بحث حول زيارة مراقد الانبياء والائمة والطلب منهم، بالنص القرآني والنبوي
المؤلّف...عبدالكريم الحسيني القزويني
الطبعة... الأولى - 1436ه_. ق
المطبعة... گل وردي
الردمك.. 0 – 409 – 497 – 964 - 978
الكمية... 2000
جميع الحقوق محفوظة للمؤلّف
موقع المؤلّف
WWW.QAZVINI.org
محرّر الرقمي: محمّد رادمرد
***
بطاقة تعريف: حسینی قزوینی عبدالکریم 1317 -
العنوان والمنشئ: بحث حول زيارة مراقد الانبياء والائمة والطلب منهم، بالنص القرآني والنبوي / عبدالكريم حسينى قزوینى
تفاصيل النشر: قم دار الهدی 1393
مواصفات المظهر: 80.
ISBN: 0 – 409 – 497 – 964 - 978
حالة الإدراج:فيبا
ملحوظة: العربية
موضوع : المقابر والمقابر - رحلات الحج - الجمارك.
تصنيف الكونجرس: 1393 9 ز 5 ح / 7 / 226 BP
تصنيف ديوي: 297/76
رقم الببليوغرافيا الوطنية:3686003
ص: 1
بحث حول زيارة مراقد الانبياء والائمة والطلب منهم، بالنص القرآني والنبوي
عبد الكريم الحسيني القزويني
ص: 2
بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ص: 3
يوزّع هذا الكتاب مجاناً وثوابه لروح
المرحوم الحاج جعفر عبد الرحيم
والمرحوم احمد عبد النبي
ورحم اللّه من قرأ لهما الفاتحة
ص: 4
بين يديك العدد التاسع من سلسلة - كتاب الأسئلة والأجوبة الإسلاميّة - وهو يتضمّن اجابة شبهات اثيرت من قبل بعض القنوات التلفزيونية المغرضة فرأينا لابد من الاجابة عليها حتّى لا تثير شكاً في النفوس ولا تشكيكاً في العقائد وقد أجبنا عليها بأسلوب مختصر سلس سهل يفهمه عامة الناس مستندين بالاجابة عليها بالقرآن الكريم والسنة النبويّة الشريفة.
فبادر أيّها القارئ الكريم بارسال أسئلتك على الفاكس (00982537742908) والموقع : WWW.QAZWINI.org فستجاب عليها من قبل سماحة السيّد عبد الكريم الحسيني القزويني ولا تجعل الشبهات تتراكم وتختلج في فكرك فانّنا على أتم الاستعداد للاجابة عليها ونشرها على صفحات هذه السلسلة الهادفة بتركيز مفاهيم الاسلام وتعاليمه فى أفكار شبابنا وأبنائنا وبناتنا وإزالة الشبهات التي يثيرها الأعداء.
ص: 5
زيارة قبور المؤمنين والطلب منهم جائز بالنص القرآني والنبوي.
من المستحبّات المؤكّدة في الاسلام زيارة قبور الأموات من المؤمنين والأولياء والصالحين والطلب منهم جائز شرعاً بالنص القرآني والنبوي.
ومن الغريب ان هناك من يثير الشبهات لزيارة قبورهم مستنداً ومدعياً بالنهي النبوي القائل : لا تزوروا القبور.
وجواب هذا السؤال :
ان هذا النهي إنما جاء حينما كان المسلمون يزورون قبور آبائهم المشركين لأن المسلمين الأوائل كان آبائهم من المشركين ولهذا نهاهم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن زيارتها ولما كثروا وازداد عددهم ومات الكثير منهم أمرهم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بزيارتها بقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ):
إنّي كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور والآن آمركم بزيارتها فانّها تذكركم بالآخرة.
ص: 6
وأما دعوى بعدم زيارتها وعدم البناء عليها فانها دعوى باطلة ومردودة في القرآن الكريم والسنة الشريفة.
أولاً : القرآن الكريم
فقد ورد الحث على زيارة القبور وجواز البناء عليها وذلك كما جاء في القرآن الكريم فقد ذكر القرآن نظرتين :
النظرية الأولى : وهي لما عثروا على جثث أصحاب الكهف :
«فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ» (1).
أي ابنوا عليهم بنياناً ليكون أثراً تاريخياً يشار إليه تقديراً لهم واحتراماً.
النظرية الثانية : القائلة: «قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَ عَلَيْهِم مسْجِداً» (2).
أي مكاناً للدعاء والصلاة وتلاوة القرآن فاذا دخلت إلى هذه المراقد المقدّسة فلا تجد إلّا راكعاً وساجداً وتالي للقرآن الكريم.
ثانياً : فقد جاء الأمر في القرآن الكريم أيضاً بقوله :
ص: 7
«وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى» (1).
فبموجب هذا النص القرآني لا يجوز للحاج الطائف أن يصلّي صلاة ركعتي الطواف إلا عند مقام إبراهيم أو خلفه أو إلى أحد جانبيه وذلك تكريماً لنبي اللّه إبراهيم وتعظيماً لشأنه ولكنّها ليست بعبادة له وإنّما أمر اللّه بهذه الصلاة عند مقامه وهو شرط في قبولها احتراماً وتقديراً لنبيه ابراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ).
ثالثاً: تهديم القبور والمساجد هو محرم شرعاً ولا يجوز ذلك لأن فيه منع الصلاة في المسجد وقد نهى القرآن الكريم عن ذلك بقوله : «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللّه أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ» (2).
رابعاً : السعي في خراب المساجد والبيوت التي يذكر اللّه فيها حرام ولا يجوز ذلك لأنّه قد ورد النص القرآني على منعه وحرمته وذلك كما جاء في القرآن الكريم : «وَسَعَى فِي خَرَابِهَا» (3).
وهو محرّم شرعاً ولا يجوز ذلك لأنه فيه عنوان النهي عن خراب المساجد والأماكن المقدّسة التي يذكر اللّه فيها من الصلاة والدعاء والزيارة وقرائة القرآن الكريم ومن هذه الاماكن مراقد أهل البيت لأن
ص: 8
فيها يذكر اللّه خلال 24 ساعة ليلاً ونهاراً في الصيف والشتاء وحينما يدخل إليها الزائر يرى الناس بين راكع وساجد وبين تالي للقرآن الكريم وهذا النهى أيضاً يشمل كلّ مكان وكلّ بيت يذكر اللّه فيه حتّى البيوت الشخصيّة التي تتّصف بهذه الصفة وذلك كما ورد في بيت علي وفاطمة عليهما السلام فقد ذكر الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل والسيوطي في كتابه الدرّ المنثور وهما من كبار علماء أهل السنّة فقد ذكرا عن أنس بن مالك ما نصه: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّه أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا أَسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّه وَإِقَامِ الصَّلَوَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَوَةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ» (1).
قال الثعلبي والحسكاني : أخبرني أبوعبداللّه الحسين بن محمّد الدينوري، قال: حدّثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي الرازي، قال : حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني - بالكوفة - قال : حدّثنا المنذر بن محمّد بن المنذر القابوسي، قال: حدّثني أبي، قال : حدّثنا عمّي الحسين بن سعيد، قال : حدّثني أبي، عن أبان بن تغلب، عن نفيع بن الحارث، عن أنس بن مالك وعن بريدة، قالا: قرأ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هذه الآية : «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّه أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا أَسْمُهُ ﴾
ص: 9
إلى قوله : «وَالْأَبْصَارُ» فقام إليه رجل فقال : أي بيوت هذه يا رسول اللّه ؟ قال : بيوت الأنبياء.
قال : فقام إليه أبوبكر فقال : يا رسول اللّه، هذا البيت منها ؟ - أشار إلى بيت علي وفاطمة - قال : نعم، من أفضلها (1).
الحسكاني : حدّثني أبو الحسن الصيدلاني وأبو القاسم بن أبي الوفاء العدناني، قالا : حدّثنا أبو محمّد بن أبي حامد الشيباني، قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي درام – بالكوفة -، قال : حدّثنا المنذر بن محمّد بن المنذر أبوبكر بن سعيد بن أبي الجهم، قال : حدّثنا أبي.
قال ابن مردويه : عن أنس بن مالك مالك وبريدة... مثله (2).
الحسكاني : حدّثني أبوبكر بن أبي الحسن الحافظ، أن عمر بن الحسن بن علي بن مالك أخبرهم، قال : حدّثنا أحمد بن الحسن الخزاز، قال: حدّثنا أبي، قال : حدّثنا حصين بن مخارق، عن بحر المسلمي، عن أبي داود (نفيع بن الحارث)، عن أبي برزة قال: قرأ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّه أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ»، وقال : هي بيوت النبي. قال : يا رسول اللّه (أبيت) علي وفاطمة منها ؟ قال : من أفضلها (3).
ص: 10
وسنعرض في هذا الكتاب الاجابة على هذه الشبهات الثلاثة التي سبق ان أجبنا عليها وهي:
شبهة رقم - 1 -
هل الانسان في عالم البرزخ يحس ويشعر ؟
شبهة رقم - 2 -
لماذا نحتفل بذكريات النبي وآله ؟
شبهة رقم - 3 -
هل يجوز الدعاء والطلب من غير اللّه ؟
وهذه الشبهات التي يثيرها الأعداء ضد مذهب البيت يعتبرونها أكبر وأعظم مكسب لهم ولكنهم لا يعلمون انها أوهن من بيت العنكبوت لأنّها مردودة بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وبالأخير : انّنا نتسائل منهم هل هذه الشبهات وهل هي اكتشاف علمي أو اختراع فني ؟
ص: 11
ص: 12
ص: 13
ص: 14
الإنسان يمر بمراحل وعوالم كثيرة وعديدة وفي كلّ هذه العوالم له احساس وشعور يختصّ بذلك العالم وتلك المرحلة وهي كما يلي:
وهو عالم الخارطة الربانية لخلق الإنسان في عالم الذر وهو أشبه ما يكون بالتخطيط الإلهي لخلقة الإنسان في عالم الذر وهذا العالم له احساس الخاص به وبعالمه ومحيطه وقد عبّر القرآن عن هذا اللون من الاحساس بقوله :
«وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ» (1).
ص: 15
وهو العالم ما بعد انعقاد النطفة في الرحم ففي هذا العالم الإنسان له احساسه الخاص به وبعالمه والمراحل التي يمر بها الجنين من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى العظام وقد عبّر القرآن الكريم عن هذا الاحساس وهذه المراحل بقوله تعالى :
«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللّه أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» (1).
وهو العالم الذي يولّد فيه الجنين من رحم أُمّه إلى عالم الدنيا الرحب الوسع، ففيه احساسه الخاص وشعوره الذي يؤهله لكي يواصل نموه وارتقائه الجسدي والفكري وهو له مسئوليّة خاصة وأيضاً له وعليه حقوق وواجبات في هذه الدنيا وهى موجودة ومبحوثة في كتب تراثنا الفقهي والفلسجي.
ص: 16
وهو عالم وسيع ورحب أوسع من عالم الدنيا والإنسان في هذا العالم وفي هذه الحياة تكون روحه على حالين:
أ - أن تكون روحه منعمة خالية من الأمراض ومن الهم والغم والمشاكل الاخرى فهي في روح وريحان إذا كان الانسان في الحياة الدنيا مؤمناً وملتزماً بعيداً عن الفسق والفجور والمعصية.
ب - وإما أن تكون روحه في خوف ورعب ووجل إذا كان الانسان في الحياة الدنيا لا يراعي ولا يلتزم بالحرام والحلال ويرتكب المعاصي والذنوب.
ولهذا يقال : «القبر إمّا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران».
ولنضرب لذلك أمثلة توضيحية توضّح المطلب وتبيّن حالة عالم البرزخ :
1 - عالم البرزخ أشبه ما يكون بقاعة الانتظار في المطارات إلى ساعة الاقلاع، فإذا كان الانسان في عالم الدنيا عنده عمل صالح وبعيداً عن المعاصي والمنكرات فتكون قاعة الانتظار مجهزة بأحدث الوسائل من تبريد في الصيف وتدفئة في الشتاء وغيرهما مثلاً. وأما إذا كان
ص: 17
الانسان ما عنده عمل صالح ويرتكب المعاصي والآثام فتكون قاعة انتظاره مخيفة ومرعبة ومزعجة له وغير مجهّزة لا فيها من باب المثال تدفئة في الشتاء ولا جهاز تبريد في الصيف فيعيش في بأساء واضطراب وخوف ووجل.
2 - عالم البرزخ أشبه ما يكون بعالم المنام فالانسان النائم يرى في منامه رؤيا لطيفة جميلة ينشرح فيها ويتمنّى أن تستمر معه نتيجة عمله الصالح في عالم الدنيا، أو كمن يرى رؤيا مخيفة ومزعجة يقفز من نومه خائفاً مرعوباً وذلك نتيجة أعماله القبيحة في عالم الدنيا.
3 - عالم البرزخ أوسع وأرحب من عالم الدنيا وقد لا يتصوّر هذا المعنى في نظرنا وافقنا المحدود من القوة والفلسجة البدنية ومثاله مثال الجنين في بطن أمه فاذا أخبر بأن هناك عالم أكبر وأوسع وأرحب من عالم الرحم قد لا يصدقه لأن محيطه الضيق وأفقه القاصر لا يمكنه من تصديق ذلك، فكذلك نحن في تصوّرنا إلى عالم البرزخ قد لا نصدقه لأن أفقنا محدود وقاصر.
يثير كثير من ذوي الفكر القاصر وأصحاب الأفق الضيق هذا
ص: 18
الاشكال وهو انّ الانسان إذا مات انعدم !
وجوابه : ان هذا الاشكال مردود من قبل اللّه ومن قبل رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كما جاء في الكتاب والسنة وإليك ما يلي :
هناك كثير من الآيات القرآنية تثبت ان الانسان إذا مات يحس ويسمع ويرى أعماله في عالم البرزخ والعوالم الأخرى من بعده فانه يحس ويتكلّم وإليك الآيات التالية :
أ - الانسان حينما يموت وينتقل من عالم الدنيا إلى عالم البرزخ ويوضع في ملحودة قبره فيحس بندامة عمله القبيح ويندم على ما ارتكب من المعصية فيقول : «حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ» (1).
ونحن نتسائل أليس هذا كلام الميت ؟ فكيف يقولون ان الميت لا يتكلّم؟!
ب - الميّت إذا قام من قبره إلى عالم البعث والنشور يتسائل كما
ص: 19
يحدّثنا القرآن الكريم بقوله: «يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا» (1)، «وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا» (2).
أليس هذا قول الميت ؟ فكيف يقولون ان الميت لا يتكلّم ؟ أليس هذا هو رد على قول اللّه تعالى ؟!
ج - الميت إذا جاء إلى عالم الحساب والكتاب وشعر بعظم جرمه وجريرته وتشهد عليه أعضائه من يده ورجله وبقية أعضائه فينبري متسائلاً من أعضائه، كما يحدّثنا القرآن بذلك بقوله : «الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِي وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» (3)، «وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللّه الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ» (4).
أليس هذا كلام الميت فكيف بهؤلاء يفترون ويقولون أن الميت لا يتكلّم ألم يصطدم كلامهم هذا مع القرآن الكريم ؟
د - الميت إذا جاء إلى عالم الجزاء فإمّا خيراً - إلى الجنّة - أو شرّاً - فإلى النار، قال تعالى: «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ» (5).
ص: 20
فيفتح شبّاك أي نافذة - لأهل الجنّة على أهل النار فيتسائل أهل الجنّة من أهل النار : «مَا سَلَكَكُمْ فِي سَفَرَ» فيجيبوا أهل النار قائلين: «قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ» (1).
أليس هذا كلام الميت فكيف يخالفون القرآن ويقولون بخلافه.
فهاهنا نرى بوضوح القرآن الكريم يؤكد على أن الانسان إذا مات يحس ويشعر من حين انتقاله من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة كما بينته الآيات الكريمة والذى يقول ان الانسان إذا مات ينعدم ولم يحس فهو مخالف للقرآن الكريم وراد على اللّه.
وقد قال الغزالى ما نصه : « ظنّ بعضهم أن الموت هو العدم، وهذا رأي الملحدين» (2).
النبي الكريم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يؤكد على هذا المعنى من ان الميّت يحس ويشعر وهناك روايات كثيرة من النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تأيد وتؤكد ما قلنا وهي كما يلي:
ص: 21
1 - إننا لا نطلب الشفاعة والحاجة من شعر النبي أو اصبعه وعظمه ولحمه حتّى إذا مات ماتت معه وإنّما نطلب الشفاعة والخير من روح النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهي موجودة في الفضاء اللامتناهي في عالم البرزخ وهي ترى وتسمع في عالمها الخاص البرزخي وكذا أرواح الأنبياء والأئمّة والصالحين.
2 - النبي محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يخاطب قتلى المشركين في واقعة بدر حينما ألقوا في القليب فالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خاطبهم بقوله : إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقاً ؟ ! فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أصحابه : أتكلّم الموتى يا رسول اللّه ؟ فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ما أنتم بأسمع منهم (1).
وهؤلاء الوهابية يقولون الميّت لا يسمع ولا يرى أليس هذا رد لقول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟!
3 - وذكر صاحب كنز العمّال المتقي الهندي ما نصّه : عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال: «من صلّى عليّ عند قبري شهدته ومن صلى علي من بعيد علمته» (2).
4 - جاء في صحيح مسلم ما يلي : حدّثنا محمّد بن منهال الضرير حدّثنا يزيد بن زريع، حدّثنا سعيد بن أبي عروة، عن قتادة عن أنس بن
ص: 22
مالك، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : « أنّ الميّت إذا وضع في قبره أنّه يسمع خفق نعالهم إذا انصرفوا» (1).
5 - علي أمير المؤمنين يتكلّم مع أرواح المؤمنين :
ويدلّ على ذلك الحديث المروي عن أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما روى الأصبغ بن نباتة قال : خرج علي وحده إلى ظهر الكوفة - أي جهة النجف الآن - فخشيت عليه أن يغتاله أحد لأنه كان بعد واقعة الجمل فخرجت خلقه أراقبه من بعيد وهو واقف جهة ظهر الكوفة يتكلم بكلام لا أفهمه فحانت من الامام التفاته فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أنت هاهنا يا أصبغ، لو كشف لك الغطاء لرأيتهم حلقاً حلقاً يتزاورون ويتحدثون ويتسامرون»
فقلت : من هم يا أمير المؤمنين ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «هم أرواح المؤمنين».
ونحن نستفيد من هذا الحديث أنّ أرواح المؤمنين موجودة وسابحة في الفضاء اللامتناهي والآن تنعقد المجامع العلمية والمدارس الروحية فانّها تحاول أن تجمع الذبذبات الصوتيّة الموجودة في الفضاء اللامتناهي من أجل ضبطها وجمعها وقد كتبت عن هذا الموضوع الأبحاث العلميّة الكثيرة وألفت الكتب العديدة منها : «الانسان روح لا جسد».
ص: 23
وفي رحاب اللّه ليس فيه موت لأنّ الحياة هذه مستمرّة وبعدها عالم البرزخ وبعدها عالم البعث والنشور... الخ والانسان في هذه العوالم لا ينعدم أبداً وإنّما ينتقل من حالة إلى حالة كالفصول التي تمر بالانسان شتاء وصيف وخريف وربيع.
6 - لو انّ الانسان بمجرّد موته ينتهي وتنقطع صلته بالحياة الماديّة والمعنويّة لزم من هذا القول ان رسول اللّه مات فانتهت صلته بنا وانقطعت عنّا وان ينقطع ارتباطنا به لأنه مات كما يقولون ولا داعي لنا أن نشهد له في خمس أوقات بالأذان أشهد أن محمّداً رسول اللّه لأن صلته بنا انقطعت بموته وهذا لا يقول به مسلم لأنّه يوجب الكفر والعياذ باللّه. وأيّد هذا المعنى الغزالي قائلاً:
«ظنّ بعضهم أنّ الموت هو العدم، وهذا رأي الملحدين» (1).
7 - اللّه جعل للثوب والقميص الذي لا يحس ولا يشعر حرمة وقدسيّة إذا لامس جسد نبي من أنبيائه فانه يكتسب حرمة النبي وقدسيته وهذا شيء أقرّه القرآن في آياته وذلك حينما عرف نبي اللّه یوسف نفسه لاخوته، وسألهم عن أبيهم يعقوب فقالوا : انه قد ابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم، فطلب منهم أن يأتوه بأبيه قائلاً لهم
ص: 24
«اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً» (1)، «فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً» (2).
مع ان يوسف ويعقوب من أنبياء اللّه وهما يلجآن للوسيلة التي عبّر عنها القرآن بقوله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ» (3).
والوسيلة هي القميص الذي لا يحس ولا يشعر ولكنّه قد لامس جسد النبي فكان به شفاء عيني نبي اللّه يعقوب فاذا كان القميص له هذا الأثر فكيف بالانسان المخلوق المدلّل اللّه وقد اختار اللّه من جنسه أنبيائه وخلفائه في الأرض كما قال تعالى : «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» (4)، وجعل له حرمة خاصّة امتاز بها عن غيره من مخلوقاته وهو إذا مات هذا المخلوق المدلّل فقد جعل اللّه له أحكاماً في شريعته من أجل احترامه واعزازه فأوجب تغسيله وتكفينه ودفنه فكيف باللّه العلي العظيم لا يجعل له قدسيّة واعتباراً خاص به إذا أخلص اللّه نيته وعمل صالحاً وقال انى من المسلمين فاذا كان الثوب والقميص له اعتبار وخصوصية إذا لامس جسم النبي أو الامام وحرمة خاصة به فكيف بجسم وروح النبي ؟
ص: 25
9 - الحجر والطابوق إذا صف في بناء وسمى هذا البناء مسجداً فتكون حرمة خاصة له وأحكاماً اعتباريّة به وهو يشفع يوم القيمة لمن يصلّي فيه أن الحجر والطابوق لا احساس فيه ولا مساس فكيف بالانسان المخلوق المدلل اللّه الخالق العظيم ؟
10 - المؤمن العادي له حرمة وقدسية اختصه اللّه بها.
وقد ورد في روايات عديدة أنه يشفع يوم القيمة كما في رواية الشيخ الحرّ العاملي في وسائل الشيعة أنّه قال : روى العلاء بن يزيد القريشي قال : قال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): حدّثني أبي، عن جدّه، عن رسول اللّه mop في حديث قال : «من صام شهر رمضان وحفظ فرجه ولسانه وكفّ أذاه عن الناس غفر اللّه له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخّر وأعتقه من النار وحلّه دار القرار وقبل شفاعته بعدد رمل عالج من مذنبي أهل التوحيد» (1).
11 - الانسان المؤمن حينما يريد أن ينعبد ويدعوا اللّه عند مرقد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و مراقد أوليائه وأوصيائه ويطلب منهم الشفاعة في هذه الأماكن المقدّسة، فانّه يعترض عليه من قبل اناس لا يفهمون القرآن ولم يتدبّروا آياته أليس القرآن الكريم يحكي عن أصحاب الكهف حينما عثر على مكانهم فبنوا عليهم مسجداً أي مكاناً للدعاء والصلاة
ص: 26
لأنّه مكان نظيف ومقدّس كما قال تعالى في كتابه: «قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَ عَلَيْهِم مَّسْجِداً» (1).
12 - ان الغريب من هؤلاء المنكرين للطلب من غير اللّه تعالى وتحريمه، كيف غاب عن فكرهم القاصرة ونظرتهم السخيفة قوله تعالى : «إن تَنصُرُوا اللّه يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» (2). فاذا كان اللّه الغني القدير عن عباده وعبيدة يطلب النصرة لدينه القويم من الانسان العاجز، فكيف بالانسان لا يلتجأ إلى أنبياء اللّه ورسله وأوليائه من الأئمّة والصالحين من عباده.
هناك بعض الناس ولاسيما أتباع الوهابية الذين لا منطق لديهم ولا يستندون على مسند علمي بل دعواهم و شبهتهم هذه هي مخالفة للقرآن والسنّة النبوية ولهذا فهم يحاولون تأويل الآيات والأحاديث المخالفة الدعواهم ولأنهم يقولون بعدم جواز دعوة الميت وطلب شفاعته وهذه الشبه هي مخالفة لما يلي :
ص: 27
أ - أنّ هذه الدعوى مخالفة لصريح القرآن الكريم وآياته ولو نرى و ندرس آيات الشفاعة في القرآن نستوضح منها هذا المعنى، فمثلاً آية : «وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى» (1) أو آية «لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً» (2).
ان الخطاب في هاتين الآيتين هو عام للغائبين من ذوي الشفاعة وجاء بصيغة الجمع لا يشفعون أو لا يملكون والجمع هنا في الآيتين هو يشمل الحي والميت ولكن الوهابية تخالف صريح هذه الآيات وهذا هو العجب !!
ب - الطائف حول الكعبة الشريفة وهو يناجي ربه فاذا مرّ بالحجر الأسود يستحب له أن يستلم الحجر ويلمسه ويقبله فانّه يشفع للامسه ومقبله مع أنّ الحجر لا يعي ولا يشعر ولا يحس مع كلّ هذا فان اللّه جعل له اعتبار وميّزه خاصّة به وهي الشفاعة ونستظهر من هذا إذا كان الحجر الجلمد يشفع للامسه ومقبله فكيف بروح رسول اللّه شفيع هذه الأمة لا تحس ولا تشفع ؟!
أفهذا هو المنطق السليم الذى يقولونه أنّ الميت لا يحس ولا يرى والحجر الجلمد يحسن ويشفع... ؟ !
ص: 28
ج - القميص يشفع ويشافي ولكن النبي محمّد وآله لا يشفعون ؟ !
الوهابية تقول انّ رسول اللّه باعتباره ميت لا يشفع ولا يشافي وهذا القول فيه تحدّي اللّه الذي جعل لقميص يوسف اعتبار وشفاعة وشفاء لعيني نبي اللّه يعقوب مع انّ القميص لا قيمة له وإذا خرق رمي في القمامة وهو لا يحسن ولا يشعر ولكن اللّه جعل له هذه الخاصية مع انّه يمكن لنبي اللّه يوسف أن يدعو اللّه مباشرة من دون اللجوء إلى القميص وأيضاً بامكان نبي اللّه يعقوب أن يلتمس مباشرة من اللّه شفاء عينيه ولكن إرادة اللّه تجيز له أن يستعمل الوسيلة وإذا بنبيّ اللّه يوسف كما يحدّثنا القرآن الكريم وذلك حينما عرّف بنفسه لاخوته وسألهم عن أبيهم يعقوب، قالوا : انه قد بيضت عيناه من الحزن وهو كظيم، فقال لهم: «أَذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً» (1).
فهذا القرآن يصرّح ويعلن للانسان بأنّ القميص الذي لامس جسد النبي له شأنيّة خاصّة واعتبار مبارك عند اللّه تعالى ولكن هؤلاء يقولون ان رسول اللّه ميت لا يسمع ولا يشفع في حين ان القميص رأيناه يشفع ويشافي ويعافي أليس هذا القول عجيب غريب ؟ !
ص: 29
عجيب من هؤلاء الذين يقولون بهذه المقالة ودعواهم بأنه شرك فلهذا لا يجوز الطلب من أحد إلا من اللّه مستدلّين بهذه الآية: «فَلاً تَدْعُوا مَعَ اللّه أَحَداً» (1).
الجواب على هذه الشبهة ما يلى:
أوّلاً: ان الاستدلال والاستشهاد بهذه الآية لا معنى ولا مورد له هنا، لأنّ المقصود بالآية هو الشرك باللّه تعالى وذلك بأن تجعل مع اللّه شريك بالخلق بينما هنا الطلب من اللّه العلي القدير والتوسل برسله وأنبيائه وأوليائه الذين هم أقرب الناس إلى اللّه فهو استمداد طولى اللّه لا في عرضه.
ثانياً : الظاهر من كلام هؤلاء أنّهم لا يؤمنون بالقرآن الكريم وأنما ايمانهم تبعيضي فهم يتغافلون عن هذه الآية الدالة على طلب الوسيلة وهو قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ» (2) فان طلب من اللّه مباشرة أمر مطلوب شرعاً: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» (3) وأيّ وسيلة أفضل من نبينا محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و آله الطاهرين، والتبعيض هنا لا يجوز صلى
ص: 30
لقوله تعالى : «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَرِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّه بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» (1).
ثالثاً : ان الطلب من الرسول وآله هو طلب من اللّه مباشرة لأنه طلب طولى لا عرضى وهو امتداد اللّه تعالى لأنّ الرسول أقرب الناس إلى اللّه، ولو كان الطلب عرضيّاً من الرسول أي في مقابل اللّه لا يجوز ذلك، بينما هنا الطلب طولياً ولا مانع من ذلك لأنه امتداد اللّه تعالى والرسول أقرب الناس إلى اللّه وجاء فى الأثر : «أدعوني بلسان لم تعصني فيه» والرسول هو المعصوم من الزلل والبعيد عن المعصية وهو أقرب الناس إليه تعالى، ومن هذا المنطلق جاء أخوة يوسف حينما ندموا على فعلتهم بأخيهم إلى أقرب الناس إلى اللّه وهو أبوهم نبي اللّه يعقوب فطلبوا منه أن يكون وسيطاً بينهم كما يحدّثنا القرآن بذلك بقوله تعالى: «يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ» (2) فأقرّ نبي اللّه يعقوب على هذه الوساطة ولم يقل لهم هذه بدعة أو شرك كما يقول الوهابية في عصرنا هذا بل قال كما يحدّثنا القرآن الكريم بقوله : «قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (3).
ص: 31
رابعاً : إذا كان الميت لا يشعر ولا يحس فلماذا أوجب اللّه تعالى بعد مماتهم الصلوات على محمّد وآله في الصلاة الواجبة والمستحبّة فاذا كان الميّت لا يشعر ولا يحسن فيكون التشريع عبثاً مع أنه فرض واجب على جميع المسلمين في كلّ تشهد وتسليم في الصلوات ولن تقبل صلاة من دون الصلوات عليهم كما قال النووي في شرح مسلم بقوله : «ذهب الشافعي وأحمد إلى أنّها واجبة ولو تركت لم تصح الصلاة وهو المروي عن عمر وابنه عبد اللّه» (1).
وذكر هذا المعنى الامام الشافعي في أبياته :
يا أهل بيت رسول اللّه حبّكم***فرض من اللّه في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر أنّكم***من لم يصلّ عليكم لا صلاة له
أمّا كيفية الصلاة عليهم فكما جاء في كتاب الموطأ للامام المالكي ما نصه :
عن أبي مسعود الأنصاري أنّه قال : أتانا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )في سقيفة سعد بن عبادة فقال له بشر بن سعد : أمرنا اللّه أن نصلّي عليك يا رسول
ص: 32
اللّه فكيف نصلي عليك ؟ فسكت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى تمنّينا أنّه لم يُسأل، ثم قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «قولوا اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد كما صلّيت وباركت على إبراهيم وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وإله في العالمين إنك حميد مجيد» (1).
وذكر الشعراني في كتاب كشف الغمة ما يلي : قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «لا تصلّوا على الصلاة البتراء، فقيل له وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون اللّهمّ صلّ على محمّد وتمسكون بل قولوا اللّهم صلّ على محمّد وآله محمّد، فقيل: من أهلك يا رسول اللّه؟ قال: علي وفاطمة والحسن والحسين» (2).
خامساً : بعد ما رأينا انه كيف ان الميت يحسن ويشعر بموجب النصوص القرآنيّة والسنّة الشريفة والآن نستعرض الحوادث الدالّة على ما بحثناه في هذا الموضوع وهي ان بعض رؤيا في المنامات التي تدلّ على صحة ما قلناه وهي كما يلي:
1 - ما رواه ابن خلكان: قال الشيخ نصر اللّه بن مجلي مشارف الصناعة بالمخزن وكان من ثقات أهل السنّة والجماعة يقول : رأيت في
ص: 33
المنام علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له يا أمير المؤمنين تفتحون مكة فتقولون من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ثم يتم على ولدك الحسين يوم الطف ما تم فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما سمعت أبيات ابن الصيفي في هذا ؟ فقلت : لا، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): اسمعها منه ثم استيقظت فبادرت إلى دار حيص بيص وكان يلقب بهذا (1) وطرقت الباب فخرج إليّ فذكرت له الرؤيا فشهق وأجهش بالبكاء وحلف باللّه ما خرجت هذه الأبيات من فمي ولم يخطّها قلمي واني كنت قد نظمتها في ليلتي هذه ثمّ أنشدني بقوله:
ملكنا فكان العفو منّا سجيّة***فلمّا ملكتم سال بدم أبطح
وحللتم قتل الأسارى وطالما***غدونا على الأسرى نمن وتصفح
فحسبكم هذا التفاوت بيننا***وكلّ إناء بالذي فيه ينضح (2)
فانظر إلى هذه الرؤيا وكيف انّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد حول صاحب الرؤيا إلى الشاعر ابن الصيفي الذي نظم هذه الأبيات في تلك الليلة ممّا يدلّ على ان المبيت ولاسيّما المؤمن روحه شفافة لأنّها تحس وتشعر مع ان الفاصلة الزمنية أكثر من 500 سنة.
2 - ما نقله صاحب كتاب منتهى الآمال ما نصه :
ص: 34
روى عن أبي حبيب البناجي أنه قال: رأيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في المنام وقد وافي البناج وهي قرية ونزل بها في المسجد الذي ينزله الحجيج في كلّ سنة وكأنّى مضيت إليه وسلّمت عليه، ووقفت بين يديه ووجدت عنده طبقاً من خوص سعف نخل المدينة فيه تمر صيحاني، فكأنه قبض قبضة من ذلك التمر فناولني، فعددته فكان ثمان عشرة تمرة، فتأوّلت اني أعيش بعدد كل تمرة سنة، فلمّا كان بعد عشرين يوماكنت في أرض تعمر بين يدي للزراعة حتّى جائني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المدينة ونزوله ذلك المسجد ورأيت الناس يسعون إليه، فمضیت نحوه فاذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت فيه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وتحته حصير مثل ما كان تحته وبين يديه طبق خوص فيه تمر صيحاني، فسلّمت عليه فردّ السلام عليّ واستدناني منه وناولني قبضة من ذلك التمر فاذا عدده مثل ذلك الذي ناولني رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثمان عشرة تمرة فقلت له زدني يا بن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال لو زادك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لزدناك (1).
3 - ذكر لي سماحة المرجع الديني الكبير والعالم الرباني المرحوم السيّد شهاب الدين النجفي المرعشي (قدّس سِرُّه) أحد المراجع الكبار في مدينة قم، أدركته فيها وتوفّي فيها سنة 1411 ه_ انه حدّثني قائلاً في ليلة من
ص: 35
الليالي وأنا في مدينة قم فرأيت رؤيا في المنام كأني في النجف الأشرف وفي صحن مرقد مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والامام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالس على منبر له في ايوان الذهبي والشعراء ينشدون فيه شعراً، شاعر بعد شاعر وإذا بالامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : الآن جاء دور شاعرنا الفارسي محمّد حسين شهريار ليلقي قصيدته فانتبهت من نومي مستغرباً ومستفسراً عن اسم هذا الشاعر الذي كنت لم أعرفه آنذاك، فقيل لي انه يوجد هذا الشاعر في مدينة تبريز فطلبت الاتصال به ومجيئه إلى مدينة قم لأراه فجاء هذا الشاعر إلى قم واجتمع مع سماحة السيّد النجفي المرعشي فسأله السيّد هل نظمت شعراً جديداً في الامام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ فأجابه : نعم، قد نظمت قصيدة في مدح الامام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ليلة الفلانية ويوم الفلاني وإذا تاريخ نظمه يصادف تاريخ الرؤيا التي رأى الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) قائلاً الآن جاء دور شاعرنا الفارسي ومطلع القصيدة هي : « علي اي هماي رحمت» أي يا أنت مصدر الرحمة والكمال، وهي من خيرة الشعر الفارسي وتلقى على المنابر وفي المحافل العامّة.
فهنا نرى ان سماحة السيّد المرعشي يرى في عالم المنام الامام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يقول والآن جاء دور شاعرنا الفارسي محمّد حسين شهريار ليلقي قصيدته والفاصلة الزمنية بين الشاعر والامام بأكثر من 1400 سنة حينما نظم قصيدته وإذا بالامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) في نفس الليلة يقول جاء
ص: 36
دور شاعرنا الفارسي محمّد حسين شهريار ممّا يدلّ على صحة ما بيناه وقلناه من ان الميت يحس ويشعر.
وسندنا فى قولنا هذا؛ القرآن الكريم والسنّة الشريفة كما بيّناه.
4 - وهنا سؤال قد يتبادر إلى ذهن الانسان هل ان الامام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) عنده علم بنظم الأبيات للشاعر حيص بيص بن الصيفي أو عنده علم الغيب بنظم القصيدة المشهورة للشاعر محمّد حسين شهريار ؟ من العلم ان الفاصل الزمني بينهما أكثر من 1400 سنة أو عنده الهام ربّاني وذلك حينما أخبر الامام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) صاحب المنام البناجي حينما رأى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في المنام وأعطاه 18 تمرة فأعطاه الامام بمثله فقال زدني يابن رسول اللّه فأجابه الامام : لو زادك جدّنا لزدناك.
والجواب على هذا:
انّ الأئمة من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم صفوة خلق اللّه التي اختارها لخلقه ومخلوقاته وهم بهذه المرتبة منحهم اللّه رواتب علمه وغيبه وذلك استناداً إلى هذه الآيات بقوله : «لِيَعْلَمَ اللّه مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ» (1)، «وَلِيَعْلَمَ اللّه مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ» (2)، «تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ» (3)،
ص: 37
و «آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً» (1)، «وَقُل رَبِّ زِدْنِي علماً» (2).
إلى ما هناك من الآيات التي اختصها اللّه رسله وأوليائه وبهذه المراتب والمنهج الربّانى من العلم والالهام ميّزهم اللّه عن سائر خلقه ومخلوقاته.
سادساً: وجوب استعمال الوسيلة في الأمور العبادية.
انّ كلّ الأمور العباديّة الواجبة والمستحبّة هي ترتبط ارتباطاً وثيقاً باستعمال الوسيلة ولا تقبل إلّا بها فمثلاً فريضة الصلاة لو أن الانسان المصلّي ينوي بقلبه أن يصلّي ويتّصل قلبه باللّه من دون ركوع وسجود فانّ صلاته لا تقبل إلّا باستعمال وسيلة الركوع والسجود والقرائة بلسانه لا بقلبه فانّ الصلاة القلبيّة لا تنفعه ولا تقبل منه.
وكذا الحج فلا يقبل إلا باتيان أعمال الحج من لبس ثوبي الاحرام ونيته والتلبية والطواف وصلاته والسعي والتقصير أو حلق، فلو لا استعمال هذه الوسائل لما قبل حجّه، فلو أراد الانسان الحج بقلبه ويتصل باللّه من دون استعمال وسائل أعمال الحج التي هي الوسيلة القبول الحج، وهكذا قل في كثير الامور العبادية فلا يمكن قبول العمل العبادي من دون استعمال الوسيلة.
ص: 38
ونحن نتسائل لماذا هذا الاصرار على اتيان طقوس الحج وأحكامه مع أنّ بعضها قد يعطي معنى وهو مفهوم خاطئ الشرك باللّه وهو الطواف حول البيت وهى عبارة عن أحجار جلمد لا تعى ولا تشعر ومع هذا فان اللّه أمرنا بالطواف حوله وحجّنا لا يقبل إلّا به.
سابعاً: اللّه يمنح النبي أو الوصي كرامات في حياته وبعد مماته.
انّني استغرب من هؤلاء الذين ينكرون على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الكرامة التي منحها اللّه إيّاه وقرّبه إليه وكلّما قرّب الانسان من اللّه تعالى منحه صلاحيات خاصة كما جاء في الحديث القدسي : «عبدي أطعن-ي تك-ن مِثْلي أو مَثَلي تقول للشيء كن فيكون».
وهذه ميزة تتجلى فيها ما يلي:
1 - اللّه تعالى كرّم الانسان على جميع مخلوقاته ومنحه صلاحيات خاصة به وفضله على سائر المخلوقات ولهذا اختيار أنبيائه ورسله من جنسه وقد قال تعالى في كتابه الكريم: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً» (1).
فاذا كان اللّه كرمه وفضله على العالمين فلماذا نبخل عليه بكرامة
ص: 39
يمنحه الشفاعة لطلب رزق أو غيره أليس هذا القول غريب عجيب ؟ !
2 - نتيجة لهذه المنحة الالهية التى أعطاها اللّه للانسان إذ جعله أهلاً لخلافته ورسله وأنبيائه وأوصيائه من جنسه ولهذا نرى القرآن الكريم يؤكّد ويؤيد هذه الفكرة بقوله : «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» (1).
فالخلافة الإلهيّة هي أهم من منحة صلاحيات طلب الرزق وغيرها مع كلّ هذا منحها اللّه للإنسان فكيف لا يمنحه صلاحيات طلب الرزق والصحة والشفاعة.
الكرامة التي منحها اللّه للإنسان وأعطاه بعض الصلاحيات الإلهية التي هي مختصّة باللّه تعالى وهى الحياة والممات فإنّه منحها لبعض أنبيائه ورسله فهذا نبي اللّه عيسى كما عبر عنه القرآن الكريم:
«وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللّه» (2).
فاحياء الموتى هي من خصوصيات اللّه تعالى مع أنّه منحها للخواص من عباده وأنبيائه ورسله وصفة أحياء الموتى هي أرقى وأهم من صفة منحه الرزق والصحة وغيرهما مع هذا منحها اللّه للانسان فكيف يبخل عليه من منحه شفاعة من طلب رزق أو صحة وغيرهما.
ص: 40
فهل يقال : هذا شرك باللّه تعالى وهو لا يجوز، ومن يقول بهذا المقالة هو جاهل غبي لا يفهم من القرآن شيئاً والقرآن يفند هذه النظرية كما رأينا.
4 - اللّه تعالى يقول :
«الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ» (1).
فبناءاً على ما تقوله الوهابية واستناداً إلى هذه الآية أنه لا يجوز طلب الهداية من الأنبياء والأوصياء سواء كانوا احياءاً أو أمواتاً وأيضاً لا يجوز أن يطلب الإنسان من أحد اشباعه من طعام واروائه من ماء لأنّ اللّه يقول الذي خلقني فهو يهديني وهو الذي يطعمني ويسقيني، وكذا لا يجوز للانسان المريض أن يذهب إلى الطبيب لطلب شفائه وعافيته لأنّ اللّه يقول وإذا مرضت فهو يشفيني في حين أنه لا يوجد عاقل على وجه الأرض يقول بحرمة الذهاب إلى الطبيب لأنّه أيضاً هو الوسيلة التي ندب اللّه المؤمنين إليها بقوله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ» (2).
ثامناً : رأس الحسين يتلو القرآن على رمح طويل :
ص: 41
النظريّة القائلة بأنّه لا يجوز الطلب من الميت لأنه معدوم لا يحس ولا يشعر مردود بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة كما رأينا مفصلاً في بحثنا هذا والآن نضيف ما يؤكّد القرآن والسنة وهو الحدث التاريخي بالدليل والعقل والراي التاريخي الصحيح ليكون سنداً للقرآن والسنة وإليك هذا النص التاريخي :
ذكر التاريخ انّ رأس الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) السبط الشهيد بعد مقتله تكلّم و وهو مرفوع على رمح طويل كما يحدّثنا بذلك صاحب كتاب الخصائص الكبرى ما نصّه :
«راوياً عن زيد بن أرقم، قال : كنت في غرفة لي فمروا عليّ بالرأس وهو يقرأ: «أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً» (1) فوقف شعري وقلت : يابن رسول اللّه رأسك أعجب وأعجب» (2).
وذكر ابن شهر آشوب في مناقبه ما نصّه :
«روى أبو مخنف عن الشعبي أنه صلب رأس الحسين بالصيارفة في الكوفة فتنحنح الرأس وقرأ سورة الكهف إلى قوله تعالى : «إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ
ص: 42
آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدى» (1). (2).
وقد نظم الشعراء هذه الظاهرة في شعرهم قال بعضهم :
أروحك أم روح النبوة تصعد***من الأرض للفردوس والحور سجد
ورأسك أم رأس الرسول على القنا***بآية أهل الكهف راح يردّد (3)
من بحثنا هذا رأينا ان النظريّة القائلة أنّ الميّت لا يحس ولا يشعر ولماذا تطلبون منه الشفاعة والرزق والصحة لأنه معدوم، فان هذه النظرية تصطدم بالقرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة وبالعقل السليم ولهذا نحن نستغرب منهم مقالتهم هذه وإنكارهم الوساطة والطلب من النبي وآله فهم يتصفون بهذه الحالات التالية :
أ - عدم التفريق بين الدعاء الطولي الذي هو امتداد اللّه تعالى وبين الدعاء العرضي الذي يتصف بالشرك.
ص: 43
ب - أنّه غاب عنهم أنّ الدعوة والطلب من اللّه مباشرة أمر شرعي وجائز لقوله تعالى: «أَدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» (1).
وكذا أيضاً الطلب فى ابتغاء الوسيلة بواسطة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وآله أمر شرعي وجائز لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ» (2).
ج - عدم الإيمان الكامل بالقرآن و تبعيض آياته واللّه يقول في كتابه: «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ» (3).
د ان دعواهم هذه هو تعمد ايجاد الفتنة والتفرقة بين المسلمين وهو تشويه سمعة الإسلام.
ص: 44
ص: 45
ص: 46
الإسلام دين اجتماعي وقد شرّع اللّه تعالى في جميع تشريعاته لتحقيق الأهداف النبيلة ولهذا اعتبر الإسلام أصل خلقة الإنسان من أجل تحقيق التعارف والتآلف والمحبّة والمودة بين الخلق ولهذا عبّر القرآن الكريم بقوله : «يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللّه أَتْقَاكُمْ» (1).
ومن هذا المنطلق جعل استحباب زيارة المؤمن في حياته وبعد مماته فإنّها من المستحبّات المؤكّدة حتّى إنّ النبي الكريم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان يزور قبور البقيع بعد كل صلاة وكان يقول في زيارته كما جاء في كتاب تاريخ المدينة المنوّرة لابن شبه النميري وهي كما يلي: حدّثنا محمّد بن سنان، عن شريك، عن عاصم بن عبداللّه، عن عبد اللّه بن عامر، عن عائشة أنها قالت : خرج النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الليل فتبعته، فأتى البقيع - أو قال : المقبرة - فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : السلام علیکم یا دیار قوم مؤمنین،
ص: 47
وإنّا بكم لاحقون أنتم لنا فرط، اللّهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم (1).
وهناك اهداف وعبر يستفاد من زيارة مراقد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و آله (عَلَيهِم السَّلَامُ) ولا يتحقق ذلك إلا بالاحتفال بذكريات النبي وآله من ولادة أو وفاة والأهداف التي تتحقق من هذه الذكريات والزيارات هي ما يلي:
الاحتفال بذكرى مولد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وذكريات أهل بيته وآله أو صَلَّى اللّه زياراتهم هو يعني ربط الأمة باسلامها العظيم وماضيها العتيد لأنّ فواصل الزمن قد تبعد الانسان عن ماضيه وعقيدته فتأتي هذه الذكريات والزيارات فتربط الجيل الحاضر بايمانه وإسلامهم وربط الأمة باسلامها هو من أهم الشعائر الاسلامية التي عناها اللّه بقوله : «وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللّه فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب» (2).
أو قوله تعالى : «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَة» (3).
ص: 48
فان ذكريات النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأولاده الطاهرين أو زيارة مراقدهم هي أشبه ما تكون بمحطات وقودية للايمان ومراكز لتزويد الانسان بالطاقة الايمانية حتّى يستطيع أن يواصل المسيرة الالهية لأن فواصل الزمن تبعد الانسان عن إيمانه وعقيدته فتأتي هذه الذكريات وهذه الزيارات للمراقد المقدّسة فتشحن الانسان إيماناً وتربطه بعقيدته وإسلامه حتّى يستطيع أن يواصل المسيرة الزمانية مع الارتباط الكامل بايمانه وعقيدته فكما أنّ السيارة لا تستطيع قطع المسافاة البعيدة إلّا بالتزوّد من محطات الوقود الموجودة في الطريق حتّى تواصل المسيرة لقطع المسافاة الطويلة كذلك الإنسان لا يستطيع مواصلة إسلامه وإيمانه إلا بالتزوّد من هذه المحطّات الايمانية فالاحتفالات هي التي تربط الانسان بایمانه بذكريات النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و آله أو زيارة مراقدهم المقدّسة ولو لا هذه الذكريات لعاش الانسان فى جهله وحيوانيته كما عليه كثير من الأمم والمذاهب ولنضرب لذلك مثالين :
أ - هناك كثير من الناس في عصرنا الحاضر من يعبد الانسان ويعتقد به أنّه اللّه خالق ويتبرك ببوله وعذرته كما هو الحال في الهند وغيرها من الأمم الكافرة.
ب - لا يزال كثير من المسلمين الذين لا تتواجد عندهم هذه
ص: 49
الذكريات وهذه المراقد المقدّسة يعيشون في جهل عميق وهم غير ملتفتين لجهلهم كما حدث لي هذه الحادثة اللطيفة كنت في زيارة للشام المرقد السيدة زينب (عَلَيهَا السَّلَامُ) علي عقيلة الهاشميين فلما خرجت من مرقدها العقيلة الطاهر ذاهباً للشام فركبت السيّارة الموجودة عند الحرم فلما جلست في السيارة فرأيت صورة امرأة راقصة معلّقة في السيارة وتحت الصورة كتيبة الآية الكريمة وهي: ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب، فتعجبت لهذا الأمر وإذا برجل شيبة من أهل الشام يصعد إلى السيّارة ويجلس في المقعد إلى جانبي من دون سلام فلمّا سارت السيّارة فسألت الرجل قائلاً له : ما هذه الصورة ؟ فأجابني: صورة امرأة راقصة، فقلت له : وما هذه الكتبية تحت الصورة ؟ فقال : ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب، فقلت له : ما هو الارتباط بين الصورة والكتيبة ؟ فالتفت إليّ قائلاً : يا شيخ نحن شيعة معاوية هكذا أدبنا معاوية أن لا نفرّق بين الناقة والجمل بينما أنتم شيعة علي تفرّقون بين هذه الأمور والأشياء. وبهذه العقلية وهذا الجهل حارب معاوية الامام أمير المؤمنين على اللا كما قال معاوية لأحد أصحاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): قل لعليّ : إنّي أحاربه برجال لا يفرقون بين الناقة والجمل.
ص: 50
اللّه سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم : «قُل لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» (1).
والاحتفال بذكر مواليد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و آله وزيارة قبورهم هو إظهار للمودّة والمحبّة والأمة حينما تحتفل بهذه الذكريات تعلن عن محبّتها ومودّتها للنبي وآله وإظهار المودّة لهم هو الفرض القرآنى من قبل اللّه ورسوله بموجب هذه الآية الكريمة. والنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حينما سئل من هم قرابتك يا رسول اللّه التي أوجب اللّه تعالى علينا مودتهم ؟ قال : هم على وفاطمة والحسن والحسين، فالاحتفاء بهم هو شعار المحبّة والمودّة وتطبيقاً للآية الكريمة : «قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» (2).
ونحن نقول لهؤلاء الأدعياء : كيف يكون تطبيق آية المودّة القرآنية هو شرك وبدعة وتكفير ؟ !
الاحتفال بمولد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأولاده أو وفياتهم هو سنّة نبويّة سنّها
ص: 51
رسول اللّه في مولد الامام الحسن والامام الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) حينما ولدا، فانّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أسرع إلى بيت علي وفاطمة وسماهما الحسن والحسين وتصدّق بشعر رأسيهما فضّة أو ذهباً وعق عنهما بذبيحة لكلّ واحد منها وصنع لهما وليمة ودعى المؤمنين إليها فهذا هو الاحتفال والاحتفاء بعينه فالاحتفال بذكرياتهم هو سنة نبوية فكيف تكون بدعة وشرك وهل ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعمل البدعة أو حينما حزن رسول اللّه بوفاة عمّه أبي طالب مؤمن قريش وخديجة أمّ المؤمنين عاماً واحداً وسماه بعام الحزن وهل هذا هو البدعة ؟
أمّا الاحتفاء بمراقد الأنبياء والأئمة والصالحين، قد دعى إليها القرآن الكريم وحثّ عليها وذلك حينما عثر على مكان أجساد أصحاب الكهف فنرى آيات القرآن تحت المؤمنين على الاحتفاء بمكانهم وجعله مزاراً ومكاناً للصلاة والدعاء كما عبّر عن ذلك القرآن الكريم بقوله : «قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَ عَلَيْهِم مَّسْجِداً» (1) أى مكاناً للصلاة والدعاء وقراءة القرآن وغيرها من الوسائل التي توصل
ص: 52
الانسان باللّه سبحانه وتعالى كما هو عليه مرقد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومراقد الأئمة من أهل بيته.
ونحن نقول لهؤلاء الأدعياء هل ان الاتصال باللّه هو بدعة وشرك.
الغريب من انصاف العلماء الذين يدعون العلم زوراً وبهتاناً وينطبق عليهم قول الشاعر :
حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء
وجهلاً منهم قائلين أنّ الاحتفال بذكريات النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وآله وتعظيمهم هو بدعة وشرك لأن اليهود والنصارى كانوا يعظمون زعمائهم فهو يكون تشبيهاً باليهود والنصارى وهو المنهى عنه فى الشريعة الاسلامية للنصّ القائل «لا تتشبّهوا باليهود والنصارى» وهذا الادعاء باطل من أساسه لأن المنهي عنه هو التشبّه باليهود والنصارى التشبّه العقائدي السلبي للنصّ القائل : «لا تتشبّهوا باليهود والنصارى لأنّهم قالوا: نحن أبناء اللّه وأحباؤه وقالت اليهود عزير ابن اللّه وقالت النصارى المسيح ابن اللّه».
وهذا هو التشبّه المنهي عنه الذي نسمّيه التشبه العقائدي المنفي لا مطلق التشبه فانّه لا معنى له ولا يمكن تحقيقه، لأنه ينطبق على كثير من
ص: 53
الأشياء فمثلاً:
اليهود والنصارى يؤمنون باللّه وبرسله فالمفروض بنا أن لا نؤمن باللّه ولا برسله لأنّه يكون تشبهاً باليهود والنصارى وهذا قول عجيب غریب !
اليهود والنصارى يؤمنون بالمعاد يوم القيامة فيجب علينا أن لا نؤمن بالمعاد لأنه يكون تشبيهاً باليهود والنصارى.
اليهود والنصارى يؤمنون بنبوّة موسى وعيسى فينغي علينا أن لا نؤمن بهما لأنّه تشبّه باليهود والنصارى.
اليهود والنصارى يأكلون، فيجب علينا أن لا نأكل لأنّه إذا أكلنا يكون التشبّه بهم.
اليهود والنصارى ينامون، فيجب علينا أن لا ننام لأنه تشبّه بهم.
اليهود والنصارى يسافرون، فيجب علينا أن لا نسافر لأنّه تشبّه بهم.
اليهود والنصارى يركبون الطائرة والسيّارة فيجب علينا أن لا تركبهما لأنه تشبّه بهم.
اليهود والنصارى يغسلون أبدانهم بالماء، فيجب علينا أن لا نغسل أبداننا لأنّه تشبّه بهم.
وهكذا قل فانّ هذه الأشياء لا تسمّى تشبهاً لئلّا تختلّ الحياة ولا
ص: 54
يقول أحد بهذا التشبيه والخلاصة من بحثنا هذا أنّ التشبه المنهي عنه هو التشبه العقائدي المنفي والسلبي لا مطلق التشبّه.
ونستخلص من بحثنا هذا النتائج التالية :
أوّلاً : إنّ القرآن الكريم قد دعى وندب المؤمنين في كلّ عصر وزمان أن يحترموا مراقد المؤمنين والصالحين وساداتهم وأئمتهم ويستفيدوا من وجودها وذلك لزيادة إيمانهم وتقربهم إلى اللّه في طاعته ورضوانه وتمسّكاً في عقيدتهم الايمانية ولهذا نرى القرآن الكريم يصرح بذلك ويندب إليه وذلك حيثما عثر المؤمنون على أجساد وجثث أهل الكهف فعبر القرآن الكريم بقوله : «قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَ عَلَيْهِم مَسْجِداً» (1).
أي مكاناً للدعاء وللصلاة وذكر اللّه تعالى وأي مكاناً أكثر ذكراً للّه من مرقد الرسول الأعظم ومراقد أهل بيته وآله، فتهديم قبورهم هو مخالف ومعاكس للمفهوم القرآني القائل لنتخذنّ عليهم مسجداً.
ثانياً : ان النبي الكريم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان يزور قبور أهل البقيع بعد كلّ صلاة ويخاطبهم بخطاب خاص ويقول: «السلام عليكم ديار قوم مؤمنين، وإنا بكم لاحقون أنتم لنا فرط، اللّهمّ لا تحرمنا أجرهم ولا تفتننا
ص: 55
بعدهم وغيرها من الزيارات الاخرى (1).
ونحن هنا نتساءل :
أولاً : لماذا النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يزور قبور أهل البقيع بعد كلّ صلاة ولا سيّما بعد صلاة الصبح أو العصر ويخاطبهم بخطاب خاص ويسلّم عليهم لأنّ الميت المؤمن والفاسق يحسّ ويشعر ويفهم ويتكلّم في عالم البرزخ وذلك لقوله تعالى حيث يشعر المذنب بسوء عمله فيقول : «رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيما تَرَكْتُ» (2).
وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) القتلى المشركين في قليب بدر مخاطباً إيّاهم بقوله : «إنّا وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّاً فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقّاً»، فقيل له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): انك تدعو أمواتاً ؟ ! فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «ما أنتم بأسمع منهم» (3).
أمّا إذا قلنا إن الانسان إذا مات انعدم فهو رأي الملحدين والمنكرين ليوم الحساب والكتاب كما قال الغزالي في كتابه إحياء العلوم وما نصّه : «ظنّ بعضهم أنّ الموت هو العدم، وهذا رأي الملحدين» (4).
ص: 56
وثانياً: لماذا لا يزور النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قبور المشركين أو مكان مذبح الحيوانات ولماذا لم يسلّم عليهم ؟ من هذا السؤال يتضح لنا أن المؤمن له قدسيّة ومكانة عند اللّه وعند رسوله حيّاً وميتاً ولهذا خصّ بالزيارة والدعاء والصلاة عند مراقدهم ولم يخص غيرهم من المخلوقات ؟
ثالثاً: نحن أيضاً نتساءل أين دفن الرسول الأعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ أليس دفن في مسجده ومن الذي دفنه في مسجده أليس أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبقيّة الصحابة والسلف الصالح ؟ فلماذا لا نتّبع سيرة السلف الصالح ؟ ولماذا لم نقتدي بهم ؟ ونحن نقول وندعي من أتباع السلف الصالح وأتباع الصحابة ؟ أين هذه الدعوى في عصرنا الحاضر الذين يمنعون من زيارة القبور ويهدمونها ويخربون الآثار وينكرونها ويقولون أنّها بدعة أو شرك، فهل كان الصحابة والسلف الصالح من أهل البدع والشرك والعياذ باللّه.
رابعاً : إنّنا نرى في عصرنا المتمدّن الحاضر، أن كثيراً من الدول المتمدنة والشعوب المتحضّرة تصنع لها رموزاً خيالية وقبوراً وهمية لا حقيقة لها ومع كل هذا تصنع مكاناً ورمزاً وتسمّيه - قبر الجندي المجهول واسمه معه - مجهول - وأيّ شخص من رئيس أووزير يزور البلاد يأتي إلى ذلك القبر المجهول ليضع اكليلاً من الورود والزهور،
ص: 57
ونحن لدينا مراقد مقدّسة وذوات طاهرة دافعت عن الإسلام والمسلمين وبذلت وضحت من أجله فبدل أن نصنع لهم قبوراً ورموزماً كما حثّ وندب القرآن الكريم إليه، بل نأتي لنهدم القبور والمراقد المقدّسة ونقتل المؤمنين الذين يزورونهم كما يصنع اليوم الارهابيون في عصرنا الحاضر بموجب فتاوى أدعياء العلم.
أهذا هو تطبيق للآية الكريمة : لنتخذن عليهم مسجداً؟ أم هذا هو تحقيق وتطبيق للزيارة التي كان يقوم بها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ أم هذا هو التمدّن العصري والرقي الحضاري ؟ أم هذا هو الجهل بعينه وتشويه سمعة الاسلام؟ أفتونا يا مسلمون.
ص: 58
ص: 59
ص: 60
سيّدنا هناك بعض القنوات التلفزيونيّة تقول وتدعي انّه لا يجوز الدعاء وطلب الحوائج من غير اللّه تعالى لأنّه شرك باللّه فما هو رأي الاسلام في ذلك ؟ أفيدونا جزاكم اللّه خيراً.
ص: 61
ص: 62
هل يجوز الدعاء والطلب من غير اللّه ؟
الغريب من بعض القنوات التلفزيونيّة أن تسخر جلّ أوقاتها في تشويه سمعة الاسلام و تحریف معالمه و مفاهیمه بشكل علني وسافر من دون حياء وخجل وهي تدّعي الحرص على الاسلام ومن هذه المفاهيم التوسل بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والأئمة من آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) - بدعوى باطلة من أنّها شرك باللّه استناداً كما يقولون إلى هذه الآية الكريمة: «فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللّه أَحَداً» (1) ويطبلون لهذه الشبهة مصرين على أنّها شرك باللّه.
الجواب:
انّ هذه الشبهة مردودة من جهات عديدة :
أولاً : انّ الاستدلال بهذه الآية : «وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للّه فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللّه أَحَداً» ناقص وبتر للآية الكريمة لأنّ الآية في بدايتها تقول : وانّ المساجد اللّه فلا تدعوا مع اللّه أحداً فانّها تدلّ على حرمة السجود لغير
ص: 63
اللّه تعالى بدليل قوله تعالى: «وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للّه» فانه لا يجوز السجود لغير اللّه ولا تدلّ على منع الطلب من غير اللّه ولا ربط لها ولا ارتباط بها على عدم الطلب من غير اللّه تعالى فادعائهم هذا باطل من أساسه لأنّهم بتروا أوّل الآية وهي ان المساجد اللّه وأخذوا واستدلوا بآخر الآية فلا تدعوا مع اللّه أحداً وهي بعيدة عن المعنى الذي ينشدونه.
ثانياً : ان الطلب من اللّه وارد في القرآن الكريم وكذلك الطلب من غير اللّه أيضاً هو وارد في القرآن الكريم ولا يمكن التبعيض وإذا قلنا لا يجوز الطلب من غير اللّه فهو تبعيض للقرآن ومردود بالآية الكريمة وهى بقوله تعالى : «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِ الْعَذَابِ وَمَا اللّه بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» (1).
ثالثاً: ان الدعاء والطلب على شكلين :
الف) الدعاء والطلب من اللّه مباشرة فهو جائز ووارد في القرآن الكريم بقوله تعالى : «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» (2).
ب) الدعاء والطلب من غير اللّه فهو أيضاً جائز ووارد بالقرآن بقوله
ص: 64
تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ» (1).
والوسيلة هي الطلب من الأنبياء والمرسلين والأئمة والصالحين لأنهّم وسيلة جعلهم اللّه للعباد والبلاد.
رابعاً : ان بعض أنبياء اللّه ورسله التجأوا إلى الوسيلة وكان بامكانهم أن يطلبوا من اللّه تعالى مباشرة فهذا نبى اللّه ورسوله يوسف (عَلَيهِ السَّلَامُ) التجأ إلى القميص الذي قد لازم جسم نبي من أنبياء اللّه، فانّه حينما عرف نفسه إلى اخوته وسألهم عن أبيهم نبي اللّه يعقوب، فأخبروه بأن عينيه قد ابيضّتا من الحزن وهو كظيم، فانّ نبي اللّه يوسف لا التجأ إلى القميص المذكور قائلاً له: «اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً» (2).
ومع امكانه أن يطلب من اللّه مباشرة من دون أن يلجأ إلى القميص وهو الوسيلة التي أقرها اللّه في الآية المذكورة.
ولما وصل القميص إلى نبي اللّه يعقوب (عَلَيهِ السَّلَامُ) استقبله ووضعه على وجهه فصار بصيراً كما قال تعالى: «فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً» (3).
ص: 65
فكان بامكانه أيضاً أن يطلب من اللّه مباشرة من دون اللجوء والرجوع إلى الوسيلة وهي القميص ممّا يدلّ على جوازه وشرعيّته كما ورد في القرآن الكريم.
خامساً: الطلب من غير اللّه على نحوين:
الف) الطلب العرضي من غير اللّه.
فهو لا يجوز لأنه طلب من دون اللّه فهو محرّم ومردود فلو طلب الانسان من النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أو الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مقابل اللّه وعرضه فهو لا يجوز لأنه طلب من دون اللّه وفي مقابله فهو مردود ومحرم شرعاً ولا يجوز ذلك.
ب) الطلب الطولي من غير اللّه.
وهذا اللون من الطلب الطولي الذي هو امتداد للّه تعالى فانا وأنت نطلب من الرسول الأعظم باعتباره رسول اللّه أو نطلب من الامام أو الأئمّة باعتبارهم أولياء اللّه لا في مقابل اللّه ولا في عرضه بل هو طلب طولي الذي هو امتداد اللّه تعالى فهو جائز ولا مانع من ذلك كما جاء في القرآن الكريم بقوله : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ» (1).
فان قيل المشركون يطلبون من الأصنام لأنّها تقربهم إلى اللّه زلفى.
ص: 66
«مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللّه زُلْفَىٰ» (1).
وهذه الشبه غريبة وعجيبة حيث ان الأصنام لا تفهم ولا تعي وهي عديمة الاحساس لأنّها أحجار جلمد للأمور التالية :
الف) الطلب من الصنم وهو حجارة جامد لا تعي ولا تفهم وليس لها أي احساس وهو نوع من الشرك باللّه ومعالمه.
بينما الطلب من النبي أو الامام هو من معالم التوحيد الالهي وأهم مظاهره، باعتباره أمتداد اللّه لأنه رسوله أو وليه.
بينما الصنم وعبادته من شعائر الشرك باللّه تعالى في حين ان الطلب من الأنبياء والرسل والأئمّة هو رمز للتوحيد الالهي باعتباره هو امتداد للفكرة الالهية والايمان باللّه سبحانه و تعالى.
ب) ان الطلب من الصنم كان من شعائر المشركين حيث انهم صنعوا لهم أصناماً يعبدونها بدعوى أنّها تقربهم إلى اللّه تعالى ولهذا صار الصنم شعاراً للشرك فانّهم يطلبون من الصنم ويعبدونه بينما الطلب من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) باعتباره رسولاً للّه وكذا الطلب من الأئمة باعتبارهم أولياء اللّه تعالى فهو من شعائر التوحيد في مقابل شعائر الشرك.
ص: 67
سادساً : ان أكثر عبادتنا تأتي عن طريق الوسيلة ولا تقبل بغيرها.
ولنضرب مثلاً على ما نقول :
1 - فمثلاً الحج، ان اللّه تعالى حينما فرض علينا الحج بقوله: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» (1).
فيجب على كلّ مسلم بالغ عاقل مستطيع من ذكر أو أنثى أن يذهب إلى مكّة المكرّمة ويحرم من الميقات ويلبي تلبية الاحرام ويأتي إلى الكعبة الشريفة ويطوف حولها سبعاً ويصلي ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو إلى جنبه ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط ويذهب إلى عرفات والمبيت في المشعر الحرام المزدلفة إلى طلوع الشمس ويأتي إلى منى ويرمي الجمرة الاولى بسبعة حصيات ويضحي بشاة ويقصّر فعندها تقبل حجته وهذه كلّها شكليّات ووسائل أوجبها اللّه على الحاج.
فلو أراد الحاج أن يقوم في بلده باتيان واجبات الحج ويحرم من مسجد بلده ويلبّي تلبية الاحرام ويطوف حول مسجد بلده سبعة أشواط فهل ان اللّه يقبل منه حجّته ان اللّه تعالى موجود في كلّ مكان فلا
ص: 68
يقبل حجّته إلّا بالذهاب إلى مكة المكرّمة واتيان واجبات الحج فيها فهي أيضاً وسيلة لقبول الحج عند اللّه تعالى فهل الطواف حول الكعبة والسعي بين الجبلين الصفا والمروة شرك باللّه لا يقول بهذه المقال إلا مشرك أو منحرف ؟
2 - وهكذا قل حينما فرض اللّه علينا الصلاة بقوله : «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ» (1).
فيجب اتيان الصلاة بهذا الشكل المفروض علينا من قيام وركوع وسجود و اتيان بقيّة الواجبات... الخ.
فلو أراد الانسان أن يقيم الصلاة بقلبه من دون قيام وركوع وسجود فلا تقبل صلاته إلّا بهذه الوسيلة وبهذه الشكليّة.
والخلاصة : فان جل عباداتنا مرهونة باتيان الوسيلة واتباع الشكلية فلا صلاة إلا بهذه الكيفية وبهذه الشكلية فهل يمكن لنا القول للحاج بمكّة انّك تعبد الأحجار التي تطوف حولها والجبال التي تسعى بينها الصفا والمروة وهذا القول هو هراء وسخيف ومخالف للتشريع الاسلامي ومنافي للعقيدة الاسلاميّة الحقّة.
ص: 69
فكذلك الطلب والدعاء من اللّه مطلوب في القرآن والطلب أيضاً من غير اللّه مطلوب فى القرآن الكريم عن طريق الوسيلة لأنه امتداد للفكرة الالهيّة.
ص: 70
القرآن الكريم
احياء العلوم للغزالي
الارشاد للشيخ المفيد
تاريخ المدينة المنوّرة لابن شبه
النمري المصري
تفسير البيضاوي
الخصائص الكبرى
شرح النووي
صحيح البخاري
صحيح الترمذي
صحیح مسلم
الصواعق المحرقة لابن حجر
كشف الغمّة للشعراني
كنز العمال للمتقي الهندي
مقتل الحسين للسيد المقرم
المناقب لابن شهر آشوب
الموطأ للامام مالك
وسائل الشيعة للشيخ الحرّ العاملي
تفسير الدر المنثور للسيوطي
ص: 71
موسوعة الامامة في نصوص أهل السنّة
الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي
منتهى الآمال للشيخ عبّاس القمي
شواهد التنزيل للحاكم النيشابوري
ص: 72
1 - الوثائق الرسمية لثورة الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)
2 - الصوم بحث ودراسة
3 - علي ومواقفه البطولية
4 - علي ومدرسته الحربية
5 - مدرسة علم الأخلاق النظري
6 - الشركة في الفقه الاسلامي
7 كتاب الأسئلة والأجوبة الاسلامية صدر منها حتّى الآن سبعة أعداد
8- واقعة بدر الكبرى
9 - نظرية النبوة والامامة والخلافة في الاسلام
10 - الصلاة واجباتها وأحكامها
ص: 73
11 - دروس في تزكية النفس وتكاملها
12 - مفاهيمنا
13 - مفهوم الشعائر الحسينية
14 - تاريخ المدارس الأخلاقية قديماً وحديثاً
15 - التشيّع هو النبع الصافي للإسلام
16 - التشريع الإسلامي وتطوّر الزمن
17 - أوهام أحمد الكاتب وأساطيره
18 - خرافات عثمان خميس وأوهامه
19 - ثلاث مناظرات في مكة المكرمة والمدينة المنوّرة
20 - التشيّع هو المذهب الرسمي للاسلام بالنص القرآني والنبوي
21 - النصائح الوافية لأتباع الوهابية والسلفية
22 - فكرة الامام المهدي فريضة إسلامية بالنص القرآني والنبوي
23 - لماذا الاختلاف بين المذاهب الاسلامية مع وضوح النص القرآني والنبوي وقد صدر منها حتّى الآن 15 عدد
24 - ثلاث شبهات تلفزيونية لابد من الاجابة عليها
ص: 74
25 - أحكام المسافر مع زيارة الامام الرضاء (عَلَيهِ السَّلَامُ)
26 - مواقف انسانية هادفة للإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)
27 - الدین: نشوئه و تقوية ايمانه وتطور تشريعه مع الزمن
28 - نظرية النبوة والامامة والخلافة في الاسلام، الطبعة الثانية فيها زيادة واضافة
29 - زيارة قبور المؤمنين والطلب منهم جائز بالنص القرآني والنبوي
ص: 75
ص: 76
زيارة قبور المؤمنين...6
شبهة وردّها من القرآن والسنّة...7
تحريم تهديم المساجد والسعي في خرابها ومنع الصلاة فيها...8
ومنها البيوت التي يذكر اللّه فيها...9
شبهة رقم - 1 - هل الإنسان في عالم البرزخ وبعد الموت يحس ويشعر ؟
هل الانسان بعد الموت يحس ويشعر ؟...15
الأولى : مرحلة عالم الذرّ...15
الثانية : مرحلة عالم الرحم...16
الثالثة : مرحلة عالم الدنيا...16
ص: 77
الرابعة : مرحلة عالم البرزخ وأنواعه...17
كيف يسمع ويرى الإنسان الميت...18
أوّلاً : الدليل القرآني...19
ثانياً : الدليل النبوي...21
شبهة الدعوة والطلب من الموتى...27
شبهة لا يجوز الطلب من غير اللّه...30
كيفية الصلوات عليهم...32
الرؤيا الثلاث والأدلّة على ذلك...33
الخلاصة...43
شبهة رقم - 2 - لماذا نزور ونحتفل بذكريات النبي وآله ؟
لماذا نزور مراقد النبي وآله ونحتفل بذكرياتهم ؟...47
أولاً : ربط الحاضر بالماضي...48
ثانياً : إنّها محطات وقود إيمانيّة...49
ص: 78
ثالثاً: الاحتفال بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وآله وزيارتهم والآية المودّة...51
رابعاً : الاحتفاء بهذه الذكريات سنّة نبويّة...51
خامساً: الاحتفاء بمراقد الأنبياء هدف قرآني...52
سادساً : الاحتفاء بالنبي وآله تشبيهاً باليهود والنصارى... 53
شبهة رقم - 3 - هل يجوز الدعاء والطلب من غير اللّه ؟
هل يجوز الدعاء والطلب من غير اللّه ؟...63
الطلب من اللّه والطلب عن طريق الوسيلة جائز...64
أنبياء اللّه يلجئون إلى الوسيلة...65
الطلب الطولى والطلب العرضي...66
المصادر...70
كتب المؤلّف...71
المحتويات...76
ص: 79