جوابا عن المسائل ألبحرانية

هویة الكتاب

الكاتب: العلامه فاني اصفهاني، علي، 1293 - 1368.(سرشناسه)

محرر الرقمی: مرتضی حاتمی فرد

جواباً

عن المسائل ألبحرانيَّة

سألها ألفاضل المُهذَّب

الشيخ على البحراني

1403

الهجريَّة

ص: 1

اشارة

ص: 2

المقدمة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

والصلوة على محمد وآله الطاهرين

إلى السيّد المبجَّل و الفاضل ألا وحد والعلم المفرد نور البلاد و حجة اللّه على العباد آية اللّه العظمى السيّد على العلّامة الفانی دامت بركاته و طابت اوقاته و مدَّ اللّه ظلّه على رؤوس المسلمين ومتع اللّه بطول بقائه ألمؤمنين.

ياسمىَّ ألوصِّ أنت مثال الفضل***و العلم و التقى والصلاح

أنت أُمثولة الفضائل جمعا***أنت أنشودة الهدى و الفلاح

أنت فخر لنا إذا ما إفتخرنا***لا افتخاراً بيرَّة وسلاح

ليس فخر الانسان ان يملك***المال و يبنى القصور والاصراح

انما الفخر في الكمال وفي الدين***وفى السَّير في طريق الكفاح

انما الفخرفى اكتساب المعالى***و أرى العلم افضل الأرباح

انت روح لنا ونحن جسوم***وحياة الجسوم بالارواح

تبعث العلم في القلوب فتحيا***وحياة القلوب ذكر الصّحاح

ص: 3

نلت میراث آل طه من العلم***وجئت واللّه بالمعجزات الفصاح

سيّدى : قد عرضت لى مسائل لم اجد من يشفى غليلى فى الاجابة عليها سوى بحر جودك ألفيّاض فطفقت أستقى من ذلك البحر الزاخر و لما كان السؤال شفاهاً يعرض المسائل للضياع بالنسيان ارتأيت أن اكتبها في هذا الدفتر و ارفعها للسيد الاجلّ لكى يشفي غليل القلب بما يدرُّه من بلسم الاجابة وان العين لتطرب حينما ترى خط أنامله المباركة يتلألأ أمامها. وإني سأفتخر حينما أرى فى حوزتى مجموعة من المسائل وقع السيّد عليها بقلمه الشريف و ستكون سنداً لى إذ اعرض الشك لغيرى و مرجعًا عند حاجتی.

ثم انتى أرجو من السيّد المبجَّل أن يجيب عليها إجابة كافية شافية و يشير إلى الدليل إن أمكن ولو إشارة لان طالب العلم لا يشفي غليله مجرد ألفتوى مالم يصل إلى أعماق الدليل، و ارجو ألا اكون قد أثقلت على سيّدى فيما تطاولت فيه، و اللّه يحفظك لنا ذخراً و ملازاً مدى السنين و الايام.

المحب الودود

على المبارك

ص: 4

مسألة 1

مسألة 1 - لولم يستطع المقلِّد أن يحصل على رأى مقلَّده في مسألة و نظر فى كتب الفقه فرای ان فى المسألة خلافاً فماذا يفعل هل يعمل بالرأى المشهور أم ماذا ؟.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه رب العالمين وصلى اللّه على محمد وآله الطّاهرين

وصلتنا أسألة من ألفاضل المهذب الشيخ على المبارك البحراني دام تسديده و نحن إذ نحبِّذ إتَّجاهه و إتجاه زملائه نحو الفقه و دراسته الفقه و دراسته و اشتیاقه لهداية الناس نخاطبه للجواب عن تلك الاسألة ونقول السّلام عليك أيّها الموفق بتوفيق اللّه سدّد اللّه خطاك وجعلك من الهداة.

الجواب : يجب على مثله الاحتياط لانه طريق علمى له الى الواقع ويكفى الاخذ باحوط الاقوال للموجودين و ذلك لان الواقع النفس الامرى لا يعقل ان يوصل الينا بنفسه فلابد وان يصل الينا بالطرق المعروفة عند المسلمين و هي عند الشيعه الكتاب و السنة و الاجماع و العقل، و من البديهي أن الفاقد لمواد الاستنباط من المبادى اللغوية الى القواعد الممهَّدة لاستنباط الاحكام عن تلك الادلة لا يقدر على فهم الاحكام أعنى الوصول الى الواقع بشخصه فحينذاك يحكم عقله باخذ حجة موصلة الى الواقع للوظائف العملية و هى إما إحراز الواقع ضمن جميع

ص: 5

محتملاته و هذا هو الاحتياط المطلق لان الاحتياط بمادَّته عبارة عن جعل ألحائطة حول دائرة الواقع بمحتملاته و لذا ليس العامی مجبوراً بحسب الشرع أن يقلد مجتهداً إذ له أن يحتاط وإما أن يأخذ باحوط فتاوى الموجودين من ألفقهاء حيث أنّ الاحتياط انما يتحقق في كل عصر بالعمل باحوط أقوال الموجودين من الفقهاء فهذا ألقدر من الاحتياط كاف (اللّهم الا ان يذهب ذاهب الى حجية فتاوى الفقهاء من الاموات أيضا من لدن رواة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) بمقتضى أمر الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) محمد بن مسلم بالافتاء إلى عصرنا هذا) وكيف كان فله (أي العامى) أيضًا أن ياخذ بفتوى فقيه عرف الاحكام طبقا للموازين و حينذاك فقد حصل المطلوب و هو العمل مطابقا للحجّة الفعلية.

مسألة 2

مسألة 2 - من هو الحربي ؟ هل هو عدا الكتا عدا الكتابى من أصناف الكفار أم هو خصوص الذمى الذى لم الذمى الذي لم يلتزم

بشرائط الذمّة ؟

الجواب : تحقيق الجواب عن هذه المس- هذه المسالة العويصة يتوقف على بيان أمور :

الاول : ان القتل الجائز فى الشريعة ينقسم الى أقسام مذكورة فى ابواب الحدود والقصاص مفصَّلة و من اقسام القتل إنما هو قتل الحربي و بعض اقسام الذِّمّى فنقول إنَّ الكفار ينقسمون بحسب النوع الخارجى الى قسمين :

الاول : غير الكتابي، الثاني : الكتابي و أمّاً بحسب الاصناف فالكتابي يتصنَّف الى ذمى وغير ذمی.

ص: 6

و أما الغير الكتابى و هو الحربي فيجوز بل يجب قتاله (محاربته) و الكفار الحربي هم الذين أمر اللّه تعالى المسلمين كافة بمقاتلتهم فقال سبحانه في سورة التوبة آية 5 (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) و قال تعالى في سورة محمد الآية 4 «فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ)، إلا أنّ هناك شرائط :

الاول : ألقدرة، حيث انها شرط عقلاً لامتثال أىِّ واجب و لا سيّما الواجب الرئيسى ألهام الذى لا يمكن الاتیان به مع ألعجز عن المقاتلة وإن شئت عبَّرت عنه بالمقابلة حيث ان نتيجة هذه الحرب اعنى التى تكون بلا استعداد ولا قدرة هى الدمار للمسلمين و حاشا أن يرضى الكريم بذلك.

الثاني : الدعوة الى الاسلام - ففى معتبرة السكونى : (الوسائل، الباب العاشر، من كتاب الجهاد، الحديث الاول، عن محمد بن يعقوب عن على بن ابراهيم عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونى) عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قال امیرالمؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعثني رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الى اليمن فقال : يا على لا تقاتلنّ أحداً حتى تدعوه الى الاسلام وأيم اللّه لان يهدى اللّه عزوجل على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس و غربت و لك ولاؤه ياعلى.

وفى الكتاب المذكور و الباب المذكور الحديث الثاني : عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن أبى عروة السلمى عن ابی عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سأله رجل ... إلى ان قال

ص: 7

فقال الرجل غزوت فواقعت المشركين فینبغی قتالهم قبل أن أدعوهم ؟ فقال : إن كانوا غزوا و قوتلوا وقاتلوا فانك تجتزى بذلك، و ان كانوا قوماً لم يغزوا و لم يقاتلوا فلا يسعك قتالهم حتى تدعوهم، الحديث:

نعم لقائل أن يقول بأنّ الدَّعوة إلى الاسلام في عصرنا هذا تامة إذ بلغت الدعوة الى كل احد في أرجاء المعمورة.

الثالث : إذن الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) على المشهوربین علمائنا الاعلام ففى كتاب الجهاد من الوسائل الباب الثاني عشر، الحديث الاول، عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن على بن النعمان عن سويد القلا عن بشير عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له، انى رأيت فى المنام اني قلت لك ان القتال مع غير الامام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فقلت لي : نعم هو كذلك فقال أبوعبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو كذلك .

ثم راجع الحديث الاول من الباب الرابع عشر حتى يظهر لك من النصوص المستفيضة إشتراط اذن الامام في الجهاد الابتدائى (اى الدعاء إلى الاسلام وفتح بلاد المشركين) و هو القدر المتيقن من الجهاد المشروع في الاسلام، نعم هل يقوم إذن الفقيه مقام اذن إمام الاصل (عَلَيهِ السَّلَامُ) ام لا ؟ ففيه كلام، و ربما يكون هذا الخلاف ناشئًا عن الاختلاف في سعة إطار ولاية الفقيه وضيقها بل لقائل أن يقول و لو قلنا بعموم ولاية الفقيه الا ان الجهاد الابتدائى موقوف على اذن الامام، المفترض طاعته، قال في الجواهر : في

ص: 8

المسالك وغيرها عدم الاكتفاء بنائب الغيبة فلايجوز له توليه بل في الرياض نفى علم الخلاف فيه عن ظاهر المنتهى و صريح الغنية الا من احمد في الاول قال : وظاهرهما الاجماع مضافًا إلى ما سمعته من النصوص المعتبرة وجود الامام، لكن ان تم الاجماع المذكور فذاك و الا أمكن المناقشة فيها بعموم ولاية الفقيه في زمن الغيبة الشامل لذلك... الخ، ثم اعلم ان الكافر الحربي لا تقبل منه الجزية.

الثاني : الكتابي - وهو موضوع أيضاً للجهاد معه كتاباً وسنة قال تعالى في سورة التوبة الآية 29 « «قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ» حيث تنص هذه الآية على وجوب مقاتلتهم، نعم يستفاد من نفس الآية المباركة قبول الجزية منهم دون غير الكتابي من الكفار الكفار و هنا مسائل :

الاولى : لا ريب في أن اليهود و النصاری كتابیون انما الخلاف في المجوس حيث يشهد التاريخ بأنهم كتابیون، و الموجود في عصرنا يعتقدون بالاصول الثلاثة التى هى التوحيد والنبوة و المعاد، وقد ورد خبران بأن المجوس كان لهم نبى و كان لهم كتاب ففى الوسائل، كتاب الجهاد، الباب 49، الحدیث الاول : عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابي يحيى الواسطى عن بعض اصحابنا قال : سئل ابو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن المجوس اكان لهم نبی ؟ قال : نعم، أما بلغك كتاب

ص: 9

رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الى أهل مكة : اسلموا والا نابذتكم بحرب، فكتبوا الى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أن خذ منا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان فكتب اليهم النبی (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) انی لست آخذ الجزية الا من اهل الكتاب، فكتبوا اليه يريدون بذلك تكذيبه : زعمت انك لا تاخذ الجزية الا من اهل الكتاب ثم اخذت الجزية من مجوس هجر، فكتب اليهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ان المجوس كان لهم نبيُّ فقتلوه و كتاب أحرقوه، اتاهم نبيهم بكتابهم في اثنى عشر الف جلد ثور.

و الحديث الخامس : عن محمد بن علی بن الحسين قال : المجوس تؤخذ منهم الجزية لان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : سنّوا بهم سنة اهل الكتاب وكان لهم نبى اسمه داماست فقتلوه، وكتاب يقال له : جاماست كان يقع فى اثنى عشر الف جلد ثور فحرقوه.

نعم للمناقش أن يناقش في اسناد الاخبار المذكورة و لكن تعاضدها و اعتماد القدماء بها وشهادة التاريخ -كما اشرنا اليه - مما يوجب صحة الركون اليها، نعم المشهور على ان غير هولاء الاصناف - اليهود النصارى المجوس - ليسوا من اهل الكتاب الا ان ابن الجنيد من القدماء افتى بجواز اخذ الجزية من الصابئة.

الثانية : ان الكتابى تؤخذ منه الجزية و مع قبولها يكون فى المصونية نفساً وعرضاً و مالاً، وفى الوسائل كتاب الجہاد، الباب الخامس، الحديث الثاني : بالاسناد عن المنقرى عن حفص عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : سأل رجل عن حروب أمير المؤمنين وفيه (واذا قبلوا الجزية على انفسهم حرم علينا سبيهم و حرمت

ص: 10

أموالهم، وحلت لنا مناكحتهم).

الثالثة : أمر الجزية وحدها انما هو موكول الى نظر الامام المفترض طاعته و الى الحاكم الشرعى بناءً على سعة عموم الولاية الى هذا الحد، ففى الباب الثامن و الستون من الكتاب المذكور الحديث الأول عن محمد بن يعقوب عن على بن ابراهيم عن ابيه عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال : قلت لابی عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما حدُّ الجزية على اهل الكتاب و هل عليهم فى ذلك شيى موظف لا ينبغي أن يجوز إلى غيره ؟ فقال : ذلك الى الامام يأخذ من كل انسان منهم ما شاء على قدر ماله، وما يطيق، إنما هم قوم قدوا انفسهم من ان يستعبدوا او يقتلوا فالجزية توخذ منهم على قدر ما يطيقون له ان ياخذهم به حتى يسلموا، فان اللّه قال لا حتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون و كيف يكون صاغراً و هو لا يكترث لما يوخذ منه حتى لا يجد ذلاً لما أخذ منه فيألم لذلك فيسلم : حيث ينص الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أن توظيف الجزية و تقدير حدها الى الامام، و الظاهر من كلمة الامام في نصوص الائمة امام الاصل و بمضمون صحيح زرارة هذا أخبار أخر فى الباب المذكور فلتراجع.

الرابعة : اعلم ان الذِّمّى منسوب من حيث الادب العربي الى الدمام وهو ألامان و من المعلوم ان اعطاء الامان لاهل الذمة انما هو من الامور الولائية التى أمرها بيد الامام المعصوم و هذا المعنى أعنى اعطاء الذمام و ان كان من حيث الذات بيد الامام الا انه يجوز اعطاء الذمام و يجب الوفاء به، و ان كان المعطى له

ص: 11

من أدنى المسلمين، فراجع الباب العشرين من الكتاب المذكور الحديث الاول، عن محمد بن يعقوب، عن علی بن ابراهيم، عن ابيه عن النوفلي عن السكونى عن ابي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلت له : ما معنى قول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يسعى بذمتهم أدناهم؟ قال : لو ان جيشاً من المسلمين حاصروا قوماً من المشركين فاشرف رجل فقال : أعطونى الامان حتى القى صاحبكم وأناظره، فاعطاه أدناهم ألامان وجب على أفضلهم الوفاءُ به. و بمعناه روايات أخر مذكورة فى الباب المذكور فراجعها.

الخامسة : في شرائط الذمة وقد أنهاها الفقهاءُ الى ستة، الاول : قبول الجزية، فقالوا بأن من لا يعطى الجزية لا يكون محقون الدّم بل يقتل ويمكن ان يقال إنّ هذا الشرط إنما هو من علل قوام الموضوع اعنى صيرورة الكافر تحت ذمام الاسلام و ذلك لان الذُّمّى إذ الحق بدار الاسلام و توطَّن في بلاد المسلمين وعمل بالقوانين الحكومية اى النظام الاسلامى، بان أدّى الضَّرائب المرسومة، ولم يمتنع عن اداء ماجعل عليه، يكون حينئذٍ ذمّيا وعلى هذا، فهذا الشرط ليس شرطاً بعد تحقق ألموضوع أى كون الدمى ذمّياً بل هو مقوِّم له وقد أسمعناك بأن الجزية ليست مقدرة بقدر وعلى هذا لو اكتفى ولى الامر أعنى ولى أمر المسلمين إماما أصلاً او من ينوب عنه بالضرائب المتعارفة لم يكن عليه شيئ وراء ذلك.

الثاني : عدم الاتيان بما ينافي ألامان فاذا عزم على الحرب او عاون أعداءَ المسلمين في قتالهم على المسلمین او صارعيناً عليهم اى جاسوساً إلى غير ذلك

ص: 12

مما ينافي أمن المسلمين و الامان المعطي له فهو خارج عن الذمة و يجوز بل يجب قتله أو قتاله و أرى بأن هذا الشرط أيضاً انما هو مقوِّم للموضوع اى يكون الاتيان بالمنافى موجباً لاندراج مثل هذا الذّمى تحت النوع الاول أعنى الكافر الحربى و لعلّ مراد الفقهاء أيضًا ما ذكرناه مع الاختلاف في التعبير الصناعى حيث أن هذا الشرط محقِّق للموضوع عندنا و الظاهر من تعريفهم كونه شرطاً مجعولاً على الموضوع.

الثالث : عدم الاتيان بما ينافي ألعفة وعدم فعل السرقة وعدم ايواء الجواسيس (ألعيون) و عدم المساعدة معهم ونحو ذلك و لنا ان نقول إنّ هذا الشرط مشروط باشتراطه في ضمن عقد الدّمة و إلا فعلى المقدم على تلك ألامور ما على غيره من المكلفين و إن كانوا مسلمين حتى انّ الذمى اذا سرق تقطع يده مع توفر شرائط القطع وإذا سبٌ النبى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أو الوصى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قتل لانه سابّ لهما لا لانه ذمّى خالف شرطاً من شرائط ألذمة.

الرابع : ان لا يتظاهروا بالمناكير كشرب الخمر والزنا و اكل لحم الخنزير ونكاح المحرِّمات ولو تظاهروا بذلك نقضوا العقد كما في الشرائع و زاد فى الجواهر قوله و ان لم يذكر اشتراطه في عقد الذمة كما هو ظاهر النافع و اللمعة و النهاية و السرائر على ما حكى عن بعضها بل عن الاخير دعوى الاجماع عليه بل هو صريح المحكى فى الغنية و لعله الصحيح زرارة المذكور في الباب 48 من كتاب الجهاد من الوسائل الحديث 1 محمد بن الحسن باسناده عن محمد بن احمد بن يحيى عن الهيثم

ص: 13

عن ابن محبوب، عن على بن رئاب، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قبل الجزية من اهل الذمة على ان لا ياكلوا الربا، ولا ياكلوا لحم الخنزير، ولا ينكحوا الاخوات ولا بنات الاخ ولا بنات الاخت، فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمّة اللّه وذمّة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، قال : وليست لهم أليوم ذمّة، و لكن ظاهر الجواهر مع الجواهر مع ذلك نقلاً عن الشيخ فى المبسوط وظاهر الخلاف ما في متن الشرائع من قول المحقق و قيل لا ينقض بل يفعل معهم ما يوجبه شرع الاسلام من حدّاً و تعزير ثم نقل صاحب الجواهر عن العلامة فى المنتهى التفصيل بين الاشتراط فينتقض و عدمه فلا ينتقض كالمحكى عن التهذيب و التذكرة و أقول الظاهر من جملة (على ان لا ياكلوا الربا)... الخ في صحيح زرارة ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) شرط هذه ألامور على اهل الذمّة فالاقوى ما أفتى به العلامة في المنتهی، و من العجب بعد إعتراف صاحب الجواهر باختلاف الفقهاء انه قال لو سلّم عدم ظهور الصحيح في غير صورة الشرط كما زعمه بعض الناس فالاجماع المعتضد بفتوى من عرفت كاف كما هو واضح، و وجه العجب ان الاجماع وان كان محصَّلاً وكان مستندا الى المدرك كما في المقام ليس بحجّة فكيف بدعوى الاجماع فی مورد الخلاف اذ هي غير مسموعة قطعاً هذا أوّلاً و ثانياً ان الاجماع المنقول لا يعتبر كخبر الواحد الكاشف عن المتن الصادر عن المعصوم و ثالثا : و اعجب من الكل اعتضاد بعض الاقوال المختلفه بالاجماع المنقول.

الخامس : ان لا يحدثوا كنيسة ولا يضربوا ناقوساً و

ص: 14

لا يطيلوا بناءً كما في الشرايع و ادعى فى الغنية الاجماع على نقض الدمام اذا فعلوا احد هذه الامور و لكن لا اعتداد باجماعات الغنية بعد عدم كونها على المصطلح الذي بنينا عليه من كون الاجماع الحجة هو الكاشف القطعي عن رأى المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلابد فيه من قیدین موضوعى و هو التحصيل اى عدم وجود مخالف في البين و حكمى و هو عدم استناد فتوى المجمعين الى أىّ دليل، نعم لو كان الكفَّ عن هذه الامور شرطاً في عقد الامان انتقض الدمام لمخالفة الشرط المشروط في عقده.

السادس : جريان احكام المسلمين عليهم من أداء حق او ترك محرم بلاخلاف كما في الجواهر بل هو مستفاد من كلمة صاغرون فى الآية فيدل عليه الكتاب.

و يمكن ان يقال بأن هذا الشرط أيضاً مقوِّم للموضوع اعنى الدخول تحت الذّمام إذ اعطاءُ الامان مع كونه خارجاً عن اداء الضرائب و النظام الحقوقي المقرر في الشريعة الاسلامية يوجب كونه معانداً لامند مجا و كيف كان فلابد من المصير الى كون هذا الشرط شرطاً للذمام و بدونه ينتقض، و لذا سميناه شرطاً مقوِّماً للموضوع.

الأمر السادس : ان الدّمي اذا خرج عن الذمام كالالتحاق بدار الحرب وعدم أداء الجزية و ما عليه من الحقوق و محاربة اهل الاسلام خرج عن الذمام و وجب قتله وقتاله. دلّ على ذلك موثق حفص في الوسائل، كتاب الجهاد، الباب الخامس من ابواب جهاد العدو الحديث الثاني بالاسناد عن المنقري، عن حفص

ص: 15

بن غياث عن ابي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفيه (ومن كان منهم في دار الحرب حلّ لنا سبيهم، و لم تحل لنا مناكحتهم و لم يقبل منهم الا الدخول في الاسلام أو الجزية او القتل،... الحديث.

الامر السابع : الظاهر جواز مناكحة الذّمى لما فى الحديث المذكور آنفا نعم ربما يفصل بين الدوام و الانقطاع و لكنه خلاف اطلاق النص.

و ملخص الجواب : ان الآيتين في الكتاب المجيد المذكورتين و كذا الاخبار تفرق بين الحربي و الذمى بأن الاول و هو غير الكتابى من فرق الكفار يدعون الى الاسلام فاذا لم يقبلوا يقاتلوا ويقتلون ولا يقبل منهم الا الاسلام فلاجزية عليهم نعم شرائط القتال مع الكفار من دعائهم الى الاسلام وكون الدعوة من الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) مسطورة فى المطولات و يمكن الاطلاع عليها من الاخبار فراجع الوسائل:

وأما الذمى فهو على أقسام :

قسم يقع تحت ذمام المسلم إماماً أو غير امام فقيهاً او غيره و حينذاك يكون محقون الدم و المال و مصون العرض.

و قسم يُدعى الى الاسلام فامّا ان يقبل الاسلام او الجزية فاذا أسلم فهو مسلم بالبديهة، واذا قبل الجزية يكون محقون الدم والمال والعرض.

و قسم يدعى الى الاسلام فلا يقبل ولا يعطى الجزية و لم يقع تحت ذمام المسلمين فهذا يقتل.

تذييل :

اعلم ان من يجوز قتله لا ينحصر في الشريعة الاسلامية

ص: 16

بالكافر الحربي او الكتابي بل هناك أقسام أخر :

الاول : المحارب، و هو على ما يظهر من الوسائل الجزء الثامن عشر فى حدّ المحارب الباب الاول حديث الاول و الباب الثامن الحديث الأول : (من شهر السلاح ليلاً لإخافة الناس أو قتلهم و راجع أيضا كتاب الجهاد الباب السادس و الاربعين الحديث الرابع تجد التفصيل.

الثاني : بعض اقسام اللص : راجع الحديث الاول من الباب المذكور و الحديث السادس والسابع و ربما يتداخل العنوانان - اى الاول مع الثانى - كما يدل عليه الحديث الاخير.

الثالث : الدعاة الى البدعة، راجع الباب السابع و الاربعين من الكتاب المذكور.

الرابع: الباغى و هو من يخرج على الامام المفترص طاعته.

الخامس : القتال على اقامة المعروف وترك المنكر، راجع الباب الحادى والستين من الكتاب المذكور، و قد ذكرنا شرائطهما في رسالتنا المسماة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

السادس : المفسد فى الارض كما دل عليه الكتاب و السنة.

السابع : السّابّ للنبى او أوصيائه عليهم الصلاة و السلام.

الثامن : القاتل وأحكام هذه الاقسام تطلب من مظانها.

مسألة 3

مسألة 3- لوتعمد رجل أن يشرب من ثدى زوجته

ص: 17

فهل هذا حرام أم لا ؟.

الجواب : يجوز ذلك لانه من الاستمتاعات المرغوبة لدى كثير من الشبان ولا دليل على حرمته ولا يعد اللبن - ولا سيما الداخل في باطن الثدى - من الخبائث، نعم لابد من رضاء الزوجة وعدم ايذائها بذلك كما انه لا بد من مراعات عدم تقليل اللبن اذا أوجب قلته ضعف الرضيع

مسألة 4

مسألة 4- هل يجوز تسخين التربة الحسينية بالبخارى الكهربائى بحيث تصبح صلبة كالخزف و هل يخرج بعد ذلك عن كونها تربة حسينية ام تبقى فضيلة التسبيح فيها ؟

الجواب : يجوز ذلك بل هو أحسن فى صنع المسبحة قواماً وكيفية ولا تخرج التربة بعد صيرورتها خزفاً عن كونها أرضاً و لذا أفتينا بجواز السجود عليها و التيمم بها لكن ألافضل بل ألاحوط ان لا يسجد على الخزف و لا يتيمم به مهما أمكن بل التراب أحسن وافضل من مطلق وجه الارض في ألموردين.

مسألة 5

مسألة 5- كفارات شهر رمضان تعطى الفقير والمسكين ام خصوص المسكين ؟

الجواب : كفارات شهر رمضان تعطى لسدّ خلة ارباب الحوائج ولاحاجة الى الدّقة الزائدة، نعم كفارة الافطار العمدي في شهر رمضان مخصوص باطعام الفقير -المحتاج - و يمكن للمعطى توكيل رب العائلة باطعام العائلة - مع شخصه - بأن يعطى اليه مقدار من المال بعدد افراد العائلة بأن يصنع لهم طعاما (غدا أم عشاء).

ص: 18

مسألة 6

مسألة 6- قالوا في المرتد اذا لم يكن له وارث مسلم يرثه الامام و لم أجد لهم دليل يستدلون به الا الشهرة مع وجود الروايات الدالة على ارث اولاده النصاری و هي رواية ابراهيم بن عبد الحميد التي وصفوها بالصحة و الروايات الاخرى التى تقول بأن ارثه لولده و اطلاقه و عدم تقييده تقييده بالمسلم دالة على ارث الكافر إذا لم يكن وارث مسلم لان ارث المسلم مقدم على ارث الكافر لما دل على حجب المسلم للكافر (1) بالاضافة الى انه يمكن حمل رواية ابان بن عثمان على وجود الوارث المسلم لانه قال ماله لولده المسلمين اذ انه مع وجود المسلم لا يرث الكافر و الكلام انما هو فى عدم الوارث المسلم والافارث المسلم و حجبه ثابت بغير هذه الرواية ثم ان المرتد كافر و ليس هناك دليل على اخراجه عن حكم الكافر فكيف لم يجعل حكمه كحكم الكافر الاصلى في انه يرث الكافر مع فقد المسلم، والسيّد الخوئى أيضًافى تكملة المنهاج استشكل فى هذا الحكم و قال ولا يبعد ان يكون كالكافر الاصلى، و قال النراقی (رَحمهُ اللّه) في المستند المسألة الرابعة من مسائل منع الكفر عن الارث والمسألة محل اشكال حيث أن الحدس يأبى ذهاب فحول.......................

1) قال صاحب كفاية الاحكام : يرثه الامام مع فقد الوارث المسلم على المشهور بين الاصحاب المرسلة ابان بن عثمان لكن قول الامام فيها ماله لولده المسلمين دليل على وجود الوارث المسلم والكلام انما هو في عدم الوارث المسلم لان ارث الوارث المسلم و حجبه للكافر مسلم و معلوم بغير هذه الرواية فلا تصلح ان تكون دليلاً في المقام.

ص: 19

العلماء و معظم الفقهاء إلى قول بلا مستند مع دلالة الاخبار على خلافه و ان جواز الخروج عن مقتضى الاخبار الصحيحة و الموثقة و العمومات الكثيرة بمجرد هذا الاستبعاد وعدم ثبوت الاجماع و فقد المخرج غير معلوم و قول المقنع لا يخلو عندى من قوة واللّه العالم. فهل الشهره كافية لوحدها فى اثبات الحكم مع معارضة الادلة ألاخرى لها كما هو الحال هنا ام ان هناك اجماع على ذلك و لم اجد احداً نقله ثم لو ان فقيهاً ذهب الى القول بارث الكافر عن المرتد هل يعد خارقاً للاجماع. أرجو أن تبينوا لنا الدليل على ذلك مفصلاً.

الجواب : اعلم ان الكافر يرث من الكافر للنصوص و الفتاوی و قاعدة الالزام - الزموهم بما الزموا به على انفسهم - و لكن الكافر لا يرث من المسلم لان الكفر من موانع الارث و المسلم يرث من الكافر، نعم الكافر عن ارتدادٍ اذا كان فى ورثته مسلم فهو يرثه من دون اشكال حسب ما وردت النصوص المستفيضة بذلك و اطبقت الفتاوى على ذلك و أمّا اذا لم يكن فى ورثته مسلم و كان هناك كافر ففيه خلاف بأنه هل يرث الكافر منه أو يرثه الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) و التحقيق ان الكافر يرثه لعمومات الارث، وقاعدة الالزام وعدم الدليل على حرمان الكافر عن الارث، نعم قد يتوهم بأن الامام الاصل يرثه و لكن الامام ليس وارثاً الا لمن ليس له وارث، ففی كتاب الخمس عن الوسائل، الباب الاول من ابواب الانفال، الحديث الرابع، (وهو وارث من لا وارث له، يعول من لا حيلة له و من المعلوم ان المرتد وارث عرفاً مالم يمنع الشارع عن التوارث بينه وبين مورثه

ص: 20

ثم ان الظاهر من قوله (يعول من لا حيلة له) ان العلولة للمحتاجين علة لتشريع إرثه عمن لا وارث له.

وفي الحديث الرابع عشر من الباب المذكور (في الرجل يموت و لاوارث له و لا مولى. قال : هو من اهل هذه الآية : (يسألونك عن الانفال) - الآية –

وفي الحديث العشرين من الباب المذكور و هو من قسم الموثق و من مات و ليس له مولى فماله من الانفال.

و المعلوم أن المرتد اذا كان له وارث من الكفار اصلیین او مرتد ين يكون داخلاً في مفهوم هذه الفقرات بمعنى ان له وارث فلايرثه الامام بحسب هذه الكبريات.

وفى الوسائل فى الباب السادس من ابواب موانع الارث في صحيحة ابراهيم بن عبد الحميد، قال : قلت لابي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (نصرانی أسلم ثم رجع الى النصرانية ثم مات قال : میراثه لولده النصاری و مسلم تنصر ثم مات، قال ميراثه لولده المسلمين) وانما الذيل فمحمول على الغالب من ان كفر الكافر الفطرى انما يتحقق حال اسلام ولده المسلمين، فالذيل لا يكون دليلاً على أن المرتد الفطرى لا يرثه وارثه، اذا انحصر بالكافر الذى يكون لا محالة فطريّاً حسب الغالب الخارجي.

و قال صاحب الوسائل، قد عمل الشيخ وجماعة بالحديث الاول - یعنی ما ذكرناه آنفا - واكثر المتاخرين ذكروا ان المرتد لا يرثه الكافر بل الامام ولا يحضرني من ذلك نص أصلاً ولا ذكروا في ذلك دليلاً يعتد به إنتهى كلامه (قدّس سِرُّه)

ص: 21

و ما ذكره حق من حيث الفتوى و من جهة عدم وجود نص دال على ارث الامام له.

اما ما ذكرت نقلا عن كفاية الاحكام من وجود مرسلة تدل على أن المرتد يرثه الامام و ان كان له وارث من سنخه فلم أجد لها أثراً بفضل تتبعى.

اما ما سألت عنه من ان الشهرة هل هي حجة ام لا ؟ فنقول : الشهرة على ثلاثة أقسام :

الاول : الشهرة من حيث الرواية - المسماة بالشهر الروائية - وهذه مرجحة للسند فی مورد تعارض الروايتين وعدم إمكان الجمع الدلالى بينهما وعدم وجود قرينة دالة على كون إحديهما واردة مورد التقية فحينئذ نأخذ بالمجمع عليه بين بين أصحاب الحديث وندع الشاذ النادر كما أمرنا بذلك المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمعنى انه اذا كان دليل حكم من حيث السند مشهوراً و دلیل معارضه نادرا فالشهرة الروائية على الحكم مرجحة له كما ورد (خذ بما إشتهر بين اصحابك وذر الشاذّ النادر).

الثاني : الشهرة الاستنادية - الشهرة القد مائية - وهى ما إذا كان هناك خبر ضعيف دال على حكم و كان الدليل على ذلك الحكم منحصراً في هذا الخبر الضعيف و رأينا بأن المشهور من القدماء استندوا في هذا الحكم الى هذا الخبر الضعيف فحيث علمنا من الخارج بأن فقهاءً الامامية لا يعملون بالاستحسان ولا بالقياس ولا يقترحون حكماً تعبّديّاً حكماً تعبدياً من دون حجة تعبدية وصلت اليهم نطمئن بصدور هذا المتن عن المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) و له نظائر في ألفقه.

فهذه الشهرة جابرة لضعف السند بشرطين :

ص: 22

الاول : ان لا يكون للحكم مستنداً الا الخبر الضعيف المدعوم بالشهرة.

الثانى : ان تكون الشهرة قد مائية، فتلك الشهرة جابرة لضعف الخبر كالنبويات التي اشتهر العمل بها من صدر الفقه الى ساقة الزمن مثل قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): (على اليد ما أخذت حتى تودى).

الثالث : الشهرة من حيث الفتوى - الشهرة الفتوائية - و هي ليست بحجة، لان العمدة في الفتيا الدليل وحيث ان من الممكن أن يعتمد المشهور على سند لا حجية له لدينا لوظفرنا به أو ظاهر لا يكون ظاهرا فيما استظهروه من دليل لاختلاف الانظار في فهم مرادات المعصومین (عَلَيهِم السَّلَامُ) ونحو ذلك، فلا تكون الشهرة الفتوائية حجة، نعم، اللازم على الفقيه النابه ان يفحص عن كل ما يمكن ان يكون دليلاً للمشهور ولا يجترئ بالمخالفة كما رأينا من بعض اصحاب الحدَّة.

مسألة 7

مسألة 7- فى مسألة ارث الكافر الذي أسلم بعد موت المورث لم أجد رواية فى ذلك وانما الروايات في انه اذا أسلم قبل القسمة فهل هنا يكون مجرى لقاعدة ألبرائة بحيث يمكن أن نقول بأن ارثه مشروط بقيد قبليته للقسمة وفى حالة إنتفاء الشرط ينتفى المشروط فعند عدم القسمة يقع الشك في ارثه فتجرى قاعدة البراءة و نحكم بعدم ارثه هل هذا صحيح أم لا ؟ أوضحوا لنا الدليل فى هذه المسألة جزاكم اللّه الف الف خير.

الجواب : ورد فى الوسائل الجزء (17) الحديث (2) من الباب الثالث من موانع الارث عن ابی

ص: 23

عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بسند صحيح (من اسلم على ميراث قبل ان يقسم فله میراثه و ان اسلم و قد قسم فلاميراث له) و في الحديث الثالث من الباب المذكور (من اسلم على ميراث من قبل ان يقسم فهو له و من اسلم بعد ما قسم فلا ميراث له) وهذا الحكم تعبُّدي و مناطه بمناسبة الحكم وهو الارث و الموضوع و هو الاسلام تشریف مقام الاسلام، و عدم حرمان الوارث إذا اسلم بعد موت مورثه المسلم نعم اذا قسِّم المال و اعطى كل وارث سهمه المفروض له فى كتاب اللّه فقد فات متعلق الارث و هو التركة فالاسلام بعد القسمة لا يؤثر فى ما قبله و كانه اسلم بعد غرق المال أو حرقه و غير ذ لك و الروايات ذات عقدين، عقد ایجابی و هو ارث الكافر الذى اسلم قبل القسمة وعقد سلبى و هو عدم ارثه اذا اسلم بعد القسمة و مع وجود الدليل لا تصل النوبة الى جريان اصالة البراءة.

مسألة 8

مسألة 8- اذا عالج انسان ليس من اهل الخبرة و ليس عالماً باصول الطب و العلاج مريضا فسبَّب له الموت فهل يعتبر هذا ألقتل خطأ محض ام انه خطأ شبه عمد ؟

الجواب : الطبيب ضامن و لو كان حاذقاً، وهذا مستفاد من جملة من النصوص، نعم إذا إستبرءَ الطبيب وعالج فليس عليه ضمان و هذا الحكم أيضاً منصوص، وقد فصّلنا الكلام في هذا الموضوع في تقرير بحثنا حول الاجارة و بيّنا اقسام معالجة الطبيب و الحكم هذا حيث انه موافق لقاعدة الاتلاف فيشمل من كان جاهلاً لطرق المعالجة ومع ذالك عالج، كما شاهدنا و نشاهد في الاعصار و الامصار تصدّى الجهلة لامثال

ص: 24

تلك الامور من دون الالتفات الى أهمية الموضوع - هدانا اللّه - و لكن حيث لاعمد في القتل فليس الحكم هو القصاص - القود - بل يكون شبه عمد و الدية عليه و الاحوط المصالحة.

مسألة 9

مسألة 9- لو مات رجل مسلم و خلف زوجة مسلمة. وارث كافر ثم أسلم بعد قسمة المال بين الزوجة و بين الامام يقول الفقهاء بأنه لا يرث شيئًا لكن أليس ان الوارث اذا أسلم كان أولى من الامام فلماذا لا يأخذ ما فضل من حق الزّوجة اذا اسلم بعد القسمة فاولويته على الامام لم تقيد بامكان القسمة او عدمه و الا فالامام كالوارث الواحد ينتقل اليه المال بدون قسمة فالقسمة غير سارية المفعول في حق الامام فاذا كان الكافر اولى من الامام و كان الباقى من حق الزوجة ميراث لا وارث له الا الامام فيكون الكافر احق منه به.

الجواب : هذه المسألة من العويصات، إذ عدم الرد على الزوجة اذا كانت وارثاً منحصراً أول الكلام لتضارب الاخبار و بعد ردّ علم مجملها الى اهلها والاخذ باصحها سنداً يكون الاقوى ما عليه جمع من الفقهاء من ردّ البقية عليها ولا سيّما في عصر الغيبة عجل اللّه فرج غائبها إنشاء اللّه - اذ يكون الفتوى بالردِّ عليها في زمن الغيبة اكثر وعلى هذ افلامعنى لتأثير إسلام الكافر فى ارثه من التركة وذلك لانه لا قسمة حتى يكون اسلامه قبل القسمة و بالجملة اذا مات المورث عن وارث كافر ورد الارث الى وارثه فاسلامه لا ينتج له شيئا هذا من جهة و من جهة أخرى لو لم نقل بالرد -و اخذنا بما ورد من الروايات من ان الامام شريك

ص: 25

مع الزوجة المنحصرة و ان لم يكن شريكاً للزوج إذا كان وارثا منحصراً فحيث قد ورد في بعض النصوص من ان الامام اذا كان وارثاً منحصرًا للمسلم بأن كان له وارث كافر من عرض الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) الاسلام على الكافر فاذا أسلم أعطاه الامام سهمه من الارث، فيمكن ان نقول بأنه إذا أسلم الكافر ولو بعد قسمة المال بين الزوجة و الامام يعطى الكافر حصته من الارث و ذلك بالفحوى، فان قلت او ليس قد ورد في الاخبار من انه اذا اسلم بعد القسمة فلاشيئ له - و قد مضى فى الجواب عن المسألة السّادسة - قلت هذه الاخبار منصرفة عمّا اذا كانت القسمة بين الامام و غيره للفحوى المذكور و هناك جهة ثالثة تختص بزمن الغيبة، وهي انه في هذا الزمان حيث لا يمكن ايصال حصة الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) اليه و لو بناءً على القول بكونه شريك الارث مع الزوجة المنحصرة فيتردد ألامر مر بين رد البقية الى الزوجة وبين ان تصرف فی مصالح المسلمين بأن يكون سبيلها سبيل الانفال المصروفة في مصالح العباد في زمن الغيبة و بين أن تعطى للحاكم الشرعى يضعها حيث ساقه اليه الدليل بناءً على عموم ولايته إلى هذا الحدّ ولمّا لم يدل دليل على واحدة من تلك المحتملات فنقع في عويصة الجزم بالفتوى وعليه نقول الاحوط لزوما عرض الاسلام على الكافر فاذا اسلم تعطى الزوجة سهمها المفروض لها كتاباً و سنّة - أولاً - و ترد اليها ألبقية - ثانياً - ثم عليها أن تؤدى تلك البقية الى الحاكم الشرعى ثم ان الحاكم الشرعى (بعنوان تحبیب قلب من إستجدّ اسلامه) يعطيها الكافر الذى أسلم وهذا

ص: 26

الاحتياط أكد إذا كان الشخص المذكور - جديد الاسلام - محتاجاً نعم ألا وفق بحسب الصناعة ان التركة تكون باجمعها للزوجة و لكن الاحتياط أمر آخر و هو حسن لا محالة.

مسألة 10

مسألة 10- سمعت من السيّد أبقاه اللّه انه قال بأن الحديث عنده إما معتبر مقبول أو غير معتبر مردود فارجو ان تفصل لنا ما هى مميزات كل منهما وما ذ ا يعتبر فيه ؟

الجواب : قد اصطلح العلامة (قدّس سِرُّه) في باب الدراية بالنسبة إلى أقسام الحديث مصطلحات لم تكن معروفة عند القدماء كالصحيح و الموثق و الحسن و المرسل ونحو ذلك وقد زاد البعض من المتاخرين أقساماً أخرى عليها، وقد نوَّع بعضهم الصحيح الى قسمين : صحيح مشهوری و هو ما زكى كل واحد من رجال سنده بتزكية عدل واحد، وصحيح عند هذا الشخص و هو ما زكى كل واحد من رجال سنده بتزكية عد لين و رمز للاول ب- (صحر) و للثاني ب- (صحى) وقد شنَّع على هذا التقسيم بعض الاخباريين بل بالغ بعضهم في الانكار على العلامة الى حد التوهين و الجسارة و من البديهي ان ساحة التحقيق لابد وان تنزه عن إساءة الادب لأن البحث العلمی دائر امره بین النفى و الاثبات فيكفى للمثبت اقامة الدليل على مدعاه و يكفى للنافي تزييف دليل مخالفه و الزائد على ذلك. خارج عن طور البحث، نسال اللّه العصمة عن سوء الكلام، وكيف كان فنحن نقول : التحقيق في صحة التقسيم وعدمها كبيان مراد نا من ألمعتبر المقبول و غير

ص: 27

يتوقف على بيان مقدمة واحدة و هى انه هل من الصحيح تعبُّد الشارع في الطرق بمعنى انه كماله تشريع الاحكام التكليفية والاحكام الوضعية له أيضاً جعل الطريقية للطرق المتداولة او المنع عنها، نظير الاول : جعل الحجية لخبر الواحد العادل و نظیر الثانى تحريم العمل بالقياس و نفى الحجية عنه، مضافاً الى ما نرى بأن الشارع لم يعتبر خبر الواحد العادل في جملة من الامور كباب القضاء و ثبوت الهلال بل لم يعتبر العدلين في جملة من الحدود كالزنا و اللواط حيث اعتبر في ثبوت الحدّين المذكورين قيام أربعة شهود عدول عليها علي نحو الرؤية كالميل في المكحلة، و بالجملة فهل للشارع تعبد في الطرق أم لا.

فما يكون من قبيل الاول يكون ارشاداً الى حجيته الطبعية و ما يكون من قبيل الثاني يكون إرشاداً الى عدم حجيته طبعاً و ما يكون من قبيل الثالث يكون تقييدا للواقع. فنقول بأنه ليس للشارع تعبُّدٌ فى طريقية الطريق كما فصّلنا القول في هذا المطلب في الاصول و أشرنا اليه فى كتابنا عبد اللّه بن عباس و تلخيصه الاشارى

1 - انه لا ملاك لجعل الطريق ثبوتاً إذ ألملاك انما هو فى الواقع لافي الطريق اليه.

2- لا خطاب عليه شرعاً لان ما ورد في الكتاب والسنة بقرينة التعليلات الواردة فيهما ارشاد الی مافی الطريقة المعهودة العرفية.

3- و ليس لا طاعة ألامر الطريقى ثواب ولا لمخالفته عقاب.

ص: 28

4- وليس الامر الطريقى بمقرّب و لذا لا يكون قصده موجباً لصيرورة العمل عباديًا بالمعنى المصطلح وعلى ذلك بنينا على حجية كل طريق يكون عند العرف كاشفاً عن مؤداه، كان الآتى به إماميًا عدلاً مزكى بعد لين أو كان ناووسيّاً مثلاً. إذا كان صادق القول بل قلنا بأن ذيل الآية المباركة الآمرة بالتبيّن في الخبر الجائى به الفاسق حاكم على الصدر بالحكومة التخصيصية بمعنى ان الامر بالتبيّن - الارشادى - إنّما يكون بالنسبة الى الفسق اللّساني دون الفسق العقيدتي أو العملي فلو فرضنا أنَّ الجائى بالخبر يكون موثوقاً بلسانه دون يده بأن كان يلطم أليتيم و يصدق في الكلام، لنا ان نأخذ بقوله فالمراد من المعتبر ما يكون ذا أثر عند العرف و هو ما يكون له الطريقية الخارجية الى اثبات مؤداه - ذى الطريق -

ان قلت فعلى هذا انت توافق من وبخ العلامة في التقسيم للاحاديث وتقول بأن هذا التقسيم خطأ لا بد و ان لا نجعله مورد اعتمادنا في الاحكام الشرعية.

قلت حاشا إذ التّنويع المذكور ذو فائدة عظيمة في باب التراجيح فانظر الى ان هذا التنويع - التقسيم - يستفاد من صحيح عمر بن حنظلة (على الصحيح من كون نفى الكذب عنه مخبرى لاخبرى) أو مقبولته على ما هو المشهور، الواردة فى الجزء 18 من الوسائل في الحديث الاول من الباب التاسع من ابواب صفات القاضي حيث أمراً لمعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين تعارض الخبرين بالعمل بما يكون راويه اعدل وافقه و اصدق في الحديث و من المعلوم ان هذا الكلام وان كان ناظراً الى مرجحات

ص: 29

القاضى اذ اختلف القاضيان فى القضاء الا ان الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد جعل من الصفات المرجحة لباب القضاء كون القاضي أصدق في الحديث و الاصدقية في الحديث صفة للرّاوى فلابد وان يكون المورد مورد قضاء القاضى بما يرويه وعلى أى إحتمال يكشف هذا الكلام ان للاصدقية فى الحديث وزن ملحوظ في الشرعيّات بنظر الشارع و حيث قلنا نحن بأن كل ما ورد في باب الطرق إرشادٌ إلى ما فى الطريقة المألوفة العرفية و إن شئت فقل امضاء لما في الطريقة العرفية فهذا أيضاً إرشادٌ الى ما فى مرتكز كل عاقل من أنه اذا تعارض خبران و كان سلسلة سند أحدهما أصدق من الآخر كان الترجيح له و بالجملة فتقسيم العلامة صحيح موافق للاعتبار العقلى و البناء العرفى إلا انه لا منافات بين هذا التقسيم و بين صحة أخذ كل خبر عن كل مخبر موثوق به في لسانه بمعنی كونه محترزاً عن الكذب محرَز الصدق لدى السامع.

مسألة 11

مسألة 11- لو أعطى شخص شخصاً كفارةً او حقاً من حقوق ألفقراء ليوصله الى اهله من المحتاجين ولم يعيّن له أسماء الفقراء وكان المعطى محتاجاً فهل يحق له ان يأخذ ذلك المال أو يأخذ منه بحسب كفايته بدون أن يخبر المعطى ؟

الجواب : الظاهر فيما لم تقم قرينة على خروج القاسم عن المقسوم عليهم، انه يجوز له الاخذ مما ينطبق عليه بأن اعطاه شخص مقدارا من المال ليقسم على المحتاجين كل واحد بكذا وكان هو أحد المحتاجين فيجوز له الاخذ بالمقدار المأذون فيه، نعم ألاحسن لو

ص: 30

لم يستوضح من المعطى ان لا يأخذ إلا اذا كان بحالة لا يمكن الصبر عليها.

مسألة 12

مسألة 12- كان ولم يزل الفضلاء من الشعراء حتى منهم العلماء الافاضل كالشيخ البهائى اذا نظموا مدحاً وشعراً فى مدِ مدح أهل البيت كانوا يقدمون للقصيدة مقطعاً غزلياً وحتى فى القصائد التي القيت على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كقصيدة كعب بن زهير (بانت سعاد) وغيرها نجد تلك المقدمة الغزلية او المقطع الغزلى فى القصيدة إلا ان بعض طلبتنا فى هذه الايام يعارضون ذلك و يقولون بأن الغزل فى قصائد المدائح المعصومية مخل بالادب و مناف للعرف والى غير ذلك فما هو رأيكم فى ذلك أفيدونا. أبقاكم اللّه ذخراً للامة الاسلامية جمعاء.

الجواب : الوعظ عبارة عن المعالجة الروحية وكما أن طبيب الجسم يداوى مريضه بدواء مر ولكن يجعله في كبسول (غلاف) حلو أو يصف له دوا ماخوذاً من النباتات - العقاقير - المرّة ويامره بفورانها و غلیها ثم يامر بجعل مقدار من السكر فيها كي لا يشمئز المريض من شربه فكذلك الطبيب الروحى لا بد عليه من ان يمزج مُرَّ الانذار في عالم الوعظ بشيئ من سكر الادب كی يستأنس المتَّعظ قبل الاتعاظ بكلام الواعظ الادبى ثم يفرغ في وعاء ذهنه ألوعظ المُرّ و هو التخويف من عقاب اللّه أو يكلفه باتيان الواجبات و يبشره بالجنة و هذا الطريق أحسن الطرق للوعظ، وكما أن ايقاظ النائم يحصل تارة بندائه بصوت هادئ لطيف و يحصل أخرى بضرب مقمع على صخرة مثلاً فكذ لك الناصح ربما

ص: 31

ينصح بلطف و لین و ربما بخشونة و غلظة والقسم الاول فى المثال و الممثل مؤثرو في نفس الوقت ليس بمزعج و القسم الثانى مزعج و ان كان فيه بعض التاثير ولهذا بنى عقلاء الحكماء سيرتهم على تلطيف العبارة و تنسيقها و الاتيان بكلام مسجّع و مقفّى و زيادة على هذا بنوا على بيان الحكم والمواعظ بالاشعار وأضافوا على الاشعار الحكمية مقدارا من التغزل والتشبيب بحبيب لم يخلق بعد وحبيبة لم تلدها امها. بل تصوروا في عالم الادب الوعظى بساتين و أشجاراً وقصوراً وأنهاراً فترى الشاعر في اللّامية يبدءُ بقوله بانت سعاد (1) الخ و يجعل هذه القصيدة بهذه الكيفية تمهيداً للاعتذار فيصل إلى قوله :

نُبِّئت ان رسول اللّه أو عدني***والعذر عند رسول اللّه مقبول

و نحن قد إقتفينا آثارهم فى نظمنا الفارسي فلا بأس بذلك بل هو حسن جداً و يمكن أن يستدل لحسنه مضافاً إلى عدم الدليل على ألمنع بقوله تعالى (و قولا له قولاً ليناً) بل يمكن إشعار قوله (بالتي هي أحسن) الى الكيفية أيضًا، فالجدال من حيث الكم لابد وان يكون بالطريقة الحسنة بل أحسن و من حيث ألكيفية كذلك أعنى نحو أدائه لا بد وأن يكون بالتي هي أحسن أيضًا. وهذه الطريقة موجودة في جميع اللغات و عند كافة ألملل و إن شئت قلت انه

1) بانت سعاد، و قلبي اليوم متبول***مُتيَّم إثرها لم تفد مكبول

ص: 32

براعة إستهلال لتوطين نفس المستمع نحو المطلوب واللّه المرشد الى الصواب.

مسألة 13

مسألة 13 - اصحاب التفاسير يروون عن ابن عباس ان الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : (أقرانی جبرئیل علی حرف فراجعته لم أزل استزيده فيزدني حتى إنتهى إلى سبعة أحرف).

وفي آخر : ان هذا القرآن انزل على سبعة أحرف وفى آخر فليقرؤا القرآن على سبعة أحرف.

وقد اختلفوا في معنى هذه الاحرف فقال بعضهم انها القراآت السبع و بعضهم قال بأنها سبعة أنواع من التعبير : أمر و نهى و وعده و وعید و حلال و حرام و محكم و متشابه و امثال وغيرذ لك و بعض قال بأنها سبعة أوجه من ألمعانى المتفقة فى ألالفاظ المترادفة نحو اقبل و هَلُمَّ و تعالى فيجوز التعبير عن المعنى الواحد بالالفاظ المختلفة وقال بعضهم هي موضوعات القرآن و ان علم القرآن يشتمل على سبعة اشياء وغيرها من الاقوال التى قد تزيد على العشرة فما هو قولكم سيدي في معنى هذه السبعة الاحرف، ثم انه قد اختلف فقهاء السنة فيما بينهم في جواز كتابة القرآن حسب اسلوب و قواعد الخطّ، الحديث :

فبعضهم وقف دون تعديل الرسم العثمانى وانه يمسُّ بقداسته حتى قال البعض بأنه توقیفی و منهم من أباح مخالفة الرسم العثماني كالقاضی ابی بكرالباقلانی في كتاب (الانتصار) وانتقد ابن خلدون فكرة الاصرار على الرسم العثماني هذا من وجهة رأى السنة فما هو رأى علمائنا الابرار فى هذه المسألة و بالخصوص

ص: 33

سيّدى ألمبجل ؟.

الجواب : كلمة سبع، وسبعون، و سبعمائة - في المحاورات كناية عن الكثرة - غالباً - ولا خصوصية لها بما هي عدد مخصوص و نظير ذلك في اللغة الفارسية ده = 10، صد = 100، هزار = 1000 يريدون بذلك الكثرة فلوصح ما نسب إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مما ذكرتم فى السئوال فلابد و أن يحمل على معاني كثيرة كما ورد من طرقنا بأن للقرآن سبعة بطون مثلاً. وأمّا توقيفية القراآت فقد انكرناها في كتابنا (الآراء حول القرآن) اذ لم ينص دليل تعبُّدى على لزوم متابعة القراء بماهم أهل اللسان و اهل للقواعد العربية و توضيح ذلك على نحو الاختصار انّ التفسير على أقسام ثلاثة :

1- قسم هو إقتراحٌ صرف من المفسّر من دون اعتماده على دعامة علمية أو تعبدية كغالب ما في التفاسير و لاسيما بالنسبة الى ذكر شان النزول لكل آية مما لادليل على صحته.

2- و قسم مبتن على القواعد العلمية صرفاً و نحواً. المسمى ب- (گرمر) Grammar و في هذا القسم يشترك كل من درس الصرف و النحو العربيين مع المفسرين فله ان يستظهر من المحكمات معانيها و إنما قيدنا بالمحكمات لان الذي في قلبه زيغ ياخذ بالمتشابهات كجماعة من الصوفية.

و قسم ورد فيه النص الصحيح من سدنة الوحى الالہی روحی لأسمائهم الطيِّبة الفداءُ و في هذا نفترق نحن الشيعة عن سائر الفرق من المسلمين اذ نحن نعتقد بعصمتهم فنأخذ بما ورد منهم في تفسير القرآن

ص: 34

و بالجملة لا القراآت توقيفية ولا القراء محصورين في سبعة ولنا جدول فى القراء أنهيناهم إلى احد عشر شخصاً وأضفنا إليهم تلامذتهم.

و بالجملة فما نسب إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يمكن ان يكون بلحاظ الوجوه المعنوية لا مثل اقبل و هلم و تعال كما نسب الى ابن عباس و حاشا القرآن النازل للتحدّي ان يمس كرامته التلاعب باللغات المختلفة بمجرد الترادف و التشابه، و أما ما سألت من تغيير كتابة القران بالاسلوب الجديد فالجواب انه أمّا تبديل اسلوبه العربي باسلوب فارسی او غيره من اللغات - الترجمة -فمضافا الى جوازه حسن جدّاً، اذ هو موجب لنشر القران بثَّ الاسلام باساليب مختلفة وصور متشتتة، وهذا عزّ للقرآن و ترويج لمعارفه و أحكامه.

و أمّا كتابة القرآن بالاسلوب المستورد من الغرب بمعنى اضافة العلائم الاجنبية عن الاسلوب القديم كعلامة استفهام (؟) أو علامة التعجب (!) أو علامة ختم الجملة وهى (.) أو جعل الهلالين ( )أو الفرازة، ونحو ذلك التي هي علائم للمقاصد من الجملة وهى -المقاصد - التي تتبيَّن بالقرائن المقامية ونحوها فهی غير ضرورية بل ألاحوط اللازم تركه صوناً للقرآن عن التصرف عليه وجعله في متناول كل أسلوب جديد مما يوجب مسخ القرآن - والعياذ باللّه - عن صورته المتداولة قروناً متطاولة ولا يقاس تلك العلائم بتعجيم القرآن و تشكيله لان تلك العلائم ناظرة الى كيفية القراءة و العلائم الجديدة ناظرة الى الجهات المعنوية.

و أمّا كتابة القرآن بالاساليب المختلفة كجعل النقطة

ص: 35

تحت كلمة ألباء دلالة على كونها قافاً فهو جائز لكونه دالاً على كيفية القرآءة مضافاً إلى كونه اسلوباً عربيًّا لا يعدُّ من التصرفات الدخيلة بل من التصرفات الدارجة في البيئات المختلفة مكاناً أو المتدرجة في الاجيال المتتاليه زماناً كتغيير هيئة ملك إلى مالك أو هذان ب هاذان أو الئيكة الى الايكة فتدبر حتى تعرف الفرق.

مسألة 14

مسألة 14 - سمعت بعضَ الفضلاء يقول بأن ألاكل في الطريق مخل بالعدالة مع انه ليس بمعصية وقد قالوا بأن الصغائر من المعاصى لا تخل بالعدالة إلا مع الاصرار و ألاكل ليس معصية أصلاً فكيف يكون مخلاً بالعدالة و ما هو الدليل على ذلك.

ثم إنّ الاكل يختلف فتارة يكون الاكل جالسا و تارة يكون ماشياً وتارة يكون الاكل مما يلفت الانظار و تارة يكون الاكل لا يلفت النظر كما لو أكل قطعة صغيرة من الخبز وتارة يكون الطريق خالياً وتارة يكون مع الأكل أحد وتارة يكون وحده ليس معه أحد و لم أجد التفصيل من المسألة عندهم فما هو ألاكل الذى قالوا عنه بأنه مخل بالعدالة.

و فى الكشكول للبحراني (صاحب الحدائق) قال بأنه ليس عليه دليل والمسألة مبتلى بها عندنا فارجو أن يكون الجواب مفصّلاً ليشفى العليل واللّه يجازيكم عنا أفضل جزاء العاملين.

الجواب : اعلم أن الفقهاءَ إشترطوا العدالة في جملة من الموارد كمورد الشهادة، فاشترطوا ان يكون الشاهد عادلاً، و كمورد الجماعة فاشترطوا فى الامام العدالة وكما فى المخبر فاشترطوا في جواز أخذ الخبر

ص: 36

منه كونه عادلاً، و نحن فصّلنا بين الموارد فقلنا لا بدفى الشاهد أن يكون عادلاً بالعدالة المصطلحة في الفقه، اعنى اتيانه بالواجبات و تركه للمحرمات، و قلنا فی باب الائتمام، بأنه لم يدل دليل تعبدى يمكن الاعتماد عليه على شرطيّة العدالة في إمام الجماعة بل يكفى أن لا يكون فاسقاً لما ورد في الحديث المعتبر لا تصلّ خلف الفاسق والفسق المانع من الائتمام يشمل الفسق المذهبي حيث منعنا عن الائتمام الواقعي (في غير مورد التقية) خلف المخالف إذ عبر عن مثله في الاخبار بمن يُقرء خلفه اى لا يجوز ايكال القراءة اليه وليس ضامناً لها بل قلنا بأن الفقهاء إختلفوا فى سعة و ضيق دائرة مفهوم العدالة الى اقوال سته ذكرناها في شرحنا على الشرايع، كتاب الصلاة، فقد قال الشيخ الطوسى بأنها عبارة عن الاسلام و عدم ظهور ألفسق بعضهم زاد في حقيقة العدالة الى ان ادخل فيها عدم الاتيان بما ينافي المروة و هذا بحسب اصل الكبرى، ثم انهم اختلفوا فى سعة وضيق دائرة منافات المروة فانهآها بعضهم الى ما ذكرته فى السئوال من الاكل فى الاسواق، وقيل بأنه من ركب الحمار العارى فهو فاسق و من جلس على التراب عند عتبة باب داره - مثلاً - فهو فاسق و لكنه بعد مانرى من الاختلاف بين الفقهاء فى المراد من العدالة و بعد ما نرى من اختلاف القائلين باعتبار التجنب عن ما ينافي المروة فى مراتبه و بعد عدم ورود نص صحیح دال على الاقوال المزبورة، كيف يمكننا الفتوى بفسق من يمصُّ قطعة سكر مكعَّب فى الشارع او ياكل لقمة خبز ليلاً و تحت نور

ص: 37

ضعیف و هكذا فنحن قبل الفتوى ننصح أهل العلم باخذ الوقار و السكينة شعارًا لهم وجعل التحفظ عما ينافي عادات البيئات دثاراً لهم، ثم نقول بأن البيئات الاجتماعية و العادات النظامية و الاخلاق الظاهرية مختلفة ففى بلد لا يرى العرف أىَّ منافاة للعزّ إذا مشى عالم ربانیٌّ او زعيم دينیٌّ حافياً و فی بعض البلدان يكون المشى على الاقدام منافياً لجاه العالم الروحى فكيف بأكل التفاحة في سوق مزدحم بالزبائن بصورة بشعة جشعة، فمثل هذا الشخص غير المبالي بعادات العرف مكاناً و زماناً لا يعتبر مكترثاً بالوظائف الدينية فنحن وإن لم نرى الاتيان بایِّ مباح موجباً للفسق من حيث أصل العمل - الكاشف - لكننا نراه غير عادل من حيث المنكشف فلابد للشخص العادل ان يراعى النظام السائد ويلاحظ الادب الاجتماعي، أضف إلى ذلك أنَّ عدم الاكتراث بالنظام و الاتيان بمنافيات المروة يسلب العز من الانسان مهما بلغ من العلم و الفضيلة ما بلغ، فالتهجد ليلاً في الخلوة و اكل الطعام نهاراً فى الاسواق لا يجتمعان فالاحتياط ترك المنافيات للمروة بل لا تخلو من قوة واللّه العاصم و هو الموفق. بقى شيٌ واحد و هو ان العدالة المعتبرة فى المخبر هي صدقه في الخبر و اجتنابه عن الكذب كما بيناه في جواب المسالة العاشرة فراجع.

مسألة 15

مسألة 15- هل يجوز الاقتداء فى الصلاة (الائتمام) بمن يقلِّد الميت ابتداءً.

الجواب : اذا كانت صلاته موافقة للاحتياط أوفتوى الاحياء من الفقهاء يجوز الائتمام به مع توفّر سائر

ص: 38

الشرائط المعتبرة في امام الجماعة.

مسألة 16

مسألة 16 - ما هو الافضل الاشتغال يعلم الفقه أم بعلم التفسير وعلم الكلام ؟

الجواب : الجمع اكمل و الاشتغال بالفقه افضل و عدم الحرمان من سائر العلوم أجمل ولكن الاحسن جعل زمان تحصیل غیر الفقه و اصوله، ايام التعطيل ثم انه لو دار الامر بين تحصيل الفقه أو غيره من العلوم فمن البديهى لزوم ترجيح الفقه، كیف و هو واجب كفائی بل علم الفقه مع ما يتوقف عليه من القواعد الاصولية أمُّ العلوم لان العالم بها يقدر على الوصول الى سائر العلوم ببركة القواعد الاصولية التي هي مفاتيح أقفال غالب العلوم.

مسألة 17

مسألة 17 - كلمة أشياء - قالوا بأن سبب منعها من الصرف هو أنه أصابها ألقلب المكاني وكان أصلها شيئا فقدمت الهمزة التى هى لام الكلمة فى موضع الفاء فصارت أشياء على وزن لفعاء و منعت من الصرف نظراً للاصل و هو وزن فعلاء للتانيث بالالف الممدودة.

لكن الاشكال هو فى أن وزن فعلاء وزن لمفرد مؤنث كحمراء و صفراء وحسناء وكلمة اشياء هي جمع شيىء و هی مذكر مجموع فكيف تحولت بمجرد القلب المكاني من وزن المفرد المؤنث الى وزن الجمع المذكر ؟

قبل القلب فعلاء شيئاء مفرد مؤنث

بعد القلب لفعاء أشياء جمع مذكر

الجواب : إختلف النحاة في كلمة اشياء بعد اتفاقهم على ان مفردها شيء وعلى أنها غير منصرف على اقوال ثلاثة فتحفظاً على ان يكون منع صرفها

ص: 39

بلاعلة، ذهب سيبويه الى القلب فقال هى لفعاء على وزن حمراء و اصلها شيئا على وزن أقوال و هو جمع مذكر سالم، و الآن من حيث المعنى جمع مذكر سالم إلا انَّه قد تقدمت لام الفعل وهي الهمزة ألاولى فصارت على وزن فعلاء و هى وصف للتانيث وحيث ان الهيئة مشابهة مع صفة المؤنث منعت عن الصرف للمشابهة الصورية و الا ففى لبَّ الامر هى صيغة للجمع المذكر و ذهب الكسائى الى ان منع صرفها بلا علة و هى عنده على وزن اقوال يبنى وزنها على اصلها ۔ افعال. و ذهب الفرّاء الى ان اصلها أشئيا على وزن افعلاء لان اصل الاصل شيئي على وزن فيعل، ومن المعلوم ان منع الصرف بلاعلة مخالف للقاعدة و القلب أيضاً مخالف للقاعدة فاحد المحذور بن موجود.

و أمّا إشكالك فلهم الاعتذار عنه بأن المشابهة الصورية كافية لمنع الصرف و أمّا أنا فاقول بأن بعض الهيئات الصرفية وجملة من الاعاريب النحوية، بل و جملة من المبادى اللغوية كسرّاج و تمّار، ليست قياسية بل هي سماعية و لیست قواعد الصرف و النحو إلا ادب المحاورة فلاهل المحاورة التصرفات النادرة في بعض الموارد في لغتهم المحاورية.

مسألة 18

مسألة 18 - اذا نهى الوالد ولده عن شيى مباح و خالف الابن فيما بينه و بين نفسه بحيث لم يشعر ابوه بالمخالفة فما هو حكمه ؟

الجواب : قد إستفدنا من الادلة ولا سيَّما ما ورد فى الجماعة (الجزء الخامس من الوسائل الحديث الاول من الباب الحادى عشر من أبواب صلاة الجماعة)

ص: 40

بسند صحيح عن عمر بن يزيد انه سأل ابا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن امام لا بأس به في جميع أموره عارف غير انه يسمع ابويه الكلام الغليظ الذي یغيظهما أقرء خلفه، قال لا تقرء خلفه ما لم يكن عاقّاً قاطعاً. أنَّ العقوق عبارة عن منع منع الحقوق فمالم يكن الولد قاطعاً لما فرض اللّه عليه من حقّ لوالديه لم يكن فاسقاً و من المعلوم ان نهى الوالد عن اتيان مباح او مستحب او ما يليق بالولد كتحصيل علم أو غير ذلك إذا لم يكن له مساس بحقِّ من حقوق الوالد او الوالدة - لا يوجب تحريم ما احله اللّه له فضلاً عن تحريم ما احبَّه اللّه منه فنهى الوالد او الوالدة، ليس بمشرّع، نعم، لو تأذى الوالد او الوالدة فى أمر من الامور، فالاحوط تركه و انما لا نفتى بالحرمة لان التأذى الحاصل لشخص من فعل من افعال شخص آخر من دون صدق المؤذى على الاخير لا يكون موضوعاً للحرمة فاذا اكتسب واحد و ربح و حسد آخر وتأذى منه لا ينقلب الاكتساب من الحلِّ إلى الحرمة لكنه حفظاً لمقام الوالدين يحسن أن يراعى الولد رضاهما في كلية الامور فياتى بما احلّه اللّه عليه او احبه منه و لكن مع تحصيل رضاهما إذا امكن وان شئت الاختصار فنقول لا دليل على حرمة ما نهى عنه الوالد اذا كان مباحاً ولا سيما مع عدم التفات الوالد به و أما الاجماع المحصل فغير حاصل لنا و منقوله لا حجية له وطريق الاحتياط واضح و حُرمة الوالدين محفوظة شرعا وعقلا.

مسألة 19

مسألة 19- لو بلغ الصبيى و اتبع والده في التقليد بدون رويَّةٍ و بعد آمد تفهم بأنه لم يقلِّد على

ص: 41

رويَّة فهل يجوز له ان يعدل عمن قلَّده أم لا ثم اذا عدل فهل يجب عليه أن يعيد ما عمله من عبادات في حال تقليده الاول ؟

الجواب : يجب على البالغ اذا لم يكن مجتهداً أن يحتاط فى اعماله و لوبأن يعمل على طبق أحوط الفتاوى للمجتهدين الاحياء او يقلِّد المجتهد المطلق و هو القادر بالفعل على إستنباط جميع الاحكام الشرعيَّة - إذ لا تجزى فى الاجتهاد - بشرط ان يكون المجتهد المذكور واجدا لسائر شرائط جواز التقليد، نعم في مفروض السؤال يجب على من اتّبع والده قبل بلوغه فى الوظائف الشرعيَّة إذا بلغ أن يقلّد المجتهد المطلق من زمان التفاته إلى لزوم الرجوع الى المجتهد المطلق و يطبّق أعماله السابقة على هذا التقليد أو يراعى موافقتها مع فتوى من جاز له تقليد حال العمل أعنى من زمان متابعته لوالده في اعماله.

مسألة 20

مسألة 20- ما يقول سيّدنا في الغسلة الثانية من الوضوء وكيفَ يجمع بين الاخبار القائلة بالمرة والاخرى الدالة على التثنية ؟

الجواب : الغسلة الثانية إستظهاريَّة كما تدل عليه جملة - و الثنتان تأتيان على ذلك كله - (الواردة في الحديث الثالث من الباب الخامس عشر من أبواب الوضوء فى الوسائل) إذ مفادها أنَّ ألاولى والثانية تحسبان غسلة واحدة و تؤثران فى أمر واحد أشير اليه بكلمة ذلك و هو الغَسل (بالفتح) ألوضوئى ويؤيِّد ذلك ما عن الفضل بن شاذان عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) إن الوضوء مرة فريضة و اثنتان إسباغٌ (ألباب الحادي والثلاثين من

ص: 42

أبواب الوضوء، الحديث الثالث والعشرين من الوسائل).

مسألة 21

مسألة 21- ما هورأى سيَّد نافى ألبراءة العقليّة ؟.

الجواب : البراءة العقليّة عبارة عن حكم العقل بمعذورية المكلف فى ترك الواجب او فعل المحرم اذا لم يصل اليه حكم المولى بالطرق المتعارفة، وتوضيح ذلك يقتضى بيان أمور و لو على نحو الاجمال :

الاول : انه لا اشكال عندنا نحن الشيعة بأنّ للعقل تحسين و تقبيح بمعنى أنه يُدرك حسن الافعال و قبحها ثم بعد ذلك يحكم بما يراه حسناً وينهى عمّا يراه قبيحاً على ما هو الحقِّ عندنا من أن للعقل علاوة عن الادراك، الحكم.

ألثاني : من الامور التي يحكم العقل بحسنها، العدل بماله من المفهوم العامّ الشّامل للمعاني و الاخلاق النّفسانيّة والاخلاق الانسانّية والافعال الخارجيّة و النظم الاجتماعيّة و الجواهر والاعراض طرّاً، بل التحقيق صحة ما قيل بأنّ بالعدل قامت السماوات و الارضون كما ان العقل يحكم بقبح ما يخالف العدل و هو الظلم.

الثالث : ان المولى المفترض طاعته تجب اطاعته ذلك ليس حكمًا أوليًا للعقل كما هو الدّارج فى الالسنة من أنّ إطاعة المولى حسنة و واجبة عقلا و مخالفته قبيحة و محرّمة عقلاً، وذلك لان هاتين الكبريين.

و ان كانتا صحيحتين إلا انهما ليستا مستقلت بالادراك و الحكم بل هما مندرجتان تحت كبرى أخرى و هی لزوم فى عالم العبودية بمعنى ان مقتضى

ص: 43

المشى الاعتدالى بالنسبة الى العبد في طريق العبوديّة وبالاضافة الى أوامر المولی و نواهيه هو الاطاعة لا وامره والارتداع عن نواهيه، و في مقابل تلك الكبرى راجعة الى المولى و هي لزوم العدل في عالم المولويَّة، بأن يثيب المطيع و يعاقب العاصي و لذا قلنا بأن للثواب والعقاب أبعاد ثلاثة:

البعد الاول : الاستحقاق، و هو عبارة عن حكم العقل المستقل فى باب الطاعة و العصيان المندرج حكمه هذا تحت كبرى لزوم العدل على المولى في عالم المولويَّة (و اعنى بعالم المولوية تصدّى المولى للامر و النہی بعبده و هو ما ذكرنا من إثابة المطيع وعقاب العاصي.

ألبعد الثاني : ألوعد والوعيد و هو عبارة عن جعل المولى الثواب والعقاب في مورد الاستحقاق و من البديهي انه لا يعقل ان يجعل المولى العقاب على الجاهل بالحكم جهلاً ليس مستندا إلى تقصيره فى التعلُّم بل جهلاً يستند الى المولى أو إلى الحوادث الزمنيَّة من التقيَّة وضياع الكتب و محو الاعادي للاخبار أو دسّهم فيها ونحو ذلك، و هذه الامثلة فرضيّة لفهم المطلب.

البعد الثالث : التفضّل و هو عبارة عن اعطاء المولى الثواب و الاجر لمجرد الاطاعة الحكميّة و أعنى بها انقياد العبد لمولاه في الاوامر الرجائيّة او الخياليّة وترشد الى مثل هذا الثواب، ألاخبار التى وردت بلسان من بلغ المعبّر عنها في عبارات الفقهاء

باخبار من بلغ أو أدلة التسامح في السنن.

ص: 44

و اذا تحقق هذه الامور ثبت ان العبد اذا لم يكن مقصِّرا بالنسبة الى اوامر مولاه ونواهيه لم يكن بنظر العقل مستحقاً للعقاب لانه لم يتعدَّ طور العبوديَّة و لم يظلم مولاه بهدم حقِّه و هو حدُّه و حدُّه امره و نهیه.

فلم يشمله قوله تعالى : (ومَنْ يَتَعَدَّ حُدُودُ اللّهِ فَاؤلَئِكَ هُمُ الظَالِمُونَ - ألبقرة الآية 229).

و يرشد إلى هذا المعنى ما ورد في الكتاب المجيد من قوله تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حَتَى نَبْعَث رَسُولَاً الاسراء، الآية 15) و ما ورد في الحديث من أنه كل ما غلب اللّه عليه فهو أولى بالعذر، ومن البديهى أن جهل المكلف القصورى مما غلب اللّه به على عبده إذ لم يستند الجهل المذكور الى العبد فهو معذور.

و من هذا البيان يتبين بأنه لا فرق في ذالك بين الشبهات الوجوبيّة و التحريميَّة وقد عرفت بأن البراءة عبارة عن حكم العقل بعدم الشّاغل الذّمّى للعبد في مورد الجهل غير التقصيري.

فلنا ان نقول بأنه ليس هناك براءتان شرعيّة وعقليّة إذ ما ورد من الشرع تقرير لحكم العقل و ليس تأسيساً لما لم يكن فى إرتكاز العقلاء بل أتى به الشارع من جديد. وعلى هذا نقول بأن اخبار الاحتياط ناظرة الى الاحتياط العقلى فمن الاحتياط ما هو واجب و ذلك في مورد العلم بالاشتغال اليقينى على نحو العلم الاجمالی و منه ما هو مستحبّ و منه ما إذا كان داخلاً تحت عنوان الانقياد. فناظر إلى أخبار الاحتياط تراها كالنصّ فى ما قلنا من حيث التعبيرات الارتكازية العقلية الواردة فى تلك الاخبار كقوله أخوك دينك فاحتط

ص: 45

لدينك، و قوله : أمن من المحرّمات و قوله : اترك مالا باس به حذراً عما فيه بأس و قوله عن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، فتلك التعبيرات لا سيما إذا ضُمّت بعضها ببعض دلت على حسن الاحتياط و لیست ناظرة الى الشبهات الحكميّة التحريميّة فقط حتى يقال بوجوب الاحتياط فيها ولا تعارض بينها و بين أخبار البراءة ثم لو قلنا بالتعارض لزم التساقط، والرجوع الى البراءة العقليّة فلا مفرّ منها إلا أليها ولنا حق السئوال بأن الجمع بين المتعارضين لابد وان يكون مستنداً إلى دليل قاطع وليس إلى مجرد الاقتراح بحمل أخبار البراءة على الشبهات الوجوبية و أخبار الاحتياط على الشبهات التحريمية إذ ليس ذلك الجمع جمعاً عرفياً مقبولاً.

مسأله 22

مسأله 22 - ما يقول سيّدنا في إنسان حبس في مكان مغصوب كيف يصلّى ؟

الجواب : حيث أنا نقول في مسألة اجتماع الامر و النهى بأن الاجتماع مأمورى نشأ عن تطبيق المكلف طبيعى المامور به مع طبيعى المنهى عنه في مصداق واحد فاذا لم يكن الغصب مستندًا إلى سوء اختيار المكلف بأن حبس فى مكان مغصوب - كما في مفروض السؤال - فلايكون مخاطباً بخطاب لا تغصب قطعاً و حينئذٍ عليه أن يصلى كالمتعارف و لا دليل على بقاء النهى الغصبى بالمقدار الميسور تركه من التصرفات الواقعة فى المكان المغصوب، بأن لا يحرّك رأسه مثلاً لانه تصرف فى الفضاء الغصبى، أزيد مما اضطر اليه و هو كون رأسه فى الفضاء الغصبى و أمثال ذلك وهو

ص: 46

كثير، بل هذا إفتراض محض لا يساعده العرف و الاعتبار، أضف الى ذلك بأن التصرفات الفضائية كالركوع، بل الاينيَّة كالسجود، لا تعدُّ من التصرفات المنهى عنها بنظر العرف وإن شئت لخَّصت الكلام و قلت من اضطرّ فى الكون فى ملك الغير لا يعدُّ غاصبا لاضطراره فتصرفاته ليست غصبيّة، هذا من جهة كبرى الغصب حيث لا تشمله، ثم إن التصرفات الفضائية بل الاينيَّة لا تعد من التسلط الغصبى على ملك الغير زائداً على كونه فى ألمكان الغصبی فصلاته كالمعتاد صحيحة.

مسألة 23

مسألة 23- دخول المقدمة في غسل اليد أصلى أم مقدمی؟.

الجواب : المقدمة تنقسم إلى اقسام :

ألاولى : المقدمة الوجوديّة، كنصب السلَّم للكون على السطح -كما تعارف التمثيل به - و هذه ليست مورداً للسئوال.

الثانية : المقدمة العلميَّة : وهى تارة بالنسبة الى مورد العلم الاجمالى كالصلاة الى اربع جوانب حين اشتباه القبلة و أخرى بالنسبة الى المساحات والمقادير التي يشتبه على الشخص إبتدائها وإنتهائها - ولا سيَّما بناءً على كون الفواصل بينها و بين غيرها وَهْميَّة لان الجزء يتجزى الى آخر درجة وجوده و تلك المقدمة واجبة الاتيان بها عقلاً، لان العلم بادراك المساحة و المقدار موقوف عليها فغَسل مقدارٍ ممّا فوق القصاص لغَسل الوجه الوضوئى و كمقدار ممافوق المرفق لغَسل اليد الوضوئيّة واجب بالوجوب العقلى وكذا

ص: 47

الابتداءُ بالطواف مقداراً ما قبل الحجر الاسود - مثلاً - واجب لحكم العقل بلزوم احراز الابتداء من الحجر الاسود - دقة عقليَّة قابلة للتحفظ عليها بالابتداء يسيرًا قبل الوصول الى الحجر- و أمّا رعاية النيَّة فممكنة لكونها هى الداعى القربى الى العمل وهو موجود في خزانة النفس ويتعلق بابتداء المساحة و المقدار خارجاً بلا اشكال.

الثالثة : المقدمة التّمهيديّة و هى إستظهارٌ كما فى غسل اليدين الى الزندين قبل الوضوء حيث ان الوضوء مركب من غسل الوجه من القصاص الى الذقن طولاً و مادارت عليه الابهام و الوسطى عرضاً وغسل اليدين من المرفقين الى الانامل - اى معها - ولكون اليدين الى الزندين لهما بعد نسبى بالنسبة الى محل صَبّ الماء الوضوئى و هو المرفق في اليدين مضافاً الى كون اليدين الى الزندین مورد ان للاوساخ غالباً اعتاد العرف - (ونعم العادة) - بغَسل اليدين الى الزندين قبل غسل الوجه و اليدين من المرفقين الى الاصابع فهذا الغَسل تمهيدىٌّ.

و هناك قسم آخر من المقدمة لم نعترف بها وهى المقدمة الداخليَّة، وذلك أىّ عدم اعترافنا بها هولان الكل عبارة عن نفس الاجزاء مع أنه لابد من التغاير الوجودى بين المقدمة وذيها وهذا غير متحقق في الاجزاء فلا مقدمة داخلية، وعلى ما ذكرنا تبين أنَّ غَسل اليدين قبل غسل الوجه فى الوضوء تمهیدیٌّ.

مسألة 24

مسألة 24 - قد رأيت ان العلماء قد اعتادوا بأن يلتمسوا من مشائخهم إجازة للرواية فماهي فائدة هذه

ص: 48

الاجازة ؟.

الجواب : نسب الى بعض العلماء بأن صدق قول المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) روى حديثنا - على الفقيه انما يتوقف على الاجازة ولا تكفى فى الصدق الوجادة -.

و توضيح ذلك، أنّه قد ورد ف، أنّه قد ورد فی صحیح عمر بن حنظلة (الحديث الاول من الباب الحادى عشر من ابواب صفات القاضى من الوسائل) عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى، عن داود بن الحصين عن عمر بن حنظلة قال: سألت أباعبد اللّه الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رجلين من اصحابنا بينهما منازعة في دين او ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القُضاة أيحلّ ذلك ؟ قال : من تحاكم إليهم فى حقٍّ أوباطل فانما تحاكم الى الطاغوت، و ما يحكم له فانما ياخذ سحتاً و أن كان حقاً ثابتاً له، لانه اخذه بحكم الطاغوت وقد أمر اللّه ان یكفر به. قال اللّه تعالى : يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت و قد أمروا ان يكفروا به، قلت : فكيف يصنعان ؟ قال ينظران من كان منكم ممَّن قد روى حديثنا و نظر فی حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فليرضوا به حكماً فانى قد جعلته عليكم حاكماً، فاذاحكم بحكمنا فلم يقبل منه فانما إستخف بحكم اللّه وعلينا ردَّ، و الرادُّ علينا كالرادِّ على اللّه، و هو على حد الشرك باللّه - الحديث -

فالشرط الاول للقضاء هو رواية الحديث – نقله- و هذا موقوف على استماع المتن من المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) او من الوسائط كل واسطة عن أخرى فالدخول فی

ص: 49

السلسلة باخذ الاجازة عن المشايخ انما هو ضروری بنظر هذا البعض و لكن التحقيق انه ليس بضرورى اذ الرواية هى النقل كما قال هذا البعض إلّا إن النقل يصدق كان فى مورد الحديث او قضيّة تاريخيّة او شعر شاعرٌ أو رأى فيلسوف او فتوى مجتهد أو غير ذلك إذا كان عن كتاب او شخص او ذى اطلاع او الاستماع من اذاعة او نحو ذلك و حيث إن الكتب الاربعة التى عليها مدار الاستنباط طوال القرون المتطاولة تكون متواترة الاستناد إلى مؤلفيها من دون أى شائبة او ريب او تزلزل فلا يحتاج أحد في نقل احاديثها الى اخذ إجازة نقل الحديث عن شيخ من مشايخ الاجازة لكن التيمن بالدخول في تلك السلسلة الشريفة اعنى سلسلة المشايخ الزمنا الاقتداء بالسلف الصالح، باخذ الرواية و اعطائها فانا أجزت لك ان تروى عنى ما صحت لى روايته بحقِّ إجازتي عن مشايخي العظام قدَّس اللّه ارواحهم و عرَّف اللّه بيننا و بينهم فى الجنة تحت لواء مولانا علی بن ابی طالب عليه أفضل الصلاة والسلام.

مسألة 25

مسألة 25- في الماء النجس - ماذا يقول سیدنا - هل يكفى القاء الكرّ حتى ولو كان صبّاً متصلاً ببطىءٍ ام يجب القائه القاء مرة واحدة ؟

الجواب : ألماءُ المتنجس اذا لم يكن أحد اوصافه الثلاثة متغيراً من العين النجسة او زال التغير واتصل بكر او جار يطهر بلا اشتراط وحدة السطح و القاء الكر دفعة عليه والامتزاج، لانه بعد اتصاله بالكر - مثلاً - يكون جزاً منه والكر لا يحمل خبثاً بمعنى أنّه

ص: 50

عاصم فهذا الماءُ الذى كان متنجساً يصير طاهراً و يكون عاصما - مادام الاتصال بالكر و إن شئت قلت كل جزٍء من اجزاء العاصم عاصمٌ و اتصال الجزء الاول من الماء المتنجس بالجزء الأول من العاصم - كراً ام جارياً - يستلزم قهراً و حسب طبع الماء- اتصالَ جميع أجزاءِ الاوّل بجميع أجزاء الثاني، و بذلك يظهر طهارة الماء المتنجس اذا نزل فيه المطر بالمقدار الصادق عليه انه مطر- و يصدق إصابة المطر بعمقه باصابته على سطح الماء المتنجس الذى يكون متصلاً حقيقياً بعمقه و ذلك لاتصال الاجزاء وبالجملة يكفى اتصال الماءِ المتنجس بالكر من دون اشتراط القاء الكر عليه دفعة.

مسألة 26

مسألة 26 - النظر الى وجه الامراة الاجنبيّة متعمداً بلا شهوة هل هو حرام أم لا ؟.

الجواب : قد أفتينا بالاحتياط الوجوبي في جميع رسائلنا باللغات المختلفه فيلزم مراعاة الاحتياط مهما أمكن حيث ان النظر سهم سام من ابليس وجنوده نعم لا أفتى بالحرمة، و لمن يقلدنى الرجوع الى غيري في هذه المسألة.

مسألة 27

مسألة 27- ما هو حدود الشهوة التي يحرم النظر معها الى الاجنبيّة ؟

الجواب : المراد من النظر بالشهوة النظر التذاذاً كما ورد فى النص بأن زنى العين النظر فالنظر الاستمتاعى الغريزى نظير النظر الى المحللة تمتُّعاً و التذاذ هو المراد من النظر بالشهوة و يقابله النظر الاعتيادى كالنظر الى الشَّجر و المدر.

مسألة 28

مسألة 28- اذا كان لانسان مال زائدٌ عن حاجته

ص: 51

و هناك من هو محتاج حاجة ماسَّة فهل يجب على ذلك الغنى ان يعطى الفقير من ذلك المال أم لا يجب عليه و هل يأثم إذا لم يعطه و هل يحقَّ للفقير أن يلحّ عليه الطلب و ينازعه في ذلك ؟

الجواب : إن المتشرع من يقبل الشرع ويستن بسننه فان كان الحكم واجباً ياتى به و لا یتركه و إن كان مستحباً فهو مرخوص فى تركه فان ارادان یاتی به فهو، و جزاه اللّه خيراً، و الا فليس عليه من قبل اللّه سبحانه عقوبة و ليس للعباد عليه ملامة وبعد ذلك نقول : بأن الواجب المالی منصوصٌ عليه كتاباً و سنةً و ليس ورا جعل اللّه سبحانه جعل يجب الطوع له نعم، حفظ النفس المحترمة واجب بالوجوب الكفائي و هو غير مختص بغنئً أو فقير وعلى هذا فالسخيّ في الشرع من أدّى واجباته الماليّة المنحصرة بالزكاة و الخمس غالباً و الكفارات ونحوها في بعض الاحيان، و أمّا الصدقات المندوبة و الحقوق المسنونة ففاعلها بالخيار إن شاءَ فعل - مثاباً - و إن شاءَ لم يفعل – غير ملوم ولا معاقب - و أمّا إلحاح الفقير على الغنى، طلباً لماعنده من المال – الكثير - فليس به بأس و لا سيّما إذا كان مقروناً بالدعاء له بالعزّ و السَّلامة، نعم إذا وصل الالحاح الى حدّ الذُّل والمَهانه للملحِّ فلايجوز كما إذا كان المراد من الالحاح بالغنى لومه على ماله او شتمه او الدعاءُ عليه أو نحو ذلك مما هو محرّم فى الشَّريعة الاسلاميَّة و ليعلم الغنى بأن الصدقات المندوبة أبواب مفتوحة الى الجنّة فيا حبّذا للغنى اذا دخل الجنة من تلك الابواب طوعاً و رغبةً فما عند اللّه من الخير هو أبقى

ص: 52

ولا يدع مجالاً لالحاح الفقير و نحوه.

مسألة 29

مسألة 29- لاحظنا أنّ كثيراً من الايرانيات و لعلّ أهل القرى يلبسون العمامة كعمامة الرجل وقد رأيت في المسائل المهنائيَّة التى تنسب الى العلامة (رَحمهُ اللّه) مسألة كهذه يقول فيها (قدّس سِرُّه): بأنه لا شكَّ في أن هذا الفعل لم ينقل وقوعه فى صدر الاسلام فهو بدعة خصوصا مع ورود النهى بتحريم تحلى المرأة بحلية الرجل فما هو قول سيّدنا الاجل في هذه المسألة واذا كانت حراماً فلماذا لا ينهى ألعلماء عنها حتى أصبحت عادة متَّبعة؟

الجواب : البدعة بمالها من المعنى اللغوى، وهو الانشاء أى صنع ما هو جديد لم يكن له في السابق مثيل ليست بمحرمة ولا يعقل أن تكون محرَّمة لان الابداع و التطوُّر ساريانِ فى الشؤون البشرية فالتطور موجود في اللغة و في الشعر و في الابنية و في المراكب من الابل إلى الكونكورد و فى الطّاقات للحرارة من الصخر الى الطاقات الشَّمسيَّة وكان موجوداً و و كائن حالاً سيكون إلى آخر الدَّهر فلم يَزل الابداع ولا يزال ساری المفعول فى كافة الامور، وإنما البدعة المحرمة عبارة عن التَّشريع و إدخال ماليس من الدّين في الدّين، نعم هناك أخبار مذكورة فى باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ظاهرة باطلاقها فى أن شر الامور محدثاتها لكنها ضعيفة السند، و ليس اطلاقها قابلاً للاخذ العمل والاستناد كما أشرنا إلى وجهه، وعلى هذا فما ذكرتم فى السؤال من وضع المرأة على راسها عمامة كعمامة الرجل لا باس به اذ لم يدل دليل على حرمته

ص: 53

بل لا دليل على حرمة لُبس الرجل ما يختص بالمرة بالعكس على نحو الاطلاق امّا لباس الشُّهره فحرمته إنما هي بمناط الذلِّ و الاستهزاء و عدم نهى العلماء عما نسبتم إلى النساء الايرانيات فلعدم كونه حراماً كی تشمله أدلة وجوب النهي عن المنكر.

مسألة 30

مسألة 30- كان كثير من شبابنا يلبسون السَّلاسل التى تُشبه القلادة و يكون مدلى فيها إمّا قطعة مكتوب عليها إسم اللّه او الرسول أو على شكل طائر أوغير ذلك و الكثير ان تكون السلسله ذهبًا وكذلك ما هو معلق فيها وهذا لا شك في حرمته إلا ان البعض يستعمل الفضّة أو المعادن ألاخرى ويقول بأن الحرمة في ذلك ناشئة من كونها ذهبًا أمّا إذا لم تكن ذهباً فلابأس بذلك و ليس لكم دليل على تحريمه فما هى رأى سيدى في ذلك هل تحرم إذا لم تكن ذهبًا ام لا ؟

الجواب : لُبس الذَّهب على الرجل حرام والصلاة فيه باطلة و أمّا غير ذلك فلم يدل دليل على حرمة لبسه و أما العنوان الثّانوى فلابدّ من طرؤه و النظر في كونه من أىِّ نوع من العناوين الثانويّة كتهييج الفساد الخيلاء ونحو ذلك فهو أمر آخر لا يمسّ بالسؤال، نعم إستعمال مافيه اسماءُ اللّه تعالى و الآيات القرانيه لا بدّ و ان يكون بحيث لا يمسها الا الطاهر بالطهاره الخبثية و الحدثيّة.

مسألة 31

مسألة 31- هناك كثير من النساء لم يعتنين بشعرهن فيتركنه بلا تمشيط ولا جَدَل و لا تفريق فهل ذلك جائز، بيِّن لنا سيدى ما هو ألحرام من ذلك ؟

وكنا فى البحرين وبالخصوص أهل القرى يجدّلون

ص: 54

شعرهن بعد ان يمشطنه و يفرقنه في وسطه و قد كنت أسمع منهن بأن تركه بلافرق و لا تمشيط ولا جدال حرام و لا يجوز أيضاً عندهم قصّ المراة شعرها وذلك لم أسمعه من أحد من أهل العلم و لم أسأل عنه لكنّى لمّا جئت سمعت بأن النساء الايرانيات يقصصن شعورهن و لا يجدّلونها. فما هو الحكم الصحيح بيِّنوا لنا ذلك و علمونا مما علَّمكم اللّه جعلكم اللّه لنا ذخرا وسنداً.

الجواب : ورد فى النصّ بأن جهاد المراة حسن التبعل ومن اقسام التَّبعل الحَسَن هو الزّينة للزوج فيستحب للمرأة المتزوجه التزيُّن لزوجها و عرض نفسها عليه و تحريك غريزته الجنسيّة كى لا يشمئز منها، فيجد عندها ماعند غيرها و يستغنى بها عمّا حرَّمه اللّه عليه بل ألاحوط أن لا تترك المراءة أيَّ زينة متصورة لزوجها و من المعلوم أن الزّينة كانت منذ زمن غابر فى البشريّة حتى أن القرآن يكنى عن بعض أعضاء المرَّة بالزينة و يقول عزّوجل (ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهنَّ).. الخ، و ما سمعتم من النساء من أنّ ترك التمشيط و التفريق و التسريح و الجدل حرام كلام ليس له محمل صحيح، إلا اذا كان ترك الزّينة - ومنها الامور المذكورة فى السؤال - سبباً لنفرة الرجل من حليلته أو سبباً لطروءٍ عنوانٍ مّا محرَّم غير ما ذكر، و أما قصّ المرأة الايرانية شعرها (مع ان قصّ الشعر و المراءة الايرانية بينهما عموم و خصوص من وجه) فيجوز لان لكل قوم آداب اجتماعيَّة و منزليَّة وشؤون في الطّعام والزينة و غيرذ لك وكل ذلك مالم يدل دليل على حرمته أو لم يفض الى عمل حرام جائز بل بعضها مستحب بل

ص: 55

الاحتياط كما قلنا أن لا تترك المرءة المتزوجة الزّينة لزوجها، و ملخَّص الكلام انه لكل قوم زينة وكلها حلال للمتزوّجات لا المتبرّجات

مسألة 32

مسألة 32- كنت أرى بعض الفضلاء عندنا في أيّام عيد الفطر المبارك عندما تكون الشهود كافية ويغلب على ظنه كونه عيداً الا انه قد يحتمل إحتمالاً ضعيفاً في عدم كونه عيداً، أراهم ينوون الصِّيام ويخرجون في الصباح الى مسافة القصر ثم يعودون و يقولون بأن هذا عمل إحتياطي فاذا كان في الواقع عيدا فنحن لم نصمه و ان كان هو ليس بعيدٍ فانا لم نتعمد افطاره بدون سبب شرعی و هو السَّفر حتى انّ بعضهم قال لی بأنه قاطع بكونه عيدا الا انه زيادة في الاحتياط يسافرو

إلا ان فى ذلك قد عرض لى اشكال و هوان صیام يوم العيد حرام فان كان فى الواقع عيداً و بالخصوص عند غلبة الظن به مع توفُّر الشهود الكافية فى اثباته حتى ان فى بعض الاوقات قد تصل إلى الخمسين أو الثلاثين فنيّة صومه حرام و لو بجزء منه و هو من الفجر حتى بلوغ مكان الافطار و ان لم يكن في الواقع عيدا فانه حينئذ قد أتعب نفسه في أفطار يوم بلا فائدة فاما ان يصومه اذا لم يثبت لديه العيد أو يفطر ان ثبت له ذلك والانسان ليس مكلفاً بالواقع وإنما الحكم عليه بالظاهر و هذا الاحتياط لم يحرز له الموافقة القطعيَّة بل انه اوقعه في المخالفة القطعيَّة.

فارجوا من سيّدى الجليل ان يبيّن لناهل هذا الاحتياط صحيح ام لا ؟

ثم إذا كانت الحالة كذلك وهو في حالة غلبة ظنه

ص: 56

بكونه عيداً مع إحتمال ضعيف بكونه ليس بعيد فما هو حكمه ؟ جزاك اللّه أفضل جزاء المحسنين:

الجواب : هذه المسألة لها جهات من البحث :

الجهة الاولى : انه ما هو الطريق لثبوت الهلال -فی رمضان أو غيره - فنقول ذكرنا في المسألة 1739 من رسالتنا توضيح المسائل الشرعية بأن اول الشهر يثبت بطرق خمسة :

الاول : أن يرى الانسان بنفسه الهلال.

الثاني : أن يشهد جماعة برؤية الهلال إذا تيقّن من قولهم وكذا كل ما يوجب العلم.

الثالث : أن يشهد عادلان برؤية الهلال بشرط ان يتَّحدا فى توصيف الهلال فلو وصف كل واحد بخلاف ما وصفه الآخر لم يثبت الهلال بقولهما الخ و من الجمع بين الطريق الثانى والثالث يظهر أن اليقين و العلم الحاصلين من شهادة جمع طريق وقيام شهادة عدلين طریق آخر و هذا الاخير منصوص في الاخبار و عل-ى هذا فلامعنى لغلبة الظنّ اذا كان المراد منها حصول اعتقاد راجح لدى النفس من دون الوصول الى حدِّ اليقين التي كانت حاصلة من شهادة جمع لا يوثق بهم إمّا قولا وإمّا دركًا لكيفية الاستهلال فهذه الغلبة ليست بحجة لاعقلاً و لا شرعا و بناءً على هذا يجب الصوم فاذا أراد من حصلت عنده مثل هذه الغلبة - غلبة الظن - ان يحتاط لزم عليه أن يسافر وهذا الاحتياط حسن وإن لم يكن بواجب إذ له أن ياخذ بقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) صم للرؤية و أفطر للرؤية و ربما يكون هذا الكلام من المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) مشيراً الى استصحاب بقاء الشهر، وأمّا

ص: 57

اذا شهد عدلان عارفان بكيفيّة الاستهلال متوافقان في وصفهما حال الهلال إرتفاعاً و إنخفاضاً وجهة و نحوها فلامعنى حينئذ لاشتراط حصول الظنّ أو غلبته من شهادتهما، و لذا قال الامام على (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا أجيز إلا بشهادة رجلين عدلين من دون إستفصال لحصول غلبة الظن بقولهما، بل أنا أرى بأن شهادتهما توجب العلم العادى والذى يستشكل في ذلك ربما يكون له شبه وسوسة إذ لا إحتياط مع وجود الدليل.

الجهة الثانية : الاحتياط - كالذي في مفروض السؤال - هل هو حسن أم لا ؟ وفى ألجواب نقول: الاحتياط بمادته حسن لشهادة المادة (وهى درك المطلوب بجميع محتملات وجوده) بحسنه وهذا الحسن عقلى و أمضاه الشارع و ناهيك قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أخوك دينك فاحتط لدينك، نعم ربما ينجرّ الاحتياط الى الوسواس و الوسواس الى الكفر فلابدّ من الاحتياط في مقدار الاحتياط ولذا يقال بأن اللّه يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب ان يؤخذ بعزائمه، فالتشكيك شهادة الشهود - اذا كانت شهادتهم علی طبق الاصول ثم المسافرة لذلك لا سيّما اذا صار سبًّا لتخديش أذهان العوام في إفطارهم بل و موجباً لكسر شأن الشهود ليس من سيرة أرباب الفضل والتقى، نعم مع طروء، احتمال فسق الشهود أو خطائهم في التشخيص ياتي دور الاحتياط والانسان على نفسه بصيرة.

ألجهة الثالثة : هل الاحتياط ممكن فی مورد دوران الامر بين الوجوب و الحرمة فى العبادات، كايّام

ص: 58

الاستظهار للحائض ام لا ؟.

فنقول : الاشكال عند القوم انما هو في تمشى قصد القربة و ليس فى احتمال الحرمة، إذ الحرمة في العبادات عند القوم منحصرة بالحرمة التشريعيّة المعلوم أنّ الآتى بالعمل رجاءً لدرك الواقع ليس بمشرِّع، و أمّا قصد القربة فيتمشى من المحتاط كتمشيه فى جميع موارد احتمال ألامر كمورد بلوغ الخبر الضعيف ثم إنّ الجزم بالنيّة أو القطع بالامرا بشرط لصحة العبادة قطعاً.

نعم ربما يشكل الاحتياط في العبادات لدى من يقول بامكان ألحرمة الذاتيَّة للعبادات كما حققنا صحة ذلك فى باب الحيض من شرحنا على الشّرايع و على هذا المسلك أيضاً يمكن الاحتياط لانّ الآتى بالعمل (مع جهله بالحرمة و عدم كون إحتماله المقرون بالعلم الاجمالى منجزاً في حقّه حيث انّ الجامع بين الالزام بالفعل و الالزام بالترك ليس بمحرِّك جزمًا لعدم معقوليّة التَّحريك نحو النقيضين) - آت به برجاء المحبوبيّة فله إحدى الحسنيين إمّا درك الواقع - ألا طاعة الحقيقيَّة - وإمّا الانقياد - ألاطاعة الحكميَّة - وعلى هذا الاساس أفتينا بجواز العمل بالوظيفتين للحائض أيّام الاستظهار فالاحتياط المذكور فى السئوال ليس به بأس لا توليده الوسواس أو غير ذلك ممّا ذكر والاحوط فى هذا الاحتياط السَّفر لا بقصد الفرار عن الصّوم بل بقصد آخر.

مسألة 33

مسألة 33- ما يقول سيِّدنا في من يضع الماء في غسل اليد حال الوضوء على نصف الدّراع ثم يجرى اليد من أعلى المرفق حتى الاصابع هل هذا الغَسل صحيح

ص: 59

ام لا ؟

الجواب : اذا كان اجراء الماء على السّاعد دون المرفق لمحض التمهيد للغَسل (بالفتح) الوضوئى فلا بأس به إذ ألغَسل الوضوئى يتحقق بامرار اليد على المرفق مراعياً للاعلى فالاسفل، من الماء الموجود في الكفّ و المأخوذ من السّاعد و أمّا إذا كان صبه الماء على السّاعِد دون المرفق بقصد الوضوء بأن يتحقق بعض غَسل اليد منكوساً كما عليه العامّة فالوضوء باطل جزماً لانه يشترط في غَسل اليد الوضوئى أن يكون من المرفق إلى الاصابع لا العكس، أعنى منكوساً.

مسألة 34

مسألة 34- رأيت في المسائل المهنّائية بأن التَّسليم عند العلّامة (قدّس سِرُّه) مستحبَّةُ فعلى هذا القول ما الذى يخرجه من الصلاة إذا ترك التّسليم. ثم ما هو رأيكم سيِّدى فيه هل هو واجب أم مستحب ؟

الجواب : القائل باستحباب التَّسليم يمكنه القول بكونه محلّلاً لكثرة ما ورد من التعبير بالانصراف عن الصّلاة في مورد الاتيان بالتسليم و إذا ترك فالخروج عن الصَّلاة على نحو الصِّحة بأن تمحو صورة الصحة بان تمحو صورة الصّلاة و على نحو ألفساد بأن يستدبر القبله او غيره من قواطع الصّلاة قبل إنمحاء صورة الصّلاة لان المنافى على القول المذكور و الفرض المزبور وقع فى الصَّلاة والذى يسهّل الخطب وهن هذا القول لتواتر الادلة وضعاً و تكليفاً و فتوىً بأن التسليم واجبٌ و هو جزء للصّلاة ومحلّلٌ لها، نعم الخلاف فى أن الانصراف هل يحصل بقول المصلّى السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين كما رجّحناه أم بقول السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته كما

ص: 60

هو المشهور او بدون الجملة الاخيرة - و رحمة اللّه و بركاته - أو بكلا التسلمين كما هو الاحتياط و الّا فالقول بالاستحباب ضعيفٌ حتى عند القائل به في جملة من فتاواه.

مسألة 35

مسألة 35- قالوا بأن ماء الغُسالة نجس فعلى هذا لو غسل انسان ثوباً نجساً أو صبّ عليه ألماءَ ليطهِّره أو طهَّر نجاسة عن بدنه فأصابه من ذلك الماء المتساقط فعلى نجاسته يلزم المشقة و العسر لانه قد لا يخلو منه غاسل او متطهِّر و قد تصيبه نقطات على بدنه اوثوبه لا یدری این سقطت فحينئذ يلزمه غسل الثوب كله او العضو الذى أصابه ذلك الماء المتساقط من الغُسالة فما هو الحكم؟. علِّمونا سيّدى. علمونا سيدى ما علمتم رشدا جزاكم اللّه ألف ألف خير.

الجواب : ان الطهارة و النجاسة أمران واقعيّان كشف عنهما الشارع و الغَسل (بالفتح) انما هو عبارة عن الازالة و لم يثبت للشارع وضع جديد و إصطلاح خاصٌّ فيه و على ذلك فمعنى التطهير إنما هو إزالة القذارة بما هي أمر واقعى وألماءُ عند الشارع مزيل، أى راه مزيلاً و أمر بالتَّطهير به و معنى إزالة الماء للقذر حمله له و نقله عن محلّه الى غيره و أمّا بقيَّة الماء الموجود في المحلّ آنيةً أو ثوباً أو خشباً أو سِجاداً فليست حاملة للقذر حسب فرض أنَّ ما خرج عن المحلّ من الماءِ أخذ القذر معه و خرج عنه، نعم، الاحتياط الحسن أن يغسل ألشخص الشئ المتنجس بعد الغَسلة المزيلة غَسلةً أخرى سمّيت لدى القوم بالغَسلة المطهّرة و التفصيل في شرحنا على الشرائع.

ص: 61

مسألة 36

مسألة 36- في المصلّى يهوى إلى السجود فترتطم جبهته بالارض أو بما يسجد عليه فترتفع ثم تعود من تلقاء نفسها كما لو سجد مسرعًا بدون أن يقصد رفعها فهل تبطل صلاته ام لا ؟

الجواب : في رسالتنا توضيح المسائل الشرعيّة مسألة (1080) إذا ارتفعت جبهته عن الارض من غير إختياره وجب ان لا يرجع اليها مع الامكان و يحسب ذلك سجدة واحدة سواء أتي بالذكر أم لا فان رجعت إلى الارض ثانياً بلا اختيار أيضا يحسب المجموع سجدة واحدة فان لم يكن آتياً بالذكر فى المرة الاولى وجب الاتيان به فی المرة الثانية.

إذا عرفت ذلك ففى مورد السئوال يجب عليه ان لا يرفع راسه ثانية إذا وقع على ما يصح السجود عليه و تكون السجدة صحيحة و إذا وقع على ماغير ما يصحُّ السُّجود عليه يجرّ راسه إليه من دون رفع الرأس.

مسألة 37

مسألة 37- لو انّ امرأة أكلت ناسية في شهر رمضان ثم ظنَّت لجهلها بأن من أكل ناسيًا بطل صومه أو قال لها من هو ساذج مثلها بأن من أفطر ناسيًا بطل صومه فاكلت متعمدة و لم يكن لها فطنة بحيث تسال عن حكمها قبل أن تتعمد ألاكل فهذا التصرف كما يبدو لی تصرف جاهل ساذج وقد رأيت بأن الجاهل السّاذج إذا أفطر كذلك لا تجب عليه الكفارة.

فارجو أن تبيَّنوا لنا حكم هذه المسألة أطال اللّه عمركم الشّريف.

الجواب : يجب عليها القضاء من دون كفارة وذلك لانه وإن كان صومها صحيحاً مع الاكل النّسياني كما هو

ص: 62

منصوص و معلّل بأنه إنما هو شيء رزقه اللّه إلا انه مع جهلها بالمسألة ولا سيّما مع فرض كون جهلها عن قصور يمكن ان يقال ليست مشمولة لاطلاق دليل الافطار العمدى فليست عليها كفارة عمدِ الافطار وأما ان الجاهل المقصِّر كالعامد لو سلَّمنا جريان إطلاق هذه القاعدة للافطار العمدى فلايشمل أمثال تلك الجاهلات بالمسائل الدينيّة لا سيّما في ما يكون الابتلاء به نادرا كمفروض السؤال فحيث ليس لها العمد الى الفطر لا نقول بوجوب الكفارة عليها و معذ لك فالاحتياط أمر آخر و هو حسن فى كل حال ولا سيما بالنسبة الى الصّوم بل هو أكيد.

مسألة 38

مسألة 38- ما يقول سيِّدنا فى صبيٌ وصبيَّةٍ رضعا جميعاً إلا أن اهلهم لا يتذكّرون هل ان الرضاع وصل الى حدِّ الرضاع الشرعى المانع من الزواج أم لا فما هو الحكم في زواجهما و هل تجرى قاعدة البراءة هنا ام لا ؟

الجواب : مع جريان إستصحاب عدم حصول الرضاع المحرّم يشمل مورد السؤال عمومات حلّ النكاح و هى غير معلومة التخصيص بمفروض السؤال فيجوز زواجهما و ليس المقام مقام إجراء البراءة، لان الاحكام التي لها اسباب لابد في صحة ترتيبها على موضوعاتها من احراز تلك الاسباب و من المعلوم ان حلَّ الوطى و نحوه إنما يتسبب اليه بالنكاح المشروع و هو مشروط بعدم وقوع الرضاع المُحَرِّم بين المتزاوجين، نعم، عمومات حل النكاح جارية و الاصل الموضوعى منقِّح لمصاديقها و هو استصحاب عدم وصول الرضاع الى حد التحريم

ص: 63

الشّرعى.

مسألة 39

مسألة 39- قال بعضهم ان الامام لكي يخرج من الخلاف في الاخيرتين عليه أن يقرأ فيهما و أن يقرأ البسملة مرة إخفاتاً ومرة جهراً.

لكن الاشكال هو انه اذا كان الواجب الجهر في البسملة فلايجوز الاخفات و هو قد أخفت مرة فى البسملة و ان كان الواجب هو الاخفات فانه لا يجوز الجهر وقد جهر بالبسملة مرة، ثم انه في هذه الحالة جاء بها على وجه التَّرديد يعنى انه كان في نيته ان كان الواجب الجهر فقد أتى به و ان كان الواجب الاخفات فقد أتى به فهل هذا القول صحيح أم لا ؟

ثم إننى لم أجد من يقول بوجوب الجهر حتى يحتاج إلى هذا الاحتياط وإنما رأيت من قال بأنه يستحب الجهر بالبسملة في مواضع الاخفات مطلقاً و الوجوب ليس ببعيدٍ، و قوله الوجوب ليس ببعيد بعد الافتاء باستحبابه إنما يدل على الاستحباب المؤكد لا على الوجوب.

أرجو أن تفصلوا لنا المسألة جزاكم اللّه عنا ألف خیر.

الجواب : القول بوجوب الجهر بالبسملة في الاخيرتين مخالف لوجوب الاخفات في ألاخيرتين قراءةً أم تسبيحاً، نعم عدم الجزم بالنيّة بالمعنى المنافي للاتيان الاحتياطى لابأس به بعد أن الاحتياط رجاء لا تشريع.

مسألة 40

مسألة 40- قد يكون الرجل يضع دواءد هنيّاً على مكان الاستنجاء ثم يحتاج إلى التخلّى وفى حالة

ص: 64

الاستنجاء تذهب النجاسة وآثارها إلا ان لزوجة الدهن الذي اختلطت بالنجاسة أثناء الاستنجاء باقية فهل هى نجسة يجب إزالتها أم يكفى زوال عينالنجاسة و آثارها ؟

الجواب : النص الوارد في الاستنجاء من الغائط يدل على كفاية زوال العين و أما ألاثر بمعنى اللون الضعيف أو الرائحة فلا يشترط زواله في طهارة المحل بل يكفى النقاء ثمة على التعبير الوارد في الحديث فمع زوال العين و حسب الفرض آثارها لا يضربقاء الدسومة فلا يجب ازالة الدسومة في حصول الطّهارة.

مسألة 41

مسألة 41- الذين يعملون في المسرح او في التمثيل على فرض ان التمثيل او المسرح الذي يقومون به مسرحيّة اجتماعيّة او اسلاميّة الا انهم قد يحتاجون الى تمثيل دور إمرأة فيلزم الممثل حينئذ أن يلبس لباس النساء و يتشبه بهنَّ وقد يستعمل المكياج أيضاً فهل هذا جائز أم لا أم ان بعضه جائز و بعضه حرام و هل يكفي ان تكون المسرحية اسلاميّة او اجتماعيةّ أم لا يجوز مطلقا بيِّنوا لنا ذلك أثابكم اللّه و أبقاكم.

الجواب : المسرحيّة بما هي مسرحيّة (مع قطع النظر عن اللوازم المقرونة بها في غالب البلدان ومع قطع النظر عن طرؤ عناوين محرّمة عليها ومع قطع النظر عن كون كتابة المسرحيّة و صنعها إنما هى لاجل الاغراض الفاسدة كترويج مذهب باطل او تعليم الجناية و السرقة ونحو ذلك -) جائزة و إذا انضمّ اليها بعض الاغراض الصّالحة كتعليم الصنايع المفيدة و العلوم النافعة تكون مستحبة لانها لوحة حيّة للدروس الاجتماعيّة

ص: 65

و امّا لُبس الرجل لباس المرءة وبالعكس فلادليل على حرمته و على القول بحرمة تشبُّه أحد هما بالآخر فانما يكون موضوعه ما إذا لم يكن ذلك معلوماً لدى العرف بحيث لا يكون اغراء بالجهل لكن كل ذلك بشرط عدم تهییج فسادٍ أو اشاعه فحشاء و أمّا المكياج فهو ليس بحرام إلا من ناحية التشبُّه وقد عرفت عدم اطلاق دلیل دال على حرمة مطلق التشبه.

مسألة 42

مسألة 42- ما يقول سيدنا فى الخبز يعجن بماء نجس فهو في هذه الحالاة لا تصدق عليه الاستحالة لا على النجس و هو الماءُ ولا على المتنجس و هو العجين لان الخبز لا يصبح يابسا بالمرّة بل لابد وان تكون فيه رطوبة باقية فما هو الحكم فيه هل يطهر أم لا ؟.

الجواب : الفتوى بطهارة خبز عجن بماء متنجس و لو بعد يبوسته فى كمال الصعوبة فلايترك الاحتياط باطعامه للحيوان أو بيعه بمن يستحل أكل النجس.

مسألة 43

مسألة 43- رايت فى المسائل المهنائيّة : في من يعتقد بالتوحيد و العدل و النبوة والامامة لكنه يقول بقِدَم العالم فقال العلّامة بأنه كافر بلاخلاف و حكمه فی الآخرة أيضاً كحكم باقى الكفار و هنا أشكال في ما اجابه العلامة (قدّس سِرُّه) و هو كيف يكون يعتقد التوحيد مع اعتقاده بقدم العالم لان الاعتقاد بقدم العالم يقتضى تعدد القديم وتعدد القديم يقتضى تعدد الواجب وهو عين الشرك الموجب للكفرو هو يناقض التوحيد الذى هو الايمان بوحدة الواجب فحينئذ لا يمكن ان يكون كلا الاعتقادين صحيحان فإمّا أن يكون معتقداً لاحدهما حقيقةً و الآخر إدعاءً وإمّا أن يكون

ص: 66

اعتقاده بكلاهما عن جهل في معنى أحدهما فاذا كان عارفاً بمعنى قدم العالم و معتقداً به حقيقة فلابد ان يكون حينئذ إمّا جاهلاً بمعنى التوحيد أو انه لا يؤمن به حقيقة و إنما يكون إدعاءً فهنا نستطيع بأن نقول بأنه كافر.

أما إذا كان يؤمن بالتوحيد حقيقةً و يجهل معنى قدم العالم أو لا يؤمن به حقيقة فاذا لا يؤمن به حقيقة وإنما إدعاءً فلايكون كافراً و إن حكمنا بكفره في الدّنيا فلا يمكن ان يكون في الآخرة كذلك.

وأمّا إذا كان جاهلاً بمعنى قدم العالم كما اذا كان يظنُّ بأن معنى قدم العالم هو انه قد مضى عليه الآلاف أو ملايين السنين مثلاً فهذا لا يوجب كفره.

افتنا سيّدى فى هذه المسألة بالتفصيل جزاك اللّه ألف خير وجعلك للعلم والعالم مقصداً.

الجواب : نقل لى سيدى الاستاذ المرحوم السيّد على آلاية النجف آبادی الاصفهانی (قدّس سِرُّه) عن الفيلسوف المتبحر المرحوم ميرزا ابوالحسن جلوه : انه سئل منه عن قِدَم العالم وحدوثه فاجاب بأنه لو لم تكن ضرورة الاديان على حدوث العالم و لم يكن إجماع من المسلمين على عدم قدم العالم ولا يكون تسالم من الفقهاء على الحدوث و لم يدل دليل تعبُّدى على ذلك، كان القول بقدَم العالم وجيها، وكان السيّد الاستاذ (قدّس سِرُّه) يميل إلى هذا القول بعض الميل وكنت أقول بأن لجميع صفات البارى جلت عظمته مظاهر و آیات تدل عليه بمعنى أن آيات الافاق و الانفس عبارة عن مصنوعات ألبارى بحيث تدل كل واحدة منها على صفة

ص: 67

وجودية فى اللّه تعالى (- على نحو البساطة والوحدة بين الذات والصفات - ). و من المعلوم و من المعلوم ان اللّه سبحانه ليس بفاعل موجَبٍ - كالنار للإحراق و الشمس للاشراق - بل هو مختار يفعل ما يشاءُ و يحكم ما يريد ولا بدَّ من مظهر لهذه الصفة، أعنى الاختيار والدال عليه إنفكاك ما سواه عنه بالفصل الابداعى، إذ لولا الفصل بين الخالق و المخلوق لكان لتوهم الجبر فيه تقدست أسماؤه مجال الجريان و الفصل يدل على مشيئته و كان يقول (قدّس سِرُّه) لى : شاءَ وفعل، ثم إنى أقول بأن القول بقدَم العالم يناقض ما هو المحسوس بالوجدان من تتالى الحوادث ووجود التغيّر الدائم في الكيان الوجودى، و هذا الحدوث المستمر للعالم يدل على حدوثه فلقد أجادوا حيث قالوا بان العالم متغیر و كل متغیر حادث، فالعالم حادث، و توضيح ذلك انه لو لم يكن للعالم - و أعنى بالعالم ما سوى اللّه من السموات السبع إلى الارض السابعة (- على التعبير الدارج -) مبدءُ حدوثى و كان قديماً فلنا ان نستصحب بالاستصحاب القهقرائى كل حادث إلى مالانهاية له و هذا الاستصحاب بالاضافة الى كل موجود امكانی جائز الجريان و لزم ذلك ان لا يكون فى الوجود حادث وهذا باطل بالضرورة فالعالم حادث قطعاً.

وأما ما قاله العلامة الزنوزي في بدائع الحكم من ان العالم لايصير حادثاً بالقول بالامتداد الموهوم ففيه أننا لا نريد أن نقول بأن بین اللّه و بين خلقه إمتداد زمانی او ما يُشبه ذلك و هو كما قاله الزّنوزى موهوم بل نحن كجمع من الفلاسفة لا نعتبر الزمان كمقولة من

ص: 68

المقولات فكيف نقول بأن إمتداداً وهميّا قد توسط بين الخالة و الخلق، حتى يكون بُعداً مسانخاً للبعد الزماني و به يكون العالم حادثاً بل نقول بأن الابداع لم يكن أزليّاً وتوضيح ذلك فى كمال الاختصار أنّ الفلاسفة إختلفوا في ربط الحادث بالقديم حتى أنّ بعضهم ترك التحقيق فى هذا المطلب إعترافاً بصعوبة التحقيق فيه و لكن نحن نقول بأن ربط الحادث بالقديم كربط المبدعات النفسيّة للنفس الناطقة الانسانيّة وإن شئت قلت كربط الكلام بالمتكلم وهذا وإن كان قياساً للمعقول بالمحسوس إلا انه لاعلاج لنا إلّ نت هذاا التمثيل مع تفاوت أنَّ مبدعات النفس وكلام المتكلم ناشئة عن مبادى وجوديّة فى الانسان موهوبة من اللّه تعالى له، و مبدعات البارى إبداع منه بذاته لامن شبي لا أنها إبداع من لا شيئ.

فمعنی خلق السماء إبداع لما يكون سماءً و معنى خلق الارض إبداع لما يكون أرضاً و بذلك يظهر بطلان القول بالتقرّر ألما هوى إذ لم يكن شيىء قبل الابداع يقال له السماء ماهيّةً - فالبسها اللّه تعالى لباس الوجود. و بالجملة الابداع ايجاد إبتدائى نسبته إلى اللّه بالنسبة إلى كل ما يتصور من مصاديقه نسبة واحدة هي الانشاءُ لا من شيء و لا عن شيىء و لا من عدم بأن يقال إنّ اللّه طرد عدم السماء بايجاده و هكذا فالفصل الاشراقي إنما هو إبداع و مجرد عدم الابداع قديماً كاف لفهم معنى الحدوث و الاعتراف به كما يقال كان اللّه و لم يكن معه شيي و في الكتاب المجيد الاشارة الى تدرّج المُبدعات فى عالم التّحقق حيث قال اللّه تعالى

ص: 69

في سورة هود الآية (7) و هو الذى خلق السموات و الارض في ستة أيّام و التّعبير بالايّام إشارة الى التّدرّج في الايجاد و ألايّام عبارة عن الفواصل بين السموات و الارض التى هى أنواع المخلوقات الخالق ومصنوعاته و إلّا فالقائل بالزمان يراه أمراً حاصلاً من حركة فلك الافلاك (؟!) و قبل خَلق الخلق لم يكن فلك حتى يتحرك ويوجد الزمان ببركة حركته و اذا ثبت ان التحقيق هو القول بحدوث العالم نقول : القدم و الحدوث تارة يقال ويراد منهما الذاتى ومن المعلوم لدى الفلاسفة المتألهين بأن القديم الذاتي منحصر بذات البارى و أمّا الماديّون من الفلاسفة فيقولون بالقِدَم الذاتى للعالم باسره على إختلافهم في ان العالم كان مجموعة أجرام صغار صلبة كما عليه ذ يمقراطيس الحكيم وهو أحد الفلاسفة اليونانيين القدماء اوان العالم كان عبارة عن سلسلة مواد صغار أقل حجما من الذَّرات المسماة واحدتها ب- (اتم) أو غير ذلك.

و كيف كان فالالا هيّون يقولون بأن القديم الذاتي منحصر باللّه تعالى، اللّهم إلا ان شرذمة من المسلمين قالوا بتعدد القدماء و يريدون بتعدد القدماء ذات البارى وصفاته وهذا هو المراد من قولهم: (قدماءٌ ثمانية). وفي مقابل القديم الذاتي، الحادث الذاتي و هو ما و سوى اللّه.

أخرى يقال و يراد منهما الزماني والقائل بالقدم الزماني يعترف بطوليّة العالم عن اللّه طوليّة رتبية كطوليّة كل معلول عن علته فقوله هذا الا ينافي اعتقاده بالتوحيد فلايكفر من هذا الاعتقاد بل هذه العقيدة

ص: 70

نشأت من ان اللّه فيّاض على الاطلاق وإطلاق الفياضيّة يقتضى عدم تخلّل الفيض عنه آناً مادقيًا عقليّاً (والمراد من الآن في هذا المقام الفصل اليسير بين الخالق و الخلق) وكيف كان إنَّ القول بعدم إنقطاع الفيض عن اللّه و انه لم يزل فيّاضاً كما لا يزال فياضاً وأن عمود الابداع متصل بالمبدع، إن لم يلائم التوحيد بل كان باطلاً كما حققناه فلا أقل من انه لا يناقضه و أمّا الاشكال على العلامة الحلّى رحمة اللّه عليه بأن من يقول بالتوحيد كيف يكون كافراً وهذا الكلام متهافت صدراً و ذيلاً وارد عليه جداً وعذره أنّ المكثر لا يقلُّ منه الخطأ و الاعتذار عنه بأن مراده من ألقديم هو القديم الذاتي المستلزم لكون المخلوق شريكاً في الوجود مع الخالق بل المستلزم لنقص الخالق عن كونه فوق التّمام الموجب لا متناع الشريك له فهو مردود بأن ذلك ينافي القول بالتوحيد و هو قد كفّر المعتقد بالتوحيد القائل بقدم العالم و نحن نوصى إخواننا المؤمنين بأن لا يأخذوا بلوازم الاقوال إذ احتمل عدم التفات القائل باستلزام قوله لتلك اللوازم و إن كانت تلك اللوازم كفراً او توول بالنتيجة الى الكفر فمن أظهر الشهادتين وجب ترتيب آثار الاسلام عليه حتى إذا تكلم بكلام يكون لازمه - بالدلالة الالتزامية البين بالمعنى الاعم - إنكار ضروريّ من ضروريات الدين بأن يقول أىّ فائدة للصلاة أو يقول إنَّ الصّوم موجب للضعف و أي فائدة للجوع و العطش فحمل كلام المسلم بما هو فعل من أفعاله على الصحة واجب عقلا و شرعاً إذ المتكلم ربما يتكلم بكلام حالة ثوران الغضب أو هجوم الغصص او تفجّعاً و

ص: 71

لا يلتفت الى لوازم كلامه.

ويعجبني أن أذكر هنا مصحح على بن عطيَّة (الوسائل، الجزء الثامن عشر، الباب الثامن و الثلاثين من أبواب حدِّ القذف) عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال كنت عنده و سأله رجل عن رجل يجى منه منه الشيئ على جهة الغضب يؤاخذه اللّه به؟ فقال إنَّ اللّه اكرم من ان يستغلق عبده و الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يستفصل عن الشيئ بما هو ؟ فاطلاق الجواب يشمل كل ما يغلت عن الغاضب و انه لا يعاقب عليه فكيف يجوز تكفيره بذلك. و بتنقيح المناط ودلالة التعبير بعدم الاستغلاق نتعدّى الى ما يشبه حالة الغضب فتدبر و اغتنم.

مسألة 44

مسألة 44- قال بعض علمائنا إن فعل الطاعة لاجل الثواب او لدفع العقاب لا يعد فاعلها مطيعاً و لا يستحق ثوابا وقال بأنه كالعامل بالتقية و العامل بالتقية ليس مطيعاً وإحتج لذلك بمفهومها اللغوى و العرفى و هو أنّ الطاعة لغة هو فعل الشيئ بالطّوع والاختيار و في العرف و الاصطلاح فعل المأمور به و العامل بالتقيّة لا ينطبق عليه هذا العنوان.

إلا أنّ لي في ذلك إشكالاً وهو انّ هناك أدلّة من القرآن و السنّة تخالف ذلك وهى:

أولاً : فى القران كثير من الآيات تدل على انّ من خاف اللّه و خاف من ناره و عمل صالحاً فانه يدخل الجنَّة وكذا من رغب في الجنة و عمل لاجلها أعطاء اللّه ذلك.

1- «وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى».

ص: 72

2- «إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا».

3- «إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ».

4- «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا».

5- «وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ».

6- «فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا».

7- «إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا».

8- «لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ».

9-« َادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا».

10- «وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً».

11 - «يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ».

12 - «يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ».

13 - «يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ».

14 - «وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ».

15 - «وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ».

16- «وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ».

وهذه بعض الآيات التي تصف الطائعين بأنهم هم الذين يخافون اللّه و يخشون العذاب و يرجون رحمته و يرغبون فى جنته فكيف يكون من يفعل الطّاعة لذلك لا يعدّ مطيعاً ولا يستحق ثواباً.

و من السنَّة نجد قول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في تقسيم العباد الى ثلاثة :

من يعبد اللّه لاجل الثواب و هي عبادة التجار.

ص: 73

و من يعبد اللّه خوفاً من العقاب و هي عبادة العبيد و من يعبد اللّه لاخوفاً من النار ولا طمعا فى الجنة بل حبّاله و شكراً على نعمائه و هي عبادة الاحرار وهى أعلى مراتب العبادات والتي قال فيها عن نفسه عبد تك لا خوفاً من نارك و لا طمعاً في جنتك ورواية هارون بن خارجة عن الصادق الذى وصفها العصفورى بالصحة قال : العباد ثلاثة قوم عبدوا اللّه خوفاً فتلك عبادة العبيد وقوم عبدوا اللّه طلبا للثواب فتلك عبادة الاجراء و قوم عبدوا اللّه حباً له فتلك عبادة الاحرار و غيرها من الروايات و لم يقل أحد من الامامين في ان عبادة التجار أو عبادة العبيد باطلة لا يحصل بها الثواب.

ثالثاً : إن اللّه حذَّر من العصيان وتوعَّد عليه بالنار و رغب في حصول الثّواب و الامتثال و دخول الجنة فان كان لا يريد أن يكون الدافع للعبد هو ذلك الوعد و الوعيد والترغيب أو الترهيب و يكون افعاله اذا جری على ذلك الملاك لا يحصل منها ثواب كان هذا الوعد و الوعيد و هذا الترغيب والترهيب لغواً تنزهت ساحة المولى عنه بل يكون سبباً في فساد عمل العبد واللّه يهدى العباد لا يضلهم ولابد إذاً من الفائدة فى ذلك و ليس إلا حركة العبد نحو ألعمل و امتثال لأوامر اللّه كى يحصل له الثواب و يرفع عنه العقاب.

وأمّاً و أما ما احتجوا به من معنى الطاعة لغةً و عرفاً حتى لو سلّمنا به قد لا يكون ماخوذاً في عرف الشارع فالمولى إذا قال إن من أطاعنى وعمل بما أمرت به خوفا من نارى أو رغبة فى جنتى أعطيته ذلك وعددته مطيعاً و

ص: 74

من خالف أوامرى عددته عاصيا وأدخلت نارى فيكون جعل الشارع وإصطلاحه ثابتاً و لا مانع من مخالفته للمعنى اللغوى او لاصطلاح أهل اللغة وعرفهم.

ثم إنّ العامل بالتقية أو العامل لاجل الرغبة حتى فى اللغة والعرف يعد طائعاً ولا يعد مخالفاً نعم قد لا يعدُّ مخلصاً وذلك شيء يختلف عن الطاعة.

ثم إن اشتراط أن يكون فاعل الطاعة لابد ان يكون بنية الشكر للمنعم أو بنية الحبّ اللّه فتلك مرتبة لا يصل اليها إلا العارفون فكيف يحمل عليها العامة نعم إذا سألت العامة عن حبّهم للّه يجيبون بالايجاب لكنه لو سألتهم عن الغاية من هذا العمل لقالوا خوفاً من اللّه و من عذابه أو طمعا في جنته فتكليفهم بما لا يدركونه أمر في غاية الكلفة والحرج.

وأرجو من السيّد العذر من الاطالة فى الاشكال لان هذا أمر عقائدي و العقيدة إذا ارتكزت في النفس لا يمكن إبقائها على علّتها مالم تصلح و الاترسخت وبقت شوائبها تقرع في النفس. و أرجو من السيّد الجليل أن يكشف لنا هذا الامر ويبين لنا الصحيح من العليل أبقاك اللّه لنا ذخراً.

الجواب : تحقيق ألجواب عن هذه المسألة يتوقف على بيان أمور :

الاول : إن العناوين العباديّة، كالصّلاة والصوم و الحج ألمامور بها في الشرع إنما أمرت بذوات معنوناتها أعنى فى الصلاة التكبيرة الى التسليمة و لذا أجرينا البراءة فى موارد الشك في جزء أو شرط زائد لها و أجبنا عن القول بأنه من الشك في ألمحصّ- ألشك في ألمحصّل

ص: 75

بتقريب ان المامور به فی الصلاة عنوان الصّلاة وهو بسيط و معلوم وجوبه فلابد من القول بالاشتغال حين الشك فى جزء أو شرط منه إذ هو شك في محصِّل هذا العنوان البسيط المعلوم تعلق التكليف به فقلنا في الجواب بأن المامور به نفس ذوات الاجزاء و الشرائط و هى مركبة مما علم تعلق التكليف به و ماشك في تعلق التكليف به فالدوران إنما هو بين الاقل و الاكثر المورد للبراءة وكيف كان فالمامور به فى ألامور العبادّية ذوات الماهيّات لا العناوين المشيرة إليها واذا كان متعلق التكليف فى العبادات ذوات الاجزاء الخارجية بشرائطها وأعنى بذلك ما يُسمّى فى الفارسية ب- (پیكره) فكيف يكون المامور به ما ينطبق على العبادات بجهات خارجية عن ذواتها فترى تتعنون الصلاة بلحاظ تعلق ألا مر بها بالمامور به مع انك تعلم بأن الوظيفة الماتى بها هى التكبيرة الى التسليمة لاعنوان المامور به و تتعنون بالطّاعة بلحاظ طوع المكلف للامر بها بالانقياد إلى ذوات الاجزاء بشرائطها خارجا و أعنى بذلك امتثال أمرها و ايجادها و إلا فليس ألمامور به الطاعة بمالها من المفهوم إذ الطاعة لا يؤتى بها خارجاً بل الصَّلاة إذا أتى بها يقال هى طاعة للّه تعالى، بل قبل الاتيان أيضاً تتعنون بالطّاعة بلحاظ لزوم الطّوع لها من ألعبد عقلاً، وكذا تتعنون بالعناوين المنطبقة عليها بمناسبة من ألمناسبات فتتعنون بعنوان المطلوب و المجعول و الماهيّة ألمامور بها وما فيه المصلح الملزمة و المحبوب و المعراج والناهي عن الفحشاء.

و تلك العناوين كما هو ظاهر من نفس مبادئها

ص: 76

تنطبق على العبادات بمناسبة تظهر من تلك المبادى وصحة تعنون الصّلاة بتلك ألعناوين لا تستلزم كون ما فى عهدة المكلف هو تلك العناوين وكذا لا تستلزم كون الماتى به من قبل المكلف تلك العناوين فالتعبير عن الصلاة بالطاعة إنما هو باعتبار رتبة إمتثال أمرها و انقياد المكلف لهذا الامر فالطوع والانقياد النفسى من المكلّف للأمر صار سبباً لان يتعنون الصلاة - أو غيرها من العبادات - بعنوان الطاعة و لذا نقول بأن قوله تعالى (أطيعوا اللّه) إرشاد إلى حكم العقل بلزوم الطاعة لامر اللّه لا أن الطّاعة مامور بها بالأمر التَّعبدى لان الحاكم بالاطاعة هو العقل ولانه لو قلنا بأن الامر بالا طاعة تعبدى لزم أمر آخر لتحريك الامر بالا طاعة الى ان ينتهى إلى حكم العقل بالاطاعة او يتسلسل إلى ما لا نهاية له نزو لا و هو باطل.

الثاني: إختلف العلماء فى حقيقة العبادة وانه هل يكون قصد ألامر داخلاً في حقيقة العبادة فيكون مقوّماً لها كالذاتيات للماهيات المتشكلة من الاجناس و الفصول أى من علل قوام تلك الماهيات جنساً وفصلاً أم لا ؟، و بعد ذلك إختلفوا في كيفيّة أخذ قصد ألامر فى حقيقة العبادة حيث را وا بأن قصد الامر متأخر عن العبادة بمرتبتين :

ألاولى : العبادة.

الثانية : الامر بها.

و قد ذكرنا أقوال القوم فى آرائنا حول مباحث الالفاظ و التحقيق أن فى باب العبادات أمور أربعة:

الاول : حقيقة العبادة بمالها من المفهوم.

ص: 77

الثاني : مصداقها المجعول من قبل الشارع.

الثالث : حكمها وجوباً، و ندباً، وحرمةً، وكراهةً.

الرابع : كيفية إمتثال ألامر بها.

و إن شئت قلت ما هو المحصِّل خارجا للتعبّد بالعمل العبادي ؟

أما ألاول: فالعبادة عبارة عن العطف مع التَّوجه إلى المعبود، كان هناك أبو أم لا وكان المعبود مستحقاً للعبادة أم لا و هذه الحقيقة بما لها من المفهوم ذات مراتب مختلفة شدة، وضعفاً، و مورداً، فمن أصغى إلى ناطق فقد عبده، و أنظر إلى قوله تعالى: «إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا» (سورة مريم الآية 93) وقوله تعالى «أتعبدون ما تنحتون» (الاية 95 من سورة الصافات)، الى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على ان حقيقة العبادة لا تتقوم بالامر وانها اعمّ مفهوماً من عبادة اللّه وعبادة الاصنام أو عبادة الشيطان، كى يتضح لك صحة ما بنينا عليه من أن العبادة هي العطف مع التوجه إلى المعبود مع ألامرأ و لا معها ولقد أجاد ابن ادريس حيث قال إن النية روح العبادة فالتحقيق ان قصد ألامر ليس دخيلاً فى حقيقة العبادة بحيث يصح إطلاق مفهومها على مالم يتعلق به ألامر كما قال الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) «إن اللّه يحب ان لا يعبد إلا طاهراً» وكما في الحديث : (دعى الصّلاة أيّام أقرائك و التاويل فى تلك التعابير الكثيرة وجعلها إمّا مجازاً فى القول او كناية او غيرذ لك يكون بلاشاهد و بلا ملزم بعد ما نرى أنّ القائلين بأن قصد ألا مرد خيل

ص: 78

فى علل قوام العبادة ليس لهم دليل قابل للاعتماد ثم إنّه لم يثبت للشارع وضع جديد للعبادة.

فيها أما ألثانى فمصداق العبادة مجعول الهی فی العبادات المشروعة وتوضيح ذلك أن العناوين القصدية كالتعظيم و التخصّعُ والعطف مع التَّوجّه نحو ذلك إنما تظهر بآليّة المبرزات لها و تری بأن كل ملَّة و نحلة لها طقوس عباديّة و مصاديق مجعولة و في الشّريعة الاسلامية المصاديق المبرزة لحقيقة العبادة مجعولة مشروعة لا سبيل لاحد التَّشريع فيها زيادة و نقيصةً و معنى توقيفية العبادات أن المبرزات للتعبد إذا لم تصل من الشارع لا يصح جعل مصداق لها إقتراحاً من المكلفين لان المتشرع عبارة عن من يقبل التشريع ولا يكون بنفسه مشرّعاً ولذا نقول بأن التكتف فى الصّلاة و قول آمين بعد الفاتحة حيث لا دليل على تشريعهما من ألشارع محرَّمان تكليفاً بعنوان التشريع و موجبان للبطلان وضعاً بعنوان الزّيادة العمديّة فى الصّلاة، و للمقام أمثلة كثيرة تطلب من مظانّها كزيادة شوط فى الطواف الواجب، وزيادة سورة فى الصّلاة -(القرآن بين السورتين)وصوم العيدين.

أما الثالث : فالعبادة - أى المصداق المجعول للتَّعبدُ - من حيث الحكم التكليفي المتعلق بها تنقسم إلى : واجب يعاقب على تركه كالفرائض اليوميّة و مستحب يثاب على فعله كالنوافل اليومية وحرام يعاقب على فعله كصلاة الحائض -(بناء على ما هو ألحق من عدم دخول قصد الامر فى حقيقة العبادة كى لا تتصور

ص: 79

في العبادة الحرمة إلا التَّشريعية دون الذّاتية) - وصوم العيدين و مكروه يقلُّ ثوابه (بما للكراهة في العبادات من ألمعنى الصحيح) كالصلاة في معاطن الابل.

و من هذا التقسيم يتبيَّن – أيضا – عدم دخالة قصد الامر فى حقيقة العبادة (وماهيتها).

أما ألرّابع : فالتَّعبُد بالعمل إنما يتحقق بربط العمل باللّه - تخضعاً له - أى ألعطف مع التوجّه إليه بالعمل المجعول مصداقاً للعبادة، ولا يشترط فی التحريك نحو العمل المربوط باللّه عطفاً إليه الا تحقق هذه الحقيقة، أى العبادة بمالها من المعنى الذي عرفت فقد تتحقق العبادة بصدور العمل العبادي من المكلف للّه تعالى ای مربوطا به خالصا لوجهه اذا لم يكن فى مبدء التحريك اى فى سلسلة الداعي الى العمل الا التوجه المحض الى اللّه بتخليص الذهن عن اى شوب أَیَّ داعية غير اللّه إذ معنى الخلوص هو عدم الشوب. و خلوص النيّة أى الداعى و المحرك للعمل عن غير اللّه هو المرتبة العالية للعبادة و الى هذه المرتبة يشير الكلام المنسوب إلى اميرالمؤمنين على (عَلَيهِ السَّلَامُ): (بل وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك).

وقد تتحقق بكون المحرّك للعبد نحو إتيان العمل العبادى للّه تعالى طلب حاجة منه تعالى وهذا إن لم يؤكد التَّعبد فلاينافيه، إذ كيف يكون طلب الحاجة من اللّه في عالم الداعى منافياً مع التَّعبد بالعمل للّه تعالى.

وقد تتحقق يكون المحرك للعبد نحو إتيان العمل

ص: 80

العبادى قصد القربة للّه تعالى، و من البديهي ان القرب إليه تعالى يكون راجعاً إلى العبد فهو أيضا مخالف للخلوص المطلق.

و قد تتحقق للخوف من عذاب اللّه تعالى وتلك الدواعى ليست منافية للتّعبد قطعا ويا ليت المستشكل راجَعَ الاخبار الواردة فى صلاة الاستسقاء وطلب الولد وطلب الحاجة ثم استشكل في صدق الطّاعة لاجل الثواب.

و ملخص الكلام أنَّ التَّعبد بالعمل لا ينافي كون الداعى اليه طلب حاجة من ألمعبود أو قرب إليه بل هو كمال التوحيد والتوجّه إذ يتقارن التوحيد العبادي مع التوحيد الافعالي، إذ يظهر من طلبه الجنَّة من المعبود أنّه معتقد بأن اللّه خالق للجنّة و يظهر من خوفه عن العقاب أن المعبود خالق للنار و من طلبه للرزق انّه الرّزّاق و من طلبه الولد انه يهب لمن يشاء إناثاً و يهب لمن يشاء الذكور، نعم لا أقول لا بد في النية من الاقتران لاحد هذه الامور، كیف و قلنا بأن العبادة الخالصة عن كل شوب هى التى لا يكون نظر العابد فيها إلا إلى المعبود و لا يريد من اللّه إلا اللّه و على ما ذكرنا يظهر أنّ ما ذكر فى السؤال بأن فعل الطاعة لاجل الثواب أو لدفع العقاب لا يعدُّ فاعلها مطيعاً...الخ ليس بصحيح، فهناك أمر من اللّه و هو الحكم التكليفى وهناك مصداق مجعول للعبادة و هو فريضة الصبح مثلاً وهناك تعبد بالعمل وهو يحصل باتيان العمل له فان قصد الامر فهو ممتثل وعابد وإن قصد بالعمل ابتغاء مرضاةِ اللّه فهو ممتثل للأمر أيضًا

ص: 81

وعابد، فقَصد الامر أحد محقِّقات التَّعبّد لا أنه دخيل في قوام العبادة كما قلنا ثم بعد الاتيان بالعمل يتعنون العمل بالطّاعة، وإنما اطلنا المقام لكي يشمل الجواب الجوانب المختلفة من السؤال.

مسألة 45

مسألة 45- قال بعض العلماء بأن الفروع يجوز التقليد فيها ويُطلق على المقلد إسم المسلم بنوع من المجاز.

و الاشكال فى ذلك بأنه لما كان الاجتهاد ليس واجباً على كل مسلم بل يجب عليه إما الاجتهاد وإمّا التقليد والتقليد مامور به لمن لا يستطيع الاجتهاد كما ورد في قول الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) (فللعوام أن يقلدوه) و على قولهم هذا لا يكون مسلما حقيقة الا الفقيه وبقية الناس مسلمون على المجاز.

نعم من لا يعرف ألاصول إلا بالتقليد قد يقال بأنه يطلق عليه إسم ألمسلم بالمجاز و إن كنتُ أيضًا أستشكل في ذلك لكون الاسلام اقل مرتبة من ذلك لان المسلم هو من دخل في الاسلام و أقرّ بالشهادتين و إن كان في باطنه غير ذلك و على قولهم هذا لا يكون مؤمناً غير الفقهاء حتى و إن كان من كبار العارفين و ائمة علم الكلام ما لم يكن فقيهاً لانه حينئذٍ مقلّد في الفروع لان الايمان أخص من الاسلام و من لا يصدق عليه الاسلام إلا بالمجاز لا يصدق عليه الايمان حتى بالمجاز.

أرجو من سيدى الجليل أن يوضح لنا هذه المشكلات كما أوضح اللّه له طريق النَّجاة و جعله لسالكي طريق ألحق من الهدات.

الجواب : الاسلام له إطلاقات و لكل إطلاق مصداق

ص: 82

و لكل مصداق آثار:

1- فالاسلام يقال ويراد منه الشهادتان فمن أظهر الشهادتين فهو مُسلِم و هذا القسم الاسلام موضوع للآثار النّظاميّة كحلّ الزواج والطّهارة و الارث و حل الذبيحة وحقن الدماء وصون المال و العرض.

2- والا سلام يقال ويراد منه الاقرار و الاعتقاد بالتّوحيد و النبوة العامة و الخاصة - نبوة محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)- و المعاد فمن اعترف بالمعارف الحقة الآلهيّة فهو مسلم تترتب عليه الآثار المذكورة و هذا القسم من الاسلام يشترك فيه ألفرق الاسلامية إلا من كان من الخوارج أو الغلاة او كان منكراً لضرورى من ضروريات الدين.

3- و الاسلام يقال ويراد منه إظهار الشهادتين و الاعتقاد بالاصول الاوليَّة للاسلام وهي : التوحيد، المعاد، مضافاً إلى الاعتقاد بأن اللّه عادل لا يظلم، وإلى الاعتقاد بامامة الائمة الاثنى عشر صلوات اللّه عليهم أجمعين و المسلم بهذا القسم من الاسلام مؤمن.

4- ويقال الاسلام و يراد منه مضافاً إلى ما ذكر ألعمل بالاركان باطاعة أوامر اللّه سبحانه و الارتداع عن نواهيه.

5- و يقال الاسلام ويراد منه علاوة عما ذكرنا التخلّق بالاخلاق السامية و التحلى بالفضائل المحمودة و تخلية النفس عن الصفات الرذيلة و هذا هو المسلم حقا فانظر إلى قوله تعالى : «الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ» الآية 82) من سورة الانعام.

ص: 83

و راجع الاخبار تجد امثلة كثيرة من نوع هذا التعبير كقوله (المسلم من سلم المسلمون عن يده و لسانه).

فاذا عرفت ذلك فنقول لا شبهة فى انّ العمل إنما هو في رتبة متاخرة عن العلم حتى لا يكون الشخص جاهلاً متنسكاً، والعلم بأوامر اللّه ونواهيه - مع طول الزَّمان و بعدنا عن سدنة وحى اللّه - إنما يحتاج الى العلم بقواعد تمهد الطريق الى الوصول بتلك الاوامر و النواهى (احكام اللّه) و هي ماخوذة من طريقة العقلاء في عالم استنباط المطالب و هذه القواعد انما تستعمل في المبانى الموصلة إلى الاحكام وهى الكتاب و السنّة و الاجماع والعقل و من الواضح كالشمس في رابعة النهار ان هذا العمل شاقّ جداً و يستلزم الجهد الكبير و تحمّل الصعوبات غير اليسيرة و لذا هرب بعض عن الاجتهاد واكتفى بالنظر السطحى الى الاخبار مقنّعاً نفسه بأن الزائد على ذلك إتلاف للوقت أو وقوع في آراء مزيّفة.

و كیف كان فاستنباط الاحكام من الادلة التفصيليّة بواسطة العلم بالقواعد الممهّدة له لا يتيسّر لغالب الناس مضافاً الى ان النّظام يختل جزماً بترك الواجبات النظاميّة وتحصيل العلم أو ما بمنزلته بالاحكام، ولهذا فاذا أراد شخص مكلف بالاحكام أن يأتى بها من قبل نفسه من دون مراجعة من عنده الحجة لزمه العمل بالاحتياط و من الذى لا يعترف بانه صعب جداً مضافاً إلى ان العمل بالاحتياط لا يتحقّق إلا بالعلم بفتاوى الاحياء من المجتهدين حتى ياخذ بأحوطها ويعمل به، وحينذاك ياتي دور رجوع من ليس عنده الحجة

ص: 84

إلى من عنده الحجة و هو المسمى بالتقليد فى الفروع و بعد ذلك يصلّى المقلّد كما يصلى مقلّده من دون أیّ تفاوت فى العمل بينهما فاذا رأى المجتهد وجوب التسبيحات الاربع في الاخيرتين فلا يكتفى هو فى صلاته بالواحدة كما لا يكتفى بها من يقلده، فاىّ تفاوت فى العقائد والاعمال بين المجتهد وألمقلّد إلا أنَّ الاول يحصل الحجّة بنفسه و ياخذ ألثاني منه الحجة، فلافرق بينهما في العمل ولا يكون الثاني مسلماً بالمجاز ولاحول ولاقوة الا باللّه العلى العظيم.

مسألة 46

مسألة 46 - ما يقول سيّدى فى من كان في بلوغه لم يحافظ على صلوته لجهله فكان يصلّى حسب رغبته فتارة يصلى وتارة يترك فمرة يترك صلاة الصبح وتارة يترك صلاة العصر و مرّة يترك صلاة المغرب والعشاء و هكذا، و لما عقل و أدرك و أراد أن يقضى ماتركه لم يعلم مقدار ما ترك لا عددًا ولا مدةً و ليس ما تركه مترتّبا كما ذكرت فماذا يعمل و هل يجب عليه الترتيب في هذه الحالة مع أن الترتيب حسب ما تركه متعذر، أفيدونا عن هذه المسألة بالتفصيل جزاكم اللّه ألف ألف خير.

الجواب : في هذه المسألة سؤالان :

الاول : هل أنه يجب الترتيب بين الفوائت كما هو المشهور أم لا؟ والجواب عنه أنه يجب الترتيب بين المترتبتين كالظهرين و العشائين، وأما الترتيب بين الفوائت ألاخرى فلايجب و بعبارة أخرى لا ترتيب الا في مورد جُعِل الترتيب من الشارع و حيث لا دليل على وجوب الترتيب بين الفوائت فلا نقول به و ما يتوهم منه الترتيب قد بينا عدم دلالته عليه في مبحث قضاء الفوائت.

ص: 85

الثاني : أن المكلف المذكور في السؤال لما لم يكن بناؤه على إمتثال جميع الاوامر و الاتيان بجميع الصلوات فأتى لصلوات أحياناً وفاتت منه صلوات أحياناً سهوا أو مرضاً أو نحو ذلك أحياناً أخرى فلا يمكننا القول بأنه يجب عليه الاتيان بالقدر المتيقن من الفوائت و يجرى البراءة بالنسبة الى مشكوك الفوت ولا سيّما إذا قلنا بان القضاء بامر جديد متعلق بعنوان الفوت و هو غير معلوم التحقق بالنسبة إلى مشكوك الفوت زائداً عن القدر المتيقن فوته إذ مع الشك في الفوت لا يحصل له علم بالاشتغال لكن يمنعنا عن ذلك أمران :

الاول : إننا نقول بان القضاء إنما يكون بالامر الأول.

الثاني : إنَّ الشخص المذكور لم يكن بانياً على الامتثال حتى نقول بأنه شاك في الفوت فعليه أن يأتي بالقضاء إلى ان يتيقن بالبراءة و هذا لو لم يكن ألاقوى فلاريب في أنّه أحوط.

مسألة 47

مسألة 47- ما يقول سيّدنا في العصير التّمرى هل يحرم إذا غلا و إشتدَّ و يكون حكمه كحكم العصير العنبى أم لا وفى البحرين كانوا ولا يزالون يطبخونه مع الارز (البرنج) و يسمون ذلك بالمحمَّر فهل هو حلال اكله و جائز ام لا ؟

الجواب : قال السيّد أبو الحسن الاصفهانی (رَحمهُ اللّه) فى الوسيلة، باب الاطعمة و الاشربة مسألة يحرم عصير العنب اذا نشَّ وعلى بنفسه أو غلى بالنّار وكذا عصير الزّبيب على الاحوط لو لم يكن ألاقوى و أمّا عصير التّمر فالاقوى أنّه يحرم إذا غلى بنفسه و يحلّ إذا غلى بالنار

ص: 86

و الظاهر انّ الغليان بالشّمس كالغليان بالنّار فله حكمه، وعلّقنا على قوله وكذا عصير الزبيب، ألا قوى عدم حرمته مطلقا نعم ألاحوط حرمته إذا نَشّ بنفسه وكذا عصير التّمر.

والآن أقول : العصير التَّمرى إذا نَشّ بنفسه و صارت له العاديّة - الاسكار – يحرم لذلك لا للنشِّ و إذا غلى بالنّار أو بالشّمس فلايحرم فالمحمَّر حلال. و ليعلم أنَّ جَعل الزَّبيب أو التّمر في الطّعام - ألارز أو غيره - و طبخهما بحيث يغلى ما في جوفهما ليس فيه شبهة تحريم قطعاً لانه لا يصدق على مادّتهما، العصير بماله من المفهوم.

مسألة 48

مسألة 48- قال العلامة عن القرآن بانه هو كذلك كما أنزل لا م فيه و لا تاخیر و لا تبدیل.

فاذاً ما الفرق بين هذا القرآن، و ألقرآن الذى جمعه ألامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمَّ إِنَّ ترتيب القرآن إنَّما قامت به لجنة من الصحابه كلّفت بأمر الخليفه الثالث وقد رجعوا في ذلك إلى مصاحف مختلفة أشد الاختلاف و اخلصوا منها المصحف الموجود و حرقت البقية بالاضافة إلى أن ترتيب السور لم يكن عليه إجماع فبعضهم إدعى أن ترتيبها كان بوحي من اللّه وبعضهم إدعى بأنها من اجتهادات الصحابة كما أنَّهم نقلوا إن مصحف علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان مترتباً على ترتيب النزول وتقديم المنسوخ على الناسخ و هو مخالف إذاً لما عليه القرآن الموجود حاليّاً. ثم إنَّ اختلاف القراآت أيضاً دليل على خلاف ما قاله لانها لا يمكن أن تكون كلُّها من عند اللّه.

أما الادلة القائلة بأنّه محفوظٌ كما في الآية فلعلَّها

ص: 87

تعنى بحفظه عن الضّياع و هو كونه بيد أئمة ألحقّ حتى يظهر القائم (عَجَّلَ اللّهُ تَعَالَي فَرَجَهُ الشَریف) و هو قيّم القرآن ثم ماذا يعنى بكونه محفوظاً مالم تطبق أحكامه فكما ان الامام محفوظ بغیا به فيمكن أن يكون الثقل الأكبر أيضًا كالثقل الاصغر محفوظاً بغيا به أو يمكن أن يكون معنى حفظه هو عدم تحريف أحكامه لا عدم تقدیم و تاخیر سوره و آیاته فمعها يصدق عليه كونه محفوظاً .

أرجو أن تبيّنوا لنا هذه المسئلة و تحلّوا بعلمكم لنا هذه المشكلة وتبيّنوا لنا الصحيح من الفاسد جعلكم اللّه لنا ذخراً عند الشدائد.

الجواب : قد ذكرنا في كتاب الآرا حول القرآن ان التحقيق عدم وقوع التحريف في القرآن زيادة و نقيصة، نعم، ترتيب القرآن ليس على ما نزل بل في الآيات تاخیر و ناهيك إعتراف كل المفسرين، بأن هذه السورة مكية و تلك مدنية إلا آية كذا منها أو آيتان أو اكثر وكذا تقديم الناسخ والمنسوخ دليل على عدم كون الترتيب على مانزل و التفصيل فى ألكتاب المذكور.

مسألة 49

مسألة 49- ما تقول سيدى في إمرأة لم يكن لها مال ولم تكن بنفسها مستطيعة للحجّ إلا أنّ زوجها عرض عليها أن تذهب مع أبيها أو مع عمّها فلم تقبل أن تذهب مع أحد إلا مع زوجها و لم يوفق زوجها للذِّهاب معها إلى الحج بعد ذلك فهل تعدّ مفرطة فى الواجب و تكون عاصية أم لا ؟

الجواب : وجوب الحج مشروط بالاستطاعة و هى على قسمين : طبعيّة و بذليّة، والبذليّة على نوعين : الأول : البذل الايهابى : بان يهب شخص

ص: 88

مقداراً من المال يكفى لمؤنة ألحج وفى هذا النوع ذهب المشهور إلى وجوب القبول على الموهوب له لحصول الاستطاعة البذليّة و نحن أنكرنا ذلك و قلنا بأن قبول الهبة نوع إكتساب فقبل القبول لا إستطاعة فلا وجوب للحج و وجوب القبول أوّل الكلام لعدم الدليل عليه.

الثاني : عرض ألحج على الشخص بأن يقال لشخص تعال معنا وكل شيىء لازم لاداء الحج ناهضٌ جاهزو حينئذٍ يجب على المعروض له - مع الاطمئنان بقول الباذل - الاتيان بالحج بالذهاب مع الباذل أو لا معه نعم إذا كان في ذهابه إلى الحج بنفقة الباذل توهين أو اذلال له أو منَّة عليه بحيث يشقُّ عليه الحج فلا يجب الحكومة أدلة الحرج على وجوب الحج و الحال هذه ففى مفروض السؤال إذا كان ذهاب المرأة مع غير زوجها حرجيًا عليها بجهة من الجهات التي تعلمها هي بينها و بین اللّه فلا وجوب للحج عليها و ألانسان على نفسه بصيرة و الاحتياط سبيل النجاة.

مسألة 50

مسألة 50- قالوا بان البيضة مما لا تحلّه الحياة فاذا خرجت من الميتة وقد اكتست القشر الاعلى فهى طاهرة و جائز أكلها و إن لم تكتس القشر الاعلى فهى نجسة ولا يحل أكلها لكن هل ألحكم كذلك لو باضت الدُّجاجة الحيّة بيضة لم تكتس ألقشر الاعلى وإنّما كان عليها ألقشر الرقيق فقط وكذلك إذا ذبحت ذبحاً شرعيّاً فوجدت بيضةٌ بهذه الكيفية في بطنها فهل تكون طاهرة وحلال اكلها أم هى نجسة ولا يجوز اكلها ؟

أفيدونا أفادكم اللّه من الخيرات.

ص: 89

هذه أرفعها إلى جناب السيّد المبجَّل راجيًا أن يمنَّ علينا فيها بالاجابة واسأله أن اللّه لنا بالاستقامة ومواصلة الجدّ كما يدعو لى أيضاً بالصحة فاننى مبتلى بالمرض وقلة الصّحة ولا سيما آلام الرأس كما أنى مصاب أيضاً بقلة الحفظ وسيّدى موضع لاستجابة الدعاء فلا يحرمنا من ذلك و نحن نسأل اللّه أن يطيل عمره الشريف لكى ه الشريف لكي ننتفع نحن و المسلمون بعلمه و نستفيد من بركات كرمه.

محبكم المخلص

على المبارك

الجواب : إنَّما نقول بنجاسة البيضة الخارجة من الدُّجاجة الميتة إذا كان قشرها رقيقاً لسراية الرّطوبة النجسة من الميتة إلى داخل البيضة و أما خروج البيضة عن الدُّجاجة الحيّة فهى طاهرة و حلال و لا موجب لنجاستها أو حرمتها وكذلك البيضة الخارجة من الدُّجاجة المذبوحة بالذبح الشّرعى.

و الحمد للّه والصلاة والسلام على سيِّدنا محمد و آله الطاهرين واللعن على اعدائهم أجمعين و السلام على إخواننا المؤمنين في مشارق الارض ومغاربها.

علی الحسینی الاصفهاني العلّامة الفاني

قم المقدسة

1403ه.

ص: 90

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.