بيان ألخيانة لمن إختلس عنوان ألامانة بحث تحليلى لكشف خيانة أحمد أمين المصرى حول عقائد الشيعة وإتهاماته عليهم

هوية الکتاب

بسم الله الرحمن الرحیم

بيان ألخيانة لمن إختلس عنوان ألامانة

بحثٌ تحليلىٌّ لكشف خيانة أحمد أمين المصرى حول عقائد الشّيعة وإتِّهاماته عليهم

تأليف:

للامام المحقّق آية الله العظمى السّيد على الحسينى العلّامة ألفانی الاصفهانی دام ظلّه الوارف 14 محرَّم الحرام الهجريّة سَنة 1404

ص: 1

اشارة

ص: 2

بيان الخيانة لمن إختلس عنوان الامانة

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا محمَّد وآله الطّاهرين واللَّعن على أعد آئهم إلى يوم الدِّين.

أمّا بعد، فقد سألني من لايسعنى ردُّسؤاله، أن أنظر في كتاب فجر الإسلام لاحمد أمين المصرى حول اِفتراءآته المختلفة على ألشِّيعة وإتّهاماته المزوَّرة عليهم وذلك منِّى حسبةً لله وطلباً لتمحيص الحقائق ودحض شبهه ألواهية فبعدمطالعة بعض ما يتعلَّق بهذا السُّئوال رأيت أنَّ بيان خيانة من ادَّعى ألامانة ولقَّب نفسه بالامين وأتى بمطالب بناؤُها على أُسس واهية وأعمدة منهارة لا يحتاج إلى برهان نعم يجب مطالبته بالبراهين المقبولة لدى العقلاءِ ومحاكمته لدى أرباب الضَّمير والوجدان بان يقال له هل أتيت في ما إدَّعيت بمستندات راهنة وهل عندك من الوثائق العلميَّة القابلة للقبول و الموجبة للاطميئان وهل يخرج ما قلته فى حقِّ الشِّيعة عن إطارالزُّور والبهتان ولِمَ نسيت ما جاءَ في القرآن اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ

ص: 3

إِثْمٌ (1) وما جاءَ فيه إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (2)، نعم أصحاب مذهبه المغفَّلون يقبلون منه كل ما إفتراه على الشِّيعة بمجرَّد أنَّهم شيعة وإن لم يأت حتّى بالسَّفسطة فضلاً عن الدَّليل.

وتوضيح ذلك أنَّك لو نظرت فى كتابه نظرة دقَّة بل سطحيَّة لرأيت أنَّه يصطاد مطلبًا من التّاريخ من أىِّ مؤرِّخ کان ويبني عليه بالحدس والتَّخمين مطلبًا آخر مع انَّ الاصل لا أصل له والفرع لا يتفرَّع عليه وإن كان الاصل أصيلاً ومثال ذلك في ما نحن بصدده من إتِّهاماته على الشّيعة:

1- أنَّه يقول إنَّ الفرس كانت تعتقد في ألملوك بانَّهم-كانَّهم كائنات إلهيَّة وأنَّه يجرى في عروقهم دم آلهي، وألاكاسرة كانوا يزعمون أنَّ لهم وحدهم الحقّ في التَّتوُّج بتاج الملك والجلوس على منصَّة الزُّعامه بما فيهم من دم الهى أوكونهم ككائنات إلهيَّة وفساد هذه النَّظريَّة واضح إذ مزعمة ألاحقّيّة بالسُّلطنة وألاولويَّة بالسّيطرةِ علي الشُّعوب و الجماهيرِ لاتلازم الاعتقاد بالالوهيَّة أوما شابهها وهذا هو الفرعُ الَّذى إستنتجه من أصل غير أصيل هو ما كتبه كاتب غیر مسلم نقلاً من كتاب أخبار الطّوال من أنَّ عجوزًا قالت لبهرام چوبين حين ما إنهزم وَغَلب العدوُّ عليه وسأل العجوز عن بهرام وهي لاتعرفه، إنَّ بهرام چوبین جاهل

ص: 4


1- الآية 12، ألسورة 49.
2- الآية 148، السُّورة 6.

أحمق، إذيدَّعى ألملك وليس من أهل بيت المملكة فاستفاد أحمد المصرى عن هذا الكلام الصَّادر (إذا كان صادراً) من عجوز (خياليَّة) أنَّ الفرس ألقدماءَ كانوا يعتقدون في ملوكهم ب-: كانَّهم كائنات الَهيَّه:بما يجرى في عروقهم من دم الَهي؟ وحاشا أن يدلَّ هذا الكلام على مارامه لانَّ عدم اللِّياقة للسَّلطنة من جهة الاسرة لا يدلُّ على كون تلك الاسرة (ألمالكة) آلهة أوشبه آلهة.

2 - ويبنى على تلك النَّظريَّة الفاسدة أنَّ دين ألفرس وإن إضمحلَّ بتغلُّب الاسلام عليه إلّا أنّه معذلك قد بقيت رواسب من العقائد القديمة فى مرتكزات عقولهم ولكنَّهم قد صبغوها بصبغة إسلاميَّة (وعلى ما يتوهَّم هذا ألكاتب يجوز عقلًا صبغ الشِّرك بالتَّوحيد وبالعكس؟)

3- ويقول ومن ذلك إعتقاد الشِّيعة فى علىٍّ علیه السلام وأبنائه الَّذى هو إعتقاد آبائهم فالشيعة إنَّما إستقوا شركهم من الثنويَّة .

ويرد على ما ذكره أمور:

الأول: أنَّ البعد الزَّمني بيننا وبين الوقائع التّاريخيّة الّتى جرت فى سوالف ألازمنة،يُحتِّم علينا إحرازتلك الوقائع بنحو ألقطع أوالعلم العادى المتعارَف فلابدَّ من وجود طريقٍ علميٍّ صالحٍ لاثبات تلك الوقائع فلا يكون كلام المؤرخين بماهم مؤرِّخون ذلك الطّريق المتقن الصَّحيح لاثبات كل ما يدرجون فى كتبهم التَّاريخيَّة إذمن المحسوس أنَّ كلام مؤرِّخ

ص: 5

من مصرٍ فى عصرٍ ربما يناقض كلام مؤرخ آخر من مصر في عصر آخر وحينذاك نسأل أحمدالمصرى بانَّه كيف تستأهل حكاية نقلت عن عجوز لاثبات لوازم مجمّة وتكون حجر اساس لبناءِ قصور خياليَّة ومأخذاً خصباً لتوالى إختلاقيَّة؟ نظير ثنويَّة قدماءِ ألفرس وبقاءِ رُسوب تلك العقيدة في مرتكزات الشّيعة مع أنَّ العقائد أمور قلبيِّة ولا بدَّ من صراحة أربابهابها لانَّها مركوزة فى القلوب ولا يعلم ما فى البواطن إلّا العلّام للغيوب.

الثاني: أنَّ عدم ألملازمة بين عقائد الفرس القديم وعقائد الشِّيعة الاماميَّة معلوم بالبديهة لولاتخديش ألاذهان لانَّ الشِّيعة أخذوا عقائدهم من سدنة ألوحى الالَهى بواسطة العلماءِ العدول وألفقهاءِ المخالفين للهوى والصَّائنين لانفسهم عن الكذب والافتراءِ ولا ريب أنَّ ألوحى الالَهي برئٌ عن وصمة الشِّرك ولم يصبغوا أئمَّة الدّين، ألالوهيَّة بصبغةٍ الشِّرك والشِّيعة وافقوا علماءَ الشّيعة فی عدم بقاءِ جُذور الثَّنويَّة في باطن أذهانهم فاذا سلّمنا بانَّ ألفرس كانوا يعتقدون في ملوكهم كانَّهم كائنات إلَهيَّة ويجرى في عروقهم دم إلَهى،او ماشاكل ذلك فقد قضى على تلك العقائد البالية ألزَّمن وأبطلها المذهب الحنيف الجعفرى وذابت عن الاذهان ذوبان الثَّلج في الصّيف ثم إنَّه ليس من المحال رجوع الفاحص المنصف إلى ألكتب الكلاميَّة الّتى ألّفها علماءُ الشِّيعة حول التَّوحيد كي يرى بانَّ التَّوحيد لدى الشِّيعة له أربع شعب:

ص: 6

1) التَّوحيد في الذّات.

2) التَّوحيد في الصّفات.

3) التَّوحيد في الافعال.

4) التَّوحيد في العبادة.

وهل من المعقول أن نقول فى صلاتنا وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله ونقول بأنَّ عليّاً عليه السّلام قال أنا عبدٌ من عبيد محمَّد ونقول بانَّ الله لم يلد ولم يولد ونقول انَّ عليّاً هو إبن أبي طالب ومعذلك نقول بجريان الدَّم الالَهي في عروقه وعروق أبنائه فويل للمتقوِّلين.

الثالث: يعتقدالشّبيعة الاماميّة بانَّ إمامة الائمَّة الاثنى عشر وهم أوصياءُ النَّبي الاعظم إنَّما هي بجعل الَهى فالله تعالى إصطفاهم لنشر أحكام دينه وهداية خلقه،فالامامة باعتقادنا متمِّمة للنُّبوَّة بمعنى أنَّها حافظة لبقاءِ الدِّين ودافعة لشبهات المبطلين وليس من لوازم تلك العقيدة أنَّهم كائنات الهيَّة بل نقول بانَّه ليس لله دم حتّى يجرى شيءٌ منه في عروقهم أضف إلى ذلك ما في كلمة كائنات إلهيَّة من ألابهام والاجمال نعم للعرفاءِ تعابير مرموزة وكلمات مبهمة ولعلَّهم مع أنسهم بالتَّعبيرات ألابهاميَّة الكنائيَّة لا يرتضون بما إتَّهمنا به هذا الكاتب المصرى من التَّعابير السَّافلة ألمنحطَّة فى ساهرة الاشمئزار العقلائي وياليته كتب ليلَ الاسلام بعد ما كتب فجره وضحاه وظهره وذكر فيه أنَّ زماننا هو اللَّيل المظلم المشحون بالافتراءآت والاكاذيب الَّتى لفَّقتها ألاقلام المضلِّلة العميلة.

ص: 7

وبالجملة الشِّيعة يقرءُ في ألقرآن إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، ويقرءُ إنَّ عهدى لا ينال الظّالمين ويرى أنَّ الخلافة للنبيِّ صلي الله عليه وآله وسلم خلافة عن الله وأنَّه لابدَّ من كون خليفة الله معصومًا لانَّ الخلافة عهد الهى لا ينال الظَّالم الفاسق فضلًا عن المشرك الغاشم.

فأئمَّة الشِّيعة أوصياءُ عن النَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم ومعصومون عن ألخطاءِ فى ألقول والعمل وليسوا بآلهة أوما شاكل ذلك ولم يرفضوا الشِّيعة سنَّة النَّبى صلي الله عليه وآله وسلَّم ولم يصبغوا ألايمان بالشِّرك وعلى كل فاحصٍ منصفٍ أن يرجع إلى ألكتب الكلاميَّة حتّى يجزم بأنَّ الشَّيخ الطُّوسى وألخواجا نصير الدِّين الطُّوسى والمقدَّس ألاردبيلی وحاج آقا رضا الهمدانی وآقا حسين الخوانساری والمجلسي الاصفهاني قدس الله أسرارهم ومن تابعهم في العقائد من سائر ألعلماءِ ومن شيعة الفرس كبقيَّة الشِّيعة مبرَّؤون عن وصمة الاتِّهام بالشِّرك وباب الفحص مفتوحٌ أمام كل طالب يتصدّى لتمحيص العقائد من سائر ألالسن حينما أخلص نفسه عن العصبيَّة وتابع الضَّمير والحقيقة وقدأردنا الاكتفاءَ بهذا المقدار لولا إطِّلاعنا على ما في الفصل الثَّانى من ألباب السَّابع من كتابه فجر الاسلام من إتِّهامات عديدة على الشّيعة وإفتراءآت غريبة عليهم لفَّقتها أيادي الزُّور والبهتان مع أنَّ عقائد الشِّيعة بادلَّتها القاطعة مذكورة فى الكتب ألكلاميَّة من قديم الزَّمان إلى الآن فبدءنا من جديد وذكرنا مفتعلاته الشَّنيعة على الشِّيعة واحدة بعد أخرى وأجبنا

ص: 8

عنها كذلك وهي هذه:

1- قال إنَّ البذرة ألاولى للتَّشُّيع كانت جماعة يرى أنَّ أهل بيت النَّبي صلي الله عليه و آله وسلَّم أولى بالخلافة من غيرهم. أقول أما نحن-الشِّيعة-فنقول بانَّ البذرة ألاولى للتَّشيُّع هي ألوحى الالهى القائل مخاطباً للنَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ. (الآية 67، السُّورة 5) ولكن قال الله تعالى، فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ. (الآية 46، السورة 22 ) وناهيك ما في مسند أحمد بن جنبل من روايته الحديث المتواتر المنقول في غالب كتب أهل السُّنَّة بهذا النَّحو إنّي مُخلِّفٌ فيكمْ خَلِیفَتَین كتابَ اللهِ وعِترتيْ أهلَ بيتيْ لنْ يفترقا حتّى يردَا عليَّ الحوضَ،فأولويَّة أهل البيت بالخلافة ليست كفرضيَّة إختصَّ بها جماعة، بل هي أمانة إلهيَّة وأكمِّل ذلك لمن كان له قلب أوألقى السَّمع وهو شهید بانَّ مقتضى الجمع بين أربع آيات قرآنيَّة يقتضى أولويَّة وأحقيَّة أهل البيت (بالمعنى الوصفي لاعلى نحو أفعل التَّفضيل) بالخلافة، هى قوله وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ. (ألآية 180 + 164 + 145 + 127 + 109، السُّورة 26 ) وقوله قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا. (الآية) 57 ، ألسورة 25) وقوله قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى. (الآية 23، السورة 42) وقوله قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ

ص: 9

فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. (الآية 47، السّورة 34 ) و توضيح ذلك إنَّه تعالى فى الآية الاولى ينفى سئوال النَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم أجرًالرِّسالة (حيث لاعمل عليه بالاجارة من قبل ألنّاس بالبديهة) ويقول ليس أجرى إلّا على الله ومن ألمعلوم أنَّ كلمتى إن النَّافية وإلّا الاستثنائيَّة إذا إقترنتا تدلآن على ألحصر ومقتضى ذلك أنَّ النَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم لا يسأل أجر الرِّسالة من أحد إلّا أنَّ أجره على الله، وألآية الثَّانية تدلُّ على أنَّه لا يسأل ألاجر إلّا ممَّن یرید السَّير إلى الله،والآية الثّالثة تدلُّ على أنَّ ألاجر المسئول هو المودَّة في القربى وهذه الآية تُعيِّن مصداق الاجر ويكون مخصِّصاً للآية الاولى من حيث إطلاق الإجر ألمنفىِّ عنه ألسُّئوال من النّبي فالجمع بين تلك الآيات الثَّلث يقتضى القول بانَّ الحصر في الآية ألاولى إضافيٌّ أمّا من حيث المسئول منه فبالاضافة إلى غير من أراد أن يتَّخذ إلى ربِّه سبيلاً وأمّا من حيث ألمصداق فغير المودَّة في القربى فالخارج عن الآية الاولى من حيث الشَّخص فهو الَّذى يريد أن يتَّخذ إلى ربِّه سبيلاً ومن حيث ألمصداق فهو المودَّة في القربى وحينذاك يبقى ألاستيضاح عن المراد من المودَّة والمراد من القربى والجواب عن الأوَّل أنَّ إطلاق المودَّة إنسباقاً ينصرف إلى كرامة القربى وايوائهم وإطعامهم وإروائهم وما شاكل ذلك من ألامور المربوطة بالعيشة ألماديَّة الدنيويَّة، كلّ ذلك لهم بما هم قربى بلا إرتباط بالمسئول منهم ولكنَّ الآية الرّابعة هي ما بيَّنت أنَّ ما سأله النّبي من

ص: 10

الاجر يرجع إلى الأمَّة وقولنا الامَّة لانَّ الخطابات القرآنيَّة الَّتي سيقت لبيان الوظائف الاسلاميَّة ناظرة إلى ألكلِّى السُّعىِّ ألاستمراري للمسلم وإن شئت قلت ضمير (كم ) فى لكم، إشارة إلى كلِّ مسلمٍ وُجد أويوجد فى عمود الزَّمان وأما توضيح أنَّ خطابات المشافهة التقنينيَّة والتَّشريعيَّة تشمل المعد ومين حال الخطاب أم تختصُّ بالموجودين

فيُطلب من آرائنا فى الاصول وسائر أ لكتب الاصوليَّة ونتيجة ما ذكرنا إلى هذا المقام أنَّ النَّبى صلي الله عليه وآله وسلَّم لا يسأل أجرًا إلّا من السّالكين فى سبيل ربِّ العالمين ولا يسأل أىّ أجر سوى المودَّة لذوى القربى والارتباط ألقلبي معهم وأنَّ فائدة ذلك الاجر مرجوعة إلى ألمسلمين في أمصار ألارض وأعصار ألزَّمان وهل ترى فرقاً بين النَّتيجة المذكورة مع ما ورد فى كتب ألفريقين من قول النَّبى صلي الله عليه وآله وسلَّم إنِّي تارك فيكم ألثَّقلين كتابَ الله وعترتی وهل ترى فرقًا بينهما وبين قوله صلي الله عليه وآله وسلَّم يوم الغدير مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلَاهُ، ولى السُّئوال منك. بانَّك هل تشكُّ فى أنَّ المراد من ولاية علىٍّ الَّتي جعلت صنو ولاية النَّبى صلي الله عليه وآله وسلَّم هي الولاية التَّشريعيَّة والزَّعامة النِّظاميَّة والسِّيادة الروحيَّة أم غيرها مما فسَّر أ لقوم كلام النّبی صلي الله عليه وآله وسلَّم به؟!.

وملخَّصُ مانقول إنَّنا نحن الشِّيعة ملزِمين أنفسنا بتنقيح أسانيد ما ورد في ألسُّنة متدبِّرين في معانى الكتاب والسُّنة آخذين بهما علماً وعملاً وجامعين بين الآيات و الاخبار بالجمع ألمقبول العرفى وأمّا غيرنا فهم أعلم بما

ص: 11

يصنعون ثُمَّ إنَّ الآية الاخيرة تكون لها حكومة تفسيريَّة علَى الآیتین السَّابقتين لها وتوجب بقاءَ ألآية ألاولى على إطلاقها، بتقريب أنَّ الآية الاخيرة تُبيِّن أنَّ الاجر ألمسئول يرجع نفعه إلى المسلمين في عمود الزَّمان وأنَّ أجره الشَّخصى فهو على الله فالآية الاولى تبقى على إطلاقها ومن هنا علمت أنَّ ألجمع الدلالى حسب ما قرَّرنا يكون على نحوين وأقرب الجمعين هو الاخير وعلى أىِّ حالٍ النَّتيجة واحدة وهي ما قلنا من إرجاع الله تعالى ألامَّة المرحومة إلى الفئة المعصومة المظلومة المضطهد حقُّها وهم قربى النَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم ويبقى ألجواب عن المراد من ذوي القربى فنقول إنَّهم علىُّ علیه السلام وبنوهُ علیه السلام (على حدِّ تعبيرك) وألنُّصوص على تعيينهم تطلب من كتبنا الكلاميَّة ويكفيك كتاب إرشاد شيخ الطَّائفة الجعفريَّة المفيد فجديربنا أن نقول إنَّ الجمع الدّلالى العرفى ليس من التَّأويل في شيئٍ وهل نحن الشِّيعة إذا أخذنابالجمع العرفی وعرفنا مداليل الآيات والروايات وعملنا بمضامينها نكون من المتأوِّلين ولستم أنتم مع هذه الافتراءآت العجيبة الخارجة عن الحدود الانسانيَّة من المتقوِّلين ؟!

فسبحان من قال «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا» (ألآية 84، السُّورة 2) نعم لكم أن تطبعوا القرائين وتجيدوا ألقراءآت وتجمعوا بين إختلافاتها وتتوهَّموا بان ذلك يكفي للمسلم فى التَّمسُّك بكتاب الله وإن لم تعلموا من هو ألمراد من قوله تعالى وهم راكعون ومن ألَّذى أعطى الزَّكاة راكعًا وكذا لم تعلموا من هو المراد ممَّن يشرى

ص: 12

نفسه إبتغاءَ مرضات الله وفوق كلِّ ذلك تنسون ما أورد قدمائكم ومحدِّثوكم في كتب الاحاديث ولنا أن نضرب مثلاً من ذلك وهو أنَّ كنز العمّال أورد فوق مأة أحاديث حول المهدي المنتظر عجّل الله تعالی فرجه الشریف من طرقكم وعن رواة أحاديثكم ومعذلك تقول أنت يا أمين ماتقول في كتابك هذا فجر ألا سلام وفي كتابك ألمهدى والمهدويَّة فى حقِّ ألامام المنتظر ألغائب المؤمَّل ألمهدي عجَّل الله فرجه بانَّ الاعتقاد به نظريَّة نشأت من إضطهاد الشِّيعة طول التّاريخ وأنَّ طبع كلِّ مظلوم إنَّما هو مجئى من يُخرجه عن تحت سيطرة الظّالم. (نقلنا بالمعنى).

2-يقول إنَّ عبَّاسًا لم ينازع عليَّا في أولويته للخلافة وان نازعه فی اولویَّته في الميراث من فدك. وقبل ألجواب عن ذلك أريد أن أستفيد من إعترافه بقبول عبّاس أولويَّة علىٍّ للخلافة بان أقول فأين ألاجماع المدَّعي على خلافة أبى بكر وبعد ذلك أقول عدم منازعة عبّاس عليًّا في أولويَّته للخلافة، طبعاً معلولٌ، وأمّا علَّته فتمكن أن تكون لوجوده فى غدیر خم وإستفادته من قول النَّبى صلي الله عليه وآله وسلَّم مَنْ کُنْتُ مَوْلاهُ، فَعَلَیٌّ مَوْلاهُ، إستخلافه صلي الله عليه وآله وسلَّم لعلىٍّ علیه السلام وغير ذلك من الاحاديث النَّبويَّة مثل قوله صلي الله عليه وآله وسلَّم أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَرُونَ مِنْ مُوسَی إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِیَّ بَعْدِی،وقوله صلي الله عليه و آله و سلَّم إِنّی تارِکٌ فیکُمُ الثَّقَلَیْنِ کِتابَ الله ِ وَعِتْرَتِی،وغير ماذكر وهو كثير (وهذا إعتقادنا نحن الشِّيعة) وتمكن أن تكون علمه الشَّخصى بلياقة علىٍّ علیه السلام شخصيًّا للخلافة لصفاته وميزاته المؤهِّلة له لهذا المنصب الدِّيني

ص: 13

الرُّوحى ألسَّماوي وأعنى بتلك الصِّفات علمه وشجاعته وغيرذلك وتمكن أن تكون إعتقاده بانَّ أهل البيت أولى من غيرهم (كما أنت تقول) ولكن أىُّ دليلٍ قطعيٍّ قام على أنَّ عدم خلافه مع علىٍّ علیه السلام فى الخلافة (وهو أمر عدمىٌّ غير ذى لسان) كان لهذه النَّظريَّة (كون أهل البيت أولى النَّاس بالخلافة للنَّبيِّ صلي الله عليه و آله وسلَّم بعده) فلا تنزعج إذا قلنا انت خائن ولست بامين.

3 - يقول كانت الدَّعوة لعليٍّ علیه السلام بسيطة حيث لم يكن نصًّا يُعيِّن ألخليفة وجاءَ دور إعمال الرَّأى فقال الانصار نحن أولى بالخلافة وقال المهاجرون نحن أولى بها وأمّا أصحاب عليٍّ علیه السلام فقالوا بأنَّ الخلافةَ ميراث أدبى فعلیٌّ علیه السلام أولى بها. وألجواب أنَّ معقتد أصحاب علىٍّ علیه السلام وشيعة علىٍّ علیه السلام من زمن ألنَّبى صلي الله عليه وآله وسلَّم إلى آن كتابة هذه الاحرف (ليلة 14محرَّم الحرام 1404) إنما هو أَنَّ الخلافة عهدٌ إلهىٌّ وهى متمِّمة للرِّسالة وإرتكز هذا الاعتقاد في قلوبهم من قول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ الخ والاحاديث النَّبويَّة وصفاته الحميدة وكونه باب مدينة علم النَّبى صلي الله عليه وآله وسلَّم و ... ثُمَّ إنَّك لا مَحالة قد قرأت فى القرآن إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ (الآية 121، السورة 6) فحقٌّ لنا أن نقول إنَّ شيطانك أوحى إليك بانَّ أصحاب علىٍّ علیه السلام قالوا إنَّ الخلافة ميراث أدبي وإلَّا فليست الخلافة إلّا قيام شخص مقامُ الآخر فى ما كان للاوَّل من الشُّؤون والاعمال ومن المعلوم أنَّ النَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم كان

ص: 14

رسولاً ونبيًّا ومبشِّراً ونذيراً وخليفةً لله في الارض ووليًّا على المؤمنين، كلُّ ذلك من الله تعالى وليست تلك ألا مور إلّا مناصب جليلة إلهيَّة لهداية البشر وسوقهم إلى المعارف ألحقَّة وألاحكام الالهيَّة وإخراجهم عن الجاهليَّة وحفظ نظامهم التَّشريعى بجميع ما لهذه الكلمة من الابعاد وهل لم يكن فيمن تسمّيهم بعد أسطر من كلامك هذا من سلمان ومقداد وعمّار وغيرهم من يفهم بانَّ الخلافة عن النَّبى صلي الله عليه وآله وسلَّم في ما للنَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم من الشُّوؤن ليست أمرا إحساسيًّا شعريًّا، عاطفيّاً أوما أردت من كلمة ألادبي أيَّ معنًى شئت، ثُمَّ هل يكون الاحساس و ألادب أوالعاطفة أوماشئت فعبِّر، ميراثاً فى الشَّريعة الاسلاميَّة أوسائر الشرايع بل في غير ألمليِّين من الطَّوائف البشريَّة لاوالله بل الخلافة في معتقد أصحاب علىٍّ علیه السلام كانت ولم تزل تكون عهدًا إلهيًّا كما قلنا ثُمَّ إِنَّ أصحاب علىٍّ علیه السلام كما تعترف يقولون بعصمة علىٍّ و أولاده علیه السلام وهل ترى أنَّ الميراث ألادبي؟ يحتاج إلى عصمة ألوارث؟ وهل لا يكفى أن يكون من ذويه وقرباه.

4-يقول لَم يرد من طريق صحيح أنَّ عليًّا علیه السلام ذكر نصًّا من آية أو حديث يفيد أنَّ رسول الله عيَّنه للخلافة، وألجواب أنَّه قيَّد الطَّريقُ بالصَّحيح ومقتضى ذلك أنَّه يعلم ورود نصٍّ على أنَّ عليًّا علیه السلام ذكر نصًّا الخ وهذا يكفي في جوابه لانَّه لقَّننا جوابه بهذا القيد ومعذلك نقول ناهيك ما ورد في نهج البلاغة من قوله لَقَدْ تَقَمَّصَهَا اِبْنُ أَبِی قُحَافَةَ وَهُوَ یَعْلَمُ

ص: 15

أَنَّ مَحَلِّی مِنْهَا مَحَلُّ اَلْقُطْبِ مِنَ الرَّحَی الخ وكلمة تقمَّصها تدلُّ على أنَّ خلافة أبي بكر لم تكن في معتقد علىٍّ علیه السلام خلافة من الله ولا من الشُّورى الصَّحيح،سلَّمنا أنَّه لم يذكر نصًّا ولكن ذلك لا يدلُّ على ما تروم بل من الممكن أنَّه رأى فى زمن الثَّلاثة عدم قبول الفئة الغالبة لاىِّ نصٍّ يخالف مقامَهم بعد الاستيلاءِ عليه وأمَّا بعد أن سيق المنصب إليه لم يكن داعيًا إلى ذكر ألنَّصِّ حيث كان ذلك موجباً لخدش العواطف وايقاظ الضَّغائن وإشتعال نائرة الفتنة من جدید.

5 - يقول إنَّ عليًّا علیه السلام بايع بعد تلكُّوءٍ وألجوابُ يطلب من كيفيَّة بيعته لابي بكر ولا نحتاج إلى البيان لانَّ الكيفيَّة مذكورة في كتب الفريقين بحيث صارت كالشَّمس في رائعة السَّماءِ ولقد أجاد من قال (آنجا که عیان است چه حاجت به بیان است).

6-يقول نعم كان علىٌّ علیه السلام يرى نفسه أولى من غيره للخلافة باعتبار أنَّ قريشًا شجرة وأهل بيته ثمرة والثَّمرة، خير ما في الشَّجرة. أقول بدأتَ من جديد ونفخت في الشَّيبور نفس النَّفخة الاولى ونغمت نغمتك ألنُّکری الَّتى تكرِّرها حيث تريد بهذه ألتَّعبيرات المختلفة إثبات مطلبٍ واحدٍ وهو أنَّ أولويَّة علىٍّ علیه السلام نشأت من كونه صهراً النّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم وإبن عمِّه وإلّا فلا خبرٌ جاءَ ولا وحىٌ نزل، ولكن أسفى عليك أيُّها الكاتب في الظلَّام بانَّك لا تدرى بانَّ الصُّبح قد تنفَّس والاحاديث الرَّاجعة إلى ولاية علىٍّ علیه السلام وخلافته للنَّبيِّ صلي الله عليه وآله وسلَّم في كتب الفريقين فوق

ص: 16

حدِّ التَّواتر وهي في متناوَل أىِّ منصف يسعى لتحقيق الوقائع التَّاريخيَّة وكلّ متكلِّم يريد أن يمشى على ضوءِ الدَّليل وإلّا فأىُّ وزن للكذب والادِّعاءِ ألفارغ يا أمين وقد أسمعناك أنَّ عليَّاً علیه السلام لم يقل إنِّى ثمرة بل قال ينحدر عنِّى السَّيل ولا يرقَى إليَّ ألطَّير .

7- ويذكر حديثًا ويقول ويروى البخاري عن إبن عباس إنَّ عليًّا رضى الله عنه خرج من عند النَّبى صلي الله عليه وآله وسلَّم فى وجعه الَّذى توفّى فيه فقال النَّاسُ:یا أَبا الْحسنِ کیفَ أصبح رسول الله؟ فقال:أصبح بحمدِ اللهِ بارئاً، فأخذَ بیده العبَّاس رضی الله عنه وقالَ: أنتَ والله بعد ثلاثٍ عبد العصا، وإِنِّی واللهِ لأرَی رسول اللهِ صلي الله عليه وآله وسلَّم سیتوفَّی مِن وجعه هذا، إِنِّی لَأعرِفُ وجوه بنی عبْد المُطَّلِب عندالموت، فأذهب بنا إليه نسأله فيمن هذا ألامر، فان كان فينا علمناه، وإن كان في غيرنا كلَّمناه فأوصى بنا. فقال علىُّ رضي الله عنه: أما والله لئن سألناه فمنعناها لايعطيناها ألنَّاس بعده، وإنِّى والله لا أسألها.

وألجواب: أنَّه يجب عليك مراجعة تهذيب التَّهذيب حتّی تری بانَّ سند هذا الحديث ضعيف أم لا ؟ أضف إلى ذلك أنَّه يناقض مضمونه مع ما روى في كتب الفريقين من أنَّ النَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم في مرضه الَّذى توفّى فيه قال ائتونی

ص: 17

بالكتف وألدَّواة أكتب لكم كتاباً لن تضلُّوا بعده أبداً فقالوا إنَّ رسول الله يهجر. (1) أو إنَّ الثَّاني قال إنَّ الرَّجل يهجوا وليهجر ونحن نسأل ممَّن له ضمير حىٌّ غير مغصوب بانَّ الَّذى مَنع عن إتيان الكتف والدَّواة للنَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم ماذا أحَسَّ من كلام النَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم؟ ثُمَّ إنَّ النَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم كيف يهجر فانَّه حسب معتقدنا نحن ألشِّيعة لم يهجر ولم يهجوو حاشا مقامَ النُّبوَّةِ من طرؤ الهجر والهجو والسَّهو والنِّسيان وحاشاه أن تمسَّه تلك الحالات السيِّئة ومن الطريف أنَّ ألحديث المذكور يتضمَّن جملتين تناقضان ماتوهَّمه من أنَّه حيث لم يكن نصٌّ على الخليفة صارت الخلافة معركة للارآء وتناقضان نظريَّة ألقوم من أنَّ الخلافة من ألامور الاجتماعيَّة الَّتى يشملها قوله تعالى: وأمرهم شورى بينهم (الآية 38، السورة 42).

ألاولى: قول عباس نسأله فيمن هذا ألامر؟ - إذ لا بدَّ لكلمة هذا فى هذا الامر من المشار إليه المعهود بين عباس وعلى عليه السلام ولابدَّ من كون ألالف والّلام للعهد الذِّهني ويكون الامر حينذاك أمرًا خاصًّا وليس إلّا الولاية العامَّة على المسلمين قطعًا لولا ألتَّدليس.

والثانية: قول علىٍّ عليه السلام-فمنعناها-إذ لابدَّ من ضمير التَّأنيث من مرجع والضَّمير كما تدرى يجد مرجعه إذ الضَّمائر

ص: 18


1- صحيح مسلم وصحيح البخاري وصحيح التّرمذى وجملة أخرى من كتب القوم.

والاشارات مشيرات إلى مراجع لها وناظرة إلى أمور محسوسة أومعقولة فتدبَّر تعرف. ثُمَّ إنَّ في الحديث أمرًا معجباً آخر وهو ألكلام المكذوب على علىٍّ عليه السلام وهو قوله-لايعطيناها ألنّاس بعده-لانَّ مقتضى هذا الكلام أنَّه كان يرى أوَّلاً أنَّ أمر الخلافة بيد النّاس وثانيًا كان يخاف من إنصراف ألنَّاس عنه مع أنَّه (أحمد أمين ) يعترف بانَّ النَّاس ولابدَّ وأن یعنی به رؤسائهم (لمفروغيَّة فراغ أذهان الجماهير الشَّعبيَّة فى ذلك الزَّمان عن مسألة رجوع أمر الخلافة إلى آرائهم) كانوا على أشدِّ الخلاف في مسألة الخلافة وهم الانصار والمهاجرون وأصحاب علىٍّ عليه السلام وهم ثُلَّةٌ من أعاظم أصحاب النَّبى بل وأقربائه مثل عباس عمّه وهو يعترف أيضًا-وهذا من أعجب الاعترافات-بانَّ عمَّاراً وأباذر وسلمان الفارسي وجابر بن عبد الله ألا نصاری والعبَّاس وبنيه-وهم عبد الله حَبر الامَّة وربَّانيها وعلَّامتها وفضل وقشم- وأُبيّ بن كعب وحذيفة إلى كثير من غيرهم كانوا مع علىٍّ عليه السلام وحينذاك يقال عليه كيف يخاف من عدم موافقة النَّاس معه، من إجتمعت فيه خصال الزَّعامة وفى رأسها العلم ومن وردت في حقِّه عن النَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم أحاديث جُمّة فى أعلميَّته وأفضليَّته عن ألنَّاس وفي كونه أخًا له ومولىً للمسلمين وبمنزلة هرون من موسى للنَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم وغير ذلك فحديثٌ كهذا خرج من جراب النورة فليردَّ إليه.

8 -ومن إفتراءآته العجيبة على الشِّيعة نقلاً عن مقدِّمة إبن خلدون إنَّهم لايرون الخلافة من المصالح العامَّة

ص: 19

الَّتى تُفوِّض إلى نظر ألامَّة و ألجواب عن هذا الافتراء أنَّ الشِّيعة كيف لايرى ألخلافة من المصالح العامَّة وهم الَّذين يقولون بانَّ الامامة إمتداد للنُّبُوَّة وعهدمن الله نعم يقولون بانَّ الله أعلم حيث يجعل رسالته، فيرون أنَّ الخلافة منصب إلهى وليس بانتخاب جماهيرى لعدم إطِّلاع النَّاس بالسَّجايا الباطنيَّة للاشخاص وعدم خلوِّهم عن ألاهواءِ الشَّخصية، وتوضيح ذلك أنَّ الرِّسالة من الله عبارة عن بيان ما يكون صلاحًا للمجتمع دنيويًّا وأخرويًّا لإنَّ الشَّرع السَّماوى يجمع بين سعادة النَّشأئين ويكون حافظاً للنِّظام الاجتماعى والشاهد على ذلك أنَّك ترى أنَّنا لا نرى بانَّ للعلماء أن يفتوا على طبق المصالح المرسلة إستحسانًا لما نعتقد بانَّ الشَّريعة الاسلاميَّة جامعة لجميع مايحتاج إليه ألامَّة الاسلاميَّة وحافظة لشئوونهم الفرديَّة والعائليَّة والاجتماعيَّة. نعم إستنباط أحكام تلك الامور-المصالح العامَّة-يتوقَّف على ملكة الاستنباط الحاصلة لفقهاء الشِّيعة (بحمد الله وحُسن منِّه) وأمَّا عدم إغفال النَّبي لها (الخلافة) فهو مسلَّمٌ ونحن نعتقده وإن أنكرتموه. نعم إنكار ظواهر النُّصوص الدالَّة على عدم إغفال النَّبيِّ لها وكذا تأويل ما أراده النَّبِيُّ صلي الله عليه وآله وسلَّم في مرض موته ومَنع الثَّاني عن إجابة الحاضرين مسأوله أمر آخر ولايثبت إغفال النَّبيِّ صلي الله عليه وآله وسلَّم لها وقدذكرنا بانَّ كلمة مولى الواردة يوم الغدير ظاهرة في ألاولى بالمعنى الوصفي فنحن نقول بانَّه صلي الله عليه وآله وسلَّم بَيَّن ألخليفة بعده بلفظ مولى وإنكار المنكر لا يغيِّرُ الظَّاهر و لا ألواقع.

ص: 20

وقد أنشأت حول هذا الموضوع هذه القطعة الشِّعريَّة:

أيُّها التَّائه مهلًا هل عَموه أم تعامى***دونك المَهيع كم تدخل فى تلك المعامي

إفتح ألعين إذ احاولت أن ترأى نهاراً *** فيزوغ الشَّمس لم يُبق إجتيالاً للظَّلام

أيَّها السَّائل عن حجَّة من قال علىٌّ عليه السلام***حجَّة ألبارى وصىُّ المصطفى مولى الانام.

أوَ ماتسمع من أحمد في يوم غدير***عند ما أنزل (بلِّغ ) من وليٍّ ذى إعتصام

قوله من كنت مولاه فمولاه عليٌّ علیه السلام***أوسَرى فى ذهنك المعتوه تأويل الطَّغام

المولى بعد ماقال (ألست أنا أولى )***غير أولى يستفيد ألعرف من هذا الكلام؟

سَجَّل ألتَّاريخ هذا ألامر فالانكار زيغٌ***جاهر الافهام هذا الرَّمز فالتَّمويه صامى

التَّائه = ألضّال، عَموه = التَّحيُّر في ألامر.

تعامى = إظهار ألعمى، المَهيع = الطَّريق البيِّن.

المعامى = مجاهل الارض، المعتوه = المدهوش.

الطَّغام = أوباش النَّاس، التَّمويه = التزوير.

صامى = الزَّاهق بسرعة.

9- يقول ومن هنا نشأت فكرة الوصيَّة ولُقِّبَ عليٌّ علیه السلام

ص: 21

بالوصىِّ ثُمَّ يذكر أشعارًا أنشأها قدماء الشُّعراء وفيها عنوان الوصىِّ مطبَّقاً على علىٍّ عليه السَّلام مثل ما قاله أبو الهيثم البدرى،إنَّ الوصىَّ إمامُنا ووليُّنا برح الخفاءُ وباخَت الاسرار، وما قاله بعضهم، ذاك الَّذى يعرف قِدمًا بالوصىِّ، ثُمَّ يقول وإن كنَّا نشكُّ في نسبة هذه ألاشعار إلى قائلیها.

أقول وهو يعترف بشيوع إطلاق كلمة ألوصىِّ على علىٍّ علیه السلام ومعذلك يشكُّ فى نسبة هذه ألاشعار إلى قائليها.

والجواب:أولاً إِنَّ الاشعار ألَّتي فيها عنوان الوصيِّ مطبَّقاً على علىٍّ علیه السلام ليست منحصرة في ما ذكره.

وثانياً كلمة الوصىِّ وردت فى لسان النَّبي صلي الله عليه وآله وسلَّم على ما فى ألاخبار.

وثالثاً إنَّه لِمَ لا يشكُّ فى ما نقله عن إبن خلدون من أنَّ الشِّيعة لا يرون ألامامة من ألمصالح العامَّة مع أنَّ أهل ألبيت أعرف بما فيه من الاجنبيِّ المتعصِّب لمذهبه كما لا يشكّ في ما نقله ألكاتب الغربي عن أخبار الطّوال من قصَّة جِوار ألعجوز مع بهرام چوبین ولِمَ لا يشكُّ في ما نقله المقريزى وأمثال هؤلاءِ فى حقِّ الشِّيعة بل لإيشكُّ في الحديث الوارد في صحيح البخارى مع أنَّ تنقيح ألاسانيد لازمٌ عند ألفريقين وألكتب الرِّجاليَّة كثيرة عند السُّنة والشِّيعة.

10-و أمَّا إعتقادنا بعصمة الائمَّة عليهم السلام فناشيءٌ من دليل العقل المذكور فى ألكتب ألكلاميَّة وإجماله أنَّ النَّبِيَّ وأوصيائه لا بدَّ وأن يكونوا معصومين من الخطاء قولاً

ص: 22

(حتَّى يُطمئَنُّ بما يذكرونه عن الله تعالى من الاحكام ) وعملاً حتَّى يُطمئَنُّ بصدقهم فيما يقولون و إئتمان النَّاس بهم فى مايفعلون وأمَّا إعتقادنابافضليَّة علىٍّ علیه السلام عن غيره فهو غير محتاج إلي ألبيان بعد ما تواتر عن رسول الاسلام صلي الله عليه وآله وسلَّم قوله:أنا مدينة العلم وعلىٌّ بابها، بل ألعقل يحكم بلزوم كون النَّائب مناب النَّبيِّ صلي الله عليه وآله وسلَّم أعلم من غيره حتَّى لايترجَّح المفضول على الفاضل نعم ألعقل المحجوب بحجاب العصبيَّة والمشوب بالاوهام ألجاهليَّة يرى أنَّ الله يُرجِّح المفضول على الفاضل،نعم لو كان أمر تعيين ألخليفة موكولاً بنظر أهل الباديَّة والعرف الجاهل كان من ألامكان تعيينهم المفضول وترجیحهم له على الفاضل لدواعٍ و أغراض كانت فيهم تستدعى ذلك أوكان موكولاً بنظر جمع رُبما لاتتجاوز أفراده عن أصابع اليدين أو مع أصابع الرِّجلين وكان لكلٍّ منهم غرضٌ يخصُّه ويخصُّ قبيلة كان من الجائز ترجيحهم للمفضول على ألفاضل بل كان ذلك لزاماً عليهم تأميناً لمقاصدهم وتبعًا لأغراضهم فكان لهم أن يعيِّنوا من يقول أقيلوني فلست بخيركم أويقول لاأبقانى الله في معضلة ليس لها أبو الحسن،خليفة للنَّبيِّ صلي الله عليه وآله وسلَّم.

11- يقول جحد ألوصيَّة عندالشِّيعة كفرٌ ولذا يكفِّرون ألخلفاءَ. أقول هل من المستحيل رجوعك أو رجوع من يتصدَّى لدرك الحقائق أن تنظروا فى كتب أحاديثنا حتَّى ترون أنَّ ألامام الصَّادق علیه السلام يقول: ألاسلام هو ألاقرار بالشَّهادتين أوتطالعوا الكتب الفقهيَّة النّاصَّة بأنَّ

ص: 23

الاسلام شهادة أن لا إلَه إلَّا الله وأنَّ محمداً رسول الله فتستيقنوا بانَّ الشِّيعة لا يرى ألمسلمين كفَّارًا عدولًا أم فجَّارًا. وإذا وجد فى الشِّيعة من يكفِّر ألخلفاءَ (وحاشا أن يكون كلُّ ألشِّيعة كذلك) فيوجد فى السُّنَّة من يقول إنَّ الشِّيعة مشرك،مجوس، وثنىٌّ، وغير ذلك من ألالفاظ والعناوين البذيئة القبيحة، ولاتزر وازرةٌ وزر أخرى،كما أنَّنا نرى منك ومن جمع من أمثالك ما نرى من العصبيَّة والوقاحة ونرى من جمع من فضلاء مصر نظیر العقَّاد وداود حفنى وعبد الفتَّاح مقصود ما نرى من جودة الِّلسان وحسن البيان وكمال الانصاف فلا مقايسة بين شخص ولو من ملَّةٍ مع شخص آخر من تلك ألملَّة.

12-ويقول بانَّ الشِّيعة الَّهوا عليَّاً وقد مضى ألجواب عن هذه المهزلة وناهيك فعلاً أن أقول لقد أسمعت لو ناديت حيًّا ولكن لاحياة لمن تنادي، أو لم تسمع ألإذاعات

الشِّيعيَّة فى الحكومات المختلفة بانَّ الشِّيعة يقول في أذانه أشهد أن لا إلَه إلَّا الله فينفى ألالوهيَّة لغير الله سبحانه وتعالى ويقول أشهد أنَّ محمَّداً رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فيبرز الاعتقاد برسالة محمَّد لاألوهيَّته وأشهد أنَّ عليّاً ولىُّ ألله فيصرخ بالصَّرخات الدَّائمة فجرًا وضحًى وغروبًا بانَّ عليّاً هو ولىُّ الله لا أنَّه ألله أوشبيه للّه، ولكم ألويل ممَّا تصفون.

13-ومن الطريف أنَّه يقول بانَّ بعض الباحثين يرى أنَّ عبد الله بن سبا رجل خرافیٌّ وليس له وجود

ص: 24

خارجیٌّ محقَّق ويعلَّق على قولهم هذا بإنَّه لم نر لهم من الادلَّة ما يُثبت مدَّعاهم، أقول قد تذكَّر بانَّه لابدَّ من الدَّليل لكلِّ مدَّعًى ونسى وينسى مرّات عديدة بانَّه يبنى مطالبه على أوهام وخرافات ثُمَّ إنَّ المنكر لا يحتاج إلى الدَّليل بل الَّذين يقولون بانَّ عبد الله بن سبا رجل خرافى كالعلَّامة السيِّد مرتضى العسكرى في كتاب خصَّصه لتحليل هذه الشَّخصيَّة الَّتى صارت ملجأً للكذّابين، إنَّما يقولون بانَّه لم یدلُّ من الادلَّة ما يُثبت دعوى وجود رجل باسم عبد الله بن سبا فضلاً عمَّا يحملون على هذاالموضوع محمولات عديدة وغريبة.

14-وأمَّا قولنا ألباتُّ الجازم فهو أنَّ مولانا الغائب روحى لتراب مقدمه ألفداءُ سيعود (عاجلاً إنشاء الله) فيملاءُ ألارض قسطًا وعدلاً، وهو ثابت أمَّا من طرقنا ألصّحيحة ألمرويَّة من ثقات رُواتنا فهو واضحٌ لائحٌ لامِرية فيه أبدًا وأمَّا من طرقكم فعليك أن تراجع كتبكم ألمرويَّة فيها أحاديث عن خروج ناج يملاءُ ألارض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلمًا وجورًا،و ناهيك ما رواه ألمتَّقى في كنز العُمَّال في موارد متعدِّدة أخرجتُ أنا منها فوق مأة حديث حول ألمهدىِّ المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشّریف. وأمَّا قولك بانَّ فكرة المهديِّ المنتظر نبعت من فكرة الرِّجعة فهو سخيفٌ جدًّا فاسدٌ قطعًا مخالفٌ للوجدان والتَّاريخ وأحاديث أهل البيت علیهم السلام ومعتقد ألشِّيعة معًا.

15 - ويتوهَّم بانَّ الاعتقاد بألوهيِّة علىٍّ علیه السلام أوجب

ص: 25

ألقول بكونه عالماً بالملاحم ويخبر عنها ويقول سلوني قبل أن تفقدونى. وألجواب أنَّه لاملازمة بين عدم ألقول بالوهيَّة علىٍّ علیه السلام وبين القول بعدم كونه عالمًا بما سيكون إذ لاربط بين هذين العدمين فالأوَّل مسلَّمٌ عندنا وضدُّالثَّانى كذلك فلك أن تتفقَّد الكتب المؤلِّفة من الشِّيعة حول علم ألامام وأنَّه هل فيها إشعارٌ بانَّ إخباره بالملاحم سببٌ أومسبَّبٌ عن ألوهيَّته وألوهيَّة ألائمَّة من بعده عليهم السَّلام فأنا ألَّفت في ليلة واحدة سنة 1365 الهجريَّة في النَّجف الاشرف رسالة في علم الامام ولم يخطر ببالى (والله على ما أقول كفيل) بانَّ عليًّا وبنيه علیه السلام آلهة فان كنتَ كما تزعم أمينًا فاقرء ألقرآن حيث يقول الله سبحانه في سورة الجن «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا» الآية 26،«إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ» الخ الآية 27. ثمَّ إفحص عمَّن يكون عَيْبةً لحكمته وخزينةً لعلمه وتفكَّر بانَّ المصداق لهذا الاستثناء هل الذين يقولون أقيلوني فلست بخيركم الخ وكلُّ النَّاس أفقه الخ أو من يقول سلوني قبل أن تفقدونى وبالجملة لاربط للعلم الموهوبى من الفيَّاض المطلق وبين ألالوهيَّة، وأمَّا الاعتقاد بالرِّجعة فليس بقطعيٍّ عند كافَّة ألعلماء نعم ألاكثر من العلماء ذهبوا إلى هذا الاعتقاد و لكن لأخبارٍ خاصَّة تدلُّ عليها لالكون علىِّ بن أبيطالب ربُّنا ألواحد ألاحد الصَّمد الَّذي لم يلد ولم يولد.

16- يقول الامامة عند الشِّيعة سلبيَّةٌ وألجواب:إستيقظ من نومك وقم من سُباتك وأفتح عينيك حتَّى ترى

ص: 26

أنَّ الشِّيعة ايجابيَّةٌ بالنِّسبة إلى الحسنات وسلبيَّةٌ بالاضافة إلى السيِّئات فالشِّيعة إنَّما تكون سلبيَّةٌ بالنِّسبة إلى الكذب والافتراء وسائر الرَّذائل وأمَّابالنِّسبة إلى المعارف والعلوم والعبادات وبناءِ المساجد والمشاهد وألاحسان إلى ألفقراءِ وغيرذلك من ألامور الحسنة فهم ايجابيُّون وإنَّما ألبحث عن ذلك عند الخبير البصير توضيحٌ للواضحات ولم توجب ولا توجب غيبة ألامام علیه السلام سلبيَّة الشِّيعه بعد وجود نوّابه ألعامِّ وهم ألفقهاءُ الكرام غَفَر الله للماضين منهم وأيَّد الله ألباقين ووفَّق الله المشتغلين للنَّيل إلى الدَّرجات العالية من العلم ووفَّقهم للتقوى. وليس ألعون إلَّامن ألله ألمنان.

17- وأمَّا قوله في الصَّفحة 276، وألحقُّ أنَّ التَّشيُّع كان مأوى يلجأ إليه كلُّ من أراد هدم الاسلام لعداوةٍ أوحقدٍ أو من كان يريد إدخال تعاليم آبائه من يهوديَّة ونصرانيَّة و زردشتيَّة وهنديَّة فى الاسلام إلخ فليس له جوابٌ إذ كلُّها جعليَّات مزوَّرة وإختلاقات فاضحة و تخیُّلات واهية ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلىِّ العظيم

وملخَّص الجواب عن هذيانات هذا المهذار:

1- إنَّ العقائد بما هي أفعال قلبيَّةٌ صدورًا وإرتكازات باطنيَّة تتحقَّق بعد تحقُّق أسباب صدورها، لا تُعرف إلَّا من ذوى تلك العقائد والاخذ بالحدس والتَّخمين أوألاخذ بلوازم الكلام ولا سيَّما إذا كانت بعيدة عن ألاذهان ليس بصحيح في مقام كشف العقائد وعليهذا فكيف يتَّهم شخصٌ

ص: 27

شخصًا آخر بعقيدة يتبرَّءُ هذا الآخر منها، بل ويصرِّح بخلافها فالشِّيعة ينادي طول الَّليل والنَّهار في ألمأذنات أشهد أن لا إله إلَّا الله ويتَّهمهم أخوه المسلم بالشِّرك والوثنيَّة و أنَّهم يألِّهون عليًّا وأولاده علیهم السلام.

2- على كلِّ مدَّعٍ إتيانه بالبرهان المقبول لدى العقلاءِ لمدَّعاه وليس كلُّ حبر على كلِّ ورق سوَّدته ألاقلام المستأجرة ولفَّقته ألالسن المفترية دليلاً فالنَّاقل لخبر أوحديث إذا لم يكن موثوقاً به لزم ضرب ما ينقله على الجدار ولذا ألَّف علماءُ الفريقين كتباً عديدة لشرح أحوال الرُّواة ثقةً وضعفًا.

3 - التَّاريخ إمَّا متواتر أوأجاد وألاوَّل موجب للقطع ويُؤخذ به فى مقدار تواتره كزعامة ألفاطميين فى مصر برهة من الزمن وألثَّانى إنَّما يؤخذ به إذا كان جميع الوسائط

بيننا وبين الواقعة التَّاريخيَّة المنقولة بالآحاد موثوقاً بهم فاذا نقل كاتب غربى قضيَّة حوار عجوز مع بهرام چوبین لَزم السُّئوال عن النَّاقل بانَّه كيف تُثبت هذا الحوار وهل لديك دليلٌ قاطعٌ عليه أم لا؟ وقد أسمعناك بانَّ أحمد المصري يرتَّب على هذا الحوار أنَّ قدماءَ الفرس كان إعتقادهم أنَّ الملوك ككائنات إلهيَّة وأنَّ هذا الاعتقاد بقى في أذهان ألجدد منهم مع إعتناقهم مبدءَ الاسلام واعتقاد هم بالتَّوحيد وأنَّ هذا الاعتقاد المركوز فى أذهانهم صار سببا لتأليه علىُّ وأولاده عليهم السلام

فانظر إلى قائمتنا هذه :

ص: 28

1- ألحوار بين عجوز وبهرام چوبین؟

2- إستلزام قولها بعدم كفاية بهرام للسَّلطنة لاعتقاد الفرس القديم بكون الملوك كانَّهم كائنات إِلَهيَّة.

3- بقاءُ رُسوب هذا الاعتقاد في ألفرس حتَّى بعد تغلُّب الا سلام عليهم.

4- كون ذلك الاعتقاد منشأ للاعتقاد بالوهيَّة علىٍّ علیه السلام فأنا أسألك أيُّها القاري المنطلق عن أوصار العصبيَّة هل علينا أن نخضع لهذه التُّهمة مع قولنا لا إله إلّا الله وحده لاشريك له؟!.

الَّلهم إلَّا أن يدافع عن نفسه ويقول بانِّي أريد غلاة ألشِّيعة ولكنَّه مع الاسف إنَّهم كاشباح خياليَّة ساكنون فى غابات وهميَّة .

5 - وممَّا يجب ألانتباه عليه أنَّ لكلِّ ملَّةٍ كتُب يُدرجون فيها عقائدَهم وإن لم يكن الشِّيعة أكثر كتبًا من ألكلِّ في علم ألكلام فلاأقلَّ ليسوا فاقدين لها فلابدَّ لمن يريد أن ينسب إليهم ما يخصُّهم من العقائد أن يرجع إلى كتبهم الكلاميَّة وإلَّا فليسكت ولايبادر إلى إتِّهامهم بما هم بُرآءُ منه وآخر دعوانا أن ألحمد لله ربِّ العالمين.

العلَّامة الفاني علىُّ الحسینیُّ الاصفهاني.

قم المقدَّسة، السادس عشر من محرَّم الحرام، سنة 1404 الهجرية.

ص: 29

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.