عن أبيه قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام) من أتى ذات محرم ضُرب ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت(1).

7 - سهل، عن عليّ بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، عن جميل بن درّاج قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : أين تضرب هذه الضربة ؟ - يعني من أتى ذات محرم - قال : يضرب عنقه - أو قال : رقبته (2).

120 - باب في أن صاحب الكبيرة يُقْتَلُ في الثالثة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ؛ عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام): الزاني إذا زنى، جُلد ثلاثاً، ويُقتل في الرابعة، - يعني إذا جلد ثلاث مرّات - (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن صفوان، عن يونس، عن أبي الحسن الماضي (علیه السلام) قال: أصحاب الكبائر كلّها، إذا أقيم عليهم الحدُّ مرَّتين، قُتلوا في الثالثة (4).

121 - باب المجنون والمجنونة يزنيان

1- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن

ص: 205


1- التهذيب 10، نفس الباب، ح .66 . ولا وجود لابن أسباط في سنده. الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 1 وقد توسط ابن أبي نصر بين سهل بن زياد وابن بكير في سنده هذا، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على ما تضمنه الحديث من وجوب قتل من زنى بذات محرم كالأم والبنت والأخت وشبههن، وإن اختلفوا في وجوب الاقتصار في قتله على السيف فراجع شرائع الإسلام للمحقق 154/4 وكذلك ص / 331 - 332 من المجلد الثاني من اللمعة والروضة للشهيدين، الطبعة الحجرية حيث نقل الشهيد الثاني تفصيلا في ذلك عن ابن إدريس رحمه الله .
2- انظر الحديث رقم 2 من هذا الباب .
3- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 129 . الاستبصار 4 ، 123 - باب إن الزاني إذا جلد ثلاث مرات قتل في الرابعة، ح 1. بتفاوت فيهما.
4- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ، ح 130 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 الفقيه 4 ، 17 - باب نوادر الحدود، ح . وكرر الكليني هذا الحديث برقم 6 من باب إن شارب الخمر يقتل في الثالثة من هذا الجزء وإن بتفاوت 4 يسير .

محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) في امرأة مجنونة زنت فحبلت؟ قال : هي مثل السائبة، لا تملك أمرها، وليس عليها رجمٌ ولا جلدٌ ولا نَفْيٌ ، وقال في امرأة أقرت على نفسها أنّه استكرهها رجل على نفسها؟ قال : هي مثل السائبة، لا تملك نفسها، فلو شاء قتلها فليس عليها جلد ولا نَفيٌ ولا رجم(1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام) في امرأة مجنونة زنت؟ قال : إنها لا تملك أمرها وليس عليها شيء .

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن عمرو بن عثمان، عن إبراهيم بن الفضل، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : إذا زنى المجنون أو المعتوه جُلد الحدّ، وإن كان محصناً رُجم، قلت : وما الفرق بين المجنون والمجنونة والمعتوه والمعتوهة؟ قال : المرأة إنما تؤتى والرَّجل يأتي، وإنّما يزني إذا عقل كيف يأتي اللّذة، وإنَّ المرأة إنّما تُسْتَكْرَه، ويفعل بها، وهي لا تعقل ما يُفْعَل بها (2).

122 - باب حد المرأة التي لها زوج فَتَزَوَّجُ أو تَتَزَوَّجُ وهي في عدتها والرجل الذي يتزوج ذات زوج

1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن امرأة تزوّجت رجلاً ولها زوج ؟ قال : فقال : إن كان زوجها الأوّل مقيماً معها في المصر الذي هي فيه، تصل إليه ويصل إليها ، فإنَّ عليها ما على الزاني المحصن : الرَّجم ، قال : وإن كان زوجها الأوّل غائباً عنها أو كان

ص: 206


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، هذا وقد اتفق الأصحاب رضوان الله عليهم على سقوط الرجم والحد عن المجنونة في حال زناها وإن كانت محصنة وإن زنى بها العاقل واختلفوا في اعتبار كمال العقل في الرجل الزاني، يقول المحقق في الشرائع 150/4 : فلو وطأ المجنون عاقلة، وجب عليه الحد رجماً أو جلداً، هذا اختيار الشيخين رحمهما الله ، وفيه تردد...». ويقول المحقق في الشرائع 150/4: «ويسقط الحد مع الإكراه، وهو يتحقق في طرف المرأة قطعاً، وفي تحققه في طرف الرجل ،تردد والأشبه إمكانه لما يعرض من قبل الطبع المزجور بالشرع، ويثبت للمكرهة على الواطىء مثل مهر نسائها على الأظهر».
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا ، ح 56 . انظر التعليقة على الحديث السابق.

مقيماً معها في المصر لا يصل إليها ولا تصل إليه، فإنَّ عليها ما على الزانية غير المحصنة، ولا لعان بينهما ولا تفريق قلت من يرجمهما أو يضربهما الحدّ، وزوجها لا يقدّمها إلى الإمام، ولا يريد ذلك منها؟ فقال : إنَّ الحدّ لا يزال الله في بدنها حتّى يقوم به من قام ، أو تلقى الله وهو عليها غضبان قلت فإن كانت جاهلة بما صنعت؟ قال: فقال أليس هي في دار الهجرة؟ قلت بلى قال فما من امرأة اليوم من نساء المسلمين، إلّا وهي تعلم أنَّ المرأة المسلمة لا يحلُّ لها أن تتزوّج زوجين ، قال : ولو أنَّ المرأة إذا فَجَرَت قالت، لم أدر أو جهلت أنّ الّذي فعلت حرام ، ولم يُقَم عليها الحدُّ إذاً لتعطّلت الحدود(1).

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن يزيد الكناسيّ قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن امرأة تزوّجت في عدتها؟ قال : إن كانت تزوّجت في عدة ،طلاق، لزوجها عليها الرَّجعة، فإنّ عليها الرجم، وإن كانت تزوّجت في عدّة ليس لزوجها عليها الرجعة، فإنَّ عليها حدّ الزاني غير المحصن، وإن كانت تزوّجت في عدّة من بعد موت زوجها من قبل إنقضاء الأربعة أشهر والعشرة أيّام، فلا رجم عليها، وعليها ضرب مائة جلدة قلت : أرأيت إن كان ذلك منها بجهالة؟ قال: فقال: ما من امرأة اليوم من نساء المسلمين، إلّا وهي تعلم أن عليها عدّة في طلاق أو موت، ولقد كنّ نساء الجاهليّة يعرفنَ ذلك، قلت: فإن كانت تعلم أنَّ عليها عدّة ولا تدري كم هي ؟ قال : فقال : إذا علمت أن عليها العدة لزمتها الحجّة، فتسأل حتّى تعلم (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن امرأة تزوّجها رجل، فوجد لها زوجاً؟ قال : عليه الجلد وعليها الرَّجم لأنّه قد تقدّم بغير (3) علم، وتقدمت هي بعلم، وكفّارته إن لم يتقدَّم إلى الإمام، أن يتصدَّق بخمسة أصوُعٍ دقيق (4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : سئل عن امرأة كان لها زوج غائب عنها ، فتزوَّجت زوجاً

ص: 207


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 60 .
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 61 . وروى صدره بتفاوت واختلاف في ترتيب بعض عباراته في الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد و... ، ح 43 .
3- في التهذيبين تقدم بعلم .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 62 . الاستبصار 4 ، 120 - باب من تزوج امرأة ولها زوج ح 1 وفيهما في الذيل : دقيقاً. الفقيه ،3، 144 - باب النوادر ، ح 23 بتفاوت ولم يتضمن ذكر الرجم ولا الجلد مع زيادة في ذيله .

آخر؟ قال: إن رفعت إلى الإمام ، ثمَّ شهد عليها شهودٌ أنَّ لها زوجاً غائباً، وأن مادَّته (1) وخبره يأتيها منه وأنّها تزوّجت زوجاً ،آخر كان على الإمام أن يحدَّها، ويفرّق بينها وبين الّذي تزوجها، قلت : فالمهر الّذي أخذت منه ، كيف يصنع به؟ قال : إن أصاب منه شيئاً فليأخذه، وإن لم يُصب منه شيئاً، فإنَّ كلَّ ما أخذت منه حرام عليها مثل أجر الفاجرة (1).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ عليّاً (علیه السلام) ضرب رجلاً تزوَّج امرأة في نفاسها قبل أن تطهر، الحدَّ (2) .

123 - باب الرجل يأتي الجارية ولغيره فيها شرك، والرجل يأتي مكاتبته

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن صالح بن سعيد ، عن يونس، عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : قوم اشتركوا في شراء جارية فائتمنوا بعضهم، وجعلوا الجارية عنده، فوطأها؟ قال يجلد ،الحدّ ويدرأ عنه من الحدّ بقدر ماله فيها، وتقوم الجارية ويغرم ثمنها : للشركاء، فإن كانت القيمة في اليوم الّذي وطأها أقلّ ممّا اشتُريت به ، فإنّه يلزم أكثر الثمن، لأنّه قد أفسد على شركائه ، وإن كانت القيمة في اليوم الذي وطأ أكثر ممّا اشتُريت به، يلزم الأكثر لاستفسادها (3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن عدَّةٌ من أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سئل عن رجل أصاب جارية من الفيء، فوطاها قبل أن تقسّم؟ قال : تقوم الجارية، وتدفع إليه بالقيمة، ويُحطُّ له منها ما يصيبه منها من الفيء، ويُجلد الحدّ ، ويُدرأ عنه

ص: 208


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 63 .
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 64 . الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد والرجم، و...،ح 24 . هذا وقال الشيخ الصدوق رحمه الله بعد إيراده هذا الحديث : «ولو تزوجها في نفاسها ولم يدخل بها حتى تظهر لم يجب عليها الحد ، وإنما حدّه (علیه السلام) لأنه دخل بها ». وعلّق الشيخ في التهذيب على كلام الصدوق رحمهما الله فقال : وهذا الذي ذكره رحمه الله يحتمل إذا كانت المرأة مطلقة، فأما إذا قدرنا إنها كانت متوفى عنها زوجها فوضعها الحمل لا يخرجها عن العدة .... وإذا كان الأمر على ما ذكرناه فأمير المؤمنين (علیه السلام) إنما ضربه لأنها لم تخرج بعد من العلة التي هيعدة المتوفى عنها زوجها. والوجهان جميعاً محتملان .
3- التهذيب 10، نفس الباب، ح 96 .

من الحدّ بقدر ما كان له فيها فقلت وكيف صارت الجارية تدفع إليه هو بالقيمة دون غيره؟ قال : لأنّه وطأها ولا يؤمن أن يكون ثُمَّ حَبَل (1).

3 - يونس عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل وقع على مكاتبته؟ قال: إن كانت أدِت الرُّبع جُلد، وإن كان مُحصناً رُجم، وإن لم يكن أدت شيئاً، فليس عليه شيء (2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحنّاط قال : سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن جارية بين رجلين، أعتق أحدُهُما نصيبه منها ، فلمّا رأى ذلك شريكه وَثَبَ على الجارية فوقع عليها؟ قال: فقال : يُجلد الّذي وقع عليها خمسين جلدة، ويطرح عنه خمسون جلدة، ويكون نصفها حرّاً، ويطرح عنها من النصف الباقي الذي لم يعتق، وإن كانت بكراً عُشر ،قيمتها وإن كانت غير بكر نصف عُشْر قيمتها، وتُستَسعى هي في الباقي (3).

5 - ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن مالك بن أعين، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في أُمَّةَ بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه، فلمّا ذلك منه شريكه وَثَبَ على الجارية فافتضّها من سمع يومه؟ قال : يُضرب الّذي افتضّها خمسين جلدة، ويطرح عنه خمسون جلدة لحقّه منها، ويغرم للأمة عُشْرَ قيمتها لمواقعته إيّاها، وتُستَسعى في الباقي(4).

6 - أحمد بن محمّد الكوفي ، عن محمّد بن أحمد النهديّ، عن محمّد بن الوليد، عن أبان بن عثمان عن إسماعيل بن عبد الرَّحمن الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السلام) في جارية بين رجلين، وطأها أحدهما دون الآخر، فأَحْبَلَها؟ قال : يُضرب نصف الحدّ، ويغرم نصف القيمة (5).

7 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي،

ص: 209


1- التهذيب 10، نفس الباب، ح 100.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .95. الاستبصار 4 ، 121 - باب المكاتبة التي أدت بعض مكاتبتها ثم وقع عليها مولاها، ح.2 الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 17 . وقد حمل بعض الأصحاب ذكر الربع على سبيل المثال. ويقول المحقق في الشرائع 129/3 : «ولوزنى المولى بمكاتبته سقط عنه من الحد بقدر ماله فيها من الرقية وحُدُ الباقي» .
3- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 99 .
4- التهذيب 10، نفس الباب، ح 101 .
5- التهذيب 10 نفس الباب، ح 97 .

عن أبان، عن إسماعيل الجعفيّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجلين اشتريا جارية، فنكحها أحدهما دون صاحبه؟ قال : يُضرب نصف الحدّ ، ويغرم نصف القيمة إذا أحْبَلَ (1) .

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عیسی، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سمعت عبّاداً البصري يقول : كان جعفر (علیه السلام) يقول : يُدرأ عنه من الحدِّ بقدر حصّته منها، ويُضرب ما سوى ذلك - يعني في الرّجل إذا وقع على جارية له فيها حصّة -.

124 - باب المرأة المُسْتَكْرَهَة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: أتي عليُّ (علیه السلام) بامرأة مع رجل قد فَجَرَ بها، فقالت: استكرهني والله يا أمير المؤمنين، فدرأ عنها الحدّ، ولو سُئل هؤلاء عن ذلك، لقالوا : لا تُصَدّق وقد فعله أمير المؤمنين (علیه السلام)(2) .

125 - باب الرجل يزني في اليوم مراراً كثيرة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً عن ابن ،محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن الرَّجل يزني في اليوم الواحد مراراً كثيرة؟ قال : فقال : إن زنى بامرأة واحدة كذا وكذا مرّة، فإنّما عليه حدٌّ واحد، وإن هو زني بنسوة شتّى في يوم واحد في ساعة واحدة، فإنَّ عليه في كل امرأة فَجَرَ بها حدَّا (3).

ص: 210


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 98 .
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 51 وفي ذيله : وقد والله فعله .
3- التهذيب ،10 نفس الباب، ح 131 . الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد والرجم و...، ح 29 بتفاوت يسير . هذا والمشهور بين أصحابنا إن في الزنا المتكرر حداً واحداً وإن كثر، وقد اطّرحوا هذه الرواية، يقول المحقق في الشرائع 155/4 : وفي الزنا المتكرر حد واحد وإن كثر، وفي رواية أبي بصير عن أبي جعفر (علیه السلام) : «إن زنى بامرأة مراراً فعليه حد، وإن زنى بنسوة فعليه في كل امرأة حد، وهي مطرحة».

126 - باب الرجل يزوّج أمَتَه ثم يقع عليها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ، عن أبي عن عبد الله (علیه السلام) في رجل زوّج أمته رجلاً ثمَّ وقع عليها؟ قال : يُضْرَبُ الحدّ (1).

127 - باب نَفيِ الزاني

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: النفي من بلدة إلى بلدة ، وقال : قد نفى عليُّ صلوات الله عليه رَجُلَين من الكوفة إلى البصرة (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام) : إذا زنى الرَّجل فجُلد، ينبغي للإمام أن ينفيه من الأرض الّتي جُلد فيها إلى غيرها، فإنّما على الإمام أن يُخرجه من المصر الّذي جلد فيه (3).

3 - يونس، عن ابن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الزاني إذا زنى، أيُنفى؟ قال: نعم، من الّتي جلد فيها إلى غيرها (4).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنّى الحنّاط، عن

ص: 211


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 79. الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 14 . هذا وقد نص أصحابنا على عدم جواز وطء المالك أمته إذا هو زوجها ولا له النظر إلى ما لا يجوز لغير المالك النظر إليه منها، وذلك حتى تحصل الفرقة وتنقضي عدتها فراجع شرائع الإسلام للمحقق 314/2 - 315 .
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا ، ح 120 . الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد والرجم و...، ح 11 مرسلا بتفاوت يسير . والمراد بالنفي تغريبه عن مصره بل مطلق وطنه إلى آخر قريباً كان أو بعيداً بحسب ما يراه الإمام (علیه السلام) مع صدق اسم الغربة، فإن كان غريباً غرب إلى بلد آخر غير ،وطنه والبلد الذي غرب منه عاماً هلالياً تاماً .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 119 . وفيه : وإنما على الإمام . . . ، الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 9 وفيه : فليس ينبغي للإمام.... قال المحقق في الشرائع 155/4 : «وأما الجلد والتغريب، فيجبان على الذكر الحر غير المحصن، يجلد مائة ، ويجز راسه ويغرب عن مصره عاماً. عاماً ... أما المرأة فعليها الجلد مائة ولا تغريب عليها ولا جز، والمملوك يجلد خمسين محصناً كان أو غير محصن ذكراً كان أو أنثى ولا جز على أحدهما ولا تغريب . . . . ». هذا ويذكر الشهيد الثاني في الروضة إن ابن أبي عقيل من قدامى الأصحاب قد أثبت التغريب على المرأة أيضاً.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 121 و 122 . وفي الثاني : من الأرض التي يأتيه إلى ... الخ .

أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن الزاني إذا جُلد الحدَّ؟ قال : ينفى من الأرض إلى بلدة يكون فيها سنة (1).

128 - باب حد الغلام والجارية اللذين يجب عليهما الحدُّ تاماً

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن حمزة بن حمران عن حمران قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) قلت له : متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامّة، وتُقام عليه، ويؤخذ بها؟ فقال : إذا خرج عنه اليتم وأدرك ، قلت : فلذلك حدُّ يُعرف به ؟ فقال : إذا احتلم ، أو بلغ خمسة عشر سنة، أو أشعر، أو أنبت قبل ذلك، أقيمت عليه الحدود التامّة وأخذ بها وأخذت له قلت فالجارية متى تجب عليها الحدود التامّة، وتؤخذ لها تؤخذ بها؟ قال : إنَّ الجارية ليست مثل الغلام، إنّ الجارية إذا تزوَّجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم ودفع إليها مالها وجاز أمرها في الشراء والبيع، وأقيمت عليها الحدود التامّة وأخذ لها بها ، قال : والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع، ولا يخرج من اليتم حتّى يبلغ خمسة عشر سنة، أو يحتلم ، أو يُشْعِر أو يُنبت قبل ذلك (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن يزيد الكناسي، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : الجارية إذا بلغت تسع سنين، ذهب عنها اليتم، وزُوَّجت، وأقيمت عليها الحدود التامّة عليها ولها قال قلت الغلام إذا زوَّجه أبوه ودخل بأهله وهو غير مدرك ، أتقام عليه الحدود وهو على تلك الحال؟ قال : فقال : أمّا الحدود الكاملة الّتي يؤخذ بها الرجال فلا، ولكن يُجلد في الحدود كلّها على مبلغ سنّه، فيؤخذ بذلك ما بينه و بین خمسة عشر سنة، ولا تبطل حدود الله في خلقه، ولا تبطل حقوق المسلمين بينهم (3).

129 - باب الحد في اللواط

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : حدُّ اللّوطيّ مثل حدّ الزاني ، وقال : إن كان قد

ص: 212


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 121 و 122 . وفي الثاني : . . . من الأرض التي ياتيه إلى ... الخ .
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 132 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 133.

أحصن رجم، وإلا جلد (1).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن

عثمان قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : رجل أنى رجلاً ؟ قال : إن كان محصناً فعليه القتل، وإن لم يكن محصناً فعليه الجلد قال : فقلت : فما على الموطى(2)؟ قال: عليه القتل على كلّ حال محصناً كان أو غير محصن (3).

3- عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله، عن آبائه (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لو كان ينبغي لأحد أن يُرجم مرَّتين ، لرُجم اللّوطيّ (4).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح ، عن محمّد بن سنان، عن أبي بكر الحضرميِّ (5)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) برجل وامرأة قد لاط زوجها بابنها من غيره، وثقبه(6) وشهد عليه بذلك الشهود ، فأمر به أمير المؤمنين (علیه السلام) فضرب بالسيف حتّى قُتل، وضرب الغلام دون الحدّ ، وقال : أما لو كنت مدركاً لقتلتك، لإمكانك إيّاه من نفسك بثقبك (7).

ص: 213


1- التهذيب 10 ، 2 - باب الحدود في اللواط، ح 9. الاستبصار 4 ، 126 - باب الحد في اللواط ح 7 وفيه يُرجم بدل رُجِم . وقال المحقق في الشرائع 160/4 : «وكيفية إقامة هذا الحد القتل إن كان اللواط إيقاباً، وفي رواية : إن كان محصناً رجم ، وإن كان غير محصن ،جلد، والأول أشهر، ثم الإمام مخير في قتله بين ضربه بالسيف، أو تحريقه، أو رجمه، أو إلقائه من شاهق أو إلقاء جدار عليه، ويجوز أن يجمع بين أحد هذه وتحريقه، وإن لم يكن إيقاباً كالتفخيذ أو بين الإليتين فحدّه مائة جلدة، وقال في النهاية : يرجم إن كان محصناً، ويجلد إن لم يكن، والأول اشه».
2- في التهذيبين : فما على المؤتى ؟ . وفي الفقيه : فما على المؤتى به .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 10 الاستبصار ،4 نفس ،الباب ح 8 ، الفقيه ،4 ، 6 - باب حد اللواط والسحق . ح 1 .
4- التهذيب 10 ، 2 - باب في حدود اللواط ، ح 5. الاستبصار 4 ، 126 - باب الحد في اللواط ، ح 4. الفقيه 4 ، 6 - باب حد اللواط والسحق، ح 3 .
5- واسمه عبد الله بن محمد.
6- أي أوقب ذكره فيه .
7- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 1 . وفي ذيله : ينقبك. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 159/4 : «أما اللواط : فهو وطء الذكر إن بإيقاب وغيره، وكلاهما لا يثبتان إلا بالإقرار أربع مرات، أو شهادة أربعة رجال بالمعاينة، ويشترط في المقر البلوغ وكمال العقل والحرية والاختيار فاعلا كان أو مفعولاً ، ولو أقر دون أربع لم يُحدّ وعزّر ، ولو شهد بذلك دون الأربعة لم يثبت، وكان عليهم الحد للفرية ويحكم الحاكم فيه بعلمه إماماً كان أو غيره على الأصح . وموجب الإيقاب القتل على الفاعل والمفعول إذا كان كل منهما بالغا عاقلا، ويستوي في ذلك الحر والعبد والمسلم ،والكافر والمحصن وغيره، ولو لاط البالغ بالصبي موقباً قُتِلَ البالغ وأدب الصبي ....».

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن يوسف بن الحارث، عن محمّد بن عبد الرحمن العرزميّ ، عن أبيه عبد الرحمن، عن أبي عبد الله، عن أبيه (علیه السلام) قال: أتي عمر برجل وقد نُكح في دبره، فَهَمَّ أن يجلده، فقال للشهود: رأيتموه يُدخله كما يدخل الميل في المكحلة؟ فقالوا: نعم، فقال لعليّ (علیه السلام) : ما ترى في هذا؟ فطلب الفحل الّذي نكحه فلم يجده ، فقال عليّ (علیه السلام) : أرى فيه أن تُضْرَبَ عنقه ، قال : فأمر به فضربت عنقه، ثمَّ قال: خذوه فقد بقيت له عقوبة أخرى، قالوا : وما هي ؟ قال : ادعوا بُطنّ من حطب، فدعا بطن من حطب، فلُفّ فيه ثمّ أخرجه فأحرقه بالنار ، قال : ثمَّ قال : إنّ الله عباداً لهم في أصلابهم أرحام كأرحام النساء ، قال : فمالهم لا يحملون فيها ؟ قال : لأنّها منكوسة، في أدبارهم غدّة كغدّة البعير، فإذا هاجت ها جوا، وإذا سكنت سَكَنوا (1).

6 - أبو عليّ الأشعريّ، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن العبّاس بن عامر، عن سيف بن عميرة، عن عبد الرحمن العرزمي قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : وجد رجل مع رجل في إمارة عمر، فهرب أحدهما وأخذ الآخر، فجيء به إلى عمر، فقال للناس : ما ترون؟ قال : فقال هذا اصنع كذا، وقال هذا اصنع كذا قال : فقال : ما تقول يا أبا الحسن؟ قال : اضرب عنقه، فضرب عنقه ، قال : ثمَّ أراد أن يحمله ، فقال : مَه ، إنّه قد بقي من حدوده شيء، أيُّ شيء بقي ؟ قال : ادع بحطب، قال : فدعا عمر بحطب، فأمر به أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : فأحرق به (2).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد الجوهري ، عن عبد الصمد بن بشير، عن سليمان بن هلال، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل يفعل بالرجل؟ قال: فقال : إن كان دون الثَقَب فالجلد، وإن كان ثقب، أقيم قائماً ثمَّ ضرب بالسيف ضربة أخذ السيف منه ما أخذ فقلت له : هو القتل ؟ قال : هو ذلك (3).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : المَلُوط، حدُّه حدُّ الزاني (4).

ص: 214


1- التهذيب 10، نفس الباب، ح 4 . والطن - كما في القاموس - حزمة القصب وقال : الغُدة : طاعون الإيل ولا تكون الغدة إلا في البطن، والغدة: السلعة، وما بين الشحم والسنام .
2- التهذيب 10 ، 2 - باب في حدود اللواط ، ح 2 . الاستبصار 4 ، 126 - باب الحد في اللواط ، ح :2.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح .. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 3 وفي الذيل فيهما : هو ذاك .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 11 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 9 وفيهما : المتلوّط، بدل الملوط .

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : محرمٌ قبّل غلاماً من شهوة ؟ قال : يضرب مائة سوط (1).

10 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : رجل أتى رجلاً؟ قال : عليه إن كان محصناً القتل، وإن لم يكن محصناً فعليه الحدُّ قال : قلت : فما على المؤتى ؟ قال : عليه القتل على كلّ حال محصناً كان أو غير محصن (2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن هارون، عن أبي يحيى الواسطي رفعه قال: سألته عن رجلين يتفاخذان؟ قال: حدُّهما حدُّ الزاني، فإن أدعم(3) أحدهما على صاحبه ضرب الداعم ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت، وتركت منه ما تركت يريد بها مقتله، والداعم عليه يُحرَق بالنار.

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سمعته يقول : إن في كتاب عليّ (علیه السلام) : إذا أخذ الرجل مع غلام في لحاف مُجرّدين، ضُرب الرجل وأدَّب الغلام ، وإن كان ثَقَبَ وكان محصناً، رُجِمَ (4) .

130 - باب آخر منه

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : بينا أمير المؤمنين (علیه السلام) في ملأ من أصحابه، إذ أتاه رجلٌ فقال : يا أمير المؤمنين، إنّي قد أوقَبْتُ على غلام فطهرني فقال له : يا هذا، امض إلى منزلك، لعلّ مراراً هاج بك، فلمّا كان من غد عاد إليه فقال له : يا أمير المؤمنين، إنّي أوقبت على غلام

ص: 215


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 15 . هذا وقد نص المحقق في الشرائع 160/4 على إن من قبل بشهوة غلاماً ليس له بمحرم يعزّر. بل هو المشهور بين الأصحاب بلا فرق بين أن يكون محرماً أو غيره . وقد نفى المجلسي في مرآته 23 / 305 أن يكون قد رأى من الأصحاب من قال بمضمون هذا الخبر.
2- مر برقم 2 من هذا الباب .
3- أي طعن في دبره بذكره. ودعم المرأة : جامعها.
4- التهذيب 10 ، 2 - باب في حدود اللواط، ح 12 . الاستبصار 4 126 - باب الحد في اللواط ، ح 10 .

فطهّرني، فقال له : يا هذا ، امض إلى منزلك لعلّ مراراً هاج بك، حتّى فعل ذلك ثلاثاً بعدَ مَرَّته الأولى، فلمّا كان في الرابعة، قال له : يا هذا إنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) حكم في مثلك بثلاثة أحكام ، فاختر أيهنَّ شئت قال : وما هنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت أو إهداء من جبل مشدود اليدين والرجلين أو إحراق بالنار، فقال : يا أمير المؤمنين، أيّهن أشدُّ عليّ ؟ قال : الإحراق بالنار ، قال : فإنّي قد اخترتها يا أمير المؤمنين، قال: خذ لذلك أهبتك، فقال: نعم، فقام فصلّى ركعتين ، ثمَّ جلس في تشهّده فقال : اللّهمّ إنّي قد أتيت من الذنب ما قد علمته وإنّي تخوفت من ذلك فجئت إلى وصيّ رسولك وابن عمّ نبيّك فسألته أن يطهّرني، فخيّرني بين ثلاثة أصناف من العذاب اللّهمَّ فإنّي قد اخترت أشدَّها، اللَّهمّ فإنِّي أسألك أن تجعل ذلك كفّارة لذنوبي، وأن لا تحرقني بنارك في آخرتي، ثمَّ قام وهو باك حتّى جلس في الحفرة الّتي حفرها له أمير المؤمنين (علیه السلام) وهو يرى النار تتأجّج حوله، قال: فبكى أمير المؤمنين (علیه السلام)، وبكى أصحابه جميعاً، فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : قم يا هذا، فقد أبكيت ملائكة السماء وملائكة الأرض، فإنَّ الله قد تاب عليك، فقم ولا تعاودنَّ شيئاً ممّا قد فعلت(1) .

131 - باب الحد في السَّحق

الحد في السَّحق(2)

- عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة؛ وهشام؛ وحفص، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهنَّ عن السحق ؟ فقال : حدُّها حدُّ الزاني ، فقالت المرأة : ما ذكر الله عزّ وجلَّ ذلك في القرآن ؟ فقال : بلى، قالت: وأين هو؟ قال: هنَّ أصحاب الرسّ(3).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عیسی عن سماعة بن مهران قال: سألته عن المرأتين توجدان في لحاف واحد ؟ قال : تُجلد كلُّ واحدة منهما مائة جلدة (4).

ص: 216


1- التهذيب 10 ، 2 - باب في حدود اللواط ، ح 7 بتفاوت يسير، وروى جزءاً منه بتفاوت في الاستبصار 4 ، 126 - باب الحد في اللواط ، ح 5 . والإهداء - هنا - أو الإهدار الإلقاء من شاهق .
2- السَّحق : هو ذلك فرج امرأة بفرج أخرى.
3- التهذيب 10 ، 3 - باب الحد في السحق ، ح .. الفقيه 4 ، 6 - باب حد اللواط والسحق ، ح 2 بتفاوت يسير في الجميع . وجوابه (علیه السلام) فيه إشارة إلى السحق نفسه لا إلى حدّه . وقد ورد ذكر أصحاب الرس في القرآن في الفرقان/ 38 ، وفي ق / 12 وقيل في أصحاب الرس أقوال.
4- التهذيب 10 نفس الباب، ح 1 . يقول المحقق في الشرائع 160/4: «والحد في السحق مائة جلدة حرةً كانت أو أمه، مسلمة أو كافرة، محصنة أو غير محصنة للفاعلة والمفعولة . وقال في النهاية : ترجم مع الإحصان وتحد مع عدمه، والأول أولى ... والاجنبيتان إذا وجدتا في إزار مجردتين عزرت كل واحدة دون الحد ، وإن تكرر الفعل منهما والتعزير مرتين أقيم عليهما الحد في الثالثة، فإن عادتا قال في النهاية : قتلتا، والأولى على التعزير إحتياطاً في التهجم على الدم».

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : السحّاقة تُجلد(1).

4 - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة (2) ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : ليس لامرأتين أن تبيتا في لحاف واحد إلّا أن يكون بينهما حاجزٌ، فإن فعلتا، نهيتا عن ذلك، فإن وُجدتا مع النهي، جُلدت كلّ واحدة منهما حدَّا حدَّا، فإن وُجدتا أيضاً في لحاف، جلدتا، فإن وجدتا الثالثة قُتِلَتا (3).

132 - باب آخر منه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عمرو بن عثمان ؛ وعن أبيه، - جميعاً عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر وأبا عبد الله (علیه السلام) يقولان : بينا الحسن بن عليّ (علیه السلام) في مجلس أمير المؤمنين (علیه السلام) ، إذا أقبل قوم فقالوا: يا أبا محمّد، أردنا أمير المؤمنين (علیه السلام) ، قال : وما حاجتكم؟ قالوا : أردنا أن نسأله عن مسألة، قال : وما هي، تخبرونا بها، فقالوا امرأة جامعها ،زوجها فلما قام عنها ، قامت بحموته(4) فوقعت على جارية بكر فساحقتها، فألقت النطفة فيها، فحملت فما تقول في هذا؟ فقال الحسن (علیه السلام): معضلة وأبو الحسن ،لها ، وأقول، فإن أصبت فمن الله ، ثمَّ من أمير المؤمنين (علیه السلام)، وإن أخطأت فمن نفسي، فأرجو أن لا أخطي إن شاء الله : يعمد إلى المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أوّل وهلة، لأنّ الولد لا يخرج منها حتى تُشَق فتذهب عذرتها، ثمَّ تُرجم المرأة لأنّها محصنة، ثمَّ ينتظر بالجارية حتّى تضع ما في بطنها، ويردُّ الولد إلى أبيه صاحب النطفة ، ثمَّ تُجلد الجارية

ص: 217


1- التهذيب 10 نفس الباب، ح 2 .
2- واسمه سالم بن مكرم.
3- التهذيب 10 ، 3 - باب الحد في السحق ، ح 7. وذكره أيضاً برقم 159 من الباب (1) من نفس الجزء من التهذيب بتفاوت. الاستبصار 4، 124 - باب ما يوجب التعزير، ح 20 بتفاوت الفقيه 4 ، 6 - باب حد اللواط والسحق، ح 4 .
4- أي بحرارة شهوتها .

الحدَّ ، قال : فانصرف القوم من عند الحسن (علیه السلام) ، فلقوا أمير المؤمنين (علیه السلام)، فقال : ما قلتم لأبي ،محمّد، وما قال لكم؟ فأخبروه، فقال: لو أنّني المسؤول ما كان عندي فيها أكثر ممّا قال ابني (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن عليّ بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : دعانا زياد فقال : إنّ أمير المؤمنين(2) كتب إليَّ أن أسألك عن هذه المسألة، فقلت: وما هي ؟ فقال : رجل أتى امرأة فاحتملت ماءه فساحقت به جارية فحملت؟ فقلت له : فسل عنها أهل المدينة قال: فألقى إليَّ كتاباً فإذا فيه : سل عنها جعفر بن محمّد ، فإن أجابك وإلّا فاحمله إليَّ ، قال : فقلت له : تُرجم المرأة، وتُجلد الجارية، ويُلحق الولد بأبيه قال : ولا أعلمه إلّا قال : وهو الّذي ابتلي بها (3).

3 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في امرأة افتضّت جارية بيدها؟ قال عليها مهرها، وتُجلد ثمانين(4).

ص: 218


1- التهذيب 1 ، 3 - باب الحد في السحق ، 4 بتفاوت وأخرجه عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين عن إبراهيم بن عقبة عن عمرو بن عثمان عن أبي عبد الله (علیه السلام).
2- يعني أحد ملوك العباسيين، ولعله المنصور.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح5 الفقيه 4 ، 6 - باب حد اللواط والسحق ، ح 5 وذكر فيه السؤال والجواب فقط من دون إشارة إلى القصه. قوله : وهو الذي ابتلي بها يعني الملك العباسي . هذا ويقول المحقق في الشرائع 161/4 : «لو وطاً زوجته فساحقت بكراً فحملت، قال في النهاية : على المرأة الرجم، وعلى الصبية جلد مائة بعد الوضع ويلحق الولد بالرجل، ويلزم المرأة المهر، أما الرجم، فعلى ما مضى من التردد ، وأشبهه الاقتصار على الجلد، وأما جلد الصبية فموجبه ثابت وهي المساحقة، وأما لحوق الولد فلأنه ماء غير زان وقد انخلق منه الولد فيلحق به، وأما المهر فلأنها سبب في إذهاب العُذْرَة وديتها مهر نسائها، وليست كالزانية في سقوط دية العذرة لأن الزانية أذنت في الافتضاض وليست هذه كذا، وأنكر بعض المتأخرين ذلك فظن أن المساحقة كالزنا في سقوط دية العذرة وسقوط النسب» . وقال الشهيدان في اللمعة والروضة : «ولو وَطأ زوجته فساحقت بكراً فحملت البكر فالولد للرجل لأنه مخلوق من مائه ولا موجب لانتفائه عنه، فلا يقدح كونها ليست فراشاً له، ولا يلحق بالزوجة قطعاً ولا بالبكر على الأقوى وتحدان المرأتان حد السحق لعدم الفرق فيه بين المحصنة وغيرها ويلزمها أي الموطوءة ضمان مهر المثل للبكر لأنها سبب في إذهاب عذرتها وديتها مهر نسائها وليست كالزانية المطاوعة لأن الزانية أذنت في الافتضاض بخلاف هذه، وقيل : ترجم الموطوءة رجم المساحقة مطلقاً من الأخبار الصحيحة، وابن إدريس نفى الأحكام الثلاثة أما الرجم فلما ذكرناه، وأما إلحاق الولد بالرجل فلعدم ولادته على فراشه والولد للفراش وأما المهر فلان البكر بغي بالمطاوعة فلا مهر لها، وقد عرفت جوابه» .
4- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 173 وأخرجه عنه عن ابن محبوب عن ابن سنان عن أبي عبد الله (علی السلام) أن أمير المؤمنين قضى ... وكرره بنفس سند الفروع هنا وبنصه أيضاً برقم 8 من الباب 3 من نفس الجزء من التهذيب الفقيه 4 4 - باب ما يجب به التعزير والمحد والرجم و . . . ، ح 16 بتفاوت .

133 - باب الحد على من يأتي البهيمة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن جرير، عن سدير عن أبي جعفر (علیه السلام) في الرّجل يأتي البهيمة ؟ قال : يُحدُّدون الحدّ، ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها لأنّه أفسدها عليه، وتذبح وتُحرق وتُدفن إن كانت ممّا يؤكل لحمه، وإن كانت ممّا يركب ظهره اغرم ،قيمتها ، وجُلدَ دُونَ الحدّ وأخرجها من المدينة الّتي فعل بها فيها إلى بلاد أخرى حيث لا تُعرف فيبيعها فيها كيلا يُعيّر بها(1) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرّجل يأتي بهيمة أو شاة أو ناقة أو بقرة ؟ قال : فقال : عليه أن يجلد حدَّا غير الحدّ، ثمّ يُنفى من بلاد إلى غيرها، وذكروا أن لحم تلك البهيمة محرَّم ولبنها (2).

3 - عليُّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن بعض أصحابه، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) والحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) ؛ و صباح الحذّاء ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) في الرجل يأتي البهيمة، فقالوا جميعاً : إن كانت البهيمة للفاعل ذُبحت، فإذا ماتت، أحرقت بالنار، ولم ينتفع بها، وضُرب هو خمسة وعشرون سوطاً ربع حدّ الزاني ، وإن لم تكن البهيمة له، قوّمت، فأخذ ثمنها منه، ودفع إلى صاحبها وذبحت وأحرقت بالنار ولم ينتفع بها، وضُرب خمسة وعشرون سوطاً، فقلت: وما ذنب البهيمة ؟ فقال : لا ذنب لها، ولكن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فعل هذا، وأمر به لكيلا يجتزي

ص: 219


1- التهذيب 10 ، 4 - باب الحد في نكاح البهائم ونكاح الأموات و...، ح 3 . الاستبصار 4 ، 127 - باب حد من أتى بهيمة ، ح 3 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 8 - باب حد من أتى بهيمة ، ح 1.
2- التهذيب ،19 ، نفس الباب، ح 2 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ح 2 وفي ذيله وثمنها، بدل: ولبنها. وفيهما معاً ... بهيمة : شاة أو . .. الخ . هذا وقال المحقق في الشرائع 187/4 : «إذا وطأ البالغ العاقل بهيمة مأكولة اللحم كالشاة والبقرة، تعلق بوطئها أحكام: تعزير الواطىء، وإغرامه ثمنها إن لم تكن له، وتحريم الموطوءة، ووجوب ذبحها وإحراقها . أما التعزير فتقديره إلى الإمام، وفي رواية : يضرب خمسة وعشرين سوطا وفي أخرى ،الحد وفي أخرى يقتل، والمشهور الأول. أما التحريم : فيتناول لحمها ولبنها ونسلها تبعاً لتحريمها، والذبح إما تلقيا ( عن الشارع) أو لما لا يؤمن من شياع نسلها وتعذر اجتنابه، وإحراقها لئلا تشتبه بعد ذبحها بالمحللة . وإن كان الأمر الأهم فيها ظهرها لا لحمها كالخيل والبغال والحمير ، لم تذبح ، وأغرم الواطىء ثمنها لصاحبها وأخرجت من بلد الواقعة وبيعت في غيره إما عبادة لا لعلة مفهومة لنا أي تعبداً)، أو لئلا يعيربها صاحبها . وما الذي يصنع في ثمنها؟ قال بعض الأصحاب : يتصدّق به ولم أعرف المستند وقال الآخرون : يعاد على المغترم وإن كان الواطىء هو المالك دفع إليه وهو أشبه».

الناس بالبهائم وينقطع النسل (1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسکان عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الّذي يأتي البهيمة فيولج؟ قال: عليه الحدّ (2).

134 - باب حدّ القاذف

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) أنَّ الفِرْيَة ثلاثة ثلاث - يعني وجوه - إذ رمى الرَّجل الرَّجل بالزنا، وإذا قال: إنّ أمّه زانية، وإذا دُعِي لغير أبيه، فذلك فيه حدُّ ثمانون(3).

2- عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال في الرّجل إذا قذف المحصنة، قال: يُجلد ثمانين، حرَّا كان أو مملوكاً (4).

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل يقذف الرجل بالزنا؟ قال : يُجلد هو في كتاب الله عزَّ وجلَّ وسنّة نبيّه (صلی الله علیه وآله وسلم) قال وسألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يقذف الجارية الصغيرة؟ فقال: لا يجلد، إلّا أن تكون قد أدركت أو قاربت(5).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطیِّة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) في امرأة قذفت رجلاً؟ قال : تُجلد ثمانين جلدة (6).

ص: 220


1- التهذيب 10، نفس ،الباب ، ح 1 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 1.
2- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ، ح 7 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 7 وفيهما : في رجل أتى بهيمة 7. فأولج...
3- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسب والتعريض بذلك و ... ، ح 1 . وفيه : وإذا دعاه لغير أبيه، بدل : وإذا دعي ...
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 2 بدون كلمة : المحصنة.
5- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 3 . وكرر الكليني ذيل الحديث بنفسه متناً وسنداً برقم 22 من هذا الباب أيضاً. هذا، والقذف : - لغةً - هو الرمي بالحجارة وشرعاً : هو الرمي بالزنا أو اللواط ، كقوله : زنيت أو لُطْتَ ، أو ليط بك، أو أنت زان أو لائط أو منكوح في دبره وما يؤدي هذا المعنى صريحاً مع معرفة القائل بموضوع اللفظ بأية لغة اتفق وهو حرام بنص الكتاب والسنة، وبالإجماع، بل العقل أيضاً.
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ح 4 . الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف، ح20 .

5 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن أبي مريم الأنصاري قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الغلام لم يحتلم يقذف الرجل، هل يُجلد؟ قال : لا ، وذاك لو أنّ رجلاً قذف الغلام لم يُجلد (1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن الحكم الأعمى ؛ وهشام بن سالم، عن عمّار الساباطي، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل قال لرجل: يا ابن الفاعلة - يعني الزنا- ؟ قال : فإن كانت أمّه حيّة شاهدة ثمَّ جاءت تطلب حقّها، ضُرب ثمانين جلدة، وإن كانت غائبة، انتظر بها حتّى تقدم فتطلب حقّها، وإن كانت قد ماتت ولم يُعلم منها إلّا خيرٌ ، ضُرب المفتري عليها الحدَّ ثمانين جلدة (2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن عمرو بن عثمان الخزّاز، عن الفضل بن إسماعيل الهاشمي، عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله وأبا الحسن (علیهما السلام) عن امرأة زنت، فأتت بولد، وأقرَّت عند إمام المسلمين بأنّها زنت وأنَّ ولدها ذلك من الزنا، فأقيم عليها الحدُّ، وإنَّ ذلك الولد نشأ حتّى صار رجلاً، فافترى عليه رجلٌ هل يُجلد من افترى عليه؟ فقال : يُجلد ولا يُجلد ، فقلت : كيف يجلد ولا يجلد ؟ فقال : من قال له : يا ولد الزنا لم يُجلد إنّما يعزّر، وهو دون الحدّ، ومن قال له يا ابن الزانية جُلد الحدَّ ،تامّاً فقلت كيف يجلد [هذا] هكذا؟ فقال : إنّه إذا قال : يا ولد الزنا، كان قد صدق فيه، وعزّر على تعييره أمّه ثانية وقد أقيم عليها الحدّ، وإذا قال له يا ابن الزانية، جُلد الحدّ ،تامّاً لفريته عليها بعد إظهارها التوبة وإقامة الإمام عليها الحدَّ (3).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل قذف ملاعنة؟ قال: عليه الحدُّ.

ص: 221


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 16 . الاستبصار 4 ، 135 - باب حد من قذف صبياً، ح 1 . هذا وقد اشترط أصحابنا في إقامة حد القذف البلوغ في كل من القاذف ،والمقذوف، فلو قذف الصبي لم يُحد بل يُعزر، وإن قذف بالغاً حراً مسلماً، وكذلك الحكم فيما لو قذف البالغ صبياً، فراجع الشرائع للمحقق 4 / 164 - 165 .
2- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسب و ... ، ح 5. الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف، ح 25 . وكرر الكليني رحمه الله هذا الحديث برقم 11 من نفس الباب .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 15 . ويقول المحقق في الشرائع 163/4 : «ولو قال لابن المحدودة، قبل التوبة (يا ابن الزانية)، لم يجب به الحد، وبعد التوبة يثبت الحد» .

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سئل عن ابن المغصوبة يفتري عليه الرّجل، فيقول: يا ابن الفاعلة؟ فقال : أرى أنَّ عليه الحدَّ ثمانين جلدة، ويتوب إلى الله عزَّ وجلَّ ممّا قال (1).

10 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة وهبت جاريتها لزوجها، فوقع عليها فحملت الأمة، فأنكرت المرأة أنّها وهبتها له، وقالت: هي خادمي، فلمّا خشيت أن يُقام على الرّجل الحدّ ، أقرَّت بأنّها وهبتها ،له، فلمّا أقرَّت بالهبة، جلدها الحدَّ بقذفها زوجها (2).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن الحكم الأعمى ؛ وهشام بن سالم، عن عمّار الساباطيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : في رجل قال لرجل: يا ابن الفاعلة - يعني الزنا- ؟ قال : إن كانت أمّه حيّة شاهدة، ثمَّ جاءت تطلب حقّها، ضرب ثمانين جلدة، وإن كانت غائبة، انتظر بها حتّى تقدم فتطلب حقّها، وإن كانت قد ماتت ولم يُعلم منها إلّا خيرٌ، ضُرب المفتري عليها الحدَّ ثمانين جلدة (3).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن بعض أصحابه رفعه قال : كان على عهد أمير المؤمنين (علیه السلام) رجلان متواخيان في الله عزَّ وجلَّ، فمات أحدهما وأوصى إلى الآخر في حفظ بُنيّة كانت له، فحفظها الرجل، وأنزلها منزلة ولده في اللطف والإكرام والتعاهد، ثمَّ حضره ،سفر، فخرج وأوصى امرأته في الصبية، فأطال السفر، حتّى إذا أدركت الصبية وكان لها جمال، وكان الرجل يكتب في حفظها والتعاهد لها، فلمّا رأت ذلك امرأته خافت أن يقدم فيراها قد بلغت مبلغ النساء فيعجبه جمالها فيتزوجها، فعمدت إليها هي ونسوة معها قد كانت أعدتهنَّ ، فَأمْسُكْنَها ،لها ، ثمَّ افترعتها(4) بإصبعها، فلمَّا قدم الرّجل من سفره وصار في منزله، دعا الجارية، فأبت أن تجيبه استحياء ممّا صارت إليه، فالح عليها بالدُّعاء، كلُّ ذلك تأبى أن تجيبه، فلمّا أكثر عليها، قالت له امرأته : دعها، فإنّها

ص: 222


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 14 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 26 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 20 بتفاوت وبدون : (بقذفها زوجها) في الذيل . وإنما حدّها لأنها عندما أنكرت هبتها جاريتها لزوجها مع وطئه لها فمعنى ذلك أنها اتهمته بالزنا لأن من وطأ مملوكة الغير من دون اذنه فهو زان وعليه الحد .
3- مر برقم 6 من هذا الباب فراجع .
4- أي افتضت بكارتها .

تستحيي أن تأتيك من ذنب كانت فعلته قال لها وما هو ؟ قالت كذا وكذا ورمتها

بالفجور، فاسترجع الرَّجل، ثمَّ قام إلى الجارية فوبّخها وقال لها: ويحك، أما علمتِ ما كنت أصنع بك من الألطاف، والله ما كنت أعدّك إلّا لبعض ولدي أو إخواني، وإن كنتِ لابنتي ، فما دعاك إلى ما صنعت؟ فقالت الجارية : أمّا إذا قيل لك ما قيل، فوالله ما فعلت الّذي رمتني به امرأتك ولقد كذبت عليَّ، وإن القصّة لكذا وكذا، ووصفت له ما صنعت بها امرأته، قال : فأخذ الرّجل بيد امرأته ويد الجارية فمضى بهما حتّى أجلسهما بين يدي أمير المؤمنين (علیه السلام) ، وأخبره بالقصّة كلها، وأقرَّت المرأة بذلك، قال: وكان الحسن (علیه السلام) بين يدي أبيه ، فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام): اقض فيها، فقال الحسن (علیه السلام): نعم، على المرأة الحدُّ لقذفها الجارية، وعليها القيمة لافتراعها ،إيَّاها قال : فقال أمير المؤمنين (علیه السلام): صدقت، ثمَّ قال : أما لو كلّف الجمل (1) الطحن لفَعَل .

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن سليمان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: يُجلد قاذف الملاعنة(2).

14 - ابن محبوب، عن نعيم بن إبراهيم، عن عباد البصريّ، عن جعفر بن محمّد (علیه السلام) قال : إذا قذف الرجل الرجل فقال : إنّك لتعمل عملَ قومِ لوط، تنكح الرجال؟ قال : يُجلد حدَّ القاذف ثمانين جلدة (3).

15 - ابن محبوب، عن أبي أيّوب؛ وابن بكير، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) في الرجل يقذف الرَّجل، فيجلد، فيعود عليه بالقذف؟ قال: إن قال له : إِنَّ الَّذي قلتُ لك حقٌّ، لم يُجلد، وإن قذفه بالزنا بعد ما جُلد، فعليه الحد، وإن قذفه قبل أن يُجلد بعشر قذفات لم يكن عليه إلّا حدّ واحد (4).

ص: 223


1- يقول المجلسي رحمه الله في مرآة العقول / 23 : «لعل المراد أن من كلّف أمراً يتأتى منه ويقوى عليه يفعله، فمثل بذلك للحسن (علیه السلام) بأنه يتأتى منه الحكم بين الناس لكنه لم يأتِ أوانه ولو كلف لفعل، ويحتمل أن يكون تمثيلا لبيان اضطرار الجارية فيما فعل بها - والأول أظهر» .
2- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسب و ... ، ح 6 وفيه: يجلد القاذف للملاعنة .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .7 . الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف، ح21 مع حذف السند.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 9 . الفقيه 4 ، نفس الباب، وذكر، مع حذف السند بعد إيراده للحديث رقم 23 من الباب . قال المحقق في الشرائع 166/4 : «ولو قذف فحد فقال : الذي قلت لك صحيحاً، وجب بالثاني التعزير لأنه ليس بصريح ، والقذف المتكرر يوجب حداً واحداً لا أكثر».

16 - ابن محبوب عن عباد بن صهيب، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سمعته يقول : كان عليُّ (علیه السلام) يقول : إذا قال الرَّجل للرَّجل : يا معفوج ، ويا منكوح في دُبُره، فإنَّ عليه الحدّ،

حدُّ القاذف (1).

17 - ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) بقول : لو أتيتُ برجل قد قذف عبداً مسلماً بالزنا لا نعلم منه إلّا خيراً، لضربته الحدُ، حدَّ الحرّ، إلّا سوطاً (2).

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن حمزة بن حمران عن أحدهما (علیهما السلام) قال: سألته عن رجل أعتق نصف جاريته، ثمَّ قذفها بالزنا؟ قال : فقال : أرى عليه خمسين جلدة، ويستغفر الله عزَّ وجلَّ من فعله، قلت: أرأيت إن جَعَلَتْهُ في حِلّ من قذفه إيَّاها ، وعَفَتْ عنه ؟ قال : لا ضَرْبَ عليه إذا عفت عنه من قَبلِ أن ترفعه (3).

19 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: يُحَدُّ قاذف اللّقيط، ويُحدّ قاذف ابن الملاعنة (4).

20 - عنه ، عن أبيه ، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إذا سُئلت الفاجرة: من فَجَرَ بك؟ فقالت فلان، فإنَّ عليها حَدَّين، حدَّا

ص: 224


1- التهذيب ،10، نفس الباب، ح 10 . والعفج : هو الجماع. والمعنى : يا موطوءاً في الدبر، وهو اللواط.
2- التهذيب 10 نفس ،الباب ، ح 31 الفقيه ،4 نفس الباب ، ح 18 وفي سنده : ... عن عبد الرحمن بدل عن عبد العزيز العبدي . هذا والمشهور عند أصحابنا اشتراط الحرية في المقذوف لوجوب الحد كاملاً وهو ثمانون جلدة، وهذا مطابق لمضمون هذه الرواية حيث أنقص الإمام (علیه السلام) سوطاً عن الحد، فينطبق عليه أنه تعزير، وهو واجب في مثل هذا المورد فراجع شرائع المحقق 4 / 165 .
3- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسب و ح 32 بزيادة في آخره . وكان الشيخ قد أورد هذا الحديث مع قوله في الذيل : من قبل أن توقفه، وبدون الزيادة المذكورة برقم 59 من الباب 10 من الجزء 8 من التهذيب . الاستبصار 4 4 - باب من أعتق بعض مملوكه ، ح 3 وفيه : من قبل أن توقفه .
4- التهذيب ،8 8 - باب اللعان، ح .28 وروى في الفقيه ،4 ، 10 - باب حد القذف، ح 10، عن الصادق (علیه السلام) مرسلا : قاذف اللقيط يُحَدٌ . هذا وقد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على وجوب إقامة حد القذف عليه - وهو ثمانون جلدة بالإجماع - لمن قال لابن الملاعنة : يا ابن الزانية .

لفجورها، وحدَّا لفريتها على الرَّجل المسلم(1).

21 - الحسين بن محمّد، معلّى بن محمّد، عن الوشاء، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : النصرانيّة واليهوديّة تكون تحت المسلم ،فتُجلد، فيُقذف ابنها؟ قال : تضرب حدَّا لأنَّ المسلم حصّنها (2).

22 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصیر قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرّجل يقذف الجارية الصغيرة؟ قال : لا يجلد، إلّا أن تكون قد أدركت أو قاربت (3).

23 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرَّجل يقذف الصبيّة، يُجلد؟ قال : لا ، حتّى تبلغَ(4) .

135 - باب الرجل يقذف جماعة

1 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال : سألته عن رجل افترى على قوم جماعة ؟ قال : إن أتوا به مجتمعين، ضُرب حدَّا واحداً، وإن أتوا به ،متفرقين، ضُرب لكلّ واحد منهم حدَّا(5).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبَان بن عثمان، عن الحسن العطّار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : رجل قذف قوماً؟ قال : قال بكلمة واحدة؟ قلت نعم قال : يُضرب حدَّا واحداً، فإن فرّق بينهم في القذف، ضُرب لكلّ واحد منهم حدَّا (6).

ص: 225


1- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 178 بتفاوت يسير. وكرره برقم 12 من الباب 6 من نفس الجزء من التهذيب بلا تفاوت .
2- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسب و ... ، ح 13 . وكرره برقم 55 من نفس الباب وليس فيه 10، كلمة : فتجلد، في الموضعين.
3- مرذیل ح 3 من هذا الباب فراجع.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 17 . الاستبصار 4، 135 - باب من قذف صبياً، ح 2 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 19 ورواه بطريقين الاستبصار 4 ، 130 - باب من قذف جماعة ، ح 1 وليس فيه كلمة منهم ورواه بطريقين أيضا . الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف، ح 23 بتفاوت . يقول المحقق في الشرائع 165/4 : «إذا قذف جماعة واحداً بعد واحد فلكل واحد حد، ولو قذفهم بلفظ واحد وجاؤوا به مجتمعين فلكل حد ،واحد ولو افترقوا بالمطالبة فلكل واحد حدّ» .
6- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسب و...، ح 21 . الاستبصار 4 ، 130 - باب من قذف جماعة ، ح 4. بزيادة كلمة : جماعة بعد قوله : قوماً. في صدر الحديث فيهما .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن حمران، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل افترى على قوم جماعة؟ قال: فقال : إن أتوا به مجتمعين ضُرب حدَّا واحداً وإن أتوا به متفرّقين ضرب لكلّ رجل حدّ (1).

عنه، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) مثله .

136 - باب في نحوه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن نعيم بن إبراهيم عن عبّاد البصري قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا وقالوا الآن نأتي بالرَّابع ؟ قال : يُجلدون حدِّ القاذف ثمانين جلدة، كلُّ رجل منهم(2) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا أكون أوَّلَ الشهود الأربعة على الزنا، أخشى أن يَنْكُل بعضهم فأجلَد (3).

3 - محمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل شهد عليه ثلاثة أنّه زنى بفلانة، وشهد الرَّابع أنّه لا يدري بمن زنى؟ قال: لا يُجلد ولا يُرجَم (4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : أين الرّابع؟ فقالوا : الآن يجيىء،

ص: 226


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 20 .. الاستبصار 4 ، نفس ،الباب ، ح 2 . بتفاوت قليل فيهما .
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 189 .
3- الفقيه 4 ، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد و . . . ، ذيل ح 24 بتفاوت .
4- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، 75 . الاستبصار 4 125 - باب كيفية إقامة الشهادة على الرجم ، ح 6 في ذيلهما : لا يحد ولا يرجم . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 51 . وإنما نفى (علیه السلام) عنه الحد والرجم لمكان شهادة الرابع التي لم تكن مطابقة لشهادة الثلاثة الآخرين في حين تشترط إتفاق الشهود على موضوع الشهادة وهو الزنا بحدوده وصفاته وقيوده وظروفه الزمانية والمكانية وإلا ردت شهادتهم فراجع شرائع الإسلام للمحقق 152/4 - 153 .

فقال أمير المؤمنين (علیه السلام): حُدُّوهم، فليس في الحدود نَظِرَةٌ ساعة (1).

137 - باب الرجل يقذف امرأته وولده

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين ؛ وأبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل قال لامرأته : يا زانية ، أنا زنيت بك؟ قال : عليه حدُّ واحد لقذفه إيّاها، وأمّا قوله : أنا زنيت بكِ، فلا حُّد فيه، إلّا أن يَشْهَدَ على نفسه أربع شهادات بالزنا عند الإمام (2).

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : الرجل يقذف امرأته قبل أن يدخل بها؟ قال : يُضرب الحدّ، ويخلّى بينه وبينها .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن محمّد بن مضارب، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : من قذف امرأته قبل أن يدخل بها، جُلدَ الحدَّ، و هي امرأته (3).

4 - عنه ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قذف الرجل امرأته ثمَّ أكذب نفسه، جُلد الحدَّ ، وكانت امرأته وإن لم يُكذب نفسه، تلاعنا، ويفرَّق بينهما (4).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة قال: سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عزَّ وجلَّ: (والذين يرمون

ص: 227


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 185 . وكرره برقم 190 من نفس الباب وفيه نظر ساعة في الموضعين . قال المحقق في الشرائع 153/4 : «ولو أقام الشهادة بعض في وقت حُدّوا للقذف، ولم يُرتقب إتمام البينة لأنه لا تأخير في حد» .
2- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و ...، ح 56 الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف، ح 15 . يقول الشهيدان : ولو قال لامرأة زنيت بك احتمل الإكراه فلا يكون قذفاً لها لأن المكره غير زان ومجرد الاحتمال كاف في سقوط الحد سواء ادعاه القاذف أم لا لأنه شبهة يدرء بها الحد، ولا يثبت الزنا في حقه إلا بالإقرار أربع مرات، ويحتمل كونه قذفاً لدلالة الظاهر عليه ولأن الزنا فعل واحد يقع بين اثنين ونسبة أحدهما إليه بالفاعلية والآخر بالمفعولية. وفيه : إن اختلاف النسبة يوجب التغاير والمتحقق منه كونه هو الزاني، والأقوى أنه قذف لما ذكر ولرواية محمد بن مسلم عن الباقر (علیه السلام)». كما يراجع شرائع الإسلام للمحقق 163/4 .
3- التهذيب 8، 8 - باب اللعان ح .45 . وكرره برقم 57 من الباب 6 من الجزء 9 من التهذيب. وسوف يكرره الكليني رحمه الله برقم 14 من هذا الباب.
4- التهذيب ،8 ، نفس الباب ، ح .46 . وكرره برقم 58 من الباب 6 من الجزء 9 من التهذيب .

أزواجهم ولم يكن لهم شُهَداءُ إلا أنفُسُهم(1)) ؟ قال : هو الّذي يقذف امرأته ، فإذا قذفها ثمَّ أقرَّ بأنّه كذب عليها ، جُلد ،الحدَّ ، ورُدَّت إليه ،امرأته وإن أبى إلّا أن يمضي، فشهد عليها أربع شهادات بالله إنّه لمن الصادقين والخامسة يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين، وإن أرادت أن تدراً عن نفسها العذاب - والعذاب هو الرَّجم - شهدت أربع شهادات بالله إنّه لمن الكاذبين، والخامسة أنَّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين، وإن لم تفعل، رُجمت، فإن فَعَلَتْ، دَرَأَتْ عن نفسها الحدَّ ، ثمَّ لا تحلُّ له إلى يوم القيامة .

6 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبّاد بن صُهيب عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل أوقفه الإمام لِلّعان، فشهد شهادتين ثمَّ نَكَلَ وأكذب نفسه قبل أن يفرغ من اللّعان؟ قال : يُجلد حدَّ القاذف، ولا يفرَّق بينه وبين المرأة (2).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل لاعَنَ امرأته وهي حبلى، ثمَّ ادَّعى ولدها بعد ما ولدت وزعم أنّه منه ؟ قال : يُردُّ إليه الولد، ولا يُجلد، لأنّه قد مضى التلاعن (3).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، قال: سألته عن الرجل يفتري على امرأته؟ قال : يُجلد، ثمَّ يخلّى بينهما، ولا يلاعنها حتّى يقول: أشهد أنّني رأيتك تفعلين كذا وكذا (4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال في الرَّجل يقذف امرأته ، يجلد، ثمَّ يخلى بينهما، ولا يلاعنها حتّى يقول : إنّه قد رأى من يَفْجُرُ بها بين رِجلَيها .

ص: 228


1- النور/ 6.
2- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و ...، ح 59 وفي ذيله وبين امرأته .
3- التهذيب ،9 ، نفس الباب ، ح 60 . وذكره أيضاً برقم 31 من الباب 8 من الجزء 8 من التهذيب . الفقيه 3 ، 172 - باب اللعان، ح 6. وكان هذا الحديث قد مر في الفروع 4 ، باب اللعان، ح 8 . و یصح عند أصحابنا رضوان الله عليهم لعان الحامل، ولكن لا يقام عليها الحد إلا بعد الوضع . فراجع شرائع الإسلام للمحقق 97/3 .
4- مر هذا الحديث برقم 15 من باب اللعان من الجزء 4 من الفروع . التهذيب ،8 8 - باب اللعان، ح 7 . الاستبصار 3، 216 - باب إن اللعان يثبت بادعاء الفجور وإن...، ح6.

10 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل قذف امرأته، فتلاعنا، ثمَّ قذفها بَعْدَما تفرّقا أيضاً بالزنا، أعليه حدّ؟ قال: نعم، عليه حدٌّ (1).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل قال لامرأته : لم أجِدكِ عذراء؟ قال: ،يُضرب، قلت: فإنّه عاد؟ قال : يُضرب فإنه يوشك أن ينتهي ، قال يونس : يُضْرب ضَرْبَ أدب ليس بضرب الحدود، لئلّا يؤذي امرأة مؤمنة بالتعريض(2).

12 - يونس عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل قال لامرأته : لم تأتني عذراء؟ قال : ليس عليه شيء، لأنَّ العُذْرَةَ تذهب بغير جُماع (3).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل قذف ابنه بالزنا ؟ قال : لو قتله ما قُتِل به، وإن قذفه لم يُجلد له، قلت : فإن قذف أبوه أمّه؟ فقال : إن قذفها وانتفى من ولدها تلاعنا، ولم يلزم ذلك الولد الّذي انتفى منه ، وفرّق بينهما، ولم تحل له أبداً ؛ قال : وإن كان قال لابنه - وأُمّه حيّة - : يا ابن الزانية ولم ينتف من ولدها جُلد الحدَّ لها ، ولم يفرّق بينهما ، قال : وإن كان قال لابنه : يا

ص: 229


1- التهذيب 8، نفس ،الباب ، ح 47 . وكرره برقم 62 من الباب 6 من الجزء 10 من التهذيب.
2- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 49 وكرره برقم 64 من الباب 6 من الجزء 10 من التهذيب وفيه إلى قوله : ... أن ينتهي . الاستبصار ،3، 220 - باب الرجل يقول لامرأته لم ...، ح .. وكرره بدون كلام يونس برقم 1 من الباب 132 من الجزء 4 من الاستبصار. قال المحقق في الشرائع 164/4: «وكل تعريض بما يكرهه المواجه ولم يوضع للقذف لغة ولا عرفاً يثبت به التعزير لا الحدّ كقوله : أنت ولد حرام، .... أو يقول لزوجته: لم أجدك عذراء . . . . .».
3- التهذيب ،8 ، نفس ،الباب ، ح 48 وكرره برقم 65 من الباب 6 من الجزء 10 من التهذيب. الاستبصار 3، نفس الباب، ح 1 وكرره برقم 2 من الباب 132 من الجزء 4 من الاستبصار. وروى بمعناه في الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف، ح 3 . أقول: والحقيقة إن مثل هذا القول لم يستوجب الحد لأنه وأمثاله ليس من التعبيرات الموضوعة لغة لمعنى يوجب القذف، وإنما هو من التعابير التي تفيد التعريض بما يكرهه المواجه ومن هنا حكم أصحابنا بأنها توجب التعزير لا الحد، وكذلك كل ما يوجب أذية وقد نص على ذلك المحقق في الشرائع 164/4 ويقول الشهيدان : «والتعريض بالقذف دون التصريح به يوجب التعزير لأنه محرم ، لا الحد لعدم القذف الصريح مثل قوله : هو ولد حرام . أو يقول لزوجته : لم أجدك عذراء، أي بكراً، فإنه تعريض بكونها زنت قبل تزويجه وذهبت بكارتها مع احتماله غيره بأن يكون ذهابها بالنزوة أو الحرقوص فلا يكون حراماً فمن ثم كان تعريضاً بل يمكن دخوله فيما يوجب التأذي مطلقاً...».

ابن الزانية - وأمّه ميتة - ولم يكن لها من يأخذ بحقّها منه إلّا ولدها منه ، فإنّه لا يقام عليه الحدّ، لأنّ حقَّ الحدَّ قد صار لولده منها ، وإن كان لها ولد من غيره، فهو وليّها، يجلد له، وإن لم يكن لها ولدمن غيره، وكان لها قرابة يقومون بأخذ الحدّ ، جُلد لهم (1).

14 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان، عن ابن مضارب، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : من قذف امرأته قبل أن يدخل بها، ضُرب الحدّ، و هي امرأته (2).

138 - باب صفة حد القاذف

1 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل يفتري كيف ينبغي للإمام أن يضربه؟ قال : جَلدٌ بين الجَلْدَين(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : أمر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أن لا يُنْزَعَ شيء من ثياب القاذف، إلّا الرداء (4).

3 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : يُجلد المفتري ضرباً بين الضربين، يُضْرب جسده كلّه (5).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: المفتري يضرب بين الضربين يضرب جسده كلّه فوق ثيابه (6) .

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن

ص: 230


1- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسب ، ح 63 بتفاوت قليل. يقول المحقق في الشرائع 165/4 : «ولو قذف الأب ولده، لم يُحدّ وعزّر ، وكذا لو قذف زوجته الميتة ولا وارث لها إلا ولده، نعم ، لو كان لها ولد من غيره كان لهم الحد تاماً....».
2- مر برقم 3 من هذا الباب .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 27 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح ... بدون كلمة شيء.
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 28 بتفاوت وأخرجه عن أبي إبراهيم (علیه السلام) .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 29 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 166/4: «والحد ثمانون جلدة، حراً كان أو عبداً، ويجلد بثيابه ولا يجرّد، ويقتصر على الضرب المتوسط ولا يبلغ به الضرب في الزنا، ويشهّر القاذف لتجتنب شهادته» .

عبد الله بن عبد الرحمن عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله سلم): الزاني أشدّ ضرباً من شارب الخمر، وشارب الخمر أشدّ ضرباً من القاذف، والقاذف أشدّ ضرباً من التعزير.

139 - باب ما يجب فيه الحد في الشراب

1 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل شرب حُسْوَةٌ (1) خمر؟ قال : يجلد ثمانين جلدة، قليلُها وكثيرُها حرام (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قلت له كيف كان يجلد رسول الله (صلی الله علیه وآله سلم)؟ قال : فقال : كان يضرب بالنعال، ويزيد كلّما أتي بالشارب، ثمّ لم يزل الناس يزيدون، حتّى وقف على ثمانين، أشار بذلك عليُّ (علیه السلام) على عمر فرضِيَ بها (3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : أقيم عبيد الله بن عمر - وقد شرب الخمر - فأمر به أن عمر يُضرب، فلم يتقدَّم عليه أحد يضربه، حتّى قام عليُّ (علیه السلام) بنِسْعَةٍ مَثْنِيَّة، فضربه بها أربعين(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن بريد بن معاوية قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : إنَّ في كتاب عليّ (علیه السلام): يضرب شارب الخمر ثمانين وشارب النبيذ ثمانين (5).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قلت له : أرأيت النبيَّ (علیه السلام) كيف كان يضرب في الخمر؟ فقال: كان يضرب بالنعال، ويزيد إذا أتي بالشارب، ثمَّ لم يزل الناس يزيدون، حتّى وقف ذلك على

ص: 231


1- الحُسْوَة : الجرعة من الشراب بقدر ما يُحسي مرة واحدة . - هكذا في النهاية -.
2- التهذيب 10 ، 7 - باب الحد في السكر وشرب المسكر و...، ح 7 و 8.
3- التهذيب 10 ، 7 - باب الحد في السكر وشرب المسكر و...، ح 7 و 8.
4- التهذيب 10، نفس الباب، ح 6. والبشعة - كما في النهاية : سير مظفور يجعل زماماً للبعير وغيره .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 5 .

ثمانين؛ أشار بذلك عليُّ صلوات الله عليه على عمر(1).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : إنَّ الوليد بن عقبة، حين شُهِدَ عليه بشرب الخمر، قال عثمان لعليّ (علیه السلام) : اقض بينه وبين هؤلاء الّذين زعموا أنّه شرب الخمر، فأمر عليّ (علیه السلام) فجُلد بسوط له شعبتان أربعين جلدة(2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال : إنَّ عليّاً (علیه السلام) كان يقول : إنَّ الرجل إذا شرب الخمر سَكِرَ، وَإِذا سَكِرَ هَدَى، وإذا هذى افترى فاجلدوه حدّ المفتري(3).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : كان عليّ (علیه السلام) يضرب في الخمر والنبيذ ثمانين، الحرَّ والعبدَ واليهوديَ والنصرانيَ، قلت وما شأن اليهوديّ والنصراني؟ قال: ليس لهم أن يظهروا شربه يكون ذلك في بيوتهم (4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن سماعة، عن أبي بصير قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يجلد الحرَّ والعبد واليهوديّ والنصراني في الخمر والنبيذ ثمانين، فقلت: ما بال اليهودي والنصرانيّ ؟ فقال : إذا أظهروا ذلك في مصر من الأمصار، لأنّهم ليس لهم أن يظهروا شربها (5).

10 - يونس عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام): الحدُّ في الخمر إن

شرب منها قليلاً أو كثيراً ، قال : ثمّ قال : أتي عمر بقُدامة بن مظعون وقد شرب الخمر، وقامت عليه البيّنة، فسأل عليّاً (علیه السلام) ، فأمره أن يجلده ثمانين، فقال قدامة : يا أمير المؤمنين، ليس عليّ حدّ، أنا من أهل هذه الآية: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جُناح فيما طُعموا (6)) ، قال : فقال عليُّ (علیه السلام) : لستَ من أهلها، إنَّ طعام أهلها لهم حلال، ليس يأكلون

ص: 232


1- التهذيب 10 ، 7 - باب الحد في السكر وشرب المسكر و....، ح9.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 4 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 3 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 10 ، الاستبصار 4 ، 138 - باب حد المملوك في شرب المسكر . يقول المحقق في الشرائع 169/4 : «في كيفية الحد ، وهو ثمانون جلدة، رجلاً كان الشارب أو امرأة، حراً كان أو عبداً، وفي رواية : يحد العبد أربعين وهي متروكة، أما الكافر فإن تظاهر به حد، وإن استر لم يُحدّ» .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ح 11 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .
6- المائدة/ 93 .

ولا يشربون ، إلّا ما أحله الله لهم، ثمَّ قال عليُّ (علیه السلام) : إنَّ الشارب إذا شرب ، لم يَدر ما يأكل ولا ما يشرب، فاجلدوه ثمانين جلدة (1).

11 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول: في كتاب عليّ (علیه السلام): يُضرب شارب الخمر وشارب المسكر ، قلت كم؟ قال : حَدُّهما واحد (2).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: كان عليُّ (علیه السلام) يجلد الحرَّ والعبد واليهوديّ والنصراني في الخمر ثمانين.

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن أبي الصباح الكنانيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كلُّ مسكر من الأشربة يجب فيه كما يجب في الخمر من الحدّ (3) .

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : قال : حدُّ اليهوديّ والنصرانيّ والمملوك في الخمر والفرية سواء، وإنّما صولح أهل الذمّة أن يشربوها في بيوتهم؟ قال : وسألته عن السكران والزاني؟ قال: يُجلدان بالسياط مُجَرَّدَين بين الكتفين، فأمّا الحدُّ في القذف فيُجلد على ثيابه ضرباً بين الضَربَين(4) .

ص: 233


1- التهذيب 10 ، 7 - باب الحد في السكر وشرب المسكر و... ، ح 17 . «ولعل المراد إن الله قيد الحكم بالإيمان والأعمال الصالحة، فمن شرب محرّماً لا يكون داخلا فيه . فالمراد بعدم الجناح إنهم لا يحاسبون يوم القيامة على ما تصرفوا فيه من الحلال، أو المراد إن ما أحل الله للعباد لا يحل حلا خالصاً على غير الصلحاء والله يعلم مرآة المجلسي 332/23 . و راجع حول المراد بالآيةمجمع البيان للشيخ الطبرسي رحمه الله ج 240/3 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 2 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 1. هذا وقد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الموجب لحد الشرب هو تناول المسكر أو النقاع اختياراً مع العلم بالتحريم إذا كان المتناول كاملا والمقصود بالتناول كما يقول الشهيد الثاني في المسالك 366/4: إدخاله إلى البطن بالأكل والشرب خالصاً وممزوجاً بغيره ويراد بالمسكر كما ينص عليه المحقق في الشرائع 4 / 168 : ما هو من شأنه أن يسكر، فإن الحكم يتناول القطرة منه ويستوي في ذلك الخمر وجميع المسكرات ... الخ . كما أنه لا خلاف بين أصحابنا في أن حدّ شرب الخمر ثمانون في الحر، وهو المشهور عندهم في المملوك أيضاً، وإن ذهب الصدوق رحمه الله إلى أن حدّه أربعون .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 12 . الاستبصار ،4 ، 138 - باب حد المملوك في شرب المسكر ، ح 3 ، وفيه إلى قوله :... في بيوتهم .

15 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن سالم عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، رفعه عن أبي مريم قال : أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) بالنجاشي الشاعر قد شرب الخمر في شهر رمضان، فضربه ثمانين، ثمَّ حبسه ليلة ثمَّ دعى به من الغد فضربه عشرين سوطاً فقال له : يا أمير المؤمنين، فقد ضربتني في شرب الخمر، وهذه العشرين ما هي؟ فقال : هذا لِتَجَرِّيك على شرب الخمر في شهر رمضان (1).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر فرفع إلى أبي بكر ، فقال له : أشربت خمراً؟ قال: نعم ، قال : ولِمَ وهي محرّمة؟ قال: فقال له الرّجل : إنّي أسلمت وحَسُن إسلامي ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلّونها، ولو علمت أنّها حرامٌ اجتنبتها، فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال : ما تقول في أمر هذا الرَّجل؟ فقال عمر : معضلة وليس لها إلّا أبو الحسن ، قال : فقال أبو بكر : ادع لنا علياً، فقال عمر : يؤتى الحَكَمُ في بيته ، فقاما والرَّجل معهما ومن حضرهما من لا الناس، حتّى أتوا أمير المؤمنين (علیه السلام) ، فأخبراه بقصّة الرَّجل، وقصَّ الرَّجل قصّته ، قال : فقال : ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار، من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، ففعلوا ذلك به، فلم يشهد عليه أحدٌ بأنّه قرأ عليه آية التحريم، فخلّى عنه، وقال له : إن شربتَ بعدها أقمنا عليك الحدَّ (2).

140 - باب الأوقات التي يُحَدّ فيها من وجب عليه الحد

1 - الحسين بن محمّد، عن معلىّ بن محمّد، عن أبي داود المسترق قال : حدَّثني بعض أصحابنا قال مررت مع أبي عبد الله (علیه السلام) بالمدينة في يوم بارد ، وإذا رجل يُضْرَب بالسوط، فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : سبحان الله ، في مثل هذا الوقت يُضرب؟ قلت له : وللضرب حدُّ ؟ قال : نعم، إذا كان في البرد ضُرب في حرّ النهار ، وإذا كان في الحرّ، ضُرب في بَرد النهار (3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان عن الحسين بن عطيّة، عن هشام بن أحمر، عن العبد الصالح (علیه السلام) قال: كان جالساً في المسجد وأنا معه، فسمع صوت رجل

ص: 234


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 19 :وفيه لتجروئك الفقيه 11،4 - باب حد شرب الخمر وما جاء في الغناء والملاهي ، ح 2 وفيه لجرأتك.
2- التهذيب 10 ، 7 - باب الحد في السُكر وشرب المسكر و ... ، ح 18 .
3- التهذيب 10 ، 1 - باب في حدود الزنا، ح 137 .

يُضْرب صلاة الغداة في يوم شديد البرد قال فقال: ما هذا؟ فقالوا : رجل يُضرب، فقال: سبحان الله ، في مثل هذه الساعة، إنّه لا يضرب أحد في شيء من الحدود في الشتاء إلّا في آخر ساعة من النهار، ولا في الصيف إلّا في أبرد ما يكون من النهار(1).

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن مرداس، عن سعدان بن مسلم، عن بعض أصحابنا، قال: خرج أبو الحسن (علیه السلام) في بعض حوائجه، فمرَّ برجل يُحدُّ في الشتاء، فقال: سبحان الله ما ينبغي هذا؟ فقلت : ولهذا حدُّ؟ قال: نعم، ينبغي لمن يُحدَّ في الشتاء أن يُحدَّ في حرّ النهار ، ولمن حُدَّ في الصيف أن يحدَّ في برد النهار.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا يُقام على أحدٍ حَدٌ بأرض العدوّ (2).

141 - باب إن شارب الخمر يُقتَل في الثالثة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس، عن المعلّى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان رسول الله (صلی الله علیه وآله سلم) إذا أتي بشارب الخمر ضربه، ثمَّ إن أتِيَ به

ثانية ضربه، ثمَّ إن أتي به ثالثة ضرب عنقه (3).

2- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه (4).

ص: 235


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 136 هذا ويقول المحقق في الشرائع 156/4 : «ولا يقام الحد في شدة الحر ولا في شدة البرد، ويتوخى به في الشتاء وسط النهار . وفي الصيف طرفاه ...».
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 138 . وقد أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم بما اشتمل عليه هذا الحديث من حكم معلّلين له بمخافة الإلتحاق بأهل الكفر، كما صرح به في بعض الروايات الأخرى.
3- التهذيب 10 ، 7 - باب الحد في السكر وشرب المسكر و ... ، ح 23 بتفاوت قليل . الاستبصار 4 ، 137 - باب من شرب النبيذ المسكر ، صدر 3 بسند آخر وتفاوت أيضاً . يقول المحقق في الشرائع 170/4 عن حد شارب الخمر : «ولو حد مرتين قُتل في الثالثة، وهو المروي، وقال في الخلاف يقتل في الرابعة، ولو شرب مراراً كفى حد واحد» .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 24 .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد الثالثة فاقتلوه (1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد؛ وابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال في شارب الخمر، إذا شرب ضُرب، فإن عاد ضُرب (2) فإن عاد قتل في الثالثة (3) .

قال جميل وروى(4) بعض أصحابنا أنّه يقتل في الرَّابعة، قال ابن أبي عمير: كان المعنى أن يقتل في الثالثة ومن كان إنّما يؤتى به يقتل في الرابعة(5).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن عليّ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه .

6 - محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان عن يونس، عن أبي الحسن الماضي (علیه السلام) قال : أصحاب الكبائر كلّها ، إذا أقيم عليهم الحدود مرَّتين، قُتلوا في الثالثة (6).

142 - باب ما يجب على من أقرَّ على نفسه بحد ومن لا يجب عليه الحَدّ

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) عن أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل أقرَّ على نفسه بحدِّ ولم يُسَمَّ أيَّ حدّ هو ؟ قال : أمر أن يُجلد حتّى يكون هو الّذي ينهى عن نفسه [في] الحدّ (7).

ص: 236


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 21 .
2- يعني : جُلِد الحدّ .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 25 .
4- روى ذلك في الفقيه 4 ، 11 - باب حد شرب الخمر...، ح3.
5- أي إنما أتي به إلى الإمام في الرابعة، حيث لم يرفع إليه في الثالثة.
6- مر هذا الحديث بعينه متنا وسنداً برقم 2 من الباب 120 من هذا الجزء فراجع .
7- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 160 . قال المحقق في الشرائع 152/4 : «ولو أقر بحد ولم يبينه لم يكلّف البيان، وضرب حتى ينهى عن نفسه، وقيل : لا يتجاوز به المائة ولا ينقص عن ثمانين . وربما كان صواباً في طرف الكثرة، ولكن ليس بصواب في طرف النقصان، لجواز أن يريد بالحد التعزير» .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیهما السلام) في رجل أقرَّ على نفسه بالزنا أربع مرَّات وهو محصن، يُرجم إلى أن يموت، أو يكذب نفسه قبل أن يُرجم فيقول : لم أفعل، فإن قال ذلك، تُرك ولم يرجم ، وقال : لا يُقطع السارق حتّى يقرُّ بالسرقة مرَّتين، فإن رجع ضمن السرقة ولم يُقطع إذا لم يكن شهود ؛ وقال : لا يُرجم الزاني حتّى يقر أربع مرَّات بالزنا إذا لم يكن شهود، فإن رجع تُرك ولم يُرجم (1).

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا أقرَّ الرَّجل على نفسه بحدّ أو فرية، ثمَّ جَحَد، جُلد، قلت: أرأيت إن أقر بحدّ على نفسه يبلغ فيه الرَّجم، أكنتَ ترجمه ؟ قال : لا ، ولكن كنت ضارَبُه (2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل أقرَّ على نفسه بحدّ ، ثمَّ جحد بعدُ؟ فقال : إذا أقرَّ على نفسه عند الإمام أنّه سرق، ثمَّ جَحَد، قطعت يده وإن رغم أنفه، فإن أقرَّ على نفسه أنّه شرب خمراً، أو بفرية، فاجلدوه ثمانين جلدة، قلت: فإن أقرَّ على نفسه بحدّ يجب فيه الرَّجم، أكنت راجمه؟ قال : لا ، ولكن كنت ضاربه الحدّ (3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: من أقرّ على نفسه بحد أقمته عليه، إلّا الرّجم، فإنّه إذا أقرَّ

ص: 237


1- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و...، ح 108 وروى ما يتعلق بالإقرار بالسرقة وما بعده فقط . وكرر جزءاً منه وهو ما يتعلق بإقرار السارق فقط برقم 132 من نفس الباب الاستبصار 4 ، 147 - باب أنه يعتبر في الإقرار بالسرقة دفعتان لا ... ، ح 1. وذكر فيه ما ذكره في التهذيب أولاً ، وروى صدر ما يتعلق بإقرار السارق فقط في الفقيه 4 ، 12 - باب الحد في السرقة ، ح 6 . هذا وقد حكم أصحابنا رضوان الله عليهم بأن خيانة السرقة تثبت بشاهدين عدلين أو بالإقرار مرتين، ولا يكفي المرة. ولا بد من التنبيه على إن اشتراط الإقرار مرتين إنما هو لثبوت الجنابة وترتب القطع عليها بشرائطه، وأما غرم المال المسروق فيكفي فيه الإقرار به مرة واحدة لأنه إقرار بحق مالي فلا يشترط فيه تعدد الإقرار لعموم : إقرار العقلاء على أنفسهم جايز، وإنما خرج الحد بدليل خارج . فراجع اللمعة وشرحها للشهيدين، المجلد الثاني من الطبعة الحجرية / 359 . وشرائع الإسلام 176/4 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 120 . ورواه بتفاوت بدون الصدر.
3- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في الرقة والخيانة و . . . ، ح 109.

على نفسه، ثمَّ جَحَدَ، لم يُرْجَم (1).

6 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (علیهما السلام) أنّه قال : إذا أقرَّ الرّجل على نفسه بالقتل، قُتل إذا لم يكن عليه شهود، فإن رجع وقال لم أفعل تُرك ولم يُقتل.

7- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : العبد إذا أقرَّ على نفسه عند الإمام مرَّة أنّه قد سرق، قطعه ؛ والأمة إذا أقرَّت على نفسها بالسرقة، قطعها .

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال: السارق إذا جاء من قِبَل نفسه تائباً إلى الله عزّ وجلَّ، وَردَّ سرقته على صاحبها، فلا قَطعَ عليه (2).

9 - ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال : من أقرَّ على نفسه عند الإمام بحقّ أحد من حقوق المسلمين، فليس على الإمام أن يقيم عليه الحدّ الّذي أقرَّ به عنده، حتّى يحضر صاحب حقّ الحدّ أو وليّه فيطلبه بحقّه(3).

143 - باب قيمة ما يُقطَع فيه السارق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد؛ عن يونس، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قطع أمير المؤمنين (علیه السلام) في بيضة، قلت: وما بيضة؟ قال : بيضة قيمتها ربع دينار، وقلت هو أدنى حد السارق؟ فَسَكَتَ(4).

ص: 238


1- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 161 .
2- التهذيب 10 ، 8 باب الحد في السرقة والخيانة و. السرقة والخيانة و . . . ، ح 106 . هذا ، والظاهر اتفاق أصحابنا على سقوط الحد بالتوبة قبل ثبوته ويتحتم لوتاب بعد البينة، وإن اختلفوا في سقوطه فيما لو تاب بعد الإقرار .
3- ورد هذا وإن بتفاوت يسير ولكن بنفس السند ضمن الحديث رقم 20 من الباب 1 20 من الجزء 10 من التهذيب .
4- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ...، ح .. الاستبصار 4 ، 139 باب مقدار ما يجب فيه القطع ، ح 3 .

2 - عنه ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يقطع يد السارق إلّا في شيء تبلغ قيمته مِجَنّاً (1)، وهو ربع دينار (2).

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا تُقطَع يد السارق حتّى تبلغ سرقته ربع دينار، وقد قطع عليُّ صلوات الله عليه في بيضة حديد، قال عليُّ : وقال أبو بصير : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن أدنى ما يُقطع فيه السارق؟ فقال: في بيضة حديد، قلت: وكم ثَمَنُها؟ قال: ربع دینار (3).

4 - عليُّ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن حمران، وعن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج جميعاً، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: أدنى ما تقطع فيه يد السارق، خَمْسُ دينار (4).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : أقلُّ ما يقطع فيه الرَّجُلُ خُمْسُ دينار (5).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : في كم يُقطع السارق؟ فقال: في ربع دينار، قال : قلت له : في درهمين؟ فقال : في ربع دينار - بلغ الدينار ما بلغ -، قال : فقلت له : أرأيت من سرق أقلَّ من ربع دينار، هل يقع عليه حين سرق اسم السارق؟ وهل هو عند الله سارق في تلك الحال؟ فقال : كلَّ من سرق من مسلم شيئاً قد حواه وأحرزه، فهو يقع عليه

ص: 239


1- المِجَن: الترس، سمي بذلك لأنه يستر صاحبه، والميم زائدة.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح4 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 4 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح .2 الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 قال المحقق في الشرائع 174/4 : «في المسروق: لا قطع فيما نقص عن ربع دينار ويقطع فيما بلغه ذهباً خالصاً مضروباً عليه السكة أو ما قيمته ربع دينار ثوباً كان أو طعاماً أو فاكهة أو غيره سواء كان أصله الإباحة أو لم يكن . وضابطه ما يملكه المسلم» . وقد اعتبر أصحابنا أن غير ذلك من الأقوال من أن القطع إنما يجب إذا بلغ المسروق ديناراً أو خُمسَهُ أو درهمين هي أقوال نادرة لا يعوّل عليها. كما نص عليه الشهيد الثاني في الروضة .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 10 ، الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح 11. وفيهما:... ما يقطع السارق. الفقيه 4 ، 12 - باب حد السرقة ، ح 17 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 11 وفي سنده : أحمد بن أبي عبد الله، بدل أحمد بن محمد . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 12 .

اسم السارق، وهو عند الله سارق ، ولكن لا يُقطع إلّا في ربع دينار أو أكثر، ولو قطعت أيدي السرَّاق فيما هو أقلُّ من ربع دينار لألفيتَ عامّة الناس مُقَطَّعين (1).

144 - باب حَدَّ القطع وكيف هو

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت له: من أين يجب القطع ؟ فبسط أصابعه وقال : من ههنا - يعني من مفصل الكفّ (2) -.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : القطع من وسط الكفّ، ولا يقطع الإبهام، وإذا قُطِعَت الرِجْلُ تُرِك العقب لم يُقطع(3).

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبَان بن عثمان، عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: كان عليُّ صلوات الله عليه لا يزيد على قطع اليد والرَّجل ويقول : إنّي لأستحيي من ربي أن أدعه ليس له ما يستنجي به أو يتطهّر به، قال : وسألته : إن هو سرق بعد قطع اليد والرِجل؟ فقال : استودعه السجن أبداً، وأغني عن الناس شرّه (4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير

ص: 240


1- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 1 . الاستبصار 4 ، 139 - باب مقدار ما يجب فيه القطع ، ح 1 .
2- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ، ح 14 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 15 . هذا ولا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم على أن حد القطع في السرقة هو أن تقطع الأصابع الأربع من اليد اليمنى وتترك له الراحة والأبهام بل ادعي إجماعهم عليه وقد حملوا صحيحة الحلبي الواردة أعلاه والتي تنص على أن القطع من مفصل الكف على التقية. ويقول المحقق في الشرائع 176/4 : «في الحد وهو قطع الأصابع الأربع من اليد اليمنى ويترك له الراحة والأبهام، ولو سرق ثانية قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ويترك له العقب يعتمد عليها ، فإن سرق ثالثة حبس دائما، ولو سرق بعد ذلك قتل، ولو تكررت السرقة ( من غير تكرر حد فالحد الواحد كافٍ».
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 20 وفي ذيله : وأغني الناس شرّه .

المؤمنين (علیه السلام) في السارق إذا سَرَقَ قَطَعْتُ يمينه ، وإذا سرق مرَّة أخرى قُطَعْتُ رِجله اليسرى، ثمَّ إذا سرق مرَّة أخرى سَجَبْتُهُ وتركت رِجله اليمنى يمشي عليها إلى الغائط، ويده اليسرى يأكل بها ويستنجي بها، وقال: إنّي لأستحيي من الله أن أتركه لا ينتفع بشيء، ولكنّي أسجنه حتّى يموت في السجن ؛ وقال : ما قَطَعَ رسول الله (صلی الله علیه وآله و سلم) من سارق بعد يده ورِجلِهِ(1).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم(2) ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل سرق؟ فقال : سمعت أبي يقول : أتِيَ عليُّ (علیه السلام) في زمانه برجل قد سرق فقطع يده، ثمَّ أتي به ثانية، فقطع رجله من خلاف، ثمَّ أتي به ثالثةً فخلّده في السجن، وأنفق عليه من بيت مال المسلمين، وقال: هكذا صنع رسول الله (صلی الله علیه وآله و سلم)، لا أخالفه (3).

6 - محمّد بر بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قطع رجل السارق بعد قطع اليد، ثمَّ لا يقطع بعدُ، فإن عاد حُبس في السجن، وأنفق عليه من بيت مال المسلمين(4).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل أمر به أن يقطع يمينه، فقدمت شماله فقطعوها وحسبوها يمينه، وقالوا : إنّما قطعنا شماله ، أتقطع يمينه ؟ قال : فقال : لا يقطع يمينه وقد قطعت شماله ؛ وقال في رجل أخذ بيضة من المغنم، وقالوا قد سرق اقطعه ، فقال : إنّي لم أقطع أحداً له فيما أخذ شرك (5).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال : قال : إذا أخذ السارق قطعت يده من وسط الكفّ، فإن عاد، قطعت

ص: 241


1- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 19 .
2- في سند التهذيب عن أبي القاسم...
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 22 . هذا ولا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في كل ما تضمنته الروايات المتقدمة من أحكام وجوب قطع رجله اليسرى من المفصل مع ترك العقب له، ووجوب حبسه في الثالثة والانفاق عليه من بيت المال، وجوب قتله في الرابعة لو سرق في السجن، بل ادعي الإجماع عليها كلها من قبل الأصحاب وعدم استشكالهم في شيء منها .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 21 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 23 . الاستبصار 4 ، 140 - باب من سرق شيئاً من المغنم ، ح 1 وروى ذيل الحديث فقط .

رجله من وسط القدم، فإن عاد استودع السجن، فإن سرق في السجن قُتل(1).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل سرق سرقة، فكابر عنها، فضرب، فجاء بها بعينها، هل يجب عليه القطع ؟ قال : نعم ولكن لو اعترف ولم يجيء بالسرقة، لم تُقطع يده، لأنّه اعترف على العذاب(2).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل ثقب بيتاً، فأخذ قبل أن يصل إلى شيء؟ قال: يعاقب، فإن أخذ وقد أخرج متاعاً فعليه القطع ، قال : وسألته عن رجل أخذوه وقد حمل كارة من ثياب، وقال صاحب البيت أعطانيها ، قال : يُدرأ عنه القطع، إلّا أن تقوم عليه البيّنة، فإن قامت البيّنة عليه قطع ، قال : وتقطع اليد والرَّجل ، ثمَّ لا يقطع بعد، ولكن إن عاد حُبسَ وأنفق عليه من بيت مال المسلمين (3).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) في السارق إذا أخذ وقد أخذ المتاع وهو في البيت لم يخرج بعدُ؟ فقال: ليس عليه القطع حتّى يخرج به من الدَّار(4).

12 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج عن بكير بن أعين، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل سرق فلم يُقدر عليه ، ثمَّ سرق مرّة أخرى فلم يُقدر عليه، وسرق مرّة أخرى فأخذ، فجاءت البيّنة فشهدوا عليه بالسرقة الأولى والسرقة الأخيرة؟ فقال: تقطع يده بالسرقة الأولى، ولا تقطع رجله بالسرقة الأخيرة فقيل : كيف ذاك ؟ فقال : لأنّ الشهود شهدوا جميعاً في مقام واحد بالسرقة الأولى والأخيرة قبل أن يُقطع بالسرقة الأولى، ولو أنَّ الشهود شهدوا عليه بالسرقة الأولى، ثمَّ أمسكوا حتّى يُقطع ، ثمَّ شهدوا عليه بالسّرقة الأخيرة، قُطعت رجله اليسرى(5).

ص: 242


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ح 17 بتفاوت وأخرجه عن يونس عن سماعة عن أبي عبد الله (علیه السلام) . وروى ذيل الحديث في الفقيه 4 ، 12 - باب حد السرقة ، ح 15 .
2- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 28 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 33 و 34 بتفاوت يسير في الثاني. والكارة من الثياب - كما في الصحاح - : ما يحمل على الظهر من الثياب .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 33 و 34 بتفاوت يسير في الثاني. والكارة من الثياب - كما في الصحاح - : ما يحمل على الظهر من الثياب .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 35 . ويقول المحقق رحمه الله في الشرائع 178/4 :« لو سرق ولم يُقدر عليه ، ثم سرق ثانية، قطع بالأخيرة وأغرم المالين، ولو قامت الحجة بالسرقة (الأولى) ثم أمسكت حتى قطع ، ثم شهدت عليه بالأخرى، قال في النهاية : قطعت يده بالأولى ورجله بالثانية استناداً إلى الرواية : وتوقف بعض الأصحاب فيه، وهو الأولى ».

13 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال : تُقطع يد السّارق، ويُترك إبهامه وصُدْرُ راحته، وتُقطع رجله، وتُترك له عقبه يمشي عليها (1).

14 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) برجال قد سرقوا، فقطع أيديهم، ثمَّ قال : إِنَّ الَّذي بَانَ من أجسادكم قد وصل إلى النّار، فإن تتوبوا تَجُرُّونَها، وإن لم تتوبوا تَجُرُّكُم.

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن منصور بن حازم، عن سلیمان بن خالد قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : إذا سرق السارق قطعت يده، وغرم ما أَخَذَ(2).

16 - محمّد بن يحيى، عن بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل أشلّ اليد اليمنى، أو أشلّ اليد الشمال، سرق؟ قال: تُقطَع يده اليمنى على كلّ حال(3).

17 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : أخبرني عن السّارق، لم تُقطع يده اليمنى ورجله اليسرى، ولا تقطع يده اليمنى ورجله اليمنى ؟ فقال عليه السلام : ما أحسن ما سألت إذا قطعت يده اليمنى ورجله اليمنى سقط على جانبه الأيسر، ولم يقدر على القيام ، فإذا

ص: 243


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ح 16 بتفاوت يسير .
2- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 29 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 178/4 ، بعد أن بيّن حدّ القطع للسارق وكيف هو: «يجب على السارق إعادة العين المسروقة، وإن تلفت أغرم مثلها أو قيمتها إن لم يكن لها مثل، وإن نقصت فعليه أرش النقصان، ولومات صاحبها دفعت إلى ورثته فإن لم يكن له وارث فإلى الإمام» .
3- التهذيب 10، نفس الباب ، ح .36 . الاستبصار 4، 141 - باب من وجب عليه القطع وكانت يسراه شلاء هل ...، ح 6. الفقيه 4 ، 12 - باب حد السرقة ، ح 23 . يقول المحقق في الشرائع 177/4 : «ولا يقطع اليسار مع وجود اليمين، بل يقطع اليمين ولو كانت شلاء، وكذا لو كانت اليسار شلاء أو كانتا شلائين قطعت اليمين على التقديرين، ولو لم يكن له يسار، قال في المبسوط: قطعت يمينه، وفي رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (علیه السلام) : لا يقطع ، والأول أشبه، أما لو كان له يمين حين القطع ،فذهبت لم يقطع اليسار لتعلق القطع بالذاهبة، ولو سرق ولا يمين له ، قال في النهاية : قطعت يساره، وفي المبسوط ينتقل إلى رجله ولو لم يكن له يسار، قطعت رجله اليسرى .. الخ» .

قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى اعتدل واستوى قائماً ، قلت له : جُعِلْتُ فِداك ، وكيف يقوم وقد قُطِعت رجله؟ قال : إِنَّ القطع ليس من حيث رأيت يقطع ، إنما يقطع الرَّجل من الكعب ويترك من قدمه ما يقوم عليه، يصلّي ويعبد الله ، قلت له: من أين تقطع اليد؟ قال : تقطع الأربع أصابع وتترك الإبهام، يعتمد عليها في الصلاة ويغسل بها وجهه للصلاة، قلت: فهذا القطع (1) مَن أوَّل من قطع ؟ قال : قد كان عثمان بن عفان حسن ذلك لمعاوية(2).

145 - باب ما يجب على الطرّار والمختلس من الحد

ما يجب على الطرّار(3) والمختلس من الحد

1- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير عن أحدهما (علیهما السلام) قال: سمعته يقول: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا أقطع في الدّغارة (4) المعلنة، و هي الخلسة، ولكن أعَزّره(5).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل اختلس ثوباً من السوق، فقالوا : قد سرق هذا الرَّجل، فقال: إنّي لا أقطع في الدّغارة المعلنة، ولكن أقطع يد من يأخذ ثم يخفي(6) .

3- حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن عدَّة من أصحابنا، أبان بن عثمان، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: ليس على الذي يستلب قَطعٌ، وليس على الذي يطرُّ الدَّراهم من ثوب الرجل قَطْعُ(7) .

ص: 244


1- الظاهر إن المراد بالقطع المشار إليه بهذا هو ما عليه المخالفون من القطع من مفصل الكف أو القدم بكامله .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 18 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 32 وفيه إلى قوله : يغسل بها وجهه للصلاة .
3- الطرّار - كما في القاموس - : الذي يطر الهمايين والطرر، أي يقطعها ويشقها .
4- في التهذيب : الزعارة بدل الدغارة والدغارة - كما في النهاية - الخلسة وهي من الدفع لأن المختلس يدفع نفسه على الشيء يستلبه . والزعارة : شراسة الخلق .
5- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 71 .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 70 . وفيه : الزعارة بدل الدغارة . الفقيه 4 ، 12 - باب حد السرقة ، ح 20 ، وفيه الدعارة بدل الدغارة وروى ذيل الحديث فقط .
7- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 68 . الاستبصار ،4، 144 - باب حد الطرّار، ح 3 . يقول المحقق في الشرائع 175/4 : «ولا يقطع من سرق من جيب إنسان أو كمّه الظاهرين، ويقطع لو كانا باطنين» .

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عیسی، عن سماعة قال : قال : من سرق خلسة اختلسها لم يُقطع، ولكن يُضرب ضرباً شديداً (1).

5- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) بطرَّار قد طرَّ دراهم من كُمّ رجل ، قال : فقال : إن كان قد طرَّ من قميصه الأعلى لم أقطعه، وإن كان طرَّ من قميصه الداخل قطعته (2).

6 - عليُّ ، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : أربعة لا قطع عليهم : المختلس ،والغلول ومن سرق من الغنيمة، وسرقة الأجير، فإنّها خيانة (3).

7- وبهذا الإسناد أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) أتِيَ برجل اختلس درَّة من أذن جارية، قال: هذه الدّغارة المعلنة فضربه وحبسه (4).

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن

عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن مسمع أبي سيّار(5)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أن أمير

ص: 245


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 69.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح72. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 1 . وذكر مضمونه مع حذف السند في الفقيه 4 ، نفس الباب، بعد الحديث رقم 20 .
3- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح 26 . الاستبصار 4 ، 140 - باب من سرق شيئا من المغنم ، ح 3 وفي ذيله : لأنها خيانة . والغلول : الخيانة في المغنم، أو مطلق الخيانة. والاختلاس الاستلاب وقيل : الاختطاف بسرعة على حين غفلة من صاحبه . هذا ويقول الشهيدان: «وفي السرقة - أي سرقة بعض الغانمين من مال الغنيمة - حيث يكون له نصيب منها نظر، منشأوه اختلاف الروايات . (ورواية ابن سنان أوضح سنداً من روايتي محمد بن قيس وعبد الرحمن بن أبي عبد الله وأوفق بالأصول، فإن الأقوى إن الغانم يملك نصيبه بحيازة الغنيمة فيكون شريكاً ويلحقه (حكم الشريك) في توهمه حلّ ذلك وعدمه، وتقييد القطع على تقدير الأخذ برواية ابن سنان وعدم توهم الآخذ للزايد الحل بكون الزايد بقدر النصاب، فلو قلنا بأن القسمة كاشفة عن ملكه بالحيازة فكذلك، وإن قلنا بأن الملك لا يحصل إلا بالقسمة اتجه القطع مطلقاً مع بلوغ (جملة ما سرقه) نصاباً . ورواية عبد الرحمن) تصلح شاهداً له . نقلناه بتصرف . وأما المحقق في الشرائع 173/4 : فقد اختار التفصيل الذي تضمنته رواية ابن سنان واستحسنه . وقد أورد رواية ابن سنان برقم 27 من الباب 8 من الجزء 10 من التهذيب كما أورد روايتي محمد بن قيس وعبد الرحمن بن أبي عبد الله برقمي 19 و 25 من نفس الباب المذكور.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 67 وفيه الزعارة بدل الدغارة.
5- في الاستبصار: عن مسمع بن أبي سيار....

المؤمنين (علیه السلام) أتي بطرَّار قد طرَّ من رجل من ردنه(1) دراهم، قال: إن كان طرَّ من قميصه الأعلى لم نقطعه، وإن كان طرَّ من قميصه الأسفل قَطَعْناه (2).

146 - باب الأجير والضيف

1- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال في رجل استأجر أجيراً، فأقعده على متاعه فسرقه؟ قال : هو مؤتمن، وقال في رجل أتى رجلاً فقال: أرْسَلَني فلان إليك لترسل إليك بكذا وكذا، فأعطاه وصدَّقه، فلقي صاحبه فقال له : إنَّ رسولك أتاني فبعثت إليك معه بكذا وكذا، فقال : ما أرسلته إليك، وما أتاني بشيء، وزعم الرسول أنّه قد أرسله وقد دفعه إليه ؟ فقال : إن وجد عليه بيّنة أنّه لم يرسله، قُطِعَت يده . - ومعنى ذلك أن يكون الرسول قد أقرَّ مرَّة أنّه لم يرسله - وإن لم يجد بيّنة، فيمينه بالله ما أرسله ويستوفي الآخر من الرسول المال قلت : أرأيت إن زعم أنّه إنّما حمله على ذلك الحاجة ؟ فقال : يُقطع، لأنّه سرق مال الرَّجل(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن عليّ بن سعيد قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل اكترى حماراً ثمَّ أقبل به إلى أصحاب الثياب، فابتاع منهم ثوباً أو ثوبين، وترك الحمار؟ فقال: يردُّ الحمار على صاحبه، و یتبع الّذي ذهب بالثوبين، وليس عليه قطع، إنّما هي خيانة(4) .

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّار، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يستأجر أجيراً فيسرق من بيته ، هل تقطع يده؟ قال: هذا مؤتمن ليس بسارق، هذا خائن(5) .

ص: 246


1- في التهذيبين : من ردائه...
2- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ...، ح 73 . الاستبصار 4، 144 - باب حد الطوار ، ح 2 . وذكر مضمونه في الفقيه 4 ، 12 - باب حد السرقة بعد الحديث 20 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 43 . الاستبصار 4 ، 142 - باب لا قطع إلا على من سرق من حرز ، ح 2 بدون الصدر الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 5 وتفاوت يسير وروى صدره فقط.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 44 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 13 بتفاوت وأخرجه عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام).
5- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 41 .

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: الضيف إذا سرق لم يُقطع ، وإن أضاف الضيف ضيفاً فسرق، قطع ضَيفُ الضيف (1).

5 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال: سألته ، عن رجل استأجر أجيراً، فأخذ الأجير متاعه فسرقه؟ فقال: هو مؤتمن، ثمّ قال : الأجير والضيف أمناء، ليس يقع عليهم حدُّ السرقة (2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن قوم اصطحبوا في سفر رفقاء فسرق بعضهم متاع بعض؟ فقال : هذا خائن لا يقطع ، ولكن يتبع بسرقته وخيانته، قيل له : فإن سرق من منزل أبيه ؟ فقال : لا يقطع، لأنَّ ابن الرَّجل لا يحجب عن الدخول إلى منزل أبيه، هذا خائن، وكذلك إن سرق من منزل أخيه وأخته إذا كان يدخل عليهم، لا يحجبانه عن الدخول (3).

147 - باب حد النباش

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : حدُّ النبّاش حدُّ السّارق (4).

2 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن آدم بن إسحاق، عن عبد الله بن محمّد الجعفي قال : كنت عند أبي جعفر (علیه السلام) وجاءه كتاب هشام بن عبد الملك في رجل نبش امرأة فسلبها

ص: 247


1- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 45 الفقيه 4 ، 12 - باب حد السرقة . - ، ح 21 السرقة، ح 21 . وقال الشهيدان:« يقطع الضيف والأجير إذا سرقا مال المضيف والمستأجر مع الإحراز من دون أي من دون كل منهما على الأشهر، وقيل لا يقطعان مطلقاً استناداً إلى اخبار ظاهرة في كون المال غير محرز عنهما فالتفضيل حسن، نعم لو أضاف الضيف ضيفاً بغير إذن صاحب المنزل فسرق الثاني قطع لأنه بمنزلة الخارج».
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 42 . يقول المحقق في الشرائع 174/4 : «يقطع الأجير إذا أحرز المال من دونه، وفي رواية : لا يقطع، وهي محمولة على حالة الاستثمان، وكذا الزوج إذا سرق من زوجته، أو الزوجة من زوجها، وفي الضيف قولان، احدهما : لا یقطع مطلقاً وهو المروي، والآخر يقطع إذا أحرز من دونه، وهو أشبه» .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 46 .
4- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح 74 . الاستبصار 4، 145 - باب حد النباش ح 1 .

ثيابها ثم نكحها ، فإنَّ النّاس قد اختلفوا علينا ههنا فطائفة قالوا : اقتلوه، وطائفة قالوا : احرقوه؟ فكتب إليه أبو جعفر (علیه السلام) : إنَّ حرمة الميّت كحرمة الحيّ، حدُّه أن تُقطع يده لنبشه وسلبه الثياب، ويقام عليه الحدّ في الزنا، إن أحصن رُجم، وإن لم يكن أحصن جُلد مائة (1).

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابنا قال : أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) برجل نبّاش، فأخذ أمير المؤمنين (علیه السلام) بشعره فضرب به الأرض، ثمَّ أمر الناس أن يطؤوه بأرجلهم، فوطؤوه حتّى مات (2).

4 - حبيب بن الحسن، عن محمّد بن الوليد، عن عمرو بن ثابت، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام): يُقطع سارق الموتى، كما يُقطع سارق الأحياء (3).

5 - عنه عن محمّد بن عبد الحميد العطّار، عن سيّار عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أخذ نباش في زمن معاوية، فقال لأصحابه : ما ترون؟ فقالوا : تعاقبه وتخلي سبيله، فقال رجل من القوم : ما هكذا فعل عليُّ بن أبي طالب (علیه السلام) قال : وما فعل؟ قال : فقال : يقطع النبّاش وقال : هو سارق وهتّاك للموتى (4).

6 - محمد بن جعفر الكوفي ، عن محمد بن عبد الحميد عن سيف بن عميرة، عن

ص: 248


1- التهذيب 10 ، 4 - باب الحد في نكاح البهائم ونكاح الأموات و ... ، ح 12 وكرره برقم 78 من الباب 8 من . الجزء 10 من التهذيب أيضاً. الاستبصار 4 ، 128 - باب حد من أتى ميتة من الناس ، ح 1 بتفاوت . ولكنه عاد فرواه بنفس نص الفروع برقم 5 من الباب 145 من نفس الجزء من الاستبصار الفقيه 4 ، 17 - باب نوادر الحدود، ح 11 . وقال المحقق في الشرائع 4/ 188 : «ووطء الميتة من بنات آدم كوطء الحية في تعلق الاثم والحد واعتبار الإحصان ،وعدمه وهنا الجناية أفحش، فتغلظ العقوبة زيادة عن الحد بما يراه الإمام، ولو كانت زوجته اقتصر في التأديب على التعزير، وسقط الحد بالشبهة . . . . وقال رحمه الله في صفحة / 176: ويقطع سارق الكفن لأن القبر حِرْز له ... ولو نبش ولم يأخذ عزّر، ولو تكرر منه الفعل وفات السلطان كان له قتله للردع» .
2- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة ... ، ح 87. الاستبصار 4، 145 - باب حد النباش ، ح 14 بتفاوت الفقيه 4 ، 12 - باب حد السرقة ، ح 25 .
3- التهذيب ،10 ، نفس الباب، ح .75 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .
4- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح 76 وفي سنده : يسار، بدل : سيّار. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 3 وفي سنده : بشار ... وسيّار - كما هنا - موافق لما في الوسائل . قال المحقق في الشرائع 176/4 : «ويقطع سارق الكفن لأن القبر حرز له، وهل يشترط بلوغ قيمته نصاباً؟ قيل: نعم وقيل : يشترط في المرة الأولى دون الثانية والثالثة ، وقيل : لا يشترط والأول أشبه، ولو نبش ولم يأخذ عُزر، ولو تكرر منه الفعل وفات السلطان كان له قتله للردع» .

منصور بن حازم قال سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : يُقطع النبّاش والطرَّار، ولا يُقطع المختلس (1).

148 - باب حد من سرق حرّاً فباعه

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن حنان عن معاوية بن طريف(2)، عن سفيان الثوري قال: سألت جعفر بن محمّد (علیه السلام) عن رجل سرق حرَّة فباعها؟ قال : فقال : فيها أربعة حدود : أمّا أوّلها؛ فسارقٌ تُقطع يده، والثانية، إن كان وطأها جُلد الحدَّ، وعلى الّذي اشترى إن كان وطأها وقد علم إن كان محصناً رُجم، وإن كان غير محصن جُلد الحدّ، وإن كان لم يعلم فلا شيء عليه وعليها هي - إن كان استكرهها - فلا شيء عليها، وإن كانت أطاعته جُلدت الحدّ (3).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ

أمير المؤمنين (علیه السلام) أتي برجل قد باع حرًّا ، فَقَطَعَ يده (4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن محمّد بن حفص، عن عبد الله بن طلحة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يبيع الرجل وهما حرّان، يبيع هذا هذا، وهذا هذا، ويفرّان من بلد إلى بلد، فيبيعان أنفسهما، ويفرَّان بأموال النّاس ؟ فقال : تُقطع يديهما، لأنّهما سارقان أنفسهما وأموال النّاس(5).

ص: 249


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 77 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 .
2- في كل من الفقيه والتهذيب : عن طريف بن سنان الثوري .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح64 الفقيه ،4 ، نفس الباب، ح 31 بتفاوت يسير فيهما. وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن سارق الحر لا يقطع حداً لأن الحر ليس مالا ومن هنا حكموا بالقطع في سرقة المملوك. قال الشهيدان:« لا يقطع سارق الحر وإن كان صغيراً لأنه لا يُعد مالاً. فإن باعه قيل والقائل الشيخ وتبعه العلامة قطع كما يقطع السارق لكن لا من حيث إنه سارق بل لفساده في الأرض وجزاء المفسد القطع ، لا بسبب السرقة، ويشكل بأنه إن كان مفسداً فاللازم تخير الحاكم بين قتله وقطع يده ورجله من خلاف وغير ذلك من أحكامه لا تعيين القطع خاصة ... الخ» . وبعدم القطع جزم المحقق في شرائعه .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 62 . وما عن الشيخ وجماعة العمل بمضمون هذا الحديث وغيره - كما سبقت الإشارة إليه - مما تضمن الحكم بقطع سارق الحر، بل عن التنقيح إنه مشهور. ولكن المحقق في الشرائع 175/4 يقول : «ومن سرق صغيراً ، فأن كان مملوكاً قطع . ولو كان حراً فباعه، لم يقطع حداً ، وقيل : يقطع دفعاً لفساده» أقول : وعلى القول بأنه لم يقطع لأن الحر لا يعد مالا والله العالم .
5- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ... ، ح 63 بتفاوت يسير .

149 - باب نفي السارق

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عليّ بن الحسن بن ،رباط، عن ابن مسكان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا أقيم على السارق الحدُّ، نُفي إلى بلدة أخرى(1).

150 - باب ما لا يُقطع فيه السارق

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال :

قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا قَطعَ في ريش - يعني الطير كلّه(2) - .

2 - وبهذا الإسناد قال : قال النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : لا قطع على من سرق الحجارة - يعني الرّخام وأشباه ذلك(3)- .

3 - وبهذا الإسناد قال : قضى النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) فيمن سرق الثمار في كمّه، فما أكل منه فلا شيء عليه، وما حَمَلَ فَيُعَزَّر، ويغرم قيمته مرَّتين (4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى الخزّاز، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ عليّاً صلوات الله عليه أتي بالكوفة برجل سرق

حماماً، فلم يقطعه وقال : لا قَطعَ في الطير (5).

ص: 250


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح52 الفقيه 4 ، 12 - باب حد السرقة ، ح 19 . هذا، ولم يقل أحد من الأصحاب بوجوب نفي السارق.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 49 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 50. وقال المحقق في الشرائع 175/4 : «وفي الطين وحجارة الرخام رواية بسقوط الحد، ضعيفة». هذا وقد صرح صاحب الجواهر بأنه لم يوجد عامل برواية السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) حول عدم القطع فيمن سرق الحجارة. ويقول استاذنا السيد الخوئي تعليقا على ذلك في مباني تكملة المنهاج 292/1 - 293 : «وهو على تقدير تحققه - لا أثر له، ولا سيما أن بعض من لم يعمل بها ناقش فيها بضعف السند، ولا وجه للمناقشة عندنا، ولا سيما في معتبرة غياث حول سرقة الحمام) فقد وثقه النجاشي صريحاً ، وليس في السند من يناقش فيه غيره (يعني غياثا) فإن تم الإجماع فهو وإلا فالأظهر عدم القطع». ويقصد بمعتبرة غياث الرواية الواردة برقم 4 من هذا الباب .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 48 .
5- التهذيب 10 ، 8 باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 51 . وفي سنده : عبد الله بن إبراهيم بدل: غياث .... وفيه : لا أقطع . .. ، وكذلك هو في الفقيه 4 ، 12 - باب حد السرقة ، ح 3 .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : كلُّ مدخل يدخل فيه بغير إذن صاحبه فسرق منه السّارق، فلا قطع عليه - يعني الحمامّات والخانات والأرحية (1)۔

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ عليّاً (علیه السلام) أتي برجل سرق من بيت المال؟ فقال: لا يقطع، فإنَّ له فيه نصيباً (2).

7 - عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : لا قطع في ثمر ولا كَثَر - والكَثَر شحم (النخل (3) -.

151 - باب إنه لا يُقطع السارق في المجاعة

1 - محمّد بن يحيى ؛ وغيره عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن زياد القندي، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يقطع السّارق في سنة المَحْل(4) في كلِّ شيء يؤكل مثل الخبز واللّحم وأشباه ذلك(5) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال :

ص: 251


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 39 بتفاوت الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 7 بتفاوت. وإنما لم يقطع في مثل هذه الأماكن لو سرق منها لأن من شرط القطع في السارق أن يهتك الحرز، فما ليس بمحرز فلا يقطع سارقه كالمأخوذ من الأرحية والحمامات والمواضع المأذون في غشيانها كالمساجد، وقيل: إذا كان المالك مراعياً له كان محرزاً ، كما قطع النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) سارق مئزر صفوان في المسجد، وفيه تردد» .
2- التهذيب ،10 ، نفس الباب، ح 24 وفيه : لا نقطعه ... ، الاستبصار 4 ، 140 - باب من سرق شيئا من المغنم ، ح2.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 47 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 10 . وفيه : في تمر . . . وفي ذيله : والكثر: هو الجمّار. ويقول المحقق في الشرائع 175/4 : «ولا قطع في ثمرة على شجرتها ويقطع لو سرق بعد إحرازها . ....» والكثر - كما في النهاية - جمّار النخل، وهو الشحم الذي في وسط النخلة.
4- في التهذيب ، المحق. بدل : المَحْل .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 60 . في ذيله : وأشباهه الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 10 وفي ذيله : والقثاء . ولا خلاف ظاهر بين أصحابنا في هذا الحكم. يقول المحقق في الشرائع 4 / 175 : «ولا قطع ... على من سرق مأكولاً في عام مجاعة» .

قال : لا يقطع السّارق في عام سَنَت، - يعني في عام مجاعة (1) - .

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن عليّ بن الحكم، عن عاصم بن حميد، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (علیه السلام) لا يقطع السّارق في أيّام المجاعة (2).

152 - باب حدّ الصبيان في السرقة

1 - عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن عبد عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الصبيّ يسرق؟ قال : يُعفى عنه مرَّة ومرَّتين، ويعزّر في الثّالثة ، فإن عاد قُطعت أطراف أصابعه، فإن عاد قطع أسفل من ذلك (3) .

2 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : سألته عن الصبيّ يسرق؟ قال : إذا سرق مرَّة وهو صغير، عُفي عنه، فإن عاد عُفي عنه، فإن عاد قُطع بَنانه ، فإن عاد قطع أسفل من ذلك (4).

3 - عنه ، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي إبراهيم (علیه السلام) : الصبيان إذا أتِيَ بهم عليُّ (علیه السلام) قطع أناملهم، من أين قطع ؟ فقال : من المفصل، مفصل الأنامل (5).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا سرق الصبيُّ في عنه، فإن عاد عُزّر، فإن عاد قطع أطراف الأصابع، فإن عاد قطع أسفل من ذلك ؛ وقال : أتي عليُّ (علیه السلام) بغلام يشكُّ في احتلامه، فقطع أطراف الأصابع (6).

ص: 252


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 59. الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 2 بزيادة في آخره، وفيه وفي عام سنت مجدبة 10 والسنت : القليل ،الخير والمسيت : المجدب.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 61 .
3- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ...، ح 90 و 91 و 92 .
4- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ...، ح 90 و 91 و 92 .
5- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ...، ح 90 و 91 و 92 .
6- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح 89 الاستبصار 4 ، 146 - باب حد الصبي الذي يجب عليه القطع إذا سرق ، ح 3 وروى ذيل الحديث وفيه : أصابعه، بدل الأصابع. هذا وقال المحقق في الشرائع 172/4 : «فلو سرق الطفل، لم يُحدّ، ويؤدب ، ولو تكررت سرقته، وفي النهاية (للشيخ ) : يُعفى عنه أولاً ، فإن عاد أدّب، فإن عاد حكت أنامله حتى تدمى، فإن عاد قطعت أنامله، فإن عاد قطع كما يقطع الرجل، وبهذا روايات».

5 - عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أتي عليُّ (علیه السلام) بجارية لم تحض قد سرقت، فضربها أسواطاً، ولم يقطعها(1).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الصبيّ يسرق؟ قال : يعفى عنه مرَّة ، فإن عاد قطعت أنامله أو حُكّت حتّى تدمى، فإن عاد قطعت أصابعه، فإن عاد قطع أسفل من ذلك (2).

7 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد من أصحابه، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : أتي عليُّ (علیه السلام) بغلام قد سرق، فَطَرَّفَ أصابعه(3)، ثم قال : أمَا لئن عدت لأقطعنّها، ثمَّ قال : أما إنّه ما عمله إلّا رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وأنا .

8 - أبان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا سرق الصبيُّ ولم يحتلم ، قُطعت أطراف أصابعه ، قال : وقال [ عليُّ (علیه السلام)] : لم يصنعه إلّا رسول الله صلّى الله عليه وآله وأنا (4).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن بعض أصحابه، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الصبيّ يسرق؟ فقال : إن كان له تسع سنين قطعت يده، ولا يضيع حدُّ من حدود الله عزَّ وجلَّ(5).

10 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : أتي عليُّ (علیه السلام) بغلام قد سرق فطرَّف أصابعه، ثمَّ قال : أمَا لئن

ص: 253


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 102 .
2- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ...، ح 93 و 94 وفي سند الثاني : عن غير واحد . 94 وليس فيه من أصحابه... وطرف أصابعه : أي قطع أطرافها، أو خضبها بالدم كناية عن حكها يقول الفيروز آبادي : طرفت المرأة بنائها : خضبتها . انظر مرآة المجلسي 263/23 والأنامل : جمع أنملة، وهي من الأصابع العُقدة، أو رؤوس الأصابع، أو المفصل الذي فيه الظفر.
3- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ...، ح 93 و 94 وفي سند الثاني : عن غير واحد . 94 وليس فيه من أصحابه... وطرف أصابعه : أي قطع أطرافها، أو خضبها بالدم كناية عن حكها يقول الفيروز آبادي : طرفت المرأة بنائها : خضبتها . انظر مرآة المجلسي 263/23 والأنامل : جمع أنملة، وهي من الأصابع العُقدة، أو رؤوس الأصابع، أو المفصل الذي فيه الظفر.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .95 الاستبصار 4 ، 146 - باب حد الصبي الذي يجب عليه القطع إذا سرق ، ح 1 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .96. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 4 . وحمل على ما إذا تكرر منهم فعل السرقة، أو كان ممن يعلم الأطفال على السرقة فيرى الإمام أن يقطعه حسماً لمادة الفساد .

عدت لأقطعنّها قال : ثمَّ قال: أما إنّه ما عمله إلّا رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلم) وأنا(1).

11 - حميد بن زياد، عن عبيد الله بن أحمد النهيكي ، عن ابن أبي ، عن ابن أبي عمير، عن عدَّة من أصحابنا، عن محمّد بن خالد بن عبد الله القسري قال: كنت على المدينة (2)، فأتيتُ بغلام قد سرق، فسألت أبا عبد الله (علیه السلام) عنه ، فقال : سَلْهُ ، حيث سرق كان يعلم أنَّ عليه في السرقة عقوبةً، فإن قال : نعم، قيل له : أيُّ شيء تلك العقوبة؟ فإن لم يعلم أنَّ عليه في السرقة قطعاً، فَخَلٌّ . عنه قال : فأخذت الغلام فسألته وقلت له: أكنتَ تعلم أنَّ في السرقة عقوبة؟ قال: نعم، قلت: أيُّ شيء هو ؟ قال : الضَرْب ، فخلّيت عنه (3).

153 - باب ما يجب على المماليك والمكاتبين من الحدّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قذف العبدُ الحرَّ جُلد ثمانين وقال : هذا من حقوق الناس(4).

2 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن المملوك يفتري على الحرّ؟ قال يُجلد ثمانين قلت: فإنّه زنى ؟ قال : يُجلد خمسین(5) .

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن عبد افترى على حرّ؟ قال : يُجلد ثمانين (6).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الحارث بن

ص: 254


1- مر بعينه برقم 7 من هذا الباب فراجع .
2- أي كان والياً عليها، أو قاضياً .
3- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 99 . الاستبصار 4 ، 146 - باب حد الصبي الذي يجب عليه القطع إذا سرق ، ح 7 .
4- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسب و ... ، ح 35 . الاستبصار 4، 131 - باب المملوك يقذف حراً، ح1 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح36 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 37 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 3 وفي ذيله : عليه ثمانون .

الأحول(1) عن بريد ، عن أبي جعفر (علیه السلام) في الأمة تزني ؟ قال : تُجلد نصف حدّ الحرّ، كان لها زوج أو لم يكن (2)

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في عبد سرق وأخْتَانَ من مال مولاه؟ قال : ليس عليه قَطعٌ(3).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : سألته عن قول الله تعالى: (فإذا أحصنَّ (4))؟ قال : إحصانهنَّ أَن يُدْخَلَ بهنَّ قلت إن لم يُدخل بهنَّ، أما عليهنَّ حدُّ؟ قال : بلى (5).

7- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أصبغ بن الأصبغ، عن محمّد بن سليمان، عن مروان بن مسلم، عن عبيد بن زرارة أو عن بريد العجليّ - الشكُّ من محمّد - قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) أمَةٌ زَنَتْ؟ قال : تُجلد خمسين، قلت : فإن عادت ؟ قال :تُجلد خمسین، قلت: فيجب عليها الرّجم في شيء من الحالات؟ قال : إذا زنت ثماني مرّات يجب عليها الرجم، قلت : كيف صار في ثماني مرَّات؟ قال : لأنّ الحرّ إذا زنى أربع مرات وأقيم عليه الحدّ قتل، فإذا زنت الأمة ثماني مرات رُجمت في التاسعة، قلت: وما العلّة في ذلك؟ فقال: إنَّ الله رحمها

ص: 255


1- في التهذيب : عن الحارث الأحول.
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا ، ح 82 الفقيه 4 ، 7 - باب حد المماليك في الزنا، ح 2 وفي الذيل فيهما زيادة: زوج . يقول المحقق في الشرائع 164/4 في حد القذف هنا : «وهل يشترط في وجوب الحد الكامل الحرية؟ قيل : نعم ، وقيل : لا يشترط ، فعلى الأول يثبت نصف الحد، وعلى الثاني يثبت الحد كاملاً وهو ثمانون والظاهر أنه رحمه الله قد اختار وجوب الحد كاملاً على المملوك أيضاً لأنه قال في ص / 166 : الحد ثمانون جلدة حراً كان أو عبداً .....». ويقول رحمه الله ص / 155 : «والمملوك يجلد خمسين محصناً كان أو غير محصن ذكراً كان أو أنثى، ولا جز على أحدهما ولا تغريب».
3- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ...، ح 53 . هذا وعدم قطع العبد إذا سرق من مال مولاه متفق عليه بين الأصحاب لدلالة هذه الرواية وغيرها عليه، مضافاً إلى ما في القطع من زيادة إضرار على المولى، نعم صرّح بعضهم بأنه يؤدب بما يحسم به الجرأة على مال المولى فراجع المحقق في الشرائع 174/4 .
4- النساء / 25 . والحديث عن ملك الأيمان.
5- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا ، ح 43 . ورواه عن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد الله (علیه السلام) بتفاوت يسير .

أن يجمع عليها ربق الرّق وحدِّ الحرِّ، ثمّ قال : وعلى إمام المسلمين أن يدفع ثمنه إلى مولاه من

سهم الرقاب (1).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن بكير، عن عنبسة بن مصعب العابد قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : كانت لي جارية، فزنت، أحُدُّها؟ قال : نعم (2)، ولكن لِيَكُن ذلك في سرّ لحال السلطان .

9 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في مملوك قذف محصنة حرّة؟ قال : يُجلد ثمانين، لأنّه إنّما يجلد لحقّها (3).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن حميد بن زياد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا زنى العبد ضُرب خمسين فإن عاد ضُرب خمسين، فإن عاد ضُرب خمسين إلى ثماني مرَّات، فإن زنى ثماني مرَّات قتل، وأدَّى الإمام قيمته إلى مولاه من بيت المال (4).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في مملوك طلّق امرأته تطليقتين ثمَّ جامعها بعدٌ، فأمر رجلا يضر بهما ، ويفرّق ما بينهما ، يجلد كلّ واحد منهما خمسين جلدة (5) .

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في المكاتب يزني ؟ قال : يجلد في الحدّ بقدر ما أعتق منه (6).

13 - عدَّةً من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عيسى، عن

ص: 256


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 86. الفقيه 4 ، 7 - باب حد المماليك في الزنا، ح ا بتفاوت، والسؤال فيه عن عبد زنی . ويقول المحقق في الشرائع 155/4 : «ولو تكرر من الحر الزنا فأقيم عليه الحد مرتين، قتل في الثالثة، وقيل: في الرابعة وهو أولى، أما المملوك فإذا أقيم عليه (الحد) سَبْعاً، قتل في الثامنة ، وقيل : في التاسعة، وهو أولى» .
2- إلى هنا في التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 81 بتفاوت وبزيادة هي : قلت : ابيع ولدها؟ قال: نعم، قلت: احجّ بثمنه ؟ قال : نعم . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح5.
3- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسب و... ، ح 38. الاستبصار 4، 131 - باب المملوك يقذف حراً، ح 4 وفي الذيل فيهما بحقّها.
4- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 87 وفيه إلى مواليه ....
5- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 88 وفيه : ويفرّق بينهما .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 90. بدون قوله : يزني .

سماعة قال : يُجلد المكاتب إذا زنى على قدر ما أعتق منه، فإن قذف المحصنة، فعليه أن يُجلد ثمانين، حرّاً كان أو مملوكاً(1).

14 - عليُّ بن إبراهيم ؛ عن أبيه عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن مسلم، عن محمّد بن أبي جعفر (علیه السلام) قال : يُجلد المكاتب على قدر ما أعتق منه، وذكر أنّه يجلد ببعض السوط ولا يجلد به كلّه (2).

15 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل، عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في مكاتبة زنت ، قال : ينظر ما أخذ من مكاتبتها فيكون فيها حدُّ الحرّة، وما لم يُقض فيكون فيه حدّ الأمة ، وقال : في مكاتبة زنت وقد أعتق منها ثلاثة أرباع وبقي ربع ، فجُلدت ثلاثة أرباع الحدّ، حساب الحرّ على مائة ، فذلك خمسة وسبعون سوطاً، وجلد ربعها حساب خمسين من الأمة، اثني عشر سوطاً ونصفاً، فذلك سبعة وثمانون جلدة ونصفاً وأبى أن يرجمها، وأن ينفيها، قبل أن يبين عتقها (3).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس؛ وعن ابيه، عن ابن أبي نجران جميعاً عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) مثله، إلّا أنَّ يونس قال: يؤخذ السوط من نصفه فيضرب به، وكذلك الأقلّ والأكثر (4).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن حمّاد(5) ، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه سئل عن المكاتب افترى على رجل مسلم ؟ قال : يُضرب حدّ الحرّ ثمانين، إن أدّى من مكاتبته شيئاً أو لم يؤدّ، قيل له : فإن زنى وهو مكاتب ولم يؤدَّ شيئاً من مكاتبته ؟ قال : هو حقُّ الله ، يطرح عنه من الحدّ خمسين جلدة، ويضرب خمسين (6) .

ص: 257


1- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسب و. ح 39 . الاستبصار 4، 131 - باب المملوك يقذف حراً، ح5.
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 91 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 92 . بتفاوت قليل. يقول المحقق في الشرائع 129/3 : «ولو وجب عليه (أي المكاتب) الحد أقيم عليه من حد الأحرار بسبة الحرية، وبنسبة الرقية من حد العبيد» .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 93.
5- هذا هو ابن زياد كما صرح به في الفقيه .
6- الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف، ح 19 بتفاوت يسير.

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : العبد إذا أقرَّ على نفسه عند الإمام مرَّة أنّه سرق، قَطَعَهُ، والأمة أذا أقرّت على نفسها عند الإمام بالسرقة، قَطَعَها (1).

19 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن سَيف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرميّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن عبد مملوك قذف حرَّا؟ قال : يُجلد ثمانين هذا من حقوق الناس، فأمّا ما كان من حقوق الله عزَّ وجلَّ، فإنّه يُضرب نصف الحدّ، قلت: الّذي من حقوق الله عزَّ وجلَّ ما هو؟ قال : إذا زنى، أو شرب خمراً، فهذا من الحقوق الّتي يُضرب فيها نصف الحدّ (2).

20 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : عبدي إذا سرقني لم أقطعه ، وعبدي إذا سرق غيري قطعته، وعبد الإمارة إذا سرق لم أقطعه لأنّه فیيء (3).

21 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن سعيد ، عن الحسين بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه سئل عن رجل كانت له أمة فكاتبها فقالت : ما أدّيتُ من مكاتبتي فأنا به حرَّة على حساب ذلك، فقال لها : نعم، فأدَّت بعض مكاتبتها ، وجامعها مولاها بعد ذلك؟ فقال : إن كان استكرهها على ذلك ضُرب من الحدّ بقدر ما أدَّت من مكاتبتها، ودرىء عنه من الحدّ بقدر

ص: 258


1- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ... ، ح 58 . الاستبصار 4 ، 143 - باب المملوك إذا أقر بالسرقة لم يقطع ، ح 2 . الفقيه 4 ، 12 - باب حد السرقة ، ح 34 . وحمل الشيخ هذا الحديث على ما إذا انضاف إلى الإقرار البيئة. وقال الصدوق بعد إيراده الحديث : متى العبد ممن يعلم أنه يريد الإضرار لسيده لم يقطع إذا أقر على نفسه، فإن شهد عليه شاهدان قطعَ . وبما ذكره الصدوق والشيخ رحمهما الله أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم، وذلك لما يتضمن القطع مع الإقرار من إتلاف مال الغير، بشرط إلا يرجع عن إقراره ويردّ السرقة إلى أهلها، فلوردّها بالضرب بعد الإقرار ففيه قولان قول للشيخ في النهاية يقطع ، وقول لبعض الأصحاب بأنه لا يقطع لتطرّق الاحتمال إلى الإقرار، إذ من الممكن أن يكون المال في يده من غير جهة السرقة وقد استحسن هذا القول المحقق في الشرائع 176/4 .
2- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و ...، ح 40 وكرره برقم 14 من الباب 7 من نفس الجزء من التهذيب الاستبصار 4، 131 - باب حد المملوك يقذف حراً ، ح 6 .
3- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 54 . ومعنى الحديث - بلحاظ ذيله - إن العبد إذا سرق من مال الغنيمة لم يقطع، والتعليل الوارد : لأنه فيء، عام يشمل ما لو سرق من مال الغنيمة وغيرها، نظراً إلى أن الظاهر من الضمير رجوعه إلى العيد، فالحكم هو عدم القطع فيما لو سرق من غيرها، ولكن الأصحاب رفعوا اليد عن هذا الاطلاق بروايات أخرى، ولذا قيدوا عدم القطع بما إذا سرق عبد الغنيمة من مال الغنيمة بالخصوص، فتأمل.

ما بقي من مكاتبتها، وإن كانت تابَعَتهُ كانت شريكتَهُ في الحدّ، ضُربت مثل ما يُضرب(1).

22 - عليُّ ، عن أبيه، عن صالح بن سعيد عن يونس، عن بعض أصحابنا (2)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : المملوك إذا سرق من مواليه لم يقطع ، فإذا سرق من غير مواليه قُطع (3).

23 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في العبيد والإماء إذا زنى أحدهم، أن يُجلد خمسين جلدة إن كان مسلماً ، أو كافراً، أو نصرانيّاً، ولا يُرجم ولا يُنفى .

154 - باب ما يجب على أهل الذمة من الحدود

1 - عدَّةُ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يجلد الحرّ والعبد واليهوديّ والنصرانيّ في الخمر ومسكر النبيذ ثمانين، فقيل : ما بال اليهوديّ والنصرانيّ؟ قال : إذا أظهروا ذلك في مصر من الأمصار، لأنّهم ليس لهم أن يُظْهِروه .

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن جعفر بن رزق الله - أو (4) رجل عن جعفر بن رزق الله - قال : قُدّم إلى المتوكّل رجل نصرانيّ فجر بامرأة مسلمة، فأراد أن يقيم عليه الحدّ فأسلم، فقال يحيى بن أكثم : قد هدم إيمانه شِرْكَه ، وفعله، وقال بعضهم : يُضرب ثلاثة حدود، وقال بعضهم : يفعل به كذا وكذا، فأمر المتوكّل بالكتاب إلى أبي الحسن الثالث (علیه السلام) وسؤاله عن ذلك، فلمّا قرء الكتاب كتب: يُضرب حتّى يموت، فأنكر يحيى بن أكثم وأنكر فقهاء العسكر ذلك، وقالوا يا أمير المؤمنين، سَلْ عن هذا فإنّه شيء لم ينطق به كتاب ولم

ص: 259


1- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا ، ح .94 . كما ذكره برقم 10 من الباب 3 من الجزء 8 من التهذيب . الفقيه 4 ، 7 - باب حد المماليك في الزنا ، ح 6 وأخرجه عن إبراهيم بن هاشم عن صالح بن السندي عن الحسين بن خالد عن الرضا (علیه السلام) . الاستبصار 4 ، 121 - باب المكاتبة التي أدت بعض مكاتبتها ثم وقع عليها مولاها، ح 1 . وكذا في 20 - باب من وطأ المكاتبة بعد أن ... ، ح 1 وفي سنده عمرو بن عثمان ...، بدل: صالح بن سعيد. هذا وقد مر هذا الحديث في الفروع 4 ، باب المكاتب، ح 4 . يقول المحقق في الشرائع 129/3 : «ولو زنى المولى بمكاتبته سقط عنه من الحد بقدر ماله فيها من الرقيّة، وحُدّ بالباقي ».
2- في التهذيب عن بعض أصحابه ...
3- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و...، ح 55 بتفاوت يسير .
4- الترديد من الراوي .

تجيء به سنّة، فكتب إليه : إنّ فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا وقالوا : لم يجيء به سنّة ولم ينطق به کتاب، فبيّن لنا لِمَ أوجبت عليه الضرب حتّى يموت؟ فكتب: بسم الله الرحمن الرحیم، (فلمّا رأوا بأسَنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين، فلم يكُ ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا ، سنّة الله الّتي قد خَلَت في عباده وخسر هنالك الكافرون(1)) ، قال : فأمر به المتوكّل فضُرِبَ حتّى مات(2) .

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن يهوديّ فَجَرَ بمسلمة؟ قال : يُقتل (3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال : قال : حدُّ اليهوديّ والنصرانيّ والمملوك في الخمر والفرية سواء، وإنّما صولح أهل الذمّة على أن يشربوها في بيوتهم (4).

5 - يونس عن سماعة قال: سألته عن اليهوديّ والنصرانيّ يقذف صاحبه ملّة على ملّة ، والمجوسيّ يقذف المسلم ؟ قال : يجلد الحدّ(5).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبّاد بن صهيب قال : سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن نصرانيّ قذف مسلماً فقال له : يا زان؟ فقال : يجلد ثمانين جلدة لحقّ المسلم، وثمانين سوطاً إلا سوطاً لحرمة الإسلام، ويُحلق رأسه ويُطاف به في أهل دينه لكي ينكل غيره (6).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن الوشّاء، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس،

ص: 260


1- المؤمن / 84 - 85 .
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا ، ح 135 . وأشار إليه مجملاً في الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحدّ و ...، ح 44 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 134 . هذا، وقد اتفق أصحابنا على أن الذمي إذا زنى بمسلمة قتل مطلقاً.
4- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسب و ... ، ح 47 . الاستبصار 4 ، 131 - باب المملوك يقذف حراً، ح 14 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 49 بتفاوت وأخرجه عنه عن يونس قال: سألته . هذا ومن المتفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم عدم اشتراط أكثر من البلوغ وكمال العقل في القاذف مع اختلافهم في اشتراط الحرية لوجوب الحد كاملا على قولين وعلى القول بعدم اشتراطها يجب نصف الحد .
6- التهذيب 10 نفس ،الباب ح 50 . الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف ح 5 وفيه : ... ثمانين جلدة إلا سوطاً ...

عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) أن يُجلد اليهوديُّ والنصرانيُّ في الخمر والنبيذ المسكر ثمانين جلدة إذا أظهروا شربه في مصر من أمصار المسلمين، وكذلك المجوسيُّ ، ولم يعرّض لهم إذا شربوها في منازلهم وكنائسهم حتّى يصيروا بين المسلمين(1).

155 - باب كراهية قذف من ليس على الإسلام

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه نهى عن قذف من ليس على الإسلام، إلّا أن يطّلع على ذلك منهم، وقال:

أيْسَرُ ما يكون، أن يكون قد كَذَبَ (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه نهى عن قذف من كان على غير الإسلام، إلّا أن يكون قد اطّلعت على ذلك منه (3).

3 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن أبي الحسن الحذّاء قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام) ، فسألني رجلٌ : ما فعل غريمك؟ قلت: ذاك ابن الفاعلة، فنظر إلي أبو عبد الله (علیه السلام) نظراً شديداً ، قال : فقلت : جُعِلْتُ فِداك ، إنّه مجوسي ، أمّه أخته؟! فقال : أوليس

ذلك في دينهم نكاحاً (4).

156 - باب ما يجب فيه التعزير في جميع الحدود

1 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن التعزير، كم هو؟ قال : بضعة عشر سوطاً، ما بين العشرة إلى العشرين (5).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله لن سنان قال :

ص: 261


1- التهذيب 10 ، 7 - باب الحد في السكر وشرب المسكر و ...، ح 16 بتفاوت وليس فيه ذكر للمجوسي. وأخرجه عن ابن محبوب عن خالد بن نافع عن أبي خالد القماط عن أبي عبد الله (علیه السلام).
2- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و. ... ، ح51.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 52 و 53 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 52 و 53 .
5- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات، ح 1 .

سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجلين، افترى كلُّ واحد منهما على صاحبه؟ فقال: يُدرء عنهما

الحد، ويُعَزّران (1).

3 - عنه ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل سبّ رجلا بغير ،قذف يُعَرِّضُ ،به هل يُجلد ؟ قال : عليه تعزير (2).

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة، عن أبَان بن عثمان، عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الإفتراء على أهل الذمّة وأهل الكتاب هل يُجلد المسلم الحدّ في الإفتراء عليهم؟ قال: لا ؛ ولكن يُعَزَّر (3).

5 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد (4)، عن الحسن بن عليّ(5)، عن حمّاد بن عثمان قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : كم التعزير؟ فقال : دون الحدّ ، قال : قلت : دون ثمانين؟ قال : فقال : لا ؛ ولكن دون الأربعين، فإنّه حدُّ المملوك، قال : قلت : وكم ذلك ؟ قال : قال : على قدر ما يرى الوالي من ذنب الرّجل وقوَّة بدنه (6).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائني ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قال الرّجل للرَّجل : أنت خبيث وأنت خنزير فليس فيه حدُّ، ولكن فيه موعظة وبعضُ العقوبة(7) .

7- عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة قال : سألته عن شهود الزور ؟ قال : فقال : يُجلدون حدَّا ليس له وقت (8) ، وذلك إلى الإمام، ويطاف بهم حتّى يعرفهم الناس، وأمّا قول الله عزَّ وجلَّ: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً ... إلّا الّذين

ص: 262


1- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسب و...، ح 81.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 82.
3- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ، و...، ح 54 . هذا، وقد أفتى أصحابنا بمضمون هذا الحديث، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 165/4 .
4- في سند الاستبصار: عن علي بن محمد....
5- في سند التهذيب عن الحسين بن علي .
6- التهذيب 10، 7 - باب الحد في السُكّر وشرب المسكر . . . ، ح 13 . الاستبصار 4 ، 138 - باب حد المملوك في شرب المسكر ، ح 4 .
7- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و ... ، ح 83 وفيه : أنت خنثى. ، بدل: أنت خبيث...
8- أي ليس فيه شيء موظف محدد وإنما يرجع تقديره إلى الإمام

تابوا(1))، قال : قلت : كيف تُعرف توبته؟ قال : يُكذِّب نفسه على رؤوس الناس حتّى يُضْرَبَ ، ويستغفر ربّه، وإذا فعل ذلك، فقد ظهرت توبته (2).

8- عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن صالح بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل تزوَّج ذمّيّة(3) على مسلمة ولم يستأمِرها؟ قال : يفرَّق بينهما ، قال : فقلت : فعليه أدَب؟ قال : نعم، اثنا عشر سوطاً ونصف، ثُمن حدّ الزاني، وهو صاغر ، قلت : فإن رضيت المرأة الحرَّة المسلمة بفعله بعدما كان فعل؟ قال : لا يُضرب، ولا يفرَّق بينهما، يبقيان على النكاح الأوَّل (4).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن أبي جميلة، عن إسحاق بن عمّار؛ وسماعة، عن أبي بصير قال: قلت: آكلُ الربا بعد البيّنة؟ قال: يؤدّب فإن عاد أدَّب، فإن عاد قُتل(5) .

10 - وبهذا الإسناد، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال: أكل الميتة والدم ولحم الخنزير عليه أدَب، فإن عاد أدَّب، فإن عاد أدِّب ، وليس عليه حدٌّ (6) .

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديّ ، عن جعفر بن بشير، عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي مخلّد السرّاج، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل دعا آخر ابن المجنون فقال له :الآخر أنت ابنُ المجنون فأمر الأوّل أن يَجلد صاحبَه

ص: 263


1- النور/ 4 و 5 .
2- التهذيب 6، 91 - باب البينات ح 104 بتفاوت يسير. الفقيه 3 23 - باب شهادة الزور وما جاء فيها، ح 6 بتفاوت وسند آخر.
3- في التهذيب : أمة . . . ، بدل : ذمية . . .
4- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات ح 3 . والضمير في : يستأمرها : يرجع إلى المسلمة الحرة. ولعله بقرينة مقابلته مع المسلمة، ما في الفروع هو الأصح . والله العالم . ويقول المحقق في الشرائع 158/4: «من تزوّج أمة على حرة مسلمة فوطأها قبل الإذن كان عليه ثُمْنُ حد الزاني» .
5- التهذيب 10 ، 7 - باب الحد في السكّر وشرب المسكر و ...، ح 37 وكرره برقم 4 من الباب 10 من نفس الجزء الفقيه 4، 14 - باب حد آكل الربا بعد البينة ، ح 1 . هذا، وقتل آكل الربا بعد البينة في الثالثة منسجم مع القاعدة في أصحاب المعاصي الكبيرة حيث يقتلون إذا عادوا بعد إقامة الحد عليهم فيها مرتين. وهنالك قول بقتلهم في الرابعة.
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 38 بتفاوت . الفقيه 4 ، 15 - باب آكل الميتة والدم و ...، ح 1 بتفاوت أيضاً.

عشرين جلدة وقال له : اعلم أنّه مستحقّ مثلها عشرين، فلمّا ،جلده، أعطى المجلود السوط،

فجلده نكالاً ينكل بهما (1).

12 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد الأنصاري عن مفضّل بن عمر عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل أتى امرأته وهي صائمة وهو صائم؟ قال : إن كان قد استكرهها فعليه كفّارتان وإن لم يستكرهها فعليه كفّارة وعليها كفّارة، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطاً نصف الحدّ ، وإن كانت طاوعته ضُرب خمسة وعشرين سوطاً، وضربت خمسة وعشرين سوطاً(2).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن سعيد، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال : سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن رجل أتى أهله وهي حائض؟ قال: يستغفر الله ولا یعود، قلت: فعليه أدب؟ قال : نعم، خمسة وعشرين سوطاً ربع حدّ الزاني ، وهو صاغر ، لأنّه أتى سفاحاً(3).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : أتِيَ أمير المؤمنين (علیه السلام) برجلين قد قذف كلّ واحد منهما صاحبه بالزنا في ،بدنه فدرأ عنهما الحدّ، وعزّرهما (4).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد المنقري، عن النعمان بن

ص: 264


1- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسب و...، ح 84 الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف، ح 7 وفي آخره ينكلهما . هذا ويقول المحقق في الشرائع 164/4 : «وكل تعريض بما يكرهه المواجه، ولم يوضع للقذف لغةً ولا عرفاً يثبت به التعزير لا الحد ، كقوله أنت ولد حرام، أو حملت بك أمك في حيضها ، أو يقول لزوجته لم أجدك عذراء أو يقول : يا فاسق يا شارب الخمر وهو متظاهر الستر، أو يا خنزير أو يا حقير أو يا وضيع ولو كان المقول له مستحقاً للاستخفاف فلا حد ولا تعزير وكذا كل ما يوجب أذى كقوله : يا أجذم أو يا أبرص» .
2- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات، ح ه . وذكره أيضاً برقم 2 من الباب 56 من الجزء 4 من التهذيب. الفقيه 2 ، 33 - باب ما يجب على من أفطر أو ...، ح 6 . وكان الكليني قد ذكر هذا الحديث في الفروع 2 ، الصوم، باب من أفطر متعمداً من غير . . . ، ح 9 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 6 . والحديث مجهول.
4- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و ... ، ح 72 . الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف، ح 27 . وليس فيه ... بالزنا... قال المحقق في الشرائع 167/4 : «وإذا تقاذف اثنان سقط الحد وعُزّرا» .

عبد السلام، عن أبي حنيفة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قال لآخر : يا فاسق؟ قال : لا حدَّ عليه، ويُعَزّر (1).

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سماعة قال : شهود الزُّور يُجلدون حدَّا ليس له وقت، ذلك إلى الإمام، ويطاف بهم حتّی يُعرفوا فلا يعودوا قلت له : فإن تابوا وأصلحوا ، تُقبل شهادتهم بعد؟ قال : إذا تابوا تاب الله عليهم، وقبلت شهادتهم بعد (2).

17 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل سبَّ رجلا بغير قذف، عَرّضَ به ، هل عليه حدّ ؟ قال عليه تعزیر (3).

18 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، أبان بن عثمان، عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الإفتراء على أهل الذمّة، هل يُجلد المسلم الحدَّ في الإفتراء عليهم؟ قال: لا ولكنَّ يعزّر (4).

19 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الهجاء التعزير (5).

20 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن جعفر عن أبي حبيب، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرّجل يأتي المرأة وهي حائض؟ قال: يجب عليه في استقبال الحيض دينار، وفي استدباره نصف دينار، قال : قلت : جُعِلْتُ فِداك ، يجب عليه شيء من الحدّ؟ قال : نعم خمسة وعشرين سوطاً ربع حدّ الزاني ، لأنّه أتى سفاحاً (6).

ص: 265


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 79 . وفي سنده زيادة سليمان بن داود قبل النعمان...
2- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات ، ح 2 وفيه إلى قوله : حتى يعرفهم الناس. وبتفاوت يسير وذكره أيضاً بزيادة في آخره وتفاوت برقم 104 من الباب 91 من الجزء 6 من التهذيب والسند فيه أيضاً في الموردين مختلف فيما عدا سماعة. الفقيه 3 ، 23 - باب شهادة الزور وما جاء فيها، ح 2 بتفاوت.
3- مر بتفاوت برقم 3 من هذا الباب .
4- مر بتفاوت يسير برقم 4 من هذا الباب .
5- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و ...، ح 85 .
6- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات، ح 7 . والحديث موثق . والمقصود باستقبال الحيض، مطلعه، أو الثلث الأول منه وباستدباره آخره أو الثلث الأخير منه . وقد مر عرضنا لرأي فقهائنا رضوان الله عليهم في من وطأ المرأة في حيضها فيما تقدم .

157 - باب الرجل يجب عليه الحد وهو مريض أو به قروح

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب؛ ومحمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان بن سدير، عن يحيى بن عباد المكّيّ قال : قال لي سفيان الثوري : إنّي أرى لك من أبي عبد الله (علیه السلام) منزلة ، فَسَلْه عن رجل زنى وهو مريض، إن أقيم عليه الحدّ مات ما تقول فيه؟ فسألته فقال : هذه المسألة من تلقاء نفسك أو قال لك إنسان أن تسألني عنها؟ فقلت: سفيان الثوري سألني أن أسألك، فقال أبو عبد الله (علیه السلام): إِنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أتِي برجل أحْتَبَنَ مُسْتَسِقي البطن قد بدت عروق فخذيه، وقد زنى بامرأة مريضة، فأمر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بعذق فيه مائة شمراخ، فضرب به الرجل ضربة، وضربت به المرأة ،ضربة، ثمّ خلّى سبيلهما ، ثمّ قرء هذه الآية (1) (وخذ بيدك ضعتاً فاضرب به ولا تحنث(2)) .

2 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن يحيى بن أبي عمران عن يونس، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أحدهما (علیهما السلام) عن حدّ الأخرس والأصمّ والأعمى؟ فقال: عليهم الحدود إذا كانوا يعقلون ما يأتون(3).

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي همام، عن محمّد بن سعيد، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) برجل أصاب حدا وبه قروح في جسده كثيرة، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام): أخّروه(4) حتّى يبرأ، لا تنكؤوها عليه فتقتلوه(5).

ص: 266


1- ص / 44 . والضّغث : ما يجمع من الشجر أو الحشيش، أو الشماريخ مما قام على ساق، كملء الكف، فاضرب به زوجك يا أيوب لتبر في يمينك التي حلفت عليها أن تضربها وأنت في بلائك لكلام أسمعتك إياه قد أجراه على لسانها إبليس لعنه الله .
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 108 بتفاوت يسير وفي سنده عباد المكي بدل يحيى بن....، الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد و. . . ، ح 21 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 156/4 : «ويرجم المريض والمستحاضة، ولا يجلد أحدهما إذا لم يجب قتله ولا رجمه توقياً من السراية، ويتوقع بهما البرء ، وإن اقتضت المصلحة التعجيل (بأن يكون مأيوساً من برئه أو بطء البرء) ضرب بالضغث المشتمل على العدد، ولا يشترط وصول كل شمراخ إلى جسده، ولا تؤخر الحائض لأنه ليس بمرض...».
3- التهذيب ،10 ، نفس الباب ح 112 ، وفي ذيله زيادة به الفقيه 4 ، 13 - باب إقامة الحدود على الأخرس والأصم والأعمى، ح 1 وفيه : سئل أحدهما (علیهما السلام).
4- في التهذيب : أقرّوه ..
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ح 110 . الاستبصار 4 ، 122 - باب المريض يصيب ما يجب عليه فيه الحد كيف ... ، ح 3. الفقيه 4 ، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد و . . . ، ح 46 . واسم أبي همام : إسماعيل بن همام. ونكأ القرحة : قشرها قبل أن تبرأ .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبان بن عثمان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال : أتى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) برجل دمیم(1) قصير قد سقى بطنه، وقد درّت عروق بطنه، قد فَجَرَ بامرأة، فقالت المرأة ما علمت به إلّا وقد دخل عليَّ ، فقال له رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : أزنيتَ ؟ فقال : نعم ، ولم يكن أحصن، فصعّد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بصره وخفضه، ثمَّ دعا بعذق فعدَّه مائة، ثمَّ ضربه بشماريخه (2).

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) أتي برجل أصاب حدَّا وبه قروح ومرض وأشباه ذلك، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : أخّروه حتّى يبرأ لا تنكا قروحه عليه ،فيموت، ولكن إذا برىء حَدَّدْناه (3).

158 - باب حد المحارب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ؛ وحميد بن زياد، عن ابن سماعة عن غير واحد من أصحابه جميعاً عن أبان بن عثمان، عن أبي صالح (4)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قَدِم على رسول الله قوم من بني ضبّة مرضى، فقال لهم

ص: 267


1- الدميم: القبيح الخلقة .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 109 الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 وفيه قد سقط بطنه. ولا وجود لأبي العباس في سنده. والعذق : عثكال التمر . والاستسقاء هو داء في البطن يعظم منه ويرم وهو الحَبَن ، والصحيح أن الحبن مختص بنوع منه يقال له الاستسقاء الزقي وهو ما يحتبس فيه الماء في الجوف حتى يصير كالزق المملوء من الماء. - هكذا ورد في القاموس المحيط -.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 111 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 . وقال الشيخ بعد أن أورد هذه الأحاديث والحديث الأخير : لا تنافي بين هذين الخبرين وبين ما قدمناه من الأخبار من أن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) ضرب المريض بعذق فيه مائة شمراخ لأنه إذا كان إقامة الحد إلى الإمام فهو يقيمه على حسب ما يراه فإن كانت المصلحة تقتضي إقامتها في الحال أقامها على وجه لا يؤدي إلى تلف نفسه كما فعل النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)، وإن اقتضت المصلحة تأخيرها أخرها إلى أن يبرأ ثم يقيم عليه الحد على الكمال.
4- أبو صالح : كنية لعجلان، وأحمد بن عبد الملك، وخلف بن حماد، والظاهر أن المراد به هنا ؛ الأول.

رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): أقيموا عندي، فإذا برئتم بعثكم في سريّة، فقالوا : أخرجنا من المدينة، فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها ويأكلون من ألبانها، فلمّا برأوا واشتدُّوا، قتلوا ثلاثة ممّن كانوا في الإبل، فبلغ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، فبعث إليهم عليّاً (علیه السلام) وهم في واد تحيّروا ليس يقدرون أن يخرجوا منه قريباً من أرض اليمن فأسرهم ، وجاء بهم إلى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، فنزلت هذه الآية عليه: (إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعَون في الأرض فساداً أن يُقتَلوا أو يُصَلِّبوا أو تُقطع أيديهم وأرجلهم من خِلاف أو يُنفوا من الأرض(1))، فاختار رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) القطع، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف (2) .

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ وأبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن طلحة النهدي عن سَوْرَة بن كليب قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام): رجل يخرج من منزله يريد المسجد أو يريد الحاجة فيلقاه رجل أو يستقفيه(3) فيضربه ويأخذ ثوبه؟ قال : أيّ شيء يقول فيه من قبلكم؟ قلت : يقولون هذه دغارة (4) معلنة، وإنّما المحارب في قرى مُشرِكِيّة فقال : أيّهما أعظم حرمة دار الإسلام أو دار الشرك؟ قال: فقلت : دار الإسلام ، فقال : هؤلاء من أهل هذه الآية : (إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله - إلى آخر الآية -) (5).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن قول الله عزّ وجلَّ: (إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعَونَ في الأرض فساداً أن يُقتلوا أو يُصَلُّبوا أو تُقطّع أيديهم - إلى آخر الآية- ) ، فقلت : أيُّ شيء عليهم من هذه الحدود الّتي سمّى الله عزَّ وجلَّ ؟ قال : ذلك إلى الإمام ، إن شاء قطع ، وإن شاء صلب، وإن شاء نفى ، وإن شاء ،قتل قلت النفي إلى أين؟ قال : ينفى من مصر إلى مصر آخر ؛ وقال :

ص: 268


1- المائدة/ 33 .
2- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ... ، ح 150 بدون الذيل. وقال المحقق في الشرائع 4 / 180 : «وحد المحارب القتل أو الصلب أو القطع مخالفا، أو النفي ، وقد تردد فيه الأصحاب، فقال المفيد بالتخيير ، وقال الشيخ أبو جعفر (الطوسي) رحمه الله بالترتيب، يُقتل إن قتل، ولو عفا ولي الدم قتله الإمام. ولو قتل وأخذ المال استعيد منه، وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ثم قتل وصلب، وإن أخذ المال ولم يقتل قطع مخالفاً (أي من خلاف ونفي، ولو جرح ولم يأخذ المال اقتص منه ونفي، ولو اقتصر على شهر السلاح والإخافة نفي لا غير، واستند في التفصيل إلى الأحاديث الدالة عليه، وتلك الأحاديث لا ضعف في الإسناد أو اضطراب في متن ، أو قصور في دلالة ، فالأولى العمل بالأول تمسكاً بظاهر الآية».
3- أي يأتيه من طرف قفاه بحكم التقابل مع قوله : يلقاه .
4- في التهذيب : زعارة ...
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 149 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 12 - باب حد السرقة ، ح 30 بتفاوت قليل.

إنَّ عليّاً (علیه السلام) نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة (1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله عزّ وجلَّ : (إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله - إلى آخر الآية-) ؟ قال : لا يُبايع ولا يُؤْوى ولا يُتَصَدَّق عليه (2).

5 - عنه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبيّ، عن بريد بن معاوية قال: سأل رجل أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عزّ وجلَّ : (إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ...)؟ قال : ذلك إلى الإمام يفعل به ما يشاء، قلت : فمفوّض ذلك إليه؟ قال : لا ، ولكن نحو الجناية (3).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: من حمل السلاح باللّيل فهو محارب، إلّا أن يكون رجلاً ليس من أهل الرّيبة (4).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) صلب رجلاً بالحيرة ثلاثة أيّام، ثمَّ أنزله يوم الرابع، فصلّى عليه، ودفنه(5) .

8 - عليُّ ، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن عبيد الله بن إسحاق المدائني ، عن أبي

ص: 269


1- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و...، ح 145 . الاستبصار 4 ، 150 - باب حكم المحارب، ح 2 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 148 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 146 وفي ذيله : بحق الجناية . ومعنى قوله (علیه السلام) : ولكن بحق الجناية، أو نحو الجناية، إن الإمام يختار ما يراه أوفق وأكثر تناسباً وصلاحاً مع جناية المحارب، لا أن ذلك وفق ما يشتهيه ويرغبه ، وعليه فلا ينافي ذلك مبدأ تخيير الإمام في العقوبة للمحارب كما دلت عليه الآية الكريمة.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 147 . الفقيه 4 - 12 - باب حد السرقة ، ح 2 . وكان الشيخ قد أورد هذا الحديث برقم 4 من الباب 72 من الجزء 6 من التهذيب. بقول المحقق في الشرائع 4 / 180 وهو يتحدث عن حد المحارب وأنه كل من جرّد السلاح لإخافة الناس : «وهل يشترط كونه من أهل الريبة؟ فيه تردد أصحه أنه لا يشترط مع العلم بقصد الإخافة. أقول: وربما تكون الإضافة إلى الليل في الحديث لكون الإخافة فيه أوضح وأكد أو يكون الليل عادة زمان إنطلاق المفسدين في الأرض لإفسادهم أكثر من النهار.
5- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح151 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 28 . ويقول المحقق في الشرائع 182/4 : «يصلب المحارب حباً على القول بالتخيير ومقتولاً على القول الآخر، (و) لا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيام ثم ينزل ويغسل ويكفن ويصلى عليه ويُدفن، ومن لا يصلب إلا بعد القتل لا يفتقر إلى تغسيله لأنه يقدمه أمام القتل». ويظهر أن هذا الحكم إجماعي عندنا.

الحسن الرضا (علیه السلام) قال : سئل عن قول الله عزَّ وجلَّ : (إنّما جزاء الذين بحاربون الله ورسوله ويسعَون في الأرض فساداً أن يُقتّلوا - الآية -) ، فما الّذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه الأربع؟ فقال : إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فساداً فقَتَلَ قُتِلَ به، وإن قَتَل وأخذ المال، قُتل وصُلب، وإن أخذ المال ولم يَقْتُلْ قُطعت يده ورجله من خِلاف، وإن شَهرَ السيف فحارب الله ورسوله، وسعى في الأرض فساداً ولم يَقتل ولم يأخذ المال، يُنفى من الأرض، قلت: كيف يُنفى، وما حدُّ نَفْيه؟ قال : يُنفى من المصر الّذي نعل فيه ما فعل إلى مصر غيره، ويُكتب إلى أهل ذلك المصر أنّه منفيُّ فلا تجالسوه ولا تبايعوه ولا تناكحوه ولا تؤاكلوه ولا تشاربوه، فيفعل ذلك به سنة، فإن خرج من سنة، فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره، كتب إليهم بمثل ذلك حتّى تتمَّ السنة ، قلت : فإن توجّه إلى أرض الشرك ليدخلها ؟ قال : إن توجّه إلى أرض الشرك ليدخلها قوتل أهلها (1).

9 - عليُّ ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن سليمان، عن عبيدالله بن إسحاق، عن أبي الحسن (علیه السلام) مثله ، إلّا أنّه قال في آخره: يُفعل به ذلك سنة، فإنّه سيتوب قبل ذلك وهو صاغر، قال: قلت: فإن أمّ أرض الشرك يدخلها ؟ قال : يُقْتَل (2).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن حفص، عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله عزّ وجلَّ : (إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في

ص: 270


1- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 143 . ورواه بتفاوت وزيادة في آخره بسنده عن الديلمي عن المدائني عن أبي عبد الله (علیه السلام) برقم 140 من نفس الباب أيضاً وكذا رواه في الاستبصار 4 ، 150 - باب حكم المحارب ، ح 1 . والمحارب : كل من جرّد السلاح لإخافة الناس في بر أو بحر ليلا كان أو نهاراً . ويفهم من هذه الرواية ،وغيرها إن المحارب لا يسمح له بالاستقرار في مكان وذلك حسب الظاهر مما لا خلاف فيه بين أصحابنا رضوان الله عليهم وكأنهم فهموا ذلك من قوله تعالى أو يُنفوا من الأرض، إذ إن النفي لا يتحقق إلا بأن لا يكون له مقر يستقر فيه . ويقول المحقق في الشرائع 181/4 : «ولو قصد بلاد الشرك منع منها ولو مكنوه من دخولها فوتلوا حتى يخرجوه» .
2- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ، ح 144 . وفي سنده : عبد الله بن إسحاق . أقول : والمشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم إن المحارب ينفى حتى يموت ، ولم يقيدوا نفيه بأي زمان لا بسنة ولا بغيرها، بل صرح الشهيد الثاني في كل من المسالك والروضة باستمرار النفي إلى الموت، ونسب ذلك في المسالك إلى الأكثر، ويساعد عليه إطلاق الروايات، فإن مقتضى إطلاقها استمرار الحكم إلى الموت. ويظهر من قول المحقق في المختصر النافع / 308 وينفى المحارب عن بلده ويكتب بالمنع من مواكلته ومجالسته ومعاملته حتى يتوب تقييده زمان النفي بعدم التوبة . ويقول استاذنا السيد الخوئي تعليقا على ذلك : وهذا مما لا نعرف له وجهاً ظاهراً، ومقتضى إطلاق الدليل من الآية وغيرها إن التوبة بعد الظفر به لا أثر لها فيبقى منفياً حتى يموت مباني تكملة المنهاج 324/1.

الأرض فساداً أن يُقتلوا - الآية- ) ، هذا نفي المحاربة غير هذا النفي ، قال : يحكم عليه الحاكم بقدر ما عمل، وينفى، ويحمل في البحر، ثمَّ يقذف به لوكان النفي من بلد إلى بلد ، كأن يكون إخراجه من بلد إلى بلد آخر، عِدلَ القتل والصلب والقطع، ولكن يكون حدَّا يوافق القطع والصلب .

11 - عليُّ بن محمّد، عن عليِّ بن الحسن التيميّ (1)، عن عليّ بن أسباط، عن داود بن أبي [ي] زيد ، عن عبيدة بن بشير الخثعمي (2) قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قاطع الطريق وقلت : إنَّ الناس يقولون : إنَّ الإمام فيه مخيّر أيّ شيء شاء صنع ؟ قال : ليس أيُّ شيء شاء صنع،

ولكنّه يصنع بهم على قدر جناياتهم، من قطع الطريق فقَتَل وأخذ المال قُطعت ورجله وصُلب، ومن قطع الطريق فقَتَل ولم يأخذ المال قُتِل، ومن قطع الطريق وأخذ المال ولم یَقتُل، قطعت يده ورجله [ من خلافه]، ومن قطع الطريق ولم يأخذ مالاً ولم يَقْتُلْ نُفي من الأرض (3).

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : من شهر السلاح في مصر من الأمصار فَعقَر اقُتصَّ منه ونفي من تلك البلدة، ومن شهر السلاح في غير الأمصار وضرب وعَقَرَ وأخذ المال ولم ، فهو محارب فجزاؤه جزاء المحارب، وأمره إلى الإمام ، إن شاء قتله، و [إن شاء] صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله ، قال : وإن ضرب وقتل وأخذ المال، فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة، ثمَّ يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال، ثمَّ يقتلونه ، قال : فقال أبو عبيدة : أصلحك الله أرأيتَ إن عفى عنه أولياء المقتول؟ قال : فقال أبو جعفر (علیه السلام) : إن عفوا عنه فإنَّ على الإمام أن يقتله، لأنّه قد حارب وقتل وسرق قال : فقال أبو عبيدة : أرأيتَ إن أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدّية ويدَعُونه، أَلَهُمْ ذلك؟ قال: فقال: لا، عليه القتل (4).

13 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود الطائي ، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن المحارب فقلت له : إنَّ أصحابنا يقولون : إنَّ الإمام مخيّر فيه، إن شاء قطع ، وإن شاء صلب، وإن شاء قتل؟ فقال: لا،

ص: 271


1- في التهذيب والاستبصار : الميثمي .
2- في الاستبصار: عن أبي عبيدة ....
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح142 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 3 .
4- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 141 . الاستبصار 4 ، 150 - باب حكم المحارب ، ح 4 .

إنَّ هذه أشياء محدودة في كتاب الله عزّ وجلَّ، فإذا ما هو قَتَلَ وأخذ ، قُتل وصُلب، وإذا قتل ولم يأخذ، قَتَل، وإذا أخذ ولم يَقْتُل ، قطع ، وإذا هو فرَّ ولم يُقدر عليه، ثمَّ أُخِذَ قُطِعَ ، إلّا أن يتوب، فإن تاب لم يُقطع(1).

159 - باب من زنى أو سرق أو شرب الخمر بجهالة لا يَعْلَم أَنها مُحَرّمة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : رجل دعوناه إلى جملة ما نحن عليه من جملة الإسلام، فأقرَّ به، ثمّ شرب الخمر وزنى، وأكل الربا، ولم يتبّين له شيء من الحلال والحرام، أقيم عليه الحدّ إذا جهله ؟ قال : لا ، إلّا أن تقوم عليه بيّنة أنّه قد كان أقرّ بتحريمها (2).

2 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن رواه عن أبي عبيدة الحذّاء قال: قال أبو جعفر (علیه السلام) : لو وجدت رجلاً من العجم أقرّ بجملة الإسلام، لم يأته شيء من التفسير، زنى، أو سرق، أو شرب الخمر لم أقِم عليه الحدّ إذا جهله، إلّا أن تقوم عليه بيّنة أنّه قد أقرَّ بذلك وعرفه (3).

3- عليُّ، عن أبيه عن ابن أبي ،عمير عن جميل عن بعض أصحابه، عن أحدهما (علیهما السلام) في رجل دخل في الإسلام فشرب خمراً وهو جاهل؟ قال : لم أكن أقيم عليه الحدّ إذا كان جاهلاً، ولكن أخبره بذلك، وأعلمه، فإن عاد أقمتُ عليه الحدّ .

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عمرو بن عثمان، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لقد قضى أمير المؤمنين صلوات الله عليه بقضيّة ما قضى بها أحدٌ كان قبله، وكانت أوّل قضيّة قضى بها بعد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وذلك أنّه لمّا قُبض رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وأفضي الأمر إلى أبي بكر ، أتِيَ برجل قد شرب الخمر، فقال له أبو بكر: أشربتَ الخمر ؟ فقال الرجل : نعم ، فقال : ولم شربتها وهي محرّمة؟ فقال: إنّني لمّا

ص: 272


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 152 . يقول المحقق في الشرائع 181/4 : «إذا تاب (المحارب) قبل القدرة عليه سقط الحد، ولم يسقط ما يتعلق به من حقوق الناس كالقتل والجرح والمال ولو تاب بعد الظفر به لم يسقط عنه حد ولا قصاص ولا غرم»، وإنما لم يسقط شيء من ذلك إذا ظفر به قبل أن يتوب لاختصاص السقوط بالتوبة قبل الظفر وأما بعده فلا دليل عليه أصلاً .
2- التهذيب 10 ، 7 - باب الحد في السكر وشرب المسكر و....، ح32.
3- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و...، ح 103 .

أسلمت ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلّونها، ولو أعلم أنّها حرام فأجتَنبها، قال : فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال : ما تقول يا أبا حفص في أمر هذا الرَّجل؟ فقال : معضلة وأبو الحسن لها، فقال أبو بكر : يا غلام ، ادع لنا عليّاً، قال عمر : بل يؤتى الحكم في منزله، فأتوه ومعه سلمان الفارسي، فأخبره بقصّة الرجل، فاقتصَّ عليه قصّته، فقال عليُّ (علیه السلام) لأبي بكر: ابعث معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار ، فمن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، فإن لم يكن تلا عليه آية التحريم فلا شيء عليه ، ففعل أبو بكر بالرجل ما قال عليُّ (علیه السلام)، فلم يشهد عليه أحدٌ، فخلّى سبيله، فقال سلمان لعليّ (علیه السلام) : لقد أرشدتهم ، فقال عليُّ (علیه السلام) : إنّما أردت أن أجدّد تأكيد هذه الآية فيَّ وفيهم : (أفمن يهدي إلى الحقّ أحقُّ أن يُتبع أمّن لا يهدّي إلّا أن يُهدى فما لكم كيف تحكمون) (1).

160 - باب من وجبت عليه حدود أحدها القتل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل يؤخذ وعليه حدود، أحدُها القتل؟ فقال : كان عليُّ (علیه السلام) يقيم عليه الحدود، ثمَّ يقتله، ولا يخالَف عليُّ (علیه السلام)(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرّجل يكون عليه الحدود منها القتل؟ قال : تُقام عليه الحدود، ثُمَّ يُقتل (3).

3 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) فيمن قَتَل وشرب خمراً وسرق فأقام عليه الحدّ ، فجلده لشربه الخمر، وقطع يده في سرقته وقتله بقتله (4) .

ص: 273


1- يونس / 35. ومر ما تضمن شبيهاً بهذه الحادثة برقم 16 من الباب 139 هذا الجزء فراجع.
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح.162 . وفي ذيله : ولا نخالف علياً (علیه السلام). وفيه أيضاً : يقيم عليه الحد الفقيه 4، 69 - باب ما جاء في من قتل ثم فرّ ، ح 2 بسند آخر، وفيه: إحداهن القتل، وفيه : ولا تخالف علياً (علیه السلام). قال المحقق في الشرائع 156/4 : «إذا اجتمع الجلد والرجم ، جُلدَ أولاً ، وكذا إذا اجتمعت حدود بدىء بما لا يفوت معه الآخر، وهل يتوقع برء جلده؟ قيل : نعم، تأكيد في الزجر، وقيل: لا، لأن القصد الإتلاف».
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 163.
4- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ...، ح 104 وفي ذيله : وقتله لقتله .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله سنان، وابن(1) بكير، بن عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل اجتمعت عليه حدود فيها القتل؟ قال : يُبدء بالحدود الّتي هي دون القتل، ثمّ يقتل بعدُ (2).

161 - باب

من أتى حداً فلم يُقَم عليه الحد حتى تاب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد ؛ وابن أبي عمير، جميعاً عن جميل بن درّاج، عن رجل عن أحدهما (علیهما السلام) في رجل سرق، أو شرب الخمر، أو زنى، فلم يُعلم بذلك منه، ولم يؤخذ حتّى تاب وصلح ؟ فقال : إذا صلح وعُرف منه أمر جميل، يُقَم عليه الحدّ .

قال محمّد بن أبي عمير : قلت : فإن كان أمراً قريباً لم يُقَم؟ قال : لو كان خمسة أشهر أو أقلّ منه وقد ظهر أمر جميل ، لم يُقَم عليه الحدود(3).

وروی ذلك عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیه السلام) (4).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أقيمت عليه البيّنة بأنّه زنى ثمَّ هرب قبل أن يُضْرَبَ ؟ قال : إن تاب فما عليه شيء، وإن وقع في يد الإمام أقام عليه الحدّ، وإن علم مكانه بعث إليه(5) .

162 - باب العفو عن الحدود

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن

ص: 274


1- في التهديب عن ابن بكير...
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 105 . الفقيه 4 ، 16 - باب ما يجب في اجتماع الحدود على رجل، ح 1 بسند آخر. وقد ذكره أيضاً بسند آخر وبتفاوت يسير برقم 26 من الباب 6 من الجزء 10 من التهذيب.
3- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 166 ، وكرره برقم 107 من الباب 8 من نفس الجزء من التهذيب. ويقول المحقق في الشرائع 153/4 : «ومن تاب قبل قيام البينة سقط عنه الحد، ولو تاب بعد قيامها لم يسقط حداً كان أو رجماً» .
4- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و....، ذيل ح 107 .
5- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 167 وفيه : فإن علم ... الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد و . . . ، ح 41 .

سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : من أخذ سارقاً فعفى عنه فذاك له، فإن رفع إلى الإمام قطعه، فإن قال الّذي سرق منه : أنا أهب له، لم يدعه الإمام حتّى يقطعه إذا رُفع إليه، وإنّما الهبة قبل أن يُرفع إلى الإمام، وذلك قول الله عزَّ وجلّ : (والحافظون لحدود الله(1) فإذا انتهى الحدُّ إلى الإمام، فليس لأحد أن يتركه (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن الرجل يأخذ اللّص، يرفعه أو يتركه ؟ فقال : إنَّ صفوان بن أميّة كان مضطجعاً في المسجد الحرام، فوضع ردائه وخرج يهريق الماء، فوجد رداءه قد سُرق حين إليه ، فقال : من ذهب بردائي ؟ فذهب يطلبه، فأخذ صاحبه فرفعه إلى النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)، فقال النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) : اقطعوا يده، فقال صفوان : أتقطع يده من أجل ردائي يا رسول الله؟ قال : نعم، قال : فأنا أهبه ،له فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فهلا كان هذا قبل أن ترفعه إليَّ ، قلت : فالإمام بمنزلته إذا رفع إليه؟ قال نعم قال وسألته عن العفو قبل أن ينتهي إلى الإمام؟ فقال: حسن(3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يأخذ اللّص، يدعه أفضل أم يرفعه ؟ فقال : إنَّ صفوان بن أميّة كان متّكئاً في المسجد على ردائه، فقام يبول، فرجع وقد

ص: 275


1- التوبة / 112 .
2- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 110 . الاستبصار 4 ، 148 - باب أن لا يجوز للإمام أن يعفو إذا حمل إليه و ...، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 4/ 178: «قطع السارق موقوف على مطالبته المسروق منه، فلو لم يرافعه لم يرفعه الإمام وإن قامت ،البينة، ولو وهبه المسروق منه يسقط الحد ، وكذا لو عفا عن القطع، فأما بعد المرافعة فإنه لا يسقط بهبة ولا عفو» . وأما في غير حد السرقة كحد القذف. فالذي يظهر من كلمات أصحابنا رضوان الله عليهم أنهم مجمعون على جواز العفو لمستحق الحد قبل ثبوت حقه وبعده، وليس للحاكم الاعتراض عليه ، لأنه - كما يقول الشهيد الثاني رحمه الله - حق آدمي بتوقف إقامته على المطالبة ويسقط بعفوه، ولا فرق في ذلك بين قذف الزوج لزوجته وغيره، خلافاً للصدوق حيث حتم عليها استيفاءه وهو شاده راجع اللمعة وشرحها للشهيدين كتاب الحدود المجلد الثاني من الطبعة الحجرية ص 348 وشرائع الإسلام للمحقق 166/4 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 111 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 . وروى قصة صفوان بن أمية ضمن حديث طويل في الفقيه 3 93 - باب العارية ، ح 4 . وقال الصدوق رحمه الله بعد إيراده الحديث: «لا قطع على من يسرق من المساجد والمواضع التي يدخل إليها بغير إذن مثل الحمّامات والأرحية ،والخانات، وإنما قطعه النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) لأنه سرق الرداء وأخفاه فلإخفائه قطعه ولو لم يخفِهِ لعزّره ولم يقطعه» .

ذهب به فطلب صاحبه فوجده فقدَّمه إلى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، فقال: اقطعوا يده، فقال صفوان : يا رسول الله ، أنا أهب ذلك ،له فقال له رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : الا كان ذلك قبل أن تنتهي به إليَّ ، قال : وسألته عن العفو عن الحدود قبل أن ينتهي إلى الإمام ؟ فقال : حسن(1) .

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن ضريس الكناسيّ ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لا يعفى عن الحدود الّتي الله دون الإمام، فأمّا ما كان من حقّ الناس في حدّ ، فلا بأس أن يعفى عنه دون الإمام (2).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قلت له : رجل جنى عَلَيَّ، أعفو عنه، أو أرفعه إلى السلطان؟ قال : هو حقّك إن عفوتَ عنه فَحَسَنُ ، وإن رفعته إلى الإمام فإنّما طلبت حقك، وكيف لك بالإمام ؟! (3).

6 - ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرّجل يقذف الرجل بالزنا فيعفو عنه ويجعله من ذلك في حِلّ، ثمَّ إنّه بعدُ يبدو له في أن يقدّمه حتّى يجلده؟ قال: فقال : ليس له حدّ بعد العفو، فقلت له : أرأيتَ إن هو قال : يا ابن الزانية، فعفا عنه وترك ذلك الله ؟ فقال : إن كانت أمّه حيّة فليس له أن يعفو العفو إلى أمّه، متى شاءت أخذت بحقّها، قال: فإن كانت أمه قد ماتت فإنّه وليُّ أمرها يجوز عفوه (4).

ص: 276


1- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 112 . الاستبصار 4 ، 148 - باب أنه لا يجوز للإمام أن يعفو إن حمل إليه و ...، ح 3 .
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 165 وكرره برقم 86 من الباب 6 من نفس الجزء من التهذيب. الاستبصار 4 ، 133 - باب جواز العفو عن القاذف لمن يقذفه ، ح 4 بتفاوت . الفقيه 4 ، 17 - باب نوادر الحدود، ،ح 7. هذا، والذي يظهر من كلمات أصحابنا رضوان الله عليهم أنهم متفقون على جواز العفو لمستحق الحد قبل ثبوت حقه و وبعده، وليس للحاكم الاعتراض عليه لأنه - كما يقول الشهيد الثاني - حق آدمي يتوقف إقامته على المطالبة ويسقط بعفوه، ولا فرق في ذلك بين قذف الزوج الزوجة وغيره، خلافاً للصدوق حيث حتم عليها استيفاءه، وهو شاذه. راجع اللمعة وشرحها للشهيدين كتاب الحدود المجلد الثاني من الطبعة الحجرية، ص / 348، وشرائع الإسلام 4 / 166 .
3- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و... ، ح 87. الاستبصار 4 ، 133 - باب جواز العفو عن القاذف لمن يقذفه، ح5.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح74 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 2 وروى صدر الحديث إلى قوله : ليس له حد بعد العفو. هذا، وقد اتفق أصحابنا على أن أحد مسقطات الحد في القذف هو عفو مستحق الحد، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 4 / 166 .

163 - باب الرجل يعفو عن الحد ثم يرجع فيه، والرجل يقول للرجل يا ابن الفاعلة ولأمه وليّان

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الرجل يفتري على الرجل فيعفو عنه ، ثمَّ يريد أن يجلده بعد العفو؟ قال : ليس له أن يجلده بعد العفو (1).

2 2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطيّ قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام): لو أنَّ رجلاً قال لرجل: يا ابن الفاعلة - يعني الزنا - وكان للمقذوف أخ لأبیه وامّه، فعفا أحدهما عن القاذف، وأراد أحدهما أن يقدمه إلى الوالي ويجلده، أكان ذلك له؟ فقال : أليس أمّه هي أمّ الّذي عفا؟ قلت : نعم ، ثمَّ قال : إنَّ العفو إليهما جميعاً، إذا كانت أمّهما ميتة فالأمر إليهما في العفو، فإن كانت حيّة، فالأمر إليها في العفو (2).

164 - باب إنه لا حدّ لمن لا حدّ عليه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا حدّ لمن لا حدَّ عليه(3).

وتفسير ذلك (4): لو أنَّ مجنوناً قذف رجلاً لم يكن عليه شيء، ولو قذفه رجل لم يكن عليه حدُّ.

2- ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام)

ص: 277


1- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و...، ح 73 . الاستبصار ،4 ، 133 - باب جواز العفو عن القاذف لمن يقذفه ، ح 1. بتفاوت في الذيل فيهما .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 88 بتفاوت يسير في الذيل .
3- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ، ح 89 وذكره أيضا بسند آخر برقم 59 من الباب 1 من نفس الجزء من التهذيب .
4- هذا التفسير من الراوي، أو من المؤلف رحمه الله .

يقول : لا حدَّ لمن لا حدُّ عليه ، يعني : لو أنَّ مجنوناً قذف رجلاً لم أر عليه شيئاً، ولو قذفه رجل

فقال له يا زانٍ لم يكن عليه حد (1).

165 - باب انه لا يشفع في حد

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان ، عن سلمة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان أسامة بن زيد يشفع في الشيء الذي لا حد فيه فأتي رسول الله (ص) بإنسان قد وجب عليه حد، فشفع له أسامة ، فقال له رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): لا يُشفع في حدّ.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : كان لأمّ سلمة زوجة النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) أمة ، فسرقت من قوم، فأتي بها النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) ، فكلّمته أمّ سلمة فيها، فقال النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : يا أمّ سلمة، هذا حدُّ من حدود الله عزَّ وجلَّ، لا يضيع، فقطعها رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) (2).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا يَشْفَعَنَّ أحد في حدّ إذا بلغ الإمام ، فإنّه يملكه، واشفع فيما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم ، واشفع عند الإمام في غير الحدّ مع الرجوع من المشفوع له، ولا تشفع في حق امرىء مسلم ولا غيره إلّا بإذنه (3).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) لأسامة بن زيد: يا أسامة، لا تشفع في حدّ.

ص: 278


1- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسب و . . . ، ح 90 . الفقيه 4 100 - باب حد القذف ، ح 24 مرسلاً . وذكره الشيخ بدون التفسير برقم 59 من الباب 1 من نفس الجزء من التهذيب.
2- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ... ، ح 114 .
3- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات ، ح 12 بتفاوت يسير. وذكره أيضاً برقم 91 من الباب 6 من نفس الجزء وبرقم 115 من الباب 8 من نفس الجزء من التهذيب.

166 - باب انه لا كفالة في حد

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال :

قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): لا كفالة في حدّ (1).

167 - باب إن الحد لا يورّث

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطي، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سمعته يقول : إنَّ الحدَّ لا يورث كما تورث الدّية والمال والعقار، ولكن من قام به من الورثة فطلبه فهو وليّه، ومن تركه فلم يطلبه فلا حقَّ له ، وذلك مثل رجل قذف رجلاً، وللمقذوف أخ (2)، فإن عفا عنه أحدهما كان للآخر أن يطلبه ،بحقه لأنّها أمّهما جميعاً، والعفو لهما جميعاً (3).

2 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الحدُّ لا يورث (4).

168 - باب انه لا يمين في حدّ

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بعض

ص: 279


1- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و ... ، ح 116 ، وكرره برقم 13 من الباب 10 من نفس الجزء.
2- في التهذيبين : أخَوان ....
3- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و ...، ح 92 . الاستبصار 4 ، 136 - باب إن الحد لا يورث، ح 2 وليس فيه : أو العقار. وفيهما مع تفاوت يسير والعفو إليهما جميعاً. ويقول المحقق في الشرائع 166/4 : «حد القذف موروث، يرثه من يرث المال من الذكور والإناث، عدا الزوج والزوجة وقال : «إذا ورث الحد جماعة لم يسقط بعضه بعفو البعض، فللباقين المطالبة بالحد تاماً ولو بقي واحد، أما لو عفا الجماعة أو كان المستحق واحداً فعفا فقد سقط الحد، ولمستحق الحد أن يعفو قبل ثبوت حقه وبعده ، وليس للحاكم الاعتراض عليه، ولا يقام إلا بعد مطالبة المستحق».
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 93 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 1 . وقال الشيخ في الاستبصار تعقيباً على هذا الحديث: «هذا الخبر ينبغي أن نحمله على أنه لا يورث كما يورث المال في أن كل واحد منهم يأخذ نصيبه وإن كان لكل واحد من الورثة المطالبة به على الكمال» .

أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أتى رجلٌ أمير المؤمنين (علیه السلام) برجل فقال : هذا قد قَذَفَني ، ولم تكن له بيّنة ، فقال : يا أمير المؤمنين : إستَخلفه، فقال : لا يمين في حدّ، ولا قصاص في عظم (1) .

169 - باب حدّ المُرْتَدَّ

حدّ المُرْتَدَّ(2)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم :قال سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن المرتدِّ؟ فقال : من رغب عن الإسلام، وكفر بما أنزل الله على محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم) بعد إسلامه، فلا توبة له، وقد وجب قتله وبانت منه ،امرأته ويقسّم ما ترك على ولده (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن محمّد، عن موسى بن بكر، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ رجلاً من المسلمين تنصر، فأتي به أمير المؤمنين (علیه السلام) فاستتابه، فأبى عليه، فقبض على شعره ثمَّ قال : طئوا يا عباد الله ، فَوُطىء حتی مات (4).

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (علیه السلام) في المرتدِّ يُستتاب، فإن تاب وإلّا قتل، والمرأة إذا ارتدّت عن الإسلام استُتيبت، فإن تابت ورجعت والّا خلّدت في السجن، وضُيّق عليها في حبسها (5).

ص: 280


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 75 بتفاوت قليل. هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن القذف لا يثبت إلا بشهادة عدلين، أو الإقرار مرتين، ويشترط في المقر التكليف والحرية والاختيار هذا والحديث ضعيف على المشهور.
2- المرتدّ : هو من خرج عن دين الإسلام، وهو على قسمين : فطري ، وهو الذي ولد على الإسلام من أبوين مسلمين أو كان أحد أبويه مسلماً ، ثم ارتد عنه . . وله أحكام تأتي . وملّي : وهو من أسلم عن كفر ثم ارتد ورجع إلى كفره الأصلي، وله أحكام أيضاً تأتي .
3- التهذيب 10 ، 9 - باب حد المرتدّ والمرتدة ، ح 1 . الاستبصار 4 ، 149 - باب حكم المرتد والمرتدة ، ح 1 . كما ذكر الشيخ هذا الحديث برقم 2 من الباب 40 من الجزء 9 من التهذيب فراجع .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح.. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح الفقيه 3 56 - باب الارتداد ح8 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح4 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 4 . قال المحقق في الشرائع 183/4 : ولا تقتل المرأة بالردّة، بل تحبس دائماً وإن كانت مولودة على الفطرة، وتضرب أوقات الصلوات). وزاد على هذا المعنى في الامعة وشرحها 370/2 : «وتستعمل في الحبس في أسوأ الأعمال وتلبس أخشن الثياب المتخذة للبس عادة وتطعم أجشب الطعام وهو ما غلظ منه وخشن ... يفعل بها ذلك كله إلى أن تتوب أو تموت...».

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الصبيّ يختار الشرك وهو بين أبويه؟ قال: لا يترك، وذلك إذا كان أحد أبويه نصرانيّاً (1).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن درّاج وغيره، عن أحدهما (علیهما السلام) في رجل رجع عن الإسلام؟ قال : يستتاب، فإن تاب وإلّا قُتل، قيل :لجميل : فما تقول : إن تاب ثمَّ رجع عن الإسلام؟ قال: يستتاب، قيل: فما تقول إن تاب ثمَّ رجع ؟ قال : لم أسمع في هذا شيئاً، ولكنّه عندي بمنزلة الزاني الّذي يُقام عليه الحدّ مرَّتين ثمَّ يُقتل بعد ذلك ، وقال : روى أصحابنا أنَّ الزاني يُقتل في المرَّة الثالثة (2).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) أتي

بزنديق ، فضرب عِلاوته (3).

7 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد من أصحابه، عن أبان بن عثمان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الصبيّ إذا شبَّ فاختار النصرانيّة، وأحد أبويه نصرانيَّ ، أو مسلمين؟ قال : لا يُترك، ولكن يُضرب على الإسلام (4) .

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أتى قوم أمير المؤمنين (علیه السلام) فقالوا : السلام عليك يا ربّنا، فاستتابهم، فلم

ص: 281


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 14 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح5 الاستبصار ،4 نفس الباب، ح 5 بدون الذيل فيهما من قوله : وقال: ... الخ . يقول المحقق في الشرائع 185/4 : «إذ تكرر الارتداد، قال الشيخ : يقتل في الرابعة، وقال: وروى أصحابنا : يقتل في الثالثة أيضا» . أقول : ولا يخفى إن ما ورد في ذيل هذه الرواية إنما هو فتوى لجميل بن دراج وبذلك تسقط عن الاعتبار. والله العالم .
3- العلاوة العنق ، أو أعلى الرأس أو هي - كما في الصحاح - رأس الإنسان ما دام في عنقه. وهو كناية عن قتله . وانظر الحديث 15 من هذا الباب.
4- التهذيب 10، 9 - باب حد المرتد والمرتدة ، ح 15 . الفقيه 3، 56 - باب الارتداد، ح 9 . وقد دل الحديث على عدم جواز إقامة الحد على الصغير ما لم يبلغ وإنما يؤدب ويتربص به وقت بلوغه فإن اختار الارتداد وكان أبواه مسلمين أو أحدهما مسلماً قتل من دون استتابة وإلا استتيب فإن تاب وإلا قتل راجع شرائع الإسلام للمحقق 184/4.

يتوبوا، فحفر لهم حفيرة، وأوقد فيها ناراً، وحفر حفيرة أخرى إلى جانبها، وأفضى (1) بينهما، فلمّا لم يتوبوا ، ألقاهم في الحفيرة، وأوقد في الحفيرة الأخرى حتّى ماتوا(2).

9 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر عن جابر ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أتي أمير المؤمنين صلوات الله عليه برجل من بني ثعلبة قد تنصّر بعد إسلامه فشهدوا عليه فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : ما يقول هؤلاء الشهود؟ قال: صَدَقوا ، وأنا أرجع إلى الإسلام، فقال : أما إنّك لو كذّبت الشهود لضَرَبْتُ عنقك، وقد قبلت منك، ولا تَعُد، فإنّك إن رجعت لم أقبل منك رجوعاً بعده(3).

10 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ النيسابوريّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال: سألته عن مسلم تنصّر ؟ قال : يُقتل ولا يُستتاب، قلت: فنصرانيُّ سلم ثمَّ ارتدَّ عن الإسلام؟ قال : يُستتاب، فإن رجع ، وإلّا قُتل (4).

11 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطي قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : كلّ مسلم بين مسلمين (5) ارتدَّ عن الإسلام، وجحد محمّداً (صلی الله علیه وآله وسلم) نبوّته وكذَّبه ، فإنَّ دمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه ، وامرأته باينة منه يوم ارتدَّ، فلا تقربه، ويقسّم ماله على ورثته، وتعتدُّ امرأته [بعد] عدَّة المتوفّى عنها زوجها، وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه (6).

ص: 282


1- أي ثقب بينهما كوّة بحيث اتصلا وفي التهذيب : وأفضى ما بينهما .
2- التهذيب 10 نفس الباب، ح.8. الاستبصار 4 ، 149 - باب حد المرتد والمرتدّة ، ح 7. هذا وسوف يكرر الكليني رحمه الله هذا الحديث بعينه برقم 18 من الباب
3- التهذيب ،10 ، نفس ،الباب ، ح 6 . وفيه : من تغلبة . ...
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح.9 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 8 . يقول المحقق في الشرائع 184/4 : من أسلم عن كفر ثم ارتد، فهذا يستتاب فإن امتنع قتل، واستتابته واجبة . وكم يُستتاب؟ قيل ثلاثة أيام، وقيل القدر الذي يمكن معه الرجوع والأول ،مروي، وهو حسن لما فيه من التأني لإزالة عذره، ولا تزول عنه أملاكه ، بل تكون باقية عليه، وينفسخ العقد بينه وبين زوجته، ويقف نكاحها على إنقضاء العدة، وهي كعدة المطلقة، وتقضى من أمواله ديونه وما عليه من الحقوق الواجبة، ويؤدى منه نفقة الأقارب ما دام حياً، وبعد قتله تقضى ديونه وما عليه من الحقوق الواجبة دون نفقة الأقارب، ولو قتل أو مات كانت تركته لوراثه المسلمين . . . » .
5- يعني متولد منهما ، فإذا ارتد فهو مرتد ،فطري، وكذا من كان أحد أبويه مسلماً كما مرّ.
6- التهذيب 10 ، 9 - باب حد المرتد والمرتدة .. الاستبصار 4 ، 149 - باب حد المرتد والمرتدة ، ح 2 . الفقيه 3، 56 - باب ،الارتداد ح 1 . ويقول المحقق في الشرائع 183/4 فيمن ولد على الإسلام ثم ارتد: «وهذا لا يقبل إسلامه لو رجع ويتحتم قتله وتبين منه زوجته وتعتد منه عدة الوفاة وتقسم أمواله بين ورثته .... وراجع أيضاً اللمعة الدمشقية وشرحها للشهيدين، المجلد الثاني من الطبعة الحجرية كتاب الحدود ص 368 وما بعدها.

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: من أخِذَ في شهر رمضان وقد أفطر، فرفع إلى الإمام، يُقتل في الثالثة (1).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن حمّاد بن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : إنَّ بزيعاً يزعم أنّه نبيُّ ؟ فقال : إن سمعته يقول ذلك فاقتله ، قال : فجلست له غير مرَّة فلم يُمكنّي ذلك (2).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الرحمن الأبزاريّ الكناسي، عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : أرأيت لو أنَّ رجلًا أتى النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) فقال : والله ما أدري أنبيُّ أنت أم لا، كان يقبل منه؟ قال : لا ، ولكن كان يقتله، إنّه لو قبل ذلك منه ما أسلم منافق أبداً (3).

15 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) بزندبق فضرب علاوته، فقيل له : إنَّ له مالاً كثيراً، فلمن يُجعل ماله؟ قال: لولده ولورثته ولزوجته (4).

16 - وبهذا الإسناد، أنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يحكم في زنديق إذا شهد عليه رجلان عدلان ،مَرْضيّان وشهد له ألف بالبراءة، جازت شهادة الرَّجلين، وأبطل شهادة الألف، لأنّه دين مكتوم (5).

17 - وبهذا الإسناد قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : المرتدُّ تُعزل عنه امرأته ، ولا تؤكل

ذبيحته، ويُستتاب ثلاثة أيّام، فإن تاب، وإلّا قُتل يوم الرّابع (6).

ص: 283


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 18 . وكان قد روى قريباً منه بسند آخر في الفروع 2 ، كتاب الصيام ، باب من أفطر متعمداً من غير عذر أو . . . ، ح 6.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 20 . وفيه : فجلست غير مرة ... الخ . وسوف يكرر الكليني هذا الحديث بعينه برقم 22 من الباب .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 22 . قوله : لو قبل ذلك منه : أي بعد إسلامه .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .16 . وقد مر صدره برقم 6 من الباب فراجع .
5- التهذيب ،10 ، نفس الباب، ح 17 . وقوله : دين مكتوم : أي عقيدة باطنية لا تعرف إلا من قبل صاحبها .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 7 . الاستبصار 4 ، 149 - باب حد المرتد والمرتدة ، ح 6 . الفقيه 3، 56 - باب الارتداد ، ح 2 بسند آخر وزيادة في آخره وهي : إذا كان صحيح العقل. وقد حمل هذا الحديث على المرتد الملي لأن المرتد الفطري لا يستتاب بل يقتل رأساً .

18 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أتى قوم أمير المؤمنين (علیه السلام) فقالوا : السلام عليك يا ربّنا، فاستتابهم فلم يتوبوا ، فحفر لهم حفيرة، وأوقد فيها ناراً، وحفر حفيرة أخرى إلى جانبها، وأفضى ما بينهما،

فلمّا لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة، وأوقد في الحفيرة الأخرى [ناراً] حتّى ماتوا (1).

19 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : العبد إذا أبق من مواليه ثمّ سرق لم يقطع وهو آبق ، لأنّه مرتدٌّ عن الإسلام، ولكن يدعى إلى الرجوع إلى مواليه والدُّخول في الإسلام، فإن أبى أن يرجع إلى مواليه قُطعت يده بالسرقة، ثمَّ قتل، والمرتد إذا سرق بمنزلته (2).

20 - ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجليّ قال : سئل أبو جعفر (علیه السلام) عن رجل شهد عليه شهود أنّه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيّام ؟ فقال : يُسأل ؛ هل عليك في إفطارك إثْمٌ ؟ فإن قال : لا ، فإنَّ على الإمام أن يقتله وإن هو قال: نعم، فإنّ على الإمام أن ينهكه ضرباً.

21 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه سُئل عمّن شتم رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ؟ فقال : يقتله الأدنى فالأدنى قبل أن يرفعه إلى الإمام (3).

22 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن حمّاد بن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : إنّ بزيعاً يزعم أنّه نبيُّ؟ قال : فإن سمعته يقول ذلك فاقتله، قال: فجلست غير مرَّة فلم يُمكنّي ذلك(4).

23 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن صالح بن

ص: 284


1- مر هذا الحديث برقم 8 من الباب فراجع .
2- التهذيب 10 ، 9 باب حد المرتد والمرتدة ، ح 23 الفقيه 3 55 - باب الإباق، ح 9 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 21 وفيه : يُرفع...، بدل : يرفعه... وقد دل الحديث على أن قتل سابّ النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) لا يحتاج إلى الإذن من الحاكم الشرعي .
4- مر برقم 13 من الباب فراجع .

سهل، عن كردين، عن رجل ، عن أبي عبد الله ؛ وأبي جعفر (علیه السلام) قال: إنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) لما فرغ من أهل البصرة، أتاه سبعون رجلاً من الزُّط (1) ، فسلّموا عليه وكلّموه بلسانهم، فردُّ عليهم بلسانهم، ثمّ قال لهم : إنّي لست كما قلتم أنا عبد الله مخلوق، فأبوا عليه وقالوا : أنت هو (2)، فقال لهم : لئن لم تنتهوا وترجعوا عمّا قلتم فيَّ ، وتتوبوا إلى الله عزَّ وجلَّ لأقتلنّكم، فأبوا أن يرجعوا ويتوبوا ، فأمر أن تُحفر لهم آبار، فحُفرت، ثمَّ خرق بعضها إلى بعض، ثمَّ قذفهم فيها، ثمَّ خمّر رؤوسها، ثمَّ ألهبت النار في بئر منها ليس فيها أحد منهم، فدخل الدُّخان عليهم فيها فماتوا .

170 - باب حدّ الساحر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : ساحر المسلمين يُقتل وساحر الكفّار لا يُقتل، قيل : يا رسول الله ، ولم لا يُقتل ساحر الكفّار ؟ قال : لأنّ الكفر أعظم من السحر، ولأنَّ السحر والشرك مقرونان (3).

2 - محمّد بن يحيى ؛ ومحمّد بن الحسين وحبيب بن الحسن، عن محمّد بن عبد الحميد العطّار، عن بشار عن زيد الشحّام عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: الساحر يُضرب بالسيف ضربة واحدة على [أمّ] رأسه (4).

171 - باب النوادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح الثوري، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) أمر قنبر أن يضرب رجلا حدّاً، فغلط

ص: 285


1- الزطّ: قوم من الهنود والسودان.
2- يعنون انه الله - والعياذ بالله-.
3- التهذيب 10 ، 9 - باب حد المرتد والمرتدة ، ح 14 . الفقيه 3 ، 179 - باب معرفة الكبائر التي أوعد الله عز وجل عليها النار ، ح 8 وفيه : لأن الشرك أعظم من السحر. هذا ولا خلاف في الجملة بين أصحابنا رضوان الله عليهم على وجوب قتل ساحر المسلمين، وقد يستدل بذيل هذه الرواية أيضاً ولأن السحر والشرك ،مقرونان والذي يدل على أن عمل السحر كالشرك في إيجابه القتل، على عدم الفرق بين من اتخذ السحر حرفة له أم لم يتخذها كذلك.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 15 .

قنبر فزاده ثلاثة أسواط فآقاده عليُّ (علیه السلام) من قنبر ثلاثة أسواط (1).

2- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : إنَّ أبغض الناس إلى الله عزّ وجلَّ، رجل جرّد ظهر مسلم بغير حقّ (2).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابنا قال : نهى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) عن الأدب عند الغضب (3).

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن عمر الحلال قال : قال ياسر عن بعض الغلمان، عن أبي الحسن (علیه السلام) أنّه قال : لا يزال العبد يسرق حتّى إذا استوفى ثمن بده، أظهر [ها] الله عليه (4).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد في مسائل إسماعيل بن عيسى، عن الأخير (5) في مملوك يعصي صاحبه أيحلّ ضربه أم لا؟ فقال : لا يحلّ لك أن تضربه، إن وافقك فأمسكه وإلّا فخل عنه (6).

6 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي البختري، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : من أقرَّ عند تجريد أو تخويف أو حبس أو تهديد فلا حدّ عليه (7).

7 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن أسلم الجبليّ، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن امرأة ذات بعل زنت فحبلت، فلمّا ولدت قَتَلَتْ ولدها سرًّا؟ قال : تُجلد مائة [جلدة] لقتلها ولدها، وتُرجم لأنّها محصنة قال : وسألته عن امرأة غير ذات بعل زنت فحبلت فقتلت ولدها سرًّا؟ قال : تُجلد مائة لأنّها زنت وتجلد مائة لأنّها قتلت ولدها (8).

ص: 286


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 18 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 19 و 20 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 19 و 20 .
4- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات، ح 21 . الفقيه 4 ، 12 - باب حد باب حد السرقة، ج1.
5- ذكر الشيخ هذا الحديث في موردين من التهذيب 10 من الباب 10 أيضاً برقمي 22 و 50 وفي المورد الثاني أخرجه هكذا عنه عن اسماعيل بن عيسى عن أبي الحسن (علیه السلام) : سألته عن الأجير الأجير يعصي ... الخ .
6- التهذيب 10، نفس الباب، ح 22.
7- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 23 . تجريد يعني عند نزع ثيابه الضريه .
8- التهذيب 1،10 - باب حدود الزنا، ح .168 . الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد و ...، ح 47 بتفاوت . وإنما لا تقتل بقتل ولدها، لأن الولد ولد ،زنا، ولا يقتل ولد الرشيدة بولد الزنيّة قبل البلوغ اتفاقاً، وبعده خلاف، لا لأنها أمه لأن الأم تقتل بالولد وأما الجلد مائة فلم أر مصرّحا به من الأصحاب». مرآة المجلسي 405/23 .

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : من أقرَّ بولد ثمَّ نفاه، جلد الحد، وألزم الولد (1).

9 - عليُّ ؛ عن أبيه، عن صالح بن سعيد رفعه عن أحدهما (علیهما السلام) قال : سألته عن رجل يسرق فتقطع يده بإقامة البينة عليه، ولم يَرُدَّ ما سرق كيف يصنع به في مال الرجل الّذي سرق منه، أو ليس عليه ردُّه ، وإن ادّعى أنّه ليس عنده قليل ولا كثير ، وعُلم ذلك منه؟ قال : يُسْتَسْعى حتّى يؤدّي آخر درهم سرقه .

10 - عليُّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن سليمان، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : أخبرني عن القوّاد ما حدُّه ؟ قال : لا حدَّ على القَوَّاد أليس إنّما يعطى الأجر على أن يقود؟ قلت: جُعِلْتُ فِداك إنّما يجمع بين الذكر والأنثى حراماً؟ قال : ذاك المؤلّف بين الذكر والأنثى حراماً؟ فقلت: هو ذاك، جُعِلت فداك، قال : يُضْرب ثلاثة أرباع حدّ الزاني - خمسة وسبعين سوطاً- ، وينفى من المصر الّذي هو فيه ، فقلت : جُعِلت فداك، فما على الرجل الّذي وثب على امرأة فَحَلَقَ رأسها؟ قال : يُضرب ضرباً وجيعاً، ويُحبس في سجن المسلمين حتّى يستبرأ شعرها، فإن نبت أخذ منه مهر نسائها، وإن لم ينبت أخذت منه الدّية كاملة؛ خمسة آلاف درهم، فقلت: فكيف صار مهر نسائها إن نبت شعرها؟ قال: يا ابن سنان، إنّ شعر المرأة وعُذرتها يشتركان في الجمال، فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كاملا (2).

11 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن

ص: 287


1- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسب و ...، ح 103 . الاستبصار 4، 134 - باب من أقر بولد ثم نفاه ، ح .1 الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف، ح 12 .
2- التهذيب 10 ، 5 - باب الحد في القيادة والجمع بين أهل الفجور، ح.1 الفقيه 4 ، 9 - باب حد القوّاد ، ح 1 وروى صدر الحديث إلى قوله (علیه السلام): ... من المصر الذي هو فيه . قال الشهيدان : «والحد للقيادة خمس وسبعون جلدة حراً كان القائد أو عبداً مسلماً كان أو كافراً رجلاً كان أو امرأة ، وقيل : والقائل الشيخ : يضاف إلى جلده أن يحلق رأسه ويشهر في البلد وينفى عنه إلى غيره من الأمصار من غير تحديد لمدة نفيه بأول مرة ... ولا جز على المرأة ولا شهرة ولا نفي للأصل ومنافاة النفي لما تجب مراعاته من ستر المرأة». وقال المحقق في الشرائع 162/4 وهو بصدد الحديث عن القيادة: «ومع ثبوته، يجب على القوّاد خمسة وسبعون جلدة، وقيل : يُحلق رأسه ويشهر. ويستوي فيه : الحر والعبد والمسلم والكافر، وهل يُنفى بأول مرة ؟ قال في النهاية : نعم ، وقال :المفيد يُنفى في الثانية والأول مروي ، وأما المرأة فتجلد وليس عليها جز ولا شهرة ولا نفي».

سنان عن العلاء بن الفضيل(1) ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت له : الرجل ينتفي من ولده وقد أقرَّ به؟ فقال : إن كان الولد من حرّة جُلد الحدّ خمسين سوطاً حدّ المملوك، وإن كان من أمَة فلا شيء عليه(2).

12 - محمّد بن أحمد، عن أبي عبد الله الرازيّ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله المؤمن، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : الزنا أشرّ أو شرب الخمر، وكيف صار في الخمر ثمانين وفي الزنا مائة ؟ فقال : يا إسحاق الحدُّ واحد ولكن زيد هذا التضييعه النطفة، ولوضعه إيّاها في غير موضعها الذي أمره الله عزّ وجلَّ به (3).

13 - محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابه، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن إبراهيم بن يحيى الثوري (4)، عن هيثم(5) بن بشير، عن أبي بشير، عن أبي رَوح (6) أَنَّ امرأة تشبهت بأمة لرجل، وذلك ليلا فواقعها وهو يرى أنّها جاريته، فرُفع إلى عمر، فأرسل إلى عليّ (علیه السلام) ، فقال : اضرب الرجل حداً في السرّ، واضرب المرأة حدّاً في العلانية (7) .

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكوني، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يُقام الحدّ على المستحاضة حتّى ينقطع الدَّم عنها (8).

15 - عليّ بن محمّد، عن محمّد بن أحمد المحمودي، عن أبيه، عن يونس، عن الحسين بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سمعته يقول : الواجب على الإمام إذا نظر إلى

ص: 288


1- في سند الاستبصار: عن الفضيل. بدل عن العلاء بن الفضيل ...
2- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و...، ح 94 . الاستبصار 4 ، 134 - باب من أقر بولد ثم نفاه ، ح 2 . الفقيه 4 ، 10 - باب حد القذف، ح 21 .
3- التهذيب 10 ، 7 - باب الحد في السكر وشرب المسكر و...، ح 40 . الفقيه 4، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد و...، ح 49 .
4- في التهذيب : الدوري، بدل : الثوري .
5- في التهذيب : عن هشام بن بشير.
6- واسمه فرج بن قروة .
7- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 169 . قال المحقق في الشرائع 150/4 : «ولو تشبهت له فوطأها فعليها الحد دونه ، وفي رواية : يقام عليها الحد جهراً وعليه سراً، وهي متروكة» .
8- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 170 . وكرره برقم 95 من الباب 6 من نفس الجزء، ثم عاد وكرره برقم 24 من الباب 10 من نفس الجزء أيضاً. هذا وقد نص أصحابنا على ما تضمنه الحديث من حكم فراجع شرائع الإسلام للمحقق 165/4 .

رجل يزني أو يشرب الخمر أن يقيم عليه الحدّ ، ولا يحتاج إلى بيّنة مع نظره، لأنّه أمين الله في خلقه ؛ وإذا نظر إلى رجل يسرق ، فالواجب عليه أن يَزْبُرَه (1) وينهاه، ويمضي ويدعه، قلت: كيف ذاك؟ قال : لأنَّ الحقِّ إذا كان الله ، فالواجب على الإمام إقامته، وإذا كان للناس، فهو للناس(2).

16 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد رفعه قال: كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يولّي الشهود الحدود.

17 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : من ضرب مملوكاً حدًّا من الحدود من غير حدّ أوجبه المملوك على نفسه، لم يكن لضاربه كفّارة إلّا عتقه .

18 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: جاء رجل إلى النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) فقال : يا رسول الله إنّني سألت رجلاً بوجه الله فضربني خمسة أسواط، فضربه النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) خمسة أسواط أخرى، وقال : سل بوجهك اللّئيم (3).

19 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : قال : إنَّ رجلاً قال لرجل علىّ عهد أمير المؤمنين (علیه السلام) : إنّي احتلمت بأمّك، فرفعه إلى أمير المؤمنين (علیه السلام)، قال: إن هذا افترى على أمّي ؟ فقال له : وما قال لك؟ قال: زعم أنّه احتلم بأمِّي ، فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) في العدل، إن شئت أقمتُهُ لك في الشمس، فاجلد ظلّه، فإنَّ الحلم مثل الظلّ، ولكن سنضر به حتى لا يعود يؤذي المسلمين . وفي رواية أخرى : ضربه ضرباً وجيعاً (4) .

ص: 289


1- أي يزجره وينهره .
2- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا، ح 157 . الاستبصار 4 ، 124 - باب ما يوجب التعزير، ح 18 . هذا وقال المحقق في الشرائع 158/4: يجب على الحاكم إقامة حدود الله تعالى بعلمه، كحد الزنا، أما حقوق الناس فتقف إقامتها على المطالبة حداً كان أو تعزيراً .
3- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات ، ح 25 . «ولعل التعزير لإيهام كلامه القول بالجسم، ويحتمل أن يكون للاستخفاف به تعالى حيث عرضه للأيمان في الأمور الدنية والأول أظهر» مرأة المجلسي 409/23 .
4- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسب و ...، ح 78 بتفاوت في الذيل . حيث لم يوجد فيه : وفي رواية أخرى. بل دمجها مع نفس الرواية هذه. وأخرجه عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله (علیه السلام) ....، الفقيه 4 ، 17 - باب نوادر الحدود ، ح 2 بتفاوت مرسلاً .

20 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: إنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) : رأى قاصّاً في المسجد، فضربه بالدُّرة وطرده (1).

21 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج رفعه أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) كان لا يرى الحبس إلّا في ثلاث رجل أكل مال البتيم، أو غصبه، أو رجل اؤتمن على أمانة فذهب بها .

22 - الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن مرداس، عن سعدان بن مسلم، عن بعض أصحابنا، عن الحارث بن حصيرة قال: مررت بحبشيّ وهو يستسقي بالمدينة، وإذا هو أقطع ، فقلت له : من قطعك ؟ فقال : قطعني خيرُ النّاس، إنا أخِذْنا في سرقة ونحن ثمانية نفر، فذهب بنا إلى عليّ بن أبي طالب (علیه السلام) ، فأقررنا بالسرقة، فقال لنا: تعرفون أنّها حرام؟ قلنا : نعم ، فأمر بنا فقطعت أصابعنا من الراحة، وخلّيت الإبهام، ثمّ أمر بنا فحُبسنا في بيت يطعمنا فيه السمن والعسل، حتّى برئت أيدينا ، ثمَّ أمر بنا فأخرجنا، وكسانا، فأحسن كسوتنا، ثمَّ قال لنا : إن تتوبوا وتصلحوا فهو خير لكم، يلحقكم الله بأيديكم في الجنّة، وإن لا تفعلوا، يُلحقكم الله بأيديكم في النار.

23 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل جاء به رجلان وقالا : إنَّ هذا سرق درعاً، فجعل الرّجل يناشده لمّا نظر في البيِّنة، وجعل يقول: والله لو كان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ما قطع يدي أبداً ، قال : ولِمَ ؟ قال : يخبره ربِّه أنّي بريء فيبرّثني ببراءتي فلما رأى مناشدته إياه، دعا الشاهدين وقال : اتّقيا الله ، ولا تقطعا يد الرجل ظلماً، وناشدهما، ثمّ قال : ليقطع أحدكما يده، ويمسك الآخر يده، فلمّا تقدّما إلى المصطبة ليقطع يده، ضرب الناس حتّى اختلطوا فلمّا اختلطوا أرسلا الرجل في غمار الناس حتّى اختلطا بالناس، فجاء الّذي شهدا عليه فقال : يا أمير المؤمنين، شهد عليَّ الرَّجلان ظلماً، فلمّا ضرب الناس واختلطوا أرسلاني وفرّا، ولو كانا صادقَين لم يُرْسِلاني ، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : من يدلّني على هذين أنكلهما (2).

ص: 290


1- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات، ح 26 ، وفي ذيله : فطرده . «ويدل على أن للإمام أن يؤدب في المكروهات، ويحتمل أن يكون محرّماً لاشتماله على القصص الكاذبة، مع أنه لا استبعاد في حرمته في المسجد مطلقاً إذا كان لغوا مرآة المجلسي 23 / 410 .
2- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 117 . الفقيه 3 12 - باب الحيل في الأحكام ، ح .13 . وكان الشيخ رحمه الله قد ذكر هذا الحديث برقم 83 من الباب 92 من الجزء 6 من التهذيب .

24 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الوشّاء، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجلين سرقا من مال الله ، أحدهما عبد لمال الله ، والآخر من عرض الناس ، فقال : أمّا هذا فمن مال الله ، ليس عليه شيء من مال الله ، أكل بعضُه بعضاً، وأما الآخر، فقدَّمه فقطع يده، ثمَّ أمر أن يُطْعَمَ السمن واللّحم حتّى

برئت منه(1)

25 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زید، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) أتِيَ برجل عبث بذَكَره، فضرب يده حتّى احمرت، ثمَّ زوَّجه من بيت المال (2).

26 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن محمّد بن الوليد؛ ومحمّد بن الفرات، عن الأصبغ بن نباتة رفعه قال : أتي عمر بخمسة نفر أخذوا في الزنا فأمر أن يُقام على كلّ واحد منهم الحدّ، وكان أمير المؤمنين (علیه السلام) حاضراً ، فقال : يا عمر، ليس هذا حكمهم، قال: فأقم أنت عليهم الحكم ، فقدَّم واحداً منهم فضرب عنقه، وقدَّم الثاني فرجمه، وقدَّم الثالث فضربه الحدّ، وقدَّم الرابع فضربه نصف الحدّ ، وقدَّم الخامس فعزّره ، فتحيّر عمر ، وتعجب الناس من فعله فقال عمر يا أبا الحسن خمسة نفر في قضيّة واحدة، أقمت عليهم خمسة حدود ليس شيء ء منها يشبه الآخر؟! فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : أمّا الأوّل، فكان ذمّيّاً خرج عن ذمّته، لم يكن له حكم إلّا السيف، وأمّا الثاني ، فرجل محصن كان حدّه الرجم، وأمّا الثالث، فغير محصن جُلد الحدّ ، وأمّا الرابع، فعبد ضربناه نصف الحدّ ، وأمّا الخامس، فمجنون مغلوب على عقله(3).

27 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن زرارة، عن حمران قال : سألت أبا عبد الله أو (4) أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل أقيم عليه الحدُ في الدنيا، أيُعاقب في الآخرة؟ فقال : الله أكرم من ذلك .

28 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن بعض أصحابنا، عن أبي الصباح الكنانيّ، عن أبي

ص: 291


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 118 . وفي ذيله : حتى برئت يده .
2- التهذيب 10 ، 4 - باب الحد في نكاح البهائم ونكاح ...، ح 15 . الاستبصار 4 ، 129 - باب حد من استمنى بیده ، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 189/4 : «من استمنى بيده عُزّر، وتقديره منوط بنظر الإمام، وفي رواية أن علياً (ع) ضرب يده حتى احمرت وزوجه من بيت المال وهو تدبير استصلحه لا أنه من اللوازم، ويثبت بشهادة عدلين أو الإقرار ولو مرة ، وقيل : لا يثبت بالمرّة، وهو وهم».
3- التهذيب 10 ، 1 - باب حدود الزنا ، ح 188 . ولا وجود في سنده لمحمد بن الوليد الفقيه 4 ، 4 - باب ما يجب به التعزير والحد و. . . ، ح 40 بتفاوت يسير .
4- الشك من الراوي .

عبد الله (علیه السلام) قال: من قال: من أحدث في الكعبة حَدَثاً قُتل (1).

29 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحجّال عن عليّ بن محمّد بن عبد الرحمن، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) برجل نصرانيّ كان أسلم ومعه خنزير قد شواه وأدرجه بريحان قال : ما حملك على هذا؟ قال الرجل : مرضت فَقَرَمْتُ (2) إلى اللّحم ، فقال : أين أنت من لحم المعز ، وكان خلفاً منه، ثمَّ قال : لو أنّك أكلته لأقَمْتُ عليك الحد ، ولكن سأضربك ضرباً ، فلا تَعُد، فضربه حتّى شغر ببوله (3).

30 - الحسين بن محمّد، عن عليّ بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال : سمعت أبا الحسن (علیه السلام) يقول : شتم رجلٌ على عهد جعفر بن محمّد (علیه السلام) رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، فأتي به عامل المدينة، فجمع الناس فدخل عليه أبو عبد الله (علیه السلام) - وهو(4) قريب العهد بالعلّة- ، وعليه رداء له ،مُوَرّد فأجلسه في صدر المجلس، واستأذنه في الإتكاء، وقال لهم : ما ترون؟ فقال له عبد الله بن الحسن والحسن بن زيد وغيرهما نرى أن يقطع لسانه، فالتفت العامل إلى ربيعة الرأي وأصحابه فقال ما ترون ؟ فقال : يؤدَّب ، فقال له أبو عبد الله (علیه السلام) : سبحان الله ، فليس بين رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وبين أصحابه فَرْقُ ؟!(5) .

31 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سليمان الديلميّ، عن هارون بن الجهم ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أيديهم من نصف الكفّ، وترك الإبهام ولم يقطعها، وأمرهم أن يدخلوا دار الضيافة، وأمر بأيديهم أن تُعالج فأطعمهم السمن والعسل واللحم حتّى برئوا، فدعاهم وقال : يا هؤلاء، إنَّ أيديكم قد سبقت إلى النار فإن تبتم وعلم الله منكم صدق النيّة، تاب الله عليكم ، وجررتم أيديكم إلى الجنّة، وإن لم تُقلعوا ولم تنتهوا عمّا أنتم عليه، جرّتكم أيديكم إلى النار(6).

32 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن جعفر

ص: 292


1- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات ، ح 27 . «ولعل المراد إحداث ما يوجب الحد كالسرقة والزنا ،وغيرهما، ويحتمل أن يكون المراد البول والغائط، وعلى التقديرين إنما يقتل لتضمنه استخفاف الكعبة والله العالم» مرآة المجلسي 23 / 413 .
2- القَرَم - كما في الصحاح : شدة شهوة اللحم .
3- التهذيب 10، 7 - باب الحد في السكر وشرب المسكر و . . . ، ح 39 . قوله : شَغَرَ ببوله : يقال : شَعَر الكلب رفع إحدى رجليه بال أو لم يبل ، وقيل : فبال.
4- يعني عامل المدينة.
5- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و ...، ج 97 .
6- التهذيب 10 ، 8 - باب الحد في السرقة والخيانة و . . . ، ح 119 .

قال : أخبرني أخي موسى (علیه السلام) قال : كنت واقفاً على رأس أبي حين أتاه رسول زياد بن عبيد الله الحارثي عامل المدينة ، قال : يقول لك الأمير : انهض إليَّ ، فاعتل بعلّة، فعاد إليه الرَّسول فقال له : قد أمرت أن يفتح لك باب المقصورة فهو أقرب لخطوتك ، قال : فنهض أبي، واعتمد عليَّ، ودخل على الوالي وقد جمع فقهاء المدينة كلّهم، وبين يديه كتاب فيه شهادة على رجل من أهل وادي القرى فذكر النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) فنال منه فقال له الوالي : يا أبا عبد الله، انظر في الكتاب ، قال : حتّى انظر ما قالوا فالتفت إليهم فقال : ما قلتم ؟ قالوا : قلنا يُؤدَّب ويضرب ويُعزّر ويُحبس ، قال : فقال لهم : أرأيتم لو ذكر رجلا من أصحاب النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) بمثل ما ذكر به النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)، ما كان الحكم فيه؟ قالوا مثل هذا قال سبحان الله، فقال: فليس بين النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) وبين رجل من أصحابه فرقٌ؟! قال : فقال الوالي : دع هؤلاء يا أبا عبد الله ، لو أردنا هؤلاء لم ترسل إليك ، فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : أخبرني أبي (علیه السلام) أنّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قال : [إِنَّ] الناس فيَّ اسوة سواء من سمع أحداً يذكرني فالواجب عليه أن يقتل من شتمني ، ولا يرفع إلى السلطان، والواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من نال منّي ، فقال زياد بن عبيد الله : أخرجوا الرَّجل فاقتلوه بحكم أبي عبد الله عليه السلام (1).

33 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعيّ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إنَّ رجلاً من هذيل كان يسب رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، فبلغ ذلك النبيّ صلّى الله عليه وآله فقال: من لهذا ؟ فقام رجلان من الأنصار فقالا : نحن يا رسول الله ، فانطلقا حتّى أتيا عربة(2) ، فسألا عنه ، فإذا هو يتلقى غنمه، فلحقاه فإذا هو يتلقى غنمه، فلحقاه بين أهله وغنمه، فلم يسلّما عليه، فقال: من أنتما وما اسمكما؟ فقالا له : أنت فلان بن فلان؟ فقال: نعم، فنزلا وضربا عنقه، قال محمّد بن مسلم : فقلت لأبي جعفر (علیه السلام) : أرأيت لو أنّ رجلا الآن سب النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)،

ص: 293


1- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ، و... ، ح 96 . قوله : فذكر النبي (ص) فنال منه : يعني سبّه . ويقول المحقق في الشرائع 167/4: «من سبِّ النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) جاز لسامعه قتله ما لم يخف الضرر على نفسه أو ماله أو غيره من أهل الإيمان، وكذا من سبّ أحد الأئمّة (علیهم السلام)». وقد نقل الإجماع على وجوب قتل سابّ النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) وكذا قتل ساب أحد الأئمة (علیهم السلام) وكذا الزهراء (علیها السلام) وذلك لما علم من الخارج بالضرورة أن الأئمة (علیهم السلام) والزهراء (علیها السلام) بمنزلة نفس النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) وإن حكمهم (علیهم السلام) حكمه (صلی الله علیه وآله وسلم) وكلهم يجرون مجرى واحداً . وأما عدم وجوبه مع الخوف فلإطلاق أدلة نفي الضرر ولبعض الروايات والظاهر إجماع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه لا يحتاج قتله إلى الاستئذان من الحاكم الشرعي، وذلك لما صرح به في صحيحة هشام بن سالم المروية في الوسائل 18 الباب 7 من أبواب حد المرتد ، ح 1 فراجع .
2- في التهذيب : عرنة ؛ وهي مكان بعرفات وليس داخلا في حد الموقف. وعربة : - كما في النهاية - هي ناحیة بقرب المدينة .

أيقتل؟ قال : إن لم تَخَف على نفسك فاقتله (1).

34 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام ربّما ضربت الغلام في بعض ما يحرم؟ فقال : وكم تضربه؟ فقلت ربما ضربته مائة ، فقال : مائة مائة ؟ فأعاد ذلك مرتين، ثم قال: حدّ الزنا؟ اتق الله ، فقلت : جعلت فداك، فكم ينبغي لي أن أضربه ؟ فقال : واحداً، فقلت: والله لو علم أنّي لا أضربه إلّا واحداً ما ترك لي شيئاً إلّا أفسده ؟ فقال : فاثنتين، فقلت: جعلت فداك، هذا هو هلاكي إذا ، قال : فلم أزل أماكسه حتّى بلغ خمسة، ثمّ غضب فقال : يا إسحاق، إن كنت تدري حدَّ ما أجرم، فأقم الحدّ فيه ولا تَعَدَّ حدود الله .

35 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) في أدب الصبي والمملوك؟ فقال: خمسة أو ستّة، وأرفِق (2).

36 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إذا كان الرجل كلامُه كلامَ النساء ، ومِشْيَتُه مِشْيَةَ النساء، ويمكّن من نفسه فيُنكح كما تُنكح المرأة، فارجموه ولا تستخيوه (3).

37 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): من بلغ حدّاً في غير حدّاً (4) فهو من المعتدين .

38 - وبهذا الإسناد أنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) ألقى صبيانُ الكُتّاب ألواحهم بين يديه ليخيّر بينهم، فقال: أما إنّها حكومة والجور فيها كالجور في الحكم، أبلغوا معلّمكم إن ضربكم فوق ثلاثِ ضَربات في الأدب اقتُصَّ منه (5).

39 - وبهذا الإسناد أنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قال : لا تَدَعوا المصلوب بعد ثلاثة أيّام حتّى يُنزل فيُدفَن(6).

ص: 294


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 98 .
2- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات ، ح 28 و 29 . قال المحقق في الشرائع 167/4 : «يكره أن يزاد في تأديب الصبي على عشرة أسواط ، وكذا المملوك ، وقيل : إن ضرب عبده في غير حدٍ حداً لزمه إعتاقه، وهو على الاستحباب». وقوله : لا تَسْتَحيوه : أي لا تُبقوا عليه.
3- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات ، ح 28 و 29 . قال المحقق في الشرائع 167/4 : «يكره أن يزاد في تأديب الصبي على عشرة أسواط ، وكذا المملوك ، وقيل : إن ضرب عبده في غير حدٍ حداً لزمه إعتاقه، وهو على الاستحباب». وقوله : لا تَسْتَحيوه : أي لا تُبقوا عليه.
4- أي من ضرب حداً ولا يستحق المضروب إلا التعزير.
5- التهذيب ،10 نفس الباب ، ح 30 الفقيه 4 ، 17 - باب نوادر الحدود، ح 3 بتفاوت ورواه مرسلاً .
6- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ، ح 31 .

40 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: بعث أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى بشر بن عطارد التميمي في كلام بلغه ، فمّر به رسول أمير المؤمنين (علیه السلام) في بني أسد وأخذه، فقام إليه نعيم بن دجاجة الأسدي فأفلته، فبعث إليه أمير المؤمنين (علیه السلام) ، فأتوه به ، وأمر به أن يُضرب، فقال له نعيم : أما والله إنَّ المقام معك لذلّ، وإنَّ فراقك لكُفّر ، قال : فلمّا سمع ذلك منه قال له : يا نعيم ، قد عفونا عنك ، إنَّ الله عز وجل يقول :(ادفع بالتي هي أحسن السّيئة) (1)، أمّا قولك : إنَّ المقام معك لذلّ، فسيّئة اكتسبتها، وأما قولك : إن فراقك لكفر، فحسنة اكتسبتها، فهذه بهذه، ثمَّ أمر أن يُخَلّى عنه (2).

41 - الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان، عن عليّ بن إسماعيل، عن عمرو بن أبي المقدام عن رجل، عن رزين قال: كنت أتوضأ في ميضأة الكوفة ، فإذا رجل قد جاء فوضع نعليه ووضع درّته فوقها ، ثمَّ دنا فتوضّأ معي ، فرحمته فوقع على يديه، فقام فتوضّأ ، فلمّا فرغ ضرب رأسي بالدُّرة ثلاثاً، ثمَّ قال : إيّاك أن تدفع فتكسر فتغرم ، فقلت: من هذا؟ فقالوا : أمير المؤمنين (علیه السلام) ، فذهبت أعتذر إليه، فمضى ولم يلتفت إليَّ .

42 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب ، عن مطر بن أرقم قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : إن عبد العزيز بن عمر الوالي بعث إليَّ، فأتيته وبين يديه رجلان ، قد تناول أحدهما صاحبه فَمَرَشَ وجهه (3)، وقال: ما تقول يا أبا عبد الله في هذين الرجلين؟ قلت : وما قالا ؟ قال : قال أحدهما : ليس (4) لرسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فضل على أحد من بني أميّة في الحَسَب، وقال الآخر : له الفضل على الناس كلهم في كلّ حين، وغضب الذي نصر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فصنع بوجهه ما ترى، فهل عليه شيء؟ فقلت له : أظنك قد سألت من حولك فأخبروك ؟ ، فقال : أقسمت عليك لمّا قلت فقلت له : كان ينبغي للّذي زعم أنّ أحداً مثل رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) في الفضل أن يُقتل ولا يُسْتَحيا ، قال : فقال : أوَمَا الحسب بواحد ، فقلت : إنَّ الحسب ليس النسب، ألا ترى لو نزلت برجل من بعض هذه الأجناس ،فَقَراك ، فقلت : إنَّ هذا الحسب [لجاز ذلك ] ؟ فقال : أوَمَا النسب بواحد؟ قلت : إذا

ص: 295


1- المؤمنون/ 96 .
2- التهذيب 10، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و ... ، ح 102 ، وفيه إلى قوله : فهذه بهذه .
3- أصل المَرْش : - كما في النهاية - الحك بأطراف الأظفار ، يعني خدش وجه صاحبه .
4- في التهذيب هنا : إن لرسول الله فضلا على بني أمية في الحَسَب . والحَسَب - كما في القاموس - ما تعدّه من مفاخر آبائك، أو المال أو الدين، أو الكرم، أو الشرف في الفعل، أو الفعال الصالح، أو الشرف الثابت في الآباء .

اجتمعا إلى آدم (علیه السلام) فإنَّ النسب واحد، إنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : لم يخلطه شرك ولا بَغي(1) ، فأمر به الوالي ، فقُتِل(2)

43 - عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن ربيع بن محمّد، عن عبد الله بن سليمان العامريّ قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : أيُّ شيء تقول في رجل سمعته یشتم علیِّاً(علیه السلام) ويتبرَّأ منه؟ قال : فقال لي : والله حلال الدَّم، وما ألفُ منهم برجل منكم ، دَعْهُ ، لا تَعرّض له إلّا أن تأمن على نفسك (3).

44 - وعنه ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : ما تقول في رجل سبّابة لعليّ (علیه السلام) ؟ قال : فقال لي : حلال الدم والله ، لولا أن تعمّ به بريئاً ، قال : فقلت : فما تقول في رجل مُؤذٍ لنا؟ قال : فقال: فيماذا؟ قلت : مؤذينا فيك يذكرك ؛ قال : فقال لي : له في عليّ (علیه السلام) نصيب، قلت: إنّه ليقول ذاك ويظهره ؟ قال : لا تَعرّض له (4).

45 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن حمّاد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يُخَلّد في السجن إلّا ثلاثة : الّذي يُمثّل، والمرأة ترتدّ عن الإسلام، والسارق بعد قطع اليد والرجل (5).

تم كتاب الحدود من الكافي، ويتلوه كتاب الديات إن شاء الله

ص: 296


1- من البغاء وهو الزنا .
2- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسبّ و...، ح 99 بتفاوت يسير.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 100 . وكرره برقم 51 من الباب 15 من نفس الجزء من التهذيب وفيه - في الموضعين - إلى قوله : دَعْهُ.
4- التهذيب 10 ، 6 - باب الحد في الفرية والسب و .. ، ح 101 بتفاوت يسير. وقوله : يذكرك : أي بسوء . وكرره الشيخ برقم 52 من الباب 15 من نفس الجزء من التهذيب.
5- روى في التهذيب 10 ، 9 - باب حد المرتد والمرتدّة ، ح 29 عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يخلّد في السجن إلا ثلاثة ؛ الذي يمسك على الموت، والمرأة ترتد عن الإسلام ، والسارق بعد قطع اليد والرجل . والمقصود بالذي يمثل - في حديث الفروع - لعله من المثلة ، وهي قطع بعض الأطراف مثل اليد والأذن..... الخ . وكنص التهذيب، رواه في الاستبصار ،4 149 - باب المرتد والمرتدّة ، ح 11 . وكذا في الفقيه 4، 15 - باب الحبس بتوجه الأحكام ، ح 4 . وأما ما يتعلق بالمرتدة مطلقا فالحكم بحبسها دون القتل إجماعي . قال الشهيدان:« والمرأة لا تقتل وإن كانت ردتها عن فطرة بل تحبس دائماً وتضرب أوقات الصلوات بحسب ما يراه الحاكم وتستعمل في الحبس في أسوأ الأعمال وتلبس أخشن الثياب المتخذة للبس عادة وتطعم أجشب الطعام وهو ما غلظ منه وخشن ويعتبر فيه عادتها فقد يكون الجشب حقيقة في عادتها صالحا وبالعكس يفعل به ذلك كله إلى أن تتوب أو تموت لصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) ....». فراجع اللمعة وشرحها، كتاب الحدود، المجلد 370/2 ، كما راجع الشرائع للمحقق 183/4 .

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الدِّيات

172 - باب القتل

1 - حدَّثني عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن عقبة، عن أبي خالد القمّاط، عن حمران قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : ما معنى قول الله عزَّ وجلَّ : (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنّه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعاً (1)) ؟ قال : قلت : وكيف فكأنّما قتل الناس جميعاً، فإنّما قتل واحداً؟ فقال: يوضع في موضع من جهنّم إليه ينتهي شدَّة عذاب أهلها لو قتل الناس جميعاً إنّما كان يدخل ذلك المكان قلت فإنّه قتل آخر؟ قال : يضاعَفُ عليه (2).

2 - عليُّ ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان، عن المفضّل بن صالح، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : أوَّل ما يحكم الله فيه يوم القيامة الدماء، فيوقف ابنَي آدم فيفصل بينهما، ثمّ الّذين يلونهما من أصحاب الدّماء، حتّى لا يبقى منهم أحدٌ، ثمَّ الناس بعد ذلك، حتّى يأتي المقتول بقاتله فيتشحّب في دمه وجهه، فيقول: هذا قتلني، فيقول : أنت قتلته، فلا يستطيع أن يكتم الله حديثاً(3).

3 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: ما من نفس تُقتل برّة ولا فاجرة، إلّا وهي تحشر يوم القيامة متعلقة بقاتله بيده اليمنى، ورأسه بيده اليسرى، وأوداجه تشخب دماً ، يقول : يا رب، سل هذا فيم قتلني؟ فإن كان قتله في طاعة الله ، أثيب القاتل الجنّة، وأذهب بالمقتول إلى النار، وإن قال : في طاعة فلان، قيل له : أقتله كما قتلك، ثمَّ يفعل الله عزّ وجلَّ فيهما بعدُ مشيئة .

ص: 297


1- المائدة/ 32 .
2- الفقيه 4 ، 19 - باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها و . . . ، ح 10 بتفاوت يسير ورواه مرسلاً .
3- الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 16 بتفاوت يسير . وشخب دمه : خرج بقوّة .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): لا يغرّنّكم رحب الذراعين بالدَّم(1) ، فإنَّ له عند الله عزَّ وجلَّ قاتلاً لا يموت قالوا يا رسول الله، وما قاتل لا يموت؟ فقال : النار (2).

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : لا يعجبك رحب الذراعين بالدم، فإن له عند الله قاتلا لا يموت .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعيّ بن عبد الله، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن قول الله عزّ وجلَّ: ( من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميع بغير نفس فكأنّما قتل الناس جميعاً) ؟ قال : له في النار

مقعد لو قتل الناس جميعاً لم يرد إلّا إلى ذلك المقعد

7 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصِب دماً حراماً ، وقال : لا يوفق قاتل المؤمن متعمّداً للتوبة (3).

8- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : أتي رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فقيل له : يا رسول الله ، قتيل في جُهَيْنَة، فقام رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يمشي حتّى انتهى إلى مسجدهم ، قال : وتسامع الناس فأتوه ، فقال: من قتل ذا؟ قالوا يا رسول الله ما ندري فقال : قتيل بين المسلمين لا يدرى من قتله، والّذي بعثني بالحقّ، لو أنّ أهل السماء والأرض شركوا في دم امرىء مسلم ورضوا به، لأكبّهم الله على مناخرهم في النار ؛ أو (4) قال : على وجوههم(5).

ص: 298


1- الرحب الواسع، وهذا التعبير كناية عن ولعه بسفك الدماء وكثرة القتل .
2- الفقيه 4 ، 19 - باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها و ...، ح 2 .
3- التهذيب 10 ، 11 - باب القضايا في الديات والقصاص ، ح 39 بتفاوت في الذيل الفقيه 4 نفس الباب، ح 3. «قوله (علیه السلام) : في فسحة من دينه، أي في سعة من ضبط دينه وحفظه، أو بسبب دينه ، فإن دينه الحق يدفع شر الذنوب عنه ما لم يُصب دماً حراماً إما لعظم الذنب أو لصعوبة التوبة فإنها تتوقف على تمكين ولى الدم على القتل وهو صعب، أو لأنه لا يوفق للتوبة .....» مرآة المجلسي 7/24 .
4- الترديد من الراوي .
5- الفقيه 4 ، 19 - باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها و . . . ، ح 20 بتفاوت يسير. وجُهَينة : حي من العرب.

9 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعيد الأزرق، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل قتل رجلاً مؤمناً؟ قال : يقال له : مُت أيّ ميتة شئت إن شئت يهوديّاً، وإن شئت نصرانيّاً، وإن شئت مجوسيّاً (1).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنَّ الرَّجل ليأتي يوم القيامة ومعه قدر محجمة من دم فيقول : والله ما قتلت ولا شركت في دم ، قال : بلى، ذكرتَ عبدي فلاناً فَتَرَقّى ذلك حتّى قُتِل، فأصابك من دمه (2).

11 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد الله بن سنان، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يدخل الجنّة سافك الدَّم ، ولا شارب الخمر، ولا مشّاء بنمیم .

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أسامة زيد الشحّام، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وقف بمنى حين قضى مناسكها في حجّة الوداع، فقال : أيّها الناس، اسمعوا ما أقول لكم واعقلوه عنّي، فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم في هذا الموقف بعد عامنا هذا ، ثمَّ قال : أي يوم أعظم حرمة؟ قالوا : هذا اليوم ، قال : فأيّ شهر أعظم حرمة؟ قالوا: هذا الشهر، قال: فأي بلد أعظم حرمة؟ قالوا هذا البلد، قال : فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقَونه، فيسألكم عن أعمالكم ، ألا هل بلغت قالوا نعم قال : اللهم اشهد ألا من كانت عنده أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها، فإنه لا يحلُّ دم امرىء مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه، ولا تظلموا أنفسكم، ولا ترجعوا بعدي كفّاراً(3).

173 - باب آخر منه

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد عن الوشّاء، عن مثنّى، عن أبي

ص: 299


1- التهذيب 10 ، 11 - باب القضايا والديات والقصاص، ح 36 الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 15 ، والفقيه 3 ،179 - باب معرفة الكبائر التي أوعد الله . . . ، ح 32 .
2- اي وشيت به إلى حكام الجور فقتلوه .
3- الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 1 وأخرجه بتفاوت عن زرعة عن سماعة عن أبي عبد الله (علیه السلام). وسوف يورده الكليني بنفس سند الفقيه هذا برقم 5 من الباب التالي فانتظر .

عبد الله (علیه السلام) قال : وجد في قائم سيف رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) صحيفة إِنَّ أَعْتَى الناس على الله عزَّ وجلَّ، القاتل غير قاتله والضارب غير ضار به، ومن ادَّعى لغير أبيه فهو كافر بما أنزل الله على محمّد، ومن أحدث حَدَثاً، أو آوى محدِثاً، لم يقبل الله عزَّ وجلَّ منه يوم القيامِة صَرْفاً ولا عدلاً .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : إنَّ أعتى الناس على الله عزَّ وجلَّ، من قتل غيرَ قاتله ومن ضرب من لم يضربه .

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد ؛ وعدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن الوشّاءِ قال: سمعت الرّضا (علیه السلام) يقول : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : لعن الله من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضار به وقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : لعن الله من أحدث حَدَثاً أو آوى محدثاً، قلت : وما المحدث؟ قال : من قَتَلَ .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن أبي إسحاق إبراهيم الصيقل قال: قال لي أبو عبد الله (علیه السلام): وُجد في ذؤابة(1) سيف رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) صحيفة فإذا فيها : بسم الله الرحمن الرحيم، إنَّ أَعْنى الناس على الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة، من قتل غير قاتله والضارب غير ضاربه ، ومن تولّى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله على محمّد، ومن أحدث حدثاً أو آوى محدثاً لم يقبل الله عزَّ وجلَّ منه القيامة صرفاً ولا يوم عدلاً، قال : ثمَّ قال لي : أتدري ما يعني ؛ من تولّى غير مواليه؟ قلت: ما يعني به؟ قال: يعني أهل الدِّين - والصَرف التوبة في قول أبي جعفر (علیه السلام) ، والعدل: الفداء، في قول أبي عبد الله (علیه السلام)- (2).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة بن محمّد عن سماعة ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وقف بمنى حين قضى مناسكه في حجّة الوداع فقال : أيّها الناس اسمعوا ما أقول لكم فاعقلوه عنّي ، فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم في هذا الموقف بعد عامنا هذا، ثمَّ قال : أيُّ يوم أعظم

ص: 300


1- الذؤابة - هنا - جلدة معلقة على آخرة السيف أو عمده جمعها ذوائب. وفي بعض النسخ فهي قائمة سيف رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم).
2- الفقيه 4 ، 19 - باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها و ...، ح 8. ولعل المقصود بولاية اهل الدين؛ ولاية أهل بيت العصمة (علیهم السلام) وتفسير العدل بالفداء، لعله مأخوذ من قوله تعالى : ولا يؤخذ منها عدل ... البقرة / 28 . وكذا مما ورد في الآية 70 من سورة الأنعام : وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها ، أي : تَفْتَدِ .

حرمة ؟ قالوا : هذا اليوم قال : فأيُّ شهر أعظم حرمة؟ قالوا : هذا الشهر، قال : فأيُّ بلد أعظم حرمة؟ قالوا: هذا البلد، قال : فإنَّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحُرمَة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقَونه فيسألكم عن أعمالكم، ألَا هَلْ بلّغت؟ قالوا: نعم، قال اللّهمّ أشهد ألَا ومن كانت عنده أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها، فإنّه لا يحلُّ دم امرىء مسلم ولا ماله إلّا بطيبة نفسه، ولا تظلموا أنفسكم، ولا ترجعوا بعدي كفّاراً(1) .

6 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن جميل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سمعته يقول : لَعَن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) من أحدث بالمدينة حَدَثاً أو آوى محدثاً : قلت : ما الحَدَث؟ قال: القَتل (2).

7- عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن كليب الأسديّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : وُجد فى ذؤابة سيف رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) صحيفة مكتوب فيها : لعنة الله والملائكة على من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً، ومن ادعى إلى غير أبيه فهو كافر بما أنزل الله عزّ وجلَّ، ومن ادّعى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله .

174 - باب إن من قتل مؤمناً على دينه فليست له توبة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن قول الله عزّ وجلَّ: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنّم [خالداً فيها ] )؟(3)قال : من قتل مؤمناً على دينه فذلك المتعمّد الّذي قال عزّ وجل : (وأعدّ له عذاباً عظيماً) (4) قلت : فالرجل يقع بينه وبين الرجل شيء فيضربه بسيفه فيقتله ؟ قال : ليس ذلك المتعمّد الذي قال الله عزّ وجلَّ (5).

ص: 301


1- مر هذا الحديث برقم 12 من الباب السابق فراجع .
2- التهذيب 10 ، 16 - باب القاتل في الشهر الحرام والحرم ، ح 5 الفقيه 4 ، 19 - باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها و . . . ، ح 6 . وفيهما: ما ذلك الحدث؟ .
3- النساء / 93 .
4- النساء / 93 .
5- التهذيب 10 ، 11 - باب القضايا في الديات والقصاص ح 35 . الفقيه 4 ، 19 - باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها و. . . ، ح 21 . وقوله على دينه أي لإيمانه ليس غير مستحلاً لدمه. هذا ولا خلاف بين الأصحاب رضوان الله عليهم في أن على القاتل متعمداً مطلقاً كفارة الجمع وهي عتق رقبة وصوم شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكيناً، كما إن المشهور عندهم إن على القاتل خطأ كفارة مرتبة ، كما أنه لا خلاف بينهم في أن الكفارة إنما تثبت في قتل المؤمن - زائداً على الدية - مختصة بصورة مباشرة القتل لا في صورة التسبيب بالقتل كما لا خلاف بينهم في أن الكفارة إنما تجب بقتل المسلم بلا فرق بين البالغ وغيره والعاقل والمجنون والذكر والأنثى والحر والعبد حتى ولو كان عبد القاتل. وذلك تمسكاً بإطلاق الأدلة وعدم دليل على التقييد، كما لا خلاف بينهم رضوان الله عليهم على أنه لو اشترك جماعة في قتل واحد فعلى كل واحد منهم كفارة . راجع في جميع ذلك شرائع الإسلام للمحقق 287/4 ، واللمعة والروضة للشهيدين، ص 422 من المجلد الثاني من الطبعة الحجرية .

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان ، وابن بكير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمّداً ، ألَه توبة ؟ فقال : إن كان قَتَلَه لإيمانه فلا توبة له ، وإن كان قتله لغضب، أو لسبب شيء من أمر الدُّنيا، فإنّ توبته أن يُقادَ منه ، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقرَّ عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه، أعطاهم الدّية، وأعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين، وأطعم ستّين مسكيناً توبةً إلى الله عزَّ وجلَّ (1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه سئل عن رجل قتل مؤمناً وهو

بن يعلم أنّه مؤمن، غير أنّه حمله الغضب على قتله هل له توبة إذا أراد ذلك، أو لا توبة له؟ فقال : يُقاد به، وإن لم يُعلم به، انطلق إلى أوليائه فأعلمهم أنّه قتله، فإن عفوا عنه أعطاهم الدّية، وأعتق رقبة، وصام شهرين متتابعين، وتصدّق على ستّين مسكينا (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن أحمد المنقري، عن عیسی الضّرير(3) قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : رجل قتل رجلاً متعمّداً، ما توبته؟ قال : يُمَكِّن من نفسه ، قلت : يخاف أن يقتلوه؟ قال : فليعطهم الدّية ، قلت : يخاف أن يعلموا بذلك؟ قال : فلينظر إلى الدّية فليجعلها صُرراً، ثمّ لينظر مواقيت الصلوات، فليُلقها في دارهم (4).

ص: 302


1- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ، ح 30 وكرره برقم 38 من نفس الباب ولكن في سنده بكير بدل ابن بكير. الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 14 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 29 بتفاوت وسند آخر. ولكنه ذكره بتفاوت يسير بنفس سند الفروع برقم 13 من الباب 15 من الجزء 8 من التهذيب .
3- في التهذيب والفقيه الضعيف، بدل الضرير .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 31 بتفاوت يسير الفقيه 4 نفس ،الباب ح 12 وفي سنده: الحسن بن أحمد المنقري، بدل حسين بن ... هذا، ويقول الفيض رحمه الله في الوافي 9/2/2/ ص 84 تعليقاً على الحديث : «ولعل القاتل كان مؤمناً والمقتول مخالفاً وإلا لم يبرء إلا بالقود وعليه يجوز أن يكون ذلك في قوله : يخاف أن تطلعهم على ذلك التشيع، كما يجوز أن يكون القتل» . وقد دل الحديث على أن ولي الدم إن لم يعلم بالقتل لم يجب على القاتل إعلامه وتمكينه من نفسه، بل غاية ما يجب عليه إيصال الدية إليه ولو بعنوان الهدية والصلة أو يلقيها في مظانّ تواجده ووجدانه لها كما رسم الحديث . وسوف يكرر الخليني رحمه الله هذا الحديث برقم 1 من الباب 188 من نفس الجزء من الفروع .

175 - باب وجوه القتل

1 - عليُّ بن إبراهيم قال : وجوه القتل العمد على ثلاثة ضروب : فمنه ما يجب فيه القَود أو الدّية، ومنه ما يجب فيه الدّية ولا يجب فيه القَوَد والكفّارة ، ومنه ما يجب فيه النّار، فأمّا ما يجب فيه النّار ؛ فرجل يقصد لرجل مؤمن من أولياء الله فيقتله على دينه متعمّداً، فقد وجبت فيه النّار حتماً ، وليس له إلى التوبة سبيل، ومثل ذلك مثل من قتل نبيّاً من أنبياء الله عزَّ وجلَّ، أو حُجّة من حُجَج الله على دينه، أو ما يقرب من هذه المنازل، فليس له توبة، لأنّه لا يكون ذلك القاتل مثل المقتول - فيُقاد به ، فيكون ذلك عدلَه ، لأنّه لا يقتل نبيُّ نبيّاً، ولا إمام إماماً، ولا رجل مؤمن عالمٌ رجلاً مؤمناً عالماً على دينه، فيُقاد نبيّ بنبيّ ، ولا إمام بإمام ، ولا عالم بعالم إذا كان ذلك على تعمّد منه فمن هنا ليس له إلى التوبة سبيل .

فأمّا ما يجب فيه القود أو الدية ؛ فرجل يقصد رجلاً على غير دين، ولكنّه لسبب من أسباب الدنيا ؛ لغضب أو حسد فيقتله، فتوبته أن يمكّن من نفسه فيُقاد به ، أو يقبل الأولياءُ الدّية، ويتوب بعد ذلك ويندم .

وأمّا ما يجب فيه الدّية ولا يجب فيه القَوَد؛ فرجل مازَحَ رجلًا فَوَكَزَهُ أو ركله أو رماه بشيء لا على جهة الغضب، فأتى على نفسه، فيجب فيه الدّية إذا علم أن ذلك لم يكن منه على تعمّد، قبلت منه الدّية، ثمّ عليه الكفارة بعد ذلك ؛ صوم شهرين متتابعين، أو عتق رقبة، أو إطعام ستّين مسكيناً، والتوبة بالنّدامة والاستغفار ما دام حيّاً، والعزيمة على أن لا يعود.

وأمّا قتل الخطأ، فعلى ثلاثة ضروب ؛ منه ما تجب فيه الكفّارة والدِّية، ومنه ما تجب فيه الكفّارة ولا تجب فيه الدّية، ومنه ما تجب فيه الدّية قبلُ والكفّارة بعدُ، وهو قول الله عزَّ وجلَّ : (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطاً فتحرير رقبة مؤمنة ودِيَة مُسلّمة إلى أهله إلا أن يصدّقوا ، فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة (وليس فيه دية)، وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدِيَة مُسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ، فمن لم يجد

ص: 303

فصيام شهرين متتابعين توبةً من الله (1)).

وتفسير ذلك: إذا كان رجل من المؤمنين نازلاً بين قوم من المشركين، فوقعت بينهم حربٌ، فقُتل ذلك المؤمن، فلا دية له، لقول رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) :« أيّما مؤمن نزل في دار الحرب فقد برئت منه الذمّة»، فإن كان المؤمن نازلاً بين قوم من المشركين وأهل الحرب، وبينهم وبين الرسول أو الإمام ميثاق أو عهد إلى مدّة، فقُتل ذلك المؤمنَ رجلٌ من المؤمنين وهو لا يعلم، فقد وجبت عليه الدّية والكفّارة.

وأمّا قتل الخطأ الذي تجب فيه الكفّارة والدية؛ فرجل أراد سَبُعاً أو غيره فأخطأ فأصاب رجلاً من المسلمين فقد وجبت عليه الكفّارة والدّية .

176 - باب قتل العمد وشبه العمد والخطأ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد ؛ وابن أبي عمير، - جميعاً عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : قَتْلُ العَمْد ؛ كلُّ ما عمد به الضرب فعليه القود، وإنّما الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره ، وقال : إذا أقرَّ على نفسه بالقتل قُتل وإن لم يكن عليه بيّنة (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن مسكان، عن الحلبيّ قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : العَمْدُ ؛ كلّ ما اعتمد شيئاً فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوَكزَة فهذا كلّه ،عمد والخطأ من اعتمد شيئاً فأصاب غيره (3).

3- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير ؛ عن صفوان، وأبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان جميعاً عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السلام) : يخالف يحيى بن سعيد قُضَاتكم (4)؟ قلت نعم ، قال : هاتِ شيئاً ممّا اختلفوا فيه، قلت: اقتتل غلامان في الرحبة فعضّ أحدهما صاحبه، فعمد المعضوض إلى حجر فضرب به رأس صاحبه الّذي عضّه فشجّه، فكزّ فمات(5)، فرُفع ذلك إلى يحيى بن سعيد

ص: 304


1- النساء / 92 .
2- التهذيب 10 ، 11 - باب القضايا في الديات والقصاص ، ح 2 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 1 .
4- في التهذيب : وقضاتكم .
5- في التهذيب : فوكزه فمات والكزاز - كما في القاموس - داء يحصل من شدة البرد أو الرعدة منها، والكزوزة : اليبس والانقباض .

فأقاده فعَظُم ذلك على ابن أبي ليلى وابن شبرمة ، وكَثُرَ فيه الكلام ، وقالوا : إنّما هذا الخطأ، فَوَدَاهُ عيسى بن عليّ من ماله ، قال : فقال : إنَّ من عندنا ليقيدون بالوَكْزَة (1)، وإنّما الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، جميعاً عن أبي عبد الله (علیه السلام) قالا : سألناه عن رجل ضرب رجلاً بِعَصَا، فلم يُقلع عنه حتّى مات أيُدفع إلى ولّي المقتول فيقتله ؟ قال : نعم، ولا يُتْرَكُ يعبث به ، ولكن يجيز عليه بالسيف(3).

5- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الخطأ الّذي فيه الدية والكفّارة، أهو أن يتعمّد ضرب رجل ولا يتعمّد قتله ؟ قال : نعم، قلت: رمى شاة فأصاب إنساناً؟ قال : ذلك الخطأ الّذي لا شكّ فيه، عليه الدية والكفّارة(4).

6 - سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن موسى بن بكر، عن عبد صالح (علیه السلام) في رجل ضرب رجلاً بعصا ، فلم يرفع العصا حتّى مات؟ قال : يُدفع إلى أولياء المقتول، ولكن لا يُترك يتلذّذ به، ولكن يُجاز (5) عليه بالسيف (6).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : لو أنَّ رجلاً ضرب رجلا بخَزَفَة أو بآجُرّة أو بِعُود فمات، كان عمداً (7).

ص: 305


1- الوكز: الدفع والضرب بجميع الكفّ .
2- التهذيب 10 ، 11 - باب القضايا في الديات والقصاص ، ح 6 . ولا بد من حمل الغلامين على البالغين.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح .9 وفي ذيله : ولكن يجيز عليه .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .. الفقيه ،4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح 2 بتفاوت يسير.
5- أي يجهز عليه ويسرع في قتله.
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 8 ، الفقيه 4 ، 30 - باب ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيما ... ح 3 . وقد دل هذا الحديث كغيره مما تقدم على حرمة التمثيل بالقاتل أو الجاني وهو مما أجمع عليه أصحابنا رضوان الله عليهم .
7- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح .5 الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح 21 بتفاوت. هذا، وقتل العمد عند أصحابنا رضوان الله عليهم يتحقق بقصد البالغ العاقل إلى القتل بما يقتل غالباً. و هو قد يحصل بالمباشرة، أو بالتسبيب وللتسبيب مراتب ذكرت في كتبهم. وشبيه العمد مثل أن يضرب للتأديب فيموت. والخطأ المحض مثل أن يرمي طائراً فيصيب إنساناً. يقول المحقق في الشرائع 245/4 : «وضابط العمد أن يكون عامداً في فعله وقصده، وشبيه العمد أن يكون عامداً في فعله مخطئاً في قصده، والخطأ المحض أن يكون مخطئاً فيهما، وكذا الجناية على الأطراف تنقسم هذه الأقسام».

8- عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: العمد ؛ الّذي يضرب بالسلاح أو العصا لا يُقلع عنه حتّى يقتل والخطأ، الّذي لا يتعمّده (1).

9- يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: إن ضرب رجل رجلا بعصا أو بحجر فمات من ضربة واحدة قبل أن يتكلّم ، فهو شبه العمد فالدية على القاتل، وإن علاه وألحَّ عليه بالعصا أو بالحجارة حتّى يقتله، فهو عمد يُقتَل به، وإن ضربه ضربة واحدة فتكلّم ثمَّ مكث يوماً أو أكثر من يوم، ثمَّ مات، فهو شبه العمد (2).

10 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبَان بن عثمان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت له : أرمي الرّجل بالشيء الّذي لا يَقْتُلُ مثله؟ قال : هذا خطأ، ثمَّ أخذ حصاة صغيرة فرمى بها ، قلت : أرمي بها الشاة فأصابت رجلاً؟ قال : هذا الخطأ الّذي لا شكٍّ فيه، والعمد ؛ الذي يضرب بالشيء الّذي يُقْتَلُ بمثله (3).

177 - باب الدية في قتل العمد والخطأ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سمعت ابن أبي ليلى يقول: كانت الدية في الجاهليّة مائة من الإبل، فأقرَّها رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، ثمَّ إنّه فرض على أهل البقر مائتي بقرة، وفرض على أهل الشاة ألف شاة ثَنيّة، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم، وعلى أهل اليمن، الحلل، مائة حلّة، قال عبد الرحمن بن الحجّاج : فسألت أبا

ص: 306


1- التهذيب 10 ، 11 - باب القضايا في الديات والقصاص ، ح 4 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 7 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 10. يقول المحقق في الشرائع 195/4 :« وهل يتحقق (العمد) مع القصد إلى الفعل الذي يحصل به الموت، وإن لم يكن قاتلا في الغالب، إذا لم يقصد به القتل كما لو ضربه بحصاة أو بعود خفيف؟ فيه روايتان، أشهرهما أنه ليس بعمد يوجب القود».

عبد الله (علیه السلام) عمّا روى ابن أبي ليلى ؟ فقال : كان عليُّ (علیه السلام) يقول : الدية ألف دينار، وقيمة الدينار عشرة دراهم وعشرة آلاف [درهم] لأهل الأمصار وعلى أهل البوادي الدية مائة من الإبل، ولأهل السواد مائتا بقرة، أو ألف شاة (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : دية الخطأ - إذا لم يرد الرجل القتل - مائة من الإبل، أو عشرة آلاف من الورق، أو ألف من الشاة، وقال دية المغلّظة التّي تشبه العمد وليس بعمد، أفضل من دية الخطأ بأسنان الإبل، ثلاث وثلاثون حقّة، وثلاث وثلاثون جَذَعَة، وأربع وثلاثون ثَنيّة كلّها طَرُوقَة الفحل ، قال : وسألته عن الدية؟ فقال: دية المسلم عشرة آلاف من الفضّة، أو ألف مثقال من الذهب، أو ألف من الشاة على أسنانها أثلاثاً، ومن الإبل مائة على أسنانها، ومن البقر مائتان (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : في الخطأ شبه العمد، أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجارة ، إنَّ دية ذلك تغلظ، وهي مائة من الإبل فيها أربعون خَلِفَة [ما] بين ثنيّة إلى بازل عامها (3)، وثلاثون حقّة، وثلاثون بنت لبون، والخطأ، يكون فيه ثلاثون حقّة، وثلاثون ابنة ،لبون وعشرون ابنة مخاض وعشرون ابن لبون ذكر، وقيمة كلّ بعير من الورق مائة وعشرون درهماً، أو عشرة دنانير ومن الغنم قيمة كلّ ناب من الإبل عشرون شاة(4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج في الدية قال : ألف دينار أو عشرة آلاف درهم، ويؤخذ من أصحاب الحُلَل الحُلَلُ، ويؤخذ من أصحاب الإبل الإبل، ، ومن أصحاب الغنمِ الغنمُ، ومن أصحاب البقرِ البقرُ (5).

ص: 307


1- التهذيب 10 ، 11 - باب القضايا في الديات والقصاص، ح 19 . الاستبصار 4، 151 - باب مقدار الدية ح 3 بتفاوت فيهما . الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح 8 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 12 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 1 . والدية المغلّظة : هي الدية التي تكون في القتل العمد وتغليظها بلحاظ أسنان الأنعام ومدة الاستيفاء وعلى هذا فهي مغلّظة بالنسبة للدية في القتل الخطأ الشبيه بالعمد، وكذلك دية القتل الخطأ الشبيه بالعمد مغلظة بالنسبة لدية القتل الخطأ المحض .
3- بزل ناب البعير: أي انشقّ وطلع ، ويكون ذلك عادة إذا أتم الثامنة ودخل في التاسعة ، وليس بعده سِنْ تُسَمّى ، جمع: بزل وبزل ويوازل، وقد تقدم منا تفسير وغيرها في كتاب الزكاة فراجع .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 14 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت . يقول المحقق في الشرائع 245/4 :« وهل تقبل القيمة السوقية مع وجود الإبل؟ فيه تردد، والأشبه : لا ».
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 16 .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل؛ وحمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الدية عشرة آلاف درهم أو ألف دينار، قال جميل: قال أبو عبد الله (علیه السلام) : الدية مائة من الإبل .

6 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن كليب الأسديّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يقتل في الشهر الحرام ما ديته؟ قال: ديةً وثُلُث (1).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : في قتل الخطأ مائة من الإبل، أو ألف من الغنم ، أو عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار، فإن كان الإبل فخمس وعشرون ابنة مخاض، وخمس وعشرون ابنة ،لبون وخمس وعشرون حِقّة، وخمس وعشرون جَذَعة، والدية المغلّظة الخطأ الّذي يشبه العمد، الّذي يضرب بالحجر أو بالعصا الضربة والضربتين لا يريد قتله، فهي أثلاث : ثلاث وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون جَذَعة، وأربعة وثلاثون ثنيّة، كلّها خَلِفَة (2) طروقة الفحل، وإن كان من الغنم فألف كبش والعمد هو القود، أو رضا وليّ المقتول (3).

ص: 308


1- التهذيب 10 ، 16 - باب القاتل في الشهر الحرام والحرم ، ح 1 بتفاوت . وكذا في الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية، ح ، وأورده أيضاً برقم 19 من الباب 19 من نفس الجزء . وقد التزم فقهاؤنا بمضمون هذا الحديث فحكموا به يقول الشهيدان : «ولو قتل في الشهر الحرام وهو أحد الأربعة ذي القعدة، وذي الحجة ورجب والمحرّم أو في الحرم الشريف المكي زيد عليه ثلث الدية من أي الأجناس كان لمستحق الأصل تغليظاً لانتهاكه حرمتهما، أما تغليظها بالقتل في أشهر الحرم فإجماعي، وبه نصوص كثيرة، وأما الحرم فألحقه الشيخان وتبعهما جماعة لاشتراكهما في الحرمة وتغليظ قتل الصيد فيه المناسب لتغليظ غيره، وفيه نظر بين ... والتغليظ يختص بدية النفس فلا يثبت في الطرف وإن أوجب الدية للأصل.....».
2- خَلِفَت الناقة : كانت خَلِفَةٌ ، أي حاملاً - هكذا في القاموس المحيط-.
3- التهذيب 10 ، 11 - باب القضايا في الديات والقصاص ح 13 . الاستبصار 4، 151 - باب مقدار الدية، ح 2. وقال المحقق في الشرائع 245/4 وما بعدها : وأما مقادير الديات : ودية العمد مائة بعير من مسان الإبل، أو مائنا بقرة، أو مائتا حلة كل حلة ثوبان من برود ،اليمن، أو ألف دينار أو ألف شاة، أو عشرة آلاف درهم وتستأدى في سنة واحدة من مال الجاني مع التراضي بالدية ... والجاني مخيّر في بذل أيها شاء، ودية شبيه العمد : ثلاث وثلاثون بنت لبون، وثلاث وثلاثون حقة، وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل، وفي رواية : ثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة، وأربعون خَلِفَةٌ وهي الحامل، ويضمن هذه الدية الجاني دون العاقلة، وقال المفيد رحمه الله : تستأدى في سنتين فهي إذن مخففة من العمد في السن وفي الاستيفاء . ودية الخطأ المحض : عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن ،لبون، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة، وفي رواية : خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جَذَعة، وتُستأدى فى ثلاث سنين .. فهي مخففة في السن والصفة والاستيفاء وهي على العاقلة لا يضمن الجاني منها شيئا....».

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد ؛ وابن أبي عمير، جمیعاً عن جميل بن درَّاج، عن محمّد بن مسلم ؛ وزرارة وغيرهما عن أحدهما (علیه السلام) في الدية قال : هي مائة من الإبل، وليس فيها دنانير ولا دراهم ولا غير ذلك قال ابن أبي عمير : فقلت الجميل: هل للإبل أسنان معروفة ؟ فقال نعم ثلاث وثلاثون ،حِقّة، وثلاث وثلاثون جَذَعة، وأربع وثلاثون ثنيّة إلى بازل عامها كلّها خَلِفَة إلى بازل عامها ، قال : روى ذلك بعض أصحابنا عنهما؛ وزاد عليُّ بن حديد في حديثه :« أنَّ ذلك في الخطأ ، قال : قيل لجميل : فإن قبل أصحاب العمد الدية، كم لهم؟ قال : مائة من الإبل، إلّا أن يصطلحوا على مال، أو ما شاؤوا من غير ذلك» .

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : من قتل مؤمناً متعمّداً فإنّه يُقاد به، إلّا أن يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدّية، أو يتراضوا بأكثر من الدية أو أقلّ من الدية، فإن فعلوا ذلك بينهم، جاز، وإن تراجعوا اقيدوا وقال الدية عشرة آلاف درهم أو ألف دينار، أو مائة من الإبل (1).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي ولاد ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: كان عليُّ (علیه السلام) يقول : تُسْتَأدى ديةٌ الخطأ في ثلاث سنين، وتُستَأدى ديةً العمد في سَنَة (2).

178 - باب الجماعة يجتمعون على قتل واحد

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في عشرة اشتركوا في قتل رجل؟

ص: 309


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 20 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح 7 بتفاوت قليل فيهما .
2- التهذيب 10 ، 11 - باب القضايا في الديات والقصاص ، ح 25 الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح 13 . وقد أجمع أصحابنا على هذا الحكم ، كما أجمعوا على أن دية شبيه العمد تسنادى في سنتين . كما نصوا على أن الجاني بعد رضا ولي المقتول بالدية لا يجوز له تأخيرها عن السنة بغير رضا المستحق ولا يجب عليه المبادرة إلى أدائها قبل تمام السنة. وفي دية شبيه العمد يجب دفع آخر كل حول نصفها ، وفي دية الخطأ يجب دفع آخر كل حول ثلثها. ومبدأ السنة في الدية من حين وجوبها لا من حين حكم الحاكم. فراجع شرائع الإسلام للمحقق 245/4 وما بعدها .

قال : يُخيّر أهل المقتول فأيهم شاؤوا قتلوا، ويرجع أولياؤه على الباقين بتسعة أعشار الدية(1) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجلين قتلا رجلاً ؟ قال : إن أراد أولياء المقتول قتلهما، أدّوا دية كاملة وقتلوهما وتكون الدية بين أولياء المقتولين، فإن أرادوا قتل أحدهما فقتلوه، أدَّى المتروك نصف الدية إلى أهل المقتول، وإن لم يؤدّدية أحدهما ، ولم يقتل أحدهما قبل دية صاحبه من كليهما (2).

3- عنه ، عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قتل الرجلان والثلاثة رجلاً، فإن أراد أولياؤه قتلهم، ترادّوا فضل الديات وإلّا أخذوا دية صاحبهم(3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أَبَان ، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : عشرة قتلوا رجلاً؟ فقال : إن شاء أولياؤه قتلوهم جميعاً، وغرموا تسع ديات، وإن شاؤوا تخيّروا رجلاً فقتلوه، وأدّى التسعة الباقون إلى أهل المقتول الأخير عُشْرَ الدية كلُّ رجل منهم، ثمَّ إنَّ الوالي بعد يلي أدبهم وَحَبْسَهُم (4).

5 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في أربعة شربوا فسكروا ، فأخذ بعضهم على بعض السلاح، فاقتتلوا، فقتل اثنان وجُرح اثنان فأمر بالمجروحين فضرب كلّ واحد منهما ثمانين جلدة، وقضى بدية المقتولين على المجروحين، وأمر أن يقاس جراحة المجروحين فترفع من الدّية، فإن مات المجروحان فليس على أحد من أولياء المقتولَين شيء(5) .

ص: 310


1- التهذيب 10 ، 17 - باب الإثنين إذا قتلا واحداً و و ...، ح 4. الاستبصار 4 ، 167 - باب جواز قتل الإثنين فصاعداً بواحد ، ح .4 الفقيه 4 26 - باب حكم الرجل يقتل الرجلين أو . . . ، ح 3 . قال المحقق في الشرائع 202/4 :« إذا اشترك جماعة في قتل ،واحد قتلوا به والولي بالخيار بين قتل الجميع بعد أن يرد عليهم ما فضل عن دية المقتول فيأخذ كل واحد منهم ما فضل من ديته عن جنايته وبين قتل البعض ويرد الباقون دية جنايتهم، فإن فضل للمقتولين فضل قام به الولي، وتتحقق الشركة بأن يفعل كل واحد منهم ما يقتل لو انفرد أو ما يكون له شركة في السراية مع القصد إلى الجناية، ولا يعتبر التساوي في الجناية، بل لو جرحه واحد جرحاً، والآخر مائة جرح ثم سرى الجميع فالجناية عليهما بالسوية، ولو طلب الدية كان عليهما نصفين».
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 2 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 بتفاوت في الذيل فيهما .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 3 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 3 .
4- التهذيب ،10 ، 17 - باب الإثنين إذا قتلا واحداً و ...، ح 1 . الاستبصار 4 ، 167 - باب جواز قتل الإثنين فصاعداً بواحد ، ح .1 الفقيه 4 26 - باب حكم الرجل يقتل الرجلين أو . . . ، ح 1 .
5- التهذيب 10 ، 20 - باب الاشتراك في الجنايات ، ح 6 . وقد قال المحقق في الشرائع 253/4 بعد أن أورد هذه الرواية:« ومن المحتمل أن يكون علي (علیه السلام) قد اطّلع في هذه الواقعة على ما يوجب هذا الحكم. ولعله قدس سره قال هذا الكلام لأن ما تضمنته الرواية مخالف لمقتضى القاعدة في مثله وهو كون دمائهم وجراحاتهم هدراً لا دية لها لعدم العلم بالقاتل أو الجارح، وعند الاحتمال يبطل الاستدلال كما قيل .

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : رُفع إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) ستّة غلمان كانوا في الفرات فغرق واحد منهم ، فشهد ثلاثة منهم على اثنين أنّهما غرَّقاه، وشهد اثنان على الثلاثة أنّهم غرّقوه ، فقضى (علیه السلام) بالدية أخماساً، ثلاثة أخماس على الإثنين، وخُمْسَين على الثلاثة (1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي مريم الأنصاري، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل؟ قال : إن أحبَّ أن يقطعهما، أدَّى إليهما دية يد فاقتسما ، ثمّ يقطعهما، وإن أحبَّ، أخذ منهما دية يد، قال : وإن قطع يد أحدهما ردَّ الّذي لم يقطع يده على الّذي قُطعت يده ربع الدية (2).

8- عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في حائط اشترك في هدمه ثلاثة نفر، فوقع على واحد منهم فمات، فضمّن الباقين ديته ، لأنَّ كلَّ واحد منهم ضامنُ صاحبِهِ(3).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن أبي العبّاس وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا اجتمعت العِدَّة على قتل رجل واحد، حكم الوالي أن يقتل أيهم شاؤوا ، وليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد، إنَّ الله عزّ وجلَّ يقول (4):

ص: 311


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح .3 الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 4 بتفاوت . وقال المحقق في الشرائع 253/4 : وهذه الرواية متروكة بين الأصحاب، فإن صح نقلها، كانت حكماً في واقعة، فلا تتعدى لاحتمال ما يوجب الاختصاص». ويقصد رحمه الله بالاختصاص الاختصاص لهذا الحكم بتلك الواقعة بعينها، لاحتمال أن يكون (علیه السلام) قد حكم فيها بعلمه هو على نحو الإعجاز أو الإلهام والله العالم .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 7 الفقيه 4 ، 52 - باب ما جاء في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل، ح 1 . واسم أبي مريم الأنصاري : عبد الغفار بن القاسم . ويقول المحقق في الشرائع 202/4 : «يقتص من الجماعة في الأطراف كما يقتص في النفس، فلو اجتمع جماعة على قطع يده أو قلع عينه ، فله الاقتصاص منهم جميعاً بعد رد ما يفضل لكل واحد منهم عن جنايته، وله القصاص من أحدهم ويرد الباقون دية جنايتهم، وتتحقق الشركة في ذلك بأن يحصل الاشتراك في الفعل الواحد . . . الخ».
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 8. الفقيه 4 ، 56 - باب ما جاء في ثلاثة اشتركوا في هدم حائط فوقع على ...، ح 1.
4- الإسراء / 33 .

(ومن قُتِل مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يُسْرِف في القتل) (1).

10 - محمّد بن يحيى عن بعض أصحابه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله جبلة، عن أبي جميلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في عبد وحرّ قتلا رجلاً حرا؟ قال : إن شاء قتل الحرّ، وإن شاء قتل العبد، فإن اختار قَتلَ الحرّ ضَرَب جَنْبي العبد (2).

179 - باب الرجل يأمر رجلا بقتل رجل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجل أمر رجلاً بقتل ،رجل، فقتله؟ فقال: يُقتل به الّذي قتله، ويُحبس الأمر بقتله في السجن حتّى يموت (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل أمر عبده أن يقتل رجلاً، فقتله؟ قال : فقال : يُقتل السيّد به (4).

3 - عليُّ ، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمير

ص: 312


1- التهذيب 10 ، 17 - باب الإثنين إذا قتلا واحداً و ... ، ح 5. الاستبصار 4 ، 167 - باب جواز قتل الإثنين فصاعدا بواحد ، ح 5 بزيادة في الآخر فيهما .
2- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات ، ح .35 . وكرره برقم 9 من الباب 20 من نفس الجزء من التهذيب . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 7 . وقال المحقق في الشرائع 203/4 - 204 : «إذا اشترك حر وعبد في قتل حر عمداً، قال في النهاية : للأولياء قتلهما، ويُردّ إلى سيد العبد ،ثمنه، أو يقتلون الحر ويؤدي سيد العبد إلى ورثة المقتول خمسة آلاف درهم، أو يسلّم العبد إليهم ، أو يقتلون العبد وليس لمولاه على الحر سبيل، والأشبه أن مع قتلهما يردون إلى الحر (أي إلى ورثته نصف الدية، ولا يرد على مولى العبد شيء ما لم تكن قيمته أزيد من نصف دية الحر، فيرد عليه الزائد، فإن قتلوا العبد وكانت قيمته زائدة عن نصف دية المقتول أدوا إلى المولى ،الزائد، فإن استوعب (أي الزائد) الدية وإلا كان تمام الدية لأولياء المقتول وفي هذا اختلاف للأصحاب وما اخترناه أنسب بالمذهب» .
3- التهذيب 10، 17 - باب الإثنين إذا قتلاً واحداً و . . . ، ح 11 . الاستبصار 4 ، 168 - باب من أمر غيره بقتل إنسان فقتله، ح1 الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح 17 بتفاوت .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح12 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 . قال المحقق في الشرائع 4/ 199 : «إذا أكرهه على القتل فالقصاص على المباشر دون الأمر، ولا يتحقق الإكراه في القتل ويتحقق فيما عداه وفي رواية علي بن رئاب يحبس الأمر بقتله حتى يموت، هذا إذا كان المقهور بالغاً عاقلا، ولو كان غير مميّز كالطفل والمجنون فالقصاص على المكره لأنه بالنسبة إليه كالآلة، ويستوي في ذلك الحر والعبد...».

المؤمنين (علیه السلام) : في رجل أمر عبده أن يقتل رجلاً فقتله ؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : وهل عبد الرجل إلّا كسوطه أو كسيفه يُقتل السيّد به، ويُستودع العبدُ السجن(1).

180 - باب الرجل يقتل رجلين أو أكثر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عمّن ذكره عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قتل الرَّجلُ الرجلين أو أكثر من ذلك، ذلك، قُتل بهم (2).

2- من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ قوماً احتفروا زبيه(3) للأسد باليمن، فوقع فيها الأسد، فازدحم الناس عليها ينظرون إلى الأسد، فوقع فيها رجل، فتعلّق بآخر، فتعلّق الآخر بآخر، والآخر بآخر، فجرحهم الأسد، فمنهم من مات من جراحة الأسد، ومنهم من أخرج فمات، فتشاجروا في ذلك حتّى أخذوا السيوف، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : هلمّوا أقضي بينكم، فقضى أنَّ للأوَّل ربع الدية، وللثاني ثلث الدية وللثالث نصف الدية، وللرابع دية كاملة، وجعل ذلك على قبائل الّذين ازدحموا، فرضي بعض القوم وسخط بعض ، فرُفع ذلك إلى النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) وأخبر بقضاء أمير المؤمنين (علیه السلام)، فأجازه(4).

3 - وفي رواية محمّد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في أربعة نفر أطلعوا في زبية الأسد، فخرّ أحدهم فاستمسك بالثاني، واستمسك الثاني بالثالث، واستمسك الثالث بالرابع، حتى أسقط بعضهم بعضاً على الأسد، فقتلهم الأسد، فقضى بالأوَّل فريسة الأسد، وغرّم أهله ثلث الدية لأهل الثاني وغرّم أهل الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية، وغرّم الثالث لأهل الرابع دية كاملة (5).

ص: 313


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 13 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح .3 بتفاوت يسير فيهما .
2- التهذيب 10 ، 17 - باب الإثنين إذا قتلا واحدا و . . . ، ح 14 . وفيه : عن ابن مسكان عن أبي عبدالله (علیه السلام).
3- الزبية : في الأصل، الرابية التي لا يعلوها الماء، استعيرت للحفيرة التي تحفر لاصطياد الأسود لأنها تكون عادة في المكان المرتفع.
4- التهذيب 10 ، 20 - باب الاشتراك في الجنايات، ح 2 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 1. الفقيه 4 ، 26 - باب حكم الرجل يقتل الرجلين أو أكثر و. . . ، ح ه بتفاوت مرسلا . قال المحقق في الشرائع بعد أن ذكر الروايتين أعلاه: «والأخيرة - يعني رواية مسمع - ضعيفة الطريق إلى مسمع فهي إذن ساقطة والأولى - يعني رواية ابن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) - مشهورة، لكنها حكم في واقعة. ويمكن أن يقال : على الأول الدية للثاني لاستقلاله بإتلافه، وعلى الثاني دية الثالث وعلى الثالث دية الرابع لهذا المعنى. وإن قلنا بالتشريك بين مباشر الإمساك والمشارك بالجذب كان على الأول ،دية، ونصف، وثلث. وعلى الثاني نصف وثلث، وعلى الثالث ثلث دية لا غيره». شرائع الإسلام 259/4 . وقال الشهيد الثاني بعد أن أورد احتمال طرح كلتا الروايتين : «فالمتجه ضمان كل دية من أمسكه أجمع لاستقلاله بإتلافه، وهو خيرة العلامة في التحرير» .

181 - باب الرجل يخلّص من وجب عليه القَوَد

1 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن حريز، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل قتل رجلاً عمداً، فرُفع إلى الوالي، فدفعه الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه، فوثب عليهم قوم فخلّصوا القاتل من أيدي الأولياء ؟ فقال : أرى أن يُحْبَسَ الذين خلّصوا القاتل من أيدي الأولياء حتّى يأتوا بالقاتل، قيل : فإن مات القاتل وهم في السجن؟ قال : فإن مات، فعليهم الدية يودُّونها جميعاً إلى أولياء المقتول (1).

182 - باب الرجل يمسك الرجل فيقتله آخر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجلين أمسك أحدُهُما وقَتَلَ الآخر؟ قال : يُقتل القاتل، ويُحبس الآخر حتّى یموت غمّاً، كما كان حَبَسَهُ عليه حتّى مات غمّا(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل شدَّ على رجل ليقتله والرجل فار منه، فاستقبله رجل آخر فأمسكه عليه حتّى جاء الرجل فقتله، فَقَتَلَ الرَّجلَ الّذي قتله وقضى على الآخر الّذي أمسكه

ص: 314


1- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها ، ح 8 وفيه إلى قوله : فعليهم الدية . وفيه : إن مات . . . ، بدل : فإن مات . الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح 15 بتفاوت قليل . «والمشهور بين الأصحاب أنه يلزمه إما إحضاره أو الدية، وظاهر الخبر أنه يلزمه ابتداءً تكليف الإحضار والحبس له، فإن مات القاتل فالدية، ويمكن حمله على المشهور» مرآة المجلسي 24/ 38
2- التهذيب 10 ، 17 - باب الإثنين إذا قتلا واحدا و ... ، ح 9 بتفاوت يسير . الفقيه 4 ، 26 - باب في حكم الرجل يقتل الرجلين أو ... ، ح 2 .

عليه، أن يُطرح في السجن أبداً حتّى يموت فيه، لأنّه أمسكه على الموت(1).

3- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن بعض أصحابه، عن محمّد بن الفضيل عن عمرو بن أبي المقدام قال : كنت شاهداً عند البيت الحرام ورجل ينادي بأبي جعفر المنصور وهو يطوف ويقول : يا أمير المؤمنين إنَّ هذين الرجلين طَرَقا أخي ليلاً فأخرجاه من منزله ، فلم يرجع إلي ، والله ما أدري ما صَنَعا به؟ فقال لهما : ما صنعتما به؟ فقالا : يا أمير المؤمنين كلّمناه، فرجع إلى منزله فقال لهما وافياني غداً صلاة العصر في هذا المكان ، فوافوه من الغد صلاة العصر، وحضرته، فقال لأبي عبد الله جعفر بن محمّد (علیه السلام) وهو قابض على يده يا جعفر اقض بينهم فقال : يا أمير المؤمنين اقض بينهم أنت ، فقال له : بحقّي عليك إلّا قضيت بينهم قال : فخرج جعفر (علیه السلام) فطرح له مصلّى قصب فجلس عليه، ثم جاء الخصماء فجلسوا قدامه ، فقال : ما تقول؟ قال : يا ابن رسول الله ، إِنَّ هذين طَرَقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله، فوالله ما رجع إليَّ ، ووالله ما أدري ما صَنَعَا به، فقال: ما تقولان؟ فقالا : يا ابن رسول الله ، كلّمناه ثمَّ رجع إلى منزله، فقال جعفر (علیه السلام) : يا غلام اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : كلُّ من طرق رجلاً بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن، إلّا أن يقيم البينة أنّه قد ردَّه إلى منزله يا غلام نَح هذا فاضرب عنقه، فقال: يا ابن رسول الله ، والله ما أنا قتلته، ولكنّي ،أمسكته ، ثمَّ جاء هذا فوجأه(2) فقتله ، فقال : أنا ابن رسول الله ، يا غلام نح هذا واضرب عنق الآخر ، فقال : يا ابن رسول الله والله ما عذبته، ولكنّي قتلته بضربة واحدة، فأمر أخاه فضرب عنقه، ثمَّ أمر بالآخر فضرب جَنْبيه، وحبسه في السجن، ووقّع على رأسه: يُحْبَسُ عُمُرَه ويُضْرَب في كلّ سنة خمسين جلدةً (3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ ثلاثة نفر رفعوا إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) ، واحد منهم أمسك رجلاً، وأقبل آخر فقتله، والآخر يراهم فقضى في الرؤية أن تُسْمَلَ عيناه، وفي الّذي أمسك أن يُسجن حتّى يموت كما أمسكه، وقضى في الَّذي قتل أن يُقْتَلَ (4).

ص: 315


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح7.
2- قال في الصحاح : وَجَاه بالسكّين: ضربه.
3- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها ، ح 1 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 26 - باب حكم الرجل يقتل الرجلين أو . . . ، ح 6 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 252/4: «من دعاه غيره فأخرجه من منزله ليلا فهو له ضامن حتى يرجع إلیه، فإن عدم فهو ضامن لديته، وإن وجد مقتولاً وادعى قتله على غيره وأقام بينة فقد برىء، وإن عدم البينة ففي القود تردد ، والأصح أنه لا قود وعليه الدية في ماله وإن وجد ميتاً ففي لزوم الدية تردد ولعل الأشبه أنه لا يضمن».
4- التهذيب 10 ، 17 - باب الإثنين إذا قتلا واحدا و ...، ح 10 بتفاوت وفيه : الربيئة . . . ، بدل : الرؤية . : . . . الفقيه 3 15 - باب الحبس بتوجه الأحكام ، ح 3 . قال في الشرائع 199/4 : «ولو أمسك واحد وقتل آخر فالقود على القاتل دون الممسك، لكن الممسك يحبس أبداً، ولو نظر إليهما ثالث بأن كان ربيئة لهما لم يضمن، لكن تُسْمَلُ عيناه، أي تفقا» .

183 - باب الرجل يقع على الرجل فيقتله

1 - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل وقع على رجل فقتله؟ فقال : ليس عليه شيء (1) .

2 - ابن محبوب، عن ابن رئاب ؛ وعبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل دفع رجلاً على رجل فقتله ؟ فقال : الدية على الّذي وقع على الرجل فقتله لأولياء المقتول، قال : ويرجع المدفوع بالدية على الّذي دفعه، قال : وإن أصاب المدفوع شيءٌ فهو على الدَّافع أيضاً (2).

9 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل وقع على رجل من فوق البيت، فمات أحدهما ؟ فقال : ليس على الأعلى شيء ولا على الأسفل شيء (3).

184 - باب نادر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن

ص: 316


1- التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا ... ، ح 39 . الاستبصار 4 ، 166 - باب من زلق من فوق على غيره فقتله ، ح 1 . الفقيه 4، 21 - باب من لا دية له في جراح أو قتل ، ح 12 بسند آخر. أقول : ولا بد من حمله على ما لو وقع لا بإرادته كما لو جرفه الهواء أو زلق فوقع، وإلا ففيه الدية، وإن كانت الصور تختلف بين كونه قتل عمد أو شبيهاً بالعمد أو خطأ محضاً، ففي الأول القود وفي الثاني الدية في ماله، وفي الثالث الدية على العاقلة فراجع تفصيل الكلام في ذلك كتاب الشرائع للمحقق 251/4 .
2- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ، ح 41 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 . الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية، ح 12 . قال المحقق في الشرائع 251/4 : «ولو دفعه دافع ، فَدِيَة المدفوع لو مات على الدافع، أمادية الأسفل فالأصل أنها على الدافع أيضاً، وفي النهاية (للشيخ) ديته على الواقع ويرجع بها على الدافع، وهي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام)» . أقول : وهي هذه الرواية .
3- التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن ...، ح 40 . الاستبصار 4 ، 166 - باب من زلق من فوق على غيره فقتله ، ح 2 .

صالح قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل وُجد مقتولاً ، فجاء رجلان إلى وليّه فقال أحدهما : أنا قتلته عمداً، وقال الآخر: أنا قتلته خطأ ؟ فقال : إن هو أخذ بقول صاحب العمد، فليس له على صاحب الخطأ ،سبيل، وإن أخذ بقول صاحب الخطأ، فليس له على صاحب العمد سبيل (1) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه قال: أخبرني بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) برجل وُجد في خربة وبيده سكّين ملطّخ بالدم، وإذا رجل مذبوح يتشحّط في دمه، فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : ما تقول؟ قال: يا أمير المؤمنين، أنا قتلته، قال : اذهبوا به فاقتلوه ،به ، فلمّا ذهبوا به ليقتلوه به أقبل رجل مسرعاً فقال : لا تَعْجَلوا وردُّوه إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) فردُّوه فقال : والله يا أمير المؤمنين ما هذا صاحبه، أنا قتلته، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) للأوَّل : ما حملك على إقرارك على نفسك ولم تفعل؟ فقال: يا أمير المؤمنين، وما كنتُ أستطيع أن أقول وقد شهد علي أمثال هؤلاء الرّجال، وأخذوني وبيدي سكّين ملطّخ بالدَّم والرّجل يتشحّط في دمه وأنا قائم عليه، وخفت الضرب فأقررت، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة، وأخذني البول فدخلت الخربة، فرأيت الرجل يتشحّط في دمه، فقمت متعجباً، فدخل عليّ هؤلاء فأخذوني ، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن وقصّوا عليه ،قصّتهما، وقولوا له : ما الحكم فيهما؟ فذهبوا إلى الحسن (علیه السلام) وقصّوا عليه قصّتهما ، فقال الحسن (علیه السلام) : قولوا لأمير المؤمنين (علیه السلام) : إنَّ هذا إن كان ذبح ذاك فقد أحيا هذا، وقد قال الله عزّ وجلَّ: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً (2))، يخلّى عنهما، وتُخرج دية المذبوح من بيت المال (3).

3 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته ، عن رجل قتل، فحمل إلى الوالي، وجاءه قوم فشهدوا عليه أنّه قتله عمداً، فدفع الوالي القاتل إلى أولياء

ص: 317


1- التهذيب 10 ، 12 - باب البينات على القتل، ح 17 . الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ح وفيه : شيء، بدل : سبيل في الموضعين، وقد دل الحديث على تخيير الولي بالأخذ يقول أيهما شاء فلا يكون له سبيل على الآخر، يقول المحقق في الشرائع 218/4: «ولو أقر واحد بقتله عمداً ، وآخر بقتله خطأ تخير الولي تصديق أحدهما وليس له على الآخر ،سبيل، ولو أقر بقتله عمداً فأقر آخر أنه هو الذي قتله ورجع الأول، درى عنهما القصاص والدية وودي المقتول من بيت المال وهي قضية الحسن (علیه السلام)» .
2- المائدة/ 32 .
3- الفقيه ،3، 12 - باب الحيل في الأحكام ، ح 8 بتفاوت . التهذيب 6 ، 92 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 81 بتفاوت وأخرجه مرسلا عن أبي جعفر (علیه السلام).

المقتول ليُقاد به، فلم يريموا (1) حتّى أتاهم رجل فأقرَّ عند الوالي أنّه قتل صاحبهم عمداً، وأنَّ هذا الرجل الّذي شهد عليه الشهود بريء من قتل صاحبكم فلان، فلا تقتلوه به، وخذوني بدمه؟ قال : فقال أبو جعفر عليه السّلام : إن أراد أولياء المقتول أن يقتلوا الّذي أقرّ على نفسه فليقتلوه، ولا سبيل لهم على الآخر ، ثمَّ لا سبيل لورثة الّذي أقرّ على نفسه على ورثة الّذي شهد عليه، وإن أرادوا أن يقتلوا الّذي شُهد عليه فليقتلوه ولا سبيل لهم على الّذي أقرّ ، ثمّ ليؤدّ الدية الّذي أقرَّ على نفسه إلى أولياء الذي شُهد عليه نصف الدّية، قلت: أرأيت إن أرادوا أن يقتلوهما جميعاً؟ قال : ذاك لهم، وعليهم أن يدفعوا إلى أولياء الّذي شهد عليه نصف الدية خاصّة دون صاحبه، ثمَّ يقتلونهما، قلت: إن أرادوا أن يأخذوا الدية؟ قال: فقال : الدية بينهما نصفان، لأنَّ أحدهما أقرَّ والآخر شُهد عليه قلت كيف جعلت لأولياء الّذي شهد عليه على الذي أقرَّ على نفسه نصف الدية حين قتل، ولم تجعل لأولياء الّذي أقرَّ على أولياء الّذي شهد عليه ولم يقتل؟ قال: فقال : لأنَّ الّذي شهد عليه ليس مثل الّذي أقرّ، الذي شهد عليه لم يقرّ ولم يُبرىء صاحبه ، والآخر أقر وأبرء صاحبه، فلزم الّذي أقرّ وأبرء صاحبه ما لم يلزم الّذي شهد عليه ولم يقر ولم يُبَرِّىء صاحبه (2) .

185 - باب مَن لا دِيَةَ له

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أيّما رجل قتله الحدَّ في القصاص، فلا دية له، وقال: أيما رجل عدا على رجل ليضربه، فدفعه عن نفسه، فجرحه أو قتله، فلا شيء عليه ؛ وقال : أيّما رجل اطّلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم فرموه ففقاوا عينيه أو جرحوه فلا دية له ، وقال : من بدأ فاعتدى فاعتُدي عليه فلا قَودَ له (3).

ص: 318


1- أي فلم يبرحوا أماكنهم من الريم وهو البراح.
2- التهذيب 10 ، 12 - باب البينات على القتل، ح 18 بتفاوت يسير . يقول المحقق في الشرائع 321/4: «لو شهدا أنه قتل زيداً عمداً، فأقر آخر أنه هو القاتل، وبريء المشهود عليه ، فللولي قتل المشهود عليه، ويردّ المقر نصف ديته، وله قتل المقر ولا ردّ لإقراره بالإنفراد، وله قتلهما بعد أن يرد على المشهود عليه نصف ديته دون المقر ، ولو أراد الدية كانت عليهما نصفين وهذه رواية زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام). وفي قتلهما إشكال لانتفاء الشركة وكذا في إلزامهما بالدية نصفين والقول بتخير الولي أحدهما رجه قوي غير إن الرواية من المشاهير» . أقول : بعد أن كانت الرواية مخالفة لبعض القواعد المقررة لا أقل من تنصيصها على أن البينة يُعارض بها الإقرار مع أنه سید الأدلة، بل معارضتها بما لا يقل عنها شهرة من الروايات أقول : فليس طرحها بعزيز. والله العالم.
3- التهذيب 10، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا ... ، ح 18 . وروى صدر الحديث في الاستبصار 4، 164 - باب من قتله الحد ، ح 1 . الفقيه 4، 21 - باب من لا دية له في جراح أو قتل ، ح 3 و 8 وروى فيهما بعض الحديث.

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت سنان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول في رجل أراد امرأة على نفسها حراماً، فرمته بحجر، فأصاب منه ،مقتلا، قال: ليس عليها شيء فيما بینها و بین الله عزّ وجلَّ، وإن قدَّمت إلى إمام عادل أهدَرَ دمه (1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن مفضّل بن صالح، عن زيد الشحّام قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتله القصاص، هل له ديه؟ قال : لو كان ذلك لم يُقتصَّ من أحد، ومن قتله الحدُّ فلا ديةَ له (2).

4 - عنه ، عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : إذا أراد رجلُ أن يضرب رجلاً ظُلماً ، فاتقاه الرّجل، أو دفعه عن نفسه، فأصابه ضرر، فلا شيء عليه (3).

ه - وعنه ، عن محمّد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله (علیه السلام ) قال : إذا أطلع رجل على قوم يشرف عليهم ، أو ينظر إليهم من خَلَل شيء لهم، فرموه فأصابوه فقتلوه أو فقأوا عينه ، فليس عليهم غرم ؛ وقال : إنَّ رجلاً أطلع من خَلَل حجرة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، فجاء رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بمِشْقَص ليفقأ عينه، فوجده قد انطلق فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : أي خبيث، أمَا والله لو ثبت لي لفقأتُ عينيك (4).

6 - يونس، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل ضرب رجلاً ظلماً، فردَّ، الرجل عن نفسه، فأصابه شي ء، أنّه قال: لا شيء عليه(5).

ص: 319


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 19 بتفاوت قليل الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح . ورواه أيضاً برقم 3 من الباب 64 من نفس الجزء من الفقيه بتفاوت قليل.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب . ح 20 . الاستبصار ،4، 164 - باب من قتله الحد ، ح 2 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم القصاص من المسلم من كل من أباح الشرع قتله كالزاني واللائط وسابّ النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) ... الخ . ولذلك اشترطوا في ثبوت القصاص أن يكون المقتول محقون الدم، يقول المحقق في الشرائع 216/4: «الشرط الخامس - أن يكون المقتول محقون الدم احترازا عن المرتد بالنظر إلى المسلم فإن المسلم لو قتله لم يثبت القود وكذا كل من أباح الشرع قتله ومثله من هلك بسراية القصاص أو الحد» .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 22 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 23 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 2 بتفاوت . والمِشْقَص : نصل عريض، أو سهم فيه ذلك .
5- التهذيب 10، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا ... ، ح 21 .

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن

محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: كان صبيان في زمن عليّ (علیه السلام) يلعبون بأخطارهم(1)، فرمى أحدهم [الآخر] بخَطَره فدقّ رُباعيّة صاحبه ، فرُفع ذلك إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) ، فأقام الرامي البيّنة بأنّه قال : حذارِ حذارِ، فدرأ عنه القصاص، ثمَّ قال : قد أعذر من حذَّر ؛ قال : وسألته عن رجل قتله القصاص، هل له دية؟ فقال : لو كان ذلك لم يَقْتَصَّ أحد من أحد، و من قتله الحدُّ فلا دية له (2).

- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : أطّلع رجلٌ على النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) من الجريد، فقال له النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : لو أعلم أنّك تَثبُتُ لي لقُمْتُ إليك بالمشقص حتّى أفقأ به عينك، قال: فقلت له : أذاك لنا ؟ فقال : ويحك - أو (3) ويلك - ، أقول لك : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فعل ، تقول : ذلك لنا ؟ ! (4).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : من بَدَأ فاعتدى، فاعتدِيَ عليه، فلا قَوَدَ له (5).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح الثوري ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان عليُّ (علیه السلام) يقول : من ضربناه حدّاً من حدود الله فمات، فلادية له علينا ، ومن ضربناه حدًّا في شيء من حقوق الناس فمات، فإنَّ ديته علينا(6).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن عبید بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : بَيْنَا رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) في حُجُراته مع بعض أزواجه، ومعه مغازل له يقلبها، إذ أبصر بعينين تطَّلعان، فقال : لو أعلم أنّك تثبت لي لقمتُ

ص: 320


1- أخطار: جمع خَطَر، وهو في الأصل : الرهن، وما يخاطر عليه .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 24 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 21 - باب من لا دية له في جراح أو قتل، ح 6 بتفاوت يسير وبدون الذيل . هذا، وقد عمل أصحابنا بمضمون هذا الحديث فراجع شرائع الإسلام للمحقق 4 / 250 - 251 .
3- الترديد من الراوي .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 25 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 26 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 4 .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 27 . الاستبصار 4 ، 164 - باب من قتله الحد، ح .. الفقيه 4 ، 17 - باب نوادر الحدود، ح 5 ونسب القول إلى الصادق (علیه السلام) من دون ذكر لعلي (علیه السلام).

حتّى أبخسك، فقلت: نفعل نحن مثل هذا إن فعل مثله بنا؟ قال : إن خَفِي لك فافعله .

12 - عليُّ، عن أبيه، عن محمّد بن حفص، عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها، فلمّا جمع الثياب تابعته نفسه فكابَرها على نفسها، فواقعها، فتحرَّك ابنها فقام فقتله(1) بفأس كان معه، فلمّا فرغ، حمل الثياب وذهب ليخرج، حملت عليه بالفاس فقتلته، فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد ؟ فقال (2)أبو عبد الله (علیه السلام) : اقض على هذا كما وصفت لك، فقال: يضمن مواليه الّذين يطلبون بدمه دية الغلام ويضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف درهم بمكابرتها على فرجها أنّه زان، وهو في مال- [ه] غريمه، وليس عليها في قتلها إيّاه شيء، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): من كابَرَ امرأة ليَفْجُرَ بها فقتلته، فلا دية له ولا قَوَد(3).

13 - وعنه قال : قلت : رجلٌ تزوَّج امرأة، فلمّا كان ليلة البناء(4)، عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجلة، فلمّا دخل الرجل يباضع أهله، ثار الصديق فاقتتلا في البيت، فقتل الزوجُ الصديق، وقامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتلته بالصديق ؟ فقال : تضمن المرأة دية الصديق، وتُقتل بالزوج(5) .

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن الحسين بن خالد، عن عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سئل عن رجل أتى رجلاً وهو راقد، فلما صار على ظهره أيقن ،به فَبَعَجَهُ

ص: 321


1- أي إن السارق قتل الابن بفأس كان معه .
2- الظاهر إن هذا القول: فقال أبو عبد الله (علیه السلام) .... هنا، هو حشو زائد بفعل النسّاخ، والأنسب أن يحذف.
3- التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا ...، ح 28 بدون الذيل من قوله : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) . . . ، الفقيه 4، 64 - باب ما جاء في السارق يكابر امرأة على فرجها و . . . ، ح 1 بتفاوت وسند آخر. وقد ذكر الشيخ ذيل الحديث في ذيل ح رقم 31 من نفس الباب ونفس الجزء أعلاه من التهذيب. هذا وقال المحقق في الشرائع 252/4 - 253 بعد أن ذكر هذه الرواية : «ووجه الدية ، فوات محل القصاص لأنها قتلته دفعاً عن المال (فهو مهدور الدم لأنه محارب) فلم يقع قصاصاً وإيجاب المال دليل على أن مهر المثل في هذا لا يتقدر بخمسين دينارا، بل بمَهْرِ أمثالها ما بلغ، وتنزل هذه الرواية على أن مهر أمثال القاتلة هذا القدر» .
4- بنى بالمرأة: دخل بها وَوَطَاها .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 29 الفقيه 4 ، 65 - باب المرأة تُدخل بيت زوجها رجلاً فيقتله زوجها و....، ح 1 وأخرجه عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام). هذا، ويقول المحقق في الشرائع 253/4 بعد إيراده الرواية، وفي تضمين دية الصديق تردد، أقربه أن دمه هدر وأما الشهيد الثاني رحمه الله نزّل ضمان المرأة لديه الصديق على أنها هي التي غرّت الصديق مع جهل الزوج بذلك، فتكون سببا في هلاكه ، وقال رحمه الله بعد ذلك في الروضة :397/2 : والحكم المذكور في الرواية مع ضعف سندها في واقعة مخالفاً للأصول فلا يتعدّى، فلعله (علیه السلام) علم بموجب ذلك .

بَعْجَةً فقتله ؟ فقال : لا دية له ولا قود (1).

15 - عليُّ، عن أبيه، عن صالح بن سعيد، عن يونس عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل أعنف على امرأته أو امرأة أعنفت على زوجها فقَتَل أحدُهما الآخر؟ قال : لا شيء عليهما إذا كانا ،مأمونين فإن أنَّهما ألزمهما اليمين بالله أنّهما لم يريدا القتل (2) .

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد بن المختار؛ ومحمّد بن المختار؛ ومحمّد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلوي، جميعاً عن الفتح بن يزيد الجرجاني ، عن أبي الحسن (علیه السلام) في رجل دخل على دار آخر للتلصّص أو الفجور، فقتله صاحب الدار أيُقتل به أم لا؟ فقال : إعلَم إنّ من دخل دار غيره فقد أهدر دمه ولا يجب عليه شيء (3).

186 - باب الرجل الصحيح العقل يقتل المجنون

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل قتل رجلاً مجنوناً؟ فقال : إن كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فقتله، فلا شيء عليه من قَوَد ولا دية ،

ص: 322


1- التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا. صدر ح 31 بتفاوت الفقيه 4، 55 - باب ما يجب على من أتى رجلا وهو راقد فلما صار على ظهره...، ح 1 بتفاوت يسير وأخرجه عن أبي الحسن الأول (علیه السلام) .
2- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح 32 . الاستبصار 4، 165 - باب إذا أعنف أحد الزوجين على صاحبه فقتله، ما حكمه؟ ، ح 1 . الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح 23 ومعنى أعنف : أي جامعها بشدّة . وكرر الكليني رحمه الله هذا الحديث برقم 12 من باب النوادر آخر كتاب الديات . هذا ويقول المحقق في الشرائع 249/4 : «إذا أعنف بزوجه جماعاً في قبل أو دبر أو ضماً، فماتت ضمن الدية، وكذا الزوجة، وفي النهاية : إن كانا مأمونين لم يكن عليهما شيء، والرواية ضعيفة». كما يراجع جواهر الكلام للنجفي 53/42 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح30. يقول المحقق في الشرائع 181/4 :« واللص محارب، فإذا دخل داراً متغلباً كان لصاحبها محاربته، فإن أدى الدفع إلى قتله كان دمه هدراً ضائعاً لا يضمنه الدافع ولو جنى اللص عليه ،ضمن، ويجوز الكف عنه، أما لو أراد نفس المدخول عليه، فالواجب الدفع، ولا يجوز الاستسلام والحال هذه ولو عجز عن المقاومة وأمكن الهرب وجب» .

ويعطى ورثته ديته من بيت مال المسلمين قال : وإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قَوَد لمن لا يُقاد منه، فأرى أنَّ على قاتله الدية من ماله يدفعها إلى ورثة المجنون، ويستغفر الله ويتوب إليه (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي الورد قال: قلت لأبي عبد الله أو أبي جعفر (علیه السلام) : أصلحك الله ، رجلٌ حمل عليه رجل مجنون، فضربه المجنون ،ضربة، فتناول الرجل السيف من المجنون فضربه فقتله ؟ فقال : أرى أن لا ب أن لا يُقْتَلَ به ولا يغرَّم ،ديته وتكون ديته على الإمام، ولا يبطل دمه (2).

187 - باب الرجل يقتل فلم تصح الشهادة عليه حتى خولط

قتله وهو

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن خضر الصيرفيّ، عن بريد بن معاوية العجلي قال : سئل أبو جعفر (علیه السلام) عن رجل قتل رجلاً عمداً ، فلم يُقَمٌ عليه الحدُّ، ولم تصحَّ الشهادة عليه حتّى خولط وذهب عقله، ثمَّ إنّ قوماً آخرين شهدوا عليه بعدما خولط أنّه قتله ؟ فقال : إن شهدوا عليه أنّه قتله حين قتله و هو صحيح ليس به علّة من فساد ،عقله قُتل به، وإن يشهدوا عليه بذلك وكان له مال يُعرَف، دُفع إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل ، وإن لم يترك مالاً ، أعطى الدية من بيت المال، ولا يبطل دم امری مسلم (3).

188 - باب في القاتل يريد التوبة

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن أحمد المنقريّ، عن

ص: 323


1- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها، ح 46 . الفقيه 4 ، 21 - باب من لا دية له في جراح أو ...، ح 9.
2- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها، ح 48 . وفي ذيله : ولا يطلّ دمه .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 48 بتفاوت يسير. الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح5 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن من شروط القصاص كمال العقل «فلا يقتل المجنون سواء قتل مجنوناً أو عاقلا، وتثبت الدية على عاقلته وكذا الصبي ، لا يقتل بصبي ولا يبالغ ، أما لو قتل العاقل ثم جُنَّ لم يسقط عنه القود . 100 شرائع الإسلام 215/4 . كما نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن جناية القتل لا يسقط حكمها بالتقادم على حال.

عیسی الضعيف قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : رجل قتل رجلاً متعمّداً، ما توبته؟ قال : يمكّن من نفسه ، قلت : يخاف أن يقتلوه؟ قال : فَلْيُعْطِهم الدية ، قلت : يخاف أن يعلموا بذلك؟ قال : فلينظر إلى الدية فليجعلها صرراً ، ثمَّ لينظر مواقيت الصلاة فَلْيُلْقها في دراهم (1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الخزرج قال : حدَّثني فضيل بن عثمان الأعور ، عن الزهري قال : كنت عاملاً لبني أميّة، فقتلت رجلاً، فسألت علي بن الحسين (علیه السلام) بعد ذلك، كيف أصنع به؟ فقال الدية، أعرُضها على قومه، قال: ،فعرضت فأبوا ، وجهدت فأبوا ، فأخبرت عليّ بن الحسين (علیه السلام) بذلك ، فقال : اذهب معك بنفر من قومك فأشهد عليهم، قال: ففعلت فأبوا فشهدوا عليهم، فرجعت إلى عليّ بن الحسين (علیه السلام) فأخبرته ، قال : فخذ الدية فَصُرّها متفرّقة، ثمَّ انت الباب في وقت الظهر أو الفجر، فألقها في الدار، فمن أخذ شيئاً فهو يحسب لك في الدية، فإنَّ وقت الظهر والفجر ساعة يخرج فيها أهل الدار. قال الزُّهري : ففعلت ذلك، ولولا عليُّ بن الحسين (علیه السلام) لهَلَكْتُ قال : وحدَّثني بعض أصحابنا أنَّ الزهري كان ضرب رجلاً به قروح فمات من ضربه .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، وابن بكير؛ وغير واحد قالوا : كان عليُّ بن الحسين (علیه السلام) في الطواف، فنظر في ناحية المسجد إلى جماعة فقال: ما هذه الجماعة؟ فقالوا: هذا محمّد بن شهاب الزهري اختلط عقله، فليس يتكلّم، فأخرجه أهله لعلّه إذا رأى الناس أن يتكلّم، فلمّا قضى عليُّ بن الحسين طوافه، خرج حتّى دنا منه ، فلمّا رآه محمّد بن شهاب عرفه، فقال له عليُّ بن الحسين (علیه السلام) : ما لَكَ ؟ فقال : ولّيت ولاية فأصبت دماً فقتلت رجلاً، فدخلني ما ترى؟ فقال له عليُّ بن الحسين (علیه السلام) : لأنا عليك من يأسك من رحمة الله أشدُّ خوفاً مني عليك ممّا أتيتَ ، ثمَّ قال له : أعطهم الدية ، قال : قد فعلت فأبوا، فقال : اجعلها صرراً، ثمَّ انظر مواقيت الصلاة، فألقها في دارهم(2).

189 - باب قتل اللص

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : إذا قدرت على اللص فابدره وأنا (3) شريكك في دمه(4).

ص: 324


1- مر برقم 4 من الباب 174 من هذا الجزء فراجع.
2- التهذيب 11 - باب القضايا في الديات والقصاص ، ح 32 .
3- في التهذيب : فأنا...
4- التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا ...، ح 38 .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرجل يقاتل عن ماله؟ فقال: إنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قال : من قُتل دون ماله فهو بمنزلة شهيد فقلنا له: أفيقاتل أفضل؟ فقال: إن لم تقاتل فلا بأس، أما أنا فلو كنت لتركته ولم أقاتل(1).

3 - عليُّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن عبد الله بن عامر قال : سمعته يقول - وقد تجارينا ذكر الصعاليك -

فقال عبد الله بن عامر : حدَّثنى هذا - وأومأ إلى أحمد بن إسحاق - أنّه كتب إلى أبي محمّد (علیه السلام) يسأل عنهم، فكتب إليه : أقتلهم (2).

4 - وعنه ، عن أحمد بن أبي عبد الله ،وغيره أنّه كتب إليه يسأله عن الأكراد؟ فكتب إليه : لا تُنَبّهوهم إلّا بحدّ السّيف (3).

5 - أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أحمد القلانسي، عن أحمد بن الفضل، عن عبد الله بن جبلة ، عن فزارة، عن أنس أو(4) هيثم بن البراء، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قلت له : اللص يدخل عَلَيَّ في بيتي يريد نفسي ومالي ؟ فقال : فاقتله، فأشهد الله ومَن سمع، أنَّ دمه في عنقي ، قال : قلت أصلحك الله ، فأين علامة هذا الأمر؟ فقال: أترى بالصّبح من خفاء؟ قال: قلت : لا ، قال : فإنَّ أمرنا إذا كان ، كان أبين من فلق الصّبح ، قال : ثمَّ قال : مزاولة جبل بظفر، أهون من مزاولة مُلْك لم ينقض أكله، فاتّقوا الله تبارك وتعالى، ولا تقتلوا أنفسكم للظّلمة (5).

190 - باب الرجل يقتل ابنه والابن يقتل أباه وأمه

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن

ص: 325


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 35 بتفاوت يسير جداً. الفقيه 4 ، 19 - باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها و...، ح 11 بسند آخر.
2- التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا....، ح 36 . وذكر كتابة أحمد بن إسحاق إليه (علیه السلام) من دون ذكر السند . والظاهر أن المراد بالصعاليك - هنا - اللصوص، أو قطّاع الطرق.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 37 . وفيه في السند أو غيره . والظاهر أيضاً، إن المراد بالأكراد هنا اللصوص منهم. وذلك بقرينة عنوان الباب.
4- الترديد من الراوي .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 34 وفيه إلى قوله : في عنقي . والارتباط بين صدر الحديث وذيله غير واضح عندي وإن كان المعنى واضحاً.

الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن حمران عن أحدهما (علیهما السلام) قال : لا يُقاد والد بولده، ويُقتل الولد إذا قتل والده عمداً(1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل قتل أمّه؟ قال : يُقتَل بها صاغراً، ولا أظنَّ قتله كفّارة له، ولا يرثها (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يُقتل الأب بابنه إذا قتله، ويُقتل الابن بأبيه إذا قتل أباه (3).

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن الرَّجل يقتل ابنه ، أيُقْتَل به؟ قال : لا(4) .

5- عليُّ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن ابن سنان، عن العلاء بن الفضيل قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : لا يقتل الوالد ،بولده، ويُقتل الولد بوالده، ولا يرث الرَّجلُ الرَّجلَ إذا قتله وإن كان خطأً ((5).

191 - باب الرجل يقتل المرأة والمرأة تقتل الرجل، وفضل دية الرجل على دية المرأة في النفس والجراحات

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن مسكان، عن

ص: 326


1- التهذيب 10 ، 19 - باب قتل السيد عبده، والوالد ولده ، ح 13 . وفي ذيله متعمداً . يقول المحقق في الشرائع 214/4 : «فلو قتل ولده لم يُقتل به وعليه الكفارة والدية والتعزير، وكذا لو قتله أبو الأب وإن علا، ويُقتل الولد بأبيه، وكذا الأم تقتل به ويقتل بها . . . . ».
2- التهذيب 9 ، 41 - باب ميراث القاتل ، ح4 ، وكرره برقم 16 من الباب 19 من الجزء 10 من التهذيب بتفاوت في الموضعين عما هنا وبتفاوت فيما بين الموردين أيضاً. وكذا كرره برقم 10 من الباب 25 من الجزء 10 من التهذيب أيضا . وكان الكليني (رحمه الله) قد ذكر هذا الحديث برقم 4 من باب ميراث القاتل في كتاب المواريث من هذا الجزء فراجع .
3- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح 14 . الفقيه 4 ، 28 - باب الرجل يقتل ابنه أو أباه أو أمه ، ح 1 بزيادة في آخره .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 15 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 18 . هذا، وقد ذكر الشيخ رحمه الله في التهذيب نقلا عن الشيخ المفيد رحمه الله من أن وجه قوله أنه لا يرث الرجل الرجل وإن قتله خطأ أي من دينه ويرثه مما عدا الدية وأما المتعمد فلا يرثه شيئاً لا من الدية ولا من غيرها.

أبي عبد عبد الله (علیه السلام) : قال : إذا قتلت المرأة رجلاً قُتلت به ، وإذا قتل الرَّجل المرأة، فإن أرادوا القَوَد، أدُّوا فضل دية الرَّجل وأقادوه بها، وإن لم يفعلوا قبلوا من القاتل الدّية - دية المرأة - كاملة، ودية المرأة نصف دية الرَّجل (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال في رجل يقتل المرأة متعمّداً فأراد أهل المرأة أن يقتلوه؟ قال : ذلك لهم إذا أدُّوا إلى أهله نصف الدّية، وإن قبلوا الدّية، فلهم نصف دية الرَّجل ، وإن قتلت المرأة الرَّجل قُتِلَت به وليس لهم إلّا نفسها ؛ وقال : جراحات الرّجال والنّساء سواء، سنُّ المرأة بسنّ الرَّجل، وموضحة المرأة بموضحة الرَّجل ، وأصبع المرأة بأصبع الرَّجل، حتّى تبلغ الجراحة ثلث الدّية، فإذا بلغت ثلث الدية أضعفت ديةُ الرّجل على دية المرأة (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الجراحات؟ فقال: جراحة المرأة مثل جراحة الرَّجل حتّى تبلغ ثلث الدَّية، فإذا بلغت ثلث الدّية سواء، أضعفت جراحة الرَّجل ضعفين على جراحة ،المرأة، وسنُّ الرجل وسنُّ المرأة سواء ، وقال : إن قتل رجل امرأة عمداً فأراد أهل المرأة أن يقتلوا الرَّجل، ردُّوا إلى أهل الرّجل نصف الدّية وقتلوه، قال: وسألته عن امرأة قتلت رجلاً؟ قال : تُقتل به، ولا يغرم أهلها شيئاً (3).

ص: 327


1- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و...، ح 2 . الاستبصار 4، 154 - باب حكم الرجل إذا قتل المرأة، ح 2 .
2- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و....، ح 1 . الاستبصار 4 ، 154 - باب حكم الرجل إذا قتل المرأة ، ح 1 وروى صدر الحديث إلى قوله : فلهم نصف الذية . وروى أيضاً من قوله : وإن قتلت المرأة الرجل... إلى قوله : إلا نفسها برقم 1 من الباب 155 من نفس الجزء من الاستبصار . هذا ومما لا خلاف فيه ولا إشكال نصاً وفتوى عند أصحابنا رضوان الله عليهم إن دية المرأة الحرة المسلمة على النصف من دية الرجل من جميع الأجناس، صغيرة كانت أو كبيرة عاقلة أو مجنونة سليمة الأعضاء أو غير سليمتها، يقول صاحب الجواهر 32/42 :« بل الإجماع بقسميه عليه بل المحكي منهما مستفيض أو متواتر كالنصوص بل هو كذلك من المسلمين كافة إلا من ابن علية والأصم فقالا هي كالرجل وقد سبقهما الإجماع ولحقهما . . . » .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 3 وروى ذيله في الاستبصار 4 ، 155 - باب حكم المرأة إذا قتلت رجلاً ، ح 2 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 4/ 279 : «المرأة تساوي الرجل في ديات الأعضاء والجراح حتى تبلغ ثلث دية الرجل، ثم تصير على النصف سواء كان الجاني رجلاً أو امرأة، ففي الأصبع مائة، وفي الاثنتين مائتان، وفي الثلاث ثلاثمائة، وفي الأربع مئتان وكذا يُقتص (لها) من الرجل في الأعضاء والجراح من غير رد حتى تبلغ الثلث، ثم يقتص مع الرد».

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول في رجل قتل امرأة متعمّداً، فقال : إن شاء أهلها أن يقتلوه ويؤدُّوا إلى أهله نصف الدّية، وإن شاؤوا أخذوا نصف الدّية -خمسة آلاف درهم- ، وقال في امرأة قتلت زوجها متعمّداً ، فقال : إن شاء أهله أن يقتلوها قتلوها، وليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه

(1).

5 - ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن الحلبيّ ؛ وأبي عبيدة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سئل عن رجل قتل امرأة خطأ على رأس الولد تمخض ؟ قال عليه الدّية خمسة آلاف درهم، وعليه الّذي في بطنها غُرَةٌ وصَيف أو وَصِيفة، أو أربعون ديناراً (2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : ما تقول في رجل قطع أصبعاً من أصابع المرأة، كم فيها؟ قال : عشر من الإبل، قلت قطع اثنين؟ قال عشرون قلت قطع ثلاثاً؟ قال : ثلاثون، قلت: قطع أربعاً؟ قال : عشرون، قلت: سبحان الله ، يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثون، ويقطع أربعاً فيكون عليه عشرون؟ إنَّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرء ممّن قاله ونقول : الذي جاء به شيطان؟! فقال : مهلاً يا أبان ، هكذا حكم رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ، إنَّ المرأة تقابل الرَّجل إلى ثلث الدّية، فإذا بلغت الثّلث، رجعت إلى النّصف، يا أبَان، إنّك أخذتني بالقياس، والسُنّة إذا قيست مُحِقَ الدّين (3).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن المرأة بينها وبين الرَّجل قصاص ؟ قال : نعم، في الجراحات حتّى تبلغ

ص: 328


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 4 . وروى صدره إلى قوله : خمسة آلاف درهم في الاستبصار 4، 154 - باب حكم الرجل إذا قتل المرأة ، ح 3 . وأخرج ذيل الحديث بتفاوت يسير برقم 3 من الباب 155 من نفس الجزء. كما أخرج الذيل بتفاوت في الفقيه 4 ، 23 - باب من خطاه عمد، ح 3 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 22 وكرره برقم 14 من الباب 25 من نفس الجزء أيضاً. الاستبصار 4 ، 179 - باب دية الجنين، ح 8 .
3- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و . . . ، ح 16 وفي ذيله : المحق...، بدل: مُحِق...، الفقيه 4 ، 27 - باب الجراحات والقتل بين النساء و . . . ، ح 1 بتفاوت .

الثلث سواء، فإذا بلغت الثلث ارتفع الرَّجل وَسَفَلَت المرأة (1).

8- عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب ، عن الحلبيّ قال : سئل أبو عبد الله (علیه السلام) : عن جراحات الرّجال والنّساء في الدّيات والقصاص؟ فقال: الرّجال والنّساء في القصاص سواء السنُّ بالسنّ، والشجّة بالشجّة، والأصبع بالأصبع سواء حتّى تبلغ الجراحات ثلث الدّية، فإذا جاوزت الثلث صُيّرت دية الرَّجل في الجراحات ثلثي الدّية، ودية النّساء ثلث الدّية(2).

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد، عن أبي مريم الأنصاري، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : أتي رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) برجل قد ضرب امرأة حاملاً بعمود الفسطاط فقتلها، فخيّر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أولياءها أن يأخذوا الدّية خمسة آلاف درهم، وغرَّة وصيف أو وصيفة للّذي في بطنها ، أو يدفعوا إلى أولياء القاتل خمسة آلاف [درهم] ويقتلوه (3).

10 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : قلت له : رجل قتل امرأة؟ فقال : إن أراد أهل المرأة أن يقتلوه، أدُّوا نصف ديته وقتلوه، وإلّا قبلوا الدّية(4).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: جراحات المرأة والرَّجل سواء، إلى أن تبلغ ثلث الدّية، فإذا جاز ذلك، تضاعفت جراحة الرجل على جراحة المرأة ضعفين .

ص: 329


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 17 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 2 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 23 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 5 . والغُرّة - كما في النهاية - العبد نفسه أو الأمة. واصل الغُرّة البياض الذي يكون في وجه الفرس، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول : الغُرّة : عبد أبيض أو أمة بيضاء، فلا يقبل في الدية أسود ، وليس ذلك شرطاً عند الفقهاء. هذا وإنما تجب الغرّة - وهي عند الفقهاء ما بلغ ثمنه نصف عشر الدية من العبيد والإماء - فيما إذا سقط الجنين حياً، أما إذا سقط ميتاً ففيه الدية كاملة .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .6 . وفي ذيله : وإلا قبلوا نصف الدية . الاستبصار 4، 154 - باب حكم الرجل إذا قتل المرأة ، ح 4. الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 3. هذا، وقد أورد السيد المرتضى في الانتصار / 270 هذه المسألة وجعل ما تضمنته من حكم من متفردات الأمامية واستدل بالإجماع المتردد ، وبأن نفس المرأة لا تساوي نفس الرجل بل هي على النصف منها، فيجب إذا أخذت النفس الكاملة بالناقصة أن يردّ فضل ما بينهما .

12 - عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) : في رجل فَقَأ عين امرأة؟ فقال: إن يشاؤوا أن يفقأوا عينه ويؤدوا إليه وإن شاءت أن تأخذ ربع الدّية ؛ وقال : في امرأة فقأت عين ،رجل، أنّه إن شاء فقأ عينها، وإلّا أخذ دية عينه (1).

13 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : إن قتل رجل امرأة ، وأراد أهل المرأة أن يقتلوه، أدُّوا نصف الدّية إلى أهل الرَّجل .

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن عبد الكريم (2)، عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قطع أصبع امرأة؟ قال : يقطع أصبعه حتّى ينتهي إلى ثلث الدّية، فإذا جاز الثلث كان في الرَّجل الضّعف (3).

192 - باب من خطاؤه عمد ومن عمده خطأ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سئل عن غلام لم يدرك وامرأة قتلا رجلاً خطأ ؟ فقال : إنّ خطأ المرأة والغلام عمد، فإن أحبَّ أولياء المقتول أن يقتلوهما قتلوهما ، ويؤدُّوا إلى أولياء الغلام خمسة آلاف درهم، وإن أحبّوا أن يقتلوا الغلام قتلوه ، وتردُّ المرأة إلى أولياء الغلام ربع الدَّية، وإن أحبَّ أولياء المقتول أن يقتلوا المرأة قتلوها، ويردّ الغلام على أولياء المرأة ربع الدية قال : وإن أحبَّ أولياء المقتول أن يأخذوا الدّية، كان على الغلام نصف الدّية، وعلى المرأة نصف الدّية (4).

ص: 330


1- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و. ح 24 .
2- في سند التهذيب : عن كرّام....
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 21 بتفاوت .
4- التهذيب 10 ، 21 - باب اشتراك الأحرار والعبيد والنساء والرجال و...، ح3. الاستبصار 4 ، 170 - باب المرأة والعبد يقتلان رجلاً ، ح 2 بتفاوت قليل فيهما . الفقيه 4 ، 23 - باب من خطأه عمد، ح 1 . هذا، وقد قال الشيخ الطوسي في التهذيب بعد أن أورد هذه الرواية والرواية التالية : قد أوردت هاتين الروايتين لما تتضمنان من أحكام قتل العمد، فأما قوله في الخبر الأول: إن خطأ المرأة والعبد عمد، وفي الرواية الأخرى : إن خطأ المرأة والغلام ،عمد، فهذا مخالف لقول الله تعالى، لأن الله حكم في قتل الخطأ بالدية دون القود، فلا يجوز أن يكون الخطأ عمداً، كما لا يجوز أن يكون العمد خطأ إلا فيمن ليس بمكلف مثل المجانين والذين ليسوا عقلاء، وأيضاً قد قدمنا من الأخبار ما يدل على أن العبد إذا قتل خطأ سلّم إلى أولياء المقتول أو يفتديه مولاه وليس لهم قتله، وكذلك قد بينا أن الصبي إذا لم يبلغ فإن عمده خطأ، وتتحمل الدية عاقلته، فكيف يجوز أن نقول في هذه الرواية إن خطأه عمد، وإذا كان الخبران على ما قلناه من الاختلاط، لم ينبغ أن يكون العمل عليهما فيما يتعلق بأن يجعل الخطأ عمداً . على أنه يشبه أن يكون الوجه فيه : إن خطأهما عمد على ما يعتقده بعض مخالفينا أنه خطأ، لأن منهم من يقول : إن كل من يقتل بغير حديدة فإن قتله خطأ، وقد بينا نحن خلاف ذلك، وأن القتل بأي شيء كان إذا قصد كان عمداً، ويكون القول في قوله (علیه السلام) : غلام لم يدرك ، المراد به : لم يدرك حد الكمال، لأنا قد بينا أنه إذا بلغ خمسة أشبار اقتص منه .

2 - ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن ضريس الكناسيّ قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن امرأة وعبد قتلا رجلاً خطأ ؟ فقال : إنَّ خطأ المرأة والعبد مثل العمد، فإن أحبَّ أولياء المقتول أن يقتلوهما قتلوهما، فإن كان قيمة العبد أكثر من خمسة آلاف درهم، فليردّوا إلى سيّد العبد ما يفضل بعد الخمسة آلاف درهم وإن أحبّوا أن يقتلوا المرأة ويأخذوا العبد، أخذوا، إلّا أن تكون قيمته أكثر من خمسة آلاف درهم فليردُّوا على مولى العبد ما يفضل بعد الخمسة آلاف درهم، ويأخذوا العبد، أو يفتديه سيّده، وإن كانت قيمة العبد أقلَّ من خمسة آلاف درهم، فليس لهم إلّا العبد(1).

3- ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطي، عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن أعمى فقأ عين صحيح [متعمداً]؟ قال: فقال يا أبا عبيدة، إنَّ عمد الأعمى : مثل الخطأ هذا فيه الدية من ماله ، فإن لم يكن له مالٌ، فإنَّ ديته على الإمام، ولا يبطل حقّ مسلم (2).

ص: 331


1- التهذيب 10 ، 21 - باب اشتراك الأحرار والعبيد والنساء و . . . ، ح 2 . الاستبصار 4 ، 170 - باب المرأة والعبد يقتلان رجلا، ح 1 . الفقيه 4 ، 23 - باب من خطأه عمد، ح 2 . قال المحقق في الشرائع 204/4 : «لو اشترك عبد وامرأة في قتل حر فللأولياء قتلهما ولا ردّ على المرأة ولا على العبد إلا أن تزيد قيمته عن نصف دية المقتول فيرد على مولاه الزائد، ولو قتلت المرأة به كان لهم استرقاق العبد إلا أن تكون قيمته زائدة عن نصف دية المقتول فيرد على مولاه ما فضل وإن قتلوا العبد وقيمته بقدر جنايته أو أقل فلارد، وعلى المرأة دية جنايتها، وإن كانت قيمته أكثر من نصف الدية ردّت عليه المرأة ما فضل عن قيمته ، وإن استوعب دية الحر، وإلا كان الفاضل لورثة المقتول أولا» .
2- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس ، ح 50 . الفقيه 4، 24 - باب من عمده خطأ، ح 1 . ويقول المحقق في الشرائع 216/4 : « وفي الأعمى ،تردد أظهره أنه كالمبصر في توجه القصاص بعمده، وفي رواية الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام). إن جنايته خطأ تلزم العاقلة». ويقصد برواية الحلبي المذكورة ما رواه هو برقم 51 من الباب المذكور أعلاه الجزء 10 من التهذيب وهي ما رواها الصدوق برقم 6 من الباب 33 من الجزء 4 من الفقيه .

193 - باب نادر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل وغلام اشتركا في قتل رجل فقتلاه ؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتُصَّ منه، وإن لم يكن بلغ خمسة أشبار قضى بالدّية(1).

194 - باب الرجل يقتل مملوكه أو يُنكّل به

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن رجل قتل مملوكاً له؟ قال: يعتق رقبة، ويصوم شهرین متتابعين، ويتوب إلى الله (2).

عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن زرعة، عن سماعة مثله .

2 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال في الرَّجل يقتل مملوكه متعمّداً؟ قال: يعجبني أن يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستّين مسكيناً، ثمَّ تكون التوبة بعد ذلك (3).

ص: 332


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 55 ، وكرره برقم 4 من الباب 21 من نفس الجزء. وأورد كلاماً له رحمه الله يستشف منه أنه يعمل برواية الخمسة أشبار هذه. هذا، والذي يظهر من كلمات أصحابنا الإجماع على أن من شرائط القصاص العقل، ولذا نجدهم قد أفتوا بعدم قتل الصبي بالصبي ولا بالبالغ وقد قدّمنا نصاً للمحقق حول ذلك قبل قليل، حيث نجده يضيف في الشرائع 4 / 215 : «.... وفي رواية يقتص من الصبي إذا بلغ عشراً، وفي أخرى: إذا بلغ خمسة أشبار، وتقام عليه الحدود، والوجه : إن عمد الصبي خطأ محض يلزم أرشه العاقلة حتى يبلغ خمس عشرة سنة ».
2- التهذيب 10 ، 19 - باب قتل السيد عبده و...، ح 3 .
3- التهذيب ،8 ، 15 - باب الكفارات، ح 17 وكرر برقم 4 من الباب 19 من الجزء 10 من التهذيب الفقيه 4 ، 29 - باب المسلم يقتل الذمي أو العبد أو . ح 14 . ورواه أيضاً بتفاوت قليل بذيل ح 17 من الباب 19 من نفس الجزء من الفقيه . يقول المحقق في الشرائع 287/4 وهو بصدد الحديث عن كفارة القتل :« يجب كفارة الجمع بقتل العمد، والمرتبة بقتل الخطأ، مع المباشرة لا مع التسبيب . التسبيب ، .... وتجب بقتل المسلم ذكراً كان أو أنثى حراً أو عبداً ، وكذا تجب بقتل الصبي والمجنون، وعلى المولى بقتل عبده كذا راجع اللمعة والروضة 2 / الديات، من الطبعة الحجرية، حيث رميت الرواية بالضعف وقال : ويمكن حملها على الاستحباب وذلك فيما يتعلق منها بوجوب التصدق بقيمة العبد .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن حمران، عن أبي جعفر (علیه السلام) في الرجل يقتل مملوكاً له؟ قال: يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويتوب إلى الله عزّ وجلَّ(1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : من قتل عبده متعمّداً، فعليه أن يعتق رقبة، وأن يطعم ستّين مسكيناً، ويصوم شهرين متتابعین (2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد بن المختار؛ ومحمّد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلويّ، جميعاً عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن (علیه السلام) في رجل قتل مملوكته أو مملوكه ؟ قال : إن كان المملوك له أدَّب وحُبس، إلّا أن يكون معروفاً بقتل المماليك فيُقتَل به (3).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) رُفع إليه رجلٌ عذَّب عبده حتّى مات، فضربه مائةً نكالاً ، وحبسه سنة ، وأغرمه قيمة العبد فتصدَّق بها عنه (4).

7 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عنهم (علیهم السلام) قال : سئل عن رجل قتل مملوكه ؟ قال : إن كان غير معروف بالقتل ضُرب ضرباً شديداً، وأخذ منه قيمة العبد ويُدفع إلى بيت مال المسلمين وإن كان متعوّداً للقتل قُتل به(5).

8 - علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن أبي بصير

ص: 333


1- التهذيب 10 ، 19 - باب قتل السيد عبده و. . . . ح 2 و 1 .
2- التهذيب 10 ، 19 - باب قتل السيد عبده و. . . . ح 2 و 1 .
3- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و ... ، ح 55 الاستبصار 4 ، 158 - باب أنه لا يقتل حر بعبد، ح 8. قال المحقق في الشرائع 205/4 :« ولا يُقتل حر بعبد ولا أمة ، وقيل : إن اعتاد قتل العبيد قتل حسماً للجرأة . ولو قتل المولى عبده كفر وعُزّر ولم يقتل به ، وقيل : يغرم قيمته ويتصدق بها، وفي المستند ضعف، وفي بعض الروايات : إن اعتاد ذلك قتل به، ولو قتل عبداً لغيره عمداً غرم قيمته يوم قتله، ولا يتجاوز بها دية الحر، (ولا بقيمة المملوكة دية الحرة) ولو كان ذميا لذمي لم يتجاوز بقيمة الذكر دية ،مولاه، ولا بقيمة الأنثى دية الذمية . . . . .».
4- التهذيب 10 ، 19 - باب قتل السيد عبده و . . . ، ح 5 الفقيه 4 ، 48 - باب ما يجب على من عذب عبده حتى مات، ح 1 :وفيه وحبسه من دون تقييده بسنة .
5- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و. ... ح 56 ، وكرره برقم 18 من الباب 19 من نفس الجزء الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح 9 .

عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في امرأة قطعت ثَدْيَ وليدتها، أنّها حرّة لا سبيل لمولاتها عليها ؛ وقضى فيمن نكّل بمملوكه ، فهو حرُّ لا سبيل له عليه ، سائبة يذهب فيتولّى إلى من أحبّ، فإذا ضمن جريرته فهو يرثه (1).

195 - باب الرجل الحر يقتل مملوك غيره أو يجرحه والمملوك يقتل الحر أو يجرحه

1 - أبو عليُّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : قلت له قول الله عزّ وجلَّ : (كُتب عليكم القصاص في القتلى الحرُّ بالحرّ والعبدُ بالعبد والأنثى بالأنثى(2)) ؟ قال : فقال : لا يُقتل حرُّ بعبد، ولكن يُضرب ضرباً شديداً، ويَغْرَم ثمنه دية العبد (3).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال : يقتل العبد بالحرّ، ولا يقتل الحرّ بالعبد، ولكن يغرم ثمنه، ويضرب ضرباً شديداً حتّى لا يعود(4).

3- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال : لا يُقتل الحرُّ بالعبد، وإذا قتل الحرُّ العبدَ غرّم ثمنه، وضُرب ضرباً شديداً (5).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يُقتل حرّ بعبد وإن قتله عمداً، ولكن يغرم ثمنه، ويضرب ضرباً شديداً إذا قتله عمداً، وقال: دِيَةُ المملوك ثَمَنُهُ (6).

ص: 334


1- التهذيب 10 ، 19 - باب قتل السيد عبده و ... ، ح 9 . الفقيه 4 ، 53 باب الحرية، ح 6 وروى صدره فقط إلى قوله : لمولاتها عليها مرسلا وروى ذيله بتفاوت برقم 5 من نفس الباب .
2- البقرة/ 187 .
3- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و . . . ، ح 51 وفي ذيله : ويغرم ثمن العبد . الاستبصار 4 ، 158 - باب أنه لا يقتل حر بعبد ، ح 4 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 50 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 3 . الفقيه 4 ، 29 - باب المسلم يقتل الذمي و . . . ، ح 13 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 48 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 1 . الفقيه 4 ، 19 - باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها و ... ، صدر ح 211 بتفاوت .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح49. الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح 2 .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : دِيَة العبد قيمته ، فإن كان نفيساً ، فأفضل قيمته عشرة آلاف درهم، ولا يجاوز به دية الحرّ (1).

6 - يونس ، عن أبان بن تغلب، عمّن رواه عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قتل العبدُ الحرّ، دُفع إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوه ، وإن شاؤوا حبسوه ، وإن شاؤوا استرقّوه ويكون عبداً لهم(2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (علیهما السلام) في العبد إذا قتل الحرَّ، دُفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا استرقّوه (3).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن ، أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن مُدَبّر قتل رجلاً عمداً ؟ فقال : يُقتل به، قال : قلت : فإن قتله خطأ؟ قال : فقال : يُدفع إلى أولياء المقتول فيكون لهم ،رقّاً، إن شاؤوا باعوه، وإن شاؤوا استرقّوه، وليس لهم أن يقتلوه، قال: ثم قال : يا أبا محمّد، إنَّ المدبّر مملوك (4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : مُدبّر قتل رجلاً خطاً، من يضمن عنه ؟ قال : يصالح عنه مولاه، فإن أبى، دفع إلى أولياء المقتول يخدمهم حتّى يموت الّذي دبره، ثمَّ يرجع حرَّا لا سبيل عليه، وفي رواية

ص: 335


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح57 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 10 . وفي التهذيب : ولا يتجاوز . . .، بدل ولا يجاوز....،
2- التهذيب 10، نفس الباب ، ح 63 . وفيه : وإن شاؤوا حبسوه يكون عبداً لهم، وإن شاؤوا استرقوه . والظاهر أنه تصحيف وما في الفروع هو الأنسب بسياق الكلام . ويقول المحقق في الشرائع 205/4 : «ولو قتل العبد حراً قتل به ولا يضمن المولى جنايته، لكن ولي الدم بالخيار بين قتله وبين ،استرقاقه وليس لمولاه فكه مع كراهية الوليّ».
3- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و . . . ، ح 64 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 79 ، الفقيه 4 ، 29 - باب المسلم يقتل الذمي أو العبد أو . . . ، ح 24 . يقول المحقق في الشرائع 206/4 : والمدبّر كالقنّ، ولو قتل عمداً، قُتِل ، وإن شاء الولي استرقاقه كان له ، ولو قتل خطاً، فإن فكه مولاه بارش الجناية وإلا سلمه للرق، وإذا مات الذي دبره ، هل ينعتق؟ قيل : لا ، لأنه كالوصية وقد خرج عن ملكه بالجناية، فيبطل التدبير ، وقيل : لا يبطل بل ينعتق، وهو المروي، ومع القول بعتقه، هل يسعى في فك رقبته؟ فيه خلاف، الأشهر أنه يسعى، وربما قال بعض الأصحاب يسعى في دية المقتول، ولعله وهم».

أخرى ويُستَسعى في قيمته(1).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي محمد الوابشي قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قوم(2) ادَّعوا على عبد جناية تُحيط برقبته، فأقرَّ العبد بها؟ قال : لا يجوز إقرار العبد على سيّده، فإن أقاموا البيّنة على ما ادَّعوا على العبد، أخذ (3) العبد بها أو يفتديه مولاه (4).

11 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قتل الحرُّ العبدَ ، غرّم قيمته وأدّب، قيل: فإن كانت قيمته عشرين ألف درهم؟ قال: لا يجاوز بقيمة عبدٍ ديةَ الأحرار (5) .

12 - وعنه ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن عليُّ بن رئاب، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : في عبد جرح حرًّا؟ قال : إن شاء الحرُّ اقتصَّ منه، وإن شاء أخذه إن كانت الجراحة تحيط ،برقبته وإن كانت لا تحيط برقبته، افتداه مولاه، فإن أبى مولاه أن يفتديه كان للحرّ المجروح من العبد بقدر دية جراحته، والباقي للمولى، يُباع العبد فيأخذ المجروح حقّه، ويرُّد الباقي على المولى (6).

ص: 336


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 80 وفيه إلى قوله : لا سبيل عليه الاستبصار 4 ، 160 - باب المدبر يقتل حراً، ح1.
2- في التهذيب : عن أقوام .
3- في التهذيب : أخذوا ....
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 65 ، وذكره أيضاً برقم 45 من الباب 10 من نفس الجزء . الفقيه 4، نفس الباب، ح 23 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على اشتراط الحرية في المقرّ فلا يقبل إقرار المملوك بمال ولا حد ولا جناية توجب آرشاً أو قصاصاً، ولو أن المملوك جنى جناية بأن جرح حراً ، كان للمجروح الاقتصاص منه، فإن طلب الدية فكه مولاه بارش الجناية، ولو امتنع ، كان للمجروح استرقاقه إن أحاطت به الجناية، وإن قصر أرشها كان له أن يسترق منه بنسبة الجناية من قيمته وإن شاء طالب ببيعه وله من ثمنه أرش الجناية فإن زاد ثمنه فالزيادة للمولى شرائع الإسلام للمحقق 205/4 .
5- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و . . . ، ح 58 . الاستبصار 4 ، 158 - باب أنه لا يقتل حر بعبد ، ح 11. بتفاوت يسير فيهما، كما لا وجود للحلبي في السند فيهما . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 21 . يقول المحقق في الشرائع 247/4 : «ودية العبد قيمته ، ولو تجاوزت دية الحرردّت إليها، وتؤخذ من مال الجاني الحر إن كانت الجناية عمداً أو شبيهاً بالعمد ومن عاقلته إن كانت خطاً . . . ».
6- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و...، ح 73 . الفقيه 4 29 - باب المسلم يقتل الذمي أو العبد أو . ... 18.

13 - ابن محبوب، عن عبد العزيز العبديّ، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل شجَّ عبداً موضحة؟ قال: عليه نصف عُشر قيمته (1).

14 - ابن محبوب، عن الحسن بن صالح قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن عبد قطع يد رجل حرّ، وله ثلاث أصابع من يده شلل ؟ فقال : وما قيمة العبد؟ قلت: اجعلها ما شئت، قال: إن كان قيمة العبد أكثر من دية الإصبعين الصحيحتين والثلاث أصابع الشلل، ردَّ الّذي قطعت يده على مولى العبد ما فضل من القيمة وأخذ العبد، وإن شاء أخذ قيمة الإصبعين الصحيحتين والثلاث أصابع الشلل قلت وكم قيمة الاصبعين الصحيحتين مع الكف والثلاث الأصابع [الشلل]؟ قال : قيمة الإصبعين الصحيحتين مع الكفّ ألفا درهم، وقيمة الثلاث الأصابع الشلل الكفّ ألف درهم، لأنها على الثلث من دية ،الصحاح ، قال : وإن كان قيمة العبد أقلُّ من دية الإصبعين الصحيحتين والثلاث الأصابع الشلل دفع العبد إلى الّذي قُطعت يده، أو يفتديه مولاه ويأخذ العبد (2).

15 - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عمّن رواه قال : قال : يلزم مولى العبد قصاص جراحة عبده من قيمة ديته على حساب ذلك يصير أرش الجراحة، وإذا جرح الحر العبد فقيمة جراحته من حساب قيمته (3).

16 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن حمران، جميعاً عن أبي عبد الله (علیه السلام) في مدبّر قتل رجلاً خطاً؟ قال : إن شاء مولاه أن يؤدّي إليهم الدية، وإلّا دفعه إليهم يخدمهم ، فإذا مات مولاه - يعني الّذي أعتقه - رجع حرًّا ؛ وفي رواية يونس : لا شيء عليه (4).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن نعيم بن إبراهيم، عن مسمع بن عبد الملك، عن عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أمّ الولد جنايتها في حقوق الناس على سيّدها، وما كان

ص: 337


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 61 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 19 . والموضحة : هي الجراحة التي تكشف عن وضح العظم والدية فيها للحر خمس من الإبل .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 74 . وقوله : شلل : يعني أصابع ذوات شلل .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 75 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 81 الاستبصار 4 ، 160 - باب المدبّر يقتل حراً، ح 2 . وقال الشيخ في التهذيب : فأما قوله في رواية يونس : لا شيء عليه ، نحمله على أنه لا شيء عليه من العقوبة، أو أنه لا شيء عليه في الحال فإن وجب عليه أن يستسعى على مرّ الأوقات.

من حقوق الله عزّ وجلّ في الحدود فإنَّ ذلك في بدنها ؛ قال : ويقاصُّ منها للمماليك، ولا قصاص بين الحرِّ والعبد (1).

18 - عنه ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) في عبد فَقَاً عين حرّ وعلى العبد دَين : إنَّ على العبد حداً للمفقوء عينه، ويبطل دَين الغرماء (2).

19 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل له مملوكان قتل أحدُهما صاحبه، أله أن يُقيده به دون السلطان إن أحبَّ ذلك؟ قال : هو مالُه يفعل به ما يشاء، إن شاء قتله، وإن شاء عفى (3).

20 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن الخطّاب بن سلمة، عن هشام بن أحمر قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن مدبّر قتل رجلا خطأ؟ قال : أيُّ شيء رويتُم في هذا؟ قال: قلت: روينا عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : يُتل(4) بِرُمّته إلى أولياء المقتول، فإذا مات الّذي دبّره أعتق قال سبحان الله فيبطل دم امرء مسلم؟ قال: قلت: هكذا روينا ، قال : قد غلطتم على أبي يُتلّ برمّته إلى أولياء المقتول، فإذا مات الّذي دبّره، استُسعي في قيمته (5).

21 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في أنف العبد أو ذَكَرِهِ أو شيء يحيط بثمنه، أنّه يؤدّي إلى مولاه قيمة العبد ويأخذ العبد(6).

196 - باب المكاتب بقتل الحر أو يجرحه والحر يقتل المكاتب أو يجرحه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عاصم بن حميد، عن

ص: 338


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .76 . وذكره أيضاً برقم 51 من الباب 10 من نفس الجزء من التهذيب . الفقيه 4 ، 7- باب حد المماليك في الزنا ، ح 4 .
2- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و . . . ، ح 78 . وكرره بتفاوت برقم 21 من الباب 24 من نفس الجزء .
3- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال و . . ، ح 83 بتفاوت يسير .
4- يَتَل : أي يرمى أو يُدفع .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 82. الاستبصار 4 ، 160 - باب المدبر يقتل حراً، ح 3.
6- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ، ح .62 . وكرره برقم 65 من الباب 22 من نفس الجزء بتفاوت.

محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في مكاتب قُتل، قال : يُحسب ما أعتق منه فيؤدّي دية ،الحرّ، وما رقَّ منه فدِيَة العبد (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن مُكاتب اشترط عليه مولاه حين كاتبه، جنى إلى رجل جناية؟ فقال : إن كان أدَّى من مكاتبته شيئاً أغرم في جنايته بقدر ما أدى من مكاتبته للحر ، فإن عجز عن حق الجناية شيئاً ، أخذ ذلك من مال المولى الّذي كاتبه ، قلت : فإن كانت الجناية للعبد ؟ قال : فقال : على مثل ذلك دفع إلى مولى العبد الذي جرحه المكاتب، ولا تقاص بين المكاتب وبين العبد إذا كان المكاتب قد أدى من مكاتبته شيئاً، فإن لم يكن أدّى من مكاتبته شيئاً، فإنّه يقاصّ العبد منه، أو يغرم المولى كلّ ما جنى المكاتب، لأنّه عبده، ما لم يؤدّ من مكاتبته شيئاً (2).

3- ابن محبوب عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن مكاتب قتل رجلاً خطأ؟ قال : فقال : إن كان مولاه حين كاتبه اشترط عليه إن عجز فهو ردُّ في الرّق، فهو بمنزلة المملوك، يُدفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا باعوا ؛ وإن كان مولاه حين كاتبه لم يشترط عليه، وقد كان أدى من مكاتبته شيئاً، فإنَّ علياً (علیه السلام) كان يقول : يُعتق من المكاتب بقدر ما أدَّى من مكاتبته ، فإنَّ على الإمام أن يؤدّي إلى أولياء المقتول من الدّية بقدر ما أعتق من المكاتب ولا يبطل دم امرىء مسلم ، وأرى أن يكون ما بقي على المكاتب ممّا لم يؤدّه رقّاً لأولياء المقتول يستخدمونه حياته بقدر ما بقي عليه، وليس لهم أن يبيعوه (3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : في مكاتب قتل رجلاً ،خطأ، قال: عليه من ديته بقدر ما

ص: 339


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 87 بتفاوت يسير. وكذا هو في الاستبصار 4 ، 162 - باب دية المكاتب، ح 1 . الفقيه 4 ، 29 - باب المسلم يقتل الحر أو العبد أو ...، ح 17 بزيادة في آخره .
2- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و . . . ، ح 86 . الفقيه 4 ، 29 - باب المسلم يقتل الذمي أو العبد أو ...، ح 28 بتفاوت وزيادة في آخره. يقول المحقق في الشرائع 4 / 206 - 207 : «والمكاتب، إن لم يؤد من مكاتبته شيئاً أو كان مشروطاً فهو كالقن، وإن كان مطلقاً وقد أدى من مال الكتابة شيئاً تحرر منه بحسابه، فإذا قتل حراً عمداً قتل به، وإن قتل مملوكاً فلا قود وتعلقت الجناية بما فيه من الرقية مبعضه فيسعى في نصيب الحرية ويسترق الباقي منه أو يباع في نصيب الرق . ولو قتل خطأ فعلى الإمام بقدر ما فيه من الحرية، وللمولى الخيار بين فكه بنصيب الرقية من الجناية وبين تسليم حصة الرق ليتقاص بالجناية . . . . ».
3- التهذيب 10، نفس الباب ، ح 84 الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 25 .

أعتق، وعلى مولاه ما بقي من قيمة المملوك ، فإن عجز المكاتب، فلا عاقلة له، إنّما ذلك على إمام المسلمين (1).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن صالح، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل حرّ قتل عبداً قيمته عشرون ألف درهم؟ فقال: لا يجوز أن يتجاوز بقيمة عبد أكثر من دية حرّ .

197 - باب المسلم يقتل الذمي أو يجرحه والذمي يقتل المسلم أو يجرحه أو يقتص بعضهم بعضاً

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: دية اليهوديّ والنصرانيّ والمجوسيّ ثمانمائة درهم (2).

2 - وعنه ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قتل المسلم يهوديّاً أو نصرانيّاً أو مجوسيّاً، فأرادوا أن يقيدوا ردُّوا فضل دية المسلم وأقادوه (3).

3 - وعنه ، عن زرعة، عن سماعة ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل مسلم قتل رجلاً أهل الذمة ؟ فقال : هذا حديث شديد لا يحتمله الناس، ولكن يعطى الذمّيّ دية المسلم ، ثمَّ يُقتل به المسلم (4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم أو (5) غيره، عن أبان، عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن دماء المجوس واليهود والنصارى، هل عليهم وعلى من قتلهم شيء إذا غشّوا المسلمين وأظهروا العداوة لهم؟ قال: لا، إلّا أن يكون متعوّداً لقتلهم ؛ قال : وسألته عن المسلم، هل يُقتل بأهل الذمة وأهل الكتاب إذا قتلهم؟ قال : لا ، إلا أن يكون معتاداً لذلك لا يدع قتلهم، فيُقتل وهو صاغر(6).

ص: 340


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 85 .
2- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و . . . ، ح 25 . الاستبصار 4 156 - باب مقدار دية أهل الذمة، ح 1.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 38 . الاستبصار 4 ، 157 - باب أنه لا يقاد مسلم بكافر ، ح 2 وفي ذيله : وأقادوه .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 39 الاستبصار 4، نفس الباب، ح 3.
5- الترديد من الراوي.
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 41 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 5 بتفاوت يسير فيهما . الفقيه 4 ، 29 - باب المسلم يقتل الذمي أو العبد أو . . . ، ح 10. هذا وسوف يروي ذيل الحديث بتفاوت برقم 12 من نفس الباب هنا في الفروع. هذا وقد نسب إلى مشهور أصحابنا القول بأن المسلم إذا اعتاد قتل أهل الذمة قتل، وأضاف صاحب الجواهر 151/42 بعد أن ذكر هذه النسبة : «بل عن المهذب البارع أنه قريب من الإجماع، بل عن ظاهر الغنية نفي الخلاف فيه، بل عن الانتصار وغاية المراد والروضة الإجماع عليه، بل قد يشهد للشهرة المزبورة أنه محكي . أبي علي الصدوق والشيخين وعلم الهدى وسلار وبني حمزة وزهرة وسعيد والمصنف (أي المحقق) في النافع، والفاضل في بعض كتبه، والشهيدين كذلك، وأبي الفضل الجعفي صاحب الفاخر والصهرشتي والطبرسي والكيدري والحلبي ، .......».

عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) مثله (1).

5- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : إبراهيم (2) يزعم أنَّ دية اليهوديّ والنصرانيّ والمجوسيّ سواء ؟ فقال : نعم، قال الحقّ (3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أن أمير المؤمنين (علیه السلام) كان يقول : يُقتصُّ للنصرانيّ واليهوديّ والمجوسيّ بعضهم من بعض، ويُقتل بعضهم ببعض إذا قتلوا عمداً(4).

7- عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفر (علیه السلام) في نصرانيّ قتل مسلماً، فلمّا أخذ أسلم ؟ قال : اقتله به ، قيل : وإن لم يسلم ؟ قال : يُدفع إلى أولياء المقتول، [فإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا عفوا، وإن شاؤوا ،استرقوا وإن كان معه مال دفع إلى أولياء المقتول] هو وماله (5).

ص: 341


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ح 43. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 7 .
2- هو أحد فقهاء العامة، ولعله الكرخي، أو النخعي .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح26 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 46 بتفاوت قليل . ويقول المحقق في الشرائع 211/4: «ويُقتل الذمي بالذمي وبالذمية، بعد ردّ فاضل الدية والذمية بالذمية وبالذمي من غير رجوع عليها بالفضل» .
5- التهذيب 10 ، 14 - باب القود بين الرجال والنساء و...، ح 47 . الفقيه 4 ، 29 - باب المسلم يقتل الذمي أو العبد أو . . . ، ح 4 بتفاوت قليل . يقول المحقق في الجزء 4 من شرائع الإسلام : «ولو قتل الذمي مسلماً عمداً دفع هو وماله إلى أولياء المقتول وهم مخيرون بين قتله واسترقاقه، وفي استرقاق ولده الصغار تردد أشبهه بقاؤهم على الحرية، ولو أسلم قبل الاسترقاق لم يكن لهم إلا قتله كما لو قتل وهو مسلم».

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قتل المسلم النصراني، فأراد أهل النصراني أن يقتلوه قتلوه، وأدوا فَضْلَ ما بين الدِيَتين (1).

9 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لا يُقاد مسلم بذمّي في القتل ولا في الجراحات، ولكن يؤخذ من المسلم جنايته للذمّي على قدردية الذمّي، ثمانمائة درهم (2).

10 - ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن بريد العجليّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل مسلم فقأ عين نصرانيّ ؟ فقال : إنَّ دية عين النصرانيّ أربعمائة درهم (3).

11 - ابن محبوب، عن أبي أيّوب وابن بكير، عن ليث المراديّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن دية النصرانيّ واليهوديّ والمجوسيّ؟ قال : ديتهم جميعاً سواء؛ ثمانمائة درهم، ثمانمائة درهم (4).

12 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن المسلم، هل يقتل بأهل الذمّة؟ قال : لا ، إلّا أن يكون معوّداً لقتلهم، فيُقتل وهو صاغر(5).

13 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن

ص: 342


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 40 . الاستبصار 4 ، 157 - باب أنه لا يقاد مسلم بكافر ، ح 4 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 9 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 37 . الاستبصار ،4 نفس الباب ، ح 1 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح ا بتفاوت.
3- التهذيب 10 نفس الباب، ح44 الفقيه ،4 ، نفس ،الباب ، ح 12 وفيهما : دية عين الذمي ...، بدل: .... النصراني ... وقال الصدوق رحمه الله بعد ذكر الحديث هذا لمن دية نفسه ثمانمائة درهم .
4- التهذيب 10 ، قفس ،الباب ، ح 27 . الاستبصار 4 ، 156 - باب مقدار دية أهل الذمة، ح3 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 247/4: «ودية الذمي ثمانمائة درهم يهودياً كان أو نصرانياً أو مجوسياً ودية نسائهم على النصف، وفي بعض الروايات دية اليهودي والنصراني والمجوسي دية المسلم، وفي بعضها: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم والشيخ رحمه الله نزلهما على من يعتاد قتلهم فيغلظ الإمام الدية بما يراه من ذلك حسماً للجرأة» .
5- لاحظ ذيل الحديث رقم 4 من هذا الباب.

الأصمّ، عن مسمع عن أبي عبد الله (علیه السلام) أن أمير المؤمنين (علیه السلام) قضى في جنين اليهوديّة والنصرانيّة والمجوسيّة عُشْر دِيَة أُمّه (1).

198 - باب ما تجب فيه الدية كاملة من الجراحات التي دون النفس وما يجب فيه نصف الدية والثلث والثلثان

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس أنّه عرض على أبي الحسن الرضا (علیه السلام) كتاب الديات، وكان فيه : في ذهاب السمع كلّه ألف دينار، والصوت كلّه من الغَنَن (2) والبَحْح (3) ألف دينار، وشلل اليدين كلتاهما [و] الشلل كلّه ألف دينار، وشلل الرجلين ألف دينار، والشفتين إذا استؤصلتا ألف دينار، والظهر إذا حدب (4) ألف دينار، والذكر إذا استؤصل ألف دينار، والبيضتين ألف دينار، وفي صدغ الرجل إذا أصيب فلم يستطع أن يلتفت إلّا ما انحرف الرجل نصف الدية؛ خمسمائة دينار فما كان دون ذلك فبحسابه (5).

عليُّ، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن الرضا (علیه السلام) مثله (6).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عثمان بن عيسى ، عن سماعة عن قال: سألته عن اليد ؟ فقال : نصف الدية، وفي الأذن نصف الدية إذا قطعها من أصلها (7).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال في الرجل يكسر ظهره قال فيه الدية كاملة وفي العينين الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وفي الأذنين الدية، وفي احداهما نصف الدية، وفي الذَكَر إذا قطعت

ص: 343


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 45 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 4/ 280 وهو بصدد الحديث عن دية الجنين : «ولو كان ذمياً، فَعُشْرُدية أبيه، وفي رواية السكوني عن أبي جعفر عن علي عليهما الصلاة والسلام ، عُشْرُ دبة أمه، والعمل على الأول».
2- الغَنَن: هو أن يتكلم من قِبَل الخياشيم.
3- البَحَح: خشونة وغلظ في الصوت.
4- الحدب: خروج الظهر ودخول الصدر والبطن.
5- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و . . . ، ح 1 و 2 .
6- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و . . . ، ح 1 و 2 .
7- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 6 . وإنما وجبت نصف الدية إذا استؤصلت الأذن الواحدة، أما إذا قطع بعضها فبحساب ديتها .

الحَشَفَة وما فوق الدية، وفي الأنف إذا قُطع المارِن (1)، الدّية، وفي الشفتين، الدّية(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الأنف إذا استوُصل جدعه(3) الدية ، وفي العين إذا فُقِئت نصف الدية، وفي الأذن إذا قُطعت نصف الدّية، وفي اليد نصف الدّية، وفي الذَكَر إذا قطع من موضع الحَشَفة الدية (4).

5 - ابن محبوب، عن أبي جميلة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: في الشفة السفلى ستّة آلاف وفي العليا أربعة آلاف لأنّ السفلى تمسك الماء (5).

ص: 344


1- المارن: ما لآن من الأنف من أسفله، ويشتمل على فتحتين وحاجز بينهما .
2- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و.... ح 3 . وفي ذيله : وفي البيضتين الدية بدل: وفي الشفتين الدية. هذا، وقد نص فقهاؤنا على أن في الظهر إذا كُسِر الدية كاملة، وكذا لو أصيب فاحدودب أو صار بحيث لا يقدر على القعود، ولو صلح كان فيه ثلث الدية، وفي رواية ظريف : إن كسر الصلب فجبر على غير عيب فمائة دينار ،وإن عثم فألف دينار ... فراجع شرائع الإسلام 268/4 . واللمعة والروضة للشهيدين . م 2 من الطبعة الحجرية، الديات، ص / 410 / . وأما بالنسبة للعينين فقد أجمع أصحابنا على أن فيهما معاً الدية كاملة، بل أجمعوا على أن كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما معاً الدية وفي أحدهما نصفها . وفي ذكر غير العنين لو استؤصل أو خصوص الحشفة منه الدية كاملة بالإجماع . ولو قطع بعض الحشفة فبحسابه من الدية . وأما ذكر العنين ففيه ثلث الدية، ولو قطع بعض ذكر العنين اعتبر بحسابه من المجموع لا من الحشفة وهذا هو الفرق في هذه المسألة بين السليم والعنين. وأما الأنف فقد نصوا على أنه إذا استؤصل أو قطع مارنه خاصة، وكذا لو كسر مفسد ففيه الدية كاملة ، المنخرين نصفها على قول اختاره الشيخ في المبسوط، ولكن الأشهر - كما يذكر الشهيد الثاني في الروضة - أو على الأشبه - كما يعبر المحقق في الشرائع - هو أن في كل منخر الثلث لا النصف، أولاً لاستضعاف مما دل عليه من رواية غياث بن إبراهيم عن الباقر (علیه السلام) وثانيا - كما يقول الشهيد الثاني في الروضة - لأن الأنف الموجب للدية يشتمل على حاجز ومنخرين، وقد نص أصحابنا على أن في ذهاب الحاجر هذا ثلث الدية أيضاً .
3- في التهذيب : إذا استؤصل جذعه ..
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 5 . وجدع الأنف: قطعه، وهذا التعبير خاص بقطع الأنف.
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 7 . الاستبصار ،4 ، 171 - باب دية الشفتين، ح 1 . الفقيه 4 ، 30 - باب ما يجب يه الدية ونصف الدية فيما . . . ، ح 11 . يقول المحقق في الشرائع 263/4: «الشفتان : وفيهما الدية إجماعاً، وفي تقدير دية كل واحدة خلاف، قال في المبسوط : في العليا الثلث وفي السفلى الثلثان، وهو خيرة المفيد رحمه الله ، الله ، وفي الخلاف : في العليا أربعمائة وفي السفلى ستمائة، وهي رواية أبي جميلة عن أبان عن أبي عبد الله (علیه السلام)، وذكره طريف في كتابه أيضاً، وفي أبي جميلة ضعف، وقال ابن بابويه - وهو مأثور عن طريف أيضا - في العليا نصف الدية، وفي السفلى الثلثان وهو نادر، وفيه مع ندوره زيادة لا معنى لها، وقال ابن أبي عقيل : هما سواء في الدية استناداً إلى قولهم (علیه السلام): كل ما في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية، وهذا أحسن، وفي قطع بعضها بنسبة مساحتها». أقول : ولا بد من التنبيه على إن ما ورد في كلام المحقق نقلا عن الخلاف للشيخ من أن رواية أبي جميلة قد تضمنت تقدير ستمائة وأربعمائة هو أمر مغاير للرواية التي بين أيدينا لأنها نفس الرواية عنهما وقد تضمنت أربعة آلاف وستة آلاف؟ !! .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد؛ ومحمّد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير (1)، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : في اليد نصف الدية، وفي اليدين جميعاً الدية، وفي الرجلين كذلك، وفي الذكر إذا قُطعت الحَشَفة وما فوق ذلك الدية، وفي الأنف إذا قطع المارِنُ الدية، وفي الشفتين الدية، وفي العينين ،الدية وفي إحداهما نصف الدّية (2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) : في الرجل الواحدة نصف الدّية، وفي الأذن نصف الدّية إذا قطعها من أصلها، وإذا قطع طرفها ففيها قيمة ،عدل، وفي الأنف إذا قطع الدّية كاملة، وفي الظهر إذا انكسر حتّى لا يُنزل صاحبه الماء الدية كاملة، وفي الذكر إذا قطع الدية كاملة، وفي اللّسان إذا قُطع الدية كاملة (3).

8 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب، عن أبي سليمان الحمار، عن بريد العجليّ ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل كُسر صُلْبُه فلا يستطيع أن يجلس ، أنَّ فيه الدية (4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قطع الأنف من المارن ففيه الدية تامّة، وفي أسنان الرجل الدية تامّة. وفي أذنيه الدّية كاملة، والرّجلان والعينان بتلك المنزلة .

10 - عليُّ ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن صالح بن عقبة ، عن معاوية بن عمّار

ص: 345


1- في سند التهذيب عن بكير ... في أحد الموضعين اللذين ذكر فيهما الحديث فقط .
2- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ... ، ح 54 ، وذكره أيضاً بتفاوت برقم 4 من نفس الباب . الفقيه 4 ، 30 - باب ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيما . . . ، ح 10 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 9 مع نقيصة ضمنه هي قوله : وفي الظهر إذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أن اللسان إذا استؤصل وكان صحيحاً ففيه الدية كاملة، وكذلك فيما يَذْهَبُ به النطق بالحروف أجمع وهي ثمانية وعشرون حرفاً، وما فيه إذهاب البعض فبحساب ذلك . وأما استئصال لسان الأخرس ففيه ثلث الدية وفي بعضه بحسابه مساحة إجماعاً فراجع شرائع المحقق 264/4 . واللمعة والروضة للشهيدين 406/2 من الطبعة الحجرية.
4- التهذب 10 ، نفس الباب، ح 11 .

قال : تزوَّج جار لي ،امرأة، فلمّا أراد ،مواقعتها رفسته برجلها ففتقت بيضته فصار آدَرّ(1)، فكان بعد ذلك ينكح ويولد له فسألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن ذلك ؛ وعن رجل أصاب سرّة رجل ففتقها؟ فقال (علیه السلام): في كلّ فتق ثلث الدية (2).

11 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل كسر بعْصُوصُهُ(3) فلم يملك أسْتَه (4)، فما فيه من الدية؟ فقال: الدية كاملة ، قال : وسألته عن رجل وقع بجارية فأفضاها وكانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم تَلد؟ قال: الدية كاملة (5).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الرجل يُضرب على عِجانه(6) فلا يستمسك غائطه ولا بوله ؛ إنَّ في ذلك الدية كاملة (7).

13 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام)

ص: 346


1- الأدْرَة : إنتفاخ الخصية أو الخصيتين. هذا والمنصوص عليه عند أصحابنا أن الدية في أدرتهما أربعمائة دينار إذا لم يفحَج في مشيه أما إذا فحج فلم يقدر على المشي أو مشى مشياً لا ينتفع به فالدية ثمانمائة دينار ومستنده كتاب ظريف بن ناصح فراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 411/2 من الطبعة الحجرية، وشرائع الإسلام للمحقق 269/4 حيث قال بعد أن ذكر المستند غير إن الشهرة تؤيده .
2- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و...، ح 12.
3- هو العُصْعُص: هو عجب الذنب، وكما يقول الشهيد الثاني في الروضة فهو عظم يقال إنه أول ما يخلق وآخر ما يبلى . وقيل : هو عظم الورك .
4- الاست: فتحة الدبر والمعنى أنه عندما كسر عصعصه لم يقدر بعد على إمساك غائطه، وهذا فيه الدية وقد استدل له بهذه الرواية .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 13 . الفقيه 4 ، 30 - باب ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيما دون النفس، ح 18 . وأما الإفضاء : وهو تصيير مسلك البول والحيض واحداً ، وقيل مسلك الحيض والغائط كذلك، حيث قال الشهيد الثاني عنه بأنه أقوى، ففيه الدية بأيهما تحقق ولا فرق بين الزوج وغيره في وجوب الدية إذا كان قبل بلوغها، وتختص بغيره بعده فراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 411/2 من الطبعة الحجرية، وشرائع الإسلام للمحقق 270/4 .
6- العِجَان : ما بين الخصية وحلقة الدبر .
7- التهذيب 10 ، تفس الباب، ح14 . بتفاوت يسير. الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 7 . ويقول الشهيد الثاني في الروضة : إن العمل برواية إسحاق بن عمار هذه مشهور وكثير من الأصحاب لم يذكر فيه خلافاً، فراجع شرائع الإسلام للمحقق نفس الصفحة أعلاه واللمعة وشرحها ص /413 من نفس الجزء أعلاه .

قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : في ذَكَر الصبيّ الدية، وفي ذَكَر العنّين الدية(1).

14 - ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن بريد العجليّ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: في ذَكَر الغلام الدية كاملة .

15 - ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : لو أنَّ رجلا قطع فرج امرأة لأغَرِمنّه لها ديتها، فإن لم يؤدّ إليها الدية، قطعت لها فَرْجَه إن طَلَبَتْ ذلك (2).

16 - ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام): ما ترى في رجل ضرب امرأة شابّة على بطنها فعقر رحمها فأفسد طمثها، وذكرت أنّها قد ارتفع طمئها عنها لذلك، وقد كان طمثها مستقيماً؟ قال : ينتظر بها سنة، فإن رجع طمئها إلى ما كان، وإلّا استحلفت، وغرّم ضاربها ثلث ديتها لفساد رحمها وانقطاع طمثها (3).

17 - ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل قطع ثدي امرأته قال: إذن أغرمه لها نصف الدية(4).

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن الحارث بن محمّد بن النعمان صاحب الطاق، عن بريد بن معاوية، عن أبي

ص: 347


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 16 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 1. ويقول الشهيدان: «في الذكر مستأصلاً أو الحشفة فما زاد الدية، لشيخ كان أم لشاب أو لطفل صغير، قادر على الجماع أم عاجز» 2 / 410 من الطبعة الحجرية. ويقول المحقق في الشرائع 269/4 : وفي الحشفة فما زاد الدية وإن استؤصل سواء كان لشاب أو شيخ او صبي لم يبلغ» . وهنالك قول عند أصحابنا ذكره الشهيد الثاني في الروضة وهو أن في ذكر العنين ثلث الدية إذا استؤصل، وذلك لأنه عضو أشلّ كما إن في الجناية عليه حتى صار أشل ثلثي الدية.
2- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ...، ح 29 . وكرره برقم 24 من الباب 24 من نفس الجزء الاستبصار 4، 154 - باب حكم الرجل إذا قتل امرأة ، ح .8. الفقيه 4 ، 43 - باب ما يجب على من قطع فرج امرأته ، ح 1 . ولا يخفى أن ما يمكن قطعه من فرج المرأة هو الشفران : «وهما اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم، وفيهما ديتها وفي كل واحدة نصف دينها وتستوي في الدية السليمة والرتقاء، وفي الركب حكومة وهو مثل موضع العانة من الرجل» الشرائع .269/4 . ولا بد من التنبيه على أن لفظ الشفر أو الشفرين وإن لم يرد في النصوص والوارد هو لفظ الفرج إلا أن «الأصحاب عبروا به لتبادره من الفرج عرفا بالمعنى الذي ذكرناه دونه» .
3- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح .30 الفقيه 4، 44 - باب ما يجب على من ركل امرأة في فرجها فزعمت... ،ح 1 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 31 .

جعفر (علیه السلام) في رجل افتضّ جارية - يعني امرأته - فأفضاها قال عليه الدية إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين ، قال : فإن كان أمسكها ولم يطلّقها فلا شيء عليه، وإن كان دخل بها ولها تسع سنين فلا شيء عليه إن شاء أمسك ، وإن شاء طلّق (1).

19 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام): قال رسول الله (صلی الله علیه وآله و سلم) : في القلب إذا رَعَ-دَ فَطَارَ الدية، قال: وقال رسول الله (صلی الله علیه وآله و سلم): في الصَّعَر الديةُ والصعر أن يُثنى عنقه فيصير في ناحية (2).

20 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الرجل يضرب على عجانه فلا يستمسك غائطه ولا بوله، أن في ذلك الدية كاملة (3).

21 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن اسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سأله رجلٌ - وأنا عنده - عن رجل ضرب رجلاً فقطع بوله ؟ فقال : إن كان البول يمرُّ إلى الليل فعليه الدّية، لأنّه قد منعه المعيشة، وإن كان إلى آخر النهار فعليه الدية وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية، وإن كان إلى ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية (4).

ص: 348


1- التهذيب 10 نفس الباب ، ح 17 . الاستبصار 4 ، 177 - باب من وطأ جارية فأفضاها ، ح 1. قوله : فلا شيء عليه : أي من الدية، لأنه بعد البلوغ فعل مأذون به شرعاً بشرط ألا يكون بتعد أو تفريط .
2- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ... ، ح 21 . قوله (علیه السلام) : إذا رعد فطار : أي ذهب عقله من الخوف ولا خلاف في أن في ذهاب العقل الدية مرآة المجلسي 94/24 . وأما الصغر، هو أن يثني عنقه فيصير في ناحية كما ورد في ذيل الحديث فلا خلاف بينهم في أن فيه الدية كاملة. يقول المحقق في الشرائع 267/4:«العنق وفيه إذا كسر فصار الإنسان أصور الدية، وكذا لو جنى عليه بما يمنع الازدراد، ولو زال فلا دية فيه، وفيه الأرش». أقول :والأصور هو المايل. ولو لم يبلغ الأذى ذلك بل صار الازدراد والالتقات عليه عسرا فالحكومة اللمعة وشرحها 409/2 . هذا وقد نص أصحابنا على أنه لا قصاص في ذهاب العقل ولا في نقصانه لعدم العلم بمحله.
3- مر برقم 12 من هذا الباب فراجع .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 27 . الفقيه 4 ، 34 - باب ما جاء في رجل ضرب رجلاً فلم ينقطع بوله . ح 1 بتفاوت . وفيه : فلم ينقطع بوله بدل : فقطع بوله، وهو الصحيح نظراً إلى سياق الحديث ، اللهم إلا أن يفسر قوله : فقطع بوله ، بمعنى أنه لم يعد ينزل بالشكل المعتاد، بل أصبح يقطر تقطيراً مستمراً، أو يستمر نزوله على دفعات متقاربة بشكل غير معتاد وما تضمنه الحديث من تفصيل هو ما عليه أصحابنا .

22 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) :قال ما كان في الجسد منه اثنان ففي الواحد نصف الدية، مثل اليدين والعينين ؛ قال : فقلت : رجل فُقِيئَت عينه ؟ قال : نصف الدية، قلت: فرجل قطعت يده؟ قال : فيه نصف الدية، قلت فرجل ذهبت إحدي بيضتيه ؟ قال : إن كانت اليسار ففيها الدية، قلت : ولم أليس قلت ما كان في الجسد اثنان ففي كلّ واحد نصف الدية؟ قال : لأنّ الولد من البيضة اليسرى (1).

23 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله بن عبد الرحمن، عن مسمع ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في اللّحية إذا حُلقت فلم تنبت، الدية كاملة، فإذا نَبَتَت، فثلثُ الدية (2).

24 - سهل بن زياد عن عليّ بن خالد (3)، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت : الرجل يدخل الحمام فيصبُّ عليه صاحب الحمّام ماءً حارّاً، فيمتعط شعر رأسه فلا ينبت ؟ فقال : عليه الدية كاملة (4).

199 - باب الرجل يقتل الرجل وهو ناقص الخِلقَة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن ابن

ص: 349


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 22 . يقول المحقق في الشرائع 269/4 : «... وفي رواية : في اليسرى ثلثا الدية لأن منها الولد، والرواية حسنة ، لكن تتضمن عدولاً عن عموم الروايات المشهورة (المصرحة بأن كل ما في الجسد منه اثنان ففيه في كل واحد نصف الدية» . هذا، وقد نسب الشهيد الثاني في الروضة القول بالتفصيل بين الخصيتين في الدية إلى جماعة منهم الشيخ في الخلاف واتباعه، والعلامة في المختصر وقال مناقشاً : ويعارض باليد القوية الباطشة والضعيفة والعين كذلك ، وتخلق الولد منها (أي اليسرى لم يثبت ، وخبره مرسل . وقد أنكره بعض الأطباء 411/2 من الطبعة الحجرية .
2- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ...، ح 23 . الفقيه 4 ، 42 - باب ما يجب في اللحية إذا حلقت، ح 1 وأخرجه عن السكوني عن علي (علیه السلام) . يقول المحقق في الشرائع 261/4: «الشعر، وفي شعر الرأس الدية، وكذا في شعر اللحية، فإن نبتا، قيل: في اللحية ثلث الدية ، والرواية ضعيفة والأشبه فيه وفي شعر الرأس الأرش إن نبت. وقال المفيد رحمه الله ، في شعر الرأس إن لم ينبت مائة دينار، ولا أعلم المستند». وقد جزم الشهيدان بوجوب الدية كاملة لشعر اللحية أجمع إن لم ينبت. وأما إذا نبت ففيه الأرش.
3- في التهذيب : علي بن حديد.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 24 . وامتعط الشعر : - كما في القاموس - : سقط من داء. وفي قول آخر: تناثر وأَنْتَفَ.

محبوب، عن هشام بن سالم عن سورة بن كليب عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سئل عن رجل قتل رجلاً عمداً ، وكان المقتول أقطع اليد اليمنى ؟ فقال : إن كانت يده قطعت في جناية جناها على نفسه، أو كان قطع فأَخَذَ دية يده من الذي قطعها ، فإن أراد أولياؤه أن يقتلوا قاتله، أدُّوا إلى أولياء قاتله دية يده الّتي قِيدَ منها ، وإن كان أخذ دية يده ، ويقتلوه، وإن شاؤوا طرحوا عنه دية يده وأخذوا الباقي ، قال : وإن كانت يده قُطِعت من غير جناية جناها على نفسه، ولا أخَذَ بهاديةً، قتلوا ،قاتله ولا يغرم شيئاً، وإن شاؤوا أخذوا دية كاملة قال : وهكذا وجدنا في كتاب عليّ (علیه السلام) (1).

200 - باب نادر

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن العبّاس بن الحريش، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال أبو جعفر الأوَّل (علیه السلام) لعبد الله بن عبّاس : يا أبا عبّاس (2)، أنشدك الله ، هل في حكم الله تعالى اختلاف؟ قال: فقال : لا ، قال : فما ترى في رجل ضرب رجلاً أصابعه بالسيف حتّى سقطت فذهبت وأتى رجل آخر فأطار كفّ يده فأتي به إليك وأنت قاض، كيف أنت صانع ؟ قال : أقول لهذا القاطع : أعطه دية كفّ، وأقول لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت، أو أبْعَثُ إليهما ذوي ،عدل، فقال له : جاء الاختلاف في حكم الله، ونقضت القول الأول، أبى الله أن يحدث في خلقه شيء من الحدود وليس تفسيره في الأرض، اقطع يد قاطع الكفّ أصلاً ، ثمّ أعطه دية الأصابع، هذا حكم الله تعالى(3) .

201 - باب دية عين الأعمى ويد الأشلّ ولسان الأخرس وعين الأعور

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن

ص: 350


1- التهذيب 10 ، 24 - باب القصاص، ح.9. بتفاوت يسير وليس فيه قوله هنا : وإن كان أخذ دية يده . بعد قوله : قِيدَ منها . قال المحقق في الشرائع 233/4 : «لو قطع يد إنسان فعفا المقطوع ثم قتله القاطع، فللولي القصاص في النفس بعد رد دية اليد (لأن العفو كالاستيفاء) وكذا لو قتل مقطوع اليد، قتل بعد أن يرد عليه دية بده، إن كان المجني عليه أخذ ديتها أو قطعت في قصاص، ولو كانت قطعت من غير جناية ولا أخذ لها دية قتل القاتل من غير رد، وهي رواية سورة بن كليب عن أبي عبد الله (علیه السلام) .....».
2- في التهذيب : يا ابن عباس والظاهر إن ما هنا في الفروع غلط أو تصحيف ويؤيده إن ما هو مروي هنا ورد في أصول الكافي 1 ، 97 - باب في شأن إنا أنزلناه في. ... و ..، ح 1 وفيه يا ابن عباس .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 8.

أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : قضى أمير المؤمنين (ععلیه السلام) في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففُقئت، أن تُفقأ إحدى عينَي صاحبه، وتعقل له نصف الدية، وإن شاء أخذ دية كاملة، ويَعْفُو عن عين صاحبه(1) .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: في عين الأعور الدية(2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: في عين الأعور الدية كاملة (3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن حمّاد بن زياد عن سليمان بن خالد في رجل قطع يد رجل شلباء؟ قال: عليه ثلث الدية (4).

5 - محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن عبد الله بن سليمان، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبي عبد الله (علیه السلام) [ أنّه قال : ] في العين العوراء تكون قائمة فتُخْسَف؟ فقال : قضى فيها عليّ بن أبي طالب (علیه السلام) نصف الدية في العين الصحيحة (5).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: في لسان الأخرس وعين الأعمى ، وذَكَر الخَصِيّ وانْثَيَيْه ثلثُ الدية (6).

ص: 351


1- التهذيب 10 ، 23 - باب دية عين الأعور ولسان الأخرس و...، ح2.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 1. هذا ونقل الشهيد الثاني رحمه الله في الروضة عدم الخلاف في أن في عين الأعور الصحيحة لو قلعها الدية كاملة إذا كان العور خلقة أو بافة من الله سبحانه أو من غيره ولكن لا يستحق عليها أرشاً كما لو جنى عليه حيوان غير مضمون الجناية، وأما لو استحق ديتها أي) التي فيها (عور) وإن لم يأخذها ، أو ذهبت في قصاص فمقتضى الأصل في دية العين الواحدة إن في الصحيحة لو جنى عليها جان فقلعها نصف الدية، ونقل رحمه الله عن ابن إدريس إن في الصحيحة هنا لوجني عليها ثلث الدية خاصة وادعى أنه الأظهر في المذهب وهو وهم كما يعبر الشهيد الثاني . وبنفس ما ذكراه في اللمعة وشرحها قال المحقق في الشرائع 262/4 فراجع .
3- التهذيب 10 ، 23 - باب دية عين الأعور ولسان الأخرس و ...، ح 4 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 9 . وبمضمونه أفتى أصحابنا رضوان الله عليهم .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 5 .
6- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح 7 . الفقيه 4 ، 30 - باب ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيما...، ح 6 بزيادة في آخره . وفيهما : ذكر الخصيّ الحرّ.. هذا والظاهر إن أصحابنا متفقون على إن في الذكر إذا استؤصل أو قطعت حشفته بكاملها الدية كاملة حتى لو كان لخصي ، فما ذكر هنا خلاف ذلك ، اللهم إلا أن يراد بالخصيّ العنّين فإنهم متفقون على إن في ذكره إذا استؤصل ثلث الدية، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 269/4 . واللمعة وشرحها للشهيدين 2/ 410 من الطبعة الحجرية .

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (

علیه السلام) قال : سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس؟ [قال : ] فقال : إن كان ولدته أمه وهو أخرس فعليه ثلث الدية، وإن كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعدما كان يتكلّم ، فإنَّ على الّذي قطع لسانه ثلث دية لسانه ، قال : وكذلك القضاء في العينين والجوارح قال هكذا وجدناه في كتاب عليّ (علیه السلام)(1).

8 - عليُّ، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي جميلة مفضّل بن صالح، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل فقأ عين رجل ذاهبة وهي قائمة ؟ قال : عليه ربع دية العين (2).

202 - باب أن الجروح قصاص

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن سليمان الدهان، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ عثمان(3) أتاه رجل من قيس بمولى له قد لطم عينه فأنزل الماء فيها، و هي قائمة ليس يبصر بها شيئاً، فقال له : أعطيك الدية، فأبى ، قال : فأرسل بهما إلى عليّ (علیه السلام) وقال : احكم بين هذين، فأعطاه الدية، فأبى ، قال : فلم يزالوا يعطونهم حتّى أعطوه ديتين، قال : فقال : ليس أريد إلّا القصاص ، قال : فدعا عليُّ (علیه السلام) بمرآة فحمّاها ، ثمَّ دعا بكرسف فبلّه ثمّ جعله على أشفار عينيه وعلى حواليها، ثمَّ استقبل بعينه عين الشمس، قال: وجاء بالمرأة فقال ،انظر ،فنظر فذاب الشحم وبقيت عينه قائمة، وذهب البصر (4).

ص: 352


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .8. الفقيه 4 ، 39 - باب دية لسان الأخرس ، ح 1 بدون قوله في الذيل : وكذلك القضاء ... الخ . وبتفاوت أيضاً . ولم أجد فيما اطلعت عليه من كتب أصحابنا (رحمه الله) التفصيل الذي تضمنته الرواية بين ما إذا كان الخرس خلقة أو عرضاً، بل نقل الإجماع منهم (رحمه الله) على أن في لسان الأخرس إذ استؤصل جسماً ثلث الدية . ولم يعمل أحد منهم بهذا الحديث لأنه - على حد تعبير صاحب الجواهر (رحمه الله) - شاذ قاصر عن تقييد غيره، فما عن بعض متأخري المتأخرين من احتمال ذلك التفصيل في غير محله .
2- التهذيب 10 ، 23 - باب دية عين الأعور ولسان الأخرس و. ، ح 6.
3- في التهذيب : إن عمر . . .
4- التهذيب 10 ، 24 - باب القصاص، ح 7 . قال الشهيدان 388/2 : « ولو ذهب ضوء العين مع سلامة الحدقة قيل في طريق الاقتصاص منه بإذهاب بصرها مع بقاء حدقته، طرح على الأجفان، أجفان الجاني قطن مبلول ويقابل بمرآة محماة مواجهة الشمس بأن يفتح عينيه ويكلف النظر إليها حتى يذهب الضوء من عينه وتبقى الحدقة، والقول باستيفائه على هذا الوجه هو المشهور بين الأصحاب ومستنده رواية رفاعة عن أبي عبد الله (علیه السلام) ... الخ . وإنما حكاه (الشهيد الأول) قولاً للتنبيه على عدم دليل يفيد إنحصار الاستيفاء فيه بل يجوز بما يحصل به الغرض من إذهاب البصر وإبقاء الحدقة بأي وجه اتفق مع إن في طريق الرواية ضعفاً وجهالة يمنع من تعيين ما دلّت عليه وإن كان جايزاً كما يراجع الشرائع 236/4 .

2 - أبو عليّ الأشعريُّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : تقطع يد الرجل ورجلاه في القصاص (1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام)؛ أعور فقأ عينَ صحيح؟ فقال: نُفقأ عينه، قال: قلت : يبقي أعمى ؟ قال : الحقُّ أعماه (2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل قطع يدين لرجلين؛ اليمينين؟ قال: فقال : يا حبيب، تُقطع يمينه للرجل الذي قطع يمينه أوّلاً ، وتُقطع يساره للرجل الّذي فَطَعَ يمينه آخراً، لأنّه إنّما قطع يد الرجل الأخير ويمينه قصاص للرجل الأوَّل، قال : فقلت : إنّ عليّاً (علیه السلام) إنّما كان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى؟ قال: فقال: إنما كان يفعل ذلك فيما يجب من حقوق الله ، فأما - يا حبيب - حقوق المسلمين فإنّه يؤخذ لهم حقوقهم في القصاص ؛ اليد باليد إذا كانت للقاطع ،يد ، والرِجّل باليد إذا لم يكن للقاطع بد، فقلت له : أوما يجب عليه الدية ويترك له رجله ؟ فقال : إنّما يجب عليه الدية إذا قطع يد رجل وليس للقاطع يدان ولا رِجلان فَثَمَّ يجب عليه الدية، لأنّه ليس له جارحة يُقاصُّ منها (3).

5- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) فيما كان من جراحات الجسد، أنَّ فيها القصاص، أو يقبل المجروح دية الجراحة فيُعطَاها (4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج،

ص: 353


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 6 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 4 .
3- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و...، ح 55 . الفقيه 4 ، 30 - باب ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيما . . . ، ح 9 .
4- التهذيب 10 ، 24 - باب القصاص، ح 1 .

عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیهما السلام) في رجل كسر يد رجل، ثمّ برئت يد الرجل؟ قال: ليس

في هذا قصاص، ولكن يُعطى الأرش (1).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن السنّ والذراع يُكْسَرَان عمداً ، ألَهُما أرضُ أو قود؟ فقال : قود، قال: قلت: فإن أضعفوا الدية؟ فقال : إن أرضوه بما شاء فهو لَه (2).

8- محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير؛ وعليُّ بن حديد، جميعاً عن جميل بن درَّاج، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (علیهما السلام) أنّه قال في سنّ الصبي يضربها الرجل فتسقط ثمّ تنبت قال ليس عليه ،قصاص وعليه الأرش (3)، قال عليُّ(4): وسئل جميل : كم الأرش في سنّ الصبيّ وكَسْر اليد؟ فقال: شيء يسير، ولم يَرَ فيه شيئاً معلوماً .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن الحسن بن سعيد عن فضالة، عن ابَان عن رجل ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن أعور فقأ عين صحيح متعمّداً ؟ فقال : تُفقَا عينه، قلت يكون أعمى؟ قال: فقال : الحقُّ أعماه(5).

ص: 354


1- التهذيب 10، نفس الباب ، ح 2 . وذكره أيضاً صدر ح 59 من الباب 22 من نفس الجزء وبنفس السند بتفاوت . هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه لا يثبت القصاص فيما فيه تعزير كالجائفة والمأمومة، وتنبت في الحارصة والباضعة والسمحاق والموضحة ، وفي كل جرح لا تعزير في أخذه وسلامة النفس معه غالبة، فلا يثبت في الهاشمة ولا المنتقلة، ولا في كسر شيء من العظام لتحقق التعزير. والقصاص: «بالكسر ، وهو اسم لاستيفاء مثل الجناية من قتل أو قطع أو ضرب أو جرح، وأصله اقتفاء الأثر، يقال : قص أثره إذا اتبعه فكان المقتص يتبع أثر الجاني فيفعل مثل فعله .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .. الفقيه 4 ، 31 - باب دية الأصابع والأسنان والعظام ، ح 2 بتفاوت يسير . ولم أجد من فقهائنا من قال بالقصاص في كسر العظم، بل وجدتهم ينصون - على اختلاف في بعض الجزئيات - على إن في كسر عظم من عضو خمس دية ذلك العضو، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره، وفي موضحته ربع دية كسره . وفي رضه ثلث دية العضو، وهكذا . وأما بالنسبة للسن فقد ذكر المجلسي في مرآته إن أصحابنا حكموا في قلعه بالقصاص، وأما مع الكسر فاختلفوا فيه حيث ذهب بعضهم إلى ثبوته إذا أمكن استيفاء المثل بلا زيادة ولا صدع في الباقي .
3- إلى هنا في التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ...، ح 58 الفقيه 4 ، 31 .. باب دية الأصابع والأسنان والعظام، ح 4 .
4- من هنا إلى الآخر في التهذيب 10 نفس الباب، ذيل ح.59 الفقيه 4 ، نفس الباب، ذيل ح 5. وبالانتظار بسن الصغير وجعل الأرش فيها لو نبتت ، وإن لم تنبت فدية سن المثغر هو ما نص عليه فقهاؤنا رضوان الله عليهم، ويضيف المحقق في الشرائع 266/4: «وفي الأصحاب من قال فيها بعير، ولم يفصل، وفي الرواية ضعف».
5- التهذيب 10 ، 24 - باب القصاص، ح 5 . وهذا ما عليه فتوى الأصحاب، يقول المحقق في الشرائع 236/4 :« ويثبت القصاص في العين، ولو كان الجاني أعور خلقة، فإن عمي فإن الحق أعماه، ولا رد . . . .» .

203 - باب ما يمتحن به من يُصاب في سمعه أو بصره أو غير ذلك من جوارحه والقياس في ذلك

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن محبوب ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال في رجل ضرب رجلاً في رأسه فَثَقُلَ لسانه، إنّه يعرض عليه حروف المعجم كلّها ، ثمّ يُعطى الدية بحصّة ما لم يُفْصِحْهُ منها (1).

2 - عنه، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل ضرب رجلاً بعصا على رأسه، فثَقُلَ لسانه ؟ فقال : يُعرض عليه حروف المعجم، فما أفصح منه ،به وما لم يفصح به كان عليه الدية، و هي تسعة وعشرون حرفاً (2).

3 - عنه ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال في رجل ضرب رجلا في أذنه بعظم ، فادَّعى أنّه لا يسمع ؟ قال : يُترصد ويُستغفل، ويُنتظر به سنة، فإن أو شهد عليه رجلان أنّه یسمع، سمع وإلّا حلّفه وأعطاه الدية، قيل : يا أمير المؤمنين، فإن عُثر عليه بعد ذلك أنّه يسمع ؟ قال : إن كان الله عزّ وجلَّ ردَّ عليه سمعه لم أر عليه شيئاً (3).

ص: 355


1- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و... ، ح 74 بتفاوت يسير جداً. الاستبصار 4 ، 176 - باب دية نقصان الحروف من اللسان ح4. بتفاوت يسير جدا.
2- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ...، ج 73 ، الاستبصار 4، 176 - باب دية نقصان الحروف من اللسان، ح 3 بتفاوت فيهما . الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح 29 بتفاوت وفيه : وهي ثمانية وعشرون حرفاً. هذا والعلة في الاختلاف في عدد حروف المعجم هو الألف والهمزة فمن جعلهما حرفاً واحداً بلا فرق بينهما باعتبار أنه إن سكن فهو ألف وإن حرّك فهو ،همزة عدّها ثمانية وعشرين، ومن فرّق بينهما عدها تسعة وعشرين . و قد صرح المحقق في الشرائع بأن الرواية التي نصت على أنها تسعة وعشرون حرفا مطرحة. ونص الشهيد الثاني في الروضة على أنها ثمانية وعشرون حرفا .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح77 الفقيه 4 ، 30 - باب ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيما . . . ، ح 15 . وأخرجه بتفاوت عن ابن محبوب عن أبيه عن حماد بن زياد عن سليمان خالد بن عن أبي عبد الله (علیه السلام). وفيه : قلت له، بدل : قيل : يا أمير المؤمنين فما هنا وفي التهذيب إما من تصحيف النسّاخ ، أو أن السائل كان يعتقد في أبي عبد الله (علیه السلام) إمرة المؤمنين، وهو حق، والله العالم. وبمضمون هذه الرواية وأسئالها عمل أصحابنا فراجع شرائع الإسلام للمحقق 272/4 . واللمعة والروضة للشهيدين 413/2 - 414 من الطبعة الحجرية .

4 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل وُجىء في أذنه، فادّعى أنَّ إحدى أذنيه نقص من سمعها شيء؟ قال: قال : تُسَدُّ التي ضُربت سدًّا شديداً، وتُفتح الصحيحة، فيُضرب لها بالجرس حيال وجهه، ويقال له : اسمع، فإذا خفي عليه الصوت علّم مكانه، ثمّ يضرب به من خلفه ويقال له : اسمع ، فإذا خفي عليه الصوت علّم مكانه، ثمَّ يقاس ما بينهما، فإن كانا سواء، عُلِمَ أنّه قد صدق، ثمّ يؤخذ به عن يمينه ، ثمَّ يضرب حتّى يخفى عليه الصوت ، ثمَّ يعلّم مكانه، ثمّ يؤخذ به عن يساره فيضرب حتّى يخفى عليه الصوت، ثمّ يعلّم مكانه ، ثمَّ يقاس ما بينهما، فإن كانا سواء، علم أنّه قد صدق قال : ثمّ تُفتح أذنه المعتلة وتسدُّ الأخرى سدَّا جيّداً، ثمَّ يُضرب بالجرس من قُدَّامه، ثمّ يعلّم حيث يخفى عليه الصوت، يصنع به كما صنع أوَّل مرَّة بأذنه الصحيحة، ثمّ يقاس فضل ما بين الصحيحة والمعتلّة بحساب ذلك (1) .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا ضرب الرجل على رأسه فتَقُل لسانه عُرضت عليه حروف المعجم، يقرأ، ثمَّ قسمت الدّية على حروف المعجم، فما لم يفصح به الكلام، كانت الدّية بالقياس من ذلك (2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن كثير، عن أبيه قال : قال : أصيبت عين رجل وهي قائمة، فأمر أمير المؤمنين (علیه السلام) فَرُبطت عينه الصحيحة، وأقام رجل بحذاه بيده بيضة يقول: هل تراها؟ قال : فجعل إذا قال: نعم، تأخّر قليلاً، حتّى إذا خفيت عليه ، علّم ذلك المكان ، قال : وعصبت عينه

ص: 356


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 78 بتفاوت قليل . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 14 . هذا، ومن الفقهاء من اعتبر الاختبار من الجهات الأربع كما هو مضمون هذه الرواية، فيصدق إذا تساوت ويكذّب مع الاختلاف ، ومنهم من اعتبره أولي ولم يلزم به واكتفى بالجهتين، ومنهم من نص على أنه يقاس في سمعه إلى أبناء سنه كالشهيدين، واتفقوا جميعاً على أنه لا يقاس السمع في الريح بل يتوخى سكون الهواء، فراجع في كل ذلك المصدرين السابقين.
2- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و.... ح 71 . الاستبصار 4 ، 176 - باب دية نقصان الحروف من اللسان، ح 1 بتفاوت فيهما . يقول المحقق في الشرائع 264/4: «أما الصحيح فيعتبر بحروف المعجم وهي ثمانية وعشرون حرفاً، وفي رواية : تسعة وعشرون حرفاً وهي مطْرَحَة، وتبسط الدية على الحروف بالسوية، ويؤخذ نصيب ما يعدم منها، ويتساوى اللسنية وغيرها ثقيلها وخفيفها، ولو ذهبت أجمع وجبت الدية كاملة . . . .».

المصابة وجعل الرجل يتباعد وهو ينظر بعينه الصحيحة، حتّى إذا خفيت عليه، ثمّ قيس ما بينهما، فأعطي الأرش على ذلك (1).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن الوليد ، عن محمّد بن فرات، عن الأصبغ بن نباتة قال : سُئل أمير المؤمنين (علیه السلام) عن رجل ضرب رجلاً على هامته، فادّعى المضروب أنّه لا يبصر شيئاً ولا يشمُّ الرائحة وأنّه قد ذهب لسانه؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إن صدق فله ثلاث ديات فقيل : يا أمير المؤمنين، وكيف يُعلم أنّه صادق؟ فقال : أمّا ما ادّعاه أنّه لا يشمّ الرائحة، فإنّه يدنى منه الحُراق فإن كان كما يقول(2)، وإلّا(3) نحّى رأسه ودمعت عينه ، وأمّا ما ادّعاه في عينه، فإنّه يقابل بعينه الشمس، فإن كان كاذباً لم يتمالك حتّى يغمض عينه ، وإن كان صادقاً بقيتا ،مفتوحتين، وأمّا ما ادَّعاه في لسانه، فإنّه يُضرب على لسانه بإبرة، فإن خرج الدم أحمر فقد كذب، وإن خرج الدم أسود فقد صدق(4).

8- محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يُصاب في عينه فيذهب بعض بصره ، أيُّ شيء يُعطى ؟ قال : تُربط إحداهما ، ثمَّ يوضع له بيضة، ثمَّ يقال له : انظر، فما دام يدَّعي أنّه يبصر موضعها، حتّى إذا انتهى إلى موضع إن جازه قال : لا أبصر، قرّبها حتّى يبصر ، ثمَّ يعلّم ذلك المكان ، ثمَّ يقاس بذلك القياس من خلفه وعن يمينه وعن شماله، فإن جاء سواء، وإلا قيل له : كذبت حتّى يصدق قال : قلت : أليس يُؤْمَن؟ قال: لا، ولا كرامة، ويُصنع

ص: 357


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 80 بتفاوت يسير .
2- أي من أنه لا يشم الرائحة والحُراق - كما يقول الجوهري - هو ما يقع فيه النار عند القدح.
3- أي وإن كان كاذباً فيما يدّعيه من ذهاب حاسة الشم .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 86 . الفقيه 3 ، 12 - باب الحيل في الأحكام ، ح 6 بتفاوت وأخرجه مرسلاً عن أبي جعفر (علیه السلام) . هذا وقد منع بعض أصحابنا عن العمل بهذه الرواية لمكان محمد بن الفرات في سندها - كما نص عليه الشهيد الثاني في الروضة - وأضاف: وإثبات الدية بذلك مع أصالة البراءة . ويقول الشهيدان في اللمعة والروضة 414/2/ : «ولو ادعى ذهابه (أي الشم) وأكذبه الجاني عقيب جناية يمكن زواله بها اعتبر بالروايح الطيبة والخبيثة والروايح الحادّة فإن تبين حاله حكم به ثم أحلف القسامة إن لم يظهر بالامتحان وقضى له . . . . كما يراجع شرائع الإسلام للمحقق 273/4 - 274 حيث نجده رحمه الله يضيف: «ولو ادعى نقص الشم ، قيل : يحلف إذ لا طريق له إلى البيئة، ويوجب له الحاكم ما يؤدي إليه اجتهاده» . وكذلك عبر الشهيد الأول في اللمعة أيضاً، وعلّق الشهيد الثاني على هذه العبارة فقال : وإنما نسبه إلى القول لعدم دليل عليه مع أصالة البراءة، وكون حلف المدعي خلاف الأصل، وإنما مقتضاه حلف المدعى عليه على البراءة.

بالعين الأخرى مثل ذلك، ثمَّ يُقاس ذلك على دية العين(1).

9 - علي بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى، عن يونس ؛ وعن أبيه، عن ابن فضّال، جميعاً عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال يونس : عرضت عليه الكتاب، فقال: هو صحيح ؛ وقال ابن فضّال : قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) إذا أصيب الرجل في إحدى عينيه، فإنّها تقاس ببيضة نربط على عينيه المصابة، وينظر ما ينتهي بصر عينه الصحيحة، ثمّ تغطّى عينه الصحيحة، وينظر ما تنتهي عينه المصابة فيعطى ديته من حساب ذلك، والقسامة مع ذلك من الستّة الأجزاء على قدر ما أصيبت من عينه، فإن كان سدس بصره ، فقد حلف هو وحده وأعطي ، وإن كان ثلث بصره، حلف هو وحلف معه رجل آخر وإن كان نصف بصره ، حلف هو وحلف معه رجلان وإن كان ثلثي ،بصره، حلف هو وحلف معه ثلاثة نفر وإن كان أربعة أخماس بصره، حلف هو وحلف معه أربعة نقر، وإن كان بصره ه ، كلّه حلف هو وحلف معه خمسة نفر، وكذلك القسامة كلّها في الجروح، وإن لم يكن للمصاب بصره من يحلف معه، ضوعفت عليه الأيمان ، إن كان سدس بصره حلف مرّة واحدة وإن كان ثلث بصره حلف ،مرَّتين، وإن كان أكثر على هذا الحساب، وإنّما القسامة على مبلغ منتهى بصره ، وإن كان السمع فعلى نحو من ذلك، غير أنّه يضرب له بشيء حتّى يعلم منتهى سمعه، ثمَّ يقاس ذلك، والقسامة على نحو ما ينقص من سمعه، فإن كان سمعه كلّه فخيف منه كلّه فخيف منه فُجُور، فإنّه يترك حتّى إذا استقل نوماً صيح به، فإن سمع قاس بينهم الحاكم برأيه، وإن كان النقص في العضد والفخذ، فإنّه يعلم قدر ذلك، يقاس رجله الصحيحة بخيط، ثمَّ يقاس رجله المصابة، فيعلم قدر ما نقصت رجله أو يده ، فإن أصيب الساق أو الساعد فمن الفخذ والعضد يقاس وينظر الحاكم قدر فخذه (1).

10 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن ظريف، عن أبيه ظريف بن

ص: 358


1- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ...، ح 83 بتفاوت . الفقيه 4 ، 18 - باب دية جوارح الإنسان ومفاصله ودية النطفة و ...، ضمن ح 1 بتفاوت .

ناصح، عن رجل يقال له عبد الله بن أيّوب، قال: حدَّثني أبو عمرو المتطبّب قال : عرضت هذا الكتاب على أبي عبد الله (علیه السلام) ؛ وعليّ بن فضّال، عن الحسن بن الجهم قال : عرضته على أبي الحسن الرضا (علیه السلام) فقال لي : اروه فإنّه صحيح ، ثمَّ ذكر مثله .

11 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن رفاعة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : ما تقول في رجل ضرب رجلا فنقص بعض نَفْسِهِ بأيّ شيء يُعرف ذلك؟ قال : ذلك بالسّاعات ، قلت : وكيف بالسّاعات؟ قال : فإنَّ النفس يطلع الفجر وهو في الشقِّ الأيمن من الأنف، فإذا مضت الساعة، صار إلى الشقّ الأيسر، فينتظر ما بين نَفَسِكَ ونَفْسِه، ثمَّ يحتسب، فيؤخذ بحساب ذلك منه(1).

204 - باب الرجل يضرب الرجل فيذهب سمعه وبصره وعقله

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً عن ابن محبوب عن جميل بن صالح، عن أبي عُبيدة الحذّاء قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل ضرب رجلاً بعمود فسطاط على رأسه ضربةً واحدة، فأجافه حتّى وصلت الضربة إلى الدّماغ، فذهب عقله ؟ فقال : إن كان المضروب لا يعقل منها الصلاة، ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له ، فإنّه ينتظر به سنة ، فإن مات فيما بينه وبين السنة أقيد به ضاربه، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة، ولم يرجع إليه عقله، أغرم ضاربه الدّية في ماله لذهاب عقله ، قلت له : فما ترى عليه في الشَّجّة شيئاً؟ قال : لا ، لأنّه إنّما ضربه ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين، فألزمه أغلظ الجنايتين الدية، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين، لألْزَمْتُهُ جناية ما جنتا ، كانتا ما

وهي كانتا، إلّا أن يكون فيهما الموت فيقاد به ضاربه [ بواحدة وتطرح الأخرى، قال : وقال : ] فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد ،واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات ، كائنة ما كانت ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه، قال : وقال : فإن ضربه عشر ضربات فجنَيْنَ جناية ،واحدة ألزمته تلك الجناية الّتي جنينها العشر ضربات [كائنة ما كانت ] (2).

ص: 359


1- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ...، ح 87.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 36 بتفاوت وفي ذيله زيادة ما لم يكن فيها الموت الفقيه 4 ، 30 - باب ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيما دون النفس، ح 8 . يقول المحقق في الشرائع 4 /272 : «ولو شجّه فذهب عقله لم تتداخل دية الجنايتين، وفي رواية : إن كان بضربة واحدة تداخلتا، والأول أشبه» .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن محمّد بن خالد البرقيّ، عن حمّاد بن عيسى، عن رجلاً إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل ضرب بعصا فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفَرْجُهُ ، وانقطع جماعه وهو حيُّ، بستّ دیات (1).

205 - باب آخر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن محمّد بن قيس، عن أحدهما (علیهما السلام) في رجل فقأ عيني رجل، وقطع أذنيه، ثمَّ قتله؟ فقال: إن كان فرّق بين ذلك، اقتُصّ منه ، ثمَّ يُقتل، وإن كان ضربه ضربة واحدة، ضُربت عنقه ولم يقتصّ منه(2).

206 - باب دية الجراحات والشِّجاج

1 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن الأصمّ، عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : قضى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) في المأمومة ثلث الدّية، وفي المُنَقِّلة خمس عشرة من الإبل ؛ وفي الموضحة خمساً من الإبل وفي الدّامية بعيراً، وفي الباضعة بعيرين، وقضى في المتلاحمة ثلاثة أبعرة وقضى في السمحاق أربعة من الإبل (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيّ ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن المفضّل بن صالح، عن زيد الشحّام قالا : سألنا أبا عبد الله (علیه السلام) عن الشجّة المأمومة؟ فقال:

ص: 360


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 32 . «ولعل المراد بذهاب الفرج ذهاب منفعة البول بالسلس، أو أنه لا يستمسك غائطه ولا بوله، ويحتمل أن يكون في اللسان ديتان لذهاب منفعة الذوق والكلام معا ...». مرآة المجلسي 114/24.
2- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ...، ح 33 . الفقيه 4 ، 30 - باب ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيما . . . ، ح 5 بتفاوت .
3- التهذيب 10، 26 - باب ديات الشجاج وكسر العظام و. ، ح 4 .

فيها ثلث الدّية، وفي الجائفة، ثلث الدِّية، وفي الموضحة خمس من الإبل(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الموضحة خمس من الإبل، وفي السمحاق أربع من الإبل، والباضعة ثلاث من الإبل والمأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل والجائفة ثلاث وثلاثون من الإبل، والمنقلة خمس عشرة من الإبل(2).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن(3) صالح الثوري ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الموضحة في الرأس، كما هي في الوجه؟ فقال : الموضحة والشَّجاج في الوجه والرأس سواء في الدّية، لأنّ الوجه من الرأس، وليس الجراحات في الجسد كما هي في الرأس (4) .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن (علیه السلام) ؛ وعنه، عن أبيه ، عن ابن فضّال قال : عرضت الكتاب على أبي الحسن (علیه السلام) فقال: هو صحيح، قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في دية جراحات الأعضاء كلّها في الرأس والوجه وسائر الجسد، من السمع والبصر والصوت والعقل واليدين والرِّجلين في القطع والكُسر والصدع والبَطّ(5)، والموضحة والدَّامية(6) ونقل العظام(7) والنّاقبة يكون في شيء من ذلك، فما كان من عظم كسر فَجَبَر على غير عثم(8) ولا عيب، ولم ينقل منه عظام، فإنَّ ديته معلومة، فإن أوضَحَ ولم ينقل منه عظام ، فدِيَة كسره ودِيَة ،موضحته، فإنَّ دية كلّ عظم كُسر معلوم ديته، ونقل عظامه نصف دية كسره، ودية موضحته ربع دية كسره ، فما وارت الثّياب غير قصبتي السّاعد والأصبع ، وفي قرحة لاتبرء ثلث دية ذلك العظم الّذي هو فيه، وأفتى في النافذة إذا أنفذت من رمح أو خنجر في شيء من

ص: 361


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 7 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح.. وليس فيه ذكر للجائفة وحكمها . هذا وسوف يذكر المصنف رحمه الله في الباب التالي تفسير هذه المصطلحات للجراحات والشجاج.
3- في الفقيه : عن الحسن بن حي .
4- التهذيب 10 ، 26 - باب ديات الشجاج وكسر العظام و. 10 . الفقيه 4 ، 70 - ياب دية الجراحات والشجاج، ح 4 . والموضحة : هي التي تكشف عن وضح العظم.
5- البَط : الشق .
6- الدامية : هي التي تأخذ في اللحم يسيراً.
7- أي المنقّلة : وهي التي تحوج إلى نقل العظم، إما بأن ينتقل عن محلّه إلى آخر أو يسقط .
8- عَثَم العظم المكسور يعْثُمُ عَثماً، المنجبر على غير استواء، وقيل: هو خاص باليد.

الرّجل في أطرافه، فَدِيَتُها عُشْرُ دية الرَّجل ، مائة دينار (1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبدالله (علیه السلام) رسول الله (صلی الله علیه وآله و سلم) قضى في الدّامية بعيراً ؛ وفي الباضعة بعيرين، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة، وفي السمحاق أربعة أبعره (2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الجروح في الأصابع، إذا أوضح العظم عُشر دية الأصبع ، إذا لم يُرد المجروح أن يَقْتَصَّ (3).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل شجّ رجلاً موضحة، ثمَّ يطلب فيها فوهبها له، ثمَّ انتفضت به فقتلته؟ فقال : هو ضامن للدية إلّا قيمة الموضحة ، لأنّه وهبها له ، ولم يهب النفس؛ وفي السمحاق؛ وهي الّتي دون الموضحة ؛ خمسمائة درهم، وفيها إذا كانت في الوجه ضعف الدّية على قدر الشَّيْن، وفي المأمومة ثلث الدّية ، وهي الّتي قد نفذت ولم تصل إلى الجوف، فهي فيما بينهما، وفي الجائفة ثلث الدية، وهي الّتي قد بلغت جوف الدّماغ، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل، وهي الّتي قد صارت قرحة تنقل منها العظام (4).

9 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن أبن محبوب، عن عليّ بن رئاب عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الذراع إذا ضُرب فانكسر منه الزّند؟ قال : فقال : إذا يبست منه الكفُّ فشُلت أصابع الكف كلّها، فإنّ فيها

ص: 362


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح .13 . الفقيه ،4 ، 18 - باب دية جوارح الإنسان ومفاصله و... ضمن ح 1 بتفاوت .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 5.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح6 . الفقيه 4 ، 31 - دية الأصابع والأسنان والعظام ، ح 11 . وفي التهذيب : نصف عشر دية الأصبع. وهو موافق للمشهور، لأن الأصحاب نصوا على إن في الموضحة خمساً من الإبل، وهي نصف دية التي هي عشر من الإبل.
4- التهذيب 10 ، 26 - باب ديات الشجاح وكسر العظام و ...، ح 12 وفيه إلى قوله : ولم يهب النفس. يقول المحقق في الشرائع 241/4 : «إذا قطع اصبعه فعفى المجني عليه الإندمال، فإن اندملت فلا قصاص ولا دية، لأنه إسقاط لحق ثابت عند الإبراء ولو قال : عفوت عن الجناية، سقط القصاص والدية، لأنها لا تثبت إلا صلحاً، ولو قال : عفوت عن الجناية ثم سرت إلى الكفّ سقط القصاص في الإصبع، وله دية الكف، ولو سرت إلى نفسه، كان للولي القصاص في النفس بعد رد ما عفا عنه، ولو صرّح بالعفو، صح فيما كان ثابتاً وقت الإبراء، وهو دية الجرح، أما القصاص في النفس، أو الدية، ففيه ،تردد، لأنّه إبراء مما لم يجب. وفي الخلاف : يصح العفو عنها وعمّا يحدث عنها، فلو سرت كان عفوه ماضياً من الثلث لأنّه بمنزلة الوصية» .

ثلثي الدّية، دية اليد، قال : وإن شُلّت بعض الأصابع وبقي بعض، فإنَّ في كلّ أصبع شُلّت ثلثي ديتها، قال: وكذلك الحكم في الساق والقدم إذا شُلّت أصابع القدم (1).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: في الأصبع عُشْرُ الدّية إذا قطعت من أصلها، أو شلّت، قال : وسألته عن الأصابع، أسواءٌ هنَّ في الدّية؟ قال: نعم ، قال : وسألته عن الأسنان فقال : ديتهنَّ سواء (2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله سنان ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أصابع اليدين والرّجلين سواءٌ في الدّية، في كلّ أصبع عَشْرُ من الإبل، وفي الظفر خمسة دنانير (3).

12 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن الأصمّ ، عن مسمع، عن أبي عبد الله أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الناقلة تكون في العضو ثلث دية ذلك العضو(4) .

207 - باب تفسير الجراحات والشّجاج

تفسير الجراحات والشّجاج (5)

1 - أوَّلها : تُسمّى الحارصة، وهي الّتي تخدش ولا تُجري الدَّم ، ثمَّ الدّامية، وهي الّتي يسيل منها الدَّم ، ثمَّ الباضعة، وهي الّتي تبضع اللّحم وتقطعه ، ثمَّ المتلاحمة ، وهي الّتي تبلغ

ص: 363


1- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و . . ، ح 50 . الاستبصار 4، 174 - باب دية الأصبع إذا شلت، ح 1. الفقيه 4 ، 31 - باب دية الأصابع والأسنان والعظام، ح9 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 48 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 2 . قال المحقق في الشرائع 268/4: «وفي شلل كل واحدة من (الأصابع ثكا ديتها، وفي قطعها بعد الشلل الثلث» . وقد رفع الشيخ في التهذيب ما قد يتوهم من تناف بين رواية الفضيل ورواية الحلبي وذلك بأن حمل رواية الحلبي على من يفعل بالأصبع ما تصير عنده شلاء فيستحق بالشلل ثلثي ،الدية دية الأصبع، ثم يقطعها فيستحق بقطع الشلاء ثلث ديتها فيستوفي دينها . أقول: وهذا ما يظهر أنه إجماعي عند أصحابنا.
3- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح .49 . الاستبصار 4 ، 175 - باب دية الأصابع ، ح 2 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 6 وروى صدره فقط.
4- التهذيب 10 ، 26 - باب ديات الشجاج وكسر العظام و ... ، ح 15 بتفاوت يسير في الذيل . وفيه : النافذة، بدل : الناقلة .
5- وردت هذه التفسيرات وإن بتفاوت في التهذيب 10 ، كمقدمة للباب 26 - باب ديات الشجاح وكسر العظام و ...، وكذلك وردت في الفقيه 4 ، 68 - باب الشجاج وأسمائها فراجع .

في اللّحم؛ ثمَّ السمحاق، وهي الّتي تبلغ العظم - والسمحاق جلدة رقيقة على العظم - ، ثمَّ الموضحة، وهي الّتي توضح العظم، ثمَّ الهاشمة ، وهي الّتي تهشم العظم، ثمَّ المنقّلَة، و هي الّتي تنقل العظام من الموضع الّذي خلقه الله ، ثمَّ الآمة والمأمومة، وهي الّتي تبلغ أمّ الدّماغ، ثمَّ الجائفة، وهي الّتي تصير في جوف الدماغ .

208 - باب الخلقة التي تقسم عليه الدية في الأسنان والأصابع

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زياد بن سوقة، عن الحكم بن عتيبة قال: قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : أصلحك الله ، إنَّ بعض النّاس في فيه اثنان وثلاثون سنّاً، وبعضهم لهم ثمانية وعشرون سنّاً، فعلى كم تقسم دية الأسنان؟ فقال : الخِلقة إنّما هي ثمانية وعشرون سنّاً، اثنتا عشر في مقاديم الفم، وستّة عشر سنّاً في مواخيره، فعلى هذا قسمت دية الأسنان، فدية كلّ سنّ من المقاديم إذا كُسرت حتى تذهب خمسمائة درهم فدِيَتُها كلّها ستّة آلاف درهم، وفي كلّ سنّ من المواخير إذا كسرت حتّى تذهب فإنَّ ديتها مائتان وخمسون درهماً، وهي ستّة عشر سنّاً ، فدِيَتها كلّها أربعة آلاف درهم فجميع دية المقاديم والمواخير من الأسنان عشرة آلاف درهم، وإنّما وُضعت الدية على هذا ، فما زاد على ثمانية وعشرين سنّاً فلا دية له، وما نقص فلا دية له هكذا وجدناه في كتاب عليّ (علیه السلام) ، قال : فقال الحَكَم : فقلت : إنَّ الديات إنّما كانت تؤخذ قبل اليوم من الإبل والبقر والغنم ؟ قال : فقال : إنّما كان ذلك في البوادي قبل الإسلام، فلمّا ظهر الإسلام وكثرت الورق(1) في النّاس، قسمها أمير المؤمنين (علیه السلام) على الورق، قال الحكم : فقلت له : أرأيتَ من كان اليوم من أهل البوادي ما الذي يؤخذ منهم في الدية اليوم ؛ إبل أو ورق ؟ قال : فقال : الإبل اليوم مثل الورق، بل هي أفضل من الورق في الدّية، إنّهم كانوا يأخذون منهم في الدية الخطأ مائة من الإبل، يُحسب بكل بعير مائة درهم، فذلك عشرة آلاف درهم، قلت له : فما أسنان المائة بعير؟ قال: فقال : ما حَالَ عليه الحَوْلُ، ذُكْرانُ كلّها (2).

ص: 364


1- الوَرِق: الدراهم المضروبة من الفضة ويفسرها بعض اللغويين بالفضة مضروبة دراهم أو غير مضروبة .
2- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ...، ح 38 بتفاوت يسير . الاستبصار 4 ، 172 - ياب ديات الأسنان ، ح 1 وروى صدر الحديث إلى قوله في كتاب علي (علیه السلام) . الفقيه 4 ، 31 - باب دية الأصابع والأسنان والعظام، ح 12 . وما ذكر في الرواية من تقسيم الدية على الأسنان هو المشهور عند أصحابنا وقد ذكرنا ذلك مع نصوصه سابقاً فراجع . وأما بالنسبة إلى السن الزائدة فيقول المحقق في الشرائع 266/4 : «وليس للزائدة دية إن قلعت منضمة إلى البواقي ، وفيها ثلث دية الأصلي لو قلعت منفردة، وقيل فيها الحكومة، والأول أظهر». ونقل عن العلامة في المختلف أنه مال إلى وجوب الأرش في الزائدة مطلقاً . وهو يتناسب مع ظاهر هذه الرواية النافية للدية من الأساس.

2 - ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زياد بن سوقة، عن الحَكَم بن عتيبة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن أصابع اليدين، وأصابع الرجلين، أرأيت ما زاد فيها على عشر أصابع، أو نقص عن عشرة ، فيها دية؟ قال: فقال لي: يا حَكَم، الخلقة الّتي قسمت عليها الدية عشرة أصابع في اليدين، فما زاد أو نقص فلا دِيَة له، وعشرة أصابع في الرجلين، فما زاد أو نقص فلا دِيَة له، وفي كلّ أصبع من أصابع اليدين ألف درهم، وفي كلّ أصبع من أصابع الرجلين ألف درهم وكلّ ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح (1).

209 - باب آخر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، ومحمّد بن عيسى، عن يونس، جميعاً :قالا : عرضنا كتاب الفرائض عن أمير المؤمنين (علیه السلام) على أبي الحسن الرضا (علیه السلام) ، فقال : هو صحيح.

2 - وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن ظريف، عن أبيه ظريف بن ناصح قال : حدَّثني رجل يقال له : عبد الله بن أيّوب قال: حدّثني أبو عمرو المتطبّب قال : عرضته على أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أفتى أمير المؤمنين (علیه السلام)، فكتب الناس فتياه ، وكتب به أمير المؤمنين إلى أمرائه ورؤوس أجناده ، فممّا كان فيه : إن أصيب شفر العين الأعلى فشُتِر، فَدِيَّتُهُ ثلث دية العين ؛ مائة دينار وستّة وستون ديناراً وثلثا دينار، وإن أصيب شفر العين الأسفل فَشُتِر، فدِيَتُه نصف دية العين؛ مائة دينار وخمسون ديناراً ، وإن أصيب الحاجب فذهب شعره كله، فدِيَته نصف دية العين؛ مائتا دينار وخمسون ديناراً، فما أصيب منه فعلى حساب ذلك(2) .

ص: 365


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 37 بتفاوت هو نقيصة ضمن الحديث. وما تضمنه الحديث من عدم الدية على ما زاد من الأصابع مطلقاً خلاف ما هو المنصوص عليه عند أصحابنا رضوان الله عليهم من أن في الأصابع الزايدة ثلث دية الأصبع الأصلية فراجع شرائع الإسلام للمحقق 268/4 واللمعة وشرحها للشهيدين 409/2 من الطبعة الحجرية.
2- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و...، ج 52. ورد أيضاً ضمن ح 26 من الباب 26 من نفس الجزء من التهذيب . الفقي 4 ، 18 - باب دية جوارح الإنسان ومفاصله و ...، ضمن ح 1 . يقول المحقق في الشرائع 262/4 : «وفي الأجفان الدية، وفي تقدير كل جفن ،خلاف، قال في المبسوط : في كل واحد ربع الدية. وفي الخلاف (للشيخ) في الأعلى ثلثا الدية، وفي الأسفل الثلث (من دية العين). وفي موضع آخر : في الأعلى ثلث الدية وفي الأسفل النصف ... والقول بهذا كثير ، وفي الجناية على بعضها بحساب ديتها، ولو قلعت مع العينين لم يتداخل ديتاهما» . وشتر : أي قطع أو انشق أو استرخى .

الانف (1)- فإن قطع روثة الأنف - وهي طرفه - فَدِيَتُهُ خمسمائة دينار إن أنفذت فيه نافذة

لا تنسدّ بسهم أو رمح ، فديته ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، وإن كانت نافذة فبرئت والتأمت ، فدِيَتها خُمْسُ دية روثة الأنف، مائة دينار، فما أصيب منه فعلى حساب ذلك، وإن كانت نافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم - وهو الحاجز بين المنخرين - فدِيَتُها عُشْرُ دية روثة الأنف؛ خمسون ديناراً، لأنّه النصف، وإن كانت نافذة في إحدى المنخرين أو الخيشوم إلى المنخر الآخر، فدِيَتها ستّة وستّون ديناراً وثلثا دينار.

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله بن عبد الرحمن، عن مسمع ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قضى في خَرم الأنف ثلث دية الأنف (2).

210 - باب الشفَتَين

الشفَتَين(3)

وبالإسناد الأوّل قال : وإذا قُطعت الشفة العليا ،واستؤصلت، فدِیَتُها خمسمائة دينار، فما قطع منها فبحساب ذلك، فإذا انشقّت حتّى تبدو منها الأسنان، ثمَّ دوويت وبرئت والتأمت، فديتها مائة دينار، فذلك خُمْسُ دية الشفة إذا قطعت فاستؤصلت، وما قُطع منها فبحساب ذلك، فإن شُترت فشِينت شَيْئاً قبيحاً ، فدِيَتها مائة دينار وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، ودية الشفة السفلى إذا استؤصلت، ثلثا الدية، ستمائة وستّة وستّون ديناراً وثلثا دينار، فما قطع منها فبحساب ذلك، فإن انشقّت حتّى تبدو الأسنان منها ثمَّ برئت والتأْمَتْ، فَدِيَتُها مائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، وإن أصيبت فشِينتْ شَيْئاً قبيحاً ، فَدِيَتُها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، وذلك نصف ديتها ؛ وفي رواية ظريف بن ناصح قال : فسألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن

ص: 366


1- راجع في التهذيب 10، 26 - باب ديات الشجاج و. ضمن ح 26 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 47 .
3- راجع ذلك في التهذيب 10 ، 26 - باب ديات الشحاج وكسر العظام و...، 10، ضمن ح 26 . والفقيه 04 18 - باب دية جوارح الإنسان و. ... ضمن ح 1 .

ذلك ؟ فقال : بَلَغَنَا أنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) فضّلها، لأنّها تمسك الطعام من الأسنان، فلذلك فضّلها في حكومته .

الخد (1) - وفي الخدّ إذا كان فيه نافذة يُرى منها جوف الفم، فدِيَتها مائتا دينار، وإن دووي فبرىء والتام وبه أثر بيّن وشتر فاحش فديته خمسون ديناراً، فإن كانت نافذة في الخدّين كليهما، فديتها مائة دينار، وذلك نصف دية الّتي يُرى منها الفم ، فإن كانت رمية بنصل يثبت في العظم حتى ينفذ إلى الحَنَك فديتها مائة وخمسون ديناراً جعل منها خمسون ديناراً الموضحتها، وإن كانت ناقبة ولم ينفذ فيها ، فدِيَّتها مائة دينار فإن كانت موضحة في شيء من الوجه ، فدِيَتها خمسون ديناراً ، فإن كان لها شَين فدية شَينه مع دية موضحته، فإن كان جرحاً ولم يوضح ثمَّ برء وكان في الخدّين، فديته عشرة دنانير، فإن كان في الوجه صدع فديته ثمانون دينارا، فإن سقطت منه جذمة لحم ولم يوضح وكان قدر الدرهم فما فوق ذلك، فديته ثلاثون ديناراً، ودية الشجّة إذا كانت توضح أربعون ديناراً إذا كانت في الخدّ، وفي موضحة الرأس خمسون ديناراً، فإن نقل منها العظام ، فدِيَّتُها مائة وخمسون ديناراً، فإن كانت ناقبة في الرأس، فتلك المأمومة ، ديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن عبد الله (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في اللَّطْمة يَسْوَدّ أثرها في الوجه ، أَنَّ أَرْشَها ستّة دنانير، فإن لم تَسْوَدٌ واخْضَرَّت ، فإنَّ أرشها ثلاثة دنانير، فإن احْمَرَّت ولم تَخْضَرٌ، فَإِنَّ أرشها دينار ونصف (2).

الأذُن :

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن مسمع ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنّ عليّاً (علیه السلام) قضى

ص: 367


1- راجع ذلك كله في التهذيب 10، 26 - باب ديات الشجاج وكسر العظام و..، ضمن ح 26 . والفقيه 4 ، 18 - باب دية جوارح الإنسان و ...، ضمن ح 1 .
2- التهذيب 10 ، 24 - باب القصاص ، صدرح 10 وكرره برقم 23 من الباب 26 من نفس الجزء . الفقيه 4 ، 54 - باب ما جاء في اللطمة تسود أو ... ، ح 1 بتفاوت في الذيل، وفي صدره ... عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال سألته . . . هذا ويقول المحقق في الشرائع 278/4 : «في إحمرار الوجه بالجناية دينار ونصف، وفي اخضراره ثلاثة دنانير، وكذا في الأسود عند قوم، وعند الآخرين ستة دنانير، وهو أولى لرواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (علیه السلام) ، ولما فيه من زيادة النكاية، قال جماعة : ودية هذه الثلاث في البدن على النصف من ديتها إذا صارت في الوجه . » .

في شَحْمَةِ الأذن ثلث دية الأذن (1).

وبالإسناد الأوَّل (2): في الأذنين إذا قُطعت إحداهما ، فدِیَتُها خمسمائة دينار، وما قُطع منها فبحساب ذلك.

الأسنان - قال : وفي الأسنان في كلّ سنّ خمسون ديناراً، والأسنان كلّها سواء، وكان قبل ذلك يقضي(3)في الثنيّة خمسون ديناراً، وفي الرباعيّة أربعون ديناراً، وفي الناب ثلاثون ديناراً، وفي الضرس خمسة وعشرون ديناراً، فإن اسودّت السنّ إلى الحول ولم تسقط، فديتها دِيَة الساقطة خمسون ديناراً، وإن انصدعت ولم تسقط ، فدِیَتُها خمسة وعشرون ديناراً، وما انكسر منها من شيء فبحسابه من الخمسة والعشرين ديناراً .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الأسنان كلّها سواء في كلّ سنّ خمسمائة درهم (4).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم أو(5) غيره، عن أبَان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يقول : إذا اسودّت الثنيّة جعل فيها الدية(6).

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته الأسنان؟ فقال : هي في في الدية سواء(7).

ص: 368


1- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و...، ح 46. يقول المحقق في الشرائع 263/4 : «.... وفي شحمتها (أي الأذن) ثلث ديتها، على رواية فيها ضعف، لكن يؤيدها الشهرة، قال بعض الأصحاب : وفي خرمها ثلث ديتها وفسرها واحد بخرم الشحمة، وبثلث دية الشحمة». كما يراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 406/2 من الطبعة الحجرية. ويقصد المحقق بالواحد الذي فسرها بخرم الشحمة ابن إدريس. وقال الشهيد الثاني بأن ذلك مما لا سند له .
2- راجع في هذا وفيما يأتي مما ليس مرقماً التهذيب 10، 26 - باب ديات الشجاح وكسر العظام و . . . ، ح 26 . والفقيه 4 ، 18 - باب دية جوارح الإنسان ومفاصله ودية ... ح 1 ، فكله وارد وإن بتفاوت ضمن هذين.
3- يعني تقية . والله العالم .
4- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ... ، ح 39 . الاستبصار 4 ، 172 - باب ديات الأسنان ، ح 2.
5- الترديد من الراوي .
6- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ...، ج 42. الاستبصار 4 ، 173 - باب السن إذا ضربت فاسودت ولم تقع ، ح 2 .
7- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 40 ، الاستبصار 4 ، 172 - باب ديات الأسنان، ح 3 .

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : السنّ إذا ضُربت، انتُظر بها سنة، فإن وقعت أغرم الضارب خمسمائة درهم، وإن لم تقع واسودّت أغرم ثُلُثَي ديتها (1).

10 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله بن عبد الرحمن، عن مسمع، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنّ عليّاً (علیه السلام) قضى في سنّ الصبيّ قبل أن يثغر بعيراً، بعيراً في كلّ سنّ(2).

الترقوة - رجع إلى الإسناد الأوَّل، قال: وفي الترقوة إذا انكسرت فجبرت على غير عَثَم ولا عيب أربعون ديناراً، فإن انصدعت فدِیِتُها أربعة أخماس كسرها ؛ اثنان وثلاثون ديناراً، فإن أوضحت فدِيَتها خمسة وعشرون ديناراً، وذلك خمسة أجزاء من ثمانية من ديتها إذا انکسرت فإن نقل منها العظام، فدِيَّتها نصف دية كسرها ؛ عشرون ديناراً، فإن نقبت ، فدِيَتُها ربع دية كسرها، عشرة دنانير .

المنكب - ودية المنكب إذا كسر المنكب خُمْسُ دية اليد مائة دينار، فإن كان في المنكب صدع ، فدِيتُهُ أربعة أخماس دية كسره ؛ ثمانون ديناراً ، فإن أوضح، فديته ربع دية كسره ؛ خمسة وعشرون ديناراً، فإن نقلت منه العظام، فديته مائة دينار وخمسة وسبعون ديناراً، منها مائة دينار دیة کسره ، وخمسون ديناراً لنقل عظامه، وخمسة وعشرون ديناراً لموضحته ، فإن كانت ناقبة ، فَدِيتها ربع دية كسره خمسة وعشرون ديناراً، فإن رضّ فعثم، فديته ثلث دية النفس؛ ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، فإن فُكَّ، فدِيَتُهُ ثلاثون ديناراً .

العَضُد - وفي العضد إذا انكسرت فجبرت على غير عَثَم ولا عيب، فدِيَتُها خُمْسُ دية اليد؛ مائة دينار، ودية موضحتها ربع دية كسرها ؛ خمسة وعشرون ديناراً، ودية نقل عظامها نصف دية كسرها ؛ خمسون ديناراً ، ودِيَةٌ نقبها ربع دية كسرها ؛ خمسة وعشرون ديناراً.

المرفق - وفي المرفق إذا كُسِرَ فَجَبَرَ على غير عَثَم ولا عيب، فديته مائة دينار، وذلك

ص: 369


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 41. الاستبصار 4 ، 173 - باب السن إذا ضربت فاسودت ولم تقع، ح 1 الفقيه 4 31 - باب دية الأصابع والأسنان والعظام ، ح 7 . قال المحقق في الشرائع 266/4 : «ولو اسوّدت (السن) بالجناية ولم تسقط فثلثا ديتها، وفيها بعد الاسوداد الثلث على الأشهر، وفي انصداعها ولم تسقط ثلثا ديتها، وفي الرواية ضعف والحكومة أشبه». كما يراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 408/2 من الطبعة الحجرية.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .43 . وكرر مضمونه بتفاوت وسند آخر برقم 66 من نفس الباب. وأنغر الصبي : إذا نبتت ،رواضعه، فإذا سقطت قيل : ثَغَر فهو مثغور .

خُمْسُ دية اليد، فإن انصدع فديته أربعة أخماس كسره ؛ ثمانون ديناراً، فإن نقل منه العظام، فديته مائة دينار وخمسة وسبعون ديناراً للكسر مائة دينار ولنقل العظام خمسون ديناراً، وللموضحة خمسة وعشرون ديناراً، فإن كانت ناقبة فَدِيَتُها ربع دية كسرها؛ خمسة وعشرون ديناراً ، فإن رُضَّ المرف فعَثَم ، فدِيَتُه ثلث دية النفس ؛ ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، فإن كان فُكِّ فَدِيَتُهُ ثلاثون ديناراً .

الساعد - وفي الساعد إذا كُسر ثمّ جبر على غير عَثَم ولا عيب، [فديته ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، فإن كُسر إحدى القصبتين من الساعد، فدِيَّتُهُ] خمس دية اليد؛ مائة دينار فإن كُسرت قَصَبَتا (1) الساعد، فدِيَتُها خمس دية اليد؛ مائة دينار، وفي الكسر لأحد الزندين؛ خمسون ديناراً وفي كليهما ؛ مائة دينار، فإن انصدعت إحدى القصبتين ففيها أربعة أخماس دية إحدى قصبتي الساعد؛ أربعون ديناراً ، ودية موضحتها ربع دية كسرها ؛ خمسة وعشرون ديناراً، ودية نقل عظامها ربع دية كسرها ؛ خمسة وعشرون ديناراً، ودية نقبها نصف دية موضحتها اثنا عشر ديناراً ونصف دينار، ودية نافذتها خمسون ديناراً، فإن كانت فيه قرحة لا تبرأ ، فدِيَتُها ثلث دية الساعد ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، وذلك ثلث دية الّذي هي فيه .

الرِسغ (2)، ودية الرسغ إذا رضَّ فَجَبَرَ على غير عَثَم ولا عيب، ثلث دية اليد؛ مائة دينار وستّة وستّون ديناراً وثلثا دينار.

الكف - وفى الكفّ إذا كُسرت فَجَبَرَت على غير عَثَم ولا عيب فديتها خمس دية اليد، مائة دينار، وإن فُكّ الكفّ فديتها ثلث دية اليد مائة دينار وستّة وستّون ديناراً وثلثا دينار، وفي موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون ديناراً ، ودية نقل عظامها خمسون ديناراً، نصف دية كسرها، وفي نافذتها إن لم تنسد خمس دية اليد ؛ مائة دينار فإن كانت ناقبة، فديتها ربع دية كسرها؛ خمسة وعشرون ديناراً، وفي دية الأصابع والقصب الّتي في الكفّ، ففي الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون ديناراً وثلثا دينار ودية قصبة الإبهام الّتي في الكفّ تَجْبُرُ على غير عَثَم [ولا عيب] خمس دية الإبهام ؛ ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار إذا استوى جبرها وثبت، ودية صدعها ستّة وعشرون ديناراً وثلثا دينار ودية موضحتها ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية نقل عظامها ستّة عشر ديناراً وثلثا دينار ودية نقبها ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية

ص: 370


1- في التهذيب : فإن كسرت إحدى القصبتين من الساعدين فديتها خمس دية اليد ؛ مائة دينار.
2- قال الشيخ في التهذيب : قال الخليل الرسُغ : مفصل ما بين الساعد والكفّ.

فكّها عشرة دنانير ، ودية المفصل الثاني من أعلى الإبهام إن كُسِر فَجَبَرَ على غير عَثَم ولا عيب، ستّة عشر ديناراً وثلثا دينار ودية الموضحة إن كانت فيها أربعة دنانير وسدس دينار، ودية صدعها ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار، ودية نقل عظامها خمسة دنانير، فما قطع منها فبحسابه .

الأصابع - وفي الأصابع، في كلّ أصبع سدس دية اليد ثلاثة وثمانون ديناراً وثلث دينار، ودية قصب أصابع الكفّ - سوى الإبهام - دية كلّ قصبة عشرون ديناراً وثلثا دينار، ودية كلّ موضحة في كلّ قصبة من القصب الأربع أربعة دنانير وسدس دينار، ودية نقل كلّ قصبة منهنّ ثمانية دنانير وثلث دينار ودية كسر كلّ مفصل من الأصابع الأربع الّتي تلي الكفّ، ستّة عشر ديناراً وثلثا دينار، وفي صدع كلّ قصبة منهنَّ ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار، فإن كان في الكفّ قرحة لا تبرأ ، فدِيَتها ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار وفي نقل عظامه ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي موضحته أربعة دنانير وسدس دينار، وفي نقبه أربعة دنانير وسدس دينار، وفي فكّه خمسة دنانير، ودية المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قُطع ، فدِيَته خمسة وخمسون ديناراً وثلث دينار، وفي كسره أحد عشر ديناراً، وثلث دينار، وفي صدعه ثمانية دنانير ونصف دينار، وفي موضحته ديناران وثلث دينار وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث دينار، وفي نقبه ديناران وثلثا دينار، وفي فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار، وفي المفصل الأعلى من الأصابع الأربع إذا قطع، سبعة وعشرون ديناراً ونصف دينار وربع ونصف عُشر دينار، وفي كسره خمسة دنانير وأربعة أخماس دينار وفي صدعه أربعة دنانير وخمس دينار، وفي موضحته ديناران وثلث دينار، وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث دينار، وفي نقبه ديناران وثلثا دينار، وفي فكّه ثلاثة دنانير وثلثا دينار، وفي ظفر كلّ أصبع منها خمسة دنانير وفي الكفّ إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب، فدِيَتُها أربعون ديناراً، ودية صدعها أربعة أخماس دية كسرها اثنان وثلاثون ديناراً، ودية موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، ودية نقل عظامها عشرون ديناراً ونصف دينار، ودية نقبها ربع دية كسرها؛ عشرة دنانير، ودية قرحة لا تبرء، ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار.

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى الخزّاز، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الأصبع الزائدة إذا قطعت، ثلث دية الصحيحة (1).

الصدر - وبالإسناد الأوَّل قال : وفي الصدر إذا رُضَّ مثنى شقيه كليهما فدِيَتُهُ خمسمائة دينار، ودية أحد شقّيه إذا انثنى مائتان وخمسون ديناراً، وإذا انثنى الصدر والكتفان فديته ألف

ص: 371


1- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ...، 44 بتفاوت يسير جداً في صدره. الفقيه 4، 31 . باب دية الأصابع والأسنان والعظام، ح 10 .

دينار، وإن انثنى أحد شقّي الصدر وإحدى الكتفين فديته خمسمائة دينار، ودية موضحة الصدر خمسة وعشرون ديناراً، ودية موضحة الكتفين والظهر خمسة وعشرون ديناراً، وإن اعترى الرجل من ذلك صَعَر(1) لا يستطيع أن يلتفت فديته خمسمائة دينار، فإن انكسر الصلب فجبر على غير عَثَم ولا عيب فديته مائة دينار، وإن عَثَم فديته ألف دينار، وفي حَلَمِة ثدي الرجل تُمْنُ الدية؛ مائة وخمسة وعشرون ديناراً.

الأضلاع - وفي الأضلاع، فيما خالط القلب من الأضلاع إذا كُسر منها ضلع فديته خمسة وعشرون ديناراً، وفي صدعه اثنا عشر ديناراً ونصف ودية نقل عظامه سبعة دنانير ونصف، وموضحته على ربع كسره، ونقبه مثل ذلك، وفي الأضلاع ممّا يلي العضدين، دية كلّ ضلع عشرة دنانير إذا كسر، ودية صدعه سبعة دنانير ودية نقل عظامه خمسة دنانير، وموضحة كل ضلع منها ربع دية كسره؛ ديناران ونصف، فإن نقب ضلع منها فديته ديناران ونصف، وفي الجائفة ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، فإن نفذت من الجانبين كليهما رَمْيَةً أو طعنة فديتها أربعمائة دينار وثلاثة وثلاثون ديناراً [ وثلث دينار ] .

الوِرْك : وفي الوِرك إذا كُسر فجبر على غير عَثَم ولا عيب، خمس دية الرجل؛ مائتا دينار وإن صدع الورك فديته مائة وستون ديناراً ، أربعة أخماس دية كسره ، فإن أوضحت فديته ربع دیة کسره خمسون ديناراً، ودية نقل عظامه مائة وخمسة وسبعون ديناراً، منها لكسرها مائة دينار، ولنقل عظامها خمسون ديناراً، ولموضحتها خمسة وعشرون ديناراً، ودية فكّها ثلاثون ديناراً، فإن رُضَت فعثَمَت فدِيَتُها ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار.

الفخذ - وفي الفخذ إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب، خمس دية الرِجل(2)؛ مائتا دينار فإن عَثَمَت فديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار وذلك ثلث دية النفس، ودية صدع الفخذ أربعة أخماس دية كسرها ؛ مائة دينار وستّون ديناراً، فإن كانت قرحة لا تبرأ فدِيَتُها ثلث دية كسرها ستّة وستّون ديناراً وثلثا دينار ودية موضحتها ربع دية كسرها؛ خمسون ديناراً، ودية نقل عظامها نصف دية كسرها مائة دينار ودية نقبها ربع دية كسرها، مائة (3) وستّون ديناراً .

ص: 372


1- الصَّعر: ميل في الوجه أو في أحد الشقين أو داء يلوي عنق الإنسان .
2- في التهذيب : الرِجلَين ..
3- في التهذيب والفقيه خمسون ديناراً. وهو الصحيح . ولا بد من التنبيه على وجود اختلافات فيما هنا وبين كل من التهذيب والفقيه في بعض هذه التقديرات فتأمل.

الركبة - وفي الركبة إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب، خمس دية الرِجل (1)، مائتا دينار، فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس دية كسرها مائة وستّون ديناراً ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون ديناراً، ودية نقل عظامها مائة دينار وخمسة وسبعون ديناراً، منها دية کسرها مائة دينار، وفي نقل عظامها خمسون ديناراً، وفي موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، وفي قرحة فيها لا تبرأ ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار وفي نفوذها ربع دية كسرها؛ خمسون ديناراً، ودية نقبها ربع دية كسرها ؛ خمسون ديناراً ، فإن رُضّت فعثَمَت ففيها ثلث دية النفس؛ ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، فإن فكت ففيها ثلاثة أجزاء من دية الكسر؛ ثلاثون ديناراً .

الساق : وفي الساق إذا كُسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب، خُمْسُ دية الرجل، مائتا دينار، ودية صدعها أربعة أخماس دية كسرها مائة وستّون ديناراً، وفي موضحتها ربع دية كسرها ؛ خمسون ديناراً، وفي نقبها نصف دية ،موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، وفي نقل عظامها ربع دية كسرها، خمسون ديناراً، وفي نفوذها ربع دية كسرها؛ خمسون ديناراً، وفي قرحة فيها لا تبرء، ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، فإن عَثَم الساق، فديتها ثلث دية النفس، ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار.

الكعب - وفي الكعب إذا رُضّ فجبر على غير عثم ولا عيب، ثلث دية الرجل(2)، ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار.

القَدَم - وفي القدم إذا كُسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب، خُمْسُ دية الرجل مائتا دينار، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون ديناراً، وفي نقل عظامها مائة دينار، نصف دية كسرها، وفي نافذة فيها لا تنسدُّ ، خمس دية الرجل مائتا ،دينار وفي ناقبة فيها ربع دية كسرها ؛ خمسون ديناراً.

الأصابع والقصب - الّتي في القدم والإبهام دية الإبهام ثلث دية الرجل ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، ودية كسر قصبة الإبهام الّتي تلي القدم، خمس دية الإبهام ستّة وستّون ديناراً وثلثا دينار، وفي نقل عظامها ستّة وعشرون ديناراً وثلثا دينار، وفي صدعها ستّة وعشرون ديناراً وثلثا دينار، وفي موضحتها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي نقبها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي فكّها عشرة دنانير، ودية المفصل الأعلى من الإبهام - وهو الثاني الّذي فيه الظفر -

ص: 373


1- في التهذيب والفقيه : الرِجلَين.
2- في التهذيب والفقيه: الرجلين وهكذا في كل مورد مماثل .

ستّة عشر ديناراً وثلثا دينار، وفي موضحته أربعة دنانير وسدس، وفي نقل عظامه ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي ناقبته أربعة دنانير وسدس، وفي صدعها ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار، وفي فكّها خمسة دنانير، وفي ظفره ثلاثون ديناراً، وذلك لأنّه ثلث دية الرجل؛ ودية الأصابع، دية كلّ أصبع منها سدس دية الرجل، ثلاثة وثمانون ديناراً وثلث دينار، ودية قصبة الأصابع الأربع سوى الإبهام - دية كلّ قصبة منهنّ ستّة عشر ديناراً وثلثا دينار، ودية موضحة قصبة كلّ أصبع منهنَّ أربعة دنانير وسدس دينار ودية نقل عظم كلّ قصبة منهنَّ ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية صدعها ثلاثة عشر ديناراً وثلثا دينار، ودية نقب كلّ قصبة منهنَّ أربعة دنانير وسدس دينار، ودية قرحة لا تبرء في القدم ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، ودية كسر كل مفصل من الأصابع الأربع الّتي تلي القدم ستّة عشر ديناراً وثلث دينار، ودية صدعها ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار، ودية نقل عظام كلّ قصبة منهنَّ ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية موضحة كلّ قصبة منهنَّ أربعة دنانير وسدس دينار، ودية نقبها أربعة دنانير وسدس دينار، ودية فكّها خمسة دنانير .

وفي المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قُطع ، فدِیَتُه خمسة وخمسون ديناراً وثلثا دينار، ودِية كَسْره أحد عشر ديناراً وثلثا دينار، ودية صدعه ثمانية دنانير وأربعة أخماس دينار، ودية موضحته ديناران ودية نقل عظامه خمسة دنانير وثلثا دينار ودية نقبه ديناران وثلثا دينار ودية فكّه ثلاثة دنانير .

وفي المفصل الأعلى من الأصابع الّتي فيها الظفر إذا قُطع، فديته سبعة وعشرون ديناراً وأربعة أخماس دينار ودية كسره خمسة دنانير وأربعة أخماس دينار، ودية صدعه أربعة دنانير و خمس دينار ودية موضحته دينار وثلث دينار ودية نقل عظامه ديناران وخمس دينار، ودية نقبه دينار وثلث دينار ودية فكّه ديناران وأربعة أخماس دينار ودية كلّ ظفر عشرة دنانير .

12 - عدَّةً من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن مسمع، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الظفر إذا قُلِع ولم يَنبُت، وخرج أسود فاسداً، عشرة دنانير، فإن خرج أبيض فخمسة دنانير(1).

ص: 374


1- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و... ، ح 45 . وعلى هذا نص أصحابنا، وقال المحقق في الشرائع 168/4 بعد أن أورد مضمون هذه الرواية: «وفي الرواية ضعف غير أنها مشهورة، وفي رواية عبد الله بن سنان : في الظفر خمسة دنانير ». أقول: وقد مرت رواية ابن سنان المشار إليها برقم 11 من الباب 206 من هذا الجزء.

رجع إلى الإسناد الأوَّل قال : وقضى في موضحة الأصابع ثلث دية الأصبع، فإن أصيب رجلٌ فأدِرَ(1) خصيتاه كلتاهما ، فديته أربعمائة دينار، فإن فحج (2) فلم يستطع المشي إلّا مشياً يسيراً لا ينفعه فديته أربعمائة أخماس دية النفس ؛ ثمانمائة دينار، فإن أحدب منها الظهر فحينئذ تمّت ديته ألف دينار، والقسامة في كلّ شيء من ذلك ستّة نفر على ما بلغت ديته، ودية البجرة (3) إذا کانت فوق العانة عشر دية النفس مائة دينار، فإن کانت في العانة فخرقت الصفاق (4) فصارت أدرة في إحدى البيضتين فديتها مائتا(5) دينار، خُمسُ الدية.

211 - باب دِيَة الجَنين

1 - وبهذا الإسناد عن أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : جعل دية الجنين مائة دينار، وجعل الرجل إلى أن يكون جنيناً خمسة أجزاء ، فإذا كان جنيناً قبل أن تلجه الرُّوح مائة دينار، وذلك أنَّ الله عزَّ وجلَّ خلق الإنسان من سلالة، وهي النطفة، فهذا جزء، ثمَّ عَلَقَة، فهو جزءان، ثمّ مُضْغَةٍ فهو ثلاثة أجزاء ، ثمَّ عظماً فهو أربعة أجزاء، ثمَّ يُكسى لحماً فحينئذ تمّ جنيناً ، فكملت له خمسة أجزاء؛ مائة دينار، والمائة دينار خمسة أجزاء، فجعل للنطفة خُمْسَ المائة؛ عشرين ديناراً، وللعلقة خُمسي المائة ؛ أربعين ديناراً ، وللمضغة ثلاثة أخماس المائة ؛ ستّين ديناراً، وللعظم أربعة أخماس المائة ؛ ثمانين ديناراً ، فإذا كُسي اللّحم كانت له مائة دينار كاملة، فإذا نشأ فيه خلق آخر - وهو الرُّوح - فهو حينئذ نفس فيه ألف دينار دية كاملة إن كان ذكراً، وإن كان انثى، فخمسمائة دينار، وإن قتلت امرأة وهي حبلى فتمّ فلم يسقط ولدها ولم يُعلم أذكر هو أم أنثى ، ولم يعلم أبَعْدَها مات أو قبلها ، فدِيَتُه نصفان ؛ نصف دية الذكر، ونصف دية الأنثى، ودية المرأة كاملة بعد ذلك ، وذلك ستة أجزاء من الجنين، وأفتى (علیه السلام) في منيّ الرجل يفرغ من عرسه فيعزل عنها الماء ولم يُرد ذلك، نصف خمس المائة ؛ عشرة دنانير، وإذا أفرغ فيها، عشرين ديناراً، وقضى في دية جراح الجنين من حساب المائة على ما يكون من جراح الذكر والأنثى :

ص: 375


1- أدِرَ يأدَر أدَرا: انفتق صفاقه فوقع قُصبَه في صفنه أو أصابه فتق في إحدى خِصيَه . والأدْرَة والأدَرَة عِظَم الخُصى وانتفاخها . فهو مأدور وآدَر.
2- فَحَجَ الرجل يفحَجُ فَرْجاً في مشيته: تدانی صدور قدميه وتباعد عَقِباه.
3- في بعض النسخ : الوجأة: وهي الضربة في أي موضع كان .
4- ويقال : السفاق : وهو الجلد الأسفل الذي تحت الجلد الذي عليه الشعر أو ما بين الجلد والمصران، أو جلد البطن كله - هكذا في القاموس المحيط -.
5- في الفقيه: مائة دينار. وهو غلط .

الرجل والمرأة كاملة، وجعل له في قصاص جراحته ومعقلته على قدر ديته، وهي مائة دينار (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس أو غيره، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : دية الجنين خمسة أجزاء، خُمس للنطفة؛ عشرون ديناراً، وللعلقة خُمسان؛ أربعون ديناراً، وللمضغة ثلاثة أخماس ؛ ستّون ديناراً، وللعظم أربعة أخماس، ثمانون ديناراً، فإذا تمّ الجنين، كانت له مائة دينار، فإذا أنشأ فيه الرُّوح فدِيَتُهُ ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم إن كان ذكراً ، وإن كان أنثى فخمسمائة دينار، وإن قتلت المرأة وهي حبلى فلم يُدْرَ أذكر كان ولدها أو أنثى ، فدِية الولد نصفان؛ نصف دية الذكر ونصف دية الأنثى، وديتها (2) كاملة (3) .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن داود بن فَرْقَد عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: جاءت امرأة فاستعدَتْ على أعرابيّ قد أفزعها، فألقت جنيناً، فقال الأعرابيّ : لم يهلّ ولم يصح ، ومثله يُطَلُّ، فقال النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : اسكت سجّاعة، عليك غرّة، وصيف، عبدٌ أو أمة (4) .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إِنْ ضَرَبَ رجلٌ بطنَ امرأة حُبلى فألقت ما في بطنها ميتاً، فإنَّ عليه غُرَّةً، عبداً أو أمة يدفعها إليها (5).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن

ص: 376


1- التهذيب 10 ، 25 - باب الحوامل والحمول و ...، ح 9 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 18 - باب دية جوارح الإنسان ومفاصله ودية النطفة و . . . ، ضمن ح 1 بتفاوت . ويقول المحقق في الشرائع 282/4 : «ولو قتلت المرأة فمات معها جنين فدية للمرأة ونصف الديتين للجنين إذا جهل حاله، ولو علم ذكراً فديته أو أنثى فديتها ، وقيل : مع الجهالة يستخرج بالقرعة لأنه مشكل، ولا إشكال مع وجود ما يُصار إليه من النقل المشهورة».
2- أي دية المرأة القتيل.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 1 . الاستبصار ،4 ، 179 - باب دية الجنين ، ح 2 وروى ذيله من قوله : فإذا تم الجنين كانت له ... الخ . الله وفي السند فيهما : عن يونس عن عبد بن مسكان . .. الخ .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 12 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 6 . الفقيه 4، 35 - باب دية النطفة والعلقة و . . ، ح 4 بتفاوت يسير . والاستعداء: - هنا - طلب النصرة على الظالم وقوله : ومثله يطلّ أي يذهب هدراً فلا دية له .
5- التهذيب 10 ، 25 - باب الحوامل و ...، ح 10 . الاستبصار 4 ، 179 - باب دية الجنين ، ح 4 . وفي سند التهذيب التهذيب : عن أبي حمزة بدل عن علي بن أبي حمزة. وما في الفروع والاستبصار هو الصحيح.

محبوب، عن نعيم بن إبراهيم، عن أبي سيّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل قتل جنين أمةٍ لقوم في بطنها ؟ فقال : إن كان مات في بطنها بعدما ضربها، فعليه نصفُ عُشْر قيمة أُمّه ، وإن كان ضربها فألقته حيّاً ،فمات، فإنَّ عليه عُشْرَ قيمة أُمّه (1).

6 - ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في امرأة شربت دواءً وهي حامل لتطرح ولدها، فألقت ولدها؟ فقال: إن كان عظماً قد تبت عليه اللّحم وشُقَّ له السمع والبصر، فإنَّ عليها ديته تسلّمها إلى أبيه ، قال : وإن كان جنيناً علقة أو مضغة، فإنَّ عليها أربعين ديناراً ، أو غرَّة تسلّمها إلى أبيه قلت فهي لا ترث من ولدها من ديته؟ قال : لا، لأنّها قتلته (2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قضى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) في جنين الهلاليّة حيث رُميت بالحجر فألقت ما في بطنها، غُرّة عبد أو أمة (3).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن رجل، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قلت له الرجل يضرب المرأة فتطرح النطفة؟ قال: عليه عشرون ديناراً، فإن كانت علقةً ، فعليه أربعون ديناراً ، وإن كانت مُضْغَةً، فعليه ستّون ديناراً، وإن كان عظماً فعليه الدية .

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن صالح، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في النطفة عشرون ديناراً، وفي العلقة أربعون ديناراً، وفي المُضغَة ستّون ديناراً، وفي العظم ثمانون ديناراً، فإذا كُسي اللّحم فمائة

ص: 377


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 18 . وذكره أيضاً برقم 38 من الباب 10 من نفس الجزء من التهذيب. وفي سنده هناك عن مسمع ، بدل : عن أبي سيار. الفقيه 4، 35 - باب دية النطفة والعلقة و . . . ، ح 7 وفيه : الأمة ، بدل : امه في جميع المواضع، وفي سنده : عبد الله بن سنان، بدل، عن أبي سيّار. هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن دية جنين الأمة المملوكة هي عُشر قيمة أمه المملوكة، وتعتبر قيمة الأمة عند الجناية لأنه وقت ضمان الجاني لتلف الجنين، لا وقت الإلقاء وقد نقل صاحب الجواهر رحمه الله إن هذا الحكم عليه عامة المتأخرين ونقل الشيخ في الخلاف وابن إدريس في السرائر الإجماع عليه. وقد ناقش السيد الخوئي بل استشكل في ذلك وذهب إلى أن الأقرب إن فيه الحكومة بعد أن نفى تمامية الإجماع المدّعى في البين فراجع مباني تكملة المنهاج 408/2 .
2- التهذيب 9 ، 41 - باب ميراث القاتل ، ح 9 بتفاوت وكرره بتفاوت عن أبي عبد الله (علیه السلام) برقم 15 من الباب 25 من الجزء 10 من التهذيب أيضاً. الاستبصار ،4 ، نفس ،الباب ح .9 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 6 .
3- التهذيب 10 ، 25 - باب الحوامل والحمول و ...، ح 11 بتفاوت يسير. وكذا هو في الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 5 .

دينار، ثمَّ هي ديته حتى يستهلّ، فإذا استهلَّ، فالدية كاملة (1).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي أيوّب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرَّجل يضرب المرأة فتطرح النطفة ؟ فقال : عليه عشرون ديناراً ، فقلت : يضربها فتطرح العلقة ؟ فقال : عليه أربعون ديناراً، قلت : فيضربها فتطرح المضغة؟ قال عليه ستّون ديناراً ، قلت : فيضربها فتطرحه وقد صار له عظم ؟ فقال عليه الدية كاملة، وبهذا قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) ، قلت : فما صفة خِلْقَة النطفة الّتي تعرف بها ؟ فقال : النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة، فتمكث في الرحم إذا صارت فيه أربعين يوماً، ثمَّ تصير إلى علقة ، قلت : فما صفة خلقة العَلَقَة الّتي تُعرف بها؟ فقال: هي علقة كعلقة الدم المحجّمة الجامدة ، تمكث في الرحم بعد تحويلها عن النطفة أربعين يوماً، ثمَّ تصير مضغة ، قلت : فما صفة المضغة وخلقتها الّتي تُعْرَفُ بها؟ قال : هي مضغة لحم حمراء، فيها عروق خضر مشتبكة ، ثمّ تصير إلى عظم ، قلت : فما صفة خلقته إذا كان عظماً؟ فقال : إذا كان عظماً شُقّ له السمع والبصر ورتبت جوارحه ، فإذا كان كذلك، فإنَّ فيه الدية كاملة(2).

11 - صالح بن عقبة، عن يونس الشيباني قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : فإن خرج في النطفة قطرة دم؟ قال : القطرة عُشْر النطفة، فيها اثنان وعشرون ديناراً، قلت: فإن قطرت قطرتين؟ قال : أربعة وعشرون ديناراً ، قال : قلت : فإن قطرت بثلاث؟ قال : فستّة وعشرون ديناراً، قلت: فأربع ؟ قال : فثمانية وعشرون ديناراً، وفي خمس ثلاثون ديناراً، وما زاد على النصف فعلى حساب ذلك، حتّى تصير علقة ، فإذا صارت علقة ففيها أربعون ، فقال له أبو شبل - وأخبرنا أبو شبل - قال : حضرت يونس وأبو عبد الله (علیه السلام) يخبره بالديات، قال: قلت: فإن النطقة خرجت منحصحصة (3) بالدم ؟ قال : فقال لي : فقد علقت، إن كان دماً صافياً ففيها

ص: 378


1- التهذيب 10 ، 25 - باب الحوامل والحمول و ...، ح 2 . الاستبصار 4 ، 179 - باب دية الجنين ، ح 1 . الفقيه 4، 35 - باب دية النطفة والعلقة و. هذا وقد اتفق فقهاؤنا رضوان الله عليهم على إن دية الجنين المسلم الحر إذا تم ولم تلجه الروح مائة دينار، ذكراً كان أو أنثى ، ولو ولجته الروح فدية كاملة للذكر ونصف للأنثى ولا تجب إلا مع تيقن الحياة، وتجب هنا الكفارة مع مباشرة الجنابة، وأما إذا لم تتم خلقته، فقد ذهب أصحابنا في ديته إلى قولين: أحدهما؛ غرّة، وهي العبد والأمة، وقد ذكر هذا القول الشيخ في المبسوط وفي الخلاف وغيرهما. وثانيهما وهو الأشهر، هو ما تضمنه صدر هذا الحديث من أنه إذا صار عظماً فديته ثمانون ديناراً ، وإذا صار مضغة فستون، وعلقة فأربعون .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 5 بتفاوت يسير.
3- الحَصْحَصَة - كما في القاموس - : تحريك الشيء في الشيء حتى يستمكن ويستقرّ فيه. وفي التهذيب: متخضخضة .

أربعون ديناراً، وإن كان دماً أسود فلا شيء عليه إلّا التعزير، لأنّه ما كان من دم صاف فذلك للولد، وما كان من دم أسود فذلك من الجوف، قال أبو شبل : فإنَّ العلقة صار فيها شبه العِرْق من لحم ؟ قال : اثنان وأربعون العُشْر ، قال : قلت : فإنَّ عشر الأربعين أربعة؟ فقال: لا، إنّما هو عشر المضغة، لأنّه إنّما ذهب عُشْرُها ، فكلّما زادت زيد حتّى تبلغ الستين ، قال : قلت : فإن رأيت في المضغة شبه العقدة عظماً يابساً؟ قال : فذلك عظم، كذلك أول ما يبتدىء العظم فيبتدىء بخمسة أشهر، ففيه أربعة دنانير، فإن زاد ، فزِدْ أربعة أربعة حتّى يتمَّ الثمانين، قال : قلت : وكذلك إذا كسي العظم لحماً؟ قال (علیه السلام): كذلك، قلت: فإذا وَكَزَها فسقط الصبيُّ ولا يُدرى أحيٌّ كان أم لا؟ قال: هيهات يا أبا شبل إذا مضت الخمسة الأشهر، فقد صارت فيه الحياة، وقد استوجب الدية (1).

12 - صالح بن عقبة، عن يونس الشيبانيّ قال : حضرت أنا وأب-و شبل عند أبي عبد الله (علیه السلام)، فسألته عن هذه المسائل في الديات، ثمَّ سأل أبو شبل، وكان أشدَّ مبالغة، فخلّيته حتّى استنظف (2).

13 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن عُبَيد بن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : إنَّ الغُرَّة تكون بثمانية دنانير، وتكون بعشرة دنانير؟ فقال : بخمسین(3).

14 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عیسی، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل ضرب ابنته وهي حُبلى فأسقطت سقطاً ميتاً، فاستعدى زوج المرأة عليه، فقالت المرأة لزوجها : إن كان لهذا السقط دية ولي فيه ميراث، فإنَّ ميراثي منه لأبي؟ فقال : يجوز لأبيها ما وهبت له (4).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه،

ص: 379


1- التهذيب 10 ، 25 - باب الحوامل والحمول و ...، ح 7 بتفاوت . الفقيه 4 ، 35 - باب دية النطفة والعلقة و ...، ح 2 ، وقد روى صدر الحديث إلى قوله : فأربعون ديناراً . وروى بقيته برقم 3 من نفس الباب بتفاوت في الجميع .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 8 . قوله : حتى استنظف : قال في النهاية : يقال : استنظفتُ الشيء إذا أخذته كلّه .
3- التهذيب ،10 ، نفس الباب، ح 16 . الفقيه ،4 ، نفس الباب، ح5. وفيهما تكون بمائة دينار، بدل : بثمانية دنانير، والظاهر إن ما فيهما هو الصحيح .
4- التهذيب 10 ، 25 - باب الحوامل والحمول و ...، ح 19 بتفاوت يسير الفقيه ،4، 35 - باب دية النطفة والعلقة و ...، ح 8 ورواه برقم 7 من الباب 163 من نفس الجزء أيضاً.

عن سعيد بن المسيّب قال : سألت عليَّ بن الحسين (علیه السلام) عن رجل ضرب امرأة حاملاً برِجله، فطرحت ما في بطنها ميتاً ؟ فقال : إن كان نطفة، فإنَّ عليه عشرين ديناراً ، قلت : فما حدُّ النطفة؟ فقال : هي الّتي إذا وقعت في الحرم فاستقرّت فيه أربعين يوماً ، قال : وإن طرحته وهو علقة ، فإنَّ عليه أربعين ديناراً ، قلت : فما حدُّ العلقة؟ فقال : هي الّتي إذا وقعت في الرحم فاستقرَّت فيه ثمانين يوماً ، قال : وإن طرحته وهو مضغة، فإنَّ عليه ستّين ديناراً ، قلت : فما حدُّ المضغة؟ فقال : هي الّتي إذا وقعت في الرحم فاستقرَّت فيه مائة وعشرين يوماً، قال: وإن طرحته وهو نَسَمَة مخلّقة له عظم ولحم مزيل الجوارح (1) قد نفخ فيه روح العقل، فإنّ عليه دية كاملة، قلت له : أرأيت تحوّله في بطنها من حال إلى حال أبروح كان ذلك أو بغير روح؟ قال : بروح، عدا الحياة القديم المنقول في أصلاب الرجال وأرحام النساء، ولولا أنّه كان فيه روح عدا الحياة، ما تحوَّل عن حال بعد حال في الرحم، وما كان إذن على من يقتله دية وهو في تلك الحال (2).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ الغُرَّة تزيد وتنقص ، ولكن قيمتها أربعون ديناراً (3).

212 - باب الرجل يقطع رأس ميت أو يفعل به ما يكون فيه اجتياح نفس الحي

الرجل يقطع رأس ميت أو يفعل به ما يكون فيه اجتياح(4) نفس الحي

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن الحسين بن موسى، عن محمّد بن الصباح، عن بعض أصحابنا :قال : أتى الربيعُ أبا جعفر المنصور - وهو خليفة - في الطواف ، فقال له : يا أمير المؤمنين مات فلان مولاك البارحة فقطع فلان مولاك رأسه بعد موته، قال: فاستشاط وغضب ، قال : فقال لابن شبرمة وابن أبي ليلى وعدَّة معه من القضاة والفقهاء : ما تقولون في هذا؟ فكلُّ قال : ما عندنا في هذا شيء ، قال : فجعل يردّد المسألة في هذا ويقول : أقتله أم لا؟ فقالوا : ما عندنا في هذا شيء ، قال : فقال له بعضهم : قد قَدِمَ رجل الساعة، فإن كان عند أحد شيء فعنده الجواب في هذا ، وهو جعفر بن محمّد، وقد دخل المسعى ، فقال للربيع : اذهب إليه فقل له : لولا معرفتنا بشغل ما أنت فيه لسألناك أن تأتينا، ولكن أجِبنا في كذا وكذا، قال: فأتاه الربيع وهو على المَرْوَة فأبلغه الرسالة ، فقال له أبو عبد الله (علیه السلام) : قد ترى شغل ما أنا فيه،

ص: 380


1- أي تميزت جوارحه وتوضّحت معالمها وفي التهذيب : مرتّب الجوارح...
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت قليل.
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 17 .
4- أي إزهاق وإهلاك...

وقِبَلَكَ الفقهاء والعلماء فسَلْهم قال : فقال له : قد سألهم ولم يكن عندهم فيه شيء، قال: فردّه إليه فقال : أسألك إلّا أجبتنا فيه، فليس عند القوم في هذا شيء، فقال له أبو عبد الله (علیه السلام) حتّى أفرغ ممّا أنا فيه ، قال : فلمّا فرغ، جاء فجلس في جانب المسجد الحرام ، فقال للربيع : اذهب فقل له : عليه مائة دينار قال : فأبلغه ذلك ، فقالوا له : فسله، كيف صار عليه مائة دينار؟ فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : في النطفة عشرون، وفي العلقة عشرون ، وفي المضغة عشرون، وفي العظم عشرون، وفي اللّحم عشرون، ثمَّ أنشأناه خلقاً آخر، وهذا هو ميّت بمنزلته قبل أن ينفخ فيه الرُّوح في بطن أمّه جنيناً ، قال : فرجع إليه فأخبره بالجواب، فأعجبهم ذلك، وقالوا : ارجع إليه فسَله الدنانير لمن هي ، لورثته أم لا ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: ليس لورثته فيها شيء، إنّما هذا شيء أتي إليه في بدنه بعد موته يُحجُ بها عنه، أو يتصدّق بها عنه، أو تصير في سبيل من سُبُل الخير ، قال : فزعم الرَّجل أنّهم ردُّوا الرسول إليه، فأجاب فيها أبو عبد الله (علیه السلام) بستّة وثلاثين مسألة ، ولم يحفظ الرجل إلّا قدر هذا الجواب(1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : قَطْعُ رأس الميّت أشدّ من قَطع رأس الحيّ(2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد، عن محمّد بن سنان، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت : رجل قطع رأس ميّت ؟ فقال : حرمة الميّت كحرمة الحيّ،

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن حفص، عن الحسين بن خالد، قال: سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن رجل قطع رأس رجل ميّت ؟ فقال : إنّ الله عزَّ وجلَّ حرّم منه ميّتاً كما حرّم منه حيّاً، فمن فعل بميت فعلاً يكون في مثله اجتياح نفس الحيّ ، فعليه الدية، فسألت عن ذلك أبا الحسن (علیه السلام) ؟ فقال : صدق أبو عبد الله (علیه السلام) ، هكذا قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، قلت : فمن قطع رأس ميّت أو شقّ بطنه، أو فعل به ما يكون فيه اجتياح نفس الحيّ، فعليه دية النفس

ص: 381


1- التهذيب 10 ، 23 - باب دية عين الأعور ولسان الأخرس و . . . ، ح 10 الاستبصار 4 ، 178 - باب دية من قطع رأس الميت، ح 1 . هذا وقال المحقق في الشرائع 281/4 : «في قطع رأس الميت المسلم الحر مائة دينار، وفي قطع جوارحه بحساب ديته، وكذا في شجاجه وجراحه، ولا يرث وارثه منها شيئاً بل تُصرف في وجوه القُرب عنه عملا بالرواية، وقال علم الهدى رحمه الله يكون لبيت المال». كما يراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 419/2 من الطبعة الحجرية.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 11 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 2 . الفقيه 4 ، 53 - باب ما يجب على من قطع رأس ميت ح 2 وأخرجه عن نوادر ابن أبي عمیر. والأشديّة : إنما هي بلحاظ العقوبة الأخروية.

كاملة؟ فقال: لا، ولكن ديته دية الجنين في بطن أمّه قبل أن تنشأ فيه الروح، وذلك مائة دينار، وهي لورثته، ودية هذا هي له لا للورثة ، قلت : فما الفرق بينهما؟ قال : إن الجنين أمر مستَقبل مرجو نفعه ، وهذا قد مضى وذهبت منفعته، فلمّا مثّل به بعد موته صارت ديته بتلك المثلة له لا لغيره، يُحجُّ بها عنه، ويُفعل بها أبواب الخير والبرّ من صدقة أو غيرها، قلت: فإن أراد رجل أن يحفر له ليغسّله في الحفرة ، فَسَدَرَ (1) الرجل ممّا يحفر فدير به، فمالت مسحاته في يده فأصاب بطنه فشقّه فما عليه ؟ فقال : إذا كان هكذا فهو خطأ، وكفّارته عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو صدقة على ستّين مسكيناً، مدّ لكلّ مسكين بمدّ النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)(2).

213 - باب ما يلزم من يحفر البئر فيقع فيها المارُّ

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال : سألته عن الرجل يحفر البئر في داره، أو في أرضه؟ فقال : أمّا ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان، وأمّا ما حفر في الطريق، أو في غير ما يملكه، فهو ضامن لما يسقط فيه(3).

عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ،زرعة، عن سماعة مثله .

2 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) :قال : سألته عن الشيء يوضع على الطريق، فتمرّ الدابّة فتنفر بصاحبها فتعقره؟ فقال : كلُّ شيء يضرُّ بطريق المسلمين، فصاحبه ضامن لما يصيبه (4).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن أبي الصباح

ص: 382


1- في الاستبصار: فيبتدر الرجل...، والسدر : الدوار.
2- التهذيب 10 ، 23 - باب دية عين الأعور ولسان الأخرس و ... ، ح 18 ، الاستبصار 4 ، 178 - باب دية من قطع رأس الميت، ح 9 بتفاوت فيهما الفقيه 4 ، 53 - باب ما يجب على من قطع رأس ميت ح 1 .
3- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها، ح 36 . الفقيه 4 ، 50 - باب ما جاء فيمن أحدث بئراً أو غيرها في ... ، ح 1 .
4- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها، ذيل ح 11 بتفاوت يسير. الفقيه 4 ، 50 - باب ما جاء فيمن أحدث بئراً وغيرها في ملكه أو . ... ح 7. وتعقره : أي تجرحه. وقد جعل بعض أصحابنا ضابطاً اثبتوا على أساسه الضمان وعدمه في هذه المسألة، يقول المحقق : «وضابطه إن كل ما للإنسان إحداثه في الطريق، لا يضمن ما يتلف بسببه، ويضمن بما ليس له إحداثه كرضع الحجر وحفر البئر، فلو أجج ناراً في ملكه لم يضمن ولو سرت إلى غيره إلا أن يزد من قدر الحاجة مع غلبة الظن بالتعدي كما في أيام الأهوية، ولو عصفت بغتة لم يضمن ولو أججها في ملك غيره ضمن الأنفس والأموال في ماله لأنه عدوان مقصود ..». شرائع الإسلام 256/4 .

الكنانيّ قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : من أضرَّ بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن (1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يحفر البئر في داره أو في ملكه؟ فقال: ما كان حفر في داره أو فى ملكه فليس عليه ضمان، وما حفر في الطريق، أو في غير ملكه، فهو ضامن لما يسقط فيها (2).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل حمل متاعاً على رأسه فأصاب إنساناً فمات، أو انكسر منه؟ فقال: هو ضامن (3).

6 - سهل ؛ وابن أبي نجران جميعاً، عن ابن أبي نصر، عن مثّنى الحنّاط، عن زرارة، أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لو أنّ رجلاً حفر بئراً في داره ، ثمَّ دخل رجل فوقع فيها، لم يكن عليه شيء، ولا ضمان، ولكن ليغطّها (4).

7 - ابن أبي نجران ، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت له : رجلٌ حفر بئراً في غير ملكه ، فمرَّ عليها رجل فوقع فيها؟ قال : فقال : عليه الضمان، لأنَّ كلَّ من حفر في غير ملكه، كان عليه الضمان (5).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): من أخرج ميزاباً ، أو كنيفاً ، أو أوْتَدَ وَتَدأ، أو أوثق دابة، أو حفر بئراً في طريق المسلمين، فأصاب شيئاً فعطب، فهو له ضامن (6).

ص: 383


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 38 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 6 .
2- التهذيب 10، نفس الباب، ح 37
3- التهذيب 10، نفس الباب، ح 42 . الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية ، ح 26 وفي ذيله : هو مأمون . هذا، ويقول الشهيد الثاني في المسالك ج 2 من الطبعة الحجرية ص / 490 : «وهي بإطلاقها مخالفة للقواعد، لأنه إنما يضمن المصدوم في ماله مع قصده إلى الفعل وخطأه في القصد فلو لم يقصد الفعل كان خطأ محضاً، وأما المتاع المحمول فيعتبر في ضمانه التفريط إذا كان أميناً عليه كغيره من الأموال». ويقول المحقق في الشرائع 249/4: من حمل على رأسه متاعاً فكسره وأصاب به إنساناً ضمن جنايته في ماله».
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 39 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 40 .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 41 . الفقيه 4 ، نفس الباب، ح 3 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 254/4 : «لو وضع حجراً في ملكه أو مكان مباح لم يضمن دية العاثر، ولو كان ملك غيره أو في طريق مسلوك ضمن في ماله وكذا لو نصب سكيناً فمات العاثر بها، وكذا لو حفر بئراً أو ألقى حجراً، ولو حقر في ملك غيره ورضي المالك سقط الضمان عن الحافر ....». ويقول في صفحة 255 : «نصب الميازيب إلى الطرق جائز وعليه عمل الناس وهل يضمن لو وقعت فأتلفت؟ قال المفيد رحمه الله : لا يضمن، وقال الشيخ : يضمن، لأن نصبها مشروط بالسلامة والأول أشبه ، وكذا إخراج الرواشن في الطرق المسلوكة إذا لم تضر بالمارة فلو قتلت خشبة بسقوطها ، قال الشيخ : يضمن نصف الدية لأنه هلك عن مباح، وهو وضع طرف الخشبة في ملكه ومحظور (وهو وضع طرفها الآخر في فضاء الطريق والأقرب أنه لا يضمن مع القول بالجواز و... الخ» .

214 - باب ضمان ما يصيب الدوابّ وما لا ضمان فيه من ذلك

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : بهيمة الأنعام، لا يغرم أهلها شيئاً ما دامت مُرْسَلَةً (1).

2 - يونس، عن محمّد بن سنان عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه سئل عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابّته فتصيب برِجلها؟ فقال : ليس عليه ما أصابت برِجلها ، وعليه ما أصابت بيدها ، وإذا وقفت فعليه ما أصابت بيدها ورجلها، وإن كان يسوقها، فعليه ما أصابت بيدها ورجلها أيضاً (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه سئل عن الرجل يمرُّ على طريق من طرق المسلمين، فتصيب دابّته إنساناً برِجلها؟ فقال : ليس عليه ما أصابت برجلها، ولكن عليه ما أصابت بيدها ، لأنَّ رجلها خلفه إن ركب، وإن كان قايدها فإنّه يملك بإذن الله يدَها يضعها حيث يشاء، قال: وسئل عن بختي اغتلم، فخرج من الدَّار فقتل رجلاً، فجاء أخو الرجل فضرب الفحل بالسيف فعقره؟ فقال: صاحب البختي ضامن للدية، ويقبض ثمن بختيه عن الرجل ينقر بالرجل فيعقره وتعقر دابّته رجلاً آخر؟ فقال : هو ضامن لما كان من شيء(3).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد،

ص: 384


1- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها، ح 60 ، وذكره أيضاً برقم 18 من نفس الباب بدون قوله في الذيل : ما دامت مرسلة. وكذلك ورد في الاستبصار ،4 169 - باب ضمان الراكب لما تجنيه الدابة ، ح7. الفقيه 4، 51 - باب ما جاء في الدابة تصيب ... ، ح 3.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ح 19 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 5 .
3- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ، ح 21 . الاستبصار ،4 ، نفس الباب، ح 1 وروى صدر الحديث، وكذا روى صدر الحديث بتفاوت في الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 1 . وروى في الفقيه 4 ، 62 - باب ما يجب على صاحب البختي المغتلم . . . ، ح 1 من قوله : سئل عن بختي اغتلم ... إلى قوله : ثمن بختيه . وقد مر أن الشيخ قد روى ذيل هذا الحديث برقم 42 من الباب 15 من نفس الجزء من التهذيب.

جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل حمل عبده على دابة فوطَأت رجلاً؟ قال : الغرم على مولاه (1).

5 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن شيخ من أهل الكوفة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته قلت : جُعِلْتُ فِداك رجل دخل دار رجل فوثب كلب عليه في الدَّار فعقره ؟ فقال : إن كان دُعي فعلى أهل الدار أرش ،الخدش، وإن كان لم يُدْعَ فَدَخَلَ ، فلا شيء عليهم (2).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبي الخزرج(3)، عن مصعب بن سلام التميمي، عن أبي عبد الله، عن أبيه (علیه السلام)، أنَّ ثوراً قتل حماراً على عهد النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)، فرُفع ذلك إليه وهو في أناس من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر، فقال : يا أبا بكر، اقض بينهم ، فقال : يا رسول الله بهيمة قتلت بهيمة ما عليها شيء، فقال : يا عمر اقض بينهم، فقال مثل قول أبي بكر ، فقال يا عليُّ اقض بينهم فقال : نعم يا رسول الله ، إن كان الثور دخل على الحمار في مُسْتَراحه ضمن أصحاب الثور، وإن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه، فلا ضمان عليهما قال فرفع رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يده إلى السماء فقال : الحمد الله الذي جعل منّي من يقضي بقضاء النبيّين (4).

7 - عنه ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن صباح الحذّاء، عن رجل، عن سعد بن طريق الأسكاف، عن أبي جعفر (علیه السلام) : قال : أتى رجل رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فقال : إنَّ ثور فلان قتل حماري ؟ فقال له النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) أنتِ أبا بكر فسله، فأتاه فسأله، فقال ليس على البهائم قَوَد، فرجع إلى النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) فأخبره بمقالة أبي بكر ، فقال له النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم): اثتِ عمر فسَلْهُ ، فأتاه ،فسأله فقال مثل مقالة أبي بكر ، فرجع إلى النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : فأخبره؛ فقال له النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) أنت عليّاً (علیه السلام) فسَلْهُ ، فأتاه فسأله فقال عليّ (علیه السلام) إن كان الثور الداخل على حمارك في منامه حتّى قتله، فصاحبه ضامن، وإن كان الحمار هو الدّاخل على الثور في منامه، فليس على صاحبه ضمان، قال: فرجع إلى النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) فأخبره ، فقال النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : الحمد لله الّذي جعل من أهل

ص: 385


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 26 . ورواه أيضاً برقم 980 من التسلسل العام في التهذيب 7 فراجع . الفقيه 4 ، 51 - باب ما يجب في الداية تصيب إنسانا بيدها أو . . . ، ح 2 .
2- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها، ح 32 بتفاوت يسير . قال المحقق في الشرائع 257/4 : «من دخل دار قوم فعقره كلبهم، ضمنوا إن دخل بإذنهم، وإلا فلا ضمان».
3- أبو الخزرج : كنية لحسين بن الزبرقان وطلحة بن زيد.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 34 .

بيتي من يحكم بحكم الأنبياء (1).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبيد الله الحلبيّ، عن رجل، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: بعث رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) عليّاً (علیه السلام) إلى اليمن، فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن ومرّ يعدو ، فمرَّ برجل فنفحه برجله فقتله، فجاء أولياء المقتول إلى الرجل فأخذوه ورفعوه إلى عليّ (علیه السلام)، فأقام صاحب الفرس البيّنة عند عليّ (علیه السلام) أنَّ فرسه أفلت من داره ونفح الرجل، فأبطل عليّ (علیه السلام) دم صاحبهم، فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فقالوا : يا رسول الله، إنَّ عليّاً (علیه السلام) ظلمنا وأبطل صاحبنا ، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): إنَّ عليّاً (علیه السلام) ليس بظلام، ولم يُخلق للظلم ، إنَّ الولاية لعليّ (علیه السلام) من بعدي ، والحكم حُكْمه، والقول قوله ، ولا يردُّ ولايته وقوله وحكمه إلّا كافر، ولا يرضى ولايته وقوله وحكمه إلّا مؤمن، فلمّا سمع اليمانيّون قول رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) في عليّ (علیه السلام) قالوا يا رسول الله ، رضينا بحكم عليّ (علیه السلام) وقوله فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : هو توبتكم ممّا قلتم (2).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال : أيّما رجل فرغ (3) رجلاً عن الجدار، أو نفر به عن دابّته فخرَّ فمات، فهو ضامن ،لديته وإن انكسر ، فهو ضامن لدية ما ينكسر منه (4).

10 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل حمل عبده على دابة فأوطات ؟ فقال : الغُرمُ على مولاه (5).

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في صاحب الدابّة أنّه يضمن في ما وَطَأت بيدها ورجلها، وما نفحت برجلها فلا ضمان عليه، إلّا أن يَضْربَها إنسان (6).

ص: 386


1- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها، ح 833 .
2- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها، ح 833 .
3- في التهذيب : أقزع والظاهر إن ما في الفروع تصحيف.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 28 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 26 بتفاوت . الفقيه 4 ، 51 - باب ما يجب في الدابة تصيب إنساناً بيدها أو...، ح 2 بتفاوت أيضاً.
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 27 بتفاوت الاستبصار ،4 169 - باب ضمان الراكب لما تجنيه الدابة ، ح 8 . الفقيه 4 ، نفس الباب ، ح 6 . وقد رواه الشيخ كصدر حديث رقم 13 من نفس الباب ونفس الجزء أعلاه بتفاوت. هذا وقال المحقق في الشرائع 257/4 : «راكب الدابة يضمن ما تجنيه بيديها وفيما تجنيه برأسها تردد أقربه الضمان لتمكنه من مراعاته، وكذا القائد، ولو وقف بها ضمن ما تجنيه بيديها ، ورجليها ، وكذا إذا ضربها فَجَنت ضمن، وكذا لو ضربها غيره ضمن الضارب، وكذا السارق يضمن ما تجنيه الخ » .

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ امرأة نذرت أن تُقاد مزمومةً ، فدفعها بعير فَخَرَم أنفها، فأتت أمير المؤمنين (علیه السلام) تخاصم صاحب ،البعير فأبطله وقال : إنّما نذرت ليس عليك ذلك (1).

13 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) كان إذا صال الفحل أوَّل مرَّة ، لم يضمّن صاحبه ، فإذا ثَنّي، ضمّن صاحبه (2).

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل دخل دار قوم بغير إذنهم فعقره كلبهم ، قال : لا ضمان عليهم، وإن دخل بإذنهم ضمنوا(3).

15 - عنه ، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السکونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) انّه ضمن القائد والسائق والراكب فقال : ما أصابت الرجل فعلى السائق، وما أصابّ اليد فعلى القائد والراكب (4).

210 - باب المقتول لا يُدْري مَنْ قَتَلَهُ

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً عن ابن

ص: 387


1- التهذيب 10، نفس ،الباب ، ح 29 . وفي ذيله : ذاك. بدل: ذلك.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 25 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 30 .
4- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها ، ح 20 . الاستبصار 4 ، 169 - باب ضمان الراكب لما تجنيه الدابة ، ح 2 . الفقيه ،4، 51 - باب ما جاء في الدابة تصيب . . . ، ح 4 وروى صدر الحديث ونسب فيه الحكم بالتضمين إلى علي (علیه السلام) . هذا ويقول الشهيدان: «يضمن راكب الدابة ما تجنيه بيديها ورأسها دون رجليها والقائد لها كذلك يضمن جنايتها مطلقاً لو وقف بها الراكب أو القائد ومستند التفصيل أخبار كثيرة نبه في بعضها على الفرق بأن الراكب والقائد يملكان يديها ورأسها ويوجهانها كيف شاءا ولا يملكان رجليها لأنهما خلفهما ، والسافق يملك الجميع ولو ركبها اثنان تساويا في الضمان لاشتراكهما في اليد والسببية إلا أن يكون أحدهما ضعيفاً لصغر أو مرض فيختص الضمان بالآخر لأنه المتولي أمرها ....».

محبوب، عن عبد الله بن سنان ؛ وعبد الله بن بكير، جميعاً عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل وُجد مقتولاً لا يدرى من قتله ، قال : إن كان عُرفَ، وكان له أولياء يطلبون ديته أعطوا ديته من بيت مال المسلمين، ولا يبطل دم امرىء مسلم لأنَّ میراثه للإمام (علیه السلام) ، فكذلك تكون ديته على الإمام، ويُصلّون عليه ويدفنونه، قال : وقضى في رجل زحمه الناس يوم الجمعة في زحام الناس، فمات، أنَّ ديته من بيت مال المسلمين (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن حمّاد بن عيسى ، عن سوار، عن الحسن قال : إنَّ عليّاً (علیه السلام) لمّا هزم طلحة والزبير، أقبل الناس منهزمين، فمرُّو بامرأة حامل على الطريق، ففزعت منهم فطرحت ما في بطنها حيّاً، فاضطرب حتّى مات ثمَّ ماتت أُمّه من بعده، فمرَّ بها عليُّ (علیه السلام) وأصحابه وهي مطروحة، وولدها على الطريق، فسألهم عن أمرها، فقالوا له : إنّها كانت حاملاً ففزعت حين رأت القتال والهزيمة قال : فسألهم : أيّهما مات قبل صاحبه؟ فقالوا : إن ابنها مات قبلها، قال فدعا بزوجها أبي الغلام الميّت فورثه من ابنه ثلثي الدية، وورّث أُمّه ثلث الدية، ثمَّ ورّث الزوج من امرأته الميّتة نصف ثلث الدية الّذي ورثته من ابنها الميّت، وورّث قرابة الميّت الباقي ، قال : ثمَّ ورّث الزوج أيضاً من دية المرأة الميّتة نصف الدية، وهو ألفان وخمسمائة درهم، وذلك أنّه لم يكن لها ولد غير الّذي رمت به حين فزعت، قال : وأدّى ذلك كلّه من بيت مال البصرة (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) أنّ ما أخطأت القضاة في دم أو قطع فعلى بيت مال المسلمين (3).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال: من مات في زحام الناس يوم الجمعة، أو يوم عرفة، أو على جسر، لا يعلمون من قتله، فدِيتُهُ من بيت المال (4).

ص: 388


1- التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا...،ح 4.
2- التهذيب ،10 ، نفس ،الباب ، ح 5 . الفقيه 4 ، 153 - باب ميراث الجنين والمنفوس و ...، ح 2 بتفاوت قليل .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .6 . وذكره أيضاً برقم 79 من الباب 92 من الجزء 6 من التهذيب . الفقيه 3 ، 8 .. باب أرش خطأ القضاة، ح ا وفيه : فهو على بيت ... الخ .
4- التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا ... ، ح 1 . وفيه : . في زحام يوم الجمعة . . . يقول المحقق في الشرائع 223/4 : «.... أما من وجد (قتيلا) في زحام على قنطرة أو بئر أو جسر أو مصنع فديت على بيت المال، وكذا لو وجد في جامع عظيم أو شارع، وكذا لو وجد في فلاة».

5 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : ازدحم الناس يوم الجمعة في إمرة عليّ (علیه السلام) بالكوفة فقتلوا رجلاً ، فَوَدى دِيَته إلى أهله من بيت مال المسلمين (1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : ليس في الهايشات عُقل ولا قصاص - والهايشات : الفزعة تقع باللّيل والنهار، فيشجّ الرجل فيها ، أو يقع قتيل لا يُدرى من قتله وشجّه (2).

وقال أبو عبد الله (علیه السلام) في حديث آخر يرفعه إلى أمير المؤمنين (علیه السلام): فَوَداه من بيت المال.

216 - باب آخر منه

1 - عليُّ ، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن عاصم بن حميد ، عن محمّد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول : لو أنَّ رجلاً قتل في قرية أو قريب من قرية، ولم توجد بيّنة على أهل تلك القرية أنّه قتل عندهم، فليس عليهم شيء .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال في رجل كان جالساً مع قوم فمات وهو معهم ، أو رجل وُجد في قبيلة، أو على باب دار قوم فادعي عليهم ؟ قال : ليس عليهم شيء، ولا يبطل دمه (3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي

حمزة، عن أبي بصير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ وجد قتيل بأرض فلاة ، أديت دِينَهُ من بيت المال، فإنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) كان يقول : لا يبطل دم امرىء مسلم(4).

ص: 389


1- التهديب 10 ، نفس الباب ، ح 3.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 7 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 13 بتفاوت يسير الفقيه ،4 ، 20 - باب القسامة ، ح 3 بتفاوت وسند آخر، وفيه : ثقات، بدل: فمات...
4- التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا ...، ح 9 .

217 - باب آخر منه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الرَّجل يوجد قتيلاً في القرية أو بين قريتين؟ فقال: يُقاس ما بينهما فأيّهما كانت أقرب ضُمِّنت (1).

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) مثله (2).

218 - باب الرجل يُقتل وله وليّان أو أكثر، فيعفو أحدهم أو يقبل الدية، وبعض يريد القتل

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد ؛ وابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن بعض أصحابه رفعه إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل قُتل وله وليّان، فَعَفى أحدهما وأبى الآخر أن يعفو؟ قال: إن أراد الّذي لم يَعْفُ أن يقتل، قَتَلَ، وردَّ نصف الدية على أولياء المقتول المُقاد منه (3).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قُتل وله أمُّ وأب وابن، فقال الابن: أنا أريد أن أقتل قاتل أبي، وقال الأب: أنا أعفو وقالت الأمّ : أنا أريد أن آخذ الدية؟ قال : فقال : فليُعْطِ الابن أمّ المقتول السُّدُسَ من الدية ويعطي ورثة القاتل السدس من الدية حقّ الأب الّذي عفا، ولْيَقْتُلْهُ (4).

ص: 390


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 10 . الاستبصار 4 ، 163 - باب المقتول يوجد في قبيلة أو قريه ، ح 1 . الفقيه 4 ، 20 - باب القسامة، ح 6 . قال المحقق في الشرائع 222/4 : «ولو وجد أي القتيل بين قريتين فاللوث لأقربهما إليه، ومع التساوي في القرب فهما في اللوث سواء» وقد فسّر اللّوث بأنه إمارة يغلب معها الظن بصدق المدعي كالشاهد ولو واحداً، وقد نقل صاحب الغنية إجماع أصحابنا على ما تضمنه الحديث من حكم .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح .11 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .
3- التهذيب 10 ، 13 - باب القضاء في اختلاف الأولياء ، ح 9 . الاستبصار 4 ، 153 - باب أنه ليس للنساء عفو ولا قَوَد، ح .7 الفقيه 4 ، 32 - باب الرجل يقتل فيعفو بعض . . . ، ح 1 بتفاوت .
4- التهذيب 10 ، 13 - باب القضاء في اختلاف الأولياء ، ح 1 . الاستبصار 4 ، 153 - باب أنه ليس للنساء عفو ولا قود، ح 6 . الفقيه 4 ، 32 - باب الرجل يقتل فيعفو بعض أوليائه و...، ح 2 . يقول المحقق في الشرائع 4/ 230 : «إذا زادوا (أي الأولياء) على الواحد فلهم القصاص، ولو اختار بعضهم الدية وأجاب القاتل جاز، فإذا سلّم سقط القود على رواية والمشهور أنه لا يسقط وللآخرين القصاص بعد أن يردوا عليه نصيب من فاداه ... ولو عفا البعض لم يسقط القصاص، وللباقين أن يقتصوا بعد ردّ نصيب من عفا على القاتل».

3 - ابن محبوب، عن أبي ولّاد قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قُتل وله أولاد صغار وكبار، أرأيت إن عَفى الأولاد الكبار؟ قال: فقال : لا يُقتل ويجوز عفو الأولاد الكبار في حصصهم، فإذا كَبُرَ الصغار كان لهم أن يطلبوا حصصهم من الدية (1).

4 - ابن محبوب، عن عليُّ بن رئاب، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل قُتل وله أخ في دار الهجرة، وله أخ في دار البَدو ولم يهاجر ، أرأيت إن عفا المهاجري وأراد البدوي أن يَقْتُلَ ، أَلَهُ ذلك؟ ليس للبدوي أن يقتل مهاجريّاً حتّى يهاجر ، قال : وإذا عَفى المهاجريُّ ، فإنَّ عفوه ،جائز ، قلت : فللبدويّ من الميراث شيءٌ؟ قال : أمّا الميراث فله حظّه من دية أخيه إن أُخِذَت (2).

5 - أحمد بن محمّد الكوفي ، عن محمّد بن أحمد النهدي، عن محمّد بن الوليد، عن أَبان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : ليس للنساء عَفْوٌ ولا قَوَد (3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) فيمن عَفى من ذي سهم، فإنَّ عفوه جائز، وقضى في أربعة إخوة عفى أحدهم قال يعطي بقيّتهم الدية، ويرفع عنهم بحصّة الّذي عَفى(4) .

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) في رجلين قتلا رجلاً عمداً وله وليّان فَعَفى أحد الوليّين؟ فقال : إذا عَفى

ص: 391


1- التهذيب 10، نفس الباب، ح4. الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 8 بتفاوت فيهما. الفقيه 4 ، نفس الباب، ح3 . والذي يظهر من كلمات أصحابنا أنه لو كان في جملة الأولياء صغار فيجوز للكبار أن يستوفوا القصاص بشرط ضمانهم حصص الصغار من الدية. ونقل عن الشيخ أنه يحبس القاتل حتى يبلغ الصغير لو انحصرت الولاية به ، وهذا مشكل على رأي المحقق كما صرح به في الشرائع 230/4 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح.6 . وذكره أيضاً برقم 14 من الباب 40 من الجزء 9 من التهذيب. الفقيه 4 ، 163 - باب ميراث القاتل ومن يرث من الدية ومن لا يرث ، ح 5 بتفاوت قليل.
3- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح 7 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 1 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 8 الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .

عنهما بعض الأولياء دُرىء عنهما القتل، وطُرح عنهما من الدية بقدر حصّة من عَفى وأدَّیا الباقي من أموالهما إلى الّذي لم يَعْفُ ؛ وقال : عفو كلّ ذي سهم جائز (1).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل قتل رجلين عمداً، ولهما أولياء، فَعَفى أولياء أحدهما وأبى الآخرون؟ قال: فقال : يقتل الّذي لم يَعْفُ، وإن أحبّوا أن يأخذوا الدية أخذوا، قال عبد الرحمن : فقلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : فرجلان قتلا رجلاً عمداً وله وليّان، فَعَفى أحد الوليّين؟ قال : فقال : إذا عَفَى بعض الأولياء، درى عنهما القتل، وطرح عنهما من الدية بقدر حصة من عَفَى، وأدَّيا الباقي من أموالهما إلى الّذين لم يعفوا (2).

219 - باب الرجل يتصدق بالدية على القاتل والرجل يعتدي بعد العفو فيقتل

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلَّ : (فمن تصدَّق به فهو كفّارة له) (3)؟ فقال : يكفّر عنه من ذنوبه بقدر ما عَفَى . وسألته عن قول الله عزَّ وجلَّ: (فمن عُفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان (4))؟ قال : ينبغي للّذي له الحقَّ أن لا يعسر أخاه إذا كان قد صالحه على دية، وينبغي للّذي عليه الحقّ أن لا يَمْطُلَ أخاه إذا قدر على ما يعطيه، ويؤدّي إليه بإحسان قال وسألته عن قول الله عزَّ وجلَّ : (فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ) (5)؟ فقال : هو الرَّجل يقبل الدية، أو يعفو، أو يصالح ، ثمَّ يعتدي فيقتل فله عذاب أليم كما قال الله عزّ وجلَّ (6).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عزَّ وجلَّ : (فمن تصدَّق به فهو

ص: 392


1- التهذيب ،10 ، نفس الباب ، ح 2 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 3 .
2- التهذيب 10 ، 13 - باب القضاء في اختلاف الأولياء ، ح 3 . الاستبصار 4 ، 153 - باب أنه ليس للنساء عفو ولا قود، ح 4 .
3- المائدة/ 45 .
4- البقرة/ 178 .
5- البقرة/ 178 .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 15 وروى صدره وح 16 . و روى صدره بتفاوت وسند آخر في الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية، ح 14 .

كفّارة له) ؟ قال : يكفّر عنه من ذنوبه بقدر ما عَفَى من جراح أو غيره ، قال : وسألته عن قول الله عزَّ وجلَّ : (فمن عُفي له من أخيه شيء فاتِّباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان)؟ قال : هو الرَّجل يقبل الدية، فينبغي للطالب أن يرفق به فلا يعسره وينبغي للمطلوب أن يؤدي إليه بإحسان ولا يمطله إذا قدر (1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي جميلة عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله عزَّ وجلَّ : (فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم) ؟ فقال : الرَّجل يعفو أو يأخذ الدّية، ثمَّ يجرح صاحبه، أو يقتله، فله عذاب أليم (2).

4 - أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن سماعة، عن أبي عبد عبد الله (علیه السلام) في قول الله عزَّ وجلَّ: (فمن عُفي له من أخيه شيء فاتّباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان) ما ذلك الشيء؟ قال : هو الرَّجل يقبل الدية، فأمر الله عزَّ وجلَّ الرّجل الّذي له الحقّ أن يتبعه بمعروف ولا يعسره ، وأمر الّذي عليه الحقُّ أن يؤدّي إليه بإحسان إذا أيسر، قلت: أرأيت قوله عزّ وجلَّ : (فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم) ؟ قال : هو الرَّجل يقبل الدية أو يصالح، ثمّ يجيء بعد ذلك فيمثّل أو يقتل، فوعده الله عذاباً أليماً (3) .

220 - باب

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابنِ محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل مسلم قتل رجلاً مسلماً عمداً، فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلّا أولياء من أهل الذمّة من قرابته؟ فقال: على الإمام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الإسلام، فمن أسلم منهم فهو وليّه، يدفع القاتل إليه، فإن شاء قتل، وإن شاء عَفَى، وإن شاء أخذ الدية، فإن لم يُسلم أحد، كان الإمام ولي أمره ، فإن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية يجعلها في بيت مال المسلمين، لأنَّ جناية المقتول كانت على الإمام ، فكذلك يكون ديته لإمام المسلمين، قلت: فإن عَفَى عنه الإمام؟ قال : فقال : إنّماهو حقّ جمیع المسلمين، وإنّما على الإمام أن يَقْتُلَ أو يأخذ الدية، وليس له أن يعفو (4).

ص: 393


1- الفقيه 4 ، راجع السابق . التهذيب 10 ، 13 - باب القضاء في اختلاف الأولياء ، ح 15.
2- التهذيب ،10، نفس الباب، ح 13 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 14 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 22 - باب القود ومبلغ الدية، ح 25.
4- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ح 12 . الفقيه ،4 ، نفس الباب، ح 11 بتفاوت يسير . وما تضمنه هذا الحديث من أنه ليس للإمام أن يعفو هو أصح القولين عندنا. قال المحقق: «من لا ولي له، فالإمام (علیه السلام) ولي دمه، يقتص إن قتل عمداً ، وهل له العفو؟ الأصح ؛ لا ، وكذا لو قتل خطأ فله استيفاء الدية وليس له العفو». راجع شرائع الإسلام 280/4 .

221 - باب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبان بن عثمان، عمّن أخبره، عن أحدهما (علیه السلام) قال : أتي عمر بن الخطاب برجل قد قتل أخا رجل، فدفعه إليه وأمره بقتله، فضربه الرجل حتّى رأى أنّه قد قتله، فحُمل إلى منزله فوجدوا به رَمَقاً، فعالجوه فبرا، فلمّا خرج أخذه أخو المقتول الأوَّل ، فقال : أنت قاتل أخي ، ولي أن أقتلك ، فقال : قد قتلتني مرَّة، فانطلق به إلى عمر، فأمره بقتله، فخرج وهو يقول : والله قتلتني مرَّة، فمرُّوا على أمير المؤمنين (علیه السلام) فأخبره خبره، فقال: لا تَعْجَلْ حتّى أخرج إليك، فدخل على عمر فقال: ليس الحكم فيه هكذا، فقال: ما هو يا أبا الحسن؟ فقال : يقتصُّ هذا من أخي المقتول الأوَّل ما صنع به، ثمَّ يقتله بأخيه، فنظر الرجل أنّه إن اقتصّ منه أتى على نفسه، فعفا عنه ، وتَتَارَكا (1).

222 - باب القَسَامة

القَسَامة(2)

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته . عن القَسَامة ، كيف كانت؟ فقال : هي حقٌّ، وهي مكتوبة عندنا، ولولا ذلك لقتل الناسُ بعضهم بعضاً ، ثمَّ لم يكن شيء، وإنّما القَسَامة نجاة للناس.

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان قال :سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن القَسَامة، هل جرت فيها سنة؟ قال: فقال: نعم، خرج رجلان من

ص: 394


1- التهذيب 10 ، 24 - باب القصاص ، ح 13 . الفقيه 4 ، 71 - باب نوادر الديات، ح 14 .
2- القسامة - في اصطلاح الفقهاء - : اسم للأيمان تقسم على أولياء الدم، وهي في العمد خمسون يميناً، إن كان له قوم حلف كل واحد يميناً إذا كانوا عدد القسامة، وإن نقصوا عنه كررت عليهم الأيمان حتى يكملوا القسامة، وفي الخطأ المحض والشبيه بالعمد خمس وعشرون يميناً، ومن الأصحاب من سوى بينهما وهو أوثق بالحكم والتفصيل أظهر بالمذهب، ولو كان المدّعون جماعة قسمت عليهم الخمسون بالسوية في العمد والخمس والعشرون في الخطأ ... ولو لم يكن للولي قسامة ولا حلف هو كان له إحلاف المنكر خمسين يميناً إن لم يكن له قسامة من قومه، وإن كان له قوم كان كأحدهم ، ولو امتنع عن القسامة، ولم يكن له من يقسم العدمهم أو لامتناعهم ألزم الدعوى وقيل : له رد اليمين على المدعي ... ويشترط في القسامة علم المقسم، ولا يكفي الظن، ... ويشترط في اليمين ذكر القاتل والمقتول والرفع في نسبتهما بما يزيل الاحتمال، وذكر الانفراد أو الشركة ونوع القتل ...» راجع شرائع الإسلام للمحقق 224/4 وما بعدها .

الأنصار يصيبان من الثمار، فتفرَّقا ، فوُجد أحدهما ميتاً ، فقال أصحابه لرسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): إنّما قتل صاحبنا اليهودُ ، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) تحلف اليهود فقالوا يا رسول الله ، كيف نحلف اليهود على أخينا وهم قوم كفّار ؟ قال : فاحلفوا أنتم قالوا كيف نحلف على ما لم نعلم ولم شهد؟ قال : فَوَداه النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) من عنده قال : قلت : كيف كانت القسامة ؟ قال : فقال : أما إنّها حقّ، ولولا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضاً، وإنّما القسامة حَوْطٌ يُحاط به الناس(1).

3 - عنه ، عن عبد الله بن مسكان، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن القَسَامة ، هل جرت فيها سُنّة؟ قال: فذكر مثل حديث ابن سنان، قال: وفي حديثه : هي حقّ، وهي مكتوبة عندنا .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن القسامة ؟ فقال : الحقوق كلّها ؛ البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه، إلّا في الدم خاصّة ، فإنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بينما هو بخيبر، إذ فقدت الأنصار رجلا منهم فوجدوه قتيلاً، فقالت الأنصار : إنَّ فلاناً اليهوديّ قتل صاحبنا، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) للطالبين : أقيموا رَجُلين عدلين من غيركم أقيدوه برمته، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلاً أقيدوه برمته فقالوا : يا رسول الله ، ما عندنا شاهدان من غيرنا، وإنا لنكره أن نُقْسِمَ على ما لم نره، فَوَداه رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) من عنده، وقال: إنّما حقن دماء المسلمين بالقَسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به، فكف عن قتله، وإلّا حلف المدعى عليه قَسَامة خمسين رجلاً ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً، وإلا أغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يُقسم المُدَّعون (2).

5 - ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن القَسَامة ؟ فقال : هي حقٌّ، إنَّ رجلاً من الأنصار وُجد قتيلاً في قليب من قلب اليهود، فأتوا رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فقالوا : يا رسول الله إنّا وجدنا رجلاً منّا قتيلاً في قليب من قلب اليهود، فقال: ائتوني بشاهدين من ،غيركم قالوا يا رسول الله ما لنا شاهدان من غيرنا، فقال لهم رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : فليقسم خمسون رجلاً منكم على رجل ندفعه إليكم، قالوا: يا رسول الله، وكيف نقسم على ما لم نره؟ قال : فيقسم اليهود قالوا يا رسول الله ، وكيف نرضى باليهود، وما فيهم من الشرك أعظم، فَوَداه رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، قال زرارة : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : إنّما

ص: 395


1- التهذيب 10 ، 12 - باب البينات على القتل، ح 5 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 1 بتفاوت يسير .

جُعلت القسامة احتياطاً لدماء الناس، لكيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلاً أو يغتال رجلاً حيث لا يراه أحد، خاف ذلك، وامتنع من القتل (1).

6 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن بكير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ الله عزّ وجلَّ حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم، حكم في أموالكم أنّ البيّنة على المدَّعي واليمين على المدّعى عليه، وحكم في دمائكم أنَّ البيّنة على من ادُّعي عليه واليمين من ادَّعى، لكيلا يبطل دم امرىء مسلم .

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان بن سدير قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السلام) : سألني ابن شِبْرِمَة : ما تقول في القَسَامة في الدم؟ فأجبته بما صنع النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) ، فقال : أرأيت لو أنَّ النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) لم يصنع هكذا، كيف كان القول فيه؟ قال: فقلت له: أمّا ما صنع النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) فقد أخبرتك به ، وأمّا ما لم يصنع فلا علم لي به (2).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن القسامة ، أين كان بدؤها؟ قال : كان من قبل رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، لمّا كان بعد فتح خيبر، تخلّف رجل من الأنصار عن أصحابه، فرجعوا في طلبه فوجدوه متشخطاً في دمه قتيلاً، فجاءت الأنصار إلى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فقالت : يا رسول الله ، قتلت اليهود صاحبنا ، فقال : ليقسم منكم خمسون رجلاً على أنّهم قتلوه، قالوا : يا رسول الله ، كيف نقسم على ما لم نره؟ قال : فيقسم اليهود فقالوا : يا رسول الله ، من يصدّق اليهود ؟ ! فقال : أنا إذا أدي صاحبكم ، فقلت له : كيف الحكم ؟ فقال : إن الله عزّ وجلَّ حكم في الدماء ما لم يحكم في شيء من حقوق النّاس، لتعظيمه الدّماء، لو أنَّ رجلا ادّعى على رجل عشرة آلاف درهم أو أقلّ من ذلك أو أكثر، لم يكن اليمين للمدَّعي ، وكانت اليمين على المدّعى عليه، فإذا أدّعى الرَّجل على القوم بالدَّم أنّهم قتلوا كانت اليمين لمدَّعي الدّم قبل المدّعى عليهم ، فعلى المدّعي أن يجيء بخمسين رجلاً يحلفون أن فلاناً قتل فلاناً فيدفع إليهم الّذي حلف عليه، فإن شاؤوا عفوا، وإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا قبلوا الدية، وإن لم يُقسموا، فإنَّ على الّذين اعي عليهم أن يحلف منهم خمسون ما قتلنا ولا علمنا له ،قاتلاً فإن فعلوا، أدّى أهل القرية الّذين وجد فيهم ، وإن كان بأرض فلاة أدّيت دِيتُهُ من بيت المال، فإنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) يقول : لا

ص: 396


1- التهذيب 10 نفس الباب ، ح 2 بتفاوت قليل. وروى ذيله في الفقيه 4 ، 20 - باب القسامة ، ح 7 .
2- التهذيب 10 ، 12 - باب البينات على القتل، ح 4.

يبطل دم امرىء مسلم (1).

9 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضّال، ومُحمّد بن عيسى، عن يونس، جميعاً عن الرضا (علیه السلام) ؛ وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن ظريف، عن أبيه ظريف بن ناصح، عن عبد الله بن أيّوب عن أبي عمرو المتطبّب قال : عرضت على أبي عبد الله (علیه السلام) ما أفتى به أمير المؤمنين (علیه السلام) في الديات، فممّا أفتى به، أفتى في الجسد وجعله فرائض : النفس والبصر والسمع والكلام ونقص الصوت من الغَنَن والبحح والشلل من اليدين والرجلين ثمَّ جعل مع كلّ شيء من هذه قسامة على نحو ما بلغت الدية، والقسامة، جعل في النفس على العمد خمسين رجلا، وجعل في النفس عملى الخطأ خمسة وعشرين رجلاً، وعلى ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار، سنّة ،نفر، فما كان دون ذلك فبحسابه من ستّة نفر، والقسامة في النّفس والسّمع والبصر والعقل والصّوت من الغَنَن والبَحَح ونقص اليدين والرجلين فهو من ستّة أجزاء الرجل.

تفسير ذلك (2) : إذا أصيب الرّجل من هذه الأجزاء الستّة وقيس ذلك، فإن كان سدس بصره أو سمعه أو كلامه أو غير ذلك، حلف هو وحده، وإن كان ثلث بصره ، حلف هو وحلف معه رجل واحد، وإن كان نصف بصره ، حلف هو وحلف معه رجلان، وإن كان ثلثي بصره، حلف هو وحلف معه ثلاثة نفر، وإن كان أربعة أخماس بصره ، حلف هو وحلف معه أربعة نفر. وإن كان بصره كلّ ، حلف هو وحلف معه خمسة نفر، وكذلك القسامة كلّها في الجروح، فإن لم يكن للمصاب من يحلف معه، ضوعفت عليه الأيمان ، فإن كان سدس بصره حلف مرَّة واحدة ، وإن كان الثلث حلف مرَّتين، وإن كان النصف حلف ثلاث مرّات، وإن كان الثلثين حلف أربع مرَّات، وإن كان خمسة أسداس، حلف خمس مرَّات، وإن كان كلّه، حلف ستّة مرَّات، ثمَّ يعطى (3).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : في القَسامة خمسون رجلا في العمد، وفي الخطأ خمسة وعشرون رجلا، وعليهم أن يحلفوا بالله (4).

ص: 397


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 3 بتفاوت يسير. وفي ذيله : لا يطلّ . ، بدل : لا يبطل. ، الفقيه 4 ، 20 - باب القسامة . ح 5 .
2- الظاهر إن هذا المقطع من كلام الراوي أو المؤلف .
3- التهذيب 10 ، 12 - باب البينات على القتل ، ح . والفقيه 4 ، 18 - باب دية جوارح الإنسان ومفاصله و ....، ضمن ح 1 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 7 بتفاوت يسير.

223 - باب ضمان الطبيب والبيطار

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : من تَطَيّب أو تَبَيْطَرَ فليأخذ البراءة من وليّه، وإلّا فهو له ضامن(1).

224 - باب العاقلة

العاقلة(2)

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : ليس بين أهل الذمّة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة، إنّما يؤخذ ذلك من أموالهم ، فإن لم يكن لهم مال، رجعت الجناية على إمام المسلمين، لأنّهم يؤدّون إليه الجزية كما يؤدّي العبد الضريبة إلى سيّده، قال : وهم مماليك الإمام، فمن يسلم منهم فهو حرٌّ (3) .

2 - ابن محبوب عن مالك بن عطيّة، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل قال : أتي أمير المؤمنين (علیه السلام) برجل قد قتل رجلاً خطأً ، فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : مَن عشيرتك وقرابتك؟ فقال : ما لي بهذه البلدة عشيرة ولا قرابة قال : فقال : فمِن أيّ أهل البلدان أنت؟ فقال: أنا

ص: 398


1- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها ح 58 . يقول صاحب الشرائع 248/4 : «الطبيب يضمن ما يتلفه بعلاجه إن كان قاصراً، أو عالج طفلا أو مجنوناً لا بإذن الولي ، أو بالغاً لم يأذن ، ولو كان الطبيب عارفاً وأذن له المريض في العلاج، فآل إلى التلف، قيل : لا يضمن لأن الضمان يسقط بالإذن لأنه فعل سائغ شرعاً ، وقيل : يضمن لمباشرته الإتلاف، وهو أشبه ، فإن قلنا : لا يضمن، فلا ،بحث وإن قلنا : يضمن فهو يضمن في ماله وهل يبرأ بالإبراء قبل العلاج؟ قيل : نعم، لرواية السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) من تطبّبَ أو تبيطر الخ، ولأن العلاج مما تمس الحاجة إليه فلو لم يشرع الإبراء تعذر العلاج. وقيل: لا يبرأ لأنه إسقاط الحق قبل ثبوته» .
2- و «العاقلة» هي التي تحمل دية الخطأ، سمّيت بذلك إما من العقل وهو الشد، ومنه سمّي الحبل عقالاً لأنها تعقل الإبل بفناء ولي المقتول المستحق للدية، أو لتحملهم العقل وهو الدية، وسميت الدية بذلك لأنها تعقل لسان ولي المقتول، أو من العقل وهو المنع ، لأن العشيرة كانت تمنع القاتل بالسيف في الجاهلية ثم منعت عنه في الإسلام بالمال ويراد بالعاقلة من تقرب إلى القاتل بالأب خاصة سواء كان بالأم أيضاً أم لامع كونهم ذكوراً .
3- التهذيب 10، 12 - باب البينات على القتل، ح 14 . الفقيه 4 ، 33 - باب العاقلة، ح2. يقول الشيهدان: «عاقلة الذميّ نفسه دون عَصَبته وإن كانوا كفاراً، ومع عجزه عن الدية فالإمام (علیه السلام) عاقلته لأنه يؤدي الجزية إليه كما يؤدي المملوك الضريبة إلى مولاه فكان بمنزلته وإن خالفه في كون مولى العبد لا يعقل جنايته، لأنه ليس مملوكاً محضاً، كذا عَلّلوه، وفيه نظره» .

رجل من أهل الموصل ولدت بها ولي بها قرابة وأهل بيت، قال: فسأل عنه أمير المؤمنين (علیه السلام) فلم يجد له بالكوفة قرابة ولا عشيرة قال فكتب إلى عامله على الموصل: أمّا وحليته كذا وكذا ، قتل رجلاً من المسلمين خطأ، فذكر أنّه رجل من بعد، فإنَّ فلان بن فلان، الموصل وأنَّ له بها قرابة وأهل بيت وقد بعثت به إليك مع رسولي فلان بن فلان، وحليته كذا وكذا، فإذا ورد عليك إنَّ شاء الله وقرأت كتابي، فافحص عن أمره وسَل عن قرابته من المسلمين فإن كان من أهل الموصل ممّن ولد بها وأصبت له بها قرابة من المسلمين، فاجمعهم إليك، ثمَّ ،انظر، فإن كان منهم رجل يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته، فألزمه الدية وخذه بها نجوماً في ثلاث سنين، فإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في النسب، وكان له قرابة من قبل أبيه وأمّه في النسب سواء، ففض الدية على قرابته من قبل أبيه ، وعلى قرابته من قبل أمّه من الرجال المدركين المسلمين، ثمَّ اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية ، واجعل على قرابته من قبل أمّه ثلث الدية، وإن لم يكن له قرابة من قِبَل أبيه، ففض الدية علي قرابته من قِبَل أمّه من الرّجال المدركين المسلمين، ثمَّ خذهم بها واستأدِهِمْ الدية في ثلاث سنين، فإن لم يكن له قرابة من قبل أُمّه ولا قرابة من قبل أبيه ، ففض الدية على أهل الموصل ممّن ولد بها ونشأ ولا تدخلنَّ فيهم غيرهم من أهل البلد، ثمَّ استَادِ ذلك منهم في ثلاث سنين، في كلّ سنة نجماً حتّى تستوفيه إن شاء الله ، وإن لم يكن لفلان بن فلان قرابة من أهل الموصل ولا يكون من أهلها، وكان مبطلا فردّه إليّ مع رسولي فلان بن فلان إن شاء الله، فأنا وليه والمؤدّي عنه ولا أبطل دم امرىء مسلم (1) .

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتل رجلاً متعمداً، ثُمَّ هرب القاتل فلم يُقدر عليه؟ قال : إن كان له مال أخذت الدية من ماله، وإلّا فمن الأقرب فالأقرب، فإن لم يكن له قرابة، وَدَاهُ الإمام، فإنّه لا يبطل دم امرىء مسلم (2).

ص: 399


1- التهذيب 10 ، 12 - باب البينات على القتل ح 15 بتفاوت يسير الفقيه 4 ، 33 - باب العاقلة ، ح 1. هذا وقد دل الحديث على إن أهل البلد يدخلون في العقل وإن حصل القتل في غيره، ولكن من فقهائنا من أنكر ذلك واطرح رواية سلمة هذه، ومنهم المحقق رحمه الله في الشرائع 4/ 288 حيث يقول: « .... ولا يدخل في العقل أهل الديوان ولا أهل البلد إذا لم يكونوا عصبة، وفي رواية سلمة ما يدل على إلزام أهل بلد القاتل مع فقد القرابة ولو قتل في غيره، وهو مطرح». وقال رحمه الله في موضع سابق : وفي سلمة ضعف.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 11 . وفي ذيله : وإلا فمن الأقرب فالأقرب لأنه لا يبطل دم امرىء مسلم . وبنفس نص التهذيب هو في الاستبصار 4 152 - باب أنه لا يجب على العاقلة عمد ولا ... ، ح 3 وفيه : فإنه لا یبطبل...، الفقيه 4 ، 69 - باب ما جاء فيمن قتل ثم فرّ ، ح 1 بدون الذيل. وأخرجه بسند مختلف عن أبي جعفر (علیه السلام) . والمقصود بالأقرب فالأقرب أي من العاقلة.

وفي رواية أخرى : ثم للوالي بعدُ حَبْسُهُ وأدّبُه.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) أنّه لا يُحمل على العاقلة إلّا الموضحة فصاعداً وقال : ما دون السّمحاق(1) أجر الطّبيب سوى الدية(2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصیر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لا تضمن العاقلة عمداً ولا إقراراً ولا صلحاً (3).

225 - باب

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قضى في أربعة شهدوا على رجل أنّهم رأوه مع امرأة يُجامعها ، فَيُرْجَم ، ثمَّ يرجع واحد منهم ؟ قال : يغرم ربع الدّية إذا قال : شُبّه عليَّ ، فإن رجع اثنان وقالا : شبّه علينا غُرما نصف الدية، وإن رجعوا جميعاً وقالوا : شُبِّهَ علينا غرّموا الدية، وإن قالوا : شهدنا بالزُّور، قُتلوا جميعاً (4).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا ، ثمَّ رجع أحدهم بعدما قُتل الرَّجل؟ قال : إن قال الرابع وهمت ضُرب الحدّ وغُرّم الدية، وإن قال : تعمّدت، قُتل (5).

3- ابن محبوب، عن إبراهيم بن نعيم الأزدي :قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن أربعة شهدوا على رجل بالزنا، فلمّا قُتِل رجع أحدهم عن شهادته؟ قال: فقال : يُقتل الرابع، ويؤدّي الثلاثة إلى أهله ثلاثة أرباع الدية (6).

ص: 400


1- السمحاق: هي التي تبلغ السمحاقة : وهي جلدة تغشي العظم .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 9 .
3- التهذيب 10 ، 12 - باب البينات على القتل ، ح 10 ، الاستبصار 4 ، 152 - باب أنه لا يجب على العاقلة عمد ولا . . . ح 1 وفيهما لا تضمن العاقلة ... الخ . الفقيه ،4 ، 33 - باب العاقلة ، ح ه . ونصّه كنصّ لتهذيبين.
4- التهذيب 10 ، 28 - باب من الزيادات ح 4 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 3 .
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 1. وعليه فتوى الأصحاب، فراجع شرائع الإسلام للمحقق 143/4 .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد بن المختار؛ ومحمّد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلوي، جميعاً عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن (علیه السلام) في اربعة شهدوا على رجل أنّه زنى فرجم، ثمَّ رجعوا وقالوا قد وهمنا، يلزمون الدية، وإن قالوا : إنّا تعمّدنا قَتَلَ أي الأربعة وليُّ المقتول، وردّ الثلاثة ثلاثة أرباع الدية إلى أولياء المقتول الثاني، ويُجلد الثلاثة كلّ واحد منهم ثمانين جلدة، وإن شاء وليّ المقتول أن يقتلهم، ردّ ثلاث ديات على أولياء الشهود الأربعة، ويُجلدون ثمانين كلّ واحد منهم، ثمَّ يقتلهم الإمام ؛ وقال في رجلين شهدا على رجل أنّه سرق فقطع ، ثمَّ رجع واحد منهما وقال: وهمت في هذا، ولكن كان غيره، يُلزم نصف دية اليد، ولا تقبل شهادته في الآخر، فإن رجعا جميعاً وقالا : وهمنا، بل كان السّارق فلاناً، الزما دية اليد، ولا تُقبل شهادتهما في الآخر، وإن قالا : إنّا تعمّدنا، قطع يد أحدهما بيد المقطوع، ويؤدّي الّذي لم يقطع ربع دية الرّجل على أولياء المقطوع اليد، فإن قال المقطوع الأوّل: لا أرضى أو تقطع أيديهما معاً، ردَّ دية يد فتقسم بينهما، وتقطع أيديهما(1) .

226 - باب فيما يُصاب من البهائم وغيرها من الدوابّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) ، قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في عين قرس فقئت عينها بربع ثمنها يوم فقئت عينها (2).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن الأصمّ ، عن مسمع ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ عليّاً (علیه السلام) قضى في عين دابّة ربع الثمن (3).

ص: 401


1- التهذيب 10 ، 28 - باب من الزيادات ، ح 2 . وعليه فتوى الأصحاب أيضاً فراجع شرائع الإسلام للمحقق 143/4 .
2- التهذيب 10 ، 27 - باب الجنايات على الحيوان، ح 3 وفيه: ربع...، بدل: بربع... الفقيه 4 ، 71 - باب نوادر الديات، ح 11 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 4. وفي ذيله : ربع الثَمَن . هذا ولم ينص أصحابنا رضوان الله عليهم على تحديدات وتقديرات فيما يتعلق بالتعويض على أعضاء الحيوان فيما لو أتلفها إنسان بجنايته عليها، وإنما نجدهم ينصون على وجوب الأرش عليه فيها، بل صرح بعضهم بأنه لا تقدير في قيمة شيء من أعضاء البهيمة، بل يرجع فيها إلى الأرش السوقي . يقول المحقق في الشرائع 240/3 : «ولا تقدير في قيمة شيء من أعضاء الدابة ، بل يرجع إلى الأرش السوقي». وقال: «وروي في عين الدابة ربع قيمتها، وحكى الشيخ في المبسوط والخلاف عن الأصحاب ؛ في عين الدابة نصف قيمتها، وفي العينين كمال قيمتها، وكذا كل ما في البدن منه اثنان والرجوع إلى الأرش السوقي أشبه» .

3 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي العبّاس قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : من فَقَاً عين دابّة فعليه رُبْعُ ثَمَنِها (1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) رُفِعَ إليه رجل قتل خنزيراً، فضمّنه قيمته. ورُفِع إليه رجل كسر بربطاً فأبطَلَه(2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : في دية الكلب السّلوقي أربعون درهماً، أمر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أن يَدِيَه لبني جُذيمة(3).

6 - عليُّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن حفص، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن احدهما (علیهما السلام) أنّه قال : دية الكلب السّلوقي أربعون درهماً، جعل ذلك رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، ودية كلب الغنم كبش ودية كلب الزّرع جريب من بُرّ، ودية كلب الأهلي قفيز من تراب لأهله(4) .

7 - عليُّ ، عن أبيه ، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) فيمن قتل كلب الصيد قال : يقوّمه، وكذلك البازي، وكذلك كلب الغنم وكذلك كلب الحائط (5) .

ص: 402


1- التهذيب 10 ، 27 - باب الجنايات على الحيوان، ح 1.
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 5. بتفاوت يسير. والبَرْبَط : العُود، معرب بَرِبَط ،بالفارسية، ومعناه صدر الأوز لأنه يشبهه . وإنما ضمنه الخنزير - مع كونه للذمي - لأنه مضمون إذا أتلفه متلف على مستحلّه ، ولم يضمن الآخر البربط لأنه كان المسلم حسب الظاهر فيجب إتلافه لأنه آلة لهو فلو كان لذمي لضمّنه أيضاً . كل ذلك بشرط استتار الذمي في هذه الأمور المحللة عنده المحرمة في شرع الإسلام. وقد نص أصحابنا على ذلك فراجع شرائع الإسلام 286/4 . واللمعة وشرحها للشهيدين 423/2 من الطبعة الحجرية .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 6 و 7 و 8 . وأورد الأخير برقم 79 من الباب 2 من الجزء 9 من التهذيب أيضاً وفيه : يغرمه، بدل : يقوّمه...، هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على ضمان إتلاف ما لا يقع عليه الذكاة وهو بعض الكلاب. يقول المحقق في الشرائع 285/4 : «ففي كلب الصيد أربعون درهماً ، ومن الناس من خصه بالسلوقي، وقوفاً على صورة الرواية، وفي رواية السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) في كلب الصيد أنه يقوّم، وكذا كلب الغنم، وكلب الحائط (يعني البستان)، والأول أشهر. وفي كلب الغنم ،كش، وقيل عشرون درهماً، وهي رواية ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (علیه السلام)، مع شهرتها ، لكن الأولى أصحُّ طريقاً . وقيل : في كلب الحائط عشرون درهماً، وللأعرف المستند . وفي كلب الزرع قفيز من البر، ولا قيمة لما عدا ذلك من الكلاب وغيرها، ولا يضمن قاتلها شيئاً ». كما يراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 423/2 من الطبعة الحجرية .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 6 و 7 و 8 . وأورد الأخير برقم 79 من الباب 2 من الجزء 9 من التهذيب أيضاً وفيه : يغرمه، بدل : يقوّمه...، هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على ضمان إتلاف ما لا يقع عليه الذكاة وهو بعض الكلاب. يقول المحقق في الشرائع 285/4 : «ففي كلب الصيد أربعون درهماً ، ومن الناس من خصه بالسلوقي، وقوفاً على صورة الرواية، وفي رواية السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) في كلب الصيد أنه يقوّم، وكذا كلب الغنم، وكلب الحائط (يعني البستان)، والأول أشهر. وفي كلب الغنم ،كش، وقيل عشرون درهماً، وهي رواية ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (علیه السلام)، مع شهرتها ، لكن الأولى أصحُّ طريقاً . وقيل : في كلب الحائط عشرون درهماً، وللأعرف المستند . وفي كلب الزرع قفيز من البر، ولا قيمة لما عدا ذلك من الكلاب وغيرها، ولا يضمن قاتلها شيئاً ». كما يراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 423/2 من الطبعة الحجرية .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 6 و 7 و 8 . وأورد الأخير برقم 79 من الباب 2 من الجزء 9 من التهذيب أيضاً وفيه : يغرمه، بدل : يقوّمه...، هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على ضمان إتلاف ما لا يقع عليه الذكاة وهو بعض الكلاب. يقول المحقق في الشرائع 285/4 : «ففي كلب الصيد أربعون درهماً ، ومن الناس من خصه بالسلوقي، وقوفاً على صورة الرواية، وفي رواية السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) في كلب الصيد أنه يقوّم، وكذا كلب الغنم، وكلب الحائط (يعني البستان)، والأول أشهر. وفي كلب الغنم ،كش، وقيل عشرون درهماً، وهي رواية ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (علیه السلام)، مع شهرتها ، لكن الأولى أصحُّ طريقاً . وقيل : في كلب الحائط عشرون درهماً، وللأعرف المستند . وفي كلب الزرع قفيز من البر، ولا قيمة لما عدا ذلك من الكلاب وغيرها، ولا يضمن قاتلها شيئاً ». كما يراجع اللمعة وشرحها للشهيدين 423/2 من الطبعة الحجرية .

8 - النوفليُّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): في جنين البهيمة إذا ضُرِبَت فَأُزْلِقَت عُشْرُ ثَمَنها (1).

9 - أحمد بن محمّد الكوفيّ، عن إبراهيم بن الحسن، عن محمّد بن خلف، عن موسى بن إبراهيم المروزي، عن أبي الحسن موسى (علیه السلام) قال قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في فَرَسین اصطدما فمات ،أحدهما، فضمّن الباقي دية الميّت(2).

227 - باب النوادر

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الحسين بن يوسف(3)، عن محمّد بن سليمان، عن أبي الحسن الثاني (علیه السلام) ؛ ومحمّد بن عليّ، عن محمّد بن أسلم، عن محمّد بن سليمان ؛ ويونس بن عبد الرحمن :قالا سألنا أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن رجل استغاث به قوم لينقذهم من قوم يُغيرون عليهم ليستبيحوا ،أموالهم، ويَسبوا ذراريهم، فخرج الرجل يعدو بسلاحه في جوف اللّيل ليغيث القوم الّذين استغاثوا به ، فمر برجل قائم على شفير بئر يستقي منها، فدفعه وهو لا يريد ذلك ولا يعلم، فسقط في البئر فمات، ومضى الرجل فاستنقذ أموال أولئك القوم الّذين استغاثوا به، فلمّا انصرف إلى أهله قالوا له : ما صنعت؟ قال : قد انصرف القوم عنهم وأمنوا وسَلِموا ، قالوا له : أشعرت أنَّ فلان بن فلان سقط في البئر فمات؟ قال : أنا والله ، طرحته ، قيل : وكيف ذلك ؟ فقال : إنّي خرجت أعدو بسلاحي في ظلمة اللّيل وأنا أخاف الفَوْتَ على القوم الّذين استغاثوا بي فمررت بفلان وهو قائم يستقي في البئر فزحمته ولم أرِد ذلك، فسقط في البئر فمات، فعلى من دية هذا؟ فقال: ديته على القوم الّذين استنجدوا الرجل فأنجدهم وأنقذ أموالهم ونساءهم وذراريهم، أمّا إنّه لو كان آجر نفسه بأجرة لكانت الدية

ص: 403


1- التهذيب 10 ، 25 - باب الحوامل والحمول و ...، ح 22 . وكرره برقم 9 من الباب 27 من نفس الجزء أيضاً وفي الموضعين : فألقت . . ، بدل : فأزلقت .
2- التهذيب 10 ، 25 - باب الحوامل والحمول و . . . ، ح 6 وفيه : في فارسين ... يقول المحقق في الشرائع 4/ 250 : «إذا اصطدم حران فماتا ، فلورثة كل منهما نصف ديته، ويسقط النصف وهو قدر نصيبه لأن كل واحد منهما تلف بفعله وفعل غيره ويستوي في ذلك الفارسان والراجلان والفارس والراجل ، وعلى كل واحد منهما نصف قيمة فرس الآخر إن تلف بالتصادم ويقع التقاصّ في الدية» .
3- في التهذيب : الحسين بن سيف....

عليه وعلى عاقلته دونهم، وذلك أنّ سليمان بن داود (علیه السلام) ، أتته امرأة عجوز تستعديه على الريح فقالت : يا نبيّ الله ، إنّي كنت قائمة على سطح لي، وإنّ الريح طرحتني من السّطح فكسرت يدي، فاعدني (1) على الريح، فدعا سليمان بن داود (علیه السلام) الريح فقال لها : ما دعاك إلى ما صنعت بهذه المرأة؟ فقالت: صدقت يا نبيّ الله ، إنَّ ربّ العزّة جلّ وعزَّ بعثني إلى سفينة بني فلان لأنقذها من الغرق، وقد كانت أشرفت على الغرق فخرجت في سنني (2) وعجلتي إلى ما أمرني الله عزَّ وجلَّ به فمررت بهذه المرأة وهي على سطحها، فعثرت بها ولم أرِدها، فسقطت فانكسرت يدها ، قال : فقال سليمان : يا ربّ، بما أحكم على الرّيح ؟ فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليه : یا سليمان احكم بأرش كسريد هذه المرأة على أرباب السفينة الّتي أنقذتها الريح من الغرق، فإنّه لا يُظْلَمُ لَدَيَّ أحد من العالمين (3).

2 - عنه ، عن محمّد بن أسلم، عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : أيّما ظئر قوم قتلت صبيّاً لهم وهي نائمة، فانقلبت عليه فقتلته، فإنَّ عليها الدية من مالها خاصّة، إن كانت إنّما ظائرت طلب العزّ والفخر، وإن كانت إنّما ظائرت من الفقر، فإنّ الدية على عاقلتها (4) .

3 - علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي العبّاس قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : ما للرَّجل يعاقب به مملوكه؟ فقال: على قدر ذنبه ، قال : فقلت : فقد عاقبت حريزاً بأعظم من جُرمه؟ فقال: وَيْلَكَ، هو مملوك لي، وإن حريزاً شهر السيف، وليس مني من شهر السيف(5).

ص: 404


1- في التهذيب : فأقدني...
2- في التهذيب : في شدتي ...
3- التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا ...، ح 8 بتفاوت قليل . الفقيه 4 ، 71 - باب نوادر الديات، ح 13 بسند آخر. وذكر الصدوق رحمه الله إن القصة وقعت مع رجل رفع إلى المأمون... الخ . هذا وقد ذكر المجلسي في مرآته 201/24 فقال : لم أر من الفقهاء من تعرّض لمضمون الخبر نفياً وإثباتاً. وقال عن هذا الحديث ضعيف بِسَندَيْه .
4- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها، ح5. يقول المحقق في الشرائع 252/4 : «إذا أعادت الظئر الولد فأنكره أهله، صُدّقت ما لم يتبت كذبها، فيلزمها الدية أو إحضاره بعينه أو من يحتمل أنه هو ولو استأجرت أخرى ودفعته بغير إذن أهله فَجُهل خبره ضمنت الدية ... لو انقلبت الظئر فقتلته، لزمها الدية في مالها إن طلبت بالمظائرة الفخر، ولو كان للضرورة فديته على عاقلتها ».
5- كان حريز بن عبد الله قد قاتل الخوارج بسجستان، ويحمل على من شهر السيف بدون إذن الإمام . أو يحمل على التقية .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن بعض أصحابه رفعه قال : كانت في زمن أمير المؤمنين (علیه السلام) امرأةٌ صِدْقٍ يقال لها أمّ قيّان، فأتاها رجل من أصحاب أمير المؤمنين (علیه السلام) فسلّم عليها قال : فرآها مهتمّة(1)، فقال لها : لي أراك مهتمّة؟ فقالت: مولاة لي دفنتها فَنَبَذَتها الأرض مرتين، فدخلت على أمير المؤمنين (علیه السلام) فأخبرته ، فقال : إنَّ الأرض لَتَقْبَلُ اليهوديّ والنصرانيّ، فمالها، إلّا أن تكون تُعذَّب بعذاب الله ، ثمَّ قال : أمَا إنّه لو أُخِذَت تربة من قبر رجل مسلم فألقي على قبرها لقرَّت ، قال : فأتيت أمّ قيّان فأخبرتها ، فأخذوا تربة من قبر رجل مسلم فألقي على قبرها فقرَّت ؛ فسألت عنها : ما كانت حالها ؟ فقالوا : كانت شديدة الحبّ للرجال، لا تزال قد ولدت فألقت ولدها في التنّور (2).

5 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) كان يحبس في تهمة الدم ستّة أيّام فإن جاء أولياء المقتول ببيّنة، وإلّا خلّى سبیله(3).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : إذا مات وليُّ المقتول قام ولده من بعده مقامه بالدم(4).

7 - عليُّ بن محمّد، عن بعض أصحابه ، عن محمّد بن سليمان، عن سَيف بن عَمِيرة،

ص: 405


1- أي بادية الهَمّ .
2- الفقيه 4 ، 19 - باب تحريم النساء والأموال بغير حقها و ...، ح 23 بتفاوت وفيه أم قنان...
3- التهذيب 10 ، 10 - باب من الزيادات ، ح 40 ، وكرره بتفاوت برقم 23 من الباب 12 من نفس الجزء، وكذا برقم 5 من الباب 28 من نفس الجزء أيضاً، وفي الأول : عن أبي عبد الله (علیه السلام) إن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) ... الخ . يقول المحقق في الشرائع 227/4 : «إذ انهم والتمس الولي حبسه حتى يحضر بينة ففي إجابته ،تردد ومستند الجواز ما رواه السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) إن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام فإن جاء الأولياء ببينة ثبت وإلا خلى سبيله ، وفي السكوني ضعف».
4- التهذيب 10 ، 12 - باب البينات على القتل ، ح 22 وفي سنده : عن بعض أصحابه. وفي ذيله : في الدية، بدل: بالدم وكرره بتفاوت برقم 17 من نفس الجزء ايضا الفقيه ،4 ، 71 - باب نوادر الديات، ح10. وقد دل الحديث على إن القصاص يورّث كما يورث المال، عدا من استثني من استيفاء القصاص كالعفو وهم النساء على الأشبه . والزوج والزوجة . يقول المحقق في الشرائع : ويرث القصاص من يرث المال، عدا الزوج والزوجة، فإن لهما نصيبهما من الدية في عمد أو خطأ، وقيل: لا يرث القصاص إلا العصبة دون الإخوة والأخوات من الأم ومن يتقرب بها، وهو الأظهر ، وقيل : ليس للنساء عفو ولا قود، وهو الأشبه . وكذا يرث الدية من يرث المال والبحث فيه كالأول غير إن الزوج والزوجة يرثان من الدية على التقديرات، وإذا كان الولي واحداً جاز له الصادرة . . . . وقيل : يحرم المبادرة ويعزر لو بادره 228/40 .

عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي الحسن (علیه السلام) : إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول في كتابه : (ومن قُتل مظلوماً فقد جَعَلْنا لوليّه سُلطاناً فلا يسرف في القتل إنّه كان منصوراً (1) ) فما هذا الإسراف الّذي نهى الله عزَّ وجلَّ عنه ؟ قال : نهى أن يقتل غير قاتله أو يمثل بالقاتل، قلت : فما معنى قوله : إنّه كان منصوراً ؟ قال : وأي نصرة أعظم من أن يُدْفَعَ القاتل إلى أولياء المقتول، فيقتله، ولا تبعة تلزمه من قتله في دين ولا دنيا؟! .

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: دخل أمير المؤمنين (علیه السلام) المسجد، فاستقبله شاب يبكي وحوله قوم يسكتونه ، فقال عليّ (علیه السلام) : ما أبكاك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين، إنَّ شريحاً قضى علي بقضية ما أدري ما هي إنَّ هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر، فرجعوا ولم يرجع أبي ، فسألتهم عنه، فقالوا : مات فسألتهم عن ماله؟ فقالوا : ما ترك مالاً ، فقدَّمتهم إلى شريح، فاستحلفهم، وقد علمت يا أمير المؤمنين أنَّ أبي خرج ومعه مال كثير ، فقال لهم أمير المؤمنين (علیه السلام) : ارجعوا، فرجعوا والفتى معهم إلى شريح، فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : يا شريح، كيف قضيت بين هؤلاء؟ فقال: يا أمير المؤمنين ادَّعى هذا الفتى على هؤلاء النفر أنّهم خرجوا في سفر وأبوه معهم، فرجعوا ولم يرجع أبوه، فسألتهم أبوه، فسألتهم عنه، فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله، فقالوا : ما خلف مالاً ، فقلت للفتى : هل لك بيّنة على ما تدَّعي ؟ فقال : لا ، فاستحلفتهم فحلفوا، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : هيهات يا شريح هكذا تحكم في مثل هذا؟! فقال : يا أمير المؤمنين، فكيف؟ فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) : والله لأحكمنَّ فيهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلّا داود النبيّ (صلی الله علیه و آله وسلم) يا قنبر، ادع لي شرطة الخميس، فدعاهم، فوكّل بكلّ رجل منهم رجلا من الشرطة، ثمَّ نظر إلى وجوههم فقال : ماذا تقولون؟ أتقولون : إنّي لا أعلم ما صنعتم باب هذا الفتى إِنِّي إِذا لَجاهل، ثمَّ قال : فَرِقوهم وغطوا رؤوسهم، قال: ففرّق بينهم، وأقيم كلّ رجل منهم إلى اسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم، ثمَّ دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه فقال : هات صحيفة ودواة، وجلس أمير المؤمنين صلوات الله عليه في مجلس القضاء، وجلس الناس إليه ، فقال لهم ؛ إذا أنا كبّرت فكبَّروا ، ثمَّ قال للنّاس : أخرجوا، ثمَّ دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه، ثمَّ قال لعبيد الله بن أبي رافع: اكتب إقراره، وما يقول ، ثمَّ أقبل عليه بالسؤال، فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : في أيُّ يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم ؟ فقال الرجل : في يوم كذا وكذا قال وفي أيّ شهر؟ قال: في شهر كذا

ص: 406


1- الإسراء / 33.

وكذا ، قال : في أيّ سنة؟ قال : في سنة كذا وكذا ، قال : وإلى أين بلغتم في سفركم حتّى مات أبو هذا الفتى ؟ قال : إلى موضع كذا وكذا ، قال : وفي منزل من مات؟ قال: في منزل فلان بن فلان ؛ قال : وما كان مرضه؟ قال : كذا وكذا ، قال : وكم يوماً مرض؟ قال : كذا وكذا ، قال : ففي أيّ يوم مات، ومَن غسله، ومن كفنه، وبما كفنتموه؟ ومن صلّى عليه ومن نزل قبره؟ فلمّا سأله عن جمیع ما يريد، كبّر أمير المؤمنين (علیه السلام) وكبّر الناس جميعاً ، فارتاب أولئك الباقون، ولم يشكّوا أن صاحبهم قد أقرَّ عليهم وعلى نفسه، فأمر أن يغطّى رأسه وينطلق به إلى السجن، ثمّ دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثمَّ قال : كلّا زعمتم إنّي لا أعلم ما صنعتم ؟ فقال : يا أمير المؤمنين، ما أنا إلّا واحد من القوم، ولقد كنت كارها لقتله، فأقر ، ثمَّ دعا بواحد بعد واحد كلّهم يقر بالقتل وأخذ المال ، ثمَّ ردَّ الذي كان أمر به إلى السجن، فأقر أيضاً، فالزمهم المال والدم ، فقال شريح : يا أمير المؤمنين وكيف حكم داود النبيّ (علیه السلام)؟ فقال: إنّ داود النبيّ (علیه السلام) مر بغلم يلعبون وينادون بعضهم ب : مات الدين، فيجيب منهم غلام فدعاهم داود (علیه السلام) فقال يا ،غلام ما اسمك ؟ قال : مات الدين، فقال له داود (علیه السلام) : من سماك بهذا الاسم؟ فقال أمّي ، فانطلق داود (علیه السلام) إلى أمّه فقال لها : يا أيّتها المرأة، ما اسم ابنك هذا؟ قالت: مات الدين ، فقال لها : ومن سمّاه بهذا ؟ قالت :أبوه ، قال : وكيف كان ذاك؟ قالت : إنَّ أباه خرج في سفر له ومعه ،قوم، وهذا الصبيّ حمل في بطني، فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي فسألتهم عنه فقالوا : مات فقلت لهم : فأين ما ترك؟ قالوا : لم يخلّف شيئاً ، فقلت : هل أوصاكم بوصيّة ؟ قالوا : نعم ، زعم أنّك حُبلى فما ولدت من ولد جارية أو غلام فسمّيه مات الدين، فسمّيته، قال داود (علیه السلام): وتعرفين القوم الّذين كانوا خرجوا مع زوجك؟ قالت : نعم، قال : فأحياءُ هم أم أموات؟ قالت بل أحياء قال فانطلقي بنا إليهم، ثمَّ مضى معها فاستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم بعينه، وأثبت عليهم المال والدم، وقال للمرأة : سمّي ابنك هذا عاش الدين، ثمَّ إنَّ الفتى والقوم اختلفوا في مال الفتى كم كان، فأخذ أمير المؤمنين (علیه السلام) خاتمه وجميع خواتيم من عنده ثمَّ قال : اجيلوا هذه السهام، فأيكم أخرج خاتمي فهو صادق في دعواه، لأنّه سهم الله ، وسهم الله لا يخيب(1) .

9 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسحاق بن إبراهيم الكنديّ قال : حدَّثنا خالد النوفليّ عن الأصبغ بن نباتة قال : لقد قضى أمير المؤمنين (علیه السلام)، فاستقبله شابّ يبكي وحوله قوم يسكتونه، فلمّا رأى أمير المؤمنين (علیه السلام) قال: يا أمير المؤمنين ، إنَّ شريحاً قضى

ص: 407


1- التهذيب 6 ، 92 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 82 بتفاوت . الفقيه 3 ، 12 - باب الحيل في الأحكام ، ح 11 بتفاوت أيضاً .

عليّ قضيّة ما أدري ما هي فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : ما هي ؟ فقال الشابّ : إِنَّ هؤلاء النّفر خرجوا بأبي معهم في سفر فرجعوا ولم يرجع ، فسألتهم عنه، عنه، فقالوا : مات ، فسألتهم عن ماله ، فقالوا : ما ترك مالاً ، فقدَّمتهم إلى شريح، فاستحلفهم، وقد علمت أنَّ أبي خرج ومعه مال كثير، فقال لهم : ارجعوا فرجعوا وعليُّ (علیه السلام) يقول :

أوردها سعد وسعد يشتمل *** ما هكذا تورد يا سعد الإبل

ما يغني قضاؤك يا شريح ، ثمَّ قال : والله لأحكمنَّ فيهم بحكم ما حكم أحد قبلي إلّا داود النبيّ (علیه السلام) يا قنبر ادع لي شرطة الخميس، قال: فدعا شرطة الخميس، فوكّل بكلّ رجل منهم رجلا من الشرطة، ثمَّ دعا بهم فنظر إلى وجوههم، ثمَّ ذكر مثل حديث الأوَّل إلى قوله : سمّي ابنك هذا : عاش الدين، فقلت: جُعِلْتُ فداك، كيف تأخذهم بالمال، إن ادّعى الغلام أنّ أباه خلّف مائة ألف أو أقلّ أو أكثر، وقال القوم : لا ، بل عشرة آلاف أو أقلّ أو أكثر، فلهؤلاء قول ولهذا قول؟ قال : فإنّي آخذ خاتمه وخواتيهم، وألقيها في مكان واحد ثمّ أقول : أجيلوا هذه السهام، فأيّكم خرج سهمه فهو الصادق في دعواه، لأنّه سهم الله و سهم الله لا يخيب (1).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : خرج رجل من المدينة يريد العراق، فأتبعه أسودان أحدهما غلام لأبي عبد الله (علیه السلام)، فلمّا أتى الأعوص(2) نام الرجل ، فأخذا صخرة فَشَدَحًا بها رأسه، فأخذا، فأتي بهما محمّد بن خالد، وجاء أولياء المقتول فسألوه أن يقيدهم فكره أن يفعل فسأل أبا عبد الله (علیه السلام) عن ذلك فلم يجبه، قال عبد الرحمن : فظننت أنّه كره أن يجيبه لأنّه لا يرى أن يُقتل اثنان بواحد، فشكا أولياء المقتول محمّد بن خالد وصنيعه إلى أهل المدينة فقال لهم أهل المدينة : إن أردتم أن يقيدكم منه فاتبعوا جعفر بن محمّد (علیه السلام) فاشكوا إليه ظلامتكم ، ففعلوا، فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : أقِدْهُم، فلمّا أن دعاهم ليقيدهم، اسود وجه غلام أبي عبد الله (علیه السلام) حتّى صار كأنّه المداد، فذكر ذلك لأبي عبد الله (علیه السلام) ، فقالوا : أصلحك الله إنّه لمّا قدم ليقتل، اسودَّ وجهه حتّى صار كأنّه المداد فقال : إنّه كان يكفر بالله جهرة، فقُتِلا جميعاً.

11 - أحمد بن محمّد العاصميّ ، عن عليّ بن الحسن الميثمي، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كانت امرأة بالمدينة تؤتى(3)، فبلغ ذلك

ص: 408


1- راجع الفقيه 4 ، نفس المصدر السابق .
2- اسم مكان في الحجاز .
3- أي تقصد من قبل الرجال لفعل الزنا معها .

عمر، فبعث إليها فروِّعها، وأمر أن يجاء بها إليه ، ففزعت المرأة، فأخذها الطلق، فانطلقت إلى بعض الدُّور فولدت غلاماً ، فاستهلَّ الغلام ثمَّ مات، فدخل عليه من روعة المرأة ومن موت الغلام ما شاء الله ، فقال له بعض جلسائه : يا أمير المؤمنين، ما عليك هذا من شيء، وقال بعضهم وما هذا؟ قال: سلوا أبا الحسن ، فقال لهم أبو الحسن (علیه السلام) : لئن كنتم اجتهدتم ما أصبتم، ولئن كنتم قلتم برأيكم لقد أخطأتم، ثمَّ قال : عليك ديةُ الصبيّ(1).

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن سعيد ، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن رجل أعنف على امرأته أو امرأة أعنفت على زوجها فقتل أحدهما الآخر؟ قال : لا شيء عليهما إذا كانا مأمونين، فإن اتّهما، ألزما اليمين بالله أنّهما لم يريدا القتل(2).

13 - محمّد بن يحيى رفعه في غلام دخل دار قوم فوقع في البئر؟ فقال: إن كانوا متّهمين ضمنّوا(3).

14 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن بريد العجلي قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن مؤمن قتل رجلاً ناصباً معروفاً بالنصب على دينه غضباً الله تبارك وتعالى، أيُقتَل به؟ فقال : أمّا هؤلاء فيقتلونه به ، ولو رُفع إلى إمام عادل ظاهر لم يقتله به، قلت : فيبطل دمه ؟ قال : لا ، ولكن إن كان له ورثة فعلى الإمام أن يعطيهم الدية من بيت المال لأنَّ قاتله إنّما قتله غَضَباً الله عزّ وجلَّ، وللإمام ولدِينِ المسلمين (4).

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه،

ص: 409


1- التهذيب 10 ، 28 - باب من الزيادات ، ح 6 .
2- مر برقم 15 من الباب 185 من هذا الجزء وخرجناه وعلقنا عليه هناك .
3- روى في التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا ... ، ح 45 عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين، عن وهيب بن حفص عن أبي بصير عن أبي جعفر (علیه السلام) : سألته عن غلام دخل دار قوم يلعب فوقع في بئرهم هل يضمنون؟ قال : ليس يضمنون، فإن كانوا متهمين ضمنوا . ورواه أيضا في الفقيه 4 ، 50 - باب ما جاء فيمن أحدث بشراً أو ... ، ح 5 ولكن عن أبي عبد الله (علیه السلام).
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 48 بتفاوت قليل . قوله : رجلا :ناصباً : إن كان المراد بالناصب المبغض المعاند لأهل البيت (علیهم السلام) كما هو الأظهر، فهو كافر ودمه هدر، فلعل المراد بالدية إنه إذا كان له أوليا وورثة من المؤمنين يعطيهم الإمام الدية من بيت المال استحباباً، ولا يمكن حمله على التقية كما لا يخفى، وإن كان المراد المخالف المتعصب في مذهبه - إذ قد يطلق الناصب على هذا أيضاً في الاخبار - فظاهر إطلاق كلام الأصحاب لزوم القود في العمد، وظاهر كثير من الاخبار عدمه، ويمكن القول بلزوم الدية من بيت المال وعدم القود والمسألة في غاية الإشكال...» مرآة المجلسي 211/24 - 212 .

جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن ابن مسكان، عن أبي مخلّد(1)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كنت عند داود بن عليّ، فأتي برجل قد قتل رجلاً ، فقال له داود بن عليّ : ما تقول، قتلت هذا الرجل؟ قال: نعم، أنا قتلته ، قال : فقال له داود: ولم قتلته؟ قال : فقال : إنّه كان يدخل على منزلي بغير إذني ، فاستعديت عليه الولاة الّذين كانوا قبلك فأمروني إن هو دخل بغير إذن أن أقتله، فقتلته قال : فالتفت داود إليَّ فقال : يا أبا عبد الله، ما تقول في هذا؟ قال: فقلت له : أرى أنّه قد أقرَّ بقتل رجل مسلم فاقتله ، قال : فأمر به فقتل، ثمَّ قال أبو عبد الله (علیه السلام) : إنّ أناساً من أصحاب رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) كان فيهم سعد بن عبادة فقالوا: يا سعد، ما تقول لو ذهبت إلى منزلك فوجدت فيه رجلاً على بطن امرأتك ما كنت صانعاً به؟ قال : فقال سعد : كنت والله أضرب رقبته بالسيف قال : فخرج رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وهم في هذا الكلام فقال : يا سعد من هذا الّذي قلت: أضرب عنقه بالسيف؟ قال : فأخبره بالذي قالوا وما قال سعد؟ قال : فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) عند ذلك : يا سعد فأين الشهود الأربعة الّذين قال الله عزّ وجل؟ فقال سعد: يا رسول الله، بعد رأي عيني وعلم الله فيه أنّه قد فعل؟! فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : إي والله يا سعد بعد رأي عينك وعلم الله عزّ وجلَّ ، إِنَّ الله عزّ وجلَّ قد جعل لكلِّ شيء حداً، وجعل على من تعدّى حدود الله حدّاً، وجعل ما دون الشهود الأربعة مستوراً على المسلمين(2).

16 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن رجل من أصحابنا، عن أبي الصباح الكنانيّ قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : إنَّ لنا جاراً من همدان يقال له : الجعد بن عبد الله، وهو يجلس إلينا، فنذكر عليّاً أمير المؤمنين (علیه السلام) وفضله، فيقع فيه، أفتأذن لي فيه؟ فقال لي : يا أبا الصباح أفكنتَ فاعلاً؟ فقلت : إي والله لئن أذنت لي فيه لأرصدنه ، فإذا صار فيها (3) اقتحمت عليه بسيفي فخبطته حتّى أقتله، قال: فقال : يا أبا الصباح هذا الفتك وقد نهى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) عن الفتك ، يا أبا الصباح إنّ الإسلام قيد الفتك(4)، ولكن دعه فَسَتُكفى بغيرك ، قال أبو الصباح: فلمّا رجعت من المدينة إلى الكوفة ، لم ألبث بها إلّا ثمانية عشر يوماً ، فخرجت إلى المسجد فصلّيت الفجر ثمَّ عقبت فإذا رجل يحرّكني برجله، فقال: يا أبا الصباح، البُشرى، فقلت بشرك الله بخير فما ذاك ؟ فقال : إنَّ الجعد بن عبد الله بات البارحة في داره

ص: 410


1- في التهذيب : عن أبي خالد...
2- التهذيب 10 ، 28 - باب من الزيادات ح 7 .
3- أي إذا صار في المحلة التي أترصده فيها .
4- أي إن الإسلام يمنع عن قتل الغيلة كما أن القيد يمنع صاحبه عن الحركة والتصرف.

الّتي في الجبّانة، فأيقظوه للصلاة، فإذا هو مثل الزقّ المنفوخ، ميتاً، فذهبوا يحملونه، فإذا لحمه يسقط عن عظمه فجمعوه في نطع، فإذا تحته أسود، فدفنوه (1).

محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب مثله .

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه رفعه، عن بعض أصحاب أبي عبد الله (علیه السلام) - أظنّه أبا عاصم السجستاني - قال : زاملت عبد الله بن النجاشي، وكان يرى رأي الزيديّة، فلمّا كنّا بالمدينة، ذهب إلى عبد الله بن الحسن، وذهبت إلى أبي عبد الله (علیه السلام) ، فلمّا انصرف رأيته معتماً ، فلمّا أصبح قال لي: استأذن لي على أبي عبد الله (علیه السلام) ، فدخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) وقلت : إنَّ عبد الله بن النجاشيّ يرى رأي الزيدية وإنّه ذهب إلى عبد الله بن الحسن وقد سألني أن استأذن له عليك ، فقال : ائذن له، فدخل عليه فسلّم فقال : يا ابن رسول الله، إنّي رجل أتولاكم وأقول : إنَّ الحق فيكم، وقد قتلت سبعة ممّن سمعته يشتم أمير المؤمنين (علیه السلام)، فسألت عن ذلك عبد الله بن الحسن ، فقال لي : أنت مأخوذ بدمائهم في الدنيا والآخرة، فقلت فَعَلَامَ نعادي الناس إذا كنت مأخوذاً بدماء من سمعته يشتم عليّ بن أبي طالب (علیه السلام)؟ فقال له أبو عبد الله (علیه السلام) : فكيف قتلتهم؟ قال : منهم من جمع بيني وبينه الطريق فقتلته، ومنهم من دخلت عليه بيته فقتلته، وقد خفي ذلك عليّ كلّه ، قال : فقال له أبو عبد الله (علیه السلام) : يا أبا خداش عليك بكلّ رجل منهم قتلته كبش تذبحه بمنى، لأنّك قتلتهم بغير إذن الإمام، ولو أنّك قتلتهم بإذن الإمام لم يكن عليك شيء في الدُّنيا والآخرة (2).

18 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن مروك بن عُبَيد، عن بعض أصحابنا، عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام): كنت أخرج في الحداثة(3) إلى المخارجة مع شباب أهل الحيّ ، وإنّي بليت أن ضربت رجلاً ضربة بِعَصا فقتلته؟ فقال : أكنت تعرف هذا الأمر (4) إذ ذاك؟ قال : قلت : لا ، فقال لي : ما كنت عليه من جهلك بهذا الأمر، أشدَّ عليك ممّا دخلت فيه .

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن مروك بن عُبيد مثله .

ص: 411


1- التهذيب 10 ، 15 - باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا . . . ، ح 50 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 49 بتفاوت قليل، وبدون قوله في الذيل : في الدنيا والآخرة .
3- يعني كان صغير السن، أو في أول شبابه .
4- يعني عقيدة التشيّع .

19 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ (1)، عن السكونيّ (2)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: من اقتُصَّ منه، فهو قتيل القرآن(3).

20 - وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : البئر جُبار ، والعَجماء جُبار، والمعدن جُبار (4).

21 - وبهذا الإسناد قال : رفع إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه رجل داس بطن رجل حتّى أحدث في ثيابه، فقضى (علیه السلام) أن يُداس بطنه حتى يُحدث في ثيابه، كما أحدث، أو يغرم ثلث الدية (5) .

هذا آخر كتاب الديات ويتلوه إن شاء الله تعالى كتاب الشهادات .

ص: 412


1- واسمه الحسين بن يزيد.
2- واسمه إسماعيل بن أبي زياد .
3- التهذيب 10 ، 24 - باب القصاص ، ح 16 . قوله (علیه السلام) : فهو قتيل القرآن لعل المراد أن سراية القصاص غير مضمون على أحد لأنه وقع بحكم القرآن ، فكأنه قتيل القرآن وعليه الفتوى، ويحتمل أن يكون المعنى أن من قتل قصاصاً فكان القرآن قتله فعلى القرآن وصاحبه تداركه، أو الغرض رفع الحرج عمن فعل ذلك بأنه لم يفعل حقيقة بل القرآن فعله مرآة المجلسي 24/ 215 .
4- التهذيب 10 ، 18 - باب ضمان النفوس وغيرها ح 17 . الاستبصار 4 ، 169 - باب ضمان الراكب لما تجنيه الدابة ، ح 6. الفقيه 4 ، 50 - باب ما جاء فيمن أحدث بئراً أو . . . ، ح 4 بتفاوت وسند آخر . والجُبار الذي لا غرامة فيه ولا دية له، والعجماء: الدابة . قوله (علیه السلام) : والمعدن جبار أي إذا أصاب العامل فيه فقتله أو جرحه أو إنهار المنجم عليه فمات أو جُرح فلا دية ولا أرش له .
5- التهذيب 10 ، 22 - باب ديات الأعضاء والجوارح و ...، ح 26 وكرره برقم 15 من الباب 24 من نفس الجزء أيضاً. الفقيه 4 ، 37 - باب ما يجب على من داس بطن . . . ، ح 1 . وقال المحقق في الشرائع 4/ 271 بعد أن ذكر الحكم الذي تضمنته هذه الرواية : «وهي رواية السكوني وفيه ضعف وكذلك قال العلامة في التحرير. وقال الشهيد الثاني في المسالك 504/2 من الطبعة الحجرية : وذهب جماعة إلى الحكومة بضعف مستند ،غيره، وهو الوجه».

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الشهادات

228 - باب أوّل صَكَّ كُتِبَ في الأرض

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن عبدالله بن سنان قال : لمّا قدم أبو عبد الله عليه السلام على أبي العبّاس(1) وهو بالحيرة، خرج يوماً يريد عيسى بن موسى فاستقبله بين الحيرة والكوفة ومعه ابن شبرمة القاضي، فقال له : إلى أين يا أبا عبد الله؟ فقال : أردتك ، فقال : قد قصر الله خطوَك ، قال : فمضى معه ، فقال له ابن شبرمة : ما تقول يا أبا عبد الله في شيء سألني عنه الأمير فلم يكن عندي فيه شيء؟ فقال : وما هو؟ قال: سألني عن أوّل كتاب كُتِبَ في الأرضِ ، قال : نعم، إِنَّ الله عزّ وجلَّ عرض على آدم (علیه السلام) ذرّيّته عَرْضَ العَين في صُوَر الذر، نبيّاً فنبيّاً، وملكاً فملكاً، ومؤمناً ،فمؤمناً، وكافراً فكافراً، فلما انتهى إلى داود (علیه السلام) قال : من هذا الّذي نَباتَهُ وكرمته وقصرت عمره؟ قال : فأوحى الله عزّ وجلَّ إليه : هذا ابنك داود عمره أربعون سنة وإنّي قد كتبت الآجال، وقسمت الأرزاق، وأنا أمحو ما أشاء وأثبت وعندي أمّ الكتاب ، فإن جعلت له شيئاً من عمرك ألحقت له ، قال : يا ربّ قد جعلت له من عمري ستّين سنة تمام المائة ، قال : فقال الله عزّ وجلَّ لجبرئيل وميكائيل ومَلَك الموت اكتبوا عليه كتاباً فإنّه سينسى، قال: فتكبوا عليه كتاباً وختموه بأجنحتهم من طينةِ عِلّيين ، قال : فلمّا حضرت آدم الوفاة أتاه ملك الموت، فقال آدم : يا ملك الموت ، ما جاء بك ؟ قال : جئت لأقبض روحك ، قال : قد بقي من عمري ستّون سنة ، فقال : إنّك جعلتها لابنك داود، قال: ونزل عليه جبرئيل وأخرج له الكتاب، فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : فمن أجل ذلك إذا خرج الصَّكُ على المديون، ذُلَّ المديون ، فقَبَضَ روحه (2).

ص: 413


1- هو السفّاح، أول ملوك بني العبّاس .
2- هذا الحديث مخالف لما عليه معتقدنا من عدم جواز السهو والنسيان على الأنبياء (علیه السلام)، ولسانه شبيه بلسان الإسرائيليات التي وردت في روايات العامة والخاصة، إضافة إلى تضارب مضامينه من جهة عدد السنين الموهوبة بين الخمسين والستين والأربعين وهذا مما يوجب وهنه بل سقوطه. وكذا الحديث الذي يليه .

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن عيسى بن أيّوب، عن عليّ بن مهزيار، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لمّا عُرض على آدم ولده، نظر إلى داود فأعجبه، فزاده خمسين سنة من عمره ، قال : ونزل عليه جبرئيل وميكائيل، فكتب عليه مَلَكُ الموت صكّاً بالخمسين سنة، فلمّا حضرته الوفاة، أنزل عليه مَلَك الموت فقال آدم قد بقي من عمري خمسون سنة؟! قال: فأين الخمسون الّتي جعلتها لابنك داود؟ قال: فإمّا أن يكون نسيها، أو أنكرها، فنزل عليه جبرئيل وميكائيل (علیه السلام) فشهدا عليه ، وقبضه مَلَك الموت، فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : كان أوَّل صكّ كُتِبَ في الدنيا .

229 - باب الرجل يُدعى إلى الشهادة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله عزَّ وجلَّ : (ولا يأْبَ الشهداء إذا ما دعو (1)) ؟ فقال : لا ينبغي لأحد إذا دُعي إلى الشهادة يشهد عليها أن يقول : لا أشهد لكم (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله عزّ وجلَّ : (ولا يأْبَ الشهداء إذا ما دُعوا ) ؟ فقال : لا ينبغي لأحد إذا دُعي إلى شهادة يشهد عليها أن يقول : لا أشهد لكم(3).

عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) مثله ، وقال : فذلك قبل الكتاب.

3- عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن (علیه السلام) في قول الله عزّ وجلَّ : (ولا يأبَ الشهداء إذا ما دُعوا) ؟ فقال : إذا دعاك الرجل لتشهد له على دَين أو حقّ ، لم ينبغ لك أن تَقَاعَسَ عنه (4).

ص: 414


1- البقرة/ 282 .
2- التهذيب 6، 91 - باب البيّنات، ح 158 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 137/4 : «اذا دعي من له أهلية التحمل بأن يكون قابلا لأداء الشهادة بلا مانع شرعي)، وجب عليه ، وقيل : لا يجب والأول مروي والوجوب على الكفاية ولا يتعين إلا مع عدم غيره ممن يقوم بالتحمل، أما الأداء فلا خلاف في وجوبه على الكفاية...».
3- التهذيب 10 ، 91 - باب البيّنات، ح156 . وفيه زيادة كلمة عليها، في الذيل.
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 159 . الفقيه 3 ، 22 - باب الامتناع من الشهادة وما جاء في....، ح1 بتفاوت وأسنده إلى العبد الصالح (علیه السلام). والتقاعس : التلكؤ والتأخر .

4 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله عزّ وجلَّ : (ولا يأبَ الشهداء إذا ما دُعوا) ، قال : قبل الشهادة (1).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائني قال : إذا دُعيتَ إلى الشهادة فأَجِبْ (2).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يأبَ الشهداء أن تجيب حين تُدعى قبلَ الكتاب .

230 - باب كتمان الشهادة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ؛ ومحمّد بن عليّ، عن أبي جميلة عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : من كتم شهادة أو شهد بها ليهدر لها بهادم امرىء مسلم ، أو لِيَزْوي(3) مال امرىء مسلم، أتى يوم القيامة ولوجهه ظُلمة مدّ البصر، وفي وجهه كدوح (4) تعرفه الخلائق باسمه ونسبه، ومن شهد شهادة حقَّ لِيُحْيِيَ بها حقَّ امرىء مسلم ، أتى يوم القيامة ولوجهه نور مدّ البصر، تعرفه الخلائق باسمه ونسبه ، ثمَّ قال أبو جعفر (علیه السلام) : ألا ترى أنَّ الله تبارك وتعالى يقول : (5) (وأقيموا الشهادة الله) (6) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله عزّ وجلَّ : (ومن يَكْتُمْها فإنّه آثم قلبه (7))؟ قال: بعدَ الشهادة (8).

3 - عدَّةً من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمّد بن

ص: 415


1- التهذيب 10 ، نفس الباب، صدرح 155 . الفقيه 3 ، نفس الباب، صدر ح 2 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 157 .
3- يزوي : أي يصرف .
4- أي خدوش، وهو جمع : كَدْح : وهو الخَدش.
5- الطلاق / 2 .
6- التهذيب 10 ، 91 - باب البينات ، ح 161 الفقيه 3 ، 22 - باب الامتناع من الشهادة وما . . . ، ح 4 بتفاوت.
7- البقرة/ 283 .
8- التهذيب 10 ، نفس الباب ذيل ح 155 الفقيه ،3، نفس الباب، ذيل ح 2 .

منصور الخزاعي، عن عليّ بن سويد السائيّ، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : كتب أبي في رسالته إليَّ - وسألته عن الشهادة لهم - : فأقم الشهادة لله ولو على نفسك أو الوالدين والأقربين، فيما بينك وبينهم، فإن خفتَ على أخيك ضَيْماً فلا (1).

الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهدي، عن إسماعيل بن مهران مثله .

231 - باب الرجل يسمع الشهادة ولم يشهد عليها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا سمع الرجل الشهادة ولم يُشهَد عليها ، فهو بالخيار، إن شاء شهد، وإن شاء سكت وقال : إذا أشهد لم يكن له إلّا أن يَشْهَدَ(2) .

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إذا سمع الرجل الشهادة ولم يُشهد عليها، فهو بالخيار إن شاء ،شهد، وإن شاء سَكَتَ(3).

3 - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال عن العلاء بن رزين، عن عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها، فهو بالخيار إن شاء شهد وإن شاء سكت، إلّا إذا علم من الظالم، فليشهد، ولا يحلُّ له إلّا أن

يشهد .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار وغيره، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا سمع الرجل الشهادة فلم يشهد عليها فهو بالخيار إن شاء شهد وإن شاء سكت إلّا إذا علم من الظالم فيشهد ، ولا يحلُّ له أن لا يشهد(4).

ص: 416


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 162 . والضَّيَّم : الظلم . قوله : ولو على نفسك أو ... الخ : إشارة إلى قوله تعالى في سورة النساء / 135 : (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء الله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ...) وقد استدل بعض أصحابنا بهذه الآية كما الرواية على جواز شهادة الولد على والده وسماعها بل على وجوب ذلك وإن استبعِدَ .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح 84 .
3- التهذيب ،10 نفس ،الباب ، ح 83. وسوف يكرر الكليني رحمه الله هذا الحديث برقم 5 من هذا الباب.
4- التهذيب 10 ، 91 - باب البينات، ح 85 بتفاوت في الذيل وليس فيه وغيره بعد إسماعيل بن مرار. وفيه : عن يونس ، عن بعض رجاله بدل : عن بعض أصحابه .

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا سمع الرَّجل الشهادة ولم يُشهد عليها، فهو بالخيار إن شاء شهد وإن شاء سكت(1) .

6 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرجل يحضر حساب الرجل فيطلبان منه الشهادة على ما سمع منهما ؟ فقال : ذلك إليه، إن شاء شهد، وإن شاء لم شهد، فإن شهد بحقّ قد سمعه، وإن لم يشهد فلا شيء عليه، لأنّهما لم يُشهداه (2).

232 - باب الرجل ينسى الشهادة ويعرف خطّه بالشهادة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ بن النعمان، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : الرجل يُشهدني على الشهادة فأعرف خطّي وخاتمي، ولا أذكر شيئاً من الباقي قليلاً ولا كثيراً؟ قال: فقال لي : إذا كان صاحبك ثقةً، ومعك رجل ثقة، فاشهد له (3).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد قال : كتب إليه جعفر بن عيسى : جُعِلْتُ فداك، جاءني جيران لنا بكتاب زعموا أنّهم أشهدوني على ما فيه، وفي الكتاب اسمي بخطّي قد عرفته، ولست أذكر الشهادة، وقد دعوني إليها، فأشْهَدُ لهم على معرفتي أنَّ اسمي في الكتاب، ولست أذكر الشهادة؟ أو لا تجب لهم الشهادة على حتّى أذكرها، كان اسمي في الكتاب بخطّي، أو لم يكن؟ فكتب : لا تشهد (4) .

3- أحمد بن محمّد، عن محمّد بن حسّان، عن إدريس بن الحسن، عن عليّ بن غياث، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا تَشْهَدَنَّ بشهادة حتّى تعرفها كما تعرف كفّك (5).

ص: 417


1- مر برقم 2 من الباب فراجع .
2- التهذيب 10 ، نفس ،الباب ، ح 82 . الفقيه ،3 ، 21 - باب إقامة الشهادة بالعلم دون الإشهاد ، ح 1 بتفاوت وفيه إلى قوله : وإن شاء لم يشهد .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 86 . الاستبصار 3، 16 - باب أنه لا يجوز إقامة الشهادة إلا بعد الذكر، ح 4 . الفقيه ،3 32 - باب الاحتياط في إقامة الشهادة ، ح .. وفي التهذيبين : معه، بدل: ومعك .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح89 الاستبصار ، نفس الباب، ح 3 .
5- التهذيب 10 ، 91 - باب البينات، ح 87 بتفاوت. وفي سنده عن علي بدون بن غياث . الفقيه 3 ، 32 - باب الاحتياط في إقامة الشهادة ، ح 1 وفي سنده علي بن غراب . الاستبصار ،3، 16 - باب أنه لا يجوز إقامة الشهادة إلا بعد الذكر، ح 1 بتفاوت .

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : لا تشهد بشهادة لا تذكرها، فإنّه شاء كتب كتاباً و نقش خاتما (1).

233 - باب من شهد بالزّور

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن رجل ، عن صالح بن ميثم ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: ما من رجل يشهد بشهادة زور على مال رجل مسلم ليقطعه، إلّا كتب الله له مكانه صَكّاً إلى النّار(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : شاهد الزّور، لا تزول قدماه حتّى تجبَ له النار.

3 - علي بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : لا ينقضي كلام شاهد الزور من بين يَدَي الحاكم ، حتّى يَتَبَوّأ مَقْعَدَه من النّار، وكذلك من كَتَم الشهادة (3).

234 - باب من شهد ثم رجع عن شهادته

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عمّن أخبره، عن أحدهما (علیهما السلام) في الشهود إذا شهدوا على رجل ثمَّ رجعوا عن شهادتهم، وقد قُضي على الرجل ، ضُمّنوا ما شهدوا به، وغُرّموا ، وإن لم يكن قضي، طُرحت شهادتهم، ولم يغرم الشهود شيئاً (4).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء بن رزين،

ص: 418


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 88 الاستبصار ، نفس الباب، ح 2 . الفقيه 3 نفس الباب ، ح 4 مرسلا وبتفاوت .
2- الفقيه ، 23 - باب شهادة الزور وما...، ح 8 بتفاوت يسير .
3- الفقيه 3، نفس الباب ، ح 7 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 90 . الفقيه 3، نفس الباب، ح 9.

عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في شاهد الزور، ما توبته؟ قال : يؤدّي من المال الّذي شهد عليه بقدر ما ذهب من ماله إن كان النصف أو الثلث إن كان شهد هذا وآخرُ

معه (1) .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن جميل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في شاهد الزور ، قال : إن كان الشيء قائماً بعينه رُدَّ على صاحبه، وإن لم يكن قائماً، ضمّن بقدر ما أتلف من مال الرَّجل (2) .

4 - عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في أربعة شهدوا على رجل مُحْصن بالزنا ، ثمَّ رجع أحدهم بعدما قُتل الرجل؟ قال : إن قال الرابع : أوهمت ضُرب الحدّ ، وغُرّم الدية، وإن قال : تعمّدت، قتل (3).

5 - ابن محبوب، عن إبراهيم بن نعيم الأزدي قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن أربعة شهدوا على رجل بالزنا، فلمّا قُتل، رجع أحدهم عن شهادته؟ قال : فقال : يُقتل الرابع ، ويؤدّي الثلاثة إلى أهله ثلاثة أرباع الدية (4).

6 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في

شهادة الزور، إن كان الشيء قائماً بعينه رُدّ على صاحبه، وإلّا ضمّن بقدر ما أتلف من مال الرجل(5) .

7 - ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في شاهدين شهدا على امرأة بأنَّ زوجها ،طلّقها، فتزوَّجت ، ثمَّ جاء زوجها فأنكر الطلاق؟ قال : يُضربان الحدَّ، ويضمّنان الصداق للزوج ، ثمَّ تعتدُّ ، ثمَّ ترجع إلى زوجها الأوّل(6) .

ص: 419


1- التهذيب 10 ، 91 - باب البيّنات ، ح 92 .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 91 . الفقيه 3 23 - باب شهادة الزور وما جاء فيها ، ح 1 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب، ح96 . وبمعناه وسند آخر روى في الفقيه ،3، 18 - باب من يجب رد شهادته ومن . . . ، ح 25 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 95 .
5- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 93 . وفيه : وإن لم يكن قائماً، بدل: وإلّا...، ح 3 . الفقيه 3 ، 23 - باب شهادة الزور وما....، ح 1 وهو بنفس نص التهذيب.
6- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 94 الاستبصار 3 ، 21 - باب الشاهدين يشهدان على رجل بطلاق امرأته وهو غائب فيحضر الرجل وينكر الطلاق، ح 1 الفقيه ،3، 175 - باب طلاق المفقود ح ه . هذا وكان الكليني رحمه الله قد ذكر هذا الحديث في الفروع 4 ، كتاب الطلاق باب المرأة يبلغها موت زوجها أو طلاقها فتعتد ثم . . . ، ح 4 بتفاوت . قال المجلسي في مرآته 21 / 250 تعليقاً على هذا الخبر: «إعلم أنه اختلف الأصحاب فيما إذا رجع الشاهدان على الطلاق عن شهادتهما، فالمشهور أنه إن كان بعد الدخول لم يضمنا وإن كان قبل الدخول ضمنا نصف المهر المسمى للزوج الأول ولا يُرَدّ حكم الحاكم بالطلاق برجوعهما ولا تردّ المرأة إلى الزوج الأول. وذهب الشيخ في النهاية إلى أنها لو تزوجت بعد الحكم بالطلاق ثم رجعا ردّت إلى الأول بعد العدة، وغرم الشاهدان المهر للثاني، واستندا إلى موثقة إبراهيم بن عبد الحميد ، وردّ الأكثر الخبر بضعف السند، ومنهم من حمله على ما لو تزوجت بمجرد الشهادة من غير حكم الحاكم، وعلى التقادير لا بد من حمل الخبر على رجوع الشاهدين لا بمجرد إنكار الزوج كما هو ظاهر الخبر ، والحدّ محمول على التعزير». وقال المحقق في الشرائع 1 / 144 : «إذا شهدا بالطلاق ثم رجعا فإن كان بعد الدخول لم يضمنا ، وإن كان قبل الدخول ضمنا نصف المهر المسمى لأنهما لا يضمنان إلا ما دفعه المشهود عليه بسبب الشهادة» .

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل شهد عليه رجلان بأنّه سرق، فقطع يده، حتّى إذا كان بعد ذلك، جاء الشاهدان برجل آخر فقالا : هذا السارق، وليس الّذي قُطعت يده، إنّما شبّهنا ذلك بهذا ، فقضى عليهما أن غرَّمهما نصف الدية، ولم يجز شهادتهما على الآخر (1).

235 - باب شهادة الواحد ويمين المُدّعي

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : كان عليُّ (علیه السلام) يجيز في الدَّين شهادة رجل ويمينَ المدَّعي(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : حدَثني أبي أنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قضى بشاهد ويمين (3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي بصیر قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يكون له عند الرجل الحقُّ، وله شاهد واحد؟ قال : فقال : كان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يقضي بشاهد واحد ويمين صاحب الحقّ، وذلك في الدَّين (4).

ص: 420


1- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 97 .
2- التهذيب ،10 ، 91 - باب البينات، ح .154 . الاستبصار .3. 18 - باب ما تجوز فيه للشهادة الواحد مع يمين المدعي ، ح 4 .
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 153 . الاستبصار .3. نفس الباب، ح 5 .
4- الاستبصار 3، نفس الباب ، ح 2 . التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 147 .

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يقضي بشاهد واحد، مع يمين صاحب الحقّ (1).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: دخل الحَكَم بن عُتيبة وَسَلَمَة بن كُهَيل على أبي جعفر (علیه السلام)، فسألاه عن شاهد ويمين؟ فقال: قضی به رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وقضى به عليُّ (علیه السلام) عندكم بالكوفة، فقالا: هذا خلاف القرآن، فقال : وأين وجدتموه خلافَ القرآن؟ فقالا : إنَّ الله تبارك وتعالى يقول : (وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْل منكم (2) )، فقال لهما أبو جعفر (علیه السلام) : فقوله : (وأشهدوا ذوَيْ عَدْلٍ منكم) ؛ هو أن لا تقبلوا شهادة واحد ويميناً؟ ثمَّ قال : إنَّ عليّاً (علیه السلام) كان قاعداً في مسجد الكوفة ، فمرَّ به عبد الله بن قفل التميمي(3) ومعه درع ،طلحة ، فقال عليّ (علیه السلام) : هذه درع طلحة أخذت غلولاً يوم البصرة، فقال له عبد الله بن قفل : فاجعل بيني وبينك قاضيك الّذي رضيته للمسلمين؛ فجعل بينه وبينه شريحاً ، فقال عليُّ (علیه السلام) : هذه درع طلحة أخذت غلولاً يوم البصرة، فقال له شريح : هات على ما تقول بيّنة ! ! فأتاه بالحسن (علیه السلام) فشهد أنّها درع طلحة أخذت غلولاً يوم البصرة، فقال شريح : هذا شاهد واحد ، فلا أقضي بشهادة شاهد حتّى يكون معه آخر، فدعى قنبراً، فشهد أنّها درع طلحة أخذت غلولاً يوم البصرة، فقال شريح : هذا مملوك ولا أقضي بشهادة مملوك ؛ قال : فغضب عليُّ (علیه السلام) فقال : خذوها فإنَّ هذا قضى بجور ثلاث مرَّات، قال: فتحوَّل شريح، ثمَّ قال : لا أقضي بين اثنين حتّى تخبرني من أين قضيتُ بجور ثلاث مرَّات ؟ فقال له : ويلك - أو (4) ويحك - إنّي لمّا أخبرتك أنّها درع طلحة أخذت غلولاً يوم البصرة فقلت: هات على ما تقول بيّنة، وقد قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): حيثما وجد غلول أخذ بغير بيّنة، فقلتُ: رجل لم يسمع الحديث فهذه واحدة ثمَّ أتيتك بالحسن فشهد فقلت هذا واحد ولا أقضي بشهادة واحد حتّى يكون معه آخر، وقد قضى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بشهادة واحد ويمين، فهذه ثنتان ، ثمَّ أتيتك بقنبر فشهد أنّها درع طلحة أخذت غلولاً يوم البصرة، فقلت: هذا مملوك ولا أقضي بشهادة مملوك ، وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عَدْلاً ؟ ! ثمَّ قال : ويلك - أو ويحك - ، إمام المسلمين يؤمَنُ من أمورهم على ما هو أعظم من هذا (5).

ص: 421


1- التهذيب 10 نفس الباب، ح148 . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 7 .
2- الطلاق / 2 .
3- في التهذيب : التيميّ .
4- الترديد من الراوي في الموضعين .
5- التهذيب ،10 ، 91 - باب البيّنات، ح 152 . الاستبصار ،3، 18 - باب ما تجوز فيه شهادة الواحد مع يمين المدعي ، ح 10 . الفقيه 3، 46 - باب ما يقبل من الدعاوي بغير بينة ، ح 4 بتفاوت وزيادة قليلة في آخره وأخرجه عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام).

6 - بعض أصحابنا، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم قال : حدَّثني الثقة، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال : إذا شهد لصاحب(1) الحقّ امرأتان ويمينه ، فهو جائز (2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدَّين، يحلف بالله أنَّ حقّه لحقّ(3).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: كان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يجيز في الدَّيْن شهادة رجل واحد ويمين صاحب الدين، ولم يكن يجيز في الهلال إلّا شاهدي عَدْل (4).

236 - باب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ وعليُّ بن محمّد القاساني، جميعاً عن القاسم بن یحیی(5)، عن سليمان بن داود (6) ، عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال له رجل : أرأيت إذا رأيتُ شيئاً في يدي رجل، أيجوز لي أن أشهد أنّه له ؟ قال : نعم، قال الرجل : أشهد أنّه في يده، ولا أشهد أنّه له، فلعلّه لغيره ؟ فقال له أبو عبد الله (علیه السلام) : أفيحلُّ الشراء منه؟

ص: 422


1- في التهذيب : لطالب . . .
2- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 143 . الاستبصار 3 ، 17 - باب ما يجوز شهادة النساء فيه وما لا يجوز، ح 38 . الفقيه 3 ، 20 - باب الحكم بشهادة امرأتين ويمين المدّعي ، ح 1 . هذا وقد أشرنا سابقاً إلى أن الأصحاب رضوان الله عليهم ذهبوا إلى أن شيئاً من حقوق الله تعالى حتى ولو كان مالاً كالزكاة والخمس لا يثبت بشاهد ويمين. وقد حصروا ما يثبت بشاهد ويمين في الديون والأموال كالقرض والقراض والغصب وعقود المعارضات إلا في الوقف فقد تردد ،بعضهم، وإن استظهر ثبوته بذلك كالمحقق في الشرائع . كما ذهبوا إلى ثبوت الديون والأموال بشهادة امرأتين مع يمين وفي النكاح قولان ذكرهما الشهيدان في كتاب القضاء أحدهما : وهو المشهور عدم الثبوت مطلقا . والثاني : القبول مطلقا نظرا إلى تضمنه المال، قال الشهيد الثاني : «ولا نعلم قائله . وفي ثالث قبوله من المرأة دون الرجل لأنها تثبت النفقة والمهر ذهب إليه العلّامة، والأقوى المشهور».
3- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 144 . الاستبصار ، نفس الباب ، ح 39 الفقيه 3 نفس الباب، ح 2 .
4- التهذيب 10 ، نفس الباب ، ح 145 . الاستبصار ،3، 18 - باب ما تجوز فيه شهادة الواحد مع يمين المدعي، ح1.
5- هو القاسم بن محمد بن يحيى .
6- هو المنقري .

قال : نعم ، فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : فلعلّه لغيره، فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكاً لك؟ ثمّ تقول بعد الملك هو لي، وتحلف عليه، ولا يجوز ، وتحلف عليه ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك؟ ثمَّ قال أبو عبد الله (علیه السلام) : لو لم يجز هذا، لم يقُم للمسلمين سوق (1) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب قال : قلت له : إنَّ ابن أبي ليلى يسألني الشهادة على أنَّ هذه الدار مات فلان وتركها ميراثه ، وأنّه ليس له وارث غير الّذي شهدنا له؟ فقال : اشهد بما هو علمك، قلت: إنَّ ابن أبي ليلى يُحَلّفنا الغموس؟ قال : احلف، إنّما هو على علمك(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت : يكون للرجل من إخواني عندي شهادة، وليس كلّها يجيزها القضاء عندنا ؟ قال : فإذا علمت أنّها حقّ فصححها بكلّ وجه ، حتّى يصحَّ له حقّه (3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : الرجل يكون في داره ثمَّ يغيب عنها ثلاثين سنة ويدع فيها عياله، ثمَّ يأتينا هلاكه ، ونحن لا ندري ما أحدث في داره، ولا ندري ما حدث له من الولد، إلّا أنا لا تعلم نحن أنّه أحدث في داره شيئاً، ولا حدث له ولد ولا يقسم هذه الدار بين ورثته الذين ترك في الدَّار حتّى يشهد شاهدا عدل أنَّ هذه الدار دار فلان بن فلان مات، وتركها ميراثاً بين فلان وفلان، أفنشهد على هذا ؟ قال : نعم قلت الرجل يكون له العبد والأمة فيقول : ابق غلامي وأبقَتْ أمّتي، فيوجد في البلد، فيكلّفه القاضي البيّنة إنَّ هذا غلام فلان، لم يبعه ولم يهبه، أفنشهد على هذا إذا كُلِّفناه ونحن لم نعلم أحْدَثَ شيئاً؟ قال : فكلّما غاب من يد المرء المسلم، غلامه أو أمته أو غاب عنك لم تشهد عليه (4).

237 - باب في الشهادة لأهل الدين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي

ص: 423


1- التهذيب 10 ، 91 - باب البينات ، ح 100 بتفاوت قليل . الفقيه ،3، 18 - باب من يجب ردّ شهادته ومن...، 27 .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 101 .
3- التهذيب 6 نفس الباب، ح 102 . وفي سنده : محمد بن عيسى بدل عثمان بن عيسى . الفقيه 3 ، 22 - باب الامتناع من الشهادة وما ...، ح 2.
4- التهذيب 6، 91 - باب البيّنات ، ح 103 .

عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن الرجل يكون له على الرجل الحقُّ، فيجحده حقّه، ويحلف أنّه ليس عليه شيء، وليس لصاحب الحقّ على حقّه بيّنة، يجوز لنا إحياء حقّه بشهادة الزور إذا خشي ذهابه؟ فقال: لا يجوز ذلك لعلّة التدليس (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن محمّد بن القاسم بن الفضيل، عن أبي الحسن (علیه السلام) قال: سألته ، قلت له : رجل من مواليك عليه دين لرجل ،مخالف يريد أن يعسره ويحبسه وقد علم أنّه ليس عنده، ولا يقدر عليه، وليس لغريمه بينة ، هل يجوز له أن يحلف له ليدفعه عن نفسه، حتّى ييسر الله له ، وإن كان عليه الشهود من مواليك قد عرفوا أنّه لا يقدر ، هل يجوز أن يشهدوا عليه؟ قال : لا يجوز أن يشهدوا عليه، ولا ينوي ظلمه (2).

238 - باب شهادة الصبيان

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي أيّوب الخزّاز قال: سألت إسماعيل بن جعفر متى تجوز شهادة الغلام ؟ فقال : إذا بلغ عشر سنين ، قال : قلت : ويجوز أمرء ؟ قال : فقال : إنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) دخل بعائشة وهي بنت عشر سنين، وليس يدخل بالجارية حتّى تكون امرأة، فإذا كان للغلام عشر سنين، جاز أمره، وجازت شهادته (3).

2 - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال قلت لأبي عبد الله (علیه السلام): يجوز شهادة الصبيان؟ قال : نعم في القتل يؤخذ بأوّل كلامه ولا يؤخذ بالثاني منه (4).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن حمران قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن شهادة الصبي ؟ قال : فقال : لا ، إلّا في القتل، يؤخذ بأوّل كلامه ولا يؤخذ بالثاني(5).

ص: 424


1- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 99 بتفاوت يسير الفقيه ،3، 34 - باب النهي عن إحياء الحق بشهادات الزور، ح 1 بتفاوت يسير .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 98 .
3- التهذيب 6، 91 - باب البينات، ح 49 .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 50 و 51 و 52 و 53 و 54 . وروى الرابع في الفقيه 3 ، 18 - باب من يجب رد شهادته و . . . ، صدر ح 15 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 4 / 125 : «.... فلا تقبل شهادة الصبي ما لم يصر مكلفاً . وقيل : تقبل مطلقاً إذا بلغ عشراً، وهو متروك، واختلفت عبارة الأصحاب في قبول شهادتهم في الجراح والقتل، فروى جميل عن أبي عبد الله (علیه السلام) : «تقبل شهادتهم في القتل ويؤخذ بأول كلامهم ومثله روی محمد بن حمران عن أبي عبد الله (علیه السلام) وقال الشيخ في النهاية : تقبل شهادتهم في الجراح والقصاص. وقال في الخلاف تقبل شهادتهم في الجراح ما لم يتفرقوا (بعد الفعل المشهود به إلى أن يؤدوا الشهادة)، إذا اجتمعوا على (لعب) مباح . والتهجم على الدماء بخبر الواحد خطر، فالأولى الاقتصار على القبول في الجراح بالشروط الثلاثة ، بلوغ العشر، وبقاء الاجتماع ، إذا كان على مباح، تمسكاً بموضع الوفاق» .
5- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 50 و 51 و 52 و 53 و 54 . وروى الرابع في الفقيه 3 ، 18 - باب من يجب رد شهادته و . . . ، صدر ح 15 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 4 / 125 : «.... فلا تقبل شهادة الصبي ما لم يصر مكلفاً . وقيل : تقبل مطلقاً إذا بلغ عشراً، وهو متروك، واختلفت عبارة الأصحاب في قبول شهادتهم في الجراح والقتل، فروى جميل عن أبي عبد الله (علیه السلام) : «تقبل شهادتهم في القتل ويؤخذ بأول كلامهم ومثله روی محمد بن حمران عن أبي عبد الله (علیه السلام) وقال الشيخ في النهاية : تقبل شهادتهم في الجراح والقصاص. وقال في الخلاف تقبل شهادتهم في الجراح ما لم يتفرقوا (بعد الفعل المشهود به إلى أن يؤدوا الشهادة)، إذا اجتمعوا على (لعب) مباح . والتهجم على الدماء بخبر الواحد خطر، فالأولى الاقتصار على القبول في الجراح بالشروط الثلاثة ، بلوغ العشر، وبقاء الاجتماع ، إذا كان على مباح، تمسكاً بموضع الوفاق» .

4 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : في الصبيّ، يشهد على الشهادة؟ قال : إن عَقِلَه حين يدرك أنّه حقٌّ ، جازت شهادته (1) .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إنَّ شهادة الصبيان إذا أشهدوهم وهم صغار، جازت إذا كبروا ما لم ينسَوها (2).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الصبيّ ، هل تجوز شهادته في القتل؟ قال: يؤخذ بأوَّل كلامه ولا يؤخذ بالثاني (3).

239 - باب شهادة المماليك

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : لا بأس بشهادة المملوك إذا كان عَدلاً (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمد بن خالد؛ والحسين بن سعيد، جميعاً عن القاسم بن عروة، عن عبد الحميد الطائي، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في شهادة المملوك ؟ قال : إذا كان عدلاً فهو جائز الشهادة، إنَّ أَوَّل من ردَّ شهادة المملوك عمر بن الخطّاب، وذلك أنّه تقدّم إليه مملوك في شهادة، فقال: إن أقمتُ الشهادة تخوَّفت على نفسي، وإن كتمتها ، أثِمْتُ بربّي، فقال هات شهادتك، أما إنّا لا نجيز شهادة مملوك بعدك (5).

ص: 425


1- راجع المصدر السابق .
2- راجع المصدر السابق .
3- راجع المصدر السابق .
4- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 39 . الاستبصار ،3 ، 11 - باب شهادة المملوك ، ح 2 .
5- التهذيب 6 ، 91 - باب البينات، ح 38 . الاستبصار ،3 ، 11 - باب شهادة المملوك ، ح 1 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 131/4 :« قيل : لا تقبل شهادة المملوك أصلاً ، وقيل : تقبل مطلقاً، وقيل: تقبل إلا على مولاه، ومنهم من عكس، والأشهر القبول إلا على المولى، ولو أعتق قبلت شهادته وعلى مولاه، وكذا حكم المدير والمكاتب المشروط، أما المطلق إذا أدّى من مكاتبته شيئاً، قال في النهاية : تقبل على مولاه بقدر ما تحرر منه، وفيه تردد أقر به المنع» .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن بريد [ابن معاوية ] عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن المملوك تجوز شهادته؟ قال: نعم، إنَّ أوَّل من ردَّ شهادة المملوك لفلان (1).

240 - باب ما يجوز من شهادة النساء وما لا يجوز

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج؛ ومحمّد بن حمران، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قلنا : أتجوز شهادة النساء في الحدود؟ فقال: في القتل وحده، إنَّ عليّاً (علیه السلام) كان يقول : لا يبطل دم امرىء مسلم(2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه سئل ؛ هل تقبل شهادة النساء في النكاح؟ فقال: تجوز، إذا كان معهنَّ رجل، وكان عليّ (علیه السلام) يقول : لا أجيزها في الطلاق، قلت: تجوز شهادة النساء الرجل في الدَّين؟ قال : نعم وسألته عن شهادة القابلة في الولادة؟ قال : تجوز شهادة الواحدة، وقال: تجوز شهادة النساء [ في الدَّين و] في المنفوس والعُذْرَة، وحدَّثني من سمعه يحدّث أنَّ أباه أخبره أنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أجاز شهادة النساء في الدَّين مع يمين الطالب، يحلف بالله أنَّ حقّه

لَحَقِّ(3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن شهادة النساء في الرجم ؟ فقال : إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان، وإذا كان رجلان وأربع نسوة، لم يجز في الرجم (4).

ص: 426


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 40 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 3 . والمقصود بفلان عمر بن الخطاب كما صرحت به الرواية السابقة .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 116 . الاستبصار ،3، 17 - باب ما يجوز شهادة النساء فيه وما لا يجوز، ح 14 . وفي ذيله : لا يطل ... أي لا يذهب هدراً ولا يثأر له .
3- التهذيب 6 ، نفس ،الباب ، ح 128 . الاستبصار ،3 ، نفس الباب ، ح 27 . الفقيه ،3، 18 - باب من يجب رد شهادته ومن ... ح 30 وقد روى بعض الحديث ونصه : وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله (علیه السلام) عن شهادة القابلة في الولادة؟ قال تجوز شهادة الواحدة وشهادة النساء في المنفوس والعذرة .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 108 بتفاوت . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 5 بتفاوت يسير الفقيه 3، نفس الباب ، ح 29 .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سألته عن شهادة النساء؟ فقال : تجوز شهادة النساء وحدهنَّ على ما لا يستطيع الرجال ينظرون إليه، وتجوز شهادة النساء في النكاح إذا كان معهنَّ رجل، ولا تجوز في الطلاق، ولا في الدَّم، غير أنّها تجوز شهادتها في حدّ الزنا إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان ولا تجوز شهادة رجلين وأربع نسوة(1) .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن محمّد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) قال : قلت له : تجوز شهادة النساء في نكاح أو طلاق، أو في رجم ؟ قال : تجوز شهادة النساء فيما لا يستطيع الرجال أن ينظروا إليه وليس معهنَّ ،رجل، وتجوز شهادتهنَّ في النكاح إذا كان معهنَّ رجل، وتجوز شهادتهنَّ في حدّ الزنا إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان ولا تجوز شهادة رجلين وأربع نسوة في الزنا والرجم ولا تجوز شهادتهنَّ في الطلاق، ولا في الدَّم (2).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال : قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال ولا في الطلاق، وقال: سألته عن النساء، تجوز شهادتهنَّ ؟ قال : فقال: نعم، في العُذْرَة والنفساء .

7 - يونس، عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : تجوز شهادة النساء في العُذرة، وكلّ عيب لايراه الرجال (3).

8- عنه ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : لا تجوز شهادة

ص: 427


1- التهذيب 6 ، 91 - باب البينات ، ح 109 . الاستبصار ،3 ، 17 - باب ما يجوز شهادة النساء فيه وما . .. ، ح 4 . هذا وفيما يكون لشهادة المرأة دخالة في ثبوته على نحو الاختصار الزنا خاصة، ويثبت بثلاثة رجال وامرأتين، وبرجلين وأربع نساء، غير إن الأخير لا يثبت به الرجم ويثبت به الجلد. وفي العتق والنكاح والقصاص تردد فيه المحقق، واستظهر الثبوت بالشاهد والمرأتين ويثبت عندنا بشاهد وامرأتين الديون والأموال وعقود المعاوضات، والجناية التي توجب الدية، وتردد بعض فقهائنا في الوقف وإن استظهر ثبوته أيضاً بشاهد وامرأتين . ويثبت عندنا بالنساء منفردات ومنضمات الولادة والاستهلال وعيوب النساء الباطنة، واختلف أصحابنا في ثبوت الرّضاع بشهادة النساء منفردات واستقرب بعضهم الجواز. كما تقبل شهادة امرأتين ورجل في الديون والأموال، و شهادة امرأتين مع يمين ولا تقبل فيها شهادة النساء منفردات ولو كثرن كما تقبل شهادة المرأة الواحدة في ربع ميراث المستهل وهو ما عبر عنه في الحديث بالمنفوس)، وفي ربع الوصية. وفي كل موضع تقبل فيه شهادة النساء لا يثبت بأقل من أربع .
2- التهذيب ،6 نفس الباب ، ح 110 . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 5 الفقيه ،3، 18 - باب من يجب ردّ شهادته ومن ...، ح 29 بتفاوت .
3- التهذيب 6، نفس الباب، ح 137 بتفاوت يسير .

النساء في رؤية الهلال ولا تجوز في الرجم شهادة رجلين وأربع نسوة، وتجوز في ذلك ثلاثة رجال وامرأتان ؛ وقال تجوز شهادة النساء وحدهنَّ بلا رجال في كلّ ما لا يجوز للرجال النظر إليه، وتجوز شهادة القابلة وحدها في المنفوس (1).

9 - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن شهادة النساء، تجوز في النكاح ؟ قال : نعم، ولا تجوز في الطلاق، قال : وقال عليُّ (علیه السلام): تجوز شهادة النساء في الرَّجم إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان ، وإذا كان أربع نسوة ورجلان فلا تجوز في الرجم قلت تجوز شهادة النساء مع الرجال في الدم؟

قال : لا (2).

10 - الحسين بن محمّد، عن معلّی بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن المرأة بحضرها الموت وليس عندها إلّا امرأة، أتجوز شهادتها، أم لا تجوز؟ فقال: تجوز شهادة النساء في المنفوس والعُذْرَة (3).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الحارثي قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : تجوز شهادة النساء فيما لا يستطيع الرجال أن ينظروا إليه ويشهدوا عليه وتجوز شهادتهنَّ في النكاح ، ولا تجوز في الطلاق، ولا في الدم، وتجوز في حدّ الزنا إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان ولا تجوز إذا كان رجلان وأربع نسوة، ولا تجوز شهادتهنَّ في الرَّجم (4).

12 - ابن محبوب، عن عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل، فوضعت بعد موته غلاماً ، ثمَّ مات الغلام بعدما وقع إلى الأرض، فشهدت المرأة الّتي قبلتها أنّه استهلَّ وصاح حين وقع إلى الأرض، ثمَّ مات؟ قال: على الإمام أن يجيز

ص: 428


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 107 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 2 .
2- التهذيب 6، 91 - باب البينات ، ح 111 . الاستبصار 3 ، 17 - باب ما يجوز شهادة النساء فيه وما لا يجوز، ح 6 .
3- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 127 وفيه : أم لا؟ . وكرره بتفاوت برقم 136 من نفس الباب . الاستبصار 3، نفس الباب، ح 26 . ولا بد من حمل ما تضمنه الخبر على غير الوصية إذ قد سبق وبيّنا إن الأصحاب اتفقوا على ثبوت ربع الوصية بشهادة المرأة الواحدة ونصفها بشهادة امرأتين وهكذا .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح112 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 7 . وفي السند فيهما : إبراهيم الخارقي، بدل: ... الحارثي...

شهادتها في رُبع ميراث الغلام (1).

13 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أجيز شهادة النساء في الغلام صاح أم لم يصح ، وفي كلّ شيء لا ينظر إليه الرجال تجوز شهادة النساء فيه (2).

241 - باب شهادة المرأة لزوجها والزوج للمرأة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المغرا، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال : تجوز شهادة الرجل لامرأته ، والمرأة لزوجها إذا كان معها غيرُها(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار بن مروان قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) - أو (4) قال : سأله بعض أصحابنا - عن الرجل يشهد لامرأته ؟ قال : إذا كان خَيّراً جازت شهادته لامرأته (5).

242 - باب هادة الوالد للولد وشهادة الولد للوالد وشهادة الأخ لأخيه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن شهادة الولد لوالده ، والوالد لولده، والأخ لأخيه؟ قال : فقال : تجوز (6).

ص: 429


1- التهذيب ،6 نفس الباب ح ،125 . الاستبصار ،3 نفس الباب ، ح 24 . الفقيه ،3، 18 - باب من يجب رد شهادته ومن . . . ، ح 36 .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 126 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 25 .
3- التهذيب 6، 91 - باب البينات، ح 32 . يقول المحقق في الشرائع 4 / 130 :« وكذا تقبل شهادة الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها مع غيرها من أهل العدالة، ومنهم من شرط في الزوج الضميمة كالزوجة، ولا وجه له ، ولعل الفرق إنما هو لاختصاص الزوج بمزيد القوة في المزاج من أن تجذبه دواعي الرغبة والفائدة تظهر لو شهد فيما يقبل فيه شهادة الواحد مع اليمين، وتظهر الفائدة في الزوجة لو شهدت لزوجها في الوصية...».
4- الترديد من الراوي .
5- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 33 الفقيه ،3، 18 - باب من يجب ردّ شهادته ومن . ، ح 5 بتفاوت وزيادة.
6- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 37 .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال: سألته عن شهادة الوالد لولده، والولد لوالده والأخ لأخيه ؟ فقال : تجوز.

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المغرا، عن الحلبي قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : تجوز شهادة الولد لوالده والوالد لولده، والأخ لأخيه (1).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار بن مروان قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) - أو(2) قال : سأله بعض أصحابنا - عن الرجل يشهد لأبيه، أو الأب يشهد لابنه ، أو الأخ لأخيه ؟ قال : لا بأس بذلك، إذا كان خَيراً جازت شهادته لأبيه، والأب لابنه، والأخ لأخيه (3).

243 - باب شهادة الشريك والأجير والوصيّ

1 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وحميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، جميعاً عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن ثلاثة شركاء، شهد اثنان على واحد ؟ قال : لا يجوز شهادتهما .

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن الصلت قال : سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن رفقة كانوا في طريق، فقُطع عليهم الطريق، فأخذوا اللّصوص فشهد بعضهم لبعض؟ قال : لا تُقبل شهادتهم إلّا بإقرار من اللّصوص، أو شهادة من غيرهم عليهم .(4) .

3 - محمّد بن يحيى قال : كتب محمّد بن الحسن(5) إلى أبي محمّد (علیه السلام) : هل تُقبل

ص: 430


1- التهذيب 6، نفس الباب، ح 35 .
2- الترديد من الراوي .
3- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 36 وليس فيه : أو الأب يشهد لابنه الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 5 بتفاوت . هذا ويقول المحقق في الشرائع 130/4 : «الثالثة : النسب وإن قرب لا يمنع قبول الشهادة كالأب لولده وعليه ، والولد لوالده، والأخ لأخيه وعليه، وفي قبول شهادة الولد على والده ،خلاف والمنع أظهر، سواء شهد بمال أو بحق متعلق ببدنه كالقصاص والحد...».
4- التهذيب 6، 91 - باب البينات ، ح 30 الفقيه ،3، 18 - باب من يجب ردّ شهادته ومن ... ، ح 3 بتفاوت يسير .
5- هو الصفّار.

شهادة الوصيّ للميّت بدين له على رجل، مع شاهد آخر عَدْل؟ فوقّع (علیه السلام): إذا شهد معه آخر عَدْلٌ فعلى المدّعي يمين . وكتب: أيجوز للوصيّ أن يشهد لوارث الميّت صغير أو كبير بحقّ له على الميت، أو على غيره، وهو القابض للوارث الصغير، وليس للكبير بقابض؟ فوقّع (علیه السلام): نعم، ينبغي للوصيّ أن يشهد بالحقّ ولا يكتم الشهادة وكتب أو تقبل شهادة الوصيّ على الميّت مع شاهد آخر عَدْل؟ فوقّع (علیه السلام) : نعم، من بعد يمين(1) .

4 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن عليّ بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميريّ : عن العلاء بن سيّابة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (علیه السلام) لا يجيز شهادة الأجير (2).

244 - باب ما يُرد من الشُهُود

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : ما يُرَدّ من الشهود؟ قال: فقال : الظنين والمتّهم قال قلت : فالفاسق والخائن؟ قال : ذلك يدخل في الظنين (3).

2 - عنه ، عن عبد الله بن مسکان ، عن سليمان بن خالد، قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الّذي يُرَدُّ من الشهود فقال : الظنّين والخصم قال : قلت : فالفاسق والخائن؟ قال: فقال: كلّ هذا يدخل في الظنين(4).

ص: 431


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 31 . الفقيه ،3، 33 - باب شهادة الوصي للميت وعليه دين، ح 1 . ولعله أوجب اليمين في المسألة الأولى ربما للاستظهار والاحتياط، إلا إذا كان هنالك سقط في الرواية بحيث تصبح هكذا : . . . إذا شهد معه آخر عدل (وإلا) فعلى المدعي اليمين. وأما إيجاب اليمين على المدعي في المسألة الأخيرة فلأن الدعوى من قبل الوصي على الميت لا للميت.
2- التهذيب ،6 نفس الباب ، ح 29 . الاستبصار ،3، 15 - باب شهادة الأجير، ح 1 . يقول المحقق في الشرائع 4/ 130 : «تقبل شهادة الأجير والضيف وإن كان لهما ميل إلى المشهود له، لكن برفع التهمة تمسكهما بالأمانة» . هذا وقد قال الشيخ بعد إيراده هذا الخبر في الاستبصار : «هذا الخبر وإن كان عاماً في أن شهادة الأجير لا تقبل على سائر الأحوال ومطلقاً، فينبغي أن يخص ويقيد بحال كونه أجيراً لمن هو أجيرله، فأما لغيره، أو له بعد مفارقته له، فلا بأس بها على كل حال» .
3- التهذيب 6، 91 - باب البينات ح .6 . وفيه كل ذلك...
4- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح . وفيه كل هؤلاء... والمشهور بين الأصحاب عدم قبول شهادة الخصم على خصمه إذا كانت العداوة لأمر دنيوي، وقبول شهادته له إذا لم تتناف خصومته مع العدالة. والظنين : هو الحقير، والقليل، ومن كثر سوء ظنّه بالناس، أو كثر سوء ظن الناس به بحيث أصبح مرذولاً متهماً فيما يقول أو يفعل .

3- محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان عن شعيب، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عمّا يُردُّ من الشهود؟ فقال : الظنين والمتّهم والخصم ، قال : قلت : الفاسق والخائن؟ قال : كل هذا يدخل في الظنين (1).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن ولد الزنا، أتجوز شهادته؟ فقال: لا، فقلت: إنَّ الحَكَم بن عتيبة يزعم أنّها تجوز؟ قال: اللّهمّ لا تغفر ذنبه ما قال الله (2) عزَّ وجلَّ للحكم بن عُتَيبة : (وإنّه لذكر لك ولقومك ) (3).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : لا أقبل شهادة الفاسق إلّا على نفسه (4).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام) : لا تجوز شهادة ولد الزنا (5).

ص: 432


1- التهذيب ،6 نفس الباب، ح 3 الفقيه ،3 18 - باب من يجب ردّ شهادته ومن....، ح 1 وأخرجه عن عبد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عبد الله (علیه السلام).
2- الزخرف/ 44 .
3- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 15 وفيه إلى قوله : اللهم لا تغفر ذنبه .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 5 . وفيه فاسق، بدون الألف واللام . هذا، واشتراط العدالة في الشاهد إجماعي بين أصحابنا رضوان الله عليهم ولكن ما هو موضوع العدالة عند فقهائنا وما هو مرادهم منها؟ العدالة في اللغة الاستواء، وقد حكى ذلك عن ظاهر المبسوط والتحرير، أو أنها الاستقامة كما هو محكي جامع المقاصد وغيره . ويمكن رجوعهما إلى معنى واحد ولعله لذلك عبر الشهيد الثاني وكذلك سيد المدارك عن العدالة بأنها الاستواء والاستقامة . وأما المراد من لفظ العدالة الوارد في كلامهم ففيه أقوال : الأول : إنها كيفية نفسانية باعثة على ملازمة التقوى مع المروة. الثاني: إنها عبارة عن مجرد ترك المعاصي أو خصوص الكباير، وهو ما قد يظهر من سرائر ابن إدريس حيث ورد فيه أن العدل هو الذي لا يخل بواجب ولا يرتكب قبيحاً . الثالث ما ذهب إليه بعض فقهائنا من أن العدالة الاجتناب عن الكبائر وعن الإصرار على الصغائر وقد حكي إن هذا القول في معنى العدالة هو المشهور عندنا، ولم يفرقوا بين أن يكون هذا الاجتناب أو عدم الإصرار عن ملكة أولا . الرابع: هو نفس الثالث بشرط أن يكون عن ملكة لا اتفاقاً. الخامس : إن العدالة عبارة عن الإسلام مع عدم ظهور الفسق وقد ادعى الشيخ الطوسي الإجماع على هذا المعنى للعدالة في كتابه الخلاف السادس : إن العدالة عبارة عن حسن الظاهر. ويمكن أن يُدعى بأن القولين الأخيرين هما أقرب إلى كون مضمونهما وهو الإسلام وحسن الظاهر إن هما طريقان إلى العدالة وليسا قولين في معناها ومدلولها .
5- التهذيب 6، 91 - باب البينات ، ح 18 . هذا والمشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم اشتراط طهارة المولد في الشاهد . يقول المحقق في الشرائع 132/4 : «الوصف السادس : طهارة المولد فلا تقبل شهادة ولد الزنا أصلا، وقيل: تقبل في اليسير مع تمسكه بالصلاح، وبه رواية نادرة، ولو جهلت حاله قبلت شهادته وإن نالته بعض الألسُن».

7 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان لا يقبل شهادة ،فَحَاش ولا ذي مخزية في الدين (1).

8 - محمّد بن بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن فضّال، عن إبراهيم بن محمّد الأشعريّ عن عُبيد بن زرارة، عن أبيه قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول: لو أنّ أربعة شهدوا عندي على رجل بالزنا وفيهم ولد الزنا لَحَدَدْتُهُم جميعاً ، لأنّه لا تجوز شهادته، ولا يؤمُّ الناس(2).

9 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى، عن أحمد بن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن عليّ بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميريّ، عن العلاء بن سيّابة قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : لا تُقبل شهادة صاحب النرد والأربعة عشر ، وصاحب الشاهين، يقول: لا والله ، وبلى والله مات والله ،شاه وقتل والله شاه ، وما مات وما قتل (3).

10 - وبهذا الإسناد، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لا تُقبل شهادة سابق الحاجّ، لأنّه قتل راحلته وأفنى زاده، وأتعب نفسه، واستخفّ بصلاته، قلت: فالمكاري والجمّال والملّاح؟ قال : فقال: وما بأس بهم تُقبل شهادتهم إذا كانوا صُلَحاء (4).

11 - وبهذا الإسناد، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لا يُصلّى خلف من يبتغي على الأذان والصّلاة الأجر، ولا تُقبل شهادته(5).

12 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن

ص: 433


1- التهذيب 6 ، نفس ،الباب ح .8 وفي ذيله دين بدون الألف واللام. الفقيه ،3، 18 - باب من يجب ردّ شهادته ومن ...، ح 8 بتفاوت . قال في القاموس : خَزِيَ خِزْياً : وقع في بلية وشهرة فذل بذلك، والمقصود به هنا من أقيم عليه حد من حدود الله قبل أن يتوب، أو ولد الزنا ، أو الفاسق .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 19 .
3- التهذيب 6 ، نفس الباب ح 9 الفقيه ،3 نفس الباب، ح 11 بتفاوت. وصاحب الشاهين هو صاحب الشطرنج كما ورد تفسيره في بعض الروايات وكما توحي به هذه الرواية بالذات، إذ إن الشاه هو أحد البيادق في لعبة الشطرنج .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 10 ، الفقيه ، نفس الباب، ح 17 .
5- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 11 . الفقيه ،3، نفس الباب، بتفاوت قليل. وأخرجه عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (علیه السلام) .

عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) لم يكن يجيز شهادة سابق الحاجّ (1).

13 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن حمّاد بن عثمان، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : ردَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) شهادة السائل الّذي يسأل في كفّه، قال أبو جعفر (علیه السلام) : لأنّه لا يؤمن على الشهادة، وذلك لأنّه أن أُعْطِيَ رَضِيَ وإِن مُنِعَ سَخِطَ (2).

14 - محمّد بن يحيى، عن العمركيّ بن عليّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (علیه السلام) قال : سألته عن السائل الّذي يسأل في كفّه، هل تُقبل شهادته؟ فقال : كان أبي (علیه السلام) لا يقبل شهادته إذا سأل في كفّه (3).

245 - باب شهادة القاذف والمحدود

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ قال: سألت با عبد الله (علیه السلام) عن القاذف بعد ما يُقام عليه الحدّ، ما توبته؟ قال : يكذّب نفسه، قلت: أرأيت إن أكْذَبَ نفسه وتاب، أتقبل شهادته؟ قال : نعم (4).

2 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد؛ وحمّاد، عن القاسم بن سليمان قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يقذف الرجل فيُجلد حدّاً، ثمَّ يتوب، ولا يعلم منه إلّا خيراً ، أتجوز شهادته؟ قال: نعم، ما يُقال عندكم؟ قلت : يقولون : توبته فيما بينه وبين الله، ولا تقبل شهادته أبداً ، فقال : بئس ما قالوا كان أبي يقول : إذا تاب ولم

ص: 434


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 12 .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 13 بتفاوت. يقول المحقق في الشرائع 130/4 : «ولا تقبل شهادة السائل في كفّه، لأنه يسخط إذا منع ، ولأن ذلك يأذن بمهانة النفس فلا يؤمن على المال، ولو كان ذلك مع الضرورة نادرا لم يقدح في شهادته» .
3- التهذيب 6، 91 - باب البينات، ح 14 بتفاوت .
4- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 20 . الاستبصار ،3، 20 - باب إن القاذف إذا عرفت توبته قبلت شهادته ، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 1 / 127 : «لا تقبل شهادة القاذف، ولو تاب ،قبلت، وحدّ التوبة أن يكذب نفسه وإن كان صادقاً ويوري باطناً . وقيل : يكذبها إن كان كاذباً، ويخطئها إن كان صادقاً والأول مروي. وفي اشتراط إصلاح العمل زيادة على التوبة تردد والأقرب الإكتفاء بالاستمرار لأن بقاءه على التوبة إصلاح ولو ساعة ....».

يعلم منه إلّا خيراً، جازت شهادته(1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) شهد عنده رجل - وقد قُطعت يده ورجله - بشهادة، فأجاز شهادته، وقد كان تاب و [قد] عرفت توبته (2).

4 - وبهذا الإسناد قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ليس يصيب أحد حدّاً فيُقام عليه ثمّ يتوب، إلّا جازت شهادته (3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار ، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الّذي يقذف المحصنات، تُقبل شهادته بعد الحدّ إذا تاب؟ قال: نعم ، قلت : وما توبته ؟ قال : يجيء ويكذِّب نفسه عند الإمام، ويقول : قد افتريتُ على فلانة، ويتوب ممّا قال (4).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن سنان قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن المحدود إن تاب، تقبل شهادته ؟ فقال : إذا تاب - وتوبته أن يرجع ممّا قال ويكذب نفسه عند الإمام وعند المسلمين ، فإذا فعل فإنَّ على الإمام أن يقبل شهادته بعد ذلك (5).

246 - باب شهادة أهل المِلَل

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عُبيدة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: تجوز شهادة المسلمين على جميع أهل الملل ولا تجوز شهادة أهل الذمّة على المسلمين (6).

ص: 435


1- التهذيب 6 نفس الباب ح 25 . الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 6 .
2- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 23 . الاستبصار ، نفس الباب ، ح 4 . الفقيه ،3، 18 - باب من يجب رد شهادته ومن ... ، ح 28 .
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح24 . الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 5 .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب ح 22 . وفي ذيله مما قاله الاستبصار ، نفس الباب، ح 3 .
5- التهذيب 6، 91 - باب البينات ، ح 21 . الاستبصار ،3 ، 20 - باب إن القاذف إذا عرفت توبته قبلت شهادته ح 2.
6- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 56 . وفي ذيله : أهل الملل....، بدل : أهل الذمة....

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن شهادة أهل الملّة ؟ قال : فقال : لا تجوز إلّا على أهل ملّتهم، فإن لم تجد غيرهم، جازت شهادتهم على الوصيّة، لأنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد (1).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : اليهود والنصارى، إذا شهدوا ثمَّ أسلموا، جازت شهادتهم (2).

4 - عليُّ ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام) قال: سألته عن الصبيّ والعبد والنصرانيّ، يشهدون بشهادة، فيسلم النصرانيّ ، أتجوز شهادته؟ قال : نعم (3).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن محمّد حمران عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن نصرانيّ أشهد على شهادة ثمَّ أسلم بعدُ، أتجوز شهادته؟ قال: نعم، هو على موضع شهادته (4).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله عزّ وجلّ : (أو آخَرانِ من غيركم (5)) ؟ قال : إذا كان الرجل في أرض غُربة لا يوجد فيها مسلم، جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصيّة (6).

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن ضريس الكناسيّ قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن شهادة أهل الملل، هل تجوز على رجل من غير أهل ملّتهم؟ فقال: لا، إلّا أن لا يوجد في تلك الحال غيرهم، فإن لم يوجد

ص: 436


1- التهذيب ،6 ، تفس الباب ، ح .57 . وفيه لم يوجد . . . ، بدل . . . لم تجد .. هذا ويقول المحقق في الشرائع 126/4 : «فلا تقبل شهادة غير المؤمن وإن اتصف بالإسلام لا على مؤمن ولا على غيره لاتصافه بالفسق والظلم المانع من قبول الشهادة، نعم، تقبل شهادة الذمي خاصة في الوصية إذا لم يوجد من عدول المسلمين من يشهد بها ، ولا يشترط كون الموصي في غربة وباشتراطه رواية صحيحة . . . .».
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 63 . الفقيه 3 ، 18 - باب من يجب رد شهادته ومن . . . ، ضمن ح 15 .
3- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 62 . الاستبصار 3 ، 12 - باب الذي يُستشهد ثم يسلم هل ... ح 2 بتفاوت حيث لا ذكر فيه للصبي والعبد .
4- التهذيب ،6 نفس الباب ، ح 61 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 1 . هذا ولا خلاف بين أصحابنا فيما تضمنه الحديث من حكم ، وذلك لأن المانع من قبول شهادته هو الكفر وقد زال حسب الفرض ، وكذلك الحكم في الصغير إذا بلغ والفاسق المعلن إذا تاب ولا فرق في الثلاثة بين أن يكونوا قد أقاموا الشهادة قبل زوال المانع فردّت وعدمه.
5- المائدة/ 106 .
6- التهذيب 6، 91 - باب البينات، ح 58 .

غيرهم جازت شهادتهم في الوصيّة، لأنّه لا يصلح ذهاب حقّ امرىء مسلم ، ولا تبطل وصيّته (1).

8 - ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن قول الله عزّ وجلَّ: (ذوَي عَدْلٍ منكم أو آخران من غيركم)؟ قال : فقال : اللّذان منكم مسلمان، واللّذان من غيركم من أهل الكتاب، قال: فإنّما ذلك، إذا مات الرجل المسلم في أرض غُربة، فيطلب رجلين مسلمين، ليُشْهدهما على وصيّته فلم يجد مسلمَين ، فليشهد على وصيّته رجلَين ذمّيّين من أهل الكتاب مَرْضِيّين عند أصحابهما (2).

247 - باب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل شهد على شهادة رجل فجاء الرجال فقال : لم أشهِده؟ فقال: تجوز شهادة أعدلهما، ولو كان أعدلهما واحداً لم تجز شهادته عدالة فيهما (3).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل شهد على شهادة رجل، فجاء الرجل فقال (4) : لم أشهده ؟ فقال : تجوز شهادة أعدلهما (5) .

248 - باب شهادة الأعمى والأصَمّ

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن

ص: 437


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 59.
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 60 .
3- التهذيب ،6 ، نفس ،الباب ، ح 75 الفقيه 3 ، 31 - باب الشهادة على الشهادة ، ح 3 بدون قوله في الذيل : عدالة فيهما. وذلك في الكتابين .
4- أي الآخر.
5- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 74 . الفقيه ،3، نفس ،الباب ، ح 3 بتفاوت وزيادة في آخره. هذا، ويقول المحقق في الشرائع 138/4: «في الشهادة علي الشهادة وهي مقبولة في حقوق الناس عقوبة كانت كالقصاص، أو غير عقوبة كالطلاق والنسب والعتق أو مالا كالقراض والقرض وعقود المعاوضات، أو ما لا يطلع عليه الرجال غالباً كعيوب النساء والولادة والاستهلال. ولا تقبل في الحدود، سواء كانت الله محضاً كحد الزنا واللواط والسحق أو مشتركة كحد السرقة والقذف على خلاف فيهما» .

ثعلبة بن ميمون، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن شهادة الأعمى؟ فقال : نعم، إذا أُثْبَتَ(1) .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن محمّد بن قيس قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الأعمى ، تجوز شهادته؟ قال: نعم، إذا أَثْبَتَ(2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن دُرُست عن جميل قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن شهادة الأصمّ في القتل؟ قال : يؤخذ بأوّل قوله، ولا يؤخذ بالثاني (3).

249 - باب الرجل يشهد على المرأة ولا ينظر وجهها

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن أخيه جعفر بن عيسى بن يقطين، عن أبي الحسن الأوّل (علیه السلام) قال : لا بأس بالشهادة على إقرار المرأة وليست بمُسْفِرَة، إذا عُرفت بعينها، أو حضر من يعرفها، فأمّا إن لا تُعرف بعينها، ولا يحضر من يعرفها، فلا يجوز للشهود أن يشهدوا عليها وعلى إقرارها دون أن تسفر وينظروا إليها (4).

250 - باب النوادر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن معاوية بن وهب قال : كان

ص: 438


1- التهذيب 6 ، 91 - باب البينات ، ح 68 .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 67 . قوله (علیه السلام)؛ إذا أثبت: يعني إذا كان جازماً متثبتاً فيما يشهد عليه .
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 69. هذا، وقد رمى المحقق رحمه الله هذه الرواية بالندرة فراجع شرائع الإسلام 132/4 حيث نص على قبول شهادة الأصمّ في الأفعال لأنها مما تثبت بالمشاهدة، وآلة السمع لا تدركها .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 7 الاستبصار ،3، 13 - باب كيفية الشهادة على النساء، ح 1 . الفقيه 3 ، 29 - باب الشهادة على المرأة، ح 1 . هذا ويقول الشهيدان في كتاب الشهادات: «ويجوز أن تسفر المرأة عن وجهها ليعرفها الشاهد عند التحمّل والأداء إلا أن يعرف صوتها قطعاً». أقول : ومع القطع بمعرفة الصوت فالمشهور الإكتفاء به لأن الغرض حصول العلم بالقائل ومعرفته إياه بحيث لا يعتريه شك أو شبهة . وقيل : بالمنع لأن الأصوات تتشابه ويتطرق إليها التخييل واللبس .

البلاد حيث يُصلّى على الجنائز سُوقاً على عهد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يسمّى البطحاء، يُباع فيها الحليب والسمن والأقط وإنَّ أعرابيّاً أتى بفرس له فأوثقه، فاشتراح منه رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، ثمَّ دخل ليأتيه بالثمن، فقام ناس من المنافقين فقالوا : بكم بعت فرسك؟ قال: بكذا وكذا ، قالوا : بئس ما بعت فرسك خيرٌ من ذلك ، وإن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) خرج إليه بالثمن وافياً طيّباً، فقال الأعرابيّ : ما بعتك والله ، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): سبحان الله بلى والله لقد بعتني، وارتفعت الأصوات، فقال الناس : رسول الله يقاول الأعرابيَّ ، فاجتمع ناس كثير، فقال أب-و عبد الله (علیه السلام) : ومع النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) أصحابه، إذ أقبل خزيمة بن ثابت الأنصاري ، ففرج الناس بيده حتّى انتهى إلى النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) فقال : أشهد يا رسول الله لقد اشتريته منه، فقال الأعرابيّ : أتشهد ولم تحضرنا ؟ وقال له النبيُّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : أشَهِدْتَنا؟ فقال له : لا يا رسول الله ، ولكنّي علمت أنّك قد اشتريت، أفَأَصَدِّقك بما جئت به من عند الله ، ولا أصدقك على هذا الأعرابيّ الخبيث؟ ! قال : فعجب له رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وقال يا ،خزيمة شهادتك شهادة رجلَين (1).

2 - محمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغداديّ، عنجعفر بن یحیی، عن عبدالله بن عبد الرحمن، عن الحسين بن زيد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) ، عن أبيه (علیه السلام) قال: أتي عمر بن الخطّاب بقُدامة بن مَظعون وقد شرب الخمر، فشهد عليه رجلان ؛ أحدهما خصيّ وهو عمرو التميمي، والآخر المعلّى بن الجارود، فشهد أحدهما أنّه رآه يشرب، وشهد الآخر أنّه رآه يقيىء الخمر فأرسل عمر إلى أناس من أصحاب رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فيهم أمير المؤمنين (علیه السلام) ، فقال لأمير المؤمنين (علیه السلام) : ما تقول يا أبا الحسن؟ فإنّك الّذي قال فيك رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : أنت أعلم هذه الأمّة وأقضاها بالحقّ، فإنَّ هذين قد اختلفا في شهادتهما قال ما اختلفا في شهادتهما، وما قاءها حتّى شربها، فقال: هل تجوز شهادة الخصيّ؟ قال : ما ذهاب لحيته إلّا كذهاب بعض أعضائه (2).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن

ص: 439


1- روى هذه القضية بتفاوت وسند آخر في الفقيه ،3، 46 - باب ما يقبل من الدعاوي بغير بنية ، ح 3 .
2- التهذيب 6 ، 91 - باب البينات ، ح 177 بتفاوت . الفقيه 3، 18 - باب من يجب ردّ شهادته ومن ح 7 بتفاوت وفي سنده : الحسن بن زيد . وفيه : ما ذهاب انثييه . . . ، بدل ما ذهاب لحيته . هذا ومن المعلوم إن هنالك تلازماً بين الخصاء وبين عدم الإنبات على اللحية. وقد استشكل بعضهم فيما تضمنه هذا الخبر بأن القيء وإن لم يحتمل إلا الشرب إلا أن مطلق الشرب لا يوجب الحد لجواز أن يكون مع الإكراه عليه فيسقط الحد ، ولكن يندفع هذا الاستشكال بأن الإكراه خلاف الأصل ولأنه لو كان إكراه لادّعاه .

يونس، عن موسى بن بكر، عن الحكم بن أبي عقيل قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : إنَّ لي إِنَّ خصماً يتكثّر عليَّ بالشهود الزُّور، وقد كرهت مكافاته، مع أنّي لا أدري أيصلح لي ذلك أم لا؟ قال : فقال لي : أما بلغك عن أمير المؤمنين (علیه السلام) أنّه كان يقول: لا تؤسروا أنفسكم وأموالكم بشهادات الزُّور، فما على امرىء من وَكَف(1) في دينه ، ولا مأثم من ربّه، أن يدفع ذلك عنه، كما أنّه لو دفع بشهادته عن فَرْج حرام ، وسَفك دم حرام ، كان ذلك خيراً له ، وكذلك مال المرء المسلم (2).

4 - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن(3) أنّه كتب إلى أبي محمّد (علیه السلام)(4) في رجل باع ضيعته من رجل آخر، وهي قطاع أرضين، ولم يعرف الحدود في وقت ما أشهده وقال : إذا ما أتوك بالحدود، فاشهد بها ، هل يجوز له ذلك أو لا يجوز له أن يشهد؟ فوقّع (علیه السلام) : نعم، يجوز ، والحمد الله ؛ وكتب (5) إليه رجل كان له قطاع أرضين، فحضره الخروج إلى مكّة، والقرية على مراحل من منزله ولم يؤت بحدود أرضه وعرف حدود القرية الأربعة، فقال للشهود: اشهدوا إنّي قد بعت من فلان جمیع القرية الّتي حدُّ منها كذا، والثاني والثالث والرابع، وإنّما له في هذه القرية قطاع أرضين، فهل يصلح للمشتري ذلك؟ وإنّما له بعض هذه القرية، وقد أقرَّ له بكلّها؟ فوقع (علیه السلام) : لا يجوز بيع ما ليس يملك، وقد وجب الشراء على البايع على ما يملك، وكتب(6) : هل يجوز للشاهد الّذي أشهده بجميع هذه القرية، أن يشهد بحدود قطاع الأرض الّتي فيها إذا تعرف حدود هذه القطاع بقوم من أهل هذه القرية إذا كانوا عدولاً؟ فوقّع (علیه السلام) : نعم ، يشهدون على شيء مفهوم معروف، وكتب (7) : رجل قال لرجل : اشهد أنَّ الدار الّتي له في موضع كذا وكذا بحدودها كلّها لفلان بن فلان، وجميع ماله في الدار من المتاع هل يصلح للمشتري ما في الدار من المتاع أيّ شيء هو؟ فوقّع (علیه السلام) : يصلح له ما أحاط الشراو بجمیع ذلك إن شاء الله (8).

ص: 440


1- الوكف: الميل والجور، أو النقص والعيب.
2- التهذيب 6، 91 - باب البينات ، ح 105 بتفاوت قليل، وبدون قوله في الذيل : وكذلك مال المرء المسلم . وفي سنده عن الحكم أخي أبي عقيلة بدل عن الحكم بن أبي عقيل.
3- هو الصفّار.
4- هو الإمام الحسن بن علي العسكريّ (علیه السلام) .
5- الضمائر كلها ترجع إلى الصفّار رحمه الله .
6- الضمائر كلها ترجع إلى الصفّار رحمه الله .
7- الضمائر كلها ترجع إلى الصفّار رحمه الله .
8- التهذيب 6، 91 - باب البينات ، ح 163 بتفاوت يسير. كما روى جزء من ذيله برقم 15 من الباب 11 من الجزء 7 من التهذيب . وروى بتفاوت يسير إلى قوله : وقد وجب الشراء على البايع على ما يملك في الفقيه ،3 ، 72 - باب إحياء الموات والأرضين، ح 11 ، وروى الباقي تحت رقم 10 من نفس الباب.

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن حريز ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا، فعُدّل منهم اثنان، ولم يُعَدَّلْ الآخران؟ فقال : إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يُعرفون بشهادة الزُّور، أجيزت شهادتهم جميعاً، وأقيم الحدُّ على الّذي شهدوا عليه إنّما عليهم أن يشهدوا بما أبصروه ،وعلموا وعلى الوالي أن يجيز ،شهادتهم، إلّا أن يكونوا معروفين بالفسق (1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سيف، عن محمّد بن سليمان، عن أبي جعفر الثاني (علیه السلام) قال : قلت له : كيف صار الزوج إذا قذف امرأته كانت شهادته أربع شهادات بالله ، وكيف لا يجوز ذلك لغيره، وصار إذا قذفها غير الزوج جُلد الحدَّ ولو كان ولداً أو أخاً؟ فقال : قد سئل [أبو] جعفر (علیه السلام) عن هذا فقال : ألا ترى أنّه إذا قذف الزوج امرأته قيل له : وكيف علمت أنّها فاعلة ؟ فإن قال : رأيتُ ذلك منها بعيني ، كانت شهادته أربع شهادات بالله ، وذلك أنّه قد يجوز للرَّجل أن يدخل المدخل في الخلوة الّتي لا تصلح لغيره أن يدخلها، ولا يشهدها ولد ولا والد في اللّيل والنهار، فلذلك صارت شهادته أربع شهادات بالله إذا قال: رأيتُ ذلك بعيني، وإذا قال : إنّي لم أعاين، صار قاذفاً في حدّ غيره، وضرب الحدّ، إلّا أن يقيم عليها البيّنة، وإن زعم غير الزوج إذا قذف وادّعى أنّه رآه بعينه قيل له : وكيف رأيت ذلك، وما أدخلك ذلك المدخل الّذي رأيت فيه هذا وحدك ، أنت متّهم في دعواك وإن كنت صادقاً، فأنت في حدّ التهمة، فلا بدَّ من أدبك بالحدّ الّذي أوجبه الله عليك . قال : وإنّما صارت شهادة الزوج أربع شهادات بالله ، لمكان الأربعة شهداء، مكان كلّ شاهد يمين .

عدَّةٌمن أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن أسلم، عن بعض القمّيّين، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) مثله.

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن إسماعيل بن أبي حنيفة، عن أبي حنيفة(2) قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : كيف صار القتل يجوز فيه شاهدان ،

ص: 441


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح.165 الاستبصار 3 ، 9 - باب العدالة المعتبرة في الشهادة ، ح 4 . هذا ، والمشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم مطلقاً، أو بين المتأخرين منهم، بل نسب في بعض كلماتهم إلى العلماء أو الفقهاء، أو المخالف والمؤالف هو أن العدالة عبارة عن مَلَكَة إتيان الواجبات وترك المحرمات ، وإن ذهب ابن الجنيد والشيخ المفيد في كتاب الإشراف إلى القول بكفاية الإسلام مع عدم ظهور الفسق ، أو إلى إنها حسن الظاهر كما نسب إلى جماعة ، مستندين فيما ذهبوا إليه إلى هذه الرواية وغيرها مما شاكلها، حيث ناقش المشهور في دلالة بعضها على ذلك بعدة مناقشات ثم قالوا بتعيّن حملها - بعد تقييد بعضها ببعض - على كون حسن الظاهر طريقاً إلى العدالة شرعاً جمعاً بينها وبين غيرها من الروايات .
2- هذه كنية النعمان بن ثابت - هنا -، وتطلق في غير هذا المورد على سابق الحاج ؛ سعيد بن بيان .

والزنا لا يجوز فيه إلّا أربعة شهود والقتل أشدُّ من الزنا؟ فقال: لأنَّ القتل فعل واحد، والزنا فعلان، فمن ثَمَّ لا يجوز إلّا أربعة شهود على الرجل ،شاهدان، وعلى المرأة شاهدان(1).

ورواه بعض أصحابنا عنه قال : فقال لي : ما عندكم يا أبا حنيفة؟ قال : قلت : ما عندنا فيه إلّا حديث عمر ، أنَّ الله أخذ في الشهادة كلمتين على العباد ، قال : فقال لي : ليس كذلك يا أبا حنيفة، ولكن الزنا فيه حدّان ، ولا يجوز إلّا أن يشهد كلُّ اثنين على واحد، لأنَّ الرجل والمرأة جميعاً عليهما الحدّ، والقتل إنّما يُقام على القاتل ويُدفع عن المقتول.

8 - الحسين بن محمّد، عن السيّاري (2)، عن محمّد بن جمهور، عمّن حدَّثه، عن ابن أبي يعفور قال : لزمته شهادة فشهد بها عند أبي يوسف القاضي، فقال أبو يوسف : ما عسيت أن أقول فيك يا ابن أبي يعفور، وأنت جاري، ما علِمْتُكَ إلّا صدوقاً طويلَ اللَّيل (3)، ولكن تلك الخصلة ، قال : وما هي ؟ قال مَيْلُك إلى الترفّض، فبكى ابن أبي يعفور حتّى سالت دموعه، ثمّ قال يا أبا يوسف تنسبني إلى قوم أخاف أن لا أكون منهم، قال: فأجاز شهادته (4).

9 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه كان يحكم في زنديق إذا شهد عليه رجلان عدلان مَرْضِيّان، وشهد له ألف بالبراءة، يجيز شهادة الرجلين ويبطل شهادة الألف، لأنّه دِينٌ مكتوم (5).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أتي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بامرأة بِكر، زعموا أنّها زنت، فأمر النساء فنظرن إليها، فقلن: هي عذراء، فقال ؛ ما كنت لأضرب من عليها خاتم من الله عزَّ وجلَّ، وكان يجيز (علیه السلام) شهادة النساء في مثل هذا (6).

ص: 442


1- التهذيب 6، 91 - باب البينات، ح 165 . بتفاوت قليل.
2- واسمه أحمد بن محمد بن السيّار .
3- أي كثير التهجد والعبادة في الليل .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 168 . وأشار إليه الصدوق رحمه الله في الفقيه 3 35 - باب نوادر الشهادات ، ذیل ح 4 . ولعله أجاز شهادته لأنه لم يفهم مراده من قوله، لأن فيه نوعاً من التورية.
5- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 167 .
6- التهذيب 6 ، 91 - باب البينات ، ح 166 . وكرره بتفاوت يسير برقم 57 من الباب 1 من الجزء 10 من التهذيب. وقال المحقق في الشرائع 157/4 : «إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا قبلا ، فادعت إنها بكر، فشهد لها أربع نساء بذلك، فلا حد ، وهل يُحدّ الشهود للفِرْية؟ قال في النهاية : نعم ، وقال في المبسوط : لا حد ، لاحتمال الشبهة في المشاهدة، والأول أشبه» .

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد عن سعد الاسكاف قال : لا أعلمه إلّا قال : عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قد كان في بني إسرائيل ،عابد فأعجب به داود (علیه السلام)، فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليه : لا يعجبك شيء من أمره فإنّه مُرائيٌّ ، قال : فمات الرجل فأتى داود (علیه السلام) وقيل له : مات الرجل، فقال داود (علیه السلام) : ادفنوا صاحبكم ، قال : فأنكرت بنو إسرائيل وقالوا : كيف لم يحضره؟ قال: فلمّا غُسّل، قام خمسون رجلاً فشهدوا بالله ما يعلمون منه إلّا خيراً ، قال : فلمّا صلّوا عليه قام خمسون آخرون فشهدوا بالله ما يعلمون إلّا خيراً، فلما دفنوه، قام خمسون فشهدوا بالله ما يعلمون منه إلّا خيراً، فأوحى الله عزّ وجلَّ إلى داود (علیه السلام) : ما منعك أن تشهد فلاناً؟ فقال داود (علیه السلام) : يا ربّ لِلّذي اطلعتني عليه من أمره ، قال : فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليه : إنَّ ذلك كذلك، ولكنّه قد شهد قوم من الأحبار والرهبان ما يعلمون منه إلّا خيراً ، فأجزت شهادتهم عليه وغفرت له عِلْمي فيه (1).

هذا آخر كتاب الشهادات من الكافي، تأليف أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني - رحمه الله - ، ويتلوه كتاب القضاء والأحكام إن شاء الله تعالى .

ص: 443


1- التهذب 6 ، نفس الباب، ح 169 . قوله : علمي فيه : أي ما علمته أنه فيه .

ص: 444

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب القضاء والاحكام

251 - باب أن الحكومة إنما هي للإمام عليه السلام

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : اتّقوا الحكومة ، فإن الحكومة إنّما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبيٍّ أو وصيّ نبيّ (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن أبي جميلة ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) لشُرَيح : يا شُرَيح، قد جلستَ مجلساً لا يجلسه إلّا نبيُّ أو وصيّ نبيّ أو شفيٌ (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لمّا وَلّى أميرُ المؤمنين صلوات الله عليه شُرَيحاً القضاء، اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتّى يعرضه عليه (3).

ص: 445


1- التهذيب 6 ، 87 - باب من إليه الحكم و ...، ح 3 . الفقيه 3 3 - باب إتقاء الحكومة ، ح 1 وفي ذيله : كنبيّ... وأبو عبد الله المؤمن : هو زكريا بن محمد . هذا ونظر الحديث إلى رتبة الأصالة لا النيابة والوكالة، فإن منصب القضاء أصالة إنما هو للنبيّ ووصيّه (صلی الله علیه وآله وسلم) وذلك لا ينافي جواز استنابتهما غيرهما وتوكيله في تولّي هذا المنصب بإذنهما فتكون له الولاية الشرعية لأنه حينئذ يكون منصوبا من قبلهما وتجب متابعة حكمه والالتزام به كما تحرم مخالفته .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 1 . الفقيه ، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير جداً. وأبو جميلة: هو المفضل بن صالح . هذا ويدل الحديث على ما يستلزمه منصب القضاء لغير المعصوم من الخطورة، لأن لسان القاضي بين حجرتين من نار جهنم . وما يترتب من إمكانية الإنزلاق فيها مع ما يلحقه من الشقاء الأخروي . أو أن الحديث - بناء على ما ورد في متن الفقيه : (ما جلسه) في مقام بيان واقع حال هذا المنصب في ظل أئمة الجور من اغتصبوا منصب الإمامة قبله وبعده (علیه السلام).
3- التهذيب 6 ، 87 - باب من إليه الحكم و...، ح 2 .

252 - باب أصناف القضاة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه رفعه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : القضاة أربعة ثلاثة في النار، وواحد في الجنّة : رجل قضى بِجَوْرٍ وهو يعلم ، فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم ، فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم، فهو في النار، ورجل قضى بالحقّ وهو يعلم ، فهو في الجنة ؛ وقال (علیه السلام): الحُكم حُكْمان : حكم الله وحكم الجاهليّة، فمن أخطأ حُكْمَ الله ، حَكَمَ بحُكْم الجاهليّة (1).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : الحُكْم حُكْمان ، حُكْم الله وحُكم الجاهليّة ؛ وقد قال الله عزّ وجلَّ : (ومن أحْسَنُ من الله حُكْماً لقوم يوقنون)(2)، وأشهدوا على زيد بن ثابت، لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهليّة .

253 - باب من حَكَمَ بغير ما أنزل الله عزَّ وجلَّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن صباح الأزرق، عن حكم الحنّاط، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (علیه السلام) ؛ وحَكَم عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قالا : من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله عزّ وجلّ ممّن له سوط أو عصا، فهو كافر بما أنزل الله عزّ وجلَّ على محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : من حَكَم في درهمين بغير ما أنزل الله عزّ وجلَّ، فهو كافر بالله العظيم (3).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض

ص: 446


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح5 الفقيه 3 ، 2 - باب أصناف القضاة و . . . ، ح 1 بزيادة في آخره .
2- المائدة/ 50 . وصدر الآية دخيل في الاستشهاد ولمكان الحصر الوارد في الحديث، وربما سقط سهواً، وهو: أَفَحَكْم الجاهلة يَبْغُونَ...
3- التهذيب 6 ، 87 - باب من إليه الحكم و ...، 15 ، الفقيه ،3 2 - باب أصناف القضاة و...، ذيل ح 1 . ولا بد من حمله على ما إذا كان يعلم بأنه يحكم بالباطل مستخفاً بحكم الله سبحانه .

أصحابنا، عن عبد الله بن كثير (1)، عن عبد الله بن مسکان رفعه قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): من حكم في درهمين بحكم جَور ، ثمّ جَبَرَ عليه، كان من أهل هذه الآية : (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (2)) ، فقلت : وكيف يُجْبِرُ عليه ؟ فقال : يكون له سوط وسجن، فيحكم عليه، فإذا رضي بحكومته، وإلّا ضربه بسوطه، وحبسه في سجنه(3).

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول: أيُّ قاض قضى بين اثنين فأخطأ، سقط أبْعَدَ من السماء (4).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب عن داود بن فَرْقَد قال : حدَّثني رجل، عن سعيد بن أبي الخضيب البجلي قال: كنت مع ابن أبي ليلى مزاملة حتّى جئنا إلى المدينة، فبينا نحن في مسجد الرسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، إذا دخل جعفر بن محمّد (علیه السلام) ، فقلت لابن أبي ليلى ؛ تقوم بنا إليه؟ فقال: وما نصنع عنده؟ فقلت : يُسائله ونحدثه ، فقال : قم ، فقمنا إليه، فسألني عن نفسي وأهلي، ثمَّ قال : من هذا معك؟ فقلت : ابن أبي ليلى قاضي المسلمين فقال له: أنت ابن أبي ليلى قاضي المسلمين؟ قال : نعم قال : تأخذ مالَ هذا فتعطيه هذا؟ وتقتل، وتفرق بين المرء وزوجه ؟ لا تخاف في ذلك أحداً؟ قال : نعم ، قال : فبأيّ شيء تقضي؟ قال: بما بلغني عن أنّه

رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وعن عليّ (علیه السلام) ، وعن أبي بكر وعمر ، قال : فبلغك عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قال : إنَّ عليّاً (علیه السلام) أقضاكم؟ قال: نعم، قال: فكيف تقضي بغير قضاء عليّ (علیه السلام) وقد بلغك هذا؟! فما تقول : إذا جيىء بأرض من فضه وسماء من فضة ثمَّ أخذ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بيدك فأوقفك بين يدي ربك فقال : يا ربّ، إنَّ هذا قضى بغير ما قضيت؟ قال: فاصفرّ وجه ابن أبي ليلي حتّى عاد مثل الزعفران ، ثمَّ قال لي : التمس لنفسك زميلاً، والله لا أكلّمك من رأسي كلمة أبداً (5).

ص: 447


1- في التهذيب : عن عبد الله بن بكير .
2- المائدة/ 44 .
3- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 16 بتفاوت يسير.
4- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 14 . الفقيه 3 ، 7 - باب الخطأ في الحكم ، ح 2 . وقوله (علیه السلام) : سقط أبعد...؛ كناية عن بُعده من رحمة الله وعن شديد عقوبته .
5- التهذيب 6 ، 87 - باب من إليه الحكم و. . . ، ح 13 . وإنما قال ابن أبي ليلى لسعيد : لا أكلمك ....، غيظاً منه وغضباً عليه لأنه كان السبب في لقائه مع الصادق (علیه السلام) ليسمع ما سمع منه .

254 - باب إن المفتي ضامن

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : كان أبو عبد الله (علیه السلام) قاعداً في حلقة رَبيعة الرأي، فجاء أعرابيٌّ ، فسأل ربيعة الرأي عن مسألة، فأجابه، فلمّا سكت، قال له الأعرابيُّ : أهو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة ولم يَرُدّ عليه شيئاً، فأعاد عليه المسألة، فأجابه بمثل ذلك، فقال له الأعرابيُّ : أهو في عنقك؟ فسكت ربيعة، فقال له أبو عبد الله (علیه السلام) : هو في عنقه، قال: أوَلَم يَقُلْ : وكل مُفْتٍ ضامن (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله، لعنته ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب ولحقه وِزْرُمَنْ عمل بفتياه (2).

255 - باب أخذ الأجرة والرشا على الحُكم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال : سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن قاض بين قريتين (3) يأخذ من السلطان على القضاء الرزق؟ فقال: ذلك السُّحت (4).

ص: 448


1- التهذيب 6 ، نفس ،الباب ح 22 . وفي ذيله كل مفت ضامن. ومسألة ضمانه كمفت في الدنيا محل إشكال عند بعض أصحابنا، اللهم إلا أن يريد به الحاكم أو القاضي، وأما ضمانه في الآخرة وإن كان مفتيا فلا إشكال فيه .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ح 23 . وفي ذيله : من يعمل بفتياه . قوله (علیه السلام) : بغير علم. يمكن أن يكون المراد بالعلم ما يكون للمعصوم وبالهدى ما يكون لغيرهم ممن يأخذ منهم، أو بالعكس، أو بالعلم القطعى وبالهدى الظن الشرعي ويحتمل أن يكون الترديد لمحض التأكيد مرآة المجلسي 269/24 .
3- في التهذيب : بين قريتين...
4- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 19 الفقيه ،3 5 - باب كراهة أخذ الرزق على القضاء ح1 . وهذا الحديث إما أن نحمله على أخذ الأجرة على القضاء، أو على الكراهة وإن كان قد ذهب بعض فقهائنا إلى تحريم ارتزاق القاضي من بيت المال إذا تعين عليه القضاء بتعيين المعصوم (علیه السلام) له أو عدم وجود غيره لتولي المنصب وكان له كفاية من المال والمشهور بين فقهائنا جوازه. قال المحقق (رحمه الله) في الشرائع 69/2: «الخامسة : إذا ولّي من لا يتعين عليه القضاء فإن كان له كفاية من ماله فالأفضل أن لا يطلب الرزق من بيت المال، ولو طلب جاز لأنه من المصالح، وإن تعين للقضاء قيل لا يجوز له أخذ الرزق، لأنه يؤدي فرضا . . . الخ».

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن، عن ،زرعة عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الرشا في الحكم ، هو الكفر بالله (1).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان عن يزيد بن فَرْقَد قال: سألت: أبا عبد الله (علیه السلام) عن السحت؟ فقال : هو الرشا في الحكم (2).

256 - باب من حَافَ في الحكم

1 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : يَدُ الله فوقَ رأس الحاكم، ترفرف بالرحمة فإذا حَافَ (3)، وكله الله إلى نفسه (4).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعلُّي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: كان في بني إسرائيل قاض كان يقضي بالحقّ فيهم، فلمّا حضره الموت قال لامرأته : إذا أنامِت فاغسليني وكفّنيني وضعيني على سريري وغطّي وجهي ، فإنّك لا تَرينَ سوء ، فلمّا مات فعلت ذلك، ثمَّ مكثت بذلك حيناً، ثمَّ إنّها كشفت عن وجهه لتنظر إليه، فإذا هي بدودة تقرض منخره، ففزعت من ذلك، فلمّا كان اللّيل، أتاها في منامها فقال لها : أَفْزَعَكِ ما رأيتِ؟ قالت :أجل، لقد فزعت، فقال لها : أما لئن كنتِ فَزِعْتِ ما كان الّذي رأيت إلّا في أخيك فلان، أتاني ومعه خصم له ، فلمّا جلسا إليَّ قلت : اللّهمّ اجعل الحقِّ له، ووجِّه القضاء على صاحبه، فلمّا اختصما إليَّ، كان الحقُّ له، ورأبت ذلك بيّناً في القضاء، فوجّهت القضاء له على صاحبه، فأصابني ما رأيتِ لموضع هوايَ كان مع موافقة الحقّ (5).

ص: 449


1- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 18 .
2- التهذيب ،6 ، نفس الباب، ح 17 . وفي ذيله : الرث في الحكم بدون قوله : هو . هذا، والسحت هو الحرام، فيكون الرشافي الحكم أحد مصاديقه .
3- حاف: أي جَارَ وظَلَم .
4- التهذيب 6 ، 87 - باب من إليه الحكم و ...، ح 20 . الفقيه ،3، 6 - باب الحيف في الحكم ، ح 1 . وقد دل الحديث على إن الحاكم العادل مشمول برحمة الله سبحانه وثوابه وأنه بعين الله ورنساه.
5- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 21 .

257 - باب كراهية الجلوس إلى قضاة الجَوْر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن مسلم قال : مَرَّ بي أبو جعفر وأبو عبد الله (علیه السلام) وأنا جالس عند قاض بالمدينة، فدخلت عليه (1) من الغد، فقال لي : ما مجلِسٌ رأيتك فيه أمس ؟ قال : قلت له : جُعِلْتُ فِداك ، إنَّ هذا القاضي لي مُكرم، فربّما جلست إليه، فقال لي : وما يؤمنك أن تنزل اللّعنة فتعمّ مَن في المجلس (2).

258 - باب كراهية الارتفاع إلى قضاة الجَوْر

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أيّما مؤمن قَدَّم مؤمناً في خصومةٍ إلى قاض أو سلطان جائر، فقضى عليه بغير حكم الله ، فقد شَرِكَه في الإثم(3).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن حمزة الغنوي، عن حريز، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أيّما رجل كان بينه وبين أخ له مُمَا رآه في حقّ، فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه، فأبى إلّا أن يرافعه إلى هؤلاء (4)، كان بمنزلة الّذين قال الله عزَّ وجلَّ (5) : (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أُنزِلَ إليك وما أُنزِلَ من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به - الآية -) (6).

ص: 450


1- الضمير يرجع إلى أحدهما (علیهما السلام ) .
2- التهذيب ،6 87 - باب من إليه الحكم و . . . ، ح 12 . الفقيه 3، 4 - باب كراهة مجالسة القضاة في مجالسهم، ح 1 وفي ذيله زيادة فتعمّك معه . ويفهم من لسان الرواية إن ذلك القاضي كان من قضاة الجور وفيها تحذير من مجالسة أهل البدع والباطل وولاة الجور ورجالاتهم ممن يعينونهم في جورهم وباطلهم، وإن العذاب إذا نزل عمّ.
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 7 . الفقيه 3 ، 1 - باب من يجوز التحاكم إليه ومن لا يجوز، ح 4.
4- يعني حكّام الجور وقضاتهم.
5- النساء/ 60 . وتتمة الآية : ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً. والآية مسوقة للتعجب من الجمع بين دعوى الإيمان وإرادة التحاكم إلى الطاغوت، فيكون ذلك أشدّ من التوعد بالنار، فيدخل هذا في الكبائر.
6- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 11 . الفقيه 3 نفس الباب، ح 5 .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن عبد الله بن بحر، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : قول الله عزّ وجلَّ في كتابه: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتُدْلُوا بها إلى الحكام(1) )؟ فقال : يا أبا بصير، إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد علم أنَّ في الأمّة حكّاماً يجورون، أمَا إنّه لم يَعْنِ حكّام أهل العدل، ولكنّه عَنَى حكّام أهل الجور، يا أبا محمّد إنّه لو كان لك على رجل حقٌّ فدعوته إلى حكّام أهل العدل فأبى عليك إلّا أن يرافعك إلى حكّام أهل الجور ليقضوا له، لكان ممّن حاكم إلى الطاغوت، وهو قول الله عزّ وجلَّ : (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) (2).

4 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبي خديجة(3) قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السلام) : إيّاكم أن يُحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجَور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضائنا فاجعلوه بينكم ، فإنّي قد جعلته قاضياً، فتحاكموا إليه (4).

5 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عيسى ، عن صفوان ، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دَين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة، أيحلُّ ذلك؟ فقال : من تَحَاكم إلى الطاغوت فحكم له، فإنّما يأخذ سُحْتاً وإن كان حقه ثابتاً، لأنّه أخذ بحكم

ص: 451


1- البقرة/ 188 .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 9 .
3- واسمه سالم بن مكرم .
4- التهذيب 6 ، 87 - باب من إليه الحكم و ...، ح 8 الفقيه 3 ، 1 - باب من يجوز التحاكم إليه ومن...، ح 1. وقد دل الحديث على حرمة الترافع أمام قضاة الجور، وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على ذلك، بل عده بعضهم من الكبائر، بل لا بد من الترافع أمام الفقيه العادل الجامع لشرائط الفتيافي عصر غيبة المعصوم (علیه السلام) ، إذ في حال وجوده (علیه السلام) وحضوره لا بد من الترافع إليه أو إلى من نصبه لتولي منصب القضاء شخصياً، وقد استدلوا فيما استدلوا به بهذه الرواية . قال الشهيدان : «القضاء : أي الحكم بين الناس وهو مع حضور الإمام وظيفة الإمام أو نائبه ... وفي عصر الغيبة ينفذ قضاء الفقيه الجامع لشرائط الإفتاء وهي البلوغ والعقل والذكورة والإيمان والعدالة وطهارة المولد إجماعاً ... وإذا تحقق المفتي بهذا الوصف وجب على الناس الترافع إليه وقبول قوله والتزام حكمه لأنه منصوب من الإمام (علیه السلام) على العموم بقوله : انظروا إلى رجل منكم . الخ ، فمن عدل عنه إلى قضاة الجور كان عاصياً فاسقاً لأن ذلك كبيرة عندنا .... وقال المحقق في الشرائع 68/4 : ومع عدم الإمام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيت (علیه السلام) الجامع للصفات المشروطة في الفتوى، لقول أبي عبد الله (علیه السلام): فاجعلوه قاضيا . . . الخ ، ولو عدل - والحال هذه - إلى قضاة الجور كان مخطئا».

الطاغوت، وقد أمر الله أن يُكْفَرَ ،به قلت كيف يصنعان؟ قال: انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا فارضوا به حَكَماً، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً ، فإذا حكم بحُكمنا فلم يقبله منه ، فإنّما بحكم الله قد استخفٌ، وعلينا ردَّ، والرادُّ علينا الرادُّ على الله ، وهو على حدّ الشرك بالله (1).

259 - باب اَدَبِ الحُكْم

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل قال : سمعت عليّاً صلوات الله عليه يقول لشُريح : انظر إلى أهل المَعْك والمَطْل (2) ودفع حقوق الناس من أهل المقدرة واليسار، ممّن يدلي بأموال المسلمين إلى الحكام، فخذ للنّاس بحقوقهم منهم، وبع فيها العق-ار وال-دي-ار، فإني سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يقول : مَطْلُ المسلم الموسر ظُلْمٌ للمسلم، ومن لم يكن له عقار ولا دار ولا مال ، فلا سبيل عليه ؛ واعلم أنّه لا يحمل الناس على الحقّ إلّا من ورعهم(3) عن الباطل، ثمّ واس بين المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك ، حتّى لا يطمع قريبك في حَيْفك، ولا ييأس عدوِّك من عدلك، ورُدَّ اليمين على المدَّعي مع بيّنة، فإنَّ ذلك أجلى للعمى، وأثبت في القضاء ؛ واعلم أنَّ المسلمين عدول بعضهم على بعض ، إلّا مجلوداً في حَدّ لم يَتُب منه، أو معروف بشهادة زور، أو ظنين (4)، وإيّاك والتضجّر والتأذّي في مجلس القضاء الّذي أوجب الله فيه الأجر،

ص: 452


1- التهذيب ،6 ، نفس ،الباب ، ح 6 . وكرره صدرح 52 من الباب 92 من نفس الجزء. وهذه الرواية مشهورة عند علمائنا بمقبولة عمر بن حنظلة وقد وقع الخلاف بينهم في صحة سندها و عدمه، فذهب البعض إلى القول بسقوط سندها عن الحجية لعدم ورود توثيق بشأن ابن حنظلة هذا ولكن الأصحاب عملوا بمضمونها ومن هنا سميت بالمقبولة. ولكن بعض علمائنا اختار القول بصحة سندها لأمرين: الأول : إنه قد روى عنه صفوان بن يحيى وهو أحد الثلاثة الذين يحكم بتوثيق من ينقلون عنه - كما قعدوه في علم الرجال - وثانياً : لورود مدحه من قبل الصادق (علیه السلام) . وقد دلت هذه المقبولة على عدد من المرجحات في الرواية ومنها الترجيح بالشهرة، والترجييح بالصفات، وإن الترجيح بالشهرة مؤخر عن الترجيح بالصفات في هذه الرواية. والمقصود بالشهرة الشهرة الروائية المساوقة مع الاستفاضة. وأخيراً فإن المقبولة هذه تضمنت في ذيلها حكما وهو وجوب التوقف في مقام العمل والإرجاء حتى يلقى الإنسان المعصوم (علیه السلام) ليبين له حقيقة الحال وذلك عند فقدان المرجحات المنصوص عليها في الرواية. هذا وقد أسهب علماؤنا (رضي الله عنهم) في تناولهم لهذه الرواية بحيث بحثوها من جوانب متعددة سنداً ودلالة فمن أراد الإطلاع فليرجع إلى مبحث التعادل والترجيح في الأصول العملية.
2- المَعْك والمَطْل : اللّي والتسويف بالدين، وذلك بالعِدة الكاذبة .
3- في التهذيب: إلا من ردعهم ...
4- الظنين: المتهم، أو المعادى لسوء ظنه بالناس ولسوء ظن الناس به، والقليل، والحقير.

ويحسن فيه الذخر لمن قصى بالحقِّ ، واعلم أنَّ الصلح جائز بين المسلمين إلّا صلحاً حرَّم حلالاً أو أحلّ حراماً، واجعل لمن ادَّعى شهوداً غُيّباً، أمداً بينهما، فإن أحضرهم أخذت له بحقّه، وإن لم يُحضرهم أوجبت عليه القضية، فإياك أن تنفذ فيه قضية في قصاص أو حدّ من حدود الله ، أو حقّ من حقوق المسلمين، حتّى تعرض ذلك عليَّ إن شاء الله، ولا تَقْعُدَنَّ في مجلس القضاء حتّى تَطْعَم (1) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): من ابتلي بالقضاء، فلا يقضي وهو غضبان(2).

3 - وبهذا الإسناد قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه : من ابتُلي بالقضاء، فليواس بينهم في الإشارة، وفي النظر، وفي المجلس (3).

4 - وبهذا الإسناد أنَّ رجلاً نزل بأمير المؤمنين (علیه السلام) فمكث عنده أيّاماً ، ثمَّ تقدّم إليه خصومة لم يذكرها لأمير المؤمنين (علیه السلام) ، فقال له : أخَصمُ أنت؟ قال: نعم ، قال : تحوّل عنّا ، إِنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) نهى أن يُضاف الخصم إلّا و معه خَصْمُهُ (4).

5 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله رفعه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) لشُريح : لا تسارَّ أحداً في مجلسك ، وإن غضبت فقم فلا تقضينَّ فأنت(5) غضبان، قال : وقال أبو عبد الله (علیه السلام) : لسان القاضي وراء قلبه فإن كان له قال وإن كان عليه ، أَمْسَكَ(6).

ص: 453


1- التهذيب 6 ، 88 - باب آداب الحكّام ، ح .1 الفقيه ،3، 10 - باب آداب القضاء، ح 10 بتفاوت قليل في الجميع .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 2 . الفقيه 3 ، 10 - باب آداب القضاء ، ح 1 وفيه : فلا يقضين ... ورواه مرسلاً.
3- التهذيب 6 نفس الباب ، ح .3 الفقيه ، نفس الباب، ح 9 بتفاوت ورواه مرسلا عن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم). هذا، وقد ذهب أصحابنا رضوان الله عليهم في المشهور إلى أن التسوية في ذلك وغيره بين المتخاصمين واجبة بينما قال بعضهم بالاستحباب دون الفرض والإيجاب، قال الشهيدان (رحمه الله) : «وتجب على القاضي التسوية بين الخصمين في الكلام معهما والسلام عليهما وردّه إذا سلّما والنظر إليهما وغيرها من أنواع الإكرام كالإذن في الدخول والقيام والمجلس وطلاقة الوجه والإنصات لكلامهما والإنصاف لكل منهما إذا وقع منه ما يقتضيه هذا هو المشهور بین الأصحاب وذهب سلار والعلامة في المختصر إلى أن التسوية بينهما مستحبه عملا بأصالة البراءة واستضعافاً لمستند الوجوب . هذا إذا كانا مسلمين أو كافرين ولو كان أحدهما مسلماً والآخر كافراً كان له أن يرفع المسلم على الكافر في المجلس رفعاً صورياً أو معنوياً كقربه إلى القاضي أو على يمينه... الخ». وقال المحقق (رحمه الله) في الشرائع :80/4: «وإما تجب التسوية مع التساوي في الإسلام أو الكفر، ولو كان أحدهما مسلماً، جاز أن يكون الذمي قائماً والمسلم قاعداً أو أعلى منزلاً».
4- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 4 . الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 3 .
5- في الفقيه والتهذيب : وأنت.
6- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 6 وفيه من وراء قلبه . الفقيه ،3، نفس الباب ، ح 6 بادون الذيل وهو قوله : وقال أبو عبد الله (علیه السلام) .

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال، عن داود بن أبي يزيد، عمّن سمعه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا كان الحاكم يقول لمن عن يمينه ولمن عن يساره: ما ترى؟ ما تقول؟ فعلى ذلك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ألا يَقُوم من مجلسه وَيُجْلِسُهُما مكانه (1).

260 - باب إن القضاء بالبيّنات والأيْمَان

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن سعد(2) بن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان، وبعضكم الْحَنُ بحجّته من بعض، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً، فإنّما قطعت له به قطعة من النّار (3).

2 - عليُّ ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إنَّ نبيّاً من الأنبياء شكا إلى ربّه : كيف أقضي في أمور لم أخبرَ ببيانها؟ قال : فقال له : ردّهم إليَّ ، وأضفهم إلى اسمي يَحْلِفون به .

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبان بن عثمان، عمّن أخبره ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: في كتاب علي صلوات الله عليه ؛ أنَّ نبيّاً من الأنبياء شكا إلى ربّه القضاء، فقال : كيف أقضي بما لم تَرَعَيْني ولم تسمع أذني ؟ فقال : اقض بينهم بالبيّنات، وأضفهم إلى اسمي يحلفون به ، وقال : إنّ دواد (علیه السلام) قال : يا ربّ ، أرني الحقّ كما هو عندك حتّى أقضي عندك حتّى أقضي به ، فقال : إنّك لا تطيق ذلك، فألحّ على ربِّه حتّى فعل، فجاءه رجل يستعدي على رجل فقال: إنَّ هذا أخذ ما لي، فأوحى الله عزَّ وجلَّ إلى داود (علیه السلام) : أنَّ هذا المستعدي، قتل أبا هذا وأخذ ماله، فأمر داود (علیه السلام) بالمستعدي فقُتِل وأخَذَ

ص: 454


1- التهذيب 6 ، 88 - باب آداب الحكّام ، ح 5 الفقيه 3 ، 10 - باب آداب القضاء ، ح 2 . وإنما كانت عليه مثل هذه اللعنات، لأنه بفعله ذاك يثبت أنه ليس أهلاً لهذا المنصب فيكون ظالماً لنفسه ولغيره، أ ولأن القاضي يجب أن يحكم بما يؤدي إليه نظره وفق الموازين الشرعية المتوفرة لديه لا وفق أنظار الآخرين وآرائهم وأهوائهم .
2- في التهذيب عن سعد وهشام بن الحكم. وقد استصوب في مرآة العقول ما في التهذيب.
3- التهذيب 6 ، 89 - باب كيفية الحكم والقضاء ، ح 3 . قوله (علیه السلام) : وبعضكم الحَنُ ... ؛ أي إن بعضكم أعرف بالحجة وأفطن لها من الآخر، وإلا فاللحن - في الأصل - الميل عن جادة الاستقامة .

ماله فدفعه إلى المستعدى عليه ، قال : فعجب الناس، وتحدّثوا، حتّى بلغ داود (علیه السلام) ودخل عليه من ذلك ما كره ، فدعا ربّه أن يرفع ذلك ، ففعل، ثمَّ أوحى الله عزَّ وجلَّ إليه : أن احكُم بينهم بالبيّنات، وأضفهم إلى اسمي يَحْلِفون به (1).

4 - وعنه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : في كتاب عليّ (علیه السلام): أنَّ نبيّاً من الأنبياء شكا إلى ربّه فقال : يا ربّ، كيف أقضي فيما لم أشهد ولم أرَ ؟ قال : فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليه، أن احكم بينهم بكتابي ، وأضِفهم إلى اسمي، فحلِّفُهُم به، وقال: هذا لمن لم تَقُمْ له بيّنة (2).

261 - باب أن البيّنة على المُدّعي واليمين على المُدَّعى عليه

1 - عليُّ بن براهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن جميل وهشام، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) البيِّنةُ على من ادّعى، واليمينُ على من ادُّعِىَ عليه(3).

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن بكير، عن أبي بصير، عن ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: إنَّ الله حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم حَكَم في أموالكم أنّ البيّنة على المدَّعي واليمين علي المدَّعى عليه، وحكم في دمائكم أنّ البيّنة على من ادَّعِي عليه واليمين على من ادعى، لكيلا يبطل دم امرىء مسلم (4).

262 - باب من ادّعى على ميت

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن ياسين

ص: 455


1- التهذيب 6 ، 89 - باب كيفية الحكم والقضاء، ح 2 . وفي القاموس : أضفته إليه : أَلْجَأْته .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 1 .
3- التهذيب ،6 نفس الباب، ح 4. الفقيه ،3، 16 - باب الصلح ، ح 1 بزيادة في آخره.
4- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح.5 الفقيه 4 ، 20 - باب القسامة ، ح 1 وأخرجه عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي بصير عن أبي عبد الله (علیه السلام) .

الضرير قال : حدَّثني عبد الرّحمن بن أبي عبد الله قال : قلت للشيخ (علیه السلام) : (1) خبرني عن الرجل يدَّعي ، قِبَلَ الرجلِ الحقَّ فلا يكون له بيّنة بما له؟ قال : فيمين المدَّعى عليه، فإن حلف فلا حقّ له، وإن لم يحلف فعليه وإن كان المطلوب بالحقّ قد مات، فأقيمت عليه البيّنة فعلى المدَّعي اليمين بالله الّذي لا إله إلّا هو، لقد مات فلان ، وإنَّ حقه لعليه ، فإن حلف، وإلّا فلا حقّ له، لأنّا لا ندري لعلّه قد أوفاه ببيّنة لا نعلم موضعها ، أو بغير بيّنة قبل الموت، فمن ثَمّ صارت عليه اليمين مع البيّنة، فإن ادَّعى بلا بينة، فلا حقّ له، لأنَّ المدعى عليه ليس بحيّ ، ولو كان حيّاً لألزم اليمين، أو الحقّ ، أو يردّ اليمين عليه، فمن ثَمَّ لم يثبت له الحقُّ (2) .

263 - باب من لم تكن له بيّنة فيرد عليه اليمين

1 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیه السلام) في الرجل يدَّعي ولا بيّنة له؟ قال : يستحلفه، فإن ردّ اليمين على صاحب الحقّ فلم يحلف، فلا حقّ له (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن عُبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (علیه السلام): في الرجل يُدَّعى عليه الحقّ ولا بيّنة للمدّعي ؟ قال : يُستحلف، أو يردَّ اليمين على صاحب الحقّ ، فإن لم يفعل، فلا حقّ له (4) .

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عمّن رواه قال: استخراج الحقوق بأربعة وجوه بشهادة رجلين عدلين، فإن لم يكن رجلان عَدْلان فرجل وامرأتان ، فإن لم تكن امرأتان فرجل ويمين المدَّعي، فإن لم يكن شاهد فاليمين على المدَّعى عليه، فإن لم

ص: 456


1- يقصد الإمام موسى بن جعفر (علیه السلام) كما صرح بذلك الشيخ الصدوق في الفقيه .
2- لتهذيب 6 ، 89 - باب كيفية الحكم والقضاء ، ح .6 . الفقيه 3 بتفاوت قليل . 26 - باب الحكم باليمين على المدعي على الميت حقا بعد إقامة البيئة، ح 1 . هذا ويقول المحقق في الشرائع 85/4: «ولا يستحلف المدعي مع البيئة إلا أن تكون الشهادة على ميت فيستحلف على بقاء الحق في ذمته استظهاراً». أقول : وهذا هو المشهور عند أصحابنا رضوان الله عليهم، ويستظهر من كلماتهم عدم الخلاف فيه بينهم .
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 8 .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 7 .

يحلف [و] ردَّ اليمين على المدَّعي، فهو واجب عليه أن يحلف ويأخذ حقّه، فإن أبى أن يحلف، فلا شيء له(1) .

4 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن رجل ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرّجل يدَّعى عليه الحقّ وليس لصاحب الحقّ بيّنة ؟ قال : يُستَحلف المدَّعى عليه، فإن أبى أن يحلف وقال : أنا أردُّ اليمين عليك - لصاحب الحقّ - فإنَّ ذلك واجب على صاحب الحقّ أن يحلف، ويأخذ ماله (2).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: يُرَدّ اليمين على المدَّعي (3).

264 - باب أن من كانت له بيّنة فلا يمين عليه إذا أقامها

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرجل يقيم البيّنة على حقّه، هل عليه أن يُسْتَخلَف؟ قال : لا (4).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ؛ أو (5) غيره، عن أو أبان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا أقام الرجل البيّنة على حقّه، فليس عليه يمين، فإن لم يقم البيّنة فردَّ عليه الّذي ادَّعى عليه اليمين فإن أبى أن يحلف، فلا حقّ له(6).

عليٌّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) مثله

.

ص: 457


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ج 13 .
2- التهذيب 6 ، 89 - باب كيفية الحكم والقضاء، ح 12 .
3- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 11 :وفيه تُرَدُّ.
4- التهذيب ،6 نفس الباب، ح . ورواه بطريقين، الثاني منهما برقم 10 أيضاً. وكرره برقم 15 من نفس الباب بنفس سند الفروع .
5- الترديد من الراوي .
6- التهذيب ،6 نفس الباب ، ح 14 ، الفقيه ،3 ، 25 - باب الحكم بردّ اليمين وبطلان الحق بالنكول، ح 1 بتفاوت ، بنفس الطريق الثاني للفروع هنا ولكن في سنده عن جميل، بدل: عن رجل .. هذا ويقول المحقق في الشرائع :89/4 : «ولا يمين للمنكر مع بينة المدعي لانتفاء التهمة عنها، ومع فقدها، فالمنكر مستند إلى البراءة الأصلية فهو أولى باليمين ... أما المدعي ولا شاهد له فلا يمين عليه إلا مع الرد، أو مع النكول على قول، فإن ردّها المنكر توجهت فيحلف على الجزم ولو نكل سقطت دعواه إجماعاً».

265 - باب إن من رضي باليمين فحُلف له، فلا دعوى له بعد اليمين وإن كانت له بيّنة

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميري، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا رضي صاحب الحقّ بيمين المنكر لحقّه، فاستحلفه فحلف أن لا حقّ له قبله ذهبت اليمين بحقّ المدَّعي ، فلا دعوى له، قلت له : وإن كانت عليه بيّنة عادلة؟ قال : نعم ، وإن أقام بعدما استحلفه بالله خمسين قسامة ما كان له، وكانت اليمين قد أبطلت كلّ ما ادَّعاه قبله ممّا قد استحلفه عليه (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن خضر النخعي، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في الرجل يكون له على الرجل المال فيجحده ؟ قال : إن استحلفه فليس له أن يأخذ شيئاً، وإن تركه ولم يستحلفه، فهو على حقّه(2).

3 - عليٌّ ، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن بعض أصحابه في الرجل يكون له على الرجل المال فيجحده، فيحلف له يمين صبر (3)، ألَهُ عليه شيء؟ قال : ليس له أن يطلب منه، وكذلك إن احتسبه (4) عند الله ، فليس له أن يطلبه منه (5).

266 - باب الرجلين يدَّعيان فيقيم كل واحد منهما البيّنة

1 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن شعيب، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يأتي القوم فيدّعي داراً في أيديهم، ويقيم الّذي في يده

ص: 458


1- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 16 . الفقيه ،3، 24 - باب بطلان حق المدعي بالتحليف وإن كان له بيّنة ، ح 1 . والقَسَامة في اصطلاح الفقهاء : اسم للأيمان .
2- التهذيب 6 ، 89 - باب كيفية الحكم والقضاء ، ح 17 . وكرره برقم 77 من الباب 13 من الجزء 8 من التهذيب . الفقيه 30، 60 - باب الدين والقروض، ح 17 بتفاوت . وقد دل الحديث على حرمة المقاصة بعد إحلاف ،غريمه وإن كان له المقاصّة قبله .
3- يمين صَبر - كما في النهاية - أي ألزم فيها وحبس عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم.
4- أي أبرأ ذمته من حقه المالي قربة إلى الله تعالى .
5- التهذيب 6 ، نفس ،الباب ح 18 . وكرره برقم 78 من الباب 13 من الجزء 8 من التهذيب.

الدار البيّنة أنّه ورثها عن أبيه ، ولا يدري كيف كان أمرُها؟ فقال : أكثرهم بيّنة يُستحلف ويدفع إليه ؛ وذكر أنَّ عليّاً (علیه السلام) أتاه قوم يختصمون في بغلة، فقامت البيّنة لهؤلاء أنّهم انتجوها على مِذْوَدهم(1) ولم يبيعوا ولم يهبوا ، وأقام هؤلاء البيّنة أنّهم انتجوها على مِذْوَدهم لم يبيعوا ولم يهبوا، فقضى بها لأكثرهم بيّنة، واستحلفهم، قال: فسألته حينئذ فقلت : أرأيت إن كان الّذي ادَّعى الدار فقال : إن أبا هذا الّذي هو فيها أخذها بغير ثمن، ولم يقم الّذي هو فيها بيّنة إلّا أنّه ورثها عن أبيه؟ قال : إذا كان أمرها هكذا فهي للّذي ادَّعاها، وأقام البيّنة عليها (2).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن الخشّاب (3)، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ رجلين اختصما إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) في دابّة في أيديهما، وأقام كلّ واحد منهما البيّنة أنّها نَتَجّت عنده، فأحلفهما عليُّ (علیه السلام) ، فحلف أحدهما وأبى الآخر أن يحلف فقضى بها للحالف، فقيل له فلو لم تكن في يد واحد منهما وأقاما البيِّنة؟ قال: أحْلِفُهُما ، فأيّهما حلف ونكل الآخر جعلتها للحالف، فإن حلفا جميعاً جعلتها بينهما نصفين، قيل : فإن كانت في يد أحدهما وأقاما جميعاً البيّنة؟ قال: أقضي بها للحالف الّذي هي في يده (4).

3 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشّاء،عن آبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : كان عليُّ (علیه السلام) إذا أتاه رجلان بشهود، عَدْلُهُم سواء وعددهم، أقرع بينهم علي أيّهم تصير اليمين، قال : وكان يقول: اللّهمّ ربّ السماوات السبع ، أيّهم كان له الحقُّ فأدّهِ إليه، ثمَّ يجعل الحقّ للّذي تصير إليه اليمين إذا حَلَف (5) .

ص: 459


1- المذود - كما في القاموس - مُعْتَلَفُ الدّابة .
2- التهذيب 6 ، 90 - باب البينتين يتقابلان أو . . . ، ح .6 . الاستبصار ،3، 22 - باب البينتين إذا تقابلتا ، ح 6 . وفي 3 الفقيه 3 ، 27 - باب حكم المدعيين في حق يقيم كل واحد منهما . . . ، ح 2 روى الصدوق رحمه الله إلى قوله : وتدفع إليه . وروى برقم 1 من نفس الباب من قوله : وذكر أن عليّاً (علیه السلام) ....، إلى قوله : واستحلفهم. وقال بعد ذكره الحديث : «ولو قال الذي في يده الدار إنها لي وهي ملكي، وأقام على ذلك بينة ، وأقام المدعي على دعواه بيئة، كان الحق أن يحكم بها للمدعي ، لأن الله عز وجل إنما أوجب البيئة على المدعي ولم يوجبها على المدعى عليه، ولكن هذا المدعى عليه ذكر أنه ورثها عن أبيه ولا يدري كيف أمرها، فلهذا أوجب الحكم باستخلاف أكثرهم بينة ودفع الدار إليه ....».
3- واسمه الحسن بن موسى .
4- التهذيب 6 ، 90 - باب البينين يتقابلان أو . ، ح 1 . الاستبصار ،3، 22 - باب البينين إذا تقابلنا، ح 1 .
5- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 2 ، الاستبصار ،3، نفس الباب، ح 2 بتفاوت يسير فيهما في الذيل الفقيه 3 ،38 - باب الحكم بالقرعة ، ح 9 .

4 - عنه ، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في شاهدين شهدا على أمر واحد، وجاء آخران فشهدا على غير الّذي شهدا، واختلفوا؟ قال : يُقرَع بينهم، فأيّهم قرع عليه اليمين فهو أولى بالقضاء(1).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن سماك بن حرب، عن تميم بن طرفة أنَّ رجلين عرفا بعيراً، فأقام كلُّ واحد منهما بيّنة، فجعله أمير المؤمنين (علیه السلام) بينهما (2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) اختصم إليه رجلان في دابّة، وكلاهما أقام البيّنة أنّه انتجها فقضى بها للّذي هي في يده وقال: لو لم تكن في يده، جعلتها بينهما نصفين (3).

267 - باب آخر منه

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة، عن ابي جعفر (علیه السلام) قال : قلت له : رجل شهد له رجلان بأنَّ له عند رجل خمسين درهماً، وجاء آخران فشهدا بأنَّ له عنده مائة درهم كلّهم شهدوا في موقف؟ قال : أقرع بينهم، ثمَّ استحلف الّذين أصابهم القرع بالله أنّهم يحلفون بالحقّ (4).

ص: 460


1- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح ، الاستبصار ، نفس الباب ح ، الفقيه ،، نفس الباب، ح 6 بتفاوت .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 5 الاستبصار ، نفس الباب ، ح 5 . الفقيه 3، 16 - باب الصلح ، ح 10 . وأبو جميلة: هو المفضل بن صالح . هذا، وقد حكم الأصحاب بنفس مضمون هذا الحديث، والظاهر أنه لا خلاف بينهم في ذلك، فيما إذا كانت العين في يدهما معاً، كما لا خلاف بينهم في وجوب قسمتها نصفين إذا كانت في يدهما ولا بينة لأحد منهما على مدعاه، وإنما حكموا بذلك لظاهر اليد ولعمل النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) فيما روي عنه (صلی الله علیه وآله وسلم).
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح4. الاستبصار ،3، نفس الباب ، ح 4 . وإنما يقضي بها للذي في يده لأن اليد إمارة على الملك .
4- التهذيب 6 ، 90 - باب البينين إذا تقابلتا أو . . . ، ح 9. الاستبصار 3 ، 22 - باب البنيتين إذا تقابلتا ، ح 9 . وفي ذيل التهذيب : . . . يشهدون . . . بدل : . . يحلفون . . .، هذا وقد نص أصحابنا رضوان الله عليهم على أن التعارض في الشهادة إنما يتحقق مع تحقق التضاد، وعليه فيحمل مضمون هذا الحديث على عدم إمكان التوفيق بين الشهادتين، لأنهم رضوان الله عليهم حكموا أيضاً بأنه مهما أمكن التوفيق بين الشهادتين صير إليه .

2 - عليُّ ، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن داود بن أبي يزيد العطّار، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل كانت له امرأة، فجاء رجل بشهود أنَّ هذه المرأة امرأة فلان، وجاء آخرون فشهدوا أنّها امرأة فلان فاعتدل الشهود وعُدّاوا ؟ قال : يُقرع بين الشهود، فمن خرج سهمه فهو المحقُّ، وهو أولى بها (1).

268 - باب آخر منه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ وعليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن حمران بن أعين قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن جارية لم تُدرك، بنت سبع سنين مع رجل وامرأة ادّعى الرجل أنّها مملوكة له وادعت المرأة أنّها ابنتها؟ فقال : قد قضى في هذا عليُّ (علیه السلام) ، قلت : وما قضى في هذا عليّ (علیه السلام)؟ قال: كان يقول : الناس كلّهم أحرار إلّا من أقرَّ على نفسه بالرّق وهو مدرك ، ومن أقام بيّنة على من ادَّعى من عبد أو أمة، فإنّه يدفع إليه، يكون له رقاً قلت فما ترى أنت؟ قال : أرى أن أسأل الّذي ادّعى أنّها مملوكة له على ما ادَّعى أحضر شهوداً يشهدون أنّها مملوكة له لا يعلمونه باع ولا وهب، دفعت الجارية إليه حتّى تقيم المرأة من يشهد لها أن الجارية ابنتها حرَّة مثلها، فلتدفع إليها وتخرج من يد الرجل، قلت: فإن لم يقم الرجلُ شهوداً أنّها مملوكة له؟ قال : تخرج من يده، فإن أقامت المرأة البيّنة على أنّها ابنتها دفعت إليها، وإن لم يقم الرجل البيّنة على ما ادَّعاه، ولم تقم المرأة البيّنة على ما ادَّعت، خُلّي سبيل الجارية تذهب حيث شاءت (2).

269 - باب النوادر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنَّ داود (علیه السلام) سأل ربّه أن يُرِيَهُ قضيّة من قضايا الآخرة فأوحى الله عزّ وجلَّ إليه ؛ يا داود، إن الّذي سألتني لم أطلع عليه أحداً من خلقي، ولا ينبغي لأحد أن يقضي به غيري قال : فلم يمنعه ذلك أن عاد فسأل الله أن يريه قضيّة من قضايا الآخرة ، قال : فأتاه جبرئيل (علیه السلام) فقال له : يا داود، لقد سألت ربّك شيئاً لم يسأله قبلك نبيُّ ، يا

ص: 461


1- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 10 . الاستبصار ، نفس الباب، ح 10 .
2- التهذيب 6 ، 90 - باب البينتين يتقابلان أو . ..، ح 11 .

داود، إنَّ الّذي سألت لم يطلع عليه أحداً من خلقه، ولا ينبغي لأحد أن يقضي به غيره، قد أجاب الله دعوتك وأعطاك ما سألت يا ،داود إنّ أوّل خصمين يردان عليك غداً، القضيّة فيهما من قضايا الآخرة، قال: فلمّا أصبح داود (علیه السلام)، جلس في مجلس القضاء، أتاه شيخ متعلّق بشابّ، مع الشابّ عنقود من عنب، فقال له الشيخ : يا نبيَّ الله ، إِنَّ هذا الشابّ دخل بستاني وخرب كَرمي وأكل منه بغير إذني ، وهذا العنقود أخذه بغير إذني ، فقال داود للشابّ : ما تقول؟ فأقر الشابّ أنّه قد فعل ذلك، فأوحى الله عزّ وجلَّ إليه، يا داود إنّي إن كشفت لك عن قضایا الآخرة فقضيت بها بين الشيخ والغلام لم يحتملها قلبك، ولم يرض بها قومك، يا داود، إنّ هذا الشيخ اقتحم على أبي هذا الغلام في بستانه فقتله وغصب ،بستانه، وأخذ منه أربعين ألف درهم فدفنها في جانب بستانه ، فادفع إلى الشابّ سيفاً ومُره أن يضرب عنق الشيخ ، وادفع إليه البستان ومره أن يحفر في موضع كذا وكذا ويأخذ ماله، قال: ففزع من ذلك داود (علیه السلام)، وجمع إليه علماء أصحابه وأخبرهم الخبر، وأمضى القضيّة على ما أوحى الله عزّ وجلّ إليه.

2 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن الحسين بن ابي العلاء، عن إسحاق، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : في الرجل يُبْضِعُهُ الرجلُ ثلاثين درهماً في ثوب، وآخر عشرين درهماً في ثوب، فبعث بالثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه؟ قال : يباع الثوبان، فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن، والآخر خُمْسَي الثمن، قلت: فإنَّ صاحب العشرين قال لصاحب الثلاثين : اختر أيّهما شئت؟ قال : قد أَنْصَفَهُ (1) .

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن العبّاس بن معروف، عن أبي شعيب المحامليّ الرفاعي (2) قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قبل رجلا عن حفر بئر عشر قامات بعشرة دراهم، فحفر قامة ثمَّ عجز عنها ؟ فقال : له جزء من خمسة وخمسين جزءاً من العشرة دراهم (3).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن يزيد، عن أبي

ص: 462


1- التهذيب 6 ، 83 - باب الصلح بين الناس ، ح 13 وكرره برقم 54 من الباب 92 من نفس الجزء أيضا. الفقيه 3، 16 - باب الصلح ، ح 11 .
2- في التهذيب عن أبي شعيب المحاملي عن الرفاعي والمحاربي هو صالح بن خالد وهو مولى علي بن الحكم بن الزبير كوفي ثقة والرفاعي : اسمه محمد بن إبراهيم.
3- التهذيب 6 93 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 1 بتفاوت. وقد كرر الكليني هذا الحديث بنفس نص التهذيب برقم 22 من هذا الباب أيضاً. وفي السند فيه في الموضعين عن أبي شعيب المحاملي الرفاعي . ولذا قال المجلسي في مرآته 292/24 بناء على رواية التهذيب : «فالخبر مجهول، وقال في التحرير: حمل هذه الرواية على موضع ينقسم فيه أجره المثل على هذا الحساب، ولا استبعاد في ذلك» .

المعلّى (1)، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أتي عمر بن الخطّاب بامرأة قد تعلّقت برجل من الأنصار، وكانت تهواه ولم تقدر له على حيلة، فذهبت فأخذت بيضة فأخرجت منها الصفرة وصبّت البياض على ثيابها بين فخذيها، ثمَّ جاءت إلى عمر فقالت : يا أمير المؤمنين، إنَّ هذا الرجل أخذني في موضع كذا وكذا ففضحني ، قال : فهمَّ عمر أن يعاقب الأنصاري، فجعل الأنصاري يحلف - وأمير المؤمنين (علیه السلام) جالس - ويقول (2) : يا أمير المؤمنين تثبت في أمري، فلمّا أكثر الفتى ، قال عمر لأمير المؤمنين (علیه السلام) : يا أبا الحسن ما ترى، فنظر أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى بياض على ثوب المرأة وبين فخذيها، فأتّهمها أن تكون احتالت لذلك فقال : ايتوني بماء حار قد أغلي غلياناً شديداً، ففعلوا، فلمّا أتي بالماء، أمرهم فصبّوا على موضع البياض فاشتوى ذلك البياض ، فأخذه أمير المؤمنين (علیه السلام) فألقاه في فيه، فلمّا عرف طعمه، ألقاه من فيه، ثمَّ أقبل على المرأة حتّى أقرَّت بذلك، ودفع الله عزَّ وجلَّ عن الأنصاريّ عقوبة عمر ) (3).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت : عشرة كانوا جلوساً ووسطهم كيس فيه ألف درهم، فسأل بعضهم بعضاً ؛ ألكم هذا الكيس؟ فقالوا كلّهم : لا ، وقال واحد منهم : هُوَ لِي ، فلمن هو؟ قال : للّذي ادعاه (4).

6 - عليُّ بن محمّد، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر قال : حدَّثني أبو عيسى يوسف بن محمّد قرابةُ لسويد بن سعيد الأمراني(5) قال : حدَّثني سويد بن سعيد، عن عبد الرحمن بن أحمد الفارسيّ، عن محمّد بن إبراهيم بن أبي ليلى، عن الهيثم بن جميل، عن زهير، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عاصم بن حمزة السلولي قال : سمعت غلاماً بالمدينة وهو يقول: يا أحكم الحاكمين، أحكم بيني وبين أمّي ، فقال له عمر بن الخطّاب : يا غلام، لم تدعو على أمّك؟ فقال : يا أمير المؤمنين، إنّها حملتني في بطنها تسعة أشهر، وأرضعتني حولين، فلمّا ترعرعت، وعرفت الخير من الشر، ويميني من شمالي طردتني وانتفت مني وزعمت أنّها لا تعرفني ، فقال عمر: أين تكون الوالدة؟ قال : في سقيفة بني فلان، فقال عمر: عَلَيَّ بأمّ الغلام، قال : فأتوا بها مع أربعة إخوة لها وأربعين قَسامة يشهدون لها أنّها لا تعرف الصبيّ، وأن هذا

ص: 463


1- في التهذيب : عن أبي العلاء...
2- الضمير يرجع إلى الرجل.
3- التهذيب ،6 ، نفس الباب ، ح 55 .
4- التهذيب 6 ، نفس الباب ، ح 17 . يقول المحقق في الشرائع 109/4:« من ادعى ما لا يد لأحد عليه قضي له، ومن بابه أن يكون كيس بين جماعة فيسألون : هل هو لكم ؟ فيقولون: لا ، ويقول واحد منهم هو لي، فإنه يقضى به لمن ادعاه» .
5- في التهذيب: الأهوازي .

الغلام غلام مدَّع ظلوم غَشُوم، يريد أن يفضحها في عشيرتها، وأنَّ هذه جارية من قريش لم تتزوّج قطُّ، وأنّها بخاتم ربّها ، فقال عمر : يا غلام، ما تقول؟ فقال : يا أمير المؤمنين، هذه والله أمّي ، حملتني في بطنها تسعة أشهر ، وأرضعتني حَوْلَين، فلمّا ترعرعت وعرفت الخير من الشرّ ويميني من شمالي طردتني وانتفت منّي وزعمت أنّها لا تعرفني، فقال عمر: يا هذه، ما يقول الغلام؟ فقالت : يا أمير المؤمنين، والذي احتجب بالنور فلا عين تراه، وحقّ محمّد وما ولد، ما أعرفه ولا أدري من أيّ الناس هو وإنّه غلام مدَّع يريد أن يفضحني في عشيرتي، وإنّي جارية من قريش لم أتزوّج قطّ، وإنّي بخاتم ربّي، فقال عمر: ألك شهود؟ فقالت : نعم، هؤلاء، فتقدم الأربعون القسامة فشهدوا عند عمر أنَّ الغلام مدّع يريد أن يفضحها في عشيرتها، وأنَّ هذه جارية من قريش لم تتزوَّج قطّ ، وأنّها بخاتم ربّها (1) ، فقال عمر : خذوا هذا الغلام وانطلقوا به إلى السجن حتّى نسأل عن الشهود، فإن عدلت شهادتهم جلدته حدّ المفتري، فأخذوا الغلام ينطلق به إلى السجن، فتلقاهم أمير المؤمنين (علیه السلام) في بعض الطريق، فنادى الغلام ، يا ابن عمّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، إنّني غلامٌ ،مظلوم، وأعاد عليه الكلام الّذي كلّم به عمر، ثمَّ قال : وهذا عمر قد أمر بي إلى الحبس، فقال عليُّ (علیه السلام) : ردُّوه إلى عمر ، فلمّا ردُّوه ، قال لهم عمر : أمرت به إلى السجن فرددتموه إليَّ ؟ فقالوا : يا أمير المؤمنين، أمرنا عليُّ بن أبي طالب (علیه السلام) أن نرده إليك، وسمعناك وأنت تقول : لا تعصوا لعليّ (علیه السلام) أمراً ، فبيّناهم كذلك، إذ أقبل عليّ (علیه السلام) فقال : عَلَيّ بأم الغلام، فأتوا بها، فقال عليّ (علیه السلام) : يا غلام، ما تقول؟ فأعاد الكلام ، فقال عليُّ (علیه السلام) لعمر: أتأذن لي أن أقضي بينهم ؟ فقال عمر: سبحان الله ، وكيف لا ؟ وقد سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يقول : أعلمكم عليُّ بن أبي طالب، ثمَّ قال للمرأة : يا هذه الكِ شهود؟ قالت : نعم، فتقدَّم الأربعون قسامة فشهدوا بالشهادة الأولى ، فقال عليُّ (علیه السلام) : لأقْضِيَنَّ اليوم بقضيّة بينكما هي مرضاة الربّ من فوق عرشه عَلَّمَنِيها حبيبي رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، ثمَّ قال لها : ألك وليُّ؟ قالت : نعم، هؤلاء إخوتي ، فقال لإخوتها : أمري فيكم وفي أختكم جائز؟ فقالوا : نعم يا ابن عمّ محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم)، أمرك فينا وفي أختنا جائز ، فقال عليُّ (علیه السلام): أشهد الله واشهد من حضر من المسلمين أنّي قد زوَّجت هذا الغلام من هذه الجارية بأربعمائة درهم، والنقد من مالي، يا قنبر، عَلَيّ بالدراهم، فأتاه قنبر بها فصبّها في يد الغلام قال: خذها فصبّها في حجر امرأتك، ولا تأتنا إلّا وبك أثر العرس - يعني الغسل - فقام الغلام فصبَّ الدَّراهم في حجر المرأة، ثمَّ تلبّيها (2)

ص: 464


1- كناية عن كونها بكرا .
2- لبَّب فلان فلاناً - كما في القاموس المحيط - أخذ بتلبيبه ، أي جمع ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة ثم جرّه، يقال : لبَّب خصمه فعتله إلى القاضي .

فقال لها : قومي، فنادت المرأة: النار النار يا ابن عمّ محمّد، تريد أن تزوّجني من ولدي، هذا والله ولدي، زوَّجني إخوتي هجيناً (1) فولدتُ منه هذه الغلام، فلمّا ترعرع وشبّ، أمروني أن أنتفي منه وأطرده، وهذا والله والدي، وفؤادي يتقلّى أسفاً على ولدي، قال: ثمَّ أخذت بيد الغلام وانطلقت ونادى عمر، وأَعُمَراه، لولا عليَّ لَهَلَكَ عمر(2).

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفُضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أتي عمر بامراة تزوَّجها شيخ، فلمّا أن واقعها مات على بطنها، فجاءت بولد، فادَّعى بنوه أنّها فَجَرت، وتشاهدوا عليها، فأمر بها عمر أن تُرجم ، فمرَّ بها عليّ (علیه السلام) فقالت : يا ابن عمّ رسول الله ، إنَّ لي حجّة ، قال هاتي حجّتك، فدفعت إليه كتاباً ،فقرأه، فقال: هذه المرأة تعلمكم بيوم تزوَّجها واقعها وكيف كان جُماعه ،لها ، ردُّوا المرأة، فلمّا أن كان من الغد، دعا بصبيان أتراب(3) ويوم ودعا بالصبيّ معهم، فقال لهم : العبوا ، حتّى إذا ألهاهم اللّعب، قال لهم : اجلسوا، حتّى إذا تمكّنوا ، صاح بهم ، فقام الصبيان وقام الغلام فاتكأ على راحتيه، فدعا به عليّاً (علیه السلام) وورثه من أبيه، وجلد إخوته المفترين حدّاً حدّاً، فقال له عمر: كيف صنعت قال (علیه السلام): عرفت ضعف الشيخ في اتّكاء الغلام على راحَتَيه(4) .

- عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أن رجلاً أقبل على عهد عليّ (علیه السلام) من الجبل حاجاً ومعه غلام له، فأذنب، فضربه مولاه ، فقال : ما أنت مولاي بل أنا ،مولاك ، قال : فما زال ذا يتوعّد ذا، وذا يتوعّد ذا، ويقول: كما أنت حتّى نأتي الكوفة يا عدو الله ، فأذهب بك إلى أمير المؤمنين (علیه السلام)، فلمّا أتيا الكوفة، أتيا أمير المؤمنين (علیه السلام) ، فقال الّذي ضرب الغلام : أصلحك الله ، هذا غلام لي، وإنّه أذنب فضربته فوثب عليَّ ، وقال الآخر : هو والله غلام لي، إنَّ أبي أرسلني معه ليعلّمني، وإنّه وثب عليَّ

ص: 465


1- الهجين - كما يقول الفيروز آبادي - في الناس وفي الخيل: من أبوه عتيق دون أمه. والمقصود هنا بيان خساسة نسبه .
2- التهذيب 6 ، 92 - باب الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 56 بتفاوت .
3- اتراب جمع تِرب، وهو اللّذة، والسن، ومن وُلِدَ معك ، أي كان سنّه على سنّك، وأكثر ما يستعمل في المؤنث، يقال : هذه تِرب فلانة.
4- التهذيب 6 ، 92 - باب من الزيادات في القضايا و . . . ، ح 57 بتفاوت . الفقيه 3 ، 12 - باب الحيل في الأحكام ، ح 10 بتفاوت وأخرجه عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباته قال ..... أقول : والحد الذي أمر به (علیه السلام) هنا لإخوة الغلام هو حد القذف بالزنا .

يدَّعيني ليذهب بمالي ، قال : فأخذ هذا يحلف، وهذا يحلف، وهذا یكذّب هذا، وهذا يكذّب هذا، قال: فقال: انطلقا فتصادقا في ليلتكما هذه ولا تجيئاني إلّا بحقّ، قال: فلمّا أصبح أمير المؤمنين (علیه السلام) قال لقنبر : اثقب في الحائط ثقبين، قال : وكان إذا أصبح عقب حتّى تصير الشمس على رمح يُسَبِّح ، فجاء الرّجلان واجتمع الناس فقالوا : لقد وردت عليه قضيّة ما ورد عليه مثلها لا يخرج منها ، فقال لهما : ما تقولان؟ فحلف هذا أنَّ هذا عبده، وحلف هذا أنَّ هذا عبده، فقال لهما قوما ، فإنّي لست أراكما تَصْدُقان، ثمَّ قال لأحدهما : اَدْخِل رأسك في هذا الثقب، ثمَّ قال للآخر: أدخل رأسك في هذا الثقب، ثمَّ قال: يا قنبر، عليّ بسيف رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، عجّل اضرب رقبة العبد منهما قال: فأخرج الغلام رأسه مبادراً، فقال عليّ (علیه السلام) للغلام : ألستَ تزعم أنك لست بعبد ؟ ومكث الآخر في الثقب - فقال : بلى، ولكنّه ضربني وتعدّى عليّ ، قال : فتوّثق له أمير المؤمنين (علیه السلام) ودفعه إليه(1) .

9 - عليُّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : أتي عمر بن الخطّاب بجارية قد شهدوا عليها أنّها بَغَت (2)، وكان من قصّتها أنّها كانت يتيمة عند رجل، وكان الرَّجل كثير مّا يغيب عن أهله، فشبّت اليتيمة، فتخوّفت المرأة أن يتزوَّجها زوجها، فدعت بنسوة حتّى أمْسَكْنَها ، فأخذت عُذرتها بأصبعها، فلمّا قدم زوجها من غيبته رمت المرأةُ اليتيمة بالفاحشة، وأقامت البيّنة من جاراتها اللائي ساعدتها على ذلك، فرفع ذلك إلى عمر، فلم يدر كيف يقضي فيها ، ثمَّ قال للرجل : أيتِ عليّ بن أبي طالب (علیه السلام) واذهب بنا إليه ، فأتوا عليّاً (علیه السلام) وقضوا عليه القصّة، فقال لامرأة الرجل : ألك بيّنة أو برهان؟ قالت : لي شهود، هؤلاء جاراتي يَشْهَدْنَ عليها بما أقول، فأحضرتهنَّ، فأخرج عليّ بن أبي طالب (علیه السلام) السيف من غمده، فطرح بين يديه، وأمر بكلّ واحدة منهنَّ فأدخلت بيتاً، ثمَّ دعا بامرأة الرجل فأدارها بكلّ وجه فأبت أن تزول عن قولها، فردّها إلى البيت الّذي كانت فيه، ودعا إحدى الشهود وجثى على ركبتيه، ثمَّ قال : تعرفيني أنا عليّ بن أبي طالب، وهذا سيفي، وقد قالت امرأة الرجل ما قالت ورجعت إلى الحقّ، وأعطيتها الأمان، وإن لم تصدّقيني لأملأنَّ السيف منك، فالتفتت إلى عمر فقالت يا أمير المؤمنين الأمان عليّ ، فقال لها أمير المؤمنين :

ص: 466


1- التهذيب ،6 نفس الباب، ح 58 . وروى نفس القصة بتفاوت واختصار في الفقيه 3 ، 12 - باب الحيل في الأحكام ، ح 9 ، وأخرجه مرسلاً عن أبي جعفر (علیه السلام) . قوله (علیه السلام) : فتوثق له ... : يحتمل رجوع الضمير في (له) إلى الغلام فالمعنى أنه أخذ على المولى العهد الا يضربه أو يعتدي عليه بعدها كما يحتمل رجوعه إلى المولى فالمعنى أنه كتب له وثيقة بأن الغلام عبد له وأنه ،مولاه، والله العالم .
2- من البغاء هو الفجور، والمقصود إنهم شهدوا عليها إنها قد زنت .

فاصدقي، فقالت لا والله إلّا أنّها رأت جمالاً وهيئة فخافت فساد زوجها عليها، فسقنها المسكر ، ودعتنا فأمسكناها فافتضّتها بأصبعها ، فقال عليُّ (علیه السلام) : الله أكبر، أنا أوَّل من فرّق بين الشاهدين، إلّا دانيال النبيّ ، فألزم على المرأة حدُّ القاذف، وألزمهنَّ جميعاً العُقْر (1)، وجعل عقرها أربعمائة درهم، وأمر المرأة أن تنفى من الرجل ويطلقها زوجها، وزوجه الجارية، وساق عنه عليّ (علیه السلام) المهر، فقال عمر: يا أبا الحسن، فحدّثنا بحديث دانيال، فقال عليّ (علیه السلام): إنّ دانيال كان يتيماً لا أمّ له ولا أب وإنَّ امرأة من بني إسرائيل عجوزاً كبيرة ضمته فربته، وإنَّ ملكاً من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان وكان لهما صديق، وكان رجلاً صالحاً، وكانت له امرأة بهيّة جميلة، وكان يأتي الملك فيحدّثه، واحتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض أموره، فقال للقاضيّين اختارا رجلا أرسله في بعض أموري فقالا ،فلان فوجهه الملك، فقال الرجل للقاضيّين : أوصيكما بامرأتي خيراً فقالا : نعم، فخرج الرجل، فكان القاضيان يأتيان باب الصديق، فعشقا ،امرأته فراوداها عن نفسها، فأبت فقالا لها : والله لئن لم تفعلي لنشهدن عليك عند الملك بالزنا، ثمَّ لنرجمنّك، فقالت : افعلا ما أحببتما، فأتيا الملك، فأخبراه، وشهدا عنده أنّها بَغَت، فدخل الملكَ من ذلك أمرٌ عظيم، واشتدَّ بها غمّه، وكان بها معجَباً، فقال لهما : إنَّ قولكما مقبول، ولكن ارجموها بعد ثلاثة أيّام، ونادى في البلد الّذي هو فيه، أحضروا قتل فلانة العابدة، فإنّها قد بَغَت، فإنَّ القاضيين قد شهدا عليها بذلك، فأكثر الناس في ذلك، وقال الملك لوزيره : ما عندك في هذا حيلة؟ فقال : ما عندي في ذلك من شيء، فخرج الوزير يوم الثالث - وهو آخر أيّامها - فإذا هو بغلمان عراة يعلبون، وفيهم دانيال، وهو لا يعرفه فقال :دانیال یا معشر ،الصّبيان تعالوا حتّى أكون أنا الملك، وتكون أنت يا فلان العابدة، ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها ، ثمَّ جمع تراباً، وجعل سيفاً من قصب، وقال للصّبيان : خذوا بيد هذا فنحّوه إلى مكان كذا وكذا ، وخذوا بيد هذا فنحّوه إلى مكان كذا وكذا، ثمَّ دعا بأحدهما وقال له : قل حقّاً، فإنّك إن لم تقل حقّاً قتلتك، والوزير قائم ينظر و یسمع، فقال : أشهد أنّها بَغَت، فقال : متى ؟ قال : یوم كذا وكذا، فقال: ردُّوه إلى مكانه، وهاتوا الآخر ، فردُّوه إلى مكانه ، وجاؤوا بالآخر، فقال له : بما تشهد؟ فقال: أشهد أنّها بَغَت، قال : متى ؟ قال : يوم كذا وكذا ، قال : مع من؟ قال : مع فلان بن فلان، قال: وأين؟ قال : بموضع كذا وكذا ، فخالف أحدُهُما صاحبه، فقال دانيال: الله أكبر، شهدا بزور، يا فلان ، ناد في الناس أنّهما شهدا على فلانة بزور فاحضروا قتلهما، فذهب الوزير إلى الملك مبادراً،

ص: 467


1- العفر : - هنا - إزالة البكارة .

فأخبره الخبر ، فبعث الملك إلى القاضيين، فاختلفا كما اختلف الغلامان، فنادى الملك في الناس، وأمر بقتلهما (1).

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال سمعت ابن أبي ليلى يحدّث أصحابه فقال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) بين رجلين اصطحبا في سفر، فلمّا أرادا الغداء، أخرج أحدهما من زاده خمسة أرغفة، وأخرج الآخر ثلاثة أرغفة ، فمر بهما عابر سبيل، فدعواه إلى طعامهما، فأكل الرّجل معهما حتّى لم يبق شيء، فلمّا فرغوا أعطاهما العابر بهما ثمانية دراهم ثواب ما أكله من طعامهما ، فقال صاحب الثلاثة أرغفة لصاحب الخمسة أرغفة : أقسمها نصفين بيني وبينك، وقال: صاحب الخمسة : لا ، بل يأخذ كلُّ واحد منّا من الدّراهم على عدد ما أخرج من الزاد، قال : فأتيا أمير المؤمنين (علیه السلام) في ذلك، فلمّا سمع مقالتهما، قال لهما : اصطلحا، فإن قضيتكما دَنِيَّة، فقالا : إقض بيننا بالحقّ ، قال : فأعطي صاحب الخمسة أرغفة سبعة دراهم، وأعطي صاحب الثلاثة أرغفة درهماً ، وقال : أليس أخرج أحدكما من زاده خمسة أرغفة وأخرج الآخر ثلاثة أرغفة؟ قالا : نعم قال أليس أكل معكما ضيفكما مثل ما أكلتما؟ قالا : نعم، قال: أليس أكل كلّ واحد منكما ثلاثة أرغفة غير ثلثها؟ قالا : نعم، قال: أليس أكلت أنت يا صاحب الثلاثة ثلاثة أرغفة إلّا ثلث وأكلت أنت يا صاحب الخمسة ثلاثة أرغفة غير ثلث وأكل الضيف ثلاثة أرغفة غير ثلث، أليس بقي لك يا صاحب الثلاثة ثلث رغيف من زادك ، وبقي لك يا صاحب الخمسة رغيفان وثلث، وأكلت ثلاثة أرغفة غير ثلث فأعطاهما لكلّ ثلث رغيف درهماً، فأعطى صاحب الرغيفين وثلث سبعة دراهم، وأعطى صاحب ثلث رغيف درهماً (2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل أكل وأصحاب له شاة، فقال: إن أكلتموها فهي لكم، وإن لم تأكلوها فعليكم كذا وكذا، فقضى فيه أنَّ ذلك باطل، لا شيء في المؤاكلة من الطعام ما قلَّ منه وما كثر، ومنع غرامته فيه (3).

12 - الحسين بن محمّد، عن أحمد بن عليّ الكاتب، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي،

ص: 468


1- التهذيب 6 ، 92 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 59 بتفاوت قليل. الفقيه 3 ، 12 - باب الحيل في الأحكام، ح 7 بتفاوت وسند آخر.
2- التهذيب 6 ، 92 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 12 وروى بمعناه وبسند آخر في الفقيه 3، 16 - باب الصلح ، ح 13.
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 10 .

عن عبد الله بن أبي شيبة، عن حريز، عن عطاء بن السائب، عن نراذان قال : استودع رجلان امرأة وديعة، وقالا لها لا تدفعيها إلى واحد منّا حتّى نجتمع عندك، ثمَّ انطلقا، فغابا، فجاء أحدهما إليها فقال : أعطيني وديعتي فإنَّ صاحبي قد مات فأبت، حتّى كثر اختلافه، ثمَّ أعطته، ثمَّ جاء الآخر فقال: هاتي وديعتي فقالت : أخذها صاحبك، وذكر أنّك قد مِتّ، فارتفعا إلى عمر ، فقال لها عمر : ما أراك إلّا وقد ضمنت فقالت المرأة : اجعل عليّاً (ععلیه السلام) بيني و بینه، فقال عمر : اقض بينهما، فقال عليُّ (علیه السلام) : هذه الوديعة عندي، وقد أمرتماها أن لا تدفعها إلى واحد منكما حتّى تجتمعا عندها فَأتِني بصاحبك ، فلم يضمّنها وقال (علیه السلام) : إنّما أَراد أَن يَذْهَبَا بمال المرأة (1).

13 - أبو عليّ الأشعريّ، عن عمران بن موسى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبدالله بن هلال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه عقبة بن خالد قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السلام): لو رأيت غيلان بن جامع ؛ واستأذن عليّ فأذنت له - وقد بلغني أنّه كان يدخل إلى بني هاشم - فلمّا جلس قال : أصلحك الله ، أنا غيلان بن جامع المحاربي قاضي ابن هبيرة، قال: قلت: يا غيلان ما أظنّ ابن هبيرة وضع على قضائه إلّا فقيهاً ، قال : أجل، قلت: يا غيلان، تجمع بين المرء وزوجه؟ قال: نعم، قلت وتفرّق بين المرء وزوجه؟ قال: نعم، قلت : وتقتل؟ قال نعم قلت : وتضرب الحدود؟ قال: نعم، قلت وتحكم في أموال اليتامى؟ قال: نعم، قلت: وبقضاء من تقضي ؟ قال : بقضاء عمر، وبقضاء ابن مسعود، وبقضاء ابن عبّاس، وأقضي من قضاء أمير المؤمنين بالشيء ، قال : قلت يا غيلان ألستم تزعمون يا أهل العراق وتروون أنّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قال : علي أقضاكم، فقال: نعم، قال: قلت: وكيف تقضي من قضاء عليّ (علیه السلام) زعمت بالشيء، ورسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قال : عليُّ أقضاكم ؟ قال : وقلت : كيف تقضي يا غيلان قال اكتب هذا ما قضى به فلان بن فلان الفلان بن فلان يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا ثمَّ أطرحه في الدّواوين قال: قلت: يا غيلان هذا [ا] لحتم من القضاء، فكيف تقول إذا جمع الله الأوَّلين والآخرين في صعيد ثمَّ وجدك قد خالفت قضاء رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وعليّ (علیه السلام)؟! قال: فأقسمُ بالله لجعل ينتحب، قلت: أيّها الرجل، اقصد لسانك ، قال : ثمَّ قدمت الكوفة فمكثت ما شاء الله ، ثمَّ إنّي سمعت رجلا من الحيّ يحدث

ص: 469


1- التهذيب 6 ، 92 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 11 . الفقيه 3 ، 12 - باب الحيل في الأحكام، ح 4 بتفاوت يسير. وقوله (علیه السلام) : عندي، يحتمل أنه يقصد عندي علمها، كما يحتمل أنه يقصد إني ضامن لها بشرط أن تأتي بصاحبك، وقد يكون (علیه السلام) قال ذلك بقصد التورية على الرجل لمصلحة ما .

وكان في سمر (1) بن هبيرة ، قال : والله إنّي لعنده ليلة، إذ جاءه الحاجب فقال : هذا غيلان بن جامع ، فقال : أدخله ، قال : فدخل فساءله، ثمَّ قال له: ما حال الناس، أخبرني لو اضطرب حبل من كان لها (2)؟ قال : ما رأيت ثَمَّ أحداً إلّا جعفر بن محمّد (علیه السلام)، قال: أخبرني، ما صنعت بالمال الّذي كان معك، فإنّه بلغني أنّه طلبه منك فأبيت قال : قسمته، أفلا أعطيته ما طلب منك ؟ قال : كرهت أن أخالفك ، قال : فسألتك بالله ، أمرتك أن تجعله أوَّلهم، قال: نعم، قال: ففعلت؟ قال : لا ، قال : فهلا خالفتني وأعطيته المال كما خالفتني فجعلته آخرهم؟ أما والله لو فعلت ما زلت منها سيّداً ضخماً ، حاجتك (3) ؟ قال : تخلّيني، قال: تكلّم بحاجتك، قال: تعفيني من القضاء، قال فحسر عن ذراعيه ثمَّ قال : أنا أبو خالد، لقيته والله عِلْباً مُلفقاً (4)، نعم، قد أعفيناك، واستعملنا عليه الحجّاج بن عاصم .

14 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أبي عبد الله الجاموراني (5)، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن عبد الله بن وضّاح قال : كانت بيني وبين رجل من اليهود معاملة، فخانتي بألف درهم فقدَّمته إلى الوالي، فأحلفته فحلف، وقد علمتُ أنّه حلف يميناً فاجرة، فوقع له بعد ذلك عندي أرباح ودراهم كثيرة ، فأردت أن أقتصَّ الألف درهم الّتي كانت لي عنده وحلف عليها ، فكتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) وأخبرته أنّي قد أحلفته فحلف، وقد وقع له عندي مال، فإن أمرتني أن آخذ منه الألف درهم الّتي حلف عليها فعلتُ؟ فكتب (علیه السلام) : لا تأخذ شيئاً، إن كان قد ظلمك فلا يظلمه ولولا أنّك رضيتَ بيمينه فحلّفته، لأمرتك أن تأخذها من تحت يدك ، ولكنّك رضيتَ بيمينه فقد مضت اليمين بما فيها، فلم آخذ منه شيئاً، وانتهيت إلى كتاب أبي الحسن (علیه السلام)(6).

ص: 470


1- أي ممن يجلسون معه في مجلس سَمَره .
2- أي لو حصل الهرج والمرج في الناس ووقعت فتنة، من يكون صاحب التصدي لها لحلها؟. أو لو حصلت قضية معقدة.
3- أي قل حاجتك .
4- أي حاذقاً أو جافاً غليظاً . والأول أنسب بالسياق كتوماً . والثاني مستعمل بنحو الكناية، من لفق الثوب: ضم شقه.
5- واسمه محمد بن أحمد الرازي .
6- التهذيب 6 ، 92 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح .9 . وكرره برقم 76 من الباب 13 من الجزء 8 من التهذيب. الاستبصار 3 ، 27 - باب من له على غيره مال فيجحده ثم يقع للجاحد عنده مال هل ... ، ح 9 . قوله : وانتهيت إلى كتاب أبي الحسن (علیه السلام) : أي التزمت وعملت بما أمرني به فيه . أقول : وحاصل ما فضله أصحابنا رضوان الله عليهم في هذا الباب وهو باب التقاصّ بالدين، هو ما ذكره المحقق رضوان الله عليه في الشرائع 4 / 108 - 109 حيث قال: »من كانت دعواه عيناً في يد إنسان فله انتزاعها ولو قهراً ما لم يثر فتنة ولا يقف ذلك على إذن الحاكم . ولو كان الحق ديناً وكان الغريم مقراً باذلاً له، لم يستقل المدعي بانتزاعه من دون الحاكم لأن الغريم مخير في جهات القضاء، فلا يتعين الحق في شيء دون تعيينه أو تعيين الحاكم مع امتناعه. ولو كان المدين جاحداً وللغريم بينة يثبت عند الحاكم، والوصول إليه ممكن، ففي جواز الأخذ تردد أشبهه الجواز، وهو الذي ذكره الشيخ في الخلاف والمبسوط وعليه دل عموم الإذن بالاقتصاص. ولو يكن له بينة أو تعذر الوصول إلى الحاكم ، ووجد الغريم من جنس ماله اقتص مستقلا بالاستيفاء، نعم، لو كان المال وديعة عنده ففي جواز الاقتصاص ،تردد أشبهه الكراهية، ولو كان المال من غير جنس الموجود جاز أخذه بالقيمة العدل».

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن إذا البيّنة إذا أقيمت على الحقِّ، أيحلُّ للقاضي أن يقضي بقول البيّنة إذا لم يعرفهم من غير مسألة ؟ قال : فقال : خمسة أشياء يجب على الناس أن يأخذوا بها ظاهر الحكم الولايات والتناكح والمواريث، والذبايح والشهادات، فإذا كان ظاهره ظاهراً مأموناً جازت شهادته، ولا يُسأل عن باطنه (1).

16 - محمّد بن يحيى، عن عليّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عمرو، عن عليّ بن الحسن، عن حريز، عن أبي عبيدة قال : قلت لأبي جعفر وأبي عبد الله (علیهما السلام): رجل دفع إلى رجل ألف درهم يخلطها بماله ويتّجر بها، فلمّا طلبها منه ، قال ذهب المال، وكان لغيره معه مثلها، ومال كثير لغير واحد؟ فقال له : كيف صنع أولئك ؟ قال : أخذوا أموالهم نفقات ، فقال أبو جعفر وأبو عبد الله (علیه السلام) - جميعاً : یرجع إليه بماله، و يرجع هو على أولئك بما أخذوا (2).

17 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن حمزة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل استأجر أجيراً، فلم يأمن أحدُهما صاحبَه، فوضع الأجر على يد رجل، فهلك ذلك الرجل، ولم يدع وفاء، فاستهلك الأجر؟ فقال: المستأجر ضامن لأجر الأجير حتّى يقضي، إلّا أن يكون الأجير دعاه إلى ذلك فرضي بالرجل، فإن فعل ، فحقّه حيث وضعه ورضي به(3).

ص: 471


1- التهذيب 6، 91 - باب البينات ، ح 186 وكرره برقم 5 من الباب 92 من نفس الجزء الاستبصار 3 ، 9 - باب العدالة المعتبرة في الشهادة ، ح ، الفقيه ،3، 11 - باب ما يجب الأخذ فيه بظاهر الحكم، ح 1 . يقول المحقق في الشرائع 137/4: «حكم الحاكم يتبع للشهادة، فإن كانت محقة نفذ الحكم ظاهراً وباطناً، وإلا نفذ ظاهراً ، وبالجملة، الحكم ينفذ عندنا ظاهراً لا ،باطناً، ولا يستبيح المشهود له ما حكم له إلا مع العلم بصحة الشهادة أو الجهل بحالها».
2- التهذيب 6 ، 92 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 6 . وقال في التحرير : تحمل هذه الرواية على أن العامل مزج مال الأول بغيره بغير إذنه ففرّط، وأما أرباب الأموال الباقية فقد أذنوا في المزج . وقال الوالد العلامة رحمه الله : الظاهر إن مال الدافع كان قرضاً في ذمته، وكانت أموال هؤلاء قراضاً أو بضاعة، والقرض مضمون دونهما، فيرجع عليه ويرجع هو على الجماعة الذين أخذوا منه ظلماً أو تبرعاً من الدافع، فكان هبة يصح الرجوع فيها ، أو كانت أموال هؤلاء مثل ماله ، ويرجع عليهم بالنسبة لأنه صار مفلساً، وهذا أظهر». مرآة المجلسي 304/24 .
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح.، الفقيه 3 ، 58 - باب المعايش والمكاسب و...، ح 93 .

18 - محمّد بن جعفر الكوفيّ، عن محمّد بن إسماعيل، عن جعفر بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن (علیه السلام) : جُعِلْتُ فِداك ، المرأة تموت فيدَّعى أبوها أنّه كان أعارها بعض ما كان عندها من متاع وخدم أتُقبَلُ دعواه بلا بيّنة، أم لا تُقبَلُ دعواه إلّا ببينة؟ فكتب إليه : يجوز بلا بيّنة ، قال : وكتبت إليه : إن ادَّعى زوج المرأة الميتة أو أبو زوجها أو أمّ زوجها في متاعها أو [في] خدمها مثل الّذي ادّعى أبوها من عارية بعض المتاع أو الخدم، أتكون في ذلك بمنزلة الأب في الدَّعوى؟ فكتب (علیه السلام) : لا(1).

19 - محمّد بن يحيى ،رفعه عن حمّاد بن عيسى، عن ابي عبد الله (علیه السلام) أن أمير المؤمنين (علیه السلام) أتي بعبد لذمّي قد أسلم، فقال: اذهبوا فبيعوه من المسلمين، وادفعوا ثمنه إلى صاحبه، ولا تقرُّوه عنده (2).

20 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله، عن أبي جميلة، عن إسماعيل بن أبي أدريس، عن الحسين بن ضمرة بن أبي ضمرة، عن أبيه، عن جدّه قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : أحكام المسلمين على ثلاثة شهادة عادلة، أو يمين قاطعة، أو سُنّة ماضيّة من أئمّة الهدى (3).

21 - محمّد بن يحيى،أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن داود بن فرقد، عن إسماعيل بن جعفر قال : اختصم رجلان إلى داود (علیه السلام) في بقرة، فجاء هذا ببيّنة على أنّها له، وجاء ذا ببيّنة على أنّها له ، قال : فدخل داود (علیه السلام) المحراب فقال : يا ربّ، إنّه قد أعياني أن أحكم بين هذين، فكن أنت الّذي تحكم، فأوحى الله عزّ وجلَّ إليه : اخرُج فخُذ البقرة من الّذي في يده فادفعها إلى الآخر، واضرب عنقه، قال: فضجّت بنو

ص: 472


1- التهذيب 6 62 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 7 . الفقيه ،3، 46 - باب ما يقبل من الدعاوي بغير بيّنة ، ح 5 وأخرجه عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أخيه جعفر بن عيسى قال : كتبت ... الخ . وإنما كان هذا الفرق بين دعوى الأب فتقبل ودعوى أسيره فلا لأن الأب كثيراً ما يعير أولاده المتاع ولأنه في التصرف في أموالهم في اتساع ولأنه أعرف بما نواه فيما أعطاه بخلاف غيره الوافي للفيض المجلد 3 الجزء 9 ص 141 . وقد ذهب بعض فقهاؤنا ومنهم المحقق في الشرائع 4 / 120 إلى اطرّاح هذه الرواية لضعفها وحكموا بعدم الفرق بين دعوى الأب هنا ودعوى غيره في لزوم إقامة البيئة .
2- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 2 وقال المجلسي في المرآة 305/24 : وعليه الفتوى .
3- التهذيب 6 ، نفس الباب، ح 3. «ولعل المراد بالسنة الماضية سائر أحكام القضاء سوى الشاهد واليمين كالقرعة ، وقيل : المراد بها يمين نفي العلم فإنه لا يقطع الدعوي وقيل : الشاهد مع اليمين ، وقيل : الحيل التي كان يستعملها أمير المؤمنين (علیه السلام) في إظهار الواقع والتعميم أولى» مرآة المجلسي 305/24 .

إسرائيل من ذلك وقالوا : جاء هذا ببيّنة وجاء هذا ببيّنة، وكان أحقّهم بإعطائها الّذي هي في يده فأخذها منه وضرب عنقه وأعطاها هذا ؟ قال : فدخل داود المحراب فقال : يا ربّ، قد ضجّت بنو إسرائيل ممّا حكمت به، فأوحى إليه ربِّه ، أنَّ الّذي كانت البقرة في يده لقي أبا الآخر فقتله وأخذ البقرة منه، فإذا جاءك مثل هذا فاحكم بينهم بما ترى، ولا تسألني أن أحكم حتّى الحساب (1).

22 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن معاوية بن حكيم، عن أبي شعيب المحامليّ الرُّفاعي قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قبل رجلاً أن يحفر له بئراً عشر قامات بعشرة دراهم، فحفر له ،قامة ثمَّ عجز ؟ قال : يقسّم عشرة على خمسة وخمسين جزءاً، فما أصاب واحداً فهو للقامة الأولى، والإثنان للثانية والثلاثة للثالثة، على هذا الحساب إلى عشرة (2).

23 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) : في رَجُلَين ادَّعيا ،بغلة، فأقام أحدهما على صاحبه ،شاهدين والآخر خمسة، فقضى لصاحب الشهود الخمسة خمسة أسهم، ولصاحب الشاهدين سهمين(3).

هذا آخر كتاب القضايا والأحكام من كتاب الكافي، ويتلوه كتاب الأيمان والنذور والكفّارات إن شاء الله تعالى .

ص: 473


1- التهذيب 6 ، 92 - باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح 4 . والحديث موقوف .
2- مر هذا الحديث برقم 3 من هذا الباب وإن بتفاوت وخرّجناه هناك فراجع .
3- التهذيب 6 ، 90 - باب البينتين يتقابلان أو . . . ، ح 14 بتفاوت يسير. وكرره برقم 325 (من التسلسل العام ، من الجزء 7 من التهذيب الاستبصار 3 ، 22 - باب البنيتين إذا تقابلتا، ح 13 بتفاوت . وقد حمل بعض الأصحاب هذا الحديث على أنه (علیه السلام) إنما قضى فيه بعلمه الواقعي . أو أنه من باب إيقاع الصلح بينهم لفض الخصومة، ولا بأس للاطلاع على تفصيلات هذه المسائل كلها بمراجعة شرائع الإسلام للمحقق 110/4 وما بعدها .

ص: 474

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الأيمَان والنُّذُور والكَفّارات

270 - باب كراهية اليمين

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيّوب الخزاز قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين، فإنّه عزَّ وجلَّ يقول (1): (ولا تجلعوا الله عُرْضَةً لأيمانكم ) (2).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): مَن أجَلَّ الله أن يَحْلِفَ به، أعطاه الله خيراً ممّا ذهب منه (3).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : اجتمع الحواريّون إلى عيسى (علیه السلام) فقالوا له : يا معلّمَ الخير، أرشِدنا، فقال لهم : إنَّ موسى نبيَّ الله أمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين وأنا أمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين ولا صادقين .

4 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي سلام(4) المتعبّد، أنّه سمع أبا عبد الله (علیه السلام) يقول السدير: يا سدير، من حلف بالله كاذباً ،کفر، ومن حلف بالله صادقاً أثِم، إنَّ الله عزّ وجلَّ يقول: (ولا تجعلوا الله عُرْضَةً لأيمانكم ) (5).

ص: 475


1- البقرة/ 224 .
2- التهذيب ، ، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 25 . الفقيه ،3، 98 - باب الأيمان والنذور و...، ح 9 ورواه بتفاوت .
3- التهذيب ،8 نفس الباب، ح 26 الفقيه ،3، نفس الباب، ح 27 ورواه مرسلاً.
4- في الفقيه : عن سلام بن سهم الشيخ المتعبّد .
5- التهذيب 8، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 27 . الفقيه ،3، 98 - باب الأيمان والنذور و...، ح 39 . قوله تعالى : (ولا تجلعوا الله عُرضة ) : أي لا تجعلوا الله تَعِلَّةٌ وحاجزاً بينكم وبين أن تفوا بما حلفتم عليه من الخير والبرّ.

5 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : حدَّثني أبو جعفر (علیه السلام) أنَّ أباه كانت عنده امرأة من الخوارج أظنّه(1) قال : من بني حنيفة ، فقال له مولى له : يا ابن رسول الله ، إنَّ عندك امرأة تَبَرَّأ من جدّك، فقضى لأبي أنّه طلّقها، فادّعت عليه صداقها، فجاءت به إلى أمير المدينة تستعديه، فقال له أمير المدينة : يا عليّ، إمّا أن تحلف وإمّا أن تعطيها [حقّها]، فقال لي : قم يا بنيَّ فأعطها أربعمائة دينار، فقلت له : يا أبَه، جُعِلْتُ فداك، ألستَ مُحِقّاً؟ قال : بلى يا بنيّ، ولكنّي أجللتُ الله أن أحلف به يمين صبر (2).

6 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا ادَّعى عليك مالاً ولم يكن له عليك، فأراد أن يخلّفك ، فإن بلغ مقدار ثلاثين درهماً فأعطه ولا تحلف وإن كان أكثر من ذلك، فاحلف ولا تعطه (3).

271 - باب اليمين الكاذبة

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن يعقوب الأحمر قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : من حلف على يمين وهو يعلم أنّه كاذبٌ، فقد بارز الله عزَّ وجلَّ.

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : اليمين الصبر الفاجرة، تَدَعُ الديار بلاقِعَ (4).

3 - عليُّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن عثمان بن رزين، عن محمّد بن فرات خال أبي عمّار الصيرفيّ ، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): إيّاكم واليمين ،الفاجرة، فإنّها تدع الديار من أهلها بلاقع.

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان، عن فليح بن أبي بكر الشيبانيّ قال: قال أبو

ص: 476


1- هذا التظنّي من الراوي .
2- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 28 .
3- التهذيب 8 نفس الباب، ح 29 .
4- البلاقع - جمع البلقع - وهي الأرض القفر الخالية. وهو هنا كناية عن محق أهلها وإهلاكهم.

عبد الله (علیه السلام) : اليمين الصبر الكاذبة، تورث العَقِبَ الفقر .

5 - عليُّ، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال - رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : إنَّ الله مَلَكاً رِجْلاه في الأرض السفلى مسيرة خمسمائة عام، ورأسه في السماء العليا مسيرة ألف سنة، يقول : سبحانَك سبحانَك حيث كنت فما أعظمك ، قال : فيوحي الله عزّ وجلَّ إليه : ما يعلم ذلك من يحلف بي كاذباً.

6 - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنَّ يمين الصبر الكاذبة تترك الديار بلاقع .

7 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن حسان، عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن حمّاد، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : اليمين الغَموس ينتظر بها أربعين ليلة .

8 - عنه ، عن محمّد بن عليّ ، عن عليّ بن حمّاد، عن حريز، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : اليمين الغموس الّتي توجب النّار، الرجل يحلف على حقّ امرىء مسلم على حبس ماله.

9 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: إنّ في كتاب عليّ (علیه السلام) أنَّ اليمين الكاذبة وقطيعة الرَّحم ، تذران الدّيار بلاقع من أهلها وتنغل الرّحم - يعني انقطاع النسل - .

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: إنَّ اليمين الفاجرة تنغل في الرَّحم، قال: قلت: جُعِلْتُ فِداك، ما معنى : تنغل في الرَّحم؟ قال: تعقر .

11 - عليُّ ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن ابن أبي حمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن شيخ من أصحابنا يكنّى أبا الحسن، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إنَّ الله تبارك وتعالى خلق ديكا أبيض، عنقه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة له جناح في المشرق وجناح في المغرب لا تصيح الديوك حتّى يصيح ، فإذا صاح خَفَقَ بجناحيه ثمَّ قال: سبحان الله سبحان الله العظيم الّذي ليس كمثله شيء. قال: فيجيبه الله تبارك وتعالى فيقول : لا يحلف بي كاذبا من يعرف ما تقول .

ص: 477

272 - باب آخر منه

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن وهب بن عبد ربّه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: من قال «الله يعلم» ما لم يعلم، اهتزَّ لذلك عرشه إعظاماً له (1).

2 - عنه ، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن أبي جميلة، المفضّل بن صالح، عن أبَان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : إذا قال العبد : «عَلِم الله» وكان كاذباً ، قال الله عزَّ وجلَّ : «أما وَجَدْتَ أحداً تكذب عليه غيري(2) .

3 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن وهب بن حفص، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : من قال: «علم الله»، ما لم يَعلم اهتز العرش إعظاماً له .

273 - باب أنه لا يُحلف إلّا بالله ومن لم يَرْضَ [الله] فليس من الله

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): لا تحلفوا إلّا بالله، و من حلف بالله فليصدق، ومن حُلِفَ له بالله فليَرْضَ، ومن حُلِفَ له بالله فلم يَرْضَ فليس من الله عزّ وجل (3).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: من حلف بالله فليصدّق ومن لم يصدق فليس من الله، و من حُلف له بالله عزّ وجلّ فَلْيَرضَ، ومن لم يَرْضَ فليس من الله عزّ وجلَّ(4) .

274 - باب كراهية اليمين بالبراءة من الله ورسوله صلّى الله عليه وآله

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير رفعه قال : سمع رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)

ص: 478


1- التهذيب 8 13 - باب الأيمان والأقسام، ح 30 و 31 .
2- التهذيب 8 13 - باب الأيمان والأقسام، ح 30 و 31 .
3- التهذيب 6 ، 93 - باب المكاسب ، ح 08 مرسلاً بتفاوت وكرره بنفس سند الفروع هنا وبتعاوت يسير في الذيل، برقم 32 من الباب 13 من الجزء 8من التهذيب. الفقيه ،3، 60 - باب الذين والقروض، ح 24 مرسلا بتفاوت . و 98 - باب الأيمان والنذور و . . . ، ح 10 بتفاوت وأخرجه عن أبي أيوب عن أبي عبد الله (علیه السلام) ....
4- الفقيه 3، 98 - باب الإيمان والنذور و . . . ، ح 10 بتفاوت.

رجلاً يقول: أنا بريءٌ من دين محمّد ، فقال له رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : ويلَكَ، إذا برئت من دين محمّد فعلى دين من تكون؟ قال : فما كلّمه رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) حتّى مات (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة ، عن يونس بن ظبيان قال : قال لي : يا يونس، لا تحلف بالبراءة منّا، فإنّه من حلف بالبراءة منا صادقاً أو كاذباً، فقد بَرِىءٌ منّا (2).

275 - باب وجوه الأيمان

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : الأيمان ثلاثة : يمين ليس فيها كفّارة، ويمين فيها كفّارة، ويمين غَمُوسٌ توجب النار ؛ فاليمين الّتي ليس فيها كفّارة ، الرجل يحلف بالله على باب برّ أن لا يفعله، فكفّارته أن يفعله واليمين الّتي تجب فيها الكفّارة، الرجل يحلف على باب معصية أن لا يفعله فيفعله، فتجب عليه الكفّارة، واليمين الغَموس الّتي توجب النّار، الرجل يحلف على حقّ امریء مسلم على حبس ماله(3).

2 - عليُّ بن إبراهيم قال : الأيمان ثلاثة يمين تجب فيها النّار، ويمين تجب فيها الكفّارة، و ويمين لا تجب فيها النار ولا الكفّارة، فأما اليمين الّتي تجب فيها النّار، فرجل يحلف على مال رجل يجحده ويذهب بماله ويحلف على رجل من المسلمين كاذباً فيورّطه، أو يُعِين عليه عند سلطان وغيره فيناله من ذلك تلف نفسه، أو ذهاب ماله، فهذا تجب فيه النّار، وأمّا اليمين الّتي تجب فيها الكفّارة، فالرجل يحلف على أمر هو طاعة الله أن يفعله، أو يحلف على معصية الله أن لا يفعلها، ثمَّ يفعلها فيندم على ذلك، فتجب فيه الكفّارة، وأمّا اليمين الّتي لا تجب فيها الكفّارة فرجل يحلف على قطيعة رحم، أو يجبره السلطان، أو يكرهه والده أو زوجته، أو يحلف على معصية الله أن يفعلها، ثمَّ يحنث، فلا تجب فيه الكفّارة.

ص: 479


1- التهذيب ،8 نفس ،الباب ح 33 . الفقيه 3، نفس الباب، ح 38 .
2- التهذيب ،8 نفس الباب ح 34 . الفقيه ،3 نفس الباب، ح 45 . قال المحقق في الشرائع 181/3 : «اليمين بالبراءة من الله سبحانه أو من رسوله (صلی الله علیه وآله وسلم) لا تنعقد ولا تجب بها الكفارة، ويأثم ولو كان صادقاً. وقيل: تجب كفارة ظهار، ولم أجد به شاهداً. وفي توقيع العسكري (علیه السلام إلى محمد بن يحيى : يطعم عشرة مساكين ويستغفر الله...».
3- التهذيب 8، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 47 .

276 - باب ما لا يلزم من الأيمان والنذور

1 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال : لا يمين للولد مع والده، ولا للمرأة مع زوجها، ولا للمملوك مع سيّده (1).

2 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : لا يجوز يمين في تحليلِ حرام، ولا تحريمِ حلال، ولا قطيعةِ رحِم (2).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشاميّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يجوز يمين في تحليل حرام، ولا تحريم حلال، ولا قطيعة رحم (3).

4 - أحمد بن محمّد، عن إسماعيل بن سعد الأشعريّ، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال : سألته عن رجل حلف في قطيعة رحم؟ فقال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : لا نَذْرَ في معصية، ولا يمين في قطيعةِ رَحِم ؛ قال وسألته عن رجل أحلفه السلطان بالطلاق وغير ذلك، فحلف؟ قال : لا جناح عليه، وسألته عن رجل يخاف على ماله من السلطان فيحلف لينجو به منه ؟ قال : لا جناح عليه، وسألته هل يحلف الرجل على مال أخيه كما على ماله؟ قال: نعم (4).

5 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عمرو بن البراء قال: سئل أبو عبد الله (علیه السلام) - وأنا أسمع - عن رجل جَعَل عليه المشي إلى بيت الله والهَدْي ، قال : وحلف بكلّ يمين غليظ الا أكلِّم أبي أبداً ، ولا أشهدَ له خيراً ، ولا يأكل معي على الخوان أبدا، ولا يأويني

ص: 480


1- التهذيب ، نفس الباب ، ح 41 .
2- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 38 .
3- التهذيب 8 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 39 و 40 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم انعقاد يمين الزوجة بدون إذن الزوج ولا الولد بدون إذن الوالد ولا المملوك بدون إذن السيد. كما اتفقوا على اشتراط أن يكون متعلق اليمين طاعة واجباً كان أو مندوباً أو مباحاً راجحاً في الدين أو الدنيا، وكذا متعلق النذر فلو كان متعلقهما مكروهاً أو حراماً لم ينعقدا. وفي المتساوي الطرفين من حيث الرجحان وعدمه فقولان عند فقهائنا أشهرهما الصحة. وقد استثنوا من ذلك أن يكون اليمين في فعل واجب أو ترك قبيح، كما نص عليه المحقق في الشرائع . ولو حلف أحد الثلاثة في غير ذلك، كان للأب والزوج والمالك حل اليمين ولا كفارة .
4- التهذيب 8، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 39 و 40 . هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم انعقاد يمين الزوجة بدون إذن الزوج ولا الولد بدون إذن الوالد ولا المملوك بدون إذن السيد. كما اتفقوا على اشتراط أن يكون متعلق اليمين طاعة واجباً كان أو مندوباً أو مباحاً راجحاً في الدين أو الدنيا، وكذا متعلق النذر فلو كان متعلقهما مكروهاً أو حراماً لم ينعقدا. وفي المتساوي الطرفين من حيث الرجحان وعدمه فقولان عند فقهائنا أشهرهما الصحة. وقد استثنوا من ذلك أن يكون اليمين في فعل واجب أو ترك قبيح، كما نص عليه المحقق في الشرائع . ولو حلف أحد الثلاثة في غير ذلك، كان للأب والزوج والمالك حل اليمين ولا كفارة .

وإيّاه سقفُ بيت أبداً؟ قال : ثمَّ سكت، فقال أبو عبد الله (علیه السلام): أَبَقِيَ شيء؟ قال: لا، جُعِلْتُ فداك، قال : كلُّ قطيعة رحم فليس بشيء.

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : لا يمين لولد مع والده، ولا لمملوك مع مولاه، ولا للمرأة مع زوجها ولا نَذْرَ في معصية، ولا يمين في قطيعة رحم(1) .

7 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل جعل عليه أيماناً أن يمشي إلى الكعبة، أو صدقة، أو عتق، أو نذر، أو هدي إن هو كلّم أباه، أو أمّه ، أو أخاه ، أو ذا رحم، أو قطع قرابة ، أو مأثم فيه يقيم عليه، أو أمر لا يصلح له فعله؟ فقال: كتاب الله قبل اليمين، ولا يمين في معصية(2).

8- أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم أن امرأة من آل المختار حلفت على أختها أو ذات قرابة لها فقالت : أدني يا فلانة فكلي معي، فقالت: لا، فحلفت وجعلت عليها المشي إلى بيت الله ، وعتق ما تملك، وألا يُظِلّها وإيَّاها سقف ،بيت ولا تأكل معها على خوان أبداً ، فقالت الأخرى مثل ذلك، فحمل عمر بن حنظلة إلى أبي جعفر (علیه السلام) مقالتهما، فقال: أنا قاض في ذا، قل لها : فلتأكل، وليُضّلها وإيّاها سقف بيت ولا تمشي ولا تعتق ولتتق الله ربّها ولا تعد إلى ذلك، فإنَّ هذا من خطوات الشيطان (3).

9 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون ، عن معمر بن عمر قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يقول : عَلَى نَذْرُ، ولم يُسمَّ شيئاً؟ قال : ليس بشيء.

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل جعل الله عليه نذراً ولم يسمّه ؟ قال : إن سمّى فهو الّذي سمّى ، وإن لم يُسَمّ، فليس عليه شيء (4).

ص: 481


1- التهذيب ، نفس الباب، ح 42 . الفقيه ،3، 98 - باب الأيمان والنذور و ... ، ذيل ح 1 .
2- التهذيب 8 ، 14 - باب النذور ، ح 31 بتفاوت في الذيل وزيادة في آخره وكذلك هو في الاستبصار 4 ، 28 - باب أنه لا نذر في معصية، ح 1 هذا وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنه يشترط في متعلق النذر أن يكون طاعة، فلو نذر معصية لم ينعقد وكان لغوا، ولا تجب به كفارة فراجع شرائع الإسلام للمحقق 193/3 .
3- الفقيه 3، 98 - باب الايمان والنذور و . . . ، ح 2 بتفاوت ونقيصة .
4- الفقيه 3 نفس الباب ، ح 18 بتفاوت وزيادة في آخره . وإنما تجب الكفارة عند الحنت، وقد دل الحديث على أن للنذر صيغة محدّدة لو نطق بغيرها فلا ينعقد نذره، قال المحقق في الشرائع 3/ 185 - 186 : «وأما الصيغة فهي : إما بر أو زجر أو تبرع : فالبر : قد يكون شكراً للنعمة كقوله : إن أعطيت مالاً أو ولداً ... فللّه علي كذا : وقد يكون دفعاً لبلية كقوله : إن برىء المريض أو تخطاني المكروه فلله عليّ كذا والزجر أن يقول : إن فعلت كذا فللّه عليّ كذا، أو إن لم أفعل كذا فلله على كذا. والتبرع أن يقول : لله عليَّ كذا ... ويشترط مع الصيغة نية القربة فلو قصد منع نفسه بالنذر لا لله لم ينعقد» .

11 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (علیه السلام) عن رجل قال : لله عَلَيَ المشي إلى الكعبة إن اشتريت لأهلي شيئاً بنسيئة؟ فقال : أيشقُّ ذلك عليهم؟ قال : نعم ، يشقُّ عليهم أن لا يأخذ لهم شيئاً بنسيئة، قال: فليأخذ لهم بنسيئة، وليس عليه شيء.

12 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال : في رجل حلف بيمين أن لا يُكلّم ذا قرابة له؟ قال : ليس بشيء، فليكلّم الّذي حلف عليه وقال : كلُّ يمين لا يُراد بها وجه الله عزّ وجلَّ فليس بشيء في طلاق أو عتق ، قال : وسألته عن امرأة جعلت ما لها هدياً لبيت الله إن أعارت متاعها لفلانة وفلانة فأعار بعض أهلها بغير أمرها ؟ قال : ليس عليها هَدي، إنّما الهَدْيُ ما جُعل الله هدياً للكعبة، فذلك الّذي یوفى به إذا جعل الله ، وما كان من أشباه هذا فليس بشيء، ولا هدي لا يذكر فيه الله عزَّ وجلَّ، وسئل عن الرجل يقول : عليَّ ألف بدنة وهو مُحْرم بألف حِجّة؟ قال : ذلك من خطوات الشيطان، وعن الرجل يقول وهو مُحرم بحجّة ؟ قال : ليس بشيء، أو يقول : أنا أهدي هذا الطعام؟ قال : ليس بشيء، إنَّ الطعام لا يهدى ، أو يقول : الجزور بعدما نُحرت ، هو يهدي بها لبيت الله ؟ قال : إنّما تهدى البدن وهنَّ أحياء ، وليس تهدى حين صارت لحماً (1).

13 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كلُّ يمين لا يُراد بها وجه الله تعالى في طلاق أو عتق فليس بشيء (2).

14 - أحمد بن محمّد عن ابن فضّال عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام)

ص: 482


1- التهذيب ،8 ، 14 - باب النذور، ح37 الاستبصار 4 ، 28 - باب أنه لا نذر في معصية، ح 3 وروى صدر الحديث. وروى أجزاءاً منه في الفقيه 3 98 - باب الأيمان والنذور و. . . ، ح 22 و 23 . قوله (علیه السلام): كل يمين لا يراد بها وجه الله : ظاهر في اشتراط قصد القربة في اليمين وهو خلاف المشهور بين أصحابنا، ويمكن حمله على اشتراط أن يكون الحلف بالله سبحانه دون غيره كما تقدم .
2- التهذيب 8 ، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 54 بتفاوت في الذيل الفقيه 3، نفس الباب، ح 19 الاستبصار ،4 ، نفس ،الباب ذيل ح .. انظر التعليقة السابقة.

قال : قلت له : الرجل يحلف بالأيمان المُغَلّظة أن لا يشتري لأهله شيئاً؟ قال : فليشتر لهم ، وليس عليه شيء في يمينه (1) .

15 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح قال : والله لقد قال لي جعفر بن محمّد (علیه السلام) : إنّ الله علّم نبيّه التنزيل والتأويل، فعلّمه رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) عليّا (علیه السلام) ، قال : وعَلّمنا والله ، ثمَّ قال : ما صنعتم من شيء، أو حلفتم عليه من يمين في تقيّة، فأنتم منه في سَعَة (2).

16 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) : لا يمين في غَضَب، ولا في قطيعة رحم، ولا في جَبر، ولا في إكراه، قال : قلت : أصلحك الله ، فما فَرْقٌ بين الإكراه والجبر؟ قال : الجبر من السلطان، ويكون الإكراه من الزوجة والأمّ والأب، وليس ذلك بشي (3).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عليّ ؛ عن موسى بن سعدان؛ عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال : لا يمين في غَضَب، ولا في قطيعة رحم، ولا في إجبار، ولا في إكراه قلت أصلحك الله، فما الفَرق بين الإكراه والإجبار؟ قال: الإجبار من السلطان، ويكون الإكراه من الزوجة والأمّ والأب، وليس ذلك بشيء (4).

18 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي خَلَف قال : قلت لأبي الحسن موسى (علیه السلام) : إنّي كنت اشتريت جارية سرًّا من امرأتي، وأنّه بلغها ذلك فخرجت من منزلي وأبت أن ترجع إلى منزلي فأتيتها في منزل أهلها، فقلت لها: إن الذي بَلَغَكِ باطلٌ، وإنَّ الّذي أتاك بهذا عدوُّ لك أراد أن يستفزَّك، فقالت: لا والله لا يكون بيني وبينك خير أبداً حتى تحلف لي بعتق كلّ جارية لك، وبصدقة مالك إن كنتَ اشتريت جارية وهي في ملكك اليوم، فحلفت لها بذلك، وأعادت اليمين وقالت لي : فقل : كلُّ جارية لي الساعةَ فهي حرَّة ، فقلت لها : كلُّ جارية لي الساعة فهي حرّة ، وقد اعتزلت جاريتي وهممت أن

ص: 483


1- التهذيب ،8 نفس الباب ح 43 و 44 وكرر الأول برقم 53 من نفس الباب .
2- التهذيب ،8 نفس الباب ح 43 و 44 وكرر الأول برقم 53 من نفس الباب .
3- التهذيب 8 نفس الباب ، ح 45 . الفقيه 3، نفس الباب، ح 40. والغضب الذي يمنع من انعقاد اليمين هو الغضب السالب للإرادة والملازم مع عدم القصد. ويمين الغضبان بالقيد المذكور وكذا يمين المكره باطل عندنا إجماعاً .
4- هذا هو نفس الذي قبله سنداً ومتناً، وهو من اشتباه النسّاخ قطعاً.

اعتقها وأتزوّجها لهوايَ فيها ؟ فقال : ليس عليك فيما أحلَفتكَ عليه شيء، واعلم أنّه لا يجوز عتق ولا صدقة إلّا ما أريد به وجهُ الله وثوابُهُ (1).

277 - باب في اللَّغو

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سمعته يقول في قول الله عزَّ وجلَّ : (لا يُؤَاخِذُكُم الله باللَّغو في أيمانكم (2)) ؟ قال : اللَّغو؛ قول الرَّجل : «لا والله» و «بلى والله »، ولا يعقد على شيء(3).

278 - باب من حلف على يمين فرأى خيراً منها

1 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبَان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: إذا حلف الرجل على شيء، والّذي حلف عليه إتيانُهُ خيرٌ من تَركه، فلياتِ الّذي هو خير، ولا كفّارة عليه ، وإنما ذلك من خُطُوات الشيطان (4) .

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عمّن رواه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : من حلف على يمين فرأى غيرَها خيراً منها، فأتى ذلك، فهو كفّارة يمينه ، وله حَسَنَة (5).

3 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يحلف على اليمين فيرى أن تَرْكَها أفْضَل، وإن لم يتركها خشي أن يأثَم، ايَترُكُها؟ فقال: أما سمعت قول رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : إذا رأيت خيراً من يمينك فَدَعها (6).

ص: 484


1- التهذيب 8، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 46 بتفاوت يسير.
2- البقرة/ 225 .
3- التهذيب ،8 ، نفس الباب ، ح 15 . الفقيه ،3، 98 - باب الأيمان والنذور و. ، ح 7 وأخرجه بتفاوت عن أبي بصير عن أبي عبد الله (علیه السلام).
4- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 35.
5- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 36 . الفقيه ،3، نفس الباب، ح 3 بتفاوت ورواه مرسلاً.
6- التهذيب ،8، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 37 .

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : من حلف على يمين فرأى ما هو خيرٌ منها، فليأتِ الّذي هو خير، وله

حسنة(1) .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يحلف على اليمين فيرى أن تركها ،أفضل وإن لم يتركها خشي أن يأثم ، أيتركها ؟ فقال : أما سمعت قول رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : إذا رأيت خيراً من يمينك فَدَعْها (2).

279 - باب النيّة في اليمين

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مَسْعَدَة بن صَدَقَة قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : - وسئل عمّا يجوز وعمّا لا يجوز من النيّة على الإضمار في اليمين ؟ فقال : قد يجوز في موضع ولا يجوز في آخر، فأمّا ما يجوز، فإذا كان مظلوماً، فما حلف به ونوى اليمين فعلى نيّته، وأما إذا كان ظالماً، فاليمين على نيّة المظلوم (3).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إسماعيل بن سعد الأشعريّ، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال : سألته عن رجل حَلَف وضميرُهُ على غير ما حلف؟ قال: اليمين على الضمير (4).

3 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى قال : سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن الرجل يحلف وضميره على غير ما حلف عليه ؟ قال : اليمين على الضمير (5).

ص: 485


1- الفقيه 3 98 - باب الأيمان والنذور و. ... ، ح 3 ورواه مرسلا بتفاوت.
2- مر برقم 3 من هذا الباب .
3- التهذيب ،8 نفس الباب، ح 17 .
4- التهذيب ، نفس الباب، ح 16 وأخرجه عنه عن علي عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن (علیه السلام). الفقيه 3 نفس الباب ، ح 30.
5- راجع التخريج السابق . يقول المحقق في الشرائع 170/3 : «ولا ينعقد اليمين إلا بالنية، ولو حلف من غير نية لم تنعقد سواء كان بصريح أو كناية، وهي يمين اللغو».

280 - باب انه لا يَحْلِفُ الرجل إلّا على عِلْمِه

1 - محمّد بن يحيى بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يحلف الرجل إلّا على عِلْمِه (1).

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن خالد بن أيمن الحنّاط، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لا يُسْتَحْلَف الرّجل إلّا على عِلْمِه (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لا يحلف الرجل إلّا على علمه .

4 - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن بعض أصحابه، ، أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يُستحلف الرجل إلّا على علمه ، ولا يقع اليمين إلّا على العلم، استخلف أو لم يُسْتَحلف (3).

281 - باب اليمين التي تلزم صاحبها الكفّارة

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : كلّ يمين حَلَفْتَ عليها لك فيها منفعة في أمر دين أو دنيا، فلا شيء عليك فيها، وإنّما تقع عليك الكفّارة فيما حلفت عليه فيما الله معصية أن لا تفعله، ثمَّ تفعله .

2 - عنه عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : ليس كلّ يمين فيها كفّارة أمّا ما كان منها ممّا أوجب الله عليك أن تفعله فحلفت أن لا تفعله ففعلت فليس عليك فيها الكفّارة ، وأمّا ما لم يكن ممّا أوجب الله عليك أن تفعله، فحلفت أن لا تفعله ففعلته، فإنَّ عليك فيه الكفّارة (4).

ص: 486


1- التهذيب 8، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 12 .
2- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 13 . وفي سنده : عن حكم بن أيمن الحنّاط...، وفي ذيله : لا يحلف . . . ، بدل :لا يستحلف . .
3- التهذيب ،8 نفس الباب ح 14 ،بتفاوت وأخرجه عنه عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (علیه السلام) ....
4- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح .68 . الاستبصار 4، 24 - باب الأقسام والأيمان وما تجب فيها الكفارة وما . . . . ح5 .

3 - عنه ، عن سعد بن سعد، عن محمّد بن القاسم بن الفضيل، عن حمزة بن حمران، عن داود بن فرقد، عن حمران قال : قلت لأبي جعفر وأبي عبد الله (علیه السلام) : اليمين الّتي تلزمني فيها الكفّارة؟ فقالا : ما حلفت عليه ممّا لله فيه طاعة أن تفعله فلم تفعله، فعليك فيه الكفّارة، وما حلفت عليه ممّا الله فيه المعصية، فكفّارته تركه، وما لم يكن فيه معصية ولا طاعة فليس هو بشيء (1).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن زرارة، عن أحدهما (علیهما السلام) قال: سألته عمّا يُكَفِّر من الأيمان؟ فقال: ما كان عليك أن تفعله، فحلفت أن لا تفعله ففعلته فليس عليك شيء إذا فعلته وما لم يكن عليك واجباً أن تفعله فحلفت أن لا تفعله، ثمَّ فعلته، فعليك الكفّارة (2).

5 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن ابن مسكان عن حمزة بن حمران، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام): أيُّ شيء الّذي فيه الكفّارة من الأيمان؟ فقال: ما حلفت عليه ممّا فيه البرّ، فعليه الكفّارة إذا لم تف به، وما حلفت عليه ممّا فيه المعصية، فليس عليك فيه الكفّارة إذا رجعت عنه، وما كان سوى ذلك ممّا ليس فيه برّ ولا معصية، فليس بشيء (3).

6 - الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن الرجل يُقسم على الرجل في الطعام ليأكل، فلم يَطْعَم هل عليه في ذلك الكفّارة، وما اليمين الّتي تجب فيها الكفّارة؟ فقال : الكفّارة في الّذي يحلف على المتاع أن لا يبيعه ولا يشتريه، ثمَّ يبدو له فيه، فيكفّر عن يمينه وإن حلف على شيء والّذي عليه إتيانه خير من تركه ، فليأت الّذي هو خیر ولا كفّارة عليه، إنّما ذلك من خطوات الشيطان (4).

ص: 487


1- التهذيب ،8 ، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 69 . الاستبصار 4 ، 24 - باب أقسام الأيمان وما تجب فيه الكفارة وما . . . ، ح 2 . وظاهر الحديث عدم انعقاد اليمين على ما تساوى طرفاه وهو المباح ، وهذا خلاف ما نص عليه أصحابنا، يقول المحقق في الشرائع 172/3 : «وإنما تنعقد على المستقبل بشرط أن يكون واجباً أو مندوباً، أو ترك قبيح، أو ترك مكروه، أو على مباح يتساوى فعله ،وتركه أو يكون البر أرجح ولو خالف أثم ولزمته الكفارة» ومن هنا حمل البعض هذا الحديث على ما لو كان المباح مرجوحاً ديناً أو دنياً .
2- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 66. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 4 . وفيهما عن أبي جعفر (علیه السلام). وسوف يكرر المصنف هذا الحديث برقم 9 من الباب عن أبي جعفر (علیه السلام).
3- التهذيب ،8 نفس الباب ح 70 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 3 .
4- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 71 الاستبصار 4 ، 23 - باب الرجل يقسم على غيره أن يفعل فعلا فلا...، ح3 .

7 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن القاسم بن بريد، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الأيمان والنذور واليمين الّتي هي الله طاعة؟ فقال: ما جعل الله في طاعة فليقضه، فإن جعل الله شيئاً من ذلك ثمَّ لم يفعله فليكفّر يمينه وأمّا ما كانت يمين في معصية، فليس بشيء.

8 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، جميعاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ثعلبة، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : كلُّ يمين حلف عليها أن لا يفعلها ممّا له فيه منفعة في الدنيا والآخرة، فلا كفّارة عليه وإنّما الكفّارة في أن يحلف الرجل ؛ والله لا أزني، والله لا أشربُ الخمر، والله لا أسرق، والله لا أخون، وأشباه هذا ، ولا أعصي ، ثمَّ فعل، فعليه الكفّارة فيه(1) .

9 - أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عمّا يُكَفِّر من الأيمان؟ فقال: ما كان عليك أن تفعله فحلفت أن لا تفعله ثمَّ فعلته، فليس عليك شيء، وما لم يكن عليك واجباً أن تفعله ؛ فحلفت أن لا تفعله، ثمَّ فعلته، فعليك الكفّارة (2).

10- أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ثعلبة ، وحدَّثنا [ع] من ذكره ، عن ميسرة قال : فال أبو عبد الله (علیه السلام) : اليمين الّتي تجب فيها الكفّارة، ما كان عليك أن تفعله فحلفت أن لا تفعله ففعلته، فليس عليك شيء، لأنَّ فعلك طاعة الله عزَّ وجلَّ، وما كان عليك أن لا تفعله فحلفت أن لا تفعله ففعلته، فعليك الكفّارة.

282 - باب الاستثناء في اليمين

الاستثناء في اليمين(3).

1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي جميلة، المفضّل بن صالح ، عن محمّد الحلبيّ ؛ وزرارة ؛ ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر؛ وأبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله عزّ وجلَّ : (واذكر ربِّك إذا نَسِيتَ(4))؟ قال : إذا حلف الرجل فنسي

ص: 488


1- التهذيب 8، 13 - باب الايمان والأقسام ، ح 67 . الاستبصار 4 ، 24 - باب أقسام الأيمان وما تجب فيها الكفارة وما . . . ، ح .. وليس فيهما : والله لا أسرق .
2- مر برقم 4 من الباب .
3- معنى الاستثناء في روايات هذا الباب هو أن يقول : إن شاء الله، أو إلا إن يشاء الله .
4- الكهف/ 24 .

إن يستثني ، فليستين إذا ذَكَرَ (1).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ؛ وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي جعفر الأحوَل، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (علیه السلام) في قول الله عزّ وجل : (ولقد عَهِدْنا إلى آدم من قبلُ فَنَسي ولم نجد له عَزْماً ) (2)؟ قال: فقال : إنَّ الله عزَّ وجلَّ إِنَّ لمّا قال لآدم ادخل الجنّة . قال له يا آدم لا تقرب هذه الشجرة؟ قال : وأراه إيّاها، فقال آدم لربّه : كيف أَقْرَبُها وقد نهيتني عنها أنا وزوجتي قال فقال لهما : لا تقرباها ، يعني لا تأكلا منها، فقال آدم وزوجته : نعم يا ربّنا لا نقربها ولا نأكل منها، ولم يستثنيا في قولهما: نعم، فَوَكَلَهُما الله في ذلك إلى أنفسهما وإلى ذُكْرِهما ، قال : وقد قال الله عزَّ وجلَّ لنبيّه (صلی الله علیه وآله وسلم) في الكتاب : (ولا تقولَنَّ لشيء إنّي فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله (3) ) أن لا أفعله فتسبق مشيئة الله في أن لا أفعله فلا أقدر على أن أفعله قال : فلذلك قال الله عزَّ وجلَّ: (واذكر ربّك إذا نسيتَ)، أي استثن مشيئة الله في فعلك .

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد ؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عزّ وجلَّ: (واذكر ربّك إذا نسيتَ) ؟ قال : ذلك في اليمين إذا قلتَ: والله لا أفعل كذا وكذا، فإذا ذكرت أنّك لم تستثن فقل : إن شاء الله (4).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى، عن حسين القلانسي، أو (5) بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: للعبد أن يستثني في اليمين فيما بينه وبين أربعين يوماً إذا نَسِيَ (6).

ص: 489


1- التهذيب ،8 نفس الباب، ح 19 .
2- طه / 115.
3- الكهف / 24 .
4- التهذيب ،8، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 18 .
5- الترديد من الراوي .
6- التهذيب ،8 نفس الباب، ح 20 . الفقيه 3، 98 - باب الأيمان والنذور و ...، صدر ح 12 وأخرجه عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (علیه السلام) . قال المحقق في الشرائع 170/3 : والاستثناء بالمشيئة يوقف اليمين عن الانعقاد إذا اتصل باليمين أو انفصل بما جرت العادة إن الحالف لم يستوف غرضه ولو تراخى عن ذلك من غير عذر حكم باليمين ولغي الاستثناء، وفيه رواية مهجورة ويشترط في الاستثناء النطق ولا تكفي النية، وأما العلامة الحلي فقد قصر منع الانعقاد عند التعليق على المشيئة على ما لم يعلم مشيئة الله فيه كالمباح دون الواجب والندب وترك الحرام والمكروه. وقد ناقش الشهيد الثاني في ذلك بإطلاق النص، وتوجيه العلامة لما ذهب إليه وإن كان حسناً إلا أنه غير مسموع في مقابلة النصّ .

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام): من استثنى في يمين فلا حَنْتَ ولا كفّارة (1).

6 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : الاستثناء في اليمين متى ما ذكر وإن كان بعد أربعين صباحاً، ثمَّ تلا هذه الآية : (واذكر ربّك إذا نسيت ).

7 - عليُّ، عن أبيه بإسناده، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال

رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): من حلف سرًّا فَلْيَسْتَثنِ سرا، ومن حلف علانية فليستَثن علانيةً (2).

8 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن أسباط، عن الحسين بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عزَّ وجل : (واذكر ربّك إذا نسيتَ) ؟ فقال : إذا حلفتَ على يمين ونسيت أن تستثني، فاستثن إذا ذكرتَ .

283 - باب أنه لا يجوز أن يحلف الإنسان إلا بالله عَزَّ وَجَلَّ

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر (علیه السلام): قول الله عزَّ وجلَّ : (والليل إذا يَغْشَى(3))، (والنجم إذا هوى (4)) وما أشبه ذلك؟ فقال : إن الله عزّ وجلّ أن يقسم من خلقه بما شاء، وليس لخلقه أن يُقسِموا إلّا به (5) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لا أرى أن يحلف الرجل إلّا بالله فأمّا قول الرجل : «لا بل شانئك»، فإنّه من قول أهل الجاهليّة، ولو حلف الرجل بهذا وأشباهه لترك الحلف بالله، فأمّا قول الرجل: «يا

ص: 490


1- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 23 . وفي ذيله : فلا حنث عليه و ... الخ . يقول المحقق في الشرائع 170/3 : «والاستثناء بالمشيئة يوقف اليمين عن الانعقاد إذا اتصل باليمين أو انفصل بما جرت العادة إن الحالف لم يستوف ،غرضه، ولو تراخى عن ذلك من غير عذر حُكم باليمين ولغي الاستثناء، وفيه رواية مهجورة» .
2- التهذيب ،8 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 24 . الفقيه 3، 98 - باب الأيمان والنذور و...، ح 29 ورواه مرسلا عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم).
3- الليل / 1 .
4- النجم / 1 .
5- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 1 . الفقيه 3 ، نفس الباب ، ح 51 .

هياه وياهناه»، فإنّما ذلك لطلب الاسم، ولا أرى به بأساً ، وأما قوله : «لَعَمْرُ الله»، وقوله: «لا هاه»، فإنّما ذلك بالله عزّ وجلَّ» (1).

3 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) : قال : لا أرى للرجل أن يحلف إلّا بالله ؛ وقال : قول الرجل حين يقول: «لا بل شانئك»، فإنما هو من قول الجاهليّة، ولو حلف الناس بهذا وشبهه تُرِك أَن يُحْلَف بالله (2).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مَسْعَدَة بن صَدَقة قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام) في قول الله عزّ وجلّ : (فلا أقسِمُ بمواقع النجوم (3)) ؟ قال : كان أهل الجاهليّة يحلفون بها ، فقال الله عزّ وجلَّ : (فلا أقسم بمواقع النجوم) ، قال : عظّم أمر من يحلف بها، قال : وكانت الجاهليّة يعظمّون المُحَرِّم ولا يقسمون به ، ولا بشهر رجب، ولا يَعْرِضُونَ فيهما لمن كان فيهما ذاهباً أو جائياً ، وإن كان قد قتل أباه، ولا لشيء يخرج من الحرم دابّة أو شاة أو بعيراً أو غير ذلك، فقال الله عزّ وجلَّ لنبيّه (صلی الله علیه وآله وسلم) : (لا أقسم بهذا البلد * وأنت حِلَّ بهذا البلد (4))، قال : فبلغ من جهلهم أنّهم استحلّوا قتل النبيّ (علیه السلام)، وعظّموا أيّام الشهر حيث يقسمون به فَيَفُونَ.

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن بعض أصحابنا قال : سألته عن قول الله عزّ وجلَّ : (فلا أقسم بمواقع النجوم)؟ قال: أعظم إثم من یحلف بها، قال : وكان أهل الجاهليّة يعظّمون الحَرَم ولا يقسمون به، يستحلّون حرمة الله فيه، ولا يعرضون لمن كان فيه ولا يُخرجون منه دابّة ، فقال الله تبارك وتعالى : (ولا أقسم بهذا البلد * وأنت حِلَّ بهذا البلد * ووالد وما ولد) ، قال : يعظّمون البلد أن يحلفوا به ويستحلّون فيه حرمة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم).

ص: 491


1- التهذيب ،8 نفس الباب ح 2 . الفقيه ،3 نفس الباب، ح 16 بتفاوت. هذا وقد اتفق أصحابنا على إن اليمين لا ينعقد «إلا بالله أو بأسمائه التي لا يشركه فيها غيره، أو مع إمكان المشاركة اينصرف إطلاقها إليه ... ولو قال : لعمر و الله كان قسماً وانعقدت به اليمين . . . ولو قال: ها الله كان يمينا، وفي أيمن الله تردد من حيث هو جمع يمين ولعل الانعقاد أشبه ، لأنه موضوع للقسم بالعرف، وكذا : أيم الله ، ومن الله ، وَمَ الله ... الشرائع 169/3 - 171 . وقال الشهيد الثاني في المسالك 151/3: مما يقسم به لغة : ها الله فإذا قيل : لاها الله ما فعلتُ فتقديره : لا والله، وها الله للتنبيه، يؤتى بها في القسم عند حذف حرفه ».
2- التهذيب 8، 13 - باب الأيمان والأقسام، ح 3 .
3- الواقعة / 75 .
4- البلد / 1 و 2 .

284 - باب استحلاف أهل الكتاب

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن أهل الملل، يُسْتَحْلَفون؟ فقال : لا تُخلّفوهم إلّا بالله عزَّ وجلَّ (1).

2 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته هل يصلح لأحد أن يُحلّف أحداً من اليهود والنصارى والمجوس بآلهتهم؟ قال : لا يصلح لأحد أن يُحلّف أحداً إلّا بالله عز وجل (2).

3 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّ أمير المؤمنين (ع) استحلف يهوديّاً بالتّوارة الّتي أنزلت على موسى (علیه السلام) (3).

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لا يحلف اليهوديُّ ولا النصرانيُّ ولا المجوسيُّ بغير الله ، إنَّ الله عزّ وجلَّ يقول(4): (فاحكم بينهم بما أنزل الله ) (5).

5 - عنه ، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدائني، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يُحلَف بغير الله ، وقال : اليهوديّ والنصرانيّ والمجوسيّ ، لا تُحَلّفوهم إلا بالله عزّ وجلَّ (6).

ص: 492


1- التهذيب ،8 ، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح .8. الاستبصار 4 ، 22 - باب ما يجوز أن يحلف به أهل الذمة، ح 4 . وفيهما كيف يستحلفون؟ .
2- التهذيب ،8 نفس الباب، ح7 . الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 3 . وفونه : بآلهتهم : أي ما يزعمون أنها آلهتهم كعيسى وعُزير. هذا ومما لا خلاف فيه بين أصحابنا نصاً وفتوى - كما قول صاحب الجواهر - في أنه لا يجوز الحلف إلا بالله سبحانه .
3- التهذيب ،8 نفس الباب، ح 11: الاستبصار ،4 ، نفس الباب ، ح 5 . وقد حمله في التهذيب على إن للإمام أن يحلف أهل الكتاب بكتابهم إذا علم أن ذلك أردع لهم، وإنما لا يجوز لنا نحن أن نحلف أحداً لا من أهل الكتاب ولا غيرهم إلا بالله .
4- المائدة/ 48 . وفي التهذيب : وإن أحكم بينهم بما أنزل الله / المائدة/ 49 .
5- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 5. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 1.
6- التهذيب 8، نفس الباب ، ح .6. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .

285 - باب كفّارة اليمين

1 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار؛ ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في كفّارة اليمين، يطعم عشرة مساكين، لكلّ مسكين مدُّ من حنطة، أو مد من دقيق وحَفْنَة، أو كسوتهم، لكلّ إنسان ثوبان ، أو عتق رقبة، وهو في ذلك بالخيار، أيُّ الثلاثة صنع، فإن لم يقدر على واحدة من الثلاثة، فالصّيام عليه ثلاثة أيّام (1) .

2 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال: سألته عن كفّارة اليمين في قول الله عزَّ وجلَّ: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام(2)) ، ما حدُّ من لم يجد، وإنَّ الرجل يسأل في كفّه وهو يجد؟ فقال : إذا لم يكن عنده فَضلٌ عن قوت عياله، فهو ممّن لا يجد (3).

3 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال : سألته عن كفّارة اليمين؟ فقال : عتق رقبة، أو كسوة، والكسوة ثوبان ؛ إو إطعام عشرة مساكين، أيّ ذلك فعل أجزأ عنه ؛ فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام متواليات وإطعام عشرة مساكين مُدّاً مُدّاً (4).

4 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس قال : قال أبو جعفر (علیه السلام) : قال الله عزّ وجلَّ لِنَبِيِّه (صلی الله علیه وآله وسلم): (يا أيّها النبيُّ لِمَ تُحرّم ما أحلّ الله لك ... قد فرض الله لكم تَحِلَّةَ أيمانكم(5))، فجعلها يميناً، وكفّرها

ص: 493


1- التهذيب ،8 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 83. الاستبصار 4 ، 32 - باب ما يجزي من الكسوة في كفارة اليمين ، ح 1 . الفقيه ،3، 98 - باب الأيمان والنذور و . . . ، ح 20 ، وفيه وقال في كفارة اليمين مذ وحفنة . : : والحفنة : ملء الكف. ولعل زيادة الحفنة مقدمة للعلم بالامتثال أو لتكون في طحنه وحطبه كما ورد في بعض الروايات . وقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على إن كفارة اليمين هي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجز صام ثلاثة أيام، وفي الكسوة قال المحقق في الشرائع 181/3 : «لا يجزىء في التكفير بالكسوة إلا ما يسمى ثوباً، ولو أعطاه قلنسوة أو خفاً لم يجزه لأنه لا يسمى كسوة، ويجزي الغسيل في الثياب لتناول الاسم» .
2- المائدة/ 89 .
3- التهذيب ،8 نفس الباب، ح 88 .
4- التهذيب 8، نفس الباب ، ح 84. الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 2 .
5- التحريم/ 1 و 2 .

رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قلت بما كفّر؟ قال : أطعم عشرة مساكين لكلّ مسكين مُدّ، قلنا: فما حدُّ الكسوة؟ قال : ثوب يواري به عورته (1).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : في كفّارة اليمين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم، والوسط الخلّ والزَّيت وأرفعه الخبز واللّحم، والصدقة مدُّ مدُّ من حنطة لكلّ مسكين ؛ والكسوة ثوبان ؛ فمن لم يجد فعليه الصيّام، يقول الله عزّ وجلَّ : (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام) (2).

6 - عليُّ ، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ؛ والحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن عمر (3) قال : سألت أبا جعفر (علیه السلام) عمّن وجبت عليه الكسوة في كفّارة اليمين ؟ قال : ثوب يواري به عورته (4).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) : في قول الله عزّ وجلَّ: (من أوسط ما تُطْعِمون أهليكم (5)) ؟ قال : هو كما يكون إنّه يكون في البيت من يأكل أكثر من المدّ، ومنهم من يأكل أقلَّ من المدّ، فبين ذلك، وإن شئت جعلت لهم أدماً ، والأدم : أدناه الملح ، وأوسطه الخلّ والزيت، وأرفعه اللّحم (6).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي حمزة الثمالي قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عمّن قال: «والله» ثمَّ لم يَفِ؟ فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : كفّارته إطعام عشرة مساكين مدّاً مدّاً من دقيق أو حنطة، أو تحرير رقبة، أو صيام ثلاثة أيّام متواليات إذا لم يجد شيئاً من ذا (7).

ص: 494


1- التهذيب 8 نفس الباب ح 85. الاستبصار 4 ، نفس الباب ح 3 بدون: لِنَبِيّه .
2- التهذيب ،8 نفس الباب، ح .89 الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 6 . قال المحقق في الشرائع :77/3 : «كفارة اليمين مخيّرة بين العتق والإطعام والكسوة، فإذا كسا الفقير وجب أن يعطيه ثوبين مع القدرة ومع العجز ثوباً واحداً ، وقيل : يجزي الثوب الواحد مع الاختيار، وهو أشبه. والإطعام في كفارة اليمين مد لكل مسكين ولو كان قادراً على المدين، ومن فقهائنا من خص المد بحال الضرورة، والأول أشبه». وقال : ويجب أن يطعم من أوسط ما يطعم أهله، ولو أعطى مما يغلب على قوت البلد جاز، ويستحب أن يضم إليه اداماً أعلاه اللحم، وأوسطه الخل، وأدونه الملح».
3- في التهذيب : عن معمر بن عثمان ....
4- التهذيب ،8 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 86 . الاستبصار 4 ، 33 - باب ما يجزي من الكسوة في كفارة اليمين، ح 4.
5- المائدة/ 89 .
6- التهذيب 8 نفس الباب ، ح 90 . الاستبصار ،4 نفس الباب، ح 3 بتفاوت يسير فيهما .
7- الفقيه ،3، 98 - باب الأيمان والنذور و ...، ح 13 وفي سنده : عن علي بن أبي حمزة قال: سألته .

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في كفّارة اليمين مدَّ مدُّ من حنطة وحَفنة، لتكون الحفنة في طحنه وحطبه (1).

10 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكوني، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : إن لم يجد في الكفّارة إلّا الرجل والرجلين ، فَلْيُكَرّر عليهم حتّى يستكمل العشرة، يعطيهم اليومَ ، ثمَّ يعطيهم غداً (2).

11 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن شيء من كفّارة اليمين ؟ فقال : يصوم ثلاثة أيّام ؛ قلت: إنّه ضَعُفَ عن الصوم وعجز ؟ قال : يتصدّق على عشرة مساكين ؛ قلت : إنّه عجز عن ذلك؟ قال : فليستغفر الله ولا يَعُدْ، فإنّه أفضل الكفّارة ،وأقصاه، وأدناه، فليستغفر ربّه، ويُظهر توبة وندامة(3) .

12 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : لا يجزىء إطعام الصغير في كفّارة اليمين، ولكن صغيرَين بكبير(4).

13 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي خالد القمّاط أنّه سمع أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : من كان له ما يطعم، فليس له أن يصوم، يطعم عشرة مساكين مدّاً مدّاً، فمن لم يجد، فصيام ثلاثة أيّام.

14 - عليُّ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي بصير قال : سألت أبا

ص: 495


1- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 91 الفقيه 3 ، نفس الباب ، ح 20 وروى صدره مرسلاً بتفاوت.
2- التهذيب 8 نفس الباب، ح 94 . الاستبصار 4 34 - باب أنه هل يجوز تكرير الإطعام على واحد إذ...، ح 1 . وورد بصيغة المفرد المخاطب . وقال المحقق في الشرائع :76/3 : «ولا يجوز التكرار عليهم من الكفارة الواحدة مع التمكن من العدد، ويجوز مع التعذره» .
3- التهذيب ،8، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 96 وفيه إلى قوله : ولا يعد ، الاستبصار 4 ، 32 - باب ما يجزي من الكسوة في كفارة اليمين، ح 7 وأخرجه إلى قوله : ولا يعد مسنداً إلى أبي عبد الله (علیه السلام) .
4- التهذيب ،8 نفس الباب، ح 92 . الاستبصار 4 ، 33 - باب أنه هل يجوز إطعام الصغير في الكفارة أم لا؟ ، ح 2 . يقول المحقق في الشرائع 76/3 - 77 : «ولا يجزي إطعام الصغار منفردين ويجوز منضمين، ولو انفردوا احتسب الاثنان بواحد ويستحب الاقتصار على إطعام المؤمنين ومن هو بحكمهم كالأطفال. وفي المبسوط : يصرف إلى من يصرف إليه زكاة الفطر ومن لا يجوز هناك لا يجوز هنا، والوجه جواز إطعام المسلم الفاسق، ولا يجوز إطعام الكافر وكذا الناصب».

جعفر (علیه السلام) عن : «أوسط ما تُطْعِمون أهليكم؟ فقال: ما تقوتون به عيالكم من أوسط ذلك؛ قلت : وما أوسط ذلك؟ فقال : الخلّ والزيت والتمر والخبز، تشبعهم به مرّة واحدة ، قلت : كسوتهم؟ قال : ثوب واحدا(1).

286 - باب النذور

1 - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن منصور بن حازم، أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إذا قال الرجل : عَلَيّ المشيُّ إلى بيت الله وهو مُحرِم بحِجّة، أو عَلَيَّ هَدْيُ كذا وكذا، فليس بشيء حتّى يقول : الله عَلَيَّ المشي إلى بيته أو يقول: الله علي أن بحجّة أو يقول : الله عليَّ هَدْيُ كذا وكذا إن لم أفعل كذا وكذا(2).

2 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قال : عَليَّ نذرٌ؟ قال : ليس النذر بشيء حتّى يسمّي شيئاً الله ؛ صياماً أو صدقة أو هَدْياً أو حجّاً(3).

3 - أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم ، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرَّجل يقول : عَلَيَّ نذر ؟ قال : ليس بشيء حتى يسمّي النذر ويقول : عليّ صوم الله ، أو بتصدّق، أو يعتق، أو يهدي هَدْياً، وإن قال الرَّجل: أنا أهدي هذا الطعام، فليس هذا بشيء، إنّما تُهدى البُدن (4) .

4 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن جميل بن صالح قال : كانت عندي جارية بالمدينة فارتفع طمئها، فجعلتُ الله عَلَيَّ نذراً إن هي حاضت، فعلمت بعدُ أنّها حاضت قبل أن أجعل النذر ، فكتبت إلى أبي عبد الله (علیه السلام) وأنا بالمدينة، فأجابني : إن كانت حاضت قبل النذر ، فلا عليك، وإن كانت حاضت بعد النذر، فعليك(5).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي

ص: 496


1- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 87 . الاستبصار 4 ، 32 - باب ما يجزي من الكسوة في كفارة اليمين، ح 5 .
2- التهذيب 8 ، 14 - باب النذور، ح1.
3- التهذيب 8 ، 14 - باب النذور ، ح 2 و 3 و 4 وأخرج الأخير بتفاوت يسير في الفقيه 3 ، 98 - باب الأيمان والنذور و . . . ، ح 62 . وقوله : فأجابني : يعني مكاتبة .
4- التهذيب 8 ، 14 - باب النذور ، ح 2 و 3 و 4 وأخرج الأخير بتفاوت يسير في الفقيه 3 ، 98 - باب الأيمان والنذور و . . . ، ح 62 . وقوله : فأجابني : يعني مكاتبة .
5- التهذيب 8 ، 14 - باب النذور ، ح 2 و 3 و 4 وأخرج الأخير بتفاوت يسير في الفقيه 3 ، 98 - باب الأيمان والنذور و . . . ، ح 62 . وقوله : فأجابني : يعني مكاتبة .

عبد الله (علیه السلام) : إنّي جعلت على نفسي شكراً الله ركعتين أصلّيهما في الحَضَر والسفر، أفأصلّيهما

في السفر بالنهار؟ فقال: نعم، ثمَّ قال : إنّي أكره الإيجاب، أن يوجب الرجل على نفسه، قلت : إنّي لم أجعلهما الله عَلَيَّ ، إنّما جعلت ذلك على نفسي، أصلّيهما شكراً الله ولم أوجبهما على نفسي، أفادعهما إذا شئت؟ قال: نعم (1).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام): أنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) : سُئل عن رجل نذر أن يمشي إلى البيت، فمرَّ بمعبر؟ قال: فَلْيَقُمْ في المعبر قائماً حتّى يجوز (2).

7 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال: قلت له : رجل كانت عليه حجّة الإسلام فأراد أن يحجّ فقيل له : تزوّج ثمّ حجّ ، فقال : إن تزوّجت قبل أن أحجّ فغلامي حرُّ ، فتزوَّج قبل أن يحجّ؟ فقال : أعتق غلامه ، فقلت: لم يُرِدْ بعتقه وجه الله ؟ فقال : إنّه نذر في طاعة الله، والحجّ أحقُّ من التزويج وأوجب عليه من التزويج قلت فإنَّ الحجّ تَطَوُّع ؟ قال : وإن كان تطوعاً، فهي طاعة الله، قد أعتق غلامه (3).

8 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع قال : سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يقول للشيء يبيعه : أنا أهديه إلى بيت الله الحرام؟ قال: فقال : ليس بشيء، كِذْبَةٌ كَذَبَها(4).

9 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إن قلت: «الله عليّ»، فكفّارة يمين(5).

ص: 497


1- التهذيب ،، نفس الباب، ح 5 .
2- التهذيب ، نفس الباب ، ح 6 . الاستبصار 4 ، 31 - باب من نذر أن يحجّ ماشياً فعجز، ح 4 . الفقيه 3، نفس الباب ، ح 44 بتفاوت . والمقصود بالمعبر هنا المركب أو شبهه لاعتراض نهر طريقه ولا يستطيع المشي فيه فيضطر إلى ركوب المركب لاجتيازه. قال المحقق في الشرائع 187/3 : «ويقف ناذر المشي في السفينة لأنه أقرب إلى شبه الماشي، والوجه الاستحباب، لأن المشي يسقط هنا عادة» .
3- التهذيب 8 ، 14 - باب النذور ، ح .9 الاستبصار 4 ، 30 - باب حكم العتق إذا علق بشرط على جهة النذر، ح1.
4- التهذيب 8 نفس الباب ح 10 .
5- التهذيب ،8 ، نفس الباب ، ح 13 . الاستبصار 4، 35 - باب كفارة من خالف النذر أو العهد ، ح 8 بتفاوت يسير . الفقيه 3 98 - باب الأيمان والنذور و . . . ، ذيل ح 18 .

10 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن عليّ بن مهزيار قال : كتب بندار مولى إدريس : يا سيّدي نذرت أن أصوم كلّ يوم سبت فإن أنا لم أصمه، ما يلزمني من الكفّارة؟ فكتب - وقرأته - : لا تتركه إلّا من علّة، وليس عليك صومه في سفر ولا مرض إلّا أن تكون نويت ذلك، وإن كنتَ أفطرت منه من غير علّة، فتصدّق بعدد كلّ يوم لسبعة مساكين، نسأل الله التوفيق لما يحبّ ويرضى (1).

11 - وعنه ، عن عليّ بن مهزيار قال : قلت لأبي الحسن (علیه السلام): رجل جعل على نفسه نذراً إن قضى الله حاجته أن يتصدَّق بدراهم فقضى الله حاجته، فصيّر الدراهم ذهباً، ووجّهها إليك، أيجوز ذلك، أو يعيد ؟ فقال : يعيد.

12 - محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن عيسى، عن عليّ بن مهزيار مثله، وكتب إليه ،يا سيّدي رجل نذر أن يصوم يوم الجمعة دائماً ما بقي ، فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر، أو أضحى، أو أيّام التشريق، أو السفر، أو مرض، هل عليه صوم ذلك اليوم، أو قضاؤه، أو كيف يصنع يا سيّدي ؟ فكتب إليه : قد وضع الله عنه الصيام في هذه الأيّام كلّها، ويصوم يوماً بدل يوم إن شاء الله ؛ وكتب إليه يسأله : يا سيّدي، رجل نذر أن يصوم يوماً فوقع ذلك اليوم على أهله، ما عليه من الكفّارة؟ فكتب إليه : يصوم يوماً بدل يوم، وتحرير رقبة مؤمنة (2).

13 - عليُّ بن إبراهيم،عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سألته عن كفّارة النذر ؟ فقال : كفّارة النذر كفّارة اليمين، ومن نذر هَدْياً فعليه ناقة يقلّدها ويشعرها ويقف بها بعرَفَة، ومن نذر جزوراً فحيث شاء نَحره (3).

ص: 498


1- التهذيب 4، 65 - باب قضاء شهر رمضان وحكم من . 40 . الاستبصار ،2 ، 70 - باب ما يجب على من أفطر يوما نذر صومه على....، ح 3. هذا وفي المسالك عند ذكره لهذه الرواية : إن (سبعة) مصحف (عشرة) ، وحكى روايته عن المقنع قائلاً : هو عندي بخطه الشريف. هذا وعلى المشهورة شهرة عظيمة، بل ادعى في الانتصار الإجماع أنه لو نذر صوم يوم بعينه ولم يصمه وجبت عليه الكفارة، كما إن المشهور، بل عن الانتصار دعوى الإجماع على إن كفارته هي عينها كفارة إفطار يوم متعمداً من شهر رمضان ولكن يظهر من المسالك وكذا من المختصر النافع، وحكي عن الصدوق أيضاً أن الكفارة هنا هي كفارة يمين ولعلهم استندوا إلى مكاتبة بندار هذه .
2- التهذيب 4 ، 65 - باب قضاء شهر رمضان وحكم من ... ، ح 39 وروى ذيل الحديث فقط. الاستبصار 2 ، 70 - باب ما يجب على من أفطر يوماً نذر صومه على ... ح 2 وروى أيضاً ذيله فقط .
3- التهذيب 8 ، 14 - باب النذور ، ح 18 و 52 . الاستبصار 4، 35 - باب كفارة من خالف النذر أو العهد ، ح 1 . قال المحقق في الشرائع 191/3 : «يلزم بمخالفة النذر المنعقد كفّارة يمين وقيل : كفارة من أفطر في شهر رمضان والأول أشهر، وإنما تلزم الكفارة إذا خالف عامداً مختاراً» وقال: «ولو نذر أن يهدي بدنة فإن نوى من الإبل ،لزم ، وكذا لو لم ينو لأنها عبارة عن الأنثى من الإبل» وقال : إذا) نذر أن يهدي بدنة انصرف الإطلاق إلى الكعبة لأنه الاستعمال الظاهر في عرف الشرع، ولو نوى بمنى لزم...».

14 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن الحسن بن الحسين اللّؤلؤي رفعه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قلت له : الرجل يقول : عَلَيَّ ،نذر ، ولا يسمّي شيئاً؟ قال : كَفَّ من بُرّ، غلّظ عليه أو شدّد .

15 - عنه ، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل يجعل عليه صياماً في نذر، فلا يقوى ؟ قال : يعطي من يصوم عنه في كلّ يوم مُدَّين (1).

16 - وبهذا الإسناد، عن عبد الله بن جندب قال: سأل عباد بن ميمون - وأنا حاضر - عن رجل جعل على نفسه نذراً ،صوماً، وأراد الخروج إلى مكّة، فقال عبد الله بن جندب : سمعت من رواه عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه سئل عن رجل على نفسه نذراً صوماً فحضرته نيّته في زيارة أبي عبد الله (علیه السلام) ، قال : يخرج ولا يصوم في الطريق، فإذا رجع قضى ذلك (2).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي الحسن موسى (علیه السلام) أنّه قال : كلّ من عجز عن نذر نذَرَه، فكفّارته كفّارة يمين (3).

18 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن السنديّ بن محمّد، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قلت له : بأبي أنت وأمّي، إنّي جعلت على نفسي مشياً إلى بيت الله ؟ قال : كفّر يمينك، فإنّما جعلت على نفسك يميناً، وما جعلته الله فَفِ به (4).

19 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة؛ وحفص قال : سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله حافياً؟ قال : فليمش، فإذا تعب فليركب(5).

20 - أبو عليُّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، ،

ص: 499


1- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 15 . الفقيه ،3، 98 - باب الأيمان والنذور و. ... ح 42 وفي التهذيب : ولا يقوى . . . ، بدل : فلا يقوى.
2- التهذيب 4 ، 72 - باب الزيادات، ح 116 . وكرره برقم 16 من الباب 14 من الجزء 8 من التهذيب أيضاً. وفي الرواية الأولى : سأله عباد. ... الخ .
3- التهذيب ،8 نفس الباب، ح 14 . الاستبصار 4 ، نفس الباب، ح 7 .
4- التهذيب 8 ، 14 - باب النذور ، ح 17 . الاستبصار 4، 35 - باب كفارة من خالف النذر أو العهد، ح 6 .
5- التهذيب 8 ، نفس الباب ، ح 7 . الاستبصار 4 ، 31 - باب من نذر أن يحج ماشياً فعجز ، ح 5 . الفقيه 3، 128 - باب إنقضاء مشي الماشي ، ح 2 وفيه مشى بدل فليمش .

عن محمّد بن مسلم، [عن أحدهما (علیهما السلام)] قال : سألته عن رجل جعل عليه مشياً إلى بيت الله ولم يستطع ؟ قال : یحجُّ راكباً(1).

21 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل جعل عليه المشي إلى بيت الله فلم يستطع ؟ قال : فليحجَّ راكباً .

22 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) - وسُئِل عن الرجل يحلف بالنذر ونيّته في يمين، التي حلف عليها درهم أو أقلّ - ؟ قال : إذا لم يجعل الله فليس بشي(2).

23 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ قال : كنّا عند أبي عبد الله (علیه السلام) جماعة، إذ دخل عليه رجلٌ من موالي أبي جعفر (علیه السلام)، فسلّم عليه ثمَّ جلس وبكى ثمَّ قال له : جُعِلْتُ فِداك إنّي كنت أعطيت الله عهداً إن عافاني الله من شيء كنت أخافه على نفسي، أن أتصدَّق بجميع ما أملك، وإنّ الله عزّ وجلّ عافاني منه ، وقد حوّلت عيالي من منزلي إلى قبّة من خراب الأنصار، وقد حملت كلّ ما أملك ، فأنا بايع داري وجميع ما أملك، فأتصدَّقُ به؟ فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : انطلق، وقوَّم منزلك وجميع متاعك وما تملك بقيمة عادلة، وأعرف ذلك ، ثمَّ أعمد إلى صحيفة بيضاء فاكتب فيها جملة ما قوَّمت ، ثمَّ انظر إلى أوثق الناس في نفسك فادفع إليه الصحيفة وأوصه ومره إن حدث بك حَدَثُ الموت أن يبيع منزلك وجميع ما تملك فيتصدّق به عنك، ثم ارجع إلى منزلك وقم في مالك على ما كنت فيه، فكل أنت وعيالك مثل ما كنت تأكل ، ثمَّ انظر بكلّ شيء تصدق به فيما تستقبل من صدقة أو صلة قرابة أو في وجوه البرّ ، فاكتب ذلك كلّه وأخصه ، فإذا كان رأس السنة، فانطلق إلى الرجل الّذي أوصيت إليه فمُره أن يُخرج إليك الصحيفة، ثمَّ اكتب فيها جملة ما تصدقت وأخرجت من صلة قرابة أو برّ في تلك السنّة، ثمَّ افعل ذلك في كلّ سنة حتّى تفي الله تفي الله بجميع ما نذرت فيه، ويبقى لك منزلك ومالك إن شاء الله ، قال : فقال الرَّجل : فرَّجت عنّي يا ابن رسول الله، جعلني الله فداك(3).

ص: 500


1- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح .. الاستبصار 4 ، نفس الباب ، ح 6 . قال المحقق في الشرائع 186/3 - 187 : «لو نذره - أي الحج - ماشياً لزم ، ويتعين من بلد النذر، وقيل: من الميقات، ولو حج راكباً مع القدرة أعاد ، ولو ركب بعضاً قضى الحج ومشى ما ركب، وقيل: إن كان النذر مطلقاً أعاد ماشياً، وإن كان معيناً بسنة لزمه كفارة خلف النذر ، والأول مروي. ولو عجز الناذر عن المشي حج راكباً، وهل يجب عليه سياق بدنة؟ قيل : نعم ، وقيل : لا يجب بل يستحب وهو الأشبه ويحنث لو نذر أن يحج راكباً فمشی».
2- التهذيب 8، نفس الباب، ح 19 .
3- التهذيب 8 ، 14 - باب النذور، ح 21. قال المحقق في الشرائع 3/ 190 : «ومن نذر أن يتصدّق بجميع ما يملكه لزمه النذر، فإن خاف الضرر قوم ماله وتصدّق أولا فأولا حتى يعلم أنه قام بقدر ما لزم».

24 - عليُّ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة قال : إنَّ أُمّي كانت جعلت عليها نذراً ، نذرت الله عزَّ وجلَّ في بعض ولدها في شيء تخافه عليه أن تصوم ذلك اليوم الّذي تقدّم فيه عليها ما بقيت، فخرجت معنا إلى مكّة، فأشكل علينا صيامها في السفر، فلم تدر؛ تصوم أو تفطر، فسألت أبا جعفر (علیه السلام) عن ذلك ؟ فقال : لا تصوم في السفر، إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد وضع عنها حقّه في السفر، وتصوم هي ما جعلت على نفسها، فقلت له: فماذا إذا قدِمَت إن تركت ذلك؟ قال : لا ، إنّي أخاف أن ترى في ولدها الّذي نذرت فيه بعض ما تكره .

25 - عنه ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن مسمع قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : كانت لي جارية حُبلي، فنذرت الله عزّ وجلَّ إن ولدت غلاماً أن أحجّه أو أحجّ عنه؟ فقال: إنَّ رجلاً نذر الله عزّ وجلَّ في ابن له - إن هو أدرك - أن يحجَّ عنه أو يحِجّه، فمات الأب، وأدرك الغلام بعد، فأتى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) الغلامُ فسأله عن ذلك ، فأمر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أن يحجَّ عنه ممّا ترك أبوه (1).

287 - باب [ال] نوادر

1 - عليُّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال : صدقة قال : حدَّثني شيخ من ولد عديّ بن حاتم، عن أبيه، عن جدّه عديّ - وكان مع أمير المؤمنين (علیه السلام) في حروبه - أنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال في يوم التقى هو ومعاوية بصفّين، ورفع بها صوته ليسمع أصحابه : والله لأقتلنَّ معاوية وأصحابه، ثمَّ يقول في آخر قوله : إن شاء الله - يخفض بها صوته - ، وكنت قريباً منه ، فقلت يا أمير المؤمنين إنّك حلفت على ما فعلت ثمَّ استثنيت، فما أردتَ بذلك؟ فقال لي : إنَّ الحرب خدعة، وأنا عند المؤمنين غير كذوب، فأردت أن أحرّض أصحابي عليهم كيلا يفشلوا، وكي يطمَعوا فيهم، فأفَقّهُهم ، يُنتفع بها بعد اليوم إن شاء الله، واعلم أنَّ الله جلَّ ثناؤه قال لموسى (علیه السلام) حيث أرسله إلى فرعون: ( فقولا له قولاً ليناً لعلّه يتذكّر أو يخشى) (2)، وقد علم أنّه لا يتذكّر ولا يخشى، ولكن ليكون ذلك أحرص لموسى (علیه السلام) على الذهاب.

2 - أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن حسّان، عن أبي عمران الأرمنيّ (3)، عن

ص: 501


1- التهذيب 8 نفس الباب، ح20.
2- طه / 44 .
3- في التهذيب : عن أبي محمد الأرمني .

عبد الله بن الحكم، عن عيسى بن عطيّة قال : قلت لأبي جعفر (علیه السلام) : إنّي آلَبت أن لا أشرب من لبن عنزي ، ولا أكل من لحمها ،فبعتها وعندي من أولادها؟ فقال : لا تشرب من لبنها ولا تأكل من لحمها، فإنّها منها (1).

3 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (علیه السلام) في رجل كان لرجل عليه دين فلزمه، فقال الملزوم : كلّ حلّ عليه حرام إن برح حتّى يرضيك، فخرج من قبل أن يرضيه، كيف يصنع ، ولا يدري ما يبلغ يمينه وليس له فيها نيّة؟ قال: ليس بشيء.

4 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن نجيّة العطّار (2) قال : سافرت مع أبي جعفر (علیه السلام) إلى مكّة ، فأمر غلامه بشيء فخالفه إلى غيره، فقال أبو جعفر (علیه السلام) : والله لأضر بنّك يا غلام قال فلم أره ضربه، فقلت: جُعِلْت فداك، إنّك حلفت لتضربنَّ غلامك، فلم أرك ضربته ؟ فقال : أليس الله عزَّ وجلَّ يقول (3): ( وإن تعفوا أقرب للتقوى) (4).

5 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : من عجز عن الكفّارة الّتي تجب عليه، صوم أو عتق أو صدقة في يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك ممّا يجب على صاحبه فيه الكفّارة، فالإستغفار له كفّارة ما خلا يمين الظهار، فإنّه إذا لم يجد ما يكفر، حَرُمَ عليه أن يجامعها، وفُرّق بينهما، إلّا أن ترضى المرأة أن تكون معه ولا يُجَامِعُها (5).

6 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: الظهار، إذا عجز صاحبه عن الكفّارة، فليستغفر ربّه، وينوي أن لا يعود قبل أن يواقع، ثمَّ ليواقع، وقد أجزأ ذلك عنه من الكفّارة، فإذا وجد السبيل إلى ما يكفّر يوماً من الأيّام، فليكفّر، وإن تصدَّق وأطعم نفسه وعياله فإنّه يجزئه إذا كان محتاجاً، وإن لم يجد ذلك

ص: 502


1- التهذيب ،8 13 - باب الأيمن والأقسام ، ح 74 . واسم أبي عمران الأرمني : موسى بن رنجويه .
2- في التهذيب : عن محمّد العطّار.
3- البقرة/ 237 .
4- التهذيب ،8 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 65 .
5- التهذيب ، 2 - باب حكم الظهار ، ح 25 . وكرره برقم 5 من الباب 15 من نفس الجزء . الاستبصار 4 36 - باب أن من وجب عليه كفارة فعجز عنها أجمع كان ... ، ح 1. ،

فليستغفر ربّه وينوي أن لا يعود، فَحَسْبُهُ ذلك والله كفّارة (1).

7 - محمّد بن يحيى قال : كتب محمّد بن الحسن(2) إلى أبي محمّد (علیه السلام) (3): رجل حلف بالبراءة من الله ومن رسوله (صلی الله علیه وآله وسلم) فحَنَتَ ما توبته وكفّارته؟ فوقّع (علیه السلام) : يُطعم عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ، ويستغفر الله عزَّ وجلَّ(4).

8 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : من حلف فقال : لا وربّ المصحف فحنث فعليه كفّارة واحدة (5).

9 - وبإسناده قال : سئل أمير المؤمنين (علیه السلام) : هل يطعم المساكين في كفّارة اليمين لحوم الأضاحي ؟ فقال : لا ، لأنّه قُربان الله .

10 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن سهل، عن محمّد بن سنان، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : الرجل يكون عليه اليمين، فيحلفه غريمه بالأيمان المغلّظة أن لا يخرج من البلد إلّا يعلمه ؟ فقال : لا يخرج حتّى يعلمَه ، قلت : إن أعلمه لم يَدَعْهُ؟ قال : إن كان علمه ضرراً عليه وعلى عياله فليخرج، ولا شيء عليه (6).

11 - أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عليّ بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان عن علاء بيّاع السابريّ قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن امرأة استودعت رجلاً مالاً، فلمّا حضرها الموتُ قالت له : إنَّ المال الّذي دفعته إليك لفلانة، فماتت المرأة، فأتى أولياؤها الرجل فقالوا له : إنّه كان لصاحبتنا مال لا نراه إلّا عندك، فاحلف لنا مالَنا قِبَلَك شيء، أيحلف

ص: 503


1- التهذيب 8 ، 15 - باب الكفارات ، ح .6 . الاستبصار 4 ، 36 - باب أن من وجب عليه كفارة الظهار فعجز عنها أجمع كان ...، ح 2 . قوله (علیه السلام) : ولينو أن لا يعود، حمله المجلسي في المرآة على العود إلى الظهار ونقل عن الشيخ أنه حمله على عدم العود إلى الجماع بدون الكفارة مع القدرة عليها، ثم علق على ذلك بقوله : ولا يخفى بعدُه.
2- هو الصفّار.
3- هو الإمام الحسن بن علي العسكري (علیه السلام).
4- التهذيب ،8 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 100 . الفقيه ،3، 98 - باب الأيمان والنذور و . . .، ح58 .
5- التهذيب ،8 ، نفس الباب ، ح 112 . الفقيه 3 ، نفس الباب ، ح 60 . بدون فحنث . . وذكره أيضاً برقم 79 من نفس الباب ونفس الجزء من التهذيب. هذا وقد نقل السيد المرتضى في الانتصار إجماع أصحابنا على عدم انقعاد الحلف بالطلاق والعتاق والظهار، والأشهر الأظهر بين الطائفة عدم انعقاده بأي من الأمور المعظمة كالحَرَم والكعبة والمصحف . وأمثالها، ولم يشذ من ذلك إلا الإسكافي فيما نقله عنه صاحب التنقيح حيث جوز اليمين بها . وابن الجنيد كما يفي من كلام الشهيد الثاني في المسالك .
6- التهذيب 8، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 63 بتفاوت يسير .

لهم ؟ قال : إن كانت مأمونة عنده فليحلف، وإن كانت متّهمة عنده فلا يحلف، ويضع الأمر على ما كان، فإنّما لها من مالها ثلثه .

12 - أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن حفص ؛ وغير واحد من أصحابنا، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : سئل عن الرجل يُقْسِمُ على أخيه ؟ قال : ليس عليه شيء، إنّما أراد إكرامه (1).

13 - أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن الحلبيّ قال: سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن رجل واقع امرأته وهي حائض؟ قال : إن كان واقعها في استقبال الدم، فليستغفر الله وليتصدّق على سبعة نفر من المؤمنين بقدر قوت كلّ رجل منهم ليومه، ولا يَعُدْ، وإن كان واقعها في إدبار الدَّم في آخر أيّامها قبلَ الغسل، فلا شيء عليه.

14 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن سوقة، عن ابن بكير، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) : أيّ شيء : «لا نَذْرَ في معصية»؟ قال : فقال : كلُّ ما كان لك فيه منفعة في دين أو دنيا ، فلا حِنْثَ عليك فيها (2).

15 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر؛ وابن أبي عمير، جميعاً عن معمر بن يحيى، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الرجل يظاهر من امرأته، بجوز عتق المولود في الكفّارة؟ فقال : كلَّ العتق يجوز فيه المولود، إلّا في كفّارة القتل، فإنّ الله عزَّ وجلَّ يقول: (فتحريرُ رقبة مؤمنة (3))، يعني بذلك، مُقرَّة، قد بلغت الحِنث.

16 - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسين، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة عن عمّار الساباطيّ، عن أبي عبد الله، عن أبيه (علیه السلام) في رجل جعل على نفسه عتقَ رقبة، فأعتق أشلَّ [أو] أعرج ؟ قال : إذا كان ممّا يباع، أجزأ عنه ، إلّا أن يكون سمّى ، فعليه ما اشترط وسمّى(4).

17 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرَّار، عن يونس، عن بعض

ص: 504


1- التهذيب ، نفس ،الباب ، ح 81 الاستبصار 4 ، 23 - باب الرجل يقسم على غيره إن يفعل فعلا فلا....، ح 2 .
2- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح .106. الاستبصار 4 ، 27 - باب أقسام النذر ، ح 1 بتفاوت . وكرره برقم 14 من 27 - الباب 14 من نفس الجزء من التهذيب وفيهما كما في الاستبصار لا نذر فيه بدل: لا نذر في معصية.
3- النساء/ 92 . وهذا في قتل الخطأ.
4- التهذيب 8، 14 - باب النذور، ح 22 .

اصحابه، عن أحدهما (علیهما السلام) في رجل حلف تقيّةً؟ قال : إن خفتَ على مالك ودمك، فاحلف، تردّه بيمينك، فأن لم تر أنَّ ذلك يَرُدّ شيئاً، فلا تحلف لهم (1).

18 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) سُئل عن رجل نذر ولم يُسمّ شيئاً؟ قال : إن شاء صلّى ركعتين، وإن شاء صام يوماً، وإن شاء تصدّق برغيف(2).

19 - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) : في رجل قيل له : فعلتَ كذا وكذا ، قال : لا والله ما فعلته ، وقد فعله؟ فقال : كِذْبَةٌ كَذَبها ، يستغفر الله منها (3).

20 - عدَّةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن النوفليّ، عن عيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه قال كانت من أيمان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): لا، واستغفر الله (4).

21 - عليُّ بن إبراهيم [ عن أبيه ] عن بعض أصحابه ذكره قال : لمّا سُمّ المتوكّل، نَذَر إنْ عُوفي أن يتصدّق بمال كثير، فلمّا عوفي، سأل الفقهاء عن حدّ المال الكثير، فاختلفوا عليه، فقال بعضهم : مائة ألف ؛ وقال بعضهم عشرة آلاف فقالوا فيه أقاويل مختلفة، فاشتبه عليه الأمر، فقال رجل من ندمائه يقال له صفعان : ألا تبعث إلى هذا الأسود فتسأله عنه، فقال له المتوكّل : من تعني ، وَيْحَكَ؟ فقال له : ابن الرضا، فقال له : وهو يحسن من هذا شيئاً؟ فقال : إن أخرجك من هذا فلي عليك كذا وكذا، وإلّا فاضربني مائة مقرعة ، فقال المتوكّل : قد رضيتُ یا جعفر بن محمود، صِر إليه وسَله عن حدّ المال الكثير، فصار جعفر بن محمود إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد (علیه السلام)، فسأله عن حدّ المال الكثير ؟ فقال : الكثير ثمانون ، فقال له جعفر : يا سيّدي، إنّه يسألني عن العلّة فيه ؟ فقال له أبو الحسن (علیه السلام) : إِنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول: (لقد

ص: 505


1- الفقيه ،3، 98 - باب الأيمان والنذور و ...، ح 17 . ورواه مرسلاً عن ابي عبد الله (علیه السلام) .
2- التهذيب ،8 نفس الباب ، ح 23 . وورد مضمون الحديث مع حذف الإسناد ضمن كلام طويل للمصدوق رحمه الله في الفقيه ، نفس الباب، بعد الحديث 26 .
3- التهذيب 8 ، 13 - باب الأيمان والأقسام ، ح 82 .
4- أي كان يقول مكان اليمين هذا القول .

نصركم الله في مواطن كثيرة(1)) ، فعدَدَنا تلك المواطن، فكانت ثمنين (2).

هذا آخر كتاب الأيمان والنذور والكفّارات. وبه تمَّ كتاب فروع الكافي تأليف أبي جعفر محمّد بن يعقوب الرازيِّ الكلينيّ - رحمه الله - .

والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطاهرين وسلّم تسليماً کثیراً.

ويتلوه كتاب روضة الكافي إن شاء الله

ص: 506


1- التوبة/ 25 .
2- التهذيب 8، 14 - باب النذور، ح 24 قال المحقق في الشرائع 1903 : «ولو قال : بمال كثير، كان ثمانين درهماً».

الفهرس

كتاب الوصايا

باب الوصيّة وما أمر بها ... 9

باب الإشهاد على الوصيّة ... 10

باب الرجل يوصي إلى آخر ولا يقبل وصيّته ... 13

باب أن صاحب المال أحقُّ بما له ما دام حيّاً ... 14

باب الوصيّة للوارث ... 16

باب ما للإنسان أن يوصي به بعد موته وما يستحبّ له من ذلك ... 18

باب ... 19

باب الرجل يوصي بوصيّة ثمّ يرجع عنها ... 20

باب من أوصى بوصيّة فمات الموصى له قبل الموصي أو مات قبل أن يقبضها ... 21

باب إنفاذ الوصيّة على جهتها ... 22

باب آخر منه ... 23

باب آخر منه ... 24

باب من أوصى بعتق أو صدقة أو حجّ ... 25

باب أن من حاف في الوصيّة فللوصيّ أن يردها إلى الحقّ ... 29

باب أنّ الوصي إذا كانت الوصيّة في حقّ فغيّرها فهو ضامن ... 29

باب أنَّ المدبّر من الثلث ... 31

باب أنّه يبدء بالكفن ثمَّ بالدَّين ثمّ بالوصيّة ... 31

باب من أوصى وعليه دين ... 32

باب من أعتق وعليه دين ... 34

باب الوصيّة للمكاتب ... 36

باب وصيّة الغلام والجارية الّتي لم تدرك وما يجوز منها وما لا يجوز ... 37

ص: 507

باب الوصيّة لأمّهات الأولاد ... 37

باب ما يجوز من الوقف والصدقة والنحل والهبة والسكني والعمرى والرقبى وما لا يجوز من ذلك على الولد وغيره ... 38

باب من أوصى بجزء من ماله ... 49

باب من أوصى بشيء من ماله ... 50

باب من أوصى بسهم من ماله ... 50

باب المريض يقرّ لوارث بدين ... 51

باب بعض الورثة يقرّ لعتق أو دين ... 53

باب الرجل يترك الشيء القليل وعليه دين أكثر منه وله عيال ... 53

باب ... 54

باب من لا تجوز وصيّته من البالغين ... 55

باب من أوصى لقراباته ومواليه كيف يقسم بينهم ... 56

باب من أوصى إلى مدرك وأشرك معه الصغير ... 56

باب من أوصى إلى اثنين فينفرد كل واحد منهما ببعض التركة ... 57

باب صدقات النبيّ صلی الله علیه وآله وسلم وفاطمة والأئمّة عليهم السلام ووصاياهم ... 58

باب ما يلحق الميّت بعد موته ... 65

باب النوادر ... 67

باب من مات على غير وصيّة وله وارث صغير فيباع عليه ... 76

باب الوصي يدرك أيتامه فيمتنعون من أخذ مالهم ومن يدرك ولا يؤنس منه الرشد وحد البلوغ ... 77

كتاب المواريث

باب وجوه الفرائض ... 81

باب بیان الفرائض في الكتاب ... 82

باب ... 86

باب أنَّ الميراث لمن سبق إلى سهم قريبه وأن ذا السهم أحقُّ ممّن لا سهم له ... 86

باب أنَّ الفرائض لا تقام إلّا بالسيف ... 87

باب نادر ... 87

باب في إبطال العَول ... 88

ص: 508

باب آخر في إبطال العَول وأنَّ السهام لا تزيد على ستّة ... 90

باب معرفة إلقاء العَول ... 91

باب أنّه لا يرث مع الولد والوالدين إلا زوج أو زوجة ... 92

باب العلّة في أنَّ السهام لا تكون أكثر من ستّة وهو من كلام يونس ... 92

باب علّة كيف صار للذَّكر سهمان وللأنثى سهم ... 93

باب ما يرث الكبير من الولد دون غيره ... 94

باب ميراث الولد ... 95

باب ميراث ولد الولد ... 97

باب ميراث الأبوين ... 100

باب ميراث الأبوين مع الإخوة والأخوات لأب والإخوة والأخوات لأمّ ... 101

باب ميراث الولد مع الأبوين ... 103

باب ميراث الولد مع الزوج والمرأة والأبوين ... 105

باب ميراث الأبوين مع الزوج والزوجة ... 107

باب الكلالة ... 108

باب ميراث الإخوة والأخوات مع الولد ... 109

باب الجدّ ... 117

باب الإخوة من الأمّ مع الجدّ ... 119

باب إبن أخ وجدّ ... 121

باب ميراث ذوي الأرحام ... 127

باب المرأة تموت ولا تترك إلّا زوجها ... 132

باب الرجل يموت ولا يترك إلّا امرأته ... 134

باب أنَّ النساء لا يرثن من العقار شيئاً ... 135

باب اختلاف الرجل والمرأة في متاع البيت ... 138

باب نادر ... 139

باب ميراث الغلام والجارية يزوِّجان وهما غير مُدركين ... 139

باب ميراث المتزوّجة المدركة ولم يدخل بها ... 140

باب في ميراث المطلّقات في المرض وغير المرض ... 141

باب میراث ذوي الأرحام مع الموالي ... 143

ص: 509

باب ميراث الغرقى وأصحاب الهدم ... 144

باب مواريث القتلى ومن يرث من الدية ومن لا يرث ... 147

باب ميراث القاتل ... 149

باب ميراث أهل الملل ... 152

باب آخر في ميراث أهل الملل ... 153

باب أن ميراث أهل الملل بينهم على كتاب الله وسنّة نبيّه صلی الله علیه و آله و سلم ... 154

باب من يترك من الورثة بعضهم مسلمون وبعضهم مشركون ... 155

باب ميراث المماليك ... 156

باب أنَّه لا يتوارث الحرّ والعبد ... 159

باب الرجل يترك وارثين أحدهما حرّ والآخر مملوك ... 160

باب ... 160

باب ميراث المكاتبين ... 161

باب ميراث المرتدّ عن الإسلام ... 162

باب ميراث المفقود ... 163

باب ميراث المستهلّ ... 166

باب ميراث الخنثى ... 167

باب آخر منه ... 168

باب ... 169

باب آخر [منه ] ... 170

باب ميراث ابن الملاعنة ... 170

باب آخر في ابن الملاعنة ... 173

باب ... 173

باب ميراث ولد الزنا ... 174

باب آخر منه ... 175

باب ... 176

باب الحميل ... 177

باب الإقرار بوارث آخر ... 178

باب إقرار بعض الورثة بدَين ... 178

ص: 510

باب ... 179

باب من مات وليس له وارث ... 180

باب ... 180

باب أنَّ الولاء لمن أعتق ... 181

باب ولاء السائبة ... 182

باب آخر منه ... 185

کتاب الحدود

باب التحديد ... 187

باب الرجم والجلد ومن يجب عليه ذلك ... 189

باب ما يحصن وما لا يحصن وما [لا] يوجب الرجم على المحصن ... 190

باب الصبيّ يزني بالمرأة المدركة والرجل يزني بالصبيّة غير المدركة ... 193

باب ما يوجب الجلد ... 194

باب صفة حدّ الزاني ... 196

باب ما يوجب الرجم ... 197

باب صفة الرجم ... 198

باب آخر منه ... 199

باب الرجل يغتصب المرأة فَرْجَها ... 203

باب من زنى بذات مَحْرَم ... 204

باب في أنَّ صاحب الكبيرة يقتل في الثالثة ... 205

باب المجنون والمجنونة يزنيان ... 205

باب حدّ المرأة الّتي لها روج فتزوّج أو تتزوّج وهي في عدّتها والرجل الّذي يتزوّج ذات زوج ... 206

باب الرجل يأتي الجارية ولغيره فيها شرك والرجل يأتي مكاتبته ... 208

باب المرأة المستكرهة ... 210

باب الرجل يزني في اليوم مراراً كثيرة ... 210

باب الرجل يزوّج أمته ثمَّ يقع عليها ... 211

باب نفي الزاني ... 211

باب حدّ الغلام والجارية اللّذين يجب عليهما الحدّ تاماً ... 212

ص: 511

باب الحدّ في اللّواط ... 212

باب آخر منه ... 215

باب الحدّ في السّحق ... 216

باب آخر منه ... 217

باب الحدّ على من يأتي البهيمة ... 219

باب حدّ القاذف ... 220

باب الرجل يقذف جماعة ... 225

باب في نحوه ... 226

باب الرجل يقذف إمرأته وولده ... 227

باب صفة حدّ القاذف ... 230

باب ما يجب فيه الحدّ في الشراب ... 231

باب الأوقات الّتي يحدّ فيها من وجب عليه الحدّ ... 434

باب أنَّ شارب الخمر يقتل في الثالثة ... 235

باب ما يجب على من أقرّ على نفسه بحدّ ومن لا يجب عليه الحدّ ... 236

باب قيمة ما يقطع فيه السارق ... 238

باب حدّ القطع وكيف هو ... 240

باب ما يجب على الطرّار والمختلس من الحدّ ... 244

باب الأجير والضيف ... 246

باب حدّ النبّاش ... 247

باب حدّ من سرق حرّاً فباعه ... 249

باب نفي السارق ... 250

باب ما لا يقطع فيه السارق ... 250

باب أنّه لا يقطع السارق في المجاعة ... 251

باب حدّ الصبيان في السرقة ... 252

باب ما يجب على المماليك والمكاتبين من الحدّ ... 254

باب ما يجب على أهل الذمّة من الحدود ... 259

باب كراهية قذف من ليس على الإسلام ... 261

باب ما يجب فيه التعزير في جميع الحدود ... 261

ص: 512

باب الرجل يجب عليه الحدّ وهو مريض أو به قروح ... 266

باب حدّ المحارب ... 267

باب من زنى أو سرق أو شرب الخمر بجهالة لا يعلم أنها محرّمة ... 272

باب من وجبت عليه حدود أحدها القتل ... 273

باب من أتى حدّاً فلم يُقَم عليه الحدّ حتّى تاب ... 274

باب العفو عن الحدود ... 274

باب الرجل يعفو عن الحدّ ثمّ يرجع فيه والرجل يقول للرجل يا ابن الفاعلة ولأمّه وليّان ... 277

باب أنَّه لا حدّ لمن لا حدَّ عليه ... 277

باب أنَّه لا يشفع في حدّ ... 278

باب أنَّه لا كفالة في حدّ ... 279

باب أنَّ الحدّ لا يورث ... 279

باب أنَّه لا يمين في حدّ ... 279

باب حدّ المرتدّ ... 280

باب حدّ الساحر ... 285

باب النوادر ... 285

کتاب الدِّیات

باب القتل ... 297

باب آخر منه ... 299

باب أنَّ من قتل مؤمناً على دينه فليست له توبة ... 301

باب وجوه القتل ... 303

باب قتل العمد وشبه العمد والخطأ ... 304

باب الدية في قتل العمد والخطأ ... 306

باب الجماعة يجتمعون على قتل واحد ... 309

باب الرجل يأمر رجلا بقتل رجل ... 312

باب الرجل يقتل رجلين أو أكثر ... 313

باب الرجل يخلّص من وجب عليه القَوَد ... 314

باب الرجل يمسك الرجل فيقتله آخر ... 314

باب الرجل يقع على الرجل فيقتله ... 316

ص: 513

باب نادر ... 316

باب من لا دية له ... 318

باب الرجل الصحيح العقل يقتل المجنون ... 322

باب الرجل يقتل فلم تصحّ الشهادة عليه حتّى خولِطَ ... 323

باب في القاتل يريد التوبة ... 323

باب قتل اللص ... 324

باب الرجل يقتل ابنه والإبن يقتل أباه وأمّه ... 325

باب الرجل يقتل المرأة والمرأة تقتل الرجل، وفضل دية الرجل على دية المرأة في النفس والجراحات ... 326

باب من خطاؤه عمد ومن عمده خطأ ... 330

باب نادر ... 332

باب الرجل يقتل مملوكه أو ينكّل به ... 332

باب الرجل الحرّ يقتل مملوك غيره أو يجرحه والمملوك يقتل الحرّ أو يجرحه ... 334

باب المكاتب يقتل الحرّ أو يجرحه والحرّ يقتل المكاتب أو يجرحه ... 338

باب المسلم يقتل الذميّ أو يجرحه والذميّ يقتل المسلم أو يجرحه أو يقتصّ بعضهم بعضاً ... 340

باب ما تجب فيه الدية كاملة من الجراحات الّتي دون النفس وما يجب فيه نصف الدية والثلث والثلثان ... 343

باب الرجل يقتل الرجل وهو ناقص الخلقة ... 349

باب نادر ... 350

باب دية عين الأعمى ويد الأشل ولسان الأخرس وعين الأعور ... 350

باب أنَّ الجروح قصاص ... 352

باب ما يمتحن به من يصاب في سمعه أو بصره أو غير ذلك من جوارحه والقياس في ذلك ... 355

باب الرجل يضرب الرجل فيذهب سمعه وبصره وعقله ... 359

باب آخر ... 360

باب دية الجراحات والشِّجاج ... 360

باب تفسير الجراحات والشجاج ... 363

باب الخلقة الّتي تقسم عليه الدية في الأسنان والأصابع ... 364

ص: 514

باب آخر ... 365

باب الشفتين، الخدّ الأذن، الأسنان، الترقوة، المنكب، العضد، المرفق، الساعد، الرصغ، الكفّ، الأصابع ،الصدر ،الأضلاع، الورك، الفخذ، الركبة، الساق، الكعب القدم، الأصابع والقصب ... 366

باب دية الجنين ... 375

باب الرجل يقطع رأس ميّت أو يفعل به ما يكون فيه اجتياح نفس الحيّ ... 380

باب ما يلزم من يحفر البئر فيقع فيها المارّ ... 382

باب ضمان ما يصيب الدوابّ وما لا ضمان فيه من ذلك ... 374

باب المقتول لا يدري من قتله ... 387

باب آخر منه ... 389

باب آخر منه ... 390

باب الرجل يقتل وله وليّان أو أكثر فيعفو أحدّهم أو يقبل الدية وبعض يريد القتل ... 390

باب الرجل يتصدَّق بالدية على القاتل والرجل يعتدي بعد العفو فيقتل ... 392

باب ... 393

باب ... 394

باب القَسامة ... 394

باب ضمان الطبيب والبيطار ... 398

باب العاقلة ... 398

باب ... 400

باب فيما يصاب من البهائم وغيرها من الدوابِّ ... 401

باب النوادر ... 403

كتاب الشهادات

باب أوّل صكّ كتب في الأرض ... 413

باب الرجل يدعى إلى الشهادة ... 414

باب كتمان الشهادة ... 415

باب الرجل يسمع الشهادة ولم يشهد عليها ... 416

باب الرجل ينسى الشهادة ، ويعرف خطّه بالشهادة ... 417

باب من شهد بالزور ... 418

ص: 515

باب من شهد ثمَّ رجع عن شهادته ... 418

باب شهادة الواحد ويمين المدّعي ... 420

باب ... 422

باب في الشهادة لأهل الدين ... 423

باب شهادة الصبيان ... 424

باب شهادة المماليك ... 425

باب ما يجوز من شهادة النساء وما لا يجوز ... 426

باب شهادة المرأة لزوجها والزوج للمرأة ... 429

باب شهادة الوالد للولد وشهادة الولد للوالد وشهادة الأخ لأخيه ... 429

باب شهادة الشريك والأجير والوصيّ ... 430

باب ما يُرَدّ من الشهود ... 431

باب شهادة القاذف والمحدود ... 434

باب شهادة أهل الملل ... 435

باب ... 437

باب شهادة الأعمى والأصمّ ... 437

باب الرجل يشهد على المرأة ولا ينظر وجهها ... 438

باب النوادر ... 438

كتاب القضاء والأحكام

باب أن الحكومة إنّما هي للإمام عليه السلام ... 445

باب أصناف القضاة ... 446

باب من حكم بغير ما أنزل الله عزَّ وجلَّ ... 446

باب أنَّ المفتي ضامن ... 448

باب أخذ الأجرة والرشا على الحكم ... 448

باب من حاف في الحكم ... 944

باب كراية الجلوس إلى قضاة الجور ... 450

باب كراهية الارتفاع إلى قضاة الجور ... 450

باب أدب الحكم ... 452

باب أنَّ القضاء بالبيّنات والأيمان ... 454

ص: 516

باب أنَّ البيّنة على المدَّعي واليمين على المدَّعى عليه ... 455

باب من ادّعى على ميّت ... 455

باب من لم تكن له بيّنة فيردّ عليه اليمين ... 456

باب أنَّ من كانت له بيّنة فلا يمين عليه إذا أقامها ... 457

باب أنَّ من رضى باليمين فحلف له فلا دعوى له بعد اليمين وإن كانت له بيّنة ... 458

باب الرجلين يدّعيان فيقيم كلُّ واحد منهما البيّنة ... 458

باب آخر منه ... 460

باب آخر منه ... 461

باب النوادر ... 461

كتاب الأيمان والنذور والكفّارات

باب كراهية اليمين ... 475

باب اليمين الكاذبة ... 476

باب آخر منه ... 478

باب أنّه لا يحلف إلّا بالله ومن لم يرض [بالله ] فليس من الله ... 478

باب كراهية اليمين بالبراءة من الله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم ... 478

باب وجوه الأيمان ... 497

باب ما لا يلزم من الأيمان والنذور ... 480

باب في اللّغو ... 484

باب من حلف على يمين فرأى خيراً منها ... 484

باب النيّة في اليمين ... 485

باب أنّه لا يحلف الرجل إلّا على علمه ... 486

باب اليمين الّتي تلزم صاحبها الكفّارة ... 486

باب الاستثناء في اليمين ... 488

باب أنّه لا يجوز أن يحلف الإنسان إلّا بالله عزّ وجلَّ ... 490

باب استحلاف أهل الكتاب ... 492

باب كفّارة اليمين ... 493

باب النذور ... 496

باب النوادر ... 501

ص: 517

روضة الکافي المجلد 8

هویة الکتاب

سرشناسه : کلیني، محمّد بن یعقوب، - 329ق.

عنوان قراردادی : الكافي

عنوان و نام پدیدآور : روضة الكافي/ محمّد بن یعقوب الکلیني؛ ضبطه و صححه و علق علیه محمّدجعفر شمس الدین.

مشخصات نشر :بیروت : دارالتعارف للمطبوعات، 1411ق. = 1990م.= 1369.

مشخصات ظاهری : 1ج.

فروست : موسوعة الکتب الاربعه فی احادیث النبی (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و العتره؛1،2.

یادداشت : عربی.

یادداشت : کتاب حاضر در سالهای مختلف توسط ناشران مختلف منتشر شده است.

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : احادیث شیعه -- قرن 4ق.

شناسه افزوده : شمس الدین، محمّدجعفر

رده بندی کنگره : BP129/ک 8ک 22 1369

رده بندی دیویی : 297/212

شماره کتابشناسی ملی : م 81-8050

محرر الرقمي: محسن مرادي

ص: 1

اشارة

ص: 2

مَوْسُوعَة الكُتب الأَربَعَةَ

فِیْ أَحَادِيث النّبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم)والعِترة

8

رَوضَةُ الكَافي

لثقةِ الإسلام ِ

محمّد بن يعقوب الكلُيني ( قدس سره الشریف)

المتوفّى سنّة ٣٢٩/٣٢٨ه

ضَبطَهُ وصحّحَه وعلّق عليه

محمّد جعفر شمس الدِّين

دار التعارف للمطبوعات

بيروت لبنان

moamenquraish.blogspot.com

ص: 3

مكتبة مؤمن قريش

لو وضع ايمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه .

الإمام الصادق (عليه السلام)

حقوق الطبع محفوظة

١٤١١ه_ - ١٩٩٠م

دار المعارف المطبوعات

و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم

المكتب : شارع سوريا - بناية دوريش - الطابق الثالث

الادارة والمعرض - حارة حريك - المنشية - شارع دكاش - بناية الحسنين

تلفون - ٨٣٧٨٥٧

ص.ب8601 -11

ص: 4

محتویات الکتاب

اشارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الروضة

اشارة

(1).

1 - محمّد بن يعقوب الكليني قال(2) : حدّثني علي بن إبراهيم، عن أبيه فضّال، عن حفص المؤذّن(3)، عن أبي عبد الله(عليه السلام)(4)، وعن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله(عليه السلام): أنه كتب بهذه الرسالة إلى ،أصحابه وأمرهم بمدارستها (5)، والنظر فيها (6)، وتعاهدها (7)، والعمل بها (8)، فكانوا يضعونها في مساجد(9)بيوتهم ، فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها قال : وحدثني الحسن بن محمد، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي ، عن القاسم بن الربيع الصّحاف، عن إسماعيل بن مخلّد السّراج، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: خرجت(10)هذه

ص: 5


1- الروضة : لغةً - كما يقول صاحب القاموس - نقلا عن الكليات:« أرص مخضّرة بأنواع النبات». أقول: وقد فسّر الروض في قوله تعالى :﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَ﴾ ؛ أي في أرض ذات أزهار وأنهار . وفسرت الروضات في قوله تعالى : ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ﴾؛ أي في أطيب بقاعها وأنزهها. ومن هنا نفهم وجه استعارة ثقة الإسلام الكليني قدس سره هذا اللفظ لكتابه وذلك لتشبيه ما اشتمل عليه من الكلم الطيب والموعظة الحسنة والحكم البالغة بما تؤثر من الصفاء في النفس والغذاء للعقل، والقرة للعين عيناً كما تؤثر في النفس والعين مناظر الخضرة اليانعة والأزهار اليافعة الجميلة الأثر الحسن والجميل والله العالم .
2- قال المازندراني ١١ / ١٤٠ : هذا كلام الرواة عنه أو كلامه بلسانهم أو إخبار عنه بطريق الغيبة». وأقول: بل هو كلامه رحمه الله بلسانه وما المحذور في ذلك ؟ بل مما يؤيد هذا أنه ورد اسمه مجرداً عن أي مدح أو ثناء، وهذا هو ديدن علمائنا رضوان الله عليهم في كتبهم فراجع ولو كان من كلام أحد تلامذته أو رواه أحاديثه لأرفقه بصفات المدح والتعظيم، لا إنه يورده باسمه مجرداً عن ذلك . والله العالم .
3- قيل : بأنه كان مؤذنا لعلي بن يقطين . وهو حفص بن عمر ، أبو محمد، وقد ذكر الشيخ في رجاله حفص بن عمر، وكنيته أبي محمد، في أصحاب الصادق(عليه السلام): (337) ولا يبعد اتحادهما .
4- استبعد المازندراني أن يكون معطوفاً على علي بن إبراهيم بل جزم كما المجلسي في مرآته عطفه على ابن فضال لأن إبراهيم بن هاشم أحد رواته .
5- أي تعلمها وتعليمها .
6- أي نظر تفكر وتدبر .
7- أي برعاية عهدها وحفظه حالا بعد حال.
8- يدل على أن النظر إنما هو مقدمة للعمل، وإنه متى لم ينضم العمل إليه لا قيمة له .
9- أي أماكن الصلاة منها، وهو ما اعتادوا على أن يتخذوه مصلّى .
10- أي صدرت .
الرسالة من أبي عبد الله(عليه السلام)إلى جماعۀ الشیعه

بسم الله الرحمن الرحيم، أمّا بعد فاسألوا ربكم العافية(1)، وعليكم بالدَّعَة (2)، والوقار والسكينة، وعليكم بالحياء والتنزّه عما تَنَزّه عنه الصالحون قبلكم، وعليكم بمجاملة أهل الباطل، تحمّلوا الضَّيْم(3)منهم ، وإياكم ومماظَّتَهُمْ (4)، دينوا فيما بينكم وبينهم - إذا أنتم جالستموهم وخالطتموهم ونازعتموهم الكلام، فإنه لا بد لكم من مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم الكلام - بالتقية(5)التي أمركم الله (6)أن تأخذوا بها فيما بينكم وبينهم ، فإذا ابتُليتم بذلك منهم، فإنهم سيؤذونكم ، وتعرفون في وجوههم المنكر، ولولا أن الله تعالى يدفعهم عنكم لسَطَوا بكم(7)، وما في صدورهم من العداوة والبغضاء أكثر مما يبدون لكم(8)، مجالسكم ومجالسهم واحدة وأرواحكم وأرواحهم مختلفة(9)لا تأتلف ، لا تحبونهم أبداً ولا يحبونكم غير أن الله تعالى أكرمكم بالحق وبَصَرَكُمُوه، ولم يجعلهم من أهله، فتجاملونهم وتصبرون عليهم، وهم لا مجاملة لهم ولا صبر لهم على شيء، وحيلهم ووسواس بعضهم إلى بعض، فإن أعداء الله إن استطاعوا صدّوكم عن الحق فيعصمكم الله من ذلك، فاتقوا الله، وكُفّوا ألسنتكم إلا من خير .

وإياكم أن تزلقوا ألسنتكم بقول الزور والبهتان والإثم والعدوان ، فإنكم إن كففتم ألسنتكم عما يكرهه الله مما نهاكم عنه، كان خيراً لكم عند ربكم من أن تزلقوا ألسنتكم به، فإن زَلَقَ اللسان فيما يكره الله وما ينهى عنه مرداة (10)للعبد عند الله ، ومَقْت(11)من الله ، وصَمّ وعَمى وبَكُمٌ يورثه الله إياه يوم القيامة، فتصيروا كما قال الله : ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾(12). يعني لا

ص: 6


1- العافية في الدين لأنه عصمة أمر المخلوق، أو الأعم من عافية الدين والدنيا يقول أمير المؤمنين(عليه السلام): «فنسأله المعافاة في الأديان كما نسأله المعافاة في الأبدان النهج / 99 ، من خطبة في التزهيد من الدنيا .
2- الدَّعَة : الخفض في العيش والطمأنينة .
3- الضيم: الظلم.
4- المماطة : اللّج في المخاصمة إما في أمور العقيدة، أو الأعم.
5- متعلقة بقوله(عليه السلام) : دينوا .
6- إشارة إلى قوله تعالى : ﴿ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ﴾ آل عمران / 28 ، وغيرها من الآيات بهذا الخصوص.
7- سطا عليه وبه يسطو سطواً وسطوةً (واوي) : صال عليه ووثب أو قهره بالبطش، أو بسط عليه بقهره من فوق - هكذا في القاموس -
8- إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾آل عمران / 118.
9- وذلك لاختلاف الطينات في عالم التكوين.
10- أي مهلكة .
11- أي سلب لطفه عن العبد فيهلك .
12- البقرة/ ١٨

ينطقون، ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾ (1).

وإياكم وما نهاكم الله عنه أن تَرْكَبوه(2)وعليكم بالصمت إلا فيما ينفعكم الله به من أمر آخرتكم ويأجُرُكُم عليه(3)، وأكثروا من التهليل والتقديس والتسبيح والثناء على الله، والتضرع إليه، والرغبة فيما عنده من الخير الذي لا يقدر قدره ولا يبلغ كنهه أحد، فاشغلوا ألسنتكم بذلك عما نهى الله عنه من أقاويل الباطل التي تعقب أهلها خلوداً في النار من مات عليها ولم يتب إلى الله ولم ينزع عنها، وعليكم بالدعاء، فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء، والرغبة إليه، والتضرع إلى الله ، والمسألة (له)، فارغبوا فيما رَغَّبكم الله فيه، وأجيبوا الله إلى ما دعاكم إليه، لتفلحوا وتنجوا من عذاب الله وإياكم أن تَشْرَه(4)أنفسكم إلى شيء مما حرّم الله عليكم، فأنه من انتهك ما حرّم الله عليه ههنا في الدنيا، حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها ولذّتها وكرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنة أبد الآبدين.

واعلموا أنه بئس الحظ الخطر لمن خاطر الله بترك طاعة الله وركوب معصيته، فاختار أن ينتهك محارم الله في لذات دنيا منقطعة زائلة عن أهلها على خلود نعيم في الجنة ولذاتها وكرامة أهلها، ويل لأولئك ما أخيب حظهم وأخسر كرَّتهم وأسوء حالهم عند ربهم يوم القيامة ، استجيروا الله أن يجيركم(5)في مثالهم أبداً ، وإن يبتليكم بما ابتلاهم به ولا قوة لنا ولكم إلّا به .

فاتقوا الله أيتها العصابة الناجية إن أتم الله لكم ما أعطاكم به، فإنه لا يتم الأمر حتى(6) يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم وحتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم، وحتى تسمعوا من أعداء الله أذى كثيراً، فتصبروا وتَعْرُكوا بجنوبكم(7)وحتى يستذل_وك_م ويبغضوكم وحتى يَحْمِلُوا (عليكم) الضَّيم ، فَتَحمَّلوا منهم، تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة، وحتى تكظموا الغيظ الشديد في الأذى في الله عز وجل يجترمونه إليكم(8)وحتى

ص: 7


1- المُرْسَلات ٣٦ .
2- أي تقترفوه .
3- مما في الخوض فيه رضا الله سبحانه من ذكره والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحدث بالحكمة والموعظة الحسنة . . . الخ .
4- الشَّرَه : الحرص على الشيء
5- في الوافي : أن يجزيكم وفي شرح المازندراني : أن يخزيكم .
6- إشارة إلى قوله تعالى في سورة آل عمران /١٨٦ : ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ .
7- عركت الشيء إذا دلكته بيديك وحككته، ورجل عُرَكة : أي يمسح الأذى بجنبه ، يعني : يحتمله .
8- الاجترام الكسب، وفي القاموس : اجترم لأهله كسب والضمير يرجع إلى الضّيم أو إلى الأذى.

يكذّبوكم بالحق ويعادوكم فيه ويبغضوكم عليه ، فتصبروا على ذلك منهم، ومصداق ذلك في كتاب الله الذي أنزله جبرئيل(عليه السلام)على نبيكم (صلی الله علیه وآله وسلم)، سمعتم قول الله عز وجل لنبيكم(صلی الله علیه وآله وسلم):﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ﴾ (1)ثم قال: ﴿ وان یکذّبَوک فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا ﴾ (2)فقد كُذّب نبيّ الله والرسلُ من قبله وأُوذوا مع التكذيب بالحق ، فإن سرّكم أمرُ الله فيهم الذي خلقهم له في الأصل - أصل الخلق . من الكفر الذي سبق في علم الله أن يخلقهم له في الأصل، ومن الذين سمّاهم الله في كتابه في قوله : ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾(3)، فتدبَّروا هذا واعقلوه ولا تجهلوه ، فإنه من يجهل هذا وأشباهه مما افترض الله عليه في كتابه مما أمر الله به ونهى عنه، ترك دين ، ترك دين الله ، وركب معاصِيه، فاستوجب سخط الله فأكبَّه الله على وجهه في النار .

وقال : أيتها العصابة المرحومة المفلحة، إن الله أَتَمّ لكم ما آتاكم من الخير(4)، واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأي ولا مقاييس، قد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء، وجعل للقرآن ولتعلم القرآن أهلاً(5)، لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله ،علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأي ولا مقاييس، أغناهم الله عن ذلك بما آتاهم من ،علمه وخصّهم به، ووضعه عندهم كرامةً من الله أكرمهم بها، وهم أهل الذّكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم(6)، وهم الذين من سألهم - وقد سبق في علم الله أن يصدّقهم ويتّبع أثرهم - أرشدوه واعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى الله بإِذْنِه، وإلى جميع سُبُل الحق ، وهم الذين لا يَرْغَبُ عنهم وعن مسألتهم ، وعن علمهم الذي أكرمهم الله به وجعله عندهم، إلا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأَظِلّة(7)، فأولئك الذين

ص: 8


1- الأحقاف / ٣٥ . وأولو العزم خمسة : نوح وإبراهيم وعيسى وموسى ومحمد(صلی الله علیه وآله وسلم).
2- الأنعام / ٣٤ . ومطلعها في التنزيل ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ ... ﴾وأما الآية التي :أولها ﴿وإن يُكَذبَوك﴾ . ٤٢ / الحج وتتمتها :﴿ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ﴾والآية ٤ / فاطر وتتمتها :﴿ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾. وكذلك الآية ٢٥ / فاطر وتتمتها : ﴿ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾.
3- القصص / ٤١ .
4- وذلك بنصب علي(عليه السلام)أميراً للمؤمنين وخليفة لخاتم المرسلين(صلی الله علیه وآله وسلم)، وفيه إشارة إلى قوله تعالى :﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ. . . ﴾الآية ٣ / المائدة .
5- وهم أهل بيت العصمة(عليه السلام)وفي هذا المعنى نزل قوله تعالى7/ آل عمران: ﴿ وَلَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ... الآية﴾ .
6- إشارة إلى قوله تعالى ٤٣ / النحل :﴿ ... فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
7- أي أظلة العرش، وفيه إشارة إلى العهد الذي أخذه الله على خلقه لنفسه بالربوبية ولمحمد بالنبوة ولعلي بالإمامة فى عالم الذَّر ، وقصد في قوله تعالى : 172 / الأعراف ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ... . الآية﴾ . فالذي أقر بذلك في ذلك العالم فهو مقر به في عالم الأجساد والأعيان، والذي كفر هناك به فهو من الكافرين هنا أيضا.

يرغبون عن سؤال أهل الذكر والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم وأمر بسؤالهم، وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقاييسهم ، حتى دخلهم الشيطان(1)، لأنهم جعلوا أهل الإيمان في علم القرآن عند الله كافرين وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند الله مؤمنين، وحتى جعلوا ما أحلّ الله في كثير من الأمر حراماً، وجعلوا ما حرّم الله في كثير من الأمر حلالاً، فذلك أصل ثمرة ،أهوائهم، وقد عهد إليهم رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)قبل موته، فقالوا : نحن بعد ما قَبَضَ الله عز وجل رسوله يَسَعُنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد ما قبض الله عز وجل رسوله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وبعد عهده الذي عهده إلينا وأمرنا به مخالفاً لله ولرسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فما أحد اجرأ على الله ولا أبين ضلالةً ممن أخذ بذلك، وزعم أن ذلك يسعه، والله، إن لله على خلقه أن يطيعوه ويتبعوا أمره في حياة محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)وبعد موته ، هل يستطيع(2)أولئك أعداء الله أن يزعموا أن أحداً ممن أسلم مع محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، أخذ بقوله ورأيه ومقاييسه، فإن قال: نعم، فقد كدب على الله وضلّ ضلالاً بعيداً ، وإن قال : لا ، لم يكن لأحد أن يأخذ برأيه وهواه ومقاييسه ، فقد أقر بالحجة على نفسه، وهو ممن يزعم أن الله يُطاعُ ويُتبع أمره بعد قبض رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وقد قال الله - وقوله الحق - :﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ (3)، وذلك لتعلموا أن الله يُطاع ويُتَّبع أمرُه في حياة محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)وبعد قبض الله محمداً (صلی الله علیه وآله وسلم)، وكما لم يكن لأحد من الناس محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه خلافاً لأم_ر مع محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، فكذلك لم يكن لأحد من الناس بعد محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه .

وقال : دعوا رفع أيديكم في الصلاة إلا مرة واحدة حين تفتح الصلاة، فإن الناس(4)قد شهروكم بذلك، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وقال : أكثروا من أن تدعوا الله ، فإن الله يحب من عباده المؤمنين أن يدعوه، وقد وعد الله

ص: 9


1- لأنه رأس القياس وأصله، إذ أول من قاس الدين برأيه إبليس .
2- قال الفيض في الوافي م / ١٤ ص 30 الغرض من هذا الكلام إلى آخره أن يبين أنه لا فرق بين زمان حياته(صلی الله علیه وآله وسلم)وموته في عدم جواز العمل بالرأي ، كما أنه لا فرق بينهما في وجوب طاعة الله واتباع أمره»
3- آل عمران / ١٤٤ .
4- يعني المخالفين، وإنما أمرهم بذلك تقية، وقد كان رفع الأيدي من علامات التشيع .

عباده المؤمنين بالاستجابة(1)، والله مُصَيّرٌ دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملاً يزيدهم به في الجنة، فأكثروا ذكر الله ما استطعتم في كل ساعة من ساعات الليل والنهار، فإن الله أمر بكثرة الذكر له ، والله ذاكر لمن ذكره من المؤمنين(2)، واعلموا أن الله لم يذكره أحد من عباده المؤمنين إلا ذكره بخير، فأعطوا الله من أنفسكم الاجتهاد في طاعته، فإن الله لا يُدْرَكُ شيءٌ من الخير عنده إلا بطاعته واجتناب محارمه التي حرّم الله في ظاهر القرآن وباطنه(3)، فإن الله تبارك وتعالى قال في كتابه وقوله الحق :﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ﴾(4)، واعلموا أن ما أمر الله به أن تجتنبوه فقد حرّمه، واتبعوا آثار رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)وسنَّته فخذوا بها ، ولا تتبعوا أهواءكم وآراءكم فتضلّوا، فإن أضلَّ الناس عند الله من اتّبع هواه ورأيه بغير هدى من الله(5)، وأحسنوا إلى أنفسكم ما استطعتم، فإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم ،فلها وجاملوا الناس ولا تحملوهم على رقابكم (6)، تجمعوا مع ذلك طاعة ربكم. وإياكم وسبَّ أعداء الله حيث يسمعونكم، فيسبّوا الله عدواً بغير علم(7)، وقد ينبغي لكم أن تعلموا حدَّ سبهم الله كيف هو؟ إنه من سبَّ أولياء الله فقد انتهك سب الله ومن أظلم عند الله أسْتَسَبَ الله ولأولياء الله ، فَمَهْلاً مَهْلاً (8)، فاتبعوا أمر الله ممن ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وقال : أيتها العصابة الحافظ الله لهم أمرهم ، عليكم بآثار رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وسنّته، وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)من بعده وسنّتهم ، فإنه من أخذ بذلك فقد اهتدى،

ص: 10


1- إشارة إلى قوله تعالى ٦٠ غافر :﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ... الآية﴾ .
2- إشارة إلى قوله تعالى /١٥٢ / البقرة : ﴿فاذكروني أَذْکُرْکَمْ....﴾.
3- العل المراد بما حرم الله تعالى في باطن القرآن مخالفة ولي الأمر ومتابعة أهل الضلال واتباع آرائهم واعتقاد الولاية فيهم، وذلك لأن ثلث القرآن ورد فيهم، كما ورد عنهم(عليه السلام)، وهو المراد بباطن الإثم، أو هو أحد أفراده الوافي للفيض م / ١٤ / ص ٣٠ .
4- الأنعام / ١٢٠ . وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالآية:﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ﴾. وقيل معناه هاهنا : الظاهر منه : نكاح امرأة الأب، والباطن منه الزنا ، وقيل : الظاهر منه هو الزنا، والباطن منه هو اتخاذ الأخوان . .. الخ .
5- إشارة إلى قوله تعالى ٥٠/ القصص : ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ... الآية ﴾.
6- المجاملة : المعاملة بالجميل ، وقد دل ذلك على الحث على حسن المعاشرة مع الناس بشرط ألا يصل ذلك الخضوع والخنوع لهم بشكل يفقد الإنسان كرامته وقيمته ويمسخ شخصيته بحيث يصبح إمعة وظلا للآخرين. وإذا كان المراد بالناس : المخالفين فهو نهي عن أن ينقلب حسن المعاملة معهم إلى متابعتهم في منكرهم وباطلهم والركون إلى ظلمهم وإعانتهم فيه .
7- فيه إشارة إلى قوله تعالى (108/ الأنعام : ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾. ويستفاد من قوله(عليه السلام): حيث يسمعونكم، جواز سب الكافرين وأربابهم التي يشركون بعبادتها إذا لم يكن مسموعاً لهم .
8- منصوب بفعل مقدّر أي امهلوا مهلاً ، والتكرار للمبالغة .

ومن ترك ذلك ورغب عنه ضل، لأنهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم، وقد قال أبونا رسولُ الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «المداومة على العمل في اتباع الآثار والسنن وإن قَلَّ، أرضى الله وأنفَعَ عنده في العاقبة، من الاجتهاد في البدع واتباع الأهواء، إلا أن اتباع الأهواء واتباع البدع بغير هدى من الله ضلال، وكل ضلالة بدعة، وكل بدعة في النار(1)، ولن يُنال شيء من الخير عند الله إلا من بطاعته والصبر والرضا، لأن الصبر والرضا من طاعة الله، واعلموا أنه لن يؤمن عبد من عبيده حتى يرضى عن الله فيما صنع الله إليه وصنع به على ما أحب وكره، ولن يصنع الله بمن صبر ورضي عن الله إلا ما أهله هو وهو خير له مما أحب وكره، وعليكم بالمحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا الله قانتين، كما أمر الله به المؤمنين في كتابه من قبلِكُم وإيّاكم(2)، وعليكم بحب المساكين المسلمين، فإنّه من حقّرهم وتكبّر عليهم فقد زلّ عن دين الله ، والله له حاقر ماقتْ»، وقد قال أبونا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «أمرني، ربي بحب المساكين المسلمين (منهم)، واعلموا أن من حقّر أحذاً من المسلمين ألقى الله عليه المقت منه والمحقرة حتى يمقته الناس ، والله له أشد مقتاً، فاتقوا الله في إخوانكم المسلمين المساكين، فإن لهم عليكم حقاً أن تحبّوهم»، فإن الله أمر رسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)بحبهم ، فمن لم يحب من أمر الله بحبه فقد عصى الله ورسوله، ومن عصى الله ورسوله ومات على ذلك مات وهو من الغاوين.

وإياكم والعظمة والكْبر، فإن الكبر رداء الله(3)عز وجل فمن نازع الله رداءه قصمه الله وأذلّه يوم القيامة، وإياكم أن يبغي بعضكم على بعض، فإنها ليست من خصال الصالحين، فإنه من بغى صَيّر الله بغيه على نفسه، وصارت نصرة الله لمن بُغيَ عليه، ومن نصره الله غلب وأصاب الظفر من الله ، وإياكم أن يحسد بعضكم بعضاً، فإن الكفر أصله الحسد، وإياكم أن تعينوا على مسلم مظلوم فيدعو الله عليكم ويستجاب له فيكم، فإن أبانا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كان يقول : «إن دعوة المسلم المظلوم مستجابة، ولْيُعنْ بعضكم بعضاً ، فإن أبانا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) كان يقول :« إن معونة المسلم خير وأعظم أجراً من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام، وإياكم وإعسار أحد من إخوانكم المؤمنين أن تُعسِروه بالشيء يكون لكم قبله وهو مُعْسر » (4)،

ص: 11


1- البدعة، كل ما أحدث ولم يكن له أصل من الكتاب أو السنة. هذا والمروي عنه (صلی الله علیه وآله وسلم): «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة سبيلها إلى النار»، أصول الكافي ،1، باب البدع والرأي والمقاييس ، ح 8 .
2- فيه إشارة إلى قوله تعالى 238 / البقرة : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين . والصلاة الوسطى هي صلاة العصر ، وقيل : غير ذلك. والمحافظة على الصلوات إنما هي بإقامتها على وجهها المطلوب تامة الأجزاء والشرائط وبتوجه قلبي وعقلي ينعكسان خشوعا وخضوعا بين يدي الله سبحانه .
3- وقد روي في الكافي ،٢ كتاب الإيمان والكفر ، باب الكبر ، عدة أحاديث بهذا المضمون فراجع.
4- المُعسِر: ضد الموسر.

فإنا أبانا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كان يقول : «ليس المسلم أن يُغسِر(1)مسلماً ومن أنظر معسراً ظلّه الله يوم القيامة بظلّه يوم لا ظلّ إلا ظله»(2).

وإياكم أيتها العصابة المرحومة المفضّلة على من سواها وحبس حقوق الله قبلكم يوماً بعد يوم، وساعة بعد ساعة، فإنه من عجّل حقوق الله قِبَلَه كان الله أقدرَ على التعجيل له إلى مضاعفة الخير في العاجل والآجل، وأنه من أخّر حقوق الله قِبَلَه كان الله أقدرِ على تأخير رزقه، ومن حبس الله رزقه لم يقدر أن يرزق نفسه، فأدوا إلى الله حق ما رزقكم يطيب الله لكم بقيته، وينجز لكم ما وعدكم من مضاعفته لكم الأضعاف الكثيرة التي لا يعلم عددها ولا كُنْه فضلها إلا الله رب العالمين .

وقال : اتقوا الله أيتها العصابة، وإن استطعتم أن لا يكون منكم مُحرج(3)للإمام ، فإن محرج الإمام هو الذي يسعى(4)بأهل الصلاح من أتباع الإمام، المسلّمين لفضله، الصابرين على أداء حقه، العارفين بحرمته، واعلموا أن من نزل بذلك المنزل عند الإمام فهو مُحرج للإمام، فإذا فعل ذلك عند الإمام أخْرَجَ الإمام إلى أن يَلْعَنَ أهل الصلاح من أتباعه (5)، المسلّمين لفضله، الصابرين على أداء حقه، العارفين بحرمته، فإذا لعنهم لإحراج أعداء الله الإمامُ صارت لعنته رحمة من الله عليهم، وصارت اللعنة من الله ومن الملائكة ورسله على أولئك(6).

واعلموا أيتها العصابة أن السنّة من الله قد جرت في الصالحين قبلُ. وقال: من سرّه أن يلقى الله وهو مؤمن حقاً حقاً، فليتولَّ الله ورسوله والذين آمنوا، وليبرأ إلى الله من عدوّهم، ويسلم لما انتهى إليه من فضلهم، لأن فضلهم لا يبلغه مَلَكُ مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك، ألم تسمعوا ما ذكر الله من فضل اتباع الأئمة الهداة وهم المؤمنون قال:﴿ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾(7) ، فهذا وجه من وجوه فضل اتّباع الأئمة، فكيف بهم وفضلهم ، ومن سرّه أن يُتمَّ الله له إيمانه حتى يكون

ص: 12


1- أي أن يطالبه بدين له في ذمته حلّ أجله وهو يعلم أنه لا يملك ما يسدده به .
2- أي رحمته ورضوانه، وهو استعارة.
3- وإحراج الإمام إلجازه إلى ما لا يريد من الحرج بمعنى المشقة والضيق وجواب : وإن استطعتم أن لا ... الخ ، محذوف، أي فافعلوا .
4- من السعاية، وهي الوشاية إلى الوالي الظالم.
5- وإنما يفعل(عليه السلام)ذلك تقية محافظة على نفسه وإبعاداً لهم عن أذى السلطان.
6- أي الذين احرجوا الإمام والجأوه إلى فعل ذلك
7- النساء/ ٦٩ . وصدر الآية : ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾.

مؤمناً حقاً حقاً فليف الله بشروطه التي اشترطها على المؤمنين، فإنه قد اشترط مع ولايته وولاية رسوله وولاية أئمة المؤمنين، إقامةَ الصلاة وإيتاء الزكاة وإقراض الله قرضاً حسناً، واجتنابَ الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، فلم يبق شيء مما فسّر مما حرم الله إلا وقد دخل في جملة قوله ، فمن

دان الله فيما بينه وبين الله مخلصاً لله ، ولم يرخّص لنفسه في ترك شيء من هذا ، فهو عند الله حزبه الغالبين، وهو من المؤمنين حقاً، وإياكم والإصرار على شيء مما حرم الله في ظهر القرآن وبطنه، وقد قال الله تعالى : ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (1). (إلى ههنا رواية القاسم بن الربيع )(2) يعني المؤمنين قبلكم إذا نسوا شيئاً مما اشترط الله في كتابه، عرفوا أنهم قد عصوا الله في تركهم ذلك الشيء، فاستغفروا ولم يعودوا إلى تركه ، فذلك معنى قول الله : ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ .

واعلموا أنه إنما أمر ونهى ليطاع فيما أمر به، وليُنتَهى عما نهى عنه، فمن اتبع أمره فقد أطاعه ، وقد أدرك كل شيء من الخير عنده، ومن لم ينته عما نهى الله عنه فقد عصاه، فإن مات على معصيته أكبّه الله على وجهه في النار.

واعلموا أنه ليس بين الله وبين أحد من خَلْقه ، مَلَك مقرَّب ولا نبيّ مُرسَل ولا من دون ذلك من خَلْقه كلّهم إلا طاعتهم له، فاجتهدوا في طاعة الله، إن سرّكم أن تكونوا مؤمنين حقاً حقاً، ولا قوة إلا بالله وقال : وعليكم بطاعة ربكم ما استطعتم فإن الله ربكم.

واعلموا أن الإسلام هو التسليم(3)، والتسليم هو الإسلام، فمن سلّم فقد أسلم، ومن لم يسلّم فلا إسلام له، ومن سرّه أن يبلغ إلى نفسه في الإحسان، فليطع الله فإنه من أطاع الله فقد أبلغ إلى نفسه في الإحسان.

وإياكم ومعاصي الله أن تركَبوها، فإنه من انتهك معاصي الله فَرَكِبَها فقد أبلغ(4)في الإساءة إلى نفسه، وليس بين الإحسان والإساءة منزلَة (5)، فلأهل الإحسان عند ربهم الجنة ،

ص: 13


1- آل عمران / 135
2- قال المازندراني ١٦٩/١١ : وما يأتي رواية حفص المؤذن وإسماعيل بن جابر، وإنما لم يقل : إلى هاهنا رواية إسماعيل بن مخلد السراج، لأنه لو قال ذلك لفهم أنه لم يرو الباقي، وذلك ليس بمعلوم لجواز روايته، وعدم نقله للقاسم، أو نقله له واختصار القاسم على القدر المذكور .
3- أي التسليم لآل محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)بالولاية والطاعة والانقياد لهم فيما ورد عليهم والرد إليهم فيما اختلفوا فيه، فراجع أصول الكافي ،1 كتاب الحجة باب التسليم وفضل المسلمين .
4- أي بالغ .
5- يريد أن الذي وقع الحتم فيه قسمان لا ثالث لهما، لأنه إما مقر بالولايات المذكورة متمسك بشروطها، أو منكر لشيء منها، فالأول محسن والثاني مسيء، وأما المستضعف : وهو من لم يقر ولم ينكر فهو خارج عن المقسم فلا يرد أنه قسم ثالث المازندرانی 171/11 .

ولأهل الإساءة عند ربهم النار ، فاعملوا بطاعة الله، واجتنبوا معاصيه، واعلموا أنه ليس يغني عنكم من الله أحد من خلقه شيئاً، لا مَلَك مقرَّب ولا نبيّ مُرسل ، ولا من دون ذلك فمن سره أن تنفعه شفاعة الشافعين عند الله ، فليطلب إلى الله أن يرضى عنه ، واعلموا أن أحداً من خلق الله لم يُصِبْ رضا الله إلا بطاعته وطاعة رسوله، وطاعةٌ ولاةِ أمْرِه من آل محمد صلوات الله عليهم، ومعصيتُهم من معصية الله ، ولم ينكر لهم فضلاً عَظُمَ أو صَغُرَ(1).

واعلموا أن المنكرين(2)هم المكذَّبون، وأن المكذبين هم المنافقون(3)، وأن الله عزّ وجل قال للمنافقين وقوله الحق :﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾(4) . ولا يَفْرَقَنَّ(5)أحد منكم الزم الله قلبه طاعته وخشيته من أحد من الناس، أخرجه الله من صفة الحق ولم يجعله من أهلها، فإن من لم يجعل الله من أهل صفة الحق، فأولئك هم شياطين الإنس والجن(6)، وإن لشياطين الإنس حيلة ومكراً وخدائع، ووسوسة بعضهم إلى بعض، يريدون إن استطاعوا أن يردوا أهل الحق عما أكرمهم الله به من النظر في دين الله ، الذي لم يجعل الله شياطين الإنس من أهله، إرادةَ أن يستوي أعداء الله وأهل الحق في الشك والإنكار والتكذيب، فيكونون سواءاً ، كما وصف الله تعالى في كتابه من قوله :﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾(7). ثم نهى الله أهل النصر بالحق أن يتخذوا من أعداء الله ولياً ولا نصيراً، فلا يهولنكم ولا يَرُدَّنكم عن النصر بالحقّ الذي خصكم الله به من حيلة شياطين الإنس ومكرهم من أموركم، تدفعون أنتم السيئة بالتي هي أحسن فيما بينكم وبينهم ، تلتمسون بذلك وجه ربكم بطاعته ، وهم لا خير عندهم ، لا يحل لكم أن تظهر وهم على أصول دين الله، فإنهم إن سمعوا منكم فيه شيئا عادوكم عليه، ورفعوه عليكم وجهدوا على هلاككم ، واستقبلوكم بما

ص: 14


1- الفضل العظيم ما لا يُدْرَك كنهه، والصغير غير ذلك .
2- أي المنكرين لفضل آل بيت محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)الجاحدين لولايتهم(عليهم السلام)فاستبطن إنكارهم تكذيباً للنبي(صلی الله علیه وآله وسلم)في نصبه علياً وأولاده(عليه السلام)خلفاء من بعده.
3- لأن إنكارهم ورد بعد إقرارهم، فكشف عن أنهم أظهروا خلاف ما أبطنوا من الكفر والتكذيب وهذا هو شأن المنافقين .
4- النساء / ١٤٥ . والدَّرْك : الطبق، أي الطبقة والدرجة وقيل : توابيت من النار تطبق عليهم .
5- أي لا يخافن من الفَرَق، بمعنى الخوف .
6- «يعني شياطين الإنس إن كانوا من الإنس، وشياطين الجن إن كانوا من الجن، ويحتمل أن يكون المراد بهم الإنس خاصة ويكون إشارة إلى إلحاقهم بشياطين الجن بعد موتهم كما أشير إليه في قوله سبحانه : ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ﴾ على ما في بعض التفاسير» الوافي م / ١٤ ص 30 .
7- النساء/ 89.

تكرهون، ولم يكن لكم النَّصَفَةُ منهم في دول الفجّار، فاعرفوا منزلتكم فيما بينكم وبين أهل الباطل، فإنه لا ينبغي لأهل الحق أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل، لأن الله لم يجعل أهل الحق عنده بمنزلة أهل الباطل، ألم يعرفوا وجه قول الله في كتابه إذ يقول :﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ (1). أكرموا أنفسكم عن أهل الباطل، ولا تجعلوا الله تبارك وتعالى - وله المثل الأعلى - وإمامكم ودينكم الذين تدينون به عُرْضَةً لأهل الباطل فتغضبوا الله عليكم فتهلكوا ، فمهلاً مهلاً يا أهل الصلاح، لا تتركوا أمر الله ، وأمر من أمركم بطاعته، فيغيّر الله ما بكم من نعمة، أحبّوا في الله من وصف صفتكم(2)، وابغضوا في الله من خالفكم ، وابذلوا مودتكم ونصيحتكم (لمن وصف صفتكم)، ولا تبتذلوها لمن رغب عن صفتكم وعاداكم عليها وبغى« ل_ »_كم الغوائل، هذا أدبنا أدب الله فخذوا به وتفهّموه واعقلوه ولا تنبذوه وراء ظهوركم ما وافق هُداكم أخذتم به، وما وافق هواكم طرحتموه ولم تأخذوا به، وإياكم والتجبّر على الله(3)، واعلموا أن عبداً لم يَبتَلِ بالتجبر على الله إلا تجبّر على دين الله ، فاستقيموا الله ولا ترتدّوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين، أجارنا الله وإياكم من التجبر على الله، ولا قوة لنا ولكم إلا بالله .

وقال(عليه السلام): إن العبد إذا كان خلقه الله في الأصل - أصل الخلق _ مؤمناً ، لم يمت حتى يُكَرّه الله إليه الشر ويباعده عنه ، ومن كَرّه الله إليه الشرو باعده عنه ، عافاه الله من الكبر أن يدخله والجِبْرِية(4)، فلانت عريكَتُه(5)وحَسُنَ خُلُقُه وطَلقَ وجهُه وصار عليه وقار الإسلام وسكينته وتخشّعه، وورع عن محارم الله ، واجتنب مساخطه، ورزقه الله مودة الناس ومجاملتهم، وترك مقاطعة الناس والخصومات ، ولم يكن منها ولا من أهلها في شيء، وأن العبد إذا كان الله خلقه في الأصل - أصل الخلق - كافراً ، لم يمت حتى يحبِّبِ إليه الشر ويقرّبه منه، فإذا حبَّبَ إليه الشر وقرِّبه منه ابتُلي بالكبر والجِبْرية، فقسا قلبه، وساء خلقه، وغلظ وجهه، وظهر فُحْشُه، وقلّ حياؤه، وكشف الله سره، وركب المحارم فلم ينزع عنها ، وركب معاصي الله وأبغض طاعته وأهلها، فَبَعُدَ ما بین حال المؤمن وحال الكافر .

سلوا الله العافية واطلبوها إليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، صبّروا النفس(6)على البلاء في

ص: 15


1- ص / 28
2- أي دان بعقيدتكم في الولاية بعد الإسلام.
3- أي التكبر على الله بترك ما أمر به وارتكاب ما نهى عنه
4- الجبرية : الكبر، والعطف للبيان .
5- أي سلس انقياده وحَسُنَت عشرته، والعريكة السجية والطبع .
6- أي احملوها على الصبر.

الدنيا فإن تتابع البلاء فيها، والشدة في طاعة الله وولايته وولاية من أمر بولايته، خيرٌ عاقبة عند الله في الآخرة من مُلْكِ الدنيا وإن طال تتابع نعيمها وزهرتها وغضارة عيشها في معصية الله(1). وولاية من نهى الله عن ولايته وطاعته، فإن الله ولايته وطاعته، فإن الله أمر بولاية الأئمة الذين سمّاهم الله في كتابه في قوله: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ (2)وهم الذين أمر الله بولايتهم وطاعتهم، والذين نهى الله عن ولايتهم وطاعتهم، وهم أئمة الضلالة الذين قضى الله أن يكون لهم دول في الدنيا على أولياء الله الأئمة من آل محمد، يعملون في دولتهم بمعصية الله ومعصية رسوله (صلی الله علیه وآله وسلم)، ليحق عليهم كلمة العذاب، وَلِيُتِمَّ أن تكونوا مع نبي الله محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)والرسل من قبله، فتدبّروا ما قص الله عليكم في كتابه مما ابتلى به أنبياءه وأتباعهم المؤمنين ، ثم سلوا الله أن يعطيكم الصبر على البلاء في السرّاء والضرّاء والشدة والرخاء، مثل الذي أعطاهم، وإياكم ومماظَّةَ أهل الباطل، وعليكم بهَدْيِ الصالحين(3)، ووقارهم ، وسكينتهم، وحلمهم، وتخشّعهم وورعهم عن محارم الله ، وصدقهم، ووفائهم، واجتهادهم لله في العمل بطاعته، فإنكم إن لم تفعلوا ذلك لم تنزلوا عند ربكم منزلة الصالحين قبلكم.

واعلموا أن الله إذا أراد بعبد خيراً شرح صدره للإسلام، فإذا أعطاه ذلك : نطق لسانه بالحق، وعقد قلبه عليه فعمل به، فإذا جمع الله له ذلك تم له إسلامه، وكان عند الله إن مات على ذلك الحال من المسلمين حقاً، وإذا لم يرد الله بعبد خيراً وَكَلَه إلى نفسه، وكان صدره ضَيّقاً حَرَجاً ، فإن جرى على لسانه حق لم يعقد قلبه عليه، وإذا لم يعقد قلبه عليه لم يعطه الله العمل به، فإذا اجتمع ذلك عليه حتى يموت وهو على تلك الحال، كان عند الله من المنافقين، وصار ما جرى على لسانه من الحق الذي لم يعطه الله أن يعقد قلبه عليه، ولم يعطه العمل به حجةً عليه، فاتقوا الله ، وسلوه أن يشرح صدوركم للإسلام، وأن يجعل ألسنتكم تنطق بالحق حتى يتوفّاكم وأنتم على ذلك، وأن يجعل منقلبكم منقلب الصالحين قبلكم، ولا قوة إلا بالله، والحمد لله رب العالمين.

ومن سرّه أن يعلم أن الله يحبه، فليعمل بطاعة الله وليتَّبِعنا، ألم يسمع قول الله عز وجل

ص: 16


1- ووجه الخيريّة هو أن لذة الدنيا وبهجتها أمر زائل مهما طال أمده في حين أن عقاب الله الناتج عن معصيته هو أمر دائم في الآخرة لا زوال له ولا انقطاع إضافة إلى حقارة كل لذائذ الدنيا أمام لذائذ الآخرة الدائمة بلا انقطاع القائمة بلا نهاية .
2- الأنبياء / 73 .
3- الهَدْي : السّمت والهيئة

لنبيه(صلی الله علیه وآله وسلم): ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ (1)،والله لا يطيع الله عبد أبداً إلا أدخل الله عليه في طاعته اتّباعنا، ولا والله لا يتّبعنا عبد أبداً إلا أحبه الله، ولا والله لا يدع أحد اتّباعنا أبداً إلا أبغضنا ولا والله لا يُبغِضُنا أحد أبداً إلا عصى الله ، ومن مات عاصياً الله أخزاه الله وأكبّه على وجهه في النار، والحمد الله رب العالمين(2).

صحيفة علي بن الحسين(عليه السلام)وكلامه في الزهد

1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة(3)قال : ما سمعت بأحد من الناس كان أزهد من علي بن الحسين(عليه السلام)إلّا ما بلغني من علي بن أبي طالب(عليه السلام)، قال أبو حمزة : كان الإمام علي بن الحسين(عليه السلام)إذا تكلم في الزهد ، وَوَعَظَ أبكى مَن بحضرته ، قال أبو حمزة وقرأت صحيفة فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسين(عليه السلام)، وكتبت ما فيها ثم أتيت علي بن الحسين صلوات الله عليه فعرضت ما فيها عليه فعرفه وصحّحه وكان ما فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم : كفانا الله وإياكم كيد الظالمين، وبَغْيَ الحاسدين، وبطش الجبّارين، أيها المؤمنون: لا يفتننكم الطواغيت(4)وأتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا، المائلون إليها ، المفتنون بها المقبلون عليها وعلى حطامها الهامد(5)، وهشيمها البائد غداً، واحذروا ما حذّركم الله منها ، وازهدوا فيما زهدكم الله فيه منها ، ولا تركنوا إلى ما في هذه الدنيا ركونَ(6)من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان، والله إن لكم مما فيها عليها «ل_» دليلا وتنبيها من

ص: 17


1- آل عمران/ 31
2- قال المازندراني ١٤١/١١: «واعلم أن الحديث وإن كان ضعيفاً بأسانيده الثلاثة عند المتأخرين، لكنه غير مضرّ لأن أثر الصحة في مضمونه لائح، مع تأيده بالعقل والنقل».
3- اسمه ثابت بن دينار الثمالي، وكنيته دينار أبو صفية . ونسب إلى ثمالة لأن داره كانت في حي طي من بني ثعل، توفي سنة ١٥٠ ه_. يقول الشيخ الصدوق في المشيخة عند ذكر طريقه إليه : وهو ثقة عدل، لقي أربعة من لأئمة(عليهم السلام): علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر(عليه السلام).
4- الطاغوت : المتمردون على أوامر الله ونواهيه ويطلق على كل ما عبد من دون الله . ويأتي للواحد والجمع.
5- الحطام الهشيم وما تكسر من اليبس، وقيل هو في قوله تعالى في سورة الزمر : (ثم يجعله حُطاماً) أي فتاتاً. والهامد: البالي المسود المتغير. هذا وقد تضمن هذا الكلام إشارة إلى أوصاف أهل الدنيا وهي أربع مترتبة وهي : الرغبة فيها ثم الميل إليها ثم الافتتان بها ثم الإقبال عليها والانهماك في تحصيلها بحيث تنسيهم الآخرة.
6- الركون: الميل والسكون والاطمئنان.

تصريف أيّامها ،وتغير انقلابها. ومَثُلاتِها(1)، وتلاعبها بأهلها، إنها لترفع الخميل وتضع الشريف، وتورد أقواماً إلى النار غداً، ففي هذا معتبر ومختبر وزاجر لمتنبه، إن الأمور الواردة عليكم في كل يوم وليلة، من مظلمات(2)الفتن، وحوادث البدع، وسنن الجور، وبوائق الزمان(3)، وهيبة السلطان ووسوسة الشيطان، لتثبط القلوب عن تنبهها، وتذهلها عن موجود الهدى ومعرفة أهل الحق، إلا قليلاً ممن عصم الله ، فليس يعرف تَصَرُّفَ أيامها وتقلّبَ حالاتِها وعاقبةَ ضرر فتنتها إلا من عصم الله ، ونهج سبيل الرشد ، وسلك طريق القَصْد، ثم استعان على ذلك بالزهد، فكرر الفكر واتعظ بالصبر فازدجر، وزهد في عاجل بهجة الدنيا وتجافى عن لذّاتها، ورغب في دائم نعيم الآخرة وسعى لها سعيها ، وراقب الموت ، وشَنَا(4)الحياة مع القوم الظالمين، نظر إلى ما في الدنيا بعين نيّرة حديدة البصر، وأبصر حوادث الفتن، وضلال البدع، وجور الملوك الظَّلَمَة، فلقد لعمري استدبرتم الأمور الماضية في الأيام الخالية من الفتن المتراكمة، والانهماك فيما تستدلّون به على تجنّب الغُواة وأهل البدع والبغي والفساد في الأرض بغير الحق ، فاستعينوا بالله، وارجعوا إلى طاعة الله وطاعة من هو أَوْلى بالطاعة ممن اتُّبعَ فأطيع.

فالحذرَ الحذرَ من الندامة والحسرة، والقدوم على الله والوقوف بين يديه، وتالله ما صدر قوم قطُّ عن معصية الله إلا إلى عذاب، وما آثر قوم قطُّ الدنيا على الآخرة إلا ساء منقلبهم وساء مصيرهم، وما العلم بالله والعمل إلا إلفان مؤتلفان، فمن عرف الله خافه، وحثّه الخوف على العمل بطاعة الله، وإن أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله فعملواله ورغبوا إليه وقد قال الله :﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾(5)، فلا تلتمسوا شيئاً مما في هذه الدنيا بمعصية الله ، واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله، واغتنموا أيامها ، واسعوا لما فيه نجاتكم غداً من عذاب الله ، فإن ذلك أقل للتَّبِعَة وأدنى من العذر، وأرجى للنجاة، فقدموا أمر الله ، وطاعة من أوجب الله طاعته بين يدي الأمور كلها، ولا تقدّموا الأمور الواردة عليكم من طاعة الطواغيت من زهرة الدنيا بين يدي الله وطاعته، وطاعة أولي الأمر منكم .

ص: 18


1- مَثُلات: مثُلة. جمع والمقصود بها هنا العقوبة الفاضحة التي يُتمثَلُ بها . ومنه قوله تعالى في سورة الرعد /٦ : ﴿وقد خَلَتْ من قبلهم المَثُلات﴾.
2- في الوافي : من ملمّات .
3- البوائق : جمع البائقة وهي الداهية وقيل : البوائق : الظلم والغشم ، وقيل : الشر والغوائل .
4- شَنَا : أبْغَضَ .
5- فاطر / 28 .

واعلموا أنكم عبيد الله ، ونحن معكم(1)، يحكم علينا وعليكم سيد حاكم غداً، وهو مُوقِفُكُم ومُسَائلُكُم، فأعدّوا الجواب قبل الوقوف والمُسَاءَلة والعرض على رب العالمين، يومئذ لا تَكَلّم نفس إلا بإذنه(2)

واعلموا أن الله لا يصدق يومئذ كاذباً ، ولا يكذّب صادقاً ، ولا يردّ عُذْرَ مستحق، ولا يعذر غير معذور(3)، له الحجة على خلقه بالرسل والأوصياء بعد الرسل، فاتقوا الله عبادَ الله ، واستقبلوا في إصلاح أنفسكم وطاعة الله وطاعة من تُوَلُّونَه فيها، لعلّ نادماً قد ندم فيما فَرّط بالأمس في جنب الله(4)، وضيّع من حقوق الله، واستغفروا الله وتوبوا إليه، فإنه يقبل التوبة ويعفو عن السيئة ويعلم ما تفعلون .

وإياكم وصحبة العاصين، ومعونة الظالمين، ومجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم، وتباعدوا من ساحتهم، واعلموا أنه من خالف أولياء الله ، ودان بغير دين الله ، واستبد بأمره دون أمر وليِ الله كان في نار تلتهب، تأكل أبدانا قد غابت عنها أرواحها، وغلبت عليها شقْوَتُها، فهم موتى لا يجدون حر النار ولو كانوا أحياء لوجدوا مضض حر النار ، واعتبروا يا أولي الأبصار، واحمدوا الله على ما هداكم ، واعلموا أنكم لا تخرجون من قدرة الله إلى غير قدرته ، وسيرى الله عملكم ورسوله ثم إليه ،تُحشرون فانتفعوا بالعظة، وتأدَبوا بآداب الصالحين .

3- أحمد بن محمد بن أحمد الكوفي وهو العاصمي ، عن عبد الواحد بن الصّواف، عن محمد بن إسماعيل الهمداني، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين(عليه السلام) يوصي أصحابه ويقول : أوصيكم بتقوى الله فإنها غبطة(5)الطالب الراجي ، وثقة الهارب اللاجي، واستشعروا التقوى شعاراً ،باطناً، واذكروا الله ذكراً خالصاً تحيوا به أفضل الحياة ، وتسلكوا به طريق النجاة، انظروا في الدنيا نظر الزاهد المفارق لها، فإنها تزيل الثاوي(6)الساكن، وتفجع المُتْرَفَ(7)الأمن ، لا يرجى منها ما تولّى فأدبر ، ولا يدرى ما هو آت منها فيُنتَظَر، وصل البلاء

ص: 19


1- أي نحن مثلكم عبيد الله
2- لا تكلَّم : أي لا تتكلم، وهو مأخوذ من قوله تعالى في سورة هود / ١٠٥: ﴿ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ .
3- وذلك كله حق ، لأنه سبحانه الحكم العدل الذي لا يجور ولا يظلم نفساً مثقال ذرة .
4- جنب الله : أي أمره وشأنه، فالكلام مسوق على التمثيل، كما تقول : اتق الله في جنب أخيك، أي : ارغ له حقه وشأنه، ومنه قوله تعالى في سورة الزمر / ٥٦ : ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾
5- الغبطة : حسن الحال، والمسرة.
6- الثاوي : المقيم .
7- المُترف: المتنعم .

منها بالرخاء، والبقاء منها إلى فناء، فسرورها مشوب(1)بالحزن، والبقاء فيها إلى الضعف والوهن، فهي كروضة اعتّم(2)مرعاها ، وأعجبت من يراها عذب شربها، طيب تربها، تمج(3)عروقها الثرى وتنطف(4)فروعها الندى، حتى إذا بلغ العشب إبّانه، واستوى بنانه، هاجت ريح تحت الورق، وتفّرق ما اتّسق، فأصبحت كما قال الله : ﴿ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾(5)، انظروا في الدنيا في كثرة ما يعجبكم وقلة ما ينفعكم.

خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)وهي خطبة الوسيلة

٤ - محمد بن علي بن معمر، عن محمد بن علي بن عكاية التميمي، عن الحسين بن النضر الفهري، عن أبي عمرو الأوزاعي ، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد قال : دخلت على أبي جعفر(عليه السلام) فقلت : يابن رسول الله : قد أرمضني(6) اختلاف الشيعة في مذاهبها؟ فقال : يا جابر ألم أقِفْكَ على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ومن أي جهة تفرّقوا ؟ قلت : بلى یابن رسول الله، قال: فلا تختلف إذا اختلفوا يا جابر، إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في أيامه، يا جابر اسمع وَعِ ، قلت : إذا شئت، قال: اسمع وعِ وبلّغ حيث انتهت بك راحلتكَ، إن أمير المؤمنين(عليه السلام)خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه فقال : الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده، وحجب العقول أن تتخيل ذاته(7)لامتناعها من الشبه والتشاكل، بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته، ولا يتبعض بتجزئة العدد في كماله، فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن، ويكون فيها لا على وجه الممازجة(8)، وعَلِمَها لا بأداة(9)لا يكون العلم إلا بها، وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان عالماً بمعلومه، إن قيل : كان فعلى تأويل أزلية الوجود، وإن قيل : لم

ص: 20


1- مَشُوب : أي مختلط.
2- اعتم: أي اكتهل.
3- المج: الرمي عن الفم، وهو كناية عن إحكام العروق في الأرض.
4- النطف المص ، وهو كناية عن نضارة الفروع وطراوتها .
5- الكهف / ٤٥ .
6- أي أحرقني وأوجعني .
7- أي تدركها .
8- أي المداخلة والاحتواء كالظرف والمظروف .
9- أي بحاسة من الحواس الجسمانية المعهودة وذلك لاستحالة كونه جسماً من جهة ولاستحالة افتقاره إلى شيء لأنه الغني المطلق .

يزل، فعلى تأويل نفي العدم، فسبحانه وتعالى عن قول من عَبَدَ سواه، واتخذ إلهاً غيره عُلُّواً كبيراً .

نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه(1)، وأوجب قبوله على نفسه(2)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، شهادتان ترفعان القول(3)وتضاعفان العمل(4)، خفّ میزان تُرفعان منه ، وثَقُلَ ميزان توضعان فيه، وبهما الفوز بالجنة والنجاة من النار ، والجواز على الصراط، وبالشهادة تدخلون الجنة ، وبالصلاة(5)تنالون الرحمة، أكثروا من الصلاة على نبيكم ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾(6)(صلی الله علیه وآله وسلم)وسلم تسليماً .

أيها الناس : إنه لا شرف أعلى من الإسلام ، ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل(7)أحرز من الورع ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا لبأس أجمل من العافية، ولا وقاية أمنع من السلامة، ولا مال أذهب بالفاقة من الرضى بالقناعة، ولا كنز أغنى من القنوع، ومن اقتصر على بلغة الكفاف(8)فقد انتظم الراحة وتبوّأ خَفْضَ الدَّعَة(9)، والرغبة مفتاح التعب، والاحتكار(10)مطية النَّصّب، والحسد آفة الدين، والحرص داع إلى التقحّم في الذنوب وهو داعي الحرمان، والبغي سائق إلى الحَيْنَ(11)، والشره جامع لمساوي العيوب، رُبَّ طمع خائب، وأمل كاذب، ورجاء يؤدي إلى الحرمان، وتجارة تؤول إلى الخسران، ألا ومن تورّط في الأمور غير ناظر في العواقب، فقد تعرّض لمفضحات النوائب، وبئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن .

أيها الناس : إنه لا كنز أنفع من العلم، ولا عز أرفع من الحلم، ولا حَسَبَ أبلغ من الأدب، ولا نَصَبَ أوضع من الغضب، ولا جمال أزين من العقل، ولا سوأة أسوأ من الكذب،

ص: 21


1- وهو الحمد المنبعث عن معرفة أنه أهل للحمد على نحو الحقيقة المقترن بكمال الإخلاص والخلوص .
2- قيل بأنه حجة على من ذهب إلى إنكار وجوب شيء على الله سبحانه
3- أي ترفعه إلى درجة القبول، وإليه يشير قوله تعالى : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه
4- أي تضاعفان ثوابه.
5- قيل : أي بالصلاة على محمد وآله(صلی الله علیه وآله وسلم)ينال الإنسان الرحمة : أي القرب والكرامة ورفع الدرجة .
6- الأحزاب / ٥٦ والصلاة من الإنسان الدعاء ومن الله الاستجابة والمغفرة.
7- المعقل : الحصن والملجأ والمراد أن الورع هو الحصن الذي يحصن الإنسان من الانجرار وراء المحرمات والموبقات المردية المهلكة .
8- البلغة ما تبلغ به من العيش والكفاف ما كف عن الناس من القوت وأغنى عنهم.
9- أي تمكن واستقر في متسع الراحة .
10- الاحتكار : الجمع والإمساك.
11- الحَيْن: الحتف والهلكة .

ولا حافظ أحفظ من الصمت، ولا غائب أقرب من الموت.

أيها الناس: «إنه» من نظر في عَيْب نفسه اشتغل عن عيب غيره، ومن رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره، ومن سلّ سيف البغي قُتل به، ومن حفر لأخيه بئراً وقع فيها، ومن هتك حجاب غیره انكشفت عورات بيته، ومن نسي زلله استعظم زلل غيره، ومن أعجِبَ برأيه ضلّ، ومن استغنى بعقله زَلّ، ومن تكبر على الناس ذلّ، ومن سفه على الناس شُتم، ومن خالط الانذال ،حُقّر، ومن حمل ما لا يطيق عجز.

أيها الناس إنه لا مال«هو» أعود(1)من العقل، ولا فقر«هو»أشد من الجهل، ولا واعظ«هو» أبلغ من النصح، ولا عقل كالتدبير، ولا عبادة كالتفكر، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا وحشة أشد من العجب، ولاورع كالكف عن المحارم، ولا حِلْم كالصبر والصمت .

أيها الناس : في الإنسان عشر خصال يُظهرها لسانه: شاهد يخبر عن الضمير، وحاكم يفصل بين الخطاب ،وناطق يُرَدّ به الجواب، وشافع يُدرَك به الحاجة، وواصف يُعرف به الأشياء، وأمير يأمر بالحَسَن، وواعظ ينهى عن القبيح ،ومُعَزّ(2)تسكن به الأحزان، وحاضر تُجلى به الضغائن(3)، ومونِق(4)تلتذ به الأسماع .

أيها الناس : إنه لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل.

واعلموا أيها الناس، أنه من لم يملك لسانه يندم ، ومن لا يعلم يجهل، ومن لا يتحلم(5)لا يحلَم، ومن لا يرتدع لا يعقل، ومن لا يعقل يَهُن، ومن يَهُن لا يوقّر، ومن لا يوقر يتوبخ ، «ومن يتَّق ينج خ ل» ، ومن يكتسب مالاً من غير حقه يصرفه في غير أجْره، ومن أجْره، ومن لا يدع وهو محمود يدع وهو مذموم ، ومن لم يعط قاعداً منع قائماً (6)، ومن يطلب العز بغير حق يَذِلّ، ومن يغلب بالجور يُغلب، ومن عاند الحق لزمه الوهن، ومن تفقه وُقّر، ومن تكبّر حُقِّر، ومن لا يُحْسِن لا يُحمد .

ص: 22


1- أعود: أي أنفع.
2- من التعزية بمعنى التسلية .
3- الضغينة : الحقد والسخيمة .
4- المونق : المعجب.
5- يتحلم : أي يتكلف الجلم .
6- «يعني أن الرزق قد قسمه الله فمن لم يرزق قاعداً لم يُجد له القيام» الوافي للفيض، م /١٤ ص8.

أيها الناس : إن المنية قبل الدنيّة(1)، والتجلّد قبل التبلّد ، والحساب قبل العقاب، والقبر خير من الفقر، وغض البصر خير من كثير من النظر، والدهر يوم لك ويوم عليك ، فإذا كان لك فلا تبطر(2)، وإذا كان عليك فاصبر، فبكليهما تُمتحن . - وفي نسخة : وكلاهما سيُخْتَبَر-.

أيها الناس : أعجب ما في الإنسان قلبه، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء أذّله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأَسَف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ وإن أُسْعِد بالرضى نسي التحفظ، وإن ناله الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الأمن استلبته الغرّة (3)- وفي نسخة : أخذته العزة - ، وإن جُدّدت له نعمة أخذته العزة ، وإن أفاد مالاً أطغاه الغنى، وإن عضّته فاقة شغله البلاء، _ وفي نسخة : جهده البكاء- ، وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف ، وإن أفرط في الشَّبع كظّته(4)البطنة، فكل تقصير به مُضِرّ، وكل إفراط له مفسد.

أيها الناس : إنه من فَلّ(5)ذل، ومن جاد ساد، ومن كثر ماله رَأْس، ومن كثر حِلمه نبُل(6)، ومن أفكر(7)في ذات الله تزندق، ومن أكثر من شيء عُرف به، ومن كثر مزاحه استُخِف به ومن كثر ضحكه ذهبت هیبته فسد حَسَبُ من ليس له أدب، إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال، ليس من جالس الجاهل بذي معقول(8)، من جالس الجاهل فليستعدّ لقيل وقال، لن ينجو من الموت غني بماله ولا فقير لإقلاله .

أيها الناس : لو أن الموت يُشْترى لاشتراه من أهل الدنيا الكريم الأبلَج (9)، واللئيم الملهوج (10) ومن

ص: 23


1- « يعني أن الموت خير من الذلّة، فالمراد بالقبلية القبلية بالشرف وفي نهج البلاغة : المنية ولا الدنيّة ... وهو أوضح» الوافي للفيض، ن.م.
2- البطر: الأشر والطغيان في النعمة .
3- الغرّة: الغفلة
4- كظته البطنة : أي ملأته حتى لا يقدر على التنفس.
5- قال في الصحاح : فله فانقل أي كسره فانكسر وفي بعض النسخ من قل ذل أي من قل أعوانه وعشيرته هان على الناس ، وقيل : من قل عطاؤه ،ذلّ، ولعل ما يليه من قوله : ومن جاد ساد، يؤيد رواية القاف.
6- النبل : النباهة والذكاء .
7- افكر : أي اعمل فكره وأجال نظره. ومنه القول المأثور : من تمنطق تزندق .
8- أي بذي عقل وعلم ،« لأن الجاهل منتهى غرضه التصرف في أحوال الدنيا وكيفية تحصيلها والتمتع بها والتكلم بالفضول ولا ينفذ بصره إلى أحوال الآخرة، والعالم على عكس ذلك، فبينهما تضاد والمتضادان لا يجتمعان في محل واحد ... الخ» المازندراني 22٤/١١ .
9- أي الذي اشتهر كرمه وظهر .
10- الملهوج : الحريص . ووجه اشترائهما الموت رضاهما به ، لأن الكريم إذا اشتهر كرمه توجه الناس إليه بما عجز عن قدر اشتهاره وعلو همته وخجل مما نسب إليه فرضي بالموت، وأما الحريص فلأنه لم يبلغ ما حرص عليه فلا يزال يتعب نفسه ويزيد حرصه فيتمنى بذلك «الموت الوافي للفيض، ص 8 .

أيها الناس: إن للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط وفطنة الفهم للمواعظ، ما يدعو النفس إلى الحذر من الخطر، وللقلوب خواطر للهوى، والعقول تزجر وتنهى ، وفي التجارب علم مستأنف والاعتبار يقود إلى الرشاد، وكفاك أدباً لنفسك ما تكرهه لغيرك، وعليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه، لقد خاطر من استغنى برأيه، والتدبّر قبل العمل فإنه يؤمنك من الندم، ومَن استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ، أمسك عنالفضول عدلت رأيه العقول، ومن حصن شهوته فقد صان قَدْرَه، ومن أمسك لسانه أمنه قومه ، ونال حاجته، وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال ، والأيام توضح لك السرائر الكامنة، وليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة، ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار والهيبة، وأشرف الغنى ترك المنى، والصبر جُنّة من الفاقة والحرص علامة الفقر، والبخل جلباب المسكنة(1)، والمودّة قرابة مستفادة، وَوَصُول معدّم (2)خير من جافٍ مُكثر، والموعظة كهف لمن وعاها ، ومن أطلق طرفه (3) كثر أسفه(4)، وقد أوجب الدهر شكره على ما نال سؤله، وقل ما ينصفك اللسان(5)في نشر قبيح أو إحسان، ومن ضاق خلقه مله أهله، نال(6)ومن استطال، وقلّ ما تَصْدُقُكَ الأمنية، والتواضع يكسوك المهابة، وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق، كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره ، ومن كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه ، وانحَ القصدَ من القول(7)، فإن من تحرّى القصدَ خفّت عليه المؤن، وفي خلاف النفس رشدك ، من عَرَف الأيام لم يغقل عن الاستعداد، ألا وإن مع كل جرعة شَرَقاً، وإن في كل أكلة غصصاً، لا تُنِال نعمة إلا بزوال حى، ولكل ذي رمق ،قوت، ولكل حبة آكل، وأنت قوتُ الموت.

اعلموا أيها الناس : أنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها، والليل والنهار يتنازعان - وفي نسخة أخرى - : يتسارعان في هدم الأعمار.

أيها الناس : كفر النعمة لؤم ، وصحبة الجاهل شؤم، إن من الكرم لينَ الكلام، ومن

ص: 24


1- أي يلبس صاحبه المسكنة والذلة .
2- أي بارُّ فقير .
3- الطرف العين .
4- «لأنه ربما يتعلق بقلبه مما نظر إليه ما يلهيه عن المهمات أو يوقعه في الآفات» الوافي للفيض م / ١٤ / ص ٨ .
5- «أي يحملك في الأكثر على المبالغة والزيادة في القول» الوافي للفيض، ن . م .
6- أي من نال ما يتمناه .
7- القصد من القول - وغيره - : ما لا إفراط فيه ولا تفريط .

العبادة إظهار اللسان(1)وإفشاء السلام، إياك والخديعة فإنها من خُلُق اللئيم ، ليس كل طالب يصيب(2)ولا كل غائب يؤوب، لا ترغب فيمن زهد فيك، رب بعيد هو أقرب من قريب، سَلْ عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار ، ألا ومن أسرع في المسير أدركه المقيل(3)، استر عورة أخيك كما تعلمها فيك، اغتفر زلّة صديقك ليوم يركبك عدوك، من غضب على من لا يقدر على ضرّه طال حزنه وَعَذَّبَ نفسه، من خاف ربه كفّ ظلمه _ وفي نسخة : من خاف ربه كفى- عذابه - ، ومن لم يزغ في كلامه أظهر فخره(4)، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة، إن من الفساد إضاعة الزاد، ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غداً(5)، هيهات هيهات، وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم، وما شرِّ بشرّ بعده ،الجنة وما خير بخير بعده النار ، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية، وعند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر، تصفية العمل أشد من العمل، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد هيهات، لولا التّقى لكنتُ أدهى العرب(6).

أيها الناس : إن الله تعالى وعد نبيه محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)الوسيلة ، وَوَعْدُهُ الحق، ولن يُخلف الله وعده، ألا وإن الوسيلة على درج الجنة ، وذروة ذوائب الرُّلْفَة (7)، ونهاية غاية الأمنية، لها ألف مرقاة ، ما بين المرقاة إلى المرقاة حُضْرُ الفرس(8)الجواد مائة عام، وهو ما بين مرقاة درة إلى مرقاة جوهرة، إلى مرقاة ،زبرجدة إلى مرقاة لؤلؤة إلى مرقاة ياقوتة إلى مرقاة زمردة، إلى مرقاة

ص: 25


1- يقصد الإبانة به عن الحكمة وأداء الموعظة الحسنة، وإظهار الشكر والاعتراف بالذنب لخالقه ونصرة الحق، كل ذلك بالقول الذي هو إرادة ظاهرة كاشفة عن الإرادة الباطنة الكامنة في صقع الفس.
2- أي يحقق مطلوبه .
3- من القيلولة، ويقصد به الموت الذي هو نهاية سفر الإنسان في هذه الحياة إذا ما أسرع الليل والنهار في هدم الأعمار
4- أي يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.في الوافي : ومن لم يرغ بالراء من الإرغاء، وهو عدم الإفصاح عن المعنى عند التكلم. وفي الفقيه : ومن لم يرع في كلامه أظهر هجره : من الرعاية والحفظ واعلم أن كثير من الكلمات الحكمية الواردة هنا قد أوردها في الفقيه ٤ ، ١٧٦ - باب النوادر وهو آخر الكتاب ، ح ٥٦ فراجع .
5- أي يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون.
6- أي لولا أني اتقي الله تعالى وأراعي في أموري وسياساتي ما أمرتُ به غير مجاوز عنه إلى استعمال آرائي فيها لكنت أفوق سائر العرب في الرأي والسياسة للناس» الوافي للفيض م ١٤ص9.
7- الذروة: القمة والجزء الأعلى من الشيء، والزلفة : القرب. وهي استعاره .
8- حُضْر الفرس : ارتفاعه فى عدوه والمرقاة : الدرجة .

مرجانة، إلى مرقاة كافور، إلى مرقاة ،عنبر، إلى مرقاة يلنجوج(1)، إلى مرقاة ذهب، إلى مرقاة غمام، إلى مرقاة هواء، إلى مرقاة نور(2)، قد أنافت(3)على كل الجنان، ورسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يومئذ قاعد عليها، مرتدٍ برِيِطَتَيْن : رِيطة من رحمة الله ، ورِيطة(4) من نور الله ، عليه تاج النبوة وإكليل الرسالة ، قد أشرق بنوره الموقف، وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته ، وعَلَيّ ريطتان: ريطة من أرجوان النور، وربطة من كافور، والرسل والأنبياء قد وقفوا على المراقي ، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور(5)أيْماننا، وقد تجللهم حلل النور والكرامة، لا يرانا مَلَك مقرّب ولا نبيُّ مُرسل إلا بهت بأنوارنا، وعجب من ضيائنا وجلالتنا، وعن يمين الوسيلة عن يمين الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم) غمامة بسطةَ البصر يأتي منها النداء : يا أهل الموقف : طوبي لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي العربي، ومن كفر فالنار موعده، وعن يسار الوسيلة عن يسار الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم)ظُلَّةٌ يأتي منها النداء : يا أهل الموقف طوبي لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي والذي له الملك الأعلى، لا فاز أحد ولا نال الرَّوْحَ والجنة إلا من لقي خالقه بالإخلاص لهما والاقتداء بنجومهما ،فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم، وشرف مقعدكم ، وكرم مآبكم، وبفوزكم اليوم على سرر متقابلين، ويا أهل الانحراف والصدود عن الله عز ذِكْره ورسوله وصراطه وأعلام الأزمنة، أيقنوا بسواد وجوهكم وغضب ربكم جزاءاً بما كنتم تعملون، وما من رسول سَلَفَ ولا نبي مضى ، إلا وقد كان مخبراً أمته بالمرسل الوارد من بعده، ومبشراً برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وموصياً قومه باتباعه ومحلّيه عند قومه ليعرفوه بصفته وليتبعوه على شريعته، ولئلا يضلوا فيه من بعده، فيكون من هلك «أ» وصل بعد وقوع الإعذار والإنذار عن بيئة وتعيين حجة، فكانت الأمم فى رجاء من الرسل وورود من الأنبياء، ولئن أصيبت بفقد نبي بعد نبي، على عظم مصائبهم وفجائعها بهم، فقد كانت على سعة من الأمل، ولا مصيبة عظمت ولا رزية جلت كالمصيبة برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، لأن الله ختم به الإنذار والإعذار ، وقطع به الاحتجاج والعذر بينه وبين خلقه، وجعله بابه الذي بينه وبين عباده ، ومهيمنه الذي لا يقبل إلا به ولا قربة إليه إلا بطاعته، وقال في محكم كتابه :﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ

ص: 26


1- يلنجوج : عود يتبخر به - هكذا في القاموس -.
2- «وتشبيه المراقي بالجواهر المختلفة إشارة إلى اختلاف الدرجات في الشرف والفضل» الوافي للفيض م / ١٤ ص ٩ .
3- أي أشرفت.
4- الريطة : كل ثوب رقيق ليّن .
5- لعل المراد بهؤلاء الأوصياء(عليه السلام)والعلماء في عصر الغيبة فإن كلا منهم حجة الله على الخلق وعلم عصره وزمانه .

حَفِيظًا ﴾(1) فقرن طاعته بطاعته ومعصيته بمعصيته ، فكان ذلك دليلاً على ما فوض إليه، وشاهداً له على من اتبعه وعصاه، وبيّن ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم، فقال تبارك وتعالى في التحريض على اتباعه والترغيب في تصديقه والقبول لدعوته :﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾(2)، فاتباعه(صلی الله علیه وآله وسلم) محبة الله، ورضاه غفران الذنوب وكمال الفوز ووجوب الجنة، وفي التولّي عنه والأعراض محادّة الله وغضبه وسخطه والبعد منه مسكن النار، وذلك قوله : ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾(3)، يعني الجحود به والعصيان له، فإن الله تبارك اسمه امتحن عباده، وقتل بيدي أضداده، وأفنى بسيفي جحّاده، وجعلني زُلْفَةً للمؤمنين، وحياضَ موت على الجبّارين، وسيفَه على المجرمين، وشدّ بي أزر رسوله، وأكرمني بنصره، وشَرّفني بعلمه، وحباني بأحكامه، واختصّني بوصيته، واصطفاني بخلافته في أمته، فقال(صلی الله علیه وآله وسلم)- وقد حشده(4)المهاجرون والأنصار وانغصّت بهم المحافل(5):

أيها الناس : إن علياً مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبيَّ بعدي ، فعقل المؤمنون عن الله نُطقَ الرسول، إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه وأمه كما كان هارون أخا موسى لأبيه وأمه، ولا كنت نبياً فاقتضى نبوة، ولكن كان ذلك منه استخلافاً لي كما استخلف موسى هارون(عليه السلام) حيث يقول :﴿ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ (6)وقوله(صلی الله علیه وآله وسلم)حين تكلمت طائفة فقالت : نحن موالي رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فخرج رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إلى حجة الوداع ، ثم صار إلى غدير خُمّ ، فأمر فأصلِحَ له شبه المنبر ، ثم علاه وأخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه رافعاً صوته قائلا في محفله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فكانت على ولايتي ولاية الله، وعلى عداوتي عداوة الله . وأنزل الله عز وجل في ذلك اليوم :﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾(7)فكانت ولايتي كمال الدين، ورضا الرب جلّ ذِكْره، وأنزل الله تبارك وتعالى اختصاصاً لي، وتكرّماً نحلنيه، وإعظاماً وتفضيلاً من رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)منحنيه وهو قوله تعالى : ﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ

ص: 27


1- النساء/ 80 .
2- آل عمران/ 31
3- هود / 17 .
4- أي اجتمعوا عليه .
5- أي ضاقت بهم لكثرتهم المجامع وامتلات لكثرتهم المجامع وامتلأت حتى لا تقبل المزيد .
6- الأعراف/ ١٤٢ .
7- المأعده/ 3 .

أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ (1)، في مناقب(2)لو ذكرتها لعظَّم بها الارتفاع فطال لها الاستماع، ولئن تَقَمَّصها دوني الأشْقَيَان(3)، ونازعاني فيما ليس لهما بحق، وركباها ضلالة، واعتقداها جهالة، فلبئس ما عليه وَرَدا ، ولبئس ما لأنفسهما مَهَدا، يتلاعنان في دورهما ويتبرأ كل واحد منهما من صاحبه، يقول القرينه إذا التقيا : ﴿ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾(4)، فيجيبه الأشقى على رثوثة(5): يا ليتني لم أتخذك خليلاً (6)، لقد أضللتني عن الذِّكْر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً ، فأنا الذكر الذي عنه ضلَّ، والسبيلٌ الذي عنه مَالَ، والإيمان الذي به كفر، والقرآن الذي إياه هجر، والدين الذي به كذب، والصراط الذي عنه نَكَبَ (7)، ولئن رتعا في الحُطام (8)المنصرم والغرور المنقطع ، وكانا منه على شَفَا حفرة من النار لهما على شر ورود، في أخيب وفود وألعن مورود ، يتصارخان باللعنة ويتناعقان بالحسرة، ما لهما من راحة ولا عن عذابهما من مندوحة (9)، إن القوم لن يزالوا عبّادَ أصنام وسَدَنَةً(10)أوثان ، يقيمون لها المناسك، وينصبون لها العتائر(11)، ويتخذون لها القربان، ويجعلون لها البَحِيرَة والوصيلة والسائبة والحامّ (12)، ويستقسمون بالأزلام عامهين عن الله عز ذكره. حائرين عن الرشاد، مهطعين إلى العباد، وقد استحوذ عليهم الشيطان، وغمرتهم سوداء الجاهلية، ورضعوها جهالة وانفطموها ضلالة، فأَخْرَجَنا الله إليهم رحمة، واطلعنا عليهم رأفة، وأسفر بنا عن الحُجُب نوراً

ص: 28


1- الأنعام / ٦٢ . ولعله أراد(عليه السلام)عندما استشهد بهذه الآية، أن يبين أن المراد بالمولى فيها هو نفسه(عليه السلام)وأنه مولاهم الحق، إذ إن ردّهم إليه(عليه السلام)في النتيجة هو رد إلى الله سبحانه .
2- أي فى جملة مناقب كثيرة .
3- أي جعلا الخلافة عليهما كالقميص والمراد بهما الأول والثاني .
4- الزخرف/ 38 . بعد المشرقين : أي بعد كل منهما من الآخر.
5- الرثاثة : - في الحال والمنظر - الدمامة والقبح، وثياب رثة : أي بالية خَلِقَة. وفي الوافي : على وُتُوبه .
6- في سورة الفرقان/ 28 وهو بصدد حوار أهل النار﴿ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾. والخليل: الصديق المخلص، أو الحبيب.
7- نكَبَ : أي عدل. وفي الوافي : تنكّب.
8- الحطام :الهشيم.
9- المندوحة : السعة وفسحة للنجاة .
10- سدنة : جمع سادن وهو الخادم القائم على أمور شخص أو جهة .
11- العتائر : جمع العنيرة، وهي الذبيحة التي كانوا في الجاهلية يقدمونها للأصنام، ويلطخونها بدمائها .
12- البحيرة : الناقة إذا نُتِجَتْ خمسة أبطن عُمدِ إلى الخامس، فما لم يكن ذكراً بتكَ آذانها أي شقها ثم لا يَجُز لها وبراً ولا يذوق لها لبناً، وسمّاها لآلهتهم والوصيلة : الشاة إذا ولدت سبعاً ، عمد إلى السابع فإن كان ذكراً ذبح لآلهتهم وإن كان أنثى ،تركت وإن كان في بطنها اثنان ذكر وأنثى فولدتهما قالوا وصلت أخاها، فيتركان جميعاً لا يُذبحان، والسائبة ما يسيّبُ من ماله ولا يُمنع من حوض ولا حمى ، وهي الماشية المسيبة المخلاة، وكانوا في الجاهلية يفعلون ذلك ببعض مواشيهم فيحرمون الانتفاع بها على أنفسهم ويتركونها سائبة لآلهتهم . والحامي : الفحل يكون عند الرجل فإذا لقح عشر سنين قيل : قد حمى ظهره وسمي بالحامّ .

لمن اقتبسه وفضلاً لمن اتَّبعه، وتأييداً لمن صدّقه، فتبوأوا العز بعد الذلّة، والكثرة بعد القلّة، وهابتهم القلوب والأبصار ، وأذعنت لهم الجبابرة وطوائفها، وصاروا أهل نعمة مذكورة وكرامة ميسورة، وأمنٍ بعد خوف، وجمع بعد كُوف(1)، وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان ، وأولجناهم باب الهدى، وأدخلناهم دار السلام، وأشملناهم ثوب الإيمان، وفلجوا بنا في العالمين، وأبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين: من حام مجاهد، ومصلّ قانت، ومعتكف زاهد، يظهرون الأمانة ويأتون المثابة، حتى إذا دعا الله عز وجل نبيه(صلی الله علیه وآله وسلم)ورفعه إليه، لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خَفْقَة، أو وميض من بَرْقة، إلى أن رجعوا على الأعقاب، وانتكصوا على الأدبار، وطلبوا بالأوتار، وأظهروا الكتائب، وردموا الباب، وفلّوا الديار، وغيّروا آثار رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، ورغبوا عن أحكامه، وبعدوا من أنواره، واستبدلوا بمستخلفه بديلا ، اتخذوه وكانوا ظالمين، وزعموا أن من اختاروا من آل أبي قُحافة أولى بمقام رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ممن اختار رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)لمقامه، وأن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجريّ الأنصاريّ الربّاني ناموس هاشم بن عبد مناف، ألا وإن أول شهادة زور وقعت في الإسلام، شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فلما كان من أمر سعد بن عبادة(2)ما كان رجعوا عن ذلك وقالوا : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)مضى ولم يستخلف، فكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) الطيبُ المباركُ أولَ مشهودٍ عليه بالزور في الإسلام، وعن قليل يجدون غِبَّ (3) ما أسّسه الأولون، ولئن كانوا في مندوحة من المَهَل، وشفاء من الأجَل، وسعة من المنقلَب ، واستدراج من الغرور، وسكون من الحال ، وإدراك من الأمل، فقد أمهل الله عز وجل شدّاد بن عاد، وثمود بن عبّود، وبَلْعم بن باعور، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، وأمدّهم بالأموال والأعمار، وأتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله، وليعرفوا الإهابة له والإنابة إليه، ولينتهوا عن الاستكبار، فلما بلغوا المدة، واستتمّوا الأكلة، أخذهم الله عز وجل واصطَلَمَهُم (4)، فمنهم من حَصَب، ومنهم من أخذته الصَّيحة(5)،

ص: 29


1- الكوف: القطع ، والتمزق .
2- «كأنه أشار(عليه السلام)بذلك إلى إباء سعد عن بيعة أبي بكر واحتجاجه عليهم بمخالفتهم الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم)، وكان من جملة كلامه لعمر أنه قال له يا ابن صهباك الحبشية - وكانت جدة لعمر - أما والله لو أن لي قوة على النهوض - وكان مريضاً _ لمعت مني في سككها زئيراً يزعجك وأصحابك، ولا لحفتكم بقوم كنتم فيهم أذناباً أذلاء تابعين غير متبوعين فلقد اجترأتم على الله وخالفتم ،رسوله يا آل الخزرج، احملوني من مكان الفتنة، فحُمِل» الوافي للفيض م /١٤ ص ١٠ .
3- الغِبّ : العاقبة والنتيجة .
4- اصطلمهم : أي استأصلهم، واجْتَذَهُم .
5- كقوم شعیب (عليه السلام).

ومنهم من أحرقته الظُّلَّة(1)ومنهم من أوْدَتْه الرَّجْفة(2)، ومنهم من أرْدَته الخسْفة(3): ﴿وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ (4)، ألا وإن لكل أجل كتاباً، فإذا بلغ الكتاب أجله، لو كُشِف لك عما هوى إليه الظالمون وآل إليه الأخسرون، لهربت إلى الله عز وجل مما هم عليه مقيمون وإليه صائرون، ألا وإني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون، وَكَبَابِ حِطَّة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قوم نوح إني النبأ العظيم والصدّيق الأكبر، وعن قليل ستعلمون ما توعدون، وهل هي إلا كلعقة الأكل، ومَذْقة(5) الشارب، وخفقة الوسنان(6)، ثم تلزمهم المعرّات(7)خزياً في الدنيا ويوم القيامة يردّون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما يعملون، فما جزاء من تتكَّب مَحَجَّته؟ وأنكر حُجته، وخالف هداته ، وحاد عن نوره، واقتحم في ظلمه، واستبدل بالماء السرابَ وبالنعيم العذاب، وبالفوز الشقاء وبالسرّاء الضرّاء، وبالسعة الضنك، إلا جزاء اقترافه وسوء خلافه، فليوقنوا بالوعد على حقيقته، وليستيقنوا بما يوعدون ؛ ﴿ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ،إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ،يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ﴾- إلى آخر السورة -(8).

خطبة لأمیر المومنین(علیه السلام)وهی خطبۀ الطَّالوتِيَّة

(9).

5- محمد بن علي بن معمر، عن محمد بن علي قال حدثنا عبد الله بن أيوب الأشعري، عن عمرو الأوزاعي ، عن عمرو بن شمّر، عن سَلَمَة بن كُهَيل، عن أبي الهيثم بن التّيهان : أن أمير المؤمنين(عليه السلام)خطب الناس بالمدينة فقال : الحمد لله الذي لا إله إلّا هو، كان حياً بلا كيف(10)، ولم يكن له كان ، ولا كان لكانه كيف، ولا كان له أين ، ولا كان في شيء، ولا

ص: 30


1- الظلة : قيل : كان غيماً تحته سموم . وهم أصحاب الأيكة .
2- وهم قوم صالح عندما عقروا الناقة .
3- كقارون .
4- العنكبوت / ٤٠ .
5- مذقة الشارب : تقال للبن المخلوط بالماء. لأن المذق هو الخلط والمزج .
6- الوسنان :من أخذته السنة، وهي النعاس .
7- المعرة: الإثم والأذى، والغرم.
8- هي سورة ق ، وقوله :﴿ يوم تأتي الصيحة بالحق ... ﴾هي الآية رقم ٤٢ ولكن فيها ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ ...﴾ الخ .
9- قيل : سمّيت بالطالوتية لاشتمالها على ذكر طالوت وأصحابه. هذا وقد عنونها الفيض في الوافي : باب خطبته(عليه السلام)في معاتبة أصحابه .
10- بلا كيف : وذلك لأن الكيف من المقولات التي تنطبق على الحادث دون القديم سبحانه، وذلك كالاين والمتى والكم . الخ، ومن هنا كانت حياته عين ذاته لا إنها أمر زائد عليها قائم بها، وكذلك باقي صفاته سبحانه . وحياته سبحانه مما قامت الضرورة على التصديق بها من خلال النقل والعقل، أما الأول فواضح ، وأما الثاني فلان آثار علمه وقدرته مع ما اشتملت عليه من بديع الصنع والحكمة دلت على حياته إذ لا يعقل أن تصدر عن غير حي .

كان على شيء. ولا ابتدع لكانه مكاناً ، ولا قوي بعدما كون شيئاً، ولا كان ضعيفاً قبل أن يكون شيئاً، ولا كان مستوحشاً قبل أن يبتدع شيئاً . ولا يشبه شيئاً، ولا كان خلواً عن الملك قبل إنشائه، ولا يكون خلوا منه بعد ذهابه، كان إنها حياً بلا حياة(1)، ومالكاً قبل أن ينشىء شيئاً . ومالكاً بعد إنشائه للكون ، وليس يكون الله كيفٌ ولا أَينٌ ولا حَدٌّ يُعرف، ولا شيء يشبهه، ولايهرم لطول بقائه ، ولا يضعف لذُعرَة(2)، ولا يخاف كما تخاف خليقته من شيء، ولكن سميع بغير سمع، وبصير بغير بصر، وقوي بغير قوة من خلقه، لا تدركه حدق الناظرين، ولا يحيط بسمعه سمع السامعين، إذا أراد شيئاً كان بلا مشورة ولا مظاهرة ولا مخابرة، ولا يسأل أحداً عن شيء من خلقه أراده، لا تدركه الأبصار(3)وهو يدرك الأبصارو هو وهو يدرك الأبصار و هو اللطيف الخبير .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فبلغ الرسالة وأنهج الدلالة(صلی الله علیه وآله وسلم).

أيها الأمة التي خُدِعَت فانخدعت، وعرفت خديعة من خدعها فأصرّت على ما عرفت، واتّبَعَت أهواءها، وضربت في عشواء(4)غوائها، وقد استبان لها الحق فصدّت عنه، والطريق الواضح فتنكّبته ، أما والذي فَلَقَ الحبة وبرأ النسمة ، لو اقتبستم العلم من معدنه، وشربتم الماء بعذوبته وادخرتم الخير من موضعه ، وأخذتم الطريق من واضحه، وسلكتم من الحق نهجه ، لنَهَجَتْ بكم السبل ، وبدت لكم الأعلام، وأضاء لكم الإسلام، فأكلتم رَغَداً ، وما عال فيكم عائل، ولا ظلُم منكم مسلم ، ولا معاهد، ولكن سلكتم سبيل الظلام فأظلمت عليكم دنياكم برحبها، وسُدّت عليكم أبواب العلم، فقلتم بأهوائكم، واختلفتم في دينكم، فأفتيتم في دين الله بغير علم، واتبعتم الغواة فأغوتكم، وتركتم الأئمة فتركوكم، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم ، إذا ذُكر الأمر سألتم أهل الذكر، فإذا أفتوكم قلتم : هو العلم بعينه ، فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه (5)؟! رويداً(6)، عما قليل تحصدون جميع ما زرعتم، وتجدون وخيم ما

ص: 31


1- أي بلا حياة زائدة على ذاته قائمة به، بل هو حي بحياة هي عين ذاته .
2- الذعرة : بالفتح : التخويف، وبالضم : الخوف.
3- أي أحداق العيون والإدراك بمعنى الإحاطة وفي بعض الروايات التي مرّت معنا في أصول الكافي، باب الرؤية ، تفسير الإمام الرضا(عليه السلام) لهذه الآية وقوله : إن أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون فهو لا تدركه الأوهام وهو يدرك الأوهام .
4- العشا العمى، وسوء البَصَر ، والعَشْواء الناقة لا تبصر أمامها ومن هنا قيل : خَبط عشواء .
5- ومعنى كلامه هنا(عليهم السلام): إنكم مع معرفتكم أهل الذكر الذين أمرتم بسؤالهم عما تجهلون ومع سؤالكم لهم فيما يتعلق بالعقيدة والشريعة وإجابتهم لكم بما تذعنون له وتقرّون أنه الحق، فإنكم مع كل ذلك نبذتموهم وخالفتموهم وما ذلك إلا لسلوككم سبيل الظلام واتباعكم الظلمة.
6- أي مهلا

إجترمتم(1)وما اجتلبتم، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لقد علمتم أني صاحبكم، والذي به أُمرتم ، وأني عالمكم والذي بعلمه نجاتكم، ووصي نبيكم، وخيرة ربكم(2)، ولسان نوركم، والعالم بما يصلحكم ، فعن قليل رويداً ينزل بكم ما وُعدِتم ، وما نزل بالأمم قبلكم، وسيسألكم الله عز وجل عن أئمتكم معهم تحشرون وإلى الله عز وجل غداً تصيرون، أما والله لو كان لي عدة أصحاب طالوت (3)، أو عِدة أهل بدر(4)وهم أعدادكم(5)، لضربتكم بالسيف حتى تؤولوا إلى الحق وتنيبوا للصدق، فكان أرتق للفتق ، وأخذ بالرفق، اللهم فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين .

قال : ثم خرج من المسجد، فمرّ بِصِيرة(6)فيها نحو من ثلاثين شاةً، فقال: والله لو أن لي رجالاً ينصحون الله عز وجل ولرسوله بعدد هذه الشياه، لأزلت ابن آكلة الذِبّان(7)عن ملکه .

قال : فلما أمسى بايعه ثلاثمائة وستون رجلاً على الموت، فقال لهم أمير المؤمنين(عليه السلام): اغدوا بنا إلى أحجار الزيت(8)محلّقين(9)، وحلق أمير المؤمنين(عليه السلام)، فما وافى من القوم محلقاً إلا أبو ذر ، والمقداد، وحُذيفة بن اليمان، وعمّار بن ياسر ، وجاء سلمان في آخر القوم ، فرفع يده إلى السماء فقال : اللهم إن القوم استضعفوني كما استضعفت بنو إسرائيل هارون، اللهم فإنك تعلم ما نُخفي وما نُعلِن وما يخفى عليك شيء في الأرض ولا في السماء، توفّني مسلماً وأَلحِقْني بالصالحين، أمّا والبيتِ والمفضي إلى البيت _ وفي نسخة : والمزدلفة والخفاف إلى التجمير - لولا عهد عَهدَهَ إليَّ النبيّ الأمي(صلی الله علیه وآله وسلم)، لأوردتُ المخالفين خليجَ المنيّة، ولأرسلتُ عليهم شآبيبَ(10)صواعق الموت، وعن قليل سيعلمون .

مقامات الشیعه وفضائلهم وبشارتهم بخیر المآل

٦ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: كنت

ص: 32


1- أي ما اكتسبتم من خذلكم لولي الأمر الحق واتباعكم للطاغوت.
2- أي الذي اختاره ربكم لكم إماماً وولياً .
3- العِدّة : الجماعة ، وقيل : كانت عِدّة أصحاب طالوت ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً . وقيل غير ذلك .
4- وكانوا 313 رجلا .
5- في المازندراني : وهم أعداؤكم .
6- الصِّيرَة: حظيرة الأنعام من البقر والغنم.
7- «وكنّى باين آكلتها عن سلطان الوقت فإنهم كانوا في الجاهلية يأكلون من كل خبيث نالوه» الوافي للفيض م / ١٤ ص 11 . والذُّبان : جمع الذُّباب وإنما نسبه إلى أمه - جرياً على عادة العرب _ عندما يريدون أن يذمّوا أحداً، خصوصا إذا اشتهرت بلقب خبيث كابن آكلة الأكباد أو كابن مرجانة .
8- أحجار الزيت موضع داخل المدينة .
9- أي لابسين للحلقة وهي السلاح مطلقاً، وقيل: هي للدروع خاصة .
10- الشّآبيب : جمع شؤبوب، وهو الدفعة من المطر وغيره. وهو هنا على نحو الاستعارة.

عند أبي عبد الله(عليه السلام)، إذ دخل عليه أبو بصير ، وقد خَفَرَهُ النّفس(1)، فلما أخذ مجلسه قال له أبو عبد الله(عليه السلام): يا أبا محمد(2)، ما هذا النَّفَس العالي : فقال : جعلت فداك يا ابن رسول الله . كَبُر سني ، ودق عظمي ، واقترب أجلي ، مع أنني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي ، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): يا أبا محمد، وإنك لتقول هذا؟! قال : جعلت فداك، وكيف لا أقول هذا؟! فقال : يا أبا محمد، أما علمت أن الله تعالى يكرم الشباب منكم ويستحي من الكهول، قال: قلت : جعلت فداك، فكيف يكرم الشباب ويستحي من الكهول؟ فقال : يكرم الله الشباب أن يعذبهم، ويستحي من الكهول أن يحاسبهم، قال: قلت جُعِلتُ فداك، هذا لنا خاصة(3)أم لأهل التوحيد ؟ قال : فقال: لا والله إلا لكم خاصة دون العالم قال : قلت : جُعِلتُ فداك، فإنّا قد نُبِنا نَبْزاً(4)انكسرت له ظهورنا وماتت له أفئدتنا واستحلت له الولاة دماءنا في حديث رواه لهم ،فقهاؤهم ، قال : فقال أبو عبد الله(عليه السلام): الرافضة ؟ قال : قلت : نعم، قال: لا والله ما هم سموكم ، ولكن الله سمّاكم به، أما علمت يا أبا محمد أن سبعين رجلا من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم ضلالهم فلحقوا بموسى(عليه السلام)لما استبان لهم هداه، فسمّوا في عسکر موسی الرافضة، لأنهم رفضوا فرعون، وكانوا أشد أهل ذلك العسكر عبادةً ، وأشدهم حباً لموسى وهارون وذريتهما(عليه السلام)، فأوحى الله عز وجل إلى موسى(عليه السلام): أن أُثْبِتْ لهم هذا الإسم في التوراة، فإني قد سميتهم به ونَحَلْتُهم إياه، فأثبت موسى(عليه السلام) الإسم لهم، ثم ذخر الله عز وجل لكم هذا الاسم حتى نَحَلَكُمُوه، يا أبا محمد رفضوا الخير ورفضتم الشر، افترق الناس كل فرقة، وتشعبوا كلّ شعبة فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم(صلی الله علیه وآله وسلم)، وذهبتم حيث ذهبوا، واخترتم من اختار الله لكم وأردتم من أراد الله ، فأبشروا فأبشروا ثم أبشروا، فأنتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم والمتجاوز عن مسيئكم من لم يأت الله عز وجل بما أنتم عليه يوم القيامة، لم يتقبل منه حسنة، ولم يتجاوز له عن سيئة، يا أبا محمد، فهل سررتك؟ قال : قلت: جُعِلتُ فداك، زِدْني ، فقال : يا أبا محمد، إن لله عز وجل ملائكة يُسقطون الذنوب عن ظهور شیعتنا كما يُسقط الريحُ الورق في أوان سقوطه، وذلك قوله عز وجل : الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم . . . ويستغفرون للذين آمنوا(5)، استغفارهم والله لكم دون

ص: 33


1- هكذا هنا في المطبوعة، ولكن في المازندراني : وقد حفزه . . . بمعنى حته وأعجله وحركه . وهو الصحيح
2- أبو محمد كنية لأبي بصير وهو مشترك بين يحيى بن القاسم المكفوف وليث بن البختري المرادي .
3- أي لأهل الولاية دون غيرهم .
4- تَبَزه نَبْراً : لَمَزَه ، وفلاناً : لقبه ،به قيل : هو شائع في الألقاب المستهجنة القبيحة . - هكذا في القاموس - وهذا اللقب _ كما سوف يشار إليه في الرواية _ هو الرافضة .
5- غافر / 7

هذا الخلق، يا أبا محمد، فهل سررتُك ؟ قال : قلت : جُعِلتُ فِداك زِدْني ، قال : يا أبا محمد، لقد ذكركم الله في كتابه فقال : ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾(1)، إنكم وَفَيْتُم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا، وإنكم لم تبدلوا بنا غيرنا، ولو لم تفعلوا لعَيّركم الله كما عَيّرهم حيث يقول جل ذكره :﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ﴾(2)، يا أبا محمد، فهل سررتك؟ قال : قلت : جُعِلْتُ فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال :﴿ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾(3)، والله ما أراد بهذا غيركم يا أبا محمد، فهل سررتك؟ قال : قلتُ : جُعِلتُ فداك، زِدْني ، فقال : يا أبا محمد﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ (4)، والله ما أراد بهذا غيركم يا أبا محمد، فهل سررتُك؟ قال : قلت : جُعِلتُ فداك، زدني ، فقال : يا أبا محمد، لقد ذَكَرَنا الله عز وجل وشيعتنا وعدونا في آية من كتابه، فقال عز وجل :﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾(5)فنحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولو الألباب يا أبا محمد، فهل سررتك؟ قال : قلت : جُعِلْتُ فداك زِدْني ، فقال : يا أبا محمد، والله ما استثنى الله عز وجل بأحد من أوصياء الأنبياء ولا اتباعهم ما خلا أمير المؤمنين(عليه السلام)وشيعته، فقال في كتابه، وقوله الحق :﴿ يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ ﴾ (6). يعني بذلك علياً (عليه السلام)وشيعته، يا أبا محمد، فهل سررتُك ؟ قال : قلت : جُعِلتُ فداك، زِدْني ، قال : يا أبا محمد، لقد ذكركم الله تعالى في كتابه إذ يقول : ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾(7)، والله ما أراد بهذا غيركم، فهل سررتك يا أبا محمد ؟ قال : قلت : جُعِلتُ فِداك زدني ، فقال : يا أبا محمد، لقد ذكركم الله في كتابه فقال :﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾(8)والله ما أراد بهذا إلا الأئمة(عليهم السلام) وشيعتهم ، فهل سررتك يا أبا محمد ؟ قال : قلت : جُعِلتُ فداك، زِدْني ، فقال : يا أبا محمد، لقد ذكركم الله في كتابه فقال : ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ

ص: 34


1- الأحزاب / 23
2- الأعراف/ ١٠٢ .
3- الحجر / ٤٧. ومتقابلين : أي يقابل بعضهم بعضاً، لا يستدبره فينظر في قفاه .
4- الزخرف/ ٦٧ . والأخلاء : جمع جلّ، وهو الصديق الحميم، والمقصود بهم هنا المتصادقون في الدنيا على معاصي الله . والمشار إليه بيومئذ، يوم القيامة .
5- الزمر /9
6- الدخان / ٤١ - ٤٢ .
7- الزمر / ٥٣ . والقنوط : اليأس والقنوط من رحمة الله من الكبائر عندنا .
8- الحجر / ٤٢. والسلطان : الحجة والقدرة .

أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ (1) فرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) في الآية النبيّون، ونحن في هذا الموضع الصدّيقون والشهداء، وأنتم الصالحون، فتسمَّوا بالصلاح كما سمّاكم الله عز وجل، يا أبا محمد، فهل سررتُك ؟ قال : قلت : جُعِلْتُ فِداك ، زِدْني ، قال : يا أبا محمد لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوّكم في النار بقوله: ﴿وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ﴾(2)، والله ما عَنى ولا أراد بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرارَ الناس وأنتم والله في الجنة تُحبَرون، وفي النار تُطلَبون، يا أبا محمد، فهل سررتك؟ قال: قلت : جُعِلتُ فداك زِدْني، قال: يا أبا محمد، ما من آية نزلت تقود إلى الجنة ولا تذكر أهلها بخير إلا وهي فينا وفي شيعتنا، وما من آية نزلت تذكر أهلها بشر ولا تسوق إلى النار، إلا وهي في عدوّنا ومن خالَفَنَا، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال : قلت : جُعِلتُ فداك زِدْني ، فقال : يا أبا محمد، ليس على ملّة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا، وسائر الناس من ذلك براء، يا أبا محمد فهل سررتك؟ وفي رواية أخرى فقال : حَسْبي(3).

حدیث أبی عبدالله (علیه السلام)مع المنصور فی موکبه وفیه علامات آخر الزمان، تناهز المائۀ والخمسین من الفتن والأشراط

7- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، جميعاً، عن محمد بن أبي حمزة، عن حمران قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام) - وذُكر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم - فقال : إني سرت مع أبي جعفر المنصور وهو في موكبه ، وهو على فرس وبين يديه خيل ومن خلفه خيل وأنا على حمار إلى جانبه ، فقال لي : يا أبا عبد الله قد كان فينبغي لك أن تفرح بما أعطانا الله من القوة، وفتح لنا من العز، ولا تخير الناس أنك أحق بهذا الأمر(4)منا وأهل بيتك فتغرينا بك وبهم ، قال : قلت : ومن رفع هذا إليك عنيِ فقد كذب، فقال لي : أتحلف على ما تقول؟ قال : قلت : إن الناس سَحَرة _ يعني يحبون أن يفسدوا قلبك علي _ فلا تمكنهم من سمعك، فإنا إليك أحوج منك إلينا، فقال لي : تذكر يوماً سألتك : هل لنا مُلْكُ؟ فقلت : نعم ، طویل عریض شدید(5)، فلا تزالون في مهلة من

ص: 35


1- النساء/ ٦٩ . ومطلع الآية : ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ ... ﴾.
2- ص / ٦٢ - ٦٣ . سخرياً : أي هُزُواً .
3- حسبي : أي يكفيني
4- أي بالخلافة .
5- أي طويل بحسب المدة الزمنية وعريض بحسب الرقعة الجغرافية التي ينبسط ظله عليها، شديد بحسب القوة والسلطة والقهر.

أمركم، وفسحة من دنياكم حتى تصيبوا منا دماً حراماً في شهر حرام في بلد حرام، فعرفت أنه قد حفظ الحديث، فقلت: لعل الله عز وجل أن يكفيك، فإني لم أخصك بهذا وإنما هو حديث رويته ، ثم لعل غيرك من أهل بيتك أن يتولى ذلك، فسكت عني، فلما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال : جُعِلْتُ فِداك، والله لقد رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار وهو على فرس، وقد أشرف عليك يكلمك كأنك تحته ، فقلت بيني وبين نفسي : هذا حجة الله على الخلق، وصاحب هذا الأمر الذي يقتدى به، وهذا الآخر يعمل بالجور، ويقتل أولاد الأنبياء، ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحب الله ، وهو في موكبه وأنت على حمار، فدخلني من ذلك شك حتى خفت على ديني ونفسي؟ قال: قلت(1): لو رأيت من كان حولي وبين يَدَيّ ومِن خَلْفي وعن يميني وعن شمالي من الملائكة لاحتقرتَه واحتقرتَ ما هو فيه، فقال: الآن سكن قلبي ، ثم قال : إلى متى هؤلاء يملكون، أو متى الراحة منهم ؟ فقلت : أليس تعلم أن لكل شيء مدة؟ قال بلى فقلت : هل ينفعك علمك إن هذا الأمر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين؟ إنك لو تعلم حالهم عند الله عز وجل وكيف هي ، كنت لهم أشد بغضاً، ولو جهدت أو جهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشد ما هم فيه من الإثم لم يقدروا ، فلا يَسْتَفزَّنك(2)الشيطان، فإن العزة الله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون، ألا تعلم أن من انتظر أمرنا، وصبر على ما يرى من الأذى والخوف، هو غداً في زمرتنا، فإذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خَلِقَ (3)وأحدث فيه ما ليس فيه، ووجه على الأهواء، ورأيت الدين قد انكفى كما ينكفي الماء(4)، ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحق، ورأيت الشر ظاهراً لا يُنهى عنه، ويُعذر أصحابه، ورأيت الفسق قد ظهر، واكتفى الرجال بالرجال (5)والنساء بالنساء(6)، ورأيت المؤمن صامتاً لا يُقبل قوله، ورأيت الفاسق يكذب ولا يُرَدّ عليه كذْبه وفِرْيَتَه، ورأيتَ الصغير يستحقر بالكبير، ورأيت الأرحام قد تقطّعت، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يُرَدّ عليه قوله، ورأيت الغلام يعطي ما تعطي المرأة(7)، ورأيت

ص: 36


1- القائل هو أبو عبد الله(عليه السلام).
2- أي فلا يستخفنك ويتلاعب فيك فتشك فيما أنت عليه من عقيدة .
3- أي بلي ورثّ.
4- أي انكب وأهريق. وفي المازندراني : كما ينكفي الإناء .
5- وهو اللواط .
6- وهو المساحقة .
7- أي يُنكح كما تُنكح ، وفيه هنا إشارة إلى ذم المفعول به ، وهناك في قوله : واكتفى الرجال بالرجال؛ إشارة إلى ذم الفاعل، وفي كلا الموردين إشارة إلى فساد الفعل وذمه .

النساء يتزوجن النساء، ورأيت الثناء قد كثر ، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا يُنهى ولا يؤخذ على يديه(1)، ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد(2)، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع، ورأيت الكافر فرحاً لما يرى في المؤمن(3)، مرحاً لما يرى في الأرض من الفساد، ورأيت الخمور تُشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عز وجل، ورأيت الأمر بالمعروف ذليلاً ، ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قوياً محموداً، ورأيت أصحاب الآياتِ(4)يحقرون ويُحْتَقَرُ من يحبهم، ورأيت سبيل الخير منقطعاً، وسبيل الشر مسلوكاً، ورأيت بيت الله قد عطّل ويؤمر بتركه، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله، ورأيت الرجال يتسمّنون للرجال والنساء للنساء، ورأيت الرجل معيشته من دبره(5)ومعيشة المرأة من فَرْجِها(6)، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر، وأظهروا الخضاب ، وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها، واعطوا الرجال الأموال على فروجهم ، وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال، وكان صاحب المال أعز من المؤمن، وكان الربا ظاهراً لا يُعَيّر، وكان الزنا تُمتَدَحُ به النساء، ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن، ورأيت المؤمن محزونا محتقراً ذليلاً، ورأيت البدع والزنا قد ظهر ، ورأيت الناس يعتدّون بشاهد الزور، ورأيت الحرام يحلل والحلال يُحَرِّم، ورأيت الدين بالرأي ، وعطّل الكتاب وأحكامه، ورأيت الليل لا يستخفى به من الجرأة على الله، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلا بقلبه، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عز وجل، ورأيت الولاة يقرّبون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم، ورأيت الولاية قَبَالَةً لمن زاد (7)، ورأيت ذوات الأرحام يُنكَحْن ويكتفى بهن، ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنّة، ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يعير على إتيان النساء، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور، يعلم ذلك ويقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على

ص: 37


1- والمعنى أنه يجب نهي المسرف عن الإسراف والتبذير، فإن انتهى وإلا حجر عليه باعتباره سفيها في المال.
2- يحتمل أنه يستعيذ بالله من أن يبتليه بما ابتلى به المؤمن من الجهد والمشقة والبلاء كما يحتمل أن يراد باجتهاد المؤمن اجتهاده في الطاعة والعبادة وحسن المعاملة فبدل أن يتأسى به الرائي له في هذه الأمور نراه بعدها منكرات فيتعوذ بالله من صاحبها وهذا مثل : فكيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفاً .
3- أي من ضيق العيش والهم والكرب والبلاء والمهانة . . . الخ .
4- أي العلماء وأتباعهم ، وقيل : الأئمة(عليهم السلام)والعلماء وأتباعهم من المؤمنين .
5- أي يجعل اللياطة به متكسباً .
6- أي تتخذ من الزنا مهنة لتعتاش .
7- أي رأيت الإمارة سلعة تمنح لمن يدفع مقابلها أكثر .

زوجها، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ويرضى بالدَّنِيِ من الطعام والشراب، ورأيت الأيمان بالله عز وجل كثيرة على الزّور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب يباع ظاهراً ليس له مانع، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الكفر ، ورأيت الملاهي قد ظهرت يُمرّ بها لا يمنعها أحد أحداً ، ولا يجترىء أحد على منعها، ورأيت الشريف يستذلّه الذي يخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبنا يُزَوِّر(1)ولا تُقبل شهادته، ورأيت الزور من القول يُتنافس فيه، ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه وخف على الناس استماع الباطل، ورأيت الجار يكرم الجار خوفاً من لسانه، ورأيت الحدود قد عطّلت وعمل فيها بالأهواء، ورأيت المساجد قد زُخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب، ورأيت الشر قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشي ، ورأيت الغيبة تُستَملح ويبشِّر بها الناس بعضهم بعضاً، ورأيت طلب الحج والجهاد لغير الله، ورأيت السلطان يُذلّ للكافر المؤمنَ، ورأيت الخراب قد أديل من العمران، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان، ورأيت سفك الدماء يستخف بها ، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لغرض الدنيا، ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتّقى وتُسند إليه الأمور، ورأيت الصلاة قد استُخِفَّ بها، ورأيت الرجل عنده المال الكثير ثم لم يزكّه منذ ملكه، ورأيت الميت يُنبش من قبره ويؤذى وتُباع أكفانه، ورأيت الهرج(2)قد كثر ، ورأيت الرجل يمسي نشوان ويصبح سكران لا يهتم بما الناس فيه، ورأيت البهائم تُنكح ، ورأيت البهائم تفرس بعضها بعضاً، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلّاه ويرجع وليس عليه شيء، من ثيابه، ورأيت قلوب الناس قد قست، وجمدت أعينهم، وثقل الذكر عليهم، ورأيت السُّحْت(3)قد ظهر يُتنافس فيه، ورأيت المصلّي إنما يصلّي ليراه الناس، ورأيت الفقيه يتفقه لغير الدين، يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يُذَمّ ويُعيَّر، وطالب الحرام يُمدح ويُعظَّم، ورأيت الحَرَمَين(4)يعمل فيهما بما لا يحب الله لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد، ورأيت المعازف(5)ظاهرة في الحَرَمَين، ورأيت الرجل يتكلم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول : هذا عنك موضوع ، ورأيت الناس ينظر بعضُهم إلى بعض

ص: 38


1- أي يرمى بشهادة الزور.
2- الهرج : الفتنة والاختلاط والاضطراب .
3- السحت الحرام .
4- مكة والمدينة .
5- المعازف - كما في القاموس - الملاهي كالعود والطنبور ، الواحد معزف كمنبر وفي المصباح: المعازف : آلات تُضرب ... الخ .

ويقتدون بأهل الشرور، ورأيت مسلك الخير وطريقه خالياً لا يسلكه أحد ، ورأيت الميتُ يهزأ به فلا يفزع له أحد، ورأيت كل عام يحدث فيه من الشر والبدعة أكثر مما كان ، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلا الأغنياء ، ورأيت المحتاج يُعطى على الضحك به ويُرحم لغير وجه الله ، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم لا ينكر أحد منكراً تخوفاً من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله، ويمنع اليسير في طاعة الله، ورأيت العقوق قد ظهر واستُخفّ بالوالدين، وكانا من أسواء الناس حالاً عند الولد ، ويفرح بأن يُفترى عليهما، ورأيت النساء وقد غَلَبْنَ على الملك، وغَلَبْنَ على كل أمر، لا يؤتى إلا ما لهن فيه هوى، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور، أو بخس مكيال أو ميزان ، أو غشيان حرام ، أو شرب مسكر كئيباً حزيناً يحسب أن ذلك اليوم عليه وَضِيعَة(1)من عمره ، ورأيت السلطان يحتكر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربي تُقسم في الزور ويُتقامر بها وتشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداوى بها وتوصف للمريض ويستشفى بها، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وترك التدين به، ورأيت رياح(2)المنافقين وأهل النفاق قائمة، ورياح أهل الحق لا تحرك، ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر، ورأيت المساجد محتشية ممن لا يخاف الله مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق، ويتواصفون فيها شراب المسكر، ورأيت السكران يصلي بالناس وهو لا يعقل ولا يُشَان(3)بالسكر، وإذا سكر أكرم واتقي وخيف وتُرِكَ ، لا يعاقب ويُعذر بسكره، ورأيت من أكل أموال اليتامى يُحمد بصلاحه، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع، ورأيت الميراث قد وضعه الولاة لأهل الفسوق والجرأة على الله ، يأخذون منهم ويخلونهم وما يشتهون، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يَعْمَلُ القائل بما يأمر، ورأيت الصلاة قد استُخفَّ بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله ويعطى لطلب الناس، ورأيت الناس همهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحق قد دَرَست (4)، فكن على حذر، واطلب إلى الله عز وجل النجاة، واعلم أن

ص: 39


1- أي خسارة ونقيصة من عمره، وما ذلك إلا لتصوره أن عمر الإنسان إنما جعل لغرض الاستمتاع بالدنيا وزخرفها وملذّاتها ومحرماتها وإن هم الإنسان محصور في كيفية إشباع شهواته وغرائزه الحيوانية.
2- الريح والرياح : كناية عن القوة. ومنه قوله تعالى : ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ﴾: أي قوتكم .
3- أي ولا يُعاب .
4- المراد بأعلام الحق العلماء، والأحكام الإلهية التي يحملونها، ودرست : أي انطمست وخفيت .

الناس في سخط الله عز وجل، وإنما يمهلهم لأمر يُراد بهم ، فكن مترقباً واجتهد ليراك الله عز وجل في خلاف ما هم عليه، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عَجِلْتَ إلى رحمة الله، وإن أخرت ابتلوا، وكنت قد خرجت مما هم فيه من الجرأة على الله عز وجل، واعلم أن الله لا يُضِيعُ أجر المحسنين، وأن رحمة الله قريب من المحسنين .

حدیث موسی(علیه السلام)وما خاطبه الله عزوجل به

8- علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن علي بن عيسى رفعه قال : إن موسى (عليه السلام) ناجاه(1)الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته : يا موسى: لا يطول(2)في الدنيا أملُكَ فيقسو لذلك قلبك، وقاسي القلب مني بعيد .

يا موسى : كن كمسرّتي(3)فيك فإن مسَرّتي أن أُطاع فلا أُعصى ، فأمتُ قلبك بالخشية، وكن خلق الثياب جديد القلب(4)، تخفى على أهل الأرض وتُعرَف في أهل السماء، جلسَ (5) البيوت، مصباحَ الليل، واقنت بين يديَّ قنوتَ الصابرين، وصح إليَّ من كثرة الذنوب صياح المذنب الهارب من عدوّه، واستعن بي على ذلك، فإني نعم العون ونعم المستعان .

يا موسى : إني أنا الله فوق العباد(6)والعباد دوني، وكلُّ لي داخرون(7)، فأتهم نفسك على نفسك، ولا تأتمن ولدك على دينك إلا أن يكون ولدك مثلك يحب الصالحين .

یا موسی : اغسل واغتسل(8)واقترب من عبادي الصالحين.

يا موسى : كن إمامهم في صلاتهم، وإمامهم فيما يتشاجرون واحكم بينهم بما أنزلتُ عليك، فقد أنزلته حكماً بيناً وبرهاناً نيّراً، ونوراً ينطق بما كان في الأولين وبما هو كائن في الآخرين .

ص: 40


1- ناجاه أي سارّه . والاسم : المناجاة .
2- في بعض النسخ: لا تطوّل .
3- مَسَرَّة : مصدر سره سُروراً، أي أفرحه .
4- وما يستوجب جدة القلب هو تغذيته بالحكمة وتنزيهه عن الغفلة.
5- الجلس: ما يبسط تحت حر الثياب . وقيل : هو كساء يلقى على ظهر البعير تحت القتب وهو كناية عن لزوم البيت وعدم مغادرته إلا بمقدار قضاء الحاجات .
6- أي بالقهر والسلطان. وفيه إشارة إلى قوله تعالى :﴿ وهو القاهر فوق عباده﴾.
7- أي ذليلون منقادون .
8- أمر بالأعم من غسل النفس من أمراضها المعنوية ومن غسل الظاهر من القذارات الحسية المادية .

أوصيك يا موسى وصية الشفيق المشفق بابن البتول(1)عيسى بن مريم صاحب الأتان(2)، والبرنس ، والزيت والزيتون(3)، والمحراب، ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر (4)الطيب الطاهر المطهّر، فمثله في كتابك أنه مؤمن مهيمن(5)على الكتب كلها، وأنه راكع ساجد، راغب، راهب، إخوانه المساكين، وأنصاره قوم آخرون، ويكون في زمانه أَزَلُّ(6)وزلزال وقًتْل ، وقلّة من المال، اسمه أحمد، محمد الأمين من الباقين من ثلة الأوّلين الماضين، يؤمن بالكتب كلها، ويصدّق جميع المرسلين، ويشهد بالإخلاص لجميع النبيين ، أمته مرحومة مباركة ما بقوا في الدين على حقائقه ، لهم ساعات موقّتات يؤدون فيها الصلوات أداء العبد إلى سيده نافلته، فيه فصدّق ومنهاجه فاتَّبِع فإنه أخوك .

يا موسى : إنه أمّيُّ ، وهو عبدُ صِدْقٍ يبارَكُ له فيما وضع يده عليه، ويبارك عليه كذلك، كان في علمي وكذلك خلقته، به افتح الساعة وبأمّته أختم مفاتيح الدنيا، فَمُرْ ظَلَمَةَ بني إسرائيل أن لا يدرسوا(7)اسمه، ولا يخذلوه، وإنهم لفاعلون وحبه لي حَسَنة، فأنا معه وأنا من حزبه(8)وهو من حزبي وحزبهم(9)الغالبون فتمت كلماتي لأظْهِرَنَّ دينه على الأديان كلها، ولأعْبَدَنَّ بكل مكان، ولأنْزِلَنَّ عليه قرآناً فرقاناً شفاءاً لما في الصدور من نفث الشيطان، فصل عليه يابن عمران، فإني أصلّي عليه وملائكتي .

یا موسى : أنت عبدي وأنا إلهك لا تستذلّ الحقير الفقير ،ولا تغبط الغني بشيء يسير، وكن عند ذكري خاشعاً، ، وعند تلاوته برحمتي طامعاً، وأسْمعني لذاذة التوراة بصوت خاشع حزین ،إطْمَئِنّ عند ذكري ، وذكّر بي من يطمئن إليّ ، واعبدني ولا تشرك بي شيئاً، وتحرّ مَسَرتي إني أنا السيد الكبير، إني خلقتك من نطفة من ماء مهين من طينة أخرجتها من أرض ذليلة

ص: 41


1- البتول : المنقطعة عن الزواج، والمنقطعة إلى الله تعالى عن الدنيا . ومع الألف واللام لقب غلب على مريم العذراء(عليهم السلام) لانقطاعها عن الرجال، وعلى فاطمة عليها السلام لانقطاعها عن نساء زمانها ونساء الأمة فضلا ودينا وعصمة ونسبا .
2- الأتان أنثى الحمار.
3- لعل تخصيصهما بالذكر لأنهما كانا غذاءه(عليه السلام) .
4- هو سيدنا ونبينا محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)بحكم أوصافه المذكورة بعد ، وباعتبار بعثته(صلی الله علیه وآله وسلم)بعد رسالته(عليهم السلام)وبه (صلی الله علیه وآله وسلم)ختم.
5- أي أمين عليها ، أو شاهد عليها .
6- الأزل: الضّيقُ والشدّة .
7- يعني لا يطمسوا ويخفوا اسمه.
8- أي في التأييد والإعانة والنصرة.
9- الأصح وحزبي الغالبون وما في الكتاب تصحيف والله العالم .

ممشوجة(1)فكانت بشراً ، فأنا صانعها خلقاً، فتبارك وجهي، وتقدّس صنيعي، ليس كمثلي شيء وأنا الحي الدائم الذي لا أزول.

يا موسى : كن إذا دعوتَني خائفاً مشفِقاً وَجِلا (2)، عفّر وجهك لي في التراب، واسجد لي بمكارم بدنك، واقنت بين يديّ في القيام، وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجِل، واحيي بتوراتي أيام الحياة، وعلّم الجهّال محامدي، وذكّرهم آلائى ونعمتي، وقل لهم لا يتمادون في غيّ ما هم فيه، فإن أخذي أليم شديد .

يا موسى : إذا انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري، فاعبدني وقم بين يديّ مقام العبد الحقير الفقير، ذم نفسك فهي أولى بالذم ، ولاتتطاول بكتابي على بني إسرائيل، فكفى بهذا واعظاً لقلبك ومنيراً، وهو كلام رب العالمين جلّ وتعالى .

یا موسى : متى ما دعوتني ورجوتني فإني سأغفر لك على ما كان منك، السماء تسبّح لي وجلاً، والملائكة من مخافتي مشفقون، والأرض تسبّح لي طَمعاً، وكل الخلق يسبّحون لي داخرون، ثم عليك بالصلاة، الصلاة، فإنها مني بمكان، ولها عندي عهد وثيق، وألحق بها ما هو منها زكاة القربان من طيب المال والطعام، فإني لا أقبل إلا الطيب يراد به وجهي .

واقرن مع ذلك صلة الأرحام، فإني أنا الله الرحمن الرحيم، والرحم أنا خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد ، ولها عندي سلطان في معاد الآخرة ، وأنا قاطع من قَطَعَها وواصل من وَصَلَها، وكذلك أفعل بمن ضيع أمري.

یا موسى : أكرم السائل إذا أتاك بردٍّ جميلٍ أو إعطاءٍ يسير، فإنه يأتيك من ليس بإنس ولا جانّ، ملائكة الرحمن يبلُونَك كيف أنت صانع فيما أُوْلَيْتُكَ(3)، وكيف مؤاساتك(4)فيما

ص: 42


1- مَشَجَ يمشيج مشجاً : خلط الشيء بغيره، ويقال للشيء المخلوط : الممشوج ووجه كون الطينة ممشوجة إنها اخذت عند خلق آدم من سهل الأرض وحزنها وعذبها وسبخها ثم خلطت بعضها مع بعض ومع مياه عذبة ومياه اجاج ثم صورها ثم نفخ فيها سبحانه من روحه .
2- لعل الخوف بملاحظة عظمته وغناه عن الخلق والإشفاق بملاحظة التقصير في الدعاء والثناء ورعاية حقوقه، والوجل من صدّ النفس الأمارة سبيله، وقطع نفئات الشيطان طريقه أو من ردّ الدعاء لعدم كونه على الوجه اللايق به كما روي عن علي بن الحسين(عليه السلام)أنه كان في التلبية وهو على راحلته فخر مغشياً عليه فلما أفاق(عليه السلام)، قيل له ذلك، فقال: خشيت أن يقول لي : لا لبيك ولا سَعْدَيك، والتأكيد محتمل المازندراني 319/11 - 320 .
3- أي أعطيتك من الرزق والنعم .
4- قيل : المواساة لا تكون إلا من كفاف إما مع اليسر والملاءة فلا والمواساة بالمال أن يجعله فيه أسوة بما ينيله منه

خَولْتُك؟ واخشع لي بالتضرع، واهتف لي بوَلْوَلَة(1)الكتاب ، واعلم أني أدعوك دعاء السيد مملوكَه ليبلغ به شرف المنازل، وذلك من فصلي عليك وعلى آبائك الأولين .

يا موسى : لا تَنسَني على كل حال، ولا تفرح بكثرة المال، فإن نسياني يقسّي القلوب، ومع كثرة المال كثرة الذنوب(2)، الأرض مطيعة والسماء مطيعة والبحار مطيعة، وعصياني شقاء الثقَلَين، وأنا الرحمن الرحيم، رحمن كل زمان، آتي بالشدة بعد الرخاء وبالرخاء بعد الشدة، وبالملوك بعد الملوك، وملكي دائم قائم لا يزول، ولا يخفى عَلَيّ شيء في الأرض ولا في السماء، وكيف يخفى عَلَيّ ما مني مبتدأهُ ، وكيف لا يكون همّك فيما عندي وإليّ ترجع لا محالة .

يا موسى : اجعلني حِرْزَك، وضع عندي كَنْزك من الصالحات، وخَفْني ولا تخف غيري ، إليّ المصير.

یا موسى: ارحم من هو أسفل منك في الخلق، ولا تحسد من هو فوقك، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب(3).

يا موسى : إنّ ابنَي آدم تواضعا في منزلة لينالا بها من فضلي ورحمتي ، فَقَربا قُرباناً ولا أقبل إلا من المتقين، فكان من شأنهما ما قد علمتَ ، فكيف تثق بالصاحب بعد الأخ والوزير .

یا موسى : ضع الكِبْر ودَع الفخر ، واذكر أنك ساكنٌ القبر، فليمنعك ذلك من الشهوات .

يا موسى : عجّل التوبة، وأخِّر الذنب ،وتأنَّ في المكث بين يَدَيَّ في الصلاة، ولا ترجُ غيري، اتخذني جُنَّةً للشدائد وحصناً لملمّات الأمور.

یا موسى : كيف تخشع لي خليقة لا تعرف فضلي عليها ، وكيف تعرف فضلي عليها وهي

ص: 43


1- الولولة : الدعاء بالويل وصوت متتابع به والاستغاثة
2- وذلك لأن الغنى والثروة قد تجر إلى الوقوع في كثير من الذنوب كالبطر والإسراف والعُجب والتكبر والإنفاق في معصية الله، والتقتير وحبس الحقوق ... الخ .
3- وقد روي عن نبينا(صلی الله علیه وآله وسلم)قوله : «الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، يقول الشريف الرضي في المجازات النبوية / 210 - 211 : وهذه استعارة والمراد أن الحسد يخرج بصاحبه إلى الإقدام على المعاصي، والارتكاس في المهاوي، فيلغ في الدماء الحرام، ويحتطب في حبائل الآثام، ويشرع في نقل النعم من أماكنها وإزعاجها عن مواطنها ، فيكون عقاب هذه المحظورات محبطاً لحسناته ومسقطاً لثواب طاعاته . . . فيصير الحسد الذي هو السبب في استحقاق العقاب وإحباط الثواب كأنه يأكل تلك الحسنات لأنه يذهبها ويفنيها ويُسقط أعيانها ،ويعفيها ، وإنما شبهه(عليه السلام)في أكله الحسنات بالنار التي تأكل الحطب، لأن الحسد يجري في قلب الإنسان مجرى النار لا هتياجه واتقاده وإرماضه وإحراقه ، ومن هنا قال بعضهم : ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد نَفَسٌ يتصعد وزفير يتردّد، وحُزن يتجدّد».

لا تنظر فيه، وكيف تنظر فيه وهي لا تؤمن به، وكيف تؤمن به وهي لاترجو ثواباً، وكيف ترجو ثواباً وهي قد قنعت بالدنيا واتخذتها مأوى وركنت إليها رُكونَ الظالمين(1).

يا موسى: نافِس في الخير أهله فإن الخير كاسمه، ودع الشر لكل مفتون .

يا موسى : اجعل لسانك من وراء قلبك تَسْلم ، وأكثر ذكري بالليل والنهار تغنم ، ولا تتّبع الخطايا فتندم ، فإن الخطايا موعدها النار .

يا موسى: اطلب الكلام لأهل الترك للذنوب، وكن لهم جليساً، واتخذهم لغيبك إخواناً، وجدّ معهم يجدّون معك .

يا موسى :الموت يأتيك لا محالة فَتَزَوّد زاد من هو على ما يتزوّد وارد .

یا موسی : ما أُريدَ به وجهي فكثير قليله، وما أريد به غيري فقليل كثيره، وإنّ أصلح أيامك الذي هو أمامك، فانظر أي يوم هو فأعدّ له الجواب، فإنك موقوف ومسؤول، وخذ موعظتك من الدهر وأهلِه ، فإن الدهر طويله قصير وقصيره طويل، وكل شيء فان، فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة، فإن ما بقي من الدنيا كما ولّى منها، وكل عامل يعمل على بصيرة ومثال، فكن مرتاداً (2)لنفسك يا بن عمران لعلك تفوز غداً يوم السؤال، فهنالك يخسر المبطلون .

يا موسى : ألقِ كَفَّيْكَ ذُلاً بين يَديّ كفعل العبد المستصرخ إلى سيده، فإنك إذا فعلت ذلك رُحِمْتَ وأنا أكرم القادرين.

یا موسى : سلني من فضلي ورحمتي فإنهما بيدي، لا يملكهما أحد غيري، وانظر حين تسألني كيف رغبتك فيما عندي، لكل عامل جزاء، وقد يُجْزَى الكفور بما سعى .

يا موسى : طِبْ نفساً عن الدنيا وانطو عنها، فإنها ليست لك ولست لها، مالك ولدار

ص: 44


1- ويستفاد من هذا الكلام أن الخشوع لله والخشية منه درجة لا يمكن تحصيلها إلا بعد معاناة يقطع فيها الإنسان درجات مترتب بعضها على بعض ، ومراتب متقدم بعضها على الآخر، فالخشوع متوقف على التصديق بالفضل منه سبحانه، والتصديق متوقف على تصور المحكوم به وهو الفضل، وتصور الفضل متوقف على الإقرار بوجوده والإقرار متوقف على الرجاء بالثواب اللازم للفضل، وهذا الرجاء متوقف على عدم الانغماس في الدنيا والإغراق في شهواتها وملذاتها بحيث يراها الإنسان دائمية ولا انتقال عنها .
2- «المراد بالارتياد هنا طلب العمل على وجه التفكر في أوله وآخره، وحسنه ، وقبحه ومورده ومأخذه» المازندراني ٣٣٤/١١ .

الظالمين، إلا لعامل فيها بالخير فإنها له نعم الدار .

یا موسى : ما آمرك به فاسمع ، ومهما أراه فاصنع ، خذ حقائق التوارة إلى صدرك، وتيقّظ بها في ، ساعات الليل والنهار، ولا تمكّن أبناء الدنيا من صدرك فيجعلونه وَكُراً كَوَكْرِ الطير (1).

يا موسى : أبناء الدنيا وأهلها فتن بعضهم البعض، فكل مزين له ما هو فيه ، والمؤمن من زُيِّنَتْ له الآخرة فهو ينظر إليها(2) ما يفتر(3)، قد حالت شهوتها (4)بينه وبين لذة العيش(5) فادّلَجَتْهُ(6)بالأسحار ، كفعل الراكب السائق إلى غايته ، يظل كئيباً(7)ويمسي حزيناً، فطوبى له لو قد كشف الغطاء ماذا يعاين من السرور.

یا موسى : الدنيا نُطْفَة(8)ليست بثواب للمؤمن ولا نقمة من فاجر، فالويل الطويل لمن باع ثواب معاده بلَعْقَة لم تبق وبَلْعَة(9)لم تدم ، وكذلك فكن كما أمرتك وكلّ أمري رشاد.

يا موسى : إذا رأيت الغِنى مقبلاً فقل : ذَنْب عُجَلَتْ لي عقوبته، وإذا رأيت الفقر مقبلاً فقل : مرحباً بشَعار(10)الصالحين، ولا تكن جباراً ظلوماً، ولا تكن للظالمين قريناً .

یا موسى : ما عمر وإن طال يُذَمّ آخره، وما ضرك ما زُوي(11)عنك إذا حمدت مغبته(12)،یا موسی : صرح الكتاب(13)إليك صراحاً بما أنت إليه صائر ، فكيف ترقد على هذه العيون، أم

ص: 45


1- الوكر : عشَ الطائر .
2- تزيين الآخرة أي تزيين ما أعد للمؤسن فيها من نعيم مقيم وسرور دائم مما لا عين رأت ولا أذن رأت ولا أذن سمعت وذلك من خلال ما جاء به الأنبياء والرسل ونزلت به الكتب في ذلك، ولذلك فنظر المؤمن إليها من خلال كل ذلك حيث يتصورها بعقله فيلتذ وينشد شوقاً إلى التقلب فيها .
3- ما يفتر : أي ما يضعف وما يكلّ
4- أي شهوة الآخرة .
5- أي لذة العيش في الدنيا، وذلك لأنها لا تقاس بلذة العيش في الآخرة لحقارة ما في الدنيا من لذائذ في جند تلك .
6- الإدلاج : - بتخفيف الدال - السير في أول الليل والإذلاج - بتشديدها - السير في آخره، والمقصود به هنا الثاني بقرينة تعقبه بالأسحار.
7- أي في النهار . قال الخليل : لا تقول العرب : ظل، إلا لعمل يكون بالنهار .
8- النطقة : - هنا - ما يبقى في الدلو أو القربة من الماء، وهو كناية عن قلة شأن الدنيا وضآلتها .
9- اللعقة ما يُلْعَق، والبلعة ما يبتلع .
10- الشعار: العلامة، وما وليّ الجسد من الثياب، وقد كنّى به عن الفقر للدلالة على أنه من لوازم الصلاح التي لا تنفك عنه غالباً. كما أن الغنى من لوازم الطلاح كذلك.
11- زُوي : أي صرف .
12- المغبة : أي العاقبة .
13- المقصود بالكتاب إما التوراة أو صحيفة أعمال الإنسان .

كيف يجد قوم لذة العيش لولا التمادي في الغفلة، والاتّباع للشِقوة، والتتابع للشهوة، ومن دون هذا يجزع الصدّيقون .

یا موسى : مر عبادي يدعوني على ما كان بعد أن يقروا لي أني أرحم الراحمين، مجيب المضطرين، وأغني الفقير، وأنا الدائم العزيز القدير ، فمن لجأ إليك وانضوى(1)إليك من الخاطئين فقل : أهلاً وسهلاً، يا رَحْب الفناء بفناء رب العالمين، واستغفر لهم وكن لهم كأحدهم ، ولا تستطيل عليهم بما أنا أعطيتُك فضله، وقل لهم فليسألوني من فضلي ورحمتي، فإنه لا يملكها أحد غيري وأنا ذو الفضل العظيم.

طوبى لك يا موسى : كهفُ الخاطئين، وجليسُ المضطرين ومستغفرٌ للمذنبين، إنك مني بالمكان الرضيّ، فادعني بالقلب النقي واللسان الصادق، وكن كما أمرتك، أطع أمري ولا تستطل على عبادي بما ليس منك مبتدأه ، وتقرّب إليّ فإني منك قريب، فإني لم أسألك ما يؤذيك ثِقله ولا حِمله، إنما سألتك أن تدعوني فأجيبك، وإن تسألني فأعطيك، وأن تتقرب إليّ بما مني أخذت تأويله وعليّ تمام تنزيله .

یا موسى : انظر إلى الأرض فإنها عن قريب قبرك ، وارفع عينيك إلى السماء فإن فوقك فيها مَلِكاً عظيماً ، وابك على نفسك ما دمت في الدنيا، وتخوّف العَطَبَ والمهالك، ولا تَغُرّنك زينة الدنيا وزهرتها ولا ترضَ بالظلم، ولا تكن ظالماً فإني للظالم رصيد حتى أديل منه المظلوم(2).

يا موسى : إن الحسنة عشرة أضعاف، ومن السيئة الواحدة الهلاك، لا تشرك بي ، لا يحلّ لك أن تشرك بي ، قارب وسدّد(3)وادع دعاء الطامع الراغب فيما عندي، النادم على ما قدّمت يداه ، فإن سواد الليل يمحوه النهار ، وكذلك السيئة تمحوها الحسنة، وعشوة الليل(4)تأتي على ضوء النهار، وكذلك السيئة تأتي على الحسنة الجليلة فتسوّدها .

9-علي بن محمد، عَمّن ذكره، عن محمد بن الحسين، وحميد بن زياد، عن

ص: 46


1- أي سكن واطمأن .
2- الرصيد : المترقب المنتظر بتحفّز، وذلك لأخذ الدولة من الظالم فأعطيها للمظلوم ، والإدالة : الغلبة ، يقال : : أُديل له على أعدائه، أي نُصِرَ عليهم فصارت الدولة له بعدما كانت لهم .
3- قارب وسدّد: أي اقتصد في الأمور كلها، أو اترك الإفراط والتفريط في أعمالك وأقوالك .
4- عشوة الليل : أي ظلمة الليل .

الحسن بن محمد الكندي، جميعاً، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن رجلَ من أصحابه قال: قرأت جواباً من أبي عبد الله(عليه السلام)إلى رجل من أصحابه أما بعد، فإني أوصيك بتقوى الله، فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يُحوّله عما يكره إلى ما يحب، ويرزقه من حيث لا يحتسب(1)، فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم ويأمن العقوبة من ذنبه ، فإن الله عز وجل لا يُخْدَع(2)عن جنّته، ولا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله .

ان الله تعالی اختار من بنی هاشم سبعۀ لم یخلق مثلهم

10 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن عثيم بن أشيَم، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: خرج النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)ذات يوم وهو مستبشر يضحك سروراً ، فقال له الناس أضحك الله سنّك يا رسول الله، وزادك سروراً، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا ولي فيهما تُحفة(3)من الله، ألا وإن ربي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضى، إن جبرئيل أتاني فأقرأني من ربي السلام وقال : يا محمد إن الله عز وجل اختار من بني هاشم سبعة، لم يخلق مثلهم فيمن مضى ولا يخلق مثلهم فيمن بقي ، أنت يا رسول الله سيد النبيين، وعلي بن أبي طالب وصيك سيد الوصيين ، والحسن والحسين سبطاك سيّدا الأسباط(4)، وحمزة عمك سيد الشهداء، وجعفر ابن عمك الطيار في الجنة يطير مع الملائكة حيث يشاء، ومنكم القائم، يصلي عيسى بن مريم خلفه إذا أهبطه الله إلى الأرض من ذرية علي وفاطمة من ولد الحسين(عليه السلام).

معنی قوله تعالی: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ﴾

11 - سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان الديلمي المصري(5)، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : قول الله عز وجل :﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ ﴾(6). فقال : إن الكتاب لم ينطق ولن ينطق، ولكن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)هو الناطق

ص: 47


1- إشارة إلى قوله تعالى ، الطلاق / 3 : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب» أي من حيث لا يظن، أو من حيث لا يقدر ولا يتوقع . والتقوى : عبارة عن فعل الواجبات وترك المحرمات
2- كناية عن إحاطته سبحانه بكل شيء قدرة وعلما لا يعجزه شيء ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء .
3- التحفة اللطف والبر والطرفة .
4- السبط ولد الولد والمراد هنا أنهما(عليهم السلام)سيدا أسباط جميع الأنبياء، ويشمل ذلك جميع التسعة من ذرية الحسين(عليه السلام)وآخرهم القائم عجل الله فرجه كما يصرح بذلك في ذيل الحديث .
5- الديلمي المصري، هذا هو الموجود في النسخ ، وهو الموافق للمنقول عن البرقي أيضاً. ولكن الموجود في الروايات هو البصري، ووصفه بالبصري الشيخ في رجاله عند عده له في أصحاب الرضا(عليه السلام)(2). كما أن العلامة في الخلاصة (٥٠) من الباب (1) من حرف الميم من القسم الثاني وابن داود في القسم الثاني من رجاله (٤٥٣) وصفاه بالنصري، وهو بهذا التوصيف لا وجود له في الروايات .
6- الجاثية / ٢٩

بالكتاب، قال الله عز وجل:﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ ، قال : قلت : جُعِلْتُ فداك، إنا لا نقرؤها هكذا ؟ فقال : هكذا والله نزل به جبرئیل علی محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، ولكنه فيما حُرّف من كتاب الله.

تأویل قوله تعالی:﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾

12 - جماعة ، عن سهل، عن محمد، عن أبيه عن أبي محمد»، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : سألته عن قول الله عز وجل : ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾(1)قال : الشمس رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، به أوضح الله عز وجل للناس دينهم . قال : قلت : ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ﴾(2)؟ قال : ذاك أمير المؤمنين(عليه السلام) ، تلا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ونفثه بالعلم نفثاً ، قال : قلت : ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴾(3)؟ قال : ذاك أئمة الجور الذين استبدوا بالأمر دون آل الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم)، وجلسوا مجلساً كان آل الرسول أولى به منهم، فغشوا دين الله بالظلم والجور، فحكى الله فعلهم فقال :﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴾ قال : قلت : ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ﴾(4)؟ قال : ذلك الإمام من ذرية فاطمة(عليه السلام) ، يُسأل عن دين رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فيجليه لمن سأله، فحكى الله عز وجل قوله فقال : ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ﴾ .

تأویل قوله تعالی: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾

13 - سهل، عن محمد، عن أبيه ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : قلت : ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ (5)؟ قال : يغشاهم القائم بالسيف، قال قلت :﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴾(6)؟ قال : خاضعة لا تطيق الامتناع قال قلت :﴿عاملة﴾(7)؟ قال : عملت بغير ما أنزل الله ، قال : قلت :﴿ناصِبة﴾ (8)؟ قال : نصبت غير ولاة الأمر قال : قلت :﴿تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ﴾ (9)؟ قال : تصلى نار الحرب في الدنيا على عهد القائم، وفي الآخرة نار جهنم .

تأویل قوله تعالی: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾

١٤ - سهل، عن محمد، عن أبيه، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) : قوله : تبارك وتعالى : ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ

ص: 48


1- الشمس / ١ - ٤ . وقد استعار الشمس لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بعلاقة الإضاءة والإنارة المعنويتين بإيضاح الدين ورفع ظلمة الجهل والفتن كما استعار القمر لعلي(عليه السلام)بعلاقة أن نور علمه مستفاد من نور علم النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)كما أن نور القمر مستفاد من نور الشمس. وقد أشار بقوله : ونفثه بالعلم نفتاً، أي أوحى إليه العلم وألقاه في صدره، وأصل النفث النفخ المازندراني ٣٤٥/١١ بتصرّف.
2- الشمس / ١ - ٤ . وقد استعار الشمس لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بعلاقة الإضاءة والإنارة المعنويتين بإيضاح الدين ورفع ظلمة الجهل والفتن كما استعار القمر لعلي(عليه السلام)بعلاقة أن نور علمه مستفاد من نور علم النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)كما أن نور القمر مستفاد من نور الشمس. وقد أشار بقوله : ونفثه بالعلم نفتاً، أي أوحى إليه العلم وألقاه في صدره، وأصل النفث النفخ المازندراني ٣٤٥/١١ بتصرّف.
3- الشمس / ١ - ٤ . وقد استعار الشمس لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بعلاقة الإضاءة والإنارة المعنويتين بإيضاح الدين ورفع ظلمة الجهل والفتن كما استعار القمر لعلي(عليه السلام)بعلاقة أن نور علمه مستفاد من نور علم النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)كما أن نور القمر مستفاد من نور الشمس. وقد أشار بقوله : ونفثه بالعلم نفتاً، أي أوحى إليه العلم وألقاه في صدره، وأصل النفث النفخ المازندراني ٣٤٥/١١ بتصرّف.
4- الشمس / ١ - ٤ . وقد استعار الشمس لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بعلاقة الإضاءة والإنارة المعنويتين بإيضاح الدين ورفع ظلمة الجهل والفتن كما استعار القمر لعلي(عليه السلام)بعلاقة أن نور علمه مستفاد من نور علم النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)كما أن نور القمر مستفاد من نور الشمس. وقد أشار بقوله : ونفثه بالعلم نفتاً، أي أوحى إليه العلم وألقاه في صدره، وأصل النفث النفخ المازندراني ٣٤٥/١١ بتصرّف.
5- الغاشية / ١ .
6- الغاشية / ٢ و ٣ و ٤ .
7- الغاشية / ٢ و ٣ و ٤ .
8- الغاشية / ٢ و ٣ و ٤ .
9- الغاشية / ٢ و ٣ و ٤ .

أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ (1)؟ قال : فقال لي : يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية؟ قال : قلت : إن المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إن الله لا يبعث الموتى ، قال : فقال : تباً لمن قال هذا، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللّات والعُزّى؟ قال : قلت : جعلت فداك فأوجدنيه(2)، قال : فقال لي : يا أبا بصير، لو قد قام قائمنا بعث الله إليه قوماً من شيعتنا، قِباعُ سيوفهم (3)على عواتقهم، فيبلغ ذلك قوماً من شيعتنا لم يموتوا فيقولون : بُعث فلان وفلان وفلان من قبورهم، وهم مع القائم، فيبلغ ذلك قوماً من عدونا فيقولون : يا معشر الشيعة، ما أكذبكم، هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب، لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة، قال: فحكى الله قولهم فقال :﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾(4).

تأویل قوله تعالی: ﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ﴾

١٥ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بدر بن الخليل الأسدي قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول في قول الله عز وجل :﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ *لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴾(5)، قال : إذا قام القائم وَبَعَثَ إلى بني أمية بالشام هربوا إلى الروم، فيقول لهم الروم : لا تُدخلَنكم حتى تتنصّروا، فيعلّقون في أعناقهم الصلبان، فيدخلونهم، فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان والصلح ، فيقول أصحاب القائم : لا نفعل حتى تدفعوا إلينا مَن قِبَلكم منا ، قال : فيدفعونهم إليهم، فذلك قوله :﴿لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ ، قال : يسألهم عن الكنوز وهو أعلم بها ، قال : فيقولون :﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ *فَمَا

ص: 49


1- النحل / 38 .
2- أي أوضح لي المراد من الآية واظفرني به.
3- القباع : جميع قبيعة وهي ما على طرف مقبض السيف من الفضة أو الحديد .
4- هذا، وإن استدل بعض أصحابنا على الرجعة عند قيام القائم عجل الله فرجه بمثل هذه الآية، أو هذه الرواية، إلا أن الآية كما لا يخفى من سياقها إنها واردة في بيان حال المشركين الجاحدين للبعث، وقد ذكر الشيخ الطبرسي رضوان الله عليه في مجمع البيان ٥ - ٣٦٠/٦ في سبب نزول هذه الآية عن أبي العالية قال : قالوا : كان لرجل من المسلمين على مشرك دين فتقاضاه فوقع في كلامه والذي أرجوه بعد الموت إنه لكذا، فقال المشرك وإنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت، واقسم بالله لا يبعث الله من يموت، فأنزل الله الآية. هذا إضافة إلى أن محمد بن سليمان البصري راوي هذا الحديث عن أبيه هو ممن ذكر الشيخ في رجاله أنه يرمى بالغلوّ وأنه ضعیف، وقال النّجاشي عنه أنه ضعيف جداً لا يعوّل عليه في شيء، كما قال الشيخ عنه في فهرسته (٥٩٣ ) نقلا عن ابن الغضائري : ضعيف في حديثه مرتفع في مذهبه لا يلتفت إليه. ومن هذا المنظور انظر إلى ما تقدم وما سيأتي من رواياته .
5- الأنبياء / 12 - 13 . واحسّوا : عاينوا . والبأس العذاب.

زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴾(1)بالسيف .

رسالة أبي جعفر(عليه السلام)إلى سعد الخير

١٦ - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع، والحسين بن محمد الأشعري، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن يزيد بن عبد الله، عمّن حدثه قال: كتب أبو جعفر(عليه السلام)إلى سعد الخير :

بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله، فإن فيها السلامة من التلف(2)، والغنيمة في المنقلب(3)، إن الله عز وجل يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله(4). ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله، وبالتقوى نجا نوح ومن معه في السفينة، وصالح ومن معه من الصاعقة، وبالتقوى فاز الصابرون، ونجت تلك العُصَبُ من المهالك، ولهم إخوان على تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة، نبذوا طغيانهم من الإيراد بالشهوات لما بلغهم في الكتاب من المَثُلات (5)، حمدوا ربهم على ما رزقهم وهو أهل الحسین وذمّوا أنفسهم على ما فَرّطوا وهم أهل الذم، وعلموا أن الله تبارك وتعالى الحليم العليم، إنما غضبه على من لم يقبل منه رضاه، وإنما يمنع من لم يقبل منه عطاه ، وإنما يضل من لم يقبل منه هداه، ثم أمكن أهل السيئاتِ من التوبة بتبديل الحسنات، دعا عباده في الكتاب إلى ذلك بصوت رفيع لم ينقطع ، ولم يمنع دعاء عباده، فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله، وكتب على نفسه الرحمة، فسبقت قبل الغضب فتمت صدقاً وعدلاً، فليس يبتدىء العباد بالغضب قبل أن يُغْضبوه، وذلك من علم اليقين وعلم التقوى، وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه، وولّاهم عدوهم حين تولوه، وكان من نَبْذِهِم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهّال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية، وكان من نبذهم الكتاب أن ولّوه الذين لا يعلمون فأوردوهم الهوى ، وأصدروهم إلى الردى، وغيّروا عرى الدين، ثم ورثوه في السَّفَه والصِبا(6)، فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله تبارك وتعالى ،

ص: 50


1- الأنبياء / ١٤ - ١٥ . دعواهم أي دعاؤهم. حصيداً أي محصودين بالسيف كما يحصد الزرع ويستأصل بالمناجل خامدين أي هموداً قد سكنت حركاتهم
2- التلف الهلاك بسبب المعاصي جراء الانغماس في الشهوات والانجرار وراء الغرائز
3- أي الآخرة .
4- أي بعد عن إدراكه وغاب .
5- المَثَلاث : العقوبات .
6- السَّفَه : الجهل والطيش . والصبا من :الصبوة وهي الميل إلى الجهل. وقد يراد منها فتح الصاد: الصبا : وهو اللعب مع الصبيان .

وعليه يردّون، فبئس للظالمين بَدَلاً ولاية الناس بعد ولاية الله، وثواب الناس بعد ثواب الله ، ورضى الناس بعد رضى الله ، فأصبحت الأمة كذلك وفيهم المجتهدون في العبادة على تلك الضلالة معجبون مفتونون، فعبادتهم فتنة لهم ولمن اقتدى بهم وقد كان في الرسل ذكرى للعابدين، إن نبياً من الأنبياء كان يستكمل الطاعة، ثم يعصي الله تبارك وتعالي في الباب الواحد فخرج به من الجنة وينبذ به في بطن الحوت(1)، ثم لا ينجيه إلا الاعتراف والتوبة ، فاعرف أشباه الأحبار(2)والرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين، ثم أعرف أشباههم من هذه الأمة الذين أقاموا حروف الكتاب وحرّفوا حدوده، فهم مع السادة والكَبَرَة(3)فإذا تفرقت قادة الأهواء كانوا مع أكثرهم دنياً وذلك مبلغهم من العلم، لا يزالون كذلك في طبع وطمع، لا يزال يسمع صوت إبليس على ألسنتهم بباطل كثير، يصبر منهم العلماء على الأذى والتعنيف، ويعيبون على العلماء بالتكليف(4)، والعلماء في أنفسهم خانة(5)، إن كتموا النصيحة، إن رأوا تائهاً ضالاً لا يهدونه، أو ميتاً لا يحيونه(6)، فبئس ما يصنعون، لأن الله تبارك وتعالى أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف وبما أُمِروا به، وأن ينهوا عما نُهُوا عنه، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان ، فالعلماء من الجهّال في جهد وجهاد، إن وعظت قالوا : طَغَتْ، وإن علموا الحق الذي تركوا قالوا : خالفَت ،وإن اعتزلوهم قالوا فارقت وإن قالوا هاتوا برهانكم على ما تحدثون ، قالوا : نافقت، وإن أطاعوهم قالوا: عصيت الله عز وجل، فهلك جهّال فيما لا يعلمون، أميّون فيما يتلون، يصدّقون بالكتاب عند التعريف ويكذّبون به عند التحريف، فلا ينكرون، أولئك أشباه الأحبار والرهبان قادة فى الهوى، سادة في الردى، وآخرون منهم جلوس بين الضلالة والهدى، لا يعرفون إحدى الطائفتين من الأخرى، يقولون ما كان الناس يعرفون هذا ولا يدرون ما هو وصدقوا ، تركهم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)على البيضاء(7)ليلها من نهارها، لم يُظْهر فيهم بدعة ولم يبدّل فيهم سنّة ، لا خلاف عندهم ولا اختلاف، فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم صاروا

ص: 51


1- فيه إشارة إلى آدم ويونس(عليه السلام).
2- نفى عنهم صفتي الأحبار والرهبان الحقيقيتين، لأنهم لم يكونوا ملتزمين بلوازمهما الحقيقية، بل كانوا منافقين يتظاهرون بها فقط.
3- في بعض النسخ: الكثرة. وفيه إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأحزاب / ٦٧ ﴿وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءَنا فأضلّونا السبيلا﴾ أي زعماءنا .
4- أي بتكليف العلماء إياهم بالرجوع إلى الله وعبادته وطاعته من خلال أحكامه سبحانه .
5- خانة : جمع خائن .
6- المراد بالميت ميت القلب منغلق العقل، وإحياؤه إنما يكون بالحكمة والموعظة الحسنة .
7- يعني بذلك الشريعة السمحاء الواضحة التي لا ليس فيها ولا غموض

إمامين : داع إلى الله تبارك وتعالى وداعٍ إلى النار ، فعند ذلك نطق الشيطان فعلا صوته على لسان أوليائه، وكثر خيله ورجله وشارك فى المال والولد من أشركه، فعمل بالبدعة وترك الكتاب والسنة، ونطق أولياء الله بالحجة، وأخذوا بالكتاب والحكمة، فتفرق من ذلك اليوم أهل الحق وأهل الباطل، وتخاذل وتهادن أهل الهدى، وتعاون أهل الضلالة حتى كانت الجماعة مع فلان وأشباهه(1)، فأعرف هذا الصنف ، وصنف آخر فأبصِرْهُم رأي العين نجباء، والزَمْهُمْ حتى ترد أهلك(2)، فإن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة الا ذلك هو الخسران المبين .

إلى ههنا رواية الحسين، وفي رواية محمد بن يحيى زيادة :

لهم علم بالطريق، فإن كان دونهم بلاء فلا تنظر إليهم(3)، فإن كان دونهم عَسْفُ(4)من أهل العسف، وخسف ودونهم(5)بلايا تنقضي، ثم تصير إلى رخاء، ثم أعلم أن إخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض، ولولا أن تذهب بك الظنون عني(6)لجليت لك عن أشياء من الحق غطيتها ، ولنشرت لك أشياء من الحق كتمتها ، ولكني أتقيك وأستبقيك، وليس الحليم(7)الذي لا يتقي أحداً في مكان التقوى، والحلم لباس العالم فلا تَعْرَيَنَّ منه، والسلام .

رسالة منه(عليه السلام) إليه أيضاً (8)

17 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع قال : كتب أبو جعفر(عليه السلام)إلى سعد الخير :

بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعدُ، فقد جاءني كتابك تذكر فيه معرفة ما لا ينبغي

ص: 52


1- يقصد بذلك إمام الجور ..
2- أي حتى ترد أمام الحق وهو من فرض الله عليك طاعته وأمر بملازمته .
3- في الوافي : فلا ينظر إليهم . وقال / م ١٤ ص ٢٤ : «وفي بعض النسخ: إليه ، وهو الصواب، أي فلا ينظر إلى البلاء لأنه ينقضي ولا يبقى».
4- العَف : الجور والظلم .
5- أي عندهم . والخَلْف : الهوان والنقصان .
6- أي تعرض عني بسبب ظنونك ما لا يليق ولا يجدر .
7- قال في الوافي: الحليم خبر ليس تقدم على اسمه .
8- يقول المازندراني ٣٦١/١١: «كان منشأوها أن سعداً كتب إليه كتاباً مشتملا على ذكر الولاية وطاعة أهلها، وخفاء الحق وقلة أهله وظهور الباطل وكثرة أهله ، وشكى إليه من ذلك، فكتب إليه(عليه السلام)تسلية له ورفعاً لاستبعاده وشكايته ».

تركه(1)، وطاعة من رضى الله ،رضاه فقبلت من ذلك لنفسك ما كانت نفسك مرتهنة لو تركته تعجب، إن رضى الله وطاعته ونصيحته لا تُقبل ولا توجد ولا تعرف إلا في عباد غرباء، أخلاء من الناس(2)، قد اتخذهم الناس سِخْرياً لما يرمونهم به من المنكرات، وكان يقال : لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون أبغض إلى الناس من جيفة الحمار، ولولا أن يصيبك من البلاء مثل الذي أصابنا ، فتجعل فتنة الناس كعذاب الله - وأعيذك بالله وإيّانا من ذلك _ لَقَرُبْتَ على بعد منزلتك(3).

واعلم رحمك الله، أنه لا تُنال محبة الله إلا ببغض كثير من الناس، ولا ولايته إلا بمعاداتهم، وفوت ذلك(4)قليل يسير لدَرْك(5)ذلك من الله لقوم يعلمون .

يا أخي ؛ إن الله عز وجل جعل في كلِّ من الرسل بقايا من أهل العلم(6)يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون معهم على الأذى، يجيبون داعِيَ الله ، ويدعون إلى الله، فأَبْصِرْهم رحمك الله ، فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم في الدنيا وضيعة، إنهم يُحْيُونَ بكتاب الله الموتى الله(7)، ويبصّرن بنور من العمى(8)، كم من قتيل لأبليس قد أحيوه، وكم من تائه ضالِّ قد هدُوه، يبذلون دماءهم دون هَلَكَة العباد، وما أحسن أثرهم على العباد وأقبح آثار العباد عليهم .

کان امیر المومنین (علیه السلام)یشبه عیسی بن مریم(علیه السلام)

18 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، ، عن أبيه، عن أبي بصير قال : بينما رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ذات يوم جالساً، إذ أقبل أمير المؤمنين(عليه السلام)، فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إن فيك شبهاً من عيسى بن مريم، ولولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم ،لقلتُ فيك قولاً لا تمرّ بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة» ، قال : فغضب الاعرابيان(9)، والمغيرة بن شعبة ، وعدّة من قريش معهم ، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلاً إلا عيسى بن مريم؟ فأنزل الله على

ص: 53


1- ويقصد بما لا ينبغي تركه الولاية لأهل البيت (عليهم السلام)لأن بها نظم أمور الأعيان والمؤمنين .
2- أي منزوون عن الناس لا يخالطونهم .
3- أي لقربت من الحق على بعد منزلتك منه ، وهذا الكلام جواب: لولا المتقدم.
4- إشارة إلى حب الناس وولايتهم .
5- إشارة إلى محبة الله وولايته .
6- إشارة إلى الأوصياء(عليهم السلام)ونوابهم من الفقهاء العدول الذين نصبوا حكاماً على الناس من قبلهم(عليهم السلام).
7- أي موتى القلوب .
8- أي عمى البصائر والقلوب .
9- المقصود بهما الأول والثاني ، ولا يخفى وجه تسميتهما بالأعرابيين .

نبيه(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (1)وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (2)،إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ*وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ (یعنی من بنی هاشم)مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ﴾(3)، قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل، فأمطر علينا حجارة من السماء أو إئتنا بعذاب أليم، فأنزل الله عليه مقالة الحارث، ونزلت هذه الآية ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾(4)، ثم قال له : يا ابن عمرو ؛ إما تبت وإما رحلتَ ؟ فقال : يا محمد؛ بل تجعل لسائر قريش شيئاً مما في يديك، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم، فقال له النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): «ليس ذلك إلي ذلك إلىّ الله تبارك وتعالى» ، فقال: يا محمد؛ قلبي ما يتابعني على التوبة، ولكن أرْحَلُ عنك، فدعا براحلته ،فركبها فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة(5)فرضخت(6)هامته ، ثم أتى الوحي إلى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِلْكَافِرِينَ( بولاية علي ) لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ *مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾(7)، قال : قلت : جُعِلتُ فداك، إنا لا نقرؤها هكذا، فقال : هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد (صلی الله علیه وآله وسلم)، وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة(عليها السلام)،فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لمن حوله من المنافقين: انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به، قال الله عزوجل: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾(8)

تفسیر قوله تعالی : ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ..الأیۀ﴾

19 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)في قوله عزوجل : ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾(9)، قال : ذاك والله حين قالت الأنصار: «منا أمير ومنكم أمير»(10).

20 _ وعنه ، عن محمد بن علي ، عن ابن مسكان عن ميسر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال:

ص: 54


1- يصِدّون : أي يضحون .
2- خصمون : أي يلتمسون الخصومة بالباطل.
3- الزخرف/ ٥٧ - ٦٠ . ويخلفون: أي يكونون خلفاء في الأرض.
4- الأنفال/ ٣٣ .
5- الجَنْدَلَة : الحجارة .
6- الرّضْخ : الكسر والشدخ .
7- المعارج / 1 - 3 . وذي :المعارج: أي ذي العلو والفواصل .
8- إبراهيم / ١٥ .
9- الروم/ ٤١ .
10- وقد حصل ذلك في سقيفة بني النجار في المدينة عندما قبض رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)والمقصود بقوله : منا، أي من الأنصار، ومنكم : أي من المهاجرين وكان القائل سعد بن عبادة الأنصاري وكان يطمع في الخلافة لنفسه .
تفسیر قوله تعالی: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾

قلت : قول الله عز وجل : ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾(1). قال : فقال : يا ميسّر؛ إن الأرض كانت فاسدة فأصلحها الله عز وجل نبيه(2)(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال :﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ .

خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)فی ذم اتباع الهوی

21 - علي بن إبراهيم، عن أبيه عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عثمان، عن سليم بن قيس الهلالي قال : خطب أمير المؤمنين(عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه، ثم صلّى على النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، ثم قال :

تأسفه علی بعض ما حدث بعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

ألا إن أخوفَ ما أخافُ عليكم خَلَّتان(3): اتّباع الهوى(4)وطول الأمل، أما اتباع الهوى فيصدّ عن الحق، وأما طول الأمل فَيُنْسي الآخرة، ألا إن الدنيا قد ترحّلت مدبرة، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكل واحدة بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولاحساب، وإن غداً حساب ولا عمل، وإنما بدء وقوع الفتن من أهواء تُتَّبَع وأحكام تُبْتَدَع ، يخالف فيها حكم الله يتولى فيها رجال رجالاً ، ألا إن الحق لو خلص لم يكن اختلاف، ولو أن الباطل خلص لم يخفَ على ذي حجى(5)، لكنه يؤخذ من هذا ضِعْثُ ومن هذا ضغثٌ (6)، فيمزجان فيجلّلان(7)معاً ، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى، إني سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)يقول : «كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، يجري الناس عليها ويتخذونها سُنّة، فإذا غُيّر منها شيء قيل: قد غُيّرت السنة، وقد أتى الناس منكراً، ثم تشتد البلية وتُسبى الذرية، وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب وكما تدق الرحا بثفالها(8)، ويتفقهون لغير الله ، ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون

ص: 55


1- الأعراف/ ٥٦ .
2- وإنما تم إصلاحها من خلال شريعة الله سبحانه وأحكامه التي أوحاها إلى نبيه(صلی الله علیه وآله وسلم)وبلغها (صلی الله علیه وآله وسلم)للبشرية ليطبقوها على أنفسهم وفي مجتمعاتهم فيحصلوا بذلك سعادتهم في الدارين .
3- الخَلّة : الخصلة .
4- الهوى: مجاراة النفس فيما ترغبه وتميل إليه مما لا ينسجم مع تعاليم السماء وقوانينها .
5- الحجى : العقل .
6- الضغث : القبضة من الشيء . وقد استعمل هنا بنحو الاستعارة، واستعمل لصورة ما إذا امتزج الحق بالباطل .
7- التجليل : الستر، أو إدخال الشيء في الشيء
8- الثفال : جلدة تبسط تحت رحى اليد ليسقط عليها الدقيق ويسمى الحجر الأسفل من الرّحى مثقالاً، قال الفيض في الوافي / م ١٤ ص 1٥ : والمعنى أنها تدقهم دق الرحى للحب إذا كانت مثقلة ولا تثفل إلا عند الطحن .

الدنيا بأعمال الآخرة». ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته فقال : قد عملت الولاة قَبْلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده، مغيّرين لسُنَّته ولو حملت الناس على تركها وحَوّلتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي ، أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرضَ إمامتي من كتاب الله عز وجل وسنّة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم(1)(عليه السلام)فرددتُه إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، ورددت فَدَك(2)إلى ورثة فاطمة(عليه السلام)، ورددت صاع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)(3)كما كان، وأمضيت قطائع أقطعها(4)رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ، ورددت دار جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد، ورددت قضايا من الجور قضي بها ، ونزعت نساءاً تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن(5)، واستقبلت بهن الحكم في الفروج والأحكام، وسبيت ذراري بني تغلب ورددت ما قسم من أرض خيبر، ومحوت دواوين العطايا وأعطيت كما كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يعطي بالسوية، ولم أجعلها دولة بين الأغنياء، وألقيت المساحة (6)، وسويت بين المناكح(7)، وأنفذت خمس الرسول كما أنزل الله عز وجل وفرضه ، ورددت مسجد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إلى ما كان عليه، وسددت ما فتح فيه من الأبواب، وفتحت ما سُدّ منه، وحرمت المسح على الخُفَّين، وحدَدْتُ على النبيذ، وأمرت بإحلال المتعتين(8)، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وأخرجت من أدخل مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في مسجده ممن كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أخرجه(9)، وأدخلت من أخرج بعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ممن كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أدخله، وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنّة، وأخذت الصدقات على

ص: 56


1- أي برده. وكان عمر قد غير موضعه في زمنه وردّه إلى ما كان عليه في الجاهلية وكان لاصقاً بالبيت.
2- دل على أنه (عليه السلام)لم يردّ فدك في خلافته لإفضائه إلى الفساد والتفرقة، فلا يرد ما أورده بعض العامة من أن أخذ فدك لو لم يكن حقا لردّه(عليه السلام)في خلافته المازندراني 372/11 - 373 .
3- في بعض الروايات ومنها الموثق أن صاعه(صلی الله علیه وآله وسلم)كان خمسة أمداد ولكن الأصحاب اتفقوا على أن الصاع هو أربعة أمداد.
4- اقطعها أي عينها .
5- كاللواتي يطلقن طلاق بدعة، لعدم استكمال الطلاق الصحيح شرائطه المعتبرة شرعاً.
6- يحتمل أنها مساحة الأرض للخراج .
7- «أشار بذلك إلى ما ابتدعه عمر من منعه غير قريش أن يتزوج في قريش ومنعه العجم من التزويج في العرب».
8- يعني متعة النساء ومتعة الحج ، وكان قد حرمهما عمر في زمانه بعد اعترافه بأنهما كانتا على عهد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).
9- والمراد بذلك الأول والثاني حيث أمر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ب__د بابيهما إلى المسجد فيمن أمر بسد أبوابهم، وكانا قد دفنا عند قبره(صلی الله علیه وآله وسلم).

أصنافها وحدودها ، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها، ورددت أهل نجران إلى مواضعهم ، ورددت سبايا فارس وسائر الأمم إلى كتاب الله وسنة نبيه(صلی الله علیه وآله وسلم)، إذاً (1)لتفرقوا عني، والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الإسلام ، غُيّرت سُنّة عمر، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً، ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري، ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة، وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلى النار،وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى الذي قال الله عز وجل :﴿ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾(2). فنحن والله عنى بذي القربي الذي قرننا الله بنفسه وبرسوله(صلی الله علیه وآله وسلم) فقال تعالى : ﴿ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ، (فينا خاصة)،كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ(في ظلم آل محمد)،إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾(3)، لمن ظلمهم، رحمة منه(4)لنا وغنى أغنانا الله به ووصى به نبيه(صلی الله علیه وآله وسلم)، ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيباً أكرم الله رسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)وأكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس، فكذبوا الله وكذّبوا رسوله، وجحدوا كتاب الله الناطق بحقّنا، ومنعونا فرضاً فرضه الله لنا ما لقي أهل بيت نبي من أمته ما لقينا بعد نبينا(صلی الله علیه وآله وسلم) والله المستعان على من ظلمنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

خطبة لامير المؤمنين(عليه السلام)فی تأسفه علی ما سیحدث

٢٢ -أحمد بن محمد الكوفي ، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن أبي رَوْح فرج بن قرّة، عن جعفر بن عبد الله، عن مسعدة بن صَدَقة، عن ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: خطب أمير المؤمنين(عليه السلام) بالمدينة فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبي وآله ثم قال : أما بعد، فإن الله تبارك وتعالى لم يقصم جباري دهر إلا من بعد تمهيل ورخاء، ولم يجبر كسر عظم من الأمم إلا بعد أَزْل(5)وبلاء ، أيها الناس؛ في دون ما استقبلتم من عَطْب(6)، واستدبرتم من خَطْب(7)،

ص: 57


1- هذا جواب الشرط في قوله سابقاً : أرأيت لو أمرت ... الخ .
2- الأنفال/ ٤١ .
3- الحشر / 7
4- أي رحمة من الله سبحانه لنا حيث أنزل ذلك فينا وقرننا بنفسه وبرسوله(صلی الله علیه وآله وسلم).
5- الأزل : الشدّة والضيق .
6- العطب : الهلاك. وفيه إشارة إلى ما لاقاه المسلمون في بداية الدعوة من الآلام والمصاعب والتنكيل، وما كان عليه حالهم من الوهن والضعف والهوان على الناس.
7- الخطب الحال والأمر صغر أو كبر، وفيه إشارة إلى ما خاضوه من حروب مع المشركين والكافرين مما ذهبت حزونته وانقضت الأمه وبقي أجره وثوابه وثمراته الدنيوية والأخروية .

معتَبّر(1)، وما كل ذي قلب بلبيب(2)، ولا كل ذي سمع بسميع ، ولا كل ذي ناظر عين ببصير، عباد الله ؛ أحسنوا فيما يعنيكم(3)النظر فيه ثم انظروا إلى عرصات(4)من قد أقاده(5)الله بعلمه كانوا على سنّة من آل فرعون أهل جنات وعيون وزروع ومقام كريم، ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور، والأمر والنهي، ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان والله مخلدون، ولله عاقبة الأمور.

فيا عجباً _ وما لي لا أعجب _ من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتصّون(6)أثر نبي ولا يقتدون بعمل وصي، ولا يؤمنون بغَيب، ولا يعفون عن عَيب، المعروف فيهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما أنكروا ، وكل امرىء منهم إمام نفسه، آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات، فلا يزالون بجَور ولن يزدادوا إلا خطأ، لا ينالون تقرباً، ولن يزدادوا إلا بعداً من الله عز وجل، أُنْسُ بعضهم ببعض ، وتصديقُ بعضهم لبعض كل ذلك وحشةً مما ورث النبي الأمي(صلی الله علیه وآله وسلم)، ونفوراً مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والأرض، أهل حسرات ، وكهوف شُبهات، وأهل عَشَوات(7)وضلالة وريبة ، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله غير المتهم عند من لا يعرفه فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها، وواأسفاً من فعلات شيعتي من بعد قُرْب مَوَدّتها اليوم كيف يَسْتَذلَّ بعدي بعضها بعضاً، وكيف يقتل بعضها بعضاً، المتشتتة غداً عن الأصل النازلة بالفرع، المؤملة الفتح من غير جهته(8)، كل حزب منهم آخذ (منه) بغصن أينما مال الغصن مال معه، مع أن الله - وله الحمد -،سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني أمية ،كما يجمع قَزَع(9)الخريف يؤلف الله بينهم، ثم يجعلهم رُكاماً كرُكام (10)السحاب ، ثم يفتح لهم أبواباً يسيلون من مستثارهم(11)كسيل الجنتين

ص: 58


1- أي في دون ما ذكر اعتبار لمن اعتبر، فكيف بما كان أعظم إذ يكون أولى بالاعتبار فيه والاتعاظ .
2- أي كامل العقل بحيث يعتد بعقله ويعتمد على حسن إدراكه .
3- يعنيكم : أي يهمكم.
4- العرصات : جمع ،عرصة ، وهي كل موضع واسع لا بناء فيه ولعل المراد بها دورهم الخربة وأراضيهم الميتة . أي مكان خروجهم وانطلاقهم .
5- من القود وهو القصاص، حيث إنهم كانوا قد أصابوا دماء بغير حق.
6- الاقتصاص : الاتباع والاقتفاء .
7- العَشْوة :الظلمة ومثلثة كل أمر ملتبس لا يُعرف وجهه.
8- المراد بالأصل الإمام العادل المنصوب من قبله سبحانه وبالفرع بعض أولاده(عليهم السلام)ممن خرج على سلطان الجور كزيد(عليه السلام) وغيره ممن هو غير مفترض الطاعة والمراد بالفتح ظهور دولة الحق .
9- المراد بالأصل الإمام العادل المنصوب من قبله سبحانه وبالفرع بعض أولاده (عليهم السلام)ممن خرج على سلطان الجور كزيد(عليه السلام)وغيره ممن هو غير مفترض الطاعة والمراد بالفتح ظهور دولة الحق .
10- الفزع : قطع من السحاب متفرقة صغار ، وكل شيء يكون قطعاً متفرقة فهو قزع ، وأضافه إلى الخريف لأنه يكثر ظهوره فيه .
11- الركام : المتراكب بعضه فوق بعض .

سيل العرم(1)حيث بعث عليه فأرة فلم يثبت عليه أكمة ، ولم يرد سننه رضّ طود(2)، يذعذهم(3) الله في بطون أودية ثم يسلكهم ينابيع في الأرض ، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويمكّن بهم قوماً في ديار قوم تشريداً لبني أمية، ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع الله ركناً وينقض بهم طي الجنادل من إرَم(4)، ويملأ منهم بطنان الزيتون(5)، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ليكوننّ ذلك، وكأني أسمع صهيل خيلهم ، وطَمْطَمَة(6)رجالهم، وأيم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكين في البلاد، كما تذوب الألية على النار ، من مات منهم مات ضالاً ، وإلى الله عز وجل يفضي منهم من دَرَج(7)، ويتوب الله عز وجل على من تاب، ولعل الله يجمع شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء ، وليس لأحد على الله عز ذكره الخيرة بل الله الخيرة والأمر جميعا .

أيها الناس ،إن المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير، ولو لم تتخاذلوا عن مرّ الحق ، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم ، ولم يقومنّ قوي عليكم وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها لكن تهتُمّ كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى بن عمران(عليه السلام)، ولَعَمْري ليضاعفنّ عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل ، ولَعَمْري أن لو استكملتم من بعدي مدة سلطان بني أمية، لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة(8)، وأحييتم الباطل، وخلفتم الحق وراء ظهوركم وقطعتم الأدنى من أهل بدر، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب الرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء، وقَرُب الوعد، وانقضت المدة، وبدا لكن النجم ذو الذنب من قِبَل المشرق، ولاح لكم القمر المنير، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة، واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم)، فتداويتم من العمى والصمم والبكم، وكُفِيتم مؤونة الطلب والتعسّف ، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق، ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف، وأخذ ما ليس له، وسيعلم الذين ظلموا أي مُنْقَلَبِ ينقلبون .

ص: 59


1- وكأنه أشار(عليه السلام)بذلك إلى فتن أبي مسلم المروزي واستئصاله لبني أمية وإنما شبههم بسيل العرم لتخريبهم البلاد وأهلها الذين كانوا في خفض ودعة الفيض في الوافي / م ١٤ / ص ١٤ .
2- الرّض : الدّق الشديد، والطود: الجبل .
3- أي يضعضعهم ويزعزعهم .
4- قيل بأن إرم هي دمشق والاسكندرية .
5- الزيتون : قيل هو مسجد دمشق، أو جبال الشام.
6- الطمطمة في الكلام، هو أن يكون فيه عجمة .
7- دَرَج : أي آب ورجع .
8- يقصد به عبد الله بن محمد السفاح أول ملوك بني العباس .
خطبة لامير المؤمنين(عليه السلام)فی عاقبۀ الظلم والبغی

٢٣ - علي بن إبراهيم ،عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، ويعقوب السراج، عن أبي عبد الله(عليه السلام)؛ أن أمير المؤمنين(عليه السلام)لمّا بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر فقال : الحمد لله الذي علا فاستعلى ، ودنا فتعالى، وارتفع فوق كل منظر، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خاتم النبيين، وحجة الله على العالمين، مصدّقاً للرسل الأولين، وكان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً، فصلّى الله وملائكته عليه وعلى آله .

أما بعد أيها الناس ؛ فإن البغي يقود أصحابه إلى النار، وإن أول من بغى على الله جل ذكره عناق بنت آدم، وأول قتيل قتله الله عناق، وكان مجلسها جريباً (من الأرض) في جريب(1)، وكان لها عشرون إصبعاً في كل إصبع ظفران مثل المِنْجَلين، فسلط الله عز وجل عليها أسداً كالفيل، وذئباً كالبعير ، ونسراً مثل البغل فقتلوها، وقد قتل الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا وأمات هامان وأهلك فرعون. وقد قُتِل عثمان، ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه(صلی الله علیه وآله وسلم)، والذي بعثه بالحق لتبلبلُنَّ بلبلة(2)، ولتُغَرْبَلُنَّ غربلة(3)، ولتساطن سوطة القدر(4)حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم، وليسبقنّ سابقون كانوا فصّروا ، ولَيُقَصِّرن سابقون كانوا ،سبقوا والله ما كتمت وَشْمة (5)، ولا كذبت كذبة، ولقد نُبّئْتُ بهذا المقام وهذا اليوم، ألا وإن الخطايا خيلٌ شُمُشُ(6)، حمل عليها أهلها وخلعت لجم_ها فتقحّمت بهم في النار، ألا وإن التقوى مطايا ذُلُل حمل عليها أهلُها وأعْطُوا أزمّتها فأوردتهم الجنة، وفُتحت لهم أبوابها، ووجدوا ريحها وطيبها وقيل لهم:﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ﴾(7)، ألا وقد سبقني إلى هذا الأمر من لم أشركه فيه، ومن لم أهبه له، ومن ليست له منه نوبة(8)إلا

ص: 60


1- الجريب من الأرض : ستون ذراعاً في ستّين .
2- البلبلة في الألسن اختلاطها، والبلبلة أيضاً الهم والحزن ووسوسة الصدور.
3- قال الفيض في الوافي / م ١٤ ص 12 : من الغربال الذي يغربل به الدقيق والغربلة أيضاً القتل، وكأنها كناية عن التقاط أحادهم وقصدهم بالأذى والقتل كما فعل بكثير من الصحابة والتابعين، أراد بذلك أنه يستخلص الصالح منكم من الفاسد كما يمتاز الدقيق عند الغربلة من نخالته . .. الخ » .
4- السّوط: التخليط ، والمسوط والمسواط : خشبة يحرّك بها ما في القدر ليختلط .
5- الوَشمَة: الكلمة، والوسمة: العلامة .
6- الشَّمس : جمع شَمُوس، وهي الدابة الصعبة تمنع ظهرها من الركوب
7- الحجر/ ٤٦
8- في بعض النسخ : توبة، وليس لها معنى محصل هنا كما هو واضح . وفي بعض النسخ : ثوية . وفي بعضها : ومن لبس ثوبه، أي ثوب الإمامة .

بنبي يُبعث، ألا ولا نبي بعد محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، أشرف منه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم ،حق وباطل ولكل أهل، فلئن أُمرّ الباطل القديماً ،فعل، ولئن قل الحق فلربما ولعل ، ولقلّما أدبر شيء فأقبل ، ولئن رد عليكم أمركم أنكم سعداء، وما علي إلا الجهد، وإني لأخشى أن تكونوا على فترة ملتم عني مَيْلةً كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي، ولو أشاء لقلت : عفى الله عما سلف، سبق فيه الرجلان(1)وقام الثالث(2)كالغراب، همّه بطنه، ويله لو قُصّ جناحاه وقُطع رأسه كان خيراً له، شغل عن الجنة والنار أمامه ، ثلاثة وإثنان(3)، خمسة ليس لهم سادس : ملك يطير بجناحيه، ونبي أخذ الله بضَبُعَيْه(4)، وساع مجتهد ، وطالب يرجو، ومقصّر في النار، اليمين والشمال مَضَلَّة، والطريق الوسطى هي الجادة، عليها يأتي الكتاب وآثار النبوة، هلك من ادّعى، وخاب من افترى، إن الله أدّب هذه الأمة بالسيف والسوط، وليس لأحد عند الإمام فيهما هوادة، فاستتروا في بيوتكم، وأصلحوا ذاتَ بينكم، والتوبة من ورائكم، من أبدى صَفْحَتَه للحق هلك(5)

حديث علي بن الحسين(عليه السلام)وفیه حثُّ علی التقوی

٢٤ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هلال بن عطية، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين(عليه السلام)قال : كان يقول : إنّ أَحَبَّكم إلى الله عز وجل أحسنكم عملاً ، وإن أعظمكم عند الله عملاً أعظمكم فيما عند الله رغبة، وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشيةً لله ، وإن أقربكم من الله أوسعُكم خُلقاً، وإن أرضاكم عند الله اسْبَغُكم(6)على عياله، وإن أكرمكم على الله أتقاكم الله.

علامات آخر الزمان أو أشراط الساعۀ

25 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن عمر الصَّيقل، عن أبي شعيب المحاملي، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)(قال : ) قال أمير المؤمنين(عليه السلام): ليأتينَّ على الناس زمان يطرف(7)فيه الفاجر، ويقرّب فيه الماجن، ويضعف فيه المنصف،

ص: 61


1- يعني أبا بكر وعمراً.
2- أي عثمان .
3- يعني إن عباد الله المكلفين على خمسة أقسام ...
4- الضبعان : العَضُدان.
5- من أبدى صفحته للحق ... الخ ، يعني : من كاشف الحق مخاصماً له هلك هلاكاً أخروياً وهي كلمة جارية مجرى المثل . وفي رواية : هلك عند جهلة الناس، فيكون المراد من أبدى صفحته لنصرة الحق غلبه أهل الجهل، لأنهم العامة وفيهم الكثرة فهلك هلاكاً دنيوياً» الفيض في الوافي / م ١٤ / ص ١٣.
6- أسْبعَ النعمة : أتمها وأضفاها .
7- في بعض النسخ: (يطرف)، أي يكون طريفاً، أي شريفاً، وتنسب إليه الطرافة. ويظرف، أي تنسب إليه الظرافة وهي الكياسة .

قال : فقيل له : متى ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال : إذا اتُخِذَت الأمانة مَغْنماً. والزكاة مَغْرَماً. والعبادة استطالة(1). والصلة منًّا ، قال : فقيل : متى ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : إذا تسلّطن(2)النساء، وسلّطن الإماء، وأُمِرَ الصبيان .

تسویۀ أمیرالمومنین(عليه السلام)بین المسلمین فی تقسیم بیت المال

٢٦ - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن جعفر العقبي ، رفعه :قال خطب أمير المؤمنين(عليه السلام)فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ؛ إن آدم لم يلد عبداً ولا أمة، وإن الناس كلهم أحرار، ولكن الله خوّل بعضكم بعضاً(3)، فمن كان له بلاء فصبر في الخير، فلا يمن به على الله عز وجل ، ألا وقد حضر شيء(4)ونحن مُسَوُّون فيه بين الأسود والأحمر، فقال مروان(5)لطلحة والزبير ما أراد بهذا غيرَكما ، قال : فأعطى كل واحد ثلاثة دنانير، وأعطى رجلاً من الأنصار ثلاثة دنانير، وجاء بعدُ غلام أسود فأعطاه ثلاثة دنانير، فقال الأنصاري: يا أمير المؤمنين ؛ هذا غلام أعتقته بالأمس تجعلني وإياه سواءاً؟ فقال : إني نظرت في كتاب الله فلم أجد لولد إسماعيل على ولد إسحاق فضلا(6).

حديث النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)حين عُرِضَتْ عليه الخَيْلُ

٢٧ _ أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً،عن أحمد بن النضر، ومحمد بن يحيى، عن محمد بن أبي القاسم، عن الحسين بن أبي قتادة، جميعاً، عن عمرو بن شُمّر، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: خرج رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لعرض الخيل، فمر بقير أبي أحَيْحَة(7)، فقال أبو بكر : لعن الله صاحب هذا القبر، فوالله إن كان ليصدّ

ص: 62


1- أي تكبراً على الناس، واستعلاءاً عليهم .
2- «والظاهر، تسلط بدون النون، وكذا الظاهر من قوله : سلّطن أو تسلّطن، على اختلاف النسخ ، لوجوب إفراد الفعل إذا أسند إلى الظاهر، وحمل النون على التأكيد غير مناسب سيما في نسخة الأصل وهي : سُلّطن، بلفظ الماضي... والسلاطة القهر ...» المازندراني 397/11.
3- أي أعطى بعضكم بعضاً من باب التمليك تفضلاً.
4- أي حن المال .
5- هو مروان بن الحكم طريد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم). وإنما قال ذلك لخبثه وكفره وحبًّا منه لهما على نكث البيعة و مخالفته(عليه السلام)فيما أمر وحكم.
6- «قال الفاضل الأمين الأسترابادي : يعني مع أن النبي والأئمة وبني هاشم وقريش من ولد إسماعيل، والهود من ولد إسحاق، إذا كانا مسلمين سواء في الغنائم وشبهها بمقتضى كتاب الله، فثبتت المساواة بين غيرهما من باب الأولوية» المازندراني 399/11
7- أحَيْحَة : مصغّر أحَاحَ يكنّى بها ويسمّى . والأحاح: العطش والغيظ وحزازة الغم، أو ما يجده الرجل في صدره من الحزازة، وصوت من الصدر يشبه الأنين .

عن سبيل الله ، ويكذب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال خالد ابنه : بل لعن الله أبا قحافة، فوالله ما كان يَقْرِي الضيف ولا يقاتل العدو، فلعن الله أهونهما على العشيرة فَقْداً، فألقى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)خِطام(1)راحلته على غارِبها(2)ثم قال : إذا أنتم تناولتم المشركين فعُمّوا ولا تخصّوا فيغضب ولده، ثم وقف، فَعُرِضَت عليه الخيل، فمر به فرس، فقال عيينة بن حصن: إن من أمر هذا الفرس كيتُ وكيتُ، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «ذَرْنا ، فأنا أعلم بالخيل منك»، فقال عيينة : وأنا أعلم بالرجال منك، فغضب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)حتى ظهر الدم في وجهه، فقال له : فأي الرجال أفضل؟ فقال عيينة بن حصن : رجال يكونون بنجد ، يضعون سيوفهم على عواتقهم، ورماحهم على كواثب(3)خيلهم ، ثم يضربون بها قدماً قدماً، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «كذبت، بل رجال أهل اليمن أفضل، الإيمان يماني والحكمة يمانية، ولولا الهجرة لكنت امرءاً من أهل اليمن» ، الجفا والقسوة في الفدادين(4)أصحاب الوبر، ربيعة ومضر من حيث يطلع قرن الشمس، ومَذْحِج(5)أكثر قبيل يدخلون الجنة، وحَضْرَمُوت خير من عامر بن صعصعة ، _ وروى بعضهم خير من الحارث بن معاوية - ، وبجِيلة(6)خير من رَعَل وذكوان ، وإن يهلك لحيان(7)فلا أبالي ، ثم قال : لعن الله الملوك الأربعة جَمَداً ومِخْوَساً ومُشَرَّحاً وَأَبْضَعَةً وأختهم العَمَرَّدة(8)، لعن الله المحلّل والمحلَّل(9)له، ومن يوالي غير مواليه، ومن ادّعى نسباً لا يعرف، والمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، ومن أحدث حدثاً في الإسعلام، أو آوى محدِثاً، ومن قتل غير قاتله، أو ضرب غير ضاربه ومن لعن أبويه، فقال رجل: يا رسول الله : أيوجد

ص: 63


1- الخِطام: الزمام .
2- الغارب : ما بين العنق والسّنام .
3- الكوائب : جمع كاتبة وهي من الفرس مجتمع كتفيه قدّام السرج .
4- «الفدّادون - بالتشديد - الذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم وأحدهم فدّاد، يقال: فدّ الرجل إذا اشتد صوته . وقيل : هم المكثرون من الإبل . وقيل : هم الجمّالون والبقّارون والحمّارون والرعيان ، وقيل : إنما هو الفدادين مخففاً واحدها فدّان مشدداً وهي البقر التي يحرث بها وأهلها أهل جفاء وغلظة. ...» الفيض في الوافي / م ١٤ / ص ١٠٤ .
5- مذحج : - كما في القاموس - كمجلس أكمة ولدت مالكاً وطيئاً أمهما عندها فسموا مذحجاً .
6- بجيلة : حي باليمن من معد والنسبة بجلي
7- لحيان هو ابن هذيل بن مدرك أبو قبيلة .
8- قال في القاموس : بنو معد يكرب من ملوك كندة، وفدوا مع الأشعث وأسلموا ثم ارتدوا فقتلوا يوم النجير وقالت نائحتهم يا عين ابك للملوك الأربعة .
9- أي لعن الله من يحلّل المرأة المحرمة بالطلقات. وقال المازندراني ٤02/11 : «كأنه لعن الملوك الأربعة ومن تبعوه واعتقدوا بحكمه وهو جنادة بن عوف الكندي وكان مطاعاً في الجاهلية وكان يقوم في الموسم ويقول بأعلى صوته : إن آلهتكم قد أحلت لكم المحرم فأجلوه، ثم يقوم في القابل يقول : إن الهتكم قد حرمت عليكم المحرم فحرموه، ومثله في تفسير علي بن إبراهيم بعبارة أخرى . . » .

رجل يلعن أبويه ؟ فقال : نعم ، يلعن آباء الرجال وأمهاتهم فيلعنون أبويه، لعن الله رَعَلا وذكوان وَعَضَلاً(1)ولحيان، والمجدمين(2)من أسد ، وغَطَفَان ، وأبا سفيان بن حرب، وشهبلاً(3)ذا الأسنان، وابنَي مليكة بن جَزيم(4)، ومروان، وهُوذة وهُونة .

نصیحۀ أمیرالمومنین(عليه السلام)لمولی له فرّ منه إلی معاویۀ

28 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن مولى لأمير المؤمنين(عليه السلام)سأله مالا ، فقال : يخرج عطائي فأقاسمكه، فقال : لا أكتفي، وخرج إلى معاوية فوصله، فكتب إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)يخبره بما أصاب من المال، فكتب إليه أمير المؤمنين(عليه السلام): أما بعد فإن ما في يدك من المال قد كان له أهل قبلك وهو صائر إلى أهله بعدك، وإنما لك منه ما مَهَدْتَ لنفسك، فآثر نفسك على صلاح ولدك، فإنما أنت جامع لأحد رجلين : إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت، وإما رجل عمل فيه بمعصية الله فشقي بما جمعت له وليس من هذين أحد بأهل أن تؤثره على نفسك، ولا تبرد له على ظهرك(5)فارجُ لمن مضى رحمة الله ، وثق لمن بقي برزق الله

خطبۀ علي بن الحسين(عليه السلام)وموعظۀ الناس فی کل یوم جمعۀ

29 - حدثني محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيّب قال : كان علي بن الحسين(عليه السلام)يعِظُ الناس ويزهّدهم في الدنيا، ويرغّبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وحفظ عنه وكتب، كان يقول:

أيها الناس ؛ اتقوا الله، وأعلموا أنكم إليه تُرجعون، فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير مُحْضَراً، وما عملت من سوء تودّ لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً، ويحذّركم الله نفسه، وَيْحَكَ يابن آدم الغافل وليس بمغفول عنه .

ص: 64


1- عَضَل : هو ابن الهون بن خزيمة، أبو قبيلة .
2- « أي المسرعين منهم إلى قطع المودة والصلة من الإجذام وهو الإسراع والمجذام رجل سريع القطع للمودة» المازندرانی ٤٠٣/١١ .
3- في بعض النسخ : شهيلاً، مكبراً كأمير أو مصغراً كزبير. وفي بعضها سهيلاً، ولعله سهيل بن عمرو وهو الذي اعترض في صلح الحديبية على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)من أن يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، وأن ينص فيه على أنه رسول الله .
4- في بعض النسخ: جريم، وفي بعضها: حريم.
5- أي لا تحمل له ثقلاً أو مالاً أو عقوبة على ظهرك .

يابن آدم ؛ إن أجلك أسرع شيء إليك، قد أقبل نحوك حثيثاً يطلبك ويوشك أن يدركك . وكأن قد أوفيتَ أجَلَكَ وقَبَضَ المَلَكُ روحك، وصرت إلى قبرك وحيداً فرد إليك فيه روحك، واقتحم عليك فيه ملكان ناكر ونكير لمسائلتك وشديد امتحانك، ألا وإن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده، وعن نبيك الذي أرسل إليك، وعن دينك الذي كنت تدين به، وعن كتابك الذي كنت تتلوه، وعن إمامك الذي كنت تتولّاه ، ثم عن عمرك فيما كنت افنيتَه، ومالِكَ من أين اكتسبته وفيما أنت أنفقته، فخذ حِذْرَك ، وانظر لنفسك، وأعِدَّ الجواب قبل الإمتحان والمسائلة والاختبار، فإن تك مؤمناً عارفاً بدينك متبعاً للصادقين، موالياً لأولياء الله، لقاك الله حجتك، وأنطق لسانك بالصواب، وأحسنت الجواب، وبُشِّرت بالرضوان والجنة من الله عز وجل، واستقبلتك الملائكة بالرَّوْح والرَّيحان، وإن لم تكن كذلك، تلجلج (1)لسانك ، ودَحَضَتْ(2)حجتك، وعييت(3)عن الجواب، ويُشّرتَ بالنار، واستقبلتك ملائكة العذاب بنُزُل من حَميم وتصلية جحيم.

واعلم يابن آدم، أن من وراء هذا أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة، ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود، يجمع الله عز وجل فيه الأولين والآخرين، ذلك يوم يُنفخ في الصور، وتبعثر فيه القبور، وذلك فيه القبور، وذلك يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين، وذلك يوم لا تقال فيه عثرة، ولا يؤخذ من أحد فِدية، ولا تُقبل من أحد معذرة، ولا لأحد فيه مستقبل توبة، ليس إلا الجزاء بالحسنات والجزاء بالسيئات، فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير وجده، ومن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده .

فاحذروا أيها الناس من الذنوب والمعاصي ما قد نهاكم الله عنها وحذّركموها في كتابه الصادق والبيان الناطق، ولا تأمنوا مكر الله وتحذيره وتهديده، عندما يدعوكم الشيطان اللعين إليه من عاجل الشهوات واللذات في هذه الدنيا، فإن الله عز وجل يقول :﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾(4)، وأشعِروا قلوبكم خوف الله، وتذكّروا ما قد وعدكم الله في مرجعكم إليه من حسن ثوابه، كما قد خوفكم من شديد العقاب، فإنه من خاف شيئاً حذره، ومن حذر شيئاً تركه، ولا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الدنيا الذين

ص: 65


1- أي تردد .
2- أي بطلت .
3- أي عجزت .
4- الأعراف 201 . ومسَّهم : ألم بهم طائف من الشيطان قيل هو الغضب وكل ما طاف بالإنسان من نزغ الشيطان ووسوسته .

مكروا السيئات، فإن الله يقول في محكم كتابه :﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ *أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ *أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ ﴾(1)، فاحذروا ما حذّركم الله بما فعل بالظلمة في كتابه، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القومَ الظالمين في الكتاب، والله لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم، فإن السعيد من وُعِظَ بغيره، ولقد أَسْمَعَكُم الله في كتابه ما قد فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث قال :﴿«وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً﴾ (2)، وإنما عنى بالقرية أهلها حيث يقول : ﴿ وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴾(3)فقال عز وجل :﴿ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (4)، (يعني يهربون قال : )لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (فلما أتاهم العذاب)قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴾(5)، وأَيْمَ الله إن هذه عظة لكم وتخويف إن اتعظيم وخفتم، ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب فقال عز وجل:﴿ ولئن مستهم نَفْحَةٌ من عذاب ربك ليقولُنَّ يا ويلنا إنا كنا ظالمين﴾(6)فإن قلتم أيها الناس : إن الله عز وجل إنما عنى بهذا أهل الشرك فكيف ذلك وهو يقول : ﴿ وَنَضَعُ الموازين القِسْطَ ليوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبةٍ من خَرْدَلٍ أتينا بها وكفى بنا حاسبين﴾(7).

إعلموا عبادَ الله أن أهل الشرك لا ينصب لهم الموازين ولا ينشر لهم الدواوين، وإنما يُحشرون إلى جهنم زُمَراً ، وإنما نَصْبُ الموازين ونَشْرُ الدواوين لأهل الإسلام.

فاتقوا الله عبادَ الله، واعلموا أن الله عز وجل لم يحبّ زهرة الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه، ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها، وإنما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلُوَهم فيها أيهم أحسن عملا لآخرته، وأَيْمَ الله ، لقد ضرب لكم فيه الأمثال، وصَرّف الآيات لقوم يعقلون، ولا قوة إلا بالله.

فازهدوا فيما زهّدكم الله عز وجل فيه من عاجل الحياة الدنيا، فإن الله عز وجل يقول وقوله الحق:﴿«إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ

ص: 66


1- النحل/ ٤٥ - ٤٧ . في تقلبهم : أي في تصرفهم في البلاد ليلاً ونهاراً على تخوف : أي ويهلكهم بتخوف، وذلك بنقص من أطرافهم ونواحيهم الشيء بعد الشيء حتى يهلك جميعهم .
2- الأنبياء / 11 - 12 .
3- الأنبياء / 11 - 12 .
4- الأنبياء / 11 - 12 .
5- الأنبياء / ١٣ - ١٥
6- الأنبياء / ٤٦ . والنفحة النصيب والحظ.
7- الأنبياء / ٤٧

وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ (1)، فكونوا عباد الله من القوم الذين يتفكرون ولا تركنوا إلى الدنيا فإن الله عز وجل قال لمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم):﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ﴾(2)، ولا تركنوا إلى زهرة الدنيا وما فيها ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان فإنها دار بُلْغَةٍ ومنزلُ قُلَعَةٍ (3)ودار عمل، فتزوّدوا الأعمال الصالحة فيها قبل تفرّق أيامها، وقبل الإذن من الله في خرابها، فكان قد أخربها الذي عَمَرَها أول مرة وابتدأها، وهو ولي ميراثها فأَسْأَلُ الله العون لنا ولكم على تزوّد التقوى والزهد فيها، جعلنا الله وإياكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا ، الراغبين لأجل ثواب الآخرة، فإنما نحن به وله(4)، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلّم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حديث الشيخ مع أبی جعفرالباقر(عليه السلام)

٣٠ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمّار قال : حدثني رجل من أصحابنا عن الحكم بن عُتيبة قال : بينما أنا مع أبي جعفر(عليه السلام)- والبيت غاصّ بأهله - إذ أقبل شيخ يتوكأ على عَنَزَة(5)له، حتى وقف على باب البيت فقال : السلام عليك يابن رسول الله ورحمة الله وبركاته، ثم سكت، فقال أبو جعفر(عليه السلام): وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ثم أقبل الشيخ بوجهه على أهل البيت وقال: السلام عليكم ، ثم سكت ، حتى أجابه القوم جميعاً وردوا عليه السلام، ثم أقبل بوجهه على أبي جعفر(عليه السلام)ثم قال : يابن رسول الله ، أديني منك جعلني الله فداك، فوالله إني لأحبكم وأحب من يحبكم ، ووالله ما أحبكم وأحب من يحبكم لطمع في دنيا ، و (الله) إني لأبغض عدوكم وأبرأ منه ، ووالله ما أبغضه وأبرأ منه لوِتْر(6)كان بيني وبينه والله إني لأحِلّ حلالكم وأحرّم حرامكم وأنتظر أمركم ، فهل ترجو(7) لي جعلني الله فداك ؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): إليّ إليّ ، حتّى أقعده إلى جنبه

ص: 67


1- يونس / ٢٤ .
2- هود / 113 . والركون الميل والرضا بأعمال الظلمة
3- منزل قُلَعَة : أي ليس بمستوطن كأنه يقلع صاحبه وساكنه .
4- «أي إنما نحن موجودون بالله تعالى وله ففي الأول إشارة إلى تفويض الأمور كلها إليه، وفي الثاني إشارة إلى طلب التقرب منه بالإتيان بالمأمورات والاجتناب عن المنهيات، وبهما يتم النظام في الدارين وعلو المنزلة في النشأتين» المازندراني ٤١٥/١١ .
5- العَنَزَة : أطول من العصا وأقصر من الرمح وفي رأسها زج كزج الرمح .
6- الوِتر : الجناية التي يجنيها الواحد على الآخر.
7- أي ترجو لي المغفرة من الله والنجاة يوم القيامة .

ثم قال : أيها الشيخ : إن أبي علي بن الحسين(عليه السلام)أتاه رجل فسأله عن مثل الذي سألتني عنه، فقال له أبي(عليه السلام): إن تَمُتْ تَرِدُ على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وعلى علي، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ويثلج قلبك ويبرد فؤادك وتَقَرُّ عينك، وتُسْتَقْبَلُ بالرَّوح والريحان مع الكرام الكاتبين ، لو قد بلغت نفسك ههنا - وأهوى بيده إلى حلقه- ، وإن تَعِشْ ترى ما يقر الله به عينك وتكون معنا في السنام الأعلى(1)، (ف_) _قال الشيخ : كيف قلت يا أبا جعفر؟ فأعاد عليه الكلام ، فقال الشيخ : الله أكبر يا أبا جعفر، إن أنا مِتّ أَرِدُ على رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وعلى علي، والحسن والحسين وعلي بن الحسين(عليه السلام)، وتقر عيني ويثلج قلبي ويبرد فؤادي وأسْتَقْبَلُ بالرَّوح والريحان مع الكرام الكاتبين، لو قد بلغت نفسي إلى ههنا، وإن أعش أرى ما يقر الله به عيني فأكون معكم في السنام الأعلى؟!! ثم أقبل الشيخ ينتجب ، ينشج هاهاها حتى لصق بالأرض، وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون لما يرَوْن من حال الشيخ، وأقبل أبو جعفر(عليه السلام)يمسح بإصبعه الدموع من حماليقَ(2)عينيه وينفضها ، ثم رفع الشيخ رأسه فقال لأبي جعفر(عليه السلام): يابن رسول الله ، ناولني يدك جعلني الله فداك، فناوله يده فقبّلها ووضعها على عينيه وخدّه، ثم حسر عن بطنه وصدره فوضع يده على بطنه وصدره، ثم قام فقال : السلام عليكم، وأقبل أبو جعفر(عليه َّالسلام) ينظر في قفاه وهو مدبر، ثم أقبل بوجهه على القوم فقال : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا. فقال الحَكَمُ بن عُتيبة : لم أر مأتماً قطّ يشبه ذلك المجلس.

قصة صاحب الزيت مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

٣١ - عنه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان رجل يبيع الزيت، وكان يحب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)حباً شديداً، كان إذا أراد أن يذهب في حاجته لم يمض حتى ينظر إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وقد عُرف ذلك منه ، فإذا جاء تطاول له حتّى ينظر إليه ، حتى إذا كان ذات يوم، دخل عليه فتطاول له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)حتى نظر إليه، ثم مضى في حاجته، فلم يكن بأسرعَ من أن رجع ، فلما رآه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قد فعل ذلك، أشار إليه بيده : إجلس، فجلس بين يديه فقال : مَالَكَ فعلت اليوم شيئاً لم تكن تفعله قبل ذلك ؟ فقال : يا رسول الله ؛ والذي بعثك بالحق نبياً لقد غشي قلبي شيء من ذكرك حتى ما استطعت أن أمضي في حاجتي حتى رجعت إليك، فدعا له وقال له خيراً، ثم مكث رسول

ص: 68


1- «استعار لفظ السنام الأشرف مرتبة من المراتب الإنسانية، وأرفع درجة من درجات الكرامة الربانية ثم وصفها بالأعلى ترشيحا لها وتصريحا بعلوها» المازندراني ٤١٧/١١ .
2- جمع حملوق: وهو باطن جفن العين الذي يسود بالكحل، أو ما لزق بالعين من موضع الكحل من باطن .

الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أياماً لايراه، فلما فقده سأل عنه فقيل : يا رسول الله ؛ ما رأيناه منذ أيام، فانتعل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وانتعل معه أصحابه، وانطلق حتى أتوا سوق الزيت، فإذا دكان الرجل ليس فيه أحد، فسأل عنه جيرته فقالوا: يا رسول الله ؛ مات، ولقد كان عندنا أميناً صدوقاً إلا أنه قد كان فيه خصلة ، قال : وما هي ؟ قالوا : كان يرهق - يعنون يتبع النساء- ، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «رحمه الله، والله لقد كان يحبني حباً لو كان نحاساً(1)لغفر الله له» .

32 - علي بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن ميسّر قال : دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)فقال : كيف أصحابك ؟ فقلت : جُعِلْتُ فداك، لنحن عندهم أشرُّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا ، قال: - وكان متكئاً _ فاستوى جالساً ، ثم قال : كيف قلتَ؟ قلتُ : والله لنحن عندهم أشر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا، فقال : أما والله لا يدخل النار منكم إثنان، لا والله ولا واحد، والله إنكم الذين قال الله عز وجل :﴿وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ*أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ * إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴾ (2)ثم قال : طلبوكم والله في النار فما وجدوا منكم أحداً.

وصية النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)لأمير المؤمنين(عليه السلام)

33 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : كان في وصية النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)لعلي(عليه السلام)أن قال: يا علي ؛ أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها عني، ثم قال: اللهم أَعنْهُ، أما الأولى : فالصدق، ولا تخرِجَنّ من فيك كذبة أبداً، والثانية : الورع ، ولا تجترىء على خيانة أبداً، والثالثة : الخوف من الله عز ذكره كأنك تراه، والرابعة : كثرة البكاء من خشية الله يبني لك بكل دمعة ألف بيت في الجنة، والخامسة : بَذْلُكَ مَالَكَ ودَمَكَ دون دينك، والسادسة : الأخذ بسنّتي في صلاتي وصومي وصدقتي . أما الصلاة فالخمسون ركعة، وأما الصيام فثلاثة أيام في الشهر، الخميس في أوله، والأربعاء في وسطه، والخميس في آخره، وأما الصدقة فجهدك حتى يقال قد أسرفتَ ولم تسرِف، وعليك بصلاة الليل، وعليك بصلاة الزوال، وعليك بصلاة الزوال، وعليك بصلاة الزوال، وعليك بتلاوة القرآن على كل حال وعليك برفع يديك في صلاتك

ص: 69


1- النخّاس : بياع الرقيق، وإنما ذكر(صلی الله علیه وآله وسلم)النخّاس لأنه شر الناس - كما ورد في بعض الروايات _ ومع ذلك فإن الله يغفر له ببركة محبته لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).
2- ص / ٦٢ - ٦٤ . سخرياً : أي كنا نهزأ بهم في الدنيا . أم زاغت عنهم الأبصار : أي أم هم في النار لا نرى مكانهم .

وتقليبهما، وعليك بالسواك عند كل وضوء، وعليك بمحاسن الأخلاق فاركبها، ومساوىء الأخلاق فاجتنبها ، فإن لم تفعل فلا تلومَنَّ إلا نفسك .

الدین هو الحب وأنت مع من أحببتَ

٣٤ - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ،عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن المغيرة قال : حدثني جعفر بن إبراهيم (بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر الطيار) عن أبي عبد الله عن أبيه(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): حسب المرء دينه ومروءته وعقله وشرفه وجماله، وكرمه وتقواه .

فضل أهل البیت وشیعتهم وأن علیاً(عليه السلام)أفضل الناس بعد النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)

٣٥ _ عنهم ، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن علي بن عُقبة. وثعلبة بن ميمون، و غالب بن عثمان، وهارون بن مسلم، عن بريد بن معاوية قال : كنت عند أبي جعفر(عليه السلام)في فسطاط له بمنى، فنظر إلى زياد الأسود منقلع الرجل فرثى له، فقال له : ما لرجليك هكذا؟ قال: جئت على بَكْرٍ لي نِضْو(1)فكنت أمشيِ عنه عامة الطريق، فرثى له، وقال له عند ذلك زياد : إني أَلِمّ بالذنوب حتى إذا ظننت أني قد هلكت ذكرت حبكم فرجوت النجاة وتجلى عني ؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): وهل الدين إلا الحب؟ قال الله تعالى: ﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾(2) وقال : ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ و﴾(3)وقال :﴿ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ﴾(4)، إن رجلا أتى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : يا رسول الله ؛ أحب المصلّين ولا أصلّي، وأحب الصوّامين ولا أصوم ؟ فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «أنت مع من أحببتَ ولك ما اكتسبت»(5)، وقال : ما تبغون وما تريدون ، أما إنها لو كان فُزْعَةٌ(6)من السماء فزع كل قوم إلى مأمنهم وفزعنا إلى نبينا وفزعتم إلينا .

٣٦ - سهل، عن ابن فضّال، عن علي بن عُقبة، وعبد الله بن بكير، عن سعيد بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : الحمد لله ، صارت فرقة مُرجئة، وصارت فرقة حَرورِيّة، وصارت فرقة قَدَرية، وسُمِّيتُم الترابية وشيعة علي، أما والله ما هو إلا الله وحده لا شريك له، ورسوله (صلی الله علیه وآله وسلم)، وآل رسول الله عليهم السلام وشيعة آل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وما الناس إلا

ص: 70


1- البكر: الفتى من الإبل والأنثى : بَكْرة . والنضو: الدابة التي أذهبت الأسفار لحمها حتى هزلت.
2- الحجرات / 7 ، وزيّنه : أي وحَسَّنه .
3- آل عمران/ 31
4- الحشر/ ٩. وصدر الآية : والذين تبوء وا الدار والإيمان من قبلهم .
5- « الظاهر أن الرجل كان مؤمناً وأن المراد بالصلاة والصيام المندوبات مع احتمال الأعم» المازندراني ٤٢١/١١ .
6- الفزعة : ما يُفْزَع منه، والمراد به أهوال الساعة.

هُم(1)، كان علي(عليه السلام)أفضل الناس بعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وأَوْلى الناس بالناس _ حتى قالها ثلاثاً- .

37 _ عنه ، عن ابن فضّال، عن علي بن عُقبة، عن عمر بن أبان الكلبي، عن عبد الحميد الواسطي، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قلت له : أصلحك الله ، لقد تركنا أسواقنا انتظاراً لهذا الأمر، حتى ليوشك الرجل منا أن يسأل في يده؟ فقال : يا (أبا ) عبد الحميد ؛ أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجاً؟ بلى والله ليجعلن الله له مخرجاً، رحم الله عبداً أحيا أمرنا ، قلت : أصلحك الله ؛ إن هؤلاء المرجئة يقولون : ما علينا أن تكون على الذي نحن عليه حتى إذا جاء ما تقولون كنا نحن وأنتم سواء(2)؟ فقال : يا عبد الحميد؛ صدقوا، من تاب تاب الله عليه ومن أسَرَّ نفاقاً فلا يرغم الله إلا بأنفه، ومن أظهر أمرنا أهْرَقَ الله دمه(3)، يذبحهم الله على الإسلام كما يذبح القصاب شاته قال : قلت : فنحن يومئذ والناس فيه(4)سواء؟ قال: لا ، أنتم يومئذ سنام الأرض وحكّامها ، لا يسعنا في ديننا إلا ذلك، قلت: فإن متُّ قبل أن أدرك القائم(عليه السلام)؟ قال : إن القائل منكم إذا قال: إن أدركتُ قائم آل محمد نصرته، كالمقارع معه بسيفه، والشهادة معه شهادتان(5).

إحیاء أمرهم وانتظار فَرَجِهِم(عجل الله تعالی فرجه)

٣٨ _ عنه ، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن الوليد الكندي قال: دخلنا على أبي عبد الله(عليه السلام)في زمن مروان فقال : من أنتم؟ فقلنا من أهل الكوفة، فقال: ما من بلدة من البلدان أكثر محباً لنا من أهل الكوفة، ولا سيما هذه العصابة، إن الله جلّ ذِكْرُه هداكم لأمر جهله الناس، وأحببتمونا وأبغضنا الناس، واتّبعتمونا وخالفنا الناس، وصدّقتمونا وكذّبنا الناس، فأحياكم الله محيانا وأماتكم (الله) مماتنا، فأشْهَدُ على أبي أنه كان يقول : ما بين أحدكم وبين أن يرى ما يقرّ الله به عينه وأن يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هذه - وأهوى بيده إلى حلقه _ ، وقد قال الله

ص: 71


1- « الضمير للرسول ( ومن بعده )، والمراد بالناس هذا الهيكل مع كمال صورته الظاهرة بالأعمال الصالحة، وصورته الباطنة بالعلم والإيمان والأخلاق الفاضلة دون الهيكل فقط، لأنه بدون الصورة المذكورة عند أهل الحق في الظاهر (كالصنم) المصنوع من الخشب كما قال تعالى : ﴿كأنهم خشب مسندة﴾ ، وفي الباطن كالكلب أو كالحمار كما قال عز وجل:﴿ مَثَلُهم كَمَثَل الكلب ﴾، وقال :﴿مَثَلُهم كَمَثَل الحمار...﴾ المازندراني ٤٢٣/١١ .
2- «كأنهم قالوا ما نحن عليه من الاعتقاد بخلافة الثلاثة على تقدير بطلانه كما زعمتم، لا يضرنا إذا جاءنا ما تقولون من ظهور المهدي المنكر لخلافتهم، فإنا إذا علمنا أنه أيضاً ينكرها كما تنكرونها نؤمن به ونتوب عما كنا فيه، والتوبة تمحو تلك الخطيئة عنا» المازندراني ٤٢٣/١١
3- هذا دعاء منه(عليه السلام)على من يفضح أمرهم في الإمامة ولا يعمل فيها بالتقية في ذلك العصر، وذلك بقصد الإضرار بهم وإغراء سلطان الجور بأخذهم وشيعتهم وقتلهم أو حبسهم .
4- أي في عصر ظهور الحجة عجل الله فَرَجَه .
5- أي له ثواب شهيدين، الأول لإيمانه به وانتظاره له والثاني لاستشهاده بين يديه(عليه السلام).
فضل الشیعۀ وتفسیر قوله تعالی : ﴿ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك﴾

عز وجل في كتابه : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾(1)، فنحن ذرية رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

الشقی من الشقی فی بطن أمه والسعید من وُعِظَ بغیره

39 - حميد بن زياد ،عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن عديس، عن بن عديس، عن أَبَان بن عثمان، عن أبي الصباح(2)قال : سمعت كلاماً يروى عن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، وعن علي(عليه السلام)، وعن ابن مسعود، فعرضته على أبي عبد الله(عليه السلام)فقال : هذا قول رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) أعرفه ، قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وُعِظَ بغيره، وأكْيَس الكْيَس(3)التقى، وأحمق الحمق الفجور، وشر الرويّ(4)ي الكذب، وشر الأمور مُحْدَثاتها، وأعمى العمى عمى القلب، وشر الندامة ندامة يوم القيامة، وأعظم الخطايا عند الله لسان الكذّاب، وشر الكَسْب كَسْبُ الربا، وشر المآكل أكل مال اليتيم وأحسن الزينة زينة الرجل هدي حسن مع إيمان وأملك أمره به وقوام خواتيمه، ومن يتبع السمعة يسمع الله به الكذبة، ومن يتولّ الدنيا يعجز عنها، ومن يعرف البلاء يصبر عليه، ومن لا يعرفه يَنْكُل(5)، والريب كفر، ومن يستكبر يضعه الله، ومن يُطع الشيطان يعص الله، ومن يعص الله يعذبه الله، ومن يشكر يزيده الله ، ومن يصبر على الرزية يعينه الله ، ومن يتوكل على الله فحَسْبُه الله(6)، لا تسخطوا الله برضا أحد من خلقه، ولا تَقَرّبوا إلى أحد من الخلق تتباعدوا من الله، فإن الله عز وجل ليس بينه وبين أحد من الخلق شيء يعطيه به خيراً، ولا يدفع به عنه شراً إلا بطاعته واتّباع مرضاته ، وإن طاعة الله نجاح في كل خير يُبتغى، ونجاة من كل شر يُتقى، وإن الله عز ذكره يعصم من أطاعه ولا يعتصم به من عصاه ولا يجد الهارب من الله عز وجل ،مهرباً وإن أمر الله نازل ولو كره الخلائق ، وكل ما هو آت قريب ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب» .

تفسیر قوله تعالی :﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾

٤٠ _ وبهذا الإسناد، عن أبان عن يعقوب بن شعيب؛ أنه سأل أبا عبد الله(عليه السلام)عن قول الله عز وجل :﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ (7)؟ فقال : كان الناس قبل نوح أمة ضلال، فبدا الله

ص: 72


1- الرعد / 38 .
2- هو الكناني واسمه إبراهيم بن نعيم.
3- الكَيْس : العقل والفطنة، مصدر كاس كَيْساً . والكَيِّس : اسم فاعل، والجمع أكياس.
4- المقصود بالروي هما الرواية. وقد روى الصدوق في الفقيه ٤ / ٢٦٨ أكثر فصول هذا الحديث عن صفوان بن يحيى عن أبي الصباح وفيه وشر الرواية رواية الكذب . واحتمل أن يكون الروي من الرؤية وهي ما يرى أحد في نفسه من التزوير في القول والفعل، وهو بعيد .
5- أي يضعف ويجبن .
6- أي كافية .
7- البقرة/ 213 .

فبعث المرسلين، وليس كما يقولون : لم يزل وكذبوا ، يَفْرُقُ الله في ليلة القدر ما كان من شدة أو رخاء أو مطر بقدر ما يشاء الله عز وجل أن يقدر إلى مثلها من قابل.

حديث البحر مع الشمس

(1).

41- علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن الحكم بن المستورد عن علي بن الحسين(عليه السلام)قال: إن من الأقوات التي قدرها الله للناس مما يحتاجون إليه، البحرَ الذي خلقه الله عز وجل بين السماء والأرض، قال : وإن الله قد قدر فيها مجاري الشمس والقمر والنجوم والكواكب، وقدر ذلك كله على الفَلَك، ثم وكل بالفَلَك ملكاً ومعه سبعون ألف مَلَك، فهم يديرون الفلك، فإذا أداروه دارت الشمس والقمر والنجوم والكواكب معه فنزلت في منازلها التي قدرها الله عز وجل فيها ليومها وليلتها، فإذا كثرت ذنوب العباد، وأراد الله تبارك وتعالى أن يستعتبهم(2)بآية من آياته، أمر المَلَك الموكل بالفلك أن يزيل الفلك الذي عليه مجاري الشمس والقمر والنجوم والكواكب، فيأمر المَلَكُ أولئك السبعين ألف مَلك أن زيلوه عن مجاريه ، قال : فيزيلونه، فتصير الشمس في ذلك البحر الذي يجري في الفلك ، قال : فَيُطْمَسُ ضؤوها ويتغير لونها، فإذا أراد الله عز وجل أن يعظم الآية ، طمست الشمس في البحر على ما يحب الله أن يخوّف خلقه بالآية ، قال: وذلك عند انكساف الشمس ، قال : وكذلك يفعل بالقمر ، قال : فإذا أراد الله أن يجلّيها أو يردها إلى مجراها، أمر الملك الموكل بالفلك أن يردّ الفلك إلى مجراه ، فيرد الفلك فترجع الشمس الماء إلى مجراها، قال: فتخرج من وهي كَدِرَة(3)، قال : والقمر مثل ذلك، قال: ثم قال علي بن الحسين(عليه السلام): أما إنه لا يفزع لهما ولا يرهب بهاتين الآيتين إلا من كان من شيعتنا ، فإذا كان كذلك، فافزعوا إلى الله عز وجل ثم ارجعوا إليه .

٤٢ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن الفضل بن إسماعيل الهاشمي، عن أبيه قال : شَكَوْتُ إلى أبي عبد الله(عليه السلام)ما ألقى من أهل بيتي من استخفافهم بالدين، فقال : يا إسماعيل ؛ لا تنكر ذلك من أهل بيتك، فإن الله تبارك وتعالى جعل لكل أهل

ص: 73


1- أخرج هذا الحديث الصدوق في الفقيه 1 ، 81 - باب صلاة الكسوف والزلازل و ...، ح 1 عن سيد العابدين علي بن الحسين(عليه السلام)بتفاوت قليل. وقال المازندراني رحمه الله ٤٣١/١١ : «هذا الحديث غريب متشابه لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم» .
2- أي يخوّفهم ويلومهم.
3- الكَدِر : نقيض الصافي. ويستعمل في تغيّر اللون.

بيت حُجّة يحتج بها على أهل بيته في يوم القيامة فيقال لهم : ألم تروا فلاناً فيكم؟ ألم تروا هَدْيَه فيكم ؟ ألم تروا صلاته فيكم ؟ ألم تروا دينه؟ فهلا اقتديتم به؟ فيكون حجة عليهم في يوم القيامة .

لکل أهل بیت حجۀ یحتج الله بها یوم القیامۀ

٤٣ _ عنه ، عن أبيه ، عن محمد بن عثيم النخّاس، عن معاوية بن عمّار قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إن الرجل منكم ليكون في المحتلة الله فيحتج عز وجل يوم القيامة على جبرانه (به) فيقال لهم : ألم يكن فلان بينكم؟ ألم تسمعوا كلامه؟ ألم تسمعوا بكاءه في الليل؟ فيكون حجة الله عليهم(1).

تفسیر قوله تعالی :﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ...الآیۀ﴾

٤٤ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي مريم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : سألته عن قول الله عز وجل :﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ *تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ﴾(2)قال : كان طير ساف جاءهم من قبل البحر، رؤوسها كأمثال رؤوس السباع ، وأظفارها كأظفار السباع من الطير، مع كل طائر ثلاثة أحجار : في رجليه حَجَران، وفي منقاره حَجَر، فجعلت ترميهم بها حتى جَدَرَت(3)أجسادهم فقتلهم بها، وما كان قبل ذلك رئي شيء من الجُدَري، ولا رأوا ذلك من الطير قبل ذلك اليوم ولا بعده، قال : ومن أفلت منهم يومئذ انطلق حتى إذا بلغوا حضرموت - وهو واد دون اليمن ، أرسل الله عليهم سيلا فغرّقهم أجمعين، قال: وما رؤي في ذلك الوادي ماء قط قبل ذلك اليوم بخمسة عشر سنة ، قال : فلذلك سُمّي حضرموت، حين ماتوا فيه .

٤٥ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن بكير، وثعلبة بن ميمون وعلي بن عُقبة عن زرارة، عن عبد الملك قال : وقع بين أبي جعفر وبين ولد الحسن(عليه السلام)كلام، فبلغني ذلك، فدخلت على أبي جعفر(عليه السلام)فذهبت أتكلم، فقال لي : مَهْ، لا تدخل فيما بيننا فإنما مثلنا ومثل بني عمنا كمثل رجل كان في بني إسرائيل، كانت له ابنتان فزوّج إحداهما من رجل زَرّاع، وزوج الأخرى من رجل فَخار، ثم زارهما فبدأ بامرأة الزرّاع فقال لها : كيف حالكم ؟ فقالت : قد زرع زوجي زرعاً كثيراً، فإن أرسل الله السماء فنحن أحسن بني إسرائيل حالاً ، ثم مضى إلى امرأة الفخّار فقال لها : كيف حالكم؟ فقالت : قد عمل زوجي فخاراً كثيراً، فإن أمسك الله السماء فنحن أحسن بني إسرائيل حالاً، فانصرف وهو

ص: 74


1- وقد دل هذا الحديث - كسابقه - على أنه ينبغي من كل جماعة صغرت أو كبرت أن تقتدي بالصالحين فيها وإن قلوا لئلا يكونوا حجة عليهم يوم القيامة ولا عذر لهم .
2- الفيل / ٣ - ٤ أبايل : أي متفرقة يتبع بعضها بعضاً من نواح شتى. السجيل : الطين.
3- أي أصيبت بالجدري .

يقول : اللهم أنت لهما، وكذلك نحن(1).

عُوذَۀ للریح والوجه

٤٦ - محمد، عن أحمد عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن ذريح قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يُعوّذ بعض ولده ويقول: «عزمت عليك يا ريح ويا وجع، كائناً ما كنت، بالعزيمة التي عزم بها عليُّ بن أبي طالب أمير المؤمنين(عليه السلام)رسول رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) على جن وادي الصُّبرة فأجابوا وأطاعوا، لَمَا أجبتِ وأطعتِ وخرجت عن ابني فلان ابن ابنتي فلانة، الساعةَ الساعةَ .

حدیث نبوی(صلی الله علیه وآله وسلم)فیه وصیۀ نافعۀ

٤٧ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «من يَتَفَقَّد يُفْقَد، ، ومن لا يَعُد الصبر لنوائب الدهر يعجز، ومن قرض الناس قرضوه(2)، ومن تركهم لم يتركوه» ، قال : فأصنع ماذا يا رسول الله ؟ قال : «أُقْرِضُهُم(3)من عِرْضِكَ ليوم فقرك».

ادعاء الرجل الهمدانی بغلۀ موسی بن جعفر(عليه السلام)

٤٨ _ عنه ، عن أحمد، عن البرقي، عن محمد بن يحيى، عن حماد بن عثمان قال : بينا موسى بن عيسى في داره التي في المسعى يشرف على المسعى، إذ رأى أبا الحسن موسى(عليه السلام)مقبلاً من المَرْوَة على بغلة ، فأمر ابن هياج رجلاً من همدان منقطعاً إليه أن يتعلق بلجامه ويدّعي البغلة، فأتاه فتعلق باللّجام وادّعى البغلة ، فَثَنى أبو الحسن(عليه السلام)رجله فنزل عنها وقال لغلمانه : خذوا سرجها وادفعوها إليه، فقال : والسرج أيضاً لي، فقال أبو الحسن(عليه السلام): كذبت، عندنا البينة بأنه سرج محمد بن علي(4)، وأما البغلة فإنا اشتريناها منذ قريب وأنت أعلم وما قلت .

٤٩ _ عنه ، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن مرازم، عن أبيه قال : خرجنا مع أبي عبد الله(عليه السلام)حيث خرج من عند أبي جعفر المنصور من الحيرة، فخرج ساعة أُذِنَ له، وانتهى إلى السالحين(5) في أول الليل، فعرض له عاشر(6)كان يكون في السالحين في أول الليل، فقال

ص: 75


1- قال الأمين الأسترابادي : أي نريد الخير لبني عمنا كما نريد لأنفسنا ولا نرضى بالشر في حقهم فلا تتكلم عليهم وإنما جهالتهم بحقنا تسببُ لما جرى بيني وبينهم كما أن الرجل يريد خير بنتيه المازندراني ٤٣٦/١١ .
2- الصُّبرة : الحجارة الغليظة المجتمعة. هذا وقد روى الشيخ المفيد في الإرشاد قصة بهذا المعنى حصلت مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عندما توجه لقتال بني المصطلق فراجع .
3- القرض : المجازاة والقطع ، والمراد هنا أن من سب الناس وتنقّصهم سبّوه وتنقّصوه «أي إذا نال أحد من عرضك فلا تجازه ولكن اجعله قرضاً في ذمته لتأخذه منه يوم حاجتك إليه يعني يوم القيامة» المازندراني ٤٣٧/١١
4- هو جدّه الباقر(عليه السلام)، ومعنى ذلك أنه ورثه عنه(عليهم السلام)وهذا ما يفّسر عدم دفعه إلى الظالم.
5- السالحون: - كما في المغرب - موضع على أربعة فراسخ من بغداد إلى الغرب.
6- العاشر : وجمعه عُشّار، هو جابي الأعشار من الأموال.

له : لا أدعك أن تجوز، فألحّ عليه وطلب إليه، فأبى إباءاً، وأنا ومصادف معه، فقال له مصادف: جُعِلْتُ فداك، إنما هذا كلب قد آذاك، وأخاف أن يردّك ، وما أدري ما يكون من أمر أبي جعفر ، وأنا ومرازم أتأذن لنا أن نضرب عنقه، ثم نطرحه في النهر ؟ فقال : كفّ يا مصادف، فلم يزل يطلب إليه حتى ذهب من الليل أكثره، فأذن له فمضى، فقال : يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه؟ قلت : هذا، جُعلتُ فداك، فقال : إن الرجل يخرج من الذلّ الصغير فيدخله ذلك في الذلّ الكبير .

تعریض العاشرلأبی عبدالله(عليه السلام) وسلوکه معه

50- عنه ، عن أحمد بن محمد، عن الحجّال، عن حفص بن أبي عائشة قال : بعث أبو عبد الله(عليه السلام)غلاماً له في حاجة فأبطأ، فخرج أبو عبد الله(عليه السلام)على أثره لما أبطأ عليه فوجده نائماً، فجلس عند رأسه يروّحه حتى انتبه، فلما انتبه قال له أبو عبد الله(عليه السلام): يا فلان، والله ما ذاك لك ،تنام الليل والنهار، لك الليل ولنا منك النهار(1).

کیفیۀ معاشرۀ أبی عبدالله(عليه السلام)مع غلامه

٥١ _ عنه ، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن حسان (عن)(2)أبي علي قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : لا تذكروا سرّنا بخلاف علانيتنا، ولا علانيتنا بخلاف سرّنا، حسبكم أن تقولوا ما نقول، وتصمتوا عما نصمت، إنكم قد رأيتم أن الله عز وجل لم يجعل لأحد من الناس في خلافنا خيراً، إن الله عز وجل يقول : ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ (3).

حديث الطبيب وبیان وجه التسمیۀ

(4)

فی أن غالب الأدواء له مادۀ فی الجسد

٥٢ _ محمد، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال موسى(عليه السلام)یا رب؛ من أين الداء؟ قال: قال : فالشفاء؟ قال : مني، قال : فما يصنع عبادك بالمُعالِج ؟ قال : يطيب بأنفسهم، فيومئذ سُمّي المعالج الطبيب .

٥٣ _ عنه ، عن أحمد ،عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن أبي أيوب، عن أبي عبد

ص: 76


1- وهذا منهم(عليه السلام)يدل على عظيم الحِلْم وقمة الرأفة بالضعفاء من الناس، كما يدل على مدى تواضعهم وسمو ّأخلاقهم حيث لم يكتف (عليه السلام)بعدم إيقاض غلامه وهو ملكه بل راح يروح له ليطمئن في منامه ! ! .
2- في بعض النسخ : عن حسّان بن أبي علي
3- النور/ ٦٣ .
4- الطبيب - في الأصل - كما يقول صاحب النهاية هو الحاذق بالأمور والعارف بها .

الله(عليه السلام)قال : ما من داء إلا وهو سارع(1)إلى الجسد، ينتظر متى يؤمر به فيأخذه . وفي رواية أخرى : « إلا الحمى فإنها ترد وروداً.

الإستشفاء بالبُرّ وکیفیتۀ

٥٤ _ عنه ، عن أحمد بن محمد، عن عبد العزيز بن المهتدي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن داود بن زربي قال : مرضت بالمدينة مرضاً شديداً، فبلغ ذلك أبا عبد الله(عليه السلام)فكتب إلي : قد بلغني علتك ، فاشتر صاعاً من بر، ثم استلق على قفاك وانثره على صدرك كيفما انتثر وقل: اللهم إني أسألك باسمك الذي إذا سألك به المضطر كشفت ما به من ضر ، ومكنت له في الأرض، وجعلته خليفتك على خلقك، أن تصلي على محمد وعلى أهل بيته وأن تعافيني من علّتي، ثم استو جالساً واجمع البرّ من حولك وقل مثل ذلك، وأقسمه مداً مُداً لكل مسكين وقل مثل ذلك ، قال :داود : ففعلت مثل ذلك، فكأنما نَشَطْتُ من عقال(2)وقد فعله غير واحد فانتفع به .

حديث الحوت على أيّ شيءٍ هو ؟

(3)

خلق الأرض وإرسال الماء المالح إلیها وأصل الخلق

٥٥ _ محمد، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : سألته عن الأرض على أي شيء هي؟ قال: الأرض على أي شيء هي ؟ قال : هي على حوت ، قلت : فالحوت على أي شيء هو ؟ قال : على الماء قلت فالماء على أي شيء هو ؟ قال : على صخرة، قلت: فعلى أي شيء الصخرة ؟ قال : على قرن ثور أملس، قلت: فعلى أي شيء الثور؟ قال : على الثرى : قلت فعلى أي شيء الثرى؟ فقال: هيهات عند ذلك ضلّ علم العلماء .

٥٦ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج ، عن زرارة، عن أحدهما(عليهم السلام) قال : إن الله عز وجل خلق الأرض ثم أرسل عليها الماء المالح أربعين صباحاً، والماء العذب أربعين صباحاً، حتى إذا التقت واختلطت(4)أخذ بيده قبضة فَعَرَكَها عَرْكاً(5)

ص: 77


1- في بعض النسخ: يسارع، والمعنى أن له طريقاً ينفذ منه إليه. وفي بعض النسخ: شارع.
2- أي خرجت منه .
3- لعله الحوت الذي قيل أنه بحر تحت الأرض وهي على ظهره. وقال صاحب الوافي : في هذا الحديث رموز إنما يعلمها من كان من أهلها .
4- أي أن أجزاء الأرض تألفت واجتمعت وامتزجت بتأثير الماء فيها .
5- أي دَلَكَها، وإنما فعل ذلك ليشتد التصاق بعضها ببعض ويستكمل الامتزاج بين أجزائها .

شديداً جميعاً، ثم فرقها فرقتين، فخرج من كل واحدة منهما عُنُقٌ مثل عُنُق(1)الذر، فأُخِذَ عُنُق إلى الجنة وعُنُقٌ إلى النار.

حديث الأحلام والحجّة على أهل ذلك الزمان

(2)

٥٧ - بعض أصحابنا، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: إن الأحلام لم تكن فيما مضى في أول الخلق وإنما حدثت فقلت : وما العلة في ذلك؟ فقال : إن الله عز ذكره بعث رسولاً إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة الله وطاعته، فقالوا : إن فعلنا ذلك فما لنا(3)، فوالله ما أنت بأكثرنا مالاً ولا بأعزنا عشيرة ، فقال : إن أطعتموني أدخلكم الله الجنة وإن عصيتموني أدخلكم الله النار، فقالوا: وما الجنة والنار؟ فوصف لهم ذلك، فقالوا : متى نصير إلى ذلك ؟ فقال : إذا متّم، فقالوا : لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاماً ورفاتاً، فازدادوا له تكذيباً وبه استخفافاً، فأحدث الله عز وجل فيهم الأحلام، فأتَوْه فأخبروه بما رأوا وما أنكروا من ذلك، فقال: إن الله عز وجل أراد أن يحتج عليكم بهذا، هكذا تكون أرواحكم إذا متم، وإن بليت أبدانكم تصير تصير الأرواح إلى عقاب حتى تُبعَثَ الأبدان.

رؤیا المؤمن فی آخر الزمان علی سبعین جزاً من أجزاء النبوۀ

٥٨ - علي بن إبراهيم ،عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سمعته يقول: رأي المؤمن ورؤياه في آخر الزمان على سبعين جزءاً من أجزاء النبوة(4).

سؤال النبی(صلی الله علیه وآله وسلم):«هل من مبشّرات»

٥٩ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد عن الرضا(عليه السلام)قال : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كان إذا أصبح قال لأصحابه : «هل من مبشرات»؟. يعني به الرؤيا .

تفسیر قوله تعالی :﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدنيا﴾

٦٠ _ عنه ، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة(5)، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قال رجل لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): في قول الله عز وجل : ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ

ص: 78


1- العنق : الجماعة من الناس.
2- أي زمان حدوث تلك الأحلام .
3- أي فماذا عندك تعطيه لنا مقابل إيماننا بك وبدعوتك .
4- وقد أورد هذا الحديث بتفاوت يسير الصدوق في الفقيه ،2 ، 217 - باب ثواب زيارة النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)والأئمة(عليه السلام)، ذيل ح ٣٣ . وأسنده إلى الرضا(عليه السلام).
5- واسمه المفضّل بن صالح .

الدُّنْيَا ﴾(1) قال : هي الرؤيا الحسنة يرى المؤمن فيُبَشَّر بها في دنياه .

الرؤیا علی ثلاثۀ وجوه

٦١ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن أبي خَلَف، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : الرؤيا على ثلاثة وجوه : بشارة من الله للمؤمن، وتحذير من الشيطان، وأضغاث أحلام(2).

الرؤیا الصادقۀ والکاذبۀ مخرجها من موضع واحد

٦٢ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبيه، عن النضر بن سُوَيد، عن دُرُسْت بن أبي منصور، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): جُعِلْتُ فداك ؛ الرؤيا الصادقة والكاذبة مخرجهما(3)من موضع واحد ؟ قال: صدقت أما الكاذبة (ال_) _مختلفة فإن الرجل يراها في أول ليلة في سلطان المردة الفَسَقَة، وإنما هي شيء يُخيّل إلى الرجل، وهي كا اذبة مخالفة لا خَيْر فيها، وأما الصادقة إذا رأها بعد الثُلُثَيْن من الليل مع حلول الملائكة، وذلك قبل السَّحَر فهي صادقة، لا تُخلِف إن شاء الله، إلا أن يكون جُنُباً، أو ينام على غير طهور، ولم يذكر الله عز وجل حقيقة ذكره، فإنها تختلف وتبطىء على صاحبها.

حديث الرِّياح وهی أربعۀ أقسام : الشمال والجنوب والصبا والدبور

٦٣ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، وهشام بن سالم، عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)، عن الرياح الأربع: الشَمال والجنوب والصَّبا والدَّبور وقلت : إن الناس يذكرون أن الشمال من الجنة ، والجنوب من النار؟ فقال : إن الله عز وجل جنوداً من رياح يعذّبٍ بها من يشاء ممن عصاه، ولكل ريح منها مَلَك مُوَكِّل بها، فإذا أراد الله عز وجل أن يعذب قوماً بنوع من العذاب، أوحى إلى المَلَك الموكل بذلك النوع من الريح التي يريد أن يعذبهم بها، قال : فيأمرها الملك فتهيج كما يهيج الأسد المغضب ، قال :

إن لله عزوجل ریاح رحمۀ وریاح عذاب

ولكل ريح منهن اسم، أما تسمع قوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ *إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ﴾(4)وقال : ﴿ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ﴾(5).

ص: 79


1- يونس / ٦٤ .
2- الصغث : التباس الشيء بالشيء، وضعت الحديث ضغثاً : خلطه ومنه قيل : أضغاث من الأخبار، أي ضروب منها، وأضغاث الأحلام ما يدخل بعضها في بعض ولبست كالصحيحة ولا تأويل لها لعدم تبيّنها .
3- أي خروجهما، فالمخرج هنا مصدر.
4- القمر / ١٩ وصرصراً : أى شديدة عاصفة .
5- الذاريات / ٤١ . والريح العقيم : الشديدة التي لا تلقّح شيئاً .

وقال : ﴿ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾(1)وقال : ﴿ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ﴾(2)وما ذكر من الرياح التي يعذب الله بها من عصاه ، قال : والله عز ذكره رياح رحمة لواقح ، وغير ذلك، ينشرها بين يدي رحمته، منها ما يهيج السحاب للمطر، ومنها رياح تحبس السحاب بین السماء والأرض ورياح تعصر السحاب فتمطره بإذن الله ، ومنها رياح مما عدد الله في الكتاب، فأما الرياح الأربع : الشمال والجنوب والصَّبا ،والدبور ، فإنما هي أسماء الملائكة الموكلين بها، فإذا أراد الله أن يهب شمالاً أمر الملك الذي اسمه الشمال فيهبط على البيت الحرام(3) فقام على الركن الشامي ، فضرب بجناحه فتفرقت ريح الشمال حيث يريد الله من البر والبحر، وإذ أراد الله أن يبعث جنوباً ، أمر الملك الذي اسمه الجنوب، فهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه، فتفرقت ريح الجنوب في البر والبحر حيث يريد الله ، وإذا أراد الله أن يبعث ريح الصَّبا، أمر الملك الذي اسمه الصَّبا فهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الصباحيث يريد الله جل وعز في البر والبحر، وإذا أراد الله أن يبعث دبوراً ، أمر الملك الذي اسمه الدَّبُور فهبط على البيت الحرام. فقام على الركن الشامي، فضرب بجناحه فتفرقت ريح الدبور حيث يريد الله في البر والبحر، ثم قال أبو جعفر(عليه السلام)اما تسمع تسمع لقوله: «ريح الشمال وريح الجنوب وريح الدبور وريح الصبا، إنما تضاف إلى الملائكة الموكلين بها»(4).

٦٤ _ عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إن الله عز وجل رياح رحمة ورياح عذاب، فإن شاء الله أن يجعل العذاب من الرياح رحمة فعل، قال : ولن يجعل الرحمة من الريح عذاباً، قال: وذلك أنه لم يرحم قوماً قطّ أطاعوه وكانت طاعتهم إياه وبالاً عليهم إلا من بعد تحوّلهم عن طاعته، قال : وكذلك فعل بقوم يونس لما آمنوا، رحمهم الله بعدما كان قدّر عليهم العذاب وقضاه، ثم تداركهم برحمته فجعل العذاب المقدر عليهم رحمة، فصرفه عنهم، وقد أنزله عليهم وغشيهم، وذلك لما آمنوا به وتضرعوا إليه(5)، قال : وأما الريح العقيم : فإنها ريح عذاب

ص: 80


1- الأحقاف / ٢٤ .
2- البقرة/ ٢٦٦ . والإعصار: الريح الشديدة العاصف فيها سموم حارة .
3- لعل أمره بالهبوط على البيت الحرام ليحرك ريحاً من الأربع لكونه موضع رحمته وإفاضته نظراً لقداسته وتشرفه بالانتساب إليه سبحانه .
4- أخرج هذا الحديث بتفاوت قليل الصدوق في الفقيه 1 ، 81 - باب صلاة الكسوف والزلازل والرياح و . . . . ح 17 . وفيه : الركن اليماني ، بدل الشامي في جميع المواضع.
5- ذكر قصة ذلك علي بن إبراهيم في تفسيره فراجع 317/10 - 318 . وكذا راجع بحار الأنوار للمجلسي

لا تلقّح شيئاً من الأرحام، ولا شيئاً من النبات، وهي ريح تخرج من تحت الأرضين السبع، وما خرجت منها ريح قطّ إلا على قوم عاد(1)، حين غضب الله عليهم، فأمر الخزّان أن يخرجوا منها على مقدار سعة الخاتم ، قال : فعتت على الخزّان فخرج منها على مقدار منخر الثور تغيظاً منها على قوم عاد ، قال : فضجّ الخزان إلى الله عز وجل من ذلك فقالوا : ربنا إنها قد عتَتْ عن أمرنا ، إنا نخاف أن تهلك من لم يعصِكَ من خَلْقِكَ وعُمّارِ بلادِك ،قال : فبعث الله عز وجل إليها جبرئيل(عليه السلام)فاستقبلها بجناحيه فردها إلى موضعها وقال لها : اخرجي على ما أمرت به، قال : فخرجت على ما أمرت وأهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم .

علاج الهم والفقر والسقم

٦٥ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): « من ظهرت عليه النعمة فليكثر ذكر الحمد لله ، ومن كثرت همومه فعليه بالاستغفار، ومن أَلَحّ عليه الفقر فليكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ينفي عنه الفقر »، وقال : فقد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)رجلا من الأنصار، فقال: «ما غَيْبَكَ عنا»؟ فقال: الفقر يا رسول الله وطول السقم، فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «ألا أعلّمك كلاماً إذا قلته ذهب عنك الفقر والسقم»؟ فقال : بلى يا رسول الله ، فقال : إذا أصبحت وأمسيت فقل : (لا حول ولا قوة إلا بالله [العلي العظيم]، توكلت على الحي الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتّخذ ولداً ولم يكن له شريك في المُلْك ولم يكن له وليُّ من الذل وكبره تكبيراً، فقال الرجل : فوالله ما قلته إلا ثلاثة أيام حتى ذهب عني الفقر والسقم .

فی معنی ذوی القربی

٦٦ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحَكَم،عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول لأبي جعفر الأحول(2)وأنا أسمع : أتيتَ البصرة ؟ فقال : نعم ، قال : كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا الأمر(3)ودخولهم فيه؟ قال : والله إنهم لقليل، ولقد فعلوا وإن ذلك لقليل ، فقال : عليك بالأحداث (4)فإنهم أسرع إلى كل خيرِ، ثم قال : ما يقول أهل البصرة في هذه الآية :﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾(5)؟ قلت : جُعِلْتُ فِداك ، إنهم يقولون : إنها لأقارب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فقال: كذبوا، إنما نزلت فينا خاصة في أهل البيت في علي وفاطمة والحسن والحسين أصحاب الكساء (عليهم السلام).

ص: 81


1- قال تعالى في سورة الحاقة / ٦-8 : ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ *سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ﴾. حسوماً : أي مواطع مستأصلات .
2- واسمه محمد بن علي بن النعمان لُقب بمؤمن الطاق ولقبه العامة شيطان الطاق .
3- أي التشيّع .
4- أي صغار السن.
5- الشورى / ٢٣ .
حديث الرجل الشاميّ مع أبي جعفر(عليه السلام)وما سأله عنه

٦٧ - عنه ، عن أحمد بن محمد ،عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن داود، عن محمد بن عطية قال: جاء رجل إلي أبي جعفر(عليه السلام)من أهل الشام من علمائهم فقال : يا أبا جعفر، جئت أسألك عن مسألة قد أُعْيَتْ (1)على أن أجد أحداً يفسرها، وقد سألت عنها ثلاثة أصناف(2)من الناس، فقال كل صنف منهم شيئاً غير الذي قال الصنف الآخر، فقال له أبو جعفر(عليه السلام): ما ذاك؟ قال: فإني أسألك عن أول ما خلق الله من خلقه، فإن بعض من سألته قال: القدر، وقال بعضهم : القلم ، وقال بعضهم : الروح ، فقال أبو جعفر(عليه السلام): ما قالوا شيئاً، أخبرك أن الله تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره، وكان عزيزاً، ولا أحد كان قبل عزّه، وذلك قوله: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ (3)، وكان الخالق قبل المخلوق، ولو كان أول ما خلق من خلقه الشيء من الشيء، إذاً لم يكن له انقطاع أبداً(4)،

کان کل شیء ماءاً وکان عرشه تعالی علی الماء

ولم يزل الله إذاً ومعه شيء ليس هو يتقدمه، ولكنه كان إذ لاشيء غيره، وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه وهو الماء الذي خلق الأشياء منه، فجعل نسب كل شيء إلى الماء، ولم يجعل للماء نسباً يُضاف إليه، وخلق الريح من الماء، ثم سلط الريح على الماء فشققت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زَبَدٌ على قدر ما شاء أن يثور، فخلق من ذلك الزبد أرضاً بيضاء نقية ليس فيها صدْع(5) ولا ثقب(6)، ولا صعود ولا هبوط ولا شجرة، ثم طواها فوضعها فوق الماء، ثم خلق الله النار من الماء، فشققت النار متن الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء الله أن يثور فخلق من ذلك الدخان سماءاً صافية نقية ليس فيها صدع ولا ثقب وذلك قوله :﴿ السَّمَاءُ بَنَاهَا *رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا *وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ﴾(7)قال : ولا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا سحاب، ثم طواها فوضعها فوق الأرض ، ثم نسب الخليقتين(8)، فرفع السماء قبل الأرض، فذلك قوله عز

ص: 82


1- أعيته : أعجزته .
2- يحتمل أنه سأل علماء الأديان الثلاثة الإسلام واليهودية والنصرانية، كما يحتمل أنه سأل الحكماء والمتكلمين والعلماء من أهل الإسلام خاصة .
3- الصافات / 180 .
4- «إذ يعود الكلام إلى الشيء الأول فيحتاج هو أيضاً إلى مثال متقدم» المازندراني 11/12.
5- الصدع: الشق .
6- في بعض النسخ: نَقْبَ، في جميع المواضع .
7- النازعات / 27 - 29 . سَمْكَها : ارتفاعها . أغْطَشَ ليلها : أظْلَمَ ليلها .
8- أي رتبهما في الوضع وجعل إحداهما فوق الأخرى، أو بين نسبة خلقهما في كتابه بقوله : والأرض بعد ذلك دحاها، فبيّن أن دَحْوَ الأرض بعد رفع السماء المجلسي في مرآة العقول، ٢٢٩/٢٥ .

ذكره﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾(1)يقول : بسطها، فقال له الشامي : يا أبا جعفر ؛ قول الله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾(2)، فقال له أبو جعفر(عليه السلام) :فلعلك تزعم أنهما كانتا رتقاً ملتزقتين ملتصقتين، ففتقت إحداهما من الأخرى؟ فقال : نعم ، فقال أبو جعفر(عليه السلام): إستَغْفِر ربك، فإن قول الله جل وعز: ﴿كانتا رتقا ﴾يقول : كانت السماء رتقاً لا تنزل المطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت الحب، فلما خلق الله تبارك وتعالى الخلق، وبث فيها من كل دابة، فتق السماء بالمطر، والأرض بنبات الحب، فقال الشامي : أشهد أنك من ولد الأنبياء، وأن عِلْمَكَ عِلْمُهُم .

٦٨ _ محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم ،والحجّال، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال : قال لي أبو جعفر(عليه السلام): كان كل شيء ماءاً وكان عرشه على الماء، فأمر الله عز ذكره الماء فاضطرم ناراً، ثم أمر النار فخمدت، فارتفع من خمودها دخان ، فخلق الله السماوات من ذلك الدخان، وخلق الأرض من الرماد ، ثم اختصم الماء والنار والريح ، فقال الماء : أنا جند الله الأكبر، وقالت الريح : أنا جند الله الأكبر، وقالت النار : أنا جند الله الأكبر، فأوحى الله عز وجل إلى الريح : أنت جندي الأكبر .

حديث الجنان والنُّوق ووصف أهل الجنۀ

(3)

٦٩ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق المدني، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)سئل عن قول الله عز وجل : ﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ﴾(4)، فقال : يا علي ؛ إن الوفد لا يكونون إلا ركباناً، أولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله ، واختصهم ورضي أعمالهم فسمّاهم المتقين ، ثم قال له : «يا علي ؛ أما والذي فَلَقَ الحبة وبرأ النسمة، إنهم ليخرجون من قبورهم ،وأن الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق العز(5)، عليها رحائل(6)الذهب مكلّلة بالدر والياقوت» وجلائلها(7) الاستبرق والسندس(8)، وخُطُمُها (9)

ص: 83


1- النازعات / ٣٠ .
2- الأنبياء / 30 رتقاً: أي متصلتين.
3- النوق: جمع ناقة. وقد قال العلامة المجلسي في المرآة أن هذا الحديث مجهول .
4- مريم / ٨٥ وفداً : أي وافدين عليه رُكباناً ليثيبهم .
5- أي هي نوق عزيزة في نفسها، أو أنه يعزّ من يركب عليها وقد خُلقت لذلك .
6- رحائل : جمع رحال، وهو شيء يوضع على سنام البعير للركوب كالسرج للفرس.
7- جلائلها جمع جلال، وهو ما يجلل به بدن الدابة ويستر.
8- الإستبرق : الديباج الغليظ السُندس : ما رق من الديباج .
9- خُطْمها: جمع خطام وهو الزمام : والجَدْل : القتل المحكم.

جَدْل الأرجوان، تطير بهم إلى المحشر، مع كل رجل منهم ألف ملك من قدّامه، وعن يمينه، وعن شماله ، يزفّونهم زفّاً حتى ينتهوا إلى باب الجنة الأعظم، وعلى باب الجنة شجرة أن الورقة منها ليستظل تحتها ألف رجل من الناس، وعن يمين الشجرة عين مطّهرة مزكية ، قال : فيُسقون منها شربة شربة فيطهّر الله بها قلوبهم من الحسد، ويسقط من أبشارهم الشعر، وذلك قول الله عز وجل :﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ﴾(1)من تلك العين المطهرة، قال: ثم ينصرفون إلى عين أخرى عن يسار الشجرة، فيغتلسون فيها، وهي عين الحياة فلا يموتون أبداً، قال: ثم يوقف بهم قدّام العرش وقد سَلِمُوا من الآفات والاسقام والحر والبرد أبداً، قال: فيقول الجبار جلّ ذكره للملائكة الذين معهم : احشروا أوليائي إلى الجنة، ولا توقفوهم مع الخلائق، فقد سبق رضاي عنهم، ووجبت رحمتي لهم، وكيف أريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيئات، قال: فتسوقهم الملائكة إلى الجنة ، فإذا انتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم، ضرب الملائكة الحلقة ضربة فتصرّ صريراً يبلغ صوت صريرها كل حوراء أعدّها الله عز وجل لأوليائه في الجنان، فيتباشرون بهم إذا سمعوا صرير الحلقة، فيقول بعضهن البعض: قد جاءنا أولياء الله، فيفتح لهم الباب فيدخلون الجنة، وتشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين، فيقلن : مرحباً بكم، فما كان أشدّ شَوْقِنا إليكم، ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك، فقال علي(عليه السلام): يا رسول الله ؛ أخبرنا عن قول الله جل وعز : ﴿غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ ﴾(2)بماذا بنيت يا رسول الله ؟ فقال يا علي ؛ تلك غُرَف بناها الله عز وجل لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد، سقوفها الذهب محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب منها ملك موكّل به، فيها فُرُشُ مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة، وحَشْوُها المسك والكافور والعنبر، وذلك قول الله عز وجل : ﴿وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾(3)، إذا أدخل المؤمن إلى منازله في الجنة ووُضِعَ على رأسه تاج الملك والكرامة، البِسَ حللَ الذهب والفضة والياقوت والدر المنظوم في الاكليل تحت التاج ، قال : وألْبِسَ سبعين حلّة حرير بألوان مختلفة، وضروب مختلفة، منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الأحمر، فذلك قوله عز وجل :﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾(4)، فإذا جلس المؤمن على سريره، اهتز سريره فَرَحاً ، فإذا استقر لولي الله جل وعز منازله في الجنان، استأذن عليه الملك

ص: 84


1- الإنسان/ 21 .
2- الزمَر / ٢٠ .
3- الواقعة / ٣٤ .
4- الحج / ٢٣ .

الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله عز وجل إياه، فيقول له خدام المؤمن من الوصفاء والوصائف: مكانَك، فإن ولي الله قد اتكأ على أريكته وزوجته الحوراء تُهيَّأ له، فاصبر لولي الله ، قال : فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمة لها تمشي مقبلةً وحولها وصائفها، وعليها سبعون حُلّة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد، وهي من مسك وعنبر، وعلى رأسها تاج الكرامة، وعليها نعلان من ذهب مكللتان بالياقوت واللؤلؤ، شراكهما(1)ياقوت أحمر، فإذا دنت من ولي الله فَهَمَّ أن يقوم إليها شوقاً فتقول له : يا ولي الله ، ليس هذا يوم تعب ولا نصب، فلا تقم، أنا لك وأنت لي ، قال : فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملُّها ولا تملُّه، قال: فإذا فتر بعض الفتور من غير ملالة، نظر إلى عنقها فإذا عليها قلائد من قَصَب من ياقوت أحمر، وسطها لوح صفحته درّة مكتوب فيها : أنت يا ولي الله حبيبي، وأنا الحوراء حبيبتك، إليك تناهَتْ نفسي، وإليَّ تناهت(2)نفسك، ثم يبعث الله إليه ألف مَلَك يهنئونه بالجنة ويزوّجونه بالحوراء، قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه فيقولون للملك الموكل بأبواب جنانه : إستأذن لنا على ولي الله ، فإن الله بعثنا إليه نهنئه، فيقول لهم الملك : حتى أقول للحاجب فيعلمه بمكانكم ، قال : فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه وبين الحاجب ثلاث جنان، حتى ينتهي إلى أول باب فيقول للحاجب : إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العالمين تبارك وتعالى ليهنئوا ولي الله ، وقد سألوني أن أذن لهم عليه ، فيقول الحاجب : إنه ليعظم عليَّ أن أستأذن لأحد على ولي الله وهو مع زوجته الحوراء، قال : وبين الحاجب وبين ولي الله جنتان، قال : فيدخل الحاجب إلى القيّم فيقول له : إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العزة يهنئون ولي الله فاستأذن لهم، فيتقدم القيّم إلى الخدام فيقول لهم : إن رسل الجبّار على باب العرصة وهم ألف ملك أرسلهم الله يهنئون ولي الله فأعلموه بمكانهم، قال: فيعلمونه، فيؤذن للملائكة فيدخلون على ولي الله وهو في الغرفة ولها ألف باب، وعلى كل باب من أبوابها مَلَك موكل به، فإذا أُذن للملائكة بالدخول على ولي الله ، فتح كل ملك بابه الموكل به ، قال : فيدخل القيّم كل ملك من باب من أبواب الغرفة ، قال : فيبلّغونه رسالة الجبار جل وعز، وذلك قول الله تعالى : ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ( من أبواب الغرفة )سلام عليكم - إلى آخر الآية- ﴾(3)قال : وذلك قوله جل وعز : ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴾(4)يعني بذلك ولي الله وما هو فيه من

ص: 85


1- الشراك: سير النعل .
2- التناهي : بلوغ كل شيء حده الأقصى
3- الرعد/ ٢٣ - ٢٤ . وتتمة الآية :﴿ بما صبرتم فنعم عقبى الدار ﴾
4- الإنسان / ٢٠

الكرامة والنعيم والملك العظيم الكبير، إن الملائكة من رُسُل الله عز ذكره، يستأذنون (في الدخول) عليه فلا يدخلون عليه إلا بإذنه، فلذلك الملك العظيم الكبير . قال : والأنهار تجري من تحت مساكنهم ، وذلك قول الله عز وجل: ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ﴾(1)، والثمار دانية منهم وهو قوله عز وجل :﴿وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ﴾(2)من قربها منهم، يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه وهو متكىء، وإن الأنواع من الفاكهة ليقُلْن لولي الله : يا ولي الله كُلْني قبل أن تأكل هذا قبلي، قال: وليس من مؤمن في الجنة إلا وله جنان كثيرة معروشات وغير معروشات، وأنهار من خمر، وأنهار من ماء، وأنهار من لبن، وأنهار من عسل، فإذا دعا ولي الله بغذائه أتي بما تشتهي نفسه عند طلبه الغذاء من غير أن يسمي شهوته ، قال : ثم يتخلّى مع إخوانه ويزور بعضهم بعضاً، ويتنعمون في جناتهم في ظل ممدود في مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وأطيب من ذلك لكل مؤمن سبعون زوجة حوراء، وأربع نسوة من الآدميين، والمؤمن ساعة مع الحوراء وساعة مع الآدمية، وساعة يخلو بنفسه على الأرائك متكئاً ، ينظر بعضهم إلى بعض ، وإن المؤمن ليغشاه شعاع نور وه_م على أريكته ويقول لخدّامه : ما هذا الشعاع اللامع، لعل الجبار لحظني ؟ فيقول له خدّامه : قدّوس قدّوس، جل جلال الله ، بل هذه حوراء من نسائك ممن لم تدخل بها بعد قد أشرفت عليك من خيمتها شوقاً إليك، وقد تعرضت لك وأحبت لقائك، فلما أن رأتك متكئاً على سريرك تبسمت نحوك شوقاً إليك، فالشعاع الذي رأيت والنور الذي غَشِيَك هو من بياض ثغرها وصفائه ونقائه ورقّته، قال : فيقول ولي الله : إندنوا لها فتنزل إليّ، فيبتدر إليها ألف وصيف وألف وصيفة يبشرونها بذلك، فتنزل إليه من خيمتها وعليها سبعون حلّة منسوجة بالذهب والفضة، مكلّلة بالدر والياقوت والزبرجد، صبغهن المسك والعنبر بألوان مختلفة، يرى مخُّ ساقها من وراء سبعين حلة، طولها سبعون ذراعاً، وعرض ما بين منكبيها عشرة أذرع ، فإذا دنت من ولي الله، أقبل الخدام بصحائف الذهب والفضة، فيها الدر والياقوت والزبرجد فينثرونها عليها ثم يعانقها وتعانقه فلا يملّ ولا تملّ.

قال : ثم قال أبو جعفر(عليه السلام): أما الجنان المذكورة في الكتاب(3)، فإنهن جنة عدن(4)،

ص: 86


1- يونس/ ٩. وفى أماكن كثيرة متفرقة .
2- الإنسان / ١٤ .
3- أي في القرآن .
4- قال تعالى : ﴿وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ 72 التوبة، واللفظ في ٢٣ / الرعد و 31 / النحل. و ٣١ / الكهف وغيرها. وجنات عدن أي جنات استقرار واطمئنان .

وجنة الفردوس(1)، وجنة نعيم(2)، وجنة المأوى(3)، قال : وإن الله عز وجل جناناً محفوفة بهذه الجنان، وإن المؤمن ليكون له من الجنان ما أحب واشتهى ، يتنعم فيهن كيف (ي_) _شاء ، وإذا أراد المؤمن شيئاً أو اشتهى إنما دعواه فيها إذا أراد أن يقول : سبحانك اللهم(4)، فإذا قالها تبادرت إليه الخدم بما اشتهى من غير أن يكون طلبه منهم أو أمر به، وذلك قول الله عز وجل :﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ﴾(5)يعني الخدام ، قال : ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾(6)يعني بذلك عندما يقضون من لذّاتهم من الجماع والطعام والشراب، يحمدون الله عز وجل عند فراغهم ، وأما قوله :﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ ﴾(7)، قال : يعلمه الخدّام فيأتون به أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه وأما قوله عز وجل:﴿ فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ ﴾(8)قال : فإنهم لا يشتهون شيئاً في الجنة إلا أَكرِموا به.

کلامهم (عليه السلام)علی سبعین وجهاً لهم منها المخرج

٧٠ _ الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير قال : قيل لأبي جعفر(عليه السلام)- وأنا عنده - : إن سالم بن أبي حفصة وأصحابه يروون عنك أنك تكلّم على سبعين وجها لك منها المخرج؟ فقال : ما يريد سالم مني ، أيريد أن أجيء بالملائكة، والله ما جاءت بهذا النبيون، ولقد قال إبراهيم(عليه السلام):﴿ إني سقيم﴾(9)وما كان سقيماً وما كَذَب ، ولقد قال إبراهيم(عليه السلام):

﴿ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ﴾ (10)وما فعله وما كَذَب ولقد قال يوسف(عليه السلام): ﴿ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ﴾(11)، والله ما كانوا سارقين وما كَذَب.

ص: 87


1- قال تعالى :﴿ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾ 107 / الكهف وغيرها والفردوس : الوادي الخصيب، أو الروضة . الخ .
2- قال تعالى : ﴿ولأدخلناهم جنات النعيم﴾ ٦٥ المائدة واللفظ في /21 التوبة والنعيم : كل ما يتنعم به ويُتلذذ من مطعم ومفرش ومركب وغير ذلك .
3- قال تعالى : ﴿ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ ١٩ السجدة و ١٥ / النجم و ٤١/٣٩ / النازعات. والمأوى : اسم للمكان الذي يؤوى إليه .
4- قال أمين الدين الطبرسي : يقولون ذلك لا على وجه العبادة، لأنه ليس هنالك تكليف بل يلتذون بالتسبيح» مرأة العقول للمجلسي ٢٤٠/٢٥
5- يونس / ١٠ .
6- يونس / ١٠ .
7- الصافات / ٤١ - ٤٢ .
8- الصافات / ٤١ - ٤٢ .
9- الصافات / 89
10- الأنبياء / ٦٣ .
11- يوسف / 70 .
حديث أبي بصير مع المرأة

(1)

71 - أبان ، عن أبي بصير قال : كنت جالساً عند أبي عبد الله(عليه السلام)، إذ دخلت علينا أم خالد التي كان قطعها يوسف بن عمر(2)تستأذن عليه ، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): أيسرّكَ أن تسمع كلامها؟ قال: فقلت نعم قال : فأُذَنْ لها، قال: وأجلسني معه على الطُنفُسة(3)قال : ثم دخَلَتْ فتكلّمتْ فإذا امرأة بليغة فسألته عنهما(4)، فقال لها : تَوَلّيهما(5)؟ قالت : فأقول لربي إذا لقيته : إنك أمرتني بولايتهما قال نعم قالت: فإن هذا الذي معك على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما، وكثير النَّوا(6)يأمرني بولايتهما، فأيهما خير وأحب إليك؟ قال : هذا والله أحب إلي من كثير النوا وأصحابه، إن هذا تخاصم فيقول :﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾(7) ،﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظالمون﴾(8)، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾(9).

الناصب لأهل البیت شرّ من تارک الصلاۀ

72 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن عمر بن ابان، عن عبد الحميد الوابشي، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قلت له : إن لنا جارا ينتهك المحارم كلها، حتى أنه ليترك الصلاة فضلا عن غيرها ؟ فقال : سبحان الله ، وأعْظَمَ ذلك(10)، ألا أخبركم بمن هو شرّ منه؟ قلت بلى قال : الناصب لنا شر منه ، أما أنه ليس من عبد يذكر عنده أهل البيت فيرقّ لذكرنا ،إلا مسحت الملائكة ظهره، وغفر له ذنوبه كلها، إلا أن يجيء بذنب يخرجه من الإيمان، وإن الشفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب، وإن المؤمن ليشفع لجاره ومالَهُ حسنة، فيقول : يا رب جاري كان يكف عني الأذى فيشفع فيه، فيقول الله تبارك وتعالى : أنا ربك وأنا أحق من كافاً عنك، فيدخله الجنة وما له من حسنة، وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنساناً ، فعند ذلك يقول أهل النار : ﴿ فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ

ص: 88


1- قال العلامة المجلسي في مرآته إن هذا الحديث ضعيف .
2- خلف الحجاج في ولايته على العراق .
3- قال في النهاية :الطنفسة : هي بكسر الطاء والفاء وبضمهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء، البساط الذي له خمل رقيق .
4- أي عن أبي بكر وعمر .
5- أنما قال لها (عليه السلام)ذلك تقية .
6- «قيل : إنه عامي ، وقيل : زيدي وتنسب إليه الفرقة البترية من الزيدية لكونه أبتر اليد فسمي التابعون له بترية، وهم قائلون بخلافة الثلاثة »المازندراني 27/12 .
7- المائدة/ ٤٤ و ٤٥ و ٤٧ .
8- المائدة/ ٤٤ و ٤٥ و ٤٧ .
9- المائدة/ ٤٤ و ٤٥ و ٤٧ .
10- أي اعتبر فعله عظيماً في القبح شنيعاً .

صَدِيقٍ حَمِيمٍ ﴾ (1).

من استخفّ بمؤمن فیهم، ومن ذبّ عنهم(عليه السلام)

73 -محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين ،عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عُقبة، عن أبي هارون، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: قال لنفر عنده _ وأنا حاضر _ ما لكم تستخفّون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال : معاذ لوجه الله أن نستخف بك أو بشيء من أمرك، فقال: بلى، إنك أحد من استخفّ بی ،فقال : معاذ لوجه الله أن استخف بك ، فقال له : ويحَكَ، أَوَلَمْ تسمع فلاناً ونحن بقرب الجحفة وهو يقول لك : احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً(2)، ولقد استخففت به، ومن استخف بمؤمن فَبِنَا استخفّ وضيّع حرمة الله عز وجل(3).

حدیث عبدالرحمن مع أبی عبدالله(عليه السلام)

٧٤ - الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الوساء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الله عز وجل منَّ علينا بأن عَرَّفَنا توحيده، ثم منَّ علينا بأن أقررنا بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)بالرسالة ، ثم اختصّنا بحبكم أهل البيت، نتولاكم ونتبرأ من عَدوَّكم، وإنما نريد بذلك خلاص أنفسنا من النار، قال: ورققْتُ فبكيتُ، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): سَلَّني ، فوالله لا تسألني عن شيء إلا أخبرتك به(4)، قال : فقال له عبد الملك بن أَعْيَن : ما سمعته قالها لمخلوق قبلك، قال: قلت: خبرني عن الرجُلَين؟ قال : ظلمانا حقّنا في كتاب الله عز وجل، ومنعا فاطمة صلوات الله عليها ميراثها من أبيها، وجرى ظلمهما إلى اليوم، قال - وأشار إلى خلفه-(5)ونبذا كتاب الله وراء ظهورهما.

٧٥ - وبهذا الإسناد، عن ابان، عن عُقبة بن بشير الأسدي، عن بن بشير الأسدي ، عن الكُمَيْتِ بن زيد الأسدي قال : دخلت على أبي جعفر(عليه السلام)فقال : والله يا كُمَيْت؛ لو كان عندنا مال لأعطيناك منه، ولكن لك ما قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لحسان بن ثابت : لن يزال معك روح القدس(6)ما ذَبَبْتَ عنا ، قال : قلت : خَبِّرني عن الرجلين؟ قال: فأخذ الوسادة فكسرها في صدره ثم قال : والله يا كُميت؛ ما

ص: 89


1- الشعراء / 100 و 101 . هذا وقد قال المجلسي في المرآة عن هذا الحديث إنه مجهول
2- كناية عن عدم الاعتناء به وبطلبه .
3- رمى المجلسي في المرأة هذا الحديث بالضعف وكذلك الحديث التالي له .
4- فيه دلالة على اطلاعه(عليه السلام)على إخلاصه وصدقه في ولائه ولذا فلا يتعامل معه بالتقية .
5- هذا تمثيل منه (عليه السلام) لكيفية النبذ وراء الظهر ونبذهما للكتاب وراء ظهورهما كناية عن الإعراض عنه وعدم العمل بما فيه
6- المراد بروح القدس : جبرئيل(عليه السلام)، وهذا يدل على أنه(عليه السلام)قد ينفث أحياناً في أرواح غير الأنبياء والأئمة (عليهم السلام). والمقصود بالمعية هنا الإمداد بالإلهام للمعاني الشعرية الراقية ما دام الذب عنهم(عليهم السلام)مقصوداً . والمراد بالذب: مدحهم(عليهم السلام) ودفع هجاء الآخرين لهم بذلك وبهجو أعدائهم ومخالفيهم .

أُهريق مِحْجَمَة(1)من دم ،ولا أخذ مال من غير حلّه، ولا قُلبَ حجر عن حجر(2)إلا ذاك في أعناقهما(3).

ما قال عمر لعلی بن أبی طالب (عليه السلام)فی بنی أمیۀ

٧٦ - وبهذا الإسناد، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي العباس المكي قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : إن عمر لقي علياً صلوات الله عليه فقال له: أنت الذي تقرأ هذه الآية : ﴿بأيكُم المفتون﴾(4)وتُعَرِّض بي وبصاحبي ؟ قال : فقال له : أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية : ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾(5)، فقال : كذبت، بنو أمية أوصلُ للرحم منك، ولكنك أَبَيْتَ إلا عداوة لبني تَيْمٍ وبني عَدي وبني أمية .

فی قوله تعالی:﴿ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾

77 - وبهذا الإسناد، عن أَبَان بن عثمان ، عن الحَرْث النصري قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن قول الله عز وجل :﴿ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا ﴾(6)قال : ما يقولون في ذلك؟ قلت : نقول هم الأفجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة ،قال : ثم قال : هي والله قريش قاطبة، إن الله تبارك وتعالى خاطب نبيه(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : إني فضّلت قريشاً على العرب، وأتممت عليهم نعمتي، وبعثت إليهم رسولي ، فبدلوا نعمتي كفراً وأحلّوا قومهم دار البوار .

نزول قوله تعالی :﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ﴾

78 - وبهذا الإسناد ،عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليه السلام)أنهما قالا : إن الناس لمّا كذَّبوا برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)هم الله تبارك وتعالى بهلاك أهل الأرض إلا علياً فما سواه بقوله: ﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ﴾(7)، ثم بدا له فرحم المؤمنين، ثم قال لنبيه (صلی الله علیه وآله وسلم): ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾(8).

79 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذّاء، عن ثوير بن أبي فاختة قال: سمعت علي بن الحسين(عليه السلام)يحدّث في مسجد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال : حدثني أبي ، أنه سمع أباه علي بن أبي طالب(عليه السلام)

ص: 90


1- المِحْجَمَة ما يحتجم به ، والمقصود مقدار ما يملأها دماً، والمقصود ما يهراق من الدم ظلماً.
2- كناية عن اضطراب الأمور ووقوع الهرج والمرج بسبب عدم وضع الأشياء كما رتبها الله سبحانه على لسان رسوله(صلی الله علیه وآله وسلم).
3- والحديث ضعيف عند المجلسي رحمه الله كما نص عليه في مرآة العقول. وكذلك الحديث الذي يليه .
4- القلم / ٦ . والمفتون - هنا - : المجنون .
5- محمد ٢٢. فهل عسيتم : أي فلعلكم .
6- إبراهيم / 28 . وتتمتها وأحلوا قومهم دار البوار .
7- الذاريات / ٥٤ - ٥٥ . هذا وقد ضعّف المجلسي هذا الحديث في مرآته .
8- الذاريات / ٥٤ - ٥٥ . هذا وقد ضعّف المجلسي هذا الحديث في مرآته .
احوال یوم القیامۀ وبَعْث الخلایق

يحدّث الناس قال : إذا كان يوم القيامة ، بَعَثَ اللَّهُ تبارك وتعالى الناس من حفرهم عُزلاً (1)، بُهماً(2)، جُرْداً مُرْداً(3)في صعيد واحد، يسوقهم النور، وتجمعهم الظلمة، حتى يقفوا على عَقَبَة المحشر، فيركب بعضهم بعضاً ويزدحمون دونها فَيُمْنَعُونَ من المضي، فتشتد أنفاسهم، ويكثر عرقهم، وتضيق بهم أمورهم ، ويشتد ضجيجهم، وترتفع أصواتهم ، قال : وهو أول هول من أهوال يوم القيامة ، قال : فيشرف الجبار تبارك وتعالى عليهم من فوق عرشه في ظلال من الملائكة، فيأمر ملكاً من الملائكة فينادي فيهم : يا معشر الخلائق انصتوا واستمعوا منادي الجبار، قال : فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم ، قال : فتنكسر أصواتهم عند ذلك، وتخشع أبصارهم، وتضطرب فرائصهم ، وتفزع قلوبهم ويرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصوت :﴿ مُهطِعينَ إلى الداعي﴾(4)قال : فعند ذلك يقول الكافر : ﴿هذا يوم عَسِر ﴾(5)قال : فيشرف الجبار عز وجل الحكم العدل عليهم فيقول : أنا الله لا إله إلا أنا الحكم العدل الذي لا يجور، اليومَ أحكم بينكم بعدلي وقسطي ، لا يُظْلم اليوم عندي أحد، اليوم آخذ للضعيف من القوي بحقه، ولصاحب المظلمة بالمظلمة بالقصاص من الحسنات والسيئات. يجب على الهبات ، ولا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالم ولأحد عنده مظلمة إلا مظلمة يهبها صاحبها ، وأثيبه عليها وأخذ له بها عند الحساب، فتلازموا أيها الخلائق، واطلبوا مظالمكم عند من ظلمكم بها في الدنيا، وأنا شاهد لكم عليهم وكفى بي شهيداً .

قال : فيتعارفون ويتلازمون ، فلا يبقى أحد له عند أحد مظلمة أو حق إلا لزمه بها ، قال : فيمكثون ما شاء الله ، فيشتد حالهم ويكثر عرقهم ويشتد غمهم وترتفع أصواتهم بضجيج شديد ، فيتمنون المخلص منه بترك مظالمهم لأهلها ، قال : ويطلع الله عز وجل على جهدهم، فينادي مناد من عند الله تبارك وتعالى - يسمع آخرهم كما يسمع أولهم- : يا معشر الخلائق، أنصتوا لداعي الله تبارك وتعالى، واسمعوا، إن الله تبارك وتعالى يقول (لكم) : أنا الوهّاب إن أحببتم أن تَواهَبوا فتواهبو، وإن لم تَواهَبوا أخذت لكم بمظالمكم، قال : فيفرحون بذلك لشدة جهدهم وضيق مسلكهم وتزاحمهم، قال: فَيَهَبُ بعضُهم مظالمهم رجاء أن يتخلّصوا مما هم فيه،

ص: 91


1- في بعض النسخ غُرُلا . وبه أورد بعض العامة الحديث والأغرل: الأغلف الغير المختون. والأعزل: مفرد العُزل هو الوحيد الفريد المجرد من كل سلاح وغيره .
2- البهم : جمع بهيم وهو أصلاً الذي لا يخالط لونه لون سواه ، يعني ليس فيهم شيء من العاهات والأعراض التي تكون في الدنيا كالعمى والعَور والعرج وغير ذلك وإنما هي أجساد مصححة لخلود الأبد في الجنة أو النار» مرآة العقول للمجلسي 253/25 نقلا عن الجزري في النهاية.
3- الأجرد : هو الذي ليس على بدنه شعر والأمرد هو الشاب الذي لم تنبت لحيته .
4- القمر / 8 مهطعين إلى الداع : أي مسرعين بنظرهم قبل داعيهم .
5- القمر / 8 مهطعين إلى الداع : أي مسرعين بنظرهم قبل داعيهم .

ويبقى بعضهم فيقول : يا رب مظالمنا أعظم من أن نهبها، قال: فينادي مناد من تلقاء العرش : أين رضوان خازن الجنان جنان الفردوس، قال : فيأمره الله عز وجل أن يطلع من الفردوس قصراً من فضة بما فيه من الأبنية والخدم قال فيطلعه عليهم في حفافة القصر(1)الوصائف والخدم قال : فينادي مناد من عند الله تبارك وتعالى : يا معشر الخلائق، إرفعوا رؤوسكم فانظروا إلى هذا القصر، قال : فيرفعون رؤوسهم فكلّهم يتمنّاه ، قال : فينادي مناد من عند الله تعالى : يا معشر الخلائق، هذا لكل من عفى عن مؤمن، قال : فيعفون كلهم إلا القليل، قال : فيقول الله عزوجل: لايجوز إلى جنتي اليوم ظالم، ولا يجوز إلى ناري اليوم ظالم ولأحد من المسلمين عنده مظلمة حتى يأخذها منه عند الحساب، أيها الخلائق استعدوا للحساب، قال: ثم يخلّي سبيلهم فينطلقون إلى العقبة، يطرد(2)بعضهم بعضاً حتى ينتهوا إلى العرصة، والجبار تبارك وتعالى على العرش، قد نُشِرت الدواوين ونُصِبَت الموازين وأُحضر النبيون والشهداء : وهم الأئمة، يشهد كل إمام على أهل عالمه بأنه قد قام فيهم بأمر الله عز وجل، ودعاهم إلى سبيل الله ، قال : فقال له رجل من قريش: يابن رسول الله، إذا كان للرجل المؤمن عند الرجل الكافر مظلمة أي شيء يأخذ من الكافر وهو من أهل النار؟ قال: فقال له علي بن الحسين(عليه السلام): يطرح عن المسلم من سيئاته بقدر ماله على الكافر، فيعذب الكافر بها مع عذابه بكفره عذاباً بقدر ما للمسلم قبله من مظلمة .

قال : فقال له القرشي : فإذا كانت المظلمة للمسلم عند مسلم كيف تؤخذ مظلمته من المسلم ؟ قال : يؤخذ للمظلوم من الظالم من حسناته بقدر حق المظلوم فتزاد على حسنات المظلوم ، قال : فقال له القرشي : فإن لم يكن للظالم حسنات ؟ قال : إن لم يكن للظالم حسنات، فإن للمظلوم سيئات يؤخذ من سيئات المظلوم فتزاد على سيئات الظالم(3)

من أحب أهل البیت (عليهم السلام)کان معهم یوم القیامۀ

80 - أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي أمية يوسف بن ثابت بن أبي سعيدة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنهم قالوا حين دخلوا عليه : إنما أحببناكم لقرابتكم من رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، ولما أوجب الله عز وجل من حقكم، ما أحببناكم للدنيا نصيبها منكم إلا لوجه الله والدار الآخرة، وليصلح لامرىء(4)منا دينه ، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): صَدَقتم ، صَدَقتم، ثم قال: من أحبنا كان معنا(5)أو جاء معنا يوم

ص: 92


1- أي جوانبه وأطرافه
2- في بعض النسخ: يكرد : يعني يدفع ويطرد .
3- هذا وقد ضعف المجلسي في المرآة هذا الحديث .
4- أي لكل امرىء منا .
5- الترديد من الراوي .

القيامة هكذا، ثم جمع بين السبابتين، ثم قال : والله لو أن رجلا صام النهار وقام الليل، ثم لقي الله عز وجل بغير ولايتنا أهل البيت، لَلَقِيه وهو عنه غير راض أو(1)ساخط عليه، ثم قال : وذلك قول الله عز وجل : ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ *فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾(2)، ثم قال : وكذلك الإيمان لايضر معه العمل(3)، وكذلك الكفر لا ينفع معه العمل(4) ، ثم قال : إن تكونوا وحدانيين(5)فقد كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وحدانياً يدعو الناس فلا يستجيبون له، وكان أول من استجاب له علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم):« أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي »(6).

ردٌّ علی من زعم دن الکمال کله فی عفۀ البطن والفرج

81 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام) لعبّاد بن كثير(7)البصري الصوفي : وَيْحَكَ يا عبّاد غَرّك إن عفّ بطنك وفَرْجُك، إن الله عز وجل يقول في كتابه :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾ (8)إعلم أنه لا يتقبل الله منك شيئاً حتى تقول قولاً عدلاً (9).

82 - يونس، عن علي بن شجرة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: لله عز وجل في بلاده خمس حُرَم(10): حرمة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وحرمة آل رسول الله(عليهم السلام)، وحرمة كتاب الله عز وجل، وحرمة كعبة الله، وحرمة المؤمن(11).

ص: 93


1- الترديد من الراوي أيضاً.
2- التوبة / ٥٤ و ٥٥ . وتزهق : وتخرج .
3- أي بحيث يصير سبيبا لخلوده في النار، أو لعدم استحقاقه الشفاعة والرحمة مرآة العقول للمجلسي ، ٢٥٩/٢٥
4- أي نفعاً يوجب خلاصه من العذاب أو استحقاقه الشفاعة والمغفرة ويحتمل أن يكون المراد بالعمل هنا العبادات لاشتراطها بالإيمان .ن .م.
5- أي منفردين في أمر الإمامة دون غيركم من بقية الخلق .
6- وقد وثق المجلسي في المرآة هذا الحديث بطوله .
7- وكان عاد صوفيا منحرفاً عن أهل البيت(عليهم السلام).
8- الأحزاب / 70 و 71 .
9- ويدل على أن معنى القول السديد في الآية هو الاعتقاد الصحيح ، وأنه لا ينفع عمل مع فساد العقيدة. هذا وقد صحح ظاهراً المجلسي هذا الحديث وإن احتمل فيه الإرسال لعدم معهودية رواية يونس بن عبد الرحمن عن الصادق(عليه السلام)حسبما قال .
10- الحُرم : جمع حَرمه، وهي ما يجب احترامه على الخلق تقرباً إلى الله
11- وقد صحح المجلسي في مرآته هذا الحديث .
إذا بلغ المؤمن أربعین سنة

83 - عدّة من أصحابنا ،عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن القاسم ، عن علي بن المغيرة عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : سمعته يقول : إذا بلغ المؤمن أربعين سنة آمنه الله من الأدواء الثلاثة(1): البرص والجذام والجنون، فإذا بلغ الخمسين خفّف الله عزّوجل حسابه، فإذا بلغ ستين سنة رزقه الله الإنابة(2)، فإذا بلغ السبعين أحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين أمر الله عز وجل بإثبات حسناته وإلقاء سيئاته، فإذا بلغ التسعين غفر الله تبارك وتعالى له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكُتِبَ أسير الله في أرضه، وفي رواية أخرى: فإذا بلغ المائة فذلك أرذل العمر(3).

فی جواز الفرار من الوباء

٨٤ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم، عن داود، عن سَيْف، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إن العبد لفي فسحة(4)من أمره ما بينه وبين أربعين سنة ، فإذا بلغ أربعين سنة أوحى الله عز وجل إلى مَلَكيه(5): قد عَمّرْتُ عبدي هذا عمراً فغلّظا وشدّدا وتحفظّا واكتبا عليه قليل عمله وكثيره، وصغيره وكبيره .

85 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الوباء يكون في ناحية المصر، فيتحول الرجل إلى ناحية أخرى أو يكون في مصر فيخرج منه إلى غيره؟ فقال: لا بأس، إنما نهى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عن ذلك لمكان ربيئة(6)كانت بحيال العدو ، فوقع فيهم الوباء فهربوا منه ، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «الفارّ منه كالفارّ من الزحف، كراهية أن يُخلوا مراكزهم».

٨٦ - علي ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي مالك الحضرمي، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ثلاثة لم ينجُ منها نبي فَمَنْ دونَه : التفكر في الوسوسة في الخلق(7)، والطَّيرَةُ(8)والحسد، إلا أن المؤمن لا يستعمل حَسَدَه .

ص: 94


1- هذا محمول على الغالب
2- الإنابة : الرجوع . والمقصود بها هنا إقباله على الطاعات وفراره من المعاصي وشدّة مراقبته له سبحانه . وهذا أيضاً مبني على الغالب.
3- أي أخسّه . هذا وقد اعتبر المجلسي في المرآة هذا الحديث من قسم المجهول.
4- أي في سعة من أموره وأفعاله وذلك لمكان حرارة الشباب واندفاعه وقوة شهواته فيكون مأخوذاً كل ذلك بعين الاعتبار مما يستدعي التساهل معه .
5- يعني الملازمين للإنسان الكاتبين لأعماله. هذا والحديث مجهول عند المجلسي .
6- الربيئة : الطليعة للقوم الذي يكون عيناً لهم في موقع تقدم ليرصد أعداءهم حذراً من أن بدهموهم. والحديث حسن عند المجلسي في مرآة العقول .
7- الوسوسة والوسواس : حديث النفس وإلقاءات الشيطان، والمقصود هنا هو أن يوسوس له الخبيث مثلاً : خلقك ، فتجيب : الله فيوسوس لك ومن خلق الله ؟ أو كيف خلق الله الأشياء من العدم وهكذا .
8- الطيرة: النشام.
ثلاثۀ لم ینج منها نبی فمن دونه

87 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم(عليه السلام) قال : قال لي : إني لموعوك(1)منذ سبعة أشهر ، ولقد وُعِكَ ابني اثني عشر شهراً وهي تضاعف علينا، أشعرت أنها لا تأخذ في الجسد كله وربما أخذت في أعلى الجسد ولم تأخذ في أسفله، وربما أخذت في أسفله ولم تأخذ في أعلى الجسد كله ؟ قلت: جُعلتُ فِداك ؛ إنْ اذِنْتَ لي حدثتك بحديث عن أبي بصير، عن جدك أنه كان إذا وعك استعان بالماء البارد، فيكون له ثوبان : ثوب في الماء البارد، وثوب على جسده يراوح بينهما ، ثم ينادي حتى يُسْمَع صوته على باب الدار: يا فاطمة بنت محمد(2)، فقال: صدقت ، قلت : جُعِلتُ فداك ؛ فما وجدتم للحمى عندكم دواء ؟ فقال : ما وجدنا لها عندنا دواء إلا الدعاء والماء البارد، إني اشتكيت فأرسل إليّ محمد بن إبراهيم بطبيب له، فجاءني بدواء فيه قَيّ فأبَيْتُ أن أشربه لأني إذا قُبيتُ زال كل مفصل منى(3).

88 - الحسين بن محمد الأشعري ، عن محمد بن إسحاق الأشعري، عن بكر بن محمد الأزدي قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام): حُمَّ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فأتاه جبرئيل(عليه السلام)فعوّذه فقال : بسم الله أرْقيك يا محمد، وبسم الله اَشْفيك، وبسم الله من كل داء يُعييك، بسم الله بسم الله والله شافيك، بسم الله خذها فلتهنيّك، بسم الله الرحمن الرحيم، فلا أقسم بمواقع النجوم ، لَتَبْرَأَنَّ بإذن الله ، قال بكر: وسألته عن رقية الحمّى فحدّثني بهذا(4).

89 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمروبن شمّر، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): من قال :بسم الله الرحمن الرحيم ، لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم، ثلاث مرّات، كفاه الله عز وجل تسعة وتسعين نوعاً من أنواع البلاء أيسرهن الخنق(5).

90 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الكندي، عن أحمد بن الحسن الميثمي ،عن أبان بن عثمان ، عن نعمان الرازي، عن أبي عبد الله

(عليه السلام) قال: انهزم الناس يوم أُحُد عن

ص: 95


1- الوعك : الحمّى ، وقيل : ألم الحمّى .
2- نداؤه إنما هو للاستغاثة بالزهراء(عليه السلام).
3- كناية عن شدّة ما ينتابه من ضعف وألم عند القيء والحديث ضعيف عند المجلسي .
4- والخبر بهذا السند عند المجلسي مجهول ، اللهم إلا أن يكون قد وقع تصحيف في محمد بن إسحاق وكان أحمد بن إسحاق، وهو الظاهر عنده بقرينة رواية أحمد بن إسحاق عن بكر بن محمد كثيراً، وحينئذ يكون الخبر صحيحا على الظاهر .
5- أي الموت بمرض الخناق، وهو مرض يحبس النفس فلا يصل الهواء إلى الرئتين فيموت الإنسان . والحديث ضعيف عند المجلسي .

رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فغضب غضباً شديداً ، قال : وكان إذا غضب انحدر عن جبينه مثل اللؤلؤ من العرق، قال : فنظر فإذا علي

(عليه السلام)إلى جنبه فقال له : الحَقْ ببني أبيك مع من انهزم عن رسول الله ، فقال يا رسول الله : لي بك أُسوة(1). قال : فاكفني هؤلاء، فحمل فضرب أول من لقي منهم، فقال جبرئيل(عليه السلام): إن هذه لهي المؤاساة يا محمد فقال : إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل(عليه السلام) وأنا منكما يا محمد، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): فنظر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) إلى جبرئيل(عليه السلام)على كرسي من ذهب بين السماء والأرض وهو يقول : لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلّا علي .

غزوۀ أحد ومواساۀ أمیرالمومنین لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

91 - حميد بن زياد ،عن عبيد الله بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد، بن عيسى بيّاع السابري، عن أبان بن عثمان قال : حدثني فضيل البرجمي قال : كنت بمكة وخالد بن عبد الله أمير(2)، وكان في المسجد عند زمزم فقال : ادعوا لي قتادة قال: فجاء شيخ أحمر الرأس واللحية، فدنوت لأسمع ، فقال خالد : يا قتادة؛ أخبرني بأكرم وقعة كانت في العرب، وأعز وقعة كانت في العرب، وأذلّ وقعة كانت في العرب، فقال : أصلح الله الأمير، أخبرك بأكرم وقعة كانت في العرب، وأعز وقعة كانت في العرب، وأذل وقعة كانت في العرب واحدة قال خالد :وَيْحَكَ ،واحدة؟ قال: نعم، أصلح الله الأمير، قال أخبرني؟ قال بدر ، قال : وكيف ذا؟ قال : إن بدراً أكرم وقعة كانت في العرب، بها أكرم الله عز وجل الإسلام وأهله، وهي أعز وقعة كانت في العرب ،بها أعز الله الإسلام وأهله، وهي أذل وقعة كانت في العرب، فلما قُتِلَت قريش يومئذ ذلت العرب، فقال له خالد : كذبت، لَعَمْرُ الله إن كان في العرب يومئذ من هو أعز منهم، ويلك يا قتادة، أخبرني بأشعارهم؟ قال : خرج أبو جهل يومئذ وقد أعلم(3)ليُرَى مكانه، وعليه عمامة حمراء، وبيده ترس مذهب وهو يقول :

ما تَنْقِمُ الحرب الشَّمُوسُ مني*** بازِلَ(4)ع_ام_ي_ن ح_دي_ثَ ال_س_ن

لمثل هذا وَلَدَتْني أمي

فقال : كذبت عدو الله ، إن كان ابن أخي لأفرسَ منه - يعني خالد بن الوليد _ وكانت أمه

ص: 96


1- الأسوة : القدوة.
2- أي أمير الحج .
3- أي جعل لنفسه علامة ليُعرف أو لفرسه .
4- البازل من الإبل : الذي أكمل ثمان سنين ودخل في التاسعة فيطلع نابه وتكتمل قوته، ويريد بهذا أن يقول بأنه قد استجمع شبابه واكتملت قوته فهو مؤهل لخوض غمار الحرب .

قشيرية(1)، ويلك يا قتادة؛ من الذي يقول: «أوفي بميعادي وأحمي عن حَسَب »؟ فقال : أصلح الله الأمير، ليس هذا يومئذ ، هذا يوم أحد، خرج خرج طلحة بن أبي طلحة وهو ينادي : من يبارز، فلم يخرج إليه أحد، فقال : إنكم تزعمون أنكم تُجْهِزُونا بأسيافكم إلى النار، ونحن نُجْهِزُكم بأسيافنا إلى الجنة فليبرزنّ إلي رجل يجهزني بسيفه إلى النار وأجهزه بسيفي إلى الجنة، فخرج إليه علي بن أبي طالب(عليه السلام)وهو يقول : أنا ابن ذي الحَوْضَيْن عبد المطلب*** وهاشمِ المُطْعِم في العام السَّغِب(2)

أوفي بميعادي وأحمي عن حسب

فقال خالد لعنه الله : كذب لعمري، والله أبو تراب ما كان كذلك، فقال الشيخ : أيها الأمير ، ائذن لي في الانصراف، قال: فقام الشيخ يفرج الناس بيده وخرج وهو يقول : زنديق ورب الكعبة، زنديق وربِّ الكعبة .

حدیث آدم(عليه السلام)مع الشجرة

(3)

92 - علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: إن الله تبارك وتعالى عَهِدَ إلى آدم(عليه السلام)أن لا يقرب هذه الشجرة، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله أن يأكل منها، نسي فأكل منها، وهو قول الله عز وجل:﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾(4)فلما أكل آدم(عليه السلام)من الشجرة أُهبط إلى الأرض فولد له هابيل وأخته توأم، وولد له قابيل وأخته توأم، ثم إن آدم(عليه السلام)أمر هابيل و قابيل أن يقرّبا قرباناً، وكان هابيل صاحب غنم، وكان قابیل صاحب زرع، فقرّ هابیل كبشاً من أفاضل غنمه ، وقرّب قابيل من زرعه ما لم ينقَ(5)، فتقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل وهو قول الله عز وجل : ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا

ص: 97


1- الأصوب ما في بعض النسخ: قسيرية، لأن خالد قسيرية، لأن خالد بن عبد الله مشهور بالقسري كما . الخ، مرآة العقول للمجلسي ٢٥ / ٢٧٠
2- أي عام المجاعة، ويريد بالحوضين اللذين صنعهما عبد المطلب عند زمزم لسقاية الحاج.
3- هذا الحديث عند المجلسي في مرآة العقول من قسم المجهول. والمقصود سرد قصة آدم عندما نهي عن الأكل من الشجرة مخالف النهي .
4- طه / ١١٥ . والعهد: الوصية ، وقد أجمع علماؤنا على أن النهي لآدم(عليه السلام)كان نهي تنزيه لا نهي تحريم لما دل من العقل والنقل على وجوب عصمة الأنبياء (عليهم السلام).
5- أي ما لم ينظف من الزؤان وغيره مما يخالط الحب عادة .

وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ- إلى آخر الآية﴾(1)وكان القربان تأكله النار، فعمد قابيل إلى النار فبنى لها بيتاً وهو أول من بنى بيوت النار ، فقال : لأعْبُدَنَّ هذه النار حتى تتقبل مني قرباني، ثم إن إبليس لعنه الله أتاه -وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق - فقال له : يا قابيل ؛ قد تقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربانك، وإنك إن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك ويقولون : نحن أبناء الذي تقبل قربانه، فاقتله كيلا يكون له عقب يفتخرون على عقبك، فقتله، فلما رجع قابيل إلى آدم(عليه السلام)قال له : یا قابیل این هابيل؟ فقال اطلبه حيث قَرّبنا القربان، فانطلق آدم(عليه السلام)فوجد هابيل قتيلاً، فقال آدم(عليه السلام): لُعْنتِ من أرض كما قبلت دم هابيل ، وبكى آدم(عليه السلام)على هابيل أربعين ليلة، ثم إن آدم سأل ربه ولداً ، فولد له غلام فسّماه هبة الله ، لأن الله عز وجل وهبه له وأخته توأم .

قصۀ قابیل وَهِبۀ الله

فلما انقضت نبوة آدم(عليه السلام)، واستكمل أيامه أوحى الله عز وجل إليه أن يا آدم ؛ قد انقضت نبوتك واستكملت أيامك، فاجعل العِلْم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر(2)وميراث العلم ، وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك عند هبة الله ، فإني لن أقطع العلم والإيمان والاسم الأكبر وآثار النبوة من العقب من ذريتك إلى يوم القيامة، ولن أدع الأرض إلا وفيها عالم يُعرف به ديني ، وتُعْرَفُ به طاعتي ، ويكون نجاة لمن يولد فيما بينك وبين نوح، وبشر آدم بنوح(عليه السلام)فقال : إن الله تبارك وتعالى باعث نبياً اسمه ،نوح، وإنه يدعو إلى الله عز ذكره ويكذبه قومه فيهلكهم الله بالطوفان، وكان بين آدم وبين نوح(عليه السلام)عشرة آباء أنبياء وأوصياء كلهم، وأوصى آدم

(عليه السلام) إلى هبة الله : أن من أدركه منكم فليؤمن به وليتّبعه وليصدّق به فإنه ينجو من الغرق، ثم إن آدم(عليه السلام)مرض المرضة التي مات فيها ،فأرسل هبة الله وقال له : إن لقيت جبرئيل أو من لقيت من الملائكة فاقرأه مني السلام وقل له يا جبرئيل ؛ إن أبي يستهديك من ثمار الجنة ، فقال له جبرئيل : يا هبة الله إن أباك قد قُبضَ ، وإنا نزلنا للصلاة عليه فارجع ، فرجع فوجد آدم(عليه السلام) قد ،قبض، فأراه جبرئيل كيف يغسله فغسله، حتى إذا بلغ الصلاة عليه، قال هبة الله : يا جبرئيل تقدم فَصَلّ على آدم، فقال له جبرئيل : إن الله عز وجل أمرنا أن نسجد لأبيك آدم وهو في الجنة ، فليس لنا أن نؤم(3)شيئاً من ولده، فتقدم هبة الله فصلى على أبيه وجبرئيل خلفه وجنود الملائكة، وكبّر عليه ثلاثين تكبيرة، فأمر جبرئيل(عليه السلام)فرفع(4)خمساً وعشرين تكبيرة _ والسنّة وهو

ص: 98


1- المائدة / 27 . وكانت كيفية تقبل قربان هابيل - كما قيل - أن نزلت نار بيضاء من السماء فوقعت عليه دون قربان قابيل أو أنها أكلته .
2- الاسم الأكبر فسّر في بعض الروايات بأنه كتب الأنبياء وعلومهم .
3- أي أن نكون إماما ويكون هو مأموما .
4- أي رفع وجوب خمس وعشرين تكبيرة أو مشروعيته بأمر من الله سبحانه وهو الزائد على الخمس.

اليوم فينا خمس تكبيرات، وقد كان يكبر على أهل بدر تسعاً وسبعاً _ ، ثم إن هبة الله لما دفن أباه أتاه قابيل فقال : يا هبة الله، إني قد رأيت أبي آدم قد خصّك من العلم بما لم أُخص به أنا، العلم الذي دعا به أخوك هابيل فتقبل قربانه، وإنما قتلته لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي فيقولون : نحن أبناء الذي تقبل قربانه وأنتم أبناء الذي ترك ،قربانه، فإنك إن أظهرت من العلم الذي اختصك به أبوك شيئاً قتلتك كما قتلت أخاك هابيل فلبث هبة الله والعقب منه مُسْتَخفِينَ بما عندهم من العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث النبوة وآثار علم النبوة، حتى بعث الله نوحاً(عليه السلام)، وظهرت وصية هبة الله حين نظروا في وصية آدم(عليه السلام)، فوجدوا نوحاً (عليه السلام) نبياً قد بشّر به آدم(عليه السلام)، فآمنوا به واتبعوه وصدقوه، وقد كان آدم(عليه السلام)وَصّى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة فيكون يوم عيدهم، فيتعاهدون نوحاً وزمانه الذي يخرج فيه ، وكذلك جاء في وصية كل نبي حتى بعث الله محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)، وإنما عرفوا نوحاً بالعلم الذي عندهم وهو قول الله عزّوجل :﴿ ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه - إلى آخر الآية -﴾(1)وكان مَنْ بينَ آدمَ ونوح منَ الأنبياء مُسْتَخفينَ، ولذلك خفي ذكرهم في القرآن فلم يسمّوا كما سمي من استعلن من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، وهو قول الله عز وجل: ﴿وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ﴾ (2)يعني لم أسمّ المُسْتَخْفِينَ كما سميتٌ المسْتَعْلنين من الأنبياء(عليهم السلام).

قصّه نوح (عليه السلام)

فمكث نوح(عليه السلام)في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، لم يشاركه في نبوته أحد، ولكنه قَدِمَ على قوم مكذبين للأنبياء(عليهم السلام) الذين كانوا بينه وبين آدم(عليه السلام)، وذلك قول الله عزوجل : ﴿كَذَبَتْ قومٌ نوح المرسلين﴾(3)يعني من كان بينه وبين آدم(عليه السلام)إلى أن انتهى إلى قوله عز وجل:﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾(4)، ثم إن نوحاً(عليه السلام)لما انقضت نبوته واستُكملت أيامه، أوحى الله عز وجل إليه؛ إن يا نوح قد قضيت(5)نبوتك واستُكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك ، فإني لن أقطعها كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء(عليهم السلام)التي بينك وبين آدم(عليه السلام)، ولن أدع الأرض إلا وفيها عالم يعرف به ديني، وتعرف به طاعتي ، ويكون نجاة لمن يولد فيما بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر، وبَشِّرَ نوح ساماً بهود(عليه السلام)وكان فيما بين نوح وه_ود من الأنبياء (عليهم السلام)، وقال نوح : إن الله باعث نبيا يقال له هود، وإنه يدعو قومه إلى الله عز وجل

ص: 99


1- هود / . العنكبوت / ١٤ .
2- النساء / ١٦٤ .
3- الشعراء / ١٠٥ إلى 191 .
4- الشعراء / ١٠٥ إلى 191 .
5- يحتمل أنها على صيغة المجهول، كما يحتمل أنها على المعلوم : قَضَیْتَ.

فيكذّبونه، والله عز وجل مهلكهم بالريح ، فمن أدركه منكم فليؤمن به وليتّبعه، فإن الله عز وجل ينجّيه من عذاب الريح ، وأمر نوح(عليه السلام) ابنه ساماً أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة فيكون يومئذ عيداً لهم، فيتعاهدون فيه ما عندهم من العلم والإيمان والاسم الأكبر ومواريث العلم وآثار علم النبوة، فوجدوا هوداً نبياً(عليه السلام)، وقد بَشِّر به أبوهم نوح(عليه السلام)، فأمنوا به واتبعوه وصدّقوه، فنجوا من عذاب الريح ، وهو قول الله عز وجل : ﴿وإلى عاد أخاهم هودا﴾(1)وقوله عز وجل :﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ *إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ (2)وقال تبارك وتعالى : ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ﴾(3)وقوله : ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا (لنجعلها في أهل بيته) وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ﴾(4)، لنجعلها في أهل بيته، وأمر العقب من ذرية الأنبياء(عليه السلام)من كان قبل إبراهيم(عليه السلام)، وكان بين إبراهيم وهود من الأنبياء صلوات الله عليهم، وهو قول الله عز وجل: ﴿وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ (5)وقوله عز ذكره : ﴿فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي﴾(6) وقوله عز وجل : ﴿وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ (7)فجرى بين كل نبيَّيْن عشرة أنبياء ، وتسعة، وثمانية أنبياء، كلهم أنبياء، وجرى لكل نبي ما جرى لنوح(8)(عليه السلام)، وكما جرى لآدم وهود وصالح وشعيب وإبراهيم صلوات الله عليهم، حتى انتهت إلى يوسف بن يعقوب(عليه السلام)، ثم صارت من بعد يوسف في أسباط أخوته، حتى انتهت إلى موسى(عليه السلام)، فكان بين يوسف وبين موسى من الأنبياء(عليهم السلام)، فأرسل الله موسى وهارون(عليه السلام)إلى فرعون وهامان وقارون، ثم أرسل الرسل تترى(9):﴿ كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ﴾ (10)، وكانت بنو إسرائيل تقتل نبياً واثنان قائمان، ويقتلون اثنين وأربعةٌ قيام ، حتى إنه كان ربما قتلوا في اليوم الواحد سبعين نبياً ، ويقوم سوق قتلهم آخر النهار(11)،

ص: 100


1- الأعراف/ ٦٥
2- الشعراء / ١٢٣ - ١٢٤ .
3- البقرة/ ١٣٢ .
4- الأنعام / ٨٤ .
5- هود/89
6- العنكبوت / ٢٦ .
7- العنكبوت / ١٦ .
8- أي من الوصية وتعاهدها وكتمانها .
9- أي متتابعين واحداً بعد الآخر.
10- المؤمنون/ ٤٤ .
11- «وآخر النهار ظرف لقيام السوق وهو رواجه مع احتمال أن يكون غاية له» المازندراني ٥٩/١٢ . وقد استظهر العلامة المجلسي في المرأة، ٢٥ / 280 أن( سوق قتلهم) مصحّف عن (سوق بقلهم) كناية عن عدم اعتنائهم بما فعلوه .
أمره سبحانه وتعالی رسوله بالوصیۀ لعلی صلوات الله علیهما

فلما نزلت التوراة على موسى(عليه السلام)بشّر بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، وكان بين يوسف وموسى من الأنبياء، وكان وصي موسى يوشع بن نون(عليه السلام)، وهو فتاه الذي ذكره الله عز وجل في كتابه(1)، فلم تزل الأنبياء تبشّر بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)حتى بعث الله تبارك وتعالى المسيح عيسى بن مريم فبشّر بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)وذلك قوله تعالى:﴿ يَجِدُونَهُ (يعني اليهود والنصارى)مَكْتُوبًا (يعني صفة محمد(صلی الله علیه وآله وسلم))عِنْدَهُمْ (يعني)فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ (2)وهو قول الله عز وجل يخبر عن عيسى : ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾(3)وبشّر موسى وعيسى بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم) كما بشّر الأنبياء (عليهم السلام)بعضهم ببعض، حتى بلغت محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)، فلما قضى محمد(صلی الله علیه وآله وسلم) نبوته، واستُكملت أيامه، أوحى الله تبارك وتعالى إليه : یا محمد، قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في أهل بيتك عند علي بن أبي طالب عليه السلام، فإني لم أقطع العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك، كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم، وذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾(4)وأن الله تبارك وتعالى لم يجعل العلم جهلاً(5)، ولم يكل أمره إلى أحد من خلقه، لا إلى مَلَك مُقرّب ولا نبي مرسل، ولكنه أرسل رسولاً من ملائكته فقال له : قل كذا وكذا، فأمرهم بما يحب ونهاهم عما يكره، فقصّ إليهم أمر خلقه بعلم، فعلم ذلك العلم وعلّم أنبياءه وأصفياءه من الأنبياء والإخوان والذرية التي بعضها من بعض فذلك قوله جل وعز :﴿ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾(6)، فأما الكتاب فهو النبوة، وأما الحكمة فهم الحكماء من الأنبياء من الصفوة، وأما المُلْكُ العظيم فهم الأئمة (الهداة) من

ص: 101


1- كما وردت قصة يوسف معه ومع الحوت في سورة الكهف عندما كان متوجهاً لملاقاة العبد الصالح وهو الخضر(عليه السلام).
2- الأعراف/ ١٥٧
3- الصف / ٦ .
4- آل عمران/ ٣٣ - ٣٤ .
5- أي لم يجعل العلم مبنياً على الجهل بأن يكون أمر الحجة مجهولاً لا يعلمه الناس، ولا بينة لهم، أو لم يجعل العلم مخلوطاً بالجهل، بل لا بد أن يكون العالم عالماً بجميع ما يحتاج إليه الخلق، ولا يكون اختيار مثله إلا منه تعالي . وقيل : المراد أن الله تعالى لم يبين أحكامه على ظنون الخلق، وإلا لكان العلم جهلا، لأن الظن قد يكون باطلاً فيكون جهلاً لعدم مطابقته للواقع، وأمر عباده باتباع العلم واليقين المطابق للواقع» مرآة العقول للمجلسي ٢٨١/٢٥ .
6- النساء/ ٥٤

الصفوة، وكل هؤلاء من الذرية التي بعضها من بعض، والعلماء الذين جعل الله فيهم البقية وفيهم العاقبة وحفظ الميثاق حتى تنقضي الدنيا والعلماء ، وَلِوُلاةِ الأمر استنباط العلم وللهداة(1)فهذا شأن الفُضِّل(2)من الصفوة والرسل والأنبياء والحكماء وأئمة الهدى والخلفاء الذين هم ولاة أمر الله عز وجل، واستنباط علم الله ، وأهل آثار علم الله من الذرية التي بعضها من بعض من الصفوة بعد الأنبياء(عليهم السلام)من الآباء والأخوان والذرية من الأنبياء، فمن اعتصم بالفضل انتهى بعلمهم ، ونجا بنصرتهم، ومن وضع ولاة أمر الله عز وجل وأهل استنباط علمه في غير الصفوة من بيوتات الأنبياء(عليهم السلام)، فقد خالف أمر الله عز وجل، وجعل الجهّال ولاة أمر الله، والمتكلفين بغير هدى من الله عز وجل، وزعموا أنهم أهل استنباط علم الله فقد كَذَبوا على الله ورسوله، ورغبوا عن وصيّه(عليه السلام)وطاعته، ولم يضعوا فضل الله حيث وضعه الله تبارك وتعالى، فضلّوا وأضلّوا أتباعهم ، ولم يكن لهم حجة يوم القيامة، إنما الحجة في آل إبراهيم(عليه السلام)لقول الله عز وجل :﴿فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾، فالحجة الأنبياء(عليه السلام)، وأهل بيوتات الأنبياء(عليه السلام)حتى تقوم الساعة، لأن كتاب الله ينطق بذلك، وصية الله(3)بعضها من بعض التي وضعها على الناس فقال عز وجل: ﴿في بيوت أذِنَ الله أن تُرفع﴾(4)وهي بيو (تا) ت الأنبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدى، فهذا بيان عروة الإيمان التي نجا بها من نجا قبلكم، وبها ينجو من يتّبع الأئمة، وقال الله عز وجل في كتابه :

﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ *وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ *...أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ﴾ (5)فإنه وكل(6)بالفضل من أهل بيته ، والإخوان والذرية، وهو قول

ص: 102


1- معطوف على : ولولاة الأمر .
2- جمع فاضل.
3- أي الأمور المذكورة آنفاً وصية من الله إلى الأنبياء وأوصيائهم بلغوها إلى الناس ليتعاهدوها .
4- النور/ ٣٦ .
5- الأنعام / ٨٤ - ٨٩ .
6- «فإنه وكل بالفضل ... يحتمل أن يقرأ : وَكَلَ بالتخفيف ويكون الباء بمعنى أي وَكَلَ الإيمان والعلم إلى الأفاضل من أهل بيته وبالتشديد على سبيل القلب أو يتخفيف الفضل، فيكون قوله : من أهل بيته مفعولاً لقوله : وكل أي وكل جماعة من أهل بيته بالفضل وهو العلم والإيمان، وإنما احتجنا إلى هذه التكلفات لأن الظاهر من كلامه(عليه السلام)بعد ذلك أنه(عليه السلام)فسّر القوم بالأئمة، ولعل الباء في قوله بالفضل من زيادة النّساخ» مرآة العقول، للمجلسي ، ٢٨٣/٢٥ - ٢٨٤

الله تبارك وتعالى : إن تكفر به أمتك فقد وكلت أهل بيتك بالإيمان الذي أرسلتك به فلا يكفرون به أبداً، ولا أضيّع الإيمان الذي أرسلتك به من أهل بيتك من بعدك، علماء أمتك(1) وولاة أمري بعدك، وأهل استنباط العلم الذي ليس فيه كذب ولا إثم ولا زور ولا بَطَر ولا رياء، فهذا بيان ما ينتهي إليه أمر هذه الأمة(2)، إن الله جل وعز طهّر أهل بيت نبيه(عليهم السلام). وسألهم أجر المودة(3)، وأجرى لهم الولاية وجعلهم أوصياءه وأحباءه ثابتة بعده في أمته، فاعتبروا يا أيها الناس فيما قلت حيث وضع الله عز وجل ولايته وطاعته ومودته واستنباط علمه وحججه، فإياه فتقبّلوا، و به فاستمسكوا تنجوا به وتكون لكم الحجة يوم القيامة، وطريق ربكم جل وعز، ولا تصل ولاية إلى الله عز وجل إلا بهم، فمن فعل ذلك كان حقاً على الله أن يكرمه ولا يعذبه، ومن يأتِ الله عز وجل بغير ما أمره كان حقاً على الله عز وجل أن يذلّه وأن يعذّبه.

93 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي ، وأبو منصور، عن أبي الربيع قال : حَجَجْنا مع أبي جعفر(عليه السلام)في السنة التي كان فيها هشام بن عبد الملك وكان معه نافع(4)مولی عمر بن حج الخطاب، فنظر نافع إلى أبي جعفر(عليه السلام)في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس، فقال نافع : يا أمير المؤمنين، من هذا الذي قد تداك (5)عليه الناس ؟ فقال : هذا نبي أهل الكوفة، هذا محمد بن علي ، فقال : أشهد لآتينه فلا سألته عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي فيها إلا نبي أو ابن نبي أو وصي نبي، قال : فاذهب إليه وسَلّه لعلك تُخْجله، فجاء نافع حتى اتكأ على الناس، ثم أشرف على أبي جعفر(عليه السلام)فقال : يا محمد بن علي إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وقد عرفت حلالها وحرامها ، وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي، قال: فرفع أبو جعفر(عليه السلام)رأسه فقال : سل عما بدا لك، فقال : أخبرني كم بين عيسى وبين محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)من سنة؟ قال : أخبرك بقولي أو بقولك ؟ قال : أخبرني بالقولين جميعاً، قال : أما في قولي فخمسمائة سنة، وأما في قولك فستمائة سنة ، قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل لنبيه: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ﴾(6)من الذي سأل

ص: 103


1- بدل من قوله : لأهل بيتك، أو بيان له .
2- أي حسب التخطيط الإلهي والعقيدة الربانية من أن الولاية من الله إنما جعلت في ذرية محمد (صلی الله علیه وآله وسلم)وأهل بيته كما كانت في أهل بيت وذرية كل نبي من أنبياء الله السابقين .
3- أي سأل لهم أجر المودة وفيه إشارة إلى قوله تعالى : ﴿قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى﴾ .
4- هو ابن سرجس وكان ديلمياً ناصبياً خبيثاً، وكان يميل إلى رأي الخوارج.
5- تداك : - هنا - أي تزاحم وأصل الدك: الدق والكسر.
6- الزخرف/ ٤٥

محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة؟ قال: فتلا أبو جعفر(عليه السلام)هذه الآية :

﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ﴾(1)، فكان من الآيات التي أراها الله تبارك وتعالى محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)حيث أسرى به إلى بيت المقدس، أن حشر الله عز ذكره الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين، ثم أمر جبرئيل(عليه السلام)فأذَّنَ شِفعاً وأقام شِفعاً وقال في أذانه : حي على خير العمل، ثم تقدم محمد(صلی الله علیه وآله وسلم) فصلّى بالقوم فلما انصرف قال لهم : على ما تشهدون وما كنتم تعبدون؟ قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسول الله ، أخذ على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فقال نافع : صدقت يا أبا ،جعفر فأخبرني عن قول الله عز وجل :

﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾(2)؟ قال : إن الله تبارك وتعالى لما أهبط آدم إلى الأرض، وكانت السماوات رتقاً لا تمطر شيئاً، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت شيئاً، فلما أن تاب الله عز وجل على آدم(عليه السلام)، أمر السماء فتقطرت بالغمام، ثم أمرها فأرخت عَزَالَيْها(3)، ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار، وتَفَهَّقَت(4)بالأنهار، فكان ذلك رتقها وهذا ،فتقها قال نافع : صدقت يابن رسول الله فأخبرني عن قول الله عز وجل :

﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ﴾(5)، أي أرض تُبدّل يومئذ؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): أرض تبقى خبزة يأكلون منها حتى يفرغ الله عز وجل من الحساب، فقال نافع : إنهم عن الأكل لمشغولون؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): أهم يومئذ أشغلُ أم إِذْ هُمْ في النار؟ فقال نافع : بل إذ هم في النار قال: فوالله ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فأُطعِموا الزَّقوم ودَعَوا بالشراب فَسُقُوا الحميم، قال: صدقتَ يابن رسول الله ، ولقد بقيت مسألة واحدة ، قال : وما هي ؟ قال : أَخْبرني عن الله تبارك وتعالى متى كان؟ قال : ويلَك، متى لم يكن حتى أخبرك متى كان؟ سبحان من لم يزل ولا يزال فرداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ثم قال : يا نافع أخبرني عما أسألك عنه، قال: وما هو؟ قال: ما تقول في أصحاب النهروان فإن قلت: إن أمير المؤمنين

ص: 104


1- الإسراء / ١.
2- الأنبياء / ٣٠ .
3- «العزلاء : وزن حمراء ، فم المزادة الأسفل والجمع : العزالي بفتح اللام وكسرها وأرسلت السماء عزاليها، إشارة إلى شدة وقع المطر على التشبيه بنزوله عن أفواه المزادات» مصباح اللغة ٦٦/٢ .
4- أي امتلأت .
5- إبراهيم / ٤٨

قتلهم بحق فقد ارتددت ، وإن قلتَ إنه قتلهم باطلاً فقد كفرت ، قال : فولّى من عنده وهو يقول: أنت والله أعلم الناس حقاً حقاً، فأتى هشاماً فقال له : ما صنعتَ؟ قال : دعني من كلامك هذا، والله انه أعلم الناس حقاً حقاً، وهو ابن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)حقاً، ويحقّ لأصحابه أن يتخذوه نبياً.

حديث نصراني الشام مع أبی جعفر الباقر(عليه السلام)

٩٤ _ عنه ، عن إسماعيل بن أبَان، عن عمر بن عبد الله الثقفي قال : أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر(عليه السلام)من المدينة إلى الشام ، فأنزله مع معه، وكان يقعد مع الناس في مجالسهم ،فبينا هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه، إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك، فقال : ما لهؤلاء؟ ألهم عيد اليوم ؟ فقالوا : لا يابن رسول الله، ولكنهم يأتون عالماً لهم في هذا الجبل في كل سنة في هذا اليوم، فيخرجونه فيسألونه عما يريدون، وعمّا يكون في عامهم، فقال أبو جعفر(عليه السلام): وله علم ؟ فقالوا : هو من أعلم الناس، قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسى(عليه السلام)، قال : فهل نذهب إليه ؟ قالوا : ذاك إليك يابن رسول الله ، قال : فقنّع أبو جعفر(عليه السلام)رأسه بثوبه(1)، ومضى هو وأصحابه فاختلطوا بالناس حتى أتوا الجبل، فقعد أبو جعفر(عليه السلام)وسط النصارى هو وأصحابه، وأخرج النصارى بساطاً، ثم وضعوا الوسائد ، ثم دخلوا فأخرجوه (2)، ثم ربطوا عينيه(3)، فقلّب عينيه(4)كأنهما عينا ،أفعى، ثم قصد إلى أبي جعفر(عليه السلام)فقال : يا شيخ أمنّا أنت أم من الأمة المرحومة؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): بل من الأمة المرحومة.

فقال : أفمن علمائهم أنت أم من جهّالهم ؟ فقال : لست من جهّالهم، فقال النصراني : أسألك أم تسألني ؟ ؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): سَلْني ، فقال النصراني : يا معشر النصارى، رجل من أمة محمد يقول : سَلْني ، إن هذا لمليء بالمسائل، ثم قال : يا عبد الله، أخبرني عن ساعة ما هي من الليل ولا من النهار أيّ ساعة هي ؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فقال النصراني : فإذا لم تكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار، فمن أي الساعات هي ؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام)من ساعات الجنة(5)، وفيها تفيق مرضانا، فقال النصراني :

ص: 105


1- لعله فعل ذلك لئلا يُعرف .
2- أي اخرجوا عالمهم .
3- كأنهم ربطوا حاجبيه لطولهما المانع من الرؤية، أو لئلا تضر من شعاع الشمس بعد خروجه من ظلمة الغار المازندراني 70/12 . أقول : والأول أنسب لما دل عليه الكلام التالي من أنه قلب عينيه ... الخ والذي يكشف عن أنهما كانتا مكشوفتين وليستا مستورتين .
4- أي أجالهما في الحضور .
5- «الظاهر أن المراد بهذا الخبر أنها ساعة لا تشبه شيئاً من ساعات الليل والنهار بل هي شبيهة بساعات الجنة وإنما جعلها الله في الدنيا ليعرفوا بها طيب هواء الجنة ولطافتها واعتدالها على أنه يحتمل أن يكون(عليه السلام)أجاب السائل على ما يوافق غرضه واعتقاده ومصطلحه مرآة العقول للمجلسي ٢٩٣/٢٥

فأسألك أم تسألني ؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): سَلْني ، فقال النصراني : يا معشر النصارى، إن هذا لمليء بالمسائل، أخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون، اعطني مثلهم في الدنيا ؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): هذا الجنين في بطن أمه يأكل مما تأكل أمه ولا يتغوط، فقال النصراني : ألم تقل : ما أنا من علمائهم ؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): إنما قلت لك ما أنا من جهالهم، فقال النصراني : فأسألك أو تسألني ؟

فقال أبو جعفر(عليه السلام): سَلْني ، فقال : يا معشر النصارى والله لأسألنَه مسألة عن يرتطم فيها كما يرتطم الحمار في الوحل، فقال له : سَلْ، فقال: أخبرني عن رجل دنا من من امرأته فحملت باثنين حملتهما جميعاً في ساعة واحدة وولدتهما في ساعة واحدة، وماتا في ساعة واحدة، ودفنا في قبر واحد عاش أحدهما خمسين ومائة سنة، وعاش الآخر خمسين سنة، مَن هما؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): عُزَيرٌ وعزرة، كانا حملت أمهما بهما على ما وصفت، ووضعتهما على ما وصفت، وعاش عزير وعزرة كذا وكذا سنة ، ثم أمات الله تبارك وتعالى عُزيراً مائة سنة ، ثم بُعث وعاش مع عزرة هذه الخمسين سنة، وماتا كلاهما في ساعة واحدة، فقال النصراني : يا معشر النصارى؛ ما رأيت بعيني قطّ أعلم من هذا الرجل، لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام، ردّوني ، قال : فردّوه إلى كهفه، ورجع النصارى مع أبي جعفر(عليه السلام).

کتاب أبي الحسن موسى(عليه السلام)إلی علی بن سوید

٩٥ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران ،عن محمد بن منصور الخزاعي، عن علي بن سويد، ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع ،عن علي بن سويد، والحسن بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن منصور، عن علي بن سويد قال : كتبت إلى أبي الحسن موسى(عليه السلام)وهو في الحبس كتاباً أسأله عن حاله ،وعن مسائل كثيرة، فاحتبس الجواب عليّ أشهراً، ثم أجابني بجواب هذه نسخته :

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله العلي العظيم، الذي بعظمته(1)ونوره أبصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى مَن في السماوات ومن في

ص: 106


1- الظاهر أن الباء هنا للسببية وكان كل من الإبصار والمعاداة والابتغاء قد وقع عظمته ونوره .

الأرض إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المتضادة، فمصيب ومخطىء، وضالّ ومهتدي، وسميع وأصمُّ، وبصير وأعمى حيران، فالحمد لله الذي عرف(1)ووصف دينَه محمد(صلی الله علیه وآله وسلم).

أما بعد، فإنك امرؤ أنزلك الله من آل محمد بمنزلة خاصة، وحفظ مودة ما استرعاك من دينه، وما ألهمك من رشدك ، وبصّرك من أمر دينك بتفضيلك إياهم وبردّك الأمور إليهم، كتبت تسألني عن أمور كنتُ منها في تقية، ومن كتمانها في سعة، فلما انقضى سلطان الجبابرة، وجاء سلطان ذي السلطان العظيم بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها العتاة على خالقهم، رأيتُ أن أفسّر لك ما سألتني عنه ، مخافة أن تدخل الحيرة على ضعفاء شيعتنا من قبل جهالتهم، فاتق الله عز ذكره ، وخصَّ بذلك الأمر أهله ، واحذر أن تكون سبب بلية على الأوصياء، أو حارشاً عليهم(2)بإفشاء ما استودعتُك، وإظهار ما استكتمتُك، ولن تفعل إن شاء الله .

إن أول ما أنهي إليك أني أنعى إليك نفسي في لياليَّ هذه، غير جازع ولا نادم، ولا شاكّ(3)فيما هو كائن مما قد قضى الله عز وجل وحتم ، فاستمسك بعروة الدين ؛ آلِ محمد، والعروة الوثقى الوصي بعد الوصي، والمسالمة لهم، والرضا بما قالوا، ولا تلتمس دين من ليس من شيعتك، ولا تُحِبَّنَّ دينهم، فإنهم الخائنون الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم، وتدري ما خانوا أماناتهم؟ التَّمِنوا على كتاب الله فحرّفوه وبدّلوه، ودلّوا على ولاة الأمر منهم فانصرفوا عنهم ، فأذاقهم الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون .

وسألت عن رجلين(4)اغتصبا رجلاً(5)مالاً كان ينفقه على الفقراء والمساكين وأبناء السبيل وفي سبيل الله ، فلما اغتصباه ذلك، لم يرضيا حيث غصباه حتى حلاه إياه كرهاً فوق رقبته إلى منازلهما، فلما أحرزاه تولّيا إنفاقه، أيبلغان بذلك كفراً؟ فلعمري لقد نافقا قبل ذلك، وردّا على الله عز وجل كلامه وهزئا برسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وهما الكافران عليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، والله ما دخل قلبَ أحد منهما شيءٌ من الإيمان منذ خروجهما من

ص: 107


1- أي عرف محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)دينه ووصفه للخلق ببيان أحكامه وعقائده وآدابه وحدوده
2- أي مغرياً بهم عدوهم بسبب إفشاء سرهم.
3- شاك : إما بالتشديد، والمعنى أني لا أشك في موافاة الأجل المقدّر منه سبحانه ولا في حقانيته ، أو بالتخفيف من الشكاية .
4- يقصد الأول والثاني
5- يعني علياً (عليه السلام).

حالتيهما(1)، وما ازدادا إلا شكاً، كانا خدّاعين مرتابين، منافقين، حتى توفتهما ملائكة العذاب إلى محل الخزي في دار المقام .

وسألت عمن حضر ذلك الرجل وهو يُغصَب ماله ويوضع على رقبته، منهم عارف ومنكر، فأولئك أهل الردّة الأولى من هذه الأمة، فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

وسألت عن مبلغ علمنا وهو على ثلاثة وجوه : ماضٍ وغابِرٌ(2)وحادث، فأما الماضي فمفسَّر ، وأما الغابر فمزبور، وأما الحادث فقَذْفٌ في القلوب، ونَقّرٌ في الأسماع، وهو أفضل علمنا، ولا نبي بعد نبينا محمد(صلی الله علیه وآله وسلم).

وسألت عن أمهات أولادهم، وعن نكاحهم ، وعن طلاقهم، فأما أمهاتُ أولادهم فهن عواهر إلى يوم القيامة، نكاح بغير ولي، وطلاق في غير عدّة، وأما من دخل في دعوتنا فقد هدم إيمانُه ضلالَه ويقينُه شكَّه .

وسألت عن الزكاة فيهم، فما كان من الزكاة فأنتم أحق به، لأنّا قد أحللنا ذلك لكم من كان منكم وأين كان، وسألت عن الضعفاء، فالضعيف(3)من لم يرفع إليه حجة، ولم يعرف الاختلاف، فإذا عرف الاختلاف فليس بضعيف .

وسألت عن الشهادات لهم، فأقِمْ الشهادة لله عز وجل ولو على نفسك والوالدين والأقربين، فيما بينك وبينهم، فإن خفتَ على أخيك ضَيْماً فلا، وادع إلى شرائط الله عز ذكره بمعرفتنا من رجوتَ إجابته، ولا تَحَصَّنَ بحِصْن رياء، ووال آل محمد ، ولا تقل لِمَا بَلَغَكَ عنّا ونُسِبَ إلينا هذا باطل وإن كنت تعرف منا خلافه، فإنك لا تدري لما قلناه، وعلى أي وجه وصفناه، آمِنْ بما أَخْبْركَ، ولا تُفْش ما استكتمناك من خبرك، إن من واجب حق أخيك أن لا تكتمه شيئاً تنفعه به لأمر دنياه وآخرته، ولا تحقد عليه وإن أساء وأجِبْ دعوته إذا دعاك ، ولا تُخَلَ بينه وبين عدوه من الناس وإن كان أقرب إليه منك، وعُدْهُ في مرضه، ليس من أخلاق المؤمنين الغش، ولا الأذى، ولا الخيانة، ولا الكبر ، ولا الخَنَا، ولا الفحش(4)، ولا الأمر به . فإذا رأيت المشوَّهّ الإعرابي(5)في جَحْفَل جرّار فانتظر فَرَجَكَ ولشيعتك المؤمنين، وإذا انكسفت

ص: 108


1- أي في الجاهلية .
2- أي علم ما سيأتي .
3- أي المستضعف وهو الذي لا يعرف الحق ولا يعانده .
4- الظاهر أن الفحش أعم من الخنا، لأنه يكون في القول والفعل، والخنا إنما يكون في القول فقط .
5- الظاهر أنه المسيح الدجال، وسمي مسيحاً لأنه مسح أحد شقي وجهه. وإنما سمي مشوهاً لدمامة خلقته .

الشمس(1)فارفع بصرك إلى السماء وانظر ما فعل الله عز وجل بالمجرمين، فقد فسّرت لك جُمَلاً مجملاً، وصلى الله على محمد وآله الأخيار .

حدیث نادر فی أبی ذر مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

(2)

٩٦ - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن أيوب، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: أتى أبو ذر رسولَ الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : يا رسول الله ؛ إني قد اجتويت المدينة(3)أفتأذن لي أن أخرج أنا وابن أخي إلى مُزَيْنَة(4) فنكون بها؟ فقال : إني أخشى أن يُغيِرَ عليك خيل من العرب فيقتل ابنُ أخيك فتأتيني شَعِثاً(5)فتقوم بين يدي متكئاً على عصاك فتقول : قتل ابن أخي وأخذ السّرْح (6)، فقال : يا رسول الله ، بل لا يكون إلا خيراً إن شاء الله ، فأذن له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فخرج هو وابن أخيه وامرأته، فلم يلبث هناك إلا يسيراً حتى غارت خيل لبني فزارة فيها عُيَيْنَة بن حصن، فأخذت السرح وقُتِل ابنُ أخيه، وأُخذت امرأته من بني غفار، وأقبل أبو ذر يشتد حتى وقف بين يدي رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وبه طعنة جائفة، فاعتمد على عصاه وقال : صدق الله ورسوله أخذَ السَّرْحُ وقُتل ابن أخي، وقمت بين يديك على عصاي، فصاح رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في المسلمين، فخرجوا في الطلب، فردّوا السرح، وقتلوا نفراً من المشركين .

97 - أبَان ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: نزل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في غزوة ذات الرقاع تحت شجرة على شفير واد، فأقبل سيل فحال بينه وبين أصحابه، فرآه رجل من المشركين، والمسلمون قيام على شفير(7)الوادي ينتظرون متى ينقطع السيل، فقال رجل من المشركين لقومه : أنا أقتل محمداً، فجاء وشدّ(8)على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بالسيف، ثم قال : من

ص: 109


1- إشارة إلى ما تضمنته الروايات من انكساف الشمس وانخساف القمر في غير الزمان المعتاد وهو من علامات ظهور الحجة عجل الله فَرَجَه الشريف .
2- إنما سمي نادراً لأنه شاذ ، أو لأن مضمونه غريب أو لأنه متعلق بشخص معين المازندراني 81/12
3- اجتويت المدينة : أي كرهت المقام بها .
4- مُزينة : تصغير مُزنة وهي واحدة السحاب وجمعها مزن، وهي هنا اسم قبيلة.
5- الشَعَث: انتشار الأمر واغبرار الشعر.
6- السُرح : المال السائم.
7- الشفير : الجانب والحافة .
8- شد عليه : أي حمل عليه .

ينجيك مني يا محمد ؟ فقال : ربي وربك ، فَنَسَفَه(1)جبرئيل(عليه السلام)عن فرسه فسقط على ظهره ،فقام رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) وأخذ السيف وجلس على صدره وقال : من ينجيك مني يا غورث(2)؟ فقال : جودُك وكرمك يا محمد ،فتركه، فقام وهو يقول : والله لأنت خير مني وأكرمُ.

لایقبل الله تعالی عملاً إلا بولایۀ أهل البیت (عليهم السلام)

98 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، (وعلي بن محمد، عن القاسم بن محمد)عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : قال : إن قدرتم أن لا تُعرَفوا فافعلوا، وما عليك إن لم يُثْنِ الناس عليك، وما عليك أن تكون مذموماً عند الناس إذا كنت محموداً عند الله تبارك وتعالى ، إن أمير المؤمنين(عليه السلام)كان يقول : لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين : رجل يزداد فيها كل يوم إحساناً، ورجل يتدارك منيته بالتوبة ، وأنّى له بالتوبة(3)، فوالله أن لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله عز وجل منه عملاً إلا بولايتنا أهل البيت، ألَا ومن عَرَفَ حقنا، أو رجا الثواب بنا، ورضي بقوته نصف مد كل يوم ، وما يستر به عورته، وما اكنّ به رأسه(4)، وهم مع ذلك والله خائفون وَجِلون، ودّوا أنه حظهم من الدنيا، وكذلك وصفهم الله عز وجل حيث يقول :﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ (5)ما الذي آتَوا به، آتَوا والله بالطاعة مع المحبة والولاية، وهم في ذلك خائفون أن لا يقبل منهم ، وليس والله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين، ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصّرين في محبتنا وطاعتنا .

ثم قال : إن قدرت أن لا تخرج من بيتك(6)فافعل، فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تَتَصَنّع ولا تُداهِن .

ثم قال: نعم، صومعة المسلم بيته يكفّ فيه بصره ولسانه ونفسه وفَرْجَه، إن من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله عز وجل قبل أن يظهر شكرها على لسانه، ومن ذهب يرى أن له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين، فقلت له : إنما يرى أن له عليه فضلاً بالعافية إذا رآه مرتكباً للمعاصي ؟ فقال : هيهاتَ هيهاتَ، فلعله أن يكون قد غفر له ما أتى، وأنت موقوف

ص: 110


1- نَسَفَه : أي اقتلعه عن فرسه .
2- هو غورث بن الحارث .
3- هذا بلحاظ ما بعده - يرجع إلى المخالفين.
4- أي ما ستربه رأسه من عمامة أو سقف .
5- المؤمنون / ٦٠ وتتمة الآية :﴿أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾.
6- أي فيما هو غير ضروري لمرمة المعاش وإصلاح المعاد.

محاسب، أما تلوتَ قصة سَحَرَةِ موسى(1)(عليه السلام)ثم قال : كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه، وكم من مُسْتَدْرَج(2)بستر الله عليه، وكم من مفتون بثناء الناس عليه ، ثم قال : إني لأرجو النجاة لمن عرف حقنا من هذه الأمة، إلا لأحد ثلاثة : صاحب سلطان جائر، وصاحب هوى(3)، والفاسق المعلن.

ثم تلا: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾(4)ثم قال : يا حَفْص : الحب أفضل من الخوف، ثم قال : والله ما أحبَ الله من أحب الدنيا ووالى غيرنا، ومن عرف حقنا وأحبنا فقد أحب الله تبارك وتعالى، فبكى رجل ، فقال : أتبكي؟ لو أن أهل السماوات والأرض كلهم اجتمعوا يتضرعون إلى الله عز وجل أن ينجيك من النار ويدخلك الجنة لم يشفعوا فيك (5)،( ثم كان لك قلب حي لكنت أخوف الناس الله عز وجل في تلك الحال)، ثم قال له : يا حَفْص ؛ كن ذَنَباً ولا تكن رأساً(6)، يا حَفْص ؛ قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «من خاف الله كلَّ لسانه»(7).

ثم قال : بينا موسى بن عمران(عليه السلام)يعِظُ أصحابه، إذ قام رجل فشقّ قميصه، فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى قل له : لا تشقّ قميصك، ولكن اشرح لي عن قلبك.

ثم قال : مر موسى بن عمران(عليه السلام)برجل من أصحابه وهو ساجد، فانصرف من حاجته وهو ساجد على حاله ، فقال له موسى(عليه السلام): لو كانت حاجتك بيدي لقضيتها لك، فأوحى الله عز وجل إليه : يا موسى لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبلته حتى يتحوّل عمّا أكره إلى ما أحب .

حدیث رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

99 - علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمير، عن هشام بن سالم وغبره، عن أبي

ص: 111


1- حيث استبدلوا كفرهم بالإيمان ومعصيتهم بطاعة الرحمن فاستحقوا الخلود الأبدي في جنة الرضوان
2- الاستدراج من قبل الله تعالى أنه سبحانه يجدّد النعمة على العبد كلما جَدّد معصيته وينسى التوبة والاستغفار، ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر.
3- أي الذي يعمل برأيه في أحكام الله من دون رجوع إلى أهل البيت(عليه السلام).
4- آل عمران/ 31 .
5- هذا يدل على أن الباكي كان من المخالفين.
6- أي كن تابعاً لأهل الحق ولا تكن إماماً لأهل الباطل.
7- أي منعه من الخوض إلا فيما يرضي الله سبحانه من الذكر مطلقاً وإصلاح ذات البين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ..إلخ .

عبد الله(عليه السلام)قال: ما كان شيء أحب إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)من أن يظل(1)جائعاً خائفاً في الله(2).

١٠٠ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار جميعاً، عن ابن فضّال، عن علي بن عُقبة، عن سعيد بن عمرو الجعفي، عن محمد بن مسلم قال : دخلت على أبي جعفر(عليه السلام)ذات يوم وهو يأكل متكئاً، قال : وقد كان يبلغنا أن ذلك يُكره(3)، فجعلت انظر إليه، فدعاني إلى طعامه، فلما فرغ قال : يا محمد، لعلك ترى أن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ما رأته عين وهو يأكل وهو متكىء من أن بعثه الله إلى أن قَبَضه، ثم قال(4)رد على نفسه فقال : لا والله ما رأته عين يأكل وهو متكىء من والله ما رأته عين يأكل وهو متكىء من أن بعثه الله إلى أن قَبَضه، ثم قال : يا محمد ؛ لعلك ترى أنه شبع من خبز البُر ثلاثة أيام متوالية من أن بعثه الله إلى أن قبضه، ثم رد على نفسه ثم قال : لا والله ما شبع من خبز البُر ثلاثة أيام متوالية منذ بعثه الله إلى أن قبضه، أما إني لا أقول : إنه كان لا يجد ، لقد كان يجيز(5) الرجل الواحد بالمائة من الإبل، فلو أراد أن يأكل لأكَل، ولقد أتاه جبرئيل(عليه السلام) بمفاتيح خزائن الأرض ثلاث مرات يخيّره من غير أن ينقصه الله تبارك وتعالى مما أعد الله له يوم القيامة شيئاً، فيختار التواضع لربه جل وعز، وما سُئِلَ شيئاً قط فيقول : لا ، إن كان أعطى، وإن لم يكن قال : يكون(6)، وما أعطى على الله شيئاً قط إلا سلم ذلك إليه، حتى إن كان ليعطي الرجل الجنة فيسلم الله ذلك ،له ثم تناولني بيده وقال : وإن كان صاحبكم(7) ليجلس جلسة العبد(8)، ويأكل أكلة العبد(9)، ويطعم الناس خبز البر واللحم ويرجع إلى أهله فيأكل الخبز والزيت، وإن كان ليشتري القميص السنبلاني(10)ثم يخيّر غلامه

ص: 112


1- في بعض النسخ: من أن يُصل.
2- والحكمة من ذلك هو أن الجوع يولد صفاء الذهن وحدته وطهارة القلب ورقته وخفّة المؤونة وكثرة الحفظ وسعة الوقت وكل ذلك يؤدي إلى كثرة التفكير بألاء الله واياته مما يزيد القرب منه سبحانه ونيل رضوانه بعد تعميق الخوف منه تعالى.
3- أي الأكل متكئاً
4- من هنا إلى قوله إلى أن ،قبضه زيادة لا توجد في بقية النسخ .
5- أي يعطي الجائزة.
6- أي يوجد عندنا مستقبلا فنعطيك
7- يعني عمياً(عليه السلام).
8- إما إنه يجثو في جلوسه على ركبتيه، أو على إحداهما ويقيم الأخرى. وأما أنه كان يجلس على التراب تواض ما الله سبحانه .
9- كناية عن أكله الجشب من الطعام، كما يوضحه ما بعده.
10- في القاموس : السنبلاني : السابغ الطول، أو منسوب إلى بلد بالروم . والصحيح - بلحاظ فوله بعد -: ويخير غلامه خيرهما القميصين السبلانيين، وهو ما ورد في أمالي الصدوق، ص / ٢٣٢

خيرهما، ثم يلبس الباقي ، فإذا جاز(1)أصابعه قطعه ، وإذا جاز كعبه حذفه ، وما ورد عليه أمران قط كلاهما الله رضى إلا أخذ بأشدّهما على بدنه، ولقد ولي الناس خمس سنين فما وضع آجرة على آجرة ولا لبنة على لبنة، ولا أقطع قطيعة، ولا أورث بيضاء ولا حمراء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطاياه، أراد أن يبتاع لأهله بها خادماً، وما أطاق أحد عمله(2)وإن كان علي بن الحسين(عليه السلام)لينظر في الكتاب من كتب علي(3)(عليه السلام)فيضرب به الأرض ويقول : من يطيق هذا .

فی زهد النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)وأدبه وزهد علی(عليه السلام)

١٠١ - عدة من أصحابنا،عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان قال : حدثني ابن المغيرة قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : إن جبرئيل(عليه السلام)أتى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فخيّره وأشار عليه بالتواضع ، وكان له ناصحاً، فكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يأكل أكلة العبد، ويجلس جِلسة العبد تواضعاً الله تبارك وتعالى، ثم أتاه عند الموت بمفاتيح خزائن الدنيا فقال : هذه مفاتيح خزائن الدنيا، بعث بها إليك ربك ليكون لك ما أقلّت الأرض من غير أن يُنْقصك شيئاً(4)، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «في الرفيق الأعلى»(5).

فیما ناجی الله عزوجل عیسی بن مریم(عليه السلام)

١٠٢ - سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن علي بن عُقبة، عن عبد المؤمن الأنصاري،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «عُرِضَت علي بطحاء مكة ذهباً، فقلت: يا رب لا، ولكن أشبَعُ يوماً وأجوع يوماً، فإذا شبعت حمدتك وشكرتك، وإذا جعت دعوتك وذكرتك» .

حديث عيسى بن مريم(عليه السلام)

(6)

١٠٣ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط ، عنهم(عليهم السلام)قال: فيما وعظ الله عز وجل به عیسی(عليه السلام):

ص: 113


1- أي زاد طول كميه على أصابعه بحيث غطاهما. وكذلك ما بعده.
2- أي في العبادة أو الأعم منها ومن سيرته في السياسة والحكم.
3- أي من كتب تاريخه وسيرته وعمله العبادي.
4- أي من ثوابك ومنزلتك في الآخرة.
5- أي أحب أن أكون في الرفيق الأعلى وهم الملائكة المقربون ، وقيل : الأنبياء والمرسلون. وقيل : هو الله تعالى لأنه رفيق بعباده .
6- رواه الصدوق في الأمالي ، ص ٤١٦. بسنده إلى أبي عبد الله(عليه السلام).

يا عيسى ؛ أنا ربك ورب آبائك، إسمي واحد(1)، وأنا الأحد المتفرد بخلق كل شيء، وكل شيء من صنعي، وكل إليَّ راجعون .

يا عيسى ؛ أنت المسيح بأمري(2)، وأنت تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني، وأنت تحيي الموتى بكلامي، فكن إليّ راغباً ومني راهباً، ولن تجد مني ملجأً إلّا إليَّ .

يا عيسى ؛ أوصيك وصية المتحنن عليك بالرحمة حتى حقت لك مني الولاية بِتَحَرّيكّ(3)مني المسرّة، فبوركت كبيراً وبوركت صغيراً حيث ما كنت، أشهد أنك عبدي، ابن أَمتي، أنزلني من نفسك كهمّك(4)، واجعل ذكري لمعادك(5)، وتقرّب إلي بالنوافل، وتوكل عليَّ أكفِكَ، ولا تتوكل على غيري فأخذ لك(6).

يا عيسى ؛ إصبر على البلاء، وارضَ بالقضاء، وكن كمسرّتي فيك، فإن مسرتي إن أُطاع فلا أُعصى .

يا عيسى ؛ احيي ذكري بلسانك، وليكن ُودّي في قلبك.

يا عيسى ؛ تيقظ في ساعات الغفلة(7)، واحكم لي لطيف الحكمة.

يا عيسى ؛ كن راغباً راهباً، وأمِتْ قلبك بالخشية.

يا عيسى ؛ راع الليل لتحرّي مسرتي ، واظمأ نهارك ليوم حاجتك عندي.

یا عیسی ؛ نافس في الخير جهدَك تُعْرَف بالخير حيثما توجهت .

يا عيسى ؛ احكم في عبادي بنصحي، وقم فيهم بعدلي ، فقد أنزلت عليك(8)شفاءاً لما

ص: 114


1- فلا تركيب فيه لا ذاتاً ولا صفة .
2- قد تكرّر فيه ذكر المسيح(عليه السلام)فسمّي ،به لأنه كان لا يمسح بيده ذا عاهة إلا برىء، وقيل: لأنه كان يمسح الأرض، أي يقطعها وقيل : المسيح الصدّيق ، وقيل : هو بالعبرانية مشيحاً فعرب» الجزري في النهاية ٤ / ٣٢٦ .
3- التحرّي : طلب أحرى الأمرين وأولاهما، والباء للسببية .
4- أي اجعلني قريباً منك كقرب همك من نفسك أو أهتم بأوامري ونواهي كاهتمامك بشؤون نفسك .
5- أي ذخيرة تنفعك عند منقلبك إليَّ .
6- أي أتخلّى عن تأييدك وكفايتك وأكلِكَ إلى من توكلت عليه .
7- أي غفلة الناس وهي ساعة ما قبل طلوع الشمس وساعة ما قبل غروبها ، أو البكرة والأصيل، كما ورد في بعض الآيات، وروي عن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أكثروا ذكر الله في هاتين الساعتين فإنهما ساعتا غفلة . والساعتان من حين تغيب الشمس إلى مغيب الشفق، ومن حين يطلع الفجر إلى حين تطلع الشمس حيث يبث إبليس جنودهما فيهما .
8- يعني الإنجيل .

في الصدور من مرض الشيطان .

يا عيسى ؛ لا تكن جليساً لكل مفتون(1).

يا عيسى ؛ حقاً أقول : ما آمَنَتْ بي خليقة إلا خَشَعَتْ لي ، ولا خَشَعَتْ لي إلا رجت ثوابي، فاشهَدْ أنها آمنة من عقابي ما لم تبدّل أو تغيّر سنّتي .

يا عيسى ابن البكر البتول(2)؛ ابك على نفسك بكاء من ودّع الأهل وقَلى(3)الدنيا وتركها لأهلها، وصارت رغبته فيما عند إلهه .

يا عيسى ؛ كن مع ذلك تُلينُ الكلام وتُفشي السلام، يقظان إذا نامت عيون الأبرار، حذراً للمعاد والزلازل الشداد، وأهوال يوم القيامة حيث لا ينفع أهل ولا ولد ولا مال .

يا عيسى ؛ اكحل عينك بميل الحزن إذا ضحك البطّالون.

يا عيسى ؛ كن خاشعاً صابراً ، فطوبى لك إن نالك ما وُعِدَ الصابرون .

يا عيسى ؛ رح من الدنيا يوماً فيوماً وذق لما قد ذهب طعمه، فحقاً أقول : ما أنت إلا بساعتك ويومك، فُرْح من الدنيا ببلغة، وليكفك الخشن الجشب، فقد رأيت إلى ما تصير، ومكتوب ما أخذت وكيف أتلفت.

يا عيسى ؛ إنك مسؤول فارحم الضعيف كرحمتي إيّاك، ولا تقهر اليتيم .

يا عيسى ؛ إبك على نفسك في الخلوات ، وانقل قدَمَيْكَ إلى مواقيت الصلاة، وأسمِعْني لذاذة نطقك بذكري، فإن صنيعي إليك حسن.

يا عيسى ؛ كم من أُمّة أهلكتها بسالف ذنوب قد عصمتك منها .

یا عیسی ؛ ارفق بالضعيف، وارفع طرفك الكليل إلى السماء وادعُني فإني منك قريب، ولا تدعُني إلا متضرعاً إليّ وهمك هماً واحداً، فإنك متى تدعُني كذلك أُحبْكَ.

يا عيسى ؛ إني لم أرض بالدنيا ثواباً لمن كان قبلك ولا عقاباً لمن انتقمت منه .

يا عيسى ؛ إنك تفنى وأنا أبقى ، ومني رزقك، وعندي ميقات أجَلَلِك ، وإليّ إيابك وعليَّ

ص: 115


1- أي بزخارف الدنيا وزينتها .
2- البتول : المنقطعة عن الرجال، وأيضاً : المنقطعة عن الدنيا إلى الله ، وبلحاظ الأول أصبح إسماً لمريم(عليها السلام)، وبلحاظ الثاني أصبح إسماً لفاطمة(عليها السلام).
3- قَلى : أبغض .

حسابك، فَسَلْني ولا تسأل غيري، فيحسن منك الدعاء ومني الإجابة .

يا عيسى ؛ ما أكثر البشر وأقل عدد من صبر، الأشجار كثيرة وطيبها قليل، فلا يغرَّنَّكَ حسنُ شجرة حتى تذوق ثمرها :

يا عيسى ؛ لا يغرَّنك المتمرد عليَّ بالعصيان، يأكل رزقي ويعبد غيري، ثم يدعوني عند الكرب فأجيبه، ثم يرجع إلى ما كان عليه ،فَعَليَّ يتمرّد أم بسخطي يتعرّض، فبي حلفتُ لأخذَنَّه أخذةً ليس له منها منجا ولا دوني ملجأ، أين يهرب من سمائي وأرضي.

يا عيسى ؛ قل لظَلَمَةِ بني إسرائيل: لا تدعوني والسُّحْتُ(1)تحت أحضانكم(2)والأصنام في بيوتكم، فإني آليتُ أن أجيب من دعاني ، وأن أجعل إجابتي إياهم لعناً عليهم(3)حتى يتفرقوا (4).

يا عيسى ؛ كم أطيل النظر وأحسن الطلب والقوم في غفلة لا يرجعون، تخرج الكلمة من أفواههم، لا تعيها قلوبهم، يتعرّضون لمقتي، ويتحببون بقربي إلى المؤمنين .

يا عيسى؛ ليكن لسانك في السر والعلانية واحداً، وكذلك فليكن قلبك وبصرك، واطْوِ قلبك ولسانك عن المحارم، وكُفَّ بصرك عما لا خير فيه، فكم من ناظر نظرة قد زرعت في قلبه شهوة، ووردت به موارد حياض الهلكة .

يا عيسى ؛ كن رحيماً مترحماً، وكن كما تشاء أن يكون العباد لك، وأكثر ذكر (ك) الموت ومفارقة الأهلين ولا تَلْهُ فإن اللهو يُفسد صاحبه، ولا تغفل فإن الغافل مني بعيد، واذكرني بالصالحات حتى أذكرَك .

يا عيسى؛ تب إليّ بعد الذنب، وذكّر بي الأوّابين(5)، وآمن بي، وتقرّب بي إلى المؤمنين ، ومُرْهم يدعوني معك، وإياك ودعوة المظلوم، فإني آليت على نفسي أن أفتح لها باباً من السماء بالقبول، وأن أجيبه ولو بعد حين .

يا عيسى ؛ اعلم أن صاحب السوء يُعْدي وقرين السوء يُرْدي(6)، واعلم مَن تُقَارِن،

ص: 116


1- السُّحت: الحرام.
2- أحضان: جمع حضن والحضن ما دون الابط إلى الكشح أو الصدر.
3- أي على الظالمين.
4- أي الداعون .
5- أي الراجعين إلى الله بالتوبة والعمل الصالح .
6- أي يهلك من يقارنه .

واختر لنفسك إخواناً من المؤمنين.

يا عيسى، تب إليَّ فإني لا يتعاظمني ذنب أن اغفره وأنا أرحم الراحمين، إعمل لنفسك في مهلة من أجَلِكَ قبل أن لا يعمل لها غيرك ، واعبدني ليوم كألف سنة مما تعدّون، فيه أَجْزي بالحسنة أضعافها، وإن السيئة تُوبِق(1)صاحبها ، فامهد لنفسك في مُهلة، ونافس في العمل الصالح، فكم من مجلس قد نهض أهله وهم مجارون من النار .

يا عيسى ؛ ازهد في الفاني المنقطع ، وَطَأ رسوم(2)منازل من كان قبلك فادْعُهُم وناجِهِم هل تحسّ منهم من أحد، وخذ موعظتك منهم ، واعلم أنك ستلحقهم في اللاحقين .

يا عيسى ؛ قل لمن تمرّد عليَّ بالعصيان وعمل بالأدهان(3): ليتوقع عقوبتي، وينتظر إهلاكي إياه، سَيُصْطَلَم(4)مع الهالكين ، طوبى لك يابن مريم، ثم طوبى لك إن أخذت بأدب إلهك الذي يتحنن عليك ترحماً، وبدأك بالنعم منه تكرّماً ، وكان لك في الشدائد، لا تعصه يا عيسى، فإنه لا يحل لك عصيان، قد عهدت إليك كما عهدت إلى من كان قبلك، وأنا على ذلك من الشاهدين.

يا عيسى ؛ ما أكرمت خليقةً بمثل ديني، ولا أنعمت عليها بمثل رحمتي .

يا عيسى ؛ اغسل بالماء منك ما ظهر، وداو بالحسنات منك ما بطن، فإنك إليَّ راجع .

يا عيسى؛ أعطيتك ما أنعمت به عليك فيضاً(5)من غير تكدير، وطلبت منك قرضاً لنفسك فبخلتَ به(6)عليها لتكون من الهالكين .

يا عيسى ؛ تزيّن بالدين، وحب المساكين، وامش على الأرض هَوْناً، وصلّ على البقاع فكلّها طاهر.

يا عيسى ؛ شمّر، فكل ما هو آت قريب، واقرأ كتابي وأنت طاهر، وأسْمِعْني منك صوتاً حزيناً .

ص: 117


1- تُوبِق : تُهْلِك .
2- رسوم : أي آثار.
3- الإدهان: من المداهنة، وهي أن يظهر الإنسان غير ما يبطن، والمقصود هنا المداهنة : في الدين.
4- أي سيُستأصل
5- أي واسعاً كثيراً .
6- هذا خطاب له ويراد به أمته لأنه(عليه السلام)معصوم منزّه عن القبيح .

یا عیسى ؛ لا خير في لذاذة لا تدوم، وعيش من صاحبه يزول ،يابن مريم ، لو رأت عينك ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك وزهقت نفسك شوقاً إليه، فليس كدار الآخرة دار تجاور فيها الطيبون، ويدخل عليهم الملائكة المقرّبون وهم مما يأتي يوم القيامة من أهوالها آمنون، دار لا يتغيّر فيها النعيم ولا يزول عن أهلها ،يابن مريم ؛ نافس فيها مع المتنافسين فإنها أمنية المتمنّين، حسنة المنظر، طوبى لك يابن مريم إن كنت لها من العاملين مع آبائك آدم وإبراهيم، في جنات ونعيم لا تبغي بها بَدَلاً ولا تحويلاً، كذلك أفعل بالمتقين .

یا عیسی ؛ اهرب إليّ مع من يهرب من نار ذات لهب، ونار ذات أغلال وأنكال، لا يدخلها رَوحٌ ولا يخرج منها غم أبداً، قِطَعٌ كقطع الليل المظلم، من ينج منها يُفزْ، ولن ينجو منها من كان من الهالكين، هي دار الجبارين والعتاة الظالمين وكلّ فظ غليظ، وكل مختال فخور.

يا عيسى ؛ بئست الدار لمن ركن إليها، وبئس القرار دار الظالمين، إني احذّرك نفسك فكن بيخبيراً .

يا عيسى ؛ كن حيث ما كنت مراقباً لي، واشهد عليّ أني خلقتك وأنت عبدي، وأني صورتك وإلى الأرض أهْبِطُك .

يا عيسى ؛ لا يصلح لسانان في فم واحد ولا قلبان في صدر واحد، وكذلك الأذهان.

يا عيسى؛ لا تستيقظنَّ عاصياً، ولا تستنبهنَّ لاهياً، وافطم نفسك عن الشهوات الموبقات ، وكل شهوة تباعدك مني فاهجرها ، واعلم أنك مني بمكان الرسول الأمين، فكن مني على حَذَر، واعلم أن دنياك مؤدّيتك إليّ ، وإني أخذك بعلمي، فكن ذليل النفس عند ذكري، خاشع القلب حين تذكرني ، يقظاناً عند نوم الغافلين .

يا عيسى ؛ هذه نصيحتي إياك وموعظتي لك، فخذها مني وإني رب العالمين .

يا عيسى ؛ إذا صبر عبدي في جنبي كان ثواب عمله عليّ، وكنت عنده حين يدعوني ،وكفا بي منتقماً ممن عصاني، أين يهرب مني الظالمون؟

يا عيسى ؛ أطب الكلام، وكن حيث ما كنتَ عالماً متعلماً .

یا عیسى ؛ أقض بالحسنات إليّ حتى يكون لك ذكرها عندي، وتمسّك بوصيتي فإن نيها شفاءاً للقلوب .

ص: 118

يا عيسى ؛ لا تأمن إذا مكرت مكري ، ولا تنس عند خلوات الدنيا ذكري .

يا عيسى ؛ حاسب نفسك بالرجوع إليّ حتى تنجز ثواب ما عمله العاملون ، أولئك يؤتون أجرهم وأنا خير المؤتين.

یا عیسی ؛ كنت خلقاً بكلامي(1)، ولدتك مريم بأمري المرسل إليها، روحي جبرئيل الأمين من ملائكتي ، حتى قمت على الأرض حياً تمشي ، كل ذلك في سابق علمي .

یا عیسی ؛ زكريا بمنزلة أبيك، وكفيل أمك إذ يدخل عليها المحراب فيجد عندها رزقاً، ونظيرك يحيى من خلقي، وهبته لأمه بعد الكبر من غير قوة بها، أردت بذلك أن يظهر لها سلطاني ويظهر فيك قدرتي ، أحَبُّكُمْ إليّ أطوعُكُم لي، وأشدُّكم خوفاً مني .

يا عيسى ؛ تيقّظ ولا تيأس من رَوحي، وسبّحني مع من يسبّحني، وبطيب الكلام فقدّسني .

يا عيسى؛ كيف يكفر العباد بي ونواصيهم في قبضتي، وتقلّبهم في أرضي، يجهلون نعمتي، ويتولون عدوّي وكذلك يهلك الكافرون .

يا عيسى؛ إن الدنيا سجن منتن الريح ، وَحُسَنَ فيها ما قد ترى مما قد تذابح عليه الجبّارون، وإياك والدنيا فكلّ نعيمها يزول وما نعيمها إلا قليل .

يا عيسى ؛ ابغني عند وسادك تجدْني ، وادعني وأنت لي محب، فإني أسمع السامعين، استجيب للداعين إذا دَعَوْني .

يا عيسى ؛ خَفْني وخوّف بي عبادي، لعل المذنبين أن يمسكوا عمّا هم عاملون به فلا يهلكوا إلا وهم يعلمون .

يا عيسى ؛ ارهبني رهبتك من السبع والموت الذي أنت لاقيه، فكلّ هذا أنا خلقته فإياي فارهبون. يا عيسى؛ إن الملك لي وبيدي وأنا الملك فإن تطعني أدخلتك جنتي في جوار الصالحين .

يا عيسى ؛ إني إذا غضبت عليك لم ينفعك رضى من رضي عنك، وإن رضيت عنك لم يضرّك غضب المغضبين .

ص: 119


1- أي بقولي: كن، فكنت

يا عيسى ؛ اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي(1)، واذكرني في ملائك(2)أذكرك في ملاء خير من ملأ الآدميين(3).

يا عيسى ؛ ادعني دعاء الغريق الحزين الذي ليس له مغيث .

يا عيسى ؛ لا تحلف بي كاذباً فيهتز عرشي غضباً، الدنيا قصيرة العمر طويلة الأمل، وعندي دار خير مما تجمعون .

يا عيسى ؛ كيف أنتم صانعون إذا أخرجت لكم كتاباً ينطق بالحق وأنتم تشهدون ، بسرائر قد كتمتموها، وأعمال كنتم بها عاملين.

يا عيسى ؛ قل لَظَلَمَة بني إسرائيل : غسلتم وجوهكم ودنستم قلوبكم، أبي تغتّرون أم عليّ تجترؤون، تطيبون بالطيب لأهل الدنيا وأجوافكم عندي بمنزلة الجيف المنتنة كأنكم أقوام ميّتون .

يا عيسى ؛ قل لهم : قلّموا أظفاركم من كسب الحرام، وأصمّوا أسماعكم عن ذكر الخَنا، وأقبلوا عليَّ بقلوبكم فإني لست أريد صُوَرَكم(4).

یا عیسى ؛ افرَحْ بالحسنة فإنها لي رضى، وابكِ على السيئة فإنها شَيْن(5)، وما لا تحب أن يصنع بك فلا تصنعه بغيرك، وإن لطم خدك الأيمن فأعطه الأيسر، وتقرّب إليَّ بالمودة جهدَك، وأعرض عن الجاهلين.

يا عيسى ؛ ذل لأهل الحسنة وشاركهم فيها وكن عليهم شهيداً، وقل لَظَلَمَة بني إسرائيل : يا أخدان(6) السوء والجلساء عليه إن لم تنتهوا أمسُحكم قردة وخنازير.

يا عيسى ؛ قل لَظَلَمَة بني إسرائيل : الحكمة تبكي فَرَقاً(7)مني وأنتم بالضحك

ص: 120


1- «أراد به الذكر القلبي وهو عدم الغفلة عنه، وذكره تعالى في نفسه عبارة عن الإكرام وإفاضة الخيرات» المازندراني ١٢ / ١٢٠.
2- الملأ - هنا - جماعة الآدميين.
3- يقصد جماعة الملائكة المقربين .
4- في بعض النسخ: ضرركم، وما في الكتاب أصح على الظاهر.
5- الشَيْن : القبيح والعيب .
6- أي يا أصحاب والخِدن والخدين : الصاحب .
7- « إسناد البكاء إلى الحكمة مجازي لأنها سبه، ويمكن أن يكون بتقدير مضاف، أي: أهل الحكمة. ويمكن أن تُقرأ : تُبكي، من باب الأفعال» مرآة العقول للمجلسي ٣٣٢/٢٥. والفَرَق : الخوف.

تهجرون، أتتكم براءتي أم لديكم أمان من عذابي ، أم تَعَرّضون لعقوبتي، فبي حلفت لأتركنَّكم مثلاً للغابرين .

ثم أوصيك يابن مريم البكر البتول، بسيد المرسلين وحبيبي، فهو أحمد صاحب الجمل الأحمر والوجه الأقمر ، المشرق بالنور، الطاهر القلب، الشديد البأس، الحيي المتكرم، فإنه رحمة للعالمين وسيد ولد آدم يوم يلقاني، أكرم السابقين عليّ وأقرب المرسلين مني، العربي الأمين، الديّان بديني(1)، الصابر في ذاتي، المجاهد المشركين بيده عن ديني أن تخبر به بني إسرائيل وتأمرهم أن يصدّقوا به وأن يؤمنوا به وأن يتّبعوه وأن ينصروه .

قال عيسى(عليه السلام): إلهي من هو حتى أرضيه ؟ فلك الرضا، قال: هو محمد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إلى الناس كافة، أقربهم مني منزلة ، وأحضرهم شفاعة، طوبى له من نبي، وطوبى لأمته إن هم لقوني على سبيله، يحمده أهل الأرض ويستغفر له أهل السماء، أمين ميمون(2)طيب مطيب، خير الباقين عندي، يكون في آخر الزمان، إذا خرج أرخت السماء عَزَاليها، وأخرجت الأرض زهرتها حتى يروا البركة، وأبارك لهم فيما وضع يده عليه ، كثير الأزواج، قليل الأولاد، يسكن بكّة موضع أساس إبراهيم .

يا عيسى ؛ دينه الحنفية، وقبلته يمانية(3)، وهو من حزبي وأنا معه، فطوبى له ثم طوبى له، له الكوثر والمقام الأكبر في جنات عدن، يعيش أكرم من عاش، ويُقبض شهيداً(4)، له حوض أكبر من بكة إلى مطلع الشمس من رحيق مختوم، فيه آنية مثل نجوم السماء، وأكواب مثل مدر الأرض، عذب فيه من كل شراب وطعم كل ثمار في الجنة، من شرب منه شربة لم يظمأ أبداً، وذلك من قسمي له وتفضيلي إياه على فترة بينك وبينه، يوافق سره علانيته، وقوله فعله؛ لا يأمر الناس إلا بما يبدأهم به، دينه الجهاد في عسر ويسر، تنقاد له البلاد ويخضع له صاحب الروم على دين إبراهيم، يسمي عند الطعام ويفشي السلام ويصلّي والناس نيام، له كل يوم خمس صلوات متواليات، ينادي إلى الصلاة كنداء الجيش بالشعار، ويفتتح بالتكبير ويختتم بالتسليم ، ويصفّ قدميه في الصلاة كما تصفّ الملائكة أقدامها، ويخشع لي قلبه ورأسه، النور في صدره والحق على لسانه، وهو على الحق حيثما كان، أصله يتيم، ضالّ برهة من زمانه عما

ص: 121


1- الديّان: القهاّر، المعنى يحملهم على الدخول في دين الله
2- في بعض النسخ: مأمون .
3- قال في النهاية : إنما قال ذلك، لأن الإيمان بدأ من مكة وهي من تهامة وتهامة من أرض اليمن، ولهذا يقال : الكعبة اليمانية .
4- وقد ذكر في البحار أنه(صلی الله علیه وآله وسلم)مات مسموماً بذراع الشاة التي قدمته له اليهودية فراجع ٤٠٦/٨٧ .

یراد به(1)، تنام عيناه ولا ينام قلبه، له الشفاعة وعلى أمته تقوم الساعة، ويدي فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن أوفى بما عاهد عليه أوفيت له بالجنة ، فَمُرَ ظَلَمَةً بني إسرائيل ألا يدرسوا كتبه، ولا يحرّفوا سنّته، وأن يقرؤوه السلام، فإن له في المقام شأناً من الشأن .

يا عيسى ؛ كلما يقرّبك مني فقد دللتك عليه، وكلما يباعدُك مني فقد نهيتك عنه فارتَدْ لنفسك (2).

يا عيسى ؛ إن الدنيا حلوة وإنما استعملتك فيها ، فجانب منها ما حذّرتك، وخذ منها ما أعطيتك عفواً(3).

يا عيسى ؛ انظر في عملك نظر العبد المذنب الخاطىء، ولا تنظر في عمل غيرك بمنزلة الرب، كن فيها زاهداً ولا ترغب فيها فتعطب.

يا عيسى ؛ اعقل وتفكر وانظر في نواحي الأرض كيف كان عاقبة الظالمين .

يا عيسى ؛ كلُّ وصفي لك نصيحة، وكل قولي لك حق، وأنا الحق المبين، فحقاً أقول: لئن أنت عصيتني بعد أن أنبأتك مالك من دوني وليّ ولا نصير .

يا عيسى ؛ أذلّ قلبك بالخشية، وانظر إلى من هو أسفل منك ولا تنظر إلى من هو فوقك، واعلم أن رأس كل خطيئة وذنب هو حب الدنيا ، فلا تحبّها فإني لا أحبها .

يا عيسى ؛ أطِبْ لي قلبك، وأكثر ذكري في الخلوات ، واعلم أن سروري أن تُبَصْبِصَ (4)إليّ ، كن في ذلك حياً ولا تكن ميتاً .

يا عيسى ؛ لا تشرك بي شيئاً، وكن مني على حذر، ولا تغتّر بالصحة وتغبط نفسك، فإن الدنيا كفيء زائل، وما أقبل منها كما أدبر، فنافس في الصالحات جهدك، وكن مع الحق حيثما كان، وإن قطعت وأحرقتَ بالنار، فلا تكفر بي بعد المعرفة فلا تكونن من الجاهلين، فإن الشيء يكون مع الشيء(5).

ص: 122


1- أي من البعثة والوحي .
2- أي أطلب لنفسك ما هو خير لك .
3- العفو: أطيب المال وأحلّه، ويطلق على ما تيسر وسهل متناوله أيضاً .
4- التبصبص : التملق .
5- أي لكل عمل جزاء، وكل شيء يكون مع ما يجانسه فلا تجلس مع الجاهلين تكن منهم، مرآة العقول للمجلسي ٣٤٠/٢٥ .

يا عيسى ؛ صبّ لي الدموع في عينيك، واخشع لي بقلبك .

يا عيسى ؛ استغث بي في حالات الشدة فإني أغيث المكروبين، وأجيب المضطرّين، وأنا أرحم الراحمين.

١٠٤ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحَكَم، عن منصور بن يونس، عن عنبسة ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا استقر أهل النار في النار يفقدونكم فلا يرون منكم أحداً، فيقول بعضهم لبعض:﴿وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ *أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ﴾ قال : وذلك قول الله عز وجل:

﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ »﴾ ، يتخاصمون فيكم فيما كانوا يقولون في الدنيا(1).

حديث إبليس لعنۀ الله

105 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): من أشد الناس عليكم؟ قال : قلت : جُعِلت فداك ؛ كُلُّ(2)، قال : أتدري مم ذاك يا يعقوب؟ قال : قلت : لا أدري جعلت فداك، قال: إن إبليس دعاهم فأجابوه وأمرهم فأطاعوه ودعاكم فلم تجيبوه، وأمركم فلم تطيعوه، فأغرى بكم الناس .

١٠٦ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : إذا رأى الرجل ما يكره في منامه فليتحوّل عن شقّه الذي كان عليه نائماً وليقل : ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾(3)ثم ليقل : «عزت بما عادت به ملائكة الله المقرّبون وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون، من شر ما رأيت ومن شر الشيطان الرجيم» .

دعاء علمۀ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فاطمۀ (عليه السلام)فی رؤیاها التی رأتها

١٠٧ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ،وعلي بن إبراهيم، عن أبيه ، جميعاً، عن ابن محبوب، عن هارون بن منصور العبدي، عن أبي الورد عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) لفاطمة(عليها السلام)في رؤياها التي رأتها(4)، قولي: «أعوذ بما عادت به ملائكة الله

ص: 123


1- لقد مر مثل هذا الحديث هنا فراجع
2- أي كل أعداء الإيمان في مستوى واحد من العداء لنا والشدة علينا .
3- المجادلة / ١٠ . والنجوى المناجاة. وقيل: عنى به مناجاة المنافقين بعضهم بعضاً .
4- روى علي بن إبراهيم في تفسيره قصة رؤيا فاطمة(عليه السلام)هذه في ج ٢ / ٣٥٥ فراجع .

المقربون وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت في ليلتي هذه، أن يصيبني منه سوء أو شيء أكرهه، ثم انقلبي عن يسارك ثلاث مرات».

حديث محاسبة النفس

108 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد، جميعاً، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبد الله : إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئاً إلا أعطاه ، فليأيس من الناس كلهم ولا يكون له رجاء إلا من عند الله عز ذكره، فإذا علم الله عز وجل ذلك من قلبه لم يسأله شيئاً إلا أعطاه ، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا عليها، فإن للقيامة خمسين موقفاً كل موقف مقداره ألف سنة، ثم تلا : ﴿ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾(1).

مثل الناس یوم القیامۀ

109 - وبهذا الإسناد، عن حفص، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال :من كان مسافراً فليسافر يوم السبت، فلو أن حجراً زال عن جبل يوم السبت لردّه الله عز ذكره إلى موضعه، ومن تعذّرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء، فإنه اليوم الذي ألآنَ الله فيه الحديد لدواد(عليه السلام).

110 - وبهذا الإسناد، عن حفص، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : مَثَلُ الناس يوم القيامة إذا قاموا لرب العالمين، مَثَلُ السهم في القُرْب(2)، ليس له من الأرض إلا موضع قدمه، كالسهم الكنانة، لا يقدر أن يزول ههنا ولا ههنا .

حدیث حفص وسجود أبی عبدالله(عليه السلام)

111 - وبهذا الإسناد، عن حفص قال : رأيت أبا عبد الله(عليه السلام)يتخلل بساتين الكوفة ، فانتهى إلى نخلة فتوضأ عندها ثم ركع وسجد ، فأحصيت في سجوده(3)خمسمائة تسبيحة ، ثم استند إلى النخلة فدعا بدعوات، ثم قال : يا (أبا) حفص ؛ إنها والله النخلة التي قال الله جلّ وعز لمريم(عليها السلام):﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾(4).

فی مذمۀ الدنیا

112 - حفص، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : قال عیسی(عليه السلام) : اشتدّت مؤونة الدنيا ومؤونة الآخرة، أما مؤونة الدنيا فإنك لا تمد يدك إلى شيء منها إلا وجدت فاجراً قد سبقك إليها، وأما مؤونة الآخرة فإنك لا تجد أعواناً يعينونك عليها .

ص: 124


1- السجدة / ٥ . مما تعدّون: أي من أيام الدنيا .
2- أي في قرب كل منها من الآخر. وفي بعض النسخ : في القرن : وهو جعبة من جلد تشق وتجعل فيها ال_سهام.
3- يحتمل في كل سجدة من سجوده، كما يحتمل أنه فعل هذا العدد من التسبيح في الجميع .
4- مريم / ٢٥ . وجَنِيًّا: أى مجنيّاً رطباً .
فی ذم شکایۀ المومن حاجته عند الکافر

113 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن يونس بن عمّار قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : أيما مؤمن شكا حاجته وضُره إلى كافر أو إلى من يخالفه على دينه ، فكأنما شكا الله عز وجل إلى عدو من أعداء الله، وأيّما رجل مؤمن شكا حاجته وضره إلى مؤمن مثله كانت شكواه إلى الله عز وجل(1).

حدیث المشرکین مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

١١٤ - ابن محبوب ،عن جميل بن صالح، عن الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن الله عز وجل أوحى إلى سليمان بن داود(عليه السلام)، أن آية موتك أن شجرة تخرج من بيت المقدس يقال لها الخرنوبة قال فنظر سليمان يوما فإذا الشجرة الخرنوبة قد طلعت من بيت المقدس، فقال لها : ما اسمك؟ قالت : الخرنوبة ، قال : فولّى سليمان مُدبراً إلى محرابه ، فقام فيه متكئاً على عصاه، فقبض روحه من ساعته ، قال: فجعلت الجن والإنس يخدمونه ويسعون في أمره كما كانوا وهم يظنّون أنه حي لم يمت، يغدون ويروحون وهو قائم ثابت، حتى دَبَت الأرضَة(2)من عصاه فأكلت منسأته(3)فانكسرت وخر سليمان إلى الأرض فلا تسمع لقوله عز وجل :

﴿ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴾ (4).

إن الله تعالی خلق الجنۀ قبل أن یخلق النار

115 - ابن محبوب، عن جميل بن صالح ، عن سدير ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: أخبرني جابر بن عبد الله أن المشركين كانوا إذا مرّوا برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) حول البيت طأطأ أحدهم ظهره ورأسه هكذا - وغطى رأسه بثوبه - لا يراه رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، فأنزل الله عز وجل :﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾(5).

١١٦ - ابن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إن الله عز وجل خلق الجنة قبل أن يخلق النار، وخلق الطاعة قبل أن يخلق المعصية، وخلق الرحمة قبل الغضب، وخلق الخير قبل الشر، وخلق الأرض قبل السماء، وخلق الحياة

ص: 125


1- «والوجه في ذلك أن المؤمن من حزب الله والشاكى إليه يجعله وسيلة يتوسل به إلى الله سبحانه، والكافر من أعداء الله فالشكاية إليه شكاية عن الله حيث أظهر سره إلى عدوه والأول محمود إلا عند المتوكلين . . . والثاني مذموم شرعاً وعقلاً» المازندراني ١٣٩/١٢ .
2- الأَرَضة : دابة تأكل الخشب .
3- المِنسأة : العصا.
4- سبأ / ١٤
5- هود / ٥ قيل : إن الآية نزلت في طائفة من المشركين قالوا : إذا أرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وطوينا صدورنا على عداوة محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)كيف يعلم ؟ .

قبل الموت وخلق الشمس قبل القمر، وخلق النور قبل الظُّلْمة .

فی قوله تعالی :﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾

117 - عنه، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إن الله خلق الخير يوم الأحد، وما كان ليخلق الشر قبل الخير، وفي يوم الأحد والاثنين خلق الأرضين، وخلق أقواتها في يوم الثلاثاء، وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس، وخلق أقواتها يوم الجمعة، وذلك قوله عز وجل :﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾(1).

118 - ابن محبوب، عن حنان، وعلي بن رئاب، عن زرارة قال : قلت له : قوله عز وجل :﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾(2)قال : فقال أبو جعفر(عليه السلام): يا زرارة، إنه إنما صمد لك ولأصحابك، فأما الآخرون فقد فرغ منهم .

حدیث فیه مدح لزرارۀ بن أعین وأصحابه

119 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعید ،جميعاً، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن عبد الله مسکان ،عن بدر بن الوليد الخثعمي قال : دخل يحيى بن سابور على أبي عبد الله(عليه السلام)ليودعه، فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): أما والله إنكم لعلى الحق، وإن من خالفكم لعلى غير الحق، والله ما أشك لكم في الجنة وإني لأرجو أن يقرّ الله لأعْيُنكم(3)عن قريب.

120 - يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير قال : قلت : جُعِلتُ فداك، أرأيت الرّاد على هذا الأمر(4)فهو كالراد عليكم ؟ فقال : يا أبا محمد، من رد عليك هذا الأمر فهو كالراد على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وعلى الله تبارك وتعالى، يا أبا محمد، إن الميت (منكم) على هذا الأمر شهيد، قال: قلت: وإن مات على فراشه؟ قال: إي والله وإن مات على فراشه حي عند ربه يرزق(5).

١٢١ - يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن حبيب قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : أما والله ما أحد من الناس أحب إليّ منكم ، وإن الناس سلكوا سُبُلاً شتى ،

ص: 126


1- السجدة / ٤ . وقد أشار الحديث إلى أن خيريته تعالى تقتضي إلا يقدم خلق الشر على خلق الخير وابتداء خلق الخير كان يوم الأحد، ومقتضاه أن ابتداء خلق الجميع يوم الأحد فلم يخلق قبله شيء.
2- الأعراف / 17 . والقول حكاية عن إبليس لعنه الله ، والمقصود بالآخرين: المخالفون.
3- في بعض النسخ : بأعينكم ، وكلا الوجهين صحيحان .
4- أي أمر الإمامة .
5- أي له من الثواب والمنزلة ما للشهداء عند ربهم .

فمنهم من أخذ برأيه، ومنهم من اتبع هواه، ومنهم من اتبع الرواية(1)، وإنكم أخذتم بأمر له أصل، فعليكم بالورع والاجتهاد، واشْهَدوا الجنائز، وعودوا المرضى، واحضروا مع قومكم في مساجدهم للصلاة، أما يستحي الرجل منكم أن يَعْرِفَ جارُه حقه ولا يعرف حق جاره .

فضل الشیعۀ، ووصیۀ أبی عبدالله (عليه السلام)لهم

١٢٢ - عنه ، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني قال: قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): يا مالك، أترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفّوا (2)وتدخلوا الجنة؟ يا مالك ؛ إنه ليس من قوم ائتمّوا بإمام في الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلا أنتم ومن كان على مثل حالكم ،يا مالك؛ إن الميت والله منكم على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله .

من مات ولم یکن له إمام مات میته جاهلیۀ

١٢٣ - يحيى الحلبي ، عن بشير الكناسي قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : وَصَلَّتم وقطع الناس، وأحببتم وأبغض الناس، وعرفتم وأنكر الناس وهو الحق، إن الله اتخذ محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)عبداً(3)قبل أن يتخذه نبياً، وإن علياً(عليه السلام)كان عبداً ناصحاً لله عز وجل فنصحه، وأحب الله عز وجل فأحبه، إن حقنا في كتاب الله بيّن، لنا صفو الأموال، ولنا الأنفال، وإنا قرم فرض الله عز وجل طاعتنا، وإنكم تأتمون بمن لا يُعْذَرُ الناس بجهالته، وقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية»، عليكم بالطاعة فقد رأيتم أصحاب علي(عليه السلام)، ثم قال : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال في مرضه الذي توفي فيه: «أُدْعُوا لي خليلي»، فأَرسَلَتَا إلى أبويهما(4)فلما جاء أعرض بوجهه، ثم قال: «أدْعُوا لي خليلي»، فقالا: قد رآنا، لو أرادنا لكلّمنا ، فأرسلتا إلى علي(عليه السلام)، فلما جاء أكبّ عليه يحدثه ويحدثه، حتى إذا فرغ لقياه فقالا : ما حدّثك ؟ فقال : حدّثني بألف باب من العلم يفتح كل باب إلى ألف باب.

إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إذا ذهب من طریق رجع من غیره

١٢٤ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن موسى بن عمر بن بزيع قال : قلت للرضا(عليه السلام): إن الناس رَوَوْا أن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره، فهكذا كان يفعل؟ قال: نعم، فأنا أفعله كثيراً، فافْعَلْه، ثم قال لي : أما إنه أرْزَقُ لك (5).

١٢٥ - سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن محمد بن

ص: 127


1- أي الأخبار المنقولة عن أهل الخلاف والفسق ومن غير طريق أهل البيت(عليهم السلام)وأصحابهم .
2- أي ألسنتكم عن اللغو والباطل وقول السوء .
3- أي عبداً كاملاً فى عبوديته له سبحانه وهذا أعلى مراتب التحرر.
4- يعني أبا بكر والد عائشة وعمراً والدحفصة .
5- أى ذلك موجب لمزيد من الرزق .

الفضيل، عن أبي الحسن الأول(عليه السلام)قال : قلت له : جُعِلْتُ فداك، الرجل من أخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه، فأسأله عن ذلك فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات؟ فقال لي : يا محمد، كذَّب سمعك وبصَرَك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قَسَامة، وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم ،لا تذيعنَّ عليه شيئاً تشينه به وتهدم به مروءته فتكون من الذين قال الله في كتابه :

تکذیب المغتاب وحملُ فعل المومن علی أحسنه

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾(1).

حديث من وُلد في الإسلام

١٢٦ - سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن عبد ربه بن رافع ، عن الحباب موسى ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: من وُلِدَ في الإسلام حراً فهو عربي، ومن كان له عهد فَخَفَرَ(2)في عهده فهو مولى لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، ومن دخل في الإسلام طوعاً فهو مهاجر(3).

عرف الله تعالی نفسه إلی خلقۀ بالکلام والدلالات

127 - علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صَدَقَة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): من أصبح وأمسى وعنده ثلاث(4)فقد تمّت عليه النعمة في الدنيا : من أصبح وأمسى معافاً في بدنه، آمناً في سِرْبِه(5)، عنده قوت يومه، فإن كانت عنده الرابعة فقد تمّت عليه النعمة في الدنيا والآخرة : وهو الإسلام.

128 _ عنه ، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، عن أبيه(عليهم السلام)أنه قال لرجل وقد كلّمه بكلام كثير فقال : أيها الرجل ؛ تحتقر الكلام وتستصغره، إعلم أن الله عز وجل لم يبعث رسله حيث بعثهم ومعهم ذهب ولا فضة، ولكن بعثهم بالكلام، وإنما عَرّف الله جل وعز نفسه إلى خلقه بالكلام، والدلالات عليه والأعلام.

ما خلق الله عزوجل شیئاً إلا وخلق شیئاً یغلبه

١٢٩ _ وبهذا الإسناد قال : قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): ما خلق الله جل وعز خلقاً إلّا وقد أمّر عليه آخر يغلبه فيه، وذلك أن الله تبارك وتعالى لما خلق البحار السفلى فَخَرت وزَخَرَت(6)وقالت : أي

ص: 128


1- النور/ 19 . والإشاعة الإفشاء ،والإذاعة والفاحشة : ما يشتد قبحه من الذنوب، أو الذنب مطلقاً .
2- خَفَر: أي نقض العهد .
3- ) أي له ثواب المهاجر في سبيل الله، وعلى المؤمنين احترامه وتوقيره وأداء حقه .
4- أي ثلاث خصال .
5- السّرْب : الطريق. وقيل : الِّسرب : النفس.
6- أي طَمَت وتملَّات .

شيء يغلبني ، فخلق الأرض فسطحها على ظهرها فذلّت، ثم قال : إن الأرض فَخَرت وقالت : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الجبال فأثبتها على ظهرها أوتاداً من أن تميد بما عليها، فذلّت الأرض واستقرت، ثم إن الجبال فخرت على الأرض فشمخت واستطالت وقالت : أي شيء يغلبني؟ فخلق الحديد فقطعها، فقّرت الجبال وذلت، ثم إن الحديد فَخَرَ على الجبال وقال : أي شيء يغلبني ؟ فخلق النار فأذابت الحديد، فذلّ الحديد، ثم إن النار زَفَرَتْ وَشَهَقَتْ وَفَخَرَتْ وقالت : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الماء فأطفأها، فذلّت، ثم إن الماء فخر وزَخَر وقال : أي شيء يغلبني؟ فخلق الريح فحركت أمواجه وأثارت ما في قعره وحبسته عن مجاريه فذلّ الماء، ثم إن الريح فَخَرَت وعَصَفَتْ وأرخت أذيالها(1)وقالت : أي شيء يغلبني؟ فخلق الإنسان فبنى واحتال واتخذ ما يستتر به من الريح وغيرها، فذلّت الريح ، ثم إن الإنسان طغى وقال : من أشد مني قوة؟ فخلق الله له الموت فقهره فذلّ الإنسان، ثم إن الموت فخر في نفسه فقال الله عز وجل : لا تفخر، فإني ذابحك بين الفريقين: أهل الجنة وأهل النار، ثم لا أحييك أبداً فتُرْجى أو تُخَاف(2)، وقال أيضاً: والحلم يغلب الغضب، والرحمة تغلب السُّخط، والصدقة تغلب الخطيئة، ثم قال أبو عبد الله(عليه السلام): ما أشبه هذا مما قد يغلب غيره .

وصیّۀ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)لرجل استوصاه

١٣٠ - عنه ، عن هارون بن مسلم، عن مَسْعدة بن صَدَقَة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إن رجلا أتى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال له : يا رسول الله أوصني ، فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): فهل أنت مستوص(3)إن أنا أوصيتك، ، حتى قال له ذلك ثلاثاً، وفي كلها يقول له الرجل : نعم يا رسول الله ، فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): فإني أوصيك إذا أنت هممت بأمر فتدبر عاقبته، فإن يَكُ رشداً فأَمْضِهِ وإن يك غياً فانْتَهِ عنه.

أمر النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)بالترحم علی ثلاث

131 - وبهذا الإسناد أن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)قال : «ارحموا عزيزاً ذلّ، وغنياً افتقر، وعالماً ضاع في زمان جهّال»

نهی عن تجسّس عیوب من کان أقبل إلینا بمودته

132 - وبهذا الإسناد قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول لأصحابه يوماً : لا تطعنوا في عيوب من أَقبَلَ إليكم بمودته ، ولا توقفوه(4)على سيئة يخضع لها، فإنها ليست من أخلاق رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ولا من أخلاق أوليائه .

ص: 129


1- هذا استعارة، والمعنى أنها رفعت أذيالها وتبخترت وتكبّرت .
2- أي يكون رجاءً لأهل النار علهم يموتون فينجون من عذاب النار، وخوفاً لأهل الجنة من أن يموتوا فيحرمون النعيم الذي هم فيه يتقلبون .
3- أي متحمل لوصيتي عامل بها .
4- أي لا تطلعوه على نقيصة علمتموها عنه فيكون ذلك سبباً لحطّ شأنه وشعوره بالمهانة بينكم فيذلّ لكم

قال : وقال أبو عبد الله(عليه السلام): إن خير ما ورّث الآباء لأبنائهم الأدب لاالمال، فإن المال يذهب والأدب يبقى، قال مسعدة: يعني بالأدب العلم.

قال : وقال أبو عبد الله(عليه السلام): إن أُجَلْتَ في عمرك يومين فاجعل أحدهما لأدبك لتستعين به على يوم موتك، فقيل له : وما تلك الاستعانة ؟ قال : تحسن تدبير ما تُخَلَّفُ وتُحْكِمُه .

قال : وكتب أبو عبد الله(عليه السلام)إلى رجل : بسم الله الرحمن الرحيم؛ أما بعدُ؛ فإن المنافق يرغب فيما قد سعد به المؤمنون، والسعيد يتعظ بموعظة التقوى، وإن كان يراد بالموعظة لا غيره .

جعل المتعۀ للإمامیۀ عوضاً من الأشربۀ

133 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط قال : أخبرني بعض أصحابنا، عن محمد بن مسلم قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): يابن مسلم، الناس أهل رياء غيركم، وذلّكم إنكم أخفيتم ما يحب الله عز وجل وأظهرتم ما يحب الناس، والناس أظهروا ما يسخط الله عز وجل وأخفَوَا ما يحبه الله، يابن مسلم، إن الله تبارك وتعالى رأف بكم تجعل المتعة(1)عوضاً لكم عن الأشربة .

ما شرط الرضا(عليه السلام)علی المأمون فی قبول ولایۀ العهد

١٣٤ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن معمّر بن خلاد، قال: قال لي أبو الحسن الرضا(عليه السلام)قال لي المأمون: يا أبا الحسن؛ لو كتبت إلى بعض من يطيعك في هذه النواحي التي قد فسدت علينا؟ قال : قلت له : يا أمير المؤمنين، إن وَفَيْتَ لي وَفَيْتُ لك، إنما دخلت في هذا الأمر (2)الذي دخلت فيه على أن لا آمر ولا أنهى ، ولا أُوَلّي ولا أعزل، وما زادني هذا الأمر الذي دخلتُ فيه في النعمة عندي شيئاً، ولقد كنت بالمدينة وكتابي ينفذ في المشرق والمغرب، ولقد كنت أركب حماري وأمرّ في سِكَك المدينة(3)وما بها اعزّ مني، وما كان بها أحد منهم يسألني حاجة يمكنني قضاؤها له إلا قضيتها له، قال: فقال لي : أفِي لَكَ.

بعض حقوق المسلم مع إخوانه

١٣٥ - علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم):« حقٌّ على المسلم إذا أراد سفراً أن يُعلم إخوانه، وحقٌّ على إخوانه إذا قدم أن يأتوه» (4).

ص: 130


1- أي النكاح المؤقت.
2- أي ولاية العهد.
3- أي طرق المدينة .
4- حقٌّ: أي ثابت، وحمله الأصحاب على الاستحباب .

١٣٦ - وبهذا الإسناد قال: قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): «خلّتان كثير من الناس فيهما مفتون(1): الصحة والفراغ ».

النهی عن تعریض الإنسان نفسه للتهمۀ

137 - وبهذا الإسناد قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام): من عَرّض نفسه للتهمة فلا يلومنَّ من أساء به الظن، ومن كتم سره كانت الخِيَرَةُ في يده .

صفۀ نهر فی الجنۀ یقال له: جعفر

138 - الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن شاذان ، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)قال : قال لي أبي : إن في الجنة نهراً يقال له جعفر، على شاطئه الأيمن درّة بيضاء فيها ألف قصر، في كل قصر ألف قصر لمحمد وآل محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، وعلى شاطئه الأيسر درّة صفراء فيها ألف قصر، في كل قصر ألف قصر لإبراهيم وآل إبراهيم(عليه السلام)(2).

النصر مع من أحسن الرعایۀ والحفظ للإسلام

139 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ما التقت فئتان قط من أهل الباطل، إلا كان النصر مع أحسنهما بقية(3)على (أهل) الإسلام .

١٤٠ - عنه ، عن أحمد، عن علي بن حديد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله قال : جُبلَتْ القلوبُ(4)على حُبّ من ينفعها وبغض من أضَرَّ بها.

موعظۀ نافعۀ لعلی بن الحسین(عليه السلام)

١٤١ _ محمد بن أبي عبد الله، عن موسى بن عمران، عن عمه الحسين بن عيسى بن عبد الله، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسى

(عليه السلام)قال : أخذ أبي بيدي ثم قال : يا بني ؛ إن أبي محمد بن علي(عليه السلام)أخذ بيدي كما أخذت بيدك وقال : إن أبي علي بن الحسين(عليه السلام)أخذ بيدي وقال : يا بني إفعل الخير إلى كل من طلبه منك، فإن كان من أهله فقد أصبتَ موضعه، وإن لم يكن من أهله كنت أنتَ من أهله، وإن شتمك رجل عن يمينك ثم تحوّل إلى يسارك فاعتذَرَ إليك فاقْبَلْ عُذْرَه .

كان كل شيء ماءاً وكان عرشه على الماء

١٤٢ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزین ، عن محمد بن مسلم، والحجّال عن العلاء عن محمد بن مسلم قال : قال لي أبو جعفر(عليه السلام):

ص: 131


1- أي ممتحن. «والفتنة فيهما إما لطغيان النفس لأنهما من الأسباب القريبة له أو لترك الشكر عليهما لأنهما من النعماء الجليلة التي يجب الشكر عليها» المازندراني ١٥٧/١٢ .
2- صنف المجلسي في المرآة هذا الحديث في قسم الضعيف
3- أي حفظاً ورعاية .
4- أي خُلِقَت

كان كل شيء ماءاً وكان عرشه على الماء، فأمر الله عز ذكره الماء فاضطرم ناراً، ثم أمر النار فخمدت فارتفع من خمودها دخان، فخلق الله عز وجل السماوات من ذلك الدخان، وخلق الله عز وجل الأرض من الرماد، ثم اختصم الماء والنار والريح فقال الماء: أنا جند الله الأكبر، وقالت النار: أنا جند الله الأكبر، وقالت الريح : أنا جند الله الأكبر، فأوحى الله عز وجل إلى الريح : أنتِ جندي الأكبر(1).

حديث زينب العطّارة

(2)

١٤٣ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن صفوان، عن خَلَف حمّاد، بن عن الحسين بن زيد الهاشمي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : جاءت زينب العطّارة الحولاء إلى نساء النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وبناته، وكانت تبيع منهن العطر، فجاء النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وهي عندهنَّ فقال :« إذا أتيتنا طابت بيوتنا»(3)، فقالت : بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله ، قال : «إذا بعتِ فأحسني، ولا تغشّي، فإنه أَتْقى وأَبْقى للمال»، فقالت : يا رسول الله ، ما أتيت بشيء من بيعي، وإنما أتيت أسألك عن عظمة الله عز وجل، فقال: جل جلال الله ، سأحدثك عن بعض ذلك، ثم قال : إن هذه الأرض بمن عليها عند التي تحتها كحلقة ملقاة في فلاة قِيّ(4)، وهاتان بمن فيهما ومن عليهما عند التي تحتها كحلقة ملقاة في فلاة قِيّ، والثالثة حتى انتهى إلى السابعة وتلا هذه الآية :

﴿ خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾(5). والسبع الأرضين بمن فيهن ومن عليهن على ظهر الديك كحلقة ملقاة في فلاة قِيّ، والديك له جناحان جناح في المشرق وجناح في المغرب ورجلاه في التُّخوم(6)، والسبع والديك بمن فيه ومن عليه على الصخرة كحلقة ملقاة في فلاة قِيّ، والصخرة بمن فيها ومن عليها على ظهر الحوت كحلقة ملقاة في فلاة قِيّ، والسبع والديك والصخرة والحوت بمن فيه ومن عليه على البحر المظلم كحلقة ملقاة في فلاة قِيّ، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم على الهواء الذاهب كحلقة ملقاة في فلاة

ص: 132


1- مر هذا الحديث بعينه متناً وسنداً فيما سبق فراجع رقم ٦٨ تحت عنوان: حديث أهل الشام .
2- وهو حديث غريب دل على كمال قدرة الصانع وعظمته بما يشتمل عليه إجمالاً من نضد العالم السفلي والعلوي ولا يعلم حقيقته وكيفيته إلا صاحب الوحي ومن تجرد عن العلائق الجسمية والعوائق البدنية حتى اتصل بالملأ الأعلى ورأى الأشياء كما هي عليه في نفس الأمر المازندراني ١٥٩/١٢
3- أي برائحة العطر .
4- القِيّ : القفر الخالي .
5- الطلاق / 12 .« استشهد بالآية لما ذكر حيث جعل الأرض سبع طبقات كل طبقة تحتانية أعظم من الفوقانية وهذه الأرض أصغر من الجميع ... المازندراني ١٦٠/١٢ . »
6- التخوم : جمع تخم وهو منتهى كل قرية أو أرض ولعل المراد هنا بها منتهى الصخرة المذكورة فيما يلى.

قِیّ، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء على الثرى كحلقة ملقاة في فلاة قِيّ ، ثم تلا هذه الآية :

﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى﴾(1). ثم انقطع الخبر عند الثرى، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء والثرى بمن فيه ومن عليه عند السماء الأولى كحلقة في فلاة قِيّ، وهذا كله وسماء الدنيا بمن عليها ومن فيها عند التي فوقها كحلقة في فلاة قِيّ، وهاتان السماءان ومن فيهما ومن عليهما عند التي فوقهما كحلقة في فلاة قِيّ، وهذه الثلاث بمن فيهن ومن عليهن عند الرابعة كحلقة في فلاة قِيّ، حتى انتهى إلى السابعة، وهنَّ ومن فيهن ومن عليهن عند البحر المكفوف (2)عن أهل الأرض كحلقة في فلاة قِيّ، وهذه السبع والبحر المكفوف عند جبال البَرَد كحلقة في فلاة قِيّ، وتلا هذه الآية :

﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ﴾(3)وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البَرَد عند الهواء الذي تحار فيه القلوب كحلقة في فلاة قِيّ، وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البَرَد والهواء عند حُجب النور كحلقة في فلاة قَيّ، وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البَرَد والهواء وحُجُب النور عند الكرسيّ كحلقة في فلاة قِيّ، ثم تلا هذه الآية :

﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾(4) وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البَرَد والهواء وحُجُبُ النور والكرسيّ عند العرش كحلقة في فلاة قِيّ، وتلا هذه الآية :

﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾(5). وفي رواية الحسن : الحُجُب قبل الهواء الذي تحار فيه القلوب .

حديث الذي أَضَافَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بالطائف

(6).

حمل عظام یوسف(علیه السلام)وخبر عجوز بنی إسرائیل

١٤٤ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن يزيد

ص: 133


1- طه/٦. والثرى : كل شيء مبتلّ، وقيل : سبع أرضين .
2- أي المحجور عن أن يطغى بمائه على أهل الأرض وغيرهم .
3- النور/ ٤٣.
4- البقرة/ ٢٥٥ .
5- طه /5 . واستوى استولى بالقدرة وتسلّط .
6- « الظاهر من سياق الحديث أن هذه الضيافة كانت قبل بعثته(صلی الله علیه وآله وسلم)، وأن قدوم الرجل عليه كان بعد قوة الإسلام وكثرة الغنائم» المازندراني ١٦٣/١٢ .

الكناسي، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: إن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)كان نزل على رجل بالطائف قبل الإسلام فأكرمه، فلما أن بعث الله محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)إلى الناس قيل للرجل : أتدري من الذي أرسله الله عز وجل إلى الناس؟ قال : لا ، قالوا له : هو محمد بن عبد الله يتيم أبي طالب، وهو الذي كان نزل بك بالطائف يوم كذا وكذا فأكرمتَه ، قال : فقدم الرجل على رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فسلّم عليه وأسلم، ثم قال له: أتعرفني يا رسول الله ؟ قال : ومن أنت؟ قال: أنا رب المنزل الذي نزلت به بالطائف في الجاهلية كذا وكذا فأكرمتك، فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «مرحباً بك، سَلْ يوم حاجتك»، فقال : أسألك مأتي شاة برعاتها، فأمر له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بما سأل، ثم قال لأصحابه : «ما كان على هذا الرجل أن يسألني سؤال عجوز بني إسرائيل لموسى(عليه السلام)»، فقالوا : وما سألت عجوز بني إسرائيل لموسى ؟ فقال :« إن الله عز ذكره أوحى إلى موسى أن أحمل عظام يوسف(1)من مصر قبل أن تخرج منها إلى الأرض المقدسة بالشام، فسأل موسى عن قبر يوسف(عليه السلام)فجاءه شيخ فقال : إن كان أحد يعرف قبره ، ففلانة فأرسل موسى(عليه السلام) إليها، فلما جاءته قال : تعلمين موضع قبر يوسف(عليه السلام)؟ قالت نعم قال : فدلّيني عليه ولك ما سألت، قالت : لا أدلك عليه إلّا بحُكْمى ، قال : فلك الجنة ، قالت : لا ، إلا بحكمي عليك، فأوحى الله عز وجل إلى موسى : لا يكبر عليك أن تجعل لها حكمها، فقال لها موسى: فلك حكمك، قالت : فإن حكمي أن أكون معك في درجتك التي تكون فيها يوم القيامة في الجنة، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «ما كان على هذا لو سألني ما سألت عجوز بني إسرائيل».

١٤٥ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله سنان، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : كانت امرأة من الأنصار تودّنا أهل البيت، وتكثر التعاهد لنا، وإن عمر بن الخطاب لقيها ذاتَ يوم وهي تريدنا فقال لها : أين تذهبين عجوزَ الأنصار؟ فقالت : أذهب إلى آل محمد أسلَم عليهم، أسلم عليهم، وأجدّد بهم عهداً، وأقضي حقّهم ، فقال لها عمر : ويلك ، ليس لهم اليوم حق عليك ولا علينا إنما كان لهم حق على عهد رسول الله(2)(صلی الله علیه وآله وسلم)، فأما اليوم فليس لهم حق فانصرفي، فانصرفت حتى أتت أم سَلَمَة، فقالت لها أم سلمة : ماذا أبطأ بك عنا؟ فقالت : إني لقيت عمر بن الخطاب، وأخبرتها بما قالت لعمر وما قال لها عمر ، فقالت لها أم سلمة : كذب، لا يزال حق آل محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)واجباً على المسلمين إلى يوم القيامة.

ص: 134


1- أي جسد يوسف(عليه السلام)لأن أجساد الأنبياء لا تبلَى.
2- «أعترف بأنه كان لهم حق على عهد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فيقال له : ذلك الحق أن كان لأجل القرابة فهي باقية بعده، وإن كان لأجل فضلهم وكمالاتهم فهي أيضاً كانت باقية بعده، فبأي شيء بطل حقهم بعده؟». المازندراني ١٦٥/١٢ .
تأویل قول تعالی :﴿ويستبشرون بالذين لم يلحقوا...الآیۀ﴾

١٤٦ -ابن محبوب، عن الحارث بن محمد بن النعمان ،عن بريد العجلي قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن قول الله عز وجل :﴿ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾(1)قال: هم والله شيعتنا، حين صارت أرواحهم في الجنة، واستقبلوا الكرامة من الله عز وجل ،علموا واستيقنوا أنهم كانوا على الحق وعلى دين الله عز وجل، واستبشروا بمن لم يلحق بهم من إخوانهم من خَلْفهم من المؤمنين ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

تفسیر قوله تعالی:﴿فيهِنَّ خَيْراتُ حِسان﴾

١٤٧ -عنه ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب الحلبي قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن قول الله عز وجل : ﴿فيهِنَّ خَيْراتُ حِسان﴾ (2)قال : من صوالح المؤمنات العارفات، قال: قلت: ﴿حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ﴾(3)؟ قال : الحور هنّ البيض المضمومات المخدرات في خيام الدر والياقوت والمرجان ،لكل خيمة أربعة أبواب، على كل باب سبعون كاعباً(4)حجاباً لهن، ويأتيهن في كل يوم كرامة من الله عز ذكره ليبشِّر الله عز وجل بهن المؤمنين .

للشمس ثلاثمأئۀ وستون برجاً

١٤٨ _ علي بن إبراهيم، وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً، عن محمد بن عيسى، عن أبي الصباح الكناني، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام): إن للشمس ثلاثمائة وستين برجاً ، كل برج منها مثل جزيرة (5)من جزائر العرب، فتنزل كل يوم على برج، فإذا غابت انتهت إلى حدّ بطنان العرش، فلم تزل ساجدة إلى الغد، ثم تُرَدّ إلى موضع مطلعها ومعها ملكان يهتفان معها، وإن وجهها لأهل السماء وقفاها لأهل الأرض، ولو كان وجهها لأهل الأرض لاحترقت الأرض ومن عليها من شدّة حرّها، ومعنى سجودها ما قال سبحانه وتعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ﴾(6).

نهی أبی جعفر(عليه السلام)جابر الجعفی عن إفشاء سبعین حدیثاً علّمه

149 - عدّة من أصحابنا ،عن صالح بن أبي حماد، عن إسماعيل بن مهران، عَمّن حدثه عن جابر بن يزيد قال : حدثني محمد بن علي(عليه السلام)سبعين حديثاً لم أحدّث بها أحداً

ص: 135


1- آل عمران / 170 .
2- الرحمن / 70 و 72 . وخيرات حسان أي خيّرات الأخلاق حسان الوجوه .
3- الرحمن / 70 و 72 . وخيرات حسان أي خيّرات الأخلاق حسان الوجوه .
4- الكاعب: هي المرأة حين يبدو ثدياها للنهود، والجمع كواعب.
5- في هذا التعبير كناية عن سعة البرج .
6- الحج / ١٨.

قط، ولا أحدّث بها أحداً أبداً ، فلما مضى محمد بن علي(عليه السلام)، ثَقُلَت على عُنُقي وضاق بها صدري ، فأتيت أبا عبد الله(عليه السلام) فقلت : جُعِلتُ فداك، إن أباك حدثني سبعين حديثاً لم يخرج مني شيء منها، ولا يخرج شيء منها إلى أحد، وأمرني بسترها ، وقد ثقُلت على عنقي وضاق بها صدري، فما تأمرني ؟ فقال : يا جابر إذا ضاق بك من ذلك(1)شيء فاخرج إلى الجبّانة(2) واحتفر حفيرة ثم دَلَّ رأسك فيها وقل : حدثني محمد بن علي بكذا وكذا، ثم طمّه ، فإن الأرض تستر عليك، قال جابر : ففعلت ذلك فخفّ عني ما كنت أجده .

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران مثله .

١٥٠ - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن صفوان بن يحيى، عن الحارث بن المغيرة ، قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): لأخذنَّ البريء منكم بذنب السقيم، ولم لا أفعل، ويبلغكم عن الرجل ما يشينكم ويشينني فتجالسونهم وتحدثونهم، فيمر بكم المار فيقول : هؤلاء شرّ من هذا، فلو أنكم إذا بلغكم عنه ما تكرهون زبرتموهم(3)ونهيتموهم كان أبرَّ بكم وبي .

١ ١٥ - سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان ،عن عبد الله بن المغيرة ،عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قوله تعالى :

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾(4)قال : كانوا ثلاثة أصناف : صنف ائتَمِروا وأَمَرُوا فنجَوا، وصنف ائتمروا ولم يأمروا فَمُسِخوا ذراً، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا .

١٥٢ _ عنه ، عن علي بن أسباط ، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال : كتب أبو عبد الله(عليه السلام)إلى الشيعة: ليعطفنَّ ذوو السن منك والنُّهى(5)على ذوي الجهل وطلّاب الرئاسة، أو لتصيبنكم لعنتي أجمعين.

١٥٣ -محمد بن أبي عبد الله، ومحمد بن الحسن، جميعاً، عن صالح بن أبي حمّاد، عن أبي جعفر الكوفي، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إن الله عز وجل جعل الدين دولتين دولة لآدم(عليه السلام)ودولة لإبليس، فدولة آدم هي دولة الله عز وجل، فإذا أراد الله عز وجل أن

ص: 136


1- أي من كتمان ما أؤتمنت عليه من سرّ .
2- الجبّانة : المصلى في الصحراء. وقد تطلق على المقبرة، ربما لأن المصلّى يكون فيها غالباً .
3- أي زجر تموهم .
4- الأعراف/ ١٦٥
5- عطف عنه : أي مال وانصرف بوجهه عنه، والنُهى : جمع النهية وهي العقل.

يُعْبَد علانية أظهر دولة آدم ،وإذا أراد الله أن يُعْبَدَ سراً كانت دولة إبليس، فالمذيع لما أراد الله ستره مارق من الدين(1).

حديث الناس يوم القيامة

١٥٤ - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان، عن عمرو بن شمر . عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال يا جابر: إذا كان يوم القيامة ، جَمَعَ الله عز وجل الأولين : والآخرين لفَصْل الخطاب، دُعي رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، ودُعي أمير المؤمنين(عليه السلام)، فيُكْسى رسول الله حُلّة(2)(صلی الله علیه وآله وسلم)خضراء تضيء ما بين المشرق والمغرب، ويكسى علي(عليه السلام)مثلها، ويكسى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)حلة وردية يضيء لها ما بين المشرق والمغرب، ويكسى علي(عليه السلام)مثلها ، ثم يصعدان عندها، ثم يدعى بنا فيدفع إلينا حساب الناس، فنحن والله ندخل(3)أهل الجنةِ الجنةَ وأهلَ النارِ النارَ ، ثم يُدعى بالنبيين(عليهم السلام)فَيُقامون صفَّين عند عرش الله عز وجل حتى نفرغ من حساب الناس، فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النّار، بعث رب العزة علياً(عليه السلام)فأنزلهم منازلهم من الجنة وزوّجهم ،فعلي والله الذي يزوّج أهل الجنة في الجنة وما ذاك إلى أحد غيره ، كرامةً من الله عز ذكره وفضلاً فضّله الله به ومنَّ به عليه، وهو والله يُدْخِلُ أهل النار النار(4)، وهو الذي يغلق على أهل الجنة إذا دخلوا فيها أبوابها ، لأن أبواب الجنة إليه، وأبواب النار إليه .

١٥٥ - علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة، عن أبي عبد الله :(عليه السلام)قال : سمعته يقول : خالِطوا الناس، فإنه إن لم ينفعكم حب علي وفاطمة(عليهم السلام)في السر، لم ينفعكم في العلانية(5).

١٥٦ - جعفر، عن عنبسة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إياكم وذكر علي وفاطمة(عليهم السلام)،

ص: 137


1- أي خارج منه ، ولذا سمّي الخوارج مارقة .
2- الحلّة :عبارة عن ثوبين من صنف واحد، وجمعه حُلل .
3- وذلك لأنه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه بولايته لهم ولا يدخل النار إلا من انكرهم وعرفوه بإنكاره حقهم(عليه السلام)ووالى في الدنيا مغتصبي هذا الحق .
4- وقد ورد من طرق العامة والخاصة أنه(عليه السلام)قسيم الجنة والنار .
5- « وأراد بالناس من أنكر حرمتهما أو أبغضهما وأبغض أولادهما الطاهرين وشيعتهم وكره استماع فضائلهم وتقدمهم على الأمة كلهم، ولما كانت مخالطتهم توجب اخفاء محبتهم وسترها خوفاً منهم أمر بالمخالطة دفعاً لضررهم بتركها وعلل بأن المحبة أمر قلبي لا تنافي المخالطة وأن تلك المحبة القلبية هي النافعة إذ لو لم تنفع، لم تنفع المحبة العلنية اللسانية إذ نفع هذه فرع لنفع تلك ....» المازندراني 172/12

فإن الناس(1)ليس شيء أبغض إليهم من ذكر علي وفاطمة(عليهم السلام):

١٥٧ - جعفر، عن عنبسة، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إن الله عزّ ذِكْره إذا أراد فناء دولةِ قَوْمٍ أمر الفَلَكَ فأسرع السير فكانت على مقدار ما يريد.

حدیث سلیمان بن خالد مع أبی عبدالله(عليه السلام)فی الزیدیۀ

١٥٨ - جعفر بن بشير، عن عمرو بن عثمان، عن أبي شبل قال : دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبد الله(عليه السلام)، فقال له سليمان بن خالد: إن الزيدية قوم قد عرفوا وجرّبوا وشهرهم الناس، وما في الأرض محمدي أحب إليهم منك ، فإن رأيتَ أن تدنيَهم وتقرّبهم منك فافعل، فقال يا سلیمان بن خالد، إن كان هؤلاء السفهاء يريدون أن يصدّونا عن علمنا إلى جهلهم(2)فلا مرحباً بهم ولا أهلاً، وإن كانوا يسمعون قولنا وينتظرون أمرنا(3)فلا بأس.

١٥٩ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عمن ذكره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : انقطع شِسْع(4)نعل أبي عبد الله وهو في جنازة ، فجاء رجل بشسعه لِيُناوِلَه فقال : أمسِك عليك شِسْعَك، فإن صاحب المصيبة(5)أوْلى بالصبر عليها.

١٦٠ - سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عمن ذكره، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : الحجامة في الرأس هي المغيثة، تنفع من كل داء(6)إلا السّام وَشَبَرَ(7)من الحاجبين إلى حيث بلغ أبهامه، ثم قال: ههنا .

لم سُمّی المؤمن مؤمناً(عليه السلام)

١٦١ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد، عن رفاعة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال : أتدري يا رفاعة لم سمّي المؤمن مؤمناً؟ قال : قلت : لا أدري ، قال : لأنه يؤمن على الله عز وجل فيجيز (الله) له أمانه(8).

الناصب لا یبالی صلّی أم زنا

١٦٢ _ عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن حنان، عن أبي عبد

ص: 138


1- يعني بالناس : المخالفين لأهل البيت(عليهم السلام).
2- باستعجالهم الأمر بخروجهم بالسيف.
3- وهو خروج الإمام الحجّة عجّل الله فَرَجه .
4- الشيع : هو سيور النعل الذي يكون بين إصبعي القدم.
5- المصيبة : - مطلقاً - كل ما يثقل على النفس تحمّله ، والمراد بها هنا ، انقطاع شسع نعله(عليه السلام)وهو في تلك الحال من التشييع .
6- أي كل داء مما يختص بالدم.
7- شَبر: أي قاسه بِشبر يده
8- أراد بالمؤمن، المؤمن الكامل الإيمان.

الله (عليه السلام)أنه قال : لا يُبالى الناصب صلّى أم زنا، وهذه الآية نزلت فيهم : ﴿«عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ *تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ﴾(1).

من لم یوال علیاً(عليه السلام)

١٦٣ - سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن مرازم، ويزيد بن حمّاد، جميعاً، عن عبد الله بن سنان فيما أظن(2)، عن أبي عبد الله (عليه السلام)أنه قال: لو أن غير ولي علي(عليه السلام)أتى الفرات وقد أشرف ماؤه على جنبيه وهو يزخ زخيخاً(3)فتناول بكفه وقال بسم الله ، فلما فرغ قال : الحمد الله ، كان(4)دماً مسفوحاً، أو لحم خنزير.

مدح بالغ لزید بن علی بن الحسین

١٦٤ - علي بن إبراهيم ،عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل ذكره، عن سليمان بن خالد قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): كيف صنعتم بعمّي زيد؟ قلت: إنهم كانوا يحرسونه، فلما شفَّ الناس أخذنا جثته فدفناه في جُرْفٍ على شاطىء الفرات، فلما أصبحوا جالت الخيل يطلبونه فوجدوه فأحرقوه، فقال : أفلا أو قرتموه حديداً وألقيتموه في الفرات، صلى الله عليه ولعن الله قاتله(5).

هلاک بنی أمیۀ بعد زید بن علی بن الحسین(عليه السلام)

١٦٥ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن الحسن بن علي الوشّاء، عمن ذكره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن الله عز ذكره أذن في هلاك بني أمية بعد إحراقهم زيداً بسبعة أيام.

١٦٦ - سهل بن زياد عن منصور بن العباس عمن ذكره ، عن عبيد بن زرارة، عن أبي ،عبد الله(عليه السلام)قال : إن الله جل ذكره ليحفظ من يحفظ صديقه .

إیاب الخلق إلیهم وحسابهم علیهم(عليهم السلام)

١٦٧ - سهل بن زياد، عن ابن سنان، عن سعدان، عن سماعة قال : كنت قاعداً مع أبي الحسن الأول(عليه السلام)والناس في الطواف في جوف الليل، فقال : يا سماعة ؛ إلينا إياب هذا الخلق وعلينا حسابهم، فما كان لهم من ذنب بينهم وبين الله عز وجل حتمنا على الله في تركه لنا فأجابنا إلى ذلك، وما كان بينهم وبين الناس استوهبناه منهم وأجابوا إلى ذلك ، وعَوَّضَهُمْ الله عزّ وجَلَّ .

١٦٨ - سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن سليمان المسترق، عن صالح

ص: 139


1- الغاشية / ٣ و ٤ . وناصبة : تعِبَةٌ في النار. لعل المراد أن صلاته غير نافعة له أو أن صلاته أيضاً معصية كالزنا لأن الصلاة الفاقدة لبعض شرائط صحتها معصية يعذب بها صاحبها كما يعذب من صلى بغير طهارة ... المازندراني ١٧٤/١٢.
2- هذا التظني من الراوي .
3- زخّه يزخّه زخيخاً: أي رفعه بيده.
4- وإنما كان بمنزلة الدم أو لحم الخنزير لأنه بالنسبة لغير الموالي لهم(عليه السلام)مغصوب إذ هم قد أباحوه لشيعتهم فقط
5- وقد دل الحديث على مدح زيد(عليه السلام)ورضا المعصوم(عليهم السلام)عنه .

الأحول قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : آخا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بين سلمان وأبي ذر، واشترط على أبي ذر أن لا يعصي سلمان(1).

وجوب الإجتناب عن فاعل المنکر

١٦٩ - سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن خطاب بن محمد، عن الحارث بن المغيرة قال : لقيني أبو عبد الله(عليه السلام)في طريق المدينة فقال : من ذا أَحَارث؟ قلت: نعم، قال: أما لأحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم، ثم مضى، فأتيته فاستأذنت عليه فدخلت فقلت: لقيتني فقلت : لأحملنَّ ذنوب سفهائكم على علمائكم ، فدخلني من ذلك أمر عظيم، فقال: نعم، ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهون وما يدخل علينا به الأذى أن تأتوه فتؤنبوه وتَعْذِلوه(2)وتقولوا له قولاً بليغاً؟ فقلت (له) : جُعِلْتُ فداك، إذاً لا يطيعونا ولا يقبلون منا ؟ فقال : اهجروهم واجتنبوا مجالسهم(3).

إن الله يعذب الستة بالستة

170 - سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عقبة، عن سيّابة بن أيوب، ومحمد بن الوليد، وعلي بن أسباط، يرفعونه إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)قال : إن الله يعذب الستة بالستة : العربَ بالعصبية، والدهاقين بالكِبْر، والأمراء بالجور، والفقهاء بالحسد، والتجار بالخيانة، وأهل الرساتيق بالجهل(4).

أحب الأشیاء ألی رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

171 - علي بن إبراهيم، عن أبيه ،عن ابن أبي عمير، عن هشام وغيره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ما كان شيء أحب إلى رسول الله

(صلی الله علیه وآله وسلم)من أن يظل خائفاً جائعاً خائفاً جائعاً في الله عز وجل(5).

172 - علي، عن أبيه ، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، وحفص بن البختري ، وسَلَمَة بيّاع السابريّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان علي بن الحسين(عليه السلام)إذا أخذ كتاب علي(عليه السلام)فنظر فيه قال : من يطيق هذا، من يطيق ذا؟ قال : ثم يعمل به، وكان إذا قام إلى الصلاة تغير لونه حتى يُعْرف ذلك

ص: 140


1- دل الحديث على أفضلية سلمان الفارسي، ولزوم عدم تقدم المفضول على الفاضل فيكون إرشاداً إلى حكم العقل بذلك.
2- العَذْل: الملامة .
3- دل الحديث على لزوم هجر العاصي بعد أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وعدم إئتماره وعدم انتهائه .
4- الرساتيق : جمع رستاق وهو الناحية التي هي طرف الإقليم، والمقصود بالجهل الجهل بالأحكام الشرعية والآداب الإلهية فسكان الرساتيق كالأعراب .
5- مر هذا الحديث بعينه فيما سبق من الكتاب فراجع

في وجهه، وما أطاق أحد عمل علي(1)(عليه السلام)من ولده من بعده إلا علي بن الحسين(عليه السلام).

سیره علی(عليه السلام) وزهد وأن ولیّه لایأکل الحرام

173 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان ،عن الحسن الصيقل قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : إن ولي علي(عليه السلام)لايأكل إلا الحلال، لأن صاحبه كان كذلك ، وإن ولي عثمان لا يبالي أحَلَالاً أكل أو حراماً لأن صاحبه كذلك ، قال : ثم عاد إلى ذكر علي(عليه السلام)فقال : أَمَا والذي ذهب بنفسه، ما أكل من الدنيا حراماً، قليلاً ولا كثيراً حتى فارقها، ولا عرض له أمران كلاهما الله طاعة إلا أخذ بأشدّهما على بدنه، ولا نزلت برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)شديدة قطّ إلا وجَّهَهُ فيها ثقةً به ،ولا أطاق أحد من هذه الأمة عمل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بعده غيُره، ولقد كان يعمل عمل رجل كأنه ينظر إلى الجنة والنار، ولقد أعتق ألف مملوك من صُلْب ماله كل ذلك تَحْفى فيه يداه(2)، وتعرّق جبينه التماس وجه الله عز وجل والخلاص من النار، وما كان قوته إلّا الخلّ والزيت وحلواه التمر إذا وجده ، وملبوسه الكرابيس(3)، فإذا فضل عن ثيابه شيء دعا بالجَلَم(4)فجزه .

کراهیۀ أکل الطعام الحارّ وآکل التمر علی الطعام

١٧٤ - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن الحسن بن علي، عن يونس بن يعقوب، عن سليمان بن خالد، عن عامل كان لمحمد بن راشد قال: حضرت عشاء جعفر بن محمد(عليه السلام)في الصيف، فأُتيَ بخوان عليه خبز، وأُتيَ بجفنة فيها ثريد ولحم تفور، فوضع يده فيها فوجدها حارة ثم رفعها وهو يقول : نستجير بالله من النار، نعوذ بالله من النار، نحن لا نقوى على هذا فكيف النار، وجعل يكرر هذا الكلام حتى أمكنت القصعة فوضع يده فيها ووضعنا أيدينا حين أمكَنَتْنا فأكل وأكلنا معه، ثم إن الخوان رُفع فقال : يا غلام ؛ ائتنا بشيء، فاُتي بتمر في طبق، فمددت يدي فإذا هو تمر، فقلت : أصلحك الله ، هذا زمان الأعناب والفاكهة؟ قال: إنه تمر، ثم قال: ارفع هذا وائتنا بشيء، فأتي بتمر، فمددت يدي، فقلت: هذا تمر؟ فقال : إنه طيّب .

١٧٥ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحَكَم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ما أكل رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)متكئاً منذ بعثه الله عز وجل إلى أن

ص: 141


1- أي عمل علي في العبادة والزهد والتقشف .
2- الحفا: رقة القدم والخف والحافر من كثرة المشي ورقه اليد من كثرة العمل، وهو كناية هنا عن الاجتهاد في العمل وكناية عن المبالغة في الجهد.
3- جمع كرباس : وهو الثوب الخشن، فارسي معرب .
4- الجَلم : المقراض أو المقصّ.

قبضه تواضعاً الله عز وجل وما رأى ركبتيه(1)أمام جليسه في مجلس قط، ولا صافح رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)رجلاً قط فنزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده، ولا كافأ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بسيئة قط، قال الله تعالى له : ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾(2)، ففعل، وما منع سائلاً قط ، إن كان عنده أعطى وإلا قال : يأتي الله به ، ولا أعطى على الله عز وجل شيئاً قط إلا أجازه الله، إن كان ليعطي الجنة فيجيز الله عز وجل له ذلك ، قال : وكان أخوه(3)من بعده ، والذي ذهب بنفسه ، ما أكل من الدنيا حراماً قط حتى خرج منها ،والله إن كان ليعرض له الأمران كلاهما لله عز وجل طاعة، فيأخذ بأشدهما على بدنه، والله لقد أعتق ألف مملوك لوجه الله عز وجل دَبَرَتْ(4)فيهم يداه، والله ما أطاق عمل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)من بعده أحد غيره والله ما نزلت برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)نازلة قط إلا قدّمه فيها ثقة منه به ، وإن كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ليبعثه برايته فيقاتلُ جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ثم ما يرجع حتى يفتح الله عزّ وجلّ له .

سیره علی وفاطمۀ(عليهم السلام)

١٧٦ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن زيد بن الحسن قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول : كان علي(عليه السلام)أشبه الناس طُعْمةً(5)وسيرة برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وكان يأكل الخبز والزيت، ويطعم الناس الخبز واللحم، قال: وكان علي(عليه السلام)يستقي ويحتطب ، وكانت فاطمة(عليه السلام) تطحن وتعجن وتخبز وترقع، وكانت من أحسن الناس وجها ،كأن وجنتيها وردتان صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وولدها الطاهرين .

177 - سهل بن زياد عن الريّان بن الصَّلْت عن يونس رفعه قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): إن الله عز وجل لم يبعث نبياً قط إلا صاحب مِرَّة (6)سوداء صافية(7)، وما بعث الله نبياً قط حتى يقرّ له بالبداء .

ص: 142


1- كناية عن عدم مدّهما أمام جليسه احتراماً له وعملاً بأدب الله سبحانه . وقيل : أي إن احتاج لعلة إلى كشف ركبتيه ليرى ما بهما لم يفعل ذلك أمام جليسه .
2- المؤمنون/ ٩٦ .
3- يعني علياً(عليه السلام).
4- دبر : أي تقرّح والدَّبَر : القرحة .
5- الطعمة : المأكلة ، وهي ما يؤكل .
6- المرَّة : المزاج من أمزجة الإنسان .
7- صافية : أي غير مشوبة بكدرة لذات الدنيا وأمراض النفس.

178 - سهل، عن يعقوب بن يزيد، عن عبد الحميد، عمن ذكره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لما نفّروا برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ناقته قالت له الناقة : والله لا أزلت خُفاً عن خُفٌ ولو قطعتُ إِرْباً إرباً .

179 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنه قال : يا ليتنا سيّارَة(1)مثل آل يعقوب حتى يحكم الله بيننا وبين خلقه .

180 - سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن إسماعيل بن قُتيبة، عن حفص بن عمر، عن إسماعيل بن محمد، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إن الله عز وجل يقول : إني لست كل كلام الحكيم أتقبل ، إنما أتقبّل هواه وهمّه، فإن كان هواه وهمه في رضاي جعلتُ همه تقديساً وتسبيحاً .

فی معنی قوله تعالی:﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾

181 - سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن الطياّر، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عز وجل:﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾(2)قال : خَسْفُ ومَسْحُ وقَذْف، قال: قلت حتى يتبيّن لهم؟ قال : دَعْ ذا، ذاك قيام القائم .

طاعۀ علی(عليه السلام)ومعصیته

182 - سهل، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، وابن سنان، وسماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): طاعة علي ذلّ(3)ومعصيته كُفْرٌ بالله ، قيل : يا رسول الله ، كيف تكون طاعة علي ذلًا ومعصيته كفراً بالله ؟ فقال : إن علياً يحملكم على الحق، فإن أطعتموه ،ذللتم، وإن عصيتموه كَفَرْتُمْ بالله .

١٨٣ - عنه ، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار أو(4)غيره قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): نحن بنو هاشم ، وشيعتنا العرب، وسائر الناس الأعراب (5).

ص: 143


1- « السيارة: القافلة، ولعل المراد بهم من دخلوا عليه (يوسف) حتى عرفوه وأخبروا يعقوب بحاله وموضعه، وقد تمنى(عليه السلام)ظهور المهدي(عجل الله تعالی فرجه)المنتظر في وقته وأخبار المخبرين به ليستولي على أعدائه ويظهر دين آبائه .... »المازندراني ١٨٤/١٢ .
2- فصلت/53
3- طاعته(عليه السلام)ذل لمن أطاعه عند مبغضيه من المخالفين.
4- الترديد من الراوي .
5- « لعل المراد أن الشيعة عرب بعد الموت يتكلمون بلسان العرب وسائر الناس وهم المخالفون كفار من العجم ... وهم يتكلمون في القيامة بلسان الفرس... إلخ » المازندراني ١٨٥/١٢ .
مدح الشیعۀ وذمّ مخافیهم

١٨٤ - سهل، عن الحسن بن محبوب، عن حنان، عن زرارة قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): نحن قريش، وشيعتنا العرب، وسائر الناس علوج (1)الروم .

١٨٥ - سهل، عن الحسن بن محبوب، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنه قال : كأني بالقائم(عجل الله تعالی فرجه)على منبر الكوفة، عليه قباء فيخرج من وريان(2)قبائه كتاباً مختوماً بخاتم من ذهب، فيفكه فيقرأه على الناس، فيجفلون عنه إجفال الغنم، فلم يبق إلا النْقَبَاء(3)، فيتكلم بكلام فلا يلحقون ملجاً حتى يرجعوا إليه وإني لأعرف الكلام الذي يتكلم به .

الحکمۀ ضالّۀ المؤمن فحیثما وجد أخذ

١٨٦ -سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن ابن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الحكمة ضالَّة(4)المؤمن، فحيثما وجد أحدكم ضالته فليأخذها .

أشعث بن قیس وبنته وإبنه لعنهم الله

187 -سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد أو غيره، عن سليمان كاتب علي بن يقطين، عمن ذكره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إن الأشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين(عليه السلام)، وابنَته جَعْدَة سَمّت الحسن(عليه السلام)، ومحمد ابنه شرك في دم الحسين(عليه السلام).

الرقۀ والبکاءعند سماع قراءۀ القرآن وموعظۀ نافعۀ

188 - علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن صباح الحذّاء، عن أبي أُسامة قال : زاملت أبا عبد الله(عليه السلام)قال : فقال لي : إقرأ (قال) : فافتتحت سورة من القرآن فقرأتها، فَرَقَّ وبكى، ثم قال: يا أبا أسامة، ارعوا قلوبكم بذكر الله عز وجل، واحذروا النَّكْتَ(5)فإنه يأتي على القلب تارات أو ساعات الشك من صباح ليس فيه إيمان ولا كفر، شبه الخرقة البالية أو العظم النّخِر(6) . يا أبا أسامة ؛ أليس ربما تفقدت قلبك فلا تذكر به خيراً ولا شراً ولا تدري أين هو ؟ قال : قلت له : بلى إنه ليصيبني، وأراه يصيب الناس، قال: أجل ليس يعرى منه أحد. قال : فإذا كان ذلك فاذكروا الله عز وجل، واحذروا النَّكْتَ فإنه إذا

ص: 144


1- علوج : جمع عِلج ، وهو الرجل من كفار العجم، وبعض العرب يطلقه على الكافر مطلقاً
2- الوريان :الجيب، ولعله معرّب : كريبان
3- النقباء : جمع نقيب، وهو العريف على القوم .
4- لايخفى ما في هذا الكلام من استعارة، وذلك أنه(عليه السلام)جعل الحكمة للمؤمن بمنزلة الضالة التي هو ناشد لها وساع في طلبها لأنها أشبه بحكمته وسليقته وأولى بالإنضمام إلى أخواتها في قلبه فحيثما سمعها من قائل _ حتى غير حكيم - أو مرشد غير رشيد فهو أحق بالحيازة لها والغلبة عليها .
5- « المراد به دخول شيء من المفاسد فيه (القلب) كالكفر ونحوه فيتأثر به، ومنه النكتة، وهي النقطة، وشبه الوسخ» .
6- النَّخِر المتفتت البالي .

أراد بعبد خيراً نَكَتَ إيماناً ، وإذا أراد به غير ذلك نَكَتَ غير ذلك، قال: قلت: ما غير ذلك جُعِلْتُ فداك (ما هو) ؟ قال : إذا أراد كفراً نَكَتَ كفراً .

وصیۀ أبی عبدالله (عليه السلام)لعمرو بن سعید بن هلال

189 -عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا، عن زيد الشحّام ، عن عمرو بن سعيد بن هلال قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إني لا أكاد ألقاك إلا في السنين فأوصني بشيء آخذ به، قال: أوصيك بتقوى الله ، وصدقِ الحديث، والورع والاجتهاد واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع معه، وإياك أن تطمح نفسك إلى من فوقك، وكفى بما قال الله عز وجل لرسوله(صلی الله علیه وآله وسلم):

﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ﴾(1)وقال الله عز وجل لرسوله : ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ (2)، فإن خفت شيئاً من ذلك فاذكر عيشَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فإنما كان قوته الشعير، وحلواه التمر، ووقوده السَّعف إذا وجده، وإذا أُصِبْتَ بمصيبة فاذكر مُصابك برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فإن الخلق لم يُصابوا بمثله(عليه السلام)قطُّ .

وصیۀ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لأصحابه

190 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن السري، عن أبي مريم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)مرَّ بنا ذات يوم ونحن في نادينا وهو على ناقته، وذلك حين رجع من حجة الوداع، فوقف علينا فسلّم، فرددنا عليه السلام ، ثم قال : ما لي أرى حب الدنيا قد غلب على كثير من الناس حتى كأن الموت في هذه الدنيا على غيرهم كُتِبَ، وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرهم وَجَبَ، وحتى كأن لم يسمعوا ويرَوا من خَبَر الأموات قبلهم، سبيلهم سبيل قوم سَفْرٍ(3)عما قليل إليهم راجعون، بيوتهم أجداثهم(4)، ويأكلون تراثهم، فيظنون أنهم مخلّدون بعدهم، هيهات هيهات ( أ ) مَا يتعظ آخرُهم بأوّلهم ، لقد جهلوا ونسوا كل واعظ في كتاب الله، وآمنوا شر كل عاقبة سوء، ولم يخافوا نزول فادحة وبوائق(5)حادثة .

طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس.

طوبى لمن منعه عيبه عن عيوب المؤمنين من إخوانه .

ص: 145


1- التوبة / ٥٥ .
2- طه / 131.
3- سَفْر: جمع مسافر.
4- جمع جَدَث : وهو القبر .
5- جمع بائقة، وهي الداهية والشر الشديد.

طوبى لمن تواضع الله عز ذكره، وزهد فيما أحل الله له من غير رغبة عن سيرتي ، ورفض زهرة الدنيا من غير تحول عن سُنّتي(1)، واتبع الأخيار من عترتي من بعدي، وجَانَبَ أهل الخُيَلَاء والتفاخر والرغبة في الدنيا، المبتدعين خلاف سنّتي، العاملين بغير سيرتي .

طوبى لمن اكتسب من المؤمنين مالاً من غير معصية فأنفقه في غير معصية وعاد به على أهل المسكنة .

طوبى لمن حَسَّنَ مع الناس خُلْقَه، وبذل لهم معونته، وعدل(2)عنهم شره .

طوبى لمن أنفق القَصد(3)، وبذل الفَضْل(4)، وأمسك قوله عن الفضول(5)، وقبيح الفعل.

النهی عن الشکوی إلی أهل الخلاف

191 - الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، رفعه، عن بعض الحكماء(6)قال : إن أحق الناس أن يتمنى الغنى للناس أهلُ البخل، لأن الناس إذا استغنَوا كفّوا عن أموالهم، وإن أحق الناس أن يتمنى صلاح الناس أهل العيوب، لأن الناس إذا صلحوا كفّوا عن تَتَبّع عيوبهم، وإن أحق الناس أن يتمنى حلم الناس أهلُ السفه الذين يحتاجون أن يُعفى عن سفههم ، فأصبح أهل البخل يتمنَّون فقر الناس، وأصبح أهل العيوب يتمنون فسقَهم، وأصبح أهل الذنوب يتمنون سَفهَهُم، وفي الفقر الحاجة إلى البخيل وفي الفساد طلب عورة أهل العيوب، وفي السفه المكافأة بالذنوب.

192 -عدة من أصحابنا، عن ، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام) : يا حَسَن ؛ إذا نَزَلَتْ بك نازلة فلا تَشْكُها إلى أحد من أهل الخلاف، ولكن اذكرها لبعض إخوانك، فإنك لن تعدم خصلة من أربع خصال: إما كفاية بمال وإما معونة بجاه أو دعوة فتستجاب، أو مشورة برأي .

خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)فی الموعظۀ

١٩٣ - علي بن الحسين المؤدّب وغيره، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن

ص: 146


1- أي شريعتي، بحيث أخذ بأهداب الرهبانية التي هي ليست من الإسلام .
2- أي صرف .
3- أي ما لا إسراف فيه ولا تقتير. وهو الوسط.
4- وهو الزائد عن حد الكفاف .
5- فضول الكلام : هو ما لا فائدة فيه ولا طائل من ورائه .
6- قيل بأن المراد بهم الأئمة(عليهم السلام).

إسماعيل بن مهران، عن عبد الله بن أبي الحارث الهمداني، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : خطب أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال : الحمد لله الخافض الرافع، الضار النافع، الجواد الواسع ، الجليل ثناؤه ، الصادقة أسماؤه ، المحيط بالغيوب وما يخطر على القلوب، الذي جعل الموت بين خلقه عدلاً، وأنعم بالحياة عليهم فضلاً، فأحيا وأمات وقدّر الأقوات، أحكمها بعلمه تقديراً، وأتقنها بحكمته تدبيراً إنه كان خبيراً بصيراً، هو الدائم بلا فناء، والباقي إلى غير منتهى، يعلم ما في الأرض وما في السماء وما بينهما وما تحت الثرى .

أحمده بخالص حمده المخزون، بما حمده به الملائكة والنبيون، حمداً لا يُحصى له عدد ولا يتقدمه أمد ولا يأتي بمثله أحد، أؤمن به وأتوكل عليه، وأستهديه وأستكفيه، وأستقضيه بخير وأسترضيه(1).

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق لِيُظْهِرَه على الدين كلّه ولو كره المشركون، صلى الله عليه وآله .

أيها الناس، إن الدنيا ليست لكم بدار ولا قرار إنما أنتم فيها كَرَكْب عرّسوا فأناخوا(2)، ثم استقلّوا فغَدَوا وراحوا ، دخلوا خفافاً وراحوا خفافاً ، لم يجدوا عن مضيٍّ نزوعاً(3)، ولا إلى ما تركوا رجوعاً، جُدَّ بهم فجدّوا، وركنوا إلى الدنيا فما استعدّوا، حتى إذا أخذ بكظمهم(4)، وخلصوا إلى دار قوم جفّت أقلامهم(5)، لم يبق من أكثرهم خبر ولا أثر ، قلّ في الدنيا لَبْثُهم، وعجل إلى الآخرة بعثهم ، فأصبحتم حلولاً في ديارهم، ظاعنين(6)على آثارهم ، والمطايا بكم تسير سيراً، ما فيه أَيْنٌ(7)ولا تفتير نهاركم بأنفسكم دؤوب وليلكم بأرواحكم ذَهوب، فأصبحتم تحكون من حالهم حالاً، وتحتذون من مسلكهم مثالاً، فلا تغرنكم الحياة الدنيا فإنما أنتم فيها سَفْرٌ ،حلول الموت بكم نزول، تُنتَضَلٌ فيكم مناياه (8)، وتمضي بأخباركم مطاياه إلى

ص: 147


1- أي التمس منه أن يكون لي قاضياً حاكماً بخير وأن يكون راضياً عني .
2- الرَّكْب جمع راكب. والتعريس : نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة من عناء السفر.
3- نزع من الأمر نزوعا : انتهى عنه وأباه . والمقصود هنا أنهم لم يجدوا بدا من الموت .
4- الكظم: مخرج النَفس .
5- جفت أقلامهم : «كناية عن عدم التغيير» كما في الوافي . أو جفت أقلام الناس عن كتابة آثارهم كتابة آثارهم لبعد عهدهم ومحو ذكرهم كما في المرآة .
6- الظعن: ضد الإقامة. أي مرتحلين .
7- الأَين: الإعياء
8- يعني« ترمى إليكم اختباراته وبلاياه وكأنه جعل المنايا أشخاصاً تتناضل بالسهام فمن الناس من يموت قتلاً ومنهم من يموت غرقاً ومنهم من يتردى في بئر أو يسقط عليه حائط أو يموت على فراشه» الفيض في الوافي / م ١٤ / ٢٢

دار الثواب والعقاب والجزاء والحساب.

فرحم الله امرءاً راقب ربه، وتنكّب(1)ذَنْبَه ، وكابر هواه وكذب مناه، امرءاً زم نفسه من التقوى بزمام، وألجمها من خشية ربها بلجام، فقادها إلى الطاعة بزمامها، وقَدَعَها(2)عن المعصية بلجامها، رافعاً إلى المعاد طَرْفَه ، متوقعاً في كل أوان حتفه، دائم الفكر، طويل السهر، عَزوفاً عن الدنيا سأماً ، كدوحاً لآخرته متحافظاً، امرءاً جعل الصبر مطية نجاته، والتقوى عدّة وفاته، ودواء أجوائه(3)، فاعتبر وقاس وترك الدنيا والناس، يتعلم للتفقّه والسداد، وقد وَقَرَ قلبه ذكرٌ المعاد، وطوى مهاده وهجر وساده، منتصباً على أطرافه(4)، داخلاً في أعطافه(5)، خاشعاً الله عز وجل، يراوح بين الوجه والكفين، خَشوعٌ في السر لربه، لدمعه صبيب ولقلبه وجيب(6) ، شديدة أسباله(7)، ترتعد من خوف الله عز وجل أوْصالُه، قد عظمت فيما عند الله رغبتُه واشتدت منه رهبته، راضياً بالكفاف من أمره، يظهر دون ما يكتم، ويكتفي بأقل مما يعلم، أولئك ودائع الله في بلاده، المدفوع بهم عن عباده، لو أقسم أحدهم على الله جل ذكره لأَبَّره، أو دعا على أحد نصره الله، يسمع إذا ناجاه ويستجيب له إذا دعاه، جعل الله العاقبة للتقوى والجنة لأهلها مأوى، دعاؤهم فيها أحسن الدعاء :«سبحانك اللهم»(8)دعاؤهم المولى على ما آتاهم ﴿وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين﴾ (9).

خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)أیضاً فی الوصیۀ بتقوی الله تعالی فی یوم الجمعۀ

١٩٤ - علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن النعمان أو (10)

غيره عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنه ذكر هذه الخطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)يوم الجمعة : الحمد الله أهل الحمد ووليه(11)، ومنتهى الحمد ومحلّه ، البدىء البديع، الأجلّ الأعظم،

ص: 148


1- تنكب ذنبه : رجع عنه وعدل .
2- قدعها: كفّها .
3- الأجواء: جمع الجوى: وهو الهوى الباطن والحزن والحرقة.
4- أي على يديه ورجليه ورأسه .
5- الأعطاف : جمع عطاف وهو الرداء سمّي به لوقوعه على عطفي الرجل وهما ناحيتا عنقه
6- وجيب القلب : اضطرابه
7- الاسبال: إرسال الدمع
8- یونس / ١٠ .
9- یونس / ١٠ .
10- الترديد من الراوي .
11- أي هو سبحانه أولى بالحمد لأنه مستحق له بذاته .

الأعزّ الأكرم، المتوحد بالكبرياء، والمتفرد بالآلاء، القاهر بعزه والمسلط بقهره، الممتنع بقوته، المهيمن بقدرته، والمتعالي فوق كل شيء بجبروته ، المحمود بامتنانه وبإحسانه، المتفضّل بعطائه وجزيل فوائده، الموسع برزقه، المسبغ بنعمه، نحمده على آلائه وتظاهر نعمائه حمداً يزن عظمة جلاله ويملأ قدر آلائه وكبريائه .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي كان في أوليته متقادماً، وفي ديموميته متسيطراً(1)، خضع الخلائقُ لوحدانيته وربوبيته، وقديم أزليته، ودانوا لدوام أبديته .

وأشهد أن محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)عبده ورسوله وخيرته من خلقه، اختاره بعلمه، واصطفاه لوحیه، وائتمنه على سره، وارتضاه لخلقه ، وانتدبه لعظيم أمره، ولضياء معالم دينه ومناهج سبيله، ومفتاح وحيه، وسبباً لباب رحمته، ابتعثه على حين فترة من الرسُل وهدأة من العلم، واختلاف من الملل، وضلال عن الحق، وجهالة بالرب، وكفر بالبعث والوعد ، أرسله إلى الناس أجمعين رحمة للعالمين بكتاب كريم قد فضّله وفصّله، وبيّنه وأوضحه وأعزه وحفظه من أن يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه تنزيل من حكيم حميد، ضرب للناس فيه الأمثال، وصرّف فيه الآيات لعلّهم يعقلون، أحلّ فيه الحلال وحرّم فيه الحرام، وشرع فيه الدين لعباده عُذْراً ونُذراً لئلا يكون للناس على الله حجّة بعد الرُّسُل ويكون بلاغاً لقوم عابدين، فبلّغ رسالته، وجاهد في سبيله، وعبده حتى أتاه اليقين(صلی الله علیه وآله وسلم)وسلم تسليماً كثيراً .

أوصيكم عباد الله وأوصي نفسي بتقوى الله الذي ابتدأ الأمور بعلمه، وإليه يصير غداً ميعادها، وبيده فناؤها وفناؤكم، وتصرّم أيامكم ، وفناء آجالكم، وانقطاع مدتكم، فَكَأَنْ قد زالت عن قليل عنّا وعنكم كما زالت عمن كان قبلكم ، فاجعلوا عباد الله اجتهادكم في هذه الدنيا التزوّدَ من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل ، فإنها دار عمل والآخرة دار القرار والجزاء، فتجافوا عنها، فإن المغتر من اغترّ بها، لن تعدوا الدنيا إذا تناهت إليها أمنية أهل الرغبة فيها المحبين لها، المطمئنين إليها ، المفتونين بها، أن تكونوا كما قال الله عز وجل :

﴿ كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ - الآية ﴾(2)

مع أنه لم يصب امرء منكم في هذه الدنيا حَبْرة (3)إلا أورثته عَبْرة، ولا يصبح فيها في جناح آمن

ص: 149


1- أي متسلطاً على جميع ما سواه .
2- يونس / ٢٤ .
3- الحَبْرَة : النعمة الحسنة وسعة العيش.

إلا وهو يخاف فيها نزول جائحة(1)، أو تغيّر نعمة أو زوال عافية، مع أن الموت من وراء ذلك، وهول المطّلَع والوقوف بين يدي الحَكَم العدل تُجزى كلُ نفس بما عملت:﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾(2).

فاتقوا الله عزّ ذِكْره، وسارعوا إلى رضوان الله والعمل بطاعته والتقرب إليه بكل ما فيه الرضا فإنه قريب مجيب، جَعَلَنا الله وإيّاكم ممن يعمل بمحابّه ويجتنب سُخطه، ثم إن أحسن القصص وأبلغ الموعظة وأنفع التذكر كتاب الله جلّ وعز، قال الله عز وجلّ: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ (3).

أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، وَالْعَصْرِ *إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ *إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ (4). ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾(5) اللهم صلّ على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وتحنّن على محمد وآل محمد وسلّم على محمد وآل محمد، كأفضل ما صلّيت وباركت وترحّمت وتحنّنت وسلّمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم أعْطِ محمداً الوسيلة(6)والشرف والفضيلة والمنزلة الكريمة، اللهم اجعل محمداً وآل محمد أعظم الخلائق كلهم شرفاً يوم القيامة، وأقربَهم منك مقعداً، وأوجههم عندك يوم القيامة جاهاً، وأفضلهم عندك منزلة ونصيباً، اللهم أعْطِ محمداً أشرف المقام، وحباء السلام، وشفاعة الإسلام، اللهم وألحقنا به غير خزايا ولا ناكبين ولا نادمين ولا مُبَدِّلين إله الحق آمين .

ثم جلس قليلاً ثم قام فقال:

الحمد لله أحق من خُشيَ وحُمِد ، وأفضل من أُتقِيَ وعُبد، وأولى من عُظّم ومُجّد، نحمده لعظيم غنائه، وجزيل عطائه، وتَظَاهر نعمائه، وحُسْنِ بلائه، ونؤمن بهداه الذي لا يخبو ضياؤه،

ص: 150


1- الجايحة : آفة تصيب الثمار فتهلكها والفتنة المبيرة والمصيبة العظيمة .
2- النجم / ٣١ .
3- الأعراف/ ٢٠٤
4- العصر / ١ - ٣ .
5- الأحزاب / ٥٦ .
6- «الوسيلة : أعلى درجات الجنة ونهاية القرب، وأيضاً المنبر يوضع يوم القيامة له ألف مرقاة، وهذه الأمور التي طلبها له(صلی الله علیه وآله وسلم)كلها حاصلة ،له وليس الغرض من طلبها طلب حصولها له لاستحالة تحصيل الحاصل بل الغرض منه إظهار الشغف والسرور بحصولها له وطلب التقرب منه بذكر فضائله والرضا بها» المازندراني /٢١٤/١٢ .

ولا يتهمّدُ سناؤه، ولا يوهن عراه، ونعوذ بالله من سوء كل الرّيب وظُلمَ الفتن، ونستغفره من مكاسب الذنوب، ونستعصمه من مساوىء الأعمال ومكاره الآمال، والهجوم في الأهوال، ومشاركة أهل الريب، والرضا بما يعمل الفجّار في الأرض بغير الحق ، اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، الذين توفيتَهم على دينك ومِلّة نبيك(صلی الله علیه وآله وسلم)، اللهم تقبّل حسناتِهم ، وتجاوز عن سيئاتهم ، وأدخِلْ عليهم الرحمة والمغفرة والرضوان، واغفر للأحياء من المؤمنين والمؤمنات، الذين وحّدوك وصدّقوا رسولك، وتمسّكوا بدينك، وعملوا بفرائضك، واقتدَوا بنبيك، وسنّوا سنتك، وأحلّوا حلالك وحَرِّموا حرامك، وخافوا عقابك، ورجَوا ثوابك، ووالَوا أولياءَك وعادَوا أعداءك، اللهم أقْبَل حسناتهم، وتجاوز عن سيئاتهم وأدخلهم برحمتك في عبادك الصالحين إله الحق آمين .

لكل مؤمن حافظ من الله عزوجلوسائب

١٩٥ _ الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : لكل مؤمن حافظ وسائب، قلت وما الحافظ وما السايب يا أبا جعفر ؟ قال : الحافظ من الله تبارك وتعالى حافظ من الولاية(1)يحفظ به المؤمن أينما كان، وأما السايب(2)فبشارة محمد(صلی الله علیه وآله وسلم) يبشر الله تبارك وتعالى بها المؤمن أينما كان وحيثما كان(3).

الناس معادن کمعادن الذهب والفضۀ

١٩٦ - عدّة من أصحابنا ،عن سهل بن زياد، عن الحجّال ،عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : خالط الناس تَخْبُرهُم ومتى تَخْبرهم تَقْلُهُمْ(4).

197 - سهل، عن بكر بن صالح ، رفعه ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، فمن كان له في الجاهلية أصل فله في الإسلام أصل.

حدیث الزُّوار وما یُقتل فیها

198 - سهل بن زياد، عن بكر بن صالح ، عن محمد بن سنان، عن معاوية بن وهب قال : تمثّل أبو عبد الله (عليه السلام)ببيت شعر لابن أبي عقب.

ص: 151


1- «أي بأن لا يَزُل من ولاية الحق إلى ولاية الباطل يحفظه الله بذلك الحافظ المؤمن من الخروج عنها أينما كان من شرق الأرض أو غربها أو سهلها أو جبلها أو برها أو بحرها» . المازندراني 217/12 .
2- «كأنه من الشَّيب بمعنى العطاء أو الجَرْي» ن . م .
3- «لعل هذه البشارة عند لقاء الموت فإنه يحضر المؤمن ويبشره بكرامة الله ورحمته ويخبره بمال حاله في الجنة كما دلت عليه الروايات» ن . م.
4- « المعنى : خالط الناس وجرّبهم فإنك إن خالطتهم وجربتهم تعرف مآل حالهم في الآخرة وانهماكهم في تحصيل الدنيا وجمع زخارفها وخبث عقايدهم وسوء أخلاقهم وكمال بعدهم عن ذكر الله تعالى ومتى تخبرهم وتعرفهم بهذه الخصال الذميمة تقلُهُمْ يعني تبغضهم أشد بغض . . » ن . م .

ويُنْحَر بالزَّوْراء منهم لدى الضحى ***ثمانون ألفاً مثل ما تُنْحَرُ البُدْنُ

وروى غيره : البُزْل .

ثم قال لي : تعرف الزَّوْراء؟

قال : قلت : جُعِلْتُ فداك، يقولون : إنها بغداد ، قال : لا ، ثم قال(عليه السلام): دخلت الرِّي؟ قلت : نعم، قال: أتيتَ سوق الدوابّ؟ قلت : نعم ، قال : رأيت الجبل الأسود عن يمين الطريق؟ تلك الزوراء، يُقتل فيها ثمانون ألفاً منهم ثمانون رجلاً من ولد فلان كلهم يصلح الخلافة، قلت : ومن يقتلهم جُعِلْتُ فداك؟ قال: يقتلهم أولاد العَجَم.

١٩٩ - علي بن محمد ،عن علي بن العباس، عن محمد بن زياد، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن قول الله عَزَّ وَجَلَّ : ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ﴾(1)؟ قال : مستبصرين ليسوا بشكّاك.

تفسیر قوله تعالی:﴿ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾

200 _ عنه ، عن علي ، عن إسماعيل بن مهران، عن حمّاد عثمان قال : سمعت أبا بن عبد الله(عليه السلام)يقول في قول الله تبارك وتعالى : ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾ (2)فقال : الله أجلّ وأعدل (وأعظم) من أن يكون لعبده عذر ولا يدعه يعتذر به، ولكنه فُلج(3) فلم يكن له عذر .

تأویل قوله تعالی:﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾

201 - علي ، عن علي بن الحسين، عن محمد الكناسي قال : حدّثنا من رفعه إلى أبي عبد الله(عليه السلام)في قوله عزّ ذِكْرُه :﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾(4)قال : هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء ليس عندهم ما يتحملون به إلينا فيسمعون حديثنا ويقتبسون من علمنا، فيرحل قوم فوقهم(5)وينفقون أموالهم ويُتعبون أبدانهم حتى يدخلوا علينا فيسمعوا حديثنا فينقلونه إليهم فيعيه هؤلاء ، فأولئك الذين يجعل الله عزّ ذِكْرُه لهم مخرجاً ويرزقهم من حيث لا يحتسبون .

وفي قول الله عز وجل : ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾(6)؟ قال : الذين يَغُشّون الإمام إلى

ص: 152


1- الفرقان/73.
2- المرسلات / ٣٦ .
3- الفُلْج : الغلبة. وفُلِجَ : أي غُلِب بالحجّة .
4- الطلاق / ٢ و ٣ .
5- أي فوقية دنيوية بالمال والثروة .
6- الغاشية / ١ .

قوله عز وجل :﴿ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ﴾(1)قال : لا ينفعهم ولا يغنيهم، لا ينفعهم الدخول ولا يغنيهم القعود.

تأویل قوله تعالی:﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ...﴾

٢٠2 _ عنه ، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عز وجل : ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾(2)قال : نزلت هذه الآية في فلان وفلان(3)وأبي عبيدة الجرّاح، وعبد الرحمن بن عوف، وسالم مولى أبي حُذَيفة، والمغيرة بن شعبة ، حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتوافقوا : لئن مضى محمد لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبداً، فأنزل الله عز وجل فيهم هذه الآية ، قال : قلت: قوله عز وجل :﴿أَمْ أَبْرَمُوا(4) أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ *أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ (5)قال : وهاتان الآيتان نرلتا فيهم ذلك اليوم، قال أبو عبد الله(عليه السلام): لعلك تری أنه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب إلا يوم قتل الحسين(عليه السلام)، وهكذا كان في سَابق علم الله عز وجل الذي أعلمه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أنْ إذا كُتِبَ الكتاب قُتِلَ الحسين وخرج الملك من بني هاشم، فقد كان ذلك كله .

قلت : ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ ﴾(6).

الذین خرجوا یوم البصرۀ وهم الباغون

قال : الفئتان، إنما جاء تأويل هذه الآية يوم البصرة ، وهم أهل هذه الآية، وهم الذين بَغَوا على أمير المؤمنين(عليه السلام)، فكان الواجب عليه قتالهم وقتلهم حتى يفيئوا إلى أمر الله ، ولو لم يفيئوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أن لا يرفع السيف عنهم حتى يفيئوا ويرجعوا عن رأيهم، لأنهم بايعوا طائعين غيرَ كارهين ، وهي الفئة الباغية كما قال الله تعالى ، فكان الواجب على أمير

ص: 153


1- الغاشية / ٧.
2- المجادلة / ٧ .
3- يعني الأول والثاني .
4- أبْرَموا: أي أحكموا .
5- الزخرف/ 79 و 80 والمعنى إن أحكم هؤلاء الكافرون أمراً يكيدون به الحق فإنا محكمون لهم ما يخزيهم من النكال والعذاب. والمقصود بقوله :ورسلنا : أي الحفظة الكتبة .
6- الحجرات/ ٩ .

المؤمنين(عليه السلام)أن يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم، كما عدل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في أهل مكة، إنما منَّ عليهم وعفى ، وكذلك صنع أمير المؤمنين(عليه السلام)بأهل البصرة حين ظفر بهم مثل ما صنع النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)بأهل مكة حذْوَ النعل بالنعل .

قال: قلت: قوله عز وجل : ﴿والمؤتفكة أَهوى﴾(1)، قال : هم أهل البصرة هي المؤتفكة ، قلت : ﴿ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾(2)؟ قال : أولئك قوم لوط ائتفكت عليهم : انقلبت عليهم .

إیذاء بعض الصحابۀ سلمان الفارسی رضی الله عنه

٢٠٣ -علي بن إبراهيم، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن حنان قال : سمعت أبي يروي عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : كان سلمان جالساً مع نفر من قريش في المسجد، فأقبلوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى بلغوا سلمان، فقال له عمر بن الخطاب : أخبرني من أنت ومن أبوك وما أصلك ؟ فقال : أنا سلمان بن عبد الله، كنت ضالا فهداني الله عز وجل بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، وكنت عائلاً فأغنناني الله بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)وكنت مملوكاً فأعتقني الله بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، هذا نسبي وهذا حَسَبي ، قال : فخرج رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وسلمان رضي الله عنه يكلّمهم، فقال له سلمان يا رسول الله ؛ ما لقيت من هؤلاء، جلست معهم فأخذوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى إذا بلغوا إليَّ قال عمر بن الخطاب : من أنت وما أصلك وما حسبك؟ فقال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): فما قلت له يا سلمان؟ قال : قلت له أنا سلمان بن عبد الله، كنت ضالاً فهداني الله عز ذكْرُه بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم) ، وكنت عائلاً فأغناني الله عز ذِكْرُه بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، وكنت مملوكاً فأعتقني الله عن ذِكْرُهُ بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، هذا نسبي وهذا حسبي، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): يا معشر قريش، إن حسب الرجل دينه ومروءته خُلقه، وأصله عقله»، وقال الله عز وجل:

﴿ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾(3)ثم قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) لسلمان : ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله عز وجل، وإن كانت التقوى لك عليهم فأنت أفضل .

تسویۀ أمیرالمومنین(عليه السلام)فی العطائ بین الأسود والأبیض

٣٠٤ - علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لما وَليَ علي (عليه السلام) صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم

ص: 154


1- النجم / ٥٣ . والمؤتفكة : المخوف بها المقلوب عاليها سافلها وهي قرية قوم لوط .
2- التوبة / ٧٠ . أنظر التعليقة السابقة .
3- الحجرات/13

قال : إني والله لا أرزؤكم(1)من فيئكم درهماً ما قام لي عِذْق بيثرب، فلتصدقكم أنفسكم(2)،أفتروني مانعاً نفسي ومعطيكم؟ قال: فقام إليه عقيل كرّم الله وجهه فقال له : والله لتجعلني وأسودَ (3)بالمدينة سواءاً ، فقال : اجلس، أما كان ههنا أحد يتكلم غيرك، وما فضلك عليه إلا بسابقة أو بتقوى .

موعظۀ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) بنی عبدالمطلب

2٠٥ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قام رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)على الصفا فقال : يا بني هاشم، يا بني عبد المطلب، إني رسول الله إليكم ، وإني شفيق عليكم ، وإن لي عملي ولكل رجل منكم عمله، لا تقولوا : إن محمداً منّا وسندخل مدخله، فلا والله ما أوليائي منكم ولا من غيركم يا بني عبد المطلب إلا المتقُونَ، ألا فلا أعرفكم يوم القيامة تأتون تحملون الدنيا على ظهوركم ويأتي الناس يحملون الآخرة، ألا إني قد أعذرت إليكم فيما بيني وبينكم، وفيما بيني وبين الله عزَّوجلَّ فيكم (4).

رؤیا رآها أبو جعفر(عليه السلام)فی میسّر بن عبدالعزیز وعبدالله بن عجلان

٢٠٦ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه ، عن النضر بن سُوَيد، عن ابن مسكان، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: رأيت كأني على رأس جبل والناس يصعدون إليه من كل جانب، حتى إذا كثروا عليه، تطاول بهم في السماء وجعل الناس يتساقطون عنه من كل جانب، حتى لم يبق منهم أحد إلا عصابة يسيرة، ففعل ذلك(5)خمس مرات، في كل ذلك يتساقط عنه الناس ويبقى تلك العصابة، أما إن قيس بن عبد الله بن عجلان في تلك العصابة ، قال : فما مكث(6)بعد ذلك إلا نحواً من خمس حتى هلك .

ان الملائکۀ تغسل أبا جعفر(عليه السلام)فی البقیع

٢٠٧ - عنه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان قال: حدثني أبو بصيرقال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إن رجلاً كان على أميال من المدينة، فرأى في منامه فقيل له : إنطَلِق فصلّ على أبي جعفر(عليه السلام)، فإن الملائكة تغسله في البقيع، فجاء الرجل فوجد

ص: 155


1- أي لا أنقصكم .
2- «أي فلتكن قلوبكم موافقة لألسنتكم في الجواب ولا تقولوا بأفواهكم ما ليس في قلوبكم».
3- لعله قصد من أعتقه عمار بن ياسر فساوى أمير المؤمنين(عليه السلام) بينه وبين سائر المسلمين بمن فيهم عمار فأعطى كل واحد ثلاثة دنانير .
4- «ولعل المراد أني أبديت عذراً يرتفع عني اللوم فيما بيني وبينكم من أن القرابة لا تنفعكم وفيما بيني وبين الله عز وجل فيكم من تبليغ ما هو المطلوب منكم وهو التقوى» المازندراني 227/12
5- أي تطاول بهم في السماء والضمير يعود إلى الجبل .
6- يعني أبا جعفر(عليه السلام).

أبا جعفر(عليه السلام)قد توفي .

208 - علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قوله تعالى : ﴿وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا(1)(بمحمد)﴾ هكذا والله نزل بها جبرئيل(عليه السلام)على محمد(صلی الله علیه وآله وسلم).

٢٠٩ _ عنه ، عن أبيه، عن عمر بن عبد العزيز، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله(عليه السلام): ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾(2)هكذا فأَقْرَأها .

بیان قوله تعالی:﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا...الآیۀ﴾

210 - عنه ، عن أبيه، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام):﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ (وسلموا للإمام تسليماً)أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ( رضى له) مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ(أن أهل الخلاف) أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾(3)، وفي هذه الآية :﴿ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ(من أمر الوالي) وَيُسَلِّمُوا( لله الطاعة) تَسْلِيمًا ﴾(4).

بیان قوله تعالی:﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ...الایۀ ﴾

٢١١ -علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبي جنادة الحُصَيْن بن المخارق بن عبد الرحمن بن ورقاء بن حبشي بن جنادة السلولي صاحب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، عن أبي الحسن الأول(عليه السلام)في قول الله عز وجل: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ (فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء وسبق لهم العذاب)وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ﴾(5).

لایوجب الله طاعۀ أولی الأمر ویرخّص فی منازعتهم

212 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذَينة، عن بريد بن معاوية قال : تلا أبو جعفر(عليه السلام): ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ﴾(6)، فإن

ص: 156


1- آل عمران / 103 . وشفا حفرة أي طرفها وحرفها، وهما منها .
2- آل عمران /92 . وفيها مما تحبون. والفرق بينهما أن (مما) ظاهر في التبعيض مع احتمال أن يكون (من) لبيان : الجنس، و (ما) ظاهر في بيان الجنس مع احتمال أن يكون للعموم، ولو كان المحبوب متعدداً ينبغي إنفاق الأحب، ويندرج فيه الإنفاق الواجب وغيره المازندراني ٢٢٩/١٢ .
3- النساء/ ٦٦ و ٦٥ . وما بين القوسين فهو تفسير وليس من أصل القرآن الموجود في المصحف.
4- النساء/ ٦٦ و ٦٥ . وما بين القوسين فهو تفسير وليس من أصل القرآن الموجود في المصحف.
5- النساء / ٦٣ . وما بين القوسين من التفسير قوله : فأعرض عنهم : أي لا تعاقبهم . وعظهم : خوّفهم بالله ونقمته . قولاً بليغاً : أي شافياً .
6- النساء/٥٩ ، وتتمة الآية في المصحف : فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير واحسن تأويلاً.

خفتم تنازعاً في الأمر فأَرجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم ، ثم قال : كيف يأمر بطاعتهم ويرخّص في منازعتهم، إنما قال ذلك للمأمورين الذين قيل لهم : ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول﴾ .

حديث قوم صالح(عليه السلام)

213 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)سأل جبرئيل (عليه السلام): كيف كان مهلك قوم صالح(عليه السلام)؟ فقال : يا محمد إن صالحاً بُعِث إلى قومه وهو ابن ست عشرة سنة، فلبث فيهم حتى بلغ عشرين ومائة سنة لا يجيبونه إلى خير، قال : وكان لهم سبعون صنماً يعبدونها من دون الله عزوجل، فلما رأى ذلك منهم قال: يا قوم بُعِثْتُ إليكم وأنا ابن ست عشرة سنة، وقد بلغت عشرين ومائة سنة، وأنا أعرض عليكم أمرين : إن شئتم فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما سألتموني الساعة، وإن شئتم سألت الهتكم فإن أجابتني بالذي أسألها خرجت عنكم فقد سئمتكم وسئمتموني ، قالوا : قد أنصفتَ يا صالح ، فاتَّعَدُوا(1)ليوم يخرجون فيه، قال: فخرجوا بأصنامهم إلى ظهرهم(2)، ثم قرّبوا طعامهم وشرابهم فأكلوا وشربوا، فلما أن فرغوا دَعوه فقالوا : يا صالح ، سَلْ، فقال لكبيرهم: ما اسم هذا(3)؟ قالوا : فلان ، فقال له صالح : يا فلان أجِبْ ، فلم يجبه، فقال صالح : ما له لا يجيب؟ قالوا : أَدْعُ غيره، قال : فدعاها كلها بأسمائها فلم يجبه منها شيء، فأقبلوا على أصنامهم فقالوا لها : ما لك لا تجيبين صالحاً؟ فلم تجب، فقالوا : تنحّ عنّا ودعنا وآلهتنا ساعة، ثم نحَّوا بسطهم وفرشهم ونحَّوا ثيابهم وتمرّغوا على التراب وطرحوا التراب على رؤوسهم وقالوا لأصنامهم : لئن لم تُجِبْنَ صالحاً اليوم لتُفْضَحنَّ ، قال : ثم دعوه فقالوا: يا صالح ادْعُها ، فدعاها، فلم تجبه ، فقال لهم: يا قوم، قد ذهب صدر النهار، ولا أرى آلهتكم تجيبني ، فاسألوني حتى ادعو إلهي فيجيبكم الساعة، فانْتُدِبَ (4)له منهم سبعون رجلاً من كبرائهم والمنظور إليهم منهم ، فقالوا: يا صالح، نحن نسألك فإن إجابك ربك اتَّبَعناك وأجبناك ويبايعك جميع أهل قريتنا، فقال لهم صالح(عليه السلام): سَلَّوني ما شئتم ، فقالوا : تقدّم بنا إلى هذا الجبل - وكان الجبل قريباً منهم- ، فانطلق معهم صالح فلما انتهوا إلى الجبل قالوا :

ص: 157


1- أي ضربوا موعداً. أي تواعدوا .
2- أي ظهر بلدهم.
3- أي هذا الصنم .
4- انتدب : على المعلوم والمجهول نَدَبَهُ فانتدب أي أجاب .

يا صالحُ ادْعُ لنا ربك يُخرج لنا من هذا الجبل الساعة ناقةً حمراء، شقراء، وبراء(1)، عَشْراء(2)، بين جنبَيْها مِيلٌ، فقال لهم صالح : لقد سألتموني شيئاً يَعْظُمُ عليَّ ويهون على ربي جلَّ وعزَّ، قال : فسأل الله تعالى صالحٌ ذلك فانصدع الجبل صَدْعاً كادت تطير منه عقولهم لما سمعوا ذلك، ثم اضطرب ذلك الجبل اضطراباً شديداً كالمرأة إذا أخذها المخاض، ثم لم يفجأهم إلا رأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع، فما استتمت رقبتها حتى اجترَّت، ثم خرج سائر جسدها، ثم استوت قائمة على الأرض ، فلما رأوا ذلك قالوا : يا صالح ما أسرعَ ما أجابك ربك، ادعُ لنا ربَّكَ يُخرج لنا فصيلَها ، فسأل الله عز وجل ذلك فرمت به فدبَّ حولها، فقال لهم : يا قومِ أبقيَ شيء؟ قالوا : لا ، انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم بما رأينا ويؤمنون بك، قال: فرجعوا فلم يبلغ السبعون إليهم حتى ارتدّ منهم أربعة وستون رجلاً وقالوا: سحر وكذبٌ ، قالوا : فانتهوا إلى الجميع فقال الستة : حقٌّ، وقال الجميع : كذب وسِحْر، قال: فانصرفوا على ذلك، ثم ارتاب من الستة واحد فكان فيمن عَقَرَها .

قال ابن محبوب: فحدَّثت بهذا الحديث رجلاً من أصحابنا يقال له سعيد بن يزيد، فأخبرني أنه رأى الجبل الذي خرجت منه بالشام ، قال : فرأيت جنبها قد حَكَّ الجبل فأثَّر جنبها فيه، وجبل آخر بينه وبين هذا مِيلٌ .

٢١٤ -علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ *فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ *أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ﴾(3)؟ قال : هذا كان بما كذّبوا به صالحاً، وما أهلك الله عز وجل قوماً قط حتى يبعث إليهم قبل ذلك الرسل فيحتجوا عليهم، فبعث الله إليهم صالحاً فدعاهم إلى الله فلم يجيبوا وعَتَوا عليه، وقالوا : لن نؤمن لك حتى تُخْرِجَ لنا من هذه الصخرة ناقة عَشْراء، وكانت الصخرة يعظّمونها ويعبدونها ويذبحون(4)عندها في رأس كل سنة، ويجتمعون عندها فقالوا له : إن كنت كما تزعم نبياً رسولاً فادعُ لنا إلهك حتى تخرج لنا من هذه الصخرة الصماء ناقة عشراء ، فأخرجها الله كما طلبوا منه .

ص: 158


1- وَبْراء : كثيرة الوبر .
2- الناقة العشراء : هي التي مضى عليها من اليوم الذي أرسل فيه الفحل عليها عشرة أشهر وزال عنها المخاض وأكثر ما يطلق هذا الوصف على الخيل والإبل .
3- القمر / ٢٣ و ٢٤ و ٢٥ . والسعر : جمع سعير ، وقيل : الشعر العناء أو الجنون والذكر: الوحي . والأَشِر : الذي لا يبالي ما قال، والبطر .
4- أي القرابين .

ثم أوحى الله تبارك وتعالى إليه أن يا صالح ،قل لهم : إن الله قد جعل لهذه الناقة (من الماء )شرب يوم ولكم شرب يوم، وكانت الناقة إذا كان يوم شربها شربت الماء ذلك اليوم فيحلبونها فلا يبقى صغير ولا كبير إلا شرب من لبنها يومهم ذلك، فإذا كان الليل ، وأصبحوا، غَدَوا إلى مائهم فشربوا منه ذلك اليوم ولم تشرب الناقة ذلك اليوم، فمكثوا بذلك ما شاء الله .

ثم إنهم عَتَوا على الله ومشى بعضهم إلى بعض وقالوا : اعقروا هذه الناقة واستريحوا منها، لا نرضى أن يكون لنا شرب يوم ولها شرب يوم، ثم قالوا: من الذي يلي قتلها ونجعل له جعلا ما أحبَّ، فجاءهم رجل أحمر ، أشقر، أزرق ولد زنا لا يُعْرَفُ له أب يقال له : قُدَار، شقي من الأشقياء مشؤوم عليهم ، فجعلوا له جعلاً، فلما توجهت الناقة إلى الماء الذي كانت تَرِدُه، تركها حتى شربت الماء وأقبلت راجعة، فقعد لها في طريقها فضربها بالسيف ضربة فلم تعمل شيئاً فضربها ضربةً أخرى فقتلها وخرَّت إلى الأرض على جنبها وهرب فصيلها حتى صعد إلى الجبل فرغى ثلاث مرات إلى السماء ، وأقبل قوم صالح فلم يبق أحد منهم إلا شركه في ضربته، واقتسموا لحمها فيما بينهم، فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلا أكل منها، فلما رأى ذلك صالح أقبل إليهم فقال : يا قوم ما دعاكم إلى ما صنعتم، أعَصَيْتُم ربكم؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إلى صالح(عليه السلام): إن قومك طغَوا وبغَوا وقتلوا ناقة بعثتها إليهم حجةً عليهم، ولم يكن عليهم فيها ضرر، وكان لهم منها أعظم المنفعة، فقل لهم : إني مرسل عليكم عذابي إلى ثلاثة أيام، فإن هم تابوا ورجعوا قبلت توبتهم وصدرت عنهم ، وإن هم لم يتوبوا ولم يرجعوا بعثت عليهم عذابي في اليوم الثالث، فأتاهم صالح(عليه السلام)فقال لهم :

يا قوم ، إني رسول ربكم إليكم ، وهو يقول لكم : إن أنتم تُبْتُم ورجعتم واستغفرتم غفرتُ لكم وتبتُ عليكم ، فلما قال لهم ذلك كانوا أعْتَى ما كانوا وأخبث، وقالوا :﴿ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾(1)قال : يا قوم إنكم تصبحون غداً ووجوهكم مصفَرَّة واليوم الثاني وجوهكم محمرّة ، واليوم الثالث وجوهكم مسوَدَّة، فلما كان أول يوم أصبحوا ووجوههم مصفرّة، فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا : قد جاءكم ما قال لكم صالح ، فقال العتاة منهم : لانسمع قول صالح ولا نقبل قوله وإن كان(2)عظيماً ، فلما كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمرّة، فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا: يا قوم، قد جاءكم ما قال لكم صالح ، فقال العناة منهم : لو أهلكنا جميعاً ما سمعنا قول صالح ولا تركنا آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها، ولم يتوبوا

ص: 159


1- الأعراف / 77 . وفي سورة الشعراء / ١٥٤ : فاتِ بآية إن كنت من الصادقين .
2- أي قوله. ويحتمل أنه يرجع إلى صالح نفسه.

ولم يرجعوا، فلما كان اليوم الثالث أصبحوا ووجوههم مسوّدّة، فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا : يا قوم ، أتاكم ما قال لكم صالح ، فقال العناة منهم : قد أتانا ما قال لنا صالح ، فلما كان نصف الليل، أتاهم جبرئيل(عليه السلام)فصرخ بهم صرخة خرقت تلك الصرخة أسماعهم، وفلقت قلوبهم، وصدعت أكبادهم، وقد كانوا في تلك الثلاثة الأيام قد تحنّطوا وتكفّنوا وعلموا أن العذاب نازل بهم، فماتوا أجمعين في طرفة عَيْن، صغيرهم وكبيرهم، فلم يبق لهم ناعقة ولا راغية(1)ولا شيء إلا أهلكه الله ، فأصبحوا في ديارهم ومضاجعهم موتى أجمعين، ثم أرسل الله عليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين، وكانت هذه قصّتهم.

حدیث فَرْوَۀ عن أبی جعفر(عليه السلام)

٢١٥ - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الكندي، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبان بن عثمان، عن الفضيل بن الزبير قال : حدثني فروة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : ذاكرته شيئاً من أمرهما(2)، فقال : ضربوكم على دم عثمان ثمانين سنة(3)، وهم يعلمون أنه(4)كان ظالماً ، فكيف يا فَرْوَة إذا ذكرتم صَنَميهم.

٢١٦ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين، عن سعيد، عن على بن النعمان، عن عبد الله بن مسکان ،عن سدير قال: كنّا عند أبي جعفر(عليه السلام)فذكرنا ما أحْدَثَ الناس بعد نبيهم(صلی الله علیه وآله وسلم)، واستذلالهم أمير المؤمنين(عليه السلام)، فقال رجل من القوم : أصلحك الله ، فأين كان عزِّ بني هاشم وما كانوا فيه من العدد؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): ومن كان بقي من بني هاشم، إنما كان جعفر وحمزة فمضيا، وبقي معه رجلان ضعيفان ذلیلان حديثا عهد بالإسلام : عباس وعقيل، وكانا من الطلقاء(5)، أما والله لو أن حمزة وجعفراً كانا بحضرتهما ما وصلا إلى ما وصلا إليه ولو كانا(6)شاهديهما لأَتلفا نفسيهما .

217 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : من اشتكى الواهنة(7)، أو كان به

ص: 160


1- النعيق : الصوت والصياح والمعنى أنه لم يبق منهم أحد ليخبر بموتهم أو يرعاهم بعده. وفي الوافي : راعية ولا ناعية . وفي بعض النسخ : ثاغية ولا راعية والثغاء صوت الشاة والرغاء صوت الناقة .
2- يعني الأول والثاني .
3- هي مدة ملك بني أمية.
4- الضمير يرجع إلى عثمان .
5- كان(صلی الله علیه وآله وسلم)قد أطلقهما يوم بدر ولم يسترقّهما .
6- يعني الأول والثاني.
7- الواهنة : ريح تأخذ في المنكبين أو العضد. وفي بعض النسخ : الواهية وهي الخرّاج والدمّل والجراحة وفي القاموس : الوهى : الشق .
معالجة بعض الأمراض

صداع أو غَمْرَة بول(1)، فليضع يده على ذلك الموضع وليقل : اسكُن سكّنتك بالذي سكن له ما في الليل والنهار وهو السميع العليم .

218 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد من محمد بن أبي نصر، والحسن بن علي بن فضّال، عن أبي جميلة(2)، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: الحزم في القلب، والرحمة والغِلْظة في الكبد، والحياء في الرِّية .

وفي حديث آخر لأبي جميلة : العقل مسكنه في القلب.

219 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسّان، عن موسى بن بكر قال : اشتكى غلام إلى أبي الحسن(عليه السلام)فسأل عنه، فقيل : إنه به طحالاً ، فقال : اطعموه الكّراث ثلاثة أيام، فأطعمناه إيّاه، فقعد الدم ثم برأَ.

220 - محمد بن يحيى، عن غير واحد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن عمرو بن إبراهيم قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام)وشَكَوْتُ إليه ضعفَ معدتي، فقال: اشرب الحَزَاء(3)بالماء البارد، ففعلت فوجدت منه ما أحِبّ .

معالجۀ من تغیّر علیه ماءالظهر

221 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح قال: سمعت أبا الحسن الأول(عليه السلام) يقول : من الريح الشابكة والحامّ(4)والأبردة في المفاصل، تأخذ كفَّ حُلْبَة وكفَّ تين يابس ، تغمرهما بالماء، وتطبخهما في قدر نظيفة، ثم تصفّى ثم تبرّد، ثم تشربه يوماً، وتغب يوماً حتى تشرب منه تمام أيامك قدر قدح رويّ .

222 - عدّة من أصحابنا ،عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن نوح بن شعيب، عمن ذكره، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: من تغيّر عليه ماء الظهر(5)فليُنقع له اللبن الحليب والعسل .

223 - الحسين بن محمد، عن معلی بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن حمران

ص: 161


1- غمرة الشيء : شدته ومزدحمه والظاهر أن المراد به هنا احتباس البول، ويحتمل أنه سلس البول. وفي بعض النسخ: غمزة ،بول بدل غمرة بول والغمز العصر.
2- واسمه المفضّل بن صالح .
3- الحزاء: نبت بالبادية يشبه الكرفس إلا أنه أعرض ورقاً منه، والواحدة حَزاة وحَزَاءة.
4- الحامّ: الحار.
5- «لعل المراد به المني، وبتغيّره فتوره وضعفه وقلّه الباء» المازندراني 238/12.

قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): فيم يختلف الناس؟ قلت : يزعمون أن الحجَامة في يوم الثلاثاء أصلح ، قال : فقال لي : وإلى ما يذهبون في ذلك؟ قلت : يزعمون أنه يوم الدم، قال: فقال : صدقوا، فأحرى أن لا يهيجوه في يومه، أمَا علموا أن في يوم الثلاثاء ساعة من وافقها لم يرق دمه حتى يموت، أو ما شاء الله(1).

٢٢٤ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن رجل من الكوفيين، عن أبي عروة أخي شعيب، أو(2)عن شعيب العقرقوفي قال : دخلت على أبي الحسن الأول(عليه السلام)، وهو يحتجم يوم الأربعاء في الحبس، فقلت له : إن هذا يوم يقول الناس : إن من احتجم فيه أصابه البَرَص ، فقال : إنما يُخاف ذلك على من حملته أمه في حَيْضها .

٢٢٥ - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : لا تحتجموا في يوم الجمعة مع الزوال، فإن من احتجم مع الزوال في يوم الجمعة فأصابه شيء فلا يلومَنَّ إلا نفسه(3).

٢٢٦ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن أبي سلمة، عن معتّب عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الدواء أربعة(4): السَّعوط(5)والحجامة والنورة والحُقْنَة.

227 -علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذَينة قال : شكا رجل إلى أبي عبد الله(عليه السلام)السعالَ وأنا حاضر ، فقال له : خذ في راحتك شيئاً من كاشم(6)، ومثله من سكّر، فاستفّه(7)يوماً أو يومين ، قال ابنُ أُذَينة : فلقيت الرجل بعد ذلك ، فقال : ما فعلته إلا مرة واحدة حتى ذَهَب(8).

228 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن سعيد بن جناح، عن رجل ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن موسى بن عمران (عليه السلام)شكا إلى ربه تعالى البلّة والرطوبة ،

ص: 162


1- دل الحديث على أن الحجامة مكروهة يوم الثلاثاء، وربما قيل بالحرمة لأنها قد تؤدي إلى التهلكة .
2- الترديد من الراوي .
3- أنظر التعليقة رقم (٤) .
4- «خصّها بالذكر لكونها أنفع الأدوية في الأمراض المخصوصة التي يعرفها أهل الصناعة» المازندراني ٢٣٩/١٢ .
5- السَّعوط : الدواء الذي يجعل في الأنف.
6- الكاشم : الانجدان الرومي ، وهو معرّب: أنكدان ، وأنكوان.
7- الاستفاف: تناول الدواء غير ملتوت، وذلك الدواء سفُوف .
8- يعني السعال .

فأمره الله تعالى أن يأخذ الهليلج ،والبليلج ، والأملج فيعجنه بالعسل ويأخذه، ثم قال أبو عبد الله(عليه السلام): هو الذي يسّمونه عندكم الطريفل.

229 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن يحيى، عن أخيه العلاء، عن إسماعيل بن الحسن المتطبّب (1)قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إني رجل من العرب، ولي بالطب بصر، وطبّي طب عربي ، ولست آخذ عليه صَفَداً (2)؟ فقال : لا بأس، قلت : إنا نبطّ الجرح(3)، ونكوي بالنار؟ قال : لا بأس، قلت: ونسقي هذه السموم الأسمحيقون والغاريقون؟ قال : لا بأس، قلت: إنه ربما مات ؟ قال : وإن مات، قلت : نسقي عليه النبيذ ؟ قال : ليس في حرام شفاء(4)، قد اشتكى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فقالت له عائشة : بك ذاتُ الجَنْب ؟ فقال : أنا أكرم على الله عز وجل من أن يبتليني بذات الجَنْب، قال: فأَمَر فَلُدَّ بَصبر(5)

230 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن يعقوب، قال: قلت ، لأبي عبد الله(عليه السلام): الرجل يشرب الدواء ويقطع العرق وربما انتفع به، وربما قتله؟ قال : يقطع(6)ويشرب .

٢٣١ - أحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن عبد الحميد، عن الحكم بن مسكين، عن حمزة بن الطيّار قال : كنت عند أبي الحسن الأول(عليه السلام)فرآني أتأوَّه ، فقال : ما لَكَ؟ قلت ضِرْسي، فقال لو احتجمتَ، فاحتجمتُ فسكن، فأعلمته فقال لي : ما تداوى الناس بشيء خير من مصّة دم أو مَزْعَة عسل ، قال : قلت : جُعِلْتُ فداك ، ما المزعة [من] عسل ؟ قال : لعقةُ عَسَل .

دواء الضرس والفم

232 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح ، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : سمعت أبا الحسن موسى(عليه السلام) يقول : دواء الضرس ؛ تأخذ حنظلة فتقشرها ،ثم تستخرج دهنها، فإن كان الضرس مأكولاً منحفراً تقطر فيه قطرات وتجعل منه في قطنة شيئاً

ص: 163


1- المتطبّب : المتعاطي علم الطب.
2- الصَفْد : الوثاق والعطاء، والمقصود به هنا الأجر .
3- بطّ الدمّل : شقّه.
4- حمل على ما إذا لم يكن ضرورة، والمشهور عند أصحابنا حرمة التداوي بالحرام إلا عند الضرورة فإن الضرورات تبيح المحظورات .
5- اللَّدود : ما يسقاه المريض في أحد شقي الفم، ولديد الفم جانباه . والصبْر : من السموم .
6- قطع العِرْق : فَصْدُه .

وتُجعل في جوف الضرس ، وينام صاحبه مستلقيا، يأخذه ثلاث ليال، فإن كان الضرس لا أكْلَ فيه، وكانت ريحاً، قطر في الأذن التي تلي ذلك الضرس ثلاث ليالي كل ليلة قطرتين، أو ثلاث قطرات يبرأ بإذن الله ، قال وسمعته يقول : لوجع الفم والدم الذي يخرج من الأسنان، والضَّرَبان(1)والحمرة التي تقع في الفم، تأخذ حنظلة رطبة قد اصفرّت، فتجعل عليها قالباً من طين، ثم تثقب رأسها وتدخل سكيناً جوفها فتحك جوانبها برفق، ثم تصب عليها خلّ تمر حامضاً شديد الحموضة، ثم تضعها على النار فتغليها غلياناً شديداً، ثم يأخذ صاحبه منه كلما احتمل ظفره، فيدلك به فيه(2)ويتمضمض بِخَلّ، وإن أحب أن يحوّل ما في الحنظلة في زجاجة أو بستوقة(3)، فعل، وكلما فني خله أعاد مكانه، وكلما عتق كان خيراً له إن شاء الله .

فی النظر فی علم النجوم

233 - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن فضّال، عن الحسن بن أسباط ، عن عبد الرحمان بن سيّابة قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): جُعِلْتُ لك الفداء، إن الناس يقولون : إن النجوم لا يحلّ النظر فيها (4)، وهي تعجبني فإن كانت تضر بديني فلا حاجة لي في شيء يضر بديني ، وإن كانت لا تضرّ بديني فوالله إني لأشتهيها وأشتهي النظر فيها ، فقال : ليس كما يقولون، لا تضر بدينك، ثم قال إنكم تنظرون في شيء منها، كثيرُهُ لا يُدْرَك وقليله(5)لا يُنْتَفَعُ به، تحسبون على طالع القمر، ثم قال : أتدري كم بين المشتري والزهرة من دقيقة؟ قلت : لا والله، قال : أفتدري كم بين الزهرة وبين القمر من دقيقة؟ قلت : لا ، قال : أفتدري كم بين الشمس وبين السنبلة من دقيقة؟ قلت: لا والله ما سمعته من أحد من المنجّمين قطّ، قال : أفتدري كم بين السنبلة وبين اللوح المحفوظ من دقيقة؟ قلت : لا والله ما سمعته من منجّم قط، قال : ما بين كل واحد منهما إلى صاحبه ستون أو سبعون دقيقة - شك عبد الرحمان - ثم قال : يا عبد الرحمن ، هذا حساب إذا حسبه الرجل ووقع عليه عرف القصبة التي وسط الأجَمَة وعدد ما عن يمينها، وعدد ما عن يسارها، وعدد ما خلفها، وعدد ما أمامها ،حتى لا يخفى عليه من قصب الأجمة واحدة .

٢٣٤ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، قال : أخبرنا النضر بن قرواش الجمّال قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الجمال يكون بها

ص: 164


1- الضَرَبان: الاضطراب ووثوب العرق والجرح وتموجهما
2- أي فمه.
3- البستوقة: وعاء من الفخّار، معرّب بستو.
4- يقصد العمل بالتنجيم .
5- أي الذي يمكن أن تدركه العقول.

الجَرَب، أعزلها عن إبلي مخافة أن يعديها جربها، والدابة ربما صفّرتُ لها حتى تشرب الماء ؟ فقال أبو عبد الله(عليه السلام): إن أعرابياً أتى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : يا رسول الله ، إني أصيب الشاة والبقرة والناقة بالثمن اليسير وبها جَرَبٌ فأكره شراءها مخافة أن يعدي ذلك الحرب إبلي وغنمي ؟ فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): يا أعرابي فمن أعدى الأول(1)؟ ثم قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): لا عدوى، ولا طِيرَةَ، ولا هامة(2)، ولا شوم، ولا صَفَر(3)، ولا رضاع بعد فصال، ولا تعرّب بعد هجرة ، ولا صمت يوماً إلى الليل، ولا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك، ولا يُتْمَ بعد إدراك(4).

لا عدوى ولا طيرة ولا هامّة ولاشوم ولاصفَر

٢٣٥ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو بن حُرَيث ، قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): الطَّيَرَةُ على ما تجعلها، إن هوَّنْتَها تَهَوَّنتْ ، وإِن شَدَّدتها تشدَّدَتْ ، وإن لم تجعلها شيئاً لم تكن شيئاً .

٢٣٦ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «كفارة الطيرة التوكّل».

قصۀ الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذرَ الموت

237 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد، وغيره، عن بعضهم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، وبعضهم ، عن أبي جعفر(عليه السلام)، في قول الله عزّ وجلّ : ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ﴾(5)، فقال : إن هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام، وكانوا سبعين ألف بيت، وكان الطاعون يقع فيهم في كل أوان، فكانوا إذا أحسّوا به خرج من المدينة الأغنياء لقوَّتهم، وبقي فيها الفقراء لضعفهم، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا ، ويقلّ في الذين خرجوا، فيقول الذين خرجوا : لو كنّا أقمنا لكثر فينا الموت، ويقول الذين أقاموا: لوكنّا خرجنا لقلّ فينا الموت، قال : فاجتمع رأيهم جميعاً أنه إذا وقع الطاعون فيهم وأحسّوا به خرجوا كلهم من المدينة، فلما أحسّوا بالطاعون خرجوا جميعاً وتنحَّوْا عن الطاعون حذر الموت، فساروا في البلاد ما شاء الله.

ص: 165


1- غرضه (صلی الله علیه وآله وسلم)تنبيه الأعرابي إلى أن الجَرَب أو غيره لا يعدي وإلا فمن أين جاءت العدوى للمصاب الأول، وإنما الذي يمرض ويشفي هو الله سبحانه
2- الهامة: الرأس، واسم طائر هو البومة وكانوا يتشأمون بها .
3- «قال ابن الأثير : كانت العرب تزعم أن في البطن حية يقال لها صفر تصيب الإنسان إذا جاع وتؤذيه وأنها تعدي فأبطل الإسلام ذلك. وقيل: أراد به النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية وهو تأخير المحرم إلى صفر ويجعلونه هو الشهر الحرام فأبطله »المازندراني ٢٤٨/١٢ .
4- أي بعد بلوغ و احتلام .
5- البقرة / ٢٤٣ .

ثم إنهم مرّوا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها وأفناهم الطاعون، فنزلوا بها، فلما حطّوا رحالهم واطمأنوا بها، قال لهم الله عز وجل: موتوا جميعاً ،فماتوا من ساعتهم، وصاروا رميماً يلوح(1)، وكانوا على طريق المارة، فكنستهم المارة فنحَّوهُمْ وجمعوهم في موضع، فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له حِزْقيل ، فلما رأى تلك العظام بكى واستعبَر، وقال: يا رب ؛لو شئت لأحييتَهم الساعة كما أمتَّهُمْ ، فعمَروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك من خلقك، فأوحى الله تعالى إليه : أفتحب ذلك ؟ قال : نعم يا رب، فأَحْيِهِمْ ، قال : فأوحى الله عز وجل إليه أن قل كذا وكذا، - فقال الذي أمره الله عز وجل أن يقول - فقال أبو عبد الله(عليه السلام): - وهو الاسم الأعظم- ، فلما قال حِزْقيل ذلك الكلام، نظر إلى العظام يطير بعضها إلى بعض، فعادوا أحياءاً ينظر بعضهم إلى بعض يسبّحون الله عزّ ذِكْرُه ويكبّرونه ويهلّلونه، فقال حِزْقيل عند ذلك : أشهد أن الله على كل شيء قدير . قال عمر بن يزيد : فقال أبو عبد الله(عليه السلام): فيهم نزلت هذه الآية .

هل یعلم یعقوب (عليه السلام)أن یوسف حیّ؟

238 - ابن محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قلت له : أخبرني عن قول يعقوب(عليه السلام) لبنيه : ﴿ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ ﴾(2)، أكان يعلم أنه حي وقد فارقه منذ عشرين سنة ؟ قال: نعم، قال: قلت: كيف علم ؟ قال : إنه دعا في السحر وسأل الله عزوجل أن يهبط عليه مَلَك الموت، فهبط عليه بريال وهو ملك الموت، فقال له بريال : ما حاجتك يا يعقوب؟ قال : أخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرقة ؟ قال : بل أقبضها متفرقةً روحاً روحاً، قال له : فأخبرني هل مر بك روح يوسف فيما مرّ بك ؟ قال : لا ، فعلم يعقوب أنه حي. فعند ذلك قال لولده :﴿اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ .

تدویل قوله تعالی: ﴿ فَعَمُوا وصَمّوا﴾

239 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الحُصَين، عن خالد بن يزيد القمي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عز وجل:﴿وَحَسِبوا ألا تكونَ فتنة﴾(3)، قال : حيث كان النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)بين أظهرهم﴿ فَعَمُوا وصَمّوا﴾ (4)حيث قبض رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم):﴿ ثم تاب الله عليهم﴾ (5)حيث قام أمير المؤمنين(عليه السلام)، قال : ﴿ثم عَمُوا وصَمّوا﴾ (6) إلى الساعة .

معنی قوله تعالی:﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ..الآیۀ﴾

٢٤٠ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي

ص: 166


1- أي صاروا عظاماً خالصة تظهر وتبرق .
2- يوسف /87 ، وتحسَّسوا : أي التمسوا وتعرّفوا .
3- المائدة / 71 وتتمة الآية : كثير منهم والله بصير بما يعملون.
4- المائدة / 71 وتتمة الآية : كثير منهم والله بصير بما يعملون.
5- المائدة / 71 وتتمة الآية : كثير منهم والله بصير بما يعملون.
6- المائدة / 71 وتتمة الآية : كثير منهم والله بصير بما يعملون.

مُسخ الذين كفروا من بني إسرائيل خنازير وقردة على لسان داود وعيسى(عليه السلام)

عبيدة الحذّاء، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عز وجل :﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﴾(1)قال : الخنازير على لسان داود، والقردة على لسان عيسى بن مريم(عليها السلام).

قراءۀ قوله تعالی: ﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ...الآیۀ﴾

٢٤١ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد ،عن النضر بن سويد، عن محمد بن أبي حمزة، عن يعقوب بن شعيب ،عن عمران بن ميثم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قرأ رجل على أمير المؤمنين(عليه السلام):﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾(2)، فقال : بلى والله ، لقد كذّبوه أشد التكذيب، ولكنها مخففة :﴿ لا يكذِبُونَكَ ﴾، لا يأتون بباطل يكذبون به حقك .

قصه ابن أبی سرح وکتابه وهدر دمه

٢٤٢ _ أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما(عليهم السلام)قال : سألته عن قول الله عز وجل : ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ﴾(3)قال : نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر وهو ممن كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يوم فتح مكة هَدَرَ دمه، وكان يكتب لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فإذا أنزل الله عز وجل :﴿ إن الله عزيز حكيم﴾ ، كتب : ﴿إن الله عليم حكيم﴾، فيقول له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «دَعْها(4)فإن الله عليم حكيم(5)»، وكان ابن أبي سرح يقول للمنافقين : إني لأقول من نفسي مثل ما يجيء به فما يغيّر عليّ، فأنزل الله تبارك وتعالى فيه الذي أنزل(6).

نزول قوله تعالی:﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ...الایۀ﴾

٢٤٣ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذَينة ، عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): قول الله عز وجل :﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ

ص: 167


1- المائدة/ 78 .
2- الأنعام / ٣٣ .
3- الأنعام /93
4- أي أسقطها واتركها .
5- أي هو سبحانه كذلك في الواقع ونفس الأمر ولكن المنزل: إن الله عزيز حكيم .
6- ومن الواضح أن ابن أبي سرح كان من الكذابين على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فالله سبحانه وإن كان عليماً حكيماً وعزيزاً حكيماً ولكن لكل واحد من التعبيرين مقام لا يصح أحدهما في موضع الآخر، وإلا لكان مخلا بالفصاحة، فقوله تعالى :﴿ إن الله عزيز حكيم﴾ إنما يرد فيما إذا كان المورد في سياق بيان نقمته وجبروته . في حين أن قوله تعالى : ﴿إن الله عليم حكيم﴾ إنما يرد فيما إذا كان المورد مورد بيان الأحكام الإلهية والتوجيهات السماوية . وحيث إنه لا يجوز لمخلوق حتى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)أن يغير شيئاً في كتاب الله وجهنا ما ورد في الحديث التوجيه الذي ينسجم مع قلنا فتأمل .

الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾(1)فقال : لم يجيء تأويل هذه الآية ،بعد ، إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)رخّص لهم لحاجته وحاجة أصحابه ، فلو قد جاء تأويلها(2)لم يقبل منهم ، لكنهم يقتلون حتى يوحَّدَ الله عز وجل، وحتى لا يكون شرك.

العباس وعقیل یوم بدر

٢٤٤ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سمعته يقول في هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾(3)، قال : نزلت في العباس وعقيل ونوفل(4)، وقال : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) نهى يوم بدر أن يُقْتَلَ أحدٌ من بني هاشم، وأبو البختري، فأسروا فأرسل علياً(عليه السلام)فقال : انظر من ههنا من بني هاشم، قال : فمر عليٌّ(عليه السلام)على عقيل بن أبي طالب كرَّم الله وجهه فحاد عنه(5)، فقال له عقيل : يا بن أمَّ عَلَيَّ(6)أما والله لقد رأيت مكاني ، قال : فرجع إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وقال : هذا أبو الفضل في يد فلان، وهذا عقيل في يد فلان، وهذا نوفل بن الحارث في يد فلان، فقام رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)حتى انتهى إلى عقيل فقال له يا أبا يزيد قُتِلَ أبو جهل ، فقال : إذاً لا تنازعون في تهامة(7)، فقال : إن كنتم أثخنتم القوم وإلّا فاركبوا أكتافهم ، فقال : فجيء بالعباس فقيل له : إِفْدِ نفسك وافْدِ ابن أخيك، فقال : يا محمد، تتركني أسأل قريشاً في كفي ؟ فقال : أعطِ مما خلَّفتَ عند أم الفضل وقلتَ لها : إن أصابني في وجهي هذا شيء فأنفقيه على ولدك ونفسك، فقال له : يا ابن أخي، من أخبرك بهذا ؟ فقال : أتاني به جبرئيل(عليه السلام)من عند الله عز وجل، فقال: ومحلوفَه(8)، ما علم بهذا أحد إلا أنا وهي، أشهد أنك رسول الله ، قال : فرجع الأسرى كلهم مشركين إلا العباس وعقيل ونوفل كرّم الله وجوههم، وفيهم نزلت هذه الآية : ﴿قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا_ إلى آخر الآية - ﴾.

نزول قوله تعالی﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ...الآیۀ﴾

٢٤٥ _ أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن

ص: 168


1- الأنفال / ٣٩.
2- حمله بعضهم على قيام القائم عجل الله فرجه .
3- الأنفال/ 70 .
4- هم العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب.
5- أي أعرض عنه .
6- أي أعطف عليَّ أو أَقبِل. وفي ذكر الأم زيادة استعطاف، ومنه قول هارون لموسى : يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ..
7- تِهامة : أي مكة زادها الله شرف_اً
8- أي بالذي يحلف به .

مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما(عليه السلام)في قول الله عز وجل:﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ (1)، نزلت في حمزة وعلي وجعفر والعباس(2)وشَيْبَة(3)، إنهم فخروا بالسقاية والحجابة، فأنزل الله جل وعز : ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾، وكان علي وحمزة وجعفر صلوات الله عليهم الذين آمنوا بالله واليوم الآخر، وجاهدوا في سبيل الله ، لا يستوون عند الله .

تفضیل الله عزوجل علیاً

٢٤٦ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطي قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن قول الله تعالى : ﴿«وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ﴾(4)، قال : نزلت في أبي الفصيل(5)، إنه كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عنده ساحراً فكان إذا مسّه الضر - يعني السقم - دعا ربه منيباً إليه _ يعني تائباً من قوله في رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ما يقول -﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ- يعني العافية _ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ﴾(6) - يعني نسي التوبة إلى الله عز وجل مما كان يقول في رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أنه ساحر -ولذلك قال الله عز وجل : ﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾ (7)- يعني إمرتك على الناس بغير حق من الله عز وجل ومن رسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)- قال : ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): ثم عطف القول من الله عز وجل في علي(عليه السلام)يخبر بحاله وفضله عند الله تبارك وتعالى فقال : ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ(أن محمداً رسول الله) وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ(أن محمداً رسول الله وإنه ساحر كذاب) إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾(8)قال : ثم قال أبو عبد الله(عليه السلام): هذا تأويله يا عمّار.

٢٤٧ _ علي بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان قال: تلوتُ عند أبي عبد الله(عليه السلام):﴿ ذوا عدل منكم﴾(9)، فقال :﴿ ذو عدل منكم﴾ هذا مما أخطأت فيه الكتّاب .

٢٤٨ - عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن

ص: 169


1- التوبة / ١٩
2- وكانت لهم سقاية الحاجّ .
3- وكانت لشيبة ومن تبعه الحجابة ومفتاح الكعبة.
4- الزُّمر / ٨
5- الفصيل : هو البكر ؛ ولد الناقة؟! ولعل المراد به الأول.
6- الزُّمر / ٨ .
7- الزُّمر / ٨ .
8- الزمر / 9
9- المائدة/ ٩٥ .

رجل، عن أبي جعفر(عليه السلام):﴿ لا تَسألوا عَنْ أشْياء (لم تبدلكم) إنْ تُبْدَلكم تَسُؤْكُمْ﴾(1).

٢٤٩ _ علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن محمد بن مروان قال : تلا أبو عبد الله(عليه السلام): ﴿وتَمَتْ كلمةُ رَبِّكَ (الحسنى) صِدْقاً وعَدلاً ﴾(2)، فقلت : جُعِلْتُ فِداك ، إنما نقرؤها ﴿وتَمَتْ كَلِمةُ رَبِّك صِدقاً وعَدلاً﴾ ؟ فقال : إن فيها (الحسنى).

تأویل قوله تعالی:﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ...الآیۀ﴾

٢٥٠ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمَّون، عن عبد الله بن الرحمان الأَصَمّ، عن عبد الله بن القاسم البَطَل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قوله تعالى : ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ﴾(3)، قال: قُتِلَ علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وطُعِنَ الحسن(عليه السلام)،﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾(4)، قال: قتل الحسين(عليه السلام)﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا ﴾(5)، فإذا جاء نصر دم الحسين(عليه السلام)،﴿ بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ﴾(6)، قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم(عجل الله تعالی فرجه)فلا يدعون واترا لآل محمد إلا قتلوه،﴿وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا﴾ (7)، خروج القائم(عجل الله تعالی فرجه)،﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ﴾(8)، خروج الحسين(عليه السلام)في سبعين من أصحابه عليهم البَيْضُ المذهَّب لكل بيضة وجهان ، المؤدون إلى الناس أن هذا الحسين قد خرج حتى لا يشك المؤمنون فيه، وأنه ليس بدجال ولا بشيطان، والحجة القائم بين أظهرهم، فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين(عليه السلام)، جاء الحجةَ الموتُ، فيكون الذي يغسّله ويكفّنه ويحنّطه ويلحدُه في حفرته الحسين بن علي(عليه السلام)، ولا يلي الوصيَّ إلا الوصيُّ .

تسییر عثمان دبا ذر إلی الرَبَذَه

١ ٢٥ - سهل، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن حفص التميمي قال : حدثني أبو جعفر الخثعمي قال : قال : لما سيّر عثمانُ أبا ذر إلى الرَبَذَة، شيّعه أمير المؤمنين وعقيل والحسن والحسين(عليهم السلام)وعمّار بن ياسر رضي الله عنه، فلما كان عند الوداع ، قال أمير المؤمنين(عليه السلام): يا أبا ذر ، إنك إنما غضبت الله عز وجل فارْجُ من غضبتَ له، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك، فأَرحلوك عن الفناء، وامتحنوك بالبلاء، ووالله لو كانت السماوات والأرض على عبد رتْقاً ثم اتّقى الله عز وجل جعل له منها مخرجاً، فلا يؤنسك إلا الحق، ولا يوحشك إلا الباطل.

ص: 170


1- المائدة / ١٠١ .
2- الإسراء / ٤ إلى ٦
3- الإسراء / ٤ إلى ٦
4- الإسراء / ٤ إلى ٦
5- الإسراء / ٤ إلى ٦
6- الإسراء / ٤ إلى ٦
7- الإسراء / ٤ إلى ٦
8- الإسراء / ٤ إلى ٦

ثم تكلّم عقيل فقال : يا أبا ذر أنت تعلم أنّا نُحبك، ونحن نعلم أنك تحبنا، وأنت قد حفظت فينا ما ضيّع الناس إلا القليل، فثوابك على الله عزوجل ، ولذلك أخرجك المخرجون، وسيّرك المسيِّرون، فثوابك على الله عز وجل، فاتَّقِ الله واعلم أن استعفاءك البلاء من الجزع، واستبطاءَك العافية من اليأس، فدَع اليأس والجزع وقل : حَسْبَي الله ونعمَ الوكيل.

ثم تكلّم الحسن(عليه السلام)فقال : يا عمّاه ، إن القوم قد أتوا إليك ما قد ترى، وإن الله عز وجل بالمنظرَ الأعلى، فدع عنك ذكر الدنيا بذكر فراقها وشدة ما يرد عليك لرخاء ما بَعْدَها، واصبر حتى تلقى نبيّك(صلی الله علیه وآله وسلم)وهو عنك راض إن شاء الله .

ثم تكلّم(1) الحسين(عليه السلام)فقال : يا عمّاه ، إن الله تبارك وتعالى قادر أن يغيّر ما ترى وهو كلَّ يوم في شأن ، إن القوم منعوك دنياهم ومنعتهم دينك، فما أغناك عمّا منعوك ، وما أحوجهم إلى ما منعتهم، فعليك بالصبر، فإن الخير في الصبر، والصبر من الكرم ، ودع الجزع فإن الجزع لا يُغْنِيكَ .

ثم تكلّم عمار رضي الله عنه فقال : يا أبا ذر، أوحَشَ الله من أَوْحَشَكَ، وأخافَ من أخافَك، إنه والله ما منع الناس أن يقولوا الحق إلا الركون إلى الدنيا والحب لها، ألا إنما الطاعة مع الجماعة، والملك لمن غلب عليه، وإن هؤلاء القوم دعَوا الناس إلى دنياهم فأجابوهم إليها، ووهبوا لهم دينَهم فخسروا الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين .

ثم تكلّم أبو ذر رضي الله عنه فقال: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بأبي وأمي هذه الوجوه، فإني إذا رأيتكم ذكرت رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بكم، وما لي بالمدينة شَجَن(2)ولا سَكَن(3)غيركم، وأنه ثقل على عثمان جواري بالمدينة كما ثقل على معاوية بالشام، فالى أن يسيّرني إلى بلدة فطلبت إليه أن يكون ذلك إلى الكوفة، فزعم أنه يخاف أن أُفسِدَ على أخيه (4) الناس بالكوفة، وآلى بالله لَيُسَيِّرني إلى بلدة لا أرى فيها أنيساً ولا أسمع بها حَسيساً، وإني والله ما أريد إلا الله عز وجل صاحباً وما لي مع الله وحشة، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين(5).

ص: 171


1- ذكر قريباً من هذا الصدوق في الفقيه ٢ / ح ٨٠٤ فراجع .
2- الشجن الحاجة، والجمع شجون .
3- السَّكَن : ما يُسكن إليه .
4- يعني الوليد بن عقبة وكان أخا عثمان لأمّه، والياً على الكوفة من قبله وكان فاسقاً .
5- وقد أورد الصدوق رحمه الله كلام أبي ذر هذا بتفاوت في الفقيه ٢ / ٨٠٤ فراجع .
المحقۀ والمبطلۀ من الصیحتین تکونان عند قیام القائم(عجل الله تعالی فرجه)

٢٥٢ - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، والحجّال جميعاً، عن ثعلبة، عن عبد الرحمان بن مسلمة الجريري قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): يُوَبّخونا ويُكَذِّبونا أنا نقول : إن صيحتين تكونان(1)، يقولون : من أين تُعْرَفُ المحقّة من المبطلة إذا كانتا ؟ قال : فماذا تردّون عليهم؟ قلت: ما نردّ عليهم شيئاً ، قال : قولوا : يُصَدِّق بها إذا كانت من كان يؤمن بها من قبل، إن الله عز وجل يقول :﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾(2).

منادیان ینادی أحدهما أول النهار والآخر آخر النهار

٢٥٣ _ عنه ، عن محمد، عن ابن فضّال، والحجّال عن داود بن فَرْقَد قال : سمع رجل من العِجْليّة(3)هذا الحديث قوله : ينادي منادٍ أَلَا إن فلان بن فلان وشيعته هم الفائزون أولّ النهار، وينادي آخرّ النهار : ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون قال : وينادي أول النهار منادي آخر النهار، فقال الرجل : فما يُدْرينا أَيّما(4)الصادق من الكاذب؟ فقال : يصدّقه عليها من كان يؤمن بها قبل أن ينادي، إن الله عز وجل يقول : ﴿ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي -الآیۀ-﴾ .

٢٥٤ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لا ترون ما تحبّون(5)حتى يختلف بنو فلان(6)فيما بينهم، فإذا اختلفوا طمع الناس وتفرَّقت الكلمة، وخرج السُّفْيانيّ .

حديث الصَّيْحَة

(7).

قصه أبی الدوانیق وملک بنی العباس

٢٥٥ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، وغيره، عن إسماعيل بن الصباح قال : سمعت شيخاً يذكر عن سيف بن عَمِيرة قال : كنت عند أبي الدوانيق(8)فسمعته يقول ابتداءاً من نفسه : يا سيف بن عَمِيرة ، لا بد من مناد ينادي باسم رجل من ولد أبي طالب ،

ص: 172


1- أي عند قيام القائم عجل الله فرجه كما صّرحت بذلك الروايات
2- يونس / ٣٥ .
3- نسبة إلى بني عجل.
4- أي أَيّهما .
5- يعني ظهور القائم عجّل الله فَرَجَه الشريف .
6- أي يتبع ملوكهم بعضهم بعضاً، أو أن المراد بالاختلاف التنازع والتقاتل قيل : إن المراد بهم بنو العباس .
7- قال المازندراني 2٦9/12 : «الأنسب أن يذكر الحديثين السابقين بعد هذا العنوان».
8- أبو الدوانيق: هو المنصور أحد ملوك بني العباس.

قلت : يرويه أحدُ الناس؟ قال : والذي نفسي بيده لَسَمِعَتْ أذني منه يقول : لا بدّ من مناد ينادي باسم ،رجل، قلت: يا أمير المؤمنين، إن هذا الحديث ما سمعت بمثله قطّ، فقال لي : يا سيف، إذا كان ذلك فنحن أول من يجيبه، أما إنه أحد بني عَمّنا، قلت: أيُّ بني عمكم؟ قال : رجل من ولد فاطمة (عليهم السلام)، ثم قال : يا سيف؛ لولا أني سمعت أبا جعفر محمد بن علي يقوله، ثم حدثني به أهل الأرض ما قبلته منهم ، ولكنه محمد بن علي (عليه السلام).

٢٥٦ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال : كنت مع أبي جعفر(عليه السلام)جالساً في المسجد، إذ أقبل داود بن علي وسليمان بن خالد وأبو جعفر عبد الله بن محمد أبو الدوانيق، فقعدوا ناحية من المسجد فقيل لهم : هذا محمد بن علي جالس، فقام إليه داود بن علي وسليمان بن خالد، وقعد أبو الدوانيق مكانه، حتى سلّموا على أبي جعفر(عليه السلام)، فقال لهم أبو جعفر : ما منع جبّاركم(1)من أن يأتيني، فعذروه عنده ، فقال عند ذلك أبو جعفر محمد بن علي(عليه السلام): أما والله لا تذهب الليالي والأيام حتى يملك ما بین قُطْرَيْها، ثم لَيَطأَنَّ الرجالُ عقبه، ثم لَتَذِلَّنَّ له رقاب الرجال، ثم ليملكنَّ ملكاً شديداً، فقال له داود بن علي : وإن مُلكنا قبل مُلككم ؟ قال : نعم يا ،داود إن ملكَكُم قبل ملكِنا وسلطانَكم قبل سلطاننا، فقال له داود: أصلحك الله ، فهل له من مدة ؟ فقال : نعم يا داود والله لا يملك بنو أمية يوماً إلا ملكتم مثلَيه، ولا سنّةً إلا ملكتم مِثْلَيْها(2)، وليتلقفها الصبيان منكم كما تَلَقَّفُ الصبيان الكرة، فقام داود بن علي من عند أبي جعفر(عليه السلام)فرحاً يريد أن يخبر أبا الدوانيق بذلك، فلما نهضا جميعاً هو وسليمان بن خالد ،ناداه أبو جعفر(عليه السلام)من خلفه : يا سليمان بن خالد، لا يزال القوم في فسحة من ملكهم ما لم يصيبوا منا دماً حراماً ، - وأومأ بيده إلى صدره- ، فإذا أصابوا ذلك فبطن الأرض خير لهم من ظهرها، فيومئذ لا يكون لهم في الأرض ناصر، ولا في السماء عاذر، ثم انطلق سليمان بن خالد فأخبر أبا الدوانيق، فجاء أبو الدوانيق إلى أبي جعفر(عليه السلام) فسلّم عليه ، ثم أخبره بما قال له داود بن علي وسليمان بن خالد، فقال له : نعم يا أبا جعفر(3)، دولتكم قبل دولتنا وسلطانكم قبل سلطاننا، سلطانكم شديد عَسِرٌ لا يُسْرَ فيه . وله مدة طويلة، والله لا يملك بنو أمية يوماً إلا ملكتم مثلَيه، ولا سنة إلا ملكتم مثلَيْها، وليتلقفها صبيان منكم

ص: 173


1- الجبار العاتي المتمرد. ويقصد(عليه السلام)به المنصور.
2- «إثبات زيادة المثل لا ينافي زيادة الأكثر منه إلا بمفهوم اللقب وهو ليس بحجة اتفاقاً، فلا يرد أن ملك بني أمية ثمانون سنة ومدة ملك بني العباس خمسمائة سنة، ولعل النكتة في الاقتصار على المثلين بيان أصل الزيادة لا قدرها، أو التنبيه على سرعه زوال ملكهم كيلا يغتروا به» المازندراني ٢٦٧/١٢ .
3- يعني المنصور الدوانيقي.

فضلاً عن رجالكم كما يتلقف الصبيان الكرة ، أفهمتَ ؟ ثم قال: لا تزالون في عنفوان الملك ترغدون فيه ما لم تصيبوا منا دماً حراماً ، فإذا أصبتم ذلك الدم غضب الله عز وجل عليكم فذهب بملككم وسلطانكم ، وذهب بريحكم وسلّط الله عز وجل عليكم عبداً من عبيده أعور(1)- وليس بأعور من آل أبي سفيان- ، يكون استيصالكم على يديه وأيدي أصحابه ثم قطع الكلام.

٢٥٧ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن المفضّل بن مزيد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قلت له أيام عبد الله بن علي : قد اختلف هؤلاء فيما بينهم ؟ فقال : دع ذا عنك، إنما يجيء فساد أمرهم من حيث بدأ صلاحهم (2).

آیتان تکونان قبل قیام القائم(عجل الله تعالی فرجه)

2٥٨ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن بدر بن الخليل الأزدي قال : كنت جالساً عند أبي جعفر(عليه السلام)فقال : آيتان تكونان قبل قيام القائم(عجل الله تعالی فرجه)، لم تكونا منذ هبط آدم إلى الأرض: تنكسف الشمس في النصف من شهر رمضان ، والقمر في آخره، فقال رجل : يا ابن رسول الله ؛ تنكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف ؟! فقال أبو جعفر(عليه السلام): إني أعلم ما تقول، ولكنهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم(عليه السلام) .

فضل الشيعة

٢٥٩ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمرو بن أبي المقدام قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : خرجتُ أنا وأبي حتى إذا كنا بين القبر والمنبر، إذا هو بأناس من الشيعة فسلّم عليهم ثم قال : إني والله لأُحِبّ رياحكم وأرواحكم، فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد، واعلموا أن ولايتنا لاتُنال إلا بالورع والاجتهاد، ومن ائتمَّ منكم بعبد فليعمل بعمله، أنتم شيعة الله وأنتم أنصار الله، وأنتم السابقون الأولون، والسابقون الآخرون، والسابقون في الدنيا والسابقون في الآخرة إلى الجنة قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله عز وجل، وضمان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) ، والله ما على درجة الجنة أكثر أرواحاً منكم فتنافسوا في فضائل الدرجات، أنتم الطيبون ونساءكم الطيبات كل مؤمنة حوراء عيناء، وكل مؤمن صدّيق، ولقد قال أمير المؤمنين(عليه السلام)لقنبر : يا قنبر أبشر وبشّر واستَبشِر، فوالله لقد مات رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وهو على أمته ساخط إلا الشيعة .

ألا وإن لكل شيء عزاً وعز الإسلام الشيعة.

ص: 174


1- الأعور : - عند العرب - يقال للذي ليس له أخ من أبيه وأمه . وقيل : إنهم يطلقونه على الرديء من كل وقيل : إن المقصود به هنا هولاكو.
2- أي من الشرق، وهكذا كان، إذ إن هولاكو جاء منه .

ألا وإن لكل شيء دعامة ودعامة الإسلام الشيعة .

ألا وإن لكل شيء ذروة وذروة الإسلام الشيعة .

ألا وإن لكل شيء شرفاً وشرف الإسلام الشيعة .

ألا وإن لكل شيء سيداً وسيد المجالس مجالس الشيعة .

ألا وإن لكل شيء إماماً وإمام الأرض أرض تسكنها الشيعة، والله لولا ما في الأرض منكم ما رأيتَ بعينٍ عُشباً أبداً، والله لولا ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم، ولا أصابوا الطيبات، ما لهم في الدنيا ولا لهم في الآخرة من نصيب، كل ناصب وإن تعبَّد واجتهد منسوب إلى هذه الآية :﴿ عاملةٌ ناصبةٌ * تصلى ناراً حامية ﴾(1)فكل ناصب مجتهد فعمله هباء، شيعتنا ينطقون بنور الله عز وجلّ، ومن يخالفهم ينطقون بتفلّت(2)، والله ما من عَبْدٍ من شيعتنا ينام إلا أصعد الله عز وجل روحه إلى السماء فيبارك عليها، فإن كان قد أتى عليها أجلُها جعلُها في كنوز رحمته وفي رياض جنته وفي ظل عرشه ، وإن كان أجلُها متأخراً بعث بها مع أَمَنَتِهِ من الملائكة ليردّوها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكنَ فيه، والله إن حاجَّكم وعُمّارَكم لخاصة الله عز وجل، وإن فقراءكم لأهل الغنى، وإن أغنياءكم لأهل القناعة، وإنكم كلّكم لأهْلُ دعوته وأهلُ إجابته .

٢٦٠ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن القاسم ، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبد الله(عليه السلام) مثله ، وزاد فيه : ألا وإن لكل شيء جوهراً وجوهر ولد آدم محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، ونحن، وشيعتنا بعدنا، حَبّذا شيعتنا ما أقربهم من عرش الله عز وجل، وأحسن صنع الله إليهم يوم القيامة، والله لولا أن يتعاظم الناس ذلك(3)أو يدخلهم زهو(4)لسلّمت عليهم الملائكة قُبُلاً ، والله ما من عبد من شيعتنا يتلو القرآن في صلاته قائماً إلّا وله بكل حرف مائة حسنة، ولا قرأ في صلاته جالساً إلا وله بكل حرف خمسون حسنة، ولا في غير صلاة إلّا وله بكل حرف عشر حسنات، وإن للصامت من شيعتنا لأجر من قرأ القرآن ممن خالفه، أنتم والله على فرشكم نيام لكم أجر المجاهدين، وأنتم والله في صلاتكم لكم أجر الصافّين في سبيله، أنتم والله الذين قال الله عز

ص: 175


1- الغاشية / ٣ و ٤ .
2- أي بلا روية وبلا أساس يستندون إليه إلا الأهواء.
3- أي فيقولون فيهم ما ليس بحق، كأن يقولوا إنهم أنبياء أو معصومون .
4- الزهو: الكبر والخيلاء .

وجل : ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾(1)، إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين : عينان في الرأس، وعينان في القلب(2)، ألا وإنّ الخلائق كلهم كذلك، أَلَا إن الله عز وجل فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم .

شکوی أبی عبدالله(عليه السلام) إلی الله عزوجل

٢٦١ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحَكَم، عن منصور بن يونس، عن عنبسة بن مصعب قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول : أشكو إلى الله عز وجل وحدتي وتقلقلي بين أهل المدينة، حتى تُقدِموا وأراكم وأنس بكم، فليت هذا الطاغية(3)أذِنَ لي فأتخذ قصراً في الطائف فسكنته وأسكنتكم معي ، وأضمن له أنْ لا يجيء من ناحيتنا مكروه أبداً.

٢٦٢ - عدّة من أصحابنا ،عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب قال : أنشد الكُمَيت أبا عبد الله(عليه السلام)شعراً فقال :

أخلص الله لي ه_وايَ (4)فما أغرق نزعاً ولا تطيش سهامي(5)

فقال أبو عبد الله(عليه السلام): لا تقل هكذا فما أغرق نزعاً، ولكن قُلْ : فقد أغرق نزعاً ولا تطيش سهامَي(6).

حدیث سفیان بن مصعب العبدی وشدۀ التقیۀ

٢٦٣ - سهل بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن أبي داود المسترق، عن سفيان بن مصعب العبدي قال : دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام) فقال : قولوا لأم فَرْوَة تجيء فتسمع ما صُنِع

ص: 176


1- الحجر / ٤٧ . والغِلَّ : ما كان في الصدور في الدنيا من شحناء وضغائن وعداوة . والسُّرُر جمع سرير ومتقابلين : أي يقابل بعضهم بعضاً لا يستدبره فينظر في قفاه
2- يرون بهما الحقائق والمعقولات ويميزون بين صحيحها وسقيمها وحقها وباطلها .
3- المراد به إما أبو العباس السفاح أو أبو جعفر المنصور.
4- يعني : حبي لكم أهل البيت .
5- «نزع في القوس : مدّها وأغرق في نزعها استوفى مدّها هذا في الأصل ثم أستعير للمبالغة في الأمر والانتهاء فيه . وطاش السهم : جاز الهدف ... ولعل المراد بالقوس : قوس المحبة وبالسهم سهمها على سبيل التشبيه» المازندراني ٢٧٤/١٢ .
6- «هذا الكلام يحتمل وجهين : الأول : أن يكون الواو لعطف المنفي على المنفي فدل بحسب المنطوق على عدم الإغراق في نزع قوس المحبة وعدم المبالغة فيها وعدم طيش سهم المحبة عن الهدف إلى الغلو مثلا، وبحسب المفهوم على أنه لو أغرق طاش سهم المحبة عن الهدف فلذلك لم يغرق والثاني : أن يكون الواو للحال عن فاعل أغرق ويكون النفي راجعاً إلى القيد فيدل على أنه أغرق وطاش السهم لأجل إغراقه، ولما كان في الأول نقص في إظهار المحبة وجهين : الأول : عدم المبالغة في المحبة، والثاني : جواز سهم المحبة عن الهدف على تقدير المبالغة فيها وفي الثاني نقص بالوجه الثاني غير(عليه السلام) عبارته ليندفع كلا النقصين .... »ن . م .

بجدّها، قال: فجاءت فقعدت خلف الستر ثم قال : أَنشِدنا(1)، قال: فقلت :

«فَرْوُ جُودِي بدَمْعِكِ المسكوب»

قال : فصاحت وصحنَ النساء، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): الباب الباب(2)، فاجتمع أهل المدينة على الباب قال : فبعث إليهم أبو عبد الله(عليه السلام): صبيُّ لنا غُشِيَ عليه (3)، فصِحْن النساء .

٢٦٤ - سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن عثمان، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لما حفر رسولالله (صلی الله علیه وآله وسلم)الخندق، مِرّوا بكُدْية(4)فتناول رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)المعول من يد أمير المؤمنين(عليه السلام) ، أو(5)يد سلمان رضي الله عنه ، فضرب بها ضربة فتفرقت بثلاث فرق، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): لقد فتح علي في ضربتي هذه كنوز كسرى وقيصر ، فقال أحدهما لصاحبه (6): يَعِدُنا بكنوز كسرى وقيصر وما يقدر أحدُنا أن يخرج يتخلّى .

٢٦٥ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إن الله تبارك وتعالى ريحاً يقال لها : الأَزيَب(7)، لو أرسل منها مقدار منخر ثور لأثارت ما بين السماء والأرض، وهي : الجَنوب(8).

استسقاء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

٢٦٦ _ علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن رزيق(9)أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : أتى قوم رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)فقالوا : يا رسول الله ، إن بلادنا قد قحطت وتوالت السنون علينا، فادع الله تبارك وتعالى يرسل السماء علينا، فأمر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بالمنبر فأَخرجَ واجتمع الناس، فصعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) ودعا وأمر الناس أن يؤمّنوا فلم يلبث أن هبط جبرئيل فقال : يا محمد أخبر الناس إن ربك قد وعدهم أن يمطروا يوم كذا وكذا، وساعة كذا وكذا، فلم يزل الناس ينتظرون ذلك اليوم وتلك الساعة، حتى إذا كانت تلك الساعة

ص: 177


1- دل على عدم حرمة سماع النساء صوت الرجال الأجانب.
2- أي أغلقوا الباب، أو ما شابه .
3- ربما فعل(عليه السلام)ذلك تقية ليفسّر صياحهن بما حصل للصبي .
4- الكُدية: الأرض الصلبة، أو الصخرة الصلدة.
5- الترديد من الراوي .
6- يقصد الأول والثاني .
7- الأَزيَب : - كما في القاموس - الجنوب ، أو النكباء تجري بينها وبين الصَّبا، والأمر المنكر والداهية .
8- أي هي الجنوب عند الناس.
9- في بعض النسخ: زريق. وكذا ما بعده.

أهاج الله عز وجل ريحاً فأثارت سحاباً وجلّلت السماء وأرخت عَزَالَيْها، فجاء أولئك النفر بأعيانهم إلى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فقالوا : يا رسول الله ؛ ادع الله لنا أن يكفّ السماء عنا فإنا كدنا أن نغرق، فاجتمع الناس ودعا النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وأمر الناس أن يؤّمنوا على دعائه، فقال له رجل من الناس : يا رسول الله أسْمِعْنا فإن كل ما تقول ليس نسمع ، فقال : قولوا : اللهم حوالَينا ولا علينا، اللهم صُبَّها في بطون الأودية وفي نبات الشجر وحيث يرعى أهل الوَبَر(1)، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً.

٢٦٧ - جعفر بن بشير، عن رزيق، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ما أبرقت قط في ظلمة ليل ولا ضوء نهار إلا وهي ماطرة .

٢٦٨ -محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن العزرمي، رفعه قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام): وسئل عن السحاب أين يكون؟ قال: يكون على شجر على كثيب(2)على شاطيء البحر يأوي إليه ، فإذا أراد الله عزوجل أن يرسله أرسل ريحاً فأثارته، ووكَّل به ملائكة يضربوه بالمخاريق، وهو البرق، فيرتفع، ثم قرأ هذه الآية : ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ - الآية _﴾(3)والملك اسمه الرعد .

٢٦٩ - عدّة من أصحابنا ،عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنى الحناط ، ومحمد بن مسلم قالا : قال أبو عبد الله (عليه السلام): من صدق لسانه زكا عمله، ومن حسُنَت نيته زاد الله عز وجل في رزقه، ومن حسن بره بأهله زاد الله في عمره .

موعظۀ للنبی(صلی الله علیه وآله وسلم)

270 _ الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسن بن محمد الهاشمي قال: حدثني أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، قال : حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): يقول الله تبارك وتعالى لابن آدم : إن نازعك بصرُك إلى بعض ما حَرَّمْتُ عليك فقد أعنتك عليه بطبقينِ(4)، فاطبق ولا تنظر ، وإن نازعك لسانك إلى بعض ما حَرّمتُ عليك فقد أعنتك عليه بطبقين(5)فاطبق ولا تَكَلَّم، وإن نازعك فَرْجُك إلى بعض ما حرمتُ عليك فقد أعنتك عليه

ص: 178


1- أهل الوَبَر: أي أهل الإبل.
2- الكثيب: الرمل الطويل المحدودب
3- فاطر / ٩ . وتتمة الآية : فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور .
4- يقصد بهما :الجفنين .
5- يقصد بهما الشفتين.

بطبقين(1)فاطبق ولا تأتِ حراماً.

ثلاث من كن فيه فلا يرج خيره

271 -علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط ، عن مولى لبني هاشم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ثلاث من كن فيه فلا يرج خيره، من لم يستح من العيب، ويخش الله بالغيب(2)، ويَرعَوِ(3)عند الشيب .

إذا أتاكم شريف قوم فأكرموه

272 - أبو علي الأشعري ،عن محمد بن عبد الجبّار، عن الحجّال قال: قلت لجميل بن دراج : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): إذا أتاكم شريف قوم فأكرموه ، قال : نعم ، قلت له : وما الشريف؟ قال : قد سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن ذلك فقال : الشريف من كان له مال ، قال : قلت : فما الحسيب؟ قال : الذي يفعل الأفعال الحسنة بماله وغير مالِهِ، قلت : فما الكرم؟ قال: التقوى .

273 - علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): ما أشد حزن النساء، وأبعد فراق الموت، وأشد من ذلك كله فقر يتملّق(4)صاحبه ثم لا يعطى شيئاً.

حديث يأجوج ومأجوج

(5)

٢٧٤ _ الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن العباس بن العلاء، عن مجاهد، عن ابن عباس قال : سئل أمير المؤمنين(عليه السلام)عن الخَلْق فقال : خلق الله ألفاً ومائتين(6)فى البر ، وألفاً ومائتين في البحر، وأجناس بني آدم سبعون جنساً، والناس ولد آدم ما خلا يأجوج ومأجوج .

٢٧٥ - الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّی بن محمد، عن الحسن بن علي الوشّاء ،عن مُثَنّى، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: (إن) الناس طبقات ثلاث : طبقة

ص: 179


1- يقصد بهما هنا الفخذين.
2- أي في الخفاء والسر كخشيته سبحانه في العَلَن
3- لم يرعو: لم ينزجر وينكفى .
4- التملق : التودد والتضرّع فوق ما ينبغي والإغراق فيهما .
5- «قال القاضي : هما إسمان أعجميان بدليل منع الصرف وقيل : عربيان من أج الظليم إذا أسرع، وأصلهما الهمز كما قرأ ،عاصم ، ومنع صرفهما للتعريف والتأنيث، وفي القاموس : من لا يهمزهما يجعل الألفين زايدتين» المازندراني 279/12.
6- أي من الأنواع والأجناس.

هم منّا ونحن منهم، وطبقة يتزَيَّنون بنا، وطبقة يأكل بعضهم بعضاً (بنا)(1).

٢٧٦ _ عنه، عن المعلّى، عن الوشّاء، عن عبد الكريم بن عمرو، عن عمّار بن مروان، عن الفُضَيل بن يسار قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): إذا رأيت الفاقة والحاجة قد كثرت وأنكر الناس بعضهم بعضاً فعند ذلك فانتظر أمر الله عز وجل ، قلت : جُعِلْتُ فداك، هذه الفاقة والحاجة قد عرفتهما، فما إنكار الناس بعضهم بعضاً ؟ قال : يأتي الرجل منكم أخاه فيسأله الحاجة فينظر إليه بغير الوجه الذي كان ينظر إليه، ويكلّمه بغير اللسان الذي كان يكلّمه به .

277 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن عبيد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام): وكل الرزق بالحمق، ووكل الحرمان بالعقل(2)، ووكل البلاء بالصبر.

قصۀ عمر أخی غذافر وأبی عبدالله(عليه السلام)

278 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد العطّار، عن يونس بن يعقوب ، عن عمر أخي عذافر قال : دفع إلي إنسان ستمائة درهم م أو(3)سبعمائة درهم لأبي عبد الله(عليه السلام)، فكانت في جُوالَقي ، فلما انتهيت إلى الحفيرة(4)شُقّ جوالقي وذهب ما فيه، ووافقت (5)عامل المدينة بها فقال : أنت الذي شُقّت زاملتك وذُهب بمتاعك؟ بجميع فقلت : نعم، فقال: إذا قدمنا المدينة فأتنا حتى أعوضك، قال: فلما انتهيت إلى المدينة دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام) فقال : يا عمر، شُقت زاملتك وذُهِبَ بمتاعك؟ فقلت : نعم، فقال: ما أعطاك الله خير مما أخذ منك إن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)ضلّت ناقته فقال الناس فيها : يخبرنا عن السماء ولا يخبرنا عن ناقته فهبط عليه جبرئیل(عليه السلام) فقال : يا محمد ناقتك في وادي كذا وكذا ملفوف خطامها بشجرة كذا وكذا قال فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس ؛ أكثرتم عَلَيّ في ناقتي ، ألا وما أعطاني الله خير مما أخذ مني ، ألا وأن ناقتي في وادي كذا وكذا ملفوف خطامها بشجرة كذا وكذا ، فابتدرها الناس فوجدوها كما قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

ص: 180


1- أي يلعن بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضاً. وبناءً على وجود كلمة (بنا) في ذيل الرواية فالمعنى : أنهم يأكل بعضهم أموال بعض بإفشاء علومنا أو أسرارنا أو بإظهار المودة لنا وهكذا .
2- وذلك لأن الأول يطلب الدنيا ويهلك نفسه في تحصيلها في حين أن الثاني يتركها ويبتعد عنها لعلمه بغرورها وزينتها وبلاءاتها .
3- الترديد من الراوي .
4- اسم مكان .
5- من الاتفاق وهو المصادفة. وفي بعض النسخ: وواقفتُ من المواقفة.

قال : ثم قال : انت عامل المدينة فَتَنَجَّزْ(1)منه ما وعدك ، فإنما هو شيء دعاك الله إليه لم تطلبه منه.

توجیه کلام أبی ذر رضی الله عنه

279 - سهل، عن محمد بن عبد الحميد، عن يونس ،عن شعيب العرقوفي قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): شيء يروى عن أبي ذر رضي الله عنه أنه كان يقول : ثلاث يبغضها الناس وأنا أحبها ؛ أحب الموت، وأحب الفقر، وأحب البلاء؟ فقال : إن هذا ليس على ما يروون، إنما عنى الموت في طاعة الله أحب إليَّ من الحياة في معصية الله، والبلاء في طاعة الله أحب إلي من الصحة في معصية الله ،والفقر في طاعة الله أحب إلي من الغنى في معصية الله .

رؤیا رآها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

280 - سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد ،عن يونس، عن علي بن عيسى القمّاط، عن عمّه قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : هبط جبرئيل(عليه السلام)على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، ورسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كئيب حزين فقال : يا رسول الله، ما لي أراك كئيباً حزيناً ؟ فقال : إني رأيت الليلة رؤيا، قال: وما الذي رأيتَ ؟ قال : رأيتُ بني أمية يصعدون المنابر وينزلون منها ، قال والذي بعثك بالحق نبياً، ما علمت بشيء من هذا، وصعد جبرئيل(عليه السلام)إلى السماء ثم أهبطه الله جل ذكره بأي من القرآن يعزّيه بها ، قوله : ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ *مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾(2)وأنزل الله جل ذكره﴿«إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، للقوم(3)، فجعل الله عز وجل ليلة القدر لرسوله خيراً من ألف شهر .

281 - عن محمد بن عبد الحميد ،عن يونس، عن عبد الأعلى قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام)عن قول الله عز وجل:﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾(4)، قال : فتنة في دينه، أو جراحة لا يأجره الله عليها .

حدیث عبدالأعلی فی اختلاف الشیعۀ تفرق أمۀ موسی وعیسی(عليه السلام)ومحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)

282 - سهل بن زياد، عن محمد، عن يونس، عن عبد الأعلى قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إن شيعتك قد تباغضوا وشَنّأ بعضهم بعضاً ، فلو نظرت - جُعلتُ فداك - في أمرهم؟ فقال : لقد هممت أن أكتب كتاباً لا يختلف عليَّ منهم إثنان ، قال : فقلت : ما كنا قط أحوج إلى

ص: 181


1- تنجز الأمر: استنجحه وظفر به
2- الشعراء / ٢٠٥ إلى 207 . والتعزية : التسلية .
3- يعني بني أمية .
4- النور/٦٣ . والفتنة : في الأصل، الإمتحان والاختبار وكثر استعمالها في الإثم والقتل والقتال والعذاب والصرف عن الحق والعذاب هنا عام .

ذلك منا اليوم ، قال : ثم قال : أنّى هذا ومروان وابن ذر(1) ، قال(2): فظننت أنه قد منعني ذلك(3)، قال : فقمت من عنده فدخلت على إسماعيل، فقلت: يا أبا محمد إني ذكرت لأبيك اختلاف شيعته وتباغضهم ، فقال : لقد هممت أن أكتب كتاباً لا يختلف عليَّ منهم إثنان، قال : فقال : ما قال مروان وابن ذر، قلت: بلى قال يا عبد الأعلى، إن لكم علينا لَحَقاً كحقنا عليكم، والله ما أنتم إلينا بحقوقنا أسرع منا إليكم، ثم قال: سأنظر، ثم قال : يا عبد الأعلى، ما على قوم إذا كان أمرهم أمراً واحداً متوجهين ،إلى رجل واحد يأخذون عنه ألّا يختلفوا عليه ويُسندوا أمرهم إليه، يا عبد الأعلى ؛ إنه ليس ينبغي للمؤمن وقد سبقه أخوه إلى درجة من درجات الجنة، أن يجذبه عن مكانه الذي هو به، ولا ينبغي لهذا الآخر الذي لم يبلغ ، أن يدفع في صدر الذي لم يلحق به، ولكن يستلحق إليه ويستغفر الله(4).

283 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح ، عن أبي خالد الكابلي ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ﴾(5)، قال : أما الذي فيه شركاء متشاكسون فلانٌ الأول، يجمع المتفرقون ولايته وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضاً ويبرأ بعضهم من بعض، فأما رجل سَلَم لرجل فإنه الأول حقاً وشيعته، ثم قال : إن اليهود تفرقوا من بعد موسى(عليه السلام)على إحدى وسبعين فرقة منها فرقة في الجنة وسبعون فرقة في النار، وتفرقت النصارى بعد عيسى(عليه السلام)على اثنين وسبعين فرقة فرقة منها في الجنة وإحدى وسبعون في النار، وتفرّقت هذه الأمة بعد نبيّها(صلی الله علیه وآله وسلم) على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون فرقة في النار وفرقة في الجنة، ومن الثلاث وسبعين فرقة ثلاث عشرة فرقة تنتحل ولايتنا ومودتنا، اثنتا عشرة فرقة منها في النار، وفرقة في الجنة، وستون فرقة من سائر الناس في النار.

٢٨٤ _ وعنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان ، سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لم تزل دولة الباطل طويلة، ودولة الحق قصيرة(6).

ص: 182


1- أي كيف يمكن أن يكتب هذا الكتاب مع وجود هذين الرجلين ولعله كان يتقيهما. ويحتمل أنهما كانا من الشيعة قد اختلفا اختلافاً شديداً ووقعت بينهما العداوة فيكون المعنى : كيف ينفع هذا الكتاب في رفع خلافهما ودفع منازعتهما وإزالة عداوتهما، وكلام إسماعيل التالي يؤيد المعنى الثاني .
2- الضمير يعود إلى عبد الأعلى وهو السائل .
3- أي امتنع (أبو عبد الله)من كتابة الكتاب لي .
4- أي له ولأخيه ذاك .
5- الزمر / 29
6- أي بلحاظ شيوع الأولى بين الناس وكثرة أنصارها دون الثانية .
متى فَرَجُ شيعه

٢٨٥ _ وعنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن يعقوب السّراج قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) : متى فَرَجُ شيعتكم؟ قال : فقال : إذا اختلف ولد العباس، ووهي سلطانهم ، وطمع فيهم من لم يكن يطمع فيهم، وخلعت العرب أَعِنَّتَها(1)ورفع كل ذي صِيصِيَة(2)صيصيته، وظهر الشاميّ، وأقبل اليمانيّ، وتحرك الحَسَني، وخرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلى مكة بتراث(3)رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

فقلت ما تراث رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ قال : سيف رسول الله ودرعه وعمامته وبُرْدُه، وقضيبه، ورايته ولامته ،وسرجه ،حتى ينزل مكة، فيخرج السيف من غمده، ويلبس الدرع، وينشر الراية والبردة والعمامة، ويتناول القضيب بيده ويستأذن الله في ظهوره ، فيطّلع على ذلك بعض مواليه ،فيأتي الحسني فيخبره الخبر فيبتدر الحسني إلى الخروج، فيثب عليه أهل مكة فيقتلونه ويبعثون برأسه إلى الشامي، فيظهر عند ذلك صاحب هذا الأمر فيبايعه الناس ويتبعونه .

ويبعث الشامي عند ذلك جيشاً إلى المدينة فيهلكهم الله عز وجل دونها ويهرب يومئذ من كان بالمدينة من ولد علي(عليه السلام)إلى مكة فيلحقون بصاحب هذا الأمر.

ويقبل صاحب هذا الأمر نحو العراق، ويبعث جيشاً إلى المدينة فيأمن أهلها ويرجعون إليها .

تعرض بعض دصحاب أبی الخطّاب لأبی جعفر(عليه السلام)وبراءته منهم

٢٨٦ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن بعض أصحاب أبي عبد الله(عليه السلام)قال: خرج إلينا أبو عبد الله(عليه السلام)وهو مغضب فقال : إني خرجت آنفاً في حاجة فتعرّض لي بعض سودان المدينة، فهتف بي لبَّيك يا جعفر بن محمد لبَّيك ، فرجعت عودي على بدئي إلى منزلي خائفاً ذعراً مما قال(4)، حتى سجدت في مسجدي لربي، وعفّرت له وجهي وذللت له نفسي ، وبرئت إليه مما هتف وذللت له نفسي ، وبرئت إليه مما هتف بي ، ولو أن عيسى بن مريم عدا ما قال الله فيه إذا لصُمّ صمّاً لا يسمع بعده أبداً، وعمي عمَّى لا يبصر بعده أبداً، وخرس خرساً لا يتكلم بعده أبداً، ثم قال : لعن الله أبا الخطاّب وقتله بالحديد.

287 - عنه ، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب ،عن جهم بن أبي جُهَيْمة، عن

ص: 183


1- جمع عِنان : وهو سير اللجام الذي تمسك به الدابة وهذا التعبير كتابة عن خروجهم من ربقة التبعية والذل لغيرهم .
2- الصيصية : شبه الإصبع تكون خلف رجل الديك، كما يطلق على قرن البقر. وهذا التعبير كناية عن نهوض كل من به قوة أو طامع بالملك والسلطان .
3- أي ميراث .
4- كأنه فهم(عليه السلام)من هتافه له : لبيك إنه من القائلين بربوبيته ولعله كان من جماعة أبي الخطّاب لعنه الله .

بعض موالي أبي الحسن(عليه السلام)قال : كان عند أبي الحسن موسى(عليه السلام)رجل من قريش، فجعل يذكر قريشاً والعرب، فقال له أبو الحسن(عليه السلام)عند ذلك : دع هذا، الناس ثلاثة :عربي ومولى وعِلْج ، فنحن العرب، وشيعتنا الموالي ، ومن لم يكن على مثل ما نحن عليه فهو عِلج ، فقال القرشي : تقول هذا يا أبا الحسن، فأين أفخاذ قريش والعرب؟ فقال أبو الحسن(عليه السلام): هو ما قلت لك .

مایعمل القائم(عجل الله تعالی فرجه) بالنواصب

288 - عنه ،عن أحمد بن محمد ،عن ابن محبوب، عن الأحول، عن سلام بن المستنير قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يحدّث : إذا قام القائم عرض الإيمان على كل ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة وإلا ضرب عنقه، أو يؤدي الجزية كما يؤديها اليوم أهل الذمة، ويشدّ على وسطه الهِميان ويخرجهم من الأمصار إلى السواد.

ماأکثر الوصف وأقل الفعل

289 - الحسين بن محمد الأشعري، عن علي بن محمد بن سعيد، عن محمد بن مسلم بن أبي سلمة، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن محمد بن بنان، عن أبي مريم، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قال أبي يوماً وعنده أصحابه : من منكم تطيب نفسه أن يأخذ جمرة في كفه فيمسكها حتى تطفأ ؟ قال : فَكَاعَ (1)الناس كلهم ونَكَلُوا ، فقمت وقلت : يا أبت أتأمر أن أفعل؟

فقال : ليس إياك عنيت، إنما أنت مني وأنا منك، بل إياهم أردت ، قال : وكرّرها ثلاثاً، ثم قال : ما أكثر الوصف وأقل الفعل، إن أهل الفعل قليل إن أهل الفعل قليل، ألا وإنا لنعرف أهل الفعل والوصف معاً، وما كان هذا منا تعامياً عليكم بل لنبلوَ أخباركم ونكتب آثاركم ، فقال : والله لكأنما مادت بهم الأرض حياءاً مما قال، حتى أني لأنظر إلى الرجل منهم يَرْفَضُ(2) عرقاً ما يرفع عينيه من الأرض، فلما رأى ذلك منهم قال: رحمكم الله، فما أردت إلا خيراً، إن الجنة درجات، فدرجة أهل الفعل لا يدركها أحد من أهل القول، ودرجة أهل القول لا يدركها غيرهم، قال: فوالله لكأنما نشطوا من عقال(3).

انّماشیعۀ علیّ من صدّق قوله فعله

290 - وبهذا الإسناد، عن محمد بن سليمان، عن إبراهيم بن عبد الله الصوفي قال : حدثني موسى بن بكر الواسطي قال : قال لي أبو الحسن (عليه السلام): لو ميزتُ شيعتي لم أجدهم إلا واصفة(4)، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مُرْتَدّين(5)، ولو تمحَّصْتهم لما خلص من الألف واحد،

ص: 184


1- كاعَ : جَبن
2- يرفضّ عَرَقاً : أي يتصبّب ويسيل .
3- نشطوا من عقال: أي خرجوا منه. وفيه كناية عن ارتياحهم وسرورهم جراء ترحّمه(عليه السلام)عليهم .
4- أي واصفين للتشيع قائلين به.
5- أي خارجين عن طريقتي وسنّتي .

ولو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلا ما كان لي، إنهم طالما اتكَّوا على الأرائك فقالوا : نحن شيعة علي، إنما شيعة علي من صدَّقَ قولَه فعلُه .

291 - حميد بن زياد ،عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : يؤتى بالمرأة الحسناء يوم القيامة التي قد افتتنت في حسنها فتقول : يا رب حَسَنْتَ خَلْقى حتى لقيت ما لقيت، فيجاء بمريم(عليها السلام)فيقال : أنت أحسن أو هذه؟ قد حَسّناها فلم تفتتن، ويجاء بالرجل الحسن الذي قد افتتن في حسنه فيقول : يا رب حَسَّنْتَ خلقي حتى لقيت من النساء ما لقيت، فيجاء بيوسف(عليه السلام)فيقال : أنت أحسن أو هذا؟ قد حسّناه فلم يفتتن، ويجاء بصاحب البلاء الذي قد أصابته الفتنة في بلائه فيقول: يا رب شَدّدت علىَّ البلاء حتى افتتنت، فيؤتى بأيوب(عليه السلام)فيقال : أَبَلِيَّتُكَ أشدُّ أو بليّة هذا؟ فقد أُبْتُليَ فلم يفتتن(1).

292 - وبهذا الإسناد، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل البصري قال : سمعت أبا عبد لله(عليه السلام)يقول : تقعدون(2)في المكان فَتَحَدَّثونَ وتقولون ما شئتم، وتتبرؤون ممن شئتم، وتَوَلَّوْنَ من شئتم؟ قلت: نعم، قال: وهل العيش إلا هكذا.

رحم الله عبداً حببنا إلی الناس

293 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : رحم الله عبداً حَبَّبَنا إلى الناس ولم يُبغَضْنا إليهم، أما والله لو يَرْووُنَ محاسن كلامنا لكانوا به أعز ، وما استطاع أحد أن يتعلق عليهم بشيء، ولكن أحدهم يسمع الكلمة فيحطّ إليها عشراً(3).

بیان قوله تعالی:﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾

٢٩٤ - وهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: سألته عن قول الله عز وجل:﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾(4)قال : هي شفاعتهم ورجاؤهم، يخافون أن تُرَدّ عليهم أعمالهم إن لم يطيعوا الله عزّ ذِكْره ويرجون أن يَقبل منهم .

٢٩٥ - وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): ما من عبد يدعو إلى ضلالة إلا وجد من يتابعه .

ص: 185


1- «ليس الغرض منه (الحديث) مجرد الإخبار بل فيه وعد ووعيد للممتحن وحمل له على الصبر وبيان لرفع حجته على الله يوم القيامة »المازندراني /291/12
2- يقصد جماعة الشيعة. وفي الحديث ترغيب لهم في المجالسة وحسن العشرة والتآلف والتواد.
3- أي يزيد عليها فيقع التحريف، وذكر العشر للمبالغة.
4- المؤمنون / ٦٠ . وتتمة الآية : أنهم إلى ربهم راجعون .

٢٩٦ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن الصلت، عن رجل من أهل بَلَخ قال : كنت مع الرضا(عليه السلام)في سفره إلى خراسان، فدعا يوماً بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان ،وغيرهم، فقلت: جُعِلْتُ فداك، لو عزلت لهؤلاء مائدة؟ فقال : مَهْ، إن الرب تبارك وتعالى واحد والأم واحدة والأب واحد، والجزاء بالأعمال.

297 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان قال : سمعت أبا الحسن(عليه السلام)يقول : طبايع الجسم على أربعة: فمنها الهواء الذي لا تحيى النفس إلا به وبنسيمه، ويُخرج ما في الجسم من داء وعفونة، والأرض التي قد تُوَلّد اليَبَسَ والحرارة، والطعام ومنه يتولّد الدم ، ألا ترى أنه يصير إلى المعدة فيغذّيه حتى يلين ثم يصفو فتأخذ الطبيعة صفوه دماً ، ثم ينحدر الثَفَل(1)، والماء وهو يولد البَلْغَم .

سؤال عن قول الرجل :«جزاک الله خیراً»

298 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسين بن أَعْيَن أخو مالك بن أعين قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن قول الرجل للرجل : جزاك الله خيراً، ما يعني به؟ فقال أبو عبد الله(عليه السلام): إن خيراً نهر في الجنة، محرجه من الكوثر، والكوثر مخرجه من ساق العرش، عليه منازل الأوصياء وشيعتهم، على حافتي ذلك النهر جواري نابتات، كلما قُلِعَتْ واحدة نبتت أخرى، سمّي(2) بذلك النهر، وذلك قوله تعالى : وفيهن خيرات حسان(3)، فإذا قال الرجل لصاحبه : جزاك الله خيراً، فإنما يعني بذلك تلك المنازل التي قد أعدّها عز وجل لصفوته وخيرته من خلقه .

٢٩٩ _ وعنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إن في الجنة نهراً حافتاه حور(4) نابتات، فإذا مرّ المؤمن بإحداهن فأعجبته ،اقتلعها فأنبت الله عز وجل مكانها .

حديث القباب

300- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشّاء، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة قال : قال لي أبو جعفر(عليه السلام)ليلةً وأنا عنده ونظر إلى السماء فقال : يا أبا حمزة، هذه قبة

ص: 186


1- أي الفضلات تنحدر إلى الإمعاء المعدّة لذلك.
2- هكذا ورد هنا مبنياً للمجهول والنهر نائب فاعل ويحتمل قراءته للمعلوم والمعنى : أن الله سمّاه بما في الآية ..
3- الرحمن / ٧٠ .
4- الحور: نساء أهل الجنة الواحدة: حوراء، وهي الشديدة بياض العين والشديدة سوادها أيضاً.

أبينا آدم(عليه السلام)، وإن الله عز وجل سِواها تسعةً وثلاثين قبةً فيها خلق ما عصَوا الله طَرْفَةَ عين(1).

٣٠١ _ عنه ، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن عجلان أبي صالح قال : دخل رجل على أبي عبد الله(عليه السلام)فقال له : جُعلْتُ فِداك ، هذه قبة آدم(عليه السلام)؟ قال : نعم ، والله قباب كثيرة، ألا إن خلف مغربكم هذا تسعة وثلاثون مغرباً أرضاً بيضاء مملوّة خلقاً يستضيئون بنوره، لم يعصوا الله عز وجل طَرْفَةَ عين، ما يدرون خُلِقَ آدم أم لم يُخْلَق، يبرؤون من فلان وفلان .

من خَصَفَ نعله، وَرَقَع ثوبه، وحمل سلعته فقد برىء من الكِبْر

302- علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، ، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : من خَصَفَ(2)نعله، وَرَقَع ثوبه، وحمل سلعته فقد برىء من الكِبْر .

براءۀ الصادق(عليه السلام)من أبی الخطّاب ومقالتهم

٣٠٣ - عنه ، عن صالح ، عن محمد بن أَورَمة، عن ابن سنان، عن المفضّل بن عمر قال : كنت أنا والقاسم شريكي، ونجم بن حطيم، وصالح بن سهل بالمدينة، فتناظرنا الربوبية، قال : فقال بعضنا لبعض: ما تصنعون بهذا، نحن بالقرب منه(3)وليس منّا في تقية ، قوموا بنا إليه ، قال : فقُمنا فوالله ما بلغنا الباب إلا وقد خرج علينا بلا حذاء ولا رداء، قد قام كل شعرة من رأسه منه وهو يقول : لا لا يا مفضّل و يا قاسم و يا نجم ، لا، لا، بل عبادٌ مكرَمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون(4).

٣٠٤ - عنه، عن صالح، عن علي بن الحكم ،عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن لإبليس عوناً يقال له : تمريح(5)، إذا جاء الليل ملأَ ما بين الخافقَين .

مقالۀ الوزع وإنه رجْس مِسْخ

٣٠٥ - عنه ، عن صالح ، عن الوشّاء، عن كرّام ، عن عبد الله بن طلحة قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الوَزَع ؟ فقال : رِجْسٌ ، وهو مسخ كله، فإذا قتلته فاغتسل ، فقال : إن أبي كان قاعداً في الحِجْر ومعه رجل يحدثه فإذا بوزغ يولول بلسانه، فقال أبي للرجل : أتدري ما يقول

ص: 187


1- «كأنه أشار (بهذه قبة أبينا آدم) إلى السماء الدنيا وعندها قبة آدم باعتبار أنها خلقت له ولذريته كما نطقت به الآيات والروايات أو باعتبار أنه لم تكن له(عليه السلام)قبة سواها، وأراد بتسعة وثلاثين ما فوقها من السموات ولا دليل عقلاً ونقلاً على انحصار السماوات في تسع بل يجوز العقل الأقل والأكثر ، وأراد بالخلق : الملائكة أو الأعم ...إلخ» المازندراني ٢٩٥/١٢ .
2- الخصف: ضم الشيء إلى الشيء . والمراد بخصف النعل هنا خَرْزُها لإصلاحها إذ فتقت.
3- يقصد الإمام المعصوم(عليهم السلام).
4- والذي يفهم من هذا أن بعض هؤلاء كانوا ممن يرون الربوبية في المعصومين(عليهم السلام)فهم غلاة .
5- من المرح وهو الفساد. وفي بعض النسخ : تمريج من المَرَج وهو الفساد والاختلاط .

هذا الوزغ ؟ قال : لاعلم لي بما يقول ، قال : فإنه يقول : والله لئن ذكرتم عثمان بشتيمة لأشْتُمَنَّ علياً تى يقوم من ههنا، قال : وقال أبي : ليس يموت من بني أمية ميت إلا مُسِخَ وَزَعاً، قال : وقال : إن عبد الملك بن مروان لما نزل به الموت مُسِخَ وزعاً فذهب من بين يَديْ من كان عنده -وكان عنده ولده - فلما أن فقدوه عظم ذلك عليهم فلم يدروا كيف يصنعون، ثم اجتمع أمرهم على أن يأخذوا جِذْعاً فيصنعوه كهيئة الرجل ، قال : ففعلوا ذلك، وألبسوا الجذع درع حديد، ثم لفوه في الأكفان فلم يطّلع عليه أحد من الناس إلا أنا وولده.

إن الله بعث محمداً (صلی الله علیه وآله وسلم)رحمة، ويبعث القائم(عجل الله تعالی فرجه)نقمة

٣٠٦ _ عنه ، عن صالح ، عن محمد بن عبد الله بن مهران، عن عبد الملك بن بشیر، عن عثيم بن سليمان، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إذا تمنى أحدكم القائم فليتمنّه في عافية(1)، فإن الله بعث محمداً (صلی الله علیه وآله وسلم)رحمة، ويبعث القائم نقمة(2).

أشبه الناس بموسى بن عمران(عليه السلام)

307 _ عنه ، عن صالح ، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الملك بن بشير، عن أبي الحسن الأول(عليه السلام)قال : كان الحسن(عليه السلام) أشبه الناس بموسى بن عمران ما بين رأسه إلى سرّته، وإن الحسين(عليه السلام)أشبه الناس بموسى بن عمران ما بين سرّته إلى قدمه.

٣٠٨ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب، عن مقاتل بن سليمان قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام): كم كان طول آدم(عليه السلام) حين هُبطَ به إلى الأرض، وكم كان طول حوّاء؟ قال : وجدنا في كتاب علي بن أبي طالب(عليه السلام): إن الله عز وجل لما أهْبَطَ آدم وزوجته حواء(عليها السلام)إلى الأرض، كانت رجلاه بِثَنِيّة الصَّفا (3)ورأسه دون أُفُق السماء(4)، وإنه شكا إلى الله ما يصيبه من حر الشمس، فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل(عليه السلام): أن آدم قد شكا ما يصيبه من حر الشمس ، فاغمزه غمزة وصيّر طوله سبعين ذراعاً بذراعه، واغمز حوّاء غمزة فيصير طولها خمسة وثلاثين ذراعاً بذراعها .

٣٠٩ - عنه ، عن أبيه ، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب ،عن الحارث بن المغيرة قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن رجل أصاب أباه سَبْيٌ في الجاهلية فلم يعلم أنه كان أصاب أباه(5) سَبْيٌ في الجاهلية إلا بعد ما توالدته العبيد في الإسلام وأُعتِق؟ قال : فقال : فليُنسَب إلى آبائه

ص: 188


1- أي إذا تمنّى أحدكم ظهور القائم(عجل الله تعالی فرجه) فليدعُ أن يكون من أنصاره والمستشهدين بين يديه.
2- أي على العباد لأنه يعمل فيهم بعلمه ولا يحتاج إلى بينة ولا يقر أحداً على باطل ولا يقبل جزية .
3- ثنية الجبل : كالعقبة فيه . وقيل : هي الطريق العالي فيه .
4- الأفق: الناحية، كناية عن طول قامته .
5- أي أحد أجداده بقرينة قوله بعدُ : فلينسب إلى آبائه العبيد في الإسلام.

العبيد في الإسلام ، ثم هو يعد من القبيلة التي كان أبوه سُبِيَ فيها إن كان (أبوه) معروفاً فيهم، ويرثهم ويرثونه .

310 - ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن عبد المؤمن الأنصاري، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إن الله تبارك وتعالى أعطى المؤمن ثلاث خصال: العز في الدنيا والآخرة، والفَلَج(1)في الدنيا والآخرة ،والمهابة في صدور الظالمين.

ثلاثة هم شِرارُ الخلق ابتِلُي بهم خيار خلق الله

٣١١ - ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : ثلاث هُنَّ فخر المؤمن وزَيَّنه في الدنيا والآخرة: الصلاة في آخر الليل، ويأسُه مما في أيدي الناس، وولايته الإمام من آل محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، قال : وثلاثة هم شِرارُ الخلق ابتِلُي بهم خيار الخلق : أبو سفيان أحدُهم ، قَاتَلَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وعاداه، ومعاوية قَاتَلَ علياً(عليه السلام)وعاداه، ويزيد بن معاوية لعنه الله قَاتَلَ الحسين بن علي(عليه السلام)وعاداه حتى قتله .

312 - ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين(عليه السلام)قال: لا حَسَبَ لقرشي ولا لعربي إلا بتواضع، ولا كرم إلا بتقوى، ولا عمل إلا بالنية، ولا عباده إلا بالتفقّه، ألا وإن أبغض الناس إلى الله من يقتدي بسنّة إمام ولا يقتدي بأعماله.

حدیث یزید بن معاویه لعنهما الله وعلی بن الحسین(عليه السلام)

313 - ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن بريد بن معاوية قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : إن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج ، فبعث إلى رجل من قريش فأتاه ، فقال له يزيد : أتقرّ لي أنك عبد لي، إن شئتُ بعتك وإن شئتُ استرقّيتك، فقال له الرجل: والله يا يزيد، ما أنت بأكرم مني في قريش حَسَباً، ولا كان أبوك أفضلَ من أبي في الجاهلية والإسلام، وما أنت بأفضلَ مني في الدين، ولا بخير مني ، فكيف أقرّ لك بما سألت؟ فقال له يزيد : إن لم تقرّ لي والله قتلتك، فقال له الرجل: ليس قتلك إيايَ بأعظم من قتلك الحسين بن علي(عليه السلام)ابن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فأمر به فَقُتِل .

حديث علي بن الحسين(عليه السلام)مع يزيد لعنه الله

ثم أرسل إلى علي بن الحسين(عليه السلام)فقال له مثل مقالته للقرشي، فقال له علي بن الحسين(عليه السلام): أرأيتَ إن لم أُقِرَّ لك ، أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس؟ فقال له يزيد لعنه

ص: 189


1- الفَلَج : الغلبة والنجاة والفوز والطُّهر .

الله : بلى، فقال له علي بن الحسين(عليه السلام): قد أقررتُ لك بما سألت، أنا عبد مُكْره، فإن شئت فأمسِكْ ، وإن شئت فَبع ، فقال له يزيد لعنه الله : أوْلى لك، حقنت دَمَك ولم ينقصك ذلك من شَرَفِكَ .

من کذّب آیۀ من کتاب الله فقد نبَذَ کتاب الله وراء ظهره

٣١٤ - الحسين بن محمد الأشعري، عن علي بن محمد بن سعيد، عن محمد بن سالم بن أبي سَلَمَة، عن محمد بن سعيد بن غزوان قال : حدثني عبد الله بن المغيرة قال : قلت لأبي الحسن(عليه السلام): إن لي جارين أحدهما ناصب والآخر زيدي، ولا بد من معاشرتهما ، فَمَن أُعَاشِر ؟ فقال : هما سيّان من كذَّب بآية من كتاب الله فقد نبذ الإسلام وراء ظهره، وهو المكذب بجميع القرآن والأنبياء والمرسلين، قال: ثم قال : إن هذا نصب لك(1)وهذا الزيدي نصب لنا(2).

من قعد فی مجلس یُسَبّ فیه إمام من الأئمۀ

٣١٥ - محمد بن سعيد قال : حدثني القاسم بن عروة، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : من قعد في مجلس يُسَبّ فيه إمام من الأئمة يقدر على الانتصاف فلم يفعل، ألبسه الله عز وجل الذلّ في الدنيا وعذّبه في الآخرة، وسلبه صالح ما منَّ عليه من معرفتنا .

لاتقبل العبادۀ إلا ممن أَقرّ بولایتهم(عليه السلام)

٣١٦ _ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن إبراهيم ابن أخي أبي شبل، عن أبي شبل قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) ابتداءاً منه : أحببتمونا وأبغضنا الناس، وصدّقتمونا وكذَّبَنَا الناس، ووصلتمونا وجفانا الناس، فجعل الله محياكم محيانا ومماتكم مماتنا، أما والله ما بين الرجل وبين أن يقرّ الله عينه إلا أن تبلغ نفسه هذا المكان _ وأومأ بيده إلى حلقه - فمد الجلدة ، ثم أعاد ذلك، فوالله ما رضي حتى حلف لي فقال : والله الذي لا إله إلّا هو، لَحَدَّثني أبي محمد بن علي(عليه السلام) بذلك ، يا أبا شبل ؛ أما ترضون أن تصلّوا ويصلّوا فيقبل منكم ولا يقبل منهم، أما ترضون أن تزكّوا ويزكّوا فيقبل منكم ولا يقبل منهم، أما ترضون أن تحجّوا ويحجّوا فيقبل الله جلّ ذِكره منكم ولا يقبل منهم ، والله ما تُقْبَلُ الصلاة إلا منكم، ولا الزكاة إلا منكم ،ولا الحج إلا منكم ، فاتقوا الله عز وجل فإنكم في هُدْنة(3)، وأدّوا الأمانة ، فإذا تميز الناس فعند ذلك ذهب كل قوم بهواهم وذهبتم بالحق ما أطعتمونا، أليس القضاة والأمراء

ص: 190


1- لا بد من حمل هذا الناصب على المخالف، فإنه يبغض من يقول بإمامة أهل البيت(عليه السلام)وقد لا يبغضون أهل البيت(عليهم السلام) أنفسهم .
2- لأن الزيدية يبغضون أهل البيت(عليهم السلام)ويقولون بفسقهم لأنهم لم يخرجوا بالسيف كما هي عقيدتهم في الإمام. والله العالم .
3- الهُدنة : المصالحة، وكأنه أمر بالتقية من سلاطين الجور، فإن التقية دين وهي من تقوى الله

وأصحاب المسائل منهم؟ قلت بلى قال(عليه السلام): فاتقوا الله عز وجل فإنكم لا تطيقون الناس كلهم، إن الناس أخذوا ههنا وههنا وإنكم أخذتم حيث أخذ الله عز وجل، إن الله عز وجل اختار من عباده محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)فاخترتم خِيَرَةَ الله فاتقوا الله وادّوا الأمانات إلى الأسود والأبيض وإن كان حرورياً(1)، وإن كان شامياً.

317 -عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن إبراهيم بن أخي أبي عن شبل، عن أبي شبل، عن أبي عبد الله(عليه السلام) مثله .

318 - سهل بن زياد، عن محمد بن سنان، عن حماد بن أبي طلحة، عن معاذ بن كثير قال : نظرت إلى الموقف والناس فيه كثير ، فدنوت إلى أبي عبد الله(عليه السلام)فقلت له : إن أهل الموقف لكثير ، قال : فصرف ببصره فأداره فيهم ثم قال: ادن مني يا أبا عبد الله، غُثَاءٌ يأتي به الموج من كل مكان، لا والله ما الحج إلا لكم، لا والله ما يتقبّل الله إلا منكم .

حديث أم خالد وأبی بصیر وکثیر النوا

319 - الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أَبَان بن عثمان ، عن أبي بصير قال: كنت جالساً عند أبي عبد الله(عليه السلام)إذا دَخَلَتْ عليه أم خالد التي كان قطعها يوسف بن عمر تستأذن عليه، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): أيسرّك أن تسمَعَ كلامها ؟ فقلت : نعم، فقال: أمّا الآن فأَذَن لها ، قال : واجلسني معه على الطنفسة، ثم دَخَلَتْ فَتَكَلَّمَتْ ، فإذا امرأة بليغة ، فَسَأَلَتْهُ عنهما(2)، فقال لها : تَوَلّيهما؟ قالت: فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما ؟ قال : نعم(3)، قالت: فإن هذا الذي معك على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما، وكثير النَّوا يأمرني بولايتهما ، فأيهما خير وأحب إليك؟ قال : هذا والله أحب إليّ من كثير النوا وأصحابه، إن هذا يخاصم فيقول : ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾،﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾.

حدیث فاطمۀ(عليها السلام)لما أخرج علی(عليه السلام)

٣٢٠ _ عنه ، عن المعلّى، عن الحسن، عن أَبَان، عن أبي هاشم قال: لما أُخرِجَ بعلي(عليه السلام)، خرجت فاطمة(عليها السلام)واضعة قميص رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)على رأسها، آخذة بيدَي ابنَيْها فقالت : ما لي وما لَكَ يا أبا بكر تريد أن تؤتم ابنَيَّ وتُرَمّلني من زوجي، والله لولا أن تكون

ص: 191


1- أي خارجياً .
2- أي عن الأول والثاني . وقد مر هذا الحديث بعينه في موضع سابق فراجع .
3- لقد صدر عنه(عليه السلام)ذلك تقية .

سيئة(1)لنشرت شعري، ولصرخت إلى ربي، فقال رجل من القوم : ما تريد إلى هذا(2)، ثم أخذت بيده فانطلقت به .

321 - أَبَان ، عن علي بن عبد العزيز، عن عبد الحميد الطائي، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : والله لو نَشَرَتْ شعرها ماتوا طُرًّا(3).

322 - أَبَان ، عن ابن أبي يعفور قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إن ولد الزنا يُسْتَعْمَل(4)إن عمل خيراً جُزي به وإن عمل شراً جُزيَ به .

تکنیۀ مروان وأبیه بالوزغ

٣٢٣ _ أبان ، عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول: خرج رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) من حجرته ،ومروان وأبوه(5)يستمعان إلى حديثه، فقال له : الوزغ ابن الوزغ، قال أبو عبد الله

(عليه السلام): فمن يومئذ يَرَوْنَ أن الوزغ يسمع الحديث .

لما ولد مروان وحدیث عائشه مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

٣٢٤ - أَبَان ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : لما ولد مروان عرضوا به لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أن يدعو له، فأرسلوا به إلى عائشة ليدعو له، فلما قربته منه قال : أَخْرِجوا عني الوزغ ابن الوزغ ، قال زرارة ولا أعلم إلا أنه قال : وَلَعَنَه .

٣٢٥ - أبان ، عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله، عن أبي العباس المكي قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : إن عمر لقي أميرالمؤمنين (عليه السلام) فقال : أنت الذي تقرأ هذه الآية : ﴿بأيكم المفتون﴾ تَعَرُّضاً بي وبصاحبي ؟ قال : أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية :﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ فقال : كَذَبْتَ، بنو أمية أوصَلُ للرحم منك، ولكنك أبيْتَ إلا عداوة لبني تَيم وعدي وبني أمية(6).

٣٢٦ _ علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم ،عن مسعدة بن صَدَقة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان علي(عليه السلام)يقوم في المطر أول ما يمطر ، حتى يبتلّ رأسه ولحيته وثيابه، فقيل له يا أمير المؤمنين الكِنَّ الكِنَّ (7)فقال : إن هذا ماء قريب عهد بالعرش(8).

ص: 192


1- أرادت بالسيئة هلاكهم ونزول العذاب عليهم على تقدير نشر شعرها، وتكون هنا تامة .
2- يعني علياً(عليهم السلام)وكأنه خاطب أبا بكر .
3- طُرّاً : أي جميعاً .
4- أي يكلّف بالتكاليف الشرعية كغيره من المكلّفين .
5- يقصد مروان بن الحكم وأباه الحَكَم بن العاص .
6- مر هذا الحديث بعينه فيما سبق فراجع .
7- أي أدخل الكِنَّ، وهو ما يقي من حر أو برد من الأبنية وشبهها .
8- العرش هو العلم والقدرة، كما يطلق على الجسم المحيط بالعالم ، وعليه فهذا المطر قريب عهد من محل رحمته وهو العرش. والله العالم .

ثم أنشأ يحدّث فقال : إن تحت العرش بحراً فيه ماء يُنبتُ أرزاق الحيوانات، فإذا أراد الله عز ذِكْره أن يُنبت به ما يشاء لهم رحمة منه لهم ، أوحى الله إليه فمطر ما شاء من سماء إلى سماء، حتى يصير إلى سماء الدنيا - فيما أظن(1)- فيلقيه إلى السحاب والسحاب بمنزلة الغربال، ثم يوحي الله إلى الريح أن أطحنيه وأذيبيه ذوبان الماء، ثم انطلقي به إلى موضع كذا وكذا فأمطِري عليهم ، فيكون كذا وكذا عُباباً(2)وغير ذلك، فتقطر عليهم على النحو الذي يأمرها به، فليس(3)من قطرة تقطر إلا ومعها مَلَك حتى يضعها موضعها، ولم ينزل من السماء قطرة من مطر إلا بعدد معدود ووزن معلوم ، إلا ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح (عليه السلام)، فإنه نزل ماء منهمر بلا وزن ولا عدد .

قال : وحدثني أبو عبد الله(عليه السلام)(4)قال : قال لي أبي(عليه السلام): قال أميرالمؤمنين (عليه السلام): قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إن الله عز وجل جعل السحاب غرابيل للمطر ، هي تذيب البرد حتى يصير ماءاً لكي لا يضرّ به شيئاً يصيبه ، الذي ترون فيه من البرد والصواعق نقمة من الله عز وجل يصيب بها من يشاء من عباده» .

ثم قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «لا تشيروا إلى المطر ولا إلى الهلال، فإن الله يكره ذلك»(5).

كتاب أمير المؤمنين(عليه السلام)لابن عباس

٣٢٧ _ عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، رفعه قال : كتب أمير - المؤمنين(عليه السلام)إلى ابن عباس: أما بعدُ فقد يَسُرُّ المرء ما لم يكن ليفوته، ويَحْزُنُه ما لم يكن ليصيبه أبداً وإن جهد، فليكن سرورك بما قدّمت من عمل صالح ، أو حكم، أو قول(6)، وليكن أسفك فيما فرّطت فيه من ذلك، ودع ما فاتك من الدنيا، فلا تكثر عليه حزناً، وما أصابك منها فلا تنعم به سروراً، وليكن همّك بعدَ الموت، والسلام .

ص: 193


1- فيما أظن : هو من كلام الراوي .
2- العُباب : ارتفاع السيل أو موجه أو معظمه. وهو منصوب هنا على التميز لأنه وارد بعد كذا وهو اسم مبهم يجري مجرى (كم).
3- من هنا رواه الصدوق عن سعدان بتفاوت في الفقيه ١ / ح ١٤١٤ .
4- روي قريبا من صدره في الفقيه ١/ ح ١٤٩٧ .
5- «ظاهر غریب، وكيفية الإشارة إليهما غير معلومة ويمكن أن يكون كناية عن نسبة منافعهما إليهما . ولو قرىء بالتاء من شَتِر به إذا سبّه، أو من شَتِر فلاناً إذا غته وجرحه ولو جعل (إلى) بمعنى الباء وزائدة لكان له وجه» المازندراني ٣١٠/١٢ .
6- أي حكم بعدل أو قول بحق .
فضل الشیعۀ وموعظۀ نافعۀ لأبی جعفر(عليه السلام)

328 - سهل بن زياد، عن الحسن بن علي ،عن كرّام، عن أبي الصامت، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال: مررتُ أنا وأبو جعفر(عليه السلام) على الشيعة وهم ما بين القبر والمنبر، فقلت لأبي جعفر(عليه السلام): شيعتك ومواليك جعلني الله فِداك، قال: أين هم؟ فقلت: أراهم ما بين القبر والمنبر، فقال اذهب إليهم، فذهب فسلّم عليهم، ثم قال: والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم فأعينوا مع هذا بورع واجتهاد، إنه لا ينال ما عند الله إلا بورع واجتهاد، وإذا ائتممتم بعبد فاقتدوا به، أما والله إنكم لعلى ديني ودين آبائي إبراهيم وإسماعيل، وإن كان هؤلاء على دين أولئك فأعينوا على هذا بورع واجتهاد.

إذا قام القائم(عجل الله تعالی فرجه)مدّ الله فی أسماع الشیعۀ وأبصارهم

٣٢٩ _ أبو علي الأشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر، عن الربيع بن محمد المسلي، عن أبي الربيع الشامي قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إن قائمنا إذا قام مدّ الله عز وجل لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى (لا) يكون بينهم وبين القائم بريد، يكلّمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه(1).

٣٣٠ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عثمان بن عيسى، عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من استخار الله راضياً بما صنع الله له خار الله له حتماً .

331 - سهل بن زياد ،عن داود بن مهران، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن رجل ، عن جويرية بن مسهر قال : اشتدَدْتُ(2)خلف أمير المؤمنين(عليه السلام)فقال لي : يا جويرية؛ إنه لم يهلك هؤلاء الحمقى(3)إلا بخفق النعال خلفهم، ما جاء بك؟ قلت : جئت أسألك عن ثلاث : عن الشرف، وعن المروءة، وعن العقل ، قال : أما الشرف فمن شَرِّفه السلطان شَرفَ(4)، وأما المروءة فإصلاح المعيشة، وأما العقل، فمن اتّقى الله عقل.

332 - سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن علي بن أبي النوار، عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): جُعِلْتُ فداك، لأي شيء صارت الشمس أشد حرارة من القمر؟ فقال : إن الله خلق الشمس من نور النار وصفو الماء ، طَبَقاً من هذا وطَبَقاً من هذا، حتى إذا كانت سبعة أطباق ألبسها لباساً من نار، فمن ثَمَّ صارت أشد حرارة من القمر، قلتُ : جُعِلْتُ

ص: 194


1- هذا ينطبق على ما نراه في عصرنا من آلة الهاتف وأجهزة التلفاز والتي ربما تتطور أكثر عند خروجه عجل الله فرجه الشريف.
2- اشتددت : أي عَدَوْتُ أَشدّ العَدْو.
3- يقصد سلاطين الجور وأصحاب الرئاسات الدنيوية
4- أي بمقاييس أهل الأرض في الشرف.

فداك، والقمر؟ قال : إن الله تعالى ذكره خلق القمر من ضوء نور النار وصفو الماء ، طَبَقاً من هذا وطَبَقاً من هذا، حتى إذا كانت سبعة أطباق، ألبسها لباساً من ماء ، فمن ثَمّ صار القمر أبردَ من الشمس .

من کانت له حقیقۀ ثابته لم یقم علی شبهۀ

333 -عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا ،عن محمد بن الهيثم ،عن زيد أبي الحسن قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : من كانت له حقيقة ثابتة لم يقم على شبهة هامدة، حتى يعلم منتهى الغاية(1)، ويطلب الحادث من الناطق عن الوارث(2)، وبأي(3)شيء جهلتم ما أنكرتم(4)، وبأي شيء عَرَفتم ما أبصرتم(5)إن كنتم مؤمنين .

٣٣٤ _ عنه ، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمان، رفعه قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): ليس من باطل يقوم بإزاء الحقُ إلا غلب الحقُ الباطل، وذلك قوله عز وجل :﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾(6).

کل سبب ونسب وقرابة ووليجة وبدعة وشُبهة منقطع یوم القیامۀ إلا ما أثبته القرآن

٣٣٥ _ عنه ، عن أبيه مرسلاً قال : قال أبو جعفر(عليه السلام): لا تتخذوا من دون الله وَليجَة(7)فلا تكونوا مؤمنين، فإن كل سبب ونسب وقرابة ووليجة وبدعة وشُبهة منقطع مضمحل كما يضمحّل الغبار الذي يكون على الحجر الصَّلْد إذا أصابه المطر الجَوْدَ(8)، إلا ما أثبته القرآن .

برنامج صالح للدین والدنیا

٣٣٦ _ علي بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد ،عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : نحن أصل كل خير، ومن فروعنا كل بر، فمن البر التوحيد والصلاة والصيام وكظم الغيظ والعفو عن المسيء ورحمة الفقير وتعهد الجار والإقرار بالفضل لأهله، وعدوُّنا أصلُ كل شر ، ومن فروعهم كل قبيح وفاحشة، فمنهم الكذب والبخل والنميمة والقطيعة وأكل الربا وأكل مال اليتيم بغير حقه، وتعدي الحدود التي أمر الله ، وركوب

ص: 195


1- «أي حتى يعلم غاية الشبهة ومفاسدها المترتبة عليها ويعلم أن الحق وراءها» المازندراني ١٢/ ٣١٤
2- «أي يطلب الأمر الحادث من أمور الدين أصلا كان أم فرعاً من الإمام الناطق عن الوارث وهو الله تعالى ولوبواسطة من العلماء الناقلين عنهم(عليه السلام)»ن . . م .
3- الظاهر أنه عطف على : حتى يعلم منتهى الغاية .
4- أي من ولاية الظالمين .
5- أي من ولاية أئمة الحق (عليهم السلام).
6- الأنبياء / 18 . فيدمغه : أي فيهلكه زاهق : مضمحلّ هالك .
7- وليجة الرجل : بطانته وخاصته وأهل سرّه .
8- الجَوْد: الغزير الكثير .

الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والزنا، والسرقة، وكل ما وافق(1)ذلك من القبيح ، فَكَذَب من زعم أنه معنا وهو متعلق بفروع غيرنا.

مدح القناعۀ

337 -عنه ، وعن غيره، عن أحمد بن محمد بن خالد،عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال لرجل : اقنع بما قسم الله لك، ولا تنظر إلى ما عند غيرك، ولا تَتَمَنَّ ما لست نائلَه، فإنه من قنع شبع، ومن لم يقنع لم يشبع ، وخذ حظك من آخرتك .

وقال أبو عبد الله(عليه السلام): أَنفعُ الأشياء للمرء سبقُه الناس إلى عيب نفسه، وأشد شيء مؤونة إخفاء الفاقة، وأقل الأشياء غناءاً النصيحة لمن لا يقبلها ومجاورة الحريص، وأروَحُ الرَّوح اليأسُ من الناس(2).

وقال : لا تكن ضَجِراً ولا غَلقاً(3)، وذلّل نفسك باحتمال من خالفك ممن هو فوقك ،ومن له الفضل عليك، فإنما أقررت بفضله لئلا تخالفه، ومن لا يعرف لأحد الفضل فهو المعجَبُ برأيه .

وقال لرجل : أعلم أنه لا عزَّ لمن لا يتذلل لله تبارك وتعالى، ولا رِفعةَ لمن لم يتواضع الله عز وجل.

وقال لرجل : أحْكِمْ أمر دينك كما أحْكَمَ أهل الدنيا أمر دنياهم، فإنما جُعلَتْ الدنيا شاهداً يُعْرَفُ بها ما غاب عنها من الآخرة، فاعرف الآخرة بها، ولا تنظر إلى الدنيا إلا بالاعتبار.

338 - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم قال : سمعت أبا عبد الله يقول الحمران بن أَعْيَن: يا حمران ؛ انظر إلى من هو دونك في القدرة ، ولا تنظر إلى من هو فوقك في القدرة، فإن ذلك أقنع بما قُسِمَ لك، وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربك، واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله جل ذِكْره من العمل الكثير على غير يقين .

واعلم أنه لا ورع أنفع من تجنب محارم الله ، والكفّ عن أذى المؤمنين واغتيابهم، ولا

ص: 196


1- أي شاكله وشابهه.
2- «لأن اليأس منهم يوجب رفض الطلب وسكون النفس عن الاضطراب وتوجه السر إلى الله تعالى ونزول الرزق من قبله وكل ذلك سبب الرَّوْح والراحة النفسانية والجسمانية» المازندراني ٣١٧/١٢.
3- الغلق : ضيق الصدر وقلة الصبر وسوء الخلق

الرجل الذي سأل أمير المؤمنين(عليه السلام)وجواب الحسين(عليه السلام)له

عيش أهنا من حُسْنِ الخُلُق، ولا مال أنفع من القنوع باليسير المجزي، ولا جهل أضر من العُجْب.

الناس وأشباه التاس والنسناس

339 - ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيّب قال :سمعت علي بن الحسين(عليه السلام)يقول : إن رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)فقال : أخبرني - إن كنت عالماً _ عن الناس، وعن الناس، وعن أشباه الناس، وعن النَّسْنَاسِ؟

فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): يا حسين، أجب الرجل .

فقال الحسين(عليه السلام): أمّا قولك: أخبرني عن الناس فنحن الناس(1)، ولذلك قال الله تعالى ذكره في كتابه:﴿«ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ﴾(2)فرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الذي أفاض بالناس .

وأما قولك : أشباه الناس، فهم شيعتنا، وهم موالينا، وهم منّا، ولذلك قال إبراهيم(عليه السلام):﴿ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ﴾(3).

وأما قولك : النسناس، فهم السواد الأعظم، وأشار بيده إلى جماعة الناس، ثم قال :﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾(4).

سؤال سدیر عن أبی جعفر(عليه السلام)

٣٤٠ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل عن حنان بن سدير عن أبيه قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عنهما ؟ فقال : يا أبا الفضل، ما تسألني عنهما ، فوالله ما مات منا ميّت قط إلا ساخطاً عليهما، وما منّا اليوم إلا ساخطاً عليهما، يوصي بذلك الكبير منّا الصغير، إنهما ظَلَمَانا حقّنا(5)، ومنعانا فَيئَنا (6)، وكانا أول من ركب أعناقَنا(7)، وبَثَقَا علينا بثقاً(8)في الإسلام لا يُسَكِّرَ (9)أبداً حتى يقوم قائمنا، أو يتكلم متكلمنا .

ص: 197


1- أي الناس الكاملون في صورهم الظاهرية والباطنية غاية الكمال.
2- البقرة/ ١٩٩
3- إبراهيم / ٣٦
4- الفرقان / ٤٤ .
5- يعني الخلافة .
6- يعني الخمس والغنيمة والأنفال .
7- كناية عن القهر والتسلّط بغير حق .
8- البثّق: الكسر والفتح .
9- أي لا يغلق ولا يسدّ . وفي بعض النسخ: لا يسكن .

ثم قال : أما والله لو قد قام قائمنا ( أ ) وتكلم متكلمنا لأبدى من أمورهما ما كان يكتم ، ولكَتَم من أمورهما ما كان يظهر، والله ما أسِّسَتْ من بليّة ولا قضية تجري علينا أهل البيت، إلا هما أسَّسا أولهما ، فعليهما(1)لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .

الناس بعد النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)أهل ردّۀ إلا ثلثۀ

٣٤١ - حنان ، عن أبيه ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : كان الناس أهل ردّة بعد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)إلا ثلاثة فقلت : ومن الثلاثة؟ فقال : المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم ، ثم عرف أناس بعد يسير(2)وقال : هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا، وأَبَوا أن يبايعوا حتى جاؤوا أمير المؤمنين(عليه السلام)مكرَهاً فبايع، وذلك قول الله تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾(3).

کلام رسول الله یوم فتح مکه

٣٤٢ - حنان ، عن أبيه ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : صعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) المنبر يوم فتح مكة فقال : أيها الناس؛ إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها، ألا إنكم من آدم(عليه السلام)وآدم من طين، ألا إن خير عباد الله عبد اتّقاه، إن العربية ليست بأَبٍ والد، ولكنها لسان ناطق، فمن قصر به عمله لم يبلغه حَسَبُه ، ألا إن كل دم كان في الجاهلية أو إحْنة - والإحْنة الشحناء - فهي تحت قَدَميّ هذه إلى يوم القيامة .

فی توبۀ ولد یعقوب وأنهم لیسوا بأنبیاء

٣٤٣ - حنان عن أبيه، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: قلت له : ما كان ولد يعقوب أنبياء؟ قال : لا ، ولكنهم كانوا أسباط أولاد الأنبياء، ولم يكن يفارقوا الدنيا إلا سعداء تابوا وتذكّروا ما صنعوا، وإن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا ولم يتذكّرا ما صنعا بأمير المؤمنين(عليه السلام)، فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .

استسقاء سلیمان(عليه السلام)وحدیث النملۀ

٣٤٤ _ حنان ، عن أبي الخطّاب عن العبد الصالح(عليه السلام)قال: إن الناس أصابهم قحط شديد على عهد سليمان بن داود(عليه السلام)، فشكّوا ذلك إليه وطلبوا إليه أن يستسقيّ لهم، قال: فقال لهم : إذا صليتُ الغداةَ مضيتُ، فلما صلّى الغداة مضى ومضَوا، فلما أن كان في بعض الطريق، إذا هو بنملة رافعة يدها إلى السماء، واضعة قدميها إلى الأرض وهي تقول : اللهم إنا خلق من خلقك ولا غنى بنا عن رزقك، فلا تهلكنا بذنوب بني آدم قال: فقال سليمان(عليه السلام): ارجعوا فقد سُقيتُم بغيركم، قال: فَسُقُوا في ذلك العام ما لم يُسْقوا مثله قط.

ص: 198


1- لعل هذا من كلام الراوي .
2- يمكن أن يكون (يسير) بالرفع صفة لأناس أو على الجر بالإضافة والمعنى: عرف أناس الحق بعد زمان قصير.
3- آل عمران / ١٤٤ .

٣٤٥ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن جعفر، عن عمرو بن سعيد،عن خَلَف بن عيسى، عن أبي عبيد المدائني ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إن الله تعالى ذِكْرُه عباداً ميامين مياسير، يعيشون ويعيش الناس في أكنافهم، وهم في عباده بمنزلة القطر، والله عز وجل عباد ملاعين مناكير ، لا يعيشون ولا يعيش الناس في أكنافهم، وهم في عبادة بمنزلة الجراد، لا يقعون على شيء إلا أتوا عليه .

توقیع الرضا(عليه السلام)إلی الحسن بن شاذان الواسطی

٣٤٦ _ الحسين بن محمد، ومحمد بن يحيى، (جميعاً)، عن محمد بن سالم بن أبي سَلَمَة، عن الحسن بن شاذان الواسطي قال : كتبتُ إلى أبي الحسن الرضا(عليه السلام) أشكو جفاء أهل واسط، وحملهم عَلَيَّ ، وكانت عصابة من العثمانية تؤذيني . فوقّع بخطه :

إن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق أوليائنا على الصبر في دولة الباطل ، فاصبر لحكم ربك، فلو قد قام سيد الخلق لقالوا:﴿ يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾(1).

ما جاء في فضل معرفة الله تعالى

٣٤٧ - محمد بن سالم بن أبي سَلَمَة، عن أحمد بن الريّان، عن أبيه، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لو يعلم الناس ما في فضل معرفة الله عز وجل، ما مدّوا أعينهم إلى ما متّع الله به الأعداء من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها، وكانت دنياهم أقلّ عندهم مما يطأونه بأرجلهم، ولنعموا بمعرفة الله جل وعز وتلذذوا بها تلذذ من لم يزل في روضات الجنان مع أولياء الله .

إن معرفة الله عز وجل أُنسٌ من كل وَحشة، وصاحبٌ من كل وحدة، ونور من كل ظُلمَة، وقوة من كل ضَعْف، وشفاء من كل سُقْم .

ثم قال(عليه السلام): وقد كان قبلكم قوم يُقتلون ويُحرقون ويُنشرون بالمناشير، وتضيق عليهم الأرض برَحْبها فما يردّهم عمّا هم عليه شيء مما هم فيه، من غير تِرَة(2)وَتَرُوا مَنْ فَعَلَ ذلك بهم ولا أذى، بل ما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد، فاسألوا ربكم درجاتهم، واصبروا على نوائب دهركم تُدْرِكوا سَعْيَهم .

ما جاء فی خلق البعوض وأنه أصغر الخلق

٣٤٨ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن سعيد بن جناح، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: ما خلق الله عز وجل خلقاً أصغر من البعوض،

ص: 199


1- يس/٥٢ .
2- ) الترة: الجناية والتبعَة . وقوله : من غير ... إلخ، متعلق بقوله : يقتلون وما بعده.

والجِرْجِس أصغر من البعوض، والذي نسمّيه نحن الولع أصغر من الجِرجِس، وما في الفيل شيء إلا وفيه مثله، وفُضِّل على الفيل بالجناحين .

تفسیر قوله تعالی:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ..الآیۀ﴾

٣٤٩ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عیسی، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، جميعاً ،عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد بن الوليد الخثعمي ، عن أبي الربيع الشامي قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن قول الله عز وجل :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾(1)؟ قال : نزلت في ولاية علي(عليه السلام).

قال : وسألته عن قول الله عز وجل :﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾(2)؟ قال : فقال: الورقة: السَّقْط، والحبة: الولد، وظلمات الأرض: الأَرحام ، والرَّطِب : ما يُحيى من الناس، واليابس : ما يُقبَض، وكل ذلك في إمام مبين.

قال : وسألته عن قول الله عز وجل :﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ ﴾(3)؟ فقال : عنى بذلك : أي انظروا في القرآن فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم وما أخبركم عنه .

قال : فقلت: فقوله عز وجل : ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ *وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾(4)؟ قال : تمرّون عليهم في القرآن، إذا قرأتم القرآن، فتقرأون ما قص الله عز وجل عليكم من خبرهم .

٣٥٠ _ عنه، عن ابن مسكان، عن رجل من أهل الجبل لم يسمّه، قال: قال أبو عبدالله(عليه السلام): عليك بالتِّلاد(5)، وإياك وكل مُحْدَث لا عهد له ولا أمانة ولا ذمة ولا ميثاق، وكن على حذر من أوثق الناس في نفسك، فإن الناس أعداء النعم .

ص: 200


1- الأنفال/ ٢٤ .
2- الأنعام / ٥٩ . والإمام المبين اللوح المحفوظ.
3- الروم /٤٢ . والآية :هكذا قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلُ كان أكثرهم مشکین.
4- الصافات / 137 - 138 . وقد ورد في التفسير - والكلام على قوم لوط - أن سدوم قرية قوم لوط كانت في طريق القوافل بين المدينة والشام فكانوا يمرون عليها في قوافلهم في ليلهم ونهارهم .
5- التَّلاِد: المال القديم ،والمحدث : خلافه . والمقصود بالتلاد هنا ما كان على عهده(صلی الله علیه وآله وسلم)من الشريعة والأحكام والآداب ،وبالمحدث كل بدعة سنّها الظالمون من بعده، وكل تحريف حرّفوه في الإسلام.

٣٥١ _ يحيى الحلبي، عن أبي المستهلّ، عن سليمان بن خالد(1)قال: سألني أبو عبدالله(عليه السلام)فقال : ما دعاكم إلى الموضع الذي وضعتم فيه زَيْداً؟ قال : قلت : خصال ثلاث: أما إحداهنَّ فقلّة من تخلّف معنا ، إنما كنا ثمانية نفر، وأما الأخرى فالذي تخوَّفنا من الصبح أن يفْضَحَنا، وأما الثالثة فإنه كان مضجعه الذي كان سبق إليه ، فقال : كم إلى الفرات من الموضع الذي وضعتموه فيه؟ قلت : قَذْفَةٌ حجر، فقال: سبحان الله ، أفلا كنتم أوقَرْتموه حديداً وقذفتموه في الفرات وكان أفضل ؟ فقلت : جُعِلْتُ فِداك ، لا والله ما طقنا لهذا ، فقال : أي شيء كنتم يوم خرجتم مع زيد؟ قلت: مؤمنين، قال: فما كان عدوّكم؟ قلت كفاراً ، قال : فإني أجد في كتاب الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ﴾(2)، فابتدأتم أنتم بتخلية من أسرتم، سبحان الله ما استطعتم أن تسيروا بالعدل ساعة .

٣٥٢ - يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة ،عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن الله عز وجل أعْفى نبيكم أن يلقى من أمته ما لَقِيَت الأنبياء من أُممَها، وجعل ذلك علينا(3).

محارب رسول الله، شرُّ محارب علی(عليه السلام)

٣٥٣ _ يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن ضريس قال : تمارى الناس عند أبي جعفر(عليه السلام)، فقال بعضهم : حَرْبُ عليّ شرُّ من حَرْب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وقال بعضهم : حَرْب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)شرٌّ من حرب عليّ(عليه السلام)، قال : فسمعهم أبو جعفر

(عليه السلام)فقال : ما تقولون؟ فقالوا : أصلحك الله، تمارَيْنا في حرب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وفي حرب علي(عليه السلام) ، فقال بعضنا : حرب علي(عليه السلام)شرَّ من حرب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وقال بعضنا حرب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) شرّ من حرب علي(عليه السلام)، فقال أبو جعفر(عليه السلام): لا ، بل حرب علي(عليه السلام)شر من حرب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) فقلت له : جُعلتُ فداك، أحَرْبُ عليّ(عليه السلام)شر من حرب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ قال: نعم، وسأخبرك عن ذلك، إن حرب رسول الله(4)(صلی الله علیه وآله وسلم)لم يقرّوا بالإسلام، وإن حرب علي(عليه السلام)أقروا بالإسلام ثم جحدوه .

ص: 201


1- كان وجيهاً قارئاً فقيهاً وكان قد خرج مع زيد بن علي(عليه السلام)في ثورته .
2- محمد / ٤. وقوله : ﴿يا أيها الذين آمنوا ﴾ليست في الآية، وإنما أوردها(عليه السلام)لينبه أن الخطاب في الآبة للمؤمنين وقد تضمنت شيئاً غير الذي فعله اتباع زيد ومنهم الراوي مع أنه ادعى بأنهم كانوا مؤمنين !!. أثخنتموهم غلبتموهم أوزارها أي أثقالها . وقيل : حتى لا يكون شِرْك .
3- والمقصود أنه تعالى أنجاه من القتل دون غيره من الأذى.
4- الحرب - هنا - العدو المحارب. يقال للجمع والواحد والذكر والأنثى

٣٥٤ _ يحيى بن عمران، عن هارون بن خارجة ،عن أبي بصير، عن أبي عبد عبد الله(عليه السلام)في قول الله عز وجل : ﴿ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ﴾(1)، قلت: ولده كيف أوتي مثلهم معهم؟ قال أحيا له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ .

٣٥٥ - يحيى الحلبي، عن المُثَنّى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عز وجل : ﴿ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ﴾(2)قال: أما ترى البيت إذا كان الليل كان أشد سواداً من خارج، فلذلك هم يزدادون سواداً .

٣٥٦ _ الحسين بن محمد، عن المعلّى بن محمد عن الوشّاء، عن أبَان بن عثمان ، عن الحارث بن المغيرة قال : سمعت عبد الملك بن أَعْيَن، يسأل أبا عبد الله(عليه السلام)،فلم يزل يسائله حتى قال : فهلك الناس إذًا ؟ قال: إي والله يا ابنَ أعْيَن، فهلك الناس أجمعون ، قلت : من في المشرق، ومن في المغرب؟ قال : إنها فتحت بضلال(3)، إي والله لهلكوا إلا ثلاثة(4).

لا يستحق عبد حقيقة الإيمان حتى تكون فیه خصال

٣٥٧ - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن إسحاق بن يزيد، عن مهران، عن أبَان بن تغلب، وعدّة قالوا : كنا عند أبي عبد الله(عليه السلام)جلوساً ، فقال(عليه السلام): لا يستحق عبد حقيقة الإيمان حتى يكون الموت أحب إليه من الحياة، ويكون المرض أحب إليه من الصحة، ويكون الفقر أحب إليه من الغنى، فأنتم كذا ؟ فقالوا : لا والله، جَعَلَنا الله فداك، وسُقِطَ في أيديهم ووقع اليأس في قلوبهم، فلما رأى ما دخلهم من ذلك قال : أَيَسُرْ أحدكم أنه عمّر ما عمّر ثم يموت على غير هذا الأمر ، أو يموت على ما هو عليه ؟ قالوا : بل يموت على ما هو عليه الساعة، قال: فأرى الموت أحب إليكم من الحياة .

ثم قال : أيَسُرُّ أحدكم إن بقي ما بقي لا يصيبه شيء من هذه الأمراض والأوجاع حتى يموت على غير هذا الأمر؟ قالوا : لا يا ابن رسول الله قال: فأرى المرض أحب إليكم من الصحة .

ثم قال : أَيَسُرّ أحدكم أنّ له ما طلعت عليه الشمس وهو على غير هذا الأمر؟ قالوا : لا يا ابن رسول الله ، قال : فأرى الفقر أحبّ إليكم من الغنى.

ص: 202


1- الأنبياء / ٨٤. والحديث عن أيوب(عليه السلام).
2- يونس / 27 . أغنيت: البست. قطعاً: جمع قطعة، بمعنى سواد من الليل وبقية .
3- أي في عهد أئمة الضلال والجور فدخل أهل البلاد المفتوحة في دين ملوكهم مع ما أبدعوا فيه .
4- وهم أبو ذر وسلمان والمقداد.

٣٥٨ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن حمّاد اللحّام، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، أن أباه قال : يا بني إنك إن خالفتني في العمل لم تنزل معي غداً في المنزل، ثم قال : أبى الله عز وجل أن يتولّى قوم قوماً يخالفونهم في أعمالهم ينزلون معهم يوم القيامة، كلّا وربِّ الكعبة .

ما هدی من هذه الأمۀ من اهتدی إلا بهم(عليه السلام)

٣٥٩ _ الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول : ما أحد من هذه الأمة يَدِينُ بدينِ إبراهيم(عليه السلام)إلا نحن وشيعتنا، ولا هُدِيَ من هُدِيَ من هذه الأمة إلّا بنا، ولا ضلِّ من ضلِّ من هذه الأمة إلّا بنا .

٣٦٠ - علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن علي بن عطية، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : كنت عنده وسأله رجل: عن رجل يجيء منه الشيء على حدّ الغضب، يؤاخذه الله به؟ فقال: الله أكرم من أن يستغلق عبده .

وفي نسخة أبي الحسن الأول(عليه السلام): يستقلق عبده(1).

عرض أعمال الأمۀ لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)واستغفارۀ لهم

٣٦١ - علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، وغير واحد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إن لكم في حياتي خيراً وفي مماتي خيراً»، قال : فقيل : يا رسول الله ؛ أمّا حياتك فقد علمنا ، فما لنا في وفاتك ؟ فقال : أما في حياتي فإن الله عز وجل قال :﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾(2)، وأما في مماتي فتُعْرَض عَلَيَّ أعمالكم فأَستغفر لكم .

٣٦٢ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إن ممن ينتحل هذا الأمر(3) ليكذب حتى إن الشيطان ليحتاج إلى كذبه .

مجیء علی بن الحسین (عليه السلام)لزیارۀ الحسین(عليه السلام)

٣٦٣ _ علي بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة قال : إن أول ما عرفتُ علي بن الحسين (عليه السلام)، أني رأيت رجلاً دخل من

ص: 203


1- يستغلق : أي يكلفه جبراً ويسلب اختياره ويستقلق: من الاقلاق والقلق وهو الاضطراب والانزعاج. وفي بعض النسخ : يتعلق : أي يخاصمه بزلّة من دون أن يجعل له باباً للتوبة والإنابة إليه، من العلق : وهو الخصومة .
2- الأنفال /33 . وأنت فيهم أي بين أظهرهم حتى يخرجوك من مكة والكلام عن أهلها المشركين.
3- أي التشيّع .

باب الفيل(1)فصلّى أربع ركعات، فتبعته حتى أتى بئر الركاة وهي عند دار صالح بن علي ، وإذا بناقتين معقولتين ومعهما غلام أسود، فقلت له : من هذا؟ فقال: هذا علي بن الحسين(عليه السلام)، فدنوت إليه فسلّمت عليه وقلت له : ما أقدَمَكَ بلاداً قُتِلَ فيها أبوك وجدك؟ فقال : زُرْتُ أبي، وصلّيت في هذا المسجد، ثم قال ها هوذا وجهي صلى الله عليه (2).

نزول قوله تعالی : ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا﴾فی الحسین

٣٦٤ _ عنه ، عن صالح ، عن الحجّال عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سألته عن قول الله عز وجل : ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ﴾(3)؟ قال : نزلت في الحسين(عليه السلام)، لو قتل أهل الأرض به ما كان سَرَفاً .

٣٦٥ _ عنه ، عن صالح ، عن بعض أصحابه، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن الحوت الذي يحمل الأرض أسَرَّ في نفسه أنه إنما يحمل الأرض بقوته، فأرسل الله تعالى إليه حوناً أصغر من شبر وأكبر من فِتْر ، فدخلت فى خياشيمه فصُعِقَ ، فمكث بذلك أربعين يوماً، ثم إن الله عز وجل رؤف به ورحمه وخرج، فإذا أراد الله جل وعز بأرض زلزلة بعث ذلك الحوت إلى ذلك الحوت فإذا رآه اضطرب فتزلزلت الأرض(4).

٣٦٦ - عنه ، عن صالح، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بكر الحضرمي، عن تميم بن حاتم قال : كنّا مع أمير المؤمنين(عليه السلام) فاضطربت الأرض فوَحَاهَا بيده(5)، ثم قال لها : اسكني مالَكِ، ثم التفت إلينا وقال : أما إنها لو كانت التي قال الله عز وجل(6)لأجابتني ، ولكن ليست بتلك .

من أحب الشیعۀ حباً لعقیدته دخل الجنۀ

٣٦٧ - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي اليسع ، عن أبي شبل، قال صفوان : ولا أعلم إلا أني قد سمعت من أبي شبل قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): من أحبكم على ما أنتم عليه دخل الجنة، وإن لم يقل كما تقولون(7).

ص: 204


1- وهذا الباب في مسجد الكوفة، وهو باب الثعبان نسبة إلى الثعبان الذي دخل المسجد فكلم أمير المؤمنين(عليه السلام)وهو على المنير، فربط بنو أمية عليه فيلا بعد ذلك لطمس تلك الكرامة لعلي(عليه السلام)فاشتهر بعد بباب الفيل .
2- أي ها أنذا متوجه بعدها إلى قبر جدي(صلی الله علیه وآله وسلم)لأزوره .
3- الإسراء / ٣٣ .
4- أورد هذا الحديث الصدوق في الفقيه ١ / ح ١٥١٤ .
5- فَوَحاها بيده : أي أشار إليها بيده .
6- أي التي حدّث عنها الله في سورة الزلزلة وذلك عند قيام الساعة، حيث قال سبحانه : ﴿«وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا*يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ .
7- لأن من أحب قوماً حُشِر معهم. والمرء مع من أحبّ .
خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)بعد الجمل

٣٦٨ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال : إن أمير المؤمنين(عليه السلام)لم انقضت القصة فيما بينه وبين طلحة والزبير وعائشة بالبصرة،صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ثم قال: يا أيها الناس، إن الدنيا حلوة خَضِرة ، تفتن الناس بالشهوات، وتُزَيِّن لهم بعاجلها، وأيمَ الله ، إنها لتغرّ مَن أَمَّلها ، وتُخْلِفُ من رَجَاها، وستورث أقواماً الندامة والحسرة بإقبالهم عليها وتنافسهم فيها، وحسدهم وبغيهم على أهل الدين والفضل فيها ظلماً وعدواناً وبغياً وأشَراً وبطراً وبالله ، إنه ما عاش قوم قط في غضارة من كرامة نعم الله في معاش دنيا، ولا دائم تقوى في طاعة الله والشكر لنعمه، فأزال ذلك عنهم إلا من بعد تغيير من أنفسهم، وتحويل عن طاعة الله ، والحادث من ذنوبهم، وقلة محافظةٍ ، وتركِ مراقبةِ الله جل وعز، وتهاونٍ بشكر نعمة الله ، لأن الله عز وجل يقول في محكم كتابه :﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾(1)، ولو أن أهل المعاصي وكسبةَ الذنوب، إذا هم حذروا زوال نعم الله وحلول نقمته وتحويل عافيته، أيقنوا أن ذلك من الله جل ذِكْرُه بما كسبت أيديهم ، فأَقْلَعوا وتابوا وفزعوا إلى الله جلّ ذِكْرُه بصدق من نيّاتهم، وإقرار منهم بذنوبهم وإساءتهم، لَصَفَحَ لهم عن كل ذنب، وإذا لأقَالَهُم كلَّ عثرة، ولردَّ عليهم كل كرامة نعمة، ثم أعاد لهم من صلاح أمرهم ومما كان أنعم به عليهم كل ما زال عنهم وأفسد عليهم .

فاتقوا الله أيها الناس حقَّ تقاته، واستشعِروا خوف الله جلّ ذِكْره ، وأخلصوا اليقين، وتوبوا إليه من قبيح ما استفزّكم الشيطان من قتال ولي الأمر وأهل العلم بعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وما تعاونتم عليه من تفريق الجماعة وتشتت الأمر وفساد صلاح ذات البَيْن، إن الله عز وجل : ﴿«يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾(2).

٣٦٩ - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن الحسن بن علي بن عثمان قال: حدثني أبو عبد الله المدائني ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن الله عز وجل خلق نجماً في الفلك السابع فخلقه من ماء بارد ،وسائر النجوم الستة الجاريات من ماء حار، وهو نجم الأنبياء والأوصياء، وهو نجم أمير المؤمنين(عليه السلام)، يأمر بالخروج من الدنيا والزهد فيها، ويأمر بافتراش التراب وتوسّد اللبن، ولباس الخشن وأكل الجَشِب، وما خلق الله نجماً أقرب إلى الله تعالى منه .

ص: 205


1- الرعد / 11 .
2- الشورى / ٢٥ .
نص الرضا(عليه السلام) بإمامۀ نفسه ومعجزه له

٣٧٠ - الحسين بن أحمد بن هلال، عن ياسر الخادم قال : قلت لأبي الحسن الرضا(عليه السلام): رأيت في النوم كأن قفَصاً فيه سبعة عشر قارورة ، إذ وقع القفص فتكسّرت القوارير؟ فقال : إن صَدَقَتْ رؤياك يخرج رجل من أهل بيتي، يملك سبعة عشر يوماً ثم يموت . فخرج محمد بن إبراهيم بالكوفة مع أبي السرايا فمكث سبعة عشر يوماً ثم مات .

371 - عنه ، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن سنان قال : قلت لأبي الحسن الرضا(عليه السلام)في أيام هارون : إنك قد شَهَرْتَ نفسك بهذا الأمر، وجلست مجلس أبيك، وسيف هارون يقطر الدم، فقال : جَرّأني على هذا ما قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): إن أخذ أبو جهل من رأسي شعرةً فاشهدوا أني لست بنبي ، وأنا أقول لكم : إن أخَذَ هارون من رأسي شعرةً فاشهدوا أني لست بإمام .

حديث جارية الزبير وقصۀ الرجل العقیلی

372 - عنه ، عن أحمد، عن زُرعة، عن سُماعة قال : تعرّض رجل من ولد عمر بن الخطاب بجارية رجل عقيلي، فقالت له : إن هذا العُمَريّ قد آذاني ، فقال لها : عِدِيه وأدخليه الدهليز . فَأَدْخَلَتْه، فشدّ عليه فقتله وألقاء في الطريق، فاجتمع البكريّون والعمريون والعثمانيون وقالوا : ما لصاحبنا كفو، لن نقتل به إلا جعفر بن محمد، وما قتل صاحبنا غيرُه، وكان أبو عبد الله(عليه السلام) قد مضى نحو قُبا(1)فلقيتُه بما اجتمع القوم عليه(2)، فقال: دعهم، قال : فلما جاء ورأوه وثبوا عليه وقالوا : ما قتل صاحبنا أحد غيرُك ، وما نقتل به أحداً غيرَك ، فقال : ليكلّمني منكم جماعة، فاعتزل قوم منهم فأخذ بأيديهم فأدخلهم المسجد ، فخرجوا وهم يقولون : شيخنا أبو عبد الله جعفر بن محمد، معاذ الله أن يكون مثله يفعل هذا، ولا يأمر به، انصرِفوا ، قال : فمضيت معه فقلت : جُعلْتُ فِداك، ما كان أقرب رضاهم من سخطهم ، قال : نعم دعوتهم فقلت : أمسكوا وإلا أخرجتُ الصحيفة، فقلت : وما هذه الصحيفة جعلني الله فداك؟ فقال: إن أمّ الخطاب كانت أمَةً للزبير بن عبد المطلب ، فَسَطَر(3)بها نُفَيل(4)فأحبلها، فطلبه الزبير فخرج هارباً إلى الطائف، فخرج الزبير خلفه، فبصرت به ثقیف فقالوا يا أبا عبد الله، ما تعمل ههنا ؟ قال : جاريتي سطر بها نَفَيْلُكُم، فهرب منه إلى الشام، وخرج الزبير في تجارة له إلى الشام فدخل على ملك الدّومة(5)فقال له يا أبا عبد الله، لي إليك حاجة ، قال : وما حاجتك أيّها

ص: 206


1- مزرعة قرب المدينة، وفيها المسجد المعروف .
2- أي من المطالبة بدمه ثأراً لصاحبهم .
3- في النهاية : سطر فلان على فلان إذا زخرف له الأقاويل ونمقها . والمقصود هنا أنه خدعها بكلامه المعسول حتى أمكنته من نفسها .
4- تُفَيل : هو جد عمر بن الخطاب لأبيه .
5- هي دومة الجندل اسم حصن على بعد خمسة عشر ليلة من المدينة.

الملك؟ فقال : رجل من أهلك قد أخذتَ ولده فأحب أن تردّه عليه ، قال : ليظهر لي حتى أعرفه ، فلما أن كان من الغد دخل على الملك فلما رآه الملك ضحك، فقال : ما يضحكك أيها الملك؟ قال : ما أظن هذا الرجل ولدته ،عربية، لمّا رآك قد دخلت لم يملك آسْتَه أن جعل يضرط ، فقال : أيها الملك إذا صرتُ إلى مكّة قضيتُ حاجتك، فلما قدم الزبير، تحمّل عليه ببطون قريش كلها أن يدفع إليه ابنه فأبى، ثم تحمّل عليه بعبد المطلب فقال : ما بيني وبينه عمل، أما علمتم ما فعل في أبني فلان، ولكن امضوا أنتم إليه، فقصدوه وكلّموه، فقال لهم الزبير : إن الشيطان له دَولة، وأن ابن هذا ابنُ الشيطان(1)، ولست آمن أن يترَّأسَ علينا ، ولكن أدخلوه من باب المسجد عليَّ على أن أحمي له حديدة وأخط في وجهه خطوطاً وأكتب عليه وعلى ابنه إلّا يتصدر في مجلس، ولا يتأمر على أولادنا، ولا يضرب معنا بسهم ، قالوا : ففعلوا، وخطّ وجهه بالحديدة، وكتب عليه الكتاب، وذلك الكتاب عندنا ، فقلت لهم : إن أمسكتم وإلا أخرجتُ الكتاب، ففيه فضيحتكم، فأمْسَكوا.

وتوفي مولىَّ لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لم يخلف ،وارثاً ، فخاصم فيه ولدُ العباس أبا عبد الله(عليه السلام)، وكان هشام بن عبد الملك قد حجّ في تلك السنة، فجلس لهم ، فقال داود بن علي : الولاء لنا، وقال أبو عبد الله(عليه السلام): بل الولاء لي، فقال داود بن علي : إن أباك قَاتَل معاوية ، فقال : إن كان أبي قاتل معاوية فقد كان حظ أبيك(2)فيه الأوفر ، ثم فَرَّ بخيانته ، وقال(3): والله لأطوّقنك(4)غداً طوقَ الحمامة ، فقال له داود بن علي : كلامك هذا أهون عليّ من بَعرة في وادي الأزرق ، فقال :أما إنه واد ليس لك ولا لأبيك فيه حق ، قال : فقال هشام : إذا كان غداً جلست لكم، فلما أن كان من الغد، خرج أبو عبد الله(عليه السلام)ومعه كتاب في كرباسه وجلس لهم هشام فوضع أبو عبدالله (عليه السلام)الكتاب بين يديه، فلما أن قرأه قال : ادعوا لي جندل الخزاعي وعُكّاشة الضمريّ وكانا شيخين قد أدركا الجاهلية، فرمى بالكتاب إليهما فقال : تعرفان هذه الخطوط؟ قالا : نعم، هذا خط العاص بن أمية ، وهذا خط فلان وفلان الفلان من قريش، وهذا خط حرب بن أمية، فقال هشام: يا أبا عبد الله، أرى خطوط أجدادي عندكم ؟ فقال : نعم ، قال : فقد قضيت بالولاء لك، قال: فخرج وهو يقول :

ص: 207


1- يقصد به ابن الخطاب والدعمر لأنه تولد من زنا نُقَبل بالجارية
2- يعني عبد الله بن عباس إذ كان مع أمير المؤمنين(عليه السلام)في قتاله معاوية .
3- الضمير يرجع إلى أبي عبد الله(عليه السلام).
4- كناية عن استرقاقه له .

إن عادت العقرب عُدنا لها ***وكانت النعل لها حاضرة(1)

قال فقلت : ما هذا الكتاب جُعلتُ فِداك ؟ قال : فإن نَثِيلَةَ كانت أَمَةً لأم الزبير ولأبي طالب وعبد الله(2)، فأخذها عبد المطلب فأولدها فلاناً(3)، فقال له الزبير : هذه الجارية ورثناها من أمنا، وابنك هذا عبد لنا، فتحمّل عليه ببطون قريش ،قال : فقال: قد أجبتك على خلة، على أن لا يتصدر ابنك هذا في مجلس، ولا يضرب معنا بسهم، فكتب عليه كتاباً وشهد عليه، فهو في هذا الكتاب.

اصحاب الیمین هم شیعۀ علی(عليه السلام)

273 -الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد الهندي، عن معاوية بن حكيم، عن بعض رجاله عن عنبسة بن بِجَاد، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قول الله عز وجل: ﴿«وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ *فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾(4)، فقال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) لعلي(عليه السلام):« هم شيعتك، فسلم ولدك منهم أن يقتلوهم».

بایع علی رسول الله صلوات الله علیهما علی العسر والیسر

٣٧٤ - حدثنا محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي ، عن صفوان، عن محمد بن زياد بن عيسى، عن الحسين بن مصعب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال أمير المؤمنين : كنت أبايع لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)على العسر واليسر، والبسط والكُرّه، إلى أن كثر الإسلام وكثف، قال: وأخذ عليهم علي(عليه السلام)أن يمنعوا محمداً وذريته مما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم، فأخذتها عليهم، نجا مَن نجا وهلك من هلك .

قصۀ آل الذریح وإیمانهم

٣٧٥ _ عنه عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن من وراء اليمن واد يقال له : وادي برهوت، ولا يجاوز ذلك الوادي إلا الحيّات السود والبوم من الطيور، في ذلك الوادي بئر يقال لها : بلهوت ، يُغْدى ويراح إليها بأرواح المشركين ،يُسْقَون من ماء الصديد، خلف ذلك الوادي قوم يقال لهم الذريح . لما أن بعث الله تعالى محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)، صاح عجل لهم فيهم وضرب بذنبه فنادى فيهم : يا آل الذريح - بصوت فصيح- ، أتى رجل بتهامة يدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله قالوا : لأمر ما أنطَقَ الله هذا العجل ؟ قال فنادى فيهم ثانية، فعزموا على أن يبنوا سفينة فبنَوْها، ونزل فيها سبعة منهم، وحملوا من الزاد ما قذف الله في قلوبهم، ثم رفعوا شراعها وسيَّبوها في البحر، فما زالت تسير

ص: 208


1- هذا مثل لدفع العدو المؤذي والتصدي له بما يناسب من سلاح.
2- هما ابنا عبد المطلب .
3- يعني العباس.
4- الواقعة / 90 - 91

بهم حتى رمت بهم بجدّة، فأتوا النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال لهم النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): أنتم أهل الذريح نادى فيكم العجل؟ قالوا : نعم، قالوا أعرض علينا يا رسول الله الدين والكتاب ، فعرض عليهم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الدين والكتاب والسنن والفرائض والشرائع كما جاء من عند الله جل وعز، وولّى عليهم رجلا من بني هاشم سَنيّره معهم ،فما بينهم اختلاف حتى الساعة .

حدیث الإسراء ووصف رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الشام للقوم

٣٧٦ -علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن حديد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لما أُسري برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، أصبح فقعد فحدثهم بذلك، فقالوا له : صف لنا بيت المقدس ، قال : فوصف لهم، وإنما دخله ليلا فاشتبه عليه النعت، فأتاه جبرئيل(عليه السلام)فقال : انظر ههنا، فنظر إلى البيت فوصفه وهو ينظر إليه ، ثم نعت لهم ما كان من غير لهم فيما بينهم وبين الشام، ثم قال: هذه عير بني فلان تقدم مع طلوع الشمس يتقدمها جمل أزرق أو أحمر ، قال : وبعثت قريش رجلاً على فرس ليردّها، قال : وبلغ مع طلوع الشمس، قال قرطبة بن عبد عمرو: يا لهفاً، ألا أكون لك جَذَعاً(1)حين تزعم أنك أتيتَ بيت المقدس ورجعت من ليلتك .

حدیث الهجرۀ وقصۀ أبی بکر مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فی الغار

377 - حميد بن زياد، عن محمد بن أيوب، عن علي بن أسباط ، عن الحكم بن مسكين، عن يوسف بن صُهيب، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أقبل يقول لأبي بكر في الغار اسكن فإن الله معنا وقد أخذته الرِّعدة وهو لا يسكن، فلما رأى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)حاله قال له : تريد أن أريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدثون، فأريك جعفراً وأصحابه في البحر يغوصون؟ قال: نعم، فمسح رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بيده على وجهه، فنظر إلى الأنصار يتحدثون، ونظر إلى جعفر(عليه السلام)وأصحابه في البحر يغوصون ،فأضمر تلك الساعة أنه ساحر .

حدیث سراقۀ بن مالک وسوء قصده لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

378 -علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام): أن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) لما خرج من الغار متوجهاً إلى المدينة، وقد كانت قريش جعلت لمن أخذه مائة من الإبل، فخرج سُراقة بن مالك بن جُشْعُم فيمن يطلب، فلحق برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «اللهم اكفني شر سُراقة بما شئت»، فساخت (2)قوائم فرسه فتنى رجله ثم اشتد، فقال : يا محمد إني علمت أن الذي أصاب قوائم فرسي إنما هو من قِبَلك، فادعُ الله أن يُطلق لي فرسي، فلعَمْري إن لم يُصبكم مني خير لم يُصبكم مني شر، فدعا

ص: 209


1- جَذَعاً: يعني شاباً.
2- أي غاصت.

رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فأطلق الله عز وجل فرسه فعاد في طلب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، كل ذلك يدعو رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فتأخذ الأرض قوائم فرسه، فلما أطلقه في الثالثة قال : يا محمد، هذه إبلي بين يديك فيها غلامي، فإن احتَجْت إلى ظَهْر أو لبن(1)فخذ منه ، وهذا سهم من كِنانتي علامة، وأنا أرجع فأرد عنك الطُّلَّب(2)، فقال : لا حاجة لنا فيما عندك .

379 - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : لا تَرَوْن الذي تنتظرون حتى تكونوا كالمعْزى الموات التي لا يبالي الحابس أين يضع يده فيها(3)، ليس لكم شرف ترفَوْنه، ولا سِناد تسندون إليه أمركم .

مدح زید بن علی بن الحسین(عليه السلام)

٣٨٠ _ وعنه ، عن علي بن الحكم، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود، مثله ، قال : قلت لعلي بن الحكم: ما الموات من المعز؟ قال : التي قد استَوَت (4)لا يفضل بعضها على بعض .

خروج السفیانی هو علامۀ ظهور القائم(عجل الله تعالی فرجه)

٣٨١ - علي بن إبراهيم، عن أبيه ،عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له، وانظروا لأنفسكم، فوالله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي، فإذا وجد رجلا هو أعلم بغنمه من الذي هو فيها يخرجه ويجيء بذلك الرجل الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها، والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرب بها، ثم كانت الأخرى باقية فعمل على ما قد استبان لها ،ولكن له نفس واحدة إذا ذهبت، فقد والله ذهبت التوبة، فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم، إن أتاكم آت منا فانظروا على أي شيء تخرجون، ولا تقولوا خرج زيد، فإن زيداً كان عالماً ، وكان صَدوقاً، ولم يدعكم إلى نفسه إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه(5). إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضَه، فالخارج منا اليوم إلى أي شيء يدعوكم ؟ إلى الرضا من آل محمد(عليهم السلام)؟ فنحن نشهدكم أنا لسنا نرضى به وهو يعصينا اليوم، وليس معه أحد، وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر أن لايسمع منا إلا مع من اجتمعت بنو فاطمة معه، فوالله ما

ص: 210


1- أي ظهر تركبه أو لبن تشربه..
2- الطلّب : جمع الطالب.
3- الحابس: الآخذ. والمعنى: أنكم تكونون في غاية الذل والمهانة والضعف وقلة الشأن حتى لا يرغب راغب في شيء أو شخص منكم . وفي بعض النسخ : الخابس : وهو الآخذ أيضاً. والخابس: الظالم الغاشم .
4- أي تساوت في الضعف والهزال .
5- هذا مدح لزيد(عليه السلام)ورضا بما صنع من قبل المعصوم(عليه السلام)وإن خروجه بالسيف لم يكن لنفسه وإنما كان ذاباً عن إمام الحق ومحاربا لسلطان الجور.

صاحبكم إلا من اجتمعوا عليه، إذا كان رَجَب فأقبلوا على اسم الله عز وجل، وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان فلا ضير، وإن أحببتم أن تصوموا في أهاليكم فلعل ذلك أن يكون أقوى، وكفاكم بالسفياني علامة(1).

382 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي ، رفعه، عن علي بن الحسين(عليه السلام)قال : والله لا يخرج واحد منا قبل خروج القائم(عجل الله تعالی فرجه)، إلا كان مثله مثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه، فأخذه الصبيان فعبثوا به.

الأمر باإلزام البیت قبل خروج السفیانی

383 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن بكر بن محمد، عن سدير قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): يا سدير، الزم بيتك، وكُنْ حِلْساً(2)من أحلاسه، واسكن ما سكن الليل والنهار، فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رِجْلك(3).

٣٨٤ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن كامل بن محمد، عن محمد بن إبراهيم الجعفي قال : حدثني أبي قال : دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)فقال : ما لي أراك ساهم الوجه ؟ فقلت : إنّ بي حمّى الربع ، فقال من (ذا) يمنعك من المبارَك الطيب، إسحق السكر ثم امخضه بالماء واشربه على الريق وعند المساء، قال : ففعلت فما عادت إليَّ .

٣٨٥ - عنه ، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن بعض أصحابنا قال : شَكَوْتُ إلى أبي عبد الله(عليه السلام)الوجَعَ ، فقال : إذا أوَيْتَ إلى فراشك فكُلْ سُكَّرتين، قال ففعلت ،فبرأت ،وأخبرت به بعض المتطبيّين وكان أَفْرَة(4)أهل بلادنا فقال : من أين عرف أبو عبد الله (عليه السلام)هذا، هذا من مخزون عِلمنا ، أما إنه صاحب كُتُب ينبغي أن يكون أصابه في بعض كُتُبه .

٣٨٦ - عنه ، عن أحمد بن محمد، عن جعفر بن يحيى الخزاعي، عن الحسين بن الحسن، عن عاصم بن يونس، عن رجل ،عن أبي عبد الله

(عليه السلام)قال : قال لرجل : بأيِ شيء تعالجون محمومكم إذا حُمَّ؟ قال : أصلحك الله ، بهذه الأدوية المُرّة بسفايج والغافث(5)وما

ص: 211


1- أي علامة خروج القائم عجل الله فرجه الشريف .
2- الحلس : الكساء يوضع تحت القتب مما يلي ظهر البعير . وهو كناية عن ملازمة البيت وعدم الإتيان بأي تحرك ضد السلطان الجائر قبل أن يبلغ الكتاب أجله .
3- أي راجلاً
4- أَفْرَه : أي أحذَق.
5- قيل في منهاج الأدوية البسفايج : عود لونه يميل إلى السواد القليل مع الحمرة القليلة وله طعم كطعم القرنفل،ولما يكسر فلون وسطه أخضر كالفستق ... حار مسهل للسوداء . والغافث نبت يشبه ورقه ورق الحبة الخضراء يعني : شاهدانج له قبوضة ومرارة كمرارة الصبر لونه يميل بالسواد يجاء به من نواحي الروم ومن جبال فارس حار يابس . . . »المازندرانی ٣٥١/١٢ .

أشبهه، فقال: سبحان الله، الذي يقدر أن يبرى بالمُرّ يقدر أن يبرى، بالحلو، ثم قال : إذا حُمَّ أحدُكم فليأخذ إناءاً نظيفاً فيجعل فيه سكرة ونصفاً ثم يقرأ عليه ما حضر من القرآن، ثم يضعها تحت النجوم، ويجعل عليها حديدة، فإذا كان في الغداة صبَّ عليها الماء وَمَرَسَهُ (1)بيده ثم شربه ، فإذا كانت الليلة الثانية زاده سكرةً أخرى فصارت سكرتين ونصفاً، فإذا كانت الليلة الثالثة زادة سكرة أخرى فصارت ثلاث سكرات ونصفاً.

فضیلۀ البسملۀ

387 _ أحمد بن محمد الكوفي ، عن علي بن الحسن بن علي، عن عبد الرحمان بن أبي نجران ،عن هارون، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال لي : كتموا بسم الله الرحمن الرحيم (2)فنعم والله الأسماء كتموها، كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إذا دخل إلى منزله واجتمعت عليه قريش يجهر بیسم الله الرحمن الرحيم ويرفع بها صوته، فتُولّي قريش فراراً، فأنزل الله عز وجل في ذلك : ﴿وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴾(3).

تعجب أبی عبدالله من العرب إذا ذکر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

٣٨٨ _ عنه ، عن عبد الرحمان بن أبي نجران، عن أبي هارون المكفوف، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان أبو عبد الله(عليه السلام)إذا ذُكِرَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال : بأبي وأمي وقومي وعشيرتي ، عَجَبٌ للعرب كيف لا تحملنا على رؤوسها والله عز وجل يقول في كتابه : ﴿وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ﴾(4)، فبرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أُنقِذوا .

فی قوله تعالی:﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ...الآیۀ﴾

٣٨٩ _ عنه ، عن إبراهيم بن أبي بكر بن أبي سماك، عن داود بن فَرْقد، عن عبد الأعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قلت له : ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ﴾(5)، أليس قد أتى الله عز وجل بني أمية الملك؟ قال: ليس حيث تذهب إليه، إن الله عز وجل آتانا الملك وأخذته بنو أمية، بمنزلة الرجل يكون له الثوب فيأخذه الآخر، فليس هو للذي أخذه .

فی قوله تعالی:﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا...الآیۀ﴾

390 - محمد بن أحمد بن الصَّلْت، عن عبد الله بن الصَّلْت، عن يونس، عن

ص: 212


1- المَرْس : الدلك والسحق .
2- أي حذفوا البسملة كجزء من كل سورة وأسقطوا قراءتها في الصلاة، والمقصود بهم أكثر مذاهب العامة.
3- الإسراء / ٤٦ .
4- آل عمران / ١٠٣ .
5- آل عمران / ٢٦

المفضّل بن صالح، عن محمد الحلبي، أنه سأل أبا عبد الله(عليه السلام)عن قول الله عز وجل : ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾(1)قال: العدل بعد الجور(2).

391 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن محمد بن أشيم ، عن صفوان بن يحيى قال : سألت أبا الحسن الرضا(عليه السلام) عن ذي الفقار سيف رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) ؟ فقال نزل به جبرئيل(عليه السلام)من السماء وكانت حلقته(3)فضة .

حديث نوح(عليه السلام) يوم القيامة

392 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن محمد، عن جميل بن صالح ، عن يوسف بن أبي سعيد قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)ذات يوم فقال لي : إذا كان يوم القيامة وَجَمَعَ الله تبارك وتعالى الخلائق كان نوح(عليه السلام)أول من يُدعى به فيقال له : هل بلّغتَ؟ فيقول : نعم، فيقال له : من يشهد لك؟ فيقول : محمد بن عبد الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، قال : فيخرج نوح(عليه السلام)فيتخطّى الناس حتى يجيىء إلى محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)وهو على كثيب المسك، ومعه علي(عليه السلام)، وهو قول الله عز وجل: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ (4)، فيقول نوح لمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم) : يا محمد ؛ إن الله تبارك وتعالى سألني هل بلّغت؟

شهادۀ جعفر بن أبی طالب وحمزه للأنبیاء

فقلت نعم فقال: من يشهد لك؟ فقلت : محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، فيقول: يا جعفر، يا حمزة اذهبا واشهدا له أنه قد بلّغ فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : فجعفر وحمزة هما الشاهدان للأنبياء(عليهم السلام) بما بلّغوا ، فقلت : جُعِلْتُ فداك ؛ فعلي(عليه السلام)أين هو؟ فقال: هو أعظم منزلة من ذلك .

كان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)يقسم لحظاته بین أصحابه

393 - حدثني محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)يقسم لحظاته بین أصحابه ينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية(5).

ما کلم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) العباد بکُنْه عقله

٣٩٤ _ عنه ، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا قال : قال أبو عبد

ص: 213


1- الحديد / 17 .
2- عند ظهور الحجة(عجل الله تعالی فرجه)وهو الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد ما ملئت ظلما وجوراً، والمقصود أنه الفرد الأكمل من أفراد الأحياء لا أنه منحصر فيه فلا ينافي ما ذهب إليه المفسرون المازندراني ٣٥٢/١٢ .
3- في بعض النسخ : جليته . وهذا الحديث يدحض قول من قال بأن ذا الفقار كان لبعض المشركين واصطفاه رسول الله . له(صلی الله علیه وآله وسلم)يوم بدر ثم أعطاه علياً(عليه السلام).
4- الملك / ٢٧ . والزلفة والزلفى : القرب .
5- وفق آداب المعاشرة والمجالسة.

الله (عليه السلام): ما كلّم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)العباد بكُنْه عقله قط ، قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «إنا معاشر الأنبياء أُمِرْنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم» (1).

٣٩٥ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إني رجل من بَجِيلَة(2)وأنا أدين الله عز وجل بأنكم مَوَالِيّ وقد يسألني بعض من لا يعرفني فيقول لي : ممن الرجل؟ فأقول له : أنا رجل من العرب، ثم من بجيلة، فَعَلَيّ في هذا إثم حيث لم أقل : إني مولى لبني هاشم؟ فقال : لا ، أليس قلبك وهواك منعقداً على أنك من موالينا؟ فقلت: بلى والله ، فقال : ليس عليك(3)في أن تقول أنا من العرب، إذ ما أنت من العرب في النسب والعطاء والعدد والحسب فأنت في الدين، وما حوى الدين بما تدين الله غر رجل به من طاعتنا والأخذ به منا من موالينا ومنا وإلينا.

شیعتهم حواریهم (عليه السلام)

٣٩٦ - حدثنا ابن محبوب، عن أبي يحيى كوكب الدم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: إن حواري عيسى(عليه السلام)كانوا شيعته، وإن شيعتنا حواريّونا، وما كان حواري عيسى بأطوع له من حوارينا لنا، وإنما قال عيسى(عليه السلام)للحواريين: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ﴾(4)فلا والله ما نصروه من اليهود، ولا قاتلوهم دونه، وشيعتنا والله لم يزالوا منذ قبض الله عز ذِكْره رسوله(صلی الله علیه وآله وسلم) ينصرونا ويقاتلون دوننا، ويحرقون ويعذّبون ويشرّدون في البلدان، جزاهم الله عنا خيراً .

وقد قال أمير المؤمنين(عليه السلام): والله لو ضَرَبْتَ خيشوم محبينا بالسيف ما أبغضونا، ووالله لو أدنيت(5)إلى مبغضينا وحثوت(6)لهم من المال ما أحَبّونا .

تفسیر قوله تعالی: ﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾

397 - ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن قول الله عز وجل: ﴿ألم * غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ﴾(7)؟ قال : فقال : يا أبا عبيدة إن لهذا

ص: 214


1- أي لا على قدر عقولنا، لأن عقول عامة الناس لا تبلغ ما بلغته عقول الأنبياء والأوصياء(عليه السلام)وإلا لوقعت الضلالة والشك لدى عامة الناس لعدم قدرتهم على استيعاب ما يخاطبون به عندئذ. وفي الحديث تربية وتوجيه إلى الطريقة المثلى في التعليم والتفهيم .
2- حي من أحياء اليمن .
3- أي إثم أو بأس.
4- الصف/١٤ .
5- في بعض النسخ : أدليت .
6- حشوت له - كما في القاموس - أعطيته كثير
7- الروم / ١ - ٢ .

تأويلاً لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم من آل محمد صلوات الله عليهم، إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لما هاجر إلى المدينة و ( أ ) ظهر الإسلام، كتب إلى ملك الروم كتاباً وبعث به مع رسول يدعوه إلى الإسلام، وكتب إلى ملك فارس كتاباً يدعوه إلى الإسلام وبعثه إليه مع رسوله، فأما ملك الروم فعظّم كتاب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وأكرم رسوله ، وأما ملك فارس فإنه استخفّ بكتاب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ومزّقه واستخف برسوله، وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم، وكان المسلمون يهوون(1)أن يغلب ملك الروم ملك فارس ، وكانوا لناحيته أرجى منهم لملك فارس، فلما غلب ملك فارس ملك الروم، كره ذلك المسلمون واغتمّوا به، فأنزل الله عز وجل بذلك كتاباً قرآناً ﴿ألم *غُلِبت الروم (يعني غلبتها فارس) في أدنى الأرض (وهي الشامات وما حولها) وهم( يعني فارس) من بعد غَلَبِهِمْ (الروم) سَيَغْلِبون * (يعني يغلبهم المسلمون) في بِضع سنينَ الله الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر من يشاء﴾ عز وجل، فلمّا غزا المسلمون فارس وافتتحوها، فرح المسلمون بنصر الله عز وجل قال : قلت: أليس الله عز وجل يقول : ﴿في بضع سنين﴾ ، وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وفي إمارة أبي بكر وإنما غَلَب المؤمنون فارس في إمارة عمر؟ فقال: ألم أقل لكم إن لهذا تأويلاً وتفسيراً ، والقرآن - يا أبا عبيدة - ناسخ ومنسوخ . أما تسمع لقول الله عز وجل:﴿ لله الأمر من قبلُ ومن بعدُ﴾ ؟ يعني إليه المشيئة في القول أن يؤخَّر ما قَدَّمَ ويُقدِّم ما أخَّرَ في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، فذلك قوله عز وجل: الله ينصر ﴿ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله (ينصر من يشاء)﴾ أي يوم يحتم القضاء بالنصر .

إبطال ما زعمته العامۀ من إثبات خلافۀ أبی بکر بالإجماع

398 - ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضى الله جلّ ذِكره، وما كان ليفتن أمة محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)من بعده ؟ فقال أبو جعفر(عليه السلام): أَوَ مَا يقرؤون كتاب الله ، أو ليس الله يقول : ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ (2)قال : فقلت له : إنهم يفسرون على وجه آخر ، فقال : أوَ لَيس قد أخبر الله عز وجل عن الذين من قبلهم من الأمم، أنهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات حيث قال :﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ

ص: 215


1- وذلك لأن الروم كانوا نصارى وهم أهل كتاب.
2- آل عمران / ١٤٤ .

مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾(1)، وفي هذا ما يُسْتَدل به على أصحاب محمد(صلی الله علیه وآله وسلم) قد اختلفوا من بعده فمنهم من آمن ومنهم من كفر .

سجدۀ أبی عبدالله (عليه السلام)

٣٩٩ _ عنه ، عن هشام بن سالم ،عن عبد الحميد بن أبي العلاء قال: دخلت المسجد الحرام، فرأيت مولى لأبي عبد الله(عليه السلام)، فَمِلْتُ إليه لأسأله عن أبي عبد الله(عليه السلام)، فإذا أنا بأبي عبد الله(عليه السلام)ساجداً ، فانتظرته طويلاً فطال سجوده عَلَيَّ ، فقمت وصلّيت ركعات وانصرفت وهو بعد ساجد، فسألت مولاه متى سجد؟ فقال : من قبل أن تأتينا، فلما سمع كلامي رفع رأسه ثم قال: أبا محمد ادْنُ مني، فدنوت منه فسلّمت عليه، فسمع صوتاً خلفه فقال: ما هذه الأصوات المرتفعة؟ فقلت : هؤلاء قوم من المرجئة والقدرية والمعتزلة، فقال: إن القوم يريدوني فقم بنا، فقمت معه، فلما أن رأَوْه نهضوا نحوه فقال لهم : كفّوا أنفسكم عني ولا تؤذوني وتعرّضوني للسلطان، فإني لست بمفت لكم ،ثم أخذ بيدي وتركهم ومضى ، فلما خرج من المسجد قال لي : يا أبا محمد، والله لو أن إبليس سجد الله عز ذكره بعد المعصية والتكبّر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ولا قبله الله عز ذكره ما لم يسجد لآدم كما أمره الله عز وجل أن يسجد له، وكذلك هذه الأمة العاصية المفتونة بعد نبيّها(صلی الله علیه وآله وسلم)، وبعد تركها الإمام الذي نصبه نبيهم(صلی الله علیه وآله وسلم)لهم، فلن يقبل الله تبارك وتعالى لهم عملاً ، ولن يرفع لهم حسنة حتى يأتوا الله عز وجل من حيث أمرهم ويتولوا الإمام الذي أُمروا بولايته، ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله عز وجل ورسوله لهم ، يا أبا محمد ؛ إن الله افترض على أمة محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)خمس فرائض : الصلاة والزكاة والصيام والحج، وولايتنا، فرخّص لهم في أشياء من الفرائض الأربعة(2)، ولم يرخّص لأحد من المسلمين في ترك ولايتنا، لا والله وما فيها رخصة .

٤٠٠ - عدّة من أصحابنا ،عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي إسحاق الجرجاني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن الله عز وجل جعل لمن جعل له سلطاناً أجلاً ومدة من ليال وأيام وسنين وشهور، فإن عَدَلوا في الناس، أمر الله عز وجل صاحب الفَلَك(3)أن يبطيء، بإدارته فطالت أيامهم ولياليهم وسنينهم وشهورهم، وإن جاروا في الناس ولم يعدلوا، أمر الله تبارك وتعالى صاحب الفَلَك فأسرع بإدارته فقصرت لياليهم وأيامهم وسنينهم وشهورهم، وقد وفى لهم عز وجل بعدد الليالي والشهور .

ص: 216


1- البقرة/ ٢٥٣
2- وذلك عند الاضطرار والحرج وشبههما، أو أن معنى الرخصة عدم الحكم بكفر تارك بعض الواجبات أو الفاعل لبعض المحرمات. وعليه فمن ترك الولاية فهو كافر حكماً .
3- أي الملك الموكل بإدارته وتحريكه .
من أین تهبُّ الریح

٤٠١ - أبو علي الأشعري، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن الفضيل عن العرزمي قال : كنت مع أبي عبد الله(عليه السلام)جالساً في الحِجْر تحت الميزاب، ورجل يخاصم رجلاً وأحدهما يقول لصاحبه: والله ما تدري من أين تهبّ الريح، فلما أكثر عليه، قال أبو عبدالله(عليه السلام)فهل تدري أنت؟ قال : لا ، ولكني أسمع الناس يقولون. فقلت أنا لأبي عبدالله (عليه السلام): جُعلْتُ فداك، من أين تهبّ الريح ؟ فقال : إن الريح مسجونة تحت هذا الركن الشامي، فإذا أراد الله عز وجل أن يخرج منها شيئاً أخرجه إما جنوب فجَنوب، وإما شمال فشمال وصَبا فصَبا ، ودَبُور ،فَدَبُور ، ثم قال : من آية ذلك أنك لا تزال ترى هذا الركن متحركاً أبداً في الشتاء والصيف والليل والنهار.

٤٠٢ _ عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم (عن أبيه)، جميعاً، عن ابن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ليس خلق أكثر من الملائكة، إنه لينزل كل ليلة من السماء سبعون ألف ملك فيطوفون بالبيت الحرام ليلتهم وكذلك في كل يوم .

٤٠٣ - حدثنا ابن محبوب عن عبد الله بن طلحة رفعه قال : قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): الملائكة على ثلاثة أجزاء(1)جزء له ،جناحان وجزء له ثلاثة أجنحة، وجزء له أربعة أجنحة».

٤٠٤ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن ميسرة، عن الحكم بن عُتيبة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: إن في الجنة نهراً يغتمس في_ه جبرئيل(عليه السلام)كل غداة ثم يخرج منه فيتنفض فيخلق الله عز وجل من كل قطرة تقطر منه مَلَكاً(2).

٤٠٥ _ عنه ، عن بعض أصحابه، عن زياد القندي، عن دُرُسْت بن أبي منصور، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : إن الله عز وجل ملكاً ما بین شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة خمسمائة عام خَفَقَان(3)الطير .

٤٠٦ _ الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشّاء، عن محمد بن الفضيل، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إن الله عز وجل ديكاً رجلاه في الأرض السابعة، وعنقه مثبتة تحت العرش، وجناحاه في الهواء، إذا كان في نصف الليل أو الثلث الثاني من آخر الليل، ضَرَبَ

ص: 217


1- أي : أضاف وقد قال تعالى : ﴿ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ...﴾
2- يتنفض : أي يحرك جناحيه . وظاهر الحديث أن تحوّل كل قطرة ماء تسقط منه ملكاً هو من خواصه(عليه السلام).
3- الخفقان التحرك والاضطراب.

بجناحه وصاح «سُبوحٌ قُدّوس رينا الله الملك الحق المبين، فلا إله غيره ، رب الملائكة والروح» فتضرب الدِيَكَةُ بأجنحتها وتصيح(1).

٤٠٧ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجّال، عن ثعلبة بن میمون، عن عمّار الساباطي قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام) : ما يقول مَن قِبَلُكُم في الحِجامة؟ قلت : يزعمون أنها على الريق أفضل منها على الطعام قال : لا ، هي على الطعام أدرّ للعروق وأقوى للبدن .

٤٠٨ _ عنه، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : إقرأ آية الكرسي واحتجِم أيَّ يوم شئتَ، وتصدّق واخرج أيَّ يوم شئتَ .

٤٠٩ - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن معاوية بن حكيم قال : سمعت عثمان الأحول يقول : سمعت أبا الحسن(عليه السلام)يقول : ليس من دواء إلا وهو يهيج داءاً، وليس شيء في البدن أنفع من إمساك اليد(2)إلا عما يحتاج إليه .

٤١٠ - عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، رفعه إلى أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الحُمّى تخرج في ثلاث : في العَرَق والبَطْن(3) والقي.

٤١١ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن حفص بن عاصم، عن سيف التمار ، عن أبي المرهف، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : الغبرة على من أثارها(4)، هلك المحاضير(5)، قلت : جُعلتُ فداك، وما المحاضير ؟ قال : المستعجلون أما إنهم لن يردوا إلا من يعرض لهم ، ثم قال : يا أبا المرهف، أما إنهم لم يريدوكم بمجحفة (6)إلا عرض الله عز وجل لهم بشاغل، ثم نكت أبو جعفر(عليه السلام) في الأرض، ثم قال: يا أبا المرهف! قلت: لبيك ، قال : أترى قوماً حبسوا أنفسهم على الله عن ذِكْره لا يجعل الله لهم فَرَجاً؟ بلى والله ليجعلَنَّ الله لهم فَرَجاً .

ص: 218


1- روى من باب هذا الحديث الصدوق في الفقيه 1/ 1397 عن أبي جعفر(عليه السلام)أيضاً .
2- إمساك اليد - هنا - كناية عن قلة الأكل وعدم الإفراط فيه .
3- البطن: أي بإخراج ما فيه بعلاج من حقنة أو شرب مسهل .
4- هذا مثل يضرب لمن أدخل نفسه في أمر لا يعنيه وكان فيه ضرر عليه .
5- المحاضير : جمع محضار وهو الفرس المسرع في العدو. وفي بعض النسخ المحاصير: جمع محصور وهو الضيق الصدر القليل الصبر. وعلى كلا المعنيين فالمراد التحذير من الاستعجال في الأمور من دون روية وخاصة في موضوع الانتظار وخروج الحجة(عجل الله تعالی فرجه).
6- المجحفة : البلية والداهية .
خبر أبي مسلم المروزي إلی الصادق(عليه السلام)

٤١٢ - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين ،عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن الفضل الكاتب قال : كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام) فأتاه كتاب أبي مسلم(1)فقال: ليس لكتابك جواب، اخرج عنا، فجعلنا يسارُّ بعضُنا بعضاً، فقال : أي شيء تَسَارّون يا فضل، إن الله عز ذِكْره لا يَعْجَل لعجلة العباد، وَلإِزالة جبل عن موضعه أيسر من زوال لم ينقضِ أَجَلَهُ ، ثم قال : إن فلان ابن فلان حتى بلغ السابع من ولد فلان، قلت: فما العلامة فيما بيننا وبينك جُعلتُ فداك ؟ قال : لا تبرح الأرض يا فضل حتى يخرج السفياني، فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا - يقولها ثلاثاً _ وهو(2)من المحتوم.

لم یکن إبلیس من الملائکه

٤١٣ - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن إبليس أكان من الملائكة أم كان يلي شيئاً من أمر السماء؟ فقال : لم يكن من الملائكة، ولم يكن يلي شيئاً من أمر السماء، ولا كرامة، فأتيت الطيّار فأخبرته بما سمعت فأنكره وقال : وكيف لا يكون من الملائكة؟ والله عز وجل يقول: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ﴾(3)، فدخل عليه الطيّار فسأله وأنا عنده فقال له : جُعلتُ فداك، رأيت قوله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمنوا ﴾في غير مكان من مخاطبة المؤمنين، أيدخل في هذا المنافقون؟ قال : نعم، يدخل في هذا المنافقون والضُلّال وكل من أقرّ بالدعوة الظاهرة(4).

جعْل الصلاۀ للنبی(صلی الله علیه وآله وسلم)

٤١٤ _ عنه ، عن علي بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبد الله(عليه السلام): أن رجلاً أتى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : يا رسول الله ، إني أصلي فأجْعَلُ بعض صلاتي لك؟ فقال : ذلك خير لك، فقال : يا رسول الله، فأجعل نصفَ صلاتي لك ، فقال : ذلك أفضل لك، فقال: يا رسول الله ، فإني أصلي فأجْعَلُ كل صلاتي لك ، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) : «إذاً يكفيك الله ما أهمّك من أمر دنياك وآخرتك »، ثم قال أبو عبد الله(عليه السلام): إن الله كلّف رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ما لم يكلّفه أحداً من خلقه، كلّفه أن يخرج على الناس كلهم وحده بنفسه إن لم يجد فئة تقاتل معه، ولم يكلف هذا

ص: 219


1- وكان يطلب في كتابه منه(عليه السلام)الخروج على بني أمية لإزالة دولتهم وانتزاع السلطان منهم .
2- أي خروج السفياني أمر محتوم يسبق خروج الحجة عجل الله فرجه .
3- الكهف/ ٥٠ . والغريب أن تتمة الآية تصرّح بأنه لم يكن من الملائكة وكأن لسان الطيار قد اعتقل عنها : كان من الجن ففسق عن أمر ربه ... اللهم إلا أن يراد أية أخرى لم يرد فيها هذا التصريح
4- و «إذا جاز دخول المنافق والضال في خطاب المؤمنين إما باعتبار التغليب أو باعتبار الاختلاط وكونهما فيما بينهم أو باعتبار التجوز في الإيمان جاز دخول إبليس في خطاب الملائكة بتلك الاعتبارات فحصل المطلوب وهو أن إبليس ليس من الملائكة حقيقة وبطلت شبهة السائل . . » المازندراني 371/12 .

أحداً من خلقه قبله ولا بعده، ثم تلا هذه الآية : ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ﴾(1)ثم قال : وجعل الله أن يأخذ له ما أخذ لنفسه، فقال عز وجل:﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾(2)، وجعلَتْ الصلاة على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) بعشر حسنات (3).

415-عنه ، عن علي بن حديد، عن منصور بن رَوْح ، عن فضيل الصايغ قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : أنتم والله نور في ظلمات الأرض والله إن أهل السماء لينظرون إليكم في ظلمات الأرض كما تنظرون أنتم إلى الكوكب الدُّرِّي في السماء، وإن بعضهم ليقول لبعض يا فلان عجباً لفلان كيف أصاب هذا الأمر، وهو قول أبي(عليه السلام)، والله ما أعجب ممن هَلَكَ كيف هَلَكَ، ولكن أعجب ممن نجا كيف نجا .

٤١٦ - عدَّة من أصحابنا ،عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن أسباط، عن إبراهيم بن محمد بن حمران، عن أبيه ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : من سافر أو تزوّج والقمر في العقرب(4)لم يرَ الحُسنى .

٤١٧ _ عنه، عن ابن فضّال، عن عبيس بن هاشم عن عبد الكريم بن عمرو، عن الحكم بن محمد بن القاسم أنه سمع عبد عبد الله بن عطاء يقول: قال أبو جعفر(عليه السلام): قم فأسرج دابتين حماراً وبغلاً ، فأسرجتُ حماراً وبغلاً، فقدّمت إليه البغل ورأيت أنه أحبهما إليه ، فقال : من أمرك أن تقدم إليَّ هذا البغل؟ قلت : اخترته لك ، قال : وأمرتك أن تختار لي؟ ثم قال : إن أحب المطايا إلىَّ الحُمُر ، قال فقدمت إليه الحمار وأمسكت له بالركاب فركب، فقال: الحمد لله الذي هدانا بالإسلام ،وعلّمنا القرآن ومنَّ علينا بمحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، الحمد لله الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مُقْرِنين(5)وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، والحمد لله رب العالمين. وسار وسِرُت حتى إذا بلغنا موضعاً آخر قلت له : الصلاةَ جُعِلْت فداك ، فقال : هذا وادي النمل لا يصلّى فيه، حتى إذا بلغنا موضعاً آخر قلت له مثل ذلك : فقال : هذه الأرض مالحة(6)لا

ص: 220


1- النساء/ ٨٤.
2- الأنعام / ١٦٠
3- وهذا يفسّر أن المراد بجعل الصلاة كلاً أو بعضاً له(صلی الله علیه وآله وسلم)هو أن يقول : اللهم صل على محمد وآل محمد . وقد مرّ في كتاب الدعاء من أصول الكافي ، باب الصلاة على محمد وأهل بيته بعض الروايات بنفس المضمون فراجع .
4- أي في برج العقرب . وقد رواه الصدوق في الفقيه 1 / 778. ورواه أيضاً في المحاسن ص / ٣٤٧ .
5- مُقرنين : أي مطيقين من أقرن الشيء: أطاقه ،وقدر عليه والمفرد : مُقرن والمعنى : وما كنا من قبل على تسخيره قادرين .
6- أي سبخة . وقد حكم أصحابنا رضوان الله عليهم أن من جملة الأماكن التي يكره الصلاة فيها بيوت النمل والأرض السبيخة .

يصلّى فيها، قال: حتى نزل هو من قبل نفسه فقال لي : صليت أو(1)تصلي سِبُحَتكَ(2)؟ قلت : هذه صلاة يسمّيها أهل العراق الزوال، فقال: أما هؤلاء الذين يصلّون هم شيعة علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وهي صلاة الأوابين، فصلّى وصلّيتُ ، ثم أمسكت له بالركاب، ثم قال مثل ما قال في بدايته، ثم قال : اللهم العن المرجئة، فإنهم أعداؤنا في الدنيا والآخرة، فقلت له : ما ذكّركَ جعلت فداك بالمرجئة ؟ فقال : خطروا على بالي .

لعن المرجئه

٤١٨ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لما أرادت قريش قتل النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)قالت: كيف لنا بأبي لهب ؟ فقالت أم جميل : أنا أكفيكموه ، أنا أقول له إني أحب أن تقعد اليوم في البيت نصطبح(3)، فلما أن كان من الغد وتهيأ المشركون للنبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، قعد أبو لهب وامرأته يشربان، فدعا أبو طالب علياً(عليه السلام)فقال له : يا بني ، اذهب إلى عمّك أبي لهب فاستفتح عليه، فإن فتح لك فادخل، وإن لم يفتح لك فتحامل على الباب واكسره وادخل عليه، فإذا دخلت عليه فقل له : يقول لك أبي إن امرءاً عمّه عَيْنه(4)في القوم فليس بذليل، قال: فذهب أمير المؤمنين(عليه السلام)فوجد الباب مغلقاً، فاستفتح فلم يفتح له، فتحامل على الباب وكسره ودخل، فلمّا رآه أبو لهب قال له : مالك يا بن أخي ؟ فقال له : إن أبي يقول لك : إن امرءاً عمّه عَيْنه في القوم ليس بذليل ، فقال له : صدق أبوك ، فما ذاك يا بن أخي ؟ فقال له : يُقتل ابن أخيك وأنت تأكل وتشرب، فوثب وأخذ سيفه، فتعلقت به أم جميل، فرفع يده ولطم وجهها لطمة ففقأ عينها، فماتت وهي عوراء، وخرج أبو لهب ومعه السيف ، فلما رأته قریش عرفت الغضب في وجهه فقالت: ما لك يا أبا لهب ؟ فقال : أبايعكم على ابن أخي ثم تريدون قتله واللاتِ والعُزَّى لقد هممت أن أُسْلم، ثم تنظرون ما أصنع، فاعتذروا إليه، ورجع .

حدیث أبی لهب وإرادۀ المشرکین قتل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

٤١٩ _ عنه ، عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : كان إبليس يوم بدر يقلّل المسلمين في أعين الكفّار، ويكثر الكفّار في أعين المسلمين، فشد عليه جبرئيل(عليه السلام)بالسيف فهرب منه وهو يقول : يا جبرئيل إني مؤجَّل(5)، إني مؤجَّل حتى وقع في البحر، قال زرارة :

ص: 221


1- الترديد من الراوي .
2- السبحة : النافلة .
3- الاصطباح أكل الصبوح وهو الغداء والاغتباق أكل الغبوق وهو العشاء وهما في الأصل استعملا في الشرب في هذين الوقتين ثم تعدى استعمالهما في الأكل.
4- العين: الرقيب والحافظ وجملة فليس بذليل، خبر إن .
5- مؤجل : أي مُنظَر إلى يوم الوقت المعلوم .

فقلت لأبي جعفر(عليه السلام): لأي شيء كان يخاف وهو مؤجل ؟ قال : يقطع بعض أطرافه.

غزوه الأحزاب

٤٢٠ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام بن سالم، عن أبان بن عثمان، عمّن حدثه ، عن أبي عبد الله

(عليه السلام)قال : قام رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)على التل الذي عليه مسجد الفتح في غزوة الأحزاب في ليلة ظلماء قرّة(1)فقال : من يذهب فيأتينا بخبرهم وله الجنة ؟ فلم يقم أحد ، ثم أعادها ، فلم يقم أحد ، فقال(2)أبو عبد الله(عليه السلام)بيده : وما أراد القوم؟! أرادوا أفضلَ من الجنة؟! ثم قال : مَن هذا ؟ فقال : حُذَيفة، فقال: أما تسمع كلامي منذ الليلة ولا تَكَلَّم أَقُبِرتَ(3)؟ فقام حذيفة وهو يقول : القُرّ والضر(4)، جعلني الله فداك، منعني أن أجيبك، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): إنطَلق حتى تسمعَ كلامهم وتأتيني بخبرهم، فلمّا ذهب قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، حتى تردّه ، وقال له رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): يا حُذَيفة ؛ لا تُحْدِث شيئاً حتى تأتيني ، فأخذ سيفه وقوسه وحَجَفَته(5)، قال حذيفة : فخرجت وما بي من ضُرّ ولا قُرّ، فمررت على باب الخندق وقد اعتراه المؤمنون والكفار(6)، فلما توجه حذيفة، قام رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ونادى: يا صريخَ المكروبين، و يا مجيبَ المضطرّين، أكشف هَمِّي وغَمِّي وكَرْبي ، فقد ترى حالي وحال أصحابي ، فنزل عليه جبرئيل(عليه السلام)فقال : يا رسول الله ؛ إن الله عزّ ذِكْره قد مقالتك ودعاءك ، وقد أجابك وكفاك سمع هول عدوّك ، فجثا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)على ركبتيه وبسط يديه وأرسل عينيه(7)، ثم قال : شكراً شكراً كما رحمتني ورحمت أصحابي ، ثم قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): قد بعث الله عز وجل عليهم ريحاً من السماء الدنيا فيها حَصَى، وريحاً من السماء الرابعة فيها جَنْدَل(8).

قال حذيفة: فخرجت فإذا أنا بنيران القوم ، وأقبل جندُ الله الأول : ريح فيها حَصَى، فما تركت لهم ناراً إلا أذرتها ولا خباءاً إلا طرحته ولا رمحاً إلا ألقته، حتى جعلوا يتترسون من الحصى في الأتْرِسَة، فجلس حذيفة بين رَجُلَين من المشركين، فقام إبليس في صورة رجل مطاع في المشركين فقال : أيها الناس : إنكم قد نزلتم بساحة هذا الساحر الكذّاب، ألا وإنه لن

ص: 222


1- أي باردة .
2- أي أشار بيده(عليه السلام). والعرب تطلق القول على غير الكلام أيضاً.
3- في بعض النسخ: اقترب. وقوله : أقْبِرت : كناية عن موته .
4- أي البرد وسوء الحال .
5- الحَجَفَة : الترس.
6- أي تدانوا وتقاربوا فى باب الخندق.
7- أي خفض ببصره إلى الأرض ذلّة وتخشعاً الله . أو أنه كناية عن البكاء من خشية الله وشكراً له .
8- الجَنْدَل : الحجارة أو الصخر.

يفوتكم من أمره شيء، فإنه ليس سنة ،مقام ، قد هلك الخُفّ والحافر، فارجعوا، ولينظر كل رجل منكم مَن جليسه، قال حذيفة: فنظرت عن يميني فضربت بيدي ، فقلت : مَنْ أنت؟ فقال : معاوية ، فقلت للّذي عن يساري : من أنت ؟ فقال : سهيل بن عمرو، قال حذيفة: وأقبل جند الله الأعظم (1)، فقام أبو سفيان إلى راحلته ثم صاح في قريش: النجاء النجاء(2)، وقال طلحة الأزدي : لقد زادكم محمد بِشَرّ(3)، ثم قام إلى راحلته وصاح في بني أشجَع : النجاء النجاء ، وفعل عُيَيْنَة بن حصن مثلها، ثم فعل الحارث بن عوف المزني(4)مثلها، ثم فعل الأقرع بن حابس مثلها، وذهب الأحزاب، ورجع حُذَيفة إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فأخبره الخبر، وقال أبو عبد الله(عليه السلام): إنه كان ليشبه يومَ القيامة .

فضل مسجد الکوفه والصلاۀ فیه

٤٢١ - علي بن إبراهيم، عن أبيه ،عن ابن محبوب ،عن هشام الخراساني، عن المفضّل بن عمر قال كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام)بالكوفة أيام قدم على أبي العباس، فلما انتهينا إلى الكُناسة(5)قال : ههنا صُلبَ عمي زيد رحمه الله ، ثم مضى حتى انتهى إلى طاق الزيّاتين، وهو آخر السّراجين، فنزل وقال : إِنزلْ فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول الذي خطه آدم(عليه السلام)، وأنا أكره أن أدخله راكباً ، قال : قلت : فمن غَيرَه عن خطته؟ قال أمّا أول ذلك الطوفان في زمن نوح(عليه السلام)، ثم غيّره أصحاب كسرى ونعمان، ثم غيّره بعد زياد بن أبي سفيان ، فقلت : وكانت الكوفة ومسجدها في زمن نوح(عليه السلام)؟ فقال لي : نعم يا مفضّل، وكان منزل نوح وقومه في قرية على منزل من الفرات مما يلي غربي الكوفة ، قال : وكان نوح(عليه السلام)رجلاً نجاراً، فجعله الله عز وجل نبياً، وانتجبه ، ونوح(عليه السلام)أول من عمل سفينة تجري على ظهر الماء ، قال : ولبث نوح(عليه السلام)في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله عز وجل فيهزؤن به ويسخرون منه ، فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم فقال :﴿ وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا *إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴾(6)، فأوحى الله عز وجل إلى نوح أن أصنع سفينة وأوسعها وعَجّل عملها، فعمل نوح سفينة في مسجد الكوفة بيده، فأتى بالخشب من بعدُ حتى فرغ منها .

ص: 223


1- وهو الريح التي تحمل الجندل كما مر.
2- النجاء : مصدر منصوب بفعل مضمر أي أنجو النَّجاء .
3- في بعض النسخ :رادكم : أي طلبكم .
4- في بعض النسخ : الحارث بن عون المرّي .
5- الكناسة : اسم محلة في الكوفة ، ولعلها كانت إحدى ساحاتها العامة .
6- نوح / ٢٦ و ٢٧ . لا تذر لا تُبقي ديّاراً: من يدور فيها فيجيء ويذهب .

قال المفضّل : ثم انقطع حديث أبي عبد الله(عليه السلام)عند زوال الشمس، فقام أبو عبد الله(عليه السلام)فصلّى الظهر والعصر، ثم انصرف من المسجد فالتفت عن يساره وأشار بيده إلى موضع دار الدّاريين، وهو موضع دار ابن حكيم، وذاك فرات اليوم، فقال لي: يا مفضّل (و) ههنا نُصِبَت أصنام نوح(عليه السلام): ﴿يَغُوثَ ويَعُوقَ ونسرا﴾، ثم مضى حتى ركب دابته .

فقلتُ : جُعِلْتُ فِداك ، في كم عمل نوح سفينته حتى فرغ منها؟ قال : في دَوْرَين، قلت: وكم الدَّوْرَين؟ قال : ثمانين سنة.

قلت: إن العامة يقولون : عملها في خمسمائة عام، فقال: كلّا، كيف والله يقول﴿ وَوَحْينا﴾ .

قال : قلت : فأَخْبِرَني عن قول الله عز وجل : ﴿حتى إذا جاء أمرنا وفار التنّور﴾(1)فأين كان موضعه؟ وكيف كان ؟ فقال : كان التنور في بيت عجوز مؤمنة في دُبُرِ قبلة ميمنة المسجد، فقلت له : فإن ذلك موضع زاوية باب الفيل اليوم .

ثم قلت له : وكان بدء خروج الماء من ذلك التنور؟ فقال: نعم، إن الله عز وجل أحبَّ أن يرى قوم نوح آية ثم إن الله تبارك وتعالى أرسل عليهم المطر يفيض فيضاً، وفاض الفرات فيضاً، والعيون كُلُّهُنَّ فيضاً فَغَرَّقهم الله عز ذِكْره وأنجى نوحاً ومن معه في السفينة .

فقلت له : كم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء وخرجوا منها ؟ فقال : لبثوا فيها سبعة أيام ولياليها ، وطافت بالبيت أسبوعاً(2)، ثم استوت على الجُوديّ، وهو فرات الكوفة . فقلت له : إن مسجد الكوفة قديم؟ فقال : نعم ، وهو مصلّى الأنبياء(عليه السلام)، ولقد صلّى فيه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)حين أسري به إلى السماء ، فقال له جبرئيل(عليه السلام): يا محمد، هذا مسجد أبيك آدم(عليه السلام)، ومصلّى الأنبياء(عليه السلام)فانزل فَصَلِّ فيه، فنزل فَصَلَّى فيه، ثم إن جبرئيل(عليه السلام)عَرَجَ به إلى السماء .

اخبار نوح(عليه السلام) و السفينة

٤٢٢ _ علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبَان بن عثمان ، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي رزين الأسدي، عن أمير المؤمنين(عليه السلام)أنه قال : إن نوحاً صلّى الله عليه، لما فرغ من السفينة، وكان ميعاده فيما بينه وبين ربه في إهلاك قومه أن يفور التنور، فقالت امرأته : إن التنور قد فار، فقام إليه فختمه، فقام الماء، وأدخل من أراد أن

ص: 224


1- هود/ ٤٠ .
2- أسبوعاً : أي سبعة أشواط .

يدخل وأخرج من أراد أن يخرج ، ثم جاء إلى خاتمه فنزعه، يقول الله عز وجل : ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ *وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ﴾(1)قال : وكان نجرها في وسط مسجدكم، ولقد نقص(2)عن ذرعه سبعمائة ذراع .

٤٢٣ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ،عن الحسن بن علي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: جاءت امرأة نوح(عليه السلام)وهو يعمل السفينة فقالت له : إن التنور قد خرج منه ماء، فقام إليه مسرعاً حتى جعل الطبق عليه وختمه بخاتمه، فقام الماء(3). فلما فرغ من السفينة جاء إلى الخاتم ففضّه وكشف الطبق، ففار الماء.

٤٢٤ - علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : كانت شريعة نوح(عليه السلام)أن يُعْبَدَ الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها، وأخذ الله ميثاقه على نوح(عليه السلام)وعلى النبيين(عليهم السلام)أن يعبدوا الله تبارك وتعالى ولا يُشركوا به شيئاً، وأمَرَ بالصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحلال والحرام، ولم يفرض عليه أحكامَ حدود، ولا فرض مواریث فهذه شريعته فلبث فيهم نوح ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم سراً وعلانية، فلما أبوا وعَتَوا قال ﴿ رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ﴾(4) ، فأوحى الله جل وعز إليه : ﴿ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾(5)، فلذلك قال نوح(عليه السلام): «ولا يَلِدُوا إلا فاجراً كفّاراً»، فأَوْحى الله عز وجل إليه ﴿أن إصنَع الفلك﴾ .

٤٢٥ _ عنه ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً، عن الحسن بن علی، عن عمر بن أبَان، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)قال : إن نوحاً(عليه السلام)لما غَرَسَ النوى، مَرّ عليه قومه فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون : قد قعد غَرّاساً، حتى إذا طال النخل وكان جباراً طوالاً قطعه ثم نحته، فقالوا : قد قعد نجّاراً، ثم أَلفَهَ فجعله سفينة، فمرّوا عليه فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولن : قد قعد ملّاحاً في فلاة الأرض، حتى فرغ منها(عليه السلام).

ص: 225


1- القمر / 11 و 12 و 13 . مُنهمر مندفق. دُسُر : مسامير تدسر بها السفينة أي تضرب فيها وخيوط من ليف تُشَدُّ بها ألواح السفينة . مفردها: دسار .
2- أي المسجد نقص عما كان عليه سبعمائة ذراع بسبب الطوفان أو أنهم نقصوا المسجد عما كان عليه زمن نوح هذا المقدار .
3- أي جمد أو توقف عن التدفق .
4- القمر / ١٠ وفيه : فدعا ربه أني مغلوب فانتصر.
5- هود / ٣٦ .

٤٢٦ _ علي ، عن أبيه ،عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح الثوري، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: كان طول سفينة نوح(عليه السلام)ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ثمانمائة ذراع، وطولها في السماء(1)ثمانين ذراعاً، وسعت بين الصفا والمروة، وطافت بالبيت سبعة أشواط(2)، ثم استَوَتْ على الجودي .

٤٢٧ _ محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل الجعفي، وعبد الكريم بن عمرو، وعبد الحميد بن أبي الدَّيْلم، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : حمل نوح(عليه السلام)في السفينة الأزواج الثمانية التي قال الله عز وجل : ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين(3)فكان من الضأن اثنين : زوج داجنة يربيها الناس، والزوج الآخر الضأن التي تكون في الجبال الوحشية أحلّ لهم صيدها، ومن المعز اثنين : زوج داجِنَة يربّيها الناس، والزوج الآخر الظبي التي تكون في المفاوز، ومن الإبل اثنين البخاتي والعراب، ومن البقر اثنين: زوج داجنة للناس، والزوج الآخر البقر الوحشية، وكل طَيْر طَيِّب وحشي (أ) وإنسي، ثم غرقت الأرض.

٤٢٨ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن داود بن أبي يزيد، عمن ذكره ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ارتفع الماء على كل جبل وعلى كل سهل خمسة عشر ذراعاً.

نوح ووصیّه

٤٢٩ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحَكَم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : عاش نوح(عليه السلام)ألفي سنة وثلاثمائة سنة، منها ثمانمائة وخمسين سنة قبل أن يُبعَث، وألف سنة إلا خمسين عاماً وهو في قومه يدعوهم، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة ونصب الماء، فمصّر الأمصار ، وأسكن ولده البلدان، ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس(4)، فقال : السلام عليك ، فردّ عليه نوح(عليه السلام)قال : ما جاء بك يا مَلَك الموت؟ قال : جئتك لأقبض روحك ، قال : دعني أدخل من الشمس إلى الظل، فقال له : نعم فتحوّل ثم قال : يا ملك الموت كل ما مر بي من الدنيا مثل تحويلي من الشمس إلى الظل، فامض لما أُمِرتَ به، فقبض روحه(عليه السلام).

ص: 226


1- أي ارتفاعها. وهو ما يعبر عنه بالعمق .
2- الظاهر أن سبعة أشواط متعلق بالفعلين على سبيل التنازع، والواو لا يدل على الترتيب فلا ينافي تأخر السعي عن طواف الزيارة ويمكن أن يراد بالطواف طواف النساء فإنه بعد السعي لطواف الزيارة المازندراني 381/12
3- هذا مشير إلى الآية ١٤٣ والآية ١٤٤ من ..... الأنعام .
4- أي في ضوء الشمس .
الکف عن المخالفین أجمل

٤٣٠ _ محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، وعبد الكريم بن عمرو، وعبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : عاش نوح(عليه السلام)بعد الطوفان خمسمائة سنة، ثم أتاه جبرئيل(عليه السلام)فقال : يا نوح؛ ربك يُقرئك السلام ويقول : إنه قد انقضت نبوتك واستكملت أيامك، فانظر إلى الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة التي معك، فادفعها إلى ابنك سام، فإني لا أترك الأرض إلا وفيها عالم تُعرف به طاعتي ويُعرف به هُداي، ويكون نجاة فيما بين مقبض النبي ومبعث النبي الآخر، ولم أكن أترك الناس بغير حجّة لي ، وداع إليّ وهادٍ إلى سبيلي ، وعارف بأمري، فإني قد قضيت أن أجعل لكل قوم هادياً أهدي به السعداء، ويكون حُجّة لي على الأشقياء. قال: فدفع نوح(عليه السلام)الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة إلى سام، وأما حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به ، قال : وبشّرهم نوح(عليه السلام)بهود(عليه السلام)، وأمرهم باتّباعه، وأمرهم أن يفتحوا الوصية في كل عام وينظروا فيها ويكون عيداً لهم .

تأویل آیات فی خروج القائم(عجل الله تعالی فرجه)

٤٣١ - علي بن محمد ،عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمان، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قلت له : إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون مَن خالفهم ؟ فقال لي : الكفُّ عنهم أجمل ، ثم قال : والله يا أبا حمزة؛ إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا قلت كيف لي بالمخرج من هذا ؟ فقال لي : يا أبا حمزة ؛ كتاب الله المنزل يدل عليه إن الله تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاماً ثلاثة في جميع الفيء ثم قال عز وجل: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾(1)، فنحن أصحاب الخمس والفيء وقد حَرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا، والله يا أبا حمزة؛ ما من أرض تُفْتَح ولا خمس يخمّس فيضرب على شيء منه إلا كان حراماً على من يصيبه ، فَرْجاً كان أو مالاً ، ولو قد ظهر الحق لقد بيع الرجلُ الكريمةُ عليه نفسه فيمن لا يزيد(2)، حتى أن الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه فلا يصل إلى شيء من ذلك، وقد أخرجونا وشيعتنا من حقنا ذلك بلا عذر ولا حق ولا حجة.

قلت : قوله عز وجل : ﴿هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ﴾(3)؟ قال : إما موت في طاعة

ص: 227


1- الأنفال / ٤١ .
2- أي لا يزيد في ثمنه وفي بعض النسخ : لا يريد
3- التوبة /٥٢ . وتتمة الآية في المصحف :«وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ ».

الله ، أو إدراك ظهور إمام، ونحن نتربّص بهم - مع ما نحن فيه من الشدة - :﴿أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِه﴾ قال : هو المسخ ﴿َوْ بِأَيْدِينَا﴾ وهو القتل، قال الله عز وجل لنبيه(صلی الله علیه وآله وسلم): ﴿ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ ﴾، والتربص انتظار وقوع البلاء بأعدائهم .

الذِکْر هو أمیرالمومنین

٤٣٢ - وبهذا الإسناد، عن أبي جعفر(عليه السلام)في قوله عز وجل : ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ *وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ﴾(1)قال : هو أمير المؤمنين(عليه السلام)﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾(2) قال : عند خروج (2) قال : عند خروج القائم(عجل الله تعالی فرجه).

وفي قوله عز وجل : ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ﴾(3)، قال: اختلفوا كما اختلفت هذه الأمة في الكتاب وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم الذي يأتيهم به حتى ينكره ناس كثير، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم .

وأما قوله عز وجل : ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾(4)قال : لولا ما تقدّم فيهم من الله عز وجل، ما أبقى القائم (عجل الله تعالی فرجه)منهم واحداً . وفي قوله عز وجل :﴿ والذين يُصَدّقون بيوم الدين ﴾(5).قال : بخروج القائم(عجل الله تعالی فرجه).

وقوله عز وجل :﴿ والله ربِّنا ما كنّا مشركين﴾(6)؟ قال: يعنون بولاية علي(عليه السلام).

وفي قوله عز وجل : ﴿وقل جاء الحق وَزَهَقَ الباطل﴾(7)، قال : إذا قام القائم(عجل الله تعالی فرجه)ذهبت دولة الباطل.

لا يسلّط إبلیس على دين المؤمن

٤٣٣ _ عنه ، عن علي بن الحسين، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : قلت له :﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ *إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾(8)؟ فقال : يا أبا محمد، يسلِّط والله من المؤمن

ص: 228


1- ص / ٨٦ و ٨٨ .
2- ص / ٨٦ و ٨٨ .
3- هود / 110 .
4- الشورى/ ٢١
5- المعارج / ٢٦
6- الأنعام / 23
7- الإسراء /81. زَهَقَ : هلك وذهب .
8- النحل / 98 و 99 . وكأن السائل توهم وجود تنافٍ بين الآية الأولى التي دلت على أن للشيطان سلطاناً. على المؤمن ولذا أمرت بالاستعاذة منه والآية الثانية التي نفت أن يكون له سلطان عليه، ولذا جاء جوابه(عليه السلام)لرفع هذا التنافي الموهوم .

على بدنه ولا يُسَلَّط على دينه، قد سلط الله على أيوب(عليه السلام)فشوّه خلقه، ولم يسلّط على دينه، وقد يُسَلّط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلّط على دينهم . قلت : قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ (1)؟ قال الذين هم بالله مشركون يُسَلَّط على أبدانهم وعلى أديانهم .

تشبیه أبی جعفر طواف القوم بطواف الجاهلیۀ وتأویل بعض الآیات وتفسیرها

٤٣٤ _ عنه ، عن علي بن الحسن ،عن منصور ،عن حريز بن عبد الله، عن الفضيل قال : دخلت مع أبي جعفر(عليه السلام)المسجد الحرام وهو متكيء عَلَيَّ ، فنظر إلى الناس ونحن على باب بني شيبة فقال : يا فُضَيل، هكذا كانوا يَطَّوَّفُون في الجاهلية لا يعرفون حقاً ولا يدينون ديناً، يا فُضَيل، انظر إليهم مُكِبّين على وجوههم، لعنهم الله من خلق مَسْخورٍ بهم(2)مُكِبّين على وجوههم، ثم تلا هذه الآية : ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾(3)يعني والله علياً(عليه السلام) والأوصياء(عليهم السلام)، ثم تلا هذه الآية: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ﴾ (4)أمير المؤمنين(عليه السلام)، يا فُضَيْل ؛ لم يَتَسَم بهذا الاسم غير علي(عليه السلام) إلا مفترِ كذاب إلى يوم البأس هذا ، أما والله يا فُضَيل، ما الله عزّ ذِكْره حاج غيركم، ولا يغفر الذنوب إلا لكم، ولا يتقبل إلا منكم، وإنكم لأهل هذه الآية : ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾(5).

يا فضيل : أما تَرْضَوْنَ أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتَكُفّوا ألسنتكم وتدخلوا الجنة؟ ثم قرأ :﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾(6)، أنتم والله أهل هذه الآية.

٤٣٥ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن محمد بن سلمان الأزدي، عن أبي الجارود، عن أبي إسحاق، عن أميرالمؤمنين (عليه السلام):﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ(بظلمه وسوء سيرته) وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾(7).

٤٣٦ - سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن حمران بن أَعْيَن، عن أبي

ص: 229


1- النحل / ١٠٠ . ومشركون أي يعبدونه مع الله ويجعلونه شريكاً له في العبادة.
2- في بعض النشيخ : مسخو بهم ؛ وقد فسره بعضهم بأنه(عليه السلام)رآهم على الصورة المبدلة المسخية .
3- الملك / ٢٢ .
4- الملك / ٢٧ .
5- النساء/ ٣١.
6- النساء / ٧٧ .
7- البقرة / ٢٠٥ . وما بين القوسين تفسير.

جعفر(عليه السلام):﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ﴾(1).

٤٣٧ - علي بن إبراهيم ،عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن أبي جرير القمي _ وهو محمد بن عبد الله وفي نسخة عبد الله _ عن أبي الحسن(عليه السلام):﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ(وما بينهما وما تحت الثرى عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم) مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾(2).

٤٣٨ - محمد بن خالد، عن حمزة بن عُبيد، عن إسماعيل بن عباد، عن أبي عبدالله (عليه السلام): ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾ (3) وآخرها ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ ، والحمد لله رب العالمين وآيتين بعدها .

٤٣٩ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي بكر بن محمد قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقرأ﴿ وَزُلزِلوا (ثم زلزلوا )حتى يقولَ الرسول ﴾(4).

بیان قوله تعالی:﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ..الآیۀ﴾

٤٤٠ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه ،عن علي بن أسباط ،عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)واتَّبعوا ما تتلوا الشياطين(بولاية الشياطين) على مُلْك سلیمان﴾(5).

ويقرأ أيضاً : ﴿ سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ (فمنهم من آمن ومنهم من جحد ومنهم من أقرّ ومنهم من بدّل )وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾(6).

٤٤١ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن الفيض قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): يمرض منا المريض فيأمره المعالجون بالحُمّيَة ؟ فقال : لكنا أهل بيت لا نحتمي إلا من التمر، ونتداوى

ص: 230


1- البقرة / ٢٥٧ . وفي المصحف : أولياؤهم الطاغوت، بدل الطواغيت.
2- البقرة/ ٢٥٥ ، وما بين القوسين من التفسير .
3- البقرة/ ٢٥٥ . ولعله أشار بقوله : وآيتين بعدها إلى أن هذا هو تمام ما يطلق عليه بآية الكرسي وآخرها هم فيها خالدون في مقابل الرواية الثانية التي تقول بأن آخر آية الكرسي هو قوله تعالى : ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ .
4- البقرة / ٢١٤ . وما بين القوسين ليس في المصحف وزُلزلوا - هنا - من الخوف لا من زلزلة الأرض وهو اضطرابها .
5- البقرة/ ١٠٢، وما بين القوسين ليس في المصحف . تتلو الشياطين : أي تحدث وتقول .
6- البقرة / 211 . وما بين القوسين ليس في المصحف.

تعبير المنامات

بالتفاح والماء البارد، قلت : ولم تَحْتَمُون من التمر؟ قال: لأن نبي الله حَمى علياً(عليه السلام)منه في مرضه .

٤٤٢ - عن ابن محبوب، عن ابن رئاب ،عن الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول : لا تنفع الحُميةُ لمريض بعد سبعة أيام .

٤٤٣ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)قال : ليس الحُمْيَة أن تدع الشيء أصلاً لا تأكله، ولكن الحمية أن تأكل من الشيء وتخفّف.

444 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي ، عن بعض أصحابنا قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إن المشي للمريض نُكْس(1)، إن أبي(عليه السلام)كان إذا اعتلّ جُعِلَ في ثوب فحمل لحاجته _ يعني الوضوء - وذاك أنه كان يقول: إن المشي للمريض نُکْسٌ.

٤٤٥ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أَذَينة أن رجلاً دخل على أبي عبد الله(عليه السلام)فقال : رأيت(2)كأن الشمس طالعة على رأسي دون جسدي ؟ فقال : تنال أمراً جسيماً ونوراً ساطعاً وديناً شاملاً، فلو غطّتك لانغمستَ فيه ، ولكنها غطّت رأسك، أما قرأتَ: ﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي ... فَلَمَّا أَفَلَتْ ﴾(3)تبرأ منها إبراهيم(عليه السلام)، قال : قلت : جُعلتُ فِداك ، إنهم يقولون : إن الشمس خليفة أو مَلِك ؟ فقال : ما أراك تنال الخلافة، ولم يكن في آبائك وأجدادك مَلِك، وأي خلافة وملوكية أكبر من الدين والنور ترجوبه دخولَ الجنة ، إنهم يغلطون . قلت : صدقتَ، جُعلتُ فِداك .

٤٤٦ - عنه ، عن رجل رأى كأنّ الشمس طالعة على قدميه دون جسده، قال: مال يُنال من نبات الأرض من بُرِّ أو تَمْر يطأه بقدميه ويتسع فيه، وهو حلال، إلا أنه يكدّ فيه كما كَدّ آدم(عليه السلام).

علم أبی حنیفه فی التعبیر و خطأوه

٤٤٧ _ علي ، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن أبي جعفر الصائغ، عن محمد بن مسلم قال : دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)- وعنده أبو حنيفة - فقلت له : جُعِلت فِداك، رأيت رؤيا عجيبة؟ فقال لي: يا ابن مسلم ،هاتها، فإن العالم بها جالس، وأومأ بيده إلى أبي حنيفة، قال:

ص: 231


1- نُكس : أي عود إلى المرض، أو عود المرض إليه .
2- أي في المنام .
3- الأنعام / 78 بازغةً : طالعة . أفلت : غابت .

فقلت : رأيت كأني دخلت داري وإذا أهلي قد خرجت عَلَي فكسرت جوزاً كثيراً ونثرته عَلَيَّ ، فتعجبت من هذه الرؤيا؟ فقال أبو حنيفة : أنت رجل تخاصم وتجادل لثاماً في مواريث أهلك، فبعد نَصَبٍ شديد تنال حاجتك منها إن شاء الله ، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): أصبت والله يا أبا حنيفة، قال: ثم خرج أبو حنيفة من عنده، فقلت: جُعلتُ فداك، إني كرهت تعبير هذا الناصب، فقال يا ابن مسلم لا يسوك الله، فما يواطي تعبيرهم تعبيرنا ولا تعبيرنا تعبيرهم، وليس التعبير كما عبّره ، قال : فقلت له : جعلت فداك، فقولك : أصبت، وتحلف عليه(1)وهو مخطىء؟ قال: نعم، حلفت عليه أنه أصاب الخطأ ،قال فقلت له : فما تأويلها؟ قال: يا ابن مسلم، إنك تتمتع بامرأة فتعلم بها أهلك فتمزق عليك ثياباً جدداً، فإن القشر كسوة اللب، قال ابن مسلم : فوالله ما كان بين تعبيره وتصحيح الرؤيا إلا صبيحة الجمعة، فلما كان غداة الجمعة أنا جالس بالباب، إذ مرّت بي جارية فأعجبتني، فأمرت غلامي فردّها ثم أدخلها داري، فتمتعت بها فأَحَسَّت بي وبها أهلي، فدخلت علينا البيت، فبادرت الجارية نحو الباب، وبقيت أنا فَمَزَّقَتْ على ثياباً جدداً كنت ألبسها في الأعياد .

وجاء موسى الزوّار العطّار إلى أبي عبد الله(عليه السلام)فقال له: يا بن رسول الله ؛ رأيت رؤيا هَالَتْني، رأيت صِهْراً لي ميتاً وقد عانقني، وقد خفت أن يكون الأجل قد اقترب؟ فقال : يا موسى : توقّع الموت صباحاً ومساء فإنه ملاقينا، ومعانقة الأموات للأحياء أطول لأعمارهم، فما كان اسم صِهْرِك؟ قال : حسين، فقال: إما إن رؤياك تدل على بقائك وزيارتك أبا عبد الله(عليه السلام)، فإن كل من عانق سَمِيَّ الحسين يزوره إن شاء الله .

٤٤٨ - إسماعيل بن عبد الله القرشي قال : أتى إلى أبي عبد الله(عليه السلام)رجل فقال : يا بن رسول الله، رأيت في منامي كأنّي خارج من مدينة الكوفة في موضع أعرفه، وكأَنَّ من شبحاً خشب، أو رجلا منحوتاً من خشب على فرس من خشب يُلوّح بسيفه وأنا ( أ ) شاهده فَزِعاً مرعوباً ؟ فقال له(عليه السلام): أنت رجل تريد اغتيال رجل في معيشته، فاتق الله الذي خلقك ثم يميتك، فقال الرجل: أشهد أنك قد أوتيتَ علماً واستنبطته من معدنه، أخبرك يا بن رسول الله عمّا (قد) فَسَّرْتَ لي، إن رجلا من جيراني جاءني وعرض عَلَيَّ ضيعته، فهممت أن أملكها بوَكْسٍ(2)كثير ، لمّا عرفتُ أنه ليس لها طالب غيري، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): وصاحبك يتولانا ويبرأ من عدوّنا؟ فقال : نعم يا ابن رسول الله رجل جيد البصيرة، مستحكم الدين، وأنا تائب

ص: 232


1- أي قوله(عليه السلام)لأبي حنيفة : أصبت والله .
2- الوكس : النقصان والوضيعة .

إلى الله عز وجل وإليك مما هَمَمْتُ به ونَوَيته، فأَخبِرْني يا بن رسول الله ، لو كان ناصباً حلَّ له اغتياله؟ فقال : أدَّ الأمانة لمن ائتمنك وأراد منك النصيحة ولو إلى قاتل الحسين(عليه السلام).

متى الفتح والفرج؟

٤٤٩ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن سَيْف بن عَمِيرة، عن أبي بكر الحضرمي ، عن عبد الملك بن أَعْيَن قال : قمتُ من عند أبي جعفر(عليه السلام)فاعتمدت على يدي فبكيتُ، فقال : ما لَك؟ فقلت : كنت أرجو أن أُدرك هذا الأمر (1)وبي قوة ، فقال : أما ترضَون أن عدوكم يقتل بعضهم بعضاً وأنتم آمنون في بيوتكم، وإنه لو قد كان ذلك(2)أُعْطي الرجل منكم قوة أربعين رجلاً وجُعلَت قلوبكم كزُبَر(3) الحديد، لو قذف بها الجبال لقلعتها ،وكنتم قوّام الأرض وخزّانها .

٤٥٠ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن سفيان الجريري ، عن أبي مريم الأنصاري ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه قال : سمعت أمير المؤمنين(عليه السلام)مرة بعد مرة وهو يقول _ وشبك أصابعه بعضها في بعض - ثم قال : تفرجي تضيقي وتضيقي تفرجي(4)، ثم قال: هلكت المحاضير (5)، ونجى المقرّبون، وثبت الحصى على أوتادهم(6)، أقسم بالله قسماً حقاً أن بعد الغم فتحاً عجباً.

٤٥١ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن ، أبيه ، عن ميسّر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال یا میسّر ؛ كم بينكم وبين قرقيسيا؟ قلت : هي قريب على شاطىء الفرات، فقال: أما إنه سيكون بها وقعة لم يكن مثلها منذ خلق الله تبارك وتعالى السماوات والأرض، ولا يكون مثلها ما دامت السماوات والأرض، مأدبة للطير تشبع منها سباع الأرض وطيور السماء، يهلك فيها قيس ولا يدعى لها داعية (7)، قال : وروى غير واحد وزاد فيه : وينادي منادٍ: هَلُمّوا إلى لحوم الجبّارين .

٤٥٢ - عنه ، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد ،عن حمّاد بن عيسى، عن

ص: 233


1- أي خروج القائم عجل الله فرجه الشريف .
2- أي خروج القائم عجل الله فرجه الشريف .
3- زُبَر : جمع زبرة وهي القطعة من الحديد.
4- مما نقل عنه(عليه السلام)قوله : أدنى ما يكون الفرج عند مضيق الأمر.
5- في بعض النسخ المحاصير، وقد مر تفسير اللفظين معاً
6- الضمير للمقربين، وهذا كناية عن ثباتهم في مقام الصبر على أذى الأعداء وتحملهم مكاره الضيق وشدائد البلاء حتى لا يسقط خيام صبرهم بصرصر شبهات المعاند لا تتحرك أوتادها بحصيات مفتريات المخالفين وهذه العبارة كالمثل في مقام الشدايد المازندراني 290/12
7- أي لا يبقى لها بقية تدعي الانتساب إليها وهذا كتابة عن الإستئصال.

الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كل راية تُرفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يُعبَد من دون الله عز وجل(1).

٤٥٣ - عنه ، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن شهاب بن عبد ربّه قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): يا شهاب، يكثر القتل في أهل بيت من قريش حتى يُدْعى الرجل منهم إلى الخلافة فيأباها ، ثم قال : يا شهاب ولا تقل : إني عنيت بني عمي مؤلاء(2)، قال شهاب : أشهد أنه قد عناهم .

سبب کتمان أمیرالمؤمنین(عليه السلام)أمره

٤٥٤ - حميد بن زياد ،عن الحسن بن محمد الكندي، عن غير واحد، عن أباَن بن عثمان ،عن الفُضَيل، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : إن الناس لما صنعوا ما صنعوا إذ بايعوا أبا بكر ، لم يمنع أمير المؤمنين(عليه السلام)من أن يدعو إلى نفسه إلا نظراً للناس وتخوفاً عليهم أن يرتدّوا عن الإسلام ،فيعبدوا الأوثان، ولا يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وكان الأحب إليه أن يقرّهم على ما صنعوا من أن يرتدوا عن جميع الإسلام، وإنما هلك الذين ركبوا ما ركبوا ، فأما من لم يصنع ذلك ، ودخل فيما دخل فيه الناس على غير علم ولا عداوة لأمير المؤمنين(عليه السلام)، فإن ذلك لا يكفّره ولا يُخْرِجُهُ من الإسلام، ولذلك كتم علي(عليه السلام)أمره، وبايع مكرهاً حيث لم يجد أعواناً .

حدیث ارتداد الناس عن الإیمان بعد النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)

٤٥٥ - حدثنا محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن عبد الرحيم القصير قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): إن الناس بفزعون إذا قلنا : إن الناس ارتدوا ؟ فقال : يا عبد الرحيم، إن الناس عادوا بعدما قُبِضَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أهلَ جاهلية، إن الأنصار اعتزلت فلم تعتزل بخير، جعلوا يبايعون سعداً(3)وهم يرتجزون ارتجاز الجاهلية، يا سعد أنت المرجّا وشعرك المرجَّل وفَحْلُكَ المُرجم(4).

٤٥٦ - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الكندي، عن غير واحد من أصحابه، عن

ص: 234


1- لا بد من حمله على ما إذا كانت الراية راية ضلال ويدعو صاحبها إلى غير الإيمان والإسلام ويدّعي كذباً أنه صاحب هذا الأمر.
2- إشارة إلى بني العباس.
3- هو سعد بن عُبادَة .
4- وإما من جعل على قبره الرُجمة وهي الحجارة، أو من رجم في المعارك ورمى فيها ، أو من لا يوقف على حقيقة أمر لفخامته، والفحل على الأول: الخصم المدعي للغلبة أو المساواة وعلى الأخيرين أبو المخاطب». المازندراني ٣٩٦/١٢.

أبَان بن عثمان، عن أبي جعفر الأحول، والفُضَيل بن يسار، عن زكريا النقاض، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : سمعته يقول : الناس صاروا بعد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)بمنزلة من اتّبع هارون(عليه السلام)، ومن اتّبع العجلّ، وإن أبا بكر دعا فأبى علي(عليه السلام)إلّا القرآن، وإن عمر دعا فأبى علي(عليه السلام)إلا القرآن، وإن عثمان دعا فأبى علي(عليه السلام)إلا القرآن ،وإنه ليس من أحد يدعو إلى أن يخرج الدجّال(1)إلا سيجد من يبايعه، ومن رفع راية ضلال_ (_ة) فصاحبها طاغوت .

حدیث أَبي ذر رضي الله عنه

(2)

٤٥٧ - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن عبد الله بن محمد، عن سَلَمَة اللؤلوئي ، عن رجل ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: ألَا أُخبركم كيف كان إسلام سلمان وأبي ذر فقال الرجل(3)وأخطأ : أما إسلام سلمان فقد عرفته، فأخبرني بإسلام أبي ذر، فقال : إن أبا ذر كان في بطن مَرّ(4)يرعى غنماً له، فأتى ذئب عن يمين غنمه فهشّ (5)بعصاه على الذئب فجاء الذئب، عن شماله، فهش عليه أبو ذر ، ثم قال له :أبو ذر ما رأيتُ ذئباً أخبثَ منك ولا شراً، فقال له الذئب : شَرٌّ والله مني أهل مكة، بعث الله عز وجل إليهم نبياً فكذّبوه وشتموه، فوقع في أُذُن أبي ذر فقال لامرأته : هَلُمّي مُزْوَدي وأداوتي(6)وعَصاي ، ثم خرج على رجليه يريد مكة ليعلم خير الذئب وما أتاه به ، حتى بلغ مكة فدخلها في ساعة حارّة وقد تعب ونَصَب، فأتى زمزم وقد عطش، فاغترف دلواً فخرج لبن ، فقال في نفسه : هذا والله يدلّني على أن ما خبّرني الذئب وما جئت له حقٌّ، فشرب وجاء إلى جانب من جوانب المسجد، فإذا حلقة من قريش، فجلس إليهم فراهم يشتمون النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)كما قال الذئب فما زالوا في ذلك من ذكر النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)والشتم له، حتى جاء أبو طالب من آخر النهار، فلما رأوه قال بعضهم لبعض : كُفّوا، فقد جاء عمه ، قال : فكفّوا ، فما زال يحدثهم ويكلمهم حتى كان آخر النهار، ثم قام وقمت على أثره، فالتفتَ إليَّ فقال : اذكر حاجتك، فقلت: هذا النبي المبعوث فيكم، قال: وما تصنع به؟ قلت: أؤمن به واصدّقه وأعرض عليه نفسي، ولا يأمرني بشيء إلا أطعتهُ، فقال: وتفعل؟ فقلت:

ص: 235


1- أي إلى آخر مدة خروجه المتصل بنزول عيسى(عليه السلام)وخروج الحجّة(عجل الله تعالی فرجه).
2- واسمه جندب بن جنادة .
3- وهو الراوي هنا .
4- بطن مَرّ : اسم مكان على مرحلة من مكة .
5- الهَشّ : الضرب بشدّة .
6- المزود: ما يجعل فيه الزاد والأداوة: المطهرة .

نعم، قال : فتعال غداً في هذا الوقت إليَّ حتى أدفَعَكَ إليه ، قال : فبتّ تلك الليلة في المسجد، حتى إذا كان الغد جلست معهم، فما زالوا في ذكر النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وشتمه حتى إذا طلع أبو طالب، فلما رأوه قال بعضهم لبعض : أمسِكوا فقد جاء عمّه ، فامسكوا ، فما زال يحدثهم حتى قام فتبعته فسلّمت عليه، فقال : اذكر حاجتك؟ فقلت : النبي المبعوث فيكم ، قال : وما تصنع به؟ فقلت : أؤمن به وأصدّقه وأعرض عليه نفسي ولا يأمرني بشيء إلا أطعته، قال : وتفعل؟ قلت : نعم فقال : قم معي ، فتبعته، فدفعني إلى بيت فيه حمزة(عليه السلام)، فسلّمت عليه وجلست فقال لي : ما حاجتك؟ فقلت: هذا النبي المبعوث فيكم، فقال: وما حاجتك إليه؟ قلت: أؤمن به وأصدّقه وأعرض عليه نفسي ولا يأمرني بشيء إلا أطعته، فقال: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، قال: فشهدت ،قال: فدفعني حمزة إلى بيت فيه جعفر(عليه السلام)، فسلّمت عليه وجلست، فقال لي جعفر(عليه السلام): ما حاجتك؟ فقلت : هذا النبي المبعوث فيكم ، قال : وما حاجتك إليه؟ فقلت : أؤمن به وأصدّقه وأعرض عليه نفسي ولا يأمرني بشيء إلا أطعته، فقال : تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأن محمداً عبده ورسوله ،قال: فشهدت، فدفعني إلى بيت فيه علي(عليه السلام)فسلّمت وجلست ، فقال : ما حاجتك؟ فقلت : هذا النبي المبعوث فيكم ، قال : وما حاجتك إليه؟ قلت : أؤمن به وأصدّقه وأعرض عليه نفسي ولا يأمرني بشيء إلا أطعته فقال : تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، قال : فشهدت، فدفعني إلى بيت فيه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فسلّمت وجلست فقال لي رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): ما حاجتك؟ قلت : النبي المبعوث فيكم، قال وما حاجتك إليه؟ قلت : أؤمن به وأصدّقه ولا يأمرني بشيء إلا أطعته، فقال: تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقال لي رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): يا أبا ذر، انطلق إلى بلادك، فإنك تجد ابن عم لك قد مات وليس له وارث غيرك، فخذ ماله ،وأقم عند أهلك حتى يظهر أمرنا ، قال : فرجع أبو ذر فأخذ المال وأقام عند أهله حتى ظهر أمر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

فقال أبو عبد الله(عليه السلام): هذا حديث أبي ذر وإسلامه رضي الله عنه، وأما حديث سلمان فقد سمعته، فقال جُعِلْتُ فِدَاك، حدثني بحديث سلمان ، فقال : قد سمعته، ولم يحدّثه لسوء أدبه(1).

حدیث إسلام ثمامۀ بن أثان

٤٥٨ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أَبَان بن

ص: 236


1- وذلك لأنه عندما عرض الإمام(عليه السلام)على حضور مجلسه بحديث إسلام سلمان وأبي ذر ابتدره هذا الرجل وادعى أنه يعرف قصة إسلام سلمان وطلب أن يقتصر الإمام على ذكر حديث أبي ذر وفي كلا الموقفين سوء أدب مع المعصوم(عليهم السلام).

عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام): أن ثمامة بن أُثال(1)أسرته خيل النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وقد كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)قال : اللهم أمْكِنّي من ثمامة ، فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): إني مخيّرك واحدة من ثلاث : اقتلك ، قال : إذاً تقتل عظيماً، أو أَفَاديك ، قال : إذاً تجدني غالياً، أو أمنّ عليك، قال: إذاً تجدني شاكراً ، قال : فإني قد مننت عليك ، قال : فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله ، وقد والله علمت أنك رسول الله حيث رأيتك، وما كنت لأشهد بها وأنا في الوثاق.

حديث ولادة النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)

٤٥٩ _ عنه، عن أبيه، عن أحمد بن محمد ،عن أَبَان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : لما وُلد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)جاء رجل من أهل الكتاب إلى ملأ من قريش، فيهم هشام بن المغيرة، والوليد بن المغيرة ،والعاص بن هشام ،وأبو وجزة بن أبي عمرو بن أمية، وعُتْبَة بن ربيعة، فقال: أوُلِدَ فيكم مولود الليلة؟ فقالوا : لا ، قال : فولد إذاً بفلسطين غلام اسمه أحمد ، به شامة(2)كَلَون الخزّ الأدْكَن(3)ويكون هلاك أهل الكتاب واليهود على يديه ، قد أخطاكم(4)والله يا معشر قريش، فتفرقوا وسَألوا، فأُخبِروا أنه وُلدَ لعبد الله بن عبد المطلب غلام ، فطلبوا الرجل فلقوه فقالوا : إنه قد ولد فينا والله غلام ، قال : قبل أن أقول لكم أو بعد ما قلت لكم ؟ قالوا : قبل أن تقول لنا ، قال : فانطلِقوا بنا إليه حتى ننظر إليه ، فانطلقوا حتى أتوا أمه فقالوا : أخرجي ابنك حتى ننظر إليه ، فقالت : إن ابني والله لقد سقط وما سقط كما يسقط الصبيان ، لقد اتقى الأرض بيديه ورفع رأسه إلى السماء فنظر إليها، ثم خرج منه نور حتى نظرت إلى قصور بُصْرى، وسمعت هاتفاً في الجو يقول : لقد ولدتيه سيدَ الأمة فإذا وضعتيه فقولي : أعيذه بالواحد من شر كل حاسد، وسمّيه محمداً، قال الرحي فأخرجيه فأخرجته، فنظر إليه ثم قلبه ونظر إلى الشامة بين كتفيه فخرَّ مغشياً عليه، فأخذوا الغلام فأدخلوه إلى أمه وقالوا : بارك الله لك فيه، فلما خرجوا أفاق، فقالوا له: ما لك ويلَك ؟ قال : ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيامة ،هذا والله من يبيرُهُم، ففرحت قريش بذلك، فلما رآهم قد فرحوا قال : (قد) فرحتم أما والله لَيَسْطُونَّ بكم سَطْوةً(5)يتحدث بها أهل المشرق والمغرب وكان أبو سفيان يقول : يسطو بمصره(6).

ص: 237


1- أثال : المال والمجد. سمّي به والدئمامة .
2- الشامة : العلامة التي يخالف لونها لون البشرة، ويقال لها الخال وهي التي تُسمّى بخاتم النبوة .
3- الدُكنة : لون يميل إلى السمرة أو السواد.
4- أخطاكم أي جاوزكم خبره أو أمره، والمعنى على الأول : أي لم يصلكم بعد. وعلى الثاني : أي لا مفر لكم منه ولا محيص لكم عنه. وفي بعض النسخ أحظاكم أي كنتم بسببه ذوي حظوة وهي المنزلة الرفيعة بين الأمم، وفي بعض النسخ أيضا : أخطأتم.
5- السَّطْو: شدة الأخذ.
6- كان يقولها استهزاءاً.

٤٦٠ _ حميد بن زياد ،عن محمد بن أيوب، عن محمد بن زياد، عن أسباط بن سالم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان حيث طَلقَت(1) آمنة بنت وهب وأخذها المخاض بالنبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، حضرتها فاطمة بنت أسد امرأة أبي طالب، فلم تزل معها حتى وضعت، فقالت إحداهما للأخرى :هل تَرَيْنَ ما أرى؟ فقالت : وما تَرَيْن؟ قالت هذا النور الذي قد سطع ما بين المشرق والمغرب، فبينما هما كذلك إذ دخل عليهما أبو طالب فقال لهما : ما لكما، من أي شيء تعجبان؟ فأخبرته فاطمة بالنور الذي قد رأت، فقال لها أبو طالب: ألا أبشّرك(2)؟ فقالت : بلى، فقال : أما إنك ستلدين غلاماً يكون وَصيَّ هذا المولود.

فی قوله تعالی:﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ..الآیۀ﴾

٤٦١ - محمد بن أحمد، عن عبد الله بن الصلت ،عن يونس، وعن عبد العزيز بن المهتدي، عن رجل، عن أبي الحسن الماضي(عليه السلام)في قوله تعالى : ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾(3)قال : صلة الإمام في دولة الفَسَقَة.

٤٦٢ - يونس، عن سنان بن طريف قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : ينبغي للمؤمن أن يخاف الله تبارك وتعالى خوفاً كأنه مشرف على النار، ويرجوه رجاءاً كأنه من أهل الجنة، ثم قال : إن الله عز وجل عند ظن عبده إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً .

٤٦٣ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمدؤ عن ابن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال : كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام)بمكة، إذ جاءه رسول من المدينة فقال له : من صحبتَ؟ قال : ما صحبتُ أحداً، فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): أما لو كنت تقدَّمتُ إليك(4)لأحسنت أدَبَك؟ ثم قال: واحد شيطان، واثنان شيطانان ،وثلاثة صَحْبٌ وأربعةٌ رُفَقَاء (5).

٤٦٤ _ عنه ، عن أحمد، عن الحسين بن سَيْف، عن أخيه علي، عن أبيه قال : حدثني محمد بن المُثَنّى قال : حدثني رجل من بني نوفل بن عبد المطلب قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «أحب الصحابة إلى الله أربعة، وما زاد قوم

ص: 238


1- طلقت : أصابها الطلق وهو وجع الولادة .
2- الخطاب لفاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي(عليه السلام).
3- الحديد / 11 . والقرض الحسن ما قصد به وجهه تعالى وهو عام يشمل محبة الإمام وطاعته وتولّيه .
4- «أي لو جئتك لأحسنت أدبك بالضرب، وأما إذ جئتني فلا أضربك لقبح ضرب الضيف والزائر» المازندراني ٤٠٣/١٢ .
5- وقد دل على رجحان السفر رفقةً أي في قافلة، وكراهة السفر منفرداً أو منظماً إلى شخص واحد وقد أخرجه الصدوق في الفقيه 811/2 والبرقي في المحاسن ص ٣٥٦ .

على سبعة إلا كَثُر لَغَظُهُم»(1).

استحباب اتخاذ الرفیق فی السفر

٤٦٥ _ عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)، عن أبيه، عن جدّه(عليه السلام)، في وصية رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لعلي(عليه السلام): لا تخرج في سفر وحدك فإن الشيطان مع الواحد(2)، وهو من الاثنين أبعد، يا علي : إن الرجل إذا سافر وحده فهو غاوٍ(3)، والاثنان غاويان، والثلاثة نفر، قال: وروى بعضهم : سَفْر(4).

٤٦٦ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد ،وعلي بن محمد القاساني، عن سليمان بن داود ،عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : في وصية لقمان لابنه : يا بني، سافر بسيفك وخُفّك وعمامتك وخبائك وسقائك وابرتك وخُيوطك ومِخْرَزك، وتزوّد معك من الأدوية ما تنتفع بها أنت ومن معك، وكن لأصحابك موافقاً إلا في معصية الله عز وجل(5)

٤٦٧ _ علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، عن آبائه(عليهم السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «من شَرَفِ الرجل أن يُطِيبَ زاده(6)إذا خرج في سفره» .

٤٦٨ - علي ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان علي بن الحسين(عليه السلام)إذا سافر إلى الحج والعمرة، تَزَوّد من أطيب الزاد، من اللوز والسكر والسويق (7)المحَمّص والمُحلّى .

٤٦٩ - علي بن إبراهيم ،عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله(عليه السلام)أنه قال : دخلت عليه يوماً فألقى إليَّ ثياباً وقال : يا وليد، ردّها على مطاويها(8)فقمت بين يديه . فقال أبو عبد الله(عليه السلام): رحم الله المعلّى بن خُنَيس، فظننت أنه شبّه قيامي بين يديه بقيام المعلّى بين يديه ،ثم قال : افٍّ للدنيا أفّ للدنيا، إنما الدنيا دار بلاء، يسلّط الله فيها

ص: 239


1- اللغط : - في الأصل - الكلام المختلط الغير المفهوم المعنى. والمقصود هنا هو أنه غالباً يكون لغواً وباطلاً وأخرجه الصدوق في الفقيه ٢ / ٨٢٠ .
2- يستفرد به فیوسوس له وقد يغويه .
3- الغاوي : الضال.
4- السَّفْر : جمع مسافر. وقد أخرجه الصدوق في الفقيه 2 / ح 809 والبرقي في المحاسن ص/ ٣٥٦ .
5- أخرجه الصدوق بتفاوت في الفقيه ٢ / ح ٨٣٤.
6- أي كماً وكيفاً، وشرف الرجل هنا: نجابته وكرمه. وقد أخرجه الصدوق في الفقيه ٢ / ح ٨٣٠.
7- السويق : مقلّي الدقيق. وقد أخرجه الصدوق في الفقيه ٢ / ح 831.
8- مطاوي الثوب : أطواؤه ، المطوى. جمع المَطْوی.

عدوه على وليه، وإنّ بعدها داراً ليست هكذا، فقلت: جُعلتُ فداك، وأين تلك الدار؟ فقال ههنا، وأشار بيده إلى الأرض(1).

470-محمد بن أحمد، عن عبد الله بن الصَّلْت، عن يونس، عمن ذكره، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): يا أبا محمد، إن الله عز وجل ملائكة يُسْقِطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما تُسقِطْ الريح الورق من الشجر في أوان سقوطه، وذلك قوله عز وجل:﴿ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾(2)، والله ما أراد بهذا غيركم.

٤٧١ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذَينة، عن زرارة قال: حدثني أبو الخطّاب في أحسن ما يكون حالاً قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن قول الله عز وجل :﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ (3)، فقال: ﴿وإذا ذكر الله وحده (بطاعة من أمر الله بطاعته من آل محمد) اشمأزّت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين لم يأمر الله بطاعتهم إذا هم يستبشرون ﴾.

٤٧٢ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم صاحب الشعير(4)، عن كثير بن كلثمة، عن أحدهما(عليهم السلام)في قول الله عز وجل :﴿ فتلقّی آدم من ربه کلمات﴾ (5)، قال : لا إله إلّا أنت، سبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءاً وظلمتُ نفسي فاغفِر لي وأنت خير الغافرين . لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي وارحمني وأنت أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك ، عملت سوءاً وظلمت نفسي فَتُبْ عليَّ إنك أنت التوّاب الرحيم، وفي رواية أخرى في قوله عز وجل : ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات ﴾، قال : سأله بحق محمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة(صلی الله علیه وآله وسلم).

بعد ما رأی إبراهیم(عليه السلام) ملکوت السماوات

٤٧٣ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزّاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : لما رأى إبراهيم(عليه السلام)ملكوتَ (6)السماوات والأرض التفت فرأى رجلاً يزني، فدعا عليه فمات، ثم

ص: 240


1- أي القبر وبداية عالم البرزخ وقيل غير ذلك .
2- المؤمن /7.
3- الزمر / ٤٥. اشمأزت نفرت وانقبضت .
4- أي بياع الشعير. وهو الشعيري.
5- البقرة / ٣٧ .
6- ملكوت :من الملك، والتاء للمبالغة كالرغبوت والرهبوت .

رأى آخر، فدعا عليه فمات، حتى رأى ثلاثة ، فدعا عليهم فماتوا، فأوحى الله عز ذكره إليه : يا إبراهيم، إن دعوتك مُجابة فلا تدعُ على عبادي، فإني لو شئت لم أخلقهم، إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف : عبداً يعبدني لا يشرك بي شيئاً فأُثيبه، وعبداً يعبد غيري فلن يفوتَني ، وعبداً عبد غيري فأُخرِجُ من صُلبِه من يعبدني ، ثم التفت فرأى جيفة على ساحل البحر نصفها في الماء ونصفها في البر، تجيء سباع البحر فتأكل ما في الماء، ثم ترجع فيشدّ بعضها على بعض فيأكا بعضها بعضاً، وتجيء سباع البر فتأكل منها ، فيشدّ بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضاً، فعند ذلك تعجّب إبراهيم(عليه السلام)مما رأى وقال :﴿ رب أَرني كيف تُحيي الموتى﴾ (1)قال : كيف تُخْرِجُ ما تناسل التي أكل بعضها بعضاً؟﴿ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي (2)يعني حتى أرى هذا كما رأيت الأشياء كلها ﴿ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ﴾ فقطعُهُنَّ واخلطهنَّ كما اختلطت هذه الجيفة في هذه السباع التي أكل بعضها بعضاً، فخلط﴿ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ﴾(3)فلما دعاهن أجبنه وكانت الجبال عشرة .

سبب الحر والبرد

٤٧٤ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن سلیمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن الحر والبرد مما يكونان؟ فقال لي : يا أبا أيوب، إن المريخ كوكب حار، وزُحل كوكب بارد ، فإذا بدأ المريخ في الارتفاع انحط زُحل وذلك في الربيع، فلا يزالان كذلك كلما ارتفع المريخ درجة انحط زُحَلُ درجة ثلاثة أشهر، حتى ينتهي المريخ في الارتفاع وينتهي زُحلُ في الهبوط، فيجلو المريخ فلذلك يشتد الحر، فإذا كان في آخر الصيف وأول الخريف، بدأ زُحلُ في الارتفاع وبدأ المريخ في الهبوط، فلا يزالان كذلك كلما ارتفع زُحلُ درجة انحط المريخ درجة ، حتى ينتهي المريخ في الهبوط وينتهي زحل في الارتفاع، فيجلو زحل، وذلك في أول الشتاء وآخر الخريف، فلذلك يشتد البرد، وكلما ارتفع هذا ،هبط هذا وكلما هبط هذا ،ارتفع هذا، فإذا كان في الصيف يوم بارد فالفعل في ذلك للقمر، وإذا كان في الشتاء يوم حار فالفعل في ذلك للشمس ، هذا تقدير العزيز العليم، وأنا عبد ربِّ العالمين.

من أحب علیاً(عليه السلام)

٤٧٥ - عدة من أصحابنا ،عن سهل بن زياد ،عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبدالله بن ميمون القدّاح ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): يا علي، من أحبّك ثم

ص: 241


1- البقرة / ٢٦٠
2- البقرة / ٢٦٠
3- البقرة / ٢٦٠

مات فقد قضى نحبه، ومن أحبك ولم يمت فهو ينتظر(1)، وما طلعت شمس ولا غربت إلا طلعت عليه برزق وإيمان، - وفي نسخة- : نور.

٤٧٦ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم):

«سيأتي على أمتي زمان تخبُثُ فيه سرائرهم، وتحسن فيه علانيتهم، طمعاً في الدنيا، ولا يريدون به ما عند الله ربهم ، يكون دينهم ریاءاً، لا يخالطهم خوف، يَعُمُّهُم الله منه بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم ».

حديث الفقهاء والعلماء

(2)

٤٧٧ _ عنه ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام): كانت الفقهاء والعلماء إذا كتب بعضهم إلى بعض كتبوا بثلاثة ليس معهن رابعة : من كانت همته آخرته كفاه الله همّه من الدنيا، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح فيما بينه وبين الله عز وجل أصلح الله تبارك وتعالى فيما بينه وبين الناس(3).

الملاحم والفتن والأشراط

٤٧٨ _ الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن سعدان بن مسلم ،عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: كان رجل بالمدينة يدخل مسجد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فقال : اللهم آنِسْ وحشتي ، وصِلْ وحدتي ، وارزقني جليساً صالحاً، فإذا هو برجل في أقصى المسجد فسلّم عليه وقال له : من أنت يا عبد الله؟ فقال : أنا أبو ذر ، فقال الرجل : الله أكبر، الله أكبر، فقال أبوذر: ولم تكبّر يا عبد الله ؟ فقال : إني دخلت المسجد فدعوت الله عز وجل أن يؤنس وحشتي وأن يَصِلَ وحدتي وأن يرزقني جليساً صالحاً، فقال له أبو ذر : أنا أحق بالتكبير منك إذا كنت ذلك الجليس، فإني سمعت رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يقول : أنا وأنتم

ص: 242


1- إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأحزاب / 23 : ﴿«ِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾قضى نَحْبَه : فرغ من العمل الذي كان أوجبه الله تعالى عليه ، ومنهم من ينتظر الفراغ من الوفاء الله بعهده أو النصر والظفر منه .
2- « العالم أعم من الفقيه باعتبار أن الفقه يتعلق بالأحكام والعلم يتعلق بها وبغيرها، أو باعتبار أن الفقه في عُرف المحدثين المتقدمين . بصيرة قلبية تامة في الدين تابعة للإدراك توجب الميل إلى الآخرة ورفض الدنيا ومقت ذات الله تعالى والعلم أعم منها ومن الإدراك ... ثم المراد بهم إما فقهاء هذه الأمة وعلمائها أو الأعم أهلها في الشامل للأمم السابقة» المازندراني ٤١١/١٢ .
3- «واعلم أن هذه الكلمات الجزيلة مشتملة على جميع أنواع الفضيلة الدنيوية والأخروية والعقلية والعملية ولذلك داوم على مكاتبتها الفقهاء والعلماء . .. إلخ » ن . م .

على تُرْعة(1)يوم القيامة حتى يفرغ الناس من الحساب، قم يا عبد الله فقد نهى السلطان(2)عن مجالستي .

الملاحم والأشراط

٤٧٩ - علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام): قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رَسْمُه، ومن الإسلام إلا اسمه، يسمَّون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهُدى، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة(3)وإليهم تعود(4)» .

صفۀ أهل بیت النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)

٤٨٠ - الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، عن علي بن أسباط ، عن محمد بن الحسين بن يزيد قال : سمعت الرضا(عليه السلام) بخراسان وهو يقول: إنّا أهل بيت ورثنا العفو من آل يعقوب، وورثنا الشكر من آل داود، - وزعم أنه كان كلمة أخرى ونسيها محمد _ ، فقلت له : لعله قال : وورثنا الصبر من آل أيوب ؟ فقال : ينبغي .

قال علي بن أسباط : وإنما قلت ذلك، لأني سمعت يعقوب بن يقطين يحدّث عن بعض رجاله قال : لما قدم أبو جعفر المنصور المدينة سنة قُتل محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن، التفت إلى عمه عيسى بن علي فقال له : يا أبا العباس، إن أمير المؤمنين قد رأى أن يَعْضد(5)شجر المدينة وأن يُعوَر(6)عيونها ، وأن يجعل أعلاها أسفلها، فقال له : يا أمير المؤمنين ،هذا ابن عمك جعفر بن محمد بالحضرة، فابعث إليه فسله عن هذا الرأي، قال: فبعث إليه فأَعلَمَه عیسی فأقبل عليه فقال له : يا أمير المؤمنين ؛ إن داود

(عليه السلام)أُعطي فشكر، وإن أيوب ابتُليَ فصَبَر، وإن يوسف(عليه السلام)عفا بعدما قَدِر، فاعف فإنك من نسل أولئك .

تفسیر قوله تعالی: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾

٤٨١ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن زُرْعة بن محمد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عز

ص: 243


1- التُرعة - في الأصل - الروضة على مرتفع من الأرض دون ما إذا وُجدت على الأرض المستوية فهي عندئذٍ تسمى روضة .
2- يقصد عثمان بن عفّان وذلك قبل أن ينفيه إلى الربذة .
3- بما حرّفوا وأحدثوا من البدع في الاسلام فضّلوا وأضلّوا .
4- أي بالعقاب والعذاب لهم عليها في القيامة، لأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة .
5- يَعْضد: أي يقطع .
6- يعور عيونها : أي يطمسها ويسدّها.

وجل : ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ﴾(1)فقال : كانت اليهود تجد في كتبها أن مُهَاجَرَ (2)محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)ما بين عَيْر وأُحُد(3)، فخرجوا يطلبون الموضع فمروا بجبل يُسمّى حداد فقالوا : حداد وأُحُد سواء، فتفرقوا عنده، فنزل بعضهم بتَيماء، وبعضهم بفَدَك، وبعضهم بخيبر، فاشتاق الذين بتَيماء إلى بعض إخوانهم ، فمرّ بهم أعرابي من قيس فتكارَوْا منه وقال لهم : أمرّ بكم ما بين عَيْر وأُحُد، فقالوا له : إذا مررت بهما فآذنا بهما، فلما توسط بهم أرض المدينة قال لهم : ذاك عَيْرٌ وهذا أُحُد، فنزلوا عن ظهر إبله ، وقالوا : قد أصبنا بغيتنا فلا حاجة لنا في إبلك فاذهب حيث شئت، وكتبوا إلى إخوانهم الذين بفَدَك وخيبر : إنا قد أصبنا الموضع فهلمّوا إلينا، فكتبوا إليهم : إنا قد استقرت بنا الدار، واتخذنا الأموال، وما أقربنا منكم ، فإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم، فاتخذوا بأرض المدينة الأموال، فلما كثرت أموالهم بلغ تُبَّع (4)فغزاهم، فتحصّنوا منه فحاصرهم، وكانوا يرقّون لضعفاء أصحاب تُبَّع فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير، فبلغ ذلك تُبَّع فرقّ لهم وآمنهم ، فنزلوا إليه فقال لهم : إني قد استطبت بلادكم، ولا أراني إلا مقيماً فيكم، فقالوا له : إنه ليس ذاك لك، إنها مُهَاجَر نبي ، وليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك، فقال لهم: إني مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره، فخلف حيين الأوْس والخزرج ، فلمّا كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود وكانت اليهود تقول لهم : أما لو قد بُعثَ محمد ليخرجنّكم من ديارنا وأموالنا، فلما بعث الله عز وجل محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم) آمنت به الأنصار، وكفرت به اليهود، وهو قول الله عز وجل: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾(5).

٤٨٢ - علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن قول الله تبارك وتعالى : ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ﴾؟ قال : كان قوم فيما بين محمد وعيسى(صلی الله علیه وآله وسلم)، وكانوا يَتَوَعَدون أهل الأصنام بالنبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، ويقولون : لَيَخْرُجَنَّ نبيُّ فليكسرنَّ أصنامكم، وليفعلنَّ بكم (وليفعلن)، فلما خرج رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كَفَروا به(6).

ص: 244


1- البقرة/ 89 . والاستفتاح : الاستنصار. وكان اليهود يزعمون أن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)يكون منهم ويتهددون به العرب قبل مبعثه .
2- مُهَاجَر: مكان الهجرة وموضعها .
3- غير وأحُد : اسم جبلين بالمدينة .
4- تُبّع : لقب الملك من ملوك اليمن والجمع : تبابعة . وقيل : إن الذي غزاهم اسمه أسعد أبو كرب .
5- البقرة / ٨٩ .
6- الضمير يرجع إلى القوم ما بين عيسى ومحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)وهم اليهود .
خمس علامات قبل قیام القائم(عجل الله تعالی فرجه)

٤٨٣ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحَكَم، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن عمر بن حنظلة قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول : خمس علامات قبل قيام القائم : الصَّيْحَةُ والسفياني والخَسْف وقتل النفس الزكية واليمانيّ ، فقلت : جُعلتُ فداك، إنْ خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرجُ معه؟ قال: لا، فلما كان من الغد تلوتُ هذه الآية : ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴾(1) ، فقلت له : أهي الصيحة ؟ فقال : أما أما لو كانت خضعت أعناق أعداء الله عزّ وجلّ.

من علامات القائم(عجل الله تعالی فرجه)

٤٨٤ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة ، عن محمد بن علي الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول : اختلاف بني العباس من المحتوم، والنداء من المحتوم، وخروج القائم من المحتوم قلت وكيف النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أول النهار : ألا إن علياً وشيعته هم الفائزون ، قال : وينادي مناد (في) آخر النهار : ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون .

تفسیر قوله تعالی :﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾

٤٨٥ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه ، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحّام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر (عليه السلام)فقال : يا قتادة، أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال : هكذا يزعمون فقال أبو جعفر (عليه السلام): بلغني أنك تفسّر القرآن؟ فقال له قتادة : نعم ، فقال له أبو جعفر(عليه السلام): بِعِلْم تُفَسّره أم بجهل ؟ قال : لا ، بعلم ، فقال له أبو جعفر(عليه السلام): فإن كنت تفسره بعلم فأنتَ أنتَ (2)وأنا أسألك؟ قال قتادة : سَل ، قال : أخبرني عن قول الله عز وجل في سبأ: ﴿وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴾(3)، فقال قتادة : ذلك مَن خرج من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمناً حتى يرجع إلى أهله ، فقال أبو جعفر(عليه السلام): نشدتُكَ الله يا قتادة، هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته، ويُضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه(4)؟ قال قتادة : اللهم نعم ، فقال أبو جعفر(عليه السلام): ويحَكَ يا قُتادة، إن كنت إنما فسّرت القرآن من تَلقاء نفسك فقد هلكتَ وأهلكت، وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكتَ وأهلكت، وَيْحَكَ يا قتادة، ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البيت عارفاً

ص: 245


1- الشعراء / ٤ .
2- أي فأنت العالم المفسّر الذي ينبغي أن يرجع إليه فيما يتعلق بعلم التفسير.
3- سبا / 18 .
4- أي فيها هلاكه .

بحقنا، يهوانا قلبه، كما قال الله عز وجل : ﴿ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ﴾(1)ولم يَعْنِ البيت فيقول : إليه ، فنحن والله دعوة إبراهيم(عليه السلام) التي مَن هَوَانا قلبه قُبَلَتْ حِجَّتُه ، وإلا فلا، يا قتادة، فإذا كان كذلك كان آمناً من عذاب جهنم يوم القيامة، قال قتادة : لا جَرَم والله لا فسّرتها إلا هكذا، فقال أبو جعفر(عليه السلام): ويحَكَ يا قتادة، إنما يعرف القرآن من خوطب به(2).

صفۀ جهنم

٤٨٦ - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن مفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): أخبرني الروح الأمين، أن الله لا إله غيره، إذا وَقَفَ الخلائقَ وَجَمَعَ الأولين والآخرين ، أتى بجهنم تُقاد بألف زمام، أخذ بكل زمام مائة ألف ملك من الغلاظ الشداد، ولها هدّة وتحطّم(3)وزفير وشهيق ، وإنها لتزفر الزفرة فلولا أن الله عز وجل أخّرها إلى الحساب لأهلكَتْ الجميع ، ثم يخرج منها عُنُق(4)يحيط بالخلائق البَرّ منهم والفاجر، فما خلق الله عبداً من عباده ؛ مَلَكُ ولا نبي إلا وينادي : يا ربِ نفسي نفسي وأنت تقول : يا رب أمتي أمتي ، ثم يوضع عليها صراط ادقٌ من الشعر وأحدٌ من السيف، عليه ثلاث قناطر: الأولى عليها الأمانة والرحمة، والثانية عليها الصلاة ، والثالثة عليها رب العالمين(5)لا إله غيره فيكلّفون الممر عليها، فتحبسهم الرحمة والأمانة، فإن نجوا منها حبستهم الصلاة، فإن نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين جلّ ذِكره، وهو قول الله تبارك وتعالى :﴿ إن ربك لبالمرصاد﴾(6)، والناس على الصراط، فمتعلِّق تزّل قدمه وتثبت قدمه، والملائكة حولها ينادون: یا کریم یا حلیم اعفُ واصفَح وعُدْ بفضلك وسلّم ، والناس يتهافتون فيها كالفراش، فإذا نجا ناج برحمة الله تبارك وتعالى برحمة الله تبارك وتعالى نظر إليها فقال : الحمد لله الذي نجّاني منك بعد يأس بفضله ومنّه إن ربنا لغفور شكور.

تأویل قوله تعالی:﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا﴾

٤٨٧ - علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد، عن أبي جعفر(عليه السلام)في قول الله عز وجل: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ﴾(7)قال : الخيرات الولاية، وقوله تبارك وتعالى :

ص: 246


1- إبراهيم / 37 . تهوي إليهم : أي تسرع إليهم . وقيل : لو قال(عليه السلام): أفئدة الناس لحجت اليهود والنصارى والناس أجمعون.
2- وهم أهل البيت(عليهم السلام)وهم أهل الذّكر الذكر وهم الراسخون في العلم .
3- الهدّة: صوت ما يقع من السماء كالصاعقة. والتحطم : التلهب والتلفّي .
4- العنق من الشيء: القطعة منه .
5- أي عدل رب العالمين.
6- الفجر / ١٤ .
7- البقرة / ١٤٨ . استبقوا : أي سارعوا وبادروا .

﴿ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ﴾يعني أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً، قال: وهم والله الأمّة المعدودة(1)، قال : يجتمعون والله في ساعة واحدة، قَزَعٌ (2)كفرع الخريف.

٤٨٨ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد ،عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن منذر بن جعفر، عن هشام بن سالم قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول : سيروا البَرْدَين(3)؟ قلت : إنا نتخوف من الهوام، فقال: إن أصابكم شيء فهو خير لكم مع أنكم مضمونون(4).

٤٨٩ - علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «عليكم بالسفر بالليل فإن الأرض تُطوى بالليل»(5).

٤٩٠ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران ، عن سَيْف بن عميرة، عن بشير النبّال ،عن حمران بن أَعيَن قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): يقول الناس : تُطوى لنا الأرض بالليل، كيف تُطْوى؟ قال : هكذا _ ثم عطف ثوبه-(6).

٤٩١ - علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : الأرض تُطْوى في آخر الليل(7).

وفات النبی(صلی الله علیه وآله وسلم)کانت فی یوم الاثنین

٤٩٢ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي أيوب الخزّاز قال : أردنا أن نخرج فجئنا نسلّم على أبي عبد الله(عليه السلام)فقال : كأنكم طلبتم بركة الاثنين؟ فقلنا : نعم فقال : وأي يوم أعظم شؤماً من يوم الإثنين، يوم فقدنا فيه نبينا، وارتفع الوحي عنا، لا تخرجوا واخرجوا يوم الثلاثاء(8).

٤٩٣ _ عنه ، عن بكر بن صالح، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)قال : الشؤم للمسافر في طريقه خمسة أشياء : الغراب الناعق عن يمينه ، والناشر لذنبه ، والذئب

ص: 247


1- أي الجماعة القليلة.
2- القَزَع : السّحاب المتقطع، وخصّه بالخريف لأنه أسرع فيه التثاماً وتحركاً.
3- البردان: الغداة ،والعشي، ويقال : الأبردان. واحتمل بعضهم : السحر والغداة .
4- أي محفوظون، والخطاب لجماعة الشيعة .
5- أخرج هذا الحديث الصدوق في الفقيه 2 / 771. وسوف يفسر كيف تطوى الأرض في الحديث التالي
6- لقد حمل بعضهم طيّ الأرض للمسافر ليلا على أنه كناية عن سهولة السفر فيه ويُسره ، ولكن هذا الحديث يستظهر منه أن الطي طي حقيقي ، وما ذلك على الله بعزيز، وهو موافق لنظرية القبض والبسط فى المكان وإن كان نسبياً يختلف باختلاف الأشخاص .
7- أخرجه الصدوق في الفقيه ٢ / ح 772 ، والبرقي في 772 ، والبرقي في المحاسن ص ٣٤٦ .
8- أخرجه الصدوق في الفقيه 2 / ح 777 والبرقي في المحاسن ص ٣٤٧ .

العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مُقعٍ على ذنبه يعوي، ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثاً، والظبي السانح من يمين إلى شمال، والبومة الصارخة، والمرأة الشمطاء(1)تلقاء فرجها(2)(وجهها خ ل)، والأتان العضباء يعني الجدعاء، فمن أوجس في نفسه منهن شيئاً فليقل: «اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي»، قال : فيُعْصَمُ من ذلك .

٤٩٤ _ محمد بن يحيى، عن سَلَمَة بن الخطاب، عن عبد الله، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى زيّن شيعتنا بالحِلْم، وغشّاهم بالعلم، لعلمه بهم قبل أن يخلق آدم(عليه السلام).

٤٩٥ _ أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً، عن ابن فضّال،عن ثعلبة بن ميمون، عن عمر بن أَبَان، عن الصباح بن سيّابة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن الرجل لَيُحِبّكم(3)وما يدري ما تقولون، فيُدخله الله عز وجل الجنة، وإن الرجل ليُبْغِضُكم وما يدري ما تقولون ، فيُدخِلُه الله عز وجل النار، وإن الرجل منكم لتُمْلأُ صحيفته من غير عمل قلت : وكيف يكون ذلك ؟ قال : يمر بالقوم ينالون منا فإذا رأوه قال بعضهم لبعض : كفّوا فإن هذا الرجل من شيعتهم، ويمر بهم الرجل من شيعتنا فيهمزونه ويقولون فيه، فيكتب الله له بذلك حسنات حتى يملأ صحيفته من غير عمل .

الأمر بالتزوار والتعاهد

٤٩٦ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي الجهم، عن أبي خديجة قال: قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): كم بينك وبين البصرة؟ قلت : في الماء(4)خمس . إذا طابت الريح، وعلى الظهر(5)ثمان ، ونحو ذلك ، فقال : ما أقرب هذا، تزاوروا ويتعاهد بعضكم بعضاً، فإنه لا بديوم القيامة من أن يأتي كل إنسان بشاهد يشهد له على دينه ، وقال : إن المسلم إذا رأى أخاه كان حياةً لدينه إذا ذكر الله عز وجل .

٤٩٧ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : والله لا يحبنا من العرب والعجم إلا أهل البيوتات والشرف والمعدِن(6)، ولا يبغضنا من

ص: 248


1- الشَّمَط : بياض شعر الرأس يخالط سواده ولا يقال للمرأة: شيباء، بل شمطاء . - هكذا في المغرب ..
2- أي مواجهة بوجهها ومقاديم ،بدنها، والفرج من مقاديمها.
3- الخطاب للشيعة.
4- أي في السفينة.
5- أي راكباً على دابة .
6- المعدن - في الأصل - مركز كل شيء ومكانه الذي فيه أصله ويحتمل أن يراد به هنا الصريح النسب الذي لا شبهة في أصله ومحتده .

هؤلاء وهؤلاء إلا كل دَنِس ملصق (1) .

خبر تابوت بنی إسرائیل

٤٩٨ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(علیه السلام)في قول الله عز وجل : ﴿إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ ﴾(2) قال : لم يكن من سبط النبوة ولا من سبط المملكة ﴿قال إن الله اصطفاه عليكم﴾(3) وقال :﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ ﴾(4) فجاءت به الملائكة تحمله وقال الله جل ذكره : ﴿إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يَطْعَمُهُ فإنه مني﴾ (5)فشربوا منه إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، منهم من اغترف، ومنهم من لم يشرب ، فلما برزوا قال الذين اعترفوا : ﴿ لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾ (6) ، وقال الذين لم يعترفوا ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾(7).

٤٩٩ _ عنه ، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر(علیه السلام)أنه قرأ: «إن آية مُلْكِه(8) أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربّكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة»؟ قال : كانت تحمله في صورة البقرة .

500- علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حَريز، عمن أخبره، عن أبي جعفر(علیه السلام)في قول الله تبارك وتعالى :﴿ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ قال : رضراض الألواح (9) فيها العلم (10) والحكمة.

الحسنین(علیهم السلام) ابنا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

٥٠١ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن ظريف، عن الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال : قال (لي) أبو جعفر(علیه السلام): يا أبا

ص: 249


1- الدنس : الذليل الذي لا يُعبأ به والملصق : هو الرجل المقيم في حي ولا نسب له منهم. ويحتمل أن يراد به من لا أب له معروف
2- البقرة / ٢٤٧
3- البقرة / ٢٤٧
4- البقره ٢٤٨
5- البقرة / ٢٤٩
6- البقرة / ٢٤٩
7- البقرة / ٢٤٩
8- الضمير يرجع إلى طالوت
9- رضراض الألواح الرضراض - في الأصل - مازق من الحصى والمراد بها هنا القطع الصغيرة التي نتجت عن تحطمها عندما ألقاها موسى(علیه السلام). وفي بعض النسخ رصاص وهو - هنا - فتات الألواح
10- أي علم الشريعة الموسوية

الجارود؛ ما يقولون لكم في الحسن والحسين(علیه السلام)؟ قلت: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

قال : فأي شيء احتججتم عليهم؟

قلت: احتججنا عليهم بقول الله عز وجل في عيسى بن مريم(علیها السلام):﴿ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وزكريا ويحيى وعيسى﴾(1)فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح(علیه السلام).

قال : فأي شيء قالوا لكم؟

قلت: قالوا : قد يكون ولد الإبنة من الولد ولا يكون من الصُلب.

قال : فأي شيء احتججتم عليهم؟

قلت :احتججنا عليهم بقول الله تعالى لرسوله(صلی الله علیه وآله وسلم): ﴿قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ﴾(2).

قال : فأي شيء قالوا؟ .

قلت : قالوا : قد يكون في كلام العرب أبناء رجل، وآخر يقول: أبناؤنا .

قال : فقال أبو جعفر(علیه السلام): يا أبا الجارود، لأعْطِيَنَّكَها من كتاب الله جل وتعالى أنهما من صلب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لا يردّها إلا الكافر .

قلت : وأين ذلك جُعلتُ فداك؟

قال : من حيث قال الله تعالى : ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ ﴾(3)الآية ، إلى أن انتهى إلى قوله تبارك وتعالى :﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ﴾(4)فَسَلَّهم يا أبا الجارود: هل كان يحلّ لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)نكاح حليلتيهما ؟ فإن قالوا : نعم كذبوا وفجروا، وإن قالوا : لا ، فهما ابناه لصُلْبه.

غزوة أُحُد وقصه المنهزمین

٥٠٢ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين أبي العلاء الخفّاف، عن أبي عبد الله(علیه السلام)قال: لمّا انهزم الناس يوم أُحُد عن

ص: 250


1- الأنعام / ٨٤ و ٨٥ .
2- آل عمران / ٦١
3- النساء / ٢٣ . وقد جمعت الآية المحرمات النسبية والسببية
4- النساء / ٢٣ . وقد جمعت الآية المحرمات النسبية والسببية

النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، انصرف إليهم بوجهه وهو يقول : أنا محمد، أنا رسول الله لم أُقْتَل ولم أَمُتْ(1)، فالتفت إليه فلان وفلان فقالا : الآن يسخر بنا أيضاً وقد هُزِمْنا، وبقي معه علي(علیه السلام)، وسِماك بن خَرَشَة أبو دجانة رحمه الله ، فدعاه النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال: يا أبا دجانة، انصرف وأنت في حِلّ من بيعتك، فأما علي فأنا هو وهو أنا، فتحوّل وجلس بين يدي النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وبكى وقال : لا والله ، ورفع رأسه إلى السماء وقال : لا والله ، لا جعلت نفسي في حِلّ من بيعتي، إني بايعتك فإلى من انصرف یا رسول الله ، إلى زوجة تموت، أو ولد يموت، أو دار تخرب، ومال يفنى، وأجلٍ قد اقترب ، فَرَقَ له النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، فلم يزل يقاتل حتى أثْخَنَتْه(2)الجراحة، وهو في وجه، وعلي(علیه السلام)فی وجه، فلما أُسْقِطَ احتمله علي(علیه السلام)فجاء به إلى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فوضعه عنده، فقال: يا رسول الله أوفَيْتُ ببيعتي؟ قال: نعم، وقال له النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)خيراً، وكان الناس يحملون على النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) المَيْمَنَة فيكشفهم علي(علیه السلام)، فإذا كشفهم أقبلت الميسرة إلى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، فلم يزل كذلك حتى تقطع سيفه بثلاث قطع ، فجاء إلى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فطرحه بين يديه وقال : هذا سيفي قد تقطّع، فيومئذ أعطاه النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)ذا الفقار، ولما رأى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)اختلاج ساقيه من كثرة القتال رفع رأسه إلى السماء وهو يبكي وقال : يا ربّ وعدتني أن تُظهر دينك، وإن شئتَ لم يُعيك، فأقبل علي(علیه السلام)إلى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : يا رسول الله ، اسمع دوياً شديداً، واسمعُ أَقْدِم حَيْزُوم(3)، وما أهمّ أضرب أحداً إلا سقط ميتاً قبل أن أضربه؟ فقال: هذا جبرئيل وميكائيل واسرافيل في الملائكة ثم جاء جبرئيل(علیه السلام) فوقف إلى جنب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : يا محمد إن هذه(4) لهي المواساة ، فقال : إن علياً مني وأنا منه، فقال جبرئيل : وأنا منكما، ثم انهزم الناس، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لعلي(علیه السلام): يا علي، إمضِ بسيفك حتى تعارضَهم فإن رأيتهم قد ركبوا القلاص وجَنّبوا الخيل(5)فإنهم يريدون مكّة، وإن رأيتهم قد ركبوا الخيل وهم يُجَنّبون القِلاص فإنهم يريدون المدينة، فأتاهم علي(علیه السلام) فكانوا على القِلاص، فقال أبو سفيان لعلي(علیه السلام)يا علي ؛ ما تريد هو ذا نحن ذاهبون إلى مكة، فانصرفْ إلى صاحبك، فاَتْبَعَهُم جبرئيل(علیه السلام)، فكلما سمعوا وقع حافر فرسه جدّوا في

ص: 251


1- إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وما محمد إلا رسول قد خَلَت من قبله الرسل أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم ..﴾.
2- أثخنته : أي أضعفته وأثقلته .
3- حيزوم - كما في التفاسير - اسم فرس جبرئيل(علیه السلام).
4- إشارة إلى استماتة علي(علیه السلام)في الدفاع عن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).
5- القلاص جمع القلوص وهي - كما في القاموس - الشابة من الإبل، أو الباقية على السير أو الناقة الطويلة : القوائم وجنبوا من الجنيبة وهي الفرس الرديفة يجعلها الراكب إلى جنب مركوبه ليركبها عند الحاجة .

السير، وكان يتلوهم، فإذا ارتحلوا قالوا : هو ذا عسكر محمد قد أقبل، فدخل أبو سفيان مكة، فأخبرهم الخبر، وجاء الرعاة والحطّابون فدخلوا مكة فقالوا : رأينا عسكر محمد كلما رحل أبو سفيان نزلوا، يقدمهم فارس على فرس أشقر يطلب آثارهم، فأقبل أهل مكة على أبي سفيان يوبّخونه، ورحل النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)والراية مع علي(علیه السلام)وهو بين يديه، فلما أن أشرف بالراية من العقبة ورآه الناس ،نادى علي(علیه السلام): أيها الناس هذا محمد لم يَمُت ولم يُقْتَل ، فقال صاحب الكلام الذي قال: «الآن يسخر بنا وقد هُزِمْنا» هذا علي والراية بيده، حتى هجم عليهم النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)ونساء الأنصار في أفنيتهم على أبواب دورهم، وخرج الرجال إليه يلوذون به ويؤبون(1)إليه، والنساء، نساء الأنصار قد خدشنَ الوجوه ونشرنَ الشعور وجززنَ النواصي وخَرّقْن الجيوب ، وحَرِّمنَ البطون(2)على النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، فلما رأينَه قال لهن خيراً، وأمرهن أن يستترن ويدخلن منازلهن، وقال : إن الله عز وجل وَعَدَني أن يظهر دينه على الأديان كلها، وأنزل الله على محمد(صلی الله علیه وآله وسلم): ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا _ الآية-﴾ (3).

صلح الحديبية

٥٠٣ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي ،عمير وغيره ،عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله(علیه السلام)قال : لمّا خرج رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في غزوة الحُدَيبية، خرج في ذي القعدة(4)، فلما انتهى إلى المكان الذي أحْرَمَ فيه أحرموا ولبسوا السلاح، فلمّا بلغه أن المشركين قد أرسلوا إليه خالد بن الوليد ليردّه قال : أبْغُوني رجلا(5)يأخذني على غير هذا الطريق، فأُتي برجل من مُزَيَّنة أو(6)من جهينة ، فسأله فلم يوافقه فقال : ابغوني رجلا غيرَه، فأُتي برجل آخر إمّا من مزينة وإما من جُهَينة، قال فذكر له فأخذه معه حتى انتهى إلى العقبة، فقال : من يَصْعَدها حطّ الله عنه كما حطّ عن بني إسرائيل، فقال لهم:﴿ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ﴾(7)قال : فابتدرها خيل الأنصار : الأوس والخزرج ، قال : وكانوا ألفاً وثمانمائة، فلما هبطوا إلى الحديبية، إذا امرأة معها ابنها على القليب(8)، فسعى ابنها هارباً، فلما أثبتت أنه أنفسهن .

ص: 252


1- أي يرجعون ، وفي بعض النسخ : يتوبون : أي يعتذرون إليه. وفي بعضها يثوبون.
2- حرّمنَ :البطون أي منعنها حقها من الطعام، وهو كناية عن تجويع
3- آل عمران / ١٤٤. وتتمتها وسيجزي الله الشاكرين .
4- وكان ذلك سنة ست للهجرة، ولم يكن ينوي ،قتالا ، بل كان يريد العمرة.
5- أي أطلبوا لي رجلاً .
6- الترديد من الراوي، وكذا ما بعده.
7- الآية في سورة البقرة / ٥٨ هكذا: «وإذ قلنا أدخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رَغَداً وأدخلوا الباب سُجداً وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وستزيد المحسنين» .
8- القليب : البئر التي لم تُطو.

رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)صرَخَت به :هؤلاء الصابئون(1)ليس عليك منهم بأس، فأتاها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فأمرها فاستقت دلواً من ماء، فأخذه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فشرب وغسل وجهه، فأخذت فضلته فأعادته في البئر، فلم تبرح حتى الساعة.

وخرج رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فأرسل إليه المشركون أبان بن سعيد في الخيل فكان بإزائه(2)، ثم أرسلوا الحُلَيس(3)فرأى البُدُنَ وهي تأكل بعضها أوبار بعض(4)، فرجع ولم يأتِ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وقال لأبي سفيان :يا أبا سفيان، أما والله ما على هذا حالفناكم على أن تردّوا الهَدْيَ عن محله(5).

فقال: اسكت، فإنما أنت أعرابي، فقال : أما والله لتُخْلِين عن محمد وما أراد، أو لأنْفَردَن في الأحابيش(6).

فقال : اسكت حتى نأخذ من محمد ولتا (أي عهداً).

فأرسلوا إليه عروة بن مسعود، وقد كان جاء إلى قريش في القوم الذين أصابهم المغيرة بن شعبة، كان خرج معهم من الطائف، وكانوا تجاراً ،فقتلهم وجاء بأموالهم إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فأبى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أن يقبلها وقال : هذا غدر ولا حاجة لنا فيه .

فأرسلوا إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فقالوا: يا رسول الله ،هذا عروة بن مسعود قد أتاكم يعظم البُدُنَ ، قال : فأقيموها ، فأقاموها .

فقال : يا محمد مجيء مَن جئتَ؟

قال : جئتُ أطوف بالبيت، وأسعى بين الصفا والمروة وأنحر هذه الإبل، وأخلّي عنكم وعن لحمانها .

قال : لا واللآتِ والعُزّى، فما رأيت مثلك رُدّ عما جئت له، إن قومك يذكّرونَكَ الله

ص: 253


1- كانت قريش والعرب يسمون المسلمين بالصابئة لأنهم خرجوا من دين قريش إلى الإسلام. من صَبَأت النجوم إذا خرجت من مطالعها.
2- أي بمحاذاته ليمنعه من الوصول إلى مكة .
3- في بعض النسخ : الحبيش. وفي بعضها حليش، وفي بعضها أيضاً : الحلش .
4- كناية عن أنها مجردة عن القتب وغيرها وهي علامة على أنها هَدْي وأن صاحبها لا يريد قتالاً.
5- هذا يكشف عن أن المشركين كانوا يستقبحون أن يُصد عن المسجد الحرام والبيت الحرام .
6- هذا يؤيد صحة رواية : ثم أرسلوا الحبيش دون غيره من الأسماء فهي مصحفة.

والرَّحِم أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم ، وأن تقطع أرحامهم ، وإن تُجرّي عليهم عدوَّهم .

فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «ما أنا بفاعل حتى أدخلها».

قال : وكان عروة بن مسعود حين كلّم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)تناول لحيته(1) ، والمغيرة قائم على رأسه فضربه بیده .

فقال : من هذا يا محمد؟ .

فقال : هذا ابن أخيك المغيرة.

فقال : يا غُدْر(2)، والله ما جئت إلا في غسل سَلْحَتِك(3).

قال : فرجع إليهم فقال لأبي سفيان وأصحابه : لا والله ما رأيت مثل محمد رُدّ عما جاء له ، فأرسلوا إليه سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العُزّى، فأمر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فأُثيرت في وجوههم البُدُن، فقالا : مجيء من جئت؟ .

قال : جئت لأطوف بالبيت، وأسعى بين الصفا والمروة، وأنحر البُدُن وأخلّي بينكم وبين لحمانها .

فقالا : إن قومك يناشدونك الله والرحم أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم، وتقطع أرحامهم ، وتُجرِّي عليهم عدوهم، قال : فأبى عليهما رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إلا أن يدخلها.

وكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أراد أن يبعث عمر ، فقال : يا رسول الله، إن عشيرتي قليل، وإني فيهم على ما تعلم ،ولكني أدلّك على عثمان بن عفان، فأرسل إليه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال: انطلق إلى قومك من المؤمنين فبشّرهم بما وعدني ربي من فتح مكة، فلما انطلق عثمان، لقي أبان بن سعيد، فتأخر عن السرج فحمل عثمان بين يديه(4)، ودخل عثمان فأعلمهم، وكانت المناوشة ، فجلس سهيل بن عمرو عند رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وجلس عثمان في عسكر المشركين، وبايع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)المسلمين وضرب بإحدى يديه على الأخرى لعثمان، وقال المسلمون: طوبى لعثمان ، قد طاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، وأحلّ ، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): ما كان ليفعل، فلما جاء عثمان قال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): أطُفْت بالبيت؟ فقال: ما كنت لأطوف

ص: 254


1- الضمير يعود إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).
2- الغُدر: الغادر ، وقد جى، به للمبالغة .
3- السلحة: النجو والغائط . «وهذا كناية عن دفع . تويدله بالنبي(صلی الله علیه وآله وسلم)»
4- أي أفرد له مكاناً أمامه وحمله على سرجه

بالبيت ورسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لم يطُفْ به، ثم ذكر القصة وما كان فيها .

فقال لعلي(عليه السلام): اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم .

فقال سهيل : ما أدري ما الرحمن الرحيم، إلا أني أظن هذا الذي باليمامة، ولكن اكتب كما نكتب : باسمك اللهم .

قال : واكتب: هذا ما قاضی (علیه) رسول الله سهيل بن عمرو.

فقال سهيل : فَعَلَى ما نقاتلك يا محمد؟!

فقال : أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله.

فقال الناس : أنت رسول الله .

قال : اكتب فكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله .

فقال الناس : أنت رسول الله ، وكان في القضية(1)أن من كان منّا(2)أتى إليكم رددتموه إلينا، ورسول الله غير مستكره عن دينه(3)، ومن جاء إلينا منكم لم نردّه إليكم.

فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): لا حاجة لنا فيهم، وعلى أن يُعبَدَ الله فيكم(4)علانية غير سرّ، وإن كانوا ليتهادون السّيور(5)في المدينة إلى مكة، وما كانت قضية أعظم بركة منها، لقد كاد أن يستولي على أهل مكة الإسلام .

فضرب سهيل بن عمرو على أبي جندل ابنه .

فقال : أول ما قاضينا عليه .

فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): وهل قاضيت على شيء؟ .

فقال : يا محمد ما كنت بغُدَار.

قال : فذهب بأبي جندل ، فقال : يا رسول الله ؛ تدفعني إليه؟ .

قال : ولم اشترط لك ، قال : وقال: اللهم اجعل لأبي جندل مَخْرَجاً .

قصه بنی مدلج

٥٠٤ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن نصر، عن أبَان، عن

ص: 255


1- أي قضية الصلح . وفي بعض النسخ في القصة، أي قصة الصلح أيضاً.
2- أي من المشركين .
3- أي عن حكمه وقضائه بالرد إلى المشركين .
4- أي أن للمسلم أن يمارس شعائر دينه في مكة بين ظهراني المشركين علناً من غير أن بعضلوه.
5- السيور: «حُلّة فيها خطوط من أبريسم، من السير : وهو السير : وهو القد، ويحتمل أن يراد بها الحصر المدنية لأنها كانت تنسج من السيور وهو ما يقدمه من الجلد».

الفضل أبي العباس، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عز وجل :﴿ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ ﴾(1)قال : نزلت في بني مُدْلج(2)لأنهم جاؤوا إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فقالوا : إنا قد حَصِرَت صدورنا أن نشهد أنك رسول الله ، فلسنا معك ولا مع قومنا عليك، قال : قلت : كيف صنع بهم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ قال : واعَدَهُم إلى أن يفرغ من العرب، ثم يدعوهم فإن أجابوا وإلا قاتلهم .

حدیث ضیف إبراهیم وإهلاک قوم لوط

٥٠٥ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن داود بن أبي يزيد، وهو فرقد، عن أبي يزيد الحمار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : إن الله تعالى بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط : جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكَرّوبيل(عليه السلام)، فمروا بإبراهيم(عليه السلام)وهم معتمّون، فسلموا عليه فلم يعرفهم ، ورأى هيئة حسنة فقال : لا يخدم هؤلاء أحد إلا أنا بنفسي ، وكان صاحَب أضياف(3)، فشوى لهم عجلاً سميناً حتى أنضجه ، ثم قرّبه إليهم، فلما وضعه بين أيديهم ﴿رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ﴾(4)فلما رأى ذلك جبرئيل(عليه السلام)حسر العمامة عن وجهه وعن رأسه فعرفه إبراهيم(عليه السلام)فقال : أنت هو ؟ فقال : نعم ، ومرَّت امرأته سارة فبشّرها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، فقالت : ما قال الله عز وجل؟ فأجابوها بما في الكتاب العزيز ، فقال إبراهيم(عليه السلام)لهم : فيماذا جئتم ؟ قالوا له : في إهلاك قوم لوط ، فقال لهم : إن كان فيها مائة من المؤمنين تُهلِكونهم ؟ فقال جبرئيل(عليه السلام): لا ، قال : فإن كانوا خمسين؟ قال : لا ، قال : فإن كانوا ثلاثين ؟ قال : لا ، قال : فإن كانوا عشرين؟ قال : لا ، قال : فإن كانوا عشرة؟ قال : لا ، قال : فإن كانوا خمسة ؟ قال : لا ، قال : فإن كانوا واحداً؟ قال : لا قال: إن فيها لوطاً، قالوا: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾(5).

ثم مضوا، وقال الحسن العسكري أبو محمد(6): لا أعلم ذا القول إلا وهو يستبقيهم ،

ص: 256


1- النساء / ٩٠ حَصِرتَ : أي ضاقت وكرهوا أن يقاتلوكم ويقاتلوا قومهم .
2- فخذ من كنانة .
3- أي يتري الضيوف ويكرمهم .
4- هود / 70 نكرهم : أي أنكرهم . وكانت العرب إذا نزل بهم ضيف فأبى أن يتناول طعامهم ظنوا أنه يحدث نفسه بشرّ .
5- العنكبوت /32. من الغابرين من الذين أبقتهم الدهور وتطاولت أعمارهم فإنها هالكة مع قومها .
6- قال المجلسي في مرآة العقول ج ٢٦ :« لعل العسكري من طغيان القلم ، وأبو محمد كنية للحسن بن علي بن فضال، ويحتمل أن يكون كلام محمد بن يحيى ووقع في أثناء الحديث، وقد مضى هذا الخبر فيما سبق من كتاب الطلاق وفيه: قال الحسن بن علي، بدون : أبو محمد، فيمكن أن يكون من كلام الصادق(عليه السلام)والمراد الحسن بن على (العسكري)(عليه السلام) . » .

وهو قول الله عز وجل : ﴿يُجادِلُنا في قوم لوط﴾(1)فأتوا لوطاً وهو في زراعة له قرب المدينة، فسلّموا عليه وهم معتَمّون، فلما رأى هيئة حسنة وعليهم عمائم بيض وثياب بيض فقال لهم : المنزلَ(2)، فقالوا : نعم، فتقدمهم ومَشَوا خلفه فندم على عرضه عليهم المنزل، وقال: أي شيء صنعت، آتي بهم قومي وأنا أعرفهم، فالتفت إليهم فقال : إنكم تأتون شرار خلق الله ، وقد قال جبرئيل (عليه السلام): لا نعجَل عليهم حتى يشهد ثلاث شهادات، فقال جبرئيل(عليه السلام): هذه واحدة، ثم مشى ساعة ثم التفت إليهم فقال : إنكم تأتون شرار خلق الله ، فقال جبرئيل(عليه السلام): هذه اثنتان، ثم مضى، فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم فقال : إنكم تأتون شرار خلق الله، فقال جبرئيل(عليه السلام): هذه ثالثة، ثم دخل ودخلوا معه ،فلما رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة، فصعدت فوق السطح وصعقت(3)فلم يسمعوا ،فَدَخنَتْ فلما رأوا الدخان أقبلوا يُهرَعون(4)إلى الباب فنزلت إليهم فقالت: عنده قوم ما رأيت قط أحسن منهم هيئة، فجاؤوا إلى الباب ليدخلوها، فلما رآهم لوط قام إليهم فقال :﴿ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ﴾(5)فقال : ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾(6)فدعاهم إلى الحلال فقالوا : ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴾(7)، فقال :﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾(8)، فقال جبرئيل(عليه السلام): لو يعلم أي قوة له. فكاثر وه حتى دخلوا البيت، قال: فصاح به جبرئيل : يا لوط، دعهم يدخلون، فلما دخلوا أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم، وهو قوله: ﴿فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ﴾(9)، ثم نادى جبرئيل فقال :﴿ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ﴾(10)، وقال له جبرئيل : إنا بُعِثْنا في إهلاكهم، فقال : يا جبرئيل، عجل ، فقال :﴿ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾(11)، قال : فأمره فتحمل ومن معه إلا امرأته ، قال : ثم اقتلعها(12)جبرئيل بجناحيه من سبع أرضين، ثم رفعها حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح الكلاب وصياح الديكة، ثم قَلَبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجّيل .

ص: 257


1- هود / ٧٤ .
2- أي اقصدوا منزلي أو لنذهب إلى المنزل.
3- صعقت : أي صوتت بشدّة .
4- يُهرعون أي يُسرعون.
5- هود / 78 و 79 و 80 ، والركن الشديد العشيرة المانعة .
6- هود / 78 و 79 و 80 ، والركن الشديد العشيرة المانعة .
7- هود / 78 و 79 و 80 ، والركن الشديد العشيرة المانعة .
8- هود / 78 و 79 و 80 ، والركن الشديد العشيرة المانعة .
9- القمر / 37 . والآية : ﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾.
10- هود / 81 .
11- هود / 81
12- الضمير يعود إلى قرية قوم لوط
الذی صنعه الحسن بن علی(عليه السلام) خیر الأمۀ

٥٠٦ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الصباح بن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : والله للَّذي صَنَعه الحسنُ بن علي(عليه السلام)كان خيراً لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس، والله لقد نزلت هذه الآية :﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾(1)، إنما هي الإمام، وطلبوا القتال، فلما كُتِبَ عليهم القتال مع الحسين(عليه السلام)قالوا : ﴿ربَّنا لِمَ كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب نُجِبْ دعوتك ونتبع الرسل ﴾(2)أرادوا تأخير ذلك إلى طاعة القائم(عجل الله تعالی فرجه).

حدیث سؤال معلّی بن خنیس عن النجوم

٥٠٧ - محمد بن يحيى، عن سَلَمة بن الخطاب وعدة من أصحابنا، عن سهل بن ،زياد جميعاً، عن علي بن حسان ، عن علي بن عطية الزيات عن مُعَلّى بن خنيس قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن النجوم(3)أحقُّ هي ؟ فقال : نعم، إن الله عز وجل بعث المشتري إلى الأرض في صورة رجل، فأخذ رجلا من الحجم فعلمه النجوم حتى ظن أنه قد بلغ ، ثم قال له : انظر أين المشتري ، فقال : ما أراه في الفلك، وما أدري أين هو ، قال : فنحاه، وأخذ بيد رجل من الهند، فعلمه حتى ظن أنه قد بلغ ، وقال : انظر إلى المشتري أين هو؟ فقال : إن حسابي ليدلّ على أنك أنت المشتري ، قال وشَهَقَ شهقة فمات، وورث علمه أهله فالعلم هناك(4). علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عمن أخبره ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : سُئِل عن النجوم ؟ قال : ما يعلمها إلا أهل بيت من العرب، وأهل بيت من الهند.

قتل السفیانی من علامات القائم

٥٠٩ - حميد بن زياد، عن أبي العباس عبيد الله بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن الطَاطَري، عن محمد بن زياد بيّاع السابريّ، عن أبَان، عن صباح بن سيّابة عن المعلّى بن خُنيس قال : ذهبت بكتاب عبد السلام بن نعيم وسدير وكُتُب غير واحد إلى أبي عبد الله(عليه السلام)حين ظهرت المسوّدة (5)قبل أن يطهر ولد العباس، بأنا قد قدّرنا أن يؤول هذا الأمر

ص: 258


1- النساء / 77 . وما صنعه(عليه السلام)هو عقد الهدنة مع معاويه بعد خَذل أصحابه(عليهم السلام)له وتفرقهم عنه
2- مأخوذ من آيتين الأولى في سورة النساء / 77 وفيها ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ .. والثانية في سورة إبراهيم / ٤٤/ وفيها : ﴿... رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ... ﴾.
3- أي عن علم النجوم وأحكام النظر فيها .
4- أي في بيت من بيوت الهند.
5- المسودة؛ جماعة من العباسيين سبقوا ظهور دولتهم وعلى رأسهم أبو مسلم الخراساني سُمّوا بذلك لأنهم كانوا يلبسون الثياب السوداء مع عمامة سوداء أيضاً.

إليك(1)فما ترى؟ قال فضرب بالكتب الأرض ثم قال أفّ أفّ، ما أنا لهؤلاء بإمام، أما يعلمون أنه إنما يُقْتَل السُّفياني(2).

بیوت النبی(صلی الله علیه وآله وسلم) هی البیوت أذن الله أن تُرفع

٥١٠ _ أبَان، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله(عليه السلام)عن قول الله عز وجل : ﴿ فی بيوت أَذِنَ الله أَن تُرفَعَ﴾(3)قال : هي بيوت النبي(صلی الله علیه وآله وسلم).

٥١١ - أبان ، عن يحيى بن أبي العلاء قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : درع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)ذات الفضول(4)لها حلقتان من وَرِق(5)في مقدمها، وحلقتان من وَرِقٍ في مؤخّرها، وقال : لبسها علي(عليه السلام)يوم الجمل.

٥١٢ - آبَان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : شدّ علي(عليه السلام)على بطنه يوم الجمل بعقال أُبرق(6)نزل به جبرئيل(عليه السلام)من السماء، وكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يشد به على بطنه إذا لبس الدرع .

٥١٣ _ أبَان ، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: إن عثمان قال للمقداد : أما والله لتنتهينَّ(7)أو لأرَدَنَّك إلى ربك الأول ، قال : فلما حضرت المقداد الوفاة قال لعمّار : أبلغْ عثمان عني أني قد رُدِدْتُ إلى ربي الأول .

خبر أسامۀ لما حضره الموت

٥١٤ - أَبَان ، عن فضيل وعُبيد ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: لما حضر محمد بن أسامة الموت، دَخَلَتْ عليه بنو هاشم فقال لهم : قد عرفتم قرابتي ومنزلتي منكم وَعَليَّ دَيْن فأحب أن تضمنوه عني ، فقال علي بن الحسين(عليه السلام): أما والله ثُلُثُ دَيْنك عَليّ ، ثم سكت وسكتوا ، فقال علي بن الحسين(عليه السلام)عَلَي دَيْنك كله، ثم قال علي بن الحسين(عليه السلام): أما إنه لم يمنعني أضمنه أوّلاً إلا كراهية أن يقولوا : سَبَقَنا .

ص: 259


1- أي الخلافة. وكانوا يظنون أنه هو القائم من آل محمد(صلی الله علیه وآله وسلم).
2- أي لا بد من حصول علامات قبل خروج القائم منها قتل السفياني وهو من المحتوم كما نصّت بعض الروايات .
3- النور/ ٣٦ . أن تُرفع : أن تبنى ، قيل : هي المساجد أيضاً.
4- سميت بذات الفضول، أو ذي الفضول لسعة كانت فيها وفضلة. وقد مر في بعض الروايات في كتاب الحجة من أصول الكافي ،1، باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، أن القائم(عجل الله تعالی فرجه)إذا لبسها ملأها إنشاء الله .
5- الورق : الفضة.
6- مر في باب ما عند الأئمة من سلاحه(صلی الله علیه وآله وسلم)من كتاب الحجة من أصول الكافي 1/ ذيل ح 9 : أن من جملة ما أعطى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عليا(عليه السلام): الإبرقة، وهي شقة تخطف الأبصار من إبرق الجنة وقال(صلی الله علیه وآله وسلم): «يا علي ؛ إن جبرئيل أتاني بها وقال : يا محمد إجعلها في حلقة الدرع واستدفر بها مكان المنطقة . . . » إلخ
7- أي لتتركنّ ذمّي والنيل مني أو . . . إلخ .
خبر ناقۀ رسول الله القصواء

٥١٥ - أبَان ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: كانت ناقة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)القصواء إذا نزل عنها علق عليها زمامها ، قال : فتخرج فتأتي المسلمين، قال: فيناولها الرجل الشيء ويناولها هذا الشيء فلا تلبث أن تشبع ، قال : فأدْخَلَت رأسها في خباء سَمَرَة بن جندب فتناول عَنَزَةً فضرب بها على رأسها فشجّها، فخرجت إلى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فشكَتْه.

إن مريم(عليها السلام)حَمَلَت بعيسى(عليه السلام)تسع ساعاتٍ

٥١٦ - أبَان : عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن مريم(عليها السلام)حَمَلَت بعيسى(عليه السلام)تسع ساعاتٍ ،كل ساعة شهراً

٥١٧ - أبَان ، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إن المغيرية(1)يزعمون أن هذا اليوم لهذه الليلة المستقبلة(2)؟ فقال : كذبوا هذا اليوم للّيلة الماضية، إن أهل بطن نخلة حيث رأوا الهلال قالوا: قد دخل الشهر الحرام.

٥١٨ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن سلار أبي عمرة، عن أبي مر(يم) الثقفي، عن عمار بن ياسر قال : بينا أنا عند رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إذا قال رسول الله : إن الشيعة الخاصة الخالصة منّا أهل البيت، فقال عمر : يا رسول الله، عَرِّفْناهم حتى نَعْرِفَهم، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): ما قلت لكم إلا وأنا أريد أن أخبركم، ثم قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): أنا الدليل على وجه الله عز وجل، وعلي نصر الدين، ومناره أهل البيت، وهم المصابيح الذين يُستضاء بهم، فقال عمر : يا رسول الله ، فمن لم يكن قلبه موافقاً لهذا؟ فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): ما وضع القلب في ذلك الموضع إلا ليوافق أو ليخالف، فمن كان قلبه موافقاً لنا أهل البيت كان ناجياً ،ومن كان قلبه مخالفاً لنا أهل البيت كان هالكاً .

٥١٩ - أحمد، عن علي بن الحكم، عن قتيبة الأعشى ، قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : عادَيتم فينا الآباء والأبناء والأزواج، وثوابكم على الله عز وجل، أما إن أحوجَ ما تكونون إذا بلغت الأنفس إلى هذه - وأومأ بيده إلى حلقه - .

علی(عليه السلام)أَوْلى الناس بالناس بعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)

٥٢٠ _ عنه ، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن داود بن سليمان الحمار، عن سعيد بن يَسار قال : استأذنّا على أبي عبد الله(عليه السلام)أنا والحارث بن المغيرة النصري ومنصور الصيقل، فواعد نادار طاهر مولاه، فَصَلّينا العصر ثم رحنا إليه، فوجدناه متكئاً على سرير قريب

ص: 260


1- نسبة إلى المغيرة بن سعيد البجلي ، ادعى أن الإمامة بعد محمد بن علي بن الحسين في محمد النفس الزكية بن عبد الله بن الحسن بن الحسن الخارج بالمدينة وزعم أنه حي لم يمت ثم ادعى الإمامة لنفسه بعد محمد النفس الزكية، وبعد ذلك ادعى النبوة لنفسه واستحل المحارم ... إلخ .
2- لأنه كان يزعم أن النهار مقدّم على الليل.

من الأرض، فجلسنا حوله، ثم استوى جالساً ، ثم أرسل رجليه حتى وضع قدميه على الأرض تم قال : الحمد لله الذي ذهب الناس يميناً وشمالاً : فرقة مُرجئة، وفرقة خوارج، وفرقة قدرية، وسُمِّيتم أنتم الترابية، ثم قال بيمين منه : أما والله ما هو إلا الله وحده لا شريك له، ورسوله ، وآل رسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وشيعتهم كَرّم الله وجوههم، وما كان سوى ذلك فلا ، كان علي والله أَوْلى الناس بالناس بعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) - يقولها ثلاثاً .

فضال آل محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)

521-عنه ، عن أحمد، عن علي بن المستورد النخعي، عمن رواه عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : إن من الملائكة الذين في سماء الدنيا ليطّلعون على الواحد والاثنين والثلاثة وهم يذكرون فضل آل محمد(عليهم السلام)فيقولون : أما ترون هؤلاء في قلّتهم وكثرة عَدُوّهم يصفون فضل آل محمد(عليهم السلام)، فتقول الطائفة الأخرى من الملائكة : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

٥٢٢ _ عنه ، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: يا قال : يا عمر؛ لا تحملوا على شيعتنا وارفقوا بهم ،فإن الناس لا يحتملون ما تحملون .

فی قوله تعالی :﴿ رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾

٥23 - محمد بن أحمد القمي، عن عمّه عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان ، عن حسين الجمّال، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ﴾(1)، قال : هما ، ثم قال : وكان فلان شيطاناً .

٥٢٤ _ يونس، عن سورة بن كُليب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله تبارك وتعالى :﴿ رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾ ، قال : يا سورة، هما والله ، هما _ ثلاثاً- ، والله يا سورة إنا لخُزان علم الله في والله يا سورة إنا لخُزّان علم الله في السماء وإنا لخُزّان علم الله في الأرض.

525 _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن سليمان الجعفري قال : سمعت أبا الحسن(عليه السلام)يقول في قول الله تبارك وتعالى :﴿ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ ﴾ (2)قال : يعني فلاناً، وفلاناً، وأبا عبيدة

ص: 261


1- فصلت/ 29
2- النساء / ١٠٨ . يبيتون : يُسرون، ويديرون بالليل .
فی قوله تعالی :﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ...الآیۀ﴾

526 - علي بن إبراهيم، عن أبيه ، ومحمد بن إسماعيل، وغيره، عن منصور بن يونس، عن ابن أُذَينة، ، عن عبد الله بن النجاشي قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول في قول الله عز وجل :﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ﴾(1)، يعني والله فلاناً وفلاناً ،﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾(2)، يعني والله النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وعلياً(عليه السلام)، مما صنعوا أي لو جاؤوك بها يا علي، فاستغفروا الله مما صنعوا، واستغفر لهم الرسول، لوجدوا الله تواباً رحيماً ،﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾(3)فقال أبو عبد الله(عليه السلام): هو والله علي بعينه، ﴿ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ ﴾(4)(على لسانك يا رسول الله يعني به من ولاية علي)﴿وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾(5) لعلي .

٥٢٧ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمّر بن خلاد قال : سمعت أبا الحسن(عليه السلام)يقول : ربما رأيتُ الرؤيا فأُعَبّرها، والرؤيا على ما تُعَبّر .

٥٢٨ - عنه ، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن جهم قال : سمعت أبا الحسن(عليه السلام)يقول : الرؤيا على ما تُعبّر ، فقلت له : إن بعض أصحابنا روى أن رؤيا المَلِك(6)كانت أضغاثَ أحلام ؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): إن امرأة رأت على عهد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أن جذع بيتها قد انكسر ،فانت رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فقصّت عليه الرؤيا، فقال لها النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): يقدم زوجك ويأتي وهو صالح(7). وقد كان زوجها غائباً، فقدم كما قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، ثم غاب عنها زوجها غَيْبَةً أخرى، فرأت في المنام كأن جِذْعَ بيتها قد انكسر ، فأتت النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، فقصّت عليه الرؤيا، فقال لها : يَقدُمُ زوجك ويأتي صالحاً ، فقدِمَ على ما قال، ثم غاب زوجها ثالثةً، فرأت في منامها أن جذع بيتها قد انكسر، فلقيت رجلا ،أعسر فقصَّت عليه الرؤيا، فقال لها الرجل السوء : يموت زوجك ، قال : فبلغ (ذلك) النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : ألا كان عَبّرَ لها خيراً(8).

ص: 262


1- النساء / ٦٣. وقد مر تفسير بعضها .
2- النساء / ٦٤ .
3- النساء / ٦٥ . شجر بينهم اختلط من أمورهم.
4- النساء / ٦٥ . شجر بينهم اختلط من أمورهم.
5- النساء / ٦٥ . شجر بينهم اختلط من أمورهم.
6- أي ملك مصر الذي كان على عهد يوسف(عليه السلام).
7- أي سليم معافى.
8- وقد دل هذا الحديث كبعض ما سبق على أن الرؤيا إنما تُعبر على نحو ما عبرت به وتقع عليه ولذا فلا ينبغي أن يعبّرها غير العالم لما فيها من القول بالغيب والتأويل. فلا ينبغي أن يعبّرها الجاهل أو الأحمق .

٥٢٩ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، (جميعاً)، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر(عليه السلام):أن رسول الله كان يقول : إن رؤيا المؤمن تَرفَ بين السماء والأرض على رأس صاحبها حتى يعبرها لنفسه ، أو يعبرها له مثله ، فإذا عُبرت لَزمت الأرض، فلا تقصوا رؤياكم إلا على من يَعْقِل .

٥٣٠ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): «الرؤيا لا تُقصّ إلا على مؤمن خلا من الحسد والبغي»(1).

حديث ذي النمرة

٥٣١ - حميد بن زياد ،عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أَبَان بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : كان على عهد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)رجل يقاال له : ذو النُّمْرَة(2)، وكان من أقبح الناس ، وإنما سمي ذو النُمْرَة من قبحه ، فأتى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال : يا رسول الله ؛ أخبِرني ما فرض الله عز وجل عليَّ ، فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): فرض عليك سبعة عشر ركعة في اليوم والليلة، وصوم شهر رمضان إذا أدركته، والحج إذا استطعت إليه سبيلاً، والزكاة وفسّرها له ، فقال : والذي بعثك بالحق نبياً ما أزيد ربي علىَّ ما فرض عليَّ شيئاً، فقال له النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): ولِمَ يا ذا النُمرة؟ فقال : كما خلقني قبيحاً، قال : فهبط جبرئيل(عليه السلام)على النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)فقال: يا رسول الله ؛ إن ربك يأمرك أن تبلّغ ذا النُمْرَة عنه السلام وتقول له : يقول لك ربك تبارك وتعالى : أما ترضى أن أحشرَكَ على جمال جبرئيل(عليه السلام)يوم القيامة؟ فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يا ذا النمرة، هذا جبرئيل يأمرني أن أبلّغك السلام، ويقول لك ربُك : أما ترضى أن أحشُرَك على جمال جبرئيل؟ فقال ذو النمرة : فإني رضيت يا رب، فوعزَّتك لأزيدنّك حتى ترضى .

حديث الذي أَحْياه عيسى(عليه السلام)

٥٣٢ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة، عن أبان بن تغلب ،وغيره ،عن أبي عبد الله (عليه السلام)؛ أنه سُئِل : هل كان عيسى بن مريم أحيا أحداً بعد موته حتى كان له أكل ورزق ومُدّة وولد؟ فقال: نعم، إنه كان له صديق مواخ

ص: 263


1- لأن لنفسية المعبر تأثير كبير في التعبير وللتعبير مدخل كبير في وقوعه كما مر فلا يؤمن الحاسد والباغي أن يعبّرها بما يقتضيه حسده وبغيه فيكون شؤماً .
2- النُمْرة : النكتة من أي لون كانت والمرأة نمراء.

له في الله تبارك وتعالى ، وكان عيسى(عليه السلام)يمر به وينزل عليه، وإن عيسى غاب عنه حيناً ثم مر به ليسلّم عليه، فخرجت إليه أمه ، فسألها عنه، فقالت : مات يا رسول الله، فقال: أفتحبّين أن تَرَيْنَه؟ قالت : نعم، فقال لها : فإذا كان غداً (ف_) _آتيك حتى أُحييه لك بإذن الله تبارك وتعالى ،فيما كان من الغد أتاها فقال لها : انطلقي معي إلى قبره، فانطلقا حتى اتيا قبره، فوقف عليه عیسى(عليه السلام)ثم دعا الله عز وجل فانفرج القبر وخرج ابنها حياً، فلما رأته أمه ورآها بكيا، فرحمهما عيسى(عليه السلام)، فقال له عيسى : أتحب أن تبقى مع أمك في الدنيا؟ فقال : يا نبي الله ؛ بأكل ورزق ومدة، أم بغير أكل ولا رزق ولا مدّة؟ فقال له عيسى(عليه السلام): بأكل ورزق ومدة، وتعمّر عشرين سنة ، وتَزَوَّجُ ويولد لك ، قال : نعم إذاً ، قال : فدفعه إلى أمه فعاش عشرين سنة وتَزَوّج ووُلد له .

بیان قول تعالی:﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ﴾

٥٣٣ _ ابن محبوب، عن أبي ولاَد، وغيره من أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عز وجل : ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ﴾ (1)، فقال : من عَبَدَ فيه غير الله عز وجل، أو تولّى فيه غير أولياء الله، فهو ملحد بظُلْم وعلى الله تبارك وتعالى أن يذيقه من عذاب أليم.

فی قول تعالی:﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ...الآیه﴾

٥٣٤ _ ابن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر(عليه السلام)في قول الله تبارك وتعالى :﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ﴾ (2)، قال : نزلت في رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وعلي وحمزة وجعفر، وجرت في الحسين(عليه السلام)أجمعين .

٥٣٥ _ ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد الكناسي قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن قول الله عز وجل : ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا ﴾ (3)؟ قال : فقال : إن لهذا تأويلاً ، يقول : ماذا أُجِبتم في أوصيائكم الذين خلفتموهم على أممكم؟ قال : فيقولون : لا علم لنا بما فعلوا من بعدنا (4).

حديث إسلام علي(عليه السلام)

٥٣٦ _ ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن سعيد بن المسيّب قال :

ص: 264


1- الحج / ٢٥ . والكلام عن المسجد الحرام.
2- الحج / ٤٠
3- المائدة / ١٠٩
4- وهذا الجواب من الرسل« ينافي الأخبار الدالة على عرض الأعمال على( أن نبينا(صلی الله علیه وآله وسلم)) أخبر وصيّه بما يفعلون به بعده فلا بد من تخصيص الرسل بغيره(صلی الله علیه وآله وسلم)، أو تخصيص العلم المنفي بالعلم المخصوص وهو العلم بطريق المشاهدة والعيان، أو القول بأن ذلك القول منهم تخشع وتذلل وإظهار العجز بمشاهدة جلال الله تعالى مع علمه الشامل لكل صغير وكبير فكأن علمهم في جنبه ليس بعلم . .. »المازندراني ٤٥٦/١٢ .

سألت علي بن الحسين(عليه السلام): ابن كم كان علي بن أبي طالب(عليه السلام)يوم أسلم ؟ فقال : أَو كَانَ كافراً قط ؟! إنما كان لعلي(عليه السلام)حين بعث الله عز وجل رسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)عشر سنين، ولم يكن يومئذ كافراً، ولقد آمن بالله تبارك وتعالى وبرسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وسبق الناس كلهم إلى الإيمان بالله وبرسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وإلى الصلاة بثلاث سنين، وكانت أول صلاة صلّاها مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الظهر ركعتين، وكذلك فرضها الله تبارك وتعالى على من أسلم بمكة ركعتين ركعتين، وكان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يصلّيها بمكة ركعتين، ويصليها علي(عليه السلام)معه بمكة ركعتين مدة عشر سنين ، حتى هاجر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) إلى المدينة وخلّف علياً(عليه السلام)في أمور لم يكن يقوم بها أحد غيره، وكان خروج رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) من مكة في أول يوم من ربيع الأول، وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث، وقَدِم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خَلَت من شهر ربيع الأول مع زوال الشمس، فنزل بقبا فصلّى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، ثم لم يزل مقيماً ينتظر علياً(عليه السلام)يصلّي الخمس صلوات ركعتين ركعتين، وكان نازلاً على عمرو بن عوف، فأقام عندهم بضعة عشر يوماً يقولون : أتقيم عندنا فنتخذ لك منزلاً ومسجداً؟ فيقول : لا ، إني أنتظر علي بن أبي طالب وقد أمرته أن يلحقني ولست مستوطناً منزلاً حتى يقدم عَلَيّ وما أسرعه إن شاء الله، فقدم علي(عليه السلام)والنبي(صلی الله علیه وآله وسلم)في بيت عمرو بن عوف، فنزل معه، ثم إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لما قدم عليه علي(عليه السلام)تحوّل من قبا إلى بني سالم بن عوف، وعلي(عليه السلام)معه يوم الجمعة مع طلوع الشمس، فخطّ لهم مسجداً ونصب قبلته، فصلّى بهم فيه الجمعة ركعتين وخطب خطبتين، ثم راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قَدِم عليها وعليُّ(عليه السلام)لا يفارقه ، يمشي بمشيه، وليس يمر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)ببطن من بطون الأنصار إلا قاموا إليه يسألونه أن ينزل عليهم فيقول لهم : خلّوا سبيل الناقة فإنها مأمورة، فانطلقت به ورسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) واضع لها زمامها حتى انتهت إلى الموضع الذي ترى - وأشار بيده إلى باب مسجد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الذي يصلى عنده بالجنائز - فوقفت عنده وبَرَكَت ووضعت جِرَانها (1)على الأرض، فنزل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وأقبل أبو أيوب مبادراً حتى احتمل رحله فأدخله منزله ، ونزل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وعلي(عليه السلام)معه حتى بنى له مسجده (و) بُنِيَت له مساكنُه ومنزل عليّ(عليه السلام)فتحولا إلى منازلهما .

فقال سعيد بن المسيب لعلي بن الحسين(عليه السلام): جُعِلْتُ فداك، كان أبو بكر مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)حين أقبل إلى المدينة، فأين فارقه ؟ فقال : إن أبا بكر لما قدم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إلى قبا فنزل بهم ينتظر قدوم علي(عليه السلام)، فقال له أبو بكر: انهض بنا إلى المدينة، فإن القوم قد فرحوا

ص: 265


1- جِران البعير :مقدّم عنقه من مذبحه إلى منحره .

بقدومك وهم يستريثون(1)إقبالك إليهم، فانطلق بنا ولا تُقم ههنا تنتظر علياً إلى شهر، فقال له رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)كلّا، ما أسرعه ، ولست أريم(2)حتى يقدم ابن عمي وأخي في الله عز وجل، وأحبُّ أهل بيتي إليّ، فقد وقاني بنفسه من المشركين، قال فغضب عند ذلك أبو بكر واشمأزّ وداخله من ذلك حَسَدٌ لعلي(عليه السلام)، وكان ذلك أول عداوة بَدَتْ منه لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في علي(عليه السلام)، وأول خلاف على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، فانطلق حتى دخل المدينة، وتخلّف رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بقبا ينتظر علياً(عليه السلام).

متى فُرضَت الصلاة على المسلمين

قال : فقلت لعلي بن الحسين(عليه السلام): فمتى زوّج رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فاطمة من علي(عليه السلام)؟ فقال : بالمدينة بعد الهجرة بسنة ، وكان لها يومئذ تسع سنين قال علي بن الحسين(عليه السلام): ولم يولد الرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)من خديجة عليها السلام على فطرة الإسلام إلا فاطمة(عليها السلام)، وقد كانت خديجة ماتت قبل الهجرة بسنة ، ومات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة، فلما فقدهما رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)سئم المقام بمكة ودخله حزن شديد، وأشفق على نفسه من كفّار قريش، فشكا إلى جبرئيل(عليه السلام) ذلك، فأوحى الله عز وجل إليه : اخرج من القرية الظالم أهلُها وهاجر إلى المدينة، فليس لك اليوم بمكة ناصر ، وانْصُب للمشركين حرباً. فعند ذلك توجه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إلى المدينة، فقلت له(3): فمتى فُرضَت الصلاة على المسلمين على ما هم عليه اليوم؟ فقال: بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوي الإسلام، وكتب الله عز وجل على المسلمين الجهاد، (و) زاد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في الصلاة سبع ركعات ،في الظهر ركعتين، وفي العصر ركعتين، وفي المغرب ركعة، وفي العشاء الآخرة ركعتين، وأقرّ الفجر على ما فُرِضَت لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء ولتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء ،وكان ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)صلاة الفجر، فلذلك قال الله عز وجل : ﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾(4)يشهده المسلمون، ويشهده ملائكة النهار وملائكة الليل.

٥٣٧ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ما أيسر ما رضي به الناس عنكم ، كفّوا ألسنتكم عنهم.

صفۀ بنی العباس

٥٣٨ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وأبو علي الأشعري، عن

ص: 266


1- أي يستبطئون .
2- أي لست أبرح مكاني
3- من هنا إلى آخر الحديث أخرجه الصدوق في الفقيه 1 ح 1320 .
4- الإسراء /٧٨.

محمد بن عبد الجبار جميعاً، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن زرارة قال : كان أبو جعفر(عليه السلام) في المسجد الحرام فذكر بني أمية ودولتهم، فقال له بعض أصحابه : إنما نرجو أن تكون صاحبهم ، وأن يظهر الله عز وجل هذا الأمر(1)على يديك ، فقال : ما أنا بصاحبهم ولا يسرَّني أن أكون صاحبهم ، إن أصحابهم أولاد الزنا(2)، إن الله تبارك وتعالى لم يخلق منذ خلق السماوات والأرض سنين ولا أياماً أقصر من سنينهم وأيامهم، إن الله عز وجل يأمر الملك الذي في يده الفَلَك فيطويه طَيّاً .

٥٣٩ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : ولد المرداس(3)من تقرّب منهم أكفروه، ومن تباعد منهم أفقروه ، ومن ناواهم قتلوه، ومن تحصّن منهم أنزلوه ، ومن هرب منهم أدركوه، حتى تنقضي دولتهم.

٥٤٠ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، وأحمد بن محمد الكوفي ، عن علي بن عمرو بن أيمن، جميعاً، عن محسن بن أحمد بن معاذ، عن أباَن بن عثمان، عن بشير النبّال، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : بينا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)جالساً إذ جاءته امرأة فرحّب بها وأخذ بيدها وأقعدها، ثم قال : ابنة نبي ضَيّعه قومه، خالد بن سنان دعاهم فأبوا أن يؤمنوا، وكانت نار يقال لها : نار الحدثان(4)، تأتيهم كل سنة فتأكل بعضهم، وكانت تخرج في وقت معلوم ، فقال لهم: إن رددتها عنكم تؤمنون؟ قالوا: نعم، قال : فجاءت فاستقبلها بثوبه فردّها ثم تبعها حتى دخلت كهفها، ودخل معها، وجلسوا على باب الكهف وهم يرون ألّا يخرج أبداً ، فخرج وهو يقول: هذا هذا، وكل هذا من ذا، زعمت بنو عبس أني لا أخرج وجبيني يندى، ثم قال : تؤمنون بي؟ قالوا : لا ، قال : فإني ميت يوم كذا وكذا ، فإذا أنا مِتّ فادفنوني ، فإنها ستجي. ء عانة(5)من حُمُر يقدمها عَيْر (6)أبتر حتى يقف على قبري، فانبشوني وسَلُوني عما شئتم ، فلما مات دفنوه، وكان ذلك اليوم، إذ جاءت العانة اجتمعوا وجاؤوا يريدون نبشه، فقالوا: ما آمنتم به في حياته فكيف تؤمنون به بعد موته، ولئن نبشتموه ليكونَنّ سُبَّةً عليكم، فاتركوه، فتركوه .

ص: 267


1- أي أمر القائم، فيكون استئصالهم على يديك.
2- لأن إماءهم ومهور نسائهم ملك للإمام(عليه السلام)وقد اغتصبوه .
3- «أريد بالمرداس السفاح وهو أول خليفة من ولد العباس، من ردس القوم رماهم بحجر، والمرداس شيء صلب يدرك به الحائط والجبل ونحوهما وإطلاقه عليه من باب الاستعارة» المازندراني ٤٦١/١٢ .
4- قال المجلسي في مرآة العقول ج ٢٦ : «لعل : الحدثان، تصحيف الحرتين». ونار الحرتين ، كانت في بلاد عبس تخرج من الأرض فتؤذي من مر بها فدفنها خالد بن سنان النبي ، كما ذكر ذلك السيوطي في شرح شواهد المغني .
5- العانة: الأتان والقطيع من الحمر الوحشية .
6- العَير: الحمار .
أول من بایع أبا بکر

٥٤١ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول : لما قُبضَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وصنع الناس ما صنعوا، وخاصم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجرّاح الأنصارُ فخصموهم بحجة علي(عليه السلام)قالوا :يا معشر الأنصار، قريش أحق بالأمر منكم، لأن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)من قريش والمهاجرين منهم ،إن الله تعالى بدأ بهم في كتابه وفضّلهم، وقد قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : الأئمة من قريش، قال سلمان رضي الله عنه : فأتيت علياً(عليه السلام)وهو يغسّل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فأخبرته بما صنع الناس وقلت : إن أبا بكر الساعةَ على منبر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، والله ما يرضى أن يبايعوه بيد واحدة، إنهم ليبايعونه بيديه جميعاً بيمينه وشماله، فقال لي: يا سلمان؛ هل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ قلت: لا أدري، إلا أني رأيت في ظُلَّة بني ساعدة حين خُصِمت الأنصار، وكان أول من بايعه بشير بن سعد، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، ثم عمر، ثم سالم(1)، قال : لست أسألك عن هذا ، ولكن تدري أولَ من بايعه حين صعد على منبر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)؟ قلت : لا ، ولكني رأيت شيخاً كبيراً متوكئاً على عصاه بين عينيه سجّادة (2)شديدة التشمير، صعد إليه أول من صعد وهو يبكي ويقول : الحمد الله الذي لم يُمِتْني من الدنيا حتى رأيتك في هذا المكان، أُبسُط يدك ، فبسط يده فبايعه ثم نزل، فخرج من المسجد، فقال علي(عليه السلام): هل تدري من هو؟ قلت : لا ، ولقد ساءتني مقالته كأنه شامت بموت النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) ، فقال : ذاك إبليس لعنه الله ، أخبرني رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نَصْبَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إياي للناس بغدير خُم بأمر الله عز وجل، فأخبرهم أني أَولى بهم من أنفسهم ، وأمرهم أن يبلّغ الشاهدُ الغائب، فأقبل إلى إبليسَ أبالسته ومَرَدَةُ أصحابه فقالوا : إن هذه أمة مرحومة ومعصومة، ومالك ولا لنا عليهم ،سبيل، قد أُعلِموا إمامهم ومفزعهم بعد نبيّهم، فانطلق إبليس لعنه الله كئيباً حزيناً، وأخبرني رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أنه لو قُبِض أن الناس يبايعون أبا بكر في ظُلّة ساعدة بعدما يختصمون ، ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس لعنه الله في صورة رجل شيخ مشمّر يقول كذا وكذا، ثم يخرج فيجمع شياطينه وأبالسته فينخر ويكسع(3)ويقول : كلّا ، زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل، فكيف رأيتم ما صنعت بهم حتى تركوا أمر الله عز وجل وطاعته وما أمرهم به رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

حدیث إبلیس یوم الغدیر

٥٤٢ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن سليمان عن عبد الله بن محمد اليماني، عن

ص: 268


1- سالم : هو مولى لعمر بن الخطاب
2- السجادة أثر السجود.
3- يكسع : أي يضرب دبره بيده أو رجله أو بكليهما .

مسمع بن الحجّاج، عن صباح الحذّاء، عن صباح المزني، عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : لما أَخَذَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) بيد علي(عليه السلام)يوم الغدير ، صرخ إبليس في جنوده صرخة فلم يبق منهم أحد في بر ولا بحر إلا أتاه، فقالوا: يا سيدهم ومولاهم(1)، ماذا دهاك(2)، فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟ فقال لهم : فعل هذا النبي فعلاً إن تمّ لم يُعْصَ الله أبداً ، فقالوا: يا سيّدهم، أنت كنت لآدم، فلما قال المنافقون : إنه ينطق عن الهوى، وقال أحدهما لصاحبه: أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون، يعنون رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، صرخ إبليس صرخة بطرب، فجمع أولياءه فقال: أما علمتم أني كنت لآدم من قبل ؟ قالوا : نعم ، قال : آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب، وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول. فلما قُبضَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وأقام الناس غير عَليّ، لبس إبليس تاج الملك، ونصب منبراً وقعد في الوثبة(3)، وجمع خيله ورجله ثم قال لهم : اطربوا ، لا يطاع الله حتى يقوم الإمام.

وتلا أبو جعفر(عليه السلام):﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾(4)قال أبو جعفر(عليه السلام): كان تأويل هذه الآية ؛ لما قُبضَ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، والظنّ من إبليس حين قالوا لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): إنه ينطق عن الهوى، فظنّ بهم إبليس ظنا فصدّقوا ظنّه .

بني أمية يردّون الناس عن الإسلام القهقرى

٥٤٣ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن زرارة ،عن أحدهما(عليهم السلام)قال : أصبح رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يوماً كئيباً حزيناً؟ فقال له علي(عليه السلام): ما لي أراك يا رسول الله كثيباً حزيناً ؟ فقال : وكيف لا أكون كذلك وقد رأيت في ليلتي هذه أن بني تَيم وبني عَدِيّ وبني أمية يصعدون منبري هذا، يردّون الناس عن الإسلام القهقرى، فقلت: يا رب في حياتي أو بعد موتي ؟ فقال : بعد موتك .

لولا قول الناس لضرب أعناق جمع من أصحابه

٥٤٤ - جميل، عن زرارة ،عن أحدهما(عليهم السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): لولا أني أكره أن يقال : إن محمداً استعان بقوم حتى إذا ظفر بعدوه قتلهم، لضربتُ أعناق قوم كثير .

٥٤٥ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبيد الله الدهقان، عن عبد الله بن القاسم، عن ابن أبي نجران، عن أبَان بن تغلب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان المسيح(عليه السلام)يقول : إن التارك شفاءَ المجروح من جرحه شريكٌ لجارحه لا محالة، وذلك أن الجارح أراد

ص: 269


1- «ولم يضف إلى ضمير المتكلم مع أنه مراد لكراهة تلك الإضافة» المازندراني ٤٦٥/١٢ .
2- أي أي شيء أصابك من داهية : وهي الأمر العظيم .
3- وتبه توثيباً : أقعده على وسادة والوثاب السرير والفراش أو المقاعد.
4- سبا / ٢٠

فساد المجروح، والتارك لإشفائه لم يشأ صلاحه ، فإذا لم يشأ صلاحه فقد شاء فساده اضطراراً، فكذلك لا تحدّثوا بالحكمة غير أهلها فتجهلوا، ولا تمنعوها أهلها فتأثموا، وليكن أحدكم بمنزلة الطبيب المداوي إن رأى موضعاً لدوائه وإلّا أَمْسَكَ.

الرضا والشکر وحسن الظن بالله

٥٤٦ - سهل، عن عبيد الله، عن أحمد بن عمر قال: دخلت على أبي الحسن الرضا(عليه السلام)أنا وحسين بن ثوير بن أبي فاختة فقلت له : جُعِلْتُ فداك، إنا كنّا في سعة من الرزق وغضارة من العيش، فتغيّرت الحال بعض التغيير، فادعُ الله عز وجل أن يردّ ذلك إلينا، فقال: أي شيء تريدون، تكونون ملوكاً؟ أيسرّك أن تكون مثل طاهر وهرثمة(1)وإنك على خلاف ما أنت عليه؟ قلت؛ لا، والله ما يسرني أن لي الدنيا فيها ذهباً وفضة وإني على خلاف ما أنا عليه ، قال : فقال : فمن أيسر منكم فليشكر الله ، إن الله عز وجل يقول : ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾(2)، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾(3)، وأحسِنوا الظن بالله ، فإن أبا عبد الله(عليه السلام)كان يقول : من حَسُن ظنه بالله كان الله عند ظنه به ، ومن رضي بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل، ومن رضي باليسير من الحلال خفَت مؤونته وتَنَعّمَ أهله، وبصّره الله داء الدنيا ودواءَها، وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام.

قال : ثم قال : ما فعل ابن قياما(4)؟ قال : قلت : والله إنه ليلقانا فيُحسن اللقاء، فقال: وأي شيء يمنعه من ذلك ، ثم تلا هذه الآية :﴿ لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ﴾(5)قال : ثم قال : تدري لأي شيء تحيّر ابن قياما؟ قال : قلت : لا ، قال : إنه تبع أبا الحسن(عليه السلام)فأتاه عن يمينه وعن شماله وهو يريد مسجد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)، فالتفت إليه أبو الحسن(عليه السلام)فقال : ما تريد حيّرك الله ، قال : ثم قال : أرأيت لو رجع إليهم موسى فقالوا لو نصبته لنا فاتّبعناه واقتصصنا ، أثره أهم كانوا أصوبَ قولاً أو من قال ﴿ لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ﴾ (6)؟ قال : قلت :لا، بل من قال : نصبته لنا فاتّبعناه واقتصصنا أثره ، قال : فقال : من ههنا أتي ابن قياما ومن قال بقوله(7).

ص: 270


1- طاهر وهرثمة : الأول : هو أبو طلحة طاهر بن الحسين وكان من كبار قادة جند المأمون والثاني : هو هرثمة بن أعين كان أيضاً من قواد المأمون، يقال بأنه كان من خواصّ الإمام الرضا(عليه السلام)ومن شيعته ومحبّيه .
2- إبراهيم /٧
3- سبأ / 13.
4- الحسين بن قياما واقفي وقف على موسى بن جعفر(عليه السلام).
5- التوبة / ١١٠ . بنيانهم : يعني مسجد الضرار ريبةً : شكاً ونفاقاً. تقطّع قلوبهم : أي يموتوا .
6- طه/91
7- أي هلك هو ومن تبعه .

قال : ثم ذكر ابن السّراج(1)فقال : أنه قد أقر بموت أبي الحسن(عليه السلام)وذلك أنه أوصى عند موته فقال : كل ما خلّفت من شيء حتى قميصي هذا الذي في عنقي لورثة أبي الحسن(عليه السلام)، ولم يقل هو لأبي الحسن(عليه السلام)، وهذا إقرار، ولكن أي شيء ينفعه(2)من ذلك ومما قال، ثم أَمْسَكَ.

نصائح لقمان لابنه فی آداب السفر

٥٤٧- علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: قال لقمان لابنه : إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتك إياهم في أمرك وأمورهم ، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريماً على زادك، وإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعِنْهم، واغلبهم بثلاث : بطول الصمت، وكثرة الصلاة، وسخاء النفس بما معك من دابة أو مال أو زاد، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تَثَبَّتَ وتنظر، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرك وحكمتك في مشورته، فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله تبارك وتعالى رأيه، ونزع عنه الأمانة، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، وإذا تصدّقوا وأعطَوا قرضاً فأعط ِمعهم، واسمع لمن هو أكبر منك سناً، وإذا أمروك بأمر وسألوك فقل : نعم، ولا تقل : لا ، فإن لا ، عِيُّ(3)ولؤم ، وإذا تحيرتم في طريقكم فانزلوا ، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمر وا(4)، وإذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم ولا تستر شدوه، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب ،لعله أن يكون عيناً للصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيّركم، واحذروا الشخصين أيضاً إلا أن تروا ما أرى، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئاً عرف الحق منه، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، يا بني ؛ وإذا جاء وقت صلاة فلا تؤخرها لشيء وصلهّا واسترح منها، فإنها دين، وصل في جماعة ولو على رأس زُج(5)، ولا تنامَنَّ على دابتك فإن ذلك سريع في دَبرِها(6)وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل، وإذا قَرُبْتَ من

ص: 271


1- هو أحمد بن أبي بشر السّراج، كان واقفياً خبيثاً .
2- « إقراره بموت أبي الحسن موسى(عليه السلام)عند موته لا ينفعه، إما لأن توبة العالم بالشيء المنكر له في هذا الوقت لا ينفعه ، أو لأنه لم يقر بإمامة أبي الحسن الرضا(عليه السلام)، أو لأنه أضلّ كثيراً وتوبة المضل أن يعيد من أصله إلى الحق وهو أشد من خرط القتاد» المازندراني ٤٦٩/١٢ .
3- العِيّ : عدم الاهتداء إلى وجه المراد أو العجز عنه وعدم القدرة على إحكامه .
4- أي تشاوروا .
5- الزّج : نصل السهم والحديدة في أسفل الرمح .
6- أي تقرح ظهرها .

المنزل فأنزَل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك، وإذا أردت النزول فعليك من بقاع الأرض بأحسنها لوناً ، وأليَنِها تربة، وأكثرها عُشْباً، وإذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجة فأبعد المذهب في الأرض، وإذا ارتحلت فصلِّ ركعتين وودّع الأرض التي حَلَلْتَ بها وسلّم عليها وعلى أهلها فإن لكل بقعة أهلاً من الملائكة، وإن استطعت أن لا تأكل طعاماً حتى تبدأ فَتَتَصدّق منه فافعل، وعليك بقراءة كتاب الله عز وجل ما دمت راكباً، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملاً(1)، وعليك بالدعاء ما دمت خالياً(2) ، وإياك والسير من أول الليل، وعليك بالتعريس ، والدُّلَجَة(3)من لدن نصف الليل إلى آخره(4)، وإياك ورفع الصوت في مسيرك .

مناظرۀ أبی جعفر(عليه السلام)مع عبدالله بن نافع

٥٤٨ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن داود اليعقوبي، عن عيسى بن عبد الله العلوي قال: وحدثني الأُسَيدي، ومحمد بن مبشّر؛ إن عبد الله بن نافع الأزرق(5)كان يقول : لو إني علمت أن بين قطريها أحداً تبلغني إليه المطايا يخصمني أن علياً قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحلت إليه، فقيل له : ولا ولده ؟ فقال : أفي ولده عالم ؟ فقيل له : هذا أول جهلك، وهم يَخْلون من عالم ؟! قال : فمن عالمهم اليوم؟ قيل : محمد بن علي بن الحسين بن علي(عليه السلام)، قال: فرحل إليه في صناديد أصحابه، حتى أتى المدينة فاستأذن على أبي جعفر(عليه السلام)، فقيل له : هذا عبد الله بن نافع ، فقال : وما يصنع بي وهو يبرء مني ومن أبي طرفي النهار؟ فقال له أبو بصير الكوفي : جُعِلتُ فداك، إن هذا يزعم أنه لو علم أن بين قُطْريها أحداً تبلغه المطايا إليه يخصمه أن علياً(عليه السلام) قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحل إليه ، فقال له أبو جعفر(عليه السلام): أتراه جاءني مناظراً قال نعم قال يا غلام، اخرج فَحُطّ رحله وقل له : إذا كان الغد فأتنا، قال: فلما أصبح عبد الله بن نافع غدا في صناديد أصحابه، وبعث أبو جعفر

(عليه السلام)إلى جميع أبناء المهاجرين والأنصار فجمعهم، ثم خرج إلى الناس في ثوبَين مُمَغِّرين(6)وأقبل على الناس كأنه فَلْقَة قمر، فقال:

الحمد لله مُحيّث الحيث، ومُكيف الكَيْف ومُؤَيِّن الأيْن، الحمد لله الذي لا تأخذهُ سِنَةٌ

ص: 272


1- عاملا: أي متشاغلا بعمل ما .
2- أي عاطلاً عن العمل، أو مختلياً بنفسك .
3- الدَّلَجَة : السير ليلا .
4- حيث ينبغي التعريس عنده كما ذكر هذا وقد أخرج الصدوق هذا الحديث في الفقيه ٢ / ح ٨٨٤ .
5- هو أصل فرقة الأزارقة من الخوارج وإليه تنسب .
6- المُمغر : المصبوغ بالمُغْرَة: وهي الطين الأحمر.

ولا نوم، له ما في السماوات وما في الأرض - إلى آخر الآية-(1) وأشهد أن لا إله إلا الله (وحده لا شريك له)، وأشهد أن محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)عبده ورسوله إجتباه وهداه إلى صراط مستقيم.

الحمد لله الذي أَكْرَمَنَا بنبوّته واختصّنا بولايته، يا معشر أبناء المهاجرين والأنصار، من كانت عنده منقبة في علي بن أبي طالب(عليه السلام)فليَقُم وليتحدّث ، قال : فقام الناس فَسَرَدوا تلك المناقب، فقال عبد الله : أنا أروى لهذه المناقب من هؤلاء ، وإنما أحْدَثَ على الكفر بعد تحكيمه الحَكَمين، حتى انتهوا فى المناقب إلى حديث خيبر ؛ «الأُعطِينَّ الراية غداً رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرّاراً غير فرّار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه»، فقال أبو جعفر(عليه السلام): ما تقول في هذا الحديث؟ فقال : هو حق لا شك فيه، ولكن أحدَثَ الكفر بعدُ، فقال له أبو جعفر(عليه السلام): ثَكَلَتْكَ أُمك، أخبرني عن الله عز وجل أحبَّ علي بن أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم ؟ قال ابن نافع : أعِدْ عَلَيَّ، فقال له أبو جعفر(عليه السلام): أخبرني عن الله جل ذِكْره، أحبَّ علي بن أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم ؟ قال : إن قلت: لا ،کفرت، قال: فقال : قد علم ، قال : فأحبّه الله على أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته؟ فقال : على أن يعمل بطاعته، فقال له أبو جعفر(عليه السلام): فقُمْ مخصوماً ، فقام وهو يقول : حتى يَتَبَيَّنَ لكم الخيطُ الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، الله أعلم حيث يجعل رسالته .

٥٤٩ _ أحمد بن محمد، وعلي بن محمد، جميعاً، عن علي بن الحسن التيمي ، عن محمد بن الخطّاب الواسطي، عن يونس بن عبد الرحمان،عن يونس بن عبد الرحمان، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن حمّاد الأزدي ، عن هشام الخفّاف قال : قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): كيف بَصَرُك بالنجوم(2)؟ قال : قلت : ما خَلّفتُ بالعراق أبصرَ بالنجوم مني ، فقال : كيف دَوَران الفَلَك عندكم؟ قال : فأخذت قلنسوتي عن رأسي فأدَرْتُها، قال: فقال : إن كان الأمر على ما تقول، فما بال بنات النعش والجَدْي والفرقدين لا يُرَوْنَ يدورون يوماً من الدهر في القبلة؟ قال : قلت : هذا والله شيء لا أعرفه ولا سمعت أحداً من أهل الحساب يذكره، فقال لي : كم السكينة(3)من الزهرة جزءاً في ضوئها ؟ قال قلت هذا والله نجم ما سمعت به ولا سمعت أحداً من الناس يذكره، فقال : سبحان الله، فأسقطتم نجماً بأسره، فعلى ما تحسبون؟! ثم قال : فكم الزهرة من القمر

ص: 273


1- أي آية الكرسي إلى قوله: هم فيها خالدون، وهي ٢٥٥ - ٢٥٦ - ٢٥٧ من سورة البقرة .
2- أي بعلم النجوم .
3- السكينة : اسم نجم يدور في فَلَك الزهرة .

جزءاً في ضوئه؟ قال: قلت: هذا شيء لا يعلمه إلا الله عز وجل، قال: فكم القمر جزءاً من الشمس في ضوئها؟ قال: قلت: ما أعرف هذا ، قال: صَدَقْتَ، ثم قال : ما بال العَسْكَرين يلتقيان، في هذا حاسب وفي هذا حاسب ،فيحسب هذا لصاحبه بالظفر، ويحسب هذا لصاحبه بالظفر، ثم يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر، فأين كانت النحوس؟ قال: فقلت : لا والله ما أعلم ذلك ، قال : فقال : صدقتَ، إن أصل الحساب حق، ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم(1).

خطبة الأمير المؤمنين(عليه السلام)بصفین

٥٥٠ - علي بن الحسن المؤدّب ، عن أحمد بن محمد بن خالد، وأحمد بن محمد، عن علي بن الحسن التيمي، جميعاً، عن إسماعيل بن مهران قال : حدثني عبد الله بن الحارث، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : خطب أمير المؤمنين(عليه السلام)الناس بصفّين، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)ثم قال :

أما بعدُ، فقد جعل الله تعالى لي عليكم حقاً بولاية أمركم ، ومنزلتي التي أنزلني الله عز ذكره بها منكم، ولكم عليَّ من الحق مثل الذي لي عليكم، والحق أجمل الأشياء في التواصف، وأوسعها في التناصف(2)، لا يجري لأحد إلا جرى عليه ، ولا يجري عليه إلا جرى له، ولو كان لأحد أن يجري ذلك له ولا يجري عليه لكان ذلك الله عز وجل خالصاً دون خلقه، لقدرته على عباده، ولعدله في كل ما جرت عليه ضروب قضائه، ولكن جعل حقّه على العباد أن يطيعوه، وجُعِلَت كفارتهم عليه بحسن الثواب تفضلاً منه وتطولاً بكرمه، وتوسعاً بما هو من المزيد له أهلاً، ثم جعل من حقوقه حقوقاً فرضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتكافيء في وجوهها، ويوجب بعضها بعضاً ، ولا يُسْتَوْجَبُ بعضها إلا ببعض، فأعظمُ مما افترض الله تبارك وتعالى من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية، وحق الرعية على الوالي، فريضة فرضها الله عز وجل لكلِّ على كلٍّ فجعلها نظام اُلفَتِهم(3)وعزاً لدينهم ، وقواماً لسنن الحق فيهم، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية، فإذا أدّت الرعية إلى الوالي حقه، وأدى إليها الوالي كذلك ،عز الحق بينهم، فقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم

ص: 274


1- أي الإحاطة بكل أحوالهم وكيفياتهم ونسبة بعضهم إلى بعض .
2- أي أن الحق أحرى الأمور بأن يصف الناس بعضهم لبعض ليعرف ويُرغب فيه، وهو عند العمل به يو تب سعة العيش وطمأنينة البال فيما يحققه من عدل وحفظ حقوق .
3- أي اجتماعهم وتكاتفهم .

العدل، وجرت على إذلالها(1)السنن ، فصلح بذلك الزمان وطاب به العيش، وطُمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء ، وإذا غلبت الرعية واليهم ، وعلا الوالي الرعية، اختلفت هنالك الكلمة، وظهرت مطامع الجور، وكَثُر الإدغال(2)في الدين وتركت معالم السنن فعُمِل بالهوى، وعُطّلت الآثار، وكثرت علل النفوس، ولا يُسْتَوحَشُ لجسيمِ حَدٍ عُطل، ولا لعظيم باطلٍ أَثل(3)، فهنالك تذلّ الأبرار وتعزّ الأشرار، وتخرب البلاد وتعظم تبعات الله عز وجل عند العباد.

فهلم أيها الناس إلى التعاون على طاعة الله عز وجل، والقيام بعدله والوفاء بعهده، والإنصاف له في جميع حقه، فإنه ليس العباد إلى شيء أحوج منهم إلى التناصح في ذلك، وحُسْن التعاون عليه، وليس أحداً وإن اشتد على رضى الله حِرصُه وطال في العمل اجتهاده، ببالغٍ حقيقة ما أعطى الله من الحق أهله، ولكن من واجب حقوق الله عز وجل على العباد النصيحة له بمبلغ جهدهم، والتعاون على إقامة الحق فيهم، ثم ليس امرىء وإن عَظُمَت في الحق منزلته ، وجَسُمَت في الحق فضيلته، بمستغنٍ أن يُعان على ما حمَّله الله عز وجل من حقه، ولا لامرىء مع ذلك خَسَأتْ به الأمور(4)واقتحمته العيون ،بدون ما أن يعين على ذلك ويُعان عليه، وأهل الفضيلة في الحال، وأهل النعم العظام، أكثر في ذلك حاجة، وكل في الحاجة إلى الله عز وجل شَرْعٌ سواء .

فأجابه رجل من عسكره لا يدرى من هو ويقال : إنه لم يُرَ في عسكره قبل ذلك اليوم ولا بعده.

فقال وأحْسَنَ الثناء على الله عز وجل بما أبلاهم وأعطاهم من واجب حقه عليهم ، والإقرار بكل ما ذكر من تصرف الحالات به وبهم .

ثم قال: أنت أميرنا ونحن رعيتك، بك أخرجنا الله عز وجل من الذل، وبإعزازك أطلق عباده من الغُلّ(5)، فاختر علينا فامض اختيارك ، وائتمر فأمض ائتمارك فإنك القائل المصدق والحاكم الموفق والملك المخَوّل ، لا نستحل في شيء من معصيتك، ولا نقيس علماً بعلمك، يعظم عندنا في ذلك خطرك، ويجلّ عنه في أنفسنا فضلك.

ص: 275


1- أي طرقها ومحاجَها .
2- الإدغال : - بكسر الهمزة - هو أن يدخل فى الدين ما ليس منه . وبفتحها الفساد والخيانة في أهل الدين. وفي بعض النسخ : الإذعار - مصدر _ وهو التخويف .
3- اثل: أي عظم أو جعل أصلا يعتمد عليه .
4- أي أبعده الأمور وطردته عن أعين الناس بسبب عدم جريانها وُفْق مراده .كناية عن ذله وعدم الاعتناء بشأنه .
5- الغَلّ: القيد.

فأجابه أمير المؤمنين(عليه السلام):

فقال : إن من حق من عظُم جلال الله في نفسه، وجل موضعه من قلبه، أن يصغر عنده لعظم ذلك كل ما سواه، وإن أحق من كان كذلك لمن عظمت نعمة الله عليه، ولَطُفَ إحسانه إليه، فإنه لم تَعْظُم نعمة الله على أحد إلا زاد حق الله عليه عِظَماً، وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر ، ويوضع أمرهم على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب الإطراء واستماع الثناء، ولست بحمد الله كذلك، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطاً لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من أحق به من العظمة والكبرياء، وربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء، فلا تثنوا عَليَّ بجميل ثناء، لإخراجي نفسي إلى الله وإليكم من البقية في حقوق لم أفرغ من أدائها، وفرائض لا بد من إمضائها، فلا تُكَلّموني بما تُكلّم الجبابرة، ولا تتحفّظوا مني بما يُتَحفّظ به عند أهل البادرة(1)، ولا تخالطوني بالمصانَعة(2)، ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي لما لا يصلح لي، فإنه من استثقل الحق أن يُقال له، أو العدلَ أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقلَ عليه، فلا تكفّوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفَوق أن أخطىء(3)، ولا آمن من ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا ربّ غيره، يملك منّا ما لا نملك من أنفسنا، وأخرجنا مما كنا فيه إلى ما صَلَحْنا عليه، فأبدَلَنا بعد الضلالة بالهدى، وأعطانا البصيرة بعد العمى .

فأجابه الرجل الذي أجابه من قبل:

فقال : أنت أهل ما قلت والله ، واللهُ فوق ما قلته، فبلاؤه عندنا ما لا يُكْفَر، وقد حملك الله تبارك وتعالى رعايتنا وولّاك سياسة أمورنا، فأصبحت عَلَمنا الذي نهتدي به وإمامَنا الذي نقتدي به ، وأمرك كله رُشْدُ وقَولُكَ كله أدب، قد قَرّت بك في الحياة أعيننا، وامتلأت من سرور بك قلوبنا، وتحيّرت من صفة ما فيك من بارع الفضل عقولنا، ولسنا نقول لك : أيها الإمام الصالح تزكية لك، ولا نجاوز القَصْد(4)في الثناء عليك، ولم يكن في أنفسنا طَعْنُ على يقينك أو غش في دينك، فنتخوّفَ أن يكون أحدثْتَ بنعمة الله تبارك وتعالى تجبّراً، أو دخلك كِبْر، ولكنا نقول

ص: 276


1- أهل البادرة: أهل الغضب والجدّة .
2- المصانعة : المداهنة والنفاق .
3- هذا منه(عليه السلام)أسلوب لجذبهم إلى الإنبساط معه في أمورهم وعدم نهيبهم الموقف بين يديه، مع ما فيه من التواضع وحسن الخلق، وإلا فهو(عليه السلام)معصوم من الخطأ.
4- القصد: العدل، والوسط من الأمور.

لك ما قلنا تقرباً إلى الله عز وجل بتوقيرك، وتوسعاً بتفضيلك، وشكراً بإعظام أمرك، فانظر لنفسك ولنا، وآثِر أمر الله على نفسك وعلينا، فنحن طُوَّع فيما أمرتنا ننقاد من الأمور مع ذلك فيما ينفعنا .

فأجابه أمير المؤمنين(عليه السلام):

فقال : وأنا أستشهدكم عند الله على نفسي لعلمكم فيما وُلّيتُ به من أموركم، وعما قليل يجمعني وإياكم الموقفُ بين يديه ،والسؤال عمّا كنا فيه، ثم يشهد بعضنا على بعض، فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما أنتم شاهدون غداً، فإن الله عز وجل لا يخفى عليه خافية، ولا يجوز عنده إلا مناصحة الصدور في جميع الأمور.

فأجابه الرجل ويقال : - لم ير الرجل بعد كلامه هذا لأمير المؤمنين(عليه السلام) - فأجابه، وقد عال الذي في صدره فقال والبكاء يقطع منطقه ، وغَصَصُ الشَّجا تكسر صوته، إعظاماً لخطر مرزأته(1)، ووحشة من كون فجيعته .

فحمد الله وأثنى عليه ،ثم شكا إليه هول ما أشْفى(2)عليه من الخطر العظيم، والذل الطويل في فساد زمانه وانقلاب حدّه وانقطاع ما كان من دولته، ثم نصب المسألة إلى الله عز وجل بالامتنان عليه والمدافعة عنه بالتفجع وحسن الثناء فقال : يا ربّانيَّ العباد، ويا سَكَنَ البلاد، أين يقع قولنا من فضلك، وأين يبلغ وصفنا من فعلك ، وأنّى نبلغ حقيقة حسن ثنائك، أو نحصي جميل بلائك، وكيف وبك جرت نعم الله علينا وعلى يدك اتصلت أسباب الخير إلينا، ألم تكن لذل الذليل ملاذاً، وللعصاة الكفار إخوان(3)؟ فَبِمَن إلّا بأهل بيتك وبك أخرجنا الله عز وجل من فظاعة تلك الخطرات؟ أو بمن فَرّج عنّا غمراتِ الكربات؟ وبمن؟ إلّا بكم أظهر الله معالم ديننا واستصلح ما كان فسد من دنيانا، حتى استبان بعد الجور ذكْرُنا ، وقَرّت من رخاء العيش أعينُنا لَمّا وَليتَنا بالإحسان جُهْدَكَ، وَوَفَيْتَ لنا بجميع وعدك، وقمتَ لنا على جميع عهدك، فكنت شاهد من غاب منّا وخَلَفَ أهل البيت، لنا وكنتَ عزّ ضعفائنا، وثمال(4)فقرائنا، وعماد عظمائنا ، يجمعنا في الأمور عدلُك ويتسع لنا في الحق تأنيك، فكنتَ لنا أُنساً إذا

ص: 277


1- المرزأة: المصيبة .
2- أشفى : أشرف . والضمير في( عليه) يرجع إلى أمير المؤمنين(عليه السلام).
3- لغة في الخوان وهو ما يوضع عليه الطعام. «وكأنه شبهه(عليه السلام) به في أنهم يأخذون من مائدة علومه فيصيرون مؤمنين، وقيل: الاخوان الأسد، ولو ثبت فهو هو» المازندراني ٤٨٩/١٢ .
4- الثمال : الملجأ .

رأيناك، وسَكَناً إذا ذكرناك، فأي الخيرات لم تفعل ؟ وأي الصالحات لم تعمل؟ ولولا أن الأمر الذي نخاف عليك منه يبلغ تحويله جهدنا، وتقوى لمدافعته طاقتنا، أو يجوز الفداء عنك منه بأنفسنا وبمن نفديه بالنفوس من أبنائنا لَقَدِّمنا أنفسنا وأبناءنا قبلك، ولأَخطَرناها وقلّ خطرها دونك، ولقُمنا بجهدنا في محاولة من حاولك وفي مدافعة من ناواك، ولكنه سلطان لا يحاوَل، وعز لا يزاول وربُّ لا يغالب، فإن يمنُن علينا بعافيتك ويترحّم علينا ببقائك ويتحنَّنَ علينا بتفريج هذا من حالك إلى سلامة منك لنا، وبقاء منك بين أظهرنا، نُحْدِثُ الله عز وجل بذلك شكراً نعظمه وذِكْراً نديمه، ونَقْسِم انصاف أموالنا صدقات ،وأنصافَ رقيقنا عُتَقاء، ونحدث له تواضعاً في أنفسنا، ونخشع في جميع أمورنا، وإن يمض بك إلى الجنان ويجري عليك حتم سبيله، فغير متهم فيك قضاؤه، ولا مدفوع عنك بلاؤه، ولا مختلفة مع ذلك قلوبنا بأن اختياره لك ما عنده على ما كنت فيه، ولكنا نبكي من غير إثم لعز هذا السلطان أن يعود ذليلاً، وللدين والدنيا أكيلاً ، فلا نرى لك خَلَفاً نشكوا إليه ، ولا نظيراً نأمله ولا نقيمه

خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)

٥٥١ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن علي، جميعاً، عن إسماعيل بن مهران، وأحمد بن محمد بن أحمد، عن علي بن الحسن التيمي، وعلي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن خالد، جميعاً، عن إسماعيل بن مهران ،عن المنذر بن جيفر، عن الحكم بن ظهير، عن عبد الله بن جرير العبدي، عن الأصبغ بن نباتة قال : أتى أمير المؤمنين(عليه السلام)عبدُ الله بن عمر، وولدُ أبي بكر، وسعدُ بن أبي وقّاص، يطلبون منه التفضيل لهم، فصعد المنبر ومال الناس إليه فقال :

الحمد الله وليّ الحمد ومنتهى الكرم ، لا تُدركه الصفاتُ، ولا يُحدّ باللغات، ولا يُعرفُ بالغايات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)نبي الهدى، وموضع التقوى، ورسول الرب الأعلى، جاء بالحق من عند الحق لينذر بالقرآن المنير والبرهان المستنير ، فَصَدَعَ بالكتاب المبين ومضى على ما مضت عليه الرسل الأولون، أما بعدُ :

أيها الناس، فلا يقولَنَّ رجال قد كانت الدنيا غمرتهم فاتخذوا العقار، وفجّروا الأنهار، وركبوا أفْرَهَ الدواب، ولبسوا الْيَنَ الثياب، فصار ذلك عليهم عاراً وشناراً، إن لم يغفر لهم الغفّار، إذا مَنَعْتُهُمْ ما كانوا فيه يخوضون، وصيّرتهم إلى ما يستوجبون فيفقدون ذلك، فيسألون ويقولون : ظَلَمَنا ابن أبي طالب، وحَرَمَنا ومَنَعَنا حقوقنا، فالله عليهم المستعان، من استقبل

ص: 278

قِبْلَتنا وأكَلَ ذبيحتنا، وآمن بنبيّنا ، وشهد شهادتنا ، ودخل في ديننا، أُجرَينا عليه حكم القرآن وحدود الإسلام، ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى، ألا وإن للمتقين عند الله تعالى أفضل الثواب وأحسن الجزاء والمآب، لم يجعل الله تبارك وتعالى الدنيا للمتّقين ثواباً، وما عند الله خیر للأبرار، أنظروا أهلَ دين الله فيما أصبتم في كتاب الله، وتركتم عند رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وجاهدتم به في ذات الله ، أبِحَسَبِ أم بِنَسَبٍ أم بعمل أم بطاعة أم زهادة، وفيما أصبحتم فيه راغبين، فسارعوا إلى منازلكم - رحمكم الله - التي اُمرتم بعمارتها ،العامرة التي لا تخرب، الباقية التي لا تنفد، التي دعاكم إليها وَحَظَّكُم عليها ورغّبكم فيها، وجعل الثواب عنده عنها، فاستتمّوا نِعَمَ الله عز ذِكْره بالتسليم لقضائه، والشكرِ على نعمائه، فمن لم يرض بهذا فليس منا ولا إلينا، وإن الحاكم يحكم بحكم الله ولا خشية عليه من ذلك، أولئك هم المفلحون، _ وفي نسخة: ولا وحشة وأولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون-.

وقال : وقد عاقبتكُم بدِرّتي(1)التي أعاتب بها أهلي فلم تبالوا، وضربتكم بسوطي الذي أقيم به حدودَ ربي فلم تَرْعَووا(2)أتريدون أن أضربكم بسيفي، أما إني أعلم الذي تريدون ويقيم أوَدَكُم (3)، ولكن لا أشتري صلاحكم بفساد نفسي ، بل يسلط الله عليكم قوماً فينتقم لي منكم، فلا دنيا استمتعم بها، ولا آخرة صرتم إليها فَبُعْداً وسُحْقاً لأصحاب السعير.

حدیث ولد العالم مع جاره وفیه تقسیم الزمان علی ثلاثه

٥٥٢ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وأبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، جميعاً، عن علي بن حديد، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : سأله حمران فقال : جعلني الله فداك، لو حدثتنا متى يكون هذا الأمر فسُرِرنا به؟ فقال: يا حمران، إن لك أصدقاء وإخواناً ومعارف، إن رجلا كان فيما مضى من العلماء، وكان له ابن لم يكن يرغب في علم أبيه ولا يسأله عن شيء، وكان له جار يأتيه ويسأله ويأخذ عنه، فحضر الرجل الموت فدعا ابنه فقال : يا بني، إنك قد كنت تزهد فيما عندي وتقلّ رغبتك فيه، ولم تكن تسألني عن شيء، ولي جار قد كان يأتيني ويسألني وبأخذ مني ، ويحفظ عني، فإن احتجت إلى شيء فأتِهِ ، - وَعَرَّفه جاره -، فهلك الرجل وبقي ابنه ، فرأى مَلِكُ ذلك الزمان رؤياً ، فسأل عن الرجل، فقيل له : قد هلك ،فقال الملك : هل ترك ولداً، فقيل له : نعم ، ترك ابناً، فقال: إئتوني به، فبعث إليه ليأتي الملك ، فقال الغلام : والله ما أدري لِمَا يدعوني الملك، وما عندي

ص: 279


1- الدَّرَّة : ما يُضرب به. وفي بعض النسخ : وقد عاتبتكم ..
2- تَرعَووا : أي ترجعوا عن جهلكم وغَيكم .
3- أودكم : أي اعوجاجكم

علم ، ولئن سألني عن شيء لأفْتَضِحَنَّ ، فذكر ما كان أوصاه أبوه به ، فأتى الرجل الذي كان يأخذ العلم من أبيه فقال له : إن الملك قد بعث إليّ يسألني، ولست أدري فيم بعث إليّ ، وقد كان أبي أمرني أن آتيك إن احتجت إلى شيء، فقال الرجل : ولكني أدري فيما بعث إليك، فإن أخبرتك فما أخرج الله لك من شيء فهو بيني وبينك ، فقال : نعم، فاستحلفه واستوثق منه أن يفي له، فأوثق له(1)الغلام ، فقال : إنه يريد أن يسألك عن رؤيا رآها ، أي زمان هذا؟ فقل له : هذا زمان الذئب، فأتاه الغلام ،فقال له الملك : هل تدري لم أرسلت إليك ؟ فقال : أرسلت إلي تريد أن تسألني عن رؤيا رأيتها أي زمان هذا ، فقال له الملك : صَدَقْتَ ، فأخبرني أي زمان هذا؟ فقال له : زمان ،الذئب فأمر له بجائزه فقبضها الغلام وانصرف إلى منزله، وأبى أن يفي لصاحبه، وقال: لَعَلّي لا أنفد هذا المال ولا أكله حتى أهلك، ولعلي لا أحتاج ولا أسأل عن مثل هذا الذي سُئِلت عنه، فمكث ما شاء الله ، ثم إن الملك رأى رؤيا فبعث إليه يدعوه، فندم على ما صنع وقال : والله ما عندي علم آتيه ،به وما أدري كيف أصنع بصاحبي وقد غدرت به ولم أف له ، ثم قال : لآتينّه على كل حال ، ولأعتذرنّ إليه ولأحلفنَّ له فلعله يخبرني ، فأتاه فقال له : إني قد صنعت الذي صنعت ولم أف لك بما كان بيني وبينك، وتفرّق ما كان في يدي، وقد احتجت إليك ، فأنشُدُك الله أن لا تخذلني ، وأنا أوثق لك أن لا يخرج لي شيء إلا كان بيني وبينك، وقد بعث إليّ الملك ولست أدري عما يسألني ، فقال : إنه يريد أن يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا ، فقل له : إن هذا زمان الكبش، فأتى الملك فدخل عليه فقال : لِمَ بعثت إليك؟ فقال : إنك رأيت رؤيا وإنك تريد أن تسألني أي زمان هذا ، فقال له: صدقت، فأخبرني أي زمان هذا؟ فقال : هذا زمان الكبش، فأمر له بصلة، فقبضها وانصرف إلى منزله وتدبّر في رأيه في أن يفي لصاحبه أولا يفي له ، فهمّ مرة أن يفعل ومرة أن لا يفعل، ثم قال: لعلّي أن لا أحتاج إليه بعد هذه المرة أبداً، وأجْمَعَ رأيه على الغدر وترك الوفاء، فمكث ما شاء الله ، ثم إن الملك رأى رؤيا فبعث إليه فندم على ما صنع فيما بينه وبين صاحبه ، وقال : بعد غدر مرتين كيف أصنع ، وليس عندي علم، ثم أجمع رأيه على إتيان الرجل فأتاه فناشده الله تبارك وتعالى، وسأله أن يعلّمه، وأخبره أن هذه المرة يفي منه وأوثق له وقال : لا تدعني على هذه الحال، فإني لا أعود إلى الغدر، وسأفي لك، فاستَوْثَقَ منه ، فقال : إنه يدعوك يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا، فإذا سألك فأَخْبره أنه زمان الميزان، قال : فأتى الملك فدخل عليه فقال له : لِمَ بعثتُ إليك؟ فقال : إنك رأيت رؤيا وتريد. أن تسألني أي زمان هذا، فقال: صدقتَ، فأخبرني أي زمان هذا؟ فقال: هذا زمان الميزان،

ص: 280


1- أي أعطاه العهد والميثاق على أن يفيَ له .

فأمر له بصلة فقبضها وانطلق بها إلى الرجل فوضعها بين يديه وقال : قد جئتك بما خرج لي فقاسمنيه، فقال له العالم : إن الزمان الأول كان زمان الذئب، وإنك كنت من الذئاب، وأن الزمان الثاني كان زمان الكبش يَهِم ولا يفعل، وكذلك كنت أنت تَهِمّ ولا تفي، وكان هذا زمان الميزان وكنت فيه على الوفاء، فاقبض مالك لا حاجة لي فيه، وردّه عليه .

٥٥٣ - أحمد بن محمد بن أحمد الكوفي، عن علي بن الحسن التيمي، عن علي بن إسباط ، عن علي بن جعفر قال : حدثني معتّب أو غيره قال: بعث عبد الله بن الحسن إلى أبي عبد الله(عليه السلام): يقول لك أبو محمد : أنا أشجع منك ، وأنا أسخى منك، وأنا أعلم منك ، فقال لرسوله: أما الشجاعة فوالله ما كان لك موقف يُعرَف فيه جُنبُك من شجاعتك، وأمّا السخاء فهو الذي يأخذ الشيء من جهته فيضعه في حقه، وأما العلم فقد أعتق أبوك علي بن أبي طالب(عليه السلام)ألف مملوك ، فَسَمّ لنا خمسة منهم، وأنت عالم، فعاد إليه فأعلمه، ثم عاد إليه فقال له : يقول لك : أنت رجل صَحَفي(1)، فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): قل له : إي واللهِ، صحف إبراهيم وموسى وعيسى ورثتها عن آبائي(عليهم السلام).

٥٥٤ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عمن ذكره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله تبارك وتعالى : ﴿وبشر الذين آمنوا إن لهم صِدْقٍ عند ربهم﴾(2)، فقال : هو رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

خبر المعراج أو الإسرار

٥٥٥ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)في قول الله عز وجل : ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾(3)، قال : لمّا أسري برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)أتاه جبرئيل بالبراق فركبها، فأتى بيت المقدس، فلقي من لقي من إخوانه من الأنبياء(عليهم السلام)، ثم رجع فحدّث أصحابه : إني أتيت بيت المقدس ورجعت من الليلة، وقد جاءني جبرئيل بالبراق فركبتها، وآية ذلك أني مررت بعير لأبي سفيان على ماء لبني فلان ،وقد أضلّوا جملاً لهم ،أحمر، وقد هَمّ القوم في طلبه، فقال بعضهم لبعض : إنما جاء الشام وهو راكب سريع، ولكنكم قد أتيتم الشام وعرفتموها فسلوه عن أسواقها وأبوابها وتجّارها، فقالوا : يا رسول الله ، كيف الشام وكيف أسواقها؟ - قال : كان رسول

ص: 281


1- صَحَفي : يقال لمن يكثر النظر إلى الصحف.
2- یونس /2 . وقيل : قدم صدق : أي أعمال صالحة يستوجبون بها ثواب الله تعالى . وقيل : سابق صدق في اللوح المحفوظ من السعادة .
3- يونس / ١٠١ .

الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إذا سئل عن الشيء لا يعرفه شقّ عليه حتى يُرى ذلك في وجهه _ قال : فبينما هو كذلك إذ أتاه جبرئيل(عليه السلام) فقال : يا رسول الله هذه الشام قد رُفِعَت لك، فالتفت رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فإذا هو بالشام بأبوابها وأسواقها وتجارها فقال : أين السائل عن الشام ؟ فقالوا له : فلان وفلان ، فأجابهم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في كل ما سألوه عنه، فلم يؤمن منهم إلا قليل، وهو قول الله تبارك وتعالى : ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ.﴾ .

ثم قال أبو عبد الله(عليه السلام): نعوذ بالله أن لا نؤمن بالله وبرسوله، آمنّا بالله وبرسوله(صلی الله علیه وآله وسلم).

فضل الشیعه ومدحهم

٥٥٦ - أحمد بن محمد بن أحمد، عن علي بن الحسن التيمي، عن محمد بن عبد الله ،عن زرارة ،عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إذا قال المؤمن لأخيه : أفّ، خرج من ولايته، وإذا قال : أنت عدوي كفر أحدهما، لأنه لا يقبل الله عز وجل من أحد عملاً في تَثْريب(1)على مؤمن نصيحة(2)ولا يقبل من مؤمن عملاً وهو يضمر في قلبه على المؤمن سوءاً، لو كشف الغطاء عن الناس فنظروا إلى وصل ما بين الله عز وجل وبين المؤمن خضعت للمؤمنين رقابهم، وتسهّلت لهم أمورهم ، ولانت لهم طاعتهم، ولو نظروا إلى مردود الله الأعمال من عز وجل لقالوا : ما يتقبل الله عز وجل من أحد عملاً .

وسمعته يقول لرجل من الشيعة: أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناء، وكل مؤمن صِدّيق .

قال وسمعته يقول : شيعتنا أقرب الخلق من عرش الله عز وجل يوم القيامة بَعْدَنا ، وما من شيعتنا أحد يقوم إلى الصلاة إلا اكتنفته فيها عدد من خالفه من الملائكة يصلّون عليه جماعةً حتى يفرغ من صلاته، وإن الصائم منكم ليرتَع(3)في رياض الجنة تدعو له الملائكة حتى يفطر .

وسمعته يقول : أنتم أهل تحية الله بسلامه(4)، وأهل أُثْرة(5)الله برحمته، وأهل توفيق الله بعصمته، وأهل دعوة الله بطاعته، لا حساب عليكم ، ولا خوف ولا حزن، أنتم للجنة والجنة لكم ، أسماؤكم عندنا الصالحون والمصلحون، وأنتم أهل الرضا عن الله عز وجل برضاه

ص: 282


1- التثريب : الاستقصاء في اللوم، والتوبيخ .
2- على مؤمن نصيحة :بدل ل_ (عملا) أو صفة له، أو مفعول له ل_ : (تثريب).
3- الرّتع : الاتساع في الخصب والتنعّم
4- إشارة إلى قوله تعالى : ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾.
5- الاُثرة : المكرمة المتوارثة .

عنكم، والملائكة إخوانكم في الخير، فإذا جهدتم أدعوا، وإذا غفلتم اجْهَدوا، وأنتم خير البَرِيّة، دياركم لكم جنة، وقبوركم لكم جنة، للجنة خُلقتم وفي الجنة نعيمكم وإلى الجنة تصيرون .

اعجب ما رأی جعفر بن أبی طالب فی الحبشه

٥٥٧ - أحمد بن محمد بن أحمد، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن محمد بن الوليد، عن أبان بن عثمان ، عن الفُضَيل، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لجعفر(1)(عليه السلام)حين قَدِمَ من الحبشة : أي شيء أعجب ما رأيتَ؟ قال: رأيتُ حبشية مرت وعلى رأسها مِكْتَل، فمر رجل فزحمها فطرحها ووقع المِكْتل عن رأسها، فجلست، ثم قالت: ويل لك من ديّان يوم الدين إذا جلس على الكرسي وأخذ للمظلوم من الظالم. فتعجب رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم).

أخبار آزر ونمرود

٥٥٨ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي أيوب الخزّاز، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله(عليه السلام): أن أزر أبا إبراهيم(عليه السلام)كان منجّماً لنمرود ولم يكن يصدر إلا عن أمره، فنظر ليلة في النجوم فأصبح وهو يقول لنمرود: لقد رأيت عَجَباً، قال : وما هو : قال : رأيت مولوداً يولد في أرضنا يكون هلاكنا على يديه، ولا يلبث إلا قليلاً حتى يُحَمَل به ، قال : فتعجب من ذلك وقال : هل حَمَلَت به النساء؟ قال : لا ، قال : فحَجَب النساء عن الرجال فلم يدع امرأة إلا جعلها في المدينة لا يخلص إليها، ووقع آزر بأهله فعلقت بإبراهيم (عليه السلام)، فظن أنه صاحبه ، فأرسل إلى نساء من القوابل في ذلك الزمان لا يكون في الرحم شيء إلا علمن به ، فنظرن فألزم الله عز وجل ما في الرحم (إلى) الظَهْر، فقلن : ما نرى في بطنها شيئاً، وكان فيما أوتي من العلم أنه سيُحرق بالنار ، ولم يؤتَ علم أن الله تعالى سيُنَجِّيه، قال: فلما وضعت أم إبراهيم، أراد آزر أن يذهب به إلى نمرود ليقتله ،فقالت له امرأته : لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله، دعني أذهب به إلى بعض الغيران(2)أجعله فيه حتى يأتي عليه أَجَلُه، ولا تكون أنت الذي تقتل إبنك ، فقال لها: فأمضِ به ،قال فذهبت به إلى غار ثم أرضعته، ثم جعلت على باب الغار صخرة، ثم انصرفت عنه، قال : فجعل الله عز وجل رزقه في إبهامه، فجعل يمصها فيشخب لبنها، وجعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة، ويشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر، ويشب في الشهر كما يشبّ غيره في السنة، فمكث ما شاء الله أن يمكث. ثم إن أمه قالت لأبيه : لو أذنتَ لي حتى أذهب إلى ذلك الصبي، فعلتُ، قال: فافعلي، فذهبت فإذا هي بإبراهيم(عليه السلام) وإذا عيناه تزهران كأنهما سراجان، قال : فأخذته فضمّته إلى صدرها وأرضعته ثم انصرفت عنه ، فسألها آزر عنه، فقالت : قد واريته في التراب، فمكثت

ص: 283


1- يعني جعفر بن أبي طالب(عليه السلام).
2- جمع الغار، وهو الكهف.

تفعل فتخرج في الحاجة وتذهب إلى إبراهيم(عليه السلام)فتضمه إليها وترضعه، ثم تنصرف، فلما تحرك أتته كما كانت تأتيه، فصنعت به كما كانت تصنع، فلما أرادت الإنصراف أخذ بثوبها فقالت له : ما لَكَ؟ فقال لها : إذهبي بي معك، فقالت له : حتى استأمِرَ أباك، قال: فأتت أم إبراهيم (عليه السلام)آزر فأعلمته القصة ، فقال لها : آتيني به فأقعديه على الطريق، فإذا مر به إخوته دخل معهم ولا يُعرَف، قال : وكان إخوة إبراهيم(عليه السلام) يعملون الأصنام ويذهبون بها إلى الأسواق ويبيعونها، قال: فذهبت إليه فجاءت به حتى أقعدته على الطريق ومرّ إخوته فدخل معهم، فلما رآه أبوه وقعت عليه المحبة منه، فمكث ما شاء الله ، قال : فبينما إخوته يعملون يوماً من الأيام الأصنام، إذ أخذ إبراهيم(عليه السلام)القَدُوم(1)وأخذ خشبة فَنَجَرَ منها صنماً لم يروا قط مثله، فقال آزر لأمه : إني لأرجو أن نصيب خيراً ببركة إبنك هذا ، قال : فبينما هم كذلك إذ أخذ إبراهيم القَدُوم فكسر الصنم الذي عمله، ففزع أبوه من ذلك فزعاً شديداً، فقال له : أي شيء عملت؟ فقال له إبراهيم(عليه السلام) وما تصنعون به؟ فقال آزر: نعبده، فقال له إبراهيم(عليه السلام):﴿ أتعبُدون ما تنحتون﴾(2)؟ فقال آزر (لأمه) : هذا الذي يكون ذهاب مُلْكِنا على يديه .

٥٥٩ _ على بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبَان بن عثمان، عن حجر ،عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : خالف إبراهيم(عليه السلام)قومه وعاب آلهتهم حتى أدخل على نمرود فخاصمه، فقال إبراهيم(عليه السلام): ﴿ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾(3)وقال أبو جعفر (عليه السلام): عاب آلهتهم : ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ *فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ﴾(4)، قال أبو جعفر(عليه السلام): والله ما كان سقيماً وما كَذَبَ ، فلما تولوا عنه مُدْبِرين إلى عيد لهم ،دخل إبراهيم(عليه السلام)إلى آلهتهم بقَدُوم فكسرها إلا كبيراً لهم ووضع القَدُوم في عنقه، فرجعوا إلى آلهتهم فنظروا إلى ما صنع بها فقالوا : لا والله ما اجترأ عليها ولا كَسَرَها إلا الفتى الذي كان يعيبها ،ويبرأ منها، فلم يجدوا له قِتلةً أعظمَ من النار، فجُمع له الحطب واستجادوه حتى إذا كان اليوم الذي يُحرق فيه ، برز له نمرود وجنوده ، وقد بنى له بناءاً لينظر إليه كيف تأخذه النار ، ووُضِعَ إبراهيم(عليه السلام)في منجنيق ، وقالت الأرض : يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره، يُحرَق بالنار ؟ قال الرب : إنْ دعاني كفيته ، فَذَكَرَ أَبَان ، عن محمد بن مروان، عمن رواه عن أبي جعفر(عليه السلام): إن دعاء إبراهيم(عليه السلام)يومئذ كان يا أحد (يا أحد، يا صمد) يا

ص: 284


1- القَدُوم : آلة للنجر. والتشديد فيه غلط .
2- الصافات / ٩٥
3- البقرة/ ٢٥٨. فبهت : انقطع وبطلت حجته .
4- الصافات / 88 - 89

صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد» ثم قال : «توكلت على الله»، فقال الرب تبارك وتعالى : كُفيتَ، فقال للنار:﴿كوني برداً ﴾(1) قال : فاضطربت أسنان إبراهيم(عليه السلام)من البرد حتى قال الله عز وجل : ﴿وسلاماً على إبراهيم ﴾وانحط جبرئيل(عليه السلام)وإذا هو جالس مع إبراهيم(عليه السلام)يحدّثه في النار ، قال : نمرود من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم، قال : فقال عظيم من عظمائهم : إني عزمت على النار أن لا تحرقه (قال) : فأخذ عُنق من النار نحوه حتى أحرقه ، قال : فآمن له لوط وخرج مهاجراً إلى الشام هو وسارة ولوط.

خبر إبراهیم مع نمرود وقصه ساره

٥٦٠ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه وعدّه من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن أبي زيد الكرخي قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : إن إبراهيم(عليه السلام)كان مولده بكوثى رُبا(2)وكان أبوه من أهلها، وكانت أم إبراهيم وأم لوط سارة، وورقة - وفي نسخة رقية - أختين وهما إبنتان للاحج، وكان اللاحج نبياً منذراً ولم يكن رسولاً ، وكان إبراهيم(عليه السلام)في شبيبته على الفطرة التي فطر الله عز وجل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه، واجتباه، وأنه تزوج سارة ابنة لاحج وهي ابنة خالته، وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرةَ وأرض واسعة وحال حسنة، وكانت قد ملكت إبراهيم(عليه السلام)جميع ما كانت تملكه، فقام فيه وأصلحه، وكثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوئى رُبا رجل أحسن حالاً منه، وإن إبراهيم(عليه السلام)لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فأوثق وعمل له حَيْراً(3)وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم(عليه السلام)في النار لتحرقه، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار، ثم أشرفوا على الحَيْر فإذا هم بإبراهيم(عليه السلام)سليماً مطلقاً من وثاقه، فأخبر نمرود خبره، فأمرهم أن ينفوا إبراهيم(عليه السلام)من بلاده، وأن يمنعوه من الخروج بماشيته وماله، فحاجّهم إبراهيم(عليه السلام)عند ذلك فقال : إن أخذتم ماشيتي ومالي فإن حقي عليكم أن تردّوا علي ما ذهب من عمري في بلادكم، واختصموا إلى قاضي نمرود، فقضى على إبراهيم(عليه السلام)أن يسلّم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم ، وقضى على أصحاب نمرود أن يردّوا على إبراهيم(عليه السلام)ما ذهب من عمره في بلادهم، فأُخبر بذلك نمرود فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه، وقال : إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضَرَّ بالهتكم، فأخرجوا إبراهيم ولوطاً معه(صلی الله علیه وآله وسلم)من بلادهم إلى الشام، فخرج إبراهيم ومعه لوط لا يفارقه وسارة وقال لهم :﴿ إني ذاهب إلى ربي سَيَهْدِين﴾(4)، يعني بيت المقدس.

ص: 285


1- الأنبياء / ٦٣ . ومطلع الآية :﴿ قلنا يا نار...﴾
2- كوثى رُبا : قيل بأنها من أرض العراق .
3- الحَير : شبه الحظيرة .
4- الصافات / ٩٩

فتحمّل إبراهيم(عليه السلام)بماشيته وماله وعمل تابوتاً وجعل فيه سارة وشد عليها الأغلاق غيرة منه عليها، ومضى حتى خرج من سلطان نمرود وصار إلى سلطان رجل من القبط يقال له : عرارة، فمر بعاشر له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه، فلما انتهى إلى العاشر ومعه التابوت، قال العاشر لإبراهيم(عليه السلام): أفتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه فقال له إبراهيم(عليه السلام): قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطي عُشْرَهُ ولا نفتحه ، قال : فأبى العاشر إلّا فتحه، قال: وغضب إبراهيم(عليه السلام)على فتحه، فلما بدت له سارة وكانت موصوفة بالحسن والجمال ، قال له العاشر : ما هذه المرأة منك ؟ قال إبراهيم(عليه السلام): هي حرمتي وابنة خالتي ، فقال له العاشر : فما دعاك إلى أن خَبّيتها في هذا التابوت؟ فقال إبراهيم(عليه السلام): الغيرة عليها أن يراها أحد، فقال له العاشر : لست أدعك تبرح حتى أعْلِمَ الملك حالها وحالك ، قال : فبعث رسولاً إلى الملك فأعلمه، فبعث الملك رسولاً من قبله ليأتوه بالتابوت فأتوا ليذهبوا به، فقال لهم إبراهيم(عليه السلام): إني لست أفارق التابوت حتى تفارق روحي جسدي، فأخبروا الملك بذلك، فأرسل الملك : إن أحملوه والتابوت معه، فحملوا إبراهيم(عليه السلام)والتابوت وجميع ما كان معه حتى أدخل على الملك، فقال له الملك : افتح التابوت، فقال إبراهيم(عليه السلام): أيها الملك إن فيه حرمتي وابنة خالتي وأنا مفتدٍ فتحه بجميع ما معي ، قال : فغضب(1)الملك إبراهيمَ(عليه السلام)على فتحه ، فلما رأى سارة لم يملك حلمه سفهَه أن مد يده إليها، فأعرض إبراهيم (عليه السلام)بوجهه عنها وعنه غيرة منه، وقال: اللهم أحبس يده عن حرمتي وابنة خالتي ، فلم تصل يده إليها ولم ترجع إليه، فقال له الملك : إن إلهك هو الذي فعل بي هذا ؟ فقال له : نعم، إن إلهي غيور يكره الحرام، وهو الذي حال بينك وبين ما أردت من الحرام، فقال له الملك : فادعُ إلهك يردّ عليَّ يدي فإن أجابك فلم أعْرِضُ لها، فقال إبراهيم(عليه السلام): إلهي رد عليه يده ليكفّ عن حرمتي ، قال : فرد الله عز وجل عليه يده ، فأقبل الملك نحوها ببصره ثم أعاد بيده نحوها فأعْرِض إبراهيم(عليه السلام)عنه بوجهه غيرة منه وقال : اللهم أحبس يده عنها ، قال : فيبست يده ولم تصل إليها، فقال الملك لإبراهيم(عليه السلام): إن إلهك لغيور وإنك لغيور ، فادعُ إلهك يردّ علي يدي فإنه إن فعل لم أعد ، فقال له إبراهيم(عليه السلام):أسأله ذلك على أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله، فقال الملك : نعم . فقال إبراهيم(عليه السلام): اللهم إن كان صادقاً فردّ عليه يده، فرجعت إليه يده، فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى، ورأى الآية في يده، عظّمَ إبراهيم(عليه السلام)وهابَهُ وأكرمه واتقاه وقال له : قد أمنت من أن أعرض لها أو لشيء مما معك، فانطلق حيث شئت، ولكن لي إليك حاجة ، فقال إبراهيم(عليه السلام)ما هي ؟ فقال له : أحب أن تأذن لى أن أُخْدِمَها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادماً ، قال : فأذن له إبراهيم

(عليه السلام)، فدعا

ص: 286


1- غضب: - هنا - أي أكره وأجبر .

بها فوهبها لسارة، وهي هاجر أم إسماعيل(عليه السلام)، فسار إبراهيم(عليه السلام)بجميع ما معه وخرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم(عليه السلام)إعظاماً لإبراهيم(عليه السلام)وهيبة له، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى إبراهيم: أن قِفْ ولا تمشِ قدّام الجبار المتسلّط ويمشي هو خلفك، ولكن اجعله أمامك وامشِ خلفَه وعظّمه وهَبْه فإنه مسلّط ولا بد من إمرة في الأرض بَرّة أو فاجرة، فوقف إبراهيم(عليه السلام)وقال للملك : امض فإن إلهي أوحى إلى الساعة أن أعظّمك وإهابك وأن أقدّمك أمامي وأمشي خلفك إجلالاً لك، فقال له الملك: أوحى إليك بهذا ؟ فقال له إبراهيم(عليه السلام): نعم، فقال له الملك : أشهد أن إلهك لرفيق حليم كريم، وإنك ترغّبني في دينك، قال : وودعه الملك فسار إبراهيم (عليه السلام) حتى نزل بأعلى الشامات، وخلّف لوطاً(عليه السلام)في أدنى الشامات، ثم إن إبراهيم(عليه السلام)لما أبطأ عليه الولد قال لسارة : لو شئت لَبِعْتِني هاجر لعل الله أن يرزقنا منها ولداً فيكون لنا خَلَفاً ، فابتاع إبراهيم(عليه السلام)هاجرَ من سارة، فوقع عليها فولدت إسماعيل(عليه السلام).

حجر بن زائده وعامر بن جذامه والمفضّل بن عمر

٥٦١ - علي بن إبراهيم ،عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان قال : قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): ألا تَنْهى هذين الرجلين عن هذا الرجل؟ فقال: من هذا الرجل ومن هذين الرجلين؟ قلت: ألا تنهى حِجْرَ بن زائدة وعامر بن جُذاعة عن المفضّل بن عمر ؟ فقال : يا يونس؛ قد سألتهما أن يكفّا عنه فلم يفعلا، فدعوتهما وسألتهما، وكتبت إليهما، وجعلته حاجتي إليهما، فلم يكفّا عنه ، فلا غفر الله لهما ، فوالله لكُثيّرُ عَزَّة أصدق في مودته منهما فيما ينتحلان من مودتي حيث يقول :

ألا زعمت بالغيب ألّا أحبها*** إذاً، أنا لم يَحْرُمُ عَلَيَّ كريمُها (1)

أما والله لو أحبّاني لأحبا من أحب(2).

قال ابو عبدالله(عليه السلام):أنا بإمام من أطاعني، ولست بإمام لمن عصاني

٥٦٢ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن القاسم شريك المفضّل وكان رجل صدق قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول: حَلَقٌ في المسجد يشهرونا ويشهرون أنفسهم، أولئك ليسوا منا ولا نحن منهم(3)، انطلق فأُوَاري وأسْتر

ص: 287


1- إذاً: جواب وجزاء، والمعنى : إذا كان الأمر كما زعمت غزّة من أني لا أحبها فيلزم إلا يكون كريمها كريماً عندي ، والحال أنه كريم عندي فبطل زعمها إذن .
2- وقد ذكر بعض الأصحاب أن الرواية ضعيفة بابن ظبان والحسين بن أحمد، وقد وثق النجاشي حجر بن زائدة، وذكر الكشي أنه من حواریّي الصادقين(عليه السلام).
3- دل على أن إفشاء أمرهم(عليهم السلام)جرم عظيم، وهو مخالف للتقية المأمور بها على أنها دين بدان به. وذلك لما في الإفشاء من هدر دمائهم(عليهم السلام)عند أعدائهم .

فيهتكون سِتْري، هتك الله ستورهم، يقولون : إمام، أما والله ما أنا بإمام إلا لمن أطاعني، فاما من عصاني فلست له بإمام، لِمَ يتعلقون باسمي ؟! ألا يكفّون إسمي من أفواههم، فوالله لا يجمعني الله وإياهم في دار.

٥٦٣ - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين عن صفوان، عن ذريح ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : قال : لما خَرَجَتْ قريش إلى بدر، وأخرجوا بني عبد المطلب معهم، خرج طالب بن أبي طالب فنزل رُجَازُهُمْ وهم يرتجزون، ونزل طالب بن أبي طالب يرتجز ويقول :

يا ربِّ إما يَغْزُون بطالب ***في مِقْنَب(1)من هذه المق_ان_ب

مقنب(2)المغالب المحارب *** بجعله المسلوب غير السالب

وجعله المغلوب غير الغالب

فقالت قريش : إن هذا ليغلبنا فردّوه .

وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله(عليه السلام): أنه كان أسلم(3).

٥٦٤ _ حميد بن زياد ،عن الحسن بن محمد الكندي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبَان بن عثمان، عن محمد بن المفضّل قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول : جاءت فاطمة(عليه السلام)إلى سارية في المسجد وهي تقول وتخاطب النبي(صلی الله علیه وآله وسلم):

قد كان بعدك أنباء وهَنْبَثَةٌ(4)*** لو كنتَ شاه_ده_ا ل_م تكثر الخطب

إنا فقدناك فَقْدَ الأرض وابلها*** واختلّ قومك فاشْهَدْهُم ولا تَغِبِ

خبر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) عن قتل جعفر(عليه السلام)

٥٦٥ - أبَان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : بينا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في المسجد، إذ خفض له كل رفيع ورفع له كل خفيض(5)، حتى نظر إلى جعفر(عليه السلام)يقاتل الكفّار(6)قال : فقتل فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم): قُتِلَ جعفر ، وأخذه (7)المغص في بطنه.

ص: 288


1- المِقْنَب : جماعة الخيل والفرسان . قيل بأن المقصود به هنا مقنب قريش أو مقانبهم .
2- قيل : المقصود هنا مقانب المسلمين
3- « فطلب من الله تعالى العزة والغلبة بأن يجعل من اختلسه الشيطان غير سائب ومختلس لأهل الإسلام ويجعل المغلوب بالهوى غير غالب على أهل الإيمان، ولما كان المشركون من أهل اللسان فهموا مقصوده وإن كان مفاداً بالتورية فلذلك أمروا برده لئلا يفسد عليهم» المازندراني ٥١٥/١٢
4- الهنبتة : الأمر الشديد والاختلاط في القول، الجمع : هنابث .
5- كناية عن انكشاف الغطاء له ورفع الحجب من أمام عينيه(صلی الله علیه وآله وسلم)لتبرز أمامهما ساحة المعركة في مؤتة .
6- أي في معركة مؤتة حيث استشهد(عليه السلام).
7- الضمير يرجع إلى النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وذلك لفرط غمه وحزنه على ابن عمه جعفر(عليه السلام).

٥٦٦ _ حميد بن زياد، عن عبيد الله بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد بيّاع السابريّ، عن عجلان أبي صالح قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول: قتل علي بن أبي طالب(عليه السلام)بيده يوم حنين حُنَيْن أربعين .

عدد من قُتل بید علی(عليه السلام) یوم الحنین

٥٦٧ -أبَان ، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : أتى جبرئيل(عليه السلام)رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بالبراق : أصغر من البغل وأكبر من الحمار، مضطرب الأذنين، عينيه في حافره ،وخُطاه مد بصره ، وإذا انتهى إلى جبل قَصُرَت يداه وطالت رجلاه ، فإذا هبط طالت يداه وقصُرَت رجلاه، أهدب العرف الأيمن(1)، له جناحان من خلفه .

بیان لقوله تعالی:﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ﴾

٥٦٨ _ علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير ، عن فيض بن المختار قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام): كيف تقرأ :﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ﴾(2)؟ قال : لو كان خُلّفوا لكانوا في حال طاعة ، ولكنهم : «خالفوا» : عثمان وصاحباه، أمَا والله ما سمعوا صوتَ حافر ولا قعقِعة حَجَر إلا قالوا: أُتِينا، فسلّط الله عليهم الخوف حتى أصبحوا .

بیان لقوله تعالی:﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ﴾

٥٦٩ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحَكَم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: تلوت:﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ ﴾(3)فقال : لا ، اقرأ التائبين العابدين - إلى آخرها - فسئل عن العلة في ذلك، فقال : اشترى من المؤمنين التائبين العابدين(4).

بیان لقوله تعالی:﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ...الآیۀ﴾

٥٧٠ - عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك،عن عبد الله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال : هكذا أنزل الله تبارك وتعالى :﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾(5).

٥٧١ _ محمد، عن أحمد، عن ابن فضّال، عن الرضا(عليه السلام):﴿ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا

ص: 289


1- أي كان طويل العرف ولذا أُرسل على الجانب الأيمن .
2- التوبة / 118 .
3- التوبة/ ١١٢
4- إشارة إلى الآية ١١١ من سورة التوبة :﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ »... ﴾الآية . وهي قبل هذه الآية المذكورة أعلاه .
5- الآية في المصحف وردت هكذا في سورة التوبة / 128 :﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾وأقول : لا بد من محاكمة سند هذه الروايات وما شابهها إذ قد يكون السند فيها ضعيفا فتسقط عن الاعتبار كما هو الحال في سند هذه الرواية حيث ورد فيها سهل بن زياد فقد ضعفه كل من الشيخ في الفهرست : (٣٤١) ، والنجاشي في رجاله : (٤٨٨) كما نقل الكشي في ترجمته لصالح بن أبي حماد الرازي : (٥٤٣) عن الفضل بن شاذان إنه كان لا يرتضي أبا سعيد هذا ويقول: هو الأحمق .

عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا﴾(1)، قلت: هكذا؟ قال: هكذا نقرؤها وهكذا تنزيلها.

بیان لقوله تعالی:﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ﴾

٥٧٢ _ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ،عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان عن عمّار بن سويد قال : سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول في هذه الآية :﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ﴾((2)فقال : إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لما نزل قدَيْد(3)،قال لعلي(عليه السلام): يا علي، إني سألت ربي أن يُوالي بيني وبينك فَفَعَل، وسألت ربي أن يُواخي بيني وبينك فَفَعَل، وسألت ربي أن يجعلك وَصِي فَفَعَل ، فقال رجلان من قريش : والله لصاعٌ من تمر في شن(4)بال أحب إلينا مما سأل محمد ربه، فهلّا سأل ربه ملكاً يعضده على عدوّه ،أو كنزاً يستغني به عن فاقته، والله ما دعاه إلى حق ولا باطل إلا أجابه إليه، فأنزل الله سبحانه وتعالى : ﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ _ إلى آخر الآية -﴾ .

بیان لقوله تعالی:﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾

٥٧٣ _ علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان قال : سُئل أبو عبد الله(عليه السلام)عن قول الله عز وجل : ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ *«إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾(5)؟ فقال: كانوا أمة واحدة فبعث الله النبيين ليتّخذ عليهم الحُجّة .

بیان لقوله تعالی: ﴿ َمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً﴾

٥٧٤ - علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حمّاد، عن عمرو بن شمّر، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام)في قول الله عز وجل :﴿ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ﴾(6)قال: من تولى الأوصياء من آل محمد وانبع ،آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين، حتى تصل ولايتهم إلى آدم(عليه السلام)، وهو قول الله عز وجل :﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ﴾(7)، يدخله الجنة وهو قول الله عز وجل :﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ﴾(8)، يقول أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة، وقال لأعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والإنكار :﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ

ص: 290


1- التوبة / ٤٠ . والآية في المصحف :﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ ... إلخ﴾ .
2- هود / 12 .
3- قُدَيدْ : موضع بين الحرمين مكة والمدينة .
4- الشّنّ : القربة الصغيرة .
5- هود / 118 - 119 .
6- الشورى/٢٣ والاقتراف العمل والحسنة : العمل الصالح.
7- النمل / 89
8- سبا / ٤٧ .

الْمُتَكَلِّفِينَ﴾(1)يقول : متكلفاً أن أسألكم ما لستم بأهله، فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض : أما يكفي محمداً أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا ، فقالوا: ما أنزل الله هذا وما هو إلا شيء يتقوّله يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا، ولئن قُتِلَ محمد أو مات لننزعنّها من أهل بيته ثم لا نعيدها فيهم أبداً وأراد الله عز وجل أن يُعلم نبيه(صلی الله علیه وآله وسلم)الذي أخفَوا في صدورهم وأسرّوا به فقال في كتابه عز وجل: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ ِ﴾(2)يقول : لو شئتُ حبستُ عنك الوحي فلم تَكَلّم بفضل أهل بيتك ولا بمودتهم، وقد قال الله عز وجل: ﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِه (يقول: الحق لأهل بيتك الولاية)إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾(3)ويقول : بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك

بیان لقوله تعالی:﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾

وهو قول الله عز وجل : ﴿ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾(4)،

بیان لقوله تعالی:﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى...الآیات﴾

وفي قوله عز وجل: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ﴾(5)قال : أقسم بقبض محمد إذا قبض، ﴿«مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ (بتفضيله أهل بيته)وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾(6)يقول : ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه وهو قول الله عز وجل : ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾(7)

بیان لقوله تعالی :﴿ قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾

وقال الله عز وجل لمحمد (صلی الله علیه وآله وسلم):﴿قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾(8)قال : لو أني أُمِرتُ أن أعْلِمَكُم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لِتَظْلِموا أهل بيتي من بعدي، فكان مثلكم كما قال الله عز وجل : ﴿ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ﴾ (9)، يقول : أضاءت الأرض بنور محمد كما تضىء الشمس، فضرب الله مثل محمد(صلی الله علیه وآله وسلم) الشمس، ومثل الوصي القمر، وهو قوله عز وجل :﴿ جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا ﴾(10)وقوله : ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ﴾(11)وقوله عز وجل: ﴿ذَهَبَ الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يُبصرون﴾(12)، يعني قُبضَ محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)وظهرت الظلمة فلم يبصروا فَضْلَ أهل بيته وهو قوله عز وجل: ﴿وَإِنْ

ص: 291


1- ص / ٨٦. من المتكلّفين أي من المتخرّصين ما لم يأمرني به الله تعالى .
2- الشورى / ٢٤ .
3- الشورى / ٢٤ . وما بين القوسين ليس من المصحف .
4- الأنبياء /٣ .
5- النجم / ١ و ٢ و ٣ و ٤
6- النجم / ١ و ٢ و ٣ و ٤
7- النجم / ١ و ٢ و ٣ و ٤
8- الأنعام / ٥٨ .
9- البقرة / 17
10- یونس / 5 .
11- یس / 37 .
12- البقرة / 17 .

تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾(1)، ثم إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي وهو قول الله عز وجل : ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾(2)، يقول: أنا هادي السماوات والأرض، مَثَل العلم الذي أعطيته وهو نور (ي) الذي يهتدى به مَثَلُ المشكاة فيها المصباح، فالمشكاة قلب محمد(صلی الله علیه وآله وسلم)، والمصباح النور الذي فيه العلم، وقوله :﴿ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ﴾(3)يقول : إني أريد أن أقبضك فاجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة،﴿كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ﴾ (4)فأعلمهم فضل الوصي،﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾(5)فأصل الشجرة المباركة إبراهيم(عليه السلام)، وهو قول الله عز وجل: ﴿ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾(6)، وهو قول الله عز وجل :﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (7)،﴿ ولا شَرقيّة ولا غَربِيّة ﴾ (8)يقول : لستم بيهود فَتُصَلُّوا قِبَلَ المغرب ولا نصارى فَتُصَلُّوا قِبَلَ المشرق وأنتم على مله إبراهيم(عليه السلام)، وقد قال الله عز وجل :﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾(9)، وقوله عز وجل :﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ (10)يقول : مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يُعصَر من الزيتون﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾، يقول : يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم مَلَكٌ .

بیان لقوله تعالی:﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾

٥٧٥ _ أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار ،عن الحسن بن علي، عن علی بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله قال : سألته

(عليه السلام)عن قول الله عز وجل: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾(11)؟ قال : يريهم في : يريهم في أنفسهم المَسْخَ ، ويريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم فيرَوْنَ قدرة الله عز وجل في أنفسهم وفي الآفاق، قلت له ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾؟ قال : خروج القائم هو الحق من عند الله عز

ص: 292


1- الأعراف/ 198
2- النور / ٣٥ .
3- النور / ٣٥ .
4- النور / ٣٥ .
5- النور / ٣٥ .
6- هود/٧٣.
7- آل عمران / ٣٣ و ٣٤ .
8- النور/ ٣٥ .
9- آل عمران / ٦٧ .
10- النور/ ٣٥ .
11- فصلت/53 .

وجل، يراه الخلق، لا بدّ منه .

کان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لا يتداوى من الزكام

٥٧٦ _ محمد بن يحيى، والحسين بن محمد، جميعاً ،عن جعفر بن محمد، عن عباد بن يعقوب، عن أحمد بن إسماعيل، عن عمرو بن كيسان، عن أبي عبد الله الجعفي قال قال لي أبو جعفر محمد بن علي(عليه السلام): كم الرّباط(1)عندكم؟ قلت: أربعون(2)، قال: لكن رباطنا رباط الدهر، ومن ارتبط فينا دابة كان له وزنها ووزن وزنها ما كانت عنده، ومن ارتبط فينا سلاحاً كان له وزنه ما كان عنده، لا تجزعوا من مرة ولا من مرتين ولا لا تجزعوا من مرة ولا من مرتين ولا من ثلاث ولا من أربع ، فإنما مَثَلُنا ومَثَلُكُم مَثَلُ نبي كان في بني إسرائيل، فأوحى الله عز وجل إليه : أن ادْعُ قومك للقتال فإني سأنصرك، فجمعهم من رؤوس الجبال ومن غير ذلك، ثم توجه بهم، فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى انهزموا ، ثم أوحى الله تعالى إليه ؛ أن أدْعُ قومك إلى القتال فإني سأنصرك ، فجمعهم، ثم توجه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى انهزموا ، ثم أوحى الله إليه ؛ أن أدعُ قومك إلى القتال فإني سأنصرك ، فدعاهم فقالوا : وعدتنا النصر فما نُصِرنا فأوحى الله تعالى إليه ؛ إمّا أن يختاروا القتال أو النار ، فقال : يا رب القتال أحب إليّ من النار، فدعاهم فأجابه منهم ثلاث مائة وثلاثة عشر عِدّة أهل بدر، فتوجه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى فتح الله عز وحل لهم .

٥٧٧ - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ،عن بكر بن صالح، والنوفلي، وغيرهما، يرفعونه إلى أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)لا يتداوى من الزُّكام ويقول: ما من أحد إلا وبه عرق من الجُذام، فإذا أصابه الزكام قَمَعَه(3).

٥٧٨ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «الزكام جند من جنود الله عز وجل يبعثه الله عز وجلَّ على الداء فيزيله ».

٥٧٩ - محمد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن محمد بن عبد الحميد بإسناده، رفعه إلى أبي عبد الله(عليه السلام)قال : قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) : «ما من أحد من ولد آدم إلا وفيه عِرْقان : عِرْق في رأسه يهيج الجذام، وعرق في بدنه يهيج البَرَص، فإذا هاج العِرْق الذي في الرأس سلط الله عز وجل عليه الزكام حتى يسيل ما فيه من الداء، وإذا هاج العِرْق الذي في الجسد

ص: 293


1- الرباط: من المرابطة في جهاد العدو وارتباط الخيل وإعدادها لذلك.
2- أي أربعون يوماً .
3- فَمَعَ: أي ردّ ورَدَعَ، وَقَهَرَ.

سلّط الله عليه الدماميل حتى يسيل ما فيه من الداء، فإذا رأى أحدكم به زكاماً ودماميل فليحمد الله عز وجل على العافية، وقال :الزكام فضول في الرأس »(1).

580 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن رجل قال : دخل رجل على أبي عبد الله(عليه السلام)وهو يشتكي عينيه ، فقال له : أين أنت عن هذه الأجزاء الثلاثة : الصبر والكافور والمُرّ(2)؟ ففعل الرجل ذلك فذهبت عنه .

٥٨١ _ عنه ، عن أحمد، عن ابن محبوب ،عن جميل بن صالح قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إن لنا فتاة كانت ترى الكوكب مثل الجرة ، قال : نعم وتراه مثل الحب، قلت: إن بصرها ضعف فقال : أكحلها بالصبر والمر والكافور أجزاء سواء فكحلناها به فنفعها.

٥٨٢ - عنه ، عن أحمد ،عن داود بن محمد، عن محمد بن الفيض، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال : كنت عند أبي جعفر _ يعني أبا الدوانيق _ فجاءته خريص تحلّها ونظر فيها فأخرج منها شيئاً، فقال يا أبا عبد الله أتدري ما هذا؟ قلت ما هو: قال : هذا شيء يؤتى به من خَلْف إفريقية ، من طنجة أو طبنة _ شك محمد _ ، قلت : ما هو؟ قال : جبل هناك يَقْطُرُ منه في السنة قطرات فتجمد، وهو جيد للبياض يكون في العين، يكتحل بهذا فيذهب بإذن الله عز وجل ، قلت : نعم ،أعرفه ، وإن شئت أخبرتك باسمه وحاله ؟ قال : فلم يَسْألني عن اسمه، قال: وما حاله ؟ فقلت : هذا جبل كان عليه نبي من أنبياء بني إسرائيل هاربا من قومه يعبد الله عليه، فعلم به قومه فقتلوه ، فهو يبكي على ذلك النبي(عليه السلام)، وهذه القطرات من بكائه، وله من الجانب الآخر عين تنبع من ذلك الماء بالليل والنهار، ولا يوصل إلى تلك العين.

٥٨٣ _ علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير، عن سليم مولى علي بن يقطين ؛ إنه كان يلقى من رمد عينيه أذى، قال : فكتب إليه أبو الحسن(عليه السلام)ابتداءاً من عنده : ما يمنعك من كُحْل أبي جعفر(عليه السلام): جزء كافور رباحي ، وجزء صبر اصفوطري(3)يُدَفّان جميعاً وينخلان بحريرة يكتحل منه مثل ما يكتحل من الأثمد ؛الكحلة في الشهر، تحدر كل داء في الرأس وتخرجه من البدن ،قال: فكان يكتحل به، فما اشتكى عينيه حتى مات.

ص: 294


1- قال في القاموس : الزكام فضول رطبة تجلب من باطني الدماغ المقدمين إلى المنخرين .
2- الصبر : عصارة شجرة ، وهو مر الطعم والكافور : صمغ ،شجرة، وهو معروف . والمُرّر: دواء نافع للسعال ولغيره .
3- نسبة إلى سُقطرى جزيرة ببلاد الهند - على ما في القاموس -.
حديث العابد

٥٨٤ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحَكَم، عن محمد بن سنان، عمن أخبره ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: كان عابد في بني إسرائيل لم يقارف من أمر الدنيا شيئاً، فنخر إبليس نخرة فاجتمع إليه جنوده ، فقال : من لي بفلان؟ فقال بعضهم : أنا له، فقال من أين تأتيه ؟ فقال : من ناحية النساء ، قال : لست ،له لم يجرب النساء، فقال له آخر فأنا له، فقال له : من أين تأتيه ؟ قال : من ناحية الشراب واللذات ، قال : لست له، ليس هذا بهذا ، قال :آخر فَأَنَالَهُ، قال : من أين تأتيه؟ قال : من من أين تأتيه ؟ قال : من ناحية البِرّ ، قال : انطلق فأنت صاحبه، فانطلق إلى موضع الرجل فأقام حذاه يصلي ، قال : وكان الرجل ينام والشيطان لا ينام ، ويستريح والشيطان لا يستريح ، فتحول إليه الرجل وقد تقاصرت(1)إليه نفسه واستصغر عمله، فقال : يا عبد الله بأي شيء قويت على هذه الصلاة؟ فلم يجبه، ثم أعاد عليه، فلم يجبه، ثم أعاد عليه ، فقال : يا عبد الله؛ أني أذنبت ذنباً وأنا تائب منه ، فإذا ذكرتُ الذنب قَوِيتُ على الصلاة، قال: فأخبرني بذنبك حتى أعمله وأتوب، فإذا فعلته قويتُ على الصلاة؟ قال: أدخل المدينة فَسَلْ عن فلانة البغيّة فأعطها در همين ونَلْ منها، قال: ومن أين لي در همين، ما أدري ما الدرهمين؟ فتناول الشيطان من تحت قدمه در همین فناوله إياهما ، فقام فدخل المدينة بجلابيبه يسأل عن منزل فلانة البغيّة، فأرشده الناس وظنوا أنه جاء يَعِظُها فأرشدوه ، فجاء إليها فرمى إليها بالدرهمين وقال: قومي، فقامت فدخلت منزلها وقالت : أدخل، وقالت : إنك جئتني في هيئة ليس يؤتى مثلي في مثلها، فأخبرني بخبرك، فأخبرها، فقالت له : يا عبد الله، إن تَرْكَ الذنب أهون من طلب التوبة(2)، وليس كل من طلب التوبة وجدها ، وإنما ينبغي أن يكون هذا شيطاناً مُثْلَ لك، فانصرفْ فإنك لا ترى شيئاً، فانصرف وماتت من ليلتها فأصبحت فإذا على بابها مكتوب : أحْضِروا فلانة فإنها من أهل الجنة، فارتاب الناس فمكثوا ثلاثاً لم يدفنوها ارتياباً في أمرها، فأوحى الله عز وجل إلى نبي من الأنبياء - لا أعلمه إلا موسى بن عمران(عليه السلام)- أن ائت فلانة فصلّ عليها ومُرْ الناس أن يصلوا عليها، فإني قد غفرت لها وأوجبت لها الجنة بتثبيطها(3)عبدي فلاناً عن معصيتي .

ص: 295


1- أي شعرت بالقصور والنقص .
2- والوجه في أن ترك الذنب أسهل من طلب التوبة : «لأن النفس قبل الذنب أشد صفاءً فيها بعده ولا ريب في أن العبادة مع صفائها أسهل من العبادة مع ظلمتها مع أن للتوبة أسباباً وشرائط قد لا تتحصل فليس كل من طلب التوبة وجدها» المازندراني ٥٣٠/١٢ .
3- التثبيط عن الشيء : المنع منه والتعويق عنه .

٥٨٥ - أحمد بن محمد (بن أحمد)، عن علي بن الحسن، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : كان في بني إسرائيل رجل عابد، وكان محارَفاً (1)لا يتوجه في شيء فيصيب فيه شيئاً، فأنفقت عليه امرأته حتى لم يبقَ عندها شيء، فجاعوا يوماً من الأيام، فدفعت إليه نَصْلاً(2)من غزل وقالت له : ما عندي غيره، انطلِقْ فبِعْه واشتر لنا شيئاً نأكله، فانطلق بالنصل الغزل ليبيعه فوجد السوق قد غلقت ووجد المشترين قد قاموا وانصرفوا، فقال : لو أتيت هذا الماء فتوضأت منه وصَبَبْتُ علي منه وانصرفت، فجاء إلى البحر وإذا هو بصيّاد قد ألقى شبكته فأخرجها وليس فيها إلا سمكة ردية قد مكثت عنده حتى صارت رخوة منتنة ، فقال له : يعني هذه السمكة وأعطيك هذا الغزل تنتفع به في شبكتك، قال: نعم، فأخذ السمكة ودفع إليه الغزل وانصرف بالسمكة إلى منزله فأخبر زوجته الخبر ، فأخذت السمكة لتصلحها فلما شقتها بدت من جوفها لؤلؤة، فَدَعَتْ زوجها فأرَته إياها فأخذها فانطلق بها إلى السوق فباعها بعشرين ألف درهم وانصرف إلى منزله بالمال فوضعه، فإذا سائل يدق الباب ويقول : يا أهل الدار تصدّقوا رحمكم الله على المسكين، فقال له الرجل : أدخل، فدخل، فقال له: خذ أحَدَ الكيسين، فأخذ أحَدَهما وانطلق، فقالت له امرأته : سبحان الله بينما نحن مياسير إذ ذهبتَ بنصف يسارنا ، فلم يكن ذلك بأسرع من أن دقّ السائل الباب، فقال له الرجل: أدخل، فدخل، فوضع الكيس في مكانه ثم قال: كل هنيئاً مريئاً، إنما أنا مَلَكُ ملائكة من ربك، إنما أراد ربك أن يبلوَك فوجدك شاكراً، ثم ذهب.

خطبة لامير المؤمنين(عليه السلام)فی إنذاره بما یأتی من زمانالسوء

٥٨٦ _ أحمد بن محمد عن سعد بن المنذر بن محمد عن أبيه، عن جده، عن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن أبيه قال : خطب أمير المؤمنين(عليه السلام) _ ورواها غيره بغير هذا الإسناد، وذكر أنه خطب بذي قار - فحمد الله وأثنى عليه .

ثم قال : أما بعدُ، فإن الله تبارك وتعالى بعت محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)بالحق ليُخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته، ومن عهود عباده إلى عهوده، ومن طاعة عباده إلى طاعته، ومن ولاية عباده إلى ولايته، بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، عَوْداً وبَدْءاً وعذراً ونُذراً، بحكم قد فصّله، وتفصيل قد أحكمه، وفرقان قد فَرَقَه، وقرآن قد بيّنه ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه، وليقرّوا

ص: 296


1- المحارف :المحروم من الرزق حتى لو سعى إليه
2- النصل : الغزّل وقد خرج من المغزل .

به إذ جحدوه، وليثبتوه بعد إذ أنكروه، فتجلّى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه، فأراهم حلمه كيف حلم، وأراهم عفوه كيف عفا، وأراهم قدرته كيف قدر، وخَوّفهم من سطوته ، وكيف خلق ما خلق من الآيات، وكيف مَحَقَ من محق من العصاة بالمَثُلات، واحتصد من احتصد بالنقمات، وكيف رزق وهدى وأعطى ، وأراهم حكمه كيف حكم وصبر حتى يسمع ما يسمع ويرى.

فبعث الله عز وجل محمداً (صلی الله علیه وآله وسلم)بذلك ، ثم إنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس في ذلك الزمان شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله تعالى ورسوله(صلی الله علیه وآله وسلم)، وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تُليَ حق تلاوته ، ولا سلعة أنفق بيعاً ولا أعلى ثمناً من الكتاب إذا حُرِّف عن مواضعه، وليس في العباد ولا في البلاد شيء هو أنكر من المعروف ولا أعرف من المنكر، وليس فيها فاحشة أنكر ولا عقوبة أنكى من الهدى عند الضلال في ذلك الزمان، فقد نبذ الكتاب حملته، وتناساه حَفَظَتُه حتى تمالت بهم الأهواء وتوارثوا ذلك من الآباء، وعملوا بتحريف الكتاب كذباً وتكذيباً فباعوه بالبَخْس وكانوا فيه من الزاهدين، فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان طريدان منفيان، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يأويهما مُؤْوِ، فحبذا ذانك الصاحبان، واهاً لهما ولما يعملان له، فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس وليسوا فيهم، ومعهم وليسوا معهم، وذلك لأن الضلالة لا توافق الهدى وأن اجتمعا، وقد اجتمع القوم على الفرقة وافترقوا عن الجماعة، قد ولَّوا أمرهم وأمر دينهم من يعمل فيهم بالمكر والمنكر والرشا والقتل، كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم، لم يبق عندهم من الحق إلا إسمه ولم يعرفوا من الكتاب إلا خطه وزَبْرُه(1)، يدخل الداخل لما يسمع من حكم القرآن فلا يطمئن جالساً حتى يخرج من الدين، ينتقل من دين ملك إلى دين ملك، ومن ولاية ملك إلى ولاية ملك، ومن طاعة ملك إلى طاعة ملك، ومن عهود ملك إلى عهود ملك، فاستدرجهم الله تعالى من حيث لا يعلمون، وإن كيده متين، بالأمل(2)والرجاء حتى توالدوا في المعصية، ودانوا بالجور، والكتاب لم يضرب عن شيء منه صفحاً(3)، ضُلّالاً تائهين، قد دانوا بغير دين الله عز وجل، وأدانوا لغير الله .

مساجدهم في ذلك الزمان عامرة من الضلالة، خربة من الهدى (قد بدل فيها من الهدى)) فقُرّاؤها وعُمّارها أخائب خلق الله وخليفته، من عندهم جرت الضلالة وإليهم تعود، فحضور

ص: 297


1- أي كتابته .
2- متعلق ب_: فاستدرجهم .
3- أي والكتاب لم يردعهم عن شيء من الجور لتماديهم في الضلالة .

مساجدهم والمشي إليها كفر بالله العظيم إلا من مشى إليها وهو عارف بضلالهم، فصارت مساجدهم من فعالهم على ذلك النحو خربة من الهدى عامرة من الضلالة، قد بُدّلت سنّة الله وتُعُدّيَت حدوده، ولا يدعون إلى الهدى ولا يقسمون الفيء ولا يوفون بذمّة، يدعون القتيل منهم على ذلك شهيداً، قد أتوا الله بالافتراء والجحود، واستغنوا بالجهل عن العلم، ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة، وسموا صدقهم على الله فِرية، وجعلوا في الحسنة العقوبة السيئة، وقد بعث الله عز وجل إليكم رسولاً من أنفسكم عزيز عليه ما عَنِتُّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم(صلی الله علیه وآله وسلم)، وأنزل عليه كتاباً عزيزاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، قرآناً عربياً غير ذي عوج لينذر مَن كان حياً ويحق القول على الكافرين، فلا يلهينكم الأمل، ولا يَطولَنّ عليكم الأجل، فإنما أهلك من كان قبلكم أمد أملهم وتغطية الآجال عنهم، حتى نزل بهم الموعود الذي ترد عنه المعذرة وترفع عنه التوبة وتحلّ التوبة وتحلّ معه القارعة والنقمة، وقد أبلغ الله عز وجل إليكم بالوعد ، وفصّل لكم القول، وعلّمكم السنّة، وشرح لكم المناهج ليزيح العلة، وحثّ على الذِكْر ودل على النجاة، وإنه من انتصح الله واتخذ قوله دليلاً هَدَاه للتي هي أقوم ووفّقه للرشاد وسدّده ويسّره للحسنى، فإنّ جار الله آمن محفوظ وعدوّه خائف مغرور، فاحترسوا من الله عز وجل بكثرة الذِكْر، وأخشوا منه بالتقى ، وتقربوا إليه بالطاعة، فإنه قريب مجيب، قال الله عز وجل : ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ (1)فاستجيبوا الله وآمنوا به، وعظّموا الله الذي لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعظّم فإن رِفْعَةَ الذين يعلمون ما عظمة الله أن يتواضعوا له، وعزَّ الذين يعلمون ما جلال الله أن يذِلّوا له، وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له، فلا ينكرون أنفسهم بعد حد المعرفة، ولا يضلّون بعد الهدى، فلا تنفروا من الحق نِفار(2)الصحيح من الأجرب والبارىء من ذي السقم .

واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، ولم تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نَقَضَه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نَبَذَه، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حَرّفه، ولن تعرفوا الضلالة حتى تعرفوا الهدى، ولن تعرفوا التقوى حتى تعرفوا الذي تَعَدّى، فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلّف، ورأيتم الفرية على الله وعلى رسوله، والتحريف لكتابه، ورأيتم كيف هَدى الله من هَذى فلا يُجَهَلنّكم الذين لا يعلمون، إن علم

ص: 298


1- البقرة/ ١٨٦.
2- النفار : الفرار والتباعد .

القرآن ليس يعلم ما هو إلا من ذاق طَعْمَه ، فعلم بالعلم جهلَه وبَصُرَ بِهِ عَمَاه، وسمع به صَمَمَه ، وأدرك به علم ما فات، وحَييَ به بعد إذ مات، وأثبت عند الله عزّ ذِكْره الحسنات ومحى به السيئات، وأدرك به رضواناً من الله تبارك وتعالى، فاطلبوا ذلك من عند أهله خاصة، فإنهم خاصة نور يستضاء به، وأئمة يُقتدى بهم، وهم عيش العلم وموت الجهل، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم، وصمتهم عن منطقهم، وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق، فهم من شأنهم شهداء بالحق، ومخبر صادق لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه، قد خلت(1)لهم من الله السابقة(2)، ومضى فيهم من الله عز وجل حكم صادق، وفي ذلك ذكرى للذاكرين، فاعقلوا الحق إذا سمعتموه عقل رعاية ولا تعقلوه عقل رواية فإن رواة الكتاب كثير ورعاتَه قليل، والله المستعان .

حديث إبراهيم(عليه السلام)والرجل العابد

587 - عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمر بن علي، عن عمّه محمد بن عمر، عن ابن أُذَينة قال : سمعت عمر بن يزيد يقول : حدثني معروف بن خربوذ، عن علي بن الحسين(عليه السلام)أنه كان يقول : وَيْلُمّه(3)فاسقاً من لا يزال ممارئاً(4)، وَيْلُمه فاجراً مَن لا يزال مخاصماً، وَيْلُمه آثماً من كثر كلامه في غير ذات الله عز وجل.

٥٨٨ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبَان بن عثمان، عن الحسن بن عمارة، عن نعيم القضاعي، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : أصبح إبراهيم (عليه السلام)فرأى في لحيته شعرة بيضاء، فقال: الحمد الله رب العالمين الذي بلغني هذا المبلغ لم أعص الله طرفَةَ عَيْن.

إن الله اتخذ ابراهیم(عليه السلام)خلیلاً

٥89 - أبَان بن عثمان ، عن محمد بن مروان، عمن رواه، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: لما اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلاً أتاه بُشْراه بالخِلّة، فجاءه ملك الموت في صورة شاب أبيض عليه ثوبان أبيضان يقطر رأسه ماءاً ودُهناً فدخل إبراهيم(عليه السلام)الدار، فاستقيله خارجاً من الدار، وكان إبراهيم(عليه السلام)رجلاً غيوراً ، وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه معه، ثم رجع ففتح فإذا هو برجل قائم أحسن ما يكون من الرجال، فأخذه بيده وقال : يا عبد الله، مَن أدخلك داري ؟ فقال : ربها أدخلنيها، فقال ربها أحق بها منى ، فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت،

ص: 299


1- أي في علم الله وتقديره .
2- اي نعمة سابقة هي الحكمة والعصمة .
3- أي ويل لأمّه .
4- من المماراة ؛ وهي الجدال لإثبات الباطل.

ففزع إبراهيم(عليه السلام)فقال: جئتني لتسلنبي روحي ؟ قال : لا ، ولكن اتخذ الله عبداً خليلاً فجئت لبشارته، قال : فمن هو لعلّي أخدمه حتى أموت؟ قال : أنت هو، فدخل على سارة(عليه السلام)فقال لها : إن الله تبارك وتعالى اتخذني خليلاً .

٥٩٠ - علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن سليم الفرّاء، عمن ذكره، عن أبي عبد الله(عليه السلام)مثله، إلا أنه قال في حديثه : إن الملك لما قال: أدْخَلَنيها ربُها، عرف إبراهيم(عليه السلام)أنه مَلَك الموت(عليه السلام)، فقال له: ما أهبطك ؟ قال : جئت أبشّر رجلا أن الله تبارك وتعالى اتخذه خليلاً، فقال له إبراهيم(عليه السلام): فمن هذا الرجل؟ فقال له المَلَك : وما تريد منه؟ فقال له إبراهيم(عليه السلام): أخدمه أيام حياتي ، فقال له الملك: فأنت هو.

كلام لعلي بن الحسين(عليه السلام)

٥٩١ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر(عليه السلام)؛ أن إبراهيم

(عليه السلام)خرج ذات يوم يسير ببعير، فمرّ بفلاة من الأرض، فإذا هو برجل قائم يصلّي قد قطع الأرض إلى السماء طوله، ولباسُه شَعْر، فوقف عليه إبراهيم(عليه السلام)وعجب منه وجلس ينتظر فراغه، فلما طال عليه حَرّكه بيده فقال له : إن لي حاجة، فخفَّف الرجل وجلس إبراهيم(عليه السلام) ، فقال له إبراهيم(عليه السلام): لمن تصلّي ؟ فقال : لإله إبراهيم، فقال له : ومن إله إبراهيم؟ فقال : الذي خلقك وخلقني ، فقال له إبراهيم(عليه السلام): قد أعجبني نحوُك(1)، وأنا أحب أن أواخيك في الله ، أين منزلك إذا أردت زيارتك ولقاءك ؟ فقال له الرجل : منزلي خلف هذه النطفة(2)_ وأشار بيده إلى البحر- ، وأما مُصَلّاي فهذا الموضع تصيبني فيه إذا أردتني إن شاء الله ، قال : ثم قال الرجل لإبراهيم(عليه السلام): ألك حاجة؟ فقال إبراهيم: نعم، فقال له : وما هي ؟ قال : تدعو الله وأؤمّن على دعائك، وأدعو أنا فتؤمّن على دعائي ، فقال الرجل : فَبِمَ ندعو الله ؟ فقال إبراهيم(عليه السلام) : للمذنبين من المؤمنين، فقال الرجل : لا ، فقال إبراهيم : ولم ؟ فقال : لأني قد دعوت الله عز وجل منذ ثلاث سنين بدعوة لم أر إجابتها حتى الساعة وأنا أستحيي من الله تعالى أن أدعوه حتى أعلم أنه قد أجابني ، فقال إبراهيم(عليه السلام): فیم دعوته؟ فقال له الرجل : إني في مصلّاي هذا ذات يوم إذ مرّ بي غلام أرْوَع(3)، النور يطلع من جبهته ، له ذؤابة من خلفه ومعه بقر يسوقها كأنما دهنت دُهنا(4)، وغنم يسوقها كأنما دخست

ص: 300


1- أي مثلك، أو طريقتك .
2- ويقال نطفة : للماء القليل والكثير، وهي بالقليل أخص.
3- الأروع: من يعجبك بحسنه أو بشجاعته .
4- دهنت دُهنا : كناية عن سِمَنها .

دَخْسا(1)، فأعجبني ما رأيت منه فقلت له: يا غلام، لمن هذا البقر والغنم؟ فقال: لإبراهيم(عليه السلام)، فقلت : ومن أنت؟ فقال: أنا إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن، فدعوت الله عز وجل وسألته أن يريني خليله، فقال له إبراهيم(عليه السلام): أنا إبراهيم خليل الرحمن، وذلك الغلام إبني ، فقال له الرجل عند ذلك : الحمد لله الذي أجاب دعوتي ، ثم قبل الرجل صفحتي إبراهيم وعانقه، ثم قال: أما الآن فقُمْ فادعُ حتى أؤمن على دعائك، فدعا إبراهيم(عليه السلام) للمؤمنين والمؤمنات والمذنبين من يومه ذلك بالمغفرة والرضا عنهم قال وأمّنَ الرجل على دعائه .

قال أبو جعفر(عليه السلام): فدعوة إبراهيم(عليه السلام)بالغة للمؤمنين المذنبين من شيعتنا إلى يوم القيامة .

٥٩٢ _ علي بن محمد ،عن بعض أصحابه رفعه قال: كان علي بن الحسين(عليه السلام)إذا قرأ هذه الآية: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾(2)يقول : سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم أنه لا يدركه، فشكر جل وعز معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره، فجعل معرفتهم بالتقصير شكراً، كما علم علم العالمين أنهم لا يدركونه فجعله إيماناً، علماً منه أنه قد وسع العباد فلا يتجاوز ذلك، فإن شيئاً من خلقه لا يبلغ مدى عبادته من لا مدى له وكيف(3)، تعالى الله عن ذلك عُلُوّاً كبيراً .

قول أبی عبدالله(عليه السلام): لا يخرج على هشام أحد إلا قتله، وحدیث زید(عليه السلام)

٥٩٣ _ محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن عنبسة بن بجاد العابد، عن جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: كنا عنده وذكروا سلطان بني أمية ، فقال أبو جعفر(عليه السلام): لا يخرج على هشام أحد إلا قتله، قال : وذكر ملكه عشرين سنة ، قال : فجزعنا ، فقال : مالكم، إذا أراد الله عز وجل أن يهلك سلطان قوم أمر الملك فأسرع بسير الفلك فقدر على ما يريد؟ قال: فقلنا لزيد(عليه السلام) هذه المقالة، فقال: إني شهدت هشاماً ورسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يُسَبّ عنده فلم ينكر ذلك ولم يغيّره، فوالله لو لم يكن إلا أنا وابني لخرجت عليه .

٥٩٤ - وبهذا الإسناد، عن عنبسة، عن معلّى بن خُنيس قال : كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام)، إذ أقبل محمد بن عبد الله، فسلّم ثم ذهب، فَرَقَ له أبو عبد الله(عليه السلام)ودمعت عيناه ، فقلت له : لقد رأيتك صنعت به ما لم تكن تصنع ؟ فقال : رَفَقْتُ له لأنه ينسب إلى أمر ليس له،

ص: 301


1- أي ملي جلدها باللحم والشحم .
2- النحل/ ١٨
3- لاستحالة إحاطة المحدود بالمطلق .

لم أجده في كتاب علي(عليه السلام)من خلفاء هذه الأمة ولا من ملوكها .

خبرمحمد بن عبدالله بن الحسن بن علی(عليه السلام)

٥٩٥ - علي بن إبراهيم رفعه قال : قال أبو عبد الله(عليه السلام)لرجل : ما الفتى عندكم؟ فقال له : الشاب ، فقال : لا ، الفتى : المؤمن، إن أصحاب الكهف كانوا شيوخاً فسمّاهم الله عز وجل فِتيةً بإيمانهم(1).

تفسیر قوله تعالی :﴿َقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾

٥٩٦ - محمد، عن أحمد بن محمد ،عن ابن محبوب ،عن جميل بن صالح ، عن سدير قال: سأل رجل أبا جعفر(عليه السلام)عن قول الله عز وجل : ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾(2)؟ فقال : هؤلاء قوم كان لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض، وأنهار جارية، وأموال ظاهرة، فكفروا بأنعم الله وغيّروا ما بأنفسهم، فأرسل الله عز وجل عليهم سيل العَرِم فغرّق قراهم وأخرب ديارهم وأذهب بأموالهم وأبدلهم مكان جنّاتهم جنتين ذواتي أُكلٍ خَمْط واَثلٍ وشيء من سدر قليل، ثم قال الله عز وجل :﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾(3).

صفۀ أهل البیت(عليهم السلام)

٥٩٧ _ الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن أبي بصير، عن أحمد بن بن عمر قال: قال أبو جعفر(عليه السلام)- وأتاه رجل - فقال له : إنكم أهل بيت رحمة اختصّكم الله تبارك وتعالى بها ، فقال له : كذلك نحن والحمد لله ، لا تُدخل أحداً في ضلالة ولا نُخْرجه من هدى، إن الدنيا لا تذهب حتى يبعث الله عز وجل رجلاً منا أهل البيت يعمل بكتاب الله ، لا يرى فيكم منكراً إلا أَنْكَرَه .

تم بعون الله وتوفيقه كتاب روضة الكافي والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين

ص: 302


1- إشارة إلى قوله تعالى في سورة الكهف :﴿وإنهم فتية آمنوا بربهم ...﴾.
2- سبأ / ١٩.
3- سبأ / ١٧. وقد ذكر تعالى قصة هؤلاء كما أشير إليه في هذا الحديث في سورة سبأ أيضاً في الآيات ١٥ و ١٦ و ١٧و18و 19 . والخمط : هو كل نبت أخذ طعماً من مرارة أو حموضة وتعافه النفس، والأثل : الطرفاء، أو شجر شبيه به إلا أنه أعظم منه .

فهرست روضة الكافي

رسالة أبي عبد الله(عليه السلام)إلى جماعة الشيعة...6

صحيفة علي بن الحسين(عليه السلام)وكلامه في الزهد....17

خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)وهي خطبة الوسيلة...20

خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)وهي خطبة الطالوتية...30

مقامات الشيعة وفضائلهم وبشارتهم بخير المآل...32

حديث أبي عبد الله(عليه السلام)مع المنصور في موكبه وفيه علامات آخر الزمان . تناهز المائة والخمسين من الفتن والأشراط ...35

حديث موسى(عليه السلام)وما خاطبه الله عز وجل به ...40

وصية وموعظة لأبي عبد الله الصادق(عليه السلام)...45

إن الله تعالى اختار من بني هاشم سبعة لم يخلق مثلهم...47

معنى قوله تعالى :﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ﴾...47

تأويل قوله تعالى :﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾ ...48

تأويل قوله تعالى :﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ ...48

تأويل قوله تعالى : ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ ﴾...48

تأويل قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ﴾ ...49

رسالة أبي عبد الله (عليه السلام)إلى سعد الخير ...50

كان أمير المؤمنين(عليه السلام)يشبه عيسى بن مريم(عليه السلام)...53

تأويل قوله تعالى : ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ...الآية﴾....54

تفسير قوله تعالى :﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾...55

خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)في ذم اتّباع الهوى ...55

تأسفه على بعض ما حدث بعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...55

خطبة أخرى له(عليه السلام)في تأسفه على ما سيحدث ...57

خطبة أخرى لأمير المؤمنين(عليه السلام)في عاقبة الظلم والبغي...60

ص: 303

حديث علي بن الحسين(عليه السلام)وفيه حثَّ على النفرى...61

علامات آخر الزمان أو أشراط الساعة ...61

تسوية أمير المؤمنين(عليه السلام)بين المسلمين في تقسيم بيت المال ...62

حديث النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)حين عُرِضَت عليه الخيل...62

نصيحة أمير المؤمنين(عليه السلام)لمولى له فرّ منه إلى معاوية ...64

خطبة علي بن الحسين(عليه السلام)وموعظته الناس في كل يوم جمعة...64

حديث الشيخ مع أبي جعفر الباقر(عليه السلام)...67

قصة صاحب الزيت مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...68

وصية النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)لأمير المؤمنين(عليه السلام)....69

الدين هو الحب وأنت مع من أحببت....69

فضل أهل البيت وشيعتهم وأن علياً(عليه السلام)أفضل الناس بعد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)...70

إحياء أمرهم وانتظار فَرَجِهِمْ(عجل الله تعالی فرجه)...71

فضل الشيعة وتفسير قوله تعالى : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ﴾...72

الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وُعِظَ بغيره...72

تفسير قوله تعالى : ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾... 72

حديث البحر مع الشمس ...73

لكل أهل بيت حجة يحتج الله بها يوم القيامة ....74

تفسير قوله تعالى :﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ... الآية ﴾...74

عُوذَة للريح والوجع...75

حديث نبوي(صلی الله علیه وآله وسلم)فيه وصية نافعة ...75

ادعاء الرجل الهمداني بغلة موسى بن جعفر(عليه السلام)...75

تعريض العاشر لأبي عبد الله(عليه السلام)وسلوكه معه ....76

كيفية معاشرة أبي عبد الله(عليه السلام)مع غلامه...76

لم يجعل الله في خلاف أهل البيت(عليهم السلام)خيراً ...76

حديث الطبيب وبيان وجه التسمية...76

في أن غالب الأدواء له مادة في الجسد...76

الاستشفاء بالبُرّ وكيفيته ...77

ص: 304

حديث الحوت على أي شيء؟...77

خَلْقُ الأرض وإرسال الماء المالح إليها وأصل الخلق ...77

حديث الأحلام والحجّة على أهل ذلك الزمان ...78

رؤيا المؤمن في آخر الزمان على سبعين جزءاً من أجزاء النبوة...78

سؤال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): «هل من مبشّرات »؟ ...78

تفسير قوله تعالى :﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنيا﴾ ...78

الرؤيا على ثلاثة وجوه ...79

الرؤيا الصادقة والكاذبة مخرجهما من موضع واحد...79

حديث الرياح وهي أربعة أقسام : الشمال والجنوب والصَبا والدَبور...79

إن الله عز وجل رياح رحمة ورياح عذاب ...79

علاج الهم والفقر والسقم ...81

في معنى ذوي القربي ...81

حديث الرجل الشامي مع أبي جعفر(عليه السلام)وما سأله عنه ...82

كان كل شيء ماءاً وكان عرشه تعالى على الماء ...82

حديث الجنان والنوق ووصف أهل الجنة...83

كلامهم(عليهم السلام)على سبعين وجهاً لهم منها المخرج ...87

حديث أبي بصير مع المرأة ...88

الناصب لأهل البيت شر من تارك الصلاة ...88

من استخفّ بمؤمن فيهم ، ومن ذبّ عنهم(عليهم السلام)...89

حديث عبد الرحمن مع أبي عبد الله(عليه السلام) ...89

ما قال عمر لعلي بن أبي طالب(عليه السلام)في بني أمية...90

في قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾...90

نزول قوله تعالى :﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ﴾ ....90

أحوال يوم القيامة وبعث الخلائق ...91

من أحب أهل البيت(عليهم السلام)كان معهم يوم القيامة...92

ردُّ على من زعم أن الكمال كله في عفة البطن والفرج...93

إذا بلغ المؤمن أربعين سنة....94

في جواز الفرار من الوباء ....94

ص: 305

ثلاثة لم ينج منها نبي فمن دونه...95

غزوة أحد ومؤاساة أمير المؤمنين لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...96

حديث آدم(عليه السلام)مع الشجرة...97

قصة قابيل وَهِبة الله ...98

قصة نوح(عليه السلام)...99

أمره سبحانه وتعالى رسوله بالوصية لعلي صلوات الله عليهما ....101

حديث نصراني الشام مع أبي جعفر الباقر(عليه السلام)...105

كتاب أبي الحسن موسى(عليه السلام)إلى علي بن سويد....106

حديث نادر في أبي ذر مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)....109

لا يقبل الله تعالى عملاً إلا بولاية أهل البيت(عليهم السلام)...110

في زهد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)وأدبه وزهد علي(عليه السلام)....113

فيما ناجى الله عز وجل عيسى بن مريم(عليه السلام)...113

معنى قوله تعالى : ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴾ ...123

حديث إبليس لعنه الله ....123

دعاء علمه رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)فاطمة(عليها السلام)في رؤياها التي رأتها ...123

حديث محاسبة النفس ...124

مَثَلُ الناس يوم القيامة ....124

حديث حفص وسجود أبي عبد الله(عليه السلام)....124

في مذمّة الدنيا ...124

في ذم شكاية المؤمن حاجته عند الكافر....125

حديث المشركين مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...125

إن الله تعالى خلق الجنة قبل أن يخلق النار....125

في قوله تعالى : ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾...126

حديث فيه مدح لزرارة بن أعين وأصحابه ....126

فضل الشيعة، ووصية أبي عبد الله(عليه السلام)لهم ...127

من مات ولم يكن له إمام مات ميتة جاهلية....127

إن رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)إذا ذهب من طريق رجع من غيره...127

تكذيب المغتاب وحَمْلُ فِعْل المؤمن على أحسنه ....128

ص: 306

حديث من وُلِد في الإسلام ...128

عرف الله تعالى نفسه إلى خلقه بالكلام والدلالات...128

ما خلق الله عز وجل شيئاً إلا وخلق شيئاً يغلبه....129

وصية رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لرجل استوصاه ....129

أمر النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)بالترحم على ثلاث . ...129

نهي عن تجسس عيوب من كان أقبل إلينا بمودته...129

جعل المتعة للإمامية عوضاً من الأشربة ...130

ما شرط الرضا(عليه السلام)على المأمون في قبول ولاية العهد...130

بعض حقوق المسلم مع إخوانه...130

النهي عن تعريض الإنسان نفسه للتهمة ...131

صفة نهر في الجنة يقال له : جعفر ...131

النصر مع من أحسن الرعاية والحفظ للإسلام ...131

موعظة نافعة لعلي بن الحسين(عليه السلام)...131

كان كل شيء ماءا وكان عرشه تعالى على الماء ...132

حديث زينب العطّارة ....132

حديث من أضاف رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في الطائف ...133

حمل عظام يوسف(عليه السلام)وخبر عجوز بني إسرائيل...134

تأويل قوله تعالى : ﴿وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا...الأیة﴾...135

تفسير قوله تعالى : ﴿فيهنَّ خَيْراتُ حِسان﴾...135

للشمس ثلاثمائة وستون برجاً ....135

نهي أبي جعفر جابر الجعفي عن إفشاء سبعين حديثاً علّمه...135

حديث الناس يوم القيامة ...137

حديث سليمان بن خالد مع أبي عبد الله(عليه السلام)في الزيدية ...138

لم سُمّي المؤمن مؤمناً . ...138

الناصب لا يبالي صلّى أم زنا...139

من لم يوال علياً(عليه السلام)...139

مدح بالغ لزيد بن علي بن الحسين(عليه السلام)...139

هلاك بني أمية بعد زيد بن علي بن الحسين(عليه السلام) ...139

ص: 307

إياب الخلق إليهم وحسابهم عليهم(عليه السلام)...139

وجوب الاجتناب عن فاعل المنكر ...140

إن الله يعذب الستة بالسنة ...140

أحب الأشياء إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...140

سيرة علي(عليه السلام)وزهده وأن وليه لا يأكل الحرام ...141

كراهية أكل الطعام الحارّ وأكل التمر على الطعام...141

سيرة علي وفاطمة(عليها السلام)...142

في معنى قوله تعالى :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾...143

طاعة علي(عليه السلام)ومعصيته...143

مدح الشيعة وذم مخالفيهم ...144

الحكمة ضالة المؤمن فحيثما وجد أخذ...144

أشعث بن قيس وبنته وابنه لعنهم الله ...144

الرقة والبكاء عند سماع قراءة القرآن وموعظة نافعة...144

وصية أبي عبد الله(عليه السلام)لعمرو بن سعيد بن هلال ...145

وصية رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لأصحابه ...145

النهي عن الشكوى إلى أهل الخلاف ....146

خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)في الموعظة...146

خطبة له(عليه السلام)أيضاً في الوصية بتقوى الله تعالى في يوم الجمعة...148

لكل مؤمن حافظ من الله عز وجل وسائب...151

الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ...151

حديث الزوراء وما يُقتل فيها ...152

تفسير قوله تعالى :﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾...152

تأويل قوله تعالى : ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾...152

تأويل قوله تعالى : ﴿ما يَكونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ . . . الآیة﴾.... 153

الذين تعاهدوا على غصب الخلافة ...153

الذين خرجوا يوم البصرة وهم الباغون...153

إيذاء بعض الصحابة سلمان الفارسي رضي الله عنه...154

تسوية أمير المؤمنين(عليه السلام)في العطاء بین الأسود والأبيض...155

ص: 308

موعظة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) بني عبد المطلب...155

رؤيا رآها أبو جعفر(عليه السلام)في ميسر بن عبد العزيز وعبد الله بن عجلان...155

إن الملائكة تغسل أبا جعفر(عليه السلام)في البقيع ...155

بیان قوله تعالى : ﴿ولَوْ أَنَا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا .... الآية﴾ ...156

بیان قوله تعالى : ﴿أُولِئِكَ الَّذيِنَ يَعْلَمُ الله مَا فِي قُلُوبِهِم ... الآية﴾ ...156

لا يوجب الله طاعة أولي الأمر ويرخص في منازعتهم ...156

حدیث قوم صالح(عليه السلام)...157

قوم ثمود وناقة صالح النبي(عليه السلام)...157

حديث فَرْوَة عن أبي جعفر(عليه السلام)...160

معالجة بعض الأمراض...161

معالجة من تغيّر عليه ماء الظهر...161

دواء الضرس والفم ...163

في النظر في علم النجوم...164

لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا شوم ولا صَفَر...165

قصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت...165

هل يعلم يعقوب(عليه السلام)أن يوسف حی؟...166

تأويل قوله تعالى : ﴿وعَمُوا وصَمُوا ﴾...166

معنى قوله تعالى :﴿ لُعِنَ الَّذيِنَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسرائِيلَ . .. الآية ﴾...167

قراءة قوله تعالى :﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ ... الآية ﴾. ...167

قصة ابن أبي سرح وكتابه وهدر دمه...167

تأويل قوله تعالى : ﴿وَقّاتِلُوهُمْ حَتّى لَا تَكُونَ فِتْنَةُ ... الآية﴾ ...167

العباس وعقيل يوم بدر...168

نزول قوله تعالى :﴿ أَجَعَلْتُم سِقَايَةَ الْحَاجَّ ... الآية﴾...167

تفضيل الله عز وجل علياً (عليه السلام) ...169

تأويل قوله تعالى : ﴿وَقَضَيْنَا إلَى بَنِي إِسْرَائيِلَ ... الآية﴾ ....170

تسيير عثمان أبا ذر إلى الربذة...170

المحقّة والمبطلة من الصيحتين تكونان عند قيام القائم(عجل الله تعالی فرجه)...172

مناديان ينادي أحدهما أول النهار والآخر آخر النهار ...172

ص: 309

حديث الصيحة...172

قصة أبي الدوانيق وملك بني العباس...173

آیتان تكونان قبل قيام القائم(عجل الله تعالی فرجه)...174

فضل الشيعة ...175

شكوى أبي عبد الله(عليه السلام)إلى الله عز وجل ...176

حديث سفيان بن مصعب العبدي وشدة التقية ...176

استسقاء رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...177

موعظة للنبي(صلی الله علیه وآله وسلم) ...178

ثلاث من كن فيه فلا يرج خيره...179

إذا أتاكم شريف قوم فأكرموه...179

حديث يأجوج ومأجوج...179

من علامات الفرج ....180

قصة عمر أخي عذافر وأبي عبد الله(عليه السلام)...180

توجيه كلام أبي ذر رضي الله عنه ...181

رؤیا رآها رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...181

حديث عبد الأعلى في اختلاف الشيعة تفرّق أمة موسى وعيسى(عليه السلام)ومحمد(صلی الله علیه وآله وسلم)...181

متى فَرَجُ الشيعة ...183

تعرض بعض أصحاب أبي الخطاب لأبي جعفر(عليه السلام)وبراءته منهم ...183

ما يعمل القائم(عجل الله تعالی فرجه)بالنواصب ...184

ما أكثر الوصف وأقل الفعل...184

إنما شيعة على من صدّق قوله فعله ...185

رحم الله عبداً حببنا إلى الناس ...185

بیان قوله تعالى : ﴿والَّذِينَ يُؤْتَونَ مَا أتَوْا وَقُلُوبُهُم وَجِلَة﴾ ...185

سؤال عن قول الرجل : جزاك الله خيرا ...186

حديث القباب ...186

من خصف نعله ورقع ثوبه وحمل سلعته فقد بريء من الكبر ...187

براءة الصادق(عليه السلام)من أصحاب أبي الخطاب ومقالتهم ...187

ص: 310

مقالة الوزع وإنه رِجْس مِسْخ...187

إن الله بعث محمداً(صلی الله علیه وآله وسلم)رحمة ويبعث القائم(عجل الله تعالی فرجه)نقمة ...188

أشبه الناس بموسى بن عمران(عليه السلام)....188

ثلاث من فخر المؤمن ...189

ثلاثة هم شر خلق الله وابتلى بهم خيار خلق الله...189

حديث يزيد بن معاوية لعنهما الله وعلي بن الحسين(عليه السلام)...189

من كذّب آية من كتاب الله فقد نَبَذَ كتاب الله وراء ظهره...190

من قعد في مجلس يُسَبّ فيه إمام من الأئمة(عليهم السلام)...190

لا تقبل العبادة إلا ممن أقر بولا يتهم(عليه السلام)...190

حديث أم خالد وأبي بصير وكثير النوا ...191

حديث فاطمة(عليها السلام)لما أخرج علي(عليه السلام)....191

تكنية مروان وأبيه بالوزغ...192

لما ولد مروان وحديث عائشة مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...192

كتاب أمير المؤمنين(عليه السلام)إلى ابن عباس ...193

فضل الشيعة وموعظة نافعة لأبي جعفر(عليه السلام)...194

إذا قام القائم(عجل الله تعالی فرجه)مد الله في أسماع الشيعة وأبصارهم...194

من كانت له حقيقة ثابتة لم يقم على شبهة ...195

كل سبب ونسب وقرابة ووليجة وبدعة وشبهة منقطع يوم القيامة إلا ما أثبته القرآن ...195

برنامج صالح للدين والدنيا...195

مدح القناعة ...196

الناس وأشباه الناس والنسناس ...197

سؤال سدير عن أبي جعفر(عليه السلام)....197

الناس بعد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)أهل ردّة إلا ثلاثة ...198

كلام رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)يوم فتح مكة ...198

في توبة ولد يعقوب وأنهم ليسوا بأنبياء ...198

استسقاء سليمان(عليه السلام)وحديث النملة...198

توقيع الرضا(عليه السلام)إلى الحسن بن شاذان الواسطي ...199

ص: 311

ما جاء في فضل معرفة الله تعالى...199

ما جاء في خلق البعوض وأنه أصغر الخلق ...199

تفسير قوله تعالى : ﴿يَا أَيَّهَا الَّذيِنَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله وللرَّسُولِ . الآية ﴾...200

محارب رسول الله ، شَرٌّ أم محارب علي(عليه السلام)...201

لا يستحق عبد حقيقة الإيمان حتى تكون فيه خصال ...202

ما هُدِي من هذه الأمة من اهتدى إلا بهم(عليه السلام)...203

عرض أعمال الأمة لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)واستغفاره لهم ...203

مجيء علي بن الحسين(عليه السلام)لزيارة الحسين(عليه السلام)...204

نزول قوله تعالى : ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظلوماً﴾ في الحسين(عليه السلام)...204

من أحب الشيعة حباً لعقيدته دخل الجنة ...204

خطبة أمير المؤمنين(عليه السلام)بعد الجمل...205

نص الرضا(عليه السلام)بإمامة نفسه ومعجزة له ...206

حديث جارية الزبير وقصة الرجل العقيلي ...206

أصحاب اليمين هم شيعة علي(عليه السلام)...208

بايع علي رسول الله صلوات الله عليهما على العسر واليسر...208

قصة آل الذريح وإيمانهم ...208

حديث الإسراء ووصف رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)الشام للقوم...209

حديث الهجرة وقصة أبي بكر مع رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)في الغار...209

حديث سُراقة بن مالك وسوء قصده لرسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...209

مدح زید بن علي بن الحسين(عليه السلام)...210

خروج السفياني هو علامة ظهور القائم(عجل الله تعالی فرجه)...211

الأمر بإلزام البيت قبل خروج السفياني ...211

فضيلة البسملة ...212

تعجب أبي عبد الله من العرب إذا ذكر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)...212

في قوله تعالى :﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ ... الآية﴾ ...212

في قوله تعالى : ﴿اِعْلَمُوا أَنَّ الله يُحيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها . .. الآية ﴾...212

حديث نوح(عليه السلام)يوم القيامة ...213

شهادة جعفر بن أبي طالب وحمزة للأنبياء...213

ص: 312

كان النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) يقسم لحظاته بين أصحابه...213

ما كلّم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)العباد بكُنْه عقله...214

شيعتهم حواريهم(عليهم السلام)...214

لو ضربت خيشوم المحب ما أبغض...214

تفسير قوله تعالى : ﴿غُلِبَت الرُّوم فِي أدْنَى الأَرْض﴾...214

إبطال ما زعمته العامة من إثبات خلافة أبي بكر بالإجماع...214

سجدة أبي عبد الله(عليه السلام) ...216

من أين تهب الريح...217

خبر كتاب أبي مسلم المروزي إلى الصادق(عليه السلام)...219

لم يكن إبليس من الملائكة...219

كل الناس في : ﴿يَا أيَّها الَّذيِنَ آمَنُوا ﴾سواء في الخطاب ...219

جعل الصلاة للنبي(صلی الله علیه وآله وسلم)....221

لعن المرجئة...221

حديث أبي لهب وإرادة المشركين قتل رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...221

حديث إبليس يوم بدر ...221

غزوة الأحزاب ...222

موضع مسجد الكوفة ....223

منزل نوح(عليه السلام)ومدة لبثه في قومه ...223

فضل مسجد الكوفة والصلاة فيه...225

أخبار نوح(عليه السلام)والسفينة ...225

خبر نوح(عليه السلام)وَمَلَك الموت وتمصيره الأمصار....226

نوح ووصيّه ...227

الكف عن المخالفين أجمل ...227

في الخمس والفيء ...227

تأویل آيات في خروج القائم(عجل الله تعالی فرجه)...228

الذِكْر هو أمير المؤمنين (عليه السلام)...228

تأویل آيات في خروج القائم(عجل الله تعالی فرجه)...228

لا يسلّط إبليس على دين المؤمن ...229

ص: 313

تشبيه أبي جعفر(عليه السلام)طواف القوم بطواف الجاهلية وتأويل بعض الآيات وتفسيرها ...229

بیان قوله تعالی : ﴿سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ ... الآية ﴾...230

علم أبي حنيفة في التعبير وخطأوه ...232

متى الفتح والفرج؟ ...233

سبب كتمان أمير المؤمنين(عليه السلام)أمره...234

ارتداد الناس عن الإيمان بعد النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)...234

حديث إسلام أبي ذر - رضي الله عنه -...235

حديث إسلام ثمامة بن أثال...237

حديث ولادة النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)...237

في قوله تعالى : ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله . . . الآية﴾ ....238

استحباب اتخاذ الرفيق في السفر ....239

بعدما رأى إبراهيم(عليه السلام)ملكوت السماوات...240

سبب الحر والبرد ...241

من أحب علياً(عليه السلام)...242

الملاحم والفتن والأشراظ ...242

حديث الفقهاء والعلماء ...242

الملاحم والأشراط ...243

صفة أهل بيت النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)...243

تفسير قوله تعالى : ﴿وكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذيِنَ كَفَرُوا ﴾...244

خمس علامات قبل قيام القائم(عجل الله تعالی فرجه). ..245

من علامات القائم(عجل الله تعالی فرجه)...245

تفسير قوله تعالى :﴿ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةَ مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيِهِمْ﴾...246

صفة جهنم ...246

تأويل قوله تعالى : ﴿أَيْنَمَا تَكُوُنُوا يَأتِ بِكُمُ الله جَميَعاً﴾ ...248

وفاة النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)كانت في يوم الاثنين ...248

الأمر بالتزوار والتعاهد...249

خبر تابوت بني إسرائيل...249

ص: 314

الحسنين(عليه السلام)ابنا رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...250

غزوة أحد وقصة المنهزمين ....251

صلح الحديبية ...253

قصة بني مدلج ...254

حديث ضيف إبراهيم وإهلاك قوم لوط ....255

الذي صنعه الحسن بن علي(عليه السلام)خير للأمة...256

حدیث سؤال معلى بن خنيس عن النجوم...257

قتل السفياني من علامات القائم...258

بيوت النبي(صلی الله علیه وآله وسلم)هي البيوت التي أذن الله أن تُرْفَعَ ...258

خبر أسامة لما حضره الموت...259

خبر ناقة رسول الله القصواء ...259

إن مريم حملت بعیسی(عليه السلام)تسع ساعات...259

علي(عليه السلام)أولى الناس بالناس بعد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)...260

فضل آل محمد(عليهم السلام)...261

في قوله تعالى : ﴿ربَّنَا أَرِنَا اللَّذِينَ أَضْلَانَا مِنَ الْجِنَّ وَالإنْسِ﴾...261

في قوله تعالى :﴿إذْ يُبَيِّتُوُن مَا لَا يَرضَى مِن القُولِ﴾....261

في قوله تعالى :﴿ أُولَئِكَ الَّذيِنَ يَعْلَمُ الله مَا فِي قُلُوبِهِمْ...الآیة﴾...262

حديث ذي النُمرة ....263

حديث الرجل الذي أحياه عيسى بن مريم(عليها السلام)...263

بیان قوله تعالى : ﴿وَمَن يَرِدْ فِيهِ بِإلْحَادِ بِظُلْمِ﴾ ...264

في قوله تعالى :﴿ الَّذِيِنَ اَخْرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ ...الآیة﴾...264

حديث إسلام علي(عليه السلام)...265

الهجرة إلى المدينة وتزويج فاطمة(عليها السلام) ...265

متى فُرِضَتْ الصلاة على المسلمين ...266

صفة بني العباس ...266

أول من بايع أبا بكر...267

حديث إبليس يوم الغدير ...268

بني أمية يردّون الناس عن الإسلام القهقرى ...269

ص: 315

لولا قول الناس لضرب النبي أعناق جمع من أصحابه...296

الرضا والشكر وحسن الظن بالله...270

نصائح لقمان لابنه في آداب السفر ...271

مناظرة أبي جعفر(عليه السلام)مع عبد الله بن نافع...272

مقالة أبي عبد الله(عليه السلام)في علم النجوم...274

خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)بصفين ...274

خطبة له(عليه السلام)أيضاً في معاتبة طالبي التفضيل...278

حدیث ولد العالم مع جاره وفيه تقسيم الزمان على ثلاثة ...279

خبر المعراج أو الإسراء ...281

فضل الشيعة ومدحهم ...282

أعجب ما رأى جعفر بن أبي طالب في الحبشة....283

أخبار آزر و نمرود وميلاد إبراهيم(عليه السلام) ...283

احتجاج إبراهيم(عليه السلام)على نمرود...284

خبر النار التي أوقدوها لإبراهيم(عليه السلام)...284

مولد إبراهيم(عليه السلام) بكوثى رُبا ...284

إخراج إبراهيم(عليه السلام) من أرض مولده....284

خبر تعرض العاشر لإبراهيم(عليه السلام) . ...285

خبر إبراهيم(عليه السلام) مع نمرود وقصة سارة ....285

حجر بن زائدة وعامر بن جذاعة والمفضّل بن عمر ...287

قال أبو عبد الله(عليه السلام) : أنا إمام من أطاعني ولست بإمام لمن عصاني ...287

خبر رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)عن قتل جعفر(عليه السلام) ...288

عدد من قتل بيد علي(عليه السلام) يوم حُنين...288

صفة البراق الذي ركبه رسول الله ليلة أسري به ...288

قراءة قوله تعالى : ﴿وَعَلَى الثَّلَاَثَةِ الَّذِينَ خُلِفُوا ﴾...289

قراءة قوله تعالى : ﴿التَّائِبُونَ العَابِدُونَ﴾ ....289

قراءة قوله تعالى : ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُم ... الآية﴾...289

نزول قوله تعالى : ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضُ مَا يُوحَى إِلَيْكَ﴾...290

بيان لقوله تعالى : ﴿وَلَوْ شَاءَ الله لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةٌ وَاحِدَةً ﴾....290

ص: 316

بيان لقوله تعالى : ﴿وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً﴾ ...290

بيان لقوله تعالى : ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذيِنَ ظَلَمُوا ﴾...291

بيان لقوله تعالى : ﴿والنَّجْمُ إِذَا هَوَى ... الآيات﴾ ...291

بیان لقوله تعالى : ﴿قُلْ لَو أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُم﴾...291

بیان لقوله تعالى : ﴿سَنُرِیَهُمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾ ...292

رباطهم (عليه السلام)رباط الدهر ...292

كان رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)لا يتداوى من الزكام ...293

حديث العابد مع الشيطان ...295

حديث العابد وزوجته والسائل...295

خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام)في إنذاره بما يأتي من زمان السوء ...296

كلام لعلي بن الحسين(عليه السلام)...298

حديث ملك الموت وبشارته لإبراهيم(عليه السلام)...298

حديث إبراهيم(عليه السلام)والرجل العابد ...299

إن الله اتخذ إبراهيم(عليه السلام)خليلا ...300

كلام لعلي بن الحسين(عليه السلام)...300

قول أبي عبد الله(عليه السلام): لا يخرج على هشام أحد إلا قتله، وحديث زيد(عليه السلام)...301

خبر محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي(عليه السلام)...302

تفسير قوله تعالى :﴿ فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا ﴾....302

صفة أهل البيت(عليه السلام)...302

ص: 317

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.