سيّدة النّساء فاطمة الزهراء عليها السلام

هوية الكتاب

عنوان و نام پدیدآور :بانوی بانوان حضرت فاطمه زهرا علیهاالسلام / هیات تحریریه موسسه در راه حق

وضعیت ویراست :[ویرایش ]

مشخصات نشر :قم : موسسه در راه حق ، 1378.

مشخصات ظاهری :ص 48

شابک :964-6425-19-41400ریال ؛ 964-6425-19-41400ریال

وضعیت فهرست نویسی :فهرستنویسی قبلی

یادداشت :کتابنامه به صورت زیرنویس

موضوع :فاطمه زهرا (سلام الله عليها)، 13؟ قبل از هجرت - 11ق . -- سرگذشتنامه

شناسه افزوده :موسسه در راه حق . هیات تحریریه

شناسه افزوده :موسسه در راه حق

رده بندی کنگره :BP27/2/ب 2 1378

رده بندی دیویی :297/973

شماره کتابشناسی ملی :م 78-13600

محرر الرقمي: سيد أسد الله حسيني

ص: 1

اشارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ اَلْرَحیمْ

سيّدة النّساء فاطمة الزهراء عليها السلام قبسات من حیاة فاطمة الّزهراء علیها السّلام

ص: 2

موجز عن حياة فاطمة الزهراء عليها السّلام:

من اسمائها فاطمة الزهراء البتول، الصديقة الكبرى المباركة، العذراءٜ، الظاهرة الراضية المرضية.

كناها: أمّ الحسن أمّ الحسين أمّ المحسن، أمّ الأئمّة، و «أمّ أبیها»(1)

أبوها : الرّسول الأكرم محمد بن عبد الله، نبي الإسلام الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم .

أمّها: خديجة الكبرى أوّل زوجة للنّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأوّل إمرأة آمنت به.

ص: 3


1- كشف الغمة ج 2، ص 19؛ مناقب شهر أشوب ج 3 ص 132 و 133 و بحار الأنوار، ج 43، ص 10 و 16 .

ولادتها : في مكّة، السّنة الخامسة بعد البعثة.(1) شهادتها: في المدينة في السّنة الحادية عشر من الهجرة بعد شهرين ونصف من وفاة النبي صلّى الله عليه وآله .(2) مدفنها: دفنها الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام سرّاً، لأسباب سياسيّة، وبناء على وصيّتها، ولم يعلم موضوع قبرها حتى اليوم.

أولادها : الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام والإمام الحسين عليه السّلام سيّدالشهداء، وزينب الكبرى، وأم كلثوم، ومحسن الذي أسقطته وهو جنين. (3)

وليدة الوحي والرّيسالة :

في يوم الجمعة في العشرين من شهر جمادي الثاني، خمس سنوات بعد بعثة النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم(4)، تحت سماء الحجاز، وفي أحضان جبال مكّة الصخريّة، أمام عيون الكعبة، في بيت الوحي، في ساحة يرشّها النور المتدفّق من فم النّبي - صلّى الله عليه وآله وسلم - الإلهّي ، بتلاوة القرآن في بيت هو مختلف الملائكة حيث تزوره دائماً، هناك ، حيث تتلاحم أرضه بالسماء، على وقع صلاة النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم ليلاً ونهاراً، وصوت تلاوته الملكوتي في أعماق الليل، في

ص: 4


1- اصول الکافی، ج1 - ص458.
2- اصول الکافی، ج1-ص458.
3- مناقب شهر أشوب ج 3، ص 133.
4- بحار الانوار، ج43 ص9

بيت هو أمل للمستضعفين، ومنقذ المحرومين. وملجأ الأسرى، في بيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلم وخديجة، فتحت بنت عينيها على الدنيا.

إبنة رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلم - زهرة الرّسالة المتفتّحة، مستودع العصمة العصمة البشريّة في إمرأة، زوجة خليفة الله على الأرض وكفوه، سيّدة نساء العالم، ظهرت فاطمة عليها السّلام للدنيا. أضحى بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بولادة فاطمة عليها السلام أكثر حناناً وعطفاً، في ضجيج الأوجاع والتحدّيات العنيفة، التي كان يواجهها النّبيّ الكريم صلّى الله عليه وآله وسلم في تلك المرحلة الحاسمة في مكّة.

كانت فاطمة الصغيرة كنسيم مهدّي، يمسح برفق على وجنات الوالدين المتعبة، ليلاً ونهاراً، ويسكّن أوجاع الأيام الشاقّة التي تمر بها الرّسالة، كم هو مثير أن تكون لمثل هذه البنت من الكرامة، بحيث تبعث الهدؤ والسّكينة في قلب سيّد الكائنات، الرّسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم، حيث يقول في حقّها : «هي بضعة منّي، وهي قلبي وروحي التي بين جنبي»(1)، وليس هذا عجيباً في حق فاطمة، وذلك لأنها من أولئك العظام الذين قال الله تعالى في كتابه الكريم فيهم «إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَظهيراً»(2). إنّ فاطمة عليها السّلام يتلخص فيها وجود النّبي العظيم صلّى الله

ص: 5


1- کشف الغمّة، ج2،ص 24
2- سورة الأحزاب آية 33، أمالي الصدوق، ج 2، ص 162، 172، 212، وكتب أخرى.

عليه وآله وسلم إنّ حياتها المليئة بالنور والعطاء لائقة لكل تكريم إلهي ، وقد اصطفاها الله تعالى من بين النساء، لتمثل قيمة المرأة وكرامتها، إنّ وجود فاطمة عليها السّلام ،لوحده أكبر شاهد على أنّ المرأة يمكنها أيضاً أن تحلّق الى ذروة رفيعة من المعنويات لا يبلغها إلّا الرّجال الافذاذ الإهيون.

مع الأب :

وأب فاطمة، في غنىً عن الوصف والتعريف، ذلك الأب الذي يصفه إله الكون «بصاحب الخلق العظيم »(1)، ويصرح القرآن الكريم في حقه «وما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى » (2)، وقد عاشت فاطمة عليها السّلام حياتها النيّرة بأجمعها في ظلال الوحي، وفي أحضان مثل هذا الأب الذي يصنع الإنسان، وقضت سنتين مع أبيها، تعاني المقاطعة الإقتصادية التي فرضها كفّار قريش، وثلاث سنوات «في شعب أبي طالب » (3) مع أبوها وسائر المسلمين، تشاركهم أشد ظروف الجوع والمشقة. وفي السّنة العاشرة من البعثة وبعد خلاصها من محنة الشِّعب (4)،

ص: 6


1- سورة القلم آیة 4.
2- سورة النّجم آیة 4
3- شعب أبي طالب، وهو واد قريب من مكة، أقام فيه النّبي وأقرباؤه والمسلمون، خلال سنوات المحاصرة الإقتصادية.
4- کشف الغمّة، ج2، ص80.

بفترة قصيرة، فقدت أمها بعد معاناة طويلة مرّت بها هذه الأم الرؤم المؤمنة، دامت عشر سنوات من الكفاح تحملت فيها أشدّ ألوان المشاق، وخاصة محنة المقاطعة الإقتصادية، التي آلمتها كثيراً، وهكذا أصبحت فاطمة عليها السلام بلا أم، وهذه الحادثة وإن كانت موجعة أليمة، ولكن أدت الى أن تكون فاطمة عليها السلام أكثر إقتراباً ورعاية من النبي صلى الله عليه وآله وسلم .... وفي الثّامن من عمرها بعد هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقليل، هاجرت إلى المدينة، مع سائر نساء النّبوّة والرسالة، يصحبهنّ الإمام علي عليه السّلام ، (1) لتعيش مع النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وكانت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مختلف الظروف الصعبة القاسية التي واجهها في المدينة، وفي معركة احد، وبعد أن أرغم المسلمون على التراجع، واللجؤ للجبل، أسرعت فاطمة عليها السلام من المدينة، إلى مقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتشارك أمير المؤمنين عليه السّلام في معالجة جروح النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم(2) . كبرت وترعرعت فاطمة عليها السلام مع الإسلام، وعاشت مع الإسلام والقرآن وكانت تتنفّس هواء الوحي والنبوة، وتفتخر بذلك ، لم تنفصل حياتها عن حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحتى بعد زواجها، واحتضانها ورعايتها لأبناءها، فقد كانت دارها متصله بدار النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وكان يمر على فاطمة كلّما خرج

ص: 7


1- أمالي الطوسي ، ج 2، ص 84.
2- مناقب ابن شهر آشوب، ج 2، ص 65 .

للمسجد لصلاة الفجر (1)، وعن ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه ، وآله وسلم قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إذا سافر آخر عهده بإنسان من أهله ،فاطمة، وأوّل من يدخل عليه إذا قدم فاطمة عليها السلام» (2) ، وأخيراً في اللحظات الأخيرة من حياة النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم كانت فاطمة على رأسه تجهش بالبكاء، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسليها، ويعدها بأنها ستكون أول من يلحق به (3) .

أمّ فاطمة عليها السلام :

نشأت فاطمة خمس سنوات من مرحلة الطفولة، في أحضان أمها الكريمة المضحيّة خديجة وهي أول امرأة في الإسلام، ويقول النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم في حقها خير نسائها خديجة (4) وكان النبي صلّى الله عليه وآله وسلم يحترم خديجة، ويقدرها ، حتى أنه لم يتزوج معها غيرها، وبعد وفاتها أيضاً، كان يذكرها كثيراً . (5)وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذا يوم ذکر خديجة لم يسأم من ثناء عليها وإستغفار لها ، فذكرها ذات فحملتني الغيرة، فقلت: لقد عوّضك الله من كبيرة السن قالت: فرأيت .

ص: 8


1- كشف الغمة، ج 2، ص 13.
2- كشف الغمّة، ج 2، ص 6 .
3- أمالي الطوسي ، ج 2، ص 14.
4- کشف الغمه، ج 2 ص 071
5- سفينة البحار، ج 1، ص 380.

رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم غضب غضباً شديداً، فسقطت في يدي، قال: كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كفر النّاس، وآوتني إذ رفضني النّاس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقت مني الولد حيث حرمتموه (1) وهذا شاهد على حقيقة كبيرة في تاريخ الإسلام، لقد كان لتضحيات خديجة دور كبير في تقدّم الرّسالة الإسلامية وإتساعها، وكما يقول أحد الباحثين العلماء، إنّ الإسلام ورسالة النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قام على جهاد عليّ عليه السّلام وبذل خديجة. أي إنّه تعالى جعلها الوسيلة لدعم نبيه، وجهاد علي عليه السّلام وبذل خديجة كانا عاملين هامين لاتساع الإسلام وإنتصاره، وكل المسلمين في جميع الأزمنة مدينون لهما في تنعمهم بنعمة الإيمان، بعد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم . أجل .. إنّ فاطمة هي ذكرى تلك الأم، وإبنة لذلك الأب، وبوفاة خديجة في السنة العاشرة بعد البعثة (2) ، حرمت فاطمة الأحضان المليئة بالعطف والحنان لهذه الأمّ الكريمة المضحية، وبعد ذلك كانت فاطمة الصغيرة - وحدها - هي التي تملأ الفراغ الذي خلفته الأم في جوّ البيت.

ص: 9


1- تذكرة الخواص، ص 33 وكشف الغمة، مع الإختلاف يسير، ج 2، ص 78.
2- البحار، ج 16، ص 13.

الهجرة للمدينة :

وفي العام الذي توفيت فيه خديجة عليها السّلام، فقد النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم عمّه المضحي ، والمدافع الكبير عنه «أبوطالب» (1)، وأبو طالب من أكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إصراراً وثباتاً، ولأنه زعيم قريش وكبير مكة كان سنداً هاماً، للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم والمسلمين لنفوذه الكبير بين المكيين وقريش، بحيث لم تصل أيديهم للنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مادام حياً(2)ولم يتهاون أبوطالب، خلال حياته عن نصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وحمايته والدفاع عنه، ومن أجل أن يكون سداً منيعاً أمام قريش ومؤامراتها (3)، ضدّ الرّسالة الإسلامية كتم إيمانه وإسلامه، 23، وعاش حياة التقية خلال عمره، وكان يتظاهر بالدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لقرابته به فحسب، وهذه الخطة أدت الى أن يعتقد کفار قريش أنه منهم ، وبذلك لم يحاولوا القضاء على النبي صلى عليه وآله وسلّم إحتراماً له، وهذه التضحية والتقية هي التي دفع بعض السنّج من الفرق الإسلامية إلى التشكيك في إسلام أبي طالب وإيمانه، ونسبة بعض الإفتراءات الباطلة أمثال الشرك والكفر لهذه الشخصيّة الحافلة بالإيمان والإيثار والتضحية (4) .

ص: 10


1- كشف الغمة، ج 2، ص 77 وبناءً على بعض الروايات، إن أبا طالب توفى قبل خديجة بشهر (أمالي الطوسي، ج 2، ص 79).
2- أمالي الطوسي ، ج 2 ص 79.
3- أمالي الصدوق، ص 491 .
4- يجب أن نؤكد على ان مثل هذه الشائعات والإفتراءات عن أبي طالب، قد شاعت في

أجل .. بوفاة أبي طالب عليه السّلام، تحددت نشاطات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، حيث صارت أكثر مشقة وصعوبة، واشتدت مواجهة قريش وأذاهم له، إلى الحد الذي فكروا بوضع خطة مدبّرة لمحاولة قتله ودعوا أفراداً متعدّدين من الطوائف والقبائل المختلفة، ليهجموا بصورة مباغتة على داره ،ويقتلوه، وبذلك تتكفّل قتله القبائل المختلفة، وحتى لا يتمكن بنو هاشم وعشيرة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من الإنتقام والثأر والمطالبة بدمه، وبذلك يضطرون لأخذ الدية فحسب (1) وقد أمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بالهجرة (2)، حتّى تفشل هذه المؤامرة، وقبل هذه الحادثة، كان قد إجتمع بالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعض كباريثرب «المدينة» واعتنقوا الإسلام، وعقدوا معاهدة معه، وأنه لو جاء النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ليثرب، سوف يدافعون عنه، ويحمونه بأنفسهم وأموالهم، ومن هنا خرج النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من مكة في تلك الليلة التي حاول فيها كفار قريش تنفيذ مؤامرتهم، وبات علي عليه السّلام على فراش النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وبذلك واجه كفار قريش عليّاً عليه السلام، بعد هجومهم على دار النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم (3) وبعد ذلك وصل النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد (12) يوماً، زمان معاوية والأمويين عداءً وبغضاً لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام.


1- أمالي الطوسي، ج 2، ص 79
2- أمالى الطوسي، ج 2، ص 80.
3- أمالي الطوسي ، ج 2، ص 82. ص: 11

12

إلى قبا، على بعد منزل من المدينة وتوقف هناك حتى يلحق به علي عليه السّلام ؛ وبعد فترة وجيزة هاجر علي عليه السّلام بعد أن أنجز شؤون النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في مكة، وحمل معه نساء البيت النبوي وفاطمة الزهراء عليها السّلام وتوجّه إلى المدينة، وقد واجه خلال الطريق بعض مشركي مكة، وقد حاولوا منعه عن مواصلة السفر، ولذلك جرّد الإمام عليه السّلام سيفه، فقتل بعض المهاجمين وفر الباقون، ولحق الإمام عليه السّلام ومن معه بالنّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وساروا جميعاً إلى المدينة (1).

شخصيّة فاطمة عليها السّلام السماوية :

إنّ الشخصيّة السّماويّة لسيّدة النّساء فاطمة عليها السلام فوق تصوّرنا، ويعجز عنها ،وصفنا إمرأة هي في عداد المعصومين، إمرأة تعدّ محبّتها والولاء لها، ولأهل بيتها من فرائض الدين، إمرأة يعتبر غضبها وعدم رضاها غضب الله وعدم رضاه ؛ فكيف يمكن لنا أن نستعرض جوانب شخصيّتها المعنويّة المذهلة في أقوالنا نحن الأرضيّين الضيقين. إذن فعلينا أن نتعرف على فاطمة من لسان الأئمة المعصومين، وهذه لقطات عن سيّدة النّساء، ذكرت في أحاديث الأئمة المعصومين: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : عن ملك هبط للأرض وبشرني أنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وأنّ فاطمة سيّدة

ص: 12


1- أمالي الطوسي ، ج 2، ص 84.

نساء أهل الجنّة». (1).

ويقول النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «خير نساء العالمين أربع، مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم»(2) وعن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «إشتاقت الجنّة الى أربع نساء، مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون وهي زوجة النّبيّ في الجنّة، وخديجة بنت خويلد زوجة النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم في الدنيا والآخرة، وفاطمة بنت محمد » (3) . وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «إنّ الله ليغضب لغضب فاطمه ويرضى لرضاها (4). وعن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «إنّ الله تعالى إختار من النساء أربع، مريم، وآسية، وخديجة، وفاطمة (5)وعن الإمام الرّضا عليه السّلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «الحسن والحسين خير أهل الأرض بعدي وبعد أبيها، وأمهما أفضل نساء أهل الأرض». (6)

ص: 13


1- أمالي الطوسي ، ج 1، ص 83.
2- البحار، ج 43، ص 36 .
3- كشف الغمة، ج 1، ص 23.
4- كشف الغمة، ج 2، ص 24 و أمالي الطوسي ، ج 2 ، ص 41.
5- البحار، ج 43 ، ص 19.
6- البحار، ج 43، ص 19 و 20.

وعن صحيح البخاري وصحيح مسلم، وهما من أكثر كتب أهل السنّة إعتباراً، ومؤلّفهما من أشهر وأكبر علماء السنّة، نقل فيهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إنّه قال: «فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة »(1). وقيل للصادق عليه السّلام قول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم: «فاطمة سيدة النساء أهل الجنّة ، أي سيّدة نساء عالمها؟ قال: ذاك مريم، وفاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة من الأولين والآخرين»(2). وقيل للنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عن فاطمة : يا رسول الله أهي سيّدة نساء عالمها فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ذاك لمريم بنت عمران فأما إبنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين »(3) وعن المفضل قال : قلت للإمام الصادق عليه السّلام أخبرني عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في فاطمة، إنها سيدة نساء العالمين سيدة نساء عالمها ؟ فقال : ذاك لمريم كانت سيدة نساء عالمها، أهي وفاطمة سيّدة نساء العالمين من الأولين والآخرين (4)وعن الإمام الرّضا عن آبائه عليهم السّلام عن علي عليه السّلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم إذا كان يوم القيامة نادى مناد بطنان العرش، يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم (5)

ص: 14


1- البحار، ج 43 ص 36 و مناقب ابن شهر أشوب، ج 3، ص 105
2- البحار، ج 43 ، ص 36 و مناقب ابن شهر أشوب، ج 3، ص 105
3- البحار، ج 43، ص 24.
4- البحار، ج 43 ، ص 24 و مناقب ابن شهر آشوب، ج 3، ص 105 بدون ذكر الراوي. بحار الانوار، ج 43 ص 52 .
5- بحارالانوار، ج43 ص52.

وعن أبي أيوب الأنصاري عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش، يا أهل الجمع نكسوا رؤسكم وغضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة عليها السّلام على الصراط ، فتمر ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين (1) وقال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لفاطمة عليها السّلام: «يا فاطمة إنّ الله جل ذكره إطلع الى الأرض إطلاعة فاختار منها بعلك، فأوحي إليّ فأنكحتكه، أما علمت يا فاطمة أنّ لكرامة الله إياك زوجك أقدمهم سلماً وأعظمهم حلماً وأكثرهم علماً » (2) . وعن الإمام الصادق عليه السّلام: لولا أنّ الله خلق أمير المؤمنين لفاطمة ما كان لها كفو على الأرض (3) وعن سفيان بن عينية عن جعفر الصادق عليه السّلام واللفظ له، في قوله «مرج البحرين يلتقيان» قال علي وفاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه...» يخرج منها اللؤلؤ والمرجان» «الحسن والحسين عليها السلام .(4) وقد سُئل الامام الصادق (عليه السّلام) عن فاطمة (سلام الله عليها، لم سمیت زهراء؟ فقال (علیه السّلام) : لأنها كانت إذا قامت في محرابها زَهَرَ نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الارض. (5)

ص: 15


1- كشف الغمة، ج 2، ص 13.
2- البحار، ج 43 ، ص 97 و 98 .
3- البحار، ج 43 ، ص 97 .
4- البحار، ج 43، ص 32 و مناقب ابن شهر أشوب - ج 3، ص 101.
5- البحار، ج 3، ص 12.

وقد سُئل الامام الصادق (عليه السّلام) عن فاطمة (سلام الله عليها)، لم سُميت زهراء؟ فقال (علیه السلام) : لأنها كانت إذا قامت في محرابها زَهَرَ نورها الأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الارض . (1)وروي انّها عليها السّلام ربّما اشتغلت بصلاتها وعبادتها فربّما بكى ولدها فرأى المهد يتحرّك وكان ملك يحرّكه (2). وعن الإمام الباقر عليه السّلام قال بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم سلمان الى فاطمة، قال فوقفت بالباب وقفة حتى سلّمت، فسمعت فاطمة تقرأ القرآن من جوّا والرّحى تدور من برا (3)، وما عندها أنيس(4).

محبة النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وحنانه لفاطمة عليها السّلام

إن محّبة النبي صلّى الله عليه وآله وسلم وتعلّقه الشّديد بفاطمة عليها السّلام، تجعل حياتها النيّرة أكثر تقديراً واحتراماً، وهذا الحب والمتعلّق كان شديداً ومفرطاً الى حد يعتبر من غرائب حياة النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وإذا تعمّقنا أكثر في هذه الفكرة، وأنّ النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم أفضل إنسان أقرب البشر لله تعالى، وهو معيار الحق وميزان العدل في كل شيء، كما أنّ السنة - تعني كل أقواله وأفعاله وحتّى تقريراته - هي من مصادر التشريع الإسلامي

ص: 16


1- البحار، ج33، ص12
2- البحار، ج 43 ، ص 45 .
3- الجوّاء يعنى داخل البيت والبرا يعنى خارج البيت.
4- أي إنّ الرّحى يدور لوحده ، البحار، ج 43، ص 46 .

ويلزم أن تكون هي والقرآن منهاجاً لكلّ الأمة، حتى يوم القيامة، وكما يؤكد ذلك القرآن الكريم «ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى» و اذا تعمقنا في هذه الحقايق ، نتوصل الى مدى ما تملكه فاطمة عليها السلام من مقام معنوي وندرك أن فاطمة عليها السلام من المعصومين - كما نقل عن الائمة عليهم السلام ، ومن زمرة الأفراد الإلهيين، كسائر الائمة المعصومين. كان للنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بنات أخرى غيرها، وكان النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مع أفراد عائلته وأقربائه، وحتّى الغرباء، رؤفاً كريماً جداً، ولكن بالرغم من كل ذلك ، كان حبّه الخاص لفاطمة عليها السّلام، متميّزاً بوضوح، ومما يزيد هذا الحبّ أهمية، ودلالة، وإنّه كان يصرّح بمثل هذا الحبّ والتعلّق في مناسبات مختلفة، ويؤكده على الرأي العام، وهذا بدوره شاهد ومؤشّر على ذلك الإرتباط الوثيق بين حياة فاطمة عليها السّلام وأهل بيتها عليهم السّلام بمصير الإسلام، ولم تكن علاقة النّبي صلى الله عليه وآله وسلّم بفاطمة عليها السلام علاقة أب بابنته العزيزة فحسب، بل كانت لها علاقة وثيقة بالقضايا الإجتماعية لمجتمع، وبمستقبل أمة، وبالأوامر الإلهية حول إمامة المسلمين وقيادتهم. والآن نستعرض رشحات من بحار محبة النبي صلى الله عليه وآله

وسلّم وعطفه بفاطمة عليها السّلام لنتلقى منها الدروس والعبر.

1- كان النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا أراد سفراً كان آخر

ص: 17

النّاس عهداً بفاطمة، وإذا قدم كان أوّل النّاس عهداً بفاطمة .(1)

2 - وعن الإمام الباقر والإمام الصّادق عليهما السّلام: إنّه كان النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا ينام حتى يقبل عرض وجه فاطمة، يضع وجهه بين ثديي فاطمة ويدعولها . (2)

3- وعن الإمام الصّادق عليه السّلام قال : قالت فاطمة عليها السّلام: «لما نزلت ( لا تَجْعَلُوا دُعاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بعضاً)(3) [ر] هبْتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن أقول له . يا أبة، فكنت أقول : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، فأعرض عنّي مرّة أو إثنتين أو ثلاثاً، ثمّ أقبل عليَّ ، فقال : يا فاطمة إنّها لم تنزل فيك ، ولا في أهلك ولا في نسلك أنت منّي وأن-انا منك إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش أصحاب البذخ والكبر، قولي: يا أبة، فإنّها أحيى للقلب وأرضى للرّب (4).

4 - وعن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «فاطمة بضعة منّي من سرها فقد سرني، ومن ساءها فقد سائني، فاطمة أعزّ البريّة عليَّ » (5)

5 - وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «.. وهي بضعة منّى، وهي قلبي وروحي، التي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد (6)

ص: 18


1- البحار، ج 43، ص 40 .
2- مناقب ابن شهر أشوب، ج 3، ص 114.
3- سورة النور، آية 63
4- البحار، ج 43 ، ص 32 و 33 و مناقب ابن شهر أشوب، ج 3، ص 102.
5- البحار، ج43،ص39 و مناقب شهر آشوب، ج3ص112.
6- البحار، ج 43 ، ص 39 و مناقب شهر أشوب، ج 3، ص 112.

19

آذى الله (1) .

وروى عامر الشعبي والحسن البصري وسفيان الثوري، ومجاهد وإبن جبير، وجابر الأنصاري، والإمام محمد الباقر عليه السّلام، والإمام جعفر الصادق عليه السّلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال : «إنّها فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها فقد أغضبني»، أخرجه البخاري عن المسور بن مخرمة. وفي رواية جابر: «فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله». (2)

وفي مسلم والحلية، وكثير من كتب علماء السنّة، نقل بهذا المضمون (3).

7 - خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وقد اخذ بيد فاطمة عليها السّلام وقال: «من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي بضعة مني وهي قلبي وروحي التي بين جنبي فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله (4).

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إنّه قال «... وأما إبنتي فاطمة فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة منّي وهي نور عيني وهي ثمرة فؤادي وهي روحي التي بين جنبي وهي الحوراء

ص: 19


1- كشف الغمة، ج 2، ص 24.
2- البحار، ج 43 ، ص 39 و كنز الفوائد للكراجكي ، ص 360 و الفصول المختارة، ص
3- كشف الغمّة، ج 2، ص 24 .
4- كشف الغمّة، ج 2، ص 24 .

الإنسيّة متى قامت في محرابها بين يدى ربّها جلّ جلاله ظهر نورها لملائكة السّماء كما يظهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزّوجلّ لملائكته يا ملائكتي انظروا الى أمتي فاطمة سيّدة إمائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي أشهدكم أنّي قد آمنت شيعتها من النّار (1)

الزّواج السّماوي :

في السنة الثانية من الهجرة زوّج النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فاطمة عليها السلام بأمير المؤمنين علي عليه السلام(2)، وهذا الزّواج البهيج حقاً يليق بهما، وذلك ، وكما صرح به الأئمة المعصومون عليهم السلام، لا يصلح رجل غير علي عليه السّلام ليكون كفواً وزوجاً لفاطمة عليها السلام (3)ومن خصائص هذا الزواج، مما يدل على علو منزلتهما، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ردّ طلب الكثير من زعماء قريش والعرب وأشرافهم بالزواج من فاطمة عليها السلام وكان يقول : أمرها إلى ربّها (4) وحين طلب علي عليه السّلام يد فاطمة عليها السلام ذكر رسول الله

ص: 20


1- أمالي الصدوق، ص 99 و 100.
2- كشف الغمة، ج 1، ص 493 .
3- البحار، چ43،ص97 و107
4- كشف الغمة، ج 1، ص 477 .

صلّى الله عليه وآله وسلّم له أنّ الله تعالى قد أمره بتزويج فاطمة من علىّ (1).

ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: يا أبا الحسن فهل معك شيء أزوجك به ؟ فقال علي عليه السّلام فداك أبي وأمي والله ما يخفى عليك من أمري شيء، أملك سيفي، ودرعي وناضحي، وما أملك شيئاً غير هذا، فطلب النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم منه، أن يبيع درعه، ليشتري بثمنه الذي يبلغ خمسماءة درهم، أثاث البيت، وجهاز العرس البسيط لفاطمة عليها السّلام، ثمّ يقيم وليمة يطعم فيها المسلمين وبكل حفاوة وبهجة وسرور زفّت فاطمة عليها السلام إلى بيت عليّ عليه السلام (2)وفي كل زاوية وناحية من حكاية هذا الزواج السماوي - للسائرين على طريق النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل البيت عليهم السلام - دلالة على التأييدات الإلهية، وتوجه الله تعالى الخاص لبيت النّبوّة والرّسالة وفي نفس الوقت يبيّن بوضوح بساطة التعاليم الإسلامية في مجال الزواج وسمّوها ؛ وهذا لقطات رائعة من هذا الحدث

البهيج : حين تقدّم الإمام علي عليه السلام لطلب يد فاطمة من الرّسول صلى الله عليه وآله وسلّم قال له صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا علي إنّه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرأيت الكراهة في وجهها،

ص: 21


1- البحار، ج 43 ، ص 124 و 127 .
2- كشف الغمّة، ج 1، ص 480 ، 489.

ولكن على رسلك حتّى أخرج إليك ، فدخل عليها، فقامت فأخذت رداءه ونزعت نعليه وأتته بالوضوء .. ثمّ قعدت فقال لها : يا فاطمة، فقالت: لبيك لبيك حاجتك يا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ قال: إنّ عليّ بن أبي طالب من قد عرفت قرابته وفضله وإسلامه وإني قد سألت ربّي أن يزوجك خير خلقه وأحبّهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئاً فما ترين؟ فسكتت ولم تول وجهها ولم يرفيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم كراهة فقام وهو يقول: الله اكبر سكوتها إقرارها. وكان مهر الزواج هو درع علي عليه السّلام، الذي باعه واشترى بقسم من ثمنه جهازاً لفاطمة عليها السّلام، وهذا الجهاز هو كمايلي:

أثاث البيت وجهاز فاطمة عليها السّلام :

1 - قيص بسبعة دراهم.

2 - خمار بأربعة دراهم .

3 - قطيفة سوداء خيبرية.

4 - سرير مزمّل بشريطين .

ه - فراشان من خيش مصر، حشو أحدهما ليف، وحشو الآخر من جز الغنم.

6 - أربعة مرافق من أدم الطائف حشوها أذخر (نبات معروف).

7- ستر من صوف رقيق.

- حصير هجري.

9 - رحى لليد.

ص: 22

10 - مخضب من نحاس.

11 - قربة للماء.

12 - عباءة خيبرية.

13 - نطع من أدم (الجلد).

14 - وسادة من أدم حشوها من ليف النخل.

15 - كيزان (جمع كوز) وجرار (جمع جره) وعاء للماء.

16 - مطهرة للماء مزقته .

17 - قعب للبن.

18 - شنّ للماء.

وكان من تجهيز عليّ ،داره إنتشار رمل لين ونصب خشبة من حائط الى حائط للتّياب وبسط أهاب كبش، ومحدّة ليف.

أخلاق فاطمة عليها السّلام وسيرتها وقبسات من حياتها :

الزهد : نقل عن الإمام الصادق عليه السّلام، وعن جابر الأنصاري أنه رأى النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فاطمة عليها السّلام وعليها كساء، من أجلة الإبل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فقال : يابنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة، فقالت يا رسول الله الحمد لله على نعمائه والشكر الله على آلائه، فأنزل الله ولَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى » (1) .

ص: 23


1- سورة والضحى ، آية ه والبحار، ج 43، ص 85-86

العمل في البيت :

روي عن الإمام الصادق عليه السّلام «.... وكان عليّ عليه السّلام يستقي ويحتطب وكانت فاطمة عليها السّلام تطحن وتعجن وتخبز وترقع وكانت من أحسن النّاس وجهاً كأنّ وجنتيها وردتان صلّى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وولدها الطاهرين» (1) . وعن عليّ عليه السّلام حول فاطمة عليها السلام ... إنّها إستقت بالقربة حتى أثرت في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى أغبرت ثيابها ، وأوقدت النار تحت القدر حتى دکنت ثيابها (2) .

النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يساعد فاطمة عليها السّلام في عملها :

«دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم على عليّ فوجده هو وفاطمة يطحنان في الجاروش (الرّحى ) فقال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : أيّكما أعيى ؟ فقال عليّ : فاطمة يا رسول الله، فقال لها : قومي يا بنيّة، فقامت وجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلّم موضعها مع عليّ عليه السّلام فواساه في طحن الحبّ »(3) .

ص: 24


1- روضة الكافي، ص 165.
2- البحار، ج 3، ص 82.
3- البحار، ج 43، ص 50-51 .

إمرأة لا تطالب زوجها بشيء :

عن الإمام الباقر عليه السّلام قال : «انّ فاطمة ضمنت لعليّ عليه السّلام عمل البيت والعجين والخبز وقم البيت، وضمن لها علي عليه السّلام ما كان خلف الباب، نقل الحطب وأن يجي بالطعام فقال لها يوماً ، يا فاطمه هل عندك شيء؟ قالت : والذي عظم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام شيء نقريك به، قال: أفلا أخبرتني؟ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم نهاني أن أسالك شيئاً فقال: لا تسالين إبن عمك شيئاً إن جاءك بشيء وإلا فلا تسأليه»(1).

الإنسجام والتلاؤم في الحياة الزوجية :

قال علي عليه السّلام فوالله ما أغضبتها (خلال الحياة المشتركة مع فاطمة عليها السلام ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عزّوجلّ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان»(2).

أصدق النساء:

وعن عائشة، وذكرت فاطمة عليها السلام ما رأيت أصدق منها

ص: 25


1- البحار، ج 43، ص 31.
2- البحار، ج 43، ص 134 .

إلّا أباها » (1).

العبادة :

عن الحسن البصري «ما كان في هذه الأمة أعبد من فاطمة كانت تقوم حتّى تورّم قدماها (2) . »

العبادة والدعاء للآخرين :

عن الإمام الحسن عليه السّلام: «قال: رأيت أمي فاطمة عليها السّلام قامت في محرابها ليلة جمعة فلم تزل راكعة وساجدة حتى انفجر عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها : يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ، فقالت: يا بني الحارثم الدار» (3) .

الحجاب:

عن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي عليه السّلام إستأذن أعمى على فاطمة عليها السّلام فحجبته

ص: 26


1- البحار، ج 43 ، ص 53 .
2- البحار، ج 43 ، ص 84 .
3- كشف الغمة، ج 2، ص 25-26 .

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لها، لم حجبتيه وهو لا يراك ؟ فقالت عليه السّلام: إن لم يكن يراني فإنّي أراه وهو يشم الريح، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أشهد أنك بضعة منّي » (1).

العفاف والإبتعاد عن الرّجال الأجانب :

حين سُئلت فاطمة عليها السلام أي شيء خير للنساء أجابت: وخير لهنّ أن لايرين الرّجال، ولا يراهنّ الرجال»(2). وحين سُئِلت عن المرأة: فمتى تكون أدنى من ربها، أجابت عليها السّلام: أدنى ما تكون من ربها أن تلزم قعر بيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حين سمع جوابها : إنّ فاطمة بضعة منّي » (3). ومن الواضح أن خروج المرأة من دارها، ليس مح-رم-اً، لولم يؤدّ الإرتكاب الحرام، بل ربما يكون خروجها راجحاً او لازماً، لممارسة بعض الأعمال وهذه الروايات إنّها تستهدف التأكيد على هذه الملاحظة، وإنّه لو لم يكن هناك أمر ضروري يفرض على المرأة الخروج، فالأفضل لها أن لا تعرض نفسها على الرجال وانظارهم.

توزيع العمل مع خادمة البيت :

وعن سلمان الفارسي قال كانت فاطمة عليها السّلام جالسة،

ص: 27


1- البحار، ج 43 ، ص 91.
2- كشف الغمة، ج 2، ص 23-24.
3- البحار، ج 43 ، ص 92

قدامها رحى تطحن بها الشعير، وعلى عمود الرحى دم سائل (بسبب جرح أصاب يد فاطمة عليها السّلام)، والحسين في ناحية الدار يتضوّر من الجوع، فقلت: يا بنت رسول الله دبرت كفاك (أي جرحت)، وهذه فضة (1)وهي تتولى الأعمال، فقالت: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أن تكون الخدمة لها يوماً، فكان أمس يوم

خدمتها ...» (2).

التّضحية والإيثار بزينتها :

عن الإمام السّجّاد: «إنّه قال: حدّثتني أسماء بنت عميس كنت عند فاطمة عليها السّلام إذ دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وفي عنقها قلادة من ذهب كان اشتراها لها عليّ بن أبي طالب عليه السلام من فئ ، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا

ص: 28


1- وفضة كانت من أتقى النّساء، وخادمة للزهراء عليها السلام ويجدر التأكيد على أن فاطمة عليها السلام كانت تعيش في بدايات حياتها الزوجية مع علي عليه السّلام حياة العوز والضيق المادي، كما تدل على ذلك بعض الروايات البحار، ج 43، ص 88) ولكن بعد أن وهب لها النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فدك ، تحسن حالهما، ويروى أيضاً ان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وهب لها فضّة، وقد كانت أمة (مناقب شهر اشوب، ج 3، ص (120)، إذن فإذا رأينا في بعض الروايات انّ أهل البيت عليهم السلام كانوا يعيشون حياة العوز والضيق بينما بعض الروايات الأخرى تتحدث عن وجود خادمة في البيت، فإنّ ذلك لإختلاف الظروف والمراحل التي مرّت على حياة الزهراء عليها السلام.
2- البحار، ج 43 ، ص 28.

فاطمة لا يقول النّاس إنّ فاطمة بنت محمد تلبس لباس الجبابرة، فقطعتها وباعتها واشترت بها رقبة فأعتقتها، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم (1).

وعن الإمام الباقر عليه السّلام قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا أراد السفر سلّم على من أراد التسليم عليه من أهله، ثمّ يكون آخر من يسلّم عليه فاطمة عليها السّلام فيكون وجهه إلى سفره من بيتها، وإذا رجع رجع بدأ بها، فسافر مرّة وقد أصاب علي عليه السّلام شيئاً من الغنيمة فدفعه الى فاطمة فخرج فأخذت سوارين من فضة وعلّقت على بابها ستراً، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم دخل المسجد فتوجّه نحو بيت فاطمة عليها السّلام كما كان يصنع فقامت فرحة الى أبيها صبابة وشوقاً إليه، فنظر، فإذا في يدها سواران من فضة، وإذا على بابها ستر، فقعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حيث ينظر إليها، فبكت فاطمة وحزنت وقالت: ما صنع هذا بي قبلها .

فدعت إبنيها ، فنزعت الستر من بابها وخلعت السوارين من يديها ثم دفعت السوارين الى أحدهما والستر الى الآخر، ثمّ قالت لهما : إنطلقا الى أبي فاقرئاه السلام وقولا له: ما أحدثنا بعدك غير هذا فشأنك به، فجاءآه فأبلغاه ذلك عن أمهما، فقبلهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، والتزمهما وأقعد كل واحد منها على فخذه ثم أمر ب-ذي-نك السوارين فكسرا فجعلها قطعاً ثم دعا أهل الصفة - وهم قوم من

ص: 29


1- البحار، ج 43، ص 81.

المهاجرين لم يكن لهم منازل ولا أموال - فقسمه بينهم قطعاً، ثم جعل يدعو الرّجل منهم العاري الذي لا يستتر بشيء وكان ذلك الستر طويلاً ليس له عرض فجعل يؤزر الرجل فإذا التقيا عليه قطعه حتى قسمه بينهم أزراً. ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «رحم الله فاطمة ليكسونها الله بهذا الستر من كسوة الجنّة، وليحليتها بهذين السوارين من حلية الجنّة »(1) .

ثوب العرس :

وقد روي أنّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم صنع لها قميصاً جديداً ليلة عرسها وزفافها وكان لها قميص مرقوع وإذا بسائل على الباب يقول: أطلب من بيت النبوة قميصاً خلقاً، فأرادت أن تدفع إليه القميص المرقوع، فتذكرت قوله تعالى: «لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ » (2)، فدفعت له الجديد ...» (3).

الزهد والخوف من الله :

لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وآله وسلّم «وَإِنَّ

ص: 30


1- البحار، ج 43 ، ص 83-84.
2- سورة آل عمران آية 87.
3- رياحين الشريعة ، ج 1، ص 106 ثقلا عن التبر المذاب).

جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمُ أجْمَعِينَ لَها سَبْعَهُ أبواب لِكُل باب مِنْهُمُ جُزْء مَقْسُومٌ » (1)بكى النبّيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بكاء شديداً، وبكت صحابته لبكائه، ولم يدروا ما نزل به جبرائيل ولم يستطع أحد من صحابته أن يكلمه، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إذا رأى فاطمة فرح بها ، فانطلق بعض أصحابه الى باب بيتها، فوجد بين يديها شعيراً وهي تطحن فيه وتقول «وَ ما عِنْدَ الله خَيْرٌ وَأَبْقَى»، فسلّم عليها ، وأخبرها بخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وبكائه، فنهضت، والتفت بشملة لها خلقة، قد خيطت إثنى عشر مكاناً. بسعف النخل، فلمّا خرجت نظر سلمان الفارسي إلى الشملة وبكى، وقال: واحزناه إنّ قيصر وكسرى لفي السندس والحرير، وابنة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم عليها شملة صوف خرقة، قد خيطت في إثني عشر مكاناً. فلما دخلت فاطمة عليها السّلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قالت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، إنّ سلمان تعجب من ،لباسي، فوالذي بعثك بالحق مالي وعلي عليه السّلام منذ خمس سنين إلّا مسك كبش نعلف عليها بالنّهار بعيرنا ، فإذا كان الليل إفترشناه وإنّ مرفقتنا لمن أدم حشوها ليف. فقال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا سلمان إنّ ابنتي لفي الخيل السوابق. ثمّ قالت: يا أبتاه فديتك ما الذي أبكاك ؟. فذكر لها ما نزل به جبرئيل من الآيتين المتقدمتين، قال: فسقطت

ص: 31


1- سورة الحجر، آية 43-44 .

فاطمة عليها السلام على وجهها وهي تقول (الويل ثم الويل لمن دخل النار» (1)

الجوع، وطعام من السماء :

عن أبي سعيد الخدري قال أصبح علي بن أبي طالب عليه السلام

ذات يوم ساغباً فقال : يا فاطمة هل عندك شيء تغدينيه ؟ قالت: لا والذي أكرم أبي بالتبوّة وأكرمك بالوصية، ما أصبح الغداة عندي شيء، وما كان شيء اطعمناه منذيومين إلا شيء كنت أثرك به على نفسي وعلى إبني هذين الحسن والحسين. فقال علي (ع) : يا فاطمة ألاكنت أعلمتيني فأبغيكم شيئاً . فقالت: يا أبا الحسن إنّى لأستحيي من إلهي أن أكلف نفسك ما لا تقدر عليه.

فخرج علي ابن ابى طالب عليه السّلام من عند فاطمة عليها السلام واثقاً بالله بحسن الظن فاستقرض ديناراً، فبينا الدينار في يد علي بن أبي طالب عليه السّلام يريد أن يبتاع لعياله ما يصلحهم، فتعرّض له المقداد بن الأسواد في يوم شديد الحرّ، قد لوّحته الشمس من فوقه وآذته من ،تخته، فلما رآه علي بن أبي طالب عليه السّلام أنكر شأنه فقال يا مقداد ما أزعجك هذه الساعة من رحلك ؟ قال يا أبا الحسن خل سبيلي ولا تسألني عما وراثى.

ص: 32


1- رياحين الشريعة ، ج 1 ، ص 148 ، بيت الأحزان، ص 28-29 .

فقال: يا أخى إنّه لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك :فقال يا أبا الحسن رغبة إلى الله وإليك أن تخلى سبيلى ولا

تكشفني عن حالي. فقال له: يا أخى إنه لا يسعك أن تكتمنى حالك فقال: يا أبا الحسن أما إذا أب-ي-ت فوالذي أكرم محمداً ب-ال-ت-ب-وة وأكرمك بالوصية ما أزعجني من رحلي إلا الجهد، وقد تركت عيالي يتضاغون جوعاً، فلما سمعت بكاء العيال لم تحملني الأرض، فخرجت مهموماً راكب رأسي، هذه حالي وقصتي. فانهملت عينا عليّ بالبكاء حتى بلت دمعته لحيته، فقال له : أحلف بالذي حلفت ما أزعجني إلا الذي أزعجك من رحلك ، فقد استقرضت ديناراً فقد آثرتك على نفسي، فدفع الدينار إليه، ورجع حتى دخل مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب، فلمّا قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم المغترب مر بعلي بن أبي طالب وهو في الصف الأول، فغمزه برجله، فقام عليّ عليه السّلام معقباً خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حتى لحقه على باب من أبواب المسجد، فسلّم عليه، فردّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم السّلام فقال يا أبا الحسن هل عندك شيء، نتعشاه، فتميل معك . فكث مطرقاً لا يحير جواباً حياءاً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، وهو (أي) الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم يعلم ما كان من أمر الدينار ومن أين أخذه، وأين وجهه وقد كان أوحى الله تعالى إلى نبيه

ص: 33

محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يتعشى الليلة عند علي بن أبي طالب، فلما نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم إلى سكوته، فقال : يا أبا الحسن مالك لا تقول : لا ، فأنصرف، أو تقول : نعم فأمضي معك . فقال حياءً وتكرّماً فاذهب بنا .

فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم علي بن أبي طالب علیه السّلام، فانطلقا حتى دخلا على فاطمة الزهراء عليها السلام وهي في مصلاها قد قضت صلاتها وخلفها جفنة تفوردخاناً، فلما سمعت کلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رحلها خرجت من مصلاها، فسلّمت عليه، وكانت أعزّ النّاس عليه، فردّ عليها السلام، ومسح بيده على رأسها وقال لها يابنتاه، كيف أمسيت رحمك الله تعالى عشينا غفر الله لك وقد فعل. فأخذت الجفنة، فوضعتها بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وعليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فلما نظر عليّ بن أبي طالب إلى طعام وشم ريحه رمى فاطمة ببصره رمياً شحيحاً، قالت له فاطمة : سبحان الله ما أشح نظرك ، وأشده، هل أذنبت فيما بيني وبينك ذنباً، إستوجبت به السخطة ؟ قال : وأي ذنب أعظم من ذنب أصبتيه أليس عهدي إليك اليوم الماضي وأنت تحلفين بالله مجتهدة: ما طعمت طعاماً مذ يومين؟ . قال : فنظرت إلى السماء فقالت: إلهي يعلم في سمائه ويعلم في أرضه انّي لم أقل إلّا حقاً.

ص: 34

قال لها : يا فاطمة أنّى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه قط ولم أشمّ مثل ريحه قط، ولم آكل أطيب منه .

قال: فوضع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كفه الطيبة المباركة بين كتفي علي بن أبي طالب عليه السّلام فغمزها، ثمّ قال: يا هذا بدل دينارك ، وهذا جزاء دينارك من عند الله « إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِساب»، ثمّ استعبر النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم باكياً، ثمّ قال: الحمد لله الذي أبى لكم أن تخرجا من الدنيا حتى يجزيكما ويجريك يا علي مجرى زكريا، ويجرى فاطمة مجرى مريم بنت عمران « كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَا المِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً»(1).

بذلها وإنفاقها للمحتاجين والعقد الميمون :

عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم صلاة العصر ، فلما انفتل، جلس في قبلته والناس حوله، فبينا كذلك إذ أقبل إليه شيخ من مهاجرة العرب عليه سمل قد تهلل وأخلق وهو لا يكاد يتمالك كبراً وضعفاً، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يستحنّه الخبر، فقال الشيخ: يا نبي الله أنا جائع الكبد فأطعمني، وعاري الجسد فاكسني، وفقير فأرشني. فقال صلى الله عليه وآله وسلّم : ما أجد لك شيئاً، ولكن الدال على الخير كفاعله إنطلق إلى منزل من يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله

ص: 35


1- سورة آل عمران آية .33 و البحار، ج 43 ، ص 59-61 .

ورسوله ، يؤثر الله على نفسه، إنطلق إلى حجرة فاطمة، وكان بيتها ملاصق بیت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي ينفرد به لنفسه من أزواجه. وقال: يا بلال، قم فقف به على منزل فاطمة. فانطلق الأعرابي مع بلال، فلمّا وقف على باب فاطمة نادى بأعلى صوته : السّلام عليكم يا أهل بيت النبّوة، ومختلف الملائكة، ومهبط جبرئيل الرّوح الأمين بالتنزيل من عند ربّ العالمين، فقالت فاطمة : وعليك السّلام، فمن أنت يا هذا؟ . قال: شيخ من العرب أقبلت على أبيك سيد البشر مهاجراً من شقه، وأنا يا بنت محمد عاري الجسد جائع الكبد، فواسيني يرحمك الله. وكان لفاطمة ،وعليّ، في تلك الحال ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثلاثة ما طعموا فيها طعاماً، وقد علم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك من شأنهما . فعمدت فاطمة إلى جلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن والحسين، فقالت خذهذا أيها الطارق، فعسى الله أن يرتاح لك ما هو خير منه .

قال الأعرابي : يا بنت محمد شكوت إليك الجوع فنا ولتني جلد كبش، ما أنا صانع به، مع ما أجد من السغب.

قال : فعمدت لمّا سمعت هذا من قوله إلى عقد كان في عنقها، أهدته لها فاطمة بنت عمّها حمزة بن عبد المطلب فقطعته من عنقها ونبذته إلى الأعرابي فقالت: خذه وبعه فعسى الله أن يعوضك به ما هو خير منه .

ص: 36

فأخذ الأعرابي العقد، وانطلق إلى مسجد رسول الله، والنبي صلى الله عليه وآله وسلّم جالس في أصحابه، فقال: يا رسول الله أعطتني فاطمة هذا العقد، فقالت: بعه فعسى الله أن يصنع لك . قال : فبكى النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال : وكيف لا يصنع الله لك وقد أعطتكه فاطمة بنت محمد سيدة بنات آدم. فقام عمّار بن ياسر رحمة الله عليه فقال: يا رسول الله أتأذن لي بشراء هذا العقد ؟ قال : إشتره يا عمار، فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله بالنّار. فقال عمار: بكم العقد يا اعرابي ؟ قال: بشبعة من الخبز واللحم وبردة يمانية أستربها ،عورتي وأصلّي فيها لربي ودينار يبلغني إلى أهلي وكان عمّار قد باع سهمه الذي نفله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من خيبر ولم يبق منه شيئاً، فقال: لك عشرون ديناراً، ومأتا درهم هجرية، وبردة يمانية، وراحلتي تبلغك أهلك وشبعك من خبز البر واللحم . فقال الأعرابي: ما أسخاك بالمال أيها الرجل، وانطلق به عمار فوقاه ما ضمن له وعاد الأعرابي إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أشبعت واكتسيت؟ قال الأعرابي : نعم واستغنيت بأبي أنت وأمّي، قال: فاجز فاطمة بصنيعها، فقال الأعرابي : أللّهم إنّك إله ما استحدثناك ولا إله لنا نعبده سواك ، وأنت رازقنا على كلّ الجهات اللهم أعط فاطمة مالا عين رأت ولا

ص: 37

أذن سمعت، فأمن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم دعائه، وأقبل على أصحابه فقال : إنّ الله قد أعطى فاطمة في الدنيا ذلك ، أنا أبوها وما أحد من العالمين مثلي، وعليّ بعلها ولولا علي ما كان لفاطمة كفو أبداً، وأعطاها الحسن والحسين، وما للعالمين مثلهما سيدا شباب أسباط ،الأنبياء، وسيّدا شباب أهل الجنّة . وكان بإزائه مقداد وعمار وسلمان فقال : وأزيدكم؟ قالوا: نعم يا رسول الله . قال: أتاني الروح يعني جبرئيل عليه السلام أنها إذا هي قبضت ودفنت يسألها الملكان في قبرها، من ربّك ؟ فتقول: الله ربّي، فيقولان: فمن نبيك ؟ فتقول: أبي، فيقولان فمن وليك ؟ فتقول: هذا القائم على شفير قبري علي بن أبي طالب عليه السلام. ألا وأزيدكم من فضلها : إنّ الله قد وكلّ بها رعيلاً من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها وهم معها في حياتها وعند قبرها وعند موتها يكثرون الصلاة عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها. فمن زارني بعد وفاتي، فكأنّها زارني في حياتي، ومن زار فاطمة فكأنما زارني، ومن زار علي بن أبي طالب فكأنما زار فاطمة، ومن زار الحسن والحسين فكأنما زار عليّاً، ومن زار ذريتهما فكأنما زارهما . فعهد عمّار إلى العقد، فطيّبه بالمسك ، ولفّه في بردة ،يمانيّة، وكان له العقد عبد إسمه (سهم) إبتاعه من ذلك السهم الذي أصابه بخيبر، فدفع إلى المملوك ، وقال له خذ هذا العقد فادفعه إلى رسول الله صلّى الله

ص: 38

عليه وآله وسلّم، وأنت له، فأخذ المملوك العقد، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، وأخبره بقول عمّار، فقال النبي : صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنطلق إلى فاطمة فادفع إليها العقد، وأنت لها، فجاء المملوك بالعقد وأخبرها بقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخذت فاطمة عليها السلام العقد، وأعتقت المملوك ، فضحك الغلام، :فقالت ما يضحكك يا غلام؟ فقال : أضحكني عظم بركة هذا العقد، أشبع جائعاً، وكسى عرياناً، وأغنى فقيراً وأعتق عبداً، ورجع الى ربه(1) .

العباءة النيّرة :

«روي أنّ عليّاً إستقرض من يهودي شعيراً، فاسترهنه شيئاً، فدفع إليه ملائة فاطمة رهناً، وكانت من الصوف ، فأدخلها اليهودي الى دار ووضعها في بيت، فلمّا كانت الليلة دخلت زوجته البيت الذي فيه الملاءة بشغل فرأت نوراً ساطعاً في البيت أضاء به كلّه، فانصرفت الى زوجها فأخبرته بأنّها رأت في ذلك البيت ضوءاً عظيماً، فتعجب اليهودي زوجها ، وقد نسي أنّ في بيته ملاءة فاطمة، فنهض مسرعاً ودخل البيت فإذا ضياء الملاءة ينشر شعاعها، كأنه يشتعل من بدر منير، يلمع من قريب، فتعجب من ذلك ، فأنعم النظر في موضع الملاءة فعلم أنّ ذلك النور من ملاءة فاطمة، فخرج اليهودي يعدو إلى أقربائه وزوجته

ص: 39


1- البحار، ج 43 ، ص 56-58 .

تعدو إلى أقربائها، فاجتمع ثمانون من اليهود فرأوا ذلك فأسلموا كلّهم» (1)

ثوب من الجنّة لفاطمة :

«روي أنّ اليهود كان لهم عرس فجاؤا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقالوا لنا حق الجوار فنسالك أن تبعث فاطمة بنتك إلى دارنا حتى يزداد عرسنا بها، وألحوا عليه، فقال: إنّها زوجة علي بن أبي طالب، وهي بحكمه أي لابد أن يأذن لها عليّ عليه السّلام). وسألوه أن يشفع إلى عليّ في ذلك ، وقد جمع اليهود الطم والرم (2)، من الحلي والحلل، وظنّ اليهود أنّ فاطمة تدخل في بذلتها، وأرادوا إستهانة بها . فجاء جبرئيل بثياب من الجنّة وحليّ وحلل لم يروا مثلها، فلبستها فاطمة، وتحلّت بها فتعجّب النّاس من زينتها وألوانها وطيبها، فلما دخلت فاطمة دار اليهود سجد لها نساؤهم يقبلن الأرض بين يديها وأسلم بسبب ما رأوا خلق كثير من اليهود(3). »

ص: 40


1- البحار، ج 43، ص 30.
2- الطم والرّم يعنى المال الكثير نظير الرطب واليابس او البحري والبري كذا منقول في
3- البحار، ج 43، ص 30

الملائكة تساعد فاطمة عليها السّلام

«روي أنّ أباذر قال بعثني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أدعوا عليّاً، فأتيت بيته فناديته فلم يجبني أحد، والرحى تطحن، وليس معها أحد، فناديته فخرج وأصغى إليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال له شيئاً لم أفهمه فقلت عجباً من رحى في بيت عليّ تدور وليس معها أحد. قال: إنّ إبنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً ويقيناً، وإنّ الله علم ضعفها فأعانها على دهرها وكفاها ، أما علمت أنّ الله ملائكة موكلين بمعونة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلّم » (1)

إيثار أهل البيت عليهم السلام، وسورة هل أتى :

إتفق كل رواة الشيعة والسنة على أنّ أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء والإمام الحسن والإمام الحسين عليهم السّلام وخادمتهم فضة صاموا ثلاثة أيام وفاءاً لنذر نذروه، وفي الليلة الأولى، حين الإفطار، طرق عليهم الباب فقير، فقدم عليّ عليه السّلام طعامه للفقير السائل، واقتدى به الآخرون، فقدموا طعامهم للفقير، وأفطروا ذلك اليوم بالماء فحسب، وفي الليلة الثانية طرق الباب يتيم، وقدموا له طعامهم، وفي الليلة الثالثة طرق الباب أسير، وكذلك قدموا طعامهم ، وحينئذ نزلت الآية الشريفة « ويُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلى حُبّهِ مِسْكِيناً ويتيما واسيراً» وتشير هذه الآية

ص: 41


1- بحارالانوار، ج 43، ص 29.

الشريفة إلى إنفاق وإيثار هؤلاء العظام، وقد ذكر بعض العلماء: (إنّ الله تعالى قد أنزل هل أتى في أهل البيت وليس شيء من نعيم الجنة إلا وذكر فيه إلا الحور العين، وذلك إجلالاً لفاطمة عليها السّلام). وقد ذكرت هذه الحكاية بالتفصيل في تفاسير الشيعة والسنة، ومنها تفسير الكشاف، تأليف العالم والمفسّر السنّي الكبير (جارالله الزمخشري).

فاطمة عليها السلام وآية التّطهير :

وقد اتفق كل رواة الشيعة ومفسّريهم، وكثير من علماء السنة ومفسّرتهم على أن آية التطهير « إنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ الْبَيْتِ وَيُظهِرَكُمْ تَطْهِيراً » (1). قد نزلت في حق أمير المؤمنين عليّ ) وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام (2) ، وإنّ هؤلاء العظام هم المقصود بهم من أهل بيت النبي المعصومين عليهم السلام في الآية الشريفة، وكما ذكر العلماء فإنّ هذه الآية تدل على عصمتهم، وكذلك توجد الكثير من الروايات والأدلة في هذا المجال، يمكن للقراء الكرام مراجعتها في الكتب الموسعة. ونكتفي بنقل رواية واحدة : عن نافع ابن أبي الحمراء، قال: شهدت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمانية أشهر إذا خرج إلى صلاة الغداة مربباب فاطمة

ص: 42


1- سورة الأحزاب آية 34 .
2- أمالي الطوسي ، ج 1، ص 254 وأصول الكافي، ج 1، ص 287.

عليها السّلام فقال السّلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة، «إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تظهيراً» (1). مرافقوا النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم في المباهلة : صرّح كل الرواة، وكتب التاريخ والتفسير بأنّ الزّهراء عليها السلام أحد الخمسة الذين شاركوا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في مباهلته مع نصارى نجران، وهذه الحادثة كما تدل على أحد الفضائل الكبرى، كذلك هي من أعظم الأدلة على أن أهل بيت النبي المعصومين عليهم السّلام هم علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ولم يشارك فيها أي شخص آخر من أقرباء النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أو أزواجه، وخلاصة حكاية المباهلة كما يلي: وفدت جماعة من نجران على النّبي صلى الله عليه وآله وسلّم ليتحدثوا معه حول عيسى عليه السّلام، فقرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عليهم هذه الآية « إِنَّ مَثَلَ عيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُراب، دون أن يخلق من أب أو أم، ولم يقتنع النّصارى بذلك ، واعترضوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فنزلت آية المباهلة «فَمَنْ حاجَّكَ فيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوا نَدْعُ أبنائنا وأبنائكُمْ

ص: 43


1- کشف الغمة، ج 2، ص 13. (89) ستون آل عمران آية 53 .

ونسائنا وَنِسَائِكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الكاذبين»(1). وتعني المباهلة، أن يدعوا أحد المتخاصمين على الآخر، الذي يختلف معه حول موضوع ما ، حيث يدعو الله تعالى أن ينزل لعنته وعذابه على المتخاصم الآخر، ولا يمكن أن يصدر ذلك إلّا من الأنبياء الحقيقيين الذين لهم إرتباط واقعى بالله تعالى. فقبل وفد نجران المباهلة، وقرّر أن يكون الغد موعد المباهلة، ودار الحديث بين نصارى نجران أنفسهم، فقال لهم كبيرهم الأسقف إن غدا فجاء بولده وأهل بيته فاحذروا مباهلته، وإن غدا بأصحابه فليس بشيء، فغدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم محتضناً الحسين آخذاً بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعلي خلفها، ثمّ جثى بركبتيه وجعل عليّاً أمامه بين يديه وفاطمة بين كتفيه والحسن عن يمينه والحسين عن يساره، وهو يقول لهم. إذا دعوت فأمنوا، فقال الأسقف: جثى والله محمد كما يحثوا الأنبياء للمباهلة، وخافوا، فقالوا: يا أبا القاسم أقلنا أقال الله عثرتك ، فقال : نعم قد أقلتكم، فصالحوه، على أن يدفعوا له مالاً، ورجعوا من حيث أتوا (2) .

ص: 44


1- سورة آل عمران آية 5
2- مناقب ابن شهر أشوب، ج 2، ص 142 - 144 وكشف الغمة، ج 1، ص 425 - 426 و صحیح مسلم و مسند أحمد بن حنبل وفي كثير من كتب السنة والشيعة والتفاسير حول آية المباهلة.

بكائها على جوع أبيها :

عن عبدالله الحسن قال : دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على فاطمة فقدّمت له كسرة يابسة من خبز شعير فأفطر عليها، ثمّ قال: يا بنيّة هذا أوّل خبز أكل أبوك منذ ثلاثة أيّام. فجعلت فاطمة تبكي ورسول الله يمسح وجهها بيده (1) .

مكانة فاطمة عند النبي صلى الله عليه وآله وسلّم : و رووا عن عائشة : إنّ فاطمة كانت إذا دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قام لها من مجلسه وقبل رأسها وأجلسها مجلسه، وإذا جاء اليها لقيته وقبل كل واحد منهما صاحبه وجلسا معاً (2).

شهادتها :

حين فارق النبي صلى الله عليه وآله وسلّم الحياة واجهت فاطمة عليها السّلام الكثير من المصائب والمحن حيث حطمت قلبها، وجعلت الحياة في عينيها مظلمة مريرة ، لا تطاق فمن جانب، غياب النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم التي كانت تحبّه حباً جماً ولم يمكنها أن تتحمّل فراقه، ومن جانب آخر، كانت تتألم بدنيّاً وروحياً من تعامل المتآمرين

ص: 45


1- البحار، ج 43 ، ص 40 و مناقب ابن شهر آشوب، ج 3، ص 113.
2- البحار، ج 43 ، ص 40 و مناقب ابن شهر آشوب، ج 3، ص 113.

على غصب الخلافة من عليّ عليه السّلام معها . ومن هنا، ونتيجة لكلّ هذه المصائب والمحن، وإبتلاءات أخرى نعرض عن ذكرها ، نقرأ في التاريخ بأنّ الزهراء عليها السلام كانت تبكي دائماً بعد أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكانت تزور أحياناً قبر أبيها ، وتجهش بالبكاء بشدّة، وأحياناً كانت تذهب إلى مقابر الشهداء وتبكي هناك ، وكانت تقضي ساعاتها في بيتها بالبكاء والنحيب وحين اعترض أهل المدينة على بكائها بنى لها أمير المؤمنين عليه السّلام موضعاً في مقبرة البقيع سمّي بيت الأحزان)، كانت تذهب إليها كل صباح مع ولديها الحسن والحسين وتأخذ بالبكاء حتى الليل، حيث يأتي أمير المؤمنين عليه السّلام ويأخذها الى البيت حتى مرضت. وكان تألّم الزهراء عليها السّلام من فراق النبي صلى الله عليه وآله الشدّة بحيث كانت تجهش بالبكاء كلّما رأت أو سمعت ما يذكرها بالنّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم. ولما قبض النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إمتنع بلال من الأذان، قال: لا أئذن لأحد بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وإنّ فاطمة عليها السّلام قالت ذات يوم: إني أشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي صلى الله عليه وآله وسلّم بالأذان، فبلغ ذلك بلالاً، فأخذ في الأذان، فلمّا قال: الله أكبر، الله أكبر، ذكرت أباها وأيامه فلم تتمالك من البكاء، فلما بلغ إلى قوله : أشهد أن محمداً رسول الله، شهقت فاطمة عليها السّلام وسقطت لوجهها وغشي عليها، فقال النّاس لبلال : أمسك يا بلال، فقد فارقت إبنة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم

ص: 46

الدّنيا، وظنّوا أنّها قد ماتت فقطع أذانه ولم يتمّه، فأفاقت فاطمة عليها السلام وسألته أن يتمّ الأذان، فلم يفعل، وقال لها: يا سيدة النّسوان إني أخشى عليك ممّا تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان، فأعفته عن ذلك » (1) .

وأرهقتها ،أحزانها والمحن التي واجهتها ووقعت مريضة ناحلة طريحة الفراش، وأخيراً فارقت الحياة، نتيجة لكل هذه الصدمات التي واجهتها، في اليوم الثالث عشر من جمادي الأوّل، أو اليوم الثالث من جمادي الثاني، في السنة التاسعة من الهجرة، أي بعد خمسة وسبعين، أو خمسة وتسعين يوماً من وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، لتظل قلوب شيعتها وإلى الأبد، متألمة لشهادتها (2) .

ص: 47


1- البحار، ج 43 ، ص 157.
2- وقد أعرضنا في هذه الكرّاسة عن ذكر الكثير من الحوادث التي حدثت بعد وفاة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم أمثال، إحراق باب بيتها عليها السلام، وذهاب فاطمة عليها السلام للمسجد، وخطابها الشهير الذي كشفت فيه للنّاس عن بعض الحقائق، ودافعت فيه عن حريم الولاية، وكذلك حكاية فدك ، واحتجاجها مع الخليفة الأول ووصيتها، و خصوصیات شهادتها ، ومراسم دفنها بعد شهادتها ، ويمكن للقارئ أن يتعرّف على أمثال هذه الحوادث المؤلمة في الكتب الموسعة.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.