قزوینی عبدالکریم، 1317 ه- ش .
الوضوء فى الكتاب و السنّة / تأليف عبدالكريم قزوینی(1317 ه- ش) ؛ قم برگزیده، 1388.
16 ص . - ( برگزیده؛ مقاله؛ 1) چاپ اوّل
کتابنامه : ص . 16 ؛ همچنین بصورت زیرنویس
1.احادیث 2. اعتقادی .
الف) قزوینی عبدالکریم 1317 - مؤلف. ب) نشر برگزیده
الوضوء فى الكتاب و السنّة
عبدالكريم الحسيني القزويني
تولید و پخش: ارزشمند
الناشر: برگزیده
الطبعة الاولى: 1388
الكمية: 5000 نسخة
المطبعة : ولی عصر (عجل الله تعالی فرجه الشریف)
الشابک : 1-12-245-964-978
الشابك الدوره: 7 - 010 - 245-964-978
کلیه حقوق چاپ و نشر محفوظ و مخصوص است
سایت مؤلف http://www.qazvini.org
قم - خیابان شهدا - کوی 23 - پلاک 18 - تلفن 7745081/7744125
محرر الرقمي: علي کهن کار
ص: 1
لماذا الاختلاف بين المذاهب الإسلامية
مع وضوح النصّ القرآني والنبوى
2
الوضوء
في الكتاب والسنّة
دراسة موضوعية لاختلاف المذاهب في الوضوء
على ضوء القرآن والسنّة
عبدالكريم الحسيني القزويني
www.Qazvini.org
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
احمدلله ربَ العالمین
والصلاة والسلام علی سیّدنا محمّد
وآله الطیّبین الطاهرین
ص: 3
ص: 4
قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(1).
الوضوء من شروط الصلوات الواجبة والمستحبّة ما عدى صلاة الميّت لأنه من باب مقدمة الواجب ولا صلاة الّا بوضوء.
حصل الاختلاف في كيفية الوضوء بين المذاهب الإسلامية ولكننّا نستغرب من حصوله بين هذه المذاهب
ص: 5
مع توفّر أسباب وشروط عدم الاختلاف فيه وذلك للأسباب التالية:
السبب الأوّل - : إنّ ظاهرة الوضوء تلازم وتباشر الإنسان المؤمن في أوقاته العبادية الخمس بالاضافة إلى بقية الواجبات في الوضوء واستحبابها الواردة في الكتب الفقهية ولهذا نحن نستغرب كيف حصل هذا الاختلاف في هذه الظاهرة العبادية الواجبة التي يمارسها المؤمن في كثير من واجباته ومستحبّاته في عدّة مرّات يومياً ممّا يقوى الظنّ إنّ هذا الاختلاف فى الوضوء مستحدث بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.
السبب الثاني - : إنّ الروايات المروية من طريق أهل البيت عن كيفية وضوء جدّهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم تبيّن وتوضّح كيفية وضوئه صلی الله علیه وآله وسلم وإذا أراد إنسان أن يسأل عن صفات رجل ما فإنّه يسأل أقربائه وأهل بيته لأنّهم أدرى بصفاته وتقاليده وعاداته. وإنّهم بيّنوا كيفية وضوئه صلی الله علیه وآله وسلم وإليك صورة وضوئه صلی الله علیه وآله وسلم في هذه الرواية:
عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
ص: 6
عمر بن أُذينة، عن زرارة وبكير أنّهما سألا أبا جعفر علیه السلام عن وضوء رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فدعا بطست أو تور فيه ماء
فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبّها على وجهه فغسل بها وجهه، ثمّ غمس كفّه اليسرى فغرف بها غرفة فأفرغ على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكفّ لا يردّها إلى المرفق، ثمّ غمس كفّه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق وصنع بها مثل ما صنع باليمنى، ثمّ مسح رأسه وقدميه ببلل كفّه لم يحدث لهما ماءً جديداً، ثمّ قال: ولا يدخل أصابعه تحت الشراك؛ قال ثمّ قال: إنّ الله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) فليس له أن يدع شيئاً من وجهه إلا غسله، وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين فليس له أن يدع من يديه إلى المرفقين شيئاً إلّا غسله، لأنّ الله تعالى يقول: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ).
ثمّ قال:«وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين» فإذا مسح بشيء، من رأسه، أو بشيء من قدميه ما بين
ص: 7
الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه، قال: فقلنا أين الكعبان؟ قال: هيهنا يعني المفصل دون عظم الساق فقلنا: هذا ما هو؟ فقال هذا من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك، فقلنا: أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزي للوجه وغرفة للذراع ؟ قال: نعم إذا بالغت فيها والثنتان تأتيان ذلك كله.
ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير نحوه إلّا أنّه أورد منه حكم المسح في بابه وحذف باقيه مع التنبيه عليه .
ورواه أيضاً بإسناده عن محمّد بن يعقوب .
أقول: المراد من الثنتين غرفة الوجه وغرفة الذراع واللام للعهد الذكري ولا أقل من الاحتمال فلا دلالة فيه على استحباب التثنية(1).
وجاء في حديث 26908 من كنز العمّال:
عن أبي مطر قال: بينما نحن جلوس مع علي في
ص: 8
المسجد جاء رجل إلى علي وقال: أرني وضوء رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فدعا قنبر فقال: ائتني بكوز من ماء فغسل يديه ووجهه ثلاثاً، فأدخل بعض أصابعه في فيه واستنشق ثلاثاً، وغسل ذراعيه ثلاثاً، ومسح رأسه واحدة إلى أن يقول ورجليه إلى الكعبين (1).
السبب الثالث -: على فرض أنّ أحد العلماء بيّن كيفية وضوء النبي الله صلی الله علیه وآله وسلم كما هو الآن عليه المذاهب ولكن جاء عالم آخر وفقيه من فقهاء أهل البيت وبيّن حقيقة وضوء رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وكيفيته تخالف ما عليه وضوء بعض أهل المذاهب فنقول بمن يؤخذ؟ وعلى من يعتمد على فرض القول بالتساوي بين العالمين، فالعقل هنا يرشد ويبيّن ويشير أن نأخذ برأي العالم من أهل البيت أوّلاً: لأنّه أدرى بما في البيت وثانياً: لأنّ علماء أهل البيت فيهم نصّ صريح من قبل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فيكون مقدّماً على العالم من غير أهل البيت علیهم السلام الذي لا نصّ عليه.
ص: 9
السبب الرابع - : إنّ آية الوضوء الدالَة على وجوبه بيّنة وظاهرة وواضحة كلّ الوضوح ولا نجد فيها أي لبس أو غموض وذلك لأنّها تحتوي على شعبتين:
الشعبة الأُولى الغسل يشمل جانبين:
1 -: وهو وجوب غسل الوجه طولاً من قصاص الشعر إلى آخر الذقن وعرضاً وهي ما تشتمل عليه الابهام والسبّابة الوسطى لغسل العارضين وهذا ما يستفاد من الآية الكريمة واغسلوا وجوهكم أي بوجوب غسل الوجه .
2 -: وهو أيضاً وجوب غسل الأيدي ويستفاد ذلك من الآية الكريمة واغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق.
فهنا نستفيد وجوب غسل الوجه والأيدي من الآية الكريمة لأنّها تحتوي على فعل وفاعل وهو اغسلوا وعلى المفعول المنصوب وهو وجوهكم وأيديكم وهنا تمّت شعبة الغسل .
الشعبة الثانية -: المسح : وهو غير الغسل ويأتي دوره
ص: 10
بعد غسل الوجه واليدين ويحتوي على جوانب عديدة:
أ - مسح الرأس وهو وجوب المسح ببعض الرأس لا كلّه لقوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ).
ب - وأرجلكم وهو أيضاً وجوب المسح على القدمين من رأس الأصابع إلى الكعبين ويستفاد ذلك من الآية الكريمة (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) فتتكوّن هذه الآية من فعل وفاعل وهي امسحوا برؤسكم وأرجلكم مفعول لا مسحوا وعلامة نصبه بالفتح فعلى كل حال مسح الرأس والرجلين يكون مفعول للفعل والفاعل في جملة - وامسحوا-.
ج -: إنّ الله تعالى أراد أن يبيّن حكم مسح بعض الرأس وبعض القدمين لا كلّها ولهذا أدخل الباء برؤوسكم قائلاً: وامسحوا برؤوسكم يعني ببعض رؤوسكم لا كلّه وببعض أرجلكم لاكلها.
د -: فالأصل مسح بعض الرأس وبعض القدمين مأخوذ ومستفاد من الآية الكريمة وامسحوا برؤوسكم لأنّ باء الجر دخلت على رؤوسكم فقرأ بكسرة السين
ص: 11
برؤوسكم فهي مجرورة بالكسر لحرف الجرّ وهو الباء برؤوسكم، وأمّا الأرجل فقُرأت بالجر وأرجلكم بكسر اللام لأنّها معطوفة على باء الجر برؤوسكم وقرأت أيضاً بفتح اللام لأنّها مفعول للفعل والفاعل الذي هو وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم ولهذا قيل الوضوء غسلتان ومسحتان فهو مأخوذ من الآية الكريمة (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) وإذا أراد الله غسل القدمين فيلحقها بغسل الوجه واليدين لجاءت الآية الكريمة بهذا الشكل (اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم) فعندها يجب غسل الأرجل وتلحق بالوجه واليدين وهذا خلاف الآية الكريمة القائلة اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم.
السبب الخامس-: من مظاهر الاستغراب نرى بعض المذاهب توجب غسل الرجلين بدل مسحهما ويستدلّون على ذلك بأنّها معطوفة على شعبة الغسل للوجه واليدين وهو محال لما يلي:
ص: 12
1 -: إنّ شعبة وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم هي جملة مستقلّة عن شعبة الغسل التي لها أحكامها الخاصّة بها فلا يمكن عطف أرجلكم على شعبة الغسل لأنَها أجنبية تفصل بينهما جملة وامسحوا.
2 -: لو جاء بجملة من فعل وفاعل ومفعول وتعني بالأكل: وقالوا لنا كلوا الرز والخبز والبرتقال والرمّان ثمّ جاؤوا بجملة مستقلَة بالشرب: وقالوا لنا اشربوا الماء والشاي والشربت والبصل مع أنّ البصل ليس من مادّة الشرب فيكون غريباً على جملة الشرب ولا يمكن عطف البصل على جملة الشرب فيقال لنا البصل يعطف على مادة وشعبة الأكل لا الشرب، لأنّ الشرب جملة منفصلة عن الأكل والعطف عليه يكون شاذاً من ناحية بلاغية والقرآن هو سيّد البلاغة والفصاحة ويؤخذ منه ذلك .
3 - : إنّ القول بغسل الرجلين عطفاً على غسل الوجه 3 واليدين هو يصطدم بالقرآن الكريم وآياته قال الله تعالى واغسلوا وجوهكم وأيديكم ثمّ قال وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم وهذه مخالفة صريحة للقرآن ولا يجوز مخالفة
ص: 13
القرآن بأي حال من الأحوال.
4 - : رأي الإمام فخر الرازي .
وقال فخر الرازي في تفسيره ما نصّه:
اختلف الناس في مسح الرجلين وفي غسلهما فنقل القفال في تفسيره عن ابن عبّاس وأنس بن مالك وعكرمة والشعبي وأبي جعفر بن علي الباقر: أنّ الواجب فيهما مبني على القرائتين المشهورتين في قوله - وأرجلكم - فقرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمر وعاصم في رواية أبي بكر عنه بالجر وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه بالنصب، فنقول: أمّا قرائته بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة على الرؤوس فكما وجب المسح في الرأس فكذلك فى الأرجل.
وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضاً: إنّها توجب المسح وذلك لأنّ قوله - وأمسحوا برؤوسكم - فرؤوسكم في محلّ النصب ولكنّها مجرورة بالباء . فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفاً على محلّ الرؤوس والجر عطفاً على الظاهر وهذا هو مذهب
ص: 14
مشهور النحّاة(1).
السبب السادس - : من بعد كلّ ما بيّناه وحقّقناه يأتى هذا السؤال لماذا هذا التلاعب في كيفية الوضوء وظاهره وهي مخالفة للكتاب والسنّة وما هي العوامل التي تدفعهم لذلك وهي:
العامل الأوّل - : إنّهم ينطلقون في تغيير كيفية الوضوء طبقاً لمشتهياتهم النفسية ورغبات ميولهم وعواطفهم الشخصية لأنّهم مشدودين إليها أكثر من إيمانهم وعقيدتهم ولأنّهم أيضاً غير ملتزمين بالكتاب والسنّة ويفسّرون الدين على وفق عواطفهم ونزعاتهم.
العامل الثاني - : إنّ كثيراً من الصحابة كان يعزّ في نفوسهم أن لا يشتركوا في تشريع الأحكام وانشائها من عندهم حتّى يقال إنّهم ساهموا في التشريع الإسلامي ولهذا نراهم يتسابقون في جعل كثيراً من الأحكام من عند أنفسهم مخالفين في ذلك الكتاب والسنّة ولنضرب
ص: 15
أمثالاً لذلك .
1 -: إنّهم زادوا في الأذان لصلاة الصبح قولهم - الصلاة خير من النوم - وجعلوها سنّة ولم تكن في عهد رسول صلى الله عليه واله وسلم.
2 -: إنّهم أنقصوا من الأذان - حي على خير العمل - وكانت على عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
3-:جعلوا التكفير في الصلاة وهو وضع اليد على اليد الأُخرى فى حال الوقوف في الصلاة وجعلوها سنّة ولم تكن في عهد رسول الله بل كان الاسبال في عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عل الله واجباً(1) .
4 - : جعل صلاة التراويح جماعة وفرضوها كسنّة حسنة ولم تكن في عهد رسول الله ولهذا عبّروا عنها بأنّها بدعة حسنة.
5 - تغيير وتبديل كيفية الوضوء وتبديل أفعاله وهناك عشرات من الأحكام الجعلية وكلّ هذه الأحكام الجعلية
ص: 16
هي لا عن الله ولا عن رسوله وتندرج تحت عنوان التي عبّر عنها النبي الكريم عليها الله بالبدعة:
وكلّ بدعة ضلال وكلّ ضلال في النار(1).
فإنّما ينطلقون في ذلك من أجل أن يقال إنّهم ساهموا في تشريع الأحكام .
العامل الثالث -: إنّ فهم الإسلام وتعاليمه يحتاج إلى قلوب واعية لفهم أحكام القرآن والسنّة النبوية ولا يتأتّى ذلك إلّا للراسخين في العلم، والقرآن لا يفهمه إلّا الراسخون في العلم وجلّ هؤلاء كانوا لا يفقهون القرآن ولا السنّة وقد عبّر القرآن عنهم بقوله: (قَوْمُ لَا يَفْقَهُونَ﴾.
العامل الرابع -: من كلّ ما بيناه وبحثناه هنا يتّضح لنا أنّ هذه الأُمور الخلافية استحدثت بعد النبي محمّد صلی الله علیه و آله وسلم وأخذوا يتسابقون في وضع الأحاديث وإدخالها في التشريع الإسلامي لكي يقال إنّهم ساهموا في التشريع وهذا الادّعاء مردود بالكتاب والسنّة فقد قال تعالى:
ص: 17
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (1).
وقال تعالى أيضاً: (مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(2).
وأمّا التأويلات والتبريرات المخالفة للكتاب والسنّة فلا مجال لها ولا اعتبار بها مهما كان مصدر قائلها من أمثال ابن تيمية وغيره لأنّنا نعتمد على الكتاب والسنّة أوّلاً وثانياً وقد أمر أئمَة أهل البيت بذلك قائلين انظروا كلّما روي عنّا فاعرضوه على الكتاب والسنّة فإن وافقهما فخذوه وإن خالفاهما فاضربوا به عرض الجدار.
وجاء في تفسير الرازي عن النبي صلی الله علیه وآله وسلم:
إذا روي لكم عنّي حديث فاعرضوه على الكتاب فإن وافقه فاقبلوه وإلا فردّوه(3).
ص: 18
من الغريب أن نرى أتباع بعض المذاهب الإسلامية في الوضوء يغسل الوجه واليدين معكوساً ومنكوساً ويستندون في وضوئهم المعكوس إلى الآية الكريمة :
(اغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ).
ويقولون إن حرف إلى يفيد الانتهاء من غسل الوضوء للوجه واليدين فهم يغسلون الوجه واليدين من الأسفل إلى الأعلى، وهذا الفهم يكون غريباً ومخالف لطبيعة الوضوء المتعارف من وجوه:
أوّلاً - : إنّ حرف إلى هنا لا تفيد الانتهاء من غسل الوجه واليدين وإنّما تفيد تحديد كمية المغسول لا كيفيته لنضرب لذلك مثالاً، لو قيل لك نظّف الدار من الباب إلى آخره فهو يريد تنظيف الدار بكاملها ولا تعيّن لك كيفية التنظيف الدار ومن أين تبدأ بالتنظيف وأين تنتهي به فهو متروك للطريقة المألوفة للتنظيف ولا يحدّد لنا أو يلزمنا بأن نبدأ عملية تنظيف الدار من باب الدار وإنّما العمل المتعارف عليه أن يبدأ التنظيف من داخل الدار إلى بابه
ص: 19
وهذا هو المعروف والمألوف عند العقلاء والإسلام هو دين العرف والعقل .
ثانياً -: إنّ الإسلام دين الطبيعة فلا يعاكس مفهوم الطبيعة وجريانها الطبيعي فالماء عادة حينما يصب من الأعلى إلى الأسفل وينحدر من الأعلى إلى الأسفل والإسلام لا يخالف مجرى الطبيعة في أسلوبه العبادي.
ثالثاً:- : مثلاً لو أردنا أن نغتسل غسل الواجب منكوساً كيف نغتسل وكيف نتصوّر الغسل منكوساً؟ ونحن تحت مصب الماء المتّصل بالسقف فهل نغتسل مقلوبين؟ بأن نضع أيدينا على الأرض ونرفع أرجلنا إلى الأعلى؟ ونغتسل وهذا العمل مخالف للطبيعة، والإسلام لا يرغب الأعمال الموجبة للمشقة والازهاق وهذا العمل مجافي ومنافي للعمل العقلاني والسيرة التي عليها الإنسان من صبّ الماء من الأعلى إلى الأسفل لا من الأسفل إلى الأعلى فإنّه مخالف لسير الطبيعة والإسلام هو دين العرف والطبيعة ولا يخالف الطريقة المألوفة للطبيعة.
رابعاً-: إنّ الوضوء الذي عليها بعض المذاهب مخالف
ص: 20
لطريقة وضوء رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الواردة عن طريق أهل البيت التي تبيّن كيفية وضوئه علیه السلام والله تعالى يقول في محكم كتابه ما (مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(1).
والإنسان المسلم ينبغي أن يتبع وضوء الرسول لا أن يخالفه ويعاكسه فانظر وثيقة وضوء رسول الله من الصفحة الأُولى من هذا الباب السبب السابع؟
إنّ هذه الاختلافات في الوضوء وفي غيرها حدثت بعد وفاة رسول الله وأخذت تتّسع دائرة الاختلاف بين المسلمين ولا سيّما في عصر الصحابي عثمان بن عفّان ويحدّثنا عن ذلك صاحب كنز العمّال المتّقى الهندي بقوله : في حديث 2689:
عن أبي مالك الدمشقي قال : حُدِّثتُ أنّ عثمان بن عفّان اختلف في خلافته في الوضوء(2).
وهذه الزيادة في الوضوء أو النقيصة لا يجوز العمل بها
ص: 21
والسير عليها لأنّها جاءت بعد وفاة رسول الله والإنسان مطلوب أن يعمل بما جاء في الكتاب والسنّة لأنّ الله تعالى يقول :
﴿ مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (1) .
وأكّد هذا الاختلاف بين المسلمين في كيفية الوضوء ما جاء في حديث رقم 26798 من كنز العمّال ما نصّه:
عن حمران مولی عثمان قال: أتيت عثمان بن عفّان بوضوء فتوضَأ ثم قال: إنَ أُناساً يتحدَثون عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أحاديث لا أدري ما هي؟ إلَا أنّي رأيت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم توضّأ مثل وضوئي (2).
ص: 22
القرآن الكريم
تفسير الرازي
وسائل الشيعة للحر العاملي
كنز العمال
بداية المجتهد ونهاية المقصد
ص: 23
الوضوء...5
كيفيته ...6
الوضوء يحتوى على شعبتين الغسل والمسح والفرق بينهما...10
رأى فخر الرازى في الوضوء...14
عوامل الاختلاف فى الوضوء...16
الزيادة والنقيصة في الأحكام الشرعية ......16 و 19
الوضوء منكوساً ومعكوساً...20
الوضوء حدث الاختلاف في عهد عثمان...23
ص: 24