عبدالله بن عباس علمه و تفسيره ومنطقه وورعه وعلة اتهامه بالاختلاس

هویة الکتاب

عبدالله بن عباس

علمه و تفسيره ومنطقه وورعه

وعلة اتهامه بالاختلاس

تأليف

سماحة آية الله العظمى

السيد على العلامة الفاني

دام ظله العالی

1398

المطبعة العلمية - قم

ص: 1

اشارة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين واللعن على اعدائهم اجمعين.

بعث الى من البحرين - السيد السند فضيلة العلامة الشريف الحاج السيد العلوى الغريفى الموسوی دام بقاؤه - رسالة يسئل فيها عن رأيى حول شخصية عبد الله بن عباس رضی الله عنه ابن عم النبي صلی الله علیه و آله و سلّم.

فاجبته راجياً المولى عزوجل ان يلهمنى الصواب.

(1) نقد الاخبار

من البديهي: أن العاقل لابدو أن لا يعتنى بكل خبر صادر عن كل مخبر، لان الخبر فى حد ذاته يحتمل الصدق والكذب.

اذ الخبر - عبارة عن جملة كلامية لها مفهوم - هو مضمون الجملة قد طبقه المخبر فى عالم الحكاية - على الخارج

ص: 2

ومن المعلوم انه ليس لكل جملة حكائية، خارج يطابقها.

لتوفر الدواعى للكذب، ولاسيما في الامور المهمة، ومنها الأمور السياسية والامور التي لها مساس بالمذهب، فترى ان من يرشح نفسه للزعامة، أية زعامة كانت، يخطب خطباً كاذبة في الجولات الانتخابية و يأتي بمواعيد باطلة - ليتغلب على منافسه، ومنافسوه لايقلون عنه كذباً في اطار المغالبة.

وقد أمرنا الله سبحانه بتبين الخبر اذا كان الجائى به فاسقافقال(1)

«یا ایها الذین آمنوا ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمین».

وقد استدل علماؤنا بهذه الآية الشريفة على حجية الخبر العادل - بالتعبد الشرعى - تارة بمفهوم الشرط، واخرى بمفهوم الوصف.

ونحن قلنا بان الحكم - وهو الامر بالتبين في الاية اذا كان معللا بتعليل ارتکازی، عقلی يكون ارشادياً لا تعبديا.

ومن المعلوم أن اصابة القوم بامر ما مجهول من المفاسد والفتن شيء مرغوب عنه، و يجب عقلا التجنب عنه، واخذ الخبر ممن لا يحترز الكذب يلزمه ذلك فيجب التجنب عنه بالفحص والتحقيق عن صدق الخبر و كذبه.

فضرورة العقل تحكم - من دون حاجة الى التعبد الشرعى - بلزوم الفحص عن وثاقة المخبر لمن أراد ترتيب الاثر على خبره.

وبعد اختبار حاله ثقة وضعفاً يقبل قوله أو يطرح.

ص: 3


1- الحجرات الاية 8

ثم لو بقينا على الشك للجهالة بحال المخبر - او اهماله في كتب الرجال، يكون حكم خبره من حيث النتيجة - وهى لزوم الطرح - حكم خبر من احرزنا كذبه. وهذا هو مراد علماء علم الاصول - من قولهم - الشك في الحجية تمام الموضوع لدى العقل للحكم بعدم الحجية.

هذا بحسب القاعدة، ويضاف الى ذلك، ان التاريخ يشهد بان جمعاً كثيراً من المرتزقة، كانوا وضاعين، ولم يخل زمان من وجود الكذابين المختلقين الاكاذيب سياسياً ومذهبياً.

ولذلك بعينه اتفقنا نحن المسلمين كافة على لزوم نقد الاسانيد و احتجنا الى علم سميناه - علم الرجال - وبينا فيه حال الرواة ثقة وضعفا وقسمنا الاخبار الى صحيح وضعيف ومرسل ونحو ذلك.

قال العسقلاني في خطبة كتابه، لسان الميزان : فاقام الله طائفة كثيرة من هذه الامة للذب عن سنة نبيه صلی الله علیه و آله و سلّم فتكلموافى الرواة على قصد النصيحة ولم يعد ذلك من الغيبة المذمومة بل كان ذلك واجباً عليهم وجوب كفاية : وقال ايضاً - في ترجمة ابان بن تغلب - فان قيل، كيف ساغ توثيق مبتدع ؟ ! وحد الثقة العدالة والاتقان فكيف يكون عدلا وهو صاحب بدعة.

وجوابه أن البدعة على ضربين، فبدعة صغرى كغلو التشييع او كالتشييع بلاغلو وتحرق، فهذا كثير في التابعين واتباعهم مع الدين و الورع والصدق، فلورد حديث هؤلاء لذهب جملة من الاثار النبوية وهذه مفسدة، بينة ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل والغلوفيه والحط على ابي بكر وعمر و الدعاء الى ذلك فهؤلاء لا يقبل حديثهم ولا كرامة وايضا

ص: 4

فلا استحضر الان فى هذا الضرب رجلا صادقاً ولا مأموناً بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم فكيف يقبل من هذا حاله حاشا وكلا.

وقال على بن احمد بن سعيد بن حزم الاندلسي في المحلى المجلد الأول المسئلة 93 اما المرسل ومن في رواته من لا يوثق بدينه و حفظه فلقول الله تعالى.

«فلولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا فی الدین ولینذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون» وقال «یا ایها الذین آمنوا ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمین».

وليس فى العالم الاعدل او فاسق فحرم علينا قبول خبر الفاسق فلم يبق الا العدل وصح انه هو المأمور بقبول نذارته و اما المجهول فليس على ثقة من أنه على الصفة التى أمر الله تعالى معها بقبول نذارته الى آخر ما قال و لشدة اهتمام أهل السنة برجال الحديث الف جمع منهم كتباً تختص بذكر الضعفاء وما اكثر الضعفاء - عندهم - كالذهبي في المغنى.

ثم ان الفريقين قد أهملوا ذكر عدد كثير من الرواة عجزاً عن معرفتهم باشخاصهم واحوالهم ثقة وضعفاً مضافا الى من اهمله الراوى فى أوائل السند أو أواسطه أو أواخره.

ومن هنا جاء دور المصطلحات في علم الدراية من المرسل و المعلق والمرفوع و نحو ذلك كقولهم عن رجل أو حدثني شيخ، و المدهش حينذاك ان جمعا من المؤلفين لكتب الرجال يأخذون في التوثيق والتضعيف بقول من لا يوثق به، و أعجب من ذلك أن بعضا منهم یصدق

ص: 5

الكاذب و بالعكس تعصبا لمذهبه وترويجا لباطله، فترى علامة القوم العسقلاني، ينقل عن حماد بن سلمة قوله : حدثنى شيخ لهم - والضمير يرجع الى الشيعة الامامية.

قال : كنا اذا اجتمعنا فاستحسنا شيئا جعلناه حديثا. ولم يوجد ولا يوجد منهم - والضمير يرجع الى أهل السنة - أحديسئل العسقلاني من هو حماد هذا ؟! ومن الذى حدثه من مشايخ الشيعة ؟! وما اسم هذا الشيخ ؟! وفى اى مكان وقع هذا الحوار الودى أو الاعتراف المخزى؟! وهل يقبل عاقل خلى ذهنه عن الشبهات و قلبه عن التعصب ان يعترف شیعی عند سنی باختلاق الحديث؟!

ولكن الزمان يدرى باننا نر می بنبل غيرنا كسبابة المتندم!

و أشنع من هذا الافتراء الفاضح أن هذا المؤلف لعلم الرجال يشترط لحجية الخبر، ان لايكون الراوى صاحب بدعة كبرى - ويعنى بها التشيع - ومن الواضح أن الخلل في المذهب - على زعمه - لايضر بصحة الخبر اذا كان المخبر صادقا في قوله كما هو دأبنا نحن الشيعة في أخذ الحديث من السكونى وغياث بن كلوب و اسحق بن عمار و غيرهم ممن لهم لسان صدق ومذهب باطل.

نعم، أحرز العسقلاني - مضافا الى كونهم اولى بدعة كبرى - كذب الطائفة الشيعية المعبر عنها في لسانه بالروافض.

ولنا أن نوجه اليه سئوالا، وهو انه اذا كان سبب طرح رواية الشيعي هو ولاؤه الخاص لعلی بن ابی طالب و اولاده المعصومين صلواة الله. عليهم اجمعين واعتقاده انه واولاده خلفاء النبی (صلی الله علیه و آله و سلّم).

ص: 6

وأن الاجماع على زعامة ابى بكر لم يتحقق.

وأن اجتماع جمع معدود تحت سقف محدود لمصلحة زمنية غير مستمرة مع الازمان على حد دعوى القوم ليس باجماع .

وعلى فرض تسليم كونه اجماعاً محصلا فليس فيه دلالة شرعية على شرعية زعامة أبى بكر. كيف ؟! ونحن نقول ان الولاية التشريعية عهد الهى وليست رئاسة جماهيرية يكون للمسلمين حق جعلها كانتخاب أى رئيس سیاسی آخر.

وكيف كان فاذا كان سبب ضعف رواية الشيعي هو عقائده المذهبية، فليعذرونا لوطرحنا رواية شيخ من اهل اليمامة مهمل مجهول عن معلى بن هلال الوضاع بالاتفاق عن الشعبي، ولم نعتقد باسطورة اختلاس عبد الله بن عباس أموال بيت مال البصرة.

او طرحنا أخبار أبي هريرة التي يناقض بعضها بعضاً بل يسخر من بعضها المثقفون في العصر الحاضر البعداء عن التعصب.

نعم، العقول المتحجرة والاذهان المشحونة بالاوهام والشبهات البالية تصدق تلك الخرافات الجاهلية كلطم موسى عزرائيل وقلع عينه وما شاكل ذلك وان شئت التفصيل ولم يزعجك التحقيق فراجع كتاب العلامة شرف الدين أو شيخ المضيرة للعلامة أبورية ، و الافدع القوم وما يختلقون.

ومن غريب ما نسمع من بعضهم في العصر الحاضر انه لما رأى أن كتبهم امتلات بالاباطيل دافع عن ذلك ، بان هذه من الاسرائيليات، فكيف جعلوها في صحاحهم التي يعتبرونها أصح الكتب بعد القرآن .

ص: 7

وخلاصة القول انه لاشك في لزوم نقدر جال الاخبار ورواة الاثار بتحليل شخصياتهم واحراز صدقهم ، فان أحرزنا وثاقتهم أخذنا بقولهم والاتركناه غير ملزمين بقبوله!. وذلك لان حجية خبر من يوثق بقوله الذي يحترز عن الكذب، خوفاً من الله اولا جابته نداء الوجدان بان الكذب من الرذائل ، عقلائي لا تعبدى كما أن عدم حجية خبر من لا يحترز عن الكذب ايضاً عقلائي.

والشك في صدق الراوى مساوق للعلم بكذبه من حيث النتيجة. أعنى وجوب التثبت فى قوله - فنقد الاسانيد أمر فطرى عقلائي.

(2)دور التاريخ فى ضبط الوقايع

وعلى ضوء ماذكرناه فى الامر الاول نقول : انه لا شبهة فى كون التاريخ عبارة عن مجموعة قضايا اخبارية تحكى عن الوقائع الراهنة على مر الزمان وتشير الى أمور ،وقعت فلا بد اذن من ملاحظة الوثائق التاريخية والبحث عن صحة كل واقعة وسقمها.

فلنا أن نقسم المورخين الى أقسام ثلثة.

القسم الاول: المورخ الذى يعتنى بكل ماقرع سمعه من غث أو سمين.

بل يوجر وجدانه و قلمه للاخرين ولا سيما للسلطات الحاكمة فيختلق لهم ما يرغبون به .

ومن هذا القسم صنف يجعل الاكاذيب في تعظيم بلده ويدافع

ص: 8

عن حزبه بالموضوعات وينتصر لمذهبه بكل أسطورة ! فتاريخ مثل هذا المورخ هو مجموعة من الاكاذيب المزورة، والسبب في ذلك يرجع الى الدواعي المتعددة للتزوير و الاختلاق المرتكزة في نفوس ذوى المأرب من السلطات والاحزاب وأصحاب المذاهب الباطلة فيستأجرون من يقدر على الكتابة والتدوين من باعة الضمائر والمرتزقة.

بل لا ينحصر من يبيع دينه بدنياه و ضميره بدیناره بالمورخ المحترف اذ المحدث المأجور أيضاً كان موجوداً في السلف الغابر وكان آلة للمذاهب الباطلة ، ومذياعاً للاباطيل المجعولة.

و الشاهد على صدق ما نقول نسبة علماء الرجال من أهل السنة جمعاً كثيراً من الرواة الى الكذب والوضع ، كما اسمعناك في معلى بن هلال الذي قالوا فيه : وضاع بالاتفاق:

ويتلخص من ذلك، ان العاقل لا يعتمد على التاريخ والحديث عموماً ولا ينظر الى أساطير الامم نظر الاعتبار. بل عليه الدقة الكاملة في احوال نقلة الوقائع التاريخية وأسانيدهم فلا يأخذ بالضعيف و المرسل ونحوهما.

و من اشنع ماصنعه هؤلاء المزورون اسناد فعل شخص أو محامده الى شخص آخر وكذلك بالنسبة الى المساوى ويأتي دور الاختلاق في نفسيات الاشخاص فى الاستنتاج من هذا التاريخ المزيف.

فترى بعض الكتاب يقول ان علياً (علیه السّلام) كان غير محنك في السياسة وفاشلا فيها، واما الحجاج - السفاك - فكان سياسياً ، وينسى اويتناسى هذا الكاتب ان أمير المؤمنين (علیه السّلام) كان أعلم القوم وأقضاهم وتشهد بذلك

ص: 9

دراسة مواقفه السياسية وقضاياه واحكامه وكان يقول لولا التقى لكنت ادهى العرب.

وترى كاتباً آخر يتهمه بشرب الخمر وينسب اليه عقد الندوة لشربه ويقول ان شأن نزول آية الخمر انعقاد هذا المجلس من قبل على عليه السلام، والمنصف المحقق للوقايع يعلم ان الندوة كانت لمن ! كما يعلم ان نفسية على (عليه السّلام) تأبى عن هذه التهمة وماشابهها.

فالعجب من امة اعتادت على الكذب حتى صدقته - ولن يصلح العطار ما أفسد الدهر ، وانت اذا قرأت فى التاريخ ان عبدالله بن عباس اختلس اموال المسلمين واشترى بها الجوارى بأعلى القيم وارتجزلهن الاراجيز الركيكة وجادل علياً (عليه السلام) في ذلك واتهمه بسفك الدماء من غير حق قائلا ان اختلاس الاموال اهون من سفك الدماء او ما بمعناه ، فلا تعجل بالقبول ودقق النظر في الاسانيد تبيناً وتثبتاً فيها. وحلل التاريخ و ان دونه الطبرى تحليلا صافيا بعيداً عن الاغراض والاهواء.

فاذا كان الرواة مهملين أو مجهولين ، مجهولين ، فدع رواياتهم فضلا عن ما اذا كانوا وضاعين دجالين.

ثم فتش عن سبب اتهامه بالاختلاس فستجد انشاءالله ان ابن عباس كان صريحاً في احتجاجه لاحقية على (عليه السلام) بالخلافة وقائلا بايمان ابي طالب الذى كفروه لكونه أبا على (عليه السّلام) حطاً لمقام ابنه، ويظهر لك بوضوح ان السبب الوحيد لتوهينه والحط من كرامته انه كان سداً منيعاً لعلى (عليه السّلام) في مقابل خصومه.

القسم الثانى - المؤرخ الذى يكتب تاريخ الامم وهو اجنبى

ص: 10

عنهم كجملة من المستشرقين ، وحظ مثل هذا المؤرخ من الدقة لو لم يكن لولم اقل من القسم الأول فلا اقل من مساواته له ، لان الفرع ليس اوثق من الاصل.

وقد راينا ان بعض الأجانب يذكر في تاريخه ان الشيعة تعتقدان جبرئيل كان ماموراً بتبليغ النبوة الى على (عليه السّلام) فبلغها الى محمد (صلی الله علیه و آله و سلّم) وفى نفس الوقت يذكر سيرة عثمان مثلا وليس لديه شيء يعتمد عليه الاسلسلة من الموضوعات في الفضائل الخيالية والمبررات الكاذبة لاخطائه وجرائمه.

وهذا المؤرخ لايقدر او لايريد الرجوع الى الوثائق التاريخية الموجودة عند غير اهل السنة وهم الشيعة كى يوازن بين الوثائق باجمعها ويميز بين الصحيح والضعيف بل يكتفي بمافي مسطورات غيرهم فيكتب ما يكتب غافلا عن ما هو الحق الصريح الذي يقبله العقل والعقلاء.

فعلى من يدرس التاريخ او يراجعه أن لا يعتمد كلياً على ما يكتبه المستشرقون ، من دون دقة ودراية.

القسم الثالث - المؤرخ الضابط الصادق الذي لا يكتب الا الصحيح ولا ينقل الا المسند المأثور.

وما اقل أفراد هذا القسم اذ المتعارف والمشاهد عياناً، هوان الجبابرة المتسلطين كانوا يستأجرون الكذابين والوضاعين، لقلب الوقايع وجعل الاكاذيب لمصالحهم، فكان اصحاب الاقلام المأجورة من هؤلاء يحرفون الحقائق ، وحرموا الناس من الاطلاع على الوقائع على ما هی عليه.

ص: 11

ولذا يصعب امر التحقيق حتى على الذين اطاعوا الرحمن واجابوا نداء الوجدان والتزموا بالصدق واجتنبوا الكذب فترى المؤرخ الشيعى مثلا ربما يعجز عن تحليل القضايا التاريخية تحليلا صافياً الاشكال عن بعيدا عن الاشتباه، الافى ما يختص باحكام مذهبه وزعماء دينه من الائمة المعصومين عليهم السلام ونوابهم اذ الشيعى يكون في سعة من ناحية الاطلاع الدقيق في ذلك.

اما بالنسبة الى احكام المذهب فلان رواة الاحكام الموثقين كثيرون، امثال زرارة ابن اعين ومحمد بن مسلم و ابان بن تغلب ومن حذا حذوهم بحيث تكفى رواياتهم للاحكام الشرعية باسرها.

وعلم الرجال متكفل لبيان احوالهم واحوال من ضعف او اهمل او جهل حاله من سائر الرواة.

فلا تبقى حينئذ صعوبة فى فهم الشيعي ووصوله الى الاحكام الشرعية .

واما بالنسبة الى زعماء ،مذهبه ، فللائمة المعصومين(علیهم السّلام) من المواهب الربانية والمناقب الالهية والفضائل والخصال المحمودة - التي ملاءت كتب الفريقين - ما يغنى محبهم عن المغالات في صفاتهم الانسانية.

و تكفى لاى باحث المراجعة الى المصادر الاسلامية عموماً للاطلاع على تلك الفضائل الجمة، والكمالات الكثيرة.

وهم بريئون عن الخطاء والزلل، ومطهرون عن الرجس والدنس بنص الكتاب ولهم مقام العصمة على المذهب الحق.

فتری فضائلهم مأثورة، و مناقبهم مشهورة، فلا بدع ان يفتخر

ص: 12

الشيعى بمتابعتهم، وأن يسوغ للسيد الرضى (رحمه الله) في مقام الافتخار بنسبه أن يتمثل بقول الفرزدق.

اولئك آبائی فجئنى بمثلهم *** اذا جمعتنا ياجرير المجامع

واما نواب الائمة (علیهم السّلام) وهم علماء الشيعة، فلهم سمات ملحوظة، وكمالات معهودة.

اذالفقيه من الشيعة لابد من استجماعه لشرائط تميزه عمن سواه وتجعله لائقاً لمنصب الافتاء والقضاء والحكومة الشرعية.

وهذه الشرائط هي رواية الاحاديث ومعرفة الاحكام منها، حافظاً لدينه صائناً لنفسه ، مخالفاً لهواه مطيعاً لامر مولاه.

ومن الواضح الجلى ان ما يرويه من الاحاديث مروى ومأثور عن المعصومين عليهم السلام ومأخوذ من منابع الوحى.

فاتضح أن القضايا التاريخية، غير قابلة للقبول. الا اذا كانت مدعومة بالاسانيد الصحيحة ومؤيدة بالقرائن القطعية.

(3) الخبر المتواتر

الخبر ينقسم الى ثلاثة اقسام الاول :

الخبر الواحد وهو ينقسم الى صحيح وضعيف.

والصحيح ما كان الجائى به من يوثق بقوله.

والضعيف ما ليس كذلك ويلحق به ما يكون الجائى به مهملا او مجهولا، فضلا عن المرسل.

ص: 13

الثاني- الخبر المستفيض ويقال له المشهور.

وهو ايضاً ينقسم الى حجة.

وهو ما يكون رواته أو بعضهم ممن يوثق بقولهم، ويلحق به ما اذا كانت الاستفاضة بحد يوجب الوثوق بالصدور او كانت هناك قرائن تفيد الصدق.

والى غير حجة.

وهو ماليس كذلك لانضم الضعيف الى الضعيف لا يوجب القوة في غالب الأحيان.

وقديماً قيل: رب مشهور لا اصل له.

الثالث: الخبر المتواتر - وهو ما يوجب اليقين بتحقق المخبربه.

و قد عرف المتواتر : بانه اخبار جماعة يستحيل عادة تواطئهم على الكذب.

وعلى هذا، فلو نقل الينا خبر بوسائط متعددة، وجب ان يكون في كل واسطة جماعة من المخبرين امتنع اتفاقهم على الكذب.

فالخبر الذى يبتنىء من واحد : لا يكون متواتراً ، وان انتهی الی كثيرين.

والخبر الذى ينتهى الى واحد لا يكون متواتراً ايضاً: وان ابتدء من كثيرين.

نعم الوسائط المتاخرة اذا كانوا كثيرين بحيث امنتع اتفاقهم على الكذب ، ناخذ بقولهم ونحكم بصدقهم . في النقل عن هذا الواحد ولكن ذلك لا يعنى ان هذا الخبر الذي نقله الواحد ثم نقلوا عنه الكثيرون

ص: 14

يكون من المتواتر.

فاذا رأينا خبراً في كتب عديدة عن رواة متعددين، ينتهى الى شيخ من اهل اليمامة مهمل فى كتب الرجال: نكرة لا يعرف لم يكن هذا الخبر من قسم المتواتر.

وان تحدث به النساء فى الخلوات على حد تعبير المامقاني، ولا يكون هذا الخبر سندا لتفسيق ابن عباس والحكم عليه بالاختلاس.

لان الخبر المتواتر اذا كان ذا وسائط متعددة لزم التواتر في كل واسطة واسطة منه.

وسر ذلك هو أن كل واسطة منها عبارة عن ناقل أو أكثر فاذا لم يتعدد الناقل في احدى الوسائط أو فقل فى طبقة من الطبقات بمقدار يحصل القطع منه لم يتحقق شرط حصول التواتر فحكم هذا الخبر حكم خبر الواحد.

(4) رعاية القرائن العقلية

من القواعد المسلمة عند علماء الأصول، ان الشارع تعبدنا بأخذ قول الثقة والعمل بما يكون ظاهراً فيه. بمعنى ان للشارع جعل للطريق وجعل للظاهر.

فهو يأمر تعبداً بأخذ السند فيقول تعبد بالسند، ويأمر باخذ ظاهر متنه، فيقول تعبد بالظاهر . والقوم فى ذلك مسالك متعددة - اذ بعضهم يعبر بما ذكر - وبعضهم يقول بأن مفاد جعل الطريق ، انما هو ألق احتمال

ص: 15

الخلاف - وآخر يقول بان معنى التعبد بالطريق، تتميم كشفه، اذالخبر الواحد لا يفيد الا الظن والظن وان كان له جهة الكشف والاراثة الاأنه ليس بتام في تلك الجهة، و الشارع يتمم كشفه بالجعل التعبدي.

ونحن قلنا انه لا معنى لجعل الطريق تعبدا ، لا بحسب الواقع والثبوت ، ولا بحسب الاثبات ودلالة الكتاب والسنة: ولا بحسب الملاك وحكمة الجعل ، ولا بحسب الثواب والعقاب.

أما من حيث الثبوت ، فلان الطريق الى الواقع اذا كان بحسب ذاته طريقاً اليه وكاشفاً عنه فاعطاء صفة الطريقية له تعبداً لغو وهو قبيح من أى عاقل ومحال على الحكيم تعالى لبداهة استحالة صدور اللغومنه تعالى وتقدس.

واذا لم يكن بحسب ذاته طريقاً الى الواقع فيستحيل اعطاء صفة الطريقية له تكويناً ويقبح ذلك جعلا : وفى وعاء الاعتبار : من العاقل ويستحيل من الشارع.

واما من حيث الاثبات ، فلان، الكتاب والسنة ناظران الى الطريقة المألوفة العقلائية ، وهى قبول قول الثقة : و طرح قول غير الثقة : الملحق به المجهول.

ويدل على ذلك التعليلات الواردة فى الكتاب والسنة لاخذ قول الثقة وطرح قول غيره.

وأما من حيث الملاك ، فلانه لا مصلحة في جعل الطريق تعبداً لان المفروض أنه لو أصاب الواقع ، كان فيه الملاك، ولولم يصب فلاحكم حتى يكون فيه الملاك.

ص: 16

واما من حيث الجزاء فلان الثواب والعقاب مترتبان على اطاعة الواقع ومخالفته ، وهذا مما اتفقت عليه آرائهم.

وبالجملة : فلا تعبد من الشارع بالطريق وكذلك لاتعبد له في تطبيق الظاهر على المراد.

ويتفرع على عدم التعبد بالطريق وبالظاهر، لزوم رعاية القرائن العقلية لفهم مراد المتكلم ، و لتمحيص الحق من الباطل.

فاذا لم يكن الظاهر قابلا بماله من المفهوم : للتطبيق على واقع خارجی : وجب حمله على معنى معقول ان امكن والا وجب رد علمه الى اهله.

هذا على المختار ، واما القائلون بالجعل، فلا يرون الجعل في الاعتقاديات ، لان المطلوب فيها القطع ، المسبب عن البرهان لا التعبد فهم يوافقوننا في عدم حجية الظواهر المخالفة للعقل في الاعتقاديات مثال ذلك : قوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى » فان ظاهره غير مراد عند الجميع فلابد من حمله على ارادة الاستيلاء والسلطة على كلا القولين.

نعم، قد افرط جماعة يسمون بالظاهرية في الوقوف على الظواهر حتى في الاعتقاديات : فذهبوا الى القول برؤية البارى يوم القيامة - تعالى عن ذلك - تمسكا بظاهر قوله عز من قائل : «وجوه يومئذ ناضرة» : الى ربها ناظرة: وقد فاتهم ان العقل يأبى عن الاخذ بالظاهر الظني فى ما خالف الوجدان والبرهان كرؤية الله اللازمة لتجسمه المناقض

لوجوب الوجود وبساطته.

ص: 17

وقد يمتحن عقل الانسان بان يعرض عليه ما لا يعقل التصديق به فاذا صدقه علم النقص فى عقله وذلك لما قلنا من لزوم رعاية القرائن العقلية فى فهم المرادات من الظواهر.

ولنضرب مثلا على ذلك وهو نقس مورد البحث ، تهمة ابن عباس بالاء ختلاس.

فنقول ، اذ الاحظنا الأمور التالية - مجتمعة - فان عقولنا تأبى التصديق بان ابن عباس يقدم على تلك الجرائم المنسوبة اليه . من سرقة اموال بيت مال البصرة ، وتركه محل ولايته ، واشترائه بتلك الاموال الجوارى ، والوجد والتغنى بما يستهجن ذكره.

(1) المكانة الاجتماعية الحاصلة له من العلم ، وشرف النسب ، وقرابة النبى صلی الله علیه و آله و سلّم.

(2) وانه كان والياً من قبل على بن ابيطالب (علیه السّلام) اعلم الناس و ازهدهم على البصرة ، وهذا المقام السامى لا يناسب صدور ماتشمئز منه النفوس الابية من مثله.

(3) كما ان عمره الشريف فى ذاك الظرف من الزمان ، لم يكن ملائماً مع السرقة، وطغيان الشهوة.

(4) والشرفاء - عادة - يتسترون في الأمور الجنسية.

(5) والعقلاء يقبحون بذاءة اللسان من كل انسان ، فكيف اذا كان من العظماء والشرفاء.

(6) و كيف تصدر منه الا راجيز المنسوبة اليه ، مع انه حبر الامة وربانيها ، ووالى البصرة ، والزعيم الديني.

ص: 18

(7) ولم يعهد منه تعاطى الشعر والا راجيز في غير هذا المورد.

(8) وكيف يجادل عليا (علیه السّلام) ويتهمه بسفك الدماء، مع العلم بان علياً (علیه السّلام) اول المجاهدين في الاسلام ، وان من الفرائض التي بني الاسلام عليها، الجهاد في سبيل الله ، وقد فتحت بالجهاد بلاد الكفر، وعلى(علیه السّلام) هو صاحب ذى الفقار بنصوص الفريقين المتواترة . . . اضف الى ذلك مشاركته علياً (علیه السّلام) في الجهاد المعبر عنه في هذه الاسطورة بسفك الدماء.

(9) ثم انه كيف يبرر سرقته باراقة الدماء من غيره ؟ وهل ينقلب خطأ شخص الى الصواب ، لصدور الخطاء من شخص آخر.

(10) وانه حبر الامة ، وربانيها ، ومفسرها ، وصاحب المناقب والمكرمات.

والقرائن المتقدمة لاتدع لنا مجالا لقبول تلك الرواية التاريخية التي تنص على اختلاسه لاموال البصرة ، واشترائه بها الجوارى الجميلة وتغزله بهن ولحوقه بمكة ، واثارة فتنة دموية : مضافاً الى اختلاف تلك الرواية ، وتناقض متونها ، وضعف اسانيدها.

فلابد اذن من طرحها ، وحملها على التزوير السياسي.

وليس غريباً ممن يسب عليا واولاده. واصحابه عليهم السلام، ويأمر بسبهم ، ويتوسل بكل وسيلة لمحو فضائل على(علیه السّلام) ان يأمر بتزوير هذه التهمة وقد اسمعناك ان نقلة الاثار ليسوا باجمعهم ثقاة متدينين، فكان من السهل جداً بعد اختلاق هذه الاكذوبة ، ضبطها وتدوينها فى كتب التواريخ ونشرها ، كما ينتشر خبر كاذب في مختلف ارجاء

ص: 19

العالم عن طرق وسائل الاعلام، كالراديو و الصحف ، وما المانع من نشر الاكاذيب ، اذا كانت السلطات الغاشمة تريد ذلك.

ثم ان القرائن العقلية تختلف بحسب الموارد ، ففى مثل الخبر الدال على ضحك الباقر (علیه السّلام) من ابن عباس ، ونسبته الى سخافة العقل مع خشونته عليه السلام معه في الكلام تكون القرينة العقلية على كذبه وافتعاله مضافاً الى ضعف السند عدم مناسبة عمر الباقر (علیه السّلام) مع هذا الحوار ولاسيما مع من بلغ عمره السبعين او اكثر، وكان معروفا بالعلم والعقل.

(5) الزمان والمكان مقياسان للصدق والكذب

ان صدق الخبر مشروط بالمناسبة بين متنه وبين الزمان والمكان المضافين اليه.

فنرى من الواجب ملاحظة تاريخ القضايا ، و انه اذا نسب فعل الى شخص في زمان وجب ملاحظة امكان صدوره منه في ذلك الزمان، و هذا الشرط جار فى المكان ايضاً، بل لابد من الموافقة في الاعمار فى صحة الاخبار المسندة إلى الاشخاص.

فاذا نسبت قضية الى شخصين غير متعاصرين، وجب طرحها.

وكذا اذا كانا متعاصرين وكان الاختلاف بينهما سناً ما نعاً من وقوع تلك القضية ، وقد قلنا في المطلب السابق: ان نسبة الضحك من الباقر (علیه السّلام) على عبدالله بن عباس وجداله معه بخشونة و سخرية - الامر الذي لا يليق بمقام الامام - هذه النسبة لا تصح اذا قایسنا بين عمرى المتجادلين

ص: 20

في ذلك الجدال الموهوم».

اذ كان عمر الباقر (علیه السّلام) حين وفاة ابن عباس عشرة سنين تقريباً - وكان عمر ابن عباس في ذلك الظرف سبعين عاماً او اكثر.

وهذا على فرض كون هذه القضية واقعة في اواخر عمر ابن عباس وبعد كل ذلك نقطع بان هذه القضية مزورة.

وعلى اساس هذا نقول ببطلان رواية اختلاس ابن عباس، حيث انها تنص على انه بعد اختلاسه اموال بیت مال البصرة خرج منها الى مكة.

مع ان الروايات التاريخية تويد بقائه في البصرة الى ما بعد استشهاد على علیه السّلام وليس فيها ما يدل على لحوقه بمكة الا ما ورد فى رواية الاختلاس نفسها.

وبالجملة: الزمان والمكان - وسائر القيود ومتعلقات القضايا - لها دخالة تامة في معرفة صدقها وكذبها.

(6)اقوال الرجاليين في ابن عباس

(1) قال العلامة الحلى فى القسم الأول من خلاصة الرجال المعد لبيان احوال الثقات.

عبدالله بن عباس من اصحاب رسول الله - كان محباً لعلى (علیه السّلام) وتلميذه حاله في الجلالة والاخلاص لامير المؤ منين أشهر من أن يخفى وقد ذكر الكشى ره أحاديث تتضمن قدحاً فيه وهو اجل من ذالك وقد

ص: 21

ذكرناها في كتابنا الكبير وأجبنا عنها رضى الله عنه انتهى.

والكتاب الكبير المذكور لم يطبع ولا يوجد مخطوطه أو لم نظفر عليه حتى نرى أجوبته عن تلك الاخبار.

(2) قال فی اسد الغابة في معرفة الصحابة (القسم الأول من الجزء الثالث) عبدالله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابو العباس القرشى ابن عم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) کنی بابيه العباس وهو اكبر ولده وامه لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية.

وهو ابن خالة خالد بن وليد وكان يسمى البحر لسعة علمه ويسمى حبر الامة.

ولد والبنى (صلی الله علیه و آله و سلّم) واهل بيته بالشعب من مكة فاتى به النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فحنكه بريقه.

و ذالك قبل الهجرة بثلث سنين الى ان قال واستعمله على بن ابی طالب على البصرة فبقى عليها أميراً ثم فارقها قبل ان يقتل على ابن ابي طالب وعاد الى الحجاز وشهد مع على صفين وكان احد الأمراء فيها (الى ان قال) حتى توفی (رضی الله عنه) فصلی علیه محمد بن الحنفية فأقبل طائر أبيض فدخل فى أكفانه فما خرج منها حتى دفن معه فلما سوى عليه التراب قال ابن الحنفية مات والله اليوم حبر هذه الامة انتهى.

وهو القائل لعمى عينيه *** ان يأخذ الله من عينى نورهما

ففی لسانی و قلبی منهما نور *** قلبی زکی و عقلی غیر ذی دخل

وفي فمي صارم كالسيف مأثور

(3) قال الشهيد الثانى - ماذكره الكشى من الطعن فيه، خمسة

ص: 22

احاديث ، كلها ضعيفة السند جداً.

(4) قال ابن داود في الباب الاول - عبدالله ابن عباس لى (رضی الله عنه) حاله اعظم من ان يشار فى الفضل والجلالة ومحبة أمير المؤمنين و انقياده الى قوله.

(5) قال اللاهيجى انه مقبول الطرفين.

(6) قال فى رجال المشكوة ، عبد الله بن عباس بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف ابو العباس الهاشمي المكى ابن عم النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) امه لبابة بنت الحارث اخت ميمونة زوج النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) ولد قبل الهجرة في الشعب بثلاث سنين ومات بالطائف سنة ثمان وستين أو تسع وستين.

قال يحيى بن بكير: قال ابن عباس ولدت قبل الهجرة بثلث وتوفى النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) و انا ابن ثلث عشرة الى ان قال وصلى عليه محمد بن الحنفية وهو حبر هذه الامة و عالمهاد عاله النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) بالفقه والحكمة والتأويل ورأى جبريل مرتين.

قال مسروق : كنت اذا رأيت عبد الله بن عباس ، قلت : اجمل الناس ، فاذا تحدث ، قلت اعلم الناس، فاذا تكلم ، قلت افصح الناس، و كف بصره في آخر عمره.

(7) و حمل ابن طاووس فى التحرير الطاووسى ، ماورد في ذمه بعد تضعيف السند على الحسد فقال و مثل الحبر ( رضی الله عنه) موضع ان يحسده الناس وينافسوه و يقولون فيه و يباهتوه.

حسدوا الفتى اذ لم ينالوا فضله *** الناس أعداء له وخصوم

كضرائر الحسناء قلن لوجهها *** حسداً وبغياً ، انه لذميم

ص: 23

(8) قال المامقاني: لاشبهة في كون الرجل شيعياً بالمعنى الاعم موالياً تمام الولاية الى ان قال والذي يخالجني في الرجل امران احديهما أخذه لبيت مال البصرة والمضى الى مكة فانه لشيوع نقله وتواتر خبره غير قابل للانكار الى ان قال وقد آل الأمر الى ان تحدث النساء به و و بخه ابن الزبير في خطبته الى ان قال ، فانکار اخذه للمال يشبه المكابرة ! واشار الى قول ابن طاووس بان ما ورد فيه قد صدر من الحاسدين واعترف بذلك لكنه قال ، لكن ما نصنع بما ورد فيه بسند معتبر كالخبر الأول من أخبار الذم الذي يقصم الظهر.

ومراده من الخبر الاول خبر فضيل بن يسار الذي ذكره واجاب عن ضعف سنده بان النجاشي وثق اليماني وعن كونه ناظراً الى ابيه (بان ما رواه عن على بن ابراهيم الى ان قال - ففيه نزلت و في ابيه الخ. ثم قال، الثانى، انه عاش الى زمان السجاد ولم يظهر منه قول بامامته بل لم يتبين منه الا القول بامامة امير المؤمنين (علیه السّلام) جزماً وامامة الحسن (علیه السّلام) - على رواية كشف الغمة المتقدمة -.

ومن ضروری مذهبنا ان من قال بامامة احد عشر من الائمة (علیهم السّلام) وسكت عن الثانيعشر لانعده شيعيا و لا نرتب على اخباره حكم خبر خبر الامامي ومجرد عدم ظهور الانكار منه لايجدى الا أن يقال ، انه مع وفور علمه وصحبته للنبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) وتمام انقياده لامير المؤمنين (علیه السّلام) و سماعه منهما التنصيص على احد عشر من ولد على وفاطمة لا يعقل عدم اعتقاده بامامة من ادركه منهم ومن لم يدركهم الى الثانى عشر.

فالتأمل في كونه امامياً خاصيا بالمعنى الاخص يشبه الوسواس.

ص: 24

فالحق ان الرجل شيعى ممدوح غاية المدح معلوم العدالة سابقا ومعلوم الزوال بأخذ بيت المال ومشكوك حصول عدالته بعد ذلك فيجرى على حديثه حكم الحديث الحسن - وفي كلامه مناقشات يجب التنبيه عليها.

الأول، توهمه تواتر الخبر الدال على اخذه لبيت مال البصرة - على حد تعبيره - اذ الخبر المتواتر على ما اسمعناك اذا كان له وسائط متعددة وجب ان يكون متواتراً في جميع وسائطه فاذا اخبر الف عن واحد عن مأة بمجى زيد لم يكن متواتر آلان وسط السلسلة يكون واحد أو كذا اذا انتهت السلسلة الى الواحد أو الى شهرة مزورة وخبر الاختلاس من هذا القبيل كما سنوضحه انشاء الله عند البحث عن الاخبار الدامة له.

الثاني، توهمه تحدث المخدرات بذلك ولم يبين لنا مستنده لهذا القول اذ ليس لدينا ما يدل عليه.

الثالث، توهمه ان المتن الوارد فيه جملة : ففيه نزلت و فى ابيه تفسيراً لقوله تعالى «و من كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى واضل سبيلا » هذا المتن - معتبر لاعتبار سند الرواية التى هو فيها.

والجواب، ان المتن المذكور فى رجال الكشى لم يشتمل على زيادة ففيه نزلت : وقد رواه بسندين من دون اشارة الى وجود جملة: ففيه نزلت : في كل منهما فالظاهر اتفاق المتنين في عدم هذه الزيادة وكذا لاتوجد هذه الزيادة فى الاختصاص المنسوب الى المفيد.

نعم في المجلد الثاني من تفسير على بن ابرهيم القمى طبع النجف

ص: 25

الصفحة 23، قال وأما قوله ومن كان في هذه اعمى الخ فانه حدثني ابي عن حماد بن عيسى عن ابراهيم بن عمر اليماني عن ابى الطفيل عن ابي جعفر (علیه السّلام) قال جاء رجل الى ان قال » : ففيه نزل وفي ابيه : و اما قوله ولا ينفعكم نصحى ان انصح لكم : ففى ابيه نزلت واما الاخر ففى ابيه(ابنه ك) : نزلت وفينا:

و فى تفسير البرهان للسيد البحريني عن العياشي : ففيه نزلت وفى ابيه : واما الاخرى : فى ابيه (ابي خ)و فينا:

و نقل عن على بن ابراهيم : ففيه نزلت وفى ابيه : بدلا عن ما في تفسير على بن ابراهيم : ففيه نزل وفى ابيه : ونقل عنه واما الاخرى ففى ابنه نزلت و فينا : من دون اشارة الى اختلاف النسخ في هذه الجملة وان فى بعضها بدلا عن ابنه: ابيه.

ثم ان المذكور في تفسير العياشي طبع المكتبة الاسلامية الصفحة 305 هو قوله اما الاوليان فنزلنا: فى ابيه : واما الاخر فنزلت: في أبيه وفينا:

ولكن الاختلاف فى الجملة المذكورة من حيث اشتمالها على قوله: ففيه نزل، او نزلت : وعدم اشتمالها عليه، وجود بالوجدان وعلى هذا فليس لدينا حجة عقلائية على هذه الزيادة الا ان يقال بان اصالة عدم الزيادة مقدمة على أصالة عدم النقيصة ويأتى الجواب عنه انشاء الله، هذا کله مع ان العقل والوجدان يحكمان بان الاية لا تشمل من لم يبلغ الحلم حال نزولها الا على نحو الاخبار عن الغيب وهو كما ترى اضف الى ما ذكر ان تفسير القمى لم يخل من التصرفات فراجع المجلد الرابع من الذريعة الى تصانيف الشيعة.

ص: 26

(7)التفسير و ابن عباس

هل نحتاج فى الاعتماد على التفسير المنسوب الى ابن عباس الى تحليل شخصيته ام لا ؟ ولتوضيح الجواب عن هذا السؤال نقول.

التفسير فى اللغة البيان : الكشف : الايضاح : التأويل.

وفي الاصطلاح يطلق على امور ستة او ازيد.

الاول، كشف مفاهيم مفردات الكلام لغة او بالنظر الى متفاهم العرف العام ولو اختلفا فالمدار على الثانى وذلك مثل لفظة مولى ،استوى مشكوة، العرش، الجن، زقوم، سجين، صعيد ونحوها وحيث ان المدار في باب تفهيم المقاصد وفهمها من الكلام، على المتفاهم العرفى ، فاذا اختلفا فالمدار على العرف دون اللغة الا اذا كان الكلام صادراً في زمان ثم انتقل عن معناه اللغوى الى غيره بعد هذا الزمان اذ اللازم حينذاك حمل اللفظ على المعنى اللغوى دون المنقول اليه نعم اذا كان اللفظ ظاهراً فى معنى بالفعل عرفاً ولم يعلم انه المنقول اليه او الموضوع له بالوضع الأولى اللغوى فيؤخذ بهذا المعنى الظاهر الفعلى ويحمل عليه الكلام الصادر من المتكلم فى زمان سابق على هذا الزمان الفعلى ، وذلك ببركة اصالة عدم النقل المعتبرة عند اهل اللسان في أى لغة كانت.

الثانى، كشف المعنى المتحصل من مجموع الجملة : اخبارية كانت ام انشائية : بما لها من القيود والمتعلقات وهذا القسم من التفسير

ص: 27

يتوقف على العلم بقواعد النحو كبيان ان فصل المبتداء عن الخبر بالضمير في مثل قولك زيد هو العالم او تقديم الخبر على المبتداء في مثل قولك ، العالم زيد، يفيد الحصر.

الثالث، ايضاح المراد من الكلام، بواسطة القرائن الحافة به سواء كانت لفظية او حالية او مقامية او عقلية. فثمة فرق واضح بين قوله تعالى وجاء رجل من اقصى المدينة يسعى « و بین قوله تعالى ، : «وجاء ربك والملك صفا».

اذ العقل السليم المدرك لنزاهة الباري عن التجسم يأبى عن نسبة المجيء بالمعنى المنسبق منه الى الأذهان الى الله اذ الانتقال من مكان الى آخرانما هو شأن ممكن الوجود لا الواجب تعالى شأنه عن الحدود.

الرابع، تطبيق المفهوم العام للفظ الصادر من المتكلم على مصداق خفى ونسبته الى المتكلم على انه مراد له بالارادة الجدية و هذا هو التأويل ، وهو على قسمين ، صحيح و باطل.

فالاول ما كانت مصداقية المصداق لذلك المفهوم واقعية، بان يكون الانطباق قهرياً.

والثانى، ما كانت مصداقية المصداق خيالية او اقتراحية.

والقسم الأول ، مأخوذ من سدنة الوحي الالهي الراسخين في العلم العالمين بتأويل المفاهيم المشتبهة ، ومصاديقها الحقيقية الخفية.

فتطبيق المعصوم (علیهم السّلام) قول الله تعالى « بلغ ما انزل اليك» على ولاية على (علیه السّلام) انما هو من التأويل الصحيح الذي لا يعلمه الا الله والراسخون فى العلم ومنه يعلم ان ما ورد بعنوان التنزيل بالنسبة الى

ص: 28

جملة من الآيات القرآنية، انما يراد منه تنزيل المفهوم وتطبيقه على المصداق الخفى، لاتنزيل اللفظ بخصوصه : كلفظة في على : في الاية المشار اليها : واعتباره من الوحى السماوى المنزل من الله تحديا و قرآنا.

فتوهم انا نحن الشيعة ، نقول بالتحريف بمعنى النقص لوجود هذه الاخبار عندنا المسوقة لبيان المصاديق او لبيان اكملها لجملة منالعمومات القرآنية.

- هذا التوهم - نشأ من قصور الفهم وقلة الادراك او حب الافتراء او التصامم عن استماع الحق وقولنا اننا لا نقول بالتحريف زيادة و نقيصة. وان اشتبه الأمر على بعض الشيعة ، فقد اشتبه على بعض السنة ايضاً. بل الاخبار المأثورة من طرقهم في صحاحهم و غيرها اكثر بكثير مما ورد من طرقنا.

ثم ان الرسوخ، من الحقائق ذات المراتب شدة وضعفاً، ومن المعلوم لدينا نحن الشيعة، استناداً الى البراهين و الادلة الكثيرة، ان الائمة الاثنى عشر (علیهم السّلام) يعلمون الحقايق القرانية، وان المرتبة العالية من الرسوخ العلمى، مخصوصة بهم فانكار الرسوخ العلمى لهم خروج عن زى التشيع.

والقسم الثانى من التأويل ... وهو الخيالي: مخصوص بذوى الاراء الباطلة والاغراض الشيطانية ، مذهبية كانت أم سياسية.

قال الله تعالى «واما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله»

الخامس، بيان الانطباقات القهرية للعمومات على المصاديق

ص: 29

الخارجية كبيان أن ما يسمى ب- أتم - في زماننا هذا ينطبق عليه عنوان: اصغر من ذلك: الوارد في القرآن وليعلم أن تشهي التطبيق على الخارج، تأويل باطل كتطبيق قوله تعالى : ففتقناهما : على نظرية، لابلاس، القائلة بان الأرض انفصلت عن الشمس، اذفي أخبارنا انكار ذلك فراجع ولاحظ.

السادس، بيان شأن النزول لايآت القرآن وهذا القسم من التفسير موقوف على ورود النص الصحيح عليه ، ولا يصغى الى دعوى كل مفتر كذاب، أو جاهل بالسنة الصحيحة، أو آخذ بكل احتمال ضعيف كبيان أن شأن نزول آية الخمر ندوة لشرب الخمر، عقدها على بن ابيطالب(علیه السّلام) أو أن آية: «ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله»(1)نزلت فى ابن ملجم لعنه الله لاقدامه على قتل على (علیه السّلام) وهل من المعقول أن يكون أمير المؤمنين (علیه السّلام) صاحب ندوة للخمر أويكون قاتله ممن یشرى نفسه ابتغاء مرضات الله أوليس أخبار الطرفين تنص على نزاهة نفسية على (علیه السّلام) عن شرب الخمر و أن قاتله في النار.

واذا عرفت ذلك نقول ان التفسير الذي نراه يعتمد على اتجاهات ثلثة.

الأول، القواعد النحوية ويشترك فى هذا الاتجاه كل من له علم بالقواعد النحوية ، ولا امتياز لاحد على آخر فيه الا با وسعية اطلاعه عليها وأدقية نظره فيها فمن كان من المفسرين أوسع علماً وأدق نظراً و اكثر تتبعاً في كلام العرب يكون أولى بالاتباع من غيره. وكذلك الأمر بالاضافة الى اعراب القرآن : السواد : ولذا نرى شبه الاتفاق على قراءة عاصم عن طريق حفص من حيث الاعراب في موارد اختلافه

ص: 30


1- البقرة - 207

غيره وفى مثل هذا يكون لناحق النقد على أساس تلك القواعد. ففى مثل قوله تعالى : (الى المرافق « لنا أن نقطع بكون التحديد الانتهائى هو للمغسول ، بحيث لا ينافي وجوب ابتداء الغسل بالمرفق حسب ما امرنابه المعصوم (علیهم السّلام).

الثانى : الاراء الشخصية والانظار الاقتراحية ، نظير مانرى في تفاسير أهل التصوف من افكار خاطئة وخيالات واهية نشأت في الاغلب عن الاغراض والأهواء وهذا الاتجاه موهون جداً وضعيف قطعاً اذكيف يقبل قول من لا أساس لقوله أو رأى اصحاب الاهواء ممن يريد الاستدلال لاهوائه بالقرآن تحكماً وزوراً، وما ورد فى النصوص من أن من فسر القرآن برايه فليتبؤ مقعده من النار ناظر الى هذا النحو من التفسير اذالظاهر من

قوله : برايه : هو الاعتماد على ظنونه الشخصية وآرائه الاقتراحية، في تفسير القرآن من دون استناد الى قواعد كلامية أو أخبار مأثورة عن سدنة الوحى الالهى.

وهذا لاينافى حجية ظواهر القرآن، اذ الفرق الواضح موجود ، بین الاخذ بظواهر القرآن التى تكون مشتركة الحجية بين كل عارف باللسان، وبين قلب تلك الظواهر أو تطبيقها على ما يستذوقه المطبق فانكار هذا الحديث اغتراراً بما ورد فى القرآن من الأمر بالتدبر فيه ضلال واضلال عصمنا الله من ذلك .

الثالث، الاخبار الصحيحة المأثورة عن أهل بيت العصمة الذين قرنهم النبي الاعظم (صلی الله علیه و آله و سلّم) بالكتاب.

فى قوله (صلی الله علیه و آله و سلّم) : اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتى : اذهم

ص: 31

الذين يعلمون محكماته ومتشابهاته، وعامه وخاصه ، و ناسخه و منسوخه وما يتعلق بمعضلاته ودقائقه.

وما ورد في بعض اخبار اهل السنة من تبديل كلمة عترتي : ب- : سنتى : غير مقبول لان التبديل المذكور لا يوجد الافى بعض كتبهم والا في غالب كتبهم ورد الحديث على النحو الذي ذكرنا وعلى فرض التسليم نقول ان السنة الصحيحة انماهى عند العترة فمتابعة العترة متابعة للسنة بالمعنى الصحيح منها وهى الماخوذة عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) من دون واسطة واستماعاً من شخصه أو معها (نقلامنه بالنقل الصحيح).

فتوهم بعض اهل الضلال بان العترة تابعون للسنة مريداً بذلك أنهم يتبعون ما ورد عن أبي هريرة وأشباهه فاسد و باطل . لعلمنا بأن أخبار هؤلاء وان انتهت الى النبى (صلی الله علیه و آله و سلّم) الا أن في أسانيدها ضعف غالباً باعتراف أهل الجرح والتعديل ولعدم وجود شرائط الصحة التي يعتمدون عليها فيها.

وبالجملة المنهل الصافي لتفسير القرآن هم اهل البيت عليهم السّلام نعم ، نحن لا نعباً بكل خبر وان كان واردا في كتب اخبارنا، بل المعتبر من الاخبار عندنا ما كان له سند صحيح او حسن او كان محفوفا بالقرائن القطعية. كما هو واضح لدى كل خبير بطريقتنافي العمل باخبار الاحاد.

وعلى ضوء هذا التقسيم نقول ان التفسير المنسوب الى ابن عباس لاسندله قابلا للاعتماد عليه فلا يعتد به الافى ماكان مستنداً الى القواعد العلمية ، شريطة بقاء حق الرد والقبول للعالم بتلك القواعد اذا كان نقده معتمدا على الموازين العلمية الصحيحة.

ص: 32

و اما ما كان فيه من النقل فلا يمكن الركون اليه لضعف سنده.

قال السيوطى فى النوع الثمانين(1)و قد ورد عن ابن عباس فى التفسير ما لا يحصى كثرة وفيه روايات وطرق مختلفة فمن جيدها.

طريق على بن أبي طلحة الهاشمى عنه قال أحمد بن حنبل بمصر صحيفة فى تفسير رواها على بن أبي طلحة لورحل رجل فيها الى مصر قاصداً ما كان كثيراً ، أسنده أبو جعفر النحاس في ناسخه قال ابن حجر وهذه النسخة كانت عند ابي صالح كاتب الليث رواها عن معاوية بن صالح عن على بن أبي طلحة عن ابن عباس وهى عند البخاري عن أبي صالح.

وقد اعتمد عليها في صحيحه كثيراً في ما يعلقه عن ابن عباس. واخرج منها ابن جرير وابن ابی حاتم وابن المنذر كثيراً بوسائط بينهم و بین ابی صالح.

وقال قوم لم يسمع ابن ابى طلحة من ابن عباس التفسير وانما أخذه عن مجاهد اوسعيد بن جبير.

قال ابن حجر بعد ان عرفت الواسطة وهو ثقة فلا ضير في ذلك وقال الخليلى فى الارشاد، تفسير معاوية بن صالح قاضى الاندلس عن على بن ابى طلحة لم يسمعه من ابن عباس رواه الكبار عن ابي صالح كاتب الليث عن معاوية وأجمع الحفاظ على ان ابن ابي طلحة لم يسمعه من ابن عباس وهذه التفاسير الطوال التي أسندوها الى ابن عباس غير مرضية ورواتها مجاهيل الى آخر ما قال فراجع.

اقول رجال السند الذى استجوده السيوطى هم:

ص: 33


1- الاتقان ص 188

(1) عبد الله بن صالح المصرى ابو صالح كاتب الليث. وهو وان وثقه بعض ولكن ذمه وقال بكذبه جمع آخرون قال عبدالله (1)ابن احمد سألت ابي عنه فقال كان أول أمره متماسكا ثم فسد بآخره و ليس بشيء وقال صالح بن محمد كان ابن معين يوثقه وعندى انه كان يكذب في الحديث.

وقال ابن المدینی ضربت على حديثه وما أروى عنه شيئاً.

وقال احمد بن صالح، متهم ليس بشيء ، وقال النسائى ليس بثقة.

(2) معاوية بن صالح قاضی الاندلس (2)قال يحيى بن معين كان يحيى بن سعيد لا يرضاه.

وقال على بن المديني عن يحيى بن سعيد ما كنا نأخذ منه، وقال الذهبي في المغنى ، قال ابو حاتم لا يحتج به ، والقطان لايرضاه.

(3) علی بن ابى طلحة (3)روى عن ابن عباس ولم يسمع منه وبينهما أشخاص كثيرون سماهم في تهذيب التهذيب وقال الاجرى عن ابی داود انه مستقيم الحديث ولكن له رأى سوء.

وقال الميموني عن احمد له اشياء منكرات و قال يعقوب بن سفيان ضعيف الحديث منكر ليس محمود المذهب وقال في موضع آخر شامى ليس هو بمتروك ولاهو حجة - واما سند تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المطبوع فى مصر مكرراً فينتهى الى محمد بن مروان السدى الصغير.

ص: 34


1- ج 5 تهذيب التهذيب
2- تهذيب التهذيب ج 10 ص210
3- تهذيب التهذيب ج 7 ص 339

وقالوا في حقه، يضع الحديث ، ذاهب الحديث، متروك.

وهو يروى عن محمد بن السائب الكلبى وقال المامقانى فى حقه انه مجهول وقال الذهبى فى المغنى تركوه كذبه سليمان التيمى وزائدة وابن معين وتركه القطان وعبد الرحمن.

وقيل اجمعوا على ترك حديثه، وليس بثقة، ولا يكتب حديثه.

ونقل عنه في مرضه قوله كلشيء حدثتكم عن ابي صالح كذب.

والكلبى يروى عن ابی صالح ميزان البصرى ، و جعل السيوطي في الاتقان هذا الطريق أوهن الطرق الى تفسير ابن عباس نعم قال العلامة التهرانی (1)

تفسير ابن عباس ، هو ترجمان القرآن عبد الله بن عباس ابن عم النبي الاكرم (صلی الله علیه و آله و سلّم) المولود قبل الهجرة بثلث سنين والمتوفى بالطائف سنة - 68 - ذكره ابن النديم فى الصفحة -51 - في كتب التفاسير بعد ذكره كتاب التفسير للامام ابي جعفر (علیه السّلام) وقال:

روى التفسير عن ابن عباس مجاهد وهو ابو الحجاج المقرى المفسر المكى مجاهد بن جبر (المتوفى بالسجدة سنة 102 أو 103) وذكر أنه رواه عن مجاهد حميد بن قيس (المتوفى فى زمن السفاح) وأبو نجيح ورواه عن أبي نجيح ورقاء وعيسى بن ميمون.

اما مجاهد فلم يتفقوا على وثاقته (2)ففى شرح البخارى للقطب الحلبى ان من الكبائر أن لا يستبرىء من بوله، بعد حكاية كلام الترمذى

ص: 35


1- ج4 الذريعة ص 243
2- ج 10 تهذیب التهذيب ص 44

في العلل ما نصه، مجاهد معلوم التدليس فعنعنته لاتفيد الوصل ووقوع الواسطة بينه وبين ابن عباس انتهى قال في تهذيب التهذيب ولم أر من نسبه الى التدليس نعم اذا ثبت قول ابن معين أن قول مجاهد خرج علينا على ليس على ظاهره فهو عين التدليس اذ هو معناه اللغوى وهو الابهام والتغطية وقد قال ابن خراش أحاديث مجاهد عن على مراسيل لم يسمع منها شيئا.

و اما حميد بن قيس ففى تهذيب التهذيب(1) عن عبد الله بن احمد عن ابيه ليس هو بالقوى في الحديث.

واما ابو نجيح فهو يسار وقد وثقوه الا أن الذي يظهر من ترجمة ورقاء أنه روى التفسير عن ابنه عبد الله ابن ابي نجيح و هو كما في المغنى (2)تابعی قال ابن الجوزى قال يحيى كان من رأس الدعاة الى القدر.

واما ورقاء (3)فقال الغلابى وسمعت معاذ بن معاذ يقول ليحيى بن القطان سمعت حديث منصور قال نعم، فقال من ورقاء قال لا يساوي شيئا.

وقال ابرهيم لما قرأ وكيع التفسير قال للناس خذوه فليس فيه عن الكلبي ولا عن ورقاء شيء.

وقيل روى أحاديث غلط في اسانيدها وباقي حديثه لابأس به.

ص: 36


1- ج 2 ص 47
2- ج 1 ص 363
3- ج 11 ص 114

نعم قالوا في حق عيسى بن ميمون ليس به بأس ووثقه جماعة.

والعمدة ان تفسير ابن عباس بهذا السند معالم نظفر عليه.

وعليهذا فالتفسير المنسوب الى ابن عباس سبیله سبیل سائر التفاسير ، يعد من الكتب العلمية لا من كتب الأحاديث المعتبرة.

(8)صحبة النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) والانتساب اليه لا يعدلان الفاسق

التاريخ الصحيح والقرآن الحكيم ناطقان بان الانتساب الى النبي الاعظم (صلی الله علیه و آله و سلّم) لا يوجب المصونية الذاتية بل لابد من كون الشخص بنفسه ذاصفات عالية وأخلاق زاكية ليكون شريفاً وعزيزاً عند الله وعند عباده، وكذلك الصحبة له ليست سبباً للشرافة ولذا فنحن نقول ببطلان هذه الكلية، كل صحابي عادل، والقرآن الذى يتلى ليلا ونهاراً وعلى رؤوس الاشهاد فى مختلف الاعصار والامصار ينادى بأعلى صوته - « تبت يدا أبى لهب وتب» - فالنسبة بين الانتساب والصحبة وبين العدالة والايمان الصحيح والعمل الصالح عموم من وجه ومن المعلوم أن أبا لهب كان عم النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) كما أن من الواضح نزول سورة المنافقين في المدينة» على النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) ولا بدحين نزولها من وجود مصداق للمنافق.

وقد صرح الله عز و جل بوجود المنافق في قوله (1)«وممن حولكم من الاعراب منافقون و من أهل المدينة مردوا على النفاق لاتعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون الى عذاب عظيم » والمنافق هو الذي يظهر الشهادتين اذا رأى المؤمنين واذا خلى الى شياطينه قال أنا معكم

ص: 37


1- التوبة 101

فنحن لانرى أنفسنا ملزمين بتبرئة الخائن لكونه منسوبا الى النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) بل يهمنا تمييز البرىء عن غيره.

وبعبارة واضحة ان تحليل شخصية ابن عباس انما هو لتمحيص الحق من الباطل نعم يفيدنا براءة ساحة قدسه في نفوذ احتجاجاته في مقابل خصوم أبى طالب القائلين بكفره وخصوم مولانا امیرالمومنین (علیه السّلام) وعدم رد المتعنت لها بسفسطة انها صدرت ممن فعل كذا وكذا ، وزبدة المقال انا نقول بان الالسنة الكاذبة وما اكثرها - لفقت أكاذيب تمس كرامته تغطية لما عليه أسلا فهم من الظلم والعدوان والتعدى والطغيان وتوهينا لما احتج به للعقائد الحقة والاحكام الشرعية.

ثم انه وان كانت السفسطة المذكورة لاتصح لكنه على فرض تسليمها لاربط لها باحتجاجاته ونحن نأخذ بها لكونها مدعومة بالبراهين الصحيحة.

(9)الاخبار المادحة له

اشارة

1- رجال الكشى الصفحة 56 الكشى عن حمدويه و ابراهيم قالا حدثنا أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد عن سلام بن سعيد عن عبد الله بن عبدیا (تا - خ) ليل رجل من أهل الطائف قال اتينا ابن عباس نعوده فى مرضه الذي مات فيه قال فأغمى عليه في البيت فأخرج الى صحن الدار قال فأفاق فقال ان خليلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) قال اني ساهجر هجرتین و انی ساخرج من هجرتى فهاجرت هجرة مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وهجرة مع على (علیه السّلام) وانى سأعمى فعميت واني سأغرق فاصابني حكة فطر حنى

ص: 38

أهلى فى البحر فغفلوا عنى فغرقت.

ثم استخرجونى بعد ، وأمرنى ان أبرى من خمسة، من الناكثين، وهم أهل النهروان، ومن القدرية ، الذين ضاهوا النصارى في دينهم فقالوا لاقدر ) ومن المرجئة الذين ضاهوا اليهود في دينهم فقالوا الله اعلم قال ثم قال اللهم انى أحبى على ماحيى عليه على بن ابيطالب و أموت على مامات عليه على بن ابيطالب قال ثمّ مات فغسل وكفن ثم صلى على سريره قال فجاء طائران أبيضان فدخلا في كفنه فرأى الناس انما هو فقهه فدفن.

:امارجال السند فهم:

الكشي - ابو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشى المعاصر للكليني - المتوفى 328 - أو 329 فهو من أحياء أواسط القرن الرابع قال الشيخ هو من غلمان العياشي ثقة بصير بالرجال ، وقال النجاشي كان ثقة عيناً وروى عن الضعفاء كثيراً وصحب العياشي.

حمدويه - بن نصير بن شاهي يكنى أبا الحسن عديم النظير في زمانه كثير العلم والرواية ثقة حسن المذهب.

ابراهيم بن نصير الكشى قال الشيخ ثقة كثير الرواية.

ايوب بن نوح ثقة.

صفوان بن يحيى - ثقة جليل القدر لايروى الاعن ثقة وقد أجمعت العصابة على (1)تصحيح ما يصح - عنه.

عاصم بن حميد - ثقة.

سلام بن سعيد مهمل.

ص: 39


1- سيأتى توضيح العبارة .

عبدالله بن عبدیالیل - مجهول فالسند ضعيف بحسب الاصطلاح ولكنه معتبر بلحاظ وجود صفوان في السند، لانه لايروى الاعن ثقة وهو من أصحاب الاجماع ، ودلالة الخبر على جلالة قدر ابن عباس واضحة من جهات، أهمها أمران .

الاول، اعترافه بموافقة عقائده الدينية لعقائد على بن ابيطالب(علیه السّلام).

الثانى، أن عماه كان باخبار من النبى (صلی الله علیه و آله و سلّم) بل هناك أمر ثالث يدل على حسن عاقبته وهو دخول طائرين ابيضين في كفنه

2- الكشى عن جعفر بن معروف قال حدثني محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن ابن جريح عن ابي عبد الله (علیه السّلام)، ان ابن عباس لمامات واخرج خرج من كفنه طير ابيض يطير ينظرون اليه يطير نحو السماء حتى غاب عنهم ، فقال و كان ابي يحبه حباً شديد أو كانت امه تلبسه ثيابه وهو غلام فينطلق اليه في غلمان بنى عبد المطلب قال فأتاه بعد ما اصاب بصره فقال من انت ؟ قال انا محمد بن على بن الحسين فقال حسبك من لم يعرفك فلا عرفك.

وسند الحديث قابل للاعتبار، اذ جعفر بن معروف وكيل ومعتمد للكشى ومحمد بن الحسين الزيات الهمدانى ثقة وجعفر بن بشير ثقة جليل القدر روى عن الثقات و عبدالملك بن جريح المكي من اعلام السنة وكان له ميل الى الشيعة ومحبة شديدة لاهل البيت (علیهم السّلام) ويكفيه رواية من يروى عن الثقات عنه فالسند قابل للاعتبار كما قلنا، والدلالة واضحة ، واهم ما في هذا الخبران الصادق (علیه السّلام) يقول بان الباقر (علیه السّلام) كان يحب ابن عباس حباً شديداً، وجه الاهمية منافاة هذا الحب الشديدمع ما يأتى

ص: 40

في الاخبار الذامة له من ضحك الامام (علیه السّلام) عليه وخشونته معه في الكلام.

3 - جعفر بن معروف قال حدثنى الحسن بن على بن النعمان عن ابيه عن معاذ بن مطر قال سمعت اسمعيل بن الفضل الهاشمي قال حدثنى بعض اشیاخی قال لما هزم علی بن ابیطالب اصحاب الجمل بعث امیر المؤمنين (علیه السّلام) عبد الله بن عباس الى عائشة يأمرها بتعجيل الرحيل وقلة العرجة قال ابن عباس فاتيتها وهى فى قصر بنى خلف في جانب البصرة قال فطلبت الاذن عليها فلم تأذن فدخلت عليها من غير اذنها فاذا بيت قفار لم يعدلى فيه مجلس فاذاهى من وراء سترين قال فضربت ببصرى فاذا في جانب البيت رحل عليه طنفسة فجلست عليها فقالت من وراء الستر يابن عباس اخطأت السنة دخلت بيتنا بغير اذننا وجلست على متاعنا بغیر اذ ننا فقال لها ابن عباس رحمه الله نحن اولى بالسنة منك و نحن علمناك السنة وانما بيتك الذى خلفك فيه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فخرجت منه ظالمة لنفسك ، غاشية لدينك عاتبة على ربك، عاصية لرسول الله(صلی الله علیه و آله و سلّم).

فاذا رجعت الى بيتك لم ندخله الأباذنك ، ولم نجلس على متاعك الا بامرك.

ان امير المؤمنين على بن ابيطالب بعث اليك يأمرك بالرحيل الى المدينة وقلة العرجة فقالت رحم الله امير المؤمنين ذاك عمر بن الخطاب فقال عبدالله بن عباس ، هذا والله امير المؤمنين وان تربدت فيه وجوه و رغمت فيه معاطس ، اما و الله لهو امير المؤمنين وامس برسول الله رحماً واقرب قرابة واقدم سبقاً واكثر علماً وأعلا منار أو اكثر

آثاراً من ابيك ومن عمر.

ص: 41

فقالت ابيت ذلك فقال اما والله ان كان اباءك فيه القصير المدة عظيم التبعة، ظاهر الشوم، بين النكد مبين المنكر، وما كان اباءك فيه الا حلب شاة حتى صرت ما تأمرين ولا تنهين ولا ترفعين ولا تضعين وما مثلك الاكمثل ابن الحضر مى ابن نجمان اخي بني اسد حيث يقول :

ما زال اهداء القصائد بيننا *** شتم الصديق وكثرة الالقاب

حتى تركتهم كان قلوبهم *** في كل مجمعة طنين ذباب

قال فاراقت دمعتها ، وابدت عويلها ، وتبدى نشيجها ، ، ثم قالت اخرج والله عنكم فما فى الأرض بلد ابغض الى من بلد تكونون فيه . فقال ابن عباس فو الله ماذا بلاءنا عندك ، ولا بصنيعنا اليك ، جعلناك للمؤمنين اما وانت ام رومان ، وجعلنا اباك صديقاً ، وهو ابن ابي قحافة.

فقالت يابن عباس تمنون على برسول الله.

فقال ولم لانمن عليك بمن لو كان منك قلامة منه مننت به و نحن لحمه ودمه ومنه واليه وما انت الاحشية من تسع حشايا، خلفهن بعده لست با بيضهن لون ولا با حسنهن وجهاً ولا بأرشحهن عرقا ، ولابا نضرهن ورقاً ، ولا باطرئهن اصلا فصرت تأمرين فتطاعين ، وتدعين فتجابين وما مثلك الا كما قال اخو بني فهر.

مننت على قومى فابدو اعداوة *** فقلت لهم كفوا العداوة والنكرا

ففيه رضا من مثلكم، لصديقه *** واحجي بكم ان تجمعوا البغي والكفرا

قال : ثم نهضت واتيت الى امير المؤمنين (علیه السّلام) فاخبرته بمقالتها ومارددت عليها فقال انا كنت اعلم بك حيث بعثتك.

وانما ذكرنا هذا الخبر بطوله كى ترى صراحة لهجته وقوة عارضته

ص: 42

وتذعن بماسوف نقوله من ان اتهام ابن عباس نشاء من احتجاجاته القوية تضعيفاً لها ، وتوهيناً لقائلها.

نعم سند الرواية ضعيف لان معاذ بن مطر مهمل و بعض مشايخ اسمعيل مجهول وان كان سائر رجال السند ثقات.

وكيف كان قيكفى لجلالة قدر الرجل الخبر الاول ، لان سنده وان اشتمل على مهمل و مجهول على ماتقدم ، الا ان صفوان بن يحيى قبلهما في السند وهو من اصحاب الاجماع الذين اجمعت العصابة على تصحيح ماصح عنهم ومفاد هذه العبارة ان علماء الشيعة مع كمال ضبطهم ودقتهم في نقد الاخبار وركونهم الا من شذ منهم الى الثقات دون الضعفاء اعتمدوا على رواية هؤلاء ، ومعنى اعتماد هم انهم لم يقفوا موقف النقد والتحليل او الشك والترديد بالنسبة الى من بعدهم الى ان ينتهى السند الى المعصوم (علیهم السّلام).

وليس هذا الاجماع، اجماعاً تعبدياً كاشفاً عن رأى المعصوم (علیهم السّلام) وامره لنا بمعاملة الخبر الضعيف الوارد عن هؤلاء معاملة الصحيح تعبداً.

بل المراد من الاجماع المذكور، اتفاق آراء علماء الشيعة - الا قليلا منهم - على وثاقة من روى هؤلاء عنه لعلمهم بانهم لايروون الا عن الثقات.

وتوهم ان مفاد العبارة اتفاق العصابة على وثاقتهم بانفسهم من دون نظر الى من بعدهم فاسد جداً، اذمقتضاه انحصار من اتفق العلماء على وثاقتهم في جميع طبقات رواة الشيعة فى ثمانية عشر رجلا و هذا مما يأباه العقل وكتب الرجال والتاريخ.

ص: 43

و سر اعتماد العلماء على اخبار هؤلاء : اصحاب الاجماع : التزامهم العملى بان لايروون الاعن ثقة والالتزام عملا من الوفي بالالتزام مطلقا وفي جميع الموارد كاشف عن تحقق الملتزم به نحو كاشفية الاخبار القولى من الصادق عن الواقع.

فلا فرق بين قولك فلان عادل وبين التزامك العملي بالاقتداء به.

فان من علم التزامك هذا ورأك اقتديت بشخص فهو يعلم بعد الته مع ان العمل صامت لا ناطق، وعليك بالتأمل في ماذكرنا حذراً من بعض التشكيكات في المقام.

وهذا الخبر يدل ر على كون ابن عباس شيعياً بالمعنى الاخص خلاقاً لما تخيله المامقاني (رحمه الله) وذلك لاعترافه بموافقة عقائده لعقائد على (علیه السّلام) بل نجد متابعته له (علیه السّلام) في الاعمال الحسنة والاجتناب عن الاعمال السيئة لاطلاق قوله احيى على ماحیی علیه علی بن ابیطالب واموت على مامات على بن ابيطالب.

ومن البين أن حيوة على (علیه السّلام) كانت حيوة النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) عقيدة وعملا وعلى هو الصراط المستقيم ، و به توزن الاعمال، و هو المقتدى لكل مؤمن ومؤمنة.

ثم ان امامة الائمة الاثنى عشر كانت معهودة بالعهد الالهى ونص عليها النبي الاعظم صلی الله علیه و آله و سلّم و علی والحسن والحسين (علیهم السّلام) وكل منهم واحداً بعد الآخر.

و لم تكن امراً مخفياً عن اصحاب محمد و على عليهما و آلهما السلام و لا سيما عن خواصهما و عليهذا فلم تكن تخفى على ابن عم

ص: 44

النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) حبر الأمة و لان الاعتقاد بها جزء من حيوة على (علیه السّلام) فعلى عبد الله بن عباس ان يعتقد بامامتهم حتى يصح قوله احيى على ماحبى عليه علی بن ابیطالب (علیه السّلام).

مضافاً الى ما في كتاب سليم بن قيس الهلالي من قوله لمعاوية، و تعجب يا معوية أن سمى الله الائمة واحداً بعد واحد و قد نص عليهم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) بغدير خم، وفي غير موطن واحتج عليهم وامرهم بطاعتهم واخبر ان اولهم على بن ابی طالب (علیه السّلام) ولى كل مؤمن ومؤمنة من بعده وانه خليفته فيهم ووصيه.

ولو فرضنا - محالا - جهله بالنصوص الواردة على جميع المعصومين فلا اقل من علمه بامامة من أدرك زمانه منهم واعتقاده بذلك.

وجملة القول ان حيوة على تتشكل من العقائد الحقة التوحيد، النبوة، الامامة، وهي خلافة الائمة الاثنى عشر عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فهذا الخبر المعتبر يكفى للدلالة على تشيع ابن عباس بالمعنى المصطلح عندنا فضلا عن خبر سليم المشار اليه آنفاً الذى اعترف فيه بان بيان امر الخلافة مختص بالنبى(صلی الله علیه و آله و سلّم).

حيث قال مخاطباً معاوية ، أفتراه يترك الامة ولم يبين لهم من الخليفة بعده ليختاروا لانفسهم الخليفة أكان رأيهم لانفسهم اهدى لهم وارشد من رأيه واختياره الخ.

ولنختم المقام بذكر ما ذكره السيوطى فى الاتقان (1)من الاخبار المادحة لابن عباس.

ص: 45


1- النوع الثمانون ص 187

واما ابن عباس فهو ترجمان القرآن الذى دعاله النبى(صلی الله علیه و آله و سلّم) اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل.

وقال له ايضاً اللهم آته الحكمة وفى رواية اللهم علمه الحكمة.

واخرج ابو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال دعا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) لعبد الله بن عباس فقال اللهم بارك فيه وانشر منه.

وأخرج من طريق عبد المؤمن بن خالد عن عبد الله بن بريدة عن ابن عباس، قال انتهيت الى النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) وعنده جبريل فقال له جبريل انه كائن حبر هذه الامة فاستوص به خيرا.

واخرج من طريق عبد الله بن حراش عن العوام بن حوشب عن مجاهد قال قال ابن عباس قال لى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) نعم ترجمان القرآن انت.

وأخرج البيهقى فى الدلائل عن ابن مسعود، قال نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس.

واخرج ابو نعيم عن مجاهد قال كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه.

واخرج عن ابن الحنفية ، قال : كان ابن عباس حبر هذه الامة.

واخرج عن الحسن ، قال : ان ابن عباس كان من القرآن بمنزل كان عمر يقول ذاكم، فتى الكهول ان له لسانا سؤلا وقلباً عقولا.

واخرج من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر ان رجلا اتاه يسأله عن السموات والارض كانتارتقاً ففتقناهما ، فقال اذهب الى ابن عباس فاسأله ثم تعال اخبرنى فذهب فسأله فقال كانت السموات لا تمطر وكانت الارض رتقاً لا تنبت ففتق هذه بالمطر وهذه بالنبات فرجع الى

ص: 46

ابن عمر فأخبره ، فقال قد كنت أقول ما يعجبنى جرأة ابن عباس على تفسير القرآن فالان قد علمت انه أوتى علماً.

واخرج البخارى من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قبال كان عمر يدخلني مع اشياخ بدر فكان بعضهم وجد في نفسه فقال لم يدخل هذا معنا ، وان لنا أبناء مثله فقال عمر ، انه ممن علمتم فدعاهم ذات يوم فادخله معهم فما رأيت انه دعانى فيهم يومئذ الاليريهم فقال ماتقولون في قول الله تعالى «اذا جاء نصر الله والفتح» بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره اذا نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً. فقال لى اكذلك تقول يابن عباس فقلت لافقال : ما تقول ؟ فقلت هو أجل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) اعلمه له قال :

«اذا جاء نصر الله والفتح» فذلك علامة اجلك «فسبح بحمدربك واستغفره انه كان تواباً » فقال عمر لا اعلم منها الا ما تقول.

وأخرج ايضاً من طريق ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال قال عمر بن الخطاب يوماً لاصحاب النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) فيمن ترون هذه الاية نزلت «ايود احدكم أن تكون له جنة من نخيل واعناب» قالوا الله اعلم فغضب عمر فقال قولوا نعلم اولا نعلم فقال ابن عباس في نفسي منها شيء فقال يابن أخى قل ولا تحقر نفسك قال ابن عباس ضربت مثلا لعمل فقال عمرای عمل قال ابن عباس لرجل غنى يعمل بطاعة الله ثم بعث له الشيطان فعمل بالمعاصى حتى اغرق اعماله.

ص: 47

(10)الاخبار الذامة له

اشارة

1 - الكشى فى رجاله (1): وروی محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن سنان عن موسى بن بكر الواسطى عن الفضيل بن يسار عن ابي جعفر(عليه السلام) قال سمعته يقول قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) اللهم العن ابنى فلان وأعم ابصارهما كما عميت قلوبهما الأجلين في رقبتی و اجعل عمی ابصارهما دليلا على عمى قلوبهما.

2 - جعفر بن معروف (2) قال حدثنا يعقوب بن يزيد الانبارى عن حماد بن عيسى عن ابراهيم بن عمر اليماني عن الفضيل بن يسار عن ابي جعفر (علیه السّلام) قال اتى رجل ابي (علیه السّلام) فقال ان فلانا یعنی عبدالله بن العباس يزعم انه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت وفيم نزلت قال فسله فيمن نزلت «ومن كان فى هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى واضل سبيلا» وفيم نزلت «ولا ينفعكم نصحى ان اردت ان انصح لكم» وفيم نزلت «یا ایها الذین آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا» فاتاه الرجل وقال : وددت الذي أمرك بهذا واجهني به فاسائله ولكن سله ما العرش ومتى خلق وكيف هو؟فانصرف الرجل الى ابى فقال له ماقال فقال وهل اجابك فى الايات ؟ قال لا، قال ولكن أجيبك فيها بنور وعلم غير المدعى والمنتحل ، اما الاولیان فنزلتافی ابیه، واما الاخيرة فنزلت فى ابى وفينا الى آخر ما فی الکشی فراجع.

ص: 48


1- ص 53

3 - الكشى عن محمد بن مسعود (1)قال حدثنی جعفر بن احمد بن ایوب قال حدثني حمدان بن سليمان ابو الخير قال حدثني أبومحمد عبد الله بن محمد اليماني قال حدثني محمد بن الحسين بن ابی الخطاب الكوفى عن ابيه الحسين عن طاووس قال كنا على مائدة ابن عباس ومحمد بن الحنفية حاضر فوقعت جرادة فأخذها محمد ثم قال هل تعرفون ما هذه النقط السود في جناحها قالوا الله أعلم.

فقال أخبرنى أبى على بن ابيطالب (علیه السّلام) أنه كان مع النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) ثم قال هل تعرف يا على هذه النقط السود فى جناح هذه الجرادة قال قلت الله ورسوله أعلم فقال مكتوب في جناحها انا الله رب العالمين خلقتالجراد جندا من جنودی اصیب به من اشاء من عبادى.

فقال ابن عباس فمابال هؤلاء القوم يفتخرون علينا يقولون انهم اعلم منا فقال محمد ما ولدهم الا من ولدنى.

قال فسمع ذلك الحسن بن على (علیه السّلام) فبعث اليهما وهما بالمسجد الحرام فقال لهما اما انه قد بلغنى ماقلتما اذ وجدتما جرادة فاما انت يابن عباس ففيمن نزلت هذه الاية «فلبئس المولى ولبئس العشير» في ابي اوفي ابيك وتلا عليه آيات من كتاب الله كثيرا ثم قال اما والله لولاما تعلم لا علمتك عاقبة امرك ما هو وستعلمه ثم انك بقولك هذا مستنقص فى بدنك ويكون الجرموز من ولدك ولو اذن لى فى القول لقلت ما لو سمع عامة هذا الخلق لجحدوه وانكروه.

4- الكشى قال (2)روى على بن يزداد الصايغ الجرجاني عن

ص: 49


1- ص 55
2- ص 53

عبد العزيز بن محمد بن عبد الاعلى الجزرى عن خلف المخرمى (المخزومي خ) البغدادى عن سفيان بن سعيد عن الزهرى قال سمعت الحارث يقول استعمل على (علیه السّلام) على البصرة عبد الله بن عباس فحمل كل مال فى بيت المال بالبصرة ولحق بمكة وترك عليا و كان مبلغه الفى الف فصعد على (علیه السّلام) على المنبرحين بلغه ذلك فبكى فقال هذا ابن عم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) في علمه وقدره يفعل مثل هذا فكيف يؤمن من كان دونه اللهم انى قد مللتهم فأرحنى منهم واقبضنى اليك غير عاجز و لاملول.

5 - قال الكشى (1)قال شيخ من اهل اليمامة يذكر عن معلى بن هلال بن عن الشعبى قال لما احتمل عبد الله بن عباس بيت مال البصرة وذهب به الى الحجاز كتب اليه على بن ابيطالب (علیه السّلام) من عبد الله على بن ابيطالب الى عبد الله بن عباس.

اما بعد فانى كنت اشركتك في امانتي ولم يكن احد من اهل بيتى فى نفسى اوثق منك لمؤاساتی و موازرتی واداء الامانة الى فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو عليه قد حرب وامانة الناس قد عزت (خربت و هذه الامة قد فتنت - خ ل )

وهذه الامور قد فشت قلبت لابن عمك ظهر المجن وفارقته مع المفارقين وخذلته اسوء خذلان الخاذلين فكانك لم تكن تريد الله بجهادك وكانك لم تكن على بينة من ربك و كانك انما كنت تكيدامة محمد (صلی الله علیه و آله و سلّم) على دنياهم و تنوى غرتهم فلما امكنتك الشدة في خيانة امة محمد (صلی الله علیه و آله و سلّم) اسرعت الوثبة وعجلت العدوة فاختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب

ص: 50


1- ص 53

الازل رمية (1)المعزى كانك لا اباً لك انما جررت الى اهلك تراثك من ابيك وامك سبحان الله اما تؤمن الكسير بالمعاد او ما تخاف من سوء الحساب او ما يكبر عليك ان تشترى الاماء و تنكح النساء باموال الارامل والمهاجرين الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد ، اردد الى القوم اموالهم فوالله لئن لم تفعل ثم امكننى الله منك لا عذرن الله فيك فو الله لوان حسناً وحسيناً فعلا مثل الذي فعلت لما كان لهما عندى فى ذلك هوادة ولا لواحد منهما عندى فيه رخصة حتى آخذ الحق و ازيح الجورعن المظلوم والسلام.

قال فكتب اليه عبدالله بن عباس اما بعد فقد اتاني كتابك تعظم على اصابة المال الذى اخذته من بيت مال البصرة ولعمرى ان لي في بيت مال الله اكثر مما اخذت والسلام.

قال فكتب اليه على بن ابيطالب اما بعد فالعجب كل العجب من تزيين نفسك ان لك في بيت مال الله اكثر مما اخذت واكثر ممالرجل من المسلمين فقد افلحت ان كان تمنيك الباطل وادعاؤك مالا يكون ينجيك من الاثم و يحل لك ما حرم الله عليك عمرك الله انك لانت العبد المهتدى اذن فقد بلغنى انك اتخذت مكة وطنا وضربت بها عطنا تشترى مولدات مكة والطائف تختارهن على عينك وتعطى فيهن مال غيرك و انى لاقسم بالله ربي وربك رب العزة ما يسرني ان ما أخذت من اموالهم لی حلال ادعه لعقبی میراثا فلا غرور اشد من اغتباطك بأكله ، رويدا رويدا فكان قد بلغت المدى وعرضت على ربك و المحل الذي تتمنى

ص: 51


1- دامية - خ ل

الرجعة والمضيع للتوبة كذلك و ما ذلك ولات حين مناص والسلام.

قال فكتب اليه عبد الله بن عباس اما بعد فقد اكثرت على فو الله لئن القى الله بجميع ما في الارض من ذهبها وعقيانها أحب الى ان القى الله بدم رجل مسلم.

6 - في نهج البلاغة ومن كتاب له الى بعض عماله أما بعد فاني قد اشركتك في امانتى وجعلتك شعارى وبطانتي و لم يكن رجل في أهلى اوثق منك فى نفسى لمواساتی و موازرتى وأداء الأمانة الى فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو قد حرب وامانة الناس قد خزيت وهذه الامة قدفنكت و شغرت قلبت لابن عمك ظهر المجن ففارقته مع المفارقين وخذلته مع الخاذلين وخنته مع الخائنين.

فلا ابن عمك آسيت ولا الامانة أديت و كانك لم تكن على بينة من ربك وكانك انما تكيد هذه الامة عن دنياهم وتنوى غرتهم عن فيئهم فلما امكنتك الشدة في خيانة الامة اسرعت الكرة وعاجلت الوثبة و اختطفت ماقدرت عليه من اموالهم المصونة لاراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الازل دامية المعزى الكسيرة فحملته الى الحجاز رحيب الصدر بحمله غير متأثم من أخذه كانك لا ابا لغيرك حدرت ألى اهلك تراثك من أبيك وأمك فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد أو ما تؤمن نقاش الحساب.

ايها المعدود كان عندنا من ذوى الالباب كيف تسيغ شراباً وطعاما وانت تعلم انك تأكل حراما وتشرب حراماً وتبتاع الاماء وتنكح النساء من مال اليتامى والمساكين والمؤمنين والمجاهدين الذين افاء الله عليهم هذه الاموال وأحرز بهم هذه البلاد، فاتق الله واردد الى هؤلاء القوم اموالهم فانك

ص: 52

ان لم تفعل ثم امكننى الله منك لا عذرن الله فيك ولاضربنك بسيفى الذى ما ضربت به احداً الا دخل النار.

والله لو ان الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلته ما كانت لهما عندى هوادة ولا ظفرا منى بارادة حتى آخذ الحق منهما وأزيل الباطل عن مظلمتهما.

و اقسم بالله رب العالمين ما يسرني أن ما اخذت من اموالهم حلال لی اتر که میراثاً لمن بعدى فضح رويدا فكانك قد بلغت المدى ودفنت تحت الثرى وعرضت عليك اعمالك بالمحل الذي ينادى الظالم فيه بالحسرة ويتمنى المضيع الرجعة ولات حين مناص.

7- في الكافى فى باب شأن انا انزلناه في ليلة القدر و تفسيرها بعد ذكره حديثا بهذا السند - محمد بن ابی عبد الله ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن احمد بن محمد جميعا عن الحسن بن العباس بن الحريش (1)قال -

وعن ابيعبد الله قال بينا ابى جالس وعنده نفر اذا ستضحك حتى اغر ورقت عيناه دموعاً ثم قال هل تدرون ما اضحكني قال فقالوا، لا : قال : زعم ابن عباس انه من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموافقلت له هل رأيت الملائكة يابن عباس تخبرك بولايتها لك في الدنيا والاخرة مع الامن من الخوف والحزن .

قال (علیه السّلام) فقال ان الله تبارك وتعالى يقول: «انما المؤمنون اخوة» وقد دخل في هذا جميع الامة فاستضحكت ثم قلت صدقت يابن عباس

ص: 53


1- علی وزن زبیر او ظهیر

أنشدك الله هل فى حكم الله اختلاف؟، قال فقال لا، فقلت ماترى فى رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتى سقطت ثم ذهب و أتى رجل آخر فاطار كفه، فاتى به اليك وانت قاض كيف أنت صانع به ؟!

قال : أقول لهذا القاطع أعطه دية كفه واقول لهذا المقطوع صالحه على ماشئت، وابعث به الى ذوی عدل : قلت جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره نقضت القول الأول . أبى الله عز وجل أن يحدث في خلقه شيئاً من الحدود ليس تفسيره في الأرض، اقطع قاطع الكف اصلا، ثم أعطه دية الاصابع هذا، حكم الله ليلة ينزل فيها أمره أن جحدتها بعد ماسمعت من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فادخلك الله النار كما عمى بصرك يوم جحدتها الى آخر الحديث.

8- في تفسير على بن ابراهيم القمى وفى تفسير البرهان عنه عن أحمد بن ادريس عن احمد بن محمد عن الحسن بن العباس بن الحريش عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال قال أمير المؤمنين (علیه السّلام) بعد وفاة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فى المسجد والناس مجتمعون بصوت عال : « الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل اعمالهم » : فقال له ابن عباس يا ابا الحسن لم قلت ماقلت؟ قال قرأت شيئاً من القرآن قال لقد قلته لامر !، قال نعم . ان الله تعالى يقول في كتابه : « ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا » : فتشهد على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) انه استخلف أبا بكر ؟ قال ما سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) اوصى الا اليك قال، فهلا بايعتنى، قال اجتمع الناس على أبي بكر فكنت منهم :

فقال امير المؤمنين (علیه السّلام)، كما اجتمع أهل العجل على العجل

ص: 54

هيهنا فتنتم.

ومثلكم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضائت ماحوله ذهب - الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لا يبصرون. صم بكم عمى فهم لا يرجعون:

هذا ما وصل الينا من الاخبار الذامة له، ولابدلنا من بيان سند كل واحد منها، ثم توضيح ما يستفاد منها.

فيرد على الخبر الاول من حيث السند أن الكشى ليس من رواة محمد بن عيسى بن عبيد اليقطينى من دون واسطة لان أبا عمر ومحمد بن عبد العزيز الكشى معاصر للكليني، وتوفى الاخير سنة 329 أوسنة 328 والكشى من تلامذة العياشي والعياشي سمع من اصحاب على بن الحسن بن فضال و عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي.

و على بن فضال ممن روى عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني فكيف يمكن روايته عن اليقطينى، والطبقات كما ترى، نعم توجد روايته عن محمد بن عيسى بواسطة واحدة كروايته عن سعد بن عبدالله الاشعرى الذى هو ممن روى عن اليقطيني.

و خلاصة القول انه لاتصح رواية الكشي عن اليقطيني المولود سنة 180 الهجرية على ما فى رجال المامقاني فالسند منقطع الاول ، و الكشى وان كان ثقة عيناً الا ان النجاشى الذى وثقه قال في حقه روى عن الضعفاء كثيراً فلا يمكن الاعتماد على هذا الحديث من حيث السند واما من حيث الدلالة فلم يعلم المراد من ابنى فلان .

و جعل عمى ابن عباس، دالا على كون المراد منهما عبدالله

ص: 55

وعبيد الله ،مردود بانه لم يثبت فى التاريخ عمى عبيد الله فالحديث مخدوش دلالة ايضاً ، اضف الى ذلك ان عماه كان باخبار من النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) وكان لبكائه على المظلومين من آل محمد (صلی الله علیه و آله و سلّم) كما في مروج الذهب للمسعودى.

واما الخبر الثاني فهو صحيح سنداً لان الكشى روى عن جعفر بن معروف وهو وكيل ومعتمد للكشى وهو روى عن الأنباري الثقة وهو عن حماد الذي هو من اصحاب الاجماع و هو عن اليماني الثقة و هو عن الفضيل بن يسار الثقة ، الا ان الذم ليس متوجهاً اليه بل الى أبيه وقد ذكر الكشى هذا المتن بسند آخر من دون اشارة الى اختلاف في المتن فالظاهر عدم اشتمال المتن الثانى ايضا على زيادة قوله : فيه و : قبل جملة : في أبيه :

وفي اختصاص الشيخ المفيد ايضاً: اما الأوليان فنزلنا في ابيه:

نعم في تفسير على بن ابراهيم : ففيه نزل وفى ابيه : و كذا قيل انه في تفسير العياشي ولكنابينا سابقاً اتفاق تفسير العياشي المطبوع اخيراً مع مافي الكشى .

وكيف كان، فلا يمكن الاعتماد على ما في تفسير القمي لان احتمال الزيادة في المقام اولى بالاعتبار من احتمال النقيصة لتوفر الدواعى على توهين ابن عباس فلا يقال اذا دار الامر بين الزيادة والنقصان في جميع موارد اختلاف النسخ فحيث ان كلا من الزيادة والنقيصة، امران وجوديان مسبوقان بالعدم فاصالة العدم بالنسبة الى كل منهما معارضة باصالة العدم بالنسبة الى الآخر ، الا ان السهو فى الاتيان الموجب للنقص اكثر من

ص: 56

السهو فى الزيادة اذا لزيادة لا تتحقق الاعمداً.

وذلك لما قلناه من ان احتمال الزيادة في المقام اولى بالاعتبارلان السبب للزيادة موجود وهو ادانة ابن عباس الموجبة لعدم تأثير كلامه ووهن احتجاجاته ، واما بالنسبة الى سائر الموارد فنقول لا اكثرية اولا ولاحجية لتلك الاكثرية ثانياً ، لاعقلا ، ولا عرفاً ، ولاشرعاً ، اذلا اصل عقلائياً ولا تعبدياً يوجب المصير الى أصالة عدم الزيادة بحيث تثبت وجودها. فلابدفى جميع الموارد، من ملاحظة القرائن ثم التوقف مع فقد انها.

وبالجملة، لم تثبت الزيادة فلا قادح في الرجل وسنشير الى وقوع بعض التصرف فى تفسير القمى.

واما الخبر الثالث فرجال سنده هم .

1 - محمد بن مسعود - العياشي - قال النجاشي ثقة، صدوق، عين، من عيون هذه الطائفة ، وكان يروى عن الضعفاء.

2- جعفر بن احمد بن ایوب ، قال النجاشى السمر قندى كان صحيح الحديث والمذهب .

3- حمدان بن سليمان ،ابو الخير جش، ثقة من وجوه اصحابنا.

4- عبد الله بن محمد اليماني ابو محمد جش ، امامی مجهول.

5- محمد بن الحسين بن ابى الخطاب الكوفي ، ثقة ، عين ، حسن التصانيف ، مسكون الرواية.

6- الحسين بن أبى الخطاب الكوفي، لم يوثق.

7- طاووس، لم يوثق.

ص: 57

و كما ترى لا يمكن الاعتماد على هذا الخبر لضعفه-1- باليمانی 2 - والحسين - 3- وطاووس. هذا بحسب السند، و اما من حيث الدلالة فالقرينة الخارجية قائمة على كذب مدلولها. اذ المعهود من الحنفية الاعتراف بامامة اخويه الحسن و الحسين عليهما السلام كيف : وقد روى الكلينى فى الكافى عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن علی بن رئاب عن أبي عبيدة و زرارة جميعاً عن ابى جعفر (علیه السّلام)) قال لما قتل الحسين (علیه السّلام) ارسل محمد بن الحنفية الى على بن الحسين (علیه السّلام) فخلابه فقال يابن أخى قد علمت ان رسول الله صلى الله عليه و آله دفع الوصية والامامة من بعده الى على ثم الى الحسن ثم الى الحسين الخ.

وهذا الحديث صحيح سنداً ناص دلالة على اعتراف ابن الحنفية بامامة الحسن والحسين عليهما السلام وهل يعقل اعتقاد المأموم بمساواته لامامه في العلم فضلا عن اعتقاده باعلميته منه بل هو الذي اعترف بامامة ابن أخيه السجاد (علیه السّلام) بعد شهادة الحجر الاسود بذلك وظنى ان هذا كان لتسجيل موقف متفق عليه فى مشهد من الناس بداعى اظهار امامة السجاد (علیه السّلام) للناس.

وان كان ولابد من تسليم المنازعة بينهما في الامامة فقد كانت لشبهة ان الامامة فى الولد الاكبر للامام بعد موته، حيث كان هو اكبر من السجاد عليه السلام سناً وقد زالت تلك الشبهة بشهادة الحجر.

مضافاً الى ان المروى عنه أنه عبر عن نفسه بيمين على بن ابى طالب (علیه السّلام) وعن الحسن والحسين بانهما عيناه ، فالحديث المذكور مما

ص: 58

تكذبه سيرة ابن الحنفية وان شئت الزيادة فالقرائن الداخلية والخارجية تكذب هذا الحديث.

1 - ان مجرد اخبار على (علیه السّلام) بان جناح الجرادة فيه كيت وكيت ليس ذا أهمية علمية ، توجب الأهلية للزعامة او المزية على من لم يسمعذلك من على (علیه السّلام).

2 - انه لم يعلم عدم علم الحسن عليه السلام بذلك و مجرد استماع محمد ذلك من على عليه السّلام لا يستلزم عدم سماع غيره منه.

3 - انه كيف يتواضع ابن عباس حبر الأمة لمكانة محمد بن الحنفية العلمية لمجرد علمه بتفسير النقط السود في جناح الجرادة ؟!.

4 - ان الرواية أمر و الدراية أمر آخر فابن الحنفية، سمع امراً حسيا غير محتاج الى التامل و هذا لا يجعله عالماً فضلا عن صيرورته اعلم.

5 - ان من اللازم، الموازنة في جميع معلومات الحسن عليه السّلام ومعلومات ابن الحنفية في الحكم باعلمية احدهما او تساويهما في العلم:.

واما ذيل الخبر فلايمس كرامة ابن عباس، بل هو مرتبط بأبيه وبالجملة فان آثار الجعل والاختلاق ظاهرة على هذا الخبر.

واما الخبر الرابع فرجال سنده هم

1 - على بن يزداد الصايغ الجرجاني ، مهمل غیر مذکورفی الرجال.

2- عبد العزيز بن محمد بن عبد الاعلى الجزري، مهمل غير مذكور

ص: 59

في الرجال.

3 - خلف المخرمى البغدادي ، مهمل غير مذكور فى الرجال.

4 - سفیان بن سعيد، مردد بين الثورى العامي والكوفى المجهول والمهمل.

5 - الزهرى ، ولعله ابرهيم - لم يوثقه احد من علمائنا.

6 - الحارث، مشترك ولم يعلم المراد منه هنا.

وهذا السند لا يعرف منهم احد كما ترى ، وواضح ان حديثا كهذا لا يكون حجة كى يجعل ميزانا لمعرفة ابن عباس وسببا لجرح رجل، له قدم راسخ في دين الله وولاية صادقة لاولياء الله، وله في ميدان الاحتجاج سهام ثاقبة رمى بها اعداء الله وهو الذي اعترف الفريقان بطول باعه، وغزارة علمه وقوة عارضته وعبروا عنه تارة بالبحر ، وأخرى عنه بحبر الامة و ثالثة بربانى هذه الامة ، وهو المتصف بصفات حميدة ينبغي أن يمدح بها ويشكر عليها، ولم يذنب ذنباً غير الدفاع عن على (علیه السّلام) وأبيه استوجب الاتهام بالاختلاس ، واشتراء الجوارى الجميلات، والتغنى لهن باراجيز ركيكة تقشعر منها جلود ذوى الغيرة - مما هو مسطور في كتب اهل السنة فراجعها وتعجب من الأيادي الخائنة التي زورت تلك الاباطيل تمهيدا لادانة الرجل وخذلانه.

وذلك لدحض حججه الساطعة ، وابطال براهينه القاطعة، وسيوفه المسلولة على رقاب اعداء علی بن ابی طالب وابيه صلواة الله عليهما.

واما متنه فهو أشد ضعفاً، اذكيف اقتصر رد الفعل الصادر عن على في مقابل اختلاس ابن عباس جميع اموال بيت مال البصرة على

ص: 60

البكاء واظهار العجز ، وقوله كيف يؤتمن احد في الأمور اذا كان مثل ابن عم الرسول كذا وكذا ثم طلب الموت من الله غير عاجز ولاملول :

و هل يعقل صدور هذا من الوالى المقتدر، و هل لم يكن على على (علیه السّلام) ان يعزله وان يؤاخذه وان يطالبه بالا موال بقوة وشدة.

اضف الى ذلك أن مضامين اخبار الاختلاس متضاربة يكذب بعضها بعضاً.

واما الخبر الخامس فرجال سنده هم.

1- الكشي، وقد عرفته و عرفت سيرته من النقل عن الضعفاء،

2 - شيخ من اهل اليمامة ، وكلمة (الشيخ) عنوان عام، له اطلاقات عديدة.

فيطلق تارة على كل طاعن في السن في مقابل الشاب ، و أخرى على من له المام بالحديث سواء كان شيخا لنشر الاحاديث اولتدوينها وثالثة على كل زعيم ديني.

ورابعة على رئيس القبيلة الى غير ذلك من اطلاقات كلمة الشيخ وعليهذا فالشيخ المذكور في المقام باى معنى اريد منه حيث انه مردد بين جميع افراد اهل اليمامة مجهول لامحالة مهمل بالبديهة، لا يمكن الاعتماد على نقله عقلا و عرفا.

اذالشيخ وان كان بمعنى من له مدرسة للرواية وتعليم الحديث ، لزم نقده من حيث الوثاقة الا اذا علم من تلميذ انه لايروى الا عن شيخ موثوق به كما يقال ذلك بالنسبة الى مشايخ الكليني، دون مشايخ الصدوق والطوسي قدس الله أسرارهم.

ص: 61

وعلى اى حال فمثل هذا الشيخ اليمامى وهو فرد منتشر في جماعة غير محصورين لم يخرج عن الابهام والترديد فليترك حديثه.

3 - معلى بن هلال بن مؤيد الحضرمى(1) الجعفى ابو عبد الله الطحان الكوفي ، عن أحمد ، متروك الحديث ، حديثه موضوع كذب و قال عبد الله بن احمد قال ابى المعلى كذاب وعن ابن معين هو من المعروفين بالكذب ووضع الحديث.

وقال ابن معين ، ليس بثقة كذاب ، وقال البخارى تركوه وقال ابو عبيد عن ابی داود غير ثقة ولا مأمون .

وقال سفيان ، ان هذا من اكذب الناس .

وقال النسائى كذاب وقال مرة يضع الحديث .

وقال ابن عيينة ما احوج صاحب هذا الى ان يقتل الى غير ذلك مما هو مذكور في تهذيب التهذيب وقال فى المغنی 6362 ق / معلی بن هلال الكوفى الطحال ، عن منصور كذاب بالاتفاق.

4 - الشعبى (2)عامر بن شراحيل الحميري وهو من عظماء اهل السنة ونقل منصور الغداني عنه ، ادركت خمسمائة من الصحابة و لكن العجلى قال ، سمع من ثمانية واربعين من الصحابة، واذا كان بين الادراك والسماع تلازم فاحد الكلامين كذب وقال ابن ابی حاتم سئل ابی عن الفرائض التي رواها الشعبي عن على فقال هذا عندى ما قاسه الشعبي على قول على وما أرى علياً كان يتفرغ لهذا وقال ابن ابى الحديد(3)

ص: 62


1- تهذيب التهذيب ج 10 ص 241
2- المصدر السابق ج 5 ص 67
3- شرح نهج البلاغة ج 4 ص 98

و روى ابو نعيم عن عمرو بن ثابت عن ابي اسحق ، قال ثلثة لا يؤمنون على على بن ابيطالب مسروق ومرة وشريح وروى ان الشعبى رابعهم.

فكيف ينهض هذا السند الجامع للضعيف والوضاع دليلا على اختلاس ابن عباس اموال بيت مال البصرة.

وكيف تكون هذه الرواية مع قريناتها الضعاف محققة للتواتر المسبب للقطع.

واما الخبر السادس ، وهو ما في نهج البلاغة فتوضيح الجواب عنه يحتاج الى بيان ما دار على الالسنة حول نهج البلاغة ، فنقول أما العامة فناقشوا فى الكتاب لاشتماله على الشقشقية وغيرها مما يخالف مذهبهم قال الذهبي في طبقاته (1)وفيها : سنة 436 : توفى شيخ الحنفية العلامة المحدث أبو عبد الله الحسين بن موسى الحسينى الرضى واضع کتاب نهج البلاغة انتهى.

ولست أدرى ما مراده من كلمة : الشيخ بدلا عن التعبير المشهور بين الناس : السيد : وما مراده من الحنفية ؟! مع أن المعروف : الشيعة - الامامية - الجعفرية : .

وما مراده من كلمة : كلمة : الواضع : فهل المراد من الوضع الجعل والافتراء او الجمع والاقتناء؟!.

وكيف كان مراده ، فلابد وأن لا يعتنى أحد بما يكتب الذهبي و امثاله من الغافلين او المتغافلين عن سيرتنا وسريرتنا والحكم هو الله

ص: 63


1- ج 3 ص 289

والموعد يوم الحساب.

ونقل العلامة الأمينى (1)الترديد من اهل السنة في كون الكتاب منه او من اخيه المرتضى بل الترديد فى من وضعه وهذا الترديد في هذا الكتاب المتواتر نقله عن جامعه السيد الرضى كالترديد في كون صحيح البخارى منه او من بعض الهرويين.

وقد استشهد بعض اصحاب الاقلام الزائفة على عدم صحة نسبة ما في النهج الى المولى عليه السلام . بما فيه من المصطلحات الفلسفية غير الدارجة فى ذاك الظرف من الزمان.

وهذا ناشيء من قصور الادراك وعدم الاطلاع على علوم على (علیه السّلام) الذى كان باب مدينة علم النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) ومن أن تلك الجمل لم تكن ولم تدخل الى الان فى المصطلحات الفلسفية . بل هي من نوادر افکاره و جلائل علومه.

و بالجملة التشكيك فى كون الكتاب من جمع السيد الرضى كالتشكيك في صحة نسبة جميع ما فيه الى على عليه السلام انما هو شأن المشككين والمغرضين، والوجه واضح وهو شهادة التاريخ وعلماء الفريقين بالامرين فراجع شرح ابن أبى الحديد.

واما علماءنا فقد اعتمدوا على هذا الكتاب لوجهين.

الاول، شهادة الثقة الجليل الشريف الرضى ، بان الكتاب عبارة عن موسوعة مشتملة على مختاراته من كلام امير المؤمنين وسيأتى كلامه.

الثانى ان اسلوب مافي نهج البلاغة ، هو اسلوب كلام على (علیه السّلام) حيث أن فصاحة ما في النهج وبلاغته مما يبهر العقول و يعترف كل

ص: 64


1- الغدیر ج4 ص 195

من له علم بالادب العربي، و المام بالكناية و التشبيه الاستعارة و والتوشيح وسائر الفنون والشئون المتعلقة بالكلام، ومن له ذوق وقريحة صافية ، فضلا عن العلماء البارعين والفضلاء الكاملين المطلعين ولو على رشحة من مضامين هذه المجموعة ودقائق ما فيها من المطالب الغامضة والمعارف الجليلة والحكم العقلية والاخلاق العالية والسياسيات العادلة: يعترفون كلهم : بان مثل هذا الكلام قريب الى الاعجاز وان لم يصل الى حده حتى يكون في عرض كلام الله جل سلطانه.

ولذا لماوجه السؤال حول نهج البلاغة الى علماء النجف الاشرف اجاب جمع منهم ، بانه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق كما عبر بذلك ابن ابى الحديد.

ولكننا لما رأينا ان الفقيه النابه يأبى عن الاستناد في الاحكام الشرعية و العاقل في ترتيب آثار الصدق الى ما ليس جامعا لجميع شرائط الحجية يكون بذلك حجة بنظر الفقيه ودليلا قاطعا بنظر العاقل اجبنا و قلنا ان الدقة في مضامين النهج والاستضائة بانوار علوم على (علیه السّلام) وحکمه و معارفه تغنى طالب الكمال عن التعرض لاسناد هذا الكتاب. لان التعرف للحقائق شيء والاستدلال به على الحكم الشرعي شيء آخر.

فان ادخال بعض الكلمات فى كلامه عليه السلام ليس بمستحيل.

ثم ان وقوع خطب وكلمات الى السيد الشريف من دون ذكره اسناد تلك الخطب والكلمات وعدم طريق لنا متصل اليها ، لايدل على صدور كل تلك الجمل والكلمات عن على عليه السلام اذلابد من وجود حجة استنادية لاثبات كل جملة من تلك الجمل ولوفي ضمن الحجة على

ص: 65

الكل، والسيد الرضى انما جمع المشهورات كما اعترف بذلك في ديباجة الكتاب واشار الى اختلاف الروايات بالنسبة الى جملة من المتون.

فظنى ان يدا لتزوير اختلقت جملة من الكلمات في بعض تلك الخطب والمكاتيب قبل جمع السيد لتلك الخطب والمكاتيب فجمعها السيد في ضمن سائر الخطب والمكاتيب.

فالقول بانه لا وجه للتشكيك في نهج البلاغة، ان اريد به المجموع من حيث المجموع فصحيح.

واما ان اريد به الجميع على نحو استيعاب الجمل و الكلمات باسرها ففيه اشكال.

اذ كتاب نهج البلاغة لا يعلو على الكافى الشريف ، وكما أنه توجد في الكافى الشريف ، الاخبار المرسلة ، فكذلك ، في نهج البلاغة ولذا نرى اعتراف السيد بالارسال فى جملة من الموارد ، وربما يذكر السند ونراه ضعيفاً بحسب الاصطلاح الرجالي الفقهي.

فمن الاول :

1- و من كتاب له (علیه السّلام) كتبه لشريح بن الحرث قاضيه روى أن شريح بن الحرث قاضي الخ.

2- ومن خطبة له (علیه السّلام) روى عن نوف البكالى قال خطبنا بهذه الخطبة وهو قائم على حجارة الخ.

3 - ومن خطبة له (علیه السّلام) روى أن صاحبالامير المؤمنين يقال له همام كان رجلاعا بدأ الخ.

4 - ومن كلام له (علیه السّلام) روى عنه أنه قاله عند دفن سيدة نساء

ص: 66

العالمين الخ.

5 - ومن كتاب له (علیه السّلام) الى طلحة والزبير مع عمران بن الحصين الخزاعي وذكر هذا الكتاب أبو جعفر الاسكافى فى كتاب المقامات.

6 - وقد روى عنه (علیه السّلام) هذا المعنى بلفظ آخر وهو قوله.

7 - و روی انه (علیه السّلام) لماورد الكوفة قادماً من صفين مر بالشاميين.

8 - وروى انه (علیه السّلام) كان جالساً فى أصحابه اذمرت بهم امرءة جمیلة.

ومن الثانى

1- روى اليمامى عن أحمد بن قتيبة عن عبد الله بن زيد عن مالك بن دحية وفى الحديث انهم كانوا خلقة من سبخ ارض الخ.

2 - و روی ابن جرير الطبرى فى تاريخه عن عبدالرحمن بن ابى ليلى الفقيه الخ.

3 - ومن حلف كتبه (علیه السّلام) بين اليمن وربيعة ونقل من خط هشام بن الكلبي.

4 - ومن كتاب له (علیه السّلام) اجاب به أبا موسى الاشعرى قال وذكر هذا الكتاب سعيد بن يحيى الاموى فى كتاب المغازى.

و انت بعد الدقة فى ما ذكرنا تعلم بعدم صحة الاعتماد ، على ما اشتهر من أن السيد انما جمع المتواترات او المشهورات التي لا يمكن التشكيك في صدورها عن على (علیه السّلام) كيف وهو يأتي في جملة من الموارد بكلمة : روى : وهذه الكلمة بما هي فعل مبنى للمفعول مقتضاها الجهل

ص: 67

بالراوى ، ولو بالنسبة الينا فلابد من الحكم بارسالها والقول بعدم حجيتها فى الاحكام ومنها الحكم بفسق الاعيان.

نعم نهج البلاغة سند علمی و كلامي لمولانا على عليه السلام من دون اى شبهة كما لا يخفى مع انه عليه السلام بما له من المقام الاعلى والولاية المطلقة الالهية غنى عن الالتزام بان كل ما في النهج من كلامه (علیه السّلام) ومن هنا علم ان ما نسب اليه من مدح الثانى (1)داخل فى هذا القبيل لولا قبوله للتأويل او صراحته في غيره ، و نذكر اخيرا كلام السيد فى ديباجة النهج ليعلم عدم اتفاق النسخ وربما جاء فى اثناء هذا الاختيار اللفظ المردد والمعنى المكرر ، قال (رحمه الله) والعذر في ذلك ان روايات كلامه تختلف اختلافا شديدا ، فربما اتفق الكلام المختار في رواية فنقل على وجه ثم وجد بعد ذلك في رواية اخرى موضوعا غير وضعه الاول ، اما بزيادة مختارة او بلفظ احسن عبارة ، فتقتضي الحال ان يعاد استظهارا للاختيار وغيرة على عقائل الكلام الخ ومن هذه العبارة تظهر اختلاف النسخ و من البديهى ان اللفظ الصادر عن على (علیه السّلام) لم يكن مردداً حال الصدور وانما تردد نقله فالقول بان ما في النهج باجمعه من كلامه، يحتاج الى حجة اقوى مما قاله في الديباجة من نقله المشهورات.

ونتيجة ما ذكرنا ان اسناد هذا المكتوب الى على (علیه السّلام) بما فيه من التعبيرات التى تنطبق قهرا على ابن عباس لا يمكن المساعدة عليه ، فالظاهر وقوع بعض التصرف فيه ، و من القرائن الدالة على التصرف اهمال ذكر اسم المكتوب اليه اذان ابن عباس اشهر من ان يهمل اسمه

ص: 68


1- ص 222 من كلامه (علیه السّلام) في نهج البلاغه

اذا كان هو المكتوب اليه حقيقة ، فالمظنون انه كان موجها الى غيره وزيد فيه جملة لا ابن عمك آسيت ونظائرها.

واما الخبر السابع فيرد عليه سندا ان الظاهر انه عطف على السند السابق لان الشيخ الكلينى ذكره في ضمن الاخبار الواردة في شأن انا انزلناه فى ليلة القدر ، فرجال سنده رجال السند السابق عليه وهو ينتهى الى الحسن بن العباس بن الحريش (1)ولكن بعض العلماء استظهر كونه عطفا على المتن لاعلى السند وعلى هذا الرأى يكون الخبر ضعيفا بسبب الارسال والمرسل ليس بحجة وعلى ما استظهر ناه من المقام يكون ضعيفا بسبب

الحسن بن العباس بن الحريش لان النجاشي قال في حقه الحسن بن العباس بن الحريش الرازی ابو على روى عن ابى جعفر الثاني ضعيف جداله کتاب انا انزلناه في ليلة القدر ، و هو كتاب ردى الحديث مضطرب الالفاظ انتهى، .

والنجاشى لشدة ضبطه و کمال دقته ووثاقته ، لامعدل عن تضعيفه ولا معارض له اذ لم يوثق الحريش احد بل قال ابن الغضائري وضاع ويرد عليه دلالة امور.

الاول - ان ملاحظة الاعمار تكذب وقوع هذا الحوار بين من كان عمره ما بين التسعة الى العشرة سنين وبين شيخ جليل طاعن في السن بهذه الصورة البشعة من السخرية والضحك عليه لان ولادة الباقر (علیه السّلام) سنة - 59 - او 57 - ووفاة ابن عباس سنة - 69 - او - 68 - الهجرية

الثانى - ان ابن عباس : وهو المعترف بولاية على (علیه السّلام) وأحقيته بالخلافة من غيره : كيف تعمى عيناه بسبب انكاره لولايته بل قال المسعودى ان عمى عينيه كان لبكائه على اهل بيت النبى(صلی الله علیه و آله و سلّم) الحسن

ص: 69


1- علی وزن زبیر او ظهیر

والحسين والمظلومين من آلهما.

الثالث - انه لم يذكر فى الخبر ، حكم قاطع الاصابع.

الرابع - ان مرجع ضمير : جحدتها : غير مذكور في الخبر.

الخامس - ان عليا (علیه السّلام) وهو العارف بسيرة الرجل وسريرته كيف يولى شخصا كهذا ويجعله اميناً لنفسه ووزيراً في اموره ووكيلا لاخذ الحقوق الشرعية.

واما الخبر الثامن فيرد عليه سندا انه ضعيف بالحسن بن العباس بن الحريش لما مرفى بيان سند الخبر السابع تضعيفه عن النجاشي وابن الغضائرى واما متنأ فقرائن الوضع فيه موجودة.

1 - عدم بلوغ ابن عباس في ذلك الزمان ، الحلم و قد مر ان الزمان من المقائيس لتشخيص الخبر الكاذب من الصادق.

2 - ان ابن عباس كان مدافعا عن امير المؤمنين (علیه السّلام) وقد احتج في الملاء الاسلامى على احقية على (علیه السّلام) بالخلافة ببراهين ساطعة ودلائل ناصعة.

3 - ان بنى هاشم لم يبايعوا ابا بكر الا بعد بيعة على (علیه السّلام) له بالكيفية المعهودة.

4 - الظاهر من جملة : اجتمع الناس : في الخبر ان ابن عباس ممن بايع ابا بكر بعد وفاة النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) من دون فصل زمانی ، مع انه لم ينقل اهل السير والحديث حضوره السقيفة ، بل لم يحضرها احد من بنی هاشم، نعم لابيه العباس اشعار حول السقيفة تأتى انشاء الله. وربما يسئل ويقال، هب ان تلك الاخبار ضعيفة سندا ، الا ان تعاضدها و توافقها على ذم ابن عباس كاشف عن سوء حاله و اخذه للاموال، وان

ص: 70

شئت فعبر عن ذلك بالتواتر المعنوى الاجمالي.

والجواب ان الأمر ليس كذلك لان الدوافع للاتهام اذا كانت متوفرة وكانت الاخبار ظاهرة الاختلاق والتزوير ، كان الأخذ بهاغير مرضى عند العقلاء.

وقد أسمعناك من ان خلق الشهرة من ذوى السلطات المتغلبة الغاشمة سهل جدا ومتعارف ومشهود كيف وذوو الاقلام المأجورة وباعة الضماير الخسيسة كانوا ولم يزالوا موجودين في كل عصر ومصر ، واما توهم حصول التواتر الاجمالي لتلك الاخبار فمدفوع بان التواتر الاجمالي مشروط بامرين:

الاول: اتفاق جمع موثوق بهم على نقل واقعة واحدة وان اختلفت التعابير والكيفيات.

الثانى: ان لايكون اختلاف الكيفيات بحيث يوجب عدم الاتفاق علی جامع و احد بان تكذب الخصوصيات بعضها بعضاً، ومن الواضح البين فقد الامرين في المقام.

اما الأول، فلما عرفت من احوال نقلة الاختلاس من الاهمال والضعف والجهل وما شابه ذلك.

واما الثانى فلان الناظر في السير والاخبار يتحير من كثرة التضارب الواقع فيها فاختلاف الخصوصيات مانع عن الاخذ بالجامع بينها اذ قد مر فى عبارة الطبرى ما يدل على عدم الاتفاق على لحوق ابن عباس بمكة قبل استشهاد على عليه السلام ، وقد مر في بعض الاخباران عليا اكتفى فى امر عبد الله بالشكاية والدعاء على نفسه بالموت وقد وردفى

ص: 71

بعضها ان ابن عباس دافع عن نفسه في مجلس ابن الزبير بقوله فأعطينا كل ذي حق حقه وبقيت بقية هي دون حقنا في كتاب الله فاخذناها بحقنا وفي بعضها اختلاس جميع اموال بیت المال واشترائه بها الجوارى الجميلة وارتجازه لهن بأراجيز ركيكة مستهجنة فأنت اذا راجعت وجدانك بعيداً عن التعصب المذهبي لرأيت ان اتهام ابن عباس بالاختلاس أمراً مزوراً خالياً عن البرهان العلمى والحجة العقلائية ووجدت ابن عباس مجروحاً بسلاح الاغراض السياسية فشهرة تهمة أخذ الاموال كاذبة لا اساس لها.

بقى امر وهو ما ذهب اليه الشهيد الثانى من تقديم قول الجارح على قول المعدل حيث قال في تعارض الجرح والتعديل : ان الاول مرجح وحينئذ قديستشكل علينا بانه لو سلمنا ان الأقوال في هذا الرجل مختلفة الا انا نأخذ بأقوال الجارحين بقاعدة ترجيح قول الجارح، والتحقيق عدم عمومية هذه القاعدة وذلك لان اللازم التأمل في جهات الجرح والتعديل وفى مستند الجارح والمعدل وفى زمان الجرح والتعديل فاذا كان الجرح لامر لا يكون في الحقيقة جارحاً كيف يرجح على التعديل واذا كان سندالجرح مجروحا بان كان من قبيل قول شيخ من أهل اليمامة كيف يؤخذ به، فاذا قال قائل بان محمد بن سنان مثلا ضعيف وجب علينا الفحص فى علة التضعيف فاذا تبين لنا ان العلة هي نقله لمناقب

اهل بيت النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) طرحنا ذلك الجرح واخذنا بتوثيق شيخ المفيد، وهذه نكتة ينبغى ان ينظر اليها بنظر الاعتبار.

بقى التنبيه على ان تفسير القمى قدوقع التصرف فيه وازداد بعض

ص: 72

تلامذته اخبار أفيه وعليك المراجعة بالجزء الرابع من الذريعة الى تصانيف الشيعة.

وهناك خبر عن طريق العامة وهو مافى تاريخ الطبری (1)حوادث سنة اربعين من الهجرة ان ابن عباس خرج فيها من البصرة ولحق بمكة فى قول عامة اهل السير وقد انكر ذلك بعضهم وزعم انه لم يزل بالبصرة عاملا عليها من قبل امير المؤمنين على عليه السّلام حتى قتل وبعد مقتل على حتى صالح الحسن معاوية ثم خرج حينئذ الى مكة ، ثم ذكر سبب شخوصه الى مكة وتركه العراق فقال: حدثني عمر بن شبة قال حدثنى

جماعة عن ابي مخنف عن سليمان بن راشد عن عبدالرحمن بن عبيد أبى الكنود قال مرعبد الله بن عباس على ابى الاسود الدؤلى قال : (ونقل عن لسان ابن عباس هجاء مقدعا على الدولى فراجع تاريخه) وصار ذلك سببا لسعاية الدولى عليه الى امير المؤمنين عليه السلام وفيما سعى عنه قوله وان ابن عمك قد اكل ماتحت يديه بغير علمك ، فكتب على الى ابن عباس كتابا ناصحاً ، أجابه ابن عباس كتابه بقوله انى لماتحت يدى ضابط قائم له و له حافظ فلا تصدق الظنون ، فجاءه كتاب على ، فاعلمنى ما اخذت من الجزية ومن اين اخذت وفيم وضعت ؟ الخ.

ورجال السندهم.

1 - عمر بن شبة قالوافي حقه انه صدوق.

2 - جماعة، ولم يذكرهم الطبرى بأسمائهم عن ابن شبة حتى تمكننا المعرفة بحالهم وثاقة وضعفا.

ص: 73


1- ج 6

3 -أبو مخنف (1)لوط ابن يحيى قالوافی حقه : ساقط، ترکه ابوحاتم ، وقال الدارقطني ضعيف.

وفى لسان الميزان فى حرف اللام ، لوط ابن يحيى أبو مخنف اخبارى تالف، لا يوثق به ، ترکه ابو حاتم وغيره و قال الدارقطنی ضعيف وقال يحيى بن معين ليس بثقة ، وقال مرة ليس بشيىء ، وقال ابن عدی شیعی محترق صاحب اخبارهم ، وقال أبو عبيد الاجرى : سألت أبا حاتم عنه فنفض يده ، و قال أحد يسأل عن هذا ، وذكره العقيلي فى الضعفاء.

4- سلیمان بن را شد المصرى، ذكره ابن حبان في الثقات.

5 - عبدالرحمن بن عبيد أبى الكنود مهمل في تهذيب التهذيب ولسان الميزان والمغنى وقد ذكر المامقاني عبد الرحمن بن عبد أو عبيد بن الكنود مجهول.

ومن الجلى الواضح ان خبرا هذا سنده لا يمكن الركون اليه فى اتهام حبر الامة.

(1) أضف الى ذلك ان هجاء ابن عباس لابي الاسود الدؤلى بهذه الالفاظ الخشنة القاسية لايليق بمقام ابن عباس مهما كانت الدوافع له بين الرجلين.

(2) ولم ندر أى ذنب ارتكبه الدولى يستحق لاجله هذا الهجاء.

(3) واذا اذنب ذنبا فهو يستحق المواخذة عليه لا السب والشتم لان سب المؤمن فسوق وقتاله كفر في الشريعة الاسلامية.

ص: 74


1- راجع المغنى باب الكنى

(4) وسعاية ابي الاسود اذا كانت لمحض التشفى فهى توجب الفسق و كان على الامام ان لا يعتنى بها واذا كانت لحفظ أموال المسلمين عن الضياع وجبت المبادرة اليها قبل وقوع ماصدر من ابن عباس.

وهنا سؤال آخر وهوان عليا (علیه السّلام) كيف يكتفى بالمكاتبة الى واليه مع انه كان عليه ان يطالبه بالمال.

وقد اسمعناك في الأمر الرابع ان من الواجب في باب فهم المطالب ملاحظة القرائن وقد يجد القارى اخباراً تركنا ذكرها لشدة شذوذها ووهن اسانيدها ولنذكر مثلا لذلك وهو ما أرسله في المناقب من دعاء على (علیه السّلام) على ولد عباس بالشتات وقد حملوا هذا الدعاء الموهوم على تشتت قبورهم بعد موتهم وقالوا ما راينا بنى ام ابعد قبوراً منهم ، مع ان الدعاء مطلق وشموله لايام حياتهم اولى لو لم نقل بانسباق ايام الحياة منه ، وذلك مما يكذب كونه دعاء عليهم اذ تشتتهم فى ايام حياتهم كان عزاً لهم لانهم كانوا ولاة من قبل على (علیه السّلام) ، واما بعد الموت فقبور بنى فاطمة (علیها السّلام) ابعد ، ولقد اجاد دعبل (رحمه الله) حيث قال :

قبور بكوفان واخرى بطيبة *** واخرى بفخ نالها صلوات

مضافا الى ضعف الخبر بالارسال.

(11)المختار من الاقوال

لا خلاف في وجود الاختلاف : اصولا و فروعاً : بين طوائف المسلمين، منذوفاة النبى (صلی الله علیه و آله و سلّم) الى الان ، ومنشأ الاختلاف كان ولم يزل

ص: 75

الاختلاف في الخلافة بعد النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) حيث ان الخلافة في معتقداهل السنة عبارة عن انتخاب جماهیری از عیم دینی کانتخاب رئیس سیاسی من الجماهير يسمى رئيس الجمهورية.

والخلافة باعتقاد الشيعة هى عهد الهى و ايحاء سماوى قدخص الله تعالى بها اثنى عشر رجلا من قريش ، وبقى منهم واحد حى منتظر هو خاتم الأوصياء (عجل الله فرجه) وبوجوده حين ظهوره يملاء الله الارض قسطاً وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجوراً ، كل ذلك باتفاق النصوص عند جميع جميع المسلمين،

ويشترط الشيعة فى خليفة الرسول (صلی الله علیه و آله و سلّم) العصمة والاعلمية ويقولون المراد من العهد في قوله تعالى ( لاينال عهدى الظالمين » هو خلافته فى الارض وهى النبوة والامامة ، والمراد من الظلم في قوله تعالى : الظالمين: الكفر والعصيان فى طول حياة الشخص فالكافر ولو آناما ، لا يليق بمنصب النبوة والامامة ، وهذا الشرط غير معترف به عند العامة وعلى ضوء ذلك الشرط وذاك المعتقد تقول الشيعة كما ان النبوة عهد الهى لا تتحقق بالمشورة ، فكذلك الامامة ايضاً.

و يجيبون عن آيتى المشورة بأنهما لا تشملان الامور المجعولة بالجعل الالهى من المناصب والاحكام : التكليفية منها والوضعية : وكما ان النبوة بعث الهى لاعلم الناس واكملهم هداية للناس وارشاداً لهم ، فكذلك خلافة هذا المبعوث ، جعل الهى تتميماً للهداية وامتداداً لهامدى الازمنة.

وهذان الشرطان - العصمة والا علمية - لا يمكن أن يشترطهما

ص: 76

من يرى ان زعامة المسلمين امر شوروی انتخابی ، و من تبعات كون الخلافة انتخابية وقوع التنافس وربما التنازع بين الناخبين ، ومن تبعات الخلاف في امر الخلافة، استمرار النزاع فى دور الاحتجاج بين الطائفتين، و احتجاج كل منهما لصحة ما تذهب اليه وبطلان ماتذهب اليه الاخرى، وهذا هو الذي اوجب النزاع ايضاً في الفروع الفقهية بل نرى ان ذلك ربما افضى الى ادانة الاشخاص والحط من كراماتهم والتجنى عليهم ، فنرى ان القول بكفر أبى طالب انما جاء لايجاد الخلل في العقيدة التي تقول بان آباء الائمة (علیهم السّلام) ، منزهون عن الشرك الى آدم (علیه السّلام).

وعلى اثر الدفاع عن ايمانه نرى ان المدافع عن ايمان ابی طالب يتهم بالسرقة وغير ذلك مما تقدم.

والا فاى قيمة لشيخ من اهل اليمامة مجهول اسماً وشخصاً و وصفاً ليتهم حبر الامة بالاختلاس في رواية يرويها عن معلى بن هلال المتفق على كذبه و وضعه ، فسبب جعل هذا الخبر على لسان هؤلاء انما هو الخوف من شخصية عبد الله بن عباس الفذة ، بحيث انه لو لم يتهم عندهم لاثر كلامه في النفوس وعظم على (علیه السّلام) في القلوب وسقط الاخرون.

ومن الغريب ان بعضا ايد اسطورة الاختلاس بخطاب القاه عبد الله بن الزبير متضمنا لتهمة ابن عباس بالاختلاس ، مع انا نرى انه لوصح خبر هذا الخطاب والحوار فهو لايزيد عن محض دعوى من ابن الزبير الغاصب لمنصب الخلافة والعدو لعلى وشيعة على(علیه السّلام) والافلا يغسل الدم بالدم ولا يكون كذب مصدقاً لكذب آخر.

مضافا الى ما سمعت من جواب ابن عباس له بانه : بقيت بقية

ص: 77

هى دون حقنا في كتاب الله ، فاخذناها بحقنا.

وعليك بالمقايسة بين هذا الجواب وبين ما نقلوه عنه في جوابه علياً (علیه السّلام) بان اراقة دم رجل أشد من أخذ الاموال جمعاء.

فلا مكابرة اذن فى انكارنا لحديث اختلاس ابن عباس لان هذا الانكار مما يحكم به العقل السليم الناظر فى حياة هذا الرجل العظيم ومجرد شيوع خبر فى مجتمع من المجتمعات لا يكفى للحكم بصدقه اذ السياسات والاغراض كفيلة ، بجعل الاكاذيب وبثها، بين الناس ، بل وتشويه الحقائق ومسخها وتحريف الكلم واسناد فعل شخص الى آخر وهذه امور رائجة في سوق الجدال البشرى.

ولقد اجاد السيد المحقق الورع على بن طاووس حيث لم يكتف في الجواب عن الاخبار الذامة لابن عباس بضعفها سنداً بل رآها مزورة الا انه رأى الباعث على التزوير هو الحسد وياليته دقق النظر اكثر من ذلك كي يتيقن بأن الباعث لذلك هو الحط من مقامه والمس من كرامته تمهيداً لدحض براهينه ووهن احتجاجاته كما اشرنا اليه.

قال في التحرير الطاووسى عبد الله بن عباس رضى الله عنه حاله في المحبة والاخلاص لامير المؤمنين والموالاة والنصرة والذب عنه والخصام في رضاه والموازرة مما لا شبهة فيه.

وقد كان يعتمد ذلك مع من يحب اعتماده معه بعده على ما نطق به لسان السيرة وقد روى صاحب الكتاب اخباراً شاذة ضعيفة تقتضى قدحاً او جرحاً ومثل الحبر (رضی الله عنه) موضع ان يحسده الناس وينافسوه ويقولون فيه ويباهتوه.

ص: 78

حسدوا الفتى اذلم ينالو افضله *** الناس اعداء له و خصوم

كضر اثر الحسناء، قلن لوجهها *** حسداً و بغياً انه لذميم

ولو اعتبر العاقل حال الناس كافة رأى انه ليس احد منهم خاليا من معترض او قائل فيه او مباهت له ومعلوم ان ذلك غير جار على قانون ونمط السداد ، اذفيهم من لاشبهة في نزاهته وبرائته.

و مازلت استصغى لك الودا بتغى *** محاسنه حتى كانی مجرم

لاسلم من قول الوشاة وتسلمى *** سلمت و هل حى من الناس يسلم

ولوشك العاقل فى كل شيء لما شك فى حال نفسه عند قول باطل يقال فيه وبهت يبهت به لااصل له ولى كلام شاهد بان السلامة من التعرض بعيدة لان الرفيع بمنزلة حسد المتوسط ومن دونه، فيقولان فيه ، والمتوسط بمظنة الحسد من الساقط فيقول فيه الساقط بمنزلة قدح الرفيع والمتوسط حقا فيه الخ.

وانت جد خبيربان مجرد الحسد على جاه او مال اوغير ذلك وان كان يوجب التقول على المحسود. الا ان امرابن عباس ارقى واجل من ذلك ، حيث انه كان باعتراف الكل ومنهم السيد ابن طاووس نفسه مدافعاً عن على (علیه السّلام) ولاجل ذلك صار مورداً للقدح و الجرح والاتهام لاجل الحفاظ على مقامهم الذي اغتصبوه من الانهيار وخوفاً من اشراق

شمس الولاية وتبديد حجب الضلال والظلام.

ورجل كان هذا شأنه جدير لدى هؤلاء الحكام الظالمين الغاصبين بأن يتهم بأمور قادحة وجنايات فاضحة فالتحقيق، ان ابن عباس كان عظيماً من عظماء الامة الاسلامية، عالماً بالتفسير، صالحاً، اميناً، ثقة.

ص: 79

وبقى مقيماً في البصرة الى ان قتل على (علیه السّلام) و كان بعده مورداً لوثوق الامام الحسن عليه السّلام ومدافعاً جليلا عن ساحة قدس على ووالده و ولده عليهم السلام فرضى الله عنه وارضاه وادخله نعيم خلده وحكم الله بينه وبين من افترى عليه ، والحمد لله رب العالمين.

(12)نبذ مما جاء من احتجاجاته

ونذكر هنا نماذج من كلماته واحتجاجاته لاحقية على عليه السلام بالخلافة وللدفاع عن ابيطالب، وهي على اقسام.

الأول : ما يتعلق بمناقبه وفضائله وأحقيته بالخلافة من غيره.

1 - العبدى الكوفى المعاصر للسيد الحميري.

وقد روى عكرمة ، في خبر *** ما شك فيه احد ولا امترى

مر ابن عباس على قوم وقد *** سبوا عليا ، فاستراع وبكى

و قال مغتاظا لهم ، ايكم ؟! *** سب اله الخلق جل وعلا

قالوا معاذ الله ، قال ايكم ؟! *** سب رسول الله ظلماً واجترا

قالوا معاذ الله قال ايكم ؟! *** سب عليا خير من وطىء الحصى

قالوا، نعم لقد كان ذا، فقال قد *** سمعت والله ، النبي المجتبى

يقول من سب علياً سبنى *** و سبتي سب الاله واكتفى(1)

2 - وروى ابو عبد الله الملافي سيرته عن ابن عباس، انه مر بعد ماكف بصره : على قوم يسبون عليا (علیه السّلام) فقال لقائده، ما سمعت هؤلاء يقولون ؟ قال : سبوا علياً قال : ردني اليهم فرده.

ص: 80


1- الغدير ج 2 ص 298

فقال ايكم الساب لله عز وجل ؟! قالوا سبحان الله، من سب الله فقد اشرك . قال فايكم الساب لرسول الله ؟ ! قالوا سبحان الله ومن سب رسول الله فقد كفر.

قال ايكم الساب علی بن ابی طالب ؟! قالوا اما هذا فقد كان.

قال فانا اشهد بالله واشهد اني سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يقول من سب علياً فقد سبنى ومن سبنى فقد سب الله عز وجل ومن سب الله كبه الله على منخريه فى النار ، ثم ولى عنهم فقال لقائده ما سمعتهم يقولون؟

قال ما قالوا شيئاً ، قال فكيف رايت وجوههم؟! اذ قلت ماقلت،قال.

نظروا اليك باعين محمرة *** نظر التيوس الى شفار الجازر

قال زدنى فداك ابوك ، قال

خزر العيون نواكس ابصارهم *** نظر الذليل الى العزيز القاهر

قال زدنى فداك ابوك، قال ما عندى غير هذا ، قال لكن عندى

احياؤهم عار على امواتهم *** والميتون فضيحة للغابر(1)

فقارن بين هذا الحديث الذي رواه ابن عباس عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) و بين ما نسبوه اليه من جحده لولاية على (علیه السّلام) كما مر في الاخبار الدامة له :

3- روى الحاكم(2) عن ابن عباس : صحيحاً على شرطه

ص: 81


1- الرياض ج 1 ص 166 للمحب الدين الطبري : الفصول المهمة ص 126 لا بن الصباغ المالكي فرائد السمطين الباب 56 لشيخ الاسلام الحموی الكفاية ص 27 للكنجى الشافعى
2- المستدرك ج 3 ص 149

ووافقه الذهبى فى التلخيص: في حديث عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) لو أن رجلاصفن بين الركن والمقام فصلى وصام ثم لقى الله وهو مبغض لاهل بيت محمد دخل النار.

4 - روى المجلسی (1)عن كتاب سليم بن قيس قال كنت عند عبدالله بن عباس في بيته ومعنا جماعة من شيعة على (علیه السّلام) فحدثنا فكان فى ما حدثنا ، ان قال يا اخوتی توفی رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يوم توفى فلم يوضع في حفرته حتى نكث الناس وارتدوا وأجمعوا على خلاف و اشتغل علی بن ابی طالب برسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) الى أن قال ، فقال على (علیه السّلام) ما أسرع ما كذبتم على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وارتددتم، والله ، ما استخلف رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) غيرى فارجع ياقنفذ فانما أنت رسول ، فقل له قال لك على (علیه السّلام) والله ما استخلفك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) وانك لتعلم من خليفة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم).

فاقبل قنفذ الى ابى بكر فبلغه الرسالة فقال أبو بكر صدق على (علیه السّلام) ما استخلفنى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) الى أن قال ، وقال بريدة بن الخصيب الاسلمى ياعمر أتيت على أخى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) و وصیه و علی ابنته سلام الله عليها فتضربها، الى ان قال.

وخرجت نسوة بنى هاشم فصرخن وقلن يا أعداء الله ما اسرع ما أبديتم العداوة لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) واهل بيته (علیهم السّلام) ولطال ما اردتم هذامن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فلم تقدروا عليه ، فقتلتم ابنته بالامس ثم تريدون اليوم ان تقتلوا اخاه وابن عمه ووصيه وأبا ولده كذبتم ورب الكعبة ما كنتم

ص: 82


1- البحار ج 8 ص 57 طبع الحجري او عليها

تصلون الى قتله حتى تخوف الناس ان تقع فتنة عظيمة الخ.

قات فراجع فراجع هذا الحديث تجد فيه ما يشفى العليل ويروى الغليل من التصريح بوصاية على (علیه السّلام) وخلافته و ان خلافة ابى بكر لم تكن منصوصة و اعتراف ابي بكر بذلك و هجوم عمر على بيت على (علیه السّلام) و نسبة الهاشميات قتل الزهراء (علیها السّلام) الى المهاجمين.

وكل ذلك وردفی حدیث ابن عباس في مجلس فيه شيعة على(علیه السّلام).

و اما کتاب سليم بن قيس الهلالي فهو معتبر ، وهو ممن روى عنه حماد بن عيسى الذى هو من اصحاب الاجماع وقالوا في حق سليم بأنه مشكور وكتابه صحيح و الراوى عنه ابان بن ابى عياش وقد كان عامياً وصار اتصاله لسليم سبباً لتشيعه.

ولقد افرط المجلسى فى حقه حيث نقل عن نسخة قديمة من انه روى عن الصادق عليه السلام انه قال من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبينا كتاب سليم ابن قيس الهلالي فليس عنده من امرنا شيء ولا يعلم من اسبابنا شيئاً وهو ابجد الشيعة و هو سر من اسرار آل محمد (صلی الله علیه و آله و سلّم) نعم قال الشيخ المفيد في شرح اعتقادات ابن بابویه و اما ما تعلق به ابو جعفر من حديث سليم الذي رجع فيه من الكتاب المضاف اليه برواية ابان بن ابی عیاش فالمعنى فيه غير صحيح غير ان هذا الكتاب غير موثوق به ولا يجوز العمل على اكثره وقد حصل فيه تخليط وتدليس فينبغى للمتدين ان يجتنب العمل بكل ما فيه ولا يعول على جملته والتقليد لروايته وقد وافقه العلامة وعبر عن بعض ما في الكتاب المذكور بالفاسد وكذا الشهيد الثاني.

ص: 83

5 - اخرج ابو عمر فى الاستيعاب في ترجمة امير المؤمنين على بن ابيطالب (علیه السّلام) من طريق طارق قال جاء ناس الى ابن عباس فقالوا جئناك نسألك ، فقال سلوا عن ما شئتم ، فقالوا اى رجل كان ابوبکر ؟ فقال كان خيراً كله او قال كالخير كله على حدة كانت فيه.

قالوا فاى رجل كان عمر ؟ قال كان كالطائر الحذر الذي يظن ان له في كل طريق شركا!(1).

قالوا فاى رجل كان عثمان؟ قال رجل الهته نومته عن يقظته.

قالوا فاى رجل كان على (علیه السّلام) ؟ قال كان قد ملىء جوفه حكماً و علماً وبأسا ونجدة مع قرابته من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) و كان يظن ان لا يمد الى شيء الاناله ، فما مديده الى شيء فناله.

واحب ان اذكرهنا اشعاراً لوالده العباس بن عبدالمطلب يتبين اعتقاده بان بيعة السقيفة كانت فتنة ، لان علياً كان هو اللائق بالبيعة.

والمجلسى ذكر الحديث والاشعار معاً(2)وابن ابى الحديد نقل الحديث من دون الاشعار وهى.

ما كنت احسب هذا الأمر منحرفاً *** عن هاشم ثم منها عن ابي حسن

اليس اول من صلى لقبلتكم *** و اعلم الناس بالاثار و السنن

و اقرب الناس عهداً بالنبى(صلی الله عليه وآله وسلم)ومن *** جبريل عون له بالغسل والكفن

من فيه مافي جميع الناس كلهم *** وليس فى الناس، مافيه من الحسن

من ذا الذي رده عنكم فنعرفه *** ها! ان بيعتكم، من اول الفتن

ص: 84


1- حبائل الصيد
2- البحار ج 8 ص 57 طبع الحجر

الثاني : ما يتعلق بایمان ابی طالب ، عم النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) و کافله والد وصيه على بن ابى طالب (علیه السّلام).

1- روى المجلسى (1)عن امالی الصدوق ، قال لى ، عن ابيه عن سعد عن البرقى عن ابيه عن خلف بن حماد عن ابى الحسن العبدى البغدادي) عن الاعمش عن عباية بن ربعي عن عبد الله بن عباس عن ابيه قال قال ابو طالب لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) يا بن اخ الله ارسلك ؟ قال نعم، قال فارنى آية قال ادع لى تلك الشجرة فدعاها ، فاقبلت حتى سجدت بين يديه ثم انصرفت ، فقال ابو طالب ، اشهد انك صادق يا على صل جناح ابن عمك (2)وفى المناقب عن ابن عباس عن ابيه مثله.

ودلالة هذا الحديث على اعتراف ابی طالب بالله والنبوة العامة ثم الخاصة ظاهرة بلامرية الاان فى السند اشكال من حيث الحجية لان العبدى او البغدادى مجهول و خلف مشترك فليجعل مؤيداً لا دليلا.

2- فى المصدر السابق عن امالى الصدوق وفى الصفحة 366 2- من الأمالي المذكور عن ابن الوليد عن الحسن بن متيل عن الحسن بن على بن فضال عن مروان بن مسلم عن ثابت بن دينار الثمالي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس انه سئله رجل فقال له يا بن عم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) اخبرني عن ابیطالب هل كان مسلماً فقال :

فكيف لم يكن مسلماً وهو القائل :

وقد علموا ان ابننا لا مكذب *** لدينا ولا يعبأ بقول الاباطل

ص: 85


1- البحار ج9 طبع الحجر ج 35 طبع الحيدري
2- الامالی ص 365

ان ابا طالب كان مثله كمثل اصحاب الكهف حين اسروا الايمان واظهروا الشرك فاتاهم الله اجرهم مرتين.

وسند هذا الحديث فى كمال الاعتبار لان الصدوق من المشايخ الاعاظم الثقات وشيخه ابن الوليد ثقة جليل والحسن بن متيل وجه من وجوه اصحابنا كثير الحديث - قاله النجاشي والحسن بن على بن فضال كوفى ثقة ومروان بن مسلم ثقة ، وابو حمزة الثمالي ثقة، وسعيد بن جبير كان فقيهاً ورعاً احد اعلام التابعين ، روى عن ابن عباس واخذ العلم

عنه ووثقه ابن حجر، وفى المناقب انه يسمى جهبذ العلماء وكان يقرء القرآن في ركعتين قيل وما على الارض احد الاوهو محتاج الى علمه، ودلالة هذا الحديث على ايمان ابی طالب واضحة ونرى ان ابن عباس يستدل على ايمانه بشعره.

3 - و نقل المجلسى فى المصدر السابق عن كتاب - الحجة على الذاهب الى تكفير ابى طالب تأليف السيد فخار بن معد الموسوى انه قال :

و اخبرنی محمد بن ادریس باسناده الى ابى جعفر الطوسي عن رجاله عن الثمالى ، عن عكرمة عن ابن عباس قال اخبرنی عباس بن عبد المطلب ان ابا طالب شهد عند الموت ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم)، و وسائط الحلى الى الطوسى مجهولة كوسائط الطوسى الى الثمالي ، وعكرمة مولی عبدالله بن عباس ضعیف ، فليكن هذا الخبر مؤيدا لا دليلا.

الثالث : ما يتعلق بالمتعة.

ص: 86

1- روی ابوعمر (1)عن ايوب قال عروة لابن عباس الانتقى الله ترخص فى المتعة ، فقال ابن عباس سل امك يا عزية ، فقال عروة اما ابوبكر وعمر فلم يفعلا ، فقال ابن عباس و الله ما اريكم منتهين حتى يعذبكم الله ، نحدثكم عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) وتحدثونا عن ابى بكر و عمر.

اقول فاذ انظرت الى هذا الجواب الحاد والتهديد بالعذاب في مقابل السلطة المانعة عن المتعة تعرف حقيقة السبب في ايراد الشبه حول هذه الشخصية.

2- عير عبد الله بن الزبير (2)عبد الله بن عباس بتحليله المتعة ، فقال له سل امك كيف سطعت المجامر بينها وبين ابيك فسألها فقال ما ولدتك الافى المتعة.

اقول الذي يرى ان المتعة في حكم الزنا اذا افحم في مقابل احتجاج ابن عباس واضطر الى الاعتراف بكونه ابن زنا حسب منطقه لاعتراف امه بالمتعة كيف لا يثور على هذا الشخص المفحم له وكيف يقبل منه حينذاك اتهام هذا العدو بالاختلاس، حاشا من العاقل المنصف إن يقبل بذلك.

3 - عن مسلم القرى (3)قال سألت ابن عباس عن متعة الحج فرخص فيها، وكان ابن الزبيرينهى عنها، فقال: هذه ام ابن الزبير تحدث

ص: 87


1- العلم ج 2 ص 169 ، ومختصر العلم ص226، و ابن القيم في زاد المعاد ص 211
2- المحاضرات ص 94
3- صحیح مسلم ج 1 ص 354 بل المال

ان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) رخص فيها ، فادخلوا عليها فاسألوها قال : فدخلنا عليها فاذا امرة ضخمة عمياء فقالت قدرخص رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلّم) فيها.

الرابع: ما يتعلق بلومه وتوبيخه لعائشة - وهى ام المؤمنين وهى المقرة بفضل ابن عباس كما في أنساب البلاذری، بقولهاله، يابن عباس، ان الله قد آتاك عقلا وفهما وبياناً فاياك ان ترد الناس عن هذا الطاغية.

وقد ذكرناه فى الامر التاسع الحديث، رقم 3.

الخامس : ما يتعلق بما كتبه الى معاوية.

من كتاب لمعاوية الى ابن عباس(1).

لعمرى لو قتلتك بعثمان رجوت أن يكون ذلك الله رضاً وان يكون رأياً صواباً فانك من الساعين عليه والخاذلين له والسافكين لدمه ، وماجرى بيني وبينك صلح ، فيمنعك منى ولا بيدك أمان.

فكتب اليه ابن عباس ، جواباً طويلا يقول فيه.

وأما قولك انى من الساعين على عثمان والخاذلين له والسافكين له وما جرى بينى وبينك صلح فيمنعك عنى ، فاقسم بالله لانت المتربص بقتله والمحب لهلاكه والحابس الناس قبلك عنه على بصيرة من امره.

وقد أتاك كتابه وصريخه يستغيث بك ، ويستصرخ فما حفلت به حتى بعثت اليه معذر أباجرة أنت تعلم أنهم لم يتركوه حتى يقتل ، فقتل كما كنت اردت ثم علمت عند ذلك أن الناس لن يعدلوا بيننا وبينك، فطفقت تنعى عثمان و تلزمنادمه و تقول قتل مظلوماً فان يك مظلوماً فانت أظلم الظالمين! الخ.

ص: 88


1- شرح ابن ابی الحدید ج4 ص58

أقول كان ابن عباس أميراً للحاج عام قتل عثمان فراجع التاريخ لتعلم أن اتهام هذا البرىء توصلا الى أغراض سياسية ليس بغريب.

السادس : ما كتبه الى عمرو بن العاص.

كتب ابن عباس مجيباً (1)عمرو بن العاص يقول.

أما بعد، فانى لا أعلم رجلا من العرب أقل حياء منك.

انه مال بك معاوية الى الهوى ، و بعته دينك بالثمن اليسير ثم خبطت بالناس في عشوة طمعاً في الملك ، فلما لم ترشيئاً ، أعظمت الدنيا اعظام أهل الذنوب واظهرت فيها نزهة أهل الورع ، لاتريد بذلك الا تمهيد الحرب ، وكسر أهل الدين.

فان كنت تريد الله بذلك فدع مصر وارجع الى بيتك ، فان هذه الحرب ليس فيها معاوية كعلى (علیه السّلام) بدءها على (علیه السّلام) بالحق و انتهى فيها الى العذر.

وبدءها معاوية ،بالغى وانتهى فيها الى السرف وليس اهل العراق فيها كاهل الشام . بابع اهل العراق علياً وهو خير منهم وبايع أهل الشام معاوية وهم خير منه.

ولست أنا وانت فيها بسواء ، اردت الله و أردت أنت مصر.

وقد عرفت الشيء الذى باعدك منى، وأعرف الشيء الذى قربك من معاوية فان ترد شراً لا نسبقك به ، وان ترد خيراً لاتسبقنا اليه.

ثم دعا الفضل بن العباس فقال له يا بن أم ، اجب عمراً فقال الفضل

ص: 89


1- الامامة والسياسة ص 95 وصفين ص 219 و شرح ابن ابی الحدید ج 3 ص 288

(راجع المصادر تجد أشعار الفضل وفيها)

اما على فان الله فضله *** بفضل ذى شرف عال على الناس

وهناك احتجاجات أخرى.(1)

وفي الختام

أقول اذا اطلعت على هذه النماذج من الاحتجاجات واثباته لفضل على (علیه السّلام) ونقضه لما يدعيه القوم من مكانة و فضل و انكاره لما استقرت عليه آرائهم من حرمة المتعة والعول والتعصيب و غير ذلك، علمت : كما اني أعلم : ان هذا الرجل بسبب حدة لسانه وقوة احتجاجاته و بيانه الفصيح الصريح كان محاطاً بالخصوم لانه هو الذي سعر في قلوب أعداء على (علیه السّلام) و آله نار الحقد والضغينة واوجر في صدورهم رماح الافحام والغلبة و المفحمون لما رأوا أبواب الحجج عليهم مسدودة و سهام البراهين اليهم مسددة لجأوا الى باب الكذب ففتحوه ، واستعاذوا

ص: 90


1- ارشاد اذا اردت تفصیل فضائل ابن عباس و نصوص احتجاجاته و ترجمة حياته وهيبته لدى القوم واعتراف الكل بقوة براهينه وصحة دلائله فراجع المصادر الاتية. 1- شرح نهج البلاغه لا بن ابی الحدید 2- الاستيعاب لا بن عبدربه 3- مروج الذهب للمسعودى 4- صحیح مسلم 5- تاريخ المدائني 6- الانساب للبلاذرى 7- تاريخ اعثم الكوفي 8- تاريخ اليعقوبي 9- صفين لا بن مزاحم 10 - الامالى لابن الشيخ 11 - تفسیر فرات 12 - موفقیات زبیر بن بكار 13- ملاحم ابن طاووس 14- الاغانى لابى الفرج 15- کتاب سليم الهلالي 16 - الخلفاء لابن قتيبة

بالشيطان فأوحى اليهم بالافك فرشقوا خصمهم بعد الخذلان بنبال التهمة والافتراء كالفتك بأموال الضعفاء واشتراء الاماء بها و التغنى لهن بما تشمئز منه قلوب ارباب العز والشرف، فعلى الباحث المثقف التخلص من الاسلاك الشائكة وطرح حبائل العصبية وأن يجدد النظر بنفسه في سيرة ابن عباس بعيداً عن الحمية الجاهلية مزيلا عن قلبه رواسب التحيز لفئة دون اخرى ، وانا أرى ان ابن عباس برىء عن ما نسب اليه ، وارى ان الباعث لهم على ذلك ولاؤه لعلى عليه السلام ودفاعه عنه.

اللهم أرنا الحق حقاحتى نتبعه و ارنا الباطل باطلا حتى نجتنبه واجعل ثواب ما كتبناه غفرانك والجنة، والحمد لله رب العالمين.

ليلة الجمعة السادس من شهر الله الاعظم 1398 اصفهان

ص: 91

الفهرس

العنوان / الصفحة

نقد الاخبار ... 2

دور التاريخ في ضبط الوقايع ... 8

الخبر المتواتر ... 13

رعاية القرائن العقلية ... 15

الزمان والمكان مقياسان للصدق والكذب ... 20

أقوال الرجاليين في ابن عباس ... 21

التفسير وابن عباس ... 27

صحبة النبي (صلی الله علیه و آله و سلّم) والانتساب اليه لا يعدلان الفاسق ... 37

الاخبار المادحة له ... 38

الاخبار الذامة له ... 38

نهج البلاغة ... 63

الخبر السابع ... 69

الخبر الثامن ... 70

خبر عامی ... 73

المختار من الأقوال ... 75

نبذ مماجاء من احتجاجاته ... 80

الختام ... 90

ص: 92

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.