تنزيه ألصفوة

هوية الكتاب

تنزيه ألصّفوة

كتاب يبحث عن كيفيّة بدء النَّسل من ولد آدم علیه السّلام و يثبت ذلك بالطّريقة المشروعة ردًّا على المذهب القائل بانَّ طريقته إنَّما تمت بنكاح الاخوه الاخوات

**********

للامام المحقّق آية الله العظمى السّيد على

الحسينى العلّامة ألفاني الاصفهاني دام ظلّه ألوارف

ص: 1

اشارة

ص: 2

بسم الله الرّحمن الرّحيم

في كيفيّة بدء النَّسل

و قبل الخوض في تحقيق المطلب يُعجبني أن أذكر كلام ألعلمين العلّامتين ألفيض في تفسيره الصّافي والعلّامة الطّباطبائى فى تفسيره الميزان ، ثمّ تعقيب ذلك بكلام الفاضل السّيورى :

فأقول مستعينًا بالله قال العلّامة الطّباطبائي في تفسير الاية ألاولى فى سورة النّساء- كلام في تناسل الطّبقة الثّانية من الانسان - الطّبقة الاولى من الانسان وهی آدم و زوجته، تناسلت بالازدواج فاءولدت بنين و بنات (إخوة و أخواة ) فهل نسل هؤُلاء بالازدواج بينهم و هم إخوة و أخوات أو بطريق غير ذلك ؟

ظاهر إطلاق قوله تعالى « وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً»ألاية على ما تقدّم من التقريب أنّ النّسل الموجود من الانسان إنّما ينتهى إلى آدم و زوجته من غير أن يشاركهما في ذلك غيرهما من ذكرٍ أو أنثى ولم يذكر القرآن للبثّ إلّا ايّاهما ولو كان لغيرهما شركةٌ فى ذلك لقال و بثَّ منهما و من غيرهما ، أو ذكر ذلك بما يناسبه اللّفظ و من المعلوم أنّ انحصار مبدء النسل في آدم و زوجته یقضی بازدواج بينهما من بناتهما - و الحكم بحرمته في الإسلام وكذا فى الشّرائع السّابقة عليه على ما يُحكى فانّما هو حكم تشريعيٌّ يتبع المصالح و المفاسد لا تكوينىٌّ غير قابل للتَّغيير و زمامه بيد الله

ص: 3

سبحانه يفعل ما يشاءُ ويحكم ما يريد ، فمن الجائز أن يبيحه يوماً لاستدعاء الضّرورة ذلك ثُمَّ يحرِّمه بعد ذلك لارتفاع الحاجة و استيجابه إنتشار الفحشاءِ في المجتمع.

و القول بانَّه على خلاف ألفطرة و ما شرَّعه الله لانبیائه دین فطریٌّ، قال تعالی: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ (1) - فاسدٌ ، فان الفطرة لا تنفيه ولا تدعو إلى خلافه من جهة تنفّرها عن هذا النّوع من المباشرة (مباشرة ألاخ ألاخت ) و إنّما تبغضه و تنفيه من جهة شيوع الفحشاء والمنكر و بطلان غريزة العفّة بذلك و إرتفاعها عن المجتمع الانساني و من المعلوم أنّ هذا النّوع من التّماسّ والمباشرة إنَّما ينطبق عليه عنوان الفجور و الفحشاء في المجتمع العالمى اليوم و أمّا المجتمع يوم ليس هناك بحسب ما خلق الله سبحانه إلّا الاخوة والاخوات و المشيئة الالهيّة متعلقة بتكثّرهم وإنبثاثهم فلا ينطبق عليه هذا العنوان و الدّليل على أنّ الفطرة لا تنفيه من جهة ألنّفرة الغريزيّة تداوله بين المجوس أعصاراً طويلة على ما يقصُّه التّاريخ و شیوعه قانونيًّا فى روسيا على ما يُحكى و كذا شيوعه سفاحًا من غير طريق الازدواج القانونى فى أروبا و ربما يقال إنّه مخالف للقوانين الطبيعيّة و هى الّتى تجرى فى الانسان قبل عقده المجتمع الصّالح لا سعاده فانّ الاختلاط وألاستيناس في المجتمع المنزلى يبطل غريزة التعشيق و الميل الغريزي بين الاخوة والاخوات

ص: 4


1- الروم .30

كما ذكره بعض علماء الحقوق (1)و فيه أنَّه ممنوع كما تقدّم أولاً و مقصور في صورة عدم الحاجة الضّروريّة ثانيًا ومخصوصٌ بما لا تكون القوانين الوضعيّة غير الطبيعيّة حافظةٌ للصّلاح ألواجب الحفظ فى المجتمع ، ومتكفّلة لسعادة المجتمعين وإلّا ، فمعظم القوانين المعمولة و الاصول الدّائرة فى الحياه اليوم غير طبيعيّة.

وقال العلّامة الفيض الكاشاني عند ذكرُ الآية السابقة ما هذا نصّه، و فى ألعلل عن الصّادق علیه السّلام أنه سئل عن بدء للنّسل من ذريّة آدم و قيل إنّ عندنا أناساً يقولون إنَّ ، الله تعالى أوحى إلى آدم أن يزوّج بناته من بنيه وإنّ هذا الخلق أصله كله من الاخوة والاخوات فقال علیه السّلام: سبحان الله و تعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا يقول من يقول هذا إنّ الله تعالى جعل أصل صفوة خلقه و أحبّائه وأنبيائه ورسله و ألمؤمنين و المؤمنات و ألمسلمين و المسلمات من حرام و لم يكن له من ألقدرة ما يخلقهم من الحلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطّّهر الطّاهر الطّيب.

والله لقد نبّئت أن بعض البهائم تنكّرت له أخته فلما نزا عليها و نزل وكشف له عنها وعلم أنّه أخته أخرج عزموله ثم قبض عليه باسنانه ثم قلعه ثم خرّ ميّتًا ، وفى رواية أخرى عنه عليه السلام ما يقرب منه مع تأكيد بليغ في تحریم الاخوات على الاخوة و انَّه لم یزل کان کذلک فى ألكتب الاربعة ألمنزلة المشهورة - و أنّ جيلاً من هذا الخلق رغبوا عن علم أهل بيوتات الانبياء و أخذوا

ص: 5


1- یعنی به مونتسکیو فی کتابه روح القوانين

من حيث لم يؤمروا بأخذه وصاروا إلى ما قد ترون من الضّلال و ألجهل __ و في آخرها _ ما أراد من يق__ول هذا إلّا تقوية حجج المجوس فما لهم قاتلهم الله- إلى أن قال علیه السّلام إنّ آدم ولد له سبعون بطنا في كلّ بطن غلام وجارية إلى أنّ قتل هابیل جزع آدم على هابيل جزعاً قطعه عن إتيان النّساء فبقى لا يستطيع أن يغشى حوّاء خمسمأة عام ثم تجلّى ما به من ألجزع عليه فغشى حوّاء فوهب الله له شيئاً وحده وليس معه ثان وإسم شيث هبة الله و هو أول وصى أوصى إليه من ألادميّين في الارض ثمَّ ولد له من بعد شيث يافث ليس معه ثان فلمّا أدركا وأراد الله تعالى أن يبلغ النّسل ما ترون و أن يكون ما قد جرى به ألقلم من تحريم ما حرَّم الله عزّوجل من الاخوات على الأخوة ، أنزل بعد العصر من يوم الخميس حوراء من الجنّة إسمها (نزلة) فأمر الله عزوجل آدم أن يزوجها من شيت فزوجها منه ثُمَّ أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة إسمها) منزلة ( فأمر الله عزّوجل آدم أن يزوّجها من يافث فزوّجها منه فولد الشيث غلام و ولد ليافث جارية فامر الله تعالى، آدم علیه السّلام حين أدركا أن يزوّج إبنة يافث من إبن شيث ففعل و ولد الصّفوة من النبيّين والمرسلين من نسلهما ومعاذ الله أن يكون ذلك على ما قالوا من أمر ألاخوة ألاخوات.

و في الفقيه عنه عليه السلام إنّ آدم ولد له شيث و إنَّ إسمه هبة الله و هو أول من أوصى إليه من الآدميين و ساق الحديث إلى آخر ما ذكره في العلل والعياشي عنه علیه السّلام قيل له إنّ الناس يزعمون أنّ آدم زوّج ابنته

ص: 6

من إبنه فقال قد قال الناس ذلك و لكن أما علمت أنّ رسول الله صلى الله عليه و آله قال : لو علمت أنّ آدم زوج إبنته من إبنه لزوَّجت زينب من ألقاسم و ما كنت لا رغب عن دين آدم.

و في ألكافى عن ألباقر علیه السّلام أنَّه ذكر له ألمجوس وإنّهم يقولون نكاح كنكاح ولد آدم وإنَّهم يحاجوننا بذلك فقال علیه السّلام : أما أنتم فلا يحاجّونكم به أدرك هبة الله قال آدم يا ربّ زوِّج هبة الله فأهبط الله حوراء فولدت أربعة غلمة ثُمَّ رفعها الله فلما أدرك ولد هبة الله قال يا ربّ زوّج ولد هبة الله فأوحى الله عزّوجل أن يخطب إلى رجل من الجن وكان مسلماً أربع بنات له على ولد هبة الله فزوّجهما فما كان له من جمال وحلم فمن قبل الحوراء والنّبوة للانتهاء إلى آدم فما كان من سفهِ أوحدّةٍ فمن الجن والعيّاشي عنه عليه السلام قال إن آدم علیه السّلام ولد له أربعة ذكور فأهبط الله عزوجل إليه أربعة من الحور العين فزوّج كل واحد منهم واحدة فتوالد واتُمَّ إِنَّ الله رفعهنَّ و زوج هؤلاء الاربعة أربعة من ألجنّ فصار ألنسل فيهم فما كان من حلم فمن آدم و ما كان من جمال فمن قبل الحور العين فما كان من قبح أو سوء خلق من الجنّ ، وفي رواية لما ولد لآدم هبة الله و كبُر سئل الله أن يزوّجه فانزل الله حورا من الجنة فزوّجها ايّاه فولدت له أربعة بنين ثمّ ولد لآدم إبن آخر فلما كبُر أمره أن تزوّج ألجان فولد له أربع بنات فتزوّج بنوهذا بنات هذا فما كان من جمال فمن قبل الحوراء و ما كان من حلم فمن آدم و ما كان من خفّة فمن ألجانّ فلما توالد و اصعدت الحوراء إلى السماء .

ص: 7

و في الفقيه عنه علیه السّلام إنّ الله عزّوجل أنزل على آدم حوراءَ من ألجنّة فزوّجها احد إبنيه وتزوّج الآخر إبنة ألجان فما كان فى ألناس من جمال كثيراً و حسن خلق فهو من الحوراء و ما كان فيهم من سوء الخلق فهو من إبنة ألجان - و فى قرب الاسناد عن الرضا عليه السّلام حملت حواء هابيل و أختا له في بطن ثُمَّ حملت فی البطن ألثانى قابيل و أختا له في بطن فزوّج هابيل التي مع قابيل و تزوج قابيل ألتى مع ها بيل ثمَّ ح_دت التحريم بعد ذلك - وفى المجمع عن الباقر عليه السلام إنّ حوّاء إمرئة آدم كانت تلد فى كل بطن غلاماً و جاريةً فولدت أول بطن قابيل - وقيل - قابين و توأمته إقليما بنت آدم - وألبطن الثاني قابیل و توأمته لوزاء فلمّا أدركوا جميعًا أمر الله آدم أن ينكح قابيل أخت هابيل وهابيل أخت قابيل فرضى هابيل و أبى قابيل فقرّبا قرباناً فرضيا بذلك - ألحديث - وسیأتی کلامه فى سورة المائدة عند تفسير «وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ » - و في الاحتجاج عن السجاد عليه السلام يحدث رجلاً من قريش قال علیه السّلام لمّا تاب الله على آدم واقع حوّاء و لم يكن غشيها منذ خلق و خلقت إلّا في ألارض وذلك بعد ما تاب الله عليه قال وكان يعظّم ألبيت وماحوله من حرمة ألبيت فكان إذا أراد أن يغشى حواء خرج من ألحرم و أخرجها معه فاذا جاز ألحرم غشيها في الحلَّ ثُمَّ يغتسلان إعظاماً منه للحرم ثم يرجع إلى فناء ألبيت قال علیه السّلام : فولد لادم من حوّاء عشرون ذكراً و عشرون أنثى يولد له في كل بطن ذكر وأنثى فاوّل بطن ولدت حواءها بيل و معه جارية يقال لها إقليما

ص: 8

قال و ولدت في ألبطن الثاني قابيل و معه جارية يقال لها لوزا وكانت لوزاء أجمل بنات آدم قال فلما أدركوا خاف عليهم آدم ألفتنة فدعا هم إليه وقال أريد أن أنكحك يا هابيل لوزاء و أنكحك يا قابيل إقليما ، فقال قابيل ما أرضى بهذا أتنكحنى أخت هابيل القبيحة و تنكح هابيل أختى الجميلة قال فاذا أقرع بينكما فان خرج سهمك يا قابيل على لوزاء أو خرج سهمك يا هابيل على إقليما زوجت كل واحد منكما ألتى خرج سهمه عليها قال فرضيا بذلك فأقرعا قال فخرج سهم قابیل علی ها بيل على لوزاء أخت إقليما أخت هابیل و خرج سهم قابیل فزوّجهما على ما خرج لهما من عند الله.

قال ثمَّ حرم الله نكاح الاخوات بعد ذلك قال فقال له القرشى فهذا فعل المجوس اليوم قال فقال علیه السّلام : - إنّما فعلوا ذلك بعد التّحريم من الله قال علیه السّلام لا تنكر هذا إِنَّما هى من شرائع الله جرت أليس الله قد خلق زوجة آدم منه ثم أحلّها له فكان ذلك شريعة من شرائعهم ثمَّ أنزل الله التحريم بعد ذلك.

إلى أن قال الفيض الكاشاني رحمه الله إن قيل كيف التوفيق بين هذه الاخبار و الاخبار ألاولى قلنا: الاخبار الاولى هى الصَّحيحة المعتمد عليها وإنّما الاخيرة فانّما وردت موافقة للعامّة فلا إعتماد عليها مع جواز تأويلها بما يوافق ألاولى ، إنتهى كلامه علامقامه .

و أما ألفاضل السّيوري (قده ) قال في ألفصل الثّانى من الّلامع ألعاشر من لوامعه (صفحة 232) -النسخ: و هو عبارة عن رفع حکم شرعی لحكم آخر متراخ عنه على وجهٍ لو لا الثّانی لبقی ! الاوّل- وإستدلّ

ص: 9

له بثلاثة أدلّه أحدها دعوى وقوع الاجماع بانّ آدم كان يزوّج ألاخ باخته ثُمَّ رفع ذلك.

إذا عرفت كلام هؤُلاءِ الاعلام المتخالفين فى الرّأى فنقول:

ذهب أكثر ألاصحاب إلى أنَّ الله تعالى أنزل من الجنَّة حوريّتين تزوّج بهما إبنا شيث و يافت فأولد أحد هما ذكرًا و ألاخر أنثى فتزوّج إبن العمّ بنت عمّه و نشاءَ النَّسل على طريقة مشروعة في ألاديان و ربما ذهب شاذٌ إلى أنّ آدم - زوّج إبنته من إبنه و نشاء ألنَّسل من طريق ألاخوة والاخوات _ وهذا القول إنما هو من ألعامّة - والتّحقيق ما ذهب إليه أكثر الاصحاب و ذلك لانّ الرّوايات الواردة من طرقنا في هذا الموضوع قد نقل ألصّدوق عليه ألرحمة منها إثنتين ذكرهما في العلل _ و الحميرى ذكر رواية منها كما ذكر الطبرسي فى الاحتجاج رواية أخرى أيضاً وسوف ننلو عليك تلك الرّوايات إن شاء الله .

و أمّا روايتا الصّدوق فهنا مشتركتان في أمور ثلاثة :

الأوّل : إنكار حلّيّة الزواج بين ألاخ وأخته في جميع الاديان و أنّ قبح ذلك جبلّى مع الاتيان بمثال و هو أن حيواناً تنكّرت له أخته و لمّا نزى عليها و إنكشف له ذلك بعد الوقاع قبض على عزموله باسنانه فقلعه وخرّميّتا.

الثانى : نزاهة ساحة التّشريع من الله الجليل عن تحليل ذلك و أن يجعل خلق أنبيائه ورسل____ه و سائر خلقه من قرآن و زواج قبّحه في أديانه و حرّمه في

ص: 10

شرائعه لا سيّما فى ألقرآن العظيم - مع أنّه كان قادرًا على أن يخلقهم من ألحلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطّهر الطّاهر الطّيب .

الثالث : أن تزويج آدم بنيه من بناته خال ع_____ن الصّحة و أنَّه كلام بعض الناس أى العامة (1)- و يقول المعصوم علیه السّلام - تعالى الله عن ذلك علوّا كبيراً.

و إمتازت إحدى الرّوايتين عن الاخرى بانكار خلق حوّاء من ضلع آدم و أنَّ ذلك يستلزم توبيخ ألناس و قولهم إن آدم نكح بعضه بعضا - مع قدرة الله على أن يخلقهما معاً من الطين اللازب أو يخلق حوّاء بطريقة غير موجبة للتشنيع على خلق الله ألنوع البشرى .

ثُمَّ يستنكر ألامام علیه السّلام على ألقائلين بذلك و يقول ما لهؤُلاء حكم الله بيننا وبينهم و هذا كالنّص ف___ى كون هذا الرّأى من المخالفين .

و امتازت ألاخرى عن ألاولى - بانّ حرمة التّزويج الاخوة والاخوات كانت ممّا جرى عليه قلم التشريع فى اللّوح المحفوظ قبل خلق آدم بألفي عام ) والتّعبير بهذا العدد كناية عن طول المدة ) و أنّها كانت مسجّلة فى الكتب السّماويّة التوراة والانجيل والزبور والقرآن ) و أنّه ليس فيها تحليل شئ من ذلك النُّحو من التزويج حقاً، وأن فقها ألعامّة معترفون بانّ ألا حكام المشروعة في جميع الاديان كانت مضبوطة في

ص: 11


1- يطلق لفظ النّاس فى لسان المعصومين علیه السّلام - و يراد منه ألعامّة و ذلك للتَّقيّة

اللّوح المحفوظ ومنها حرمة تزويج ألاخوة بالاخوات.

وهذا الزام عليهم بما التزموا به من عدم إختلاف الشّرائع فى الكليّات ومنها ذلك فكيف يقولون بحلّية تزويج أولاد آدم بنيه من بناته و يجعلون ذلك سبب بدء النَّسل بهذه الكيفية - ويقول المعصوم علیه السّلام في تلك الرّواية بأنّ سبب ذهابهم إلى هذا المذهب هو رغبتهم عن علوم آل محمّد صلّى الله عليهم أجمعين و إعراضهم عن بيوت ألانبياء عليهم السلام و أخذهم العلوم عن غير أهلها و هم أصحاب المذاهب الاربعة -وعن المبدعين و المخالفين لاء هل ألبيت عليهم السّلام فانّهم دخلوا في تيه ألجهل والضلال ثُمَّ يشنّع المعصوم عليه السلام عليهم و يقول :ویح هؤلاء .

و بعد ذلك يشرح بدءً النّسل بان آدم ولد له سبعون بطنا في كل بطن غلام و جارية ولماقتل هابيل - قتله أخوه قابيل - إنقطع آدم عن النّساء لجزعه على ولده هابيل فلم يستطع غشيان حوّاء خمسمائة عام - ثمّ تخلّى ما به من الجزع فغشى حوّاء فوهب الله له شيئًا وحده لا ثانى له و سمّاه هبة الله و هو أوّل من أوصى إليه من ألآدميين في ألارض و وهب الله له من بعد شیث یافث و لم يكن له ثان فلما أدركا وأراد الله بقاء النسل أنزل عصر ألخميس من ألسماء حوريّة وإسمها بركة حذرًا من الزواج المحرّم فزوّجها آدم بامر من الله شيئًا ثُمَّ أنزل عصر الجمعة حوريّة أخرى و إسمها منزلة فزوّجها آدم بامر من الله من یافت ، و ولد لشيث غلام و لیافث جارية فزوّجهما آدم بأمر من الله بعد أن بلغا

ص: 12

فولد الصّفوة من ولد آدم من النّبيين والصّديقين من ولد هما - ومعاذ الله أن يكون من الزّواج المحرّم - و بالجملة المستفاد من روايتي ألعلل أمور :

الاول : أنّ حرمة الزّواج بين الاخوة والاخوات حكم الهى فى جميع الشّرائع مكتوب في اللّوح المحفوظ .

ألثاني : أنّ ألقول بحلّ ذلك ينافي طيب مواليد الانبياء عليهم السلام و غيرهم من الصّالحين.

الثّالث : أنَّ ألعامَّة قائلون بالحلّيّة _ وقد جعل الله الرّشد في خلافهم.

الرابع : أنَّ العامه قائلون باتفاق الاديان فى كليّات الاحكام وهو يناقض قولهم بحلّية تزويج الاخ أخته .

الخامس : أنّ جبلّة بعض الحيوانات تا بی عن ذلك .

السّادس : منافاة هذا الرأى مع قدرة الله تعالى (و هو الذى يمنع عن هذا التّزويج) على جعل وسيلة إلى الزّواج المحلّل تكوينا - ولو فرضنا أنّ زمن آدم علیه السّلام لم يكن زمن التّشريع و لا أقل تشريع حرمة هذا النّحو من الزّواج و أعنى بذلك أنّ اللائق بمقام التشريع و لو بعد حين _ هو ما ذكرنا _ .السّابع : أنّ حوّاء خلقت من فاضل طينة آدم لا من ضلعه ألا يسر.

الثّامن : أنّ الزّواج بين بنى ألاعمام إنّما نشاء بعد بلوغ إبن شيث و بنت يافث.

( إن قلت ( بَيِّن لنا سند الرّوايتين المذكورتين في العلل فانّالرّوايتين المذكورتين فى العلل

ص: 13

معارضتان بروایتی قرب الاسناد والاحتجاج ( قلت ) الرّواية الثّانية من ألعلل مرسلة لانّ الحسن بن مقاتل روى عمن سمع زرارة - و إبن مقاتل لم يوثّق في الرّجال فالسّند ضعیف .

و أما ألرّواية ألاولى فيمكن القول باعتبارها رغم أنَّ بد السّند إنما هو أحمد بن محمد بن يحيى بن عثمان ألا شعرى و لم ) يُوثّق في الرّجال وأحمد بن إبرهيم بن عمّار - وإبن نويه - ألواقعان قبل زرارة قد أهملا في الرّجال إلا أنّ احمد بن محمد ألاشعرى _ إنما هومن مشائخ الاجازة – وقد روى عنه ألاجلة نظير محمد بن ألعطّار و أحمد بن محمد بن إدريس _ و أمّا أحمد بن إبرهيم وإبن نويه فقد وقع قبلهما إبن فضّال- وقد ورد خبر معتبر في غيبة الشيخ ، الطّوسى عن وكيل الناحية متضمنا للامر بأخذ روايات بنى فضّ__ال فالسّند لا محالة قابل للاعتبار و أما المعارضتان لهما فرواية ألحميرى صحيحة إذ ألحميرى و هو الثّقة الجليل الجامع لقرب الاسناد نقلها عن البزنطي صاحب الرضا علیه السّلام عنه علیه السّلام - وهي ناصّة في تزويج كل منها بيل و قابيل أخت الآخر وأنّ التّحريم حدث بعد ذلك- و لكن رواية الاحتجاج مرسلة بالنّسبة إلينا و مجرّد بناء جامع الاحتجاج على حذف الاسانيد إختصارًا مع إعتبار ما فيه لديه لا يكفى لاعتبار ما فيه لدينا لانّ الاختلاف فى ألمبانى بالنسبة إلى حجّيَّة ألاخبار يمنعناعن قبول كل خبر مروىّ فى كل كتاب أضف إلى ذلك اشتمال الرّواية على أمور يبعد صدورها عن ألمعصوم علیه السّلام وعلى أيّ حال فالتعارض بين الرّوايات في هذا الموضوع واضح

ص: 14

و التّرجيح ألسّندى مع ألاخيرتين إلا أنّ ألقرب المضمونى للواقع مع روايتى العلل ، و البعد المضمونى (مضافا إلى إشتمال الاخيرة على ألامور المستنكرة ) مع الاخيرتين.

و لتوضيح المطلب باء زيد ممّا ذكر نذكر نص الروايات :

ذكر الصّدوق عليه الرّحمة في شأن هذا المطلب عدة روايات نقلها في العلل - قال حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه _ قال حدثنا أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى العطار جميعًا قالا حدّثنا محمد بن أحمد بن يحيى إبن عمران ألا شعرى قال حدّثنا أحمد الحسن بن على بن فضّال عن أحمد بن إبراهيم بن عمّار قال حدثنا بن نويه رواه عن زرارة قال سئل أبوعبدالله علیه السّلام كيف بدء النَّسل من ذرّية آدم علیه السّلام فانَّ عندنا أناساً يقولون إنَّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم أن يزوّج بناته من بنيه و أنّ هذا الخلق كله أصله من الاخوة والاخوات قال أبو عبد الله علیه السّلام : سبحان الله عن ذلك علوّا كبيراً - يقول من يقول هذا إنّ الله تعالى جعل أصل صفوة خلقه و أحبّائه وأنبيائه ورسله وحججه و المؤمنين و المؤمنات والمسلمين و المسلمات من حرام و لم يكن له من - ألقدرة ما يخلقهم من ألحلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطّهر الطّاهر الطّيب و الله لقد نبّئت أنّ بعض ألبهائم تنكّرت له أخته فلما نزا عليها وكشف له عنها وعلم أنها أخته أخرج عزموله ثم قبض عليه باسنانه ثم قلعه فخرّمیّتا - قال زرارة ثمّ سئل عليه السلام عن

ص: 15

خلق حوّاء - وقيل إنّ أناساً يقولون إنّ الله عزوجل خلق حوّاء من ضلع آدم ألا يسر الاقصى قال :

سبحان الله و تعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا أيقول من يقول هذا إنَّ الله تبارك وتعالى لم يكن له من ألقدرة ما يخلق آدم و زوجته عن غير ضلعه _ و جعل لمتكلم من أهل التّشنيع سبيلاً إلى ألكلام - يقول إنّ آدم ينكح بعضه بعضًا إذا كان من ضلعه - مالهوُلاء حكم الله بيننا و بينهم ثُمَّ قال عليه السّلام إنّ الله تعالى لمّا خلق آدم خلق آدم من الطّين و أمر الملائكة فسجد وا له ألقى عليه ألسّبات ثم إبتدع له خلقاً - ثمّ جعلها في موضع النقرة التى بين وركيه و ذلك لتكون المرئة تبعاً للرّجل فاقبلت تتحرّك فانتبه لتحرّكها فلمّا إنتبه نوديت أن تنحّى عنه فلما نظر إليها نظر إلى خلقٍ يشبه صورته غير أنّها أنثى فكلّمها فكلّمته بلغته - فقال لها من أنتِ فقالت خلقنى الله كما ترى فقال آدم عند ذلك يا ربّ من هذا ألخلق الحسن ألذي قد آنسنی قربه و النظر إليه فقال الله هذه أمتى حواء أفتحبّ أن تكون معك فتؤ نسك و تأتمر لا مرك ؟ قال نعم يا ربّ ولك بذلك ألحمد و الشكر ما أبقيت فقال الله تعالى فاخطبها إلىّ فانّها أمتى وقد تصلح أيضا للشّهوة و القى الله عليه الشّهوة وقد علّمه قبل ذلك المعرفه فقال يا ربّ فانی اخطبها إليك فما رضاك بذلك ؟ فقال رضاى أنّ تعلّمها معالم دینى فقال ذلك لك يا ربِّ إن شئت ذلك فقال قد شئت ذلك _ وقد زوّجتكها فضُمَّها إليك فقال أقبلى فقالت بل أنت فاقبل إلىّ فامر الله عزّوجلّ أن يقوم إليها فقام _ و لولا ذلك

ص: 16

لكان النِّساء يذهبن إلى الرّجال حتّى خطبن على أنفسهن فهذه قصَّة حواء سلام الله عليها.

الرّواية الثانية الوارده فى العلل : أبي رحمه الله قال : حدثنا محمد بن يحيى العطّار عن ألحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عن النّوفلي عن علی بن داود اليعقوبي عن الحسن بن مقاتل عمّن سمع زرارة يقول : سئل أبو عبد الله عليه السّلام من بدء ألنسل من آدم كيف كان وعن بدء ألنسل من ذرّية آدم فان أناسا عندنا يقولون إنّ الله عزوجل أوحى إلى آدم أن يزوّج بناته من بنيه و أنَّ هذا الخلق أصله من الاخوة و ألاخوات فقال أبو عبد الله عليه السلام تعالى الله ذلك علوا كبيرًا يقول من قال هذا بأنَّ الله عزّوجل خلق صفوة خلقه و أحبّائه وأنبيائه ورسله و ألم_ؤمنين و المؤمنات و ألمسلمين و المسلمات من حرام و لم يكن له من ألقدره ما يخلقهم من حلال و قد أخذ ميثاقهم على أنحلال الطّهر الطّاهر الطّيب فوالله لقد نُبئت أ نِّ بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزا عليها و نزل كشف له عنها فلما علم أنها أخته أخرج عزموله ثم قبض عليه بأسنانه حتى قطعه فخرّ ميّتا - و آخر قد تنكّرت له أمّه ففعل هذا بعينه فكيف ألانسان في إنسيّته وفضله و علمه غير أنّ جيلاً من هذا ألخلق ألذي ترون رغبوا عن علم أهل بيوتات أنبياءهم و أخذوا من حيث لم يؤمروا باخذه فصاروا إلى ما قد ترون من الضّلال والجهل بالعلم كيف كانت ألاخبار ألماضية في بدء أن خلق الله ما خلق وما هو كائن أبدا -ثمّ قال ويح هؤلاء أين هم عمّا لم يختلف فيه فقهاء أهل الحجاز ولا فقهاء

ص: 17

أهل العراق إنّ الله عزوجل _ أمر ألقلم فجرى عل_ى اللوح المحفوظ بما هو كاين إلى يوم القيامة قبل خلق آدم بالغى عام وإنّ كتب الله كلّها في ما جرى فيه القلم في كلها تحريم ألاخوات على الاخوة مع ما حرم : و هذا نحن قد نرى منها هذه الكتب ألا ربعة المشهورة التّوراة و الانجيل والزبور و الفرقان أنزلها الله من اللّوح المحفوظ على رسله صلوات الله عليهم أجمعين __ منها التّوراه على موسى علیه السّلام و ألزّبور على داود علیه السّلام و ألا نجيل على عيسى علیه السّلام - و ألقرآن على محمد صلى الله عليه و آله و سلّم وعلى النبيّين عليهم السلام وليس فيها تحليل شيئ من ذلك-حقّاً أقول ما أراد من يقول هذا و شبهه إلاّ تقوية حجج ألمجوس فما لهم قاتلهم الله ثُمَّ نشاء يحدثنا كيف كان بدء ألنّسل من آدم و كيف كان بدء النَّسل فى ذريَّته - فقال إنّ آدم علیه السّلام ولد له سبعون بطناً في كل بطن غلام و جارية إلى أن قتل هابيل _ فلمّا قتل قابيل هابيل جزع آدم على هابيل جزعاً قطعه عن إتيان النِّساء فبقى لايستطيع أن يغشى حوّاء خمسمائة عام ، ثمّ تخلّى ما به الجزع عليه فغشى حوّاء فوهب الله له شيئًا وحده من ليس له ثانٍ وإسم شيث هبة الله و هو أوّل من أوصى إليه من الآدميين فى ألارض ثمّ ولد له من بعد شيث یافت لپس ليس معه ثان فلمّا أدركا و أراد الله عزوجل أن يبلغ النَّسل ما ترون و أن يكون ما قد جرى به ألقلم من تحریم ما حرّم الله عزّوجلّ من الاخوات على الاخوة أنزل بعد العصر فى يوم الخميس حوراءَ من الجنَّة إسمها ( بركة ) فأمر الله عزّوجلّ آدم أن يزوّجها من شيث

ص: 18

فزوّجها منهُ ثُمَّ أنزل بعد العصر من ألغد حوراء من الجنَّة إسمها ( منزلة ) فامر الله تعالى آدم أن يزوّجها من يافث فزوّجها منه فولد لشيث غلام و ولد ليافث جارية فأمر الله عزّوجلّ آدم حين أدركا أن يزوّج بنت یافث من إبن شيث ففعل فولد الصّفوة من النبيِّين و المرسلين من نسلهما ومعاذ الله أن يكون على ما قالوا في ألاخوة والاخوات .

و أمّا رواية الاحتجاج-ألمذكورة في باب إحتجاجات الصادق علیه السّلام - في حديث مسألة الزّنديق عن الصّادق عليه السّلام قال فانّهم إحتجّوا باتيان الاخوات أنها سنّة من آدم - قال فما حجتهم في إتيان ألبنات والامّهات - وهذا الحديث مرسل ، إلى أن قال رحمه الله وعن سؤال الزنديق ، الّذى سأل أباعبد الله عليه السلام عن مسائل كثيرة بل إن هذا ألكتاب المستطاب (الذى فيه من المطالب العالية الراجعة إلى العقائد الحقَّة و ولاية ألائمة عليهم السّلام و بيان أنّ فدك من فاطمة عليها السلام وإحتجاجاتها على أبي بكر وغيره فى جملة من القضايا وغير ذلك ) محذوفة ألاسانيد فليس بحجّة إلّا أن يعاضده ما في غيره من ألصّحاح كما في ثلّة من مسائله كمسئلة فدك وغيرها.

و أمّا رواية قرب الاسناد قال فى الجزء الثّالث في روى ألبزنطي عن الرّضا علیه السّلام صفحة 16 و سأله عن النّاس كيف تناسلوا عن آدم عليه السّلام قال حملت حوّاء هابيل و أختًا له في بطن ثمّ حملت في البطن الثّانى قابيل وأختاً له في بطن فتزوّج ها بيل ألّتى مع

ص: 19

قابيل وتزوّج قابيل الّتى مع هابيل ثمّ حدث التّحريم بعد ذلك .

لكن التّرجيح لروايتى العلل من وجوه تقدّمت ألاشارة إليها ولا بأس بالاشارة إليها بصورة أخرى توضيحاً لما سلف :

أوّلاً : القرب المضمونى للتعبيرات الواقعه فيها مع الواقع إذ فيهما تنبيهٌ إلى أن الفطرة الانسانية إذا لم تصر مشوبة بالشّهوات المغرية و المضلّلات المخزية البيئات المحاطة بالقوانين الوحشيّة ، تستنكر هذه العمليّة لانّ النّكاح مع أقرب ألا قربين بما هو هو عملٌ حيوانيٌ قبيح لا محالة من حيث ألارتكاز ما لم يتبدّل إلى حالة غير طبيعيّة كما قلنا بل ذكرنا أن جبلّة ألحيوان ( ولو على نحو الموجبةُ الجزئيّة ) تنكر ذلك فهذه قرينة عقليّة على صحة صدورهما .

ثانياً : قول المعصوم علیه السّلام عند بيان ألتّحريم (معاذ الله ) - سبحان الله - تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا - مصدّرا لتلك الكلمات عند بيان ألتحريم اذ أنّ تلك التعبيرات تنبئى عن شده قبح النكاح ألاخوى و عدم تناسبه مع الشّريعه الآلهيّه و ذلك يرشد انّ ما خالفهما خرج مخرج ألتّقيّه.

ثالثًا : الاخبار ألدالّة على أنَّ آدم علیه السّلام كان على دين أحمد صلّى الله عليه و آله و سلّم و من ضروريّات دين أحمد صلی الله علیه و آله و سلّم تحريم النّكاح الاخوى تدلّ على ما ذكر.

رابعاّ : إنّ هذا النّكاح المرغوب عنه لو كان مرغوباً فيه لدام و لذا إستكرهه القريشي كما في الاحتجاج

ص: 20

خامساً : ما فيهما من نداء ألفطره باعلام ألقدره الآلهیّة على خلق زوجة ليس باخت لعدم تلوث ألا رحام بنكاح ألاخوات.

سادساّ : ما فيه من وقوع أنبياء الله وصفوة خلقه فى معرض قول النّاس في حقّهم ينكح بعضهم بعضاً.

سابعاً : ألاخبار الدالّة على أنَّ كليّات الشّرائع لا تتغيّر إذ منها حرمة نكاح الاخوات و بذلك يظهر فساد مزعمة أنّ الشرائع تتغير و لم لا يجوزان يكون ما هو حرامٌ في شريعتنا حلالاً في شريعة آدم علیه السّلام ؟ .

ثامنا : قضاءُ ضرورة ألعقل بان ألمفاسد النَّفس ألامريّة لا تتغيّر إذ منها مفسدة نكاح الاخوات .

تاسعا : كون مضمون خبرى الاحتجاج وق_رب الطبرى

الاسناد تامّ المطابقة مع مذهب ألعامّة فقد صرّح الطّبری في تاريخه بانّ آدم كان يزوّج غلام هذا البطن جاريت هذا البطن الاخر و أنّ إختلاف هابيل مع قابيل في نكاح أختيهما وكون أخت قابيل ألجميله في معرض نكاح هابيل وأخت هابيل ألقبيحه في معرض نكاح قابيل _ قدصارسبب قتله أخاه - و أنّ آدم كان اذا بلغ ألذّكر من كل بطن زوّج منه ألانثى من ألبطن الآخر ، و أنّ هذه ألسنّه استقرّت في أولاد آدم حتى نكح شيث بن آدم أخته ( حزوره ) بنت آدم – و نکح يا نش بن شيث أخته (نعمه ) بنت شيث .

و صرّح ابن الاثير في ألكامل قائلا : انّ حواء ولدت لآدم أربعين ولدا لصلبه من ذكر وأنثى فى عشرين بطنا وكان ألولد منهم أىّ أخواته شاء تزوج الّا توئمته ألتى ولدت معه فأنّها لا تحلّ له و ذلك لانّ يومئذ

ص: 21

لم يكن معهم نساءٌ إلّا أخواتهم و أمّهم حواء فامر آدم إبنه قابيل أن ينكح توئمة هابيل و أمر هابيل أن ينكح توئمة قابيل . ثمّ ذكر أنّ ذلك صار سببًا لقتل قابيل هابیل.

و صرّح المسعودي فى مروج الذهب بانّ آدم زوّج أخت هابيل لقأين و أخت قاين لهابیل _ و فرّق في النكاح بين ألبطنين و هذه سنّة آدم علیه السّلام إحتياطاّ لأقصى ما يمكنه فى ذوى المحارم لموضع الاضطرار و عجز النَّسل عن التّباين و الاغتراب - والحاصل أن ظاهر هولاء عدم الخلاف بين ألعامة في حلية نكاح الاخوات في تلك الشّريعة - فمضمون خبر قرب الاسناد من تزويج هابيل أخت قابيل و بالعكس موافق لمذهب ألعامّة حسب تصريح هؤُلاء المعروفين المتضلّعين مؤرخيهم .

كما أنّ مضمون خبر ألاحتجاج من تولد عشرين بطنا في كل بطن ذكر وأنثى و تزويج أخت هابيل لقابيل و أخت قابيل لهابيل ، موافق لما في كامل إبن الاثير و نزاع الاخوين لاجل ، تزويج أخت هابيل القبيحة ، لقابيل و أخت قابيل ألجميلة لهابيل موافق ، لما فى تاريخ ألطّبرى و مضمون ذيله من خلق زوجة آدم م_____ن ضلعه المستلزم لنكاح بعضه بعضًا موافق لمذهب العامة الذى أنكره الصّادق علیه السّلام صريحا أشدّ ألا نكار ف_________ى ألرّواية ألاولى من العلل الّتي عرفت اعتبارها فمقتضی الصّناعة فى علاج ألمتعارضين حمل هذين على التَّقيّة و الاخذ بمضمون خبرى العلل _ و لذا إعتمد عليهما وأخذ بمضمونهما أكثر ألاصحاب فالحق معهم في كون

ص: 22

بدء النّسل على ما فى ثانى خبرى العلل من ألطريق ألطّاهر ألمحلَّل فى جميع الشرائع من زواج الانسي مع الحوريّة و خروج الصفوة و باقى ألخليقة من ذلك .

و لعلّ رواية ألبحار الّتى ذكرها العلّامة المجلسي رحمه الله تؤيّد ما قلناه فقد ذكر رحمه الله في باب النّبوّة من كتابه تحت عنوان _ باب تزويج أدم حوّاء و كيفيّة بدء النّسل منهما _ لكنه نقلها عن العيّاشي ورمز لها بحرف ( شي ) قال : عن سلیمان بن خالد قال قلت لا بي عبد الله عليه السّلام ، جعلت فداك إنّ الناس يزعمون أنّ آدم زوّج بنته من إبنه فقال أبو عبد الله علیه السّلام قد قال النّاس كذلك لكن يا سليمان أما علمت أنّ رسول الله قال لو علمت أنّ آدم زوّج بنته من إبنه لزوّجت زينب من ألقاسم و ما كنت لأرغب عن دين آدم الخ فهذا يدلّ بصراحة على أنّ تحريم ألمحرمات كان مشروعاّفي جميع الاديان من آدم إلى خاتم صلوات الله عليهم أجمعين .

***************

و يتلخّص من مجموع كلمات ألقوم الّذين ذهب_______وا

إلى تزويج ألاخوة بالاخوات من اولاد آدم أدلّة أربعة :

الاوّل: إطلاق الآية التي في أول سورة النّساء.

الثاني : الاجماع

الثالث: أنَّ الزّواج لا بدّ أن يكون مع السّنخيّه ولا سنخيّة بين أنواع الحيوان ولا سيما بين ألجانّ بالنسبة إلى ألانسان.

ص: 23

الرّابع : ألاخبار

أما ألاوّل فقد أسمعناك كلام ألعلّامة الطّباطبائي في ميزانه بانّ إطلاق الآية يقتضى بثّ ألنسل من آدم و حوّاء بدون اشتراك غيرهما في نشر النَّسل و الجواب أن مطلقات القرآن في غالب الموارد لم تبق على إطلاقها - وناهيك أنّ - المحقق الاعظم الشّيخ الانصاري (قدّس سره) ذهب إلى أنّ ما ورد في المعاملات ليس بمطلق لما رأى بانّ المطلقات الواردة في المعاملات نظير أحلّ الله البيع وتجارة عن تراض و ما شاكل ذلك لا يمكن ألاستناد إليها فقال إنّها مسوقة لبيان أصل التّشريع لا لبيان الوظيفة الفعليّة وبالجملة كل مطلق فى كل كلام قابل للتقييد و بالأخصّ مطلقات القرآن ألذى أنزله الله معجزة في ألكلام و يناسب ألاعجاز مع الاختصار ، فلنا أن نقيّد ألآية المذكورة بما ورد في ألعلل .

و أمّا ألثانى فمن الغريب دعوى ألاجماع الفاضل السّيوري رحمه الله في المسأله الّتى لم تكن معنونة عند العلماء بأسرهم ، وثانيًا إِنَّ الاجماع كان مدركيّا بل و لم يكن محصلاً وثالثاّ إنَّه كان فى مورد الخلاف كما عرفت و رابعاّ إنَّه لم يكن النّاقل عن هذا الاجماع إلّا السّيورى وخامساّ إنَّه لا معنى لعقد الاجماع فى غير الاحكام الشّرعية .

وأمّا الثّالث و هو عدم وجود ألسنخية بين أنواع الحيوان فى عالم التّناسل والزّواج مع مفروغيّه لزوم السنخيَّة بين العلّة و المعلول وإلّا لزم عليَّة كلّ شيئ لكلّ شيئ المستلزم لعدم عليّة أيّ شيء لشيء آخر .

ص: 24

و يؤيَّد ذلك ما ورد فى الكتابِ اَلعزيز من أنَّه لا تبديل لسنَّة الله بعد معلوميَّة أن سنة الله على قسمين: سنََّة تكوينية و هى ما نراها فى ألعلل و المعاليل.

و سنّة تشريعيَّة و هى ما يشير إليها ألخبر اَلمعروف : حلال محمد حلال إلى يوم القيامة. و ألجواب عن ذلك لا يحتاج إلى أزيد من تفطُّن واح___د و هو أنََّ ألجاعل للاسباب قادرٌ بنفسه على تبديل ألاسباب و خلق أسباب جديدة إبداعًا منه تعالى شأنه و لكن لا مجازفة وحاشا ألبارى تعالى عن ذلك، بل المصالح كثيرة متنوِّعة أو ما ترى و تقرءُ أيهًا اَلمستشكل قوله تعالى : «يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ» و لا تتفكَّر فى قضيَّة إبرهيمٍ الخليل عليه السّلام المصرَّحة فى ألقرآن العظيم و أَما ترى نفخ عيسى عليه السَّلام في الطّين و أما ترى قوله تعالى حاكياً عن مريم عليها السَّلام حيث قالت «قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ» - «قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ »، ومثل ذلك كثير _ و خلاصه ألج__واب أنَّ الفرار عمّا قبحّه هو تعالى تشريعًا من بدء التَّشريع أو يقبِّحه في الشرائع الآتية على حِسب العقل السّليم يكون من اَلمصالح اَلتّى يكون ألتصَّرف فى ألعلل و المعاليل بابداع منه تعالى لاجلها لازمًا وذلك بايجاد ألسّنخّية بين حوريَّة و إنس و جنيَّة و إِنس ولا ينقضى عجبى من هذا العلامة الفيلسوف حيث يسأل من الله تزويجه بحور ألعين و ينكر ذلك لا بن آدم مع أنَّ ألسّنخّية

ص: 25

لازمة في جميع اَلعوالم بعد أَلفراغ من أنَّ ألانسان إنسانُ بما له من ألطّبائع و اَلغرائز في أيِّ نشاءةٍ من النّشاءات، فكيف لا يرى هذا اَلفيلسوف أنَّ القرآن نصّ على مخالطه هاروت و ماروت مع النّوع اَلبشرى و ألاخبار ، تنصُّ على ما صدر منهما فراجع إن كنت من أهل الرّجوع.

و أمّا قوله أيضاً إنّ الفطرة لا تنفى مثل ذلك اَلنّكاح بدلیل صدوره من مثل ألمجوس أو عن الطريق غير القانوني ، فالجواب عنه أنَّ قياس الفطرة المشوبة بالفطرة السّليمة و بالعكس فاسدٌ وإلّا فالفطرة الملوثة لاتاء بى حتّى ألّزني بالامّ.

و أمّا الرّابع فقد أسمعناك بأنَّ الرّوايات مختلفة وألتّرجيح لروايتى العلل بقرائن قد مرَّ ذكرها فلا نعيد و على فرض التَّساقط فاخذ ألرَّاى فى هذه اَلمسألة الّتى توجب الذّهابِ، إلى نكاح الاخوة بالإخوات إشمئزازَ النّفوس ألا بيَّة عن كون الانبياءِ و الصُّلحاءِ من هذا النّوع مِن الزّواج ، بل عدم فائدة دنيويَّة أو أخرويَّة علميَّة أو عمليَّة فى ذكرها كما جزم به بعضٌ، لو لم یکن قبيحًا فلا أقلَّ من كون السُّكوت عن ألق_ول ب_اءح_د أنطََّرفين والتوقُّف أوفق بالاعتبار و أنسب بالنِّسبة إلى كرامة أَولياءِ الله ، اللّهمَّ إنّي أُرجو منك إلهام الصَّواب وعدم الاغترار بالمصطلحات و آخر دعوانا أن اَلحمد لله ربِّ العالمين.

ص: 26

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.