سرشناسه: حسيني قزويني عبد الكريم
عنوان: الايمان بالامام المهدي المنتظر (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)، فريضه اسلاميه بالنص القرآني والنبوى وفيه الرد على بعض الشبهات حوله
تکرار نام پدیدآور : عبد الكريم الحسيني القزويني
مشخصات نشر : قم : انتشارات فقه، 1437 ه- = 2016 م = 1395
مشخصات ظاهری: 192 ص.
بها شابک 3-433-994-964-978
وضعیت فهرست نویسی: فیپا
یادداشت: کتابنامه: ص. 181 - 184 ؛ همچنین به صورت زیر نویس
یادداشت: عربی
موضوع: مهدویت - دفاعیه ها در دیدها
موضوع: محمّد بن حسن (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)، امام دوازدهم 255 ق...- دفاعیه ها در دیدها
موضوع: محمّد بن حسن (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)، امام دوازدهم 255 ق. - پرسشها و پاسخ ها
رده بندی کنگره: 1395، 9 الف 5 ح / 224/4
رده بندی دیویی: 297/462
شماره مدرک 3932788
محرّرالرقمي: محمّد رادمرد
***
الإيمان بالإمام المهدي المنتظر 297/462
فريضة إسلامية بالنص القرآني والنبوي
عبدالكريم الحسيني القزويني
الناشر : فقه
الطبعة الثالثة : 1395
الكمية: 2000 نسخه
المطبعة : گل وردي
الشابک : 3-334-499-964-978
جميع حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
http://www.qazvini.org
ص: 1
مختارات إسلامية 30
الإيمان
بالإمام المهدي المنتظر (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف)
فريضة إسلامية بالنصّ القرآني والنبوي
وفيه الردّ على بعض الشبهات حوله
عبدالكريم الحسيني القزويني
ص: 2
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ للّه رَبِّ العالَمين وَصَلَّى اللّه عَلَى محمّد وَآلِهِ الطاهرين اللّهمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَبَآئِهِ في هَذِهِ السَّاعَةِ، وَفِي كُلِّ ساعَةٍ، وَلِيّاً وَحافِظاً، وَقَآئِداً وَنَاصِراً، وَدَليلاً وَعَيْناً، حتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً، وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً
ص: 3
طبع هذا الكتاب ويوزع مجّاناً وثوابه لروح المرحوم الحاج يعقوب يوسف القلاف رحم اللّه من قرأ له الفاتحة
ص: 4
فكرة الإيمان بالإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) هي من الأفكار الإسلاميّة الأصيلة والتي قد اتّفق على الإيمان بها الفريقان السنّة والشيعة ولهذا قد وردت في معاجم أحاديث الطرفين ومن طرقهم، لأنها من ضروريات المعتقد الإسلامي لأنّ الإيمان بها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتصحيح نشأة الخلقة الربّانية أوّلاً وبتحقيق الوعد الإلهي ثانياً وثالثاً: بتحقّق الارادة الالهيّة، كما نص على ذلك القرآن الكريم، والإيمان بهذه الفكرة هي ضرورة عقائدية لأنها ترتبط بالإيمان باللّه تعالى وبحكمة خلقته للكون والحياة وتحقيق وعده لنبيّه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وكلّ ذلك متوقّفة على خلقة الفرد الصالح المتمثل في الأنبياء والمرسلين والأئمّة المعصومين إلى الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
وهذه الفكرة بشكلها لم تبحث من قبل ولم تستوفي بحثها والإيمان بها من النص القرآني والنبوي.
ص: 5
وهذا البحث على صغر حجمه وسلاسة تعبيره هو ردّ على ما ادعاه من شبهة الشيخ عدنان عرعور من على قناة تلفزيون المستقلّة والشبهة التي أثارها ممّا تدلّ على أنّ الرجل لم تأنس أُذنه بسماع القرآن الكريم ولم يرتّل لسانه آياته البينات في يوم من الأيّام، وإلا لما كان يثير هذه الشبه ولما كان يدّعى هذا الادّعاء بقوله :
أين هو صاحب الزمان أروني شخصه حتّى أؤمن به.
وكيف يقول هذا ألم يؤمن هو ويعتقد بأنّ جلّ المعتقدات الإسلاميّة هي أُمور غيبية وتتعلّق بما وراء الميتافيزيقية فكيف يثير هذه الشبهات حول المهدي المنتظر بن الإمام الحسن العسكري ألم يقرأ هذه الآية في أوّل سورة البقرة قوله تعالی :
«الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ»
فالإيمان بالغيب هو أوّل صفة للمتّقين وأوّل علائم الإيمان ولكن الشيخ عدنان عرعور بإنكاره هذا يتنكّر لبديهيات الفكر الإسلامي الأصيل فهو ينكر :
أولاً : ينكر الإيمان الغيبي متحدّياً قول اللّه تعالى :
ص: 6
«الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ».
وثانياً : ينكر إجماع علماء الإسلام على ذلك من أهل السنّة والشيعة وقد أكد على ذلك كبير علماء أُخواننا أهل السنّة العلّامة المودودي فى كتابه البيانات واعتبر أنّ الإيمان بالإمام المهدي المنتظر من بديهيات المعتقد الإسلامي التي يجب الاعتقاد بها وإليك نصّ قوله:
ولا يمكن لنا بتأويل مستبعد إنكار أنّ في الإسلام منصباً دينياً يعرف بالمهدوية فيجب على كل مسلم أن يؤمن به ويترتّب على عدم الإيمان به طائفة من النتائج الاعتقادية والاجتماعية في الدنيا والآخرة (1).
وأكّدت هذا المعنى الكتب العقائدية السلفية في أُرجوزة الشيخ محمّد السفاريني المسمّات « الدرّة المعنية في عقائد الفرقة المرضية بقوله في ارجوزته :
وما أتى بالنصّ من اشراط***فكلّه حقّ بلا شطاط
ص: 7
منها الإمام الخاتم الفصيح***محمّد المهدي والمسيح (1)
وبالاضافة إلى هذه الأرجوزة فإنّه قال : فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرّر عند أهل العلم ومدوّن في عقائد أهل السنّة والجماعة (2).
ممّا قلناه وتوصلنا إليه فالذي ينكر فكرة الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو ينكر بديهيات المعتقد الإسلامي ويردّ على هذه الآية الكريمة المذكورة وينكر ما جاء به الكتب التي ألفت من قبل أخواننا أهل السنّة التي تؤمن بالإمام المهدي المنتظر ومن لا يؤمن بها فهو خارج عنها.
والكتاب هذا هو الطبعة الثالثة التي فيها اضافات كثيرة ومهمّة وفيه الاجابة الوافية للشبهات التي تثار من قبل بعض الشبكات التلفزيونيّة والمواقع الالكترونيّة التي تثير الاشكالات حول فكرة الامام المهدي المنتظر عجل اللّه فرجه لأجل بث روح التفرقة التي تغذّيها ويمدّها الاستعمار
ص: 8
والصهيونية ولاسيّما بعد نجاح الثورة الإسلاميّة في إيران بقيادة الإمام الخميني (قدّس سِرُّه) فعمدوا إلى تشويه معالم الإسلام من قتل ونسف وخرق وما شابه ذلك من أنواع الاجرام والفتك الذي يدخل تحت عنوان الافساد في الأرض وتشويه سمعة الاسلام ومنها الادعاءات الباطلة باسم سفير صاحب الزمان (عجل اللّه فرجه) أو ادعاء السفارة عنه وما شابه ذلك كالأقاويل الشاذة والادعاءات الباطلة المنهي عنها من قبل الأئمّة المعصومين (عَلَيهِم السَّلَامُ).
والكتاب هو هذا إجابة توضيحية مختصرة وبأُسلوب سلس يفهمه عامة الناس وأخيراً لا آخراً نسأل اللّه أن يجعلنا وإيّاكم أن نسير على وفق كتاب اللّه وسنّة نبيّه الكريم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ويهدينا جميعاً للإيمان وآخر دعوانا نقول :
ربّنا واجعلنا ممن تنتصر به لدينك ولا تستبدل بنا غيرنا
عبدالكريم الحسيني القزويني
ص: 9
ص: 10
ص: 11
ص: 12
الحديث عن الإمام المصلح المنتظر يقتضي البحث فيه من نقاط متعدّدة.
أوّلاً : الإيمان بفكرة المصلح المنتظر هي فريضة إسلامية لا مذهبية وهناك فرق واضح بين الفريضة الإسلاميّة والفريضة المذهبية لأن الأولى : تستمد قوتها ووجوبها من النص القرآني والنبوي بينما الفريضة المذهبية تعتمد على نظرية وفكرة صاحب المذهب كما عليه كثير من أفكار أبي حنيفة والشافعي والمالكي والحنبلي أو ابن تيمية أو محمّد بن عبد الوهاب.
بينما الإيمان بفكرة صاحب الزمان (عجّل اللّه تعالى فرجه) - هي فريضة إسلامية تعتمد في نصّها على الكتاب الكريم والسنّة النبوية الشريفة ونستوحى ذلك من القرآن الكريم في آيات بينات من كتابه.
ثانياً : نظرية الإمام المصلح المنتظر هي تصحيح للخلقة
ص: 13
الربّانية والإيمان بنظرية الفرد الصالح التي هي تصحيح نشوء الخلقة الربّانية للخلق وهي امتداد لخلقة الأنبياء والرسل من أبينا آدم إلى الإمام المصلح المنتظر لا ولولا الإيمان بهذه النظرية والقول بوجود الأفراد الصالحين لكانت الخلقة الالهيّة عبثاً وحاشا للّه أن يخلق العبث وذلك استناداً للآية القرآنيّة.
«أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً» (1).
وكلّ ما قلناه مستوحى من هذه الآيات الكريمة وهي قوله تعالی:
«وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئُهُمْ بِأسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
ص: 14
وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ» (1).
الإيمان بفكرة الإمام المصلح المنتظر هي فكرة قرآنية وتعتمد عليها تصحيح نشأت الخلقة الالهيّة للعالم وهي عبارة عن الإيمان بوجود الفرد الصالح على امتداد التاريخ من أبينا آدم إلى بقية الأنبياء والمرسلين والخلفاء الصالحين إلى الإمام المصلح المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولولا الإيمان بفكرة وجود الفرد الصالح من أنبياء اللّه ورسله وخلفائه لكانت الخلقة الالهيّة عبثاً وحاشا اللّه أن يخلق شيئاً عبثاً لقوله تعالى :
«أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً».
وعلى هذا الأساس حينما قال تعالى للملائكة أنّي جاعل في الأرض خليفة كان الملائكة يتصوّرون أنّ الخليفة الذي سوف يرسله اللّه ويجعله خليفة له هو من جنسهم لانّهمالمخلوق المدلّل الذي لا يعصي اللّه طرفة عين أبداً وأنّهم هم الذين يستحقّون الخلافة في الأرض وغير جنسهم لا تنطبق عليه هذه الصفة صفة الاطاعة المطلقة اللّه تعالى واللّه هو حكيم عليم لا يخلق عبثاً فليس من المعقول أن يخلق اللّه الخلق ويسلّم مفاتيحه بيد من يفسد في الأرض والإنسان
ص: 15
الذي هو مخلوق اللّه لا يسلّم مفاتيح داره إذا أراد السفر بيد من يفسد في الدار ويعيث فيها دماراً وإنّما يسلّم مفاتيح الدار لمن يحافظ عليها ويصلح فيها، فكيف باللّه الحكيم العليم.
ومن هذا المنطلق حينما علم الملائكة بأنّ الخليفة الذي سوف يرسله اللّه إلى الأرض ليس من جنسهم فاستغربوا وسألوا من اللّه باستفهام استنكاري قائلين :
«أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ».
فأجابهم اللّه على سؤالهم واستفهامهم الاستنكاري هذا بقوله :
إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ
ص: 16
وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ» (1).
فاللّه تعالى حينما أجابهم على تسائلهم بقوله إنّي أعلم ما لا تعلمون وبيّن لهم أنّ هناك مخلوقاً هو أفضل وأكمل منكم إذا أخلص وكمل إيمانه وهو من الموجودات الصالحة المتمثل بالفرد الصالح من أنبياء اللّه ورسله وخلفائه من آدم إلى الإمام المهدي المنتظر من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأفهم الملائكة بأسماء الفرد الصالح الذي يستحق تسليم مفاتيح الأرض له حينما قال لآدم : «يَا آدَمُ أَنْبِئُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ».
فلمّا علم الملائكة بوجود الفرد الصالح الذي سوف يسلّمه اللّه مفاتيح أرضه ويكون خليفته فعندها خضعوا وأقرّوا للأمر الإلهي وقالوا :
«سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ».
ويؤيّد ما قلنا ما جاء في تفسير الميزان ما نصّه :
وفي المعاني عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ):
ص: 17
أَنَّ اللّه عَزَّوَجَلَّ عَلَّمَ آدَمَ أَسْمَاءَ حُجَجِ اللّه كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ وَهُمْ أَرْوَاحُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ: أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَنَّكُمْ أَحَقُّ بِالْخِلافَةِ فِي الْأَرْضِ لِتَسْبِيحِكُمْ وَتَقْدِيسِكُمْ مِنْ آدَمَ قَالُوا: سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، قَالَ اللّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَقَفُوا عَلَى عَظِيمٍ مَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَ اللّه فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِأَنْ يَكُونُوا خُلَفَاءَ اللّه فِي أَرْضِهِ وَحُجَجَهُ عَلَى بَرِيَّتِهِ (1).
ثالثاً : الإيمان بالإمام المهدي المنتظر هو تحقيق للوعد الإلهي كما صرّح القرآن الكريم وبشّر به فيكون الإيمان به هو تطبيق للآيات القرآنيّة منها :
1 - قوله تعالى : «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» (2).
فهنا وعد إلهي واضح وصريح من قبل اللّه لنبيّه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فهذه الآية الشريفة تصرّح بهذا الوعد الإلهي لنبيّه ورسوله
ص: 18
الكريم بأنّ الرسالة التي أرسله اللّه بها لابد لها أن تعمّ الكرة الأرضية بأسرها ويصبح الإنسان الساكن عليها يدين برسالته ودينه الذي ارتضاه اللّه لخلقه.
«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ».
ونحن نتسائل متى تحقّق هذا الوعد الإلهي ؟ هل تحقّق في عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقد كانت الديانات تعيش على هذه الكرة من ديانات سماوية أو أرضية مثل اليهود والنصارى والمجوس وأتباع بوذا وهم بالملايين وكانوا ينتشرون على سطح هذه الكرة فلم يتحقّق هذا الوعد الربّاني في ذلك الوقت أو هل تحقّق هذا الوعد في عهد الخلفاء الراشدين بما فيهم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ فإنّه أيضاً لم يتحقّق هذا الوعد الإلهي لأنّ الأديان الأخرى كانت موجودة في هذه الأرض.
وهكذا يبقى السؤال على حاله مستمرّاً متى يتحقّق هذا الوعد الإلهي ؟ أم هل تحقّق هذا الوعد في العهد الأموي ؟ العهد العبّاسي ؟ أم في العهد العثماني ؟ أم في يومنا وعصرنا الذي نعيشه وقد استفحلت أصحاب الديانات الأخرى في هذا العصر وأخذت تجول وتصول في بلاد المسلمين وتقتل
ص: 19
وتعتدي وتغصب أراضيهم وليس لهم رادعاً كما هي عليه اسرائيل وغيرها في وسط عالمنا الإسلامي في فلسطين ولبنان وفي كثير من بلاد الإسلام فإذا لم يتحقّق الوعد الإلهي واللّه تعالى يقول :
«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ». وهل أنّ اللّه يخلف وعده وحاشا للّه ذلك. وتأكيداً على ما نقول ما جاء في تفسير البرهان ما نصّه :
عن الكافي، عن أبي الفضل، عن الإمام أبي الحسن الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قلت :
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ؟ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ):
هو أمر اللّه ورسوله بالولاية والوصيّة، والولاية هي: دين الحقّ، قال: ليظهره على الدين كلّه، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): يظهره على جميع الأرض عند قيام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).
وأكّد هذا المعنى الشيخ الطوسي في تفسير التبيان راوياً عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
إنّ ذلك وعد اللّه المؤمنين بأنّهم يرثون جميع الأرض.
ص: 20
وجاء في كتاب تأويل الآيات ما نصّه :
وفي رواية أبي جعفر الباقر قال :
قوله عزّوجلّ: «إنّ الأرض يَرِثُهَا عِبادِيَ الصالِحُون» (1) هم أصحاب المهدي آخر الزمان (2).
وقد يقول القائل : إنّ الإسلام في عهده الأوّل عمّ الكرة الأرضية وكان كلمته هي العليا وتحقّق الوعد الإلهي في تلكم الفترة.
والجواب على ذلك.
إنّ الانتصار الوقتي مستمدّ من القوة المادية فإذا زالت القوّة المادية ذهب ذلك الانتصار وسقط ذلك الاعتبار بينما الانتصار الإلهي الذي يستمدّ قوّته من اللّه العلى القدير لا نفاذ لقوّته وقدرته فيبقى النصر والفتح المبين إلى الأبد واللّه وعد نبيّه بهذا النصر الباقى وهو المراد من قوله تعالى :
«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ».
ص: 21
وذلك لأنّ اللّه أراد لهذا الدين أن يكون الوصفة الالهيّة الأخيرة لعلاج البشرية وأنّ نبيّه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هو آخر أنبيائه وأصفيائه ورسله فدينه يكون هو دين البشرية الكامل ولهذا أعطاه هذا الوعد الإلهى ليظهره على الدين كله ليبقى هذا الدين يعمّ الكرة الأرضية وإنسانها يؤمن بالإسلام العظيم لا غیر فنصر اللّه هو النصر الباقى إلى الأبد لأنّ اللّه وعد نبيّه نصراً كاملاً لا نصراً ناقصاً يزول بسرعة والنصر الذي يأتي من اللّه يكون متكامل لأنه يستمدّ قوّته من الذي لا نفاذ لقوّته.
وهذا الوعد لا يكون إلّا إذا ظهرت الصيحة الالهيّة بين الأرض والسماء ويسمعها كلّ من يسكن عليها وهي
ألا يا أَهْلَ العالَمْ فَقَدْ ظَهَرَ مَهدي آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
فعندها يعم الإسلام الكرة الأرضية ويتحقّق الوعد الإلهي ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
وقد أكّد هذا المعنى الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أبي بصير قال :
سألت أبا عبد اللّه الصادق عن قوله تعالى : ليظهره على الدين كلّه، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
واللّه ما نزل تأويلها بعد.
قلت : جعلت فداك ومتى يكون تأويلها ؟
ص: 22
قال :
حتى يقوم القائم إن شاء اللّه فاذا خرج القائم لم يبق مشرك (1).
وقد عبّر عن حتمية ولابدّية الوعد الإلهي النبي الكريم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بقوله :
لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيا إِلَّا يَوم واحِد لَطَوَّلَ اللّه ذَلِكَ اليوم حتّى يَظْهَر القائم من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (2).
كما جاء في صحيح أبي داود أنّه أخرج بسنده عن أبي الطفيل عن علي (رضیَ اللّهُ عنهُ) عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال :
لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدهرِ إِلَّا يَوم لَبَعَتَ اللّه رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَيتي يَملأها عَدلاً كَما مُلِئَت جوراً (3).
أو في حديث مسند ابن حنبل ج 1 / 376:
عن سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبداللّه عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ):
ص: 23
لا تقوم الساعة حتّى يَلي رَجُلٍ مِنْ أهل بيتي اسمُهُ يواطي إسمي (1).
وعندها يتم اللّه وعده ويتحقّق قوله تعالى :
«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ».
2 - قوله تعالى :
«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ» (2).
إنّ هذه الآية الكريمة جاءت لتؤكّد آية ليظهره على الدين كلّه لأنّ فكرة تحقّق الوعد الإلهي هي متسالم عليها وقد أكدها القرآن الكريم فى بعض آياته من أجل استخلاف الإسلام من بعد ضعفه وإنهيار قوّته العسكرية نتيجة تلاعب بعض الحكّام واستئثارهم على السلطة وتشتيت ثروته وضياعها وعدم الاهتمام بقاعدة «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ» ممّا أوجب استفحال الأعداء وأزالوا حكومته العادلة إلّا أنّ اللّه وعد نبيّه بإعادة الإسلام إلى قواه الطبيعية واستخلافه
ص: 24
في الأرض بقوله :
«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةٌ وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ»
3 - قال اللّه تعالى :
«وَعَدَ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَليمَكِنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنَا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ» (1).
هذه الآية الكريمة تدلّ بكل وضوح من لابدّية تحقيق الوعد الإلهي واستخلاف المؤمنين للأرض كلّها ونستوحي ذلك من مفردات هذه الآية وهي:
أ) كلمة وعد اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات فبموجب هذا الوعد الإلهي لابدّ من أن تتحقّق حاكمية الإسلام للأرض كلّها على يدي الإمام المهدي المنتظر وأنصاره المؤمنين.
ب - ليستخلفنّهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم.
وهنا معنى الاستخلاف هو التمكين لإقامة العدل الإلهي
ص: 25
وتطبيقه على سطح الكرة الأرضية كلّها كما كان النصر المبين للمؤمنين قبل الإسلام وبعده والاستخلاف الكامل هو التمكين للحكومة الالهيّة التي وعد اللّه بها أنبيائه ورسله في المستقبل لأنها سنّة اللّه في الأولين والآخرين وذلك لا يكون إلا بظهور وريث الأنبياء والمرسلين الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
ويستفاد ذلك من الألف واللام في كلمة الأرض التي هي للاستغراق والشمول لجميع أجزائها كما هو واضح من كلمة الأرض التي وردت في الآية الشريفة وهذا لم يتحقّق حتّى الآن إلّا بظهور الرجل الإلهي الموعود المتمثّل بالإمام المهدي
المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
ج - ولنمكنّن لهم دينهم الذي ارتضى.
وهذا أيضاً وعد إلهي جاء تأكيداً لتمكين الإيمان والإسلام في جميع مشارق الأرض ومغاربها ليعمّ الكرة بأسرها دينه الذي ارتضاه لعباده.
«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِيناً» (1).
فلابدّ من تحقيق هذا الوعد الربّاني حتّى يصبح الإنسان
ص: 26
الكائن على سطح هذه الكرة يدين بالإسلام ويؤمن بقرآنه ونبيّه الكريم.
وهذا التمكين الإلهى للإسلام يكون ثابتاً وغير متزلزل لأنه تمكين من قبل ربّ العالمين الذي لا نفاذ لقوّته، بعكس التمكين البشري لأنه بسيط وغير ثابت ويمكن إزالته.
والتمكين الإلهي الثابت لم يتحقّق حتّى الآن ولابدّ من تحقيقه عند ظهور الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
د - ومفردة قوله - وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمناً - لها ارتباط بقوله وليمكنّن لهم - وهي عطف على قوله - ليستخلفنّهم - وكلّ هذه المفردات القرآنيّة تكون سبباً لإيجاد الأمن والاستقرار الثابت للحكومة المتمثّلة بظهور ووجود الإمام المنتظر حتّى يزول الخوف ويعود الأمن والاطمئنان الإلهي الثابت للمؤمنين الذين قاسوا مرارة الخوف والظلم والتعدّي من الظالمين من الكفّار والفسقة طوال السنين كما ذكر ذلك صاحب تفسير الميزان بقوله :
والمراد بالخوف على أي حال ما كان يقاسيه المسلمون في صدر الإسلام من الكفّار والمنافقين (1)
ص: 27
وتحقيق كلّ ما ذكرناه لا يكون إلا بظهور الحجة المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى تتحقّق وراثة الإسلام للأرض كلّها بدليل أنّ الألف واللام فى كلمة الأرض هي للاستغراق وهنا تلازم وترابط بين الآيات القرآنيّة آية «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ» وآية «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ» وآية «لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم» فالإرادة الالهيّة وتحقّق الوعد الإلهى يكون بظهور الحجّة المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذلك عندما يسمع العالم بأسره بالنداء الإلهى بين السماء والأرض.
ألا ياأهل العالم فقد ظهر مهدي آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
ويؤيّد ما ذهبنا إليه ما ورد عن أبي بصير عن أبي عبداللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى : وعد اللّه الذين آمنوا قال :
نزلت في القائم وأصحابه.
وقال الشيخ الطوسي في تفسيره عن الامام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ):
انّ ذلك وعد اللّه للمؤمنين بأنّهم يرثون الأرض (1).
وجاء أيضاً عن أبي جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
هم أصحاب المهدي في آخر الزمان (2).
4 - قال اللّه تعالى :
ص: 28
«وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» (1).
فإن صيغة - كتب - دالة على الفرضية الحتمية والالتزام الكامل بتحقيق الوعد الإلهى الذي وعد اللّه به عباده الصالحين «أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» فهي الزام والالتزام وتحقيق لهذا الوعد الإلهي فانه لابدّ للأرض ان تسلم للمؤمنين الصالحين حتّى يطهروها من الرجس والشرك وعبادة الأوثان وهذا الأمر لم يتحقّق لا في عهد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولا في العهود من بعده إلى يومنا هذا فيبقى هذا الوعد الرباني وتحقيقه لا يكون إلا بظهور الحجة القائم المنتظر المهدي الموعود (عَلَيهِ السَّلَامُ) فعندها تتحقّق هذه الفرضية الالهيّة كما قال تعالی :
«وَ لَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» (2).
وإلى هذه الفرضية ذهب صاحب تفسير الميزان بقوله:
والمتحصل من ذلك كله أن اللّه سبحانه يعد الذين آمنوا
ص: 29
منهم وعملوا الصالحات أن سيجعل لهم مجتمعاً صالحاً خالصاً من وصمة الكفر والنفاق والفسق يرث الأرض لا يحكم في عقائد أفراده عامة ولا أعمالهم إلا الدين الحق يعيشون آمنين من غير خوف من عدو داخل أو خارج، أحراراً من كيد الكائدين وظلم الظالمين وتحكّم المتحكمين.
وهذا المجتمع الطيب الطاهر على ما له من صفات الفضيلة والقداسة لم يتحقّق ولم ينعقد منذ بعث النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى يومنا هذا، وإن انطبق فلينطبق على زمن ظهور المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما ورد من صفته في الأخبار المتواترة عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأئمة أهل البيت : لكن على أن يكون الخطاب للمجتمع الصالح لا له (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحده (1).
وأكد هذا أيضاً الشيخ الطبرسي في تفسيره ما نصه:
وقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ):
هم أصحاب المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في آخر الزمان. ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) انه قال:
لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدنيا إلّا يَوم واحد لَطَوَّلَ اللّه ذلك اليَوم حتّى يَبْعَثَ رَجُلاً
ص: 30
صالحاً من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كَما مُلِئَت ظُلْماً وَجُورا (1).
وبهذه الآيات البينات يكتشف أن الإيمان بالإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمر ضروري لأنه يرتبط بالعهود والوعود الالهيّة التي وعد اللّه بها عباده المؤمنين وذلك لم تتحقّق على وجه الأرض إلى الآن وتحقّقها لا يكون إلا بالقول بظهور الإمام المهدي المنتظر حتّى يتحقّق ما وعد اللّه به عباده من العهود والوعود ولهذا صار الإيمان بالمهدي الموعود فريضة إسلامية لأنها ترتبط بالإيمان باللّه العلي العليم وكل ذلك لا يكون إلا إذا كانت الصيحة بين السماء والأرض: ألا يا أهل العالم فقد ظهر مهدي آل محمد.
كما روى ذلك جلال الدين السيوطي الشافعي في كتابه العرف الوردي ما نصّه :
قال : أخرجه أبو نعيم والخطيب في تلخيص التشابه عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) :
يَخرُج المهدي وعلى رأسِه مَلَكُ يُنادي إنّ هذا المهدي فاتَّبِعُوه (2).
ص: 31
وذكر ابن حجر الهيثمي المكي في كتابه ما نصّه :
لَوْ لَمْ يَبقِ مِنَ الدنيا إلّا يَومُ واحِد لَطَوّله اللّه حتّى يَملك رجُلٌ مِنْ أهلِ بَيتي تَجري الملاحم على يَدَيه ويظهر الإسلام، واللّه لا يُخلِفُ وَعدَه وَهُو سَريعُ الحساب (1).
وبظهور المصلح المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يعمّ الوئام ويسود الأمن والاستقرار والرفاه الإلهى فى هذه الدنيا.
فهذه الآيات البينات تصرّح بالوعد الإلهي ولابد من تحقّقه ويؤيد هذا المعنى الحديث المروي عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في كتاب عقد الدرر ما نصّه :
عن حذيفة (رضیَ اللّهُ عنهُ) قال :
خطبنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فذكر لنا بما هو كائن إلى يوم القيامة ثمّ قال :
لَوْ لَم يَبقَ مِنَ الدنيا إِلَّا يَومٌ واحد لَطَوّل اللّه عزّوجلّ ذلك اليوم حتّى
ص: 32
يَبْعَثَ رَجلاً مِنْ وُلدي.
قال : فقام سلمان الفارسي (رضیَ اللّهُ عنهُ) فقال : يارسول اللّه من أي ولدك ؟ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) :
هُوَ مِن وَلَدي هذا وضرب بيده على الحسين بن علي.
وأخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي (1).
وهذه الفكرة هي من مسلّمات المعتقد الإسلامي وبديهياته ولهذا جاء التأكيد عليها من قبل اللّه ورسوله حتّى يتبيّن لنا أهميّة هذه الفكرة وارتباطها بالحكمة الالهيّة لنشأت الخلق الإلهي وتحقيق الوعد الربّاني الذي وعد اللّه نبيّه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولهذا جاءت هذه الآيات والروايات للتأكيد على ما نقوله ونؤمن به من الإيمان بفكرة الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
ويظهر من هذا البحث بضرورية الإيمان بهذه الفكرة وإذا لم نؤمن بها فتكون الخلقة والنشأة الالهيّة يشوبها العبث ومعاذ اللّه من العبث وحاشاه أن يخلق عبثاً ويبقى أيضاً الوعد الإلهى ناقصاً ناقصاً وحاشا للّه أن يخلف وعده فلابد لنا من القول والإيمان بفكرة المصلح المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
ص: 33
هو محمّد المهدي بن الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما روي ذلك عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأكّد عليه سبطه الإمام الصادق بقوله :
عن أبي بصير بصير : قال : سمعت أبا عبداللّه ويعني به الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول :
إنّ سنن الأنبياء بِمَا وَقَعَ بِهِم مِنَ الغيبات حادثة في القائم منا أهل البيت حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.
قال أبو بصير فقلت : یابن رسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ومن القائم منكم أهل البيت ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ):
يا أبا بصير هو الخامس مِنْ وُلد ابني موسى، ذلك ابن سيّدة الإماء يغيب غيبة يَرتَاب فيها المُبْطِلُون ثُمّ يظهره اللّه عزّوجلّ فيفتح اللّه على يَدَه مَشارِق الأرض ومغارِبَها، وينزل رُوح اللّه عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيصلّي خَلفَه، تشرق الأرض بنور ربها، ولا تبقى في الأرض بقعة يعبد فيها غير اللّه عزّوجلّ إِلَّا عَبَدَ اللّه فيها ويَكُون الدين كلّه للّه وَلَو كَرِهَ المشركون (1).
رابعاً: إني أتعجّب من هؤلاء النفر الذين يتساءلون
ص: 34
ويشكّكون فى فكرة الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويظهرون على شاشة التلفزة والتلفزيون المرئي وغيره فينكرون الإيمان بالإمام المهدي ويقول قائلهم من أمثال الشيخ عدنان عرعور السوري أين الإمام المهدي ؟ لماذا لا نراه حتّى نؤمن به ؟ وقولهم هذا غريب ومستغرب كأنّهم في آذانهم وقراً ولم يسمعوا ويقرأوا قوله تعالى :
«الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدَى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ» (1).
ألم يعلموا ويفهموا أنّ أغلب العقائد الإسلاميّة هي أمور غيبية وبموجب هذه الآية الكريمة أنّ الإيمان بالمغيبات من صفات المتقين والإيمان بالغيب هو أوّل صفة للمتقين الذين عناهم بقوله ويؤمنون بالغيب.
والإشكال الذي يوردونه على وجود الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأين هو ولماذا لا نراه ؟ يورد على كثير من معتقداتنا الأساسية كالإيمان باللّه تعالى.
فنحن آمنا باللّه ولم نراه.
وآمنا بمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والأنبياء من قبلهم ولم نراهم.
ص: 35
وآمنا بالجنّة والنار ولم نراهما.
و آمنا بالجن ولم نراهم.
و آمنا بالملائكة ولم نراهم.
وآمنا بالبعث والنشور ولم نراهما.
فإن قيل إنّ هذه المعتقدات وردت في القرآن والسنّة فكذلك الإيمان بصاحب الزمان ورد في الكتاب والسنّة وأولئك الذين ينكرون الإيمان بالإمام صاحب العصر والزمان هم ناقصي الإيمان وبمقتضى ادّعائهم هذا يوجب إنكار اللّه ورسوله والملائكة والجنّة والنار والبعث والنشور لأنّ هذه الاعتقادات كلّها لا ترى بالعيون فنقول للشيخ عدنان عرعور فهل أنت تنكر هذه الاعتقادات أم تؤمن بها لأنك لم تراها بعينك فكذلك الاعتقاد بالإمام المنتظر فإنّه نظير هذه المعتقدات الغيبية المذكورة.
وأخيراً نقول للشيخ عرعور وغيره اتّقوا اللّه ولا تخالفوا عقيدة الإسلام ومعتقداته الغيبية والإيمانية.
ص: 36
ص: 37
ص: 38
أسئلة وأجوبة
هنا عدّة أسئلة نجيب عليها :
الجواب:
غيبة الإمام المهدي المنتظر هو لطف من الألطاف الالهيّة ومنحة يمنحها اللّه تعالى للخواص من عباده المرسلين والأئمّة الصالحين ليكون دليل إعجاز لهم كما فتح اللّه لنبيّه إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجعل له النار برداً وسلاماً وقد قال اللّه تعالى :
«قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ» (1).
وكما جعل اللّه لنبيّه عيسى إعجازاً فكان يبرأ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن اللّه كما قال تعالى :
ص: 39
«وَأُبْرِءُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّه» (1).
وكما أسرى اللّه بنبيّه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليلاً وقد قال تعالى :
«سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» (2).
فكذلك جعل اللّه الغيبة وخصّ هذا الإعجاز الإلهي بالإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) المذخور لتحقيق الوعد الإلهي ولا يتحقّق ذلك إلّا بهذه الغيبة الالهيّة والمنحة الربّانية لهذا الإمام الموعود (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم يعيّن وقت ظهوره للناس وإن كان معلوماً عنده سبحانه وتعالى وقد وردت الروايات الكثيرة في النهي عن التوقيت ومن ادعى ذلك فكذبوه لأنه كذاب كما جاء في كتاب الكافي ما نصّه :
عن الفضل بن يسار عن أبي جعفر قال قلت ألهذا الأمر وقت ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
ص: 40
كذب الوقّاتون كذب الوقّاتون كذب الوقّاتون.... الخ (1) قالها ثلاثة.
وذكر الكليني في كتابه أيضاً ما يلي:
عن عبدالرحمن بن كثير قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) - إذ دخل عليه مهزم فقال له : جعلت فداك أخبرني عن هذا الأمر الذي ننتظر متى هو ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ):
يا مهزم كذب الوقّاتون وهلك المستعجلون ونجا المسلمّون (2).
وأخرج الشيخ الصدوق عن محمّد بن عثمان العُمري، قال: سمعت أبي يقول: سُئل أبو محمّد الحسن بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه : إنّ الأرض لا تخلو من حجة اللّه على خلقه إلى يوم القيامة وإن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): ان هو الحق كما ان النهار حق، فقيل له: يا ابن رسول اللّه فمن الحجة والإمام بعدك ؟ فقال ابني محمّد هو الإمام الحجة، بعدي من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ويهلك فيها المبطلون، ويكذب فيها الوقاتون، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف
ص: 41
الكوفة (1).
وهناك عشرات من هذه الروايات التي تكذّب من قال بالتوقيت لظهوره (عَلَيهِ السَّلَامُ).
الجواب:
على هذا السؤال هو ما يلى:
الرؤية على قسمين :
أوّلاً: الرؤية المباشرة :بمعنى أنّ الإنسان يرى الإمام القائم المنتظر وهو يعرفه ويتحدّث معه ويعلم مكانه ويجتمعبه هذا غير صحيح ومكذوب عليه ومن ادعى رؤيته بهذا الشكل فهو كاذب حيث المروي عنهم من ادعى رؤيته فكذّبوه للأدلّة التالية :
1 - إنّ ادّعاء الرؤية المباشرة مخالفة لفلسفة غيبة الإمام اللّه وكان بإمكان الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يختفي في مكان خاصّ يذهب إليه خواص الشيعة.
ص: 42
2 - إنّ دعوى امكانيّة رؤية الإمام بالمباشرة توجب كثرة أدعياء الرؤية والكذب على الناس أو طلب منهم المال باسم الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) والإنسان المؤمن بالإمام لا يمكنه عدم تلبية اعطاء المال لأنه بطلب من الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذا ممّا يوجب الارتباك والفوضى في حقوق المؤمنين ومنعاً وسدّاً لهذه التصرّفات قالوا بتكذيب من ادّعى الرؤية المباشرة.
3 - في زمن الغيبة الصغرى
كان لا يمكن رؤية الإمام إلّا لنفر قليل الذين يسمّون بالنواب الأربعة وذلك بالتسلسل وهم :
أ - عثمان بن سعيد العمري.
ب - محمّد بن عثمان بن سعيد العمري.
ج - أبو القاسم الحسين بن روح.
د - أبو الحسن علي بن محمّد السمري.
فكيف في زمن غيبة الإمام الكبرى يحدث ذلك.
4 - دعوى ادّعاء السفارة والسفير للإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في زمن غيبته الكبرى هي دعوى باطلة، وقد ورد النهي عن هذا الادعاء لأنه يدخل تحت عنوان الرؤيا المباشرة وهي باطلةمن أساسها كما ذكرنا ذلك والذي يدّعي ذلك فهو كاذب.
ص: 43
5 - الإمام المهدي غائب وليس بمختفي.
الإمام المهدي المنتظر عجّل اللّه فرجه في زمن الغيبة الكبرى يكون غائباً لا مختفياً والفرق بينهما فهو :
أ - الاختفاء : يكون محدوداً فى محيط خاص لا يتعداه في جبل أو قرية أو في مدينة أو جزيرة وما شابه ذلك ويمكن أن يقال على هذا النوع من الاختفاء في زمن الغيبة الصغرى.
ب - الغائب، يكون غائباً عن الأبصار وليس له صفة المحدوديّة في مكان معين ولكنّه يمكن أن يكون حاضراً في مجلس ما أو مسجد أو مرقد من مراقد الأنبياء والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ولكن لا يراه أحد ولا تشخصه العيون ولكنّه غائباً عن الأبصار وهذه الصفة هى فى زمن الغيبة الكبرى وهو ما عليه الروايات الواردة في زمن الغيبة الكبرى وفي هذه الحالة وهذه الصفة لا يمكن رؤيته كما نصت عليه الأخبار الواردة في هذا الباب ومن ادّعى رؤيته مباشرة فهو كاذب بالنص الورائي القائل :
من ادّعى رؤيته فكذّبوه.
كما بيّنا ووضّحنا ذلك في كتابنا هذا.
ص: 44
هناك عدة عوامل متعدّدة لادّعاء هذه الرؤيا وهي كما يلي:
1 - بعض البسطاء من الناس يتمتّعون بغباء فكري وقصر في عقولهم وأفكارهم ويصدقون كلّ شيء يعشقونه ويتخيّل إليهم فيدّعون هذه الدعوة الباطلة.
2 - انّ بعض لا يفرق بين الرؤيا المباشرة للامام (عجّل اللّه فرجه) بمعنى انّه يعلم مكان الإمام ويعرفه شخصيّاً ويزوره ويتحدّث معه ويتّصل به متى شاء فهذه الرؤيا بهذا الشكل باطلة من أساسها ومنهي عنه ومكذوبة والذي يدّعي بهذا الرؤيا فهو كذاب على لسان الأئمّة لقولهم :
ألا فَمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر.
3 - هناك بعض الناس لديهم أطماع ماديّة ومعنويّة ولأجل هذا يّدعون بهذه الدعوات الباطلة والضالّة وينسبون لأنفسهم دعوى السفارة أو الوكالة وما أكثر هؤلاء على امتداد التاريخ من قديم الزمان إلى حاضره من أمثال الحسن الذي يكنّى
ص: 45
بأبي محمّد الشريعي أو محمّد بن نصير النميري أو أحمد بن هلال الكرخي أو أبو طاهر محمّد بن علي بن بلال أو الحسين بن منصور الحلاج أو ابن أبي العزاقر أو جعفر الشلمغاني أو محمّد علي البهائي أو المهدي السوداني أو الذي يدّعي انّه اليماني وانه سفير الامام صاحب الزمان أو صاحب جند السماء أو القحطانى ونظائرهم من الذين نهجوا خط الانحراف واستفادوا من نهجهم هذا ماديّاً ومعنويّاً ثمّ انحرفوا كلّيا في خط الاستقامة واتجهوا نحو خط الانحراف حتّى ادّعى بعضهم أنّه هو صاحب الزمان أو انّه رسول نبي يوحى إليه وبعضهم أسقطوا بعض الركعات من الصلوات الواجبة والبعض الآخر أحلّ ما حرّمه اللّه من اللواط واتيان الرجال دون النساء وأخذوا يتظاهرون بالمنكر حتّى يعجّلوا لظهور صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) أعاذنا اللّه وإيّاكم من هذه الانحرافات والفتن وقد ورد النصّ الصريح الواضح عن الامام المعصوم النهي عن هذا الادّعاء الكاذب والبرائة من مدّعيه مع اللعنة عليهم وهو أيضاً مخالف للنص الذي ورد عن الامام المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) صاحب الزمان إلى نائبه الرابع عليّ بن محمّد السمري عند ظهور
ص: 46
الغيبة الكبرى بقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
بسم اللّه الرحمن الرحيم، يا عَلِيَّ بْنَ محمّد السَّمْرِيَّ أَعْظَمَ اللّه أَجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَأَجْمِعْ أَمْرَكَ وَلَا تُوصِ إِلَى أَحَدٍ فَيَقُومَ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ التَّامَّةُ فَلا ظُهُورَ إِلَّا بَعْدَ إِذْنِ اللّه تَعَالَى ذِكْرُهُ وَذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الْأَمَدِ وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَامْتِلاءِ الْأَرْضِ جَوْراً وَسَيَأْتِي بَعْض شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْمُشَاهَدَةَ، أَلا فَمَنِ ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوج السُّفْيَانِيِّ وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللّه الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (1).
4 - ما أكثر هؤلاء الأدعياء على امتداد التاريخ قديمه وحاضره ولاسيما في عصرنا وخصوصاً بعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران بقيادة الإمام الخميني (قدّس سِرُّه) على وفق نظريّة ولاية الفقيه وحسب رأيه، فاستغرب الاستعمار والدول الامبرياليّة والصهيونيّة من هذا الانجاز الهائل وفي هذه الفترة
ص: 47
الزمنيّة القصيرة، فأخذوا يخطّطون للاطاحة بها واسقاطها أو المنع من تكرارها فدرسوا عوامل انتصارها فوجدوا انها تعتمد على شيئين :
إحداهما المرجعيّة فى التقليد : وهذا المنصب المتمثّل بالامام الخميني (قدّس سِرُّه) ممّا منحه هذه القدسيّة وهذه القدرة.
ثانيهما : نيابة الامام صاحب الزمان (عجّل اللّه فرجه) وهو ممّا يعطي القدرة والقدسيّة لازالة دولة واقامة دولة في مكانها، فعمدوا لتمزيق هذه القدسيّة وازالتها حتّى لا تتكرّر فخلقوا أدعياء لهذين المنصبين وهم غير مؤهلين وغير كفوئين حتّى يزيلوا هذه القدسيّة من نفوس الناس ولذا جاؤوا بهؤلاء الأدعياء حتّى يشوّهوا هذه القدسيّة ويوجدوا روح التفرقة في الصفّ الواحد مدعين السفارة والمشاهدة للامام صاحب الزمان ولكن الامام المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) يرد عليهم بقوله :
ألا فَمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر (1).
ص: 48
ثانياً : الرؤية غير المباشرة : بمعنى أن الإنسان يرى الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو لا يعرفه ثم ينكشف له الأمر أنّه كان الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذه الرؤية ممكنة وكلّ مؤمن يعمل عملاً خيراً وصالحاً لوجه اللّه تعالى يوفّق لرؤية الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإذا ظهر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال كثير من الناس هذا قد رأيناه وهناك ألوف القصص التي تحكي عن أشخاص قديماً وحديثاً كانوا قد شاهدوا الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذا الشكل وهم لا يعرفونه وقد انكشف لهم بعد ذلك أنّه هو الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإليك ما يلي :
المسيحي الذي أسلم وسبب إسلامه أنّه كان سائق سيارة تحمل البضائع من طهران إلى بغداد وتنقل الأجناس من بغداد إلى طهران يقول في إحدى السفرات كنت حامل البضاعة من طهران إلى بغداد وفي الطريق شاهدت رجلاً كبير السن طريحاً على الأرض في الصحراء فنزلت إليه وإذا به رمق أعطيته قطرات من الماء فتح عينيه وأشار إليَّ أنّه جائع فأعطيته مقداراً من الطعام فجلس وسألته عن حاله فقال إنّه مشتاق لزيارة الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم أتمكّن مادّياً فجمعت مقداراً من الخبز اليابس ومقداراً من الماء وذهبت ماشياً فنفذ
ص: 49
الماء والخبز وحلّ بي ما شاهدته فأدركتني أنت، فقلت له سوف أنقلك إلى بغداد ومن ثمّ إلى موقف السيارات كراج كربلاء فنقلته إلى هناك وأعطيته أجور سفره إلى كربلاء، ثمّ عدت راجعاً بالبضائع من بغداد إلى طهران ووصلت إليها بعد منتصف الليل وكانت ليلة شتاء تتساقط فيه الثلوج وأودعت السيارة في الگراج وبقيت أنتظر إلى الصباح حتّى أُسلّم البضاعة لأهلها، وإذا بباب الگراج تطرق بعد منتصف الليل ورجل ينادي باسمي فقلت من أخبر أهلي وأصدقائي بوصولي في هذه الساعة المتأخرة من الليل ولم يكن في ذلك الزمان تليفون ولم يشاهدني أحد فاستغربت من الطارق ؟ ففتحت الباب وإذا بفارس كأنه شعلة نور ونطق باسمي يا الياس إنّك قد أحسنت إلى أحد شيعتنا ونريد أن نجازيك وأحسن جزاء نجازيك به أن نهديك إلى الإسلام قال فقلت يا مولاي ما أعرف شيئاً عن الإسلام فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا عليك الآن يأتي إليك شابّان ويأخذانك إلى منطقة السيّد عبدالعظيم الحسني ثمّ غاب عنّي ذلك الشخص النوراني وبقيت مبهو بذلك النور وإذا بشابين يقولان مرحباً بك يا الياس تفضّل معنا إلى منطقة السيّد عبد العظيم الحسنى فقلت لهما المسافة بعيدة
ص: 50
تحتاج أكثر من ساعة حتّى نصل إلى المنطقة وكيف نسير والثلوج تتساقط وكيف نذهب إلى هناك ؟
فقالا : لا عليك يقول فمشيت معهما خطوات وإذا بنا جميعاً في منطقة السيّد عبد العظيم الحسني وإذا بالشيخ الكني أحد كبار علماء طهران آنذاك ينتظرنا عند رأس الشارع قائلاً مرحباً بك يا الياس فمن الآن أنت اسمك عبدالمهدي فكان هذا السبب لإعلان إسلامه.
حدّثني بها المرحوم حجّة الإسلام الشيخ إسماعيل نمازي الخراساني المتوفّى سنة 1426ه- ق فإنّه من أهالي خراسان وكان حملدار ينقل الحجّاج من خراسان إلى العتبات المقدّسة في العراق ومن ثمّ ينقلهم إلى الحجّ عن طريق النجف الأشرف.
ففي إحدى السفرات يقول نقلت حملة الحجّاج وعددهم ما يقارب أربعين نفر واستأجرت سيارتين من النجف إلى مكة والمدينة المنوّرة وأدّينا فريضة الحج في مكة ومن ثمّ ذهبنا لزيارة قبر الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فتهنا وضعنا في الطريق بين مكة والمدينة وضيّعنا الطريق الموصل إلى المدينة وأخذنا
ص: 51
نذهب يميناً وشمالاً في الصحراء لأنّه لم يكن في ذلك الوقت علامات والطريق غير مبلّط وغير معبد حتّى نفذ البانزين وقود السيارات فتوقفنا في ذلك الصحراء المجهول وبقينا أياماً نأكل ونشرب ما بقي لدينا ونفد الماء والأكل حتّى دبّ اليأس من البقاء والحياة في نفوسنا وعندها كلّ واحد منّا حفر حفيرة من الرمل أمامه فقبل أن يفاجأه الموت يرمي بنفسه في الحفيرة ولكنّي كنت أكثرهم اضطراباً لأني كنت أشعر بمسؤولية هؤلاء الحجّاج فأخذت كتاب مفاتيح الجنان وكنت أدعو وأناجى الإمام صاحب الزمان (عجل اللّه تعالى فرجه) وأنا في استغراق من الدعاء والمناجاة مع الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإذا بي أسمع صوت رجل ينادي باسمي ياشيخ إسماعيل نمازي ماذا تريد منّا ؟ فنظرت إليه وإذا برجل يلبس لباس العرب لم أعرفه ويقود ناقتين محمّلتين بالماء والطعام فلم التفت حينما ناداني باسمي وهو رجل عربي في الصحراء فقلت له : يا أخا العرب ضللنا الطريق ونفذت وقود السيارتين مع الماء والطعام فقال : أنا جئت بالماء والطعام لكم فأكلنا الطعام وشربنا من الماء الذي جاء به وزاد عندنا منه، فقلت له يا أخا العرب السيارتان نفذ وقودهما فقال : لسائقي السيارتين
ص: 52
قوما وشغّلا السيارتين فقاما بتشغيل السيارتين واشتغلت السيارتان وتحرّكنا فقلنا له جزاك اللّه خيراً الإكرام بالا تمام دلّنا على الطريق الذي يوصلنا للمدينة المنوّرة قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) السيروا خلفى أدلّكم على طريق مستقيم يوصلكم إلى المدينة المنوّرة وسار وسرنا خلفه ووصلنا إلى مفترق ثلاث طرق وقال سيروا مستقيماً على هذا الطريق فإنّكم تصلون إلى المدينة، فنزلت من السيارة أتشكّر منه وإذا به غاب عن أبصارنا فلم نره ولم نرى الناقتين اللتين كانتا معه فعندها علمنا أنه هو صاحب الأمر والزمان وأنه نطق باسمي ولم ألتفت فأخذنا نبكى بكاءً شديداً وكان (رَحمهُ اللّه) يبكي وهو ينقل لنا هذه القصة (رَحمهُ اللّه).
المرحوم والدي سماحة السيّد محمّد رضا الحسيني القزويني (قدّس سِرُّه) المتوفّى سنة 1379 ه- ق كان من العلماء الأتقياء وكان كثير العبادة والذكر إنّى سمعت منه مباشرة أنّه قال كنّا طلّاب ندرس في الحوزة العلمية في النجف الأشرف بمدرسة القوام.. وكانت ليالى الجمعة حرم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مغلق ولكن حرم الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كربلاء يفتح ليالي الجمعة
ص: 53
إلى الصباح وكان المؤمنون يتعبّدون فيه ويحرّ ذلك في نفوسنا إذ لم نتمكن من الذهاب إلى كربلاء في ليالي الجمعة حتّى نتعبّد في حرم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى الصباح لأنّ أجور النقل من النجف إلى كربلاء مرتفعة جداً بحيث لم أتمكن من دفع جورها، ففكّرنا أن نفاتح سادن حرم مرقد أمير المؤمنين المرحوم السيّد جواد الكليدار فذهبنا إليه مع بعض المؤمنين وقلنا نرغب أن يفتح حرم أمير المؤمنين ليالي الجمع إلى الصباح حتّى نتعبّد فيه، فقال لا مانع لدي إلّا أنّ هناك مشكلتين وعقبتين تمنعنا من ذلك أحدها مشكلة ماكنة كهرباء كانت ضعيفة لا تتحمّل إلى الصباح لأنّها خاصّة بالحرم وتفتح لمدة ساعتين فقط في ذلك الوقت والثانية أن نوبة وشفت خدّام الحرم تنتهي عند ساعتين بعد غروب الشمس فإنّهم لا يبقون إلى الصباح فقلنا له نحن مستعدين أن نوقد الشموع الكبيرة في شمعدان الحرم وكانت ذلك الوقت موجودة ة في الحرم فکلّما ينتهي وقود الشمعة نضع مكانها شمعة جديدة أخرى إلى الصباح ونلتزم بذلك وحلّ المشكلة الثانية أننا جميعاً نلتزم بحراسة الحرم من حين ذهاب خدمة الحرم إلى حين مجيئهم عند طلوع الفجر
ص: 54
ونتحمّل كامل مسؤولية الحراسة فقبل الكليدار السادن للحرم بهذا الالتزام ففرحنا بذلك وكنا نتعبّد في ليالي الجمعة إلى الصباح وقال المرحوم والدي كنت أصلي صلاة الليل في بعض ليالي الجمعة عند رأس مرقد الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإلى جنبي أحد أصدقائي من الطلّاب وإذا بنا نشاهد ونرى نوراً غير طبيعي أضاء الحرم الشريف كلّه وإذا برجل عليه عمّة خضراء جاء ووقف عند رأس الإمام وأخذ يزور جده أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بزيارة - أمين اللّه - ممّا جذب أنظارنا وأنظار الحاضرين في المرقد الشريف لحسن قراءته ونور وجهه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأكملنا صلاتنا والتفت إلى من كان بجنبي جالساً قلت له إني أرى نور الحرم قد تغيّر نوره وزاد ضياءً وأكثر نوراً وأظنّ هذا السيّد هو الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال وأنا أرى ذلك فقمت مع صاحبي لنرى السيّد وإذا به قد غاب عنّا فأخذنا نفتش يميناً وشمالاً علّنا نجد أثراً له وتكتحل أبصارنا بنوره وتزداد روحانيتنا لرؤيته.
الجواب:
الغريب من هؤلاء الذين ينكرون ولادة الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ)
ص: 55
في حين أنّ أكثر الذين ألفوا في الإمام المهدي المنتظر هم من علماء أهل السنّة وأنّ أكثر كتبهم ما يقارب 100/80 تصرّح وتذكر ولادته واسمه ورسمه وصفته ونلاحظ في هذه الكتب لاخواننا أهل السنّة ملاحظات عديدة :
أ - كلّ من ترجم الإمام الحسن اللّه العسكري قال : الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) العسكري هو أبو محمّد المهدي المنتظر الغائب بالسرداب كما يقوله المترجم.
ب - وكلّ من ترجم الإمام المهدي المنتظر قال :
إنّه هو محمّد المهدي المنتظر بن الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولد 15 شعبان سنة 255.
ج - قد وردت نصوص كثيرة عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والأئمّة من أهل البيت : تذكر ولادته واسمه واسم أبيه في كتب أهل السنّة والشيعة وذكر الإمام القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودّة ما نصّه :
عن عباية بن ربعي عن جابر قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ):
أنا سيّد النبيين، وعلي سيّد الوصيين وإنّ أوصيائي من بعدي إثنا
ص: 56
عشر، أوّلهم علي وآخرهم القائم المهدي (1).
وجاء في كتاب مقتضب الأثر بسنده عن جماعة كانوا عند على (عَلَيهِ السَّلَامُ) فكان إذا أقبل ابنه الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول :
مرحباً يابن رسول اللّه.
وإذا أقبل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول :
بأبي أنت وأمي يا أبا ابن خيرة الإماء.
فقيل له : يا أمير المؤمنين ما بالك تقول هذا للحسن وتقول هذا للحسين ؟ ومن هو ابن خيرة الإماء ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
ذاك الفقيد الطريد الشريد محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين هذا.
ووضع يده على رأس الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذكر مثل ذلك صاحب كنز الفوائد 175 (2).
وجاء في كفاية الأثر: عن حكيم بن جبير، عن علي بن زید بن جذعان، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال:
ص: 57
يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي، تقضي ديني وتنجز عداتي وتقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل، يا علي حبك إيمان وبغضك نفاق، ولقد نبأني اللطيف الخبير أنه يخرج من صلب الحسين تسعة من الأئمّة معصومون مطهرون، ومنهم مهدي هذه الأمة الذي يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت في أوله (1).
ص: 58
ص: 59
ص: 60
هل يجوز إمامة الصبي ؟
هناك كثير من الشبهات التي يثيرها الأعداء من الذين لم يفهموا القرآن الكريم ولا السنّة النبوية الشريفة أو يفهموها ولكنّهم يحرّفون الكلم عن مواضعه لأنهم لم يستنيروا بنور العلم ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق، ولهذا أخذوا يثيرون الشبهات والشكوك حول مفاهيم الاسلام وبعض معالمه منها - امامة الصبي - ويتهجمون على الشيعة لانهم يقولون ويعترفون بامامة الصبي مثل الإمام الجواد والإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وغيرهم من الأئمّة من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
والجواب على هذه الشبهة نقول :
أوّلاً : هناك ثلاثة مناصب : منصب النبوّة والامامة والخلافة.
اللّه سبحانه وتعالى اختصها لنفسه في تعيين من يستحقها ولا يرضى لأى جهة الرسميّة أو غير رسميّة من مجلس الشورى أو مجلس النواب أو الكونكرس التدخل في تعيين من يستحقّ هذه المناصب الثلاثة.
وهو المنصب الالهي الأوّل بينه وبين خلقه فاللّه هو الذي
ص: 61
يعين من يستحقّ هذا المنصب من أنبياء ورسل ودليلنا على ذلك قوله تعالى حينما ولدت مريم العذراء ولدها عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) واعترضوا عليها اليهود وأحاطوا بها حاقدين على هذا الوليد في بيت المقدس قائلين:
«يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللّه آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً» (1).
فالجعل هنا لمنصب النبوّة هو من اللّه العليّ العظيم بقوله : وجعلني نبيّاً.
وهو المنصب الإلهي الثاني الذي اختصه اللّه لنفسه بقوله لنبيّه إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ):
«إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» (2).
فالجعل لمنصب الإمامة هنا أيضاً هو من قبل اللّه، لقوله
ص: 62
تعالى : اني جاعلك للناس إماماً.
وهو المنصب الالهي الثالث الذي اختصه اللّه لنفسه حينما قال تعالى :
«وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» (1).
فالجعل لمنصب الخلافة هنا أيضاً هو من قبل اللّه تعالى فقط لقوله : إني جاعل في الأرض خليفة فهذه المناصب الثلاثة الالهيّة لا يجوز لأحد ان يتلاعب فيها في تعيين من يستحقّها من الناس إلا اللّه تعالى فقط.
فاذا تبيّنت هذه الحقيقة وثبت حق تعيين من تكون له الأهليّة فى استحقاق هذا المنصب وهو اللّه لأنه أعلم حيث يجعل رسالته من نبوّة أو إمامة أو خلافة والدليل على ذلك القرآن الكريم والسنّة النبوية والعقل السليم.
ص: 63
كثيرة من آياته منها قوله تعالى عن نبيّه عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو طفل في المهد قال :
«قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللّه آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً» (1).
فالجعل الالهي لمنصب النبوّة لطفل في المهد ثابت وصريح لا غبار عليه لأنه نص قرآنى وهو وجعلنى نبيّاً.
وقال تعالى في محكم كتابه أيضاً:
«يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً» (2).
فهذه الآية أيضاً تؤكد نبوّة الصبيّ وهي واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار ممّا يدلّ على صحة نبوّة الصبي استناداً لهذه الآيات القرآنيّة.
بالاضافة إلى ما تقدّم من الآيات القرآنيّة الكريمة جائت السنّة النبويّة الشريفة تقر وتؤكّد إمامة الصبيّ وهي كما يلي :
1 - النبيّ الكريم يعيّن عليّاً خليفة وهو صبيّ.
وذلك ممّا أجمع عليه جلّ المفسّرين من أهل السنّة
ص: 64
والشيعة فانّهم حينما يفسّرون هذه الآية :
«وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» (1).
يقولون ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) جمع عشيرته وأقربائه على وليمة وقام خطيباً فيهم بخطبة طويلة منها قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ):
إنّي لا أعلم نبيّاً جاء إلى قومه بأفضل ممّا جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا وخير الآخرة فمن منكم يعينني على هذا الأمر على أن يكون أخي وخليفتي ووزيري من بعدي فلم يقم إلّا علي فردّدها ثلاث مرّات فلم يقم إلا علي وكان صبيّاً فأخذ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بيد عليّ قائلاً: يا علي أنت خليفتي ووزيري وأخي من بعدي (2).
وهذا المعنى ذكره جلّ المفسّري لهذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين وهنا العشرات من الروايات والأحاديث التي تفسّر هذه الآية وتذكر هذا المعنى.
2 - وذكر الحسكاني والثعلبي ما نصّه :
حدثني الحسين بن محمد بن الحسين بن فنجویه، قال: حدثنا موسى بن محمّد بن علي بن عبداللّه، قال : حدثنا
ص: 65
الحسن بن عليّ بن شبيب العمري، قال : حدثنا عباد بن يعقوب، قال : حدثنا علي بن هاشم، عن صباح بن يحيى المزني، عن زكريا بن ميسرة، عن أبي اسحاق، عن البراء، قال : لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) جمع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بني عبدالمطّلب وهم يومئذٍ أربعون رجلاً، الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العسّ، فأمر عليّاً برجل شاة فآدمها، ثمّ قال : ادنوا بسم اللّه، فدنا القوم عشرة عشرة، فأكلوا حتّى صدروا، ثمّ دعا بقعب من لبن، فجرع منه جرعة، ثمّ قال لهم : اشربوا بسم اللّه، فشرب القوم حتّى رووا، فبدرهم أبو لهب، فقال : هذا ما أسحر كم به الرجل ! فسكت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، يومئذٍ، فلم يتكلّم، ثمّ دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب، ثمّ أنذرهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)فقال :
يا بني عبدالمطلّب، إنّي أنا النذير إليكم من اللّه عزّوجلّ والبشير بما لم يجيء به أحد، جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا وأطيعوني تهتدوا ومن يواخيني منكم ويوازرني ويكون ولتي ووصتي بعدي وخليفتي ويقضي ديني ؟ فسكت القوم وأعاد ذلك ثلاثاً كلّ ذلك يسكت القوم ويقول
ص: 66
عليّ أنا، فقال: أنت خليفتي ووزيري بعدي (1).
فقد عيّن رسول اللّه عليّاً خليفته ووزيره وهو صبيّ.
فالنبيّ محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال مراراً وتكراراً في حق ولديه الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ما نصّه :
الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا.
فهذا النصّ الصريح الواضح على صحة إمامة الصبي وهما الحسن والحسين وعمرهما حينذاك خمس أو ستة سنوات على الغالب بما يدلّ دلالة واضحة وصريحة على امامة الصبي.
النصّ القرآني والنصّ النبوي يؤكّدان على صحّة نبوّة وإمامة الصبي الذي هيّأه اللّه لهذه المناصب الثلاثة الالهيّة لأنّه أعرف بخلقه.
النص القرآني وكذلك النصّ النبويّ يصرّحان بصحة نبوّة
ص: 67
وإمامة الصبى فكذا العقل يؤكّد ويؤيّد هذه المناصب الالهيّة الثلاثة للصبى إذا كان مهيّاً ومعدّاً من قبل اللّه تعالى لأنه أعلم بخلقه وأعرف بمن هو قادر على ادارة الحكم على أحسن وجه وأمنه وهو الخالق العالم القدير.
ولنضرب لذلك مثلاً بادارة القطار الكبير والسيّارة ذات الأطنان الكثيرة التي لا يمكن تحريكها إلا بمفتاح صغير يحرّك القطار الكبير ويحرّك السيّارة ذات الأطنان لأن صانع القطار وصانع السيارة جعل مركز القوة الدافعة المحركة منحصرة بهذا المفتاح الصغير، فكذلك اللّه سبحانه وتعالى جعل مركز التحريك والقوّة فى الطفل الذي يريده نبيّاً أو إماماً أو خليفة منحصرة في هذه الذوات سواء كان صبياً أو كبيراً وهو أعلم بخلقه وأدرى بمن يصلح لهذه المناصب الثلاثة.
فالعقل يؤيّد هذا المعنى ويؤكّده ومن هذا المنطلق توصل العقل لادارة القطار والسيّارة الضخمة ذات الأطنان بتحريكها بمفتاح صغيرة ولكنّه يتمتع بقوة خارقة قويّة تمكنه من دفع القطار والسيّارة إلى الأمام.
فالنص القرآني والنصّ النبوي والعقل السليم يقرون بهذه الحقيقة ويؤكّدون عليها.
ص: 68
د - وإليك قائمة بأسماء بعض الكتب لعلماء أُخواننا أهل السنّة والتي ذكرت اسم الإمام المهدي المنتظر واسم أبيه الحسن بن علي العسكري واسم أُمّه نرجس وقصة زواجها من الإمام الحسن العسكري وتاريخ ولادته فى 15 شعبان سنة 225ه- والكتب التي ألفت وذكرت المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهي كما يلى :
1 - القول المختصر فى علامات المهدي المنتظر - لابن حجر المكّي.
2 - فوائد الفكر فى ظهور المهدي المنتظر لمرعي بن يوسف الحنبلي.
3 - لوامع الأنوار البهية للسفاريني.
4 - التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجّال والمسيح للقاضي محمّد بن علي الشوكاني.
5 - المسند للروياني.
6 - سرّ السلسلة العلوية لسهل بن عبداللّه البخاري
7 - مفاتيح العلوم طبعة ليدن 1895م للخوارزمي.
8 - الأربعون حديثاً لأبي نعيم الأصفهاني.
ص: 69
9 - تذكرة الخواص لابن الجوزي الحنفي المتوفّى 654.
10 - الفتوحات المكية محي الدين بن عربي.
11 - أخبار البشر الملك المؤيّد أبي إسماعيل بن علي.
12 - الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي المتوفّى 855.
13 - الاتحاف بحبّ الأشراف للسبراوي الشافعي.
14 - الأئمّة اثنى عشر لابن طولون الدمشقي المتوفّى.953 وله كتاب فى الإمام المهدى بعنوان «المهدى إلى ما ورد في المهدي».
15 - سبائك الذهب محمّد أمين السويدي.
16 - الأعلام للزركلي.
17 - الردّ على من كذب بالأحادبث الصحيحة الواردة في المهدي تأليف الشيخ عبدالمحسن العباد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلاميّة في المدينة المنوّرة.
18 - صاحب كتاب ينابيع المودة ص 451 للشيخ سليمان القندوزي الحنفي المتوفّى 294ه-.
19 - كفاية الأثر.
20 - مقتضب الأثر.
21 - إكمال الدين وإتمام النعمة.
ص: 70
22 - فرائد السمطين : ج 2 باب 35.
23 - مطالب السؤول لمحمّد بن طلحة الشافعي المتوفّى 652ه-.
24 - البيان فى أحوال صاحب الزمان للكنجي الشافعي المتوفّى 658 ه-.
25 - وفيات الأعيان : ج 3 ص 316 لابن خلكان الشافعي.
26 - الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي الشافعي: ص 124 المتوفّى 852ه-.
27 - اسعاف الراغبين : ص 140 لابن الصبّان الشافعي المتوفّى 1206ه-.
28 - نور الأبصار : ص 154 مؤمن الشبلنجي الشافعي.
وهناك الكثير من الكتب التي ذكرت ولادة الامام المهدي المنتظر ممّا لا يسعنا ذكرها هنا ولكن المرحوم الشيخ نجم الدين العسكري ذكر أربعين اسماً من أسماء القائلين بولادة الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع أسماء كتبهم ومن أراد التفصيل في ذلك فليراجع كتاب المهدي الموعود عند علماء
ص: 71
السنّة والامامية : ص 220 وهو من خيرة الكتب التي ألفت في هذا الباب.
إلى ما هنالك من الكتب الأُخرى لأعلام أهل السنّة ممّا لا يسعنا ذكرها هنا ممّا يوجب الاطمئنان وإزالة الشبهات.
ه- - بالاضافة إلى ما تقدّم هناك روايات كثيرة تعد بعشرات الروايات التي تصرّح بولادة المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابن الإمام الحسن العسكري ونحن هنا نقتصر على بعضها :
1 - فقد جاء في كتاب إثبات الهداة ما نصها :
حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل (رضیَ اللّهُ عنهُ) قال : حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري قال: حدّثنا محمّد بن بن أحمد العلوي، عن أبي غانم الخادم قال : ولد لأبي محمّد ولد فسمّاه محمّداً وعرضه على أصحابه يوم الثالث، وقال: هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتدّ إليه الأعناق بالانتظار، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلاً (1).
2 - وجاء في كتاب كمال الدين ما نصّه :
ص: 72
بسند صحيح : حدثنا المظفر بن جعفر العلوي السمرقندي (رضیَ اللّهُ عنهُ)قال : حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود العياشي، عن أبيه عن أحمد بن علي بن كلثوم، عن علي بن أحمد الرازي، عن أحمد بن إسحاق بن سعد قال: سمعت أبا محمّد الحسن بن علي العسكري اللّه يقول :
الحمد للّه الذي لم يخرجني من الدنيا حتّى أراني الخلف من بعدي أشبه الناس برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) خلقاً، وخُلقاً، يحفظه اللّه تبارك وتعالى في غيبته، ثمّ يظهره اللّه فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً (1).
أيضاً : 3 - وروی بسند صحیح یحیی أیضاً:
حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رضیَ اللّهُ عنهُ) قال : حدثنا محمّد بن العطّار قال : حدّثني جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري قال : حدّثني معاوية بن حكيم ومحمد بن أيوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمري قالوا : عرض علينا أبو محمّد الحسن بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونحن في منزله وكنا أربعين رجلاً فقال :
هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا ! قالوا: فخرجنا من
ص: 73
عنده فما مضت إلّا أيّام قلائل حتّى مضى أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).
إلى ما هنالك عشرات الأحاديث الواردة في هذا الباب ممّا لا يسعنا ذكرها فى هذا الكرّاس.
الجواب:
هناك فرضيات ثلاثة :
آ: الزواج أمر ممدوح ومندوب ومستحبّ والإمام المعصوم لا يمكنه أن يترك المندوب والمستحب.
ب: أن يتزوّج باسمه ورسمه ويعرف نفسه بأنّه الإمام المهدي المنتظر من آل محمّد فإنّ هذه الفرضية مخالفة الفلسفة الغيبة وباعتباره الإمام الغائب المنتظر وعلى فرضية زواجه فإنّه لا يعرف نفسه.
ج : أن يتزوّج ولا يعرف نفسه فهذا أمر لا يمكن لنا أن تنفيه أو نثبته لأنّ الأخبار لم تذكر شيئاً عن ذلك لا نفياً ولا إثباتاً.
ص: 74
الجواب:
العجيب من هؤلاء الذين يرون التشكيك في بعض الروايات فحين أنّهم يأخذون بالمشكوك ويتركون اليقين ويأخذون بالنادر الضعيف ويتركون القوي المثبت ويرتّبون الآثار عليها وينطلقون في ذلك من الحقد والكراهية لأنهم لا يحبّون أن تكون الروايات الكثيرة في حق أهل البيت فإنّهم يحاولون التشكيك فيها وذلك لهوى نفوسهم وعدم محبّتهم لأهل هذا البيت فلهذا يشككون بها وإنّ هؤلاء لا يمتون بصلة لأخواننا أهل السنّة لأنّ أهل السنّة يعترفون بهذه الروايات ويعتزون بمحبّتهم لأهل البيت : لأنه فرض من اللّه
على المسلمين بقوله :
«قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» (1).
وقد ألفوا في ذلك كتباً كثيرة ولا سيّما في الإمام المهدي
ص: 75
المنتظر بن الإمام الحسن العسكري ولابدّ لنا من توضيح بعض النقاط حتّى يتضح الأمر جليّاً وهي كما يلي :
1 - إن الإيمان بفكرة الإمام المهدي المنتظر هي من الوضوح والبداهة ممّا لا يشوبها التشكيك ولا غيرها من أنواع التضعيف لأنها من البديهيات المسلّم بها من قبيل أن يأتي رجل في وضوح النهار ويدعي أنه ليل فلا يؤخذ بقوله حتّى لو كان من الصادقين لأنه إنكار البديهة من البديهيات.
2 - الأحاديث المروية عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على نوعين :
آ - النوع الأوّل: حديث مروي فقط عند أهل السنّة أو عند الشيعة فقط ولا يرويه غير طائفة معيّنة بذاتها.
ب - النوع الثاني : حديث يرويه أهل السنّة والشيعة وهو متّفق عليه عند الطرفين فيكون هذا الحديث أقوى وأوثق من الحديث الذي يرويه فريق واحد فيكون هذا المورد محل وثوق واطمئنان كالأحاديث المروية للإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3 - - الأحاديث التي تروى للإمام المهدي المنتظر هي متواترة ومورد اتفاق ما بين المسلمين السنّة والشيعة بينما ادّعاء أنّ بعض رواته غير ثقة فهذا القول بنفسه غير متواتر
ص: 76
وهو ضعيف وشاذّ ونادر وهو لا يقوى أمام الحديث المتواتر فمثلاً حديث يرويه 100/80 وحدیث آخر يرويه 100/20 فهذا الثاني حديث ساقط عن الاعتبار أمام الحديث الأوّل.
4 - العجيب من هؤلاء الأدعياء يدّعون وينحتون التشكيك فى الروايات الواردة للإمام المهدي المنتظر في حين أنّهم يصدّقون الأحاديث الضعيفة والشاذة وغير المتواترة.
ولكن هؤلاء مبناهم تضعيف الحديث القوي وتقوية الحديث الضعيف وذلك لهوى وحقد في نفوسهم وهذا هو بعيد عن البحث العلمي وأُسلوبه.
5 - إنّ المشكّكين في الأحاديث الواردة في الإمام المهدي المنتظر بن الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أمثال أحمد الكاتب وعثمان خميس والشيخ عرعور فإنّهم لا اطلاع لهم في علم الحديث وعلم الدراية والرواية ولو كان عندهم أقلّ اطلاع بعلم الدراية والرواية لما شدّوا فضعفوا الحديث القوي المتواتر وقوّوا الحديث الضعيف الشاذّ النادر وعلى فرض أنّ أحد الرواة كما يقولون عنه أنه ضعيف في الرواية ولكن باعتبار أنّ الأُمّة اتفقت على صحة هذه الروايات المبشرة بالإمام المهدي المنتظر وعملت بها ففي علم الحديث والدراية
ص: 77
والرواية يؤخذ بهذه الرواية ويعمل بها لأنّ اتّفاق الأصحاب وإجماع الأمة على العمل بها يجبر ضعفها وكسرها - على فرض لو كان فيها ضعف ولكن المشكلة أنّ هؤلاء هم من الجهلة ولا علم لهم بمعرفة قواعد علم الحديث والرواية القائل - إنّ الخبر الضعيف إذا عمل به الأصحاب أجبر ضعفه والتئم كسره - لأنّ الحديث المروي في الإمام المهدي المنتظر بن الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) من القضايا المسلّم بها عند عامة المسلمين ولهذا عملوا به لأنه من البديهيات والخبر الذي يكون من البديهيات يؤخذ ويعمل به وذلك من قبيل لو أخبر رجل صادق مصدّق بأنّ فلان بن فلان قد مات ولكنّه هو حي يرزق يعيش ويعمل ليله ونهاره فلا يؤخذ بقوله ولا يصدّق لأنه مخالف للأُمور البديهيات فكذلك القول بأنّ الإمام المهدي المنتظر هو ابن الإمام الحسن العسكري فإنّ الأحاديث المبشّر به من الأمور البديهية المتواترة لا يمكن التشكيك بها لأنها من البديهيات التي اتفق عليها أهل السنّة والشيعة.
ص: 78
وقد ذكر علماء الشيعة وعلماء اخواننا أهل السنّة تواتر الأحاديث الواردة في الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأثبتوها في كتبهم وأقوالهم وهي من الكثرة بدرجة يصعب على هذه الوريقات جمعها واستيعابها لأنّ هناك العشرات بل المئات من العلماء والكتب التي ذكرت تواترها من علماء الشيعة وأهل السنّة ونحن نذكر بعض علماء اخواننا أهل السنّة الذين أكدوا على تواتر الأحاديث الواردة في الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) على سبيل المثال لا الحصر :
1 - الحافظ أبو الحسن محمّد بن الحسين الآبري السجزي المتوفّى 363ه- صاحب كتاب مناقب الشافعي.
2 - محمّد البرزنجي المتوفّى 1103ه- في كتابه الاشاعة لأشراط الساعة.
3 - الشيخ محمّد السفاريني المتوفّى 1188 ه- في كتابه لوامع الأنوار البهية.
4 - القاضي محمّد بن على الشوكاني المتوفّى 1250ه- في كتابه التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجّال والمسيح.
ص: 79
5 - الشيخ صديق حسن القنوجي المتوفّى 1307ه- في كتابه الإذاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة.
6 - الشيخ محمّد جعفر الكتاني المتوفّى 1345ه- في كتابه نظم المتناثر من الحديث المتواتر.
7 - وذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب ما نصّه في سنة ستين ومائتين قبض أبو محمّد الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن على بن أبي طالب أي الإمام الحادي عشر - في خلافة المعتمد وهو ابن تسع وعشرين وهو أبو المهدي المنتظر والإمام الثاني عشر عند القطعية من الإمامية وهم جمهور الشيعة (1).
مع العلم ان المسعودي توفي في سنة 346 والغيبة الكبرى كانت في سنة 329 وكان قد وقعت في حياته.
وروي الشيخ الصدوق بسنده عن شاعر أهل البيت السيّد الحميري قال: قلت للصادق جعفر بن محمّد، یا بن رسول اللّه قد روي لنا أخبار عن آبائك: في الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن تقع؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ):
ص: 80
إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمّة الهداة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم القائم بالحق بقية اللّه في أرضه، وصاحب الزمان، واللّه لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتّى يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً (1).
ومن أراد التوسعة في هذا الباب فليراجع (2).
ص: 81
ص: 82
ص: 83
ص: 84
مدة حكومة الإمام صاحب الزمان
هناك اختلاف في الروايات القائلة في تعيين مدّة ما يحكم به الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الزمان وهي كما يلي :
أ: سبعة سنين، وكلّ سنة تعادل عشر سنين من سنيكم كما ورد عن الامام أبي جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكما جاء في الارشاد للشيخ المفيد نقتطف جملاً منها يخصّ بحثنا.
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
إِذَا قَامَ الْقَائِمُ سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ وَسُعَ الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ وَكَسَرَ كُلَّ جَنَاحِ خَارِجِ عَنِ الطَّرِيقِ وَأَبْطَلَ الْكُنُفَ وَالْمَيَازِيبَ إِلَى الطُّرُقَاتِ وَلَا يَتْرُكُ بِدْعَةً إلَّا أَزَالَهَا وَلا سُنَّةً إلَّا أَقَامَهَا وَيَفْتَتِحُ قُسْطَنْطِينِيَّة وَالصِّينَ وَجِبَالَ الدَّيْلَم فَيَمْكُثُ عَلَى ذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ مِقْدَارُ كُلِّ سَنَةٍ عَشْرُ سِنِينَ مِنْ سِنِيكُمْ هَذِهِ، ثُمَّ يَفْعَلُ اللّه مَا يَشَاءُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَيْفَ تَطُولُ السِّنُونَ؟ قَالَ: يَأْمُرُ اللّه تَعَالَى الْفَلَكَ بِاللُّبُوثِ وَقِلَّةِ الْحَرَكَةِ فَتَطُولُ الأيّام لِذَلِكَ وَالسِّنُونَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الْفَلَكَ إِذَا تَغَيَّرَ فَسَدَ؟ قَالَ: ذَلِكَ قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَقَدْ شَقَ اللّه الْقَمَرَ لنبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَرَدَّ
ص: 85
الشَّمْسَ مِنْ قَبْلِهِ لِيُوشَعَ بْنِ نُونِ وَأَخْبَرَ بِطُولِ يَوْم الْقِيَامَةِ وَأَنَّهُ كَالْفِ سَنَةٍ ممّا تَعُدُّونَ (1).
وقد ورد مثله في كشف الغمة : ج 3 ص 56 وأعلام الورى : ص 432. (2)
وكما جاء أيضاً في عقد الدرر حديث 328 من الباب - 1 - عن ابن مسعود قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) :
لو لم يبق من الدنيا إلّا ليلة لطول اللّه تلك الليلة حتّى يملك رجل من أهل بيتي، ثمّ قال بعد ذلك: فيملك سبعاً أو تسعاً (3).
روى عبدالكريم الخثعمي قال: قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) كم يملك القائم ؟ قال : سبع سنين تطول له الأيّام والليالي حتّى تكون السنّة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم فيكون مدّة ملكه وحكمه سبعين سنة من سنيكم هذه (4).
ص: 86
ب : رواية الأربعين :
جاء في كتاب دلائل الامامة عن أبي عبداللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) انّه قال :
القائم من ولدي يعمر عمر خليل الرحمن يقوم في الناس كابن ثلاثين سنة ويلبث فيها أربعين سنة يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً (1).
فاذا قلنا برواية كلّ سنة تعدّ بعشر سنة من سنيكم فيكون مدّة حكمه وملكه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بناءاً على هذه الرواية 400 سنة.
ج : رواية ثلاثمائة سنة :
ذكر هذا المعنى العيّاشي في تفسيره عن جابر بن يزيد الجعفي أنّه قال : سمعت أبا جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول :
واللّه ليملكنّ رجل منا أهل البيت ثلاثمائة سنة ويزداد تسعاً قال: قلت متى؟ قال: القائم أي بعد ظهوره (2).
فهذه الروايات على اختلاف زمن مدّة الحكم لصاحب الزمان عجل اللّه فرجه سواء كانت رواية سبعة سنين أو رواية أربعين سنة أو رواية ثلاثمائة سنة فاذا قلنا وأخذنا برواية كلّ
ص: 87
سنة تعد بعشر سنوات من سنيكم فتكون حكومة الإمام هي الدولة الباقية والمستمرّة إلى الأبد وهي آخر الحكومات والدول فانّها صحيحة ومطابقة لقول الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
لكل أناس دولة يرقبونها***ودولتنا في آخر الدهر تظهر (1)
وبالاضافة إلى هذا القول أنّها منسجمه مع فكرة المصلح المنتظر لأنّ اللّه ادخره في هذه المدة الطويلة لكي يصلح العالم بأجمعه وتكون حكومته هي حكومة العادلة التي تملأ الأرض قسطاً و عدلاً بعد ما ملئت ظلما وجوراً وتستريح البشريّة من ظلم الظالمين وجور الجائرين واستبداد الحاكمين وتنعم بما أعد اللّه لها من الخيرات والبركات فتخرج الأرض منابعها الخيرة والمفيدة للانسان ويعمّ السلام والأمان في جميع الكرة الأرضية ويكون الدين كله فيها للاسلام فبموجب هذه الأحاديث والآيات تكون دولة الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) دولة استمرارية إلى الأبد لا دولة بعدها ولا ظلم وذلك تطبيقاً لآية الكريمة :
ص: 88
«إنّ الأرض يَرِثُهَا عِبادِيَ الصالِحُون» (1).
لأنّ وراثة الأرض لا يمكن أن تتحقّق في سبع سنوات أو أربعين سنة ثم تزول هذه الوراثة من سطح الأرض ويعود الفسق والفجور إلى ظهرها ولكن الوراثة الحقيقية استمرارية ارث الأرض بيد عباد اللّه الصالحين من خلقه وكلّ هذه الاحتمالات صحيحة وممكنة الوقوع ويصح الاعتماد عليها بموجب هذه الآية الكريمة: «إنّ الأرض يَرِثُهَا عِبادِيَ الصَّالِحُون» (2).
ص: 89
ص: 90
ص: 91
ص: 92
الامام المهدي المنتظر انشودة الشعراء
كثير من الشعراء المؤمنين القائلين بظهور الامام المهدي الموعود المنتظر عجل اللّه فرجه فهم دائماً ينشدونه شعراً ومنتظرين لطلعته النيّرة فهو انشودة الآملين لظهوره ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد ما ملئت ظلما وجوراً وهم من كثرة بدرجة لا يمكن لهذه الوريقات الالمام بعددهم واحصائهم وهم أيضاً من مختلف المذاهب والمشارب والأديان على مختلف العصور والأزمنة لأنه المخلص الرباني للبشرية ولكن شوقهم وأملهم لرؤية طلعته البهيّة يدفعهم أن ينشدونه شعراً منتظري ظهوره وأنّنا إذ نقتضب بعض الأشعار التي قيلت فيه وهي كما يلي :
1 - انشودة الشاعر أبي عمارة اليهودي الذي أسلم.
فقد ذكر الشيخ نجم الدين العسكري في كتابه المهدي المنتظر عند علماء أهل السنّة والإماميّة وهذا نصّه :
جاء في ينابيع المودة ص 440 نقلاً من كتاب فرائد
ص: 93
السمطين لابراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي في ج 2 باب 31، حيث أخرج بسنده عن مجاهد عن ابن عبّاس قال: قدم يهودي يقال له نعثل فقال : يا محمّد، أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين، فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك.
قال : سل يا أبا عمّارة.
فقال : يا محمّد صف لي ربّك.
فقال له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): (ان اللّه) لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز العقول أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطوات أن تحدّه، والأبصار أن تحيط به جلّ وعلا عمّا يصفه الواصفون، ناء في قربه، قريب في نأيه، وهو كيف الكيف وأيّن الأين، فلا يقال له أين هو، منقطع الكيفيّة، والأينونيّة، فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه والواصفون لا يبلغون نعته لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن قولك : إنّه واحد، لا شبيه له، أليس الإله واحد والانسان واحد فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): (اللّه) عزّ و علا، واحد حقيقيّ احدى المعنى أي لا جزء له ولا تركيب له، والانسان وأحد ثنائي المعنى مركّب من روح و بدن، قال: صدقت، فأخبرني عن وصيّك من هو، فما من نبيّ إلّا وله
ص: 94
وصيّ، وإن نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون.
فقال : إنّ وصيّي على بن أبى طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين تتلوه تسعة أئمّة من صلب الحسين.
قال : يا محمّد فسمّهم لي.
قال : إذا مضى الحسين، فابنه علي، فإذا مضي علي فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد، فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسی، فإذا مضى موسى، فابنه علي، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه الحسن، فإذا مضى الحسن فابنه الحجّة، محمّد المهدي فهؤلاء اثنا عشر.
قال : أخبرني عن كيفية موت علي والحسن والحسين.
قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : يقتل عليّ بضربة على قرنه والحسن يقتل بالسمّ والحسين يذبح.
قال : فأين مكانهم ؟
قال : في الجنّة، في درجتي.
قال : أشهد أن لا إله إلا اللّه وأنك رسول اللّه، وأشهد أنّهم الأوصياء بعدك، ولقد وجدت في كتب الأنبياء المتقدّمة، وفيما عهد إلينا موسى بن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه إذا كان آخر الزمان
ص: 95
يخرج نبي يقال له أحمد ومحمد وهو خاتم الأنبياء، ولا نبيّ بعده، فيكون أوصياؤه بعده اثنا عشر أوّلهم ابن عمّه وختنه والثاني والثالث كانا أخوين من ولده وتقتل أمة النبيّ الأوّل بالسيف والثاني بالسمّ والثالث مع جماعة من أهل بيته بالسيف وبالعطش في موضع الغربة، فهو كولد الغنم يذبح ويصبر على القتل، لرفع درجاته ودرجات أهل بيته وذريّته ولاخراج محبّيه وأتباعه من النار وتسعة الأوصياء منهم من أولاد الثالث، فهؤلاء الاثنى عشر، عدد الأسباط
قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): أتعرف الأسباط ؟
قال : نعم، كانوا اثنا عشر أوّلهم لاوي بن برخيا وهو الذي غاب عن بني إسرائيل غيبة ثم عاد فأظهر اللّه به شريعته، بعد اندراسها، وقاتل قرسطيا الملك.
قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة، وانّ الثاني عشر من ولدي يغيب حتّى لا يرى، ويأتي على أُمتي بزمن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ولا يبقى من القرآن إلا رسمه، فحينئذٍ يأذن اللّه تبارك وتعالى له بالخروج، فيظهر اللّه الاسلام به ويجدّده، طوبى لمن احبّهم
ص: 96
واتبعهم، والويل لمن أبغضهم وخالفهم، طوبى لمن تمسّك بهداهم.
فأنشأ نعثل هذه الأبيات :
صلى العلي ذو العلا***عليك يا خير البشر
أنت النبي المصطفى***و الهاشمي المفتخر
بکم قد هدانا ربنا***وفيك نرجو ما أمر
ومعشر سمّيتهم***أئمة اثنى عشر
حباهم رب العلا***ثم صفاهم من كدر
قد فاز من والاهم***وخاب من عادى الزهر
آخرهم يشفي الظمأ***وهو الإمام المنتظر
عترتك الأخيار لي***و التابعون ما أمر
من كان عنكم معرضا***فسوف تصلاه سقر
ذكر القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة (ص 438) شعراً منسوباً إلى مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يذكر فيه الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومخاطباً ولده الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقوله :
حسين إذا كنت في بلدة***غريبا فعاشر بآدابها
كأني بنفسي و أعقابها***و بكربلاء و محرابها
فتخضب منا اللحى بالدماء***خضاب العروس بأثوابها
ص: 97
أراها و لم یک رأي العيان***و أوتيت مفتاح أبوابها
سقى اللّه قائمنا صاحب ال***قيامة والناس في دأبها
هو المدرك الثار لي يا حسين***بل لك فاصبر لأتعابها
لكل دم ألف ألف وما***يقصر في قتل أحزابها
هنالك لا ينفع الظالمين***قول بعذر وأعتابها
أنا الدين لا شك للمؤمنين***بآیات وحي و إيجابها
لنا سمة الفخر في حكمها***وصلت علينا بأعرابها
فصل على جدك المصطفى***وسلم عليه لطلابها
بآیات وحي بإيجابها***وسلم عليه لطلابها
وأنشد السيّد الحميري في قصيدته البائية (1):
ولكن روينا عن وصي محمّد***ولم يك فيما قال بالمتكذب
بأن ولي الأمر يفقد لا يرى***سنين كفعل الخائف المترقب
ويقسم أموال العقود كأنما***تضمنه تحت الصفيح المنصب
له غيبة لابدّ أن سيغيبه***فصلّى عليه اللّه من متغيب
وقال أيضاً:
في عصبة حول مهدي يسير بهم***من بطن مكة ركبانا وماشينا
ص: 98
ليسوا يريدون إلا اللّه ربهم***نعم المراد توخاه المريدونا
حتى يلاقوا بني حرب بجمعهم***فيضربوا الهام منهم والعرانينا
وجاء في كتاب بحار الأنوار نقلاً عن كتاب أمالي الصدوق باسناده عن ابن أبي عمير عمّن سمع أبا عبد اللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول :
لكل أناس دولة يرقبونها***و دولتنا في آخر الدهر تظهر (1)
وأنشد دعبل الخزاعي قصيدته التائية للإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يذكر فيها قائم آل محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ):
فلو لا الذي أرجوه في اليوم أو غد***تقطع قلبي إثرهم حسرات
خروج إمام لا محالة خارج***يقوم على اسم اللّه والبركات
ص: 99
يميّز فينا كل حق وباطل***ويجزي على النعماء و النقمات
فيانفس طيبي ثم يا نفس فأبشري***فغير بعيد كل ما هو آت
سأل عيسى بن الفتح الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا سيّدي وأنت لك ولد ؟ فقال اللّه : واللّه سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطاً وعدلاً وأما الآن فلا، ثم أنشد (1):
لعلّك يوماً أن تراني كأنّما***بني حوالي الأسود اللوابد
فإن تميماً قبل أن يلد الحصى***أقام زماناً وهو في الناس واحد
وردت بعض الأبيات عن الشيخ محي الدين بن عربي صاحب الفتوحات المكيّة تنص على قيام الإمام المهدى (عَلَيهِ السَّلَامُ):
إذا دار الزمان على حروف***ببسم اللّه فالمهدي قاما
ويخرج بالحطيم عقيب صوم***إلا فأقرأه من عندي السلاما
وأنشد أيضاً (2)
ص: 100
إلا إن ختم الأولياء شهيد***وعن إمام العالمين فقيد
هو السيّد المهدي من آل محمّد***هو الصارم الهندي حين يبيد
هو الشمس يجلو كلّ غم وظلمة***هو الوابل كلّ الوسمي حين يجود
وجاء في كتاب ينابيع المودة للحنفي القندوزي أبيات شعريّة من قصيدة للشيخ عبدالكريم اليماني في الامام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ):
في يمن امن يكون لأهلها***إلى أن ترى أنوار الهداية مقبلا
بميم مجيد من سلالة حيدر***و من آل بيت طاهرين بمن علا
يلقب بالمهدي بالحق ظاهر***بسنة خير الخلق يحكم أولا (1)
وللشيخ عبد الرحمن البسطامي صاحب كتاب درة المعارف بعض النظم في الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقد أجاد شعره كما ورد في كتاب ينابيع المودة : ص 466 بهذه الأبيات:
ويظهر ميم المجد من آل أحمد***ويظهر عدل اللّه فى الناس أولا
ص: 101
كما قد روينا عن أبي الحسن الرضا***وفي كنز علم الحرف أضحى محصلا
ويخرج حرف الميم من بعد شينه***بمكة نحو البيت بالنصر قد علا
فهذا هو المهدي بالحق ظاهر***سيأتي من الرحمن للحق مرسلا
ويملأ كل الأرض بالعدل رحمة***ويمحو ظلام الشرك والجور أولا
ولايته بالأمن من عند ربه***خليفة خير الرسل من عالم العلا (1)
وأنشد ابن الرومي قائلاً:
غررتم لأن صدقتم أن حالة***تدوم لكم والدهر لونان أخرج
بجيش تضيق الأرض من زفراته***له زجل ينفي الوحوش وهزمج
ص: 102
يؤيّده ركنان ثبتان رجله***وخيل كأرسال الجراد وأو شج
تدانا فما للنقع فيهم خصاصة***تنفسه عن خيلهم حين ترهج
فيدرك ثار اللّه أنصار دينه***وللّه أوس آخرون وخزرج
ويقضي إمام الحق فيكم قضاءه***تماماً وماكل الحوامل تخدج
وذكر العلّامة الشافعي في عقد الدرر قصيدة ثمينة لعلّامة الأدب في عصره عبد اللّه بن بشار يذكر فيها الامام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ):
وفي قتل نفس عند ذاك زكيّة***امارات حق عند من يتذكّر
وآخر عن البيت يقتل ضيعة***يقوم ويدعو للامام ويخبر
وتدخل نار جوف كوفة ضحوة***تسیل بها سیلا فتحرق ادور
ص: 103
ويبعث أهل الشام بعثا عليهم***بناحية البيداء خسف مقدر
وخيل تقاد بالكماة كأنما***هي الريح إذ تحت العجاجة تبصر
يقود نواصيها شعيب بن صالح***إلى سيّد من آل هاشم يظهر
على شقه شق اليمين علامة***لدى الخد عند الصدغ خال مصور
وجاء في كتاب المهدي المنتظر عن الشيخ كمال الدين أبو سالم محمّد بن طلحة الحلبي الشافعي القرشي المتوفّى 652 فانه ذكر في كتاب مطالب السؤول ص 88 طبع ايران سنة 1287 وقال : الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمّد بن الحسن الخالص العسكري بن علي المتوكل الهادي بن محمّد القانع الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن
محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب المهدي الحجّة الخلف الصالح المنتظر ورحمته وبركاته ثم ذكر هذه الأبيات:
ص: 104
فهذا الخلف الحجّة قد أيده اللّه***هدانا منهج الحق وآتاه سجاياه
وأعلى في ذري العليا بالتأييد مرقاه***وآتاه حلي فضل عظيم فتحلاه
وقد قال رسول اللّه قولا قد رويناه***وذو العلم بما قال إذا أدرك معناه
يرى الأخبار في المهدي جاءت بمسماه***وقد أبداه بالنسبة والوصف وسماه
ويكفي قوله مني لاشراق محياه***ومن بضعته الزهراء مرساه و مسراه
ولن يبلغ ما اديت أمثال واشباه***فان قالوا هو المهدي ما مانوا بما فاهوا (1)
وردت هذه الأبيات لأحد الشعراء من الشافعية قال فيها (2):
وسائلي عن حبّ أهل البيت هل***اسر اعلانا بهم أم أجهد
ص: 105
واللّه مخلوط بلحمي ودمي***حبّهم هم الهدى والرشد
حيدرة والحسنان بعده***ثم عليّ وابنه محمّد
وجعفر الصادق وابن جعفر***موسى ويتلوه على السند
أعني الرضا ثم ابنه محمّد***ثمّ على وابنه المسدّد
والحسن التالي ويتلو تلوه***محمّد بن الحسن الممجّد
فانّهم أئمّتي وسادتي***وإن لحاني معشر وفندوا
أئمّة أكرم بهم أئمّة***أسماؤهم مسرودة تستطرد
هم حجج اللّه على عباده***وهم إليه منهج ومقصد
هم النهار صوم لربهم***وفي الدياجي ركع وسجد
قوم لهم مكة والأبطح والخيف***وجمع والبقيع الفرقد
قوم مني والمشعران لهم***والمروتان لهم والمسجد
قوم لهم في كل أرض مشهد***لا بل لهم في كلّ قلب مشهد
اتقعد موتوراً ورأيك حازم***وفي يدك العليا من السيف قائم
متى تملأ الدنيا بهاءً وبهجة***وعدلاً ولا يبقى على الأرض ظالم
ص: 106
من يملأ الأرض عدلاً بعد ما ملئت***جوراً ويوردنا تياره العذبا
متی نراه وقد حقت به زمر***من آل هاشم والأملاك والنقبا (1)
***
كم قد تؤمل نفسي نيل منيتها***من المعالي وما ترجو من الأدب
كما تؤمل ان تحظى برؤية من***يزيح عنها عظيم الضرّ والكرب
بالظلم والجور والإبداع والكذب***ويمل الأرض عدلاً مثل ما ملئت
***
وقيل أيضاً :
زعم الزمان علي***أبواب الشدائد منه ترنج
كذب الزمان بزعمه***من غمه لم الق مخرج
بالقائم المهدي عنى***كل ضيق فيه يفرج
یا ابن النبيّ ومن به***صبح الهداية قد تبلج
ص: 107
فلأنت تعلم أنني***لك من جميع الناس أحوج
ولدي ما باتت ضلوعي***منه فوق الجمر تشرج
وتناهبت قلبي ضياء***فعاد في دمه مضرج
وعلي إن تعطف فكيف***الكرب عني لا يفرج
***
يا قمر التم إلى السرار***ذاب محبوب من من الانتظار
لنا قلوب لك مشتاقة***كالنبت إذ يشتاق صوب القطار
فيا قريبا شفنا هجره***والهجر صعب من قريب المزار
دجى ظلام الغي فلتجله***یا مرشد الناس بذات الفقار
یستنصر الدين ولا ناصر***وليس إلا بكم الانتصار
متی نری بيضك مشحوذة***كالماء صافي لونها وهي نار
ص: 108
متى نرى خيلك موسومة***متى نرى الأعلام منشورة
بالنصر تعدو فتثير الغبار***على كماة لم تسعها القفار
متى نرى وجهك ما بيننا***كالشمس ضاءت بعد طول استتار
متی نری غلب بني غالب***يدعون للحرب البدار البدار
كلّ يرى مقتعدا مهره***لا يسأل الصاحب أين المغار
أولئك الأكفاء أرجو بهم***أن لا يفوت الهاشميين ثار (1)
ومنهم كما في ينابيع المودّة : ص 468 الشيخ صدرالدين القونوي (قدّس سِرُّه) (فإنّه قال) في شأن المهدي الموعود (عَلَيهِ السَّلَامُ) شعراً:
يقوم بامر اللّه فى الأرض ظاهراً***على رغم شياطين يمحق للكفر
ص: 109
يؤيّده شرع المصطفى وهو ختمه***ويمتدّ من ميم بأحكامها يدري
ومدته ميقات موسى وجنده***خيار الورى في الوقت يخلو عن الحصر
على يده محق اللئام جميعهم***بسيف قوي المتن عليك أن تدري
حقيقة ذاك السيف والقائم الذي***تعين للدين القويم على الأمر
يفيض على الأكوان ما قد أفاضه***عليه اله العرش في ازل الدهر
لعمري هو الفرد الذي بان سره***بكل زمان فى قطاء له يسري
تسمّى بأسماء المراتب كلّها***خفاءً واعلاناً كذاك إلى الحشر
أليس هو النور الأتمّ حقيقة***ونقطة ميم منه امدادها يجري
فما ثم الّا الميم لا شيء غيره***وذو العين من نوّابه مفرد العصر
ص: 110
مو الروح فأعلمه وخذ عهده إذا***بلغت إلى مدّ مديدٍ من العمر
كأنك بالمذكور تصعد راقياً***إلى ذروة المجد الأثيل على القدر
وما قدره إلّا ألوف بحكمة***على حدّ مرسوم الشريعة بالأمر
هذا قال أهل الحل والعقد فاكتفي***بنصّهم المثبوت في صحف الزبر
فان تبغ ميقات الظهور فانّه***يكون بدور جامع مطلع الفجر
بشمس تمدّ الكل من ضوء نورها***وجمع دراري الأوج فيها مع البدر
وصلّ على المختار من آل هاشم***محمّد المبعوث بالنهي والأم
عليه صلاة اللّه ما لاح بارق***وما أشرقت شمس الغزالة في الظهر
ص: 111
وآل وأصحاب أولى الجود والتقى***صلاة وتسليما يدومان للحشر (1)
ولابن طولون شمس الدين محمّد بن طولون الدمشقي المتوفّى 953 هذا الشعر فى كتابه الأئمّة الاثنا عشر وله كتاب آخر - المُهدى إلى أخبار المهدي :
عليك بالأئمّة الاثنى عشر***من آل بيت المصطفى خير البشر
أبو تراب حسن وحسين***وبعض زين العابدين شين
محمّد الباقر کم علم درى***والصادق ادع جعفراً بين الورى
موسى هو الكاظم وابنه علي***لقب بالرضا وقدره عليّ
محمّد التقي قلبه معمور***على التقى دره منشور
ص: 112
والعسكري الحسن المطهّر***محمّد المهدي سوف يظهر (1)
ونظم الشيخ حسين بن معين الدين المبيدي فانه قال في ص 371 شرح الديوان في شرح قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ):
بني إذا ما جاشت الترك فانتظر***ولاية مهدي يقوم ويعدل
وذلّ ملوك الأرض من آل هاشم***وبويع منهم من يلذ ويهزل
صبيّ من الصبيان لا رأى عنده***ولا عنده جد ولا هو يعقل
فثم يقوم القائم الحق منكم***وبالحق يأتيكم وبالحق يعمل
سمی نبيّ اللّه نفسي نداؤه***فلا تخذلوه يا بني وعجلوا (2)
ومن الشعر المعاصر ارجوزة المهدويّة لشاعرنا الملهم
ص: 113
الاستاذ السيّد جودت القزويني صاحب كتاب تاريخ القزويني يردّ فيها على بعض الشبهات المعاصرة حول فكرة المهدويّة وجاء في مقدمتها ما يلي:
أفتتح النظم بشكر المنعم***مصلّياً على النبي الأكرم
وآله الأطياب معدن الكرم***يحير وصفاً في علاهم القلم
وبعد إنّ السيّد (القزويني)***(جودت) من آل (معزالدین)
وتحت عنوان (القول في المبشرين بالمهدي قبل ولادته يقول :
وجاء عن (مشيخة) (السرادِ)***(الحسن) المحبوب خير هادِ
أن الإمام (القائم) الثاني عشر***قد ورد النص عليه بالخبر
و فضل شاذان لخيرُ مَن نقل***حديث أهل البيت من دون زلل
ص: 114
ثم (علي) من حواري (الهادي)***ذاك (ابن مهزیار) شيخ النادي
أفاض بالنقل عن (الهداة)***حديثهم عن ثقة الثقات
وقد قرّض هذه الارجوزة الأخ العلّامة السيّد حسين الشامي بقوله :
أبدأ بسم الخالق المعين***رسالة (لجودت القزويني)
مقرضاً أشعاره الجميلة***وهو إمام (الروض) و (الخميلة)
إلى أن يصف قضيّة الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأنها :
قضيّة وإن بدت (نقلية)***لكنّها قضية (عقليّة)
فقصة الخلاص للإنسان***مطبوعة في الفكر والوجدان
دانت بها الأجيال عبر الزمن***حتّى غدت سلاحها في المحن
(فالانتظار) أفضل العبادة***ما فاقه شيء سوى (الشهادة)
ص: 115
والعالم اليوم غدا معتركا***من بؤسه صار يعيش الضنكا
ينتظر (المنقذ) كلّ ساعة***يشكو له أساه أو ضياعه
ففكرة (المهدي) من نور السما***ولا يراها من أصيب بالعمى (1)
ومن أبيات شعريّة للعلّامة البحاثة المرحوم الشيخ عبدالهادي الفضلي قوله :
أنا في انتظارك طال أو قصر المدى***لا البعد ييؤسني ولا جور العدا
ما يومك الموعود إلّا نسمة***روحية نطفى بها لهب الصدا
قسماً بسيف أبيك حيدرة الوغى***نحن العطاشى الطالبو ورد الردى
ماضرّ من شرب الولاء معتقاً***أن لا يرى في خمرة إلّا الفدا
ص: 116
الامام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يريد منّا أن نعد أنفسنا لزمن الظهور وأن نكون مهيّئين لاستقبال دولة الحقّ والعدالة والابتعاد عن أقاويل الباطل والانحراف من قبيل قول الزور والكذب والانحراف الفكري والعملي وادعاء السفارة والسفير عنه والرؤية المباشرة له وما شابه ذلك من أقاويل التحريف والانحراف والتزييف وأن نحافظ على البر والتقوى وتنظيم أمورنا على خير وجه وأن نعمل للخير والمعروف والاحسان كما طلب منّا ذلك الامام المهدي الموعود (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقوله :
اذكركم اللّه أيها الناس ومقامكم بين يدي ربّكم فقد اتّخذ الحجّة وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب، وأمركم أن لا تشركوا به شيئاً وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله، وأن تحيوا ما أحيا القرآن، وتميتوا ما أمات وتكونوا أعواناً على الهدى ووزراء على التقوى فانّ الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وأذنت بالوداع وإني أدعوكم إلى اللّه وإلى رسوله والعمل بكتابه وإماتة الباطل وإحياء سنته (1).
ص: 117
ص: 118
ص: 119
ص: 120
جناب سماحة السيّد ؛
تستعرض بعض القنوات التلفزيونيّة رجالاً مشبوهين يحاولون التشكيك بالإمام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أمثال أحمد الكاتب ونظائره فما هو جوابكم على هذا التشكيك ؟
ص: 121
حوار حول أوهام وسخافات أحمد الكاتب
قبل سنوات اتّصل بى جماعة من المؤمنين قائلين بأنّ هناك محاورة من على قناة تلفزيون المستقلة حول الإمام المهدي عجل اللّه فرجه من قبل المدعو أحمد الكاتب وذلك في الساعة 9 أو 10 بتوقيت كرنيج والتي يديرها الدكتور الهاشمي بلندن فحرصت أن أحضرها واستمع لهذا الرجل ما يقول فقرّرت أن أحضر في نفس التوقيت واستمع إليه من البداية حتّى أكون على بيّنة واطّلاع على ما يقوله واستمع إليه من فمه لكي أدينه وحتى يكون الرد أسلم وأقوى وأقوم ولما حان الوقت المعلوم وإذا بالرجل المدعو بأحمد الكاتب يدلى بأوهامه وخرافاته وله من الوقت المتسع في القناة المذكورة والاذن الصاغية من المذيع وهو يقذف بأوهامه وسخافاته كما يقذف اللاعب الكرة يميناً وشمالاً من دون رادع له وبأكثر من نصف ساعة ولكنّني كنت أُراقبه وأُسجّل النقاط التي ينسجها خياله وأوهامه فتفحصت الرجل من هندامه وأفكاره
ص: 122
فوجدته ينطبق عليه قول الشاعر :
لقد زعموا أن به خيوطاً***لقد صدقوا ولكن كالحبال
وان ما عرضه من أفكار تدلّ على سطحيّة فكرة وهزالة أوهامه وتعمّد غرضه ومقصده ولهذا بادرت بتسجيل هذه الملاحظات عليه وردّه على شاشة التلفزيون المستقلّة نفسها فاتصلت بهم تلفونياً فى نفس الوقت وسمح لنا بالتكلم بأقل من 10 دقائق ورددنا عليه ما سمعنا منه كلمة بكلمة ونقطة بنقطة وفكرة بفكرة وسوف نناقشه فى هذا الكراس حسب ما سمعناه من فمه بترتيبه الزمني لكي ندينه من فمه حسب ترتيب ما قاله وإليك رد جميع ما سمعنا منه وما قاله وهو ما يلي :
المخالفة الأُولى:
عرف المذيع الدكتور الهاشمى بأن أحمد الكاتب أحد علماء قم وأحد أساتيذها وانه مجتهد وأنه درس عند سماحة سيد صادق الشيرازي والسيد المدرسي وكلّ ذلك حسب ما عرف نفسه للمذيع فأجبته ورردت عليه تليفونياً وسألني المذيع هل أنت من العلماء ؟ فقلت له : أنا من خدام العلماء ثمّ سألني عن اسمي فأجبته بأني سيد عبدالكريم الحسيني، ثمّ
ص: 123
قال لي : بأننا على أتم الاستعداد ندعوك ونهيىء لك جميع وسائل المجيء إلى لندن فقلت له : هذا العمل يحتاج إلى أسبوع أو اسبوعين حتّى أصل إليكم فلماذا لا تعطيني فرصة أتكلّم بها وأرد على ما قاله وما سمعته من فمه، فقال لي : تفضّل وتكلّم فبدأت أرد عليه نقطة بنقطة وكلاماً بكلام قائلاً له انّ هذا الرجل الذي عرفته بأنّه من علماء قم وأساتيذها وانه مجتهد فانّي مستغرب من كلامك هذا للملاحظات التالية :
الف) انّ هذا الرجل المدعو بأحمد الكاتب نحن نعرفه جيداً وأهل مكّة أدرى بشعابها وان اسمه الحقيقي هو عبدالرسول اللاري وليس بأحمد الكاتب ولكن لندن غيّرت اسمه ورسمه.
ب) انّه لم يكن في يوم من الأيّام من العلماء ولا من المجتهدين ولا من أساتيذ قم وإنما كان شاباً يكتب في مجلة الشهيد في طهران وهي مجلة إسلامية تمثل حركة اسلامية كما انه ليس من تلاميذ سماحة السيّد صادق الشيرازي وسماحة السيّد المدرسي وقد نفيا ذلك وأصدرا بياناً ينفيان ذلك.
ص: 124
فالنتيجة أنّه ليس من العلماء ولا من المجتهدين ولا من الأساتذة للحوزة العلميّة وإنّما ادعائه لذلك كذباً وزوراً (1).
وبعد المخالفة الأولى تكلّمت عن المخالفة الثانية التي قالها بعد تعريف نفسه وهو أنه من الشيعة الاثنى عشرية ثم بدأ التشكيك فى امامة الإمام الثاني عشر الامام المهدي بن الحسن العسكري وذلك بعد قيام الجمهورية الإسلاميّة بست سنوات كما يقول وذلك عندما أقرّ مجلس الشورى قانوناً واعترض عليه من قبل مجلس صيانة الدستور وصار بين المجلسين الأخذ والرد مدّة 6 أشهر فأصدر الامام الخميني (قدّس سِرُّه):
ص: 125
أمراً بتشريع ولاية الفقيه وأقرّ هذا القانون بموجب هذه الولاية.
ثم قال أحمد الكاتب : فبدأت أبحث عن ولاية الفقيه وصلاحيّة المجتهد الفقيه لأنّه نائب الامام المهدي بن الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبدأ تشكيك من ذلك الوقت.
الردّ عليه :
الغريب من هذا الرجل ومن ادعائه هذا وكيف انه يجهل الواقع والحقيقة وهو لا يعرف أبسط الأمور والذي يجهل هذه الأمور البسيطة كيف يصوغ لنفسه هذا الادعاء في حين أنّ الناس العاديين يعرفون هذه الأمور ويفهمونها وذلك للنقاط التالية :
1 - من عدم فهمه وجهله وعدم اطلاعه انه ادّعى انّ ولاية الفقيه أقرّها وعمل السيّد الامام بها بعد قيام الجمهورية الإسلاميّة بستة سنوات في حين ان السيّد الامام قبل انتصار الجمهورية الإسلاميّة ب- 15 سنة كان يدرس ولاية الفقيه في النجف الأشرف فكيف يدعى هذا الرجل هذا الادعاء الجاهل الباطل بعد ستة سنوات شرع ولاية الفقيه وأقرّ العمل بها.
2 - ان السيّد الامام الخميني (قدّس سِرُّه) أّلف كتاب ولاية الفقيه قبل
ص: 126
انتصار الجمهوريّة الإسلاميّة بأكثر من 10 سنوات وطبع في النجف الأشرف فكيف يدّعي هذا انّ ولاية الفقيه أقرّ بها بعد قيام الجمهوريّة 6 سنوات.
3 - انّ فكرة قيام الجمهورية الإسلاميّة قامت على أساس نظرية ولاية الفقيه فهي تستمد شريعتها من هذه النظريّة وعلى منهجيتها قامت الجمهورية الإسلاميّة ولكن أحمد الكاتب يقول بأن نظريّة ولاية الفقيه جاءت بعد قيام الجمهورية الإسلاميّة بستّة سنوات ولان هذا دالّ على عدم فهمه لولاية الفقيه وعدم اطّلاعه عليها ممّا ينكشف جهله وعدم دراسته لولاية الفقيه فهو لا يستحق أن يظهر على شاشة التلفزيون ليدلي برأيه كشيعي وهو لا يدري ولا يفهم جذور ولاية الفقيه ؟
المخالفة الثالثة :
وبعد ذلك رددنا عليه مخالفته الثالثة وهي قوله بأنّ الشيعة حينما فتحوا باب الاجتهاد حطموا فكرة الامامة لأنهم يأخذون بقول المجتهد وأصبحوا يعيشون بلا امام وهذه فكرة سخيفة لا يقول بها من كان له أيّ اطلاع أو فهم أو دراسة وممّا يدلّ على انه لم يدرس فى الحوزات العلمية من قوله
ص: 127
هذا وذلك لأن أى مثقف أو دارس يعلم بأنّ الاجتهاد هو امتداد للامامة لا ناسفاً لها كما يقول الكاتب لأنّ الاجتهاد معناه وتعريفه هو استنباط الأحكام الشرعيّة من أدلّتها التفصيليّة.
والأدلة التفصيليّة هي القرآن والسنّة والعقل والاجماع فالمجتهد يستفيد من فهم الأحكام الشرعية من الأحاديث الواردة عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عن طريق من الأئمّة لانهم الثقات والعدول بدرجة لا يمكن التشكيك بذلك ولأنّهم بلغوا درجة العصمة في فهم الخط الوثيق الذي يوصل المجتهد بالكتاب والسنّة والمجتهد هو يعتمد في اجتهاده على ما رواه الأئمّة والرواة العدول فاذا لم يكن امام ولا عدول فينتفي الاجتهاد لأن وجوده متوقف على وجود الأئمّة والرواة العدول وهو الأساس لاستنباط الأحكام الشرعيّة من أدلّتها التفصيليّة فلابد من وجود الامام حتّى يستطيع المجتهد أن يجتهد فالاجتهاد متوقف على وجود القرآن والسنّة والأخذ بالسنّة متوقّف على وجود امتدادية الامامة لأنها الخط الكاشف عن السنّة السليمة والصحيحة فالمجتهد متوقف اجتهاده على وجود الراوي الثقة فكيف يكون الاجتهاد ناسفاً للامامة وان
ص: 128
الشيعة حينما فتحوا باب الاجتهاد حطموا فكرة الامامة كما يقول أحمد الكاتب وانه قول هراء وسخافة وجهل لا يقول به أحد حتّى ان عوام الشيعة حينما يسألون عن المجتهد فيجيبون بأنه نائب الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلابدّ للمنوب عنه وهو الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يكون موجوداً حتّى يستفيد النائب من صلاحيته فاذا كان الامام غير موجود فلا صلاحيّة للمجتهد النائب.
والخلاصة ان المجتهد يتوقّف وجوده على وجود الامام حتّى يستطيع أن يستخلص ويستنبط الحكم الشرعي لأنه نائب الامام فكيف يكون وجوده ناسفاً لفكرة الامامة كما يقول الكاتب فانه قول هراء وسخف أعاذنا اللّه وإيّاكم من هذه الأقوال والترهات لأنّه من فتن آخر الزمان.
المخالفة الرابعة :
يقول أحمد الكاتب انّ الشيعة حينما قالوا بنظريّة ولاية الفقيه حطموا فكرة الامام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ).
وقوله هذا أغرب وأعجب من أقواله السابقة وكيف تخوله نفسه أن يتحدّث بهذا الكلام غير المعقول وغير المتوازن وينبئ عن جهل قائله للأمور التالية :
1 - انّ فكرة الامام صاحب العصر والزمان هي فريضة
ص: 129
اسلاميّة لا مذهبيّة ممّا يوجب الايمان بها والفريضة الإسلاميّة لا تزول بنظريّة من النظريّات ولا تنهدم بفكرة من الأفكار.
2 - نظريّة ولاية الفقيه لو درسناها وبحثناها بحثاً موضوعيّاً لوجدناها بعكس ما يقول أحمد الكاتب فهي امتداد الفكرة الامام صاحب الزمان لأنها متوقّفة على القول بوجوده حياً لا ناسفة لها كما يدّعي لأنّها من صلاحيات الامام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) والفقيه المجتهد الذي يقول بها يستمد هذه الصلاحية من وجود الامام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) باعتباره نائباً له فلابدّ للمنوب عنه موجوداً حياً حتّى يكون نائباً له، فهي أشبه ما تكون بصلاحيّات رئيس الجمهوريّة أو الملك فاذا حصل على هذا المنصب يمنح هذه الصلاحيات الخاصة برئيس الجمهورية أو الملك وإذا لم يحصل على هذا المنصب فاته لا يمنح هذه الصلاحيات فكذلك ولاية الفقيه لا تمنح صلاحيّاتها للمجتهد إلا إذا كان الامام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) حيّاً وموجوداً حتّى يستعمل المجتهد باعتباره نائباً للمنوب عنه وهو المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فهي تكون امتداداً لفكرة الامام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) و استمراراً لوجوده (عَلَيهِ السَّلَامُ) ناسفة لها كما
ص: 130
يدّعي أحمد الكاتب ممّا يكشف عن غباء فكرته وسخافة رأيه
المخالفة الخامسة :
وممّا قاله أحمد الكاتب :
انّ فكرة الإمام المهدي المنتظر ظهرت في القرن الرابع.
الغريب من مقالة هذا الرجل وكيف يجهل أو يتجاهل الحقائق التاريخية التي اتفق عليها جلّ علماء أهل السنّة والشيعة فى حين أن الكاتب يتنكر لهذه الحقيقة التاريخية التي
أكّدت الروايات الواردة عليها عن الرسول الأعظم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والأئمّة المعصومين من آله وكذلك الصحابة والتي سوف نعرضها ونبحثها في المخالفة السابعة ولكننا هنا نتسائل :
أولاً : هل النبي محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والأئمّة من آله والصحابة الذين بشروا بالمهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأخبروا عن ولادته هل أنهم كانوا في القرن الرابع ؟ حتّى يدعي أحمد الكاتب ذلك أم انهم في القرن الأوّل ؟ فياذا العجب من هذا القول !! أليس هذا هراء في القول وسخف في الفكر وضلال في العقيدة واستهزاء بالحقيقة ؟
ص: 131
ثانياً : ان روايات المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قبل المرویّه من النبىّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هو الامام أمير المؤمنين والامام الحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) وكذلك بقيّة الأئمّة والصحابة والتابعين فانّها جاءت في القرن الهجري الأول والثاني والثالث... الخ وهكذا ألفت الكتب عن الايمان بالمهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مختلف القرون من قبل كبار علماء أهل السنّة والشيعة ولكن أحمد الكاتب ينكر هذه الحقيقة ويتغافل عنها ويقول انّ فكرة المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) جاءت في القرن الرابع... فكلامه هذا مردود عليه وساقط عن الاعتبار لأنه مخالف للحقيقة والتاريخ كما رأينا ذلك.
ثالثاً: نحن نتسائل هنا من أحمد الكاتب ان الامام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) والنوّاب الأربعة مثل عثمان بن سعيد وبقية النوّاب الأربعة الذين أخبروا بولادة الامام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) هل كانوا في القرن الرابع الهجري كما يدّعي ذلك ؟ أم أنّهم كانوا في القرن الثاني فكيف يدّعي ذلك ؟ أليس ادّعائه هذا باطل ؟ ومخالف للحقيقة التاريخية ؟
رابعاً: هناك روايات وأحاديث عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) تكذب وتفند ادعاء ان فكرة الامام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) استحدثت في القرن الرابع أو الخامس ونحن هنا نذكر روايتين أو ثلاثة تفند هذا
ص: 132
الادّعاء وتكذب هذا الرأي :
1 - روى جلال الدين السيوطي في كتابه العرف الوردي ما نصّه :
قال : أخرجه أبو نعيم والخطيب في تلخيص التشابه عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) :
يخرج المهدي وعلى رأسه ملك يُنادي إنّ هذا المهدي فاتّبعوه (1).
2 - وذكر ابن حجر الهيثمي المكي في كتابه ما نصّه : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّله اللّه حتّى يملك رجل من أهل بيتي تجري الملاحم على يديه ويظهر الاسلام واللّه لا يُخلف وعده وهو سريع الحساب (2).
3 - وجاء فى عقد الدرر ما نصّه :
عن حذيفة قال :
خطبنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فذكر لنا بما هو كائن إلى يوم القيامة ثم قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ):
لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد الطوّل اللّه عزّوجلّ ذلك اليوم حتّى
ص: 133
يبعث رجلاً من ولدي.
قال: فقال سلمان الفارسي: يا رسول اللّه من أي ولد ؟ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) :
هو من ولدي هذا وضرب بيده على الحسين بن علي (1).
وهناك عشرات الروايات عن النبي وآله (عَلَيهِم السَّلَامُ) تصرّح بوجوده قبل ولادته في القرن الأوّل ممّا يكشف عن سخف هذا الرأي وكذب هذا الادعاء.
ومن أراد التوسعة في هذا المجال فليراجع كتابنا الايمان بالامام المنتظر فريضة إسلاميّة بالنص القرآني والنبوي.
المخالفة السادسة :
ممّا قاله أحمد الكاتب في عرض كلامه تطرق إلى الخمس وأفتى بأوهامه ان الخمس استحدث في القرن الرابع والخامس الهجري لأجل مصالح خاصة.
وهذا القول بهرائه وسخفه ينكر احدى ضروريات الاسلام التي نص عليه القرآن الكريم والسنّة النبوية، وإنّ هذا الرجل أخذ يبتعد عن الاسلام ورسمه واسمه لأنّ الانحراف إذا بدأ يبدأ بنقطة سوداء صغيرة فاذا أصرّ عليها الانسان تكبر حتّى
تسود فكره وقلبه وعقله ويصبح عنده الاستعداد واللامبالات
ص: 134
للافتراء والكذب والايمان بالأوهام المخالفة لعقيدته وعندها يسبح في في الضلال من قمة رأسه إلى قدميه متحدّياً للقرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة فهذا القرآن الكريم يصرّح بتشريعه للخمس في بداية التشريع الاسلامي وذلك لقوله تعالى :
لامي
«وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِن شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» (1).
والغنيمة في الآية الشريفة التي فيها الخمس هي غنيمة الحرب وغنيمة الربح الذي يدخل للانسان من عمل وغيره لأن كلمة غنمتم تستعمل في غنيمة الحرب وغيرها كما نصّ عليه القرآن بقوله :
«فَكُلُوا ممّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللّه» (2).
فالخمس هو مجمع عليه عند عامة المسلمين بموجب هذه الآية الكريمة وأوجبته أيضاً السنّة النبوية كما جاء في كتب الصحاح لاخواننا أهل السنّة فقد جاء في مسند أحمد بن حنبل ما نصّه :
ص: 135
عن أنس أنس بن مالك قال : خرجنا مع رسول اللّه إلى خيبر فدخل صاحب لنا إلى خربة لقضاء حاجته فتناول لبنة ليستطيب بها فانهارت عليه تبرا، فأخذها فأتى بها النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأخبره بذلك قال زنها فوزنها ماذا هي مائتا درهم درهم فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): هذا ركاز فيه الخمس (1).
وجاء أيضاً في مسند أحمد :
أنّ رجلاً من مزينة سأل الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مسائل جاء فيها :
فالكنز نجده في الخرب وفي الأدام ؟ فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فيه وفي الركاز الخمس (2).
وجاء أيضاً في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ما نصّه :
ويجب في الركاز إخراج خمسه سواء كان ذهباً أو فضة أو غيرها وسواء وجده مسلم أو غيره حرّاً كان الواجد أو عبداً ويكون الخمس كالغنائم يصرف في المصالح العامة (3).
وهناك عشرات الروايات أيضاً من كتب مذهب أهل البيت تصرّح بوجوب الخمس ولكن أحمد الكاتب ينفي وجود
ص: 136
الخمس ويقول استحدث في القرن الرابع أو الخامس.
وقوله هذه مخالف للكتاب الكريم والسنّة الشريفة من جهات :
الجهة الأولى : ادّعائه هذا مخالف لصريح القرآن الكريم وآياته وهي تكذب كلامه وادعائه هذا وهو قوله تعالى :
«وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِن شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» (1).
فهذه الآية تصرّح بأنّ الخمس شرع في عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لا كما يذكره الكاتب.
الجهة الثانية : ان روايات الخمس الواردة عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والأئمّة من آله تكذب ادعائه بأنه شرع بعد ظهور الاسلام ب- 400 سنة في حين ان روايات الخمس جاءت على لسان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والأئمّة في كتب الفقه والحديث قبل تاريخ ادّعائه فهذه كتب الحديث والفقه لها أبواب خاصة بعنوان كتاب الخمس فهذا الامام جعفر بن محمّد الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) المتوفي سنة 149 ه يحدّثنا بأحاديث كثيرة نقتصر على حديث واحد كما قال محمّد بن الحسن باسناده عن سعد، عن يعقوب بن يزيد،
ص: 137
عن عليّ بن جعفر عن الحكم بن بهلول، عن ابن همام، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبداللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :
إنّ رجلاً أتى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا أمير المؤمنين اني أصبت مالاً لا أعرف حلاله من حرامه فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ):
اخرج الخمس من ذلك المال، فانّ اللّه عزّوجلّ قد رضي ذلك بالخمس واجتنب ما كان صاحبه يعلم (1).
والخلاصة ان الخمس كما بحثناه في هذه الوريقات هو من البديهيّات الإسلاميّة وقد أكّد عليه الاسلام في الكتاب والسنّة وأحمد الكاتب هذا ينكره في حين أنّ بعض الكتاب من المستشرقين يعترفون به ويقرّونه في أبحاثهم ويؤكّدون عليه وانه كان من زمان رسول اللّه إلى الأئمّة من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) إماماً بعد إمام فهذا المستشرق الغربي - دونالد سون في كتابه عقائد الشيعة والكاتب المستشرق - هوليستر - في كتابه - شيعة الهند - وغيرهما من الكتاب الغربيين فانّهم يعترفون بهذه الحقيقة وأنّ الخمس هو موجود في الشريعة الإسلاميّة وكان مورداً مهمّاً في حياة الأئمّة من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) فهذا المستشرق الغربي - دونالدسون - يذكر في
ص: 138
كتابه عقائد الشيعة ان الامام الحسن العسكري الذي كان مسجوناً في سجون الدولة العبّاسيّة ومنعوا عن وصول الخمس إليه وإليك نصّة :
ان اهم ما كان يزعجه به الخليفة العباسي في السنوات الأربع أو الخمس الأخيرة من حياته الشريفة انه منع عنه الخمس الذي كان من المعتاد أن يسلم إلى آل البيت النبوي الكريم (1).
ويقول أيضاً الكاتب الغربي الآخر الدكتور - هوليستر - في كتاب شيعة الهند بعد أن يذكر مضايقات خلفاء العباسيين للامام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقوله :
وبعد ذلك قطع عنه الخليفة الخمس فوضع الامام في ضائقة مالية شديدة من جراء ذلك لكنّه لم يفقد شخصيّته واتزانه (2).
فهذا هو رأي الكتاب الغربيّين وهم من غير المسلمين ولكنّهم يعترفون بهذه الحقيقة ويقرونها في كتبهم لأنها من بديهيات التشريع الاسلامي ولكن أحمد الكاتب المسلم
ص: 139
يتنكر لهذه الحقيقة ويعبّر بقوله :
ان الخمس لم يكن سابقاً وإنّما فرض في القرن الرابع أو الخامس.
فالغريب من قوله هذا فهل يكشف هذا تعمّد كذبه أم عدم اطلاعه ؟ وعلى أي أساس استند ؟ وعلى أي مدرك اعتمد ؟ ولكن إن عشت أراك الدهر عجباً !!
المخالفة السابعة :
من المخالفات التي وقع فيها أحمد الكاتب هو نقل بعض الأحاديث الشاذة التي ترويها وتعتقد بها الفرق المنحرفة والشاذة والتي أغلبها انقرضت من الساحة كالأفطحيّة والسبائية والواقفية ما عدى الاسماعيليّة لأنها انقرضت وزالت عن ساحة العقائد وانمحت من الوجود ولكن أحمد الكاتب اعتمد عليها وأخذ بالروايات التي ما سمعنا بها من قبل إلا فى بطون الكتب النادرة والشاذة فأخذها وأراد أن يعطيها الرونق والزورق لتكون مصدر لفكرته وأوهامه لكن لا أدري كيف يرضى عقله وفكره من نقلها ونقشها على صفحات بعض كتاباته بعد أن اسدل التراب عليها وأهملها الروّاة لشذوذها وشذوذ الفكر الذي يعتقد بها لأنه من مهملات
ص: 140
التاريخ ومزقها الفكر النير والعقل السليم ولكن أحمد الكاتب أخذ يتفحّص سلات المهملات عله يجد شيئاً يسند قوله فلهذا ينقل لنا الروايات التي لا توجد في كتبنا وان وجدت لا يعتمد عليها لأنها من شواذ الفكر فمثلاً يصوّر لنا أحمد الكاتب طريقة اختيار الأئمّة وتعيين الامام بأن اسرة الامام تجتمع وتنتخب الأكبر سننا في الاسرة وهذه الفكرة لا توجد في كتبنا ولا في عقائدنا لأنها ليست عقائدنا لأنها ليست من معتقدات الشيعة الامامية الاثنى عشرية وإنّما هي من عقائد الفرق المنقرضة كالأفطحية وغيرها بينما شرائط الامام والامامة عند الشيعة الاثنى عشريّة تعتمد على النص الالهي في تعيين الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن طريق النبيّ العظيم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وإليك الروايات والنصوص التي تدلّ على هذا المعنى وهي كما يلي :
الف) يتّضح من مجموع هذه الروايات المروية عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أن هناك جوّاً قد وفّره رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لعلي وهيئه للخلافة من بعده، وهو الجو المنسجم مع عبير النبوّة في حديث بعدي اثنا عشر خليفة وهي منحصرة بعلي وأولاده وهي كما يلى :
1 - فقد روي عباية بن ربعي عن جابر، قال : قال لي
ص: 141
رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أنا سيد النبيين، وعلي سيّد الوصيّين وأن أوصيائي بعدي اثنا عشر أوّلهم علي وآخرهم القائم المهدى (1).
ب) واستفاد أيضاً من هذا النص النبوي الشيخ القندوزي الحنفي بقوله :
إنّ الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) اثنا عشر، قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم أن مراد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من حديثه هذا الأئمّة الاثنا عشر من أهل بيته وعترته، إذ لا يمكن أن نحمله على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر، ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبدالعزيز ؛ ولكونهم غير بني هاشم ؛ لأنّ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: «كلّهم من بني هاشم» في رواية عبدالملك، عن جابر، واخفاء صوته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فى هذا القول يرجح هذه الرواية لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم، ولا يمكن أن نحمله على الملوك العبّاسيّة ؛ لزيادتهم على العدد المذكور، ولقلّة رعايتهم، الآية : «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» (2)، وحديث
ص: 142
الكساء، فلابد أن يحمل هذا الحديث على الأئمّة الاثني عشر من أهل بيته وعترته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؛ لأنّهم كانوا أعلم أهل زمانهم وأجلّهم وأورعهم وأتقاهم وأعلاهم نسباً، وأفضلهم حسباً وأكرمهم عند اللّه وكان علمهم عن آبائهم متصلاً بجدّهم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (1).
وإن العدد الذي عينه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، ورسمه لنا من قبل اللّه تعالى باثني عشر خليفة وإمام لا يجوز لنا أن نزيد فيه، أو ننقص لأنه أمر إلهي عن طريق نبيّه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وقد قال اللّه تعالى في كتابه الكريم :
«وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى» (2).
ج) وهذا ما عليه الأئمّة من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فقد صرّحوا في روايات عديدة، على هذا المعنى، وإليك نماذج منها :
فقد روى صاحب بصائر الدرجات الكبرى بقوله :
حدّثنا أحمد بن محمّد، عن عبداللّه محمّد، عن عبداللّه الحجّال، عن داود بن يزيد، عمّن ذكره، عن أبي عبداللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «أترون الأمر إلينا أن نضعه فيمن شئنا، كلّا
ص: 143
واللّه إنه عهد من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ورجل فرجل، إلى أن ينتهي لصاحب هذا الأمر» (1).
وروى أيضاً ما نصّه :
حدثنا عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن صفوان بن یحیى، قال : سألته عن الإمام إذا أوصى الذي يكون من بعده شيئاً فيفوض إليه، يجعله حيث شاء، أو كيف شاء هو، قال : إنّما يقضي بأمر اللّه، فقلت له : إنه حكي عن جدك أنه قال : «أترون هذا الأمر نجعله حيث نشاء، لا واللّه ما هو إلا عهد من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رجل فرجل» (2).
وقال أيضاً:
حدّثنا الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن محمّد، عن بكر بن صالح الرازي، عن محمّد بن سليمان المصري، عن عثمان بن أسلم، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إنّ الإمامة عهد من اللّه عزّوجلّ معهود لرجل
ص: 144
مسمّى ليس للإمام أن يزويها عمّن يكون من بعده» (1).
د) هذه هي مدرسة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) إنها تستوحي أفكارها وتعاليمها من اللّه ورسوله ولا تتعدى ذلك أبداً على كلّ الأصعدة العقائديّة والفقهيّة، بينما نرى مدرسة الخلفاء تصرّح وتعلن أنّ لها الحق في أن تشرع وتضع أحكاماً في مقابل أحكام اللّه ورسوله، كما رأينا ذلك جلياً أن أبا بكر يوصي بالخلافة من بعده لعمر، وانّ عمر يوصي بالخلافة لستّة من بعده، فبينما نرى الأئمّة من أهل البيت يقولون في قضيّة الإمامة :
«كلّا واللّه إنّه عهد من اللّه ورسوله رجل فرجل».
وأخيراً نقول كما قال الشاعر :
كفاكم هذا التفاوت بيننا***وكل إناء بالذي فيه ينضح
المخالفة الثامنة :
أنّه يقوي الرواية الضعيفة ويضعف الرواية القويّة والمنهج الذي اتّخذه أحمد الكاتب في اطروحته الواهية وفكره السقيم انه أخذ يقوي الروايات الضعيفة والمتروكة والتي لا يعمل بها لبعض الفرق المنقرضة ليحيبها ويضعف الروايات
ص: 145
الصادرة عن أئمّة أهل البيت فيضعفها ويترك العمل بها ويؤخذ بما هو شاذ متروك.
ونهجه هذا بعيد عن الواقعيّة والموضوعيّة ولا يتصف بصفة علميّة ولنضرب لذلك بعض من هذه اللاموضوعيّة واللامنهجيّة :
1 - انه يقوي الضعيف :
اعتمد في فكرته هذه الواهية على رواية شاذّة وبالاضافة على شذوذها أنّها لا تدلّ على هدفه وفكرته التي أرادها وهي رواية ابن أبي شوارب التي لا أعلم من أين وجدها وأيّ مصدر ذكرها لشدّة ضعفها وشذوذها مع أنّها لا تدلّ على مقصده و وهي القائلة كما استدلّ هو بها من انّ الامام الحسن العسكري أوصى بامواله إلى أمه وإلى قاضي القضاة في وقته ابن أبي شوارب كما يقول الكاتب.
2 - وهذه الرواية لا تدلّ على هدفه ومقصده لأنّ الانسان العادي حرفي تصرفه بأمواله وأملاكه يهب من يشاء ويمنع من يشاء فكيف بالامام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) ووصايته كما يقول الكاتب بأمواله إلى أمّه وإلى قاضي القضاء ابن أبي شوارب فانّها لا تدلّ على عدم وجود الولد ومثاله الرجل يبيع
ص: 146
أو يهب أملاكه وعنده ذريّة كثيرة فمع فرض وجود هذه الرواية فانّها كما قلنا لا تدلّ على عدم وجود الولد فالانسان إذا كان عاقلاً يهب من يشاء ويمنع من يشاء لمصلحة تتقضى ذلك.
3 - إنّ الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان مراقب من قبل السلطان العبّاسيّة مراقبة شديدة وربما قام بهبة أمواله إلى قاضي القضاء أبي شوارب لصرف النظر عن مراقبته ومراقبة ولده الامام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولكي لا يجلب الأنظار إلى ولده إذا صحّت هذه الوصيّة كما يقول الكاتب.
بالاضافة إلى هذا فان هذه الرواية ضعيفة جداً وشاذة لا يعتمد عليها هذا هو نهج الكاتب أن يقوي الضعيف.
4 - انّه يضعف القوي :
انّ منهج الكاتب كما رأيناه منهج لا يستند إلى منهج علمي وموضوعي ولم نر انساناً عاقلاً يتخذ هذا المنهج مسلك له لأنّه مسلك شاذ وغير موضوعي.
5 - أنه ترك الروايات المعتمدة عليها والتي جاءت عن ثقات أهل البيت وغيرهم مثلاً - رواية عمة الامام حكيمة التي أشرفت على ولادة الامام المهدي المنتظر وهي من ثقات
ص: 147
نساء أهل البيت والمرويّة في كتب أهل السنّة والشيعة ومعتمد عليها وإليك نصها :
روى الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) باسناده عن حكيمة بنت محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قالت : بعث إلي أبو محمّد الحسن بن عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : يا عمّة اجعلى إفطارك الليلة عندنا، فانّها ليلة النصف من شعبان، وأنّ اللّه تعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة وهو حجّة اللّه في أرضه.
قالت : فقلت له : ومن أُمّه ؟
قال لي : نرجس.
فقالت له : جعلني اللّه فداك ما بها أثر !
فقال : هو ما أقول لك.
قالت: فجئت فلمّا سلّمت وجلست جاءت تنزع خفي وقالت لي : يا سيدتي كيف أمسيت ؟ فقلت : بل أنت سيّدتى وسيّدة أهلي، قالت: فأنكرت قولى وقالت : ما هذا يا عمّة ؟ قالت: فقلت لها : يا بينة إنّ اللّه تعالى سيهب لك في ليلتك هذا غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة، قالت : فخجلت واستحييت.
فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة، أفطرت وأخذت
ص: 148
مضجعي فرقدت، فلمّا كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة، ففرغت من صلاتي وهي قائمة ليس بها حادث، ثم جلست معقبة، ثم اضطجعت ثمّ انتبهت فزعة وهي راقدة، ثم قامت فصلّت ونامت.
قالت حكيمة: وخرجت أتفقد الفجر، فاذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان، وهي نائمة فدخلتني الشكوك، فصاح بي أبو محمّد من المجلس، فقال : لا تعجلى يا عمّة فهاك الأمر قد قرب قالت فجلست فقرأ الم السجدة، ويس، فبينا أنا كذلك، إذا انتبهت فزعة فوثبت إليها فقلت : اسم اللّه عليك ثمّ قلت لها : أتحسين شيئاً ؟ قالت : نعم يا عمّه، فقلت لها: اجمعي نفسك واجمع واجمعي قلبك فهو ما قلت لك، قالت : فأخذتني فترة وأخذتها فترة، فانتبهت بحس سيدي، فكشفت الثوب عنها فاذا به (عَلَيهِ السَّلَامُ) ساجداً يتلقى الأرض بمساجده فضممته إليّ، فإذا أنا به نظيف متنظف، فصاح بي أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ): هلمي إليّ ابني يا عمّه، فجئت به إليه، فوضع يديه تحت اليتيه وظهره، ثمّ أدلى بلسانه في فيه وأمر يده على عينيه وسمعه ومفاصله، ثمّ قال : تكلّم يا بني.
فقال : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ
ص: 149
محمّداً رسول اللّه، ثمّ صلّى على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعلى الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) إلى أن وقف على أبيه، ثمّ أحجم.
ثمّ قال أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عمّة اذهبي به إلى أمه ليسلّم عليها وائتيني به، فذهبت به فسلّم عليها، ورددته ووضعته في المجلس، ثمّ قال : يا عمّة إذا كان يوم السابع فائتينا.
قالت حكيمة : فلما أصبحت جئت لأسلم على أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكشفت الستر لأتفقّد سيّدي، فلم أره، فقلت : جعلت فداك ما فعل سيّدي ؟ فقال : يا عمّة استودعناه الذي استودعت أم موسى.. اُمّ (عَلَيهِ السَّلَامُ).
قالت حكيمة: فلما كان يوم السابع جئت فسلّمت وجلست فقال : هلمي إليّ إبني فجئت بسيّدي وهو في الخرقة ففعل به كفعلته الأولى، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنه يغذيه لبناً أو عسلاً، ثمّ قال : تكلّم يا بنيّ.
فقال : أشهد أن لا إله إلا اللّه، وثنّى بالصلاة على محمّد وعلى اميرالمؤمنين وعلى الأئمّة الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين، حتّى وقف على أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثم تلا هذه الآية :
«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ
ص: 150
وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ» (1).
فسألت عقبة الخادم عن هذه، فقالت : صدقت حكيمة (2).
وروى العلّامة البياضي : قال : قالت حكيمة : قرأت على اُمّه نرجس وقت ولادته التوحيد والقدر وآية الكرسي، فأجابني من بطنها بقراءتي، ثمّ وضعته ساجداً إلى القبلة، فأخذه أبوه وقال : انطق باذن اللّه، فتعوّذ وسمّى وقرأ: «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ....» الآيتين، وصلّى على محمّد وعليّ وفاطمة والأئمّة واحداً واحداً باسمه إلى آخرهم، وكان مكتوباً على ذراعه الأيمن : «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ اَلْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً» (3)... الحديث (4).
6 - وانه ترك رواية الامام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) الذي صنع عقيقة وعقد وليمة له ودعا إليها أربعين مؤمناً من خيار أصحابه وجاء بوليده المهدي المنتظر قائلاً:
هذا إمامكم من بعدي وأشهدهم جميعاً برؤيته.
ص: 151
7 - وترك رواية النوّاب الأربعة الذي هم نوّاب الحجّة المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) على نحو الترتيب الزمني وهم من ثقات الرجال والأصحاب وهم : عثمان بن سعيد ومحمد بن عثمان بن سعيد العمري وأبو القاسم حسين بن روح وأبوالحسن عليّ بن محمّد السمري.
8 - وترك رواية ان الامام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) حينما توفي أبوه وأراد عمّه جعفر الصلاة على جنازته فخرج الامام المهدي وهو صبي قائلاً لعمّه :
تنحّ يا عمّ عن الصلاة على أبي فانّي أولى بها منك (1).
9 - الشيخ حسين بن محمّد بن الحسن الدياربكري المالكي المتوفّى سنة (966) في كتابه تاريخ الخميس ج 2 ص 321، قال : الحادي عشر (من الأئمّة) الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر الصادق ويكنى أبا محمّد ويلقّب بالزكي والخالص والسراج وهو مثل أبيه مشهور بالعسكري أمه أمّ ولد اسمها سوسن وقيل غير ذلك، ولد بالمدينة سنة (232 ه-) وتوفي في سرّ من رأى في سنة (260 ه-) وقبره بجنب أبيه.
ص: 152
ثمّ قال : الثاني عشر (من الأئمّة) محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا، يكنى أبا القاسم ولقبه الامامية بالحجّة والقائم والمهدي والمنتظر وصاحب الزمان، هو عندهم خاتم الاثني عشر إماماً، وأُمّه أمّ ولد اسمها صيقل وقيل سوسن وقيل نرجس وقيل غير ذلك، ولد في سرّ من رأى سنة 258 ه- (1).
كلّ هذه الروايات المعتمدة والقوية في سندها ومضمونها ورجالها وعمل الأصحاب بها واستندوا عليها ووثّقها رجال الحديث وأصحاب علم الدراية والرواية إلا أن منهجية أحمد الكاتب ترفض هذا الوثوق لأنها تستند على تضعيف القوي وتقوية الضعيف وهذه المنهجيّة منهجية الجهل لا العلم ولا العلماء.
المخالفة التاسعة :
أسلوب اتخذه الكاتب لا ينبئ عن حقيقة ولا يكشف عن ظاهرة علميّة، بل هو أسلوب المخادعة والمراوغة والدجل فهو حينما يستعرض رأي الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والسيّد المرتضى ويقول حتّى أنّ هؤلاء يشككون في ولادة
ص: 153
الامام المهدي المنتظر فيقتطع ويبتر ويحذف من بعض رواياتهم ليستدلّ على هدفه غير الواقعي بالتشكيك ونحن نستغرب منه هذا الأسلوب وهذه الحالة فانه لا يقوم به إلّا الانسان الدجّال والمخادع لأنه فيه تزوير للحقيقة وأبعاد الانسان عن الواقع في حين ان هؤلاء العلماء ألفوا كتباً فى الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) والامام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وترجموها في كتبهم فكلّ من ترجم الامام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال انه هو أبو محمّد المهدي الغائب المستور وكلّ من ترجم الامام المهدي قال هو ابن الامام الحسن العسكري وألّفوا في ذلك كتباً كثيرةً فمثلاً الاختصاص للشيخ المفيد والشافي للسيّد المرتضى والغيبة للشيخ الطوسي وكمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق ولكن أحمد الكاتب يناور ويحذف من أقوالهم ورواياتهم ما يريد فانه يستشهد بنص مبتور من رواية ذكرها الشيخ الصدوق ولم يذكر كلّ الرواية وإنَّا بتر منها ما يريده من أجل التشكيك وترك بقيّة نص الرواية التي تجيب على هذا التشكيك وإليك نصها الكامل الذي بترها وحذف منها ما يريد منها بالتشكيك وهذا نصها :
كلام الشيخ الصدوق في الغيبة :
ص: 154
قال الشيخ الصدوق في المراد من الغيبة قال : ولقد كلّمنى رجل بمدينة السلام فقال لى : إنّ الغيبة قد طالت والحيرة قد اشتدّت، وقد رجع كثير عن القول بالإمامة لطول الأمد، فكيف هذا ؟ فقلت له : إنّ سنّة الأوّلين في هذه الأمة جراية حذو النعل بالنعل، كما روي عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فی غیر خبر، وأنّ موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذهب إلى ميقات ربّه أربعين ليلة ولتأخّره عنهم فضل عشرة أيام على ما واعدهم، استطالوا المدّة القصيرة وقست قلوبهم وفسقوا عن أمر ربِّهم عزّوجلّ وعن أمر موسى، وعصوا خليفته هارون واستضعفوه وكادوا يقتلونه، وعبدوا عجلاً جسداً له خوار من دون اللّه عزّوجلّ، وقال السامري لهم : «هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى» (1) وهارون يعظهم وينهاهم عن عبادة العجل ويقول : «يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي * قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حتّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى» (2) «وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ
ص: 155
رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ» (1)، (2).
هذا هو النصّ لكلام الشيخ الصدوق كاملاً ولكن أحمد الكاتب نراه يراوغ ويحذف ويبتر النص الكامل للرواية حتّى يشكك القارئ وهذا هو أسلوب المخادعة والمراوغة البعيد عن العلم والحقيقة.
المخالفة العاشرة :
وقد ذكر الكاتب في أدلّته التشكيكية عن الامام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذه الشبهة وهي انّ الامام محمّد بن الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يستطع العلماء اثبات ولادته من ناحية تاريخيّة وإنّما أخذوا يستدلّون على وجوده وامامته بالدليل العقلى ولو كان لديهم دليل تاريخي لذكروه.
ولكنّني ومعي كلّ الناس نستغرب من دليله هذا وكيف انه يستسيغ لنفسه أن يدلى بهذا الكلام وذلك لأسباب التالية :
1 - انّ الانسان إذا استدل عقليّاً على نبوّة النبيّ. محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فهل معناه انه ليس لديه دليل تاريخي على ولادته ؟
ص: 156
2 - ان نفس العلماء الذين استشهد بهم الكاتب مثل الشيخ الصدوق والمفيد والسيّد المرتضى والشيخ الطوسي بأنه ليس لديهم دليل تاريخي ؟
ونحن نقول له : يا أحمد الكاتب، حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء.
فهذا الشيخ الصدوق الذي استدلت به بأنه ليس لديه دليل تاريخي هو نفسه يذكر في كتابه كمال الدين تاريخ ولادة المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإليك نصّة :
روى المحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهّاب من علماء القرن الخامس قال : وقرأت في كتاب الوصايا وغيره بأن جماعة من الشيوخ والعلماء، منهم علال الكلابي وموسى بن أحمد الفزاري وأحمد بن جعفر ومحمّد رووا بأسانيدهم، أنّ حكيمة بنت أبي جعفر عمّة أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالت : وكنت أدعو اللّه له أن يرزقه ولداً فدعوت له كما كنت أدعوا، فقال(عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عمّة أما أنه يولد في هذه الليلة - وكانت ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين - المولود الذي كنا نتوقعه فاجعلي افطارك عندنا، وكانت ليلة الجمعة.
ص: 157
قالت الحكيمة : ممّن يكون هذا المولود يا سيدي ؟
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): من نرجس قالت : ولم يكن في الجواري أحبّ إليّ منها ولا أخف على قلبي وكنت إذا دخلت الدار تتلقّاني وتقبل يدي وتنزع خفي بيدها، فلما دخلت عليها فعلت بي ما كانت تفعل، فانكببت على يدها فقبلتها ومنعتها ممّا كانت تفعله، فخاطبتني بالسيادة فخاطبتها بمثلها فأنكرت ذلك، فقلت لها : لا تنكري ما فعلت، فانّ اللّه تعالى سيهب لك في ليلتنا هذه غلاماً سيّداً فى الدنيا والآخرة، فاستحيت.
قالت حكيمة : فتعجّبت وقلت لأبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لست أرى بها أثر الحمل، فتبسم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال لي : إنا معاشر الأوصياء لا نحمل في البطون، ولكنّا نحمل في الجنوب، وفي هذه الليلة مع الفجر يولد المولود الكريم على اللّه إن شاء اللّه تعالى.
قالت حكيمة : ونمت بالقرب من الجارية، وبات أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) في صفّ، فلمّا كان وقت الليل قمت إلى الصلاة والجارية نائمة ما بها أثر ولادة، وأخذت في صلاتي ثمّ أوترت وأنا في الوتر، فوقع في نفسي أنّ الفجر قد ظهر، ودخل في قلبي شيء فصاح أبو محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الصف : لم يطلع الفجر يا عمّة، فأسرعت الصلاة، وتحرّكت الجارية فدنوت
ص: 158
منها وضممتها إلىّ وسميت عليها، ثمّ قلت لها : هل تحسين ؟ قالت : نعم، فوقع عليّ سبات لم أتمالك معه أن نمت، ووقع على الجارية مثل ذلك فنامت وهي قاعدة فلم تتنبه إلّا ويحس مولاي وسيّدي تحتها، وإذا بصوت أبي محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يقول : يا عمّتاه هاتي ابني إليّ فكشفت عن مولاي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإذا هو ساجد اللّه وعلى ذراعه الأيمن مكتوب :
«جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً» (1)... الخ (2).
المخالفة الحادي عشر :
نحن نستغرب ممّا ذكره الرجل أحمد الكاتب انّ سبب التشكيك بالامام المهدي المنتظر لأنه ليس هناك أدلة على وجوده وان فكرته ظهرت في القرن الرابع من الهجرة والعجيب من قوله هذا في حين ان فكرة الامام المهدي المنتظر وولادته تعتبر فريضة اسلامية وردت في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة والذي يؤكده القرآن والسنّة
ص: 159
يصبح فريضة اسلامية كسائر الفرائض الاخرى كالصلاة والزكاة والصيام والحجّ الخ وغيرها فيجب الايمان بها فكذلك الايمان بالامام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فريضة إسلامية وذلك بموجب النص القرآني والنبوي ولهذا تواتر أخبار الامام المهدي وولادته عند علماء الشيعة والسنّة وقد ألّفوا كتباً كثيرة فى ذلك ولكن أحمد الكاتب ينكر هذه الفريضة الإسلاميّة والحقيقة العلميّة ويستهين بهذا الصرح الايماني الذي استهوى أفكار علماء السنّة قبل الشيعة وألفوا في ذلك كتباً كثيرة نذكر نماذج منها وهي كما يلي :
علماء أهل السنّة يقولون بالتواتر :
وقد ذكر علماء الشيعة وعلماء اخواننا أهل السنّة تواتر الأحاديث الواردة فى الامام المهدي المنتظر لها وأثبتوها في كتبهم وأقوالهم وهي من الكثرة بدرجة يصعب على هذه الوريقات جمعها واستيعابها لأنّ هناك العشرات بل المئات من العلماء والكتب التي ذكرت تواترها من علماء الشيعة وأهل السنّة ونحن نذكر بعض علماء اخواننا أهل السنّة الذين أکّدوا على تواتر الأحاديث الواردة في الامام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) على سبيل المثال لا الحصر:
ص: 160
1 -- الحافظ أبو الحسن محمّد بن الحسين الآبري السنجري المتوفّى 363 ه- صاحب كتاب مناقب الشافعي.
2 - محمّد البرزنجي المتوفّى 1103 ه- في كتابه الاشاعة لأشراط الساعة.
3 - الشيخ محمّد السفاريني المتوفّى 1188 ه- في كتابه لوامع الأنوار البهيّة.
4 - القاضي محمّد بن على الشوكاني المتوفّى 1250 ه- في كتابه التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجّال والمسيح.
5 - الشيخ صديق حسن القنوجي المتوفّى 1307 ه- في 1307 كتابه الاذاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة.
6 - الشيخ محمّد جعفر الكتابي المتوفّى 1345 ه- في كتابه نظم المتناثر من الحديث المتواتر.
7 - وذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب ما نصّه : في سنّة ستّين ومائتين قبض أبو محمّد الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علىّ بن أبي طالب أي الامام الحادي عشر - في خلافة المعتمد وهو ابن تسع وعشرين وهو أبو المهدي المنتظر
ص: 161
والامام الثاني عشر عند القطعية من الامامية وهم جمهور الشيعة (1).
مع العلم انّ المسعودي توفّي في سنة 364 والغيبة الكبرى كانت في سنة 329 وكان قد وقعت في حياته.
وروي الشيخ الصدوق بسنده عن شاعر أهل البيت السيّد الحميري قال : قلت للصادق جعفر بن محمّد يابن رسول اللّه قد روي لنا أخبار عن آبائك في الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن تقع ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) :
إنّ الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمّة الهداة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أولهم أمير المؤمنين على بن أبي طالب وآخرهم القائم بالحق بقيّة اللّه في أرضه، وصاحب الزمان واللّه لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتّى يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً (2).
المخالفة الثانية عشر :
نتيجة ما تقدّم من الأبحاث التي أظهرت الحقائق العلميّة وزيف ما قاله عبد الرسول اللاري المسمّى بأحمد الكاتب
ص: 162
الذي غيّرت لندن اسمه ورسمه وإب-انت سخافاته وأوهامه وفندت تشكيكاته وتضعيفاته التي كان يتشدق ويتسلّح بها وأصبحت مثار سخرية لكلّ عاقل دارس فاهم بان هذا التشكيك الذي يثيره بعض الناس حول الروايات الواردة والمتعلّقة بالامام المهدي المنتظر بن الامام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) من انها ضعيفة كما يدعي أحمد الكاتب والشيخ عدنان عرعور السوري ؟ ونحن نستغرب من هؤلاء الذين يرون التشكيك في بعض الروايات فحين أنهم يأخذون بالمشكوك ويتركون المتيقن ويأخذون بالنادر الضعيف ويتركون القوي المثبت ويرتبون الآثار عليها وينطلقون في ذلك من الحقد والكراهية لأنهم لا يحبّون أن تكون الروايات الكثيرة فى حق أهل البيت فانّهم يحاولون التشكيك فيها وذلك لهوى نفوسهم وعدم محبّتهم لأهل هذا البيت فلهذا بشككون بها وإنّ هؤلاء لا يمتون بصلة لاخواننا أهل السنّة لأنّ أهل السنّة يعترفون بهذه الروايات ويعتزون بمحبتهم لأهل البیت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لأنه فرض من اللّه على المسلمين بقوله :
«قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» (1).
ص: 163
وقد ألّفوا في ذلك كتباً كثيرة ولاسيما في الإمام المهدي المنتظر ابن الامام الحسن العسكري ولابد لنا من توضيح بعض النقاط حتّى يتضح الأمر جلياً وهي كما يلي:
1 - إنّ الايمان بفكرة الامام المهدي المنتظر هي من الوضوح والبداهة ممّا لا يشوبها التشكيك ولا غيرها م-ن أنواع التضعيف لأنّها من البديهيات المسلم بها من قبيل أن يأتي رجل في وضوح النهار ويدّعي أنّه ليل فلا يؤخذ بقوله حتّى لو كان من الصادقين لأنه إنكار البديهة من البديهياّت.
2 - الأحاديث المروية عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على نوعين :
الف) حديث مروي فقط عند أهل السنّة أو عند الشيعة فقط ولا ولا يرويه غير طائفة معيّنة بذاتها.
ب) حديث يرويه أهل السنّة والشيعة وهو متفق عليه عند الطرفين فيكون هذا الحديث أقوى وأوثق من الحديث الذى يرويه فريق واحد فيكون هذا المورد محل وثوق واطمئنان كالأحاديث المرويّة للامام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3 - الأحاديث التي تروى للامام المهدي المنتظر هي متواترة ومورد اتّفاق ما بين المسلمين السنّة والشيعة بينما ادعاء أنّ بعض رواته غير ثقة فهذا القول بنفسه غير متواتر
ص: 164
وهو ضعيف وشاذ ونادر وهو لا يقوى أمام الحديث المتواتر فمثلاً حديث يرويه 100/80 وحديث آخر يرويه 100/20 فهذا الثاني حديث ساقط عن الاعتبار أمام الحديث الأول.
4 - العجيب من هؤلاء الأدعياء يدعون وينحتون التشكيك في الروايات الواردة للإمام المهدي المنتظر في حين أنّهم يصدقون الأحاديث الضعيفة والشاذة وغير المتواترة.
ولكن هؤلاء مبناهم تضعيف الحديث القوي وتقوية الحديث الضعيف وذلك لهوى وحقد في نفوسهم وهذا هو بعيد عن البحث العلمي وأسلوبه.
5 - إنّ المشكّكين في الأحاديث الواردة في الامام المهدي المنتظر ابن الامام الحسن العسكري (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) من أمثال أحمد الكاتب وعثمان خميس والشيخ عرعور فانّهم لا اطّلاع لهم في علم الحديث وعلم الدراية والرواية ولو كان عندهم أقل اطّلاع بعلم الدراية والرواية لما شذوا فضعفوا الحديث القوي المتواتر وقوّوا الحديث الضعيف الشاذ النادر وعلى فرض أنّ أحد الرواة كما يقولون عنه أنه ضعيف في الرواية ولكن باعتبار أنّ الأمّة اتّفقت على صحة هذه الروايات المبشرة بالامام المهدي المنتظر وعملت بها ففي علم الحديث والدراية
ص: 165
والرواية يؤخذ بهذه الرواية ويعمل بها لأنّ اتفاق الأصحاب واجماع الأمة على العمل بها يجبر ضعفها وكسرها - على فرض لو كان فيها ضعف ولكن المشكلة أن هؤلاء هم من الجهلة ولا علم لهم بمعرفة قواعد علم الحديث والرواية القائل : إنّ الخبر الضعيف إذا عمل به الأصحاب أجبر ضعفه والتئم كسره - لأنّ الحديث المروي في الامام المهدي المنتظر بن الامام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) من القضايا المسلّم بها عند عامة المسلمين ولهذا عملوا به لأنه من البديهيّات والخبر الذي يكون من البديهيات يؤخذ ويعمل به وذلك من قبيل لو أخبر رجل صادق مصدّق بأنّ فلان بن فلان قد مات ولكنّه هو حي يرزق يعيش ويعمل ليله ونهاره فلا يؤخذ بقوله ولا يصدق لأنّه مخالف للأمور البديهيّات فكذلك القول بأن الامام المهدي المنتظر هو ابن الامام الحسن العسكري هو من المعتقدات المسلّم بها.
انّ الأحاديث المبشّر به من الأمور البديهيّة المتواترة لا يمكن التشكيك بها لأنّها من البديهيّات التي اتفق عليها أهل السنّة والشيعة.
وختاماً :
ص: 166
وبالأخير قلت للمذيع الهاشمي :
إنّ إنكار أحمد الكاتب للامام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليس بجديدة وإنّما تنبأ عنه أبوه الامام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) قبل 1250 سنة بقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ):
كما جاء في كتاب كفاية الأثر وهذا نصّه :
أخرج بسنده عن محمّد بن عثمان العمري يقول : سمعت أبي يقول : سئل أبو محمّد الحسن بن العسكري وانا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) ان الأرض لا تخلو من حجّة اللّه على خلقه إلى يوم القيامة وان من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية فقال : واللّه هذا حق كما ان النهار حق.
فقيل له: يابن رسول اللّه، فمن الحجّة الامام بعدك ؟ قال : ابني محمّد هو الامام والحجّة من بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهليّة أما ان له غيبة يحار فيها الجاهلون ويهلك فيها المبطلون ويكذب فيها الوقاتون، ثمّ يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة (1).
ص: 167
وورد أيضاً في نفس الكتاب بسنده عن موسى بن جعفر ابن وهب البغدادي قال : سمعت أبا محمّد الحسن بن عليّ العسكري يقول : كأني بكم، وقد اختلفتم بعدي في الخلف منی ألا ان المقر بالأئمّة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) المنكر لولدي كمن أقرّ بجميع الأنبياء ورسله ثمّ أنكر نبوّة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لأن طاعة آخرنا كطاعة أوّلنا، والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا، اما ان لولدي المهدي غيبة يرتاب فيها الناس إلّا من عصمه اللّه (1).
وان أحمد الكاتب هو من الجاهلين والمبطلين والمرتابين كما جاء في هذا الحديث.
وهذا الموضوع ملخص ما دار في تلفزيون المستقلّة وأجابتي عليه وأحببت أن أنشره كما هو باضافة الروايات والشواهد التاريخية من مصادرها ليتضح للجميع الفكر الوهمي والرأي السخيف لهذا الرجل ونسأل اللّه العلي العظيم الهداية له ولنا وللجميع.
ص: 168
فى الآونة الأخيرة قام أعداء الإسلام في الخارج والداخل بتخطيط عميق وذكي من أجل شق الصف الإسلامي وذلك باختلاق فرق وعقائد لا ترتبط بالإسلام بأي صلة ومن قبل أناس جهلة لا علم لهم ولا دين وهذا العمل الخطير المخطّط له من قبل الأعداء حصل بعد قيام الإمام الخميني (قدّس سِرُّه) ونجاح ثورته، فهم أخذوا يخططون لتشتيت قوة هذه المرجعية وقدسيتها في النفوس لأنّ الأعداء حصل لديهم القناعة بعد نجاح السيّد الإمام الخميني (قدّس سِرُّه) بثورته بأنّ هذه المرجعية تستطيع أن تسقط دولة وتقيم دولة مكانها.
ففكّروا كيف أن يفتتوا ويمزقوا هذه المرجعية وقدسيتها في النفوس فأخذوا يخططون لذلك بعمليات متعدّدة وآليات وخطوات تالية :
أوّلاً : إيجاد أدعياء للمرجعية لا تتوفّر فيهم شرائطها من علم وعدالة وتقوى ولهذا نرى كثيراً من هؤلاء الأدعياء تصدّروا وادعوا أهلّيتهم لهذا المنصب وهم غير كفوئين لها حتّى يضعفوا قدسية المرجعية ويقللوا من تأثيرها في النفوس.
ص: 169
ثانياً : تصفية رجال العلم والفضيلة ممّن لهم أهلية المرجعية وأساتذة الحوزة ورموزها من أمثال :
المرجع الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر (قدّس سِرُّه).
الشهيد الشيخ محمّد تقي الجواهري (قدّس سِرُّه).
الشهيد السيّد مرتضى الخلخالي (قدّس سِرُّه).
الشهيد السيّد رضا الخلخالي (قدّس سِرُّه).
السادة آل بحر العلوم السيّد علاء والسيد عز الدين وغيرهما.
المرجع الشهيد الشيخ علي الغروي (قدّس سِرُّه).
الشهيد الشيخ مرتضى البروجردي (قدّس سِرُّه).
الشهيد الشيخ علي أصغر الأحمدي (قدّس سِرُّه).
الشهيد السيّد محمّد الصدر (قدّس سِرُّه).
الشهيد السيّد محمّد باقر الحكيم (قدّس سِرُّه)وبقية السادة العلماء من اسرته
وغيرهم من رجال العلم والمعرفة وقد رأينا من قبل اضطهاد المراجع الكبار كالمرحوم السيّد محسن الحكيم (قدّس سِرُّه) والمرحوم السيّد أبو القاسم الخوئي (قدّس سِرُّه) وكلّ ذلك من أجل افراغ الحوزة من رجالاتها وأساتذتها حتّى يخلو الجو
ص: 170
لأدعياء هذا المنصب ويمهدوا لهم الطريق.
ثالثاً : إيجاد الشرخ والاختلافات داخل الوسط الإسلامي والمذهبي بمسميات دينية مختلفة لتمزيق الأمة وتشتيتها من قبيل إيجاد التفرقة داخل المذهب الواحد وبذور روح الاختلاف والتفرقة بادعاءات واهية لا أساس لها من قبل أناس موهومين ومشبوهين ويدّعون لأنفسهم مناصب دينية ومقامات روحانية تعادي المرجعية الواقعية وذلك من أجل تمزيق قدسيتها وتقليل تأثيرها في الوسط الديني والمذهبي لأنّ هدفهم الأساسي تمزيق قدسية هذه المرجعية في نفوس الناس نتيجة إدّعاءاتهم الوهمية التي لا أساس لها من الواقعية ولا نصيب لها من الدين والمذهب، فدعواهم هذه واهية لأنها لم تلتجأ إلى ركن وثيق لأنّهم أصحاب شبهات باطلة ورايات مضلّلة.
رابعاً : انتحال صفة المذهبية للتشويه.
كثر في هذه الأيّام أدعياء بعض المعتقدات المذهبية واستعمال بعض المصطلحات الدينية والمسلمات الإسلاميّة وذلك من أجل التشويه والتشكيك بالإسلام ورموزه الدينية الثابتة وإظهار الإسلام وبعض معتقداته بشكل يشوه سمعته
ص: 171
ويقلّل هيبته في النفوس حتّى يتسنّى لأعداء الإسلام فرض نظرياتهم على الأُمّة.
وهذه الفترة التي نعيشها هي من أصعب الفترات الزمنية الخطيرة وذلك لخطورة متبنياتها وأطروحاتها.
خامساً : إنّ أدعياء وأصحاب هذه الدعوات المضلّة هم من أصحاب الأحزاب السياسية المعروفة بالساحة والفاشلة مثل حزب صدّام التكريتي المنهار وذلك حينما وقفوا في وجه الثورة التي قام بها الإمام الخميني (قدّس سِرُّه) وإقبال الناس عليها بشكل منقطع النظير، فخططوا لأعمال إرهابية وأفكار جهنّمية باسم الإسلام والمذهب حتّى يشوّهوا سمعة الإسلام والمذهب أوّلاً وثانياً أن يمزّقوا وحدة الأُمّة والمذهب وثالثاً أن يقلّلوا من شأن المرجعية الدينية وتأثيرها في الوسط الاجتماعي فأدعياء هذه المصطلحات ليسوا بإسلاميين ولا ارتباط لهم بالدين وإنّما تلبّسوا بهذه المصطلحات الدينية حتّى يشوّهوا الوعي الإسلامي بارتكابهم الأعمال الإرهابية التشويه المدّ الإسلامى والمذهبي حتّى يتسنّى لهم الاستمرار بالحكم واللعب بالسياسة
ص: 172
فعلى المؤمنين الغيارى أن يتنبّهوا إلى هذه المؤامرة وهذه اللعبة ويقفوا سدّاً منيعاً كالبنيان المرصوص أمام هذه الادّعاءات والمسمّيات المشبوهة ويرجعوا هذه المعتقدات إلى المراجع العظام والعلماء الأعلام وعلى رأسهم الإمام السيّد السيستاني باعتبارهم النوّاب الحقيقيين للإمام المهدي المنتظر بالنيابة العامة حتّى ينجوا من هذه الانحرافات لأنّ المرجعية الدينية على مختلف القرون والعصور هي العاصم من الانحرافات الزمنية التي تحدث هنا وهناك.
وأخيراً إنّي أنصح اخواني من رجال العلم والفضيلة بما يلي:
1 - أن لا يتسرّعوا بترشيح أنفسهم لهذا المنصب حتّى لو - كانوا يجدون في أنفسهم الأهلية له وبها يسدّوا الثغرة التي يدخل منها من ليس له أهلية ذلك.
2 - المرجعية هي منصب إلهي ووظيفة دينية واللّه سبحانه و تعالى يمنحه للخواص من عباده المجتهدين وهي تأتي لصاحبها ومرادها وتطرق عليه الباب فيكون ملزماً شرعياً لأداء وظيفتها والتصدّي لها كما حدث لسيدنا المرجع الديني
ص: 173
الكبير السيّد السيستاني حفظه اللّه حينما توفّي المرجع الأعلى المرحوم السيّد الخوئى (قدّس سِرُّه) فإنّه لم يكن لديه رسالة عملية ولم يهيئ نفسه لذلك حتّى ألزم شرعياً بذلك فعندها تصدّى لهذا المنصب وكذلك فعل كثير من المراجع العظام في النجف الأشرف ومدينة قم المقدّسة حفظهم اللّه جميعاً من أمثال المرجع الديني أستاذ الحوزة العلمية في قم آية اللّه الشيخ وحيد الخراساني حفظه اللّه.
كما أنّ المرجعية الدينية لا تخضع للظروف القومية والإقليمية لأنها تمثّل الإسلام وهو لجميع البشر فلهذا المراجع في قديم الزمان وحاضره يمثلون مختلف القوميات والجنسيات فالشيخ المفيد (قدّس سِرُّه) والسيد الحكيم (قدّس سِرُّه) فهما عربيان أو التركي كالسيد الخوئي (قدّس سِرُّه) وإن كان أصله عربي أو الايراني كالسيد السيستاني وإن كان أصله لأنه من ذرّية رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أو الشيخ الكركي (قدّس سِرُّه) فإنه لبناني الجنسية لأنّ المرجعية لكلّ المسلمين وهم من مختلف البلدان والقوميات وكلّ من توفّرت وانحصرت فيه شرائط المرجعية فإنّه مرشّح لهذا المنصب وإن كان البعض يحاولون أن يوجدوا ويؤجّجوا النعرات القومية والإقليمية لهذا المنصب ولكن رأيهم هذا لا
ص: 174
يمثّل الإسلام وليس له أي صلة به وإنما يمثل رأيه الشخصى الذي ينطلق من عنصريته وهو مخالف للإيمان والتقوى.
3 - إنّ هذا الموقف هو الموقف الإلهي المطلوب وعليه سيرة علمائنا الأعلام وسيرة كبار المجتهدين الذين لهم الأهلية الكاملة لهذا المنصب ومع هذا فهم يتحاشون من ذلك لأن ارتباطهم باللّه كان قوياً وهم يخشونه في السر والعلانية ويبتعدون من سلبيات هذا المنصب ولهذا فهم يبتعدون من تحمّل هذه المسؤولية لئلّا يطول وقوفهم يوم القيامة وقد شاهدت وعاصرت نماذج كثيرة من هذه الذوات المؤمنة الصالحة مع أنّهم كانوا من أساطين العلم والمعرفة وأذكر هنا نماذج منهم على سبيل المثال لا الحصر :
آ – أُستاذنا المجتهد الكبير المرحوم الشيخ محمّد رضا المظفّر (قدّس سِرُّه) كان من أساطين العلم وكبار المجتهدين وتدلّ على ذلك مؤلّفاته القيمة في الفقه والأُصول والمنطق والفلسفة فهو أستاذ جيل من أهل العلم والمعرفة ولكنّي ما سمعت عنه في يوم من الأيّام أنّه ادّعى هذا المنصب أو سعى إليه وهو أهل ومحل لذلك.
ب - أُستاذنا الفقيه الكبير والمجتهد القدير المرحوم الشيخ
ص: 175
محمّد تقي الايرواني (قدّس سِرُّه) كان من فحول العلماء الاجلاء وكان شعلة من التدقيق والتحقيق ومع كلّ هذا ما سمعته في يوم من الأيّام أنه ادّعى أو يدّعي هذا المنصب أو يرغب في طبع رسالته العملية في حين أنّه أهل ومحلّ لهذا المنصب.
ج - أستاذنا العظيم والمجتهد الكبير المحقّق المبدع المرجع الشهيد المرحوم السيّد محمّد باقر الصدر (قدّس سِرُّه) فإنّه من أساطين العلم وأساتذته وكان على عظيم شأنه وعلو مكانته العلمية وإقبال الناس إليه فإنّه بعد وفاة المرحوم المرجع الأعلى السيّد محسن الحكيم (قدّس سِرُّه) وقد رجع إليه في التقليد كثير من البلدان وكان المرحوم الحجّة السيّد مير محمّد القزويني وهو من كبار علماء البصرة قد أرجع إليه في التقليد فبعث المرجع الشهيد الصدر خلفي وطلب مني أن أسافر إلى البصرة وأجتمع بالسيد مير محمّد القزويني وأقنعه بالرجوع عن تقليد السيّد الصدر وذلك لسببين كما وضحهما وبينهما الشهيد الصدر (قدّس سِرُّه):
1 - السبب الأوّل : إنّه تلميذ للسيد الخوئي (قدّس سِرُّه) ولا يحب أن يكون في عرض مرجعيته وفاءً واحتراماً لأستاذيته.
2 - السبب الثاني: أن لا تتمزّق الأُمّة في تقليدها لأنّ
ص: 176
الاختلاف في التقليد يذهب بهيبة المرجعية وقدسيتها وكان الشهيد الصدر يصرّح بهذين السببين أمام تلاميذه ويطلب منهم عدم ترشيحه للتقليد.
ولكن المجرم صدام وحزبه اشتدّ في محاصرته للشهيد الصدر ومراقبته وأراد عدّة مرّات اعتقاله وسجنه ممّا دعى خاله الحجّة المجتهد الكبير المرحوم الشيخ مرتضى آل ياسين (قدّس سِرُّه) أن يطلب من الشهيد الصدر أن يطبع رسالته العملية حتّى يكون فى حصانة ومأمن وتصونه من الاعتقال أو القتل لأنه (قدّس سِرُّه) كان يتصوّر أنّ مرجع التقليد يكون في صيانة من القتل ولهذا ألزمه وحكم عليه بوجوب طبع رسالته.
وهناك العشرات من هذه النماذج الطيّبة من أمثال المرحوم السيّد يوسف الحكيم (قدّس سِرُّه) وهو من كبار العلماء والمرحوم شيخ العلماء الشيخ حسين الحلّي (قدّس سِرُّه).
والمجتهد الورع التقي السيّد علي البهشتي (قدّس سِرُّه).
والمجتهد المقدّس السيّد عبد الكريم علي خان المدني (قدّس سِرُّه) والشيخ المجتهد الورع أستاذ الحوزة المرحوم الشيخ مجتبى اللنكراني
ونظائرهم من المجتهدين الكبار فإنّهم جميعاً أبوا أن
ص: 177
يرشّحوا أنفسهم للتقليد مع أنّهم لا يشك في اجتهادهم وتقواهم إلّا أنّهم فضّلوا ورجّحوا المصلحة العليا للمرجعية على مصلحتهم وأهوائهم لأنّ حفظ المرجعية وإقبال الأُمّة عليها في التقليد يحفظ هيبتها ويصون حرمتها لأن هؤلاء :
«رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّه».
فهذه سيرة علمائنا الأعلام الذين عاصرناهم وعشنا معهم فترة زمنية ما يقارب نصف قرن فلم أرى فيهم إلّا التقوى صائنين لأنفسهم من الهوى وطائعين للأوامر الالهيّة كما جاء في الأثر :
من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فعلى العوام أن يقلدّوه (1).
وذلك لا يكون إلا لبعض فقهاء الشيعة لا جميعهم.
وأخيراً أطلب من أخواني المؤمنين وأهل الفضل والكمال أن يرجعوا هذه الأمور الدينية إلى المراجع العظام المشهورين والمعروفين عند أهل الفضل والعلم من قبيل ادعاء التقليد ورؤية الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى نوّابه وهم الفقهاء الأتقياء وبذلك تدفع المفسدة وكما قيل دفع المفسدة أولى من
ص: 178
جلب المنفعة، حتّى تكون كلمة اللّه هي العليا وكلمة الأعداء هي السفلی.
وبهذا نحفظ وحدة المرجعية ونصون هيبتها.
وبالختام ندعو اللّه بدعاء العهد :
ص: 179
واستجابةً اللّه ولرسوله نحن نعاهد هذا الإمام أن نسير على دربه ونهجه الإسلامي وتعاليمه وندعو له بهذا الدعاء والعهد : اللّهمَّ بَلِّغْ مَوْلاىَ صَاحِبَ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللّه عَلَيْهِ، عَنْ جَميعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ في مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِها وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَيّهِمْ وَمَيّتِهِمْ، وَعَنْ وَالِدَيَّ وَولدي، وَعَنِّي مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالتَّحِيَّاتِ زِنَةَ عَرْشِ اللّه وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ، وَمُنْتَهى رضاهُ وَعَدَدَ مَا أَحْصَاهُ كِتَابُهُ وَاَحَاطَ بهِ عِلْمُهُ، اللّهمَّ إِنِّي أَجَدِّدُ لَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ، عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً في رَقَبَتي، اللّهمَّ كَمَا شَرَّفْتَني بِهَذَا التَّشْرِيفِ، وَفَضَّلْتَني بِهَذِهِ الْفَضيلَةِ، وَخَصَصْتَني بِهَذِهِ النِّعْمَةِ، فَصَلِّ عَلَى مَوْلايَ وَسَيِّدي صاحِبِ الزَّمَانِ، وَاجْعَلْني مِنْ أَنْصَارِهِ وَأَشْيَاعِهِ وَالذَّاتِينَ عَنْهُ، وَاجْعَلْني مِنَ الْمُسْتَشْهَدينَ بَيْنَ يَدَيْهِ، طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهِ فِي الصَّفِّ الَّذي نَعَتَ أَهْلَهُ في كِتَابِكَ، فَقُلْتَ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصوصٌ عَلى طَاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ وَآلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلام، اللّهمَّ هَذِهِ بَيْعَةٌ لَهُ فِي عُنُقِي إِلَى يَوْمِ الْقِيامَةِ.
ص: 180
1 - القرآن الكريم
2 - نهج البلاغة
3 - تفسير الميزان للسيد الطباطبائي
4 - تفسير البرهان للشيخ البحراني
5 - التبيان للشيخ الطوسي
6 - تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي
7 - تفسير الدّر المنثور للسيوطي
8 - تفسير العيّاشي
9 - كتاب الردّ على من كذب بالأحاديث الواردة في المهدي
- الشيخ عبدالمحسن العباد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلاميّة في المدينة المنوّرة
10 - صحيح أبي داود طبع المطبعة النازية
11 - مسند ابن حنبل
12 - المهدي الموعود عند أهل السنّة والإمامية للشيخ نجم الدين العسكري
ص: 181
13 - العرف الوردي للسيوطي
14 - كتاب القول المختصر في علامات المهدي المنتظر لأحمد بن حجر الهيثمي المكي
15 - المعجم الموضوعي لأحاديث المهدي
16 - كمال الدين واتمام النعمة
17 - بحار الأنوار
18 - الكافي
19 - ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي
20 - لوامع البهية للسفاريني
21 - إثبات الهداة
22 - تبصرة الولي
23 - كفاية الأثر
24 مفاتيح الجنان للشيخ عبّاس القمي (قدّس سِرُّه)
25 - تأويل الآيات
26 - الأئمّة الاثنا عشر لابن طولون الدمشقي
27 - کتاب تاريخ النجف للمرحوم الشيخ محمّد حسين حرزالدین
28 - غيبة الشيخ الطوسي
ص: 182
29 - اعلام الورى
30 - الاحتجاج للطبرسي
31 - كشف الغمّة
32 - تاج المواليد
33 - شواهد التنزيل
34 - فرائد السمطين للحموي
35 - الكشف والبيان
36 - مروج الذهب للمسعودي
37 - الارشاد للشيخ المفيد
38 - دلائل الامامة
39 - رسائل للشيخ المفيد
40 - الفصول المهمة
41 - أعيان الشيعة للسيّد الامين
42 - الدمعة الساكبة
43 - الاشاعة لأشراط الساعة
44 - مجلة الموعود
45 - درة المعارف
ص: 183
46 - كتاب الامام المهدي حقيقة وجوده ومعالم دولته للمرجع الشهيد الصدر والشيخ الفضلي
47 - الفقه على المذاهب الأربعة
48 - موسوعة العتبات المقدّسة
49 - بصائر الدرجات الكبرى للشيخ أبي جعفر الصفار
50 - الامام المهدي للمرحوم سعيد أبو معاش
51 - موسوعة كلمات الامام المهدى
52 - اثبات الوصية للمسعودي
53 - عيون الأخبار
54 - وسائل الشيعة
ص: 184
1 - الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)
2 - الصوم بحث ودراسة
3 - على ومواقفه البطولية
4 - علي ومدرسته الحربية
5 - مدرسة علم الأخلاق النظرى
6 - الشركة في الفقه الإسلامي
7 - كتاب الأسئلة والأجوبة الإسلاميّة صدر منها حتّى الآن سبعة أعداد
8 - واقعة بدر الكبرى
9 - نظرية النبوّة والإمامة والخلافة في الإسلام
10 - الصلاة واجباتها وأحكامها
11 - أحكام المسافر في الشريعة الإسلاميّة
12 - مفاهيمنا
13 - مفهوم الشعائر الحسينية
ص: 185
14 - تاريخ المدارس الأخلاقية قديماً وحديثاً
15 - التشيع هو النبع الصافي للإسلام
16 - التشريع الإسلامي وتطوّر الزمن
17 - أوهام أحمد الكاتب وأساطيره
18 - خرافات عثمان خميس وأوهامه
19 - ثلاث مناظرات فى مكة المكرمة والمدينة المنورة
20 - التشيّع هو المذهب الرسمي للإسلام بالنصّ القرآني والنبوي
21 - النصائح الوافية لأتباع الوهابية والسلفية
22 - فكرة الإمام المهدي فريضة إسلامية بالنص القرآني والنبوى
23 - الایمان بالامام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فريضة اسلامية بالنص القرآني والنبوي وفيها الردّ على بعض الشبهات حوله
24 - أحكام المسافر مع زيارة الامام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)
25 - مواقف انسانية هادفة للإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)
26 - دروس في تزكية النفس وتكاملها
27 - لماذا الاختلاف بين المذاهب الإسلاميّة مع وضوح النص القرآني والنبوي وقد صدر منها حتّى الآن 12 عدد
ص: 186
28 - ثلاث شبهات تلفزيونية لابدّ من الاجابة عليها
29 - زيارة قبور المؤمنين والطلب منهم جائز بالنص القرآني والنبوي
30 - الایمان بالامام المهدى المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فريضة اسلامية بالنص القرآني النبوي وفيها الرد على بعض الشبهات حوله
ص: 187
تمهيد...5
شبهة عدنان عرعور....6
اجماع علماء الشيعة والسنّة على نظريّة الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ)....7
النتيجة...8
نظرية الإمام صاحب الزمان فريضة اسلامية بالنصّ القرآني والنبوي...11
لماذا نؤمن بفكرة الإمام المهدي المنتظر ؟...13
الآيات القرآنيّة الدالة على فكرة المصلح المنتظر...14
ص: 188
فكرة الامام المهدي هي تصحيح لنشأة الخلقة الالهيّة.... 16
فكرة الإمام المهدي هي تحقيق للوعد الإلهي...18
الفرق بين النصر الدائم والنصر الموقت...21
النبي يؤكد تحقيق الوعد الإلهي...23
تحقّق الارادة الالهيّة....24
تعيين اسم المهدي المنتظر وابن من؟...33
أسئلة وأجوبة
س 1: هل يمكن تحديد وقت ظهور الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟...39
س 2 : هل يمكن رؤية الإمام المهدي المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟...42
عوامل ادّعاء الرؤيا المباشرة...45
1 - رؤية إياس المسيحي وسبب إسلامه...49
ص: 189
2 - رؤية الشيخ إسماعيل نمازي في طريق مكّة والمدينة... 51
3 - رؤية المرحوم والدي في حرم الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)... 53
س 3: هل ولد الإمام صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) أم لا ؟... 55
النصوص على ذلك ذلك...56
هل يجوز إمامة الصبيّ ؟...61
1 - منصب النبوّة...61
2 - منصب الإمامة ...62
3 - منصب الخلافة الشرعيّة الخلافة الشرعيّة...63
أ: الدليل القرآني...63
ب : السنّة النبوية تؤكد إمامة الصبيّ...64
النبي يعيّن إمامة الحسن والحسين وهما صبيان... 67
ج : الدليل العقلي...67
كتب أهل السنّة في المهدي المنتظر...69
ص: 190
س 4: هل إنّ الإمام متزوّج أم لا ؟...74
س 5 : هناك بعض الناس من يشكّ في بعض رواة الروايات الواردة والمتعلّق بالإمام المهدي المنتظر من أنّها ضعيفة كما يدّعى ذلك أحمد الكاتب وعثمان خميس والشيخ عدنان عرعور السوري وعثمان خميس والشيخ عدنان عرعور السوري ونظائرهم...75
علماء أهل السنّة يقولون بالتواتر...79
مدّة حكومة الإمام صاحب الزمان...85
الإمام المهدي انشودة الشعراء...93
بعض شعراء الشافعيّة والإمام المهدى...105
بعض ما قيل من الشعر في حقّ الامام المهدي... 106
ماذا يريد منّا صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ)...117
حوار حول أوهام وسخافات أحمد الكاتب...119
ص: 191
إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه... 169
نتائج هذا البحث...173
دعاء العهد...180
ثبت المصادر...181
كتب المؤلّف...185
محتويات الكتاب...188
ص: 192