قزوینی عبدالکریم، 1317 ه ش .
الصوم / تأليف عبدالكريم قزوینی (1317 ه ش)؛ قم: برگزیده، 1386.
96 ص. - ( برگزیده مقاله 1) چاپ اوّل
کتابنامه: ص 96؛ همچنین بصورت زیرنویس
1 . روزه 2 احادیث و احکام
الف) قزوینی عبدالکریم 1317 - مؤلف. ب) نشر برگزیده
الصوم
عبدالکریم قزوینی
تولید و پخش: ارزشمند
ناشر: برگزیده
صفحه آرایی: مرکز فرهنگ هنر سبا
چاپ اول: 1386.
شمارگان: 5000 نسخه.
چاپ متن: ولی عصر (عج) - چاپ جلد: طاهر.
شابک: 5 - 13-7732-964-978
کلیه حقوق چاپ و نشر محفوظ و مخصوص است
سایت مؤلف http://www.qazvini.org
قم - خیابان شهدا - کوی 23 - پلاک 18 - تلفن 7745081 - 7744125
محرر الرقمي: هادي حسام
ص: 1
مختارات اسلامية
الصوم
بحث و دراسة
دراسة علمية موضوعية تاريخية تربوية اجتماعية هادفة
عبد الکریم الحسینی القزویني
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحيم
ص: 3
ص: 4
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ
كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
القرآن الكريم
سورة البقرة : 183
ص: 5
أيها القارئ الكريم:
هذا هو العدد الرابع عشر من سلسلة (مختارات إسلامية) السلسة التي عرفها القراء باصالة الفكر الذي تقدمه و عمق المنهج الذي تبحثه مع حسن الأسلوب و جزالة التعبير.
و اليوم إذ تقدم هذا العدد الذي بين يديك الصوم و هو بحث علمى قيّم و دراسة تربوية موضوعية إجتماعية هادفة قلّ من بحثها بهذا الإسلوب العلمي السهل الشيق وقد استهدف سماحة المؤلف من هو عرض هذه الفريضة العبادية التي شرعها الله تعالى و فرضها على عباده بشرائط خاصة وذلك من أجل تهذيب الإنسان و صقل سلوكه و ضبط تصرفاته لان عبادية الصوم هي من اهم العوامل التربوية التي تخلق الشخصية الإسلامية الملتزمة.
و بالأخير نسأله تعالى ان ينصر قواتنا الإسلامية على قوات الكفر و الارتداد و ان يوفقنا لنشر دينه و إعلاء كلمته.
اللهم و اجعلنا ممن تنتصر به لدينك و لا تستبدل بنا غيرنا.
ص: 6
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على سيد الأنبياء و المرسلين محمد و آله الأئمة الطاهرين.
منذ زمن سألني شاب جامعي سؤالاً مضمونه لماذا شرع الإسلام العبادات؟ فأجبته جواباً مختصراً و لكنه بقي في خاطري أن أكتب عن هذا الموضوع بشكل موسع و مفصل بعض الشيء، لانه موضوع حساس للغاية و عليه يقوم كيان الشريعة المقدسة، و هي من أهم جوانب التشريع الإسلامي، كما و أنه أحد العوامل المهمة التي ساعدت على نشر الإسلام و تركيزه في نفوس المؤمنين، و بعد هذا غمرته كثرة الاشغال و أصبح في طي النسيان إلا أنه منذ أيام وردتني رسالة أخرى تسأل عن موضوع يتعلق بمضمون السؤال الأول و هو لماذا شرع الإسلام الصيام؟
فعزمت في نفسي أن يكون جواب هذه الرسالة الثانية كتاباً خاصاً. يحتوى على تاريخ الصوم و سر تشريع العبادات و تشريعه في الإسلام، و لما أخذت القلم لاسطر الموضوع رأيت قد تجاوز عشرات الصفحات و أصبح كتاباً ضخم الحجم مما لا يتسع لسلسلة
ص: 7
(مختارات إسلامية) المحدودة، الحجم كما و أن بعض مواضيعه لم تكمل بعد. و قد قاربنا شهر رمضان المبارك فأحببت أن انشر قسطاً مما تيسر لدي في هذه السلسلة و في هذا الشهر المبارك لانه شهر مناسبة الموضوع، و قد حاولت جهد الامكان أن أتبسط فى أسلوبه ليفهمه أكبر عدد ممكن من القراء.
و بالأخير عسى أن يوفقني الله إلى إكمال بقية الموضوع في القريب العاجل لينشر فى كتاب مستقل، و منه استمد التوفيق و هو ولي في الدنيا و الآخرة (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَ فِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنَا عَذَابَ النَّارِ).
النجف الأشرف
عبدالكريم الحسيني القزويني
ص: 8
ذكر ابن فارس في كتابه مقاييس اللغة «ان الصاد والواو و الميم أصل يدل على إمساك و ركود في مكان و من ذلك صوم الصائم و هو امساكه عن مطعمه و مشربه.
و ربما يطلق على الإمساك عن الكلام صوماً أيضاً، كما ورد في القرآن الكريم في سورة مريم: «إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أَكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً، أي الإمساك عن الكلام (1) و قد يقال للراكد القائم صائم كما قال الشاعر:
خيل صيام و خيل غير صائمة
تحت العجاج وخيل تعلك اللجمال
و في القاموس المحيط للفيروزآبادي صام صوماً و صياماً و اصطام أمسك عن الطعام و الشراب و الكلام و النكاح و السير و الصوم الصمت وركود الريح.
وجاء في لسان العرب لابن منظور «الصوم في اللغة الإمساك عن الشيء والترك له، و قيل للصائم لامساكه عن الطعام و قيل
ص: 9
للفرس لا مساكه عن العلف مع قيامه».
و فى أساس البلاغة للزمخشري «صام صمت صامت الريح».
و قال أبو عبيد كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم (1).
و ذكر الخليل بن أحمد الفراهيدى ان رمضان مأخوذ من الرمض بتسكين الميم و هو مطر يأتي في وقت الخريف يطهر وجه الأرض من الغبار و سمى الشهر بذلك لانه يطهر الابدان من الاوضار و الاوزار (2).
و ذكر صاحب تفسير الميزان الصيام و الصوم مصدران بمعنى الكف عن الفعل كالصيام عن الأكل و الشرب و المباشرة و الكلام و قيل أنه الكف عما تشتهيه النفس و تتوق إليه ثم غلب استعمالها في الشرع بالكف عن الامور المخصوصة من طلوع الفجر إلى الغروب بالنية (3).
و الذي نستفيده من هذه التعاريف اللغوية هو أن بعضها يفيد الامساك أو التوقف عن فعل شيء ما أو ترك التنقل من حال إلى
ص: 10
حال كما هو عليه ابن فارس في كتابه مقاييس اللغة و الفيروزآبادی في قاموسه و ابن منظور في لسان العرب. و البعض الآخر يفيد تطهير الإنسان من أوضار الدنيا و تزكية نفسه و غسل ذنوبه كما في تعريف الخليل و صاحب الميزان و يؤيد هذا المعنى ما روي عن الرسول الاعظم الله أنه قال: «من صام ايمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه».
و من مجموع ما تقدم من التعاريف علم أن الصيام من الناحية اللغوية قريب الصلة و المعنى من الناحية الشرعية لأن الصوم شرعاً هو عبارة عن الامتناع عن الاكل و الشرب و بقية المفطرات المذكورة (1) من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس مع النية).
الصوم من العبادات المأثورة التي مارسها الإنسان منذ القدم و كان معروفاً لدى الكثير من الامم و الاديان كما صرحت بذلك الآية الكريمة (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) و ان كان هناك اختلاف بين المفسرين و هو هل ان الصوم كان مختصاً
ص: 11
بالكتابيين فقط أم تعدى إلى غيرهم من الملل و النحل؟ فبعضهم يرى أن التشبيه في الآية الكريمة: «كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ» راجع إلى وقت الصوم من الناحية الزمنية، و بعضهم قال أنه تشبيه من الناحية الكيفية للصوم (و يذهب غير هؤلاء و أولئك إلى أن التشبيه راجع إلى اصل الصيام على ما تقدم لا في الوقت و لا في الكيفية كما جاء في تفسير المنار تشبيه الفرضية بالفرضية، و لا تدخل فيه الكيفية و الكمية. و لأن الآية ليس فيها ما يدل، في قصرها على قبيل دون قبيل، من مسوغ عقلي أو شرعي فالآية عامة فيما تدل عليه و لم يخصصها خبر أو أثر سالم من الاخذ و الرد، و هى بهذه الدلالة العامة تكون أوقع في النفس و أعمق في الشعور و أشمل في المعنى و لهذا يكون الرأي القائل بأن التشبيه في الآية إنما هو تشبيه الفرضية بالفرضية فقط رأى معقول و مقبول) (1).
و يميل إلى هذا الرأى العلامة الطباطبائي في تفسيره (2).
و على كل حال فالذي عليه أكثر المفسرين هو أن الصوم كان موجوداً عند الامم و الأديان السابقة كالمصريين القدماء و اليونانيين و الرومانيين و الهنود و كذا عند ذوى الأديان الأرضية كالصائبة و المانوية و البرهمية و البوذية و السماوية كاليهودية و النصرانية.
ص: 12
فقد جاء في التاريخ ان المصريين القدماء كانوا يصومون تعبدا للالهة المسماة ب- لا يسيس -.
أما اليونانيون فقد كانوا يصومون تبعداً لإلهة الزراعة المسماة - دیمتر-.
و قد عرف الرومانيون بكثرة صيامهم و ذلك لانهم خصصوا أياماً معلومة لصيامهم تعبدا للالهة - لزفس - و هي المشتري و الهة - سیریس ذیمتر - و كانوا يصومون أيضاً كلما ألمت بهم نازلة أو بلاء و ذلك طلبا للرحمة و الاستعطاف أما الهنود فقد غالوا في صيامهم لانهم كانوا و لا يزالون يصومون أيا ما كثيرة بلا طعام و شراب، و ذلك رضا لا لهتهم أو تجنباً لسخطها أو تقرباً إليها لقضاء حوائجهم.
كان الصوم عند هذه الديانات مشروعاً و مفروضاً كالصوم الذي عليه اليهود و النصارى اليوما.
فقد ذكر ابن النديم في القسم التاسع من كتابها «الفهرست» (ان شريعة الحرانيين المعروفين بالصائبة أو الصائبين، و هى ديانة قائمة على تقديس الكواكب تفترض عليهم الصيام ثلاثين يوماً، فإنهم يصومون الشهر تكريماً للقمر و يخصصون تسعاً فيه تكريماً لرب البخت و هو المشتري و سبعة منه تكريماً للشمس و هى رب الخير
ص: 13
عندهم.
و صيامهم عبارة عن الامتناع عن جميع و المشروبات من طلوع الشمس إلى غروبها.
و أما المانوية و هى الديانة التي ظهرت في إيران في القرن الثالث الميلادي و أعلن النبوة مؤسسها ماني سنة 242 ق. م. فقد ذكر ابن النديم أن لديهم أنواعاً كثيرة من الصيام المرتبط بمواقيت دورية فإذا نزلت الشمس القوس و صار القمر كله نوراً يصام يومان لا يفطر بينهما. فإذا أهل الهلال يصام يومان ثم بعد ذلك يصام إذا صار نوراً يومان فى الجدي، ثم إذا أهل الهلال ونزلت الشمس الدلو مضى من الشهر ثمانية أيام يصام حينئذ ثلاثون يوماً و صومهم كصيام الصائبة».
و أما صيام (البرهمية) و هي الديانة الهندية فقد و رد ان شريعة البرهميين فرضت الصيام على طبقة الكهنة أيام الاعتدالين و هما (أول فصل الشتاء و أول فصل الصيف و اليوم الأول و الرابع عشر من كل شهر قمري و كذا أثناء كسوف الشمس فإن لهم فيها بعض العادات و كذا صوم ما يسمى «أوب ياس».
و أما ديانة البوذيين فإنها تفرض الصيام من شروق الشمس إلى غروبها في أربعة أيام من كل شهر قمري يسمونها أيام «اليوبوزاتا».
ص: 14
و هي اليوم الأول و التاسع و الخامس عشر و الثاني و العشرون كما أوجبت فيها الراحة التامة و حرمت مزاولة أي عمل حتى إعداد طعام الافطار و لذلك يعمل الصائمون على إعداد طعامهم قبل شروق الشمس من كل يوم من هذه الأيام الأربعة (1).
أما الصوم عند اليهود و النصارى فإنه لا يوجد في التوراة و الانجيل الموجودين عندهم حالياً ما يدل على وجوب الصوم و فرضه بل الكتابان إنما يمدحانه و يعظمان أمره لكنهم يصومون أياماً معدودة في السنة إلى اليوم بأشكال مختلفة» (2).
فاليهود يصومون خمسة أيام في السنة واحد منها فرضته شريعتم و هو اليوم الرابع و العشرون من الشهر السابع و الأربعة الاخرى يصومونها تذكراً للرزايا و المصائب التي حلت بهم بعد خراب الهيكل الأول و الأيام هي كما يلي:
1 - اليوم الرابع و العشرون من الشهر السابع كما جاء في الفقرة الأولى من الاصحاح التاسع بسفر نحميا و هو من الاسفار التاريخية
ص: 15
من العهد القديم في اليوم الرابع و العشرين من الشهر السابع اجتمع بنو إسرائيل مُرْتَدين المسوح و معفرين جسومهم بالرماد للاحتفال بيوم الصوم».
2 - اليوم التاسع من الشهر الرابع من كل سنة و هو يوم استيلاء
الكلدان على أورشليم القدس.
3 - اليوم العاشر من الشهر الخامس و هو يوم احتراق الهيكل و المدينة.
4 - اليوم الثالث من الشهر السابع و هو يوم استباحة نبوخذ نصر لاورشليم.
5 - اليوم العاشر من الشهر العاشر و هو يوم حصار أورشليم. « ولديهم كذلك أنواع أخرى مستحبة من الصيام دورية و يصومون تخليدا لذكرى وفاة انبيائهم و عظمائهم كموسى و هارون و الشهداء أو لذكرى حوادث أخرى في تاريخهم و يبلغ عددها خمساً و عشرين يوماً» (1).
و الصوم عندهم هو الامساك عن الاكل و الشرب. و أما النصارى فقد اختلفت الطوائف المسيحية في تحديده
كماً وكيفاً من حيث تحديد أيامه و شكله إلى مذاهب متعددة. فالصوم عند الطائفة الكاثوليكية هو عبارة عن الامساك عن
ص: 16
لطعام و الشراب يوماً و ليلة كصوم يوم الاربعاء تذكاراً للحكم على السيد المسيح و يوم الجمعة و هو يوم صلبه على حسب اعتقادهم و هذان اليومان ليسا فرضاً واجباً و إنما مستحباً.
و أما الصوم الواجب عندهم هو الصوم الكبير السابق لعيد الميلاد و هو الذي صامه موسى و عيسى و الحواريون و في القرن الخامس للميلاد أحدثت الكنيسة فرضاً جديداً و هو صوم الأزمنة الأربعة و هي:
1 - الأيام السابقة للميلاد.
2 - و العنصرة.
3 - و عيد انتقال العذراء.
4 - و عيد جميع
القديسين باله
أما الصوم عند الكنيسة الشرقية للروم الارثوذكس فإنه أشد صرامة و أكثر قيوداً من الكنيسة الكاثوليكية.
و تصوم طائفة الارمن والاقباط و النساطرة يوم الاربعاء و الجمعة من كل أسبوع بالاضافة إلى عشرة أسابيع من كل سنة (1).
أما البروتستنت فالصوم عندهم سنة حسنة لافرضاً واجباً و أنهم يمسكون فى صيامهم عن الأكل فقط (2).
ص: 17
هناك بعض الروايات و الاخبار جاءت عن طريق بعض العامة، حول تشريع الصوم قبل فرضه في القرآن الكريم، و لكنها لا تخلو من اختلاف و تعارض.
فقد روى أن رسول الله علي الله عندما قدم المدينة من مكة من كل شهر ثلاثة أيام و أن هذه الايام كتبها الله على المسلمين ثم نسخت بصیام رمضان. حتى ذهب بعض المفسرين إلى ان هذه الأيام الثلاثة هي المعنية بقوله تعالى: «أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً....» الخ الآية.
و روى عن معاذ بن جبل «أن الصيام تدرج في فريضته و انتقل في تشريعه من حال إلى حال و أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر و صيام عاشوراء كان أول أحوال الصيام و أن فرض شهر رمضان نسخ صيام تلك الأيام و كان طوراً جديداً في تشريع الصيام» (1).
و روى أيضاً أن النبي الله حين قدم إلى المدينة رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلهم عن ذلك فأخبروه أنه اليوم الذي أغرق الله فيه آل فرعون و نجى موسى و من معه. فقال رسول الله: نحن أحق بموسى منهم فصام و أمر بصومه، ثم نسخت بفرض صوم
ص: 18
شهر رمضان وإلى ما هناك الأخبار الدالة على وجوبها أو ندبها و لكن لو نظرنا إلى هذه الاخبار نظرة واقعية لرأينا:
أولاً: أنها آحاد و غير مسندة.
ثانياً: ان النبى الله لا يصوم حسب مشتهياته أو ما هو موجود عند اليهود فيأمر بصيامه و إنما ينزل عليه الوحي بتشريعه من قبل الله تعالى لانه: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (1).
ثالثاً: لو كان الصيام مفروضاً قبل فرض شهر رمضان لكان متواتراً بين المسلمين لانه عبادة عامة ولوصل إلينا بالتواتر، ولا فرق بين القول بوجوبه أو ندبه.
رابعاً: تدَّعي الرواية أنها نسخت بفريضة الصوم في الوقت الذي عليه أكثرية المفسرين أنه لم يكن قد فرض صيام قبل فرض صيام شهر رمضان كما عليه الطبري في تفسيره فإنه عقب على الآثار التي رواها في تفسيره عن الصيام قبل رمضان بقوله: «لم يأت خبر تقوم به حجة بأن صوماً فرض على أهل الإسلام غير صوم رمضان ثم نسخ بصوم رمضان وبأن الله تعالى قد بين في سياق الآية أن الصيام الذي أوجبة - جل ثناءه - علينا هو صيام شهر رمضان دون غيره من الاوقات إلى أن يقول فمن أدعى أن صوماً كان قد لزم المسلمين فرضه غير صوم شهر رمضان الذي هم مجمعون على
ص: 19
وجوب فرض صومه ثم نسخ ذلك، سئل البرهان على ذلك من خبر تقوم به حجة إذا كان لا يعلم ذلك إلا بخبر يقطع العذر (1).
و ينفى الإمام محمد عبده، أن يكون قد فرض على المسلمين صيام قبل فرض صيام رمضان، لأن ذلك لو وقع لنقل بالتواتر هذا من جهة، و من جهة أخرى فإن العلماء لولعهم بتكثير استخراج الناسخ و المنسوخ من القرآن لما فيه من الدلالة على سعة العلم، قد حكموا على آيات كثيرة بأنها ناسخة أو منسوخة و هى محكمة أو غير ناسخة (2).
خامساً: ثم أن هناك اختلافاً و تعارضاً بين هذه الروايات فإن بعضها تقول بالوجوب و الاخرى بالندب و بعضها تقول: أن النبي الله حين قدم المدينة و رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء سألهم و قال نحن أحق بموسى منهم بينما البعض الآخر تقول أن
المسلمين اعترضوا على رسول الله صلى الله عَلَيْهِ حين أمر بصيام يوم عاشوراء بقولهم: أنه يوم تعظمه اليهود و النصارى، فاضطر النبي صلى الله عَلَيْهِ إلى تبديله بيوم التاسع، كما في رواية ابن عباس أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ احين صام عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا يا رسول الله انه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال صلى الله عَلَيْهِ إذا كان العام المقبل ان شاء الله صمنا
ص: 20
اليوم التاسع أو في رواية لئن بقيت إلى قابل لاصومن التاسع فلم يأت العام المقبل حتى توفي صلى الله عَلَيْهِ.
سادساً: و من هنا نعلم عدم اعتبار هذه الاخبار لتعارضها و اختلافها و كيف أن الرسول الله يأمر بصومه ثم يعترض عليه المسلمون بأنه يوم تعظمه اليهود و النصارى فيبدله بيوم التاسع في حين أن السبب و الداعى لصيام يوم عاشوراء هو تعظيم اليهود لهذا اليوم كما تقول أساطير هذه الاخبار للاسباب التالية:
1) أغلب الظن أن هذه الاخبار من وضع الامويين ليشوهوا معالم التشريع الإسلامي.
2) ليضفوا على يوم عاشوراء صفة التقديس ليتسنى لهم اسدال الستار على ما ارتكبوا من جرائم في حق أهل بيت الرسول الله في هذا اليوم، كما ذكر صاحب تفسير الميزان بقوله و الذي يظهر به بطلان هذا القول أولاً: أن الصيام كما قيل عبادة عامة شاملة، و لو كان الأمر كما يقول لضبطه التاريخ و لم يختلف في ثبوته ثم في نسخه احد و ليس كذلك. و ثانياً: على أن لحوق يوم عاشوراء بالأيام الثلاثة من كل شهر في وجوب الصوم أو استحبابه ككونه عيداً من الاعياد الإسلامية مما ابتدعه بنوا أمية حيث آبادوا فيه ذرية رسول الله صلى الله عَلَيْهِ و أهل بيته بقتل رجالهم و سبي نسائهم و ذراريهم و نهب أموالهم في واقعة الطف ثم تبركوا باليوم فاتخذوه
ص: 21
عيداً و شرعوا صومه تبرکاً به و وضعوا له فضائل و بركات و دسوا أحاديث تدل على أنه كان عيداً إسلامياً بل من الاعياد العامة التي كانت تعرفه عرب الجاهلية و اليهود و النصاری منذ بعث موسی و عيسى، و كل ذلك لم يكن. الخ (1).
و أخيراً فإن أكثرية الفقهاء والمفسرين لم يجمعوا على أن صوماً فرض على المسلمين قبل رمضان ثم نسخ به كما لم يجمعوا على أن الصيام قد تدرج في فريضته، وأن ما صامه المسلمون قبل رمضان لم يكن طوراً من أطوار فرض الصيام و لكنهم أجمعوا على فريضة الصيام في السنة الثانية من السنة الثانية من الهجرة (2).
و لما حلت السنة الثانية من الهجرة النبوية نزل الوحي على الرسول الله في شهر شعبان بالمدينة المنورة معلناً ببدأ فرض صيام شهر رمضان المبارك على المسلمين بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (3).
و لقد أنعم الله على أمة محمد علی امة محمد صلی الله علیه لا بفرضه صيامه في هذا الشهر العظيم فقد روى عن الإمام الصادق علیه اللسلام: أن شهر رمضان لم يفرض
ص: 22
الله صيامه على أحد من الامم قبلنا و أنما فرضه على الانبياء دون الامم ففضل الله به هذه الامة وجعل صيامه فرضا علی رسول الله صلی الله علیه و على امته».
و هكذا بقي هذا الشهر العظيم نوراً يشع في نفوس المؤمنين و روحانية تغسل قلوبهم من الاثام و تقربهم إلى طاعة الله و رضوانه.
و بقيت قدسيته و روحانيته تأخذ دورها في نفوس المسلمين في كل ادوارهم و عصورهم حتى جاء دور العباسيين و أخذوا يتظاهرون بالعبادة و الطاعة و جعلوا له ميزة في قصورهم و عدوا له الولائم و بذلوا المال في سبيل الخير.
و إذا انتقلنا إلى العهد الفاطمى رأيناه يتجلى عظمة و جلالاً لانه يمتاز بمظاهر دينية يستقبل بها هذا الشهر العظيم».
فيحدثنا المقريزى و غيره من مؤرخي العصر الفاطمي عن العناية الكبيرة التى كان الخلفاء الفاطميون يولونها لهذا الشهر فلقد احاطوه بأنواع الحفاوة و التكريم و المزايا و من جملة تلكم المزايا في العهد الفاطمي موكب «الرؤية» و هو بمثابة اشعار بدخول شهر رمضان فكان الخليفة يخرج في موكب رسمي تحيطه الابهة إلى المسجد، و إذا ما ثبت هلال رمضان عاد ذلك الموكب إلى القصر، فتستقبله عند مدخله علية القوم بالموشحات الدينية و الاذكار والدعاء و من ثم يوزع عليهم المال ابتهاجاً بهذا الشهر المبارك
ص: 23
و كانوا يقيمون الحفلات و ولائم الافطار و السحور لتكريم العلماء و كبار القوم و الفقراء طيلة الشهر و يبذل فيها من أنواع الطعام الشيء الكثير (1).
و أما الشخص إذا تجاهر بالافطار في ذلك العهد فإنه يأخذ و يركب على دابة معكوساً بأن يجعل وجهة إلى ذيل الدابة و خلفه إلى رأسها و يلطخ وجهة بالعسل ليكون مجمعاً للذباب و الحشرات و يطاف به في الازقة و الطرقات ثم أن عاد ثانياً يضرب وفي الثالثة يقتل.
و خلاصة:
ما تقدم أن الصيام كان مفروضاً عند سائر الامم و كافة الاديان، و خاصة في الاديان السماوية لانها من الله سبحانه و تعالى، و هى واحدة في أصولها و مقاصدها و ان تباينة في بعض تقاليدها و رسوم عباداتها.
إلّا أن جوهرها واحد فى غاياته كما صرح بذلك القرآن الكريم: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَ مَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَ مُوسَى وَ عِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَ لَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ ) (2).
ص: 24
أن وجود وجوب صيام شهر رمضان عند المسلمين ثابت بالضرورة من الدين، و ما يستعرض من أدلة هي:
أولاً: القرآن الكريم فقد قال الله سبحانه و تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (1).
فإن صيغة كُتب في هذه الآية الكريمة دالة على الفرض و التشريع و قد و ردت هذه الصيغة في القرآن في كثير من تشريعاته بهذا المعنى - منها - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ...) (2) الخ الآية.
و منها قوله تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَاءِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسَا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ ...) (3) الخ الآية.
و منها أيضاً قوله تعالى: (وَ كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنفَ بِالْأَنفِ.... الخ الآية.
و قد جاء في كتاب الميزان في تفسير قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ...) ما نصه «الكتابة معروفة المعنى و يكنى به عن
ص: 25
الفرض و العزيمة و القضاء كقوله: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي (1). و قوله: وَ نَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَ ءَاثَارَهُمْ) (2). و قوله:
وَ كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) ((3).
و عليه فإن القرآن الكريم استعمل فعل (كتب) بمعنى شرع و فرض و هو من المعاني اللغوية للكلمة. «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى، و قوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَ هُوَ كُرْهُ لَكُمْ وَ عَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ.... بل أن التعبير بفعل (كتب) لا يفيد فرضية الصوم فحسب، بل يفيد كذلك قوة هذه الفرضية و تأكيدها و شدة العناية بها وأنه لا يجوز اغفالها، و يرمي العرب إلى هذه المقاصد جميعاً حين يستخدمون هذا الفعل بهذه الصيغة في كلامهم. و أضيف فى هذه الآية توكيداً أخراً لفرضية الصيام و هو إفتتاحها بنداء المخاطبين «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ امَنُوا.... و ذلك لان النداء فى اللغة العربية إذا سبق طلباً كان دالاً على شدة اهتمام المتكلم بهذا الطلب و حرصه على تنفيذه (4).
ثانياً: السنة: هناك كثير من الروايات الواردة عن الرسول الاعظم لله و الائمة من أهل بيته الدالة على و جوبه و فرضه
ص: 26
بعدما ثبت فرضه فى القرآن الكريم.
منها ما روى عن النبى الله أنه قال: «بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله، و إقامة الصلاة، و ايتاء الزكاة، و صوم رمضان و الحج (1).
و منها ما رواه أبو سلمة عن أبيه قال: قال رسول الله: شهر رمضان شهر فرض الله عليكم صيامه فمن صامه ايماناً و احتساباً خرج عن ذنوبه كيوم ولدته أمه (2).
و منها ما رواه زرارة عن الإمام محمد الباقر قال «بنی الإسلام على خمسة أشياء على الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج
و الولاية» (3).
و منها ما رواه أبو أيوب الخزاز عن أبي عبد الله الصادق في حديث قال: أن شهر رمضان فريضة من فرائض الله عزّوجل (4).
و منها ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبدالله الصادق قال سمعته يقول: «ما كلف الله العباد فوق ما يطيقون»، و ذكر جميع الفرائض ثم قال إنما كلفهم صيام شهر من السنة و هم يطيقون أكثر من
ص: 27
ذلك (1).
إلى ما هنالك من الاخبار الدالة على وجوب صوم شهر رمضان.
ثالثاً: اجماع فقهاء المسلمين على اختلاف مذاهبهم فإنهم اجمعوا على وجوب صيام شهر رمضان و اتفقوا على أن من انكره عن غير شبهة عد كافراً.
فقد جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ما نصه: «فقد اتفقت الأمة على فريضته و لم يخالف فيها أحد من المسلمين فهي معلومة من الدين بالضرورة و منكرها كافر كمنكر فريضة الصلاة و الزكاة و الحج» (2).
و قال العلامة المرحوم السيد كاظم الطباطبائي في العروة الوثقى و وجوبه في شهر رمضان من ضروريات الدين ومنكره قتله، و من أفطر فيه مستحلاً عالماً عامداً يعزر بخسمة مرتد يجب و عشرين سوطاً فإن عاد عزر ثانياً، فإن عاد قتل على الاقوى و ان كان الاحوط قتله في الرابعة و إنما يقتل فى الثالثة أو الرابعه، إذا عزر في كل من المرتين أو الثلاث، و إذا ادعى شبهة محتملة في حقه درى عن الحد (3).
ص: 28
قال الله تعالى:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينِ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَ أَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَ لِتُكْمِلُواْ العِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَ إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ * أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَ أَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَ عَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَ ابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ كُلُواْ وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَ لَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (1).
ص: 29
حديثنا هنا عن الصيام و ما ورد من الأحاديث و الروايات في فضل شهر رمضان و ما لصائمه من فضيلة و منزلة. و هي من كثرة بدرجة لا يمكن استيعابها في هذا الكتيب الصغير. إلا إننا نقتطف بعضاً من أزهارها و أورادها لنعيش لحظات بينها و نسترشف منها روحانية الرسول الاعظم و أهل بيته الاخيار.
1 - عن الإمام الرضا عن آبائه عن علي انه قال أن رسول الله خطبنا ذات يوم فقال صلی علیه و آله والسلم:
«أيها الناس انه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة و الرحمة و المغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور و ايامه أفضل الأيام، و لياليه أفضل الليالي، و ساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، و جعلتم فيه من أهل كرامة الله، انفاسكم فيه تسبيح، و نومكم فيه عبادة، و عملكم فيه مقبول، و دعاؤكم فيه مستجاب فسلوا الله ربكم بنيات صادقة و قلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه و تلاوة، كتابه، فإن الشقى من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم..
الخ» (1).
ص: 30
2 - عن عيون الاخبار عن الإمام الرضا عن آبائه علیه السلام رسول الله له انه قال: رجب شهر الله الأصب، و شهر شعبان تتشعب فيه الخيرات، و في أول يوم من شهر رمضان تغل المردة من الشياطين و يغفر فى كل ليلة السبعين الفا، فإذا كان ليلة القدر غفر الله لمثل ما غفر في رجب و شعبان و شهر رمضان إلى ذلك اليوم إلا رجل أخيه شحناء فيقول الله عزّوجل أنظروا هؤلاء حتى يصطلحوا (1).
3 - عن علي بن فضال، عن أبيه عن الإمام الرضا عن آبائه، عن رسول الله صلی الله و آله و السلم، أنه قال: «أن شهر رمضان شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات و يمحو فيه السيئات، و يرفع فيه الدرجات من تصدق في هذا الشهر بصدقة غفر الله له، و من أحسن فيه إلى ما ملكت يمينه غفر الله له. و من حسن فيه خلقه غفر الله له، و من كظم فيه غيظه غفر الله له، و من وصل فيه رحمه غفر الله له، ثم قال له ان شهركم هذا ليس كالشهور، أنه إذا أقبل اليكم أقبل بالبركة والرحمة و إذا أدبر عنكم أدبر بغفران الذنوب، هذا شهر الحسنات فيه مضاعفة، و أعمال الخير فيه مقبولة من صلى منكم فى هذا الشهر الله عزّ وجلّ ركعتين يتطوع بهما غفر الله له ثم قال له أن الشقي حق الشقي من عنه هذا الشهر و لم تغفر ذنوبه فحينئذ يخسر حين يفوز
ص: 31
المحسنون بجوائز الرب الكريم (1).
4 - عن أبي جعفر قال كان رسول الله له يقبل بوجهه إلى الناس، و يقول: معاشر الناس إذا طلع هلال شهر رمضان غلت مردة الشياطين، و فتحت أبواب السماء و أبواب الجنات و أبواب الرحمة و غلقت أبواب النار، و استجيب الدعاء، و كان الله فيه عند كل فطر ء يعتقهم الله من النار و ينادى مناد كل ليلة هل من سائل؟ هل
من يستغفر؟ اللهم أعط كل منفق أعط كل منفق خلفاً، و اعط كل ممسك تلفاً، حتّى إذا طلع هلال شوال نودى المؤمنون أن أغدوا إلى جوائزكم فهو يوم الجائزة (2).
5 - روى علي بن بصير عن الإمام الصادق أنه قال: «نزلت التوراة في ست مضين من شهر رمضان، و نزل الانجيل في اثنتى عشرة مضت من شهر رمضان و نزل الزبور في ثمان عشرة مضت من شهر رمضان، و نزل الفرقان في ليلة القدر (3).
1 -- سئل النبي الأعظم الله عن جزاء و ثواب الصائمين في شهر رمضان فقال الله: ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتساباً إلا
ص: 32
أوجب الله تبارك و تعالى له سبع خصال أولها يذوب الحرام في جسده و الثانية يقرب من رحمة الله عزّوجل، و الثالثة يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم و الرابعة يهون الله عليه سكرات الموت، و الخامسة أمان من من الجوع و العطش يوم القيامة، و السادسة يعطيه الله براءة من النار، و السابعة يطعمه الله من طيبات الجنة (1).
2 - روى العلاء بن يزيد القرشي قال: قال الصادق حدثني أبى عن أبيه عن جده عن رسول الله صلی الله علیه في حديث قال: «من صام شهر رمضان و حفظ فرجه و لسانه و كف إذاه عن الناس غفر الله له ذنوبه ما تقدم منها و ما تأخر، و اعتقه من النار واحله دار القرار و قبل شفاعته بعدد رمل عالج من مذنبي أهل التوحيد (2).
3 - روی محمّد بن مسلم عن الإمام محمد الباقر الا انه قال: أن الله تعالى ملائكة موكلين بالصائمين يستغفرون لهم في كل يوم من شهر رمضان إلى آخره و ينادون الصائمين كل ليلة عند الافطار ابشروا عباد الله فقد جعتم قليلاً وستشبعون كثيراً بورك فيكم، حتّى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان نادوهم ابشروا عباد الله فقد غفر الله لكم ذنوبكم و قبل توبتكم فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون (3).
ص: 33
الغرض الاصلي من تشريع نظام العبادات في الإسلام ليس هو مجرد هذه الطقوس و المراسيم التي تؤدي في أوقات و أزمنة معينة، و بهذا الشكل المتعارف عندما يمارسها الإنسان المسلم و إنما هناك وراء ذلك هدف اسمى وارقى من هذه الطقوس و المراسيم التي نمارسها.
و خاصة في المجال التربوي، لأن هذه العبادات ترتفع بالإنسان من عالمه المادي الضيق الذي يحيطه و يسيطر على مشاعره و أفكاره، إلى عالم الروحانية الواسع، عالم الخير و الكمال فتربطه بخالقه و موجده و هو الله سبحانه و تعالى، و تجعل ايمانه حيا ذا قوة و روحانية فيقوى جانبه الروحي و يسمو.
و ذلك لان الإنسان يتكون من عناصر عدة الجس العضوي و العقلي و الروحي... ».
فإذا عنى بتنمية جسمه بالغذاء و الرياضة كان قوي الجسم، و يشاركه في ذلك الحيوان بل الحيوان أقوى منه في هذا الجانب.
و إذا عني بتنمية الجانب العقلي بالعلوم التي تنمي ملكة العقل و التفكير بشتى ضروبه، نما فيه العقل، و لكن قد يكون أحط الناس
ص: 34
خلقاً و أسواهم هدفاً و اتجاهاً مع تميزه بقوة التفكير، فكثير من اللصوص و لا سيما في عصر المدنية الحاضرة أذكياء بل متعلمون للعلوم العقلية و كذلك كثير من الجواسيس و الجناة فإن بعضهم حملة الشهادات الراقية» (1).
و إذا عنى بتنمية روحه و استفاد من طاقاتها و معنوياتها استطاع أن يسيطر على قوته الجسدية، التي نماها بالغذاء و الرياضة، و على قوته العقلية و الفكرية التى غذاها بالعلوم و المعارف و يجعل من هاتين القوتين إداة خير و كمال. و يستعملها في الصالح العام.
و لا يكون ذلك إلا بهذا الارتباط الثلاثي بين هذه القوى «القوة الجسدية و قوة العلم و العقل و قوة الروح فيصبح الإنسان الشرير بهذا التعاون و الارتباط، ملاكها طهوراً في قوته و في فكره و في روحه يكون اشرف من الملائكة كما في الحديث الشريف.
«إذن فالعبادات هي التي تجعل العقيدة الإسلامية أو التصور الإسلامي للوجود الإلهي حية في النفس و تنقلها من حيز الفكر المجرد إلى حيز القلب الذي يحس و يشعر فتجعلها بذلك قوة دافعة، لها حرارتها ولها نورها، فشتان بين من يعلم عقلياً و يقتنع فكرياً
ص: 35
بوجود الله، و من يحس و يشعر باشراقه و هيمنته عليه و بعلمه بسره و علنه و يتصور تصوراً قلبياً حتمية لقائه و حسابه.
فالعبادة في الإسلام هي الوسيلة التي تنقل الإنسان من الحالة الأولى إلى الحالة الثانية فهى توقد جذوة العقيدة و تغذيها و تتغذى بها وتحييها وتحيا بها» (1).
و العبادات في الشريعة الإسلامية تكون على قسمين:
القسم الأول: من العبادات ما يكون لها آثار عامة تهدف إلى خدمة اجتماعية تعود على الامة بالنفع العالم و ذلك كل عمل خير يقوم به الإنسان متقرباً به إلى الله تعالى كالزكاة والجهاد و الأمر بالمعروف و النهي المنكر، فإن هذا اللون من العبادات يعود . أثرها و نفعها على عامة الأمة، و لا يتأتى لنا ذلك إلا بدارسة مقتضبة و موجزة لهذه العبادات المذكورة ليتضح لنا ما قلناه.
ص: 36
و الزكاة لو نظرنا فى أهدافها و كيفية توزيع حصصها على المستحقين لها من الاصناف التي ذكرت في القرآن الكريم (إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِينِ وَ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقَابِ وَ الْغَارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (1) لرأينا أثرها الاجتماعى و نفعها العام و لا بأس من استعراض موارد صرفها ليتجلى لنا هدفها بشكل أوضح و هي كما يلي:
1 - الفقراء و هم الذين لا يملكون مؤونة سنتهم لهم و لعائلاتهم بالفعل بمعنى أنهم لا يملكون مالا أو قوتاً لمدة سنة، أو بالقوة: أي أنهم لا يستطيعون القيام بأى عمل لمرض أو شيخوخة و نحوها.
2 - المسكين و هو أشد حالا من الفقير بحيث لا يملك قوت يومه.
3 - العاملون عليها و هم الجباة و السعادة لجمعها.
4 - المؤلفة قلوبهم و هم طائفه من الكفار يستميلون بالمال حتى يؤمن من شرهم و يكسب و دهم.
5 - العبيد تحت الشدة: فيشترون من مال الزكاة و يعتقون.
6 - الغارمون و هم من كانت ديونهم أكثر من ما يملكون
ص: 37
بحيث يعجزون عن وفاء الدين فأمر الشارع المقدس بايفاء ديونهم من بيت مال المسلمين.
7 - في سبيل الله: و هو كل عمل خير تنتفع به الامة .. كتعبيد الطرق و بناء الجسور و المستشفيات و دور للعجزة و الفقراء
و المساجد و المدارس الدينية و نشر الكتب الإسلامية و غير ذلك من المصالح العامة.
8 - ابن السبيل و هو المسافر الذي نفذت نقوده أو فقدها و لا يستطيع أن يرجع إلى بلاده و ان كان غنياً في بلده فيعطي من مال الزكاة ما يوصله إلى بلده بحسب حاله.
و كذا الجهاد، فإن به تحفظ الاوطان و الاموال و تدفع الاخطار، و تصان الانفس و الاعراض.
و هكذا قل أيضاً عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فإن له جانبين الأول: الجانب الايجابي و يمثل الأمر بالمعروف و هو كل عمل يكون معروفاً و مألوفاً لدى الامة، و غير مخالف للشريعة الإسلامية الغراء.
ص: 38
و الثاني: الجانب السلبي و هو النهي عن المنكر و له مراحل ثلاث.
1 - مرحلة اللسان و هو انكار المنكر باللسان و يمثل الدور - التربوي و التثقيفي.
2 - مرحلة اليد و هو يمثل دورة القوة و السلطة للشخص الناهي و هو أكمل مراتب الإيمان.
3 - مرحلة القلب: و هو إنكار المنكر بالقلب، و يمثل دور المقاطعة السلبية لمرتكب المعاصي و هو أضعف الإيمان و يتجلى أثره و نفعه العام ما ورد عن أهل البيت، ان بالامر بالمعروف تقام الفرائض و تأمن المذاهب، و تحل المكاسب و تمنع المظالم و تعمر الأرض و ينتصف للمظلوم من الظالم، و لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و تعاونوا على البر فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات و سلط بعضهم على بعض و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء».
و بهذا الحديث تظهر آثاره و منافعه العامة، التي تعود على الامة كلها بالخير و السعادة كما ذكرها الحديث الشريف.
و هكذا رأينا بوضوح نفع وفوائد هذه العبادة ذات النفع العام و كيف أن الإنسان المؤمن إذا مارسها، الامة تستفيد منها مباشرة.
ص: 39
القسم الثاني من العبادات ما يكون أثرها خاصاً يتعلق بنفس الإنسان المباشر لها كالصلاة و الصيام و الحج و غيرها من الامور العبادية التي تتصل بنفس الشخص المباشر إتصالاً مباشراً للتأثير على سلوكه الفردي و الاجتماعي.
فإن هذه العبادات و ان كانت أموراً تعبدية أمرنا الشارع باتيانها إلا أنها ذات مغزى تربوي عميق، يهدف إلى صقل و تهذيب سلوك الإنسان و ضبط تصرفاته لكي لا تتعدى حدود الشريعة المقدسة.
و يحق للإنسان أن يتساءل لماذا شرعت العبادة في الإسلام و جوابه يتضح بعد قرائة هذه السطور.
و العبادة هي اشباع لغريزة التدين المتأصلة في النفس الإنسانية، و هي كسائر الغرائز الاخرى، من أمثال الغريزة الجنسية
و غريزة حب الذات و غريزة الجوع و العطش و إلى ما هنالك من الغرائز.. الخ و لكل غريزة من هذه الغرائز طريقة خاصة في إشباعها،
ص: 40
فمثلاً اشباع الغريزة الجنسية لا يكون إلا عن طريق الممارسة الجنسية و غريزة الجوع و العطش مثلاً، لا يمكن اشباعها إلا بالأكل و الشرب و هكذا القول في بقية الغرائز المتحكمة في النفس الإنسانية.
والدين هو أحد تلكم الغرائز الموجودة لدى الإنسان و لا يمكن له ان يتجرد عنه بحال من الاحوال لانه معناه التجرد عن ذاته و نفسه و هذا لا يمكن أبداً، و لا بد من اشباعها اسوة بأخواتها من الغرائز الاخرى.
و ذلك لأننا لو أرخنا حياة البشرية في جميع أدوارها ومنذ وجودها الأول إلى يومنا هذا، لرأينا غريزة التدين تسايرها و تعاصرها وتعيش في واقعها ووجد أنها و لم تفارقها لحظة من حياتها، كما تعيش الغرائز الاخرى لدى الإنسان، بل هي أكثر عمقاً و اصالة و تأثيراً من كل الغرائز الأخرى، لانها لعبت دوراً هاماً فى حياة البشرية و اقامت دولاً و أسقطت اخرى و نشبت حروب من أجلها ويؤيد ما قلنا ما ذكره العلماء و الفلاسفة في النصوص التالية:
ص: 41
1 - فقد جاء في معجم لاروس للقرن العشرين ما نصه:
ان الغريزة الدينية مشتركة بين كل الاجناس البشرية، حتى اشدها ،همجية و أقربها إلى الحياة الحيوانية.. و ان الاهتمام بالمعنى الإلهى و بما فوق الطبيعة هو أحدى النزعات العالمية الخالدة للإنسانية (1).
2 - و قد أكد هذا المعنى الاستاذ هنري برجسون بقوله:
لقد وجدت و توجد جماعات إنسانية من غير علوم و فنون و فلسفات و لكنه لم توجد قط جماعة بغير ديانة (2).
3 - و ذكر هذا المعنى أيضاً الاستاذ ول ديورانت ما نصه:
و لا يزال الاعتقاد القديم بأن الدين ظاهرة تعم البشر جميعاً اعتقاداً سليماً، و هذه في رأى الفيلسوف حقيقة من الحقائق التاريخية و النفسية من حيث قدم ظهورها و دوام وجودها فما أساس هذه التقوى التي لا يمحوها شيء في صدر الإنسان (3)؟
و نحن لا نريد في موضوعنا هذا أن نتكلم عن غريزة التدين و مدى اصالتها و تحكمها و ضرورتها للإنسان، لان لهذا البحث مجال آخر سوف نبحثه انشاء الله.
ص: 42
و لكننا نقول هنا أن الدين في واقعه و معناه.
انه عبارة عن تقديس و اتباع». تقديس شيء ما و اتباع طقوس و تعاليم خاصة، و هذا المفهوم الديني قد لازم البشرية، على مختلف قومياتها و اجناسها و ثقافتها في جميع عهودها و مراحلها التاريخية.
ففي العصر البدائي، كما يقال، كان إنسانه متديناً و لكنه يعبد الشجر أو الحجر أو النار أو الشمس أو أحد مظاهر الطبيعة الاخرى لانه كان يرى ويتخيل ان هذه المعبودات هي مظاهر قوة و مناعة تحمية و تصونه من بعض العوارض فعبدها و قدسها و اتبع بعض تعاليم طقوسها.
و هكذا القول في العصور المتأخرة عنه أيضاً، حتى عصرنا المعاش، فنرى إنسانه أيضاً متديناً. سواء كان بالاديان السماوية أو غيرها وحتى الإنسان الملحد الذي لا يعترف بخالق هو متدين بطبعه أيضاً، لانه لابد له من أن يؤمن و يقدس شيئاً ما، و يتبع تعاليم ما يقدسه من فكر أو إنسان أو حزب أو مادة، إذن فهو متدين أيضاً و لكن دينه الحزب، و عبادته اتباع تعاليمه، و مثله مثل الإنسان البدائي الذي كان يعتقد و يؤمن بالشجر أو الحجر أو
ص: 43
الشمس فيدين بها و يقدسها و يعبدها (1).
و يتحصل لنا من هذا العرض، ان التدين غريزة متأصلة في النفس الإنسانية و لا تستطيع ان تتجرد و تستغني عنه بحال من الأحوال، لأنه معناه التجرد من ذاتها و إنسانيتها كما ذكرنا.
و هذه الغريزة المتأصلة في النفس الإنسانيه لابد لها من الاشباع أسوة باخواتها الغرائز الاخرى كما قلنا سلفاً في كيفية إشباع الغرائز الاخرى، وإشباع غريزة التدين لا يكون بالأكل والشرب ولا بالجنس، لأنها غريزية مستقلة قائمة بنفسها مثلها كمثل سائر الغرائز الاخرى، فكما لا يمكن إشباع غريزة الجوع بالممارسة الجنسية و لا العكس أيضاً، فكذلك لا يمكن إشباع غريزة التدين إلا بما يتلائم وطبعها، فيكون الإشباع منحصراً بالعبادة ولهذا وغيره شرعت العبادة في الإسلام.
ص: 44
و إنما زود الله تعالى الإنسان بغريزة التدين و جعلها جزء من ذاته كسائر الغرائز، لكي تتمكن هذه الغريزة بعد إشباعها بالعبادة من أداء وظيفتها، أن تتحكم فى الضبط و السيطرة على بقية الغرائز، و تنظيم طريقة إشباعها و مليء فراغها حتّى لا تتعدى حدود المجال المشرع لها، فلهذا جعلت غريزة التدين كبوليس داخلي على بقية الغرائز تراقبها و تنظم سيرها، لان هناك ترابطا وصلات وثيقة بين هذه الغرائز لانهن اخوات في جسم الإنسان لا يمكن أن تستغني كل واحدة عن الاخرى و إلا فإنها تنحرف و تشذ عن طريقها و نهجها المحدد، و تسير على غير هدى.
و بالاضافة إلى هذا أن غريزة التدين التي أودعها الله في النفس البشرية لكي تسوقه إلى كماله الروحي، وتدفعه إلى الفحص غذاء إنسانيته الروحية كما تدفعه غريزة المعدة إلى الفحص عن الطعام و الشراب فغريزة التدين تعبر عن الدافع الاصيل في الإنسان و الذي يغريه بالارتفاع إلى آفاق ارحب من نطاقه المادي المحدود و يفتح مشاعره على صلة روحية كبرى تتضاءل بين يديها كل صلات المادة و علائقها و هي صلة الإنسان بالخالق الحكيم، صانع الكون و مدبره.
ص: 45
و إذا كان التدين غريزة و كان إداء كل غريزة لرسالتها و تحقيقاً لهدفها موقوفاً على طريقة إشباعها، فمن الطبيعى أن يهتم الإسلام صفه النظام القيم على الإنسانية و غرائزها و سلوكها بتنظيم هذه الغريزة و تحديد محتواها الحقيقي و تعيين الاساليب الصحيحة في إشباعها.
فالمحتوى الحقيقى لغريزة التدين في نظر الإسلام هو شعور الإنسان بالارتباط بخالق حكيم عادل عالم قادر، جدير بالعباده والحب والتقديس لانه واجد كل كمال و منبع كل رحمة.
و أما أساليب إشباع هذه الغريزة و بمعنى آخر أساليب التعبير عن ذلك الارتباط وما يفرضه من خضوع وحب وتقديس فهي العبادات التي شرعها الإسلام و نظم بها وسائل إشباع غريزة التدين وحددها بالشكل الذي يحقق هدفها و يواكب الاهداف الخيرة لسائر الغرائز الإنسانية دون أن يعتدى عليها، أو يفرط بشأنها، فنظام العبادات في الإسلام لا يقر إشباع غريزة التدين على حساب الغرائز الاخرى إشباعاً رهبانياً يقطع صلة الإنسان بأرضه و كونه.
و إنما يقر الإسلام إشباع غريزة التدين بالشكل الذي يعبر تعبيراً صادقاً عن محتواها الحقيقي و يركز في نفس الإنسان صلته الروحية بخالقه و يجعله يستشعر بهذه الصلة و يستوحی منها و يعتمد
ص: 46
عليها في سرائه و ضرائه و يستمد منها قوة الإرادة و خلوص النية و طهارة الروح.
و بالاضافة إلى كل ما تقدم، فإن وظيفة العبادة لا تقتصر على إشباع غريزة التدين فقط بل تتعداها إلى مجالات أوسع و اشمل و خاصة في المجال التربوي والسلوكي، فهي إلى جانب كونها إشباعاً لغريزة التدين لها وظيفة اخرى، و هي ت-حديد وتقييد تصرفات الغرائز الاخرى لكي لا تتعدى في إشباعها على المجال المشرع لها فهي كرقابة عملية داخلية تؤدي وظيفتها بشكل منتظم في كل يوم أو أسبوع أو شهر أو سنة على مختلف الفرائض الواجبة و المستحبة.
و من تلكم العبادات الصوم الذي نحن بصدده.
الصوم يعبر الرئيسية فهو تعبير عن حاجة الإنسان للانقطاع و لو لفترة محدودة عن متطلبات الجسد و الانغلاق دون حاجته، و دون الحاجة الدائم إلى اشباع حاجته من الاكل و الشرب و الجنس و هي من ابرز وجوه
ص: 47
حاجات الجسد الرئيسية:
و في نفس الوقت فهو تعبير عن حاجة الإنسان للانفتاح على التطلعات الروحية والترفع عن مستوى الجسد بإشباع المتطلبات الروحية أو التفرغ بعض الشيء و لو لفترة زمنية محدودة لتطلعات النفس و حاجاتها.
و لذلك فإن تشريع الصوم عبارة عن تعبير سلبي و إيجابي في وقت واحد.
و لهذا لابد لنا من أن نستو في بحثاً عن هذين الجانبين في تشريع عبادة الصوم بشيء من الايجاز.
و هذا هو الوجه البارز في تشريع الصوم فهو كما يقول الفقهاء الامتناع عن الاكل و الشرب و المباشرة الجنسية و عن استعمال بقية المفطرات الاخرى.
و هذا هو لون من الانقطاع عن أهم حاجات الجسد.
و لا نريد هنا أن نتحدث عن الفوائد التي يجنيها الجسد عن هذا الانقطاع، فذلك شيء ء نتحدث عنه تحت عنوان الصوم و الطب الحديث.
و إنما نريد أن نقول أن عبادة الصوم تبعث الإنسان إلى لون من
ص: 48
ألوان الاعراض عن حاجات الجسد و متطلباته و عدم الاستجابة الدعوات الجسد الملحة للاشباع في هذه المجالات و قد يصل هذا الاعراض في بعض الاحيان مرحلة المضايقة، مضايقة الجسد في حاجاته و مطالبه، و مقاومة لحاجاته الرئيسية.
و لا شك أن الجسد يجنى من هذا الاعراض أو من تغافل هذه الحاجات فوائد كثيرة، كما أن مثل هذا التعمد في الاعراض عن حاجات الجسم و عدم الاستجابة لها تؤثر تأثيراً بالغاً في تربية الارادة و تعويد الإنسان على الصبر في وجه مشاكل الحياة.
و لكن ذلك لا يعنينا هنا فى هذا الجزء من الحديث بقدر ما يعنينا أن نقول أن هذا الجانب السلبي في تشريع الصوم و ان هذا الانغلاق، بالذات على حاجات الجسم حاجة في نفس الإنسان بالذات أيضاً.
فحين يوغل الإنسان في الاستجابة لحاجات الجسم ويستمر عليه في حالة رتيبة مستمرة يشعر بشيء من النضوب و الجفاف في نفسه، أو في جانبها اللاحيواني و تؤكد هذه الاستجابة الدائمة و الانفتاح الدائم لحاجات الجسد بشكل لا شعوري أنه لا يزيد على أن يكون حيوان يمشيء على قدمين، و ان حاجات الجسم و مشاغله و مشاكله تستوعب كل حياته، و أيامه فيحدث في نفسه ما أسميناه بالنضوب النفسي و الملل من هذه الحياة الجسدية
ص: 49
الرتيبة التي لا تنقطع عن الطعام و السعي المتواصل من أجله. و بذلك يجد الإنسان أن حاجة الجسد تحتل مكان المحور من
حياته فهو يعمل من أجل أن يأكل و يأخذ قسطاً من الراحة ليقوى على مباشرة العمل من جديد.
و مثل هذا الشعور يضايق الإنسان كثيراً و يجعله يشعر في دخيلة نفسه، أنه كالبهيمة المربوطة همها علفها على حد تعبير الإمام .
و هذه السلبية في الصوم لا تعني إطلاقاً التنكر لحاجات الجسد لانه امتناع وقتي عن هذه الحاجات و لا يستلزم منه الكبت حتّى تظهر ظاهرة الكبت في نفوس الصائمين كما يتوهم البعض فلا يعدو الامر أكثر من تحديد مؤقت لحاجات الجسد و مطالبه.
فالإسلام حين يدعو الفرد للانغلاق بصورة مؤقتة على حاجاته الجسدية، لضرورات تعود على روحه و على جسده بالخير فإنه يعترف بهذه الحاجات و لا يتنكر لها، و لا يؤمن بأنها أشياء على هامش الحياة و إنما يؤمن بأنها حاجات رئيسية في نفس الإنسان و ان الاستجابة لها شيء من طبيعة تكوينه و لا يخرج حينما يستجيب لحاجات جسده عن عالم إنسانيته و لا ينقلب بذلك إلى حيوان و إنما يجب أن لا تستوعب هذه الحاجات كل اهتمامات الإنسان و لا تصرفه عن إهتمامات النفس الكبرى.
ص: 50
و إذا وجدنا في الجانب السلبي لتشريع الصوم انه دعوة للانغلاق على حاجات الجسد و مطاليبه فإن ذلك يعني بتعبير ايجابي الانفتاح بطبيعة الحال لحاجات الروح و تطلعات النفس و التفرغ المطاليبها و حاجاتها الروحية و المعنوية و اهتمام الإنسان بها.
فحين يعرض الإنسان عن حاجات الجسد لا يعود الجسم يحتل جل اهتمامه، و لا يعود الجسد ليضايق جانبه الروحي من شخصيته و في حاجاته و تطلعاته، فينفتح الإنسان للجانب الآخر من شخصيته.
و هذا هو ما نعنيه من الجانب الايجابي في تشريع فريضة الصوم.
فالانصراف لحاجات الجسد كثيراً ما يولد عند الإنسان انغلاقاً في وجه تطلعاته الروحية و حاجاته النفسية و يضايقه في الجانب الآخر من شخصيته إلا أن هذا الاعراض المؤقت يعطي فرصة للنفس و حاجاتها للظهور على مسرح الشخصية الإنسانية.
فالإنسان المتخم بالاكل و المنهمك إلى اذنيه في اشباع نهمه الجنسي، لا يجد في نفسه تفتحاً كبيراً للعبادة و الدعاء و الإنصراف إلى الله تعالى كما و لا يجد أيضاً في نفسه تفتحا للعاطفة.
أو الليا و لكنه إذا أعرض مؤقتاً عن الجسد ترهف عنده العاطفة
ص: 51
و تشرق، و يميل إلى العبادة و التقرب والانصراف إلى الله تعالى بصورة طبيعية.
و من هنا نجد أن الصوم يخلق لدى الصائمين ميلاً طبيعياً للدعاء والانصراف للعبادة.
و كل ذلك يؤكد لنا أن النفس تجد في هذا - شهر رمضان - اقبالاً على الطاعة والعبادة وأن الصائم في هذا الشهر يميل إلى الانعطاف في جانبه الروحي أكثر من بقية شهور السنة، فيتزود الصائم في هذا الشهر بالسلاح النفسي الذي يكتسبه من أثر صومه و هو سلاح الصبر و الإرادة و القوة و العزيمة لكي يقف به امام الازمات و الصعوبات و أمام نوازع الشهوة وا لهوى و بقية الغرائز الاخرى، حتّى لا تتعدى حدودها و مقاييسها التي وضعها الإسلام.
و ذلك لان الامتناع عن الأكل و الشرب أصعب بكثير من الامتناع عن أى شيء آخر، لان الأكل و الشرب ضرورة يحتاج إليها الإنسان في اليوم مرة على أقل تقدير بخلاف الغرائز الاخرى فمثلاً الغريزية الجنسية يستطيع الإنسان أن يمتنع عن إشباعها عدة أيام بخلاف غريزة الجوع و العطش و إذا استطاع الإنسان أن يتحكم في ضبط غريزة الجوع و العطش التي هي من أصعب الغرائز كما قلنا ستطاع أن يتحكم ويضبط غرائزه الاخرى.
و من أجل هذا فرض الله الصيام وشرع بالامتناع عن الأكل
ص: 52
و الشرب.
فالصوم أيضاً في مظهره المعنوي هو الامتناع عن ارتكاب أي عمل ينافي الشرع و الإيمان و لا ينسجم مع التقوى و الفضيلة.
(فالشخص الذي يتجه إلى غير الله بالقصد و الرجاء لا صوم له، و الذي يفكر في الخطايا و يشتغل بتدبير الفتن و المكائد، و يحارب الله و رسوله في جماعة المؤمنين لا صوم له. و الذي يطوى قلبه على الحقد و الحسد و البغض لجمع كلمة الموحدين، و العمل على تفريقهم، و اضعاف سلطانهم لا صوم له، و الذي يحابي الظالمين و يجامل السفهاء و يعاون المفسدين لا صوم له.
و الذي يستغل مصالح المسلمين العامة و يستعين بمال الله على مصالحه الشخصية. و رغباته و شهواته لا صوم له.
و كذلك من يمد يده أو لسانه أو جارحة من جوارحه بالايذاء لعباد الله أو إلى انتهاك حرمات الله لا صوم له.
فالصائم ملاك في صورة إنسان لا يكذب و لا يرتاب و لا يشي و لا يدبر في إغتيال أو سوء، و لا يخادع و لا يأكل أموال الناس بالباطل.
هذا هو معنى الصوم الذي يجمع في صورته المادية و هي الإمساك عن المفطرات، و معناه و هو تقوية روح الإيمان بالمراقبة و بهذا يجمع الصائم بصومه بين تخلية نفسه و تطهيرها من المدنسات،
ص: 53
و تخليتها و تزكيتها بالطيبات (1).
و قد وردت أحاديث كثيرة بهذا المعنى فقد روى عن النبي الله أنه قال: «من لا يدع قول الزور و العمل به فليس الله حاجة
في أن يدع طعامه و شرابه» و قال أمامنا جعفر بن محمد الصادق في حديث له: «فإذا صمتم فاحفظوا السنتكم عن الكذب، و غضوا أبصاركم و لا تنازعوا و لا تحاسدوا و لا تغتابوا و لا تماروا ولا تكذبوا و لا تباشروا و لا تخالفوا و لا تغاضبوا و لا تسابوا و لا تشاتموا و لا تنابزوا و لا تجادلوا و لا تبادوا و لا تظلموا و لا تسافهوا و لا تزاجروا و لا تغفلوا عن ذكر الله و عن الصلاة و الزموا الصمت و السكوت و الحلم و الصبر و الصدق و مجانبة أهل الشر و اجتنبوا قول الزور و الكذب و الفراء و الخصومة و ظن السوء و الغيبة و النميمة، كونوا مشرفين على الاخرة منتظرين لأيامكم، و منتظرين لما و عدكم الله، متزودين للقاء الله، و عليكم السكينة و الوقار و الخشوع و الخضوع و ذلك هو العبد الخائف من مولاه راجين خائفين راغبين راهبين قد طهرتهم القلوب من العيوب و تقدست سرائركم من الجد و نظفتم الجسم من القاذورات.
و أخيراً لا بأس من أن نقدم بعض فوائد الصوم الروحية و النفسية و الاجتماعية و التربوية بشكل موجز.
ص: 54
الصوم يحتوي على جانبين بالا
و نعني به هو الامتناع عن تناول المفطرات المذكورة و عددها 10 من طلوع الفجر إلى غروب الشمس (1).
ب) الصوم المعنوي
و نعني به هو تجاوب نفس الصائم و غرائزه مع الجانب المادي للصيام، فإذا حصلت هذه الأثنينية و هذا التجاوب يعطى الصوم أثره و عطائه على نفسية الإنسان الصائم و يعيش روحانية الصيام و عطائه كما روي عن الامام الصادق الليله فإنه روي عن العلاء بن يزيد القرشي، قال: قال الصادق حدثني أبي عن أبيه عن جده رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم في حديث قال: (من صام شهر رمضان و حفظ فرجه و لسانه و كف أذاه عن الناس غفر الله له ذنوبه ما تقدم منها و ما تأخر، واعتقه الله من النار واحله دار القرار، و قبل شفاعته بعدد رمل عالج من مذنبي أهل التوحيد (2).
و أما إذا انثلمت هذه الاثنينية و لم يحصل هذا اللقاح الاثنيني فلا يعطى الصيام أثره و لا يتحقق اهدافه لأن الصيام يشبه الضوء
ص: 55
الكهربائي فإنه يتكون من السالب و الموجب فإذا عزل السالب عن الموجب أو الموجب عن السالب فلا يعطي ضوءه أثره فالصوم كذلك لا يعطي اثره و روحانيته إذا لم يتحقق فيه هذا التجاوب الاثنيني أو انفصل الجانب المادي للصيام عن الجانب المعنوي له فإنه أيضاً ينقطع أثره و تختفي روحانيته و أصبح مصداقاً للحديث الشريف القائل:
«كم من صائم ليس له من صومه إلّا الجوع و العطش»، لأنه لم يحصل فيه اللقاح المعنوي و المادي للصيام و لهذا لم ينتج أثره الروحاني و لم يعطي جاذبيه الصوم في نفس الإنسان الصائم.
الصوم حينما شرعه الله تعالى لم يقصد به حرمان الإنسان من لذاته و شهواته و إنما أراد تحرير الإنسان من ميوله و غرائزه و تهذيبها و ضبط سلوكها و تقوية إرداته و السيطرة عليها و التحكم في ميولها و غرائزها لا حرمانها و هناك فرق كبير بين الحرمان و بين التهذيب و الضبط و الإسلام بطبعه و تشريعه يحترم الإنسان و يكرمه لقوله تعالى: وَ لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (1).
فهو لا يريد أن يكون عامل ضغط على الإنسان في أموره
ص: 56
العبادية و لهذا حرم عليه صوم الوصال و هو صيام 24 ساعة مع أكثر و أشد صعوبة من صيام 12 ساعة و لكن الإسلام يعتبره صوم حرام و لا يجوز للإنسان المسلم صيامه و ذكر الفقهاء بحث ذلك في كتبهم الفقهية و جعلوه من الصيام المحرمة و هو صوم الوصال.
الصوم من أهم العوامل التي تربط الإنسان بخالقه و توقظه عن غفوته و غفلته فيندم على ما ارتكبه من المخالفات و الآثام و تصحو نفسه عن المعاصي و ينقطع إلى الله تعالى متخذاً من جوعه و عطشه
وسيلة للتقرب منه تعالى.
فإشراقة هذا الشهر المبارك و روحانيته تهيمن على النفوس فتنقاد مسرعة إلى التوبة و الغفران و طلب العفو و الرضوان و يعود الإنسان إلى صفاءه و نقاءه و تسمو روحه عن كثير من ملذات الجسد ويصبح يعيش في روحانية سامية تتغلب على كثير من الازمات النفسية و الاجتماعية، و قد كان الزعيم الهندي «غاندى» يلتجيء إلى
الصوم كلما المت به الازمات و صعب عليه حلها، لتزداد حياته الروحية قوة على قوة و قد سئل عن سر ذلك فقال ان الصوم الروحي كعيني للجسد ما تفعله العينان للدنيا الخارجية يفعله الصوم للدنيا الباطنية (1)
ص: 57
هناك كثير من الناس لا يلتزمون بالقيود و النظام و لما كان الصيام يفرض عليهم اتباع نظام معين، فإنه يعين وقتاً و احداً للامساك و وقتاً معيناً للافطار، و يفرضه على جميع الصائمين الفقير و الغني و الرئيس و المرؤوس و القوى و الضعيف لا تمييز لاحد على آخر. و بهذا يعلمنا الصوم روح التطبع على النظام و تطبيق أوامره.
الصوم رياضة نفسية، تطبع الإنسان على الصبر وترك اللذات باختيار و طواعية فهو يربى الإنسان على الصمود و الصبر على
ص: 58
الشدائد و هما قوة معنوية أقوى من السلاح و لهذا قال النبي صلی الله علیه
«رمضان شهر الصبر و أن الصبر ثوابه الجنة»
و الله لي أن أنه عندما يشعر الصائم بالجوع و العطش، و يرى أمامه ألوان الطعام و الشراب و تحت تصرفه و نفوذه و يمتنع عن استعمالها ارادياً فتحصل لديه ارادة قوية تعوده على النظام و تحمل المشاق و تقوى عزمه وارادته.
الصوم يجعل الاحساس واحداً بين الفقير و الغنى و الكبير و الصغير، و هو التحسس بألم الجوع و العطش حتى يشعر الغني بألم الجوع و مرارة العطش فيحنو لا شعورياً على الفقراء و المساكين كما قال أمامنا الصادق «إنما فرض الله تعالى الصيام ليستوى به الغني و الفقير و ذلك لان الغني لم يكن يجد مس الجوع فيرحم الفقير لأن الغني كلما اراد شيئاً قدر عليه فأراد الله عزّوجلّ أن يسوى بين خلقه و ان يذيق الغنى مس الجوع و الا لم يرق على الضعيف و يرحم الجائع» (1).
هذه بعض فوائد الصوم ذكرناها على سبيل الاختصار.
ص: 59
لعل القارئ الكريم يستغرب من وجود هذا الموضوع في هذا الكتاب، مع أن عنوانه لا ينسجم مع هذا الموضوع، و لكنني لم أربداً من أن أدخل هذا الموضوع فى هذا الكتاب و ذلك لأني سمعت أن بعض الاشخاص من الذين لم يدخل الإيمان في قلوبهم و هم من مرضى النفوس، يقولون ما ليس باختصاصهم من أن الصوم مضر بالصحة العامة للأنسان و لما لم يكن هذا العلم من اختصاصي، فلابد لي من مراجعة ذوي الاختصاص و هم الاطباء.
فراجعت الطب بدوريه القديم و الحديث فلم أجد ما يسند قول هؤلاء بل وجدت العكس فإن أطباء القديم و الحديث ينصحون و يوصون بالصيام حتى أن بعضهم أتخذ من الصوم علاجاً لبعض الامراض كما و أني لم أكتف بما نقلته الكتب و الصحف فطرحت بعض الاسئلة على بعض الاطباء و سيجد القارئ أجوبتهم فى هذا الموضوع، و جاء ذلك على وفق بعض الاحاديث الشريفة مثل «صوموا تصحوا و غيرها. و لكن هذا لا يعني أن الصوم لا يضر ببعض الامراض و إنما لا يمكن أخذ القول على إطلاقه، و لهذا نرى الشريعة الإسلامية نهت بعض ذوي الامراض عن الصوم وصرح بذلك القرآن الكريم بقوله: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَه) الخ.
ص: 60
و ذهب الفقهاء إلى أن صيام المريض الذي حكمه الافطار كلا صيام و يجب عليه قضاء الايام التي صامها في مرضه، و سيجد القارىء في هذا الفصل أراء أطباء الطب القديم و الحديث مسلمين و غير مسلمين كلا على حدة و بشكل موجز.
الاطباء القدامى كانوا يعالجون كثيراً من المرضى بالصوم مثل الطبيب اليوناني الشهير «فيثاغورس» حيث أوصى تلامذته بالصوم عند المرض، و كذا الطبيب الحاذق ابقراط حيث عالج مرضاه بالصوم أيضاً و كان الحارث بن كلدة» أحد أطباء العرب يقول الدواء الوحيد هو الازم أى الجوع و قال الفيلسوف «أبو علي ابن سینا صاحب کتاب قانون الطب و صفة صوم تكفى لمدة ثلاثة أسابيع أو أكثر من الدواء ».
و أما الصوم في نظر أطباء العصر الحاضر، لا يختلف عن نظر الأطباء القدامى إلا أنه يمتاز عن الطب القديم بكثرة تجاربه و وفرة و سائله مما أدى إلى الكشف عن إسرار الصوم بشكل أوضح، و الان نستعرض رأى بعض أطباء العصر الحاضر.
ص: 61
1 - رأى الطبيب الامريكي كارلو» أن على كل إنسان مريض أن يمتنع عن الطعام مدة كل عام سواء كان غنياً أو فقيراً لأن الجراثيم ما دامت تجد الطعام أمامها متوفراً في جسم الإنسان فإنها تنمو و تتكاثر و لكنها بالصوم تضعف و تذبل).
ثم يتحدث عن الإسلام بقوله و الإسلام يعتبر أحكم دين حيث فرض الصيام ففرض الصحة، و أن محمداً الذي جاء بهذا الدين كان خير طبيب وفق في إرادته و عمله حيث كان يأمر بالوقاية قبل المرض» (1).
2 - و يقول الدكتور «ماك فادون أحد علماء الطب في امريكا و قد ألف كتاباً عن الصوم و ذلك بعد أن ظهرت له نتائج مفيدة من الصيام و عالج كثيراً من الأمراض المستعصية به فانه يرى أن كل إنسان يحتاج إلى الصيام و ان لم يكن مريضاً لأن سموم الاغذية و الادوية تجتمع في الجسم فتجعله كالمريض و تثقله و يقل نشاطه فإذا صام خف وزنه و تحللت هذه السموم من جسمه بعد أن كانت مجتمعة فتذهب عنه حتى يصفو صفاءاً تاماً و يستطيع أن يسترد وزنه و يجدد جسمه في مدة لا تزيد على عشرين يوماً بعد الافطار، و لكنه يحس بنشاط و قوة لا عهد له بهما من قبل.
ص: 62
و قد عالج أمراضاً مختلفة بالصوم و ذكر أسماء المرضى الذين عوفوا بهذا العلاج. و قال أن الصوم له مثل العصا السحرية، يسارع في شفائها، و يرى المعالج به العجب العجائب و تليها أمراض الدم ثم أمراض العروق كالروماتيزم مثلاً (1).
3- رأى الدكتور العالمي اليكسيس كاريل(2). و هو الحائز على جائزة نوبل في الطب و الجراحة يقول في كتابه «الإنسان ذلك «المجهول» أن الأديان كافة لا تفتأ تدعوا الناس إلى و جوب الصوم و الحرمان من الطعام إذ يحدث أول الأمر الشعور بالجوع، و يحدث أحياناً التهيج العصبي، ثم يعقب ذلك شعور بالضعف، بيد أنه إلى جانب ذلك ظواهر خفية أهم بكثير منه، فإن سكر الكبد سيتحرك و يتحرك معه أيضاً الدهن المخزون تحت الجلد و بروتينات العضل و الغدد و خلايا الكبد، و تحظي جميع الاعضاء بمادتها الخاصة للابقاء على كمال الوسط الداخلي و سلامة القلب و ان الصوم لينظف و يبدل انسجتنا.
4 - يذكر أحد أطباء الروس فى كتابه «التطبيب بالصوم» (أن 95% من العلل السارية قد تشفى بواسطة الامساك عن الطعام
و الصوم (2).
ص: 63
قد ذكرت في بداية هذا الموضوع أني لم اقتصر على ما نقلته من الصحف وبعض الكتب حول فوائد الصوم الصحية. بل وجهت
بعض الاسئلة إلى بعض الدكاترة والاطباء وقد تفضل علينا بالجواب كل من الدكتور أحمد الخليلي الاخصائي في المجاري البولية والتناسلية، وعيادته في الكاظمية باب الدروازة والدكتور صدقي ربيع الاخصائي بأمراض العيون وعيادته في النجف الاشرف، و يجد القارىء جوابهما هنا حرفياً.
1 - الدكتور أحمد الخليلي.
فإنه يقول «لعل في كثير من الأحكام حكمة يضيف لها الزمن من علومه أدلة جديدة على صحتها ولا أدل على ذلك
من حكمة الصوم الذي برز كواحد من شعائرمختلف الادیان الی ان جاء الدین الإسلامي فثبته بأجلى صوره و معانيه و جعل منه شهراً كاملاً منتظماً.
و لم يأت ذلك اعتباطاً فالى جانب تقويم و ترويض الإرداة البشرية على الصبر و الصعاب اتاح لمختلف أجهزة الجسم راحة ضرورية لكل عضو لا ينفك عن العمل ليلاً نهاراً، فالمعدة كما في الحديث بيت الداء.. و الحمية رأس الدواء. و لا أفضل من الصوم لها من حمية و يتبع ذلك راحة ما يتصل بعضو الهضم و اجزاءه غدد و عصارات فالكبد و البنكرياس و غيرها و كل
ص: 64
أجهزة الجسم و هو الطريق الوحيد لتخليص المترهلين من الشحوم المتجمعة و تخليصهم من مختلف الامراض المتعلقة بهذه الظاهرة من شيخوخة المفاصل و العظام.. إلى الضعف العالى في الدم و تقليص احتمال اصابتهم بالسكر و غير ذلك.. أما ما يخص الجهاز البولى ففيما عدا بعض الأمراض التي ينصح فيها استعمال الماء و السوائل بصوره عامة و بكثرة، يكون الصوم عاملاً مهما في تنظيم عمل الكلى و يتيح لهما الوقت الكافي للراحة لتخليص الجسم من مختلف السموم و فضلات المواد الزائدة عن حاجة الجسم ».
2 - الدكتور صدقي ربيع.
فقد قال في جوابه أن الصيام غير مضر في صحة الإنسان بصورة عامة ما لم يكن الإنسان مصاباً ببعض الأمراض و العوارض التي تمنعه عن الصيام من الناحية الطبية حيث يستوجب عليه الافطار و ان الصيام في مثل هذه الحالات مضر بصحة الإنسان.
و هناك نظرية ذكرها أحد علماء الطب بأن فلسفة الصيام و فائدته للإنسان هو أن الحياة هى عبارة عن عملية بناء و تركيب الانسجة تقابلها عملية هدم و استهلاك للبعض الآخر، و بوجود بعض الحجيرات الميتة أو الحجيرات العاجزة عن القيام بوظفتيها فإنها تستهلك و تطرح من الجسم أثناء فترة الصيام و تتحول إلى مواد و فضلات تطرح خارج الجسم و بقائها في الجسم يصبح ضرراً
ص: 65
للإنسان. و في هذه الحالة عندما يتخلص الجسم من هذه النفايات تحفز الانسجة الاخرى باعادة بناء ما قد استهلك و طرح من الجسم أثناء عملية التنفس و التغوط و التبول و بعضها تستهلك كطاقة حرارية يستهلكها الإنسان أثناء قيامه بفعالياته الاعتيادية.
هذا بالاضافة إلى كون الصيام رياضة للنفس البشرية على الخير و الصلاح العام لما يتحويه من معاني عديدة و واسعة ففى هذا المجال ننظر إلى الناحية النفسية و هي شيء مهم جداً لما يقدمه الصيام من التقويم و التهذيب إلى النفس.
و أما علاقة الصيام بالأمراض التي يجب أن يمنع فيها فقد يعزى ذلك إلى أن عملية الاستهلاك و الهدم بسبب المرض أكثر من عملية البناء. فهناك عندئذ يمنع الصيام. فمثلاً في حالة أصابة الشخص في عينيه بالساد أو قصر النظر الشديد أو الغشاء الوراثي و ضعف البصر الشيخوخي و في حالات ضعف العصب المعيري.
هذا و قد يكون الصيام مفيداً لبعض الأمراض كمرض القلب و مرض السكر و مرض السمنة و الأمراض الاخرى التي قد تكون مصحوبة باحتقانات في بعض انسجة الجسم. و ارتفاع الضغط الدموي و بعض أمراض الغدد الصماء التي تسبب السمنة المفرطة و بعض أمراض الجهاز الهضمي، ففي عملية الصيام تكون تلك الاجهزة قد كسبت قسطاً من الراحة الواجبة. و إنما يؤكد ذلك طبياً
ص: 66
فإن بعض الاطباء ينصحون مرضاهم بوجوب اتباع ما هو معروف في الرجيم الصيام أو التحديد من كميات أو نوعيات المآكل التي يتناولونها».
3 - رأى الدكتور عبدالعزيز إسماعيل.
قال: «أن الصيام يستعمل طبياً في حالات كثيرة و وقائياً في حالات أكثر، و أن كثيراً من الأوامر الدينية لم تظهر حكمتها و ستظهر مع تقدم العلوم. فلقد ظهر أن الصيام يفيد طبياً في حالات كثيرة، و هو العلاج الوحيد في احيان أخرى فللعلاج يستعمل في اضطرابات الامعاء المزمنة و المصحوبه بتخمر، و يستعمل في زيادة الوزن الناشئة من كثرة الغذاء و كذلك في زيادة الضغط، أما في البول السكرى فلما كان قبل ظهوره يكون مصحوباً غالباً بزيادة في الوزن فالصوم يكون بذلك علاجاً نافعاً، و لا يزال الصيام مع بعض ملاحظات في الغذاء أهم علاج لهذا المرض، و الصوم يعتبر علاجاً للالتهاب الكلي الحاد و المزمن و أمراض القلب. و صيام مرة كل شهر في السنة يعتبر خير وقاية من كل هذه الأمراض (1).
4 - و قال الدكتور محمد الظواهري الاستاذ في الأمراض الجلدية بجامعة القاهرة «أن علاقة التغذية بالأمراض الجلدية متينة فالامتناع عن الغذاء و الشراب مدة ما يقلل من الماء في الجسم
ص: 67
و الدم و هذا بدوره يدعو إلى قلة في الجلد، و حينئذ تزداد مقاومة و الجلد للأمراض الجلدية المؤذية و الميكروبية و قلة الماء من الجلد تقلل أيضاً من حدة الأمراض الجلدية الالتهابية و الحادة و المنتشرة بمساحات كبيرة في الجسم، و أفضل علاج لهذه الحالات من وجهة الغذاء هي الامتناع عن الطعام و الشراب لفترة ما (1).
و بالاضافة إلى هذا يوجد في العالم عدة مصحات تقوم بعلاج مرضاها عن طريق الصوم ومن اشهر هذه المصحات الدكتور «هيزيج لاهمان» في درسون بسكونيا و مصحة الدكتور بر شربذ و الدكتور «مولر» و غيرهما.
و يكون الصوم علاجاً في أغلب الاحيان لهذه الأمراض كاضطراب الهضم و البدانة أمراض القلب و الكبد و الكلي و البول
و السكري و ارتفاع ضغط الدم.
و بهذا المقدار أظن كافياً للرد على أولئك الذين لا يتورعون فيما يقولون.
ص: 68
أخي القاريء تجد في هذا الفصل باقة من أحكام شريعتك في الصيام و قد حاولت جهد الإمكان على تبسيطها ليكون في مقدورك فهمها و استيعاب أحكامها و ذلك سعياً مني في صياغة الثقافة الدينية و الأحكام الشرعية صياغة مبسطة تلائم ذهنية عامة الطبقات معتمداً على فتاوى علمائنا الأعلام.
و قد رتبتها على شكل أسئلة و اجوبة لغرض تبسيطها و توضيحها.
الجواب: يثبت الهلال في شهر رمضان و في غيره من الشهور مما يلي:
الأول: أن يرى الإنسان الهلال بنفسه، فيجب عليه الصوم في هلال شهر رمضان، و الافطار في هلال شهر شوال حتى إذا لم يرد أحد غيره.
الثاني: أن يمضي ثلاثون يوماً كاملاً من الشهر.
ص: 69
الثالث: شهادة رجلين عادلين برؤيتهما للهلال مع اتحاد الوصف و الرؤيا.
الرابع: الشياع المفيد للعلم أو الاطمئنان بين الناس، و لو عن طريق الناظور (تلسكوب) إذ أمكن تشخيص رؤية الهلال بالعين المجردة.
تعريف الصوم و أهلية الصائم:
الجواب الصوم هو الإمساك عن الأكل و الشرب و بقية المفطرات الآتي ذكرها من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس (1).
الجواب الصوم يجب على كل من توفرت فيه الشروط الآتية:
أ) البلوغ، فلا يجب على الطفل و الصبي غير البالغ.
ب) العقل، فلا يجب على المجنون، و لو في آن من النهار.
ج) الحضر، فلا يجب على المسافر سفراً يقصر فيه الصلاة.
ص: 70
د) أن لا يكون مغمی علیه الس الينا
ه-) أن يكون سالماً من الأمراض التي يضر فيها الصوم.
و) الخلو من الحيض و النفاس بالنسبة إلى المرأة.
الجواب: يشترط في الصائم توفر الامور الآتية:
أ) أن لا يكون من هؤلاء كالمجنون و المغمى عليه و المريض و المسافر و لا من الحائض و النفساء، و يصح من الصبي غير البالغ و ان لم يجب عليه.
ب) الإيمان فلا يصح الصوم من الملحد و الكافر إذا تعمد البقاء عليها (1).
(ج) الطهارة من أحداث الحيض و النفاس و الجنابة.
د) النية و هي قصد الإمساك من المفطرات المذكورة من أول طلوع الفجر إلى الغروب. و يشترط فيها الاخلاص و القربة إلى الله تعالى و وقتها من أول الليل إلى الطلوع الفجر الصادق، و يجب أيضاً استمرارها إلى غروب الشمس فإذا نوى في الاثناء قطع الصوم أو تردد في ذلك بطل صومه و تكفى نية و احدة للشهر كله و صورتها أن ينوي الصائم بقلبه أو لسانه اصوم غدا قربة إلى الله تعالى».
ص: 71
و إذا نسى النية أو جهلها و نام إلى ما بعد الزوال في شهر رمضان بطل صومه و يجب القضاء و إذا التفت أو انتبه قبل الزوال و جب عليه الإمساك بقية النهار و قضاه على الاحوط و جوباً، و في يوم الشك بين أنه من شعبان أو رمضان يصوم بنية آخر شعبان فإذا ظهر من رمضان، فإنه يعدل بنيته إلى رمضان فتجزى و يحسب له من رمضان.
الصوم الواجب:
الجواب: يجب الصوم في الموارد التالية:
1 - صوم شهر رمضان من كل سنة.
2 - صوم الكفارة.
4 - صوم القضاء.
5 - صوم النذر و العهد و اليمين.
6 - صوم يوم الثالث من الاعتكاف.
الجواب: يحرم الصوم في يومى العيدين الفطر و الاضحى و صوم يوم الشك بنية رمضان و كذا يحرم الصوم في أيام التشريق
ص: 72
11، 12، 13 من ذي الحجة لمن كان بمنى و كذا صوم الوصال و صوم نذر المعصية.
الجواب: مفطرات الصائم عشرة.
1 و 2 - تعمد الاكل و الشرب - و لا فرق في الأكل و الشرب بين القليل و الكثير.
3 - تعمد الجماع الموجب للجناية قبلاً و دبراً للفاعل و المفعول.
4 - تعمد الكذب على الله أو رسوله أو أحد الأئمة و تلحق بهم فاطمة الزهراء على الاحوط و جوباً.
5 - تعمد غمس تمام الرأس في الماء.
6 - تعمد ايصال الغبار الغليظ و غيره على الاحوط و جوباً إلى الحلق و كذا الدخان و البخار الغليظين.
7 - تعمد البقاء على الجنابة حتّى يطلع الفجر في شهر رمضان بل يعتبر عدم البقاء مع الجنابة في قضائه مطلقاً و أن لم يكن ذلك عن عمد.
8 - الاستمناء و هو أنزال المني بفعل يؤدي إلى نزوله و هو ما يمسى بالعادة السرية.
ص: 73
9 - الاحتقان بالمائع مطلقاً و لا بأس بالجامد.
10 - تعمد القيء فإنه مفطر.
و هي ثمان:
1 - لا يجوز ابتلاع البقايا بين الاسنان فإنه مبطل للصيام.
2 - لا بأس بالمضمضة و الاستنشاق وذوق الطعام و بلع البصاق و مضغ الطعام للصبي و مص الخاتم و غيرها، بشرط أن لا
يدخل شيء منها في جوفه.
3 - يجوز ضرب الابرة في العضل. كما يجوز التقطير في الاذن أو في العين و لو ظهر لونه أو طعمه في الحلق مثلاً.
4- إذا أكل أو شرب أو أتى بالمفطرات نسيانا صح صومه و إذا تذكر في الاثناء و جب عليه الاجتناب و اخراج ما في فمه.
5 - إذا احتلم أثناء النهار، لا يبطل صومه و يغتسل للصلاة.
6 - لا يجوز للإنسان في شهر رمضان أن يجنب نفسه ليلاً فيما إذا كان الوقت لم يسع للغسل أو التيمم و إذا أجنب أو احتلم و لم يتمكن من الغسل قبل الفجر لضيق الوقت و جب عليه التيمم بدل الغسل.
7 - إذا طهرت المرأة من دم الحيض و النفاس و لم تغتسل إلى
ص: 74
طلوع الفجر عمداً يكون حكمها حكم المتعمد للبقاء على الجنابة من بطلان صومها.
8 - إذا أفطر اثناء النهار من شهر رمضان عمداً، فسد صومه و لكن يجب عليه الإمساك إلى الغروب.
الجواب: وردت رخصة الافطار في شهر رمضان للاشخاص الاتي ذكرهم.
1 - الشيخ الكبير و المرأة العجوز إذا لم يتمكنا من الصيام و كان يوجب لهما المشقة و الحرج فإنهما يتصدقان عن كل يوم بثلاثة أرباع الكيلو تقريباً من الطعام بدل الصوم.
2 - الحائض و النفساء يفطران عند رؤية الدم و لو كان قبل المغرب بقليل و يقضيان ما فاتهما.
3 - ذو العطاش و هو المصاب بداء الظمأ الكثير بحيث يشق عليه الصيام فإنه يتصدق بثلاثة أرباع الكيلو من الطعام.
4 - المرأة الحامل المقرب التي يضر الصوم لجنينها، فإنها تفطر و تتصدق عن كل يوم بثلاثة ارباع الكيلو من الطعام و تقضى ما
ص: 75
فاتها من الصوم و أما إذا كان الصوم يضر بصحتها فقط جاز لها الافطار و تقضى من دون كفارة.
5 - المرأة المرضعة إذا كانت قليلة اللبن و خافت على نفسها أو طفلها من الضرر فإنها تفطر و عليها القضاء و أما إذا خافت الضرر على الطفل الرضيع فقط فإنها تتصدق عن كل يوم بثلاثة أرباع الكيلو و تقضي أيضاً.
6 - المسافر بسفر يوجب القصر، فإنه يفطر ثم يقضي بعد ذلك.
السؤال التاسع: ما هو حكم المسافر؟
الجواب: لا يجوز للمسافر الصوم، إلا إذا سافر من و طنه بعد الظهر فإنه يتم صيامه، و لا يجوز، افطاره، و إذا سافر قبل الظهر من وطنه بطل صومه إذا كان ناوياً السفر من الليل و عليه القضاء. و أما إذا رجع إلى و طنه أو محل اقامته قبل الظهر و لم يستعمل المفطر فإنه عليه أن ينوى صيام ذلك اليوم و يحسب له، و إذا رجع إلى و طنه بعد الظهر لا يصلح صيامه هذا كله إذا كان السفر يبلغ المسافة 44 كيلو متراً تقريباً ملفقة أو امتدادية بشرط أن لا يكون سفره معصية و لا سفراً يجب فيه اتمام الصلاة.
و أما من كانت مهنته متوقفة على السفر فإنه يصوم كالموظف
ص: 76
الذي تكون وظيفته في بلد و مسكنه في بلد آخر، أو كالعامل الذي يكون عمله في مكان و سكناه في مكان آخر و نحوهما كالمعلم و المتعلم الذي يتوقف علمه على سفر.
الجواب: الموارد التي يجب القضاء فيها - فقط - هي ما يلي:
1 - من أفطر في شهر رمضان لعذر من سفر أو مرض و نحوهما و جب عليه القضاء.
2 - من أكره على الافطار في شهر رمضان أو اضطر إلى الافطار جاز له الافطار و عليه القضاء بعد ذلك.
3 - فيما إذا أخل بالنية في شهر رمضان و لم يرتكب شيئاً من المفطرات المذكورة فيجب عليه القضاء.
4 - إذا استعمل شيئاً من المفطرات من دون فحص عن طلوع الفجر ثم انكشف له الخلاف فعليه القضاء و أما إذا فحص و اطمأن ببقاء الليل فأتى بمفطر ثم انكشف له طلوع الفجر لم يجب عليه القضاء.
5 - إذا استعمل مفطراً متعمداً على أخبار شخص ببقاء الليل ثم انكشف خلافه فعليه القضاء أيضاً.
ص: 77
6 - فيما إذا اخبر بطلوع الفجر فاستعمل المفطر بزعم أن المخبر إنما أخبر مزاحاً ثم انكشف ان الفجر كان طالعا فعليه القضاء أيضاً.
7 - فيما إذا أخبر من يعتمد على قوله شرعاً عن غروب الشمس و انكشف خلافه فعليه القضاء أيضاً و أما إذا كان المخبر ممن لا يعتمد على قوله فعليه القضاء و الكفارة.
8 - الافطار قبل الغروب الشرعى باعتقاد دخول الليل أو لوجود ظلمة ثم ظهر عدم دخول الليل فعليه القضاء، و أما مع وجود الغيم في السماء واعتقاد الغروب فإنه لا يجب عليه القضاء.
9 - ادخال الماء إلى الفم بمضمضة لغرض التبريد و غيره فسبقه و دخل الجوف فعليه القضاء فقط، و أما إذا كانت المضمضة
لوضوء الصلاة الواجبة و دخل في جوفه فلا شيء عليه، و أما إذا كانت المضمضة لوضوء غير الصلاة الواجبة و دخل في جوفه فالاحوط في هذه الصورة أن يقضي صومه.
10 - من نام بعد الجنابة فاستيقظ ثم نام قاصداً للغسل و كان عادته الاستيقاظ فإنه يجب عليه القضاء فقط.
11 - نسيان غسل الجنابة يوماً أو أكثر فإنه يوجب القضاء فقط.
12 - إذا قصد الافطار أو تردد فيه ولم يأت بالمنطر بطل صومه و عليه القضاء.
ص: 78
ليس على الصبي و المجنون و المغمى عليه و الكافر الأصلي قضاء ما فاتهم. و لكن يجب القضاء على السكران و المريض الذي لم يستمر به المرض إلى رمضان الثاني. و كذا يجب القضاء على المرتد عما فاته أيام ردته.
و أما إذا أفطر في شهر رمضان لمرض و لم يبرأ منه إلى رمضان الثاني سقط عنه القضاء و عليه التصدق بثلاثة ارباع الكيلو تقريباً عن كل يوم من الطعام.
و ذكر الإمام السيستاني في منهاجه: يجب على الأحوط على ولي الميت و هو الولد الأكبر الذكر ما فات عن أبيه من الصوم لعذر إذا و جب عليه قضاءه و أما قضاء الصوم عن الأم فالاحوط استحباب ذلك (1).
الجواب: الموارد التي توجب القضاء و الكفارة هي ما يلي:
1 - استعمال المفطرات المتقدمة مع العلم بكونها مبطلة
ص: 79
للصوم، إلا الكذب على الله و رسوله فإنه يكفي في إيجابه للكفارة للعالم بحرمة ذلك و ان لم يعلم بكونه مفطراً و هو مخير في الكفارة بين هذه الثلاثة ( طعام ستين مسكين) (صوم شهرين متتابعين) (عتق رقبة).
2 - إذا نام الجنب ليلاً في شهر رمضان و هو يعلم بعدم يقظته قبل الفجر للغسل ولم يستيقظ إلا بعد الفجر.
3 - إذا نام الجنب و هو يعلم أو يحتمل انتباهه قبل الفجر و لكنه كان ناوياً ترك الغسل او متردداً فيه، و لم يستيقظ إلا بعد الفجر و هكذا الحال مع الذهول و الغفلة عن الغسل على الأحوط و جوباً.
4- إذا نام الجنب النومة الثالثة عالماً بالانتباه قبل الفجر أو محتملاً اياه عازماً على الغسل فلم يستيقظ إلا بعد الفجر فالاحوط حينئذ و جوباً الجمع بين الكفارة و القضاء.
الجواب: إذا فطر الصائم في أثناء النهار من شهر رمضان على الحرام كما إذا زنى أو استعمل اللواط أو شرب الخمر و هو صائم فإنه يجب عليه القضاء مع الجمع ما بين الكفارات الثلاث على الأحوط.
ص: 80
الجواب: إذا أكره الصائم زوجته الصائمة في أثناء الصوم على الجماع و جب عليه القضاء و كفارتان و تعزيران، لانه يتحمل كفارة و تعزير عن نفسه. و كفارة و تعزير عن زوجته.
اما إذا كانت زوجته راضية فيجب على كل منهما كفارة و تعزير بالاضافة إلى القضاء و التعزير هو 25 سوطاً.
توابع الكفارة:
يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوماً أو غيره و لا يجوز اعطاء كفارة ستين مسكين لشخص واحد كما لا يجوز اعطاء الفقير
الواحد أقل من كفاره اليوم الواحد.
زكاة الفطرة:
الجواب: زكاة الفطرة، وتسمى بزكاة الأبدان هي واجبة على من توفرت فيه الشروط الآتية:
1 - البلوغ، 2 - العقل، 3 الحرية، 4 - الغنى.
فلا تجب على الطفل و لا المجنون و لا العبد و لا الفقير الذي لا
ص: 81
يملك قوت سنته و إذا توفرت هذه الشروط في شخص تجب عليه وعلى من يعول بهم، حتى إذا جاءه ضيف قبل الغروب من ليلة العيد أو جاءه مولود جديد قبل الغروب و لو بلحظة.
و مقدارها ما يساوى ثلاث كيلوات تقريباً من أغلب ما يأكله الإنسان من الطعام و تدفع إلى الفقراء أو المساكين أو تصرف في مصارف الزكاة و لا تحل فطرة غير الهاشمي على الهاشمي.
ص: 82
عزيزي القارئ
هذه الطبعة الثالثة لهذا الكتاب و قد أضفت عليه بعض النقاط التي ترتبط بالموضوع.
عسى أن تكون قد استمعت في هذه الرحلة الثقافية و في هذا البحث العلمي الشيق من بداية تعريفه لغة و اصطلاحاً إلى نهاية أحكامه و مسائله و بذلك يتم هذا البحث الموضوعي الذي قد حاولنا أن نبحث أغلب جوانبه ليصدق عليه بحثاً علمياً عن الصوم كما و أننا نعلن عن استعدادنا للاجابة على الأسئلة الدينية بمختلف جوانبها تحريرياً و شفوياً، و من الله نستمد العون و التوفيق...
و إلى اللقاء في بحث ديني آخر...
عبدالكريم الحسيني القزويني
ص: 83
ص: 84
1 - القرآن الكريم.
2 - الإسلام عقيدة و شريعة للشيخ محمود شلتوت.
3 - تفسير التبيان للشيخ الطوس.
4 - تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي.
5 - دائرة المعارف للبستاني
6 - الدين بحوث ممهدة لدراسة الدين للدكتور عبد الله دراز.
7 - الصوم و الاضحية للدكتور علي عبدالواحد وافي.
8 - الصيام في القرآن من سلسلة اقرأ محمد الدسوقي.
9 - العروة الوثقى للمرحوم السيد كاظم الطباطبائي.
10 - الفقه على المذاهب الأربعة.
11 - قاموس المحيط للفيروزآبادي.
12 - قصة الحضارة لول ديورانت ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود.
13 - لسان العرب.
ص: 85
14 - مجلة الاضواء.
15 - مجلة النجف.
16 - المنتخب من السنة.
17 - منهاج الصالحين.
18 - الميزان في تفسير القرآن السيد محمد حسین الطباطبائي.
19 - نظام الإسلام العقيدة و العبادة محمد المبارك.
20 - وسائل الشيعة للحر العاملي.
ص: 86
1 - الوثائق الرسمية لثورة الامام الحسين علیه السلام
2 - الصوم بحث و دراسة
3 - علي و مواقفه البطولية
4 - علي و مدرسته الحربية
5 - مدرسة علم الأخلاق النظري
6 - الشركة في الفقه الإسلامي
7 - كتاب الأسئلة و الأجوبة الإسلامية صدر منها حتى الآن 6 أعداد
8 - واقعة بدر الكبرى حرب تحريرية إسلامية
9 - نظرية النبوة و الامامة و الخلافة فى الأسلام
10 - الصلاة واجباتها و أحكامها
11 - أحكام المسافر في الشريعة الإسلامية
12 - مفاهيمنا
13 - مفهوم الشعائر الحسينية
14 - تاريخ المدارس الأخلاقية قديماً و حديثاً
ص: 87
15 - التشيع هو النبع الصافي في الإسلام
16 - التشريع الاسلامى و تطور الزمن
17 - أوهام احمد الكاتب و أساطيره
18 - خرافات عثمان خميس و أوهامه
19 - 3 مناظرات في مكة المكرمة و المدينة المنورة
20 - التشيع هو المذهب الرسمي للاسلام بالنص القرآني و النبوي
21 - النصائح الوافية لاتباع الوهابية و السلفية
ص: 88
سلسلة «مختارات إسلامية التي كانت تصدر في عراقنا الحبيب فإنها تواسيك اليوم في محنتك و تعيش معك حضرك و مهجرك فكن معها تكن معك فإنها تعطيك غذاءاً ثقافياً و تزوّدك بفكر إسلامي أصيل و بأقلام رسالية هادفة يكتبها نخبة واعية من العلماء والفكر الإسلامي أصيل و بأقلام رسالية هادفة يكتبها نخبة واعية من العلماء و المفكرين و باشراف سماحة السيد عبدالكريم الحسيني القزويني.
ص: 89
ص: 90
تمهيد ... 7
الصوم في اللغة ... 9
الصوم في الاصطلاح الشرعي ... 11
الصوم في التاريخ ... 11
صوم الصائبة و المانوية و البرهمية و البوذية ... 13
صوم اليهود و النصارى ... 15
الصوم عند المسلمين ... 18
الصوم يوم عاشوراء بدعة و ادعاء ...20
ص: 91
المتجاهر بالافطار ... 24
الصوم و أدلة وجوبه ... 25
القرآن الكريم و السنة الشريفة - الاجماع ... 25
القرآن الكريم يتحدث عن الصيام ... 29
السنة الشريفة تتحدث عن الصيام ... 30
الأحاديث في فضل شهر رمضان ... 30
الاحاديث في فضل الصائمين ... 32
تشريع العبادات في الإسلام ... 34
الإنسان و العناصر الثلاثة ... 34
الارتباط الثلاثي المنتج ... 35
أقسام العبادة ... 36
القسم الأول: العبادة ذات النفع العام ... 36
الزكاة و اثرها الاجتماعي ... 37
الجهاد ... 38
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ... 38
القسم الثاني: العبادة ذات النفع الخاص ... 40
لماذا شرعت العبادة في الإسلام ... 40
غريزة التدين و طرق اشباعها ... 40
غريزة التدين ... 41
ص: 92
أصالة غريزة التدين و عمقها ... 41
أقوال العلماء والفلاسفة في ذلك ذلك ... 42
الإنسان العصري و الإنسان الملحد متدينان ... 43
إشباع غريزة التدين ... 44
التدين بوليس داخلي ... 45
العبادة رقيب داخلي ... 47
السلبية و الايجابية في تشريع الصوم ... 47
الجانب السلبي من تشريع الصوم ... 48
الجانب الايجابي من تشريع الصوم ... 51
1 - اللقاح الأثنيني في الصيام ... 55
الصوم المادي و المعنوي ... 55
2 - الصيام ليس حرماناً و لكنه تهذيباً ... 56
3 - الصوم استمداد روحي ... 57
4 - فوائده النفسية و الاجتماعية و التربوية ... 58
الصوم تدريب و نظام ... 58
الصوم صمود عند الازمات ... 58
الصوم تقوية و ارداة ... 59
الصوم شعور بالمساواة و المسؤولية ... 59
الصوم و الطب ... 60
ص: 93
الطب القديم و الحديث ... 61
الأطباء غير المسلمين ... 62
الاطباء المسلمون ... 64
أحكام الصوم ... 69
كيفية ثبوت الهلال ... 69
السؤال : ما هي كيفية ثبوت الهلال؟ ... 69
تعريف الصوم و أهلية الصائم ... 70
السؤال 2 و 3: ما هو تعريف الصوم و على من يجب؟ ... 70
السؤال 4: ما هي شرائط صحة الصوم؟ ... 71
السؤال : ما هو الصوم الواجب؟ ... 72
السؤال :6: ما هو الصوم الحرام ؟ ... 72
السؤال : ما هي مفطرات الصائم؟ ... 73
توابع المفطرات ... 74
ذوو الاعذار الشرعية ... 75
السؤال : من هم ذوو الاعذار ؟ ... 75
حكم المسافر ... 76
السؤال : ما هو حكم المسافر ؟ ... 76
موارد وجوب القضاء ... 77
السؤال :10: ما هي الموارد التي توجب القضاء فقط؟ ... 77
ص: 94
توابع القضاء ... 79
وجوب القضاء و الكفارة ... 79
السؤال :11: ما هي الموارد التي توجب القضاء و الكفارة معاً؟ ... 79
وجوب القضاء و الجمع بين الكفارات الثلاث ... 80
السؤال :12 ما هو المورد الذي يوجب القضاء و الجمع بين الكفارات ... 81
الثلاثة؟ ... 81
السؤال :13 ما هو المورد الذي يجب فيه القضاء و الكفارة و التعزير؟ ... 81
السؤال 14: ما هي زكاة الفطرة؟ ... 81
ثبت المصادر ... 85
كتب المؤلف ... 87
سلسلة مختارات إسلامية ... 89
ص: 95
طبع هذا الكتاب من نفقة المرحومين
الحاج حسن إبراهيم و نجله الشاب المرحوم صادق حسن إبراهيم
رحم الله من قرأ الفاتحة لهما
ص: 96